العالمية : نحو تأصيل نظرية الأدب الإسلامي

32
اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ: ﻧﺤﻮ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷدب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺎرف ﻛﺮﺧﻲ أﺑﻮﺧﻀﻴﺮي

Upload: unissa

Post on 18-Nov-2023

0 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

نحو تأصيل نظرية األدب اإلسالمي: العالمية الدكتور عارف كرخي أبوخضيري

مدخل

اقتضت ظروف العامل اإلسالمي املتدهورة يف هذا العصر ووقوعه حتت سيطرة االستعمار األوريب، وتعرضه

بية كاملاركسية ب األدبية األور هلجمات التغريب والعلمانية واإلحلاد والشك والالدينية واملادية وحنوها، وشيوع املذاه

اقتضت تلك الظروف القاسية كلها الدعوة إىل العودة إىل –ا والسريالية والدادية والفن للفن وغريه والوجودية

اإلسالم لدرء هذه األخطار وحل كثري من املشاكل السياسية واالقتصادية واالجتماعية والفنية، كما أدت أيضا

منهم إىل انشغال األدباء واملفكرين املسلمني، منذ منتصف القرن املاضي، بالدعوة لألدب اإلسالمي، وسعي فريق

للتوصل إىل نظرية جديدة يستعينون هبا يف الدعوة لألدب اإلسالمي من جهة، ويعتمدون عليها يف تقييم هذا

.األدب ونقده من جهة أخرى

نظرية األدب اإلسالمي

بطبيعة –وليس يتسع اجملال هنا . قدم نظرية واحدة لألدب اإلسالمي، وإمنا طرحت أكثر من نظريةمل ت

ثالثة منها من ، تفي بتناول سبع نظريات منها فحسب، ومن مث فسنككل هذه النظريات وحتليلها لعرض -احلال

. عاملنا العريب، واألربعة األخرى من العامل املاليوي

نظرية األدب اإلسالمي عند العرب.1

يف الرياض وهو شرلتأصيل نظرية األدب اإلسالمي يف ثالثة كتب عربية أحدها ن حملاوالت العرب سأعرض

هو شر يف عمان و و الثاين ن ، )م 1988(لعبد الرمحن رأفت الباشا ، )و مذهب إسالمي يف األدب والنقدحن(

ىل إمدخل (شر يف دمشق وهو ، والثالث ن )م 1990( ، لعبد احلميد بوزوينة)نظرية األدب يف ضوء اإلسالم(

).م 2007(، لعماد الدين خليل )ظرية األدب اإلسالمي ن

ت اليت متيزه عن زا، واملمي حني نطالع كتاب عبد الرمحن رأفت الباشا جنده يعرض ملوقف اإلسالم من األدبو

مث يعرض لبعض ،، وحرية األديباألدبية كقضية االلتزام يف األدب، مث يعرض لبعض القضايا اآلداب األخرى

، القضاء والقدر يف األعمال القصصية واملسرحية موقف األدب اإلسالمي من مسألةالقضايا األدبية كقضية

، مث خيتم ، واملسرحية اإلسالميةموقف األدب اإلسالمي من عرض القصة اإلسالميةو ، وأخالقية األدب اإلسالمي

.دمي مناذج من املسرحية اإلسالميةكتابه بتق

ة يف تأصيل نظرية األدب من الكتب الرائد األوىل األمهية التارخيية بوصفه: ل يف ناحيتنيوأمهية الكتاب تتمث

ويذهب الباشا إىل أن .، والثانية يف حماولة املؤلف تبيني املذهب األديب الذي نسعى إليه حنن املسلمنياإلسالمي

املنطلق الذي تنطلق حتديد موقف اإلسالم من األدب هو األساس الذي تقام عليه نظرية األدب اإلسالمي،وهو

.يهامنه الدعوات إل

ع احلياة والكون واإلنسان على وجدان التعبري الفين اهلادف عن وق (يعرف الباشا األدب اإلسالمي بأنه و

، و يرى أن األدب اإلسالمي ليس مقصورا )وجل وخملوقاته األديب تعبريا ينبع من التصور اإلسالمي للخالق عز

سالمي عرض للتصور اإليمث وهو رأي صائب سديد، ،أمشل ية، وإمنا هو أعم من ذلك وعلى املوضوعات الدين

زات اليت متيزه عن اآلداب املمي اخلصائص العامة لألدب اإلسالمي و تحدث عن يمث للخالق والكون واإلنسان،

لتزام الشيوعيني التزاما مغايرا ال(وأنه أدب ملتزم ، هادف وذكر ست خصائص وهي أنه أدب غائي ، األخرى

، والريادة إمنا هي إخالص التوجيه الوقت معا، فاملسؤلية إمنا هي أمام اهللا مسؤلية وريادة يف نفس وهو) نيوالوجودي

خامسها ، و متكاملأنه أدب أنه أدب أصيل، ورابعها ثالثهاوخاصتهم وكبارهم وصغارهم، و لعامة املسلمني

ال يف اخلاصيتني وحنن ال نتفق معه إ. فعال مؤثر تأثري األدباء والنقاد املشهورين، وسادسها أنه أدباالستقالل من

1.ميتاز األدب اإلسالمي هبا عن اآلداب األخرى غري اإلسالمية، أما األربعة الباقية فال األوىل والثانية

، وقد قسم كتابه قيقي وخصائصه كما ميليها اإلسالمحياول بوزوينة يف كتابه حتديد معامل األدب احلو

جملتمع واألخالق وا قة األدب مبجاالت النفس البشرية، وعالي النظرية العامة لألدب اإلسالميثالثة أقسام وه

والقسم الثالث مبثابة . إلسالمي، واملذاهب األدبية األعجمية املعاصرة واملذهب األديب اواملرأة واالقتصاد والعلم

،املؤلف املذاهب األدبية الغربية ضتنظري منهجي ملذهب اإلسالم و مواقفه يف جمال األدب والفن، وقد عر

.ونقدها مث عرض املذهب األديب اإلسالمي بوصفه البديل الوحيد هلا

ائه ، واستقوحتديد دوره يف الوجود، سة لألدب وهي ربط اإلنسان خبالقهوحيدد املؤلف ست مسات رئي

، و�جه �جا تغيرييا جذريا ال ولهقاعدة التوحيد، وتكامله ومش ، واستناده إىلأصوله من منبع الوحي السماوي

.يقبل احللول اجلزئية

.81-21انظر عبدالرمحن رأفت الباشا، حنو مذهب إسالمي يف األدب والنقد، ص 1

، والوظيفة التصويرية، والوظيفةالوظيفة التعبريية: ية ثالثةويرى بوزوينة أن وظائف األدب األساس

.التغيريية

، وحمتواهطابعه ومنهجه لمذهب األديب الذي يطرحه ويوضح ويف القسم األخري من كتابه يعرض بوزوينة ل

ينبه أخريا إىل أن الناقد املسلم ينبغي أن حيرتز من استخدام و . غاياته احلضاريةومبادئه وأهدافه اإلسالمية و

إيديولوجي غريب فاسد، فال جيوز إذن أن يتأثر هبا ذو طابع ألن معظمها ؛املصطلحات الشائعة يف النقد املعاصر

1F2.ناقفامو بنا وتصوراتنا و تغلغل أساليب الغزو يف تفكرينا وأدنقدنا، خشية

نتفق معه يف دعوته إىل جتنب استخدام املصطلحات النقدية الغربية متام االتفاق، –من جانبنا –وحنن

ال للسبب الذي ذكره فحسب، بل ألسباب أخرى، منها أن هذه املصطلحات األدبية ال تناسبنا وال جتدي يف

الفنية، مقتدين يف ذلك ومن مث فعلينا أن نستقي مصطلحاتنا النقدية من آدابنا وآثارنا. درسنا ألعمالنا اإلبداعية

، مستخدما مصطلحات "الفن و مذاهبه يف الشعر العريب"بالدراسة اجلادة اليت قام هبا شوقي ضيف يف حبثه

، ومستعينني بغريها "التصنع"و" التصنيع"و" الصنعة"نقدية استمدها من تراثنا ونقدنا العريب القدمي، وهي مصطلح

.د األديبمن الدراسات املتعمقة يف جمال النق

ولعل هذا القسم الثالث واألخري من كتاب بوزوينه يعد اإلضافة احلقيقية يف جمال التنظري ملذهب أديب

.إسالمي جديد

ويرسم عماد الدين خليل يف كتابه خطوطا عريضة فحسب لنظرية األدب اإلسالمي، ويتضمن الكتاب

ساسية للعمل ستعرض ثانيها األركان والعناصر األ، وااإلسالمليال لألسس اجلمالية يف أربعة فصول قدم أوهلا حت

رابعها أما. الشكل واملضمونمقارنة باملذاهب الوضعية على مستوى ) اإلسالمية(األديب اإلسالمي، وناقش ثالثها

.فقد عرض للمنظور النقدي، مبا فيه مسألة تاريخ األدب وما طرحته من معضالت وحتديات

، شعورا حادا بالزمن –أكثر من غريه –رؤية اإلسالمية تفجر يف وجدان الفنان املسلم ويرى خليل أن ال

ويعرف . على الطريقة اإلسالمية املتوحدةباعتباره عمال يتقرب به إىل اهللا تعاىل ) التعبري(وتدفعه اىل مزيد من

، وهو تعريف ال خيرج عن تعريف سيد )يتعبري مجايل موثر بالكلمة عن التصور اإلسالم(األدب اإلسالمي بأنه

غريه من و ليفرق بني األدب ) بالكلمة(و ) مجيل(بدل ) مجايل(ما يف األمر أنه زاد عبارة ، كل املعروف قطب

.140-95انظر عبد محيد بوزوينة، نظرية األدب يف ضوء اإلسالم، ص 2

القدرة على ، ولكنه ال ميلكقد تلتقي بتعبري مجيل عن اإلسالمو : (وهو يشرتط التأثري فيقول. األخرىالفنون

وليس أدبا ، وال يعدو أن يكون زخرفا من القول نألنه ال يتجاوز الشكل إىل املضمو التوصيل أو التأثري؛

، بل يتصل بكل تعبري يفقد التأثري أو الصدق فال هذا ال خيص األدب اإلسالمي وحده ونالحظ أن. إسالميا

.أدبا على اإلطالق يعد

، ويطرح مذهبا بيةيل للمذاهب األدبية الغر ، يعرض خلويف الفصل الثالث، اإلسالمية واملذاهب األدبية

يس حمرما بل ، واألول لاإلطالع على هذه املذاهب، وتبنيها: ويكشف عن خلط الباحثني بني أمرينأدبيا إسالميا

، وعدم تبين من التقنيات الفنية هلذه املذاهبأما الثاين فيمكن اإلفادة . واجبا على املسلم أو األديب اإلسالمي

.مينها أو رؤيتها لإلنسان والوجود واخلالق عز وجل مضا

ال يعين البتة االنغالق ي املذاهب األدبية املعروفة، أو إحلاقها بأ) اإلسالمية(تسمية ويؤكد املؤلف أن رفض

.ت اآلخرين شرقية كانت أم غربية، وعدم االنفتاح على معطياوالتشنج

والوظيفة ، الوظيفة العقيدية، والوظيفة السياسية: اإلسالمي وظائف سبعا هيويرى خليل أن لألدب

. ، والوظيفة الرتبوية األخالقيةو التوثيقية، والوظيفة املنهجيةوالوظيفة النفسية، والوظيفة التارخيية أ ،االجتماعية

نقد معياري مشويل، بأنهاملؤلف النقد اإلسالمي ، املنظور النقدي، يصفيف الفصل الرابع واألخريو

مث يذكر أنه ميكن للناقد املسلم أن . ات اليت تتحرك يف إطار اإلسالم، شأنه يف ذلك شأن سائر الفعاليمتوازن

من مظنة الرؤية أحادية ، ولكنه يتوجب االبتعاد هات العديدة اليت طرحت عرب الزمنيفيد من النظريات والوج

اليات الشكل كاألسلوب والتكوين والتناسب اهلندسي والتناسق الشكلي تسليط رؤيته النقدية على مجاجلانب، و

عدم إطالة ، و ائق تفجري القدرات املعقدة املتشابكة للكلمةوتوزيع األلوان واملساحات والصيغ اللغوية املتعمدة وطر

يف " التأثري"افته والفكرة األخرية نتيجة طبيعية إلض .بل عليه أن ميضي إىل املضامني الوقوف عند حدود الشكل،

.تعريفه لألدب اإلسالمي الذي أوردناه آنفا

حوهلا مناقشات شىت بني -والتزال –سلوب ليناقش مسألة نقدية مهمة دارت مث يرتك خليل األ

؟ أو بعبارة أو عدمها ) إسالميته( مل األديب وصاحبه خالل احلكم علىهل هناك ارتباط حمتوم للع: اإلسالميني

قد اختذ املؤلف موقفا متفتحا مرنا يتفق فيه مع حممد قطب يف ضم ينبغي أن يكون األديب مسلما؟ و هل أخرى

2F3.أعمال غري املسلمني إىل األدب اإلسالمي

وخنلص من ذلك كله إىل أن الكتاب العرب الثالثة عرضوا لنظرية األدب اإلسالمي من منطلق احلاجة

ثريا تأ يؤثر يف القراءري األدب الذي تقذف به املطابع وال يعرب عنا و حياتنا غعقيدتنا و إىل أدب ميثل قيمنا و املاسة

.سيئا ضارا

يبعدنا عن تطبيق مذاهب مي يتناسب مع أدبنا وكتاباتنا و كما دعوا كلهم إىل إجياد مذهب نقدي إسال

و رفض بعضهم . أعمالنا األدبية لتقومي ونظريات غريبة عن بيئتنا وعن استخدام مصطلحات نقدية ال تصلح

، يف حني أن عماد الدين قبل ما ال يتعارض منها كما هو احلال مع الباشا وبوزوينةاملذاهب الغربية مجلة وتفصيال

.مع التصور اإلسالمي

رسالته، بيد أ�م أمجعوا على أن تتسق مع مي و األدب اإلسال) أو وظائف(واختلف املؤلفون يف وظيفة

.اإلسالم واملسلمني خدمة، وأن هتدف إىل ، وترتبط بالدعوة واألخالقإلسالما

اجملال يف األدب اإلسالمي أفسح )خليل(بوزوينة أن يكون األديب مسلما، يف حني أن واشرتط الباشا و

بل ، معاجلته لنظرية األدب اإلسالميكان أكثر حرية ورحابة أفق يف) خليل(والواقع أن . لكتابات غري املسلمني

.ر صراحة يف دراسة واقع هذا األدبوأكث

عاجلت هذا –على الرغم من قيمتها البالغة يف التنظري لألدب اإلسالمي –بيد أن الكتب الثالثة

كذلك تناولت الكتب الثالثة . صوص األدب احلديثاملوضوع معاجلة نظرية حبتة، ومل تستق أفكارها وآراءها من ن

على كتابات األدباء اإلسالميني احملدثني، كما نرى يف مؤلفي و بعبارة أخرى مل ترتكزاملوضوع تناوال عاما، أ

وكما أكد ، على أن تكون جمرد مقدمة أو مدخل ال أكثر كما يشري عنوان كتاب خليل الباشا و بوزوينة، ومل تزد

.لف نفسه يف مقدمة كتابهاملؤ

المي ـــــــة مكتملة كما هو احلال يف نظريات األدب اإلسومن مث فلم نعثر يف هذه الكتب على نظرية حمدد

، أو نظرية أونظرية التكمــــلة لشــــــافعي أيب بكر ،زيني كنــــــظرية العبادة لشهنون أمحداليــاء املــــاليت اقرتحها بعض األدب

.ية األدب امللتزم حملمد كمال حسنالتوحيد إلمساعيل إبراهيم، أونظر

.10-8انظر عماد الدين خليل، املدخل إىل نظرية األدب اإلسالمى، ص 33

بل وإجياد مذهب مهية تأصيل نظرية األدب اإلسالمي، تلفت األنظار إىل أ بالرغم من ذلك، بيد أ�ا،

.نقدي يتبناه النقاد يف تقومي آثار األدباء اإلسالميني ونقدها

نظرية األدب اإلسالمي عند الماليويين.2

من وجهة -وتعد ،ع األخرى فقد ظهرت مجيعها يف كواالملبوراألرب األدب اإلسالمي نظرياتأما

، وهي املسلمني يف جمال األدب اإلسالميمن أهم النظريات اليت تفتقت عنها أذهان األدباء واملفكرين -نظرى

، ونظرية التوحيد )م1977(، ونظرية األدب امللتزم حملمد كمال حسن )م1977(نظرية العبادة لشهنون أمحد

وكل هؤالء مفكرون أكادمييون .)م1995(بكر فعي أيب ، ونظرية التكملة لشا)م1988(إلمساعيل إبراهيم

وكلهم، ، يعملون أساتذة يف اجلامعات املاليزية، وكلهم، باستثناء شهنون أمحد، ذو خلفية علمية دينية قوية

، وشافعي باستثناء حممد كمال حسن، أدباء مبدعون، فشهنون روائي مشهور، وإمساعيل إبراهيم قصاص بارع

.معروفبكر شاعر أبو

أو ،وقد ظهرت نظرية العبادة لشهنون أمحد كرد فعل للنظريات الغربية اليت نادت بالفن من أجل الفن

وربطته بأمور دنيوية صرفة، فحاول أن يصل األدب بالدين، ورأى يف األدب هبة من اهللا ،الفن من أجل اجملتمع

عبادة يتقرب هبا إىل اهللا تعاىل وذلك خبدمة البشرية وجل ينبغي على األديب أن يشكر اهللا عليها بتوجيهها ك عز

برتبيتهم وتغيري ما عندهم من اجلوانب السلبية وتكريس األدب للحقيقة كما أرادها اهللا وإلرشاد القراء إىل وعي

ولكي يقوم األديب بذلك البد أن يصدر األدب عن . وفهم احلقيقة والرقي األخالقي واحلصول على رمحة اهللا

ح دور اإلنسان بوصفه عبدا هللا وخليفة له على ز أدبه يف مبدأ التوحيد، وال بد أن يوض ؤمنة وأن يرك نفس م

بقواعد الفن فال بد أن يلم ،إال أنه ال يغفل التقنيات الفنية، األرض، والبد أن يتسلح األديب مبعرفة دينية واسعة

.يف التأليف األديب الرفيع

ل يف التحرر من القيود الدنيوية ال من احلق الذي جاء من عند ديب تتمث ويرى شهنون أمحد أن حرية األ

، فاستغالل املوهبة يف التأليف ال ياالت أو خطرات نفس دون هدف واضحفاألدب عنده ليس جمرد خ. اهللا

للحق فاألديب اإلسالمي ينبغي أن يوجه خياله . ينبغي أن خيرج عن اإلطار اإلسالمي، وليس احلرية املطلقة

.عكس األديب الغريب الذي يتمسك باخليال الذي يوجه للحق

ويعتقد شهنون أمحد أن األدب اإلسالمي ينبغي أن يتسم بالوضوح ويبتعد عن التعقيد، وهو يف هذا

على األدباء أن يقتفوا أثر يرى أن ، و واالبتعاد عن الغموض) البيان(ىل الدين خليل يف دعوته إ يتفق مع عماد

. وذلك مبخاطبة الناس على قدر عقوهلم، وأن يراعوا أن يكون لكل مقام مقال) صلى اهللا عليه وسلم(يب الن

وهو 3F4.ضمون، إال أنه يدعو إىل العناية باملعىن أكثر من العناية باللفظوبالرغم من أنه يرى اجلمع بني الشكل وامل

.ت الشكلية والرتكيز على املضامنيد اجلماليايف دعوته إىل جتاوز حدو الدين خليل يف هذا أيضا يتفق مع عماد

ويركز حممد كمال حسن على فكرة االلتزام ويؤكد على أن األدب اإلسالمي هو األدب امللتزم

Littérature Engagée الذي يلتزم فيه األديب بدينه وبالنظرة اإلسالمية للواقع من ناحية، ومبسئوليته حنو واجبه

ألرض من ناحية ثانية، وجبعل اإلنسان تقيا وترقيق قلوب املؤمنني وجذهبا حنو خالقها بوصفه خليفة اهللا على ا

.ودفع الناس للتقدم والعمل على �ضة الدولة طبقا للنظرة العاملية اإلسالمية من ناحية ثالثة

ب وهي فكرة سبق يف الدعوة إليها سيد قط( ويربط كمال حسن األدب بالدين، كما صنع شهنون قبله

إىل طاعة اهللا، ويرى أنه ال ينبغي أن يتعارض األدب مع األحكام الدينية ويؤكد على أن األدب يؤدي ،)يف مصر

كذلك يربط . لكي يبقى مجيال عند اهللا، وأنه ال ميكن أن يتحقق اجلمال يف حالة معصية العبد لربه وإنكاره له

ض، وهو ربط يصله باجلمال والطاعة وإعالء مكانة كمال حسن بني األدب وفكرة خالفة اإلنسان هللا على األر

فاألدب املبين على االعتقاد والدين ال . اإلنسان والقيم اليت ترضي اهللا وبالتقوى، وجيعله رسالة رفيعة املستوى

كانة يليق مب ،وإمنا يهدف جلعل احلياة مكانا كرميا يهدف إىل التسلية واإلمتاع أو حتسني األمور الثانوية يف احلياة

4Fاإلنسان ووظيفته احلقيقية يف احلياة

5.

ويعرف إمساعيل إبراهيم األدب اإلسالمي بأنه األدب املبين على التوحيد، والكاتب املوحد هو الذي

ويعمل عقله وفق شرائع اإلسالم ليخدم إنتاجه األديب دين اهللا ألنه يبين أدبه على أساس ) تعاىل(يؤمن باهللا

والتوحيد والوعي اإلسالمي الصحيح ليسا العنصرين . يح، وليس وفق خياالته وشهواتهالوعي اإلسالمي الصح

والبد أن يشتمل األدب . الوحيدين لتكوين األدب اإلسالمي، وإمنا يضاف إليهما عنصر ثالث وهو اإلخالص

ن أخرى يتضم وبعبارة . اإلسالمي على جوانب ثالثة وهي اجلانب الديين واجلانب االجتماعي واجلانب احلضاري

.359-333، ص200-199، ص178-176اليوي، صانظر رمحة بنت أمحد وعديل بن يعقوب، اإلسالم واألدب امل 4 .380-372، 213-204، 182-178، 156-154انظر رمحة بنت أمحد وعديل بن يعقوب، املرجع نفسه، ص 5

. اإلميان باهللا وبوحدانيته وباإلسالم، ويتناول القضايا االجتماعية الواقعية، ويتعلق بأخالق الناس والقيم اإلنسانية

.ومعىن ذلك أن األدب يشتمل على العقيدة واألخالق معا

واإلنصاف ومناصرة ويرى إمساعيل إبراهيم أن األدب اإلسالمي البد أن يربز األشياء اإلجيابية من العدالة

فالكاتب اإلسالمي ال يبدع أدبه بغرض الشهرة أو . فالصدق واجلمال أمران أساسيان يف األدب اإلسالمي. احلق

، فمن خالهلا نظهر شكرنا هللا املال، والتعابري الفنية البد أن حتتوي على كل على كل ) عز وجل(ما هو نقي وخري

.ن تدور تعابري اإلنسان عن الفن حول القيم األخالقية والروحية العلياكما أنه البد أ. ما حبانا من نعم

ويرى . واهلدف من األدب عند إمساعيل إبراهيم السمو باإلنسان ونفسه وروحه إىل مرتبة التقوى واإلميان

قوى واإلميان فاألدب املبىن على اخليال والعاطفة ال على الت. إمساعيل إبراهيم أن لألدب رسالة خطرية يف اجملتمع

، وبالتايل فإنه لن يشبع سوى الرغبات اجلنسية والدنيوية، وهذا يؤدي إىل تدمري يبدو يف شكل مشكوك فيه

.األفراد، ويسبب كثريا من املشكالت االجتماعية، ويولد مشاعر القلق واخلوف واالضطراب

ز يف مجال احلق والعدالة املرتبطني واألدب عند إمساعيل إبراهيم مرادف للجمال، واجلمال يف األدب يرتك

5Fارتباطا مباشرا بقلب اإلنسان املؤمن وعقله إميانا ينبع من العقيدة الصادقة احلقة

6.

بكر فريى أن األدب اإلسالمي نتاج األدباء املسلمني، وأنه يصدر عن فهم عميق للتصور أما شافعى أبو

وفضال عن ذلك . أكثر التعابري مجاال يف أكثر األشكال فنيةاإلسالمي للحياة وعقيدة التوحيد، وتستخدم فيه

.يرى شافعى أن األدب اإلسالمي ينبغي أن جتتمع فيه العناصر اإلنسانية والروحانية والعاملية والفنية

املتعلقة بدورها بصفة ) الكمال(، وهي تتعلق بصفة »التكملة«ويطلق شافعى على نظريته اسم

ولعله هلذا السبب رأى وجوب أن .»ملةالتك «، وتنطلق خصائص األدب من هذا املصدر متجهة إىل )اجلمال(

.جتتمع العناصر األربعة السابقة يف األدب اإلسالمي

ن إىل درجة الكمال، وذلك ، والسمو باإلنسا)عز وجل(واهلدف من األدب عند شافعى تعظيم اخلالق

إىل الطبائع اليت تنمى –بطريقة حكيمة -ه وعلى األديب أن جيذب قراء. بغرس الشعور باإلنسانية واإلسالم

.عليها تعاليم اإلسالم القيم اإلجيابية وتكمل الصفات اإلنسانية الىت حتث

.391-390، ص184-183، ص172-170انظر رمحة بنت أمحد وعديل بن يعقوب، املرجع نفسه، ص 6

م اإلسالمية؛ ألن هذا أكمل بالقي اإلسالمي أكثر ارتباطا ويفضل شافعي أن تكون موضوعات األدب

.من حيث التكملة

ويرى شافعي أنه ينبغي أن تكون لألديب اإلسالمي خلفية تربوية إسالمية، وعليه أن يستوعب املبادىء

. ، هذا فضال عن إملامه باألدب اإلسالمي واألدب العام بالعقيدة والشريعة واألخالق األساسية لإلسالم، وأن يلم

.ك الفهم ال ميكن أن ينتج عمال أدبيا إسالميا يقود إىل الكمالفبدون ذل

ويعترب شافعي االلتقاء بني اجلمال واحلق يا ويركز على احلق واجلمال خاصة، عين شافعي بالقيم العلوي

. يف األدب اإلسالمي »التكملة«ذروة

ربية اجملتمع تربية قائمة على قيم ل يف ت، فيتمث أما اهلدف من األدب اإلسالمي من وجهة نظر شافعي

م وأخالق ترفعه ق األدب تزويد نفسه وجمتمعه بقي اإلسالم وتعاليمه السمحة، ويرى أن األديب يستطيع عن طري

.إىل درجة الكمال

كذلك يرى شافعي أن على األديب املسلم أن يضع القرآن منوذجا أمام عينيه يقتطف من مثاره ويرتسم

وقصص الصحابة ) صلى اهللا عليه وسلم(ل الرسول اوينبغي عليه أيضا أن يتزود من أقو . معينهخطاه وينهل من

6F7.والتابعني وأعمال األدباء السابقني من املسلمني

والناظر إىل هذه النظريات يالحظ عليها .األدب اإلسالمي عند املاليزيني تلك هي أشهر نظريات

تقوم على أفكار العبادة والعبودية والتوحيد وهي ال ختتص باإلسالم -باستثناء نظرية التكملة – بصفة عامة أ�ا

فكل الديانات السماوية السابقة على اإلسالم أرسلت للناس .وحده دون غريه من األديان السماوية األخرى

واحد األحد، وتنهاهم عن اإلشراك به، تدعوهم إىل نبذ عبادة األصنام وامللوك من البشر، وتأمرهم بعبادة اهللا ال

ومع أن التوحيد أصل أصيل يف اإلسالم، إال إن األديان السماوية األخرى كلها . وتوجههم إىل تقوى اهللا وعبادته

اعتمادها على أفكار دينية وليست -أيضا باستثناء نظرية التكملة -هذه النظريات ويالحظ علي .تدعو إليه

على بعضها معارضتها حلرية األديب، واختالطها باملذهب الواقعى االشرتاكي، وتركيزها على كما يالحظ. أدبية

ألديب بدال اكذلك يالحظ على بعضها اآلخر تركيزها على . الدولة بدال من األمة اإلسالمية أو البشرية كلها

ظ أيضا أنويالح. ج واألسلوبمن األدب نفسه، واملضمون دون الناحية اجلمالية، واملوضوع ال الطريقة واملنه

.293-251، ص201-200، ص196-192، ص173، صانظر رمحة بنت أمحد وعديل بن يعقوب، املرجع نفسه 7

دفع الناس للعمل على �ضة بعض هذه النظريات السابقة تربط األدب بالقومية وترى أن األدب اإلسالمي ي

. الدولة

وعالوة على ذلك فإن مفهوم األدب اإلسالمي الذي طرحه الذين تعرضوا لتأصيل نظرية األدب

كما سنذكر –، يف حني أنه ينبغى أن يؤخذ يف االعتبار ه ومضمونه فقطدود حمصور يف مادتاإلسالمي مفهوم حم

ومفهوم اإلسالم ،املنهج اإلسالمي لألدب املتمثل يف صدق األديب ومسئوليته وهدفه ورسالته –بعد قليل

.للجمال

اإلسالم ، وأدق تعبريا عن ، وأوسع نظرة له، تبدو احلاجة إىل نظرية جديدة أوثق ارتباطا باألدبومن مث

ية ميكن أن تكون األساس الذي تقوم عليه نظر " العاملية"ويف اعتقادي أن فكرة . وروحه وجوهره ورسالته السامية

والثاين أ�ا . ، أوهلما أ�ا تتسق مع اإلسالم كدين عاملي جاء للناس كافةاألدب اإلسالمي لسببني واضحني

أو بعبارة أوضح أ�ا مصطلح قرآين ومصطلح أديب يف آن ،لداللة الدينية والداللة األدبيةمصطلح جيمع بني ا

، وأناقش من خالهلا مفهوم األدب "العاملية"من هذا البحث لفكرة وسوف أعرض يف اجلزء املتبقي . واحد

. اإلسالمي وأشكاله ومضامينه وفلسفته ورسالته ومساته اليت يتميز هبا عن غريه من اآلداب األخرى

فكرة العالمية

يف ثالثة وسبعني موضعا يف " العاملني"كثريا يف القرآن الكرمي، إذ وردت لفظة " امليةالع"ددت معاين تر

ثالثني سورة من سوره وهي الفاحتة والبقرة وآل عمران واملائدة واألنعام واألعراف ويونس ويوسف واحلجر واألنبياء

افات وص والزمر وغافر وفصلت والزخرف والفرقان والشعراء والنمل والقصص والعنكبوت والسجدة والص

مجع عامل اسم ألصناف األمم ) العاملون(و. 8والدخان واجلاثية والواقعة واحلشر والقلم واحلاقة والتكوير واملطففني

كله، ، والعامل د، وكل الوجو ة يف اآليات القرآنية مبعان شىت، منها اخللق كله، ووردت الكلموكل صنف منها عامل

دراك من ، وأهل العلم واإلالبشر، واجلمع الكثري من وكل العوامل، وكل املوجودات، وكل ما يف الكون، والناس

9.، واألمم واجلماعات أو اجملتمعات البشرية املختلفةاملالئكة واإلنس واجلن معان -كما نرى -ومجلة هذه املعاين

سله وكتابه أوال باخلالق عز وجل، مث خبامت ر »العاملني«وترتبط . وع والشمولتتضمن الكثرة والكلية واجلمع والتن

رسول رب العاملني ، والقرآن منزل ) صلى اهللا عليه وسلم(رب العاملني، والنيب حممد ) سبحانه وتعاىل(فاهللا : الكرمي

.610-609حممد فؤاد عبد الباقي، املعجم املفهرس أللفاظ القرأن الكرمي، ص 8 .84-82انظر ابن كثري ، تفسري القرآن العظيم ، ص 9

وما : " اجمليد خماطبا رسوله األمني يف كتابه) عز وجل(قال املوىل .من رب العاملني، وهو ذكر ورمحة للعاملني

.ومن ذلك كله تتكشف حقيقة أن اإلسالم دين عاملي للعاملني أمجعني .9F10"أرسلناك إال كافة للناس بشريا ونذيرا

ال يتحدث عن النيب واملسلمني وحدهم، وإمنا يتحدث عنهم وعن غريهم من جيده قرآن الكرميواملتتبع لل

ديانات األخرى، بل وعن غري املؤمنني، وعن كثري من األمم والشعوب، وخياطب املؤمنني وعن أصحاب ال

.املسلمني وغري املسلمني، بل خياطب الناس أمجعني

. يف األرض) عز وجل(، وجيعله حمور الكون، وخليفة هللا ، يعلي من قدر اإلنسانواإلسالم دين اإلنسانية

10F، وأورثه خرياهتا وخزائنها، وألقى إليه مبقاليدها األرض، وعلمه األمساء، وحكمه يفخلق ألجله العامل

11.

خوة ينتمون إىل أب ، وإ، وأ�م خملوقون من ترابلى أن البشر مجيعهم من نفس واحدةويؤكد اإلسالم ع

واحدة، وأ�م متساوون كأسنان املشط، ال فرق بني عرىب وعجمى، أو أبيض وأسود، أوغين وفقري، م واحد وأ

ويعارض الدعوات اليت ترفع باسم القومية أو الوطنية أو اجلنسية أو اإلقليمية اليت تفرق بني الناس على أساس

.ذبةاألصل والدم والعرق واللون واجلنس وغريها من الفوارق املصطنعة الكا

للتأثري يف غريها وعاملية األدب ليست خروجه من نطاق اللغة اليت كتب هبا إىل أدب لغة أو آداب لغات

11Fاآلداب األخرى، أو نشدانا ملا يغين ويكمل ويساير ركب األدب العاملي كما يرى البعض

، فليس كل أدب 12

، إذ إن مثة مسات فنية وموضوعية ينبغي أن يتحلى يا ميكن أن يعد أدبا عامل ينقل من لغته القومية إىل لغة عاملية

كما أن .هبا هذا األدب قبل خروجه من نطاق لغته احمللية يف شكله ومجالياته وتقنياته ومضامينه ومستواه الفين

وطلبا " ،نقله يتم على يد اللغة العاملية اليت جتد فيه ما يستحق النقل إىل أدهبا لقيمته أو حلاجة أدهبا وأهلها إليه

".بعضلفين بعضها مع ، واستجابة لضرورة التعاون الفكري واهلكل ما هو جديد مفيد هتضمه وتتغذى ب

أن "ومن ساروا على �جه ويريدون به وكذلك ال تعين عاملية األدب ما دعا إليه األديب األملاين جوته

تتوحد مجيعا يف أجناسها األدبية وأصوهلا الفنية لن تلبث أن –حني يتم جتاوهبا بعضها مع بعض -اآلداب العاملية

، فإن 12F13"وغاياهتا اإلنسانية حبيث ال تبقى من حدود سوى حدود اللغة وما ميكن أن توحي به البيئة أو اإلقليم

28سورة سباء ، اآلية 10 78ابواحلسن الندوي، روائع إقبال ، ص 11 .107، ص 1987املقارن، دار العودة حممد غنيمي هالل ، األدب 12 .104املرجع نفسه، ص 13

وصفها وتصويرها هي السبيل اليت ، كما أن احمللية وتفردها والصدق يفغة تزول وتتالشى بالنقل والرتمجةحدود الل

.رج منها األدب من لغته احمللية احملدودة إىل اآلداب العاملية الرفيعة يف عاملها الواسع الرحيبخي

، وخيرج امل كله أو لكل العاملني أيضا هو األدب الذي يوجه للع -من وجهة نظرنا –إن األدب العاملي

ملوضوعات اليت تصدق ، ويتضمن اعاملمكان من ال إنسان، وكل من حدود قوميته ومن نطاقه احمللي، ويتصل بكل

الثقافات، وتتعلق جبوهر األذواق، وتوجد يف كل مكان، وتناسب كل املواقف، وحتدث يف كل األزمان وكل يف كل

.اإلنسان من حيث هو إنسان

أركز وسوف . باألدب كما ترتبط باألديب وباملتلقي وباملوضوع وباللغة وبالرسالة »العاملية«وترتبط فكرة

، ومسات هذا األدب، على ثالث نقاط أساسية وهي مفهوم األدب اإلسالمي »العاملية«يف حديثي عن فكرة

.ورسالته

أما بالنسبة ملفهوم األدب اإلسالمي فإنه يصدر عن التصور اإلسالمي الذي ينبع من القرآن واحلديث يف

والكتب السماوية واليوم اآلخر والبعث والنشور واحلساب ة والرسل واملالئكةالقضايا األساسية كاأللوهية والنبو

.والعقاب والقضاء والقدر خريه وشره واإلنسان ودوره يف احلياة وعالقته بغريه وخبالقه وبالكون بأسره

أمة واحدة وإن هـذه أمتكم : ميان بأن الناس ينتمون إىل أصل واحدومما يدخل يف التصور اإلسالمي اإل

وأنا ربكم وأنا ربكم فاتـقون وأنا ربكم فاتـقون ﴿٥٢﴾14 وبأن البشر مجيعهم ينتمون إىل أب واحد وأم واحدة:

وأن اإلسالم حيارب النزعات اليت متساوون كأسنان املشط،، وأ�م 14F15)خلق من ترابكلكم بنو آدم ، وآدم

.تدعو إىل الوطنية والقومية والعصبية اإلقليمية

ومما يدخل يف التصور اإلسالمي أيضا اإلميان بأننا نعيش يف الكون والكون يعيش فينا، بل ويعيش

مل يف نفسه كل وأنه ال فاصل بيننا وبني شيء يف العامل، وأن كل إنسان حي ، الكون يف أكوان أخرى ال نراها

وأن العامل ال وجود له إال إنسان، أن تراك يف كل شيء، وكل وأن احلرية أن توسع نطاق خيالك إىل حد الناس،

.، فإننا وإياه وحدة ال تنفصم فينا، وال وجود لنا إال يف ذلك العامل

.52املؤمنون، اآلية 14 .396السيوطي، اجلامع الصغري، ص 15

وهكذا فكيفما . ل الناسحدة ال تتجزأ، وأن كل إنسان حيمل يف نفسه كومنها أننا واحلياة بأسرها و

البذور، ، ويسعده أن يرى ه زمان، وأنه ال حيصره مكان وال حيد ، وأن كل شىء فيهانقلب وجد أنه يف كل شىء

.اليت يبذرها تنبت يف قلوب الكثري من الناس، تأيت بثمار طيبة

، وهذهية ال حنسهاط خفومنها أيضا أننا نولد وبيننا وبني الكثري من الناس واألمكنة واملخلوقات رواب

ينا ردحا من بل تكملة لعالقات غابت عن وع ، »مصادفات«فهى ليست الروابط تالزمنا من أعمار سابقة،

فكأن احلياة مل ختلق لفرد إال . حتيا لذاهتاكما طائر ومسكة وهبيمة حتيا لغريها نبتة وكل حشرة وكل وأن كل ،الزمان

.جوهرها، شركة، جمموعة أفراد، إ�ا وحدة ليس بينها انقطاع أو انفصاليف إ�ا، . ليكون دعامة اجملموع

ن القرآن واحلديث يف التصور فحسب، بل ويف الناحية الفنية واجلمالية وال يصدر األدب اإلسالمي ع

.أيضا، ويف التزام الصدق وتقديس الكلمة وحتمل مسئوليتها

تكون كل أعمال األديب مطابقة للتصور وليس من الضرورى للحكم على إسالمية األدب أن

اإلسالمي، فهذا ما ال ميكن أن يكون حىت مع كبار األدباء كالبوصريى وابن الفارض وابن عريب والرومي وسعدى

، وإقبال وجنيب الكيالىن وباكثري وشوقي وعبد احلميد جودة ازى واجلامى والعطار من القدماءشري ال وحافظ

15Fوقد تنبه إىل هذه الفكرة حممد قطب. أمحد وشكرى زين من احملدثني السحار ومحكا وشهنون

وحممد كمال 16

16Fحسن

17Fوحممد خبارى لوبيس 17

.من قبل 18

صر فيما يتصل باإلسالم، وهو ظن خاطىء، ب اإلسالمي تنحويظن البعض أن موضوعات األد

فاألدب اإلسالمي ال يقتصر على املوضوعات اإلسالمية أو البيئات احمللية اليت يعيش فيها األديب، فالقرآن نفسه

فالذي حيدد األدب . يتضمن موضوعات خمتلفة كأهل الكهف وعاد ومثود وغريهم -كما مر بنا من قبل –

ولعله من املستحسن أن نضرب بعض األمثلة .منهج الكاتب يف عرضه ومعاجلته لهبل اإلسالمي ليس املوضوع،

يتحول إىل موضوع غري إسالمي يف ) صلى اهللا عليه وسلم(فموضوع إسالمي كالنيب حممد .لتوضيح هذه النقطة

، يف حني أن موضوعا غري إسالمي كحكاية لكاتب مسلم ضال وهو سلمان رشدي »اآليات الشيطانية«

.184حممد قطب، منهج الفن اإلسالمي، ص16 .163رمحة بنت أمحد، آفاق األدب اإلسالمي املاليوي، ص 17 .105-104املرجع نفسه، ص 18

18Fيف كتاب كليلة ودمنة »األرنب واألسد«

األسد «اهلندي األصل يتحول إىل موضوع إسالمي يف حكاية 19

19Fيف مثنوى جالل الدين الرومي »والوحوش

، كما أن األدب الذي يعتمد على املضمون وحده ال يعد أدبا باملعىن 20

ن املضمون الذي يفتقد الشكل ال قيمة له، كذلك فإ هفكما أن األدب الذي يقوم على الشكل وحد. الصحيح

باملعىن الفين الصحيح من األدب ال فرق بينه وبني نص من نصوص الفقه أو التوحيد أو علم الكالم، أي ال يعد

.يف شيء

ويتسع األدب اإلسالمي للموضوعات اإلنسانية العاملية كاحلب واملوت والغرية والكرم والبخل والشجاعة

مة واجلنس واخلري والشر والفضيلة والرذيلة واإلميان واألمانة والبطولة والعدل والظلم والتضحية والصداقة واألمو

.محزة وحامت الطائينماذج البشرية الكربى مثل أيوب و كذلك يتسع للموضوعات اليت تدور حول ال. وحنوها

اإلسالمي، إال وال ينحصر األدب اإلسالمي يف لغة واحدة بعينها، فأية لغة ميكن أن يستخدمها األديب

وأل�ا لغة الوحي ،الته وعباداتهأن اللغة العربية جديرة بأن جيتهد األديب اإلسالمي يف تعلمها أل�ا لغة ص

إذا كان أدبا إسالميا –فللكاتب أن يكتب بأية لغة، ألن أدبه . واحلديث النبوي والرتاث اإلسالمي األصيل

الرومي وسعدي وحافظ الشريازي واجلامي والعطار صريي وابن عريب و البو سينقل للعامل كله كما نقل أدب -عامليا

من القدماء، وإقبال وجنيب الكيالين من احملدثني مما يستلزم العناية بتعليم العربية ونشرها من ناحية، واالهتمام

ينقل األدب من حملية وبذلك . 20F21واوجعلناكم شعوبا وقـبائل لتـعارف :بالرتمجة من ناحية أخرى، عمال بقوله تعاىل

. اللغة إىل العاملية

كما أنه البد لألديب من أن جيتهد يف تعلم لغات خمتلفة، كما أنه من املستحسن أن يكتب يف لغة

لو استطاع أن كتب باألردية والفارسية ومتىن ، كما حاول إقبال إذ يف متناول عدد أكرب من املتلقينيجتعل أدبه

. يكتب بالعربية

وعلى األديب اإلسالمي أال يقتصر على أدبه وحده، بل عليه أن ينفتح على اآلداب العاملية كلها أو

على األقل على أمهها، وعليه أن يقرأ يف لغات خمتلفة، أو على األقل أن يقرأ ترمجات يف لغته، أو يف لغة من

.102كليلة ودمنة، صعبداهللا بن املقفع، 19 .75-50مصطفى غالب، جالل الدين الرومي، ص 20 .13: احلجرات، اآلية 21

ا حبذا لو استطاع غري العريب أن يكتب بالعربية، لغة القرآن، أو على األقل، أن وي. اللغات األجنبية اليت جييدها

. يقرأ فيها

ومن بينهم الباشا و بوزوينة من العرب وشهنون أمحد وحممد –أما الكاتب، فقد اشرتط أكثر املنظرين

، و لعل ذلك راجع إىل أن يكون األديب مسلما -كمال حسن وإمساعيل إبراهيم وشافعي أبوبكر من املاليويني

وأنـهم يـقولون ﴾٢٢٥﴿ أمل تـر أنـهم يف كل واد يهيمون ﴾٢٢٤﴿ والشعراء يـتبعهم الغاوون : تعاىلفهمهم لقوله

وسيـعلم ◌ إال الذين آمنوا وعملوا الصاحلات وذكروا اللـه كثريا وانتصروا من بـعد ما ظلموا ﴾٢٢٦﴿ ما ال يـفعلون

الرغم من أن اإلشارة هنا إىل الكفار الذين كانوا يهامجون فعلى 21F22.﴾٢٢٧﴿ الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

وكعب بن مالك وعبد اهللا بن رواحة بن ثابتاواستثناء الشعراء املسلمني من أمثال حسان اإلسالم والرسول،

واشرتطوا أن ، وسحبوا النص على األدباء مجيعااحلكم الذين كانوا يدافعون عن النيب والدين اجلديد، فقد عمموا

.ر اهللا واالنتصار ورد الظلميتصف األديب باإلميان وعمل الصاحلات وذك

حياة ويرجع كذلك إىل فهمهم لألدب على أنه تعبري عن شخصية األديب وتصوره اخلاص لإلنسان ولل

، كما أنه ليس هروبا م وردزورثليس تعبريا عن األديب كما زع -وللكون، على الرغم من أن األدب، يف حقيقته

منها كما ادعى إيليوت، بل هو كشف عن حقيقة اإلنسان والكون، ملساعدته ومساعدة اآلخرين على فهم

.ق الغاية من خلقه ووجوده على ظهر األرضاحلياة، ولدوره فيها حىت حييا بالشكل الذي حدده اهللا له، ولتحقي

دى عقفاألول مصطلح . »إسالمي«و »مسلم«أن هؤالء املنظرين خلطوا بني مصطلحي هذا فضال عن

يرتبط باألديب الفرد، فهو مصطلح ذو مفهوم خاص، أما الثاين فمصطلح عام شامل، يدل على اخلضوع

قال أسلمت لرب ◌ إذ قال له ربه أسلم :لكرميكما ورد يف القرآن اوالتسليم هللا رب العاملني

22F23﴾١٣١﴿ العالمني

، فال يكفى أن يكون األدب صادرا عن أساس نظرية األدب اإلسالمي »العاملية«إننا إذا أردنا أن تكون

حىت ، وموجها للمسلمني وحدهم، بل ينبغى أن نفسح اجملال لغري املسلمني ليشاركوا فيه، الكتاب اإلسالميني

.، وأن يوجه ال للمسلمني وحدهم، بل هلم ولغريهم من الناسه يف أعماهلم األدبيةيقتفوا أثره ، ويطبقو

.227-224الشعراء، اآليات من 22 .131البقرة، اآلية 23

اإلسالمي وينبغي أن نركز على األدب ال على منتجي األدب وعقيدهتم، وعند ذلك يشتمل األدب

كأعمال جوته صدروا فيها عن تصور إسالمي صحيح على بعض أعمال أدباء عامليني كبار من غري املسلمني

24Fكقوله 23F24»الغرىب مؤلفالديوان الشرقى لل«وقصائده يف

25:

ارتفع أيها القلب العامر باحلب إىل خالقك

اخللق أمجعني كن أنت موالي، كن إهلي، أنت يا من حتب

خلقتين وخلقت الشمس والقمريا من

.والنجوم واألرض والسماء

25Fوقوله

26:

!هللا املشرق

!هللا املغرب

واألرض مشاال

واألرض جنوبا

تسكن آمنة

.ما بني يديه

26Fوقوله

27:

واإلميان باهللا الواحد يسمو

، ألنه يرد بالروح دائما

.اإلنسان إىل وحدة ذاته

27Fوقوله

28:

.255، 252، 246-245ص 24 .208كاثرينا مومزن، جوته والعامل العريب، ص 25 .238نفسه، ص 26 .253نفسه، ص 27

من محاقة اإلنسان يف دنياه

يتعصب كل منا ملا يراهأن

وإذا كان اإلسالم معناه أن هللا التسليم

.فعلى اإلسالم حنيا ومنوت حنن أمجعني

فهذه القصائد تعكس تعمق جوته يف درسه للدين اإلسالمي احلنيف حىت بدت قصيدته األوىل تعبريا

ألرض والسماء ، وجاءت القصيدة عن معاين احملبة هللا رب العاملني، خالق البشر والشمس والقمر والنجوم وا

نـهما ورب المشارق : " الثانية ترمجة حرفية لقوله تعاىل وتعرب القصيدة ،28F29" ﴾٥﴿ رب السماوات واألرض وما بـيـ

القصيدة األخرية إىل إدراك جوته السليم أن اإلسالم دين ، وتشري أثر توحيد اإلنسان للذات اإلهليةالثالثة عن

.الفطرة اليت فطر الناس عليها

29Fاألدب اإلسالمي بعض أعمال طاغور كقوله يضم ميكن أن كما

30:

فقط دع يل

:ذلك القليل الذي أدعوك به

.يأنت كل

ذلك القليل دع يل

كل مكان من الشعور بك يف الذي ميكنين

كل شأن أن أقبل عليك يفو

كل وقت يف وأن أقدم إليك حيب

دع يل ذلك القليل

الذي ال يسمح يل باالختفاء

واترك يل فقط تلك السلسلة

إىل إرادتك تربطين اليت

.58ه واإلسالم، صكاثرينا ممسني، جوت 28 .5: الصافات، اآلية 29 .90-89، ص1طاغور، هكذا غىن طاغور، جـ 30

ودع غايتك تتحقق يف حيايت

.اليت هي رباط حبك

30Fوقوله

31:

للهروب بعيدا

.بعيدا عن نفسي

فإين ألتمس لطفك

ودعوتك

.الالمنظورأيها العظيم

فلتجعل أحلان يوليو املمطر

متأل قليب

وتعزف فوق بايب

وتنسيين

.الصخب الدائم من حويل

31Fوقوله

32:

وأمامه هو

الذي يسمو على كل مسو

أحنين

.ه بامسهرغم أنين أنسى كثريا أن أتفو

إن بركة السماوات الصامتة

ونشوة الفجر الوليد

.ا قليبقد أصابت

.91طاغور، نفسه، ص 31 .114طاغور، نفسه، 32

خالص للمعبود العظيم ، وإعالن عن حب وتسليم هبا) تبارك وتعاىل(ملوىل األوىل إقرار بإرادة اوالقصيدة

تصوير بديع لنزوع الشاعر للهروب من الصخب الدائم من حوله، ومن والقصيدة الثانية . الذي ال تدركه األبصار

دة الثالثة تعبري أخاذ عن حمبة الشاعر هللا القصيو . ، ملتمسا منه لطفه ودعوته)عز وجل(نفسه، واللجوء إىل اهللا

.واحننائه أمامه وسجوده له بقلب مفعم بالربكة والنشوة الغامرة

32Fكما ميكن أن حيتوي األدب اإلسالمي على بعض أعمال ميخائيل نعيمه كقوله

33:

أنت حلن يف قد رن صداه! إيه نفسي

.وقعتك يد فنان خفي ال أراه

، أنت موج ، أنت حبر ، أنت ريح ونسيم

أنت برق ، أنت رعد ، أنت ليل ، أنت فجر

!أنت فيض من إله

33Fوقوله

34:

كحل اللهم عيين

بشعاع من ضياك

كي تراك

يف مجيع اخللق يف دود القبور

يف نسور اجلو يف موج البحار

يف صهاريج الرباري ، يف الزهور،

قفاريف الكال ، يف الترب ، يف رمل ال

34Fوقوله

35:

!أخالقي رمحاكا مبا برت يداكا

.19ميخائيل نعيمه ، مهس اجلفون ، ص 33 .32املصدر نفسه ، ص 34 32املصدر نفسه، ص 35

إن مل أكن صداكا فصوت من أنا ؟

أال تراين أساق كاحلمالن : ريب

ريب ، أما كفاين عماي والوىن ؟

فابدل لظى نرياين جبمرة اإلميان

واجعل من احلنان للقلب مرمها

إذ ذاك بالتهليل أسري يف سبيلي

!ي ، ووجهيت السماوخالقي دليل

فالشاعر يف األوىل يرى أن : ابتهاالت شاعر تنبض باإلميان اخلالص -كما نرى –وأبيات نعيمه كلها

وما الذي خيشاه وهو يدرك . ، ومتتليء نفسه يف الثانية بطمأنينة كاملة ال خيشى معها شيئا )فيض من إله(نفسه

إىل مواله الذي براه بيديه ؟ ويبتهل يف الثالثة )رفيقه القدر(، و)حليفه القضاء(معه، ويعرف أن ) عز وجل(أن اهللا

وجهته (و) خالقه دليله(الكرميتني أن يسبغ عليه من رمحته، وأن يفعم قلبه حبرارة اإلميان، حيت يسري يف سبيله و

). السماء

وينبغي أن يكون حمور هذه الثقافة العاملية القرآن وينبغى أن تتسم ثقافة األديب اإلسالمي بالعاملية أيضا،

حاديث النبوية الشريفة اليت جرى هبا لسان الرسول صلى اهللا عليه وسلم أفصح العرب بيانا مبا أويت من الكرمي واأل

مل يسمع الناس بكالم قط أعم نفعا وال أقصد لفظا وال أعدل : "جوامع الكلم، يقول اجلاحظ يف وصف بيانه

خمرجا وال أفصح معىن وال أبني فحوى من كالمه وزنا وال أمجل مذهبا وال أكرم مطلبا وال أحسن موقعا وال أسهل

فالقرآن ميثل الذروة الرفيعة يف البالغة والبيان، وجتيء بعدها أقوال رسولنا الكرمي، ومها . 35F36"صلى اهللا عليه وسلم

نبعان يلهمان األديب أروع األساليب والصياغات الفنية، وميدانه بكثري من األفكار واملعاين واملوضوعات كما

فأما اجلاحظ . حدث لكبار األدباء املسلمني كاجلاحظ والقاضي الفاضل من القدماء وحممد إقبال من احملدثني

وأما القاضي . فقد سوى لنفسه أسلوبا ناصعا يزاوج فيه بني األلفاظ املنتخبة مزاوجة استنبطها من البيان القرآين

ألحاديث النبوية، ومها يرسالن أنوارا ساطعة على سطور الفاضل فقد عين باالقتباس آلي الذكر احلكيم ولبعض ا

تلك الطريقة الفاضلية اجلديدة، ومنهجها يشري بذلك إىل أنه يستهدي باخلصائص والقيم اجلمالية الرائعة

.39شوقي ضيف ، يف الرتاث والشعر واللغة ، ص 36

أما حممد إقبال فقد عمد إىل استخدام االقتباسات من القرآن الكرمي 36F37.ألساليب القرآن الكرمي واحلديث النبوي

ديث النبوية الشريفة يف دواوينه الشعرية استخداما رمزيا موحيا، كما استلهم منهما موضوعات أعماله واألحا

أو رحلة اخللود، وهو يستمدها أساسا من قصة املعراج " جاويد نامه"الشعرية البديعة كما يتبدى ذلك يف رائعته

.لمكما وردت يف القرآن الكرمي وأحاديث الرسول صلى اهللا عليه وس

، والسيما باللغة العربية والرتاث العريب واإلسالمى -بقدر اإلمكان – إلملامكما ينبغي على األديب ا

روائعه ككتاب األغاين أليب الفرج األصفهاين والبيان والتبيني للجاحظ ورسالة الغفران أليب العالء املعري وأشعار

مال املتصوفة الفرس كسنائي وحافظ وسعدي ونظامي حسان ابن ثابت والبوصريي وابن الفارض وابن عريب، وأع

وعبد الرمحن اجلامي وجالل الدين الرومي، وإبداعات حممد إقبال وعلي أمحد باكثري وجنيب الكيالين و نظائرهم

. من الكتاب اإلسالميني

اب واألدباء العامليني على األديب أن يلم بالنظريات األدبية والنقدية العاملية واألعمال األدبية لكبار الكت و

على أهم نظريات النقد األديب ، وإمنا نعين التعرفنعين هنا العلم التام أو التخصصولسنا . من قدماء وحمدثني

.الع عليه من روائع األدب العامليطواالطالع على ما جيدر اال

يأتسي بالرسولوعليه أن . كما ينبغى أن يكون األديب على مستوى عاملى من حيث األداء الفىن

وينبغي أن يذوب الكاتب . وحى إليه وبسنتهفينشر رسالته مقتبسا من القرآن الذي أ )صلوات اهللا وسالمه عليه (

37Fيف داخل البشرية كلها، وأن يسمو على احلدود والروابط العنصرية وأن يضع نصب عينيه قول إقبال

38:

من ربط نفسه بقيد الوطن أو النسب

.»مل يلد ومل يولد« ال يدري شيئا عن

38Fوقوله

39:

إن حياة األمم يف العامل تكون بالتجمع

.والتوحد

.43-40شوقي ضيف ، يف الرتاث والشعر واللغة ، ص انظر 37 .308حممد إقبال ، رموز نفي الذات ، ص 38 .263نفسه ، ص 39

فالكلمة ... أن يشعر شعورا عميقا باملسئولية عن كل كلمة تنزلق من لسانه وقلمه "وعلى الكاتب أيضا

أداة خللق شيء ه هبا أو يرمسها باحلرب على الورق، وأكثر منتبيت عنده أكثر بكثري من حروف ومقاطع يتفو

تصرفك مطالعته، إىل حني، عن مشكالت وجودك األساسية فتبيت الكلمة عنده وكأ�ا القدرة »األدب«يدعونه

فما كان له أن يرسلها كيفما اتفق، بل كان عليه أن . املبدعة اليت يف استطاعتها أن ختلق عوامل وأن متحو عوامل

غري طاهرة، وصادقة أو غري صادقة، وكان عليه أن يتبصر، قدر يتفقد مناسبتها ليعرف ما إذا كانت طاهرة أو

املستطاع، السبل اليت ميكن أن يسلكها بعد أن تفلت من لسانه ومن قلمه خمافة أن تغدو مسا حيث أراد أن

إ�ا البذار يبذره يف نفسه ويف النفوس الىت تشتاق ما . تكون بلسما، وحجر عثرة حيث هندمها لتكون سلما

.39F40"وللنفوس الىت تتجه حيث تتجه نفسهتاقه نفسه، وإ�ا الطريق خيطها لنفسه تش

ما يتسم به األدب اإلسالمي صدوره عن فهم عميق أهم أول و ، فإن أما مسات األدب اإلسالمي

وهذه مسة يتسم هبا األدب اإلسالمي دون غريه من . للتصور اإلسالمي لإلنسان واحلياة والكون بوجه عام

.اآلداب

أمل تـر أنـهم ﴾٢٢٤﴿ والشعراء يـتبعهم الغاوون :هي الصدق الذي نستلهمه من قوله تعاىل ومسة ثانية

إال الذين آمنوا وعملوا الصاحلات وذكروا ﴾٢٢٦﴿ وأنـهم يـقولون ما ال يـفعلون ﴾٢٢٥﴿ يف كل واد يهيمون

كما نستمدها ، 40F41﴾٢٢٧﴿ ب ينقلبون وسيـعلم الذين ظلموا أي منقل ◌ اللـه كثريا وانتصروا من بـعد ما ظلموا

لرب ، عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إىل ا" ، ومنها ) صلى اهللا عليه وسلم(من كثري من أحاديث الرسول

41F42." وإن الرب يهدي إىل اجلنة

يتحملها األديب جتاه ربه فتجىء كتاباته نتيجة إحساس ومسة ثالثة لألدب اإلسالمي هى املسئولية الىت

42F43. ﴾١﴿ والقلم وما يسطرون ◌ ن: وجل ، ومستشعرا قوله عز عما ختطه ميينه تهعميق مبسئولي

حيث اإلسالمي تعد عمال صاحلاومسة رابعة هى العمل الصاحل، فاألعمال األدبية الىت يبدعها األديب

تـر كيف ضرب اللـه مثال كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفـرعها أمل : تعاىلثاب عليها فاعلها عمال بقوله ي

.677-676ميخائيل نعيمه، سبعون، ص 40 .227-224: الشعراء، اآليات من 41 .342اجلامع الصغري، ص 42 .1:القلم، اآلية 43

: ، انقطع عمله إال من ثالث إذا مات اإلنسان«): صلى اهللا عليه وسلم(النىب وقول 43F44﴾٢٤﴿ يف السماء

اليت " األعمال اجلارية"ومن مث تصبح إبداعاته من .44F45»، أو علم ينتفع به، أو ولد صاحل يدعو له صدقة جارية

. لوديثاب عليها ال يف هذه الدنيا الفانية فحسب، بل وبعد انتقاله منها إىل دار البقاء واخل

ونفعهم، ويعينهم على عمل ومسة خامسة هي اإلصالح مبعىن أن يهدف هذا األدب إىل صالح الناس

إىل اخلري ويأمرون يدعون أمة منكم ولتكن: (تعاىلعمال بقوله من أعمال الشر ، ويبعدهم عما ال يليق هبماخلري

هون . 45F46﴾١٠٤﴿ )عن المنكر وأولـئك هم المفلحون بالمعروف ويـنـ

، دى كطلب الشهرة أو رغبة يف املال، وليس بغرض دنيوى ما ومسة سادسة أن يكون األدب لوجه اهللا

: ، وقوله عز وجل 47﴾١﴿ )اقـرأ باسم ربك الذي خلق (بل يكون األدب لوجه اهللا عز وجل عمال بقوله تعاىل

47F48.﴾١٦٢﴿قل إن صاليت ونسكي وحمياي وممايت للـه رب العالمني

املطلقة، إذ يراد هبا أن يصور صاحبها ولسنا نقصد منها الداللة الواقعية . "ومسة سابعة هي اإلنسانية

فهو إنساين النزعة، أي أن مساويء اإلنسانية وحماسنها تتضح فيه ويف . اإلنسان بكل ما فيه من نقائص ومعايب

48F".أدبه، مبعىن أنه ال خيفيها، بل جيليها يف أمت معانيها

ما يقابل هذه الداللة ويناقضها؛ إذ "ال نعين هبا كما 49

الكلمة على اإلميان باإلنسان و عقله إميانا ال حد له، فالشخص الذي يؤمن بامللكات اإلنسانية، وال يعتقد تدل

49F".فيما وراء امللموس منها شخص إنساين النزعة، ال يعتقد بقوى خارقة وراء عامله اإلنساين

50

نسانية كل ما يقرتن يف ليس هذه الداللة وال تلك هي اإلنسانية اليت نقصدها هنا، و إمنا نعين باإل

أذهاننا من السمو باحلياة البشرية، وأن جنتاز كل العقبات اليت تقف يف طريقها، حبيث تعم يف العامل وحدة

.إنسانية ال تكيفها حواجز من وطن أو جنس ، و ال حتدها عصبيات سياسية أو مذهبية

.24: إبراهيم، اآلية 44

.58اجلامع الصغري، ص 45 .104: آل عمران، اآلية 46 .1:العلق، اآلية 47 .162: األنعام، اآلية 48 .59شوقي ضيف، دراسات يف الشعر العريب املعاصر، ص 49 .60املرجع نفسه، ص 50

تعم العامل كله روابط واحدة، فال أبيض وأسود ، وبذلك تصبح اإلنسانية نزعة عاملية ، يريد أصحاهبا أن

كان أسرة، مث كان قبيلة، مث أصبح أمة، والبد أن تتالصق . وال شرقي وال غريب، فالعامل يهدف إىل االحتاد

وحداته، فتذوب كل عنصرية، وتذوب كل عصبية، ويصبح الناس إخوة يف نطاق واسع من اإلنسانية، ال حتده

50F51.األرضغري السماء و

كما نقصد هبا فكرة الرمحة بالضعيف ومواساة العاجز الفقري، فهذه الفكرة إمنا يريد أصحاهبا أن يرتقوا

حبياتنا البشرية، فيعم بني الناس فيها دفع الضرر عن إخوا�م، وأن يتعاطفوا معهم تعاطف األخ مع أخيه، فال

منا يكون التآزر والتعاون بني الناس حىت كأ�م جسد يكون هناك بائس و ال بؤس، وال حاقد وال حقد ، وإ

51F52.واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر اجلسد بالسهر واحلمى

وهي أن يتسم هذا األدب بالصبغة العاملية وذلك بأن يتضمن قضايا إنسانية هتم الناس يف كل ثامنة ومسة

ضيلة والعدل واحلرية والسالم، وأن تكون يف مستوى فين والفمكان وزمان كاحلب واخلري والفن واجلمال واحلق

.، وأن يتوجه به األديب للبشر مجيعاعاملي

كما يعتقد ، وال يف اجلمال الفين ، فال ترتكز يف املتعة أو االستمتاع أو اللهو وأما رسالة األدب اإلسالمي

كما أ�ا ليست التعليم والرتبية كما تدعي بعض بعض دعاة النظريات واملذاهب األدبية الغربية كنظرية الفن للفن،

نسان واحلياة والوجود، النظريات اإلسالمية كنظرية العبادة ونظرية التكملة وغريمها، وإمنا هى استكشاف جوهر اإل

والذي حيقق الغاية من وجوده ) تعاىل(مساعدة اإلنسان على احلياة بالشكل الذي أراده اهللا واهلدف من األدب

فالفن مهما تسامى يف نظر صاحبه 52F53."قى هو فهم النظام الكوين وأهدافهفاهلدف األبعد واألب. "احلياة يف هذه

ونظر الناس ليس من األمهية على شىء ما مل يرتمجه صاحبه إىل قوة تنشط هبم من عقاالت املعيشة احملدودة إىل

قدر ما يكشف معىن احلياة الذي هو أثبت من واألدب مهما مجل، ال معىن له إال على. حرية احلياة اليت ال حتد

53Fاألرض وأبقى من السماء

، وملء ذلك جعل قلوب الناس أينما كانوا قلبا واحدا "ومن رسالة األدب اإلسالمي 54

.58املرجع سنة، ص 51 59املرجع نفسه، ص 52 .666ميخائيل نعيمه، سبعون، ص 53 .718املرجع نفسه، ص 54

ذوبا ، مث أن يذوب ذلك القلب يف العامل ويذوب العامل فيه فيصبح الكل وطمأنينة وغبطة حمبة وسالما القلب

54F55."الزمان وال يفىن من اجلمال الذي يفين

، ويف توجهها وجممل القول إن رسالة األدب اإلسالمي هي رسالة اإلسالم يف مضمو�ا اإلنساين

.، ويف غايتها يف نفع البشرية كلها لإلنسانية

العالمية في األدب اإلسالمي

لفكرة –والرومي كالعطار وحافظ الشريازي وسعدي –لقد تنبه األدباء اإلسالميون الكبار من القدامى

55F، فعربوا عنها يف أعماهلم تعبريا فنيا مجيال ، كما نرى يف قول جالل الدين الرومي"العاملية "

56:

.، ال معىن هلا وال لب ، كلها تافهة وما حروب البشرية إال كصراع األطفال

!رة الصنم وانظر إىل احلقيقة، فدع صو إنك عابد الصنم لو بقيت أسري الصورة

، سواء كان هنديا أو تركيا أو عربيا، فإذا كنت حاجا فاطلب لك رفيقا من احلجاج

!، بل انظر إىل عزمه وقصده وال تنظر إىل صورته ولونه

.، فإنه شريكك يف اللون ه أبيض، فسم فإن كان أسود اللون فإن له ذات قصدك

56Fوقول سعدي

57:

. ، أل�م يف اخللق جوهر واحد أعضاء بعضهم لبعضبنو آدم

. ، مل يبق لبقية األعضاء قرار فإذا آملت األيام عضوا

. ، ال يليق أن تسمى آدميا وإذا مل تأمل حملنة اآلخرين

.705املرجع نفسه، 55 .10-9جالل الدين الرومي، ص:مصطفى غالب 56 .341أمل إبراهيم حممد، األثر العريب يف أدب سعدى شريازى، ص 57

هم وترامحهم وتعاطفهم مثل املؤمنني ىف تواد (فكرته من احلديث النبوي الشريف وواضح أنه يستوحي

، فاجملموع البشرى جسد واحد 57F58.)اشتكى منه عضو تداعى له سائر اجلسد بالسهر واحلمى مثل اجلسد إذا

، والعبادة احلقة ال تكون بغري نفع الناس والبدار إىل غوثهم ىف مل يتأمل ألمل أخيه اإلنسان وليس بآدمي من

58F59.امللمات

، وعلى يف أعمال األدباء الكبار منهم »العاملية«، فإننا نعثر على أما احملدثون من األدباء اإلسالميني

60Fكقوله 59F60"أسرار الذات "قصائده الشعرية يف دها يف بعض، حيث جن رأسهم الشاعر الفيلسوف حممد إقبال

61:

!ا�ض وعلم قانون األخوة واملساواة

!وأدر كأس صهباء احملبة

!أعد إىل العامل احملبوب أيام السالم

!لوئامغ املتحاربني رسالة األمن وابل

.فأنت البذرة وأنت الثمرة بني بين البشر

:61F62"أسرار نفى الذات " وقوله يف

أنت يف الدنيا شاهد على كل األمم

وهكذا أيها املسلم

فلتدع إىل اإلسالم كل العقالء وكل احلكماء

ولتنشر ما جاء على النىب األمي

.145، ص2السيوطي، جالل الدين، اجلامع الصغري، ج 58 .أمل إبراهيم حممد، املرجع السابق ، نفس املكان 59، 190-189، ويف رموز نفى الذات، ص180-179، 101-100، 55-54، 46حممد إقبال، أسرار خودي، ص 60

221-223 ،226-227 ،297 ،208 ،263 ،270 ،272 ،275-276. .101-100حممد إقبال، أسرار خودي، ص 61 .270حممد إقبال، أسرار نفى الذات، ص 62

.من علم ومعرفة

كما ظهرت يف " الرموز واألسرار " عند إقبال قد ظهرت يف بعض املواضع يف »العاملية«وإذا كانت

62Fوقد ارتفع بصوته ليخاطب العامل اإلنساين أمجع »هدية احلجاز«، فإننا جنده يف بعض أعماله األخرى

كما 63

63Fنرى يف قوله

64:

ال يعرف العجم حىت اآلن أسرار الدين

.يا للعجبال يعرف كذلك و -وهو من ديوبند -وحسني أمحد

بأن امللة قائمة على الوطن إن من خيطب على املنرب قائال

.إمنا هو جاهل مبقام أمحد العريب

اتبع أصحاب املصطفى إذ هذا هو الدين كله

.فإذا مل تصل إليه فستكون أعمالك أعمال أيب هلب

ألنه تضمن وجهة نظره فيما ؛ »العاملية«لفكرة أكثر دواوين إقبال متثيال " ضرب الكليم" بيد أن ديوان

، ، وهكذا تضمن أكثر من مائيت مقطوعة غزلية ، وهي وجهة نظر إسالمية معتدلة يتعلق جبميع قضايا العامل

، السياسة يف ، األدب والفنون اجلميلة ، املرأة ، التعليم والرتبية اإلسالم واملسلمون: وتنقسم إىل ستة أقسام

64F65. األفغاين »حمراب كل«، أفكار الشرق والغرب

قصيدة الشكر والشكوى، والقلم والدين، وآدم، »ضرب الكليم«ومن القصائد اليت تتصف بالعاملية يف

65F66.ومكة وجنيوه، ونشر اإلسالم يف بالد الفرجنة، وغزلية، وإىل أهل الفن

:66F67"ضرب الكليم"يقول إقبال يف

.245، 192-191، 6حممد إقبال، هدية احلجاز، ص 63 .245نفسه، ص 64 .18حممد إقبال، ديوان ضرب الكليم، ص 65 .104، 73، 64، 60، 35، 33-32نفس املرجع، ص 66 .60نفسه، ص 67

إن مصاحبة الشعوب صارت عامة يف هذا العصر،

وحدة اإلنسان خمفية عن األنظار،وظلت

هدف حكمة الغرب هو التفريق بني األمم،

.وأمة آدم هي هدف اإلسالم وحسب

لقد أرسلت مكة إىل جنيوه هبذه الرسالة،

أمجعية اإلنسان أم مجعية األمم؟

67Fويقول يف موضع آخر

68:

أنا لست أعجميا وال هنديا وال عراقيا وال حجازيا،

.الستغناء عن العاملنيالذات ا فقد علمتين

؛ فقد شغل برسالته الثقيلة عاملية النبيلة الرائعة مل تنتشر، لألسف الشديد، يف كل أشعار إقبالوهذه النربة ال

كرس حياته وشعره ألقوام -باختصار -أي أنه ،والضخمة حنو اهلنود والباكستانيني والعرب واألفغان والفرس

واألديب اإلسالمي البد أن يعىن بأمر أمته اإلسالمية بالطبع، . إلسالمية بصفة خاصةالشرق بصفة عامة واألمة ا

ال ينبغى له أن يقتصر عليها ويهمل األقوام والشعوب األخرى من البشر، بل عليه -من وجهة نظرنا – إال أنه

سلمني وغري مسلمني، أن يهتدي هبدي اإلسالم، ويقتدى برسوله الكرمي، فيتوجه بأدبه إىل الناس أمجعني، م

.وبذلك يصبح أديبا عامليا، كما يصبح أدبه أدبا عامليا مبعىن الكلمة

خاتمة

اليت نراها كأساس لنظرية األدب اإلسالمي تنبع من القرآن الكرمي الرمحة »العاملية«وجممل القول إن فكرة

من لدن رب العاملني، تعكس جوهر ) صلى اهللا عليه وسلم(، واملنزل على النىب األمي حممد والذكر للبشرية كلها

.73نفسه، ص 68

ح الفكرة وتوض . هة للخلق أمجعنياإلسالم احلنيف بوصفه فطرة اهللا اليت فطر الناس عليها، ورسالة عاملية موج

نسان واحلياة والكون ، ال عن فهم األديب اإلسالمي لإلاإلسالمي بوصفه األدب الذي يصدر حقيقة األدب

،، بل وعن مفهوم األدب كما يصوره القرآن والسنة النبويةنابعا عن التصور اإلسالمي فحسبفهما صحيحا

.وللجماليات اإلسالمية أيضا

بتقدمي مفهوم جديد لألدب اإلسالمي، بل تصور الكتابة بوصفها مهنة " العاملية"وال تكتفي فكرة

، وباعتبارها نشاطا مسئوال وهتدف إىل خري اإلنسانيةية ترتكز على الصدق واجلمال، ة ساممقدسة ورسال

.حياسب عليه األديب يف الدنيا واآلخرة

ينبغي شكر اهللا عليها بتوظيفها يف سبيل اهللا ) عز وجل(بة من اهللا إىل األدب كه " العاملية" كما تنظر

ل يف اكتشاف جوهر اإلنسان واحلياة والكون والوجود، واهلدف منه تتمث وترى لألدب وظيفة ،وخري اإلنسانية

والذى حيقق الغاية من وجوده يف احلياة، وترى أن ) تعاىل(مساعدة اإلنسان على احلياة على النحو الذى أراده اهللا

.رسالة األدب اإلسالمي هى رسالة اإلسالم يف مضمو�ا ومشوهلا وعامليتها

من جمال األدب اإلسالمي نفسه " العاملية"اإلسالمي األخرى ، توسع فكرة األدب وخالفا لنظريات

فتفسح لكتابات الكتاب غري املسلمني الذين يصدرون فيها عن فكر وتصور إسالمي قوميني، كما توسع من أفق

مكان وزمان، ، وأن يكتب لكل الناس يف كل ى حنو إنساين شاملالكاتب اإلسالمي، فتتوقع منه أن يفكر عل

ب الغرب وأال خيص رسالته بالشرق دون الغرب، و ال الغرب دون الشرق، وأال حيذر الشرق من الغرب، وأال يؤل

وجتعل ، الغربيبغض ؛ ألن نغمة الصراع جتعل الشرق بينهما وخياطبهما معا كأمة واحدةرق، بل يوحد ضد الش

.رق وأدبهالغرب يصم آذانه عن حكمة الش

وتوسع من ثقافته ومقدرته الفنية مما ميكنه من اإلسالمي من مستوى األديب " العاملية"تعلي فكرة كما

.أن يقف على قدم املساواة مع غريه من األدباء العامليني

، كما ترفع من إىل انتشار األدب اإلسالمي وتوسع من مجاهري املتلقني له" العاملية"كذلك تؤدى فكرة

كما هو حال األغلبية –، وحتول دور املبدعني املسلمني من دور املتأثرين بآداب الغري وحماكاهتا دبمكانة هذا األ

إىل دور املؤثرين الذين جيعلون اآلداب األخرى حتاكي أدهبم وتقتدي به، وبذلك يتمكن -العظمى منهم اآلن

.امل أمجعمه ومثله العليا يف العسالم وقياألدب اإلسالمي من نشر رسالة اإل

المراجع

القرآن الكرمي •

، ترمجة مسري عبد احلميد إبراهيم ، القاهرة ديوان األسرار والرموز. م )2005). (الدكتور(إقبال ، حممد •

.، اجمللس األعلى للثقافة

، ترمجة جالل السعيد احلفناوي ، القاهرة ، ديوان ضرب الكليم) . م2004) . (الدكتور(إقبال ، حممد •

.األعلى للثقافة اجمللس

، ترمجة مسري عبد احلميد إبراهيم ، القاهرة ، هدية احلجاز) . م2002) . (الدكتور(إقبال ، حممد •

.اجمللس األعلى للثقافة

، مطابع جامعة اإلمام حنو مذهب إسالمي يف األدب والنقد) . م1985(شا ، عبد الرمحن رأفت البا •

.حممد بن سعود اإلسالمية،الرياض

. ، عمان دارالبشري، عماننظرية األدب يف ضوء اإلسالم) . م1990(نة ، عبد احلميد بوزوي •

. ، دار ابن كثري، دمشقمدخل إىل نظرية األدب اإلسالمي) . م2007(الدين خليل، عماد •

، بريوت ، دار الكتب اجلامع الصغري يف أحاديث البشري النذير) . م 2004( السيوطي ، جالل الدين •

.العلمية

. ، القاهرة ، دار املعارف دراسات يف الشعر العريب املعاصر). م1959) .( الدكتور ( ضيف ، شوقي •

. ، القاهرة ، دار املعارف يف الرتاث والشعر واللغة) . م 1987) . ( الدكتور ( ضيف ، شوقي •

، ترمجة خليفة حممد التليسي ، طرابلس، 1، جـ هكذا غىن طاغور) . م1989. (طاغور ، رانبدرانت •

.الدار العربية للكتاب

.، القاهرة ، دار احلديث املعجم املفهرس أللفاظ القرأن الكرمي ) .م1988( . ، حممد فؤاد عبد الباقي •

اإلسالم واألدب ) . م2008) . (الدكتور(، يعقوب ، عديل ) الدكتورة(عثمان ، رمحة بنت أمحد •

.، كواال ملبور ، اجلامعة اإلسالمية العاملية حتليل للنقاشات يف ماليزيا: املاليوي

، كواالملبور، دار آفاق األدب اإلسالمي املاليوي) . م2005) . ( الدكتورة ( عثمان ، رمحة بنت أمحد •

.التجديد للطباعة والنشر والرتمجة

للطباعة، القاهرة ، مؤسسة عز الدين جالل الدين الرومي). م1982). (الدكتور(طفى غالب، مص •

.والنشر

.، القاهرة ، دار الشروق منهج الفن اإلسالمي). م 1980. ( قطب ، حممد •

، حتقيق الدكتور السيد حممد السيد و آخرين، تفسري القرآن العظيم). م2005. ( ابن كثري ، احلافظ •

.القاهرة ، دار احلديث

.، القاهرة ، دار الشروق كليلة ودمنة) . م1941. (ابن املقفع ، عبداهللا •

، ، ط ثانية شريازيالاألثر العريب يف أدب سعدي ) .م2000) . (الدكتورة( ، أمل إبراهيم حممد •

.رة، الدار الثقافية للنشر القاه

، ترمجة شريين حامد رؤية قدمية لعامل معاصر: جوتة واإلسالم) . م2004) . (الدكتورة(ممسني ، كاثرينا •

.فهمي ، القاهرة ، مكتبة الشروق الدولية

، ترمجة عدنان عباس علي ، الكويت، جوتة والعامل العريب) . م1990) . (الدكتورة(مومزن ، كاتارينا •

.عامل املعرفة

.، دمشق ، دار احلكم قبالروائع إ) . م1999. (احلسن على احلسيين الندوى ، أبو •

.، دمشق ، دار احلكم نظرات ىف األدب) . م1988. (الندوى ، أبو احلسن على احلسيين •

، ضمن اجملموعة الكاملة ، اجمللد 1958 -1889حكاية عمر : سبعون). م1979. (نعيمه ، ميخائيل •

.للماليني األول ، بريوت ، دار العلم

.، بريوت ، دار العلم للماليني مهس اجلفون) . م1986. ( نعيمه ، ميخائيل •

.، بريوت ، دار العودة األدب املقارن ) . م1987) . (الدكتور(هالل ، حممد غنيمي •