١

التناسق املوضوعي يف

سورة القرآنيةال

إعداد حممد بن عمر بن سامل بازمول

٢

:املقدمة ــن رشور ــاهللا، م ــوذ ب ــستغفره، ونع ــستعينه، و ن ــده، و ن ــد هللا، نحم إن احلم

.أنفسنا، ومن سيئات أعاملنا، من هيده اهللا فال مضل له، ومن يضلل فال هادي لهــه إال اهللا ــهد أن ال إل ــهوأش ــك ل ــده ال رشي ــده . وح ــدا عب ــهد أن حمم وأش

.rورسوله ياأهيا الذين آمنوا اتقوا اهللا حق تقاته والمتوتن إال وأنتم مسلمون

يآأهيا الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجهـا وبث منهام رجاال كثريا ونسآء واتقوا اهللا الذي تـسآءلون بـه واألرحـام إن اهللا كـان

عليكم رقيبا ياأهيا الذين آمنوا اتقوا اهللا وقولوا قوال سديدا يصلح لكم أعام. لكم ويغفـر

لكم ذنوبكم ومن يطع اهللا ورسوله فقد فاز فوزا عظيام . فــإن أصــدق الكــالم كــالم اهللا، وخــري اهلــدي هــدي حممــد، ورش : أمــا بعــد

.األمور حمدثاهتا، وكل حمدثة بدعة، وكل بدعة ضاللة، وكل ضاللة يف النار ).التناسق املوضوعي يف السورة القرآنية: (عنوانه دراسة بفهذ :أما بعد

:وقد أدرهتا عىل العنارص التالية .القرآن العظيم متشابه مثاين: املدخل

.ريف التناسق املوضوعي تع: املبحث األول .بني التناسق املوضوعي والوحدة املوضوعيةعالقة ال: املبحث الثاين

٣

.وضوعي والتفسري املوضوعيبني التناسق املعالقة ال: املبحث الثالث .بني املناسبات يف القرآن العظيم والتناسق املوضوعيعالقة ال: املبحث الرابع

.البداية والنشأة : املبحث اخلامس .أنواع سور القرآن الكريم من جهة تعدد املوضوعات : املبحث السادس

.يمالتناسق املوضوعي واملقاصد الكلية للقرآن الكر: املبحث السابع .وعي يف السورةضخطوات تطلب التناسق املو: املبحث الثامن

.، وفيها أهم النتائجاخلامتةوأن جيـزي أشـياخي عنـي وعـن املـسلمني خـري ، واهللا أسأل أن يرزقني القبول يف الدنيا واآلخـرة

.واحلمد هللا رب العاملني، وأن جيعلنا هداة مهتدين ال ضالني وال مضلني، اجلزاء

٤

متشابھ مثاني كتاب القرآن العظیم : المدخل

اهللا نــزل أحــسن احلــديث كتابــا متــشاهبا مثــاين تقــشعر منــه جلــود الــذين ﴿ شون رهبم ثم تلني جلودهم وقلوهبم إىل ذكـر اهللا ذلـك هـدى اهللا هيـدي بـه مـن خي

شاء ومن يضلل اهللا فام له من هادي ).٢٣:الزمر( ﴾ــاب اهللا ــشبه بعــضه بعــضا يف احلــسن، ، تبــارك وتعــاىلالقــرآن العظــيم كت ي

ويصدق بعضه بعضا ليس فيه تناقض وال اختالف . فيــه كــرر ويقابــل ي ذكــر الوعــد بــني والوعيــد، واألمــر والنهــي، واألخبــار

واألحكام إذا ذكرت آيـات العـذاب ، اقـشعرت جلـود خافـت قلـوهبم خـشية هللا ف وإذا ذكرت آيات الرمحة هم، النت وسـكنت قلـوهبم، كـام قـال اهللا رجوا رمحة اهللا

تع أال بذكر اهللا تطمئن القلوب﴿: اىل الرعد( ﴾ -١( )٢٨(. ابتـداء، ومنـه ماكـان نزولـه نزولـه ن اكـ يم مـنجام، منـه مـانزل القرآن العظـ

وقـال الـذين كفـروا لـوال نـزل عليـه القـرآن مجلـة ﴿بحسب الوقائع واألحـداث، واحدة كذل ك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيال ).٣٢:الفرقان( ﴾

فقـد تـواتر ذلـك عنـه ملسو هيلع هللا ىلصورتبت اآليـات يف الـسور بتوقيـف مـن الرسـول تواترا معنويا ال شبهة فيه، وقد نقل االمجاع عليه غري واحد من أهل العلم )٢(.

قـراءة الرسـول ورتبت سور القرآن العظيم عىل وفق ما كـانوا يـسمعونه يف

.)٧/١١٥(طيبة / انظر تفسري البغوي) ١(

. ١٦٠انظر هتذيب وترتيب االتقان ص) ٢(

٥

.)١(ملسو هيلع هللا ىلص

/ ١) (أبو الفضل(االتقان يف علوم القرآن ( رمحه اهللا )هـ٢٤٣ت(قال احلارث بن أسد املحاسبي )١(ل عثامن الناس إنام مح! املشهور عند الناس أن جامع القرآن عثامن وليس كذلك" : )).١٧٢- ١٧١

عىل القراءة بوجه واحد عىل اختيار وقع بينه وبني من شهده من املهاجرين واألنصار، ملا خيش الفتنة عند اختالف أهل العراق والشام يف حروف القراءات، فأما قبل ذلك فقد كانت املصاحف بوجوه

ا السابق إىل مجع اجلملة فهو من القراءات املطلقات عىل احلروف السبعة التي أنزل هبا القرآن، فأموقال البغوي .اهـ"عمل هبا عثامن] الذي[لو وليت لعملت باملصاحف : وقد قال عيل. الصديق

إن الصحابة ريض اهللا عنهم ": )).٥٢٣- ٤/٥٢١(رشح السنة (رمحه اهللا ) هـ٥١٦ت(رمحه اهللا وله صىل اهللا عليه وآله وسلم، من مجعوا بني الدفتني القرآن الذي أنزله اهللا سبحانه وتعاىل عىل رس

بجمعه ] خليفة رسول اهللا صىل اهللا عليه وآله وسلم[فأمر . ... غري أن زادوا فيه أو نقصوا منه شيئايف موضع واحد باتفاق من مجيعهم، فكتبوه كام سمعوا من رسول اهللا صىل اهللا عليه وآله وسلم، من

غري أن قدموا شيئا أو أخروا، أو وضعوا له ترتيبا مل يأخذوه من رسول اهللا صىل اهللا عليه وآله وسلم، وكان رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم يلقن أصحابه ويعلمهم ما ينزل عليه من القرآن عىل الرتتيب الذي هو اآلن يف مصاحفنا، بتوقيف جربيل صلوات اهللا عليه، إياه عىل ذلك، وإعالمه عند نزول

فثبت أن سعي الصحابة ... عقيب آية كذا يف السورة التي يذكر فيها كذا كل آية أن هذه اآلية تكتب كان يف مجعه يف موضع واحد، ال يف ترتيبه فإن القرآن مكتوب يف اللوح املحفوظ عىل الرتتيب الذي هو يف مصاحفنا أنزله اهللا تعاىل مجلة واحدة يف شهر رمضان ليلة القدر إىل السامء الدنيا، كام قال

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن﴿: وتعاىلسبحانه إنا أنزلناه يف ليلة القدر﴿]. ١٨٥:البقرة [﴾ ﴾ ثم كان ينزله مفرقا عىل رسوله صىل اهللا عليه وسلم مدة حياته عند احلاجة، وحدوث ما ]. ١:القدر[

قرآنا فرقناه لتقرأه عىل الناس عىل مكث ونزلناه و﴿: يشاء اهللا عزوجل، قال اهللا سبحانه وتعاىل تنزيال وكان هذا االتفاق ن الصحابة سببا .؛ فرتتيب النزول غري ترتيب التالوة]١٠٦:اإلرساء [﴾

: عزوجللبقاء القرآن يف األمة، رمحة من اهللا عزوجل عىل عباده وحتقيقا لوعده يف حفظه، كام قال اهللاإنا﴿ نحن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون ثم إن أصحاب رسول اهللا صىل اهللا عليه وآله ]. ٩:احلجر [﴾

وسلم، كانوا يقرؤون القرآن بعده عىل األحرف السبعة، التي أقرأهم رسول اهللا صىل اهللا عليه وآله =

٦

فجاء متناسقا منتظام متالئام ﴿ قرآنا عربيا غـري ذي عـوج لعلهـم يتقـون )٢٨( ﴾ــزل عــىل عبــده الكتــاب ومل جيعــل لــه عوجــافـــ ).٢٨: الزمــر( ﴿ احلمــد هللا الــذي أن ﴾ ).١:الكهف(

=

الف بني القراء يف زمن عثامن، وعظم األمر فيه، وكتب وسلم بإذن اهللا عزوجل، إىل أن وقع االختالناس بذلك من األمصار إىل عثامن، وناشدوه اهللا تعاىل يف مجع الكلمة، وتدارك الناس قبل تفاقم

وقدم حذيفة بن اليامن من غزوة أرمينية فشافهه بذلك، فجمع عثامن عند ذلك املهاجرين . األمرآن يف املصاحف عىل حرف واحد، ليزول بذلك اخلالف، وتتفق واألنصار، وشاورهم يف مجع القر

الكلمة، واستصوبوا رأيه، وحضوه عليه، ورأوا أنه من أحوط األمور للقرآن، فحينئذ أرسل عثامن أن أرسيل إلينا بالصحف ننسخها يف املصاحف، فأرسلت إليه، فأمر زيد بن ثابت : إىل حفصة

بعد هذا : قلت .اهـ".املصاحف، وبعث هبا إىل األمصاروالرهط القرشيني الثالثة فنسخوها يف العرض تعلم أن ترتيب سور القرآن العظيم عىل هذا النحو ترتيب توقيفي، إذ ليس يف خرب مجع

بدلوا، بتقديم أو تأخري يشء من املصحف القرآن ما يدل عىل أن الصحابة ريض اهللا عنهم غريوا أوما : قلت لعثامن بن عفان: أما حديث ابن عباس .احد من البدايةالذي مجعوه، و ألفوه عىل ترتيب و

محلكم عىل أن عمدتم إىل األنفال وهي من املثاين، وإىل براءة وهي من املئني فقرنتم بينهام ومل تكتبوا "...بسم اهللا الرمحن الرحيم، ووضعتموها يف السبع الطوال؟ فام محلكم عىل ذلك؟ ": سطرا

ال العالمة أمحد شاكر يف حتقيقه للمسند ق. يث ضعيف جدا، وألفاظه منكرهاحلديث ؛ فإنه حديف مسألة ترتيب سور : تنبيه ."ال أصل له": عن هذا احلديث) ٣٩٩ حتت رقم ٣٣١-١/٣٢٩(

، االتقان يف علوم القرآن )١/٢٦٠(الربهان يف علوم القرآن للزركيش : القرآن أقوال أخرى، انظرإنام ألف القرآن عىل ما ": سمعت مالكا يقول: قال ابن وهب ).١/١٧٦ ()أبو الفضل(للسيوطي

، املرشد ١٨املقنع للداين ص: انظر("كانوا يسمعون من قراءة رسول اهللا صىل اهللا عليه وآله وسلم-٧١، ومباحث يف علوم القرآن لصبحي الصالح ص)١/٢٣(، وانظر روح املعاين ٤٦الوجيز ص

٧٣.(.

٧

، )١(وره وعطف بعضها عىل بعض فصار كالكلمة الواحـدةفتناسقت آياته وسومتت كلمة ربـك صـدقا وعـدال ال مبـدل لكلامتـه ﴿. يف صدق أخباره، وعدل أحكامه

وهو السميع العليم ).١١٥:األنعام( ﴾دة؛ وانتظمت موضـوعات القـرآن العظـيم، يف مجيـع سـوره، ويف كـل سـورة عـىل حـ

.فهناك تناسق موضوعي يف القرآن، وتناسق موضوعي يف كل سورة من سوره . فام هو التناسق املوضوعي؟

وما العالقة بينه وبني املناسبات ؟ وما عالقته بالوحدة املوضوعية؟ وما عالقته بالتفسري املوضوعي؟

.وغري ذلك من املسائل ، هي موضوع الصفحات التالية

أيب القايض، عن )١/٣٦(ذكرت يف تطلب مناسبات القرآن العظيم، نقل الزركيش يف الربهان هذه الكلمة )١(

الواحدة كالكلمة تكون حتى ببعض بعضها القرآن يآ ارتباط": قوله املريدين رساج يف العريب بن بكر عز اهللا فتح ثم البقرة سورة فيه عمل واحد عامل إال له يتعرض مل عظيم علم املباين منتظمة املعاين متسقة ورددناه اهللا وبني بيننا وجعلناه عليه ختمنا البطلة بأوصاف اخللق ورأينا محلة له نجد مل فلام فيه لنا وجل

٣٠قال الرازي يف تفسريه عند اآلية )تفسري القرآن بالقرآن(وذكرت يف تطلب تفسري اآلية باآلية . اهـ"هإلي يعتادون العرب أن إال زائدة صلة أنه : أحدمها : قوالن﴾ إذ﴿ يف : األوىل املسألة": من سورة البقرة،

بإضامر نصب وهو له معنى ال ما القرآن يف ليس أنه احلق وهو : الثاين . العرب بلغة نزل والقرآن هبا التكلم نأ : والثاين . معروف املعنى أن : أحدمها : ألمرين هذا فأضمر للمالئكة ربك قال هلم أذكر واملعنى ، اذكرأخا واذكر﴿ : كقوله املواضع من كثري يف ذلك كشف قد تعاىل اهللا عاد إذ أنذر قومه سورة ( ﴾باألحقاف

عبدنا واذكر﴿ : وقال ،)٢١ : األحقاف داوود هلم وارضب﴿ ،)١٧ : صسورة ( ﴾ مثال القرية أصحاب إذ جاءها إذ املرسلون أرسلنا إليه وال الواحدة كالكلمة كله والقرآن ،)١٤ ، ١٣ : يسسورة (﴾ اثنني م

بذلك اكتفاء ههنا ذلك ترك جرم فال السورة هذه قبل نزلت املرصحة املواضع هذه تكون أن يبعد اهـ"املرصح

٨

:عریف التناسق الموضوعي ت: المبحث األول وسنن العلامء يف تعريف املركب أن توصيفي، بمرك) التناسق املوضوعي(

ثـم ينظـر يف تعريفـه بعـد . يبدأ بتعريف كل لفظة من ألفاظ هذا املركـب عـىل حـدة .الرتكيب

؛ )وضوعيامل(و ) سقالتنا: (مركب من كلمتني) التناسق املوضوعي(و ؛)وضوعيامل( تعريف كلمة م، ث)قالتناس(بدأ بتعريف كلمة فن

دل عـىل تتـابع ، وهذه املادة تالنون والسني والقاف، مادته يف اللغةالتناسق . يف اليشء

كالم نسق: تقول جاء عىل نظام واحد قـد عطـف بعـضه عـىل بعـض:أي. .ثغر نسق، إذا كانت األسنان متناسقة متساوية: وأصله قوهلم . وخر ز نسق .)١(منظم:

.)٢(ويف اصطالح التدوين مل خيرج معنى هذه الكلمة عن معناها اللغويأصـل : الواو والضاد والعني[، ومادته من املوضوعيف اللغة ) املوضوعي(و

واحد يدل عىل اخلفض لليشء وحطه . ووضعته باألرض وضعا، ووضعت املرأة ولدها .

و وضع يف جتارته يوضع خرس: .

. )٥/٣٣٦(معجم مقاييس اللغة انظر )١(

مل أجد اصطالحا خاصا للنسق غري ما جاء يف معنى الكلمة) ٢( . لغة

٩

قوم ينقلون من أرض إىل أرض يسكنون هبا: والوضائع . الرجل الدين: الوضيع .

والدابة تضع يف سريها وضعا، وهو سري سهل خيالف املرفوع . ووضع الرجل . سار ذلك السري:

وذكر أن الواضعات . اإلبل تأكل اخللة: وضعوالرجل امل .)١(اهـ"الذي ليس بمستحكم األمر:

ومنه املواضعة بمعنى املوافقة؛ إذ جيتمع أهل االصـطالح عـىل كلمـة ملعنـى .)٢(يتفقون عليه

.)٣( التي يبنى عليها املتكلم أو الكاتب كالمه) القضية(فكرة ال: واملوضوعاءت وكأن املتكلم ملـا يـتكلم يطـرح مقالتـه للنظـر فيهـا، ولعـل مـن هنـا جـ

.األطروحة، واهللا اعلم .)٤(احلديث املختلق: وعند املحدثني

.)١(املدرك: السفة عند الف

.، باختصار)١١٨ - ١١٧/ ٦(معجم مقاييس اللغة ) ١(

واملواضعة": انظر القاموس املحيط حيث قال) ٢( املراهنة، ومتاركة البيع، واملوافقة يف األمر: .اهـ"

هو األمر : وقيل.املختص به املوضوع هو حمل العرض": ٣٠٥قال اجلرجاين يف التعريفات ص) ٣(اهـ، واعتمد هذا املعنى "د يف الذهن وموضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيةاملوجو

).٢/١٠٠٤) (وضع(جممع اللغة العربية انظر املعجم الوسيط مادة

النوع احلادي والعرش انظر ) ٤( معرفة املوضوع: ني ، من كتاب ابن الصالح، معرفة أنواع علوم احلديث .٩٨ص) مة ابن الصالحمقد(

١٠

ـــهويف املنطـــق ـــه ،حمـــل العـــرض املخـــتص ب ـــذات واملقـــول عن ـــل ال يقاب .)٢(واملحمول

.)٣(هو القضية التي وردت يف القرآن: وعند علامء التفسري املوضوعي تتــابع القــضايا، وانتظامهــا : نــاه بركنيــه مع) التناســق املوضــوعي(فاالســم

.يف القرآن العظيم وسورهوترتيبها ، هو نظـام القـرآن الكـريم،وعليه فإن التناسق املوضوعي يف القرآن الكريم

:ذو شقنيوهو .التناسق املوضوعي يف القرآن مجيعه : الشق األول .ورةـ سورة س،التناسق املوضوعي يف سوره: الشق الثاين علـل ترتيـب ": هـي التـي مناسـبات القـرآن العظـيمداخل مـع وهو هبذا يت

.)٥("املعنى الذي يربط بني سوره وآياته": أو .)٤("أجزائه بعضها ببعضفيــدخل التناســق املوضــوعي يف املناســبات، حيــث علــل الرتتيــب واملعنــى الرابط يكـون بـني املوضـوعات التـي تـشتمل عليهـا الـسورة وبـني اآليـات داخـل

تعلق باملوضوعات من جهـة نـسقها ونظامهـا وتتابعهـا وتالؤمهـا هـو السورة، فام

= تعيني اليشء للداللة عىل يشء، واليشء األول هو املوضوع، لفظا كان او اشارة او هيئة، واليشء فهو ) ١(

.٨٧مجيل صليبا ص/ املعجم الفلسفي. الثاين هو املعنى املوضوع له

).٢/١٠٠٤) (وضع(وقارن باملعجم الوسيط مادة ).موضوع( نظر التعريفات للجرجاين )٢(

.يدل عليه ترصفهم يف ذلك) ٣(

). ١/٥(انظر نظم الدرر ) ٤( ). ٣/٣٢٣أبوالفضل (اإلتقانانظر ) ٥(

١١

نيالتناسق املوضوعي دون غريه من أوجه علـل الرتتيـب أو املعنـى الـذي يـربط بـ .سور القرآن وآياته

فإن املعنى الرابط وعلل الرتتيب إما تكون بني موضـوعات الـسورة أو بـني .آيات وأجزاء اآليات يف السورة

لذي يربط بني موضوعات السورة ويبني علل ترتيبها؛واملعنى اإما أن يكـون للـربط بـني آيـة وآيـة داخـل الـسورة، أو للـربط بـني موضـوع

.داخل السورةمقطع آخر وموضوع مقطع أو إلبراز مقطع وآخر، والثاين إما أن يكون ملجرد إبراز الصلة بني موضوع

، السورة مجيعهابني موضوعاتتيب التالؤم واالنسجام والنظام والتتابع والرتفهو املعنى الذي يربط بني ؛ ناسق املوضوعي يف السورة القرآنيةفهذا هو الت

موضوعات السورة ويبني علل ترتيبها؛ إلبراز التالؤم واالنسجام والنظام .والتتابع بني املوضوعات

م التالؤم واالنسجاويكون التناسق املوضوعي يف القرآن الكريم بإبراز بني موضوعات السور، بعد حترير مقاصدها والغاية التي ترمي والنظام والتتابع

إليها كل سورة، فينتظم موضوعات القرآن الكريم تناسق تام ونظام بديع يبهر . العقول ويأخذ باأللباب

فالتناسق هو إبراز نظام البناء املوضوعي للسورة يف ترتيب وترابط .وإنسجام

١٢

:بین التناسق الموضوعي والوحدة الموضوعیةالعالقة : المبحث الثاني

فــيام الــسورة موضــوعات يف التناســق املوضــوعي ينظــر الباحــث يف تــرابط هـي عليـه يف املـصحف، ووجـه التقـديم ذيبينها، وانتظامها عىل هـذا الرتتيـب الـ

ووجه املعنـى الـذي يربطهـا بـام ؟والتأخري، ومل جاءت هذه القضية يف هذه السورة، وما يتمم ذلك من النظر يف باقي موضوعات الـسورة الواحـدة؟ها وبام بعدهاقبل

.أو اتساق مجلة من السور يف موضوعاهتاويف الوحــدة املوضــوعية يبحــث عــن املحــور األســاس الــذي تــدور عليــه موضوعات السورة، فيذكر الباحث مقاصـد الـسورة، وموضـوعاهتا، ثـم ينظـر يف

، اترمـي إليهـالغاية التي جيمع هذه املوضوعات، واألساس الذياملوضوع املحور .ها يف موضوعاهتا نظاماآليات، و تتابعيف بيت قصيدها، دون نظر التي هي

فالتناسق املوضـوعي هيـدف إىل إبـراز التقـارب والـتالؤم بـني موضـوعات السورة يف نظام بديع، بينام الوحـدة املوضـوعية يطلـب فيهـا إبـراز اهلـدف والغايـة

.ترمي إليها السورة، وحمله مع املقاصد الكليةالتي يف الـسورةالوحـدة املوضـوعية والتناسق املوضوعي معني يف الوصـول إىل

.اإليه ومرشدوالعالقة بيـنهام عالقـة عمـوم وخـصوص، فالتناسـق املوضـوعي أعـم مـن الوحدة املوضوعية، فكل وحدة موضوعية تناسق موضـوعي، ولـيس كـل تناسـق

.وضوعيةموضوعي وحدة م

١٣

:بین التناسق الموضوعي والتفسیر الموضوعيالعالقة : المبحث الثالث

يف التناسق املوضوعي يقدم الباحث مـا يـدل عـىل انتظـام وتناسـق الـسورة الواحــدة مــن القــرآن العظــيم أو جمموعــة مــن الــسور، لفظــا ومعنــا، هبــدف إبــراز

.التالؤم والتوافق بني املوضوعاتعن الكريم فإن نظر الباحث إىل ما جاء يف القرآن املوضوعي التفسري أما يف

وما يكملـه عنارص املوضوع، بحسب ما تدل عليه اآليات عرض هذا املوضوع، و . الستجالء هدايات القرآن الكريم يف املوضوعمن السنة النبوية

ــسري املوضــوع ــالغرض يف التف ــرض يف التناســق املوضــوعي، ف ي غــري الغ .عالقة تباينفالعالقة بينهام حيــنام تريــد الكــالم عــن موضــوع قــرآين فأنــت تــستعرض القــرآن : فمــثال

الكــريم، وجتمــع اآليــات املتعلقــة بــه، ســواء آيــات رصحيــة ظــاهرة، أم آيــات غــري رصحية، ثم تقسم هذه اآليات بحسب عنارص املوضوع الذي دلت عليه، وترتبهـا

ــارص املوضــو ــةبحــسب التسلــسل املناســب هلــا، وتكمــل عن ــسنة النبوي ، ع مــن ال .لتتوصل إىل هدايات القرآن الكريم يف هذا املوضوع

بينام يف التناسق املوضوعي مقصدك موضـوعات الـسورة، ووجـه انتظامهـا عىل هذا النـسق الـذي عطـف فيـه بعـضها عـىل بعـض، وتـواىل فيـه بعـضها عقـب

خيـرس ظـم بـديع، وضـوعات يف الـسورة، وترتيبهـا، يف ن، إلظهـار تـالؤم املبعض فهذا يشء آخـر غـري الطاعنني يف القرآن الكريم برمية باالضطراب وعدم التالؤم؛

.التفسري املوضوعي

١٤

ت في القرآن العظیم والتناسق ابین المناسبالعالقة : المبحث الرابع :الموضوعي

الواحـدة، كالكلمـة تكـون حتـى بـبعض بعضها القرآن يآ ارتباطاعلم أن

:ليةيندرج حتته الفنون التا .املناسبات - .التناسق املوضوعي -

.الوحدة املوضوعية -

.أما األول منها فقد نصوا عليه رصاحة يف كتب علوم القرآن الكريموأما الثاين والثالث فإنه يأيت أثناء كالمهم يف التفسري، ويشار إليـه ضـمنا يف

املناسبات؛ : فمن ذلك

ارتبـاط ": "رساج املريدين" رمحه اهللا، يف كتابه) هـ٥٤٣ت(قال ابن العريب ة املعـاين منتظمــة قمتــسآي القـرآن بعــضها بـبعض حتــى تكـون كالكلمــة الواحـدة

علم عظيم مل يتعرض له إال عامل واحد عمل فيه سـورة البقـرة، ثـم فـتح اهللا ؛املباينلنا فيه فلام مل نجد له محلة، ورأينا اخللـق بأوصـاف البطلـة، ختمنـا عليـه، وجعلنـاه

.)١(اهـ"ني اهللا ورددناه إليهبيننا وب .واتساق املعاين الظاهر أن املراد به التناسق املوضوعي

أبو (اإلتقان، )١/٦(، نظم الدرر للبقاعي )١/٦٣(الربهان يف علوم القرآن للزركيش ) ١(

). ٣/٣٢٣الفضل

١٥

.وانتظام املباين الظاهر أن املراد به املناسبة بني اآلية واآليةرمحه اهللا يف آخـر كالمـه عـىل سـورة فـصلت عنـد ) هـ٦٠٦ت(الرازي قال

وقد": )٤٤: اآلية ( ظهر من كالمنا فـسريت يف هـذه الـسورة أن املقـصود مـن هـذه السورة، هو ذكر األجوبة عن قوهلم وقالوا قلوبنا أكنة يف مما تدعونا إليه ويف آذاننـا

وقــر ومــن بيننــا وبينــك حجــاب فاعمــل إننــا عــاملون تــارةف ينبــه عــىل فــساد هــذه الطريقة، وتـارة يـذكر الوعـد والوعيـد ملـن مل يـؤمن هبـذا يعـرض ومل القـرآن عنـه، ــد وامت الكــالم إىل هــذا املوضــع مــن أول ــسورة ال عــىل ــب تي الرت احلــسن ــن ظموال الكامل ثم ،، إنه تعاىل ذكر جوابا آخر عن قوهلم وقالوا﴿ قلوبنا أكنة يف مما تـدعونا

إليه ويف وقر آذاننا فقال ﴾، ولو﴿: جعلناه قرآنا أعجميا لقـالوا لـوال فـصلت آياتـه ءأعج مي وعريب .)١(ـاه"﴾

وكل": وقال مـن أنـصف ومل يتعـسف علـم أنـا إذا فـرسنا هـذه اآليـة عـىل الوجه الذي ذكرناه صارت هذه السورة من أوهلـا إىل آخرهـا كالمـا واحـدا منـتظام مسوقا نحو غرض واحد .)٢(اهـ"

.الوحدة املوضوعية للسورةالتناسق املوضوعي ووهذا نص منه عىل ).تناسق الدرر يف تناسب السور(وللسيوطي كتاب

الوحـدة (، و )التناسـق املوضـوعي يف الـسورة القرآنيـة(واملقصود أن اسـم ، مل يأتيــا يف ، اصــطالحان حادثــان يف هــذا العــرص)املوضــوعية يف الــسورة القرآنيــة

).٢٧/٥٦٩) ( إحياء الرتاث(التفسري الكبري ) ١(

).٢٧/٥٧٠) (حياء الرتاثإ(التفسري الكبري ) ٢(

١٦

.كالم املتقدمني رصاحةوملا كان اختالف التسمية مشعر بوجود فرق وتباين ومغايرة، لزم النظـر يف

.الفرق بني هذه األسامء الثالثة، والعالقة بينهاعلـــل ترتيـــب أجزائـــه بعـــضها ": هـــي فمناســـبات القـــرآن العظـــيمأمـــا

.)٢("آياتهاملعنى الذي يربط بني سوره و": أو هي .)١("ببعضوالعلل هي املعاين التي تصلح أن تكون رابطة بـني اآليـة واآليـة، والـسورة

.والسورة :وقد تضمن هذا التعريف اإلشارة إىل أنواع املناسبات، وهي التالية

:املناسبات الداخلية، وهي األنواع التالية: القسم األولها بـبعض، بعـضتعلـق مناسبات ترتيـب آيـات الـسورة الواحـدة، و: األول

.وارتباطها وتالمحها وتناسقهامناســبة مطلــع الــسورة للمقــصد الــذي ســيقت لــه، وذلــك براعــة : الثــاين

.االستهالل .مناسبة ختام السورة ملطلعها: الثالثمناسبة فواصل اآلي لآلية التي ختمت هبا، ومنـه مناسـبة أسـامء اهللا : الرابع

.احلسنى لآلية التي ختمت هبا .ة موضوع مقطع من اآليات يف السورة ملقطع آخرمناسب: اخلامس

). ١/٥(انظر نظم الدرر ) ١( ). ٣/٣٢٣أبوالفضل (اإلتقانانظر ) ٢(

١٧

:املناسبات اخلارجية، وهي األنواع التالية: القسم الثاين .مناسبة السورة ملا قبلها وملا بعدها: األول .مناسبة ختام السورة ملطلع السورة التالية هلا : الثاين

.مناسبة مطلع السورة ملطلع السورة التي تليها: الثالثــع ــسور، أو :الراب مناســبة موضــوع جمموعــة مــن الــسور ملجموعــة مــن ال

.لسورةالفاحتــة أم الكتــاب؛ ألنــه يبــدأ بكتابتهــا يف املــصاحف وبقراءهتــا يف : فمــثال

الصالة قبل السورة، وألن األم مبدأ الولد، أو ألن الفاحتة أصل القـرآن النطوائهـا كـم؛ ألن أم الـيشء عىل مجيـع أغـراض القـرآن العظـيم، ومـا فيـه مـن العلـوم واحل

.)١(أصلهوهذا التقريـر فيـه إشـارة إىل معنـى يـربط بـني الفاحتـة وسـائر سـور القـرآن

.العظيم، فهنا مناسبة سورة ملجموع سور القرآنمـا جـاء عـن أيب بـن كعـب قـال: مثال آخر قـال رسـول اهللا: يـا أبـا املنـذر : أتدري أي آية م ن كتاب اهللا معك أعظم؟

قال قلت: اهللا ورسوله أعلم: ! قال يا أبا املنذر أتدري أي آية من كتاب اهللا معك أعظم؟: قال قلت: اهللا ال إله إال هو احلي القيوم: .

).ب/٣ل(، قطف األزهار ) ٨/١٥٦(فتح الباري ) ١(

١٨

قال فرضب يف: صدري وقال واهللا ليهنك العلم أبا املنذر: ")١(. .فهذا احلديث فيه بيان معنى يربط بني آية واحدة وسائر آي القرآن العظيم

مـن سـورة البقـرة ) ٢٠(، إىل اآلية رقـم )١(اآليات من آية رقم : مثال آخرقرآن بام هـو أهلـه، ووصـف تعترب املقدمة بالنسبة ملحتوى السورة، حيث وصف ال

.متبعيه وخمالفيه كال بام يستحقه، يف دعـوة النـاس كافـة إىل )٢٥ -٢١(ثم يأت املقصد األول مـن آيـة رقـم

.اإلسالم، يف دعـوة أهـل الكتـاب، )١٦٢-٤٠(ثم يأت املقصد الثـاين مـن آيـة رقـم

. دعوة خاصة إىل ترك باطلهم والدخول يف هذا الدين احلق، يف عـرض رشائـع هـذا )٢٨٣-١٧٨( الثالث من آية رقـم ثم يأت املقصد

.الدين تفصيال ، يف ذكـر الـوازع )٢٨٤(ثم يـأت املقـصد الرابـع يف آيـة واحـدة وهـي رقـم

.والنازع الديني الذي يبعث عىل مالزمة تلك الرشائع ويعصم عن خمالفتهالـذين ، يف التعريـف با)٢٨٦-٢٨٥(ثم تأت اخلامتة يف آيتني اثنتني مها رقـم

استجابوا هلذه الدعوة الـشاملة لتلـك املقاصـد، وبيـان مـا يرجـى هلـم يف عـاجلهم .وآجلهم

، الواقعـة بـني املقـصد األول والثـاين، فقـد كـان )٣٩-٢٦(أما اآليات مـن

أخرجه مسلم يف كتاب صالة املسافرين وقرصها، باب فضل سورة الكهف وآية الكريس، حديث ) ١(

). ٨١٠(رقم

١٩

.احلديث فيها عودا عىل بدء .، كانت مدخال للمقصد الثالث)١٧٧-١٦٣(واآليات من

، )١(طع أطول سـورة يف القـرآن العظـيمها أنت ترى مدى التناسب بني مقا .فهنا مناسبة بني جمموعة آيات وجمموعة أخرى داخل سورة واحدة

، مناسبة موضوع مقطع من اآليات يف السورة ملقطع آخـروهذا النوع اعني التناسـق املوضـوعي يف الـسورة (وترتيب ذلك يف السورة، هو املعـرب عنـه اليـوم بــ

).القرآنيةىل ذلك ونظر املفرس فيام يرمي إليه هـذه الرتتيـب، والغايـة فإن زاد املفرس ع

التي ينتهي إليها، واملحور الذي تدور عليه موضوعات السورة وجيمعها، فهذا هو ؛ إذ هـو اهلـدف واملحـور )الوحدة املوضـوعية للـسورة القرآنيـة(املعرب عنه اليوم بـ

. األساس الذي تندرج موضوعات السورة فيه عىل ترتيبها أن يـــسعى املفـــرس إىل بيـــان :هـــامنالوحـــدة املوضـــوعية لـــسورة يقـــصد ف

ومن ثم الربط بينها، بذكر املعنـى الـذي جيمـع ،املوضوعات التي تضمنتها اآليات إجيـاد املوضـوع املحـوري ثـمومـن ؛بينها، والتي تكون تارة معنوية، وتـارة لفظيـة

.الذي هتدف إليه السورة بعالقـة ري بالرش، وكقـرن الرتهيـب بالرتغيـب،كمقابلة اخلربط املعنوي الو .التضاد

مثل أن تعطف اآلية عىل اآلية، أو أن تقع اآلية موقع البيـان ربط اللفظي وال

. ٢١١- ١٦٣ ص"النبأ العظيم"قريره صاحب كتاب وقد فصل يف بيان ذلك وت) ١(

٢٠

. مما قبلها، أو احلال، أو نحو ذلك .ومما تقدم يظهر أن التناسق املوضوعي للسورة بعض املناسبات

.رةفالتناسق املوضوعي بوابة الوحدة املوضوعية للسوومما يعني يف حترير املحور األسـاس للـسورة الوقـوف عـىل وجـه ترتيبهـا يف نظم سور القرآن الكريم، وهو مـن املناسـبات اخلارجيـة، وكـذا مـع مـا قبلهـا ومـا بعدها، كام يعني يف ذلك معرفة وجه الـربط بـني هـذه املوضـوعات التـي تـضمنتها

.السورةــني ــربط ب ــرس إىل ال ــة، ومناســبة ختمهــا يف املناســبات ينظــر املف ــة واآلي اآلي

نـاظرا إىل الـروابط املعنويـة واللفظيـة ، فيهـاملوضوعها، ومناسبة التقديم والتـأخريبني اآلية واآليـة، واملقطـع واملقطـع، أو مطلـع الـسورة وختامهـا، أو بـني الـسورة

.والسورة قبلها، أو بعدها، أو بني السورة وجمموعة السور ينظر إىل السورة باعتبار موضـوعاهتا، كيـف ارتـبط ويف التناسق املوضوعي

بعضها ببعض، وما النظام الذي سارت عليه، وتتابعت فيه، حتى وصلت الـسورة . أو بني موضوعات عدة سور و إبراز التناسق بني موضوعاهتاإىل غايتها

، ويف املناسـبات نظـر إىل أو السورففي التناسق نظر إىل موضوعات السورةترابط سـور القـرآن الكـريم وآياتـه سور، ووجه الربط بينها، فالتناسب اآليات وال

وهذا موضوع علـم املناسـبات، وهـو مـا يـصح أن . حتى يكون كالكلمة الواحدة .)١()الوحدة القرآنية: (يطلق عليه

انظر كتاب الوحدة القرآنية دراسة حتليلية مقارنة، للدكتور حممد بن حممود خوجه، دار كنوز أشبيليا ) ١(

=

٢١

ـــني ويلتقـــي التناســـق املوضـــوعي مـــع املناســـبات فـــيام يتعلـــق بـــالربط ب .سورموضوعات اآليات يف السورة أو بني ال

فالتناســب بــني مقــاطع الــسورة فــيام يــشكل موضــوعاهتا هــو التناســق .املوضوعي، والتناسب بني أجزاء اآلية واآلية واآلية هو املناسبات

ــني التناســق املوضــوعي واملناســبات عمــوم وخــصوص كــل ، ففالعالقــة ب . تناسق موضوعي، وليس كل مناسبات مناسباتتناسق موضوعي

ــنهام واحلــق أن التناســق املو ــبات بي ــدة املوضــوعية واملناس ضــوعي والوحللمناســبات، ويليهــا دائــرة التناســق املوضــوعي، تــداخل، فالــدائرة الكــربى هــي ويليها دائرة الوحدة املوضوعية؛

.فكل وحدة موضوعية تناسق موضوعي .مناسبات كل تناسق موضوعي و

.وليس كل مناسبة وحدة موضوعية .وليس كل مناسبة تناسق موضوعي

كيف تكون الوحدة املوضوعية مـن املناسـبات، وعبـاراهتم تـدل : فإن قيل عىل أهنا مما يرشد ويعني عىل معرفة املناسبات، وهذا يقتيض أن غرض السورة غري

.املناسبة: الذي ينبغـي يف كـل آيـة": رمحه اهللا)هـ٧٧٤ت(حممد بن أمحد امللوي قال

=

هـ١٤٣١ الطبعة األوىل –

٢٢

ثم املستقلة مـا وجـه . بلها أو مستقلةأن يبحث أول كل يشء عن كوهنا مكملة ملا ق .ففي ذلك علم جم مناسبتها ملا قبلها؟

. )١(اهـ"وما سيقت لهوهكذا يف السور يطلب وجه اتصاهلا بام قبلها ، وهــو مــن شــيوخ )هـــ٨٦٥ت(وقــال أبوالفــضل حممــد البجــائي املــالكي

سـبات اآليـات األمر الكيل املفيـد لعرفـان منا": عنهاالبقاعي رمحهام اهللا، ونقل هذ .الغرض الذي سيقت له السورة مجيع القرآن هو أنك تنظر يف

.وتنظر إىل ما حيتاج إليه ذلك الغرض من املقدمات .وتنظر إىل مراتب تلك املقدمات يف القرب والبعد من املطلوب

وتنظر عند انجرار الكالم يف املقدمات إىل ما يستتبعه مـن استـرشاف نفـس واللوازم التابعة له، التـي تقتـيض البالغـة شـفاء الغليـل بـدفع السامع إىل األحكام

عناء االسترشاف إىل الوقوف عليها؛ فهذا هو األمر الكيل املهيمن عىل حكم الربط مفصال بـني آيـة بني مجيع أجزاء القرآن، وإذا فعلته تبني لك إن شاء اهللا وجه النظم

.)٢(اهـ"واهللا اهلاديوآية، يف كل سورة ــال ال ــاعي ق ـــ٨٨٥ت(بق ــرآن ) ه ــبات يف الق ــن املناس رمحــه اهللا متحــدثا ع

، معرفـة مقـصود الـسورة املطلـوب ذلـك فيهـا عىلوتتوقف اإلجادة فيه": العظيم ؟)٣(اهـ"ويفيد ذلك معرفة املقصود من مجيع مجلها

). ١/٣٧(الربهان يف علوم القرآن للزركيش ) ١(: فقد نقل هذا الكالم بعينه وقال) ٣٢٨- ٣/٣٢٧أبوالفضل (اإلتقان، وانظر )١/١١(نظم الدرر ) ٢(

. "قال بعض املتأخرين" ). ١/٥(نظم الدرر ) ٣(

٢٣

ــب : فــاجلواب إن تطلــب أغــراض الــسورة وموضــوعاهتا، يف حقيقتــه تطلالسورة حتـى يتوصـل بـذلك إىل معرفـة املناسـبة للمناسبة بني مقاطع موضوعات

.فهو من املناسبات من هذا الوجه. بني اآليات داخل املقطعوحيث إن الكالم عن املناسبات قـد كتـب فيـه، وسـجل يف كتـب التفـسري، والكــالم عــن مقاصــد الــسور أفــرد يف مــصنفات، ويــأيت يف بعــض كتــب التفــسري،

للسورة، فإنه مل يفـرد ) الوحدة املوضوعية(= بخالف الكالم عىل املحور األساس للبقـاعي ) نظـم الـدرر(بالنصنيف، و ال جتد فيه إال إشارات، وقـد جتـده يف كتـاب

ولكن بتعب؛ فإن معرفة املناسبات يف هذه احلالة تعني عىل الوقـوف عـىل الغـرض .وال خيرج ذلك عن أنه من علم املناسبات كام ترى. الذي سيقت له السورة

ك هذا إذا تذكرت أن غرض اآليات أو السورة يدل عليه أسباب ويرشح لــراز ــوب إب ــسورة املطل ــات أو ال ــة مقــصود اآلي ــني يف معرف ــزول، وهــذا ممــا يع الناملناســبات فيهــا، وهــذا أمــر خــارج عــن املناســبة و لــه تــأثريه فيهــا، فكــذا الوحــدة

ــسو ــب موضــوعات ال رة، املوضــوعية ترشــد إىل معرفــة املناســبات، ومعرفــة ترتيوأغراض اآليات فيهـا يرشـد إىل معرفـة الغايـة التـي ترمـي إليهـا، واهلـدف الـذي

.سيقت له، وهذا الوحدة املوضوعية يف السورةوعليه فإن العالقة بني الوحدة املوضوعية واملناسبات عالقـة فيهـا تـداخل، فمعرفة املناسبات تعني عىل معرفة املقصد الذي سيقت له، وهو املحـور األسـاس

لسورة، والعكس صحيح، فإن معرفة الغرض الذي سيقت لـه يعـني عـىل معرفـة ل .املناسبات

:ويتحرر مما سبق

٢٤

أن علم املناسبات هو الـدائرة الكـربى التـي يـدخل حتتهـا ويليهـا دائـرة - .التناسق املوضوعي

.أن دائرة التناسق املوضوعي يندرج حتتها دائرة الوحدة املوضوعية -

.و مناسباتأن كل تناسق موضوعي ه -

.أن كل وحدة موضوعية هي تناسق موضوعي -

.أن كل وحدة موضوعية هي مناسبات -

.ليس كل مناسبات تناسق موضوعي -

.ليس كل مناسبات وحدة موضوعية -

٢٥

:البدایة والنشأة : المبحث الخامس

، تـسمية )التناسـق املوضـوعي(بــ نـوع مـن الـدرس اعلم أن تـسمية هـذا ال .)املناسبات( حتت اسم ا مندرج قبلان معناها املراد من، وكعرصجرت يف هذا ال

بعـضها بـبعض اتـه ارتبـاط آيذكر العلامء أن من إعجاز القرآن الكـريم وقد .ة املعاين منتظمة املباينقمتسة الواحدة حتى تكون كالكلم

طـرف ارفـع": رمحه اهللا) هـ٤٠٣ت(الباقالين الطيب بن حممد بكر وأبقال ممـا كلمـة كلمـة يف تفكـرت إذا بصريتك، جلية وراجع عقلك، بعني وانظر قلبك، فـصال يتكامل أن إىل ثم الكلامت، من ينتظم فيام ثم عليك، وعرضناه إليك، نقلناه

الرتتيــب، هــذا عــىل القــرآن مجيــع يف فكــر بــل ال، .وســورة حــديثا يــتم أو وقــصة، .)١(اهـ" ... التنزيل هذا نحو عىل وتدبره

رة من صور هذا اإلعجاز يف القرآن الكريم، فهـو والتناسق املوضوعي صوــوب، ويأخــذ ــه القل ــسلب يف مجال ــاب، وي ــه األلب ــاىل، حيــري يف روعت ــالم اهللا تع ك

.باألبصارارتبـاط ": "رساج املريدين"رمحه اهللا، يف كتابه ) هـ٥٤٣ت(قال ابن العريب

مــة ة املعـاين منتظقمتــسآي القـرآن بعــضها بـبعض حتــى تكـون كالكلمــة الواحـدة علم عظيم مل يتعرض له إال عامل واحد عمل فيه سـورة البقـرة، ثـم فـتح اهللا ؛املباين

املعارف دار الثالثة الطبعة صقر أمحد السيد حتقيق العرب ذخائر. (٢٠٢إعجاز القرآن للباقالين ص) ١(

.)ع.م .ج القاهرة - النيل كورنيش ١١١٩ - بمرص املعارف دار: النارش بمرص

٢٦

لنا فيه فلام مل نجد له محلة، ورأينا اخللـق بأوصـاف البطلـة، ختمنـا عليـه، وجعلنـاه .)١(اهـ"بيننا وبني اهللا ورددناه إليه

للـربط بـني ، فاتساق املعـاين،"ة املعاين منتظمة املباينقمتس ": عند قولهقف .باين هو املناسباتاملهو التناسق املوضوعي، وانتظام املوضوعات

ــرازي ـــ٦٠٦ت(وجــاء ال ــتكلم عــن التناســق املوضــوعي ) ه رمحــه اهللا، فوالوحدة املوضوعية أثناء تفسريه بوضوح، من ذلك يف كالمه عىل سـورة فـصلت

وكل": يف آخرها، قال من أنصف ومل يتعسف علـم أنـا إذا فـرسنا هـذه اآليـة عـىل الوجه الذي ذكرناه صارت هذه السورة من أوهلا إىل آخرهـا كالمـا واحـدا منـتظام مسوقا نحو غرض واحد .)٢(اهـ"

ــشاطبي ــال ال ـــ٧٩٠ت(وق ــساقات خت": رمحــه اهللا) ه ــف امل ــاختالفتل ب فالـذي يكـون ،األحوال واألوقات والنوازل وهذا معلوم يف علـم املعـاين والبيـان

االلتفـات إىل أول الكـالم وآخـره بحـسب القـضية : عىل بال من املستمع واملـتفهم ؛ ال ينظر يف أوهلا دون آخرها وال يف آخرها دون أوهلا،وما اقتضاه احلال فيها

ل فبعـضها متعلـق بـالبعض ألهنـا قـضية ن القضية وإن اشـتملت عـىل مجـفإ يشء واحد فال حميص للمتفهم عن رد آخر الكالم عىل أولـه وأولـه يفواحدة نازلة

فــإن فــرق النظــر يف ، فهــم املكلــفيفعــىل آخــره وإذ ذاك حيــصل مقــصود الــشارع

أبو (اإلتقان، )١/٦(، نظم الدرر للبقاعي )١/٦٣(لربهان يف علوم القرآن للزركيش ا) ١(

). ٣/٣٢٣الفضل ).٢٧/٥٧٠) (إحياء الرتاث(التفسري الكبري ) ٢(

٢٧

؛أجزائه فال يتوصل به إىل مرادهبعـض إال يف فال يصح االقتـصار يف النظـر عـىل بعـض أجـزاء الكـالم دون

العـريب ومـا يقتـضيه ال موطن واحد وهو النظـر يف فهـم الظـاهر بحـسب اللـسان .بحسب مقصود املتكلم

فإذا صح له الظاهر عىل العربية رجع إىل نفس الكالم فعـام قريـب يبـدو لـه وقـد يعينـه عـىل هـذا املقـصد النظـر يف أسـباب ، منه املعنى املراد فعليـه بالتعبـد بـه

. تبني كثريا من املواضع التي خيتلف مغزاها عىل الناظرالتنزيل فإهنا يفغري أن الكالم املنظور فيه تارة يكون واحدا بكل اعتبار بمعنى أنـه أنـزل

.قضية واحدة طالت أو قرصت وعليه أكثر سور املفصل قـضايا متعـددة كـسورة يفوتارة يكون متعددا يف االعتبار بمعنى أنـه أنـزل

،النساء واقرأ باسم ربك وأشباهها البقرة وآل عمران و ءيشوال علينا أنزلت السورة بكامهلا دفعة واحدة أم نزلت شيئا بعد

؛اعتباران ولكن هذا القسم لهاعتبار من جهة تعدد القضايا فتكون كل قضية خمتصة بنظرها ومـن هنالـك

األول يلتمس الفقه عىل وجه ظاهر ال كالم فيه ويشرتك مـع هـذا االعتبـار القـسم . التامس العلم والفقهيففال فرق بينهام

واعتبار من جهة النظم الذي وجدنا عليه السورة إذ هو ترتيـب بـالوحي ال ، ويشرتك معه أيضا القسم األول ألنه نظم ألقي بالوحي،مدخل فيه آلراء الرجال

وكالمها ال يلتمس منه فقه عىل وجه ظاهر وإنـام يلـتمس منـه ظهـور بعـض أوجـه أول يف ومجيـع ذلـك ال بـد فيـه مـن النظـر ...جاز وبعـض مـسائل نبـه عليهـا اإلع

٢٨

؛الكالم وآخره بحسب تلك االعتباراتفاعتبار جهة النظم مثال يف السورة ال يتم بـه فائـدة إال بعـد اسـتيفاء مجيعهـا بالنظر فاالقتصار عىل بعضها فيـه غـري مفيـد غايـة املقـصود كـام أن االقتـصار عـىل

؛ استفادة حكم ما ال يفيد إال بعد كامل النظر يف مجيعهايفبعض اآلية واحتـوت عـىل أنـواع مـن م، قرة مـثال كـالم واحـد باعتبـار الـنظ فسورة الب

،الكالم بحسب ما بث فيها .منها ما هو كاملقدمات والتمهيدات بني يدي األمر املطلوب

.ومنها ما هو كاملؤكد واملتممــزا ل وذلــك تقريــر األحكــام عــىل تفاصــيل ومنهــا مــا هــو املقــصود يف اإلن

.األبوابومنهـــا اخلـــواتم العائـــدة عـــىل مـــا قبلهـــا بالتأكيـــد والتثبيـــت ومـــا أشـــبه

. )١(اهـ""ذلكالسورة مهام تعددت قضاياها، فهي كالم واحد يتعلق آخره بأولـه، وأولـه ف

بآخره، ويرتامـى بجملتـه إىل غـرض واحـد، كـام تتعلـق اجلمـل بعـضها بـبعض يف الواحدة، وإنه ال غنى ملتفهم نظم السورة عن استيفاء النظر يف مجيعها، كـام القضية

. )٢(ال غنى عن ذلك يف أجزاء القضيةرمحـه اهللا يف كتابـه ) هــ٨٨٥ت(وأخذ املوضوع بعدا أعمق عىل يد البقاعي

). مشهور٢٦٦/ ٤(،) دراز٤١٤- ٣/٤١٣(املوافقات ) ١(

.١٩٢النبأ العظيم ص) ٢(

٢٩

مـصاعد النظـرلإلرشاف عـىل "، ويف كتابـه "نظم الدرر من تناسب اآلي والسور" ."رمقاصد السو

ه اهللا، رمحــ، )هـــ١٣٧٧ت(حممــد بــن عبـد اهللا دراز جـاء يف القــرن املـايض وكالما يصلح لتقرير الوحدة املوضوعية للسورة كام يصلح لتقريـر التناسـق وتكلم

جل، إنـك لتقـرأ الـسورة الطويلـة املنجمـة حيـسبها اجلاهـل أ": املوضوعي، فهو يقولأضـغاثا مـن املعـاين حـشيت حـشوا، وأوزاعـا مـن امل لـو -بـاين مجعـت عفـوا؛ فـإذا هـي

بنية متامسكة قد بنيت من املقاصد الكلية عىل أسس وأصول، وأقيم عـىل كـل -تدبرتأصل منها شعب وفصول، وامتد من كل شعبة منها فـروع تقـرص أو تطـول؛ فـال تـزال تنتقل بني أجزائها كام تنتقل بني حجرات وأفنيـة يف بنيـان واحـد قـد وضـع رسـمه مـرة

ــيشء مــن واحــدة، ال ــسيق، وال ب ــاكر األوضــاع يف التقــسيم والتن ــيشء مــن تن حتــس باالنفصال يف اخلروج من طريق إىل طريق، بل ترى بني األجناس املختلفـة متـام األلفـة،

كـل ذلـك بغـري تكلفـة وال . كام ترى بني آحاد اجلنس الواحد هنايـة التـضام وااللتحـاقنام هو حسن السياقة ولطف التمهيد يف مطلـع استعانة بأمر من خارج املعاين أنفسها، وإ

كل غرض ومقطعه وأثنائه، يريك املنفصل متصال، واملختلف مؤتلفا . إن هذه املعاين تتسق يف السورة كام تتسق احلجرات يف الب: وملاذا نقول ينان؟ ال، ن

بل إهنا لتلتحم فيها كام تلـتحم األعـضاء يف جـسم اإلنـسان، فبـني كـل قطعـة وجارهتـا رباط موضعي من أنفسهام، كام يلتقي العظامن عند املفصل ومن فوقهام متتـد شـبكة مـن

حتيط هبام عن كثـب، كـام يـشتبك العـضوان بالـرشايني والعـروق واألعـضاء؛ الوشائجومن وراء ذلـك كلـه يـرسي يف مجلـة الـسورة اجتـاه معـني، وتـؤدي بمجموعهـا غرضـا

خاصا، كام يأخذ اجلسم قوامـا واحـدا، ويتعـاون بجملتـه عـىل أداء غـرض واحـد، مـع

٣٠

.)١(اهـ"اختالف وظائفه العضويةالتناسق املوضوعي، فتقريـر مع كن عىل ذكر من أن الوحدة املوضوعية تتداخل

.الوحدة املوضوعية ، هو تقرير للتناسق املوضوعي، وباهللا التوفيق فالتناسق املوضوعي؛

.بدأ مع نظم القرآن الكريم . يف علم املناسباتثم نام واستقر

التناسـق املوضــوعي يف (ثـم عـاد واسـتقل يف هـذا العـرص حتـت اسـمه املـستقل ).السورة القرآنية

،١٨٨النبأ العظيم ص) ١(

٣١

أنواع سور القرآن الكریم من جھة تعدد الموضوعات : المبحث السادس :

:السور القرآنية عىل نوعني

ســورة ذات موضــوع واحــد، فهــذا ال تعــدد للموضــوعات فيهــا، : األول لتايل ال ينظر فيها من جهـة إبـراز التناسـق املوضـوعي إنـام مـن جهـة املناسـبات وبا

.والروابط اللفظية واملعنوية سواء كانت داخلية أو خارجيةسـور ذات موضـوعات متعـددة؛ فهـذا يطلـب فيهـا إبـراز التناسـق : الثـاين

.املوضوعي، بني موضوعاهتا املتعددة املنظـور فيـه تـارة يكـون واحـدا بكـل ن الكالمإ ":يقول الشاطبي رمحه اهللا

. قضية واحدة طالت أو قرصت وعليه أكثر سور املفصليفاعتبار بمعنى أنه أنزل قـضايا متعـددة كـسورة يفوتارة يكون متعددا يف االعتبار بمعنى أنـه أنـزل

،البقرة وآل عمران والنساء واقرأ باسم ربك وأشباهها ءيشعة واحدة أم نزلت شيئا بعد وال علينا أنزلت السورة بكامهلا دف

؛اعتباران ولكن هذا القسم لهاعتبار من جهة تعدد القضايا فتكون كل قضية خمتصة بنظرها ومـن هنالـك يلتمس الفقه عىل وجه ظاهر ال كالم فيه ويشرتك مـع هـذا االعتبـار القـسم األول

. التامس العلم والفقهيففال فرق بينهام الذي وجدنا عليه السورة إذ هو ترتيـب بـالوحي ال واعتبار من جهة النظم

، ويشرتك معه أيضا القسم األول ألنه نظم ألقي بالوحي،مدخل فيه آلراء الرجال

٣٢

وكالمها ال يلتمس منه فقه عىل وجه ظاهر وإنـام يلـتمس منـه ظهـور بعـض أوجـه أول يف ومجيـع ذلـك ال بـد فيـه مـن النظـر ...اإلعجاز وبعـض مـسائل نبـه عليهـا

.)١(اهـ"لكالم وآخره بحسب تلك االعتباراتا، فـال يطلـب فيهـا إبـراز فمثال قصار السور يف غالبها ذات موضـوع واحـد

. التناسق املوضوعي، إنام يطلب فيها إبراز املناسبات الداخلية واخلارجية : سورة اإلخالص : من ذلك

قــل هــو اهللا أحــد﴿ اهللا الــصمد}١{ مل ي}٢{ لــد ومل يولــد ومل يكــن لــه }٣{ كفوا أحد }٤{﴾

فهذه السورة ليس فيها غري موضـوع واحـد وهـو تقريـر صـفة األحديـة هللا سبحانه وتعاىل، فهو واحد يف ذاتـه واحـد يف صـفاته واحـد يف اسـتحقاقه أن يعبـد

.دون سواه، مل يكن له كفوا أحد :سورة املسد : ومن ذلك

تبت ﴿ يدا أيب هلب وتب ما أغنـى عنـه مالـه ومـا كـسب}١{ سيـصىل }٢{ نارا ذات هلب وامرأته محالة احلطب}٣{ يف جيدها حبل من مسد}٤{ }٥{﴾.

.فهذه السورة موضوعها واحد، وهو التوبيخ والوعيد أليب هلب

، وسيأيت نقل هذا املقطع كامال يف سياقه إن ) مشهور٢٦٦/ ٤(،)از در٤١٤-٣/٤١٣(املوافقات ) ١(

.شاء اهللا

٣٣

التناسق الموضوعي والمقاصد الكلیة للقرآن الكریم: المبحث السابع

ــة التناســق ــق بدراس ــريم يتعل ــرآن الك ــة للق ــىل املقاصــد الكلي ــوف ع الوق :املوضوعي للسورة أو للقرآن العظيم عموما، من جهات متعددة، وهي التالية

فيه إبراز لتناسق القرآن الكريم سورة سورة، وإبراز لتناسق مجيـع -ــور ــع مقاصــده اهس ــربط م ــذي ي ــام ال ــربز النظ ــث ي ــة، حي لكلي

موضــوعات الــسورة، كــام يــربز كيفيــة اتــساق هــذه املوضــوعات .بنظامها مع املقاصد الكلية التي هيدف إليها القرآن العظيم

ــذي - ــرشوعية النظــر يف املحــور األســاس ال ــرب األســاس إىل م يعتهتدف إليه السورة الكريمة بموضوعاهتا املتعددة؛ ألن معرفة هذا

ــان ال ــرآن الكــريم، وإذا ك ــيل للق غــرض ســيقود إىل املقــصد الكجلميع القرآن بتعدد سوره وآياته وموضوعاته مقاصد كلية يعـود ـــاب أوىل أن يكـــون للـــسورة الواحـــدة ذات ـــه مـــن ب إليهـــا، فإناملوضوعات املتعددة حمورا وهدفا وغرضا تدل عليـه، يـرتبط مـع

.مقصاد القرآن الكريم الكلية

تناسق السورة وبني باقي سور القرآن طريقه هو معرفة الربط بني -هذه املقاصد الكلية للقرآن الكريم، وبالتايل فـإن املقاصـد الكليـة ــق إىل نظــام ــريم، وهــو الطري ــرآن الك ــق نظــام الق ــرآن طري للق

.السورة

هــذه أهــم جهــات العالقــة بــني النظــر يف املقاصــد الكليــة للقــرآن الكــريم،

٣٤

. املوضوعي للسورةتناسق والنظر يف الوقــد تعــددت وتنوعــت األســاليب يف ذكــر هــذه املقاصــد الكليــة للقــرآن

.الكريم، ولكنها ترجع إىل يشء واحد القـرآن ألفـاظ معاين إليها تنقسم التي الوجوه ذكر":قال ابن القيم رمحه اهللا

:أقسام عرشة وهي ونعـوت كامله وصفات بأسامئه لعباده نفسه سبحانه تعريفه: األول القسم .ذلك يتبع وما له رشيك ال واحد وأنه وأفعاله جالله

فـيام حكمتـه وآثـار قدرتـه آيات من ذلك عىل به استشهد ما: الثاين القسم عىل به حمتجا خليقته وأصناف بريته أنواع من واألسفل األعىل العامل يف ذرأ و خلق وكــذلك أفعالــه وعــن كاملــه صــفات عــن وعطلــه وتوحيــده أســامئه يف أحلــد مــن

التـي العقليـة واألقيـسة املـرضوبة واألمثـال ذلك عىل أقامها التي العقلية الرباهني .منها اليسري اليشء إىل اإلشارة تقدمت لـه وابتداعـه ومادتـه وإنـشاؤه اخللـق بـدء عليـه اشـتمل ما: الثالث القسم وشـأن املالئكـة وإسـجاد آدم وخلـق التخليـق أيـام وعدد بعض عىل بعضه وسبق .ذلك يتبع وما وعصيانه ومترده إبليس

اخللـق وإحالة وصورته وكيفيته األخرى والنشأة املعاد ذكر: الرابع القسم . جديدا خلقا وإعادهتم حال إىل حال من فيه

وسـعيد شـقي إىل وانقـسامهم معـادهم يف أحـواهلم ذكـر: اخلـامس القسم .ذلك يتبع وما به ومثبور بمنقلبه ومرسور علـيهم جـرى ومـا اخلاليـة واألمـم املاضـية القـرون ذكـر: السادس القسم

٣٥

ومـا ،املـثالت من منهم والتكذيب العناد بأهل نزل وما أنبيائهم مع أحواهلم وذكر للمعانـدين عـربة املاضـني أحـوال عليـه جـرت مـا ليكـون العقوبـات من هبم حل

. والعصيان التكذيب يف سبيلهم سلوك فيحذروا ينـبههم هبـا وعظهم التي واملواعظ هلم رضهبا التي األمثال: ابعالس القسم

إليهــا اإلخــالد ويرتكــوا فيهــا ليزهــدوا وآفاقهــا مــدهتا وقــرص الــدنيا قــدر عــىل هبــا .الدائم وخريها املقيم نعيمها من اآلخرة يف هلم أعد فيام ويرغبوا مـا وبيـان والتحـريم والتحليـل والنهي األمر من تضمنه ما: الثامن القسم

ويبغضه يكرهه وما واألخالق واألقوال األعامل من حيبه وما ومعصيته طاعته فيه هـذا وقـسم عقابـه مـن ويـدين منـه يبعـد ومـا ثوابـه مـن ويدين إليه يقرب وما منها

رغب وشيم وأخالق عنها زجر وزواجر حدها وحدود فرضها فروض إىل القسم .فيها

ومكايـده علـيهم ومداخله عدوهم شأن من إياه عرفهم ما: التاسع القسم كيـده بلـوغ مـن واالحـرتاز منه التحصن طريق من إياه وعرفهم هبم يريده وما هلم

.ذلك يتبع وما وبينه بينهم احلرب معركة يف به أصيبوا ما به يتداركون وما منهم ومـا ونواهيـه أوامـره عن عباده وبني بينه بالسفري خيتص ما: العارش القسم

.بذلك يتعلق وما أمته عىل حقوقه وذكر والتحريم اإلباحة من به اختصه .)١(اھـ"القرآن مدار عليها أقسام عرشة فهذه

).٦٨٤ /٤( الصواعق املرسلة )١(

٣٦

لـيعلم أن املعـاين التـي يـشتمل عليهـا ": قال شاه ويل اهللا الدهلوي رمحه اهللا :القرآن ال خترج عن مخسة علوم

حلـرام ، سـواء كالواجب واملندوب واملباح واملكروه وا: علم األحكام - ١ويرجـع . كانت من قسم العبادات أو املعامالت ، أو االجـتامع أو الـسياسة املدنيـة

.تفصيل هذا العلم ورشحه إىل الفقيهــم اجلــدل - ٢ ــود : عل ــة ، اليه ــع الباطل ــرق األرب ــع الف ــة م ــي املحاج وه

.ويرجع يف رشح هذا العلم وتعريفه إىل املتكلم. والنصارى واملرشكني واملنافقنيكبيان خلـق الـسموات واألرض وإهلـام العبـاد : علم التذكري بآالء اهللا - ٣

.ما حيتاجون إليه ، وبيان الصفات اإلهليةوهو بيان تلك الوقائع واحلوادث التي أحـدثها : علم التذكري بأيام اهللا - ٤

علـيهم -كقـصص األنبيـاء ( إنعاما عىل املطيعني ونكاال للمجـرمني - تعاىل -اهللا ). ومواقف شعوهبم وأقوامهم معهم-لصلوات والتسليامت ا

ــاملوت ومــا بعــد املــوت - ٥ ــذكري ب ــرش واحلــساب : علــم الت كاحلــرش والنويرجــع تفــصيل هــذه العلــوم وبياهنــا وذكــر األحاديــث .وامليــزان ، واجلنــة والنــار

.واآلثار املتعلقة هبا إىل الواعظ واملذكرريم عـىل طريقـة العـرب األولـني ، ال وقد جاءت هذه العلوم يف القرآن الك

عىل منهج العلامء املتأخرين ، فلـم يلتـزم يف آيـات األحكـام ، منـه ، طريـق اإلجيـاز واالختصار كمؤلفي املتون الفقهية ، وال طريق تنقيح احلدود والقيود ، كـام يفعلـه

.األصوليونــشهورة املــس ــزم يف آيــات اجلــدل واملخاصــمة إيــراد األدلــة امل لمة، وقــد الت

٣٧

.والرباهني اخلطابية ، ال تنقيح الرباهني ، وتقسيمها عىل طريقة املنطقينيومل يراع يف االنتقال من مقصد إىل آخر ، ومن موضـوع إىل موضـوع آخـر ، تلك املناسبة ، التي يراعيها األدباء املتأخرون ، بـل ألقـى عـىل عبـاده مـا رآه مهـام ،

سواء كان مقدما أو مؤخرا .)١(اهـ" ألـيس قـد وجـب عـىل اآلخـذ يف هـذا الفـن أن " :قال ابن عاشور رمحه اهللا

يعلم املقاصد األصلية التي جاء القرآن لتبياهنا فلنلم هبا اآلن بحـسب مـا بلـغ إليـه استقراؤنا وهي ثامنية أم :ور

األول ــذا أعظــم ســبب : ــصحيح، وه ــد ال ــيم العق ــاد وتعل إصــالح االعتق إلصالح اخللق، ألنه يزيل عـن الـنفس عـادة اإلذعـان لغـري مـا قـام عليـه الـدليل،

ويطهر القلب من األوهام الناشئة عن اإلرشاك والدهرية وما بينهام، وقد أشار إىل هذا املعنى قوله تعاىل فام أغنت عنهم آهلتهم التي يدعون مـن دون اهللا مـن يشء ﴿:

ملا جاء أمر ربـك ومـا زادوهـم غـري تتبيـب فأسـند آلهلـتهم زيـادة ] ١٠١: هـود[﴾ تتبيبهم، وليس هو من فعل اآلهلة ولكنه من آثار االعتقاد باآلهلة .

الثاين هتـذيب األخـالق قـال تعـاىل : وإنـك لعـىل خلـق عظـيم : القلـم[ : ٤ [وفرست عائشة ريض اهللا تعـاىل عنهـا ملـا سـئلت عـن خلقـه صـىل اهللا عليـه وسـلم

فقالت كـان خلقـه القـرآن: ويف احلـديث الـذي رواه مالـك يف . املوطـأ« بالغـا أن » رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم قال بعثت ألمتم مكارم حسن األخـالق«: وهـذا . »

املقصد قد فهمه عامة العرب بله خاصة الصحابة، وقال أبو خـراش اهلـذيل مـشريا

.٣١ – ٢٩الفوز الكبري ص) ١(

٣٨

إىل ما دخل عىل العرب من أحك ام اإلسالم بأحسن تعبري : فليس كعهد الدار أم يا مالك ولكن أحاطت ... بالرقاب السالسل

وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى العدل شيئا فاسرتاح العواذل... أراد بإحاط ة السالسل بالرقاب أحكام اإلسالم، والشاهد يف قوله وعـاد ":

الفتى كالكهل ". الثالث الترشيع وهو األحكام خاصة وعامة : قال تعاىل. إنا أنزلنـا إليـك ﴿:

الكتاب باحلق لتحكم ب الناس بام أراك اهللاني ساء [﴾ ﴿وأنزلنـا إليـك ، ] ١٠٥: النـ الكتاب باحلق مصدقا ملا بني يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بـام أنـزل

املائدة [﴾اهللا ولقد مجع القرآن. ] ٤٨: مجيع األحكام مجعا كليا يف الغالب، و جزئيا يف املهم، فقوله تبيانا لكل يشء﴿: ، وقوله] ٨٩: النحل [﴾ اليوم أكملـت لكـم ﴿:

ــنكم دي ــدة [﴾ املائ املــراد هبــام] ٣: إكــامل الكليــات ! ــا األمــر ــي منه الت باالســتنباط والقياس .

قال الشاطبي ألنه عىل اختصاره جامع والرشيعة متـت بتاممـه وال يكـون ": جامعا لتامم الدين إال واملجموع فيه أمور كلية ".

الرابع سياسة األمة وهو باب عظـيم يف القـرآن القـصد منـه صـالح األمـة : وحفظ نظامها كاإلرشاد إىل تكوين اجلامعة بقولـه واعتـصموا بحبـل اهللا مجيعـا ﴿:

وال تفرقوا واذكروا نعمت اهللا عليكم إذ كنتم أعداء فألف بني قلـوبكم فأصـبحتم بنعمته إخوانا وكنتم عىل شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ،]١٠٣: آل عمـران [﴾

وقولــه إن الــذين فرقــوا ديــنهم وكــانوا شــيعا لــس﴿: ت مــنهم يف يشء األنعــام [﴾ :وقوله، ]١٥٩ وال تنازعوا فتفشلوا وتـذهب رحيكـم﴿: األنفـال [﴾ وقولـه] ٤٦: :

٣٩

وأمرهم شورى بينهم﴿ ] .٣٨: الشورى [﴾اخلامس القـصص وأخبـار األمـم الـسالفة للتـأيس بـ : صالح أحـواهلم قـال :

نحن نقص عليك أحسن القصص بام أوحينـا إليـك هـذا القـرآن وإن كنـت مـن ﴿ قبلــه ملــن الغــافلني يوســف [﴾ أولئــك الــذين هــدى اهللا فبهــداهم اقتــده﴿، ]٣: ﴾

األنعــام[ ول] ٩٠: لتحــذير مــن مــساوهيم قــال وتبــني لكــم كيــف فعلنــا هبــم﴿: ﴾ إبراهيم[ ويف خالهلا تعليم] ٤٥: .. ..

السادس التعليم بام يناسب حالة عرص املخـاطبني، ومـا يـؤهلهم إىل تلقـي : الرشيعة ون رشها وذلك علم الرشائع وعلم األخبار وكان ذلك مبلغ علم خمـالطي

العرب من أهل الكتاب وقد زاد القرآن عـىل ذلـك تعلـيم حكمـة ميـزان العقـول . وصحة االستدالل يف أفانني جم ادالته للضالني ويف دعوته إىل النظر، ثـم نـوه بـشأن

احلكمة فقال يؤيت احلكمة من يشاء ومن يؤت احلكمـة فقـد أويت خـريا كثـريا﴿: ﴾ البقرة[ وهذا أوسع باب انبجست منه ع] ٢٦٩: يون املعارف، وانفتحت به عيـون

األميني إىل العلم، وقد حلق به التنبيه املتكرر عىل فائدة العلم، وذلك يشء مل يطرق أسامع العرب من قبل، إنام قصارى علومهم أمور جت ريبية، وكان حكامؤهـم أفـرادا

اختصوا بفرط ذكاء تضم إليه جتربة وهم العرفاء فجاء القرآن بقوله وما يعقلهـا ﴿: إال العـــاملون هـــل يـــستوي الـــذين يعلمـــون والـــذي﴿ ،]٤٣: العنكبـــوت [﴾ ن ال

يعلمون وقال،]٩: الزمر [﴾ ن والقلم﴿: القلم [﴾ فنبه إىل مزية الكتابة] ١: . الــسابع املــواعظ واإلنــذار والتحــذير والتبــشري، وهــذا جيمــع مجيــع آيــات :

الوعــد والوعيــد، وكــذلك املح غيــب اجــة واملجادلــة للمعانــدين، وهــذا بــاب الرت هيب والرت .

٤٠

الثامن اإلعجاز بالقرآن ليكون آية دالـة عـىل صـدق الرسـول إذ التـصديق : ــة املعجــزة بعــد التحــدي، وال ــىل دالل ــف ع يتوق ــه معجــزة بلفظــه قــرآن مجــع كون

ومتحدى ألجله بمعناه والتحدي وقـع فيـه قـل فـأتوا بـسورة مثلـه﴿: يـونس [﴾ :وملعرفة أسباب النزول مدخل يف ظهور مقتىض احلال ووضوحه] ٣٨ هذا م. ا بلـغ

إليه استقرائي وللغزايل يف إحياء علوم« ين بعض الد» من ذلك .)١(اهـ" .ومجيع هذه املعاين التي يشتمل عليها القرآن الكريم ترجع إىل ثالثة معاين

والذي اختاره من هـذا التقـسيم يف ": رمحه اهللا) هـ٥٤٣ت(بن العريب اقال ــراد قــديام، أن علومــه طريــق الب ــق اإلي ــه أعــول يف طري ــان، وعلي ــي(ي لقــرآن ا:يعن

): الكريم .توحيد

.وتذكري .وأحكام

معرفـة املخلوقـات بحقائقهـا، ومعرفـة اخلـالق :فقسم التوحيد فيـه تـدخل .بأسامئه وصفاته وأفعاله

ــذكري ــم الت ــدخل يف عل ــد: وي ــد والوعي ــرش،الوع ــاطن ، واحل ــصفية الب وت .خالق املعايصوالظاهر عن أ

ويدخل يف األحكام التكليف كله، من العمل يف قسم النـافع منـه والـضار، .وحظ األمر والنهي والندب

.بترصف يسري) ٤١ – ١/٣٩(التحرير والتنوير البن عاشور ) ١(

٤١

إهلكـم إلـه واحـد ال إلـه إال هـو الـرمحن الـرحيم﴿: فاألول كقولـه تعـاىل ﴾ .واألفعالفركب عليه قسم التوحيد كله يف الذات والصفات ، )١٦٣:البقرة(

وذكر فـإن الـذكرى تنفـع املـؤمنني﴿: كقوله تعاىل،قسم التذكري: والثاين ﴾ . وهذا خمصوص بالعظة يف املتعارض، متناول للكل يف احلقيقة.)٥٥:الذاريات(

وأن احكم بينهم بام أنزل اهللا﴿: قوله: الثالث ).٤٩ من اآلية املائدة( ﴾ :كام ترجع علوم القرآن إىل آيتني

اهللا الذي خلق سبع سـموات ومـن األرض مـثلهن يتنـزل األمـر ﴿: كقوله ــام ــنهن لتعلمــوا أن اهللا عــىل كــل يشء قــدير وأن اهللا قــد أحــاط بكــل يشء عل بي ﴾

).١٢:الطالق(﴿وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون: الثانية ).٥٦:ارياتذلا( ﴾

وما خلقنا السامء ﴿: إىل آية واحدة، كقوله) علوم القرآن: يعني(وقد ترجع واألرض وما بينهام العبني ).١٦:األنبياء( ﴾

ـــه ـــام خل: وقول ﴿أفحـــسبتم أن ـــون ـــا ال ترجع ـــا وأنكـــم إلين ـــاكم عبث قن ﴾ .)١١٥:املؤمنون(

أهنـا ، ﴾قـل هـو اهللا أحـد﴿ ":ولذلك قال مجاعة من العلامء يف تفسري قوله .يف األجر، وذلك فضل اهللا يؤتيه من يشاء؛ )١("تعدل ثلث القرآن

بابأخرجه البخاري يف كتاب فضائل القرآن، ) ١( فضل قل هو أحد اهللا ، )٥٠١٣(، حديث رقم

عنولفظه أيب سعيد اخلدري t :"أن رجال سمع رجال يقرأ قل: هو أحد اهللا يرددها، فلام أصبح جاء إىل رسول فذكر ^ اهللا ذلك له، وكأن الرجل يتقاهلا، فق رسول ال والذي: ^اهللا نفيس بيده إهنا لتعدل ثلث القرآن ".

٤٢

ة أقـسام، كـام تعدل ثلث القـرآن يف املعنـى، ألن القـرآن ثالثـ: وقالت مجاعةقدمنا، فقسم التوحيد اشتملت عليه هذه السورة عـىل اخلـصوص، وهبـذا صـارت

الفاحتة أم الكتاب، ألن فيها األقسام الثالثة؛﴿مالك يوم الدين﴾: فأما قسم التوحيد، فمن أوهلا إىل قوله ).٤:الفاحتة(

﴿إياك نعبد وإياك نستفأما قسم األحكام فـ عني ).٥:الفاحتة ( ﴾﴿اهدنــــا الرصاط املستقيم﴾: ومن قوله .إىل آخرها تذكري) ٦:الفاحتة (

.فصارت هبذا أما يتفرع عنها كل بنت .صارت أما ألهنا متقدمة عن القرآن بالقبلية، واألم قبل البنت: وقيل يف مواضـعها، سميت فاحتة ألهنا تفتح أبواب اجلنة عىل وجوه بياهنـا: وقيل

﴿منــه آيــات حمكــامت هــن أم الكتــاب وأخــر متــشاهبات: أال تــرى إىل قولــه آل (﴾ .)١(اهـ").٧:عمران

وهذه املقاصد الكلية لن خيرج هدف الـسورة، وغرضـها الـذي ترمـي إليـه العـرشة عـىل بمواضيعها املتعددة، عن دخوله يف واحد منها، سواء إذا قلنا باملعـاين

.التفصيل، أو باملقاصد اخلمسة أو الثالثة عىل اإلمجالوبمعرفتهــا يف الــسورة نتوصــل إىل خــيط نظامهــا، الــذي ينــتظم آياهتــا، بمواضيعها، لتكون عقد نظام الـسورة، ومـن ثـم جمموعـة الـسور، ومـن ثـم نظـام

.القرآن الكريم مجيعه

.٥٤٣ – ٥٤١قانون التأويل ص) ١(

٤٣

: في السورةخطوات تطلب التناسق الموضوعي: المبحث الثامن

.يرتبط التناسق املوضوعي بقضايا السورة، وما يمكن أن يدل عليهاكام يرتبط بالوحدة املوضوعية للسورة مـن جهـة أنـه يعـني عـىل إبـراز نظـام

.السورة وعطف موضوعاهتا بعضها عىل بعض .ويربز عىل هذا ما يف ترتيب السورة من نظام ــي يتوصــل هبــا إ ــإن اخلطــوات الت ــه ؛ ف ــراز التناســق املوضــوعي وعلي ىل إب

: هي التالية للسورة . معرفة معاين السورة إمجاليا ) ١ .وحيرص من ذلك موضوعات السورة ومقاصدها ) ٢ .وتقسم السورة إىل مقاطع باعتبار موضوعاهتا ) ٣وينظر يف املحور الذي تدور عليه هذه املوضـوعات وترمـي إىل تقريـره ) ٤

.السورة بموضوعاهتا .ويقرر وجه ارتباط اسم السورة بموضوعاهتا، ووحدهتا املوضوعية) ٥ .ويبني موضوعات السورة، و علل ترتيبها ) ٦يــستعان بعلــوم القــرآن الكــريم مــن أســباب النــزول، واملكــي واملــدين، ) ٧

.وغريها مما قد يظهر له أثر يف مجيع ذلكوهـو املعـرب عنـه وينظر يف الغايـة التـي ترمـي إليهـا هـذه املوضـوعات، ) ٨

.بالوحدة املوضوعية للسورة .ويربط ذلك بكليات القرآن الكريم ومقاصده العليا ) ٩

٤٤

هـذه املوضـوعات ونـسقها يف الـسورة؛ فيـربز مقـصدها ومن ثم يربز نظاموغايتها، ومن ثم مقدمات ذلك، ومؤكداتـه، ومـا يرجـع فيـه آخـره إىل أولـه، ومـا

.ن القرآن الكريم مبام يف غري هذا املحلعضه بط بير

٤٥

:الخاتمة :انتهت هذه الدراسة إىل نتائج أمهها ما ييل

تعريف التناسق املوضوعي، وأنه يدخل يف علم املناسبات، فـام كـان مـن املناسـبات - بني مقاطع السورة، من جهة انفراد كل مقطع بموضوع فيها، فهذا من باب التناسق

يف اآليـة وأجـزاء اآليـة، أو عالقـة آيـة املوضوعي، وما كان من الرتابط بـني الكلمـة .بآية، من دون النظر يف ما تشكله من موضوعات السورة؛ فهذا من املناسبات

أن العالقة بني املناسبات والوحدة املوضوعية والتناسق املوضـوعي، فيهـا تـداخل، - فهي عالقة عموم وخصوص، تشكل املناسبات فيها الدائرة الكبـرية، وتليهـا دائـرة

.سق املوضوعي، وتليها دائرة الوحدة املوضوعيةالتنا

.أن التناسق املوضوعي بوابة الوحدة املوضوعية -

.أن ال عالقة بني التناسق املوضوعي والتفسري املوضوعي -

أن الغايــة واهلــدف مــن التناســق املوضــوعي هــي إبــراز نظــام املوضــوعات داخــل - .السورة، وأهنا يف تالؤم وانسجام وترتيب وتتابع بديع

أن النظر إىل موضوعات السورة يف التناسق املوضوعي يتم عـىل أسـاس أن الـسورة - تــشكل بنــاء موضــوعيا، عــىل الــدارس إبــرازه، وترتيــب ) ذات املواضــيع املتعــددة(

املوضوعات داخـل الـسورة عـىل أساسـه، مالحظـا أرسار الرتيـب التـوقيفي داخـل .السورة عىل ذلك

إطالقه وتعريفه، قديم يف معناه وتطبيقه، وهو أن التناسق املوضوعي اسم جديد يف - .يدخل مع املناسبات داخل دائرة أخرى عظيمة وهي دائرة النظم القرآين

.أن كل تناسق موضوعي هو مناسبات -

.أن كل وحدة موضوعية هي تناسق موضوعي -

.أن كل وحدة موضوعية هي مناسبات -

.كل مناسبة تناسق موضوعيليس -

.وضوعيةليس كل مناسبة وحدة م - تم واحلمد هللا الذي بنعمته تتم الصاحلات

وصل اللهم عىل حممد وعىل آله وصحبه وسلم

٤٦

المحتویات

٢..................................................................................:املقدمة ٤.................................................القرآن العظيم كتاب متشابه مثاين: املدخل

٨...............................................:لتناسق املوضوعي تعريف ا: املبحث األول ١٢......................:العالقة بني التناسق املوضوعي والوحدة املوضوعية: املبحث الثاين

١٣....................:العالقة بني التناسق املوضوعي والتفسري املوضوعي: املبحث الثالث ١٤.............:العالقة بني املناسبات يف القرآن العظيم والتناسق املوضوعي: ع املبحث الراب

٢٥.......................................................:البداية والنشأة : املبحث اخلامس ٣١.................:أنواع سور القرآن الكريم من جهة تعدد املوضوعات : املبحث السادس

٣٣......................التناسق املوضوعي واملقاصد الكلية للقرآن الكريم: املبحث السابع ٤٣...........................:خطوات تطلب التناسق املوضوعي يف السورة: املبحث الثامن

٤٥................................................................................:اخلامتة ٤٦..............................................................................املحتويات