. أنا شخص مّیت

.ھو أني قد متّ .. كل االسباب وكل االشارات تؤّدي إلى استنتاج واحد بسیط ومذھل

! عرفت ذلك حین قرأت خبر النعي في الجریدة ھذا الصباح

.. وفوجئت

.ولكن ألني لم أكن أعرف أني قد مّت إلى أن قرأت الخبر.. الناس یموتون أحیانا .. عادي .. لیس ألني قد مّت

وضعت غالیة الماء على النار .. لم أشعر بأي شيء مختلف أو غریب حین نھضت من فراشي في الصباح .. كان ذلك صباحا عادیا جدا .. جلست أمام الحاسوب الذي نسیت أن اطفئھ في اللیل.. فنجان نس كافیھ وعدت إلى غرفتي غسلت وجھي وفركت أسناني، صنعت

الجریدة المحلیة التي تصلني إلى وفتحت .. أو شيء یشبھھا " كیفك أنت "ربما .. عة المبكرة من الصباح شغلت أغنیة لفیروز تالءم السا، محاولة السالم مستمرة ، القصف ال شيء جدید.. مررت دون اكتراث على العناوین .. ھكذا بحكم العادة ال أكثر .. البیت كل صباح

طوشة في إحدى النكبة مستمرة ، فنان یفكر في االعتزال ، اعالن عن نومینیز االسبوع ،على غزة مستمر ، فعالیات االحتفال بذكرىعلى زوج یعتدي روضة السنافر تنظم فطورا جماعیا لألطفال ، القرى، انتخاب مجلس طالب للمدرسة االبتدائیة في قریة أخرى ،

... یعني كلھ عادي ... ضد العنف في مدرسة اعدادیة ، ومحاضرةمعلمة تشتكي مدیر المدرسة زوجتھ ، أم تنكل بأطفالھا ،

(!) .. ثم استوعبت ما قرأت .. مررت عنھ كما بقیة األخبار أول مرة.. فجأة لفت انتباھي خبر

، وقد ترك المرحوم وراءه عددا ال بأس ** عن عمر یناھز ال(!)" صدى للصمت.. ضاد"وفاة الماسوف على شبابھ : " .... یقول الخبر مقره لىإوسیشیع جثمانھ من مقھى بانیت .. ھ من النشرات االلكترونیة وموقعا الكترونیا على الشبكة، ومجموعة فبس بوك غیر فعالة ب

.. " األخیر غدا األربعاء بعد صالة العصر

. ھكذا بالضبط

نعي � أ�هتا النفس املطمئنة إرجعي إىل ربك"

"راضیة مرضیة فاد�يل يف عبادي واد�يل ج�يت

وفاة المأسوف على شبابھ

(!)صدى �لصمت .. ضاد

عن عمر غیر معروف

إثر سبب غیر معروف

(!) أل انا مش غلطان ، ھذا إسمي .. قرأتھ مرة أخرى .. رجعت

.. لكنھ ھنا مكتوب ، فال بّد أن یكون حقیقیا !! غیر ممكن !! ول مش معق

. فلم یتغیر .. قرأتھ ، وقرأتھ وقرأتھ ! .. فصفن فّي ..صفنت فیھ

. إذا فقد انتھى األمر

ت أني مّیت تذكر.. شعرت بجفاف في حلقي ، مددت یدي إلى قنینة الماء الموضوعة على مكتبتي ألشرب ، لكني توقفت قبل أن أمسكھا ھو أني مّیت ویتوجب .. إدراك آخر عندھاوتداعى إلى رأسي... وأن الموتى ال یشربون وال یأكلون وال یتصرفون كما بقیة البشر ..

أي أنھ من اآلن فصاعدا یجب أن أفّكر في أي خطوة أقدم علیھا وأفحص ما إذا كانت تالءم وضعي (!) .. علي أن أتصرف وفق ذلك وإال فإني سأدخل نفسي إلى دوامة لیس لھا آخر وسأضع نفسي في مواقف محرجة أنا في غنى .. مّیت قبل أن أقوم بھا الجدید كشخص

. من المفضل إذا أن أمتنع عن المشاكل وأتصرف بشكل یلیق بمّیت ! اال یكفیني أني میّت ؟.. عنھا

أال یكفیني أني میّت ، ألكون .. ى الشغل في الوقت وإال تأخرتیجب أن أسرع ألصل إل.. الثامنة وعشر دقائق .. الساعة لىنظرت إ.. وسأفكر في كل قضیة موتي وحالتي الجدیدة ھذه في المساء بعد أن أرجع من العمل.. من المفضل إذا أن استعجل !! متأخرا أیضا

أغلقت الخزانة ولبست نفس " .. قضیة الموت ھذه أخرتني.. ال وقت لدي .. أف .. " قفزت عن الكرسي وفتحت الخزانة بسرعة ثمّ انا شخص مّیت .. م محتملة ھلیسوا متسخین كثیرا ورائحت.. نفس الكلسات أیضا .. البنطلون والبلوزة اللذان كنت أرتدیھما باألمس

.. مش مھم (!) .. ونظافة كلساتي ھي أصغر مشكلة لدي

ن أنزل طوابق الدرج لسیارة عن الطاولة وكنت على وشك أت مفاتیح اتناولت أغراضي وسحب.. ارتدیت ثیابي ومشطت شعري بسرعة ھل یذھب الموتى إلى !! لحظة .. " لكني توقف قبل أن أفعل .. كعادتي عندما أكون مستعجال ) كل ثالث درجات بقفزة(قفزا الستة ! " العمل؟

ماذا یفعلون وماذا ال .. ا عن حیاة الموتى وكیف یتصرفون ولذلك ال أعرف كثیر.. وتذكرت أني طوال حیاتي لم أر وال مرة شخصا میتا السؤال الملح والمستعجل حالیا اال ومن بینھا .. وأدركت عندھا أني سأواجھ أسئلة كثیرة ال حصر لھا وال أعرف لھا جوابا !!؟یفعلون !" ھل یذھب الموتى إلى العمل ؟: "وھو

ال یمكنني أن أتوقع !! ماذا لو اكتشفوا ؟.. لكن ماذا لو عرفوا وحدھم .. أفكر في األمر یمكنني أن أذھب وال أقول ألحد أني میت ریثمالقد قضیت شھورا في ! وكیف سأجد عمال آخر وأنا میت ؟!! كیف سأعیش بعدھا ؟.. ربما أطرد من العمل نھائیا .. ماذا سیكون رد فعلھم

!! البحث ومّت حتى وجدت ھذا العمل

من .. إلى العمل وأنا میت ھكذا قبل أن أعرف كیف یتصرف الموتى ستكون بال شك خطوة غبیة وغیر محكمة أن أذھب! .. كال . األفضل إذا أن ابقى في البیت

وكنت على وشك أن أغرق في أفكار حول وضعي الجدید حین تذكر ... دخلت غرفتي وجلست على السریر .. عدت أدراجي إلى البیت .. برھم أني لن أستطیع المجيء إلى العمل الیومیجب أن أتصل ألخأني

أرید .. !) حلو !!! ھذا معناه أني استطیع أن أتكلم وأنا میّـت .. رّدت علّي یعني ھي تسمعني !! .. صباح النور .(".صباح الخیر .. آلو ".... ألني !! لماذا ؟.. لن تصدقني .. حلوة نكتة !!! لماذا ؟؟؟ صحیح لماذا ؟؟ ألني مّیت . (.أن أبلغكم أني سأتغیب الیوم عن العمل

"اللقاءلىإ.. شكرا .. ألني مریض وأشعر بالتعب الشدید .. ... ) ألني .... ألني

شو یعني ؟ .. "بعد فترة ال أعرف كم ھي بالضبط بدأ الجوع یعزف سیمفونیاتھ في بطني. أغلقت سماعة الھاتف، وصفنت لبعض الوقتبعد أن أجریت جولة تفتیشیة سریعة في البراد والمطبخ ولم أجد شیئا قابال لألكل فھمت " .. ن وأرید أن آكل شیئالكني جوعا.. مّیت مّیت

.. أني سأضطر أن أنزل ألشتري شیئا من السوبرماركت القریب

ت بأن شكلي غریب وأني في وشعر.. في اللحظة التي أغلقت فیھا الباب ووقفت في بھو العمارة أصابني إحساس بالتردد واالرتباك لكني حاولت أن أقنع نفسي بان شكلي یبدو عادیا جدا بالضبط ... اللحظة التي ساخرج فیھا إلى الشارع سألفت انتباه الناس جمیعا بشكل مریب

ریب أو مثلما كان یبدو باألمس ، واني نظرت إلى نفسي وتأملت صورتي في المرآة بتمعن قبل أن أخرج ولم ألحظ في شكلي أي شيء غ.. الشارع علىلم أستطع ان أنزل الدرج وأخرج .. وبرغم ذلك . أي إلى كوني میتا .. غیر اعتیادي یمكنھ أن یشیر إلى حالتي الجدیدة

ربما یلزمني وقت ألفكر وأفھم كیف أتعامل مع ھذا " .. "ربما یلزمني وقت ألتعّود على وضعي الجدید.." وبدأت أخترع األسباب لنفسي

أنزل بسرعة وأرجع بسرعة .. سأنزل ولیكن ما یكون .. لو أني لست میتا لقلت إني سأموت من الجوع .. لكني جائع .. الجدید ع الوض " على أمل أال یلحظني أحد أو ینتبھ إلى وجودي

* * * .... حبة بندورة واحدة، وفي یدي كرتونة شوكو ، ربطة خبز، علبة مرتدیال ، ثالث حبات خیار و" .. كوباة"واقف في الدور عند ال

.. وبدأت أفقد أعصابي خاصة وأني أكره االنتظار .. الدور طویل والموظفة بلیدة وبطیئة وغبیة

" .. مغریة"أو " جمیلة"أو " حلوة"ال تعني بالضرورة " شقراء"وألفت االنتباه ھنا إلى أن (فجأة، وحین اقترب دوري ، إذ بسیدة شقراء (!) كأني لست موجودا أصال .. كأنھا لم ترني واقفا (!) تأتي بسلة أغراضھا وتقف أمامي ") .. لونھا أصفر"وانما فقط

وأولھم .. أن تحترم الدور والواقفین بالدور) وحزم(ھي فعلت ھذا وأنا ارتفع ضغطي ، وتحفزت ألوقفھا عند حدھا وأطلب إلیھا بكل أدب واكتفیت بأن أمضغ . وأنھ من المفضل أن أختصر الشر وأسكت .. كرت للتو أني مّیت تذ.. وقبل أن تخرج مني أي كلمة .. لكني ! أنا

. غیظي على السكت وأنا أثقب ظھرھا بنظراتي الغاضبة وأتخیل ما كنت سأقولھ لھا لو أني لست میتا

* * * .. یفصلونني إذا تغیبت أكثر .. صباح الیوم التالي كان یجب أن أذھب للعمل

.. اتجھت إلى المكتب وأنا أعتزم أن أتجاھل كلیا كوني میتا وأتصرف بشكل عادي جمعت شجاعتي و

الغریب أنھا لم تكلف نفسھا مشقة أن ترد تحیتي أو حتى ترفع .. قلت لزمیلتي في العمل حین مررت من أمام مكتبھا .. "صباح الخیر "ولكنھا .. بصوت منخفض وبلعت نصف األحرف قبل أن أقولھا غیر معقول أنھا لم تسمعني ، صحیح أني حییتھا.. رأسھا وتنظر إلي

(!) ھي ال تراني .. ربما .. أكید ھي تتجاھلني ألني میت ، أو .. أكید سمعتني أو على األقل انتبھت إلى دخولي

ختصر الشر لكني فضلت أن أ.. أي شيء ألفحص ما إذا كانت تستطیع أن تسمعني .. خطر في بالي أن أرجع ألقول لھا أي شيء (!) وضعي ال یحتمل تصرفات طائشة .. وأتجنب أي تصرف قد یلفت االنتباه إلّي

تظاھرت بأني مشغول .. قضیت النھار جالسا إلى مكتبي، واختصرت كل المشاویر واالستراحات التي تتطلب مني أن أنھض عن الكرسيول النھار، ولم یتغیر علي شيء سوى أن تخشبت عضالتي وبدأ ومنھمك جدا بأوراقي ، والحقیقة أني لم أنجح بأن أشتغل أي شيء ط

.. ولكن مش مھم ، طالما أن أحدا لم ینتبھ إلّي ولم تحدث مشاكل فوضعي جید .. ظھري یؤلمني

.. لحیاةولو أني لم أكن میتا لقلت إني كنت كمن ردت إلیھ ا.. تنفست الصعداء حین انتھى الیوم وخرجت من المكتب .. ھكذا مضى النھار

لم أھتم كثیرا حین .. عدت إلى البیت وأنا أحلم بوجبة شھیة وبأن أستلقي على السریر طویال ألرد الحیاة إلى عضالت جسدي المیت كانت ھي نفس السیدة أم إذاوال أدري ما (!) تجاوزتني السیدة الشقراء في الدكان فقد كنت متعبا وكان تفكیري محصورا في الطعام والنوم

ولم أنتبھ أیضا إلى أني قضیت وقتا .. أخرى ، وكذلك لم أنتبھ إلى الرجل الشاب الذي أخذ مكانھ وراءھا وتجاوزني ھو اآلخر سیدةلم أنتبھ إلى ھذا كلھ ، فقد كنت میتا .. وأني كنت آخر شخص في الدكان حین جاء دوري أخیرا .. طویال واقفا بالدور قبل أن یأتي دوري

. ین یجتمع ھؤالء الثالثة معا تتعطل خالیا المخ ویتوقف ھذا األخیر عن العملوح..ومتعبا وجائعا

..ھكذا مضى النھار : قلت

... وھكذا مضى النھار الذي یلیھ

. بشكل ال بأس بھ وسارت بي الحیاة وأنا میت .. الذي لم یعد جدیداشیئا فشیئا تعودت على وضعي الجدیدو

لم أنتبھ إلى أن كل .. أني صرت أشتغل ساعات إضافیة كثیرة دون أن یدفع لي مقابل لىإلم أنتبھ مثال .. وصرت ال أنتبھ ألشیاء كثیرة "فوق"ولم أنتبھ إلى أن زمالئي في العمل صاروا یعاملونني بشكل مختلف وینظرون إلي من.. الشغل األسود صار یلقى على كتفي

ل إنني أنا نفسي لم انتبھ حین صرت أتعامل معھم بشكل مختلف وأنظر إلیھم ب.. وكأنھم أحسن مني لمجرد أنھم أحیاء یرزقون لم أنتبھ بالمرة إلى أني صرت غیر مرئي (!) لم أنتبھ إلى شيء من ھذا كلھ .. وكأنھم أحسن مني لمجرد أنھم أحیاء یرزقون "تحت" من

كانوا ... مكانأيفي لبنزین والمكتبة وعند الخضرجي واللحام وفي العمل وفي الحارة والدكان ومحطة ا..كل الناس..وأن الكل (!)یتجاوزونني ، وبأني دائما آخر شخص یأتي دوره

. لذا كان من األفضل أن أظل غیر منتبھ. ولو أني انتبھت لما كنت سأفعل شیئا ألني مّیت .. لم أنتبھ

... مرة واحدة فقط انتبھت وتجرأت أن أتكلم

أن ما فعلھ غیر الئق ) وحزم(سأفھمھ بأدب .. سأقول لھ " .. ة المدیر وفي رأسي كانت تغلي عشرات الجمل الغاضبة توجھت إلى غرفسأضع لھذه المھزلة حدا وسأفھم الجمیع أني لست أقل منھم وإن كنت .. سأذكره بأني أكثر شخص یستحق ھذه الترقیة .. وغیر عادل

وإذا لزم األمر سأخبط بیدي على الطاولة وسأقف ! .. اوزي وبالتعامل معي وكأني غیر موجود وأنھ ال یمكنھم أن یستمروا بتج.. میتاوإذا لم یعجبھ كالمي .. وسأقول لھ .. سأقول لھ .. ! حقي محتّدا ألقول لھ إنھ ال یشرفني أن أشتغل في مكان ال یحترمني وال یعطیني

وإذا !!! .. غیر معقول ! حقي ولن أتنازل عنھ ! كرامتي فوق كل شيء .. أي شيء فلیبلط البحر أو یشربھ أو.. یمكنھ أن یفعل ما یشاء !! كل شيء سوى أن یھینني .. سأترك العمل وأبصق في وجھھ .. سأقلب الطاولة فوق رأسھ وأخرج .. رفع صوتھ أو قلل أدبھ معي

سأحادثھ باحترام ولكني سأفرض علیھ أن یحترمني ، وإذا . .وسآتیھ بالحسنى .. سأبدأ معھ بھدوء .. یجب ان اتمالك أعصابي –ولكن أل ! عندھا سیكون لي معھ شأن آخر .. لم یفعل

سأجعلھ یعترف في البدء بأني أكثر الموظفین كفاءة وجدارة وبأني أبذل قصارى جھدي في العمل وأتفانى في تقدیم المساعدة سواء كان !!وطرقت باب الغرفة ... و.. ي مجتھد ومخلص وأن.. ذلك من واجبي أو تطوعا مني وكرم أخالق

.. جاءني رد المدیر من الداخل " تفضل"

.دخلت

. ال أعرف لماذا أخذ قلبي یضرب بعنف ، وشعرت بارتباك

!" ماذا ترید؟.. تفضل"

"ث معك بموضوعأرید أن أتحد" أن صوتي كان یرجف قلیال علىقلت وازدردت ریقي، ولم أستطع سوى أن أنتبھ " حضرة المدیر" . تابعت

..و.. أنت تعرف بالطبع أني أعمل ھنا منذ وقت غیر قصیر.. حسن ".. جلست وأنا اتأھب للبدء بالحدیث .. أومأ لي برأسھ أن تفضل ... ) .. و.. أنت تعرف أني أعمل ھنا من زمان و!! .. ھذه جملة ال تقال !!! .. وأنا أحسن موظف ھنا ؟!! .. وماذا ؟(

. قال وھو ینظر إلي بانتظار أن أكمل جملتي فارتبكت.."أجل "

" أردت أن أستفسر عن السبب الذي جعلكم تمتنعون عن ترقیتي .. بصراحة .. لكني .. ال شيء "

كذلك لم یبد علیھ أنھ على وشك أن یعترف لي بجدارتي وتفانّي .. نظر إلي المدیر ولم یبد علیھ أن سؤالي قد أحرجھ ! .. "أھا " .. إخالصي في العمل كما خططت أن أجعلھ یفعل و

! "ھو أنك لست الوحید الذي یعمل ھنا منذ وقت طویل وان ھناك اعتبارات أخرى للترقیة " قال بلھجة باردة .." السبب "

د أن یوقفني عند حدي یقولھا كأنھ یری–اعتبارات أخرى للترقیة –ھذا الوقح یقولھا ببساطة .. ى بدأت الجمل تغلي في رأسي مرة أخر.. سأرمي الجملة في وجھھ وامضي .. یریدني أن أعتقد أني غیر كفؤ ولھذا لم یختاروني .. عدیم القیمة .. ویفھمني أني صغیر في نظره

!! " ــــــــــــــــــــــت ألنـــــــــــــــــــــــــــــــــــي میّ ! .. ألني میّـت !ألني مّیت " .. أنتم لم تختاروني ألني مّیت وال شيء آخر"

. انتبھت على صوت المدیر یسألني " !ھل ترید شیئا آخر؟"

ولیس ألني میت ! ..ھكذا إذا ) وباألساس غضبي جمعت شجاعتي ،(...أممممم .. أقصد بلى .. كال .. آه ! .. أنــا َ؟! .. شيء آخر ؟" !"؟

" عندنا أسباب موضوعیة جدا . طبعا أل "

* * *

. لك اللحظة فضلت أن أظل غیر منتبھومنذ ت.. كانت تلك أول مرة وآخر مرة اذكر فیھا حقیقة كوني میتا بصوت عال . لكني أسیر معھا على جنبوأنا ما زلت میتا .. لحیاة تسیر وتابعت ا

البعض كانوا یتعاملون معي وبرغم أن .. ومختلف عن كل اآلخرین " غیر شكل"لكني طول الوقت كنت أحس أني .. أسیر معھا أجل ! .. كان وجودي معھم یذكرني بشكل دائم أني میت .. بلطف إال أني لم أكن أرتاح للتواجد بصحبة األحیاء

كنت واقفا فیھ كعادتي في الدور أنتظر ، وكعادتي أیضا كنت غیر منتبھ إلى السیدة الشقراء التي تجاوزتتني والعجوز .. إلى أن جاء یوم ئحة السیئة التي ترطن بلغة غیر مفھومة التي لحقت بھا ، والشاب ذو البنطلون الساحل والحلقة في أنفھ ، والصبیة ذات الشعر ذات الرا

ال أعرف لماذا ، لكن شیئا ما في شكلھ .. حین انتبھت إلى شخص یقف ھو أیضا في آخر الدور (!) .. .. و ..األحمر والبطن المكشوف واسترقت النظر (!) .. وھذا بحد ذاتھ أمر غریب .. ال شيء فیھ غریب .. شكلھ عادي جدا .. علیھ بطرف عیني تطلعت .. جذب اھتمامي .. فوجدت أنھ ھو اآلخر غیر منتبھ إلى األشخاص الذین یتجاوزونھ في الدور .. إلیھ مرة أخرى

.. غریب جدا .. غریب

ال أعرف لماذا وجدت في .. خاطر شریر ھو أن أتجاوزه وأتقدم إلى الموظفة قبلھ فجأة خطر في بالي.. (في النھایة لم یبق إال أنا وھو .. نفسي الجرأة ألن أفعل ذلك وأنا الذي وقفت بالدور آالف المرات دون أن تكون لدي الجرأة ألن أنتبھ إلى األشخاص الذین یتجاوزونني

.. تقدم وبادرني بالكالم الواقف معي " األخ"المھم أني لم أفعل ألن !) .. ولكن مش مھم

.سألني ولم یكمل !" ؟...أنت أیضا "

لم تكن ھناك حاجة ألن نشرح أكثر طالما بالتالي و.. أعرف كیف فھمت علیھ لكني فھمت، جاوبتھ دون تردد ففھم أیضا ال! .. " أجل " (!) نحن االثنان فاھمین على بعض

راحة ولم أنتبھ إلى المرأة ذات الكعب العالي التي تجاوزتني وھي تطقطق بكعبھا قلت لھ بص" لم أكن أعرف أن ھناك من ھم مثلي " .. ) .. طاق .. طق .. طاق .. طق (

.. للسیدة دون أن ینتبھ إلیھا ھو أیضا قال وھو یفسح الطریق " وأكثر مما یتصور األحیاء .. أكثر مما تتصور .. ھناك كثیرون "

.. " أنت أول واحد ألتقي بھ منذ صرت أنا ھكذا .. لكني لم ألتق بأي منھم من قبل"

من .. وألن ھناك كثیرون مثلك یعتقدون أنھم وحدھم ھكذا ویعیشون وحدھم .. ھذا ألننا ال نظھر كثیرا " قال بلھجة الفھمان .." طبیعي " " ھذه إحدى مشاكلنا .. الصعب جدا العثور علینا أو جمعنا في إطار واحد

ومنفعال أكثر .. كنت منفعال جدا لكوني وجدت شخصا مثلي .. لم أعرف ماذا سأسالھ أوال لفرط تأثري .. " ھل .. آه .. ! ؟.. وھل ".. .. وأني سأجد أخیرا من یجیب لي عن أسئلتي الكثیرة .. إلدراكي أن ھناك آخرون

" لكن تعال ننتھي من الموظفة أوال .. سأشرح لك كل شيء "

...

...

! وفھمت

في صباح كان یفترض بھ أن یكون عادیا جدا ، حین قرأ حوالي .. كان ذلك في یوم مشؤوم من أیام أیار قبل زمن لیس بعیدا جدا أو أن صاحب الجریدة .. ظنوا في البدایة أن ھناك خطأ مطبعیا .. كان ذلك غریبا جدا .. شخص خبر وفاتھم في الصحف 1,000,000بعضھم .. بعضھم رفض أن یصّدق .. بعضھم خاف (!) .. وفي أسوأ األحوال غلطة قابلة للتصلیح .. لعبة .. ظنوھا مزحة .. قد فقد عقلھ

ألنھم لم یقرأوا أساسا بالخبر البعض لم یعرف.. بعضھم حاول فعال أن یحرق المطبعة .. تمّرد وثار وشتم متوعدا بأن یحرق المطبعة وبعض الذین قرأوا النبأ لم یعیروه اھتماما ، .. والبعض اآلخر كان في الحقل .. عرف القراءة بعضھم لم یكن ی.. الجریدة في ذلك النھار

(!) .. وال یمكن أن نصبح میتین لمجرد إعالن في الصحیفة .. نحن أحیاء " غیر معقول "قالوا

في الصحیفة یصبح بین یوم ولیلة حقیقة غیر والمكتوب(!) ھذا لم یكونوا ھم یعرفونھ .. لكن الصحیفة مھمة وتوزع في كل أنحاء العالم (!) وھكذا صار .. قابلة للجدال

.. جئوا ذات مساء أو ذات صباح بسیارة الموتى تقف أمام الباب كي تحملھم إلى مقرھم األخیر فوكثیرون ممن رفضوا أن یصدقوا غدا حین یكتشف الناس الحقیقة "معللین أنفسھم بأنھ ة الموتى وآخرون حملوا أغراضھم ورحلوا بما تبقى من كرامتھم قبل أن تأتي سیار

سنة ولال –شھر أو شھرین –وكلھا جمعة أو جمعتین .. ویصلح ذلك الخطا المطبعي الرھیب سیعودون إلى بیوتھم آمنین مطمئنین .." سنتین ولال عشر سنین ولال ستین سنة ویعودون إلى بیوتھم آمنین مطمئنین

في الجبال والمغر إلى أن تھدأ والبعض اآلخر اختبأوا .. فقتلوھم وزادوھم موتا على موت بالقوة ن یتصدى للسیارة البعض حاول أ . وبعضھم أل .. بعضھم نجا .. العاصفة

! إلى حین –استطاعوا بطریقة ما أن یصلوا إلى تفاھم مع السیارة فسمحت لھم بالبقاء .. وآخرون قلیلون

وشیئا فشیئا .. وھل یمكن السماح لھم بالعودة إلى الحیاة .. وكیف یمكن أن تحل قضیة المیتین .. عا عن قضیة المیتینوتحدثت الدنیا جمی .. و.. وشو صار مع القضیة.. وھاتوا القضیة وجیبوا القضیة .. إجت والقضیة راحت والقضیة" .. القضیة"صاروا یسمونھا

وصار عندھا أوالد .. من ابن الحالل تزوجت جاء النصیب وو.. وج تفتحھا وازدھارھاوكبرت القضیة وصارت صبیة مثل القمر في أفوراءھا زوج وأوالد .. وصارت تدعى إلى المناسبات المھمة كأي سیدة مصون فتجلس بثوبھا األسود والھیبة تحف بھا .. وأحفاد

وتناقلتھا األیدي وصارت .. رت القضیة وتبھدلت على كبر ومات الزوج وتفرق األوالد وكب.. یدعمونھا ویسندون ظھرھا ویدافعون عنھا .. و.... لعبة في ید كل ابن حرام یرید أن یركب علیھا

!! " إحنا شو صار فینا ؟!! ماذا حدث لكل المیتین ؟" قاطعتھ قبل أن أملك نفسي .." انتظر أرجوك "

!) یمكن ما كان یجب أن أقاطعھ ؟.. (نظر إلي بازدراء

. جأني بأن أجاب لكنھ فا

.. تقبلنا وضعنا الجدید وتعایشنا معھ .. الكل نسینا ونحن أیضا نسینا أنفسنا .. نحن ضعنا بین األرجل ! نحن ؟": قال بسخریة ومرارة .. ساللة میتة ألشخاص میتین .. أوالد وأحفاد نحن أیضا وصار عندنا

قلنا معلیش ، طیب اسمحوا لنا أن نعیش في مكان خاص .. ى الحیاة فقالوا لنا ممنوع حاولنا أن نطالب بإعادتنا إل.. الحقیقة أننا حاولنا ! . ء ؟تریدون التمرد على األحیا! مش ممكن ! فقالوا أل .. نفسنا ونحكم أنفسنا بأ.. ن ندیر أمورنا الشخصیة اعطونا نح–بالمیتین

واسمحوا لنا أن نعیش بسالم كل واحد في ..أعطونا نفس الحقوق والواجبات .. یاء طیب على األقل عاملونا مثلما یعامل األح.. قلنا بالش .. ممنوع رفع الرأس فوق التراب .. ممنوع التنفس .. ممنوع الكالم . ضحكوا علینا وقالوا لنا طیب ، لكن مكانكم تحت التراب ..حالو

علوا أي شيء سوى أن تكونوا میتین ، وفیما عدا ذلك فأنتم واألحیاء ممنوع أن تف.. ممنوع التفكیر .. ممنوع البكاء .. ممنوع الضحك (!) .. سواسیة

.. " وھكذا صار

. قلت بسذاجة !!" لكنھ ظلم "

. قال بواقعیة. " لكنھم األقوى"

" تعال ، سأفرجیك مثاال . " أخذني معھ

" ... ال نقبلال ال ! ال نقبلال ال "

. مظاھرة أو شيء یشبھ ذلك .. صرخون ویھتفون ویرفعون شعارات كان تجمھر كبیر ألشخاص ی

نحن میتون ! أسكت یا رجل " صرخ أحدھم متحمسا فإذ بكف تھوي على عنقھ وواحد آخر یزجره !!! ..."نحن لسنا میتین " !!" .. أم ترید أن تخّرب المظاھرة ؟!!

. فلیسقط. فلیسقط. فلیسقط!!!" فلیسقط القانون"

. سألت صاحبي " عن أي قانون یتحدثون ؟؟ "

ثالث سنوات حبس لمن .. یریدون أن یمنعونا من إحیاء ذكرى الیوم المشؤوم الذي قرأنا فیھ خبر وفاتنا .. قانون جدید سنھ األحیاء " " یریدوننا أن ننسى أننا متنا .. یجرؤ أن یفعل

ھل یعتقدون فعال أن منع االحتفال سیجعلنا !! ھم ھم كیف سنحتفل نحن بموتنا ؟إذ ماذا یھم.. بدا لي القانون ظالما وتعسفیا وأھبل !! ما أھبلھم ! یكفي أن نقف بالدور لنشتري كرتونة حلیب أو علبة دخان لنتذكر .. ننسى وكل ما حولنا یذكرنا

قبلھا كان قانون أمالك .. ریبا كھذا ھذه لیست أول مرة یسنون فیھا قانونا غ.. صدقني ھم أذكیاء : "فقال .. شرحت ذلك لصاحبي كل الموتى الذین خرجوا من بیوتھم یوم إعالن وفاتھم ولو لمشوار صغیر صادروا بیوتھم وأراضیھم ومنعوھم .. الموتى األحیاء لو كانوا أھال یقسم البلد إلى مناطق ویمنع االختالط بین موتى المناطق المختلفة حتى وقانون آخر نسیت اسمھ.. من العودة إلیھا

(!) " وإذا أردت رأیي فإن ھذا القانون غطاء لشيء آخر .. وأقارب

!" ماذا تقصد ؟"

تدریبات .. أمس مثال لوحظت تحركات عسكریة .. أقصد أنھم یریدوننا أن نلتھي بھ لیخلو لھم الجو لفعل شيء مھم بالفعل "على أیة حال تعال نذھب اآلن قبل .. ن ، لكنھم في الحقیقة یدرسون المنطقة یقولون إنھم یتدربو.. بین بیوتنا .. ومناورات في قرانا .." أن تحدث اشتباكات

* * *

ھكذا صرت أسمیھ بعد أن مضى علیھ وقت توقفت عن ("الغیر عادي"أو " الخاص"شیئا فشیئا صرت أجرؤ أن أتحدث عن وضعي . فقط ، وكان الناس حولي یفھمون ما اقصده" يوضع"أحیانا كنت أسمیھ " ) .. وضعي الجدید"تسمیتھ

.. بشكل واقعي وعملي األشیاء ، وبدأت أنظر إلى صرت أتعامل معھ على أنھ شيء مفروغ منھ.. بالعكس .. أنكر كوني میتا لم أعد (!) ..مّیت مّیت لكني أرید أن أعیش

(!) كمّیت .. وھكذا بدأت أطالب بحقوقي .. كار الوضع القائم ینفع ال البكاء على األطالل ینفع وال األسف على ما مضى ینفع وال إنفولجنة متابعة لشؤون .. ماعیة وتنمویة فقد كان للموتى منظمات وأحزاب وفرق سیاسیة واجت.. والحقیقة أني لم أكن أول واحد یفعل ذلك

و .. و.. ومظاھرات ومنشورات واجتماعات و.. مھم وأجندة وأیدیولوجیا بعضھا مفھوم وبعضھا غیر مفھوم كثیرا ولكن مش .. الموتى (!) حد ھذه االجتماعات التقیت بھا وفي أ..

.. وأحببتھا .. وأحببتھا .. وأحببتھا .. عشقت األرض التي تمشي علیھا .. أحببتھا كما لم أحب أبدا ! فتغیرت حیاتي وانقلبت .. التقیت بھا زوجة على سنة .. وأردتھا معي .. و... شاركتني وأحبتني ومنحتني الحب والعطف والحنان ..عالم جدید ال أعرفھ لىوسافرت معھا إ

! هللا ورسولھ

!! عندھا فقط فھمت معنى أن أكون میتا .. وعندھا

!! "ھي زوجتي " صرخت في وجھ موظف الداخلیة !!! "كیف ؟!!! كیف ال یمكن ؟"

. قال الموظف بلھجة باردة"لكن ال یمكنھا الدخول .. زوجتك على راسي "

. ولم تنفع كل محاوالت االقناع والتوسل والتھدید والرشوة واالستعطاف والتوسط

!!! .. الموت أرحم من ھذا .. وحديعدت إلى البیت

ء یمنع أن یحب میت من ألنھا میتة في مكان وأنا میت في مكان آخر، وألن قانون األحیا! ولماذا ؟! أي عدل ھذا الذي یفرق بیني وبینھا ؟ .. )z(أو ) y(أو) x(المنطقة وإذا كان ال بّد من ذلك فإن علیھما االنتقال إلى ) .. ب(میتة من المنطقة ) أ(المنطقة

وعلیھ فإني یجب أن أختار بین حبي لھا وبین حبي ألھلي وأصدقائي.. یجب أن أختار بین أن أكون معھا وبین أن أعیش ھنا وعلیھ فإني وعلیھ فإني یجب أن أختار بین الجدائل السود والعیون الخضر والروح الصدیقة وبین طرق البلد العتیقة والوجوه الطیبة المألوفة .. وبلدي

ورائحة البن المحمص والمناقیش وخبز الطابون وأذان الصبح وازدحام السوق لیلة العید والبیوت المتراصة بغیر نظام لكنھا حلوة وحبیبة . ألیف ومحببشة الدوالي تحت الدار وجلبة الفرح وطقوس الحزن وكل ما ھو وعری

(!) ولم أعرف كیف اختار .. و

فأعود ألتذكر البیوت .. في أي بقعة من بقاع األرض.. وال یھمني أین نعیش بعدھا .. أختار العیون الكحیلة واالبتسامة التي ترد الروح طیف شفاف لبیوت متراصة بغیر نظام .. وأتخیل كیف سأذكر شكل البلد حین أصیر ھناك .. طیبین العتیقة والناس البسطاء لكنھم غالبا

فیغمرني الشوق والحنین وأنا ما زلت محلي لم لكنھا ألیفة وحبیبة وأضیف إلى الصورة كل األصوات والروائح التي تجعلھا نابضة بالحیاة وألنھم .. من طلع من داره قل مقداره أقول بثقة أن .. وأعود ألغیر اختیاري .. فأدرك أني غیر قادر على االنسالخ عن جلدي..اتحرك

وألن المنطقة أ والمنطقة ب .. مثل ما قالھا ودیع الصافي " ولوین یا مروان تارك أھلك وناسك".. أھلي وبیتي ووطني برغم كل شيء اللي بيطلع من و....وألن العیشة في غیر الوطن ما بتسواش ..ي وألني بحاجة إلى جذور.. والمنطقة ج ھي في النھایة أصلي وفصلي

. سأبقى: أقرر.. داره بينقل مقداره

مدعوس على رقبتنا من .. وال كرامة وال احترام .. وال مصاري في .. ال شغل مثل العالم في .. هللا یقطعھا من عیشة شو فیھا ملیح وصحیح اللي بیطلع من ..رضینا بالھم والھم ما رضي بینا .. ویا ریت راضیین .. وق راسنا فوق ونقول لھم آمین وشكرا وهللا یدیمكم ف

.. ال أكون أنا إذا بقیت ھنا یوما واحدا .. ھنا ھیك ھیك قلیل وال أظنھ یمكن أن یقل أكثر من ھیك" مقداري"داره بینقل مقداره لكن سأذھب وأبني لي .. ویسمح لي أن أعود إلى الحیاة .. في مكان ال أكون فیھ میتا ابحث عن مستقبلي .. سأرمي البلد والدنیا ورائي وأذھب

یعترف لي بحق سأمضي إلى مكان.. في بلد وصل إلیھ النور ولیس كھذا البلد الغارق في العتمة حتى أذنیھ .. آخر حیاة في مكانصالحا أو .. فألكن حیا .. فألكن میتا .. أي لون من ألوان الطیف أزرق أو أخضر أو أحمر أو.. وال ینظر إلى كوني میتا أو حیا .. الحیاةھناك سأكون .. ھناك سأكون مواطنا .. ھناك سأكون مواطنا وسآخذ حقوقي بالكامل .. إنسانا أو حیوانا أو حبة بندورة مش مھم .. سیئا

.. وعمل مستقر .. سیكون لنا بیت ھادئ جمیل .. وایاھا أنا .. سأبني بیتا وعائلة .. " حترم ضاد حضرة المواطن الم"سأكون ..مواطنا ولد .. وسننجب أطفاال جمیلین .. السینما لن أقف في آخر الدور لمجرد أني میتلىوحین نذھب إ.. وسنذھب إلى السینما في الویك إند

ھناك سیكون لي أمل بحیاة .. طنین لیكونوا ھم أیضا موابالملعقة م النورطعمھسن المدارس وننعلمھم في أح.. لطیف وبنت وكلب . سأذھب : أقرر... أفضل

ستالحقني عقدة الموت كعقدة .. وأني قبل أن أكون مواطنا فأنا مّیت .. لكني لن أنسى أبدا أني مواطن مّیـت .. ھناك سأكون مواطنا لن أنسى أبدا ، .. ما عدت قادرا على التمییز .. أو ربما أنا المجنون ما عدت أعرف .. كذكریات الطفولة عند فروید المجنون .. أودیب

ستالحقني وصمة الموت كوصمة عار .. وبرغم النور وبرغم حقوق المواطن ومبادئ التحرر .. وال ھم سینسون برغم ادعائھم الحضارة .. ي مثل ما رحتي مثل ما جیتي وتیتي تیت.. وعند أول مشكلة سیقلبون جلدھم وسیخلعون عنھم الوجوه الدیمقراطیة الحدیثة .. ال تّمحي

غصبا عني وغصبا .. میت رغما عن أنفي .. من التراب وإلى التراب ") ..داد"أو ربما ("ضاد"وسأظل أنا حضرة المواطن المرحوم : أقرر.. وأنا سأحني خدودي وأمرغ وجھي كلھ بطین بالدي وترابھا .. من طین بالدك حني خدادك ! أل .. عن المواطنة ومبادئ النور

. سأبقى

ربما ألني میت فأنا مرتبط .... أو €أو yأو xربما لو لم أكن میتا لكان من السھل أو العادي جدا أن أترك المنطقة أ الى المنطقة ب أو . سأبقى: أقرر مجددا.. جدا بالتراب

: بمرارة أتساءل وتتساءل ھي معي.. ظل تلوح من بعید سود والصوت الدافئ وأمنیة بالسعادة تالعیون الكحیلة وشالالت الشعر األلكن !!لماذا كان محتما علینا أن نختار ؟!! لماذا یجب أن نختار ؟

ماذا لو .. ماذا لو لم أكن میتا حقیقة .. وفجأة خطر في بالي خاطر اقشعر لھ شعر بدني !! .. فقط لو لم أكن میتا !!.. فقط لو لم أكن میتا !!ماذا لو كنت أنا وقتھا مخطئا ؟! ماذا لو كانوا مخطئین ؟!! لم أكن میتا ؟

تقاریر الشغل .. ملفات العمل .. بحثت بین الكتب .. نبشت المكتبة والجواریر والخزانة " .. مش شایف الفضا قدامي"دخلت غرفتي وأنا ملخصات الجامعة .. دفاتر المدرسة .. جراید القدیمة ال.. حرامات الصوف الملفوفة باھمال أعلى الخزانة .. مالبسي .. مواد الدراسة .. صور احتفال التخرج .. صور عید میالدي .. أصدقائي في المدرسة .. ستي .. أمي وأبي .. وفي المدرسة .. صوري وأنا طفل صغیر .. دعوة .. شور سیاسي أھبل من.. فاتورة غاز غیر مدفوعة .. كتاب استعرتھ من المكتبة ونسیت أن أرجعھ .. محاضرات مصّورة ..

!!فقط لو لم أكن میتا !!.. فقط لو لم أكن میتا .. وصورة لي ولھا معا .. صورة لھا .. لمھرجان

..جریدة ذلك النھار المشؤوم !! أخیرا وجدتھا

.. والكلمات ممحیة في بعض األماكن .. أطرافھا مبتلة بفعل الرطوبة في الخزانة .. عتیقة ومتآكلة قلیال

ات االحتفال بذكرى النكبة محاولة السالم مستمرة ، القصف على غزة مستمر ، فعالی.. ال شيء جدید.. أقلب الصفحات .. فتحھا أطوشة في إحدى القرى، انتخاب مجلس طالب للمدرسة االبتدائیة في ، فنان یفكر في االعتزال ، اعالن عن نومینیز االسبوع ،مستمرة

ر تنظم فطورا جماعیا لألطفال ، زوج یعتدي على زوجتھ ، أم تنكل بأطفالھا ، معلمة تشتكي مدیر المدرسة قریة أخرى ، روضة السناف .. یعني كلھ عادي . ...، ومحاضرة ضد العنف في مدرسة اعدادیة

!! ذلك الخبر الذي قلب حیاتي !! ثم أجده

.. ھو ھو لم یتغیر .. ال یزال ھناك

وقد فقدت خیط األمل الرفیع الذي خلقتھ وتعلقت بھ بأال أكون قد مت .. أسقط في یدي و.. و... ر في كل كلمة أدقق النظ.. أقرأه بتمعن .. بالفعل

. أنا مّیت –أل

...

...

....

...

....

.......

....

....

. وتنازلت

ربما .. ربما .. ربما یرحمنا القضاء .. مكوث في منطقة واحدة ھناك أمل ، ربما یمنحوننا إذنا استثنائیا بال..في البدء قاومت فقاومت معي ..

وضعفت .. وتعبت وتعبت ھي .. وھي معي .. فعدت أقاتل.. شدت أزري ومنحتني األمل .. وضعفت فشجعتني .. ناضلت فناضلت وفق ما یحدده ) أو استسالم(بسالم في منطقتھ) أو لیموت (وعاد كل منا لیعیش .. تنازلت عنھا وتنازلت عني ... فضعفت ھي ، ثم

. القانون

* * *

حین سأستلقي .. لكني لم أكن اعرف وال انتم تعرفون أني بعد بضع عشرات من السنین .. یومھا عشت حیاتي میتا ولم اعد أجادل منوإذا فما الذي كنتھ .. ت سأستوعب اني على وشك أن أمو.. على فراش الموت قبل ان أرفع إصبعي بالشھادة وألفظ نفسي األخیر

!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!طوال السنین الماضیة ؟

) .. سأترككم اآلن، كي أفكر فیھا قلیال .. مجّرد نقطة للتفكیر (

. مش غلط .. فكروا أنتم أیضا

..ولنا لقاء بعد حین

02.06.09الثالثاء ،

فلسطین المحتلة حیفا ،

) ألنھا میتة مثلي(