اعتاب الكتاب

97
ﺇﻋﺘﺎﺏ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ- ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺑﺎﺭ1 ﺇﻋﺘﺎﺏ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺑﺎﺭTo PDF: http://www.al http://www.al-mostafa.com

Upload: osama-mostafa

Post on 16-Jan-2017

37 views

Category:

Internet


6 download

TRANSCRIPT

Page 1: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 1

إعتاب الكتاب

ابن األبار

To PDF: http://www.alhttp://www.al-mostafa.com

Page 2: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 2

بسم اهللا الرمحن الرحيم

المقدمة

صلى اهللا على سيدنا وموالنا حممد

بو عبد اهللا حممد بن عبد اهللا بن أيب بكر قال الشيخ الفقيه احلافظ احلافل املصنف احملدث األديب البارع أأما بعد محد اهللا الذي يعفو عن السيئات، والصالة على حممد : القضاعي املعروف بابن األبار، رمحه اهللا

رسوله اخلاص بسيادة كل ماض وآت، احلاض على اغتفار اهلنات، وإقالة عثرات ذوي اهليئات، فهذه داب، تشهر كما هلم يف االضطالع واالكتفاء، وتشهد مبا هلم عند نبذة من إعتاب الكتاب، وتشفيع اآل

األمراء واخللفاء، من كرمي االختصاص ولطيف اإلختفاء؛ وكيف ال يكونون كذلك، وهم مقاول الدول وألسنة املمالك، مفردهم يف اإلفصاح، يعدل مجع الكفاح، وقصبهم الضعيف يقاوي صم الرماح، ويقاوم

ة فضها كتاب، وخطب صرعه خطاب فاجناب، وأمل دعابه إمالء فأجاب، وهللا رب كتيب. ذلق الصفاح : در قائلهم، يذكر بعض فضائلهم

يصم السامعني صريرها يكاد إذا ما جردنا وانتضينا صوارما

مبا شئنا ومتضي أمورها تدور تظل املنايا والعطايا شوارعا

ثل الآليل نظمها ونثريهاكم يف القرطاس منها بدائعا تساقط

ات البيان بفطنة تقودف أبيكشها تعن وجه البالغة نور

جتلت ا عما يحب سطورها إذا ما خطوب الدهر أرخت ستورها

.عثمان وعلي ومعاوية وعبد امللك بن مروان: أربعة كانوا كتابا صاروا خلفاء: وقال الشعيب

يم الكاتب، يف كتابه املؤلف يف طبقات اخللفاء باألندلس أن عبد امللك بن مروان وحكى سكن بن إبراهمث قال ! فارس حرب : لو عداك ما أنت فيه ما كنت معوال عليه من دهرك ؟ قال: قال يوما ألبنه الوليد

تركا حظا واهللا يا أمري املؤمنني ما : فأنت ؟ قال: مث قال ليزيد! كاتب سلطان : فأنت ؟ قال: لسليمانوعامل ال حتصى أمساؤهم مسوا بالبيان، وبنوا بيوت جمدهم باألقالم أوثق البنيان؛ مث إىل هذه ! ملختار

احلسىن زيادة، هلا بشرف الصناعة إشادة، وهي ما غين عن االستقصاء باالستقراء، من تقصي العصر بعد منظوم : ة نزور، وقلما تالقى الفنانالعصر، عن أفراد من الكتاب، وأعداد من الشعراء، أم الصقر مقال

ومنثور، فإذا مجعا يف واحد، مل جتد لفضله من جاحد؛ وصنف منهم حساب، ال تقع بغري كفايتهم قليال ما خيلو من صدورهم صدر . أحساب؛ بينهم من محل الرياع وفضل الطباع أسباب واصلة وأنساب

وكثريا ما احتملت بوادرهم، واستحليت نوادرهم، ديوان، وال ختلو حماسنه إال تال إحسام وجه أوان،

Page 3: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 3

وقبلت جيئام وأوبام، واستدركت أخذام ونكبام، إىل ما سدل عليهم من أثواب الرعايات، وسد وقد عفا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عن كاتبه ابن أيب سرح، وقصة . عنهم من أبواب السعايات

.حارتداده ال يفتقر إيضاحها إىل شر

وملا كانت احملظوظة من األدب والعلم، املخصوصة مبا جيب هللا ورسوله من األناة واحللم، اليت نظمت الندى إىل البأس، وكظمت الغيظ وعفت عن الناس، حضرة موالنا اخلليفة اإلمام اهلادي، املبارك

ف واألقالم، وال أعدمها املرتضى، أبو زكرياء أدام اهللا ا استظهار اإلميان واإلسالم، وافتخار األسيااستمرار نصر األلوية واألعالم، وكنت ممن فاض على إساءته إحساا عدا، وأده تأمينها وامتناا وقد جاء

شيئا إدا، ومست هذه الرسالة بامسها العايل ورمست من إغضائها يف إغضاا ما مل يقع يف العصر اخلايل، ريها، ألكون كيزيد بن مزيد، عندما رضي هرون الرشيد عنه، وأذن زاجرا ميامني طريها، وناظرا أفانني خ

احلمد هللا الذي سهل يل سبيل الكرامة بلقائك، ورد علي : له يف الدخول عليه، فلما مثل بني يديه قالالنعمة بوجه الرضا منك، وجزاك اهللا يا أمري املؤمنني يف حال سخطك جزاء املتثبتني املراقبني، ويف حال

اء املنعمني املتطولني، فقد جعلك اهللا وله احلمد تتثبت حترجا عند الغضب، ومتنت تطوال بالنعم، رضاك جزوتستبقي املعروف عند الصنائع، تفضال بالعفو، فإين اآلن كالذي وجد عليه عبد امللك بن مروان فجفاه

ما مسين سقم، : اعتللت ؟ قالمنذ مىت : واطرحه، مث دعا به ليسأله عن شيء، فرآه شاحبا ناحال، فقال له! ولكين جفوت نفسي، إذ جفاين أمري املؤمنني، وآليت أال أرضى عنها حىت يرضى أمري املؤمنني عين

.فأعاده إىل حسن رأيه فيه

ولن أكف شافعا يف نفسي، ودافعا براحة رجائي يف صدر يأسي، أو أحلق مبشيئة اهللا شأو رجل من أهل يا أمري املؤمنني، أتأذن : جعفر املنصور، يشفع يف مسخوط عليه، فشفعه فيه، فقالالكوفة دخل على أيب

يل يف تقبيل يدك، فإا أحق يد بالتقبيل، لعلوها يف املكارم، وطهورها من املآمث، وإنك يا أمري املؤمنني، خوفك؛ لقليل التثريب، كثري الصفح عن الذنوب، فمن أرادك بسوء فجعله اهللا حصيد سيفك، وطريد

.فأعجب به املنصور وقربه

وموالنا أيد اهللا أمره أسجح طباعا، وأفسح يف الفضائل باعا، ما زال يشرف احتراما واصطناعا، ويعرف إحسانا وإقناعا، وحق ملن عول على عدله املأمون، وتوسل بفضله املضمون، مث بنجله املبارك امليمون، أن

، ويطمئن مقيما مبا انزعج مسافرا، فإمنا دعا للتوب قابال، وللذنب غافرا، جيتلي وجه القبول املأمول سافراوسعى للعود باخلالص الدائب، من ظفر احلادث وناب النائب ظافرا، ال زالت أهاضيب نواله دائمة السفوح واهلتون، وأحاديث كماله صحيحة األسانيد واملتون، ودام ويل عهده، وخالصة جمده، املهنأ

Page 4: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 4

ايل األمور، واملهيأ ألفتتاح املعمور، وهده وجنده، نظام الدين والدنيا، األمري األسعد األعلى، األظهر مبعاألرضى، أبو حيىي، يقتفي مذاهبه، ويصطفي مناقبه، حىت يفرع النجم جالال جليا، ويرفع العلم مكانا

.عليا؛ وهذا ابتداء املقصود، وإجناز املوعود

تراجم الكتاب

ن بن الحكممروا

كتب لعثمان رضي اهللا عنه، واستوىل عليه؛ وكان عثمان يويل بين أمية، فيجيء منهم ما ينكر، ويستعتب فيهم فال يعزهلم؛ فلما شكا أهل مصر عبد اهللا بن سعد بن أيب سرح وتظلموا منه، عزله واستعمل مكانه

ة ثالث، على غالم خيبط بعريه، كأنه حممد بن أيب بكر الصديق، فعثر يف طريقه، هو وأصحابه، بعد مسريهارب أو طالب، ووجهه إىل مصر، أخربهم مرة أنه لعثمان، وأخرى ملروان، ومل جيدوا معه إال إداوة قد يبست، فيها شيء يتقلقل، فشقوها فإذا كتاب إىل ابن أيب سرح بالقرار على عمله وبإبطال كتاب حممد

فرجعوا إىل املدينة، وعرفوا عثمان، فحلف ما كتب الكتاب وال بن أيب بكر، واإلحتيال لقتله ومن معه؛أمر به، وال علم؛ وعرفوا أنه خط مروان، فسألوه أن يدفعه إليهم ليمتحنوه وينظروا يف أمره، فأىب عثمان

.أن خيرج مروان، وخشي عليه القتل، فكان ذلك سبب حصاره

: على عثمان، خرج يتوكأ على مروان وهو يقولملا نقم الناس : قال يزيد بن عياض: وحكى اجلاحظ قال

لكل أمة آفة، ولكل نعمة عاهة، وإن آفة هذه األمة عيابون طعانون، يظهرون لكم ما حتبون، ويسرون ما لقد نقموا علي ما نقموا على عمر، ولكن قمعهم . تكرهون، طغام مثل النعام، يتبعون أول ناعق

.. نفرا؛ فضل فضل من مايل، فمايل ال أفعل يف الفضل ما أشاءووقمهم؛ واهللا إين ألقرب ناصرا، وأعز

وشهد مروان يوم الدار، مث يوم اجلمل، وويل املدينة ملعاوية مرتني، مث بويع له بالشام، بعد معاوية بن يزيد .بن معاوية

زياد بن أبي سفيان

وذكر حويرثة بن أمساء أن . كتب للمغرية بن شعبة، مث أليب موسى األشعري، يف استعماهلما على الكوفةأبا موسى األشعري كتب إىل عمر رضي اهللا عنه أن املال كثر من يأخذه، فلسنا حنصيه إال باألعاجم،

ال تعيدوهم يف شيء سلبهم اهللا إياه، واخشوهم على دينكم، : فاكتب إلينا مبا ترى؛ فكتب إليه عمر .؛ فاستكتب زياداوأنزلوهم حيث أنزهلم اهللا، وتعلموا فإمنا هي الرجال

Page 5: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 5

: فقال! استخلفت غالما حدثا: ويروى أن عمر استقدم أبا موسى، فاستخلف زيادا على عمله، فقال له

يا أمري املؤمنني، إنه ضابط ملا ويل، خليق بكل خري؛ فكتب عمر إىل زياد يأمره بالقدوم عليه، وباستخالفه لئن كان أبو موسى : ، وقدم عليه، فقال عمرعلى العمل من يقوم به؛ فاستخلف زياد عمران بن حصني

ينبغي أن تكتب إىل خليفتك مبا : مث دعا بزياد فقال له! استخلف حدثا، لقد استخلف احلدث كهال ! أعده : فكتب غريه، فقال! أعد : جيب أن يعمل به؛ فكتب إليه كتابا، ودفعه إىل عمر، فنظر فيه، مث قال

لغ ما أردت يف الكتاب األول، ولكين ظننت أنه قد روى فيه، مث بلغ يف لقد ب: فكتب الثالث، فقال عمر ! الثاين ما أردت، فكرهت أن أعلمه ذلك، وأردت أن أضع منه لئال يدخله العجب فيهلك

ال عن واحد : أعن عجز أم خيانة يا أمري املؤمنني ؟ قال: وملا عزله عمر عن كتابة أيب موسى قال له .أن أمحل على الناس فضل عقلكمنهما، ولكن كرهت

أيها األمري، : مث كتب لعبد اهللا بن عامر، وهو الذي قال له، وقد حصر على منرب البصرة، فشق ذلك عليهوكتب أيضا لعبد اهللا بن عباس، ذكر ذلك أبو ! إنك إن أقمت عامة من ترى، أصابه أكثر مما أصابك

فه؛ مث ويل لعلي رضي اهللا عنه فارس، وكان من كبار عمر بن عبد ربه يف كتاب العقد الفريد من تألي .أصحابه، إىل أن استلحقه معاوية، وواله الكوفة والبصرة، وهو أول وال مجع له العراق

يحيى بن يعمر

كان حيىي بن يعمر من عدوان، وكان : روى ابن أيب خيثمة يف تارخيه، عن أيب سفيان احلمريي، قالما هذا ؟ فأخرب، فكتب فيه، : جعل احلجاج يقرأ كتبه فيعجب، فقالف: كاتب املهلب خبراسان، قال

كان أيب : فما هذه الفصاحة ؟ قال: باألهواز، فقال: أين ولدت ؟ فقال: فقدم، فرآه فصيحا جدا، فقالفأنا أحلن ؟ : قال! كثريا : أخربين عن عنبسة بن سعيد يلحن؟ قال: نشأ بتوج، فأخذت ذلك عنه؛ قال

!..ال تساكين ببلدة، أخرج : قال.. جتعل إن أن وأن إن وحنو ذلك: أين ؟ قال: خفيفا، قالحلنا: قال

.وعدوان من قيس: قال

إنا لقينا العدو، ففعلنا : وروي أن احلجاج بعث به إىل خراسان، وا يزيد بن املهلب، فكتب إىل احلجاجليس : ويقال إنه قال! ما البن املهلب وهذا الكالم : وفعلنا، فاضطررناهم إىل عرعرة اجلبل فقال احلجاج

!.ذلك إذا : إن ابن يعمر قال ذلك، قال. فقيل له! يزيد بأىب عذر هذا الكالم

األمري : أتسمعين أحلن على املنرب ؟ قال: قال احلجاج البن يعمر: وذكر يونس بن حبيب النحوي قال: ذلك أشنع له فما هو ؟ قال: يف القرآن، قال: أيا ؟ قال: حرفا، قال: أفصح من ذلك؛ فأحل عليه، فقال

أحب بالرفع، والوجه أن تقرأ : فتقرؤها" قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم إىل قوله عز وجل أحب: "تقول

Page 6: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 6

ال جرم ال تسمع يل حلنا أبدا؛ فأحلقه خبراسان، وعليها يزيد بن املهلب، : بالنصب، على خرب كان، قالإنا لقينا العدو، فمنحنا اهللا أكتافهم، فأسرنا طائفة، وقتلنا طائفة، : فكتب يزيد إىل احلجاج: قال

ما البن املهلب وهلذا : فلما قرأ احلجاج الكتاب قال. واضطررناهم إىل عرعرة اجلبل، وأثناء األار !.فذاك إذا : إن ابن يعمر هناك، فقال: حسدا له، فقيل له! الكالم

بو العباس املربد يف الكامل مساق هذا اخلرب، فجعل كتاب يزيد بن املهلب سببا يف إشخاص ابن وعكس أ : يعمر إىل احلجاج، فقال يف تفسري قول الشاعر

شجر العرى وعراعر األقوام امللوك وسار حتت لوائه قتل

إن : جاج بن يوسفالواحدة عرعرة، وعرعرة كل شيء أعاله، ومن ذلك كتاب يزيد بن املهلب إىل احل: ليس هذا من كالم يزيد، فمن هنالك ؟ قيل: فقال احلجاج! العدو نزل بعرعرة اجلبل، ونزلنا باحلضيض

قال احلجاج ليحىي بن يعمر : وزعم التوزي قال: قال. حيىي بن يعمر، فكتب إىل يزيد بأن يشخصه إليهنعم، : د عليه القول، وأقسم عليه؛ فقالفأعا: األمري أفصح من ذلك، قال: أتسمعين أحلن ؟ قال: يوما

.ارحل عين وال جتاورين: جتعل أن مكان إن فقال له

إن احلسني بن علي ابن رسول اهللا : أنت الذي تقول: أن احلجاج بعث فيه فقال: وحكى ابن عبد ربهنعم، : آمن ؟ قالفإن أتيت فأنا : فقال له! صلى اهللا عليه وسلم ؟ واهللا لتأتني باملخرج أو ألضربن عنقك

وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه، نرفع درجات من نشاء إىل قوله تعاىل ومن ذريته "اقرأ : قال له اسحيىي وعيسى وإليا وكريون وكذلك جنزي احملسنني وزروسى وهمف ووسوي وبوسليمان وأي داود

الص عيسى إىل إبراهيم، وإمنا هو ابن بنت بنيه، أو احلسني إىل حممد ؟ فقال : فمن أقرب" احلنيكل من .وواله قضاء بلده، فلم يزل بالبصرة قاضيا حىت مات! فواهللا لكأين ما قرأت هذه اآلية قط : احلجاج

يزيد بن أبي مسلم

عوده يف مرضه؛ ويقال إنه كان أخاه من تقلد للحجاج ديوان الرسائل، وكان غالبا عليه، أثريا لديه، يالرضاعة؛ فلما تويف احلجاج يف آخر أيام الوليد ابن عبد امللك، وىل مكانه يزيد هذا، فاكتفى وجاوز،

مات احلجاج بن يوسف، فوليت مكانه يزيد بن أيب مسلم، فكنت كمن سقط منه : حىت قال الوليدأنت جلدة : أنت جلدة ما بني عيين، وأنا أقول لك: جاجقال لك احل: وقال ليزيد! درهم فأصاب دينارا

وملا أدخل يف نكبته على سليمان بن عبد امللك، وهو موثق يف احلديد، ازدراه، ونبت عينه ! وجهي كله يا : فقال! لعن اهللا امرأ أجرك رسنه، وحكمك يف أمره ! ما رأيت كاليوم قط : عنه، وكان دميما، وقال

Page 7: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 7

دريتين ملا رأيتين واألمر عين مدبر، ولو رأيتين واألمر علي مقبل، ألستعظمت مين ما أمري املؤمنني، ازفجلس، فقال ! صدقت ثكلتك أمك، إجلس : فقال سليمان! استصغرت، وألستجللت ما استحقرت

يا أمري : عزمت عليك يا بن أيب مسلم لتخربين عن احلجاج، أتراه يهوي يف نار جهنم، أم قرا ؟ قال: لهؤمنني، ال تقل هذا يف احلجاج، وقد بذل لكم النصيحة، وأخفر دونكم الذمة، وأمن وليكم، وأخاف امل

!.عدوكم، وكأين به يوم القيامة على ميني أبيك ويسار أخيك، فاجعله حيث شئت

يا أمري املؤمنني، جييء احلجاج يوم : أترى احلجاج بلغ قعر جهنم بعد ؟ قال: قال سليمان: ويف روايةفقال له ! يامة بني أبيك وأخيك، قابضا على ميني أبيك ومشال أخيك، فضعه من النار حيث شئت الق

قاتله اهللا ما أحسن بديهته : فخرج؛ فالتفت سليمان إىل جلسائه فقال! اغرب إىل لعنة اهللا : سليمانبن املهلب لسليمان ولقد أحسن املكافأة حلسن الصنيعة، خلوا عنه؛ فذكر يزيد ا! وترتيهه لنفسه ولصاحبه

عفته عن الدينار والدرهم، فهم بأن يستكفيه مهما من أموره، فصرفه عن ذلك عمر بن عبد العزيز؛ فلما .ويل بعده يزيد بن عبد امللك، استعمله على إفريقية

ومنحى يزيد بن أيب مسلم مع سليمان بن عبد امللك، حنا بعض الكتاب، وقد دخل على أمري بعد نكبة ال يضعين عندك مخول النبوة وزوال الثروة، فإن السيف : ، فرأى من األمري بعض االزدراء، فقال لهنالته

العتيق إذا مسه كثري الصدأ، استغىن بقليل اجلالء، حىت يعود حده، ويظهر فرنده، وما أصف نفسي عجبا، لشكر، وترك االستطالة فجهر با! أنا سيد ولد آدم وال فخر : بل شكرا، وقد قال صلى اهللا عليه وسلم

.بالكرب

كاتب آخر للحجاج

أن كاتبا للحجاج ومل : روى العتيب يف كتاب اجلواهر له، عن إمساعيل بن أيب أويس، ما تلخيصه وإجيازهيسمه علق جارية كانت تقف عليه، ومتر بني يديه، وعلقته، فكانت تسلم عليه حباجبها إذا غفل احلجاج،

ابا إىل عامل له، ومرت اجلارية ومل تسلم، خوفا أن يفطن احلجاج، فأحدثت يف فكتب يوما بني يديه كتوختمه خبامت احلجاج على ! مرت ومل تسلم : نفس الكاتب ما أذهله، حىت كتب عند فراغه من الكتاب

العادة، فلما ورد الكتاب على العامل أجاب عن فصوله كلها ومل يدر ما معىن قوله مرت ومل تسلم وكره وأنفذه إىل احلجاج، فأنكر ذلك ملا وقف عليه، ! دعها وال تبال : يدع اجلواب عنه، مث رأى أن يكتبأن

أينفعين عندك الصدق أيها : ؛ وكان إذا صدق مل يعاقب بشدته، فقال!ال أدري : ودعا الكاتب فقالوافقته، فعفا عنهما، نعم، فأخربه اخلرب، ودعا احلجاج باجلارية فسأهلا، فصدقته أيضا و: األمري ؟ قال

.ووهبها له

Page 8: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 8

األبرش الكلبي

ذكر ابن عبدوس أن هشام بن عبد امللك ملا أفضت إليه اخلالفة بعد أخيه يزيد، وهو يف ضيعته بالرصافة، ومعه مجاعة من أصحابه، فيهم سعيد بن الوليد الكليب األبرش، وكان كاتبا له وغالبا عليه، فلما قرأ هشام

مل ال تسجد كما سجد : من كان معه من أصحابه، خال األبرش، فقال له هشامالكتاب، سجد وسجدفإن طرنا : قال له! وعالم أسجد ؟ على أنك كنت معي فطرت فصرت يف السماء : أصحابك ؟ فقال

وأنكر هشام عليه شيئا بعد ذلك، واشتد غضبه فشتمه، فقال : قال. اآلن طاب السجود: بك معنا ؟ قال! ت لك، ليس بينك وبني اهللا واسطة، وأنت خليفته يف عباده وأرضه، تقول يا بن الفاعلة استحيي: األبرش

فاقتص مين وقل يل : فاستحيا هشام منه وقال!. واهللا لو قال هذا عبد من عبيدك آلخر مثله لكان قبيحا واهللا ال : امقد فعلت، فقال هش: هبها يل، فقال: قال له! إذن أكون سفيها مثلك : كما قلت لك، فقال .أعود إىل مثلها أبدا

بئس : فقال! اضربوا عنق ابن الفاجرة : ومن هذا النحو قول احلجاج وقد ظفر بعمران بن حطان الشاريكيف أمنت أن أجيبك مبثل ما لقيتين به، أبعد املوت مرتلة أصانعك ! ما أدبك به أهلك يا حجاج

واهللا ما أطلقك إال اهللا، : فخرج إىل أصحابه فقالوا! ا عنه خلو: فأطرق احلجاج استحياء وقال! عليها : غل يدا مطلقها، واسترق رقبة معتقها، مث قال! هيهات: فارجع إىل حربه معنا، فقال

تقر بأنها موالته بيد احلجاج عن سلطانه أأقاتل

عفت على عرفانه جهالته إذا ألخو الدناءة والذي إين

يف الصف واحتجت له فعالته وقفت موازياأقول إذا ماذا

لدي فحنظلت خنالته غرست األكفاء أن صنائعا وحتدث

من جارت عليه والته ألحق جار علي، إين فيكم أأقول

وسالحها آالته وجوارحي ال كدت األمري بآلة تاهللا

داب للحصري، ويف غريه، ألن ذكر عمران بن حطان يف هذه احلكاية وهم؛ وكذا وقعت يف زهر اآل .عمران كان من القعدة، ومل يكن حيضر القتال، وإمنا هو عامر أخو عمران

سالم مولى هشام بن عبد الملك

Page 9: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 9

كان يتقلد له ديوان الرسائل، وهو ممن نبه بالكتابة؛ حكى أبو بكر الصويل أن أبا سلمة اخلالل، وزير أىب العباس يف وقت، فأنكر أبو العباس السفاح ذلك، وسكن من أيب العباس السفاح، أنكر شيئا بلغه عن أيب

: إن هشام بن عبد امللك محل على مواله وكاتبه سامل، وسعي به إليه، فقال له: سلمة وقال له

وجلدة بني العني واألنف سامل عن سامل وأديرهم يديرونين

.وأنت جلدة وجهي كله

ن تأليفه، رسالة هشام بن عبد امللك إىل خالد بن عبد اهللا القسري، وأورد أبو العباس املربد يف الكامل موكتب عبد اهللا بن سامل سنة تسع عشرة ومائة، فلعله ابن له، وكتبا مجيعا هلشام، واملعروف : ويف آخرها

والبيت أليب األسود . منهما سامل، وأراه الذي كتب لعبد امللك بن مروان؛ ذكره ابن عبد ربه وغريهوقيل إنه لعبد اهللا بن معاوية الفزاري يف ابنه . يف سامل مملوكه، وبعده بيتان، ولذلك قصة حمكيةالدؤيل

ويف األمايل أليب علي البغدادي أن عبد امللك بن مروان . سامل بن عبد اهللا؛ ولعله متثل به كما متثل هشام .أنت عندي كسامل يريد هذا البيت: كتب إىل احلجاج

ةإبراهيم بن أبي عبل

إنا : وتقلد اخلامت ملروان بن حممد بعد فقال له: حكى ابن عبدوس أن هشام بن عبد امللك أحضره قال: عرفناك صغريا، وخربناك كبريا، وأريد أن أخلطك حباشييت، وقد وليتك خراج مصر؛ فأىب عليه، وقال

قال أتكلم يا أمري فغضب هشام، فأمسك عنه حىت حبس غضبه، مث ! ليس اخلراج من عملي وال أبصره ..." إنا عرضنا األمانة على السموات واألرض واجلبال"يقول اهللا عز وجل : قل، فقال: املؤمنني ؟ فقال له

.وأعفاه ورضي عنه! أبيت إال دفعا : اآلية، فواهللا ما أكرهها، وال سخط عليها؛ فقال

بعث إيل هشام بن عبد : إبراهيم بن أيب عبلة فقالوروى أبو نعيم األصبهاين احلافظ هذا اخلرب بإسناده إىل يا إبراهيم إنا عرفناك صغريا واختربناك كبريا فرضينا سريتك وحالك، وقد رأيت أن : امللك فقال يل

أما الذي عليه رأيك : فقلت: أخلطك بنفسي وخاصيت وأشركك يف عملي، وقد وليتك خراج مصر؛ قاليثيبك، وكفى بك جازيا ومثيبا، وأما الذي أنا عليه، فمايل باخلراج بصر، يا أمري املؤمنني، فاهللا جيزيك و

: فغضب حىت اختلج وجهه، وكان يف عينيه قبل، فنظر إيل نظرا منكرا، مث قال: قال! ومايل عليه قوة

لتلني طائعا أو لتلني كارها؛ فأمسكت عن الكالم، حىت رأيت غضبه قد انكسر، وسورته قد طفئت، إنا عرضنا األمانة "إن اهللا بسبحانه وحبمده قال يف كتابه : نعم؛ قلت: يا أمري املؤمنني، أتكلم ؟ قال:فقلت

فواهللا يا أمري املؤمنني ما غضب عليهن إذ أبني، وال أكرههن إذ " على السموات واألرض واجلبال إىل منهافضحك حىت بدت : قال! كرهت كرهن، وما أنا حبقيق أن تغضب علي إذ أبيت، وال تكرهين إذ

Page 10: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 10

.قد رضينا عنك وأعتبناك! يا إبراهيم قد أبيت إال فقها : نواجذه، مث قال

.وإبراهيم هذا شامي تابعي، ملالك عنه حديث واحد يف املوطأ وإرساله كما ورد أصح من إسناده

خالد بن برمك

مد اإلمام بعده، فلما استخلف أبو العباس كان يف أول أمره خيتلف إىل حممد بن علي، مث إىل إبراهيم بن حمالسفاح، أدناه حممد بن صول حمموال، لعلة كانت خلالد، فبايعه، وأعجبته فصاحته، وظنه من العرب،

من العجم، أنا خالد : قال ممن أنت يرمحك اهللا ؟ قال! موالك يا أمري املؤمنني : ممن الرجل ؟ فقال: فقال : تكم واجلهاد لكما قال الكميتبن برمك، وإين وأهلي يف مواال

ومايل إال مشعب احلق مشعب إال آل أمحد شيعة ومايل

فأعجب به أبو العباس، وأقره على ما كان يتقلده من الغنائم، مث جعل إليه بعد ذلك ديوان اخلراج، أليب العباس، بعد وما زالت احلال تتراقى به إىل أن صار وزيرا. وديوان اجلند، فكثر حامده وحسن أثره

.أيب سلمة اخلالل، فكان يعرض الكتب عليه، ويكاتب عنه، وينظر يف أعمال أصحاب الدواوين

وحدثت عن خالد بن برمك وكان كاتبا أليب العباس : وحكى اجلاحظ يف رسالته يف الوعد واإلجناز قال أنه خري لإلسالم وأهله يف إفضاء وكتب يف سنة اخلري يعين: أنه كتب يف أول ما أنشئت الكتب إىل العمال

اخلالفة إىل أهلها؛ وكان بعض أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، يؤرخ بسنة احلزن، وهي السنة لو تركت هذا التاريخ ورجعت إىل ما عليه : اليت قتل فيها عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه، فقيل خلالد

املواعيد يريد يف آخر دولة بين أمية فأحببت أن يسكنوا إىل إين رأيت الناس قد قتلهم خلف: فقال! الناس وتويف أبو العباس، وخالد وزيره، ومتادى على ذلك : قال الصويل! هذا التاريخ، وترجع إليهم نفوسهم

صدرا من خالفة املنصور، مث استوزر أبا أيوب املورياين، وبقي خالد واليا لديوان اخلراج فقط؛ ويقال إنه وليه، مث ويل حرب فارس وخراجها، وتصرفت به الواليات إىل أن تويف املنصور، وخالد على أول من

وسعي . املوصل ونواحيها، فأقره املهدي عليها، وزاده مث واله فارس وأعماهلا، فأخرج خالد حيىي ابنه إليهاقة أمره، فأسقط عنه البقية، به إىل املهدي فطالبه مبال عظيم رفع إليه، فباع أكثر ما ميلك فيه، مث بلغته حقي

.وأشخصه مع الرشيد إىل الغزو، فانصرف عليال، فوجه املهدي إليه ابنه اهلادي يعوده

كتاب المنصور

Page 11: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 11

أن أبا جعفر املنصور بلغه عن مجاعة من كتاب دواوينه أم زوروا فيها : ذكر أبو احلسن املاوردي : منهم وهو يضربوغريوا، فأمر بإحضارهم، وتقدم بتأديبهم، فقال حدث

يا أمري املؤمنينا وعز أطال اهللا عمرك يف صالح

عصمة للعاملينا فإنك نستجري فإن جترنا بعفوك

فهبنا للكرام الكاتبينا الكاتبون وقد أسأنا وحنن

.فأمر بتخليتهم، ووصل الفىت وأحسن إليه

، فأمر حببسهم، فرفعوا إليه رقعة ليس عتب أبو جعفر املنصور على قوم من الكتاب: وقال ابن عبد ربه : فيها إال هذا البيت

للكرام الكاتبينا فهبنا وحنن الكاتبون وقد أسأنا

.فعفا عنهم، وأمر بتخلية سبيلهم

: وذكرت ذا الشعر قول أيب نواس، وهو يف حبس الرشيد يستعطفه

حببك يا أمري املؤمنينا بعدلك بل جبودك عذت ال بل

به مجيع العاملينا وسعت رن علي عفويتعذ فال

حدثت نفسي أن أخونا وال مل أخنك بظهر غيب فإني

دون بيضته حصينا وحصنا اهللا لإلسالم عزا براك

وما يترمرمونا تركتهم فقد أوهنت أهل الشرك حىت

واصلني لقاطعينا زيارة بنفسك كل عام تزورهم

األمر دونك آخرونا وقاسى شئت استرحت إىل نعيم ولو

حببك الرمحن دينا يدين حسن وجهك يف أسري فشفع

جلار بيتك أن يهونا فليس ما اهلون حل مبستجري إذا

: فأطلقه الرشيد بشفاعة الفضل، كما أطلقه بشفاعته أيضا األمني، وقد قال يستعطفه إذ حبس ثانية

وإنشاديك والناس حضر مقامي أمني اهللا والعهد يذكر تذكر

ذا رأى درا على الدر ينثر فمن ونثري عليك الدر يا در هاشم

قد أذنبت ما ليس يغفر كأني مضت يل شهور مذ حبست ثالثة

كنت ذا ذنب فعفوك أكرب وإن كنت مل أذنب ففيم تعنيت فإن

كاتب الحسن بن زيد

Page 12: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 12

أن احلسن بن زيد وهو زيد ابن احلسن بن علي بن أيب طالب، : لهروى أبو سليمان اخلطايب يف املعاملوكان أمري املدينة من قبل أيب جعفر املنصور عتب على كاتب له، فحبسه وأخذ ماله، فكتب إليه من

: احلبس

قوما م شقيت أحببت إىل اهللا ما لقيت أشكو

تشيعت ما بقيت وال ال أشتم الصاحلني جهرا

على جيفة وطيت ولو طن كفيخفي بب أمسح

.فدعا به من احلبس، فرد عليه ماله وأكرمه: قال

والعجب من الروافض، تركوا املسح على اخلفني، مع تظاهر األخبار فيه عن النيب صلى اهللا : قال اخلطايبرمبا تأىل مث اختذوه شعارا حىت إن الواحد من غالم : عليه وسلم، واستفاضة علمه على ألسنة األمة؛ قال

...برئت من والية أمري املؤمنني ومسحت على خفي إن فعلت كذا: فقال

أمية بن يزيد

أبوه يزيد موىل معاوية بن احلكم، ودخل أمية األندلس يف طالعة بلج ابن بشر بن عياض القشريي، سنة بن زيد، ثالث وعشرين ومائة من اهلجرة، يف آخر خالفة هشام بن عبد امللك، فالصقه بنفسه خالد

كاتب يوسف بن عبد الرمحن الفهري أمري األندلس، وكان كاتبا معه، فلما تغلب عبد الرمحن بن معاوية على يوسف، واستقر بدار امللك قرطبة، صار خالد إىل كتابته أياما، مث نفر عن القرار باألندلس وسأل

ن يزيد إليه، واشتمل عليه لكونه من وقد ضم عبد الرمحن بن معاوية أمية ب. اإلذن باخلروج إىل املشرقمعلمي وويل اإلحسان قبلي : مواليه، فأمر خلالد بكتاب سراح، فتحامى أمية الكتاب بني يدي خالد وقال

وامتنع من ذلك؛ فأمر عبد الرمحن ! يكون أول شيء جيري له على يدي الكتاب خبروجه عن أهله وماله أما بعد، فأخرجنا خالدا بقضه وقضيضه، فإا الراحة له : زيرةخالدا بالكتاب لنفسه، فكتب إىل عامل اجل

وكان عبد الرمحن عظيم اهليبة خموف البادرة، ال يقدم على رد ما يصدر عنه، فما ! والراحة منه، والسالم ثرب على أمية يف ذلك، بل آثره بعد وأحظاه، وكان يف عداد من يشاوره من خاصته ونقباء دولته،

. مث توارث عقبه شرف الكتابة للمروانيني باألندلس، واتصلت النباهة فيهم دهرا طويالويفضل آراءه،

أبو عبيد اهللا مولى األشعريين

Page 13: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 13

كتب للمهدي قبل اخلالفة، وجتاوز حد الكتابة، ألنه رباه وكفله، واستقبل به األمور فكان يكرمه وال وحكي أنه عزله بعد ذلك عن الدواوين، . زرهخيالفه يف شيء يشري به عليه، إىل أن ويل اخلالفة فاستو

مل ينكر أمري املؤمنني حايل يف قرب املؤانسة وخصوص اخللطة من حايل عنده قبل، يف قيامي : فكتب إليهبواجب خدمته اليت أدنتين من نعمته، ووطدت لقدمي يف مهاد كرامته، فلم أبدل أعز اهللا أمري املؤمنني

فإن رأى ! إلقصاء، وما يعلم اهللا مين فيما قلته، إال ما يعلم أمري املؤمنني حال التبعيد، ويقرب يل حمل افلما قرأ الكتاب شهد بتصديقه قلبه، !. أكرمه اهللا أن يعارض قويل بعمله، بدءا وعاقبة، فعل إن شاء اهللا

.ظلمنا أبا عبيد اهللا فلريد إىل حاله: وقال

د اهللا على املهدي، وكان قد وجد عليه يف أمر بلغه عنه، دخل أبو عبي: وذكر أبو الفرج األصبهاين قالوأبو العتاهية حاضر الس، فجعل املهدي يشتم أبا عبيد اهللا ويتغيظ عليه، مث أمر به فجروا برجله

: وحبس، مث أطرق املهدي طويال، فلما سكن أنشده أبو العتاهية

كلما كثرت لديه عذابا أرى الدنيا ملن هي يف يديه

كل من هانت عليه وتكرم ني املكرمني هلا بصغر

ما أنت حمتاج إليه وخذ إذا استغنيت عن شيء فدعه

واهللا يا أمري املؤمنني، ما رأيت : فقام أبو العتاهية مث قال! أحسنت : فتبسم املهدي، وقال أليب العتاهيةن هذا الذي جر برجله الساعة، ولقد دخلت أحدا أشد إكراما للدنيا، وال أصون هلا، وال أشح عليها، م

على أمري املؤمنني، ودخل هو، وهو أعز الناس، فما برحت حىت رأيته أذل الناس، ولو رضي من الدنيا مبا فتبسم املهدي ودعا بأيب عبيد اهللا فرضي عنه، فكان أبو عبيد اهللا ! يكفيه، ألستوت أحواله، ومل تتفاوت

.يشكر ذلك أليب العتاهية

ال مينعك ما سبق به القضاء يف ولدك، : وملا قتل املهدي ابنه عبيد اهللا بن أيب عبيد اهللا على الزندقة، قال له! من ثلج صدرك، وتقدمي نصحك، فإين ال أعرض لك رأيا على مة، وال أؤخر لك قدما عن مرتبة

وتفقدك مساؤه، وأنا طاعة أمرك يا أمري املؤمنني، إمنا كان ابين حسنة، من نبت إحسانك أرضه،: فقالإنه لو كان يف صاحل : إن املهدي قال له: ويقال.. وعبد يك، وبقية رأيك يل أحسن اخللف عندي

خدمتك، وما تعرفناه من طاعتك، ما جيب مبثله الصفح عن ولدك، ما جتاوز أمري املؤمنني ذلك إىل غريه، رضانا عن أنفسنا، وسخطنا عليها يا أمري : اهللافقال أبو عبيد! ولكنه نكص على عقبه، وكفر بربه

املؤمنني موصول برضاك وسخطك، وحنن خدم نعمتك، تثيبنا على اإلحسان فنشكر، وتعاقبنا على فاحتال الربيع بن يونس حىت غري عليه املهدي، وزين له استعمال يعقوب بن داود، ! اإلساءة فنصر

Page 14: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 14

قوب تتزايد، إىل أن مساه املهدي أخا يف اهللا ووزيرا، وأخرج فجعلت حال أيب عبيد اهللا تتناقص، وحال يع : بذلك توقيعات ثبتت يف الدواوين، فقال يف ذلك سلم اخلاسر

إليه حبق غري مردود دى لإلمام الذي جاءت خالفته قل

أخوك يف اهللا يعقوب بن داود نعم املعني على الدنيا أعنت به

ارة، وقال أستحيي منه لقتلي ولده؛ واقتصر به على ديوان الرسائل، وكان وصرف أبا عبيد اهللا عن الوز .يصل إليه على رمسه

كتاب الهادي

حكي لنا أن موسى اهلادي سخط على بعض كتابه، ومل يسم لنا الكاتب، فجعل يقرعه : قال ابن عبدوسعين به رد عليك، وإقراري مبا يا أمري املؤمنني، إن اعتذاري مما تقر: بذنوبه، ويتهدده ويتوعده، فقال له

: بلغك يوجب ذنبا علي مل أجنه، ولكين أقول شعرا

فال تزهدن عند املعافاة يف األجر كنت ترجو يف العقوبة راحة فإن

.فأمر بأال يعرض له، وصفح عنه وأحسن إليه

يوسف بن الحجاج الصيقل الكوفي

ذلك أبو الفرج األصبهاين؛ واختص باهلادي إىل أن ذكر. كان كاتبا ظريفا، يغىن يف كثري من أشعارهتويف، وضاع فلما ورد الرشيد الرقة خرج يوسف هذا، وكمن له يف ر جاف على طريقه، وكان

للرشيد خدم صغار يسميهم النمل، يتقدمونه، بأيديهم قسي البندق، يرمون ا من يعارضه يف طريقه، فلم ، فوثب إليه يوسف، وأقبل اخلدم الصغار يرمونه، فصاح م يتحرك يوسف حىت وافت قبته على ناقة

: فكفوا، وصاح به يوسف يقول! كفوا عنه : الرشيد

ة أم حتمل هارونا حتمل الناق أغيثا

الدنيا أم الدينا أم الشمس أم البدر أم

م ت قد أصبح مقرونا كل الذي عدد أال

اآلدميونا فداه مفرق هارونا على

Page 15: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 15

مرحبا بك يا يوسف، كيف كنت بعدي ؟ ادن مين، فدنا، وأمر له بفرس : الرشيد يده إليه، وقالفمد فركبه، وسار إىل جانب قبته ينشده والرشيد يضحك، وكان طيب احلديث، مث أمر له مبال، وأمر بأن

.يغىن يف األبيات

أبان بن عبد الحميد الالحقي

كان الفضل بن حيىي غائبا، فقصده وأقام ببابه مدة مديدة، خرج من البصرة يطلب االتصال بالربامكة، و : ال يصل إليه، فتوسل إىل بعض بين هاشم ممن شخص مع الفضل يف أن يوصل إليه شعرا، وقال فيه

من آل هاشم يف البطاح هر يا غزيز الندى ويا جوهر اجلو

يف حاجيت سبيل جناحي بك ظني ولست ختلف ظني إن

من دون قفله مفتاحي أنت ننا ملصمت بابمن دو إن

: هات مدحيك، فأعطاه شعرا يف الفضل يف هذا الوزن وقافيته، منه: فقال له

كنوز البيان ذو أرباح من من بغية األمري وكرت أنا

أديب خطيب حاسب كاتب اح ناصحصعلى الن زائد

اجلناحمما يكون حتت شة شاعر مفلق أخف من الري

كاجللجل الصياح مشريا لو دعاين األمري أبصر مني

.فدعا به ووصله، وقدم معه

رفع أبان بن عبد احلميد : وحكى ابن عبد ربه، عن إبراهيم بن حممد الشيباين أيب اليسر الكاتب قال : الالحقي إىل الفضل بن حيىي بن خالد رقعة بأبيات له، وذكر منها ما تقدم وزاد

وال باحدر الدحداح م بالضخم يف رؤاي وال الفدلست

كشعلة املصباح واتقاد كثة وأنف طويل حلية

ه وال الفاتك اخلليع الوقاح بالناسك املشمر ثويب لست

فأجاب يف غرضه، ! أجب عنه : فدعا به، فلما دخل عليه، أتاه كتاب من أرمينية، فرمى به إليه، وقال لهفبلغ هذا : له بألف ألف درهم، وكان أول داخل وآخر خارج، وإذا ركب فركابه مع ركابه، قالفأمر

: الشعر أبا نواس فقال

للمسمى باجللجل الصياح إن أوىل بقلة احلظ مني

Page 16: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 16

يف نعت خلقك الدحداح قلت يكن فيك غري شيئني مما مل

حذاك ذاهب يف الريا وسوى حلية كثة وأنف طويل

ف ويزري باملاجد اجلحجاح فيك ما حيمل امللوك على السخ

معيد احلديث مسج املزاح ه الظرف مظلم الكذب تيا بارد

لو أعطيتين مائة ألف ألف ما : ال تذعها وخذ األلف ألف درهم، فبعث إليه أبو نواس: فبعث إليه أبانال حاجة يل يف أبان، قد رمي : عر أيب نواس قالفيقال إن الفضل بن حيىي ملا مسع ش!كان بد من إذاعتها

قد قيل ذلك، : فقال! كذب عليه : فقيل له! خبمس يف بيت، ال يقبله على واحدة منهن إال جاهل .كذا قال الشيباين، فإن يك صحيحا، فقد أعتبه، وعاود فيه مذهبه. فأقصاه

قرب من قلب حيىي بن خالد، وصار خص بالفضل وقدم معه، ف: قال أبو الفرج األصبهاين، وذكر أبانصاحب اجلماعة، وذا أمرهم؛ ويقال إنه عاتب الربامكة على تركهم إيصاله إىل الرشيد وإيصال مدحيه

أريد أن أحظى منه مبثل ما حظي به مروان ابن أيب حفصة، : وما تريد من ذلك ؟ قال: إليه، فقالوا له: ذمهم، به حيظى، وعليه يعطى، فاسلكه حىت نفعل، قالإن لذلك مذهبا يف هجاء آل أيب طالب و: فقالوا

: فقال أبان من قصيدة! فما تصنع ؟ ال جييء طلب الدنيا إال بفعل ما ال حيل : ال أستحل ذلك، قالوا

مبا قد قلته العجم والعرب أعم حبق اهللا من كان مسلما نشدت

يف رتبة إليه رسول اهللا أقرب زلفة أعم سبأم ابن العمالن

ذا له حق التراث مبا وجب ومن أوىل به وبعهده وأيهما

علي بعد ذاك على سبب وكان كان عباس أحق بتلكم فإن

كما العم البن العم يف اإلرث قد حجب عباس هم يرثونه فأبناء

الرشيد، فأمر ألبان وركب فأنشدها ! ما يرد اليوم على أمري املؤمنني أعجب من أبياتك : فقال له الفضل .بعشرين ألف درهم، واتصل مدحه للرشيد بعد ذلك وخص به

وأما هجاء أيب نواس ألبان، فإن حيىي بن خالد كان قد جعل أمر الشعراء وامتحان أشعارهم وترتيبهم يف : اجلوائز إىل أبان، فلم ترض أبا نواس املرتبة اليت جعله فيها، فقال يهجوه من أبيات

در در أبان ال أباناجالست يوما

.فجاوبه أبان مبا أقذع فيه

ومل يذكر أبو الفرج فيما أورد من أخباره تغري الربامكة عليه، وال إحالة عندهم حلاله، بل حكى أن مروان وحيك أتشكو الرشيد : بن أيب حفصة شكا إىل بعض إخوانه تغري الرشيد عليه وإمساكه يده عنه، فقال له

Page 17: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 17

وحيك أتعجب من ذلك، هذا أبان الالحقي قد أخذ من الربامكة بقصيدة : قال! أغناك بعد ما أعطاك و .قاهلا واحدة، مثل ما أخذته من الرشيد يف دهري كله، سوى ما أخذه منهم ومن أشباههم بعدها

وكان أبان نقل للربامكة كتاب كليلة ودمنة فجعله شعرا ليسهل حفظه عليهم، وهو معروف، فأعطاه فتصدق أبان بثلث املال، مخسة : قال الصويل. ة آالف دينار، وأعطاه الفضل مخسة آالف دينارحيىي عشر

.آالف دينار ألنه كان حسن السريرة حافظا للقرآن

عبد اهللا بن سوار بن ميمون

ليس معي دواة، : اجلس فاكتب، فقلت: فدعاين يوما ألكتب، فقال يل: كان يكتب ليحىي بن خالد؛ قالوأغلظ يل يف حرف أراد به حصين على األدب، مث دعا ! أرأيت صاحب صناعة تفارقه آلته : فقال يل

بدواة فكتبت بني يديه كتابا إىل الفضل، يف شيء من أموره، ففطن أين متثاقل عن الكتاب بسبب تلك ألف ثالث مائة : كم ؟ قلت: نعم قال: أعليك دين ؟ فقلت: املخاطبة، فأراد إزالة ذلك عين، فقال يل

: درهم، فأخذ الكتاب ووقع فيه خبطه

وشبع الفىت لؤم إذا جاع صاحبه قد نال شبعا لبطنه وكلكم

إن عبد اهللا ذكر أن عليه دينا خيرجه منه ثالث مائة ألف درهم، فقبل أن تضع هذا الكتاب من يدك، فحملها الفضل إيل : قال ! فأقسمت عليك ملا محلت ذلك إىل مرتله، من أحضر مايل قبلك، إن شاء اهللا

.وما علمت هلا سببا غري تلك الكلمة

حجر بن سليمان

حكى يزيد املهليب أن حيىي بن خالد رقي إليه عن حجر بن سليمان الكاتب احلراين أمور، فكان عليه هلا : ىل حيىيمغيظا، فلما وجه الرشيد حيىي إىل حران ليقتل من هنالك من الزنادقة، ضاق حبجر مرتله، فكتب إ

أما بعد فإنك ملا حللت بأرضنا، وقرب مزارك منا، اعتلج بقليب أمران؛ أما أحدمها فاالستتار منك وخفض الشخص يف عسكرك؛ وأما اآلخر فاإلصحار لك والرضا حبكومتك، فاعتلى الرجاء لعفوك

من الذي مل اخلوف من بادرتك، وعلمت أين مل أعجزك فيما مضى من سالف األيام، وألنت أعظم شأنا : تعد قدرته احلرية، إذ يقول له النابغة

وإن خلت أن املنتأى عنك واسع كالليل الذي هو مدركي فإنك

Page 18: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 18

فأنا أسألك مسألة، يعظم اهللا عليها أجرك، وجيزل عليها ذخرك، وأسألك حبق نعم اهللا إال بللت ريقي . باألمان له والعفو عنهفكتب إليه حيىي. بعفوك، وفرجت الضيقة اليت لزمتين بعطفك

ويف الكتاب املعرب عن املغرب، أن حجر بن سليمان هذا، كان من أفصح الناس، مع أدب الكتابة واهللا ألزيلن حلمك : وظرفها، فلما ويل يزيد بن مزيد الشيباين أرمينية، بعث إليه، فأمر فشقت ثيابه، وقال

ال تعجل أيها األمري، : فقال! إال ألشفي نفسي منكوعصبك عن عظمك، ال واهللا ما طلبت والية أرمينية فإن تكن يدك عالية فيد اهللا أعلى، فانظر إىل من فوقك، وال تنظر إىل من حتتك، فكل رب من العباد

أعيذك باهللا أيها األمري أن تساعد غضبك فتندم ! مربوب لذي القوة املتني الذي ينتقم إذا شاء يف عاجلوليعفوا وليصفحوا أال تحبون أن يغفر اهللا لكم واهللا : "لدنيا بالعفو، فإن اهللا يقولوخذ الفوز يف الدين وا

شهدته يتكلم ذا الكالم، وهو مبتل : قال عوانة بن احلكم الكليب والد عياض بن عوانة". غفور رحيمغفر اهللا، واهللا إنا ملربوبون أست: الريق، سهل الكالم، سامل من السقط، كأمنا يقرأ يف صحيفة، فقال يزيد

يا ! للرب العظيم، وإنه ينبغي لنا إذا أطللنا على من دوننا أن نذكر من فوقنا، خلوا عنه وهاتوا له كسوة .حجر بن سليمان قد أعدناك إىل مرتبتك

سهل بن هارون

ألمحل أرزاق إين : حكى عنه قال،. كتب ليحىي بن خالد، وكان منه مبكان، ولزمه إىل حني القبض عليهالعامة بني يدي حيىي بن خالد يف فنائه داخل سرادقه، وهو مع الرشيد بالرقة، وهو يعقدها مجال بكفه، إذ

ويلك يا سهل، طرق النوم شفري، وأكلت السنة : غشيته سآمة، وأخذته سنة فغلبته عيناه، فقال وإن طردته طلبك، وإن ضيف كرمي، إن قريته روحك، وإن منعته عنتك،: خاطري، فما ذاك ؟ قلت

: فنام أقل من فواق بكية، أو نزع ركية، مث انتبه مذعورا، فقال: قال! أقصيته أدركك وإن غالبته غلبك

وما ذاك، أصلح اهللا : يا سهل ألمر ما كان، ذهب واهللا ملكنا، وذل عزنا، وانتقضت أيام دولتنا قلت : رأيت كأن منشدا أنشدين: الوزير ؟ قال

ومل يسمر مبكة سامر أنيس، ن بني احلجون إىل الصفاكان مل يك

: فأجبته على غري روية، وال إجالة فكرة

صروف الليايل واجلدود العواثر بلى حنن كنا أهلها فأزالنا

فواهللا ما زلت أعرفها منه، وأراها ظاهرة فيه، إىل الثالث من يومه ذاك، فإين لفي مقعدي بني يديه، : قالوقيعات يف أسفل كتبه لطالب احلوائج إليه، قد كلفين إكمال معانيها بإقامة الوزن فيها، إذ أكتب ت

Page 19: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 19

: قال! مهال وحيك، ما اكتتم خري، وال استتر شر : وجدت رجال سعى إليه، حىت أوىف مكبا عليه، فقال

ى أن رمى القلم من يده فما زاد عل: قال! نعم : أو قد فعل ؟ قال: قال! قتل أمري املؤمنني الساعة جعفرا تربأ منهم احلميم، . فلو انكفأت السماء على األرض ما زاد: قال سهل! هكذا تقوم الساعة بغتة : وقال

واستبعد عن نسبهم القريب، وجحد والءهم املوىل، واستعربت لفقدهم الدنيا، فال لسان حيظى بذكرهم، لك، والفضل وحممد وخالد، بنوه وبنوهم، مع وال طرف ناظر يشري إليهم؛ وضم حيىي بن خالد، وقته ذ

بين جعفر بن حيىي، ومن لف لفهم، أو هجس بصدره أمل فيهم؛ وبعث يف الرشيد، فواهللا لقد أعجلت عن النظر، فلبست ثياب إحرامي وأعظم رغبيت إىل اهللا يف اإلراحة بالسيف، وأال يعبث يف عبث جعفر،

ذعر يف جبرض ريقي، وشخوصي إىل السيف املشهور فلما دخلت عليه، ومثلت بني يديه، عرف ال: قال! إيها يا سهل، من غمط نعميت، وتعدى وصييت، وجانب موافقيت، أعجلته عقوبيت : ببصرين فقال

ليفرخ روعك، ويسكن جأشك، وتطب نفسك، وتطمئن : فواهللا ما وجدت جواا حىت قال يليبسط منقبضك، ويطلق معقولك، وأشار إىل حواسك، فإن احلاجة إليك قربت منك، وأبقت عليك ما

: مصرع جعفر وقال

ل ففي عقوبته صالحه مل يؤدبه اجلمي من

فواهللا ما أعلم أين عييت عن جواب آخر قط، غري جواب الرشيد يومئذ، فما عولت يف : فقال سهل ما ضمته أبنيته اذهب قد أحللتك حمل حيىي، ووهبت لك: مث قال!.. الشكر إال على تقبيل باطن رجليه

فكنت كمن : قال سهل. وحواه سرادقه، فاقبض الدواوين، وأحص جباء جعفر لنأمرك بقبضه إن شاء اهللا .نشر من كفن وأخرج من حبس

أللهم زده : مث جلت حال سهل عند الرشيد وخص به، فدخل عليه يوما وهو يضاحك ابنه املأمون، فقال! يكون كل يوم من أيامه موفيا على أمسه، مقصرا عن غده من اخلريات، وابسط له يف الربكات، حىت

يا سهل، من روى من الشعر أحسنه وأجوده، ومن احلديث أصحه وأبلغه، ومن البيان : فقال الرشيدما ظننت أن أحدا تقدمين إىل مثل : يا أمري املؤمنني: أفصحه وأوضحه، إذا رام أن يقول مل يعجزه، فقال

: بلى، أعشى مهدان حيث يقول: قال! هذا املعىن

اليوم خري منك أمس وأنت أمس خري بين لؤي رأيتك

كذاك تزيد سادة عبد مشس وأنت غدا تزيد اخلري ضعفا

واستثقل املأمون سهل بن هارون، فدخل عليه يوما والناس على منازهلم، فتكلم املأمون بكالم ذهب فيه وتشاهدون وال ! مالكم تسمعون وال تعون : لك اجلمع فقالكل مذهب، فلما فرغ أقبل سهل على ذ

Page 20: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 20

أما واهللا إنه ليقول ويفعل يف اليوم القصري مثل ! تفهمون، وتفهمون وال تعجبون، وتعجبون وال تنصفون ما قالت وفعلت بنو مروان يف الدهر الطويل، عرم كعجمهم وعجمهم كعبيدهم، ولكن كيف يعرف

.فرجع املأمون فيه إىل الرأي األول! الدواء من ال يشعر بالداء

وهذا كاستثقال احلجاج زياد بن عمرو العتكي، فلما وفد على عبد امللك ابن مروان، واحلجاج حاضر، يا أمري املؤمنني، إن احلجاج سيفك الذي ال ينبو، وسهمك الذي ال يطيش، وخادمك الذي ال : قال

.ف عليه منهتأخذه فيك لومة الئم؛ فلم يكن بعد ذلك أحد أخ

وشبيه ثناء زياد على احلجاج ثناء أيب دلف العجلي على عبد اهللا بن طاهر عند املأمون، حني دخل عليه خلفته يا أمري املؤمنني أمني غيب، نصيح جيب، : بعد الرضا عليه، فسأله عن عبد اهللا بن طاهر، فقال

رحب الفناء ألهل طاعتك، ذا بأس شديد أسدا فينا قائما على براثنه، يسعد به وليك، ويشقى به عدوك،ملن زاغ عن قصد حمبتك، قد فقهه احلزم وأيقظه العزم، فقام يف حبر األمور، على ساق التشمري، يربمها

: بأيده وكيده، ويفلها حبده وجده، وما أشبهه يف احلرب إال بقول عباس بن مرداس

اأحتفي كان فيها أم سواه على الكتيبة ال أبايل أكر

لو علم الناس لذتنا بالعفو : واملأمون يف خلفاء بين العباس أغزرهم علما، وأشهرهم حلما، وكان يقول ! لقد حببت إيل العفو حىت خفت أال أؤجر عليه : وقال لعمه إبراهيم بن املهدي! لتقربوا إلينا باجلرائم

لعطل امللوك احلالية، لقلت إياه تقيل، فلو تقدم عصر موالنا الذي فضل العصور اخلالية، وأحال على امعارف وعوارف، وعاله تسربل، من توالد وطوارف، وإال فهأنا مع االصطناع الظاهر، واالستشفاع

ذنيب أعظم من : بالنجل املبارك الطاهر، كالذي قال للحسن بن سهل، وقد أتى ما أتيت عن جهلعلى رسلك، قد تقدمت لك طاعة، : ال له احلسنفق! السماء، وأوسع من اهلواء، وجرمي أكثر من املاء

وحدثت منك توبة، وليس للذنب بينهما مكان، وما ذنبك يف الذنوب بأعظم من عفو أمري املؤمنني يف : وفيه يقول احلسن بن رجاء الكاتب! العفو

من العفو مل يعرف من الناس جمرما صفوح عن اإلجرام حتى كأنه

ما األذى مل يغش بالكره مسلما إذا األذىيبايل أن يكون به وليس

وقد تضمنت هذه الرسالة من أنبائه، ما يدل على كماله، وجيلو لألحداق صور مكارم األخالق يف مساحه .واحتماله

كلثوم بن عمرو العتابي

Page 21: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 21

.كان ممن مجع له البيان واخلطابة والشعر اجليد والرسائل الفاخرة

اصنع يل رسالة؛ فاستمد مدة، مث علق : قا لكلثوم العتايب أتاه يوما فقال لهبلغين أن صدي: قال ابن عبد ربهإين ملا تناولت القلم تداعت علي : ما أرى بالغتك إال شاردة عنك فقال له العتايب: القلم، فقال له صاحبه

.املعاين من كل جهة، فأحببت أن أترك كل معىن حىت يرجع إىل موضعه مث أجتين لك أحسنها

إن الكالم يزدحم يف : ذا كما روي أن ابن املقفع كان كثريا ما يقف قلمه، فقيل له يف ذلك فقالوهوسعي بالعتايب إىل الرشيد فخافه، فهرب إىل بالد الروم، فقال يعتذر، وهو ! صدري، فيقف قلمي لتخريه

: مشبه يف حسن االعتذار بالنابغة الذبياين

إما غافر أو معاقب بةي رجاء العفو عذرا وشبته جعلت

حصنا من حذار النوائب جعلتك إذا ما خفت حادث نبوة وكنت

بواد منك رحب املشارب حللت يب هجرانك اليأس بعد ما فأنزل

إىل حافات أكدر ناضب وآوي ومرعاي اجلديب مكانه أظل

لباق من رجائك ثائب تثوب يثن عن نفسي الردى غري أنها ومل

اآلمال دون املطالب مقيدة فس حمبوس عليك رجاؤهاهي الن

وميسي مستكن اجلوانب يظل وحتت ثياب الصرب مني ابن لوعة

منه داميات املخالب فأقلعن ظفرت منه الليايل بزلة فىن

وأحرزت املىن باملواهب بذل، إين مل أكن بعت عزة حنانيك

زاليت وسوء مناقيب بةعقو مستين اهلجران حتى أذقتين فقد

على حد مصقول الغرارين قاضب مقصى يف رضاك وقابض فهأنا

ا كرهت وجاعل ومنتزحمثاال بني عيين وحاجيب هواك عم

: وقال أيضا

عليه نوائب الدهر حشدت رحل الرجاء إليك مغتربا

إليك عنانه شكري وثىن ردت إليك نداميت أملي

ورجاء عفوك منتهى عذري موعظةعتبك عتب وجعلت

: فعفا عنه الرشيد؛ ومن جيد مدحه فيه

ا إمامبنا يضم ين ممنوعا عن الربي عودها له كفعصا الد

ة طرفها وعنيا وبعيدها سواء حميط بالربيعليها قر

Page 22: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 22

: وله فيه أيضا

نهاإليها احلق فهو أمي وأدى أمة اإلسالم فهو إمامها رعى

طوارق أبكار اخلطوب وعوا مقيم مبسنت العال حيث تلتقي

: ومن بديع االعتذار قول إبراهيم بن املهدي للمأمون

الرسول آليس أو طامع بعد خري من وخدت به شدنية يا

فظللت أرقب أي حتف صارع أدر أن ملثل جرمي غافرا مل

لية من مقر باخعجهد األ يعلم ما أقول فإنها واهللا

إال بنية طائع أسباا إن عصيتك والغواة متدين ما

: وقوله

وأنت أعظم منه إليك عظيم ذنيب

فاصفح بفضلك عنه فخذ حبقك أوال

الكرام فكنه من مل أكن يف فعايل إن

: وقول إسحاق بن إبراهيم املوصلي للمأمون أيضا

حلسن عفوك عن جرمي وعن زللي يشيء أعظم من جرمي ومن أمل ال

أعظم من جرمي ومن أملي فأنت يكن ذا وذا يف القدر قد عظما فإن

: وقول علي بن اجلهم للمتوكل، وقد متثل به جعفر بن عثمان املصحفي فنسب إليه ومها

بعفوك أن أبعدا تعوذ اهللا عنك أال حرمة عفا

لى يداأجل وأع فأنت لئن جل ذنب ومل أعتمده

وموىل عفا ورشيدا هدى تر عبدا عدا طوره أمل

فعاد فأصلح ما أفسدا أمر تالفيته ومفسد

يقيك ويصرف عنك الردى أقالك من مل يزل أقلين

: وما أحسن قول أيب بكر بن عمار للمعتمد حممد بن عباد رمحه اهللا

ضحوعذرك إن عاقبت أجلى وأو إن عافيت أندى وأسجح سجاياك

إىل األدىن من اهللا أجنح فأنت كان بني اخلطتني مزية وإن

: ويشبه قول العتايب

...البيت ردت إليك نداميت أملي

Page 23: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 23

ما كتب به سعيد بن محيد إىل بعض الرؤساء معتذرا، وقد نسب ذلك أبو إسحق احلصري إىل ابن مكرم ك احلنكة، وباعدتين منك الثقة باأليام، فأدنتين إليك نبت يب عنك غرة احلداثة فردتين إلي: وأتى به خمتصرا

الضرورة، فسدت فلم أصلح لغريك، وخبستك معروفك فلم أهنأ ظلمك، وهأنا قد ألقيت بيدي إليك ملا ضاقت علي املذاهب، وتقطعت يب السبل، وأدركتين عاقبة ما أسلفت، وارنت بسوء النية ما قدمت،

أعرف، ثقة بإسراعك إيل وإن أبطأت عنك، وقبولك املعذرة وإن فتركت ما أنكر، وانصرفت إىل ماقصرت عن واجبك، وإن كانت ذنويب قد سدت علي مسالك الصفح عين فراجع يف جمدك وسؤددك، وأي موقف هو أدىن من هذا املوقف، لوال أن االعتذار فيه إليك، واملخاطبة مبا ضمنته كتايب إليك ؟ أم

ن خطة أنا راكبها، لوال أا يف طلب رضاك، فإن رأيت أن تستقبل أي خطة هي أزرى بصاحبها مالصنيعة بقبول العذر، وجتدد النعمة باطراح احلقد، وتستأنف املنة بنسيان الزلة، وتردين إىل موضعي يف

قلبك، وإن كنت أعلم أين مل أدع إىل ذلك سبيال، فإنا رأينا قدمي احلرمة وحديث التوبة ميحوان ما بينهما ن اإلساءة وميسحانه، فعلت، فإن أيام القدرة وإن طالت قصرية، واملتعة ا وإن كثرت قليلة، واملعروف م

.وإن أسدي عودا على بدء إىل من يكفره مشكور على كل حال بلسان غريه

وكان العتايب أيام هارون الرشيد يف ناحية املأمون، وشيعه عند خروجه إىل خراسان، حىت وقف معه على سألتك باهللا يا عتايب إال عملت على زيارتنا إن صار : دان كسرى، فلما حاول وداعه قال له املأمونسن

وملا قدم املأمون بغداد يوم السبت منتصف صفر سنة أربع ومائتني، توصل !.. ??لنا من هذا األمر شيء رأيت أن تذكر يب أمري أيها القاضي إن: إليه العتايب، فتعذر عليه لقاؤه، فتعرض ليحىي بن أكثم فقال

قد علمت، ولكنك ذو فضل، وذو الفضل معوان؛ : فقال العتايب! ما أنا حباجب : فقال له حيىي! املؤمنني إن اهللا أحلقك جباه ونعمة، ومها مقيمان عليك بالزيادة إن شكرت، : فقال! سلكت يب غري طريقي : قال

ك إىل ما فيه زيادة نعمتك، وأنت تأىب ذلك، ولكل والتغيري إن كفرت، وأنا اليوم خري منك لنفسك، أدعويا أمري املؤمنني أجرين من العتايب : فدخل إىل املأمون فقال! شيء زكاة، وزكاة اجلاه بذله للمستعني

: ولسانه، فلم يأذن له وشغل عنه، فلما رأى العتايب جفاءه قد متادى كتب إليه

أيت اإلخاءوال هكذا ر ن على ذا كنا افترقنا بسندا ما

ا ذو الصفاء إال صفاء د أكن أحسب اخلالفة يزدا مل

! ر على غدرهم وتنسى الوفاء الناس باملهندة البت تضرب

يعرض بقتله ألخيه على غدره ونكثه ملا عقد الرشيد، فلما قرأ املأمون كتابه دعا به، فدنا منه وسلم بلغتين وفاتك فغمتين، مث انتهت إيل وفادتك فسرتين، وإين يا عتايب: باخلالفة، مث وقف بني يديه، فقال

يا أمري املؤمنني لو قسم هذا الرب على أهل مىن وعرفات : حلري بالغم لبعدك والسرور بقربك، فقال

Page 24: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 24

: قال! لوسعهم عدال، وأعجزهم شكرا، وإن رضاك لغاية املىن ألنه ال دين إال بك، وال دنيا إال معك

.ك بالعطية أطلق من لساين باملسألة؛ فأمر له خبمسني ألفايد: سل حاجتك، قال

الفضل بن الربيع

كتب للرشيد حيىي بن خالد بن برمك، مث الفضل بن الربيع، مث إمساعيل بن صبيح، : قال ابن عبد ربهربيع، وممن نبه بالكتابة بعد اخلمول الربيع والفضل بن ال: وقال يف موضع آخر. ولألمني الفضل بن الربيع

.ومسى معهما مجاعة

ملا قبض الرشيد على الربامكة استوزر الفضل، وقد كان على حجابته، وبقي، فرمبا : وقال الصويلوحيكى أنه دخل قبل ذلك على حيىي بن خالد فلم يوسع له، وال هش، مث . استخلف من ينوب فيها عنه

: يعها، فوثب الفضل يقولفرده عن مج! رقاع معي : ما جاء بك يا أبا العباس ؟ قال: قال

جد والزمان عثور بعثرة ولعل الدهر يثين عنانه عسى

وحتدث من بعد األمور أمور آمال وتقضى مآرب فتدرك

.فرده ووقع له مبا أراد

واتصلت وزارته للرشيد، إىل أن تويف بطوس، وهو معه، فأخذ البيعة لألمني على القواد وسائر الطبقات، ناس ثالثا، مث قفل م إىل بغداد ففوض األمني إليه األمر، وجعله وزيره واآلمر والناهي يف كل وأجل ال

وكان يرى اماك األمني ونقصه فيسوءه ذلك، وتبلغ به احلفيظة والنصيحة أحيانا إىل أن يسمعه ما . شيءوأحضر ندماءه وأمر كل أن األمني عزم يوما على االصطباح، : وحكى ابن عبدوس. ال حيتمل فيحلم عنه

واحد منهم أن يطبخ قدرا بيده، وأحضر املغنني، ووضعت املوائد، فلما ابتدأ يأكل، دخل إليه إمساعيل بن يا أمري املؤمنني هذا هو اليوم الذي وعدتين أن تنظر يف أعمال اخلراج والضياع ومجاعات : صبيح فقال

يف شيء منها، ومل تأمر فيها، ويف هذا دخول الضرر العمال، وقد اجتمعت علي أعمال منذ سنة، مل تنظرإن اصطباحي ال حيول بيين وبني النظر، ويف جملسي من ال أنقبض عنه، من : يف األعمال؛ فقال له حممد

عم وابن عم، وهم أهل هذه النعمة اليت جيب أن حتاط، فأحضر ما تريد عرضه، فاعرضه علي وأنا آكل، إىل أن يرفع الطعام، مث أمتم النظر فيما يبقى، وال أمسع مساعا حىت أمتم الباقي ألتقدم فيه مبا حيتاج إليه،

وأفرغ منه؛ فحضر كتاب الدواوين بأكثر ما يف دواوينهم، وأقبل إمساعيل بن صبيح يقرأ على األمني، يف وهو يأمر وينهى أحسن أمر وي وأسده، ورمبا شاور من حوله يف الشيء بعد الشيء، وكلما وقع

شيء وضع بالقرب من إمساعيل بن صبيح، ورفعت املوائد، ودعا بالنبيذ، وكان ال يشرب يف القدح أقل

Page 25: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 25

من رطل واحد، وأخذ يف تتميم العمل، مث دعا خبادم له، فناجاه بشيء أسره إليه، فمضى مث عاد، فلما رآه ىت أقبل مجاعة من ض واستنهض إبراهيم بن املهدي وسليمان بن علي، فما مشوا عشرة أذرع، ح

النفاطني، فضرموا تلك الكتب واألعمال بالنار، وكان الفضل بن الربيع حاضرا فلحق باألمني وقد شق اهللا أعدل من أن يرضى أن يكون مهدي أمة حممد نيه صلى اهللا عليه وسلم من هذه : ثوبه، وهو يقول

.وهو يضحك وال ينكر قول الفضل! أفعاله

ر الفضل، وطال استخفاؤه، إىل أن دخل املأمون بغداد، فسأل عنه، فشفع فيه طاهر وملا قتل األمني استتإن الفضل لقي : ويقال. بن احلسني؛ وقد قيل إن املأمون وجده قبل الشفاعة مث شفع فيه طاهر، فعفا عنه

مع يا أبا الطيب ما ثنيت عناين مع أحد قبلك قط، إال: طاهرا يف موكبه، فثىن عنان فرسه معه، وقالصفح أمري املؤمنني عين وتذكريه : صدقت ولكن قل حاجتك، فقال: قال له طاهر! خليفة أو ويل عهد

قد صفحت عنه، على أن تذكريه حبرمته ذنب ثان؛ وكان الفضل قد أمسكه يف : فقال املأمون! حبرميت هللا شكرا ملا إمنا سجدت: حجره، يف حويل رضاعه؛ وأمر بإحضاره، فلما وقعت عينه عليه سجد وقال

يا فضل أكان يف حقي عليك وقح آبائي أن تثلبين وتشتمين وحترض على : مث قال! أهلمين من العفو عنه يا أمري املؤمنني إن عذري حيقدك : دمي ؟ أتريد أن أفعل بك مع القدرة مثل ما أردت يب ؟ فقال الفضل

وب، فال يضق عين من عفوك ما وسع غريي إذا كان واضحا مجيال، فكيف إذ أعقته العيوب، وقبحته الذن : منه، وإنك كما قال احلسن بن رجاء فيك

من العفو مل يعرف من الناس جمرما صفوح عن اإلجرام حىت كأنه

ما األذى مل يغش بالكره مسلما إذا يبايل أن يكون به األذى وليس

.وقد تقدم إنشادمها؛ فأمسك عن عتابه، وأذن له يف حضور بابه

إسماعيل بن صبيح

إياك والدالة، فإا تفسد : كتب للرشيد، وخص به، وله يقول إبقاء عليه، وإيصاء مبا حيفظ الصنيعة لديه .احلرمة، ومنها أيت الربامكة

ويروى أن أعرابيا دخل على الرشيد فأنشده أرجوزة مدحه فيها، وإمساعيل بن صبيح يكتب بني يديه : فقال! صف هذا الكاتب : ن الناس خطا وأسرعهم يدا، فقال الرشيد لألعرايبكتابا، وكان من أحس

اهلوينا واألمور تطري يريك حواشي احللم حني تثور رقيق

يف احلالتني درور سحابته قلما بؤسى ونعمى كالمها له

Page 26: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 26

باب النجح وهو عسري ويفتح يناجيك عما يف ضمريك خطه

فقال ! ا أعرايب عليه حق كما وجب علينا، يا غالم ادفع له دية احلر قد وجب لك ي: فقال الرشيد .وعلى عبدك دية العبد: إمساعيل

مث كتب لألمني يف خالفته فسعي به إليه، ومحل على القبض عليه، وقال يف ذلك احلسن بن هانئ خياطب : األمني مغريا به

ئقماق يوما يف خالفك ما إذا أمني اهللا سيفك نقمة أليس

عليك ومل يسلم عليك منافق فكيف بإمساعيل يسلم مثله

قلم زان وآخر سارق له أعيذك بالرمحن من شر كاتب

برأسك فانظر بعدها من توافق عاد إن للسيف وقعة أحيمر

ليل صبحه بك الحق بقية جهاز الربمكيني وارتقب جتهز

: وقال أيضا

بين مروان واألمر ما تدري قلوب يا أمني اهللا حتبنا أال

باله أمسى يشارك يف األمر وما فما بال موالهم لسرك موضعا

شنان بين العاصي وحقد بين صخر أمني اهللا يف حلظاته تبين

: وقال أيضا يتوعده

بكأس بين مروان ضربة الزم قل إلمساعيل إنك شارب أال

آل اهللا من آل هاشم بإهزال أوالد الطريد ورهطه أيسمن

أقاد اهللا من كل ظامل وقلت ذكر اجلعدي أذريت عربة وإن

ك صائموتغدو بفرج مفطر غري صائم وخترب من القيت أن

أمري املؤمنني بنائم فليس يسر إمساعيل يف فجراته فإن

.فما غري له األمني حاال، وال قبل فيه مقاال

داود القيرواني

مد بن مقاتل العكي، مث إلبراهيم بن األغلب، يف إمارما على إفريقية من قبل هرون الرشيد، كتب حملباستمراره على واليته بعد عزله بابن األغلب، وخاف بسبب ذلك من إبراهيم، عند افتضاح األمر

Page 27: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 27

مري فلو كان أما بعد أعز اهللا األ: واتضاح ما متاأل عليه من النكر، فاستخفى إىل أن كتب إليه مستعطفاأحد يبلغ حبرصه رضا بشر، بصحه مودة وتفقد حق، وإيثار نصيحة لرجوت أن أكون، مبا جبلين اهللا

عليه، من تفقد ما يلزمين من ذلك، أكرم الناس عند األمري مرتلة، وألطفهم لديه حاال، وأبسطهم أمال، اعده الدهر حظي يف أموره كلها، ولكن األمور جتري على خالف ما يروي العباد يف أنفسهم، وإن من س

واستحسن القبيح منه، وأظهرت حماسنه، وسترت مساوئه، ومن خالفه القضاء، وأعان عليه الدهر، مل ينتفع حبرص، ومل يسلم من بغي، وقد كنت إذا افتخر الناس بسادام لألمري أطال اهللا بقاءه ذاكرا،

هللا من ذلك مبا كنت أبسط له أملي، وأعظم فيه رجائي، وبيومه مسرورا، ولغده راجيا، إىل أن أتانا اوكان مين يف إجهاد نفسي بالقيام مبا يلزمين من نصيحة األمري أيده اهللا حسب الذي حيق علينا، فبينا أنا مشرف على إدراك كل خري، وبلوغ اية كل فضل، إذ رماين الدهر بفرقته، ولزمين من ذلك ما كنت

وجد أهل البغي والفرية إيل سبيال، وقد صرت أعز اهللا األمري ملكان اخلوف الذي أشد الناس زرية به، فملكين نازع أمكنة، وغرض ألسنة، فلو حتقق األمري سيء حايل، وكنت العدو، ألشفق علي، ورثى يل،

وذنيب أيده اهللا عظيم، وخناقي ضيق، وحجيت ضعيفة، وعفو األمري وطوله أعظم من ذلك كله، فإن األمري مبا أؤمل فذاك الذي يشبهه وينسب إليه وأرجوه منه، وإن يعاقب فبالذنب الذي اجترمته، تداركين

وهو أحق من انتشلين من زليت، وأقالين من عثريت، ورجا ما يرجوه مثله من أهل املنة والطول من مثل ما إليه فيه عينا ويدا، واهللا عظمت املنة عليه، واألمري أوىل يب، وأنظر مين لنفسي، وأعلى مبا سألته ورغبت

ويل توفيقه فيما عزم عليه من ذلك، وعليه التوكل ال شريك له؛ وأنا أرجو أطال اهللا بقاءه أن أكون ممن يتعظ بالتجربة، ويقيس موارد أموره مبصادرها، وال يدع تصحيح النظر لنفسه، فيما يستقبل منها إن شاء

فأمنه واستكتبه وكان . كرامته، وألبسه أمنه وعافيته يف الدنيا واآلخرةاهللا، أمت اهللا على األمري نعمه، وهناه .يشاوره يف أموره

حكى صاحب كتاب املعرب عن املغرب أن إبراهيم بن األغلب شاور القواد يف اخلروج إىل ابن رستم كناه فيه اإلباضي، فأشار عليه أكثرهم باخلروج، فشاور داود الكاتب، وقال يا أبا سليمان وهو أول يوم

هؤالء اجلند قد جتنبت عنهم وحتصنت منهم، فما يؤمنك من غدرهم إذا خرجت : ما تقول ؟ فقال لهوإمنا بينك وبينهم خرق املفازة؛ فتبني له احلق، فأقام وبعث ابنه أبا العباس عبد اهللا واجليوش إىل ! معهم

.طرابلس

مث ! أنا أقتل بقلمي جلفا مثلك : فقال له! هلذا إمنا أنت صاحب قلم، فمالك و: وقال حممد بن نافع لداودكتب ابنه إبراهيم بن داود حملمد بن إبراهيم ابن األغلب، وبعده ألبن أخيه أيب إبراهيم أمحد بن حممد بن

.األغلب

Page 28: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 28

الحسن بن سهل

كتب للمأمون، هو وأخوه الفضل قبله، واستوزره بعد سنة ثالث ومائتني، وقد كان وجهه من خراسان ليا على بغداد والكوفة والبصرة وما واالمها، مث أصهر إليه؛ وعدمها ابن عبد ربه يف الناني بالكتابة بعد وا

.اخلمول كالربيع وابنه الفضل وحيىي بن خالد وابنه جعفر وغريهم؛ وكانا من البالغة والسيادة مبكان

، وإذا أخطأ، وضع الكتاب كان الفضل إذا كتب عنه الكاتب فأحسن، شكره على رؤوس املأل وأبلغوكان احلسن أيضا على سنته يف إيثار . حتت مصاله، وسكت إىل أن خيلو به، فرييه اخلطأ ويعرفه الصواب

كتابه وإكرامهم، وهو أشار على املأمون بأمحد بن يوسف بعده، فاستوزرمها؛ وأما كلماما وتوقيعاما : وكتب احلسن إىل املأمون. فمروية حمفوظة

سيما من غري ذي ناصر ال أحسن العفو من القادر ما

غريك من غافر فماله إن كان يل ذنب وال ذنب يل

أن تفسد األول باآلخر بالود الذي بيننا أعوذ

يا أبا حممد لعلكم تظنون أين قتلت : أن املأمون شرب يوما، واحلسن معه، فقال له: وحكى ابن عبدوس: قال احلسن! واهللا ما قتلته : بلى واهللا لقد قتلته؛ فقال املأمون: فقال! ما قتلته الفضل بن سهل، ال واهللا

وانصرف احلسن إىل مرتله، فاتصل ! أف لكم : فقام املأمون من جملسه فقال! بلى واهللا لقد قتلته، ثالثا ىل احلسن فعذاله ووخباه اخلرب باملعلى بن أيوب وغسان بن عباد، ومها ابنا خاليت احلسن والفضل، فسارا إ

حنن عبيدك يا أمري املؤمنني وصنائعك، بل : وطالباه بالركوب واالعتذار إىل املأمون، وأتياه فقال له غسان: عرفنا، واصطناعك شرفنا، كنا أذالء فرفعتنا، وكنا فقراء فأغنيتنا، فاعف خطيئة مسيئنا حملسننا؛ قال

يا أمري املؤمنني، أنسته فأنس، وسقيته فانتشى، فاغفر له : علىوحيك ما أصنع، وحلفت له ثالثا ؟ فقال امل ! إما جتيئنا وإما جنيئك : يا غالم سر إىل أيب حممد فقل له: هفوته؛ فقال املأمون

أحمد بن أبي خالد

كتب للحسن بن سهل، مث وزر للمأمون، وكان أكوال ما ملتهب املعدة، ال يصرب على تأخري الغداء، املأمون أن ابن أيب خالد يقتل املظلوم ويعني الظامل بأكلة، فأجرى عليه ألف درهم كل يوم فرفع إىل

.ملائدته، مث كان إذا وجهه يف حاجة، أمره بأن يتغدى قبل ويأكل

وىل املأمون دينار بن عبد اهللا احلبل، مث صرفه ووجد عليه، فأرسل إليه أمحد بن أيب خالد، : قال الصويل

Page 29: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 29

امض معه وانظر فإن تغدى أمحد عنده كان معه علينا، : منه املال، وقال لياسر اخلادميعد ديونه ويطلبفلما أحس دينار مبجيئه، أعد له طعاما مث جاء ابن أيب خالد، فأدى رسالة ! وإن مل يتغد كان معنا عليه

ا توسط املأمون حىت كملت، مث حضر عشرون فروجا فأكلها، مث جيء بسمك فما ترك منه شيئا، وملفلما أكمل األكل، قال له ! مالكم عندي إال سبعة آالف ألف، ما أعرف غريها : األكل، قال له دينار

ما قلت : فقال له ياسر! ما عندي إال ستة آالف ألف : فقال! امحل إىل أمري املؤمنني ما ضمنت : أمحدأحفظ ما كان، ولكن قل اآلن ما : إال سبعة آالف ألف، وقد مسع ذلك أبو العباس؛ فقال ابن أيب خالد

إنه قد أقر : وسبق ياسر فأخرب املأمون، وجاء أمحد فقال. ما قلت إال ستة آالف ألف: قال دينار! أمسع قام علي غداء أمحد بن أيب ! ما قام على أحد غداء بأغلى منا : فضحك املأمون وقال. خبمسة آالف ألف

! خالد بألفي ألف درهم

تبطأ عمرو بن مسعدة، ويف جملسه علي وأمحد واحلسن بنو هشام، وأمحد بن أيب وكان املأمون قد اسبلى واهللا، مث لعله ! حيسب عمرو أين ال أعرف أخباره، وما جيري إليه، وما يعامل به الناس : خالد، فقال

فصار أمحد ابن أيب خالد إىل عمرو بن مسعدة، فخربه مبا جرى وأنسي أن ! ال يسقط عين منه شيء أنا عائذ باهللا من سخط أمري املؤمنني، أنا أقل من : ستكتمه، فراح عمرو إىل املأمون، وطرح سيفه وقالي

وحيك وما ذاك ؟ فخربه مبا بلغه، ومل يسم له من : أن يشكوين إىل أمحد، وأن يسر علي ضغنا، فقال لهلى إخبارك به وموافقتك مل يكن األمر كما بلغك، إمنا ذكرت مجلة من تفصيل كنت ع: خربه، فقال له

ومل يزل يؤنسه حىت طابت نفسه، وحتلل ما كان دخل ! عليه، فجرى شيء من جنسه، فليحسن ظنك يا أمحد ما : فغدوت على املأمون فقال: قال أمحد بن أيب خالد. عليه، مث ضمه وقبل عمرو يده وانصرف

ما أراكم ترضون : فقال! ل من جملسك يا أمري املؤمنني وهل احلرمات إال ملا فض: لسي حرمة ؟ فقلتذهب بعض بين هشام، فحكى لعمرو ما جرى : وأي معاملة ؟ فقال: فقلت له! ذه املعاملة فيما بينكم

أمس يف الس، فجاءين متنصال مظهرا ما وجب أن يظهره، فاعتذرت إليه وتبني اخلجل يف، كأين أعيذك باهللا من : فقلت.. أقله، ملا داخلين من احلياء منهاعتذرت من شيء قلته، ولقد أعطيته ما يقنعه مين

وما محلك على ذلك ؟ : قال! سوء الظن يا أمري املؤمنني، أنا أخربته ببعض ما جرى، ال بعض بين هشام الشكر لك والنصح واحملبة ألن تتم نعمتك على أوليائك وخدمك، ولعلمي بأن أمري املؤمنني حيب : قلت

داء، فضال عن األولياء واألوداء، ال سيما مثل عمرو يف دنوه من اخلدمة وموقعه من أن يصلح له األعالعمل، ومكانه من رأي أمري املؤمنني، فخربته مبا كان منه ليصلحه، ويقيم من نفسه أودها لسيده ومواله،

أذعت سرا على ويتالىف ما فرط منه، وال يفسد قلبه ويبطل الغناء الذي فيه، وإمنا كنت أكون غبيا لو أحسنت واهللا يا : فقال يل! السلطان فيه ندم أو نقض تدبري، وأما هذا فما كان عندي إال صوابا

Page 30: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 30

.وأمر يل مبال كثري!.. أمحد

ومل يزل املأمون بسعة ذرعه وكرم طبعه حيتمله، على مه وحدته وسوء خلقه وعبوس وجهه املضروب الكتاب سأل عبد اهللا بن طاهر حاجة، فوعده قضاءها، أن بعض: حكى اجلاحظ. به املثل يف زمانه

أما بعد، فقد كان وعدك تلقاين مكتسيا بشاشة عمرو بن مسعدة، : وطالت أيام مطاله االجناز، فكتب إليه : وكتب يف آخره! وأرى إجنازه تأخر تأخر من خلع عليه عبوس أمحد بن أيب خالد

ة ال تداوى باملىنأن اخلصاص ولقد علمت وإن نصبت يل املىن

أبيت ألمحلن على القضا ولئن وفيت ألضن بشكركم فلئن

إحلافا ولو أكل الثرى للحر يلحف يف السؤال وال ترى النذل

.فأجنزها عبد اهللا بن طاهر

: ركب أمحد بن أيب خالد يوما إىل املأمون، فكثر عليه الناس فنهرهم، فقال له رجل: وقال الصويل

ولو كنت فظا غليظ "إن اهللا يقول : وما هو ؟ قال: قال! شكر اهللا فقد أعطاك ما مل يعط نبيه عمري، أحاجتك ؟ قال : فقال له! وهأنت فظ غليظ القلب، وحنن نتكاثر عليك " القلب ألنفضوا من حولك

قد : قال! الثون ألف درهم وتقضي ديين وهو ث: قال! قد فعلت : قال. ترتبين يف دار أمري املؤمنني املأمون .فعلت

مث إنه اعتل من فساد مزاج، فتخلف عن املأمون إىل أن مات، فحضر املأمون جنازته، وصلى عليه، ووقف : رمحك اهللا فألنت كما قال الشاعر: على قربه، فلما ديل فيه قال

باطل إن شئت أهلاك باطله وذو أخو اجلد إن جد الرجال ومشروا

يوسفأحمد بن

وزر للمأمون بعد أمحد بن أيب خالد، وكانا مجيعا مع عمرو بن مسعدة من كتاب احلسن بن سهل، وهو أشار على املأمون ما، فقد مهما لوزارته، ومل يكن يف زمن أمحد بن يوسف أكتب منه، وشعره يرتفع

.عن أشعار الكتاب، وهو أحد من رأس ببالغته وبيانه

فاعه أن املخلوع حممد بن الرشيد ملا قتل، أمر طاهر بن احلسني الكتاب أن يكتبوا وكان أول ظهوره وارتفوصف له أمحد بن يوسف وموضعه من البالغة، ! أريد أخصر من هذا : إىل املأمون، فأطالوا، فقال طاهر

د فرق أما بعد، فإن املخلوع وإن كان قسيم أمري املؤمنني يف النسب واللحمة، فق: فأحضره لذلك، فكتببينهما حكم الكتاب والسنة يف الوالية واحلرمة، ملفارقته عصمة الدين وخروجه عن األمر اجلامع

Page 31: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 31

يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غري : "للمسلمني، لقول اهللا عز وجل فيما اقتص علينا من نبأ نوحت اهللا، وكتايب إىل أمري املؤمنني ، وال صلة ألحد يف معصية اهللا، وال قطيعة ما كانت القطيعة يف ذا"صاحل

وقد قتل اهللا املخلوع ورداه رداء نكثه، وأحصد ألمري املؤمنني أمره، وأجنز له ما كان ينتظره من سابق وعده، واحلمد هللا رب العاملني، الراجع إىل أمري املؤمنني معلوم حقه، الكائد له من ختر عهده، ونقض

رقتها، ومجع به األمة بعد شتاا، وأحيا به أعالم الدين بعد دروسها، عقده، حىت رد اهللا به األلفة بعد فوقد بعثت إليك بالدنيا وهي رأس املخلوع، وباآلخرة وهي الربدة والقضيب، واحلمد هللا اآلخذ ألمري

فرضي طاهر ووصله، وشهر أمره، ومل يكن قبل . املؤمنني حقه، الراجع إليه تراث آبائه الراشدين .مذكورا

يا عجبا ألمحد بن يوسف : ن املأمون يقول بعد أن باله واختربه، إذا وصفه له أمحد بن أيب خالدوكاكان أمحد بن يوسف الكاتب قد توىل صدقات البصرة، : قال أبو العيناء! كيف استطاع أن يكتم نفسه

اء مخسني من جلة فجار فيها وظلم، وكثر الشاكي به والداعي عليه، وواىف باب أمري املؤمنني املأمون زهالبصريني، فعزله املأمون وجلس هلم جملسا خاصا، وأقام أمحد بن يوسف ملناظرم، فكان مما حفظ من كالمه أن قال يا أمري املؤمنني لو أن أحدا ممن ويل الصدقات سلم من الناس لسلم رسول اهللا صلى اهللا

صدقات، فان أعطوا منها رضوا، وإن مل يعطوا منها ومنهم من يلمزك يف ال: "عليه وسلم، قال اهللا تعاىل .فأعجب املأمون جوابه، واستجزل مقامه، وخلى سبيله". إذا هم يسخطون

شغب أهل الصدقات على املأمون وناظروه، فقال أمحد بن يوسف وهو : وحكى الصويل خالف هذا قالوتال : قال اهللا عز وجل! كيف من بعده إم ظلموا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، ف: إذ ذاك وزيره

.فاستحسن ذلك املأمون... اآلية

عمرو بن مسعدة

كان أعلى الكتاب مرتلة عند املأمون، ومل يكن وزيرا، وقد تقدم إعتاب املأمون إياه، واعتذاره إليه وماء ن توقيعات املأمون يف احلياء يدور يف وجهه، واغتفاره ملا أثار من وجده عليه، يف اسم ابن أيب خالد، وم

يا عمرو اعمر نعمتك بالعدك فإن اجلور يهدمها؛ مث بلغ من حظوته أنه كان يف جملس : قصة متظلم منهيا عمرو ال تفعل، فإن رد : املأمون يقرأ عليه الرقاع، فجاءته عطسة فردها، ولوى عنقه، فرآه املأمون فقال

ما أحسنها : فشكر له ذلك بعض ولد املهدي وقال. عنقالعطسة وحتويل الوجه ا يورثان انقطاعا يف الوما يف هذا ؟ إن هشام بن عبد امللك اضطربت عمامته، : فقال املأمون! من موىل لعبده، وإمام لرعيته

فالذي فعل هشام أحسن ! إنا ال نتخذ اإلخوان خوال : فأهوى إليها األبرش الكليب ليصلحها، فقال هشام

Page 32: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 32

يا أمري املؤمنني إن هشاما يتكلف ما طبعت عليه، ويظلم فيما تعدل فيه، ليس له :فقال عمرو! مما فعلت : قرابتك من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وال قيامك حبق اهللا، وإنك وامللوك كما قال النابغة الذبياين

كل ملك دوا يتذبذب ترى تر أن اهللا أعطاك سورة أمل

وامللوك كواكب ك مشسكوكب فإن إذا طلعت مل يبد منهن

علي بن الهيثم

كان املأمون يوما جالسا وعنده أمحد بن اجلنيد االسكايف، ومجاعة من خاصته، إذ دخل علي هذا، يا عدو اهللا ألفرقن بني حلمك وعظمك، وألفعلن : ويعرف يف الكتاب جبونقا، فلما قرب من املأمون قال

ومل يدع شيئا من ... نعم واهللا يا أمري املؤمنني إنه وإنه : أمحد بن اجلنيدمث سكن قليال؛ فقال..! بك يا أمحد مىت اجترأت علي هذه اجلرأة ؟ رأيتين غضبت : املكروه إال ذكره، فقال املأمون وقد هدأ غضبه

يا علي قد صفحت عنك، ووهبت ! هذه الغضبة فأردت أن تزيد يف غضيب، أما سأؤدبك وأؤدب غريك ال يربح أمحد بن اجلنيد من الدار حىت : مث رفع رأسه إىل احلاجب فقال! ما كنت أطالبك به لك كل

.حيمل إىل علي بن اهليثم مائة ألف درهم من ماله ليكون ذلك عقل؛ فلم يربح حىت محلها

.كان علي بن اهليثم يكتب للفضل بن الربيع؛ وخربه مع املأمون عن ابن عبدوس: وقال الصويل

عليصالح بن

كان من وجوه الكتاب، وكان يعرف باألضخم، فطالت به العطلة يف أيام املأمون، والوزير إذ ذاك أمحد فبكرت يوما إىل أمحد بن أيب خالد : بن أيب خالد، فحدث صاحل أنه أضاق جدا واشتد اختالله، قال

املأمون، فلما نظر إيل أنكر مغلسا، ألكلمه يف أمري، فخرج من بابه، وبني يديه الشمع، قاصدا إىل دار: فقلت له: قال! يف الدنيا أحد يبكر هذا البكور ليشغلنا عن أمورنا : بكوري، وعبس يف وجهي، وقال

أصلحك اهللا، ليس العجب مما تلقيتين به، إمنا العجب مين إذ سهرت ليلي، وأسهرت مجيع من يف مرتيل على صالحها، وعلي وعلي إن وقفت لك بباب أو توقعا للصبح، حىت أسري إليك، أستعينك يف أموري

وانصرفت مغموما ملا لقيين به، مفكرا فيه، متندما على ما فرط ! سألتك حاجة، حىت تصري إيل معتذرا الوزير أمحد بن أيب : مين من اليمني، غري شاك يف العطب؛ فأنا كذلك إذ دخل علي بعض الغلمان فقال

قد قرب من : قد دخل دربنا؛ مث دخل آخر وقال: مث دخل آخر فقال! خالد مقبل إليك يف الشارع قد دخل، فخرجت مستقبال له، فلما استقر به الس قال : الباب؛ مث تبادر أحد الغلمان بني يديه فقال

Page 33: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 33

كان أمري املؤمنني قد أمرين بالبكور إليه يف بعض مهماته، فدخلت إليه وقد غلبين البهر مما فرط مين : يل! قد أسأت بالرجل، امض إليه معتذرا مما قلت : حىت أنكر علي، فقصصت عليه القصة فقال يلإليك

ثالث : وكم هو ؟ فقلت: تقضي دينه، قال: فتريد ماذا ؟ فقلت: فأمضي إليه فارغ اليدين ؟ قال: فقلتفوقع : اذا ؟ قالفإذا قضى دينه يرجع إىل م: مائة ألف درهم؛ فأمرين بالتوقيع لك ا، فوقعت ا، مث قلت

وله مصر أو غريها مما يشبهها، : فوالية يشرف ا ؟ قال: له ثالث مائة ألف يصلح ا أمره؛ فقلتفأمر بالتوقيع لك مبائة ألف، وهذه التوقيعات لك بسبع مائة ألف ! مبعونة يستعني ا على سفره : فقلت

.فدفعها إيل وانصرف: درهم، والتوقيع مبصر؛ قال

ي القميعلي بن عيس

ضمن للمأمون أعمال الضياع واخلراج ببلده، وبقيت عليه بقية مبلغها أربعون ألف دينار، أنكر املأمون تأخريها، وأحل يف املطالبة ا، فأحضره يوما، وتقدم إىل علي بن صاحل حاجبه بإنظاره ثالثة أيام، فإن

عباد عداوة، فانصرف من دار املأمون أحضر املال وإال ضربه حىت يتلف؛ وكانت بينه وبني غسان بنلو عرجت على غسان ابن عباد فسلمت : آيسا من نفسه، ال يقدر على شيء من املال، فقال له كاتبه

فحملته حاله على قبول ذلك، ! عليه، وأخربته أنا بني يديك خبربك، لرجوت أن يعينك على بعض أمرك ب به، وتلقاه ووفاه حق القصد، وقص عليه الكاتب ومضى إىل غسان، فاستؤذن له عليه، فأذن له ورح

وض علي بن عيسى كاسف البال، آيسا من نفسه، نادما على ! أرجو أن يكفيه اهللا : القصة، فقالما زدتين بقصد غسان شيئا غري تعجيل املهانة والذل بقصد : قصده، فلما خرج من دار غسان قال لكاتبه

ه منصرفا، بعد أن تشاغل يف طريقه مع بعض إخوانه، فوافاه وببابه بغال وعاد إىل مرتل! من كان يعاديينعليها أربعون ألف دينار مع رسول غسان، فبلغه سالمه، وعرفه غمه مبا رفع إليه، وتقدم إليه حبضور دار املأمون من غد ذلك اليوم مبكرا، فلما وصل الناس إىل املأمون ووصل فيهم علي بن عيسى، مثل غسان

يا أمري املؤمنني، إن لعلي بن عيسى خدمة وحرمة وسالف أمل، وألمري املؤمنني : يدي الصفني وقالبنيعنده إحسان، وهو أوىل بربه، وقد حلقه من اخلسران يف ضمانه ما قد تعارفه الناس، وعليه من حدة

ه، فإن رأى أمري املطالبة وشدا، والوعيد بضرب السياط ما قد حريه، وقطعه عن االحتيال فيما عليومل يزل به إىل أن حطه إىل النصف مما عليه، واقتصر ! املؤمنني أن يسعفين ببعض ما عليه ويضعه عنه فعل

يأذن : على أن جيدد له الضمان، ويشرف خبلعة، فأجابه املأمون؛ فقال: به على عشرين ألفا، فقال غسانملؤمنني بذلك ويبقى شرف محلها علي وعلي عقيب ؟ يل أمري املؤمنني أن أمحل الدواة ليوقع منها أمري ا

Page 34: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 34

افعل، بتجديد الضمان، وعليه اخللع، فلما وصل إىل مرتله رد العشرين ألفا الباقية إىل غسان : قالمل أستحطها لنفسي، وإمنا أحببت توفريها عليك، وليس واهللا يعود إيل من هذا : وشكره، فردها إليه وقال .ترك اجلميع لهاملال حبة واحدة أبدا، و

كاتب طاهر بن الحسين

ملا قتل طاهر بن احلسني علي بن عيسى بن ماهان يف خروجه إليه من بغداد، دعا بكاتبه ليكتب إىل الفضل بن سهل خبربه، فلم يكن يف الكاتب فضل من إفراط اجلزع وشدة الزمع، مما شاهده، فكتب طاهر

أطال اهللا بقاءك، وكبت : إلمارة، فأسقط ذلك وكتب إليهبيده إىل الفضل، وكان من عادته أن خياطبه باأعداءك، وجعل من يشنؤك فداءك، كتبت إليك ورأس علي ابن عيسى بني يدي وخامته يف اصبعي،

.وعسكره حتت يدي، واحلمد هللا رب العاملني

لينا سيوف سل ع! ما فعل بنا طاهر : مث ملا نظر باألمني وأنفذ رأسه إىل املأمون، قال الفضل بن سهل .الناس وألسنتهم، أمرناه أن يبعث به إلينا أسريا، فبعث به عقريا

وكان لطاهر كاتب يعرف بعيسى بن عبد الرمحن، فأنفذه إىل الفضل بن سهل يظهر اإلعتذار إليه، ويتشفى مبخاطبته إياه، وطاهر مقيم باجلزيرة والفضل خبراسان، وقد كان الشغب الذي حدث بينهما

، فورد عسكر املأمون مبرو، وكثري ممن ا من الوجوه عاتب على الفضل، فحضره وحبضرته عبد ظاهرااهللا ابن مالك اخلزاعي، وهو أشدهم عتبا عليه، فكلمه بكالم كثري أغلظ له فيه، وعرض له بكل ما

خشيت يف حتمل أما : فقال له الفضل! ولوال أين رسول مأمون ما قلت ما قلته : يكرهه، مث قال له بعقبهما شككت يف القتل، إال أين ميلت بني أن آىب على صاحبها : مثل هذه الرسالة القتل ؟ فقال له عيسى

حتملها، وبني أن أقبلها، فرأيت أين إن مل حتملها عجل يل القتل، وحصل يل مذمة مبخالفته، وإن قبلتها اهللا املسافة اليت قد عشتها، مث لعلي كنت قد شكرت نعمته وأطعت أمره، وعشت بينه وبني األمري أعزه

لو أطعت فيك : فقال له الفضل! أن أكون قد وردت من فضل األمري وعفوه على ما أرجو أال ابعد عنه النصحاء ألسترحت منك، ومل تك تكلمين يف جملس أمري املؤمنني ودار اخلالفة مبا كلمتين به، فقال له

أن كنت أضرب عنقك قبل أن تصل إيل، وأرد رأسك : ؟ فقالوما رأى النصحاء أعز اهللا األمري: عيسىأنا يده ولسانه ؟ واهللا لو أن : فقال له عيسى! يف خمالة إىل صاحبك، فأكون قد قطعت يده ولسانه

صاحيب أخرج يده من مضربه لوجد حوله سبعني بل سبع مائة بل سبعة آالف كلهم أغىن وأجزى تعاىل به، وأعطاه من كفاته ؟ فبلغ هذا الكالم من الفضل كل وأكفى مين، ومن أنا فيمن عضده اهللا

Page 35: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 35

فوجه عبد اهللا بن مالك اخلزاعي إىل عيسى أن مسريي إليك لو كان يستتر لسرت .. مبلغ، وقام مغضبا : إين أردت إتيانك لشيء أحب فعله، قال: إليك، ولكين أحب أن تسري إيل، فسار إليه، فلما رآه قال له

شفيتين من العلج يف كل ما كلمته به، ولكن : فنهض إليه وقبل بني عينيه، وقال! ما أحبفليقل األمري .مث انصرف مكرما!.. الذي غاظه وبلغ منه غاية املساءة آخر كالمك

إنك قد صرت حاجيب وتسمع مين السر والعالنية، : وكان الفضل مهيبا حليما، وقال لبعض من استحجبه .ت ذكره، فال يؤثرن ذلك فيك، وال تتغرين له، فلعل ذلك غاية عقوبتنا إياهورمبا ذكرت الرجل واسأ

ميمون بن إبراهيم

: حكى الزبيدي يف كتاب طبقات النحويني من تأليفه عن أيب العباس ثعلب، عن ابن قادم أستاذه قال

من جملسه، وجه إيل إسحق يعين ابن إبراهيم املصعيب يوما، فأحضرين ومل أدر ما السبب، فلما قربتإنه : تلقاين ميمون بن إبراهيم كاتبه على الرسائل، وهو على غاية اهللع واجلزع، فقال يل بصوت خفي

ومر غري متلبث وال متوقف، حىت رجع إىل جملس إسحق، فراعين ذلك، فلما مثلت بني يديه !! إسحق الوجه : ا أراد ميمون، فقلت لهفعلمت م: وهذا املال مال أو هذا املال ماال ؟ قال: كيف يقال: قال يل

الزم الوجه يف : وهذا املال ماال؛ فأقبل إسحق على ميمون بغلظة وفظاظة مث قال: وهذا املال مال، وجيوزورمى إيل بكتاب كان يف يده، فسألت عن اخلرب، فإذا ميمون قد كتب ! كتبك ودعنا من جيوز وجيوز

وهذا املال ماال فخط املأمون على : ماال محله إليه، فكتبإىل املأمون وهو ببالد الروم عن إسحق، وذكر فقامت القيامة على إسحق، فكان ميمون ! تكاتبين بلحن : املوضع من الكتاب، ووقع خبطه يف حاشيته

فكان : قال أبو العباس ثعلب. ال أدري كيف أشكر ابن قادم، بقى علي روحي ونعميت: بعد ذلك يقولوهذا املال ماال ليس : سب ذلك كانت الرغبة فيه، واحلذر من الزلل، قالهذا مقدار العلم، وعلى ح

.بشيء، ولكن أحسن ابن قادم يف التأيت خلالص ميمون

ويشبه هذا اخلرب ما حكى اجلاحظ، أن احلصني بن أيب احلر كتب إىل عمر رضي اهللا عنه كتابا، فلحن يف أن عمر وجد يف كتاب أليب : كتاب ابن عبدوسويف . حرف منه، فكتب إليه عمر أن قنع كاتبك سوطا

وخالف ابن عبدوس أبو جعفر بن النحاس فروى أن كاتبا أليب . موسى األشعري حلنا، فكتب إليه بذلكمن أبو موسى، فكتب إليه عمر أن اضربه مخسني سوطا واعزله عن عملك؛ إال : موسى كتب إىل عمر

.أن تكون القضيتان لكاتب واحد

ما على أحدكم أن يتعلم العربية فيقيم ا أوده ويزين مشهده، : أمون لبعض ولده، ومسع منه حلناوقال امل

Page 36: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 36

أيسر أحدكم أن يكون لسانه . ويفل حجج خصمه مبسكتات حكمه، وميلك جملس سلطانه بظاهر بيانهكتاب، فيسقط ويروى أنه كان يتفقد ما يكتب به ال!. كلسان أمته أو عبده فال يزال الدهر أسري كلمته

إياكم والشونيز يف كتبكم؛ : من حلن، وحيط مقدار من أتى مبا غريه أجود منه يف العربية؛ وكان يقولما : وقال حممد بن عبد اهللا ابن طاهر، وقد رفعت إليه قصة أكثر صاحبها إعجامها. يعين النقط واإلعجام

ألن يشكل احلرف على القارئ : وكان سعيد بن محيد يقول! أحسن ما كتب إال أنه أكثر شونيزها إال أن ترك ! أحب إيل من أن يعاب الكاتب بالشكل، فإذا كرهوا اإلعجام والشكل فما ظنك باللحن

.ذلك قد يورث إشكاال

حكى املاوردي عن قدامة بن جعفر أن بعض كتاب الدواوين حاسب عامال لعبيد اهللا بن سليمان بن ب رقعة حيتج فيها بصحة دعواه ووضوح شكواه، فوقع فيها عبيد وهب، فشكا منه إىل عبيد اهللا، وكت

هذا هذا إثباتا لصحة دعواه، كما يقال يف إثبات : هدا هدا فأخذها العامل وظن أن عبيد اهللا أراد: اهللاإنه صدق قويل وصحح ما : هو هو فحمل الرقعة إىل كاتب الديوان، وأراه خط أيب عبد اهللا وقال: الشيء

ي على الكاتب ذلك، وطيف به على كتاب الدواوين، فلم يقفوا على مراده، فشدد عبيد فخف! ذكرت استعظاما منه لتقصريهم يف استخراج مراده حىت احتاج ! واهللا املستعان : اهللا الكلمة الثانية وكتب حتتها

.إىل إيضاح مراده بالنقط والشكل

قال لكاتب له . إليه، ويتوعد عليها، ويعاقب فيهاوكان عبد اهللا بن طاهر يفرط يف تفقد املخاطبات عنه وأيها : وذكر أمرا عظيما، فقال له الكاتب.. إحذر أن ختطئ فأعاقبك بكذا وكذا : أمره بشيء يعمله

وكتب إليه بعض عماله على العراق .. األمري فمن كانت هذه عقوبته على اخلطأ فما ثوابه على اإلصابة ؟إن كان : عبد اهللا بإشخاص كاتب العامل إليه، فلما ورد عليه قال له عبد اهللاكتابا صحائفه غليظة، فأمر

.معك فأس فاقطع حزم كتابك مث ارجع إىل عملك، وإن عدت إىل مثلها عدنا إىل إشخاصك لقطعها

تفقد كاتبك وحاجبك : وقد أوصى عبد امللك بن مروان أخاه عبد العزيز، حني وجهه إىل مصر فقاللغائب خيربه عنك كاتبك، واملتوسم يعرفك حباجبك، واخلارج من عندك يذكرك وجليسك، فإن ا

! جبليسك

أبو بكر بن سليمان الزهري

أراده زيادة اهللا بن إبراهيم بن األغلب أمري إفريقية على كتابته، وكان عاملا أديبا شاعرا مترسال، مع دين ال : وما هي ؟ قال: ه ثالثة شروط، قال زيادة اهللاوصيانة، فأىب عليه واستعفاه، فلم يعفه، فاشترط علي

أخلع ردائي، وأجلس يف جملسك بغري إذن، أنا شيخ وجملسك ال جيلس فيه إال بإذنك، وال أكتب يف دم

Page 37: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 37

.لك ذلك؛ ووىف له ذه الشروط: قال! أحد وال ماله

فقال زيادة ! أعز اهللا األمري صلبين القدم : يا زهري أصليبة أنت أم موىل ؟ فقال: وروي أنه قال له يوما .إين ألسر بصدقه مين بعلمه: اهللا

فلم جيبه، ومتادى يف صالته، فغضب عليه ! يا زهري يا زهري : ومر به زيادة اهللا يوما وهو يصلي فناداهويشبه هذا ! صدقت : قال! كنت بني يدي من هو أعظم منك : فقال! دعوتك فلم جتبين : وعاتبه وقال

ركب أيب إىل األمري عيسى بن جعفر وكان على البصرة، فوقف : بد الصمد بن املعذل قالما حدث به عيا : ينتظره، فلما أبطأ عليه أقبل يصلي، وكان املعذل إذا دخل يف الصالة مل يقطعها، فجعل عيسى يصيح

حلق واملعذل على صالته مل يعرج عليه، فغضب عيسى ومضى، فلما أمت صالته.. يا أبا عمرو ! معذل : عيسى وأنشأ يقول

أيها القمر املنري يا قلت إذ هتف األمري قد

وأجاب دعوتك الضمري الكالم فلم أجب حرم

إذ دعوت وال أحري ين أن نفسي طاوعت فلو

وهلا السرور بأنامل لباك كل جوارحي

من فرح أطري ولكدت إليك وحق يل شوقا

وروى هذه القصة أبو علي البغدادي يف نوادره عن أيب . شرة آالف درهمفرضي عنه عيسى، وأمر له بع .بكر األنباري عن أبيه عن عبد الصمد بن املعذل، وبينهما خالف يسري

الفضل بن مروان

كان يف أيام الرشيد على ديوان اخلراج، مث كتب للمعتصم قبل خالفته، وتوىل أخذ البيعة له عند وفاة إذ ذاك غاز معه، وكان الفضل يف ذلك الوقت خليفة على بغداد للمأمون، فأعطى املأمون، واملعتصم

اجلند رزق أربعة أشهر، مث ورد املعتصم يوم السبت مستهل رمضان سنة مثان عشرة ومائتني، فاستوزره .يوم وروده، ورد األمر كله إليه، فغلب عليه لتربيته إياه

بن مروان من العداوة ما ظهر، قصده العباس وعلي ابنا املأمون، وملا ظهر بني إبراهيم بن املهدي والفضلوعبد الوهاب بن علي، وأعلموه أم قد علموا على ذكر مساوئ الفضل للمعتصم، وسألوه معاونتهم والشهادة بتصديقهم، فلم يستوف كالمهم وال أجام، حىت جاءهم رسول املعتصم فطلبهم، فساروا

قبيح، وتكلم عبد الوهاب وعلي بأقبح وأشنع منه، وأقبل علي بن املأمون على إليه، فابتدأ العباس بكل

Page 38: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 38

: مالك يا عم ال تتكلم، وما أحد ركبه الفضل بأكثر مما ركبك به ؟ فقال له إبراهيم: إبراهيم، فقال له

يها ليس كل ما ركبين به الفضل يعرف، وإن أياديه السود عندي لكثرية، إال أن جمالس امللوك ال يغضب فيا أمري املؤمنني قد رفعت الفضل إىل مرتبة مل ترفع اخللفاء إليها : مث أقبل على املعتصم فقال له.. لغريها

إما خيانة يف نفس اململكة، وإما خيانة يف حرمة، وإما : أحدا، وال تكون حمطته إال إلحدى ثالث خصال يعادي به بين العباس، فيحاول نقل اخلالفة خيانة يف نفسه بإفشاء سر يعود بضرر، وال يعتقد الفضل ذنبا

منهم إىل غريهم، فقد سلم من اخليانة يف اململكة، وليس الفضل مبستهتر جيرم نفسه بإفشاء سر يعود منه ضرر وهو آمن منه، ألن املعروف منه أن يؤثر دنيا أمري املؤمنني على دنيا نفسه وعلى آخرته أيضا؛ فقال

ليس من خان أمري املؤمنني ماال : فقال إبراهيم! ت خيانة الفضل يف األموال فقد ظهر: علي بن املأمونيعد عدوا، ألن الناس كلهم إال من عصم اهللا يرغبون يف األموال، ويقوى ا على خدمة السلطان، ومن

فاستحسن املعتصم ما كان من إبراهيم وشكره له الفضل بن مروان،! بلغ مرتلة الفضل مل يسأ به الظن

.وندم على ما كان أسلفه من املكروه

حيتمل امللوك كل : ال تكون حمطته إال إلحدى ثالث خصال من قول املأمون: قول إبراهيم بن املهدي .القدح يف امللك وإفشاء السر والتعرض للحرم: شيء إال ثالثة

ن يفعل وأنت أمري، إنه يفعل وأنت خليفة كما كا: مث اتصلت مطالبة الفضل والسعاية به، وقيل للمعتصم : عصى اهللا وأطاعين فسلطين اهللا عليه؛ ومما قيل يف نكبته: فنكبه، وكان يقول! ال يهابك

فيها وإن كان ذا عز وسلطان ال تغبطن أخا الدنيا مبقدرة

حوادث الدهر بالفضل بن مروان من غري األيام ما صنعت يكفيك

ساءت إليه بعد إحسانأ إال الليايل مل حتسن إىل أحد إن

ما الناس فيه زائل فان مجيع حلو ومر ال بقاء له والعيش

: وترك أمواله مل ينفق منها شيئا، وقال! إذا نصر اهلوى بطل الرأي : وندم املعتصم على عزله، فكان يقول

عاديه، فوقف مث استقل بعد ذلك وتصرف للواثق واملتوكل وغريمها، وكان ابن الزيات ي! ال أستحلها يا بن : إن أمري املؤمنني يقول: يوما يف وزارته الواثق على باب ديوان اخلراج، ودعا بالفضل وقال له

.. ال : قال! ال، ولكن قله : وأمرك بسماع اجلواب؟ قال له: قال! الفاعلة ألسفكن دمك، وآخذن مالك

فة، فحجب، وفعل فعله باألمس كذلك مث انصرف، وأمر وى ما تبني منه شيء، مث بكر إىل دار اخلالاهللا يف دمي وقد بلغت السبعني، وما ذنيب غري حيب : ثالثة أيام، مث أدخل بعد إىل الواثق، فبكى وقال

ومالك ول مجعه غريي، فقد سقطت هيبيت عمن حيمله إيل، فإن ابن ! للمعتصم وغلمانه، فضال عن ولده واهللا ألدفعنه إليك : قال! نعم : ه على رؤوس الناس ؟ قالأو كلمك ب: الزيات قال كذا وكذا، قال له

Page 39: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 39

وكان الفضل عاقال داهيا . فانصرف الفضل إىل مكانه ما ظهر عليه شيء من السرور! فتستصفي ماله .جزال، يذكر عنه أنه ما ظهر عليه سرور بفرح قط وال حزن مبصيبة

وكان اخللفاء ال ينكرون تنازع الكتاب : ال الصويلوتالحى هو وأمحد بن املدبر يوما بني يدي املتوكل قبني أيديهم وابن املدبر يلي يف ذلك الوقت أمر دار املتوكل كله، املطابخ والفرش وغري ذلك، ويف الس

مرفقة قد جعلت ألمر ومل ترفع، فضرب الفضل بيده على املرفقة ضربا شديدا، فقام منها غبار كثري، : فضحك الفضل وقال! أما خدمت امللوك ! بني يدي أمري املؤمنني ؟ أما لك أدب أتغرب : فقال له أمحد

من خدميت للملوك فعلت هذا، لريى أمري املؤمنني قلة كفايتك يف فرشه، وأنك ال تم بنفضها، ويعلم كيف يكون فيما يبعد عنه، ولوال خويف من سوء األدب حقا لضربت البساط فريى ما هو أعظم من

.بهت أمحد، وجعل يعتذر، فما مضت إال أيام حىت عزل عن الدارف! هذا

محمد بن عبد الملك الزيات

كتب للمعتصم ووزر له وألبنه الواثق بعده خالفته كلها وأياما يسرية من خالفة املتوكل، وهو أحد من : أل فلم يعرفه، قالوملا استقصر املعتصم أمحد بن عمار املزاري، وسأله عن الك. رأس بعلمه وبيانه وبالغته

فعرف مكانة ابن الزيات من األدب، فأمر بإدخاله !! خليفة أمي، وكاتب أمي ! إنا هللا وإنا إليه راجعون انظر : ما الكأل ؟ فأجابه مبا هو مشهور عنه، فاستحسن املعتصم ذلك، وقال ألبن عمار: عليه، وقال له

ير اطراح ابن عمار لقصوره، وال خبس ابن الزيات يف الدواوين واألعمال، وهذا يعرض علي الكتب، فلم .حق منظومه ومنثوره

وحكي أن املعتصم شاور بعض خاصته يف حممد بن عبد امللك الزيات، فأشار به، فعزم عليه، مث ورد فتح بابك على املعتصم، فسر به وأحب أن ينشأ فيه كتاب يبقى ذكره، فأشار ابن أيب دواد عليه بتكليفه ابن

زيات، ففعل ذلك، فكتب فيه كتابا مشهورا، أبر فيه على كل نسخة عملت يف ذلك الفتح، مث قلده الوزارته، وكان حاقدا عليه قبل إفضاء اخلالفة إليه، لقصة ذكرها ابن عبدوس، وهي أن املعتصم أمر حممد

ح ا ما حيتاج إىل بن عبد امللك أن يعطي الواثق عشرة آالف ألف درهم، يستعني ا على أموره ويصلإصالحه، فدافعه بذلك مدافعة متصلة، أحوجت الواثق إىل أن شكاه إىل املعتصم، فأنكر عليه تأخري املال

يا أمري املؤمنني، العدل أوىل بك وأشبه بعقلك، ولك عدة أوالد، أنت يف أمرهم بني : عن الواثق، فقال! ال، وإما أن ختص بعضهم فتحيف على الباقي إما أن تسوي بينهم يف العطية فتجحف ببيت امل: خلتني

Page 40: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 40

تأمر لباقي أوالدك بأشياء أخر من إقطاعات : قد رهنت لساين بشيء، فماذا أصنع فيه ؟ قال: فقال لهوصالت، وتطلق هلارون صدرا من املال وتدافعه بباقيه، وتتسع أنت قليال، وندبر األمر بعد ذلك مبا يراه

ل له وفقك اهللا، فما زلت أتعرف اخلريات يف رأيك والسداد يف مشورتك، وتأدى فقا: قال! أمري املؤمنني اخلرب إىل هارون، فحلف بعتق عدة من عبيده، وحببس عدة خيل، وبوقف عدة ضياع، وبصدقة مال جليل، أنه إذا ظفر مبحمد بن عبد امللك قتله، وكتب اليمني خبطه يف رقعة وجعلها يف درج، وأودعه

تويف املعتصم، وأفضى األمر إىل الواثق، وكان ذا أناة، كره أن يعاجله فيقول الناس إنه بادر دايته، فلما بشفاء غيظه، مث عزم على اإليقاع به، فتقدم بأن جيمع له من وجوه كتاب الدواوين من يصلح لوالية

: وقال لهالدواوين والوزارة، فجمع له عشرة نفر، فأثبت أمساءهم وجلس الواثق ودعا بواحد منهم،

اكتب يف كذا، يف أمر رمسه له، فاعتزل وكتب، وعرض الكتاب عليه، فلم جيده صنع شيئا، مث دعا بآخر وأمره أن يكتب كتابا يف معىن أمره به، فاعتزل وكتب، وعرض الكتاب عليه، فلم يرضه، حىت امتحن

من امللك مضطر إليه، وهو أدخل : العشرة، فلم يرض ما كتبه كل واحد منهم، فأقبل على حاجبه فقالاكتب إىل : حممد بن عبد امللك الزيات، فجيء به وهو واجم متغري مضطرب، فلما وقف بني يديه قال

صاحب خراسان يف كذا، فأخرج من كمه قصبا ومن خفه دواة، وابتدأ فكتب بني يديه، حىت فرغ من يف نفسه، فلما قرأه أعجب به جدا، وقال الكتاب وأصلحه، وتقدم فناوله إياه، وقد أتى فيه على مجيع ما

امضه، فأخرج من اخلريطة طيبا فوضعه عليه، وناوله اخلامت، فختمه وأنفذه من حضرته ووقف بني : لهامض إىل داييت وقل هلا توجه إيل بالدرج الفالين، فمضى اخلادم، فواىف : يديه؛ فقال الواثق خلادم بني يديه

يا أمري املؤمنني، أنا عبد من عبيدك، فإن وفيت : دفعها إىل حممد فقرأها وقالبه، ففتحه وأخرج الرقعة، فال واهللا، ال مينعين من الوفاء بيميين إال : فقال! بيمينك فأنت حمكم، وإن عفوت وصفحت كان أشبه بك

ل وأمر بعتق العبيد الذين حلف بعتقهم، وبوقف الضياع وحبس اخلي! النفاسة أن خيلو امللك من مثلك .وصدقة املال

وكثرت يف أيام الواثق نكبات الكتاب، كسليمان بن وهب، وأمحد ابن اخلصيب وغريمها، بسعاية ابن : الزيات، فقال إبراهيم بن العباس الصويل يف ذلك خياطبه من أبيات

وعما يريب متسع ات إيه أبا جعفر وللدهر كرم

مىت تقعوأنت منها فانظر ليثا على فرائسه أرسلت

تقضت أقواته شبع إذا قوته وفيك له ملظته

: وقد كان أمحد بن أيب دواد محل الواثق على اإليقاع بابن الزيات، وأمر علي بن اجلهم فقال فيه أرجوزة

أما ترى األمور مهمالت يا بن سيد السادات هارون

Page 41: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 41

! إليك عدم الكفاة تشكو

فطرح نفسه على إسحق ! قد صدق قائل هذا الشعر، ما بقي لنا كاتب ل: فهم الواثق بالقبض عليه وقالأمثل ابن الزيات مع خدمته وكفايته : بن إبراهيم، وكانا جمتمعني على عداوة ابن أيب دواد، فقال للواثق

وبعد، فال ! يفعل به هذا، وما جىن عليك وال خانك، وإمنا دلك على خونة أخذت ما اختانوه فهذا ذنبه ك أن تعزل أحدا حىت تعد ملكانه مجاعة يقومون مقامه، فمن لك مبن يقوم مقامه ؟ فمحا ما كان ينبغي ل

.يف نفسه عليه ورجع له

وحكي أن الواثق أصلح بني ابن الزيات وابن أيب دواد، فكف حممد عن ذكر ابن أيب دواد، وجعل هو الفتك به والتدبري عليه، إىل أن قبض على ابن خيلو بالواثق فيغريه، وكان فيما أبلغه عنه أنه قد عزم على

الزيات، مث أطلقه بعد مدة وأعاده إىل حاله، وقبض الواثق عليه ليس مبشهور، ألنه من خلفاء العباسيني .الذين مل ينكبوا وزيرا، وهم قليل كاهلادي واألمني قبله، واملعتضد واملكتفي بعده

سليمان بن وهب

أحسن خطا من سليمان، وال آدب من أخيه احلسن؛ وكتب إليتاخ التركي مل يكن يف دار املأمون حدثوما زال يعلو بعلوه، فسعى ابن . يف أيام املعتصم، فكان السبب يف عتقه، فتربك به وفوض إليه أمره كله

الزيات إىل الواثق به وبأمحد بن اخلصيب، وكان يكتب ألشناس التركي، ورفع قصيدة نسبها إىل بعض : سكر، وقيل إنه صنعها يف اإلغراء ما، من أبيااأهل الع

حاطب يف حبل حمتبل وكلهم أربعة أمر العباد معا وليت

بنو الرشيد زمان القسم للدول يف الذي قسمت بينهم كأم

اخلالفة والتبليغ لألمل من سليمان ما كان األمني حوى حوى

الرشيد اجلامع السبلبن كالقاسم بن خصيب يف إمارته وأمحد

قس األمور اليت تنجي من الزلل الرشيد املرتضى فبه باسم مسيت

الربامك بالتهدمي للقلل على عث فيهم مثل ما عاثت يداه معا

: فلما قرأ الواثق الشعر غاظه وبلغ منه، ونظر بعقب ذلك إىل أمحد بن اخلصيب ميشي يف داره فتمثل

لو شاءا لقد قضياين مليان ين عليهماالناس إنسانان دي من

عمرو فمنهما خليلي أم ا عن األخرى فال تسالين أموأم

Page 42: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 42

فنكبهما بعد ! إنا هللا، أمحد بن اخلصيب واهللا أم عمرو، وأنا األخرى : فبلغ ذلك سليمان بن وهب فقالاملعروف باملخبل، ذكر ذلك أبو أيام؛ والبيتان من أشعار الغناء، ومها من قصيدة طويلة لكعب القيسي

: الفرج، ومنها

إنسانامها غرقان بعينني كل يوم أنت رام بالدها أيف

لقد أولعت عيناك باهلمالن إذا أغر ورقت عيناي قال صحابيت

: وكتب احلسن بن وهب إىل أخيه يف نكبته

فإذا جزعت من اخلطوب فمن هلا أبا أيوب صربا يرتضى اصرب

أن تنجلي ولعلها ولعلها يفرج بعد ضيق كرا اهللا

وكان احلسن آىل أال يذوق طعاما طيبا، وال يشرب شرابا حىت يتخلص أخوه، فوىف بذلك، وقال سليمان : يف نكبته

يوعظ األريب وإنما نوائب الدهر أدبتين

كذاك عيش الفىت ضروب ذقت حلوا وذقت مرا قد

ويل منهما نصيب إال عيممر بؤس وال ن ما

دخلت على عبيد اهللا بن سليمان بن : وقال أبو احلسن املاوردي، عن ثعلب قال. كذا قال الصويل وغريه : يا أبا العباس امسع ما أقول: وهب، وعليه خلع الرضى بعد النكبة، فلما مثلت بني يديه، قال يل

.... نوائب الدهر أدبتين

: رابعا يف آخرهاوذكر األبيات، وزاد

تعروه يف مرها اخلطوب من صاحب الليايل كذاك

.يل: ملن هذه األبيات ؟ قال: قلت

مث استقل سليمان وخلص من اعتقاله، وتناهى بعد ذلك ارتقاء حاله، فتقلد األعمال اجلليلة، وكتب هدي يف خالفته، مث للمعتمد، لعظماء الدولة، وواله املتوكل مناظرة ابن الزيات ملا سخط عليه؛ مث وزر للم

.وذكر البحتري يف رثائه أنه أقام سبعني حوال يف التدبري

واستقل ابن اخلطيب أيضا، فكتب للمنتصر يف حياة أبيه املتوكل، مث وزر له ملا تقلد اخلالفة، ووزر .للمستعني بعده

ن داود ابن اجلراح، صاحب ومن عجيب ما اتفق لسليمان يف نكبته مع ابن الزيات، ما حكاه حممد ب

Page 43: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 43

جلس عبيد اهللا بن سليمان يوما للمظامل يعين يف وزارته للمعتضد فقام إليه عمر بن : كتاب الورقة، قالأنت عمر بن : حممد بن عبد امللك الزيات متظلما من أمحد بن إسرائيل يف ضيعة، فنظر يف أمره، وقال

أمه فأين كنت ؟ فقص عليه أمره وخربه؛ فلما كان يف أنت ابن سكران يعين: قال! نعم : حممد ؟ قال لهسبحان اهللا : عشي ذلك اليوم، جلس ابناه وابن اجلراح بني يديه، فتحدث عبيد اهللا واستروح وقال

قال يل أبو أيوب : فلم أسأله إجالال، مث قال: قال ابن اجلراح! العظيم، ما أعجب شيئا كنت فيه اليوم يام الواثق يف ذلك البالء والضرب والقيد، وإنه محل يوما إىل حممد بن عبد امللك يعين أباه إنه كان يف أ

ليناظره ويرد إىل حمبسه، فوضع بني يديه على تلك احلال، فجعل يناظره، واحلسن بن وهب كاتبه، ودواته ي منه، إذ مر بني يديه، فرمبا تكلم يرققه عليه، ورمبا أمسك، وحممد دائم يف الغلظة على أيب أيوب والتشف

بعض خدم حممد، ومعه صيب حيمله وعليه لباس مثله من أوالد امللوك، فلما رآه حممد صاح بالغالم، فأتاه به، فقربه وقبله، وترشفه وضمه إليه وجعل يداعبه، وحانت منه التفاتة إىل أيب أيوب، وإذا دمعته قد

خري أصلحك : ما الذي أبكاك ؟ فقال: سبقته وهو ميسح عينيه جببة الصوف اليت كانت عليه، فقال لهأنا أصدقك : فلما رأى ذلك احلسن بن وهب قال له! ال تربح أو ختربين باألمر على جهته : فقال له! اهللا

أعزك اهللا، ملا رأى أبا حممد أمتعك اهللا ببقائه وجعلنا مجيعا فداءه ذكر بنيا له، ولد وهو يف وقت واحد، يقدر أن : فالتفت حممد إليه كاهلازئ به، مث قال: عبيد اهللا؛ قال: امسه ؟ قالوما: قال! وهو يف مثل سنه

لوال أن هذا من أمور : فلما أمر حبمله إىل حمبسه، التفت إيل مث قال: قال احلسن! يكون ابنه هذا وزيرا : له أبو عليالسلطان اليت ال سبيل إىل التقصري فيها ما سؤتك فيه، ولو أعانين على نفسه خللصته؛ فقال

واهللا ما رأيته، فإن رأيت أن تأمر به إىل بعض االس، وتأذن يل يف القيام إليه واخللوة به، فأشري عليه أعجب من بغيه : فقمت إىل أيب أيوب، فتعانقنا وبكينا، فقال يل: فأمر بذلك؛ قال! بامتثال أمرك فعلت وزيرا واهللا إين ألرجو أن يبلغه اهللا الوزارة ويتقدم إليه أتراه يقدر أن يكون ابنه هذا: وقوله باهلزء والتطانز

عمر متظلما، فلما كان يف يومنا هذا تقدم إيل عمر يتظلم كما رأيتم، فذكرت ذلك احلديث وقول أيب جلس عبيد اهللا يوما للمظامل، : وقال الصويل يف هذه احلكاية. أيوب ما قال، وما كنت رأيته قبل ذلك

مث ! نعم : أنت عمر ؟ قال: فأدخل إليه، فقال! عمر بن حممد بن عبد امللك : ة، فقالفوقعت بيده رقعرأيتم فكريت يف : جعل ينظر إليه ويفكر، مث وقع له جبائزة ونزل؛ فلما تفرق الناس حدث من يأنس به قال

د امللك كنت يف يدي حممد بن عب: حدثين أبو أيوب أيب قال: فقال! رأينا : الرجل وما فعلت ؟ قالواالزيات، وهو يطالبين مبال، وأنا مقيد منكوب بني يديه، يف جبة صوف، وكان أخي احلسن يكتب له، ومل يكن يتهيأ له شيء يف أمر، إال أنه كان إذا رآين مقبال استقبلين، وإذا رآين قد رجعت إىل موضعي

س، وجعلوا يقبلونه ويدعون له، ومل شيعين، إذ أقبل خادم له ومعه ابن له صغري، فقام إليه كل من يف ال

Page 44: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 44

أحترك أنا ملا كنت فيه، فقال يل يا أبا سليمان مل مل تفعل ذا الصيب ما فعله من كان يف الس ؟ فقلت ال ولكن لعداوتك له وألبيه، وكأين بك وقد أملت يف ابنك عبيد اهللا اآلمال، : فقال! لشغلي ببالئي : له

إنه قد بغى : وزاد يف احلمل علي والدعاء مبا يسوءين، فقلت يف نفسي! بدا واهللا ال رأيت ما تؤمله فيه أفلم ميض إال قليل حىت سخط عليه املتوكل، وقلدين مناظرته وإحصاء متاعه، ! علي، وإين أثق باهللا

: ما خربه ؟ فقال: فوافيت داره، ورأيت ذلك الصيب مع ذلك اخلادم بعينه، والصيب يبكي، فقلت للخادم

يا بين : ال بأس عليه؛ ودخلت فسلمت إليه كل ما كان بامسه؛ مث قال يل: فقلت! نع من مجيع ماله قد مإن يأت لك حال ورأيت ذلك الصيب فأحسن إليه لتقابل نعمة اهللا عندي وعندك، فلما رأيته تذكرت ما

. يف دار بدرقال أبو أيوب، وامتثلت فيه أمره، مث صرفه عبيد اهللا وأقبل عليه إىل أن استخلفه

إبراهيم بن رياح

كان على ديوان الضياع فعزله الواثق، ودفعه إىل عمر بن فرج الرخجي فحبسه، وكان جوادا ممدحا، : وفيه يقول عبد الصمد بن املعذل

وهي حسرى إن هب منها نسيم تركت الرياح يأبن رياح قد

لك مال نضو وفعل جسيم مالك احلقوق فأضحى كت

وصنع أبو العيناء خربا يف إبراهيم هذا ومجاعة من رجال السلطان رجاء أن ينتهي إىل الواثق فينتفع به، ذلك رجل أوثقه كرمه، وإن يفز للكرام : ما عندك من خرب إبراهيم ابن رياح ؟ قال: قلت: ومن ألفاظه

فلما قرئ على الواثق ! يظلمه قدح فأحر مبنجاته، ومعه رجاء ال خيذله، ورب ال يسلمه، وفوقه خليفة ال .ما صنع هذا كله أبو العيناء إال يف سبب إبراهيم ابن رياح، وأمر بتخليته: ضحك واستظرفه وقال

إبراهيم بن العباس الصولى

ويل األهواز يف أيام الواثق، فطالبه ابن الزيات وقصده بكل مكروه، حىت صرف عنها وكان قبل ذلك : اقة له، مث تغري عليه ألن رآه مع ابن أيب دواد، فكتب إليه إبراهيمأشد الناس اتصاال به وصد

ال أضر به سواكا دك مىت أحقد حبق إين

ك أطعت فيك غدا أخاكا أطعتك يف أخي ومىت

يوما لذا وغدا لذاكا حىت أرى متقسما

Page 45: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 45

لعباس معزوال عن األهواز، ملا انصرف إبراهيم ابن ا: وحكي عن حاجب حممد بن عبد امللك الزيات قاليا أبا : وقف بباب عبد امللك يطلب اإلذن، فاستأذنت له ثالث مرات، فلم يأذن، فخرجت إليه فقلت

فسألين إيصال ! إسحق قد محلت نفسي على سوء األدب بأن كررت االستئذان على الوزير فلم يأذن واحدك إذ جعلت لنفسك واحدا، من كان : هاا، فثىن رجله على سرجه وكتب: رقعة إليه، فقلت

وواحدي إذ خفت من زماين نبوة ؟ أما واهللا لو أمنتك لقلت، ولكين أخاف منك عتبا ال تنصفين فيه، وأخشى من نفسي الئمة ال حتتملها يل، وما قدر فقد كان ويكون وكائن، وعن كل حادثة أحدوثة، وما

يف مكروهها، بل أقول إين قهرت، فلما فزعت إىل أقول إين تبدلت حبالة كنت ا مغتبطا حالة أناوكتب يف آخر ! ناصري، وجدت من ظلمين أخف نية يف ممن استنصرت به، وأمحد اهللا كثريا وأشكره

: الرقعة

فلما نبا صرت حربا عوانا أخي بإخاء الزمان وكنت

فيك أذم الزمانا فأصبحت إليك أذم الزمان وكنت

أطلب منك األمانا فهأنا باتأعدك للنائ وكنت

ارجع مذموما، ال حاجة بنا إىل أخوتك وال : فأوصلت الرقعة، فقرأها وفكر ساعة مث وقع يف آخرها: قال : صداقتك وال االستعانة بك

فقصر عن محله برب ما بدأت امرأ جاهال إذا

وال عارف العز من ذله تلفه قائال باجلميل ومل

دواء لذي اجلهل من جهله ان فإن اهلواناهلو فسمه

: قال! كذا يف رسائل ناح األصبهاين وحسبك ما أخلدت إليه ضعة ونقصا، ويف كفاية اهللا غىن عنك

! إن انقطاعي اليوم إىل اهللا مث إليك : فلما قرأ إبراهيم التوقيع جعل يتحرق على دابته ساعة وقال يل

أكتب الرقعة وتكون : قال! قد رأيت التوقيع : رقعة أخرى ؟ قلتتوصل يل: قال! قل ما شئت : فقلتمن شكرك على : أكتب؛ فثىن رجله على سرجه وكتب: يف يدك فإنه سيسأل ما فعل إبراهيم؛ فقلت

درجة رفعتها، أو نعمة أوليتها، أو زيادة مننت ا، فإين أشكرك على مهجة أحييتها، وحشاشة أبقيتها، بني التلف وبينه، فال تسقطين عندك هنة إن كانت، فإين واهللا واحدك باألسباب ورمق قمت به، وحلت

اليت جتتمع فيك ولك، وال جتتمع لك يف غريي من أخ وال صاحب، وكنت أعدك الوفاء، فقد واهللا فعلت، وكنت تعدين أال أضام يف دولتك وأيامك، فال ختذلين يف حال إن أخليتين فيها من نصرتك مل

: وقال يف آخره! قدار يف نفسي وموديت إال حلقك مثله والسالم يلحقين م

Page 46: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 46

قليال من مدى غلوائكا وأقصر جعفر عرج على خلطائكا أبا

رجائي يف غد كرجائكا فإن فإن كنت قد أوتيت يف اليوم رفعة

.فلما قرأ الرقعة أذن له يف الدخول، وقرب جملسه، ونادمه يومه، وصرفه حمبوا مكرما

مل يزل حممد بن عبد امللك بالواثق إىل أن وجه أمحد بن سيف للنظر يف عمل إبراهيم، : وقال الصويلوذكر شعرا خياطب ملك املوت به ... أتقبل علي قول رجل كافر قال كذا : فكتب إبراهيم إىل الواثق

بإبراهيم، فحسن مذهبه عند موت غالمه، فوجه الواثق من حيقق له اخلرب، وعلم سعي حممد بن عبد امللك .فيه

قلدت إبراهيم : وسعى أمحد بن املدبر إىل املتوكل بإبراهيم بن العباس، وكان بينهما تباعد، فقال للمتوكلديوان الضياع وهو متخلف آية من اآليات ما حيسن قليال وال كثريا؛ وطعن عليه طعنا قبيحا، فقال له

خلرب بإبراهيم فأيقن حبلول البالء، وعلم أنه ال يفي بأمحد بن املدبر يف غد أمجع بينكما، واتصل ا: املتوكلقد حضر إبراهيم : يف صناعته، وغدا إىل دار السلطان آيسا من نفسه ونعمته، وحضر أمحد فقال املتوكل

أي شيء أذكر عنه، وما : فقال أمحد! وحضرت، ومن أجلكما قعدت، فهات واذكر ما كنت فيه أمس ل ما أذكر ما ال يذهب على أحد، أنه ال يعرف أمساء عماله يف النواحي، وال يعلم ما يثبت أو! أقول فيه

ومر يف أبواب .. يف ديوانه من تقديرام وحزورهم وكفوهلم، وال حيفظ أمساء النواحي اليت يتقلدها ا أمري فقال ي! ما سكوتك ؟ تكلم : بعدها فاحشة مسجة منكرة، فالتفت املتوكل إىل إبراهيم فقال

: اذكرمها، فأنشأ يقول: قال! جوايب يف بيتني، إن أذن أمري املؤمنني أن أذكرمها فعلت : املؤمنني

ق األقواال ردالوشاة والعذاال وأطاع قويل وصد

وعلى وجهه رأيت اهلالال يكون شهر صدود أتراه

ا حلنا وهاتوا ما نأكل، وأتوين إئتوين مبن يعمل يف هذ! زه زه أحسنت واهللا أحسنت : فقال املتوكلفخلع عليه، وانصرف ! بالندماء واملغنني، ودعونا من فضول ابن املدبر، واخلعوا على إبراهيم بن العباس

فمكث يومه مفكرا مغموما : قال احلسن ابن خملد وكان خيلف إبراهيم على ديوان الضياع . إىل مرتلهذل مبا جدده اهللا لك وعندك من نعمه، وخصك من كفايته، يا سيدي هذا يوم سرور وج: ساهيا، فقلت

يا بين، احلق أوىل مبثلي وأشبه، إين مل أدفع أمحد بن املدبر حبجة، وال كذب يف : فما هذا الغم ؟ فقالشيء مما ذكرين به، وال أنا ممن يعشره يف اخلراج، كما أنه ال يعشرين يف البالغة، وإمنا فلجت مبخرقة

ي فضال عن أن أغتم من زمان يدفع فيه ذلك احلق كله مبا دفعته من الباطل، وسيكون وهزل، أفال أبك

Page 47: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 47

وجلت حال إبراهيم عند املتوكل، واختص بكتابته، وله عنه الرسالة الغريبة يف تأخري ! هلذا وشبهه نبأ بعد براهيم فضيلة إ: النريوز، وملا قرأها عليه أعجب ا كل من حضر، فكان الفتح بن خاقان يقول للمتوكل

.وكان إبراهيم إذا دخل على املتوكل أمر أال يهزأ أحد بني يديه حىت يقوم! خبأها اهللا لك

محمد بن الفضل الجرجرائي

جناح بن سلمة : كتب للفضل بن مروان، مث وزر للمتوكل بعد ابن الزيات، وكان يسمع الفضل يقولافه جناح، فاعتذر إليه يوما من شيء بلغه فقال له فلما ويل خ! أشد الناس إقداما على إهالك األموال

: اجلرجرائي

على دميومة يلمع آل من اإلخوان من وده إن

به من ظمإ ينقع ماء الظمآن ماء وال خياله

ترجع عن غي وال تقلع منهم غري شك فال وأنت

أنا مع أمري املؤمنني وتسليمه : ق لهومل يزل جناح يطالبه حىت عزل، وأسلم إليه ليحاسبه، فكتب إىل صدي : إياي لنجاح كما قال أبو متام

ال حيبك ذا دنو وممن رأيتك من حمبك ذا بعاد

: ومع جناح كما قال يف البيت اآلخر

زمامه بيدي عدو يكون وحسبك حسرة لك من صديق

: وكتب إىل املتوكل

ياصفح فدتك النفس يل عن ملكا أملك يب مني يا

ما أبدي وما أكين عامل واهللا ما خنتك يف حالة

راحته مني منيته سلمت إىل حاسد ففيم

ويذكر أنه قال له قبل . فأمر املتوكل أن يصاحل فيما كان يطالب به، ختفيفا عنه، وكان صاحل الرأي فيه املؤمنني أين أستعني زل على جد، ما أنكر يا أمري: فقال! بلغين أنك تتشاغل بالغناء عن األمور : عزله

! وبراحة على تعب، وأما اإلضاعة فلو مل أقض حقك وحق اهللا لقضيت حق نفسي فيما يلزمين من ذلك

مث كتب إليه أمساء جواريه العوامل، وعرضها عليه، فأىب أن يقبلهن، ووصله بعشرة آالف دينار، مث صرفه .يف تلك السنة

Page 48: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 48

وأي موقف أخزى لصاحبه من موقف رجل : لبطليوسي يف شرح قول ابن قتيبةوقال أبو حممد بن السيد اهذا الرجل هو حممد بن الفضل وهذا غلط ألن حممد بن الفضل إمنا وزر : من الكتاب قال ابن القوطية

.للمتوكل، وكان شاعرا كاتبا حلو الشمائل، عاملا بالغناء

.وويل الوزارة أيضا يف أيام املستعني

بحر الجاحظعمرو بن

كان مائال إىل ابن الزيات، منحطا يف هواه، فلما نكبه املتوكل أدخل اجلاحظ على أمحد بن أيب دواد واهللا ما أعلمك إال متناسيا للنعمة كفورا للصنيعة، معددا للمساوئ، وما فتين : مقيدا، فقال له

جبلتك، وسوء اختيارك، وتكالب باستصالحي لك، ولكن األيام ال تصلح منك لفساد طويتك، ورداءةخفض عليك أصلحك اهللا، فواهللا ألن يكون لك األمر علي خري من أن يكون : فقال اجلاحظ! طباعك

يل عليك، وألن أسيء وحتسن أحسن يف األحدوثة من أن أحسن فتسيء، وألن تعفو عين يف حال قدرتك .فعفا عنه!.. علي، أمجل بك من االنتقام مين

هذا االستعطاف على أن بالغة اجلاحظ يف رسائله وخطبه ال يتعاطاها الفحول ذوو اإلدراك ما وأرق منوجدت استصغارك لعظيم ذنيب : كتب به بعض الكتاب إىل أيب غالب، ابن أخي إبراهيم بن املدبر وهو

أعظم لقدر جتاوزك عين، ولعمري ما جل ذنب يقاس إىل فضلك، وال عظم جرم يقاس إىل صفحك، عول فيه على كرم عفوك، ولئن كان قد وسعه حلمك فأصبح جليله عندك حمتقرا وعظيمه لديك وي

مستصغرا، إنه عندي لفي أقبح صور الذنوب، وأعلى رتب العيوب؛ غري أنه لوال بوادر اجلهالء مل يعرف ب لبطل تطول فضل احللماء، ولوال ظهور نقص األتباع مل ينب كمال الرؤساء، ولوال إملام امللمني بالذن

املتطولني بالصفح، وإين ألرجو أن مينحك اهللا السالمة بطلبك منها، ويقيلك العثرات بإقالتك هلا، وما علمت أين وقفت على نعمة أتدبرها إال وجدا تشتمل على عائدة فضل، معها فائدة عقل فيها؛ إىن

به، ووصلت إىل تقلد عملك وجدتين قد وصلت إىل تفضلك من غري مسألة، ودخلت إىل إحسانك من بامبن أشركته يف الشكر معك، إن مل أكن جعلته دونك، فنقلتين مبا استكرهتك عليه، إىل ما تطوعت يل به، ومما كان يل فيه سبب إليك، إىل ما ال سبب يل فيه غريك، ومما يطالبين بالشكر عليه سواك، إىل ما تنفرد

ل قدرا، وأخص من خدمتك حمال مما نقلتين عنه، كنت يف معه بشكري إياك، مث جعلت ما نقلتين إليه أج : ذلك كما قال الشاعر

ودك ما يأيت وقد كا وشر ال أظأر النفس إكراها إىل أحد

جماجة ما جمه فمكا والنفس مجه فوك مل تنفعه آصرة من

Page 49: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 49

ا أجنع، وال كرما أبرع مما توصلت ومل أر تأديبا ألطف وال فعال أشرف، وال تقوميا أنفع، وال استصالحإليه يف، وتغلغلت يف اإلنعام به علي، وإين ألرجو مبن اهللا وستره أال تقف مين علي أخت هلذه الفعلة، وال

.نظري هلذه الزلة ما اختلف اجلديدان، وجتاور الفرقدان

أحمد بن محمد بن المدبر

زيات على اجليش، واحتيج إىل توجيه بعض القواد كنت أكتب حملمد بن عبد امللك ال: حكي عنه أنه قاليف أمر مهم، فعملت باستحقاقه ورجاله عمال مفصال، مث أمجلت التفصيل فغلطت فيه، وصككت به،

ومحل املال إىل القائد وقبضه وشخص، مث رجعت إىل العمل فتتبعته فوقعت على الغلط، فاستحييت من نه ثالثة أيام فوجه إيل فاستحضرين، فكتبت إليه أصدقه عن القصة، حممد بن عبد امللك، فجلست ع

ال جرم : وأعترف باخلطأ، وأعلمته أن احلياء منعين من احلضور، وأحكمه على نفسي يف العقوبة، فوقع إيللك فيما مل تتعمد فارجع إىل مكانك وحترز من وقوع ما كان منك، وقاص الرجل وأصحابه مبا قبضوه

.همعند استحقاق

أنت كاتب : قال له حيىي بن أكثم حبضرة املتوكل: مث توىل أيام املتوكل األعمال اجلليلة وكان له إداللتتفقه، وتذكر أنك ال تلزم الناس إال حبجج فقهية، أو كما قال، فمن كتب للنيب صلى اهللا عليه وسلم ؟

لفقيه أيضا، ألنه ليس مما حيل حالال ليس على الكاتب أن يعلم ذلك وال يتعلمه، وال على ا: فقال أمحدوال حيرم حراما، وال يزيد بصرا يف صناعة، وقد روى الناس أن عثمان وعليا وزيد بن ثابت وحنظلة

ومعاوية وغريهم كتبوا للنيب صلى اهللا عليه وسلم، ولكن أخربين من عمل عند النيب صلى اهللا عليه وسلم لم بقتله؟ يعرض له باللواط، فأفحم حيىي واستغرب املتوكل عليه عملك فأمر النيب صلى اهللا عليه وس

.ضحكا

واحتال الفضل بن مروان يف تغيري املتوكل عليه حىت عزله عن قهرمة الدار، وادعى الوزير عبيد اهللا بن حيىي بن خاقان عليه ماال جليال تسبب من أجله إىل أخيه إبراهيم حىت نكب؛ وكان أمحد أسن منه وأعلم

قال ابن عبد ربه، ومسى مجاعة ممن . باألعمال، إال أن سعده أقل من سعد إبراهيم، ومها من جلة الكتاب .فهؤالء نبلوا بالكتابة واستحقوا امسها: نبه بالكتابة بعد اخلمول فيهم أمحد بن حممد بن املدبر

: تب عليه خبطهوألمحد خياطب أخاه إبراهيم يف نكبته وقد أهدى إليه شعره جمموعا، فقرأه وك

عليك باخلطب اجلسيم عطفن أبا إسحق إن تكن الليايل

على غري الكرمي مبكروه فلم أر صرف هذا الدهر جيري

Page 50: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 50

: وويل أمحد هذا خراج دمشق، وامتدحه البحتري وديك اجلن، وغريمها، فقال فيه رجل من بين هاشم

ثاربه السادات عند ع عاذت بن املدبر أنت أكرم ماجد يا

شرفني من أصلي ومن أشعاري امتدحتك مدحة شرفتها إني

.فاحتمل عنه ما مبلغه مائة ألف درهم

إبراهيم بن محمد بن المدبر أخوه

كان إبراهيم بن املدبر رجال جليال عاملا شاعرا، ال يدانيه يف ذلك كله أحد، وخدم املتوكل : قال الصويل .وكانت له عنده حظوة

سعى به عبيد اهللا بن حيىي الحنرافه عنه، ونفاسته عليه وخمالفته فيه رأي : الفرج األصبهاينوقال أبو املتوكل، فادعى على أخيه أمحد بن املدبر ماال جليال، ذكر أنه عند إبراهيم، وأوغر صدر املتوكل عليه،

اطب ا أبا عبد اهللا حىت أذن له يف حبسه، وكان من وجوه كتاب العراق ومتقدميهم، فقال من قصيدة خي : ابن محدون ويستنهضه لتذكري الفتح بن خاقان بأمره

منه يف جىن ورد جين أنا يأبن محدون فىت اجلود الذي

أخ مضطهد مرن يف الذي ترقبه أم ما ترى ما

يطلبين باإلحن حاقد عمران موسى حنق وأبو

فمجد ال يين وجناح اهللا أيضا مثله وعبيد

أو يراين مدرجا يف كفن يشفيه سوى سفك دمي ليس

حرميت قام بأمري وعين واألمري الفتح إن أذكرته

حني يعرو حزين وسرور صدق حني أدعو بامسه فأل

ولعل اهللا أن يظفرين ظفر األعداء يب عن حيلة

اهللا بن طاهر، وقال فيه وجل عبيد اهللا فلم يكن ألحد يف خالصه معه حيلة حىت استغاث مبحمد بن عبد : من قصيدة

ومل تعترضين إذ دعوت املعاذر دعوتك يف كرب فلبيت دعويت

وقد أعجزتين عن مهومي املصادر أوردت مهيت وقد حلئت إليك

لك اد املؤثل طاهر وحاز بك عبد اهللا يف العز والعال منى

ون األكابرواألعظم وساستها بنو الدنيا وأمالك شرقها فأنتم

Page 51: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 51

ال حيوي مداها املفاخر وطلحة كانت للحسني ومصعب مآثر

غضبوا قيل الليوث اهلواصر وإن بذلوا قيل الغيوث البواكر إذا

بكم يوم املقال املنابر وتزهى تعظمكم يوم اللقاء البواتر

ة جملسوما لكم غري السيوف خماصر فما لكم غري األسر

: إىل أن يقول فيها

منها أول مث آخر وسرك ويل حاجة إن شئت أحرزت جمدها

بعد اهللا غريك ناصر فمايل أمري املؤمنني وعطفه كالم

فإين خملص الود شاكر وإال فإن ساعد املقدار فالصفح واقع

وكل من فعزم على ختليصه، ومل يلتفت إىل عبيد اهللا، وبذل أن يتحمل يف ماله كل ما يطالب، فأعفاه املتنكبنا نكبة من نكباتنا، فسقط من إخواننا من كنا جنعل من أهل : وكان إبراهيم يقول. ذلك ووهبه له

: الود، فكتبت إىل بعضهم

ملطفا حفيا شفيقا مؤنسا وصديق تراه حلوا أنيقا

ظة منه صار البعيد السحيقا ملا رماين الدهر بالغل مث

رة واألهواز، وأسره صاحب الزنج، فهرب منه، ووزر للمعتمد، مث طلب، وويل إبراهيم بعد ذلك البصما استوزرت بعد عبيد اهللا بن : واستخفى، فظفر به وحبس، إىل أن رضي املوفق عنه؛ وكان املعتمد يقول

.حيىي وزيرا أرضاه غري احلسن بن خملد وإبراهيم بن املدبر

خرمي املري، خرج عليه مخس مائة ألف وسبعون ألفا، وقصته مع املتوكل تشبه قصة عثمان بن عمارة بن يعدل محلها إيل أبيات شعر حتملها إىل أمري : أمحلها إليك ؟ فقال: فحبس، فدخل عليه يزيد بن مزيد فقال

: وما هي ؟ فأنشده: فقال! املؤمنني الرشيد عين

ا عين املخافة واألزل تزول أمري املؤمنني بنظرة أغثين

أىب اهللا إال أن يكون لك الفضل و ال الرباءة جاهدافعفوك أرج

أمري املؤمنني له أهل فأنت أكن أهال ملا أنا طالب فإال

.فعرضها على الرشيد، فأسقط ما كان عليه: قال

أبو الجهم الكاتب

Page 52: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 52

سن بن كان من صنائع ابن الزيات، وعادى من أجله إبراهيم بن العباس الصويل وأضر به، فلما ويل احلخملد بعض األعمال، أشار عليه إبراهيم بطلب أيب اجلهم يف عمل كان يتواله بالتشدد عله فيه، وكان

: احلسن كاتب إبراهيم والغالب عليه، فكتب أبو اجلهم إىل املتوكل أبياتا منها

إىل حسن أعدى العداة ابن خملد تسلمني يأبن عم حممد فال

مبا خيتان يف اليوم والغد عليم ينذنب عنده غري أن ومايل

فوصلت األبيات إىل احلسن قبل وصوهلا إىل املتوكل، فأحضر عليها أبا اجلهم فأنكرها، مث تقاربا وعمل : احلسن يف ذلك مبقتضى قوله

وماكروه وأعنتوه من صادر الناس صادروه

ناظروه وباألباطيل احلقوق تا وجاحدوه

حسن منه باكروه أو ما راح من قبيح ومثل

وأليب اجلهم خياطب جناح بن سلمة معتذرا وهو حمبوس وقد متثل ذا الشعر سهل بن هارون يف كتابه إىل : صاحب له وجد عليه

عفوك مأوى الفضل واملنن إن تعف عن عبدك املسيء ففي

مبا تستحق من حسن فجد أتيت ما أستحق من خطإ

زدادعبد اهللا بن محمد بن ي

كتب أبوه للمأمون ووزر له، وكان هو أيضا كاتبا، لكن يغلب عليه القصور، وألبيه الشفوف املعروف .خطا وبيانا، ميأل أن السمع والبصر حسنا وإحسانا

جلس املأمون للمظامل، وحممد بن يزداد بني يديه، فأحب بعض من عنده أن يغض : حكى الصويل قالاملؤمنني لو أمرت حممدا أن يكتب كتابا يف أمر الزكاة، يقرأ على الناس، فكتب من غري يا أمري : منه، فقال

أما بعد فإن اهللا جعل عمود الدين إقام الصالة وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، فسن رسول اهللا : فكرةسة دراهم، وما صلى اهللا عليه وسلم أنه ال شيء يف الفضة حىت تبلغ مائيت درهم، فحينئذ يكون فيها مخ

زاد فبحساب ذلك، وأن ال شيء يف الذهب حىت يبلغ عشرين دينارا، ففيها نصف دينار، مث إذا بلغ األربعني ففيها دينار، مث ما زاد فبحساب ذلك، وال زكاة على أحد يف ماله حىت حيول عليه احلول، فإن

يبين اهللا لكم أن "فيه ما حد، ملك بعضه، وكمل ما ذكرناه يف وقت كان ابتداء احلول من يوم كمل

Page 53: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 53

يا حممد إنا إن شركناك يف اللفظ : وكتب ذلك بأحسن خط، فقال املأمون" تضلوا واهللا بكل شيء عليميا أمري املؤمنني إنك أقرب الناس برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، واملتقلد : فقال! فقد فارقناك يف اخلط

يا أمري املؤمنني إن من أعظم آيات النيب : وعن غري الصويل أنه قال له. ةألمره، فمن هناك جاءت املشاصلى اهللا عليه وسلم أنه أدى عن اهللا رسالته، وحفظ عنه وحيه، وهو أمي ال يعرف من فنون اخلط فنا،

وال يقرأ من سائره حرفا، فبقي عمود ذلك يف أهله فهم يشرفون بالشبه الكرمي يف نقص اخلط كما ف غريهم بزيادته، وإن أمري املؤمنني أخص الناس برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم والوارث موضعه يشر

يا حممد لقد تركتين : فقال املأمون! واملتقلد ألمره ويه، فعلقت به املشاة اجلليلة، وتناهت إليه الفضيلة وقد واله عمال، وذكر له انه اختان مائة وسعي بعبد اهللا إىل املتوكل ! ال آسى على الكتابة ولو كنت أميا

فلم يطلبه ا ومل يزل بعد يصرفه؛ وكان بفارس إذ ويل املستعني اخلالفة فاستقدمه ابن اخلصيب : ألفوزيره، فاختاره املستعني لوزارته، وصرف ابن اخلصيب فضبط األموال واشتد على املوايل، مث خافهم،

.سم الوزارة، مث أعيد إليها عبد اهللا بن حممد ثانيةفهرب إىل بغداد، وويل شجاع ابن القا

أحمد بن محمد بن ثوابة

خاف من املهتدي ملا ام به من اعتقاد الرفض، وكان يكتب لبعض رؤساء األتراك، فاستتر ونودي عليه، .مث شفع فيه، فرضي املهتدي عنه، وخلع عليه أربع خلع، وقلده سيفا، ورجع إىل حاله

ثوابه وبني أيب الصقر إمساعيل بن بلبل كالم يف دار صاعد بن خملد الوزير، فقال إمساعيل وجرى بني ابنيا جاهل أما علمت أنه من يشد ال حيد، ومن حيد ال : حكمك واهللا أن تشد وحتد، فقال له: ألبن ثوابه

ما استب : ة فقالوجرى له معه أيضا غري هذا، فحمي أبو العيناء إلمساعيل وانتصر له من ابن ثواب! يشد فلما ويل الوزارة أبو الصقر، ! فلهذا غلبت باألمس أبا الصقر : فقال أبو العيناء! اثنان إال غلب أألمهما

تاهللا لقد آثرك اهللا علينا وإن كنا "أيها الوزير : دخل عليه ابن ثوابة ووقف بني يديه، وجعل يقولمث رفع حمله وواله، وما قصر ! أبا العباس يغفر اهللا لكم " ليومال تثريب عليكم ا"فقال أبو الصقر " خلاطئني

.يف اإلحسان إليه واإلبقاء عليه مدة وزارته

الحسن بن رجاء

كان من جلة الكتاب، ونشأ يف خالفة املأمون، فدخل يوما بعض الدواوين فنظر إليه وهو غالم مجيل أمري املؤمنني، الناشيء يف دولتك، املتقلب يف أنا يا: من أنت يا غالم ؟ فقال: وعلى أذنه قلم، فقال

أحسنت يا غالم، وباإلحسان : فقال املأمون! نعمتك، املؤمل خلدمتك احلسن بن رجاء، خادمك وعبدك

Page 54: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 54

.يف البديهة تفاضلت العقول؛ وأمر أن يرفع عن مرتبة الديوان

ن بن رجاء الكاتب يهوى جارية كان احلس: وحكى الصويل يف كتاب األخبار املنثورة، من تأليفه، قالمن القيان، وكان إمساعيل بن بلبل يهواها، فكانا يتنافسان فيها، فلما تقلد إمساعيل الوزارة ملك اجلارية

قد بلغت كل ما أحب وزيادة، ومل : هل يف نفسك شيء مل تبلغيه ؟ فقالت: وأحسن إليها، مث سأهلا يوما كان عند احلسن بن رجاء، فكنت إذا زرته ناولنيه، فتقدم أبو يبق يف نفسي إال قدح بلور مصنوع مورد

الصقر إىل أيب بكر ابن أخته بإحضار احلسن ومطالبته بالقدح عفوا أو عسفا؛ فركب أبو بكر إليه، كل ما عندي : قد جئتك يف حاجة وما أحسبك تردين عنها، فقال له: وجلس عنده، فحادثه مث قال له

ما ظننت أين : فقال! فأعطين كسره : قال! قد انكسر : قال. ر املورد متنحين إياهقدح البلو: قال! فلك إن هذا الرجل قد صارت له يد وسلطان، وألن ديه إليه : فقال! أطالب بزجاج قد انكسر فأحتفظ به

أما لسؤالك فأفعل، ولكن على شريطة، توصل يل معه: فقال! ومتنت عليه أحسن من أن تكاشفه وتعاديه

: أفعل، فأنفذ إليه القدح ومعه رقعة فيها أبيات: أبياتا، فقال

أجل جارية فيهن أهواها من على أربع بالكرخ تقالها سلم

إن أسلف احلسىن تقاضاها والدهر نوب األيام منك ا متكنت

نفسك ما أدىن بالياها وشجو بؤس قلبك ما أقصى مراميه يا

أن أيامنا منه منالها لو نهعيش مضى ما كان أحس وطيب

جبوى مرضيا نفسي فعاصاها أطعته إليك أشكو أبا بكر هوى

واعطف على ذي البال إن كنت أواها الصب إن كنت امرأ غزال فأسعد

حيل دون اليت أدنت له فاها مذ جاءك القدح املسلوب جته قد

لينا كأوالهاأن إحدى ليا لو إليك عزيزا أن جياد به خذه

.فلما قرأ إمساعيل األبيات وأخذ القدوح رق له، فقلده أصبهان وأخرجه إليها

عيسى بن الفاسي

كتب أليب الصقر إمساعيل بن بلبل يف وزارته للمعتمد، وكان قد امتحن بصاعد بن خملد الوزير قبل أيب .عد فقال يف ذلكالصقر، ورجا احلسن بن خملد، فلما ويل لقي منه أكثر مما لقي من صا

ألست ترى صرف الزمان مبا جيري بنفسي سوء عاقبة الدهر أقيك

األيام من حيث ال يدري وتسعده الفىت يف اليوم يأمن حنسه يصاب

Page 55: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 55

أمورا منه ضاق ا صدري وأشكو كنت أبكي من حتامل صاعد وقد

ميمون النقيبة والذكر بأيام انقضت أيامه وتبدلت فلما

خفتها داريتها قبل أن تسري ولو أسهم منه إيل أمنتها سرت

تضرب األمثال يف سائر الشعر وقد بيتا من الشعر سائرا وذكرين

أقواما بكيت على عمرو وجربت على عمرو فلما فقدته عتبت

: وقال أيضا يف صاعد وقد قرأ كتابا على املوفق فلم يفهم بعض ما فيه، وفهمه املوفق

احلظوظ إىل عائبه ويهدي الدهر مينع من جانبه أرى

أصبح أكتب من كاتبه ر ومن عجب الدهر أن األمي

أن أبا بكر اخلوارزمي نسب هذا الشعر إىل : كذا يف كتاب ابن عبدوس؛ ويف اليتيمة أليب منصور الثعاليب أثناء مسامرة، فقال الصاحب البحتري يف حماورة جرت بينه وبني الصاحب أيب القاسم إمساعيل بن عباد

وروى ميوت بن املزرع ! جودت وأحسنت، هكذا يكون احلفظ : للخوارزمي وقد أعجبه تنظريه بذلككان عيسى بن الفاسي يكتب أليب الصقر إمساعيل بن بلبل، وكانت له جارية حيبها، : عن أبيه قال

: مهم له، فكتب إليهفاصطبح معها ذات يوم فهو يف صبوحه حىت وافاه رسول إمساعيل يف

بالوجد إن غبت عنها أيها امللك جلارييت وأرحم تفردها هبين

وألتام ما بيننا وأحنلت التكك غدونا وستر اهللا منسدل فقد

.فحلف إمساعيل أنه يقيم عندها ثالثة أيام، ووجه إليه بطيب ومال وكسوة

عبد اهللا بن محمد الزجالى

كان األمري عبد اهللا : بن خلف بن حيان يف كتابه املقتبس من أنباء أهل األندلسقال أبو مروان بن حيانيعين عبد اهللا بن حممد بن عبد الرمحن بن احلكم بن هشام بن عبد الرمحن بن معاوية بن هشام بن عبد

وجدة امللك بن مروان، قد عزل عبد اهللا بن حممد الزجايل عن خطيت الوزارة والكتابة يف بعض أوقاته ملوجدها عليه، مث أقاله بعد مديدة، وأعاده إىل خطته، وكان حمببا يف الناس فأبدوا فرحا لرجعته، وقال يف

: ذلك أمحد بن حممد بن عبد ربه الشاعر من أبيات

اجلامع الذي عمر واملسجد ملكا يزدهي به املنرب يا

للناس مثل ما جيهر يسر اهللا يف بريته خليفة

Page 56: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 56

للناس كوكبا يزهر أقمت ألرض إن تغب فلقديا قمر ا

أقيل األديب واستوزر ملا فرح الناس مثل فرحتهم ما

اإلمام اليت ا يبصر عني امللك حني دبره وابتهج

ر يف عليه املدار أمجعه قطباألمر والرأي كلما دب

أعمى فلما استوى به أبصر يزل البيت طول غيبته مل

: بد ربه يف ذلك أيضا مما مل يذكره ابن حيانوقال ابن ع

إلينا مشسها وهالهلا وردت الدنيا وأبدت مجاهلا جتددت

اهللا ال يرجو العدو زواهلا من عشية يوم السبت جاءت بنعمة

منه عثرة فأقاهلا وأدرك جرب اهللا الكسري من العال ا

يم ظالهلاعلينا بالنع ومدت اآلفاق نورا وجة فأشرقت

عبد اهللا كان أزاهلا ملواله عبد اهللا أعظم دولة بتجديد

إىل العبد القدمي مآهلا فآلت تولت نضرة العيش ردها وملا

فظلت سجال الرزق جتري خالهلا نشأت من كفه دمي الندى فىت

هندي أرتك صقاهلا كصفحة اجلود جيري من فريد ميينه ترى

إليها الكف حىت يناهلا ملد سماء فضيلةنيط من جنم ال ولو

وحممد بن سعيد الزجايل والد عبد اهللا هذا هو أول من رأس من هذا البيت وجل بالكتابة وأورثها عقبة، وكانت نباهته ورياسته بعلمه وبيانه، كأمحد بن يوسف وابن الزيات وطبقتهما، ويعرف باألصمعي

.لعنايته باألدب وحفظ اللغة

سبب اتصاله بالسلطان أن األمري عبد الرمحن بن احلكم عثرت به دابته، وهو يف غزاة، فأنشد ويذكر يف : متمثال

وما ال ترى مما يقي اهللا أكرب

وطلب صدر البيت فعزب عنه، فسأل أصحابه عنه فأضلوه، وأمر بسؤال كل من اتسم مبعرفة يف : أصلح اهللا األمري، أول البيت: ا، فقالعسكره، فلم يلف أحد يقف عليه غري حممد بن سعيد هذ

نرى الشيء مما نتقي فنهابه

.فأعجب األمري عبد الرمحن ما كان منه، وراقه بيانه، فاستخدمه

عبيد اهللا بن سليمان بن وهب

Page 57: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 57

ملا تقلد املعتضد أبو العباس أمحد والية العهد بعد وفاة أبيه املوفق أيب أمحد طلحة بن املتوكل، وذلك يوم األربعاء لثمان بقني من صفر سنة مثان وسبعني ومائتني يف آخر خالفة املعتمد بن املتوكل، أقر أبا الصقر إمساعيل بن بلبل على ما كان عليه من الوزارة والتدبري، إىل يوم االثنني بعده، مث قبض عليه وعلى أبنائه

أيب القاسم عبيد اهللا بن سليمان، وحاشيته، وانتهبت منازهلم، وطلب ابن الفرات، فاستتر، وبعث إىلوكان قبل ذلك مبدة منكوبا من قبل املعتمد، وأمره باالنصراف إىل مرتله والبكور إليه، ليخلع عليه،

.فانصرف يف طياره، وبكر من الغد إىل املعتضد، فخلع عليه، وانصرف وبني يديه مجيع القواد والغلمان

تسع وسبعني أخذ البيعة للمعتضد عبيد اهللا بن سليمان على وملا تويف املعتمد يف آخر رجب من سنة الناس، فأحسن التدبري، ونظم سياسة األمور، واستكتب ابنه القاسم بن عبيد اهللا لبدر املعتضدي، وجلت حاله، فاستنابه يف العرض على املعتضد، وسعى به بعض حسدته، فلم يقبل املعتضد سعايته، وحضر عبيد

: لسعاية، فأنشدهاهللا، فدفع إليه ا

اهللا باإلحسان تغنينا وعادة اهللا خري من توقينا كفاية

وفعال وبأساء وجينا قوال كاد الوشاة وال واهللا ما تركوا

مقالتنا اهللا يكفينا على فلم نزد حنن يف سر ويف علن

إىل الصيد معه، وذلك يف فصل وحكي أن املعتضد تقدم إليه بأن يوعز إىل القواد وسائر اجلند باخلروجيا أمري املؤمنني، هلؤالء القوم استحقاق واملال عزيز، ومىت أمروا بذلك طالبونا مبا : الشتاء، فقال له

فأمسك عنه إىل أن خرج من حضرته، مث تقدم إىل خفيف السمرقندي حاجبه بالقبض ! جيددون به التهم القاسم بن عبيد اهللا من دار بدر فسأل عن أبيه، فعرف وانصرف . عليه وأخذ سيفه ومنطقته، ففعل ذلك

اخلرب، فعاد من وقته إىل بدر، فتلطف يف الوصول إليه، وبكى بني يديه، فركب بدر إىل الدار، فاستأذن إن معي خربا ال جيوز : يل شغل مع احلرم، فقال بدر: على املعتضد، فتبسم وعلم ما جاء به، فوجه إليه

إين قد استعملت يف هذه احلال ما ال حيب من : قد عرفت اخلرب فانصرف فوجه إليه:تأخريه، فوجه إليهيا أمري املؤمنني، دمي معقود بدم : فأذن له، فلما مثل بني يديه حل سيفه وقال! األدب، وال بد أن أخاطبه

آمره بأمر يبلغ من مقداره أن : فقال املعتضد! عبيد اهللا، فمىت مهمت يف أمره بشيء، أمرت يف مبثله ليس يعاود وال : فيعارضين فيه، ما أنا حمتاج إىل رأيه، وإمنا جمراه جمرى من ينفذ ما آمره به؛ فقال بدر

فخرج بدر، فكسر غلق احلجرة وأخذه، وتقدم إليه بترك ! امض فخذه : جياوز ما تأمره به؛ فقال .املعارضة فيما يأمره به

جلة، فلما أشار إليه بإخراجه مع بدر إىل اجلبل، وقع له أنه إمنا وكان املعتضد يصف عبيد اهللا بالدهاء والر

Page 58: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 58

قد استوحشت من عبيد اهللا اللتماسه اخلروج، وقد عزمت على أن : أراد التخلص والبعد منه، فقال لبدرأقبض عليه، وأقلدك خراجها مكانه؛ فدافعه عن ذلك وراجعه، وكان أمحد بن الطيب قريبا منهما، وكان

نس به، فوقف على كالمهما، فمضى من فوره فعرف عبيد اهللا ما جرى، بعد أن أحلفه أن املعتضد يأيستره، فقلق عبيد اهللا، ومل تسمح نفسه بكتمانه، فصار من غد إىل املعتضد ومعه ثلث مجيع ما ميلك من

طيبا قد جعلت لك يا أمري املؤمنني مجيع ملكي حالال: ضيعة وعقار ومال، فوضعه بني يديه وقال لهفأنكر املعتضد ذلك وسأل عن سبب ما بلغه، فدافعه، فأمسك املعتضد ! وتؤمنين على نفسي وولدي

! أنت أخربت عبيد اهللا، ومل حيصل إال على فساد نيته لنا : وصرفه، وأحضر بدرا فأمسعه كل مكروه وقال

وأحل عليه أن يعرفه من الذي فحلف له بدر بأميان صدقه فيها؛ وملا كان من غد حضر عبيد اهللا، فخال به كذب وإمنا أراد التشوق عندك، فكن على ثقة، : فقال. أخربين به أمحد بن الطيب: رقى إليه ذلك؛ فقال

.مث قبض على أمحد بن الطيب وحبسه يف املطامري إىل أن مات. فليس لك عندي إال ما حتبه

فقال ! األمور خيفى عليك ويستر دونك كثري من : وقيل إن أمحد بن الطيب املذكور كان يقول للمعتضدفإذ قد فعلت : قال! قد فعلت : توليين اخلرب على بدر وعبيد اهللا؛ فقال: فما الدواء ؟ فقال: له يوما

فكتب له بذلك، فأخذ التوقيع وجاء به إىل عبيد اهللا ليتقرب إليه، فأخذه عبيد اهللا، مث ! فاكتب يل رقعة نا أخرجه إليك؛ ووكل به يف داره وركب إىل بدر، فأقرأه إياه، فدخال أ: وثب، فطلبه ابن الطيب فقال

أنت نعشتين وابتدأتين مبا مل أؤمله، وكل نعمة يل : إىل املعتضد، فرمى عبيد اهللا بنفسه بني يديه وقال لهإنه يسعى عليكما عندي فأكره ذلك فاقتاله وخذا ماله؛ فأدخل يف : فقال! منك وبك وتفعل هذا بفالن

.قته إىل املطامريو

علي بن محمد بن الفياض

كتب للمعتضد، وكان يؤمل وزارته، فلما وجه املعتضد إىل عبيد اهللا وأمره بالبكور إليه ليخلع عليه ويقلده الوزارة، دخل يف انصرافه إىل علي هذا وأعلمه مبا فوض إليه املعتضد، وسأله معاضدته ومشاركته

ملن : هدا عليه، مث فسد ما بينهما، فالحاه عبيد اهللا حبضرة املعتضد وقال لهيف أمره، فأجابه إىل ذلك، وتعاأيل تقول هذا ؟ أنت كتبت ملوسى بن بغا، وأنا كتبت ألمري : كتبت حىت تدعي الفصاحة ؟ فقال

موالك رضي اهللا عنه على ما تعرفه وماله يف : ويقال إن القواد قالوا لبدر! املؤمنني، فأينا أوىل بالفخر دور الناس من اهليبة، وقد أحب أن تستوزر ابن الفياض، وهو من تعلم يف جفائه، فال جيد الناس بني ص

.فلم يزل بدر يلطف به حىت صرفه عن ذلك الرأي! اخلليفة وكاتبه فرقا

Page 59: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 59

وكان ألبن الفياض كاتب يكتب أليب عيسى بن املتوكل، فلما حدثت احلادثة على أيب عيسى قبض على استتر ابن الفياض، فدخل يوما عبيد اهللا بن سليمان إىل املعتضد، وكره أن يهجم عليه من ابن كاتبه، ف

يا أمري املؤمنني، قد استوحش : الفياض مبا يكره، وال يدري ما يكون جوابه، وال ما جيده عنده، فقال له: ند ذلك، فقال لهابن الفياض ملا اعتقل كاتب أيب عيسى، ألنه كان يكتب له؛ وتأمل وجه املعتضد ع

وأحضره الدار، فدخل والناس وقوف ينظرون ! السمع والطاعة : فقال! ابعث إليه وآنسه وأزل وحشته فقال ! يا علي نأمر حببس كاتبك، لشيء بيننا وبينه من غري جهتك فتستوحش : إليه، فقال املعتضد ملا رآه

: ابن الفياض متمثال

وذلك من تلقاء مثلك رائع

.ملعتضد، وأالن خطابه له رفقا به، وإبقاء عليهفتبسم ا

علي بن محمد بن الفرات

ملا قبض املعتضد على أيب الصقر استتر علي هذا وأخوه أمحد وكانا من كتابه ومتقدمني يف األعمال، مث ظفر ما وحبسا، ودعا بعلي منهما يوما عبيد اهللا ابن سليمان، فجيء به وهو مقيد وعليه جبة دنسة،

وجعل يشكو ما حلقه وأخاه، فهدأه وسكنه، وأمره باجللوس، فلما زال عنه ! اهللا اهللا أيها الوزير : فقالالروع أخذ معه يف أمر العمل وما حيتاج إليه، فاتصل كالمه وانبسط يف ذكر األموال والعمال انبساط

ملها فالن من حاله ناحية كذا مبلغ ماهلا كذا، وهي كذا، وعا: رجل جالس يف الصدر، وجعل يقولفتهلل وجه .. كذا، وناحية كذا عاملها فالن ينبغي أن يشد مبشرف أو شريك، حىت أتى على اآلفاق

فاعتزل علي ومعه أحد الكتاب، فأملى عليه ما طلب ! اعتزل واعمل عمال مبا قلت به : عبيد اهللا وقال لهلن يبعد : قيودمها والتوسعة عليهما، وقال هلماوجاء بالعمل، مث كلم الوزير يف أمره وأمر أخيه، فأمر حبل

أرأيتم مثل : خالصكما، وأنا أسأل املعتضد يف أمركما، ارجعا إىل موضعكما، والتفت إىل من حضر فقالهذا الفىت قط يعين ابن الفرات واهللا ال فارقت األمري أو استوهبهما منه، فإين أعلم أن امللك ال يقوم إال

.أيام واستعملهماما، فأطلقهما بعد

إن أردت أن يتمشى أمرك فأطلق ابين الفرات واستعن ما؛ فنهض إىل املعتضد : ويقال إن عبيد اهللا قيل لهوكيف تصلح لنا نيام، وقد نكبناهم ؟ : وأعلمه أن هؤالء القوم قد داسوا الدنيا وعلموا أعماهلا، قال

إم غري مأمونني يف السعي عليك واإلفساد بيين : فقال! إذا رددت ضياعهم واستخلصتهم صلحوا : فقالقد استوهبتك من املعتضد : وبينك، وأمرهم إليك؛ فخرج وأحضر أمحد بن حممد، فأدناه وآنسه، وقال له

افعل، : يتقدم الوزير بإحضار الطائي وعلي بن حممد أخي؛ فقال: ألستعني بك، وقص عليه القصة، فقال

Page 60: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 60

ما، فلم يزل هو وأخوه يناظران الطائي على ضمان الكوفة وسوادها وما فأحضرمها فأخذ دواة، واعتزليتصل ا، وعلى أن حيمل من ماهلا كل شهر ستني ألف درهم، ويف كل يوم سبعة آالف دينار، ففعل ذلك وضمناه، وأخذا خطه وجاءا به إىل عبيد اهللا فسره، وكان ذلك سبب ارتقائهما إىل أن ويل علي

وملا جلس للمظامل يف وزارته الثانية رميت إليه رقعة . تدر ثالث مرات بعد نكبات عظيمةمنهما وزارة املق : فيها

إذا سهم من احلدثان صابا حسن عزاء وأحتسابا أبا

وإن أخذ الذي أعطى أثابا اهللا يأخذ مث يعطي فإن

القاسم بن عبيد اهللا

ليمان بن وهب، فلما تويف عبيد اهللا كتب إىل املعتضد عرض على املعتضد يف حياة أبيه عبيد اهللا بن سوملا أفقت من هذه الصدمة اليت وقعت علي، مل آمن أن يدخل علي اخللل الواقع : رقعة يعرفه بذلك منها

يف أوائل احلوادث، وكرهت أن أحدث شيئا من األعمال دون علم رأي أمري املؤمنني سيدنا، فتوقفت أستمتع اهللا النعمة ببقائك؛ وصل كتابك : فأجابه املعتضد! عملي حبسبه ليأتيين من أمره ما يكون

باحلادث العظيم واهللا عندي، فأورد علي ما أقلقين وأرمضين وأبكاين وبلغ مين، فإنا هللا وإنا إليه راجعون، زل وعند اهللا أحتسب أبا القاسم، وإياه أسأل أن يغفر له، وما مضى من مثلك وراءه، ولست أشك فيما نبك، وحقيق عليك، ولست ممن حيتاج إىل وصية، فبحيايت عليك ملا تعمل بنفسك عمال يضر ببدنك،

وأخرج اللوعة بالبكاء، فإن فيه راحة وفرجا، ودع جتاوز ذلك إىل غريه؛ وأما األعمال اليت استأذنتنا فيها ، واسلك طريقه، فإين أرجو فتقلدها ونفذها، وأجر األمور على ما كان أبوك جيريها عليه، وأحذ حذوه

وبعث املعتضد من صار إليه من خدمه بالقاسم يف غد ذلك !. زيادتك، وال أخشى إضاعتك إن شاء اهللا ثق مبالك عندي فإن الثقة بذلك : اليوم، وكان نازال بالثريا، فلما رآه عزاه عن أبيه، وبسطه وآنسه، وقال

وزارة، فخرج معه بدر ومجيع القواد واجليش حىت صار مث خلع عليه لل! تويف على املصيبة وإن عظمت .إىل مرتله

وملا تويف املعتضد يف شهر ربيع اآلخر سنة تسع ومثانني ومائتني بعد سنة كاملة من وزارة القاسم، أخذ .البيعة للمكتفي ابن املعتضد على الناس، واستقامت األمور وعظمت هيبته وجل شأنه

.الواحد بن املوفق، فخالفه القاسم، مث خالفه فأغرى به املكتفي حىت قتلهوكان من رأي بدر توليه عبد

وذكر أن املعتضد أحب أن يستكتب أمحد بن حممد املعروف جبرادة، بعد وفاة عبيد اهللا بن سليمان، فأحل

Page 61: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 61

القاسم حدث غر : فيقول له املعتضد! تربيتك وصنيعتك القاسم : عليه بدر يقبل األرض بني يديه ويقولفاختار أمر القاسم؛ ! اختر عشرة آالف دينار أو القاسم : فلم يزل به إىل أن قال! جرادة شيخ جمرب و

.فكان كما قال! واهللا ألقتلك غريه : فقال له املعتضد

واستثقل املكتفي بعد ذلك القاسم، وأنكر قلة وفائه لبدر، وعزم على صرفه وتقليد غريه، فبلغه ذلك، وذكر أشياء من .. قد قمت ببيعتك وأنت غائب : ى بنفسه بني يديه، وقالفصار إىل املكتفي، ورم

! وهذه رقعة جبميع ما أملك، لك كله، وأمين، وال تسلمين إىل عدوي : خدمته توجب حرمته، مث قال

ما : وما السبب يف هذا الكالم ؟ فأخربه مبن حكى عنه ذلك، فعرف صحته وغاظه وقال: فقال املكتفيواحتال القاسم يف إتالف املرشح ملكانه من كتاب املكتفي، ! منا أردت تولية الدواوين من ذلك شيء، وإ

.فتم له ذلك

لعهدي بالقاسم قد حل سيفه ومنطقته بني يدي املكتفي وهو يتقلب باألرض ويقبلها، : وقال الصويله يف ذلك آراء مث مضى املكتفي إىل حرب القرمطي والقاسم معه، فكانت ل: واملكتفي يطيب نفسه؛ قالوركب مع املكتفي يوم دخوهلم بالقرمطي، وكان من أيام الدنيا، وذلك يف . مشهورة أدت إىل الظفر به

وسأل القاسم املكتفي أن يشرفه بتزويج ابنه حممد بنته، فأجابه ومهرها : قال. سنة إحدى وتسعني ومائتنيمن : بويل الدولة، وكان يكتب عن نفسهمائة ألف دينار، فخلع عليه القاسم وعلى أهل الدولة، ولقب

ويل الدولة أيب احلسني القاسم بن عبيد اهللا وأمر أن تؤرخ الكتب عنه بأمساء أصحاب الدواوين، وهذا ما .كان قط إال خلليفة

علي بن عيسى بن الجراح

ي كتب للقاسم بن عبيد اهللا هو والعباس بن احلسن، وأشار القاسم وهو يف آخر علته على املكتفباستكتاب أحدمها، فقدم العباس للوزارة، وكان علي زاهدا متواضعا حافظا للقرآن، عاملا مبعانيه وإعرابه، وله يف ذلك تأليف، وقد محل عن أبيه احلديث، وله بالغات ال تعرف لغريه من الكتاب، مث وزر للمقتدر

ما كنت : االعتزال، ويقولغري مرة يف أول خالفته وآخرها، ومل يكن يهوى ذلك، بل كان حيب .أحتسب مبقامي يف هذا األمر إال أين جماهد يف سبيل اهللا، خوفا من فتنة ال تبقي وال تذر

وملا ضبط أمر امللك، ومنع األيدي من الظلم، اشتد ذلك على من اعتاده، فطولب ومل يعبه أعداؤه بشيء ألن زمانه ال يفي بذلك؛ إىل أن صرف إن شغله مبحقرات األمور تشغله عن جليلها، : سوى قوهلم

وحبس حبسا كريها، فكتب يف نكبته عدة مصاحف، وكان حيمل يف وزارته إىل بيت املال ما يرد عليه

Page 62: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 62

قد استحييت من اهللا يف مال علي ابن عيسى، فإين أخذته : مما كان الوزراء قبله يرتفقون به؛ فقال املقتدر .رى به ضياعا ووقفها على مكة واملدينةظلما، وأحاله به على مال مصر، فاشت

وملا استقدم من مكة بعد إخراجه إليها، والوزير إذ ذاك أبو علي حممد ابن عبيد اهللا بن حيىي بن خاقان، وقد تبني عجزه، خلع عليه وقدم للوزارة، وأمر بالقبض على حممد وابنيه عبيد اهللا وعبد الواحد، وكانوا

إنه مظلوم؛ : ووعدوا أن يسلم إليهم فسلموا إليه، فأطلق عبد الواحد وقالقد ركبوا إىل دار اخلالفةوعامل حممدا وعبيد اهللا أحسن معاملة، ورفق ما، وكانا قد أرادا قتله يف طريق مكة، فلم ميكنهما فيه

.حيلة

ىت ال إن علي بن أيب طالب قتل، فمن علي بن عيسى ح: ورفع إليه أن رجال من جلساء عبيد اهللا قالمث كان يقضي حوائج ذلك الرجل ويثين عليه؛ !! أما اتقى اهللا وال خافه : فما زاد علي أن قال! يقتل

: فلما جلس للناس ورأى تكاثرهم متثل

انقلبت يوما به انقلبوا فكيفما ما الناس إال مع الدنيا وصاحبها

اعليه مبا ال يشتهي وثبو يوما أخا الدنيا فإن وثبت يعظمون

وكان علي بن بسام قد هجاه ملا نفي إىل مكة، فلما ردت إليه الوزارة جلس يوما للمظامل فمرت به يف : مجلة القصص رقعة مكتوب فيها

أشد شيء علي أهونه واىف ابن عيسى وكنت أضغنه

وما سواه فليس ميكنه قدر اهللا ليس يدفعه ما

.هللا ال ناله مين مكروه أبدافقال علي بن عيسى، صدق هذا ابن بسام، وا

: وأنشد الصويل مما هجي به علي بن عيسى يف نكبته

القلوب ففيها منكم نار كل أيامكم يا بين اجلراح قد جرحت

إقبالكم للناس إدبار فإن متع اهللا باإلقبال دولتكم ال

! قدم : فقيل له! يصلح للوزارة حاذق بالعمل ال : وذكر أنه استشري بعد عزله يف حامد بن العباس فقال

مث عزم عليه أن يتقلدها فأىب، ملا نصح فيها، فلم ينفعه ذلك، ! بارك اهللا ألمري املؤمنني فيما أمضاه : فقالإنا : وقيل حلامد. فأجاب بعد امتناع طويل! فاخرج تعاون حامدا، فيكون له االسم ولك العمل : فقيل له

شكر ذلك، وذكره خبري، ومشى أمر اململكة على هذا مخسة أعوام يف جعلنا علي بن عيسى عونا لك، فوطمع حامد يف االستبداد، وتضمن . حسن سرية وإنصاف من ظامل، وعلي ابن عيسى يدبر ذلك كله

.عليا مبال عظيم فلم يقدر على ذلك

Page 63: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 63

أبو جعفر البغدادي

بيعة له برقادة، فواله أمورا خفيفة، مث صار حلق باملهدي عبيد اهللا الشيعي يف أول تغلبه على إفريقية وإثر الالربيد وكتابة السلطان إليه، وفسد ما بينه وبني عروبة الكتامي، وهو حينئذ املستويل على اململكة العبيدية،

وأغراه به مجاعة، فصار البغدادي إىل خوف شديد، وكان يتوقع املوت يف كل يوم، إىل أن قتل الكتامي ه إىل رقادة، وقتل أخوه وأهل بيته، ومتكن البغدادي من أعدائه، وجلت حاله عند منافقا، وجيء برأس

عبيد اهللا حني انتقاله إىل املهدية، وانقطعت السعاية به، ومتادت حظوته إىل آخر أيامه، وويل ابنه القائم، .فأبقاه على حاله مدة

عيسى بن فطيس

د واله الكتابة العليا يف حياة أبيه فطيس، وأبوه إذ ذاك كان عبد الرمحن بن حممد الناصر أمري األندلس قصدر يف وزرائه، فلما عزل الناصر للنصف من شهر ربيع اآلخر سنة تسع وعشرين وثالمثائة مجيع وزرائه

أمحد بن عبد امللك بن شهيد ذا الوزارتني، وهو أول من ثنيت له : بسبب أنكره عليهم، إال رجلني منهمن حممد بن إلياس القائد، وىل يف آخر هذه السنة عيسى بن فطيس الوزارة مكان أبيه، باألندلس، وأمحد ب

ووىل الكتابة عبد الرمحن بن حممد . مضافة إىل الكتابة، مث عزله عنهما مجيعا بعد مخسة أيام من مجعهما لهلتا من مجادى الزجايل، مث وجه فيه وقد برز مع الناس لشهود االستسقاء، وذلك يوم السبت لليلتني خ

األخرى سنة ثالثني فجيء به من املصلى، وأقعد يف بيت الوزارة، ومتادى له ذلك مع زيادة احلظوة إىل .آخر خالفة الناصر

أحمد بن سعيد بن حزم

ذكر أبو مروان بن حيان أن املنصور حممد بن عبد اهللا بن أيب عامر استوزره قبل سائر أصحابه يف سنة وثالمثائة يف خالفة هشام املؤيد باألندلس، واستخلفه أوقات مغيبه على اململكة، وصري إحدى ومثانني يعين

يف يده خامته، فلما تناهت حاله يف اجلاللة، وأملته اخلاصة والعامة، امه املنصور بأنه قد زهي عليه برأيه، : نعمة، وكان يقولوأنس منه عجبا بشأنه، فصرفه عن الوزارة وأقصاه عن اخلدمة، دون أن يغري عليه

! واهللا إن ابن حزم للنصيح جيبا، األمني غيبا، ولكنه زهي برأيه، وظن أن سلطاين مضطر إىل تدبريه

فتردد يف نكبته مدة، مث أخرجه لينظر يف كور الغرب باسم األمانة، فرئم املذلة وتربأ من الدالة، فلما زكن

Page 64: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 64

.فه إىل خطتهاملنصور ذلك منه، أعاده إىل حسن رأيه فيه، وصر

والد الفقيه أيب حممد، كان وزيرا يف الدولة العامرية ومن أهل العلم : وذكر أبو عبيد اهللا احلميدي وقال فيهأخربين : واألدب واخلري، وكان له يف البالغة يد قوية، وحدث عن ابنه أيب حممد علي بن أمحد الفقيه قال

ف بابن البشتين من آل الوزير أيب احلسن جعفر ابن هشام بن حممد بن هشام بن حممد بن عثمان املعروعثمان املصحفي عن الوزير أيب رمحة اهللا عليه ، أنه كان بني يدي املنصور أيب عامر حممد بن أيب عامر يف

بعض جمالسه للعامة، فرفعت له رقعة استعطاف ألم رجل مسجون كان ابن أيب عامر حنقا عليه جلرم يصلب : وأخذ القلم يوقع، وأراد أن يكتب! ذكرتين واهللا به : اشتد غضبه وقالاستعظمه منه، فلما قرأها

فأخذ أبوك القلم وتناول رقعة وجعل يكتب مبقتضى التوقيع : يطلق ورمى الكتاب إىل الوزير، قال: فكتببإطالق فالن إىل صاحب : ما هذا الذي تكتب ؟ قال: إىل صاحب الشرطة، فقال له ابن أيب عامر

مث خط ! واهللا ليصلنب ! ومهت : من أمرك ذا ؟ فناوله التوقيع، فلما رآه قال: فحرد وقال: ؛ قالالشرطةوأخذ والدك الرقعة فلما رأى التوقيع متادى : على ما كتب؛ وأراد أن يكتب يصلب فكتب يطلق قال

بإطالق : ما تكتب ؟ قال: على ما بدأ به من األمر بإطالقه، ونظر إليه املنصور متماديا على الكتابة، فقالمن أمرك ذا ؟ فناوله الرقعة، فرأى خطه، فخط : الرجل، فغضب غضبا شديدا أشد من األول، وقال

على ما كتب، وأراد أن يكتب يصلب فكتب يطلق فأخذ والدك الكتاب فنظر ما وقع به، مث متادى على نعم : ذا اخلط ثالثا، فلما رآه عجب وقالبإطالق الرجل، وه: ماذا تكتب ؟ قال: ما كان بدأ به، فقال له

.أو كما قال! يطلق على رغمي، فمن أراد اهللا إطالقه ال أقدر أنا على منعه

عبد الملك بن إدريس الجزيري

عتب عليه املنصور أبو عامر حممد بن عبد اهللا بن أيب عامر، وكان يف الغاية من البيان واخلطابة، فصرفه : ن قرطبة واعتقله بإحدى القالع املنيعة بشرق األندلس، فقال يف ذلكعن الكتابة، مث أخرجه م

يرجو لديه حظوة أبدا فليس قالوا جفاه ثالثا مث غربه

املقادير جهال ال هدوا رشدا على جاروا وما عدلوا يف القول بل حكموا

الصقال مرارا مجة عددا قبل يوقد نصل السيف ضاربه أليس

لدنا دعاه الصارم الفردا واهتز سقى حديه ريهماإذا ما حىت

خمطئا طورا ومعتمدا زمانه املهذب إال من تعرقه وما

يدر لذة نعماه وال وجدا مل من مل يذق طعم بؤساه وشدا

Page 65: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 65

هللا يف حكمه مل يؤا أحدا هذا الذي قالوه أقضية ودون

فيه على حتم وإن بعدايلقاك ال بد للقدر املقدور من أمد

: وكتب من معتقله قصيدتة املشهورة يف الناس وأوهلا

األحبة واعتياد تذكر نأي ألوى بعزم جتلدي وتصبري

: يقول فيها

وأجل مكتسب وأسىن مفخر بأن العلم أفضل رتبة وأعلم

السيادة تقتىن بالدفتر إن سبيل املقتنني له تسد فاسلك

ليس يبلغ باجلياد الضمر ما قالم يبلغ أهلهااأل وبضمر

: وفيها يقول أيضا يصف املعقل الذي حبس فيه

بعده ملوحد من معمر ما يف رأس أجرد شاهق عايل الذرى

فيه كل ريح صرصر وب إليه كل أعور ناعب يأوي

عمره يشكو انقطاع األر يف من يرقى إليه مرة ويكاد

: خياطب بنيهويف آخرها

مبسوطة مل حتظر فهباته تسأموا إحضاره رغباتكم ال

من وجه الفراق األغرب فيديل وعسى رضى املنصور يسفر وجهه

.فرق له املنصور ملا مسع هذا البيت، وكان سببا إىل العفو عنه واإلحسان إليه

ويف مثل هذا : له املفضي به إىل إذاللهوقال ابن حيان، وذكر قصة ابن حزم الوزير مع ابن أيب عامر يف إدالالسبيل كان غضبه على كاتبه عبد امللك بن إدريس املعروف باجلزيري وإقصاؤه له مرة بعد مرة وتسيريه له إىل طرطوشة وكان أكثر من يشركه أعطاال من اآلداب العربية لتوفرهم على علم العدد، واما كهم

وا ا اجلباية وحصلوا ا املراتب العالية، فكان اجلزيري يزري م وحيب يف التعاليم الديوانية اليت استدراالشتمال على ابن أيب عامر، ويتصور فرط حاجته إليه يف اإلنشاء، ومل يكن من شأم، فسخط عليه املنصور، وأقصاه عن حضرته على فرط حاجته إىل خدمته، وقلد كاتبه على احلشم ديوان الرسائل،

لذهاب مشيخة كتاب الرسائل يف الوقت، ورضي بعد ذلك عن عبد امللك ملا محد حاله يف فاستجزأ به .الرياضة، ومل يزل يتوىل له ديوان الرسائل إىل أن هلك املنصور

إن املنصور سجنه يف مطبق الزاهرة مدة، فاستعطفه من الرسائل واألشعار مبا أمثر تسرحيه، فكتب : ويقال : إليه

Page 66: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 66

بد أن تتبعه منه ال امرعجبت من عفو أيب ع

عن عبده أدخله اجلنه اهللا إذا ما عفا كذلك

فسر املنصور بذلك، وأعاده إىل حاله، وأطلق له ما اعتقل من ماله، مث استوزره بعده املظفر عبد امللك بن .حممد بن أيب عامر

عيسى بن سعيد القطاع

ن أيب عامر وقت حركته يف دولة احلكم، فبلغ اختلف عيسى إىل الديوان، وصحب حممد ب: قال ابن حيان .به املنازل اجلليلة، وكان مشهورا عنده بيمن النقيبة

وحكي أن ابن أيب عامر كان يف جمالس أنسه مبا يعمله من كيده ويربمه من رأيه أكلف به مما يدار عليه به األخص عيسى بن سعيد، من طيب العقار ويعلل به من سحر األوتار، ولقد اكثر يف ذلك ليلة على كات

وكان أول كاتب كتب له قبل ملكه، فكان ينبسط عليه بسالف حرمته وقدمي صحبته، فلما باعد بينه إما شراب ولذة وإما خدمة ومشقة، فإذا قد ! اللهم غفرا : وبني شهوته، وقطع به مدة الليلة عن لذته قال

اخلريطة، مث أمر مبا شئت نقم به على احلقيقة، عزمت على صلة النهار بالليل، فأسكت املسمعة ولتحضر فضحك املنصور ! فخلط اجلد باهلزل مفسدة، وإمنا نستجم ذه الساعة الضيقه لقطع األوقات الطويلة

مث توفر ! أضجرنا عيسى، وليس منا يف شيء، ومن عدل باألمر والنهي لذة فقد انتفى من الذكورة : وقال .بقية الوقت على املنادمة

بن حسين بن حيانخلف

كان من كتاب املنصور ابن أيب عامر، وهو والد أيب مروان حيان بن خلف صاحب التاريخ، وأخرب عن بكتين املنصور يوما على بعض ما أنكره مين تبكيتا بعث من فزعي ما اضطربت منه، فأشفق : نفسه قال

تمامه بعد أيام، فاستوقفين وأخلى علي وخفف عين، وأنفذين للوجه الذي استنكر فيه بطئي، فعدت برأيت من ذعرك ما استنكرت، ومن وثق باهللا برئ من احلول والقوة هللا، وإمنا أنا : جملسه، مث أدناين فقال

آلة من آالته، أسطو بقدرته وأعفو عن إذنه، وال أملك لنفسي إال ما أملك من نفسي لسواي، فطامن ا تقوتت من غزهلا، أغدو به إىل السوق وأنا أفرح الناس مبكانه، مث جأشك فإمنا أنا ابن امرأة من متيم، طامل

! جاء من أمر اهللا ما تراه، ومن أنا عند اهللا لوال عطفي على املستضعف املظلوم، وقهري للجبار الطاغي

ذكر هذه احلكاية ابنه أبو مروان يف أخبار الدولة العامرية من تأليفه، ويف مناقب املنصور حممد بن أيب

Page 67: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 67

عامر وهيبته اليت ال يسامح يف نقصاا أحدا من ولد وال ذي خاصة، حىت حشيت أحشاء الناس ذعرا، مث .يأيت من كرم اإلعتاب ذا العجب العجاب

أحمد بن علي الجرجرائي أبو القاسم

عليه، نكبه احلاكم بن العزيز العبيدي صاحب مصر وأمر به فقطعت يداه مجيعا جلناية جناها أو جتناها هووحكي عنه أنه عصب يديه إثر قطعهما وانصرف إىل ديوانه فجلس خلدمته على . فما ارتاع ملا أصابه

فجعل الناس يعجبون منه، وكان جلدا حازما ! إن أمري املؤمنني مل يعزلين وإمنا عاقبين جلناييت : عادته وقال به لديه، ورق على فظاظته ملا نزل به، ضابطا داهية فصيحا، فلما بلغ ذلك احلاكم استعظمه له، وشرف

فرقاه إىل الوزارة، وإمنا كان قبل يف أحد الدواوين، فوزر له بقية أيامه، مث ألبنه الظاهر مدة واليته مث ألبنه .املستنصر ابن الظاهر حنوا من مثاين سنني

له ومعرضا بالتحدث وأراد املعز بن باديس الصنهاجي صاحب القريوان مكايدته، فجعل يكاتبه مستميال : معه على بين عبيد اهللا، وكتب له خبطه قطعة يتمثل ا، منها

ما كنت أدري ام خلقوا لوالك وفيك صاحبت قوما ال خالق هلم

أال تعجبون من هذا األمر ؟ هذا صيب مغريب بربري حيب أن خيدع شيخا بغداديا : فقال اجلرجرائيواهللا ال جيشت : لك ليوقع بني القوم ووزيرهم إن عثر على هذه الرموز؛ مث قالوإمنا امه بفعل ذ! عربيا

إليه جيشا، وال حتملت يف إهالكه نصبا، وأباح للعرب العبور مبجاز النيل من جهة قبائل األعراب، وكان أن يأمرهم ذلك حمظورا ممنوعا، وجعل لكل عابر منهم فروا ودينارا، فأجاز منهم خلقا عظيما من غري

بشيء لعلمه أم ال حيتاجون إىل وصاة، وأقاموا بناحية برقة وما جاورها، ومل يكن هلم أثر أمدا طويال، مث قدم منهم مؤنس بن حيىي الرياحي إىل القريوان فسكنها أعواما، وآل أمرهم إىل أن هزموا املعز بن باديس

ثالثة آالف فارس، وهو يف أعداد عظيمة ومجوع ثاين عيد األضحى سنة ثالث وأربعني وأربع مائة يف .كثيفة، وأخربوا القريوان وتغلبوا على نواحيها، وتكاثروا بعد ذلك بإفريقية واملغرب إىل اليوم

محمد بن سعيد التاكرني أبو عامر

ذكر أبو حممد بن حزم الفقيه أنه كان أحد القادمني مع املهدي حممد ابن هشام بن عبد اجلبار على عبد

مث ويل عبد العزيز بن عبد الرمحن بلنسية، فكان حممد بن سعيد : الرمحن بن أيب عامر والساعني عليه؛ قال .من أخص الناس به، ومتويل تدبري أموره إىل أن مات

ملا انقرضت الدولة العامرية وانشقت عصاها، وأدارت : وقال ابن بسام وذكر أبا عامر هذا يف الذخرية

Page 68: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 68

ها، كان أحد من مرق من ظلمائها، وآوى إىل جبل عصمه من مائها، فاستقر يف بلنسية الفتنة املبرية رحاوأمريها حينئذ مظفر ومبارك صاحبه وكانا من عبيد العامرية، فانتظم يف سلكهما، وشاركهما يف مراتب

ق ملكهما، إىل أن أجابا صوت املنادي، وخال منهما النادي؛ وأفضى ملكهما وملك من كان ذا األفالشرقي يعين من األندلس من تلك الطائفة العبدى اابيب إىل عبد العزيز وهو امللقب باملنصور، فنهل أبو

.عامر يف دولته وعل، وض بأعباء مملكته واستقل

: وحكي أن جماهدا كتب يوما إىل املنصور عبد العزيز رقعة مل يضمنها غري بيت احلطيئة حيث يقول

واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي لبغيتهااملكارم ال ترحل دع

فلما وردت على املنصور أقامته وأقعدته، وكاد ميرق من إهابه فضال عن ثيابه، واستحضر أبا عامر : تطأطأ خلطبك وامسع املراجعة عنه؛ وعنون وبسمل وكتب هذا البيت: التاكرين، فقال له

ة األحرارالعبيد شتيم شيم شتمت مواليها عبيد نزارها

.فسال املنصور عما كان فيه، وأحلق أبا عامر بوزرائه، فنال جسيما من دنياه

أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد

سعي به إىل املعتلي حيىي بن علي بن محود يف خالفته بقرطبة، فنكبه واعتقله، فقال يف ذلك ما أورده أبو يف صفة السجن واملسجون اليت كتب ا إىل املأمون حيىي مروان عبد امللك بن غصن احلجاري يف رسالته

: بن ذي النون يستعطف ابن محود ويعتذر إليه

بشكوى حزنه فيجيد جيود مبحتل اهلوان بعيد قريب

ألبناء الكرام حسود عدو ضره عند اإلمام فناله بغى

سفيه الذكر وهو رشيد ثنته ضره إال مزاح ورقة وما

منه بالعظيمة جيد وطوق جىن يف قبة امللك غريهجىن ما

به يف العاملني بريد فسار يب إال الشعر أبثثته اهلوى وما

املعاين عندهم فأزيد حلسن مبا مل آته متعرضا أفوه

مبنظوم الكالم سعيد شقي طار ذكري باون فإنين فإن

: يقول فيها

إن الكرمي يعود تهلكر املعتلي عاليت مهي طالبا إىل

Page 69: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 69

اإلحسان كيف يسود وعلمه أراه جوده سبل العال مهام

عفاف على سن الشباب وجود الذم عنه أن طي بروده نفى

فيه للهدى وشهود خمايل إلينا أنه سبط أمحد تؤدي

: ومنها

رزايا ما هلن عديد وأحنت إن املاء قد بلغ الزىب حنانيك

يل يوما يف رضاك ورود فهل هلواء وطلقهظمئت إىل صايف ا

هلا وهو الغداة شهيد مضيعا حرمة حاشا ملثلك أن يرى ويل

مما حاكه وبرود مطارف يعر من رمحاكم من عليكم فال

شاكلت جيد الفتاة عقود كما شعر شاكل اد درها جواهر

: أوهلافصفح عنه وخلى سبيله، فقال من قصيدة يشكره ويهنئه بفتح

مما خاف بطشك أولق وبالدهر فريق العدا من حد عزمك يفرق

وقارعته والنصر دونك خندق والسعد حولك جحفل تيممته

: يقول فيها

واجلو بالبيض يعبق وغالبته أدرت رحى احلرب الزبون بساحة

بكف احلصر منه املخنق وشد حوت كفاك رمة أمره فلما

ذاقه من ذاقه يتمطق إذا ة األمن صافيامن مج وأسقيته

من رق املنية يعتق بعفوك لك مثلي مسترق مكارم وكم

كرم عن طيب خيمك ينطق سوى مساء اد عنك فلم أجد كشفت

من مزن نعماك مغدق بأرجائها رياض العفو منك فجادين وردت

يض معرقهزين للمجد أب فال أنا مل أشكرك أبيض معرقا فإن

مث خدم املستظهر أبا املطرف عبد الرمحن بن هشام املرواين إذ بويع له باخلالفة بقرطبة بعد القاسم بن .محود، وكان من كتابه

أبو القاسم بن المغربي

Page 70: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 70

أوقع احلاكم العبيدي بوالده وأهل بيته ونذر دم أيب القاسم هذا، فهرب إىل مكة، وكان يف الرتبة العالية العلم، مث صار إىل ميافارقني فتقلد وزارة أمريها، وانغمس يف النعيم بعد إظهار الزهد ولبس من األدب و

: الصوف ويف ذلك يقول

املمسك الشفوف بأنواع من مرقعة ونسك تبدل

وال رضاه بلبس صوف هواه له غزال ليس حيوي وعن

كذاك الدهر خمتلف الصروف أشد ما كان انتهاكا فعاد

وبعد هذا راسله صاحب املوصل فصار إليه وتقلد وزارته، ومنها انتقل إىل وزارة بغداد يف خالفة القائم باهللا أيب جعفر عبد اهللا بن القادر، وعنه كتب رسالته املشهورة يف الرد على اليهود احلبابرة وإلزامهم

رثة، ولف على وجهه منديال لئال اجلزية؛ مث خاف من األتراك فخرج من بغداد مستترا وقد لبس ثيابا : ميتاز من مجلة العامة، ويف ذلك يقول

علق اد بأمراسه قد مين العال بامرئ مترست

والسيف مسلول على رأسه أروع ال يرجع عن تيهه

الكثر من بأسه ويستقل النجدة من رأيه يستنجد

. ا إىل أن استدعي من بغداد إىل الوزارة ثانيةوسقط إىل املوصل ثانية، مث حلق مبيافارقني وأقام

أبو الوليد بن زيدون

كان أبو الوليد من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة يف أيام اجلماعة والفتنة، وبرع أدبه، وجاد : قال ابن حيانشعره، وعال شأنه، وانطلق لسانه، فذهب به العجب كل مذهب، وهون عنده كل مطلب، وكان علقه

اهللا بن أمحد املكوي أحد حكام قرطبة ظفر أحجن أداه إىل السجن، فألقى نفسه يومئذ على أيب من عبد .الوليد ابن جهور يف حياة والده أيب احلزم، فشفع له وانتشله من نكبته، وصريه يف صنائعه

، إن سلبتين أعزك اهللا لباس إنعامك: وذكر غريه أنه خاطب ابن جهور من معتقله برسالة يقول فيهاوعطلتين من حلي إيناسك، وغضضت عين طرف محياتك، بعد أن نظر األعمى إىل تأميلي لك، ومسع

األصم ثنائي عليك، وأحس اجلماد باستنادي إليك، فال غرو فقد يغص باملاء شاربه، ويقتل الدواء وجبني عضه هل أنا إال يد أدماها سوارها، : املستشفي به، ويؤتى احلذر من مأمنه، وإين ألجتلد فأقول

إكليله، ومشريف ألصقه باألرض صاقله، ومسهري عرضه على النار مثقفه، والعتب حممود عواقبه، والنبوة : غمرة مث تنجلي، والنكبة سحابة صيف عن قريب تقشع، وسيدي وإن أبطأ معذور

Page 71: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 71

الالئي سررن ألوف فأفعاله وإن يكن الفعل الذي ساء واحدا

وال أخلو من أن أكون بريئا فأين العدل ؟ أو ! نبت ومل يسعه العفو وليت شعري ما الذنب الذي أذمسيئا فأين الفضل ؟ وما أراين إال لو أمرت بالسجود آلدم فأبيت، وعكفت على العجل، واعتديت يف السبت، وتعاطيت فعقرت الناقة، وشربت من النهر الذي ابتلي به جنود طالوت، وقدت الفيل ألبرهة،

على ما يف الصحيفة، وتأولت يف بيعة العقبة، ونفرت إىل العري ببدر، واخنزلت بثلث وعاهدت قريشاالناس يوم أحد، وختلفت عن صالة العصر يف بين قريظة، وأنفت من إمارة أسامة، وزعمت أن خالفة الصديق فلتة، ورويت رحمي من كتيبة خالد؛ وضحيت باألمشط الذي عنوان السجود به، لكان فيما

: علي ما حيتمل أن يسمى نكاال، ويدعى ولو على ااز عقاباجرى

حاسديه له رامحينا ترى وحسبك من حادث بامرئ

وواهللا ما غششتك بعد النصيحة، وال ! فكيف وال ذنب إال منيمة أهداها كاشح، ونبأ جاء به فاسق جلفاء بأذميت، وعاث يف موديت، احنرفت عنك بعد الصاغية، وال نصبت لك بعد التشيع فيك، ففيم عبث ا

مالك ال متنعين قبل أن أفترس، ! وأىن غلبين املغلب وفخر علي الضعيف، ولطمتين غري ذات سوار وتدركين وملا أمزق، وقد زانين اسم خدمتك، وأبليت اجلميل يف مساطك، وقمت املقام احملمود يف

: بساطك

دت مع الليل أجنماهي األجنم اقتا ألست املوايل فيك نظم قصائد

ما زال احلاسد يل عليك : ما كتب به بعضهم إىل أمري أحس منه تغريا... ويشبه قوله وال ذنب إال منيمة أيها السيد األمري ينصب احلبائل، ويطلب الغوائل، حىت انتهز فرصة فأبلغك تشنيعا زخرفه، وكذبا زوره،

مرتصد ال يغفل، وماكر ال يفتر، ورمبا استنصح وكيف االحتراس ممن حيضر وأغيب، ويقول وأمسك،الغاش، وصدق الكاذب، واحلظوة ال تدرك باحليلة، وال جيري أكثرها على حسب السبب والوسيلة ؟

حضور الثقة بك أعزك اهللا يغين عن حضورك، وصدق حالك حيتج عنك، وما تقرر : فأجابه األمري معتبا .عندنا من نيتك وطويتك يغين عن اعتذارك

.وذكر احلصري يف زهر اآلداب أن ابن املعتز كتب إىل بعض الوزراء بذلك، وبينهما يسري خالف

: ورسالة ابن زيدون طويلة جليلة، ويف نكبته هذه يقول

! غمرا فما أشرب املكروه بالغمر للرزايا لقد شافهت منهلها يا

اخلطرمعنى األماين ضائع أين يهنإ الشامت املرتاح خاطره ال

Page 72: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 72

الكسوف لغري الشمس والقمر أم الرياح بنجم األرض عاصفة هل

الصارم الذكر قد إن طال يف السجن إيداعي فال عجب يودع اجلفن حد

عن كشف ضري فال عتب على القدر يثبط أبا احلزم الرضا قدر وإن

الصبا غب إيفاء على الكرب رد تله عين فلم أسألك معتسفا ال

: وفيها يقول أيضا من قصيدة فريدة

لقد قرطست بالنبل يف مقتل النبل لعمر الليايل إن يكن طال نزعها

يف عرض أمنية عطل لساحنة بآدايب وإن مآريب حتلت

لذي الفهم الزمان على دخل يبيت لفهمي بالقلى وكأمنا اخص

باملنطق الفصلمفصلة السمطني على نظمي لكل قالدة وأجفى

شريت ببعض العلم حظا من اجلهل أنين أسطيع كي أرضي العدا ولو

جانب تأوي إليه العال سهل إىل احلزم إين يف عتابك مائل أبا

من أفنان آدايب اهلدل تناديك شكري صبحتك هوادال محائم

جواد اجلياد إىل مدى فاستوىل على أمد اخلصل متطر إذا اسنت

ما ناله من أذى الشكل بتصهاله صافنا يف مربط اهلون يشتكي وىث

! يف نصري وتعذر يف خذيل تعذر زعم الواشون ما ليس مزعما أإن

إين من الرسل: إذ قال مسيلمة استثر حرب الفجار ومل أطع ومل

به الواشي ويعقلين عقلي أشار لتنهاين اي عن الذي وإين

األعادي إا زلة احلسل لقيل فهل أنت مكذبالنعل زلت يب هي

! وقوف اهلوى بني القطيعة والوصل إن ظين بني فعليك واقف أال

وملا ويل أمر قرطبة أبو الوليد بن جهور بعد ! مث يأ له الفرار من السجن إىل أن شفع فيه كما تقدم فظهر ين اصطنع لدولته، وأوسع راتبه، وعينه للنظر على أهل أبيه أيب احلزم نوه به، وأسىن خطته وقدمه يف الذ

الذمة يف بعض األمور املعترضة، وقصره بعد على مكانه من اخلاصة والسفارة بينه وبني الرؤساء، فأحسن .التصرف يف ذلك، وغلب على قلوب امللوك

نالك، واقترب من واتفق أن عن له مطلب حبضرة إدريس بن حيىي بن علي احلسين مبالقة فأطال الثواء هإدريس خف على نفسه، وأحضره جمالس أنسه، فعتب عليه ابن جهور، وصرفه عن ذلك التصرف قبل

.قفوله، مث عاد إىل حسن رأيه فيه

Page 73: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 73

واجتذبه املعتضد عباد بن حممد، فهاجر عن وطنه إليه، ونزل يف كنفه، وصار من خواصه، جيالسه يف ما اوتيه من اللسن والعارضة؛ مث كتب له بعد أيب حممد بن عبد خلواته، ويسفر له يف مهم رسائله، لفضل

تأيت من إشبيلية كتب هي باملنظوم أشبه : الرب فكانت الكتب تفد من إنشائه إىل شرق األندلس، فيقالوهلك املعتضد، فأقره ابنه املعمتد حممد بن عباد على حاله، وزاد يف تكرمته، وأعرض عن ! منها باملنثور

. به، واستعمل بعد وفاته ابنه أبا بكر حممد بن أيب الوليدالساعني

محمود بن علي بن أبي الرجال

نكبه املعز بن باديس الصنهاجي، وكان هو وأبوه وأهل بيته برامكة إفريقية، ويف علي منهم يقول أبو عبد : اهللا حممد بن شرف

ادرعت فال تسأل عن األسل إذا عليا وال حتفل حبادثة جاور

العليني من قول ومن عمل حاز إسم حكاه املسمى يف الفعال فقد

والعطف والتوكيد والبدل كالنعت السيد احلر الكرمي له فاملاجد

حاالن يف امليزان واحلمل للشمس العال وسواه شاا وكذا زان

يشنا من اخلصر ما يهوى من الكفل عابه ما يعجزون به ورمبا

ملء املسامع واألفواه واملقل به وانظر إليه جتدسل عنه وانطق

وتويف علي مستورا، وكان يف حياته ينذر بنكبة ابنه حممود هذا يف السن اليت نكب فيها، فوافق ذلك ما شفعت أخت املعز فيه فعفا عنه وخلع عليه وأعطي للوقت بعض ضياع أبيه، ويف هذه : مث قال! قال

: النكبة يقول حممود

ولكن لألعادي فكانوها ختذم دروعا إخوانو

ولكن يف فؤادي فكانوها حسبتهم سهاما صائبات

لقد صدقوا ولكن من ودادي قد صفت منا قلوب وقالوا

أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى

معه على بالغته كتب للمنصور أيب احلسن عبد العزيز بن عبد الرمحن بن أيب عامر صاحب بلنسية، وكانوبيانه وتقدمه يف غري ذلك من العلوم كما وصف يف رسالته إليه عند انفصاله عنه، يرققه على أهله

وملا تيقنت أن حايل ال ترم، وأن شعثي ال يلم، أبديت العزمة وأكدت الرغبة، وأخلق مبن نبذ نبذ : وأبنائهأشه؛ وواهللا لوال اليأس ما حتركت، ولو النوى، وطرح طرح القذى، أن يشتد استيحاشه، وال يطمئن ج

Page 74: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 74

انقطاع الرجاء لتماسكت، وهو الذي تشهد يل به العقول ويقضي علي به التحصيل، ولن ترى طاردا .للحر كالياس

: وقد قال اآلخر

كإلصاق به طرف اهلوان وإنك لن ترى طردا حلر

فس عذرها مثل منجح، وأنا أستودع وأمي اهللا لقد صربت حىت عذرت، وأقمت حىت دمت، ومبلغ نموالي ودائع أقمن حبرمه، واعتصمن بذممه، وأوين إىل ظله، ولبسن أثواب فضله، وأستودعه استيداع من

عظم وجده لبعاده، وخلف بني يديه فريقا من فؤاده، وإين حيث خيمت، وأين ميمت، لعبد شاكر أنثين، وحسيب مبا سينهى إىل موالي عين، وينمى إليه ومعتقد نعمة ناشر، ال أفتر وال اين، وال أرتدع وال

على قرب الدار وبعدها مين، وكذلك يعلم اهللا حسن ذكري ألكابره اجللة، وخلصائه العلية، وأسأل اهللا بعد الزمن قطع مين عصميت، : قبل وبعد أن جيزي بالنيات، ويقارض على املقامات، وأقول قول املوجع

: ذه الرسالةوأدال لديك حرميت؛ وأول ه

حني يقضى وروده اهللا وارد قدر

يكن ما تريده مل ما يكون إن فأرد

وغري ذاهب على موالي جلية حايل وسوء مآيل، وما منيت به من اجلد العاثر والتأخر : ومن فصوهلاوأن الظاهر، وما قلت إال بالذي علمت سعد ويف علمه اجللي وفهمه الذكي أن اإلناء إذا امتأل يفيض،

الصرب على املعضل يغيض، وأن لالحتمال مدى مث ينقطع، وللتحمل منتهى مث يرتفع، ومملوكك ملا غلبه جلده، وتناهى بشأنه كمده، وأظلم يف عينيه ضوء النهار، وسد عليه طريق االختيار، مل جيد بدا من

: مللم بهمضايقة العسرة من النفار، خجال من الشمات الالحق له، وتأملا من اخللل ا

على املرء ذي العلياء مس هوان خري من حياة يرى هلا وللموت

مل يقل قالوا عدمي بيان وإن مىت يتكلم يلغ حسن كالمه

وكان ارحتاله من بلنسية إىل طليطلة، فاستوزره املأمون حيىي بن ذي النون، وألقى إليه بأموره كلها، فشهر الثناء عليه إسهاب وإطناب، وأعتبه املنصور يف بنيه، فلحقوا به اكتفاؤه وشكر غناؤه؛ وألبن حيان يف

على ما أحب، وتزايدت حظوته عند ابن ذي النون، وظهرت كفايته، فلما تويف املنصور عبد العزيز ببلنسية، وقدم ابنه عبد اهللا، أنفذه ابن ذي النون مع قائد من خاصته يف جيش كثيف أمرهم باملقام معه،

.سكنت الدمهاء عليهوشد ركنه، ف

عبد الملك بن غصن الحجاري

Page 75: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 75

نكبه املأمون بن ذي النون، واعتقله مع مجاعة من النبهاء بوبذة من أعمال حضرة طليطلة، فكتب إليه رسالة يف صفة السجن واملسجون، واحلزن واحملزون دلت على مكانه من العلم واألدب واحلفظ، وأودعها

: منها قولهألف بيت من شعره يف األستعطاف،

على ظمأ وأسقاين زعاقه الدهر حلو املاء عين أزاح

رضا املأمون حيلي يل مذاقه إن أظفر به من وباملرجو

أمل فزم يف ساقي سباقه لفين م شقاء وناس

بقطيع ذاك الذود ناقه وال ومل يك يل بذاك العري عري

ي مما أذاقهاملعتد فذاق استحال السعد حنسا وربتما

مبثل مفحصها وثاقه وشد عني أهدى من قطاة وأعمى

ومت اؤه فأرقب حماقه صار اهلالل إىل كمال إذا

أثر البشاشة والطالقه على عبوس هذا الدهر يأيت وإن

نظر املميز منه راقه إذا الدهر مين علق فهم أضاع

عبد لديه فىت لتقدمي األيادي وأي للعتاقهوأي !

: وقوله

من كرب املشوق املتيم ويكشف يسليين على بعد داره وخل

مشغول به وتومهي وفكري موقوف عليه وخليت ودادي

بليت كما حدثت عن حفش أيم أنين من ضيق سجين وحيليت على

وأخجل من طيف اخليال املسلم فيه ذكر خلي كرامة أجانب

فرح ناء وهم خميم فمن يا تروح وتغتدينوب الدن أرى

بدار املسرع املتغنم فبادر شئت إسعاف الزمان وعطفه إذا

وثن بإمساعيل تسم وتعظم بيا حيىي حييك باملىن وناد

ولو ألقيت يف شدق أرقم خالصي بعطفة ذي ادين أرجو من الردى

: وقوله

ردى وتبكي اخلطوبال يتلظى يف حالة أليسر منها حنن

ال وال يف نشق اهلواء نصيب يف وطء البسيطة حظ مالنا

فيه لذي دبيب دبيب ليس يف حمل كأنه ظلف شاة

Page 76: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 76

رن يف الساق للخطوب خطيب الكبل الثقيل إذا ما وكأن

طاملا كان سهمها ال يصيب رمتنا يد اخلطوب بقوس إن

القريب ايب اشناإلنع يكن عثر الزمان فمرجو أو

نادى بأنه مغلوب حني أجاب اإلله دعوة نوح قد

ب وقد شارف الردى أيوب ذو اجلالل علة أيو وشفى

أس وارتد مبصرا يعقوب سجن يوسف وقد اسيت وانقضى

.فرق له املأمون ملا وقف على هذه الرسالة وأطلقه وعفا عنه

أبو محمد بن عبد البر

باد بن حممد بإشبيلية، وله عنه الرسالة البديعة يف قتل ابنه إمساعيل، ويقال إنه كتبها دون كتب للمعتضد عروية؛ مث سعي به إليه حىت غري عليه، فاحتال للخالص من يديه، مسعت بعض شيوخي حيكي أن أباه

بلنسية اإلمام أبا عمر بن عبد الرب سار يف أمره من مستقره بشرق األندلس، وهو حينئذ يتردد بني فشفعه فيه، وانصرفا : ابين يا معتضد ابين يا معتضد: وشاطبة، فألول دخوله على عباد نادى رافعا صوته

.عنه حمفوفني باإلكرام، ومكنوفني باالحترام

ملا شأى أبو حممد باألندلس احللبة، وتبحبح صدر الرتبة، ادته اآلفاق، : وقال ابن بسام يف الذخريةق، ففاز به قدح عباد بعد طول خصام والتفاف زحام، فأصاخ أبو حممد ملقاله، وتورط وامتدت إليه األعنا

يف حباله، وغص أبو الوليد بن زيدون مبقدمه، فجهد زعموا كل جهد يف إراقة دمه، وملا رأى أبو حممد أنه قد باء بصفقة خسران، وأن العشاء قد سقط به على سرحان، أدار احليلة، والتمس على اخلالص

لوسيلة؛ زعموا أنه مل يزل نافر النفس منقبض األنس، فلما استشعر احلذر وأحس بالتغري، ألقى عصا االتسيار، وأخذ يف اقتناء الضياع والديار، حىت ظن عباد أنه قد رضي جواره، واستوطن داره، فاستنام إليه

وملا انسل : ثاقل عنها؛ قالبرسالة إىل بعض خلفائه من رؤساء اجلزيرة، فجعل أبو حممد يتفادى منها ويتمن يد عباد انسالل الطيف، وجنا وسله كيف، رجع إىل مستقره من الشرق، وأدار احليلة على أيب عمر بن احلذاء، فعوضه بضياعه وعقاره، وزين له اللحاق بدار بواره وسوء قراره؛ وقد كان عباد قبل ذلك

أن اسره وقصره وأظهر من الزهد فيه أضعاف ما يستهويه ويستدرجه ويدليه، فلما طلع عليه مل يزد علىكان يعده ومينيه، وجعل أبو حممد بعد ذلك يتنقل يف الدول، كالبدر يترك مرتال عن مرتل، وقد مجع التالد

.إىل الطارف، وكتب عن أكثر ملوك الطوائف

Page 77: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 77

أبو بكر محمد بن سليمان بن القصيرة

وشهر بالعفاف فلزمه، ويسر للعلم فعلمه وعلمه، وكانت : الحكى ابن بسام أنه نشأ يف دولة املعتضد؛ قله نفس تأىب إال مزامحة األعالم، واخلروج على األيام، وهو دائما يغض من عناا فتجمح، ويطأطيء من غلوائها فتتطاول وتطمح، ممتنعا من خدمة السلطان، وقاعدا بنفسه عن مرتبة نظرائه من األعيان، بني عفة

يبة من املعتضد تقعده، وذكر أن ابن زيدون نبه عليه للمعتضد آخر دولته، فتصرف فيها قليال تزهده، وهإىل أن أفضى األمر إىل املعتمد فأضه إىل مثىن الوزارة، وأكثر ما عول عليه يف السفارة، فسفر غري ما مرة

شفني أول ظهور بينه وبني ملوك الطوائف باألندلس حىت انصرفت وجوه آماهلم إىل يوسف بن تااللمتونيني، فسفر بينهما مرارا فكثر صوابه، واشتهر يف ذات اهللا جميئه وذهابه، واضطر املعتمد إليه قريبا يف

آخر دولته، فعظمت حاله، واتسع جماله، واستوىل على دولته استيالء قصر عنه أشكاله، إىل أن كان من ربع مائة، فكان أبو بكر أحد من حرب، ويف مجلة خلعه ما كان، وذلك يف رجب سنة أربع ومثانني وأ

من نكب، وأقام على تلك احلال حنوا من ثالثة أحوال، حىت تذكر ابن تاشفني ما كان من حسن خليقته، وسداد طريقته؛ ويقال إن سبب ذلك الذكر كتاب ورد عليه من صاحب مصر مل يكن بد منه يف اجلواب

دواوينه، ورفع شأنه وأعاله، وويل بعده ابنه علي بن يوسف فأقره عنه، فاستدعاه من حينه، وواله كتب .على ما كان يتواله

ابن الوكيل اليابري

كان أبو بكر عيسى بن الوكيل الكاتب مستعمال يف غرناطة يف الدولة اللمتونية، فحكى نه أنكر عليه مال فلما بلغ املوكلون به مدينة سال جليل يبلغ عشرة آالف دينار، فقبض عليه وأشخص منكوبا إىل مراكش،

وا يومئذ بنو القاسم املعروفون ببين العشرة، رباب السماح وأرباب األمداح ويذكر أن جدهم األكرب أمحد بن حممد بن املدبر قال قصيدته الشهرية ميدح القاضي أبا احلسن، ويستجري به، وسأل إيصاهلا إليه،

بتضمن املال وحتمله، وسؤال الصفح عنه واإلبقاء عليه بإعادته إىل فبادر عند الوقوف عليها إىل املخاطبة : عمله، فصدر جوابه باإلسعاف واإلسعاد، وعاد ابن الوكيل إىل غرناطة أنبه معاد، وأول القصيدة

أقرطي سليمى أم فؤادي حكى خفقا الربق إذ يلتاح من جانب البلقا سل

شك البني أم ذاقت العشقالو أريعت أسبلت تلك الغمامة دمعها ومل

: يقول فيها

Page 78: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 78

ق قلبه غريبسال فرقا ويابرة فرقا فآوت بأرض الغرب فر

شجوه إال الغمائم والورقا على إذا ما بكى أو ناح مل يلف مسعدا

: ومنها يف املدح

وعرض كماء املزن يف احلزن بل أنقى يغض الطرف إال عن العال حياء

منري النجم قد نور األفقا وعدل اء قد خضل الربامنري امل وفضل

بقيت أمنية غري أن تبقى فما بنعماك األماين كلها بلغنا

أبو جعفر أحمد بن عطية

صنيعة اإليالة احلفصية على احلقيقة، ونشأة عنايتها الكرمية وهدايتها العتيقة، ا ر اؤه، واشتهر ابتداؤه ساق األيام بل األنام بعصاه، واستوسق له أدىن الشرف وأقصاه، وهو أحد من سودته وانتهاؤه، حىت

براعته، ومل توجد بدا من اصطناعه صناعته، وكان يف أول أمره قد كتب إلسحق بن علي بن يوسف ابن تاشفني فلما دخلت مراكش عنوة من جهة باب إيالن يوم السبت الثامن عشر لشوال سنة إحدى

مخس مائة، وقتل إسحق وطائفة من أصحابه، توارى أبو جعفر ودخل يف غمار الناس، وبلغ به وأربعني واجلد يف االستخفاء واالستتار إىل أن ارتسم يف املرتزقني من الرماة ليتبلغ مبا جيرى عليه، إىل أن ثار الدعي

بارك األرضى املرحوم أبو املعروف باملاسي واستفحل أمره، فنهد إليه األمري املعظم ااهد املقدس املحفص ناصر دعاية التوحيد احملفوف الراية بالظهور والتأييد، الذي حبيت باملضاء صوارمه وصرائمه،

وسبيت له من كل ذي كفر وغي كرائمه، فقتله اهللا على يديه وازم أصحابه، وذلك يوم اخلميس عليه بإحضار خماطب عنه بذلك الفتح السادس عشر لذي احلجة سنة اثنتني وأربعني، وأمر رضوان اهللا

العظيم واملنح اجلسيم، فنبه على أيب جعفر وقد أخفى نفسه يف رماة العسكر، وتنكر جهده وهو املعروف غري املنكر، فدعا به لسعادته، وأوعز إليه بإرادته، فكتب رسالته اليت أورثته تشريفا وتكرميا، وصريته أغر

سببها أوثر بالكتابة الكلية والوزارة، وهي عادة هذا البيت املعروف الربكة حمجال بعد أن كان يما، وبوالطهارة، ما أعتلق به معتلق إال أمن من العوادي، وال ألتفت إىل عجز إال حلق باهلوادي، ال زالت أبواب

غول معروفة ومساحه هلا كظيظ من الزحام، وما يصدر عن صفائحه وصفاحه يعول األولياء باإلنعام، وي : األعداء باالنتقام

حىت أضيف إليها ألف آمينا آمني ال أرضى بواحدة آمني

Page 79: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 79

كتابنا هذا من وادي ماسة بعد ما جتدد من أمر اهللا الكرمي ونصره : ومن فصول هذه الرسالة املباركةا، وأحدق بنفوس املؤمنني ، فتح ر األنوار إشراق"وما النصر إال من عند اهللا العزيز احلكيم"املعهود املعلوم

إحداقا، ونبه من األماين النائمة جفونا وأحداقا، واستغرق غايات الشكر استغراقا، فال تطيق األلسن لكنه وصفه إدراكا وال حلاقا، مجع أشتات الطلب واألرب، وتقلب يف النعم أكرم منقلب، ومأل دالء اآلمال

: إىل عقد الكرب

ح أبواب الس فتحا القشب ماء لهتفتوتربز األرض يف أثوا

وقد تقدمت بشارتنا به مجلة، حني مل تعط احلال بشرحه مهلة، كان أولئك الضالون املرتدون قد بطروا عدوانا وظلما، واقتطعوا الكفر معىن وامسا، وأملى هلم اهللا ليزدادوا إمثا، وكان مقدمهم الشقي قد استمال

تهوى القلوب مبهوالته، ونصب له الشيطان من حباالته، فأتته املخاطبات من بعد النفوس خبز عبالته، واسوكثب، ونسلت إليه الرسل من كل حدب، واعتقدته اخلواطر أعجب عجب، وكان الذي قادهم إىل

ذلك، وأوردهم تلك املهالك، وصول من كان بتلك السواحل ممن ارتسم برسم االنقطاع عن الناس فيما م، واشتغل على زعمه بالقيام والصيام، آناء الليل وأطراف األيام، لبسوا للناس أثوابا، سلف من األعوا

.وتدرعوا للرياء جلبابا، فلم يفتح اهللا هلم للتوفيق بابا

فصرع حبمد اهللا حلينه، وبادرت إليه بوادر منونه، وأتته وافدات اخلطيات عن : ومنها يف ذكر الدعييدعي أنه بشر بأن املنية يف هذه األعوام ال تصيبه، والنوائب ال تنوبه، ويقول يف يساره وميينه، وقد كان

سواه قوال كثريا، وخيتلق على اهللا إفكا وزورا، فلما عاينوا هيئة اضطجاعه، ورأوا ما خطته األسنة على من األحزاب، أضالعه، ونفذ فيه من أمر اهللا تعاىل ما مل يقدروا على استرجاعه، ازم ما كان هلم

وتساقطوا على وجوههم تساقط الذباب، واعطوا عن بكرة أبيهم صفحات الرقاب، ومل تقطر كلومهم إال على األعقاب، فامتألت تلك اجلهات بأجسادهم، وآذنت اآلجال بانقراض آمادهم، وأخذهم اهللا

من اهلنديات أمرا بكفرهم وفسادهم، فلم يعاين منهم إال من خر صريعا، وسقى األرض جنيعا، ولقيفظيعا، ودعت الضرورة باقيهم إىل الترامي يف الوادي، فمن كان يؤمل الفرار منهم ويرجتيه، ويسبح طامعا

يف اخلروج إىل ما ينجيه، اختطفته األسنة اختطافا، وأذاقته موتا ذعافا، ومن جل يف الترامي على جلجه، ى بذقنه غرقه، ودخل املوحدون إىل البقية الكائنة فيه يتناولون ورام البقاء يف ثبجه، قضى حنبه شرقه، وألو

قتلهم طعنا وضربا، ويلقوم بأمر اهللا هونا عظيما وكربا، حىت انبسطت مراقات الدماء على صفحات املاء، وحكت محرا على زرقته محرة الشفق على زرقة السماء، وظهرت العربة للمعترب، يف جري الدماء

.حبرجماري األ

Page 80: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 80

كاتب صالح الدين يوسف بن أيوب

كان على ديوانه كاتب له يعرف بصفي الدين، فسعي به إليه، وقدر عنده أنه أتلف ماال كثريا، ومحل على حماسبته فأمر ا فكانت سياقة احلساب عليه سبعني ألف دينار، حكى األصبهاين كاتبه املعروف

مث مل يرض له العطلة فواله ديوان جيشه، : لبها وال ذكرها؛ قالبالعماد يف تاريخ فتوحه الشامية أنه ما ط ! وأواله ما دنت له به جماين جاهه وعيشه

أبو عبد اهللا محمد بن عياش

قبض على خمدومه امللقب بالرشيد يف سنة أربع ومثانني ومخس مائة، واعتقل برباط الفتح من سال إىل أن فظهر واستكتب مبراكش، واتصلت نباهته وحظوته أزيد من قتل هنالك، واستتر هو مدة مث صفح عنه،

ثالثني سنة واستعمل أبناؤه معه وبعده، وكان الداعي بعد نكبته إىل استعماله ما عرف من كفايته واستقالله، ورسالته يف غزو بالد الروم سنة اثنتني وتسعني هي جذبت بضبعه، وحكمت يف نصبه

وأن تعلموا أن : سة أركانا، ومسا على أهل عصره مكانا؛ ومن فصوهلالالشتغال برفعه، حىت رسا يف الريااجليوش وإن كثرت جنودها، وانتشرت ذات اليمني والشمال بنودها، فال ثقة إال بالواحد الذي يغلب والكتائب الباغية كثرية األعداد، وال استظهار إال بسيفه الذي يضرب والسيوف يف مضاجع األغماد،

اخلميس العرمرم إذا مل يكن السعد من نفره، وما يغين شجر القنا إذا مل يكن العون من وإال فما يؤثر !.شريه والفتح من مثره، وما تفيد عيونه الزرق إذا كان صنع اهللا حمجوبا عن بصره

وهو حصن يتلفع بالعنان، ويقتنص الطائر بالسنان، وينفث الشجاعة يف روع اجلبان : ومنها يصف معقالن، على طود قد سافر يف اجلو مغتربا، ومل يرض باجلبال أكفاء وال بالبسيطة منتسبا، ينظر إىل ما اهلدا

جياوره نظر اجلارح احمللق يف السماء، أو الشهاب الراجم يف حندس الظلماء، ففتحه اهللا وحده قبل اللهم : يؤمله، وقال أهلهاخللوص إليه من العروج، والرتول عليه من السروج، فتحا تفاءل به التوحيد فيما

!.اجعله مفتاح كل باب نستقبله

صوبنا على طليطلة قاعدة الصفر وأم بالد الكفر، وجئناها من جهات أبواب قشتالة وهي اجلهات : ومنهااليت كانوا يأمنون من أفقها، وال يسدون بابا يفضي إىل طرقها، فأخذهم العذاب من حيث ال يشعرون،

ن حيث كانوا ينصرون، واستقبلتهم العرب أفواجا أفواجا، وجاءم النذر تأويبا وإدالجا، وعرفوا التخاذل مإىل أن نزلنا بظاهرها الشمايل وكم جليوش اإلسالم مل توقع بصرا على حدودها، وال جرت صعدة يف

م فيما أعطاهم اهللا مث تظاهر املوحدون ثاين يو... صعيدها، فرد ما كان يليها منها نفنفا، وقاعا صفصفا

Page 81: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 81

تعاىل من قوة العدة والعديد، وفاضوا على أعطافها يف حبور اخليل وأمواج احلديد، كل قبيلة يف شعارها املوسوم، وعلى مدرجها املرسوم، كأم من البحر جل موجه متراكب، أو سحاب خريف زعزعته

...اجلنائب

نشأ دوحها املائس األعطاف، وحدائقها الغلب وجناا مث أجازنا وادي تاجو إىل جناا اإلسالمي، وهو موفيه املنية اليت كانت جنة الكافر ومأواه، وحظه من أواله وأخراه، فكر على اجلميع املؤمنون ... األلفاف

كرة، فكان اجنعافه بإذن اهللا مرة، ومل يكن بني رؤيته يف مالءة احلسن واالبتهاج، وتضاؤله يف شعر الداج، إال مبقدار ما غري اهللا نعمته بالبؤس، وبدله من األمن واخلفض باخلوف واجلوع وهو مسودة كالليل

وطاملا كانت حجرا على النوائب، بسال على اجليوش الكثيفة والكتائب، وها هي اليوم ... شر لبوس وقعيدة اخلطب وخيل اهللا مترع يف شعاا آمنة، ورماح املوحدين تندق يف أبواا طاعنة أسرية الركب

وضعيفة احليل، ولقى بني أرجل اخليل، ليس بينها وبني ااز ناقوس يضرب، وال صليب ينصب؛ ال إهالل لغري اهللا، وال نداء إال بذكر اهللا، حىت ينجز اهللا وعده يف سنامها، ويفيض نور امللة احملمدية على

.ظالمها

م سرارة أرضه بالسري فيها عاما بعد عام، أهل البيت وهذا الغزو الذي يسر يف طاغية الروم كل مرام، وعاحلفصي الكرمي يتوىل، وعن آرائهم املرتضاة وسيوفهم املنتضاة، حل وجتلى، حظ سواهم منه زهيد،

وشهيدهم على ما أقول شهيد، ال جرم أن رأيتهم احلمراء نصرت على بين األصفر السمحة البيضاء هي ت باحلق الذي عقدت إلقامته األباطيل، عادة يف احلفاظ عدوية، وشنشنة اليت فعلت هناك األفاعيل، ودمغ

خمزومية ال أخزمية، وحسب الدول بسلف أربوا على امللوك األول، جيدون مر املهالك أحلى من العسل، ويعتقدون أعلى املمالك ما بين على األسل، خلفهم خليفة اهللا يف عباده وبالده، وجماهد الكفار واملنافقني فيه حق جهاده، القائم اهلادي باحلق الواضح البادي، والعدل املقاص يف احلاضر والبادي، فملك البسيطة

حزا وسهلها، وتقلد اإلمامة وكان أحق ا وأهلها، مناقب تبهر النجوم الثواقب، ومشائل تفاخر األواخر ء القصائد واملقاصد، فلو أنسئ أبو واألوائل، استحقت على األمراء املمادح واحملامد، واسترقت من الشعرا

: نواس ملا اعتمد سواه بقوله، وإن كان طويل الثناء قاصرا عن طوله

فأنت كما نثين وفوق الذي نثين حنن أثنينا عليك بصاحل إذا

سلطانا فأنت الذي نعين لغريك وإن جرت األلفاظ يوما مبدحة

أبو عبد اهللا بن نخيل

Page 82: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 82

األمم، وإيضاح األمم ذه اإلمارة املطاعة، وأباح إلفريقية أن تراح من عذاب الفرقة ملا أتاح اهللا صالحبرمحة اجلماعة، قلد ملكها وسلطاا، ليعمر باهلداية أوطاا، ويدحر حزب الغواية وشيطاا، صفوة

ض من األمالك ونكتة األفالك، الذي ضحكت اآلناء ملا اعتدلت بشيمه، وبكت السماء ملا أكلت األركرمه، األمري املعظم األعلى ااهد املقدس األرضى املطهر املرحوم أبا حممد، سقى اهللا سحب الرضوان ضرحيه، وقدس مثواه املستودع من اد لبابه ومن اجلود صرحيه، فدفع كل ضر ورض، وأطلع حملاوريت

ليس إال عمائمهم تيجان ؛ ملوك اليل، "ذرية بعضها من بعض"سنة وفرض، وحماوليت بسط وقبض . وأكاليل، راضون يف اهللا غضاب، كأم حتت احلىب هضاب، للقرى والقراع خبهم وإيضاعهم

وباخلطيات، والرياع توقيعهم وإيقاعهم، يبدأون حبق اهللا مث النائل، وحيقنون حىت ماء وجه السائل، باء : س بن عاصم من حلومهم ومحاالمالكملة بالنقص عن كماالم، وجاء ما أدرج محالة حامت وحلم قي

يبق من بعد احللول ترحال فلم غطاريف من قوم ثوى امللك فيهم

قام منهم آخر كان أوال إذا منصورة بفروعهم أصوهلم

يشترون احلمد إال إذا غال وال فما يشهدون احلرب إال إذا غلت

مثل ما فعلت أوائلهم وزادوا، فطفيء مجر اهلياج جدوا وجادوا، وشدوا كما شاءوا وشادوا، وفعلوا املشبوب، وجييء عقب املكروه احملبوب، وأصبح الثأي وهو املرءوب، والصنيع وهو املربوب، وذلك من سنة ثالث وستمائة إىل عامنا هذا املويف أربعني حجة، وردت فيها السخلة مع الضرغام، وردت شاخمات

ة غاب عنها منازلو أسد الغاب، ومساجلو البحار والسحاب، باملنن املعاطس حليفة الرغام، إال برهالرغاب، فبودرت عندها باحلرب واحلرب، وغودرت وحشة الساحات والرحب، مث عاد الرمي إىل الرتعة، وفرج اهللا الضيقة والزلزال بالسعة والدعة، واستوسع بعدها نطاق امللك، وعاد أهل املغرب

لك، فأرزت إىل هذه احلضرة العلية البلدان، كما يأرز إىل املدينة النبوية اإلميان، واألندلس بالنجاة من اهلوما هي إال اخلالفة حقا، عم إشراق نورها غربا وشرقا، ملا أقامت الدين، وقامت بكلمة املوحدين،

.فانتظمت األرجاء واآلفاق، وحسمت الشقاق والنفاق، وما عدت اإلمجاع واإلصفاق

يل ألول هذه اإليالة املباركة ممن فاز بقدح النباهة املعلى، وعاد بعد العطل من الوجاهة وكان ابن خناحمللى، نقلته السعادة من ديوان األعمال إىل ديوان الرسائل، وأعلقته بأعظم احلرمات وأشرف الوسائل،

ومعتمدا خبصوص فأجاد اإلنشاء وتبوأ من رفيعات املراتب حيث شاء، مفردا خللوص احلماية ومجوحها،العناية وعمومها، ال استثناء عليه يف توقيع، وال اقتصار به على ترفيع، وهذه فصول من رسالته السلطانية

يف وقيعة شيذو من نواحي سبتة منتصف صفر سنة أربع وستمائة، وقد انتصر احلق من الباطل، ففرق

Page 83: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 83

اهللا طائفة التوحيد على حزب الشيطان املريد، مجوعه، وأذهب بسطوته الغالبة ودعوته العالية مجيعه، وأيد تأييدا أراق بسيفه القاصل جنيعه، وبني لكل ذي بصر سديد ومسع شهيد أن هذا األمر هو أمر اهللا الذي ال

يزال نافذ األقدار يف اإليراد واإلصدار مطيعه، وأن عدوه وإن تراخى به األمد فال بد أن يرتل موعده عه، واحلمد هللا على ذلك محدا يستمد وحي النصر املؤزر والفتح املدخر الصادق منيعه، وحيط رفي

.وسريعه

فحشد من قبائل دباب وزغب ونفات، ومن انقاد إليهم من برابر تلك : ومنها يف ذكر الشقي امليورقيا اجلهات، من قادهم إليه احلني بزمام اخلدع والترهات، وأقبل مبن التف عليه من أولئكم الطغام، وبقاي

االجتياح واالصطالم، يتقرى املنازر واملناهل، ويوهم بكثرة من مجعه من هذه القبائل، وخرج املوحدون إليهم مستعينني باهللا ومبا عوده من النصر عليهم، فلما حققوا عزمهم وصححوا يف التصميم حنوهم

القرار، وولوا سراعا ال يستبد علمهم، ورأوا أم فوقوا لثغرهم املثغورة أسهمهم، طار م الفرار، ونبا مبسريهم دون الليل النهار، واملوحدون أعزهم اهللا ينتظرون الوقت الذي ال يبعد مداه يف هالكهم، وال

يفلتون منه بعد إدراكهم، فلما تراءى اجلمعان، وضاق متسع اال عن الدماء والطعان، وشيمت ائب على الكتائب كالرعان على الرعان، جرى السيوف كالبوارق اخلواطف يف اللمعان، ومحلت الكت

املوحدون أعزهم اهللا على عادة صربهم، فعرفهم اهللا ما أحبوه من عوائده الكرمية مع أمريهم، فلم يكن إال حملة بارق، أو خلسة مسارق، حىت استلحمت السيوف أحزاب الضالل، وتربأ منهم رجيمهم املغرور تربؤ

مئني وعشرات وآحادا، وفر غويهم الشقي جرحيا مل يصحبه من ذلك من كان وعدهم باحملال، فقتلوااجلم إال فرادى، وامتألت األيدي من غنائمهم فهي تشل يف حزن وسهل سوقا وطرادا، وكفلت

املوحدين عناية اهللا تعاىل، فلم ينل العدو منهم نيال، ومل ميل الضرر عليهم ميال، بل أشوت سهامه، وخاب مله ومرامه، ومل يبق من هذا العدو إال ذماء، ولقد ظل بعد هذه الوقيعة ال حتميه مع العرب واحلمد هللا أ

أرض وال مساء، فإنه أتى يف هذه احلركة منهم مبن مل يطر له قبل جبناب، واستهوى حبباالته الكاذبة وآماله حملامل تتوزعها أيدي الذاهبة من عاد ألرضه جبريعة الذقن ومل يعد شاب وال تاب، وترك احلالئل يف ا

الناهبني فال تدركه حفيظة االنتهاب، وطالعناكم ذه املسرة العظمى واملوهبة الكربى عشي اليوم املشهود والوقت احملمود، لتحمدوا اهللا جبميع حمامده وتشكروه، وتذيعوا بالءه اجلميل لكم ولكافة املسلمني على

.أيدي أوليائهم املوحدين وتنشروه

وإىل ذلكم وصل اهللا : لته السلطانية أيضا يف الوقيعة الكربى بوادي أيب موسى سنة ست وستمائةومن رسابالنجاح أسباب آمالكم، وختم بالفالح صحائف أعمالكم، فإن املوحدين أعزهم اهللا ملا قفلوا من

Page 84: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 84

ل هذا العدو حركتهم األوىل إىل ديارهم، وانصرفوا من متام أغراضهم يف اتباع األعداء وأوطارهم، أقباألشقى فيمن التف عليه من غدرة بين رياح كفرة النعمى، يؤمون هذه اجلهة اإلفريقية حنينا إليها، وصبابة مل تزل تعطف عليها، ظنا منهم أن هذه العصابة املنصورة، واجلماعة احملمودة يف سبيل اهللا

ار، وكانت قد تلقتهم بأطراف املشكورة، قد ألقت عصا التسيار، وأخلدت إىل الراحة من طول السفالزاب مجاعة بين مالك مزيدة ومجوع دياب، فقوت رجاءهم يف اهلجوم على البالد، وصدقت أملهم الكاذب فيما عزموا عليه من الفساد، فأخذ املوحدون أعزهم اهللا يف احلركة إليهم، والورود حبول اهللا

بالقول دون العمل، حىت نزلوا القريوان، وهي وقوته عليهم، بعزائم ال تثين باألمل، وحفائظ ال ترضىقطب منازل األعراب ومراد سوامهم عند ازدحامهم يف مثل هذه األحوال الصعاب، واألعداء حينئذ نزلوا بظاهر قفصة يرتقبون ورود بقية دباب من طرابلس إجابة ملا قدموه من ندائهم، وإهابة م إىل إعادم يف

عصابة التوحيد على استدعاء من ألفته من عوف والشريد، وندم إىل أن الفساد وإبدائهم، وأقبلتيأخذوا حبظهم من خدمة هذا األمر السعيد، وطلبوا بأن حيضروا باألهل واملال، ليلقوا أكفاءهم يف مثل تلكم اهليئة واحلال، وللعرب عادات يف الرحيل مجيعا، ال تعطي اخلفوف إىل املقصود سريعا، فسار م

ملوحدون على هيئتهم يف التواين سريا، ومل يذعروا هلم بإخراجهم عن معتادهم طريا، وملا مسع األعداء ابرحيلهم من القريوان رحلوا من قفصة إىل احلمة يربقون ويرعدون، ويهددون باللقاء ويوعدون، مث عطفوا

ادهم أخالف خرياا، فلما أبطأ من هنالكم على نفزاوة ليتقوتوا من مثراا، ويستدروا ريثما تصلهم أمدرسوهلم، وتقلص بطول االنتظار مأموهلم، انصرفوا على أدراجهم إىل زميط فقطعوا حزن دمر مسلمني للدمار، ونزلوا من شعفات اجلبال إىل قرار البوار، وعجل املوحدون إليهم فوردوا قابس واألرض حترق

من مشسهم، وعون اهللا حيقق عندهم يف يومهم ما مد من بأسهم، وذباالت الذوابل أضوأ يف مساء العجاجهلم من النصرة يف أمسهم، فلما جتهزوا منها جبهازهم، واستكملوا ما عليه عولوا من متييزهم وتفرغوا

لنجازهم، ثنوا لألعداء أعنة اجلياد، وأقبلوا وهم من صرائم العزائم أمضى من البيض احلداد، وقطعوا هلم ذوقون النوم إال غرارا مثل حسو الطري ماء الثماد، فجعلوا يستدرجون عزائم التوحيد املراحل شفعا، ال ي

وحادي املنايا حيدوهم إىل مضاجعهم أن انزلوها، ولسان القضاء املقدور خياطب املشرفيات الذكور، أن ل، حطوا عن منازل الكواهل رءوس رؤساء الباطل واسترتلوها، وكان مرامهم يف هذا املطال بالرتا

والوقوف للحتوف أن تنفد أزودة املوحدين وعلوفام، ريثما يلحق م من استدعوا ليعودوا من اهلرب ، ويكمل ألمره العظيم "ويأىب اهللا إال أن يتم نوره"إىل الطلب، وحيلوا مرتلة الفائز بالغلب وحسن املنقلب

ذه العصابة ا اهدة عن حرمي البالد، الكافة أيدي هؤالء األحزاب يف األعداء أموره، ومل يعلموا ان هللااملراد، عناية ال يفتقرون ا إىل األزواد، ورعاية حتميهم من النوب الشداد، وتؤويهم من فضله وإحسانه

Page 85: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 85

إىل أرحب جناب وأرغب عتاد، ومل يزل ذلك دأم، وما انفك إعالم باملقابلة بكتم قرم حىت حلوا يب موسى من سفح جبل نفوسة وفيه أتاهم من نفات وآل سليمان وآل سامل ومجوع مبنهل يعرف بوادي أ

وافرة من األعراب وأحالفها األعاجم ما سال أتيهم بالدهم الداهم، وأعجبتهم كثرم فلم تغن عنهم هلم شيئا وكأمنا اجتمعوا للهزائم، فعاجوا من هنالكم وقد بيتوا بزعمهم ما ال يرضى من القول، وبرئوا حلومن القوة واحلول، وضمن الغدرة من بين رياح مع شقيهم لقاء عصابة التوحيد، وزعموا له أم حديد

العرب، وال يفلح احلديد إال باحلديد، وتركوا دبابا ومن التف ا لعوف وأحالفها والشريد، وأتوا بربات ما صار الدو بتموجها كالبحر اخلدور يف اهلوادج كاألزهار يف الكمائم وقدموا من محر النعم وسودها

املتالطم، وجاءوا بزهوهم وبأوهم يزفون زفيفا، ويسمعون من رعود الوعيد قصيفا، ومن نيوب احلروب صريفا، واستدعى املوحدون من رم

نصره املعهود، واستمدوا طوله احملمود، وعولوا على حوله وقوته ال على العدد والعديد، واستألموا روع حتت جداول املداوس، وللت بالنصر وجوههم فكانوا كاألقمار يف مشوس القوانس، غدران الد

وتنكبوا من أراقم القسي ألدغ على البعد من حيات البسابس، وتأبطوا كل خطار تطرد كعوبه، قد ركب فيه جنم ولكن يف ثغر البحار غروبه، وساروا لعدوهم كأم بنيان مرصوص، وتيقنوا أن نصر اهللا

لصابرين احملتسبني خمصوص، وكان يوم ضباب، ومشسه من قوام الغمام يف حجاب، فلما تعالت يف بافلكها، وانقادت يف زمام االستسالم إىل ملكها، ورمقت من خالل غيمها ظهرت كتائب الباطل سودا

التهم عن كقلوب أهلها، وقد مالت األرض طوال وعرضا خبيلها ورجلها، فحمل املوحدون عليهم محلة أز !.مصافهم فوىل شقيهم منهزما ألول دفعة، ومل يطق وقوفا عندما رأى من بوارق اخلوافق ملعة

واستحر القتل يف كثري من زعمائهم ورؤسائهم، ومات كل مذكور من شجعام ومحسائهم، : ومنهاة اإلبل، فاختذها واستحوذت القبائل على أمواهلم وولدام ونسائهم، وجنا الشقي يف نفر قليل إىل جه

حصنا، وجعلها لبناء فراره من زالزل اجلحافل ركنا، وحف من حف من املوحدين والعرب به فلم يربحوا يتنسفون ما اعتصم به من النعم نسفا، ويسومونه يف نفسه وأصحابه خسفا، ومل يصرفهم عنه إال

!.إقبال الليل، وما انسحب له على اآلفاق من ذيل

ا قد قدموا اهلوادج أمام اآلبال، ودبروا أن تكون هلم محى يرشقون من يريدها من خللها وكانو: ومنهاكالنبال، وقد قيل النساء أغالل الرجال، واحلرمي مظنة اآلجال، فكروا عندها مستميتني، ودافعوا عنها

العوامل جتذب للنفوس الدنية منها مفيتني، ومل يزالوا يف أثناء ازامهم يعطفون عند خدورهم، وأناملأرواحهم من صدورهم، وبساط ما قدموه من أموال وعيال يطوى بقبضهم، وجانب احلق يعلو كلما جد

اجلد يف خفضهم، وقبائل املوحدين على رايام تركض يف آثارهم، حىت أسلموا ما كانوا عنه يدافعون

Page 86: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 86

.قهرا، وأسالت جداول املناصل من دمائهم را

هللا إال بذمائه، وغادر يف املعترك وجوه أهله وقرابته وأصحابه وأحبائه، فما رأى ومل ينج عدو ا: ومنهايوما قط أشد منه عليه، وال انتهى به األمر مذ كان إىل ما انتهى به اآلن إليه، واملوحدون على أوهلم يف

!.طالبه، والولوج عليه حيث ميم من أبوابه

رتفاع املشيد، وغلب على مشرفه باالصطناع غلبة جعفر على وبلغ ابن خنيل ما ليس عليه مزيد من االالرشيد، فنهى وأمر آمنا من التعقب، وأورد وأصدر نائما عن الترقب، وقد فوض إليه يف كافة األمور،

وقصرت عليه قصص اخلاصة واجلمهور، إىل أن كنف بالسعايات املمضة، وقذف باحتجان ما خيرج عن فما أثرت يف التقاص ثروته، وال اعترت على انتقاص حظوته، بل صم عنها احلسبان من الذهب والفضة،

اد الصميم مسعا، وعم املنتسبني إليه واملتجنني عليه قبضا وقمعا، صونا للنعمة املهنأة من تكديرها، هرت وصرفا للظنون السيئة عن تقديرها، حىت أقصر من بغى عليه كما انبغى، واستبصر يف مظاهرته ملا ظ

له استحالة ما ابتغى، وكم أمسع بلسان احللم واالحتمال مناصبيه وال سنيه من كهل يفيض يف حديثه الدنيا أقصر أمدا من أن تبلغ برجل مرتلة مث تنقصه منها لغري : وحدث، جواب املأمون يف احلسن بن سهل

إلبالغه يف تأمل النعم حدث، وعلى حسن الرأي فيه محله مدة سلطانه، وبصفايا أياديه أض أمله وإمعانه، ال يسامح يف أمره مناقشا منافسا، وال يفاتح بذكره راجيا تغريه إال أسكته يائسا، إفادة للمحافظة

ذكر أبو جعفر ! امللوكية على حفظ احلرمة، وزيادة على ما حكى من كرم املشارطة يف الصحبة واخلدمة وما : أصحبك على ثالث، قال: حبه بعض امللوك فقال عليبن النحاس أن علي بن زيد الكاتب استص

هذا لك، : ال تك يل سترا، وال تشتم يل عرضا، وال تقبل يف قول قائل حىت تستربأين، قال: هي ؟ قالنعم الصاحب : ال أفشي سرك وال أؤخر عنك نصيحة وال أوثر عليك أحدا؛ قال: فمايل عندك ؟ قالاذخ املكرمات من هذه املكرمة الباذخة، واملأثرة الالئحة يف الزمان البهيم فأين بو! املستصحب أنت

كالشادخه، كال لقد أعيت كال، وأطلعها واحدة يف الفضل الواحد فضال، وملا نزف منه حبر السماحة، ونسف بوفاته رضوان اهللا عليه طود الرجاحة، فانطوى الكمال املنشور، واستعسر النوال امليسور، أواله بنوه األمراء املعظمون املؤيدون املكرمون رضي اهللا عنهم ما ورثوه من مكارم األخالق، وجتافوا له عما جناه وحباه من أخاير الذخائر ونفائس األعالق، ولقد أصابه الدهر مبا أصابه، وجرعه بعدهم خطبانه

كراع وعقار، هذا وصابه، فأحضر يف وقت ستمائة ألف دينار، سوى ما ظهر من حلي وآنية واثاث وومساحهم يستحقر له مقدارها، وتراثهم الكرمي ال يبلغ معشارها، أبوا إال أن يشبهوا أباهم، ورأوا خري

: ثيام ما كان على سواهم

Page 87: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 87

هكذا وإال فال ال هكذا ذي املعايل فليعلون من تعاىل

ناا، ويباهي السحر بياا، ما شئت وأما احلضرة اإلمامية فإعتاب الكتاب شأا، ال برحت يباري البحر بمن إقالة وإغضاء على بطالة، ومساحمة حلصر يف وجازة وهذر يف إطالة، ال حتوج أخا الذنب إىل

اإلعتذار، وال تبتهج ابتهاجها بالعفو مع اإلقتدار، كم حقنت من دم، وصفحت عن ذي ندم، وأخذت من متقدم، عائدة على املريب بترك التثريب، بيد يف عثرة بقدم، وأرشدت من حريان ال يعرف متأخرا

عود الشباب على املشيب، والرباب على اجلديب، وعامدة إىل املليم بعطف احلليم، عمد احلباء إىل العدمي، والشفاء إىل السقيم، فال يأس من روح اهللا برجائها، وال أرج للمحاسن ما مل تتضوع من

، ولطف إلبقائها بعثه ليان؛ أما وحرمها العتيق وكرمها أرجائها، رب جرب من إسجاحها عضده عيانوأشيم بارق ! العريق ما لعدها عديل وال من فضلها بديل، فكيف ال أهيم برضاها وهو من الشقوة أمان

وإذا حكي أن النعمان بن املنذر لقي يف يوم بؤسه شابا من العرب رق ! شيمها وهو للثروة ضمان كاتبك هذا، ومل تكن بينهما : ومن يضمنك ؟ قال: ة عمه قبل تلفه، فقاللكلفه، وقد سأله لقاء ابن

فذهب الشاب وأتى يف آخر ! أتفعل على شريطة القتل إن أخلفك ؟ قال نعم : معرفة؛ فقال النعمانالنهار وقال للكاتب قم أبرئك مما ضمنته، ودخلت معي حتته، وأتيا إىل النعمان، فعجب منهما وقال

مث ! خشيت أن يقال ذهب الوفاء : ي محلك على االنصراف إليه بعد ما أفلت منه ؟ قالما الذ: للشاب! خشيت أن يقال ذهب الكرم : وأنت ما محلك على ضمانه على أن أقتلك عنه ؟ قال: قال للكاتب

وأسقط يوم البؤس فلم يكن له يوم بؤس ! وأنا قد عفوت عنه خشية أن يقال ذهب العفو : فقال النعمانفمايل ال أرجو إعادة النعيم بعادة اإلنعام، وإسقاط اجلفوة باقساط االحترام، ال سيما وعذري ... ا بعده

إن كانت : إىل موالنا أيده اهللا عذر الذي استقال وقد مثل بني يدي مثله، وهيهات ال يوجد مثل له، فقال : زليت قد أحاطت حبرميت فإن عفوك حميط ا، وكرمك موقوف عليها، وأنشد

اإلله وصفحك املبذوال أرجو كانت رحليت سلمت إليك إين

بذنيب عفوك املأموال فأحط كان ذنيب قد أحاط حبرميت إن

ويزداد التطول طوال تعفو هبين أسأت، نعم أسأت، أقركي

أبو الربيع بن سالم

ال إضاعة، جاعال شيخي الذي أورثين هذه الصناعة، ورضي اختاذها يل بضاعة، وضمن أن ال إضاقة و

Page 88: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 88

من مجع بالغة وخطا مل خيش يف دولة األفاضل : قول ابن أيب اخلصال شاهدا يف االعتالق ا واالتصالحطا، فاسترجحت حصاته، وأقبلت عليها قابال وصاته، غري مستبدل ا خطة وال متبوئ دوا خطة،

اهللا أشالءه، وأجزل من النعيم املقيم لكيال أنقض ما أبرم، وأرتبط خالف ما استكرم، وكان هو قدس جزاءه قد عين ا يف شبيبته، فعتب عليه وايل بلنسية حينئذ وحجبه رائحا عليه وغاديا، وألزمه مكانا

وبعد فكتب الذي قصر، مث عاين قصده وأبصر، : قاصيا، كان به قاضيا، فخاطبه مستعطفا برسالة منهادى من أن قرع باب املغفرة واستفتح، ويف علم املوىل أن العبيد أهل واقترف فاعترف، واجترح فلم ير أج

اخلطأ ومظنة السعي املستبطأ، إن أعرقوا الرتع عن قوس االجتهاد، وأصابوا شاكلة املراد، فكالسهام يف قرطسة مراميها، إصابتها منسوبة إىل راميها، وإن تنكبوا مرتضى السعي احلميد، وجتنبوا مقتضى الرأي

د، فغري نكر من شيم العبيد، ومىت نوقشوا احلساب على كل زلة، وعوقبوا يف كل ضلة، أفناهم السديالعقاب سريعا، وأهلكهم التأديب مجيعا، وإمنا بقاؤهم بأن يسبل املوايل على هفوام ستر اإلغضاء،

رجهم يف مناقل ويقربوا عليهم مدارك اإلرضاء، وهو أدب اهللا تعاىل يف عباده حني خلقهم نطفا، مث دالنشء مكتنفني إحسانا منه ولطفا، حىت إذا سواهم رجاال وأوسع هلم يف الدنيا وزخرفها جماال، أذهلهم شكر النعم عن شكر املنعم، وشغلهم التقلب يف نعمائه عن توفية حقه وأدائه، فيمهلهم سبحانه انتظارا

يف كل حي أثر رمحته اليت وسعت كل شيء، وليهتدي ملتام، وترقبا ملآم، وقصدا منه تعاىل ألن يظهرالقادرون من عباده إىل فضيلة العفو عند االقتدار، ومجال الصفح والتجاوز يف هذه الدار، ولو يؤاخذهم

تبارك وتعاىل امسه مبكسوم، ويعاقبهم يف بداية ذنوم، لوقعت اازاة منه على عدل مبا كانوا يصنعون، ، والعبد أيد اهللا موالنا من مجلة العبيد، "التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلونيقبل "ولكنه

، فما أسلف من صواب فبربكة مستعمله، وما اقترف من "منهم أمة مقتصدة وكثري منهم ساء ما يعملون"ر ملوىل حريص على الصفح خطإ فمن كسبه وعمله، وقد مد ميني اإلقرار، مث أبدى صفحة االستغفا

يشتمل أثوابه، مصيخ إىل صرخة مكروب يفتح هلا أبوابه، ضارعا يف أن يراجع سعادته، ويعاود من لثم اليمني الطاهرة واجتالء ألالء الغرة الباهرة عادته، وإذا كان العفو جليا رائقا يف جيد االقتدار، ورأيا الئقا

مساعي األبرار، فسيدنا أوالنا بنفيسه، وأحراهم بتفريج الكرب بذوي األقدار، ومعىن الحقا بأفضلوتنفيسه، ذلك مبا خوله اهللا من جوامع الفضل الذي ال تشذ عنه صاحلة من األعمال، وال يتعذر عنده أمل من اآلمال، والعبد متنسم روح القبول، ومتوسم جبميل الثقة بفضل مواله تسين املأمول، فإن حق تنسمه،

ه، فيا طيب حمياه، وسعادة دينه ودنياه، وإن تكن األخرى والعياذ باهللا، وحاشا موالنا من وصدق تومس : ذلك حاشاه، فمن أي موىل سواه نلتمس العفو، ويف أي مورد نتسوغ الصفو

إليك من الذي نتطلب طلب ما ندري إذا ما فاتنا واهللا

Page 89: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 89

ذهبأو ال فأرشدنا إىل من ن لعادتك اليت عودتنا فأصرب

.فلما وقف على كتابه، أسعف بإعتابه

.مث مل يزل يف السيادة مشاهد الزيادة إىل أن ختم اهللا بالشهادة

حكى ابن عبد ربه عن : وهلذا الشعر قصة ذكرها يستقبل به القبول، وشرحها ليس من العدل عنه العدولضبط هذا االسم بالنون املشددة قدم على يزيد بن املهلب قوم من قضاعة مث من بين ضنة و: األصمعي قال

: وكسر الضاد املعجمة فقال رجل منهم

إليك من الذي نتطلب طلب ما ندري إذا ما فاتنا واهللا

أحدا سواك إىل املكارم ينسب ضربنا يف البالد فلم جند ولقد

ال فأرشدنا إىل من نذهب أو لعادتك اليت عودتنا فأصرب

: ا كان يف العام املقبل وفد عليه فقالفأمر له بألف دينار، فلم

بابك جممع األسواق وكأن أرى أبوام مهجورة مايل

فاجتمعوا من اآلفاق بيديك خافوك أم هابوك أم شاموا الندى

واملكرمات قليلة العشاق رأيتك للمكارم عاشقا إين

.فأمر له بعشرة آالف درهم

ي يف النوادر وغريه إن عبد امللك بن مروان دخل عليه هذا الضين ويقال فيما حكى أبو علي البغداد : فأنشده األبيات الثالثة اليت يف آخرها

أو ال فأرشدنا إىل من نذهب ............

: وأمر له بألف دينار؛ مث أتاه يف العام املقبل فقال! إيل إيل : فقال عبد امللك

ه يرباملعروف زاد ومتماإذا فعل الذي يأيت من اخلري إن

بالنقض حىت دما تتبعه وليس كبان حني مت بناؤه

: فأعطاه ألفي دينار؛ مث أتاه يف العام الثالث فقال

باملعروف عودا على بدء جيودون إذا استمطروا كانوا مغازير يف الندى

.فأعطاه ثالثة آالف دينار

خاتمة المؤلف

Page 90: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 90

من هذه املآثر الكرام، احملفوظة النظام، واقتداء خلفاء اهللا به جل جالله قد أوردت ما أردت : قال املؤلفيف التجاوز عن الذنوب العظام، مما نويت باجتالئه اإلملاع، وأعفيت من تشعب أبوابه األمساع، سوى أشياء لبعض ما مير نظائر، ليس التدريج إليها وال التعريج عليها بضائر، وكل ذلك بالنسبة إىل احللم

إلمامي واإلسجاح، كالذبالة باهرت أنوار الصبح الوضاح، والصبابة كاثرت تيار اليم الطفاح، يوم ابتز اما كان باليد اللسان، واستفز العجل الذي خلق منه اإلنسان، فياملسرف على نفسه خائف، ومستشرف

بعد إحرازها يفعة، طوي باإلمهال طي الصحائف، ال جرم أنه تبوأ رتبة مرفعة، فربأ عن إسالمها كهال : متوقفا عن االحندار يف الوقوف مع اإلختيار، ومتوكفا قبول اإلعتذار بالبيت السيار

فشديد عادة منتزعه ال ني بعد أن أكرمتين

فصدر ما أثلج الصدر من إعفاء، وظهر إبقاء أوىف على األمل أي إيفاء، مث يف صبيحة اليوم الثالث، هجم كارث، أصري إىل اإلقصاء من التقريب، وأخري بني التشريق والتغريب، ومعاذ اهللا ال علي بالكارب ال

اختيار يف خطىت خسف، هذا لو أن جناحا وباال دون كسر وكسف، فكيف وال حراك موجود، وال مستنجد إال منجود، يف هاجم لآلمال هادم، وناجم باألهوال داهم، وعلى ما دفعت إليه من ارتباك،

ف كاب، ومتأسف باك، من وهلى وواله، كل جيد على زواله، وحيد يف إعواله، شرعت يف املسري، ملتعسال تقنطوا من "وضرعت إىل اهللا يف التيسري جاليا للجالء والرحيل أوجها تصاله، وتاليا من حمكم الترتيل

وم عصيب، رماين بسهم للفراق فقل يف ي" نعم املوىل ونعم النصري"، وحسيب السميع البصري، "رمحة اهللامصيب، ومل يدع يل فيما سوى اإلضاعة وإزجاء البضاعة من نصيب، أرى ضد ما متنيت، وشرى بثمن

خبس ما اقتنيت، واستشرى يف حمو ما وحيت، وهدم ما بنيت، حىت عيل االصطبار وغلب االستعبار، اخلروج عن األوطان، أيان سلمها للتفكر يف بث األشجان وبت األشطان، والتذكر لولوج االمتحان ب

اإلسالم آيسا، وتدبرها التثليث آنسا، وخالل ذلك من حسن الظن باخلالل الكرام ما محل على أن قلت يف بدء احلال، وبني يدي العمل على الترحال، مرتقبا خفايا األلطاف، ومقتربا دايا االستعطاف،

: التضاح دالئل احلدب، وجناح رسائل األدب

املال أستثين عليه وال الدما ال برضاك أن يتحكما بشريمل

فوجوده أن يعدما حبياته تاهللا ال غنب أمرؤ يبتاعه

ولكن ظل عفوك أعظما عظمت املعاذر أرتضي جلناية أي

وعالمة األواب أن يتندما على ما ند مين دائم ندمي

التجاوز منعمامل جتزين ب إن طول بؤسي مبسال جبريريت يا

Page 91: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 91

اعتمدتك خاضعا مسترمحا إين رمحاك اليت عودتين موالي

من تويل اإلقالة عاثر على اهلدى قط العمى فأحق مل يستحب

خال الصواب خالهلا وتومها عنك تزلف خبطيئة أقصاه

مني احلديث ومننما لكنه ولقد حتفظ يف املقالة جهده

دار عدلك منذ حل وخيما عن لعبدك ماله من معد موالي

غريها لرأى املنية أكرما يف لو أنه جيد احلياة كرمية

وإن ال حتمه يلج احلمى منه ينتزح ناديك عنه يقترب إن

متوسال متحرما متوصال متراميا متطارحا متهافتا

يكفيه أن قومته فتقوما علمته جتنب اجلهل العال قد

من مل يزل برضاك مغرى مغرما ت يصحو أو يواقع سلوةهيها

مرتاحا له متبسما القاك مبا القاه من هون إذا أهون

مبا أوليته مترنما غردا يقبل قبل راحتك الثرى وجثا

وقام احلق فيها معلما علما رسخ اهلدى أثناءها مبتابة

مري األجمد األسعد الوارث عن آبائه الطاهرين إجناز ما وعد وكتبت إىل النجل الطاهر والقمر الباهر األوإخالف ما أوعد، أيب عبد اهللا نصر اهللا لواءه وحرس جمده املؤثل وعلياءه، وكافأ اهتمامه الكايف طارق

: اهلموم الوايف، باخلصوص من األفضال والعموم واعتناءه أستشفع مبقامه، وأستدفع انتقام األيام بإنعامه

أخطأت أخطأت ال أعود دامت لك السعود موالي

يف أرضكم خلود مويت براح وال انتزاح مايل

على فضله مزيد ليس يل شفيعا إىل إمام كن

إذا أخطأ العبيد تعفو عادته العفو واملوايل

وأظل شهر رمضان على ارمتاض لفقد املسكن والسكون، وانقباض من تبسط الشجون اجلون، فشفعت االستقالة، وضرعت أثناء الشمل املصدوع ذه املقالة، أعد قومي البشرى، وال أستبعد فوزي وتر

: باليسرى

عن صفحة الصفح وخفض اجلناح بشرى بإسفار صباح النجاح

الكدح بفوز القداح وأعلن آذن املن حبوز املىن قد

Page 92: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 92

اختتام بالرضى وافتتاح عن هذا افتتاح الصوم مستقبال

بالعطف شروط السماح أكد مام اهلادي املرتضىاإل إن

الرياحني هبوب الرياح هز لني سجايا عاطرات كما

انفساخ ولذاك انسياح لذا إسجاح يليه الندى وحسن

يك منه للنفوس اكتساح مل جبل الدهر على حلمه لو

للغايات منه طماح أشرف اإلمام احلق عن خاطئ عفو

جياهر عامدا باجلماح ومل ح تأديبهراضه بالكب قد

قبول التوب رفع اجلناح ويف لكن تاب من فوره أذنب

ونصح وثناء صراح حب حسيب شفيعا لك يف هفويت

ملن وفق عنها براح ليس برح يب الشوق إىل حضرة

يل األقدار غري انتزاح تثمر ومهت فيها باقتراب فلم

تز للصفح اهتزاز الصفاح ورىزلت والزالت شأن ال ال

فما راعين غري األمان تسفر فيه البشراء، واالنصاف من الزمان تبشر به السفراء، يف وقت زان مطلعه سعيدا، وكان مقدمه قبل العيد عيدا، فقلت مستقصرا سريف لقصد اإلغضاء، ومستحقرا لوامي بشكر اليد

: البيضاء

من عطفة وجود هللا نعماك بالسجود قابلت

ويف وجود الرضى وجودي أجد للحياة عدما ومل

بعد املضادة والصدود وصل األمن واألماين قد

اليوم يف صعود فهأنا أكن قبل يف صبوب فإن

للهفو يف مخود وكنت بالعفو عن مخويل نبهت

نشوري من اهلمود هذا ظهوري من التواري هذا

أزاحها األنس بالوعود وحشة للوعيد عندي ال

باملبدئ املعيد أيدت مبدئا يف العال معيدا يا

على صنعك احلميد أثين محد وإن تناهى بأي

من عادة العميد وتلك عمدا عن اخلطايا صفحت

املوايل عن العبيد صفح بدع وال بعيد وغري

الفضل يف مزيد وذلك أينقص اليأس من رجائي

Page 93: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 93

إىل أمرك السعيد يأوي يف الورى شقيامرئ أي

رضاك األغر عيدي يوم غرة العيد أجتليها ما

: وقلت بعد ذلك مشيدا بالتشفيع، ومشريا إىل كرم الصنيع

وصح من الرضى أمل وسول بشراي قد وضح القبول أيا

ملن صرمت وسائله وصول جنله األزكى إمام وشفع

عليا وال من جزيل يد لصفح عينفما لسوامها يف ا

يف إقالته أقول فماذا أقالين اخلليفة من عثاري

علي ورأيه احلسن اجلميل قبحت مماألة الليايل وكم

علياه واد األثيل به العبد الشكور ملا حبتين أنا

مل يأت إجرامي جهول وإن به املوىل عليم وإخالصي

فكيف لو أزف الرحيل إليه إذا أحجب عنه شوقا أذوب

: وهذا ما جعلته مسكة اخلتام ولبثة التمام

مبا أواله أثين وأمحد فقمت أجار من اخلطب األمري حممد

ويف التبشري هللا يسجد سجدت أتتين بالبشارة رسله ويوم

نعمى كالرضى تتزيد وأية بالشكر املزيد من الرضى وأملت

وبعض شهودي األمس واليوم والغد داءهاما أمهلت حينا أ وظائف

عن يل منها مقيم ومقعد وقد مهام كفاين احلادثات اعتناؤه

مساعيه الكرام وال يد بيمن فال منة إال له يف ختلصي

جناه الغض جمد وسؤدد فإن ومن يك فرعا لإلمامة واهلدى

ى وأبعدباإلخالص أقص تقربت مردود الشرائع كلما رآين

ا جارا ملن بات يسعد شقيت من اآلداب حرفتها اليت نصييب

كأين وإياه شعاع وأرمد حلظ كل دوين خاسئا وللحظ

من شريب وشريب مصرد ورفه من مشلي ومشلي مفرق فجمع

مصدر يف الصاحلات ومورد له بالبقيا وما زال منعما وصرح

منها معان مؤيد فخلصين يب اهلوىهوى ألقى إليها وكانت

Page 94: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 94

! شفيع املذنبني حممد ونعم تشفعت فيها لإلمام بنجله

جنزت الرسالة املوسومة بإعتاب الكتاب، صنعة اإلمام احلافظ أيب عبد اهللا حممد بن أيب بكر القضاعي املعروف بابن

.ى آله وصحبهاألبار، رمحه اهللا تعاىل ورضي عنه، وصلى اهللا على سيدنا حممد وعل

Page 95: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 95

  

  الفهرس

2..................................................................................................................................املقدمة

4.........................................................................................................................تراجم الكتاب

4.......................................................................................................................مروان بن احلكم

4.....................................................................................................................زياد بن أيب سفيان

5...........................................................................................................................حيىي بن يعمر

6......................................................................................................................يزيد بن أيب مسلم

7...................................................................................................................كاتب آخر للحجاج

8..........................................................................................................................األبرش الكليب

8........................................................................................................سامل موىل هشام بن عبد امللك

9....................................................................................................................إبراهيم بن أيب عبلة

10.......................................................................................................................خالد بن برمك

10.......................................................................................................................كتاب املنصور

11................................................................................................................كاتب احلسن بن زيد

12..........................................................................................................................أمية بن يزيد

12.........................................................................................................أبو عبيد اهللا موىل األشعريني

14.........................................................................................................................كتاب اهلادي

14..................................................................................................يوسف بن احلجاج الصيقل الكويف

15........................................................................................................أبان بن عبد احلميد الالحقي

17.........................................................................................................عبد اهللا بن سوار بن ميمون

17....................................................................................................................حجر بن سليمان

18......................................................................................................................سهل بن هارون

20..............................................................................................................كلثوم بن عمرو العتايب

24.....................................................................................................................الفضل بن الربيع

25....................................................................................................................إمساعيل بن صبيح

26........................................................................................................................داود القريواين

28......................................................................................................................احلسن بن سهل

28....................................................................................................................أمحد بن أيب خالد

30......................................................................................................................أمحد بن يوسف

31.....................................................................................................................عمرو بن مسعدة

32........................................................................................................................علي بن اهليثم

32........................................................................................................................صاحل بن علي

Page 96: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 96

33................................................................................................................علي بن عيسي القمي

34..............................................................................................................كاتب طاهر بن احلسني

35....................................................................................................................ميمون بن إبراهيم

36.........................................................................................................أبو بكر بن سليمان الزهري

37.....................................................................................................................الفضل بن مروان

39..........................................................................................................حممد بن عبد امللك الزيات

41....................................................................................................................سليمان بن وهب

44.....................................................................................................................إبراهيم بن رياح

44...........................................................................................................إبراهيم بن العباس الصوىل

47..........................................................................................................حممد بن الفضل اجلرجرائي

48................................................................................................................عمرو بن حبر اجلاحظ

49..............................................................................................................أمحد بن حممد بن املدبر

50.....................................................................................................إبراهيم بن حممد بن املدبر أخوه

51....................................................................................................................أبو اجلهم الكاتب

52...........................................................................................................عبد اهللا بن حممد بن يزداد

53..............................................................................................................أمحد بن حممد بن ثوابة

53......................................................................................................................احلسن بن رجاء

54....................................................................................................................عيسى بن الفاسي

55............................................................................................................عبد اهللا بن حممد الزجاىل

56.......................................................................................................ان بن وهبعبيد اهللا بن سليم

58............................................................................................................علي بن حممد بن الفياض

59............................................................................................................علي بن حممد بن الفرات

60..................................................................................................................لقاسم بن عبيد اهللا

61............................................................................................................علي بن عيسى بن اجلراح

63...................................................................................................................أبو جعفر البغدادي

63.....................................................................................................................عيسى بن فطيس

63..............................................................................................................أمحد بن سعيد بن حزم

64.......................................................................................................عبد امللك بن إدريس اجلزيري

66.............................................................................................................عيسى بن سعيد القطاع

66...........................................................................................................خلف بن حسني بن حيان

67.................................................................................................أمحد بن علي اجلرجرائي أبو القاسم

67....................................................................................................حممد بن سعيد التاكرين أبو عامر

68..............................................................................................أبو عامر أمحد بن عبد امللك بن شهيد

69.................................................................................................................أبو القاسم بن املغريب

70.................................................................................................................أبو الوليد بن زيدون

73.......................................................................................................حممود بن علي بن أيب الرجال

Page 97: اعتاب الكتاب

ابن األبار­إعتاب الكتاب 97

73...........................................................................................الرمحن بن أمحد بن مثىنأبو املطرف عبد

74.......................................................................................................عبد امللك بن غصن احلجاري

76.................................................................................................................أبو حممد بن عبد الرب

77...............................................................................................أبو بكر حممد بن سليمان بن القصرية

77...................................................................................................................ابن الوكيل اليابري

78.............................................................................................................أبو جعفر أمحد بن عطية

80...............................................................................................كاتب صالح الدين يوسف بن أيوب

80..........................................................................................................أبو عبد اهللا حممد بن عياش

81..................................................................................................................أبو عبد اهللا بن خنيل

87....................................................................................................................أبو الربيع بن سامل

89.........................................................................................................................خامتة املؤلف

  

  

  

  

  

  

  

  

  

  

  

  

To PDF: http://www.alwww.al-mostafa.com