جائزة أفضل رواية م١٩٩٩لعام

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

أحداث هذه الرواية وإن كانت تتماس مع الواقـع

بالخيالاوبعض الحقيقة فإنها تحلق كثير . بأنفسـهم اواألسماء التي وردت ال تخص أشخاص

أو بمناصبهم ولكنها مقتضيات البنـاء الروائـي، وكـذلك .األماكن

الجيـزاوي

..

إلى العظماء، النبالء مشاعل العلم والنور

أبي–الشيخ عبد الحميد الجيزاوي صاحب كُتاب القرية–الشيخ علي نوفل

مدرس اللغة –األستاذ عبد الباسط الهجين بتدائيةالعربية باال

مدرس اللغة العربية –األستاذ السيد خاطر باإلعدادية

مدرس اللغة – القادر األستاذ مأمون عبد العربية بالثانوية

آداب عين شمس–الدكتور عبد القادر القط ..وكل الشرفاء

الفراشات حطت على كتفي

ومالت علي السنابلوالطير حطت على راحتي

وإخوتي ال يحبونني يعتدون علي ويرمونني بالحصى والكالم

يريدونني أن أموت لكي يمدحوني يا أبي؟فماذا فعلت

هم أوقعوني في الجب واتهموا الذئب

!رحم من إخوتيأوالذئب

)محمود درويش(

1

صورة

الًهل أنا كنت طف سواي؟الًأم أن الذي كان طف هذه الصورة العائلية

داييتتدلى .. ، وأنا واقفاكان أبي جالس !رفسة من فرس

مت القلب أن يحترس، وعلّاتركت في جبيني شج )أمل دنقل(

ح يديك في الهواء في نصف دائرة،اتستيقظ مبكرتطو ،

تنفض عن كاهلك تعب الوحدة، يفاجئك التثـاؤب، تحـرك ، تطرد النعاس العالق بعينيـك، تخلـع ا، يسار ارقبتك يمينً

تحت دش الماء البارد، ومـع رذاذ ابيجامتك وتقف مدهوشً م الليلـة الفائتـة، وكوابيسـها طرات الماء، تستعيد أحال ق

المزعجة، تستعيذ باهللا، تبسمل وتحوقل، حين تـدخل فـي مالبس الخروج، تراجع للمرة الثالثة حافظة النقود، كارنيه المترو، هويتك الشخصية، سلسلة المفاتيح، دفتر تحضـير

كي تلحق بطابور الصباح ودون االدروس، ثم تهرول الهثً .فطور

، تشيعك نظرات، همسـات البنـات، تصل شارع المدارس لتلك، تهز رأسك للجالسة فـوق سـيارة ئتبتسم لهذه، توم

الرصيف، تجري خلفك طالبات اإلذاعة المدرسـية، فـي الطريق إلى حجرة اإلذاعة، البد أن تقابل مشـرف اليـوم بعصاه الطويلة وقلقه الواضح، وهو يراقب ساعة يده كـل

!عة كامالسا: دقيقة، يراوده الشك، يسألكـ فـي الردهـة اتسلم عليه وتصافحه، تنحنـي يمينً

الرئيسة، تطالعك أشجار الفيكس بخضرتها الزاهية، زهرات األصص، لبالب ست الحسن، وهن يقفن على باب المديرة

صباح الخير يـا : الًللحراسة، تدخل خطوة ثم ترفع يدك قائ !أفندم

بسرعة تراجع لذات الخمار آيات الصباح، وتذكرها لمرة األخيرة بضرورة ضبط التشكيل، الحديث الشـريف ل

وحكمة اليوم، تراوغك ذات العيون الخضراء، حين تقرأ لها ممكن أشـوف حظـي ... من فضلك : أخبار الصباح قائلة

!النهاردة بنفسـك علـى أقـرب ي، وأنت تلق ا عميقً اتأخذ نفس

مقعد، وتحمد اهللا ألن الحصة األولى خالية مـن جـدولك :الً تنادي متوسالمدرسي،

كمال، يا كمال، هات رغيف طعمية وكوب شـاي، !دماغي هايطير

تراجع درس اليوم، تقلب دفترك، الكتاب المدرسي، تراجع للمرة الثالثة دفترك، تتأكد من كتابة التاريخ الهجري والميالدي، الفصل والحصـة، حتـى تتفـادى همسـات

والثالثة فصل المشرف، تعليقات المفتش، ياه الحصة الثانية ، اللعنة على المدرسـة والبنـات ٣/٣واحد، أوف وكمان

والتعليم، دول مش بنات داحنا في سيرك، مرقص، تحـدث نفسك وأنت تلم حاجياتك بعد سماع الجرس، تهرول إليـك

.ذات العيون الخضراء ... تقتـرب احضرتك علينا، تتشاغل عنها عمـد ،

خاذ والذي يـدير منك، تلفحك بأنفاسها الحارة وعطرها األ على مكتبك، تثبت عينيها ئالرءوس، تقترب منك أكثر، تتك

: قائلةإليكالخضراوين !٣/٣حضرتك على ...

!عارف، اتفضلي خُدي الشنطة! حاضر، حاضرتمتم بكالم هامس ثم تضحك وتجري، ت.. الشنطة بس

تـنهض، ترسـم مالمحـك . يارب:....... تسمعها تقول بينك، تزم شفتيك، تدخل الفصل،، بعالمات الجدة، تقطب ج

.تترامى على سمعك همسات البنات !أهو جالك ياختي بأخبار الحب والشعر

!ووه تقله هايجننيأ !أنا عارفه طالع فيها على إيه

حين يكتمل وقـوف اتتفقد صفوف الطالبات، مقطب ، تشير للطالبة القريبـة مـن االبنات، يرنو الصمت واضح ،

!إغالق باب الفصلالباب، تفهم، تحكم ......مإليكالسالم

أدب المدرسـة "تكتب علـى السـبورة درس اليـوم " الرومانسية

قالت ذات البثور ولكزت زميلتها، : آه من األدب آه تنظر إليها، تبتلع ضحكتها وتدفس وجهها في كراستها ثـم تكتب وراءك، تبدأ في شرح الدرس، يقول إبراهيم ناجي يا

:بنات وأنا أهتف يا قلب اتئد .. جنبي كالذبيحرفرف القلب ب

ما معنى اتئد؟.....:تقوم ذات العيون الخضراء اتئد معناها تمهل: تجيب

يا فالحة يعني اتقلي : تقول ذات البثور دون استئذان !ةعليه شوي

تسري الضحكات والهمسات بين البنات، أمام جـدك ل الملحوظ وتكشيرة مالمحك، تكتم البنات همساتهن، تسـأ

الحـس مخهـا وهو.. تتمهل إزاي: ذات العيون الخضراء ليها، تتوه في بحر عينيها، وشـعرها إوبيتقل عليها، تنظر

الطويل الحريري، ببريق الذهب الحر، الـذي يعبـث بـه النسيم، خصلتها العنيدة الشقية، التي تتدلى علـى الحاجـب والعين ونصف الخد، ترى بشرتها ناصعة البياض، مشربة

رة الخفيفة، تالحظ العينين الجريئتين، ذات الرمـوش بالحمالطويلة وهالل الحاجب يحوطهما كحارس أمـين، تظـل لحظة تشاهدها، تتابعها وكأنك تراها للمرة األولـى، ألـم

تالحظ هذا الجمال اآلسر؟تهز رأسك وتفرك عينيك، كأنك تحاول أن تعود بعد

قظ فـي سباحة طويلة في ذات العيون الخضراء، التي تـو .قلبك، ذلك الشعور الراقد في أعماق كل رجل

ترى أن األمر جد خطير، فذات العيون الخضـراء باتت ترهقك بالليل والنهار، توجع ذاكرتك المجهدة، تفر من قيظ لياليك، وغرفتك الباردة من همسات الليـل وغـزوات االشتهاء، تفرك عينيك، تزيح صورة إيمان وتظـل تلـوك

تقف في ذاكرة البنات، تحمل على اروسغمرارة الذكرى، م

ـ ودون اسـتئذان، اأكتافك سنوات العمر التي ترحـل دوم مرت ولياليك باردة مثل مياه الشـتاء، اخمسة وثالثون عام

شقتك الجديدة تبتلع كل مدخراتك، المقـاول يماطلـك فـي تعطيه آخر جنيه معك، قيظ ذكرى إيمان، مـا التسليم حتى

ط عهود كما مع القادم من بـالد الـنفط، يزال يؤلمك، تنفر كاملة النضج، تلفحك أنفاسهن، تختنـق، ... مائة وخمسون

ثم تشـتاق لواحـدة اتضيق بهن، تشخط، تزعق فيهن نهار ، ولو في األحالم تهدهد شوقك الثائر، رغبتـك الًتزورك لي

، يـروض خفقـات ئالكامنة في لمس أنثى، في حضن داف :ول إبراهيم ناجيالضلوع، تواصل الشرح، يق

متى يجمع الدهر ما فرقا .. سألتك يا صخرة الملتقىء مندفعة تقـول وبغيـر اتقف ذات العيون الخضر

:حذر !هو اللي قلبه صخرة حديد...... واهللا

تعلو ضحكات البنـات، همسـاتهن، تزغـر لهـن اوتواصل شارح:

وهذه ظاهرة قديمة فكل شاعر له حبيبة، يناجيهـا، "، تندفع ذات العيـون الخضـراء "ها بشعره ينشدها ويخص

:قائلةعرفنا عنترة بيحب عبلة، وكثيـر بيحـب عـزة،

واألستاذ جميل بيحب مين؟آه يا جميل، إن البنـت الملعونـة، تضـغط علـى

وهي ال تعرف أنك تهـرب اجراحك، تدميها، تزيدها آالم ،منها، من عينيها الخضراوين، من عطرها األخاذ الذي يلف

عات طويلة، إنك تهرب من حصارها، مطاردتها رأسك سا شجع الرجال تقف ذات ألك، وهي تملك أسلحة أنثوية، تثير

:البثور قائلة في جرأة واضحة تجيبوا الحق علينـا، دينمظلومين، وبع .. واهللا احنا

بيلعـب فـي ..واحدة صاحبتي صحيت من النـوم لقيـت !صدرها، وبيفك سوستة بنطلونها

: تشكل مالمحك أجابت بتأكيدوحين قرأت الدهشة !والحمد هللا إنها كانت نايمة بالبنطلون... واهللا العظيم

ترتعد مفاصلك، يتغير لون وجهك، تأخذك الدهشـة، رق جبينك بحبات العـرق، غتتراجع من صفوف البنات، ي

في دهشتك، اينعقد لسانك، فلم تفتح فمك بكلمة، تقف غارقً إلـى الردهـة تفـتح ال ينقذك إال جرس الفسحة، تهرول

صدرك للهواء النقي، وتغمـض عينيـك حتـى ال تـرى الطالبات، بينما يكركب قولونك العصبي بصوت مفضوح،

.وتلعب روحك وتشعر بالقيء ليـك ذات إ، تسعى افي حديقة المدرسة، تجلس وحيد

ليـك إالعيون الخضراء، تسبقها ابتسامتك اآلسرة، تحمـل ء المثلج قائلة من المااقهوتك المضبوطة وكوب:

!ينك تعبت قوأعارفه ....! اتفضلواهللا، أنتم محتاجين أستاذ حديد.. .: تقولامتعجب!

!أنا مش فاهمة في المجموعة بتاعتي... لو سمحتـ ةلو سمحت أنا عاوز : ليك متوسلة قائلة إتنظر د آخ

!في البيت لوحدي !يا نجوى إنت عارفة المواعيد كثيرة وما فيش وقت

ما تخديش دروسك : ماما قالت نعوة، وكما ما ليش د !عند حد

! أشوف أنا غالية عندك أد إيهةوعاوزتود أن تقول، تعترف، لكـن القـوانين تحاصـرك،

:التعليمات صريحة تقول"البنـات "،" حافظ على قدر ما بينك وبين البنات ادائم "بك على كل نظرة وكل ضحكةسبتحا

واحـدة عـن وزع ابتسماتك بالتساوي، ال تميـز " ".األخرى

لى قلب يحتويك، تحكي له، يحمل عنـك إ تحتاج نعممتاعبك، إن اإلنسان يتخلص من نصـف متاعبـه، حـين

.يفضي بها لآلخر الذي يحبه إلى أنثـى، تدغـدغ انعم بداخلك قلب يحترق شوقً

مشاعرك، تلمس أناملك، تحتويك تتلقى فيض مائك، وأمامك .نين، التعليماتمئات البنات، لكن أخالقك، القوا

ترتشف فنجان قهوتك والتي لم تطلبها، لكنها تفهمك اجيد ا، هي أقرب بنت إلى عقلك، قلبـك، تعجبـك كثيـر

فـي . باندفاعها دون حذر ابجمالها الواضح، تفزعك أحيانً الطريق إلى باب الخروج، كانـت الطالبـات يتهامسـن،

هـا الدهشـة، تطولـك ليك بعيون تمأل إيتغامزن، ينظرن دون أن تقترب، تلهبـك انظرات نارية ملتهبة، تحلق بعيد ،

ذات البثور بأسواطها المالحة، ترهقك ذات الخصلة الشقية .بنظراتها الثاقبة

أن إليكفي البيت تحاصرك الجارة البدينة وهي تلح لـى إتغسل لك حاجياتك، أو تنشرها لك، تتعمد الصـعود

ا، تتحدث معك السطوح حيث غرفتك الوحيدة، لتنشر غسيله :، تلهبك بلسانها السوطي، تسألكا موجعاحديثً

لماذا لم تتزوج؟ بتعمل إيه في ليل الشتاء الطويـل، يا أستاذ؟إليكقلبي

هل تخبرها أنك تلعن كل النساء؟ عندما أخذت تغمز لك، تهمس، وهي تقف على باب الغرفة، وحين يئست منك،

.كلنا والد تسعةيا خويا على مهلك شوية، : أشاحت بيدهافي الشارع إلى ذات العيون الخضراء مساء تشـاهد الجموع المتزاحمة أمام سينما فاتن حمامة، تـدقق النظـر،

تشاهدهم اثنين، اثنين، بكرنفال األزياء، بـدا لـك أن كـل واحدة قد أخذت دش برفان قبل حضورها، قوست هـالل

تـي حاجبها، اختارت ما يكشف ويثير، لم تنس القُصـة ال .تغازل العينين والحاجبين

على طول شارع الملك الصالح، يجلس األحبة على النيل، الظهر يمتص لهيب الظهر، أو يجلس بجانبها ئشاط

وقد تشابكت األيدي، تماست السيقان الملتهبة، أو ذلك الذي يعبث بخصالت شعرها ويالمس أذنها ورقبتها، أو يمـرر

نهدها فتنفـر منـه، بطن يده على ظهرها ثم بخفة يالمس تضربه بدالل على ظهره، أو ذلك الذي استلم أذنها وأخـذ

وبيده يالمس يدها وساقها، حتى إذا تجاوز ... يبث لها بكالم : قائلةهالحد المسموح تدفع .يهإاحنا قلنا .. هيه وبعدين

:، توجعك كلماتهاإليكتتذكر األغنية القديمة، تلح " يا قلبي حبيبك فينكل األحبة اثنين، اثنين، وأنت"

إلى شارع المماليك، حيـث العمـارات اتنحني يمينً الـزرع اليانعـة، متراصة، أنيقة تتزين مداخلها بأحواض

رائحة الياسمين تستقبلك، ترحب بك، تمأل صدرك، تنظـر إلى البلكونة، تجد ذات العيون الخضراء، مبتسمة، تشـير

خلـف تضـحك بيدها ومالمحها ترحب بك، دقيقة وتجدها ....اتفضل: زجاج األسانسير، تفتحه من الداخل قائلة

مين ميطلعوش دااألسانسير بتاعنا، بنقفله، علشان الخ !فيه

تسبقك تفتح بمفتاحها، تحك حـذاءك الجديـد علـى ! اتفضـل : منفضة الباب مرات ومرات، تجذب يديك باسمة

تدخل الصالة، يستقبلك النسيم الرطب، تقفل هـي الشـقة، الصالون، تلمحها آتية، تدفع عربة صغيرة أمامها تجلس في

تشرب .. .:عليها معلبات كثيرة، وطبق تفاح كبير، اتفضل !األول وبعدين تأكل التفاح

، ثم أعلن البرفان قدومها، قالـت بثبـات الًغابت قلي تجلس أمامك، نظرة واحدة .. وهي تخلع الروب، خد راحتك

أن الجو حار، رغم ليها وجف ريقك، انعقد لسانك، بدا لك إالنسيم الرطب، تشعر بحبات العرق، تغزو جبينك، وتنفلت

:أسفل أذنيك

!ال أنا أسقيك بإيدي.... اشربتجلس بجانبك، تلتهب فرائصك، ترتعش أوصـالك،

بتسـامة تشـكل نظرة ثانية لليمين وثالثة للشمال، قالت واال . اطمئن، بابا وماما عند أختي في مصر الجديدة: مالمحها

تلمس هي خدك، جبينك، تنشف حبات العرق، تقول !أنا عاوزة أعمق عالقتنا: لك هامسة !نعم

أجابت باندفاع، أعمق عالقتنا يعني كده وتقبلك برفق !على خدك، قبلة خاطفة

لـى إاقعدي هنا، ثم تشـير ! من فضلك ! لو سمحت !الكرسي المقابل

!يا جيمي أنا بحبك .........بـ.... بـ: تقول باستغراب

بسرعة تدخل في نوبة بكـاء عنيفـة ويبـدأ سـيل ................االعترافات

ستاذ، أنا مش عارفة أنام، أنا محتاجة لك أصدقني يا قوي، محتاجة تأخذني في حضنك، أنا طول الوقت لوحدي

!وأنت وال حاسس بوجودي، رغم أنني عارفة إنك بتحبنيهـذا ال نني معجب بك، لكـن أيا نجوى أنا ال أنكر

!يبرر الخطأفهمني وأجهشت مـرة ابقولك أنا محتاجة لك قوي،

!أخرى بالبكاءتقترب منها، تجدها ترتعش، وشفتاها تناديك، ويداها مفتوحتان لك، والتفاصيل األنثوية تدعوك، شهية، ناضجة، ملساء، ناصعة البياض، والشعر الحرير الذي طالما حلمت

النافران من قميص النـوم به يدعوك أن تهدهده، والنهدان الوردي، يدعوانك الحتواء ثورتها العارمة، تخاطب فيـك ثورة الرجولة الراقدة منذ سنوات والتي تفور في أحالمـك

........الليلية، تتذكر إيمان ووعودها الكاذبة، كل النساءتقترب من لفح خديها، تلمس جسمها، تلسعك نيرانها،

عيونها الخضـراء تتوسـل ليك، وشفتاها ترتعشان، إتنظر

ليك، تدعوك إلـى قطـف الثمـار الناضـجة، القـوانين إ :تحاصرك، تتذكر التعليمات، تصل إليك صوت المديرة

ــس، ال ــرب، ال تلم ــذكر اهللا، ...، ال..ال تقت ، تت ...ضميرك، أخالقك، الوظيفة

:الًبحذر تضع يدك على شعرها قائشـان قُومي يا نجوى وبعدين خُدي ميعاد من بابا عل

!أقابله بابا إيه وليه؟

!أخطبك. .علشانيا عم خطوبة إيه وزواج إيه، بقولك محتاجـة لـك

! أعمق عالقتي بك، تقولي بابا وماماةوعاوزيا عم افهم، يا جميل أنا محتاجة لك، افهمني، خذني

ليك بالعينين الخضراوين، وكان إفي حضنك، كسيرة تنظر اباب غرفة النوم موارب!

!سفآسف، أنا آ مقدرش أعمل كده، سف،آأنا ......سفة، اتفضلآسف طيب وأنا كما آ

تأخذك الدهشة، تفتح فمك أوسع من بـاب شـقتها، وكانت هي مـا اوالتي فتحته بقميص نومها، تتسلل خارج ،

:تزال تردد بصوت نصفه بكاء ..........سفة اتفضلآ نوأنا كما

ـ ات تميد بك األرض، تنزل درجات السلم، تسقط حبالعرق، تلفحك األنفاس الساخنة، يعلو صدرك ويهبط، تزداد ثورتك، يشتعل غضبك، الرائحة العطنة من منـور السـلم

، تدور رأسك، ترتعش أطرافك وثمة غوامض اتزيدك اختناقً مطمورة تحترق داخلك، يمور صدرك بنيرانهـا، تخـرج

تجـر اأنفاسك، تفور بلظاها المتقد، ثقيلة رأسـك، مهـدود ك، كحصان عجوز هده شقاء العمر الطويـل، تبتـل قدمي

عيناك بالدموع، يختل توازنك، تفر قدمك، تسقط، يسـتقبلك رأسك، نحناءة السلم، تتحسس االحائط الخرساني، تتكوم مع

الدم يسيل، تنفض رأسك، تضغط عليها بكلتا يديك، تتلفـت ـ ـ احواليك، تعي نفسك، تنهض متعب وتواصـل ا ومتألم ،

رى هل كنت تحتاج إليها، كي تنتبه وتفيق؟ت.. النزول

في الشارع، تستسلم للهـواء الطـري، تمـأل بـه خياشيمك، صدرك، تغمض عينيك، وتترك قدميك لجـذب

.السير على كورنيش النيل بال هدىفي الفراغ الليلي، تهاجمك الذكريات، يطير النوم من

ـ اعينيك، تتقلب في فراشك صموتً تلعـن داخلـك ا وكابي ،روف القاسية، طلبات المقاول صاحب العمارة والتي ال الظ

تنتهي، الطلبات الضرورية، تلك التي تجبرك على طـرق .األبواب المغلقة واللف وراء الدروس

م كان األرق رفيقك طوال أ.. اهل تذوقت للنوم طعم الليل؟

ـ افي الصباح المدرسي، تبدو صامتً ، تقـف ا وحزينًذاعـة س ما تزال، تراجع اإل في أحداث ليلة األم امزروع

المدرسية، تدفن وجهك في الجريـدة الصـباحية، تتفـادى :نظرات البنات، تسألك والء

!ستاذأألف سالمة يا :تتحسس رأسك وتبحث عنها بين الطالبات

حاجة بسيطة.. اهللا يسلمك

تستعد للحصة الثانية، بعد الفطار والشـاي، تقلـب :كتابك، دفترك وتهمس

س ده مش عاوز يخلص ليه؟ في الردهة اللعنة، الدر ، تستعيد هدوءك، ترسم االبتسـامة ٣/٣الطويلة إلى فصل

:على مالمحك يسبقك الحزم، تسلم على الطالبات وتكتب فيا صخرة جمعت مهجتين أفاء إلى حسنها المنتقى

:تندفع ذات الخصلة !يا أستاذ تجمع األرواح إزاي؟

!هيه األرواح متبعثرة، وال متقطعة :تجيب بحزم

جمعت هنا بمعنى شهدت اللقاء :تندفع ذات البثور

!قطعني يا معلم: تالقيها بتقولهتسري الضحكات العالية والصـاخبة، تجلـس ذات

:الخصلة وهي تقول ضاحكة :ال، تالقيها بتقوله

!قطعني حتت، وارميني للقطط

تعلو الضحكات، صوتك يضيع بين جنبات الفصـل ليقات ال تتوقف والهمسات تنمو بين الضاحكة، تشرح، والتع

.البنات كشجرة لبالب وتتحسر على ما أصاب التعليم ترى من المسئول عن سطحية ثقافة هذا الجيل؟

هل التليفزيون والقنوات الفضائية؟ هل التليفزيون والقنوات الفضائية؟

أم أنه عصر الهث؟لم تعد القراءة تستهوي األجيال الشابة، يلهثون وراء

بار الرياضة وفضائح النجوم وأغاني الشباب الصـاخبة أخ .والماجنة

:تسأل عن العقاد وتجيب الطالبة .مين العقاد؟ اللي كان بيشتغل منجد

لهن عن أواليعرفن طه حسين وال توفيق الحكيم، تس :نجيب محفوظ، تجيب ذات البثور

!أفالم ومسلسالت للتليفزيونأيوه مش اللي بيكتب ة هذا الجيل إلـى ثقافـة الفيشـار؟ فهل تحولت ثقاف

.تشرح لمن؟ وتربي من؟ وهن جيل ال ينتمين ألحد

تغضب من أفعال نجوى، وهناك ألف نجوى، يفعلن ما يحلو لهن، في غيبة األب وانشغال األم، وتشجيع بعض

.المدرسين ذوي الذمم الخربةلى درسك، بعد هذه السباحة القصيرة، تكمـل إتعود

اشارح! ت صخرة الملتقى لقاء الحبيبين بـالروح، هكذا شهد

:براهيم ناجيإيقول غلقا موفض الهوى سرها ال ... كتاب الحياة إليكقرأنا

ألغنية شعبيةاتقول ذات الخصلة ضاحكة، تردد مقطع : كتاب حياتي يا عين، ما شفت زيه كتاب، الفرح فيه

.سطرين والباقي كله عذاب اتعلو الضحكات، تقف شارد تسأل نفسـك ا ومفكر ، :

ترى ماذا تفعل؟ تضرب البنات؟

الضـرب ........... .وهل نسيت تعليمات السـيد ممنوع، وحمل العصا ممنوع، والواجبات ممنوعة، وعقاب

الطالبات بالوقوف ممنوع، والطرد مـن الفصـل ممنـوع ......و

هذا السيد استطاع أن يفعل بالتعليم مـا لـم يفعلـه !اإلنجليز

مل رسـالة األنبيـاء، وتتصـف مطلوب منك أن تك .بأخالقهم في مجتمع تفوح منه رائحة الفساد والعطن

مطلوب منك أن تتحلى بخصال المالئكة فـي بيئـة .تعربد فيها السفلة والشياطين

وتكمل بعد ضحكات البناتاتبتسم ساخر : .وفض الهوى سرها المغلقا :تقول ذات البثور مندفعة

لشاعر ده قليـل األدب ال يا أستاذ دي وحشة قوي، ا تجيباسريع :

.فض هنا بمعنى كشف وأعلنكشف العشق الكثير من أسرار هـذه "والشاعر يقول

"الحياة

تلمح بطرف عينيك ذات الخصلة وهي تهز رأسها، ترفض الشرح، وتقول لذات البثور هامسة أو بصوت خافت

:تكاد تسمعه يعني فض –فتح الحب سرها المقفول "الشاعر يقصد

...."شاء البغ؟ وما أسباب هـذه الجـرأة ..ترى ماذا حدث للبنات الزائدة؟ وأين حياء البنات؟

، وهمسـات ا وغاضـب اتكمل شرح الدرس سـاخطً ، تفتح البـاب، الً طوي ا عالية، تأخذ شهيقً الًالبنات تنمو جبا

بعد سماع جرس نهاية الحصة، تهرول إلى حديقة المدرسة تجلس، تلحقك دعاء بفنحـان اب، بحديث البنات، متع امختنقً

:القهوة المضبوط قائلة !يا أستاذ كبر دماغك، البنات عاوزه تضحك، تروش

لى دعاء، تتأمل بياضها، وشعرها الطويـل، إتنظر وسـط السـهول ايعجبك ذكاؤها المشتعل، تحلـق بعيـد

الخضراء، تتذكر رحلتك الشهرية للبلد والنـاس الطيبـين، تسافر فيهما، تحدق بقوة تخوض بحر تبتسم لعيون دعاء، و

، رائقة الحسـن عينيها، صافية العينين مثل السموات العال ئليك كبحر عميق يمتل إكماء جدول رقراق، صامتة تنظر

لـى مهـارة غـواص لكشـف اللؤلـؤ إباألسرار، يحتاج .واألصداف

ترى ماذا تخفي عينا دعاء؟ ليها تتذكر ماجدة؟إولماذا كلما نظرت

تنزف، كثيرة هزائمك يـا ابي الجريح، دوم آه يا قل قلبي الكليم، كثيرة انكساراتك، جراحك، أناتك، وما تـزال تعاند، تكابر، تتمنى أن تمسك النجوم كل النجوم، تتوق أن

.تلمس هذا الحلم المستحيلتنام البارحة والجراح تنزف مـن أفعـال نجـوى الطائشة والمجنونة وهي تلعب بك، تتغيـب اليـوم عـن

نها ليست في حاجـة إليـك وال أالمدرسة، وكأنها تقول لك مدرستك هل تسأل عنها؟

مع دعاء، تحلق معهـا، تطيـر بـين اتندمج سريع المروج الخضراء، السهول الواسعة، وتنسى عزمك وعهدك

أن إليـك مع نفسك أنت في حاجة شديدة إلى فرملة، يجب .تصد البنات

عر الرقيقـة، لكن ماذا تفعل؟ وأنت تفيض بالمشـا على ايطير فرح واألحاسيس النبيلة، تغرد كعصفور الماء،

اوجه الماء الصافي، يضرب بجناحيه الماء،الهي ا وسـعيد تأنس بهن، تعود إليك روحك، ذاتك، حين تبادلك، دعاء أو

.نجوى بعض المشاعر والنظرات الحانيةفهل ترتشف منهن الدواء؟ وتتلمس معهن العالج من

.ا، يفترسك وحيدالًلعليل الذي يهاجمك ليالداء ا وهل لهذا الكمد من آخر؟

صـبحت أتعشق الوحدة، تنشدها وسـط النـاس، و .جلستك في الحديقة وبين األزهار، عالمة لك

ترى هل أدمنت الحديث ألزهار الحديقة، أم تنشـد السلوى بأزهار المدرسة؟ تنفلت إلى دعاء وتحلق مع والء اتنشد نجوى وسريع

.وتطير مع رانيا وتتخيل ماجدة وتتذكر إيمان

افيا أيها الطائر، حلق رويد تخير زهرتـك، ا، رويد ،قسم بين يـديها أ ملكة على عرش الدنيا ثم اوانشدها وتوجه

بهابيمين الوالء وكن بار ! لكنك يا طائر العشق، قلق وعنيـد، أعرفـك منـذ

الحـزين، سنوات بعيدة تذكرها، تقرأ للصباح نشيد المساء وحدة كمد، كبد، جرح، نزف، تضـرب بكفيـك الهـواء،

:الذكريات الجراح الدامية وتصرخ أين ومتى الخالص؟

تنظر لألفق البعيد، تناجي طيفك المستحيل وتبكي مع :جبران

هو ذا الفجر فقومي ننصرف عن ديار ما لنا فيها صديق

ما عسى يرجو نبات يختلف زهره عن كل ورد شقيق

2

وها أنا خلف النوافذ الزجاجية"

أترقب عند الغروب الشاحب "طائري الغائب

)لأمل دنق(

..أيتها الماجدةليك قد تستطيع كلماتي أن تنقل إليك خفقـات إأكتب

كل أملي في هذه الحيـاة، أليك، ي إ االقلب، الذي يفيض شوقً اجز، يلغـي القيـود بي الشوق، يمزق األسوار، يفتت الحو أنك مهما تحـاولين، االتي تحاولين أنت صنعها، وثقي تمام

بعادي عنـك، بكافـة الطـرق أو بمختلـف إلن تستطيعي .الوسائل

:أيتها الماجدة .. أحيا به، أعيش عليهالًبي الشوق إليك أصبح أم

، يحيا معي، نيهواء أتنفسه، طيفك يالزمني، يؤانس اني يسير في دمي يختلط بـه، هواء يمتزج بكل ذرة في كي

يمنحني األمل في أحبك، وحبك شهيق يعطيني زاد الحياة، ..الغد رغم عنادك، رغم ترددك، رغم حيرتي معك

:أيتها الماجـدةيا بلقيس عرشي ومملكتي، كوني كما تشائين، كوني الملكة التي تملك حياتي بال منازع، فريدة في حنانها، فـي

لع تاج مملكتها، لترفعك أنت فـوق رقتها، بلقيس قامت لتخ

عرش الدنيا كلها، بلقيس الجميلة عادت لتتوجك ملكة هـذا .الزمان، وكان زمان

ليـك إيا بلقيس قلبي وكل أملي، إنني فـي احتيـاج في أشد لحظات االحتياج لحبك وقلبـك، وعطفـك .. ادوم

الفياض وحنانك الذي آمل أن يظللني ويحميني مـن قـيظ .لحياةالوحدة وقسوة ا

لماذا أشعر بترددك، بخوفك، بقلقك، بحيرتك الكبيرة منك فلماذا الخوف؟ امعي؟ أنا معك، بجوارك، قريب جد

:أيتها الماجدةليال طويلة، ظللت أقلب في كل الصـفحات، أعيـد ترتيب األوراق، أضع كل االحتماالت، أواجه كل الظروف

ة تزين كـل التي تحيط بنا، لكني لم أجد إال صورتك الجميل الصفحات، طالعت حيرة عينيك الجميلتين، خوفك وترددك

لماذا كل هذا التردد وهذا التفكير؟: معي :أيتها الماجدة

صدقيني بأيامي التي أصبحت لهـا معنـى معـك، بعمري الذي ولد معك، بقلبي المجروح الذي ارتشف الدواء

!!منك بعد حكاية إيمان.. يدك لجراحـي لى جواري، تضم إنعم أتذكر وقفتك

:تشجعيك لي على قدميك، هل الدنيا كلها إيمان فقط؟اقف شامخً

بكثرة الصـدمات التـي ىيا صديقي إن عودنا يقو ..تعترض حياتنا

:أيتها الماجدةمن أجلك، أقبلت على الدنيا مرة ثانية، معك أصبحت

الً جمـي اللحياة معنى وطعم، دعيني أحلم بالغد معك، حلم ،، باهتة، شاحبة، كانت ا، فقبلك كانت حياتي قفر ا كبير الًوأم

ـ امثل الساقية التي أدور فيها معصوب العينين، مدفوع أن بعذابـه، أواصل السير فيها، فمشيت، قدر مكتوب كمثـل

افشربته مر! :أيتها الماجدة

إن الحب العظيم هو بقدر ما تعطي ال بقدر ما تأخذ " "فقط

لعهدي معك، مخاوما زلت وفي الصا له وفي.. ن في زمن الخداع والنفاق، الذي شاعت فيه ألنقول

الرذيلة باسم الحب، ولدت قصة حـب، حروفهـا نـور، وصفحاتها طهر وعفاف، زهرة برية ولدت بـين أشـواك

ـ ئمسنونة، لكنه نذر حياته فداء لها، احتضنها قلـب يمتل أعظم مثل، وأجل قصـة ابالحب، وضمها إليه ليضربا مع

..ملحمة عشق خالدة تدوم لألبد.. وفاء :أيتها الماجدة

عرفت فيك التضحية والفداء، فلماذا تؤثرين الصمت معي؟

أنت طبيبي ودوائي فهل تبخلين علي بالدواء؟ :أيتها الماجدة

منذ عرفتك، نذرت حياتي إليك، فداء لك، ألني لـم أتصور حياتي بدونك، أنت نور عيني الذي أحيا به، وهدفي

.. أقاتل من أجله، وأكافح للفوز بهالذي

إن من نظف الجرح النـازف عليـه اآلن تضـميد ومن وضع بذرة عليه رعايتها في مراحل النماء، .. الجراح

فهل تفهمين؟ كوني رقيقة بي، فالقلب يئن بالجراح وكفـاك !ما تصنعين بي

:أيتها الماجدةليك، علها إكتب، أنثر أشواقي رسائل أباألمس كنت

: الجليد الذي ينمو بيننا، أقولتذيب)١(

أبحر في عينيك أبحث عني وعنك

أتصفح كل وجوه الناس أدفع هذا ويدفعني الشوق إليك

أواصل بحثي بال استئذان علي أواجه نفسي فيك ..ضفة تعكس فينا صوت اآله لكني مدفوع عكس الريح

يقترب الخوف لكني أواصل قدماي تعاند لكني أحاول

خلف سحابكامس بعيدوتضيع الش تهرب مني كي أرجع عنك لكني أواصل بحثي مساء

يلسعني البرد، يدفعني الشوق أقاوم جسدي المتعب

أجتاز حدود الوهم وأمضي يستوقفني جنود الحاكم

برز لهم هويتي عشقي يغمز هذا، ويلمز ذاك ويقول أ :الجالس

!العشق جنون: يا ولدي تعال بعد وجهي عنهمأأعاند، !ليك ألبحث عنكإي أمض

ومدينة عشقي بال جدران ال أعرف ماذا وراء الغيم؟

بحث عنك بين العشاقأ والنيل يحتضن همس األشواق

لكني وحيد، يلعني الشوق

شهده بعدك عنيأأجلس وأناجي النيل و وأشتكي صمتك معي وعذابي فيك

هل أمسيت لديك بال عنوان؟)٢(

أشتاق إليك أشتاق إلى ضمة منك

ابتسامة تشرق من عينيكإلى ر على شفتيكثموت

في عينيكاعانق شيًئأشتاق إليك ألوحدي أفهمه وأقدس لغتهاكالم

فهل تدركين؟ أشتاق حين يطويني اليوم خلف اليوم

حتى يجيء اليوم الموعودأشكو إليك الشوق المكتوب بلغة العين أشتاق إليـك،

إلى وحي عينيك ليأخذ منه القلب مداد الرؤية

..كي أحميه من وهج األيام الصدئة

وأشتاق إليك إلى ابتسامة تشرق من عينيك تغنيني عن زيف الدنيا

..لى الحديث إليكإوأشتاق إليك، إلى القرب منك، وترتشف شفتي الشوق المكتوب

برعشة شفتيك ..ولمسة يديك ولغة عينيك

!كي يأخذ قلبي زاد األسبوع)٣(

األوحدهذا قلبي، فضمي إليك النبت واسقه، واحمه

هذا قلبي، فضمني إليك كي ينبت فينا الغصن الوردي

الًحتى ينمو فينا نخي يشتد عوده

فيقاوم عصف الريح بعمق الشوقالًيمتد ظال

.حمينا من كيد الناسي

واسقه قبل أن يدركنا زمان التيه واسقه فيض حنين العين واحمه بسياج الصدر

سك واسقهأ كيمد الب شيًئفتانا لم يط

ي شقوة أيامهفكفك حتى يعود للقلب رؤاه أو يبلغ فينا الود مداه

داوي فينا الدمع النازف داوي فينا الخفق الموجع

يديك، فتانا ليس فتانايمدا لم يفصح شيًئاقديم

لكنه اليوم أعلن عصيانه !شكى إليك مكنون الصدر فأجيبي

فيض حنين العينهوضمه إليك واسق الصدر من كيد الناسواحمه بسياج

*** !آه يا جميل

أمسيت تشتكي الوحدة والفراغ، تكتب لماجدة، وتلح في طلب اللقاء، فهل تخدع نفسك؟ بالتأكيد لم تعـد تمتلـك

أنت تعذب نفسك، وتجلدها، متـى .. منها إال حفنة ذكريات فهل نسيت إيمان؟.. خلوت بها

. اكانت أمامك، واستطاعت أن تمهد لك الجو في بيتهتعاركت من أجلك، تخاصمت مع أمها حين رفضتك، نعـم

أما تزال تخدع نفسك؟ هل كنت تعاني من خداع إيمان شمس الدين؟

ا تقلب الحقائق، إيمان لم تخدعك يوم في الحقيقة أنت تتذكر يوم جاءت في اليوم الموعود، وأنت تنتظرهـا فـي

:حديقة قصر الزعفران وقالت لكعودية، حضـر بـاألمس مهندس زميل أخي في الس

!!لخطبتي وماذا قلت؟: وحين سألتها

! للتفكيراسبوعألقد طلبت : أجابتك... أتذكر حين طلبت رأيك، كان الصمت والسـكون

ماذا تقول؟

:أتذكر حين قالت لكعمل حاجة، تقدم لهم، وسأقف بجانبك، ولن أطلـب ا .فقط تقدم لخطبتي.. شبكة

تظل تحسبها بـالقلم تعاني من التردد، و اولكنك دائم .والمسطرة

هل نسيت أن الحياة فرص البد أن تقتنص؟أنت الذي علمت الجميع ذلك وحفظوا عنك هذا البيت

:المشهور ..ذات كل مغامرليفوز بال

ويموت بالحسرات من يدرك العواقب هل نسيت؟

:لقد قالت إيمان والدموع تمأل عينيها أن أنتظرك تقدم لخطبتي يا جميل وأنا على استعداد

يومها لم تصدق .. سوف أتحداهم من أجلك .. عشر سنوات !ليهاإالعريس الذي تقدم إيمان من قبل؟إليكوهل كذبت

وتتهمهـا .. واليوم تبكيها وتتحسـر علـى أيامهـا !بالخداع

ساعتها سوف تتكشف الحقيقة .. واجه نفسك يا جميل !أمام عينيك

!اليوم تكتب لماجدة وتبثها شوقك ولهفتك أن ماجدة كانت وما تزال صـديقة وفيـة اتعلم جيد

وقفت إلى جوارك، تضمد الجراح النازفة، حـين علمـت بزواج إيمان شمس الدين وسفرها للسعودية، نعم ما تـزال

وهي تقولاتذكرها جيد : ! على قدميكاقف يا رجل شامخً.. ما هذا يا جميل

لم يحدث شيء، وما انكسر يمكن إصـالحه، وهـل ا كلها إيمان شمس الدين فقط؟ قم يا صديقي إن عودنـا الدني

.يشتد ويقوى من كثرة الصدمات التي تعترض حياتنا أنها كانت مخطوبة، ولم اهذا وتذكر أيض نعم تذكر

.تعدك بشيء، فقط كانت تواسيك، تضمد جراحكوهل ذنبها أنك أحببتها؟ إنك اآلن تعترف بينك وبين

معهـا، أردت أن تنسـى نفسك، أنك تسرعت في عالقتك

وداوني بالتي كانت "أخرىتجربة، فأقحمت نفسك في تجربة "هي الداء

فماذا تفعل بحياتك يا جميل؟كل صباح وطوال اليوم تكشر عن أنيابك، تدافع عن

ـ اقلعتك مثل األسود، تصنع لنفسك قالب ا من زجـاج، قناع تخفي وراءه ضعفك، وقلبك ما يزال يئن من الجراح، طوال

!ليوم تزأر، تشخط في هذه، تكشر لتلكاال إحتى إذا جاء الليل، تأكلك الوحدة، باردة لياليـك

امن حفنة ذكريات، كانت لك دوم! واسع سريرك أو هكذا تظنه، بارد فراشك حتى في

في لة نح ليعز يونيو ويوليو، رأسك ثقيلة وعنيدة، تطن كخ عة موسم العمل، ومطرقة ثقيلة تدق على رأسك مثـل سـا

الحائط، فماذا بعد يا جميل؟ها هي البنات الجميالت يتحلقن حولـك، يتنافسـن

، يتشاجرن باإلشارات والغمزات، حتى ا، يتعاركن صمتًإليكوأملهن ومنتهى حلمهـن بالليـل .. أمسيت فارسهن الوحيد

.والنهار

تلوذ بالصمت ا، وأنت دوم إليكخمس بنات يتنافسن .والتردد

للتردد؟اسبابفهل ما تزال ترى أمئات المدرسين أحبوا طالبات وكان الـزواج .. نعم

هل تنكر؟اناجح ، .......... .بالتأكيد أنـت تعـرف قصـة األسـتاذ

.......والطالبةمــع ............ . حكايــة الطالبــةاوتعلــم جيــد

!لكنك أدمنت عذاب نفسك ........األستاذ ..تعذب نفسك بذكرى إيمان وتداويها بحبك لماجدة

!اثنين معواآلن أنت تتعذب بذكريات االفمتى تعـرف أن سـنوات العمـر ترحـل، ودون

وأنت وحيد، وعشر سنوات ااستئذان، خمسة وثالثون عام ،ألم تتعب؟ ألم يحن الوقت أن تستريح؟اوأنت تعمل مدرس ،

رحم نفسك، واختر واحدة من البنات، أمامك نجوى ا .هناء حسينودعاء ورانيا ووالء وإلى جوارك

هل تنتظر أن تأتي إحداهن إليك وتطلب يـدك، قـم وحطم بيتك الزجاجي الذي تعيش فيه، ومزق قناع الخوف والتردد، الذي يكسو وجهك، ويحجب عنك نـور الشـمس

الدافئة، فهل تفعل؟باألمس وفـي مكتـب مـديرة المدرسـة، كانـت

شارات حمراء واضحة فهل تفهم؟إالتلميحات، :ر قائلةأخذت تلف وتدو

يا أستاذ جميل، الكل يشهد لـك بـاألخالق والعلـم ولكن ال تنس أن معظم النار من الشرر الصـغير واألدب .. المتطاير

ـ ، اوأنت جالس تهز رجليك، يتصبب عرقك خيوطًترتعش يدك، تجفف حبات العرق، تعتـدل، تبلـع ريقـك

تقولايرطب حلقك، متلعثم : وهل حدث شيء؟

.لفت نظركأبي هنا أن أنبهك، يا أستاذ جميل، واج : وقد كشرت عن أنيابهاتوأعقب

من فضلك يا أستاذ جميل أنت رجل كبير، وأسـتاذ عظيم ال تجعل الطالبات تلعب بأعصابنا كـل يـوم، كـن

احريص ا أكثر من ذلك، وال تقترب أكثر من الطالبات، دائم ..خد مسافة كبيرة، بينك وبينهن

جة ألذكرك أن الـذي لست في حا .. يا أستاذ جميل ..يتغطى بالبنات عريان

!أتمنى يا أستاذ أن تفهم قصدي !ذنكإفهمت حاضر، بعد

تخرج من حجرة المديرة، يفيض عرقك فوق جبينك، لم يفلح معك المنديل، تتحسس جبينـك الملتهـب، يقابلـك

:األستاذ إمام مدرس اإلنجليزي، يسألك فيه حاجة يا أستاذ جميل؟

إلى تذهب.. ال، ما فيش حاجة .. ال.. برأسك ئتوم :حجرة المدرسين، تستقبلك نظرات الزمالء وأسئلتهم

كانت عاوزاك ليه؟. .المديرة ماذا هناك؟.. حك، قل يا رجلا

.. تنظر إلى العيون المتسائلة الدهشـة والمفتوحـة تشرب كوب الماء دفعة واحدة، تشتعل رأسـك بـالتفكير،

ماذا حدث؟.. وتسأل نفسك ؟اح المخبوء والمستور مقروءوهل أصب

وهل وصلت همسات البنات للمديرة؟ أم أن هناك أيدي خفية تجيد تحريك األمور؟

ليك من خالل إتتذكر اآلن األستاذ خالد، وهو ينظر سحابة دخان سيجارتك، التي أخرجها دفعـة واحـدة فـي

:وجهك وهو يقول ..معانا وال علينا.. ها يا جيمي

:الًقائوحين أخذتك الدهشة ..هه.. نعم

وأطلقـه الً طوي اضحك ضحكة ممطوطة وأخذ نفس :كقذيفة في وجهك، وتحصن خلف سحابة الدخان ثم قال

قصد هل أنت من حزب اليمـين أم مـن حـزب أ اليسار؟

:قلت ومازالت الدهشة تأخذك

يا أخي فسر ما تقول، قاطعـه .. يهإيمين إيه ويسار : لخالدالًاألستاذ إمام قائ

ال .. طلعه من دماغك، دا من حزب الوسـط يا عم ..وال بينش. .بيهش

اقطب خالد جبينه، ونظر إلى إمام وعينه تقدح شرر: !أنا سألنيا قوي، ةده، ده دماغ، دماغ كبير

ال تدري يا جميل، لماذا تتـذكر هـذا اآلن، واآلن بالذات؟

هل خالد وراء هذه األقاويل؟ :ورحت تطمئن نفسك

وهل حدث شيء يستحق؟.. ال تقلق يا جميلتغادر حجرة المدرسين، وما تزال العيون مفتوحـة تتابعك، يعلوها الدهشة وعالمات التعجب وأسئلة الـزمالء

:ا فشيًئاتخفت شيًئ ..يا جماعة عاوزين نعرف حصل إيه

:وأعقب األستاذ إمام

وها نعرف منين، جميل والمديرة كانوا لوحدهم في المكتب؟

. األخير، تنفلت من الباب الرئيس ولم تنتظر الجرس تمأل صدرك بـالهواء البـارد والمتـرب، . نصف المفتوح

!تغادر شارع المدارس ورأسك تتمزق بالصداع اللعين، تسلم نفسك للشباك والنيل، صتتكوم داخل الميكروبا

وألف ألف سؤال ما يزال يطن على رأسك، فيسـتبد بـك املء فمك، ساخطً فمك بالمرارة، تبصق ئالقلق وحين يمتل

!على المدارس والبنات والتعليم من شباك السيارةمثل عصفور الماء األخضر، امن الشباك، تحلق بعيد

تطير، تتخيل، تدخل ردهـة واسـعة، سـاللم رخاميـة، أسانسير، تمتد يدك بمفتاح الشقة، تتسع عين الدهشة، الشقة

والزرع األخضر، يضاعف حسـنها، آيـة اتبرق تشع نور لترتيب شمس ساطعة، لمسات الديكور األنثوية، تخطـف ا

.العقل وتسحر العيونترحب بك، تفتح ذراعيها، تقبلك، تحمـد اهللا علـى سالمتك، تساعدك في تبديل مالبسك، الحمام السخن يرحب

بك، يعالج تعب النهار الفائت، رائحة الطعام الشهي تشدك، قطاتأكل، كأنك لم تر طعام .

دخل غرفتك، تتمدد بجانبك، تلمس يدها، بعد الغداء، تيلفحك عطرها الباريسي، تقترب منها، تدنو منك، تضـغط

، تمد يـدك، تتكشـف لـك الًعلى يدها، تنكسر عيناها خج مالمح أنثوية صارخة بالحرمان، تدفن رأسك في صـدرها العاري، تضمها إليك، تلمس يدك األخرى لحمها الطـري،

تمتزج حبات العرق، تضـمها تالمس الجلد السخن الناعم، إليك أكثر، وكأنك تزيح عذابات اليوم الطويـل، نـداءات

:السائق تفزعك !يا أستاذ اآلخر يا أستاذ :اتنتبه تفتح فمك دهشً

نعم... هه وصلنا آخر الخط !يا أستاذ نازل فين

3

كان يسكن قلبي"

وأسكن غرفته رنتقاسم نصف السري ونصف الرغيف ونصف اللفافة

"والكتب المستعارة )أمل دنقل(

للمرة األولـى، مصصـت وحين رأيتك في الفصل شفتي، تكاسلت في الوقوف لتحيتك همسـت لرانيـا التـي تشاركني نصف المقعد، كل المدرسين كشـرين، لكنـي ال

نتابني شعور غريب أنك حزين؟ مرت الدقائق اأعرف لماذا ، حين انها زمن طويل، لم يطل صمتك كثير األولى علينا كأ

اكتمل وقوف البنات وساد الصمت، انفرجت ابتسامة خفيفة :بين شفتيك وأنت تقول صباح الخير

جلوسكان حديثك وطريقة شرحك للدروس، تأخذني إليك،

بعد يوماتجذبني ناحيتك، وأراني أتعلق بك يوم . أراك مع بداية األسبوع الثاني، وجدتني أحلم بـك،

ذاكر، أنسى كل المواد األخرى، وتسرع يدي أ وأنا يتكلمنباحثة عن قصائد الشعر في كتاب النصوص، أهم بتقليـب الصفحات األولى، تطالعني صورتك، بصـوتك المرتفـع الحازم مع ثرثرة البنات بابتسامتك الحلـوة وأنـت تسـمع

تعليقاتهن، بخجلك الجميل وأنت ترفض اإلجابة على بعض ..البنات الخاصةأسئلة

هل تعلم أن حياتي فارغة، مملة؟إن أبي خارج البيت على طول، مسافر أمي تثرثـر

مشـغولون ا، وأخوتي الصبيان دائم ا ونهار الًفي التليفون لي ملونـة، اعني بكرة القدم، مجنونون بها يعلقـون صـور

..خرينآللخطيب وحسام حسن وحازم إمام وق الباب من الداخل، حتى وألوذ أنا بغرفتي، أحكم غل

تخرج أنت من بين قصائد الشعر التي تجيد قراءتها وأحب .سماعها منك

هل تعرف؟ باألمس كنت معي تطـوق خاصـرتي، ..ولكنك ترفض قبالتي.. وتضمني إليك، وتمسك يدي

أرجوك في الزيارة القادمة أن تقبلني، إنني في حاجة ..إليك

أنظـر إليـك، ، فقـط الًحين نلتقي، أنظر إليك طوي أنتظر أن تبدأ الكالم معي، لكن يسود الصمت بيننـا، هـل

أنت غاضب مني؟

اإن أجمل لحظاتي وأنت معي، أشعر أنني أطير شوقً ، فهل تسمع كالمها؟الً، وتتكلم العيون طويإليكبك ولهفة

لماذا تبعد عني كلما اقتربت منك؟ !ال أظن أن ما بك يقل عما بي

نت تطوقني بـين ذراعيـك، نني أشعر بك وأ إنعم ساعتها أشـعر .. تضمني إليك، تلمس يدك شعري الطويل

بقشعريرة تهزني، أتمنى أن تجذبني إليك، تمنح شفتي قبلـة تسكرني بها، فلماذا ال تفعل؟

جرس التليفون ال يهمني، نـداء أمـي ال يعنينـي، الحياة أنت، .. الطرقات المتتالية على باب غرفتي ال تقلقني

ثوان معك، أرجوك ال تفارق يدي، عناق األصـابع والعمر يسكرني، أشعر أنني جزء منك من كيانـك ونفحـة مـن

..روحك فلماذا جبل الصمت يعلو بيننا في الفصل؟

، الي قريبة منك جـد إال تنظر إلى األخريات، انظر ..وتلهو مع البنات! أنت تراني فلماذا تتحول عني؟ إنني أحبك، هل تفهم؟

!! أصرخ، أحبه يا ناس، أحبه يا عالمإنني أكاد إنني متأكدة أنك تحبني، فلماذا تتجاهلني؟

يا أيها الرجل القابع في صدري، الساكن في حجرات القلب، إنني أحبك، فمتى ستهب العاصفة؟ تكسـر حـاجز

.الصمت وجدران السكون التي تعلو بينناتعال وال تخف، لن يراك أحد، سيكون لك شـعري

دك، قلبي وعمري شجرة ظليلة تحميك، شـفتي يؤي اوشاحيرويك وصدري وذراعي وسادة تنـام عليهـا حتـى انهر . ظمأ السنين وقيظ األيامينرو

يها الشامخ الواقف فـي الفصـل والـذي يمـأل أيا .. حياتي

؟.. على أنني صغيرةالماذا تصمم دائم ال، إنني كبيرة وناضجة، باألمس كنت أحلـم بـك،

لى جواري في غرفتي المغلقة، كنـت تتوسـد تنام إ ارقيقًصدري، أناملك تلمس شعري الناعم الطويل، كانت يـدي

أن ألمس شعر اتعبث بأزرار قميصك، حتى استطعت أخير صدرك الكثيف، وحاولت لو أنفذ إلى قلبك ألرى هل أسكن

حجراته األربع؟ أم تقاسمني فيه إحـدى البنـات الالتـي نا في المدرسـة، لقمـت إليهـا تتشاغل بهن عني، ولوال أن

ومزقتها بأظافري وأكلتها بأسناني، ألنك لي وحدي، فهـل تفهم؟

إليـك حكيت لك كل أحالمي معك، قـدمت باألمسننـي ال أكشف حساب عـن حيـاتي قبلـك، قلـت لـك

الذين يتسكعون على ناصية شارع المدارس، " العيال"يعجبنيويلح عليها أن ويهمسون للبنات المراهقات بالكالم المعسول

" هه وبعدين .. نسمع"تسمعه، وحتى إن وافقت عليه من باب يظل يلف ويدور بها على الكورنيش من مصر القديمة إلى ميدان التحرير لحد ما تقع منه من كثرة المشـي، دون أن تأخذ منه جملة مفيدة، يظل يكلمها عن المستقبل، ها أعمـل

ويمكن ساقط بيأخذ المصروف من أمه، ةوأسوي، وهو لس ..ثانوية عامة

ـ ، يحتـويني، ا ناضـج الًباألمس قلت لك، أريد رج تتحقق أحالمـي الًيأخذني من الوحدة التي تمأل حياتي، رج

معه، يخطفني على حصانه األبيض من هذا الملل الرهيب فهل تفعل؟.. والفراغ الرتيب

نعم تغيرت األشياء في حياتي، حين صافحت يـدك رانيا في أول حصة للـدرس، سـاعتها للمرة األولى، عند

في لون عينيـك، الًنامت يدي في يدك الدافئة، أحدق طوي في مواجهتك، حتى أشبع منك، ال أسـتطيع اواخترت مقعد

عـن اأن أصف سعادتي بك، فأنت في الدرس تبدو مختلفً ، تشرح بطريقة أكثـر ا، بشوشً ا، حنونً االمدرسة، تبدو رقيقً

رح تتكلم لكن الذي آلمني ضحك مع ألفة، أراقبك وأنت تش البنات، لكني وجدتك تخصني بحنان كبيـر، تفـيض بـه

لي، تغمرني بهذا البريق الالمع في عينيك وأراني إنظراتك ا ولكنـي أغـرق، مأسبح في عينيك، وأبحر في شـاطئيه

وأجدني سعيدة بهذا الغرق اللذيذ، وآمل أن يبقـى ويـدوم مثلما أفعل، ويدك تضم طول العمر، ليتك تغرقني في حبك

يدي لألبد، ليت حياتي تتوقف وأنا أنـام بـين ذراعيـك، وأتوسد صدرك، هل لم تفهم بعد أني أحبك؟

في الهواء؟اأم تراني أبني قصور.. فهل تشعر بي

أعترف أن المسافة بيننا بعيدة وكبيرة، وأنها الحقيقة مني، أكلمـك أناجيـك، االتي تبعدك عني، لكنك قريب جد

أشعر وأحس بك تبادلني نفس الشعور، ذلك المبرر الوحيد .لحبي لك

*** ..جميل/ األستاذيعزيز

للمرة الثالثة، وأؤكد لـك هـذه ليسـت إليككتب أ ولكنهـا ٣/٣خواطر، تكتبها طالبة مراهقة، فـي فصـل

، بعدما عجـز لسـاني إليكاعترافات الحب والشوق أكتبها معـك، اإلشـارات، عن النطق بها، وفشلت كل محاوالتي

بتسامات، التلميحات، وحين تملكني حبك، وغلبني الشوق االإليك، تلهفت للحديث معك، لكنك تعرف ضـعفي أمامـك،

اإلجابة علـى سـؤالك، في رتباكي أثناء الدرس، ترددي ابالتأكيد أنك تعلم أنني أملك من الحب أكثر ما أعرف مـن

.. بين يديكعترافاتياكلمات، وكم أشعر بالخجل من تدفق إليك أن ينقل عن اوما العمل حين أجد لساني عاجز

مشاعري؟

ـ ئوماذا أصنع حين لم أجد منك كلمة واحـدة تطف لهيب النيران المشتعلة في صدري؟

خواطر "وكم مرة كتبت إليك لكنك قتلتني بهذه الجملة "جميلة

؟..فهل لم تفهم بعد عواطفي نحوكذي يشرح، ويفسـر ال أصدق وأنت األستاذ الكبير ال

، لقد حفظت النصوص الشعرية ..لنا قصائد الشعر الصعبة سـلوبك السـهل أمن قراءتك الجميلة، وشرحك الفياض و

..الجميلأصدق أنك لـم تفهـم .. جميل/ فهل تراني يا أستاذ

بعض الكلمات النثرية، التي كتبتها إليك وسطرتها أشـواقي ؟..إليك، وحملتها مشاعري نحوك

أعترف لك صراحة؟هل تريد أن ...سأفعل" حاضر"

.واهللا بحبك.. نعم إني أحبك يا أستاذ جميللكن أن تتجاهلني بهذا الشكل، فإن تجاهلـك يشـعل

قسم كل ليلة بيني وبين نفسي، أنني في أالنار في صدري، و

الصباح لن أكلمك، وال أعرف لماذا عنـدما أراك أشـعر دور فـي فلكـك عني، وأجدني أ ابقدمي تسير ناحيتك رغم

شعر بوجود البنات، أشـعر أطوال اليوم، وفي حصصك ال أنك معي، وأن كل هذا الكالم الجميـل يخصـني، ترانـي

إلى كلماتك، أتابع مخارج األلفاظ من فمك؟إليكمشدودة "!أحبك"كم مرة تمنيت أن تنطق لي بكلمة

هل تصدق أنني بين الحصص أخرج ألبحث عنك؟ي، تهديدات الوكيلة ال أهـتم كلمات المشرفة ال تهمن

بها، وحين ال أجدك أفتقد الكثير والكثير، بل تكـاد تضـيع نفسي، فمتى ترد علي نفسي؟

وأظل أبحث عنك، وأتلهـف لرؤيتـك، أخـاف أن أمام البنات، وأنت تعرف البنات أكثر إليكتفضحني لهفتي

!!مني، وأخاف أن أسأل المدرسين عنكفتهدأ نفسي.. هة البعيدة أراك تمشي في الرداوأخير! قل لي أنت، لماذا عندما أراك تصبح حياتي كأرجو

أجمل؟ !ال أنتظر منك إجابة، فقط أريد أن تعرف كم أحبك

إنني جلست إلى قلمي، أخاطبك عبر حـروف مـن ا إليك، تسطر لك حب انار، عبر كلمات تتفجر وتفيض شوقً

!يرفرف فوق السطورلحزن يرتسم بعمق علـى لماذا كل هذا ا: لكن قل لي

جبينك؟ ...ليتني أستطيع أن أذهب عنك بعض حزنك

لماذا ال تفصح عن سر هذا الحزن حتى تستريح من العناء؟

إنني لم أضعف هذه المرة، وأعتـرف لـك بحبـي وقلتها لك صراحة فإنني أشعر بنفسي تذوب معـك، .. إليك

. .أنت ملكها .. إن حياتي بك جنة خضراء .. تتالشى أمامك ؟!وسيدها فهل عرفت اآلن يا أستاذ كم أحبك

لكنك تهرب من الحقيقة الوحيدة في حياتي، فهل مـا ؟!تزال ترى أنني صغيرة

..باء واألمهات يا سيدي مثل كل اآلئأنت مخطهل أنت مثل اآلخرين الذين ينخدعون في مالبـس

المدرسة؟

وأنتم ال تعرفون أن خلفها بنات بالغات، ناضـجات، لى من يسمعنا، ال تصمم يا سيدي على كـتم هـذه نحتاج إ

..الحقائق وخنقها ..لم أعد صغيرة

فهل أنتظـر .. البوح.. إنني أمتلك شجاعة االعتراف حتى تعترف بحبك لي؟الًطوي

باألمس تعاركت مع هناء حسين أثناء الخروج مـن ؟إليكالمدرسة، ال أعرف لماذا كنت أحتاج

ردهة ظللت أفـتش فقط أراك، وتبتسم لي، بطول ال بحث عنك، حتـى جـذبتني أعنك، في الحوش كنت واقفة

لقـد خـرج منـذ الحصـة .. خرجي يا دعاء اهناء قائلة، !الخامسة

:ووجدتني أرد عليها مغتاظة مين اللي خرج؟

:لكنها قتلتني بجملتها !اللي مش سائل فيك يا جميل

ليها، أجذبها من شعرها، لكن رانيا إووجدتني أندفع وهبة وقفن بيني وبينها وقبل أن يشتعل العراك، فـي وأمل

الًالطريق كانت رانيا تمشي بجانبي، تحاول أن تخفف قلـي :عني قائلة

وال يهمك، كل البنات تعرف هناء حسين وتعـرف وال أعـرف لمـاذا .. يه، في شقتها مع الشباب إهيه بتعمل

:وجدتني أقول وكأنني أكلم نفسي وأعزيها؟ رانيا، أبوها مات، أختها تزوجـت، الوحدة قاسية يا

وأمها قاعدة في المطعم بالليل والنهار والمسكينة عايشة في : الشقة الطويلة العريضة لوحدها، ولكن رانيا ردت بسرعة

ال يا دعاء، وهل علشان أمها مشغولة عنها نعطيهـا ؟!!العذر تعمل الغلط

:وأجبت بسرعة ..ى نفسهايا رانيا، يا حبيبتي كل بنت بتحافظ عل

:لكن رانيا أجابت باندفاعدعاء، تحافظ إيه وهباب إيه، واحدة تعزم صـاحبها

..على كباب وبيرة ويكملوا السهرة بانجو وتقولي بتحافظ

!سالمات يا محافظة !شاعاتإيا رانيا كلها

إشاعات، طيب إيه رأيك أن اإلشـاعات بتؤكـد أن ..........هناء متزوجة عرفي هي واألستاذ

األستاذ مين؟.. يا رانيامينوال أدري لماذا دارت بي األرض حينما سمعت كلمة

.. طول الطريق ا وحيد الًاألستاذ؟ ورحت أعيد وأكرر سؤا هل يمكن أن يكون أنت يا أستاذ جميل؟

وكدت أقع على األرض من الدوار، لكن رانيـا لـم وظللت ألح عليها، المـاكرة هربـت منـي ومـن .. تكمل

نا إلى عمارتنا، وجدتها تشير إلي بيدها وتغمز السؤال، وصل :بعينيها

!باي باي يا جميل !هذه الماكرة تعرف كل شيء وتخفي عني

"جميل"قصد بـماذا تآه يا أستاذ يبقى آخر يوم في حياتـك لـو عملتهـا

!وتزوجت هناء حسين

ال هناء؟إوهل لم تجد في المدرسة كلها لبي وأنا أدخل كانت األسئلة تطن في رأسي وتدمي ق

نصف عاريـة أمـام مـرآة الًغرفتي، وجدتني أقف طوي :سأل نفسيأالدوالب ورحت

ماذا تفعلين يا دعاء لو صدقت رانيا في هذا الكالم؟وما الذي يجذبك يا أسـتاذي إلـى هنـاء؟ ومـاذا

ورحـت ! ينقصني؟ بالتأكيد أنني أجمل من هناء حسين هذه مين وإلـى الشـمال أتأمل شعري، وعدلت تسريحته إلى الي

لى لون عيني، ولمسـت إوتحسست وجهي بيدي ونظرت وحاولـت معرفـة مقـاص – نصف العـاري –صدري

خاصرتي، ووضعت يدي على بطني الضامرة، ثم جلسـت :إلى السرير، أتأمل الساقين الملفوفين، أتذكر قول البنات

إن أجمل ما في دعاء، شعرها وحمرة خديها، يخرب :وصرخت فيهم.. ةبيتك، كريم وبدر

..ال واهللا ده طبيعيوتمرغت على السرير، وأخذت المخدة بين ذراعي،

:ورحت أحضنها وأقبلها قائلة

آسـفة يـا أسـتاذ .. آه لو تعرف كم أحبك يا جميل . جميل

حتى منتصف الليل، لم أذاكر كلمة واحدة، ألول مرة أضيق بغرفتي، أختنق بها، أفتح البلكونة، الهـواء سـاكن

لجو كئيب، أخرج على الصالة، أمي تثرثر كالعادة فـي وا أنهم اخترعوا التليفـون مـن االتليفون، حتى يخيل لي دائم

!أجل أمي :سأل نفسيأورحت

ماذا تفعل أمي لو لم يكن في البيت هذا التليفون؟ وسـألتني اولما طالت وقفتي أمام أمي، تنبهت أخير

:دون أن تنهي حديثها ل تحتاجين إلى شيء؟ماذا يا دعاء؟ ه

أيوه يا ماما، عاوزة فلوس الدرس، الحصة الرابعـة والزم أدفع مع البنات، وبعدين عـاوزة أكلـم رانيـا ةبكر

....علشان أتأكد من الميعاد، ألحسن سمعت أن األستاذ !حاضر.. حاضر: ولم تتركني أكمل

دون أن يتابعه اجلست أمام التليفزيون المفتوح دائم ، :لى حد تعبير أميأحد فهو ع

"..حاجة ونس في البيت"بعد طول انتظار حملت التليفون إلى غرفتي وطلبت

حول خناقة اليوم وحكايات البنات ارانيا، وأخذنا نتكلم كثير : وآخر اإلشاعات وال أدري لماذا توقفت فجأة؟ وسألت رانيا

بمناسبة اإلشاعات هناء تزوجت مين؟إلجابـة ولـم تفلـح وكالعادة الماكرة هربت مـن ا

:وحين قلت لها.. توسالتي معها هناء حسين تزوجت األستاذ جميـل فـي الًهل فع

السر؟ :أجابت ضاحكة

ليه هذا السؤال؟أبكرة ميعاد الدرس تقدري تسوحين شعرت رانيا بطول صمتي وتفكيري في هـذا

:السؤال قالت أحفظ الواجب، علشان لما ةعاوز.. دعاء مع السالمة

:ن حافظة وعقبتيسمع أكو

بتحفظ بالصـفحة وزي الكتـاب مـا ةصاحبتك هب .. بيقول

!باي، باي.. دعاء.. دعاءونسيت التليفون، كنت أحاول أن أجد إجابة للسـؤال

:الذي يمأل رأسي هل يمكنني أن أعيش هذه الحياة بدون األستاذ جميل؟

كان النوم يخاصمني، وكانـت احتى الثانية صباح ،اعة الحائط، ورحت أتـذكر التفاصـيل رأسي تدق مثل س

الكثيرة والصغيرة التي تجمع بين هناء حسـين واألسـتاذ :جميل، في الفصل، أثناء الفسحة، يوم الرحلة، آه تذكرت

رقصت هناء، كأنها راقصة الرقص، في يوم الرحلة درجة أولى وتحلقت البنات حولها، وصفق لها المشـرفون

!!!والمدرسونبعت نظراتـك يـا أسـتاذ جميـل ال أدري لماذا تا

رأيت وجهك ترتسم عليه مالمح الفرح، هناء لرقصها؟ وكم ، وهي تغمز لك بعينيهـا، وتناديـك يتتمايل وتتمايع وتنثن

بيديها، وتدعوك أن تراقصها، فهل كنت سترقص معهـا؟ وهل يعجبك رقصها؟

أعرف أن كل الرجال تحب أن ترقص لهم النسـاء، .ل البنات يرقصنأتحب الرقص؟ بالتأكيد ك

!نعم، نعم إنني أرقص أحلى ألف مرة منهانعم يمكنني أن أرقص، بشرط أن أرقص لك وحدك،

هل تفهمني؟، وفي الحصة الًفي طابور الصباح بحثت عنك طوي

!األولى كنت أنتظرك تدخل الفصل بين دقيقة وأخرىدقائق ودخل األستاذ إمام وسرت همسات البنات تمأل

..الفصلاذ جميل غايب، وهناء حسين غايبة، وطار ما األست

سأل دون حـذر األسـتاذ أتبقى من عقلي، ووجدتني أقف و :إمام

األستاذ جميل غايب ليه؟.. لو سمحت يا أستاذدعـوا لـه ااألستاذ جميل مريض، وبلّغ مرضـي

!!!بالشفاء

هل شفتني هذه اإلجابة؟ من الوساوس واإلشـاعات مس وطول الليل؟التي ظلت تطاردني، منذ ظهر أ بهـذه اإلجابـة، لكننـي الًأعترف أنني ارتحت قلي

هل ألنـي أعـرف أنـه .. أنني أشفقت عليه اأعترف أيض يعيش بمفرده؟ :سأل نفسيأورحت

ترى من تعطيه األدوية؟ ومن تجهز لـه الطعـام؟ ولماذا لم يتزوج حتى اآلن؟

!كم أنت محير يا أستاذ جميل، ولم أفهم كلمـة دخل المدرسون، شرحوا، خرجوا

واحدة، كنت أجلس شاردة، أتخيل كل المدرسين الذين وقفوا بمالبـس األسـتاذ جميـل، ايشرحون اليوم، أتخيلهم جميع

وطريقة شرحه بل ونبرة صوته المرتفع الحازم أمام ثرثرة البنات، عافت نفسي طعام الغداء، ودخلت غرفتي أحاول أن

!أنامإلى القلـب والعقـل هيهات أن يعرف النوم الطريق

.المشغول

بعد منتصف الليل حملت التليفون إلى غرفتي وطلبت فوق الساعة ورحت أقلق من الًظل تليفونه مشغو .. األستاذ :جديد

ترى مع من يتكلم األستاذ جميل كل هذا؟سمعت، رنين الجرس، حين هممت أن أتكلم، اأخير

. اوقف الكالم في حلقي، وجاءني صوت األسـتاذ ضـعيفً :، ووجدتني أقول له بدون مقدماتا بعيداواهنً

يا أستاذ، أنا دعاء، المدرسة عذاب إليكألف سالمة .من غيرك يا أستاذ

خرجت من البيت قاصدة افي السابعة والنصف تمام المدرسة كالمعتاد، حين لمست أرض الشارع وجدتني أغير

شتري الصـحف والمجـالت، بعـض أاتجاه السير، أقف ..بات والعصائر، أضغط على جرس األستاذالمعل

يتراجع في ضعف، أغلقت الباب، تركت ما ووجدته معي على أقرب تربيزة ولحقت باألستاذ، أضع يـده علـى كتفي، أطوق خاصرته بيدي، ساعدته أن يسـتريح علـى

سريره أجلس على حافة السرير، أبكي بكاء الً طوي ا مرير . :أقبل يده وجبينه وخده قائلة

.. بعد اليومان أتركك وحيدلليـه ويقبلنـي إده، أخذ يجذبني خوألول مرة ألمس

.....ونداءات أمي الصباحية، شدتني من األحضان الدافئة، وحين ملكت وعيي، كنت ما أزال أحتضن مخدتي، أمطرها بالقبالت، ألمسها بخدي، أفتح عيني الدهشة، أتذكر تفاصيل

.حلم الليل الجميللمدرسي أتصفح كل وجوه المدرسـين، في الصباح ا

! أنك في أجازة مرضية وأنك لن تأتي اليومأعرفولكني رحت أتصفح كل الوجوه، أتعمد الخروج من الحصة ألقل األسباب، مرة أبحث عن طباشـير لألسـتاذ،

...وثانية إلحضار ورقة الغياب، وثالثةأتجول في الردهة، أدخل حجرة المدرسين، الوكيل،

الكثير بأنني بحاجة إليك، ينقصني عنك أشعر ابحثًالمديرة بفقدك، بغيابك، تائهة بدونك، حائرة قلقة ال أستطيع الجلوس

الطويلة، أبحث عنك، في الفصل، ما أزال أسير في الردهة .أبحث عن نفسي معك

:وسؤال وحيد يقف على طرف لساني متى ترد علي نفسي؟

مملـة أشعر أن اليوم الدراسي طويـل، الحصـص وكئيبة، كالم المدرسين ماسخ ومعاد، أؤكد لنفسـي أننـي سمعته ألف مرة، لم أعد أذكر كم مرة لكزت رانيا بالسؤال

الهامس؟ ما تعرفيش األستاذ جميل خد أجازة كم يوم؟

:الملعونة لم تعطني إجابة شافية، نظرت إلي ساخطة !ما عرفش.. اركزي بقى واهبطي

هل وعيت دروس اليوم؟ في الحوش علني أصافحك؟الًقفت طويهل و

جذبتني رانيا من يدي، خرجت من المدرسة، بطول لي ضاحكة بحديث لم أع منـه الطريق كانت رانيا تهمس

.كلمة واحدة

كانت صورتك تتراقص أمام عيني، أتخيلك، تتحدث معي، تبتسم لي، تفرد يداك جناحين أحلق وأطيـر أمامـك

المطر، تقف وحيدة في وخلفك مثل عصفورة صغيرة بللها ..العراء، بال أب يحميها وال أم تضمني لصدرها

حين دخلت حجرتي الواسعة، كنت ما أزال أشـعر ببرودة كبيرة، تهزني لم تفلح معها بلوفر الشتاء وال جاكت المدرسة، بدلت مالبسي، ونمت دامعـة العينـين، أشـتكي

ي غربتي وسط إخوتي، أشكو إهمال أمي وانشغالها عني ف .النادي، مع شلة الصحاب

ن، أشكو السـفر حتى في البيت تحتضن أمي التليفو الذي أخذ مني الغالي والحبيـب، أبـي، أشـكو إخـوتي

في النادي، وفي لعب كـرة القـدم، اوانشغالهم عني دائم ،عراكهم ومرحهم، أشكو وحدتي في الغرفة الواسعة الباردة،

مح لي بالنوم فـي أشكو أمي وألح عليها أقبل يديها، أن تس بي مسافر، ولكنها تـرفض أحجرتها، فأنا ابنتها الوحيدة، و

!وتصمم على الرفض هل أنت صغيرة؟

رحت أسأل نفسي هل تفضل أمي مصاحبة التليفون على ابنتها الوحيدة؟

ولماذا تصمم أن تنام وحيدة في غرفتها رغم سـفر أبي الطويل؟

ءم، وكنت أحسد محمد ومحمود إخوتي، إنهمـا تـو امتحابان، يخرجان مع وينامان فـي حجـرة ا، يلعبان سوي ،

.يجدان من يهتم بهما، يعد لهما الطعام والشراب! واحدة على "أما أنا، فعلي أن أقوم بخدمة نفسي على األقل

".حد تعبير أمي !غرفي لنفسك وكليااألكل في الثالجة، بس

ي الكثير لغيابك؟صأين أنت يا أبي ينقا أبي؟ بعد سفرك، يمر أكثر من شـهر هل تعرف ي

وال نكاد نجتمع على طعام واحد، الكل مشغول، الكل يجري .على اللحاق بمواعيده

!ويا للحسرة إنه سباق على الالشيءتأكل أو ال تأكل، ال أحد يهتم بك، تذاكر أو تـذهب

!للدروس، ال أحد يتابعك

– ا المشغولة دوم –حتى أصبحت ال أبحث عن أمي ! فقط كي آخذ منها الفلوسإال

متى تعود؟.. كم أحبك يا أبيلم تعد الرسالة الشهرية تكفي لتضميد الجراح بيننا يا

...أبيوالمكالمة التي تعقبها بأسبوع، تأتي قصيرة وأظنهـا

!فقط لسؤال واحد معاد هل الحوالة الشهرية وصلت؟

!عاوزين حاجة كمانعتين، أختنق كانت صورة أبي تترى أمام عيني الدام

من ضيق حجرتي الواسعة، أشعر بجدرانها تقترب منـي، يقترب، تضغط علي ضلوعي، أختنق يعلو صدري وسقفها

وينخفض، ينقبض صدري، تفيض عيناي بالدموع، أجـري خائفة، ألوذ بصدر أمي، تدفعني بجفاء، وكانت هي ما تزال

اتهامس التليفون في حديث، أظنه لن ينتهي أبد.

شغال أمي عني، تحجرت الدموع في عينـي، أمام ان الضبابة الدمعية تحجب الرؤية عن إنسان العين، فتراكمت

.أمام عيني أحزان على أحزان ستجدي عواطفها؟أ أمام أمي الًهل وقفت طوي

حين لفت نظرها وقوفي الشارد أمامها، تأملي معاني همساتها، نظراتي الفاحصة لقسمات مالمح وجهها، التـي

سعادة وهناء مع كالمها الهامس، توقفت فجأة عـن تفيض :الكالم، وكأنها لم تراني من قبل

!عايزة حاجة يا دعاء بتكلمي مين يا ماما؟

!ده خالك حافظ هو حقيقي خالي يا ماما، يعني شقيقك؟

!ليه بتقولي كده يا ديدي !عجبني كثيرة تصرفاته مش بتاعلشان أحيانً

!زي إيه ... قوي، ويبوسني بطريقة يحضني جامداأحيانً

...مستحيل يا ماما يبقى أخوك ويعمل كده

!وبعدين هو مش عايز يتجوز ليه لحد دلوقتي شـبه سـاكن اهو عاوز منك إيه يا ماما، ده تقريب

...عندنا !عيب يا ديدي ده ابن خالي

أخرج من غرفة أمي، دامعة العينين، وألوذ بغرفتي، ي الوليد لـك يـا أسـتاذ حتمي بذكريات أبي، أحتمي بحب أ

!جميلمتى تعرف أنك أمسـيت أمنـي وأمـاني، سـندي

ومالذي؟ ؟إليكومتى تتفهم حاجتي الملحة

!آه يا عمري الحزين! آه يا قلبي الكليم إلي؟ههل عرف النوم طريق

!كم رأت غرفتي مدى حيرتي وقلقي هل أكتب ألبي؟ هل أعترف إليه بشكوكي؟

!اسة الخطابات الملونةخُد بيدي، أتناول كر يا رب

أمسك بقلمي، الصـفحة مليئـة بصـور القلـوب، وحمامات السالم، وعصافير الحب، أزهار الحب، بلونهـا

!القاني، ورائحتها النفاذة، تكاد تنطق بآيات الحب فهل هما يعرفان الحب؟

خالق وتفان فـي أن الحب وفاء للحبيب، و إمستحيل ذا حضر، وتحفـظ المحافظة عليه، تهش وتفرح بالحبيب إ

!حقوقه إذا سافر أو غاب أكتب بكل جوارحي، نبضات قلبي؟! أمسك قلمي

......عزيزي أبي وحبيبي، قلقي، القلم يقـف دموعي تكتب عذاباتي، وحيرتي

أن يكتب آهاتياعاجز ... م ماذا أكتب؟إليكباهللا

هل أكتب أن أمي تخون أبي؟ ومع من؟

!من تسميه لنا أخاها ء إلى هذه الدرجة؟وهل نحن بلها

على أبي؟اكانت دموعي تفيض، وقلبي ينفطر حزنً

أتماسك أمسح دموعي بكلتا يدي أكتب بيد مرتعشـة .وعين دامعة

إنني في أشد ! لى المال إعد يا أبي، لم نعد في حاجة الحاجة إليك، البيت الذي تعبت فيه سنوات طويلة يكاد ينهدم

! فعد يا أبيالًعلى رأسي، إذا كنت تحب ابنتك فع بي؟أعشر سنوات سفر وغربة أال يكفي ذلك يا

يمكننا أن نأكل فول وطعمية، يمكننا أن نغسل قـديم !مالبسنا وتسترنا، ولكن يا أعز الناس

كيف أعالج عيوب ضعفي دونك، أحتاج إلى نفسـك في البيت، حتى ترد عنا الكالب المسعورة، تلك التي تلبس

!ش لحمنا وتلعق أطباقناأقنعة األهل، وتريد أن تنهبي، فعشر سنوات تكفي، الشروخ تزداد فـي أعد يا

لينـا إ، تعيد األمن واألمان لنا، ترد إليكدعائم بيتك، نحتاج !الثقة في أنفسنا، تحمينا من الكالب الضالة والمسعورة

فلم أعد صغيرة، بات عمري يزحف نحو ! بيأعد يا ، تهدهد عواطفي، لى صدرك إ، أشتاق إليكالعشرين، أحتاج

تضمني إليك، أتوسد يدك، حتى يعرف النوم طريقه لـي،

حتى تعرف الطمأنينة نفسي، فتهدأ وتستريح عد يا أبي، قبل بالشروخ، ئأن أضيع، أقف على حافة الهاوية والبيت يمتل

، يبث سمه فـي أذن أمـي، ا ونهار والغراب ينعق فيه ليالً لبرد يعصف بجدران ونحن ضعاف يا أبي، الوحدة قاتلة، وا

.بيتكستغيث بك أ، إليكعد يا أبي، ملعونة الفلوس، نحتاج

فهل فهمت؟ هل عرفت الراحة عقلي وقلبي؟

وهل هدأت ثورتي بعد الكتابة ألبي؟وهل استراح عقلي عندما وقفت على حقيقـة مـن

يلبس القناع الزائف؟، واستراح عقلي الذي كـان اهدأت نفسي كثير .. نعم

.اتهيرفض تصرف فكيف يتقبل عقلي؟

أن يغازلني خالي، يفاجئني في غرفتي وأنـا أبـدل مالبسي، يحتضنني من الخلف وأنا نصف عارية، يتسـلل

إلى غرفتي يحاول أن ينام بجـواري، يهـاجمني بقـبالت ..مجنونة

أنام في غرفتي بعد غلق الباب من الـداخل، أتـرك !النور مضاء

ـ افاألمان في بيتنا بات ضعيفً ألـوذ بـدفء از عزيالبطانية، أحتمي بها من صقيع الليالي الباردة، والـذكريات الموجعة، أمد يدي، أجذب المخدة الثانية، تتمـدد بجـانبي، أحضنها بيدي وقدمي، أقبلها بعنف، أحضنها بشوق، أصافح

:المكتوب عليها "تصبح على خير يا جميل"

أشعر بمذاق جديد للجملة، والسحر األخـاذ آلخـر لمة، والتي باتت تحمل عندي مدلول االسم أكثر من مدلول ك

.الصفة هل تذكرت األستاذ جميل؟

وهل يمكن أن أنساه حتى أتذكره؟

جلست إلى المكتب مرة أخـرى، طالعـت األوراق الملونة بأزهار الحب والربيع، مـألت صـورة األسـتاذ

:بالصفحة، تأملت ابتسامته، وبدأت الكتابة إليه ...ذ جميلعزيزي األستا

!كم أفتقدك أيها العزيز الغاليلم أعد أتحمل الحياة بدونك، الحياة أنت كلهـا، كـم

!أحتاج إليكأحب فيك الشموخ، السمو، األخالق، الترفـع عـن الصغائر والتي يقع فيها بعض المدرسين، مع الالهيات من

.البنات، لكنك كبير شامخ مثل نخلةجمعنـا، بيـت حب فيك األمل، أتطلع إلى يـوم ي أ .غرفة تأوينا وتحمينا! يضمنا

بي؟ ومتى تلبي نداء قلبي؟امتى تطرق بمد يدك، أحتاج على طـوق النجـاة، أنشـد فيـك

سر الحواجز، حرر القيود، مالذي ك طرق بابي، االخالص، .أنت وحضني ونشيدي، نشيد الخالص

4

أيتها العرافة المقدسة"

بالطعنات والدماء اخنًثم.. ليكجئت إ أزحف في معاطف القتلى وفوق الجثث المكدسة

منكسر السيف، مغبر الجبين واألعضاء أسأل يا زرقاء

..عن فمك الياقوت عن نبوءة العذراء

..عن ساعدي المقطوع " بالراية المنكسةاوهو ما يزال ممسكً

)أمل دنقل(

ني تنظر ع افي طابور الصباح، فوجئت بعيني رغمليه، تتعلق به، وحين التقيت بعينه، أحسست كم هو حنون إ

وعطوف، فأشار لي وأعطاني جريدة الصـباح، صـوتك قوي، ها تقولي األخبار في اإلذاعة المدرسـية، اتفضـلي هناك مع البنات، ومشيت بدون كالم، وكنت ما أزال أنظر

ـ إليه ه ، إلى أناقته الواضحة، ومشيته الملكية، وطريقة نطق ئالمدرسية، تشعر كم صوته حنون وداف للكالم في اإلذاعة

تشعر وكأنك تعرفه منذ زمن بعيد، ويخيل إليك .... .وودود أن تصافحه بحـرارة ليكعأنه قادم من سفر بعيد، ويجب

... قديموود؟اال أدري لماذا أحسست بالفرحة والحزن مع :لكني في الطريق إلى الفصل سألتني والء

، ماذا حدث؟إيه، مالكوجلست أبحث في رأسي عن إجابـة سـؤال والء

اوأعدته ثاني: ترى ماذا حدث؟

كنت أبحث وأفتش عن إجابة دون جـدوى، وفجـأة يقف أمامي، فأخذتني المفاجأة، ا، شامخً الً، طوي ارأيته، مهيب

.ولكن والء ضربتني ببوز حذائها وشدتني واقفة وتعـرف وكانت الحصة األولى التي عرفنا بنفسـه

بعد يوم، أدمنت النظـر إليـه اعلينا، واحدة، واحدة ويوم وكنت أنتظر حصصه بفارغ الصبر، أناقشه، إليهوالحديث

ـ ا، سـم ا، ب اأسأله أسئلة خاصة وخارج المنهج، وكان رقيقًود، وعنده مقدرة كبيرة أن يجعل بيناقش السؤال المطروح

للمـرأة، ما كان ينتصـر اهذا السؤال قضية عامة وكثيرأشعر وهو يتحدث عنها برعشة في شفتيه، يتغير صـوته، تلمع عيناه ويتكلم عن المرأة بشيء من القداسة فهـي األم

ثناء النقاش كأنه فيلسوف، يقول أوالصديقة والحبيبة، تشعر الحكمة، ويحفظ القرآن ويؤكد كالمه بأحاديـث الرسـول

وينتهي بأبيات شعرية جميلة، ترى هل أحببته؟ ت لنفسي، تمهلي، أين أنت وأين هو؟قل

أستاذ، ذو شخصية مهيبة، قويـة، وعقـل كبيـر، وفلسفة واضحة، وأنت تلميذة عنده في الفصل، أبعدي هذه

!األفكار عنكحاولت، وحاولت أن أطلعه من دماغي، ولكن مـع األسف، وجدته عشش فيه، وكنت أضبط نفسي وأنا أقلـده

له صـورة بـالقلم في قراءة النصوص الشعرية ورسمت ما وجـدت االرصاص فوق قصيدة صخرة الملتقى، وكثير

نفسي جالسة معه فوق هذه الصخرة، وتلتقي يـدي بيـده، ........و

، مبهورة به، أحس بنفسي حين إليهوجدتني مشدودة يجمعنا الطابور، أو الردهة، أطير من الفرح، وحين يغلـق

حجرتي علينـا الفصل علينا، أتخيله فارسي المنتظر، يغلق .......ويأخذني بين يديه ويضمني إليه، ويقبلني، و

كنت أعيش معه حياتي كاملة طوال اليوم الدراسي، فـك أ، كنت أرخي شعري، و ئوفي الليل وبعد الحمام الداف

رباط الروب الوردي بعد التأكد من غلـق البـاب ومـن الداخل، أعطر الجو، أنثر العطر على حـواف السـرير،

نتظر قدومه الليلي مع ثوب األحالم، أشعر به أرى وأجلس أ .أثر قبالته فوق شفتي المتورمتين بحمرة قانية

في الصباح المدرسي، أجري إليـه، يراجـع لـي عناوين األخبار بصوته الحنون، وكأني أراجع معه تفاصيل ..لقاء البارحة، وأشعر بألم لذيذ يكسر جسمي ويدك عظامي

قيقة أم أنه حلم العذارى؟ترى هل كان يعيش معي ح هل أحدثكم عن يوم الثالثاء؟

إنه يوم من عمري الحقيقي معه، إنه القـدر الـذي الميكروباص تقف على ناصية تنتظر رتب كل شيء، كانت

شارع المدارس، وكنت جالسة في المقعد األخيـر بجـوار الشباك، أنظر للنيل، ووجوه العابرين، وفي انتظار اكتمـال

ت أتابع عشاق النيل وكأنني أرى الهمسـات، الركاب، رح ثنين اثنين، اوأسمع لمس األصابع بالشوق والحنين، أراهم،

وال أعرف لماذا رحت أتخيل نفسي، أسير بجـواره علـى واآلهات، أجلس وألتصق والهمسات النيل، متشابكي األيدي

به حين تؤلمني رجلي، وتأبى على المشـي الكثيـر، يـا كت السيارة، وجدته يجلس بجانبي ينظر للمفاجئة، حين تحر

، فوجئت به جانبي يشاركني أحالمي، ا، يتأملني، مبتسم إلي ؟!!هل أصدق نفسي؟ أم تراني مازلت أحلم

خبطته برجلي، لكزته بكوعي، في محاولـة منـي للتأكيد أنه بجواري بانكسار األنثى وجوعها للرجل الـذي

تعشقه نظرت إليه، هل نظر إلي بدهشة؟ ! أدري، لعلي قلت له دعني أتأكد أنك بجانبيال

:ربما كل الذي أتذكره اآلنأنني التصقت به أكثر مما يجب، حين تماست ساقي بساقه سرت القشعريرة الجميلة تخـدرني بألفـة عجيبـة ساحرة، كدت أضع رأسي على كتفه، وكأني أريح عـذاب

، الًيالليالي الطويلة، التي أثقلت رأسي، وحتى تسكت، ولو قلالمطرقة التي تدق على رأسي مثل ساعة الحائط، وتسـللت

.ئالدافيدي لتنام في حضن يده ؟اهل قال لي معاتب:

ما هذا، الناس، ماذا تفعلين؟ :أجبته ودون تردد

!، مش حقيليكعإيه بسلم

.دي شقاوة وشيطنة.. ده مش سالمواهللا، ده أنا غلبانة خالصاأبد ..

؟!كرهل كنت أحلم، ال أتذكل ما أتذكره أنني كنت مشتبكة معـه بيـده أسـفل الجريدة التي كنت أتظاهر بقراءتها معه، وساقي تلتصـق بساقه، في نشوة غريبة ولحظات أحسبها اآلن مـن أجمـل

!لحظات عمري معهولكن الذي أيقظني من هذا الحلم الجميـل صـوت

باألتوبيس الذي وقف صارتطام قوي واصطدام الميكروبا ، ووجدتني أجلس وحيـدة فـي ا فأطاح باألحالم بعيد فجأة

.المقعد األخير هل عرف النوم طريقة لي هذه الليلة؟

لى البيـت وأنـا أرقـص إهيهات، هيهات، رجعت أحتضن حقيبتي المدرسـية، كـأنني أضـمه إلـى افرح ،

ضغط بعنف على يـدي، أتلمـس دفء يـده، أصدري، و لذي سـرى فـي المخدر اللذيذ والعجيب ا عجب من ذلك أو

!دمي، ومنحني كل هذا الفرح

حتى الدش البارد، الذي تعاركني أمي عليه، عنـدما تقول استحمي بالميه السخنة أحسن، لم يفلح في تهدئة ثورة

شـعر أجسدي المتوهج بحرارة اللقاء وال أدري لماذا كنت بلذة جميلة وأنا أالمس تضاريس جسدي المحمومة، وجدت

لهب عم عبده الذي يفترش ناصية شفتي جمرتين، أشد من ـ اشارعنا، ليشوي لنا كيزان الذرة، ووجدت صدري نابض

شعر بسـاقي أ بثورة الدماء المتدفقة، ولم الًبالدفء، مشتع ..بعد أثر خدر المالمسة تناولت الطعام؟

!هل تحدثت مع أمي :كل ما أتذكره أنني كلمت أمي بصوت خافت

.أنا داخلة أنام، ما حدش يصحينيوابتسمت في سري وحمدت اهللا أن أمي لـم تنجـب

أخرى تشاركني في غرفتي األثيرة، ومالذي اآلمـن، ابنتً .ودفتر ذكرياتي

شتعلت داخلـي احين وضعت رأسي على الوسادة، :مرة أخرى حزمة األسئلة

لماذا؟ كيف؟

:ورحت أناقش األمر بصوت خافت الوصـول ن على ، وأنت ال تقدري اإنه نجم عال جد

..، أنت فتاة مراهقةليهإكال لم أعد صغيرة، إنني إنسانة ناضجة، لقد كبرت،

!سنة وأدخل الجامعة .لكنك ما زلت تتصرفين كمراهقات اإلعدادية

..ال إنه يتكلم معي كفتاة ناضجةإنك تخدعين نفسك، إنه ال يشعر بك، إنـه يعـرف

.رات، بل المئات، أنت واهمةشمثلك الع ..إنه لي وحدي

نسيت اإلشاعات التي تمأل المدرسة وحكايتـه وهل تصبحين واحـدة فـي امع نجوى ودعاء وهناء حسين، غد

!قائمة جميل يعرف غيري؟اهل فزعت؟ هل حقً

:صدق نفسي وأنا أهمس قائلةأورحت

إنه وهو معي يشعر ويحس بي، إنني أقرأ حبه لـي !من نظرات عينيه، نعم إنه يبادلني الحب

أتي في األحالم وال أدري لمـاذا نمت على أمل أن ي :رحت أردد مع صوت فيروز الحنون؟

سكن الليل( .. األحالم فتعالئوفي ثوب السكون تختب

.فتعال، يا ابنة الحقل، نزور كرمة العشاق ) بذلك الرحيق حرقة األشواقئعلنا نطف

ولكنه لم يأت، وكيف يأتي وهو لم يفارقني بعد؟*** أقف أطـالع عنـاوين في الصباح المدرسي، كنت

ا سـم ا، ب ااألخبار، حتى هّل علينا كعادته كل صباح، مشرقً بيده لكل من تقابله من البنات، وبدأ يراجـع آيـات املوح

القرآن لذات الخمار، ثم الحديث الشريف، وكلمـة اليـوم، مـن والء الًوحكمة الصباح والتي صممت أن أقولها بـد

!! عله يفهم من الشعر المشهوراواخترت لها بيتً :ورحت أقول بصوت قوي واضح

..لغة العيون إن العيون إذا تكلم صمتها

خرست لديها ألسن الفصحاء وحين عاتبني لماذا رفضت قراءة أخبار الصباح؟

اثم قال مازح: !إنت أحسن من مذيعة نشرة التاسعة

:ورحت أقول في سري !وأنت تبدو أعظم من رشدي أباظه في فيلمه األخير

وعيت دروس اليوم وفهمتها؟هل فكـر، أحسـب، أوجدت نفسي شاردة طوال اليوم،

!لكني في النهاية لم أصل إلى حل يرضي قلبي :ورحت أسأل نفسي فلماذا يهتم بي؟! إن كان ال يحبني

في الحصة الثالثة، رأيت غضبي يتبخر، حين تبادلنا النظرات وضحكت وابتسم لي وسلم علينـا وراح يشـرح

:مي، ونحن نضحك في السر، ورحت أقول لوالءدرسه اليو

صـغر أ وهو يضحك، ويبدو الًانظري إنه يبدو طف مما نتصوراكثير !

وأتابع قراءته الجميلـة، والتـي إليهوجلست أستمع خجله الجميل، حين تسأله إحـدى اأحبها منه ويعجبني كثير

االطالبات، ثم أراه يتكلم قريب حتـى يتهـرب مـن ا وبعيد !لالسؤا

يا لجمال هذه اللحظات الجميلة التـي يبـدو فيهـا كالطفل البريء والخجول وكالعادة تمر الحصة في ثـوان قليلة، وتراني أتابعه في الردهات مع الموكب الذي يسـير معه من الفصل لحجرة المدرسين أو لجلسته المعتادة فـي

.. باألستاذ جميلا، إننا أكثر فصل تعلقًحديقة المدرسة ه رائد الفصل؟هل ألن

أم ألننا بكينا أمام مديرة المدرسة، عندما حـاول أن :يتركنا لمدرس آخر، فلقد ذهبنا كلنا ودون استثناء وقلنا لها

من فضلك األستاذ جميل مـن أعظـم المدرسـين، وأشرف األساتذة، ولو حضرتك صحيح فيه شـكوى مـن

احنا حضرتك كلنا هنا، اقفلـي علينـا البـاب، ٣/٣فصل ! مين البنت صاحبة الشكوىوقولي

يا أستاذة ممكن قوي أي بنت تكتب أي كالم وتوقـع باسم أي حد، احنا ها نجمع كراستنا وممكن نشـوف خـط

..مين ومتمسـكين ٣/٣حنا طالبـات فصـل امن فضلك

باألستاذ جميل ونرفض اإلشاعات والشكوى اللي مكتوبـة .باسمنا

ـ ا نفسـه ةهل فرحنا وطرنا من الفرح؟ ونسيت هبوأطلقت زغرودة، حين وقعت المديرة على الشكوى بـالقلم

:األحمر .تحفظ الشكوى لعدم جديتها

نعم أحب األستاذ جميل حين يشرح، وحـين يلقـي كلمة اإلذاعة، وآه من صوته الرخيم الجميل حـين يلقـي

يحلق بك فـي ملكـوت اقصيدة شعرية، تراه يأخذك بعيد ،ردهما وتطير بهمـا، إن السموات العالية، يهبك جناحين، تف

ويضعف، يزأر ويرق لينقـل ىوينخفض، يقو صوته يعلو

لنا إحساسه الصادق بالكلمات في حديقة المدرسة، أراه اآلن بحديثه إليها، وحين رآني أقـف ايجلس مع األزهار، سعيد

:مرتبكة، سألني !إيهفيه

:أصلي بكتب خواطر، شعر، مش عارفه وعاوزهفريتة علشان أشوف آخرة عيا ما فيش مشاكل، هاتي

..الشيطنة ..حضرتك تقرأ في البيت.. بس عندي اقتراح

من بين يدي، وراح يقلب في اوكعادته انفلت سريع سـامته ويقـول بعينيـه تكراستي الصغيرة، وأخذ يلوح باب

:الالمعتين !ةباي، باي، أشوفك بكر

: وأخذ يقرأ النسمة السندسية

يا قلب، قد غلبك الحنين فاضت منك األشواقو

يا نفس

!تأهبي وأجيبي هل تصمدين أمام هذه النسمة السندسية؟

وهل غدا يحمل بعض األمل؟ يراقب األمواجئما يزال فوق الشاط

يراودني حنين العاشقين في موكب األحالم !لكنني أخشى

أخشى أن ال يبقى لي سوى لحظة حب ذابت على وجه السنين

وتفرقت على آهات األنين خشىأ

أخشى أن تفرغ الكئوس المليئة باألشواق فال يتبقى لي سوى األنين

وأخشى أن يفر من أوكارنا حمام السالم من رصاص الحاقدين اخوفً من ظالم الجاهليناخوفً

في هذا الليل الحزينالكنني أراك بدر ****

حين امتلكت وعيي، وأدركت نفسي، وجدتني أسـأل ث لي؟نفسي ماذا حدث، وماذا يحد

أحسست أنني ال أسير على األرض، بل أطير فـوق .السحاب، إنه اآلن يقرأ أفكاري وخواطري

هل يشعر بحبي له؟ وهل يفهم أنه أصبح كل حياتي؟

في هدأة الليل، والنسمات تداعب الستارة الورديـة، زارني األستاذ جميل، أستقبله استقبال العشـاق الفـاتحين،

والمثير اقميص النوم القصير جد خاذ، ب بالعطر الباريسي األ اجد ،ل يدي، لمس خدي، شـفتيبالشعر الناعم الطويل، قب ،

قبلني وقبلته وجلس على حافة السرير، يتأمل جسدي الفوار : ، سـألني ا ويسار ابحرارة الشباب، وحين رآني أداعبه يمينً

هل تجيدين الرقص؟ أحلى من رقص سامية ارقصت نصف عارية، رقص

دنوت منه ضربته في كتفه، دفعته في صدره، فوقع جمال، على السرير، جذبني إليه، وأمطرنـي بقبالتـه الحـارة، وأحضانه الدافئة، وفرد لي ذراعه وسادة ألنام عليها، وأخذ

عيني وأصابع يده تعبث بشعري، ثم انزلقـت إلـى يتأملظهري، وأحسست برعشة خفيفة تسري في جسدي، شجعته

خاصرتي الملتهبة، ثم صعد ثانية إلى على المزيد، تحسس اصدري وضغط عليه، فكان طازج ـ ا، فـائر قـوة ئ يمتل

ونضارة، وجذبني إلى صدره، ووجدتني ألف يـدي علـى رأسه وشفتي فوق شفتيه وكانت ما تزال أغنية فيروز تتردد

:وتمأل سمعي ". بذلك الرحيق، حرقة األشواقئعلنا نطف"

وتمنيت أن أكمل ما حين أيقظتني أمي، غضبت منها .كنت أحلم به

في الصباح، ال أدري لماذا رأيت األسـتاذ جميـل ، رأيته يراجع البرنامج اإلذاعي على عجل، ا، حزينً اصموتً

لم يمزح كعادته، لم يتبادل االبتسامات والتحيات مع بنـات ـ علـى ااإلذاعة أو بنات الصفوف الدراسية، رأيته متحفظً

مـن الرجـال يقفـون أمـام اغير عادته، ورأيت ضيوفً ..الطابور

هل هم مفتشون من الـوزارة؟ أم موجهـون مـن اإلدارة؟

أن تفاصيل وجه األستاذ جميل تحمل الكن المقلق حقً اكثيرمن القلقا من الحزن، وبعض .

نعم، ال يمر أسبوع ويأتي لنا الموجهون والمفتشون، دة منـا ولكننا كنا نرى األستاذ يرحب بهم، ينادي على واح

:الًقائنادي على العاملة، خليها تعمل قهـوة مضـبوطة، وتجيب اثنين حاجة ساقعة، بعد تحية العلم تحرك الطابور، كان المفروض أن يتحرك معنا األستاذ جميل فهو صـاحب

لـه بـبعض الحصة األولى، ولكن المديرة لمحناها تهمس سـه وال أ بر ئ يـوم ا، حزينً االكلمات، وهو ما يزال صموتً

يتكلم، في الطريق إلى الفصل، كانت همسات البنات، تعلو وترتفع، دقائق ودخلت علينا المديرة ومعهـا ثالثـة مـن

.الضيوف علـى الصـدق ا، أخذ يتكلم كثير اوقف أكبرهم سنً

وأهمية قول الحـق ولـو . والكذب، وجريمة شهادة الزور

كلف ذلك حياة اإلنسان، ثم أخذ يتحدث عن أخالق األسـتاذ قـدمت ٣/٣يل، وعلمه الغزير، إال أن طالبة من فصل جم

لإلدارة تشكو األستاذ، وتتهمه بالتقصير في الشـرح أثنـاء الحصة، وأنه كثير الخروج عـن المـنهج، وأنـه يجبـر

.الطالبات على الدروس الخصوصيةاج الفصل وماج وزاد غضب الطالبـات، ساعتها ه

ه الشكوى، إن نرفض االتهامات، نؤكد أن هذ ا جميع اووقفن .٣/٣ فهي ليست من الًصأكانت هناك شكوى

:الًغضب المفتش وانفعل قائهل هذا ما تعلمتم من آداب الحـديث مـع األسـتاذ

.جميل .من فضلكم طالبة واحدة تقف وتجيب على األسئلة

:صرخ قائلةأووجدتني ستاذ، بس يا بنات، أنا حاصلة على مجمـوع أأنا يا

كان األستاذ جميل مدرسـي فـي والسنة اللي فاتت % ٩٧، والسنة دي كمان، أنا متفوقة قوي فـي مادتـه ٢/٣فصل

في مادته، أرفـض % ٩٧وحاصلة على مجموع أكثر من

كل الكذب واإلشاعات التي جاءت في الشكوى وأنا أؤكد لك .٣/٣يا أستاذ أن الشكوى دي مش من فصل

األستاذ جميل أستاذنا من سنة أولى، ومـن حـوالي عة أيام قلنا للمديرة نجمع يا أستاذة كراستنا وشوفي خط أرب

مين صاحبة الشكوى وعلى اسـتعداد لجمـع الكراسـات .والكشاكيل

تقولي حاجـة ةورد األستاذ وهو يهز رأسه، عاوز !كمان

يا أستاذ أقول لسيادتك أنني أعتمد علـى شـرح نعم وزيادة، ثم قلتها عاليـة ااألستاذ في الحصة وهو كاف جد

:بانفعال شديدووعلى فكرة يا أستاذ أنا ما خدتش دروس بره عنـد

.األستاذ جميل لهذا االنفعال الحامي في الدفاع عـن اال أدري سبب

األستاذ، ولكن التصفيق الحاد من الطلبات، وحرارة كلماتي كلمتي، صحيح سـألوا كـام بنـت أقنعت المفتشين بكفاية

هم خرجـوا بصوت هامس من الصفوف األماميـة، ولكـن من الفصلاسريع .

.وعاد تصفيق الطالبات مرة أخرى إلى الفصلواندفعت الطالبات تقبلني هـذه وتحتضـنني تلـك،

:وأكدت لي والء قائلة !يخرب بيتك، إنت محامية شاطرة قوي

:قلت بصوت عال .إيه احنا بنلعب، إحنا تربية األستاذ جميل

حاولنا إبالغ األستاذ بما حدث؟اذة وكيلة الدور، نهرتنا وصـرخت فينـا لكن األست

:وألول مرة يـا ليكعادخلوا الفصل يا شوية مصايب، يا عيني

.أستاذ جميلمع جرس الفسحة، تسابقن إليه كي نحكي له ماذا قلنا

وكيف واجهناهم؟ عليه، ونقله األستاذ يلكن األستاذ مش موجود، أغم

.إمام في سيارته إلسعافه

نات؟ بالتأكيد عـم الحـزن هل صرخنا، كم بكت الب !واأللم المدرسة كلها

.عدت من المدرسة، باكية، حزينة، كسيرة القلبدخلت حجرتي، رميت الشنطة طوحت الشوز، ألقيت بنفسي على السرير، تقلبت، شعرت بالصداع يشق رأسـي

انصفين، قلبي يدق بسرعة، صدري يعلو ويهـبط سـريع ، .هواء البارد ال فائدةدري بالصأختنق، أفتح الشباك، أمأل

كانت حجرتي حزينة، وألول مرة شعرت أن الستارة تقف منكسة الرأس، صامتة، ال تلعب مـع هـواء الشـتاء

. البارداتسعت عيناي، أحدق في الصورة الملونة الكبيـرة، لطفل ضاحك باسم، تأملت عيني الطفل، شاهدت الـدموع

شفتيه، أشـعر تمأل عينيه، االبتسامة رأيتها تقف ذابلة على .أن الهواء ساكن ومقبض، أخرج من الحجرة ألوذ بالبلكونة

السماء الصافية ابتلعتها السحب الداكنة، هدوء الهواء أمشير، امـتأل الجـو " زعابيب"انقلب فجأة إلى عواصف،

.بالعواصف الترابية

تراجعت إلى الداخل أفرك عينـي، أغلـق شـيش م، أتحسس رأسـي البلكونة، أضع يدي على جبيني المحمو

.المشتعل بالصداع، أسير في الصالة الواسعةأتأمل األنتريه المزركش، المعد للضـيوف أتـذكر

ـ يثالثة شهور، ال أحد طرق علينا الباب، وال أحد زارنا ف !شقتنا

خر مكالمة لي مع أبي، يمكن شهر أو يزيد، آأتذكر أتذكر كلماته؟

!عنيسامحيني يا ابنتي، كل اللي حصل كان غصب .بيتي مفتوح لك بالليل قبل النهار.. مش هاقدر

، تحبي تقعدي مـع الً وسه الً تعيشي معايا أه ةعاوز .مامتك براحتك

أن أفتح اتمزق، قلبي ينفطر على أمي، حاولت كثير أهذا الكتاب المقفول، أن أقرأ سطوره، لكني أقـف عـاجزة

!أمام كبرياء أميإثارة أمياأحاول كثير : ..ا رجل وحش وظالميعني باب

أرى عينيها الذابلتين، تنظران للبعيد، تهـز رأسـها : وتؤكد

.أبوك رجل فاضل.. ال يا رانيا :قول بغيظأ

طيب قولي، إيه السبب؟أشاهد أمي والدموع تفيض علـى خـديها، أجـري نحوها، أحضنها، أبكي معها، تضمني إلى صدرها، تربـت

:على كتفي وتقول هامسة !العند.. بنتياا ما فيش نصيب ي

:تبتلع شهقتها المكتومة وتكمل !العند خراب البيوت.. العند

؟الًهل وقفت في الصالة طويمسحت دموعي، جلست للتليفون، طلبـت األسـتاذ

:جميل في بيته، الجرس الطويل يؤكد .ال يوجد أحد

انظر على ساعة الحائط، العقارب تشير إلى الثالثة، مطبخ، أعـود للصـالة، أدخـل أسير في الصالة، أدخل ال

غرفتي، ينقبض صدري رأسي تدور، أعود للصالة، أتأمل :عقارب الساعة مرة ثانية وأؤكد لنفسي .ساعتان وماما ترجع من الشغل

:صوت أمي يرن في أذنييا رانيا يا حبيبتي، شغلنا في البنك مالوش مواعيـد

.ثابتة، يمكن خمسة، سبعة، تسعةأول ما ترجعـي مـن .. بتيتعذبي نفسك ليه يا حبي

!المدرسة اتغدى أنت اولم يحدث أبد نتظرها على الغداء، ألنهـا أ ا، فدائم

.دتان في البيتيأمي، وألننا وحطلبت األستاذ مرة ثانية، ما يزال الجرس الطويـل،

!يرن وكأنه يعاندنينمت وصحيت، وجلست ووقفت، مشيت ورجعـت،

القلق يزداد، وضربات فتحت كل الغرف وقفلتها، وال فائدة، القلب تسرع، ورأسي تدور، أجلس صدري يضيق، قلبـي

.نتظار قاتل، والوحدة وحش مفترسينقبض، واال أبكي؟له

وهل أحب األستاذ جميل كل هذا الحب؟ ولماذا كل هذا القلق والحيرة والخوف؟

هل أصابه سوء؟طلبت والءاأخير !

!ما فيش أخبار عن األستاذ جميل !كل البنات اتصلوا، وال أحد بيردما فيش،

!ده أكيد الدرس الزم يتأجل !لو عرفت حاجة، أبلغك حاضر! صدقيني

!ال أدري لماذا؟ شعرت بحاجتي إلى حمام سخن تحت الدش السخن؟الًهل وقفت طوي للفرح الطاغي، الذي شـملني وأنـا اال أعرف سبب

.المس التفاصيل األنثويةأب، الردفـان مشـدودان، الصدر مشتعل بثورة الشبا

ملفوفان في تناسق بديع، البطن ضامرة، الخصر نحيـف، قطرات الماء تداعب خصالت الشعر الناعم الطويل، تفـاح الخدود نضج وأثمر، وحبة الفراولة التي طابت وانقسـمت

:على الشفتين تناديك

!يا أنيس الليل الطويل أين أنت؟ وماذا أصابك؟

!تني بنفسي من أجلكإنني أع. ال تتركني وحيدة لك، أهدهد أشواق ليـل الوحـدة، ا نفسي حب نأصو

! لكانتظاراأسكت عن كالم المديح، في الشارع، في السوق من

أسكت عـن الهمسـات . أخوة الزميالت، حتى أسمعه منك ...التي تقولها، والء، نجوى

!أعرف وأسمع ولكن ال أصدق هل تعرف لماذا؟

!ألني أحبك ! وطابت أين أنت يا روح الروحالزهرة أينعت،

وفراولةا، ورمانًاشجرة الحب أثمرت، تفاح . ومائدة الحب تناديك، أنت أول يد، تلمس أول قطفـة

فأين ذهبت؟

قلبي يناديك، وعقلـي يسـتغيث ! عد يا روح الروح جوارحي تشتاق إليك، عيناي ظمآنة لرؤيتك، تريد أن . بك

.تشبع منكاسمك ورسـمك دم . لكتفاصيل الجسد ثائرة من أج

.امتزج بدمياألخ والرفيق، األب ! أنت األهل، الصاحب والصديق

!والحبيب !يا زهرة عمري وشمس حياتي ال تتركني وحيدة

هل عمني الفرح الطاغي بالدش الساخن؟ في حديقة الذكريات؟الًهل حلقت طوي

جلست في غرفتي أمشط شعري، أديـر الكاسـيت، ! شدو بالعذاب والحـب واأللـم ينساب صوت عبد الحليم ي

:وجدتني أردد !مسكين يا حليم كم تعذبت وكم يتعذب المحبون

أحلق في سماء الغرفة، أغمض العينين، أسبح فـي :اللحن الجميل، أردد

!أهواك، وأتمنى لو أنساك، وأنسى روحي وياك

!شتاق لعذابي معاكأأتاريني بانسى جفاك و، أدور، أضم يدي على صدري، أرقص في الغرفـة

أحلم، أحضنه، يحضنني يضمني إلى صدره يقبلني، يضغط علي يجذبني إليه أغيب عن الوعي، تنكسـر ضـلوعي ال

أشـعر بفقـرات ! يهم، ترتعش أطرافي بين يديه ال أبـالي !ظهري تطقطق بين أحضانه ال أهتم

يسري الدفء في دمي، تشتعل ثورة جسدي، ألـتحم كثر، أصالح الليـالي بالجسد الحي الحضن يضمني أكثر وأ

الباردة، أنسى الوحدة القاتلة، أفتح عيني فجأة، أجدني فـي !أحضان أمي

عن الًبعد الغذاء قررت زيارة والء، ربما ألخفف قلي .نفسي المتعبة

في الطريق إلى والء أحسست بالبرد يهزمني، ألمس أطرافي، أجدها باردة، توقفت فجأة هززت رأسي، عكست

.تجاه السيرابتسامة الصافية تعيد ترتيب مالمحي، أحتاج إليـه اال

اآلن أكثر، ضمة منه تكفيني، قبلة منـه تروينـي، كانـت

، أشعر بهما يهروالن، عيناي تتسع يقدماي تدبان بنشاط عف تفرح به، ذراعاي جناحان يخفقان فـي صـمت، كأنهمـا يستعدان للحضن الكبير، رعشة خفيفـة تعـم أعضـائي،

ة، نسيتها أمهـا فبللهـا المطـر، أرتجف كعصفورة صغير يأويها، يحميهـا مـن بـرد ئراحت تبحث عن حضن داف

ومطر الشتاء، خوف يعتصرني بشـدة، دمـوعي تفـيض كدموع طفلة تاهت في مولد السيدة زينب، وقفـت تبكـي

.انشغال األم وفقد األبـ الدموع الساخنة تقطر في صـمت، أسـرع ا إليه

ـ من العيون المفتوحة، الًأمسحها خج ، ا بطرف المنديل حينًوفي أحيان كثيرة أمسح دموعي بكلتا يدي، حينمـا يشـتد

.فيضان الدموعدرجات السلم الكثيرة هدهـدت نفسـي، والمنـديل الورقي عالج رشح أنفي على مرتين، مسـحت دمـوعي،

سي همومي، أزحـت أعدلت خصلة شعري، نفضت عن ر ، رسمت علـى شـفتي ابتسـامة الًأحزاني عن صدري قلي

ريضة حين طالعت البرواز المذهب، والخط الجميل الذي ع

على باب الشقة عمنـي الفـرح الطفـولي، .. ينقش اسمه أحسست بزهو كبير، بفخر لمست حروف اسمه، أخرجـت

ـ ا نظيفً الًمندي ا، نسيت أحزانـي ودمـوعي، قفـزت عالي ،كعصفورة صغيرة وجيء إليها بـالزاد، أتخيلـه، يجـري

ي لحضنه، يمطرنـي بقبالتـه، نحوي، يفتح ذراعيه يضمن يمسح على شعري، أنام على كتفه، يحملني بين ذراعيـه،

بي، أكلمه، يكلمني، ينفرد بـي، ا، يدور فرح الًيرفعني قلي لى حضنه ليال كثيرة، كي أرتوي من فيض حبـه إيضمني

فرحة ضغطت على جـرس .. سمهاالكبير عانقت حروف مالبسها قـذرة، الباب، فتحت الباب فتاة صغيرة، منكسرة،

قـاء را بأسى وشـفقة، أفزعتنـي الهـاالت الز إليهنظرت ..والسوداء حول عينيها وتحت أذنها

؟! مين حضرتكةعاوز ..بابا موجود

.اتفضلي.. حضرتك ست رانيايا حبيبتياشكر ..

؟الًهل جلست في الصالة طوي

يرقبني بعينيـه ابعد قليل، جاء مصطفى، وقف بعيد ت عليه، أشرت له بالشيكوالته، هز رأسـه الواسعتين، نادي

ارافض. !تعال يا حبيبي.. يا مصطفى أنا أختك رانياالتع

:الً بطرف عينيه قائإلينظر !محمد أخويا بس

لوى عنقه، وجرى للداخل، تركني وحيدة، يهاجمني .القلق ثانية

ابعد طول انتظار جاءني أبي يحمل بين يديه محمـد .الصغير !زيكإيا، يا رانالًأه

، كنت أود لو يأخذني لصـدره، يضـمني إليهقمت لحضنه، لكنه حتى لم يسلم علي بيـده، فقـد كانـت يـداه

!مشغولتين بالولد الصغير ..عاملة إيه في دروسك

!قولي، عاوزة إيه

، إلـى إليهنني في أشد الحاجة أأردت أن أقول له، ، أشرب من حنانه، أرتـوي مـن حبـه، إليهبي، يضمني أ

س لساني، وشفتاي وقفتا صامتتين على بـاب لسـاني، خر، أرى أبي اآلن يضع يـده اتمنعه أن ينطق، أن يطلب شيئً

في جيب روبه األحمر المزركش باأللوان الزاهية، ترجـع . أبيضايده تمسك ظرفً

!خدي يا رانيا علشان دروسك :كدت أصرخ في وجه أبي، تمنيت أن أقول له

!يا بابا أنا عاوزاك إنتبي، تناولت المظروف من يده وأنا أبتلع أأمام إلحاح

.الميآدموعي ويا بابا مش ناقصـني حاجـة، مامـا بتقـوم اشكر !بالواجب

وضعت الظرف على الصـينية المذهبـة، بجانـب بـي ألى إالمشروب البارد، فوق تربيزة األنتريه، ونظرت

.أعاتبه

م بمداعبة محمد الصغير، حتى أنه ل الًكان أبي مشغو يشعر بي، وأنا أقف دامعة العينين، أجري نحـو البـاب،

، وخيوط الدمع تفيض، تنهمر تغطـي هأفتحه، أتسلل خارج طيات المنديل التي عجـزت عـن مالمحي، لم تفلح معها

.ا وكمداالشالل المنهمر من المآقي المشتعلة حزنً تغلق الباب، والثانية تمسح دموعي تارة، يمددت يد

ح وتزيح التراب الذي علق على حـروف وتارة أخرى تمس !البرواز المذهب البارد

في الشارع، كنت أحتمي بجلد الجاكت مـن البـرد خـر زرار، الزاحف نحوي، أحكمـت غلـق الجاكيـت آل

! من الدفءالًوضعت يدي في جيبي، أتلمس قليلى البيت، وددت أن أعانق أمي، أقبـل إفي الطريق

رفضها الزواج، أبكي في يديها، أشكر تضحيتها من أجلي، . بفضلها الكبيراعترافًاحضنها،

وضعت المفتاح، تسللت على قدمي، فتحت غرفتها، أجدها مع المالئكة بعد تعب اليوم الطويـل، والحسـابات

!واألرقام التي ال تنتهي

أتأمل مالمح أمي؟الًهل وقفت طوي .كانت تنام هادئة، راضية، حلوة المالمح باسمة

طلق أبي أمي؟ترى لماذا أشفقت عليها، مددت يدي، أغلق الباب برفق وهدوء، جلست للتليفزيون، البرامج مكررة، األفالم القديمة حفظتها، األغاني الجديدة، تشعرك بالقيء، ال شـرقية وال غربيـة،

من هؤالء؟! ماسخة ال طعم لها وال لون صاخبة، كلمات بـال ابنات نصف عاريات، موسيق

!معنىلتليفزيون، دخلت غرفتي، خرجت، طلبـت أغلقت ا

!األستاذ هل هذا معقول؟

جلست على ! الجرس الطويل سكين بارد في صدري عد يا إليهالمكتب، تناولت كراسة المذكرات ورحت أكتب

.مهجة الروح ين أنت؟أ

!هل أدركت اآلن؟ كم حاجتي إليك

تأكل صبري، قلقي إليكبي شوق إليك كبير، لهفتي .امه النوم، عد إلي يفر أمإليك

!كم أحتاج إليك هل عرفت انشغالهم عني؟

يسأل عني، يشجعني يأخـذ بيـدي، .. لم يعد غيرك !يضمد جراحي النازفة

!يضمني إليه، أصالح به جفاء األحبة

5

أيتها العرافة المقدسة"

ماذا تفيد الكلمات البائسة؟ قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار

اروفاتهموا عينيك يا زرقاء بالب قلت لهم ما قلت عن مسيرة األشجار

فاستضحكوا من وهمك الثرثار ضوا بنايقا: حد السيفبوحين فوجئوا

والفراروالتمسوا النجاة ونحن جرحى القلب لم يبق إال الموت

والحطام

والدمار وصبية مشردون يعبرون آخر األنهار

ونسوة يسقن في سالسل األسر وفي ثياب العار

)أمل دنقل(

هل تذكرون ذات العيون الخضراء التـي أحبـت األستاذ في الصفحات األولى من هذه الرواية؟

هل تعرفونني؟ !نجوى

تـرف لكـم، واختـرت أن حضرت هنا كـي أع كما صاحبتها – الفصل –صاحب هناء حسين على الورق أ

البيت قصدي شقة الغرام، أنفض عني الغبار، –في حياتي .كي تقفوا على الحقيقة، عارية بال زخرفة

نعم هي األستاذة بحكم، الخبرة، التجربة، التخطيط، !شقة الغرام

ت في مطاردة األسـتاذ، سـكن الكني نجحت أخيرعقله، طيرت النوم من عينيه، حتى يكتبنـي، أو يتركنـي

!أكتب نفسي بصراحة، ودون خجلها أنا أقف بين يديكم، لم يخـدعني أحـد، لكنـي

.سعيت للحب حتى أقتل الفراغ عترف لكم؟أهل

كما – يوم جميل –تبدأ حكايتي منذ الفصل األول عرفتم، أن أختي الكبيرة متزوجة في مصر الجديدة، أبـي

بعد يوم ا لذلك فهما يوم – أحفادهما –وأمي يحبان أوالدها عندها، ويتركونني في الشقة بمفردي، هي نفـس ظـروف هناء حسين، فأختها متزوجة في كندا، هناء بمفردهـا فـي شقتها، النشغال أمها بمحالت السمك طول الليل بعد وفـاة

!زوجها ال أعرف متى بدأت الحكاية بالضبط؟

ه، أنني كنت أبحث في مكتبة بابا عن كل ما أتذكر ديوان شعر، أو قصة جميلة، أبدد بهـا القلـق، الوحـدة،

!الفراغ تحت كتاب قديم، عالجت الضـلفة اوجدت مفتاح

االتي يحرص أبي على قفلها دوم. !يا للمفاجئة

وجدت مجموعة من شرائط الفيديو األجنبية، غير ، اأخذت واحـد " دللويك إن " شتريها من الشارع أالتي أنزل

وخرجت للصالة، أدرت الشريط، جلسـت علـى األرض، .اتسعت عيناي دهشة

ما هذا؟ !إنه كنز عثرت عليه، ألبدد به الملل الرتيب! ووهأ

هل عرفت اآلن سر غلق الحجرة على أبي وأمي، مساء كل خميس؟

في الصباح المدرسي، كنت أجلس فـي الفصـل ما اكتشفته وعثـرت بجانب هناء حسين، وأخذت أحكي لها

.عليهبعد يوم، كنت أجلس مع هناء، كي نشـاهد اويوم

سعينا إلى ذلك بـدافع اأفالم الروشنة، ونمارس الحب سوي ، !حب التجربة، والهوس والشغف لتذوق الجنس

!نعم نمارس الحبأدوار الرجل والمرأة، ننام عرايا، نتبادل كنا نتبادل

ات الثدي، الضـغط علـى قبالت الفم الحارقة، نداعب حلم .أماكن اإلثارة، حتى نشبع ونرتوي

ضاقت الشقة بحبنا، اقترحت هناء، أن ننتقل إلـى !بيتها، فهناك الشقة واسعة وأمان

الرغبة تشتعل في الفيلم، وأنا أضغط على هنـاء، . أطلب المزيد

فجأة دق جرس الباب، خفت، فزعـت، خطفـت : تقولءوسمعت هنامالبسي، قفلت حجرة هناء علي، دقيقة

! يا نجوى، ده أسامة صاحبييتعالنصف ساعة، وكان أسامة يقوم بأول رجل حقيقي

.يمارس الحب مع هناء أماميسامة وكـأني أ هناء و – بدهشة وتلذذ –كنت أتابع

أتابع الفيلم، أحسست بخوف ورعشـة، وتـذكرت ضـياع مستقبل مئات البنات على شاشة األفالم العربيـة، تسـللت

.دوء، خارجة من شقة هناء، وتركتهما يرتشفان الحببهفي حصة األحياء، كان األسـتاذ يشـرح، يعيـد

.ويزيد، والبنات يضحكن، ويتغامزن :لكزتني هناء قائلة

! ليه يا جبانةيمشيت

ـ ةيا حبيبتي ده صاحبك، وبعدين مش عاوز ر أخس !نفسي

:همست في أذنيهنــاك ثالثــة أنــواع مــن األغشــية ال تتــأثر

".المطاطي، والغربالي، والسميك"الممارسةببعد الحصة كتبت ورقة صغيرة ألستاذ األحيـاء، أسأله عن األنواع السابقة، ومدى خطورة الممارسة عليها،

.الً تفحصني، ضغط على يدي قائإلينظر بكره عندي مجموعة مدرسية قبل طابور الصباح

ما حدش قبلهم بشوية وأنا أشرح لك، علشان يبساعة، تعال !ياخد باله

قبل ميعاد المجموعة بنصف ساعة، كنت معه في ويشتكي مرض زوجته، وهجرها له، االمعمل، يشرح نوع

!وأنه بدأ يفكر في الزواج عن مهارة الرجل المتزوج فـي اإلشـباع حويشر

!الجنسي، وفشل نصف الشباب

يلمح أنه يمكن أن يعلمني أكثر من ثالثـة طـرق ! أن أفقد عذريتيلممارسة الحب دون

!أقول لكم الحقيقةنعم كان األستاذ يلف ويدور ويلمح ولكني شجعته

عندما أخبرته أنني مارست الحب مع فتاة في البيتاكثير . كتفيت في هذا اليوم أن تركته يقبلني ويحضـني ا

...فقط :الًحين سمعنا جرس الصباح، ضغط على يدي قائ

!ة تيجي بدري شويةبكر الباكر، كان ينتظرنـي مـن شـباك في الصباح

، أخذني بين أحضانه، قبلني في فمـي إليهالمعمل، صعدت !قبلة طويلة حارقة، سكرت معها، ودارت رأسي

رفعني على حجره، كشف الجيب الواسعة، مد يده يجذب القطعة الصغيرة، رفضت، جذب، تشبست، تنـاول

ا، أحسسـت بـه، سـاخنً الًشفتي، استسلمت لجذب يده قلي ! يلعب في مؤخرتيامنتصبو

حين حاول أن يدفع به للـداخل، شـعرت بـاأللم يمزقني، قفزت من على حجره، أتحسـس نفسـي، أرفـع القطعة الصغيرة بيد، وبالثانية خطفت شنطتي، قفزت على

! مرة أخرىإليهالسلم هاربة ولم أعد بعد يومين طلبتني هناء في التليفون، قبل السـابعة

الحضوروألحت في . مساء! سـامة، أفي شقة هناء تعرفت على حسام صديق

رقصنا، ثم جلسنا في الحجرة الصـغيرة، . تعارفنا، شربنا المجهزة بالفيديو، والتي كنا نطلق عليها عش الغرام أدرنـا

.شريط الحبدقائق واتسعت لنا عين الدهشة والمتعة، استسلمت

!ادبأكل منا لصاحبها، أخذنا نشرب، نرتشف، وما شبعنا هل أعترف لكم؟

مـس روحـي، ال معي، وهو ي اكم كان حسام رقيقً ، برفق، وعلى مهل حين شعرت به، سـكرت ا، ماهر اخفيفً

!معه، جذبته ناحيتي، أكثر وأكثر

كنت أحضنه وأنا أشعر أنني أمتلك العـالم بـين !ساقي

مع هناء حسين، أنـا ال أحـب انعم اختلف كثير تلك األمور التي تتكلم فيها مع في االسياسة، وال أفهم كثير

!أصحابها، خاصة األجانب وال أدري لماذا شعرت بالخطر أكثر من مرة؟

حتى لو اخاصة وهم يتكلمون في أمور خاصة جد ،تكلمنا فيها، ال يمكن أن نفضـح أنفسـنا أمـام األجانـب،

لكنها ! لى حساسية هذه األمور إ لفت انتباهها اوحاولت كثير !عن رأيها حتى الموتعنيدة، تدافع

....فاحترمت وجهة نظرها حول أهمية ممارسة الحب، وندافع اتفق معها تمام ا

عن حريتنا في ذلكامع . !حاولنا أن نجرب اللعب مع المدرسين

كثر الغياب، هددنا األستاذ أمين أكثر مـن مـرة لـى إ بذلك، نظرت ابالفصل من المدرسة، وكتب لنا إنذار

!عيني غامزة، هزت رأسهاهناء، قفلت لها

!أستاذ أمين، أصل حضرتك، كنا نجهز للحفلة !حفلة إيه

!عيد ميالد يا أستاذوانحنت أمامه هناء وقـد فتحـت زراريـن مـن

:قميصها دفعة واحدة، همست !ستاذأحضرتك أول المعازيم يا

عدل األستاذ أمين نظارته، مسـح عرقـه، ابتلـع :في حسرةريقه، أغمض عينيه هز رأسه، تمتم .........إنها ثورة الشباب، الجنون

شـارتي، ولبـى إودعوت األستاذ إمام، الذي فهم اسريع .

أعدت هناء مائدة فاخرة، من الجمبري، االستكوزا، ، أجلنا الفيديو حتى االفيليه، علب البيرة المستوردة، الموسيق

.نجس النبضأكل األستاذ أمين كأنه لم يأكل من قبل وشـرب،

.ته هناء للرقصودع

حين لعبت البيرة برأسـه، قبـل هنـاء أمامنـا، :وحضنها، فغمزت لي بعينيها

!تعال يا أستاذ، الرقص جوه أحسن، اقتـرب منـي، الًرقصت مع األستاذ إمام طـوي

اشجعته، قبلني على خدي، تركت شفتاي له، تعجبني كثير رفـة هذه القبلة الحارقة الطويلة، جذبته من يده، ودخلنا الغ

.الثانية ! عن المشاهدة بالممارسةاهكذا استغنين

اكنا نغيب عن المدرسة كثير. إذا ذهبنا نستأذن من األستاذ أمين وكيل المدرسة،

! ساعةةنأخذ منه إذن الخروج في أياألستاذ أمين انقلب فجأة، صـبغ شـعره، هـذب ـ اشاربه، شفط كرشه، وأخذ يتجول فـي الحـوش منفوشً

: وصدق كالم هناء حسينكالديك الشركسي !أنت يا أستاذ محطم قلوب العذارى

طلب األستاذ أمين من هناء أن يزورها في البيـت .أكثر من مرة وألح في الرجاء

:تبادلنا النظرات، قلت لهناء .األستاذ أمين يحتاج فرملة

، دعونـا األسـتاذ أمـين، انعم كان األمر بسـيطً لعبة العشق والغـرام، وحسـب واألستاذ إمام، لعبنا معهم

يقف خلـف السـتارة –صاحب هناء . االتفاق كان أسامة . ميرا الفيديواكلبا

وصرخنا الثالثة من الفرحة على عبقرية أسامة في .التصوير، وأستاذية هناء في العشق والغرام

.إيه الجمال ده، أحسن من األفالم المستوردةي أعطت هنـاء نسـخة مـن سفي الصباح المدر

صفر وجهه، عرق، وأحسست أنـه االشريط لألستاذ أمين، .كبر فجأة عشرين سنة

هل كنا نفهم خطورة ما نفعل؟ .فقط كنا نمارس الحب ونالعب المدرسين

سبوع واقترح األستاذ إمام دعوة األسـتاذ خالـد، أوافقت هناء، ورقصت مع األستاذ خالد، ورقصت أنا مـع

. خلف الستارة–دة كالعا–األستاذ إمام، وكان أسامة

.شهور طويلة مع الحب واللهو والمزاحوحده العنيد، رفض كل محاوالت هناء، كتبت له، كلمته في التليفون، اعترفت له بأنها تحبه، تموت فيه، هـو فتى أحالمها، جاءت له بدعوى لالشتراك فـي األسـبوع السياحي في الغردقة أو دهب أو شرم الشيخ لكنه رفض، ال

ماذا؟ندري لت معه كل اإلغراءات لكنها فشلت معه، باتت بجر

:هناء كالمجنونة، تصرخ تسب وتشتم وتردد من هو حتى يرفضني أنا؟

وحاولت مرة أخرى أن تدعوه للبيت بحجة حاجتها !للدرس الخصوصي

يـا هنـاء : الًورفض األستاذ جميل كل ذلك قـائ !طلعيني من دماغك

راهنـا عليـه، ، وت ا معه كثيـر ايضأوحاولت أنا وخسرنا الرهان وكانت آخر المحاوالت معـه أن أدعـوه

.للبيت في غياب بابا وماما

استجاب، نجحت في تحديد موعد عندي في اأخير .البيت، واستقبلته بود وحنان

كانت هناء حسين تنتظر في الغرفة المغلقـة مـع .أسامة حسب االتفاق

فتم ، فطردته كما عر إليهولكنه أبى ورفض دعوتي .في الفصل األول

!شتهيهألكنني مازلت أحبه وواآلن هل أترك لكم هناء حسين حتى تعترف لكم

ومن قريب؟كانت هناء تقف هناك، وأزهار حديقـة المدرسـة

وحيـدة وشـعرها تتفتح على خديها، طويلة تقف مثل نخلة الطويل يغطي كتفيها ونصف ظهرها كصفصافة على بحر

.النيلئرتين، تكـز اعينين زائغتين وغ تراقب ما يحدث ب

على فكيها بغضب مكتوم وكانت نظرات البنات تطولهـا، فـي ي واإلهمال والتعال اتتفحصها، بالنظرات النارية أحيانً

.أحيان كثيرة

وحين نادى عليها األستاذ أمين وكيـل المدرسـة، كأنه انتشلها من بحر وحدتها، ونجاها من األفواه والنظرات

عليها، وتمزقها لتظهر الحقيقة عارية وأمام التي تكاد تهجم ...الجميع

خاذ، أنعم كانت هناء، ندية، نضرة، تسطع بجمال يخطف العيون، ويأسر القلوب وتسقط األفـواه المدهوشـة

.وتسبح في فلكها وتهيم، فيه بكارة الصحراء، يوكانت تتمتع بجمال وحش

لبنات، كثيرة العراك مع ا اوصفاء وجه النيل، وكانت أيضكثيرة التردد على مكتب مديرة المدرسة، ووكيل المدرسـة

ا ويحقدن ه أن البنات يكرهن اواألخصائي النفسي، تعلل دومأجمـل عليها، ويغرن منها لجمالها، فهي على حد تعبيرها،

من هي هناء – هكذا تقول – سوف تعرفون االبنات، وقريب ة الجمال فـي حسين، فلقد اختاروها للمنافسة على لقب ملك

مـع مخـرج – هكذا تدعي –مصر، إن هناك مفاوضات ت تقرأ اسمها فـي نسينمائي كبير، لتأخذ دور البطولة، وك

كل األنشطة والجماعات المدرسية، جماعة التمثيل، جماعة

اإللقاء، جماعة المسرح، وهكذا وجدت هناء نفسها، أو مـا يشبع غرور جمالها الوحشي، وتتحرر من قيـود الفصـل

.المدرسي، وتفر من النظرات النارية للبنات ! درس عربيةأستاذ جميل، عاوز ..يا هناء، أنت متفوقة

لكني، ضعيفة في النحو األستاذ خالد عامل مجموعة مدرسية

.. درس في البيت، ولوحديةعاوزدين ما فـيش البيت ولوحدك، صعب قوي وبع في

.وقتشوف حضرتك الوقـت اللـي يناسـبك، وحـدد

....لغالمب ..الفلوس مش كل حاجة ..أعتبر حضرتك موافق

وحين أعلن األستاذ جميل مشرف جماعة اإللقـاء بدء تدريبات اإللقاء، وجد خمس طالبات وهنـاء، ثـارت

الطالبات، يكفيها التمثيل والمسرح والرقص، ولتتـرك لنـا ..اإللقاء

أمام تصميم هناء أن تقيد اسمها في جماعة اإللقاء و صرخت الطالبات، بكين وقلن للمشرف، البد أن وأول اسم، ثورة البنات، يشـرح لهـن، ئ، وأخذ جميل يهد اتفعل شيئً

..ولكن الطالبات انصرفن غاضبات باكيات طالبة مـن ةصحيح المشرف ال يملك أن يمنع أي

.يةسالمشاركة في األنشطة المدروهكذا وجد جميل نفسه يجلس مع هناء فـي كـل

.جدوله المدرسيالحصص الخالية من ..عمل حسابك يوم الخميس عيد ميالديا

....كل سنة و ...الزم تحضر

..........حسب الظروفالقعدة ها تعجبك قوي، رقص، فرفشـة، هاخليـك

.....تعمل دماغ ...خايف عليك صدقيني يا هناء، أنا

..روش نفسك، نفسي أخليك تسافر... بس تعال السفر إلى لبنان كان يسمع أنها كثيرة " أسافر فين؟

".وتركيا أجنحة، وتركب حصان خيالك اتمسك الصاروخ أب

..وتطيرعاوز تمارس الحب، تالقي، خايف اقعد على دكة

!المتفرجين !إنت فاكرني لسه تلميذة، يا أستاذ أنا شابة ناضجة

تعال بس وإنت تشوف وتعرف، فيـه جمبـري، صدي واستكوزا، وبيرة ووسكي، وشيشة مغمسة، وسجاير ق

!نصواريخ ذات األجنحة وتعمل دماغ كما كل ده منين؟

يا أستاذ احنا عندنا أكبر محالت سمك فـي البلـد ساعة، أنا أملك أكبرهم، وأمي وأختـي البـاقي، ٢٤تعمل

..وحاجات تانية كتير !بوكأو

...تعيش إنت من خمس سنوات

أختك معاك في البيت؟ي ليـل أختي مسافرة كندا مع زوجها وعيالها، وأم

.ونهار في المحالت "امندهشً"ليل ونهار؟

مش بالضبط، بالنهار نايمة، وبالليل تتابع المحالت !وأنا طول الليل لوحدي أعد النجوم! بالمحمول

هل أدرك جميل معنى الخوف والقلق الذي يكبـر بعد يوم، هل عرف وفهم سـر كثـرة اداخله ويتضخم يوم

وتهمس بها البنات؟المدرسة، اإلشاعات التي تتردد في أن األستاذ أمين وكيل المدرسة يتـردد اسمع يوم

اعلى هناء حسين كثير فـي ا في البيت وأنه يعطيها دروس ويتردد على أمهـا – فهو أستاذ رياضة قديم –الرياضيات ويخرج كل مرة يحمل شنطة كبيرة بها عـدة –في المحل

ن خالـد وسـمع أ .... .لفافات من الجمبري واالستكوزا و مدرس العربي يتردد عليها، وإمـام مـدرس اإلنجليـزي

تتسع عين جميل دهشة، يحاول أن يفهم هذا العـالم .. اأيض

بعد اسم لسذاجته الريفية، يرى الهوة تزداد يوم يتالغريب وي ايوم، وكأنه يقف في هذا العراء وحيد.

. أمين بيجيلك البيتذاٍألستا .أحسن أستاذ رياضة

.الدواألستاذ خ ..لسنة اللي فاتت بس، وبعدين أنا قرفت منها

..عيب كدهوهو ده يعرف العيب، عاوز يعاملني زي ولد في

..حارة ضلمة ..واألستاذ إمام

إمام ده حبيب قلبي، سـكرة المدرسـة، زي .. ال ..حضرتك كده

..بيجيلك البيت !!من سنة أولى، أكثر أستاذ فاهمني

..بيجيلك الساعة كاملما يخلص .. اتناشر االساعة عشرة، وأحيانً اأحيانً

..دروس

..دروس الساعة اتناشراسمع في مرة الجـرس .. إنت طيب قوي يا أستاذ

ضرب، فتحت الباب، لقيته واقف علـى البـاب وماسـك ..دماغه، وقال يا هناء عندي صداع جامد

أكل جمبري، وجهزت له كام صاروخ، وفرفشـنا من عندي الساعة اثنـين شوية، وريحته على اآلخر ونزل

. قلبياونصف يغني يا مالكًيفتح جميل فمه أوسع من فناء المدرسة وبعينـين غائرتين، دامعتين ما يزال يكرر على نفسه ويعيد السـؤال

على هناءاثاني : األستاذ إمام نزل من عندك الساعة اثنين ونصـف

اصباح.. ن، أيوه األستاذ إمام، روش نفسه وعمل دماغ واثني

. قلبياونزل يغني من عندي يا مالكً !إيه مش قد المقام

إنت وعدتني هاتيجي حفلة عيد ميالدي، وال أعمل ..لك حفلة خاصة

.حفلة خاصة! نعم؟ل يفتح فمه وعينيه دهشة وفزعة كان ما يزال جمي :مما يسمع، وظل يتساءل

في أعز ما نملك؟- وفي الخفاء–من الذي يطعننا ر خراب ودمار أخالق البنات؟ هل عرف اآلن س

خاصم النوم جميل هذه الليلة، ظل يتقلب في فراشه احائر يفكر ويعيد ترتيب أوراقه ما سـمع مـن ا ومهموم ،

هناء، ويربط بينها وبين الهمسات التي تتردد على ألسـنة البنات، وألف سؤال حائر في حاجة علـى جـواب، هـل

يصدق الهمسات؟وإمام، وخالـد وجلسـات الفرفشـة األستاذ أمين،

!والروشنة ..إنها تلميحات المراهقات وخيالهن الخصب

لكن الهمسات أخذت تتردد بقوة فـي المدرسـة، جلسات المزاج والرقص مع البنات في شقة هناء حسـين، أكل وشرب ورقص، ثم الجلسات المنفـردة فـي الغـرف

.المغلقة

!ال مستحيل، دي مدرسة وال كباريه.. الكانت أسئلة الدهشة تلح وتضغط على رأس جميل، عيناه جمرتان يتطاير منهمـا الشـرر، وأنفاسـه تخـرج

، بات في عراك دام ا يشتعل لهيب امحمومة، كأن بداخله فرنً مع البنات، كعراك القطط والكالب، ترى هل عرف النـوم

طريقه هذه الليلة؟ فيما يرى النائم أنه ى فيها رأ ا التي غف في الساعة

يقف في ساحة فسيحة، تنام هناء عارية وسـط السـاحة، لحمها، بصـق علـى شتحوطها مجموعة من الكالب تنه

نصـراف هجمـت عليـه الكـالب الجميع، وحين هم باال المسعورة وكادت أن تفتك به، امرأة طويلة عريضة تلـبس

ظرت إليهم، صرخت السواد، جاءت مسرعة إلى الساحة، ن :فيهم

!ولدى ليس منكم، إنه بريء مما تفعلونفتحت عباءتها السوداء الواسعة، ضـمته إليهـا،

اوأخذته بعيدا، بعيد.

في الصباح المدرسي، وقف يتابع برنامج اإلذاعة ـ ا كابي االمدرسية، باقتضاب، بدا صموتً ـ ا، حزينً ا، مهموم

بحلـم اأمل ما حوله قلقً بتوابع أسئلة الدهشة، يفتح عينيه، يت تـرى .. األمس، فلقد زادت حيرته أكثر من سعادته بالنجاة

ماذا يعني ذلك؟؟ مـن عـالم الشـفافية إليههل هي رسالة مشفرة

والنقاء، من عالم الحقيقة، ترى من هذه السيدة؟مالمحها، لكنه لـم يقابلهـا .. .نعم رآها بوضوح،

في حياتهايوم ! بير، الدفء، الحنو، حـين وما سبب هذا الحب الك

ضمته إلى صدرها؟، بدت الردهة طويلـة، ٣/٣في الطريق إلى فصل

، ا كأنه يمشي في الصحراء وحيـد جميل وبدا الطريق أمام وكانت الردهة الواسعة تضيق، تضيق على ضلوعه فتختنق أنفاسه، نفض عن رأسه حزمة األسئلة القلقـة والحـائرة،

رجيم، خلع ثوب الهموم على باب استعاذ باهللا من الشيطان الالفصل، رسم ابتسامته العريضة على مالمح وجهه، استعاد

لهذه، ويبتسم ئمرحه القديم، وهو يرحب بالبنات وأخذ يوم لتلك، ويشير لذات البثور أن تصمت، ويسأل ذات الخصلة عن كراستها، ثم كتب على السبورة، من الذاكرة كالمعتاد،

جبن، يشرح ويعيد ويسأل الطالبـات أخذ يسأل والطالبات ي هل فهمتن؟

هذا اليوم، كأنـه يشـرح للمـرة ابدا جميل غريب األولى، كان تتابع إجابات الـذهن بطيئـة، وأخـذ يسـأل

:الطالبات، حتى يرتب إجاباته في ذهنه، وراح يسأل نفسه ماذا حدث لذاكرته الحديدية؟

خذ بدا له أنه يأخذ مادته العلمية من رأسه، كمن يأ نظراتـه للطالبـات تالماء من البئر العميق الشحيح، وبد

تائهة وقلقة، ينظر إليهن وال يقرأ أفكارهن، حاول أن يمرح من الود والحنو، لكنـه اكعادته، أن يشيع في الفصل كثير

جديدة، في العيون التي تحدق وتتفحص، مـن اقرأ سطور .كتاب كتب سطوره مع البنات منذ ثالث سنوات

ا يشعر اليوم أن البنات تبدو بعيدة عنه؟ نعـم لماذ يرى ويحس بالبنات، لكن ماذا حدث؟

البنات اليوم تراقـب وتـتفحص، وال تجيـب أو ـ اتتفاعل، هل البنات بعيدة عنه؟ أم هو الذي يبدو مهموم ،

، وانعكس ذلك القلق على ترمومتر العالقة بينه ا، حزينً اقلقً وبين البنات؟

على أسئلة القلق والدهشة؟ترى من يريحه ويجيبحة أشارت له دعاء وهو جالس في حجرة سفي الف

المدرسين حين هم أن يلبي إشارتها وجد الطالبـات رانيـا :ووالء ونجوى يتحلقن حول دعاء

.شكلك تعبان قوي.. ألف سالمة يا أستاذا يا بناتشكر..

واهللا يا أستاذ احنا بنحبك قوي وعـاوزين نقولـك !حاجة

:ى بوح البناتوتوالهناء يا أستاذ بتقول كالم وحش قوي على األساتذة

.اللي بتروح عندها في البيت .واحنا بعد إذنك مش عاوزينك تروح عندها

نها بتصرف علـى أهل تصدق يا أستاذ أنها بتقول المدرسة والمدرسين؟

وأنها تعرف كيف تتعامل مع المدرسين؟ن، ويشربون، ن المدرسين في بيتها، يأكلو أوبتقول

.ويرقصون مع البناتبتحاول تجر رجل البنات واحـدة ! تصدق يا أستاذ

واحدة إلى شقتها وتعرفهن على الشباب، يرقصن ويـذهبن لى دهب وشرم الشيخ إلى رحالت يومي الخميس والجمعة إ

.والغردقة ١٠٠، جنيها ٥٠بتغري البنات بالفلوس .. يا أستاذ

.تجالس الشبابلي تروح شقتها وإجنيه للبنت ؟الًهل صمت جميل طوي

نظر إلى البنات الثائرات، كان يتمنى أن يضـمهن إلى صدره، أن يشد على أيديهن، أن يقبلهن قـبالت األب

... لبناتهاستعاد جميل ابتسامته الهادئة، لمعت عيناه بالتحدي

:وهو يقول للبنات

اطمئنوااال تخافوا يا بنات مازلت قوي ،. ..امازلت صعيديال تخافوا،

في حجرة المدرسين، كانت تطـن رأس جميـل، كخلية نحل في موسم العمل، أخذ يلوك ما سمعه، ويسـأل

:نفسه هل يسكت على كل هذه الهمسات؟

لم تعد همسات، عبارات وأسئلة دهشة تتردد فـي فناء المدرسة، وطابور الصباح، وبـين الحصـص وفـي

، يطول ا وقبيح اعلنًحة، حتى بات المخبوء والمستور م سالف .معظم المدرسين ووكيل المدرسة

:قطع إمام عليه حديث الصمت ..ألستاذ أمين عاوزكايا جميل

..سأل بدهشة الذي ال يعرفوهو يتفحص ويتأمـل معنـى " مين أمين؟ ..ينأم

"االسم !مالك يا جميل؟ إنت سخن

الً ومتـأم انظر إليه جميل وكأنـه يسـأله مفكـر :اوصامتً

!!ي مالي، أنا اللي سخنأنا الل :صرخ إمام

..يا جميل األستاذ أمين وكيل المدرسةبتسامة الساخرة تمأل عينيه وتتـراقص أجابه واال

وهو يضغط علـى حـروف ومعـاني اعلى شفتيه مازح ، :الجملة

.آه األستاذ أمين وكيل المدرسة، طيب، حاضر، فمه الً األستاذ أمين يبدو أصفر الوجه، متره نكا

نظـرات إليه من نصف أسنانه، يدخن بشراهة، ينظر اخالي :طويلة فاحصة

!وقع يا أستاذ جميل على نشرة الوزارة جميل بالتوقيع كالعادة دوم على مثل هذه احين هم

:النشرات اليومية والروتينية :قال له األستاذ أمين

، هـذه نشـرة الًمن فضلك يا أستاذ جميل اقرأ أو النشرة تقول ضرورة إبالغ الوزارة المجموعات المدرسية و

..عن األساتذة غير المشاركينهاتشترك في المجموعات يا أستاذ جميلاطبع ..

..أنت أستاذ كبير ومحبوب من البناتال يعرف األستاذ جميل لماذا تصور األستاذ أمـين ضخم الجثة، منتفخ البطن يبتلع المدرسة كلها فـي كرشـه

؟اومئات البنات أيض ح يتخيل أو ربما سمع البنات في كرشه يبكين ورا

.ويصرخن ويستغثن به ويطلبن الخالصفي الطريق إلى حجرة المدرسـين طلـب جميـل

، لحقه الًقهوته المضبوطة، ليسكت الدق في دماغه ويهدأ قلي اإمام هامس:

يا جميل هدي اللعب، الموجـة شـديدة وخليهـا .. تعدي

:الً متأمإليهنظر .إيهة لعب إيه وموج

يا جميل إدارة المدرسة واخدة موقف منك علشان .عدم اشتراكك في المجموعة

يا إمام احنا متفقين من زمان كأسرة اللغة العربية أستاذ واحد يعمل المجموعة لكل فرقة على حدة، وخالد هو

..أستاذ المجموعة ..طيب سدد النسبة وريح دماغك

؟إيهنسبة .لمجموعة المدرسيةمبلغ صغير كأنك مشترك في ا

وال مليم، على رقبتياأبد ! يا جميل الوزارة مشددة علـى تجـريم الـدروس

.الخصوصية .يا إمام كل المدرسين شغالة دروس

وكل المدرسـين يشـتركون فـي المجموعـات !المدرسية علشان يحمون أنفسهم

تقصد المجموعات الوهمية ويدفعون النسبة المحددة !لإلدارة

.ليكصدقني خايف ع

هل عرف اآلن جميل سبب الشكاوي التي كتبـت ضده؟

وهل أدرك سبب حضـور المحققـين للمدرسـة ودخول فصوله بالذات؟

ـ ـ اطلب من والء أن تحضر له فنجانً مـن ا ثاني سر الذي يشع مـن عينـي القهوة، رأى العينين والبريق اآل

تتحدث إليه، صامتة تقف، ولكنها تتكلم معه، ووالء، تود ل :ا، بلغة الصمت وكأنه يقول لهاويكلمه

..وكالنا في الصمت سواءوال يدري لماذا يذكر اآلن بيت الشعر الذي بـات

والء، ذلك الذي فيحفظه ويردده على نفسه كلما مر به طي :يحكي عن لغة العيون

إن العيون إذا تكلم صمتها لسن الفصحاءأخرست لديها

ـ ، ابات يدرك سر هذه النظـرات الحانيـة أحيانًلكنه في جميع األحيان يحتـرم والء أخرى، االمعاتبة أحيانً

ااحترام ألدبها وأخالقهـا، تـدينها والتزامهـا الً، أو ا كبير

بالحجاب، إنها نموذج للبنت المصرية، المقبلة على العلـم، .المتمسكة باألخالق الرفيعة، الملتزمة بآداب دينها الحنيف

ك الرجـل المثقـف ألبيها عقيد الشرطة، ذل اوثانيالواعي، والذي تعرف عليه في اجتماع أولياء األمور، يذكر

:أنه قال له في أول لقاء من ثالث سنوات عني، من كثرة ترديد اسمك فـي اإنني أحبك رغم

بيتنا، والء على الغدا تقول األستاذ جميل قال كـذا وعلـى ...العشا األستاذ جميل يقول كذا

أت أغير منك، ثم يضـحك صدقني يا أستاذ أنا بد اعالي...

من اللقاء األول واالتصال بينهما والـود دينمـو بعد يوم، حتى بات المدعو رقم واحد في كـل اويكبر يوم

ويحلو للعقيد عبد الرحمن .. الحفالت العائلية في بيت والء :الًأن يقدمه للضيوف قائ

ويضحك .. األستاذ جميل األب األول البنتي والء .ليةضحكة عا

راح جميل يقرأ سطور الكتاب المخبوء في عينـي والء ومالمحها ووجهها، ويفهم سر هذه النظرات العاتبـة

لعالقته بهنـاء، يتـذكر أنـه اوكأنها تلومه أو تريد تفسير اأخبرها يوم:

كل طالبة من حقها أن تسأل األستاذ أو تأتي إليـه متى تشاء؟

ينهـا، لـوت أنها لم تقتنع، قطبت جب ايتذكر أيضشفتيها، هرولت غاضبة حين طرقت هنـاء بـاب حجـرة

كانت ما تزال والء تقف صامتة، أخـذ يقـرأ ،المدرسينمالمح والء وهي تتغير وتتلون، مالمح الضيق؟، الغضـب النظرات النارية األنثوية، يرى اآلن والء، تقطب جبينهـا

.وتهرول غاضبة .ال أنا زعالنة منك.. ال

..وعليكم السالمماشي، تطـنش عيـد .. أنا" بغرور وكأنها تمثل " !حاضر.. ميالدي

طيب بخيل ومش عـاوز " دون أن تنتظر إجابة " نبعت يتجيب هدية، ماشي اعتبر الهدية وصلت، تعبان قو

.لك العربية الخصوصي تجيب حضرتك إنت ما فيش مشاكل خالص؟" الًمتسائ"

ل الفلوس يا أستاذ تح " بفخر" وليه مشاكل، الفلوس .جميع المشاكل

.........صدقيني كنت تعبان شوية !طيب سماح، سماح يا أستاذ، بس هذه المرة

وحـين تطمـئن ا ويسـار اتجلس وهي تنظر يمينً :غرفة الخالية قالتلل

ااسمع يا سيدي عاوزين سيادتك في ندوة مهمة جد .ندوة إيه يا هناء إنت مؤسسة متحركة ..طلبة جامعاتاسمع بس ندوة يحضرها مثقفون و

!والمطلوبا تقول محاضرة جميلة، بصوتك القوي، المقنع أبد ..والجميل

..محاضرة عن إيه

..عن مشاكل المنطقة العربية ..المشاكل كثيرة

مشكلة الحرب بالذات، وحضرتك شاعر ويهمـك !الناس تسمعك وتشوفك ورسالتك تصل

رسالة؟ةأيـ ون، رسالة الحب والسالم وعلـى فكـرة التليفزي

..هيسجل الندوة وكمان الفضائية المصرية .أفكر، ولو أن الوقت ضيقوكأنها نـدمت علـى " وعلى فكرة بيدفعوا كويس

".التلميح مين بيدفع؟

.أقصد الجمعية تعطي مقابل مادي للمحاضرينـ وهو ينظر " جمعية؟ ةأي تفحصـها ويقـرأ يا إليه

".المخبوء في عينيها ..جمعية الحب والسالم

دعو؟وبماذا ت !تدعو للتعايش السلمي بين شعوب المنطقة

:اهللا أكبر وتحيا مصر، ويهمس "ال تصالح ولو منحوك الذهب" تسعت عين الدهشة وأخذ يقرأ اإلجابـات التـي ا

تترى على ذهنه ألسئلة الدهشة التي عذبته أسابيع طويلـة مضت، ها هي األفعى تكشف عن أنيابها، تبث سمها الناقع

اربة، وراح يتساءل لماذا كشـفت عـن وصراحة ودون م أنيابها؟

هل عندما فشل أسـلوب التلمـيح، لجـأت إلـى التصريح؟

ال يعرف لمـاذا ا ومدققً اأخذ جميل ينظر فاحص ، اآلن تذكر حلمه؟

نعم يراها اآلن تنام عارية تنهشها الكالب، يتـذكر السيدة السمراء الطويلة مثل نخلة تشق الصفوف وتنقذه منها

:لةئقا عينـا جميـل –اآلن -ولدي ليس مـنكم، تلمـع

:الًبالتحدي وهو يتأمل هناء قائ؟الماذا تسافرين كثير

.ال مش كتير بسافر مرة أو مرتين لتركيا بس !وليه تركيا

..بلد بابا" متراجعة"بلدنا "امتعجب"!نعم أبوك تركي

بابا يهودي تركـي، " بالقنبلة األخيرة يوكأنها تلق ..اسمه قبل التأميملكنه أسلم وغير علشان المحالت والشركاتاطبع ..

:أجابت مؤكدة .على فكرة أمي مصرية، وأنا مولودة في مصر

"وحمد اهللا في سره أنها لم تقل أنها مصرية" :واندفعت تقول

على فكرة لماذا لم تتزوج حتـى اآلن؟ إذا كانـت المشكلة الفلوس، انضم للجمعية وهي تساعدك فـي الشـقة

!، هه موافق...بات الزواج تصمت فترةومتطل .أل

.بعد كل الكالم اللي عرفته !هذا يدعوني للرفض أكثر

" ولو منحوك الذهب.. ال تصالح":ويردد بتحد

6

حملت صوتك في قلبي وأوردتي فما عليك إذا فارقت معركتي أطعمت للريح أبياتي وزخرفها

ف النار قافيتيإن لم تكن كسيواآمنت بالحرف نار...

اليضير إذا ...كنت الرماد أنا أو كان طاغيتي

...فإن سقطت وكفى رافع علمي

:سيكتب الناس فوق القبر "لم يمـت" )محمود درويش(

جفونك وتستسلم للنـوم يهتدي النوم إليك، يعرف الطويل، أسابيع طويلة والبنات تحذرك، تقرأ في عيـونهم

والحذر، تفهم اآلن أسباب القلق عليك، يالسـذاجتك الخوف الطفولية، ألم تفهم كل هذه التلميحات؟

تكلمك دعاء صراحة تحذرك من هنـاء حسـين، تسمع همسات البنات تردد بقـوة بـين الردهـات وبـين

الساللم وفي طابور ىالحصص، تتأثر كلمات السهرات عل تجد هنـاء الصباح، يحلو لها أن تردد على مسامع البنات،

:متعتها أن تحكيأكل كيلو جمبري لوحده، وشـرب ...... .األستاذ

ورقص، يا أخواتي عليه لما يسكر، بيقول ويشرح أحسـن .من الفصل

ل عندي فيديو، علشان وحياتك يا شوشو كله مسج .يلموا نفسهم معايا

وأنت تصمم على عدم التصديق، ترى جميع الناس –لعكس، ترى مـش تسـمع شرفاء، أنقياء إلى أن يحدث ا

: وتضيف-هكذا تؤكد لوالء

يسلم الو أخذنا الناس يا والء بالسمع، لن نجد أحد .من القيل والقال

هل كنت تقرأ المستقبل؟ تشاهد المخبأ لك؟ ال تذكر علـى اتستيقظ في الثانية أو الثالثة صباح

.صوت الهاتف المزعجـ ي ترى من الطالب في هدأة الليل؟ ماذا حدث لك

يلح عليك هكذا؟ :ترفع سماعة الهاتف

السالم عليكم اهللا، أنت رجل تحب السالم

أفندم بنحب السالمناحنا كما

مين معايا؟ جمعية الحب والسالم

والمطلوبطامعين تشرفنا بالحضور، ونسمع صوتك العـذب

.في الندوة الشهرية

أنا اعتذرت لهناء .واحنا مش قابلين االعتذار ومتمسكين بك

.أنا أكرر االعتذار، ما عنديش وقتوشوف المواعيد التي تناسبك واحنا نعمـل النـدوة

.فيها .....أنا آسف

"ال ترفض هـا نـدفع كـويس، كـويس " امقاطع ....قوي

"وال فلوس الدنيا كلها" امحتد.... مصمم على الرفض

بكل تأكيد ش فيها بطل ملما تع

أنا بطل غصب عنك وعنهم بكرة تندم

النوم من عينيك، تفزع من وقاحة التهديـد، يطير لى ساعة الصـالة إ، تخرج إلى البلكونة، تنظر اتنهض واقفً

الثالثة والنصف، تبحث في مخك عن واحـد تحكـي لـه،

تتجول في فراغ الشقة الموحش، وجدرانها الكئيبـة التـي تبحث عن طارق اتضغط على صدرك، ترجع للبلكونة ثاني ،

الشارع ساكن إال من قفزات العـرس الليل تشكو له همك، عبد الرحمن وتخبره بما / أمام القطط والكالب، تطلب العقيد

حدث؟تراجع نفسك، الرجل صديق نعم، ولكنـه يعمـل طوال النهار ونصف الليل ومهنته شاقة، تطلـب بـوليس

!النجدة هـذه األفكـار الصـغيرة، اتعود لفراشك مستنكر

: وكأنك تسأل نفسك كل هذا؟لماذا تفعل وماذا حدث؟

هل مكالمة تافهة من ناس تافهين تفزعك كل هـذا الفزع؟

يا رجل ال تقلق إنت في بيتك، بين أهلك، آمن في .وطنك

في الصباح الدراسي تراجع البرنـامج اإلذاعـي اليومي، تبحث وتفتش عنها، تود لو تراها تقف في طابور

الصباح، هل تسأل عن هناء حسين؟نات الظنـون، تتراجـع أمـام سوف تظن بك الب

:الًنظرات والء المعاتبة والحزينة، تنفرد بوالء قائ كنت هاكلمك نص الليل؟

!تفضل يا أستاذ في أي وقتا !الساعة تالتة

وإيه يعني البيت بيتك يا أستاذ، حصلت مشكلة وال !حاجة

.........ال حاجة بسيطة، يمكن أكلم باباحظك .... ه، أجازة على فكرة بابا في البيت النهارد

!من السمامع الحصص واندماجك مع البنات تنسى ما حدث، تكاد تستعيد هدوءك النفسي، وأنت تشرب قهوتك في حجرة ـ االمدرسين، يدخل عليك عم محمد عامل المدرسـة فزع

ألمين الشرطة المصاحب لهاومشير :

األستاذ جميل !أنت األستاذ جميل

نعم تفضل معي في هدوء

ن؟على في ......اتفضل معي وأنت تعرف

، تخفي قلقك، تتمنى لو حـدثت العقيـد اتخرج ثابتً عبد الرحمن بمكالمة نص الليـل، تـدخل حجـرة مـديرة

:المدرسة تسمعهامش ممكن، األستاذ جميل ممتاز، مستحيل يعمـل

!كده .فيه بالغ اتقدم اليوم من البنت

" قلت للحاضرين في غرفة المـديرة "السالم عليكم !لكن لم يرد أحد، فلقد أكلتهم الدهشةو

:قال األمين لنقيب الشرطة ..األستاذ جميل يا أفندم

اتفضل معنا

تمشي في الردهة، العيون تحدق فيـك، دهشـة، فاحصة، شامتة، تقترب الفسحة على نهايتها، تسمع جـرس الفسحة وبداية الحصة الخامسة، البنات تـرفض الـدخول،

لف سؤال تردده العيون الدهشة تنظر إليك، تجري خلفك وأ ماذا حدث؟! واألفواه الفاغرة

:تقابلك والء تسألك فيه إيه يا أستاذ؟

!مش عارف يا والء كلمي باباتخرج في حراسة الشرطة كاللصوص والمجرمين، وأثناء الفسحة، وأمام الطالبات، وحدك تـدرك المـؤامرة،

:وحدك تستعيد مكالمة األمس، ترن في أذنيك !ملش بطلما تع

.......بكره تندمدقائق وتجد نفسك بين الضابط، تدخل القسم، تقف على الباب، يدخل النقيب الغرفة الواسعة، والمغلقة يغيـب

، يخرج األمين، يصحبك للجالس على المقعد الـدوار، الًقلي :يقول له األمين

:المتهم جميل يا أفندمبـك األرض، تتمنـى أن تدور " المتهم"تسمع كلمة

تنشق األرض وتبتلعك، يظل الجالس على المقعد الـدوار، :ك باحتقار ويكلمك بقرفإليحصك، ينظر يرقبك، يتف

!إنت بقى زير النساء، اسمها كده في الكتب صح :اويكمل مستهزًئ

إنت بتعلم البنات إيه بالضبط، الطريقـة المثاليـة !لإلشباع الجنسي

:تتكلم وأنت تبلع ريقك الجاف يه إيه يا أفندم؟ممكن أعرف ف

مش عارف عملت إيه؟ ....واهللا يا أفندم ما عملت حاجة

!ال تحلف باهللا !حلف على حد علميبيا أفندم وهباب إيه احنا محترمينك لحد دلوقتي، .. علم إيه

!علشان كلمة أستاذ اللي خسارة فيك ... مع البناتإيهحك بقى بتعمل ا

، يضـع الًدقات ويفتح الباب، ينهض الجالس معتد !فندمأ يا الًسه، أهأالكاب فوق ر

العقيد عبد الرحمن مباحث القاهرة !ابنتي والء تلميذة األستاذ

الً، متسائايسلم عليك فزعا، مستغرب: !فيه إيه يا جميل

:تنظر للواقف أمامك وتؤكد للجميع ....واهللا يا أفندم ما عملت حاجة

ـ يجلس الجميع، تتردد في الجلوس، يشـير ك، إلي، يقرأ العقيد عبد الرحمن المحضر، ينظر إليك اتجلس صامتً

:اهشًدلى ابنته، يقول للمقدم أحمد إثم ينظر :ويتابع كالمه! مستحيل، أكيد في حاجة غلط

األستاذ جميل أستاذ ابنتي منذ ثالث سنوات، وأنـا اأعرفه كويس جد.

ـ "....يا أفندم البالغ اتقدم النهارده والبنـت اهامس " .حامل

يسكت ويشير ناحية والء

:يقول العقيد ١٧البنت دي ابنته من ثالث سنوات، وابنتي مـن

...سنة، الزم تعرف مش هاتنامحاجة من اتنين، إما فيه حاجة غلـط والرجـل ده

.. .بريء ...أو احنا كنا من ثالث سنوات فينا حاجة غلط

:الًينظر العقيد للمقدم قائ ...افتح محضر وخد أقواله

رتك عايز تتكلم معاه قبل المحضر ما فيش لو حض .مانع

:الً، ينهض المقدم قائالًيصمت العقيد قلي .أطلب لسيادتك القهوة

:ينظر العقيد عبد الرحمن إلى جميل في استغراب !ل اقرأ المحضريتعال يا جم

:تقرأ وعيناك تفيض بالدمع، وتؤكد لهدت واهللا يا سيادة العقيد ما أعرف بيتها فين وال قع

إال في حجرة المدرسينامعها أبد .

ن هي اتكلمت معايـا فـي موضـوع كـده ديوبع .......ورفضت

.....وحد كلمني بالليل وأخذ يهددنيتتكلم وتكاد تبكي، تحكي التفاصيل الدقيقة، يشجعك على المزيد، تتكلم عن السهرات، والدعوات وتردد األساتذة

حكي، وهو يتابعك عليها، تذكر له ما اعترفت هي به لك، ت !وينظر إلى عينيك مرة ثم إلى والء مرة ثانية

إيه رأيك يا والء في الكالم ده؟يا بابا، فيه كالم أكثر من كده بيحصل والبنات هي

..اللي بتحكي !يصرخ فيها األب ويعاتبها، كنت قلت لي

نهـا أقلت لألستاذ جميل، لما عرفت من البنـات .عزمته على حفلة عيد ميالدها !ورحت الحفلة يا جميل

.يا أفندم واهللا ما أعرف بيتها وال رحت حفالتدقات الباب، القهوة تدخل للعقيد عبـد الـرحمن،

:المقدم أحمد يجلس مكانه ينظر إلى العقيد ويسأله

!نفتح محضر يا أفندمال لو سمحت التليفون، المدرسـة فيهـا عصـابة

.كبيرة، مافيا، الزم نقبض عليهمعقيد عبد الرحمن التليفون، يتكلم، يـأمر، يتناول ال

يطلب إذن النيابة بالقبض على أمين وخالد وإمام واستدعاء مديرة المدرسة للشهادة، يطلب من السيد مـدير األمـن أن

.ينقل التحقيق من القسم إلى مديرية األمن :ينظر إلى ابنته ويكلمها بحنان

ـ ل والء، تروحي إنت يا بابا، أنا كمان بحب الرج !ده

: وتنظر إلى جميل، يجيبهاإليهتنظر صدقيني يا والء أنا عاوز أعرف الحقيقة قبلك، مع

.السالمةتصل نفس عربة الشرطة، والنقيب وأمين الشرطة

..... .إلى المدرسة، ويتم القبض على أمين وخالد وإمـام و وينتقل الجميع في سيارة الشرطة وسط حراسة .......... و

إلـى اية أمن القاهرة ويظل التحقيق مستمرلى مدير إمشددة

منتصف الليل، ويتتبع المحققون كل الخيوط، ويعاد سـؤال هناء، وتصمم على البالغ وتؤكد أنها حامل منـك، فيـأمر العقيد عبد الرحمن بتحويلها إلى الطبيب الشرعي، ويـأمر

.بتفتيش منزلهاوحين يلف الجميع التعب واإلرهاق بعد منتصـف

:ينظر العقيد إليكالليل، .يا جميل إنت ضيفنا هنا الليلة

يأمر العقيد بدخول أمين وخالد وإمام الحجز لحين :االنتهاء من التحقيق، ثم ينظر للنقيب أسامة ويشير

.خلي جميل ينام في مكتبي للصبحوتدور المطابع بعـد منتصـف الليـل، وتخـرج

:الصحف بالعناوين الكبيرة والمثيرة "ئب بشري يغتصب الطالباتالقبض على ذ"الذئب البشري ينفرد بالطالبات ويمـارس معهـن "

"الشذوذ الجنسيوجريدة أسبوعية متخصصة في مثل هذه األخبار

:تقول العناوين المثيرة

"سقوط عصابة الذئاب البشرية"عـات ووكيل المدرسة الثانوية للبنات يحول المجم "

"المدرسية إلى حصص لممارسة الجنس الجماعيومجلة أسـبوعية تتصـدرها العنـاوين وبـالبنط

:العريضبشرية يغتصـبون طالبـة الثـانوي، أربعة ذئاب "

وال تعلم أباهاالطالبة تحمل سفاح !" :تصرخ مع أمل دنقل

أنا على مشانق الصباح" وجبهتي بالموت محنية

"ألنني لم أحنها حيةتمر عليك الساعات بطيئة، تلوك المرارة في فمك،

الكذب والظلم، تصرخ جراحـك النازفـة، تسـتعيد تبصق شريط الذكريات، تتأمل المؤامرة التي نصبت لك، تسـخر

امن تنفيذ الجريمة التي تعرضت لها تهز رأسـك سـاخر ، يموج صـدرك باألنفـاس اوالدموع تفر من عينيك قسر ،

أصفر ألنك لم تأكل طـول ا شيئً يأالحارة، تهيج معدتك، تتق .كل الذي أحضروه لكالنهار، ترفض األ

تعي يا جميل قيمة الرجل الذي لواله ألكلت علـى قفاك حتى تشبع، وكنت تنام اآلن مع المجرمين واللصوص ومصاصي دماء البشر أمثال أمين وخالد وإمـام، تنـادي

:الًمتوسويمكرون "تمتمتهللا، يا مغيث، وتردد الحمد هللا و أيا

"ويمكر اهللا واهللا خير الماكرين، تهدأ نفسـك الًمرك هللا، تحاول أن تغفو قلي تسلم أ

فتنام ساعتين، تستيقظ على صيحات جنود األمن والضباط .المناوبين

، الًتدخل الحمام تضع رأسك تحت الماء البارد طوي .تتوضأ وتصلي هللا

أن يرفع البالء، يرد حقد اتسجد وتدعو اهللا ساجد ، الحاقدين على صدورهم، يهـل نـور الصـباح بالحركـة

والصخب والضجيج، تجلس آخر الغرفة، جندي الحراسـة جابة األسئلة عنك، ويمنع عنك المصورين حسـب إيتولى

تعليمات عبد الرحمن بيه، تذكر ذلك وتحمد اهللا، وإال كانت . الفضيحة بالصور في كل مكان، تعلم علم اليقين أنك بريء فلماذا يكتبون هكذا والعناوين المثيرة لصالح من؟

ن سمعة الناس، يدينون األبرياء ويخربـون يشوهوالبيوت، وتتساءل لماذا ال يمنعون النشر في مثل هذه التهم؟ حتى يصدر حكم القضاء تقول ذلك وأنت تتـابع الصـحف

.والمجالت على مكتب العقيد عبد الرحمنيدخل عليك جندي الحراسـة بالفطـار والشـاي،

يقولاتشكره رافض ،: .بيهدي أوامر عبد الرحمن

علو الصوات بصخب، الصيحات تعلو، األبـواب يتفتح، باألقدام تدق األرض، تؤدي التحيـة، يـدخل عبـد

:الرحمن بيه المكتب ..فطرت.. صباح الخير يا جميل

الحمد هللااتقترب من المكتب منكسروتسألا ومهموم :

...ما فيش جديد يا سيادة العقيد

بانجو، يضحك، فيه بالوي، البنت طلعت مصيبة، .وهيروين وشرايط آداب، ومنظمة سرية ومنشورات

.بسط يا عم ممكن تاخد إعدام بساحاجة بسيطة، تعود أدراجـك، تـرى " إعدام"تمتم

الرجل ينشغل بأعماله الكثيرة، تؤثر أال تزعجـه بأسـئلتك خة، تؤمن اآلن أن قضيتك بين أيد عادلـة، اسالسخيفة والم

.ق وينتصر لإلنسانيمسكها رجل يعرف اهللا ويتوق للحتتكوم داخلك في آخر الغرفة، تضع رأسـك بـين

رأسك، تفور حزمة األسئلة، تنظر لسـاعتك، ليغكفيك، ت تتذكر اآلن طابور الصباح، تقرأ الدهشـة والفـزع علـى مالمح الطالبات، تريحك نظرات والء، يؤثرك أبوها بتبني

ترى ماذا يحكون اآلن للطالبات؟.. قضيتكم عليك اآلن البنات، دعاء، نجوى، ترى كيف تحك

رانيا، والء؟ترى هل يمكن أن تعود إلى مدرستك، طالباتـك،

؟ لقد عرفوا اوحصصك؟ حتى لو تطلع من هذه التهمة بريئً كيف يحطمونك؟ هل تكون قد وقعت حين لم تسـمع لهـم،

رفضت االنضمام إليهم؟ ترفض تصرفات معظم المدرسين، ة في سبيل الوصول لألغـراض وأساليبهم الحقيرة والسافل

الدنيئة وغير السوية، ترفض تشجيع المدرسـين للطالبـات .ن ثقة األهالي أو سفر وغياب اآلباءليغعلى االنحراف مست

ترفض ضغط وكيل المدرسة، يلح عليك لالشتراك عن كـل " مائة جنيه "في المجموعة المدرسية أو تدفع النسبة

وكيل المدرسـة فصل وأنت تتصرف مع الطالبات، يستغل الوزارة أو اإلدارة التعليمية، يضـغط بهـا علـى تتعليما

علـى ا مسـلطً االمدرسين، يجعل القرارات الوزارية سـيفً المدرسين، يلوح بها لكل مدرس تدفع أو نبلغ اسمك للوزارة ونوضب شوية تهم لك، إمبراطورية الدروس الخصوصية،

دان أو تغمض عينك وتفتحها تجد نفسك على حـدود السـو على حدود ليبيا، تدين هذه القرارات العشوائية، تؤكد لنفسك

! واهللا تجار المخدرات والسموم ال يتعاملون بهذه الطريقـة ومازلـت اتنظر وتتحسر على حالك، خمسة وثالثون عام

بدون زواج، تعمل عشر سنوات كاملة وال تستطيع تـوفير

، تتحـرك االطلبات األساسية للزواج، تجلس اآلن، سـجينً .باألمر، وتتنفس باألمر، وتدخل الحمام باألمر

هل تعرف كم تعاني من سنوات الـذل والهـوان والعار؟

ليك الناس، هـذا هـو إتمشي في الشوارع، تشير المجرم، سفاح البنات ماذا تفعل؟ تنتحر، تقطع شريان يدك،

بنفسك في بحر النيل، تمسح العار يأو تبلع سم الفئران، تلق .عنك

هز رأسك، تنفض عن رأسـك، هـذه األفكـار تالسوداء، تستيقظ من هذه السباحة الطويلـة، تـودع حبـل

:أفكارك، تنتبه لنداء العقيد عبد الرحمن .يا جميل، تعال، هنا نعمل مواجهة مع البنت

تدخل هناء، شاحبة، ذابلة، تتقدم بـذل وانكسـار، ويدخل صف من ذوي البـدل السـوداء، الملتهبـة بنـار

كوى، يحملـون الحقائـب السـوداء، ويختبئـون وراء الم :النظارات الشمسية المحامي حاضر التحقيق............ األستاذ

المحامي حاضر التحقيق........ .األستاذ المحامي حاضر التحقيق.......... األستاذ

:ا ومتعجباينظر العقيد ناحية الباب، مندهشً .....، فيه حد كمانالً وسهالًأه :الًر إلى األمين، قائينظ

.سجل يا معتز حضور األساتذة مع المتهمةفندم هناء مجنـي عليهـا وليسـت ألو سمحت يا

.متهمةاسمع يا أستاذ، ثبت من تفتيش شقة المجني عليها أنها تحتوي على لفافات بانجو، معدة ومجهزة للبيع وتذاكر هيروين، وشرائط مخلة باآلداب ومنشورات لمنظمات سرية

................و .............فندمأيا

اسمع بس، صدرت األوامر اليـوم، بضـم كـل .األوراق والمحرزات واعتبارها قضية واحدة

وكويس حضوركم علشان نقـدر .. فهمت يا أستاذ .نتكلم

وثبت من فحص شرائط الفيديو أنها تدعو لممارسة لسادة أمـين وخالـد وإمـام االرذيلة، وتحتوي على صور

خرين، وهم يمارسون الرذيلة مع بعض البنات، الجاري وآ اتحديد شخصياتهم في شقة المتهمة، وثبت من الشرايط أيض

أن المتهمة هناء تقدم للمتهمين بعض اللفافات، يعتقد أنهـا ذلك تضاف إلى التهم السـابقة لفافات البانجو، وبناء على

مكـان تهمة تشجيع الرذيلة، وتسهيلها للراغبين بتـوفير ال .اآلمن

ادقات على الباب، نقيب يدخل، يؤدي التحية مهيب :ايسلم ظرفً

:فندمأتقرير الطبيب الشرعي يا اشكرا جه في وقته تمام.

يفتح التقرير، يقرأ السطور، تتابعه بقلـق، تعلـو أنفاسك، تلهج، يتلون وجهك، تشاهد الفرح علـى مالمـح

.العقيد، وتبلع ريقك، تهدأ

رير الشرعي أن اآلنسة هناء ليسـت وثبت من التق عذراء من زمن بعيد وذلك ينفي تهمة االغتصـاب وهتـك

.العرض من التقرير الشرعي أن اآلنسة هنـاء اوثبت أيض

..غير حامل !يشير بيده اكتب يا معتز

وبناء عليه تضاف إلى المتهمة تهمة السب والقذف يلتفت "والتشهير في حق األستاذ جميل وتهمة البالغ الكاذب

اإليها منتصر." أيوه يا هناء هل مازلت مصـممة علـى اتهامـك

لألستاذ جميل باغتصابك؟يعتدل األستاذ الكبير، يجفف عرقه، يبلـع ريقـه،

:يضبط رابطة عنقه، يحكم النظارة على عينيهلو سمحت يا أفندم ممكن نتكلم مع الموكلة واألستاذ

عن محضر التحقيقاجميل بعيد . ...مانعما عنديش الً ومنفعاتقف غاضبا، وعيناك تقدح لهيب:

لو سمحت يا سيادة العقيد أرجو أن تسـجل فـي محضر التحقيق أني أرفض الكالم مع األساتذة المحـامين، ومتمسك بحقي، أن يأخذ التحقيق مجراه وأحتفظ بحقي فـي

.رفع قضية ضد المتهمة لرد شرفي طـرف وأسجل كمان أني تلقيت مكالمة تهديد من

ضد حياتي، لذلك أرغب في وضع امتهمة، أعتبرها تهديد ال .تليفوني تحت المراقبة

: ويضيف– يقول العقيد –كتبت يا معتز هذا حقك علينا يا أستاذ، وحق كل الشرفاء في هذا

.الوطنيتمم العقيد المحضر مع كل األطـراف سـاعات

:طويلة، ثم يقرر حراسـة يعرض المتهمون على سراي النيابة في

..مشددة ".اسامة موصيأيلتفت للنقيب "

مـن عدم اقتراب الصحفيين والمصورين ىيراع .شخص األستاذ جميل

تخرج هناء والمحامون، يغلق الباب، تواجه العقيد : الً تعانقه، تبكي، يواسيك، يهنئك قائإليهعبد الرحمن تتقدم

اصدقني يا جميل، لم تهتز ثقتي فيك أبد...... وتؤكد كالمهاتحمد اهللا دامع : !وهذا يكفيني

7

كان قلبي الذي نسجته الجروح كان قلبي الذي لعنته الشروح

فوق بقايا المدينة– اآلن –يرقد وردة من عطن

– اهادًئ - للسفينة" ال"بعد أن قال

وأحب الوطن )أمل دنقل(

تختنـق مـن طـول ،ا وكمد اينزف داخلك ضيقً االنتظار، تجر قدميك إلى الغرف المقبضة، تؤلمك نظرات الشك والريبة، تحكي وتعيد وتقسم أنك تقول الحقيقة، كـل

..الحقيقة هل يطول الوقت؟ كم تستمر هذه المهزلة؟

في سراي النيابة يتم اإلفراج عنك، تلفـت نظـر السيد وكيل النيابة، أنه قد صدر اليوم قرار بوقفـك عـن

مـع "العمل، قرأته في الجرائد الصباحية، يكمل وكيل النيابة ".عودتك للعمل

استمرار حبس باقي المتهمين خمسـة ايضأتقرر على ذمة التحقيقاعشر يوم .

وتكلف المباحث بالقبض على باقي أعضاء الشبكة، .بعد تحديد هويتهم

يقابلك العقيد عبد الرحمن فـي ردهـات سـراي تكمل بقية إجراءات اإلفراج، يسلم عليـك النيابة، وأنت تس

ابحرارة، تعانقه بعينيك المبللتين بالدموع، يداعبك فرح:

نإيه يا جميل، شـد حيلـك يـا رجـل، السـج ، يهمس لألمين يكلمه ثـم يعلـو " فريد شوقي امقلد"للجدعان

:صوته يخاطبك ..هيا بنا، األمين هيخلص باقي اإلجراءات

كأنك عشت ألف ا مهموم ،الًتنزل درجات السلم ثقي عام في السجن، تلفحك النسمات البـاردة، تفـتح صـدرك تستنشق الهواء الحر، يعلو صدرك بهواء الشارع، تطـوح يديك، رجليك، تحاول التأكد أنك حر، بال حراسـة، تسـأل

:نفسكتجلس في المقعد الخلفـي بجـوار العقيـد عبـد

:الرحمن، يشير لسائقه !لى البيت يا ابنيإ

:بك على رجلك كأنه يوقظكيضركفارة " محمود المليجي ا ومقلد امداعب"إيه يا جميل،

!يا معلمفي الطريق تحكي بشاعة اإلحساس بالظلم، تزوير

:الحقيقة، وتتساءل

لماذا كل هذا الحقد؟تسأل وتجيب والرجل يحترم عـذاباتك، ينصـت

:إليك، يشد على يدك ل قامتك لمدرستك، تطو اوال يهمك سوف تعود غد

تهمس وتخشى ". والء تنقل الكالم ده عنك اضاحكً"مثل نخلة أن يسمعك أحد، والء، تلمع عيناك بالبريق اآلسر، تشـعر باألمن معها، تشعر باأللفة، تسأل عنك، تـأتي إليـك فـي

حجرة المدرسين، تلح عليها ماذا تريدين؟ .طمئنان والسؤال عنكمتجيب، فقط جئت لال ".وكالنا في الصمت سواء":تبتسم وتردد لنفسك

!ستاذ جميلأتفضل يا :تجيب بلهفة، فين يا أفندم.. تتلفت حواليك

...ستاذ جميلأالبيت يا :تعتذر بأدب، تقسم له، تؤكد، تلح

حضرتك ، القسم، المديرية، النيابة، ضروري آخذ .حمام، أغير مالبسي

وصل يـا ابنـي األسـتاذ للبيـت : السائق اآمر .. وانتظره

:د بسرعةتراهللا يخليك خلصني من سـيارات الشـرطة، هـا

.فضلأأموت، التاكسي "خالص يا ابني وصله وتعال"ايضحك عالي ،.

تنزل على ناصية شارعك، تشكر السائق، تضرب ، تتأمل الناس، المنازل، ا ويسار ااألرض بقدميك، تنظر يمينً

الصبية يلعبون بالكرة، تنفض رأسـك، تغمـض عينيـك، لمفاتيح وحافظة النقود، تدخل العمارة التي تسكن تتحسس ا

نـك تعـيش أفيها، تدير المفتاح في باب شقتك، تحمد اهللا وال أحد يعرفك في هذا الحياوحيد ،.

تحت دش الحمام، والماء السـخن الًتغتسل، طوي يدغدغ تفاصيل الجسد المجهد، تغمـض عينيـك، تسـتقبل

تحـت ا سريع فيضان قطرات الماء على أم رأسك، تنتهي :إلحاح جرس الهاتف

ـ ـ اتخرج، والماء يقطر منك، يصنع خيطً ا رفيع ، :تدعك رأسك بالمنشفة، ترفع السماعة

..السالم عليكمستاذأ هللا على سالمتك يا احمد.. اشكرا يا والء، شكر.. حنا في ا.. أنا أول بنت أقول لك ألف سالمة اطبع

..انتظاركاشكر ..حاضر، حاضر.. يا والءاشكر.

.أنا بلغت كل البنات، من ساعة وصول بابا للبيتتأكل ما تيسر لك، تشتاق لكوب شاي ثقيل، هكـذا

:علمتك أمك" يا ولدي ثقيالً اكل ما تشعر بالصداع، أعمل شاي ،

".الشاي التقيل مسمار الرأستحمد اهللا، ترتدي الجاكت الجديد، تحكـم رابطـة

ي القشعريرة، يلسـعك جلـد العنق، تنثر رذاذ العطر، تسر وجهك، وأثر العطر بعد الحالقة، تنـزل الشـارع، تشـير للتاكسي، في منتصف الطريق وأمام الحلـواني، ينتظـرك

التاكسي، تشتري علبة حلوى، من نافذة التاكسـي، تنظـر :للنيل ساعة الغروب، تردد

!يا وطن األحبة، كم أعشقكرجات تنط الفرحة من عيني والء، تستقبلك على د

السلم، ترحب بك، تمسك يدك، تضغط عليها، تشدك، تنظر ، تلمع العيون، تتمنى أن تأخذها في حضـنك، الًإليك طوي

تقبلها، تقبلك، تسامح بها غدر الزمن وعـذابات البارحـة، تطول وقفتك على السلم، تعيش الحلم الجميل، ثم تهز رأسك

:كحتض !اتفضلي يا والء، امسكي

، تجلس، تشعر بالدفء، تحـس يت الكريم بتدخل ال أهلـك، ناسـك، ثـالث بالراحة، تشم رائحة أمك، أبيـك،

سنوات، هنا لم تشعر أنك ضـيف، ترحـب بـك أم والء، والصغير محمد، يهل عليك العقيد عبد الـرحمن، تـنهض لتحيته، تشكره على وقوفه بجانبك، تأسف على كـل هـذا

:ك أن هذا الكالم عيب يقولإليالقلق، يشير ..ضل، ها نموت من الجوعاتف

:تشرب الشاي، يخبرك العقيد .ن المديرة انتقلتأعرفت

:اتهز رأسك ضاحكً !ال واهللا في النيابة ما حدش قالي

اإلدارة كلها اتغيرتاتقريب . .اتفضل قرار اإلفراج عنك وعودتك للمدرسة

.الصبح من بدري تروح مدرستك ..التحقيقات، ونتابعهاوبعدين نشوف

من حقك ترفع قضية رد شرفاوطبع .. ..أكيد، أحاول أكلم محامي

.حقك، لكن ، شوية وقت لحد التحقيق ما ينتهيتعود للمنزل، جرس الهاتف يتواصل ترد، تشـكر

، يعود الصفاء يرسم مالمح وجهك، تنتشي ةدعاء، رانيا، هب بحرارة الكلمات، فيض القلوب، كلمات الحب، واإلعجاب،

.لشرف، لإلنسانيةاالنتصار للحق، ليتصل بك األستاذ حسن رئـيس لجنـة العالقـات

ااإلنسانية باتحاد الكتاب، مستفسرا والئما ومؤكد:

لماذا لم تتصل بنا؟ لماذا لم تخبرنا؟ . ساعة١٨تحاد يعمل اال

هل التحقيق انتهى؟اللجنة القانونية باالتحاد يمكنها أن تتـولى الـدفاع

..عنك ؟..هذا حقك علينا

شكره، وتخبره، أن قرار اإلفراج عنك وعودتـك ت .للعمل في جيبك، المشاكل في طريقها للحل

:يؤكد األستاذ حسنمحامي اتحاد الكتاب يمكنه أن يرفـع قضـية رد

..شرف، حقك :يؤكد لك في ثبات ورجولة

سـاعة ، خـذ ٢٤ال تقلق، اتصل بي طوال الـ .تليفون بيتي

!تشكره، كل الشكرــاتف ب ــيض اله ــرفاء، يف ــاس الش ــب الن ح

، أم دعاء، عم محمد ......... ./، األستاذ ...... ./المهندس

عامل المدرسة، وناس كثيرون ال تعرفهم ولكنهم يعرفـون .الحق

تتصل لجنة الدفاع عن حقوق اإلنسـان، تسـأل، :تستفسر، تدين، تفضح العمالء، يؤكد المتحدثعند حدوث .... من فضلك، اتصل بنا في هذا الرقم

..... أية مشكلة :يهاتفك مسئول لجنة الحريات بنقابة الصحفيين

ماذا حدث؟ ..ع عنكافنحن معك، نتبنى قضيتك، ند

يؤكد لك رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين أنه ابعث لك المحامي إلى سراي النيابة، لكنه وصل متـأخر ،

اطمئن، سوف نرفع لك قضية رد شرف ونتـولى : ويقسم ..الدفاع عنك

سوف نثير قضيتك على الصفحة : ال تقلق، تماسك !األولى من كل الصحف

تأكد أنهم فشلوا، ولن يفلحوا في اختراق صـفوف .المثقفين

في الصباح المدرسي، تفيض المشـاعر، تتـدفق رد هذه، تغني تلك، غاألحاسيس نحوك، تحوطك البنات، تز

:خلفك تنشد البنات ....سالمة، يا سالمة

ير الجديد، بترحاب وود، يشد علـى يستقبلك المد :يدك

.ر للحق والشرفاءابراءتك يا أستاذ، انتصفي الطابور، تلتهب األيدي بالتصفيق، والكلمـات

:الصادقة والمليئة بالحب من مدير المدرسةولتثق يا أستاذ جميل أننا كلنا معك، إننا ننتصر لك

.لللحق، للعدل، لشرف المدرس النبياليوم، إنما ننتصر يهل العقيد عبد الرحمن في زيه الرسمي، يهمـس

:لمدير المدرسة، يمسك ميكروفون اإلذاعة المدرسيةباسم أولياء أمور الطالبات، أؤكد لكم، أنني لم تهتز

بهذا الرجل، طوال ساعات المحنة، ألنني اقتربت اثقتي أبد منه منذ ثالث سنوات، وخبرت معدنه األصيل، إن بـراءة

يل انتصار للطالبات، األزهار البريئة التي تتفتح األستاذ جم

على أمل مشرق، ونعاهدك يا أستاذ جميـل أننـا سـوف نضرب بيد من حديد على كـل المرتشـين والمفسـدين،

.أصحاب النفوس المريضة والذمم الخربةتلتهب األيدي بالتصفيق، تفيض عينـاك بالـدمع،

.يزداد التصفيقحولك المدرسـون في حجرة مدير المدرسة، يلتف

.والمدرسات، تجلس بجانب العقيد عبد الرحمنالمديرايقول مخاطب :

.مبارح بعودة األستاذ لمدرسةاحنا طلعنا أمر افندم، امبـارح كلمنـي مـدير اإلدارة أاطمئن يا

التعليمية بعد اتصال السيد وكيل الوزارة به وأخبرني بعودة .األستاذ جميل للمدرسة واستالمه لجدوله

.طيب الحمد هللاتغمرك مشاعر كل المحيطين بك بالحب والوفاء،

لهذه، تشكر ئتظل طوال اليوم ترد التحيات والتهاني، توم تلك، تنهض تعانق الزمالء، تعيش مظاهرة حب، تسـتقبلك

، استقبال الفاتحين، الزغاريد تـرن بـين ٣/٣الطالبات في

جدران الفصول، تضحك مشرفات األدوار، تدوي عاصـفة أحمـد "التصفيق تحية لك، تدخل الفصل في تواضع وعظمة

؟الًفهل تهدأ نفسك قلي" مظهر في الناصر صالح الدين المدرسة بالزائرين، من ئيدق جرس الفسحة، تمتل

ار، من اإلدارة، سيارة التصوير الخارجي للتليفزيون، زوالصحفيون، مذيعون، تتحدث عن ظروف المحنة، التلمـيح،

ءات جمعية الحـب والسـالم، العـروض التصريح، إغرا المشبوهة، الدفع بسخاء، عرض شـقة تمليـك والسـيارة

.الحديثة، محاولة االعتذار، التهديد، مكالمة نص الليلتحكي تتحدث، يجف حلقـك، تشـرب قهوتـك،

لى بيتك، إتستريح تعتذر عن الكالم، يحاولون أن يحضروا :تحتد

هنااغد "بيتي هذه المدرسة" امؤكد. ": نفسكامحدثً"

كما شهدوا اإلهانة، سـاعات المحنـة فليشـاهدوا يهدأ فيضان الحظات االنتصار، تمر لحظات السعادة سريع ،

الحناجر والقلوب، تمضـي الحيـاة، بسـننها الطبيعيـة،

تأكل اليوم خلف اليوم والعجلة تدور، الحصص المدرسية، .رتيبة، بطيئة

:ن بارزةتتصدر كلماتك الصحف والمجالت بعناويل في اختراق صـفوف شجمعية الحب والسالم تف " ".المثقفين

"أزمة المدرس المصري مع جمعية التطبيع"الشاعر يرفض الشقة التمليك والسـيارة الشـبح "

"والدوالرات المشبوهة :الًتقرأ، تراجع الكلمات، تتعجب متسائ

!لم أقل هذه الجملة، لم أقصد هذا المعنى.. أصبحت الجمل مبتـورة .. حذفوا نصف الكالم

بكف، وال أحد يجيب وال االمعاني مشوهة، تظل تضرب كفً ..أحد يسمع

اتنام بعد منتصف الليل، مهموم ا، صـموتً ا، كابي ،تطبق عليك جدران شقتك العارية والخاوية، تؤلمك الوحدة، يؤرقك فراغ واتساع سرير غرفتك البارد، تغمس رأسك في

ا، حزينًابئر أفكارك وتنام، مكدودا متعب.

اتقلق فزع ا على جرس الهاتف، في الثالثة صباح ،حواليك، تفيق من نومك، تعي نفسك وتتسـاءل مـن تنظر

طارق الليل؟ :ترفع السماعة ...السالم عليك .. على حسابناالًلن تصبح بط مين معايا؟

..إنت وال حاجة، إنت صفر على الشمال ..مين اللي بيتكلم ..افًسوف ننسفك نس ..إنت قليل األدب

..وإنت حشرة حقيرة، تسحقها النعالتفزع، تغلق السماعة، تقلق، يطيـر النـوم مـن

على هذا الكالم؟عينيك، ترى من يجرؤ هل ترفع السماعة وتخبر العقيد عبد الرحمن؟

تتراجع، تتردد، تنظر للساعة الصـغيرة بجـوار : سريرك

.الثالثة والنصفراجع ، تنظر مـن العـين يدق الباب، تنهض، تت

السحرية، ال يوجد أحد، تفتح الباب تنظر علـى درجـات السلم ألعلى وألسفل، ال أحد تجري ناحية البلكونة، تنظـر

، الشارع يغـط فـي بحـر صـمته، ا ويسار اللشارع يمينً :والسكون يرمح بطول الشارع، تسأل نفسك

ما هذا؟ وما الذي ألم بك؟ أهذه تخيالت؟

ك لنفسامؤكد: .لقد سمعت جرس الباب

تعود لسريرك، وصوت فيـروز واألغنيـة التـي :تعشقها تتردد

..." األحالمئسكن الليل، وفي ثوب السكون تختب"تتمنى أن يسكن الليل، وتهدأ نفسك، يرتاح بالـك،

:تعيش في هدوء كما يعيش الناس وتقسمالم أظلم أحد،ولم ألوث ماء النيلا لم أسرق أحد ،.

كل هذا الحقد والعداء؟فلماذا

تجلس في سريرك، تتخبط في حزمة األسئلة التي تشتعل داخل رأسك، تتقد نارها، يفـور رأسـك بالصـداع

وال أحد بجوارك، تشكو لـه، ا وحزنً االليلي، تحترق كمد ،يضمد جراحك، يوقف نزيفك، تلعن هناء، بنت األفـاعي،

ترد ماذا يريدون اآلن؟ينيك صورة ما حدث، تهل تظل هكذا، تترى أمام ع

تباشير الصباح، تفتح نافذة غرفتك المقبضة طوال الليـل، صدرك، تشـعر بقليـل مـن ئتتنفس الهواء البارد، يمتل

.الراحةتتوضأ، تركع وتسـجد هللا، وتسـأله بإلحـاح أن يحفظك، من شياطين الجن واإلنس، تلوك كسرة خبز مـع

.كوب الشاي وتخرج اإلذاعـة المدرسـية في الصباح المدرسي تراجع

تضحك مع والء، تبتسم لدعاء، تخطـف رانيـا الجريـدة الصباحية وتتعمد أن تقرأ حظك اليوم، تعرف الملعونة أنها تشاركك برج العذراء، تقول ضاحكة وهي تنظر ناحيتـك

:بطرف عينها

فـي مشـاعرك تجـاه ا وال تكن مفرطً اكن حذر .اآلخرين

اح بالذهاب إلى تسعى للمدير في مكتبه، تطلب السم :مديرية األمن، تتسع عين الرجل دهشة، يسألك

فيه حاجة جديدة يا أستاذ؟ ..طمئن، توابع القضيةا ،ال

..مع السالمةفي الطريق إلى الشارع، تكاد تسمع مـن ينـادي عليك، أو يشتمك، ال تدري، كأنه صوت بعيد، تقـف فـي

سـمك با االشارع في انتظار األتوبيس، يأتيك الصوت قوي :وبصريح العبارة

...."ويلعن فرج أمك"...يا جميل يا ..يا حشرة.. يا جميل

تنظر على البنايات العالية الزجاجية، والعمارات، .والشبابيك المغلقة

ترى من وراء هذه النداءات؟

ترخى السـمع، تنظـر تـدقق، ال أحـد، تقلـق، ، تشير اتضطرب، تعلو أنفاس صدرك، ترتسم مالمحك حزنً

بنفسك في المقعـد الخلفـي، تجلـس يسي، يقف، تلق للتاكيسألك السائق على فين يا أستاذا، صموتًا، قلقًامهموم ،:

.مديرية األمن يا أسطىا ومدققًايتمتم وهو ينظر ناحيتك فاحص:

.يا فتاح، يا عليمتزدحم الشوارع بالناس، بالسيارات، باألتوبيسات،

الحـر، تختنـق تفتح شباك التاكسي، عله يهبـك الهـواء باالزدحام، تمرق سيارة صغيرة بجوارك، يفزعك اقترابها

:منك، تسمع نفس الصوت يمأل أذنك ...........يا جميل يا ابن

تحمد ربك أن السائق "..الزم أشوه وشك بمية النار ، تحكـم اتتحرك يدك سريع " ال يعرف اسمك وال اسم أمك

ـ غلق زجاج النافذة تتكوم على نفسك تنكمش دا اخلك خائفًاومرعوب.

:يالحظ السائق يسألك

:فيه حاجة يا أستاذ ..أل، بس من فضلك بسرعة شوية

فة الواسعة والمقبضة، والتي شهدت ليلـة رفي الغ المهزلة، تقف لتحية العقيد عبد الـرحمن، يقـف الرجـل

:الًلتحيتك، يشد على يدك قائ ....جلس يا أستاذاجلس، ا

يراقبك، يقرأ سـطور تنتظر أن يفرغ من أعماله، الخوف في عينيك، يالحظ حركة عينيك الزائغتين، ينتهـي

..من حديث الهاتف يسألك الًتتردد قائ

من فين؟اواهللا يا افندم مش عارف أبد ..خذ راحتك واتكلم، وأنا سامع

جت مكالمة، ابالليل، امبارح الساعة تالتة صباح ، والعجيب أننـي زي اللي جت قبل الحادثة، ونفس التهديد،

في الشارع، من سيارات سوداء، االصوت تقريب أسمع نفس ـ امن العمارات العالية، يندهش العقيد وينظر إليك متفحص ،

:تخبره

.صدقني يا أفندم، وثق في كالمي ..نفس الصوت

.اونفس جملة الشتيمة تقريب.. نعم نفس الصوت .وماشيين وراك كمان.. دول مافيا بقىتليفونك خالص تحت المراقبـة مـن ما تخافش،

.النهاردةخذ كذا رقم تليفون للضرورة، وخذ كمـان رقـم

.المحمول اتصل في أي وقتاتخرج من مديرية األمن، فزعترددا ومرعوب .

!!نحن في حاجة إلى ألف عبد الرحمنتمشي على كورنيش النيل، تصافح عيناك صـفحة

صفور المـاء، المياه الصافية، تطير روحك، تحلق مثل ع يشدك اللون األخضر في المشاتل الصغيرة التـي تسـكن

أحـد المشـاتل عن تأجير ا صغير اطرح النهر، تقرأ إعالنً والقريب من المدرسة، تتوقف، تعيد القراءة، تلمع الفكـرة

في رأسك، ولماذا ال؟ :وتحدث نفسك

عامل أو اثنين، وبيع األزهـار عمليـة تجاريـة اومربحة جد.

لمشتل، تسأل، تتفاوض، تفاصـل، تعـاين تدخل ا المكان، هدوء المكان مدهش، شاعرية الجلوس لتأمل النهر فوق الوصف، تتفق، تودعه على أمل العودة بعد سـاعتين،

.تعود تنهي اإلجراءاتبعد عناء اليوم الدراسي، تجد نفسك تمشي علـى النيل، تصل إلى سمعك نفس األصوات البذيئة، تطـاردك،

قف، تراقب، تنظر، تدقق، وال أحد، تحدث نفسك تفزعك، ت :وأنت تنزل سلم المشتل ......يا أوالد األفاعي

تسلم على العامل، ذلك الذي طلبت منه االستمرار تـذهب الً ثقي افي العمل وبنفس المرتب، أن يصنع لك شاي ،

ـ للجلـوس، تسـند اإلى الركن الجميل، تجهز لنفسك مكانًالنهر بالحب والصفاء، والسـالم ظهرك، تتأمل جريان هذا

:منذ آالف السنين وتظل تسأل نفسك

شرب من ماء واحد، ونأكل من طعـام واحـد، ن ونتنفس من هواء واحد، فلماذا كل هذا الحقد؟

قبل أن يؤذن العصر، تلمع فكرة في عينيك، لماذا ال تنفذها؟

تنادي على العامل، تأمره أن يذهب لمحل الفراشة، .ثيرة، اليوم االفتتاح الكبيريأتي بأنوار ك

:وتضيفعليك أن تجهز جميـع األزهـار، وتقـف اليـوم الخميس والمترددون على الكورنيش كثيرون، وعليـك أن

تراقب، تسعد لفـرح اتجلس بعيد .. تهدي األزهار للعابرين الناس، تصافح عيناك صفحة النيل، والماء يجري بالحـب،

.هم، أهلك وتشتد بىتهدأ نفسك وتستريح، تقوفي الطريق للبيـت يفزعـك الصـوت، تفـزع، يراقبونك، يطاردونك، يلعنون أمك في الهاتف، هل تنهار،

تلمس رأسـك، تضـغط اثالث ليال لم تعرف للنوم طعم ،عليها بكلتا يديك، قبل أن تنفجر، تخرج من البيت، تتحدى،

:تقصد العقيد عبد الرحمن، تردد لنفسك

..الرحمنلى ألف ألف عبد إنحتاج ، الكلمـات قـذائف، اصرخ داخلك، تنتفض ثائر ت

والشتائم أوسمة وأزهار تتساقط بطول دربك الطويل، بقوة ":ال تصالح مع أمل دنقل"تردد قصيدة ..ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ.. ال تصالح"

..والرجال التي مألتها الشروخ ..هؤالء الذين يحبون طعم الثريد

...وامتطاء العبيد هؤالء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم

وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ ال تصالح،

..فليس سوى أن تريد أنت فارس هذا الزمن الوحيد

"سواك المسوخو القاهرة–الجيزاوي

م١٩٩٨ ديسمبر – ١٩٩٧ديسمبر

" "

ال تصالح أن تريدفليس سوى

.أنت فارس هذا الزمن الوحيدبهذه األبيات الشعرية، التي يتفـوه بهـا األسـتاذ

يختتم القاص خليـل الجيـزاوي بـاكورة نتاجـه . جميل، والتي تعلن في الحال عن "يوميات مدرس البنات "الروائي

مولد روائي جديد، سوف تكون له صوالته وجوالته، فـي تخمين أو استقراء ا مجرد وليس هذ . األثيرالفن ساحة ذلك

وإنما هو استنتاج . يستحيل التنبؤ بالمجهول لما سيكون، إذ تأويل لما هو كائن بالفعل، في العمل الذي هنامنطقي، ومن

. بين أيدينا، سواء من ناحية تشكيالته الجمالية أو مضمونه وال أدل على ذلك من جعل فكر األستاذ جميل، مدرس اللغة

ر، والشخصية المحورية هنا، يتناص مـع العربية، والشاع فكر شاعر عرف بروح التحدي، وعزيمة الصمود، وقـت

لـم الشدائد واألزمات، أال وهو الشاعر أمل دنقل، الـذي نكسار، وهذه وسـيلة فنيـة تكفـي بالذّل أو اال ايرض أبد للكشف عن المستور في متن الرواية، – إن شئنا –بمفردها

ي، في المقـام األول، علـى صـدام والذي أزعم أنه ينطو النبل والبقاء بالسفور والزيف والدناءة، في زمـن والطهر

من المتناقضات، على مختلف أشكالها وألوانها ومناحيهـا، ، ا مغوار ا، وصار فارس اال لمن حمل سيفً إزمن ال مكان فيه

.، ذا طبيعة نضاليةا جسورالًومقاتكل ما هناك، ولكن التناص مع فكر أمل دنقل ليس

مع موقف الشـعراء اإذ يتناص موقف األستاذ جميل أيض الرومانسيين بعامة، القدامى منهم والمحدثين، وعلى رأسهم الشاعر ناعم الصوت، رخيم اإليقاع، إبراهيم ناجي، الـذي

وال غرابة في ذلك، فاألستاذ ". أبوللو" كان من أبرز جماعة ح النصـوص جميل، كما يصوره الجيزاوي، مولع بشـر

الشعرية التي تكشف عن العواطف النبيلة الطـاهرة، فيمـا

يعرف بتجربة العشق العذري، أو كما عرفها الغرب بالحب األفالطوني، الذي يتسامى بالمشـاعر اإلنسـانية، ويرقـى

– على شخصية األستاذ جميل يبأحاسيس البشر، مما يضف ة مسـح –إلى جانـب روح التحـدي الرابضـة بداخلـه

اانسية، تجعل اصطدامه بالواقع الحسـي الفـج أمـر روميشده اخطير ،– إلى جب عميق، إلـى نفـق – عنه ا رغم

مظلم، أو هوة سحيقة، ال يخرج منها، في نهاية المطـاف، وبأقل خسائر ممكنة، إال بشق األنفس، بعد تجربة مريـرة

.واأللممن المعاناة ولعل هذه التجربة كانـت تسـيطر علـى فكـر

، وتشغل مساحة كبيرة من خياله، حتى قبل ازاوي تمام الجيوهذا ما يشي به التصدير، حيـث . البدء في كتابة الرواية

بشاعر مقاتل اراح يقول فيما أسماه بمفتتح العمل، مستشهد آخر، وهو شاعر المقاومة، الذي آمن إيمان اليقين بقضـية

:الوطن، الشاعر الفلسطيني محمود درويش في الجبهم أوقعوني

تهموا الذئباو

..والذئب أرحم من إخوتي. اإلشارة القرآنية هنا جلية، وسياق المعنى واضح

تفككت فيه وشائج الحب، وتقطعـت افالشاعر ينعي عصر وهذا . صالت الرحم، واستشرت مظاهر الجحود والكراهية

ما تؤكده نغمة النهاية، أو إن جاز لـي أن أقـول، مختـتم ب األستاذ جميل ممـا آل إليـه حـال الرواية، حيث يتعج

نشرب من ماء واحد، ونأكل مـن طعـام واحـد، ":الزمن ".فلماذا كل هذا الحقد؟. ونتنفس من هواء واحد

ربما حمل هذا التساؤل البريء بين ثناياه المعنـى للرواية، والذي يحاول الجيزاوي أن يسوقه إلينا عبر الكلي

ميـات تحررهـا فصولها السبعة، والتي تأتي في شكل يو : في مدرسة ثانوية للبنـات – على األقل –خمس طالبات

نجوى، ودعاء، ورانيا، وهناء، ووالء، تسلم كـل واحـدة منهن الرواية لألخرى بالتتابع، ولكن من خـالل الـراوي

ما يلفت النظر هنا . األستاذ جميل الذي يفتتح العمل ويختتمهار لروايته سبعة ختاأولهما أن الجيزاوي : تشكيالن جماليان

أي بعدد أيام األسبوع، كمن أراد أن يختزل افصول تحديد ،

. عمر الرواية، ويكثّف أحداثها، في أيام األسـبوع السـبعة ـ ث قـد أدرك تماماوثانيهما أن الراوي الحاضر أو المتحد

محدودية علمه، السيما فيما يتعلـق بحيـوات األخريـات، هن تسرد األحداث نم الوشئونهن الخاصة، فاختار أن يدع ك

طرفها، بطريقتها الخاصة، وبما توافر لديها من علـم منيقين، مما أضفى مصداقية علـى سـرد األحـداث، بـل

. هذا اللون من القصاوموضوعية يفتقر إليهما أحيانًفالرواية كما يدل عنوانهـا تقـوم علـى تسـجيل اليوميات فيما يشبه السجل الشخصي، أو رصد األحـداث،

بحدث، ومن وجهات نظر مختلفة، وإن كانت متقاربة ادثًحلتناظر المرحلة السنية للطالبات، وكـذا المـزاج والحالـة النفسية لكل منهن، فيما يعرف برواية السـيرة أو الروايـة

ولكن ثمة اختالفات جوهرية تجعل . البيوجرافية عند الغرب . ئـي رواية الجيزاوي تنويعة فريدة على ذلك الجنس الروا

فاليوميات ال تصف نفس األحداث، وإنما تسـرد تفاصـيل اوقوعها بطريقة تدريجية، بمعنى أنها تكمل بعضها بعض ، افتتبلور معالم الحبكة الروائية، وإن لم يحدث ذلك تقليـدي ،

ل يكتشف تفاصي ئإذ يظل القار . لترتيب زمني منطقي اوفقًلى أحـداث ع ا بظاللها عكسي يفي اليوميات المتأخرة، تلق

اليوميات السابقة، مما يثري الموقـف الروائـي، ويعمـق لمفاجآت التي خبأها الراوي في عبـاءة يومياتـه اف. التأثير

ئتبعث على المتعة واإلثارة، في آن واحد، وتجعل القـار طول الوقت إلى الحبكة الرئيسةامشدود .

. وحبكة الرواية يمكن إيجازها باختصـار شـديد اسمه جميل، حسـن المظهـر، رفيـع ربية مدرس للغة الع

األخالق، يعمل في مدرسة ثانوية للبنات، حيث ال يكتفـي بإلقاء الدروس فحسب، وإنما يشرف على النشاط الثقـافي

هنا يجد جميل . ، مما يجتذب إليه الطالبات الموهوبات اأيض بعدد كبير منهن، حيث تحلـم كـل واحـدة انفسه محاصر

، في الخامسة والثالثين مـن بز ع بالفوز به، خاصة وأنه ن إفقـط، إذ ليس هذا. عمره، ويقوم بتشطيب شقة الزوجية

، وتود لـو االمنزل تحاصره أيض جارته البدينة فوق سطح اتتخذه زوج فـي المدرسـة، ا أمام هذه المغريات، صـباح

ـ ، ا عصـيب اومساء في المنزل، يعيش األستاذ جميـل وقتً

. فسه، في ليالي الشـتاء البـاردة يخلو إلى ن خاصة عندما تعليمات الوزارة الصارمة، اولكنه يستعيذ باهللا، ويتذكر دوم تجاه التقاليـد واألعـراف، هبل ويضع نصب عينيه واجب

، فيحتـدم الصـراع، الًوصورته كمعلم كاد أن يكون رسو هذا في الوقت الذي يقع فيه . ويتعذب القلب، ويتأزم الموقف

ط زمالئه بالطالبات، وفوحان رائحـة المحظور لدى اختال الرذيلة في أنحاء المدرسة، والتي تحاول هناء حسين، أكبر

االطالبات فساد ا وإفساد عنه، لدرجة أنها ا، جره إليها، رغم وعندما ال يستجيب تلفق له تهمة أخالقية، ينجو منها . تهدده

للفضيلة والعفةابأعجوبة، ليعود إلى سابق عهده رمز . تلك النقطة تكشف الرواية النقاب عن وجههـا عند

الجاد والخطير، الذي أخفته بستار سميك من خفة الظـل، انطوت عليها حكايات الفتيات الطائشات، بأحالم يقظـتهن، وذلك عندما تدق ناقوس الخطـر، محـذرة مـن تـردي األوضاع االجتماعية، خارج محيط المدرسة، مما انعكـس

لفتيات تفتقرن إلى القـدرة والمثـل داخل أسوارها فا اسلبيالعليا في حياتهن، لدى غياب األب في دول النفط، وخروج

غربة . األم للعمل، وانصراف اإلخوة إلى مالعب كرة القدم شديدة تعشنها بعضهن لدى وقوع الطالق، وتفكك األسـر، وتشتت األفراد، فكان التفافهن من حول األستاذ جميل، الذي

ام بالنسبة لهن، فمنهن من وجـدت فيـه صار بؤرة االهتم أو االوالد أو األخ الحنون، ومنهن من حلمت بـه صـديقً

ـ ا عذري ا، ومنهن من أحبته حب الًخلي ذلـك ا، وتمنته زوج ،واستفحل األمر مع بعـض . للخروج من أزماتهن األسرية

منهن، فتناسين األخالق والفضائل، وتحولن عن الصـراط .المستقيم

فعنـدما . ي بالبعد السياسي للروايـة وهذا ما يوح تفشل األسرة في أداء دورها تجاه تربية الـنشء، وعنـدما تعجز المدرسة بالتالي عن أداء دورها تجاه تهذيبه وتثقيفه،

عن جيل ضائع، تائه، ال أمل فيـه، افإن ذلك يتمخض حتم وال رجاء منه، تستطيع األيدي الخفية، في الخـارج قبـل

ه بوسائل التغييـب، وسـبل الترغيـب، الداخل، أن تطول وباألفكار المسمومة، فتضرب بذلك صرح المجتمـع مـن

لعل هذا ما دفع األستاذ جميل في نهاية الرواية، إلى . أساسه

رجال الشـرطة الشـرفاء، مـع لترديد ضرورة أن يتكات شعار هاملـت ارموز العلم، لمواجهة الخطر المحدق، رافع

ـ ":شكسبير يكـون أو أالن المواجهـة، و أن يكون، أن يعل ".يرضى بالخنوع، فليس هذا من شيم األمراء النبالء

لقد استطاع خليل الجيزاوي أن يضـمن رسـالته األخالقية، بين ثنايا الرواية، التي تخاطـب الكبـار قبـل

. الشباب، والعقل قبل العاطفة، بل والفكر قبـل اإلحسـاس بني جنسـه، ولكنه لم ينس في غمرة حماسه، وغيرته على

اأنه أديب في المقام األول، وليس مصلح أي أن ا اجتماعي ،، ا ووجـداني ا، ذهني الً جمي ااألولى هي أن يقدم إبداع مهمته

وهذا ما نجح فيه إلى حد بعيد، من خالل عناصر المتعـة، ـ . والتشويق، اإلثارة والترقب التي توافرت لروايته افمرحب

ابه روائيا واعد. عبد الناصرجمال . د

أستاذ األدب اإلنجليزي جامعة القاهرة–كلية اآلداب م١٧/٦/٢٠٠٠الجيزة في

• االرواية جيدة تقدم موضوع عـالم ا شـيقً ا روائي ،

البنات المراهقات، من جهة نظرهم ومـن خـالل علـى اتكتيك اليوميات، تتضح الشخوص اعتمـاد

للبوح أن يجول ضمير المتكلم الذي يعطي الفرصة .ويتحرك وينمو ولغة الكاتب متماسكة

)أحمد عبد الرازق أبو العال.. الناقد(رواية تعلن في الحال عن مولد روائي جديد، يقدم •

من خالل عناصر المتعة والتشـويق الً جمي اإبداع .واإلثارة والترقب التي توافرت لروايته

)جمال عبد الناصر. د.أ(مرس قدير يعرف عناصـر هذه الرواية لكاتب مت •

فنه ويجيد استخدام أدواته وهو وطني يعيش أحداث أمته ويحسن التعامل معها واإلحساس بها وتأملهـا

.وإعادة صياغتها في قالب أدبي متماسك

)فؤاد قنديل.. الروائي(

تتميز الرواية بجمال السـرد واألسـلوب وتنـوع •المواقف والشخصيات والوصف الجيـد للمكـان

.ومفرداته البشريةبحيويته

)محمد قطب.. الروائي( .رواية جيدة تتميز بلغة شعرية مكثفة •

)محمد محمود عبد الرازق.. الناقد(لغة مكثفة موحية، الموضوع معاصـر ونـابض •

.بالحيوية

)نبيل عبد الحميد.. الروائي(عمل روائي جيد ومتميز يؤكد موهبـة صـاحبه •

لسـرد وقدرته على بناء أحداثه وشخصياته فـي ا .والحوار

)يسري العزب. د.أ(

.. خليل الجيزاوي • قاص روائي •

عضو اتحاد الكتاب •

.عضو نادي القصة •

.عضو أتيليه القاهرة •

"الحـدود "نشر أول قصـة فـي جريـدة المسـاء • .م١٠/١٢/١٩٨٩

. .الجوائزجائزة نادي القصة فـي مسـابقة القصـة -١

.١٩٩٨القصيرة لعام ي مسـابقة نـادي القصـة الجائزة الثانية ف -٢

يوميـات "عن روايـة . ١٩٩٩للرواية لعام ".مدرس البنات

الجائزة الثانية في مسـابقة نـادي القصـة -٣ . ١٩٩٩القصيرة لعام

صدر لهالقصص الفائزة في مسابقة " مشترك "آالم صغيرة -١

نـادي "الكتاب الفضـي . ١٩٩٨نادي القصة لعام ". دار زويل للنشر–القصة

القصص الفائزة فـي " مشترك"بلغتيال مرشح نو ا -٢الكتـاب . م١٩٩٩مسابقة نـادي القصـة لعـام

". دار زويل للنشر–نادي القصة "الفضي

مدبولي الصغير – رواية –يوميات مدرسة البنات -٣ .م٢٠٠٠

:قيد النشر الهيئة العامة لقصـور – قصص –نشيد الخالص •

.الثقافة :تحت الطبع

)رواية(أحالم الزمن الرديء • )رواية(لحرب والسالم أغنية ل •

)قصص(أوالد األفاعي •

). رواية(سيرة بني صالح •

فهــرس اإلهداء • يوم جميل •

يوم ماجدة •

يوم دعاء •

يوم رانيا •

يوم هناء حسين •

يوم والء •

يوم الخروج •

قراءة نقدية •

قالوا عن الرواية •