اإلنسان الكامل في

معرفة األواخر واألوائل تأليف العارف باهللا تعالى

الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي هـ805 ـ 767

ضبطه وصححه وقدم له وعلق عليه الشيخ الدآتور عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي

الجزء األول لشيخ عبد الكريم الجيليتمهيد عن فلسفة اإلنسان الكامل عند ا

للشيخ الدآتور عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي

تمهيد

والصالة ، } :بسم اهللا األول واآلخر والظاهر والباطن والحمد هللا القائلوالسالم على سيدنا محمد اإلنسان الكامل الجامع لتجليات الذات والصفات

:واألسماء واألفعال، وبعدما أن أشرف العلوم أشرفها معلوم، وال شك بأن أشرف معلوم هو الذات فب

اإللهية وتجلياتها الحقية وآثارها الخلقية، وانطالقا من أهمية فلسفة اإلنسان الكامل ، أو وحدة الوجود ، أو نقول وحدة الحق المخلوق به

{ : ى، وبقوله تعال] 73: األنعام، اآلية[{ : المشار إليه بقوله تعالىالذي تجلى بمظاهر آثيرة إلى ما ال نهاية لكلمات اهللا ] 19: إبراهيم، اآلية[

تعالى، أي لعلمه الذي هو عبارة عن معاني مظاهر أسمائه وصفاته وآثارهما في تاريخ الفكر الصوفي اإلسالمي، وبما أن الشيخ عبد الكريم

بين الحق الجيلي آرس حياته لتبيين هذه الفلسفة، موضحا العالقةوالخلق، أي بين الوحدة الحقية والكثرة الخلقية، حيث شرح وحدة الذات

من حيث عماؤها وصرافتها وشرح آثرة الحق المخلوق به من حيث تجلياتها أو تنزالتها في مظاهر أسمائها وصفاتها والتي من أآملها ن اإلنسان، لهذه األسباب اخترنا الجيلي صوفيا من صوفية القرن الثام .الهجري وفلسفة اإلنسان الكامل موضوعا لهذه الدراسة التمهيدية

ولقد تجنبنا أثناء ذلك الحكم على فلسفة الجيلي سلبا أو إيجابا من حيث آما تجنبنا المقارنة بين العناصر الفلسفية التي قد . رأي علماء الشريعة

حدثة وفي تكون متشابهة في فلسفة الجيلي وفي الفلسفة األفالطونية الم .غيرهما

في هذه الدراسة التمهيدية سيتضح لنا أن اإلنسان عموما، و اإلنسان ووراثه أو خلفاؤه ـ هو أآمل ) ص(الكامل خصوصا، الذي هو النبي محمد

تجل أو مرآة أو مظهر من مظاهر الذات اإللهية بكمالها من حيث أفعالها والخلقية موجودة في آل فالحقائق الوجودية الحقية. وأسماؤها وصفاتها

إن اإلنسان هو الوحيد الذي . إنسان بالقوة وفي اإلنسان الكامل بالفعل .حمل أمانة هذه الحقائق فكان خليفة اهللا في أرضه وخاتما على مملكته

إن الجيلي يعتبر صاحب فلسفة اإلنسان الكامل من حيث إنه فصل وبين .الكثرةالعالقة بين الحق والخلق أو الوحدة و

ومن خالل تتبع المحطات الروحية والعلمية من حياة الجيلي، يظهر لنا فبالنسبة للشريعة . تمكن الجيلي من علوم الشريعة والطريقة والحقيقة

المتعلقة بكيفية تصحيح إقامة الواجبات واألعمال الدينية والمعيشية، آان لك من معرفة باللغة الجيلي عالما بالفقه وعلم أصول الفقه وما يستتبع ذ

العربية وآدابها، من نحو وصرف وبالغة ومعرفة بعلم الكالم اإلسالمي .ومعرفة بعلم المنطق والتفسير والحديث وغيرها) التوحيد(

أما بالنسبة لعلم الطريقة الذي يتعلق بتهذيب النفس وتخليتها من الرذائل هللا تعالى لتصبح وتحليتها بالفضائل والسير بها في مراتب السلوك إلى ا

الروح ـ التي هي اسم من أسماء القلب، أو وجه من وجوه الرقيقة، أو المضغة الربانية الموجودة في اإلنسان، والتي تسمى تارة نفسا وتارة قلبا

وتارة روحا ـ مستعدة لتلقي التجليات اإللهية، فال يخفى على أحد أن بواسطة الممارسة والذوق الجيلي آان عارفا بدقائق وخفايا ذلك آله

والتحقق بالمقامات، بعناية ورعاية شيخه الشيخ إسماعيل الجبرتي الذي .أنقذه من بعض مهالك الطريق الموصلة إلى الحضرة اإللهية

أما بالنسبة لعلم الحقيقة الذي يتعلق بمعرفة الذات اإللهية وتجليها د السالك إلى اهللا تعالى بالمراتب الحقية والكونية الخلقية، بعد تحقق المري

بمقام الفناء في األفعال واألسماء والصفات والذات اإللهية، فإن مؤلفات الجيلي في علم الحقيقة أآبر شاهد على تحققه بذلك وبلوغه مرتبة

.اإلنسان الكاملآما يتضح لنا الكثير من العناصر الفلسفية الشارحة لهذه الفلسفة عنده

الب لمعرفة الحق في أسمائه وصفاته وذاته تعالى، آكيفية فناء المريد الط

المدخل وآيف أنه ال بد للمريد من شيخ آامل يرعاه . للفناء في الحضرة اإللهية

.أثناء سيره في الطريق إلى اهللا من المخاطر والمهالك التي قد يقع فيهاا تفرد الجيلي بالحديث عن بعض األسرار اإللهية، ومنها مسائل ويظهر لن

.خالف فيها الشيخ األآبر محيى الدين بن عربي، سنذآرها الحقاوبذلك يتضح لنا أصالة الجيلي واستقالله في تفكيره الفلسفي الصوفي

.ومكانته في تاريخ التصوف ورجالهى الباحث أن يلم بحياته وال بد من اإلشارة هنا إلى أنه من الصعب عل

آاملة، والسبب في ذلك قلة المراجع التي آتبت عنه آما أشار إلى ذلك آل أحد العلماء األوربيين المستشرقين في موسوعتهم H.Ritter من

L’homme universel في آتابه Titus Burckhardt ،اإلسالميةextraits du livre Al-Insan Al-Kamil Morijan Mole ي ف

آما أن األبحاث التي قام بها . Les Mystiques Musulmans آتابهواألستاذ ، Renald Alan Nicklson آل من األستاذ اإلنجليزي

Hans Henrich واألستاذ األلماني Louis Massignon الفرنسيSchader تعتبر دراسة تاريخية تحليلية لفلسفة اإلنسان الكامل وتطورها

أفالطون ومرورا بالمسيحية والغنوصية اليهودية التاريخي بدءا بوختاما باإلسالم ،والمانوية والزردشتية والهلينية األفلطونية المحدثةفهؤالء الباحثين . وتطورها من خالله حتى بلورتها عند الشيخ الجيلي

الثالثة لم يتعرضوا لحياة الجيلي ألن دراستهم لم تكن مخصصة إال لما .ذآرنا آنفا

ومن أسباب قلة المراجع التي آتبت عن الجيلي هو أن معظم آتب التاريخ التي تعتبر من المصادر في التاريخ اإلسالمي لم تذآر الجيلي، وذلك ألن

أصحابها آانوا قبل الجيلي بقرن أو قرنين، آابن آثير وشمس الدين سع، الذهبي، فإن الجيلي عاش في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التا .بينما نجد أن معظم مؤرخي اإلسالم أرخوا لما قبل هذين القرنين

728من نقد شيخ اإلسالم ابن تيمية الذي توفي سنة هذا وقد سلم الجيلي سنة سواء آان نقد ابن تيمية سلبا 39هجرية أي قبل والدة الجيلي بـ

ده لبعض آنقده البن سبعين والشيخ محيى الدين بن عربي، أو إيجابا آنق هجرية، والهروي 505رجال التصوف السني آالغزالي المتوفى سنة

آما سلم من نقد مؤرخي اإلسالم . هجرية وغيرهم481المتوفى سنة آالذهبي وابن آثير المعروفين بنقدهما لرجال التاريخ اإلسالمي سلبا أو

ل القرن إيجابا أيضا، فإنهما من رجال القرن السابع بينما هو من رجا

هذا عالوة على أن الجيلي لم يحظ بعناية الباحثين العرب واألوروبيين العناية الكافية آما حظي غيره من أئمة التصوف، آالشيخ حسين بن منصور الحالج والشيخ عبد القادر الجيالني والشيخ محيى الدين بن

.عربي حياة الشيخ عبد الكريم الجيلي

هو الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم : م الجيليعبد الكري م، والمتوفى 1365/ هـ767الجيلي، الملقب بقطب الدين، المولود سنة

. الجيلي نسبة إلى قرية جيل التابعة لمنطقة بغداد. م1428/ هـ832سنة ومن الباحثين من أضاف إلى اسمه آلمة القادري نسبة إلى تعاليم الطريقة

وهذه النسبة قد تكون . درية التي مؤسسها الشيخ عبد القادر الجيالنيالقا :صحيحة لوجهين

أن الشيخ الجيلي آان متأثرا بالشيخ عبد القادر الجيالني، فكثيرا ما : األوليستشهد به في آتبه ويروي عنه، شأنه في ذلك شأن شيخه الشيخ

.إسماعيل الجبرتيبنت الشيخ عبد القادر الجيالني، وبذلك أن الشيخ الجيلي هو ابن : الثاني

.تكون نسبة الجيلي إلى القادري نسبة نسب وليست نسبة طريقة .وهذا ما أرجحه ألني أعتبر الجيلي صاحب مدرسة وتعاليم خاصة به

ولقب الجيلي بقطب الدين، وهذا اللقب آاف في الداللة على تضلعه بعلوم اإلسالم واإليمان واإلحسان؛ أي : نقولالشريعة والطريقة والحقيقة، أو

الملك والملكوت والجبروت؛ ألن : الفقه والتوحيد والتصوف، أو نقولالشريعة الشارحة للمقام األول من مقامات الدين اإلسالمي الكامل اإلسالم،

تقابل عالم الملك المتعلق بجسد اإلنسان، والتوحيد الشارح للمقام الثاني لم الملكوت المتعلق بقلبه والتصوف الشارح للمقام اإليمان، يقابل عا

.المتعلق بروحه) أي عالم األمر(الثالث اإلحسان، يقابل عالم الجبروت ومن الشيوخ الذين لم يعاصرهم الجيلي لتقدمهم عنه بقرنين، ولكنه رغم ذلك تأثر بهم بواسطة األخبار التي تحدثت عنهم وبواسطة مؤلفاتهم التي

الشيخ األآبر محيى الدين بن عربي الحاتمي الطائي من وصلت إليه،مشاهير أئمة التصوف في القرن السادس والسابع الهجري، فهو يعتبر

H.Ritter اعتبر الجيلي تلميذا روحيا وفكريا للشيخ األآبر، آما اعتبرهرا لتعاليم الشيخ األآبر من حيث العالقة بين الحق والخلق شارحا ومبلو

والوحدة والكثرة، أي من حيث الوجود الواحد الواجب وتنزالته أو تجلياته واعتبر الزيادات التي أتى بها الجيلي هي . في المراتب الحقية والخلقية

زيادات شرح وتفسير وليست زيادات في أصل فكرة وحدة الوجود أو واعتبر معارضة الجيلي للشيخ األآبر هي معارضة في . ن الكاملاإلنسا

إن أسلوب الجيلي في آتاباته «: الشكل وليست في المضمون، إال أنه قالأآثر تنسيقا وذات بنية جدلية واضحة تساعد القارىء على فهم أسلوب

.»الصوفية إن الجيلي مكمل» : Titus Burckhardt يقول األستاذ بورآهارت

للتعليم الميتافيزيقي لهذا المعلم الكبير ـ الشيخ األآبر ـ محيى الدين بن عربي، وإنه إذا ما عارض هذا األخير في بعض األحيان فإن ذلك ليس إال : من حيث الشكل وليس من حيث الجوهر؛ فضال عن أنه يذآرنا هو نفسه

وإذا ما . »)الحق(أن جميع الحقائق المتناقضة تتحد في حقيقة واحدة «قارنا تعليم ابن عربي بتعليم الجيلي فإننا نجد أن تعليم هذا األخير هو أآثر

منهجية من عدة أوجه، إذ يتضمن هندسة آالمية أآثر بروزا مما يشكل .»فائدة للقارىء الذي يألف هذه الناحية من الصوفية

: L’Encyclopedie de l’Islam وجاء في الموسوعة اإلسالميةوالجيلي نصير الصوفي الحلولي ـ القائل بوحدة الوجود ـ الشهير ابن »

.»هذا األخير وطور وعدل مذاهبه» فتوحات«عربي بيد أنه علق على فمن ناحية اعتبر فلسفة الجيلي تلخيصا لفلسفة Morijan Mole أما

الشيخ األآبر إال أنها من ناحية أخرى مستقلة عنها ألنها تنشر تصور إن آتابه األآثر رواجا هو » : Mole سفة اإلنسان الكامل ، يقولفلالذي بعد أن رسم فيه ميتافيزيقية تمت بصلة » اإلنسان الكامل«

اإلنسان «لميتافيزيقية ابن عربي ولكن مستقلة عنها، طور فيها مفهوم .»الكامل

التعليقات على آتاب«ويقول الدآتور أبو العال عفيفي في مقدمة آتابه مؤيدا الفكرة القائلة بأن أسلوب الجيلي في عرضه » فصوص الحكم

لفلسفة وحدة الوجود أو اإلنسان الكامل أو شرح العالقة بين الوحدة وليس «: والكثرة أآثر تنظيما من نظيرتها عند الشيخ األآبر في الفصوص

في الفصوص فكرة منظمة تشرح العالقة بين الحق والخلق والوحدة

ولما قلته في نسبة فلسفة وحدة الوجود إلى الشيخ األآبر، أستطيع أن أقول بأن الجيلي هو صاحب فلسفة اإلنسان الكامل ولو أنها برزت هي

الصوفية آالشيخ األآبر ومن قبله الجنيد أيضا عند من تقدمه من فالسفة والحالج وذي النون المصري وسهل التستري وأبو يزيد البسطامي

شرح » اإلنسان الكامل«وغيرهم، فالجيلي هو الذي أفرد لها آتابا سماه » مراتب الوجود وحقيقة آل موجود«فيه وفي غيره من الكتب آكتاب نسبت هذه الفلسفة إليه آما نسبت فلذلك . فلسفته شرحا وافيا مستوعبا

.فلسفة وحدة الوجود إلى الشيخ األآبرهذا وقد ذآر الشيخ الجيلي بعض الحقائق اإللهية التي آشفت له والتي

:خالف فيها الشيخ األآبر محيى الدين بن عربي، وهذه المسائل هي التاليةي إيجاد األشياء فالجيلي يرى أن القدرة ه. إيجاد األشياء من العدم: أوال

من العدم، بينما يرى الشيخ األآبر أن القدرة هي إبراز األشياء من الوجود .العلمي إلى الوجود العيني

فالشيخ األآبر محيى الدين يذهب إلى أنه ال يجوز . تسمية اهللا مختارا: ثانياما أن يسمى اهللا مختارا ألنه ال يفعل إال ما اقتضاه العالم من نفسه، بين

يذهب الجيلي إلى القول بأن اإلرادة اإللهية المخصصة للمخلوقات صادرة .من غير علة وال سبب بل بمحض اختيار إلهي

. هل علم اهللا مستفاد من اقتضاء المعلومات أم بعلم أصلي منه تعالى: ثالثايذهب الشيخ محيى الدين بن عربي إلى القول بأن علم اهللا تعالى مستفاد

المعلومات فتكون المعلومات هي التي أعطت الحق العلم من من اقتضاءإن اهللا تعالى يعلم األشياء «: أما الشيخ عبد الكريم الجيلي فيقول. نفسها

بعلم أصلي منه غير مستفاد مما عليه المعلومات فيما اقتضته من نفسها .»بحسب حقائقها الثابتة في علمه تعالى

إن ذات اهللا مدرآة إال : فاته؟ يقول الجيليهل ذات اهللا مدرآة أم ص: رابعا .وهذا بخالف ما يقوله الشيخ األآبر. أن صفاته تعالى غير مدرآة

مؤلفات الجيليقبل أن نتحدث عن خالصة فلسفة اإلنسان الكامل عند الشيخ الجيلي ال بد

من اإلشارة إلى أن مؤلفاته بلغت ثالثين آتابا تحدث فيها عن المعارف :هية، وهذه المؤلفات هي التاليةاإلل . ـ اإلنسان الكامل في معرفة األواخر واألوائل1 . ـ الكهف والرقيم في شرح بسم اهللا الرحمن الرحيم2

. ـ مناظرة علية أو مناظرة إلهية3 . ـ رسالة السفر القريب4 . ـ الكماالت اإللهية في الصفات المحمدية5 . ـ قاب قوسين وملتقى الناموسين6 . ـ رسالة حقيقة اليقين وزلفة المتمكنين7 . ـ النوادر العينية في البوادر الغيبية أو المعارف الغيبية8 . ـ مراتب الوجود وحقيقة آل موجود9

. ـ شرح مشكالت الفتوحات المكية10 . ـ الناموس األعظم والقاموس األقدم11 .ق ـ حقيقة الحقائق التي هي للحق من وجه ومن وجه الخالئ12 . ـ سر النور المتمكن في معنى خلق المؤمن مرآة المؤمن13 . ـ لوامع البرق14اإلسفار عن رسالة األنوار فيما « ـ اإلسفار عن نتائج األسفار أو 15

.»يتجلى ألهل الذآر من األنوار . ـ غنية أرباب السماع16 . ـ لسان القدر17 . ـ القصيدة الواحدة18 .تبسة من أحزاب وصلوات ـ عقيدة األآابر المق19 . ـ روضة الواعظين20 . ـ شرح أسرار الخلوة21 . ـ منزل المنازل في معنى التقربات بالفوائد والنوافل22 . ـ آشف الغايات شرح آتاب التجليات23 . ـ عيون الحقائق في آل ما يحمل من علم الطرائق24 . ـ بحر الحدوث والقدم وموجود الوجود والعدم25 .نز المكتوم الحاوي على سر التوحيد المجهول والمعلوم ـ الك26 . ـ مسامرة الحبيب ومسايرة الصحيب27 . ـ الوجود المطلق المعرف بالوجود الحق28 . ـ سفر الغريب29 . ـ نسيم السحر30

«اإلنسان الكامل«آتاب وهذا الكتاب هو من أشهر ما ألفه الجيلي، عرفه الباحثون الغربيون، فقد

األستاذ اإلنجليزي نيكلسون ونشرت تلك الدراسة في جامعة درسه وعنوان Corbinودرس بعض محتوياته األستاذ . 1921آامبردج سنة

Terre celeste et corps de resurrection وهذه الدراسة اثني Titus Burckhardtوترجم األستاذ . 1960نشرت بباريس سنة

بالغ عددها ثالثة وستين بابا إضافة إلى أحد عشر بابا من أبواب الكتاب ال De l’homme تحت عنوان 1975عشر فصال ونشرت بباريس سنة

universel, extraits du livre al-Insan al-Kamil ونجد في ، الموسوعة اإلسالمية سردا لبعض األفكار المهمة الواردة في آتاب

Louisستاذ وعرف هذا الكتاب أيضا األ. »اإلنسان الكامل«Massignon تحت 1948 آما نشر بحثا عن فلسفة اإلنسان الكامل سنة

L’Homme parfait en Islam et son originalitéعنوان eschatologique.

استناد الجيلي إلى القرآن والسنة في فلسفتهوال بد من اإلشارة إلى مسألة مهمة اتخذها الجيلي أرضية لفلسفته، وهي

اد إلى الكتاب والسنة في آل ما أجراه اهللا تعالى على لسانه في االستن .آتاباته شأنه في ذلك شأن آل الصوفية العارفين باهللا تعالى

فإن الجيلي ينبه المريد طالب الحق أن العلم الذي يرد على قلبه إما أن ن يكون خاطرا ربانيا وهو ما يسمى مكالمة، وهذا العلم ال سبيل إلى رده أل

مكالمات الحق تعالى لعباده وإخباراته مقبولة ال يمكن لمخلوق دفعها أبدا، وعالمتها أن يعلم السامع أنه آالم الحق تعالى وأن يكون سماعه له بكليته

ويقرب الخاطر الملكي في ذلك من الخاطر . وأن يكون غير مقيد بجهةىء في آل ذلك العرض وآذلك اإللهام اإللهي، وشأن المريد المبتد. الرباني

أما ما يتعلق بتجليات الحق . على الكتاب والسنة والتمسك بأصول الشريعةتعالى على عباده، ينبه الجيلي بأنه إذا تجلى اهللا تعالى بشيء من أنواره على عبده علم العبد بالضرورة من أول وهلة أنه نور الحق، سواء آان

اإللهية وسواء آان ذلك التجلي علميا التجلي راجعا إلى الصفات أو الذات .أو عينيا شهوديا

وينبه الجيلي القارىء أيضا بأنه إذا ظهر له شيء من آالمه ال يوافق الكتاب والسنة، فإما أن يكون السبب في ذلك من حيث فهم القارىء نفسه ال من حيث مراد الجيلي وإما أن قلة استعداده منعته عن فهمه، وفي مثل

ه الحالة يتوقف المريد عن العمل بكالمه مع التسليم لكي ال يحرم من هذالوصول إلى معرفته، إلى أن يحصل له شاهد ذلك من آتاب اهللا تعالى

.وسنة نبيه عليه الصالة والسالم ويفتح اهللا تعالى عليه بمعرفتههذا وقد نبه الجيلي على منهجه هذا في مقدمة آتابه اإلنسان الكامل وفي

ففي الباب السابع والخمسين مثال، عند حديثه عن . مواضع آثيرة منه

فافهم إشارتنا وفك رموزها لكن على أصل الكتاب القائم

وحذار من فهم يميل عن الهدى ا أتاك به النبي الهاشمي عم

ما ذاك قصدي الذي جاء الرسول به قصدي بغير تكاتم لم أبن أس رسالتي إال على

أني أآون لدينه آالخادم فإذا بدا لك ما تعسر فهمه

أو آنت تفهم منه قول الغاشم فاترآه والجأ لإلله وقم على سنة أتاك به حديث القاسم

ن الكاملخالصة فلسفة اإلنساواآلن، حان الوقت لكي نتكلم عن خالصة فلسفة اإلنسان الكامل عند

وهذه الفلسفة نجدها عند من تقدمه من . الشيخ عبد الكريم الجيليالصوفيين وعلى رأسهم الشيخ األآبر محيى الدين بن عربي، وآذلك

نجدها عند المتأخرين عنه إلى يومنا هذا وعلى رأسهم الشيخ عبد الغني وذلك ألن . نابلسي واألمير عبد القادر الجزائري والشيخ أحمد العلويال

الحقائق الوجودية ال تتغير فهي حقيقة واحدة من حيث الذات آثيرة من والصفات، وآل واحد من الصوفيين يعبر عنها حيث مظاهر األسماء

فالمطلع على . ويشرحها حسب استعداده وحسب تحققه بها وذوقه لهاالحظ أن شروحهم تتفاوت حسب تفاوت االنكشاف اإللهي لهم، آتبهم ي

وحسب مقدرة آل منهم على التعبير عما انكشف له من تلك الحقائق .الوجودية

إن الحقائق الحقية والخلقية تنقسم، عند الجيلي، إلى أربعين مرتبة آلية، آما وآليات هذه األربعين محصورة في أربع حقائق أو معلومات وجودية

الحقيقة اإللهية، : يسميها الشيخ األآبر في الفتوحات المكية، وهي التالية .والحقيقة المحمدية، والحقيقة الكونية، وحقيقة اإلنسان الكامل

هذه الحقائق، أو المجالي، أو التنزالت األربعة، هو آنه الذات وأصلفالحقيقة . ةاإللهية المطلقة عن التعين والنسب واإلضافات الحقية والخلقي

األولى التي تسمى مرتبة األحدية هي أيضا حقيقة صرافة الذات المطلقة

ثم حضرة الوحدة . فحضرة األحدية هي اإلطالق الحقيقي والالتعينالمطلقة أو الحقيقة المحمدية، وهي علمه تعالى بنفسه من حيث جمعيته

عيان الخلقية التي هي عبارة عن الصور العدمية للعالم، ثم لجميع األحضرة الواحدية أو الحقيقة اإلنسانية، وهي تفاصيل تلك الشؤون اإللهية

إن هذه الحضرات أو الحقائق األربع . القديمة والكلمات الكونية الحادثةاختلفت . هي مجال ومظاهر لحقيقة واحدة هي آنه الذات اإللهية المطلقة

إن مجموع هذه األسماء والمجالي . أسماؤها الختالف النسبة فيهاومسمياتها هو المعبر عنه بوحدة الوجود، والكثرة المشاهدة في الحس

هي مظاهر : هي مظاهر األسماء والصفات اإللهية ومؤثراتها، أو نقولهي مظاهر النسب واالعتبارات : األعيان الثابتة في العلم اإللهي، أو نقول

وهذه الكثرة تسمى . إلضافات العدمية التي هي الشؤون الذاتية اإللهيةوابالتشبيه أيضا وهو ظاهر وحدة الوجود، أما باطن وحدة الوجود الجامع

واإلنسان الكامل هو . لما ذآرناه يسمى بالحق وبالتنزيه وبالوحدة المطلقةو أآمل أآمل الحقائق الوجودية ألنه جامع لها جميعها على اإلجمال فه

مجلى تجلت فيه الذات اإللهية بكمالها من حيث أسماؤها وصفاتها وذاتها، ) ص(فهو مجلى الحضرات الحقية والخلقية جميعها، وهو النبي محمد

وخلفاؤه أو وراثه من بعده، الذين ال يخلو الزمان من واحد منهم يكون على رأس آل مائة إن اهللا يبعث «): ص(إنسانا آامال مصداقا لقول النبي

.»عام من يجدد لهذه األمة أمر دينهاولكن مطلق لفظ اإلنسان الكامل حيث وقع في مؤلفاتي ... «: يقول الجيلي

.»، تأدبا بمقامه األعلى ومحله األآمل األسنى)ص(إنما أريد به محمدا إن هذه المعاني التي ذآرتها سوف تتضح أآثر عندما أشرح الحقائق

ربع آل منها على حدة، ولكن لضيق وقت هذه المحاضرة الوجودية األحقيقة اإلنسان الكامل، والحقيقة : سأآتفي بشرح حقيقتين فقط هما

.المحمدية الحقيقة المحمدية

هو النبي محمد » اإلنسان الكامل«لقد ذآرنا سابقا أن مراد الجيلي بـ :ولووراثه من بعده، لذلك سنبدأ بشرح هذه الحقيقة، فنق) ص(

إن اهللا تعالى هو الوجود المحض، فهو الذات المتصفة بالصفات والمسماة وآل حقيقة من هذه الحقائق أنزلها اهللا تعالى . باألسماء والفاعلة لألفعال

على نبي من أنبيائه ليتعرف بها على ربه ويعرف بها قومه الذين أرسل .إليهم

هللا تعالى على سيدنا داود هو الذي أنزله ا» الزبور«فيرى الجيلي أن الذي أنزله على » التوراة«و . عبارة عن تجليات أسماء األفعال اإللهية

و . سيدنا موسى هو عبارة عن تجليات جملة أسماء الصفات اإللهية فقطالذي أنزله على سيدنا عيسى هو عبارة عن تجليات أسماء » اإلنجيل«

من هؤالء األنبياء لم ينزل اهللا فإننا نالحظ أن أحدا. الذات اإللهية فقطتعالى عليه المجموع الذي هو تجلي الذات، لذلك لم يكن أحد منهم خاتم األنبياء ولم تكن رسالته خاتم الرساالت السماوية، ولم يرسل أحدا منهم للبشرية جمعاء بل أرسل آل واحد منهم إلى قومه فقط، وذلك ألن معرفة

أي معرفة ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله تعالى، اهللا تعالى على الكمال،لذلك آان ال بد من إرسال آتاب يكون جامعا . على الكمال لم تحصل بعد

للكتب المتقدمة، وذلك باحتوائه على تجلي الذات اإللهية الذي بالضرورة فالنبي المرسل بهذا . يقتضي احتواء تجلي الصفات واألسماء واألفعال

تم األنبياء ورسالته تكون خاتم الرساالت وتكون للبشرية الكتاب يكون خا .جمعاء

ليكون الخاتم، وأنزل عليه الكتاب ) ص(فأرسل اهللا تعالى نبيه محمدا » الفرقان«ومن أسمائه » القرآن«الجامع لتجلي األحدية وهو تجلي

وجعل اهللا رسالته، . للتعبير عن تجليات األفعال واألسماء والصفات اإللهية .وهي اإلسالم، خاتم الرساالت وبعثها للبشرية جمعاء

يقول الجيلي شارحا الحقيقة المحمدية من حيث جمعها للذات والصفات اعلم أن القرآن عبارة عن الذات التي تضمحل فيها «: واألسماء واألفعال

جميع الصفات واألسماء فهي المجلى المسماة باألحدية أنزلها الحق تعالى فلذلك قال . ليكون مشهده األحدية من األآوان) ص(مد على نبيه مح

يعبر عن تحققه بجميع ذلك ـ أي » أنزل علي القرآن جملة واحدة«): ص(بالذات والصفات واألسماء واألفعال ـ تحققا ذاتيا آليا جسمانيا، وهذا هو

ام ألنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم الت» القرآن الكريم«المشار إليه بـ .»ألنه ما ادخر عنه شيئا، بل أفاض عليه الكل آرما إلهيا ذاتيا

واآلن نتكلم عن الحقيقة المحمدية من حيث هي مثلثة النشء، إن الحقيقة : المحمدية هي الفرد الواحد ذو المظهر أو الهيكل المرآب من ثالثة أفراد

خر من حيث وآل واحد من هذه الثالثة عين اآل. الروح والنفس والجسد

قال الشيخ األآبر محيى الدين بن عربي عند شرحه لفص الحكمة الفرديةثم آان بنشأته العنصرية خاتم النبيين وأول األفراد «: في الكلمة المحمدية

ولما آانت ... الثالثة، وما زاد على هذه األولية من األفراد فإنها عنهاحقيقته تعطي الفردية األولى بما هو مثلث النشأة لذلك قال في باب المحبة

الث بما فيه من حبب إلي من دنياآم ث«: التي هي أصل الموجودات .»..التثليث

ثم «: ولقد شرح الشيخ عبد الغني النابلسي آالم الشيخ األآبر هذا بقولهبنشأته ـ أي خلقته ـ العنصرية ـ أي المرآبة من العناصر ) ص(آان

الماء والنار والتراب والهواء، التي هي آخر األصول المادية : األربعةنباتية والحيوانية واإلنسانية ـ خاتم الجمادية وال: لخلق المولدات األربعة

وأول ] 40: األحزاب، اآلية[ـ { : تعالى النبيين ـ عليهم السالم آما قالاألفراد الثالثة ـ التي قام بها آل شيء من محسوس أو معقول أو موهوم فإن آل شيء مما ذآر له عندنا روح نورانية، ونفس برزخية، وصورة

مأل األعلى العرش، ونفسه في الحضرات ظلمانية، فروح آل شيء في الوهي أفراد ثالثة . الفلكية السماوية، وصورته في العالم السفلي األرضي

فهو أول . روح وجسم وذات، وصفات وأسماء، وأفعال: على هذا الترتيبهذه األفراد ـ وهما الفردان الباقيان ـ فإنه ـ أي ذلك الزائد ناشىء ـ عنها ـ

،فالجسم من النفس، والنفس من الروح. الثالثةأي تلك األولية من والكتابة من اللوح، واللوح من القلم، والدنيا من البرزخ، والبرزخ من

اآلخرة، والنار من األعراف، واألعراف من الجنة، واألفعال من الصفات فرجعت األفراد إلى الفرد الواحد . واألسماء، والصفات واألسماء من الذات

خرة إلى الجنة، والجنة إلى القلم، والقلم إلى الروح، والروح ثم رجعت اآلولما ... فهو مجلى الذات الجامعة والحضرة النورانية الالمعة. إلى الذات

ـ تعطى الفردية األولى ـ الروحية ـ بما ـ أي بسبب ) ص(آانت حقيقته المظهر الواحد الذي هو مثلث النشىء ـ أي الخلقة، يعني خلقته قائمة

: لى ثالثة أصول هي أفراد في العالم وهي األطباق الثالثة التي قال تعالىعوهو الهيكل الشريف الذي ظاهره جسماني، ] . 19: اإلنشقاق، اآلية[{

وباطنه روحاني، وبرزخه نفساني، وآل واحد من الثالثة التي فيه عين التي» النقطة«ـ ) ص(اآلخر من وجه وغيره من وجه وهي ـ أي حقيقته

لقد أشار الشيخ أحمد العلوي إلى جمعية الحقيقة المحمدية لألفراد الثالثة الملك والملكوت : التي يندرج فيها الوجود الحقي والخلقي، وهي عنده

ندراج الوجود ـ أي الحقي والخلقي ـ وهذا معنى ا... «: والجبروت بقولهولك أن تدرجه ـ أي الوجود ـ في . في آلمة التوحيد ـ أي ال إله إال اهللا ـ

فيتحصل من هذا ... »محمد رسول اهللا«: تسمية أشرف العبيد وهو قولنااجتمعت فيه العوالم الثالثة، الملك والملكوت » محمد رسول اهللا«أن لفظ

وهو ما ظهر من حواس » الملك«آناية عن » دمحم«فلفظ . والجبروتآناية عن الملكوت، أي ما بطن في الكون من » الرسالة«ولفظ . الكائنات

أسرار المعاني، وهو واسطة بين الحدوث والقدم المعبر عنه بالروح ـ أي اهللا ـ آناية عن الجبروت، وهو البحر ـ أي » األلوهية«ولفظ . األمين

.منه الحس والمعنى ـ أي الملك والملكوت ـالجبروت ـ الذي تدفق حقيقة اإلنسان الكامل

ثم المخاطب بهذا الكالم ذاك ـ «: إن الجيلي يقول عند شرحه لمطلق الذاتأي الذات الباطنة الغائبة هو ـ بل أنت ـ أي نوع اإلنسان على العموم واإلنسان الكامل على الخصوص ـ بل أنا ـ أي الجيلي الذي وصل إلى

مرتبة اإلنسان الكامل ـ لذلك سوف نبدأ الحديث عن حقيقة اإلنسان الكامل، الذي هو الختم المنقوش تحته صورة اإلنسان » اهللا«وذلك بشرحنا لالسم

الكامل المعنوية من حيث تحققه باألسماء والصفات اإللهية وآثارها ، وبقوله ] 30: البقرة، اآلية[{ : الخلقية، وهو المعني بقول اهللا عز وجل

.»إن اهللا خلق آدم على صورته«): ص(هو ما يعين المسمى في الفهم ويصوره في «: إن االسم آما يقول الجيلي

الخيال ويحضره في الوهم ويدبره في الفكر، ويحفظه في الذآر، ويوجده لذلك آان أول . »في العقل، ونسبته من المسمى نسبة الظاهر من الباطن

الذي » اهللا«ومسمى » اهللا«إلنسان على الحق هو اسمه شيء تعرف به اهو الوجود المحض أو المطلق ينطوي على أسماء وصفات ال تحد وال

واإلنسان . تحصر ألنها من مقتضيات الكمال وآلها تحت حيطة هذا االسمإال من طريق أسمائه وصفاته » اهللا«ال سبيل له إلى الوصول إلى مسمى

.»اهللا«السم أي من طريق هذا اواعلم أن الحق تعالى جعل هذا االسم «: يقول الجيلي موضحا هذه الفكرة

آان اهللا وال شيء «مرآة اإلنسان فإذا نظر اإلنسان بوجهه فيها علم حقيقة وآشف له حينئذ أن سمعه سمع اهللا، وبصره بصر اهللا، وآالمه آالم » معه

فكان ذلك الشيء ] . 17: العنكبوت، اآلية] } :لشيء الذي يخلقه اهللا فكان الخلق منسوبا إليهم بطريق الذي يخلقونه هو ا

، ألن اهللا تعالى هو »العارية والمجاز، وهو هللا تعالى بطريق الملك والنسبةالبقرة، [{ : حقيقتهم الباطنة أي من حيث اإلمداد مصداقا لقوله تعالى

، ومجلى صورهم الظاهرة، أي من حيث اإلمساك مصداقا ] 255: اآليةوما ظهر فيها » الذات«فهو المرآة ] 41: فاطر، اآلية[{ : اهللا تعالىلقول

فما ثم موجود غيره من حيث آونه واجب الوجود، » الصفات«من صور .وهذا هو معنى وحدة الوجود الحق

ينطوي عليها آل حرف من ثم يتحدث الجيلي عن الحقائق الكلية التياإلنسان «اد حقائق الختم التي هي متوجهة على إيج» اهللا«حروف االسم

تجلت أو تنزلت بهذه الحقائق الذات المطلقة من عمائها، وتحقق » الكامل .بها اإلنسان الكامل الذي هو أآمل مظاهر تنزالتها

األولى هي عبارة عن األحدية التي هلكت فيها الكثرة، فليس » األلف«فـ الجيلي لذلك ويستدل. لألوصاف الحقية وال للنعوت الخلقية فيها ظهور

] .88: القصص، اآلية[{ : بقوله تعالىاألولى، ويرى الجيلي أنه » الالم«هو » اهللا«الحرف الثاني من هذا االسم

عبارة عن الجالل ألن الجالل أعلى تجليات الذات واستدل الجيلي لذلك العظمة إزاري «: بقول النبي عليه الصالة والسالم في الحديث القدسي

.»دائيوالكبرياء رالثانية وهو عبارة عن الجمال المطلق الساري » الالم«الحرف الثالث هو

في تجليات الحق سبحانه وتعالى ـ أي في آثارها الخلقية وهو تجلي الواحدية ـ ويرى الجيلي أن اإلنسان احتجب عن جالل اهللا وجماله بنحو

لذلك سبعين حجابا وآل حجاب على حدة له سبعون ألف حجاب واستدل إن هللا نيفا وسبعين حجابا من نور لو آشفها ألحرقت «): ص(بقول النبي

: ويفسر الجيلي هذا الحديث بقوله» سبحات وجهه ما انتهى إليه بصرهمقام الجالل أو الجمال ـ ال يبقى له عين يعني الواصل إلى ذلك المقام ـ«

.»السحقوال أثر، وهي الحالة التي يسميها الصوفية المحق والساقط في الكتابة، وخالصة ما ذآره الجيلي » األلف«الحرف الرابع هو

الكمال المستوعب الذي ال » ألف«أنه عبارة عن : في شرحه لهذا الحرفنهاية وال غاية له، فالحق تعالى ال يزال في تجليات، وآل تجل من تجلياته

فإن قلت بهذا االعتبار إن الحق سبحانه وتعالى في ترق «: يقول الجيلي. اإللهيوأردت بالترقي ظهوره لخلقه، جاز هذا الحديث في الجناب العالي

تعالى اهللا سبحانه وتعالى عن الزيادة والنقصان وجل أن يتصف بأوصاف .»األآوان

] .29: الرحمن، اآلية[{ : والجيلي هنا يشير إلى قوله تعالىفقد صرح الجيلي في شرحه » الهاء«أما الحرف الخامس الذي هو

: يقولحيث » اهللا«بالعالقة التي بين اإلنسان الكامل والذات اإللهية فهو إشارة إلى هوية الحق » الهاء«الحرف الخامس من هذا االسم هو «

إشارة إلى دوران رحى » الهاء«الممدة لحقيقة اإلنسان، فاستدارة رأس والخلقي على اإلنسان، فهو في عالم المثال آالدائرة التي الوجود الحقي

فها حق إليها، فقل ما شئت؛ إن شئت قلت الدائرة حق وجو» الهاء«أشار وإن شئت قلت الدائرة خلق وجوفها خلق وإن شئت قلت األمر فيه باإليهام، فاألمر في اإلنسان دوري بين أنه مخلوق له ذل العبودية

.والعجز، وبين أنه على صورة الرحمن فله الكمال والعزهو نور الظلمة الذاتية المحضة التي بها يبصر » اهللا«ذآرنا سابقا أن اسم

هو الختم على اإلنسان الكامل فهو » اهللا«سه وذآرنا هنا أن اسم الحق نفلذلك آان اإلنسان الكامل الذي هو » اهللا«التجلي المنقوش تحت الختم

نور بطون الذات في الذات به يتوصل الخلق إلى معرفة الحقيقة المحمديةفالوصول إلى اهللا على الكمال هو الوصول إلى حقيقة اإلنسان . الحقمل أي الحقيقة المحمدية ووراثها الكمل ألنه هو الدال على اهللا على الكا

] .52: الشورى، اآلية[{ : الكمال مصداقا لقوله تعالىسبحان من لم يجعل الدليل على «: قال الشيخ ابن عطاء اهللا السكندري

: وقال ابن سبعين في رسالة العهد. »أوليائه إال من حيث الدليل عليهوالنبي ال يعرف إال بالوارث، ) ص(ول إلى اهللا ال يكون إال بالنبي والوص«

، فالعقالء يطلبون »المحقق«والوارث هو ... فاهللا ال يعرف إال بالوارثإن معرفة الخلق لإلنسان الكامل . »ويحتاجون إليه بالضرورة» المحقق«

مرسي ألن اهللا أصعب من معرفة اهللا تعالى آما يقول الشيخ أبو العباس الظاهر في الوجود بكماله وجماله، أما اإلنسان فهو محجوب بأوصاف

وإذا أراد اهللا أن «: لذلك قال الشيخ ابن عطاء اهللا السكندري. بشريتهيعرفك وليا من أوليائه طوى عنك وجود بشريته وأشهدك وجود

وقلب الولي الواصل إلى مقام القربة «: قال الشيخ الجيلي موضحا ذلكوسيلة األجسام إلى السكون إلى التحقق بالحقائق اإللهية لظهور اآلثار ـ

ولي أن يتحقق جسده باألمور اإللهية ـ أي آثار الحقائق فيه ـ فال يمكن الإال بعد مشاهدته آيفية تحقق ولي ـ من أهل مقام القربة، فيكون ذلك الولي وسيلته في البلوغ إلى درجة التحقق، وآل من األنبياء واألولياء وسيلتهم

).ص(محمد سوف نزيد توضيح حقيقة اإلنسان الكامل بسردنا ألهم ما ذآره الجيلي في

. البابهذااعلم، حفظك اهللا، أن اإلنسان الكامل هو القطب الذي تدور «: يقول الجيلي

عليه أفالك الوجود من أوله إلى آخره، وهو واحد منذ آان الوجود إلى أبد أي ألن اإلنسان الكامل ال ينتقل من الدنيا إلى اآلخرة إال بعد أن . »اآلبدين

. مماته ويكون إنسانا آاماليتحقق إنسان آخر بما تحقق به يخلفه بعدآنت «: ونستطيع أن نفسر آالم الجيلي بقولنا انطالقا من الحديث الشريف

في جوابه على سؤال جابر ) ص(وقوله » نبيا وآدم منجدل في طينتهإن . الحديث» أول ما خلق اهللا نور نبيك من نوره«: رضي اهللا عنه

سان الكامل آدم، ثم في األنبياء الحقيقة المحمدية تجلت بكمالها في اإلن، ثم تجلت في خلفائه أو وراثه وهكذا )ص(والرسل وآخرهم النبي محمد

.ال يخلو الزمان من واحد منهم إلى يوم القيامةأبو «، وآنيته »محمد«فاسمه األصلي الذي له «: ثم يتابع الجيلي قائال

ه باعتبار مالبس ، ثم ل»شمس الدين«، ولقبه »عبد اهللا«ووصفه » القاسمأخرى أسماء ـ أخرى ـ، وله في آل زمان اسم ما يليق بلباسه في ذلك

واعلم أن اإلنسان الكامل مقابل لجميع الحقائق الحقية والحقائق ... الزمانالحقائق : الوجودية ـ التي أمهاتها أربعين مرتبة والتي يجمعها قولنا

لحقائق العلوية ـ أي الروحية الحقية والحقائق الخلقية ـ بنفسه فيقابل اوالعقلية ـ بلطافته، ويقابل الحقائق السفلية ـ أي النفسية والجسمية ـ

.بكثافتهاعلم «: ثم يؤآد الجيلي على جمعية اإلنسان الكامل للحقائق اإللهية بقوله

أنه نسخة الحق تعالى ـ أي من حيث أسماؤه وصفاته تعالى ـ آما أخبر : وفي حديث آخر» آدم على صورة الرحمنخلق اهللا«: حيث قال) ص(وذلك أن اهللا حي عليم قادر مريد سميع . »خلق اهللا آدم على صورته«

الخالصـــة: وآخالصة لما ذآر، وآما جاء في موسوعة اصطالحات العلوم اإلسالمية

.»سان هو هذا الكون الجامعاإلن«: وقال بعض الصوفيةإن اإلنسان الكامل الحقيقي هو «: وقال الشيخ األآبر في آتاب الفصوص

البرزخ بين الوجوب واإلمكان والمرآة الجامعة بين صفات القدم وأحكامه وبين صفات الحدوث، وهو الواسطة بين الحق والخلق وبه وبمرتبته

آذا في شرح الفصوص ... اليصل فيض الحق والمدد إلى العالم علوا وسف ...للمولوي عبد الرحمن الجامي في الفص األول

هو ـ أي اإلنسان ـ الجامع لجميع العوالم اإللهية : وعند الجرجانيوالكونية، الكلية والجزئية، وهو آتاب جامع للكتب اإللهية والكونية، من

تاب حيث روحه وعقله آتاب عقلي مسمى بأم الكتاب، ومن حيث قلبه آاللوح المحفوظ، ومن حيث نفسه آتاب المحو واإلثبات، فهو الصحف

المكرمة المرفوعة المطهرة التي ال يمسها وال يدرك أسرارها إال .انتهى.. »المطهرون من الحجب الظلمانية

وصاحب هذا المقام هو اإلنسان الكامل، ويسمى أيضا عند الصوفية ه وال فرقه عن جمعه، أي ال تحجبه بالمحقق الذي ال يحجبه جمعه عن فرق

رؤية تجلي األحدية التي هي مظهر تجلي الذات الصرف عن رؤية فهو في . الواحدية التي هي مظهر تجلي الكثرة األسمائية والصفاتية

الظاهر يشهد الكثرة ليقيم الشريعة، وفي الباطن يشهد الوحدة ليقيم . مرتبة جمع الجمعوصاحب هذا المقام يسمى أيضا بصاحب. الحقيقة

فما صحت «: وقال الشيخ األآبر في الفصوص عند شرحه للكلمة اآلدميةالخالفة إال لإلنسان الكامل فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم آنت «: وصوره، وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى ولذلك قال فيه

.»صورتينآنت عينه وأذنه، ففرق بين ال: ما قال» سمعه وبصرهومرتبة اإلنسان «: وقال الشيخ قيصري في مقدمته على فصوص الحكم

الكامل عبارة عن جمع جميع المراتب اإللهية من العقول والنفوس الكلية والجزئية ومراتب الطبيعة إلى آخر تنزالت الوجود، ويسمى بالمرتبة

.»العمائية

اعلم أن «:»المكتوبات الشريفة«وقال الشيخ السرهندي في آتابه اإلنسان نسخة جامعة وآل ما هو موجود في جميع الكائنات متفرقا

موجود في اإلنسان وحده، ولكن من عالم اإلمكان بطريق الحقيقة ومن .»إن اهللا خلق آدم على صورته«مرتبة الوجوب بطريق الصورة

اإلنسان : ولم يقل» اإلنسان«: نالحظ أن السرهندي في تعريفه هذا قالالحقائق الخلقية : والوجودية، أو نقول ل، وذلك ألن الحقائق اإلمكانيةالكام

والحقية موجودة في آل فرد من أفراد اإلنسان بالقوة وإذا تحقق اإلنسان .بهذه الحقائق صارت موجودة فيه بالفعل

فكل فرد من أفراد اإلنسان نسخة جامعة وخليفة اهللا في أرضه من غير قق منهم بهذه الحقائق يتعين أنه خليفة اهللا في والمتح. تعيين فرد بعينه

.أرضه ويكون إنسانا آامالفإنه يخاطب » اإلنسان الكامل«وهكذا هو الشأن عند الجيلي في آتاب

مطلق اإلنسان ويحثه على التحقق بالحقائق الخلقية والحقية التي يبينها ا الجيلي بعد له في آتابه ليبلغ ذلك اإلنسان درجة الكمال التي وصل إليه

فكل إنسان مؤهل لبلوغ مرتبة اإلنسان الكامل الذي . تحققه بهذه الحقائق .»نسخة الحق«يطلق عليه الجيلي عبارة

وآتب الشيخ الدآتور عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي ] 30: األحقاف، اآلية[{ ] قرآن آريم[

، فتجلى في آل آمال استحقه الحمد هللا لمن قام بحق حمده اسم اهللاواقتضاه، وحصر بنقطة خال جالله حروف الجمال واستوفاه، سمع حمد

نفسه بما أثنى عليه المعبود، فهو الحامد والحمد والمحمود، حقيقة الوجود المطلق، عين هوية المسمى بالخلق والحق، محتد العالم الظاهر

لمخترعات، الموجود على صورة آدم معنى لفظ الكائنات، روح صور ابكماله من غير حلول في آل ذرة، الالئح جمال وجهه في آل غرة، ذي

الجالل المستوجب، حائز الكمال المستوعب، ذات حقيقة الجواهر واألعراض، صورة المعاني واألغراض، هوية العدم والوجود، إنية عين

ال فتم، الحت آل والد ومولود، بصفاته جمل الجمال فعم، وبذاته آمل الكممحاسنه على صفحات خدود الصفات، واستقامت بقيومية أحديته قدود

الذات، فنطقت ألسن الصوامت أنه عينها، وشهدت عين المحاسن والمساوىء أنه زينها، توحد في التعداد، وتفرد بالعظمة في اآلزال ه، واآلباد، تنزه عن االحتياج إلى التنزيه، وتقدس عن التمثيل والتشبي

الي عن هذه العبارات، المتقدس عن أن تعلم وأشهد أن ال إله إال اهللا المتعذاته بالتصريح واإلشارات، آل إشارة دلت عليه فقد أضربت عن حقيقته

صفحا، وآل عبارة أهدت إليه فقد ضلت عنه جمحا، هو آما علم نفسه .حسب ما اقتضاه، وبذاته حاز الكمال واستوفاه

بني آدم، عبده المدعو بفرد من أفراد) ص(وأشهد أن سيدنا محمدا ورسوله المعظم، ونبيه المكرم، ورداؤه المعلم، وطرازه األفخم، وسابقه

األقدم، وصراطه األقوم، مجلى مرآة الذات، منتهى األسماء والصفات، مهبط أنوار الجبروت، منزل أسرار الملكوت، مجمع حقائق الالهوت، منبع

سر الميكلة، والسابح رقائق الناسوت، النافخ بروح الجبرلة، والمانح ببقهر العزرلة، والجانح بجمع السرفلة عرش رحمانية الذات، آرسي األسماء والصفات، منتهى السدرات، رفرف سرير األسرات، هيولى

الهباء والطبيعيات، فلك أطلس األلوهيات، منطقة بروج أوج الربوبيات، لكمال سموات فخر التسامي والترقيات، شمس العلم والدراية، بدر ا

والنهاية، نجم االجتباء والهداية، نار حرارة اإلرادة، ماء حياة الغيب والشهادة، ريح صبا نفس الرحمة والربوبية، طينة أرض الذلة والعبودية،

ذو السبع المثاني، صاحب المفاتيح والثواني، مظهر الكمال، ومقتضى .الجمال والجالل

مرآة معنى الحسن مظهر ما عال عذيب الينبوع مجلى الكمال

قطب على فلك المحاسن شمسه ال آفال ما زال ذا تطليع

آل الكمال عبارة عن خردل متفرق عن حسنه المجموع

صلى اهللا وسلم عليه وعلى آله وأصحابه القائمين عنه في أحواله، آالم اهللا، وأن الحق ما النائبين منابه في أفعاله وأقواله، وأشهد أن القرآن

واه، نزل به الروح األمين على قلب خاتم النبيين والمرسلين؛ تضمنه فحوأشهد أن األنبياء حق والكتب المنزلة عليهم صدق، واإليمان بجميع ذلك واجب قاطع، وأن القبر والبرزخ وعذابه واقع، وأن الساعة آتية ال ريب

فيها، وأن اهللا يبعث من في القبور، وأشهد أن الجنة حق والنار حق صراط حق والحساب يوم النشور حق؛ وأشهد أن اهللا يريد الخير وال

والشر، وبيده الكسر والجبر، فالخير بإرادته وقدرته ورضاه وقضاه، والشر بإرادته وقدرته وقضائه ال برضاه، الحسنة بتأييده وهداه، والسيئة مع قضائه بشؤم العبد واغتواه، ما أصابك من حسنة فمن اهللا، وما أصابك

.يئة فمن نفسك، آل من عند اهللا، منه بدء الوجود وإليه أمره يعودمن سأما بعد، فإنه لما آان آمال اإلنسان في العلم باهللا وفضله على جنسه بقدر ما اآتسب من فحواه، وآانت معارف التحقيق المنوطة باإللهام والتوفيق

محفوفة حرما آمنا يتخطف الناس من حوله بالموانع والتعويق، قفارها

يق الرقيق، وآمال أن يكون يكون للسالك إلى رفيقها األعلى آالرف للطالب لتلك المطالب آالشقيق الشفيق، فيستأنس به في فلواتها البسابس ، ويتطرق به في معالمها الدوامس، ويستضي بضياء معارفه في ظلمات نكراتها الطوامس، فقد فقدت شموس الجذب من سماء قلوب المريدين،

غربت نجوم العزائم من وأفلت بدور الكشف عن سماء أفالك السائرين، وهمم القاصدين، فلهذا قل أن يسلم في بحرها السابح، وينجو من مهالك

:قفرها السائح آم دون ذاك المنزل المتعالي من مهمه قد حف باألهوال وصوارم بيض وخضر أسنة

حملت على سمر الرماح عوال والبرق يلهب حسرة من تحته

والريح عنه مخيب اآلمال سست الكتاب على الكشف الصريح، وأيدت مسائله بالخبر وآنت قد أ

، لكني ]اإلنسان الكامل في معرفة األواخر واألوائل: [الصحيح، وسميته بـبعد أن شرعت في التأليف، وأخذت في البيان والتعريف، خطر في الخاطر أن أترك هذا األمر إجالال لمسائل التحقيق، وإقالال لما أوتيت من التدقيق،

معت همتي على تفريقه، وشرعت في تشتيته وتمزيقه، حتى دثرته فجفاندثر، وفرقته شذر مذر، فأفل شمسه وغاب، وانسدل على وجه جماله

برقع الحجاب، وترآته نسيا منسيا، واتخذته شيئا فريا، فصار خبرا بعد أن وأنشد لسان الحال ] . 1: اإلنسان، اآلية[{ آان أثرا مسطورا، وتلوت

:بلطيف المقال آأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر فأمرني الحق اآلن بإبرازه بين تصريحه وإلغازه، ووعدني بعموم

االنتفاع، فقلت طوعا لألمر المطاع، وابتدأت في تأليفه، متكال على الحق م، في قوابل في تعريفه، فها أنا ذا أآرع من دنه القديم بكأس االسم العلي

أهل اإليمان والتسليم، خمرة مرضعة من الحي الكريم، مسكرة الموجود :والعديم

سالف تريك الشمس والليل مظلم

وتبدي السها والصبح بالضوء مقحم تجل عن األوصاف لطف شمائل شمول بها راق الزمان المصرم إذا جليت في أآؤس من حبابها

وديرت بدور الدهر وهو مزمزم م قلدت ندمانها بوشاحهاوآ

مقاليد ملك اهللا واألمر أعظم ورب عديم ملكته نطاقها

فأصبح يثري في الوجود ويعدم وآم جاهل قد أنشقته نسيمها

فأخبر ما إبليس آان وآدم وآم خامل قد أسمعته حديثها

رقى شهرة عرشا يعز ويكرم فلو نظرت عين أزجة آوسها لم لما آحلت يوما بما ليس تع

هي الشمس نورا بل هي الليل ظلمة هي الحيرة العظمى التي تتلعثم

مبرقعة من دونها آل حائل ومسفرة آالبدر ال تتكتم

وال ضيا فنور وال عين وعين وحسن وال وجه ووجه ملثم

شميم وال عطر وعطر وال شذى وخمر وال آأس وآأس مختم خذوا يا ندامى من حباب دنانها

جل وتعظم أماني آمال ت وال تهملوا بالله قدر جنابها فما حظ من فاتته إال التندم ليهن أخالئي الذين حظوا بها عليهم سالمي والسالم مسلم

المقدمة

بسم اهللا الرحمن الرحيم، الحمد هللا وحده والصالة والسالم على من ال نبي كتاب، لزمنا أن نتكلم فيه بعده، لما آان الحق هو المطلوب من إنشاء هذا ال

وال بد لنا من التنزل في الكالم على قدر العبارة المصطلحة عند الصوفية، ونجعل موضع الحاجة فيها موشحا بين الكالم ليسهل فهمه على الناظر

فيه، وسأنبه على أسرار لم يضعها واضع علم في آتاب من أمر ما يتعلق عالى ومعرفة العالم الملكي والملكوتي، موضحا به ألغاز بمعرفة الحق ت

الموجود آاشفا به الرمز المعقود، سالكا في ذلك طريقه بين الكتم واإلفشاء، مترجما به عن النثر واإلنشاء، فليتأمل الناظر فيه آل التأمل؛ م به فمن المعاني ما ال يفهم إال لغزا أو إشارة، فلو ذآر مصرحا لحال الفه

عن محله إلى خالفه، فيمتنع بذلك حصول المطلوب، وهذه نكتة آثيرة على : فلو قال] 13: القمر، اآلية[{ : الوقوع؛ أال ترى إلى قوله تعالى

سفينة ذات ألواح ودسر لحصل منه أن ثم سفينة غير المذآورة ليست ثم ألتمس من الناظر في هذا الكتاب بعد أن أعلمه أني ما. بذات ألواح

وضعت شيئا في هذا الكتاب إال وهو مؤيد بكتاب اهللا أو سنة رسوله ، أنه إذا الح له شيء من آالمي بخالف الكتاب والسنة، فليعلم أن )ص(

ذلك من حيث مفهومه ال من حيث مرادي الذي وضعت الكالم ألجله فليتوقف عن العمل به مع التسليم إلى أن يفتح اهللا تعالى عليه بمعرفته،

يحصل له شاهد ذلك من آتاب اهللا تعالى أو سنة نبيه، وفائدة التسليم هنا ووترك اإلنكار أن ال يحرم الوصول إلى معرفة ذلك، فإن من أنكر شيئا من

علمنا هذا حرم الوصول إليه ما دام منكرا، وال سبيل إلى غير ذلك، بل لة، وال ويخشى عليه حرمان الوصول إلى ذلك مطلقا باإلنكار أول وه

.طريق له إال اإليمان والتسليمواعلم أن آل علم ال يؤيده الكتاب والسنة فهو ضاللة، ال ألجل ما ال تجد أنت له ما يؤيده، فقد يكون العلم في نفسه مؤيدا بالكتاب والسنة، ولكن قلة استعدادك منعتك من فهمه فلن تستطيع أن تتناوله بهمتك من محله

د بالكتاب والسنة، فالطريق في هذا التسليم وعدم العمل فتظن أنه غير مؤيبه من غير إنكار إلى أن يأخذ اهللا بيدك إليه، ألن آل علم يرد عليك ال يخلو

:من ثالثة أوجهالمكالمة، وهو ما يرد على قلبك من طريق الخاطر الرباني : الوجه األول

كالمات الحق تعالى والملكي، فهذا ال سبيل إلى رده وال إلى إنكاره، فإن م

وأما اإللهام اإللهي فإن طريق المبتدي في العمل به أن يعرضه على الكتاب والسنة، فإن وجد شواهده منهما فهو إلهام إلهي، وإن لم يجد له

شاهدا فليتوقف عن العمل به مع عدم اإلنكار لما سبق، وفائدة التوقف أن هي، فيخشى الشيطان قد يلقي في قلب المبتدىء شيئا يفهمه أنه إلهام إل

ذلك أن يكون من هذا القبيل، وليلزم صحة التوجه إلى اهللا تعالى والتعلق .به مع التمسك باألصول إلى أن يفتح اهللا عليه بمعرفة ذلك الخاطر

هو أن يكون العلم واردا على لسان من ينسب إلى السنة : الوجه الثانياد، وإال فكف وآن والجماعة، فهذا إن وجدت له شاهدا أو محمال فهو المر

مما ال يمكنه اإليمان به مطلقا لغلبة نور عقلك على نور إيمانك، فطريقك .فيه طريقك في مسألة اإللهام بين التوقف واالستسالم

أن يكون العلم واردا على لسان من اعتزل عن المذهب : الوجه الثالثال ينكره والتحق بأهل البدعة فهذا العلم هو المرفوض، ولكن الكيس

مطلقا، بل يقبل منه ما يقبله الكتاب والسنة من آل وجه ويرد منه ما يردهالكتاب والسنة من آل وجه، وقل أن يتفق مثل هذا في مسائل أهل القبلة،

وما قبله الكتاب أو السنة من وجه ورده من وجه فهو فيه على ذلك { : المتقابلة آقولهالمنهج، وأما ما ورد في الكتاب والسنة من المسائل

أول ما «): ص(وقوله ] . 56: القصص، اآلية[{ ، ] 52: الشورى، اآلية[أول ما خلق «: ، وقوله» أول ما خلق اهللا القلم«: ، وقوله» خلق اهللا العقل

فتحملها على أحسن الوجوه والمحامل وأتمها » اهللا نور نبيك يا جابرهي الهداية ) ص( ليست إليه وأجمعها وأعمها، آما قيل في الهداية التي

هي الهداية إلى إلى ذات اهللا تعالى، وفي الهداية التي جعلها اهللا إليه

وما قدمت لك هذه المقدمة آلها إال لتخرج عن ورطة المحجوبين بالوجه الواحد عن وجوه آثيرة، ولتجد طريقا إلى معرفة ما يجريه اهللا على

.لساني في هذا الكتاب، فتبلغ بذلك مبلغ الرجال إن شاء اهللا تعالىبلثام جمعنا الوقت عند الحق بغريب من غرباء الشرق متلثما : إشارة

الصمدية ، متزرا بإزار األحدية ، مترديا رداء الجالل ، متوجا بتاج الحسن والجمال ، مسلما بلسان الكمال ؛ فلما أجبت تحية سالمه أسفر بدره عن لسانه، فشاهدته أنموذجا فهوانيا حكميا حكيما برنامجا مقدرا على سبيل

الغرض، فاعتبرته في معياري الفرض، وبه ال بغيره تبرأ الذمة من رقونظمت به عقود الدراري، فانقطع من أول وهلة مني عالقة الفقار

فأصلحته بانكسار عمود اآلن، فلما استقامت شوآة المعيار وحصل رب العرش في الدار نصبت آرسي االقتدار وأقمت به ميزان االعتبار،

ذلك دأبي وأنا آاتم فاعتبرت مالي في مآلي بقوانين تلك المعالي، فلم يزلعني ما بي إلى أن نفدت األرطال وانقطع االعتبار بالمثقال، ظفرت بقيراط

التدقيق فأحكمت به عيار التحقيق، فصبغت يدي بالحنا وآحلت عيني الوسنى، فلما فتحت العين وآسرت القفلين خاطبني بحديث األين، فأجبته

:ن النفي واإلثباتبلسان البين، وأنشدت هذه األبيات، وجعلتها بي صح عندي أنها عدم

مذ غدت بالوجود مشتهره قد رآها الخيال من بعد

قدرة في الوجود مقتدره لم تكن غير حائط نصبت لك فيها الكنوز مدخره أنا ذاك الجدار وهي له آنزه المختفي ألحتفره فاتخذها بصورة شبحا وهي روح له لتعتبره أآمل الله حسنها فغدت

مال اإلله مشتهره بج لم تكن في سواك قائمة

فافهم األمر آي ترى صوره

فلما سمع مني مقالتي وتحلى بحالتي أدار بدره في هالتي، ثم أنشأ وما :أفشى وقال

حسنا مبرقعة منها ستائرها ثعبانها صدغها والسحر ناظرها

وذاقت الخمر في السكران فانثملت وبان بالسكر ما تحوي مآزرها

لت آل بدر تم فاتخذتتخي منه لها خلقا حتى نوادرها

رأت نقوش خضاب في معاصمها فاستكتبته بها فيها غدائرها وتوجت قيصرا بتاج تبعها

وقام في ملك دارها دوائرها تملكت لرقاب الخلق قاطبة

ببيض مخضرة حمر شفائرها واستكملت آل حسن آان يحسبه

من جملة الحسن في لياله عامرها فظاهر العز ما يخفيه باطنها

وباطن الحسن ما يبديه ظاهرها فلما سمعت خطابه الشهي وفهمت فحواء النجي، أقسمت عليه بالذي آان

وما آان ووفى بعهده وما خان، ولبس برديه وتعرى عن ثوبيه، ونشر في اآلفاق جماله ولم يكن شيء منها له، وبالذي استعبدته األفكار والعقول

نه وقربته األرواح واألسرار لحنانه، وبمن أدهش في حيطته وأنعش لبيافي مطيته وانحاز في نقطته، وزاد على دائرة الحيطة أن يرفع برقع

الحجاب ويصرح لي بالخطاب، فتنزل وما زال، ثم أنشأ فقال رحمه اهللا :تعالى

أنا الموجود والمعدو م والمنفي والباقي

أنا المحسوس والموهو فعاء والراقي م واأل

أنا المحلول والمعقو د والمشروب والساقي

أنا الكنز أنا الفقر أنا خلقي وخالقي

فال تشرب بكاساتي ففيها سم درياقي وال تطمع ولوجا

فهو مسدود بإغالق وال تحفظ ذماما لي وال تنقض لميثاقي وال تثبت وجودا لي

وال تنفيه يا باقي وال تجعلك غيرا لي

عينا آلماقي وال ولكن ما عنيت به به غيبت أشواقي فكن فيما تراني

فيه واشرب آاس إدهاقي وال تخلع قبا بندى

وال تلبس لغلل طاقي وقل أنا ذا ولست بذا بأوصافي وأخالقي فبي يرد وهذا القلـ

ـب ملتهب بإحراقي وبي ظمأ ويا عجبي

وفي جيحون إغراقي وقد أعياني الحمل

ء بأعناقي وما شي أخف وفي أثقالي

وأثقل والهوى ساقي يحاآيني النعام بحالـ ـتي طربي وإشفاقي

فهو طير بأجنحة وهو جمل بأعناقي وال جمل وال طير

ولكن رمز سباقي فال عين وال بصر

ولكن سر آماقي وال أجل وال عمر وال فان وال باقي

الجوهر علم وقوى، هو جوهر له عرضان وذات لها وصفان، هوية ذلكفإما عليم حكيم جرى في أنابيب القوى فخرج على شكل ثالثي القوى،

وإما قوى ترشحت بعلوم حكمتها فرآبت البسيط على ثلث هويتها، إن قلت العلم أصل فالقوى فرع، أو قلت القوى أرض فالعلم زرع، وهذا العلم

:علم قولي، وعلم عملي: علمانوذج الذي ترآب على هيئة صورتك وتعرى على هو األنم: فالعلم القولي .إنية صورتكهو الحكمة التي بها يهتدي الحكيم إلى االنتفاع بعلمه، : والعلم العملي

.ويبلغ بها األمير إلى االختراع بحكمه :وهذي القوى أيضا قسمان

وشرطه االستعداد من حسن المزاح واستقامة : قوى جملي تفصيلي صحة المنقول؛األصول وآمال الفعل مع

وشرطه القابلية من آون الجوهر له التحيز واالثنان : وقوى جملي تخييلي .بينهما التميز

وأما الذات التي لها وصفان فهو أنت وأنا، فلي بك ولك بنا الهنا، فأنت من حيث هويتك ال من حيث ما يقبله معقول، أنت من األوصاف العبدية وأنا

يقبله معقول، أنا من األوصاف الربية فهو من جهة حقيقتي ال من جهة ما المشار إليه بالذات، وأنا من جهة أنيتي باعتبار ما يقبله معقول، أنا من

أحكام هو اهللا، وأنت من حيث الخليقة هو العبد، فانظر ذلك إن شئت باعتبار أنا، وإن أردت باعتبار أنت فما ثم إال الحقيقة الكلية، فسبحانه

:وحده ال شريك له ذات لها في نفسها وجهان للسفل وجه والعال للثاني

ولكل وجه في العبارة واألدا ذات وأوصاف وفعل بيان

إن قلت واحدة صدقت وإن تقل اثنان حق إنه اثنان

أو قلت ال بل إنه لمثلث فصدقت ذاك حقيقة اإلنسان

انظر إلى أحدية هي ذاته

قل واحد أحد فريد الشان ن قلت لكونهولئن ترى الذاتي

عبدا وربا إنه اثنان وإذا تصفحت الحقيقة والتي

جمعته مما حكمه ضدان تحتار فيه فال تقول لسفله

علو وال لعلوه هو داني بل ثم ذلك ثالثا لحقيقة

لحقت حقائق ذاتها وصفان فهي المسمى أحمد من آون ذا

ومحمد لحقيقة األآوان وهو المعرف بالعزيز وبالهدى

ونه ربا فداه جناني من آ يا سر الهوى يا مرآز البيكار

يا محور اإليجاب واإلمكان يا عين دائرة الوجود جميعه

يا نقطة القرآن والفرقان يا آامال ومكمال ألآامل

قد جملوا بجاللة الرحمن قطب األعاجب أنت في خلواته

فلك الكمال عليك ذو دوران نزهت بل شبهت بل لك آلما

دري ويجهل باقيا أو فاني ي ولك الوجود واالنعدام حقيقة

ولك الحضيض مع العال ثوبان أنت الضياء وضده بل إنما أنت الظالم لعارف حيران

مشكاته والزيت مع مصباحه أنت المراد به ومن أنشاني زيت لكونك أوال ولكونك المـ

ـخلوق مشكاة منير ثاني وصفك عينه وألجل رب عين

أنت مصباح ونور بياني ها

آن هاديا لي في دجى ظلماتكم بضيائكم ومكمال نقصاني

يا سيد الرسل الكرام ومن له فوق المكان مكانة اإلمكان

أنت الكريم فخذ فلي بك نسبة عبد الكريم أنا المحب الفاني

خذ بالزمام زمام عبدك فيك آي يرخي ويطلق في الكمال عناني

دت بك مهجتييا ذا الرجاء تقي بل للمحبة قد دعتك لساني صلى عليك اهللا ما غنت على

معنى تصاوير لهن معاني وعلى جميع اآلل والصحب الذي

آانوا لدار الدين آاألرآان والوارثين ومن له في سوحكم

نبأ ولو بالعلم واإليمان صلى الله يا حاء الحيا وعليك

يا سين سر الله في اإلنسان أخبرني بأعاجيبك التي وقعت : ا سمعت مقالته وشربت فضالته قلت لهفلم

إني لما صعدت جبل الطور وشربت البحر : عليها في تراآيبك، فقال ليالمسجور وقرأت الكتاب المسطور، فإذا هو رمز ترآبت عليه القوانين فما

هو لنفسه بل هو لك، فال يخرجك عن خبرك ما يصح عندك له من هذا له وهذا لي، إذ ليس حاله بمشابه لحالي، فإنما جعله : ولالعالمات فتق

آل ذلك آي تعاين فيه ما هو . اهللا لك جعال فهوانيا مرآة لسانيا، ال حقيقة لهلك، فتتخذ حوله حولك، ولهذا ال تراه وال تدرآه وال تجده وال تملكه، ألنه

إذا تحقق لو آان ثمة شيء لوجدته بالحق سبحانه وتعالى، فإن العارفبحقيقة آنت سمعه وبصره ال يخفى عليه شيء من الموجودات، إذ العين عين خالق البريات، ثم ال يصح نفيه مطلقا ألن بانتفائه تنتفي أنت إذ هو

أنموذج، وآيف يصح انتفاؤك وأنت موجود وأثر صفاتك غير مفقود، وال لك مغنما، وآيف يصح أيضا إثباته ألنك إن أثبته اتخذته صنما، فضيعت بذ

يصح إثبات المفقود أم آيف يتفق نفيه وهو أنت الموجود، وقد خلقك اهللا سبحانه وتعالى على صورته حيا عليما قادرا مريدا، سميعا بصيرا متكلما،

ال تستطيع دفع شيء من هذه الحقائق عنك لكونه خلقك على صورته

ثم تفرد بالكبرياء والعزة وانفردت بالذل والعجز، وآما صحت النسبة بينك يا سيدي قربتني أوال : نسبة بينك وبينه هنا، فقلت لهوبينه أوال انقطعت ال

أنزلته على حكم : وأبعدتني آخرا، ونثرت لبا وفرشت عليه قشرا، فقالقانون الحكمة اإللهية، وأمليته على نمط ميزان المدرآة البشرية ليسهل

.تناوله من قريب وبعيد، ويمكن تحصيله للقريب والشريدسمعت وأنا في : وعلني بسالف ريقك؛ فقالزدني من رحيقك: فقلت له

القبة الزرقاء بعالم يخبر عن وصف عنقاء ، فرغبت إليه وتمثلت بين إنه المعجب : صرح لي خبرك وصحح أثرك، فقال: يديه، ثم قلت له

الحقيقي والطائر الحمليق الذي له ستمائة جناح وألف شوالة صحاح، سفاح، مكتوب على أجنحته أسماء الحرام لديه مباح، واسمه السفاح ابن ال

مستحسنة، صورة الباء في رأسه واأللف في صدره والجيم في جبينه والحاء في نحره، وباقي الحروف بين عينيه صفوف، وعالمته في يده

الخاتم، وفي مخلبه األمر الحاتم، وله نقطة فيها غلطة، وله مطرف فوق بمعدن الوسع : فقاليا سيدي أين محل هذا الطير؟: الرفرف، فقلت له

ومكان الخير، فلما عرفت العبارة وفهمت اإلشارة أخذت أقطع في جو الفلك جائزا عن الملك والملك، وأنا أدور على هذا األمر المعجب المسمى

بعنقاء مغرب، فلم أجد له خبرا ولم ألق له أثرا، فدلني عليه االسم صفات وأخذت في فلك وأخرجني الوصف عن القيد والرسم؛ فلما خلعت ال

الذات غرقت في بحر يسمى بحيرة، فالتقم أجنحتي النون وجال بي فوق الدر المكنون، فنبذني موجه بالعرا فمكثت مدة ال أسمع وال أرى، فلما

فتحت العين وانطلقت من قيد األين لقيت تلك اإلشارات إلي وتلك العبارات ة، وإذا أنا باأللف صدري لدي، فإذا أنا باألجنحة وعليها سمات المسبح

والجيم آما قال والحاء في نحري، ولم يبق مما ذآرناه ذرة إال وهي لدي واردة صادرة، فعلمت أني هو الذي آان يعني، فحينئذ ظهرت النقطة

.وانتفت الغلطة، فأبرزت العالمات بإحياء من قد مات

أس المختوم، يا سيدي ما هو األمر المحتوم والك: فقلت له: قال الراويفرطن بلغة أعجمية وترجم، ثم أوعد بكالمه وزرجم، وتغرب ثانيا ثم

األنموذج العالي المعقول مجمل اإليراد لنفسه بل للمحمول : ترجم، ثم قالوالمنقوش فيه ال له بل لألسفل المنقول، واألسفل هو المشار إليه، وآل

المشار وحمل ما في الحديث له، والمدار عليه، فإذا انتقش األنموذج في ذلك المحمل هذا الحمار، آان األسفل عين األعلى وصارت العالية موجودة

ال نسبة بين األنموذج المنقوش المشار : فلهذا قال من قال. في السفلىإليه، ولو أخطأ في آونه ليس المراد باألنموذج إال عين ما هو المنقوش

ر إليه عين األنموذج، ولو أخطأ إن المشا: ولهذا قال من قال. المشار إليهفي آون األنموذج إنما هو ذو العال من غير غلط، والمشار إليه في

إن األنموذج جامع، ولو : ولهذا قال من قال. االصطالح ذو السفل فقطأخطأ لكونه اسما لصفات الكمال فقط، وبقي آونه اسما لصفات النقص

لمشار إليه جامع لألنموذجية إن المنقوش ا: ولهذا قال من قال. والغلطالمنقوشة، ولو أخطأ في أن المنقوش المشار إليه إنما هو اسم لمحل

صفات النقص، أال تراه محل التعيين باإلشارة وموقع الحد والحصر في بالعجز عن درك إدراك الذات، ولو : العبارة؟ ولهذا الجمع قال من قال

ا في األنموذج، فيكون له من أخطأ ألن المشار إليه شرطه أن ينتقش فيه ماإلدراك بمجانسته ما لألنموذج في مكامنه، فليس له عجز، فال يصح أن

يكون العجز عن اإلدراك من أوصاف العارف، والدليل عليه أن العارف إذا اعترف بعجزه عن إدراك شيء ما هو إنما لمعرفته بصفات ذلك الشيء

م قابليته اإلدراك، وذلك القدر هو فإنها ال تدرك إما لعدم التناهي وإما لعدمعرفة ذلك الشيء آما ينبغي، فإذا عرفته آما ينبغي فقد أدرآته آما

إدراك العجز عن «: ينبغي، فجاء آالم الصديق األآبر رضي اهللا عنه، »العجز عن درك اإلدراك إدراك«: ؛ وفي رواية أخرى»اإلدراك إدراك

صف العبد هنا بالعز وانتفى وبحصول اإلدراك ال عجز عن اإلدراك، فاتيعني األبصار ] 103: األنعام، اآلية[{ : عنه الحصر والعجز، وقوله تعالى

المخلوقة، وأما البصر الخفي القديم الذي يراه العبد به فإنه غير مخلوق إذ .فافهم. هو حقيقة آنه بصره الذي يبصر به

لي في الغرام عجائب وأنا وربك ذو العجائب

على رحىقطبي يدور فلك تدور به الغرائب

رمزي الذي لي في الهوى

أعيا قراءة آل آاتب أظهرته بعبارة

دقت فلم تفهم لصائب عرضته لوحته

صرحته بين الحبائب فزويت عنه عيونهم

ورويت منه آل شارب وغرسته فجنيته

وخبأته بين الترائب أبديته وآتمته

والله عن آل الحبائب ندماعذل العذول فع

ظهر وفشا بين األجانب قد آان عني أجنبيـ

ـيا فاغتدى في الحب صاحب فافهم مقالة ناصح

أهدى إليك التبر ذائب واعرف إشارته التي

جمحت إلى تلك المراتب واشكر إذا عرفته

فالشكر من خير المذاهب اعلم أن الطلسم ، القطبي، الذي هو محور فلك األنموذج، وقطب رحى

وذجات أول الطلسمات وبه قامت صور النفس، وإال فال سبيل إلى األنمإحكامه بدون ذلك، ولوال تحقيقه لما أحكم وظهر على هيئة منقوشة، وهذه المرآة لوال ما تصور لك الهيكل مقابال على دائرتها لما أعطت العكس في المرآة، ومن أين يلقى العكس في المرآة إذا حكمت بعدم

ة، وال سبيل إلى وجود صورة في المرآة من غير مقابلة الصورة المقابلآما أن ال سبيل إلى صورة في غير المرآة، وآما أنه ال سبيل إال أن وجود

الشيء زاد في المرآة من غيرها ولو عند المقابلة، ألنها ما امتزجت بشيء فال يوجد فيها غيرها، وقد رأيت فيها ما تسميه بشيء آخر، وقد

، بقية ]قطب العجائب وفلك الغرائب: [ الموصوف بـحوى آتابناالطلسمات، وهي ثالثون طلسما مرموزة آامنة في الوجود، فأوجدناها في

] اإلنسان الكامل[آتابنا مصرحة ونبهنا عليها جميعها في هذا الكتاب وهو

لهوى سبليقد حرت فيك وضاقت في ا ما العقل فيك وما التدبير يا أملي

الله منك لقلبي آم تحمله أشغلت قلبي وصيرت الهوى شغلي

اللب مكتئب والدمع منصبب والنار في آبدي والماء من مقلي إن قلت لست بموجود فقد عدمت

روحي فها أنا في قولي وفي عملي أو قلت إني موجود آذبت فما

ودا بال علل رأيت في الناس موجفكل طابع فمطبوعه على هيكله من االستدارة والتربيع والتثليث، وعلى

صورة ما قابله من المطبوع والمنقوش، ال على جرميته وغلظه، فإن المطبوع فيه قد يكون أجل من الطابع جرما، وقد يعكس فيكون الطابع أجل

اهللا بعد الكمال من المطبوع، وهذا موضع تفاوت المحققين الكمل من أهلوتقارب الجمال والجالل، ثم يتفق أن يكون المطبوع على عكس الطابع

فيظهر ما آان من اليمين إلى الشمال في الطابع، ومن الشمال إلى اليمين في المطبوع، وهذا موضع التضاد ومظهر سر العبودية في الربوبية، وهو

عرج به واخترق جميع أنه لما ) ص(معنى سر الحديث المروي عن النبي قف «: الحجب حتى لم يبق له إال حجاب واحد، فأراد أن يخترقه فقيل له

وهذا سر جليل ال يدرآه إال الكمل من حيث اسمه الكامل، » فإن ربك يصليوقد يقع لبعض العارفين عثورا ال تحقيقا، فذلك الوقوع من حيث الجمال،

مال المطلق، وال من حيث آمال الجمال، ولكن جمال الكمال ال من حيث الجويدرآه بعضهم في تجلي جاللي وهو أيضا من جالل الكمال ال من الجالل

.المطلق وال من آمال الجالل

فصلالشيء يقتضي الجمع، واألنموذج يقتضي العزة، والرقيم يقتضي الذلة،

وآل من هؤالء مستقل في عالمه سابح في فلكه، فمتى خلعت على موذج شيئا من صفات الرقيم انخرم قانون األنموذج عليك، ومتى األن

آسوت الرقيم شيئا من حلل األنموذج لم تره فيه لظهوره بما ليس له، ومتى نسبت الذات إلى أحد منهما ولم تنسبه إلى اآلخر احتجت لآلخر ذاتا ل، ثانيا فوقعت في االشتراك، فإذا تصرفت الذات بيد الرقيم سميت ذات تنزوتسمى رقيما إذا تصرفت فيها للرقيم بيد الرقيم، وأنموذجا إذا تصرفت

فيها لألنموذج بيد األنموذج وال اسم وال رسم إذا آانت على صرافتها الذاتية، ونعني بالرقيم العبد، وباألنموذج قطب العجائب وفلك الغرائب،

.اخر واألوائلوبالذات آتابنا هذا المسمى باإلنسان الكامل في معرفة األو تلوين هذا الحسن في وجناته

أبدا وال تلوين في طلعاته يلقاك أحمر أبيض في أغبر

فبياضه في سود خضراواته من آان سيمته التلون وهو فيه فما تلون عند تلويناته

فإذا ترآب حسن طلعة شادن من آل حسن فهو واحد ذاته يا أيها الرشأ الربيب نعمت في

بين تشبيهاته حسن تنزه أفأنت جؤذر لعلع أم زينب

يحتار فيك الصب في حيراته بالله خبر هل أحطت بكل ما

يحويه خالك من غريب نكاته وهل العذار المسبالت عقوده فوق المناآب عد في عقداته شرك العذار وجب خالك صيرا طير الحشا ولهان في قبضاته

قسما بقائم بانة أحدية آثبان جمع صفاتهماست على

ما في الديار سوى مالبس مغفر وأنا الحمى والحي مع فلواته

فصلاألحدية تطلب انعدام األسماء والصفات مع أثرها ومؤثراتها، والواحدية

تطلب فناء هذا العالم بظهور أسماء الحق وأوصافه، والربوبية تطلب بقاء ائه، وبقاء العالم في عين العالم، واأللوهية تقتضي فناء العالم في عين بق

فنائه، والعزة تستدعي دفع المناسبة بين الحق والخلق، والقيومية تطلب صحة وقوع النسبة بين اهللا وعبده، ألن القيوم من قام بنفسه وقام به

من حيث : غيره، وال بد من جميع ما اقتضته آل من هذه العبارات فنقوليث تجلي الواحدية ما ثم خلق تجلي األحدية ما ثم وصف وال اسم، ومن ح

لظهور سلطانها بصورة آل متصور في الوجود، ومن حيث تجلي الربوبية خلق وحق لوجود الحق ووجود الخلق، ومن حيث تجلي األلوهية ليس إال

الحق وصورته الخلق وليس إال الخلق ومعناه الحق، ومن حيث تجلي يث تجلي القيومية ال بد من العزة ال نسبة بين اهللا وبين العبد، ومن ح

وجود المربوب لوجود صفات الرب، وال بد من وجود صفات الرب لوجود إنه من حيث اسمه الظاهر عين األشياء، ومن : نقول. صفات المربوب

.حيث اسمه الباطن أنه بخالفها نزه فهذا واجب اهللا

ال الحاضرون دروا وال الالهي ما فيهم من ذاته وصفاته

يم روائح ما ال هي إال شم هم يحسنون فيحسبون بأنهم

إياه حاشاه عن األشباه ليس اإلله بعده آال وال

ناه بذات غير ذات تناهي الذات واحدة وأوصاف العال

لله والسفلى لعبد واهي تمت المقدمة، وقد آن شروعنا في الكتاب، واهللا يهدي للصواب، وقد

.جعلناه نيفا وستين بابا الكتابفهرست

.في الذات: الباب األول .في االسم مطلقا: الباب الثاني .في الصفة مطلقا: الباب الثالث .في األلوهية: الباب الرابع

.في األحدية: الباب الخامس

.في الواحدية: الباب السادس .في الرحمانية: الباب السابع .في الربوبية: الباب الثامن .في العماء: الباب التاسع

.في التنزيه: ب العاشرالبا .في التشبيه: الباب الحادي عشر .في تجلي األفعال: الباب الثاني عشر .في تجلي األسماء: الباب الثالث عشر .في تجلي الصفات: الباب الرابع عشر

.في تجلي الذات: الباب الخامس عشر .في الحياة: الباب السادس عشر .في العلم: الباب السابع عشر

.في اإلرادة: من عشرالباب الثا .في القدرة: الباب التاسع عشر .في الكالم: الباب العشرون

.في السمع: الباب الحادي والعشرون .في البصر: الباب الثاني والعشرون

.في الجمال: الباب الثالث والعشرون .في الجالل: الباب الرابع والعشرون

.في الكمال: الباب الخامس والعشرون .في الهوية: والعشرونالباب السادس

.في اإلنية: الباب السابع والعشرون .في األزل: الباب الثامن والعشرون .في األبد: الباب التاسع والعشرون

.في القدم: الباب الثالثون .في أيام اهللا: الباب الحادي والثالثون .في صلصلة الجرس: الباب الثاني والثالثون . الكتابفي أم: الباب الثالث والثالثون .في القرآن: الباب الرابع والثالثون

.في الفرقان: الباب الخامس والثالثون .في التوراة: الباب السادس والثالثون .في الزبور: الباب السابع والثالثون

.في اإلنجيل: الباب الثامن والثالثون .في نزول الحق إلى سماء الدنيا: الباب التاسع والثالثون

. في فاتحة الكتاب:الباب األربعون .في الطور وآتاب مسطور: الباب الحادي واألربعون .في الرفرف األعلى: الباب الثاني واألربعون .في السرير والتاج: الباب الثالث واألربعون .في القدمين والنعلين: الباب الرابع واألربعون

.في العرش: الباب الخامس واألربعون .كرسيفي ال: الباب السادس واألربعون .في القلم األعلى: الباب السابع واألربعون .في اللوح المحفوظ: الباب الثامن واألربعون .في سدرة المنتهى: الباب التاسع واألربعون

.في روح القدس: الباب الخمسون .في الملك المسمى بالروح: الباب الحادي والخمسون ).ص(من محمد في القلب وأنه محتد إسرافيل : الباب الثاني والخمسونفي العقل األول، وأنه محتد جبريل من محمد : الباب الثالث والخمسون

).ص( ).ص(في الوهم، وأنه محتد عزرائيل من محمد : الباب الرابع والخمسون

في الهمة، وأنها محتد ميكائيل من محمد : الباب الخامس والخمسون ).ص(

ي جميع المالئكة من في الفكر، وأنه محتد باق: الباب السادس والخمسون ).ص(محمد

.في الخيال وأنه هيولى جميع العوالم: الباب السابع والخمسونفي الصورة المحمدية على صاحبها أفضل : الباب الثامن والخمسون

الصالة والسالم، وأنه النور الذي خلق منه الجنة والجحيم، والمحتد الذي .وجد فيه العذاب والنعيمفي النفس وأنه محتد إبليس ومن تبعه من : ونالباب التاسع والخمس

.الشياطين من أهل التلبيسفي اإلنسان الكامل ومقابلته للحق والخلق، وأنه محمد : الباب الستون

).ص(في أشراط الساعة، وفيه ذآر الموت والبرزخ : الباب الحادي والستون

.لكثيبواألعراف وا والقيامة والحساب والميزان والصراط والجنة والنار

في السبع السماوات وما فوقها، والسبع األرضين : الباب الثاني والستونوما تحتها، والسبع البحار وما فيها من العجائب والغرائب وما يسكنها من

.أنواع المخلوقاتفي سر سرائر األديان والعبادات ونكتة جمع : الباب الثالث والستون .األحوال والمقامات

الذاتفـي: الباب األولاعلم أن مطلق الذات هو األمر الذي تستند عليه األسماء والصفات في

عينها ال في وجودها، فكل اسم أو صفة استند إلى شيء فذلك الشيء هو : الذات، سواء آان معدوما آالعنقاء فافهم، أو موجودا، والموجود نوعان نوع موجود محض، وهو ذات الباري سبحانه وتعالى، ونوع موجود

.ملحق بالعدم، وهو ذات المخلوقاتواعلم أن ذات اهللا سبحانه وتعالى عبارة عن نفسه التي هو بها موجود

ألنه قائم بنفسه، وهو الشيء الذي استحق األسماء والصفات بهويته فيتصور بكل صورة يقتضيها منه آل معنى فيه، أعني اتصف بكل وصف

على مفهوم يقتضيه الكمال، يطلبه آل نعت، واستحق لوجوده آل اسم دلومن جملة الكماالت عدم االنتهاء ونفي اإلدراك، فحكم بأنها ال تدرك،

وأنها مدرآة الستحالة الجهل عليه فاعلم، وفي هذا المعنى قلت في :قصيدة

أحطت خبرا مجمال ومفصال بجميع ذاتك يا جميع صفاته أم جل وجهك أن يحاط بكنهه

ذاته فاحتطه أن ال يحاط ب حاشاك من غاي وحاشا أن تكن

بك جاهال وياله من حيراته واعلم أن ذات اهللا تعالى غيب األحدية التي آل العبارات واقعة عليها من

وجه، غير مستوفية لمعناها من وجوه آثيرة، فهي ال تدرك بمفهوم عبارة و بما وال تفهم بمعلوم إشارة، ألن الشيء إنما يفهم بما يناسبه فيطابقه، أ

ينافيه فيضاده، وليس لذاته في الوجود مناسب وال مطابق وال مناف وال مضاد، فارتفع من حيث االصطالح إذا معناه في الكالم وانتفى بذلك أن

يدرك لألنام، المتكلم في ذات اهللا صامت، والمتحرك ساآن والناظر باهت، وم واألفكار، ال أن تدرآه العقول واألفهام، وجل أن تجول فيه الفه عز

يتعلق بكنهه حديث العلم وال قديمه، وال يجمعه لطيف الحد وال عظيمه، طار طائر القدس في فضاء الجو الخالي، وسبح بكليته في هواء هذا الفلك

عزت مدارآه غابت عوالمه جلت مهالكه أصمت صوارمه ال العين تبصره ال الحد يحصره ال الوصف يحضره من ذا ينادمه

آلت عبارته ضاعت إشارته هدت عمارته قلب يصادمه عال وال فلك روح وال ملك

ملك له ملك عزت محارمه عين وال بصر علم وال خبر فعل وال أثر غابت معالمه

قطب على فلك شمس على حبك طاوس في سكك تجلى عظائمه أنموذج سطرا باالصطالح سرى

عن الوجود عرى روحي عوالمه نة دار مكونةحرب ملو

نفس مدونة ميت همى دمه ذات مجردة نعت مفردة آي مفردة يقراه راقمه

محض الوجود له والنفي يشمله يدري ويجهله من قام نائمه

نفى وقد تثبتت سلب وقد وجبت

رمز وقد عرفت نشر وناسمه ال تطمعن فما تلقى له حرما

إن آنت مغتنما هذي مغانمه المراد بهعنقاء مغربه أنت

تنزيه مشتبه مما يالئمه موج له زخر بحر به غرر

نار له شرر والعشق ضارمه مجهولة وصفت منكورة عرفت

وحشية ألفت قلبا يسالمه إن قلت تعرفه فلست تنصفه أو قلت تنكره فأنت عالمه سري هويته روحي إنيته

قلبي منصته والجسم خادمه إني ألعقله مع ذاك أجهله

حصله صدت غنائمه من ذا ي يعلو فأآتمه يدنو فأفهمه

يملي فأرقمه يدهيك قائمه نزهته فعرى شبهته فسرى جسمته فطرا ما ال أقاومه نزلته فأبى بالحسن منتهيا

يلقاه منتسبا في الهدب صارمه في خده سجل في ناره شعل

في جفنه آحل آالرمح قائمه في ريقه عسل في قده أسل

الظلم ظالمه في جعده رسل و سمر سواعده سود جعائده

بيض نواجذه حمر مباسمه خمر مراشفه سحر معاطفه

وهم لطائفه التيه الزمه مجهولة وصفت مملوآة عرفت

وحشية ألفت قلبي تكالمه الفتك صنعته والقتل شيمته

والهجر حليته مرت مطاعمه

مرآب بسطا مقيد نشطا مصور غلطا نور طواسمه

ما صحة مرضما جوهر عرض سهم هو الغرض حارت قواسمه

جمع وال نفرا فرد وقد آثرا أمامنا وورا الكل عالمه

جهل هو العلم حرب هو السلم عدل هو الظلم مدت قواصمه

يبكي ويطربني يصحو ويسكرني ينجو ويغرقني أبغي أحاآمه طورا أالعبه طورا أصاحبه طورا أجانبه طورا أآالمه

ي طورا يواصلنيطورا يخاللن طورا يقاتلني حتى أخاصمه إن قلت قد طربا ألقاه مغتضبا أو قلت قد وجبا تبقى عزائمه وحش وما ألفا نكر وما عرفا ذات وما وصفا عال دعائمه

شمس وقد سطعت برق وقد لمعت ورق وقد سجعت فوقي حمائمه ضدان قد جمعا فيه وما امتنعا عين إذا نبعا هاجت مالطمه سم لذائقه مسك لناشقه بحر

لغارقه ضاعت عالئمه أما بعد، فإن : ثم آتب على جناح الطير األخضر بقلم مداد الكبريت األحمر

العظمة نار والعلم ماء والقوى هواء والحكمة تراب، عناصر بها يتحقق وله . األول األزل، والثاني األبد: جوهرنا الفرد، ولهذا الجوهر عرضان

: وله نعتان. الخلق: الحق، والوصف الثاني: األولالوصف : وصفاناالسم األول الرب، : وله اسمان. النعت األول القدم، والنعت الثاني الحدوث

الوجه األول الظاهر وهو الدنيا، : وله وجهان. العبد: واالسم الثانيالحكم األول الوجوب، : وله حكمان. الباطن وهو األخرى: والوجه الثاني

االعتبار األول أن يكون لنفسه : وله اعتباران. اإلمكان: انيوالحكم الثأن يكون لغيره مفقودا ولنفسه : مفقودا ولغيره موجودا، واالعتبار الثاني

في االسم مطلقا: الباب الثاني حي لهند ممنع األعتاب

عالي المكان شامخ األبواب مامن دونه ضرب الرقاب وآل

ال تستطيع الخلق من إعراب لو أن نشرا هب من أرجائها

سلب العقول وطاش باأللباب

االسم ما يعين المسمى في الفهم، ويصوره في الخيال، ويحصره في الوهم، ويدبره في الفكر، ويحفظه في الذآر، ويوجده في العقل، سواء آان

ول آمال تعرف المسمى المسمى موجودا أو معدوما، حاضرا أو غائبا، فأنفسه إلى من يجهله باالسم، فنسبته من المسمى نسبة الظاهر من الباطن،

فهو بهذا االعتبار عين المسمى، ومن المسميات ما تكون معدومة في نفسها، موجودة في اسمها آعنقاء مغرب في االصطالح، فإنها ال وجود

، منه أعلمت صفاتها التي لها إال في االسم، وهو الذي أآسبها هذا الوجودتقتضيها لذات هذا االسم، وهو أعني االسم غير المسمى، باعتبار أن

هو الشيء الذي يغرب عن العقول : مفهوم عنقاء مغرب في االصطالحواألفكار، وآان بنقشه على هيئة مخصوصة غير موجودة المثال لعظمها،

على هذا المعنى إال وليس هذا االسم بنفسه على هذا الحكم فكأنه ما وضع وضعا آليا على معقول معنى ليحفظ رتبته في الوجود آيال ينعدم، فتحسب

أن الوجود في ذاته ما هو بهذا الحكم، فهو السبيل إلى معرفة مسماه، ومنه يصل الفكر إلى تعقل معناه، فألق اإللف من الكالم، واستخرج الورد

د السمه اهللا تعالى في الحق، من الكمام ، وعنقاء مغرب في الخلق مضافكما أن مسمى عنقاء في نفسه عدم محض، فكذلك مسمى اهللا تعالى في

نفسه وجود محض، فهو مقابل السم اهللا باعتبار أن ال وصول إلى مسماه إال به، فهو أي عنقاء مغرب بهذا االعتبار موجود، فكذلك الحق سبحانه

أسمائه وصفاته، إذ آل من وتعالى ال سبيل إلى معرفته إال من طريقاألسماء والصفات تحت هذا االسم، وال يمكن الوصول إليه إال بذريعة

أسمائه وصفاته فحصل من هذا أن ال سبيل إلى الوصول إلى اهللا إال من .طريق هذا االسم

واعلم أن هذا االسم هو الذي اآتسب الوجود بحقيقته، وبه اتضحت له وبه اتصل . على المعنى الكامل في اإلنسانسبيل طريقته، فكان ختما

المرحوم بالرحمن، فمن نظر نقش الختم فهو مع اهللا تعالى باالسم، ومن عبر المنقوشات فهو مع اهللا تعالى بالصفات، ومن فك الختم فقد جاوز

الوصف واالسم، فهو اهللا بذاته غير محجوب عن صفاته، فإن أقام الجدار حكم الختم الذي يريد أن ينفض، بلغ يتيما حقه الذي يريد أن ينقض، وأ

.وخلقه أشدهما واستخرجا آنزهماواعلم أن الحق سبحانه وتعالى جعل هذا االسم مرآة لإلنسان، فإذا نظر

وآشف له حينئذ أن » آان اهللا وال شيء معه«بوجهه فيها علم حقيقة ة اهللا وعلمه سمعه سمع اهللا وبصره بصر اهللا وآالمه آالم اهللا وحياته حيا

علم اهللا وإرادته إرادة اهللا وقدرته قدرة اهللا تعالى، آل ذلك بطريق

والناظر وجهه في مرآة هذا االسم يكتسب هذا العلم ذوقا يكون عنده من ا المشهد آان مجيبا لمن علوم التوحيد علم الواحدية، ومن حصل له هذ

دعا اهللا، فهو إذن مظهر السمه اهللا، ثم إذا ترقى وصفا من آدر العدم إلى العلم بوجود الواجب، وزآاه اهللا بظهور القدم من خبث الحدث صار مرآة

السمه اهللا، فهو حينئذ مع االسم آمرآتين متقابلتين توجد آل منهما في ن اهللا مجيبا لمن دعاه، يغضب اهللا األخرى، ومن حصل له هذا المشهد آا

لغضبه ويرضى لرضاه، ويوجد عنده من علوم التوحيد علم األحدية فما دونها، وبين هذا المشهد والتجلي الذاتي لطيفة، وهي أن صاحب هذا .المشهد يتلو الفرقان وحده، والذاتي يتلو جميع الكتب المنزلة فافهم

آلها، ال يوجد آمال إال وهو تحت فلك واعلم أن هذا االسم هيولى الكماالت االسم، ولهذا ليس لكمال اهللا من نهاية، ألن آل آمال يظهره الحق من

نفسه فإن له في غيبه من الكماالت ما هو أعظم من ذلك وأآمل، فال سبيل إلى الوقوع على نهاية الكمال من الحق بحيث أن ال يبقى مستأثرا عنده،

أيضا ال سبيل إلى بروز جميع صورها بحيث أن وآذلك الهيولى المعقولةال يبقى فيها قابلية صورة أخرى، هذا ال يمكن البتة فال يدرك لما في الهيولى من الصور غاية، وإذا آان هذا في المخلوق فكيف في الحق

بأن درك : الكبير المتعال، ومن حصل من تجليات الحق في هذا التجلي قال، ومن تجلى له الحق في تجلي معناه عين اهللا العجز عن اإلدراك إدراك

حيث علمه وتحققه حيث عينه فهو ال يقول بالعجز عن اإلدراك وال بما ينافي ذلك، بل يتداعاه الطرفان، فيكون مقامه المقام الذي ال يمكن عنه

تعبير، وهو أعلى مشهد في اهللا، فاطلبه وال تكن عنه اله، وقال فيه رحمه :اهللا تعالى

أآبر هذا البحر قد زخرااهللا وهيج الريح موجا يقذف الدررا

فاخلع ثيابك واغرق فيه عنك ودع عنك السباحة ليس السبح مفتخرا

ومت فميت بحر اهللا في رغد حياته بحياة الله قد عمرا

واعلم أن الحق سبحانه وتعالى جعل هذا االسم هيولى آمال صور المعاني يات الحق التي لنفسه في نفسه داخال تحت حيطة اإللهية، وآان آل من تجل

هذا االسم وما بعده، إال الظلمة المحضة التي تسمى بطون الذات في الذات، وهذا االسم نور تلك الظلمة فيه يبصر الحق نفسه، وبه يتصل إلى .معرفة الحق، وهو باصطالح المتكلمين علم على ذات استحقت األلوهية

إنه جامد غير مشتق، : ي هذا االسم، فمن قائل يقولوقد اختلف العلماء فإنه مشتق : ومن قائل. وهو مذهبنا لتسمي الحق به قبل خلق المشتق منه

من أله يأله إذا عشق، بمعنى تعشق الكون لعبوديته بالخاصية في الجري على إرادته والذلة لعزة عظمته، فالكون به من حيث هو هو ال يستطيع

ا نزل ماهية وجوده عليه من التعشيق لعبودية الحق مدافعة لذلك، لمسبحانه وتعالى آما يتعشق الحديد بالمغناطيس تعشقا ذاتيا، وهذا التعشق

من الكون بعبوديته هو تسبيحه الذي ال يفهمه آل، وله تسبيح ثان وهو الحق فيه، وتسبيح ثالث وهو ظهوره في الحق باسم الخلق، قبوله لظهورون آثيرة هللا تعالى، فلها بنسبة آل اسم هللا تسبيح خاص وتسبيحات الك

يليق به بذلك االسم اإللهي، فهي تسبيح هللا تعالى باللسان الواحد في اآلن الواحد بجميع تلك التسبيحات الكثيرة المتعددة التي ال يبلغها اإلحصاء، وآل فرد من أفراد الوجود بهذه الحالة مع اهللا، فاستدل من قال بأن هذاإن : االسم مشتق بقولهم إله ومألوه، فلو آان جامدا لما تصرف، ثم قالوا

هذا االسم لما آان أصله إله ووضع للمعبود دخله الم التعريف فصار اإلله، فحذف األلف األوسط منه لكثرة االستعمال فصار اهللا، وفي هذا االسم

.تبركلعلماء العربية آالم آثير فلنكتف بهذا القدر من آالمهم للواعلم أن هذا االسم خماسي ألن األلف التي قبل الهاء ثابتة في اللفظ وال

.يعتد بسقوطها في الخط ألن اللفظ حاآم على الخطواعلم أن األلف األولى عبارة عن األحدية التي هلكت فيها الكثرة ولم يبق

: القصص، اآلية[{ : لها وجود بوجه من الوجوه، ذلك حقيقة قوله تعالىيعني وجه ذلك الشيء، وهو أحدية الحق فيه ومنه، له الحكم فال يقيد ] 88

.بالكثرة إذ ليس لها حكمولما آانت األحدية أول تجليات الذات في نفسه لنفسه بنفسه آان األلف في أول هذا االسم، وانفراده بحيث ال يتعلق به شيء من الحروف تنبيها على

ية وال للنعوت الخلقية فيها ظهور، األحدية التي ليس لألوصاف الحقيقفهي أحدية محضة اندحض فيها األسماء والصفات واألفعال والتأثيرات

والمخلوقات، وإليه إشارة بسائط هذه الحروف باندحاضها فيه، إذ بسائط هذا الحرف ألف والم وفاء، فاأللف من البسائط يدل على الذات الجامعة

وثم نكتة أخرى، وهي النقطة التي في رأس الفاء آأنها هي التي دائرة مانة التي حملها اإلنسان، رأس الفاء محلها، وهنا إشارة لطيفة إلى األ

وهي، أعني األمانة آمال األلوهية، آما أن السماء واألرض وأهليهما من المخلوقات لم تستطع حمل هذه األمانة، وآذلك جميع الفاء ليس محال

وذلك ألنه . للنقطة سوى رأسها المجوف الذي هو عبارة عن اإلنسان، » روح نبيك يا جابرأول ما خلق اهللا«: رئيس هذا العالم، وفيه قيل

فكذلك القلم من يد الكاتب أول ما يصور رأس الفاء، فتحصل من هذا الكالم وما قبله أن أحدية الحق يبطن فيها حكم آل شيء من حقائق أسمائه

وصفاته وأفعاله ومؤثراته ومخلوقاته، وال يبقى إال صفة ذاته المعبر عنها ا االسم بعبارة أبسط من هذا في آتابنا من وجه باألحدية، وقد تكلمنا في هذ

، فلينظر ] الكهف والرقيم، في شرح بسم اهللا الرحمن الرحيم: [المسمى بـ .هناك

هو الالم األول، فهو عبارة عن الجالل : والحرف الثاني من هذا االسمولهذا آان الالم مالصقا لأللف ألن الجالل أعلى تجليات الذات وهو أسبق

العظمة إزاري، والكبرياء «: وقد ورد في الحديث النبوي. لإليها من الجماوال أقرب من اإلزار والرداء إلى الشخص، فثبت أن صفات الجالل » ردائي

سبقت رحمتي «: أسبق إليه من صفات الجمال، وال يناقض هذا قوله تعالى .فإن الرحمة السابقة إنما هي شرط العموم والعموم من الجالل» غضبي

لصفة الواحدية الجمالية إذا استوفت آمالها في الظهور أو واعلم أن اقاربت سميت جالال لقوة ظهور سلطان الجمال، فمفهوم الرحمة من

.الجمال وعمومها وانتهاؤها هو الجاللهو الالم الثاني، وهو عبارة عن الجمال المطلق الساري : الحرف الثالث

لجمال راجع إلى في مظاهر الحق سبحانه وتعالى، وجميع أوصاف ا: وصفين، العلم واللطف، آما أن جميع أوصاف الجالل راجع إلى وصفين

ونهاية الوصفين األولين إليهما، فكأنهما وصف واحد، . العظمة واالقتدارإن الجمال الظاهر للخلق إنما هو جمال هو الجالل، والجالل : ومن ثم قيل

ظهرين لكن باختالف المراتب، ولما آان هذا الالم إشارة إلى هذين الموآانت بسائطه الم ألف ميم، وجملة هذه األعداد أحد وسبعون عددا، وتلك

هي عدد الحجب التي أسدلها الحق دونه بينه وبين خلقه، وقد قال النبي وهو الجمال، وظلمة وهو » إن هللا نيفا وسبعين حجابا من نور«): ص(

يعني » ما انتهى إليه بصرهلو آشفها ألحرقت سبحات وجهه«الجالل الواصل إلى ذلك المقام ال يبقى له عين وال أثر، وهي الحالة التي يسميها

الصوفية المحق والسحق؛ فكل عدد من أعداد هذا الحرف إشارة إلى مرتبة من مراتب الحجب التي احتجب اهللا تعالى بها عن خلقه وفي آل

المرتبة آالعزة مثال، مرتبة من مراتب الحجب ألف حجاب من نوع تلكفإنها أول حجاب قيد اإلنسان في المرتبة الكونية، ولكن له ألف وجه، وآل وجه حجاب، وآذلك بواقي الحجب، ولوال قصد االختصار لشرحناها على

.أتم الوجوه وأآملها وأخصها وأفضلها هو األلف الساقط في الكتابة، ولكنه ثابت في: الحرف الرابع من هذا االسم

اللفظ، وهو ألف الكمال المستوعب الذي ال نهاية وال غاية له، وإلى عدم غايته اإلشارة بسقوطه في الخط ألن الساقط ال تدرك له عين وال أثر، وفي ثبوته في اللفظ إشارة إلى حقيقة وجود نفس الكمال في ذات الحق سبحانه

ي الجمال، والحق وتعالى، فعلى هذا الكامل من أهل اهللا في أآمليته يترقى فسبحانه وتعالى ال يزال في تجليات، وآل تجل من تجلياته في ترق في

أآمليته، فإن الثاني يجمع األول، فعلى هذا تجلياته أيضا في ترق، ولهذا إن العالم آله ترق في آل نفس ألنه أثر تجليات الحق وهي : قال المحققون

.ي الترقيفي الترقي، فلزم من هذا أن يكون العالم فإن الحق سبحانه وتعالى في ترق وأردت بالترقي : فإن قلت بهذا االعتبار

ظهوره لخلقه، جاز هذا الحديث في الجناب العالي اإللهي، تعالى اهللا .سبحانه عن الزيادة والنقصان، وجل أن يتصف بأوصاف األآوان

حق هو الهاء، فهو إشارة إلى هوية ال: الحرف الخامس من هذا االسم{ أي اإلنسان { يا محمد { : الذي هو عين اإلنسان، قال اهللا تعالى

فهاء اإلشارة في هو راجع إلى فاعل قل وهو أنت، ] 1: اإلخالص، اآلية[أقيم المخاطب هنا مقام . وإال فال يجوز إعادة الضمير إلى غير مذآور

لي الملك في الدارين لم أر فيهما سواي فأرجو فضله أو فأخشاه وال قبل من قبلي فألحق شأنه

وال بعد من بعدي فأسبق معناه لكمال وإننيوقد حزت أنواع ا

جمال جالل الكل ما أنا إال هو فمهما ترى من معدن ونباته وحيوانه مع أنسه وسجاياه

ومهما ترى من عنصر وطبيعة ومن هباء لألصل طيب هيواله ومهما ترى من أبحر وقفاره

ومن شجر أو شاهق طال أعاله ومهما ترى من صورة معنوية ومن مشهد للعين طاب محياه

ترى من فكرة وتخيلومهما وعقل ونفس أو فقلب وأحشاه ومهما ترى من هيئة ملكية

ومن منظر إبليس قد آان معناه

ومهما ترى من شهوة بشرية لطبع وإيثار لحق تعاطاه

ومهما ترى من سابق متقدم ومن الحق بالقوم لفاه ساقاه ومهما ترى من سيد ومسود

ومن عاشق صب صبا نحو لياله ى من عرشه ومحيطهومهما تر

وآرسيه أو رفرف عز مجاله ومهما ترى من أنجم زهرية

ومن جنة عدن لهم طاب مثواه ومهما ترى من سدرة لنهاية

ومن جرس قد صلصال منه طرفاه فإني ذاك الكل والكل مشهدي أنا المتجلي في حقيقته ال هو

وإني رب لألنام وسيد جميع الورى اسم وذاتي مسماه

لملك والملكوت نسجي وصنعتيلي ا لي الغيب والجبروت مني منشاه

وها أنا فيما قد ذآرت جميعه عن الذات عبد آيب نحو مواله

فقير حقير خاضع متذلل أسير ذنوب قيدته خطاياه

فيا أيها العرب الكرام ومن همو لصبهم الولهان أفخر ملجاه قصدتكم أنتم قصارى ذخيرتي

أتمناه وأنتم شفيعي في الذي ويا سيدا حاز الكمال بأثره

فأضحى له بالسبق شأو تعااله ألستاذ شيخ العالمين وشيخهم

ونور حواه األآملون وألاله عليكم سالمي آل يوم وليلة

تزيد على مر الزمان تحاياه في الصفة مطلقا: الباب الثالث

اله، أي ما توصل إلى فهمك معرفة ح: الصفة ما تبلغك حالة الموصوفوتكيفه عندك وتجمعه في وهمك وتوضحه في فكرك، وتقربه في عقلك فتذوق حالة الموصوف بصفته، ولو قسته بك ووزنته في نفسك فحينئذ

إما أن يميل الطبع إليه لوجود المالئم، وإما أن ينفرد لذوق المخالف، فافهم وتأمله وذقه ليختم في سمعك بطابع رحمن جمعك، وال يمنعك هذا

.شر فهو على اللب حجاب وعلى الوجه نقابالقثم إن الصفة تابعة للموصوف أي ال تتصف بصفات غيرك وال بصفات

نفسك وال بنعتك، وال تكن منه على شيء إال إذا علمت أنك عين ذلك الموصوف وتحققت أنك العليم، فحينئذ العلم تابع لك ضرورة ال تحتاج فيه

علقة بالموصوف تابعة له توجد بوجود إلى زيادة تأآيد، ألن الصفة مت .الموصوف وتفقد بانعدامه

. صفة فضائلية، وصفة فاضلية: والصفة عند علماء العربية على نوعينفالفضائلية هي التي تتعلق بذات اإلنسان آالحياة، والفاضلية هي التي

.تتعلق به وبخارج عنه آالكرم وأمثال ذلكيعني األسماء التي تفيد : على قسمينأسماء الحق تعالى : وقال المحققون

.في نفسها وصفا فهي عند النحاة أسماء نعوتيةهي الذاتية، آاألحد والواحد والفرد والصمد، والعظيم والحي : القسم األول

.والعزيز والكبير والمتعال، وأشباه ذلكهي الصفاتية، آالعلم والقدرة، ولو آانت من األوصاف : القسم الثاني

آالمعطي والخالق، ولو آانت من األفعالية، وأصل الوصف في النفسيةالصفات اإللهية اسمه الرحمن فإنه مقابل ألسماء اهللا في الحيطة

والشمول، والفرق بينهما أن الرحمن مع جمعه وعمومه مظهر للوصفية، .واهللا مظهر لالسمية

لشمول واعلم أن الرحمن علم على ذات المرتبة العلية من الوجود بشرط اللكمال المستوعب الذي ال نقص فيه من غير نظر إلى الخلق، واسمه

تعالى اهللا علم على ذات واجب الوجود لكن بشرط الشمول للكمال الحقي، والعموم للوصف الخلقي، فاهللا عام والرحمن خاص، أعني اسمه الرحمن

مختص بالكماالت اإللهية، واسمه اهللا شامل للحق والخلق، ومتى تخصص الرحمن بكمال من الكماالت انتقل معناه من محله إلى اسم الئق بذلك

وأمثال ذلك، فإن آال من هذه األسماء . الكمال، آاسمه الرب والملكينحصر معناه على ما يعطيه وصفه من المرتبة، بخالف اسمه الرحمن

فإن مفهوم معناه ذو الكمال المستوعب لجميع الكماالت، فهو صفة جامعة . الصفات اإللهيةلجميع

واعلم أن الصفة عند المحقق هي التي ال تدرك وليس لها غاية، بخالف الذات، فإنه يدرآها ويعلم أنها ذات اهللا تعالى، ولكن ال يدرك ما لصفاتها

من مقتضيات الكمال، فهو على بينة من ذات اهللا ولكن على غير بينة من ة الكونية إلى المرتبة القدسية الصفات؛ مثاله أن العبد إذا ترقى من المرتب

وآشف له عنه، علم أن ذات اهللا تعالى هي عين ذاته، فقد أدرك الذات وبقي عليه أن » من عرف نفسه فقد عرف ربه«): ص(وعلمها، وقال

يعلم ما لهذه الذات من الصفات آما هو لها بحق حقيقة مما اتصفت الذات الصفة البتة، مثاله في الصفة إلى درك غاية اإللهية بأوصافها وال سبيل

العلمية إذا حصلها العبد اإللهي فإنه ال يدرك منها على التفصيل إال القدر الذي ينزل على قلبه، فأدرك من الصفة العلمية مثال آم في الوجود رجال، وبقي عليه أن يعلم أسماءهم آال على حدته، فإن علم بقي عليه أوصافهم

اسهم ثم حاالتهم إلى ما ال يتناهى، وآذلك باقي الصفات ثم ذواتهم ثم أنفآل واحدة بهذه المثابة، وهذا ال سبيل إلى استيعابه مفصال، ولكن على

سبيل اإلجمال، فإنه يحصل من حيث الذات لدرآه ذاته فال يفوته شيء من ألن عدم ،ذلك، فإذن ما المدرآة إال الذات وما غير مدرآة إال الصفات

اهي هو من صفات الذات ال من الذات، فالذات مدرآة معلومة محققة، التن .والصفات مجهولة غير متناهية

وآثير من أهل اهللا حجبوا بهذه المسألة، فإنهم لما آشف اهللا لهم عن ذاته أنه هم طلبوا إدراك صفاته فلم يجدوها من أنفسهم فأنكروه، فلم يجيبوه إذ

لست إال : وقالوا له] 14: طه، اآلية[{ : اهمناداهم ولم يعبدوه إذ قال لموسالمخلوق، ألنهم ما اعتقدوا في الحق أن تدرك ذاته وتجهل صفاته، وآان

التجلي على خالف المعتقد فحصل اإلنكار، وظنوا أن الصفات تدرك في الذات شهودا آما تدرك الذات، ولم يعلموا أن هذا ممتنع حتى في المخلوق

اين منك ذاتك، وأما ما فيك من صفة الشجاعة ألنك إنما ترى وتعوالسخاوة والعلم فإنه ال يدرك بشهود، بل يبرز منك شيئا فشيئا على قدر معلوم، فإذا برزت الصفة وشوهد منها هذا األثر حكم لك بهذا، وإال فتلك

الصفات جميعها منطوية فيك جميعها غير مدرآة وال مشهودة، لكن العقل .يق العادة وجريا على القانون المفهومينسبها إليك بطر

واعلم أن إدراك الذات العلية هو أن تعلم بطريق الكشف اإللهي أنك إياه وهو إياك، وأن ال اتحاد وال حلول، وأن العبد عبد والرب رب، وال يصير

العبد ربا وال الرب عبدا، فإذا عرفت هذا القدر بطريق الذوق والكشف وق العلم والعيان وال يكون ذلك إال بعد السحق والمحق اإللهي الذي هو ف

الذاتي، وعالمة هذا الكشف أن يفنى أوال عن نفسه بظهور ربه، ثم يفنى

وأما آون ما لهويتك من العلم والقدرة والسمع والبصر والعظمة والقهر والكبرياء وأمثال ذلك، فإن ما هو من مدارك الصفات يدرك منه آل من

الذاتيين على قدر قوة عزمه وعلو همته ودخول علمه، فقل ما شئت،إن صفات، وإلى هذا المعنى أشار تدرك فباعتبار أنها عين ال إن الذات ال: قلتألن األبصار من الصفات، فمن لم يدرك ] 103: األنعام، اآلية[{ : بقوله

.إنها تدرك، فباعتبار ما قد سبق: الصفة لم يدرك الذات، وإن قلتوهذه مسألة خفيت على آثيرين من أهل اهللا تعالى، فلم يتحدث عليها أحد

ت، وهذا مجلى من آشف له عنه قبلي، فليتأمل فيها فهي من نوادر الوقذاق لذة اتصاف اهللا بأوصافه، فإذا ترقى فيه بلغ إلى معرفة آيفية

االتصاف بأوصافه، وفيه التناهي والدخول فافهم، على أنه ال يفهمه إال المتهيئون للكمال المقربون من ذي الجالل واإلآرام، وآم دون هذا المقام

.من أسمر وحسام ود بمائهأولع قلبي من زر

ويا ولهي آم مات ثمة والع ولي طمع بين األجارع عهده

قديم وآم خابت هناك المطامع هذا قد مضى، ولنا في هذا المعنى آالم آخر وهو مضاد للمعنى األول في

ظاهر اللفظ، وإال فال تضاد، وألن متضادات الحقائق جميعا آلها متحدة من حيث اإلطالق هي معاني المعنى في الحقيقة، وذلك أن الصفات

معلومة، والذات هي أمر مجهول، فالمعاني المعلومة أولى باإلدراك من األمر المجهول، فإذا قد صح عدم اإلدراك فيها، أعني في الصفات، فال

سبيل إلى إدراك الذات بوجه من الوجوه، فعلى الحقيقة ال صفاته مدرآة .وال ذاته

فعالن، وهو يكون في اللغة لقوة واعلم أن اسمه الرحمن على وزناتصاف المتصف به وظهوره عليه، ولذا وسعت رحمته آل شيء حتى آل

.أمر أهل النار إلى الرحمة: واعلم أن هذا االسم تحته جميع األسماء اإللهية النفسية، وهي سبعة: الحياة والعلم والقدرة واإلرادة والسمع والبصر والكالم؛ فأحرفه سبعة

ي الحياة، أال ترى إلى سريان حياة اهللا في جميع األشياء، فكانت األلف وهقائمة به، وآذا األلف سار بنفسه في جميع األحرف حتى أن ما ثم حرف

ه وجدت األلف من بسائطه أو من بسائط وأما لفظا، فإن الحرف إذا بسطتباء فظهرت : بسائطه وال سبيل إلى أن تفقده، فالباء مثال إذا بسطته قلت

جيم ياء ميم والياء توجد فيها األلف، : األلف، والجيم مثال إذا بسطته قلتوالميم آذلك وجميع األحرف على هذا المثال، فكان حرف األلف مظهر

رية في الموجودات، والالم مظهر العلم، فمحل قائمة الحياة الرحمانية الساالالم علمه بنفسه ومحل تعريقه علمه بالمخلوقات؛ والراء مظهر القدرة المبرزة من آون العدم إلى ظهور الوجود، فترى ما آان يعلم وتوجد ما آان يعدم؛ والحاء مظهر اإلرادة ومحلها غيب الغيب؛ أال ترى إلى حرف

آخر الحلق إلى ما يلي الصدر، واإلرادة آذلك مجهولة الحاء آيف هو منفي نفس اهللا فال يعلم وال يدرى ماذا يريد فيقضي به، فاإلرادة غيب

محض؛ والميم مظهر السمع، أال تراه شفويا من ظاهر الفم إذ ال يسمع إال ما يقال، وما قيل فهو ظاهر سواء آان القول لفظيا أو حاليا، فدائرة رأس

المشابهة لها الهوية محل سماعه آالمه، ألن الدائرة يعود آخرها الميم .إلى المحل الذي ابتدأت منه، وآالمه فمنه ابتدأ وإليه يعود

.وأما تعريقه الميم فمحل سماعه لكالم الموجودات حاليا آان أو مقالياوأما األلف التي بين الميم والنون فمظهر البصر وله من األعداد الواحد،

وآان األلف . و إشارة إلى أن الحق سبحانه وتعالى ال يرى إال بذاتهوهمسقطا في الكتابة ومثبتا في اللفظ، فسقوطه إشارة إلى أن الحق سبحانه وتعالى ال يرى المخلوقات إال من نفسه فليست بغير له، وإثباته في اللفظ،

قدسه وتعاليه فإشارة إلى تمييز الحق بذاته في ذاته عن المخلوقات، وت .عن أوصافهم وما هم عليه من الذلة والنقص

القلم، [{ : وأما النون فهو مظهر لكالمه سبحانه وتعالى، قال اهللا تعالى } :وآناية عن اللوح المحفوظ، فهو آتاب اهللا الذي قال فيه] 1: اآلية

.وآتابه آالمه] 38: األنعام، اآلية]ر المخلوقات بأحوالها وأوصافها واعلم أن النون عبارة عن انتقاش صو

آما هي عليه جملة واحدة، وذلك االنتقاش هو عبارة عن آلمة اهللا تعالى فهي تكون، على حسب ما جرى به القلم في اللوح الذي هو » آن«لها

فهو تحت حيطة » آن«مظهر لكلمة الحضرة، ألن آل ما يصدر من لفظة . آالم اهللا تعالىإن النون مظهر: اللوح المحفوظ، فلهذا قلنا

واعلم أن النقطة التي فوق النون هي إشارة إلى ذات اهللا تعالى الظاهرة بصورة المخلوقات، فأول ما يظهر من المخلوقات ذاته ثم يظهر المخلوق

: وقد تحدثنا في اسم الرحمن بأبسط من هذا الكالم في آتابنا المسمى بـ، فمن أراد معرفة ذلك ] والرقيم في شرح بسم اهللا الرحمن الرحيمالكهف[

فليطالع هنالك، فانظر إلى هذا االسم الكريم وما حواه من األسرار التي تحتار فيها األفكار، ولو تحدثنا في أسرار حروف هذا االسم وآمية أعداده

مع بسائطه وما تحت آل حرف منه من االختراعات واالنفعاالت في آوان ألظهرنا عجائب وغرائب يحار الفهم فيه من أين يأخذه، وما األ

ترآناه مضنة به وال بخال، ولكن قصدنا االختصار في هذا الكتاب لئال يمل قارؤه وآاتبه فيفوته ما أردناه له من االنتفاع، وقد أودعنا هذا الكتاب من

.األسرار ما هو أعظم من ذلك، واهللا المستعان وعليه التكالن في األلوهية: الباب الرابع

اعلم أن جميع حقائق الوجود وحفظها في مراتبها تسمى األلوهية، وأعني بحقائق الوجود أحكام المظاهر مع الظاهر فيها، أعني الحق والخلق،

فشمول المراتب اإللهية وجميع المراتب الكونية، وإعطاء آل حقه من لرب هذه المرتبة، وال يكون مرتبة الوجود هو معنى األلوهية، واهللا اسم

ذلك إال لذات واجب الوجود تعالى وتقدس، فأعلى مظاهر الذات مظهر األلوهية إذ له الحيطة والشمول على آل مظهر وهيمنة على آل وصف أو

اسم، فاأللوهية أم الكتاب، والقرآن هو األحدية، والفرقان هو الواحدية نية، آل ذلك باعتبار، وإال فأم الكتاب القرآنية، والكتاب المجيد هو الرحما

باعتبار األول الذي عليه صالح القوم هو ماهية آنه الذات، والقرآن هو الذات، والفرقان هو الصفات، والكتاب هو الوجود المطلق، وسيأتي بيان

.هذه العبارات من هذا الكتاب في محله إن شاء اهللا تعالى أشرنا إليه، علمت أن هذا عين وإذا عرفت االصطالح وعرفت حقيقة ما

ذلك، وال خالف في القولين إال في العبارة، والمعنى واحد، فإذا علمت ما ذآرناه تبين لك أن األحدية أعلى األسماء التي تحت هيمنة األلوهية،

والواحدية أول تنزالت الحق من األحدية، فأعلى المراتب التي شملتها لى مظاهر الرحمانية في الربوبية وأعلى الواحدية المرتبة الرحمانية، وأع

مظاهر الربوبية في اسمه الملك، فالملكية تحت الربوبية والربوبية تحت الرحمانية، والرحمانية تحت الواحدية، والواحدية تحت األحدية واألحدية،

واعلم أن الوجود والعدم متقابالن، وفلك األلوهية محيط بهما، ألن لضدين من القديم والحديث والحق والخلق والوجود األلوهية محيط تجمع ا

والعدم، فيظهر فيها الواجب مستحيال بعد ظهوره واجبا ويظهر فيها المستحيل واجبا بعد ظهوره فيها مستحيال، ويظهر الحق فيها بصورة

، ويظهر الخلق » رأيت ربي في صورة شاب أمرد«: الخلق مثل قولهوعلى هذا التضاد فإنها » دم على صورتهخلق آ«: بصورة الحق مثل قوله

تعطي آل شيء مما شملته من هذه الحقائق، فظهور الحق في األلوهية على أآمل مرتبة وأعالها وأفضل المظاهر وأسماها، وظهور الخلق في

األلوهية على ما يستحقه الممكن من تنوعاته وتغيراته وانعدامه ووجوده، مال ما تستحقه مراتبه من جميع الحق وظهور الوجود في األلوهية على آ

والخلق وأفراد آل منهما، وظهور العدم في األلوهية على بطونه وصرافته وانمحاقه في الوجه األآمل غير موجود في فنائه المحض، وهذا ال يعرف

بطريق العقل وال يدرك بالفكر، ولكنه من حصل في هذا الكشف اإللهي علم جلي العام المعروف بالتجلي اإللهي، وهو هذا الذوق المحض من هذا الت

) ص(موضع حيرة الكمل من أهل اهللا تعالى، وإلى سر هذه األلوهية أشار من الرب وال ) ص(فما خاف » أنا أعرفكم باهللا وأشدآم خوفا منه«: بقوله

ما أدري ما يفعل «: من الرحمن، وإنما خاف من اهللا، وإليه اإلشارة بقولهى أنه أعرف الموجودات باهللا تعالى وبما يبرز من ذلك عل» بي وال بكم

الجناب اإللهي، أي ال أدري أي صورة أظهر بها في التجلي اإللهي وال أظهر إال بما يقتضيه حكمها وليس لحكمها قانون ال نقيض له، فهو يعلم

بلغي يا نسيم أهل الديار خبر الصب بين ماء ونار وانزلي تلكم الديار بليل

ما تطيقي نزولها بنهار فهناك الظبا تصيد أسودا

وهناك األسود ليست ضواري قد فقدنا القرار عنهم فباتوا

نا لهم ببعد المزار ورضي آتب الحسن في الفؤاد قرآنا

أنزلوه عليه باالقتدار فتال القلب آية العشق حتى

أآمل السر سورة االشتهار فتبدى من النقاب جمال قتل الناظرين باالستتار

نطق الثغر منه عجبا لحسن أسكرت ريقه بخمر خماري قال لما رأى القلوب أسارى

فتقار قد غنيتم بصحة اال آل ما في الوجود غيري فمني

هو ذاتي نوعته باختياري أنا آالثوب إن تلونت يوما باحمرار وتارة باصفرار

ومحا الحمرة البياض وجاءت آثرة فهي للتلون طاري فمحال علي في انقسام

ومحال علي في دثاري إنما الدثر في التلون حق

إنما الستر فيه ال في جاري ما في عوالمي من جمادآل

ونبات وذات روح معاري صور لي تعرضت وإذا ما

أزلتها ال أزول وهي جواري اتفاق جميعها باختالف

رتبة قد علت مطار مدار لي معنى إذا بدا آنت معنى

من معانيه ذا غناء افتقاري وإذا زال لم أزل في لباس

لم أآن منه منذ ما آنت عاري نىوعليها ترآبت آل مع

لي من ذاتي العزيز المنار فألوهيتي لذاتي أصل

بل هو الفرع فاعلمن شعاري عجبا للذي هو األصل حكما

أن يسير لفرعه فهو ساري ال يهولنك المقال فإني

لم أآن فرعه سوى في استتاري وعليه مؤصل آل فرع

هو أصل لباطني وظهاري وإذا ما بدا تجليت فيه ماري وإذا ما أزيل فهو خ

فهو تدريه ال تراه وإني قد تراني ولم تكن لي داري سنة لي جرت بذاك وإني لغني بأن أرى أو أواري

فاأللوهية مشهودة األثر مفقودة في النظر يعلم حكمها وال يرى رسمها، والذات مرئية العين مجهولة األين ترى عيانا وال يدرك لها بيانا، أال ترى

تعلم أنه موصوف مثال بأوصاف متعددة، فتلك أنك إذا رأيت رجال األوصاف الثابتة له إنما تقع عليها بالعلم واالعتقاد أنها فيه وال تشهد لها

ولأللوهية سر، وهو أن آل فرد من األشياء التي يطلق عليها اسم الشبيه ع بقية قديما آان أو محدثا، معدوما آان أو موجودا، فهو يحوي بذاته جمي

أفراد األشياء الداخلة تحت هيمنة األلوهية، فمثل الموجودات آمثل مراء إن المرائي : متقابالت يوجد جميعها في آل واحد منها، فإن قلت

المتقابالت قد وجد في آل منها ما وجد في األخرى، فما جمعت الواحدة ئي التي من المرائي إال ما هي عليه، وبقي األفراد المتعددات من المرا

ما حوى : منها جميع المجموع، ساغ بها االعتبار أن نقول تحت آل فردآل فرد من أفراد الوجود إال ما استحقته ذاته ال زائدا على ذلك، وإن قلت

باعتبار وجود الجميع من المرائي في آل واحدة أن آل فرد من أفراد فهذا أمر وعلى الحقيقة . الوجود فيه جميع الموجودات جاز لك ذلك

آالقشر على المراد وما وضع لك إال شرآا، عسى أن يقع طيرك في شبكة األحدية فتشهد في الذات ما استحقته من الصفات، فاترك القشر وخذ اللب

.وال تكن ممن عمي عن الوجه وتراءى الحجب قلبي بكم متصلب

متسكن متقلب وخيال حبكم به

أبدا يجيء ويذهب ما أنتم مني سوى

نفسي فأين المهرب ألقيت نفسي فاغتدت

مما لكم أتقلب وترآتني فوجدتني

ال أم ثم وال أب وجحدت ما قبلي وما

بعدي وال أتريب

ونفيت عني االختصا ص بوجهه يتقرب أنا ذلك القدوس في

قدس العماء محجب أنا ذلك الفرد الذي

فيه الكمال األعجب أنا قطب دائرة الرحى

المستوعب وأنا العال وأنا العجيب ومن به

مما حوى ذا المعجب فلك المحاسن فيه شمـ

ـسي مشرق وال مغرب لي في العال فوق المكا

ن مكانة ال تقرب في آل منبت شعره مني آمال معرب وبكل صوت طائر

في آل غصن يطرب وبكل مرأى صورتي

تبدو وقد تتحجب حزت الكمال بأسره

فألجل ذا أتقلب ول إني خلقهوأق

والحق ذاتي فاعجبوا نفسي أنزه عن مقا لتي التي ال تكذب

الله أهل للعال وبروق خلقي خلب أنا لم أآن هو لم يزل

فألي شيء أطنب ضاع الكالم فال آال

م وال سكوت معجب جمعت محاسني العال

أنا غافر والمذنب في األحدية: الباب الخامس

ى الذات ليس لألسماء وال للصفات وال لشيء من األحدية عبارة عن مجلمؤثراتها فيه ظهور، فهي اسم لصرافة الذات المجردة عن االعتبارات الحقية والخلقية، وليس لتجلي األحدية في األآوان مظهر أتم منك إذا

استغرقت في ذاتك ونسيت اعتباراتك وأخذت بك فيك عن ظواهرك، فكنت إليك شيء مما تستحقه من األوصاف أنت في أنت من غير أن ينسب

الحقية، أو هو لك من النعوت الخلقية، فهذه الحالة من اإلنسان أتم مظهر .لألحدية في األآوان فافهم

وهو أول تنزالت الذات من ظلمة العماء إلى نور المجالي، فأعلى تجلياتها هو هذا التجلي لتمحضها وتنزهها عن األوصاف واألسماء واإلشارات

والنسب واالعتبارات جميعا بحيث وجود الجميع فيها، لكن بحكم البطون في هذا التجلي ال بحكم الظهور، وهذه األحدية في لسان العموم هي عين

الكثرة المتنوعة فهي في المثل آمن ينظر من بعد إلى جدار قد بني ذلك ى الجدار من طين وآجر وجص وخشب، ولكنه ال يرى شيئا من ذلك وال ير

إال جدارا فقط فكانت أحدية هذه الجدار مجموع ذلك الطين واآلجر والجص والخشب، ال على أنه اسم لهذه األشياء، بل على أنه اسم لتلك الهيئة

المخصوصة الجدارية، آما أنك مثال في مشهدك واستغراقك في أنيتك التي في هذا أنت بها أنت ال تشاهد إال هو وال يظهر لك في شهودك منك

المشهد شيء من حقائقك المنسوبة إليك على أنك مجموع تلك الحقائق، فتلك هي أحديتك على أنها اسم لمجالك الذاتي باعتبار هويتك ال باعتبار أنك مجموع حقائق منسوبة إليك، فإنك ولو آنت تلك الحقائق المنسوبة

ك باعتبار فالمجلى الذاتي الذي هو مظهر األحدية فيك إنما هو اسم لذاتعدم االعتبارات، فهي في الجناب اإللهي عبارة عن صرافة الذات المجردة

عن جميع األسماء والصفات وعن جميع األثر والمؤثرات، وآان أعلى المجالي ألن آل مجلى بعده ال بد أن يتخصص حتى األلوهية فهي

متخصصة بالعموم، فاألحدية أول ظهور ذاتي، وامتنع االتصاف باألحديةللمخلوق، ألن األحدية صرافة الذات المجردة عن الحقية والمخلوقية،

وهو أعني العبد قد حكم عليه بالمخلوقية، فال سبيل إلى ذلك، وأيضا االتصاف افتعال وتعمل، وذلك مغاير لحكم األحدية، فال يكون للمخلوق أبدا

ما شهدت فهي هللا تعالى مختصة به، فإن شهدت نفسك في هذا التجلي فإنمن حيث إلهك وربك فال تدعيه بخلقيتك، فليس هذا المجال مما للمخلوق

فيه نصيب البتة، فهو هللا وحده أول المجالي الذاتية، فأنت بنفسك قد علمت

عيني لنفسك نزهت في ذاتها وتقدست في اسمها وصفاتها فاشهد لها ما تستحق وال تقل

نفسي استحقت حسنها بثباتها واشرب مدامك بالكؤوس وال تقل

يوما بترك الراح في حاناتها ماذا يضرك لو جعلت آناية

عنك اسمها وحفظت حرمة ذاتها مجلى الذات السمك مظهراوجعلت

والعز مظهر اسمها وسماتها وأقمت فوق الكنز منك جدارها

آي ال يشاهد جاهل حرماتها هذي األمانة آن بها نعم األميـ ـن وال تدع أسرارها لوشاتها

في الواحدية: الباب السادس الواحدية مظهر للذات

تبدو مجمعة لفرق صفاتي الكل فيها واحد متكثر

ب لكثرة واحد بالذات فاعج هذاك فيها عين ذا وآمثل ما تياك في حكم الحقيقة آتي

عن حقيقة آثرة فهي العبارة في وحدة من غير ما أشتاتي

آل بها في حكم آل واحد فالنفي في ذا الوجه آاإلثبات فرقان ذات الله صورة جمعه

وتعدد األوصاف آاآليات فاتلوه واقرأ منك سر آتابه

المبين وفيك مكنوناتي أنت

واعلم أن الواحدية عبارة عن مجلى ظهور، الذات فيها صفة، والصفة فيها ذات، فبهذا االعتبار ظهر آل من األوصاف عين اآلخر، فالمنتقم فيها عين اهللا، واهللا عين المنتقم، والمنتقم عين المنعم، وآذلك ظهرت الواحدية

ت النعمة التي هي عبارة عن في النعمة نفسها، والنقمة عينها، آانالرحمة عين النقمة التي هي عبارة عن عين العذاب، والنقمة التي هي العذاب عبارة عن النعمة التي هي عين الرحمة، آل هذا باعتبار ظهور الذات في الصفات وفي آثارها وفي آل شيء مما ظهر فيه الذات بحكم

الواحدي ال باعتبار إعطاء الواحدية هو عين اآلخر، ولكن باعتبار التجلي .آل ذي حق حقه، وذلك هو التجلي الذاتي

واعلم أن الفرق بين األحدية والواحدية واأللوهية، أن األحدية ال يظهر فيها شيء من األسماء والصفات وذلك عبارة عن محض الذات الصرف في شأنها الذاتي، والواحدية تظهر فيها األسماء والصفات مع مؤثراتها

واأللوهية . بحكم الذات ال بحكم افتراقها، فكل منها فيه عين اآلخرلكن تظهر فيها األسماء والصفات بحكم ما يستحقه آل واحد من الجميع،

ويظهر فيها أن المنعم ضد المنتقم، والمنتقم فيها ضد المنعم، وآذلك باقي كم األسماء والصفات، حتى األحدية فإنها تظهر في األلوهية بما يقتضيه ح

األحدية وبما يقتضيه حكم الواحدية؛ فتشمل األلوهية بمجالها أحكام جميع آان اهللا وال «المجالي فهي مجلى إعطاء آل ذي حق حقه، واألحدية مجلى

قال » وهو اآلن على ما عليه آائن«: والواحدية مجلى قوله» شيء معهن الواحدية فلهذا آانت األحدية أعلى م] 88: القصص، اآلية[{ : اهللا تعالى

ألنها ذات محض، وآانت األلوهية أعلى من األحدية ألنها أعطت األحدية حقها، إذ حكم األلوهية إعطاء آل ذي حق حقه، فكانت أعلى األسماء

وأجمعها، وأعزها وأرفعها، وفضلها على األحدية آفضل الكل على الجزء، الفرع، وفضل األحدية على باقي المجالي الذاتية، آفضل األصل على

وفضل الواحدية على باقي التجليات آفضل الجمع على الفرق، فانظر أين .هذه المعاني منك وتأملها فيك

اجن الثمار فإنما غرست لكي تجنيها ودع التعلل بالشوا هد فهي ال تهديها

واشرب من الثغر المدا م فخمر فيها فيها

وأدر آؤوسك راشدا

رغم الذي يطويها سعاأبدت محاسنها

د فال تكن مخفيها ودع اغترارك بالسوى

ليس السوى يدريها وآل اللبابة وارم با لقشر الذي يبديها

واحذر من الواشي الثقيل فأنت من واشيها

في الرحمانية: الباب السابعهي الظهور بحقائق األسماء والصفات، وهي بين ما يختص : الرحمانية

وبين ما لها وجه إلى المخلوقات آالعالم به في ذاته آاألسماء الذاتية، والقادر والسميع وما أشبه ذلك مما له تعلق بالحقائق الوجودية، فهي إلى الرحمانية اسم لجميع المراتب الحقية، ليس للمراتب الخلقية فيها اشتراك،

فهي أخص من األلوهية النفرادها بما ينفرد به الحق سبحانه وتعالى، ألحكام الحقية والخلقية، فكان العموم لأللوهية واأللوهية تجمع ا

والخصوص للرحمانية، فالرحمانية بهذا االعتبار أعز من األلوهية، ألنها عبارة عن ظهور الذات في المراتب العلية، وتقدسها عن المراتب الدنية،

ليس للذات في مظاهرها مظهر مختص بالمراتب العلية بحكم الجمع إال انية، فنسبة المرتبة الرحمانية إلى األلوهية نسبة سكر المرتبة الرحم

النبات إلى القصب، فالسكر النبات أعلى مرتبة توجد في القصب، والقصب يوجد فيه السكر النبات وغيره، فإن قلت بأفضلية السكر النبات على القصب بهذا االعتبار، آانت الرحمانية أفضل من األلوهية، وإن قلت

لى النبات لعمومه وجمعه له ولغيره، آانت األلوهية بأفضلية القصب عواالسم الظاهر في المرتبة الرحمانية هو الرحمن، . أفضل من الرحمانية

الحياة : وهو اسم يرجع إلى أسمائه الذاتية وأوصافه النفسية، وهي سبعةواألسماء الذاتية . والعلم والقدرة واإلرادة والكالم والسمع والبصر

احدية والصمدية والعظمة والقدوسية وأمثالها، وال يكون آاألحدية والو .ذلك إال لذات واجب الوجود تعالى في قدسه الملك المعبود

واختصاص هذه المرتبة بهذا االسم للرحمة الشاملة لكل المراتب الحقية والخلقية، فإن بظهوره في المراتب الحقية ظهرت المراتب الخلقية،

ميع الموجودات من الحضرة الرحمانية، فأول فصارت الرحمة عامة في ج{ : رحمة رحم اهللا بها الموجودات أن أوجد العالم من نفسه، قال تعالى

أعارته طرفها رآها به فكان البصير لها طرفها

فإن العارية ما هي في األشياء ليست إال نسبة الوجود الخلقي إليها، وإن فأعار الحق حقائقه اسم الخلقية لتظهر بذلك الوجود الحقي لها أصل

أسرار األلوهية ومقتضياتها من التضاد، فكان الحق هيولى العالم، قال اهللا فمثل العالم مثل الثلج، والحق سبحانه ] 85: الحجر، اآلية[{ : تعالى

وتعالى الماء الذي هو أصل هذا الثلج، فاسم تلك الثلجة على ذلك المنعقد مائية عليه حقيقة، وقد نبهت على ذلك في القصيدة المسماة معار واسم ال

، وهي قصيدة عظيمة لم ينسج ] البوادر الغيبية في النوادر العينية: [بـالزمان على آم الحقائق مثل طرازها، ولم يسمح الدهر بفهمها العتزازها

:وموضع التنبيه قولي وما الخلق في التمثال إال آثلجة

لذي هو نابع وأنت بها الماء ا وما الثلج في تحقيقنا غير مائه

وغيران في حكم دعته الشرائع ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه

ويوضع حكم الماء واألمر واقع تجمعت األضداد في واحد البها

وفيه تالشت وهو عنهن ساطع األعم، فلهذا واعلم أن الرحمانية هي المظهر األعظم والمجلى األآمل

ة عرشها والملكية آرسيها والعظمة رفرفها، والقدرة آانت الربوبيجرسها، والقهر صلصلتها، وآان االسم الرحمن هو الظاهر فيها بجميع

مقتضيات الكمال على نظر تمكنه واعتبار سريانه في الموجودات، واستيالء حكمه عليها وهو استواؤه على العرش، ألن آل موجود يوجد

وأما استيالء الرحمن فتمكنه سبحانه وتعالى بالقدرة والعلم واإلحاطة من حكم االستواء المنزه عن الحلول والمماسة، موجوداته مع وجوده فيها ب

وآيف يجوز الحلول والمماسة وهو عين الموجودات نفسها، فوجوده تعالى في موجوداته بهذا الحكم من حيث اسمه الرحمن ألنه رحم المخلوق

.بظهوره فيه وبإبرازه المخلوق في نفسه وآال األمرين واقع فيه مثال في الذهن آان ذلك التشكل واعلم أن الخيال إذا تشكل صورة ما

والتخيل مخلوقا، والخالق موجودا في آل مخلوق، وذلك التخيل والتشكل موجود فيك وأنت الحق باعتبار وجوده فيك، فوجب لك التصوير في الحق

.ووجد الحق فيهقد نبهت في هذا الباب على سر جليل القدر يعلم منه آثير من أسرار اهللا،

وسر العلم اإللهي وآونه علما واحدا يعلم به الحق والخلق، آسر القدروآون القدرة منشؤها األحدية ولكن من المجلى الرحماني، وآون العلم

أصله الواحدية ولكن من المجلى الرحماني، وخلف هذا آله نكيتات أشارت إليها تلك الكماالت، فتأمل من أول الباب وارم القشر وخذ اللباب، واهللا

.موفق للصوابال فصل

اعلم أن الرحيم والرحمن اسمان مشتقان من الرحمة، ولكن الرحمن أعم، فعموم الرحمن لظهور رحمته في سائر الموجودات، . والرحيم أخص وأتم

وخصوص الرحيم الختصاص أهل السعادات به، فرحمة الرحمن ممتزجة ولو آان رحمة بالنقمة، مثال آشرب الدواء الكريه الطعم والرائحة، فإنه

بالمريض فإن فيه ما ال يالئم الطبع، ورحمة الرحيم ال يمازجها شوب، ومن الرحمة . فهي محض النعمة وال توجد إال عند أهل السعادات الكاملة

التي تحت اسم الرحيم رحمة اهللا تعالى لصفاته وأسمائه بظهور آثارها نسان أحدهما األعز ومؤثراتها، فالرحيم في الرحمن آالعين في هيكل اإلإن الرحيم ال تظهر : األخص الرفيع، واآلخر الشامل للجميع؛ ولهذا قيل

رحمته بكمالها إال في اآلخرة ألنها أوسع من الدنيا وألن آل نعيم في الدنيا وقد أوسعنا القول في . ال بد أن يشوبه آدر، فهو من المجالي الرحمانية

الكهف والرقيم في شرح بسم اهللا : [هذين االسمين في آتابنا المسمى بـ، فمن أراد معرفتها فلينظر في ذلك الكتاب، واهللا يقول ] الرحمن الرحيم

.الحق وهو يهدي السبيل

في الربوبية: الباب الثامن

اسم للمرتبة المقتضية لألسماء التي تطلبها الموجودات، فدخل : الربوبيةوم والمريد والملك وما أشبه تحتها االسم العليم والسميع والبصير والقي

ذلك، ألن آل واحد من هذه األسماء والصفات يطلب ما يقيم عليه، فالعليم يقتضي المعلوم والقادر يقتضي مقدورا عليه، والمريد يطلب مرادا وما

.أشبه ذلكواعلم أن األسماء التي تحت اسمه الرب هي األسماء المشترآة بينه وبين

صة بالخلق اختصاصا تأثيريا، فاألسماء المشترآة خلقه، واألسماء المختبين ما يختص به وبين ما له وجه إلى المخلوقات آاسمه العليم، فإنه اسم

: يعلم نفسه ويعلم خلقه ويسمع نفسه ويسمع غيره، وتقول: نفسي تقوليبصر نفسه ويبصر غيره، فأمثال هذه األسماء مشترآة بينه وبين خلقه،

وجه مختص بالجناب اإللهي، : أن االسم له وجهانفأعني بالمشترآة .ووجه ينظر إلى المخلوقات آما سبق

. وأما األسماء المختصة بالخلق فهي آاألسماء الفعلية واسمه القادررزق الموجودات، : خلق نفسه، وتقول: خلق الموجودات، وال تقول: تقول

وغ على رزق نفسه وال قدر على نفسه، فهذه وإن آانت تس: وال تقولتأويل فهي مختصة بالخلق ألنها تحت اسمه الملك، وال بد للملك من

مملكة، والفرق بين اسمه الملك واسمه الرب أن الملك اسم لمرتبة تحتها والرب . األسماء الفعلية وهي التي أشرت إليها بما يختص بالخلق فقط .اسم لمرتبة تحتها نوعا األسماء المشترآة والمختصة بالخلق

لفرق بين الرب والرحمن، أن الرحمن اسم لمرتبة اختصت بجميع وااألوصاف العلية اإللهية، سواء انفردت الذات بها آالعظيم والفرد، أو

حصل االشتراك آالعظيم والبصير، أو اختصت بالمخلوقات آالخالق .والرازق

أن اهللا اسم لمرتبة ذاتية جامعة : والفرق بين اسمه الرحمن واسمه اهللاقائق الموجودات علوها وسفلها فدخل اسم الرحمن تحت حيطة اسمه لح

اهللا، ودخل اسم الرب تحت حيطة اسم الرحمن، ودخل اسم الملك تحت حيطة اسم الرب، فكانت الربوبية عرشا، أي مظهرا ظهر فيها وبها نظر الرحمن إلى الموجودات، ومن هذه المرتبة صحت النسبة بين اهللا تعالى

إنه وجد الرحم أخذ من حقو «): ص(أال ترى إلى قوله . ادهوبين عبمحل الوسط ألن الربوبية لها وسط الرحمانية، إذ : والحقو» الرحمن

الرحمانية جامعة لما ينفرد به الحق ولما يشارآه فيه الخلق، وبما يختص

ما نحن إال أنتمو قاربتمو أو بنتمو

ما في الوجود سواآم أظهرتم أو صنتمو هو صورة لجمالكم

معناه هذا أنتم آان الوجود بكونكم

وبكونه قد آنتم وآشفتمو ثوب السوا

عن حسنكم فأبنتم العزسميتم الحسن

يز بعزآم فأهنتم قلتم سوانا قسوة هال فنحن ألنتم

دان الخليفة باسمكم وباسم خلق دنتم نوعتم حسن الجما

ل وفي الوفا ما خنتم فلكم آمال ال يزا

ل له البرية ينتمو فالتجلي المعنوي . تجل معنوي، وتجل صوري: واعلم أن للربوبية تجليين

ما اقتضاه القانون التنزيهي من أنواع ظهوره في أسمائه وصفاته علىالكماالت، والتجلي الصوري ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون

الخلقي التشبيهي، وما حواه المخلوق من أنواع النقص، فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقه ذلك المظهر من التشبيه، فإنه على

ر بين صوري ملحق بالتشبيه، ومعنوي ملحق ما هو من التنزيه، واألمبالتنزيه، إن ظهر الصوري فالمعنوي مظهر له، وإن ظهر المعنوي

في العماء: الباب التاسع هو المحل األولإن العماء

فلك شموس الحسن فيه أفل هو نفس نفس الله آان له بها

آون ولم يخرج فال يتبدل مثل له المثل العلي آمونه

آكمون نار قد حواه الجندل مهما بدت نار من األحجار فهي

بحكمها وآمونها ال ترحل والنار في األحجار آامنة وإن ظهرت فهذا الحكم ال يتحلل

رأينا ناظرا هو في عمىولكم عنه تعالى الله ال يتمثل

هو حيرة األلباب في دهشاتها عنها فتلك لها عماء يهمل هو نفسه ال باعتبار ظالمها بل باعتبار ضيائها إذ يعقل من غير ما أحدية مجهولة أو واحدية آثرة ال تجهل

لطفت فغابت في لطيفة ذاتها فكمونها فيه العماء األول

اعلم أن العماء عبارة عن حقيقة الحقائق التي ال تتصف بالحقية وال وذات محض ألنها ال تضاف إلى مرتبة ال حقية وال خلقية، بالخلقية، فهي

فال تقتضي لعدم اإلضافة وصفا وال اسما، وهذا معنى قوله عليه الصالة يعني ال حق وال» إن العماء ما فوقه هواء وما تحته هواء«: والسالم

خلق، فصار العماء مقابال لألحدية، فكما أن األحدية تضمحل فيها األسماء واألوصاف وال يكون لشيء فيها ظهور، فكذلك العماء ليس لشيء من

.ذلك فيه مجال وال ظهوروالفرق بين العماء واألحدية، أن األحدية حكم الذات في الذات بمقتضى

ماء حكم الذات بمقتضى اإلطالق التعالي وهو الظهور الذاتي األحدي، والعالعمائي، فهي مقابلة فال يفهم منه تعال وتدان وهو البطون الذاتي

على العهد من تلك المعاهد زينب فتحجب وما غيرتها الحادثات

لقد حفظت تلك العهود ولم تكن تضيع عهدا بالمحصب زينب فإن نقلت عنها الوشاة تجنبا

فمن أجل ما تهوى الوشاة التجنب وإن أرعدوا فيها بصد وهجرة

فبرق الوفا في وابل اللطف خلب خذوا يا نداماها آؤوس رضابها

فكف يد الندمان فيها مخضب اعتناقا وسلمةوال تأملوا منها

فليس إلى الشمس الخفافيش تقرب فما أسفرت عنه لكم فبعطفها ومن رحمة للصب ال تتحجب

وليس على التحقيق آفء جمالها سواها فإياآم وعنقاء مغرب

وهذا التجلي الواحد هو المستأثر الذي ال يتجلى به لغيره، فليس للخلق االعتبار وال االنقسام، وال فيه نصيب البتة، ألن هذا التجلي ال يقبل

اإلضافة وال األوصاف وال شيئا من ذلك، ومتى آان للخلق فيه نسبة

وعلى الجملة، فإن هذا التجلي الذاتي الذي هو عليه جامع ألنواع التجليات ال يمنعه آونه في هذا التجلي أن يتجلى بتجل آخر، ولكن حكم التجليات

وجودة معدومة، على أن نور األخر تحته آحكم األنجم تحت الشمس ماألنجم في نفسها من نور الشمس، وآذلك باقي التجليات اإللهية إنما هي

رشحة من سماء هذا التجلي أو قطرة من بحره، وهي على وجودها معدومة في ظهور سلطان هذا التجلي الذاتي، المستأثر الذي استحقه

فسه من حيث علم لنفسه من حيث علمه به، وبواقي التجليات استحقها لن .غيره به، فافهم

جرى جواد البيان في مضمار هذا التبيان إلى أن أبدى حكم ما ال يظهر أبدا، فلنقبض العنان في هذا البرهان، ونبسط اللسان فيما فيه آان

بعد أن أعلمناك أن العماء هو نفس الذات باعتبار : الترجمان، فنقولحدية هي نفسه باعتبار التعالي في اإلطالق في البطون واالستتار، وأن األ

الظهور مع وجوب سقوط االعتبارات فيها، وقولي باعتبار الظهور واعتبار االستتار إنما هو إليصال المعنى إلى فهم السامع، ال أنه من حكم

.العماء اعتبار البطون، أو من حكم األحدية اعتبار الظهور، فافهمى في عماء عنك إذا اعتبرنا عدم واعلم أنك في نفسك وهللا المثل األعل

ظهورك لك مطلقا بكلية ما أنت عليه، ولو آنت عالما بما أنت به وعليه، ولكن بهذا االعتبار فأنت ذات في عماء، أال تراك باعتبار أن الحق سبحانه

وتعالى عينك وهويتك وقد تغفل عن حقيقة ما هو أنت به أحق، فتكون أنت من حيث حقك لم يحتجب عنك، ألن عنك في عماء بهذا االعتبار، و

حكم الحق أن ال يحتجب عن نفسه فكنت في ظهورك لنفسك بحكم الحق على ما أنت عليه من العماء، وهو استتارك عن حقيقتك بحكم الخلق، فكنت ظاهرا لنفسك باطنا عنك، وهذا ضرب من األمثال التي نضربها

أين آان «): ص(سئل رسول اهللا للناس وما يعقلها إال العالمون، ولهذا لما ألن التجلي في » في عماء«: أجاب بقوله» الحق قبل أن يخلق الخلق؟

نفسه ال بد أن يقتضي من حيث اسمه أن يكون ال استتار قبله، وهذه القبلية قبلية حكم ال قبلية توقيت، ألنه تعالى أن يكون بينه وبين خلقه

تالزم، إذ الوقت واالنفصال توقيت أو انفصال أو انفكاك أو اتصال أو واالنفكاك والتالزم مخلوقات له، فكيف يكون بينه وبين مخلوقاته

في التنزيه: عاشرالباب العبارة عن انفراد القديم بأوصافه وأسمائه وذاته، آما يستحقه : التنزيه

من نفسه لنفسه بطريق األصالة والتعالي، ال باعتبار أن المحدث ماثله أو شابهه، فانفرد الحق سبحانه وتعالى عن ذلك، فليس بأيدينا من التنزيه إال

ألن التنزيه المحدث ما بإزائه ، القديمالتنزيه المحدث، والتحق به التنزيهنسبة من جنسه وليس بإزاء التنزيه القديم نسبة من جنسه، ألن الحق ال

تنزيه عن التنزيه، : يقبل الضد وال يعلم آيف تنزيهه، فألجل ذا نقولفتنزيهه لنفسه ال يعلمه غيره وال يعلم إال التنزيه المحدث، ألن اعتباره

عن حكم آان يمكن نسبته إليه فينزه عنه، ولم يكن عندنا تعري الشيء للحق تشبيه ذاتي يستحق عنه التنزيه، إذ ذاته هي المنزهة في نفسها على ما يقتضيه آبرياؤها، فعلى أي اعتبار آان وفي أي مجلى ظهر أو

أو تنزيهيا » رأيت ربي في صورة شاب أمرد«: بان، تشبيهيا آان آقولهفإن التنزيه الذاتي له حكم الزم لزوم الصفة «ى أراهنور أن«: آقوله له

للموصوف، وهو من ذلك المجلى على ما استحقه من ذاته لذاته بالتنزيه القديم الذي ال يسوغ إال له وال يعرفه غيره، فانفرد في أسمائه وصفاته وذاته ومظاهره وتجلياته بحكم قدمه عن آل ما ينسب إلى الحدوث ولو

لوجوه، فال تنزيهه آالتنزيه الخلقي وال تشبيهه آالتشبيه، بوجه من ا .تعالى وانفردإن التنزيه راجع إلى تطهير محلك ال إلى الحق فإنه أراد : وأما من قال

بهذا التنزيه الخلقي الذي بإزائه التشبيه يعم، ألن العبد إذا اتصف من ئص أوصاف الحق بصفاته سبحانه وتعالى تطهر محله وخلص من نقا

المحدثات بالتنزيه اإللهي فرجع إليه هذا التنزيه، وبقي الحق على ما آان

أذآر لك في آتابي هذا أو غيره من مؤلفاتي أن هذا األمر واعلم أني متى للحق وليس للمخلوق فيه نصيب، أو هذا مختص بالخلق وال ينسب إلى الحق، فإن مرادي بذلك أنه للوجه المسمى بذلك االسم من الذات، ال أنه ليس للذات ذلك، فافهم ألن هذا األمر مبني على أن الذات جامعة لوجهي

فللحق منها ما يستحقه الحق، وللخلق منها ما يستحقه ،الحق والخلقالخلق على بقاء آل وجه في مرتبته بما تقتضيه ذاته من غير ما امتزاج، فإذا ظهر أحد الوجهين في الوجه اآلخر آان آل من الحكمين موجودا في .اآلخر، وسيأتي بيانه في باب التشبيه، تعالى من ليس بعرض وال جوهر

ام به عرضانيا جوهرا ق يا واحدا في حكمه اثنان

جمعت محاسنك العلى فتوحدت لك باختالف فيهما ضدان

ما أنت إال واحد الحسن الذي تم الكمال له بال نقصان

فلئن بطنت وإن ظهرت فأنت في ما تستحق من العال السبحاني

متنزها متقدسا متعاليا في عزه الجبروت عن حدثان

المخلوق إال مثلهلم يدرك والحق منزه عن األآوان

في التشبيه: الباب الحادي عشرالتشبيه اإللهي عبارة عن صورة الجمال، ألن الجمال اإللهي له معان، وهي األسماء واألوصاف اإللهية، وله صور وهي تجليات تلك المعاني

: هفيما يقع عليه من المحسوس أو المعقول، فالمحسوس آما في قولأنا عند ظن «: ، والمعقول آقوله» رأيت ربي في صورة شاب أمرد«

وهذه الصورة هي المرادة بالتشبيه، وال » عبدي بي فليظن بي ما شاءشك أن اهللا تعالى في ظهوره بصورة جماله باق على ما استحقه من تنزيه، آما أعطيت الجناب اإللهي حقه من التنزيه، فكذلك أعطه من

.ي حقهالتشبيه اإلله

واعلم أن التشبيه في حق اهللا حكم بخالف التنزيه، فإنه في حقه أمر عيني، وهذا ال يشهده إال الكمل من أهل اهللا تعالى، وأما من سواهم من العارفين فإنه ال يدرك ما قلناه إال إيمانا وتقليدا لما تقتضيه صور حسنه

رة حسنه، فإن وجماله، إذ آل صورة من صور الموجودات هي صوشهدت الصورة على الوجه التشبيهي ولم تشهد شيئا من التنزيه، فقد

أشهدك الحق حسنه وجماله من وجه واحد، وإن أشهدك الصورة التشبيهية وتعلق فيها التنزيه اإللهي، فقد أشهدك الحق جماله وجالله في

به إن فنزه إن شئت وش] 115: البقرة، اآلية] } وجهي التشبيه والتنزيهشئت، فعلى آل حال أنت غارق في تجلياته ليس لك عنه منفك إذ أنت وما

عليه هويتك من حال وعمل ومعنى بأجمعك صورة لجماله، فإن بقيت على تشبيهك الخلقي فأنت تشهد صورة حسنه، وإن فتح لك عين التنزيه فيك على تشبيهك فأنت صورة حسنه وجماله ومعناه، وإن ظفرت بما وراء

.لتشبيه والتنزيه منك فأنت وراء التشبيه والتنزيه، وذلك الذاتا فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي

تشبيه ذاتي، وهو ما عليه من صور : واعلم أن للحق تشبيهينوتشبيه . الموجودات المحسوسات أو ما يشبه المحسوسات في الخيال

يشبه وهو ما عليه صور المعاني األسمائية المنزهة عما ،وصفيالمحسوس في الخيال، وهذه الصورة تتعقل في الذهن وال تتكيف في

الحس، فمتى تكيفت التحقت بالتشبيه الذاتي، ألن التكيف من آمال التشبيه والكمال بالذات أولى فبقي التشبيه الوصفي وهذا ال يمكن التكيف فيه بنوع

وتعالى آيف من األنواع وال جنس بضرب المثل، أال ترى الحق سبحانهضرب المثل عن نوره الذاتي بالمشكاة والمصباح والزجاجة، وآان

اإلنسان صورة هذا التشبيه الذاتي، ألن المراد بالمشكاة صدره، وبالزجاجة قلبه، وبالمصباح سره، وبالشجرة المبارآة، اإليمان بالغيب راد وهو ظهور الحق في صورة الخلق، واإليمان هو اإليمان بالغيب، والمبالزيتونة الحقيقة المطلقة التي ال نقول بأنها من آل الوجوه حق، وال

فتوجب التنزيه { بأنها من آل الوجوه خلق، وآانت الشجرة اإليمانية فنقول بالتشبيه المطلق حتى أن ينفي { المطلق بحيث أن ينفي التشبيه،

لذي هو ا{ التنزيه، فهي تعصر بين قشر التشبيه ولب التنزيه، وحينئذ { بالمعاينة التي هي نور عياني وهو { فترفع ظلمة الزيت بنوره { يقينها

، وآان هذا ] 35: النور، اآلية[{ إيماني وهو نور التنزيه { التشبيه التشبيه تشبيها ذاتيا وهو وإن آان ظاهرا بنوع من ضرب المثل، فذلك

في عالم المثال، المثل أحد صور حسنه آما لو ظهر العلم في صورة اللبن

فكانت المشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة والزيت ال شرقية وال ر جميعها بظواهر غربية، واإلضاءة والنار والنور الذي هو نور على نو

مفهومها صور ذاتية لجمال ذات اهللا تعالى، واهللا بكل شيء عليم، وهو معنى جماله ألن العلم معنى في العالم بالشيء فافهم، واهللا يقول الحق

.وهو أعلم في تجلي األفعال: الباب الثاني عشر

تجلي الحق سبحانه وتعالى في أفعاله عبارة عن مشهد يرى فيه العبد يان القدرة في األشياء، فيشهده سبحانه وتعالى محرآها ومسكنها بنفي جر

الفعل عن العبد وإثباته للحق، والعبد في هذا المشهد مسلوب الحول .والقوة واإلرادة، والناس في هذا المشهد على أنواع

فمنهم من يشهد الحق إرادته أوال ثم يشهده الفعل ثانيا، فيكون العبد في مسلوب الحول والفعل واإلرادة، وهو أعلى مشاهد تجليات هذا المشهد

.األفعالومنهم من يشهده الحق إرادته ولكن يشهده تصرفاته في المخلوقات

.وجريانها تحت سلطان قدرته .ومنهم من يرى األمر عند صدور الفعل من المخلوق فيرجع إلى الحق

صاحب هذا ومنهم من يشهده ذلك بعد صدور الفعل من المخلوق، لكنالمشهد إذا آان شهوده هذا في غيره فإنه مسلم له، وأما إذا آان شهوده

هذا في نفسه فإنه ال يسلم له ذلك إال فيما وافق ظاهر السنة، وإال فال يسلم له، بخالف من أشهده الحق إرادته أوال ثم شهد تصرف الحق به قبل

ده ونطالبه نحن بظاهر صدور الفعل منه وعنده وبعده، فإننا نسلم له مشهالشريعة، فإن آان صادقا فهو مخلص فيما بينه وبين اهللا، وفائدة قولي

نسلم له مشهده وال نسلم لألول الذي يشهد جريان القدرة بعد صدور الفعل، على أنا ال نسلم ألحد منهما أن يحتج بالقدرة فيما يخالف األمر

م الحد على من ظهر منه ما والنهي، بل يلزمهما حكم ظاهر األمر فنقييوجب الحد في حكم الشرع، وذلك لما يلزمنا من حكم اهللا تعالى ألنه فعل

ما يلزمه من حكم اهللا، وهو ما اقتضاه شهود المظهر الذي فيه فنجريه على ما اقتضاه ذلك التجلي، وهو أداء حق اهللا تعالى عليه، وبقي علينا

نحد من عصاه بالحد الذي أقامه اهللا أداء حق اهللا تعالى فيما أمرنا بأن سبحانه وتعالى في آتابه، فكانت فائدة قولي نسلم له مشهده راجعة إليه

فيما بينه وبين نفسه تقريرا لمشهده، وقولي في الذي ال يشهد جريان

ومنهم من يشهد فعل اهللا به، ويشهد فعل نفسه تبعا لفعل اهللا تعالى، المعصية عاصيا، وهو فيهما مسلوب فيسمي نفسه في الطاعة طائعا وفي

الحول والقوة واإلرادة؛ومنهم من ال يشهد فعل نفسه بل يشهد فعل اهللا فقط فال يجعل لنفسه فعال،

فال يقول في الطاعة أنه مطيع، وال في المعصية، ومن جملة ما يقتضيه مشهدهم أن أحدهم يأآل معك ويحلف أنه ما أآل، ويشرب ويحلف أنه ما

ثم يحلف أنه ما حلف وهو عند اهللا بر صدوق، وهي نكتة ال شرب، يفهمها إال من ذاق هذا المشهد ووقع فيه وقوعا عينيا؛

.ومنهم من ال يشهد فعل اهللا إال بغيره وال يشهده لنفسه، أعني فيما يخصهومنهم من ال يشهد فعل اهللا إال في نفسه وال يشهده في غيره، وهذا أعلى

.ل مشهدامن األوومنهم من يشهد فعل اهللا به في الطاعات وال يشهد جريان القدرة به في المعاصي، فهو مع اهللا تعالى من حيث تجلي أفعاله في الطاعات، وإنما

حجب اهللا تعالى عنه فعله به في المعاصي رحمة به لئال تقع منه المعصية ى به في المعاصي وذلك دليل على ضعفه، ألنه لو قوي لشهد فعل اهللا تعال

آما شهده في الطاعات ويحفظ عليه ظاهر شرعه؛ومنهم من ال يشهد أعني ال يتجلى له فعل الحق به إال في المعاصي ابتاله

له من الحق فال يشهده في الطاعات، ومن يكون بهذا الوصف فهو أحد إما رجل حجب اهللا عنه في الطاعات لكونه يحب أن يكون مطيعا : رجليندم الطاعة على غيرها، فاحتجب اهللا تعالى عنه فيها وظهر له في ويق

المعاصي ليشهد الحق فيها فيحصل له بذلك الكمال اإللهي، وعالمة هذا أن يعود إلى الطاعات وال يدوم على المعصية، وإما رجل استدرك إلى أن

تمكن من المعاصي فاحتجب الحق عنه فبقي فيها ودامت عليه، نعوذ باهللا . ذلكمن

:ومنهم من يشهده فيهما فتكون تارة وتارة أسير إلى نجد إذا نزلت به

وأرحل نحو الغور إن فيه حلت ومنهم من يكون في شهوده لفعل اهللا تعالى غير ساآن إلى ما يجريه عليه

من المعصية، فيبكي ويتضرع ويحزن ويستغفر اهللا تعالى ويسأله الحفظ

ومنهم من ال يتضرع وال يحزن وال يسأله الحفظ ويكون ساآنا تحت جريان القدرة منصرفا حيث وجهه وال يوجد فيه اضطراب، وهذا دليل

سلم من وساوس على قوة آشفه في هذا المشهد، وهو أعلى من األول إن نفسه؛

ومنهم من يبدل اهللا معصيته طاعة فيشهد جريان القدرة في المعاصي وغيرها، ويشهده اهللا جريان المعصية عليه ويكتبها اهللا عنده طاعة فال

يجري عليه عند اهللا اسم معصية؛ومنهم من تكون نفس معصيته طاعة لموافقته إلرادة اهللا تعالى، ولو أمر

منه، فيكون العبد في هذا المشهد عاصيا من جهة األمر بخالف ما أريد والمخالفة مطيعا من جهة اإلرادة والموافقة، وذلك أنه أشهد أوال قبل

الفعل إرادة الحق منه، فما أتاه االسم إال موافقا إلرادته وهو مع ذلك ناظر .إلى جريان القدرة فيه وتقليب الحق له

له فيما يذم حقيقة وشرعا، فيشهد تقلب الحق ومنهم من يبتلى فيتجلى اهللاله في الخذالن، فيأتيها وهو يعلم أنه مخذول، وذلك لما اقتضاه حكم

.مشهده من ظهور الحق له في ذلك الفعل وقائلة ال تشتكي الضد من علوى

وآن صابرا فيها على الصد والبلوى دعيني ما دعت لي زينب: فقلت

وال مأوى إلى غير خذالني طريقا نصيبي منها ما تحققت قبحه

ومن قبح ما حققته هذه الشكوى يا فقير: اجتمع رجل فقير من أهل الغيب بفقير آان هذا مشهده، فقال له

لو لزمت األدب مع اهللا بحفظ الظاهر وطلبت منه السالمة آان أولى بك في ادته ولو قلت له يا سيدي موافقتي إلر: طلب معاملته تعالى، فقال الفقير

لبست خلعة الخذالن أو قلدت نجاد العصيان أولى باألدب، أم لبسي السم فخلى سبيلي : الطاعة وطلب مخالفتي إلرادته وال يكون إال ما يريد، قال

.وانصرفواعلم أن أهل هذا التجلي المذآور وإن عظم مقامهم وجل مرامهم فإنهم

أآثر مما نالهم، فتجلي محجوبون عن حقيقة األمر، ولقد فاتهم من الحق الحق في أفعاله حجاب عن تجلياته في أسمائه وصفاته، ويكفي هذا القدر

في تجلي األسماء: الباب الثالث عشرتعالى على عبد من عبيده في اسم من أسمائه اصطلم العبد إذا تجلى اهللا

تحت أنوار ذلك االسم، فمتى ناديت الحق بذلك االسم أجابك العبد لوقوع ذلك االسم عليه، فأول مشهد من تجليات األسماء أن يتجلى اهللا لعبده في

اسمه الموجود، فيطلق هذا االسم على العبد، وأعلى منه تجليه له في واحد وأعلى منه تجليه له في اسمه اهللا، فيصطلم العبد لهذا اسمه ال

إنه أنا اهللا، هنالك : التجلي ويندك جبله، فيناديه الحق على طور حقيقته: يا اهللا، أجابك هذا العبد: يمحو اهللا اسم العبد ويثبت له اسم اهللا، فإن قلت

.لبيك وسعديك. هللا مجيبا لمن دعا هذا العبدفإن ارتقى وقواه اهللا وأبقاه بعد فنائه آان ا

لبيك وسعديك، ثم إذا قوي العبد في : يا محمد، أجابك اهللا: فإن قلت مثالالترقي تجلى الحق له في اسمه الرحمن ثم في اسمه الرب ثم في اسمه

الملك ثم في اسمه العليم ثم في اسمه القادر، وآلما تجلى اهللا في اسم من نه أعز مما قبله في الترتيب، وذلك ألن تجلي هؤالء األسماء المذآورة فإ

الحق في التفصيل أعز من تجليه في اإلجمال، فظهوره لعبده في اسمه الرحمن تفصيل إلجمال ظهر به عليه في اسمه اهللا، وظهوره لعبده في

اسمه الرب تفصيل إلجمال ظهر به عليه في اسمه الرحمن، وظهوره في هر به عليه في اسمه الرب، وظهوره في اسمه الملك تفصيل إلجمال ظ

اسمه العليم والقادر تفصيل إلجمال ظهر به عليه في اسمه الملك، وآذلك بواقي األسماء، بخالف تجلياته الذاتية، فإن ذاته إذا تجلت لنفسه بحكم

مرتبة من هذه المراتب آان األعم فوق األخص، فيكون الرحمن فوق .الرب، وفوقهما اهللا فافهم

ذلك بخالف التجليات األسمائية المذآورة، فينتهي العبد في هذه التجليات واألسمائية إلى حقيقتها الذاتية إلى أن تطلبه جميع األسماء اإللهية طلب وقوع آما يطلب االسم المسمى، فحينئذ يغرد طائر أنسه على فنن قدسه

:قائال ينادي المنادي باسمها فأجيبه

ي تجيب وأدعى فليلى عن ندائ وما ذاك إال أننا روح واحد

تداولنا جسمان وهو عجيب آشخص له اسمان والذات واحد

بأي تنادي الذات منه تصيب فذاتي لها ذات واسمي اسمها وحالي بها في االتحاد غريب

ولسنا على التحقيق ذاتين لواحد ولكنه نفس المحب حبيب

له ال يشهد إال الذات الصرف والعجب في التجليات األسمائية أن المتجلى وال يشهد االسم، لكن المميز يعلم سلطانه من األسماء التي هو بها مع اهللا

تعالى، ألنه استدل على الذات بذلك االسم، فعلم مثال منه أنه اهللا أو أنه الرحمن أو أنه العليم أو أمثال ذلك، فذلك االسم هو الحاآم على وقته وهو

.مشهده من الذاتالناس في تجليات األسماء على أنواع، وسنذآر طرفا منها إذ ال سبيل و

إلى إحصاء جميع األسماء، ثم آل اسم يتجلى به الحق، فإن الناس فيه مختلفون وطرق وصولهم إليه مختلفة، وال أذآر من جملة طرق آل اسم

إال ما وقع لي في خاصة سلوآي في اهللا، بل جميع ما أذآره في آتابي يق الحكاية عن غيري آان أو عني فإني ال أذآره إال على حسب ما بطر

فتح اهللا به علي في زمان سيري في اهللا وذهابي فيه بطريق الكشف .والمعاينة

فلنرجع إلى ما آنا بصدده من ذآر الناس في تجليات األسماء، وهم على :أنواع

يقه إلى هذا فمنهم من تجلى الحق عليه من حيث اسمه القديم، وآان طرالتجلي أن آشف له الحق عن آونه موجودا في علمه قبل أن يخلق الخلق،

إذ آان موجودا في علمه بوجود علمه، وعلمه موجود بوجوده سبحانه، فهو قديم، والعلم قديم والمعلوم الحق بالعلم فهو قديم، ألن العلم ال يكون

أعطى العالم اسم العالمية، علما إال إذا آان له معلوم، فالمعلوم هو الذيفلزم من هذا االعتبار قدم الموجودات في العلم اإللهي، فمرجع هذا العبد

إلى الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه القديم، فعندما تجلى له من ذاته .القدم اإللهي اضمحل حدثه، فبقي قديما باهللا تعالى فانيا عن حدثه

لحق، وآان طريقه إلى هذا التجلي ومنهم من تجلى له من حيث اسمه ا{ : بأن آشف له سبحانه وتعالى عن سر حقيقته المشار إليها بقوله

فعندما تجلت له ذاته من حيث اسمه الحق، فنى منه ] 85: الحجر، اآلية[ .الخلق وبقي مقدس الذات منزه الصفات

ومنهم من تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الواحد، وآان طريقه إلى هذا التجلي بأن آشف الحق له عن محتد العالم وبروزه من

ومنهم من تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه القدوس، وآان فأعلمه أن روحه ] 29: الحجر، اآلية[{ طريقه بأن آشف له عن سر

نفسه ال غيره، وروح اهللا مقدسة منزهة، فعند ذلك تجلى له الحق في ن، وبقي باهللا تعالى اسمه القدوس، ففني من هذا العبد نقائض األآوا

.منزها عن وصف الحدثانومنهم من تجلى له سبحانه وتعالى من حيث اسمه الظاهر فكشف له عن سر ظهور النور اإللهي في آثائف المحدثات ليكون طريقا له إلى معرفة

أن اهللا هو الظاهر، فعند ذلك تجلى له بأنه الظاهر، فبطن العبد ببطون فناء .وجود الحقالخلق في ظهور

ومنهم من تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الباطن وآان طريقه بأن آشف له عن قيام األشياء باهللا ليعلم أنه باطنها فعند أن تجلى له ذاته من حيث اسمه الباطن طمس ظهوره بنور الحق، وآان الحق له

.باطنا وآان هو للحق ظاهرانه وتعالى من حيث اسمه اهللا، فالطريق ومنهم من تجلى له الحق سبحا

إلى هذا التجلي غير منحصر بل إلى تجلي آل اسم من أسماء اهللا تعالى آما سبق بأنها ال تنضبط الختالف المظاهر باختالف القوابل، فإذا تجلى الحق

لعبده من حيث اسمه اهللا فني العبد عن نفسه وآان اهللا عوضا عنه له فيه، الحدثان وفك قيده من قيد األآوان، فهو أحدي الذات فخلص هيكله من رق

وأحدي الصفات ال يعرف اآلباء واألمهات، فمن ذآر اهللا فقد ذآره، ومن :نظر اهللا فقد نظره، وحينئذ أنشد لسان حاله بغريب عجيب مقاله

خبتني فكنت في عني نيابة أجل عوضا بلى عين ما أنا واقع مافكنت أنا هي وهي آانت أنا و

لها في وجود مفرد من ينازع بها فيها وال تاء بيننا بقيت

وحالي بها ماض آذا ومضارع ولكن رفعت النفس فارتفع الحجا ونبهت من نومي فما أنا ضاجع

وشاهدتني حقا بعين حقيقتي

فلي في جبين الحسن تلك الطالئع جلوت جمالي فاجتليت مرائيا

ليطبع فيها للكمال مطابع ها وصفي وذاتي ذاتهافأوصاف

وأخالقها لي في الجمال مطالع واسمي حقا اسمها واسم ذاتها لي اسم ولي تلك النعوت توابع

ومنهم من تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الرحمن، وذلك أنه لما تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه اهللا دله بذاته على

لشاملة ألوصاف المجد السارية في جميع مرتبة العلية الكبرى االموجودات، وآان ذلك طريقا له إلى الوصول لذي التجلي الذاتي من حيث اسمه الرحمن، وشأن العبد في هذا التجلي أن ينزل عليه األسماء اإللهية

اسما اسما، فال يزال يقبل منها على قدر ما أودع اهللا في هذا العبد من نور نزل عليها اسم الرب، فإذا قبله وتجلى له الحق فيه تنزلت ذاته إلى أن ي

عليه األسماء النفسية المشترآة التي هي تحت هيمنة الرب آالعليم والقدير وأمثالهما، حتى ينزل عليه اسم الملك فإذا قبله وتجلى له الحق في

لى ذاته تنزلت عليه بواقي األسماء بكمالها اسما فاسما إلى أن ينتهي إاسمه القيوم، فإذا قواه اهللا وتجلى له الحق في اسمه القيوم انتقل من

.تجليات األسماء إلى تجليات الصفات في تجلي الصفات: الباب الرابع عشر

إذا تجلت ذات الحق سبحانه وتعالى على عبده بصفة من صفاتها، سبح بطريق العبد في فلك تلك الصفة إلى أن يبلغ حدها بطريق اإلجمال ال

التفصيل، ألن الصفاتيين ال تفصيل لهم إال من حيث اإلجمال، فإذا سبح العبد في فلك صفة واستكملها بحكم اإلجمال استوى على عرش تلك

الصفة، فكان موصوفا بها، فحينئذ تتلقاه صفة أخرى، فال يزال آذلك إلى .أن يستكمل الصفات جميعها العبد إذا أراد الحق سبحانه وتعالى أن فإن ،ثم يا أخي ال يشكل عليك هذا

يتجلى عليه باسم أو صفة، فإنه يفني العبد فناء يعدمه عن نفسه، ويسلبه عن وجوده؛ فإذا طمس النور العبدي وفني الروح الخلقي، أقام الحق سبحانه وتعالى في الهيكل العبدي من غير حلول من ذاته لطيفة غير

وضا عما سلبه منه، ألن تجليه على منفصلة عنه وال متصلة بالعبد ععباده من باب الفضل والجود، فلو أفناهم ولم يجعل لهم عوضا عنهم لكان

ذلك من باب النقمة، وحاشاه من ذلك، وتلك اللطيفة هي المسماة بروح

ما للخليقة إال اسم الوجود على حكم المجاز وفي التحقيق ما أحد

هرت أنواره سلبوافعندما ظ ذاك التسمي فال آانوا وال فقدوا

أفناهم وهم في عينهم عدم وفي الفناء فهم باقون ما جحدوا فعندما عدموا صار الوجود له

وآان ذا حكمه من قبل ما وجدوا فالعبد صار آما أن لم يكن أبدا

والحق آان آما أن لم يزل أحد لكنه عندما أبدى مالحته

نور الحق فاتحدوا آسا الخليقة أفنى فكان عن الفاني به عوضا

وقام عنهم وفي التحقيق ما قعدوا آالموج حكمهم في بحر وحدته والموج في آثرة بالبحر متحد فإن تحرك آان الموج أجمعه وإن تسكن ال موج وال عدد

واعلم أن تجليات الصفات عبارة عن قبول ذات العبد االتصاف بصفات أصليا حكميا قطعيا، آما يقبل الموصوف االتصاف بالصفة، الرب قبوال

وذلك لما سبق أن اللطيفة اإللهية التي قامت عن العبد بهيكله العبدي، وآانت عوضا عنه، وهي في اتصافها باألوصاف اإللهية اتصاف أصلي

إال الحق بما له، فليس للعبد هنا شيء، والناس حكمي قطعي، فما اتصف .يات الصفات على قدر قوابلهم، وبحسب وفور العلم وقوة العزمفي تجل

فمنهم من تجلى الحق له بالصفة الحياتية، فكان هذا العبد حياة العالم بأجمعه، يرى سريان حياته في الموجودات جميعها جسمها وروحها، ويشهد المعاني صورا لها منه حياة قائمة بها، فما ثم معنى آاألقوال

، وال ثم صورة لطيفة آانت آاألرواح، أو آثيفة آانت آاألجسام، واألعمالإال آان هذا العبد حياتها يشهد آيفية امتدادها منه، ويعلم ذلك من نفسه

ومنهم من تجلى اهللا عليه بالصفة العلمية، وذلك أنه لما تجلى عليه العبد بقوة أحدية بالصفة الحياتية السارية في جميع الموجودات ذاق هذا

تلك الحياة جميع ما هي الممكنات، فحينئذ تجلت الذات عليه بالصفة العلمية، فعلم العوالم بأجمعها على ما هي عليه من تفاريعها من المبدأ إلى

وآيف يكون؟ وعلم ما المعاد، وعلم آل شيء آيف آان؟ وآيف هو آائن؟لم يكن آيف آان يكون؟ آل لم يكن، ولم ال يكون ما لم يكن؟ ولو آان ما

ذلك علما أصليا حكميا آشفيا ذوقيا من ذاته، لسريانه في المعلومات علما إجماليا تفصيليا آليا جزئيا مفصال في إجماله لكن في غيب الغيب، واللدني

والذاتي متنزل من التفصيل من غيب الغيب إلى شهادة الشهادة، ويشهد ب، ويعلم اإلجمالي الكلي في غيب الغيب، والصفاتي تفصيل إجماله في الغي

ليس له من العلم إال وقوعه عليه في غيب الغيب، وهذا الكالم ال يفهمه إال .الغرباء، وال يذوقه إال األمناء األدباء

ومنهم من تجلى اهللا عليه بصفة البصر، وذلك أنه لما تجلى عليه بصفة كشفية، تجلى عليه بصفة البصر، فكان بصر البصرية العلمية اإلحاطية وال

هذا العبد موضع علمه، فما ثم علم يرجع إلى الحق، وما ثم علم يرجع إلى الخلق إال وبصر هذا العبد واقع عليه، فهو يبصر الموجودات آما هي

عليه في غيب الغيب، والعجب آل العجب أن يجهلها في الشهادة، فانظر المنظر الجلي ما أعجبه وما أعذبه، وما ذاك إال إلى هذا المشهد العلي، و

أن العبد الصفاتي ليس بيد خلقه شيء مما بيد حقه فال اثنينية، أعني ال يظهر على شهادته مما هو عليه غيبه إال بحكم الندور في بعض األشياء،

فإن الحق يبرزها إآراما له، بخالف العبد الذاتي فإن شهادته غيبه، وغيبه .ته فلتفهمشهاد

ومنهم من تجلى عليه بصفة السمع، فيسمع نطق الجمادات والنباتات والحيوانات، وآالم المالئكة واختالف اللغات، وآان البعيد عنه آالقريب،

وذلك أنه لما تجلى اهللا له بصفة السمع سمع بقوة أحدية تلك الصفة تجلي سمعت اختالف تلك اللغات وهمس الجمادات والنباتات، وفي هذا ال

علم الرحمانية من الرحمن، فتعلمت قراءة القرآن، فكنت الرطل وآان .الميزان، وهذا ال يفهمه إال أهل القرآن الذين هم أهل اهللا وخاصته

ومنهم من تجلى اهللا عليه بصفة الكالم، فكانت الموجودات من آالم هذا م علم بالصفة العبد، وذلك أنه لما تجلى عليه اهللا بالصفة الحياتية، ث

العلمية ما فيه من سر الحياة منه، ثم أبصرها ثم سمعها، فبقوة أحدية حياته تكلم، وآانت الموجودات من آالمه، وحينئذ شهد بكالمه أزال آما

ومن هذا التجلي يكلم اهللا . هو عليه أبدا، أن ال نفاد لكلماته، أي ال آخر لها .عباده دون حجاب األسماء قبل تجليها

فمن المكلمين من تناجيه الحقيقة الذاتية من نفسه، فيسمع خطابا ال من أنت حبيبي : جهة بغير جارحة، وسماعه للخطاب بكليته ال بأذن، فيقال له

أنت محبوبي، أنت المراد أنت وجهي في العباد، أنت المقصد األسنى، أنت أنت عيني المطلب األعلى، أنت سري في األسرار، أنت نوري في األنوار،

أنت زيني، أنت جمالي أنت آمالي، أنت اسمي أنت ذاتي، أنت نعتي أنت صفاتي، أنا اسمك أنا رسمك، أنا عالمتك أنا وسمك، حبيبي أنت خالصة األآوان والمقصود من الوجود والحدثان، تقرب إلى شهودي فقد تقربت

تتقيد باسم ال] 16: ق، اآلية[{ إليك بوجودي ال تبعد فإني أنا الذي قلت العبد، فلوال الرب ما آان العبد، أنت أظهرتني آما أظهرتك، فلوال عبوديتك

لم تظهر لي ربوبية، أنت أوجدتني آما أنا أوجدتك، فلوال وجودك ما آان وجودي موجودا، حبيبي الدنو الدنو، حبيبي العلو العلو، حبيبي أردتك

ي وال ترد غيري لك، حبيبي لوصفي واصطفيتك لنفسي فال ترد نفسك لغيرشمني في المشموم، حبيبي آلني في المطعوم، تخيلني في المهموم،

حبيبي تعقلني في المعلوم، حبيبي شاهدني في المحسوس، حبيبي المسني في الملموس، حبيبي البسني في الملبوس، حبيبي أنت المراد بي وأنت

فة، ما أحالها من المكنى بي وأنت المكنى عنه بي، ما ألذها من معاط .مالطفة

ومن المكلمين من يحادثه الحق على لسان الخلق، فيسمع الكالم من جهة . ولكن يعلم أنه من غير جهة ويصيخه من الخلق ولكن يسمعه من الحق

:وفي ذلك أقول شغلت بليلى عن سواها فلو أرى

جمادا لخاطبت الجماد خطابها وال عجب أني أخاطب غيرها

العجيب جوابها جمادا ولكنومن المكلمين من يذهب به الحق من عالم األجسام إلى عالم األرواح

.وهؤالء أعلى مراتب .فمنهم من يخاطب في قلبه

.ومنهم من يصعد بروحه إلى سماء الدنيا .ومنهم إلى الثانية والثالثة آل على حسب ما قسم له

ل من المكلمين ومنهم من يصعد به إلى سدرة المنتهى فيكلمه هناك، وآعلى قدر دخوله في الحقائق تكون مخاطبات الحق له، ألنه سبحانه وتعالى

.ال يضع األشياء إال في مواضعها .ومنهم من يضرب له عند تكليمه إياه نور له سرادق من األنوار

.ومنهم من ينصب له منبرا من نورهة النورية، ومنهم من يرى نورا في باطنه فيسمع الخطاب من تلك الج

.وقد يرى النور آثيرا وأآثر ومستديرا ومتطاوالومنهم من يرى صورة روحانية تناجيه، آل ذلك ال يسمى خطابا، إال إن

أعلمه اهللا أنه هو المتكلم، وهذا ال يحتاج فيه إلى دليل، بل هو على سبيل هللا فال الوهلة فإن خاصية آالم اهللا ال تخفى، وأن يعلم أن ما سمعه آالم ا

يحتاج هناك إلى دليل وال بيان، بل بمجرد سماع الخطاب يعلم العبد أنه آالم اهللا، وممن صعد به إلى سدرة المنتهى من قيل له حبيبي إنيتك هي

هويتي وأنت عين هو وما هو إال أنا، حبيبي بساطتك ترآيبي وآثرتك أنا لك ال لي، واحديتي، بل ترآيبك بساطتي وجهلك درايتي، أنا المراد بك

أنت المراد بي، أنت لي ال لك، حبيبي أنت نقطة عليها دائرة الوجود فكنت أنت العابد فيها والمعبود، أنت النور أنت الظهور أنت الحسن والزين

:آالعين لإلنسان واإلنسان للعين أيا روح روح الروح واآلية الكبرى

ويا سلوة األحزان للكبد الحرا يا غاية المنىويا منتهى اآلمال

حديثك ما أحاله عندي وما أمرا ويا آعبة التحقيق يا قبلة الصفا

ويا عرفات الغيب يا طلعة الغرا أتيناك أخلفناك في ملك ذاتنا

تصرف لك الدنيا جميعا مع األخرى فلوالك ما آنا ولوالي لم تكن

فكنت وآنا والحقيقة ال تدرى فإياك نعني بالمعزة والغنى

نعني بالفقير وال فقرا وإياك

ومن المكلمين من ينادى بالغيوب فيشارك باألخبار قبل وقوعها، فقد يكون ذلك بطريق السؤال منه وهم األآثرون، وقد يكون ذلك بطريق االبتداء من

.الحق سبحانه وتعالىومن المكلمين من يطلب الكرامات فيكرمه اهللا بها فتكون دليال إذا رجع

ويكفي هذا القدر من ذآر . ى صحة مقامه مع اهللا تعالىإلى محسوسه عل .المكلمين

.فلنرجع إلى ما آنا بسبيله من تجليات الصفاتومنهم أي من أهل تجليات الصفات، من تجلى اهللا عليه بالصفة اإلرادية

وآانت المخلوقات حسب إرادته، وذلك أنه لما تجلى اهللا عليه بصفة متكلم ما هو عليه من المخلوقات، فكانت األشياء المتكلم أراد بأحدية ذلك ال

وآثير من الواصلين إلى هذا التجلي من رجع القهقرى، فأنكر من . بإرادتهالحق ما يرى، وذلك أنه لما أشهده الحق أن األشياء آائنة عن إرادته

شهودا عينيا في عالم الغيب اإللهي، فطلب العبد ذلك من نفسه في عالم كن له ذلك ألن ذلك من خصائص الذاتيين، فأنكر ذلك شهادته، فلم ي

المشهد العيني ورجع القهقرى فانكسرت زجاجة قلبه، فأنكر الحق بعد .شهوده وفقده بعد وجوده

ومنهم أي من أهل تجلي الصفات، من تجلى اهللا عليه بصفة القدرة، في العالم فتكونت األشياء بقدرته في العالم الغيبي، وآان على أنموذجه ما

العيني، فإذا ارتقى فيه ومنه ظهر عليه ما يكتمه، وفي هذا التجلي سمعت صلصلة الجرس فانحل ترآيبي واضمحل رسمي وانمحى اسمي، فكنت لشدة ما القيت مثل الخرقة البالية المعلقة في الشجرة العالية تذهب بها

ورعودا وسحابا الريح الشديدة شيئا فشيئا، ال أبصر شهودا إال بروقافي يمطر باألنوار وبحارا تموج بالنار، والتقت السماء واألرض وأنا

ظلمات بعضها فوق بعض، فلم تزل القدرة تخترع لي ما هو األقوى، وتخترع بي ما هو األهوى فاألهوى إلى أن ضرب الجالل على سرادق

نظر األعلى المتعال، وولج جمل الجمال في سم خياط الخيال، ففتق في المرتق اليد اليمنى، فحينئذ تكونت األشياء وزال العماء، ونودي أن استوى الفلك على الجودي، أيتها السماء واألرض ائتيا طوعا أو آرها قالتا أتينا

:وفي ذلك قال. طائعين تصرف في الزمان آما تريد فمولى أنت نحن له العبيد

وسل السيف في عنق األعادي لعدى ذآر حديد فسيفك في ا

فهب ما شئت وامنع ال لبخل ولكن آي تجود بما تريد فمن أسعدته بالقرب يدنو ومن أشقيته فهو البعيد

وملك من تريد من األماني وحقر من أردت فال يسود وأبرم ما عقدت فليس حل

واعقد ما برمت هو العقيد وال تخش العقاب على قضاء

فكل تحت سيفك ال يميد ك الملكوت ثم الملك ملكل

لك الجبروت والمأل السعيد لك العرش المجيد مكان عز على الكرسي تبدي أو تعيد

ومن هذا التجلي ، تصرفات أهل الهمم، ومن هذا التجلي عالم الخيال وما ومن هذا التجلي السحر . يتصور فيه من غرائب عجائب المخترعات

ومن هذا التجلي . الجنة ما يشاؤونومن هذا التجلي يتلون ألهل. العالي. عجائب السمسمة الباقية من طينة آدم التي ذآرها ابن العربي في آتابهومن هذا التجلي المشي على الماء والطيران في الهواء وجعل القليل

.آثيرا والكثير قليال، إلى غير ذلك من الخوارقالف وجوهه، فسعد فال تعجب يا أخي، إنما الجميع نوع واحد اختلف باخت

فقد أشرت لك بهذه النبذة ورمزت في . به السعيد وشقى به الطريد، فافهمهذه اللغزة أسرارا إن وقفت عليها اطلعت على سر القدر المحجوب

المصون، فتقول حينئذ للشيء آن فيكون، ذلك الذي أمره بين الكاف .والنون

د أن انتصب له عرش ومنهم من تجلى اهللا عليه بصفة الرحمة، وذلك بعالربوبية فيستولي عليه، ويوضع له آرسي االقتدار تحت قدميه فتسري : رحمته في الموجودات، وهو آرسي الذات قيوم الصفات يتلو من اآليات

آل ذلك في عالم غيبه منزها عن شكه ] 27 ـ 26: آل عمران، اآليتان[{ . الصفتيين والذاتيينوريبه، معاينا لما في جيبه، وهذا هو الفرق بين

ومنهم من يتجلى اهللا عليه باأللوهية، فيجمع التضاد ويعم البياض والسواد، ويشمل األسافل واألعالي، ويحوي التراب والآللي، وعند ذلك

واعلم أن النور هو الكتاب المسطور يضل من يشاء ويهدي من يشاء آما .{ قال اهللا تعالى عنه في آتابه إنه

واعلم أن ال سبيل أيضا بدون ذلك وأنه صراط اهللا فهو له هدى ولغيره ضالل، فإذا خوطب باألمرين واعتبر بالحكمين وسمي باالسمين غربت

. أفالآها مشرقة دوائرالنجوم الزواهر وهي فيومن خصائص هذا التجلي أن العبد يصوب آراء جميع أهل الملل والنحل ويعلم أصل مأخذهم، ويشهد من سعد منهم آيف سعد، ومن شقي منهم

.آيف شقي وبم شقي، ومن أين دخل على آل من أهل الملل دواخل الضاللل والنحل حتى ومن خصائصه أيضا أن يخطىء العبد جميع آراء أهل المل

المسلمين والمؤمنين والمحسنين والعارفين، وال يصوب إال رأي المحققين .الكمل ال غير

أن العبد ال يمكنه النفي وال يمكنه اإلثبات، وال : ومن خصائص هذا التجلي .يقول بالوصف وال بالذات، وال يلوي على االسم وال يحتاج إلى الرسم

لمالئكة المهيمين، فرأيتهم على اختالف اجتمعت في هذا التجلي بامشاهدهم هائمين في محاتدهم، فمن باهت حيره الجمال ومن ساآت ألجمه

الجالل، ومن ناطق أطلقه الكمال، ومن غائب في هويته، ومن حاضر في إنيته، ومن فاقد للوجود، ومن واجد في الشهود، ومن حائر في دهشته،

ي فناه، ومن آيب في بقاه، ومن ساجد ومن داهش في حيرته، ومن ذائب ففي عدم محض، ومن عابد في وجوب وجود فرض، ومن مستهلك في وجود، ومن مستغرق في شهود، ومن محترق في نار األحدية، ومن مغترف في بحار الصمدية، ومن فاقد لألنس واجد للقدس، ومن واجد

.الهملألنس فاقد للقدس، تدهش الناظر أحوالهم وتهدي الحائر أقوفملت إلى أآملهم مشهدا وأرفعهم منشأ ومحتدا، ميل متطلع ال ميل حائر

أيها الكامل القريب والروح األقدس األديب، أخبرني عن : متقنع، فقلت لهحالك في مشهدك الحالك، وحدثني عن رسمك وصرح لي باسمك،

الفصيح، ثم فأعرض إعراض من جنح عن التصريح، وأقبل إقبال المخبرال : ا على رآبتيه وانهمك في حيرته، فسألته عن الحال، فترجم ثم قالجث

تسأل عن االسم فتنحصر في قيد الرسم، وال تترآه رأسا فينطمس حقك انطماسا، وال تلوي على الصفحات فتنحجب عن ربك بالسماوات، وال تلوي عن الذات فتطلب العدم الرفات، النفي آفران واإلثبات خسران

إن أثبتني أقمتني سواك وإن ] 20: الرحمن، اآلية[{ ان والحق وهذان بحر

تحيرت في حيرتي مما هي فقد حار وهمي في وهمه فلم أدر هذا التحير من تجاهل قلبي أم علمه

جهال فأآذب بهفإن قلت وإن قلت علما فمن أهله

فلكي هو األعلى ومسجدي هو األقصى، وقد بورك حوله للوفود وعذب ماء منهمر للورود، ومن سبح في بحري نظمته في نحري، ومن رآب

جوادي أقطعته بالدي، ومن تعدى حده وادعى ما لم يكن عنده مقته بدوام ا الصراط المستقيم، أنا المعوج أن] 61: طه، اآلية[{ الحجاب، وقلت

.والقويم، أنا المحدث والقديمفلم تزل تتداعى آؤوس المنادمة في حضرة الوجود والمكالمة، إلى أن

خفق خافق وأومض من سفح األبيرق بارق، فسألته عن الرآن المصون اسمع ما تقول هذه األسماء في : والنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، فقال

ألعلى األسمى فإذا هي تناجي بأفصح لسان وأصرح بيان معطية ما ذراها ا] 2 ـ 1: الرحمن، اآليات[{ : ما ذا؟ فقال: عندها من غير آتمان، فقلت

، وقلت ] 7 ـ 3: الرحمن، اآليات[{ حدثني عني يا فالن : فقلت للقدير{ : خبرني عني وارددني إلي مني، فقال أيها القديم الجديد: للمريد

7: التكوير، اآليات[{ : فقال العليم بلسان الحكيم] 6 ـ 1: وير، اآلياتالتك[ ] .14ـ

أيها الحكيم المعجب حدثني عن عنقاء مغرب، ودلني على الكنز : فقلتيكفيك مني ما يحدث القديم عني، فقلت : المصون بين الكاف والنون، فقال

المزيد قد أتاك عني إن : زدني، فقال: أزيدك؟ فقلت: ذلك ال يغني، فقال: لهفهمه علي بعيد، فمن يا موالنا أنت؟ : بالخبر السديد والرأي الرشيد، فقلت

] .40: النحل، اآلية[{ ، ] 21: األنفال، اآلية[{ نفس العبيد ثم تال : فقالفلم تزل تناجيني الحضرات وتبرز لي أبكارها الخيرات إلى أن هب نسيم

فشممت رائحة رائحة، وآانت باللذات السعادة، فحقق له علم السيادة،

في مجلى الذات: الباب الخامس عشر للذات فيك بصرف الراح لذات وآل جمع سواها فهو أشتات

تجلى منزهة عن وصف واصفها وال فيها إضافات بال اعتبار

آالشمس تبدو فيخفى وصف أنجمها نفي ولكن لها في الحكم إثبات هي الظالم وال صبح وال شفق

ودون منزلها للوفد تيهات وآم دليل حدا للرآب يقصدها فحار فيها ولم تجر الشماالت خفية السبل ال رسم وال علم أبية الوصل تحميها األبيات لها دميس طريق دارس حرج

ودونه لسري الموهوم وقفات آالجهل أمست علوم العالمين لها

سيان في حيها رشد وغيات لم يظفر العقل يوما من صرافتها

مزجا وليس لفكر ثم نشوات وال لنار الهدى في سبلها علم وال لنور التقى فيها إضاءات طرق وأول من حارت أدلتها

فيها فال حييوا فيها وال ماتوا غرقت في بحر عزتهاأوصافها

دون الوفا فهي عند الكنه أموات فال سبيل إلى استيفاء ماهية

باسم ونعت تعالت تلكم الذات

اعلم أن الذات عبارة عن الوجود المطلق بسقوط جميع االعتبارات واإلضافات والوجوهات، ال على أنها خارجة عن الوجود المطلق، بل على

من جملة الوجود المطلق، فهي في الوجود جميع تلك العبارات وما إليهاالمطلق ال بنفسها وال باعتبارها، بل هي عين ما هو عليه الموجود

المطلق، هذا الوجود المطلق هو الذات الساذج الذي ال ظهور فيه السم وال نعت وال نسبة وال إضافة وال لغير ذلك، فمتى ظهر فيها شيء مما ذآر

فيها ال إلى الذات الصرف، إذ حكم الذات في نسب ذلك المنظر إلى ما ظهر نفسها شمول الكليات والجزئيات والنسب واإلضافات بحكم بقائها، بل

بحكم اضمحاللها تحت سلطان أحدية الذات، فمتى اعتبر فيها وصف أو إن : اسم أو نعت آانت بحكم المشهد لذلك المعتبر ال للذات، ولهذا قلنا

م نقل الوجود القديم وال الوجود الواجب لئال الذات هي الوجود المطلق، وليلزم من ذلك التقييد، وإال فمن المعلوم أن المراد بالذات هنا إنما هي ذات واجب الوجود القديم، وال يلزم من قولنا الوجود المطلق أن يكون تقييدا باإلطالق ألن مفهوم المطلق هو ما ال تقييد فيه بوجه من الوجوه فافهم،

.يف جدافإنه لطواعلم أن الذات الصرف الساذج إذا نزلت عن سذاجتها وصرافتها آان لها

:ثالث مجال ملحقات بالصرافة والسذاجةاألحدية، ليس لشيء من االعتبارات وال اإلضافات وال : المجلى األول

األسماء وال الصفات وال لغيرها فيها ظهور، فهي ذات صرف ولكن قد .ذا نزل حكمها عن السذاجةنسبت األحدية إليها وله

الهوية، ليس لشيء من جميع المذآورات فيه ظهور إال : والمجلى الثانياألحدية فالتحقت بالسذاجة لكن دون لحوق األحدية لتعقل الغيبوبية فيها

.من طريق اإلشارة إلى الغائب بالهوية فافهمر البتة، اإلنية، وهي آذلك ليس لغير الهوية فيها ظهو: المجلى الثالث

فالتحقت أيضا بالسذاجة لكن دون لحوق الهوية لتعقل المتحدث فيها والحضور والحاضر والمتحدث أقرب إلينا رتبة من الغائب المتعقل

.المبطون فافهم وتأملفأنا إشارة إلى األحدية ألنها إثبات ] 9: النمل، اآلية[{ : قال اهللا تعالى

ات محض مطلق ال تقييد فيها لشيء محض ال تقييد فيها، وآذلك األحدية ذإشارة إلى الهوية الملحقة باألحدية » إنه«: في قوله) هو(دون غيره، و

إشارة إلى الهوية الملحقة باألحدية ) أنا(، و)إن(ولهذا برزت مرآبة، مع اإلنية، ولهذا آانت المبدأ والمعول عليها في اإلخبار بأنه اهللا، فاستند

تنزيال لإلنية منزلة الهوية واألحدية، والجميع ) أنا(الخبر وهو اهللا إلى

عبارة عمن آانت اللطيفة اإللهية فإذا فهمت ما قلناه فاعلم أن الذاتيينفيهم، فقد سبق فيما قلنا أن الحق إذا تجلى على عبده وأفناه عن نفسه قام فيه لطيفة إلهية، فتلك اللطيفة قد تكون ذاتية وقد تكون صفاتية، فإذا آانت

ذاتية آان ذلك الهيكل اإلنساني هو الفرد الكامل والغوث الجامع، عليه له يكون الرآوع والسجود، وبه يحفظ اهللا العالم، وهو يدور أمر الوجود، و

المعبر عنه بالمهدي والخاتم وهو الخليفة، وأشار إليه في قصة آدم، تنجذب حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى حجر

المغناطيس، ويقهر الكون بعظمته ويفعل ما يشاء بقدرته، فال يحجب عنه آانت هذه اللطيفة اإللهية في هذا الولي ذاتا ساذجا شيء، وذلك أنه لما

غير مقيد برتبة ال حقيقية إلهية وال خلقية عبدية، أعطى آل رتبة من رتب الموجودات اإللهية الخلقية حقها، إذ ما ثمة شيء يمسكه من إعطاء

الحقائق حقها، والماسك للذات إنما هو تقييدها برتبة أو اسم أو نعت حقية خلقية، وقد ارتفع الماسك ألنها ذات ساذج، آل األشياء عنده آانت أو

.بالفعل ال بالقوة لعدم المانعوإنما تكون األشياء في الذوات بالقوة تارة وبالفعل أخرى ألجل الموانع،

فارتفاعها إما بوارد على الذات أو صادر عنها، وقد يتوقف ارتفاع المانع وقد تنزهت الذات عن جميع ذلك، بحال أو وقت أو صفة أو نحو ما ذآر،

فأعطى آل شيء خلقه ثم هدى، ولوال أن أهل اهللا تعالى منعوا من تجلي األحدية فضال عن تجلي الذات، لتحدثنا في الذات بغرائب تجليات وعجائب

تدليات إلهية ذاتية محضة ليس السم وال وصف وال غيرهما فيها مجال ن خزائن غيبه بمفاتيح غيبه على وال دخول، بل آنا ننزله من مكنو

صفحات وجه الشهادة بألطف عبارة وأظرف إشارة، فيفتح بتلك المفاتيح مغلق أقفال العقول، ليلج جمل العبد من سم خيوط الوصول إلى جنة ذاته

: النور، اآلية[{ المحفوظة بحجب الصفات المصونة باألنوار والظلمات 35. [

في الحياة: الباب السادس عشروجود الشيء لنفسه حياته التامة، ووجود الشيء لغيره حياة إضافية له،

فهو الحق، وحياته هي الحياة ،فالحق سبحانه وتعالى موجود لنفسهالتامة، فال يلحق بها ممات، والخلق من حيث الجملة موجود دون اهللا، ن فليست حياتهم إال حياة إضافية، ولهذا التحق بها الفناء والموت، ثم إ

ومن الموجودات من ظهرت الحياة فيه على صورتها لكن غير تامة وهو اإلنسان الكامل الحيواني والملك والجن، فإن آال من هؤالء موجود لنفسه

ه آذا وآذا، ولكن هذا الوجود له غير حقيقي لقيامه بعلم أنه موجود وأن .بغير قربه موجود للحق ال له، فكانت حياة قربه حياة غير تامة

. ومنهم من ظهرت له الحياة فيه ال على صورتها، وهو باقي الحيواناتومنهم من بطلت فيه الحياة، فكان موجودا لغيره ال لنفسه آالنبات

ذلك، فصارت الحياة في جميع األشياء، فما ثم والمعدن والحيوان وأمثال شيء من الموجودات إال وهو حي، ألن وجوده عين حياته، وما الفرق إال

أن يكون تاما أو غير تام، بل ما تم إال من حياته تامة، ألنه على القدر الذي تستحقه مرتبته، فلو نقص أو زاد لعدمت تلك المرتبة، فما في

من هو حي بحياة تامة، وألن الحياة عين واحدة، فال سبيل إلى الوجود إالنقص فيها وال إلى انقسام الستحالة تجزؤ الجوهر الفرد، فالحياة جوهر

فرد موجود بكماله لنفسه في آل شيء، فمشيئته الشيء هي حياته، وهو حياة اهللا التي قامت األشياء بها، وذلك هو تسبيحها له من حيث اسمه

ألن آل شيء في الوجود يسبح الحق من حيث آل اسم، فتسبيح الحي، الموجودات هللا من حيث اسمه الحي هو عين وجودها بحياته، وتسبيحها

يا عالم، هي : له من حيث اسمه العليم هو دخولها تحت علمه، وقولها لهوتسبيحها له . آونها أعطته العلم من نفسها بأن حكم عليها أنها آذا وآذا

اسمه القدير هو دخولها تحت قدرته، وتسبيحها له من حيث من حيثاسمه المريد هو تخصيصها بإرادته على ما هي عليه، وتسبيحها من حيث اسمه السميع هو إسماعها له إياه آالمها وهو ما تستحقه حقائقها بطريق

الحال لكنه فيما بينها وبين اهللا بطريق المقال، وتسبيحها له من حيث ير هي آونها تحت بصره بما تستحقه حقيقتها، وتسبيحها له اسمه البص

من حيث اسمه المتكلم هي آونها موجودة عن آلمته، وقس على ذلك .باقي األسماء

فإذا علمت ذلك فاعلم أن حياتها محدثة بالنسبة إليها، قديمة بالنسبة إلى عقل اهللا، ألنها حياته، وحياته صفته وصفته ملحقة به، ومتى أردت أن تت

فافهم ما أشرت لك في هذه العبارات، بل في جميع آتابي هذا إذ أآثر مسائل هذا الكتاب مما لم أسبق إليه ما خال المصطلح عليها فإنه ال سبيل

إلى التحدث في علم إال باصطالح أهله وإال فأآثر ما وضعته في آتابي هذا م يضعه أحد قبلي في آتاب فيما أعلم، وال سمعته من أحد في خطاب فيما ل

أفهم، بل أعطاني العلم بذلك بشهوده بالعين التي ال يحجب عنها شيء في .{ األرض وال في السماء

واعلم أن آل شيء من المعاني واإللهيات واألشكال والصور واألقوال طلق عليه اسم الوجود فإنه له واألعمال والمعدن والنبات وغير ذلك مما ي

حياة في نفسه لنفسه حياة تامة آحياة اإلنسان لكن لما حجب ذلك عن األآثرين نزلناه عن درجته وجعلناه موجودا لغيره، وإال فكل شيء من

األشياء له وجود في نفسه لنفسه وحياة تامة بها ينطق وبها يعقل وبها ء، وال يعرف هذا إال بطريق يسمع ويبصر ويقدر ويريد ويفعل ما يشا

الكشف فإنا شهدناه عيانا وأيد ذلك اإلخبارات اإللهية فيما نقل إلينا من أن أنا عملك، ثم : األعمال تأتي يوم القيامة صورا تخاطب صاحبها فتقول له

تأتيه غيرها فتطردها وتناجيه وآذلك قوله إن الكلمة الحسنة تأتيه في .ة تأتيه في صورة آذا وآذاصورة آذا وآذا، والقبيح

فاألشياء جميعها تسبح هللا بلسان ] 44: اإلسراء، اآلية[{ : وقوله تعالىالمقال، يسمعه من آشف اهللا عنه، وبلسان الحال آما سبق بيانه في هذا

.الباب، وتسبيحه بلسان المقال بحمد اهللا حقيقي غير مجازي فافهم وقد وجدنا فيما أعطانا الكشف ومن هذا القبيل نطق األعضاء والجوارح،

جميع ذلك، فإيماننا اليوم بالغيب إيمان تحقيق ال إيمان تقليد، وال غيب عندنا إال من حيث نسبة الموطن، وإال فغيبنا هو شهادتنا وشهادتنا هو

غيبنا، ولم نذآر هذا التأييد النقلي إال ألجل المخاطب ال ألجل أنا وجدنا هذا أييد، فافهم وتأمل ترشد إن شاء اهللا تعالى واهللا يقول الحق الكشف بهذا الت

.وهو يهدي السبيل في العلم: الباب السابع عشر

العلم درك الحق لألشياء لو أنه من وجهه بفناء

لكنها االسم العليم لمدرك أمر الوجود بشرط االستيفاء فيكون عالم القديم وعالما للمحدثات بغير ما إخفاء

العلم المقدس واحدوحقيقة من غير ما آل وال أجزاء

هو مجمل في الغيب وهو مفصل في عالم المشهود واإليماء

لكن جملته هناك فقد حوى التفـ ـصيل تحقيقا بغير مراء وبه فتعلم ذاته خالقنا

وبه فيعلمنا عن األهواء وبه فنعلمه ونعلم ذاتنا

فاعجب لفرد جامع األشياء فة نفسية أزلية، فعلمه سبحانه وتعالى بنفسه وعلمه اعلم أن العلم ص

بخلقه علم واحد غير منقسم وال متعدد ولكنه يعلم نفسه بما هو له ويعلم إن المعلومات أعطته العلم من : خلقه بما هم عليه، وال يجوز أن يقال

نفسها لئال يلزم من ذلك آونه استفاد شيئا من غيره، ولقد سها اإلمام إن معلومات الحق أعطت : بن العربي رضي اهللا عنه حيث قالمحيي الدين

الحق العلم من نفسها، فلنعذره وال نقول إن ذلك مبلغ علمه، ولكنا وجدناه سبحانه وتعالى بعد هذا يعلمها بعلم أصلي منه غير مستفاد مما عليه

المعلومات فيما اقتضته من نفسها بحسب حقائقها غير أنها اقتضت في .علمه سبحانه منها فحكم لها ثانيا بما اقتضته وهو حكمها عليهنفسها ما

ولما رأى اإلمام المذآور رضي اهللا عنه أن الحق حكم للمعلومات بما : اقتضته من نفسها ظن أن علم الحق مستفاد من اقتضاء المعلومات فقال

إن المعلومات أعطت الحق العلم من نفسها وفاته أنه إنما اقتضت ما ليه بالعلم الكلي األصلي النفسي قبل خلقها وإيجادها فإنها ما علمها ع

تعينت في العلم اإللهي إال بما علمها وإال بما اقتضته ذواتها ثم اقتضت بعد ذلك من نفسها أمورا يعني غير ما علمها عليه أوال فحكم لها ثانيا بما

مسألة لطيفة ولو لم فتأمل، فإنها. اقتضته وما حكم لها إال بما علمها عليهيكن األمر آذلك لم يصبح له من نفسه الغنى عن العالمين؛ ألنه إذا آانت

المعلومات أعطته العلم من نفسها فقد توقف حصول العلم له على المعلومات، ومن توقف وصفه على شيء آان مفتقرا إلى ذلك الشيء في

وأما العالم فاسم صفة فعلية وذلك علمه لألشياء سواء آان علمه لنفسه عالم بنفسه، يعني علم نفسه وعالم : أو بغيره، وأنها فعلية ألنك تقول

بغيره يعني علم غيره، وال بد أن تكون صفة فعلية، وأما العالم فبالنظر ية اسم صفة نفسية آالعليم، وبالنظر إلى نسبة معلومية إلى النسبة العلم

األشياء له فاسم صفة فعلية، ولهذا غلب وصف الخلق باسم العالم دون عليم وال عالم مطلقا، اللهم إال : فالن عالم، وال يقال: العليم والعالم، فيقال

وال عالمفالن عليم بأمر آذا وآذا، ولم يرد عالم بأمر آذا: إن قيد فيقالفالن عالم في : مطلقا، فإن وصف شخص بذلك فال بد من التقييد، فيقالفالن عالمة من : فن آذا، وهذا على سبيل التوسع والتجوز، وليس قولهم

.إن اهللا عالمة، فافهم: هذا القبيل ألن ذلك ليس باسم اهللا فال يجوز أن يقالما أن الحياة أقرب األوصاف واعلم أن العلم أقرب األوصاف إلى الحي آ

إلى الذات، ألنا قد بينا في الباب الذي قبل هذا أن وجود الشيء لنفسه حياته وليس وجوده غير ذاته، فال شيء أقرب إلى الذات من وصف

الحياة، وال شيء أقرب إلى الحياة من العلم، ألن آل حي ال بد أن يعلم علما انات والهوام بما ينبغي لها وبما ال ينبغي ما سواء آان إلهاميا آعلم الحيو

من المأآل والمسكن والحرآة والسكون، فهذا العلم هو الزم لكل حي، وإن آان بديهيا ضرورة أو تصديقيا آعلم اإلنسان والمالئكة والجان، فحصل

من هذا أن العلم أقرب األوصاف إلى الحياة، ولهذا آنى اهللا تعالى عن العلم األنعام، [{ يعني جاهال فعلمناه ] 122: األنعام، اآلية[{ : البالحياة، فق

يعني في ] 122: األنعام، اآلية[{ أي يفعل بمقتضى ذلك العلم ] 122: اآليةألن الظلمة ال ] 122األنعام، اآلية [{ ظلمة الطبيعة التي هي عين الجهل

ل الطبيعي، تهدي إال إلى الظلمة فال يتوصل بالجهل إلى العلم أعني بالجهأي ] 122: األنعام، اآلية[{ وال يمكن للجاهل أن يخرج من الجهل بالجهل

الساترين وجود اهللا تعالى بوجودهم، فال يشهدون من أنفسهم ومن الموجودات سوى مخلوقيتها فيسترون بذلك وجه اهللا، ويقولون وصفه أن

الحق سبحانه ال يكون مخلوقا وأن ال يكون مسبوقا بالعدم ولم يشعروا أنوتعالى، وإن ظهر في مخلوقاته، فإنما يظهر فيها بوصفه الذي يستحقه

يكمل نقصان القبيح جماله إذا الح فيه فهو للقبح رافع ويرفع مقدار الوضيع جالله فما ثم نقصان وال ثم واضع

علم ولما آان العلم الزما للحياة، آما سبق، آانت الحياة أيضا الزمة للالستحالة وجود عالم ال حياة له، وآل منهما الزم ملزوم، وإذ قد عرفت

هذا فقل ما ثم الزم وال ملزوم بالنظر إلى استقالل آل صفة هللا في نفسها وإال لزم أن يكون بعض صفات اهللا مرآبا من صفة غيرها أو من مجموع

صفة : ول مثالصفاته، وليس هو آذلك تعالى اهللا عن ذلك علوا آبيرا، فتقالخالقية غير مرآبة من القدرة واإلرادة والكالم، ولو آان المخلوق ال

يوجد إال بهذه الصفات الثالث، بل الصفة الخالقية صفة هللا تعالى واحدة، فهذه مستقلة غير مرآبة من غيرها وال ملزومة وال الزمة لسواها، وآذلك

.باقي الصفات فليتأمللحق فهو في حق الخلق أيضا آذلك، ألنه سبحانه وإذا صح هذا في حق ا

وتعالى خلق آدم على صورته فال بد أن يكون اإلنسان نسخة من آل صفة من صفات الرحمن فيوجد في اإلنسان، آل ما ينسب إلى الرحمن، حتى

أنك تحكم للمحال بالوجوب بواسطة اإلنسان، أال تراك إذا فرضت مثال آما ا ال علم له أو عالما ال حياة له آان ذلك الحي تفرض للمحال أن ثمة حي

الذي ال علم له أو العالم الذي ال حياة له موجودا في عالم فرضك وخيالك ومخلوقا لربك، إذ الخيال بما فيه مخلوق هللا تعالى، فوجد في العالم

.بواسطة اإلنسان ما آان متخيله في غيره هو ملكوته، فما وجد في واعلم أن المحسوس فرع لعالم الخيال إذ

الملكوت ال بد أن يظهر في الملك منه بقدر القوابل والوقت والحال ما يكون نسخة لذلك الموجود في الملكوت، وتحت هذه الكلمات من األسرار

اإللهية ما ال يمكن شرحه فال تهملها فإنها مفاتيح للغيب الذي إن صح وأسفله، وسيأتي الكالم على بيدك فتحت بها أقفال الوجود جميعه أعاله

.عالم الملكوت في محله من هذا الكتاب إن شاء اهللا تعالى

فقل في العلم والحياة وغيرهما من الصفات إن شئت بالتالزم، وإن شئت العنكبوت، [{ : بعدمه، وتوسع في الجناب اإللهي القائل على لسان نبيه

:وقال رحمه اهللا تعالى في معنى ذلك] . 56: اآلية عجب لبحر هاج في زخراته متالطم األمواج في طفحاته من آل رآن تهتوي أرياحه

فيقيم طود الموج في جنباته والرعد فيه آأنه لتواتر

مثل الصدى للموج في زجراته والبرق يخطف آل مقلة ناظر آالسيف يلمع في مدى هزاته

والسحب ترآم بعضها في بعضها والمزن تمطر من هوا صفحاته ظلمات بعض فوق بعض قطرة مما حوى ذا البحر في ظلماته آيف السالمة فيه للصب الذي غرقت مراآب وصفه في ذاته أو آيف يصنع سابح قطعت قوا

ئمه ومن يقضي له بنجاته الله أآبر ما بها من سالم

هيهات في هيهات في هيهاته في اإلرادة: الباب الثامن عشر :وفيها قال رحمه اهللا

إن اإلرادة أول العطفات آانت لنا وله من النفحات

ظهر الجمال بها من الكنز الذي قد آان في التعريف آالنكرات

فبدت محاسنه على أعطافه وهو الخليقة صورة الجلوات لواله أي لوال محاسنه اقتضت

من نفسها إيجاد مخلوقات ما آان مخلوقا ولوال آونهم ات ما آان منعوتا بحسن صف

ظهروا به وبهم ظهور جماله آل لكل مظهر الحسنات

والمؤمن الفرد الوحيد لمؤمن فيما روى المختار آالمرآة هو مؤمن والفرد منا مؤمن

آمرايتين تقابال بالذات فبدت محاسنه بنا وبدت محا

سننا به من غير ما إثبات وبنا تسمى بل تسمينا به

آل لكل نسخة اآليات إرادته التعرف لم يكنلوال

للكنز إبراز من الخفيات فلذلك المعنى تقدم حكمها

عن سائر األوصاف والنسبات اعلم أن اإلرادة صفة تجلي علم الحق على حسب المقتضى الذاتي، فذلك المقتضى هو اإلرادة وهي تخصيص الحق تعالى لمعلوماته بالوجود على

ه تسمى اإلرادة، اإلرادة المخلوقة حسب ما اقتضاه العلم، فهذا الوصف فيفينا هي عين إرادة الحق سبحانه وتعالى، لكن لما نسبت إلينا آان الحدوث

الالزم لنا الزما لوصفنا بأن اإلرادة مخلوقة، يعني إرادتنا، وإال فهي بنسبتها إلى اهللا تعالى عين اإلرادة القديمة التي هي له، وما معناها من

حسب مطلوبها إال لنسبتها إلينا، وهذه النسبة هي إبراز األشياء على المخلوقة، فإذا ارتفعت النسبة التي لها إلينا ونسبت إلى الحق على ما هي

آما أن وجودنا بنسبته إلينا مخلوق . عليه له انفعلت بها األشياء فافهموبنسبته إلى اهللا قديم، وهذه النسبة هي الضرورية التي يعطيها الكشف

.أو العلم القائم مقام العين فما ثم إال هذا، فافهموالذوق :واعلم أن اإلرادة لها تسعة مظاهر في المخلوقات

هو الميل، وهو انجذاب القلب إلى مطلوبه، فإذا قوي جدا : المظهر األولسمي ولعا، وهو المظهر الثاني لإلرادة، ثم إذا اشتد وزاد سمي صبابة،

رسال فيمن يحب فكأنه انصب آالماء إذا فرغ وهو إذا أخذ القلب في االستال يجد بدا من االنصباب، وهذا هو المظهر الثالث لإلرادة، ثم إذا تفرغ له

بالكلية وتمكن ذلك منه سمي شغفا، وهو المظهر الرابع لإلرادة، ثم إذا استحكم في الفؤاد وأخذه عن األشياء سمي هوى، وهو المظهر الخامس،

ى حكمه على الجسد سمي غراما، وهو المظهر السادس ثم إذا استوف

والعشق هو الذات المحض الصرف الذي ال يدخل تحت رسم وال نعت وال وصف، فهو أعني العشق في ابتداء ظهوره، يفني العاشق حتى ال يبقى له اسم وال رسم وال نعت وال وصف فإذا امتحق العاشق وانطمس أخذ العشق

منه االسم ثم الوصف ثم الذات في فناء المعشوق والعاشق، فال يزال يفنىفال يبقى عاشق وال معشوق، فحينئذ يظهر العاشق بالصورتين ويتصف

:بالصفتين، فيسمى بالعاشق ويسمى بالمعشوق، وفي ذلك أقول العشق نار الله أعني الموقدة فأفولها فطلوعها في األفئدة

نبأ عظيم أهله هم فيه مختلفون أعني في المكانة والجدة

راهم في نقطة العشق الذيفت هو واحد متفرقين على حدة

واعلم أن هذا الفناء هو عبارة عن عدم الشعور باستيالء حكم الذهول عليه، ففناؤه عن نفسه عدم شعوره به، وفناؤه عن محبوبه باستهالآه

فيه، فالفناء في اصطالح القوم هو عبارة عن عدم شعور الشخص بنفسه .وال بشيء من لوازمها

فإذا علمت هذا فاعلم أن اإلرادة اإللهية المخصصة للمخلوقات على آل حالة وهيئة صادرة من غير علة وال بسبب بل محض اختيار إلهي ، ألنها،

أعني اإلرادة حكم من أحكام العظمة، ووصف من أوصاف األلوهية، فألوهيته وعظمته لنفسه ال لعلة، وهذا بخالف ما رأى اإلمام محيى الدين

ال يجوز أن يسمى اهللا مختارا ألنه ال : بن العربي رضي اهللا عنه فإنه قاليفعل شيئا باالختيار، بل يفعله على حسب ما اقتضاه العالم من نفسه، وما

. اقتضى العالم من نفسه إال هذا الوجه الذي هو عليه، فال يكون مختاراولقد تكلم على سر ظفر هذا آالم اإلمام محيى الدين في الفتوحات المكية،

به من تجلي اإلرادة وفاته منه أآثر مما ظفر به، وذلك من مقتضيات

في القدرة: الباب التاسع عشرالقدرة قوة ذاتية ال تكون إال هللا، وشأنها إبراز المعلومات إلى العالم العيني

هو مجلى تجلي، أي مظهر أعيان معلوماته على المقتضى العلمي فمن عدم في علمه؛ فالقدرة هي الموجودة من العدم، ألنه يعلمها موجودة

القوة البارزة للموجودات من العدم، وهي صفة نفسية بها ظهرت الربوبية وهي، أعني القدرة عين القدرة الموجودة فينا، فنسبتها إلينا تسمى قدرة

تعالى تسمى قدرة قديمة، والقدرة في نسبتها إلينا حادثة ونسبتها إلى اهللاعاجزة عن االختراعات، وهي بعينها في نسبتها إلى اهللا تعالى تخترع األشياء وتبرزها من آتم العدم إلى شهود الوجود فافهم ذلك، فإنه سر

.جليل ال يصلح آشفه إال للذاتيين من أهل اهللا تعالىم، خالفا لإلمام محيى الدين بن العربي فإنه والقدرة عندنا إيجاد المعدو

من العدم، وإنما أبرزها من وجود علمي إلى إن اهللا لم يخلق األشياء: قالوجود عيني، وهذا الكالم وإن آان له في العقل وجه يستند إليه على

ضعف، فأنا أنزه ربي أن أعجز قدرته عن اختراع المعدوم وإبرازه من واعلم أن ما قاله اإلمام محيى الدين . جود المحضالعدم المحض إلى الو

رضي اهللا عنه غير منكور، ألنه أراد بذلك وجود األشياء في علمه أوال، ثم لما أبرزها إلى العيني آان هذا اإلبراز من وجود علمي إلى وجود

عيني، وفاته أن حكم الوجود هللا تعالى في نفسه قبل حكم وجود لها في معدومة في ذلك الحكم وال وجود فيه إال هللا تعالى علمه، فالموجودات

وحده، وبهذا صح له القدم، وإال لزم أن تسايره الموجودات في قدمه على آل وجه ويتعالى عن ذلك، فتحصل من هذا أنه أوجدها في علمه من عدم

يعني أنه يعلمها في علمه موجودة من عدم، فليتأمل، ثم أوجدها في العين ها من العلم وهي في أصلها موجودة في العلم من العدم المحض، بإبراز

.فما أوجد األشياء سبحانه وتعالى إال من العدم المحضواعلم أن علم الحق سبحانه وتعالى لنفسه وعلمه لمخلوقاته علم واحد،

فبنفس علمه بذاته يعلم مخلوقاته لكنها غير قديمة بقدمه، ألنه يعلم فهي في علمه محدثة الحكم في نفسها مسبوقة بالعدم مخلوقاته بالحدوث؛

غير مسبوق بالعدم، وقولنا حكم الوجود له قبل في عينها، وعلمه قديم

فإن الكشف اإللهي أعطانا ذلك من نفسه، وما أوردناه في آتابنا إال ليقع التنبيه عليه نصيحة هللا تعالى ولرسوله وللمؤمنين، وال اعتراض على

اإلمام إذ هو مصيب في قوله على الحد الذي ذآرناه، ولو آان مخطئا على ت هذا فإن القدرة الحكم الذي بيناه وفوق آل ذي علم عليم، فإذا علم

اإللهية صفة بثبوتها انتفى عنه العجز بكل حال، وعلى آل وجه ال يلزم من قولنا بثبوتها انتفى عنه العجز أن يقال لو لم تثبت لثبت العجز، فإنها ثابتة .ال يجوز فيها تقدير عدم الثبوت، فهي ثابتة أبدا والعجز منتف أبدا فافهم

المفي الك: الباب الموفي عشرين

:وفيه قال رحمه اهللا إن الكالم هو الوجود البارز

فيه جرى حكم الوجود الجائز آال وهي في العلم آانت أحرفا

ال تنقري إذ ليس ثمة مائز فتميزت عند الظهور فعبروا

عنها بلفظة آن ليدرى الفائز واعلم بأن الله حقا إن يقل

للشيء آن فيكون ما هو عاجز الم حقيقة وله مجافله الك

زا آل ذلك آان وهو الجائز اعلم أن آالم اهللا تعالى من حيث الجملة هو تجلي علمه باعتبار إظهاره إياه، سواء آانت آلماته نفس األعيان الموجودة، أو آانت المعاني التي

أن يكون الكالم صادرا عن مقام : الجهة األولى على نوعين، النوع األولالعزة بأمر األلوهية فوق عرش الربوبية وذلك أمره العالي الذي ال سبيل

لمخالفته، لكن طاعة الكون له من حيث يجهله وال يدريه، وإنما الحق في ذلك المجلى عن الكون الذي يريد تقدير سبحانه وتعالى يسمع آالمه

وجوده، ثم يجري ذلك الكون على ما أمره به عناية منه ورحمة سابقة ليصح للوجود بذلك اسم الطاعة فيكون سعيدا، وإلى هذا أشار بقوله تعالى

فحكم لألآوان ] 11: فصلت، اآلية[{ : في مخاطبته للسماء واألرضتفضال منه وعناية، ولذلك سبقت رحمته بطاعته، فإنها أتت غير مكرهة

غضبه ألنه قد حكم لها بالطاعة والمطيع مرحوم، فلو حكم عليها بأنها أتت مكرهة لكان ذلك الحكم عدال، ألن القدرة تجبر الكون على الوجود، إذ

ال اختيار لمخلوق، ولكان الغضب حينئذ أسبق إليه من الرحمة، لكن تفضل ه سبقت غضبه، فكانت الموجودات بأثرها مطيعة، فحكم بالطاعة ألن رحمت

فما ثم عاص له من حيث الجملة في الحقيقة، وآل الموجودات مطيعة هللا وآل مطيع ] 11: فصلت[} عع = { : تعالى آما شهد لها في آتابه بقوله

فما له إال الرحمة، ولهذا آل حكم النار إلى أن يضع الجبار فيها قدمه فينبت في محلها شجر الجرجير آما ورد في الخبر فتقول قط قط فتزول،

. ، وسنبين ذلك في هذا الكتاب في محله إن شاء اهللا تعالى)ص(عن النبي .فهذا أحد نوعي الجهة األولى من الكالم القديم

وأما النوع الثاني من الجهة األولى فهو الصادر عن مقام الربوبية بلغة لة على أنبيائه، والمكالمات لهم ولمن األنس بينه وبين خلقه آالكتب المنز

دونهم من األولياء، ولذلك وقعت الطاعة والمعصية في األوامر المنزلة في الكتب من المخلوق، ألن الكالم الذي صدر بلغة اإلنس فهم في الطاعة

آالمجبرين، أعني جعل نسبة اختيار الفعل إليهم ليصح الجزاء في الثواب في الطاعة فضال، ألنه جعل نسبة المعصية بالعذاب عدال، ويكون

االختيار لهم بفضله، ولم يكن لهم ذلك إال بجعله لهم، وما جعل ذلك إال لكي .يصح الثواب، فثوابه فضل وعقابه عدل

وأما الجهة الثانية للكالم، فاعلم أن آالم الحق نفس أعيان الممكنات، وآل الكهف، [{ : تعالى د للممكن، قالممكن آلمة من آلمات الحق، ولهذا ال نفا

فالممكنات هي آلمات الحق سبحانه وتعالى، وذلك أن الكالم ] 109: اآليةمن حيث الجملة صورة لمعنى في علم المتكلم، أراد المتكلم بإبراز تلك

فالموجودات آالم اهللا وهي الصور . الصورة فهم السامع ذلك المعنى

فكما أن المتكلم ال بد له في الكالم من حرآة إرادية للتكلم، ونفس خارج بالحروف من الصدر الذي هو غيب إلى ظاهر الشفة، آذلك الحق سبحانه

ه لخلقه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة يريد أوال ثم وتعالى في إبرازتبرزه القدرة، فاإلرادة مقابلة للحرآة اإلرادية التي في نفس المتكلم،

والقدرة مقابلة للنفس الخارج بالحروف من الصدر إلى الشفة إلبرازها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وتكوين المخلوق مقابل لترآيب الكلمة

يئة مخصوصة في نفس المتكلم، فسبحان من جعل اإلنسان نسخة على هله آاملة، ولو نظرت إلى نفسك ودققت لوجدت لكل صفة منه نسخة من نفسك، فانظر هويتك نسخة أي شيء، وإنيتك نسخة أي شيء، وروحك

نسخة أي شيء، وعقلك نسخة أي شيء، وفكرك نسخة أي شيء، ي شيء، وانظر إلى وهمك وخيالك نسخة أي شيء، وصورتك نسخة أ

العجيب نسخة أي شيء، وبصرك وحافظتك وسمعك وعلمك وحياتك وقدرتك وآالمك وإرادتك وقلبك وقالبك آل شيء منك نسخة أي شيء من

آماله، وصورة أي حسن من جماله، ولوال العهد المربوط والشرط المشروط لبينته أوضح من هذا البيان ولجعلته غذاء للصاحي ونقال

سكران، لكنه يكفي هذا القدر من اإلشارة لمن له أدنى بصارة، وما أعلم للأحدا من قبلي أذن له أن ينبه على أسرار نبهت عليها في هذا الباب إال أنا، فقد أمرت بذلك، ومن هذا القبيل أآثر الكتاب لكني جعلت قشرة على الباب

ون الحجاب، يلفظها من هو من أولي األلباب، ويقف دونها من وقف د .واهللا يقول الحق وهو يهدي إلى الصواب

في السمع: الباب الحادي والعشرون :وفيه قال رحمه اهللا

السمع علم الحق لألشياء من حيث منطقها بغير مراء والنطق فيها قد يكون تلفظا

ويكون حاال وهو نطق دعاء

والحال عند الله ينطق بالذي الفصحاء هو يقتضيه منطق

اعلم أن السمع عبارة عن تجلي الحق بطريق إفادته من المعلوم، ألنه وسبحانه وتعالى يعلم آل ما يسمعه من قبل أن يسمعه ومن بعد ذلك، فما ثم

إال تجلي علمه بطريق حصوله في المعلوم، سواء آان المعلوم نفسه أو مخلوقاته فافهم، وهو هللا وصف نفسي اقتضاه لكماله في نفسه، فهو

بحانه وتعالى يسمع آالم نفسه وشأنه آما يسمع آالم مخلوقاته من سحيث منطقها ومن حيث أحوالها، فسماعه لنفسه من حيث آالمه مفهوم ،

وسماعه لنفسه من حيث شؤونه، فهو ما اقتضته أسماؤه وصفاته من حيث اعتباراتها وطلبها للمؤثرات، فإجابته لنفسه هو إبراز تلك

.لك اآلثار لألسماء والصفاتالمقتضيات وظهور تتعليم الرحمن القرآن لعباده المخصوصين : ومن هذا االستماع الثاني

أهل القرآن «: بقوله) ص(بذاته، الذين نبه اهللا عليهم على لسان النبي ويسمع العبد الذاتي مخاطبة األسماء واألوصاف » أهل اهللا وخاصته

ذا السماع الثاني أعز من والذوات فيجيبها إجابة الموصوف للصفات، وهالسماع الكالمي، فإن الحق إذا أعار عبده الصفة السمعية يسمع ذلك العبد آالم اهللا، يسمع اهللا ال يعلم ما هي عليه األوصاف واألسماع مع الذات في

الذات، وال تتعدد بخالف السماع الثاني الذي يعلم الرحمن به عباده هناك للعبد حقيقة ذاتية غير مستعارة الصفة السمعية تكون القرآن، فإذن

وال مستفادة، فإذا صح للعبد هذا التجلي السمعي نصب له عرش الرحمانية، فيتجلى ربه مستويا على عرشه، ولوال سماعه أوال بالشأن لما

اقتضته األسماء واألوصاف من ذات الديان، لما أمكنه أن يتأدب بآداب م ال يفهمه إال األدباء األمناء الغرباء، القرآن في حضرة الرحمن وهذا آال

وهم األفراد المحققون بسماعهم هذا الكالم الثاني، ليس انتهاء ألن اهللا تعالى ال نهاية لكلماته، وهي في حقهم تنوعات تجليات فال تزال تخاطبهم

بحقيقة الذات بلغة األسماء والصفات، وال يزالون يجيبون تلك المكالمات .ة الموصوف للصفاتالذوات إجاب

وليست هذه األسماء والصفات مخصوصة بما في أيدينا مما نعرفه من أوصاف الحق وأسمائه، بل ثم هللا من بعد ذلك أسماء وأوصاف مستأثرة في علم الحق لمن هو عنده، فتلك األسماء المستأثرة هي الشؤون التي

ا مع ربه؛ يكون الحق بها مع عبده، وهي األحوال التي يكون العبد بهفاألحوال نسبتها إلى العبد مخلوقة، والشؤون نسبتها إلى اهللا تعالى

العلق، [{ : في) ص(وإلى قراءة هذا الكالم الثاني اإلشارة إلى النبي فإن هذه القراءة قراءة أهل الخصوص وهم أهل القرآن، ] 5ـ 1: اآليات

.أعني الذاتيين المحمديين الذين هم أهل اهللا وخاصتهأما قراءة الكالم اإللهي وسماعه من ذات اهللا بسمع اهللا تعالى، فإنها قراءة

الفرقان، وهي قراءة أهل االصطفاء وهم النفسيون الموسويون، قال اهللا فمن هنا آانت تلك الطائفة ] 41: طه، اآلية[{ : ىتعالى لنبيه موس

الموسوية نفسيين، بخالف الطائفة األولى الذاتيين، قال اهللا تعالى لمحمد هي السبع الصفات آما : فالسبع المثاني] 87: الحجر، اآلية[{ ): ص(

في شرح بسم اهللا الرحمن الكهف والرقيم: [بيناه في آتابنا المسمى بـ: بقوله) ص(هو الذات، وإلى هذا المعنى أشار : قرآن العظيم، وال] الرحيم

فأهل القرآن ذاتيون وأهل الفرقان » أهل القرآن أهل اهللا وخاصته«نفسيون، وبينهما من الفرق ما بين مقام الحبيب وبين مقام الكليم، واهللا

.يقول الحق وهو بكل شيء عليم في البصر: الباب الثاني والعشرون

:وفيه قال ر اإلله محل ما هو عالمبص

ويرى سواء نفسه والعالم فجميع معلوم له عين له وعيانه لجميع ذلك دائم

فالعلم عين باعتبار بروزه عند الشهود وذاك أمر الزم فيشاهد المعلوم منه لذاته

وشهوده هو علمه المتعاظم وهما له وصفان هذا غير ذا إذ ما البصير بواحد والعالم

قنا اهللا وإياك، أن بصر الحق سبحانه وتعالى عبارة عن ذاته اعلم، وفباعتبار شهوده للمعلومات، فعلمه سبحانه وتعالى عبارة عن ذاته باعتبار مبدأ علمه، ألنه بذاته يعلم، وبذاته يبصر، وال تعدد في ذاته، فمحل علمه

مراد محل عينه فهما صفتان، وإن آانا على الحقيقة شيئا واحدا، فليس الببصره إال تجلي علمه له في هذا المشهد العياني، وليس المراد بعلمه إال اإلدراك بنظره له في العلم العيني، فهو يرى ذاته بذاته، ويرى مخلوقاته

إن هللا آذا وآذا نظرة «: أنه قال) ص(ومن هذا القبيل ما ورد عن النبي آل [{ : في معنى ذلك، وقوله سبحانه وتعالىأو ما » إلى القلب في آل يوم

ليس من هذا القبيل، بل النظر هنا عبارة عن الرحمة ] 77: عمران، اآليةاإللهية التي رحم بها من قربه إليه، بخالف النظر الذي له إلى القلب، فإنه

ما ورد ليس األمر مخصوصا بالصفة النظرية وحدها، بل سار في على: محمد، اآلية[{ : أال ترى إلى قوله سبحانه وتعالى.غيرها من األوصاف

وال تظن أنه يجهلهم قبل االبتالء تعالى اهللا، وآذلك في النظر إلى ] 31القلب، فهو ال يفقد القلب الذي ينظر إليه آل يوم آذا وآذا نظرة، لكن تحت ذلك أسرار ال يمكن آشفها بغير هذا التنبيه، فمن عرف فليلزم، ومن ذهب

.التأويل إنه ال بد أن يقع في نوع من التعطيل فافهمإلى واعلم أن البصر في اإلنسان هو المدرآة البصرية الناظرية من شحمة العين إلى األشياء، فهي إذا نظرت إلى األشياء من محلها القلبي ال من

شحمة العين آانت مسماة بالبصيرة، وهي بعينها بنسبتها إلى اهللا تعالى وإذا آشف لك عن سر ذلك وال يكشف إال باهللا تعالى رأيت بصره القديم،

حقائق األشياء على ما هي عليه، ولم يحتجب إذا عن بصرك شيء، فافهم هذا السر العجيب الذي أشرت إليك به في هذه الكلمات، وارفع عن عرش

معانيها ذيول الستارات، ورد أمرك إلى اهللا تعالى، وآن أنت بال أنت وال بل يكون اهللا هو المدبر لك آيفما شاء، أعني آما تقتضيه أوصافه أنت،

{ واألسماء، فارم بهذا القشر الساتر، وآل اللباب الزاهر، وافهم حقيقة ] .79: األنعام، اآلية[

في الجمال :الباب الثالث والعشروناعلم أن جمال اهللا تعالى عبارة عن أوصافه العليا وأسمائه الحسنى، هذا

.لعمومعلى اوأما على الخصوص، فصفة الرحمة وصفة العلم وصفة اللطف والنعم، وصفة الجود والرزاقية والخالقية وصفة النفع وأمثال ذلك آلها صفات

جمال، وثم صفات مشترآة لها وجه إلى الجمال ووجه إلى الجالل آاسمه وبية الرب، فإنه باعتبار التربية واإلنشاء اسم جمال، وباعتبار الرب

والقدرة اسم جالل، ومثله اسمه اهللا، واسمه الرحمن بخالف اسمه الرحيم .فإنه اسم جمال، وقس على ذلك

النوع: واعلم أن جمال الحق سبحانه وتعالى وإن آان متنوعا فهو نوعاناألول معنوي، وهو معاني األسماء الحسنى واألوصاف العال، وهذا النوع

وع الثاني صوري، وهو هذا العالم المطلق والن. مختص بشهود الحق إياهالمعبر عنه بالمخلوقات وعلى تفاريعه وأنواعه، فهو حسن مطلق إلهي ظهر في مجالي اإللهية سميت تلك المجالي بالخلق، وهذه التسمية أيضا

من جملة الحسن اإللهي، فالقبيح من العالم آالمليح منه باعتبار آونه ي، ال باعتبار تنوع الجمال، فإن من الحسن مجلى من مجالي الجمال اإلله

أيضا إبراز جنس القبيح على قبحه لحفظ مرتبته من الوجود، آما أن الحسن اإللهي إبراز جنس الحسن على وجه حسنه لحفظ مرتبته من

.الوجوداعلم أن القبح في األشياء إنما هو لالعتبار ال لنفس ذلك الشيء، فال يوجد

باعتبار، فارتفع حكم القبيح المطلق من الوجود فلم يبق في العالم قبح إالأال ترى إلى قبح المعاصي إنما ظهر باعتبار النهي، . إال الحسن المطلق

وقبح الرائحة المنتنة إنما ثبت باعتبار من ال يالئم طبعه، وأما هي فعند آان أال ترى إلى اإلحراق بالنار إنما . الجعل ومن يالئم طبعه من المحاسن

قبيحا باعتبار من يهلك فيها ويتلف، وإنما هي عند السمندل من غاية المحاسن، والسمندل طير ال تكون حياته إال في تلك النار، فما في العالم

قبيح، فكل ما خلق اهللا تعالى مليح باألصالة ألنه صور حسنه وجماله، وما لى الكلمة الحسنة في أال ترى إ. حدث القبيح في األشياء إال باالعتبارات

بعض األوقات تكون قبيحة ببعض االعتبارات وهي في نفسها حسنة، فعلم : بهذه المقدمات أن الوجود بكماله صورة حسنه ومظاهر جماله، وقولناإن الوجود بكماله يدخل فيه المحسوس والمعقول والموهوم والخيال

ة والمعنى، فإن واألول واآلخر والظاهر والباطن والقول والفعل والصوروفي هذا المعنى قلت في قصيدتي . جميع ذلك صور جماله وتجليات آماله

:العينية تجليت في األشياء حين خلقتها

فها هي ميطت عنك فيها البراقع قطعت الورى من ذات حسنك قطعة

ولم تك موصوال وال فصل قاطع ولكنها أحكام رتبتك اقتضت ألوهية للضد فيها التجامع

نت الورى حقا وأنت إمامنافأ وأنت الذي يعلو وما هو واضع

وما الخلق في التمثال إال آثلجة وأنت بها الماء الذي هو نابع وما الثلج في تحقيقنا غير مائه

وغيران في حكم دعته الشرائع ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه

ويوضع حكم الماء واألمر واقع تجمعت األضداد في واحد البها

وفيه تالشت وهو عنهن ساطع فكل بهاء في مالحة صورة

على آل قد شابه الغصن يانع وآل اسوداد في تصافيف طرة

احمرار في العوارض ناصع وآل وآل آحيل الطرف يقتل صبه

بماض آسيف الهند حاال مضارع وآل اسمرار في القوائم آالقنا

عليه من الشعر الرسيل شرائع لمالحة قد زهاوآل مليح با

وآل جميل بالمحاسن بارع وآل لطيف جل أو دق حسنه

وآل جليل فهو باللطف صادع محاسن من أنشاه ذلك آله

فوحد وال تشرك به فهو واسع وإياك أن تلفظ بغيرية البها

إليه البها والقبح بالذات راجع فكل قبيح إن نسبت لفعله

أتتك معاني الحسن فيه تسارع قصان القبيح جمالهيكمل ن

فما ثم نقصان وال ثم باشع ويرفع مقدار الوضيع جالله

إذا الح فيه فهو للوضع رافع وأطلق عنان الحق في آل ما ترى

فتلك تجليات من هو صانع

اعلم أن الجمال المعنوي الذي هو عبارة عن أسمائه وصفاته إنما اختص وأما مطلق . سماء والصفاتالحق بشهود آمالها على ما هي عليه تلك األ

الشهود لها فغير مختص بالحق، ألنه ال بد لكل من أهل المعتقدات في ربه اعتقادا ما أنه على ما أستحقه من أسمائه الحسنى وصفاته العال أو غير

ذلك، وال بد لكل شهود صورة معتقدة، وتلك الصورة هي أيضا صورة ا ظهورا ضروريا ال معنويا، جمال اهللا تعالى، فصار ظهور الجمال فيه

المعنوي بكماله لغير من هو له، تعالى فاستحال أن يوجد شهود الجمال .اهللا وتقدس عما يقولون علوا آبيرا

في الجالل: الباب الرابع والعشروناعلم أن جالل اهللا تعالى عبارة عن ذاته بظهوره في أسمائه وصفاته آما

.هي عليه على اإلجمالعلى التفصيل، فإن الجالل عبارة عن صفات العظمة والكبرياء وأما

والمجد والثناء، وآل جمال له فإنه حيث يشتد ظهوره يسمى جالال، آما أن آل جالل له فهو في مبادىء ظهوره على الخلق يسمى جماال، ومن هنا

إن لكل جمال جالال، ولكل جالل جماال، وإنما بأيدي الخلق أي : قال من قالوأما . ال يظهر لهم من جمال اهللا تعالى إال جمال الجالل أو جالل الجمال

وأما الخلق فما . الجمال المطلق والجالل فإنه ال يكون شهوده إال هللا وحدهلهم فيه قدم فإنا قد عبرنا عن الجالل بأنه ذاته باعتبار ظهوره في أسمائه

شهود إال له، وعبرنا وصفاته آما هي عليه له في حقه، ويستحيل هذا العن الجمال بأنه أوصافه العال وأسماؤه الحسنى، واستيفاء أسمائه

وأوصافه للخلق محال ألن ثمة أسماء وأوصافا له مستأثرات عنده وهي جمال، فظهر بذلك أن ظهور الجمال المطلق والجالل المطلق مختص باهللا

ه من حيث ما تعالى، وإذا عرفت ذلك فاعلم أن صفات الحق وأسماءفقسم منها صفات جمال، وقسم منها : تقتضيه حقائقها على أربعة أقسام

صفات جالل، وقسم منها مشترك بين الجمال والجالل، وهي صفات الكمال، وقسم منها ذاتية، وقد ضمنت هذا الجدول جميع ذلك، وهذه

: صورته األسماء والصفات الذاتية األسماء والصفات الجاللية

والصفات المشترآة وهي الكماليةاألسماء األسماء والصفات الجمالية

اهللا الكبير المتعال

الرحمن الملك العليم الرحيم

األحد العزيز العظيم الرب المهيمن السالم المؤمن

الواحد الجليل القهار الخالق السميع

البارىء المصور الفرد

القادر المقتدر البصير الحكم الغفار الوهاب

الوتر الماجد الولي العدل الحكيم الرزاق الفتاح

الصمد الجبار المتكبر الولي القيوم الباسط الرافع

القدوس القابض الخافض المقدم المؤخر اللطيف الخبير

الحي المذل الرقيب األول اآلخر المعز الحفيظ

النور الواسع الشهيد الظاهر الباطن

المقيت الحق

القوي المتين المتعاليالوالي

الحسيب الجميل

المميت المعيد مالك الملك المقسط

الحليم الكريم

المنتقم ذو الجالل الجامع الغني الوآيل الحميد

واإلآرام

الذي ليس آمثله شيء المبدىء المحيي

المانع الضار الوارث

المحيط السلطان المصور الواجد

البطش الصبور ذو

المريد المتكلم باقيالدائم ال

البصير الديان

البارىء البر

المعذب المفضل

المنعم العفو

المجيد الذي لم

الغفور الرؤوف

يكن له آفوا أحد

المعني المعطي

ذو الحول الشديد

النافع الهادي

القاهر الغيور

البديع الرشيد

شديد العقاب

المجمل القريب

المجيب الكفيل

الحنان المنان

الكامل الذي لم يلد

ولم يولد

الكافي الجواد ذو الطول

الشافي المعافي واعلم أن لكل اسم أو صفة من أسماء اهللا تعالى وصفاته أثرا، وذلك األثر

مظهر لجمال ذلك أو جالله أو آماله، فالمعلومات مثال على العموم أثر الى، وآذلك المرحومات اسمه العليم فهي مظاهر علم الحق سبحانه وتع

مظاهر الرحمة والمسلمات مظاهر السالم، وما ثم موجود إال وقد سلم من االنعدام المحض، وما ثم موجود إال وقد رحمه اهللا إما بإيجاده أو رحمة خاصة بعد ذلك، وال ثم موجود إال وهو معلوم هللا، فصارت الموجودات

الجمال بأسرها، إذ ما ثم اسم وال بأسرها من حيث اإلطالق مظاهر ألسماء وصف من األسماء واألوصاف الجمالية إال وهو يعم الوجود من حيث

األثر عموما وخصوصا، فالموجودات بأسرها مظاهر جمال الحق، وآذلك آل صفة جاللية تقتضي األثر آالقادر والرقيب والواسع، فإن أثره شائع

بعض الصفات الجاللية مظاهر في الوجود فصارت الموجودات من حيثالجالل، فما ثم موجود إال وهو صورة لجالل الحق ومظهر له، وثم أسماء

جاللية تختص ببعض الموجودات دون بعض آالمنتقم والمعذب والضار والمانع وما شابه ذلك، فإن بعض الموجودات مظاهر لها ال آل

يعم الوجود، وهذا سر الموجودات، بخالف أسماء الجمال فإن آال منها .فافهم» سبقت رحمتي غضبي«: قوله

الكمالية المشترآة فمنها ما هو للمرتبة آاسمه الرحمن وأما األسماءوالملك والرب ومالك الملك والسلطان والولي، فهؤالء للعموم والوجود

بجملته مظهر وصورة لكل اسم من هذه األسماء، والمراد بقولي بجملته ه وبكل اعتبار، فالموجودات صورة لكل اسم من أسماء أنه من آل وج

المرتبة، بخالف أسماء الجمال والجالل، فإن الموجود مظهر لكل اسم منها

ومن األسماء المشترآة ما يقتضي أن يكون الوجود بأسره مظهره، ولكن وه آاسمه البصير واسمه السميع واسمه الخالق والحكيم ال من آل الوجومن األسماء المشترآة ما ال يقتضي أن يكون ظهور ،وأمثال ذلك

الموجودات على صورتها آاسمه الغني والعدل والقيوم وأمثال ذلك، فإنها ملحقة باألسماء الذاتية لكنا جعلناها من القسم المشترك لما فيها من

.لجالل فافهمرائحة الجمال وافإذا علمت هذا فاعلم أن العبد الكامل مظهر لهذه األسماء جميعها

المشترآة وغير المشترآة، ذاتية آانت أو جاللية أو جمالية، فالجنة مظهر الجمال المطلق، والجحيم مظهر الجالل المطلق، والداران دار الدنيا ودار

اهر األسماء المرتبة اآلخرة بما فيهما ما خال اإلنسان الكامل منها مظبخالف األسماء الذاتية، فإن اإلنسان وحده مظهرها ومظهر غيرها، فما

% $ £ ! " { : لغيره من الموجودات فيها قدم البتة، وإليه اإلشارة بقولهوليست ] 72اآلية : األحزاب[} )! ! ص( ژ پ2 1 0 . / -، ( ) * + ' ×

وأسمائه وصفاته، فما في الوجود األمانة إال الحق سبحانه وتعالى بذاتهبأسره من صحت له الجملة إال اإلنسان الكامل، ولهذا المعنى أشار عليه

» أنزل علي القرآن جملة واحدة«: الصالة والسالم إلى ذلك بقولهفالسماوات وما فوقها وما تحتها واألرض وما تحتها وما عليها من أنواع

أسماء الحق وصفاته، فأبين منها المخلوقات عاجزة عن التحقق بجميعلعدم القابلية وأشفقن لقصورها وضعفها، وحملها اإلنسان الكامل إنه آان

ظلوما، أي لنفسه، ألنه ال يمكن أن يعطي نفسه حقها، إذ ذاك منوط بأن : األنعام[} × % $ £ " { : يثني على اهللا حق ثنائه، وقد قال اهللا تعالى

اإلنسان ظلوما، يعني ظلم نفسه بأنه لم يقدرها حق وآان] 91اآلية قدرها، ثم اعتذر الحق له في ذلك بأن وصفه بقوله جهوال، يعني أن قدره

عظيم وهو به جهول وله المعذرة إذا لم يقدرها حق قدرها بثنائها على اهللا .حق الثناء

ون اإلنسان ولهذه اآلية وجه ثان، وهو أن يكون ظلوما اسما للمفعول، فيكظلوما أي مظلوما، ألنه ال يقدر أحد أن يوفي بحقوق اإلنسان الكامل . لجاللة قدره وعظيم منصبه، فهو مظلوم فيما يعامله به المخلوقات

جهوال، يعني مجهوال ال يعلم حقيقته لبعد غوره، وهذا من الحق : وقولهلمخلوقات سبحانه وتعالى اعتذار عن اإلنسان الكامل من أجل سائر ا

ليخلصوا من وبال الظلم، فيقبل عذرهم إذا آشف لهم الغطاء يوم القيامة

في الكمال: الباب الخامس والعشروناعلم أن آمال اهللا تعالى عبارة عن ماهيته وماهيته غير قابلة لإلدراك

والغاية فليس لكماله غاية وال نهاية، فهو سبحانه وتعالى يدرك ماهيته ويدرك أنها ال تدرك وأنها ال غاية لها في حقه وفي حق غيره، أعني

ال تدرك له وال لغيره لما هي عليه ماهيته في يدرآها بعد أن يدرآها أنيدرك ماهيته هو ما يستحقه لكمال اإلحاطة وعدم الجهل، : نفسها، فقولنا

وقولنا يدرآها أنها ال تدرك له وال لغيره هو ما يستحقه من حيث آبرياؤه وعدم انتهائه، ألنه ال يدرك إال ما يتناهى وهو ليس له نهاية، فإدراك ما

نهاية محال، فإدراآه لماهيته حكمي الستحقاقه شمول العلم وعدم ليس له الجهل بنفسه ال أنه قبلت ماهيته اإلدراك بوجه من الوجوه فافهم، فهذه

في هذا . مسألة شديدة الغموض فإياك أن تزلق فيها فإنها مقام الحيرة :المعنى قلت من قصيدة طويلة أأحطت خبرا مجمال ومفصال

جميع صفاته بجميع ذاتك يا أم جهل وجهك أن يحاط بكنهه

فأحطته أن ال يحاط بذاته حاشاك من غاي وحاشا أن يكن

بك جاهال وياله من حيراته واعلم أن آماله سبحانه وتعالى ال يشبه آمال المخلوقات، ألن آمال

المخلوقات بمعان موجودة في ذواتهم، وتلك المعاني مغايرة لذواتهم، حانه وتعالى بذاته ال بمعان زائدة عليه، تعالى اهللا عن ذلك علوا وآماله سب

آبيرا، فكماله عين ذاته ولهذا صح له الغنى المطلق والكمال التام، فإنه سبحانه وتعالى ولو تعلقت به المعاني الكمالية فإنها ليست غيره، ير له، فمعقولية الكمال المستوعب له أمر ذاتي ال زائد على ذاته وال مغا

وليس هو نفس المعقول وليس لسواه هذا الحكم، فإن آل موجود من الموجودات إذا وصفته اقتضى أن يكون وصفه غيره، ألن المخلوق قابل لالنقسام والتعدد، واقتضى أن يكون وصفه عينه ألنه حكمه الذي ترتب

.عليه ذاته وحده الذي يترآب منه وجودهيقتضي أن تكون الحيوانية في نفسها اإلنسان حيوان ناطق، : فقولنا

ومعقوليتها مغايرة لإلنسان والنطق في نفسه مغاير لكل من اإلنسان

وهذه المسألة قد أخطأ فيها أآثر المتكلمين، وقد أوردها اإلمام محيى الدين ه العبارة بل بعبارة بن عربي موافقا لما قلناه لك، ال من هذه الجهة وال بهذ

إن صفات : أخرى ومعنى آخر، لكنه يخطىء أآثر المتكلمين الذين قالواوأما . الحق ليست عينه وال غيره، وذآر أن هذا الكالم غير سائغ في نفسه

نحن فقد أعطانا الكشف اإللهي أن صفاته عين ذاته، ولكن ال باعتبار ؟ { مرا يضرب عنه في المثل تعددها وال باعتبار عدم التعدد، بل شاهدت أ

نقطة هي نفس معقولية الكماالت المستوعبة ] 60اآلية : النحل[} ژ ء الجامعة لكل جمال وجالل وآمال على النمط الالئق بالمرتبة اإللهية؛ وهي،

أعني الكماالت، مستهلكة في وجود النقطة والنقطة مستهلكة في وجود نقطة وبالكماالت في أحديتها يتعقل الكماالت، وهي أعني المعبر عنها بال

وثم أمور أغمض وأدق . فيها عدم االنتهاء ويستحيل عليها أولية االبتداء .وأعز وأجل من أن يمكن التعبير عنها

وآان ما آان مما لست أذآره فظن خيرا وال تسأل عن الخبر

لوق واعلم أن هذا المثال ال يليق بذات المتعال، ألن المثال في نفسه مخفهو على غير المضروب به المثل، ألن الحق قديم والخلق حادث،

والعبارة الفهوانية ال تحمل المعاني الذوقية إال لمن سبقه الذوق، فهي مطية له ألنها ال تطيق أن تحمل األمر على ما هو عليه، ولكنها تأخذ منه

إليه طرفا، فمن آان يعقوبي الحزن جلى عن بصره العمى بطرح البشير قميص يوسف، ومن لم يكن له ذوق سابق فال يكاد يقع على المطلوب،

اللهم إال أن يكون ذا إيمان وتصديق وترك ما عنده وأخذ ما يلقي إليه يعني ] 37اآلية : ق[} ي { الحق من التحقيق، فهو المشار إليه بـ

اإليمان، فاألول يشهد باإليمان ما يقال له حتى آأنه مشهود له عيانا لقوة

في الهوية: الباب السادس والعشرونغيبه الذي ال يمكن ظهوره ولكن باعتبار جملة األسماء : هوية الحق

فكأنها إنما هو لعدم : والصفات، فكأنها إشارة إلى باطن الواحدية، وقولياختصاصها باسم أو وصف أو نعت أو مرتبة أو مطلق ذات بال اعتبار أسماء أو صفات، بل الهوية إشارة إلى جميع ذلك على سبيل الجملة

واالنفراد، وشأنها اإلشعار بالبطون والغيبوبية، وهي مأخوذة من لفظة ى إشارة إلى آنه الذي لإلشارة إلى الغائب، وهي في حق اهللا تعال» هو«

:ذاته باعتبار أسمائه وصفاته مع الفهم بغيبوبية ذلك، ومن ذلك قولي إن الهوية غيب ذات الواحد

ومن المحال ظهورها في الشاهد فكأنها نعت وقد وقعت على

شأن البطون وما لذا من جاحد ى أن أال تر. واعلم أن هذا االسم أخص من اسمه اهللا، وهو سر لالسم اهللا

اسم اهللا ما دام هذا االسم موجودا فيه آان له معنى يرجع به إلى الحق، وإذا فك عنه بقيت أحرفه مقيدة المعنى، مثال إذا حذفت األلف من اسم اهللا

وفيه فائدة، » له«ففيه الفائدة، وإذا حذفت الالم األولى يبقى » هللا«بقي أنها هاء واحدة بال » هو«ي واألصل ف. »هـ«وإذا حذفت الالم الثانية يبقى

واو، وما لحقت بها الواو إال من قبيل اإلشباع، واالستمرار العادي جعلهما .أفضل األسماء» هو«شيئا واحدا، فاسم

اجتمعت ببعض أهل اهللا بمكة زادها اهللا تعالى شرفا في آخر سنة تسع أنه ) ص(وتسعين وسبعمائة، فذاآرني في االسم األعظم الذي قال النبي

وأن ذلك » هو«في آخر سورة البقرة وأول سورة آل عمران، وقال آلمة آخر قوله سورة البقرة، » الهاء«ألن ) ص(مستفاد من ظاهر آالم النبي

أول قوله وأول سورة آل عمران، وهذا الكالم وإن آان مقبوال » الواو«ولعارف إال فإني أجد لالسم األعظم رائحة أخرى وما أوردت ما قاله هذا ا

تنبيها على شرف هذا االسم، وآون اإلشارة النبوية وقعت عليه من الجهة .المذآورة أنه أعظم األسماء

عبارة عن حاضر في الذهن يرجع إليه باإلشارة من » هو«واعلم أن اسم شاهد الحس إلى غائب الخيال، وذلك الغائب لو آان غائبا عن الخيال لما

إلى » هو«فال تصح اإلشارة بلفظ » هو«فظة صحت اإلشارة إليه بلأال ترى إلى الضمير ال يرجع إال إلى مذآور إما لفظا وإما قرينة . الحاضر

في اإلنية: الباب السابع والعشرونإنية الحق تحديه بما هو له، فهي إشارة إلى ظاهر الحق تعالى باعتبار

اآلية : طه[} ا ب ة ت ث ج ح { : مول ظهوره لبطونه، قال اهللا تعالىشهي عين اإلنية المشار » هو«إن الهوية المشار إليها بلفظة : يقول] 14

إن : فكانت الهوية معقولة في اإلنية، وهذا معنى قولنا» أنا«إليها بلفظة ظاهر ظاهر الحق عين باطنه، وباطنه عين ظاهره، ال أنه باطن من جهة و

أال ترى لقوله سبحانه وتعالى آيف أآد الجملة بإن فأتى . من جهة أخرىبها مؤآدة، ألن آل آالم يتردد فيه ذهن السامع، فإن التأآيد مستحسن فيه، آما أن آل آالم ينكره السامع يجب التأآيد فيه بخالف ما لو آان

.السامع خالي الذهن، فإنه ال يحتاج فيه إلى تأآيدن اعتبار البطون والظهور بالوحدة يحصل فيه للعقل تردد وهو ولما آا

استيفاؤه آيف يكون األمر باطنه ظاهره وظاهره باطنه، وما فائدة التقسيم بالظاهر والباطن فيه، فللنفس في هذه المسألة إما تردد وإما إنكار، فلهذا

يعني ] 37اآلية : البقرة[ } 7 6{ : فقال لموسى» إن«أآده الحق بلفظة أن األحدية الباطنة المشار إليها بالهوية هي اإلنية الظاهرة المشار إليها

.بلفظة أنا، فال تزعم أن بينهما تغايرا أو انفصاال أو انفكاآا بوجهثم فسر األمر بالبدلية وهو العلم الذاتي أعني اسم اهللا إشارة إلى ما

إن بطونه وغيبه عين : قالتقتضيه األلوهية من الجمع والشمول، ألنه لما نبه على أن ذلك من حقيقة ما هو عليه اهللا، فإن : ظهوره وشهادته

لهية يعني اإل] 2اآلية : النحل[} ز س ش ص } :ثم الجملة بقولهالمعبودة ليست إال أنا، فأنا الظاهر في تلك األوثان واألفالك والطبائع، وفي آل ما يعبده أهل آل ملة ونحلة، فما تلك اآللهة آلها إال أنا، ولهذا أثبت لهم

لفظة اآللهة، وتسميته لهم بهذه اللفظة من جهة ما هم عليه في الحقيقة زعم أهل الظاهر أن الحق إنما أراد بذلك تسمية حقيقية ال مجازية، ال آما ي

من حيث إنهم سموهم آلهة، ال من حيث إنهم في أنفسهم لهم هذه التسمية، وهذا غلط منهم وافتراء على الحق، ألن هذه األشياء آلها بل

جميع ما في الوجود له من جهة ذات اهللا تعالى في الحقيقة هذه التسمية وتعالى عين األشياء وتسميتها باإللهية تسمية حقيقية، ألن الحق سبحانه

تسمية حقيقية، ال آما يزعم المقلد من أهل الحجاب أنها تسمية مجازية، ولو آان آذلك لكان الكالم أن تلك الحجارة والكواآب والطبائع واألشياء

التي تعبدونها ليست بآلهة، وأن ال إله إال اهللا أنا فاعبدوني، لكنه إنما أراد بين لهم أن تلك اآللهة مظاهر، وأن حكم األلوهية فيهم حقيقة، الحق أن ي

: النحل[} ز س ش ص { : وأنهم ما عبدوا في جميع ذلك إال هو، فقالأي ما ثم ما يطلق عليه اسم اإلله إال وهو أنا، فما في العالم ما ] 2اآلية

ال ما يعبد غيري، وآيف يعبدون غيري وأنا خلقتهم ليعبدوني، وال يكون إ .خلقتهم له

أي » آل ميسر لما خلق له«: قال عليه الصالة والسالم في هذا المقام: الذاريات[} ! ! «{ژ ( ' × % $ £ { : لعبادة الحق، ألن الحق تعالى قال

فنبه الحق ] 44اآلية : اإلسراء[ } -، ( ) * + { : وقال تعالى] 56اآلية تلك اآللهة إنما عبدوا اهللا تعالى، تنبيه موسى عليه السالم على أن أهل

ولكن من جهة ذلك المظهر، فطلب من موسى أن يعبده من جهة جميع أي ما ثم إال أنا، وآل ما ] 2اآلية : النحل[} ز س ش ص { : المظاهر فقال

المشار » هو«عين «أنا«أطلقوا عليه اسم اإلله فهو أنا بعدما أعلمه أن فاعبدني يا موسى من حيث هذه اإلنية الجامعة إلى مرتبته باالسم اهللا،

لجميع المظاهر التي هي عين الهوية، فهذا عناية منه سبحانه وتعالى بنبيه موسى وعنايته به لئال يعبده من جهة دون جهة أخرى فيفوته الحق

من الجهة التي لم يعبده فيها فيضل عنه، ولو اهتدى من جهة آما ضل طريق اهللا تعالى، بخالف ما لو عبده من حيث هذه أهل الملل المتفرقة عن

اإلنية المنبه عليها بجميع المظاهر والتجليات والشؤون والمقتضيات والكماالت المنعوتة المعقولة في الهوية المندرجة في اإلنية المفسرة باهللا،

يا صورة حير األلباب معناك يا دهشة أذهل األآوان منشاك يا غاية الغاية القصوى وآخر ما

ضالال بين مغناك يلقى الرشيد عليك أنت آما أثنيت من آرم

نزهت في الحمد عن ثان وإشراك فليس يدرك منك المرء بغيته

حاشاك عن غاية في المجد حاشاك فبالقصور اعترافي فيك معرفتي

فالعجز عن درك اإلدراك إدراآي شاهد الحاضر وقد يطلق القوم اإلنية على معقول العبد ألنها إشعار بالم

وآل مشهود فالهوية غيبه، فأطلقوا الهوية على الغيب، وهو ذات الحق .واإلنية على الشهادة وهو معقول العبد، وهنا نكتة فافهم

في األزل: الباب الثامن والعشروناألزل عبارة عن معقول القبلية المحكوم بها هللا تعالى من حيث ما يقتضيه

م على الحادثات بزمان متطاول العهد، فعبر في آماله، ال من حيث إنه تقدعن ذلك باألزل آما يسبق ذلك إلى فهم من ليس له معرفة باهللا، تعالى اهللا

.عن ذلك علوا آبيرا، وقد بينا بطالنه فيما سبق من هذا الكتاب

فأزله موجود اآلن آما آان موجودا قبل وجودنا، لم يتغير عن أزليته ولم بد اآلباد، وسيأتي بيان األبد في الباب التالي إن شاء اهللا يزل أزليا في أ

.تعالىهذا حكم األزل في حق اهللا تعالى، وأما الوجود الحادث فله أزل، وهو

عبارة عن الوقت الذي لم يكن للحادث فيه وجود، فلكل حادث أزل مغاير ألزل غيره من الحادثات، فأزل المعدن غير أزل النبات ألنه قبله إذ ال

وجود للنبات إال بعد وجود المعدن، فأزلية النبات آانت في حال وجود المعدن ال أنه قبل المعدن وأزلية المعدن في حال وجود الجوهر، وأزلية الجوهر في حال وجود الهيولى، وأزلية الهيولى في حال وجود الهباء،

ود وأزلية الهباء في حال وجود الطبائع، وأزلية الطبائع في حال وجالعناصر، وأزلية العناصر في حال وجود العليين آالقلم األعلى والعقل

والملك المسمى بالروح وأمثال ذلك، وهم جميع العالم، فأزلهم آلمة ] .73اآلية : األنعام[ } 2 1{ الحضرة، وهو معنى قوله للشيء

ات فأما األزل المطلق، فما يستحقه إال اهللا لنفسه، ليس لشيء من المخلوقآنا في األزل عند اهللا، فاعلم : فيه وجود، ال حكما وال اعتبارا، وقول القائل

إنما هو أزلية الخلق وإال فهم غير موجودين في أزلية الحق، فأزل الحق .أزل اآلزال، وهو له حكم ذاتي استحقه لكماله

واعلم أن األزل ال يوصف بالوجود وال بالعدم ، فكونه ال يوصف بالوجود ه أمر حكمي ال عيني وجودي، وآونه ال يتصف بالعدم لكونه قبل ألن

النسبة والحكم والعدم المحض فال يقبل نسبة وال حكما، ولهذا انسحب .حكمه فأزل الحق أبده، وأبده أزله

واعلم أن أزل الحق الذي هو لنفسه ال يوجد فيه الخلق ال حكما وال عينا، ده، فال حكم للخلق في قبلية الحق بوجه ألنه عبارة عن حكم القبلية هللا وح

من الوجوه، وال يقال إن له في قبلية الحق وجودا من حيث التعيين العلمي ال من حيث التعيين الوجودي، ألنه لو حكم له بالوجود العلمي لزم من ذلك

أن يكون الخلق موجودا بوجود الحق، وقد نبه الحق تعالى على ذلك في ، واتفقت العلماء أن ] 1اآلية : اإلنسان[} ! ! ژ ـه و ى ي { : قوله

قد أتى على اإلنسان حين من : في هذا الموضوع بمعنى قد، يعني» هل«يعني أن » لم يكن شيئا«الدهر، والدهر هو اهللا، والحين تجل من تجلياته،

ن حيث وال وجود له في ذلك التجلي، ال م» مذآورا«اإلنسان لم يكن شيئا الوجود العيني وال من حيث الوجود العلمي، ألنه لم يكن شيئا مذآورا، فلم

.يكن معلوما

وهذا التجلي هو أزل الحق الذي لنفسه، وما ورد من أن اهللا قال في األزل فإن ذلك األزل من أزل ] 172اآلية : األعراف[} گ [ ع غ { لألرواح الذر من ظهر آدم عليه السالم، وتلك أخرجهم آ: أال تراه يقول. المخلوقات

عبارة عن حال تعين المعلومات في العالم العلمي، فتشبههم بالذر للطفهم هو جعل [172اآلية : األعراف[} ع غ { : وغموضهم وعنوان قوله لهمبلى، عنوان القابلية التي بها قبلوا أن : االستعداد اإللهي فيهم، وقولهم

الحق سبحانه عن آونه ربهم إال وقد علم ما يكونوا مظهره، فما سألهمجعل فيهم من االستعداد وفطرهم عليه من القابلية أنهم يثبتون ربوبيته

بلى، فشهد لهم تعالى في آتابه ليشهد لهم يوم : وال ينكرونها، فقالواالقيامة أنهم مؤمنون بربوبيته موحدون له، ألنا شهداء على الناس فال

شهادة األمالك بكفرهم وجحدهم، ألنهم لم يحصل لهم هذا يقبل منهم يومئذ االطالع اإللهي بباطن ما آانوا يظنون أنه آفر، فشهادتهم عن غير تحقيق وشهادتنا عن تحقيق ألنه أنبأنا بذلك، فحجتنا البالغة ألنها حجة اهللا لخلقه بالسعادة، وحجة األمالك داحضة ألنهم حكموا بالظاهر وليس لألمالك إال

أال تراهم في قصة آدم آيف حكموا عليه بأنه يفسد في األرض . الظاهرادعاء أنهم مصلحون لما علموا من تسبيحهم وتقديسهم، وفاتهم باطن األمر الذي هو عليه آدم من الحقائق الرحمانية والصفات الربانية، فلما هية ظهرت صفات الحق على آدم وأنبأهم بأسمائهم، ألن الصفة العلمية اإلل

على ] 32اآلية : البقرة[} عع ؟ ژ = ؛ چ : { : محيطة بهم وبغيرهم قالواالتقييد بخالف آدم، فإنه يعلم األشياء على اإلطالق بعلم إلهي، ألنه المراد

بالعلم اإللهي، وصفات الحق صفاته وذات الحق ذاته، فافهم واهللا .المستعان

في األبد: الباب التاسع والعشرونارة عن معقول البعدية هللا تعالى، وهو الحكم له من حيث ما األبد عب

يقتضيه وجوده الوجوبي الذاتي، ألن وجوده لنفسه قائم بذاته، فلهذا صح له البقاء ألنه غير مسبوق بالعدم، فحكم له بالبقاء قبل الممكن وبعده

لقيامه بذاته وعدم احتياجه لغيره بخالف الممكن، ألنه ولو آان ال يتناهىفهو محكوم عليه باالنقطاع ألنه مسبوق بالعدم، وآل مسبوق بالعدم

فمرجعه إلى ما آان عليه، فال بد أن يحكم عليه باالنعدام، وإال لزم أن يساير الحق تعالى في بقائه، وهذا محال ولو لم يكن آذلك لما صحت

.البعدية هللا

زمانيان الستحالة واعلم أن البعدية والقبلية هللا تعالى حكميان في حقه المرور الزمان عليه، فافهم ما أشرنا إليه، فأبد الحق سبحانه وتعالى شأنه

.الذاتي باعتبار استمرار وجوده بعد انقطاع وجود الممكنواعلم أن آل شيء من الممكنات له أبد، فأبد الدنيا بتحول األمر إلى

بد أن يحكم بانقطاع اآلخرة وأبد اآلخرة بتحول األمر إلى الحق تعالى، والاآلباد، آباد أهل الجنة وآباد أهل النار، ولو دامت وطال الحكم ببقائها فإن

أبدية الحق تلزمنا أن نحكم على ما سواه باالنقطاع، فليس لمخلوق أن يسايره في بقائه، وهذا الحكم ولو أنزلناه في هذا الكالم بعبارة معقولة فإنا

] .29اآلية : الكهف[} ئ ا ب ة ت ث { قد شهدناه آشفا وعيانا واعلم أن الحال الواحد من أحوال اآلخرة، سواء آان من أحوال

المرحومين أو من أحوال المعذبين، فإن له حكم األزلية واألبدية، وهذا سر عزيز يذوقه من وقع فيه ويعلم أنه ال انقطاع له أبدا، وهذه حالة واحدة،

إلى حال غيرها، وقد ال ينتقل فإذا انتقل منه لكنه قد ينتقل من تلك الحالإلى حال آخر غيره آان هذا الحكم لحاله الواقع فيه أيضا، وال ينقطع هذا

الحكم وال يختل عن أحوال اآلخرة، وهذا أمر شهودي ليس للعبد فيه مجال ألنه محل ذلك، وسيأتي بيان هذا الكالم في موضعه من ذآر الجنة والنار

تعالى، فأبد الحق سبحانه وتعالى أبد اآلباد، آما أن أزله أزل إن شاء اهللا .اآلزال

واعلم أن أبده عين أزله، وأزله عين أبده، فإنه عبارة عن انقطاع الطرفين اإلضافيين عنه لينفرد بالبقاء بذاته وآونه قبل، فيسمى تعقل

يسمى اإلضافة األولية عنه أزال ووجوده قبل أن تعقل األولية أزال، وانقطاع اإلضافة اآلخرية عنه أبدا، وبقاؤه بعد تعقل اآلخرية أبدا، وهما، أعني األزل واألبد، هللا وصفان أظهرتهما اإلضافة الزمانية لتعقل وجوب

فال وقت له سوى » آان اهللا وال شيء معه«وجوده، وإال فال أزل وال أبد دم مرور الزمان األزل الذي هو األبد، الذي هو حكم وجوده باعتبار ع

عليه، وانقطاع حكم الزمان دون التطاول إلى مسايرة بقائه، فبقاؤه الذي .ينقطع الزمان دون مسايرته هو األبد، فافهم

في القدم: الباب الموفي للثالثينعبارة عن حكم الوجوب الذاتي، فالوجوب الذاتي هو الذي أظهر : القدم

جبا بذاته لم يكن مسبوقا بالعدم، اسمه القديم للحق، ألن من آان وجوده واومن آان غير مسبوق بالعدم، لزم أن يكون قديما بالحكم، وإال فتعالى عن

القدم ألن القدم تطاول مرور الزمان على المسمى به، تعالى الحق عن ذلك، فقدمه إنما هو الحكم الالزم للوجوب الذاتي، وإال فليس بينه سبحانه

وهو أنه لما آان العلم اإللهي قديما، أي محكوما عليه بالقدم وهو الوجوب الذاتي، ألن صفاته ملحقة بذاته في آل ما يليق بجنابه من األحكام اإللهية، وألن العلم ال يطلق عليه علم إال بوجود معلومه، وإال فيستحيل وجود علم

ود آل منهما بعدم العالم، آانت المعلومات وال معلوم، آما أنه يستحيل وجوهي األعيان الثابتة ملحقة في حكم القدم بالعلم، وآانت معلومات الحق قديمة له محدثة ألنفسها في ذواتها، فالتحق الخلق بالحق لحوقا حكميا، ألن رجوع الوجود الخارجي إلى الحق من حيث األمر عيني ومن حيث

قلناه إال األفراد الكمل، فإن هذا النوع من الذات حكمي، وال يفهم مااألذواق اإللهية مخصوص بالمحققين دون غيرهم من العارفين، ولما آان

هذا القدم في حق المخلوقات أمرا حكميا والحدوث أمرا عينيا، قدمنا ما يستحقونه من حيث ذواتهم على ما ينسبون إليه من حيث الحكم، وهو

.لهي بهم فافهمتعلق العلم اإلفقدم الحق أمر حكمي ذاتي وجوبي له، وحدوث الخلق أمر حكمي ذاتي

وجوبي للمخلوقات، فالمخلوقات من حيث هويتها ال يقال فيها إنها حق إال من حيث الحكم ليدل عليه، وإال فالحق في نفسه منزه أن تلحق به األشياء

حكم، وهذا اللحوق ولو الح من حيث ذاته، فما لحقوا به إال من حيث الللمكاشف العارف أنه لحوق ذاتي، فإن ذلك إنما هو على قدر قابلية

من نفسه لنفسه، وما أتت ألسنة المكاشف ال على األمر الذي يعلمه اهللاالشرائع إال مصرحة بانفراد الحق بما هو له، وهذا التشريع هو على ما

له معرفة بحقيقة الحقائق، فإنه هو األمر عليه، ال آما يزعمه من ليس

فالقدم أمر حكمي لذات واجب الوجود؛ والفرق بين األزل والقدم أن األزل عبارة عن معقولية القبلية هللا تعالى، والقدم عبارة عن انتفاء مسبوقية اهللا

تعالى بالعدم، فاألزل إنما يفيد أنه قبل األشياء، والقدم إنما يفيد أنه غير األشياء، فال يكون األزل والقدم بمعنى مسبوق بالعدم في نفس قبليته على

.واحد، فافهم إن القديم هو الوجود الواجب

والحكم للباري بذلك واجب ال تعتبر قدم اإلله بمدة

أو أزمن معقولة تتعاقب فانسب له القدم الذي هو شأنه

من آون ذلك حكم من هو واجب معناه أن وجوده ال مسبق

االنعدام وال قطيع ذاهب ب بل إنه لغنائه في ذاته

يسمى قديما وهو حكم دائب في أيام اهللا: الباب الحادي والثالثون

أيام الحق تجلياته وظهوره بما تقتضيه من أنواع الكماالت، ولكل تجل من كم في تجلياته سبحانه وتعالى حكم إلهي هو المعبر عنه بالشأن، ولذلك الحالوجود أثر الئق بذلك التجلي، فاختالف الوجود، أعني تغيره في آل

زمان، إنما هو أثر للشأن اإللهي الذي اقتضاه التجلي الحاآم على الوجود ] .29اآلية : الرحمن[} ة ت ث ج ح { : بالتغير، وهو معنى قوله

تجلي شأنا، واعلم أن هذه اآلية لها معنى ثان راجع إلى الحق، فكما أن للولذلك الشأن في الوجود الحادث أثرا، فكذلك لذلك التجلي مقتضى، ولذلك

المقتضى في نفس الحق من حيث ذاته تنوع، ألن الحق سبحانه وتعالى ولو آان في نفسه ال يقبل التغير، فإن له في آل تجل تغيرا، وهو المعبر

ي، والتنوع في التجليات عنه بالتحول في الصور؛ فعدم التغير له حكم ذاتله أمر وجودي عيني، فهو متغير ال متغير، بمعنى متنوع ال متنوع، أي

متحول في الصور ال متحول في نفسه عما يقتضيه آماله، ألنه على ما هو

واعلم بأن الحق سبحانه وتعالى إذا تجلى على العبد سمي ذلك التجلي بنسبته إلى الحق شأنا إلهيا، وبنسبته إلى العبد حاال، وال يخلو ذلك التجلي من أن يكون الحاآم عليه اسما من أسماء اهللا تعالى أو وصفا من أوصافه،

لي وإن لم يكن له اسم أو وصف مما بأيدينا فذلك الحاآم هو اسم ذلك التجمن األسماء والصفات اإللهية فإن حال اسم ذلك الولي المتجلى عليه هو

إنه «): ص(عين االسم الذي تجلى به الحق عليه، وذلك معنى قوله اللهم إني «: ، وقوله» سيحمده يوم القيامة بمحامد لم يحمده بها من قبل

» نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندكأسألك بكل اسم سميت به فاألسماء التي سمى بها نفسه هي التي تعرف بها إلى عباده، والتي

استأثر بها في غيبه هي التي نبهنا عليها بأنها أسماء أحوال المتجلى .عليه بها من عباده، وذلك مستأثر في غيب المتجلى عليه

ما يجب عليه من أدب ذلك هو القيام ب» أسألك وأدعوك«: ومعنى قولهالتجلي، وهذا ال يعرفه إال من ذاق المشهد، وإال، فإن العقل ال يبلغه من

طريق نظره الفكري، اللهم إال أن يكون بإيمان فيكون اإليمان هو الذاهب بالعقل والفاتح للقفل، فعلم من تلك المقدمات أن اليوم هو التجلي اإللهي

ن ه و ى { : أال ترى إلى قوله تعالى. مخلوقة عليهالستحالة مرور األيام اليريد به الذين ال يرجون تجليه عليهم، ألنهم [14 اآلية: الجاثية[} ي

ينكرون وجوده وال يؤمنون به، فمن أنكر شيئا وقال بعدمه ال يرجو } } ) ص({ { : ظهوره له، وهؤالء المشار إليهم في اآلية اآلخرى بقوله

ألن لقاءه قربه وتجليه عليهم سواء، آان ذلك في الدنيا ] 7اآلية : سيون[ .أو في اآلخرة فافهم، واهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل

في صلصلة الجرس: الباب الثاني والثالثونانكشاف الصفة القادرية عن ساق بطريق التجلي بها : صلصلة الجرس

يبة القاهرية، وذلك أن على ضرب من العظمة، وهي عبارة عن بروز الهله في مباديها العبد اإللهي إذا أخذ يتحقق بالحقيقة القادرية برزت

صلصلة الجرس، فيجد أمرا يقهره بطريق القوة العظموتية فيسمع لذلك أطيطا من تصادم الحقائق بعضها على بعض آأنها صلصلة الجرس في

ول في الحضرة الخارج، وهذا مشهد منع القلوب من الجراءة على الدخالعظموتية لقوة قهره للواصل إليها، فهي الحجاب األعظم الذي حال بين المرتبة اإللهية وبين قلوب عباده، فال سبيل إلى انكشاف المرتبة اإللهية إال بعد سماع صلصلة الجرس، ولقد وجدت ليلة أسرى بي إلى السماوات

فكان للوصل حال ال أبوح به فظن ما شئت إن األمر متسع تهصب ومحبوبه في أوج خلو ملك ومالكه والجند مجتمع

جلت عروس التداني فوق مرتبة من الجالل آما ال طل منهمع فاألفق دائرة والسحب ماطرة

والرعد زاجرة والبرق ملتمع فالبحر في زخر والريح في هدر

والنار في شرر والماء يندفع

وسائر الفلك الدوار قام على ساق ذليال لعز العز ينخضع

في أم الكتاب: ثالث والثالثونالباب ال أم الكتاب فكنهه في ذاته

هي نقطة منها انتشاء صفاته هي آالدواة ألحرف تبدو على ورق الوجود بحكم ترتيباته

فالمهمالت من الحروف إشارة فيما تعلق بالقديم بذاته

والمعجمات عبارة عن حادث من أنه طار على نقطاته

اومتى ترآبت الحروف فإنه مخلوقاته آلم فتلكم محضهي عبارة عن ماهية آنه الذات المعبر عنها من بعض : اعلم أن أم الكتاب

وجوهها بماهيات الحقائق التي ال يطلق عليها اسم وال نعت وال وصف وال وجود وال عدم وال حق وال خلق، والكتاب هو الوجود المطلق الذي ال عدم

كتاب، ألن الوجود مندرج فيها اندراج فيه، وآانت ماهية الكنه أم الالحروف في الدواة، فال يطلق على الدواة باسم شيء من أسماء الحروف

سواء آانت الحروف مهملة أو معجمة، وسيأتي بيان الحروف في هذا الباب، فكذلك ماهية الكنه ال يطلق عليها اسم الوجود وال اسم العدم، ألنها

محال، فال يقال بأنها حق وال لمعقول بأمرغير معقولة، والحكم على غير اخلق وال غير وال عين، ولكنها عبارة عن ماهية ال تنحصر بعبارة إال ولها ضد تلك العبارة من آل وجه، وهي األلوهية باعتبار، ومن وجه هي محل األشياء ومصدر الوجود، والوجود فيها بالعقل، ولو آان العقل يقتضي أن

اهية الحقائق بالقوة آوجود النخلة في النواة، ولكن يكون الوجود في مالشهود يعطي الوجود منها بالفعل ال بالقوة للمقتضى الذاتي اإللهي، لكن اإلجمال المطلق هو الذي حكم على العقل بأن يقول بأن الوجود في ماهية

الحقائق بالقوة بخالف الشهود، ألنه يعطيك األمر المجمل مفصال، على أنه نفس ذلك التفصيل باق على إجماله، وهذا أمر ذوقي شهودي آشفي ال في

يدرك العقل من حيث نظره، لكنه إذا وصل إلى ذلك المحل وتجلت عليه .األشياء قبلها وأدرآها آما هي عليه

وإذا علمت أن الكتاب هو الوجود المطلق تبين لك أن األمر الذي ال يحكم الكتاب، وهو المسمى بماهية الحقائق ألنه عليه بالوجود وال بالعدم هو أم

وبعد أن أعلمناك أن أم الكتاب هي ماهية الكنه، وظهر أن الكتاب هو الوجود المطلق، اعلم أن الكتاب سور وآيات وآلمات وحروف، فالسور

عبارة عن الصور الذاتية، وهي تجليات الكمال، وال بد لكل سورة من ا، فإذن ال بد لكل صورة إلهية معنى فارق تتميز به تلك السورة عن غيره

آمالية من شأن تتميز به تلك الصور عن غيرها، ولوال التطويل لنبهناك على آل صورة منها وسورة من آتاب اهللا تعالى، واآليات عبارة عن

حقائق الجمع، آل آية تدل على جمع إلهي من حيث معنى مخصوص يعلم وال بد لكل جمع من اسم ذلك الجمع اإللهي عن مفهوم اآلية المتلوة،

جمالي وجاللي يكون التجلي اإللهي في ذلك الجمع من حيث ذلك االسم، وآانت اآلية عبارة عن الجمع ألنها صارت عبارة واحدة عن آلمات شتى،

وليس الجمع إال شهود األشياء المتفرقة لعين الواحدية اإللهية الحقية، العينية، أعني المتعينة في والكلمات هي عبارة عن حقائق المخلوقات

العالم الشهادي والحروف، فالمنقوط منها عبارة عن األعيان الثابتة في :العلم اإللهي، والمهمل منها على نوعين

: مهمل تتعلق به الحروف وال يتعلق هو بها، وهي خمسة: النوع األولآمالية األلف إشارة إلى مقتضيات . األلف، والدال، والراء، والواو، والالم

الذات، والحياة، والعلم، والقدرة، واإلرادة، إذ ال سبيل إلى : وهي خمسة .وجود هذه األربعة المذآورة إال بالذات، وال سبيل إلى آمال الذات إال بها

مهمل تتعلق به الحروف ويتعلق هو بها، وهي تسعة، : والنوع الثانية اإللهية واألربعة فاإلشارة بها إلى اإلنسان الكامل لجمعه بين الخمس

الخلقية، وهي العناصر األربعة مع ما تولد منها، وآانت أحرف اإلنسان الكامل غير منقوطة ألنه خلقها على صورته، ولكن تميزت الحقائق

المطلقة اإللهية عن الحقائق المقيدة اإلنسانية الستناد اإلنسان إلى موجد د إلى غيره، ولهذا آانت يوجده، ولو آان هو الموجد فإن حكمه أن يستن

حروفه تتعلق بالحروف، وتتعلق الحروف بها، وقد نبهنا على حقيقة

ولما آان حكم واجب الوجود أنه قائم بذاته غير محتاج في وجوده إلى غيره مع احتياج الكل إليه آانت الحروف المشيرة إلى هذا المعنى من

الكتاب مهملة تتعلق بها الحروف وال تتعلق هي بحرف منها آاأللف والدال جميع والراء والواو والالم ألف، فإن آل واحد من هذه األحرف تتعلق به

إن الم ألف حرفان فإن : الحروف وال يتعلق هو بحرف منها، وال يقال .الحديث النبوي قد صرح بأن الالم ألف حرف واحد، فافهم

واعلم أن الحروف ليست بكلمات، ألن األعيان الثابتة لم تدخل تحت آلمة وأما هي ففي وجوبها وتعينها العلمي فال . إال عند اإليجاد العيني» آن«دخل عليها اسم التكوين فهي حق ال خلق، ألن الخلق عبارة عما دخل ي

تحت آلمة آن، وليست األعيان الثابتة في العلم بهذا الوصف حادثة، لكنها ملحقة بالحدوث إلحاقا حكميا لما تقتضيه ذواتها من إسناد وجود الحادث

جودة في نفسه إلى قديم آما سبق بيانه في هذا الكتاب، فاألعيان الموالمعبر عنها بالحروف ملحقة في العالم العلمي بالعلم الذي هو ملحق

بالعالم، فهي بهذا االعتبار الثاني قديمة، وقد سبق تفصيل ذلك في باب القدم؛ فإذا علمت أن الكتاب هو الوجود المطلق الجامع للحروف واآليات

.والسور على ما أشارت إليه حقيقة آل منهابارة عما اقتضى التعيين من ذلك في الوجود على فاعلم أن اللوح ع

الترتيب الحكمي ال على المقتضى اإللهي غير المنحصر، فإن ذلك ال يوجد في اللوح مثل تفصيل أحوال أهل الجنة والنار وأهل التجليات وما أشبه

ذلك، ولكنه موجود في الكتاب، والكتاب آلي عام، واللوح جزئي خاص، . اهللا تعالى، واهللا يقول الحق وهو يهدي السبيلوسيأتي بيانه إن شاء في القرآن: الباب الرابع والثالثون

القرآن ذات محض أحديتها حق فرض هي مشهده فيه وله

من حيث هويته غمض يتلو ما يطلبه منه

وهو المطلوب له الفرض فقراءته هي حليته

بحاله وذاك فنا محض

لكن من حيث الذات له وال بعض ال آل هناك

هي لذته في الذات به من حيث الذوق وال غض

والفهم لتلك اللذة قر آن هي هو هذا الفرض

اعلم أن القرآن عبارة عن الذات التي يضمحل فيها جميع الصفات، فهي ليكون ) ص(المجلى المسماة باألحدية أنزلها الحق تعالى على نبيه محمد

ذا اإلنزال أن الحقيقة األحدية مشهده األحدية من األآوان، ومعنى هالمتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع

لما تحقق جسده بجميع ) ص(استحالة النزول والعروج عليها، لكنه الحقائق اإللهية وآان مجلى األسماء الواحد بجسده، آما أنه بهويته مجلى

أنزل علي القرآن جملة «):ص(األحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال يعبر عن تحقيقه بجميع ذلك تحقيقا ذاتيا آليا جسمانيا، وهذا هو » واحدة

المشار إليه بالقرآن الكريم ألنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التام ألنه ما .ادخر عنه شيئا، بل أفاض عليه الكل آرما إلهيا ذاتيا

لحقائق اإللهية بعروج العبد إلى التحقق بها وأما القرآن الحكيم فهو تنزل افي الذات شيئا فشيئا على ما اقتضته الحكمة اإللهية التي ترتبت الذات

عليها، فال سبيل إلى غير ذلك، ألنه ال يجوز من حيث اإلمكان أن يتحقق واحد بجميع الحقائق اإللهية بجسده من أول إيجاد، لكنه من آانت فطرته

لوهية فإنه يترقى فيها ويتحقق منها بما ينكشف له منها مجبولة على األشيئا من ذلك بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا، وقد أشار الحق إلى بيان ذلك

وهذا الحكم ال ينقطع وال ينقضي، ] 106اآلية : اإلسراء[_ } ء { : بقوله إلى بل ال يزال العبد في ترق إلى هكذا وال يزال الحق في تجل إذ ال سبيل

.استيفاء ما ال يتناهى ألن الحق في نفسه ال يتناهىذلك من : ، قلنا»أنزل علي القرآن جملة واحدة«: فما فائدة قوله: فإن قلتالوجه األول من حيث الحكم، ألن العبد الكامل إذا تجلى الحق له : وجهين

بذاته حكم بما شهده أنه جملة الذات التي ال تتناهى، وقد نزلت فيه من .غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة

والوجه الثاني من حيث استيفاء بقايات البشرية واضمحالل الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق اإللهية بآثارها في آل عضو من أعضاء

فالجملة متعلقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناه ذهاب جملة . الجسموقد ورد في الحديث عن النبي . ائق اإللهيةالنقائض الخلقية بالتحقق بالحق

إشارة إلى ] 1،2اآليتان : الرحمن[} ! ! ژ پ7 6! ! ژ ـ5{ : وقوله تعالىأن العبد إذا تجلى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك

اللذة معرفة الذات، فيتحقق بحقائق الصفات، فما علمه القرآن إال الرحمن، وإال فال سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلي الرحمن الذي هو عبارة

إال من طريق أسمائه عن جملة األسماء والصفات، إذ الحق تعالى ال يعلم وهذا شيء ال يفهمه إال الغرباء، وهم األفراد الكمل األمجاد . وصفاته فافهم

الذين هم موضع نظر اهللا تعالى من العباد، واهللا يقول الحق وهو يهدي .السبيل

في الفرقان: الباب الخامس والثالثون صفات الله فرقان وذات الله قرآن قوفرق الجمع تحقي

وجمع الفرق وجدان وتفرقة الصفات على اخـ

ـتالف النعت جمعان وحكم الذات في

أحدية التوحيد فرقان ألن الوصف ال ينـ

ـفك وهو لذاته شان اعلم أن الفرقان عبارة عن حقيقة األسماء والصفات على اختالف

تنوعاتها، فباعتباراتها تتميز آل صفة واسم عن غيرها، فحصل الفرق في فس الحق من حيث أسماؤه الحسنى وصفاته، فإن اسمه الرحيم غير ن

اسمه الشديد، واسمه المنعم غير اسمه المنتقم، وصفة الرضا غير صفة

إن صفة الرضا أفضل من صفة الغضب، وأعاذه بذاته من ذاته، : فقلناوآذلك في نفس فكما أن الفرق حاصل في األفعال فكذلك في الصفات،

واحدية الذات التي ال فرق فيها، لكن من غرائب شؤون الذات جمع النقيضين من المحال والواجب، فكل ما يستحيل في العقل ويسوغ في

العبارة والنقل فإنك تشهده من األحكام الواجبة في الذات، وإلى ذلك أشار وال تظن . ينعرفت اهللا بجمعه بين الضد: اإلمام أبو سعيد الخراز بقوله

بأنه مطلق جمعه لألول واآلخر والظاهر والباطن، بل الحق والخلق وعدم التفاضل والمستحيل والواجب والمعدوم والموجود والمحدود وما ال يتناهى إلى غير ذلك من النقائض، بالضاد المعجمة، واألضداد، فإنه

ذلك، سبحانه وتعالى يجمعها بالشأن الذاتي، وهويته عبارة عن جميع وهذا معنى قوله، فافهم، وإذا عرفت فالزم، واهللا يقول الحق وهو يهدي

.للصواب وإليه المرجع والمآب في التوراة: الباب السادس والثالثون

أنزل اهللا تعالى التوراة على موسى في تسعة ألواح وأمره أن يبلغ سبعة وحين، فلو منها ويترك لوحين، ألن العقول ال تكاد تقبل ما في ذينك الل

أبرزهما موسى النتقض عليه ما يطلبه وآان ال يؤمن به رجل واحد، فهما وآانت . مخصوصان بموسى عليه السالم دون غيره من أهل ذلك الزمان

األلواح التي أمر بتبليغها فيها علوم األولين واآلخرين، إال علم محمد لم ورثة ، وعلم إبراهيم، وعلم عيسى عليهما الصالة والسالم، وع)ص(

وورثته، ) ص(، فإنه لم تتضمنه التوراة خصوصية لمحمد )ص(محمد

لوح الربوبية، واللوح : فاللوح األول: وأما اللوحان المخصوصان بموسىنه لم يؤمر بإبراز لوح القدرة، ولهذا لم يكمل أحد من قوم موسى أل: الثاني

التسعة ألواح، فلم يكمل أحد من قومه بعده ولم يرثه أحد من قومه، د ذ { : فإنه ما ترك شيئا إال وبلغه إلينا، قال اهللا تعالى) ص(بخالف محمد

: اإلسراء[} ك ل م ن { : وقال تعالى] 38اآلية : األنعام[} ر ز س ش ، ونسخ بدينه جميع األديان، ألنه ولهذا آانت ملته خير الملل] 12اآلية

أتى بجميع ما أتوا به وزاد عليهم ما لم يأتوا به، فنسخت أديانهم لنقصها، اآلية : المائدة[} د ذ ر ز س ش ص { : وشهر دينه بكماله، قال اهللا تعالى

، ولو نزلت على أحد )ص(ولم تنزل هذه اآلية على نبي غير محمد ] 3فنزلت عليه فكان ) ص(ا صح ذلك إال لمحمد لكان هو خاتم النبيين، وم

خاتم النبيين، ألنه لم يدع حكمة وال هدى وال علما وال سرا إال وقد نبه عليه وأشار إليه على قدر ما يليق بالنبيين لذلك السر، إما تصريحا وإما إما تلويحا وإما إشارة وإما آناية وإما استعارة وإما محكما وإما مفسرا و

مؤوال وإما متشابها، إلى غير ذلك من أنواع آمال البيان، فلم يبق لغيره مدخال فاستقل باألمر وختم النبوة، ألنه ما ترك شيئا يحتاج إليه إال وقد

جاء به، فال يجد الذي يأتي بعده من الكمل شيئا مما ينبغي أنه ينبه عليه لكامل آما نبه عليه ويصير تابعا، ذلك فيتبعه هذا ا) ص(إال وقد فعل

خاتم النبيين، ألنه جاء ) ص(فانقطع حكم نبوة التشريع بعده، وآان محمد بالكمال ولم يجىء أحد بذلك، فلو أمر موسى عليه السالم بإبالغ اللوحين

بلغ سر ) ص(المختصين به لما آان يبعث عيسى من بعده، ألن عيسى ا من أول قدم ظهر عيسى بالقدرة والربوبية ذينك اللوحين إلى قومه، ولهذ

وهو آالمه في المهد، وأبرأ األآمه واألبرص، وأحيا الموتى، ونسخ دين موسى ألنه أتى بما لم يأت به موسى، لكنه لما أظهر أحكام ذلك ضل قومه

وافترق قومه على ذلك، فمنهم من قال إنه ابن اهللا وهؤالء المسمون إنه اهللا نزل وأخذ ابن آدم وعاد، : بالملكانية من قومه، ومنهم من قال

يعني تصور بصورة آدم ثم رجع إلى تعاليه، وهؤالء هم المسمون إن اهللا في نفسه عبارة عن : ومنهم من قال. باليعاقبة في قوم عيسى

ثالثة، عن أب وهو الروح القدس، وأم وهي مريم، وابن وهو عيسى عليه السالم، فضل قوم عيسى، ألن جميع ما اعتقدوه لم يكن مما جاء به عيسى ألن مفهومهم لظاهر أمرهم أداهم إلى ما صاروا عليه، ولهذا لما سأل اهللا

قدم ] 116 اآلية: المائدة[} ! " } ~ ) ص({ » « ـ پ ؟ { : عيسى فقال له] 116اآلية : المائدة[} ( ) * + ' × % $ £ { التنزيه في هذا التشبيه

يعني آيف أنسب المغايرة بيني وبينك فأقول لهم اعبدوني من دون اهللا وأنت عين حقيقتي وذاتي وأنا عين حقيقتك وذاتك فال مغايرة بيني وبينك،

لق التشبيه فقط بغير فنزه عيسى نفسه عما اعتقده قومه ألنهم اعتقدوا مط .التنزيه وليس هذا بحق اهللا

يعني من نسبة الحقيقة العيسوية ] 116اآلية : المائدة[} . -، { : ثم قاليعني أني لم أقله إال على الجمع بين ] 116اآلية : المائدة[ } 0/ { أنها اهللا

ولم التنزيه والتشبيه وظهور الواحد في الكثرة، لكنهم ضلوا بمفهومهم يعني هل آان ما ] 116اآلية : المائدة[ } 4 3 2 1{ يكن مفهومهم مرادي

اعتقدوه مرادي فيما بلغت إليه من ظهور الحقيقة اإللهية أم آان مرادي يعني بلغت ذلك إليهم، ] 116اآلية : المائدة[ } 9 8 7 6 5{ بخالف ذلك

علم ذلك لما وال أعلم ما في نفسك من أن تضلهم عن الهدى، فلو آنت أوأنا ال ] 109اآلية : المائدة[ } 6 5 4 3{ بلغت إليهم شيئا مما يضلهم

مما ] 117اآلية : المائدة[} عع ؟ ژ ء آ أ ؤ { أعلم الغيوب فاعذرني وجدتك في نفسي فبلغت األمر ونصحتهم ليجدوا إليك في أنفسهم سبيال،

ي أنفسهم، وما آان قولي فأظهرت لهم الحقيقة اإللهية في ذلك ليظهر ما فولم أخصص نفسي بالحقيقة ] 117اآلية : المائدة[} إ ئ ا ب ة { لهم إال

اإللهية، بل أطلقت ذلك في جميعهم فأعلمتهم بأنه آما أنك ربي بمعنى .الحقيقة، أنت ربهم بمعنى حقيقتهم

ية وآان العلم الذي جاء به عيسى زيادة على ما في التوراة هو سر الربوبوالقدرة فأظهره ولهذا آفر قومه، ألن إفشاء سر الربوبية آفر، فلو ستر عيسى هذا العلم وبلغه إلى قومه في قشور وعبارات وسطور وإشارات آما فعله نبينا لكان قومه لم يضلوا من بعده، ولما آان يحتاج في آمال

: الشورى[} ( ' × % $ £ { وقد جمع اهللا له ذلك في آية واحدة وهي فليس آمثله شيء مما يتعلق بالذات، وهو السميع البصير مما ] 11اآلية

ان قومه يتعلق بالصفات، ولو بلغ موسى ما بلغه عيسى إلى قومه لكوما ] 24اآلية : النازعات[} » پ ؟ { : يتهمونه في قتل فرعون، فإنه قال

يعطي إفشاء سر الربوبية إال ما ادعاه فرعون، لكنه لما يكن ذلك لفرعون بطريق التحقيق قاتله موسى وانتصر عليه، فلو أظهر موسى شيئا من

مقاتلة فرعون، فأمره علم الربوبية في التوراة لكفر به قومه واتهموه فيبكتم أشياء مما ال يسعه غيره ) ص(اهللا بكتم ذلك آما أمر نبينا محمدا

أوتيت ليلة أسري بي ثالثة علوم، «: أنه قال) ص(للحديث المروي عنه » فعلم أخذ علي في آتمه، وعلم خيرت في تبليغه، وعلم أمرت بتبليغه

والعلم الذي خير في تبليغه هو فالعلم الذي أمر بتبليغه هو علم الشرائع، .علم الحقائق، والعلم الذي أخذ عليه في آتمه هو األسرار اإللهية

ولقد أودع اهللا جميع ذلك في القرآن، فالذي أمر بتبليغه ظاهر، والذي خير ] 53اآلية : فصلت[} عع ؟ ژ = ؛ چ : 9 8 7 6{ : في تبليغه باطن لقوله

ض ط ظ ع { : وقوله] 85اآلية : الحجر[} ژ ء آ عع ؟= ؛ چ { : وقولهاآلية : الحجر[} ف ق ك . { : وقوله] 13اآلية : الجاثية[_ } ء ] گ [ غ فإن جميع ذلك له وجه يدل على الحقائق، ووجه يتعلق بالشرائع، ] 29

فهو آالتحيز، فمن آان فهمه إلهيا فقد بلغ ذلك، ومن لم يكن فهمه ذلك مما لو فوجىء بالحقائق أنكرها فإنه ما بلغ إليه ذلك لئال يؤدي الفهم وآان

.ذلك إلى ضاللته وشقاوتهوالعلم الذي أخذ عليه في آتمه فإنه مودع في القرآن بطريق التأويل

لغموض الكتم، فال يعلم ذلك إال من أشرف على نفس العلم أوال، وبطريق يعلم المحل الذي أودع اهللا الكشف اإللهي، ثم سمع القرآن بعد ذلك، فإنه

في آتمه، وإليه اإلشارة بقوله ) ص(فيه شيئا من العلم المأخوذ على النبي على قراءة من وقف هنا، ] 7اآلية : آل عمران[} عع ؟ ژ ء = { : تعالى

.فالذي يطلع على تأويله في نفسه هو المسمى باهللا فافهمى أن أبدى ما لم يخطر إظهاره جال بنا جواد البيان في مضمار التبيان إل

.أبدا، فلنرجع إلى ما آنا بسبيله من الحديث على التوراةاعلم أن التوراة عبارة عن تجليات األسماء الصفاتية، وذلك ظهور الحق سبحانه وتعالى في المظاهر الحقية، فإن الحق تعالى نصب األسماء أدلة

ظاهره وظهوره في خلقه على صفاته، وجعل الصفات دليال على ذاته في م

ومين، فتصريح الحق عند حمل المعنى على أبعد المفه: والتورية في اللغةالعامة الخيال االعتقادي وليس لهم غير ذلك، والحق عند العارفين حقيقة

.ذواتهم، فهم المراد به، هذا اللسان هو لسان اإلشارة في التوراة :أما ما تضمنه السبعة ألواح التي أنزلت على موسى

اللوح من فلوح النور، اعلم أنه يشترط أن ال يكون في: فأما اللوح األولالعلوم إال ذلك النوع الذي يسمى اللوح به، بل يكون فيه وغيره مما في

باقي األلواح، لكن لما غلب حكم علم على لوح سمي ذلك اللوح به، آما أن سور القرآن آذلك، آلما غلب عليها أمر آانت السورة مسماة بذلك األمر

الواحدية واإلفراد وهي تتضمن ذلك وغيره، فلوح النور فيه وصف الحق بعلى سبيل التنزيه المطلق، وحكم ما للحق تعالى مما يتميز به عن الخلق،

وفيه ذآر ربوبية الحق والقدرة التي للحق مع جميع أسمائه الحسنى وصفاته العال، آل ذلك على ما هو للحق بطريق التعالي والتنزيه مما

.استحقه في اللوح المسمى بلوح النوروهو لوح الهدى، ففيه اإلخبارات اإللهية لنفسه فهذا : لثانيوأما اللوح ا

من العلوم الذوقية، وذلك صورة النور اإللهامي في قلوب المؤمنين، فإن الهدى في نفسه سر وجودي إلهامي يفجأ عباد اهللا، وذلك نور الجذب

اإللهي الذي يترقى فيه العارف إلى المناظر العلية على الطريق اإللهي، على صراط اهللا، وذلك عبارة عن آيفية رجوع النور اإللهي المنزل يعني

في الهيكل اإلنساني إلى محله ومكانه، فالهدى عبارة عما يجده صاحب ذلك النور من أحدية الطريق إلى المكانة الزلفى والمستوى األزهى حيث ال

حيث، وفي هذا اللوح علم الكشف عن أحوال الملل وأخبار من آان قبلهم وبعدهم، وعلم الملكوت وهو عالم األرواح وعلم الجبروت وهو العالم

.الحاآم على عالم األرواح وذلك حضرة القدسومن جملة ما في هذا اللوح علم البرزخ وذآر القيامة والساعة والميزان

والحساب والجنة والنار؛ ومن جملة ما في هذا اللوح أخبار جمع من ذا اللوح من علم األسرار المودعة في المالئكة؛ ومن جملة ما في ه

ففيه معرفة آيفية السلوك العلمي بطريق التجلي : وأما لوح الحكمةالطور والذوق في الحظائر القدسية اإللهية من خلع النعلين وتالقي

ومكالمة الشجرة ورؤيا النار في الليل المظلم فإنها آلها أسرار إلهيات، فهذا اللوح أصل علم تنزل الروحانيات بطريق التسخير وأمثال ذلك؛ ومن

جملة ما في هذا اللوح علم يشتمل على جميع هذه األنواع من الحكمة ساب وعلم اإللهية؛ ومن جملة هذا اللوح أصل علم الفلك والهيئة والح

خواص األشجار واألحجار وأمثال ذلك، وآل من أتقن من بني إسرائيل علم هذا اللوح صار راهبا، والراهب في لغتهم هو المتأله التارك لدنياه

.الراغب في موالهفهو اللوح الرابع، فيه علم التنزيالت الحكمية في القوى : وأما لوح القوى

له من بني إسرائيل آان حبرا، وهو البشرية، وهذا علم األذواق من حصعلى مرتبة ورثة موسى؛ وهذا اللوح أآثره رموز وأمثال وإشارات نصبها الحق تعالى في التوراة لتنصب الحكمة اإللهية في القوى البشرية، وقد نبه

فهذا ] 12اآلية : مريم[} ة ت ث ج ح خ د { : على ذلك في قوله ليحيى لمن علم الحكمة واهتدى إلى النور اإللهي؛ ثم األخذ بالقوة ال يكون إال

أفرغ ذلك في قواه على حسب ما اقتضاه علمه من الحكمة اإللهية وهذا أمر ذوقي ال يفهمه إال من حصل فيه، فهو للخواص ال للعوام؛ ومن جملة

ما في هذا اللوح علم السيمياء وآيفية السحر العالي وهو الذي يشبه لسحر العالي ألنه بال أدوية وال عمل وال تلفظ بشيء ا: الكرامات، وقولي

بل بمجرد قوى سحرية في اإلنسان تجري األمور على حسب ما اقتضاه الساحر، فتبرز الصور التي ال تمكن إال في الخيال محسوسة مشهودة في الحس، وقد يدخل بصر الناظرين إلى خيال نفسه فيصور ما يشاء فيرونه

ي خياله ويظنون أنه في عالم الحس، ولقد وقعت على بأبصارهم ولكن فذلك في طريق التوحيد، فكنت لو شئت أتصور بأي صورة في الوجود تصورت بها، ولو أردت أي فعل فعلت، ولكن علمت أنه مهلك فترآته،

.ففتح اهللا علي بالقدر المصون الذي جعله بين الكاف والنونس، فيه علم األوامر والنواهي، وهي فهو اللوح الخام: وأما لوح الحكم

التي فرضها اهللا على بني إسرائيل وحرم عليهم ما شاء أن يحرمه، وهذا .اللوح فيه التشريع الموسوي الذي بنى عليه اليهود

وهو اللوح السادس، فإن فيه معرفة األحكام الالزمة : وأما لوح العبوديةإن : حتى إنه قال لقومهللخلق من الذلة واالفتقار والخوف والخضوع،

فهو اللوح الذي يذآر فيه الطريق إلى اهللا تعالى، ثم : وأما اللوح السابعبين طريق السعادة من الشقاوة، ومن جملة ما في هذا اللوح تبيين ما هو األولى في طريق السعادة من غيره وهو الجائز في طريق السعادة، ومن

ية هذا اللوح ابتدع قوم موسى ما ابتدعوه في دينهم رغبة ورهبانابتدعوها واستخرجوا ذلك بأفكارهم وعقولهم ال من آالم موسى، بل من

آالم اهللا تعالى، فما رعوها حق رعايتها، فلو أنهم استخرجوا ذلك بطريق األخبار اإللهية والكشف اإللهي لكان اهللا يقدر لهم ذلك، وآيف ولو آان

على لسان ذلك مما أمكنهم أن يرعوه حق رعايته لكان الحق يأمرهم بذلك نبيه موسى، فما أعرض موسى عن ذلك جهال بها ولكن رفقا بهم، ولما

وفي هذا اللوح علوم جمة مما . ابتدعوها ولم يراعوها عوقبوا عليهايتعلق باألديان واألبدان، وقد جمعت جميع ما تضمنته التوراة في هذه فإنا الورقات على حسب ما آشف اهللا لنا عن ذلك وقصدنا االختصار فيه

لو أخذنا في إبدائه آما هو عليه الحتجنا إلى تطويل آثير وال فائدة في ذلك، فهذا جميع ما تضمنته التوراة على اإلجمال فافهم، واهللا يقول الحق

.وهو يهدي السبيل في الزبور: الباب السابع والثالثون

لفظة سريانية، هي بمعنى الكتاب، واستعملها العرب حتى أنزل: الزبورأي في الكتب، ] 52اآلية : القمر[} ! ! «ژ پ% $ £ ! " { اهللا عز وجل

وأنزل الزبور على داود آيات مفصالت، ولكنه لم يخرجه لقومه إال جملة واحدة بعد أن أآمل اهللا تعالى نزوله عليه، وآان داود عليه السالم ألطف

الحيوانات الناس محاورة وأحسنهم شمائل، وآان إذا تال الزبور وقفت حوله من الوحوش والطيور، وآان نحيف البدن قصير القامة ذو قوة

.شديدة آثير االطالع على العلوم المستعملة في زمانهواعلم أن آل آتاب أنزل على نبي ما جعل فيه من العلوم إال حد ما يعلمه ها ذلك النبي، حكمة إلهية لئال يجهل النبي ما أتى به، فالكتب يتميز بعض

على غيره عند اهللا تعالى، على بعض في األفضلية بقدر تميز المرسل بهاولهذا آان القرآن أفضل آتب اهللا تعالى المنزلة على أنبيائه، ألن محمدا

.آان أفضل المرسلين) ص(

قد ورد في الحديث : آالم اهللا ال أفضلية لبعضه على بعض، قلنا: فإن قلت، فإذا صحت » ة الفاتحة أفضل آي القرآنسور«: أنه قال) ص(عن النبي

األفضلية في القرآن بعضه على بعض فال امتناع في بقية الكتب من .الجملة

واعلم أن الزبور أآثره مواعظ وباقيه ثناء على اهللا بما هو له فيه، وما فيه من الشرائع إال آيات مخصوصة، ولكن تحتوي تلك المواعظ وذلك

لهية حقيقية، وعلوم الوجود المطلق، وعلم تجلي الثناء على علوم جمة إالحق تعالى في الخلق وعلم التسخير والتدبير، وعلم مقتضيات حقائق

الموجودات، وعلم القوابل واالستعدادات، وعلم الطبيعيات، وعلم الرياضيات، وعلم المنطق، وعلم الخالفة، وعلم الحكمة، وعلم الفراسة،

ذلك بطريق االستتباع؛ ومنه شيء على سبيل إلى غير ذلك من العلوم، آلالتصريح مما ال يضر إظهاره، وال يؤدي إلى آشف سر من أسرار اهللا

.تعالىوآان داود عليه السالم آثير العبادة، وآان يعلم منطق الطير بالكشف

اإللهي، ويحدثهم بالقوة اإللهية، فيبلغهم في آذانهم ما يريده من المعاني ، ال آما يزعمه من ال معرفة له بحاله، فيزعم أنه آان يتكلم بأي لفظ شاء

بنفس لغة الطير زعما منه أنها على لفظ مصطلح عليه، بل آان يفهم أحاديث الطيور على اختالف أصواتها ويعلم المعاني التي تدل عليها تلك

} 3 2 1{ : األصوات بطريق الكشف اإللهي، وذلك قول ولده سليمانواستمر به ذلك الحال حتى زعم من زعم أن للطيور لغة ] 16آلية ا: النمل[

موضوعة يتحدث بها بعضها مع بعض، وأن فهم داود لها من حيث معرفته بذلك الوضع، بل إنما لها أصوات تخرجها من غير وضع معلوم

لديها، لكنها إذا عرض لها حال برز منها صوت يفهمه غيرها من الطيور فيها من اللطف الروحي، فإذا عرض لها حال آخر برز إلهاما إلهيا لما

منها مثل ذلك الصوت بعينه أو غيره فيفهمه من يفهمه من الطيور أو غيرها إلهاما إلهيا، فكانت سائر الحيوانات إذا برز منها صوت علم داود

منها ما تضمنه الصوت علما آشفيا إلهيا، وآان إذا أراد داود أن يكلم أحدا آلمه إن شاء باللغة السريانية وإن شاء بغيرها من أصوات منهم

الحيوانات فيفهمه ذلك الحيوان للقوة اإللهية التي جعلها اهللا تعالى لداود في آالمه، وهذا األمر الذي جعله اهللا لداود وسليمان عليهما السالم غير ء، محصور فيهما وال مقصور عليهما، وإنما هو أمر عام في جميع الخلفا

أعني الخالفة الكبرى ، وما اختص داود وسليمان إال بظهور ذلك والتحدي به، وإال فكل واحد من األفراد واألقطاب له التصرف في جميع المملكة

نملة سوداء على صخرة صماء لو دبت : وقد قال الشبلي رحمه اهللا تعالىال : وقال غيره. في ليلة ظلماء ولم أسمعها لقلت إني مخدوع أو ممكور بي

أقول ولم أشعر بها ألنه ال يتهيأ لها أن تدب إال بقوتي وأنا محرآها، فكيف أنه لزم الجني ) ص(وقد ورد عن النبي . أقول ال أشعر بها وأنا محرآها

رية المسجد، ثم ذآر دعاء سليمان فترآه ، فعلم وأراد أن يربطه إلى ساإنما ] 35اآلية : ص[} ل م ن ه و ى ي { : من ذلك أن قول سليمان

أريد به التحدي والظهور بهذه الخالفة، وهو الذي ال ينبغي ألحد من بعد سليمان على الكمال، وأما في بعض األشياء دون بعض فقد ظهرت به

.ه األولياء رضوان اهللا عليهماألنبياء وتبعهم فيواعلم أن الزبور في اإلشارة عبارة عن تجليات صفات األفعال، والتوراة

عبارة عن تجليات جملة أسماء الصفات فقط، واإلنجيل عبارة عن تجليات أسماء الذات فقط، والفرقان عبارة عن تجليات جملة الصفات واألسماء

.عبارة عن الذات المحضمطلقا الذاتية والصفاتية، والقرآن

وقد سبق الكالم على القرآن والفرقان والتوراة، وآون الزبور عبارة عن تجليات صفات األفعال فإنه تفصيل التفاريع الفعلية االقتدارية اإللهية،

ولذلك آان داود عليه السالم خليفة على العالم فظهر بأحكام ما أوحي إليه الراسيات، ويلين الحديد، ويحكم على أنواع في الزبور، فكان يسير الجبال

المخلوقات؛ ثم ورث سليمان ملكه، فكان سليمان وارثا عن داود، وداود وارثا عن الحق المطلق، فكان لداود فضل ألن الحق آتاه الخالفة ابتداء

ولم ] 26اآلية : ص[} [ ض ط ظ ع غ { : وخصه بالخطاب في قوله تعالى بعد طلبه على نوع الحصر وعلم داود أنه ال يمكن يجعل ذلك لسليمان إال

ألحد أن تقصر الخالفة عليه ظاهرا وباطنا، فلم يعطه الحق إال من حيث ل م ن { : أال ترى إلى قوله تعالى حيث أخبر عن سليمان أنه قال. الظهور

اآلية : ص[} هللا ـ {: فقال في جوابه] 35اآلية : ص[} ه و ى ي ثم عدد ما أوتي سليمان من االقتدارات اإللهية ولم يقل فآتيناه ما ] 36

طلب ألن ذلك ممتنع اقتصاره على أحد من الخلق ألنه اختصاص إلهي، فمتى ظهر الحق تعالى في مظهر بذاته آان ذلك المظهر خليفة اهللا في

ء آ أ ؤ إ ئ ا ب ة ت ث ج ژ { : أرضه، وإليه اإلشارة في قوله تعالىيعني الصالحين للوراثة اإللهية، والمراد ] 105اآلية : األنبياء[} ! ! للهـ«

ة الكبرى ال تنبغي إن دعوة سليمان مستجابة باعتبار أن المملك: فإن قلت. ألحد من بعد اهللا وهو حقيقة سليمان فقد صحت الدعوة له فقد صدقت

إن دعوة سليمان غير مستجابة باعتبار عدم قصر الخالفة عليه : وإن قلتوأن ذلك قد صح لمن بعده من األقطاب واألفراد فقد صدقت، فاعتبر آيف

.شئتفطلب سليمان . هذا الطلبفلما علم داود امتناع قصر الخالفة عليه ترك

تأدبا إلهيا يريد تفرده بالمظاهر اإللهية لتفرد حقه بها، وهذا ولو آان ممتنعا فهو جائز الطلب للوسع اإللهي واإلمكان الوجودي، ولكن ال يعلم أحد صح له ذلك أم ال، وفي هذا المقام أخبر الحق تعالى عن أوليائه فقال

} ! ! ـ}ن ه و ى ي ژ هللا{ و] 91اآلية : عاماألن[} × % $ £ " { : تعالىفصار من هذا الوجه ممتنعا، فلهذا قال الصديق ] 180اآلية : الصافات[

.العجز عن درك اإلدراك إدراك: األآبرال أحصي ثناء عليك أنت آما أثنيت على «: وقال عليه الصالة والسالم

لكمال رف بالعجزفي طلب ما ال يمكن حصوله، واعت) ص(فتأدب » نفسكوآان عليه الصالة والسالم أعرف بربه من سليمان، ألن سليمان . ربه

عرف ما ال ينتهي فتأدب ) ص(عرف ما ينتهي فطلب حصوله، ومحمدا عن طلب إدراك ما ال يدرك، أعني تأدب فترك الدعاء بحصول ذلك لعلمه

ستأثر اهللا تعالى أن اهللا تعالى لم يجعله ألحد، وإنه خصوصية فيه ذاتية ابها عن سائر خلقه، فانظر بين من لمعرفته بربه حد ينتهي، وبين من ال

.حد لمعرفته بربه وال نهاية لهاوفي هذا المقام قال المحمديون من األولياء ما قالوا، فقال شيخنا للشيخ

معاشر األنبياء أوتيتم اللقب وأوتينا ما لم تؤتوه، : عبد القادر الجيالنيعنه اإلمام محيي الدين بن العربي في الفتوحات المكية ا روىهكذ

خضنا : وقال الشيخ الولي أبو الغيث بن جميل رضي اهللا عنه. بإسنادهوهذا الكالم وإن آان له وجه من التأويل، . بحرا وقف األنبياء بساحله

فمذهبنا أن مطلق النبي أفضل من مطلق الولي، وسيأتي الكالم على النبوة .الوالية في هذا الكتاب إن شاء اهللا تعالى، واهللا يهدي إلى الصوابو

في اإلنجيل: الباب الثامن والثالثونأنزل اهللا تعالى اإلنجيل على عيسى باللغة السريانية، وقرىء على سبع : عشرة لغة، وأول اإلنجيل باسم األب واألم واالبن، آما أن أول القرآن

فأخذ هذا الكالم قومه على ظاهره، فظنوا أن ،بسم اهللا الرحمن الرحيم

على ] 117اآلية : المائدة[} عع ؟ ژ ء آ أ ؤ { : فقول عيسى في الجوابأنت المرسل إليهم بذلك الكالم الذي أوله بسم : سبيل االعتذار لقومه، يعني

األب واألم واالبن، فلما بلغتهم آالمك حملوه على ما ظهر لهم من آالم، ا علموه من آالمك، فكان شرآهم فال تلمهم على ذلك، ألنهم فيه على م

عين التوحيد، ألنهم فعلوا ما علموه باإلخبار اإللهي في أنفسهم، فمثلهم آمثل المجتهد الذي اجتهد وأخطأ فله أجر االجتهاد، فاعتذر عيسى عليه

} ) ص({ » « هللا ـ پ ؟ {: السالم لقومه بذلك الجواب للحق حيث سأله} = ؛ چ : 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0 . / -، ( ) * + ' × % $ £ ! " ~ } ف ق ك ل م . { _ : ، ولهذا تطرق إلى أن قال] 116اآلية : المائدة[وإن تعذبهم فإنك شديد العقاب، : ولم يقل في قوله] 118اآلية : المائدة[

وال ما يشابه ذلك، بل ذآر المغفرة طلبا لهم من الحق إياها حكما منه بأنهم الحق، ألن األنبياء صلوات اهللا وسالمه عليهم ال يسألون لم يخرجوا عن

الحق تعالى ألحد بالمغفرة وهم يعلمون أنه يستحق العقوبة، قال اهللا ] 114اآلية : التوبة[} عع = ؛ چ : 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0 . / -{ : تعالى

وهكذا جميع األنبياء، فكان طلب عيسى لقومه المغفرة عن علم أنهم ذلك ألنهم على حق في أنفسهم ولو آانوا في حقيقة األمر على يستحقون

الباطل، فكونهم على حق في معتقدهم هو الذي يؤول إليه أمرهم، ولو } گ [ { : آانوا معاقبين على باطلهم الذي عليه حقيقة أمرهم، ولهذا قال

: ئدةالما[} ء ] { : ولقد أحسن التلفظ حيث قال بعدها] 118اآلية : المائدة[يعني آانوا يعبدونك وليسوا بمعاندين وال من الذين ال مولى ] 118اآلية

لهم، ألن الكافرين ال مولى لهم، ألنهم على الحقيقة محقون، ألن الحق تعالى هو حقيقة عيسى وحقيقة أمه وحقيقة روح القدس، بل حقيقة آل

ليه في الواحدية التي ظهر بها على قوم عيسى ومن التجليات المذآورة تجفي عيسى وفي مريم وفي روح القدس فشهدوا الحق في آل مظهر من

هذه المظاهر، وهم ولو آانوا محقين من حيث هذا التجلي فقد أخطأوا فيه أما خطؤهم فكونهم ذهبوا فيه إلى حصر ذلك في عيسى ومريم . وضلوا

قالوا بالتجسيم المطلق والتشبيه وروح القدس، وأما ضاللهم فكونهم المقيد في هذه الواحدية، وليس من حكمها ما قالوه على التقييد، فهذا هو

.محل خطئهم وضاللتهم فافهموليس في اإلنجيل إال ما يقوم به الناموس الالهوتي في الوجود الناسوتي،

وهو مقتضى ظهور الحق في الخلق، لكن لما ذهبت النصارى إلى ما هبوا إليه من التجسيم والحصر، آان ذلك مخالفا لما هو في اإلنجيل، ذ

فعلى الحقيقة ما قام بما في اإلنجيل إال المحمديون، ألن اإلنجيل بكماله في ] 29اآلية : الحجر[} ف ق ك . { : آية من آيات القرآن وهو قوله تعالى

ه في آدم ثم وليست روحه غيره، فهذا إخبار اهللا سبحانه وتعالى بظهوريعني أن جميع ] 53اآلية : فصلت[} عع ؟ ژ = ؛ چ : 9 8 7 6{ أيده بـ

العالم المعبر عنه باآلفاق وفي أنفسهم هو الحق، ثم بين فصرح في قوله ، + { : وفي قوله] 10اآلية : الفتح[} . -، ) * + { ): ص(في حق محمد

بذلك إلى حقيقة ) ص(وم محمد فاهتدى ق] 80اآلية : النساء[ } 0 . / -األمر ولهذا لم يحصروا الوجود الحقي في آدم وحده، ألن اآلية ما عينت إال آدم وحده، ولكن تأدبوا وعلموا أن المراد بآدم آل فرد من أفراد هذا

النوع اإلنساني وشهدوا الحق في جميع أجزاء الوجود بكماله امتثاال ] 53اآلية : فصلت[} عع ؟ ژ = چ { : لألمر اإللهي وهو قوله تعالى

فسقت البيضة إذا فسدت ولم تصلح للتفريخ، فالمراد به هنا قوم : يقالفسدت به قوابلهم عن القبول للتجلي اإللهي لما تصور عندهم من أن اهللا

ا ما يؤيد ذلك من ثم لما وجدو. تعالى ال يظهر في خلقه، بل ال يظهر لهماألصول التنزيهية التي حكم فيها بالذات اإللهية، وترآوا األمور العينية

أخذوا باألوصاف الحكمية، ولم يعلموا أن تلك األوصاف الحكمية هي بعينها على آمالها، لهذا األمر العيني والوجود الخلقي الحقي، وقد أخبر

: من آتابه آما في قولهالحق سبحانه وتعالى عن نفسه بذلك في مواضع } ! ! ث ج ح خ ژ ـپ{ : وقوله] 115اآلية : البقرة[} م ن ه و ى { ] 85اآلية : الحجر[} عع ؟ ژ ء آ = ؛ چ { : وقوله] 21اآلية : الذاريات[

وقوله عليه ] 13اآلية : الجاثية[_ } ء ] گ [ ض ط ظ ع غ { : وقولهوأمثال ذلك » بصره ويده ولسانهإن اهللا سمع العبد و«: الصالة والسالم

.إلى ما ال يمكن حصره فافهم، واهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل الباب التاسع والثالثون

في نزول الحق جل جالله إلى سماء الدنيا في الثلث األخير من آل ليلة، إن اهللا ينزل في الثلث األخير من آل ليلة إلى سماء الدنيا «): ص(وقوله

» هل؟فيقول هل الحديث يدل بإشارته إلى ظهور الحق سبحانه وتعالى في آل ذرة من

ذرات الوجود، فالمراد بالليلة هي الظلمة الخلقية، والمراد بسماء الدنيا ظاهر وجود الخلق، وبالثلث األخير حقيقته، ألن آل شيء من أشياء

طن قسم ظاهر ويسمى بالملك، وقسم با: الوجود مقسم بين ثالثة أقسامويسمى بالملكوت، والقسم الثالث هو المنزه عن القسم الملكي والملكوتي فهو القسم الجبروتي اإللهي المعبر عنه بالثلث األخير بلسان اإلشارة في

.هذا الحديث

وال انقسام ألن الشيء الواحد إذا اعتبرت عدم انقسامه ال بد أن تتعقل له وال بد أن يكون له حقيقة يقوم ظاهرا وهو صورته، وباطنا وهو نفسه،

بها، فظهرت اإلشارة بالثلث األخير، فتنزل الحق هو ظهوره بتنزيهه في نفس التشبيه الخلقي، ولهذا الحديث اعتبار آخر بإشارة أخرى أعلى من

هذه اإلشارة األولى وذلك أن تعلم أن المراد بالثلث األخير هو الصفة فحقيقة ظهور الذات إنما هو في أواخر اإللهية التي تجلى بها على عبده،

تلك الصفة ال في مبدئها وال في أوسطها، وهذا أمر ذوقي ال يعرف إال بالكشف، أعني ظهور الذات في أواخر ظهور الصفة، وال انتهاء لشيء

من الصفات، وهذا االنتهاء هو حكم الذات، فظهرت الذات في الثلث األخير ، يعني إلى صفاته التي عرفه »لسماء الدنياإلى ا«: ليلة الصفات، وقوله

بها خلقه في األسماء وهم الدنيا، ألن له الصفات العال، وهم لهم العبودية، فهي الدنيا من الدناءة، وأسماؤه هي سماؤه الدنيا التي قامت بها

.عبوديتهمفالحاصل من هذه االعتبارات أن الحق سبحانه وتعالى يظهر على عباده

تي عرفوه بها عند تناهي ظهور تلك الصفات، يعني أنهم قبل في صفاته الآمال ظهور تلك الصفة معها ال معه، فإذا أخذت في تناهي الظهور آانوا

.مع ذاته ال مع صفاته فافهمولهذا الحديث إشارة أخرى بطريق السر وهي في حق الكمل، وذلك إذا

األخير آمال المعرفة علمت أن المراد بالليلة الذات اإللهية، وبالثلثمعرفة يجوز أن يدرك آمالها، : الجائزة للذات، ألن للحق تعالى معرفتين

إن آمال المعرفة الجائزة هو : وقولي. ومعرفة ال يجوز أن يدرك آمالها: هي المراد بالثلث األخير، ألن للولي ثالث معارف باهللا، المعرفة األولى

يانه فيما مضى، والمعرفة وقد سبق ب» من عرف نفسه فقد عرف ربه«الثانية معرفة األلوهية وهي تعرف الذات جمالها من الصفات، وهذه

المعرفة بعد معرفة الرب المقيدة بمعرفة النفس؛ والمعرفة الثالثة هي الذوق اإللهي الذي يسري في وجود العبد فينزل بها في حقه من غيبه إلى

ده فيكون يده لها القدرة، شهادته، يعني تظهر آثار الربوبية في جسولسانه له التكوين، ورجله لها الخطوة، وعينه ال يحجب عنها شيء،

وإلى هذا المعنى أشار عليه . وسمعه يصغي به إلى آل متكلم في الوجود» حتى أآون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به«: السالم بقوله

.الحديث، فيكون الحق ظاهره وهو الباطنل من هذا الكالم أن المراد بنزول الرب ظهور آثاره وصفاته التي فالحاص

هي من مقتضيات الربوبية، والمراد بسماء الدنيا ظاهر جسم الولي،

. من آل ظهور ذاتي في آل ولي إلهي فافهم» في آل ليلة«: والمراد بقولهوال تخرج العبارة في الحديث بما أشرنا إليه عن ظاهر مفهوم الحديث بل تحقق بما نبهناك عليه، وال نترك أيضا ظاهر مفهوم الحديث، فإن آالمه

يحتوي على أسرار ال تتناهى، ولكالمه ظاهر وباطن، ولكل باطن ) ص(إن للقرآن «): ص( سبعة بطون، آما قال ظاهر، ولكل ظاهر باطن إلى

هللا ـ پ ! ! ژ ؟{وآالمه شعبة من آالم اهللا تعالى، ألنه » سبعة بطون .، وشرف وعظم، ومجد وآرم)ص] (3،4اآليتان : النجم[} ! ! »ژ

في فاتحة الكتاب: الباب الموفي أربعينلسبع الصفات النفسية اعلم أن فاتحة الكتاب هي السبع المثاني، وهي ا

التي هي الحياة والعلم واإلرادة والقدرة والسمع والبصر والكالم، وقال إشارة إلى أن الوجود » إن اهللا قد قسم الفاتحة بين عبده وبينه«): ص(

منقسم بين الخلق والحق، فاإلنسان الذي هو الخلق باعتبار ظاهره هو طن وظاهر، أال ترى أن الحق باعتبار باطنه، فالوجود منقسم بين با

، وآما يقال )ص(الصفات النفسية إنما هي نفسها وعينها صفات محمد في الحق إنه حي عالم يقال في محمد إنه حي عالم إلى جميع الصفات،

فهذه هي انقسام الفاتحة بين الحق تعالى وبين عباده، فالفاتحة بما دلت اهللا به أقفال الوجود عليه، إشارة إلى هذا الهيكل اإلنساني الذي فتح

وانقسامها بين العبد وربه، إشارة إلى أن اإلنسان ولو آان خلقا فالحق حقيقته، فكما أنه حاو ألوصاف العبودية آذلك هو حاو ألوصاف الربوبية،

، وال ثم غيره فهو المعتبر في )ص(ألن اهللا حقيقته وهو المراد بمحمد فهو الحق وهو الخلق، أال ترى المرتبتين وهو الموجود في المملكتين،

إلى سورة الفاتحة آيف قسمها اهللا تعالى بين ثناء على اهللا وبين دعاء للعبد، فالعبد ينقسم بين آماالت إلهية حكمية غيبية وجودية، وبين نقائص

وفي هذه . خلقية غيبية شهودية، فهو فاتحة الكتاب، وهو السبع المثانيه األوراق، بل مما ال يسعنا إذاعتها، وال بد السورة من األسرار ما ال تسع

.أن نتكلم على ظاهر السورة بطريق التعبير تبرآا بكالم اهللا تعالىفقد وضعنا للبسملة ] 1اآلية : الفاتحة[} ! ! ژ ـ$ £ ! " { : قال اهللا تعالىفمن ] الكهف والرقيم في شرح بسم اهللا الرحمن الرحيم: [آتابا سميناه بـ

رح البسملة فليطالع فيه، ونتكلم في هذا الكتاب، على شيء منه أراد ش .بطريق اإلشارة وهذا موضعه

بسم اهللا أفعل آذا، : الباء في البسملة لالستعانة، معناه: قال علماء العربيةوترك ذآر الفعل ليعم آل شيء، وتقدير الفعل بلسان اإلشارة بسم اهللا

إال بعد تجلي هذا االسم عليك، ألنه يعرف اهللا بأنه ال سبيل إلى معرفته وضع مرآة للكلمات تشاهد فيها وجهك، فال سبيل إلى مشاهدة وجهك إال

؛ چ : 9{ في المرآة فافهم ما أشرنا إليه، ألن مرآتك مرآب بحر الحقيقية باسم غيره، فإذا رآب مالح القلب سفينة االسم في ال] 41اآلية : هود[}

إني ألجد نفس الرحمن من « ريح الرحمانية في جو بحر التوحيد وهبيعني النفس، وصل بهداية رحمة االسم الرحمن إلى ساحل » جانب اليمن

الذات، فتنزه في أسمائه والصفات، فاستفتح فاتحة الوجود وتحقق العابد أثنى اهللا على نفسه ] 2اآلية : الفاتحة[} × % { : أنه عين المعبود فقال

، وثناؤه على نفسه عين ظهوره وتجليه فيما هو له، واأللف بما يستحقهوالالم إن آانا للشمول الذي اعتبر بمعنى آل المحامد هللا، فهو المراد

بجميع الصفات المحمودة بالحقية والخلقية، فثناؤه على نفسه بظهوره في .المراتب اإللهية والمراتب الخلقية، آما هو عليه الوجود

. في الم الحمد أنه للشمول، وقد سبق بيانهومذهب أهل السنة: إن الالم في الحمد للعهد، ومعناه: وقالت المعتزلة وبعض علماء السنة

أن الحمد الالئق باهللا هللا، فبهذا االعتبار تكون اإلشارة في الحمد ثناءه على نفسه بما تستحقه المكانة اإللهية، فمقام الحمد أعلى المقامات ولهذا

لواء الحمد، ألنه أثنى على ذاته سبحانه وتعالى بما ) ص(حمد آان لواء متستحقه المكانة اإللهية وظهر في المراتب الحقية والمراتب الخلقية آما هو عليه الوجود، واختص االسم اهللا بالحمد، ألن األلوهية هي الشاملة لجميع معاني الوجود ومراتبه، واالسم اهللا هو المعطي لكل ذي حق من

ئق الوجود حقه، وليس هذا المعنى لغير هذا االسم، وقد سبق بيانه في حقاباب األلوهية فاختص هذا االسم بالحمد، ثم نعت االسم اهللا الذي قلنا إنه

أي صاحب العوالم ] 2اآلية : الفاتحة[} × % { حقيقة اإلنسان بأنه ي العوالم ومنشئها والكائن فيها ومظهرها، فما في العوالم اإللهية وال ف

العبدية أحد غيره، فهو الظاهر وهو الباطن، وهو المراد بالرحمن والرحيم، وقد سبق تفسير االسم الرب واالسم الرحمن في أول الكتاب

.فليطالع هناكواعلم أن الرحيم أخص من اسمه الرحمن، والرحمن أعم منه، فالرحمة

المكتوبة للذين التي وسعت آل شيء هي فيض اسمه الرحمن، والرحمةيتقون ويؤتون الزآاة هي من فيض اسمه الرحيم، واألصل في ذلك أن رحمة االسم الرحمن قد يشوبها نقمة آتأديب الولد مثال بالضرب رحمة

فراد اإلنسان ثم وصف الحقيقة المحمدية التي هي عين ذات آل فرد من أالملك الحاآم ] 4اآلية : الفاتحة[} ! ! » ژ -، + { : المنعوت أوال فقال

الشديد القوة، واليوم هنا هو التجلي اإللهي أحد أيام اهللا، والدين من اإلدانة، فيوم الدين عبارة عن تجلي رباني تدين له الموجودات فيتصرف

] 4اآلية : الفاتحة[} ! ! » ژ -، + { فيها آيف يشاء فهو ملكها، وورد يعني صاحب العالم الباطني المعبر عن ذلك العالم بالقيامة والساعة، وذلك

ثم خاطب . يعني صورة المحسوسات ومحل روحانية الموجودات فافهمأي ال غيرك، قال الشاعر ] 5اآلية : الفاتحة[} . / { : نفسه بنفسه فقال

:يخاطب نفسه الحسان طروب طحا بك قلب في

: وهذا المعنى يسمى بااللتفات ألنه انتقل من مكان التكلم، إذ محله أن يقالأقام نفسه مقام المخاطب، : طحا بي قلب إلى مقام الخطاب، فقال طحا بك

يخاطب نفسه، يعني هو العابد ] 5اآلية : الفاتحة] { / . } :فقال تعالىم ومحرآهم ومسكنهم، نفسه بمظاهر المخلوقات، إذ هو الفاعل به

فعبادتهم له عبادته لنفسه، وألن إيجاده إياهم إنما هو إلعطاء أسمائه : وأوصافه حقها، فما عبد إال نفسه بهم، ثم قال يخاطب حقه بلسان الخلق

ألنه المراد بالخلق والحق، فيخاطب نفسه إن ] 5اآلية : الفاتحة[ } 1 0{ ، ويخاطب نفسه إن شاء بكالم شاء بكالم الحق ويسمعه بسمع الخلق

.الخلق ويسمعه بسمع الحق } 1 0{ : ولما أعلم أنه العابد نفسه بهم نبهنا على شهود ذلك فينا فقال

لنبرأ من الحول والقوة والقدرة، بصرف جميع ذلك إليه ] 5اآلية : الفاتحة[لى سبحانه وتعالى، ولنلحظ ذلك منا وفينا، وال نغفل عنه لنرتقي من ذلك إ

ولهاتين . معرفة واحديته، فنحظى بتجلياته ويسعد منا من سبق له السعدالكلمتين من المعاني ما تضيق هذه األوراق عن شرحها، فلنكتف بما

الباب الحادي واألربعونفي الطور وآتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف

المرفوع والبحر المسجور

الباب عمدة أبواب هذا الكتاب، فليكن تأملك اعلم، وفقنا اهللا وإياك، أن هذاوراء فيه مع حضورك فيما يقال لك، وال تكتف بظاهر اللفظ، بل اطلب ما

.ذلك مما نبهنا عليه من اإلشارات وأومأنا إليه بلطف العباراتواعلم أن جميع هذه المعاني المذآورة في الطور وغيره مما سبق ذآره

في األبواب جميعها ولو آان المعتمد على ظواهرها في قول الشرائع، ت فأنت المراد بها في باطن األمر، فإنيتك هي الحاوية لجميع تلك العباراوتعدد تلك المعاني لتعدد وجوه إنيتك، فاعتبر جميعها في نفسك، فأنت

.وأنت الموصوف بتلك الصفات. المسمى بتلك األسماء] 52اآلية : مريم[} {: واعلم أن المراد بالطور نفسك، قال اهللا تعالى

أي جانب النفس، فعلم أن ثم طورا غير األيمن وهو الجبل الذي آان يتجلى فيه آما يتجلى أهل اهللا في الكهوف والمغارات واألودية، موسى

المحدث إذا قورن بالقديم لم يبق له : وإلى هذا المعنى أشار الجنيد بقولهإن غبت بدا وإن بدا غيبني؛ وإلى هذه : وقال علي رضي اهللا عنه. أثر

: فارق نفسك وتعال، حين قال موسى في مناجاته: اإلشارة بقوله لموسىك، فإذا علمت أن الطور هو باطن نفسك وذلك هو يا رب آيف أصل إلي

المعبر عنه بالحقيقة اإللهية في اإلنسان إذ خلقه مجاز، أال ترى إلى » إني ألجد نفس الرحمن من قبل اليمن«: الحديث النبوي الذي قال فيه

وقد تقدم فيما بيناه أن الطور األيمن هو النفس ألن الطور الذي هو غير فاآتفى عليه السالم في هذا الحديث بذآر اليمن، ونبه األيمن هو الجبل،

على أنه وجد نفس الرحمن من نفسه، ونفس الرحمن هو ظهوره في اآلية : التكوير[} ! ! ـ}ژ } ) ص({ { : أسمائه وصفاته، قال اهللا تعالى

يعني إذا ظهر، فاعلم حينئذ أن الكتاب المسطور هو الوجود المطلق ] 18سامه واعتباراته الحقية والخلقية، وهو مسطور أي على تفاريعه، وأق

موجود مشهود في الملكوت، وهو اللوح المحفوظ، ونظيره في الملك في المقابلة اإلنسانية، وهي المعبر عنها بالرق المنشور، فمحل تشبيه قابلية

روح اإلنسان بالرق هو وجود األشياء فيها باالنطباع األصلي الفطري، جودات فيها بحيث ال تفقد شيئا، وهو المعبر عنه وآان وجود المو

بالمنشور، ألن الكتاب إذا آان منشورا ال يبقى فيه شيء إال وقد عرف، والرق المنشور هو اللوح المحفوظ، ونظيره روح اإلنسان باعتبار قبولها وانطباع الموجودات فيها، وذلك ذات اللوح وال مغايرة بينهما، وأما البيت

فهو المحل الذي اختصه اهللا لنفسه، فرفعه من األرض إلى المعمورالسماء وعمره بالمالئكة، ونظيره قلب اإلنسان فهو محل الحق، وال يخلو

أبدا ممن يعمره، إما روح إلهي قدسي أو ملكي أو شيطاني أو نفساني، وهو الروح الحيواني، فال يزال معمورا بمن فيه من السكان، قال اهللا

أي يقيم فيها، فالعمارة هي ] 18اآلية : التوبة[} : 9 8 7 6 5 4{ : تعالىالسكنى، والسقف المرفوع هي المكانة العليا اإللهية التي في هذا القلب،

وأما الحق فحكمه ووصفه أن يسع األشياء وال يسعه شيء، وال يجوز فيه قدسه عن جميع ذلك، فاعلم ما هو اهللا من البعض وال الكل، بل منزه في

حيث الوجود العيني، واعلم ما هو له سبحانه من حيث الوجود الحكمي، واعرف من هو واعرف من أنت، وبما أنت هو وبما هو أنت، وبما أنت

.مغاير له وبما هو منزه عن نقائصكواعلم أن النسبة التي بينك وبينه من أين صحت فوجدت، ومن أين

قطعت بينك وبينه ففقدت، وتأمل إلى هذه العبارات التي تضمنت أسرار ان .الحق في التصريح واإلشارات

وأما البحر المسجور فهو العلم المصون والسر المكنون الذي هو بين إنه بحر : وأما في الظاهر فيقال. الكاف والنون، هذا تعبيره بلسان اإلشارةإذا أخرج منه نفض جناحه فقطرت تحت العرش يلج فيه جبريل آل يوم، ف

منه سبعون ألف قطرة، فيخلق اهللا تعالى بكل قطرة ملكا يحمل علما إلهيا، فهذه المالئكة هم الذين يدخلون البيت المعمور آل يوم من باب ويخرجون

من باب وال يعودون إليه إلى يوم القيامة، فافهم ما أشرنا إليه في في التلويح، وانظر لم سجر لك هذا البحر التصريح، واعلم ما رمزنا لك

ومنع هذا الفجر، هل هو لقصور العقل عن درآه أم الغيرة اإللهية منعت أوتيت ليلة أسري «: حيث قال» أخذ علي آتمه«: قال) ص(من فكه، فإنه

الحديث، فجميع ما » ثالثة علوم، فعلم وعلم وعلم أخذ علي آتمهبي أبرزناه في هذا المستور هو في زبد هذا البحر المسجور ال من دره الالئق

بالبحور، بيد أنا لم نكتم منه شيئا، إذ وضعنا جميعه بين رمز في عبارة .وبين لغز في إشارة، وبين تصريح أضربنا عنه إلى غيره

هو لما يحوي من خيره، وهذا آتاب لم يأت بمثله الزمان، ولم والمراد يسمح بشكله األوان، فافهمه وتأمله، فالسعيد ابن السعيد من قرأه أو

.حصله، واهللا يقول الحق وهو يهدي السبيلفي : الثاني واألربعون الباب: تم الجزء األول، ويليه الجزء الثاني وأوله

مل في معرفة األواخر واألوائلالرفرف األعلى اإلنسان الكا تأليف

الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي

هـ805 ـ 767 الجزء الثاني

ضبطه وصححه وقدم له وعلق عليه الشيخ الدآتور عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي

] 30اآلية : األحقاف[ } 2 1 0 . / -{ في الرفرف األعلى: ونالباب الثاني واألربع) قرآن آريم(

عبارة عن المكانة اإللهية من الموجودات، ومن : اعلم أن الرفرف األعلىاألمور الذاتية التي اقتضتها األلوهية بنفسها، ثم هي ليست بنوع واحد، بل أنواع آثيرة، لكن آل نوع منها يسمى رفرفا أعلى، وآل رفرف فهو

تضاها، فإنها من حيث شأنها عبارة عن المكانة اإللهية، ولو اختلف مقالذاتي، عين المكانة، وال تفضيل في بعضها على بعض، ألن التفضيل ال

يقع إال في مقتضيات الصفات واألسماء، وهذه أمور هي ذاتيات الحق، فال تفاضل بينهما آالكبرياء مثال والعزة، ألن الرفرف عبارة عن آل منهما،

إن الكبرياء : ل من الكبرياء، وال يقالإن العزة أفض: فال يصح أن يقالأفضل من العزة، وآذلك العظمة الذاتية، فإن آال من أمثال ذلك عبارة عن

مقتضى الذات لنفسها، للمكانة العليا اإللهية، وفي قولي للمكانة اإللهية اقتضاء : تقييد لالقتضاء الذاتي، ألن الذات لها في نفسها اقتضاءان

.دمطلق، واقتضاء مقيهو ما استحقه لنفسه من غير اعتبار األلوهية ال : فاالقتضاء المطلق

الرحمانية وال الربوبية وال أمثال ذلك، بل هذه اقتضاءات مطلقة مجردة من أن تقتضيها الذات لنوع من أنواع الكماالت فهي آالوجود مثال

.والسذاجة والصرافة واألحدية، وأمثال ذلك مما اقتضته الذات لنفسهاهو ما اقتضته الذات لنفسها، لكن بنوع من أنواع : واالقتضاء المقيد

الكماالت آاإللهية والرحمانية والربوبية، وآالعزة والكبرياء والعظمة مثال للمكانة اإللهية، وآالعلم والسريان الوجودي، واإلحاطة للمكانة الرحمانية

اني أو رباني أو غير إلى غير ذلك مما يستحقه لذاته العتبار إلهي أو رحم .ذلك من أسمائه وأوصافه فافهم

واعلم أن االقتضاءات المقيدة راجعة أيضا إلى اإلطالق، ألنه سبحانه وتعالى اقتضى جميع ذلك لذاته، فاأللوهية مقتضى لذاته، والرحمانية

مقتضى لذاته، وآذلك ما عداهما من المراتب، وآل ما اقتضته مرتبة من ضى للذات من غير تقييد، ألن المرتبة من مقتضيات المراتب آان مقت

الذات، فما اقتضته آان من مقتضيات الذات، ألنه سبحانه وتعالى يستحق

في السرير والتاج: الباب الثالث واألربعون إن السرير لرتبة السلطان

هو عرشه بمكانة الرحمن فجلوسه فوق السرير ظهوره

في مجده وعلوه السلطاني عنه بالعرش المجيدفهو المعبر

وبالعظيم بمحكم القرآن والعرش مطلقه بمخلوقاته

واالستواء تمكن رباني اعلم، وفقنا اهللا وإياك، أن الحديث النبوي الذي يذآر فيه أنه رأى ربه في صورة شاب أمرد على سرير من آذا وآذا، وفي رجله آذا وآذا، الحديث

.صورة ومعنىبكماله أعطانا الكشف فيه أنه واقع فهو تجلي الحق سبحانه وتعالى في الصورة المذآورة المعينة : أما صورة

المحدودة على السرير المعين في النعلين المذآورين من الذهب والتاج المخصوص، ألنه سبحانه وتعالى يتجلى بما شاء آيف شاء، فهو متجل

يتجلى في آل منقول ومعقول ومفهوم وموهوم ومسموع ومشهود، فقدفي الصورة المحسوسة، وهو عينها وباطنها، وقد يتجلى آيف يشاء، فهو

متجل في آل منها، وهو عينها وظاهرها، ويتجلى في الصورة الخيالية وهو عينها وظاهرها، وال يكون في الخيالية إال هذا الظهور بأنه نفسها

. ال يتناهىوعينها المشهود، لكنه سبحانه وتعالى له من وراء ذلك مانوع على صورة المعتقد، ونوع على صورة : وهذا التجلي الخيالي نوعان

.المحسوسات، فافهملكن مطلق التجلي الصوري منشؤه ومحتده العالم المثالي، وهو إذا اشتد

ظهوره شوهد بالعين الشحمية محسوسا، لكنه على الحقيقة عين البصيرة له عينا، آان بصره محل بصيرته في هذا هي المشاهدة، إال أنه لما صار آ

.المشهدأعني مما أعطانا الكشف في الحديث أنه واقع معنى، فكل : وأما المعنوي

من األشياء المذآورة في الحديث عبارة عن معنى إلهي آما عبرنا في

وأما التاج فهو عبارة عن عدم التناهي، وهو المعبر عنه بصورة شاب، ألن الصورة يلزمها التناهي، وهو ال نهاية له، فذآر التاج الذي هو فوق الرأس إشارة إلى ماهية الذات التي ال نهاية لها، فهو سبحانه إذا تجلى

يه المتناهي بال شوهد بما تجلى به، وآل مشهود متناه، لكنه يظهر في تجلنهاية، فهو من حيث تناهيه بال نهاية، وهو من حيث واحديته شيء واحد،

نهاية له، ألن عدم التناهي من إنه ال: والواحد ال آثرة فيه، فال يقالشروط الكثرة، وهو منزه عن الكثرة، وهو من حيث ذاته المتعالية عن

ين في عين وحدته التي ال الحد والحصر واإلدراك ال نهاية له، فجمع الضدتثنية فيها، فانظر إلى هذا األمر العجيب العجاب، وتأمل في هذا الخبر

.المستطاب، لعلك تهدى إلى الصواب، وإليه المرجع والمآب في القدمين والنعلين: الباب الرابع واألربعون

ن اعلم، هدانا اهللا وإياك، وآتاك من الحكمة ما آتانا أن القدمين عبارة عحكمين ذاتيين متضادين، وهما من جملة الذات بل هما عين الذات، وهذان

الحكمان، هما ما ترتبت الذات عليهما آالحدوث والقدم والحقية والخلقية والوجود والعدم والتناهي وعدم التناهي والتشبيه والتنزيه وأمثال ذلك،

لذلك عبر مما هو للذات من حيث عينها ومن حيث حكمها الذي هو لها، ووأما النعالن فالوصفان . عن هذا األمر ألن القدمين من جملة الصورة

.المتضادان آالرحمة والنقمة والغضب والرضا وأمثال ذلكوالفرق بين القدمين والنعلين، أن القدمين عبارة عن المتضادات المخصوصة بالذات، والنعلين عبارة عن المتضادات المتعدية إلى

ي أنها تطلب األثر في المخلوقات، فهي نعلين تحت المخلوقات، يعن القدمين، ألن الصفات العقلية تحت الصفات الذاتية، وآون النعلين من

ذهب هو نفس طلبها لألثر، فهي ذاهبة، أي سارية الحكم في الموجودات، وإذا علمت . فلها الحكم في آل موجود وجد، بأي نوع آان من الموجودات

المراد بالقدمين، ظهر لك سر الحديث النبوي وهو معنى النعلين وعلمتوأنها تفنى حينئذ فينبت . قط قط : أن الجبار يضع قدمه في النار فتقولوسنومىء إلى ذلك في آخر الكتاب . موضعها شجر الجرجير، أو آما قال

في الباب الذي نذآر فيه جهنم، حسبما أمكن من التصريح أو الكناية، .فافهم هذا المعنى

واعلم أن الرب له في آل موجود وجه آامل، وذلك الوجه على صورة روح ذلك الموجود، وروح ذلك الموجود على صورة محسوسة وجسد،

في العرش: الباب الخامس واألربعوناعلم أن العرش على التحقيق مظهر العظمة ومكانة التجلي وخصوصية الذات، ويسمى جسم الحضرة ومكانها، لكنه المكان المنزه عن الجهات

الست وهو المنظر األعلى والمحل األزهى، والشامل لجميع أنواع لجسم للوجود اإلنساني، باعتبار الموجودات، فهو في الوجود المطلق آا

أن العالم الجسماني شامل للعالم الروحاني والخيالي والعقلي إلى غير ذلك، ولهذا عبر بعض الصوفية عنه بأنه الجسم الكلي وفيه نظر، ألن

الجسم الكلي وإن آان شامال لعالم األرواح، فالروح فوقه والنفس الكلي فوق العرش إال الرحمن، وقد عبروا فوقه، وال نعلم أن في الوجود شيئا

عن النفس الكلي بأنها اللوح، فهذا حكم بأن اللوح فوق العرش، وهو إن العرش هو : خالف اإلجماع على أن من قال من أصحابنا الصوفية

الجسم الكلي، ال يخالفنا أنه فوق اللوح، وقد عبر عنه بالنفس الكلي، وال .بة الجسمشك أن مرتبة النفس أعلى من مرت

والذي أعطانا الكشف في العرش مطلقا إذ أنزلناه في حكم العبارة، قلنا بأنه فلك محيط بجميع األفالك المعنوية والصورية سطح ذلك الفلك هي

المكانة الرحمانية، ونفس هوية ذلك الفلك هو مطلق الوجود عينيا آان أو س وهو عالم أسماء حكميا، ولهذا الفلك ظاهر وباطن، فباطنه عالم القد

الحق سبحانه وتعالى وصفاته، وعالم القدس ومجاله هو المعبر عنه بالكثيب الذي يخرج إليه أهل الجنة يوم سوقهم لمشاهدة الحق، وظاهره عالم اإلنس، وهو محل التشبيه والتجسيم والتصوير، ولهذا آان سقف

لفظ أو معنى الجنة، فكل تشبيه وتجسيم وتصوير من آل جسم أو روح أو أو حكم أو عين، فإنه ظاهر هذا الفلك، فمتى قيل لك العرش مطلقا، فاعلم أن المراد به هذا الفلك المذآور، ومتى قيد بشيء من الصفات، فاعلم أن

منه وجود واعلم أن الجسم في الهيكل اإلنساني جامع لجميع ما تضفهو في اإلنسان نظير . اإلنسان من الروح والعقل والقلب وأمثال ذلك

العرش في العالم، فالعرش هيكل العالم وجسده الجامع لجميع متفرقاته، إنه الجسم الكلي، وال اختالف بيننا التحاد : وبهذا االعتبار قال أصحابنا

.المعنى في العبارتين، واهللا أعلم في الكرسي: ربعونالباب السادس واأل

اعلم أن الكرسي عبارة عن تجلي جملة الصفات الفعلية، فهو مظهر االقتدار اإللهي، ومحل نفوذ األمر والنهي، وأول توجه الرقائق الحقية في إبراز الحقائق الخلقية في الكرسي وقدما الحق متدليتان عليه، وذلك ألنه

بهام، ومرآز الضر والنفع محل اإليجاد واإلعدام، ومنشأ التفصيل واإلوالفرق والجمع، فيه ظهور آثار الصفات المتضادة على التفصيل، منه

يبرز األمر اإللهي في الوجود، فهو محل فصل القضاء، والقلم محل التقدير، واللوح المحفوظ محل للتدوين والتسطير، وسيأتي بيانهما في

اآلية : البقرة[} ج ح خ د { :مكانهما إن شاء اهللا تعالى، قال اهللا تعالى255. [

.وسع حكمي، ووسع وجودي عيني: اعلم أن هذا الوسع وسعانفالوسع الحكمي هو ألن السماوات واألرض أثر صفة من صفاته الفعلية، والكرسي هو محل مظهر جميع الصفات الفعلية، فحصل الوسع المعنوي

.فة من الصفات الفعليةفي آل وجه من وجوه الكرسي، إذ آل وجه منه صوأما الوسع الوجودي العيني، فهو ألن الوجود بأسره، أعني الوجود المقيد الخفي محيط بالسماوات واألرض وغيرهما، وهو المعبر عنه

بالكرسي، أعني الوجود المقيد ألننا قد بينا أنه محل نفوذ األمر والنهي، ية، وليس المراد بجميع ومحل الصفات الفعلية، ومظهر االقتدارات اإلله

ذلك إال الوجود المقيد، إذ هو المأمور أعني المنفوذ فيه األمر، وهو المجلى والمظهر، فهو الكرسي الذي دلى الحق عليه قدماه وأوجد فيه

وأعدم وأهلك فيه وأسلم، وأعطى ومنع ورفع ووضع، وأعز وأذل، .سبحانه عز وجل

القلم األعلىفي : الباب السابع واألربعون

اعلم أن القلم األعلى عبارة عن أول تعينات الحق في المظاهر الخلقية على التمييز، وقولي على التمييز هو ألن الخلق له تعين إبهامي أوال في العلم اإللهي، وقد تقدم بيانه، ثم له وجود هو مجمل حكمي في العرش،

ات الخلقية، ثم له ظهور ألنا قد بينا أن العرش أحد وجوهه، هو الموجودتفصيلي في الكرسي آما قد ذآرناه في الباب المتقدم، ثم له ظهور على

التمييز في القلم األعلى، ألن ظهوره في تلك المجالي األول جميعها غيب، ووجوده في القلم وجود عيني مميز عن الحق، وهو أعني القلم األعلى

ظ، آالعقل، فإنه أنموذج أنموذج ينتقش ما يقتضيه في اللوح المحفوينتقش ما يقتضيه في النفس، فالعقل بمكانة القلم، والنفس بمكانة اللوح،

والقضايا الفكرية التي وجدت في النفس بالقانون العقلي، هي بمثابة الصور الوجودية المكتوبة في اللوح المحفوظ، ولهذا قال عليه الصالة

» أول ما خلق اهللا القلم«: ، وقال»أول ما خلق اهللا تعالى العقل«: والسالموالقلم هو العقل األول، وهما وجهان للروح المحمدي، قال عليه الصالة

فصار القلم األعلى والعقل » أول ما خلق اهللا روح نبيك يا جابر«: والسالماألول، والروح المحمدي عبارة عن جوهر فرد، وهو بنسبته إلى الخلق

إلى مطلق الخلق يسمى العقل األول، يسمى القلم األعلى، وبنسبته ، وسيأتي تفصيل )ص(وبإضافته إلى اإلنسان الكامل يسمى روحا محمديا

.الروح والعقل من هذا الكتاب في موضعه إن شاء اهللا تعالى في اللوح المحفوظ: الباب الثامن واألربعون

نفس حوت بالذات علم عالم هي لوحنا المحفوظ يا ابن اآلدمي

وجود جميعها منقوشةصور ال في قابليتها بغير تكاتم

فإذا زآت بإلهها وصفت به من ظلمات الغيم الغيوم القاتم ظهرت لها األشياء فيها عندها

وبدت لها مستخفيات العالم اعلم، هداك اهللا، أن اللوح المحفوظ عبارة عن نور إلهي حقي متجل في

أصليا، فهو أم الهيولى، ألن مشهد خلقي، انطبعت الموجودات فيه انطباعاالهيولى ال تقتضي صورة إال وهي منطبعة في اللوح المحفوظ، فإذا

اقتضت الهيولى صورة ما وجد العالم على حسب ما اقتضته الهيولى من الفور والمهلة، ألن القلم األعلى جرى في اللوح المحفوظ بإيجادها،

حسب المقتضى، ولهذا قالت واقتضتها الهيولى، فال بد من إيجادها على

من باب التوسع، جاريا مجرى قوله : حقا على واهب الصور: وقولهمإن حقا على اهللا أن ال يرفع شيئا من الدنيا إال «: عليه الصالة والسالم

. عن ذلك علوا آبيرا ال من أنه يجب عليه شيء، تعالى اهللا» عهوض .وسيأتي بيان الهيولى في موضعه

ثم اعلم أن النور اإللهي المنطبع فيه الموجودات، هو المعبر عنه بالنفس الكلي، ثم اإلدراك لما آتبه القلم األعلى في ذلك النور المعبر عنه باللوح

ه من وجوه ذلك النور، وذلك الوجه هو المعبر المحفوظ ال يكون إال بوجعنه عندنا بالعقل الكلي، آما أن االنطباع في النور، وهو المعبر عنه

بالقضاء، وهو التفصيل األصلي الذي هو يقتضي الوصف اإللهي، وقد عبرنا عن مجاله بالكرسي، ثم التقدير في اللوح، هو الحكم بإبراز الخلق

حالة المخصوصة في الوقت المفروض، وهذا هو على الصورة المعينة بالالمعبر عن مجاله بالقلم األعلى، وهو في اصطالحنا العقل األول، وسيأتي

.ذآره في محلهقضى الحق تعالى بإيجاد زيد على الهيئة الفالنية في الزمن : مثاله

الفالني، فاألمر الذي اقتضى هذا التقدير في اللوح هو القلم األعلى، وهو مى بالعقل األول، والمحل الذي وجد فيه بيان هذا االقتضاء هو اللوح المس

المحفوظ، وهو المعبر عنه بالنفس الكلي، ثم األمر الذي اقتضى إيجاد هذا الحكم في الوجود، هو مقتضى الصفات اإللهية، وهو المعبر عنه

بالقضاء، ومجاله هو الكرسي، فاعرف ما المراد بالقلم، وما المراد .ح، وما المراد بالقضاء، وما المراد بالقدرباللو

ثم اعلم أن علم اللوح المحفوظ نبذة من علم اهللا تعالى، أجراه اهللا على قانون الحكمة اإللهية، حسب ما اقتضته حقائق الموجودات الخلقية، وهللا

علم وراء ذلك هو حسب ما تقتضيه الحقائق الحقية، برز على نمط د ال تكون مثبتة في اللوح المحفوظ، بل قد تظهر اختراع القدرة في الوجو

فيه عند ظهورها في العالم العيني، وقد ال تظهر فيه بعد ظهورها أيضا، وجميع ما في اللوح المحفوظ هو علم مبتدأ الوجود الحسي إلى يوم

القيامة، وما فيه من علم أهل الجنة والنار شيء على التفصيل، ألن ذلك وأمر القدرة مبهم ال معين، نعم يوجد فيه علمها على من اختراع القدرة،

اإلجمال مطلقا، آالعلم بالنعيم مطلقا لمن جرى له القلم بالسعادة األبدية، ثم لو فصل ذلك النعيم لكان تفصيل ذلك الجنس، وهو أيضا جملة، آما تقول

مقدر ال يمكن : ثم اعلم أن المقتضى به المقدر في اللوح على نوعين .التغيير فيه وال التبديل، ومقدر يمكن التغيير فيه والتبديل

فالذي ال يمكن فيه التغيير والتبديل هي األمور التي اقتضها الصفات .إلى عدم وجودها ي العالم، فال سبيلاإللهية ف

وأما األمور التي يمكن فيها التغيير، فهي األشياء التي اقتضتها قوابل العالم على قانون الحكمة المعتادة، فقد يجريها الحق سبحانه وتعالى على ذلك الترتيب، فيقع المقضي به في اللوح المحفوظ، وقد يجريها على حكم

يقع المقضي به، وال شك أن ما اقتضته قوابل العالم االختراع اإللهي، فالهو نفس مقتضى الصفات اإللهية، ولكن بينهما فرق، أعني بين ما

اقتضته قوابل العالم وبين ما اقتضته الصفات مطلقا، وذلك أن قوابل العالم ولو اقتضت شيئا فإنه من حكمها العجز الستناد أمرها إلى غيرها، فألجل

وقد ال يقع، بخالف األمور التي اقتضتها الصفات اإللهية، فإنها هذا قد يقعواقعة ضرورة االقتضاء اإللهي، وثم وجه ثان، وهو أن قوابل العالم

ممكنة، والممكن يقبل بالشيء وضده، فإذا اقتضت القابلية شيئا ولم يجر لتي القدر إال بوقوع نقيضه، آان ذلك النقيض أيضا من مقتضى القابلية ا

في الممكن، فنقول بإيقاع ما اقتضته قوابل العالم على قانون الحكمة، فإذا وقع ما اقتضته القابلية بعينه، قلنا بوقوعه على القانون الحكمي، وهذا

أمر ذوقي ال يدرآه العقل من حيث نظره الفكري، بل هو آشف إلهي .يمنحه اهللا من يشاء من عبادهغيير فيه وال تبديل، والقضاء المبرم هو الذي فالقضاء المحكم هو الذي ال ت

باهللا إال من القضاء المبرم، ) ص(يمكن فيه التغيير، ولهذا ما استعاذ النبي ه و ى { : ألنه يعلم أنه يمكن أن يحصل فيه التغيير والتبديل، قال اهللا تعالى

لمشار بخالف القضاء المحكم، فإنه ا] 39اآلية : الرعد[} ! ! ؟~ي ژ ] .38اآلية : األحزاب[ } 9 8 7 6 5{ : إليه بقوله

وأصعب ما على المكاشف بهذا العلم معرفة القضاء المبرم من القضاء المحكم، فيتأدب فيما يعلمه محكما، ويشفع فيما يعلمه مبرما، وإعالم الحق

چ؛ : 9 8 7{ : له بالقضاء المبرم هو اإلذن في الشفاعة، قال اهللا تعالى ] .255اآلية : البقرة] { =

هو نور ذات اهللا : ثم اعلم أن النور اإللهي المعبر عنه باللوح المحفوظتعالى ونور ذاته عين ذاته الستحالة التبعيض واالنقسام عليه، فهو حق مطلق، وهو المعبر بالنفس الكلية، فهو خلق مطلق، وإلى هذا اإلشارة

في سدرة المنتهى: ربعونالباب التاسع واألاعلم أن سدرة المنتهى هي نهاية المكانة التي يبلغها المخلوق في سيره

إلى اهللا تعالى، وما بعدها إال المكانة المختصة بالحق تعالى وحده، وليس لمخلوق هناك قدم، وال يمكن البلوغ إلى ما بعد سدرة المنتهى، ألن

طموس ملحق بالعدم المخلوق هناك مسحوق ممحوق ومدموس مالمحض، ال وجود له فيما بعد السدرة، وإلى ذلك اإلشارة في قول جبريل

، ولو حرف » لو تقدمت شبرا الحترقت«): ص(عليه السالم للنبي .امتناع، فالتقدم ممتنع

أنه وجد هناك شجرة سدر لها أوراق آآذان الفيلة ، ) ص(وأخبر النبي خباره عن نفسه بذلك، فيحتمل أن يكون فينبغي اإليمان بذلك مطلقا إل

الحديث مؤوال وهو الذي وجدناه في عروجنا، ويحتمل أن يكون على ظاهره فيكون قد وجد في مجاليه المثالية ومنازله ومناظره اإللهية،

شجرة سدر محسوسة لخياله، مشهودة بعين آماله، ليجتمع له الكشف ر به أنه وجد إياه في المحقق صورة ومعنى، هكذا في جميع ما أخب

معراجه، فإنا نؤمن بما قاله مطلقا ولو وجدنا فيما أعطانا الكشف مقيدا، ألن معراجنا ليس آمعراجه، فنأخذ من حديثه مفهوم ما أعطانا الكشف،

.ونؤمن أن له من وراء ذلك ما ال يبلغه علمنا :والذي أعطانا الكشف في هذا الحديث، هو أن المراد بشجرة السدر

، وآونها لها » من مأل جوفه نبقا مأل اهللا قلبه إيمانا«): ص(قال . اإليمانأوراق آآذان الفيلة ضرب مثل لعظم ذلك اإليمان وقوته، وتدلي آل ورقة

.منها في آل بيت من بيوت الجنة عبارة عن إيمان صاحب ذلك البيترة من واعلم بأنا وجدنا السدرة مقاما فيه ثمان حضرات في آل حض

المناظر العال ما ال يمكن حصرها، تتفاوت تلك المناظر على حسب أذواق .أهل تلك الحضرات

أما المقام فهو ظهور الحق في مظاهره، وذلك عبارة عن تجليه فيما هو .له من الحقائق الحقية والمعاني الخلقية

.حيث باطن العبد يتجلى فيها باسمه الظاهر من: الحضرة األولى .يتجلى فيها باسمه الباطن من حيث ظاهر العبد: الثانيةالحضرة

.يتجلى الحق فيها باسمه اهللا من حيث روح العبد: الحضرة الثالثة

.يتجلى فيها الحق بصفة الرب من حيث نفس العبد: الحضرة الرابعة .هو تجلي المرتبة، وهو ظهور الرحمن في عقل العبد: الحضرة الخامسة .يتجلى الحق فيها من حيث وهم العبد: الحضرة السادسةمعرفة الهوية يتجلى الحق فيها من حيث إنية اسم : الحضرة السابعة

.العبدمعرفة الذات من مطلق العبد يتجلى الحق في هذا المقام : الحضرة الثامنة

وباطنه، باطنا بباطن وظاهرا بظاهر، بكماله في ظاهر الهيكل اإلنسانينية بإنية، وهي أعلى الحضرات وما بعدها إال األحدية، هوية بهوية، وإ

وليس للخلق فيها مجال ألنها من محض الحق، وهي من خواص الذات هو تجل إلهي له : الواجب الوجود، فإذا حصل للكامل شيء من ذلك قلنا

به، ليس لخلقه فيه مجال فال ينسب ذلك إلى الخلق بل هو للحق، ومن هنا لي األحدية للخلق، وقد سبق بيان األحدية فيما مضى، واهللا منع أهل اهللا تج .الموفق للصواب

في روح القدس: الباب الموفي خمسيناعلم أن روح القدس هو روح األرواح، وهو المنزه عن الدخول تحت

حيطة آن، فال يجوز أن يقال فيه إنه مخلوق ألنه وجه خاص من وجوه و روح ال آاألرواح ألنه روح اهللا، وهو الحق قام الوجود بذلك الوجه، فه

: الحجر[} ف ق ك . { : المنفوخ منه في آدم، وإليه اإلشارة بقوله تعالى: فروح آدم مخلوق وروح اهللا ليس بمخلوق، فهو روح القدس] 29اآلية

أي أنه الروح المقدس عن النقائص الكونية، وذلك الروح هو المعبر عنه م ن ه { : قات، وهو المعبر عنه في اآلية بقولهبالوجود اإللهي في المخلو

يعني هذا الروح المقدس الذي أقام اهللا به ] 115اآلية : البقرة[} و ى الوجود الكوني بوجود أينما تولوا بإحساسكم في المحسوسات أو بأفكارآم

في المعقوالت، فإن الروح القدس متعين بكماله فيه، ألنه عبارة عن لقائم بالوجود، فذلك الوجه في آل شيء هو روح اهللا الوجه اإللهي ا

.وروح اهللا الشيء نفسه، فالوجود قائم بنفس اهللا ونفسه ذاتهواعلم أن آل شيء من المحسوسات له روح مخلوق قامت به صورته، فالروح لتلك الصورة آالمعنى للفظ، ثم إن لذلك الروح المخلوق روحا

الروح اإللهي هو روح القدس، فمن نظر إلهيا قام به ذلك الروح، وذلك إلى روح القدس في اإلنسان رآها مخلوقة النتفاء وجود قديمين، فال قدم

إال هللا تعالى وحده، ويلحق بذاته جميع أسمائه وصفاته الستحالة االنفكاك، وما سوى ذلك فمخلوق ومحدث، فاإلنسان مثال له جسد وهو صورته،

الروح، ووجه وهو المعبر عنه بروح وروح وهو معناه، وسر وهو

وبعكسه اإلنسان إذا آان األغلب عليه األمور الروحانية، من دوام الفكر الصحيح وإقالل الطعام والمنام والكالم وترك األمور التي تقتضيها

البشرية، فإن هيكله يكتسب اللطف الروحي، فيخطو على الماء ويطير في اء وال تحجبه الجدران وال يقصيه بعد البلدان، ثم تتمكن روحه من الهو

محلها لعدم الموانع وهي االقتضاءات البشرية فيصير في أعلى مراتب المخلوقات، وذلك هو عالم األرواح المطلقة عن القيود الحاصلة بسبب

} ! ! ژ ؟ـ$ £ ! " { : األجسام، وهي المشار إليها في اآلية بقوله مجاورةثم غلبت عليه األمور اإللهية من شهود ما هللا، وذلك ] 13اآلية : االنفطار[

أسماؤه الحسنى وصفاته العال مع تلك األمور التي تقتضيها البشرية والروحانية صار قدسيا، فإن البشرية تقتضي الشهوات التي يقوم هذا

لتي الجسد بها واألمور التي يعتادها الطبع، والروحية تقتضي األمور ايقوم بها ناموس اإلنسان من الجاه واالستعالء والرفعة ألنها عالية

.المكان، إلى غير ذلكفإذا ترك اإلنسان هذه المقتضيات المذآورة بالروحية أو البشرية وآان

دائم الشهود للسر الذي منه أصله، ظهرت أحكام السر اإللهي فيه، فانتقل ج قدس التنزيه، وآان الحق هيكله وروحه من حضيض البشرية إلى أو

سمعه وبصره ويده ولسانه، فإذا مسح بيده أبرأ األآمه واألبرص، وإذا نطق لسانه بتكوين شيء آان بأمر اهللا تعالى وآان مؤيدا بروح القدس،

} ئ ا ب { : آما قال اهللا في حق عيسى عليه السالم لما آان هذا وصفه .ل الحق وهو يهدي السبيلفافهم، واهللا يقو] 87اآلية : البقرة[

في الملك المسمى بالروح: الباب الحادي والخمسوناعلم أن هذا الملك هو المسمى في اصطالح الصوفية بالحق المخلوق به والحقيقة المحمدية، نظر اهللا تعالى إلى هذا الملك بما نظر به إلى نفسه،

.مفخلقه من نوره وخلق العالم منه، وجعله محل نظره من العال

ومن أسمائه أمر اهللا وهو أشرف الموجودات وأعالها مكانة وأسماها منزلة ليس فوقه ملك، وهو سيد المقربين وأفضل المكرمين، أدار اهللا

عليه رحا الموجودات وجعله قطب فلك المخلوقات، له مع آل شيء خلقه ها اهللا تعالى وجه خاص به يلحقه، وفي المرتبة التي أوجده اهللا تعالى فييحفظه، له ثمانية صور هم حملة العرش، منه خلق المالئكة جميعها

عليها وعنصريها، فنسبة المالئكة إليه نسبة القطرات إلى البحر، ونسبة الثمانية الذين يحملون العرش منه نسبة الثمانية التي قام الوجود

اإلنساني بها من روح اإلنسان، وهي العقل والوهم والفكر والخيال .والمصورة والحافظة والمدرآة والنفس

ولهذا الملك في العالم األفقي والعالم الجبروتي والعالم العلي والعالم الملكوتي هيمنة إلهية خلقها اهللا في هذا الملك وقد ظهر بكماله في الحقيقة

أفضل البشر وبه امتن اهللا تعالى عليه وأمده ) ص(المحمدية، ولهذا آان عع ؟ = ؛ چ : 9{ : لتي أسداها اهللا تعالى إليه، فقال تعالىمن أجل النعم ا

اآلية : الشورى[} ! ! «ژ ء آ أ ؤ إ ئ ا ب ة ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ژ پيعني إنا جعلنا لروحك وجها آامال من وجوه هذا الملك الذي هو ] 52

}؟ ژ ء { : أمرنا، ألن هذا الملك اسمه أمر اهللا، وإليه اإلشارة في قوله .أي وجه من وجوهه] 85اآلية : اإلسراء[

} ؛ چ : { : والنكتة أنه لما أطلق ذآر الروح في سؤالهم عنه بقوله: اإلسراء[} عع ؟ ژ ء = { : أطلق في الجواب فقال] 85اآلية : اإلسراء[

فإنه قال ) ص(أي وجه من وجوه األمر بخالف روح محمد ] 85اآلية وذآره لالهتمام به ونكره ] 52اآلية : رىالشو[} عع = ؛ چ : 9{ : فيه

: ، آما في قوله تعالى)ص(لجاللة ذلك الوجه تنبيها على عظم قدر محمد } :أفاد التنكير عظم ذلك اليوم، ثم قال] 103اآلية : هود[} ف ق ك . { _

أوحينا إليك من أمرنا، ألنه : ولم يقل] 52اآلية : الشورى[} عع = چ ألن الروح هو المقصود من الهيكل اإلنساني، ثم أتى المقصود من الوجود

آل ذلك تأآيدا ] 10اآلية : الكهف[} ش ص { : بنون اإلضافة في قوله ).ص(وتنبيها على عظم قدر محمد

ثم اعلم أنه لما خلق اهللا هذا الملك مرآة لذاته ال يظهر اهللا تعالى بذاته إال ت إنما هو بصفاته، فهو قطب في هذا الملك وظهوره في جميع المخلوقا

العالم الدنيوي واألخروي، وقطب أهل الجنة والنار وأهل الكثيب وأهل األعراف، اقتضت الحقيقة اإللهية في علم اهللا سبحانه أن ال يخلق شيئا إال

ولهذا الملك فيه وجه يدور فلك ذلك المخلوق على وجهه فهو قطبه، ال تعالى إال إلى اإلنسان الكامل، فإذا يتعرف ذلك الملك ألحد من خلق اهللا

راجع إلى المالئكة دونه، فهو مأذون له ] 38اآلية : النبإ[} ه و { : وقوله في الحضرة اإللهية ألنه مظهرها األآمل ومجالها في الكالم مطلقا

األفضل، والمالئكة وإن أذن لهم بالتكلم في الحضرة اإللهية لم يتكلم آل ملك إال آلمة واحدة ليس في طاقته أآثر من ذلك، فال يمكنه البسط في آالم

البتة البتة، فال يتكلم الملك في الحضرة إال آلمة واحدة، فأول من يتلقى األمر من الحق هذا الملك، ثم يوجه إلى غيره من المالئكة، فهم الجند، فإذا أمر بنفوذ أمر في العالم خلق اهللا منه ملكا الئقا بذلك األمر فيرسله الروح،

فيفعل الملك ما أمره الروح به، وجميع المالئكة المقربين مخلوقون منه و فوقهم آالملك المسمى مثل إسرافيل وجبريل وميكائيل وعزرائيل، ومن ه

بالنون، وهو الملك القائم تحت اللوح المحفوظ، آالملك المسمى بالقلم، وسيأتي بيانه في تلو هذا الباب، والملك المسمى بالمدبر وهو الملك القائم

.تحت الكرسي، والملك المسمى بالمفضل وهو القائم تحت اإلمام المبينبالسجود آلدم، حكمة إلهية، فلو وهؤالء هم العالون الذين لم يؤمروا

أمروا بالسجود آلدم لعرفهم آل أحد من ذريته، أال ترى إلى األمالك لما أمروا بالسجود آلدم آيف ظهروا على آل من بني آدم فتتصور لهم في النوم باألمثال اإللهية التي يظهر بها الحق للنائم، فتلك الصور جميعها

ا الملك الموآل بضرب األمثال فتصور بكل مالئكة هللا فتنزل بحكم ما يأمرهصور للنائم، ولهذا يرى النائم أن الجماد يكلمه ولو لم يكن روحا متصورا

إن «: بالصورة الجمادية لم يكن يتكلم، ولهذا قال عليه الصالة والسالمإن الرؤيا «: وذلك أن الملك ينزل بها، وقال» الرؤيا الصادقة وحي من اهللا

.الحديث» من ستة وأربعين جزءا من النبوةالصادقة جزءولما آان إبليس عليه اللعنة من جملة المأمورين بالسجود آلدم ولم

يسجد، أمر الشياطين وهم نتيجته وذريته أن يتصوروا للنائم بما يتصور .به المالئكة، فظهرت الرؤيا الكاذبة

سجود آلدم، والحاصل من هذا الكالم جميعه، أن العالين لم يؤمروا بالولهذا لم يتوصل إلى معرفتهم إال اإللهيون من بني آدم منحة إلهية بعد الخلوص من األحكام اآلدمية وهي المعاني البشرية، أال ترى إلى قوله

آر اإلمام محيي الدين بن العربي هذا المعنى في الفتوحات المكية، وقد ذ .ولكنه لم ينص على أحد أنه من العالين، ثم استدل بهذه اآلية

واعلم أنه ال يصح حمل السؤال من الحق تعالى على االستفهام، فهو من حيث وقع إما بمعنى النفي أو بمعنى اإلثبات أو بمعنى اإليناس أو بمعنى

اآلية : ص[} ى ي { : اش، فهذا السؤال من الحق إلبليس في قولهاإليحبمعنى ] 75اآلية : ص[} {تهديد وإيحاش، وألف االستفهام في ] 75

: وأم في قوله] 12اآلية : األعراف[} {اإلثبات، يعني استكبرت بقولك ذين لم بمعنى النفي، يعني لست من العالين ال] 75اآلية : ص[} {

.يؤمروا بالسجود} ! ! ـ)ص(ن ه و ى ژ { : واالستفهام الذي بمعنى اإليناس والبسط قوله

} ! ! ـ} هللا ـ ژ ي { : ولهذا أجاب موسى بقوله] 17اآلية : طه[عصاي، : لما علم منه أنه يريد منه ذلك، وإال آان الجواب] 18اآلية : طه[

في حضرته، أبرزها اهللا لك في اإلنسان الكامل فهذا أدب أهل اهللا مع اهللا .لتقرأه فتعمل بموجبه فتكتب مع السعداء، فتأدب بها

جال بنا مرآب البيان في بحر التبيان إلى أن أشرف بنا على الساحل، .فلنرجع إلى بحر الحقائق في التعبير عن الملك المسمى بالروح

وهه، يسمى بالقلم األعلى، اعلم أن الروح له أسماء آثيرة على عدد وج، وبالعقل األول، وبالروح اإللهي من تسمية األصل )ص(وبروح محمد

وهو الروح، ولهذا بالفرع، وإال فليس له في الحضرة إال اسم واحدخصصناه في عقد الباب عليه، ولو أخذنا في شرح ما حواه هذا الملك من

.يرةالعجائب والغرائب احتجنا إلى آتب ومجلدات آثولقد اجتمعت به في بعض الحضرات اإللهية فتعرف إلي وسلم علي

فرددت عليه السالم بعد أن آدت أذوب من هيبته وأفنى من حسن بهجته؛ فلما باسطني بالكالم بعد أن حيا ودار بإيناسه آأس الحميا، سألته عن

مكانته ومحتده وحضرته ومستنده وعن أصله وفرعه وعن هيئته ونوعه إن األمر الذي خطبته : عن صفته واسمه وعن حليته ورسمه، فقالو

والسر الذي طلبته عزيز المرام عظيم المقام، ال يصلح إفشاؤه بالتصريح هلم بالتلويح والكناية لعلي : يكاد يفهم بالكناية والتلويح، فقلت له وال

الخمر أنا الولد الذي أبوه ابنه، و: أفهمه إذا سبقت لي به العناية، فقالالذي آرمه دنه، أنا الفرع الذي أنتج أصله، والسهم الذي قوسه نصله،

اجتمعت باألمهات الالتي ولدتني وخطبتها ألنكحها فأنكحتني، فلما سرت

وأما المحتد والمكانة، فاعلم أني آنت عينا مشهودا آان لي في الغيب حكما موجودا، فلما أردت معرفة ذلك الحكم المحتوم ومشاهدته في جانب

ليقظة األمر المحكوم، عبدت اهللا تعالى بذلك االسم آذا وآذا سنة وأنا عن ات ث ج { في سنة، فنبهني الحق سبحانه وتعالى وأقسم باسمه وآلى أنه

اآلية : الشمس[} ! ! خ د ذ ر ژ للهـ{ ] 9اآلية : الشمس[} ! ! ~ح ژ فلما حضرت القسمة وأحرزت ما أعطاني االسم، أعني باسمه، ] 10

زآتني الحقيقة المحمدية بلسان الحضرة الرسولية، فقال عليه الصالة وال ريب في هذا وال آالم، ولم يكن » خلق اهللا آدم على صورته«: السالمو

آدم إال مظهرا من مظاهري أقيم خليفة على ظاهري فعلمت أن الحق جعلني المراد والمقصود من العباد، فإذا بالخطاب األآرم عن المقام

أنت القطب الذي تدور عليه أفالك الجمال، والشمس الذي تمد : األعظمضوئها بدر الكمال، أنت الذي أقمنا له األنموذج وأحكمنا من أجله الدور ب

فتوج المراد بما يكنى عنه بهند وسلمى أو يلوح بأنها عزة وأسما، ما الكل إال أنت ياذا األوصاف السنية والنعوت الزآية، ال يدهشك الجمال وال

طة وهي الدائرة، يرعشك الجالل، وال تستبعد استيعاب الكمال، أنت النق .وأنت الالبس وهي الثياب الفاخرة

أيها السيد الكبير، والعالم الخبير، نسألك بالتأييد : فقلت: قال الروحوالعصمة، أخبرني عن درر الحكمة وبحر الرحمة بأن جعلت صدفها

سوائي وما انعقدت سوى من مائي، ولم وسم طيري باسم غيري وآتم هذا يعلم لحديدته بأسا؟األمر رأسا فلم

اعلم أن الحق تعالى أراد أن تتجلى أسماؤه وصفاته لتعرف الخلق : فقالذاته، فأبرزها في المظاهر المتميزة والبواطن المتحيزة وهي الموجودات

الذاتية المتجلية في المراتب اإللهية، ولو أطلق األمر آفاحا وأطلق لها ضافات والنسب، فإن اإلنسان إذا العبد سراحا، جهلت الرتب، وفقدت اإل

أشهد غيره فقد استوعب خيره وسهل عليه االتباع وأخذ في ذلك ما استطاع، فلهذا أرسل اهللا الرسل الكرام عليهم الصالة والسالم بكتابه

المبين وخطابه المتين، يترجم عن صفاته العليا وأسمائه الحسنى، ليعلم يعرفها غيرها وال إشراك، ولهذا أمرنا أن ذاته لها التعالي عن اإلدراك فال

لتبرز أسراره المودعة في » تخلقوا بأخالق اهللا«: السيد األواه فقالالهياآل اإلنسانية، فيظهر بذلك علو العزة الربانية، ويعلم حق المرتبة

وهذه الجملة قشور العبارات، وقبور اإلشارات، جعلناها عن الوجه نقابا لتحجبه عمن ليس من أهله حجابا، فافهم إن آنت مدرآا خطابا، فالوجود

طن حجب على التي برزت في الظواهر هي األبكار التي استترت في البوا .تلك الوجوه، واستتار هذا األمر المنكوس تحار فيه األفكار

فما زلت أشرب مما سقاني الروح األسمى، وبالري منه ما : قال الراويزلت آما آنت أو أظما، إلى أن طلع شمس االقتدار وأسفر فجر االسم

ن آالنهار، وإذا بالقمري قد غنى علي وآرى، فترجم عن الحال، ثم أنشد ع :الملك المسمى بالروح فقال خود لها في حسنها طلعات

الكل معنى الوصف وهي الذات هي روح أشباح الجمال وإنها

نفي ولكن بعدها اإلثبات هي صورة الحسن التي لوحتها

وآنيت عنها أنها الهندات وهي المعاني الباطنات حقيقة عن حسنكم لكن لها ظهرات آل العوالم تحت مرآز قطبها

هي جمعهم وهمو لها أشتات آنيت بحق إنها لحقيقة

خلق اإلله وأنها الكلمات فقدت قديما ثم أحدثها الذي

يمضي ويفعل ما اقتضته صفات لكنها لما تعين ذاتها

ظهرت بأحكام لها لهجات فغدت وقد لبست ثياب جمالها تزهو بحسن دونه الحسنات

وتقول إن وجودها ال مسبق لها لحقات باالنعدام وال

وأنت تشاهد وصفها بكمالها عينا وحق الذات تحقيقات الباب الثاني والخمسون

ومجد وآرم ) ص(في القلب وأنه محتد إسرافيل عليه السالم من محمد وعظم

القلب عرش الله ذو اإلمكان هو بيته المعمور في اإلنسان فيه ظهور الحق فيه لنفسه من وعليه حقا مستوى الرح

خلق اإلله القلب مرآز سره ومحيط دور الكون واألعيان فهو المعبر عنه في تحقيقهم بالمنظر األعلى ومجلى اآلن والطور فيه مع الكتاب وبحره والرق والسقف الرفيع الشان وهو الذي ضرب اإلله بنوره

مثال به في محكم القرآن بالزيت والمصباح من مشكاته

اللمعان وزجاجة المتكوآب وهو المقلب والمقلب والذي

يعلو فيدنو رفعة وتداني منه الظالم له ومنه نوره

وبه ينير عليه في األآوان وإليه جاء رسوله منه له لينال منه مقامه الرباني ملكا بطاعته وربا بالعال

وبقبحه فحقيقة الشيطان رمز وآل الناس فيه حائر

ما بين ذي ربح وذي خسران ا مخزن األسرار إال درةم

هي بحرها مثال وفي التبيان

بيت له باب عظيم ختمه لكنه للباب مصراعان

يقصيك مصراع إلى أعلى العال وإلى الجحيم فسوف يدني الثاني

والباب إن فضيت يوما ختمه وفتحته من غير ما آسران يهنيك بلغت المنى بكماله

ونزلت ثم بساحة الرحمن آسرته تأتي الحمىلكن إذا

وتقيم فيه مكانة السلطان هذا مثال القلب فاعلم سره

ولسوف أظهره على آتمان والبيت سر القلب أما بابه

فاسم اإلله ووصفه السبحاني والختم فهو الذات قدس ذاته والفض علم الحق باإليمان والفتح فهو شهود عين يقينه

فيما حويت بمقلة وعيان سباب منه تحققوبلوغك األ

بجوارح دانت لها الثقالن ثم التهني بالتعالي إنه

هو ساحة الرحمن في اإلنسان والكنز فاعلم علم ذلك درآه

بعد الوجود لنكتة الديان حتى إذا لم تحترم مقداره

سقط العزيز وذاك ذل هوان من لم يعظم مشعر التحقيق لم يخلص من التكوين بين آيان

لحمى هو ذاتهفوصول سرك ل لكن بال حسن وال إحسان ولقد يرجى للذي هو هكذا من نفخة تأتي بريح البان

هذا ومصراعاه واحده الرضا

وهو الذي يفضي إلى رضوان واآلخر الغضب الشديد ووسعه

وهو المجال الرحب للطغيان فعالمة المرضي طاعة ربه

وعالمة المغضوب في العصيان ما يشاوعالمة المهني يفعل

وعالمة المكسور في العرفان هذي العروسة زفها لك خاطري

في القلب فوق منصة العيدان فانظر إلى الحسناء فيك بعينها

تجلى عليك لديك آل معان اعلم، وفقك اهللا، أن القلب هو النور األزلي والسر العلي المنزل في عين

بر عنه في الكتاب بروح اهللا األآوان لينظر اهللا تعالى به إلى اإلنسان، وع ] .29اآلية : الحجر[} ف ق ك . { : المنفوخ في روح آدم حيث قال

أنه لبابة المخلوقات وزبدة : ويسمى هذا النور بالقلب، لمعان، منهاالموجودات جميعها أعاليها وأدانيها، فسمي بهذا االسم ألن قلب الشيء

.خالصته وزبدته وذلك ألنه نقطة يدور عليها محيط األسماء أنه سريع التقلب: ومنها

والصفات، فإذا قابلت اسما أو صفة بشرط المواجهة انطبعت بحكم ذلك وقولي بشرط المواجهة تقييد ألن القلب في نفسه ال يزال . االسم والصفة

مقابال بالذات لجميع أسماء اهللا تعالى وصفاته، لكن يقابله في التوجه القلب متوجها لقبول أثر ذلك الشيء في نفسه شيء ثان، وهو أن يكون

فينطبع فيه، فيكون الحكم عليه لذلك االسم، ولو آانت األسماء جميعها تحكم عليه فإنها تكون في ذلك الوقت مستترة الحكم تحت سلطان االسم أو

األسماء الحاآمة، فيكون الوقت وقت ذلك االسم فيتصرف في القلب بما .يقتضيه

وجه القلب يكون دائما إلى نور في الفؤاد يسمى الهم، هو محل ثم اعلم أن نظر القلب ووجهة توجهه إليه، فإذا حاذاه االسم أو الصفة من جهة

محاذاة الهم نظره القلب فانطبع بحكمه ثم يزول فيعقبه اسم آخر، إما من جنسه أو من جنس غيره، فيجري معه ما جرى له مع االسم األول وهكذا

.وأما ما آان من قفا القلب فإنه ال ينطبع به. وامعلى الد

ثم اعلم أن القلب ما له قفا ينص عليه بل آله وجه لكن موضع الهم منه يسمى وجها، وموضع الفراغ منه يسمى قفا، وهذه الدائرة فيها آيفية ما

.ذآرناه فافهم

\object="og11"

صوصة، بل يكون تارة إلى واعلم أن الهم ال يكون له من القلب جهة مخفوق وقد يكون تارة إلى تحت وعن اليمين وعن الشمال على قدر صاحب

ومنهم . ذلك القلب، فإن من الناس من يكون همه أبدا إلى فوق آالعارفينومنهم من يكون همه أبدا . من يكون همه أبدا إلى تحت آبعض أهل الدنيا

يكون همه أبدا إلى الشمال وهو ومن الناس من. إلى اليمين آبعض العبادموضع النفس، فإن محلها في الضلع األيسر وأآثر البطالين ال يكون لهم

.هم إال نفسهوأما المحققون فال هم لهم، فليس لقلوبهم موضع يسمى قفا، بل يقابلون

بالكلية آلية األسماء والصفات فليس يختص وقتهم باسم دون اسم غيره، .هم مع الحق بالذات ال باألسماء والصفات فافهمألنهم ذاتيون ف

أي من المعاني التي تسمى القلب من أجلها قلبا، فهو باعتبار أن : ومنهااألسماء والصفات له آالقلوب ليفرغ نوره فيها وانصبابه إليها فلذلك

قلبت الفضة في القالب قلبا، وهو من : التفريغ قد يسمى قلبا من قولهم .سما للمفعولوضع المصدر ا

.أنه مقلوب المحدثات بمعنى عكسها يعني نوره قديم إلهي: ومنهاأنه الذي ينقلب إلى المحل األصلي اإللهي الذي بدأ منه، قال اهللا : ومنهاأي انقالب إلى الحق، فهو ] 37اآلية : ق[} ق ك ل م ن ه و ى { : تعالى

لعدوة القصوى صرف وجه الهمة من العدوة الدنيا وهي الظواهر إلى ا .وهي الحقائق وبواطن األمور

أنه آان خلقا فانقلب حقا، يعني آان مشهده خلقيا فصار مشهده : ومنهاحقيا، وإال فالخلق ال يصير حقا ألن الحق حق والخلق خلق، والحقائق ال

} م ن { : تتبدل، ولكن من آان أصله من شيء رجع إليه، قال تعالى ] .21 اآلية: العنكبوت[

أنه يعني القلب يقلب األمور آيف يشاء، فإن القلب إذا آان على : ومنهافطرته التي خلقه اهللا عليها تقلبت له األمور حسب ما يحبه ويتصرف في الوجود آيفما شاء، والفطرة التي خلقه اهللا عليها هي األسماء والصفات،

لكنه لما نزل مع ] 4 اآلية: التين[} ! ! »عع ؟ ژ ء آ أ ژ { : وهي قولهالطبيعة إلى حكم العبادة وانتوال الشهوات، وآان هذا غالب حكم البشر، ألنه آالثوب األبيض ينطبع فيه أول ما يقع عليه، وأول ما يعقله الطفل

أحوال الظاهر من أهل الدنيا فينطبع فيه تشتتهم وتفرقهم وانحطاطهم إلى } ! ! «ؤ إ ئ ا ژ { : له تعالىالعوائد والطبائع، فيصير مثلهم وهو قو

فإن آان من أهل السعادات اإللهية وعقل بعد ذلك عن ] 5اآلية : التين[الحق تعالى األمور التي تقتضيه إلى المكانة الزلفى والمراتب العليا، فإنه يتزآى يعني يتطهر مما تدنس به من اآتسابه البشريات، فهو بمنزلة من

على قدر تمكن الطبائع من قلبه تكون التزآية، يغسل ثوبه مما طبع فيه، وفإن آان ممن ال تتمكن فيه البشريات واألمور العاديات آل التمكن، فإنه يتزآى بأقل القليل فهو بمنزلة من لم يتمكن لون النقش في ثوبه فغسله

بالماء فعاد إلى أصله، واآلخر الذي تمكنت منه الطبائع والعاديات بمنزلة لنقش في ثوبه وتمكن منه فال ينقيه إال الطبخ بالنار والجص، من استولى ا

وهو السلوك الشديد وقوة المجاهدات والمخالفات، فهذا على قدر قوة سلوآه في الطريق ودوام مخالفته يكون تزآيته وصفاؤه وضعفه على قدر

4 3 2 1 0{ : ضعف عزائمه في ذلك، وهؤالء الذين استثناهم الحق فقاليعني بما أودعناهم من األسرار اإللهية التي ] 227اآلية : عراءالش[}

نبهناهم عليها في آتبنا المنزلة على رسلنا، وذلك حقيقة إيمانهم بنا وبالرسل، وهو وقوعهم على نكتة التوحيد فآمنوا وعملوا ما يصلح

للحضور مع اهللا تعالى من األعمال القالبية بأحسن العقائد ودوام المراقبةوأمثالها، ومن األعمال القلبية آالفرائض والسلوك وعدم المخالفة، فهذا

يعني أنهم نالوا ما هو لهم ] 6اآلية : التين[} ث ج ح خ د ذ { : معنى قولهفليس ذلك بموهوب حتى يكون ممنونا بل ظفروا بما اقتضته حقائقهم التي

باستحقاق جعلناه خلقناهم عليها من أصل الفطرة، فكل ما نالوه إنما هو لهم، ولو آان الكل من خزائن الجود فإن التجليات الذاتية ال تسمى موهبة،

وإلى هذا المعنى أشار شيخنا الشيخ عبد . بل هي أمور استحقاقية إلهية :القادر الجيالني رضي اهللا عنه في قوله

ما زلت أرتع في ميادين الرضا حتى بلغت مكانة ال توهب

لحقائق الوجود آالمرآة للوجه فهو عكسه، يعني أنه لما أن القلب : ومنهاآان العالم سريع التغير في آل نفس انطبع عكسه في القلب، فهو آذلك

سريع التغير، وما سمي ذلك االنطباع عكسا وقلبا إال ألن المرآة إذا قابلتها ن بشيء إنما ينطبع فيه عكسه ال عينه، فإن آانت الكتابة مثال من اليميإلى الشمال انطبع فيه من الشمال إلى اليمين، حتى لو قابلت المرآة

بصورة إنما تقابل يمين الصورة بشمال المرآة، هذا ال يختلف أبدا، فلهذا .سمي القلب قلبا

وعندي أن العالم إنما هو مرآة القلب، فاألصل والصورة هو القلب، صح فيه أيضا اسم القلب والفرع والمرآة هو العالم، وعلى هذا التقدير ي .أي عكسه، فافهم: ألن آل واحد من الصورة والمرآة قلب الثاني

في الحديث [ودليلنا في أن القلب هو األصل والعالم هو الفرع قوله تعالى . » ما وسعني أرضي وال سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن«]: القدسي

لب، فعلم أن القلب هو ولو آان العالم هو األصل لكان أولى بالوسع من الق .األصل وأن العالم هو الفرع

:ثم اعلم أن هذا الوسع على ثالثة أنواع آلها سائغة في القلبوهو وسع العلم، وذلك هو المعرفة باهللا، فال شيء في : النوع األول

الوجود يعقل آثار الحق ويعرف ما يستحقه آما ينبغي إال القلب، ألن آل به من وجه دون وجه، وليس لشيء غير القلب شيء سواه إنما يعرف ر

.أن يعرف اهللا من آل الوجوه، فهذا وسعهو وسع المشاهدة، وذلك هو الكشف الذي يطلع القلب به : والنوع الثاني

على محاسن جمال اهللا تعالى، فيذوق لذة أسمائه وصفاته بعد أن يشهدها، قلب، فإنه إذا تعقل مثال فال شيء من المخلوقات يذوق ما هللا تعالى إال ال

علم اهللا بالموجودات وسار في فلك هذه الصفة ذاق لذاتها، وعلم بمكانة هذه الصفة من اهللا تعالى، ثم القدرة آذلك، ثم في جميع أوصاف اهللا تعالى وأسمائه فإنه يتسع لذلك ويذوقه آما يذوق مثال معرفة غيره وقدرة غيره

.ن وهو للعارفينلسيره في أفالآها، وهذا وسع ثاوسع الخالفة وهو التحقق بأسمائه وصفاته حتى أنه يرى :النوع الثالث

ذاته ذاته، فتكون هوية الحق عين هوية العبد، وإنيته عين إنيته، واسمه اسمه، وصفته صفته، وذاته ذاته، فيتصرف في الوجود تصرف الخليفة

.في ملك المستخلف وهذا وسع المحققين آيفية هذا التحقق وأين محل آل اسم منه من العارفين وهنا نكات في

أضربنا عنها، واآتفينا بهذا القدر من التنبيه عليها لئال يفضي ذلك إلى .إفشاء سر الربوبية، وهذا الوسع، قد يسمى وسع االستيفاء

اعلم، وفقنا اهللا وإياك، أن الحق تعالى ال يمكن درآه على الحيطة القديم فألن ذاته ال تدخل تحت لقديم وال لحديث، أماواالستيفاء أبدا ال

صفة من صفاته وهي العلم فال يحيط بها وإال لزم منه وجود الكل في الجزء، تعالى اهللا عن الكل والجزء، فال يستوفيها العلم من آل الوجوه، بل إنه سبحانه وتعالى ال يجهل نفسه، لكن يعرفها حق المعرفة، وال يقال إن

خل تحت حيطة صفة العلمية وال تحت صفة القدرة تعالى اهللا، ذاته تدوآذلك المخلوق فإنه باألولى لكن هذا الوسع الكمالي الذي قلنا إنه الوسع االستيفائي إنما هو استيفاء آمال ما عليه المخلوق من الحق ال آمال ما

ووسعني قلب «: هو الحق عليه، فإن ذلك ال نهاية له، فهذا معنى قوله .» دي المؤمنعب

، آان المحل )ص(ولما خلق اهللا تعالى العالم جميعه من نور محمد ، آما سيجيء بيان خلق جميع )ص(المخلوق منه إسرافيل قلب محمد

المالئكة وغيرهم آل من محل منه، فلهذا لما آان إسرافيل عليه السالم لقوة، مخلوقا من هذا النور القلبي، آان له في الملكوت هذا التوسع وا

حتى أنه يحيي جميع العالم بنفخة واحدة بعد أن يميتهم بنفخة واحدة، للقوة اإللهية التي خلقها اهللا تعالى في ذات إسرافيل، ألنه محتده القلب

والقلب قد وسع اهللا تعالى لما فيه من القوة الذاتية اإللهية، فكان إسرافيل عني العنصريين من عليه السالم أقوى المالئكة وأقربهم من الحق، أ

.المالئكة، فافهم ذلك، واهللا تعالى أعلم الباب الثالث والخمسون

)ص(في العقل األول وأنه محتد جبريل عليه السالم من محمد

اعلم، وفقنا اهللا وإياك ودلك على نفسك وإلى التحقيق به هداك، أن العقل قلم األعلى ثم ينزل األول هو محل الشكل العلمي اإللهي في الوجود، ألنه ال

منه العلم إلى اللوح المحفوظ، فهو إجمال اللوح واللوح تفصيله، بل هو تفصيل علم اإلجمال اإللهي واللوح هو محل تعينه وتنزله، ثم في العقل

األول من األسرار اإللهية ما ال يسعه اللوح، آما أن في العلم اإللهي ما ال اإللهي هو أم الكتاب، والعقل األول هو يكون العقل األول محال له، فالعلم

اإلمام المبين، واللوح هو الكتاب المبين، فاللوح مأموم بالقلم تابع له، والقلم الذي هو العقل األول حاآم على اللوح مفصل للقضايا المجملة في

دواة العلم اإللهي المعبر عنها بالنون، والفرق بين العقل األول والعقل اش، أن الفعل األول هو نور علم إلهي ظهر في أول الكلي وعقل المع

تنزالته التعيينية الخلقية، وإن شئت قلت أول تفصيل اإلجمال اإللهي،

أي المدرآة النورية التي ظهر بها : وبالجملة، فالعقل الكلي هو العاقلةصور العلوم المودعة في العقل األول، ال آما يقول من ليس له معرفة

بهذه األمور، ألن العقل الكلي عبارة عن شمول أفراد الجنس للعقل من آل ن العقل ال تعدد له، إذ هو جوهر فرد، وهو في ذي عاقلة وهذا منقوض، أل

المثل آالعنصر لألرواح اإلنسانية والملكية والجنية، ال لألرواح البهيمية، ثم إن العقل المعاش هو النور الموزون بالقانون الفكري، فهو ال يدرك إال

بآلة الفكر ثم إدراآه بوجه من وجوه العقل الكلي فقط ال طريق له إلى األول، ألن العقل األول منزه عن القيد بالقياس وعن الحصر العقل

بالقسطاط، بل هو محل صدور الوحي القدسي إلى مرآز الروح النفسي، والعقل الكلي هو الميزان العدل لألمر الفصلي، وهو منزه عن الحصر

بقانون دون غيره، بل وزنه لألشياء على آل معيار، وليس لعقل المعاش احد وهو الفكر، وليست له إال آفة واحدة وهي العادة، وليس له إال معيار و

إال طرف واحد وهو المعلوم، وليس له إال شوآة واحدة وهي الطبيعة، وله . إحداهما الحكمة، والثانية القدرة: بخالف العقل الكلي، فإن له آفتين

وله .القوابل الطبيعية: أحدهما االقتضاءات اإللهية، والثاني: طرفانوله معاير . المقتضيات الخلقية: إحداهما اإلرادة اإللهية، والثانية: شوآتانومن جملة معايره أن ال معيار ولهذا آان العقل الكلي هو القسطاط . شتى

المستقيم، ألنه ال يحيف وال يظلم، على آفة واحدة وال يفوته شيء، رف واحد، بخالف عقل المعاش فإنه قد يحيف ويفوته أشياء آثيرة وط

فقياس عقل المعاش ال على التصحيح، بل على سبيل الخرص، وقد قال وهم الذين يزنون األمور ] 10اآلية : الذاريات[} ! ! ژ للهـ{: اهللا تعالى

اإللهية بعقولهم فيبخسون، ألنهم ال ميزان لهم وإنما هم خراصون، لشمس، ونسبة والخرص بمعنى الفرض، فنسبة العقل األول مثال نسبة ا

العقل الكلي نسبة الماء الذي وقع فيه نور الشمس، ونسبة عقل المعاش نسبة شعاع ذلك الماء إذا وقع على جدار، فالنظر مثال في الماء يأخذه

هيئة الشمس على صحة، ويأخذ نوره على جلية، آما لو رأى الشمس ال رأسه إلى العلو، يكاد يظهر الفرق بينهما، إال أن الناظر إلى الشمس يرفع

والناظر إلى الماء ينكس رأسه إلى أسفل، فكذلك العقل الكلي ينكس بنور قلبه إلى محل الكتاب، فيأخذ منه العلوم المتعلقة باألآوان، وهو الحد الذي

أودعه اهللا تعالى في اللوح المحفوظ، بخالف العقل األول فإنه يتلقى عن

واعلم أن العقل الكلي قد يستدرج به أهل الشقاوة فيفتح به عليهم في مجال أهويتهم ال في غيرها، فيظفرون على أسرار القدرة من تحت سجف

ن إلى عبادة هذه األآوان، واألفالك والنور والضياء، وأمثال ذلك، فيذهبوأن اهللا سبحانه يتجلى في لباس : والنكتة فيه. األشياء، وذلك بمكر اهللا بهم

هذه األشياء التي يعبدونها، فيدرآها هؤالء بالعقل الكلي فيقولون بأنها هي الفاعلة، ألن العقل الكلي ال يتعدى الكون فال يعرفون اهللا به، ألن العقل ال

مان، وإال فال يمكن أن يعرفه العقل من نظره يعرف اهللا إال بنور اإليوقيامه، سواء آان عقل معاش أو عقال آليا، على أنه قد ذهب أئمتنا إلى

أن العقل من أسباب المعرفة، وهذا من طريق التوسع إلقامة الحجة، وهو .مذهبنا

إن هذه المعرفة المستفادة بالعقل منحصرة مقيدة بالدالئل : غير أني أقولار، بخالف معرفة اإليمان فإنها مطلقة، فمعرفة اإليمان متعلقة واآلث

باألسماء والصفات، ومعرفة العقل متعلقة باآلثار، فهي ولو آانت معرفة لكنها ليست عندنا بالمعرفة المطلوبة ألهل اهللا تعالى، ثم نسبة عقل

من المعاش إلى العقل الكلي نسبة الناظر إلى الشعاع، وال يكون الشعاع إالجهة واحدة، فهو ال يتطرق إلى هيئة الشمس وال يعرف صورته، وال يعلم النور المتشكل في الماء ال طوله وال عرضه، بل يخرص بالفرض والتقدير

فتارة يقول بطوله لما يزعم أنه دليل على الطول، وتارة يقول بعرضه يضيء آذلك، فهو على غير تحقيق من األمر، وآذلك عقل المعاش فإنه الإال من جهة واحدة، وهي وجهة النظر والدليل بالقياس في الفكر، بأن : فصاحبها إذا أخذ في معرفة اهللا به فإنه ال يخطىء، ولهذا متى قلنا

أنه يعرف بالعقل : اهللا ال يدرك بالعقل أردنا به عقل المعاش، ومتى قلنا} ! ! هللا ـ پ ؟ ژ ــ! !هـ ژ لل{: أردنا به العقل األول، فلهذا قال اهللا تعالى

وإنما قتلوا لقطعهم بما خرصوه وحكمهم على ] 10،11اآليتان : الذاريات[األمر بأنه على ذلك فهلكوا، ألنهم قطعوا بما يهلكهم ويطمس على أنوارهم

فقتلوا، وهم القاتلون ألنفسهم إذ خرصوا عليها بانتفاء بدنها وقطعوا اتهم، ثم عاندوا المخبر الصادق الذي يجرهم عليها أن ال حياة لها بعد مم

ثم اعلم أن العقل األول والقلم األعلى نور واحد فنسبته إلى العبد يسمى األعلى، ثم إن العقل األول العقل األول، ونسبته إلى الحق يسمى القلم

خلق اهللا جبريل عليه السالم منه في األزل، ) ص(المنسوب إلى محمد أبا لجبريل وأصال لجميع العالم، فاعلم إن آنت ممن يعلم ) ص(فكان محمد

فديت من يعقل فديت من يفهم، ولهذا وقف عنه جبريل في إسرائه وتقدم ألنه خزانة علم اهللا وأمينه، وحده، وسمي العقل األول بالروح األمين

.ويسمى بهذا االسم جبريل من تسمية الفرع باسم أصله فافهم واهللا أعلم الباب الرابع والخمسون

)ص(في الوهم وأنه محتد عزرائيل عليه السالم من محمد :وفيه قال رحمه اهللا

نور على الملكوت فوق األطلس بالوهم عبر عنه بين األنفس

أعني صورةهو آية الرحمن فيها تجلى بالجمال األآيس هو قهره هو علمه هو حكمه هو ذاته هو آل شيء أرأس هو فعله هو وصفه هو اسمه

هو منه مجلى آل حسن أنفس هو نقطة الخال الذي قد عبروا

بيمينه عنه لمن لم يخنس هو قشره ويمينها القسم الذي

ستر على الحوراء مثل السندس فما هي دهشةفاختر وال تحتر

لكنها مثل الظالم الحندس من نور اسمه الكامل، وخلق اهللا عزرائيل من ) ص(خلق اهللا وهم محمد

من نوره الكامل ) ص(، فلما خلق اهللا وهم محمد )ص(نور وهم محمد أظهره بالوجود بلباس القهر، فأقوى مقهور بوهمه شيء يوجد في

قل والفكر، والمصورة والمدرآة وآل اإلنسان القوة الوهمية فإنها تقلب العقوى فيه فإنه مقهور بوهمه، وأقوى المالئكة عزرائيل ألنه خلق منه،

ولهذا حين أمر اهللا تعالى المالئكة أن تقبض من األرض قبضة ليخلق منها آدم عليه السالم لم يقدر أحد أن يقبض منها إال عزرائيل، ألنه لما نزل لها

واعلم أن الروح في األصل بدخولها في الجسد وحلولها فيه ال تفارق مكانها ومحلها، ولكن تكون في محلها وهي ناظرة إلى الجسد، وعادة

تحله من غير األرواح أنها تحل موضع نظرها، فأي محل وقع فيه نظرهاف إال بالكشف، مفارقة لمرآزها األصلي، وهذا أمر مستحيل العقل وال يعر

ثم إنه لما نظرت إلى الجسم نظر االتحاد وحلت فيه حلول الشيء في هويته، اآتسبت التصوير الجسماني بهذا الحلول في أول وهلة، ثم ال تزال

تكتسب منه إما األخالق المرضية اإللهية فتصعد وتسمو به في عليين، ك األخالق إلى سجين، وإما األخالق البهيمية الحيوانية األرضية فتهبط بتل

وصعودها هو تمكنها من العالم الملكوتي حال تصويرها بهذه الصورة اإلنسانية، ألن هذه الصورة تكسب األرواح ثقلها وحكمها، فإذا تصور الروح بصورة جسده اآتسب حكمه من الثقل والحصر والعجز وأمثال

قة انفصال ذلك، فيفارق الروح ما آان له من الخفة والسريان ال مفارولكن مفارقة اتصال، ألنها تكون متصفة بجميع صفاتها األصلية ولكنها

غير متمكنة من إتيان األمور الفعلية فتكون أوصافها فيها بالقوة ال .إنها مفارقة اتصال ال مفارقة انفصال: بالفعل، فلهذا قلنا

رفع فإذا آان صاحب الجسم يستعمل األخالق الملكية فإن روحه تتقوى وتحكم الثقل عن نفسها، وال يزال آذلك إلى أن يصير الجسد في نفسه

آالروح، فيمشي على الماء ويطير في الهواء، وقد مضى ذآر هذا فيما تقدم من الكتاب، وإن آان صاحب الجسم يستعمل األخالق البشرية

ثم إنها لما تعشقت بالجسم وتعشق بها الجسم آانت ناظرة إليه ما دام معتدال في صحة فإذا سقم وحصل فيها األلم بسببه أخذت في رفع نظرها

ولو آانت تكره . عنه إلى عالمها الروحي، فإن تفريحها هو في ذلك العالمترفعه من العالم الجسدي رفعا ما إلى مفارقة الجسد، فإنها تأخذ نظرها ف

العالم الروحي، آمن يهرب من ضيق إلى سعة، ولو آان له في المحل الذي يضيق فيه من سجنه سعة فال يجد بدا من الفرار، ثم ال يزال الروح آذلك إلى أن يصل األجل المحتوم وتفرغ مدة العمر المعلوم، فيأتيها هذا

صورة مناسبة لحالها عند اهللا، فحسن حالها الملك المسمى بعزرائيل على عند اهللا على قدر حسن تصرفها مدة الحياة في االعتقادات واألعمال

واألخالق وغيرها، وعلى قدر قبح ذلك يكون قبح حالها عند اهللا، فيأتيها الملك مناسبا لحالها، فيأتي مثال إلى الظالم من عمال الديوان على صفة

لى صفة رسل الملك لكن في هيئة بشعة مستنكرة، آما من ينتقم منه أو عأنه يأتي إلى أهل الصالح والتقوى في هيئة أحب الناس إليه وأشهاهم له

، فإذا شهدوا تلك الصورة خرجت )ص(حتى يتصور لهم بصورة النبي أرواحهم، وتصوره بصورة النبي مباح له وألمثاله من المالئكة المقربين

قوى روحانية آمن خلق من قلبه، ومن خلق من ألنهم مخلوقون من عقله، ومن خلق من خياله وغير ذلك فافهم، فإنه ممكن لهم ألنهم

مخلوقون منه، فيتصورون بصورته للمناسبة، وتصورهم بصورته هو إال ) ص(من باب تصور روح الشخص بجسده، فما تصور بصورة محمد

مخلوقين من بشريته، فإنه روحه، بخالف إبليس عليه اللعنة وأتباعه الإن الملك أتاه وشق «: ما تنبأ إال وما فيه شيء من البشرية للحديث) ص(

فالدم هو النفس البشرية وهي محل » قلبه فأخرج منه دما فطهر قلبهالشيطان، فانقطعت نسبة الشيطان منه فلذلك ال يقدر أحد منهم أن يتمثل

.بصورته لعدم المناسبةعزرائيل ال يختص بصورة ألهل طاعة وال ألهل ظلمة ثم إن الملك

ومعصية بنوع، بل يتنوع لكل على حسب حاله ومقامه وما تقتضيه طبيعة آل ذلك على حسب ما يجده مسطرا في الكتاب، فقد يأتي إلى الوحوش الفرائس منهن على هيئة األسد والنمر أو الذئب وغير ذلك مما تعتاد

وآذلك الطيور فقد يأتيها على صورة الصياد الفرائس أن يهلكن منه،والذابح أو على صورة البازي والصقر، وآل شيء يأتي إليه فإنه ال بد له

من مناسبة إال من يأتيه على غير صورة مرآبة، بل في بسيطة غير

الشخص من رائحة سمها، فقد تكون رائحة طيبة وقد تكون ما عليه، وقد ال يدرك رائحة بل يمر عليه ما آريهة على قدر ما يجده محتو

ال يدرآه ذلك لدهشة حال الميت، فإذا نظره تعشق به فانجذب نظره من جسده بالكلية فانقطع وقيل خرجت روحه، وال خروج وال دخول اللهم إال

أن يعد نظره الذي يحل به دخوال إذ ال يصح الحلول إال بالدخول، فكذلك يعد النظر خروجها، ثم إن الروح بعد خروجها من الجسد ال يفارق ارتفاع

الصورة الجسدية أبدا، لكن يكون لها زمان تكون فيه ساآنة مثل النائم إن آل نائم ال بد : الذي ينام وال يرى في نومه شيئا، وال يقتدى بمن يقول

.له أن يرى شيئا، فمن الناس من يحفظه ومن الناس من ينساهالقول نظر، ألنا قد أدرآنا بالكشف اإللهي أن النائم قد ينام اليوم وفي هذا

واليومين وأآثر، وال يرى في منامه شيئا فهو في ذلك النوم آمن يطوي له الحق مدة من الزمان في طرفة عين فيكون آمن غمض عينه ثم فتحها، ما وطوى له الحق في تلك المدة اليسيرة أياما آثيرة عاش فيها غيره، آ

أن الحق قد يبسط اآلن الواحد للشخص حتى يكون له فيه أعمال آثيرة وأعمار ويتزوج ويولد له، ولم يكن ذلك عند غيره، بل عند جميع أهل

الدنيا إال في أقل من ساعة من نهار، هذا أمر وقعنا فيه وأدرآناه وال يؤمن اح، أال ترى به إال من له نصيب منا، وهذا السكون األول هو موت األرو

عن موتهم بانقطاع الذآر، فمن آشف له عن ) ص(إلى المالئكة آيف عبر ، ثم إذا فرغت مدة هذا السكون الذي )ص(ذلك عرف ما أشار إليه النبي

يسمى موت األرواح تصير الروح في البرزخ، وسيأتي بيان البرزخ في .محله إن شاء اهللا تعالى

حتى جاوز العلم، ولنرجع إلى ما آنا سار بنا جواد القلم في بيان العلمبسبيله من شرح حال النور الوهمي الذي خلقه اهللا من شمس الكمال،

.وألبسه في الوجود شعاع الجاللاعلم أن اهللا تعالى جعله مرآة لنفسه ومجلى قدسه، ليس في العالم شيء أسرع إدراآا منه وال أقوى هيمنة، له التشرف في جميع الموجودات، بهتعبد اهللا العالم، وبنوره نظر اهللا إلى آدم، به مشى من مشى على الماء، وبه طار من طار في الهواء، هو نور اليقين وأصل االستيالء والتمكين،

من سخر له هذا النور وحكم عليه تصرف به في الوجود العلوي والسفلي، ومن حكم عليه سلطان الوهم لعب به في أموره، فتاه في ظالم

.حيرة بنورهالواعلم حفظ اهللا عليك اإليمان وجعلك من أهل اليقين واإلحسان أن اهللا لما

أقسمت أن ال أتجلى ألهل التقليد إال فيك وال أظهر : خلق الوهم قال له

الباب الخامس والخمسون )ص(في الهمة وأنها محتد ميكائيل من محمد

:تعالىفيها قال رحمه اهللا لنا في ذرى العليا جواد مقدس به نرتقي نحو المعالي الرفيعة يسمى براق العارفين إلى العال

عليه صعود الروح نحو الحقيقة له من ضياء الحق عينان آحال فبالسحر أولى ثم أخرى بقدرة جناحاه إحداهن للسعد طائر

وأخرى إلى بعد الشقاوة جرت وال عجب في أنه آل ما يرى

من الصعب يلقاه بأحسن صنعة وما دققت عيناه فيه فإنه

له موقع الحافر درآا بخطوة أال إنه نور من الله منزل

في اسم همة تستر لإلنسان

اعلم، وفقنا اهللا وإياك، ودلك عليك وهداك، أن الهمة أعز شيء وضعه اهللا ا بين يديه، فرأى آال في اإلنسان، وذلك أن اهللا تعالى لما خلق األنوار وقفه

وعزتي وجاللي : منها مشتغال بنفسه، ورأى الهمة مشتغلة باهللا، فقال لهاومن . ألجعلنك أرفع األنوار وال يحظى بك من خلقي إال األشراف األبرار

أراد الوصول إلي فال يدخل إال بدستورك علي، أنت معارج المريدين فبك سباق السابقين وبك لحاق وبراق العارفين وميدان الواصلين،

ثم تجلى عليها باسمه . الالحقين، وفيك تنزه المحققين، وتعالي المقربينباسمه السريع المجيب، فأآسبها ذلك التجلي أن القريب ونظر إليها

تستقرب آل ما بعد على القلوب، وأفادها ذلك النظر سرعة حصول م استقامت على ساقها نالته المطلوب؛ فلهذا إن الهمة إذا قصدت شيئا ث

.على حسب وفاقهاحالية، وهو قطع اليقين بحصول : والستقامتها عالماتان، العالمة األولى

فعلية، وهي أن تكون : والعالمة الثانية. األمر المطلوب على التعيينحرآات صاحبها وسكناته جميعها مما يصلح لذلك األمر الذي يقصده

يسمى صاحب همة بل هو صاحب آمال آاذبة بهمته، فإن لم يكن آذلك الوأماني خائبة، فهو آمن يروم المملكة وال يفارق المزبلة وهذا ال يقع على

مطلوبه وال يظفر بمحبوبه، ألنه آمن يطلب أن يكتب بال قلم وال مداد وال معرفة بوضع الخط، فالمدار بمثابة قصد الهمة للشيء، والقلم بمثابة

رفة وضع الخط بمثابة األعمال الصالحة لألمر اليقين بحصوله، ومعالمقصود، فمن لم يكن على هذا الوصف ال يعرف ما هي الهمة، إذ ليس

لديه منها أثر، فال يكون عنده منها خبر، بخالف من آانت أفعاله مما يالئم ما يطلبه، وخصوصا إذا أخذ فيها بالجد واالجتهاد فأسرع ما يكون لديه

.نيل المرادمن قصد شيئا وجد : د حكي لنا عن فقير أنه سمع شيخه يقول يوماولق

. غاية الجد واالجتهاد واهللا ألخطبن بنت الملك وألبلغن فيها: وجد، فقالفذهب إلى الملك فخطبها منه، وآان الملك لبيبا عارفا عاقال فكره أن

رة اعلم أن مهر بنتي جوه: يحقره أو يقول له لست بكفؤ لها، فقال لهيا : تسمى بالبهرمان ال توجد إال في خزائن آسرى أنو شروان، فقال له

معدنه بحر سيالن فإن جئتنا : سيدي، وأين معدن هذا الجوهر؟ فقال له .بصداقها المطلوب مكناك من هذا النكاح المخطوب

فذهب الفقير إلى البحر وأخذ يغرف بقصعته منه ويفرغه في البر، فمكث يأآل وال يشرب وهو معتكف على ذلك المطلب ليال على ذلك مدة ال

ونهارا، فأوقع صدقه خوف انتزاح البحر في قلوب الحيتان فاشتكت إلى

فانظر يا أخي ما فعلت الهمة، وال تظن بأن هذا األمر غريب أو شيء عجيب، فقد شاهدنا واهللا بل جرى لنا في أنفسنا ما هو أعظم من ذلك مما

يحد وال يحصى، واهللا على ما نقول وآيل، ولم أحلف لك إال خوفا عليك المن ردة اإلنكار أن تنزع بقلبك عن سلم الهدى ومعارج األسرار، فإن

القلوب إذا جال فيها الخناس وألبسها ثوب الوسواس يوشك أن تجول في .مهامه اإلياس فتحرم نور اليقين بظلمة االلتباس

اهللا، أن زجاجة الهمة قبل امتالئها يكسرها آل حصاة ثم اعلم، وفقك مخالفة ويهريق ما فيها آل هيئة منافية؛ وأما إذا امتألت وأخذت حدها في البلوغ وانتهت، فإنها ال تحرآها الرياح العواصف، وال تكسرها المطارق

والمخاوف، فالحازم اللبيب والعارف المصيب إذا ابتدأ في هذا األمر وأخذ وض هذا البحر ال يلتفت إلى وعر المسالك وال يبالي بما يظهر فيها في خ

من المهالك، فإنما جل ما يراه بل آل ما يلقاه نزغة من العدو والشيطان ليمنعه بذلك عن حضرة السلطان، فليحذر من االلتفات وال يبالي بما حصل

موانع، أو فات، فإنها طريقة آثيرة اآلفات، محفوفة بالقواطع مشوبة بالآثارها دوامس وأطاللها دوارس ولياليها طوامس، طريقها هو الصراط

} ) ص({ » « ـ پ ؟ { المستقيم، وقريبها أناس يستعذبون العذاب األليم ] .35اآلية : فصلت[} ! ! ؟«ژ ! " ~

ثم اعلم، وفقك اهللا تعالى، أن الهمة في محتدها األول ومشهدها األفضل، بالجانب اإللهي، ألنها نسخة ذلك الكتاب المكنون ومفتاح ال تعلق لها إال

ذلك السر المصون المخزون، فال التفات لها إلى سواه وال تشوق لها إلى ما عداه، ألن الشيء ال يرجع إال إلى أصله، ونوى التمر ال ينبت من

غرسه إال عود نخله، وآل من تعلق باألآوان تعلقا ما فإن تعلقه ال يسمى .همة بل هما

أن الهمة في نفسها عالية المقام ليس لها باألسافل : وفائدة هذا الكالمإلمام، فال تتعلق إال بجناب ذي الجالل واإلآرام، بخالف الهم فإنه اسم

لتوجه القلب إلى أي محل آان، إما قاص، وإما دان، فإذا فهمت ما أشارت ة، فاعلم أيضا أن الهمة وإن عال إليه العبارة وعرفت ما عبرت عنه اإلشار

مكانها وعظم شأنها هي الحجاب للواقف معها فال يرتقي حتى يدعها،

فافهم إن أم الكتاب، والمعني دون غيره بالخطاب،) ص(ولما آان محمد آنت من أولي األلباب، وخلق اهللا منه جميع العالم آانت آل رقيقة منه أصال لحقيقة من حقائق األآوان، وآان بجملته مظهرا لجملة الرحمن، خلق اهللا روحا من نور همته الالحق وسعها وسع رحمته، فصير ذلك

ال آل مرزوق الروح ملكا وجعل مقادير القوابل له فلكا، ثم وآله بإيصرزقه وإعطاء آل ذي حق حقه، ألنه الرقيقة المحمدية المخلوقة من

الحقيقة األحدية، فلما استقام مقام الموآل الوآيل، وأقسط في إعطاء آل ذي حق حقه قسط من يزن أو يكيل، إذ بالخطاب الجميل، من المقام

ر المقادير الجليل، يسمى هذا الروح ميكائيل، فهو من األزل إلى األبد يحصويعرف العدد ويمد آال بما استحقه من المدد، أجلسه اهللا على منبر الفضل فوق الفلك الخامس، وأعطاه قسطاس العدل وقانون المقايس، ويكنى عن المنبر بالفيض المقابل وبالقسطاس بما استحقه القوابل، فتأمل رموز هذه

بالحكمة وفصل العبارات، واستخرج ما فيها من آنوز اإلشارات تحظ .الخطاب، واهللا يقول الحق وهو يهدي إلى الصواب

الباب السادس والخمسون )ص(في الفكر وأنه محتد باقي المالئكة من محمد

الفكر نور في ظالم األنفس يهدي الصواب به فؤاد الكيس

لكنما زلقاته تنمو على قطر السحاب وعد رمل البسبس

وله أصول إن يراعيها الفتى فظه من فرع الخطا في المقبس تح

تلك األصول على تنوع جنسها قسمان يحفظهن من لم يخنس عقل وقسم العقل مضطر ومكـ

ـتسب بحسن تجارب في األنفس والنقل قسم وهو إيمان الفتى

بمغيب نيرانه لم تقبس هذان أصل الفكر من أهل النهى

من لم يقس بهما يقم في الحندس فأصلهملكن أرباب العقول

نظر يصح بحكم عقل أرأس ال يأخذون بأصل إيمان وال

هو عندهم بضياء صبح مشمس فألجل ذا غلطوا وفات عليهم

عين الصواب وآل أمر أنفس اعلم، وفقك اهللا للصواب وعلمك من الحكمة وفصل الخطاب، أن الرقيقة

إن مفاتيح الغيوب الفكرية أحد مفاتيح الغيب التي ال يعلم حقيقتها إال اهللا، ف. هو حقيقة األسماء والصفات: نوع حقي، ونوع خلقي، فالنوع الحقي

هو معرفة ترآيب الجوهر الفرد من الذات، أعني ذات : والنوع الخلقياإلنسان المقابل بوجوهه وجوه الرحمن، والفكر أحد تلك الوجوه بال ريب،

ر الوضاح الذي فهو مفتاح من مفاتيح الغيب، لكنه نور، وأين ذلك النويستدل به على أخذ هذا المفتاح، فتفكر في خلق السماوات واألرض ال

فيهما، وهذه إشارات لطفت معانيها فغابت في مخافيها، فإذا أخذ اإلنسان في الترقي إلى صور الفكر وبلغ حد سماء هذا األمر أنزل الصور

ة على غير الروحانية إلى عالم اإلحساس، واستخرج األمور الكتماني .قياس، وعرج إلى السماوات وخاطب أمالآها على اختالف اللغات

فنوع على صراط الرحمن، من عرج على هذا : وهذا العروج نوعانالصراط المستقيم إلى أن يبلغ من الفكر نقطة مرآزه العظيم وجال في

سطح خطه القويم، ظفر بالتجلي المصون الملقب بالدر المكنون في الكتاب ، وذلك اسم ] 79اآلية : الواقعة[} )! ! ص(~ ژ 2 1 0/ { مكنون، الذي ال

! }ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ژ پ{ أدغم بين الكاف والنون، ومسماه وسلم المعراج إلى هذه الرقيقة هو سر الشريعة ] 82اآلية : يس[} !

.والحقيقةير وأما النوع اآلخر، فهو السحر األحمر المودع في الخيال والتصو

والمستور في الحق يحجب الباطل والتزوير، هو معراج الخسران وصراط : النور[} ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط { الشيطان إلى مستوى الخذالن

فينقلب النور نارا والقرار بوارا، فإن أخذ اهللا بيده وأخرجه ] 39اآلية فعلم حينئذ بلطيفة ما أيده جاز منه إلى المعراج الثاني، فوجد اهللا عنده،

مأوى الحق وما به تميز في مقعد الصدق عن طريق الباطل، ومن يذهب

هذا البحر الغزير، وآاد يهلكني موج قعره الخطير، ولقد آنت غرقت فيوأنا يومئذ في سماع بمدينة زبيد عام تسع وسبعين وسبعمائة، وآان هذا

السماع في بيت أخينا الشيخ العارف شهاب الدين أحمد الرداد، وآان شيخنا أستاذ الدنيا القطب الكامل والمحقق الفاضل أبو المعروف شرف

الجبرتي حاضرا يومئذ في السماع، فناديت براهيمالدين إسماعيل بن إاللهم إني أعوذ بك من العلم المهلك، أدرآني يا سيدي : بأعلى صوتي

أدرك، فكان يراعيني الشيخ في نفس السماع مراعاة من له على األمر اطالع، فنقلني اهللا ببرآته إلى المعراج القويم الذي هو على الصراط

} ! ! «ف ق ژ ؟. _ ء ] گ [ ع غ ش ص ض ط ظ{ المستقيم إال أن بين المعراجين لطيفة لكنها في لطفها عظيمة ] 53اآلية : الشورى[

شريفة، فلو أخذنا في بيانها أو بيان من رجع لعدم عرفانها، أو شرحنا حال من هلك من األولياء في بحارها فانطبع نوره بنارها، الحتجنا في ذلك

مدده، وقصدنا االختصار، ال التطويل واإلآثار، إلى بسط يكثر عدده ويطول .فلنرجع إلى ما آنا بسبيله من الكالم في الفكر

اعلم أن اهللا خلق الفكر المحمدي من نور اسمه الهادي الرشيد، وتجلى عليه باسمه المبدىء المعيد، ثم نظر إليه بعين الباعث الشهيد، فلما حوى

هر بين العالم بلباس هذه الصفات الفكر أسرار هذه األسماء الحسنى، وظأرواح مالئكة السماوات واألرض، ) ص(العليا، خلق اهللا من فكر محمد

ووآلهم بحفظ األسافل واألعالي، فال تزال العوالم محفوظة ما دامت بهذه المالئكة ملحوظة، فإذا وصل األجل المعلوم وآن أوان األمر المحتوم،

قلهم إلى عالم الغيب بذلك القبض، فالتحق قبض اهللا أرواح هذه المالئكة وناألمر بعضه ببعض وسقطت السماوات بما فيها على األرض، وانتقل األمر

إلى اآلخرة آما ينتقل إلى المعاني أمر األلفاظ الظاهرة، فافهم هذه اإلشارات، وفك لغز هذه العبارات تحظ باألسرار المكتومة، وترفع حجب

طلعت على هذه األسرار، وسرت في ضياء هذه األستار الموهومة، فإذا ااألنوار، صنها تحت آتم العبارات، واحفظها تحت ختم اإلشارات وال

في الخيال وأنه هيولى جميع العوالم: الباب السابع والخمسون إن الخيال حياة روح العالم

هو أصل تيك وأصله ابن اآلدم ليس الوجود سوى خيال عند من

يدري الخيال بقدرة المتعاظم فالحس قبل بدوه لمخيل

لك وهو أن يمضي آحلم النائم فكذاك حال ظهوره في حسنا

باق على أصل له بتالزم ال تغترر بالحس فهو مخيل وآذلك المعنى وآل العالم

وآذلك الملكوت والجبروت والـ ـالهوت والناسوت عند العالم

الخيال فإنه ال تحقرن قدر عين الحقيقة للوجود الحاآم

لكنما أصل الخيال جميعه قسمان هذا عند آشف الصارم

قسم تصور للبقاء وآخر متصور للهلك ليس بدائم فافهم إشارتنا وفك رموزها

لكن على أصل الكتاب القائم وحذار من فهم يميل عن الهدى

عما أتاك به النبي الهاشمي ما ذاك قصدي إنما قصدي الذي

جاء الرسول به بغير تكاتم لم أبن أس رسالتي إال على

أني أآون لدينه آالخادم فإذا بدا لك ما تعسر فهمه

أو آنت تفهم منه قول الغاشم

فاترآه والجأ لإلله وقم على سنن أتاك به حديث القاسم صلى عليه الله ما نار اليقين

باسمه في ليل شك قاتم الذي فيه آمال ظهور اعلم، وفقك اهللا، أن الخيال أصل الوجود والذات

المعبود، أال ترى إلى اعتقادك في الحق وأن من له الصفات واألسماء ما هو له أين محل هذا االعتقاد الذي ظهر لك فيه اهللا سبحانه وتعالى إنما هو

إنه الذات الذي فيه آمال ظهوره سبحانه وتعالى، : الخيال، فألجل هذا قلناأصل جميع العالم، ألن الحق هو أصل فإذا عرفت هذا ظهر لك أن الخيال

جميع األشياء، وأآمل ظهوره ال يكون إال في محل هو األصل، وذلك المحل هو الخيال، فثبت أن الخيال أصل جميع العوالم بأسرها، أال ترى إلى النبي

الناس نيام «: آيف جعل هذا المحسوس مناما والمنام خياال فقال) ص(ني تظهر عليهم الحقائق التي آانوا عليها في دار يع» فإذا ماتوا انتبهوا

الدنيا، فيعرفون أنهم آانوا نياما، ال أن الموت يحصل االنتباه الكلي، فإن الغفلة عن اهللا منسحبة على أهل البرزخ وأهل المحشر وأهل النار وأهل الجنة، إلى أن يتجلى عليهم الحق في الكثيب الذي يخرج إليه أهل الجنة،

ون اهللا تعالى، وهذه الغفلة هي النوم، فكل العوالم أصلها خيال، فيشاهدوألجل هذا يفيد الخيال من فيها من األشخاص، فكل أمة من األمم مقيدة

بالخيال في أي عالم آانت من العوالم، فأهل الدنيا مثال مقيدون بخيال معاشهم أو معادهم، وآال األمرين غفلة عن الحضور مع اهللا فإنهم

ائمون، والحاضر مع اهللا تعالى منتبه، وعلى قدر حضوره مع اهللا يكون نانتباهه من النوم، ثم أهل البرزخ نائمون لكن أخف من نوم بعض أهل

الدنيا، فهم مشغولون بما آان منهم وما هم فيه من عذاب أو نعيم، وهذا نوم ألنهم ساهون، أي غافلون عن اهللا، وآذلك أهل القيامة فإنهم ولو

وقفوا بين يدي اهللا تعالى للمحاسبة، فإنهم مع المحاسبة ال مع اهللا وهذا نوم ألنه غفلة عن الحضور، ولكنهم أخف نوما من أهل البرزخ، وآذلك

أهل الجنة والنار فإن هؤالء مع ما ينعمون به وهؤالء مع ما يعذبون به، أهل الحشر، وهذا غفلة عن اهللا ونوم ال انتباه، لكنهم أخف نوما من

فنومهم بمثابة السنة، على أن آال من أهل هذه العوالم وإن آانوا في نظر [ ظ ع غ { : مع الحق من حيث الحق، ألنه مع الوجود جميعه وهو القائل

لكنهم معه بالنوم ال باليقظة، فال انتباه إال ألهل ] 4اآلية : الحديد[} گ اهللا، وعلى قدر تجلي الحق عليهم األعراف ومن في الكثيب فقط فإنهم مع

يكون االنتباه، ومن حصل له من اهللا في دار الدنيا بحكم التقدير ما تأخر

أال إن الوجود بال محال خيال في خيال في خيال وال يقظان إال أهل حق

مع الرحمن هم في آل حال وهم متفاوتون بال خالف فيقظتهم على قدر الكمال

هم الناس المشار إلى عالهم ى آل التعالي لهم دون الور

حظوا بالذات واألوصاف طرا تعاظم شأنهم في ذي الجالل فطورا بالجالل على التذاذ

وطورا بالتلذذ بالجمال سرت لذات وصف الله فيهم لهم في الذات لذات عوالي

سافر الغريب المعبر عنه بروح إلى أن بلغ العالم ) در ورمز في بحر لغز(: ا وصل إلى ذلك السما قرع باب الحمى، فقيل لهالمعبر عنه بيوح ، فلم

عاشق مفارق أخرجت من بالدآم : من أنت أيها الطارق العاشق؟ فقالوأبعدت عن سوائكم، فقيدت في قيد السمك والعمق والطول والعرض،

وسجنت في سجن النار والماء والهواء واألرض، وقد آسرت القيد وأتيت بقيت، فالغارة الشعواء أيها العرب أطلب خالصا من السجن الذي فيه .الكرام، فليس إال أنتم لألسير المضام

اعلم أن هذا عالم : فبرز إلي رجل قد نزل به الشيب وقال: قال الراويالغيب رجاله جزيلة العدد جميلة المدد قوية العدد، طويلة األمد، ينبغي

طيب بطيبهم للواصل إليهم والداخل عليهم أن يتزيا بزيهم الفاخر ويت: ومن أين أجد تلك األثواب؟ بل وأين تباع تلك األطياب؟ فقال: قلت. العاطر

الثياب في سوق السمسمة الباقية، واألطياب في أرض الخيال الراوية، وإن شئت أن تعكس هذه العبارة فخذ الثياب من نسج الخيال، والطيب من

المسمى بعالم الغيب، أرض السمسمة ، فإنهما أخوان بال ريب، لهذا العالم فذهبت أوال إلى أرض السمسمة ومعدن الجمال المسمى لبعض وجوهه

أرض من المسك النقي ترابها ومن الجواهر ربعها وقبابها

أشجارها متكلمات نطق وآذاك أدؤرها نعم وعتابها في طعمها من آل شيء لذة

حقا ومن ماء الحياة شرابها حاز الجمال فصار يشهد صورة

فيها وآم أروى العطاش شرابها لمنهي نسخة من جنة المأوى

يحظى بها في األرض طاب مآبها هي سر قدرة قادر برزت لمن

يدري األمور ولم يفته حسابها ليست بسحر إنما هي ماؤها بل نارها وهواؤها وترابها

هي أصلها والسحر فرع للقضا ويجيب داعي الساحرين خطابها يستخرج الرجل الشجاع مراده

منها فيرفع للعيون نقابها

مة فعالةتبدو بقوة ه لممكن بين الورى أترابها والناس فيها بين ناج فائز

آمل الزآاة بها فتم نصابها أو هالك باع السعادة بالشقا بخسا فدساها وزاد حجابها

هي أخت آدم بل هي ابنة سره فجميع أنساب له أنسابها

يفنى الجميع وتلك باقية على لطف وبالمقدور طال رآابها

ت من الثمر الذيهي نخلة ظهر هو آدم ما في سواه جنابها

فيجيبها اإلنسان يوما إن دعت وإذا دعا اإلنسان جاء جوابها ليست خياال ال وال حسا وال

غيرا لما قد قلت هاك صوابها فلما دخلت هذه األرض العجيبة وتطيبت من أطياب عطرها الغريبة،

والطرف ما ال يخطر بالبال ورأيت ما فيها من العجائب والغرائب والتحفوال يرى في المحسوس وال في عالم الخيال، طلبت الصعود إلى عالم

الغيب الموجود فأتيت إلى الشيخ الذي آان أول دال، فوجدته قد رق من العبادة حتى صار آالخيال، وضعف حتى خلته من مفرضات المحال، لكنه

سريع العقدة والقومة، آأنه قوي الجنان والهمة، شديد السطوة والعزمة، أريد الدخول إلى رجال : البدر التمام، فقلت بعد أن سلمت ورد السالمهذا أوان الدخول وزمان : الغيب، فقد جئت بالشروط وال ريب، فقال

الوصول، ثم قرع الحلق فانفتح الباب وانغلق، فدخلت مدينة عجيبة اهللا، ليس فيهم رجل األرض عظيمة الطول والعرض، أهلها أعرف العالم ب

اله، أرضها درمكة بيضاء، وسماؤها زبرجدة خضراء، عربها عرب آرام ليس فيهم ملك إال الخضر عليه السالم، فحططت رحالي لديه، وجثوت عنده بين يديه، ثم أخذت بالسالم عليه، فحياني تحية األنيس ونادمني

ك من الكالم، هات ما لدي: منادمة الجليس، ثم بسطني في المقام وقالسيدي أسألك عن أمرك الرفيع وشأنك المنيع الذي اختلط فيه الكالم : فقلت

أنا الحقيقة العالية والرقيقة المتدانية، أنا سر : واختبط فيه األنام، فقالإنسان الوجود، أنا عين الباطن المعبود، أنا مدرجة الحقائق، أنا لجة

منهم من هو بني آدم، ومنهم من : رجال الغيب فقالثم سألت عن أجناس : هو من أرواح العالم، وهم ستة أقسام مختلفون في المقام، القسم األول

هم الصنف األفضل والقوم الكمل، هم أفراد األولياء المقتفون آثار األنبياء، غابوا عن عالم األآوان في الغيب المسمى بمستوى الرحمن، فال يعرفون

.ون وهم آدميونوال يوصفوهم أهل المعاني وأرواح األواني، يتصور الولي بصورهم : القسم الثاني

فيكمل الناس في الباطن والظاهر بخيرهم، فهم أرواح آأنهم أشباح للقوة الممكنة من التصوير في العين، سافروا من عالم الشهود فوصلوا إلى

هم عبادة، فضاء غيب الوجود، فصار غيبهم الوجود شهادة وأنفاس .وهؤالء أوتاد األرض القائمون هللا بالسنة والفرض

مالئكة اإللهام والبواعث يطرقون األولياء ويكلمون : القسم الثالث .األصفياء، ال يبرزون إلى عالم اإلحساس، وال يتعرفون لعوام الناس

رجال المناجاة في المواقع، دائما يخرجون عن عالمهم وال : القسم الرابع إال في غير معالمهم، يتصورون لسائر الناس في عالم اإلحساس، يوجدون

وقد يدخل أهل الصفاء إلى ذلك اللواء فيخبرونهم بالمغيبات وينبئونهم .بالمكتمات

رجال البسابس هم أهل الحظوة في العالم، وهم من : القسم الخامسر أجناس بني آدم، يظهرون للناس ثم يغيبون ويكلمونهم فيجيبون، أآث

في الجبال والقفار واألودية وأطراف األنهار، إال من آان سكنى هؤالءمنهم ممكنا فإنه يتخذ من المدن مسكنا، نفيس مقامهم غير متشوق إليه

.وال معول عليهيشبهون الخواطر ال الوساوس، هم المولدون من أبى : القسم السادس

يتشوف إلى أمثالهم، فهم بين التفكر وأم التصور، ال يؤبه إلى أقوالهم والالخطأ والصواب، وهم أهل الكشف والحجاب، واهللا يقول الحق وهو يهدي

.السبيل، وعنده أم الكتاب الباب الثامن والخمسون

في الصورة المحمدية، وأنها النور الذي خلق اهللا منه الجنة والجحيم، والمحتد الذي وجد منه العذاب والنعيم

القلب المعةأنوار حسن بدت في مسترات وهي آالشمس طالعة للحق فيها ظهور عند عارفه

فليس تخفى التجليات ساطعة والقلب فيه قوى تدعى مصورة

لكنها حوت األسرار جامعة أضحت لجنات خلد نسخة فغدت للقصر في ساحة التخييل رافعة تستخرج الثمر الحالي وحامضه من جنة هي فوق الغصن يانعة

ا قد حوت من صنع صانعهالم يدر م سوى حكيم أتته الخلق طائعة مخلوقة وهي مرآة لخالقها

قريبة قد غدت في الحكم شاسعة حقيرة جل عند الله رفعتها

سر وقد أصبحت في الناس ذائعة لكنها عجزها من آونها خلقت

في النفس ميتة، في األسر خاضعة ال تكسب المرء إال فرحة وله

لصحو أحزان متابعة في ظاهر ا ال يغترر آل ذي عقل بزينتها

وال يولع فيه منه والعة لو أنها خلقت حيا لكنت ترا

ها وهي واصلة في الناس قاطعة وذا الحديث فقشر فوق نكتتنا

فالق القشور فليست منك نافعة واللب في النفس مثل الدر في صدف

آالسحر منه عيون السحر نابعة م قد جئن في آلمفانظر إلى حك

في زي مكتتم آالشمس المعة اعلم، وفقك اهللا لمعرفته وجعلك من أهل قربته، أن اهللا خلق الصورة

المحمدية من نور اسمه البديع القادر، ونظر إليه باسمه المنان القاهر، ثم تجلى عليها باسمه اللطيف الغافر، فعند ذلك تصدعت لهذا التجلي

قسمت نصفين، فخلق اهللا الجنة من نصفها صدعين، فصارت آأنهاالمقابل لليمين وجعلها دار السعادة للمنعمين، ثم خلق النار من نصفها

المقابل للشمال وجعلها دار األشقياء أهل الضالل؛ وآان القسم الذي خلق منه الجنان هو المنظور إليه باسمه المنان فهو لسر تجلى اللطيف محل

.يفآل آريم عند اهللا شروالقسم الذي خلق اهللا منه النار، هو المنظور إليه باسمه القاهر، وهو

لسر تجلي الغافر يشير إلى قبول أهلها إلى الخير في اآلخر، آما قد أخبر قط قط، فينبت : قدمه فتقول أن الجبار يضع فيها«: عن النار) ص(النبي

لق ألهل النار وسر هذا الحديث هو أن اهللا آلما خ» فيها شجر الجرجيرعذابا خلق لهم قوة على حمل ذلك العذاب، وإال لهلكوا وانعدموا

واستراحوا من العذاب، فال بد أن يخلق لهم قوة على حمل ما أنزله بهم } £ ! " } ~ ) ص({ « { : من العذاب ليذوقوا عقابه، وهو قوله تعالى

م تكن عندهم، فيقولون فبتبديل الجلود تجدد لهم قوى ل] 56اآلية : النساء[لعله يعذبنا بما هو آيت وآيت، الستشرافهم على ما جعله في : في أنفسهم

قابلية تلك القوة من حمل العذاب، فيوجده اهللا عندهم فيحلون بذلك ويعذبون به، فكشفهم الذي وقع في أنفسهم هو بمثابة المبشر لهم بالعذاب

أيضا يبشرون بنعيمهم قبل ليكون إهانة على إهانة، آما أن أهل الجنة .وقوعهم فيه

ثم إن أهل النار إذا زال عنهم عذاب وتجدد لهم غيره ال تزول عنهم القوى األولى ألنها موهوبة بيد المنة وال يسترجع الحق في هبته، والعذاب نازل

بهم بيد القهر، فله أن يرفعه ويجعل غيره، ثم ال يزالون يزدادون قوة بقوة

ثم اعلم أن الجبار إنما يظهر عليهم من حيث تلك القوة اإللهية التي آشفها ي هي سبب الوصلة في آل شيء، فيضع قدم التجبر على لهم للمناسبة الت

قط قط، وهذا : النار فتذل وتخضع لقوته سبحانه وتعالى وتقول عند ذلك .آالم حال الذلة تحت قهر العزة عبر عنه بهذا اللفظ فيزول

اعلم أنه لما آانت النار غير أصلية في الوجود زالت آخر األمر، وسر هذا : منها مسبوقة، والمسبوقة فرع للسابق، وذلك قولهأن الصفة التي خلقت

أال . فالسابق هو األصل والمسبوق فرع عنه» سبقت رحمتي غضبي«ترى آيف لما آانت الرحمة أصال انسحب حكمها من أول الوجود إلى

ولم يكن الغضب منسحبا من أول الوجود إلى آخره، ألن إيجاده ،آخرهب عليه، ألنه لم يأت بذنب حتى للمخلوق من العدم رحمة به ال غض

» ورحمتي وسعت آل شيء«: يستوجب به الغضب، أال تراه قال سبحانهألنه أوجد األشياء رحمة منه، فلهذه . وغضبي وسع آل شيء: ولم يقل

.النكتة لم ينسحب الغضب أيضا إلى آخر الوجودوالسر في هذا أن الرحمة صفة ذاتية له سبحانه، والغضب صفة ليست

أال تراه يسمى بالرحمن الرحيم، وال يسمى بالغضبان وال . اتيةبذبالغضوب، وذلك ألن الغضب صفة أوجبها العدل، والعدل ال يكون إال لحكم

الرحمن اسم ذات، أال ترى بين أمرين، فاسمه العادل اسم صفة واسمهإلى الغفار الذي هو أول مظاهر النعمة التي أوجبتها الرحمة آيف وردت

واسمه الظاهر الذي هو . الغافر، والغفار، والغفور: ثالث صيغ، فقيلفيهأول مظاهر النقمة التي أوجبها العدل ال يوجد فيه صيغتان، فقيل القاهر

.والقهار، ولم يرد القهور، وآل هذا سر سبق الرحمة الغضبثم اعلم أن النار لما آان أمرها عارضا في الوجود جاز زوالها، وإال لكان مستحيال، وليس زوالها إال إذهاب اإلحراق عنها، وبذهاب اإلحراق عنها تذهب مالئكتها، وبذهاب مالئكتها ترد مالئكة النعيم، فينبت بورود مالئكة النعيم في محلها شجر الجرجير، وهو خضرة وأحسن لون في الجنة لون

إبراهيم الخضرة، فانعكس ما آان جحيما إلى أن صار نعيما آما في قصة } 1 0 . / -{ : الخليل عليه السالم حيث قال الحق سبحانه وتعالى لناره

فصارت رياحين وجنات، ومحلها باق على ما هو ] 69اآلية : األنبياء[لم تذهب النار ولكن انتقل ألم : عليه، ولكن ذهبت النار، وإن شئت قلت

إنها تزول : قلتالعذاب إلى الراحة، فكذلك الجحيم يوم القيامة، وإن شئت

ولقد أخبر الروح الذي أنبأني بهذه العلوم أن تلك األمور التي زالت بدوام« { : المجاهدات والرياضات والمخالفات هي حظ أهل اهللا من قوله تعالى

فال يجوزون بعدها ] 71اآلية : مريم[} )! ! ص(ژ ـ$ £ ! " } ~ ) ص({ على نار جهنم لطفا من اهللا بهم وعناية، لئال يعذب عبده بعذابين، وال

عوضا عن يهوله بهولين، أقام له هذه المشاق التي تحصل عليه في الدنيا عذاب غيره في اآلخرة، ويدل على ما قلناه الحديث المروي عن النبي

فإذا آانت الحمى تقوم مقام » إن الحمى حظ آل مؤمن من النار«): ص(النار فكيف لك بالمجاهدات والرياضات والمخالفات التي هي أشد من آل

األآبر، بالجهاد ) ص(شيء إلى أن تتزآى النفس، فألجل ذلك سماها النبي وال خفاء أن الحمى أسهل من مالقاة . وسمى الضرب بالسيف جهادا أصغر

العدو والضرب والطعن والحرب، وجميع ذلك جهاد أصغر في جنب .المجاهدات والمخالفات التي يقاسيها أهل اهللا

واعلم أن اهللا تعالى لما خلق النار من اسمه القهار جعلها مظهر الجالل، . تجليات فصارت تلك التجليات أبوابا لها معانفتجلى عليها سبع

تجلى عليها باسمه المنتقم فانفتح فيها واد له ثالث مئة : التجلي األولوستون ألف درك بعضها تحت بعض تسمى لظى، خلق اهللا باب هذا

الوادي من ظلمة المعصية والذنب وهو الجرم فهو محل أهل المعصية، حق وهو أمر بين اهللا وبين عبده، آالكذب والذنب الذي ليس لمخلوق فيه

والرياء واللواط وشرب الخمر وترك األوامر المفروضة والتسهيل في » « هللا ـ پ ؟ {: حرمات اهللا تعالى، فهؤالء هم المجرمون قال اهللا تعالى

ژ ! ! ) * + ـ»ژ ( ' × % $ £ ! ! ژ ؟ـ! " ~ ! ! ژ پـ} ) ص! ! (ژ ــ{ يعني ] 17-11اآليات : المعارج[} ! ! ـ)ص( ژ 1 0 / ! ! .ـ{ ژ -، ! ! ـ«

يها واد يسمى جحيما، تجلى عليها باسمه العادل فانفتح ف: التجلي الثانيله سبعة مئة ألف وعشرين ألف درك بعضها تحت بعض، خلق اهللا باب هذا الوادي من الفجور، وهو التغشم والتعصب وطلب الباطل والطغيان،

فهو مسكن الذين طغوا في األرض بغير الحق على عباد اهللا تعالى، فأخذوا لسب والغيبة، وأمثال أموالهم وسفكوا دماءهم وأآلوا في أعراض الناس با

وهذا الوادي تحت درك الوادي األول وطبقاته ضعف طباقها، قال اهللا . ذلكفالفجار هم الكاذبون ] 14اآلية : االنفطار[} ! ! ـ»ژ ( ' × % { : تعالى

في إيمانهم الظالمون الطاغون المعتدون على الناس، فالجحيم مسكن هو محل أهل الحقوق وعذاب الظالمين الذين يظلمون الناس بغير حق، ف

.أهل هذه الطبقة أشد من األولىتجلى عليها باسمه الشديد فانفتح فيها واد يسمى العسرى، : التجلي الثالث

له ألف ألف وأربع مئة ألف وأربعون درك بعضها تحت بعض، خلق اهللا باب هذا الوادي من البخل وطلب التكثر من المال ومن الحقد والحسد

وحب الدنيا وأمثال ذلك، فهو مسكن من آانت فيه خصلة من والشهوة هذه الخصال، وهذا الوادي تحت األول وعذابه أشد منه بأضعاف

.مضاعفةتجلى عليها بصفة الغضب فانفتح فيها واد يسمى الهاوية، : التجلي الرابع

وهو أسفل درآات النار له ألف ألف وثمان مئة ألف وثمانون ألف درك ت بعض، يهوي الرجل فيه بين آل درآين أحقابا بعدد ساعات بعضها تح

الدنيا فتنقضي ولم يبلغ الدرك الثاني، خلق اهللا باب هذا الوادي من النفاق والرياء والدعاوى الكاذبة وأمثال ذلك، فكل من آانت فيه خصلة من هذه

ولهذا ] 145ية اآل: النساء[} هللا {: قال اهللا تعالى. الخصال مكث فيهاسميت الهاوية، وهذه الطبقة أشد عذابا من الطبقة التي قبلها بأضعاف

.آثيرةتجلى عليها باسمه المذل، فانفتح فيها واد يسمى سقر، : التجلي الخامس

له خمسة آالف وسبع مئة ألف وستون ألف درك بعضها تحت بعض، خلق اعنة والجبابرة الذين يطلبون اهللا باب هذا الوادي من التكبر، فيه أذل الفر

االستعالء بغير حق، ألن الحق تعالى غيور، فمن ادعى صفة من صفاته أو اسما من أسمائه بغير حق عكسه عليه فعذبه بضده يوم القيامة، وهؤالء لما تكبروا في األرض ولبسوا وصف الحق بغير حق عذبهم

ذي البطش، فانفتح فيها واد يسمى تجلى عليها باسمه: والتجلي السادسالسعير، له أحد عشر ألف ألف وخمس مئة ألف وعشرون ألف درك، بين آل درك ودرك أحقاب بعدد أنفاس أهل الدنيا، خلق اهللا باب هذه الطبقة من

الشيطنة، وهي نار تثور من دخان النفس بشرر الطبيعة فتحدث منها يسكن هذه الطبقة . وأمثال ذلكالفتن والغضب والشهوة والمكر واإللحاد

من آان فيه خصلة من هذه الخصال، ويسكن معه الشياطين فيها، قال اهللا : الملك[} ش ص ض ط { أي النجوم [5اآلية : الملك[} ر ز س { : تعالى ] .5اآلية

تجلى عليها باسمه ذو عقاب أليم، فانفتح فيها واد يسمى : التجلي السابع وعشرون ألف ألف درك وأربعون ألف درك، بين آل جهنم درآاتها ثالث

درك ودرك أحقاب ال تكاد أن تتناهى إال في القدرة، وأما على ترتيب الحكمة فال، وهو ألن القدرة قد تبرز ما ال يتناهى متناهيا، وتظهر وتبرز

الشيء اليسير المتناهي بال نهاية، وآل أحوال القيامة أو أآثرها من طريق ألن الدنيا دار الحكمة واآلخرة دار القدرة، حتى أن الحال الواحد القدرة،

من أحوال أهل النار وأحوال أهل الجنة يجده صاحبه منسحبا من األزل إلى األبد، ال يجد لذلك من آخر وال أول، فيكون فيه مثال بقدر ما بين األزل إلى

إلى غيره آما األبد، وهو آن واحد ووقت واحد غير متعدد، ثم ينتقل منه يريد اهللا تعالى، وهذا سر عجيب ال يكاد العقل أن يقبله، بل ال يطيقه، ألن العقل منوط بالحكمة والكشف منوط بالقدرة، فال يعرفه إال صاحب آشف،

4 3{ : ثم إن الحق خلق باب هذه الطبقة من الكفر والشرك، قال اهللا تعالىفعذابهم شر ] 6اآلية : البينة[} ! ! {عع ؟ ژ ء آ ژ = ؛ چ : 9 8 7 6 5

2 1 0 . / -{ : العذاب، ألن جهنم ال يتناهى أمر عذابها، وهذا معنى قوله .لعدم التناهي] 30اآلية : ق[} ! ! ژ هللا؟5 4 3

واعلم أن أهل آل طبقة ال يخرجون منها حتى يخوضوا جميع درآات تلك ومنهم من يعسره الطبقة جميعها، فمنهم من يسهل اهللا عليه خوضها

عليه، فإذا قطع الرجل جميع الدرآات حينئذ يضع الجبار قدمه في النار وهنا سر لطيف يقتضي وضع الجبار . فيكون ما قد سبق بيانه في الحديث

قدمه في حق آل مرة، ثم في آل طبقة، على أن جميع تلك التعددات مدة الفرق في الزمان واحدة ويوم واحد لكن أظهرت القدرة هذا التعدد وهذا

ثم اعلم أن أهل النار، قد ينتقلون من طبقة إلى طبقة غيرها فينتقل األعلى تخفيفا عليه، وقد ينتقل األدنى إلى األعلى تشديدا في إلى الطبقة األدنى

عذابه، آل ذلك على قدر ما يريده اهللا تعالى من العذاب من الزيادةوالنقصان، وأن في النار ما ال يحصى من العجائب، فلو أخذنا في ذآر أهل

الطبقات وتنوعهم في آل درك، أو لو وصفنا المالئكة الموآلة بهم و شرعنا في بيان من آان مؤمنا فوقع بينهم من غير جرم وأنواعهم، ول

اآلية : األنفال[} ز س ش ص ض ط ظ ع { : ظاهر، وذلك سر قوله تعالىأو لو تحدثنا في القوم الذين بعدهم من أهل هذه الطبقات آيف نقلتهم ] 25

.القدرة إلى ما ال يدرآه المؤمنون في حياتهم من التحقق بالحقائق اإللهيةقد اجتمعت بأفالطون الذي يعده أهل الظاهر آافرا فرأيته وقد مأل العالم ول

الغيبي نورا وبهجة، ورأيت له مكانة لم أرها إال آلحاد من األولياء، فقلت قطب الزمان وواحد األوان، ولكم رأينا من عجائب : من أنت؟ قال: له

ي هذا الباب وغرائب مثل هذا ليس من شرطها أن تفشى، وقد رمزنا لك فأسرارا آثيرة ما آان يسعنا أن نتكلم فيها بغير هذا اللسان، فألق القشر من

الخطاب وخذ اللب إن آنت من أولي األلباب، فإن هذه الورقات جمعت علوما ال يحتاج في معرفة أهل النار إلى غيرها بعد فهمها، فال حاجة لنا

إن الكتب مشحونة بذلك في ذآر أنواع العذاب وصفة أهوال مالئكتها، ف .فلنكتف من زيادة البسط

ثم اعلم أن ألهل النار لذة فيها تشبه لذة المحاربة والمضاربة عند من خلق لذلك، فإنا قد رأينا آثيرا من الناس يتلذذون بالمحاربة والمضاربة

وهم عارفون أنهم يتألمون بذلك، ولكن الربوبية الكامنة التي هي في على خوض ذلك، ثم إن لهم لذة أخرى تشبه لذة من به النفس تحملهم

جرب فيحكه، فهو وإن آان يقطع من جلد نفسه يتلذذ بذلك الحك، فهو بين عذاب ولذة أخرى تشبه لذة الجاهل المستغني برأيه، ولو أخطأ مثاله فيما

:قد شهدناه

وهو أني رأيت رجال بالهند في بلدة تسمى آوشى سنة تسعين وسبع مئة آان عمد إلى ثالثة رجال من أآابر الناس فقتلهم متفرقين، وآان إذا قتل

واحدا هرب إلى اآلخر فقتله، حتى استوفى الثالثة األنفار؛ فلما قبض اسكت يا : ماذا صنعت؟ فقال: وجيء به ليضرب عنقه تقدمت إليه فقلت له

لعمري فالن واهللا لقد صنعت شيئا، وهو يعظم أمر نفسه ووجدته في لذة ما أظنه التذ قبلها بمثلها، على أنه في حالة مما فعل به من الضرب

واألسر وما هو بصدده مما سيفعل به من القتل والصلب آان متلذذا في .نفسه بهذه اللذة العظيمة

ولهم، أي ألهل النار، لذة أخرى تشبه لذة العاقل بعقله عند تخطئته للجاهل ده تقلب الليل والنهار، فهو وإن آان يستحسن الذي وافقته األقدار وساع

األمور التي حصلت للجاهل ال يرضى بحالته وال يصنع مثل صنع الجاهل مما تحصل به تلك السعادة، بل يبقى خائضا في بحار شقاوته والزما لرياسة نفسه باقيا على ما يقتضيه عقله وفكره، متلذذا بحالة نفسه

، ثم لهم لذة مختلفة حتى إني اجتمعت بجماعة مستنفرا من حالة الجاهلهم في أشد العذاب من النار فرأيتهم في تلك الحالة والجنة تعرض عليهم

.وهم آارهون لها، هذا حال طائفةورأيت طائفة بعكس هؤالء يتمنون نفسا من أنفاس الجنة أو شربة من

هم أنهم يقولون مائها فال يوافقهم القدر في ذلك، وهم الذين قال اهللا عن{ » « { يعني الطعام ] 50اآلية : األعراف[} هللا ـ پ ؟ {: ألهل الجنة

] .50اآلية : األعراف] { ~ { (ص(ثم اعلم أن جميع ما ذآرناه ليس بمنسحب على أهل النار، بل هم أنواع وأجناس، فمنهم المتلذذ في عذابه ومنهم من عذابه محض ليس له فيه

، بل أشد ما يكون من النفور في أنفسهم، ثم منهم من آل به إلى لذة البتةالعذاب وفور عقله الذي آان له في الدار الدنيا، ومنهم من آل به إلى

العذاب وفور جهله فيها، ومنهم من آل به إلى العذاب عقائدهم، ومنهم من بثناء آل به إلى العذاب أعماله، ومنهم من آل به إليها آالم الناس في حقه

ما لم يكن فيه، ومنهم من آل به إليها آالمهم بما فيه من القبائح أو من وأمر أهل النار غريب جدا وهو . المحاسن أو بما ليس فيه من المساوىء

.» هؤالء إلى النار وال أبالي، وهؤالء إلى الجنة وال أبالي«: سر قولهثير من أهل الجنة، ثم اعلم أن من أهل النار أناسا عند اهللا أفضل من آ

أدخلهم دار الشقاوة ليتجلى عليهم فيها فيكون محل نظره من األشقياء، .وهذا سر غريب وأمر عجيب، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد

فصل يذآر فيه القسم الثاني من الصورة المحمدية

وهو القسم الذي نظر اهللا إليه باسمه المنان فخلق اهللا منه أنواع الجنان، .جلى فيها باسمه اللطيف فجعلها محال لكل آريم عنده وشريفثم ت

اعلم أن الجنان على ثمان طباق، آل طبقة فيها جنات آثيرة، في آل جنة .درجات ال تحصى وال تحصر

تسمى جنة السالم، وتسمى جنة المجازاة، خلق اهللا باب : فالطبقة األولىلى أهلها باسمه الحسيب، هذه الجنة من األعمال الصالحة تجلى اهللا فيها ع

ال يدخل أحد الجنة «: فصارت جزاء محضا، وقوله عليه الصالة والسالمإنما أراد به جنة المواهب؛ وأما جنة المجازاة فهي باألعمال » بعمله

! ! ؟~ش ص ض ط ظ ع ژ { : الصالحة، قال اهللا تعالى في حق أهل الجنةوال يدخل ] 41-39اآليات : جمالن[} ! ! »ف ژ ـ. _ ء ! ! »ژ هللا] گ [ غ

أحد هذه الجنة إال باألعمال الصالحة، فمن ال عمل له ال دخول له فيها، ! ! {ژ { « ! ! «ژ » ـ پ ؟ { : وتسمى هذه الجنة اليسرى، قال اهللا تعالى

وسببه دخولها بقليل من ] 7-5اآليات : الليل[} )! ! ص(ژ } ) ص( . يسرها اهللا تعالى عليهاألعمال المقبولة فهي ميسرة لمن

هي فوق الطبقة األولى وأعلى منها، تسمى جنة الخلد : الطبقة الثانيةوجنة المكاسب، والفرق بين جنة المكاسب وجنة المجازاة، أن جنة

المجازاة بقدر األعمال فلها مقابلة، وجنة المكاسب ربح محض ألنها نتائج يها شيء على طريق المجازاة العقائد والظنون الحسنة باهللا تعالى، ليس ف

باألعمال البدنية، تجلى اهللا على أهل هذه الجنة باسمه البديع، فظهرت ألهل العقائد الحسنة ما لم يكن يأمله ابتداعا إلهيا، فباب هذه الجنة مخلوق

من العقائد والظنون باهللا والرجاء، وال يدخل هذه الجنة إال من آانت فيه ات، ومن لم يكن فيه شيء من هؤالء ال يدخلها، هذه الخصال المذآور

وسميت هذه الجنة بجنة المكاسب ألن ما يضاده وهو الخسران أيضا 5 4 3 2 1 0/ { : نتيجة الظنون الرديئة باهللا تعالى، قال سبحانه وتعالى

فأهل الظنون الرديئة في نار الخسارة، ] 23اآلية : فصلت[} ! ! ژ ؟پ7 6 .لحسنة باهللا تعالى هم في جنة المكاسبوأهل الظنون اتسمى جنة المواهب، وهذه الطبقة أعلى من اللتين قبلها، : الطبقة الثالثة

ألن مواهب الحق تعالى ال تتناهى، فيهب لمن ال عمل له وال عقيدة أآثر ممن له أعمال آثيرة وعقائد وغير ذلك، رأيت في هذه الجنة من آل ملة

ل جنس من أجناس بني آدم، حتى أن أهل العقائد أقواما، وطائفة من آوأهل األعمال إذا أعطاهم اهللا من باب الموهبة ودخلوا هذه الجنة تجلى

اهللا على أهلها باسمه الوهاب، فال يدخلها أحد إال بموهبة اهللا تعالى، وهي إنها ال يدخلها أحد بعمله، «: الجنة التي قال عليه الصالة والسالم فيها

وأما ما شاهدناه فإنا وجدنا في هذه الجنة من آل نوع من أنواع أهل الملل والنحل المختلفة طائفة، ال آلها وال أآثرها، بل فرقة من آل ملة، بخالف

. فإنها مخصوصة باألعمال الصالحة ال يدخلها إال أهلهاجنة المجازاتجنة المكاسب، ألن الربح قريب من الجزاء، إذ ال بد من رأس وأوسع منها

المال حتى ينتهي الربح عليه، فرأس مال أهل جنة المكاسب هي تلك وأما هذه الجنة، أعني جنة المواهب، . العقائد والظنون الحسنة باهللا تعالى

سع الجنات جميعها، حتى أنها أوسع مما فوقها وهذه المسماة في فإنها أو، ) * + { : القرآن بجنة المأوى، ألن الرحمة مأوى الجميع، قال اهللا تعالى

ولم يقل جزاء ليكون ] 19اآلية : السجدة[} ! ! ـ~ ژ 4 3 2 1 0 . / -لمكاسب، تنبيها على أنه يدخلهم جنة المواهب ال جنة المجازاة وال جنة ا

فهي نزل لهم وقرى من خزائن الحق والجود، والموهبة غير مختصة بمن .عمل الصالحات، فافهم

تسمى جنة االستحقاق وجنة النعيم وجنة الفطرة، وهذه : الطبقة الرابعةالطبقة أعلى من اللواتي قبلها، فإنها ال بمجازاة، وال موهبة، بل هي

قهم اهللا عليها أن يدخلوا هذه ألقوام مخصوصة اقتضت حقائقهم التي خلالجنة بطريق االستحقاق األصلي، وهم طائفة من عباده خرجوا من دار

الدنيا وأرواحهم باقية على الفطرة األصلية، فمنهم من عاش جميع عمره في الدنيا وهو على الفطرة، وأآثر هؤالء بهاليل ومجانين وأطفال، ومنهم

ة والرياضة والمعاملة الحسنة مع من تزآى باألعمال الصالحة والمجاهداهللا تعالى، فرجعت روحه من حضيض البشرية إلى الفطرة األصلية،

] 4اآلية : التين[} ! ! »عع ؟ ژ ء آ أ ژ { : فالفطرة األصلية قوله تعالىوهؤالء ] 5اآلية : التين[} ! ! «ؤ إ ئ ا ژ { : والدنس البشري قوله تعالى} ! ! {ب ة ت ث ج ح خ د ذ ژ { : ن بقوله تعالىالذين تزآوا هم المستثنو

يعني يدخلون الجنة المسماة بجنة االستحقاق فهي لهم ] 6اآلية : التين[حق من غير أن يكون موهوبا ممنونا أو مكسوبا مجازاة بطريق األعمال

أو غيرها، فهؤالء أعني من تزآى حتى رجع إلى الفطرة األصلية هم اآلية : االنفطار[} ! ! ژ ؟ـ$ £ ! " { : قال اهللا تعالىالمسمون باألبرار،

تسمى بالفردوس، وهي جنة المعارف، وأرضها متسعة : الطبقة الخامسةشديدة االتساع، وآلما ارتفع اإلنسان فيها ضاقت، حتى أن أعلى مكان

فيها أضيق من سم الخياط، ال يوجد فيها شجر وال نهر وال قصر وال حور إلى ما تحتهم، فأشرفوا في إحدى الجنان التي وال عين، إال إذا نظر أهلها

هي تحتهم فرأوا تلك األشياء المذآورة من الحور والقصور والولدان، وأما في جنة المعارف فال يجدون شيئا من ذلك، وآذلك ما فوقها وهذه

الجنة على باب العرش وسقفها سقف الباب، فأهل هذه الجنة في مشاهدة شهادة الجمال والحسن اإللهي قتلوا في محبة دائمة فهم الشهداء، أعني

اهللا بسيف الفناء عن نفوسهم فال يشهدون إال محبوبهم، وهذه الجنة هي المسماة بالوسيلة ألن المعارف وسيلة العارف إلى معروفه وأهل هذه

الجنة أقل من أهل جميع الجنان المتقدمة، وآلما علت الطبقات من هذه .الجنة آان آذلك

تسمى الفضيلة وأهلها هم الصديقون الذين أثنى اهللا : السادسةالطبقةعليهم بأنهم عند مليك مقتدر، وهذه الجنة هي جنة األسماء، وهي

منبسطة على درجات العرش آل طائفة من أهل الطبقة على درجة من درجات العرش أهلها أقل عددا من أهل جنة المعارف ولكنهم أعلى مكانة

. وهؤالء يسمون أهل اللذة اإللهيةعند اهللا تعالىتسمى الدرجة الرفيعة، وهي جنة الصفات من حيث : الطبقة السابعة

االسم، وهي جنة الذات من حيث الرسم، أرضها باطن العرش، وأهلها يسمون أهل التحقق بالحقائق اإللهية، وهم أقل عددا من الطبقة التي

لهية، وهؤالء هم الممكنون مضى ذآرها، هم المقربون أهل الخالفة اإل .وذوو العزم في التحقيق اإللهي

قائما في يمين هذا المحل ناظرا إلى وسطه، ) ص(رأيت إبراهيم الخليل ورأيت طائفة من الرسل واألولياء في جانبه األيسر شاخصين بأبصارهم

تسمى المقام المحمود، وهي جنة الذات، أرضها سقف : الطبقة الثامنةالعرش ليس ألحد إليها طريق، وآل من أهل جنة الصفات طالب للوصول

إليها يزعم أنها معقودة باسمه دون غيره، وزعم الكل حق، ولكن هي حمود أعلى مكان في الجنة وإنها ال إن المقام الم«: لقوله) ص(لمحمد

، ثم أخبر أن )ص(» تكون إال لرجل واحد، وأرجو أن يكون أنا ذلك الرجل هللا ـ پ ! ! ژ ؟{اهللا تعالى وعده بها، فلنؤمن ونصدق بما قاله، فإنه

] .3،4اآليتان : النجم[} ! ! »ژ فصل

ها الجنة والنار وما فيهما من واعلم أن الصورة المحمدية لما خلق اهللا منالمؤمنين وعذاب الكافرين، خلق اهللا تعالى صورة آدم عليه السالم نعيم

نسخة من تلك الصورة المحمدية، فلما نزل آدم من الجنة ذهبت حياة أال ترى آدم عليه السالم آيف لما آان في . صورته لمفارقته عالم األرواح

يوجده اهللا في حسه؛ وجميع من يدخل الجنة ال يتصور شيئا في نفسه إالالجنة يتم له ذلك، ولما نزل آدم إلى دار الدنيا لم يبق له ذلك، ألن حياته

المصورة في الجنة آانت بنفسها وحياتها في الدنيا بالروح فهي ميتة ألهل الدنيا إال من أحياه اهللا تعالى بحياته األبدية، ونظر إليه بما نظر به إلى

وحققه بأسمائه وصفاته، فإنه يكون له من القدرة في دار الدنيا ما ذاته، سيكون ألهل الجنة في الدار األخرى، فال يتصور شيئا في نفسه إال أوجده اهللا تعالى في حسه، فافهم ما أشرنا إليه لك في هذا الباب، فإنه من عرف

يقول الحق ما رمزناه فيه ظهر لديه ما يكتمه عنه الوجود ويخفيه، واهللا .ويثبته وال ينفيه

الباب التاسع والخمسون في النفس، وإنها محتد إبليس ومن تبعه من الشياطين من أهل التلبيس

النفس سر الرب وهي الذات فلها بها في ذاتها لذات

مخلوقة من نور وصف ربوبة فلها لذلكم ربوبيات

ظهرت بكل تعاظم وتكبر إذ هن أخالق لها وصفات

لم ترض بالتحجير آون مكانها من فوقه ولها هناك ثبات

وجميع أنوار نزلن نسين ما قد آن فيه وغيرها النزالت فعقلن إال النفس لم تعقل وال

نسيت رياستها وذا إثبات اعلم، أيدك اهللا بروح منه وال أخالك في وقت عنه، أن اهللا تعالى لما خلق

هرا لجماله وجالله، خلق آل حقيقة في من آماله، وجعله مظ) ص(محمدا من حقيقة من حقائق أسمائه وصفاته، ثم خلق نفس محمد ) ص(محمد

من نفسه، وليست النفس إال ذات الشيء وقد بينا فيما مضى خلق ) ص(من حقائقه تعالى، آما مضى في العقل ) ص(بعض الحقائق المحمدية

.والوهم وأمثالهما، وسيأتي بيان ما بقيعلى ما وصفناه، وخلق نفس آدم عليه ) ص(م خلق اهللا نفس محمد ث

، فلهذه اللطيفة لما منعت من أآل )ص(السالم نسخة من نفس محمد الحبة في الجنة أآلتها ألنها مخلوقة من ذات الربوبية، وليس من شأن الربوبية البقاء تحت الحجر، ثم انسحب عليها هذا الحكم في دار الدنيا

، فال تمنع من شيء إال وتطلب إتيانه لهذه اللطيفة، سواء وفي األخرىآان ما منعت عنه سببا لسعادتها أم سببا لشقاوتها، ألنها ال تأتي الشيء

طلبا للسعادة أو للشقاوة، بل إنما تأتيه لمجرد ما هو عليه ذاتها من عدم حملها الربوبية األصلية، أال ترى الحبة التي أآلتها في الجنة آيف

المباالة حتى انتهى بها إلى أآلها عالمة بأنها تشقيها لإلخبار اإللهي حيث وليست الحبة إال الظلمة ] 35اآلية : البقرة[} » هللا ـ پ ؟ { : قال

الطبيعية، فكانت الحبة المخلوقة من الشجرة مثال نصبه الحق تعالى لها ا إذا عصت استحقت النزول بالظلمة الطبيعية، فمنعها من أآلها لعلمه أنه

إلى دار ظلمة الطبائع فتشقى، ألنها الشجرة الملعونة في القرآن، فمن أتاها لعن، أي طرد، فلما أتتها طردت من القرب اإللهي الروحي إلى البعد

الجسماني فليس النزول إال هذا وهو انصراف وجهها من العالم العلوي العالم السفلي الطبيعي الذي هو تحت الذي هو منزه عن القيد والحصر إلى

.األسر فصل

اعلم أن النفس لما منعت من أآل هذه الحبة، وآان من شأنها عدم التحجير، التبس األمر عليها بين ما تعلمه لذاتها من سعادة الربوبية وبين اإلخبار اإللهي بأن أآل الحبة يشقيها، فاعتمدت على علمها من نفسها ولم

ر اإللهي لعلة محبتها لألآل، وهذا هو موضع االلتباس تقف مع اإلخبالجميع العالمين، فكل من شقي إنما شقي بهذا االلتباس الذي شقيت النفس

االلتباس إال بدسيسة األمل، وإال فعلى الحقيقة النفس لم تقع في واعلم أنتقديم علم الشخص على علم المخبر جائزا إذا آان أحدهما منافيا لآلخر، ولم يكن ما أخبر به الحق تعالى منافيا لعلمها، ألن النفس تعلم بالقابلية األصلية سر ما تقتضيه الظلمة الطبيعية المضروب عنها المثل بالحبة،

أن إتيان الطبائع مظلمة ألرض الروح مشقية لها، وتعلم أنه ليس وتعلممن شأن الربوبية إتيان األشياء المشقية للتقديس الذاتي والتنزيه اإللهي،

وليس ما أخبرها الحق تعالى إال عين ما علمته من نفسها، لكن دسيسة ر حتى ألبس عليها األم األآل التي نصبها األمر المحكوم والقدر المحتوم

رأت أن منع تلك الحبة مفوت للربوبية التي هي عليها، وهي التي قال لها اآلية : األعراف[} {: إبليس المخلوق فيها من حقيقة التلبيس

هللا ـ { ألن الملك ال تحجير عليه، فإن امتنعتما دخلتما تحت التحجير ] 20ا لم تقبال الحجر في األآل لم تخرجا ألنكما إذ] 20اآلية : األعراف[} پ ؟

{ » « { من الجنة بإخراج أحدآما، ألنكما قد أتيتما بما تقتضيه الربوبية وليست المقاسمة إال إيضاح ما ] 21اآلية : األعراف[} ! ! ژ ـپ} ) ص(

يدعيه بالحجة القاطعة والبراهين الساطعة آما فعل، ثم إن األمم الماضية لك إنما هلك بدسيسة نفسانية، ألن الرسل إنما أتت إلى أيضا وجميع من ه

الخلق باألمور المعقولة من إيضاح األمور المجهولة، آإثبات الصانع بدليل المصنوع، وإثبات االقتدار بدليل الصنعة، وإثبات القيامة بدليل

، وأمثال ذلك ] 79اآلية : يس[ } 3 2 1 0. / { : اإلحياء األول، حيث قال أظهروا المعجزات القاطعة وأتوا باآليات القامعة، ولم يترآوا آثير، ثم

نوعا من خرق العوائد التي ال يقدر عليها المخلوق أبدا إال عن قدرة إلهية آإحياء الميت وإبراء األآمه واألبرص وفلق البحر وأمثال ذلك، فما منع

ى أن أخش: من امتنع عن االنقياد للرسل إال الدسائس، فمنهم من قال

فصلاعلم أن اهللا تعالى لما خلق النفس المحمدية من ذاته، وذات الحق جامعة

فات الجمال والنور والهدى من للضدين، خلق المالئكة العالين من حيث صآما سبق بيانه، وخلق إبليس وأتباعه من حيث صفات ) ص(نفس محمد

، وآان اسمه عزازيل، قد )ص(الجالل والظلمة والضالل من نفس محمد عبد اهللا تعالى قبل أن يخلق الخلق بكذا آذا ألف سنة، وآان الحق قد قال

آدم عليه السالم وأمر المالئكة فلما خلق اهللا. يا عزازيل ال تعبد غيري: لهبالسجود له، التبس األمر على إبليس، فظن أنه لو سجد آلدم آان عابدا

لغير اهللا، ولم يعلم أن من سجد بأمر فقد سجد هللا، فلهذا امتنع، وما سمي إبليس إال لنكتة هذا التلبيس الذي وقع فيه، فافهم، وإال فاسمه قبل ذلك

. مرةعزازيل وآنيته أبووالعالون هم ] 75اآلية : ص[} ى ي { : فلما قال له الحق تعالى

المالئكة المخلوقون من النور اإللهي آالملك المسمى بالنون وأمثاله، وباقي المالئكة مخلوقون من العناصر، وهم المأمورون بالسجود آلدم،

وهذا الجواب يدل على أن إبليس ] 12ة اآلي: األعراف[} هللا {: فقالمن أعلم الخلق بآداب الحضرة وأعرفهم بالسؤال وما يقتضيه من

: الجواب، ألن الحق لم يسأله عن سبب المانع، ولو آان آذلك لكان صيغةلم امتنعت أن تسجد لما خلقت بيدي؟ ولكن سأله عن ماهية المانع، فتكلم

، يعني ألن الحقيقة النارية وهي الظلمة ألني خير منه: األمر فقال على سرالطبيعية التي خلقتني منها خير من الحقيقة الطينية التي خلقته منها،

فلهذا السبب اقتضى األمر أن ال أسجد، ألن النار ال تقتضي بحقيقتها إال العلو، والطين ال يقتضي بحقيقته إال السفل؛ أال تراك إذا أخذت الشمعة

إلى تحت ال ترجع اللهبة إال إلى فوق، بخالف الطين فإنك فنكست رأسها لو أخذت آفا من تراب ورميت به إلى فوق رجع هابطا أسرع من صعوده

اآلية : األعراف[} هللا {: لما تقتضيه الحقائق، فلذلك قال إبليس أن ولم يزد على ذلك لعلمه أن اهللا تعالى مطلع على سره، ولعلمه] 12

واعتمدت : المقام مقام قبض ال مقام بسط، فلو آان مقام بسط لقال بعد ذلك

ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب آالرجل اللعين

، وهو مثال ينصبونه في الزرع يشبه الرجل يعني الرجل الموحشليستوحش منه الوحش وينفر منه الطير فينطرد بذلك ويسلم الزرع

اآلية : ص[} )! ! ص(}ژ ( ) * + ' × { : والثمر، وقوله تعالى إلبليسأي ال على غيرك، ألن الحروف الجارة والناصبة إذا تقدمت أفادت ] 78

. / { : ال على غيره، وآقوله تعالىالحصر، آقولهم على زيد الدرهم؛ أيأي ال غيرك نعبد وال نستعين، فلم يلعن ] 5اآلية : الفاتحة[} ! ! « ژ 1 0

الحق أحدا إال إبليس وما ورد من اللعنة على الظالمين والفاسقين وغيرهم، فكل ذلك بطريق االتباع له، فاللعنة بطريق األصالة على إبليس

حصر، ] 35اآلية : الحجر[ } 1 0/ { : يره، وقولهوبطريق التفريع على غفإذا انقضى يوم الدين فال لعنة عليه، الرتفاع حكم الظلمة الطبيعية في يوم

الدين، وقد مضى تفسير يوم الدين في الباب الموفي أربعين من الكتاب، فال يلعن إبليس، أي ال يطرده عن الحضرة إال قبل يوم الدين ألجل ما

ه، وهي الموانع الطبيعية التي تمنع الروح عن التحقق يقتضيه أصلوأما بعد ذلك فإن الطبائع تكون لها من جملة الكماالت، . بالحقائق اإللهية

فال لعنة بل قرب محض، فحينئذ يرجع إبليس إلى ما آان عليه عند اهللا من القرب اإللهي وذلك بعد زوال جهنم، ألن آل شيء خلقه اهللا ال بد أن يرجع

.لى ما آان عليه، هذا أصل مقطوع به فافهمإإن إبليس لما لعن هاج وهام لشدة الفرح حتى مأل العالم بنفسه، فقيل : قيلهي خلعة أفردني الحبيب : أتصنع هكذا وقد طردت من الحضرة؟ فقال: له

نادى الحق آما أخبر عنه بها ال يلبسها ملك مقرب وال نبي مرسل؛ ثم إنهلعلمه أن ذلك ] 36اآلية : الحجر[ } 7 6 5 4 3{ : قالسبحانه وتعالى

ئ ا ب ة ت ث ج ژ ! ! }»أ ؤ إ ژ { : فلما تكلم بهذا الكالم أجابه الحق فقالفلما تكلم إبليس عليه اللعنة من حيث ما ] 84،85اآليتان : ص[} ! ! }«

تقتضيه الحقائق أجابه الحق تعالى من حيث ما تكلم به إبليس حكمة بها إبليس عليهم وأقسم أنه إلهية، وذلك أن الظلمة الطبيعية التي تسلط

يغويهم هي عينهم القائدة لهم إلى النار، بل هي عين النار، ألن الطبيعة المظلمة هي النار التي يسلطها اهللا تعالى على قلوب المفسدين، فال يتبع

إبليس أحد إال من دخلها، ومن دخلها فقد دخل النار، فانظر إلى هذه تعالى برقيق إشارة ودقيق عبارة، ليفهمه الحكمة اإللهية آيف أبرزها اهللا

من يستمع القول فيتبع أحسنه، فافهم إن آنت ممن يفهم، فديت من يعقل .ما رمزت إليه، وفديت من يعلم

فصلوبعد أن شرعنا في الكالم على الحقيقة اإلبليسية ال بد أن نتكلم على

تبيين شياطينه وتنوعاته وآالته التي يستعين بها على الخالئق و مظاهرهوحفدته وما هو خيله ورجله الذي ذآرهم اهللا تعالى في آتابه العزيز حيث

] .64اآلية : اإلسراء[} عع ؟ ژ ء آ أ ؤ إ ئ ا ب ة ت ث { : قالواعلم أن إبليس له في الوجود تسعة وتسعون مظهرا على عدد أسماء اهللا

عدها ويطول علينا تعالى الحسنى، وله تنوعات في تلك المظاهر ال يحصىاستيفاء شرح مظاهره جميعها، فلنكتف منها على سبع مظاهر هي أمهات جميع تلك المظاهر، آما أن السبعة النفسانية من أسماء اهللا تعالى أمهات

جميع أسمائه الحسنى، وهذا أمر عجيب، وذلك نكتة سر إيجاده من النفس

:واعلم أن مظاهره المذآورة هي هذه السبعةهو الدنيا وما ينبت عليها آالكواآب واالستقصاءات : المظهر األول

.والعناصر وغير ذلكثم اعلم أن إبليس ال يختص مظهره بأحد دون أحد، ولكن غالبا يظهر لكل

طائفة بمظهر ال يقتصر طائفة بما سنومىء إليه، ثم إنه إذا ظهر على عليه بل ال يزال يتنوع له في آل المظاهر حتى يسد عليه األبواب، وال

يترك له طريقا إلى الرجوع، ولكنا ال نذآر من مظاهره في آل طائفة إال ما هو األغلب عليها ونترك الباقي، ألنه يفعل بهم ما يفعل بغيرهم في

لشرك في الدنيا وما بنيت عليه المظاهر الباقية، فظهوره على أهل اآالعناصر واألفالك واالستقصات واألقاليم بهذه المظاهر للكفار

والمشرآين، فيغويهم أوال بزينة الدنيا وزخارفها حتى يذهب بعقولهم ويعمي على قلوبهم، ثم يدلهم على أسرار الكواآب وأصول العناصر

ود، فيعبدون األفالك لما هؤالء الفعالون في الوج: وأمثال ذلك، فيقول لهميرونه من صحة أحكام الكواآب، ولما يشهدونه من تربية الشمس

بحرارتها ألجسام الوجود، ولما ينظرونه من نزول المطر على حساب الطوالع والغوارب، فال يختلج لهم خاطر في ربوبية الكواآب، فإذا قد أحكم

لمآآل والمشارب، وال فيهم هذه األصول ترآهم آالبهائم ال يسعون إال ليؤمنون بقيامة وال غيرها، فيقتل بعضهم بعضا وينهب بعضهم بعضا، قد غرقوا في بحار ظلمة الطبائع، فال خالص لهم منها أبدا أبدا، وآذلك يفعل

أال ترون أن الجسم مرآب من الجوهر، : بأهل العناصر فيقول لهم فهؤالء اآللهة التي والجوهر مرآب من حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة،

ترتب الوجود عليهم، وهم الفعالون في العالم، ثم يفعل بهم ما فعل باألول، أال ترون أن الوجود منقسم بين الظلمة : وآذلك عبدة النار فإنه يقول لهم

والنور، فالظلمة إله يسمى أهرمن والنور إله يسمى نردن، والنار أصل ل باألول، وهكذا فعله بجميع النور فيعبدونها، ثم يفعل بهم ما فع

.المشرآينهي الطبيعة والشهوات واللذات، فيظهر فيها للمسلمين : المظهر الثاني

العوام، فيغويهم أوال بمحبة األمور الشهوانية، والرغبة إلى اللذات الحيوانية مما اقتضته الطبيعة الظلمانية حتى يعميهم، فعند ذلك يظهر لهم

هذه األمور المطلوبة ال تحصل لهم إال بالدنيا، في الدنيا ويخبرهم بأنفينهمكون في حبها ويستمرون في طلبها، فإذا فعل بهم هذا ترآهم، فإنه ال

يظهر في أعمال الصالحين، فيزين لهم ما يصنعونه ليدخل : المظهر الثالثعليهم العجب، فإذا أدخل عليهم العجب بنفوسهم وأعمالهم غرهم بما هم

: ا صاروا عنده بهذه المثابة قال لهمعليه فال يقبلون من عالم نصيحة، فإذيكفي لو عمل غيرآم عشر معشار ما تعملونه لنجا، فقللوا في األعمال وأخذوا في االستراحات واستعظموا أنفسهم واستخفوا بالناس، ثم إذا

ما آانوا عليه من سوء الخلق وسوء الظن أآسبهم هذه األشياء مع بؤسيدخل عليهم المعاصي واحدة بعد واحدة، بالغير انتقلوا إلى الغيبة، وربما

افعلوا ما شئتم فإن اهللا غفور رحيم، واهللا ما يعذب أحدا، إن : ويقول لهماهللا يستحي من ذي شيبة، إن اهللا آريم، حاشا الكريم أن يطالب بحقه

حتى ينقلهم عما آانوا عليه من الصالح إلى الفسق، فعند ذلك . وأمثال ذلك .لعياذ باهللا منهيحل بهم البالء واالنيات والتفاضل باألعمال يظهر فيها على الشهداء، : المظهر الرابع

فيفسد نياتهم لتفسد أعمالهم، فبينما أن العامل منهم يعمل هللا تعالى يدس أحسن أعمالك فالناس يرونك لعلهم :عليه شيطانا في خاطره يقول له

معة ليقال فالن آذا وآذا، يقتدون بك، هذا إذا لم يقدر أن يجعله رياء وسفإنه يدخل عليه من حيث الخبر ثم يأتي إليه وهو في عمل، مثال آقراءة

هال تحج إلى بيت اهللا الحرام وتقرأ في طريقك ما شئت، : قرآن يقول لهآن : فتجمع بين أجري الحج والقراءة حتى يخرجه إلى الطريق، فيقول له

اءة، فيترك القراءة وبشؤمه ذلك مثل الناس أنت اآلن مسافر ما عليك قرقد فوته الفرائض المفروضة المكتوبة، وقد ال يبلغ الحج، وقد يشغله عن جميع مناسكه بطلب القوت، وقد يورثه بذلك البخل وسوء الخلق وضيق

الصدر، وأمثال ذلك من هذا آثير، فإنه من ال يقدر أن يفسد عليه عمله حتى يخرجه من العمل األول وال يدخل عليه عمال أفضل مما هو عليه

.يترآه في الثانيالعلم يظهر فيه للعلماء، وأسهل ما على إبليس أن : المظهر الخامس

واهللا أللف عالم عندي أسهل من أمي قوي : يغويهم بالعلم، قيل إنه يقولاإليمان، فإنه يتحير في إغوائه، بخالف العالم فإنه يقول له ويستدل عليه

العالم أنه حق فيتبعه فيغوى بذلك، مثال يأتي إليه بالعلم في محل بما يعلمه اعقد بهذه المرأة على مذهب داود وهو حنفي، أو على : شهوته فيقول له

يظهر في العادات وطلب الراحات على المريدين : المظهر السادسالصادقين فيأخذهم إلى ظلمة الطبع من حيث العادة وطلب الراحة حتى

فإذا عدموا ذلك ،يسلبهم قوة الهمم في الطلب وشدة الرغبة في العبادةرجعوا إلى نفوسهم، فصنع بهم ما هو صانع بغيرهم ممن ليست له إرادة،

يخشى على المريدين من شيء أعظم مما يخشى عليهم من طلب فال .الراحات والرآون إلى العادات

المعارف اإللهية يظهر فيها على الصديقين واألولياء : المظهر السابعوالعارفين إال من حفظه اهللا تعالى، وأما المقربون فما له عليهم من سبيل،

أليس أن اهللا : إللهية فيقول لهمفأول ما يظهر به عليهم في الحقيقة ا: حقيقة الوجود جميعه وأنتم من جملة الوجود والحق حقيقتكم؟ فيقولون

لم تتعبون أنفسكم بهذه األعمال التي يعملها هؤالء المقلدة، : نعم، فيقولفيترآون األعمال الصالحة فإذا ترآوا األعمال قال لهم افعلوا ما شئتم، ألن

أنتم هو، وهو ال يسئل عما يفعل، فيزنون ويسرقون اهللا تعالى حقيقتكم، فويشربون الخمر حتى يؤول بهم ذلك إلى أن يخلعوا ربقة اإلسالم واإليمان من أعناقهم بالزندقة واإللحاد، فمنهم من يقول باالتحاد، ومنهم من يدعي

في ذلك اإلفراد، ثم إذا طولبوا بالقصاص وسئلوا عن منكراتهم التي أنكروا وال تمكنوا من أنفسكم، فإنكم ما فعلتم شيئا وما : لهمفعلوها يقول

آان الفاعل إال اهللا وأنتم ما هو على اعتقاد الناس واليمين على نية المستحلف، فيحلفون أنهم لم يصنعوا شيئا وقد يناجيهم في لباس الحق

أو إني أنا اهللا وقد أبحت لك المحرمات فاصنع ما شئت، : فيقول ألحدهمفاصنع آذا وآذا من المحرمات فال إثم عليك، وآل هذا ال يكون غلطا إال إذا آان إبليس هو الظاهر عليهم، وإال فالحق سبحانه وتعالى بينه وبين عباده

.من الخصوصيات واألسرار ما هو أعظم من ذلكولمواجيد الحق عالمات عند أهله غير منكورة، وإنما تلتبس األشياء على

ال معرفة له بها مع عدم العلم بالوصول، وإال فمثل هذه األشياء ال تكاد منتخفى على من له معرفة باألصول، أال ترى إلى حكاية سيدي الشيخ عبد

يا عبد القادر إنني أنا اهللا وقد أبحت لك : القادر لما قيل له وهو في البادية

وافى المحب فزاره محبوبه بشراه يا بشراه ذا مطلوبه قدم الحبيب بعيد هجر يا لها

من فرحة داوى السقيم طبيبه يا قده العسال هل هذا القنا

آثيبه ينآد أم يا ردف أنت وبخاله المسكي تهت عن التقى

لكن هداني للسالفة طيبه أبرود ثغر هذا األقاح ولؤلؤ

نظمت على مرجان فيه حبوبه أي شعر ليلك هل يضيء صاحبه أي خد يومك هل يجيء غروبه

أأسنة أم أسهم تلك المقى وتصيب قلبي أم فداك نصيبه أقسى حاجبه إلى آم قسوة

تصيبه هب أنني هدف ألست يا أيها الواشون ال آان الوشا

يا أيها الرقبا أميت رقيبه لله فقدآما عدمت لقاآما

لوالآما ضم الحبيب حبيبه أفلستما ترياه يرسل نشره

سحرا فيحيي المستهام هبوبه

أنا من يضم حبيبه عند اللقا خوف الرقيب فال يبين رقيبه لم أنس صبحا بالهنا آنسته

خوض الدجى مرآوبه حتى اجترى رآب األسنة والذوابل شرع

ما صده عن حي مي خطوبه آادت نجائب عزمه تكبو بها

فاشتد منها بالعنان نجيبه وطرقت سعدى والسهام آأنها

نيسان صدق برآه مسكوبه حتى أنخت مطيتي في منزل

لم يدع إال باألهيل غريبه دار بها لسعاد مغنى مغرب

السماك تريبه عنقاؤه فوق دار بها حل المكارم والعال

فالجود جود فنائها وخصيبه دار بها إسماعيل أسمى من سما

أسماء أسما راحه ونسيبه ملك الصفات وآامل الذات الذي

فاح الشمال بعطره وجنوبه ملك ملوك الله تحت لوائه ما بينما موهوبه وسليبه أسد دم اآلساد غمد حسامه

النسور خليبه نسر وفى مخ بحر آللي التاج من أمواجه

فوق الرؤوس على الملوك وهيبه قطب الحقيقة محور الشرع الضيا

فلك الوالء محيطه وعجيبه وأخو التمكن من صفات طالما

حز الرقاب دوينهن رقيبه لله درك من مليك ناهب

بل واهب بدمي ولحمي ذيبه ويعز بالملك العقيم من ابتغى

ل من هو شاء فهو حسيبه ويذ يا ابن إبراهيم يا بحر الندى

يا ذا الجبرتي الجبور طبيبه ألعبدك الجيلي منك عناية

صباغة صبغ المحب حبيبه أنت الكريم بغير شك وهو ذا

عبد الكريم ومنك يرجى طيبه والسامعون وناشدوه جميعهم أضياف جودك إذ يعم سكوبه

منحنيما أنت يا غصن النقا بال إال الخزامى قد تنشر طيبه قسما بمكة والمشاعر والذي من أجله هجر المنام آئيبه ما حب قلبي قط شيئا غيرآم

آال وليس سواآم مطلوبه ويكفي هذا القدر من بيان أمر إبليس وتنوعه في مظاهره، وإال فلو أخذنا

ألنا مجلدات آثيرة في بيان تنوعه في مظهر واحد من هذه السبعة بكماله ممثال، آما ال يظهر ألعلى الطبقات، وهي طبقات العارفين فضال عن األدنى،

فإنه يقدر أن يظهر على األدنى بكل ما يظهر به على األعلى، وال عكس فيأتي بعض العارفين ويظهر عليهم تارة من حيث االسم اإللهي، وتارة من

ن حيث العرش، وتارة من حيث الوصف، وتارة من حيث الذات، وتارة محيث الكرسي، وتارة من حيث اللوح، وتارة من حيث القلم، وتارة من

حيث العماء، وتارة من حيث األلوهية، ويظهر عليهم في آل مظهر إلي ووصف علي فال يعرفه إال آحاد األولياء، فإذا عرفه الولي صار ما آان

ب به إلى الحضرة اإللهية، يريد أن يغويه به هداية في حق العارف ويتقرهكذا ال يزال يفعل بالولي حتى يحصل األجل المحتوم، واألمر المحكوم،

فيتحقق الولي بالحقائق اإللهية، ويتقلب فيها بحكم التمكين، فينقطع حكم إبليس حينئذ، فذاك في حقه إلى يوم الدين إذ ليس يوم الدين إال يوم

اهللا الفناء الثالث وانمحق وانسحق، فقد القيامة، والعارف إذا فنى في قامت به قيامته الصغرى، فذلك مآله يوم الدين، فلنكتف في إيضاح هذا

.األمر إذ ال سبيل إلى إفشاء هذا السرثم اعلم أن الشياطين أوالد إبليس عليه اللعنة، وذلك أنه لما تمكن من

لعادات الحيوانية، النفس الطبيعية أنكح النار الشهوانية من الفؤاد في ا

ن هؤالء من تغلب عليه فهذه مشارآته، فم [64 الطبيعة النارية فيكون ملتحقا باألرواح العنصرية، ومنهم من تغلب عليه

الطبيعة النباتية الحيوانية فيبرز بصورة بني آدم وهو شيطان محض، وهؤالء البارزون في ] 112اآلية : األنعام[} ف ق ك { : وذلك قوله تعالى

لشياطين الملحقة باألرواح، صورة بني آدم هم خيله، ألنهم أقوى من ا{ : فهؤالء أصول الفتن في الدنيا، وأولئك فروعه وهم رجله، قال تعالى

] .64اآلية : اإلسراء[} عع ؟ ژ ء ثم اعلم أن آالته أقواها الغفلة، فهي بمثابة السيف له يقطع به، ثم الشهوة

ن الرياسة وهي بمثابة الحصو وهي بمثابة السهم يصيب به المقتل، ثموالقالع يمتنع بها أن يزول، ثم الجهل وهو بمثابة الراآب، فيسير بالجهل

إلى حيث يشاء، ثم األشعار واألمثال والخمور والمالهي، وأمثال ذلك وأما النساء فهن نوابه وحبائله بهن يفعل آما يشاء، . آباقي آالت الحرب

يقاتل بها، فليس في عدده شيء أقوى فعال من النساء، فهذه آالته التي فمن جملة مواسمه الليل ومواضع التهم ووقت . وله آالت آثيرة ومواسم

النزع وأمثال ذلك، وهذا القدر سديد لمن آان له قلب أو ألقى السمع وهو .شهيد فصل

نفس : ثم اعلم أن النفس تسمى في االصطالح على خمسة أضرب. طمئنةحيوانية، ونفس أمارة، ونفس ملهمة، ونفس لوامة، ونفس م

وآلها أسماء الروح إذ ليس حقيقة النفس إال الروح، وليس حقيقة الروح .إال الحق فافهم

.فالنفس الحيوانية تطلق على الروح باعتبار تدبيرها للبدن فقطوأما الفلسفيون فالنفس الحيوانية عندهم هي الدم الجاري في العروق

.وليس هذا بمذهبنا باعتبار ما يأتيه من المقتضيات الطبيعية ثم النفس األمارة تسمى به

الشهوانية باالنهماك في المالذ الحيوانية وعدم المباالة باألوامر .والنواهي

ثم النفس الملهمة، تسمى به باعتبار ما يلهمها اهللا تعالى به من الخير، فكل ما تفعله النفس من الخير هو باإللهام اإللهي، وآل ما تفعله من الشر

القتضاء الطبيعي، وذلك االقتضاء منها بمثابة األمر لها بالفعل، هو با

ثم النفس اللوامة، سميت به باعتبار أخذها في الرجوع واإلقالع، فكأنها .، فلهذا سميت لوامةتلوم نفسها على الخوض في تلك المهالك

ثم النفس المطمئنة، سميت به باعتبار سكونها إلى الحق واطمئنانها به، وذلك إذا قطعت األفعال المذمومة رأسا والخواطر المذمومة مطلقا، فإنه

متى لم تنقطع عنها الخواطر المذمومة ال تسمى مطمئنة بل هي لوامة، ثم ا تسمى مطمئنة، ثم إذا ظهر على إذا انقطعت الخواطر المذمومة مطلق

جسدها اآلثار الروحية من طي األرض وعلم الغيب وأمثال ذلك، فليس لها اسم إال الروح، ثم إذا انقطعت الخواطر المحمودة آما انقطعت المذمومة

واتصفت باألوصاف اإللهية وتحققت بالحقائق الذاتية، فاسم العارف اسم ه ذاته، واهللا يقول الحق وهو يهدي معروفه، وصفاته صفاته، وذات

.السبيل الباب الموفي ستين

وأنه مقابل للحق والخلق) ص(في اإلنسان الكامل وأنه محمد اعلم أن هذا الباب عمدة أبواب هذا الكتاب، بل جميع الكتاب من أوله إلى

.آخره شرح لهذا الباب، فافهم معنى الخطابواحد منهم نسخة لآلخر بكماله ال يفقد ثم إن أفراد هذا النوع اإلنساني آل

في أحد منهم مما في اآلخر شيء إال بحسب العارض، آمن تقطع يداه ورجاله، أو يخلق أعمى لما عرض له في بطن أمه، ومتى لم يحصل

العارض فهم آمرآتين متقابلتين يوجد في آل واحد منهما ما يوجد في بالقوة، ومنهم من تكون فيه األخرى، ولكن، منهم من تكون األشياء فيه

.بالفعل، وهم الكمل من األنبياء واألولياءثم إنهم متفاوتون في الكمال، فمنهم الكامل واألآمل، ولم يتعين أحد منهم

في هذا الوجود من الكمال الذي قطع له بانفراده ) ص(بما تعين به محمد واله، فهو اإلنسان فيه، شهدت له بذلك أخالقه وأحواله وأفعاله وبعض أق

الكامل والباقون من األنبياء واألولياء والكمل صلوات اهللا عليهم ملحقون به لحوق الكامل باألآمل، ومنتسبون إليه انتساب الفاضل إلى األفضل،

ولكن مطلق لفظ اإلنسان الكامل حيث وقع في مؤلفاتي إنما أريد به محمدا آمل األسنى، ولي في هذه التسمية له ، تأدبا بمقامه األعلى ومحله األ)ص(

إشارات وتنبيهات على مطلق مقام اإلنسان الكامل ال يسوغ إضافة تلك ، إذ هو )ص(اإلشارات، وال يجوز إسناد تلك العبارات إال السم محمد

قلب أطاع الوجد فيه جنانه وعصى العواذل سره ولسانه عقد العقيق من العيون ألنه

فقد العقيق ومن همو أعيانه ألف السهاد وما سها فكأنها

نظم السهى في هدبه إنسانه يبكي على بعد الديار بمدمع

سل عنه سلعا آم روت غدرانه ينه رعد ونار زفيرهفحن

برق ومزن المنحنى أجفانه فكأن بحر الدمع يقذف دره حتى نفدن وقد بدا مرجانه ولئن تداعى فوق أيك طائر داعي الحمام بأنه خفقانه

شجوا حنين مطية ويزيده رقلت بها نحو الحمى رآبانه

يا سائق العيس المعمم في الثرى قف للذي تحدوآم أشجانه

ا قد روته مدامعيبلغ حديث إذ عنعنته مسلسال فيضانه

أسند لهم ضعفي وما قد صح من متواتر الخبر الذي جريانه

يرويه عن عبراته عن مقلتي عن أضلعي عما روت نيرانه

عن مهجتي عن شجوها عن خاطري عن عشقتي عما حواه جنانه

عن ذلك العهد القديم عن الهوى عمن همو روحي وهم سكانه

ل سلمت أحبتي بتلطفواسأ المسكين عند همو وهم سلطانه واستنجد العرب الكرام تعطفا

لمضيع في هجرهم أزمانه ال يوحشنك عزهم وعلوهم تلك الديار لوفدها أوطانه آال وال تنس الحديث فحبهم

قصص الصبابة لم تزل قرآنه ما آيسوا المقطوع من إيصالهم

بل آنسوه بأنهم خالنه أعهد منهم حفظ الوداقد آنت

د فليت شعري هل هم إخوانه ولقد أنزه عن خيانة عهدنا

شأن الحبيب وإن يكن هو شأنه حيا اإلله أحبتي وسقاهمو غيثا يجود بويله سكبانه

يحيا به الربع الخصيب ولم يزل حيا يميس بورقه أغصانه عجبا لذاك الحي آيف يهمه قحط السنين وأحمد نيسانه

آيف يظمأ وفده ولديهموأو بحر يموج بدره طفحانه

شمس على قطب الكمال مضيئة بدر على فلك العال سيرانه أوج التعاظم مرآز العز الذي

لرحى العال من حوله دورانه ملك وفوق الحضرة العليا على

العرش المكين مثبت إمكانه ليس الوجود بأسره إن حققوا

إال حبابا طفحته دنانه الكل فيه ومنه آان وعنده

تفنى الدهور ولم تزل أزمانه فالخلق تحت سما عاله آخردل

واألمر يبرمه هناك لسانه والكون أجمعه لديه آخاتم في إصبع منه أجل آوانه

والملك والملكوت في تياره آالقطر بل من فوق ذاك مكانه وتطيعه األمالك من فوق السما

نه واللوح ينفذ ما قضاه بنا فلكم دعا بالنخلة الصما فجا

ءت مثل ما جاءت له غزالنه ناهيك شق البدر منه بأصبع والبدر أعلى أن يزل قرانه شهدت بمكنته الكيان وخير بينة يكون الشاهدين آيانه

هو نقطة التحقيق وهو محيطه هو مرآز التشريع وهو مكانه هو در بحر ألوهة وخضمها

ومعانه هو سيف أرض عبودة هو هاؤه هو واوه هو باؤه

هو سينه والعين بل إنسانه هو قافه هو نونه هو طاؤه هو نوره هو ناره هو رانه

عقد اللوا بمحمد وثنائه فالدهر دهر واألوان أوانه

وله الوساطة وهو عين وسيلة هي للفتى يجلى بها رحمانه وله المقام وذلك المحمود ما

انه لم يدر من شأن تعالى ش ميكال طست موجة من بحره

وآذاك روح أمينه وأمانه وبقية األمالك من مائية

آالثلج يعقده الصبا وحرانه والعرش والكرسي ثم المنتهى

مجاله ثم محله ومكانه وطوى السماوات العلى بعروجه

طي السجل آمدلج رآبانه أنبا عن الماضي وعن مستقبل

آشف القناع وآم أضا برهانه تت يداه بمال قيصره ففروأ

قها وآسرى ساقط إيوانه ولكم له خلق يضيء بنوره

يهدي بذآراه الهدى جيرانه ولكم تطهر في التزآي وانتقى حتى ارتقى ما ال يرام عيانه أنبا عن األسرار إعالنا ولم

يفش السريرة للورى إعالنه نظم الدراري في عقود حديثه

منتشرات فوقها عقبانه ى يبلغ في اإلمامة حقهاحت

من غير هتك رامه خوانه الله حسبي ما ألحمد منتهى

وبمدحه قد جاءنا فرقانه حاشاه لم تدرك ألحمد غاية

إذ آل غايات النهى بدآنه صلى عليه الله مهما زمزمت

آلم على معنى يريح بيانه واآلل واألصحاب واألنساب واألقطـ

ـاب قوم في العال إخوانهاعلم، حفظك اهللا، أن اإلنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفالك

الوجود من أوله إلى آخره، وهو واحد منذ آان الوجود إلى أبد اآلبدين، ثم له تنوع في مالبس ويظهر في آنائس، فيسمى به باعتبار لباس، وال يته يسمى به باعتبار لباس آخر، فاسمه األصلي الذي هو له محمد، وآن

أبو القاسم، ووصفه عبد اهللا، ولقبه شمس الدين، ثم له باعتبار مالبس أخرى أسام، وله في آل زمان اسم ما يليق بلباسه في ذلك الزمان، فقد

وهو في صورة شيخي الشيخ شرف الدين إسماعيل ) ص(اجتمعت به ، وآنت أعلم أنه الشيخ، وهذا من )ص(الجبرتي، ولست أعلم أنه النبي

مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين وسبعمائة، وسر هذا جملة من التصور بكل صورة، فاألديب إذا رآه في الصور ) ص(األمر تمكنه

المحمدية التي آان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه، وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد، فال يسميه إال باسم تلك الصورة، ثم

إياك أن تتوهم شيئا في قولي من مذهب التناسخ، حاشا اهللا وحاشا رسول له من التمكين ) ص(يكون ذلك مرادي، بلى إن رسول اهللا أن) ص(اهللا

في التصور بكل صورة حتى يتجلى في هذه الصورة، وقد جرت سنته يزال يتصور في آل زمان بصورة أآملهم ليعلي شأنهم ويقيم أنه ال ) ص(

.ميالنهم، فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهمواعلم أن اإلنسان الكامل مقابل لجميع الحقائق الوجودية بنفسه، فيقابل الحقائق العلوية بلطافته، ويقابل الحقائق السفلية بكثافته، فأول ما يبدو

: للحقائق الخلقية يقابل العرش بقلبه، قال عليه الصالة والسالمفي مقابلتهويقابل الكرسي بإنيته، ويقابل سدرة المنتهى » قلب المؤمن عرش اهللا«

ويقابل القلم األعلى بعقله، ويقابل اللوح المحفوظ بنفسه، ويقابل ،بمقامهكله، العناصر بطبعه، ويقابل الهيولى بقابليته، ويقابل الهباء بحيز هي

ويقابل الفلك األطلس برأيه، ويقابل الفلك المكوآب بمدرآته، ويقابل السماء السابعة بهمته، ويقابل السماء السادسة بوهمه، ويقابل السماء

الخامسة بهمه، ويقابل السماء الرابعة بفهمه، ويقابل السماء الثالثة بحافظته، ثم بخياله، ويقابل السماء الثانية بفكره، ويقابل السماء األولى

يقابل زحل بالقوى الالمسة، ويقابل المشتري بالقوى الدافعة، ويقابل المريخ بالقوى المحرآة، ويقابل الشمس بالقوى الناظرة، ويقابل الزهرة

بالقوى الملذذة، ويقابل عطارد بالقوى الشامة، ويقابل القمر بالقوى لماء ببرودته، ويقابل السامعة، ثم يقابل فلك النار بحرارته، ويقابل فلك ا

ويقابل ،ثم إنه يقابل الطير بروحانيته، ويقابل النار بالمادة الصفراويةالماء بالمادة البلغمية، ويقابل الريح بالمادة الدموية، ويقابل التراب

ه وعرقه ونقاء بالمادة السوداوية، ثم يقابل السبعة األبحر بريقه ومخاطأذنه ودمعه وبوله، والسابع المحيط، وهو المادة الجارية بين الدم والعرق

والجلد، ومنها تتفرع تلك الستة ولكل واحد طعم، فحلو وحامض، ومر وممزوج، ومالح ونتن وطيب؛ ثم يقابل الجوهر بهويته وهي ذاته، ويقابل

لناب ال يلتحم بشيء، ثم العرض بوصفه، ثم يقابل الجمادات بأنيابه، فإن ايقابل النبات بشعره وظفره، ويقابل الحيوان بشهوانيته، ويقابل مثله من

.اآلدميين ببشريته وصورتهأجناس الناس، فيقابل الملك بروحه، ويقابل الوزير بنظره ثم يقابل

الفكري، ويقابل القاضي بعلمه المسموع ورأيه المطبوع، ويقابل الشرطي ألعوان بعروقه وقواه جميعها، ويقابل المؤمنين بيقينه، بظنه، ويقابل ا

ويقابل المشرآين بشكه وريبه، فال يزال يقابل آل حقيقة من حقائق الوجود برقيقة من رقائقه؛ فقد بينا فيما مضى من األبواب خلق آل ملك

مقرب من آل قوى من اإلنسان الكامل، وبقي أن نتكلم في مقابلة األسماء .والصفات

خلق اهللا آدم على «: حيث قال) ص(اعلم أن نسخة الحق تعالى آما أخبر وذلك أن » خلق اهللا آدم على صورته«: وفي حديث آخر» صورة الرحمن

اهللا تعالى حي عليم قادر مريد سميع بصير متكلم، وآذلك اإلنسان حي والكل عليم الخ، ثم يقابل الهوية بالهوية، واإلنية باإلنية، والذات بالذات،

بالكل، والشمول بالشمول، والخصوص بالخصوص، وله مقابلة أخرى يقابل الحق بحقائقه الذاتية، وقد نبهنا عليها في هذا الكتاب في غير

موضع، وأما هنا فال يجوز لنا أن نترجم عنها، فيكفي هذا القدر من التنبيه .عليها

اتية والصفات ثم اعلم أن اإلنسان الكامل هو الذي يستحق األسماء الذاإللهية استحقاق األصالة والملك بحكم المقتضى الذاتي، فإنه المعبر عن

حقيقته بتلك العبارات والمشار إلى لطيفته بتلك اإلشارات، ليس لها مستند في الوجود إال اإلنسان الكامل؛ فمثاله للحق مثال المرآة التي ال يرى

قسم : واعلم أن اإلنسان الكامل تنقسم جميع األسماء والصفات له قسمينيكون عن يمينه آالحياة والعلم والقدرة واإلرادة والسمع والبصر وأمثال

األزلية واألبدية واألولية واآلخرية وأمثال ذلك، وقسم يكون عن يساره آذلك، ويكون له وراء الجميع لذة سريانية تسمى لذة األلوهية يجدها في

وجود جميعه بحكم االنسحاب، حتى أن بعض الفقراء تمنى استرساله في تلك اللذة، وال يغرنك آالم من يزيف هؤالء، فإنه ال معرفة له بهذا المقام،

ن الكامل فراغ عن متعلقاته آاألسماء والصفات ال يكون له ويكون لإلنساإليهم نظر، بل متجرد عن األسماء والصفات والذات ال يعلم في الوجود

غير هويته بحكم اليقين والكشف يشهد صدور الوجود أعاله وأسفله منه، .ويرى متعددات أمر الوجود في ذاته آما يرى أحدنا خواطره وحقائقه

كامل تمكن من منع الخواطر عن نفسه جليلها ودقيقها، ثم إن ولإلنسان التصرفه في األشياء ال عن اتصاف وال عن آلة وال عن اسم وال عن رسم،

.بل آما يتصرف أحدنا في آالمه وأآله وشربه :ولإلنسان الكامل ثالث برازخ وبعدها المقام المسمى بالختام

. باألسماء والصفاتيسمى البداية وهو التحقق: البرزخ األوليسمى التوسط وهو فلك الرقائق اإلنسانية بالحقائق : البرزخ الثاني

الرحمانية، فإذا استوفى هذا المشهد علم سائر المكتمات واطلع على ما .شاء من المغيباتوهو معرفة التنوعات الحكمية في اختراع األمور القدرية : البرزخ الثالث

لعادات بها في ملكوت القدرة حتى يصير له ال يزال اإلنسان تخرق له اخرق العوائد عادة في فلك الحكمة، فحينئذ يؤذن له بإبراز القدرة في

ظاهر األآوان، فإذا تمكن من هذا البرزخ حل في المقام المسمى بالختام والموصوف بالجالل واإلآرام، وليس بعد ذلك إال الكبرياء، وهي النهاية

والناس في هذا المقام مختلفون فكامل وأآمل، . يةالتي ال تدرك لها غا ] .4اآلية : األحزاب[} ؛ : 9 8 7 6{ وفاضل وأفضل

الباب الحادي والستون

في أشراط الساعة وذآر الموت والبرزخ والحساب والقيامة والميزان والصراط والجنة والنار واألعراف والكثيب الذي يخرج أهل الجنة إليه

الدنياوي الذي نحن فيه اآلن له انتهاء يؤول إليه، ألنه اعلم أن العالممحدث وضرورة حكم المحدث أن ينقضي، وال بد من ظهور هذا الحكم،

فانقضاؤه وفناؤه تحت سلطان الحقيقة اإللهية الظاهرة في لباس أفراد هذا العالم الدنياوي، هو موته وظهور الحقيقة اإللهية الظاهرة عندنا باألحكام

ذآرها سبحانه في آتابه هو الساعة الكبرى لهذا الوجود، ثم إن آال التي من أفراد العالم له ساعة خاصة، يجتمع الجميع في الساعة العامة، ألن آل فرد ال بد أن يحصل في الساعة المختصة به، ويعم هذا الحكم جميع األفراد

ي وعد اهللا الموجودة في هذا العالم، وذلك العموم هو الساعة الكبرى التبها، فلما علمت هذا وتحققته وعرفت أن العالم بأجمعه أعاله وأسفله له

أجل معلوم، ألن آل واحد من أفراده له أجل معلوم، وبنظر الجملة، فعموم الحكم هو أجل العالم بأجمعه، وما ثم إال هذا، فال أدري هل تفهم هذه النكتة

غير مرادي، وأما على مفهوم على ما نص الكتاب عليه أم فهمك منه على .العوام من ظاهره فسأنبهك عليه بعبارة أخرى

اعلم أن الحق تعالى له عوالم آثيرة، فكل عالم ينظر اهللا إليه بواسطة اإلنسان يسمى شهادة وجودية، وآل عالم ينظر إليه من غير واسطة

في فغيب جعله مفصال: اإلنسان يسمى غيبا، ثم إنه جعل ذلك الغيب نوعينعالم اإلنسان، وغيب جعله مجمال في قابلية اإلنسان، فالغيب المفصل في

عالم اإلنسان يسمى غيبا وجوديا، وهو آعالم الملكوت، والغيب المجمل في القابلية يسمى غيبا عدميا، وهو آالعوالم التي يعلمها اهللا تعالى وال

. العدمينعلمها، فهي عندنا بمثابة العدم، فذلك معنى الغيبثم إن هذا العالم الدنياوي الذي ينظر اهللا إليه بواسطة هذا اإلنسان ال يزال شهادة وجودية ما دام اإلنسان واسطة نظر الحق فيها، فإذا انتقل اإلنسان منها، نظر اهللا إلى العالم الذي انتقل إليه اإلنسان بواسطة اإلنسان فصار

الدنياوي غيبا عدميا، ويكون ذلك العالم شهادة وجودية، وصار العالموجود العالم الدنياوي حينئذ في العالم اإللهي آوجود الجنة والنار اليوم في

علمه سبحانه وتعالى، فهذا هو عين فناء العالم الدنياوي، وعين القيامة الكبرى وهي الساعة، ولسنا بصدد ذآرها، بل غرضنا أن نشرح الساعة

ا العالم، ونتحدث على ذلك في اإلنسان، ألنه الخاصة بكل فرد من أفراد هذأآمل أفراد الوجود فلنقس الباقين عليه، ونحيل فهم علم الساعة العامة

على فهمك من آتاب اهللا تعالى، خشية على إيمانك أن يسلبه شيطان الشك إن ذآرنا لك عجائب الساعة الكبرى، فلنقتصر من ذلك على ذآر الساعة

اعلم أن للساعة الصغرى عالمات وأشراطا مناسبة لعالمات الساعة فكما أن من أمارات الساعة الكبرى أن تلد األمة الكبرى وأشراطها،

ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، فكذلك اإلنسان من عالمة قيام ساعته الخاصة به ظهور ربوبيته سبحانه وتعالى

في ذاته، فذات اإلنسان هي األمة، والوالدة هي ظهور األمر الخفي من ه، ألن الولد محله البطن، والوالدة بروز إلى ظاهر الحس، باطنه إلى ظاهر

فكذلك الحق سبحانه وتعالى موجود في اإلنسان بغير حلول، وهذا الوجود آنت سمعه الذي يسمع «باطن، فإذا ظهر بأحكامه وتحقق العبد بحقيقة

به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عالى في وجود هذا اإلنسان، فتمكن من التصرف في ظهر الحق ت» بها

عالم األآوان، فذاته بمثابة األمة، وآثار ربوبية الحق بمثابة الربة، وظهورها بمثابة الوالدة ثم تجرد العارف عن األسماء بمثابة التخفي عن

النعل، ألن األسماء مراآب العارفين، وتجرده عن الصفات بمثابة حال دائم المالحظة لألنوار األزلية بمثابة رعاء الشاء، وآون العراة، وآونه

المجذوب يأخذ في الترقي من المعارف اإللهية هو بمثابة تطاول البنيان، فكما أن ظاهر هذا الحديث من أمارات الساعة الكبرى العامة في الوجود،

آذلك باطنه الذي تكلمنا عليه هو من عالمات الساعة الصغرى الخاصة . من أفراد اإلنسانبكل فرد

ظهور يأجوج ومأجوج في األرض حتى : ومن عالمات الساعة الكبرىيملكوها، فيأآلون الثمار ويشربون البحار، ثم يرسل اهللا عليهم في ليلة واحدة النغف فيموتون عن آخرهم، فحينئذ يكثر الزرع، وينصع األصل

الساعة الصغرى من والفرع، وتطيب الثمار، ويحمد الملك الجبار، فكذلكثوران النفس بثوران الخواطر الفاسدة : عالمات قيامها في اإلنسان

والوساوس المعاندة قبل تمكنه من نفسه، فيملكون أرض قلبه، ويأآلون ثمار لبه، ويشربون بحار سره، حتى ال يظهر لمعارفه وأحواله فيهم أثر،

ة الربانية بالنفحات فيرجع عن سكره إلى حقيقة الصحو، ثم تأتيه العناي

{: خروج دابة األرض، قال اهللا تعالى: ومن أمارات الساعة الكبرىيعني إذا وقع القول وهو األمر اإللهي ] 82اآلية : النمل[} هللا ـ پ ؟

رة، أخرجنا برجوع هذا العالم إليه، وذلك انصرام أمر عالم الدنيا إلى اآلخلهم دابة من األرض تكلمهم، يعني تنبئهم بحقيقة ما وعدناهم به من البعث والنشور والجنة والنار وأمثال ذلك، ألن الناس آانوا بآياتنا، يعني األمور التي أخبرناهم بها في آالمنا ال يوقنون، فألجل ذلك أخرجنا لهم تلك الدابة

نون بما بعدها وبما تخبرهم به تلك ليعلموا أنا قادرون على آل شيء فيوقالدابة، فيرجع من يرجع إلى الحق، ويوقن بما أخبر به تعالى، فكذلك

الساعة الصغرى من أمارات قيامها في اإلنسان بروز روحه األمينة في حضرة القدس بخروجها من أرض الطبيعة البشرية لترك األمور العادية،

نئذ يتحقق له الكشف الكبير، وينبئه وعدم إتيان االقتضاءات السفلية، فحيروح القدس بالنقير والقطمير، فيكلمه بجميع تلك األخبار، ويظهر له

بواطن األستار فيعلمه بكتمان األسرار ليرتفع حينئذ من مقام التصديق إلى مقام القرب في الرفيق األعلى ونعم الرفيق، وذلك منة من اهللا وفضل

وش إيمانه بعساآر دوام الحجاب، فيرجع إلى واعتناء بعبده لئال تنهزم جيالخطأ عن حقيقة الصواب، ألن مكتمات الربوبية ومقتضيات المرتبة

اإللهية، عزيزة المرام عالية المقام، ال تكاد القلوب لشدة عزتها أن توقن بحصولها إال بعد الكشف، ألن الحق في نفسه ليس له وسع قبول تلك

ال بعد الكشف اإللهي، فكما أن الناس ال يتحققون األشياء، فال يوقن بها إوقوع األمر إال بخروج الدابة، آذلك العارف ال يتحقق بقبول تلك

المقتضيات اإللهية إال بعد خروج الروح من أرض الطبائع وخالصها من .القواطع والموانع، فافهم

ن يساره خروج الدجال، وأن تكون له جنة ع: ومن أمارات الساعة الكبرىآافر باهللا، وأنه يعطش الناس : ونار عن يمينه، وأنه مكتوب بين عينيه

وج الدجال خر: وآذلك الساعة الصغرى من عالمات قيامها في اإلنسانمن حقيقته وهي النفس الدجالة، يعني أنها تخلط عليه الباطل وتبرزه له

دجل فالن على فالن، يعني لبس عليه األمر : ويقال. في معرض الحقواستغلظه، وهذه النفس الدجالة هي المسماة من بعض وجوهها بشيطان

اإلنس وهي محل الشياطين والوسواس وموضع المردة والخناس، أيضا من بعض وجوهها بالنفس األمارة بالسوء، ومطلق لفظ وتسمى

النفس فهو اسمها في اصطالح الصوفية، فمهما ذآروا النفس فإنهم يريدون األوصاف المعلومة من العبد، فهي بمثابة الدجال، ومقتضياتها

الشهوانية هي بمثابة الجنة التي هي عن يساره ألنها طريق أهل الشقاوة، رك الطبائع والعوائد وحسم العالئق والقواطع هي بمثابة النار ومخالفتها بت

التي عن يمين الدجال؛ إذ اليمين طريق أهل السعادة، وما تقتضيه األمور النفسانية من تكثيف الحجب الظلمانية هو بمثابة الكتابة التي على جبين يه الدجال، هذا هو الكافر باهللا، وصيرورة العارف في أسرها حتى يعدم عل

الصواب، فال يكاد عند غلبتها أن يفهم معنى الخطاب، هو بمثابة الجوع والعطش للناس في زمان الدجال وقهرها باللذات بالخاصة، حتى ال يكاد

يجد العارف بدا من مرافقتها، هو بمثابة أن ال يجد الناس مأآال وال مشربا سيأتي «: هذا المعنىيشير إلى) ص(إال عند الدجال اللعين، وقد قال النبي

فمن » على الناس زمان يكون القابض فيه على دينه آالقابض على الجمررجع في تلك المدة عن المجاهدة ونعوذ باهللا من ذلك، إلى المقتضيات

النفسية ورآن إلى األمور الطبيعية، واستعمل الملذوذات الشهوانية، وأخذ جال، فأخذ الرآون إلى في األفعال العادية هو بمثابة من أخذ من الد

المباحات التي هي عند العارف آالخمر الحرام، هو بمثابة من أطعمه الدجال من ذلك الطعام، وانهماك من رجع إلى النفس والغفالت واألماني

ومن أسعده التوفيق وثبته الحق في جادة الطريق سلك بأنوار الشريعة في مخالفات والمجاهدات والرياضات وأآل من ليل التحقيق راآبا على متون ال

حشيش األآوان جزر ظهور الرحمن، فهو بمثابة من دخل نار الدجال فقلبها له نعيما ال يزول وملكا ال يحول، وأما إنه ال يزال يدور في أقطار

األرض إلى أن يحل األمر الفرض ما خال مكة الزهراء والمدينة ذات ما تلبس به النفس على العبد في جميع الروضة الخضراء، فهو بمثابة

المقامات ما خال مقامين أحدهما مقام االصطالم الذاتي وهو غيبوبة العبد عن وجوده بجاذب الحضرة اإللهية الذاتية، فيذهب عن حسه ويفنى عن

.نفسه، وهذا هو مقام السكرهو المقام المحمدي المعبر عنه في اصطالح القوم : والمقام الثاني

.حو الثانيبالصفهذان المقامان ليس للنفس فيهما مجال ألنهما مصونان عن طوارق العلل، محفوظان في غيب األزل، فهما في هذا المجال بمثابة البلدتين اللتين ال يدخلهما الدجال، وما يلتبس على العبد من الكشوفات اإللهية

األنجس إلى فيغلط بها عن المحجة الصوابية، هو بمثابة توجه هذا اللعين قطر البيت األقدس ثم وقوفه دون تلك المحجة باألرض المسماة بالرملة،

هو ألن دجال النفوس عند ظهوره على العارف في آل لبوس قد يظهر في مقابلة المقام األنفس، فيتوهم من ال معرفة له بالبلوغ من الوادي األقدس

دون الحجاب، إذ فليس له إلى ذلك المقام من إلمام ولكنه يقف عند حدهالرملة من طينة التراب، فينزل عيسى الروح وفي يده حربة الفتوح فيقتله

هنالك، ألن عيسى هو روح اهللا المالك، وإذا جاء الحق زهق الباطل وانقطع حكم المالبس والمداجل، فكما أن هذه اآليات للساعة الكبرى من

ذآرناها واألمور الشروط والعالمات، فكذلك باطنها وهي األشياء التيالتي شرحناها في عالمات الساعة الصغرى المختصة باإلنسان دون سائر

.األآوانومن أشراط الساعة خروج المهدي عليه السالم وأن يعدل أربعين سنة في

األنام، وأن تكون أيامه خضراء ولياليه زهراء يخصب فيها الزرع ويكثر تغلين بعبادة الرحمن؛ فكذلك فيها در الضرع، ويكون الناس في أمان مش

الساعة الصغرى من شروط قيامها في اإلنسان خروج المهدي، وهو

طلوع الشمس من مغربها، وأن يعلق باب : اط الساعة الكبرىومن أشرالتوبة في مغربها، وأن ال ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، إذ قد

طوى يومئذ بساط الوصل، فحينئذ ال تقبل توبة وال تغفر حوبة، فكذلك طلوع شمس شهوده من : الساعة الصغرى من شروط قيامها في اإلنسان

وذلك عبارة عن الباطن الكشفي وهو تحقق اطالعه على مغرب وجوده،السر الكتمي، فيعلم حينئذ ما هو ومن هو ويتحقق بأوصافه ويتمتع في

جنة أعرافه، فيحل الرموز ويستخرج منها الكنوز، ويعرف األلغاز ويفوز باهللا مع من فاز، فحينئذ طوى عنه بساط الوصل والفصل وليس لإليمان

كمه من قبل، ألن اإليمان ال يكون إال فيما غاب ويرتفع هناك نفع، إذ ححكمه برفع الحجاب، فال يقبل توبة وال تغفر حوبة، ألن الذنب والغفران

مقام محله االثنان، واألحد في أحديته منزه عن الذنب وغفريته، فهذه .شروط الساعة الصغرى مقابلة لشروط الساعة الكبرى

ن بن عربي عن تلك العبارات وقابلها بما يقابلها وقد عبر اإلمام محيى الديمن باب اإلشارات، فجعل مقابلة طلوع الشمس من المغرب رجوع الروح

إلى المرآز األول والمنصب، وذلك عبارة عن الممات وانتقال األمر إلى اآلخرة بحكم الوفاة، وجعل مقابلة إغالق باب التوبة هو أن المغرغر ال

غفر له حوبة، وأيد ذلك بما قيل إن بين البابين تسعين تقبل له توبة وال توما ذآره هذا اإلمام فمقبول؛ . عاما، وإنها تقابل األعمار قياسا ونظاما

فصلنذآر فيه طرفا من ذآر الموت، إذ قد سبق بيانه في الباب الرابع

.والخمسين من هذا الكتاب فيطالع فيهة عن خمود النار الغريزية التي يكون بها سبب الحياة اعلم أن الموت عبار

في دار الدنيا، وتلك الحياة عبارة عن نظر األرواح إلى نفسها في الهياآل الصورية والمناسب لذلك النظر في هذه الهياآل الصورية هي الحرارة

الغريزية ما دامت على حكم االعتدال الطبيعي، وهو أعني اعتدال الحرارة توية في الدرجة الرابعة، ألن انصرافها في الدرجة األولى هو آونها مس

قوة الحرارة العنصرية هي تلك الدرجة التي ال تقبل المزاج برآن آخر من أرآان العناصر، فهي هناك آخذة في حدها من االنتهاء، وأشباهها في بقية الدرجة الثانية هي الحرارة النارية القابلة لالمتزاج، ولوال امتزاجها ب

األرآان لم يكن للنار وجود، ألن آل واحد من النار والماء والهواء والتراب مرآب من العناصر األربعة التي هي الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة، ولكن آل ما غلب فيه رآن الحرارة حتى اضمحل الباقي سمي

بواقي بالطبيعة النارية، وآل ما غالب رآن البرودة فيه حتى اضمحلت السمي بالطبيعة المائية، وآل ما غلب فيه حكم رآن الرطوبة على البواقي

سمي بالطبيعة الهوائية، وآل ما غلب فيه حكم اليبوسة على البواقي حتى اضمحلت البواقي سمي بالطبيعة الترابية، ال يسمى في هذه الدرجة ناريا

ى الدرجة الثالثة فامتزج وال مائيا وال هوائيا وال ترابيا إال إذا نزل إلباألرآان، فأي شيء استوت الحرارة واليبوسة منه في الدرجة الثالثة

واستتر فيه الرآنان اآلخران لضعفهما عن هذه الدرجة سمي ذلك الشيء نارا، وأي شيء استوت البرودة واليبوسة منه في الدرجة الثالثة حتى

الدرجة سمي ذلك الشيء استتر الرآنان اآلخران منه لضعفهما عن هذه ترابا، وأي شيء استوت الحرارة والرطوبة منه في الدرجة الثالثة حتى استتر الرآنان اآلخران منه لضعفهما عن هذه الدرجة سمي ذلك الشيء هواء، وأي شيء استوت البرودة والرطوبة منه في الدرجة الثالثة حتى

الدرجة سمي ذلك الشيء استتر الرآنان اآلخران منه لضعفهما عن هذهأال ترى إلى فلك العناصر آيف هو من فوق فلك الطبائع، وفلك . ماء

الهيكل بعين وأما نصيب الروح فإن حياة هيكلها هو مدة نظرها إلى االتحاد، وموته هو ارتفاع ذلك النظر من الهيكل إلى نفسها، فتبقى بكليتها

في عالمها لكن على هيئة الهيكل الذي آان لها، تتجسد على شكله في عالم الروح، فيحكم لها بالوجود معها لذلك التجسد، ألن أحكامه ظاهرة في

هل الكشف النوراني ذلك المحل على تجسدها، ومن هنا أخطأ آثير من أ .وحكموا أن األجسام ال حشر لها

وأما نحن فقد علمنا باالطالع اإللهي حشر األجسام مع األرواح، ألن موت األرواح هو انفكاآها عن نفس الجسد الهيكلي ألن ذلك مما يقضي

بانعدامها فتكون آأنها بسيطة في الوجود مدة معلومة، ومثلها آالنائم ه شيئا فهو آالمعدوم في تلك الساعة، ألنه ال هو في الذي ال يرى في نوم

عالم الشهادة فيقظان، وال في عالم الغيب فيكون يتراءى شيئا يدل على وجوده، فهو موجود معدوم، ويضرب عنه المثل بالشمس، فإن الشمس

إذا أشرقت من طاقة البيت آان البيت مضيئا بضوء الشمس ولم تنزل إليه ذلك الضياء بمثابة نظر الروح في الجسم المخصوص من وال حلت فيه، فك

أجسام الحيوانات، ثم آذلك إذا آانت الطاقة من زجاج أخضر آانت شعلة الشمس في البيت خضراء أو حمراء إذا آانت الطاقة حمراء، وآذلك على

أي لون آانت زجاجة الطاقة آانت الشعلة في البيت على هيئتها نظرت إلى الهيكل اإلنساني أو إلى غيره آانت وصورتها؛ والروح آذلك إذا

على صورته ال تتغير عن ذلك، ثم زوال الشمس عن البيت هو بمثابة ارتفاع نظر الروح من الجسد، والموت هو بمثابة خفاء تلك الشعلة في نفس شعاع الشمس، فال يزال الشخص ميتا ونسبته نسبة اختفاء تلك

.عالمالشعلة في نفس شعاع الشمس في ال

ثم البرزخ فإنه وجود ولكن غير تام وال مستقل، ولو آان تاما أو مستقال لكان دار إقامة مثل دار الدنيا واآلخرة، فهو في المثال آما نتصور نحن تلك الشعلة واخضرارها بخضرة الزجاجة فتشكل لنا آما هي عليه ولكن

فليس لخيال أهل في عالم الخيال، ألن عالم الخيال ألهل الدنيا غير تام؛الدنيا استقالل بنفسه على أن عالم الخيال في نفسه عالم تام، ولكن بالنظر إليه في عينه وهو بالنظر إلى عالم الحس والمعاني غير تام، بخالف خيال أهل اهللا فإنه آامل ومستقل وتام بنفسه، فهو بمثابة آخرة غيرهم من أهل

لكفرة والمشرآين وأمثالهم الدنيا، وخيال من تصفى من البراهمة وابالمجاهدات والرياضات وأمثالهما، فإنه يكون بمثابة نوم أهل الدنيا وخيال

أهل الدنيا ال اعتبار به، ولو آان محتد الخيال واحدا في نفسه للجميع، ولكنه لما فسدت خزانة خيالهم باألمور العادية والمطلوبات الجسدية

.انقطعت عن حكم الصفاء الروحيلما آان المتصفون من البراهمة والفالسفة متخلصين من هذا، ولكن قد و

سكنت األمور العقليات واألحكام الطبيعيات في خزانة خيالهم، فانقطعوا بذلك عن الترقي إلى المعاني اإللهية، بخالف خيال أهل اهللا فإنه مصون جود عن طوارق العلل ومحفوظ باهللا في غيب األزل، فليس لعالم البرزخ و

تام ولهذا يسمى برزخا، وآذلك خيال أهل الدنيا برزخ بين العالم الوجودي وبين العالم العدمي، ثم نسبة القيامة نسبة رجوع الشمس في طاقتها التي آان اإلشراق منها، وال مزيد على هذا في البيان، ألن الروح ما دامت غير

فإذا تجسدت آان متجسدة في الهياآل تلحق بالبساطة وهو حقيقة الموت،ذلك التجسد لها وجودا، ولكن ما دامت في ذلك التجسد مقيدة بلوازم

الجسد فهي في البرزخ، ألنها قاصرة عن جميع ما تقتضيه الروح في اإلطالق الروحاني، فإذا أراد اهللا بعثها إلى القيامة أطلقها من مقتضيات

لى حسب ما ثم اإلطالق إنما آان ع. الجسد فصارت في أرض المحشرآانت عليه في الدنيا، فإذا آانت في الدنيا على الخير آانت مطلقة على

الخير، وإن آانت في الدنيا على الشر آانت مطلقة في الشر، ألنها ال تطلب ش ص ض ط { : بإطالقها إال ما آانت عليه في دار الدنيا وهو قوله تعالى

] .39اآلية : النجم[} ! ! ؟~ظ ع ژ نسبة آون األرواح المتعددة مخلوقة من نور الحق هو نسبة نواعلم أ

الشعاعات المختلفة المضيئة من شعاع الشمس، ونسبة ما يدعيه المحققون من واحدية العالم نسبة واحدية الشمس، ولو ظهرت في تلك

ولو . الزجاجات على اختالفهن فهي واحدة لم تتعدد ولم تتنوع في نفسهايكفي هذا القدر من التنبيه على هذا األمر، ألنا قد بينا و. تنوعت المظاهر

واعلم أن أحوال الناس في البرزخ مختلفة، فمنهم من يعامل فيه بالحكمة، لبرزخ ومنهم من يعامل فيه بالقدرة، ومن يعامل بالحكمة فإنه ينقلب في ا

في حقيقة عمله في الدنيا، فإذا آان مثال مطيعا في الدنيا فإن الحق تعالى يخلق له في البرزخ معاني الطاعة صورا، فينتقل من صورة طاعة يقيمها هللا تعالى إما صالة وإما صوما وإما صدقة وإما غير ذلك إلى صورة أخرى

آخر إما مثله وإما وال يزال ينتقل من عمل حسن إلى عمل . من الطاعاتأحسن منه آما آان في الدنيا إلى أن تبدو عليه حقائق األمور فتقوم

ثم إن حسن تلك الصورة وبهجتها وضيائها على حسب قدر طاعته . قيامتهواجتماع خاطره فيها وحسن مقصده في ذلك العمل، وقبح الصورة على

يشرب الخمر قدر قبح ذلك العمل، فلو آان مثال ممن يزني أو يسرق أوفإن الحق تعالى يقيم له معاني تلك األفعال صورا ينتقل فيها، فيخلق

للزاني فرجا من نار يلج فيه ذآره وحرارة ناره ونتانة ريحه على قدر قوة انهماآه في تلك المعصية، وآذلك يقيم للشارب آأسا من نار فيه خمر من

إليه في دار الدنيا ومن آان نار فيشربه وينتقل منه إلى مثل ما آان ينتقل بين طاعة ومعصية فإنه ينتقل بينهما، أعني من صورة تلك المعاني التي خلقها اهللا تعالى إما من نور آما يخلق الطاعات، وإما من نار آما يخلق

صور المعاصي، فال يزالون ينتقلون فيه وتبدو لهم بتوالي االنتقال حقائق . عليهم أحد الحكمين فتقوم عليهم القيامةاألمر شيئا فشيئا إلى أن يتم

وأما من عومل بالقدرة فإنه ال يقع في معاني أعماله، ولكن يقع في معاني صورتها بالقدرة، فإن آان عاصيا وقد غفر اهللا تعالى له فال ينتقل إال في صورة تشبه الطاعات يقيمها اهللا تعالى له هيئة إلهية فال يزال ينتقل من

ة إلى أحسن منها إلى أن تقوم قيامته بظهور الحقائق على صورة حسنساق، فإن آان مطيعا مثال وقد أحبط اهللا عمله فإن الحق تعالى يقيم صورة

ما آتبه في األزل من الشقاوة فيجليها عليه وينوعها له، فال يزال يتقلب .فيها إلى أن تقوم قيامته على قدر طبقته من النار فيعذب في جهنم

إن البرزخ خلق اهللا تعالى له قوما يسكنون فيه ويعمرونه، وليسوا من ثمأهل الدنيا وال من أهل القيامة، ولكنهم ملحقون بأهل اآلخرة التحاد المحتد

الذي خلقوا منه؛ فمن جانسهم في الروحية بعد موته أنس منهم، آمن م، يصل إلى قوم يعرفهم ويعرفونه فيستأنس بهم ويتروح من همه معه

ومن لم يجالسهم فإنه يراهم غيظا له فال يتألفون به وال يتألف بهم، ثم ينبعث منهم من جعله اهللا سببا لعذابه فيكون على أقبح صورة آان يكرهها

ثم اعلم أن القيامة والبرزخ والدار الدنيا وجود واحد، فمثاله مثال دائرة فرض نصفها دنيا ونصفها أخرى وفرض البرزخ بينهما، وآل ذلك على

هي بعينها التي تكون بها سبيل الفرض، فإن هويتك التي أنت بها موجود، في البرزخ، وهي بعينها التي تكون بها في القيامة، فأنت في الدنيا وفي

البرزخ وفي اآلخرة بهذه اإلنية، لكن التفاوت بينهما أن أمور البرزخ ضرورية ألنها مبنية على الدنيا وأمور القيامة أيضا ضرورية ألنها مبنية

.يةعلى البرزخ، وأمور الدنيا اختيارثم اعلم أن اهللا تعالى إذا أراد أن تقوم القيامة، أمر إسرافيل عليه السالم

أن ينفخ النفخة الثانية في الصور، ألن النفخة األولى لإلماتة، والصور هو عالم الصور الروحية ينفخ فيه النفخة األولى من حيث اسمه المفني

الصور المرئية في والمميت، فتنعدم الصور وتنحل عقد هياآلها آما تنعدمالنوم باالنتباه فترجع إلى محلها الذي خلقت منه، ثم ينفخ النفخة الثانية في الصور فترجع آما آانت في عالم األرواح فتدخل في قوالب األشباح آما ذآرنا لك من عود إشراق الشمس في زجاجتها، وآل هذا باعتبارها

اح، وجميع عالم األرواح في وجودها، فإن العالم األخروي هو عالم األروعبارة عن مطلق الروح الموجودة في اإلنسان فال يخرج اإلنسان عن

نفسه، ألن اآلخرة عبارة عن عالم األرواح وعالم األرواح قد يجمعه مطلق روحه لما سبق مما ذآرنا أن العالم جميعه آمرائي متقابالت توجد آل

حكم المماثلة واحدة منهن في األخرى على حكم األحدية ال علىوالمشابهة، فجميع العوالم جوهر فرد غير منقسم في نفسه على الحقيقة، وما تراه من التعداد واالنقسام فهو خيال بمثابة ما لو فرضنا االنقسام في

: مريم[} ! ! ~«، ژ ( ) * + { : الجوهر الفرد، وهذا معنى قوله تعالى ] .95اآلية

أحدية الحق تعالى في الوجود، وشهدت فإذا فهمت هذه النكتة علمت سرما وعد اهللا تعالى به وأوعد من الجنة والنار ومن أهوال اآلخرة يقينا

آشفا عيانا، فصار إيمانك إيمان زيد بن حارثة رضي اهللا عنه حيث قال أرى آأن : ما حقيقة إيمانك؟ فقال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال«): ص(للنبي

.أو آما ذآر في الحديث» ربي بارزالقيامة قد قامت وعرش

وأما القيامة الصغرى المخصوصة بكل فرد من أفراد اإلنسان، فإنه متى انتصب ميزان عقله األول في قبة عدله األآمل، وأتت المقتضيات

الحقائقية تحاسبه بما تقتضيه آل حقيقة من حقائقه، أو ضرب له صراط من الشعر لغموضه، وأحد من األحدية يمشي على متن جهنم الطبيعية أدق

السيف لبعده، فإما مسرع في سيره آالبرق الخاطف لقوة مرآبه السائر في المعارف، وإما آالجبل في ثقله لتعلقه بسفله، فإذا جاز الصراط وقام

ناموس القسطاس دخل جنة الذات ورتع في ميادين الصفات ممحوقا عن أثرا وال يعرف له خبرا، قد نادى إنيته، مسحوقا عن هويته، ال يرى لنفسه

فلما لم يجد ] 16اآلية : غافر[} ؤ إ ئ { : في ناديه منادي الجبار، فقالفليس له بعدها غفلة وال ] 48اآلية : إبراهيم[} » پ ؟ { : سواه قال

حضور، وال يرجى له بعد ذلك موت وال نشور، قد قامت قيامته على ساق، .عة الصغرىوعدمت عالنيته، فهذه هي السا

وقس عليها أحوال الساعة الكبرى، وخذ معرفة الحساب والميزان والصراط مما دللناك عليه باإلشارة ال بالتصريح، ويكفي العاقل هذا القدر

من التلويح، وقد ذآرنا الجنة والنار في بابهما، وهو الباب الثامن ، فإن والخمسون من هذا الكتاب، وسنومىء إلى سرهما بطريق اإلشارة

آنت ذا فهم علي وعزم قوي أدرآت ما نشير إليه، وإال فال تبرح آغيرك .واقفا مع ظاهره ولديه

اعلم أن اهللا تعالى خلق الدار اآلخرة بجميع ما فيها نسخة من دار الدنيا، .وخلق الدنيا نسخة من الحق »الدنيا مزرعة اآلخرة«: وقد ورد. عليها فالدنيا هي أصل واآلخرة فرع

} ! ! }ژ × % $ £ )! ! ! " ص(ژ } ~ ) ص({ » « { : وقال تعالىفعلم أن األصل هو العمل الصادق في الدنيا، ] 8، 7اآليتان : الزلزلة[

والفرع هو األمر الذي تراه في اآلخرة، وليست آخرة آل إال ما سيكون فيه لى يوم القيامة، وهو ال يكون إال في نتيجة عمله، والنتيجة فرع ع

المقدمة، والمقدمة هي العمل الدنيوي، ولهذا تقدمت الدنيا في اإليجاد على اآلخرة، وسميت باألولى ألنها األصل، وتأخرت اآلخرة وسميت باألخرى ألنها الفرع، فلو لم تكن اآلخرة فرعا على الدنيا لكان تأخيرها نقصا في

.لطاعنة في الحكمةتأخير المقدم وتقديم المؤخر من األمور ا الحكمة، إذثم اعلم أن محسوس اآلخرة أقوى من محسوس الدنيا، وملذوذها أعظم لذة من لذة الدنيا، ومكروهها أعظم آراهة من آراهة الدنيا، وسبب ذلك

أن الروح في اآلخرة متفرعة لقبول ما يرد عليها من المحبوب والمكروه، من قوة التفرغ للمالئم، بخالف دار الدنيا فإن الجسم لكثافته يمنع الروح

واعلم أن اآلخرة بجملتها، أعني الجنة والنار واألعراف والكثيب، آلها تلك الدار دار واحدة غير منقسمة وال متعددة، فمن حكمت عليه حقائق

آان في النار، ألن أهل النار محكوم عليهم تحت ذل االنقهار، ومن لم تحكم عليه حقائق تلك الدار آان في الجنة، فمن احتكم في هذه الدار هللا تعالى وأطاعه، فإن اهللا تعالى يجعله حاآما في حقائق تلك الدار يفعل فيها ما

ذه الدار فإنه يكون محكوما يشاء، ومن لم يحتكم هللا تعالى وعصاه في هعليه، هناك تحكم عليه حقائق تلك الدار بما ال يسعه أن يخالف فيها، آما

أال ترى أن أهل الجنة . أن أهل النار تحت حكم الزبانية بخالف أهل الجنةيفعل الواحد منهم ما يشاء وال يحكم عليه أحد بشيء، ومن تحقق بعلم أمر

بما تحقق بعلمه آان في األعراف، تلك الدار وتمكن من التصرف 3 2{ : واألعراف محل القرب اإللهي المعبر عنه في القرآن بقوله تعالى

ويسمى هذا المنظر بهذا االسم للمعرفة، وهو ] 55اآلية : القمر[ } 4تحقق العلم الذي ذآرته لك، وأهل األعراف هم العارفون باهللا، ألن من

أال . اآلخرة، ومن لم يعرفه لم يتحقق بعلمهعرف اهللا تعالى تحقق بعلم أمروعلى : يعني] 46اآلية : األعراف[ } 6 5 4 3 2 1{ : ترى قوله عز وجل

مقام المعرفة باهللا رجال نكرهم لجاللة شأنهم، وألنهم مجهولون عند

والكثيب مقام دون األعراف وفوق جنات النعيم، فكما يقع ألهل الجنة من زيادة المعرفة باهللا تعلو درجاتهم في الكثيب؛ والفرق بين أهل الكثيب

وأهل األعراف أن أهل الكثيب خرجوا من دار الدنيا قبل أن يتجلى عليهم ة، ويتفضل الحق الحق فيها، فلما انتقلوا إلى اآلخرة آان محلهم في الجن

عليهم بأن يخرجهم إلى الكثيب فيتجلى عليهم، هنالك يتجلى على آل شيء .بقدر إيمانه باهللا تعالى في الدنيا، وبمعرفته بقدره سبحانه وتعالى

وأهل األعراف قوم لم يخرجوا من الدنيا إال وقد تجلى اهللا سبحانه وتعالى اآلخرة لم يكن لهم محل إال عليهم وعرفوه فيها، فلما خرجوا منها إلى

عنده، ألن من دخل بالدا وله فيها صاحب يعرفه ال ينزل إال عنده، بل ويجب على ذلك الصاحب أن ال ينزله إال عنده، فإذا آان هذا يفعله

المخلوق فمن أولى به من الخالق تعالى، أال تراه قد صرح سبحانه وتعالى ر، وهنا عجائب وغرائب ال يسع الوجود أن ثمة قوما هم عند مليك مقتد

بأسره أن نذآرها على سبيل التصريح، بل هي لدقتها وغموضها ال تفهم إال باإلشارة والتلويح، اللهم إال إذا آان الناظر في الكتاب قد بلغ تلك

المرتبة وعاين تلك األمور العجيبة بما ليس يدري، وأما العالم فليس ده فائدة إال الزم الخبر، وهو أن يعلم أنا علمنا ما لذآرنا هذه العجائب عن

.علم وليس لنا في ذلك قصد فلنقبض العنان واهللا المستعان وعليه التكالن الباب الثاني والستون

في السبع السماوات وما فوقها، والسبع األرضين وما تحتها، والسبع اع المخلوقاتالبحار وما فيها من العجائب والغرائب ومن يسكنها من أنو

اعلم، أيدك اهللا بروح منه، أن اهللا تعالى آان قبل أن يخلق الخلق في نفسه، وآانت الموجودات مستهلكة فيه، ولم يكن له ظهور في شيء من

بالعماء الذي ) ص(الوجود، وتلك هي الكنزية المخفية، وعبر عنها النبي جودها ليس لها ما فوقه هواء وما تحته هواء، ألن حقيقة الحقائق في و

اختصاص بنسبة من النسب، ال إلى ما هو أعلى وال إلى ما هو أدنى، وهي الياقوتة البيضاء التي ورد الحديث عنها، أن الحق سبحانه وتعالى آان

.قبل أن يخلق الخلق في ياقوتة بيضاء، الحديث فلما أراد الحق سبحانه وتعالى إيجاد هذا العالم، نظر إلى حقيقة الحقائق،

إلى الياقوتة البيضاء التي هي أصل الوجود بنظر الكمال، : وإن شئت قلتفذابت فصارت ماء، فلهذا ما في الوجود شيء يحمل آمال ظهور الحق تعالى إال هو وحده، ألن حقيقة الحقائق التي هي أصل لم تحتمل ذلك إال

ثم إن الحق تعالى آما آان في القدم موجودا في العماء التي عبر عنها بحقيقة الحقائق والكنز والياقوتة البيضاء، آذلك هو اآلن موجود فيما

وال مزج، فهو متجل في أجزاء ذرات خلق من تلك الياقوتة بغير حلولالعالم من غير تعدد وال اتصال وال انفصال، فهو متجل في جميعها ألنه

سبحانه وتعالى على ما عليه آان، وقد آان في العماء، وقد آان في الياقوتة البيضاء، وهذا الوجود جميعه تلك الياقوتة وذلك العماء، ولو لم

تجليا في الوجود جميعه لكان سبحانه تغير يكن الحق سبحانه وتعالى معما هو عليه، وحاشاه عن ذلك، فما حصل التغير إال في المجلى الذي هو

الياقوتة البيضاء ال في المتجلي سبحانه وتعالى، فهو بعد ظهوره في .مخلوقاته باق على آنزيته في العماء النفسي، فتأمل

قة الحقائق على جلية، وهذا وقت وقد ذآرنا فيما مضى أمر العماء وحقي .ذآر األشياء الموجودة في حقيقة الحقائق، فأول ما نذآر السبع السموات

اعلم أن هذه السماء الملحوظة لنا ليست بسماء الدنيا وال لونها لونها وال وصفها وصفها، وهذه التي نراها هي البخار الطالع بحكم الطبيعة من

عدت بها حرارة الشمس إلى الهواء، يبوسة األرض ورطوبة الماء، صفمألت الجو الحالي الذي بين األرض وبين سماء الدنيا، ولهذا نراها تارة زرقاء وتارة شمطاء وتارة غبراء، آل ذلك على حكم البخار الصاعد من

األرض، وعلى قدر سقوط الضياء بين تلك البخارات، فهي التصالها ا، فال يقع النظر عليها لشدة البعد بسماء الدنيا تسمى سماء الدنيا نفسه

أن بين «: واللطافة، ثم إنها أشد بياضا من اللبن، وقد ورد في الحديثوباالتفاق أن النظر ال » سماء الدنيا وبين األرض مسيرة خمسمائة عام

يقطع مسيرة خمسمائة عام، فظهر أن المرئية لنا ليست السماء عينها، إلى األرض لما شوهدت وال رؤيت، وآم ولوال أن الكواآب تسقط شعاعها

في السماوات من نجم مضيء ال يسقط شعاعه إلى األرض فال نراه لبعده ولطافته لكن أهل الكشف يرونه ويعبرون عنه ألهل األرض فيفهمونهم

.إياه

اعلم أن اهللا تعالى قد خلق جميع األرزاق واألقوات المتنوعة في أربعة ألرض مخزونة في قلب أربعة أفالك، الفلك أيام، وجعلها بين السماء وا

. فلك البرودة: الفلك الثالث. فلك اليبوسة: الفلك الثاني. فلك الحرارة: األول} . -، ( ) * + { ' : وهذا معنى قوله تعالى. فلك الرطوبة: الفلك الرابع

يعني بحكم التسوية على قدر السؤال الذاتي، ألن ] 10اآلية : فصلت[أل بذاتها ما تقتضيه آلما اقتضت حقيقة من حقائق المخلوقات الحقائق تس

{ : شيئا نزل لها من تلك الخزائن على قدر سؤالها، وهذا معنى قوله تعالىثم جعل مالئكة ] 21اآلية : الحجر[} ! ! ژ ـپ! " } ~ ) ص({ » « ـ پ ؟

.اإلنزال الموآلة بإيصال آل رزق إلى مرزوقه في السبع السماواتعل في آل سماء ملكا يحكم على من فيها من مالئكة األرزاق يسمى ثم ج

ملك الحوادث، وجعل لذلك الملك روحانية الكواآب الموجودة في تلك السماء، فال ينزل من السماء ملك من مالئكة األرزاق إال بإذن ذلك الملك

المخلوق على روحانية آوآب تلك السماء، فكوآب سماء الدنيا القمر، آب السماء الثانية عطارد، وآوآب السماء الثالثة الزهرة، وآوآب وآو

السماء الرابعة الشمس، وآوآب السماء الخامسة المريخ، وآوآب السماء .السادسة المشتري، وآوآب السماء السابعة زحل

وأما السماء الدنيا فإنها أشد بياضا من الفضة، خلقها اهللا تعالى من حقيقة لألرض نسبة الروح للجسد، وآذلك جعل فلك القمر الروح لتكون نسبتها

فيها، ألنه تعالى جعل القمر مظهر اسمه الحي، وأدار فلكه في سماء البروج فيه حياة الوجود وعليه مدار الموهوم والمشهود، ثم جعل فلك

الكوآب القمري هو المتولي تدبير األرض، آما أن الروح هي التي تتولى يخلق اهللا تعالى سماء الدنيا من حقيقة الروح لما تدبير الجسد، فلو لم

.آانت الحكمة تقتضي وجود الحيوان من األرض، بل آانت محل الجماداتثم أسكن اهللا تعالى آدم في هذه السماء ألن آدم روح العالم الدنيوي، إذ به نظر اهللا إلى الموجودات فرحمها، وجعل لها حياة بحياة آدم فيها، فلم يزل

الدنيوي حيا ما دام هذا النوع اإلنساني فيها، فإذا انتقل منها هلكت العالمالدنيا والتحق بعضها ببعض، آما لو خرجت روح الحيوان من جسده،

.فيخرب الجسد ويلتحق بعضه ببعضزين اهللا هذه السماء بزينة الكواآب جميعها آما زين الروح بجميع ما

اهرة آالحواس الخمس، ومن حمله الهيكل اإلنساني من اللطائف الظاللطائف الباطنة آالسبع القوى التي هي العقل والهمة والفهم والوهم والقلب والفكر والخيال، فكما أن آواآب سماء الدنيا رجوم للشياطين،

ومالئكة هذه السماء أرواح بسيطة ما دامت مسبحة هللا تعالى فيها، فإذا نزلت منها لما يأمرها الملك الموآل بإنزال مالئكة السماء الدنيا تشكلت

على هيئة األمر الذي تنزل ألجله، فتكون روحانية ذلك الشيء الذي وآلت ذي أمرها اهللا تعالى به، فإن آان رزقا به، فال تزال تسوقه إلى المحل ال

ساقته إلى مرزوقه، وإن آان أمرا قضائيا ساقته إلى من قدره اهللا عليه إما خيرا وإما شرا، ثم تسبح اهللا تعالى في فلك هذه السماء وال تنزل أبدا

.بعدها في أمرماء وهو جعل اهللا الملك المسمى إسماعيل حاآما على جميع أمالك هذه الس

روحانية القمر، فإذا أمر اهللا على ذلك بأمر وقضى الملك ذلك األمر، فإنه يجلسه على آراسي تسمى منصة الصور، فيجلس عليها متشكال بصورة ما نزل به من األمر، وال يعود إلى بساطته أبدا، بل يبقى على ما هو عليه

ي الوجود، ألن من التشكل والتصور الجرمي الجزئي يعبد اهللا تعالى فاألرواح إذا تشكلت بصورة من الصور ال سبيل إلى أن تنخلع تلك الصورة عن نفسها بأن تعود إلى البساطة األصلية، هذا ممتنع، لكنها في قوتها أن

تتصور بكل صورة على عدم مفارقتها للصورة األصلية التي لها حكمة من تعالى التي تقوم اهللا تعالى، وتلك الصورة الروحانية هي آلمات اهللا

بالموجودات آما تقوم الروح بالجسد، فإذا برزت من الغموض العلمي إلى الجالء العيني تبقى قائمة بذواتها في الوجود، فجميع أجسام العالم من

المخلوقات، من المعدن والنبات والحيوانات واأللفاظ وغير ذلك، لها ها حتى إذا زال الجسم أرواح قائمة بها على صورة ما آانت عليه أجسام

بقيت الروح مسبحة اهللا سبحانه وتعالى، باقية بإبقاء الحق لها، ألن الحق .لم يخلق األرواح للفناء، وإنما خلقها للبقاء

فالمكاشف إذا أراد آشف أمر من أمور الوجود تتجلى عليه تلك األرواح افها، فإن آل التي هي آلمات اهللا تعالى، فيعرفها بأعيانها وأسمائها وأوص

روح من أرواح الوجود متجلية في المالبس التي آانت أوصافها نعوتا وأخالقا على الجسم الذي آانت تدبره، وهو آالحيوان والمعدن والنبات

والمرآب والبسيط، أو على الصورة التي آانت الروح معناه، وهو آاأللفاظ قد برزت من واألعمال واألعراض واألغراض وما أشبه ذلك إذا آانت

.العالم العلمي إلى العالم العينيوأما إذا آانت باقية على حالها في العالم العلمي، فإنه يراها آذلك صورا

قائمة عليها من أنواع الخلع ما سيكون أعماال وأوصافا، فالمظهر هنا

أقمت فيه بزبيد بشهر ربيع األول في سنة ثمانمائة من الهجرة النبوية، أجمعين، فرأيت جميع الرسل واألنبياء صلوات اهللا وسالمه عليهم

واألولياء والمالئكة العالين والمقربين، ومالئكة التسخير، ورأيت روحانية ور على ما هي عليه من الموجودات جميعها، وآشفت عن حقائق األم

األزل إلى األبد، وتحققت بعلوم إلهية ال يسع الكون أن نذآرها فيه، وآان .في هذا المشهد ما آان

فظن خيرا وال تسأل عن الخير، غاص بنا غواص البيان في بحر هذا التبيان حتى ألجأ القدر إلى إبراز هذه الدرر، فلنكتف من ذلك بما قد بدا

خطر إظهاره أبدا، ولنرجع إلى ما نحن فيه وبصدده من ذآر فيها مما لم ي .سماء الدنيا

،اعلم أن اهللا تعالى خلق دور فلك سماء الدنيا مسيرة أحد عشر ألف سنةوهو أصغر أفالك السماوات دورا، فيقطع القمر جميع دور هذا الفلك في يرة أربع وعشرين ساعة معتدلة، أعني مستقيمة، فيقطع في آل ساعة مس

أربعة آالف سنة وخمسمائة عام، ثم إن للقمر فلكا في نفس الفلك، وآذلك آل آوآب فإن له فلكا صغيرا يدور بنفسه في الفلك الكبير، فالفلك األآبر

بطيء الدورة، وذلك الفلك الصغير سريع الدورة، وما تراه من خنس فلك الكبير الكواآب، وهو رجوعها، فإنه الختالف دور فلكها في دوران ال

فتسبقه في الدور، فيحسبها الشخص راجعة ولم ترجع إذ لو رجعت لخرب .العالم بأسره

واعلم أن القمر جرم آمودي ال ضياء له في نفسه من حيث هو، بل إنه مقابل للشمس بنصفه أخذ منها النور فال يزال نصفه منيرا ونصفه الذي

ور القمر إال من جهة لم يقابل الشمس يكون مظلما، ولهذا ال يرى نالشمس أبدا، بخالف بقية الكواآب السيارة، فإن آل آوآب منها يقابل نور الشمس في جميعها، فمثلها مثل البلورة الشفافة إذا وقع فيها النور سرى في ظاهرها وباطنها بخالف القمر فإنه آالكرة المعدنية المصقولة ال تقبل

هذا ينقص نوره في األرض ويزيد بخالف النور إال في مقابلة الشمس، ول .بقية الكواآب

واعلم أن السماوات بعضها محيط ببعض، فأآبرها سماء زحل، وأصغرها :سماء القمر، وهذه صورتها

وآل فلك مماس لسمائه من تحته وهو أمر معنوي، ألنه اسم لسمت ير من آل دوران الكوآب في أوجه، والكوآب اسم للجرم الشفاف المن

سماء، ولو أخذنا في بيان الدقائق والثواني والدقائق والدرج والحلول والسمت والسير، أو لو شرحنا خواص ذلك ومقتضياتها الحتجنا إلى

مجلدات آثيرة، فلنعرض عن ذلك فليس المطلوب إال معرفة اهللا تعالى، وما أسرارا إلهية ذآرنا هذا القدر من ظاهر األشياء إال وقد رمزنا تحتها

] .4اآلية : األحزاب[} ؛ : 9 8 7 6{ جعلناها آاللب لهذا القشر وأما السماء الثانية، فإنها جوهر شفاف لطيف ولونها أشهب، خلقها اهللا

تعالى من الحقيقة الفكرية، فهي للوجود بمثابة الفكر لإلنسان، ولهذا آانت لى مظهرا السمه القدير، محال لفلك الكاتب وهو عطارد، جعله اهللا تعا

وخلق سماءه من نور اسمه العليم الخبير، ثم جعل اهللا المالئكة الممدة ألهل الصنائع جميعها في هذه السماء، ووآل بهم ملكا جعله روحانية هذا الكوآب، وهذه السماء أآثر مالئكة من جميع السماوات، ومنها ينزل العلم

.إلى عالم األآوانتي إلى صفيح سماء الدنيا فتسمع منها أصوات مالئكة وآانت الجن تأ

السماء الثانية، ألن األرواح ال يمنعها البعد عن استماع الكالم، لكن إذا آانت في عالمها، وأما إذا لم تكن في عالمها آان حكمها حكم هذا العالم الذي هي فيه، ولما آانت الجن أرواحا وهي في عالم األجسام والكثافة

رأيت نوحا عليه السالم في هذه السماء جالسا على سرير خلق من نور الكبرياء بين أهل المجد والثناء، فسلمت عليه وتمثلت بين يديه، فرد علي

: مقامه السري فقالالسالم ورحب بي وقام، فسألته عن سمائه الفكري وإن هذه السماء عقد جوهر المعارف، فيها تتجلى أبكار العوارف، مالئكة هذه السماء مخلوقة من نور القدرة، ال يتصور شيء في عالم الوجود إال

ومالئكتها المتولية لتصوير ذلك المشهود، فهي دقائق التقدير المحكمة لقاهرة والمعجزات الظاهرة، لرقائق التصوير، عليها يدور أمر اآليات ا

.ومنها تنشأ الكرامات الباهرةخلق اهللا في هذه السماء مالئكة ليس لهم عبادة إال إرشاد الخلق إلى أنوار

الحق، يطيرون بأجنحة القدرة في سماء العبرة، على رؤوسهم تيجان األنوار مرصعة بغوامض األسرار، من رآب على ظهر ملك من هذه

بجناحه إلى سبعة األفالك، وأنزل الصور الروحانية في األمالك طار القوالب الجسمانية متى شاء وآيف شاء، فإن خاطبها آلمته، وإن سألها

.أعلمتهجعل اهللا دور فلك هذه السماء مسيرة ثالث عشرة ألف سنة وثالثمائة سنة وثالثا وثالثين سنة ومائة وعشرين يوما يقطع آوآبها، وهو عطارد، في

ل ساعة مسيرة خمسمائة سنة وخمس وخمسين سنة ومائة وعشرين آيوما، فيقطع جميع فلكه في مضي أربع وعشرين ساعة معتدلة، ويقطع

الفلك الكبير في مضي سنة آاملة، وروحانية الملك الحاآم على جميع .مالئكة هذه السماء اسمه نوحائيل عليه السالم

ت الرحمن، وغرائب من أسرار ثم رأيت في هذه السماء عجائب من آيااألآوان ال يسعنا إذاعتها في أهل هذا الزمان، فتأمل فيما أشرناه وتفكر .فيما لغزناه ومن وجودك ال من خارج عنك، فاطلب حل ما قد رمزناه

وأما السماء الثالثة، فلونها أصفر، وهي سماء الزهرة، جوهرها شفاف خلقت من حقيقة الخيال وجعلت وأهلها المتلونون في سائر األوصاف،

محال لعالم المثال، جعل اهللا آوآبها مظهرا السمه العليم، وجعل فلكها مجلى قدرة الصانع الحكيم، فمالئكتها مخلوقة على آل شكل من األشكال، فيها من العجائب والغرائب ما ال يخطر بالبال، يسوغ فيها المحال وربما

.امتنع فيها الجائز الحالل اهللا دور فلك هذه السماء مسيرة خمس عشرة ألف سنة وستة خلق

وثالثين سنة ومائة وعشرين يوما، يقطع آوآبها وهو الزهرة في آل ساعة مسيرة ستمائة سنة وإحدى وثالثين سنة وثمانية عشر يوما وثلث يوم، فيقطع الفلك في مضي أربعة وعشرين ساعة، ويقطع جميع منازل

.يرة ثالثمائة يوم وأربعة وعشرين يوماالفلك الكبير في مسومالئكة هذه السماء تحت حكم الملك المسمى صورائيل وهو روحانية .الزهرة، ثم إن مالئكتها محيطون بالعالم يجيبون من دعاهم من بني آدم

رأيت مالئكة هذه السماء مؤتلفة لكن على أنواع مختلفة، فمنهم من وآله إما صريحا وإما بضرب مثل يعقله العالم، ومنهم اهللا باإليحاء إلى النائم

ومنهم من . من وآله اهللا تعالى بتربية األطفال وتعليمهم المعاني واألقوالومنهم من وآله اهللا بالناس . وآله اهللا بتسلية المهموم وتفريح المغموم

ومنهم من وآله اهللا تعالى بإضرام . المستوحشين ومكالمة المتوحدينلحب للمحبين في سويداء اللب، ومنهم من وآله اهللا بحفظ صورة نيران ا

المحبوب لئال يغيب عن عاشقه الملهوب؛ ومنهم من وآله اهللا بإبالغ .الرسائل بين أهل الوسائل

اجتمعت في هذه السماء بيوسف عليه السالم، فرأيته على سرير من قدت عليه أآلة األسرار آاشفا عن رموز األنوار، عالما بحقيقة ما انع

متحققا بأمر المعاني، مجاوزا عن قيد الماء واألواني، فسلمت ،األحباريا سيدي : عليه تحية وافد إليه فأجاب وحيا ثم رحب بي وبيا، فقلت له

أي ] 101اآلية : يوسف[} . _ ء ] گ [ ظ ع غ { : أسألك عن قولكأردت المملكة : الالمملكتين تعني وعن تأويل أي األحاديث تكني، فق

األمانات : الرحمانية المودعة في النكتة اإلنسانية، وتأويل األحاديثيا سيدي أليس هذا المودع في : الدائرة في األلسنة الحيوانية، فقلت له

اعلم أن للحق تعالى أمانة في : التلويح حلال من البيان والتصريح، فقالآيف يكون للحق : اد، قلتالعباد يوصلها المتكلمون بها إلى أهل الرش

ذاك وصفه، وهذا : أمانة وهو أصل الوجود في الظهور واإلبانة؟ فقالشأنه، ذاك حكمه وهذه عبارته، األمانة يجعلها الجاهل في اللسان ويحملها

وأما السماء الرابعة، فهي الجوهر األفخر، ذات اللون األزهر سماء من النور الشمس األنور، وهو قطب األفالك خلق اهللا تعالى هذه السماء

القلبي، وجعل الشمس فيها بمنزلة القلب للموجود، به عمارته ومنه نضارته، منها تلتمس النجوم أنوارها وبها يعلو في المراتب منارها، جعل

اهللا هذا الكوآب الشمسي في هذا الفلك القلبي مظهر األلوهية ومجلى لمتنوعات أوصافه المقدسة النزيهة الزآية، فالشمس أصل لسائر

.أصل لسائر المراتب العلية) اهللا(آما أن االسم ،المخلوقات العنصريةنزل إدريس عليه السالم هذا المقام النفيس لعلمه بالحقيقة القلبية، فتميز

.عن غيره في الرتبة الربيةجعل اهللا هذه السماء مهبط األنوار ومعدن األسرار، ثم إن الملك الجليل

على مالئكة هذه السماء، وهي روحانية المسمى إسرافيل هو الحاآم الشمس ذات السناء، ال يرفع في الوجود خفض وال يحدث فيه بسط وال قبض إال بتصريف هذا الملك الذي جعله اهللا محتد هذا الفلك، وهو أعظم المالئكة هيبة وأآبرهم وسعا وأقواهم همة، له من سدرة المنتهى إلى ما

ها ويتمكن من شريفها ووضيعها، منصته تحت الثرى، يتصرف في جميععند الكرسي ومحتده هذا الفلك الشمسي، وعالمه السماوات واألرض وما

.فيهما من عقل وحسثم اعلم أن اهللا تعالى جعل الفلك الشمسي مسيرة سبع عشرة ألف سنة وتسعا وعشرين سنة وستين يوما، فيقطع جميع الفلك في مضي أربع

ة، ويقطع الفلك الكبير في ثالثمائة وخمسة وستين وعشرين ساعة معتدل .يوما وربع يوم وثالث دقائق

اعلم أن هذا المقام الذي فيه إدريس عليه السالم هو مقام من مقامات أال تراه لما بلغ ليلة إسرائه إلى السماء الرابعة ارتقى عنه ). ص(محمد

ى اإلدريسي شاهد إلى ما فوقه، فبلوغه عليه الصالة والسالم إلى المستوتحقيقه في المقامات العلية بالمرتبة المربوبية، وبجوازه عنه شاهد ما هو

ه مرموزا في قرص الشمس، تبرزه واعلم أن اهللا تعالى جعل الوجود بأسرالقوى الطبيعية في الوجود شيئا فشيئا بأمر اهللا تعالى، فالشمس نقطة األسرار، ودائرة األنوار، أآثر األنبياء أهل التمكين في دائرة هذا الفلك

المكين مثل عيسى وسليمان وداود وإدريس وجرجيس وغيرهم ممن يكثر في هذا المنزل الجلي، وقاطنون في هذا عدده ويطول أمده، آلهم نازلون

.المقام العلي، واهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل إلى الصراط السويوأما السماء الخامسة، فإنها سماء الكوآب المسمى بهرام، وهو مظهر العظمة اإللهية واالنتقام، نزل به يحيى عليه السالم لمشاهدته العظمة

ملكوت، ولهذا لم يهم بزلة، وما منهم إال والجبروت ومالحظته العزة والمن هم أو جاء بخلة، سماؤه مخلوقة من نور الوهم ولونها أحمر آالدم،

ومالئكة هذه السماء خلقهم اهللا تعالى مرائي للكمال ومظاهر للجالل، بهم عبد اهللا في هذا الوجود، وبهم دان أهل التقليد للحق بالسجود، جعل اهللا

الئكة تقريب البعيد وإيجاد الفقيد؛ فمنهم من عبادته تأسيس عبادة هذه المقواعد اإليمان في القلب والجنان، ومنهم من عبادته طرد الكفار عن عالم األسرار؛ ومنهم من عبادته شفاء المريض وجبر الكسر المهيض، ومنهم

من خلق لقبض األرواح فيقبض بإذن الحاآم وال جناح، وحاآم هذه السماء هو الملك المسمى عزرائيل، وهو روحانية المريخ صاحب االنتقام األثيل

والتوبيخ، جعل اهللا تعالى محتد هذا الملك هذه السماء ومنصته عند القلم األعلى، ال ينزل ملك إلى األرض لالنتقام وال لقبض األرواح وال لنشر

.انتظام إال بأمر هذا الملك الذي هو روحانية بهرام تعالى جعل دور هذه السماء مسيرة تسع عشرة ألف سنة واعلم أن اهللا

وثمان مائة سنة وثالثا وثالثين سنة ومائة وعشرين يوما، يقطع هذا الكوآب منها في آل ساعة معتدلة مسيرة ثمانمائة سنة وست وعشرين سنة ومائة وأربعين يوما، فيقطع جميع الفلك في مضي أربع وعشرين

ير في مضي خمسمائة وأربعين يوما بالتقريب، ساعة، ويقطع الفلك الكبوروحانيته هي الممدة ألرباب السيوف واالنتقام، وهي الموآلة بنصر من

.أراد اهللا نصره من أهل الزماموأما السماء السادسة، فمحتدها من نور الهمة، وهي جوهر شفاف

نور روحاني أزرق اللون، وآوآبها مظهر القيومية ومنظر الديمومية ذو ال .الممد المسمى بالمشتري

رأيت موسى عليه السالم متمكنا في هذا المقام، واضعا قدمه على سطح هذه السماء، قابضا بيمينه ساق سدرة المنتهى، سكران من خمر تجلي

الربوبية، حيران من عزة األلوهية، قد انطبعت في مرآة علمه أشكال لديان، يهول منظره الناظر، األآوان، وتجلت في إنيته ربوبية الملك ا

ويزعج أمره الوارد والصادر، فوقفت متأدبا بين يديه، وسلمت بتحقيق يا : مرتبته عليه، فرفع رأسه من سكرة األزل ورحب بي ثم أهل، فقلت له

سيدي قد أخبر الناطق بالصواب، الصادق في الخطاب، أنه قد برزت لك هذه غير حالة أهل الحجاب، خلعة لن تراني من ذلك الجناب، وحالتك اعلم أنني لما خرجت من مصر : فأخبرني بحقيقة هذا األمر العجاب؛ فقال

أرضي إلى حقيقة فرضي، ونوديت من طور قلبي بلسان ربي من جانب ا ب ة ت ث ج ح خ د { : شجرة األحدية في الوادي المقدس بأنوار األزلية

] .14اآلية : طه[} ! ! ـ»ذ ر ژ آما أمر في األشياء، وأثنيت عليه بما يستحقه من الصفات فلما عبدته

واألسماء تجلت أنوار الربوبية لي فأخذني عني، فطلبت البقاء في مقام اللقاء، ومحال أن يثبت المحدث لظهور القديم، فنادى لسان سري مترجما

، ] 143اآلية :األعراف[} ت ث ج ح { : عن ذلك األمر العظيم، فقلت{ إنيتي في حضرة القدس عليك، فسمعت الجواب من ذلك الجناب فأدخل ب

وهي ذاتك المخلوقة من نوري ] 143اآلية : األعراف[} د ذ ر ز س ش بعد أن أظهر القديم ] 143اآلية : األعراف[} ص ض ط { في األزل،

وجذبتني حقيقة األزل ] 143اآلية : األعراف[} ] گ [ ظ ع غ { سلطانه فخر موسى ] 143اآلية : األعراف[_ } ء { لى المحدث وظهر القديم ع

لذلك صعقا، فلم يبق في القديم إال القديم، ولم يتجل بالعظمة إال العظيم، هذا على أن استيفاءه غير ممكن وحصره غير جائز، فال تدرك ماهيته وال

األزل على هذا الخطاب ترى وال يعلم آنهه وال يدرى، فلما اطلع ترجمانأخبرآم به من أم الكتاب، فترجم بالحق والصواب، ثم ترآته وانصرفت

.وقد اغترفت من بحره ما اغترفتواعلم أن اهللا تعالى جعل دور فلك هذه السماء مسيرة اثنتين وعشرين

ألف سنة وستا وستين سنة وثمانية أشهر، فيقطع آوآبها وهو المشتري ع عشرة سنة وخمسة أشهر فيها في آل ساعة مسيرة تسعمائة سنة وتس

وسبعة وعشرين يوما ونصف يوم، فيقطع جميع الفلك في مضي أربع وعشرين ساعة، ويقطع جميع الفلك الكبير في مضي اثنتي عشرة سنة،

.يقطع آل سنة برجا من الفلك الكبير

وخلق اهللا تعالى هذه السماء من نور الهمة، وجعل ميكائيل موآال ئكة الرحمة، جعلهم اهللا معارج األنبياء، ومراقي بمالئكتها، وهم مال

األولياء، خلقهم اهللا تعالى إليصال الرقائق إلى من اقتضتها له الحقائق، دأبهم رفع الوضيع وتسهيل الصعب المنيع، يجولون في األرض، بسبب

رفع أهلها من ظلمة الخفض، فهم أهل البسط بين المالئكة والقبض، وهم ألرزاق إلى المرزوقين على قدر الوفاق، جعلهم اهللا من الموآلون بإيصال ا

أهل البسط والحظوة، فهم بين المالئكة مجابو الدعوة، ال يدعون ألحد بشيء إال أجيب، وال يمرون بذي عاهة إال ويبرأ ويطيب، إليهم أشار عليه

فمن وافق تأمينه تأمين المالئكة أجيبت دعوته «: الصالة والسالم في قولهفما آل ملك يجاب دعاه، وال آل حامد يستطاب ثناه، ثم » حصلت بغيتهو

إني رأيت مالئكة هذه السماء مخلوقة على سائر أنواع الحيوانات، فمنهم من خلقه اهللا تعالى على هيئة الطائر وله أجنحة ال تنحصر للحاصر،

وعبادة هذا النوع خدمة األسرار ورفعها من حضيض الظلمة إلى عالم ار، ومنهم من خلقه اهللا تعالى على هيئة الخيول المسومة، وعبادة األنو

هذه الطائفة المكرمة رفع القلوب من سجن الشهادة إلى فضاء الغيوب، ومنهم من خلقه اهللا تعالى على هيئة النجائب وفي صورة الرآائب، خلقه بر اهللا تعالى على هيئة البغال والحمير، وعبادة هذا النوع رفع الحقير وجالكسير والعبور من القليل إلى الكثير؛ ومنهم من خلقه اهللا تعالى على

صورة اإلنسان، وعبادة هؤالء حفظ قواعد األديان، ومنهم من خلق على صفة بسائط الجواهر واألعراض، وعبادة هؤالء إيصال الصحة إلى

األجسام المراض، ومنهم من خلق على أنواع الحبوب والمياه وسائر ت والمشروبات، وعبادة هؤالء إيصال األرزاق إلى مرزوقها من المأآوال

سائر المخلوقات؛ ثم إني رأيت في هذه السماء مالئكة مخلوقة بحكم االختالط مزجا، فالنصف من ماء عقد ثلجا، فال الماء يفعل في إطفاء النار

.وال النار تغير الماء عن ذلك القرار

و روحانية آوآب هذه السماء، وهو واعلم أن ميكائيل عليه السالم هالحاآم على سائر المالئكة المقيمين في هذا الفلك، جعل اهللا محتده هذه

السماء ومنصته عن يمين سدرة المنتهى، سألته عن البراق المحمدي هل لم تتكاثف ) ص(ال، ألن محمدا : آان مخلوقا من هذا المحتد العلي؟ فقال

عن سماء النور، وذلك محتد العقل األول عليه الستور، فلم ينزل سره ومنشأ الروح األفضل، فبراقه من فلك هذا المقام المكين، وترجمانه جبريل وهو الروح األمين؛ وأما من سواه من األنبياء وسائر الكمل من األولياء،

وأما السماء السابعة، فسماء زحل المكرم، وجوهرها شفاف أسود آالليل المظلم، خلقها اهللا من نور العقل األول، وجعلها المنزل األفضل، فتلونت

يعرف العقل األول إال آل عالم بالسواد إشارة إلى سوادها والبعاد، فلهذا الأآمل، هذا هو سماء آيوان المحيط بجميع عالم األآوان، أفضل السماوات

وأعلى الكائنات، جميع الكواآب الثابتة في موآبه سائرة سيرا خفيا في يقطع ،آوآبه، دورة فلكه مسيرة أربع وعشرين ألف سنة وخمسمائة عام

ألف سنة وعشرين سنة وعشرة آوآبه في آل ساعة معتدلة مسيرة أشهر، ويقطع الفلك الكبير في مدة ثالثين سنة، وجميع الكواآب الثابتة التي فيها لكل منها سير خفي مهين ال يكاد يبين، منها ما يقطع آل برج من الفلك في ثالثين ألف سنة، ومنها ما يقطع بأآثر وأقل، وألجل دقتها

عند الحساب، ولكن أهل الكشف وآثرتها ال تعرف، وليس لها أسماء يعرفون اسم آل نجم ويخاطبونه باسمه ويسألونه عن سيره، فيجيبهم

ويخبرهم بما يقتضيه في فلكه، ثم إن هذه األسماء أول سماء خلقها اهللا تعالى محيطة بعالم األآوان، وخلق السماوات التي تحتها بعدها، فهو نور

. في عالم المحدثاتالعقل األول الذي هو أول مخلوقات اهللارأيت إبراهيم عليه السالم قائما في هذه السماء، وله منصة يجلس عليها

ف ق ك . _ ء ] گ [ { عن يمين العرش من فوق الكرسي، وهو يتلو آية .اآلية] 39اآلية : إبراهيم[}

واعلم أن مالئكة هذه السماء آلهم مقربون، ولكل من المقربين منزلة التي أقامه اهللا فيها، وليس فوقه إال الفلك األطلس، وهو على قدر وظيفته

الفلك الكبير، سطحه هو الكرسي األعلى، وبينهما أعني الفلك األطلس والفلك المكوآب ثالثة أفالك وهمية حكمية ال وجود لها إال في الحكم دون

.العين .منها، وهو الفلك األعلى على فلك الهيولى الفلك األول

.لثاني، فلك الهباءالفلك اوقال . الفلك الثالث، فلك العناصر، وهو آخرهم مما يلي الفلك المكوآب

.ثم فلك رابع، وهو فلك الطبائع: بعض الحكماءواعلم أن الفلك األطلس هو عرصة سدرة المنتهى، وهي تحت الكرسي

وقد سبق بيان الكرسي، ويسكن سدرة المنتهى المالئكة الكروبيون، هيئات مختلفة ال يحصي عددهم إال اهللا، قد انطبقت أنوار رأيتهم على

واعلم أن جملة األفالك التي خلقها اهللا تعالى في هذا العالم ثمانية عشر : الفلك الثالث. الكرسي: العرش المحيط، الفلك الثاني: فلكا، الفلك األول

: الفلك الخامس. الهيولى: الفلك الرابع. ، وهو فلك سدرة المنتهىاألطلس: الفلك الثامن. الطبائع: الفلك السابع. العناصر: الفلك السادس. الهباء

فلك : الفلك التاسع. المكوآب، وهو فلك زحل ويسمى فلك األفالكفلك الشمس، : الفلك الحادي عشر. فلك المريخ: الفلك العاشر. المشتري

الفلك . فلك عطارد: الفلك الثالث عشر. فلك الزهرة: الثاني عشرالفلك. فلك األثير، وهو فلك النار: الفلك الخامس عشر. فلك القمر: الرابع عشر

الفلك . فلك الماء: الفلك السابع عشر. فلك الهواء: الفلك السادس عشرفلك التراب والبحر المحيط الذي فيه البهموت، وهو حوت : الثامن عشر

يحمل األرض على منكبيه، ثم فلك الهواء، ثم فلك النار، ثم فلك القمر، ويرجع صاعدا آما هبط؛ ثم لكل موجود في العالم فلك وسيع يراه

المكاشف ويسبح فيه ويعلم ما يقتضيه، فال تحصى األفالك لكثرتها، قال ] .33اآلية : األنبياء[} ء آ أ ؤ { : اهللا تعالى

ن فلك النار والماء والهواء على أربع طباق، وذلك واعلم أن آل واحد مالتراب على سبع طباق، وسيأتي بيان الجميع في هذا الباب، فلنبدأ بذآر األرض وطباقها، ألن اهللا تعالى قد أردف ذآر السماء باألرض، فال تجعل

.بينهما فاصلةياضا أما الطبقة األولى من األرض، فأول ما خلقها اهللا تعالى آانت أشد ب

من اللبن وأطيب رائحة من المسك، فاغبرت لما مشى آدم عليه السالم

وهذه األرض من أشرف األراضي وأرفعها قدرا عند اهللا تعالى، ألنها محل صالحين، فلوال ما أخذ الناس من الغفلة عن النبيين والمرسلين واألولياء ال

معرفتها لكنت تراهم يتكلمون بالمغيبات ويتصرفون في األمور المعضالت، ويفعلون ما يشاؤون بقدرة صانع البريات، فافهم جميع ما

أشرنا إليه، واعرف ما دللناك عليه، وال تقف مع الظاهر، فإن لكل ظاهر .باطن، ولكل حق حقيقة والسالم

ما الطبقة الثانية من األرض، فإن لونها آالزمردة الخضراء تسمى وأأرض العبادات، يسكنها مؤمنو الجن، ليلهم نهار األرض األولى، ونهارهم

أرض الدنيا، ليلها، ال يزال أهلها قاطنين فيها حتى تغيب الشمس عنفيخرجون إلى ظاهر األرض يتعشقون ببني آدم تعشق الحديد

افون منهم أشد من خوف الفريسة لآلساد، دورة آرة بالمغناطيس، ويخهذه األرض ألفا سنة ومائتا سنة وأربعة أشهر، ولكن ليس فيها خراب، بل الجميع معمور بالسكنى، وأآثر مؤمني الجن يحسدون أهل اإلرادات

والمخالفات، فأآثر هالك السالكين من جن هذه األرض يأخذون الشخص .من حيث ال يشعر بهم

رأيت جماعة من السادات، أعني طائفة من متصوفة هذا الزمان ولقدمقيدين مغلغلين، قد قيدهم جن هذه األرض، فأصمهم وأعمى أبصارهم،

وقد آانوا ممن يسمع آالم الحضرة بأذنيه، فصار إذا خوطب من غير جهة هذه األرض ال يسمع وال يعقل، وهم محجوبون بما هم فيه، فلو قيل لهم

يه ألنكروا ذلك، فافهم ما أشرت إليه تتحقق بما دللتك عليه، بما هم عل .واستعن باهللا في إحكام الطريق ينجك الحق من آيد هذا الفريق

وأما الطبقة الثالثة من األرض، فإن لونها أصفر آالزعفران تسمى أرض الطبع، يسكنها مشرآو الجن، ليس فيها مؤمن باهللا، قد خلقوا للشرك

بين الناس على صفة بني آدم، ال يعرفهم إال أولياء اهللا والكفر يتمثلون تعالى، ال يدخلون بلدة فيها رجل من أهل التحقيق إذا آان متمكنا بشعاع

أنواره، وأما قبل ذلك فإنهم يدخلون عليه ويحاربهم، فال يزالون آذلك حتى ه ينصره اهللا تعالى عليهم، فال يقربون بعد هذا من أرضه، ومن توجه إلي

احترق بشعاع أنواره، ليس لهؤالء عمل في األرض إال إشغال الخلق عن عبادة اهللا تعالى بأنواع الغفلة، دورة آرة هذه األرض مسيرة أربعة آالف

سنة وأربعمائة سنة وثمانية أشهر، آلها عامرة بالسكنى ليس فيها بلغة خراب، لم يذآر الحق سبحانه وتعالى فيها منذ خلقها إال مرة واحدة

.غير لغة أهلها، فافهم ما أشرنا إليه واعرف ما دللناك عليهوأما الطبقة الرابعة من األرض، فإن لونها أحمر آالدم تسمى أرض

الشهود، دورة آرة هذه األرض مسيرة ثمانية آالف سنة وخمس وستين سنة ومائة وعشرين يوما، آلها عامرة بالسكنى، يسكنها الشياطين، وهم

ع آثيرة، يتوالدون من نفس إبليس، فإذا تحصلوا بين يديه على أنواجعلهم طوائف، يعلم طائفة منهم القتل ليكونوا أدلة عليه لعبادة اهللا، ثم

يعلم طائفة الشرك ويحكمهم في معرفة علوم المشرآين ليوطن بنيان الكفر م في قلوب أهله، ويعلم طائفة العلم ليجادلوا به العلماء، ويعلم طائفة منه

ن لونها أزرق آالنيلة، واسمها أرض وأما الطبقة الخامسة من األرض، فإالطغيان، دورة آرتها سبعة عشر ألف سنة وستمائة سنة وعشر سنين

وثمانية أشهر، آلها عامرة بالسكنى، يسكنها عفاريت الجن والشياطين، ليس لهم عمل إال قيادة أهل المعاصي إلى الكبائر، وهؤالء آلهم ال

بوا جاءوا، ولو قيل لهم تعالوا يصنعون إال بالعكس؛ فلو قيل لهم اذهذهبوا، هؤالء أقوى الشياطين آيدا، فإن من فوقهم من أهل الطبقة الرابعة

{ " ! ~ { (ص({ : آيدهم ضعيف يرتدع بأدنى حرآة، قال اهللا تعالىوأما هؤالء فكيدهم عظيم يحكمون على بني آدم بغلبة ] 76اآلية : النساء]

] .4اآلية : األحزاب[} ؛ : 9 8 7 6{ بدا القهر فال يمكنهم مخالفتهم أأما الطبقة السادسة من األرض، فهي أرض اإللحاد، لونها أسود آالليل المظلم، دورة آرة هذه األرض مسيرة خمس وثالثين ألف سنة ومائتي سنة وإحدى وعشرين سنة ومائة وعشرين يوما، آلها عامرة يسكنها

.اد اهللا تعالىالمردة ومن ال يتحكم ألحد من عبفنوع : واعلم أن سائر الجن على اختالف أجناسهم آلهم على أربعة أنواع

عنصريون، ونوع ناريون ولو آانت النار راجعة إلى العنصرين فثم نكتة، .ونوع ترابيون

فأما العنصريون، فال يخرجون عن عالم األرواح وتغلب عليهم البساطة، م لقوة مناسبتهم بالمالئكة، وذلك وهم أشد الجن قسوة، سموا بهذا االس

لغلبة األمور الروحانية على األمور الطبيعية السفلية منهم، وال ظهور لهم فافهم، ] 112اآلية : األنعام[} ف ق ك { : إال في الخواطر، قال اهللا تعالى

.وال يتراءون إال لألولياء

وعون في آل وأما الناريون فيخرجون من عالم األرواح غالبا، وهم يتنصورة أآثر ما يفاجئون اإلنسان في عالم المثال، فيفعلون به ما يشاءون

في ذلك العالم، وآيد هؤالء شديد؛ فمنهم من يحمل الشخص بهيكله فيرفعه .إلى موضعه، ومنهم من يقيم معه، فال يزال الرائي مصروعا ما دام عنده

ين للروح فتنعكس وأما الهوائيون، فإنهم يتراءون في المحسوس مقابل .صورهم على الرائي فينصرع

وأما الترابيون فإنهم يلبسون الشخص ويعفرونه بترابهم، وهؤالء أضعف .الجن قوة ومكرا

وأما الطبقة السابعة من األرض، فإنها تسمى أرض الشقاوة، وهي سطح جهنم، خلقت من سفليات الطبيعة يسكنها الحيات والعقارب وبعض زبانية

ورة آرة هذه األرض مسيرة سبعين ألف سنة وأربعمائة سنة جهنم، دواثنتين وأربعين سنة وأربعة أشهر، وحياتها وعقاربها آأمثال الجبال

.وأعناق البخت ، وهي ملحقة بجهنم نعوذ باهللا منهاأسكن اهللا هذه األشياء في هذه األرض لتكون أنموذجا في الدنيا لما في

ائفة مثل سكان الجنة على الفلك المكوآب جهنم من عذابه، آما أسكن طليكون أنموذجا في الدنيا لما في الجنة من نعيمه، ونظير ذلك في مخيلة اإلنسان، وما في الجانب األيسر منها من الصور الممثلة هو نسخة هذه األرض، وما في الجانب األيمن منها هو نسخة ما في الفلك األطلس من

قوم حجته على خلقه، ألنه تعالى لو لم يجعل في الحور وأمثاله، آل ذلك لتهذه الدار شيئا من الجنة والنار لكانت العقول ال تهتدي إلى معرفتها لعدم

المناسب فال يلزمها اإليمان بها، فجعل الحق تعالى في هذه الدار هذه األشياء من الجنة والنار لتكون مرقاة للعقول إلى معرفة ما أخبر به الحق

فافهم ما أشرنا إليه وال تقف مع ظاهر . ن نعيم الجنة وعذاب النارتعالى ماللفظ، وال تنحصر بباطن معناه، بل تحقق بما أشار باطنه إليه وتيقن بما

دلك ظاهره عليه، فإن لكل ظاهر باطنا، ولكل حق حقيقة، والرجل من استمع القول فاتبع أحسنه، جعلنا اهللا وإياآم ممن تذآروا فإذا هم

.بصرونمثم اعلم أن أطباق األرض إذا أخذت في االنتهاء دار الدور عليها في

الصعود، آما أن أهل النار إذا استوفوا ما آتب عليهم وخرجوا ال يخرجون إال إلى مثل ما ينتهي إليه حال أهل الجنة من آريم المشاهدة والتحقق

اء أول فلك قبل فلك بتحقق المطالعة إلى أنوار العظمة اإللهية، فكما أن المالتراب، آذلك هو أول فلك بعد فلك التراب، ثم الهواء بعده، ثم النار، ثم

واعلم أن البحار السبعة المحيطة أصلها بحران، ألن الحق سبحانه وتعالى رة البيضاء التي صارت ماء، فما آان مقابال في علم اهللا لما نظر إلى الد

تعالى لنظر الهيبة والعظمة والكبرياء، فإنه لشدة الهيبة صار طعمه مالحا زعافا، وما آان مقابال في علم اهللا تعالى لنظر اللطف والرحمة صار طعمه

} . -، ( ) * + ' × % { $ : عذبا، وقدم اهللا ذآر العذاب في قوله تعالىلسر سبق الرحمة الغضب، فلهذا آان األصل بحرين ] 12اآلية : فاطر[

عذب ومالح، فبرز من العذب جدول إلى جانب المشرق منه واختلط بنبات األرض فنبتت رائحته فصار بحرا على حدته، ثم خرج منه، أي العذب، من

متزج جدول مما يلي جانب المغرب، فقرب من البحر المالح المحيط فا .طعمه فصار ممتزجا وهو بحر على حدته

جدول أقام وسط األرض : وأما البحر المالح فخرجت منه ثالث جداولفبقي على طعمه األول مالحا ولم يتغير فهو بحر على حدته؛ وجدول ذهب

إلى اليمين، وهو الجانب الجنوبي، فغلب عليه طعم األرض التي امتد على حدته، وجدول ذهب إلى الشام، وهو إليها، فصار حامضا، وهو بحر

الجانب الشمالي فغلب عليه طعم األرض التي امتد فيها فصار مرا زعافا وهو بحر على حدته، وأحاط بجبل قاف واألرض جميعها بما فيها لم يعرف

له طعم يختص به ولكنه طيب الرائحة، ال يكاد من شمه أن يبقى على ، وهذا هو البحر المحيط الذي ال يسمع له حالته بل يهلك من طيب رائحته

.غطيط، فافهم هذه اإلشارات واعرف ما تضمنته هذه العباراتأما : وها أنا أفصل لك هذا اإلجمال وأودعه من أسرار اهللا غريب األقوال

البحر العذب فهو طيب المشرب وسهل المرآب منتقل الخاص والعام القريب والبعيد، ويقترف منه ومتعلق األفكار واألفهام، يغترف منه

الضعيف والشديد، به يستقيم قسطاس األبدان ويقوم في الحكم ناموس األديان، أبيض اللون شفاف الكون، يسرع في منافذه الطفل والمحتلم،

ويرتع في موائده الطالب والمغتنم، حيتانه سهلة االنقياد قريبة االصطياد، فيه بين من الحرام، وبها ارتبط خلقت من نور تعظيم االحترام، الحالل

الحكم الظاهر، وبها أصلح أمر األول واآلخر، آثيرة السفر قليلة الخطر، قل أن تنعطب مراآبها أو يغرق من موجها راآبها، هي سبيل الهارب إلى

نجاته وطريق الطالب إلى أمنياته، يستخرج منها آللىء اإلشارات من انة الحكم في شباك الكالم، مراآبها أصداف العبارات، ويظهر منها مرج

منقولة ومراسيها معلومة ال مجهولة، قريبة القعر بعيدة الغور، سكانها

.الفرات والنيل وسيحون وجيحون: فالفروع المشتهرةوالمندثرة فأآثرها بأرض الهند والترآمان وفي الحبشة منها فرعان، دورة محيط هذه األبحر مسيرة أربع وعشرين سنة وهي متشعبة في ل أقطار األرض ومتفرعة في طولها والعرض، يتشعب منها فرعان، األو

فأما الذي أخذ في العرض وبين من . بإرم ذات العماد، واآلخر بنعمانمالبسة األرض، فهو العامر للديار واألعمال، والظاهر بين أيدي السفرة

وأما الذي أخذ في طول االلتحاد وسكن إرم ذات العماد، فهو . والعمالالبحر الممروج ذو الدر الممزوج، فافهم هذه اإلشارات واعرف هذه

.العبارات، فليس األمر على ظاهره واهللا محيط بأول األمر وآخرهوأما البحر النتن فهو الصعب المسالك القريب المهالك، هو طريق

السالكين ومنهج السائرين، يروم المرور آل أحد عليه وال يصل إال العباد إليه، لونه أشهب وآونه أغرب، أمواجه بأنواع البر طافحة وأرياحه

الفضائل غادية ورائحة، حيتانه آالبغال والجمال تحمل الكل بأصنافوأعباء األثقال إلى بلد الدر األنفس ولم يكونوا بالغيه إال بشق األنفس، لكنهم صعاب االنقياد ال يصادون إال بالجد واالجتهاد، ال يعبر مراآبهم

ق الواضح الباهرة إال أهل العزائم القاهرة، تهب رياحها من جانب الشرفتسير بأفالآها إلى ساحل البحر الناجح، أهلها صادقون في األفعال مؤمنون في األقوال واألحوال، سكانها العباد والصالحون والزهاد،

يستخرج من هذا البحر در البقاء ومراجين النقاء، يتحلى بها من تطهر فظ هذا البحر وتزآى وتخلق وتحقق وتجلى، قد وآل اهللا مالئكة العذاب بح

العجاب، دور محيط هذا البحر مسيرة خمسة آالف سنة، وقد أخذ سردا في .العرض غير ممتد في األرض

وأما البحر الممروج ذو الدر الممزوج، لونه أصفر أمواجه معقودة آالصخر األحمر، ال يقدر آل على شربه وال يطيق آل أحد أن يسير في

م يخلق مثلها في البالد، صعب المسلك سربه، هو بحر ذات العماد التي لآثير العطب والمهلك، ال يسلم فيه إال آحاد المؤمنين وال يحكم أمره إال

أفراد المعتقدين، وآل من رآب في فلكه من الكفار فإنه يؤول به إلى الغرق واالنكسار، وأآثر مراآب المسلمين تتبعها قروش هذا البحر

أهل العقول الوافية المؤيدة بالنقول الشافية، المعين، ال يعمر مراآبه إالوأما من سواهم فإنه يستكثر الغرامة ويطلب الفائدة في اإلقامة، حيتان

رأيت سكان هذا البحر سالمي االعتقاد سالمين بحسن الظن من فتن آل اهللا مالئكة التسخير بحفظ هذا البحر الغزير، هم أهل إرم االنقياد، قد و

ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البالد، وهذا البحر يضرب موجه على ساحل هذه البلدة القريبة وينتفع أهلها بحيتانه العجيبة، قطر محيط هذا

البحر مسيرة سبعة آالف سنة، وقد يقطعها المسافر في مثل السنة، .عة في طول الدار غامرة الخراب منها والعمارمتفر

وأما البحر المالح فهو المحيط العام والدائر التام، ذو اللون األزرق والغور األعمق، يموت عطشا من شرب من مائه ويهلك فناء، هبت رياح األزل

في مغاربه فتصادمت األمواج في جوانبه، فال يسلم فيه السابح وال يهتدي والرائح، إال إذا أيدته أيادي التوفيق فعادت سفينته شرعا في فيه الغادي

ذلك البحر العميق، مراآبه ال تسير إال في األسحار، وأرياحه ال تهب إال جملة من اليمين واليسار، سفينته من ألواح الناموس معمورة وبمسامير القاموس مسمورة، ضلت األفكار في طريقه وحارت األلباب في عميقه، مراآبه آثيرة العطب سريعة الهالك والنصب، ال يسلم فيه إال اآلحاد وال ينجو من مهالكه إال األفراد، قروش هذا البحر تبتلع المراآب والراآب

وتستهلك المقيم والذاهب، يجد المسافر فيه على آل مسلك ألف ألف س لقعره مهلك، ينبههم الحرام فيه بالحالل ويختلط المنشأ فيه بالمآل، لي

انتهاء وال آلخره ابتداء، ال يقدر على الخوض فيه إال أهل العزائم الوافية وال يتناول من دره إال أهل الهمم العالية، أمره مبني على حقيقة المحصول

متأسس عليه الفروع واألصول، أمواجه متالطمة ودفقاته متصادمة ه دليل غير الكواآب وأهواله متعاظمة وسحائب غيثه متراآمة، ليس ألهل

الزاهرات وال مرسى لمراآبه غير التيه في الظلمات، حيتانه على هيئة سائر المخلوقات وهوامه بأنواع السموم نافثات، خلق اهللا تعالى حشرات

هذا البحر من نور اسمه القادر وجعلها حقيقة حكمة األمر الظاهر، ر، يتيمات الدرر يستخرج الغواص من هذا البحر إذا سلم من مده والجز

في أصداف الحفر، جعل اهللا سكانه من المأل األعلى طائفة لهم اليد الطولى .ووآل بحفظهم مالئكة اإليحاء

اعلم أنه لما نظر اهللا تعالى في القدم إلى الياقوتة الموجودة في العدم، آان لهذا البحر نور ذلك الياقوت وبهجته، وآان العذب من جداوله وصورته

فلما صارت الياقوتة ماء صار البحران ظلمة وضياء، فلما مرج وهيئته،بينهما ماء الحياة برزخا ال يبغيان، وهذا الماء البحرين يلتقيان جعل اهللا

في مجمع البحرين وملتقى الحكمين واألمرين، وهو عين ينبع جاريا في .جانب المغرب عند البلد المسمى باألزل المغرب

بحر المعين الذي خلقه اهللا في مجمع البحرين أن من فمن خاصية هذا الشرب منه ال يموت ومن سبح فيه أآل من آبد البهموت، والبهموت حوت في البحر المالح هذا المذآور أوال، جعله اهللا الحامل للدنيا وما فيها، فإن اهللا تعالى لما بسط األرض جعلها على قرني ثور يسمى البرهوت وجعل

ر حوت في هذا البحر يسمى البهموت، وهو الذي أشار إليه الثور على ظه ] .6اآلية : طه] { {: الحق تعالى بقوله

ومجمع البحرين هذا هو الذي اجتمع فيه موسى عليه السالم بالخضر على شطه، ألن اهللا تعالى آان قد وعده بأن يجتمع بعبد من عباده على مجمع

مال لغدائه ووصال إلى مجمع البحرين البحرين، فلما ذهب موسى وفتاه حالم يعرفه موسى عليه السالم إال بالحوت الذي نسيه الفتى على الصخرة

وآان البحر مدا فلما جزر بلغ الماء إلى الصخرة فصارت حقيقة الحياة في الحوت، فاتخذ سبيله في البحر سربا، فعجب موسى من حياة حوت ميت

تى اسمه يوشع بن نون، وهو أآبر من موسى قد طبخ على النار، وهذا الفمشهورة، وقد فصلت ذلك عليه السالم في السن بسنة شمسية وقصتهما

، فليتأمل )مسامرة الحبيب ومسايرة الصحيب: (في رسالتنا الموسومة بـ .فيه

سافر اإلسكندر ليشرب من هذا الماء اعتمادا على آالم أفالطون أن من ال يموت، ألن أفالطون آان قد بلغ هذا المحل شرب من ماء الحياة فإنه

وشرب من هذا البحر فهو باق إلى يومنا هذا في جبل يسمى دراوند، وآان أرسطو تلميذ أفالطون وهو أستاذ اإلسكندر صحب اإلسكندر في مسيره

إلى مجمع البحرين، فلما وصل إلى أرض الظلمات ساروا وتبعهم نفر من نة تسمى ثبت ـ برفع الثاء المثلثة والباء العسكر وأقام الباقون بمدي

الموحدة وإسكان التاء المثناة من فوق ـ وهو حد ما تطلع الشمس عليه، وآان في جملة من صحب اإلسكندر من عسكره الخضر عليه السالم،

فساروا مدة ال يعلمون عددها وال يدرآون أمدها وهم على ساحل البحر، ماء، فلما ملوا من طول السفر أخذوا في وآلما نزلوا منزال شربوا من ال

الرجوع إلى حيث أقام المعسكر، وقد آانوا مروا بمجمع البحرين على

اعلم أن عين الحياة مظهر الحقيقة الذاتية من هذا الوجود، فافهم هذه اإلشارات وفك رموز هذه العبارات وال تطلب األمر إال من عينك بعد

] 169اآلية : آل عمران[} ژ ء آ أ { خروجك من إنيتك، لعلك تفوز بدرجة اد بموسى وخضره، ويسمح لك الوقت بأن تصير من حزبهم فتكون المر

.وباإلسكندر والظلمات ونهرهواعلم أن الخضر عليه السالم قد مضى ذآره فيما تقدم، خلقه اهللا تعالى

فهو روح اهللا، فلهذا عاش ] 29اآلية : الحجر[} ف ق ك . { من حقيقة إلى يوم القيامة، اجتمعت به وسألته، ومنه أروي جميع ما في هذا البحر

.المحيط» ق«هذا البحر المحيط المذآور، وما آان منه منفصال عن جبل واعلم أن

مما يلي الدنيا فهو مالح وهو البحر المذآور، وما آان منه متصال بالجبل فهور وراء المالح، فإنه البحر األحمر الطيب الرائحة، وما آان من وراء

السم متصال بالجبل األسود فإنه البحر األخضر، وهو مر الطعم آ» ق«جبل القاتل، ومن شرب منه قطرة هلك، وفني لوقته؛ وما آان منه وراء الجبل بحكم االنفصال والحيطة والشمول بجميع الموجودات فهو البحر األسود

الذي ال يعلم له طعم وال ريح، وال يبلغه أحد، بل وقع به اإلخبار، فعلم .وانقطع عن اآلثار فكتم

سك األذفر فإنه يعرف بالبحر األسمى وأما البحر األحمر الذي نشره آالمذي الموج األنمى، رأيت على ساحل هذا البحر رجاال مؤمنين، ليس لهم عبادة إال تقريب الخلق إلى الحق، قد جبلوا على ذلك، فمن عاشرهم أو

صاحبهم عرف اهللا بقدر معاشرتهم، وتقرب إلى اهللا بقدر مسايرتهم، المع، يستضيء بهم الحائر في تيهات وجوههم آالشمس الطالع والبرق ال

بهم التائه في غيابات البحار، إذا أرادوا السفر في هذا القفار، ويهتديالبحر نصبوا شرآا لحيتانه، فإذا اصطادوها رآبوا عليها، ألن مراآب هذا البحر حيتانه، ومكتسبه لؤلؤه ومرجانه، ولكنهم عندما يستووا على ظهر

رائحة البحر فيغمى عليهم، فال يفيقون إلى هذا الحوت ينتعشون بطيب

واعلم أن أمواج هذا البحر آل موجة منها تمأل ما بين السماء واألرض ألف ألف مرة إلى ما ال ينتهي، ولوال أن عالم القدرة يسع هذا البحر لما

بأسره، وآل اهللا المالئكة الكروبيين بحفظ هذا آان يوجد في الوجودالبحر، فهم واقفون على شطه، ال يستقر بهم قرار في وسطه، وليس في

هذا البحر من السكان سوى دوابه والحيتان، وأما البحر األخضر، فإنه مر المذاق، معدن الهالك واإلغراق، يوصف عند العلماء به بخير الصفات،

،ه بأحسن السمات، ليس فيه حوت ومن يرآبه يموتويوسم عند عارفيرأيته وعلى ساحله مدينة مطمئنة أمينة، هي المدينة التي وصل إليها

وذلك ألنهما لبسا ] 77اآلية : الكهف[} و ى ي { الخضر وموسى فـثياب الفقراء، وتلك البلدة ال يمكن أن يأآل طعامها إال الملوك واألمراء، ثم

لها مشغوفين برآوب هذا البحر، ومتعلقين بحب هذا األمر، إني رأيت أهحتى أنهم يجتمعون في رأس آل سنة، وهو يوم عيدهم، فيرآبون على

نجائب متلونة بكل لون، فأخضر وأحمر وأصفر وغير ذلك، ويشدون نفوسهم عليها، ويربطون عصابة على أعين النجب ، ثم يقربونها إلى

نجيبه إلى البحر هلك هو والنجيب، ومن أخذ به جانب البحر، فمن سار به مرآبه عن البحر صفحا فإنه يرجع حيا، ولكنه في نفسه آالخائب

والمردود، وآالمهجور والمطرود، فال يزال يقتني نجيبا آخر ويربيه ويطعمه إلى دور السنة، ثم يفعل ما فعل في العام السابق إلى أن يتوفى في

ر، آما تتعشق الفراشة بنور السراج، فال تزال تلقي البحر تعشقا منهم للبح .بنفسها فيه إلى أن تفنى وتهلك فيه

وأما البحر السابع فهو األسود القاطع، ال يعرف سكانه، وال يعلم حيتانه، فهو مستحيل الوصول غير ممكن الحصول، ألنه وراء األطوار وآخر

ائبه، قصر عنه المدى األآوار واألدوار، ال نهاية لعجائبه، وال آخر لغرفطال، وزاد على العجائب حتى آأنه المحال، فهو بحر الذات الذي حارت

دونه الصفات، وهو المعدوم والموجود والموسوم والمفقود والمعلوم والمجهول والمحكوم والمنقول والمحتوم والمعقول، وجوده فقدانه، وفقده

ره، ال يدرك ما فيه، وجدانه، أوله محيط بآخره، وباطنه مستور على ظاه

الباب الثالث والستون

في سائر األديان والعبادات، ونكتة جميع األحوال والمقامات، فهم مجبولون على اعلم أن اهللا تعالى إنما خلق جميع الموجودات لعبادته

ذلك، مفطورون عليه من حيث األصالة، فما في الوجود شيء إال وهو يعبد اهللا تعالى بحاله ومقاله وفعاله، بل بذاته وصفاته، فكل شيء في

= ؛ چ : 9 8{ : الوجود مطيع هللا تعالى، لقوله تعالى للسماوات واألرضت إال أهلها، وال باألرض وليس المراد بالسماوا] 11اآلية : فصلت[} عع

] 56اآلية : الذاريات[} ! ! «{ژ ( ' × % $ £ { : إال سكانها، وقال تعالىألن » آل ميسر لما خلق له«: أنهم يعبدونه بقوله) ص(ثم شهد لهم النبي

الجن واإلنس مخلوقون لعبادته وهم ميسرون لما خلقوا له، فهم عباد اهللا بادات الختالف مقتضيات األسماء والصفات، بالضرورة، ولكن تختلف الع

ألن اهللا تعالى متجل باسمه المضل، آما هو متجل باسمه الهادي، فكما .يجب ظهور أثر اسمه المنعم، آذلك يجب ظهور أثر اسمه المنتقم

واختلف الناس في أحوالهم الختالف أرباب األسماء والصفات، قال اهللا يعني عباد اهللا مجبولين على ] 213اآلية : ةالبقر[} عع ؟ = چ { : تعالى

] 213اآلية : البقرة[} ژ ء آ أ ؤ { طاعته من حيث الفطرة األصلية، ليعبده من اتبع الرسل من حيث اسمه الهادي، وليعبده من يخالف الرسل

من حيث اسمه المضل، فاختلف الناس وافترقت الملل وظهرت النحل، مته أنه صواب، ولو آان ذلك العلم عند غيرها وذهبت آل طائفة إلى ما عل

خطأ، ولكن حسنه اهللا عندها ليعبدوه من الجهة التي تقتضيها تلك الصفة : هود[} ! } ~ ) ص({ » « { : المؤثرة في ذلك األمر، وهذا معنى قوله

فهو الفاعل بهم على حسب ما يريده مراده، وهو عين ما ] 56اآلية نه وتعالى يجزيهم على حسب مقتضى أسمائه اقتضته صفاته، فهو سبحا

وصفاته، فال ينفعه إقرار أحد بربوبيته وال يضره جحود أحد بذلك، بل هو سبحانه وتعالى يتصرف فيهم على ما هو يستحق لذلك من تنوع عباداته : التي تنبغي لكماله، فكل من في الوجود عابد هللا تعالى، مطيع لقوله تعالى

ألن من تسبيحهم ما يسمى ] 44اآلية : اإلسراء[ } 1 0 . /-، ( ) * + { مخالفة ومعصية وجحودا وغير ذلك، فال يفقهه آل أحد، ثم إن النفي إنما

: اإلسراء[ } 1 0. / { : وقع على الجملة، فصح أن يفقهه البعض فقوله .يعني من حيث الجملة، فيجوز أن يفقهه بعضهم] 44اآلية

لما أوجد هذا الوجود، وأنزل آدم من الجنة، وآان آدم ثم اعلم أن اهللا تعالىوليا قبل نزوله إلى الدنيا، فلما نزل إلى الدنيا آتاه اهللا تعالى النبوة، ألن النبوة تشريع وتكليف، والدنيا دار التكليف، بخالف الجنة، فإنه آان بها

يزل أبونا آدم وليا، ألنها دار الكرامة والمشاهدة، وذلك هو الوالية، ثم لم نفسه إلى أن ظهرت ذريته، فأرسل إليهم، وآان يعلمهم ما أمره وليا في

اهللا تعالى به، وآانت له صحف أنزلها اهللا عليه، فمن تعلم من أوالده قراءة تلك الصحف آمن بالضرورة لما فيها من البيان الذي ال يمكن أن

ن اشتغل بلذاته عن تعلم يرده متأمل، فهؤالء الذين اتبعوه من ذريته، ومقراءة تلك الصحف، واتبع هواه، آلت به ظلمة الغفلة إلى الغرور بالدنيا،

ثم آل به ذلك إلى اإلنكار وعدم اإليمان بما في الصحف مما أنزله اهللا على آدم عليه السالم، وهؤالء هم الكفار، ثم لما توفي آدم عليه السالم افترقت

ان يؤمن بقرب آدم عليه السالم من اهللا تعالى ذريته، فذهبت طائفة ممن آإلى أن يصور شخصا من حجر على صفة آدم، ليحفظ حرمته بالخدمة له، وليقيم ناموس المحبة بمشاهدة شخصه على الدوام، لعل ذلك يكون مقربا إلى اهللا تعالى، ألنه يعلم أن خدمة آدم في حال حياته آان مقربا له إلى اهللا

ن أنه لو خدم شخص آدم آان آذلك، ثم تبعتها طائفة من بعدها، تعالى، فظ .فضلوا في الخدمة فعبدوا الصورة نفسها، فهؤالء هم عبدة األوثان

: ثم ذهبت طائفة أخرى إلى القياس بعقولهم، فزيفوا عبدة األوثان وقالوااألولى أن نعبد الطبائع األربعة، ألنها أصل الوجود، إذ العالم مرآب من

رة وبرودة ويبوسة ورطوبة، فعبادة األصل أولى من عبادة الفرع، حراألن األوثان فرع العابد، ألنها تحتها فهو أصلها فعبدوا الطبائع، وهؤالء

إن : هم الطبيعيون، ثم ذهبت طائفة إلى عبادة الكواآب السبعة، فقالوا الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة ليس شيء منها في نفسه له حرآة

: اختيارية فال فائدة في عبادتها، واألولى عبادة الكواآب السبعة وهيزحل، والمشتري، والمريخ، والشمس، والزهرة، وعطارد، والقمر، ألن

آل واحد من هؤالء مستقل بنفسه سائر في فلكه، يتحرك بحرآة مؤثرة في الوجود تارة نفعا وتارة ضرا فاألولى عبادة من له التصرف، فعبدوا

.الكواآب وهؤالء هم الفالسفةإن اختصاص األنوار : وذهبت طائفة إلى عبادة النور والظلمة ألنهم قالوا

بالعبادة تضييع للجانب الثاني، ألن الوجود منحصر من نور وظلمة فالعبادة تضييع لهؤالء أولى فعبدوا النور المطلق حيث آان من غير

طلقة المتجلية حيث آانت، اختصاص بنجم أو غيره، وعبدوا الظلمة الم .فسموا النور يزدان، وسموا الظلمة أهرمن، وهؤالء هم الثانوية

إن مبنى الحياة على الحرارة : ثم ذهبت طائفة إلى عبادة النار ألنهم قالواالغريزية وهي معنى، وصورتها الوجودية هي النار، فهي أصل الوجود

.وحده، فعبدوا النار وهؤالء هم المجوسبت طائفة إلى ترك العبادة رأسا زعما بأنها ال تفيد، وإنما الدهر بما ثم ذه

يقتضيه مجبول من حيث الفطرة اإللهية على ما هو الواقع، فما ثم إال .أرحام تدفع وأرض تبلع، وهؤالء هم الدهريون ويسمون بالمالحدة أيضا

دين ثم إن أهل الكتاب متفرقون فبراهمة، وهؤالء يزعمون أنهم علىإبراهيم وأنهم من ذريته ولهم عبادة مخصوصة، ويهود وهؤالء

الموسويون، ونصارى وهؤالء العيسويون، ومسلمون وهم المحمديون، فهؤالء عشر ملل، وهم أصول الملل المختلفة، وهي ال تتناهى لكثرتها، ومدار الجميع على هذه العشر الملل، وهم الكفار والطبائعية والفالسفة

ية والمجوس والبراهمة والدهرية واليهود والنصارى والمسلمون، والثانووما ثم طائفة من هذه الطوائف إال وقد خلق اهللا منها ناسا للجنة وناسا

للنار، أال ترى أن الكفار في الزمن المتقدم من النواحي التي لم تصل إليها ، وعامل دعوة رسل ذلك الوقت منقسمون على عامل خير جزاه اهللا بالجنة

شر جزاه اهللا بالنار؟ وآذلك أهل الكتاب، فالخير قبل نزول الشرائع، ما قبلته القلوب وأحبته النفوس واستبشرت به األرواح، وبعد نزول الشرائع ما تعبد اهللا به عباده، والشر قبل نزول الشرائع، ما قبلته القلوب وآرهته

ما نهى اهللا عنه عباده، النفوس وتألمت به األرواح، وبعد نزول الشرائع،فكل هذه الطوائف عابدون هللا تعالى آما ينبغي أن يعبد، ألنه خلقهم لنفسه

ال لهم، فهم له آما يستحق، ثم إنه سبحانه وتعالى أظهر في هذه الملل .حقائق أسمائه وصفاته فتجلى في جميعها بذاته فعبدته جميع الطوائف

ه لما آان الحق سبحانه وتعالى حقيقة فأما الكفار فإنهم عبدوه بالذات، ألنالوجود بأسره والكفار من جملة الوجود وهو حقيقتهم فكفروا أن يكون لهم رب ألنه تعالى حقيقتهم وال رب له بل هو الرب المطلق، فعبدوه من

حيث ما تقتضيه ذواتهم التي هو عينها، ثم من عبد منهم الوثن فلسر وال مزج في آل فرد من أفراد ذرات وجوده سبحانه بكماله بال حلول

الوجود، فكان تعالى حقيقة تلك األوثان التي يعبدونها، فما عبدوا إال اهللا، ولم يفتقر في ذلك إلى علمهم وال يحتاج إلى نياتهم، ألن الحقائق ولو طال

إخفاؤها ال بد لها أن تظهر على ساق مما هو األمر عليه، وذلك سر نفسهم، ألن قلوبهم شهدت لهم بأن الخير في ذلك اتباعهم للحق في أ

األمر، فانعقدت عقائدهم على حقيقة ذلك وهو عند ظن عبده به، وقال

وأما على الخصوص فما آل قلب يستفتى، وال آل قلب يفتي بالصواب، ه بعض القلوب ال آلها، فتلك اللطيفة االعتقادية بحقيقة األمر فهذا يراد ب

الذي هم فاعلوه، قادتهم إلى ظهور حقيقة األمر على ذلك المنهج في يعني في الدنيا ] 53اآلية : المؤمنون[} هللا {: اآلخرة، وقال تعالى

واآلخرة، ألن االسم ال ينفك عن المسمى فهو سماهم بأنهم فرحون هم بهذا الوصف، والوصف غير مغاير للموصوف، بخالف ما لو ووصفيفرح على : فرح آل حزب بما لديهم، آان هذا صيغة الفعل، ولو قال: قال

صيغة المضارع آان يقتضي االنصرام، وأما االسم فهو لدوام االستمرار، فهم فرحون في الدنيا بأفعالهم، وفرحون في اآلخرة بأحوالهم، فهم

فرح بما لديهم، ولهذا لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه بعد دائمون في الاطالعهم على ما ينتجه من العذاب لما وجدوه من اللطيفة الملذوذة في ذلك، وهي سبب بقائهم فيه، فإن الحق تعالى من رحمته إذا أراد تعذيب عبد بعذاب في اآلخرة أوجد له في ذلك العذاب لذة غريزية يتعشق بها

لئال يصح منه االلتجاء إلى اهللا تعالى واالستعاذة به من جسد المعذب العذاب، فيبقى في العذاب ما دامت تلك اللذة موجودة له، فإذا أراد الحق تخفيف عذابه أفقده تلك اللذة فيضطر إلى الرحمة، وهو تعالى شأنه أنه

يجيب المضطر إذا دعاه، فحينئذ يصح منه االلتجاء إلى اهللا تعالى ذة به، فيعيذه الحق من ذلك، فعبادة الكفار له عبادة ذاتية، وهي واالستعا

وإن آانت تؤول بهم إلى السعادة فإنها طريق الضالل لبعد حصول سعادتها، فإنه ال تنكشف لصاحبها الحقائق إال بعد خوض طباق النار

األخروية جميعها جزاء بما خاض في الدنيا طباق النار الطبيعية باألفعال حوال واألقوال على مقتضى البشرية، فإذا استوفى ذلك قطع طريقه واأل

إلى اهللا تعالى، ألنه نودي من بعد فيصل ذلك إلى سعادته اإللهية، فيفوز .بما فاز به المقربون من أول قدم، ألنهم نودوا من قرب فافهم

وأما الطبائعية فإنهم عبدوه من حيث صفاته األربع، ألن األربعة األوصاف لهية التي هي الحياة والعلم والقدرة واإلرادة، أصل بناء الوجود، اإل

فالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة مظاهرها في عالم األآوان، فالرطوبة مظهر الحياة، والبرودة مظهر العلم، والحرارة مظهر اإلرادة،

واليبوسة مظهر القدرة، وحقيقة هذه المظاهر ذات الموصوف بها سبحانه عالى، فلما الح لسائر أرواح الطبيعيين تلك اللطيفة اإللهية الموجودة في وت

هذه المظاهر، وعاينوا أثر أوصافه األربعة اإللهية ثم باشروها في الوجود

دوه من حيث أسماؤه سبحانه وتعالى، ألن النجوم وأما الفالسفة فإنهم عبمظاهر أسمائه وهو تعالى حقيقتها بذاته، فالشمس مظهر اسمه اهللا، ألنه

الممد بنوره جميع الكواآب، آما أن االسم اهللا تستمد جميع األسماء حقائقها منه، والقمر مظهر اسمه الرحمن، ألنه أآمل الكواآب يحتمل نور

السم الرحمن أعلى مرتبة في االسم اهللا من جميع الشمس، آما أن ااألسماء آما سبق بيانه في بابه، والمشتري مظهر اسمه الرب ألنه أسعد

آوآب في السماء، آما أن اسم الرب أخص مرتبة في المراتب لشموله آمال الكبرياء القتضائه المربوب؛ وأما زحل فمظهر الواحدية ألن آل

أن االسم الواحد تحت جميع األسماء والصفات؛ األفالك تحت حيطته، آما وأما المريخ فمظهر القدرة ألنه النجم المختص باألفعال القاهرية؛ وأما

الزهرة فمظهر اإلرادة، ألنه سريع التقلب في نفسه، فكذلك الحق يريد في آل آن شيئا، وأما عطارد فمظهر العلم ألنه الكاتب في السماء، وبقية

ومة مظاهر أسمائه الحسنى التي تدخل تحت اإلحصاء، وما الكواآب المعل .ال يعلم من الكواآب الباقية فإنها مظاهر أسمائه التي ال يبلغها اإلحصاء

فلما ذاقت ذلك أرواح الفالسفة من حيث اإلدراك االستعدادي الموجود فيها آل بالفطرة اإللهية، عبدت هذه الكواآب لتلك اللطيفة اإللهية الموجودة في

آوآب، ثم لما آان الحق حقيقة تلك الكواآب اقتضى أن يكون معبودا لذاته فعبدوه لهذا السر، فما في الوجود شيء إال وقد عبده ابن آدم وغيره من الحيوانات آالحرباء فإنها تعبد الشمس، وآالجعل يعبد النتانة، وغيرهما

يعبد اهللا تعالى، إما من أنواع الحيوانات، فما في الوجود حيوان إال وهوفمن عبده على اإلطالق . على التقييد بمظهر ومحدث، وإما على اإلطالق

فهو موحد، ومن عبده على التقييد فهو مشرك، وآلهم عباد اهللا على الحقيقة ألجل وجود الحق فيها، فإن الحق تعالى من حيث ذاته يقتضي أن

ر في ذرات الوجود، فمن ال يظهر في شيء إال ويعبد ذلك الشيء؛ وقد ظهالناس من عبد الطبائع وهي أصل العالم، ومنهم من عبد الكواآب، ومنهم من عبد المعدن، ومنهم من عبد النار، ولم يبق شيء في الوجود إال وقد عبد شيئا من العالم، إال المحمديون فإنهم عبدوه من حيث اإلطالق بغير

وأما الثنوية فإنهم عبدوه من حيث نفسه تعالى، ألنه تعالى جمع األضداد بنفسه، فشمل المراتب الحقية والمراتب الخلقية، وظهر في الوصفين

بالحكمين، وظهر في الدارين بالنعتين؛ فما آان منسوبا إلى الحقيقة الظاهر في األنوار، وما آان منسوبا إلى الحقيقة الخلقية فهو الحقية فهو

عبارة عن الظلمة، فعبدوا النور والظلمة لهذا السر اإللهي الجامع للوصفين وللضدين واالعتبارين والحكمين آيف شئت من أي حكم شئت،

هذه اللطيفة فإنه سبحانه يجمعه وضده بنفسه، فالثنوية عبدوه من حيثمما يقتضيه في نفسه سبحانه وتعالى، فهو المسمى بالحق وهو اإللهية

.المسمى بالخلق، فهو النور والظلمةوأما المجوس فإنهم عبدوه من حيث األحدية، فكما أن األحدية مفنية

لجميع المراتب واألسماء واألوصاف، آذلك النار فإنها أقوى االستقصات اتها، ال تقاربها طبيعة إال وأرفعها، فإنها مفنية لجميع الطبائع بمحاذ

وتستحيل إلى النارية لغلبة قوتها، فكذلك األحدية ال يقابلها اسم وال وصف إال ويندرج فيها ويضمحل، فلهذه اللطيفة عبدوا النار وحقيقتها ذاته

.تعالىواعلم أن الهيولى قبل ظهورها في رآن من أرآان الطبائع التي هي النار

لتراب، لها أن تلبس صورة أي رآن شاءت، وأما بعد والماء والهواء واظهورها في رآن من األرآان فال يمكنها أن تخلع تلك الصورة وتلبس

غيرها، فكذلك األسماء والصفات في عين الواحدية، آل واحدة منهن لها معنى الثاني، فالمنعم وهو المنتقم، فإذا ظهرت األسماء في المرتبة اإللهية

إال ما اقتضته حقيقته فالمنعم ضد المنتقم، فالنار في ال يفيد آل اسمالطبائع مظهر الواحدية في األسماء، فلما انتشقت مشام أرواح المجوس

: الموأما الدهرية فإنهم عبدوه من حيث الهوية، فقال عليه الصالة والس .» ال تسبوا الدهر فإن اهللا هو الدهر«

وأما البراهمة فإنهم يعبدون اهللا مطلقا ال من حيث نبي وال من حيث رسول، بل يقولون إن ما في الوجود شيء إال وهو مخلوق هللا، فهم

مقرون بوحدانية اهللا تعالى في الوجود، لكنهم ينكرون األنبياء والرسل نوع من عبادة الرسل قبل اإلرسال، وهم يزعمون مطلقا، فعبادتهم للحق

أنهم أوالد إبراهيم عليه الصالة والسالم، ويقولون إن عندهم آتابا آتبه لهم إبراهيم الخليل عليه السالم من نفسه من غير أن يقولوا إنه من عند

ربه، فيه ذآر الحقائق وهو خمسة أجزاء، فأما األربعة أجزاء فإنهم لكل أحد، وأما الجزء الخامس فإنهم ال يبيحون إال لآلحاد يبيحون قراءتها

منهم لبعد غوره، وقد اشتهر بينهم أن من قرأ الجزء الخامس من آتابهم ، وهذه طائفة )ص(ال بد أن يؤول أمره إلى اإلسالم فيدخل في دين محمد

أآثر من يوجد ببالد الهند، وثم ناس يتزيون بزيهم ويدعون أنهم براهمة سوا منهم، وهم معروفون بينهم بعبادة الوثن، فمن عبد منهم الوثن فال ولي

يعد من هذه الطائفة عندهم، وآل هذه األجناس السابق ذآرها لما ابتدعوا هذه التعبدات من أنفسهم آانت سببا لشقاوتهم، ولو آل بهم األمر إلى

بل ظهور السعادة فإن الشقاوة ليست إال ذلك البعد الذي يثبتون فيه ق .السعادة فهي الشقاوة فافهم

وأما من عبد اهللا على القانون الذي أمره به نبيه آائنا من آان من األنبياء فإنه ال يشقى، بل سعادته مستمرة تظهر شيئا فشيئا، وما أتى على أهل

الكتاب إال أنهم بدلوا آالم اهللا وابتدعوا من أنفسهم شيئا، فكان ذلك الشيء شقاوتهم، وهم في الشقاوة على قدر مخالفتهم ألوامر اهللا تعالى سببا ل

وسعادتهم على قدر موافقتهم آتابه تعالى، فإن الحق لم يرسل نبيا وال .رسوال إلى أمة إال وجعل في رسالته سعادة من تبعه منهم

وأما اليهود فإنهم يتعبدون بتوحيد اهللا تعالى ثم بالصالة في آل يوم يأتي بيان سر الصالة في محله إن شاء اهللا تعالى، ويتعبدون مرتين، وس

بالصوم ليوم آنورا، إذ هو اليوم العاشر من أول السنة وهو يوم عاشوراء، وسيأتي بيان سره أيضا؛ ويتعبدون باالعتكاف في يوم السبت،

وشرط االعتكاف عندهم أن ال يدخل في بيته شيئا مما يتمول به وال مما ال يخرج منه شيئا، وال يحدث فيه نكاحا وال بيعا وال عقدا، وأن يؤآل، و

أنت وعبدك وأمتك هللا «: يتفرغ لعبادة اهللا تعالى لقوله تعالى في التوراة

وهذه حكمة جليلة، فإن الحق تعالى خلق السماوات واألرضين في ستة أيام وابتدأها في يوم األحد ثم استوى على العرش في اليوم السابع وهو

يهود بهذه العبادة في يوم السبت، فهو يوم الفراغ، فألجل هذا عبد اهللا ال .هذا اليوم إشارة إلى االستواء الرحماني وحصوله في هذا اليوم، فافهم

ولو أخذنا في الكالم على سر مأآولهم ومشروبهم الذي سنه لهم موسى، أو لو أخذنا في الكالم على أعيادهم وما أمرهم فيها نبيهم وفي جميع

ا على آثير من الجهال أن تعبداتهم وما فيها من األسرار اإللهية خشينيغتروا به فيخرجوا عن دينهم لعدم علمهم بأسراره، فلنمسك عن إظهار

أسرار تعبدات أهل الكتاب، ولنبين ما هو أفضل من ذلك وهو أسرار تعبدات أهل اإلسالم، فإنها جمعت جميع المتفرقات ولم يبق شيء من

ه أآمل األديان وأمته خير ، فدين)ص(أسرار اهللا إال وقد هدانا إليه محمد .األمم

وأما النصارى فإنهم أقرب من جميع األمم الماضية إلى الحق تعالى، فهم دون المحمديين، وسببه أنهم طلبوا اهللا تعالى فعبدوه في عيسى ومريم

وروح القدس، ثم قالوا بعدم التجزئة، ثم قالوا بقدمه على وجوده في بيه الئق بالجانب اإللهي، لكنهم لما محدث عيسى، وآل هذا تنزيه في تش

حصروا ذلك في هؤالء الثالثة نزلوا عن درجة الموحدين، غير أنهم أقرب من غيرهم إلى المحمديين ألن من شهد اهللا في اإلنسان آان شهوده أآمل من جميع من شهد اهللا من أنواع المخلوقات، فشهودهم ذلك في الحقيقة

األمر على ساق أن يعلموا أن بني آدم العيسوية يؤول بهم إذا انكشف آمراء متقابالت يوجد في آل منها ما في األخرى فيشهدون اهللا تعالى في

نفسهم فيوحدونه على اإلطالق فينقلبون إلى درجة الموحدين لكن بعد جوازهم على صراط البعد، وهو التقييد والحصر المتحكم في عقائدهم،

أربعين يوما يبتدأ فيه بيوم األحد ويختم وتعبد اهللا النصارى بصوم تسعة وبه، وأباح لهم أن يصوموا بقية يوم األحد فيخرج منهم ثمانية آحاد فيبقى

.أحد وأربعون يوما، ذلك مدة صومهموآيفية صيامهم أن ال يأآلوا ما يقتات ثالثا وعشرين ساعة من العصر إلى

ي من األوقات التي ما قبله بساعة وهي وقت األآل، ويجوز لهم فيما بقيصومون فيها أن يشربوا الخمر والماء، وأن يأآلوا من الفواآه ما ال يقوم

£ ! " { } ~ : وأما المسلمون فاعلم أنهم آما أخبر اهللا تعالى عنهم بقولهخير األنبياء، ودينه ) ص(ألن نبيهم محمدا ] 110اآلية : آل عمران[}

) ص(عد نبوة محمد خير األديان، وآل من هو بخالفهم من سائر األمم بوبعثه بالرسالة آائنا من آان فإنه ضال شقي معذب بالنار، آما أخبر اهللا

تعالى، فال يرجعون إلى الرحمة إال بعد أبد اآلبدين، لسر سبق الرحمة الغضب، وإال فهم مغضوبون، ألن الطريق التي دعاهم اهللا تعالى إلى نفسه

{ : لم التعب، فكلهم هلكى قال اهللا تعالىبها، طريق الشقاوة والغضب، واألوأي ] 85اآلية : آل عمران[} ! ! }«ژ ( ' × % $ £ ! " } ~ ) ص({ «

خسارة أعظم من فوت السعادة المنزلة لصاحبها في درجة القرب اإللهي، فكونهم نودوا من بعد هو خسارتهم وهو عين الشقاوة والعذاب األليم، وال

ن صاحبه يصل بعيد مشقة ألنه دين شقاوة، فما شقوا يعتد بدينهم ولو آا .إال باتباع ذلك الدين

أال ترى مثال إلى من يعذب في الدنيا ولو يوما واحدا بأنواع عذاب الدنيا وهو آخردلة وأقل من عذاب اآلخرة، آيف يكون شقيا بذلك العذاب؟ فما

رك اهللا تعالى أنهم باقون بالك بمن يمكث أبد اآلبدين في نار جهنم، وقد أخبفيها ما دامت السماوات واألرض، فال ينتقلون منها إلى الرحمة إال بعد

زوال السماوات واألرض، فحينئذ يدور بهم الدور ويرجعون إلى الشيء .الذي آان منه البدء وهو اهللا تعالى فافهم: رابي، بقوله لما قال له األع)ص(والمسلمون آلهم سعداء بمتابعة محمد

أرأيت إذا حللت الحالل وحرمت الحرام وأديت المفروضة ولم أزد على ذلك شيئا ولم أنقص منه شيئا، أو آما قال، هل أدخل الجنة؟ فقال له النبي

، ولم يوقفه بشرط، بل أطلق بتصريح دخول الجنة بذلك » نعم«): ص( القرب، العمل فقط، ومن حصل في الجنة فقد فاز بأول درجة من درجات

] 185اآلية : آل عمران[} ا ب ة ت ث ج ح خ { : قال اهللا تعالىفالمسلمون على الصراط المستقيم وهو الطريق الموصل إلى السعادة من

غير مشقة، والموحدون من المسلمين، أعني أهل حقيقة التوحيد على صراط اهللا، وهذا الصراط أخص وأفضل من األول، فإنه عبارة عن

تجليات الحق تعالى لنفسه بنفسه؛ والصراط المستقيم عبارة عن تنوعات الطريق إلى الكشف عن ذلك؛ فالمسلمون أهل التوحيد، والعارفون أهل

ن من حيث اسمه الرب، فهم مقتدون بأوامره ثم إن اهللا تعالى تعبد المسلمي} [ ع غ { ) ص(ونواهيه، ألن أول آية أنزلها اهللا تعالى على نبيه محمد

قرن األمر بالربوبية ألنها محله، ولذلك افترضت عليهم ] 1اآلية : العلق[العبادات، ألن المربوب يلزمه عبادة ربه، فجميع عوام المسلمين عابدون

حيث اسمه الرب ال يمكنهم أن يعبدوه من غير ذلك، بخالف هللا تعالى من العارفين فإنهم يعبدونه من حيث اسمه الرحمن لتجلي وجوده الساري في

جميع الموجودات عليهم فهم مالحظون للرحمن، فهم يعبدونه من حيث المرتبة الرحمانية، بخالف المحققين فإن عبادتهم له سبحانه وتعالى من

، لثنائهم عليه بما يستحقه من األسماء والصفات التي حيث اسمه اهللااتصفوا بها، ألن حقيقة الثناء أن تتصف بما وصفته به من االسم أو

الصفة التي أثنيت عليه وحمدته بها، فهم عباد اهللا المحققون، والعارفون عباد الرحمن، وعامة المسلمين عباد الرب؛ فمقام المحققين الحمد هللا،

: طه[} ! ! {ق ك ل م ن ه و ى ي ژ ! ! «ف ژ . _ ء { رفين ومقام العا! } ~ ) ص({ » « هللا ـ پ ؟ {ومقام عامة المسلمين ] 5،6اآليتان

] .193اآلية : آل عمران[} ! ! ـ~ژ ؟وأعني بعامة المسلمين جميع من دون العارفين من الشهداء والصالحين

، فإنهم عوام بنسبتهم إلى أهل القرب اإللهي، وهم والعلماء والعاملينالمحققون الذين بنى اهللا أساس هذا الوجود عليهم، وأدار أفالك العوالم

على أنفاسهم، فهم محل نظر الحق من العوالم، بل هم محل اهللا من الوجود، وال أريد بلفظ المحل الحلول وال التشبيه وال الجهة، بل أريد به

ر الحق تعالى بإظهار آثار أسمائه وصفاته فيهم وعليهم، أنهم محل ظهوفهم المخاطبون بأنواع األسرار، وهم المصطفون لما وراء األستار، وجعل

اهللا قواعد الدين بل قواعد جميع األديان مبنية على أرض معارفهم، فهي مآلنة من أنواع اللطائف لهم، ال يعرفها إال هم، فكالمه سبحانه وتعالى

ت لهم فيها إلى الحقائق إشارة، وألمره وتعبداته رموز، لهم عندها عبارامن المعارف اإللهية آنوز، ينقلهم الحق بمعرفة ما وصف لهم من مكانة إلى مكانة، ومن حضرة إلى حضرة، ومن علم إلى عيان، ومن عيان إلى تحقق إلى حيث ال أين، فجميع الخلق لهم آاآللة حمال لتلك األمانات التي

علها اهللا تعالى ملكا لهذه الطائفة، فهم يحملون األمانة مجازا إليهم، جوهؤالء يحملونها حقيقة هللا تعالى، فهم محل المخاطبة من آالم اهللا تعالى

ومورد اإلشارات ومجلى البيان، والباقون ملحقون بهم على سبيل المجاز،

على سبع مراتب، ) ص(ثم اعلم أن اهللا تعالى جعل مطلق أمة محمد : اإليمان، المرتبة الثالثة: اإلسالم، المرتبة الثانية: المرتبة األولى

تبة الشهادة، المر: اإلحسان، المرتبة الخامسة: الصالح، المرتبة الرابعةالقربة، وما بعد هذه المرتبة إال : الصديقية، المرتبة السابعة: السادسة

).ص(النبوة، وقد انسد بابها بمحمد :ثم إن اإلسالم مبني على خمسة أصول

إقامة : والثاني. شهادة أن ال إله إال اهللا وأن محمدا رسول اهللا: األولالحج : والخامس. صوم رمضان: والرابع. إيتاء الزآاة: والثالث. الصالة

.إلى بيت اهللا الحرام لمن استطاع إليه سبيال :وأما اإليمان فمبني على رآنين

التصديق اليقيني بوحدانية اهللا ومالئكته وآتبه ورسله : الرآن األولواليوم اآلخر، والقدر خيره وشره من اهللا تعالى، وهذا التصديق اليقيني

ى تحقيق ما أخبره به من الغيب، آسكونه هو عبارة عن سكون القلب إل .إلى ما شاهده ببصره من الوجود فال يشوبه ريب

.اإلتيان بما بني اإلسالم عليه: الرآن الثاني :وأما الصالح فمبني على ثالثة أرآان

دوام عبادة اهللا تعالى : والثالث. هو اإليمان: الثاني. هو اإلسالم: األول . تعالىبشرط الخوف والرجاء في اهللا

.اإلسالم، واإليمان، والصالح: وأما اإلحسان فمبني على أربعة أرآاناالستقامة في المقامات السبعة، وهي التوبة، واإلنابة، : والرآن الرابع

.والزهد والتوآل، والرضا، والتفويض، واإلخالص في جميع األحواللصالح، اإلسالم، واإليمان، وا: وأما الشهادة فمبنية على خمسة أرآان

.واإلحسان :اإلرادة، وله ثالثة شروط: والرآن الخامس

دوام التذآر من : انعقاد المحبة هللا تعالى من غير علة، و الثاني: األول .القيام على النفس بالمخالفة من غير رخصة: غير فترة، و الثالث

اإلسالم، واإليمان، والصالح، : وأما الصديقية فمبنية على ستة أرآان .سان، والشهادةواإلح

:المعرفة، ولها ثالث حضرات: والرآن السادسالحضرة . عين اليقين: الحضرة الثانية. علم اليقين: الحضرة األولى

.حق اليقين: الثالثة :ولكل حضرة من جنسها سبعة شروط

. معرفة الذات من حيث تجلي األسماء: الثالث. البقاء: الثاني. الفناء: األولمعرفة الذات من : الخامس. لذات من حيث تجلي الصفاتمعرفة ا: الرابع

االتصاف : السابع. معرفة األسماء والصفات بالذات: السادس. حيث الذات .باألسماء والصفات

اإلسالم، واإليمان، والصالح، : وأما القربة فمبنية على سبعة أرآان .واإلحسان، والشهادة، والصديقية

:، ولها أربع حضراتالوالية الكبرى: والرآن السابعحضرة الخلة، وهي مقام إبراهيم الذي من دخله آان : الحضرة األولى

.آمناخلعة التسمي ) ص(حضرة الحب، فيه برزت لمحمد : والحضرة الثانية

.بحبيب اهللاحضرة الختام، وهو المقام المحمدي، فيه رفع لواء : والحضرة الثالثة

.الحمد: ودية، فيه سماه اهللا تعالى بعبده حيث قالحضرة العب: والحضرة الرابعة

وفيه نبىء وأرسل إلى الخلق ليكون ] 1اآلية : اإلسراء[} » ـ پ ؟ { رحمة للعالمين، فليس للمحقين من هذا المقام إال التسمي بعبده سبحانه،

في جميع الحضرات، ما خال ما اختص به في اهللا ) ص(فهم خلفاء محمد عنهم؛ فمن اقتصر من المحققين على نفسه فقد ناب مما انفرد به محتده

في مقام النبوة، ومن يهدي إلى اهللا تعالى آساداتنا الكمل ) ص(عن محمد .من المشايخ فقد ناب عنه في مقام الرسالة

وال يزال هذا الدين قائما ما دام على وجه األرض واحد من هذه الطائفة، آما يذب الراعي عن الغنم، فهم يذبون عن دينه ) ص(ألنهم خلفاء محمد

واشوقاه إلى إخواني الذين يأتون من «: إخوانه الذين أشار إليهم بقولهالحديث، فهؤالء أنبياء ال أولياء، يريد بذلك نبوة القرب واإلعالم » بعدي

، )ص(والحكم اإللهي ال نبوة التشريع، ألن نبوة التشريع انقطعت بمحمد .نبياء من غير واسطةفهؤالء منبئون بعلوم األ

ثم اعلم أن الوالية عبارة عن تولي الحق سبحانه وتعالى عبده بظهور .أسمائه وصفاته عليه علما وعينا وحاال وأثر لذة وتصرفا

إرجاع الحق العبد إلى الخلق ليقوم بأمورهم المصلحة : ونبوة الوالية بحاله ويجرهم لشؤونهم في ذلك الزمان على شرط الحال، فيدبر الخلق

إلى ما هو األصلح لهم، فمن دعا الخلق منهم إلى اهللا تعالى قبل محمد ، لكنه ال )ص(آان خليفة لمحمد ) ص(آان رسوال، ومن بعد محمد ) ص(

آمن مضى من ) ص(يستقل في دعواه بنفسه، بل يكون تبعا لمحمد محيي الدين ساداتنا الصوفية، مثل أبي يزيد والجنيد والشيخ عبد القادر و

بن العربي وأمثالهم رضي اهللا عنهم، ومن لم يدع إلى اهللا تعالى بل وقف مع تدبير أمور الخلق على حسب ما ينبئه اهللا تعالى عن أحوالهم، فهو

نبي نبوة والية، ثم هذا إذا آان على طريق مستقلة من غير اتباع لمن قبله ؛ فظهر من هذا جميعه )ص(فهو نبي نبوة تشريع، وقد انسد بابها بمحمد

أن الوالية اسم للوجه الخاص الذي بين العبد وبين ربه، ونبوة الوالية اسم للوجه المشترك بين الخلق والحق في الولي، ونبوة التشريع اسم

لوجه االستقالل في متعبداته بنفسه من غير احتياج إلى أحد، والرسالة .خلقاسم للوجه الذي بين العبد وبين سائر ال

فعلم من هذا أن والية النبي أفضل من نبوته مطلقا، ونبوة واليته أفضل من نبوة تشريعه، ونبوة تشريعه أفضل من رسالته، ألن نبوة التشريع

مختصة به، والرسالة عامة بغيره، وما اختص به من التعبدات آان أفضل بوة والية، آالخضر مما تعلق بغيره، فإن آثيرا من األنبياء آانت نبوته ن

في بعض األقوال، وآعيسى إذا نزل إلى الدنيا فإنه ال يكون له نبوة تشريع، وآغيره من بني إسرائيل، وآثير منهم لم يكن رسوال بل آان نبيا مشرعا لنفسه، ومنهم من آان رسوال إلى واحد، ومنهم من آان رسوال

لى اإلنس دون الجن، ولم إلى طائفة مخصوصة، ومنهم من آان رسوال إ، )ص(يخلق اهللا رسوال إلى األسود واألحمر واألقرب واألبعد إال محمدا

.فإنه أرسل إلى سائر المخلوقات، فلهذا آان رحمة للعالمينفإذا علمت هذا فقل على اإلطالق إن الوالية أفضل من النبوة مطلقا في

ريع، ونبوة التشريع أفضل من النبي، ونبوة الوالية أفضل من نبوة التش .نبوة الرسالة

واعلم أن آل رسول نبي تشريع وآل نبي تشريع نبي والية، ونبوة بداية النبي نهاية الولي : التشريع أفضل من الولي مطلقا، ومن ثم قيل

} ؛ : 9 8 7 6{ فافهم وتأمله، فإنه قد خفي على آثير من أهل ملتنا .]4اآلية : األحزاب[

)ص(فصلنذآر فيه أسرار ما تعبدنا اهللا به على لسان نبيه محمد وهي الخمس التي بني اإلسالم عليها، ثم نتبعها بذآر أسرار اإليمان،

ونوضح أسرار المعاني التي جعلها اهللا في مقام الصالح من دوام العبادة خوفا ورجاء، ثم نومىء إلى أسرار المقامات السبعة المذآورة في

إلحسان، وهي التوبة واإلنابة والزهد والتوآل والرضا والتفويض اواإلخالص، ونذآر طرفا من مقامات الشهادة ونومىء إلى شيء من عالمات صاحب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، ونأتي بجمل

مفصحة عن غرائب مقام الخلة والحب والختام والعبودية، وآل ذلك عن تصار، ولو أردنا تفصيل ذلك على طريق اإلطناب طريق اإلجمال واالخ

احتجنا إلى مجلدات آثيرة ولسنا بصدد ذلك، فأول ما نذآر سر آلمة :الشهادة

اعلم أنه لما آان الوجود منقسما بين خلق حكمة السلب واالنعدام والفناء، وحق حكمة اإليجاد والوجود والبقاء، آانت آلمة الشهادة مبنية على سلب

، وإيجاب وهي إال، معناه ال وجود لشيء إال اهللا، ولفظ إله في وهي الال إله، يراد به تلك األوثان التي يعبدونها، سماها اهللا تعالى إلها آما : قوله

سموها موافقة لهم لسر وجوده في أعيانها، فهي بوجوده آلهة حقا، فكل وهو اهللا حيثما معبود منها بظهور الحق في عينه إله، ألنه تعالى عينها

ظهر مستحق األلوهية، ثم إفراد الجميع في االستثناء بقوله إال اهللا، يعني ليست تلك اآللهة إال اهللا فال تعبدوا إال اهللا على اإلطالق من غير تقييد

بجهة، فإنه آل الجهات، فما في الوجود شيء إال اهللا تعالى، فهو تعالى ان هذا األمر موقوفا على الشهود والكشف عين جميع الموجودات، ولما آأشهد بمعنى انظر بعيني شهودا أن ال في : قرنت به لفظة الشهادة، فقيل

الوجود شيء إال اهللا، وهنا أبحاث آثيرة في االستثناء، هل هو متصل أو منقطع؟ وهل اآللهة المنفية آلهة حق أم آلهة بطالن؟ وعدم إفادة المعنى

نا مع عدم جوازه فيما لو آانت حقا، وآيف وجه الجميع فيما لو آانت بطال .والوفاق ومسائل شتى، ولكل منها أجوبة قاطعة وبراهين ساطعة فافهموأما الصالة، فإنها عبارة عن واحدية الحق تعالى، وإقامتها إشارة إلى

إقامة ناموس الواحدية باالتصاف بسائر األسماء والصفات، فالطهر عبارة رة من النقائص الكونية، وآونه يشترط بالماء إشارة إلى أنها ال عن الطها

تزول إال بظهور آثار الصفات اإللهية التي هي حياة الوجود، ألن الماء سر الحياة، وآون التيمم يقوم مقام الطهارة للضرورة إشارة للتزآي

بالمخالفات والمجاهدات والرياضات، فهذا لو تزآى عسى أن يكون فإنه زل درجة عمن جذب عن نفسه فتطهر عن نقائصها بماء حياة األزل أن

ثم السجود عبارة عن سحق آثار البشرية ومحقها باستمرار ظهور الذات المقدسة؛ ثم الجلوس بين السجدتين إشارة إلى التحقق بحقائق األسماء

: إشارة إلى حقيقة قولهوالصفات، ألن الجلوس استواء في القعدة، وذلك ؛ ثم السجدة الثانية إشارة إلى مقام ] 5اآلية : طه[} ! ! «ف ژ . _ ء {

العبودية، وهو الرجوع من الحق إلى الخلق؛ ثم التجليات إشارة إلى الكمال الحقي والخلقي، ألنه عبارة عن ثناء على اهللا تعالى وثناء على

الكمال، فال يكمل الولي إال نبيه وعلى عباده الصالحين، وذلك هو مقاموبتأدبه لسائر عباد اهللا ) ص(بتحققه بالحقائق اإللهية واتباعه لمحمد

.الصالحين، وهنا أسرار آثيرة قصدنا فيها االختصاروأما الزآاة، فعبارة عن التزآي بإيثار الحق على الخلق، أعني يؤثر شهود

يشهد نفسه يؤثر الحق الحق في الوجود على شهود الخلق، فإذا أراد أنفيشهده سبحانه، وإذا أراد أن يتصف بصفات نفسه يؤثر الحق فيتصف

بصفاته، وإذا أراد أن يعلم ذاته فيجد اإلنية، يؤثر الحق فيعلم ذاته سبحانه .وتعالى فيجد الهوية، فهذه إشارة الزآاة

بة، وأما آونه واحدا في آل أربعين في العين فألن الوجود له أربعون مرتوالمطلوب المرتبة اإللهية، فهي المرتبة العليا وهي واحدة من أربعين،

وأما الصوم فإشارة إلى االمتناع عن استعمال المقتضيات البشرية ليتصف در ما يمتنع أي يصوم عن مقتضيات البشرية بصفات الصمدية، فعلى ق

تظهر آثار الحق فيه، وآونه شهرا آامال إشارة إلى االحتياج إلى ذلك في إني وصلت فال أحتاج إلى ترك : مدة الحياة الدنيا جميعها، فال يقول

مقتضيات البشرية، وأن الممحوق ليس للبشريات إليه سبيل، فإن من فعل ه، فينبغي للعبد أن يلزم الصوم وهو ترك ذلك فهو مخدوع ممكور ب

المقتضيات البشرية ما دام في دار الدنيا ليفوز بالتمكين من حقائق الذات اإللهية، وهنا أبحاث آثيرة في نية الصوم والفطر والسحور والتراويح

.وغير ذلك مما اختص به رمضان فلنكتف بما مضى .ب اهللا تعالىوأما الحج، فإشارة إلى استمرار القصد في طل

واإلحرام إشارة إلى ترك شهود المخلوقات، ثم ترك المخيط إشارة إلى تجرده عن صفاته المذمومة، بالصفات المحمودة، ثم ترك حلق الرأس

إشارة إلى ترك الرياسة البشرية، ثم ترك تقليم األظافر إشارة إلى شهود إلى التجرد عن فعل اهللا في األفعال الصادرة منه، ثم ترك الطيب إشارة

األسماء والصفات لتحققه بحقيقة الذات، ثم ترك النكاح إشارة إلى التعفف عن التصرف في الوجود، ثم ترك الكحل إشارة إلى الكف عن طلب الكشف باالسترسال في هوية األحدية، ثم الميقات عبارة عن القلب، ثم مكة عبارة

ذات، ثم الحجر األسود عبارة عن المرتبة اإللهية، ثم الكعبة عبارة عن العن اللطيفة اإلنسانية، واسوداده عبارة عن تلونه بالمقتضيات الطبيعية،

نزل الحجر األسود أشد بياضا «: وإليه اإلشارة بقوله عليه الصالة والسالمفهذا الحديث عبارة عن اللطيفة » من اللبن فسودته خطايا بني آدم{ : لى الحقيقة اإللهية، وهي معنى قولهاإلنسانية ألنه مفطور باألصالة ع

ورجوعه إلى الطبائع والعادة ] 4اآلية : التين[} ! ! »عع ؟ ژ ء آ أ ژ ؤ { : والعالئق والقواطع هو اسوداده، وآل ذلك خطايا بني آدم، وهذا قوله

] .5اآلية : التين[} ! ! «إ ئ ا ژ ن تدرك هويته ومحتده فإذا فهمت فاعلم أن الطوائف عبارة عما ينبغي له أ

ومنشأه ومشهده، وآونه سبعة، إشارة إلى األوصاف السبعة التي بها تمت ذاته، وهي الحياة والعلم واإلرادة والقدرة والسمع والبصر والكالم، وثم نكتة باقتران هذا العدد بالطواف، وهي ليرجع من هذه الصفات إلى

إلى اهللا، وإرادته إلى اهللا، صفات اهللا تعالى فينسب حياته إلى اهللا، وعلمهوقدرته إلى اهللا، وسمعه إلى اهللا، وبصره إلى اهللا، وآالمه إلى اهللا، فيكون

ثم الصالة مطلقا بعد الطواف إشارة إلى بروز األحدية وقيام ناموسها له ذلك، وآونها يستحب أن تكون خلف مقام إبراهيم إشارة إلى فيمن تم

بروز الخلة، فهو عبارة عن ظهور اآلثار في جسده، فإن مسح بيده أبرأ األآمه واألبرص، وإن مشى برجله طويت له األرض، وآذلك باقي

أعضائه لتحلل األنوار اإللهية فيها من غير حلول، ثم زمزم إشارة إلى الشرب منها إشارة إلى التضلع من ذلك، ثم الصفا إشارة علوم الحقائق، ف

إلى التصفي من الصفات الخلقية، ثم المروة إشارة إلى االرتواء من الشرب بكاسات األسماء والصفات اإللهية، ثم الحلق حينئذ إشارة إلى

تحقق الرياسة اإللهية في ذلك المقام، ثم التقصير إشارة لمن قصر فنزل ق التي هي مرتبة أهل القربة، فهو في درجة العيان، عن درجة التحقي

وذلك حظ آافة الصديقين، ثم الخروج عن اإلحرام عبارة عن التوسع للخلق والنزول إليهم بعدم العندية في مقعد الصدق، ثم عرفات عبارة عن

مقام المعرفة باهللا والعلمين عبارة عن الجمال والجالل اللذين عليهما ، ألنهما األدالء على اهللا تعالى، ثم المزدلفة عبارة عن سبيل المعرفة باهللا

شيوع المقام وتعاليه، ثم المشعر الحرام عبارة عن تعظيم الحرمات اإللهية بالوقوف مع األمور الشرعية، ثم منى عبارة عن بلوغ المنى ألهل مقام القربة، ثم الجمار الثالث عبارة عن النفس والطبع والعادة، فيحصب آل

ها بسبع حصيات، يعني يفنيها ويذهبها ويدحضها بقوة آثار السبع منالصفات اإللهية، ثم طواف اإلفاضة عبارة عن دوام الترقي لدوام الفيض

اإللهي، فإنه ال ينقطع بعد الكمال اإلنساني، إذ ال نهاية هللا تعالى، ثم طواف إيداع سر اهللا الوداع إشارة إلى الهداية إلى اهللا تعالى بطريق الحال، ألنه

تعالى في مستحقه، فأسرار اهللا تعالى وديعة عند الولي لمن يستحقها ، وهنا أسرار ] 6اآلية : النساء[} گ [ ض ط ظ ع غ { : لقوله تعالى

آثيرة في ذآر األدعية المتلوة في جميع تلك المناسك، وتحت آل دعاء سر .ختصار، واهللا أعلممن أسرار اهللا تعالى أضربنا عن ذآرها قصدا لال

وأما اإليمان، فهو أول مدارج الكشف عن عالم الغيب، وهو المرآب الذي يصعد براآبه إلى المقامات العلية والحضرات السنية، فهو عبارة عن تواطؤ القلب على ما بعد عن العقل درآه، فكل ما علم بالعقل ال يكون

ستفاد بدالئل المشهود، تواطؤ القلب على ذلك إيمانا، بل هو علم نظري مفليس هو بإيمان ألن اإليمان يشترط فيه قبول القلب للشيء بغير دليل، بل

تصديق محض، ولهذا نقص نور العقل عن نور اإليمان، ألن طائر العقل

يوجد لها دليل البتة، وطير اإليمان يطير بأجنحة وأما األشياء الباطنة فالالقدرة وال وقوف له عن أوج دون أوج، بل يسرح في جميع العوالم، ألن

فأول ما يفيد اإليمان صاحبه أن يرى ببصيرته . القدرة محيطة بجميع ذلكحقائق ما أخبر به، فهذه الرؤية إنما آشفت بنور اإليمان، ثم ال يزال يرقى

؟ ژ ء ! ! عع ژ ـ{ : لى حقيقة التحقيق بما آمن به، قال اهللا تعالىبصاحبه إخ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ! ! ئ ا ب ة ت ث ج ح ژ ؟! ! آ أ ؤ إ ژ پ

فلم يكن ] 5-1اآليات : البقرة[} ! ! «ف ژ . _ ء ] گ [ غ ! ! »ع ژ للنظر الريب منتفيا عن الكتاب إال للمؤمنين، ألنهم آمنوا به ولم يتوقفوا

إلى الدليل، ولم يتقيدوا بما قيدهم العقل، بل قبلوا ما ألقي إليهم، فقطعوا بوقوعه من غير ريب، فمن توقف إيمانه بالنظر إلى الدالئل والتقييد

بالعقل فقد ارتاب بالكتاب، وما أسس علم الكالم إال ألجل مدافعة المالحدة ي القلوب، فاإليمان نور وغيرهم من أهل البدع، ال ألجل وقوع اإليمان ف

من أنوار اهللا تعالى يرى به العبد ما تقدم وما تأخر، ومن ثم قال عليه ولم » اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اهللا تعالى«: الصالة والسالم

.اتقوا فراسة المسلم وال العاقل وال غيره، بل قيد بالمؤمن: يقلنا بصدد ذآرها، ولكنا بينا ما أشار ثم اعلم أن هذه اآلية لها معان آثيرة لس

إليه األلف والالم والميم والكاف والكتاب وغيره، وأرجو أن يؤذن لي أن أآتب للقرآن تفسيرا فيكون فيه بيان ما أوضح اهللا فيه من األسرار

{: بقوله) ص(المستغربة عن العقول فيحصل به تمام الوعد اإللهي لنبيه وال بد من ذلك الكتاب، فأرجو أن أآون ] 19اآلية : امةالقي] { ! !ـ~ ژ

.أنا المشرف بهذه الخدمة لكتاب اهللا تعالى] 2،3اآليتان : البقرة[} ئ ا ب ! ! ؟ ژ ء آ أ ؤ إ ژ پ{ : فقوله في اآلية

أشار بذلك إلى حقيقة ألف الم ميم، وذلك من طريق اإلجمال إشارة إلى والكتاب هو اإلنسان ] 2اآلية : البقرة[} ژ ؟{ . الذات واألسماء والصفات

} ء آ أ ؤ إ { الكامل، فألف الم ميم بما أشار إليه هو حقيقة اإلنسان الذين هم وقاية عن الحق والحق وقاية عنهم، فإن ] 2اآلية : البقرة[

} ئ ا ب { دعوت الحق آنيت به عنهم، وإن دعوتهم فقد آنيت بهم عنه والغيب هو اهللا ألنه غيبهم آمنوا به أنه هويتهم وأنهم ] 3 اآلية: البقرة[

يعني يقيمون بناموس المرتبة اإللهية في ] 3اآلية : البقرة[} ة ت { عينه اآلية : البقرة[} ث ج ح { وجودهم باالتصاف بحقيقة األسماء والصفات

ية في يعني يتصرفون في الوجود من ثمرة ما أنتجته هذه األحدية اإلله] 3

وأما الصالح، فهو عبارة عن دوام العبادة، وهي أعمال البر طلبا لثواب اهللا تعالى وخشية من عقابه، فهو يعلم األشياء هللا تعالى، ولكنه بها يطلب

وطمعا في منه الزيادة في دنياه وآخرته، فهو عابد هللا خوفا من نارهجنته، فيستحكم بذلك في قلبه عظمة الحق ويأخذ من قلبه استحكام البعد

.عن معاصي اهللا تعالى، فيتزآى عن األمور المنهي عنهاوفائدة دوام العبادة تمكن النكتة اإللهية من سويداء قلب العابد، فلو آشف

بشرائعه الغطاء بعد ذلك ال ينخرم على اإلطالق فيكون في حقائقه مقيداوهذا ما أنتج له دوام العبادة بشرط الرجاء، ألن عبادة الصالحين

مشروطة بذلك، بخالف المحسن فإنه يعبد اهللا رهبة منه ورغبة في .عبادته

والفرق بينه وبين الصالح، أن الصالح يخاف من عذاب النار على نفسه، ، والمحسن ويطمع في ثواب الجنة لنفسه، فعلة خوفه ورجائه هي النفس

يرهب من جالل اهللا تعالى ويرغب في جمال اهللا تعالى، وعلة رغبته ورهبته جمال اهللا تعالى وجالله، فالمحسن مخلص هللا والصالح صادق في

اهللا، وشرط المحسن أن ال يجري عليه آبيرة، بخالف الصالح فإنه ال .يشترط له ذلك، فافهم

د فيه مالحظا آلثار أسماء الحق وأما اإلحسان، فهو اسم لمقام يكون العبوصفاته، فيتصور في عبادته آأنه بين يدي اهللا تعالى، فال يزال ناظرا إلى

هذه الكينونة، وأقل درجاته أن ينظر إلى أن اهللا ناظر إليه، وهذه أول التوبة واإلنابة : درجات المراقبة، وال يصح هذا إال بشروط سبعة، وهي

.ويض والرضا واإلخالصوالزهد والتوآل والتففأما التوبة فألنه متى عاد إلى الذنب لم يكن مراقبا، وال ناظرا إلى نظر

الحق إليه، ألن من يرى أن اهللا يراه ال تطاوعه قواه وال قلبه على المعصية، فتوبة المحسن ومن تحت مقام اإلحسان من الصالحين

ل مقام الشهادة من والمؤمنين والمسلمين إنما هي من الذنب، وتوبة أهخاطر المعصية، وتوبة أهل مقام الصديقية من أن يخطر غير اهللا في

البال، وتوبة المقربين من الدخول تحت حكم الحال فال تملكهم األحوال، وذلك عبارة عن التحقق في االستواء الرحماني من التمكين في آل تلوين

.بمعرفة أهله اإلحسان، ألنه ما لم يرجع عن النقائص وأما اإلنابة، فاشتراطها في مقام

هيبة من اهللا تعالى وينيب إلى اهللا تعالى لم تصح له المراقبة، فإنابة المحسنين ومن تحتهم من الصالحين والمؤمنين والمسلمين إنما هي من

جميع ما نهى اهللا عنه إلى الوقوف مع أوامره تعالى وحفظ حدوده، وإنابة نفوسهم إلى مراد الحق تعالى، فهم تارآون الشهداء رجوعهم عن إرادة

إلرادتهم مريدون لما أراد الحق تعالى، وإنابة الصديقين رجوعهم من الحق إلى الحق، وإنابة المقربين رجوعهم من األسماء والصفات إلى

الذات، وهذا مقام يشكل على الصديقين تحققه، فكل منهم يزعم أنه مع م مع األسماء والصفات، ألن سكرتهم بخمر الذات وليس األمر آذلك، فإنه .الواحدية أخذتهم عن تعقل ذلك

وإن قلت إنهم مع الذات فقيد وقل بواسطة األسماء والصفات، بخالف المحققين فإنهم مع الذات من غير تقييد بل بالذات في الذات مع الذات،

.والمحققون هم أهل مقام القربة، وسيأتي بيانها إن شاء اهللا تعالىوأما الزهد، فاشتراطه في مقام اإلحسان، فألن من شرط المراقب هللا تعالى

أال ترى إلى العبد إذا آان حاضرا بين يدي سيده . أن ال يلتفت إلى الدنياعالما بأن سيده يطلب منه الخدمة آيف يزهد في مصالح نفسه فيشتغل بما

والمؤمنين يأمره به السيد، فزهد المحسنين ومن تحتهم من الصالحينوالمسلمين إنما هو في الدنيا وفي لذاتها، وزهد الشهداء في الدنيا

واآلخرة جميعها، وزهد الصديقين في سائر المخلوقات فال يشهدون إال

قام اإلحسان، فألن من شرط من يرى أن اهللا وأما التوآل، فاشتراطه في متعالى يراه أن يصرف أموره إليه ألنه أدرى بمصالحه، فال يتعب نفسه فيما ال يفيد منه شيء؛ وشرط التوآل أن يتوآل العبد ليفعل السيد به ما

يعني توآلوا ] 23اآلية : المائدة] { ؤ إ ئ ا ب ة{ : يشاء، وهذا معنى قولهبأنه ال يفعل إال ما يريد، فكلوا أمورآم إليه وال تعترضوا إن آنتم مؤمنين

عليه، وليس هذا للصالحين، فإن الصالح ومن دونه يتوآل على اهللا لكن ! ! ژ پ} ~ ) ص({ » « { : ليفعل اهللا له مصالحه، وهذا معنى قوله تعالى

واألول أعني من يتوآل ليفعل اهللا ] 2،3اآليتان : الطلاق[} % $ £ ! " × { : ه ما يشاء هو من الطائفة المذآورة في آخر هذه اآلية بقوله تعالىب

0{ يعني ال بد أن يفعل اهللا ما يريد ] 3اآلية : الطلاق[} . / -، ( ) * + ' ، فتوآل المحسنين هو عبارة عن صرف ] 3اآلية : الطلاق[ } 5 4 3 2 1

األسباب والوسائط األمر إلى اهللا تعالى، وتوآل الشهداء عبارة عن رفعبنظرهم إلى المسبب سبحانه وتعالى وتصريفه فيهم قد توآلوا عليه بجعل إرادته عين مرادهم، فليس لهم اختيار يتميزون به في طلب بل جميع ما

يريده اهللا تعالى هو اختبارهم وإرادتهم، وتوآل الصديقين إرجاع شأن م على أنفسهم فهم ذواتهم إلى شأن ذوات الحق تعالى، فال يقع نظره

متوآلون على اهللا تعالى باالستغراق في شهوده واالستهالك في وجوده، .واتكال المحققين عدم االنبساط بعد التمكين في البساط

وأما التفويض، فهو والتسليم واحد، وبينهما فرق يسير وهو أن المسلم مفوض قد ال يكون راضيا بما يصدر إليه ممن سلم إليه أمره، بخالف ال

فإنه راض بماذا عسى أن يفعله الذي فوض المفوض أمره إليه، وهما، أعني التسليم والتفويض، قريب من الوآالة، والفرق بين الوآالة وبينهما،

أن الوآالة فيها رائحة من دعوى الملكية للموآل فيما وآل فيه الوآيل، لمحسنين بخالف التسليم والتفويض فإنهما خارجان عن ذلك؛ فتفويض ا

ومن دونهم للحق في جميع أمورهم هو إرجاع األمور التي جعلها اهللا لهم إلى الحق، فهم بريئون من دعوى الملكية لما صرفوه إلى الحق تعالى من جميع أمورهم، فذلك هو التفويض؛ وتفويض الشهداء سكونهم إلى الحق

أنفسهم، وفي تعالى فيما يقلبهم فيه، فهم مالحظون ألفعال اهللا تعالى في غيرهم مفوضون إليه زمام األمر، يرون أن أخذ الحق بنواصي سائر

المخلوقات عام وبنواصيهم خاص إلى ما يريده الحق تعالى فهم بريئون

وتفويض الصديقين مالحظة الجمال اإللهي حيث تنوعات التجليات فهم غير مقيدين بتجل دون غيره، فهم مفوضون أمر تجلياته إلى ظهوره، ففي أيهما ظهر شاهدوه على حسب المقام واالسم والصفة واإلطالق والتقييد،

في المقربين عدم الجزع على ما اطلعوا عليه بما جرى به القلم وتفويضالمخلوقات، فال يتصرفون في الوجود بشيء بل مفوضون إلى الحق تعالى يتصرف في ملكه آيف يشاء، وهؤالء هم األمناء األدباء ال يفشون أسرار

اهللا، وال يطلبون ذلك علوا على غيرهم وال فسادا في أمور الناس، بل من هتك ستر يعاملون الخلق بما يعامل بعضهم بعضا، فال يتعاطون شيئا

وال نفود أمر، بل آائنون مع الخلق بأجسادهم بائنون عنهم بأرواحهم في .حضرة القرب اإللهي

وأما الرضا، فشرطه أن يكون بعد القضاء، وأما قبله فإنه عزم على الطريق، فرضا المحسنين الرضا، وقد نص على هذا غير واحد من أئمة

ا أن يرضوا بالمقضي، ألن اهللا عن اهللا تعالى بالقضاء، وال يلزم من هذتعالى قد يقضي مثال بالشقاوة، فرضاهم عن اهللا بالقضاء إذ القضاء هو حكم اهللا تعالى، فيجب الرضا بحكمه وال يلزمهم أن يرضوا بالشقاء، بل يجب عليهم أن ال يرضوا به؛ ورضا الشهداء هو محبتهم هللا تعالى من

د، بل على البعد واللقاء والسخط غير طلب وصول أو نفور من هجر أو بعاوالرضا ال يرجعون عن محبتهم وال يلتفتون إلى راحتهم، ورضا الصديقين

بتعشق المحاضر برضا الحاضر في أعلى المناظر، وذلك ألنهم ال يزالون في الترقي، وآلما ترقى العبد ضاق طريقه في الحضرة اإللهية، ألن العبد

ي تجلي األفعال، فيشهده في سائر المخلوقات، أول ما يكون مع اهللا تعالى فثم إذا ارتقى ضاق مشهده، وال يزال آلما ترقى تضيق مناظره، فرضا

الصديقين هو سكوتهم إلى الحق في ذلك الضيق، وهذا ال يدرك بالعقل، بل هو أمر آشفي ذوقي؛ وأما رضا المقربين ففي رجوعهم من الحق إلى

.الخلق الصالحين ومن دونهم عدم االلتفات إلى نظر وأما اإلخالص فإنه من

المخلوقات في العبادات، وإخالص المحسنين عبادة الحق تعالى من غير طلب الجزاء في الدارين، فعبادتهم هللا تعالى لكونه أمرهم بعبادته، فنسبة

من المحسنين نسبة األجير إلى العبد الرق الذي ال الصالحين ومن دونهموإخالص الشهداء إفراد الحق تعالى بالوجود، . عملهيطلب أجره في

وإخالص المحققين الصديقين عدم االحتياج في معرفة الذات إلى شيء من

فالشهادة . شهادة آبرى، وشهادة صغرى: وأما الشهادة فإنها نوعانالصغرى على أقسام، وقد ورد الحديث بها آمن مات غريبا أو غريقا أو

مبطونا وأمثال ذلك، وأعلى مقامات الشهادة الصغرى القتل في سبيل اهللا .بين الصفين في الغزو

ى، فاألعلى شهود الحق تعالى بعين أعلى وأدن: والشهادة الكبرى قسماناليقين في سائر مخلوقاته، فإذا رأى مثال شيئا من المخلوقات فإنه يشهد

الحق تعالى في ذلك الشيء من غير حلول وال انفصال بل بما أخبر به وهو الذي ] 115اآلية : البقرة[} م ن ه و ى { : سبحانه وتعالى بقوله

دة إن من شروطها دوام المراقبة من غير أشرنا إليه بقولنا في الشهافترة، فإذا صح للعبد هذا المشهد فهو مشاهد هللا تعالى، وهذا أعلى مناظر

الشهادة وما بعدها إال أول مراتب الصديقية وهو الوجود، فيفنى عن نفسه وحينئذ يدخل في دائرة الصديقية، وأما القسم األدنى من ،بوجود ربه

و انعقاد المحبة هللا تعالى من غير علة، فتكون محبته الشهادة الكبرى فه .هللا تعالى لصفاته وآونه أهال أن يحبمحبة فعلية، ومحبة صفاتية، ومحبة : واعلم أن المحبة على ثالثة أنواع

محبة العوام، وهو أن يحب اهللا تعالى إلحسانه : ذاتية، فالمحبة الفعلية .عليه ليزيده مما أسداه إليه

محبة الخواص، وهؤالء هم يحبونه لجماله وجالله من : الصفاتيةوالمحبة غير طلب آشف لحجاب وال رفع لنقاب، بل محبة هللا خالصة من علل

النفوس، ألن تلك المحبة ليست هللا خالصة، بل هي لعلة نفسية، فالمحب المخلص منزه عن ذلك، ومحبة الخاصة هي التعشق الذاتي الذي ينطبع

بجميع أنوار المعشوق، فيبرز العاشق في صفة معشوقه بقوته في العاشقآما يتشكل الروح بصورة الجسد للتعشق الذي بينهما، وسيأتي بيانه في آخر الكتاب عند ذآر المقربين، فمحبة العوام محبة فعلية ومحبة الشهداء

.محبة صفاتية، ومحبة المقربين محبة ذاتية القيام على النفس بالمخالفات من ومن جملة شروط أهل الشهادة الكبرى

غير رخصة، يعني يقومون عليها بمخالفتها في العزائم ال في الرخص، فإنه قد أخطأ آثير من طائفتنا في تحقيق المخالفات، فادعى أنه لو أرادت

نفسه أن تصوم أو تصلي مثال آان الواجب عليه أن يخالفها باألآل النفوس من حيث األصالة ال تطلب والشرب وترك الصالة، وهذا خطأ، ألن

فإنها عبارة عن حقيقة مقام من عرف نفسه فقد عرف وأما الصديقية حضرة علم : الحضرة األولى: ربه، وهذه المعرفة لها ثالث حضرات

حضرة : والحضرة الثالثة. حضرة عين اليقين: والحضرة الثانية. اليقين .حق اليقين

فعالمة الصديق في تجاوز هذه الحضرات أن يصير غيب الوجود مشهودا اليقين ما غاب عن بصر المخلوقات من أسرار الحق له، فيرى بنور

تعالى، فيطلع حينئذ إلى حقيقته، فيشهد فناءه تحت سلطان أنوار الجمال، .فيكتسب بهذا الفناء بقاء إلهيا

هو أن يظهر له البقاء اإللهي آما لم يزل منذ . يكتسب : والمراد بقولي بقي ببقاء اهللا تعالى آان الوجود، ال أنه مستفاد في تلك الحضرة، فإذا

تجلت عليه األسماء اسما فاسما، فعرف الذات حينئذ من حيث األسماء، وهذا حد بلوغ علم اليقين، ومن هذا ال يكون إال عينا، ثم يرتقي من ذلك إلى تجليات الصفات فيشهدها صفة بعد أخرى، فيكون مع الذات بما لها

ال يحتاج إلى األسماء والصفات في من الصفات، ثم يرتقي من ذلك إلى أن آينونته مع الذات، ثم يرتقي من ذلك إلى أن يعرف موقع األسماء

والصفات من الذات، فيعرف الذات بالذات، فتنصب بين يديه حضرة األسماء، والصفات، فيشاهد حقائقها ويدرك إجمالها في التفصيل،

بية إلى أن تنقله يد وتفصيلها في اإلجمال، فال يزال يتقلب في خلع الربوالعناية إلى االتصاف باألسماء والصفات، فإذا بلغ األجل المحتوم وتناول آأس الرحيق المختوم آان صاحب حق اليقين، فإذا فض الختام وانصبغ .الكأس بلون المدام فهو صاحب حق اليقين، وهذا أول مقامات المقربين

با من تمكن الحق في صفاته وأول القربة فهي عبارة عن تمكن الولي قريقارب فالن العالم فالنا، يعني في العلم والمعرفة، : وهذا مشاع، آما يقال

وقارب مسلم التاجر قارون موسى، يعني في المالية، فالقربة هي ظهور العبد في تنوعات األسماء والصفات بقريب من ظهور الحق فيها، ألنه

وأول حضرات هذا المقام الخلة، وهو أن يتخلل العبد بالحق تعالى فيظهر ، وأن )آن(في جميع أجزاء جسده آثار التخلل بأن تنفعل األشياء له بلفظة

برىء العلل واألمراض ويأتي بالمخترعات بيده، وأن يكون لرجله المشي يفي الهواء وأن يقدر على التصور بكل صورة بتمام هيكله، وهذا معنى

ال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته آنت «: قولهسمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به،

، فإذا آان الحق تعالى »ه التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بهاويدسمعه وبصره ورجله وباقي جسده آان ذلك العبد خليل اهللا تعالى، يعني

تخللته أنوار الحق تعالى، فهو خليل اهللا له من مقام الخلة اإلبراهيمية نصيب، فإن الجسد جميعه بين جوارح وقوى، فالجوارح هي آاليد

والقوى هي آالسمع والبصر فعم باطنه وظاهره، فكل واحدة من والرجل، هؤالء، أعني سمعه وبصره ولسانه ورجله ويده، تنفعل األآوان لها ألنها

اهللا تعالى، فيفعل بيده ويتكلم بيده ويبطش بيده وينظر بيده ويعلم بيده، وآذلك آل جارحة من جوارحه وقوة من قواه يفعل بها جميع ذلك وذلك

أال ترى إلى سيد هذا المقام وهو إبراهيم عليه السالم لما أراد . د الخلةشاهشهود تحقيق ذلك آيف أخذ أربعة من الطير فجعل على آل جبل منهن جزءا، فلما دعاهن بلسانه أتينه سعيا، وذلك شاهد أنه على آل شيء

.قدير، فقد قارب بهذه اآليات إلى حضرة الكبير المتعالم القربة هي الوسيلة، وذلك ألن الواصل إليها يصير وسيلة واعلم أن مقا

للقلوب إلى السكون إلى التحقق بالحقائق اإللهية، واألصل في هذا أن القلوب ساذجة في األصل عن جميع الحقائق اإللهية، ولو آانت مخلوقة فإنها منها بنزولها إلى عالم األآوان اآتسبت هذه السذاجة فال تقبل شيئا

سها حتى تشاهده في غيرها، فيكون ذلك الغير لها آالمرآة أو في نفالطابع، فتنظر نفسها في ذلك الشيء فتقبله لنفسها وتستعمله آما تستعمل

ذلك الشيء بحكم األصالة، فاسم الحق أوال وسيلة األرواح إلى السكون إلى األوصاف اإللهية، وقلب الولي الواصل إلى مقام القربة، وسيلة

م اعلم أن مقام العبودية غير مختص بمكانة دون غيرها، فقد يرجع ثالولي من مقام الخلة إلى الخلق فيقيمه اهللا في مقام العبودية، وقد يرجع من مقام الحب وقد يرجع من مقام الختام، وفائدة هذا الكالم أن العبودية

قام العبودة رجوع العبد من المرتبة اإللهية باهللا إلى الحضرة الخلقية، فم .له هيمنة على جميع المقامات

هو أن العبادة صدور أعمال البر : والفرق بين العبادة والعبودية والعبودةمن العبد بطلب الجزاء، والعبودية صدور أعمال البر من العبد هللا تعالى

هي عبارة : عاريا عن طلب الجزاء، بل عمال خالصا هللا تعالى، والعبودة .هللا؛ ولذلك آانت الهيمنة لمقام العبودة على جميع المقاماتعن العمل با

وآذلك مقام الختام فإنه منسحب على مقامات القربة جميعها، ألنه عبارة بمجرد بلوغ الولي مقام القربة يجوز ] فإنه[عن ختم مقامات األولياء،

جميع المقامات التي يصل إليها المخلوق في اهللا تعالى، ألنه يلتحق في مقام القربة باهللا تعالى، فيختم بوصوله إليها جميع مقامات الخلق، ويكون

له فيها نصيب من مقام الخلة، ونصيب من مقام الحب فيكون هو الختام في نفس مقام القربة، وإنما اختص اسم الخلة بأول مرتبة من مقامات عد القربة ألن المقرب هو من تخللت آثار الحق وجوده؛ ثم مقام الحب ب

ذلك، ألنه عبارة عن المقام المحمدي في المناظر اإللهية، ومقام الختام هو اسم لنهاية مقام القربة، وال سبيل إلى نهايتها، ألن اهللا تعالى ال نهاية له،

لكن اسم الختام منسحب على جميع مقامات القربة، فمن حصل في مقام تام، ألن مقام القربة هو القربة فهو ختم األولياء ووارث النبي في مقام الخ

المقام المحمود والوسيلة لذهاب المقرب فيها إلى حيث ال يتقدمه فيها أحد، فيكون هو فردا في تلك المقامات اإللهية، وينبغي أن يعتقد ذلك

إن الوسيلة أعلى مكان في «: ، وقد أشار إلى ذلك بقوله)ص(بمحمد ، ألنه آان له » ن أنا ذلك الرجلالجنة، وال تكون إال لواحد، وأرجو أن أآو

.البدء في الوجود، فال بد أن يكون له الختام عليه أفضل الصالة والسالم فهرس المحتويات

تمهيد عن فلسفة اإلنسان الكامل للشيخ الدآتور عاصم الكيالي3

حياة الشيخ عبد الكريم الجيلي6

مؤلفات الجيلي10

«اإلنسان الكامل«آتاب 11

يلي إلى القرآن والسنة في فلسفتهاستناد الج12

خالصة فلسفة اإلنسان الكامل13

الحقيقة المحمدية

15 حقيقة اإلنسان الكامل

18 الخالصة

22 المقدمة

29 فصل

40 فصل

41 فهرست الكتاب

43 فـي الذات: الباب األول

46 في االسم مطلقا: الباب الثاني

50 في الصفة مطلقا: الباب الثالث

59 في األلوهية: الباب الرابع

64 في األحدية: الباب الخامس

69 في الواحدية: الباب السادس

71 في الرحمانية: الباب السابع

73 فصل

75 في الربوبية: الباب الثامن

76 في العماء: الباب التاسع

79 في التنزيه: الباب العاشر

83

في التشبيه: الباب الحادي عشر85

في تجلي األفعال:الباب الثاني عشر87

في تجلي األسماء: الباب الثالث عشر90

في تجلي الصفات: الباب الرابع عشر93

في مجلى الذات: الباب الخامس عشر102

في الحياة: الباب السادس عشر105

في العلم: الباب السابع عشر108

في اإلرادة: الباب الثامن عشر112

في القدرة: الباب التاسع عشر115

في الكالم: الباب الموفي عشرين117

في السمع: الباب الحادي والعشرون120

في البصر: الباب الثاني والعشرون122

في الجمال: الباب الثالث والعشرون124

في الجالل: الباب الرابع والعشرون126

في الكمال: الباب الخامس والعشرون130

في الهوية: الباب السادس والعشرون132

في اإلنية: الباب السابع والعشرون

134 في األزل: الباب الثامن والعشرون

137 في األبد: الباب التاسع والعشرون

139 في القدم: الباب الموفي للثالثين

141 في أيام اهللا: الباب الحادي والثالثون

143 في صلصلة الجرس: الباب الثاني والثالثون

145 في أم الكتاب: الباب الثالث والثالثون

147 في القرآن: الباب الرابع والثالثون

150 في الفرقان: الباب الخامس والثالثون

152 في التوراة: الباب السادس والثالثون

154 في الزبور: الباب السابع والثالثون

160 في اإلنجيل: الباب الثامن والثالثون

164 الباب التاسع والثالثون

167 الله إلى سماء الدنيا في الثلث األخير من آل ليلة، في نزول الحق جل ج

إن اهللا ينزل في الثلث األخير من آل ليلة إلى سماء الدنيا «): ص(وقوله «فيقول هل هل؟

167 في فاتحة الكتاب: الباب الموفي أربعين

169 في الطور وآتاب مسطور في رق منشور : الباب الحادي واألربعون

لمرفوع والبحر المسجوروالبيت المعمور والسقف ا

174 في الرفرف األعلى: الباب الثاني واألربعون

179 في السرير والتاج: الباب الثالث واألربعون

181 في القدمين والنعلين: الباب الرابع واألربعون

183 في العرش: الباب الخامس واألربعون

185 في الكرسي: الباب السادس واألربعون

186 في القلم األعلى: ربعونالباب السابع واأل

187 في اللوح المحفوظ: الباب الثامن واألربعون

188 في سدرة المنتهى: الباب التاسع واألربعون

191 في روح القدس: الباب الموفي خمسين

193 في الملك المسمى بالروح: الباب الحادي والخمسون

195 السالم من الباب الثاني والخمسون في القلب وأنه محتد إسرافيل عليه

ومجد وآرم وعظم) ص(محمد 201

الباب الثالث والخمسون في العقل األول وأنه محتد جبريل عليه السالم من )ص(محمد 207

الباب الرابع والخمسون في الوهم وأنه محتد عزرائيل عليه السالم من )ص(محمد 210

الباب الخامس والخمسون215

)ص( محمد في الهمة وأنها محتد ميكائيل من

215 الباب السادس والخمسون

218 )ص(في الفكر وأنه محتد باقي المالئكة من محمد

218 في الخيال وأنه هيولى جميع العوالم: الباب السابع والخمسون

221 الباب الثامن والخمسون في الصورة المحمدية، وأنها النور الذي خلق اهللا

ه العذاب والنعيممنه الجنة والجحيم، والمحتد الذي وجد من227

فصل يذآر فيه القسم الثاني من الصورة المحمدية234 فصل237

الباب التاسع والخمسون في النفس، وإنها محتد إبليس ومن تبعه من الشياطين من أهل التلبيس

238 فصل239 فصل240 فصل242 فصل248

ابل للحق وأنه مق) ص(الباب الموفي ستين في اإلنسان الكامل وأنه محمد والخلق

249 الباب الحادي والستون في أشراط الساعة وذآر الموت والبرزخ

والحساب والقيامة والميزان والصراط والجنة والنار واألعراف والكثيب الذي يخرج أهل الجنة إليه

255 فصل

260 الباب الثاني والستون في السبع السماوات وما فوقها، والسبع األرضين

لسبع البحار وما فيها من العجائب والغرائب ومن يسكنها وما تحتها، وا من أنواع المخلوقات

268 الباب الثالث والستون في سائر األديان والعبادات، ونكتة جميع األحوال

والمقامات289

)ص(فصل نذآر فيه أسرار ما تعبدنا اهللا به على لسان نبيه محمد 302

--------------------------

PKSL/End: --------------------------