www.culture.gov.jo ميكن ت�صفح املجلة على موقع الوزارةرقـــم الإيـــداع لــــــدى دائــــرة املكتبــــة الــوطنيــــة )1090( 2010 / د

املــرا�صــــالت: با�صـــم رئيـــ�س التحـــريـــــرالعنوان الربيدي: الأردن – عمان �س.ب : 6140 الرمز الربيدي: 11118 - عمان

E-mail: afkar@culture.gov.jo

A F K A R

1966 �صـــــدر الــعـــــــدد الأول مــن جملـــــة اأفـكـــــــار فـي حـــزيــــران عــــــــام

رئــيــــــــ�س الــتــحــــــــــريـــــــــــــر�صــــــــعـــــــــــود قـبـيــــــــــــــــالت

مــــــديــــــــــرة الـــتــــحـــــــريــــــرمـجــــــــدولــــــني اأبــو الــــــــرب

هــيــئـــــــــــــــــــة الــتــــحـــــريــــرد. �صــــــــــليمــان الأزرعــــــــــــي�صــــــــــــليمــان الـقـــــــوابــعـــــة

لــيــــــــــــلــــــــى الأطــــــــــــــر�ش

الإ�صـــــــــــــراف الــفـــنـــــــــــــــــييــــو�صــــــــف الــ�صـــــــرايــــــــرة

الإخــــــــــراج والــتــ�صــمــيـــــــمعـــبـــــــــــادة الــفــحــمـــــــــاوي

وحـــــدة الـتـ�صـمـيــــــم الـفـنـي

وزارة الـثـقـــــــــافــــة

3 1 1كـانـــون الأول

2 0 1 4

املواد املن�صورة يف هذا العدد تعبر عن راأي كاتبها، ول تعبر بال�صرورة عن راأي املجلة

االفتتـــــــــــــــــاحـــيـــــــــــــــة: - التحــــــــدي الأكبـــــــــر للثقــــــــافة العربيــــــــة والفكـــــــــر العـــــربي د. �صـــــــليمان الأزرعــــي 4

درا�ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات:- فـــــــــــــــي تـــحليـــــــــــــــــــل الـــــخطـــــــــــــــــاب الـــ�صــــــــــــــوفـــــــــــــــي يا�صـــــــــني �صــــــــــــليماين 7

- امل�صــــــــرح ومثقفـــــو ع�صــــــر التنـــويــــــر يف العـــــــالـــم العـــــــربي عـــــــــــــــــواد عـــلــــــــــــــــــي 15- ا�صــــــــــــــــــــتـــراتيجيـــــــــــــــــــات الـــنــــــــــــــــــــ�س الــــق�ص�صـــــــــــــي يو�صـــــــــــــــف يو�صــــــــــــف 22

)�صــــــــــــــــــهرزاد.. منــــــــــــــــــــــاذج مـــن الق�صــــــــة الأردنيـــــــــة( - فيلم "النبي جلربان خليل" من اأفالم الر�صوم املتحركة املتميزة حممــــــــــــود الـــــــــزواوي 29- "دورا" لـــــلـــــــــــــــــــروائيـــــــــــة بــــ�صـــــــــــــــــــرى اأبـــــو �صــــــــــــــــــرار عـــــــــــذاب الركـــــــــــــابي 34

جـــــــــــــــداريـــــــــــــات مــــــــــــوت معلــــــــــن.. وولدة م�صتفـــــــــــــــزة- اإ�صــــكالية املنهـــــج يف الـــــــدر�س النقــــــدي العــــــــربي احلـــــديث حممــــــد �صابــــر عبيــــد 40

اإبـــــداعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات: - الـــــم�صتميـــــــــــــــــــــــــت - �صعر اأمـــــــــــــــني الـــــربيــــــــــــع 46- األ مــن فرجة للولـوج؟ - �صعر حممــــــــــــــد يا�صــــــــــــــني 48- قـــــ�صـــــــــــــــــــــــــــــــــائــــــــــــــــــــد حممــــــــــــــــــد ثلجــــــــــــي 50- مـــــــــــــــــاذا لـــــــــــــــــو؟ - ق�صة تي�صيـــــــــــــــــر نظمــــــــــــي 54- ومــــــــ�صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات اإيهـــــــــــــــاب ال�صلبــــــــــــي 56- تــــراجــــــــــــــــم احليـــــــــــــــــوان يو�صــــف ح�صـــــن ناجـــــي 58- م�صــادرة وق�صــ�س اأخــــرى.. �صـــمري اأحمـــد ال�صــريف 60- نهـــــــــــايـــة الــحلـــــــــــم- ق�صة خالـد يو�صف اأبو طماعة 61

اآداب اأجـــنــبــيـــــــــــــــــــــة: - "النتظــــار" ق�صة خورخي لوي�س بورخي�س ترجمتها عن الإ�صبانية: اأمــــــــــــــــــــل العلــــــــــــــــــي 64- "ال�صمكة ورفيقتها" ق�صة اإبراهيم كل�صتان ترجمها عن الفار�صية: د. علــــــــــــــي زائــــــــــــــــري 67

مــلــــــــــف الــعــــــــــــــــــدد: الــ�صـــــاعـــر حـبيـــب الــزيــــودي- مقــــدمــــــة: "لـــــــو راح املغنـــــــي بتظـــــــــل الأغــــــــــانــــي.." مــــديـــــــــــــــــرة التحـــــريـــــــــر 71- "حبيــــب الـــزيــــودي" قـــــراءة يف اأحـــزان "نــــاي البــراري" د. عـــمــــــــــــــــــر القيــــــــــــــــــام 72

املـحــتـــويــــــــــــــات 2014 311 كـانـــون الأول

70

94

98

- حبيـــب الــزيـــودي: قـراءة يف ديــوان "ال�صيخ يحلــم باملطـر" عبـــــــــــــــداهلل ر�صــــــــــــــــــوان 76- الــــــوطــــــــــن فــــــــــــــي �صــــــــــــعــر حـــبيــــــــب الـــــــزيـــــــــــودي د. عماد عبدالوهاب ال�صمور 82 - حـــبيـــــــــــب الـــــــزيــــــــــــــودي.. �صـــــــــــــــهــــادة وتــــحيــــــــــــــــة د. اإمـــيــــــــــــــــــل حـــــــــــــــــداد 90 - نــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاي الــــــعـــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوك مــحمــــــــــــــــــد وا�صــــــــــــــــــف 94- حبيـب الــزيـــودي يتطـــوف يف رحـــاب بيت ال�صعــــر الأردنــي مــجــــــــــــــــــــدي الـــتــــــــــــــــــل 98

- مــــــــــع حــبيـــــــب الـــــــــــزيــــــــــــــــودي فــــــــي فـــــــرجينيـــــــــــــا مــحمــــــــــــــود الــجبـــــــــــــــــور 104- وداعـــــــــــــيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الــــــــحبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب �صـــــــــــــالـــــم اخلـــــــــزاعـــلــــة 109- حـــبيـــــــب.. واأنــــــــا: ق�صـــة ود و�صـــــعر اأقــــــوى مـــن املــــــوت مـــحمـــــــــــــــد �صـــــــــــــــــمحان 112- الــــــربــــــــــــــابـــــــــــة فــــــــــــي �صـــــــــــعر حبيــــب الــــزيــــــــــودي ح�صــــــــني عبـــــــــده مو�صــــــــى 115

نــــــــــدوة اأفــــكــــــــــــــار:- الــثقــــــــافة بـــــني الــتنــويــــر والــتكفيــــر اإعـــــداد وحتريــــــر: د.�صـــــــــــليمــان الأزرعـــــــــــــــي 121

حـــــــــــوار الــــعــــــــــــــدد:- وا�صـــــــــــــــــــــــــــــــــيــنــــــــــــــــي الأعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرج اآيـــــــــــــــــــة اخلـــــــوالـــــــــــــــــدة 135

متابعات ومقاالت: - "فيـــــــ�س املعنــــــى" و�صــــــــعريـــة الــقـــــــــــــراءة النقــــــديــــــة ماجـــــد �صالح ال�صامـــــــرائي 140- بالغة ال�صورة يف "عامليـدان رايــح جـاي" ل�صامية العطعوط د. �صـــــفيق طــــــه النوبـــــــاين 144- "اخل�صـت" ملحمد بن �صيف الرحبي: احليـــــاة ولعبــــة ال�صرد هــــيــــــــــــــــــا �صـــــــــالــــــــــــــــح 147- التكنـــــولـــــوجيــــــــــــــا املفقـــــــــــــودة مل�صــــــــــــــر القــــــــدميـــة د. يعـــــرب قحطــــان الــدوري 150

�ســــــــــدر حـــديـــثــــــــــــــــــا: - اإعــــــــــــــــداد: مـــــحمــــــــــــــــــد �صــــــــــــــــــالم جميعــــــــــــــــــــــان 156

الكلمـــــــــة االأخيـــــرة:- الــــفــــــــــــــــــــن.. مـــ�صــــــــــــــــوؤوليـــــــــــــــة ومــــــــوقـــــــــــــــــــــــــف د. ح�صـــــــــــــــني جـــمعـــــــــــــــــة 159

2014 311 كـانــــون الأول

120

135

144

افتتــاحـيــــــــــــــــة

التحدي الأكرب للثقافة العربية والفكر العربيلقد اأوقفت احلقبة العثمانية وما �صبقها مد الثقافة العربية خالل قرون، ورغم العداء القائم بني اأوروبا ال�صناعية الربجوازية وبني المرباطورية العثمانية الإقطاعية كنمطني من اأمناط الإنتاج، و�صكلني ينق�س اأحدهما الآخر تناحريا، اإل اأن اأوروبا تنبهت للخطورة العثمانية المرباطورية تلك اإدارة على ي�صكلها النه�صوي با�صا علي حممد بداأ التي نة، وبالتايل على اأوروبا ال�صناعية.. ولهذا قرر الغرب، بقيادة بريطانيا، عام 1840 املتعفر، خلطورة اأوروبا، وب�صكل مبك اإيقاف زحف حممد علي على الباب العايل! فقد تنبهت الأ�صا�س املادي الذي كان حممد علي ي�صيده من اأجل م�صر عظيمة وم�صرق اأعظم. وهكذا رت اأوروبا الدولة العلمية الطالعة يف ال�صرق، واألزمت حممد علي على تدمري اأ�صلحته دمواأ�صطوله.. ومع احلربني بداأت اأوروبا بت�صدير »اأوروبيتها« اإىل �صعوب ال�صرق واأممه يف ر- اأ�صلحتها وقوانينها ولغاتها وثقافتها يف اأ�صد زمن قيا�صي. فقد فر�صت –كنظام منت�ص

�صور الهيمنة واأ�صرعها، بالقيا�س اإىل ما �صهده التاريخ من عمليات �صغط ح�صارية..

ومن الطبيعي اأن يجد نظام الدولة ال�صرقي –باإماراته وممالكه و�صلطناته املتخلفة- نف�صه اأمام �صل�صلة من ال�صرورات التي ينبغي تاأمينها لي�صتمر يف احلياة. ف�صرعان ما يفتح اأ�صواقه للتجارة الأوروبية، ويطرح خاماته، وي�صن القوانني وينظم اجليو�س وقوات الأمن ي�صبح وبعدها باخلبري. م�صتعينا اجلديدة القت�صادية الجتماعية العمليات حلماية اجلندي تابعا للمدرب الأجنبي، ويخ�صع لنظامه وت�صليحه وقيادته وتقنياته الع�صكرية، كما يتبع التاجر وال�صيا�صي املحلي للدبلوما�صي الأجنبي، ول يكون بو�صع احلكومات املحلية التغيري لعمليات الفعلية القيادة ملتطلبات اخل�صوع اإل املتكافئة غري العالقة هذه يف الجتماعي، الذي ي�صمل كل امليادين، مبا يف ذلك الثقافة التي يتم الرتكيز عليها لت�صويغ

كل ما يجري.

وهنا ت�صعر القوى الجتماعية املحافظة باأن الأ�صا�س التقليدي الذي يقوم عليه املجتمع بات يتعر�س للخطر والتغري ب�صرعة قيا�صية وبفعل فاعل! ولي�س بفعل تطور طبيعي بطيء اأكرث حدة كلما احتمى لت جتري يف اجليل الواحد! وي�صبح ال�صدام متنام. فكل التبدلت�صكل ت�صطف التي الثقافية باملرجعية ميدهم الذي القد�صي، باملوروث املحافظون ل.. وتبدو ظاهرة الأدباء يف ال�صني، والعلماء يف الإ�صالم، منظومة �صادمة يف وجه اأي تبد

اأمثلة حية على ذلك ال�صدام القائم بني ح�صارتني وثقافتني.

ويف هذا املوقع من التحولت، تبدو الختالفات القائمة بني اأطراف الثقافة املدافعة. يف قا�صرتني رئي�صتني فكريتني كمرجعيتني العلماين والرد املوروث ال�صلفي الرد بني

الغالب عن الدفاع عن الثقافة القومية واإعادة �صياغتها مبا يتطلبه الع�صر.

وفيما يعاين التيار العلماين من النتقائية والنظرة الرومان�صية يف كثري من احلالت، فاإن التيار ال�صلفي يعتقد اأن امل�صاألة ل تعدو اأزمة اأخالقية ل عالقة لها بالتطور والتقدم الآباء و�صرية �صفات لإحياء امليمونة والعودة الأخالقي بالإ�صالح بل الع�صر، ومالقاة والأجداد.. وهكذا، ترتدد يف املجتمع عبارات الأ�صالة، والرتاث، واملجد الغابر، والعودة اإىل اجلذور.. وما اإىل ذلك.. وت�صيع فر�س املواجهة بني املحافظني الداعني اإىل الأ�صالة، املوجة هذه اأمام ال�صت�صالم اإىل الداعني وبع�س التجديد، اإىل الداعني والثوريني �صلفية الأكرث الأفكار تتوالد الطاغية والجتياح الزحف موجة ا�صتداد ومع الطاغية.. وخارج التاريخ خارج املجتمع ت�صع التي املتطرفة الظالم اأيديولوجيا لتوؤ�ص�س ورجعية

الع�صر!!

تلك يدعم والليربالية التنوير اإىل رياء الداعي الراأ�صمايل، الغرب اأن وامل�صتهجن التوجهات الظالمية، وميدها مبا ي�صمن �صرا�صتها..

ما يحدث اليوم، هو متاما ما اأو�صحنا الأ�صا�س النظري له، ولقد تفاقم هذا التخبط مع حتدي الدميقراطية، ومع وحدة العامل، وارتقاء اإدراك الإن�صان العربي ال�صرقي ملفهوم

حقوق الإن�صان، والتقدم وا�صتعادة الدور التاريخي لالأمة..

اإىل اأين من�صي؟

اإىل اأين يذهب هوؤلء باأمتنا؟ بدولنا واأنظمتها احلديثة..؟ اإنهم يعيدوننا اإىل مرحلة د كل تنوير يف الثقافة ما قبل الدولة. وتلك هي خطورة هذا املنحى الظالمي الذي يهد

العربية..د. �صليمان الأزرعي

درا�ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات:- فــــــــــــي تـــحليــــــــــــــــل الـــــخطـــــــــــــــــاب الـــ�صــــــــــــوفــــــــــــي يا�صـــــــــني �صــــــــــــليماين

- امل�صــــــرح ومثقفـــــو ع�صـــــر التنـــويـــــر يف العــــالـــم العـــــــربي عــــــــــــــواد عـــلـــــــــــــــــي

- ا�صـــــــــــــــــتـــراتيجيــــــــــــــــــات الـــنــــــــــــــــ�شر الــــق�ص�صـــــــــــــي يو�صــــــــــــف يو�صــــــــــــف )�صــــــــــــهرزاد.. منــــــــــــــــــــــاذج مـــن الق�صــــــــة الأردنيـــــــــة(

- فيلم "النبي جلبان خليل" من اأفالم الر�صوم املتحركة املتميزة حممـــــــــود الـــــــــزواوي

- "دورا" لـــــلـــــــــــــروائيـــــة بــــ�صـــــــــــــــــــرى اأبـــــو �صــــــــــــــــــرار عــــــــــذاب الركــــــــــــابي جــــــــــداريــــــــــــات مـــــــــــوت معلــــــــــن.. وولدة م�صتفـــــــــــــزة

ــــــد �صابـــر عبيــــد ة املنهـــــج يف الــــــدر�ش النقــــــدير العــــــربير احلـــــديث حممر - اإ�صـــكالير

7

لي�س ثمة �صك يف اأن حتليل اخلطاب قد بلغ منزلة هامة �صعى اإىل تاأ�صي�صها، ذلك اأنه جمال معريف حا�صر يف كل زمان حياتهم فعاليات معظم يف يوميا النا�س وميار�صه ومكان، بعامة وانتهاء بالعلماء بدءا والفعلية القولية وممار�صاتهم ال�صحافية التعقيبات تلك ذلك على الأدلة واأظهر النا�س. ا�صتدراكا اأو تعقيبا يوميا الف�صائيات تبثها التي والتحليالت اأم �صيا�صية املق�صودة اخلطابات كانت �صواء تو�صيحا. اأو اأم ثقافية. لقد �صار »حتليل اخلطاب« اأم ع�صكرية اجتماعية اإنه زمن حتليل اأو كامن، بوعي حا�صر يوميا منار�صه ن�صاطا

اخلطاب بامتياز)1(.

على اأنه اإل للخطاب واحدة بنية وجود من الرغم وعلى اأنواع متعددة متباينة، فاخلطاب الأدبي يختلف عن اخلطاب اخلطاب اإن بل للقانوين، مفارق الديني واخلطاب العلمي، اخلطابية، الأنواع من العديد على ي�صتمل اأن ميكن الواحد متباينان، وهما وال�صعري، ال�صردي على ي�صتمل فالأدبي والق�ص�صي وامل�صرحي الروائي على بدوره ي�صتمل وال�صردي وهي خمتلفة فيما بينها اختالفات جمة؛ وهو ما ينطبق بو�صوح

على اخلطاب الفل�صفي.

واإذا كانت احل�صارة العربية الإ�صالمية قد اأنتجت فل�صفة اأولها �صخمة ي�صنفها الدار�صون اإىل ثالثة ت�صنيفات كربى:

اأو تلك التي تاأثرت ب�صكل مبا�صر باأر�صطو، الفل�صفة امل�صائية، باأنه دفاع عقلي عن العقيدة وثانيها علم الكالم الذي يعرف

الإ�صالمية، واآخرها الت�صوف.

اخلطاب من فرع ال�صويف اخلطاب فاإن املعنى بهذا اإما اإليه انتماءه يوؤكد وهو امتداداته. من وامتداد الفل�صفي ينبغي ما -وهذا اآخر جانب من لكنه م�صمونا. واإما �صكال اأي�صا، الأدبي اخلطاب �صياق �صمن ياأتي اأنه عليه- التاأكيد اأخرى جهة ومن �صعري. �صكل يف غالبيته يف يتمظهر كونه ميكن اعتباره، اإ�صافة اإىل علم الكالم، خطابا دينيا عقائديا ح�صن يعتقد كما والعقيدة الدين من مو�صوع يتخذ دام ما

حنفي يف كتابه املطول »ح�صار الزمن«)2(.

والواقع اأن ما يجعل اخلطاب ال�صويف يتخذ لنف�صه اهتماما بالغا من قبل الباحثني والدار�صني اأنه ي�صتمل على العديد من اخلا�صة مقولته له معريف كخطاب له ة املميز اخل�صائ�س ودوائره التي ينخرط فيها، اإنه خطاب يدفع لل�صوؤال عن الذات

وعن الآخر، عن العامل. عن الإله.

البحث اأفق يف تنطرح الت�صاوؤلت من عددا هذا يجعل اإذا ابتغينا فهما دقيقا لأفكار اخلطاب ال�صويف: ماذا يق�صد باخلطاب كم�صطلح؟ واخلطاب ال�صويف كمفهوم؟ ثم ما الغاية

يف حتليـــل اخلطـــاب ال�صــويف

يا�صني �صليماين

كاتب جزائري.

8

من وجوده وما هي اأهم اخل�صائ�س التي تفرقه عن غريه من اخلطابات؟ واإذا حتدثنا عن اخل�صائ�س فاإنه ل مندوحة عن احلديث عن اأهم الأعالم يف هذا اخلطاب، فمن اأبرز �صانعي واإذا كان لكل هذا اخلطاب؟ وكيف ميكن حتليله وتو�صيحه؟ خطاب مر�صل وم�صتقبل، اأي هذه العالقة التداولية الوا�صحة يف كل خطاب، فمن هو املتلقي يف هذه احلالة؟ هل هو العام

اأم اخلا�س؟

البنية اإن هذا البحث ل يدعي فتحا معرفيا ول خرقا يف الفكرية واملنطلقات الآليات اأو اخلطاب لهذا املفاهيمية تر�صانة على –بالرتكاز يزعم �صاحبه ولكن توؤ�ص�صه، التي للدار�س وتذليله تب�صيط هذا اخلطاب املحاولة يف مرجعية-

ل�صتيعابه وفهمه مبا ينبغي ال�صتيعاب والفهم.

اخلطاب • تعريف

اخلطاب« لتحليل املفاتيح »امل�صطلحات املهم كتابه يف على يعرفه حيث اخلطاب، معنى مانغونو دومينيك ل يف�صاأنه: »من حيث معناه العام املتداول يحيل على نوع من التناول للغة )...( فاخلطاب يتكون من وحدة لغوية قوامها �صل�صلة من اجلمل من متتالية اأو طويل »ملفوظ بذلك وهو اجلمل«)3(، تتكون من جمموعة منغلقة على ما ميكن من خاللها معاينة �صل�صلة من العنا�صر )...( ب�صكل يجعلنا نظل يف جمال ل�صاين

حم�س«)4(.

يعني هذا اأن اخلطاب هو اللغة التي يتوا�صل بها اإن�صان ما مع غريه، باختالف هذه اللغة من الناحية ال�صكلية وامل�صمونية.

اإنه كل ر�صالة ير�صلها طرف من اأجل التبليغ بفكرة ما.

اللغة »ا�صتعمال اأنه على اخلطاب يعرف اأن ميكن كما اأن يحدث قيما القيم وميكن ينتقي ا�صتعمال يف مقام خا�س لعالمات النا�س بني ال�صتعمال هو فاخلطاب )...( جديدة

�صوتية مركبة لتبليغ رغباتهم اأو اآرائهم يف الأ�صياء«)5(.

ال�صويف فاإن اخلطاب واإذا كان هذا هو معنى اخلطاب، هو كل ما اأنتجه املت�صوفة من اآراء واأفكار ظهرت يف ملفوظات نرثية اأو �صعرية. والتعامل مع هذا اخلطاب يقودنا اإىل �صرورة الرمزية، يف املوغل بعدها يف املفاهيم بو�صع الحتياط الهوة ي�صكالن اأ�صا�صيني ببعدين يكت�صي ال�صويف فاخلطاب الإلهي هما البعدان وهذان العادي اخلطاب وبني بينه ال�صوفية التجربة اأن باعتبار بينهما، والتداخل والإن�صاين، يف جمملها حركة روحية ت�صعى اإىل الرقي باخلطاب الب�صري اللدنية عن طريق املعرفة وكذا حتقيق القد�صية اإىل درجات

املجاهدات والك�صف الإلهي)6(.

الروحية التجربة طريق عن املعرفة ميتلك فاملت�صوف العميقة التي تتاأتى بالريا�صة البدنية )حتمل اجلوع، العط�س، التي هي املجاهدة وهذه النف�صية، واملجاهدة الحتياج....( فيه تت�صل عامل اإىل والعقل احل�س جتاوز اإىل بالنف�س تدفع فاملعرفة )...( بالذوق عليه فتتعرف الأول مبحبوبها النف�س اإ�صراق اأو هي اأحبه، ال�صوفية نور يقذف به اهلل يف قلب من

اجلانب الإلهي يف قلب ال�صويف عن طريق الك�صف)7(.

يقول ابن خلدون: »اأ�صل طريقتهم حما�صبة النف�س والكالم يف هذه الأذواق ثم ترقوا اإىل التاأليف يف هذا الفن فاألفوا يف اأن الق�صريي يف ر�صالته وذلك بعد الورع واملحا�صبة كما فعله

كانت الطريقة عبادة فقط«)8(.

واملق�صود من هذا التعبري، اأن املت�صوف برتك ملذات الدنيا جميعا، من مال، وولد، وزوج، ورغبات، واأهواء، وينقطع للتفكر يف ذات اخلالق. والت�صوف درجة اأ�صمى من الزهد، لأن الزهد ين�صاف زهد فهو الت�صوف، اأما للعبادة، وتفرغ للدنيا ترك اإليه امتالك روؤية خا�صة للوجود والعامل والنف�س، يتبلور هذا من خالل خطاب معريف هو اخلطاب ال�صويف الذي كثريا ما يكون ملغزا مبهما م�صفرا يحتاج اإىل تر�صانة مفاهيمية خا�صة تفك عنه تلك ال�صيفرة. فقد ا�صتطاع املت�صوفة اأن يكونوا اأهل مكنت الفائقة املقدرة وهذه ودين، وعلم ودراية و�صعر فن

9

الأدبي اجلمال عنا�صر فيه »تتجمع خطاب اإنتاج من هوؤلء على م�صتوى الإيقاع املو�صيقي اأو على م�صتوى الأ�صلوب البالغي

اإ�صافة اإىل م�صمونه املعنوي واأبعاده«)9(.

فاخلطاب ال�صويف بهذا املنظور هو خطاب فئة معينة من وطريقة العبادة، يف خا�صة طريقة لنف�صها اختارت النا�س،

خا�صة يف التعبري عن مدى حبهم ملعبودهم وهو اهلل.

وهذا ما يعرب عنه اأحد املت�صوفة بقوله: »طريقي دين بال بدعة، وهمة بال ك�صل، وعمل بال رياء، ونف�س بال �صهوة، وقلب

عامر باملحبة«)10(.

اإن ال�صوفية ف�صلوا العودة اإىل م�صدر الن�س الأول، و�صول ولي�س الأول املنبع والنهل من الر�صالة، تلقي بعد املر�صل اإىل ولي�صت الدللة والغاية دالة عالمة فالر�صالة امل�صب، من العالمة، ومن ينهل من نبع الن�س يفهم الن�س من اأ�صله، من املعنى ولي�س من اللفظ، من الدللة ولي�س من املدلول، مبا�صرة

دون تو�صط اللغة)11(.

ال�صويف اخلطاب يف الأ�صلوبية • املميزات

من الزهاد ينتجه كان عما ال�صويف اخلطاب ويختلف مل الزهد �صعر اإن والو�صوح. الب�صاطة م�صتوى يف خطابات، التعليمي، بالطابع ميتاز وهو والبيان، لل�صرح معانيه حتتج كما يكت�صي ثوب احلكمة عند بع�س ال�صعراء، فكان اأقرب اإىل

النظم.

يقول اأبو بكر بن ق�صوم اأحد الزهاد يف املغرب العربي:

عليك بالق�صد فيما اأنت كا�صبه

فاأف�صــل النا�س عبد طاب مك�صبه

ل ي�صتفزنك حــــــر�س ول طمع

فالرزق يطلبنا ل نحن نطلبه )12(

من املاألوف عن ترتفع املت�صوفة لغة ذلك خالف على غر�صها لي�س كوهني، جون بتعبري عليا لغة اإنها الكالم، تعليميا تاأديبيا، ولكن الغر�س احلقيقي فيها التعبري عن الوجد واملحبة وال�صوق الذي ي�صعر به املت�صوف جتاه معبوده. لذلك

فهي تتو�صل )ت�صتخدم( الرمز.

مثال ذلك ما يعرب عنه ابن عربي يف قوله:

لقد �صار قلبي قابال كل �صورة

فمـــــرعى لغــــزلن ودير لرهبان

وبيت لأوثــــــان وكعبـــــة طائف

واألواح تـــــــــوراة وم�صحف قراآن

اأدين بدين احلب اأنــى توجهت

ركائبه، فاحلب ديني واإمياين)13(.

والرمز هنا يعني الكلمة التي ل ت�صتخدم لذاتها يف اخلطاب ولكن لق�صد الإمياء والإ�صارة ملعنى اآخر اأريدت له. ومن ذلك با�صطالحات �صميت خا�صة ا�صطالحات للمت�صوفة ظهرت الأخرى العلمية امل�صطلحات �صاأن �صاأنها يف ذلك املت�صوفة.

عند املناطقة والنحاة وعلماء الكالم واأهل الهند�صة)14(.

وا�صتخدام الرمز من قبل املت�صوفة كان خوفا على معانيهم على وخ�صية يفهمونها، ل ممن غريهم عند ت�صيع اأن من وبخا�صة حريتهم فتتقيد الكفر، اإىل ين�صبوا اأن من اأنف�صهم من الفقهاء الذين يقول عنهم ابن عربي: »وما خلق اهلل اأ�صق ول اأ�صد من علماء الر�صوم )اأي علماء الظاهر( على اأهل اهلل الفراعنة مثل الطائفة لهذه فهم )...( بخدمته املخت�صني

للر�صل عليهم ال�صالم«)15(.

من العديد عند وو�صوح بجالء م�صتخدما الرمز ويظهر املت�صوفة مثل رابعة العدوية، احلالج، ابن عربي وغريهم.

10

واأذواقه مواجيده عن التعبري يحاول وهو املت�صوف اإن ي�صطدم باأ�صوار اللغة التي جتعله عاجزا عن التعبري عن حالته ال�صوفية، لأنها حالة خا�صة تتعاىل عن العقل ول ميكن التعبري

عنها باللغة الإن�صانية العادية. ويف هذا يقول ابن عربي: األ اإن الرموز دليل �صــــــــدق على املعنى املغيب يف الفــوؤاد

ولول اللغز كان القول كفرا واأدى العاملني اإىل العناد)16(،

وقد ا�صتخدم املت�صوفة للتعبري عن حبهم ملعبودهم العديد من الرموز اأهمها: رمز املراأة، رمز اخلمر، رمز الطبيعة.

املراأة: رمز .1ما تزال املراأة، وعلى مر الع�صور، رمزا للجمال الذي تهيم به القلوب، وتلذذ به الأعني وت�صبح يف ح�صن خلقته، و ل يكاد ال�صعر اجلاهلي يخلو من ق�صيدة ل تقف على اأطالل احلبيب الو�صل. تبعهم يف هذا �صعراء اأيام والبكاء على دياره وتذكر يف �صدر الإ�صالم، وال�صور التي جاءت من بعده. بل اإن فقهاء كبار كتبوا عن املراأة وعددوا حما�صنها، كما فعل ابن حزم يف طوق احلمامة. واملت�صوفة لي�صوا بدعا يف اأ�صعارهم من هذا. غري اأنهم كانوا ي�صتخدمون اأو�صاف املراأة وحما�صنها ل لذاتها، ولكن تعبريا عن ع�صقهم ملعبودهم غري املرئي باأو�صاف املراأة عن عاجز واملت�صوف مرئي، غري الإله دام فما املح�صو�صة. و�صف عظمته وروعته و�صدة تعلقه مبا ي�صتحقه مقامه العظيم، فاإن اأقرب ما ميكن التعبري به عن هذا ال�صوق هو املراأة. يظهر هذا يف �صعر الكثري من املت�صوفة مثل ابن الفار�س وابن عربي

وغريهما.يقول ابن عربي:

قف باملنازل واندب الأطالل و�صــــــل الربوع الدار�صــــــــات �صوؤال

بني احل�صا والعيون النجل حرب هوى

والقلب من اأجل ذاك احلرب يف حرب

ملياء لع�صــــاء مع�صول مقبلها

�صهادة النحل ما يلقى مــــن ال�صرب

ح�صناء حالية لي�صت بغانية

تفتــــر عن بــــــــرد ظلم وعـــــن اأدب

ت�صد جدا وتلهو بالهوى لعبا

واملوت ما بني ذاك اجلد واللعب)17(.

فالقارئ لهذا الأبيات ل يرى فرقا بينها وبني �صعر الغزل احلقيقي، اإن هذه الأبيات وغريها كثري عند املت�صوفة، تتداخل فيها ال�صور، فظاهرها يخرب عن عذراء من البنات يتغزل بها التاأويل الذي يبتعد ا�صتخدام منهج اأما باطنها بعد ال�صاعر، اأقول: املت�صوف، يق�صده بعيد معنى اإىل اللفظي املعنى عن اأما الباطن، فهو يق�صد احلكمة العلوية التي ي�صبغها اهلل على اأولياوؤه املقربون. اإن هذا الو�صف يف اخلا�صة من عباده وهم املت�صوف عند فالعبارة الب�صر، بنات يلت�صق اخلطاب هذا العبارات لهذه الآذان لت�صغي والت�صبيب الغزل بل�صان تاأتي

وتتعلق بها، لذلك فهو يقول يف ترجمان الأ�صواق:

كـــــل مــــــا اأذكـــــره من طلل

اأو ربــــــوع اأو مغـــــــان كلما

وكذا اإن قلت هـــــا اأو قلت يا

واأل اإن جــــــاء فيـــــه اأو اأما

وكذا اإن قلت هي اأو قلت هو

اأو همو اأو هن جمعا اأو هما

كل ما اأذكــــــره ممــــــا جرى

ذكـــــره اأو مثلــــه اأن تفهما

11

لفــــــوؤادي اأو فــــــــــوؤاد من له

مثل ما يل من �صروط العلما

�صفــــة قد�صــــــــية علويــــــــة.

اأعلمت اأن ل�صـــــدقي قدمـــــــــا

فا�صرف اخلاطر عن ظاهرها

واطلب الباطن حتى تعلما)18(.

اإن املت�صوف، يخرب يف �صعره عن حقائق غيبية، عن ع�صق ظاهرها يبدو مادية تعابري ذلك يف ويتو�صل خا�س، اإلهي املاورائية املعاين يف التفكري ا�صتخدام لكن امراأة. يف تغزل الذي عربي ابن اأن اآخر. ب�صكل نفهمها يجعلنا لغة( )امليتا وتعيينات خمتلفة يف يذكره من �صور ما اأخذناه كمثال، فكل ترجمان الأ�صواق يتحدث عن احلقيقة الإلهية في�صفها يف هذه

الأبيات:

عج بالركائب نحو برقة ثهمد

حيث ال�صحاب بها يروح ويغتدي

حري مناديا وارفع �صويتك بال�ص

د بالبي�س والغيد احل�صان اخلـر

من كل فاتكة بطرف اأحور

مـــــن كـــــــل ثانيــــــة بجيد اأغيد

تهوي فتق�صد كل قلب هائم

يهوي احل�صان برا�صق ومهند)19(.

اأو يف قوله:

هيفاء ما تهوى الذي اأهوى ول

تفي للذي وعدت ب�صدق املوعد

�صحبت غديرتها �صجاعا اأ�صودا

لتخيف من يقفــــو بذاك الأ�صود

واهلل ما خفت املنــــــون واإمنــــــا

خـــويف اأموت فــال اأراها يف غد

ومع و�صوح املعاين احل�صية يف هذه الأبيات، فهذه الهيفاء، اأي اجلارية املو�صوفة مر�صلة ل�صفرية �صعرها خلفها مثل احلية لتخيف بذلك من يقفو اأثرها، ثم ينفي ال�صاعر يف البيت الأخري وتاأويل روؤيتها. قبل فراقها من خوفه واإمنا املوت، من خوفه اأر�صلت غديرتها، اإن هذه املعرفة هذه الأبيات يكون كالتايل: يغني الدلئل والرباهني و�صبهها بال�صفرية لتداخل املقدمات اإىل اإ�صارة �صوداء وجعلها ال�صفرية، كتداخل ببع�س بع�صها الهيبة اأنوار �صطوات ال�صالك فيخاف والهيبة، اجلالل عامل البيت الأخري بقوله: وما خويف من املوت نبه يف فيتوقف. ثم القوى اأن يفوتني ما بعد هذا املوت من م�صاهدة واإمنا خويف

الإلهية والبواعث الربانية ما اأقابل به هذا التحلي.

من الأبيات الرائعة التي يتحدث فيها ابن عربي عن احتاده باهلل )وحدة الوجود( قوله:

اإذا ما التقينا للوداع ح�صبتنا

لدى ال�صـــــم والتعنيق حرفا م�صددا

فنحن واإن كنا مثنى �صخو�صنا

فما تنظـــــر الأب�صــــــــــار اإل موحدا

وما ذاك اإل من نحويل ونوره

فلول اأنيني ملا راأيت يل م�صهدا)20(.

ورابعة العدوية يف اأ�صعارها العديدة، متاثل هذا املنحى يف وحدة الوجود، ويف ذوبانها مبعبودها، لذلك جندها تقول:

12

وتخللت م�صلك الــــروح مني وبه �صمي اخلليــــل خليال

فاإذا ما نطقت كنت حديثي واإذا ما �صكت كنت الغليال

العدوية رابعة وعن الت�صوف عن نتحدث اأن ميكننا ول دون اأن تلتذ األ�صنتنا باأبياتها الرائعات التي تقول:

اأحبك حبني: حب الهـــــــوى

وحبــــــا لأنـــــــك اأهــــــل لذاكــــــا

فاأما الذي هو حب الهــــــوى

ف�صغلي بذكـــــــرك عمن �صــــــواكا

واأما الذي اأنت اأهـــــــل لـــه

فك�صفك للحجب حتى اأراكا)21(.

اخلمر • رمز

اأن اخلمر جاءت بكرثة يف العربي الأدب العجيب يف من اأ�صعار العرب على اختالف الع�صور الأدبية رغم حرمتها، وهو ما ل جنده يف اآداب الأمم الأخرى بهذا التو�صع رغم اإباحتها والريا�صة العبادة اأن فراأوا املت�صوفة جاء وقد عندهم. من نوع واإىل اهلل يف الفناء اإىل ت�صلمهم ال�صوفية النف�صية الغيبوبة فيه، واأن هذه الغيبوبة ت�صبه ما يتحدث به اخلمارون عن اخلمر ، ومل يجدوا لها ا�صما خا�صا ف�صموها �صكرا و�صموا

و�صائلها خمرا.

وجند ذو النون امل�صري، اأحد اأعالم الت�صوف يتحدث عن كوؤو�س عن »فتكلموا كرمز: لها املت�صوفة وا�صتخدام اخلمر الوجود عن وغيبتهم الكوؤو�س بهذه و�صكرهم املرتعة احلب بهم وانتهى ولقائه، احلبيب مب�صاهدة ونعيمهم �صكرتهم يف �صكرهم اإىل فنائهم يف حمبوبهم فناء مل ي�صاهدوا خالله غري جمال احلبيب، وهم يف بحر الفناء الزاخر ل يح�صون ب�صيء من املوجودات، لأن الإح�صا�س قد فنى بالن�صبة لهذه املوجودات

اإن يقولون وال�صوفية املحبوب، جمال ملطالعة بكليته واجته اأحرق لو حتى بنف�صه يح�س ل بل حوله، مبا يح�س ل الفاين

بالنار ملا اأح�س لأنه فنى عما �صوى اهلل)22(.

التي تلك نف�صها لي�صت ال�صويف اخلطاب يف اخلمر اإن الفعل تفعل ولكنها واملخامر، احلانات يف ال�صاربون ي�صربها الأزل قدم قدمية وهي الكرم من تع�صر ل خمر فهي ذاته. اأم هي التي الأخرى بعك�س الطيبات، طيب من واأ�صلها احل�صن اأبي عند التوجه هذا وجند واملحرمات، اخلبائث

ال�ص�صرتي عندما يقول: خمــــــرة تركها علينا حـــــــــــرام

لي�س فيهــــــا اإثــــــم ول �صـــــــــبهاتعتقت يف الدنان من قبـــــــل اآدم

اأ�صلهــــــــــا طيب من الطيبات)23(.

وال�ص�صرتي ي�صفها يف اأبيات اأخرى فيقول عنها:�صالفا قد �صفت قدمـــــا وراقت

اأدرهـــــــا بال�صغـــــــــار وبالكبـــــــــارفما ع�صرت مــــــــــــا جعلت بدن

وما �صـــــــــبكت زجاجتها بنار)24(.

اأ�صهر اإحدى يف الفار�س، ابن عن الرمز هذا جند كما الأ�صعار ال�صوفية:

�صربنا على ذكر احلبيب مدامة �صكرنا بها من قبل اأن يخلق الكرم)25(.

اأ�صعار عمر اخليام مثل وجند رمز اخلمر يف العديد من قوله:

هــــــات ا�صــــــقنيها اأيهــــــــذا الندمياأخ�صب من الوجه ا�صفرار الهموم

13

و اإن مت فاجعل غ�صويل الطلـــــــــــىوقــــد نع�صي من فـــــــروع الكـــــــروم

* * *اإن تقتلــــــع من اأ�صلهــــــــا �صـــرحتيوت�صبـــــح الأغ�صــــــان قــــــــد جفتف�صغ وعــــــاء اخلمــــــــر من طينتي

وامالأه ت�صر الـــــــروح يف جثتي)26(.

الطبيعة: • رمز

لي�س من العجب اأن يحتفي ال�صوفية يف اأ�صعارهم بالطبيعة ولعا بها ولعوا فقد ترميزهم، يف واملراأة باخلمر احتفاءهم لي�س له حد، ملا حتمله من �صور وم�صاهد بديعة اجلمال، كما اأنهم ي�صتعينون يف كثري من الأحيان لر�صم لوحاتهم الرمزية ومن هذا ذروته، فيبلغ اجلمال والطبيعة، املراأة بني باجلمع

املنطلق جاء �صعر ابن عربي مثال ل ح�صرا:

اأيا رو�صة الوادي اأجب ربة احلمى

وذات الثنايا الغر يا رو�صة الوادي

وظلل علينا من ظـــــاللك �صـــــاعة

قليــــــــال اإىل اأن ي�صتقر بها النادي

وتن�صب بالأجــــــــواز منك خيامها

فما �صــــــــئت من طــــــل غذاء ملناد

وما �صئت من وبل، وما �صئت من ندى

�صـــــحاب على باناتهـــــا رائح غاد

وما �صئت من ظل ظليل ومن جنى

�صهي لدى اجلاين ميي�س مبياد)27(.

ال�صويف يقراأ �صفرات اأو �صفرة اإىل فالطبيعة قد حتولت ح�صي اأحدهما حدين: ذات لغة الك�صف من ب�صرب فيها التجليات تلك متثله فالأول اإلهي، روحي والآخر فيزيائي املتنوعة للذات الإلهية يف مظاهر الطبيعة من جمادات واأحياء، والثاين متثله تلك الرتجمة الدقيقة لهذه املظاهر والتي جتعل

منها روحا علوية اأو حكمة اإلهية م�صرقة)28(.

ويف ال�صياق ذاته ي�صتعمل ابن عربي رمز الطبيعة يف اأبيات اأخرى يظهر فيها و�صف رو�صة غناء يزيد يف �صحرها احت�صاء اخلمر ومغازلة الغواين، اإن هذه املفردات، كما ذكرنا �صابقا، تتخذ لها معان خا�صة يف اخلطاب ال�صويف، وحتتاج اإىل تاأويل ابن قال كما منها؛ الظاهر على الوقوف ل مدلولتها لفهم

عربي نف�صه يف البداية. باجلزع بني الأبرقني املوعد

فاأنخ ركابنــــــــــا، فهذا املوردل تطلنب ول تنــــــــادي بعده:

يا حاجر، يــــا بارق، يا ثهمدوالعب كما لعبت اأوان�س نهد

وراتع كمـــا رتعت ظباء �صرديف رو�صة غناء �صاح ذئابها

فاأجابــــــه طربا هناك مغردرقت حوا�صيها ورق ن�صيمهــا

فالغيم يربق والغمامة ترعد)29(.

الإلهية، العواطف اإىل به ي�صري الوادي منعطف فاجلزع الروؤية، عند به يح�صل عما �صناه يعرب ذاتي م�صهد والربق واملوعد هي جنة عدن، واملورد هو ما ينزلون عليه من النعيم فهي الرو�صة اأما والأعني، النفو�س ت�صتلذه الذي الدائم والنعوت، املقد�صة الأ�صماء من حتويه مبا الإلهية احل�صرة

14

اأنها ل فلكل �صيء من مكونات الطبيعة هنا دللة خا�صة غري تطرد)30(.

الألفاظ يف النقالب هذا حتدث ال�صوفية التجربة اإن املواعيد فيها ت�صرب رومان�صية �صاحة اإىل فتتحول واملباين، لعب حلبة فيها وتقام العذب، املورد من الظماأ فيها ويروى ت�صبه لعب الأوان�س النهد لأنها مل تعد تلك اخلرائب املحزنة، اأحلانا املتعددة باأ�صكالها الطبيعة تعزف رو�صة غناء بل هي له من نهاية اإىل ما ل ال�صويف روحانية متنا�صقة يجول فيها

امل�صاهد الربانية واملعاين القد�صية)31(.

الهوام�ش:الأردن، البرتاء، جامعة الب�صائر، جملة اخلطاب، حتليل العناتي، وليد -1

مج13، العدد 2، اأذار/ مار�س 2010، �س 93.

العربية الدار اجلزائر، الختالف، من�صورات الزمن، ح�صار حنفي، ح�صن -2للعلوم، بريوت، لبنان، 2007، �س 20.

حممد ترجمة اخلطاب، لتحليل املفاتيح امل�صطلحات مانغونو، دومينيك -3لبنان، بريوت، للعلوم، العربية الدار اجلزائر، الختالف، من�صورات يحياتن،

�س38. ،2008

4- اأحمد عبيديل، اخلطاب ال�صعري ال�صويف املغربي يف القرنني ال�صاد�س وال�صابع -2004 باتنة، جامعة واآدابها، العربية اللغة ق�صم ماج�صتري، ر�صالة الهجريني،

.2 �س ،2005

5- باتريك �صارودو، دومينيك مانغونو، معجم حتليل اخلطاب، ترجمة عبد القادر املهريي وحمادي �صمود، دار �صيناترا، تون�س، 2008، �س �س 181-180.

ر�صالة املكية، الفتوحات خالل من ال�صويف اخلطاب بنية �صواحلية، ح�صن -6ماج�صتري، ق�صم اللغة العربية واآدابها، جامعة باتنة، 2011، �س 09.

.27 �س نف�صه، املرجع -7

�س351. ،2009 لبنان، بريوت، حزم، ابن دار املقدمة، خلدون، ابن -8

»ج«. �س ال�صابق، املرجع عبيديل، اأحمد -9

القاهرة، ال�صعب، دار موؤ�ص�صة الثالثة، الت�صوف اأقطاب عزام، �صالح -10م�صر، 1968، �س 15.

.70 �س ال�صابق، املرجع حنفي، ح�صن -11

ال�صابق، املرجع عبيديل، اأحمد عن نقل املراك�صي، امللك عبد بن حممد -12�س 35.

�س ،1992 لبنان، بريوت، �صادر، دار الأ�صواق، ترجمان عربي، ابن -13.43

.90 �س نف�صه، املرجع -14

.90 �س ال�صابق، املرجع -15

.91 �س نف�صه، املرجع -16

71 �س ال�صابق، امل�صدر عربي، ابن -17

.11- 10 �س �س نف�صه، امل�صدر -18

.90 �س نف�صه، امل�صدر -19

.182 �س نف�صه، امل�صدر -20

املناهل، دار والفناء، احلب حرب، علي عن نقال العدوية، رابعة ديوان -21بريوت، لبنان، 1990، �س �س 63، 64.

وتطوره. ن�صاأته العربي ال�صعر يف الت�صوف ح�صان، احلكيم عبد -22

.103 �س عن... نقال ال�ص�صرتي، احل�صن اأبي ديوان -23

.103 �س نف�صه، املرجع -24

الرمزية معامل �صلمان، نور عن: نقال الفار�س، ابن ديوان الفار�س، ابن -25لبنان، بريوت، الأمريكية، اجلامعة ماج�صتري، ر�صالة العربي، ال�صويف ال�صعر يف

دت، �س 71.

رامي. اأحمد ترجمة اخليام، عمر رباعيات اخليام، عمر -26

.88-87 �س �س �صابق، م�صدر عربي، ابن -27

.105 �س �صابق، مرجع عبيديل، اأحمد -28

.87 �س �صابق، م�صدر عربي، ابن -29

.105 �س �صابق، مرجع عبيديل، اأحمد -30

15

كيف نظر املثقفون العرب اإىل فن امل�صرح يف ع�صر التنوير وكيف ع�صر؟ التا�صع القرن اأوا�صط منذ بداأ الذي العربي، حاولوا ا�صتيعابه؟ ل �صك يف اأن الإجابة عن ذلك تقت�صي قراءة الوثائق املحفوظة من مذكرات وبيانات ومقالت واأبحاث كتبها هوؤلء املثقفون يف ذلك الع�صر، والتي يجد الباحث خمتارات وحررها مواده جمع الذي امل�صرح« »نظرية كتاب يف منها القرن اأخرى �صدرت يف بواكري حممد كامل اخلطيب، وكتب الع�صرين. يف هذه الدرا�صة �صنقف على مواقف وروؤى ثالثة من وحممد املويلحي، حممد حبيقة، جنيب هم: املثقفني هوؤلء

فريد وجدي.

حبيقة جنيب -1

بحث ده�صتي واأثارت ا�صتوقفتني التي الوثائق بني من اأفندي ا�صمه جنيب لبناين �صاب التمثيل« لأديب بعنوان »فن �س البيان يف كلية القدي�س يو�صف، ن�صره يف �صت حبيقة، مدرحلقات مبجلة »امل�صرق« عام 1899، وهو يف الثالثني من عمره. وعلى الرغم من �صغر �صنه وموته املبكر )1869- 1904(، فاإنه ا�صتوعب لع�صره؛ �صابق ومثقف امل�صرح، لفن خطري منظر وكورنيه ورا�صني وغوته �صليغل واأفكار وبوالو، اأر�صطو نظرية

من الكثري ا�صتيعاب اإليه يرقى ل ا�صتيعابا امل�صرح، حول فهو اليوم، العربي عاملنا يف وكتابه امل�صرح بنظرية املعنيني ي�صري يف مقدمته اإىل اأن التمثيل فن جليل القدر رفيع ال�صاأن، ويقتب�س من �صليغل قوله اإن التمثيل »من اأعظم ما اأنتجته قوة التعبري، فاق على جميع الفنون ال�صعرية، ومن ثم على كل ما جادت به قرائح الب�صر«. ويعزو ذلك اإىل اأنه يعيد اإلينا اأخبار طبائعهم يف ويحاكيهم لها، نظري ل �صائقة بطريقة ال�صلف اأنهم لنا واأفعالهم وحماكاتهم مبا يخيل واأقوالهم وعوائدهم ن�صروا من مدافنهم وظهروا علينا مبظهر الأحياء على حالتهم التخيل هو الأ�صلية، كاأنهم مل يغيبوا عن عامل الوجود، فهذا

علة �صغفنا بالروايات التمثيلية وتاأثريها فينا.

من اأول بو�صفهم اليونان عن حبيقة يتحدث اأن وبعد اهتدى اإىل فن امل�صرح، والرومان الذين جروا على اأثرهم يف ت�صرفوا الذين والأوروبيني غبارا، لهم ي�صقوا فلم م�صماره، العرب على ينتقد الإعجاز، اأبوابه حد كل بلغوا يف فيه حتى �صوء ترجمتهم ملقالة اأر�صطو يف التمثيل قائال: »ل اأخالهم اأتوا على تعريبها اإل اتباعا ل�صواها من املقالت، فلم يعريوها جانب اأعر�س فلذا �صقيمة عقيمة ل حتل رموزها، العناية، فجاءت عنها العرب ومل يفطنوا اإىل هذا الفن الكرمي، ولو �صرفوا اإليه

اهتمامهم لنبغوا فيه«.

امل�صـــرح ومثقفــو ع�صـــر التنـويـــريف العــــالــم العـــربي

عواد علي

كاتب عراقي.

16

ح حبيقة اأن ما دفعه اإىل كتابة هذا البحث هو رغبته ويو�صباأ�صول التمثيل امل�صتغلني يف وعي ي�صوب الذي اخللل �صد يف امل�صرح وقواعده، على الرغم من خطورة هذه املهمة وما فيها اأحدهما اإىل بابني البحث من امل�صاعب واملتاعب. وقد ق�صم تاأليفها، حيث من »رواية« ي�صميها التي امل�صرحية اأ�صول يف ال يبحث ل الكتاب يف ن�صر ما لكن متثيلها. اإدارة والثاين الن�س بـ«�صعرية اليوم عليه ن�صطلح ما اأي الأول، الباب يف الرواية ماهية على بالوقوف الباب هذا ويبداأ امل�صرحي«. اأم تاريخية واقعة باأنها »عبارة عن متثيل التمثيلية، فيعرفها على واأقوالهم اأفعالهم تنطبق اأ�صخا�س بوا�صطة اخرتاعية احلقيقة والحتمال«. ويقول حبيقة: »متثيل بوا�صطة اأ�صخا�س« متييزا لها عما �صواها من الفنون التي تقوم بطريقة الإخبار اأو الو�صف، اأي ما ن�صميها اليوم »الطريقة ال�صردية«، وي�صري اإىل اأن الكتاب قد اختلفوا يف بيان معنى »الواقعة«، فمنهم من ذهب اإىل اأنها جمرد احلادث الذي عليه مدار الرواية )امل�صرحية(، بعده وكثريون بوالو وارتاأى اأر�صطو. اإىل راأيهم هوؤلء ون�صب اأن الواقعة ت�صمل »اأخالق الأ�صخا�س، ف�صال عن احلادث، بل د قول بوالو ما نراه جاريا يف لالأخالق املرتبة الأوىل فيها، ويوؤيالطبيعة نف�صها واإليها املرجع يف الرواية )امل�صرحية(. وبذلك اأكرث امل�صرحي التاأليف يف بوالو نظرية اإىل مييل حبيقة فاإن اأر�صطو، لكنه ي�صري، بروؤية متقدمة، اإىل من ميله اإىل نظرية والإلقاء بالإمياء اأمثاله الرغم من حماكاة الإن�صان، على اأن غاية كانت واإذا بذاته، قائم فن التمثيل فاإن واحلركة،

امل�صرحية توفري اللذة، فاإن لها فوائد اأهمها اأربع:

اإيرادها ي�صح التي الأدبية والتعاليم نقتب�س احلكم اإننا -1وحما�صاة القت�صاد جانب مراعاة مع املوا�صع، اأكرث يف

التكلف فيها.

كان ولو اإلينا، به يحب اأهله، هو مبا اخلري و�صف اإن -2ال�صماجة بهيئة ال�صر واإبراز والدواهي، لالأخطار عر�صة

واللوؤم والفظاعة، يجعل فينا نبوة عنه.

اأ�صد النفو�س يف يحرك اخلتام يف الف�صيلة انت�صار اإن -3الأميال، واأ�صمى العواطف، واأ�صرف ال�صالح، يف الرغبة

وعقاب الرذيلة يثري يف الأفئدة نفرة منها و�صخطا عليها.

فينا. مثلها لتقاء فن�صعى الغري مب�صائب نعترب اإننا -4

اأما �صروط كتابة امل�صرحية فهي، ح�صب روؤية حبيقة، ثالثة: اإيجاد املواد التي يتطلبها املو�صوع، ثم تن�صيق تلك املواد على املو�صوع الذي يربز التعبري ثم ترتيب يالئم مقت�صى احلال، ب�صورة تروق اخلاطر. ويرى اأن املو�صوع يجب اأن يكون معتدل، اأي بعيدا عن الإيجاز املخل والإ�صهاب اململ. وحمكم الرتباط اللواحق عن فيه �صادرة بع�س، برقاب بع�صها اأجزاوؤه اآخذة ال�صوابق، ل يعرتيه خلل ول ت�صوي�س، اأي ما ن�صطلح عليه اليوم اأن تاأتلف كل �صعبه بـ »احلبكة«، وجاريا �صوب النتيجة وذلك يف ال�صعي اإىل العاقبة، وتتجه اإىل اخلامتة كل ظروفه متدرجة ل تتوقف ول تعيقها ا�صتطرادات معار�صة. وتاما، اأي م�صتوفيا للغر�س املق�صود، بالغا احلد املرغوب. واأخريا، يجب اأن يكون طبعا، اأي خاليا من كل اأنواع التكلف، فتتبع فيه الأمور جمراها احلقيقة ل�صروط وفقا بع�س من بع�صها مت�صل�صلة احلقيقي والحتمال، وتتنا�صب فيه املعلومات مع عالتها طبقا للنوامي�س اجلارية. ول باأ�س من اللتجاء اإىل اخلارق الظاهر اإذا دعت

اإليه ال�صرورة.

يف اأي�صا، حبيقة، يبحث الأول ال�صرط عنا�صر �صمن ي�صميها الإن�صانية )التي والقيم والوحدات، الأ�صخا�س، �صاأن عددهم يكون اأن: فيهم ي�صرتط فالأ�صخا�س الرواية(، اأدب اإىل وينق�صمون والأهمية، املقام يف تفاوت وبينهم معتدل، بينهم يف الت�صاد اأن البطل وخ�صومه، ذلك اأن�صار فريقني: واللذة. الت�صويق دواعي اأعظم ملن والأعمال والأقوال الطباع وي�صرتط طبائعهم(، )اأي الأخالق بالأ�صخا�س يلحق ومما بحيث ومالئمة العظمة، بع�س فيها خطرية تكون اأن فيها توافق جن�صهم ومركزهم وع�صرهم ودورهم الذي يوؤدونه يف

17

الواقعة، وحقيقية تنطبق على رواية التاريخ يف ظروف الزمان ل وثابتة واأحوالهم، اأمورهم جميع فيها وجدوا التي واملكان تتغري بتغري الأمور، بل تبقى كما هي من البداءة اإىل النهاية. وهنا ي�صتدرك حبيقة فيقول: ل يراد بالثبات اأن يكون ال�صخ�س من حجر ل توؤثر فيه الظروف، ول تفعل يف نف�صه النقالبات، لكننا نق�صد بذلك اأن جوهر الأخالق يبقى دائما هو هو، اأما املظاهر فتبدو يف �صورة متنوعة والعواطف تختلف باختالف

الأحوال.

بعد تو�صيح حبيقة معنى الوحدات الثالث )وحدة الواقعة، بني خالفات من اأ�صلته وما املكان(، ووحدة الزمان، وحدة الب�صو�س(، باأنها حرب موان ول حرب اأئمة امل�صرح )ي�صفها املعلم )مبعنى الإمام هذا اأن موؤكدا منها اأر�صطو يربئ يقل ومل )احلدث(، الواقعة وحدة بوجوب جزم قد الرائد( �صيئا �صريحا عن الزمان واملكان، فكاأنه اأدرك بحكمته البالغة ي�صع مل لذا والع�صور، البالد باختالف يختلف �صاأنهما اأن لهما حدا حمدودا، بل تركهما و�صاأنهما. ويختم حبيقة كالمه وروح متقدمة روؤية على تنطوي جريئة بدعوة الوحدات عن جمددة، قائال: »يحق لنا اأن نك�صر تلك احللقة احلديدية التي اأ�صحاب )يق�صد ع�صر ال�صابع القرن رجال بها علينا �صيق يف واملكان الزمان نطاق ع ونو�ص اجلديدة(، الكال�صيكية رواياتها، لكن اإيانا اأن نتجاوز احلدود ون�صتبد بالوحدات على

مقت�صى الهوى«.

ر حبيقة، يف حديثه عن »اأدب الرواية« )يق�صد امل�صرح يحذطبعا(، الكتاب امل�صرحيني من اإظهار الفظائع والفواح�س التي تعافها القلوب وت�صتنكف منها النفو�س، واإبراز الف�صيلة مبظهر يعر�صها للهزء اأو يحط من قدرها، اأو و�صف الأهوال والرذائل ي�صتهوي مبعر�س عر�صها اأو امل�صاهدين، اإىل يحببها و�صفا

القلوب، اأو خلو امل�صرحية من مغزى حميد ونتيجة اأدبية.

خارجي، اأحدهما نوعني: اإىل التن�صيق حبيقة يق�صم ويق�صد به توزيع الن�س امل�صرحي اإىل ف�صول وم�صاهد وغناء،

بني الختالف اإىل م�صريا جزء كل تو�صيح يف وي�صتفي�س اليونانيني والإ�صبان والطليان يف ما يتعلق بعدد هذه الأجزاء وطولها. والثاين داخلي، ويبحث يف: بيان املق�صد، وهو مطلع التي هي تن�صاأ منه فروعها، والعقدة الذي امل�صرحية والأ�صل جمموع احلوادث وامل�صاعي املوافقة، اأو املعاك�صة لفوز البطل، واخلامتة التي هي الق�صم الأخري الذي فيه ف�س امل�صكل، وحل

العقدة.

اأخريا، يتناول حبيقة �صرط التعبري يف مبحثني: الأول �صورة اخلطاب، ويق�صمه اإىل ثالثة اأنواع ي�صميها: املحاورة واملناجاة واخللوة، ففي النوع الأول يجري احلوار بني �صخ�صني اأو اأكرث، �صاأنهم من يكن مل ما اآخرين اأ�صخا�س تدخل اإىل �صبيل ول الإ�صغاء اإىل قول غريهم، اأو ال�صرتاك معهم بوجيز القول حينا حالة نف�صه يف ال�صخ�س يخاطب الثاين النوع ويف بعد حني، النفراد، فيك�صف عما يخالج �صدره من الأفكار والعواطف وما الأ�صخا�س اأحد يعرب الثالث النوع ويف العوامل. من يتنازعه عن راأي اأو عاطفة دون اأن ي�صمعه الآخرون. و�صرط اخللوة اأن تكون نادرة ويف منتهى الإيجاز. اأما املبحث الثاين فهو �صفات يكون اأن امل�صرحية يجب اإن�صاء اأن الإن�صاء، ويرى فيه حبيقه بع�س على ويعيب و�صبطه، بر�صاقته ممتازا متنوعا طبيعيا واملح�صنات التكلف على تقوم كونها زمانه كتاب م�صرحيات غري يف الأدبية والنكات الفنية، والغرائب ال�صافية، البيانية التح�صينات كل وبالإجماع امل�صهبة. والتخيالت مو�صعها، م الدالة على الت�صنع، والداعية اإىل ال�صاأمة واحلائلة دون تقدالتي الطبيعية املح�صنات من مانعا يرى ل اأنه بيد الواقعة.

يقت�صيها املقام.

املويلحي -2

يف ف�صل »العمدة يف امللهى« من كتاب »حديث عي�صى بن يجري )�س251( )1930 -1858( املويلحي ملحمد ه�صام« له، والبا�صا وال�صديق املرافق الراوي )بن ه�صام( حوار بني

18

يف امللهى، حول امل�صرح والتمثيل يف اأواخر القرن التا�صع ع�صر، عر�س من الأول الف�صل م�صاهدة من انتهائهم بعد وذلك م�صرحي ميلودرامي جلماعة من املمثلني واملمثالت على امل�صرح املويلحي عليها يطلق التي القاهرة، املالهي يف باأحد امللحق عدة ت�صميات منها )دار الت�صخي�س والتمثيل، وبيت الت�صوير والتخييل(. يقول البا�صا يف بداية احلوار، خماطبا الراوي، اإنه �صئم ومل من منظر هذه املراق�س واملالعب لأن بع�صها ي�صبه والرذائل على اختالف النقائ�س اأ�صتات بع�صا، ولأنها جتمع اأو�صاعها، فريد عليه الراوي، الذي ميثل ل�صان حال املويلحي نف�صه، اأو يحيل منظوره على منظور املويلحي نف�صه، قائال اإن هو بل مبلعب، ول مبرق�س و�صعه اأ�صل يف لي�س املكان هذا »التياترو املعروف عند الغربيني باأنه اأ�صل التثقيف والتاأديب، ومنبع الف�صائل وحما�صن الأخالق، ياأمر باملعروف وينهى عن املنكر، وهو عندهم تواأم اجلرائد، هذه تعظ باخلرب، وهذا يعظ بالنظر، فيغر�س يف النفو�س �صورة الف�صيلة جم�صمة لالأب�صار، مبا يعر�صه على الناظرين وال�صامعني من تاريخ اأهل الف�صائل يف الأزمان الغابرة اأو احلا�صرة، ويفعل يف النفو�س ما ل تفعله

الرواية واخلرب...«.

وي�صرت�صل الراوي، باأ�صلوب منمق، يف احلديث عن حما�صن الأفعال متثيل على وقدرته الإيجابية، وخ�صاله امل�صرح، الرغم على املرغوب، الظفر من عنها ينتج وما اجليدة، على وكذلك واملتاعب، امل�صاعب من اأ�صحابها يعرت�س مما تو�صيح �صناعة الرذيلة، وت�صوير فظاعة النقي�صة، وما يكون

يف عاقبتها من ال�صوء، ويف اأثرها من املكروه.

خلبته ما اإذا النقي�صة تلك اأن اإىل البا�صا الراوي ه وينبلديه يجتمع فاإنه ببهرجها حلظة، �صاعة، وخدعته مبنظرها به، هم اإن القبح عن يردعه ع�صاه ما والعربة املوعظة من ويرده اإىل احل�صن اإن تقاعد عنه، ويهديه اإىل الطريق املثلى، ويخرجها له من الغياب اإىل احل�صور، ومن القول اإىل الفعل،

فتنجذب نف�صه اإىل اأنواع الف�صيلة، من �صجاعة و�صهامة، وكرم ومروءة، واأمانة ووفاء، و�صماحة و�صجاحة، و�صرب وحلم، وينفر وغدر، وخيانة وجنب، دناءة من الرذيلة جتمعه عما طبعه

وجهل وحمق، وفح�س وف�صق.

نف�صه، للمويلحي ثم ومن للراوي، امل�صرح يتبدى وهكذا م�صتواه يف قيمته تكمن فح�صب، وتثقيفيا تربويا اإطارا امل�صموين، فهو مدر�صة لتنمية الأخالق، ومنرب للوعظ، وف�صاء لتهذيب الإن�صان، وت�صجيعه على عمل املعروف، وجتنب املنكر، وو�صيلة جم�صمة لعر�س الف�صيلة والرذيلة، لها تاأثري يف نفو�س ا�صتقبال يعتمد التي الأخرى الو�صائل من اأكرث امل�صاهدين ر�صائلها على القراءة وال�صمع. ويالحظ يف هذه الروؤية الغياب التام لأية اإ�صارة اإىل املالمح الفنية، اأو اخل�صائ�س اجلمالية

للم�صرح، اأو ما يثريه من متعة لدى جمهوره.

يتطابق الراوي يف منظوره الأخالقي لهذا الفن مع منظور العديد من مثقفي ع�صر التنوير العربي، مثل رفاعة الطهطاوي، واأحمد فار�س ال�صدياق، وعلى مبارك، وحممد كرد علي، وعبد

القادر املغربي، وحممد عثمان جالل، وغريهم.

ول ي�صتبعد اأن يكون �صكوته عن ذكر املتعة، اأو الت�صلية قد امل�صرح، �صد املت�صدد وال�صديق البا�صا ملوقف مراعاة جاء وحماولة منه لإقناعهما باأنه ن�صاط ذو اأهداف تربوية واأخالقية يف املقام الأول، كما اأ�صلفت، خا�صة اأن البا�صا م�صتح�صر من ن�صف قرابة الراوي عامل عن زمنيا )تف�صله قدمي عامل واملثل والت�صحية وال�صرامة والنواهي بالأوامر مملوء قرن( الكربى، ولذلك فهو يرف�س، يف طوره الأول، القيم امل�صتحدثة يف زمن الراوي بكاملها. اأما ال�صديق فهو �صلفي النزعة يرى اإىل بغتة الغربية املدنية دخول هو واخللل الف�صاد �صبب اأن لديهم البالد جميع ما كان اأهل هذه وترك ال�صرقية، البالد الطاهرة، والآداب ال�صليمة، والعادات القومية، الأ�صول من

19

كما يقول يف الف�صل الذي يحمل عنوان »املدنية الغربية« من الكتاب.

البا�صا يحاجج القدمية القيمية منظومته من انطالقا الراوي باأن الت�صخي�س، اإذا كان على هذا النمط، معدود بني وي�صاهدونه يح�صرونه وهم الآداب، اأبواب من بابا الغربيني املالعب �صر من اأعظم عنده �صره فاإن العتقاد، هذا على من نف�صه على يرى ل اإليه الداخل لأن الأخرى، واملراق�س لئمة يتقيها يف دخوله، ول ينكر على اأدبه منكر فيه، ول يخ�صى انتقادا عنده، فت�صرت�صل النف�س يف غيها، ول جتد منها رادعا ول وازعا، بخالف احلال يف الداخل اإىل احلانات، فاإنه يدخلها وهو واثق باأنه قادم على ما يالم عليه ويعاب، فياأتيه ويف نف�صه وجهله. غيه عن يوما ي�صرفه ع�صاه ما واحلياء اخلجل من لكن الراوي، ما�صيا يف نهجه الإقناعي، ل يفند راأي البا�صا، بل يدعوه اإىل عدم الأخذ مبا يراه من التق�صري يف امل�صرحيات امل�صرح فن اأن على دليال امل�صرية الفرق تقدمها كانت التي غري مفيد لالآداب مبقدار ما و�صل اإليه من الإتقان يف الغرب، ذلك لأنه ما يزال يف م�صر على حال الق�صور والنحطاط، مل يلتفت امل�صريون اإىل اإتقانه وح�صن و�صعه، وجهل النا�س اأ�صل الغر�س املق�صود منه، وهو التهذيب والتثقيف، فح�صبوه نوعا

من اأنواع اللهو واخلالعة كما يرى )اأي البا�صا(.

اإىل ق�صور، من يعرتيه ما يف اللوم، الراوي ه يوج ثم الغربية، الفرق مل�صاعدة املال تبذل لأنها امل�صرية، احلكومة وحترم اأهل بالدها من هذه امل�صاعدة. بيد اأن ال�صديق يخالفه يف الراأي، من منظوره ال�صلفي الراف�س لأي موؤثر غربي، قائال ال�صرقيني لختالفهما ينفع اأن الغربيني ل يتحتم ينفع اإن ما يف الرتبية، واجلغرافية، وتركيب الغرائز والفطرة، والعادات، على لو ح�صلوا امل�صرح، امل�صتغلني يف اأن يرى ول والأعراف. امل�صاعدة املالية، والدعم احلكومي، قادرون على اإتقانه بال�صكل الأخالق تربية يف املق�صود النفع له يكون اأن ول املطلوب،

نة لطابع اأهل ال�صرق، وح�صن الآداب، ملا فيه من املنافرة البيوخا�صة امل�صلمني، ل بل رمبا كان فيه �صرر بحت لهم.

على قائم والتمثيل »الت�صخي�س باأن هذه روؤيته وي�صوغ اأ�صا�س الع�صق يدور فيه بكل اأدوار، ول تخلو ق�صة من ق�ص�صهم اإل التي ميثلونها عن ذكر الع�صق والغرام، وما من رواية لهم كان اإن هو لها. واخلامتة كالفاحتة فيها يكونان والعا�صقان مقبول عند الغربيني، م�صموحا به ملوافقة العادة، ولكونه �صيئا ل عيب فيه، يجهر به فتيانهم وفتياتهم، بل هو اأ�صل من اأ�صول م�صموح ول ال�صرقيني، عند مقبول لكنه غري بينهم، التزاوج وحما�صن الف�صيلة اأبواب يف يدخلونه ول عاداتهم، يف به ال�صلفي املوقف هذه حجته يف ال�صديق ويتمثل الآداب...«. املتزمت من احلب والع�صق الذي عرب عنه بع�س املوؤلفني العرب القدامى يف ر�صائلهم وكتبهم، كالغزايل الذي در�س يف موؤلفه اآداب النكاح وك�صر ال�صهوتني عاطفة احلب والع�صق، عادا اإياها خروجا عن طريق ال�صواب، واأبي بكر الرازي الذي تعامل مع الع�صق بو�صفه بلية، ون�صح بالبتعاد عنه وجتنبه، وراأى اأنه حظ م�صاغل، اأية لديهم لي�صت والذين الرجال، واأ�صباه املخنثني، ول يتبعون �صوى �صهواتهم التي يرغبون يف اإ�صباعها باأي ثمن، وابن �صينا الذي عده يف جملة الأمرا�س مثل: اختالط الذهن والهذيان والرعونة واحلمق وف�صاد الذكر وف�صاد التخيل وداء الكلب واملانخوليا والقطرب... اإلخ، يف حني اأن الرتاث ال�صعري وال�صردي وال�صبقي العربي يحفل بكم غزير من ق�صائد احلب كتاب اإن بل املثرية، الإيروتيكية والق�ص�س والع�صق واجلن�س ال�صيخ النفزاوي »الرو�س العاطر يف نزهة اخلاطر« يعد واحدا من اأربعة كتب اأ�صا�صية يف احلب اجلن�صي يف الرتاث الكال�صيكي العاملي اإىل جانب ملحمة اأوفيد »فن الهوى«، وامللحمة الفار�صية

»اأناجناراجنا«، وامللحمة الهندية »كاما�صوترا«.

اإليها ال�صديق يف رف�صه من احلجج الأخرى التي ي�صتند يف ولي�س التمثيل، يف الن�صاء ا�صرتاك يتطلب اأنه للم�صرح

20

يف الرجال مع الن�صاء با�صرتاك ي�صمح ما الإ�صالمي الدين تاأدية هذا الفن، لأنه ينهى الن�صاء عن التربج بالزينة ف�صال عن الختالط بالرجال، وياأمرهن بغ�س الب�صر. ول �صك يف اأن هذه احلجة تظهر ال�صديق، الذي يدعي التدين، يف منتهى النفاق، فهو ي�صمح لنف�صه بارتياد امللهى وجمال�صة املخمورين ذلك، للرجل اأباح الإ�صالم وكاأن الراق�صات مبنظر والتمتع حججه ومن امل�صرح. يف املراأة متثيل على يعرت�س حني يف الواهية اأي�صا اأن لي�س من اأدب امل�صلمني اأن ميثل بينهم تاريخ والغناء، بالع�صق يبتدئ باأ�صلوب الإ�صالم، وخلفائه و�صلحائه واأن تو�صيح الرذائل وتبيني ال�صهوات، وعر�صها على اأ�صحاب الرذائل يف القوالب املختلفة مبا تنطوي عليه من وجوه احليل رذيلته، يف الرذيلة �صاحب تعمق واخلتل، واخلداع واملكر �صابق، اإليها ي�صبقه فال املنوعة، الوجوه بتلك فيها واقتناعه الف�صق اأهل وبرز الأ�صقياء، ومهرة الل�صو�س تدرب وكم والفجور بح�صورهم متثيل الروايات )امل�صرحيات(، فاكت�صبوا منها ما كان ينق�صهم، واأخذوا عنها ما كان يعجزهم، ولو قدر لأر�صطو اأن ي�صمع هذه احلجة ال�صخيفة ملزق كتابه »فن ال�صعر« اأو »ال�صعرية«، واأعلن براءته عن مبداأ »التطهري«، قائال: لقد اأم�صى كله اليوناين فاجلمهور ال�صادة، اأيها عليكم كذبت مغرما بارتكاب املحرمات بعد م�صاهدته لأوديب وهو يقتل اأباه

ويتزوج من اأمه.

وجدي فريد حممد -3

ثمة �صدى ملوقف ال�صديق عند املويحلي جنده يف ما كتبه يف التمثيل عن 1954م( )1878م- وجدي بك فريد حممد ا�صتهر ما يخالف فهو ،)1905( واللغة« العلوم »كنز كتابه يرقي جميل فن التمثيل اأن من والعامة اخلا�صة األ�صنة على الذات، يف ال�صعور عوامل ويحيي امللكات، ويربي العواطف، وياأخذ بزمام الأمم اإىل الكمالت... اإلخ، زاعما اأنهم يف هذه دون نغمة اأوروبية، غافلني عن اأن الختالف بني اجلمل اإمنا يرد

العامل الأوروبي والعامل العربي يف العادات والعتقادات وامليول يجعل بني عوامل رقيهم وعوامل رقي العرب خالفا جوهريا، باعث من والغرام متبعة، الن�صاء عادة تك�صف اأقوام فاأولئك طريقة امل�صارح على للن�صاء الرجال وخطبة الرتقي، بواعث املادية، وعلومهم اأدتهم مدنيتهم �صبانهم، وقد الأكرثين من الإحلادية اإىل اعتقاد اأن ل موجود اإل املادة، واأن لي�س لالإن�صان اإل ما ينتهبه انتهابا من �صرور يف هذا العامل الق�صري الأمد. ال�صعادتني، نامو�س واأنه دينا، لها اأن تعتقد فاأمة العرب اأما �صعادة الدنيا، و�صعادة الآخرة، واأن الواحد منها اإن مل يتزود من هذا العامل بكمال يعرج به اإىل عامل التقدي�س هبط قدره

اإىل عوامل التدني�س، ومداح�س اإبلي�س.

ب، اأن النوامي�س التي ولذلك يرى وجدي، من منظور متع�صاإىل الأوج الأعلى، وبلغت بهم من الرفعة رقت العرب الأولني املكان الأ�صمى كانت اأرقى من النوامي�س التي رقت اليونانيني والرومانيني مبا ل يقدر. ويذم يف �صوء هذه الع�صبية م�صاركة وم�صمع مراأى على الع�صق اأدوار ومتثيل امل�صرح، يف الن�صاء النا�س، ويعدهما �صربا من اللهو، ومن اآخر ما منيت به هذه بالآخرة، يعتقد اأن من كان التقليد. ثم يقرر اأنواع الأمة من اإل ما يهديه اجل�صد للم�صاعر اأن ثمة كمال روحانيا ول يظن املح�صو�صة، فليعتقد اأن الت�صخي�س فن يرقي العواطف، ويكمل اإن�صان باأنه ال�صتنتاج فر�صة قارئه مينح ل ولكي امللكات. متع�صب و�صلفي يعرتف وجدي �صراحة باأنه متع�صب للقدمي، لأن التطور(، )قوانني الرتقي لنوامي�س ومعار�س وجامد، اأمة، تنازعهم الأر�س ل اأهل اخلالفة يف العرب كانوا قدميا ول ترد لهم على العاملني كلمة، و«كانت الأمة العربية ت�صعى يف

�صبيل التقدم طائرة بال تياترو ول متثيل«.

موقفه يف يعار�صه من خماطبا كالمه، وجدي يختم على يتوقف ل وحياتها الأمم رقي باأن املتع�صب، ال�صلفي جلل حادث احلياة »اإن بل امل�صرحيات(، )يق�صد املالهي

21

تهب على الأمة تابعة لقوانني عليا و�صعها وا�صعها القادر جل وعز على مقت�صى علمه وحكمته، ل ن�صبة بينها وبني التياترات ل وجدي، يك�صف الأخري الراأي وبهذا مطلقا...«. والأوبرات عن كونه �صلفيا مت�صددا فح�صب، بل ذا نزعة جربية اأي�صا ترى بل و�صعهم، اهلل يكلفهم ومل الريح، حتركها كال�صعفة الب�صر حملهم ما ل طاقة لهم به، ومل يخلق فيهم اختيارا لأفعالهم، ول قدرة لهم عليها، على الرغم من اأن وجدي بني يف كتاب اآخر

له هو »الإ�صالم يف ع�صر العلم« التوافق بني العلم والدين!!

• خامتة

عنها تعرب التي للم�صرح، امل�صادة املتزمتة الروؤية اإن وقرينها املويلحي، كتاب يف املتخيلة »ال�صديق« �صخ�صية التي التنويرية الروؤية الكاتب حممد فريد بك وجدي، مقابل يحملها جنيب حبيقة، كانت وما تزال متثل موقف العديد من ال�صلفيني جتاه الفنون ب�صكل عام يف عاملنا العربي منذ القرن التا�صع ع�صر، وقد برز يف ال�صنتني الأخريتني مع الظهور العلني القوي للتيار ال�صلفي يف امل�صهد ال�صيا�صي العربي، وهو موقف حترميي يفرت�س العداء والقطيعة بني هذه الفنون وال�صريعة،

بالتعار�س تقر مقد�صة ن�صو�س وجود عدم من الرغم على اإن بع�س اأ�صحاب هذا املوقف ل يرتدد يف اإطالق بينهما، بل فتاوى تكفريية �صد كل من ي�صتغل يف احلقل الفني، وقد �صهدت بع�س الدول العربية ممار�صات اإرهابية عنيفة ومعنوية عديدة والإبداعات الفنانني ال�صلفيني �صد �صدرت عن جمموعة من امل�صرح رواد بع�س واجهه ما اإىل يعيدنا الذي الأمر الفنية، العربي )منهم اأبو خليل القباين( من اأ�صكال الإرهاب والقمع والتحرمي على يد �صيوخ التكفري والتع�صب والتخلف للحيلولة

دون ن�صر فن امل�صرح، اأو ا�صتنباته يف الأر�س العربية.

املراجع1- نظرية امل�صرح، يف جزئني، جمع وحترير حممد كامل اخلطيب، �صل�صلة »ق�صايا

وحوارات النه�صة العربية« دم�صق: وزارة الثقافة ال�صورية، 1994.

للتعليم هنداوي موؤ�ص�صة القاهرة: املويلحي، حممد ه�صام، بن عي�صى حديث -2والثقافة، 2012.

اإلكرتونية. ن�صخة وجدي، بك فريد حممد واللغة، العلوم كنز -3

22

يف احلديث عن ا�صرتاتيجيات الن�س الق�ص�صي الأردين، يتم ل ثابت، فكري وجود اإىل �صريح تلميح يخفى، ل وكما التخلي عنه مهما كانت الأ�صباب. وهذا الثابت �صي�صبح جزءا الالتي الأردنيات الق�صة كاتبات عند الفنية الذائقة من عنوان كان وملا الق�ص�صية. اإنتاجاتهن بع�س اأمام �صنتوقف هذه الدرا�صة ي�صري اإىل "�صهرزاد" كونها اإحدى ا�صرتاتيجيات هذه الق�ص�س، فاإن ال�صوؤال الذي يطرح نف�صه يتمثل بالتايل: وهنا، وق�صاياها؟ �صهرزاد مع الق�ص�س هذه تعاملت كيف على مناذج ق�ص�صية العثور تكمن يف ل الإجابة �صعوبة فاإن فيها ن�صاء، ذلك اأنه هناك، وكما نعرف، اأعداد هائلة من هذه الق�ص�س، واإمنا ال�صعوبة تتمثل بكيفية الختيار الذي يخدم اإثراء اأجل ومن ارتاأينا، فقد لذلك، الدرا�صة. هذه هدف الدرا�صة، تقدمي ما من �صاأنه الك�صف عن هذه ال�صرتاتيجيات، امل�صتطاع، وبقدر لكنها، الأف�صل، تكون ل قد مناذج وهي ياأتي حتقق هدفنا بتقدمي درا�صة حتمل عتبتها العنوان الذي

يف راأ�صها.

اأخرى ف�صاءات عن • البحث

يف ق�صة )هب يل من لدنك حلما()1( ملجدولني اأبوالرب اأن "خ�صيت جادة فتاة اأمام اأنف�صنا جند املثال، �صبيل على اأكون مثل اأي فتاة، وكل ر�صيدي كان التميز والختالف")2(. من يحط قد ما كل عن وتبتعد كربيائها، على حتافظ فتاة هيبتها كاأنثى. حتى اإنها يف ع�صقها للبحر الذي ينبغي اأن يكون

ع�صقا مقبول وطبيعيا كونه ل يثري الريبة، يظل يراقبها �صمري داخلي �صارم، مهمته مالحقة رغباتها با�صتمرار وتقنني هذه الرغبات وتوجيهها "�صيء يف داخلي. يف داخل القلعة. جذوة يف ب وحتتاج. ترجو وترنو. كنت اأخفيها قلبي. �صم�س �صغرية. حتواأنكرها")3(. وهكذا نرى كيف ي�صبح حوار الفتاة مع البحر حوارا مع الذات، تقارب القا�صة فيه بينها وبني بطلتها، بهدف الغو�س اإىل الأعماق النائية، والك�صف عما يف تلك الأعماق من

الوح�صة الداخلية القا�صية التي تعي�صها الثنتان معا.

ما �صبق يعني اأن املراأة يف الق�صة، من النوع الذي ترف�س فيه التهمي�س، كما اأنها من الباحثات عن ف�صاءات يف مقدورها ال�صلب اأدوات لأي من الإذعان فيها ممار�صة حريتها، وعدم اإىل انت�صرت عليها، حتويلها ما اإذا �صاأنها، التي من والقهر جمرد كائن ثانوي، رخوي وهالمي ه�س يف تعبري اآخر، يتال�صى دورها يف احلياة، اإل من ذلك الدور الذي يح�صرها فيه املبتذلون الباعث الكائن غري فيها يرون فال اأعينهم، ت�صيق الذين لل�صهوة، ولي�س �صوى ذلك. اأي اأن الكاتبة يف هذه الق�صة، ويف �صواها الكثري مما كتبت، حتاول تقدمي �صورة حقيقية للمراأة، حتاول فيها ا�صرتداد حقها الذي �صرقته منها الذكورة. وهي يف حر�صها على فنية الق�صة، ل تلقي �صعارات، كما اأنها تبتعد عن املبا�صرة التي تف�صي عادة اإىل ال�صحالة وتقتل جماليات الن�س الق�ص�صي. ويف معنى اآخر فاإن الق�صة عندها، تظل م�صحونة باألق الإبداع وجتلياته. ويتمظهر هذا الألق يف م�صتويات لي�س

ا�صرتاتيجيات الن�ص الق�ص�صي )�صهرزاد.. مناذج من الق�صة الأردنية(

يو�صف يو�صف

كاتب اأردين مقيم يف العراق.

23

من الرغم على ميثلها، ما وحده لالأحداث ال�صريع التدفق التعبريي الذي اإي�صال املنت، واإمنا هناك امل�صتوى اأهميته يف ميكننا بحيث اجلمل، تركيب يف امل�صتخدمة باملفردة يرتبط اأن اإىل ت�صري املفردات، ومتو�صعات اللغوية البنية اإن القول يف التي بتلك وبالذات بق�ص�صها، الرتقاء حتاول الكاتبة خالل من وذلك منها، الق�صة هذه اأخذنا التي جمموعتها الرتواء من روح ال�صعر ووجدانه التعبريي؛ وعلى نحو ما نرى يف ال�صياغات التالية: "ومدينتي راحت يف زحمة املدن جتدف مبجداف من قلق واآخر من حنني. متتطي �صهوة التعب وتبحر الآن يهطل لو اأحب و"كم ت�صيء")4(، اأن تخجل جنوم نحو املطر. لو اأطلق خيويل فت�صهل يف املدى، لكن بذرة القهر تزرع املدى �صوكا، فريتد ال�صدى، ويخرج احلرف م�صكاة تنطفئ،

وحزينا كالبنف�صج")5(.

ومن الالفت اأن الكاتبة تخاطب القارئ من موقع ال�صارد لذا، له. يبدو ما هذا اأن اأو ال�صخ�صية، جتربته يروي الذي ال�صدق على احلر�س اإنه املتكلم. �صمري ت�صتخدم جندها من غريه ولي�س ال�صمري هذا اختيار اإىل يدفعها ما الفني نفو�س من قريبة ق�ص�صها يجعل الذي الأمر وهو ال�صمائر، تلك كمثل حب حالة ت�صور ل املبداأ حيث من اإنها قرائها. احلالت ال�صائعة يف ق�ص�س اأخرى، كما اأنها ل تعرب عن الأنوثة املراأة باأن يعني وهذا الرجال. اأغلب ويتمناها يفهمها كما املنظومة ب�صبب اأول الكبري، التعب حد اإىل مهمومة عندها الجتماعية التي تعترب املراأة جمرد خملوق تابع للرجل، وثانيا ولي�س باأكمله، باملجتمع حتيط التي العامة الظروف ب�صبب )البيارق( ق�صة يف نراه هذا مثال بعينها. اجتماعية بفئة التي ل ت�صور ق�صة بطلة تبحث عن بطل، اأو عما ي�صمى فار�س الأحالم الذي ياأتيها فوق ح�صانه بالياقوت والزمرد والذهب كمخلوق بها يرتقي عما واإمنا الثمينات، من ذلك و�صوى الذي لالإن�صان احلقيقية الن�صغالت اأمام ح�صا�صيته تتعاظم �صرقت منه مدينته، فوجد نف�صه يف مكان اآخر، ومدينة ت�صتد فيها اأحا�صي�صها بالغربة. �صحيح اأن هذه البطلة حتاول التاآلف

مع املكان اجلديد، واأن القا�صة ل تتحدث عن نفي اجتماعي، اإل اأنها با�صتدعاء �صخ�صية )ملكي �صادق( )ملك القد�س يف اإمنا احلدث، من جزءا ليكون امليالد( قبل القدمي التاريخ لتحكي و�صف�صطائي، عادي هو عما بالق�صة البتعاد اأرادت عن تاريخية العذاب الفل�صطيني الذي حتمله بطلتها، فتقول: ينزف من عروقهم هناك. زال وما الأر�س، �صربته "الأحمر واأمهاتهم")7(، اأخواتهم اأخذته و"الأ�صود هناك")6(، كله وهي غاية تعرب عن التميز الذي كانت فتاة الق�صة التي �صبقتها

حتمله يف وجدانها املكابر.

احلرمي اأقفا�ش من • اخلروج

يف امل�صافة بني الرغبة واحللم، تتحرك بطلة ق�صة )حتليق(من يعترب الذي التكثيف قوامها ق�صة هي التل. ل�صهري )8(

قليلة. �صطور يف وتقع الإبداع، من اجلن�س هذا �صروط اأهم �صطور ممتلئة وتكتنز مبا ميكن اأن يفي بالغر�س: قدرة املراأة على اكت�صاف ذاتها وحقيقتها، والتحليق بالتايل يف ف�صاءات تر�صمها باأ�صابعها ول تنتظر من ير�صمها لها. وهي ق�صة فتاة معار�س اأحد اإىل �صاقاها حتملها ال�صن، يف و�صغرية مثقفة الفن الت�صكيلي، لت�صبح اأمام فنان فيه من عوامل اجلذب ما يجعلها وغريها من املعجبات يحطن به، هو الذي يتخيل نف�صه

طاوو�صا؛ بح�صب تو�صيف الكاتبة له

يختال اجلديد، معر�صه بافتتاح مبتهجا جنما "كان كطاوو�س و�صط ح�صد من الن�صوة الأنيقات".

�صعرت الأخرى هي ال�صغرية املثقفة الفتاة اأن �صحيح معه، للحديث امل�صافة يف وهي اأنها اإل اإليه، بالجنذاب ت�صتح�صر من ثقافتها املختزنة يف عقلها، ما يوؤهلها لأن تكون روؤيته عند اأ�صابتهن الالتي اأولئك من غريها عن خمتلفة الده�صة والنبهار، رمبا ب�صبب انعدام الثقافة اأو قلتها "جهدت الفنية امل�صطلحات �صيل ملقاربة معلوماتها �صتات مللمة يف املعقدة، وهو يقذفها بوجوه الأخريات، اللواتي ل ميلكن �صوى

24

تكت�صف مل منهن الواحدة لأن ورمبا بغنج"، "ياي" يطلقنها حدجهن اأن بعد نحوه، الأخرى تلو الواحدة هرعن ذاتها، احلادة بالنظرة حدجها قد كان واإن وهي احلادة. بنظراته

ذاتها، اإل اأنها مل ت�صت�صلم كمثل ما فعلن.

متهد من غريها قبل هي الكثريين، اعتقاد يف واملراأة، حتمل من اأي�صا وهي منها. ينال لكي الرجل اأمام الطريق كيفما التهامها ميكنه كفاكهة نف�صها وتقدم فتتبعه، نف�صها الدقيق فهمها بحكم القا�صة، هذه اأن نالحظه ومما ي�صاء. تكتفي ل ق�صة تقدمي ا�صتطاعت الإناث، جن�صها لبنات البعيدة، اأعماقه يف تغور واإمنا الواقع، ق�صرة مبالم�صة لت�صتخرج منها ما يفيد يف بلورة املوقف ال�صحيح الذي ينبغي اأن تكون عليه العالقة بني الرجل واملراأة. وهذا لن يتحقق يف التي البلهاء، كمثل الده�صة تلك انعدمت اإذا اإل التل اعتقاد ان�صل الذي بالفنان الأخريات املعجبات وجوه على راأيناها بهدوء تاركا معجباته الأنيقات "يحمن كفرا�صات مبهورة حول

األوانه املن�صكبة يف املكان".

من للتخل�س التواقة احلرة املراأة بظهور الق�صة ر تب�ص بني دمية جمرد تكون اأن تاأبى التي املراأة للرجل. التبعية اأمام امراأة توؤمن بامل�صاواة، وب�صرورة يديه. وبالتايل، فنحن اأن ل تبقى جمرد زهرة ميت�س نحل الرجل رحيقها ثم يطري. ما راأته الذي الت�صكيلي الفنان يف جتد مل عندما لهذا وهي كانت تتمنى وجوده فيه، ابتعدت عنه، لأنها، وهذا هو الأهم، باجتياح الدفينة والرغبة العابث، الرجل �صوى فيه جتد مل اأخريات غريها اأن يفعل مع جغرافيا ج�صدها كمثل ما اعتاد عنه، مناأى التحليق يف عليها اأن وجدت لقد الطائ�صات. من اأجنحتها امتلكت "وعندما كاأنثى ومكانتها قيمتها لها لتظل وطارت، اأدركت اأن �صماءه ال�صابعة التي يتحدث عنها، لي�صت اإل مكانا تنك�صر زواياه العفنة العابقة برائحة الزيت واخلمر

والن�صاء العابرات".

كان ل بد اأن تثور الفتاة، لي�س فقط لأنها مثقفة، كما تقول

التل يف و�صفها، واإمنا لأنها اكت�صفت قبل فوات الأوان اأنانيته، و�صهويته العابرة، واكت�صفت اأنه ل ميكنه منحها اجلناح الذي هذا يف ولعلها به. لتحلق اإياه �صيمنحها باأنه تت�صور كانت كله، اأدركت حقيقة الأنثى التي تختلف عن تلك التي يريد اأن "حاولت املثقفة ال�صغرية، التحليق يف �صماوات الفن. تكونها فكرت اأنه �صيعطيها جناحا لتطري به، وملا مل يفعل بحثت عن

اأجنحتها".

)لوحات ق�صة يف البطلة فاإن التل، بطلة غرار وعلى ذاتها. عن التعبري يف رغبة الأخرى هي حتمل ف�صيف�صائية( وهي ل ترتدد يف التعبري عن راأيها دون خجل اأو التواء كما يفعل اإليها، الأ�صدقاء باأقرب يرتبط الأمر كان لو الكثريون، حتى مبن فيهم الفنان الت�صكيلي الذي يريد اأن ي�صمع منها راأيا ي�صره اللوحة، جتزئ فكرة الفنان هذا يتبنى حني ويف لوحاته. يف ع عن اإعالن فاإن البطلة التي ل تلتقي معه يف هذا الراأي، ل تتورخمالفتها له. وهي من اأجل اإي�صال راأيها، تدخل معه يف حوار فل�صفي عميق، نتبني من خالله قوة �صخ�صيتها كذلك "خيول الرغبة يف وقفت ت�صرخ جاحمة يف قيدها تتململ، وها اأنا اأفك تغادر ل امل�صرع، الباب اإىل فتنظر اآمرها، اأطلقها.. قيدها.

مكانها، وتنظر خجلة مرتبكة ")9(.

الأنوثة �صد جمدولني بطلة باأن يفيد و�صواه �صبق ما املهم�صة، كما اأنها ل تقبل باأن يحول الآخرون راأيها اإىل �صدى الت�صكيلي. الفنان �صديقها اأراده ما غرار وعلى لأ�صواتهم، لكن اأية اأنوثة تلك التي حتكي الق�صة عنها "اأخاف اأن ي�صبح فلك يف اأدور اأن اأخ�صى قدمي. مت�صك دبقة �صباكا احلب ري�س، كو�صادة اأتبعرث اأن اأخ�صى اأرحب... والعامل عاملك،

اأخ�صى التبعرث..")10(.

التاريخ قلب يف • �صهرزاد

�صريعة، باإ�صارات واإن اأمامها توقفنا التي الق�ص�س يف تلتقي التالية، ال�صطور يف اأمامها �صنتوقف التي والأخرى احتاللها ووجوب احلياة، يف املراأة دور اأهمية اإىل نظرتها

25

تلحق اإثره يف ولي�س موازاته، ويف الرجل جانب اإىل مكانتها به وي�صبقها. وهي انطالقا من ت�صابه ا�صرتاتيجياتها، يجمعها اإنها الفاعل. وجودها للمراأة يحقق الذي الفكري املنظور من ينتق�س ما وكل التخلف، مظاهر خمتلف �صد ق�ص�س وت�صرتى. تباع �صلعة باعتبارها معها يتعامل اأو املراأة، قيمة لن�صال الق�ص�س، �صورا ا�صرتاتيجيات هذه لقد لحظنا من املراأة، وحر�صها على اأن تكون �صريكا موازيا. وعلى العموم فاإن ا�صرتاتيجيات الن�س الق�ص�صي الأردين يف تناوله لثيمة املراأة

نة اأهمها: وق�صاياها مت�صي يف اجتاهات معي

)1( القيام بالك�صف عن الرتابط الع�صوي بني ركني املنظومة الجتماعية اللذين

هذه اأن على والتاأكيد معا، كليهما واملراأة بالرجل يتمثالن املنظومة ل ت�صتقيم اأحوالها دون تعاون الثنني يف احلياة.

واإمنا مما للرجل فقط، تبعيتها لي�س من املراأة )2( حترير ميكن اأن حتمله يف راأ�صها

من العتقاد باأنها خملوق يقع دون الرجل يف املرتبة اخللقية.

)3( حترير الرجل هو الآخر من نظرته الرجعية وال�صتعالئية التي تعترب املراأة

خملوقا ناق�صا.

ا�صرتاتيجيات اإحدى كونها املجتمع حترير فكرة طرح )4(الن�س الق�ص�صي الأو�صع

والأ�صمل والأكرث مدعاة للعمل من اأجل حتقيقها.

جواهر الكاتبة ت�صتخدم �صوء()11( )بقعة ق�صة يف رفايعة �صمرياملتكلم، ومبا يعني رغبتها يف و�صع املتلقي اأمام ما يجعله ي�صعر باأن ما �صيحدث ل �صاأن للمخيال به، واأنه اأقرب للواقع منه اإىل ما �صواه. ورفايعة من اأجل حتقيق التاأثري القوي الواقعية ال�صمري، هذا اإىل بالإ�صافة ت�صتخدم، املتلقي، يف

على اعتبار اأنها اأقرب اأ�صاليب التعبري اإىل ال�صدق "اأذكر اأنني ارتعدت من اخلوف عندما بعثت اأمي اأخي الأكرب اإىل احلاجة اأم ح�صني، وبقيت منزوية يف املطبخ اأفكر برائحة ثوبها الأ�صود،

وجيبتها املختفية يف �صدرها".

يف عادة يحدث ما ومثل الوجه. �صاحبة الق�صة بطلة املجتمعات املتخلفة، فقد اعتادت الأم ملعاجلتها اقتيادها رغما اإىل منها لل�صعوذة الأقرب املراأة تلك ح�صني، اأم اإىل عنها ترتدد ل الفتاة اأن هذه غريها يف معاجلة مر�صاها. �صحيح يف التعبري عن رف�صها ملا تفعله اأمها، اإل اأنها يف نهاية املطاف ل ي�صعها اإل اأن تذعن ملا تاأمرها بفعله، فتذهب معها اإىل حيث

�صت�صبح جمرد كائن يتحرك مغم�س العينني بال اإرادة.

باملنظومة فيه البوؤ�س يتمثل واقعا الرفايعة ت�صور ملا الإذعان وعليها و�صطها، البطلة يف التي حتيا الجتماعية هذه يف عما البحث وعند ونواهي. اأوامر من عليها تفر�صه الذين اأولئك اأن نرى �صوف املراأة، قهر عوامل من املنظومة هم على �صاكلة اأم ح�صني، وحدهم من ميتلكون القوة املوؤثرة، ثالثة اأمام اأننا �صحيح �صحاياهم. يف التاأثري على والقدرة ي�صني مبا القيام عن تتورع ل التي املراأة ح�صني اأم مناذج: الدنيا من تفهم ل التي امل�صكينة والأم اخلداع، اأ�صاليب من ما اإىل املتوارثة العادات تقتادها التي املذعنة والفتاة �صيئا، �صي�صاعف عذاباتها. تقول يف و�صف اإحدى املرات التي ذهبت اأن تبادلت هي واأمي كالما "وبعد اأم ح�صني: اإىل الفتاة فيها �صوداء قما�س لفافة جيبها من اأخرجت وجمامال، عابرا

بحجم الإ�صبع املتو�صطة، حم�صوة بنبات ذي رائحة كريهة".

كيها بعد بها الفتاة �صتو�صم ما �صوداء بقعة هي نعم، بالنار، لكنها �صتكون العالمة الدالة اإىل ما يف مقدورنا ت�صميته الأم من كال ي�صبهون الذين اأولئك عند العقل"، "خراب وابنتها، ذلك لأن املتلقي �صريى اأنه اأمام �صورة فيها من القبح ما �صيجعله يقول اإن فتاة على مثل هذه ال�صاكلة من الإذعان، ل تثور ول ت�صرخ، ت�صتحق ما هو اأكرب من جمرد الكي بالنار،

26

فيها يحرك اأجزاء ج�صدها، مل اإىل خمتلف و�صل واإن الذي �صاكنا، ومل يدفعها للرف�س. تقول يف و�صف حالة الكي: "تتنقل اإل مكانا تدع ول قدمي، واإىل وظهري يدي اإىل وجهي من وتلطع به اإ�صبعها املتوهجة، بينما اأنا �صاغرة لالأمل الذي ف�صخ

م�صامي".

الفتاة وجه من وجوه �صهرزاد، اأو حالة من حالتها بتعبري اإىل ابنتها مع تت�صابه تكاد الأخرى، هي الأم كذلك اآخر. اأبعد احلدود، يف حني اأن اأم ح�صني وجه خمتلف متاما. ثالثة وجوه تذهب يف ت�صويرها ملا يحدث اإىل تفا�صيل دقيقة، منها على داخلها يعتمل يف والأخرى مبا الفتاة، بج�صد يرتبط ما امل�صتوى النف�صي، بهدف التاأثري يف القارئ ودفعه للقيام بعمل ما، ينت�صر فيه للفتاة التي عرفت الكثري من املرارات "وكلما خف وهج اجلمرة غالبني اإح�صا�س براحة مرتيثة جلولة اأخرى، فتعيد اأم ح�صني الكرة مرة اأخرى، وت�صعل اللفافة من جديد ثم تكمل عملها". ولعله من بني اأهم ما يلفت النتباه يف �صياغات الق�صة، حر�س كاتبتها على ت�صوير فداحة ما يحدث للفتاة، اأمام يرى وهو احلادة، بال�صدمة ي�صاب املتلقي يجعل ومبا قتلها، و�صلبان ا�صتالبها، بعالمات الأنثى و�صم كيفية عينيه التي �صتكون من اأبرز م�صبباتها الأم -التي رمبا ب�صبب عاطفتها جتاه ابنتها الهزيلة ال�صاحبة- مل تتورع عن امل�صاركة حتى يف ال�صغرية، باحلرائق مو�صى ج�صدي "يبدو بجهالتها �صحقها نقطة، نقطة، بع�صها يخف اأمله ما اإن ترفع نارها عن ج�صدي، وبع�صها يظل حا�صرا يف اجللد بقعة �صوداء حمرتقة، تند من حنجرتي اآهات م�صتغيثة ومرتددة، لكن اأمي املرتجية ت�صدين

اإىل الفرا�س عندما اأحاول اأن اأبتعد عن يديها املتوثبتني".

جميلة نهاية الق�صة مبا فيها من املفردات متنوعة الظالل. ا�صتخدمت وقد احلدود. اأبعد اإىل املتلقي يف موؤثرة وهي املعاين اأفالكها من تنطلق الإيحاء، �صديدة لغة الرفايعة "ان�صغطت الدللة وطاقات الرموز من فيها مبا والدللت اأن رئتي متتلكان هواء فا�صدا. حتت ثقل الأغطية، واأح�ص�صت امل�صام من واأنا م�صامي، من كالأمل ينز والعرق اأختنق اإنني

بالبقع ال�صوف يلت�صق الأغطية، ب�صوف األت�صق اأتبخر، اأنكم�س رويدا رويدا حتى امللتهبة. ي�صتعل.. ن�صتعل.. ال�صوداء

اأغدو بقعة �صوداء م�صتعلة".

ويف ق�صة )رحلة اأخرية مع الوهم()12( لب�صمة النمري، نتوقف اأمام ثنائية الذكورة والأنوثة يف واحدة من اأب�صع حالتها " كان ي�صري اأمامها م�صرعا وهي تلحق به لهثة". وهي ثنائية القاهر واملقهور. التابع واملتبوع، مبا فيها من عالمات ال�صلب وال�صطهاد، "نادته ورجته اأن يتمهل قليال كي ت�صتطيع اللحاق

به. جتاهل طلبها واأمعن يف �صريه م�صاعفا �صرعته".

هنا تقدم الكاتبة الرجل كما تراه على حقيقته يف الواقع، ولي�س كما ميكن اأن ي�صوره خميال يتحامل عليه. تراه قا�صيا بزوجته راأفة تاأخذه اأن دون متاما، وهادئة اأع�صابه باردة فاإنها هي.. واأما بالإعياء. ت�صعر باأنها تخربه عندما حتى زوجة غايتها احل�صول على القليل من الوقت لت�صرتيح خالل امراأة زاهدة حتى يف كل ما تطلبه اآخر، بتعبري الرحلة. هي من زوجها "ب�صع دقائق فقط هي كل ما حتتاج اإليه لكي تلتقط

اأنفا�صها املبهورة".

الطريق حافة على جل�صت قد كانت واإن الق�صة بطلة دافعها اإىل الإ�صارة عند النمري تقول كما زوجها، ملعاندة بالندية التفكري عن تكون ما اأبعد – اجللو�س، الفعل لذلك والرغبة بال�صراع مع زوجها بدالت عديدة يف�صح عنها اللفظ النزوع، هذا توكيد اأجل من والكاتبة الق�صة. يف امل�صتخدم تقدم البطلة يف �صورة الكائن الذي يتماهى منت�صيا يف املكان، وحيث �صيكون يف مقدورها التعبري عما يعتمل يف �صدرها من موجبات احلياة "�صرت يف ج�صدها النحيل برودة حمببة عند مالم�صته لتلك احل�صائ�س الرطبة، ف�صارعت اإىل خلع نعليها، اأكرب فر�صة املكدود جل�صمها يتيح كي ثوبها، كمي ورفعت لالإح�صا�س باملزيد من النتعا�س". �صحيح اأنها �صعرت بالرتياح ون�صوة عارمة جتتاحها، اإل اأن ما كان يالحقها اأكرب واأقوى من اأية رغبة داخلية �صوى تلك التي تتمثل بعالقتها بزوجها؛ "كان

27

عليها اأن تنت�صل نف�صها من غمرة ن�صوتها وذهولها وت�صرع اإىل اللحاق به".

مل ياأت اختيار مفردة "اللحاق" عبثا. وهو ا�صتخدام يلمح طيلة يتقدمها –الزوج- فهو الثنني. بني العالقة نوع اإىل وال�صري له الإذعان عليها غري ما كامراأة بينما هي الطريق، عليها غري وما التي جتمعهما، العالقة تاريخ هو هذا ورائه. هي ت�صنعه جديد تاريخ بكتابة والبدء خلخلته على العمل اإنه ي�صطهدها. الذي هو باأ�صابعه ولي�س باأ�صابعها، وتكتبه القهر الذي يطاردها ويحتم عليها القيام بعمل ما، لت�صرتجع مكانتها ال�صائعة. وهي واإن كانت حتمل الكثري من الأحا�صي�س اإل الرجل، اكت�صاف حقيقة القارئ من خاللها ي�صتطيع التي اأنها، ولرغبة الكاتبة يف الو�صول اإىل احلقيقة، حتاول حماورته على نحو ي�صيف اإىل الق�صة الكثري من عنا�صر تكونها املهمة "وملا �صارت مبحاذاته، طفقت حتدثه وحتاوره. تعاتبه حينا، اأمام �صت�صعنا التي املحاورة اإنها اآخر". حينا اإليه وتتو�صل الرجل هذا مثل يحمل مما اإليه؛ الو�صول ال�صرد يحاول ما امل�صوؤولية الأخالقية عما يحدث من الوقائع "لكنه مل ي�صتجب

لها وتابع �صريه دون اأن يعريها اأي اهتمام".

وال�صوؤال الآن: كيف يبتدئ التاريخ اجلديد الذي �صتكتبه البطلة؟ الق�صة ومن خالل ما �صبق ت�صرد حكاية امراأة يدفعها خميالها باجتاه اآفاق تكتمل فيها �صعادتها املرجوة يف حياتها. وهي �صعادة تظل على امتداد الق�صة مدماة باأفعال رجل زوج خلع عنه ثوب الإن�صان الذي يجب اأن يرتديه. ولقد حتول اإىل الذي الرتاتب اأ�صا�س بنيانه يف احلياة على جمرد ذكر يقيم قاعدته. يف املراأة ي�صع فيما الهرم، قمة يف نف�صه فيه ي�صع ومن هنا �صوف تكون البداية، فتتحرك املراأة باجتاه ما تراها

البوتوبيا التي �صتجد فيها خال�صها من واقعها املرير.

تلك املراأة رحلة باأن يفيد ما اإىل الق�صة عنوان ويحيل مع زوجها �صوف تكون الأخرية، لكنها وعلى الرغم مما يبدو اأنها مت�صي ب�صحبة للرحلة؛ من حيث الواقعي التج�صيد من

اإل وفلوات، وبراري اأرا�صي تخرتق ترابية طريق يف زوجها يف ت�صنعه اأن اعتادت الذي الوهم مع الأخرية �صتكون اأنها غياب منه نتبني نحو على ال�صرد �صياق اأتى وقد خميالها. ال�صعادة من حياتهما، كما اأن عدم حتديد ا�صميهما ي�صري اإىل �صرود حالة تكررت لقد الثنني. بني يقع ما تعميم يف رغبة البطلة، ويف اأكرث من مكان كانت م�صطرة ل�صتخدام خميالها من ولعله فيه. للعي�س م�صطرة واقع من الهروب بهدف اللفظية، ال�صياغات من الق�صة نرى يف ما لالنتباه الالفت عن اأعلنت قد الكاتبة تكون النحو، هذا على بتقدميها التي دوافع وقوفها اإىل جانب بطلتها "�صعرت اأنها تكاد تفقد وعيها، فنادته جمددا ب�صوت واهن عله يراأف بحالها وي�صتجيب لها، اأملها مثل كل املرات ال�صابقة، وتابع �صريه احلثيث لكن خاب �صامتا حتى خيل اإليها اأنه ي�صتمرئ عذابها ويفرح ب�صقائها".

لي�س ثمة اأي حتامل على الرجل، ولقد تركت النمري بطلي ق�صتها يقدمان نف�صيهما كما هما يف الواقع دون اأي ع�صف. ويف حني نرى حماولت متكررة من قبل الزوجة لإ�صالح ما يف�صده الزوج ب�صلوكه، فاإن هذا الزوج يوا�صل طغيانه. ونحن هنا منيل اإىل تو�صيف ما يقوم به على هذا النحو، لأننا يف الوقت الذي نرى فيه �صفافية الزوجة، فاإن ما نراه فيه من الأفعال، جتعله على ال�صد متاما. ومن هنا ل بد اأن يتغري ال�صلوك –�صلوكها- نف�صها الذي وجدت ال�صجن بالتايل ولتغادر تعاملها معه، يف تاريخها امتداد قيدتها على التي الأغالل ولتلقي جانبا فيه، تاريخ حتررها.. هل �صتكتب البداية، وحيث اإنها املرير معه. كان هذا قدرها اأم خيارها؟ ل تدري.. لكنها كانت جتد نف�صها �صل�صلة ب�صجانها تربطها �صجينة مثل ورائه لل�صري مدفوعة

حمكمة.

نهاية يف عليها تلح وجدتها اإذن، بالنعتاق الرغبة هي اأبرز ر�صم حرية للمتلقي الكاتبة ترتك الذي ذلك الطريق، مالحمه "طريق وتراب واأ�صجار. �صم�س حارقة ورطوبة لزجة م�صهور". �صمع قطع مثل وتت�صاقط تذوب واأع�صاب خانقة

28

على اأخرى الذروة، ذروات �صوى هذه وللق�صة، لذروة.. اإنها التاألق نهاية اإىل بق�صتها ت�صل لكي بها الهتمام الكاتبة "اأغم�صت عينيها لكي تداوي اإخفاقها اإن هي ف�صلت، ور�صمت

�صورة لنجاحها الذي تتوق اإليه يف عتمة الإخفاق املغلقة".

بيد اأن م�صرية البطلة �صتظل ممتلئة بالتحدي. وهي تدرك باأنها ويف نهاية الطريق، وبالنظر لق�صوة ال�صغط الذي ترزح حتته، ل بد اأن يكون عملها بطوليا من نوع خا�س، ولتقول لنا الرجال بها يقوم ل اخلارقة الأفعال اإن خاللها من القا�صة وحدهم، واإمنا ميكن اأن تقوم بها الن�صاء هن الأخريات، وكمثل "اأوم�س برق ما تفعله بطلتها يف �صورة- �صور فائقة اجلمال يف ف�صاء الإدراك الغافل، فاأيقظه واأنار اأمامه �صماء ل حدود واأقمار م�صيئة، كانت هذه هي تلتمع فيها كواكب لمتدادها، حلظة الكت�صاف الرائعة، اأيقنت الآن اأنها اإن�صانة ذات اإرادة،

واأن لها روحا حرة وقلبا ينب�س باحلياة، واأنها قوية.. قوية".

من التي بطلتها النمري ب�صمة حتمل كيف نرى وهكذا عي�س ب�صعوبة ترتبط واحدة م�صاألتني: تاأكيد تريد خاللها املراأة يف جمتمع ذكوري النزعة وال�صلوك، وثانية ترتبط بقوة هذه املراأة وقدرتها على �صناعة الأحداث التي �صتبتعد بها عن الذي الرجل ن�صيب من �صيكون باأنه ترى الذي احل�صي�س هو �صاكلة زوجها "حملت ال�صخرة تندفع نحوه.. لن تخطئه. عرف بخربته الطويلة اأنه قد اآن الأوان، واأن ل مفر من النهاية

الآتية".

اإنها النهاية التي ل بد منها، واإن كنا قد لحظنا باأن املراأة اإليها، واإمنا دفعتها باجتاهها الظروف مل تكن تريد الذهاب القا�صية التي عرفتها يف حياتها مع الزوج. لذا، وكما �صنالحظ اإىل ما يبقيها يف دائرة فاإنها �صتظل تدفعها عاطفتها اأي�صا،

احلزن

ترقرقت دموعا اأن لها هيئ ال�صخرة، تنزل اأن "وقبل رفت اأخرية ابت�صامة باحلزن لتغ�صل و�صالت العينني، يف

على ال�صفتني، وكاأنها �صمعت اأي�صا قبل اأن تكمل �صريها حتية الوداع".

اأخريا، تقوم ا�صرتاتيجيات الن�س الق�ص�صي يف التعامل بتبعيتها الإميان عدم اأ�صا�س على وق�صاياها �صهرزاد مع اإياها حتملها التي البطولة رايات واإن للرجل. العمياء القا�صات ال�صابقات، وغريهن ممن مل ناأت على ذكرهن، اإمنا تعني الرتفاع بها كاإن�صانة ت�صرتك مع الرجل يف �صناعة احلياة الأ�صا�س هذا وعلى القول. �صبق كما الآخر ن�صفها هي التي غالبا ما نرى ن�صاء اأقرب اإىل ممار�صة العرتا�س منهن اإىل اأن يبقني جمرد تابعات للرجال. ن�صاء يحاولن حتطيم اجلدران ذواتهن فيه يجدن اآخر عامل نحو والنطالق بهن، املحيطة

واملالذ الذي ميكنهن العي�س فيه دون قهر وعذاب.

الهوام�ش:والن�صر، للدرا�صات العربية املوؤ�ص�صة ف�صيف�صائية، لوحات اأبوالرب، جمدولني -1

عمان، 2003.

�س7. اللوحات، -2

�س8. اللوحات، -3

�س34. اللوحات، -4

�س47. اللوحات، -5

�س15. اللوحات، -6

�س15. اللوحات، -7

.2002/163 اأفكار، جملة )ق�صة(، حتليق التل، �صهري -8

�س21. اللوحات، -9

�س22. اللوحات، -10

.2000/139 اأفكار، جملة )ق�صة(، �صوداء بقعة رفايعة، جواهر -11

اأفكار، جملة )ق�صة(، الوهم مع اأخرية رحلة النمري، ب�صمة -12.2001/153

29

اأ�صهر كتب جربان خليل 91 عاما على �صدور بعد مرور حتول ،1923 العام يف الإجنليزية باللغة "النبي" جربان "النبي جلربان خليل" فيلم اإىل 2014 العام الكتاب يف هذا الكتاب �صمن فيلم روائي ال�صوء على معاين هذا يلقي الذي الثالثية. الأبعاد وتقنية املتحركة الر�صوم باأ�صلوب تنفيذه مت مقتب�صة من متكاملة ف�صول ثمانية على الفيلم وي�صتمل هذا الق�صائد النرثية ال�صت والع�صرين يف كتاب "النبي". وتطرح كتاب يتناولها التي املوا�صيع معظم الثمانية الفيلم ف�صول والإن�صانية واحلب واحلكمة واملحبة كال�صداقة "النبي"،

والعائلة والطفل واجلرمية والعقاب.

من خمرجني ع�صرة الفيلم هذا اإخراج يف وي�صارك باأفالم املتخ�ص�صني املخرجني اأبرز من وهم اأقطار، عدة جلائزة حوا ر�ص اأو معظمهم فاز والذين املتحركة، الر�صوم اأحد األريز، روجر الأمريكي املخرج الأو�صكار، ويف مقدمتهم الر�صوم املتحركة، وهو اأفالم اأ�صهر خمرجي وكتاب �صيناريو خمرج فيلم الر�صوم املتحركة املتميز "الأ�صد امللك" )1994(. لفيلم املختلفة الأجزاء ربط م�صوؤولية املخرج هذا توىل وقد "النبي" وكتابة �صيناريو الفيلم. واملخرجون الآخرون امل�صاركون يف اإخراج ف�صول الفيلم املختلفة هم املخرج الإماراتي حممد

م�صل�صل اأول وهو "فريج"، م�صل�صل خمرج حارب، �صعيد واملخرجتان العربي، العامل يف الأبعاد ثالثي متحركة ر�صوم الأمريكي واملخرج بايل ونينا جراتز �صي. جون الأمريكيتان البولندي واملخرج مور توم الإيرلندي واملخرج بليمبتون بيل واملخرجان �صفار جون الفرن�صي واملخرج �صو�صا مي�صال الفرن�صيان التواأمان جايتان وبول بريزي اللذان ا�صرتكا معا يف اإخراج اأحد ف�صول الفيلم. ومما قاله املخرج الإماراتي حممد �صعيد حارب: )اإن رواية "النبي" من اأجمل ما قراأت يف حياتي، وقد اخرتت ف�صل اجلرمية والعقاب حتى اأقوم باإخراجه لأنه

من اأجمل ف�صول رواية "النبي"(.

وتقف وراء اإطالق فكرة فيلم "النبي" وحتويلها اإىل فيلم املولد املك�صيكية املمثلة املتحركة الر�صوم اأفالم من متميز للفيلم املنفذة املنتجة وهي احلايك، �صلمى الأ�صل والعربية وت�صارك ب�صوتها باأداء دور البطولة الن�صائية فيه. وقد ق�صت �صلمى احلايك اأربع �صنوات من العمل واجلهد املتوا�صل لتحويل

كتاب "النبي" اإىل هذا العمل ال�صينمائي املتفوق.

ويف تعليقه على الإ�صهامات الثقافية جلربان خليل جربان، ولأهمية م�صاركة املمثلة �صلمى احلايك يف فيلم "النبي"، قال اأحد املنتجني التنفيذيني للفيلم، واأحد اخلرباء وليام نيك�س،

فيلم "النبي جلربان خليل" من اأفالم الر�صوم املتحركة املتميزة

املمثلة �صلمى احلايك منتجة وبطلة الفيلم تقول: اأنا لبنانية واأمثل املراأة العربية

حممود الزواوي

كاتب وناقد �صينمائي اأردين.

30

بداخله يحمل كان جربان )اإن جربان: واأعمال حياة يف ومنها الق�صايا، من العديد جتاه والغربي ال�صرقي املنظور اأبرزته ما وهو واجلمال، واملوت واحلياة والأخالق الدين يف احلايك �صلمى م�صاركة )اإن واأ�صاف: "النبي"(. رواية الفيلم وجمموعة املخرجني الذين نفذوه اأعطوا له جاذبية(، م�صريا اإىل اأن �صلمى احلايك اأ�صافت روؤيتها يف الإخراج نظرا اإىل ي�صار اللبنانية. جلذورها نتيجة جربان برواية لعالقتها اأن املنتج ال�صينمائي وليام نيك�س يعكف حاليا على اإنتاج فيلم جديد عن حياة جربان خليل جربان بالتعاون مع جلنة جربان الوطنية يف ب�صري بلبنان، و�صيكون هذا الفيلم جاهزا للعر�س

يف دور ال�صينما خالل العام 2015.

يف "النبي" فيلم بتقدمي احلايك �صلمى املمثلة وقامت خمرجي من عدد بح�صور وذلك ال�صينمائي، كان مهرجان خمتارة قراءات قدموا الذين الفرن�صيني والفنانني الفيلم جويل املمثلة ومنهم كان، مهرجان يف جربان خليل جلربان جاييه واملمثل جريار ديبارديو واملغني الفرن�صي اللبناين ميكا، وبح�صور وزير الثقافة اللبناين رميو عربجي وممثلي اجلالية فيلم احلايك �صلمى الفنانة قدمت ثم فرن�صا. يف اللبنانية "النبي" يف مهرجان تورونتو ال�صينمائي الدويل بح�صور معظم مهرجان يف الفيلم هذا قدمت ذلك وبعد الفيلم، خمرجي

اأجيال الدوحة.

ومت عر�س مقاطع طولها ثالثون دقيقة من فيلم "النبي" اأن ي�صتكمل اإخراجه. وقالت يف مهرجان كان ال�صينمائي قبل الفنانة �صلمى احلايك خالل حواراتها يف مهرجان كان اإن فيلم اللبنانية. وحتدثت اأ�صولها اإىل "النبي" هو ر�صالة حب منها الكتاب كان الذي جربان خليل جربان بكتاب عالقتها عن املف�صل جلدها اللبناين، وقد ارتبطت بهذا الكتاب يف طفولتها وارت�صمت يف ذهنها كلماته والر�صوم التي يحتويها والتي قام اإىل الكتاب هذا تهدي اإنها وقالت بنف�صه. جربان بر�صمها كان، مهرجان اإىل اأمها ب�صحبة جاءت التي فالنتينا ابنتها

لتتعرف من خالله على جذورها.

"النبي" اإىل فيلم ويف تعليقها على م�صروع حتويل كتاب كتاب )ي�صكل احلايك: �صلمى املمثلة قالت متحركة، ر�صوم بالن�صبة الإن�صاين والإلهام للحكمة مذهال "النبي" م�صدرا ر من للماليني من النا�س يف �صتى اأنحاء العامل. ولكوين اأحتدهذا من جزءا اأكون باأن فخورة فاأنا عربية، لبنانية اأ�صول اجلديد للجيل الإبداعية التحفة هذه يقدم الذي امل�صروع الفنانة وقالت مثيل(. له ي�صبق مل متحركة ر�صوم باأ�صلوب لها، حدود ل "النبي" فيلم جماليات اإن احلايك �صلمى و�صهال مف�صال در�صا �صيقدم الفيلم هذا اإن قائلة واأ�صافت لكتاب "النبي" الأكرث �صهرة يف العامل، من خالل فتاة �صغرية ال�صيا�صي "امل�صطفى" ال�صجني عمرها ثماين �صنوات، تلتقي لة، وتعي�س مرحلة التحول لدى امل�صطفى بطل يف جزيرة متخياإطالق �صراحه من قبل حاكم اجلزيرة، بعد والفيلم الرواية حياة اأجل من النا�س م�صاعدة امل�صطفى ي�صتطيع وكيف اأن اأعتقد )اأنا اأي�صا: احلايك �صلمى الفنانة وقالت اأف�صل. ننتج اأن و�صيء جميل له. ل حدود فن املتحركة هي الر�صوم كتاب تف�صري ون�صهل بعدا حتليليا، لنعطيه الكبري العمل هذا

"النبي"(.

وخالل حفلة تقدمي مقاطع من فيلم "النبي" يف مهرجان وت�صحيح مبقاطعة احلايك �صلمى قامت ال�صينمائي، كان املندوب العام ملهرجان كان، تيريي فرميو، حني عرفها باأنها مك�صيكية، قائلة: )اأنا لبنانية وفخورة بكوين امراأة تنتمي اأي�صا رت يل اإمكانية اإنتاج اإىل البلدان العربية(، م�صيفة: )حني تي�صهذا الفيلم، كان ذلك بالن�صبة يل منا�صبة لأوجه ر�صالة حب احلايك �صلمى وقالت اأحمله". الذي الإرث من جزء اإىل اأي�صا: )اأردت من خالل فيلم "النبي" التعبري عن ح�صن النية كل جعل اأردت والقامت. اجلدي اجلانب عن بعيدا والرباءة

الفيلم يتكلم بعيوننا حني كنا اأطفال(.

وبعد اأن انتهى املخرج روجر األريز من تركيب جميع م�صاهد ت�صجيل مت متكامل، قالب الر�صوم يف وتوحيد "النبي"، فيلم

31

احلايك �صلمى وقامت هوليوود، ا�صتوديوهات يف الأ�صوات قالت: حيث ال�صينمائي، تورونتو مهرجان يف الفيلم بتقدمي النه�صة، وهي ر�صالة؛ يحمل فيلم باإح�صار جدا فخورة )اأنا جميلة(. بطرق يفكرون يجعلهم ما بذكاء، ال�صباب ويعامل "النبي" ليكون جاهزا للعر�س وعن مدى �صعوبة تنفيذ فيلم على �صا�صات ال�صينما، قالت �صلمى احلايك: )كان تنفيذ هذا الفيلم معجزة. فاتخاذ كتاب فل�صفي وجعله يف متناول جميع اأفراد الأ�صرة، م�صليا ولي�س واعظا، وتقدميه كر�صوم متحركة يف ب�صريا مبتكرا يكون واأن ال�صغرية، امليزانية هذه ومبثل الر�صوم املتحركة يف ظل وجود الكثري منها، هو ما �صكل حتديا كبريا جدا. وكانت هناك العديد من الليايل التي ل ننام فيها حياتي، الفيلم هذا ا�صتهلك فقد �صنوات. اأربع من يقرب ملا فبغ�س ذلك، ا�صتحق ولكنه ال�صعوبة، غاية يف الأمر وكان قدمت اأنني اأعلم الفيلم، م�صري هو وما يحدث عما النظر

�صيئا مميزا، واأنا حقا فخورة به(.

فيلم لتقدمي ت�صتعد احلايك �صلمى املمثلة كانت وفيما تنظمه الذي ال�صينمائي الدوحة اأجيال مهرجان "النبي" يف )لطاملا املنا�صبة: هذه حول قالت لالأفالم، الدوحة موؤ�ص�صة لأ�صول تنتمي التي �صخ�صيتي من جزء عن التعبري اأردت اأ�صتطيع من خالله التعبري عن لبنانية، لذلك بحثت عن دور جلذوري حب ر�صالة مبثابة الفيلم هذا ولعل العربية. املراأة العربية، و�صيكون من دواعي �صروري اأن اأ�صارك هذه التجربة مع جمهور العائالت والأطفال العرب خالل الدورة املقبلة من

مهرجان اأجيال ال�صينمائي(.

وي�صارك عدد من املمثلني املرموقني باأ�صواتهم يف جت�صيد �صخ�صيات فيلم "النبي"، ويف مقدمتهم املمثلة �صلمى احلايك دورها �صلمى احلايك وت�صف كاملة. العرافة دور توؤدي التي باأنه مهم للغاية؛ لأنه يتحدث عن الإن�صانية وما فيها من درر وكنوز فكرية. ويقوم املمثل الربيطاين الإيرلندي ليام ني�صون يف الآخرين املمثلني ومن بـ"النبي". امللقب امل�صطفى بدور

الفيلم املمثل الربيطاين الإ�صباين الأ�صل األفريد مولينا واملمثل واملمثل لجنيال فرانك اإيطايل اأ�صل من املتحدر الأمريكي فيلم تنفيذ يف وا�صتخدمت كرا�صين�صكي. جاك الأمريكي "النبي" تقنيات جديدة، اإ�صافة اإىل �صحر املو�صيقى ال�صرقية التي ترافق الفيلم، وهي من تاأليف املو�صيقار اللبناين غابريال اأي امل�صطفى �صخ�صية وحكم اأفكار على اعتمد الذي يارد

الفيلم. "النبي" يف

12 مليون دولر، "النبي" نحو اإنتاج فيلم وبلغت تكاليف وهو مبلغ منخف�س جدا يف عرف تكاليف اإنتاج اأفالم الر�صوم تكاليف تراوحت فقد الأيام. هذه يف هوليوود يف املتحركة 60 مليونا و185 اأفالم الر�صوم املتحركة الأمريكية بني اإنتاج و2014. و2013 2012 ال�صنوات خالل للفيلم دولر مليون عدد م�صاركة رغم "النبي"، فيلم ميزانية انخفا�س وي�صري من املمثلني واملخرجني املرموقني والفنيني، مع املحافظة على م�صتواه الفني املتميز، اإىل تعاون امل�صاركني يف الفيلم وتنازلهم عن اأجزاء كبرية من اأجورهم التقليدية. وفيلم "النبي" اإنتاج يف و�صاركت م�صرتك. قطري لبناين– كندي– اأمريكي– اإنتاج الفيلم 11 موؤ�ص�صة من هذه الدول، بينها موؤ�ص�صة الدوحة لالأفالم القطرية وعدة موؤ�ص�صات لبنانية �صملت جلنة جربان الوطنية وميديا اإنرتنا�صنال بكت�صرز وجمموعة مايجروب وبنك

اإف اإف اإيه اخلا�س يف بريوت.

لقد قراأ وتعلم ومتتع مئات املاليني من قراء كتاب "النبي" بلغته الإجنليزية الأ�صلية وباأكرث من 40 لغة ترجم اإليها، ولكن الكثري عن دخائل حياة القراء يعرفون ن�صبة قليلة من هوؤلء جربان ون�صاأته ومعاناته يف طفولته وجناحه وعبقريته الأدبية ومواهبه الأخرى يف فن الر�صم. و�صوف ن�صتعر�س حياة جربان

يف الأ�صطر التالية قبل اأن نتحدث عن كتابه اخلالد "النبي".

رفيعة عربية و�صعرية اأدبية قامة جربان خليل جربان وخالدة. وهو ثالث اأ�صهر �صاعر وثالث اأكرب �صاعر يف مبيعات �صيك�صبري وليام الإجنليزي ال�صاعر بعد التاريخ عرب الكتب

32

الذي عا�س يف القرنني ال�صاد�س ع�صر وال�صابع ع�صر بعد امليالد، وال�صاعر ال�صيني لو ت�صو الذي عا�س يف القرن ال�صاد�س قبل اللبناين والر�صام والكاتب وال�صاعر الفيل�صوف وولد امليالد. العربي جربان خليل جربان يف بلدة ب�صري ب�صمايل لبنان يف العام 1883 لأ�صرة فقرية، وكان والده راعيا للغنم عرف بالك�صل بتهمة 1891 العام يف و�صجن والقمار، كر ال�ص على والإدمان ،1894 العام يف �صراحه واأطلق اأمواله و�صودرت الختال�س يتلقى وكان املدر�صة، اإىل الذهاب جربان ي�صتطع مل ولذلك درو�صا يف منزله من كاهن ومن طبيب �صاعر. ويف العام 1895 اأمريكا م�صطحبة اإىل اأخيها قررت والدته كاملة الهجرة مع جربان واأختيه ماريان و�صلطانة واأخيه بطر�س. وانتقلت اأ�صرة جربان من مدينة نيويورك وا�صتقرت يف مدينة بو�صطن، حيث العام يف الإجنليزية لتعلم مدر�صة اإىل الذهاب جربان بداأ جربان، خليل املدر�صة يف باخلطاأ ا�صمه ت�صجيل ومت ،1895

كما التحق مبدر�صة للفنون، ومنت مواهبه بت�صجيع من معلماته ملواهبه الإبداعية وا�صتخدمت بع�س ر�صوماته لأغلفة الكتب.

ويف �صن اخلام�صة ع�صرة عاد جربان مع عائلته اإىل بريوت، حيث وا�صل درا�صته وتنمية مواهبه، وا�صتوحى من عالقة حب يف بريوت ق�صة "الأجنحة املتك�صرة". وعاد جربان اإىل مدينة ال�صل �صلطانة مبر�س اأخته وتوفيت ،1902 العام بو�صطن يف قبل عودته باأ�صبوعني، كما تويف اأخوه بطر�س بعد �صنة باملر�س نف�صه، وتوفيت اأمه مبر�س ال�صرطان. كما تعلم جربان الر�صم واأم�صى .1908 العام يف باري�س يف رودان الر�صام يد على

جربان �صنني عديدة من حياته يف مدينة نيويورك.

اأ�ص�س جربان الرابطة القلمية مع الأدباء ميخائيل نعيمة واألف املهجر. كتاب من حداد امل�صيح وعبد عري�صة ون�صيب "الأجنحة اأ�صهرها من العربية، باللغة كتب ثمانية جربان املتك�صرة"، وثمانية موؤلفات باللغة الإجنليزية، اأ�صهرها كتاب "النبي". ون�صر اآخر كتبه "حديقة النبي" باللغة الإجنليزية يف

العام 1933 بعد وفاته.

والأديبة والكاتبة جربان بني حميمة �صداقة ن�صاأت وال�صاعرة الفل�صطينية– اللبنانية مي زيادة التي اأر�صلت له يف العام 1912 ر�صالة اأعربت فيها عن اإعجابها بكتابه "الأجنحة خالل من حب عالقة اإىل �صداقتهما وتطورت املتك�صرة". مرا�صالتهما الأدبية وامل�صاجالت الفكرية والروحية التي األفت بني قلبيهما، وذلك دون اأن يلتقيا مرة واحدة. وتويف جربان يف مدينة نيويورك يف العام 1931 يف �صن الثامنة والأربعني متاأثرا بتليف الكبد وال�صل. وكانت اأمنيته اأن يدفن يف لبنان، وحتققت هذه الأمنية يف العام 1932، حيث دفن يف �صومعته القدمية يف اأن جربان واأو�صى جربان. مبتحف لحقا عرف فيما لبنان،

تكتب هذه الكلمة على قربه بعد وفاته:

فاغم�س جانبك، اإىل الآن واقف واأنا مثلك، حي "اأنا عينيك والتفت تراين اأمامك".

الن�صر حقوق اإيرادات بتخ�صي�س جربان اأو�صى كما هذه ومتلك ب�صري. لبلدته الفنية واأعماله لكتبه والتاأليف غري موؤ�ص�صة وهي ب�صري، يف الوطنية جربان جلنة احلقوق

ربحية، وتدير متحف جربان الذي اأ�ص�س يف العام 1935.

ون�صر كتاب "النبي" الذي ي�صتمل على 26 ق�صيدة نرثية جربان اأعمال اأ�صهر وهو الإجنليزية، باللغة 1923 العام يف وو�صف العاملية. جربان رائعة بحق ويعترب جربان، خليل بع�صهم كتاب "النبي" باأنه ن�صيد الإن�صانية. وبيع من الن�صخة الإجنليزية لهذا الكتاب اأكرث من 100 مليون ن�صخة حتى الآن، ما يجعله واحدا من اأكرث الكتب انت�صارا يف التاريخ، وتوا�صلت طباعته منذ �صدوره. وقد ازدادت مبيعاته يف الوليات املتحدة ارتفعت فقد ملحوظ، ب�صكل املا�صي القرن �صتينيات منذ املبيعات ال�صنوية لكتاب "النبي" من 12.000 ن�صخة يف العام 240.000 واإىل 1961 العام يف ن�صخة 111.000 اإىل 1935

الكتاب مبيعات يف الزيادة وهذه ،1965 العام يف ن�صخة م�صتمرة حتى الآن ب�صكل غري م�صبوق. ويباع من كتاب "النبي" اأكرث من 5،000 ن�صخة يف الأ�صبوع على م�صتوى العامل. وترجم

33

امل�صادر لغة، وبح�صب بع�س 40 اأكرث من "النبي" اإىل كتاب اإىل اأكرث من 50 لغة. وقدمت عدة ترجمات لهذا الكتاب باللغة العربية على مر ال�صنني، ومنها ترجمة لالأديب واملفكر العربي املهجري ميخائيل نعيمة، �صديق عمر جربان، وترجمة للكاتب اإىل "النبي" كتاب ترجمة وتتواىل عكا�صة. ثروت امل�صري

اللغة العربية حتى هذه الأيام.

كتاب يف ونقل النرث، ق�صيدة يف رائدا جربان وكان الجتماعي م�صمونه عن ة املعرب ومعتقداته اأفكاره "النبي" على خال�صة الكتاب وي�صتمل هذا الفل�صفي. والتاأملي املثايل والثياب والبيوت والأولد والزواج احلب يف جربان اآراء والدين والعقاب والرحمة واجلرمية وال�صراء واحلرية والبيع وال�صرائع والكرم واجلمال واللذة واملوت واحلياة والأخالق وغريها. ويتميز كتاب "النبي" باأ�صلوبه وبنيته وتناغم جمله، ال�صتفهامية واجلمل والأمثال التلميحية بال�صور غني وهو يف�صل اأن الإن�صان ي�صتطيع كما الفكرة، على توؤكد التي كتاب و"النبي" هو مهنته. عن وعقيدته اأعماله، عن اإميانه يف التفاوؤل والأمل. ويقدم جربان، وبطريقة �صاعرية واأ�صلوب الذات. وحر�س جربان تفتح اإىل ر�صالة روحية تدعو �صل�صل، خالل اأزمة اغرتابه يف املهجر اأن يزرع و�صط عقالنية الغرب دها يف نزعته الروحانية ال�صوفية ولغته روح ال�صرق التي ج�ص

ال�صعرية العالية يف كتاب "النبي".

منذ كيانه يف "النبي" كتاب بذور جربان حمل وقد طفولته. وكان قد غري عنوان الكتاب اأربع مرات قبل اأن يبداأ بكتابته، علما باأنه بداأ كتابته باللغة العربية. ويف اأواخر العام فكرت الكتاب يقول: )هذا زيادة اإىل مي 1918 كتب جربان

اإىل 1919 العام من جربان وكر�س عام(. األف منذ بكتابته العام 1923 جل وقته لهذا العمل الذي اعتربه حياته و"ولدته كتاب وفاته حول قبل 1931 كتب جربان العام الثانية". ويف كنت حياتي. كل ال�صغري الكتاب هذا )�صغل "النبي" يقول: اأن كل كلمة كانت حقا اأف�صل اأتاأكد ب�صكل مطلق من اأريد اأن

ما اأ�صتطيع تقدميه(. ومل تذهب جهود جربان عبثا. فبعد اأكرث من 70 عاما على وفاته، ما يزال يتداول كتاب "النبي" ماليني

القراء يف اأنحاء العامل.

من اأربع يف "النبي" كتاب يف جربان ق�صائد وترددت املو�صيقار اأحلان الليل" من "�صكن هي فريوز املغنية اأغاين حممد عبد الوهاب، واأغنية "اأعطني الناي وغني" من اأحلان الأخوين اأحلان من "املحبة" واأغنية حنك�س، جنيب امللحن امللحن اأحلان من بانتظاري" "�صفينتي واأغنية الرحباين، ق�صائد ترددت كما فريوز. املطربة ابن الرحباين، زياد جربان يف الأغاين ال�صائعة لعدد من م�صاهري املغنني الغربيني، ومنهم فريق البيتلز الربيطاين واملغني الربيطاين اإيلتون جون تكرمي جربان خليل جربان ومت بيلي جول. الأمريكي واملغني عا�س التي نيويورك مدينة يف له تذكاري ن�صب بتخ�صي�س ب تذكارية فيها �صنني عديدة، احتفاء به وبرتاثه الأدبي، وبن�صاأخرى يف مدينة بو�صطن ويف مدينة وا�صنطن، واأحدثها ن�صب متحف على عالوة بوا�صنطن، اللبنانية ال�صفارة يف تذكاري

جربان يف م�صقط راأ�صه بقرية ب�صري بلبنان.

34

نبي واإن�صانها الكون، مركز كله.. العامل هي "دورا" هو الطويل، ليلها تفا�صيل يف حروفها تنام ر�صالته مطارد، )دورا زمان كل يف واملقلق حمرابها، يف واخلا�صع ال�صامد

اجلميلة، نا�صها طيبون(- الرواية.

الرواية بني اإذ مو�صيقية، تنويعات جداريات، "دورا" اأبجدية قافيتها متمردة، ق�صائد كبري.. �صبه واملو�صيقى و�صعه ما امل�صتفزة اإيقاعاتها يف فاقت وتفعيالتها الوقت، العرو�صيون ا�صتحدثه وما واأوزان، بحور من )الفراهيدي( اللغة.. بعده من تفعيالت، وحتدت قوانني املنظرين يف عنف وهي لوحات ت�صكيلية توؤكد العالقة الأزلية بني الر�صم والكتابة،

ولنقاط الت�صابه كثرية املو�صوعية بني الروائي والر�صام..!!

جداريات املوت املعلن، وهو اأخلد واأعمق اإيقاعا من احلياة، مقلقا �صاخبا ح�صورا اأ�صبح الذي الق�صري الغياب و�صخب للزمان واملكان، ومربكا للتاريخ.. مزيج من احلنان واحلميمية والذكرى ال�صخية بعدد الدموع واجلراحات والأحالم.. حلظات �صرار(، اأبو )ب�صرى الروائية تعي�صها م�صنية جارحة تاأمل

وهي تقطع من خالل عملها م�صافات طويلة، يف دروب وعرة حمفوفة مبخاطر، واآلم روحية وج�صدية ونف�صية، وهي تتوا�صل بدم القلب، ورجفات الرئة، وفتافيت اجل�صد، والروؤى والأحالم املبعرثة، بينها وبني اأبطالها و�صخو�صها احلقيقيني، كانوا هنا بالأم�س ميلوؤون املكان، ويقلقون الأعداء والزمان، �صخ�صيات وهي لوران�س.. تعبري حد حتيا" على اأن اإل �صيئا تفعل "ل حا�صرة بكلمات مترغت مب�صاعر ل تدري الكاتبة )ب�صرى اأبو �صرار( كم عددها..؟ متى بداأت..؟ ومتى تنتهي..؟ وهي ت�صعل ح�صورهم غيابهم- خالل ومن الذكريات، جمر اجل�صد يف ال�صاخب تتوا�صل مع نف�صها، وهي تتماهى مع اأ�صياء واأماكن اأ�صماء ووقع )"�صارية" منهم: �صخ�س كل وذكريات و�صور نطق بها اأحدثت طنينا، ارتطاما يف قاع بئر جف ماوؤه، ماجد،

غ�صان، ناجي(!!

امل�صتفز وتاريخه الذاكرة، كل هو املكان – "دورا" وبحار اأنهار وات�صاع بعمق وجراحه والأزل، الأبد تاريخ من الذكريات من للمزيد املثري الطفولة، مكان اأهو العامل.. الغا�صبة مالحمها لـ"دورا" وهل واجلراحات.. والهواج�س

"دورا" للروائية ب�صــرى اأبو �صــرار جداريات موت معلن.. وولدة م�صتفزة

عذاب الركابي

حقيقية، �صخ�صياته تكون و�أن ة، �خلا�ص جتربته يكتب �أن �لرو�ئي على "يجب ومن �لنوع �لذي يكن �أن نقابله يف �حلياة �حلقيقية..!!"

جتربتك" �صوى �صيء وال جتربتك، عن "�كتب هرني جيم�ش/ نظرية الرواية – �ش82.

كاتب عراقي.

35

"ماجد" مبالمح الكون وتراوغ وت�صافر، تعي�س، اأنها اأم و"دروي�س" و"غ�صان" و"ناجي" و"باج�س" و"ندى" �صريانها الناب�س باحلياة، وتفا�صيل زمن ن�صتولوجي.. اأم اأن كل هوؤلء الأبطال الغائبني- احلا�صرين قد متاهوا يف املكان، واأ�صبحوا هذا وكل الن�صتولوجيا، هذه م�صدر الأبد اإىل ليظل عنوانه، احلنني )الألطف( الذي )يبا�صرونه ب�صهولة( ويعودون يف كل رحمه اإىل اأطفال املحتلني، برعونة م�صبب فل�صطيني �صباح الطاهر، ترابه عن غابوا من اأيقونة فيه، يعي�صون الدافئ، ن�صائه على �صوت لدى الطلق وتكون حلظات �صيولدون، ومن ر�صا�س املحتل الغادر، ورمبا على زغرودة الن�صر الذي متاهى

مع الفرح املوؤجل واحلرية ال�صجينة!

للمكان!! ن�صتولوجية روحية لأورك�صرتا توؤ�ص�س "دورا" ذكرى يف احلميمة ال�صجية الكونية اأنغامها اإيقاعاتها، امللهمني، وهي تخلد خطواتهم، اأحالمهم، كلماتهم، لوحاتهم، ق�ص�س ع�صقهم، هم �صرايني )دورا(، هوية فل�صطني املوؤجلة كعبة �صار الذي املكان رموز هم الق�صري، واحل�صور الولدة لأهله.. جراحاتهم، واأحالمهم �صالة، ل قبلة لها اإل قبلة احلق والعدالة والثورة وال�صموخ، ول و�صوء لها اإل دموع الوطن، وهي

من حجر تارة، ومن كر�صتال و�صوء تارة اأخرى!

اأحببتهم" – كارلو�س الذين اأمل احتمال اأ�صتطع "ومل -فوينت�س!!

هو اأمل اإن�صان املكان، مواطن "دورا" و"حيفا" و"اجلليل" و"جنني" واآخر �صرب وحبة رمل يف فل�صطني، هو الإيحاء اجلارح لورن�س اأو�صى- التي واأ�صل احلكاية �صرار، اأبو الروائية لدى الوثوق بها قبل الوثوق باملوؤلف، واإذا بنا مع )ب�صرى اأبو �صرار(

نثق بالثنني معا!

- يكتب "�صارية" بالري�صة التي ل تتخاذل، واخلط املكابر، من لونتها لوحة اإليك )�صاأر�صل احلميمي: احلياتي واللون والقلم، والفر�صاة واحلرف، اللون يت�صابق كنعان(.. األوان

كل واملوت، والولدة واحل�صور، الغياب والق�صيدة، اللوحة عيني ب�صوء مبارك لـ"دورا"، " "بورتريه ر�صم على هوؤلء بعطر املرة هذه ولكن �صمريها، "�صم�س" اأ�صابع ودفء

الأج�صاد الغائبة– احلا�صرة..!

املحرتقة ومهجتها قلبها "دورا"، �صمري "�صم�س" هي -ق�صيدتها اأحالمها، بكل ال�صاهرة الثاقبة عينها بتفا�صيلها، التي تقراأ يف كل اللغات، وتنبيء بالآتي اجلميل.. و"دورا" حمور الكون، هاج�س الأر�س التي تدور بفيزياء اأحالمها امل�صادرة، احل�صور رغيف على يتغذيان واحد، وحلم واحد، وجه لهما وتراه الغياب، "دورا" �صد الغياب، لقتل جوع وظماأ الع�صري، وم�صدر الكون، هداأة هما "�صم�س" وكذلك اأقوى، ح�صورا بندى اغت�صلت اأمنية، كل ف�صاء هما فيه.. والإزعاج القلق

ال�صباح الفل�صطيني!!

- "دورا" الراوي املوثوق بحرب قلمه الذي ل يهادن، ي�صيف للتاريخ �صطورا، و�صفحات، واأ�صماء، مل يقو الرواة على الو�صول اإليها.. ببليوغرافيا لالأمكنة ال�صامدة املو�صولة برئة ال�صم�س، واأخذت ما يكفيها من الأحزان واجلراح.. وببليوغرافيا اأخرى خطت بف�صفور الروح، لالأ�صخا�س.. لالأبطال.. للرموز الذين مل عطرا لالأر�س ي�صيفون وهم ح�صورا، اأكرث غيابهم �صار ت�صتطع كل زهور الطبيعة اإنتاجه، وهم يجددون ذاكرة املواطن و�صعرا، وروايات ق�ص�صا فا�صت التي بالكلمات اإما املغدور، اأو باللوحات واجلداريات التي تظل ال�صاهد على خيانة املحتل وطيبة للحق، املو�صوعي "دورا" املعادل ونقاء معا.. والزمن

والفرح. والأمل احلياة "�صم�س" رديف

* * *ظروف، حم�صلة واإمنا نعة، �ص م�صاألة لي�س الر�صم "اإن لي�س م�صاألة مهارة، واإمنا تخيل وطاقة حيوية"- ماريا فارجا�س

اأيو�صا/ الفردو�س يف النا�صية الأخرى – �س32.

وهذا ما يقراأ يف ذات "�صارية" املكتوبة باللون والفر�صاة،

36

وهذا ما خربت به اأ�صابعه البلورية، وكل �صطر وجملة معذبة ،" ظروف "حم�صلة الر�صم "دورا"، قريحة بها فا�صت طاقة عجيبة، كيمياء عرب تخيل الذات، بوح وطن، نداء هو والبهجة، هذا م�صروق اخلطوات الوجود، اإن�صان م�صادر اآهات عرب لـ"�صارية" يقراأ الذي اجلارح اجلميل البورتريه و"�صارية" "ندى". وتاأمالت "�صم�س"، "دورا" وذاكرة واأنني الثورة اللوحة- الأمل، اللوحة- الوطن، اللوحة- �صانع جنون بكل واحلنني، والع�صق الطيف األوان بكل والن�صر، الألفة، وعطر العناق، والقبل املحرمة.. "�صارية" �صانع اللوحة واجلبال، والبحر، الأر�س، املكان، لن�صتولوجيا اأبدا الباعثة الأحالم مقتل على ال�صاهد احلزينة، والبوابات والوديان، بهيبة وهم املن�صيني الع�صاق ولقاءات املهد، يف والأمنيات اأج�صادهم، وكنوز الأنبياء، وهم يقدمون ذهب وقد�صية وظل وقتهم لتحقيق احللم، بل حلم احللم، واأمل الأمل، وبعث حياة

احلياة، والنت�صار حلقيقة احلقيقة!!

* * *لورن�س!! الزمن" – د.ه. ي�صبق دائما "الفن

و"الزمن هو اأنا واأنت " – الرواية!!

ميكن ل التي والقبلة الوحيد، املنت�صر الزمن يعد مل تغيريها، لي�س الزمان ول املوت، اإمنا هي الولدة، هكذا تقول العود.. اأوتار ت�صدح وهكذا اللوحات، وتر�صم الق�صائد، نعم!! الفن ي�صبق الزمن، يهزمه، يقهره، و"غ�صان" و"ناجي" اإنهم اأبدا.. يغيبوا مل و"ماجد" و"دروي�س" و"�صارية" متج�صدون يف كل واحد منا، يف كل فل�صطيني، ي�صاركوننا كل يوم عنف هذه العا�صفة وثورتها، وزغاريد الر�صا�س امل�صاحبة ملواكب الثوار، وهم ير�صمون كل يوم خريطة حتري�صية جديدة، اأي الأمهات.. اأرحام به تقذف ر�صيع كل مع �صرخة يولدون حيث هذه؟ فل�صطينية تراجيدية اأي هذه؟ ن�صالية اأ�صطورة ي�صبح املوعد خطرا، كذلك احلب، اأغاين الع�صاق، والذكريات،

والأحالم، واللقاءات خارج الوقت، ويف الالمكان!!

على الرهان الأبد.. واإىل "دورا" القائم رهان هو هذا اللوحات الكلمات، خلودا؟ الأكرث من الأزل!! على اخللود.. الذاكرة من؟ يقهر من الزمن!؟ اأم الق�صائد الت�صكيلية، الكلمات بها تفي�س التي الباذخة البالغات بكل املدججة والألوان واللوحات اأم الزمن الغارق يف بحر الن�صيان، واأبجديته تبحث عن حرف واحد يوؤكد وجوده.. والرهان قائم بني الولدة ال�صاخبة، واملوت املندحر وهو يجر اأذيال الهزمية والنك�صار: )خطوطه غائرة ل تطالها رياح الزمن العاتية، ت�صرخ يف وجه راحات اأ�صكناها م�صاعل ن�صقط ولن كنا، اخللود من الريح

اأيدينا(!!

- ال�صوت املزلزل القادم هو �صوت الفل�صطيني، "م�صيح" �صررهم يف للنائمني الب�صرية، لكل ر�صالته الزمان، هذا املخملية، ولل�صاهرين على اآلم جراحهم املزمنة، وهي مكتوبة بخ�صرة "دورا"، ورمل "�صارية" واألوان "�صم�س"، بدموع الربتقال ل�صحكة مطر، بطعم انتظارا الذي يحرتق الزيتون الذي ي�صافر كل ربيع ليمالأ بعطره كل البيوت التي اعتذر لها الالتي الفل�صطينيات الأمهات ودعاء الطعنة، بعمق الأمان.. يقدمن كل �صباح حزين طفال مالئكيا قربانا للوطن الآتي.. احللم.. كذلك واحدا، واجل�صد واحدا.. ال�صوت ي�صبح املنغم "دورا" �صمري الثنان وهما "�صارية"، هي "�صم�س" رغم والغد، الأمل واثقة باأ�صابع حتفر وهي النتظار، بظماأ وللحرية اأ�صوار، هناك لي�س الن�صال واأمام املحتل، اأ�صوار لي�س هناك عالمات ا�صتفهام، ومع احلب تنتهي كل عالمات

الرتقيم والتعجب!!* * *

موجودة لت�صبح الذات هذه تتجاوز الذات عن "الكتابة من اأجل الآخر"- توما�س كلريك/ الكتابة الذاتية �س45.

تتوحد الذات- الراوية يف تفا�صيل ومالمح املكان- دورا، ي�صبح ف�صفور احلروف بلون )العلم الفل�صطيني(، حني ي�صبح له �صوت، مو�صيقى، وظل بعمق �صحر الفر�صاة التي ي�صتخدمها

37

فيليب ي�صميه كما الأوتوبوغرايف( )امليثاق هذا "�صارية".. ال�صمري يقراأ ب�صوت الذي ال�صري- ذاتي لوجون، هو اخليط تارة �صم�س )علم(- �صخ�صية ب�صوت اأو تارة )الراوي( املرتع�صة واأ�صابعها بقوة، حا�صرة الكاتبة روح هنا اأخرى.. امل�صادرة، واأحالمها وعذاباتها، اآلمها، خندق اإىل ت�صري يتوحد لون تربة "دورا" برماد روح "�صم�س" وحركة اأ�صابعها، خطوط يف �صم�س الراوية- طيف يقراأ ج�صدها.. ونحول واألوان لوحات "�صارية"، واأنينها اجلارح يف ق�صائد "دروي�س" ور�صائل "ماجد" التي ل ت�صل، والذات- الكاتبة هي كل هوؤلء: ينتظر �صطوره، من حترر ورق الأبي�س، ورقي على )اأنكفئ اآخره، الليل حتى اأول ال�صفحات من ياأخذ الذي قلمي مداد اأركن اإىل فرا�صي، يتعب اجل�صد والنور يقودين لإكمال روايتي

لتكون امللحمة..(!!

* * *

" – الرواية!! الوطن غريب اأرجم "�صوف

اإنها حلظة الرف�س، حني ي�صبح اجل�صد بركانا يحرق �صجر البالدة الذي ينمو ويتكاثر يف تربة العامل الظامل.. املهادن.. ور�صا�صا، بنادق واللوحات قالعا، الكلمات ت�صبح املنحاز، والق�صائد �صالحا غري مرئي، ل يخطئ الهدف.. الدم الطاهر الذي الزيتون اخلطر.. اأجرا�س يقرع هومن ظلما، امل�صفوك يجتث من جذوره هو الذي يحارب، البيوت التي ت�صبح ترابا هي من جتيد عزف �صيمفونية القتال، والغائبون- احلا�صرون اأبدا هم من يق�س م�صجع الغريب، ويعلن اأن ل خطى، ول ظل، ي�صتطيع ل والثورة والرف�س التمرد حلظة يف له.. تاريخ ول اأو يزيحه.. ل ي�صتطيع اأن ياأخذ مكان )الأخ�صر( )الأ�صفر( الغريب بخطاه الآثمة اأن يعبث متجاهال �صخط و�صتائم النور، وتظاهرات احلق.. حلظة الرف�س توزع "�صم�س" عطر انتمائها على احلاملني، تعيد �صاللة من غاب، لتجد "دورا" نف�صها اأما اجلديد، الوطن اإيعاز على يولدون ملن دافئا ورحما حنونا، ليل توؤرق املالئكية اأطيافهم وظلت غابوا، ملن ذاكرة وتكون

الغرباء: )كم هم كرث غرباء الوطن، مل نعان من الأ�صفر الذي يريد اأن يزيح الأخ�صر فينا، اأنت القوي، اأنت النور(!!

ل �صيء اإل احللم..!!

"�صم�س" �صوت ومبارك اأبدا!! احلاملة لـ"دورا" وطوبى مل�صت ما اإذا وهي البهيج، الآتي باحللم املكهربة واأ�صابعها �صيئا، ي�صبح ق�صائد، ق�ص�صا، لوحات، مو�صيقى..!! و"دورا" ر يف و"�صم�س" روحان ربيعيتان، يوؤ�ص�صان لع�صق �صويف، يق�صاحلياة.. تفا�صيل يلون وهو والغرباء، واملحتلني الزمن عمر ع�صق ل اأبجدية له اإل يف الكتب املقد�صة، ت�صبح فيه الروح نبيا، واجل�صد حمراب �صالة، والقبلة اآية ، والعناق ذكرا.. ع�صق له بني الأمل ال�صكني، الوردة وطعنة طعمه، وهو يجمع بني عطر امل�صني، والأمل املطارد، يرتب فو�صى اجل�صد، ويهذب اأحزان واأ�صواق الروح.. ال�صوت وال�صم فيه يتنازعان على �صحر وظل

الغائب- احلا�صر!!

يف ذاكرة "دورا" الغائب يعاقب احلا�صر، وي�صتويل على تقهر والكتابة التاريخ.. كتابة يعيد ال�صهيد الوثري.. كر�صيه الكون.. يرقق ال�صمفونيات و�صحر احلجر.. وعناد املوت املنت�صرون هم الغائبون- احلا�صرون، وهم يقلقون احلا�صر، ويظهرون بهويته، باأورك�صرتا اأطيافهم، هم ر�صل الع�صق، حيث و"�صم�س"، و"فل�صطني" "دورا" روح مع اأرواحهم تتماهى وي�صبح جلنون الع�صق معنى وروؤية وكتاب، حروفه -وهي من ليلك- توقظ وحتر�س وتعلن عن زمن الثورة والرف�س يف كل

مكان..!!

وبني "دورا" و"جناة" و"�صارية" و"�صم�س" �صر الأ�صرار، ل تف�صي اإل اإىل كلمات، وبوح الكلمات �صار "روايات" و"ق�ص�صا تتكلم، الراوية الذات- الروح.. بحرب " مكتوبة " و"لوحات الوطن باآهات املمغنطة �صريتها الذات(- )تكتب الراوية البعيد- القريب.. )اإن بعد التذكر يدخل يف قلب الكتابة عن

الذات(- توما�س كلريك / الكتابة الذاتية –�س42.

38

�صرية "دورا" املكتوبة بخ�صرة الزيتون، وطعم الربتقال، الفل�صطيني، ونزيف طعنة املجروحني، ولياليهم ولون الرتاب )انه�صي للمحتلني: ملكا نورها كر�صتال اأ�صبح التي الطويلة وغزلت مغزل اأملي من اأخذت اإليك، اأكتب التي اأنا يا جناة، مالحمي يف روايات لكي اأ�صتطيع احلياة، واأجد تعزيتي، ولكي

ل متوت حكاياتي مبوتي، حكايات �صاأبقيها �صاهدة(!!

* * *

يجعل ما بال�صبط هي ما، حلم حتقيق اإمكانية "اإن احلياة ممتعة "- باولو كويلو / اخليميائي – �س23.

الة التي احللم هو الرثوة التي ل ينفد ر�صيدها.. هو ال�صقبلتها كل الجتاهات، وو�صووؤها الرتاب واملاء وال�صوء والدمع، هو املحراب الذي ميكن دخوله بكل ذنوب العمر، دون انتظار "دورا" كبري، وحلم "�صم�س" اأكرب، هو احللم مغفرة.. وحلم والزعرت الزيتون اإل تنبت وباأر�س ل البحار، كل لي�س ببحر يكتمل وحني الأوطان.. لكل اأيقونة بوطن احللم والربتقال، بحاري(، البحار كل باأن �صوتي، باأعلى اأنادي )هنا احللم: يكتمل احلريري، ب�صاطها الفل�صطينية الأر�س ترتب وحني

القمر، وير�صل نوره من ذهب وكر�صتال!!

وطني.. لي�س الوطن هذا زماين، لي�س الزمان "هذا ولكن ملن اأرحل"-الرواية

وهذا الزمان لي�س لأحد اأيها النبيل "�صارية"!! واأن الزمان اإذا ما فقد كينونته، ي�صبح مكانا، ح�صب تنظري اجلغرافيني، واملكان اإذا ما �صاق ي�صبح ل مكان اأيها اجلريح، ووطنك هو و"دورا" و"فل�صطني" واأنت الالمكان، هو ومكانك الالوطن، يف ورمبا هناك، ورمبا هنا، رمبا الالمكان..، و"�صم�س" يف اآفاق الذاكرة، يف الق�صائد، يف القلب، يف دهاليز الروح، يف يف الأحالم، يف ال�صتائم، يف الأجداد، حكايات يف اللوحات، الزمان، �صرايني يف الدم يجدد ، باق اأنه املهم الر�صائل..

ويغري يف عنا�صر كيمياء املكان، وترحل "�صم�س" منه واإليه!!

اأبو �صرار" – �صمري الوطن املغيب، تعاند الوقت "ب�صرى اإيقاعها ة ق�صرية، يظل اأو ق�ص بكلمات وجمل وحروف رواية

�صاهدا يف الالزمان: )تعود �صم�س لقلب احلكاية:

اأن اأخاف اأوردتي، يندفع يف نب�س والريح، الوقت اأ�صابق ي�صرقني الوقت واأنا مل اأنه روايتي بعد، ظلي ل يفارق ظلي، هو

ال�صرمدي كما "ماجد" واأنت واأنا(!!

- "�صارية" و"�صم�س" يكتبان باحلرف واللون �صرية وطن، الطاهر.. ترابها رائحة يف ومتوت تولد التي "دورا" حكاية ي�صبح الرتاب مزارا، مكانا مقد�صا، حتج اإليه الأرواح العا�صقة ياأخذ احلاملة من كل حدب و�صوب.. حكاية الزيتون الذي مل الذين الأطفال ونب�س لون بل فح�صب، "دورا" وطعم �صكل الغزاة عاند بل بالغ�صب الليلكي ورقه يكتف مل �صيولدون، لـ"دورا"، وانت�صر ال�صالة، جرافاتهم يقهر وهو واملحتلني، واأوحى لـ"�صم�س" اأن ترتب حروف وجمل روايتها التي لي�س لها اأكتب ل اأنا والظل، اللون اأ�صتطيع جماراتك يف نهاية: )وهل من واأنت ل تر�صم لوحاتك، هي التي تكتبني، ن�صو�صي، هي اأمامي، من حرويف تت�صاقط واخلطوط، اللون لبيت تاأخذك اأملها قبل اأن متتد يد عابثة تبعرثها، اأنا من جتيد مللمة حروفها

على �صطور تع�صقها(!!

- تتوحد "�صم�س" وكلماتها مع "�صارية" ولوحاته، امتداد طبيعي لبع�صهما، هكذا يقراأ نب�س الأر�س الذي تغذيه �صرايني واللوحات.. يف لوحات" والروايات الق�صائد "دورا"، وتخلده وروايات، ق�ص�س من "�صم�س" كتبته ملا اخت�صار �صارية" جديدة.. حياة باأورك�صرتا تفي�س "�صم�س" لوحات، وروايات اأمل اللقاء، ده�صة �صوى اللوحات هذه حتمل ل جديد، وطن الغائب- للحبيب الة وال�ص املوؤجل، العناق حرارة البعد، احلا�صر: )ل حقائب يل، ل حمطات و�صول، كل الأمكنة يل، األتحف الكون، واأكون اأنا الف�صاء والغيمة، اأنا املطر اأينما تكون مت، فهو ميالد متقد �صاأراك بحبة قلبي، واأنت هناك تعلن ال�ص

لكل ما نحبه اأنا واأنت..(!!

39

وكل وكل جملة، كلمة، كل اإيحائي جمايل يف بعد ثمة -حني جليا يتج�صد وحزنا، وجراحا اأملا ي�صع ف�صفوره �صطر، تتداخل الأزمنة، وتتعدد الأمكنة، لتلتقي يف مكان واحد، دائرة "رام اهلل"، يف كل تربة "يطا" يف "دورا" يف الكون، رمبا يف فل�صطينية ارتوت بالدمع والدم والآهات والأنني مبا يكفي، وهي ت�صكو غياب ال�صم�س املوؤقت، وتدين بالقلق، وجتعل من الإزعاج تكون اأن عليك حقك وتاأخذ تخلد.. لكي كال�صالة فر�صا "دورا" – املكان بوؤرة النور القادم، مزعجا، هذه هي حكمة الكا�صح.. هي بالفي�صان وينبئ ال�صجني الفرح والده�صة نهر ل ربيع، ل �صتاء، ل النفجار.. على املو�صك رب ال�ص بركان اأ�صماء الغائبني الذين خريف، ول زمان، فقط ظل يحمل كل على الأعظم ال�صاهد قبورهم اأطيافهم، يف املحتل يزعجون كراهية على الأزيل ال�صاهد املحتلني.. وظلم و�صلف رعونة املحتل للنور.. واحلق.. والعدل.. والزيتون.. والرتبة التي تدمع

ع�صال!!

* * *

م�صتفزة!! وولدة .. معلن موت "دورا" جداريات

جلدارية التفا�صيل، بقلق مكتوب حتري�صي، عنوان هو ب�صرى" "�صم�س- تخطها العامل.. جغرافية بات�صاع كبرية، وم�صات.. تلغرافات.. ق�صائد.. مرتع�صة!! غري باأ�صابع

لوحات.. ر�صائل.. وبوح، يقراأ بالعني والقلب معا!!

وجدارية- احتجاجها، اإعالن "�صم�س"- جدارية وهي الثورة، جدارية- الن�صر القادم ل حمالة، جدارية- فل�صطني اإىل البحر ومن الرتاب، اإىل الرتاب من كاملة، تعود وهي بالفر�صاة والكلمة، باللون النزيف!! اإىل النزيف البحر، ومن وفتافيت الروح، برماد الكلمة، واإيقاع اللوحة ب�صوء والقلم، اجل�صد، وتر�صم بدموع النهار الذي يتعرث، وهو يف طريقه اإىل الذي الفرح جدارية تر�صم الالنهائي.. الفل�صطيني الزمان �صاعة على �صووؤه املوقوت الفجر جدارية ياأتي!!.. ول ياأتي

يف يعبث وهو الالوقت، جدارية املوجع.. الفل�صطيني القلب "�صارية" ليظل معا، واللوحة الكلمة واحلرب، اللون كيمياء يخ�صر و"�صم�س" �صاهدين على عامل مهادن، وع�صر خوؤون، وهو والده�صة، الفرح باأكاليل متوج يجيء وع�صر الرهان،

ينهي زمن ال�صكون وال�صمت والبالهة..!!

)ب�صرى الكاتبة �صخ�صية تتماهى "دورا".. رواية يف -"�صم�س"،.. )ب�صرى( هي )�صم�س( يف اأبو �صرار( و�صخ�صية اأو �صخ�صية )علم(.. كل قراءة، مهما تخفت وراء )�صمري( الـ)اأنا( الناطقة بكل حرف وجملة.. الذات املتهدمة، ولكنها املت�صظية، املهددة بال�صياع، يجمعها فقط عطر احلنني، وما من )رموز( واأ�صماء جارحة، ذكريات من الذاكرة يف بقي �صرية يقراأ يف )�صم�س( )ب�صرى( هي فارقتهم.. ومن غابوا "دورا" املغيبة، دون احلاجة اإىل كد ذهن، وهي ت�صقط عليها

كل هذا احلنني الن�صتولوجي.

�صها ورواياتها..!! )ب�صرى اأبو �صرار( هي كل ق�ص

ويربك القلب يوجع �صعريا نرثا املكتوبة الذات هي �صرباته.. هي املكان املخملي الأزيل امل�صحورة به.. املتماهية يف تفا�صيله حتى انتهاء الزمان.. املكان الذي ا�صتلفت الكثري من مالحمه، وتوجته بحميميتها.. ا�صتعار خطواتها ال�صباحية اأي�صا للرحيل اإىل عامل يراه بعيدا- قريبا، وتراه )ب�صرى اأبو غاية الروح، يف بظماأ مكتوبة �صعرية، .. قطعة رواية �صرار(

الرهافة واجلمال والرقة!!

بالقول: اأو�صنت( )جني كتابات جوي�س( )جيم�س و�صف )كانت تكتب كما يغرد الطائر( م�صيدا بال�صاعرية التي ميزت وما )دورا(، روايتها �صرار( يف اأبو )ب�صرى وكانت كتاباتها، يفرد وهو الطائر كما تغرد وروايات، لها من ق�ص�س قراأناه اأجنحة حنانه، بقريحة �صافية، تفي�س جمال �صعرية، بقدر ما

فيها من اأناقة ومتعة، فيها حنني و�صوق جارحني..!!

40

كاتب وناقد عراقي.

الروؤية والتبا�ش النقدير • املنهج

تعد اإ�صكالية املنهج يف الدر�س النقدي احلديث واحدة من التبا�صا وغمو�صا واأ�صدها املعا�صرة الثقافة اإ�صكاليات اأخطر احلديث العربي النقدي الدر�س لنغما�س وذلك وتعقيدا، باملناهج النقدية احلديثة التي غزت هذا الدر�س غزوا وا�صعا العرب النقاد من الكثري راح اإذ اإنذار، �صابق دون �صر�صا وروؤياتها اأ�صكالها مبختلف املناهج هذه معني من يغرفون نادرة لقية وكاأنها واإجراءاتها، عملها واأدوات ونظرياتها ل الذي العربي الناقد واأ�صبح غرة، حني على عليها عرثوا احلديثة النقدية املناهج على ي�صتغل ول يتحدث ول ي�صاجل يو�صم بالتخلف والرجعية املنهجية والتقليدية والبعد عن روح للدخول يف معرتك املغامرة ثمة منا�س من الع�صر، ومل يعد

هذه املناهج مهما كانت اخل�صائر.

هكذا اأ�صحت املناهج النقدية احلديثة مطية لكل من هب اأ�صبه بالطال�صم والتعويذات لكتاب ودب، و�صرنا نقراأ كالما لي�س النقدية احلديثة املناهج ال�صتغال يف حقل اأن يعتقدون الطامة ولعل يقال، كما تعرف( ل مبا تهرف )اأن من اأكرث الكربى اأن ال�صحف واملجالت الأدبية وبع�س دور الن�صر انطلت هذا من الكثري تن�صر وبداأت )اجلاهلة(، احليلة هذه عليها الهرف بدعوى احلداثة وخوفا من التجهيل الذي ميار�س �صد كل من يقف يف وجه هذا ال�صيل الكارثي املرعب من الكتابات

التي ل يفهمها اأ�صحابها اأ�صال.

وتعقيده و�صعوبته الو�صع هذا خطورة من الرغم وعلى الدر�س م�صتقبل على كثريا نخ�صى ل اأننا اإل كثرية، لأ�صباب ت�صرب الأ�صيل واحلقيقي من فو�صى عميمة العربي النقدي باأطنابها يف كل حدب و�صوب، اإذ اإن الكثري من هذه الأكاذيب النقدية قد اأهملت وكن�صتها الأقالم اجلادة التي قادت حركة وحققت وجدارة بب�صالة احلديث العربي النقدي الدر�س جناحات باهرة، وك�صفت عن زيف الدعاء الفارغ وجهل هذه الكتابات املزيفة التي غابت الآن تقريبا مع منو الثقافة النقدية الثقافة �صماء يف احلقيقي جنمها و�صطوع الأ�صيلة املنهجية

العربية.

ينبغي الإطار هذا يف كبرية منهجية م�صكالت ثمة دقيق فهم اأجل من وحتليلها، فيها املعمق والنظر مراجعتها للروؤية املنهجية التي اأر�صتها طالئع املناهج النقدية احلديثة، وطبيعة هذه املناهج النظرية وح�صا�صية اإجراءاتها يف ميدان التطبيق على اإ�صكاليات الن�صو�س والظواهر الأدبية )القدمية منها واحلديثة( على حد �صواء، لأن عدم اإلقاء ال�صوء الكايف والكا�صف عليها يبقي الكثري من طبقاتها طي الغمو�س وال�صك واللتبا�س، على نحو ي�صتع�صي على القارئ والباحث واملتلقي

العادي.

الإجراء وتوا�صل النظرية • انقطاع

العمل داخل املنهج متثل يف املركزية الأولويات من

اإ�صـــكاليــــة املنهـــجيف الــدر�ص النقــدي العـــربي احلــديث

د �صابر عبيد حممر

41

بني اجلدلية العالقة ا�صتظهار على القدرة هي النقدي من تنطلق النظرية اأن من الرغم فعلى والإجراء، النظرية يف اأنها غري �صرفا، فل�صفيا ن�صاطا بو�صفها الفل�صفة عتبة ة امليدان الثقايف والأدبي تتطلب م�صاحة تتحول فيها من من�صيحددان م�صتويني ثمة اأن مبعنى الإجراء، واقع اإىل النظرية اأن تكون فاعلة وموؤثرة ومغرية يف النظرية وقدرتها على قوة امليدان الثقايف والأدبي ذي الطبيعة الجتماعية، هما امل�صتوى اأر�صية على الإجرائي وامل�صتوى العليا الطبقة يف النظري النظرية �صيوع اإىل و�صول والظواهر، الن�صو�س مع التفاعل

�صيوعا اإجرائيا يفعل ح�صورها التداويل.

ثبات �صياق يف والإجراء النظرية بني العالقة تت�صكل النظرية وحياة الإجراء، واإذا كانت عالقة النظرية بالإجراء النظرية جوهر من املنبثقة النقدية الروؤية بو�صاطة تتحقق هو النقدي املنهج فاإن النقدية، ال�صخ�صية داخل جتليها يف عدة من عليه ينطوي مبا امليدان يف الفاعلة الإجرائية الآلة الروؤية تفعل وثيقا، ارتباطا الناقدة بال�صخ�صية ترتبط عمل اآخرين نقاد الروؤية مع تلتقي قد اإذ نحو خا�س النقدية على

لكن الفرتاق معهم يكون يف املنهج.

مرت املنهجية النقدية بثالث مراحل اأ�صا�صية يف الثقافة العاملية، املرحلة الأوىل هي مرحلة املناهج ال�صياقية، واملرحلة )البنيوية(، احلداثية ية الن�ص املناهج مرحلة هي الثانية واملرحلة الثالثة هي مرحلة املناهج ما بعد احلداثية )ما بعد عالقة باأنها املناهج بني العالقة و�صف وميكن البنيوية(، منف�صلة ومت�صلة يف اآن، ففي الندفاعة الأوىل يذهب املنهج بعيدا يف �صياق النف�صال والدفاع بحما�صة عن خطاب الروؤية �صواء الروؤية حول التمركز اإىل �صاعيا النظرية، ومرجعية اإل اأن اأكانت )�صياقية اأم حداثية بنيوية اأم ما بعد حداثية(، حني وطاأته تخف اأن يلبث ما ال�صوت العايل الندفاع هذا اإذ الإجراء، فعالية اإىل النظرية منطق من الآليات تتحول اإن الإجراء يحجم الندفاع وي�صري باجتاه الت�صال والتحايث

الإجرائية للحاجة وذلك الأخرى، املناهج مع ما نحو على التف�صيلية يف ميدان الفعل النقدي العملي.

واأغنت قيمها وكر�صت طويال عمرت ال�صياقية املناهج جذورها الأدبية يف �صياق الهتمام مبنطقة الناقد ال�صخ�صية )اجتماعية ونف�صية وانطباعية وتاريخية(، وتدخلت بو�صاطتها الو�صول فكرة على اعتمادا والظواهر الن�صو�س تفا�صيل يف ونتيجته النقدي الر�صد هدف بو�صفه القيمة، حكم اإىل ال�صياقي، الطابع ذات النقدية العملية فعالية من املتوخاة ممكناتها عن تغفل ومل الن�صو�س على ا�صتغلت اأنها مبعنى الفنية واجلمالية كلما كان ذلك ممكنا و�صروريا ومتاحا، لكن ذلك كان ل�صالح حكم القيمة بو�صفه املق�صد املركزي والهدف

ال�صتباقي من العملية النقدية يف م�صتواها الإجرائي.

حلقة من ابتداء البنيوية، الن�صية، احلداثية، املناهج م�صت الرو�س وال�صكالنيني الأخرى اللغوية واحللقات براغ باجتاه علمنة النقد وتكري�س معطياته الفل�صفية، انطالقا من الطبيعة التكوينية اخلا�صة لهذه املناهج ذات اجلذور الفل�صفية ال�صخ�صية لتف�صل املوؤلف( )موت مبقولة وجاءت العميقة، ها، وتهمل ال�صياق اإهمال تاما انت�صارا مطلقا املبدعة عن ن�صللن�س بو�صفه بنية األ�صنية مغلقة على ذاتها ومكتفية بذاتها، واإذا كان املنطق النظري لهذه املناهج يتمتع بقوة روؤيوية عالية على هذا ال�صعيد، فاإن فح�س الإجراءات النقدية يقلل كثريا من �صالدة هذا املنطق، ويعك�س �صبكة من الإ�صاءات النقدية الزاحفة من مظلة املناهج ال�صياقية، حني يجد الناقد احلداثي املنهجية اأدواته ت�صعفه ل قرائي اإ�صكال اأمام نف�صه البنيوي والتفاعل معه، على نحو يحر�صه احلداثية كثريا يف مقاربته يكيفها �صياقية، مرجعية ذات منهجية فعالية ل�صتخدام يف ت�صاعده ي، الن�ص منهجه مع واملحايثة والتعامل للتفاعل بلوغ اأف�صل قراءة ممكنة ول ت�صيء يف الوقت نف�صه اإىل �صفاء

املنهج احلداثي اأو تلوثه اأو تهدم من جرف كفاءته.

ثورة اأنها هو لها و�صف اأي�صر فاإن احلداثة، بعد ما اأما

42

نه�صت عليها التي والقيم الأ�ص�س وتفكيك الأدب على علمنة بقيم تقييدها دون الكتابة حرية نحو والنطالق احلداثة، واأحكام واأ�ص�س ومعايري وثوابت، اإذ هي يف حقيقتها ا�صتجابة ال�صعرية، �صرب باجتاه مت�صي الكولونيالية بعد ما لفل�صفة الن�صو�س، املوؤ�ص�صات، وت�صتيت اخلطابات، وت�صظية وتفكيك ثورية ومقاربة للن�صو�س وح�صية قراءة نحو الروؤية ودفع بل اإمكانات من الن�صو�س تختزنه مبا تكتفي ل للن�صو�س، عن تك�صف كي حول" والـ"ما واملحيط اخلارج على تنفتح اأن ميكن التي والتغيري التاأثري ودرجة فيها، الن�صو�س عمل تنجزها يف الأ�صياء، معتمدة على كفاءة القارئ الفاعل املنتج النوعي النقدي الأداء بجدوى واإميانه وفهمه ال�صتثنائي،

خارج املقايي�س واملوا�صعات امل�صبقة.

بو�صفه النظري امل�صتوى معاينة ميكن النحو هذا على اإىل دخولها قبل املنهجية روؤيته عن منقطعا فل�صفيا دفاعا ت�صمح النظرية املقولت حا�صنة اأن اأي الإجراء، ميدان ال�صرف، غري النظرية ذاته املتمركز حول النظري بالتجلي النظرية الإحاطة على قدرته ويفقد يتهدد التمركز هذا اأن والظواهر الن�صو�س مواجهة تتم حني امل�صتقلة الروؤيوية اإىل فعليا النتقال يتم وحني امليدان، اأر�س على الأدبية والروؤية للنظرية تطبيقا ا�صتغال بو�صفه الإجرائي امل�صتوى واملنهج واملفهوم وامل�صطلح يف حقل العمل، على نحو يتمظهر فيه ال�صطرار اإىل التخفيف من �صلطة النظرية والت�صاهل مع قيودها املركزية نحو الت�صال مع ما هو متاح من قيم منهجية تعود اإىل حا�صنات مناهج اأخرى، كانت النظرية قبل ذلك ل تعرتف بها وتدين التوا�صل معها بحكم غرورها وتطلعها اإىل

ة بها. الهيمنة وال�صتعمار وفر�س الهوية اخلا�ص

لف�صاء اإنتاج من �صرورة يت�صمنه وما النظرية، اإنتاج امل�صطلح، وحيوية املفهوم ومتظهرات املنهج واآليات الروؤية بحاجة ما�صة حلا�صنة ثقافية مثالية، ت�صهد حتولت ح�صارية على خمتلف امل�صتويات تفر�س حلول النظرية واملنهج وحتفظ منوهما وتطورهما، داخل �صياقات لغوية )ت�صكيلية وتعبريية(

تعرب عن الهوية وتعك�س خ�صو�صيتها، لكنها ل تتحلى بال�صفة تنتقل الإجرائي، كي اإنتاجها يف احلقل يعاد اإل حني العاملية من حدود النقطاع والغلق اإىل ف�صاء النفتاح والتوا�صل حني تتفاعل مع ما هو متاح من نظريات وروؤيات ومناهج، بح�صب اأ�صا�صا النابعة عمله وم�صاحات وح�صا�صيته الإجراء طبيعة والتحليل والقراءة الر�صد مو�صوع والن�صو�س الظواهر من

والتاأويل.

الغربير والناقد العربير • الناقد

العربي الناقد معاينة الأحوال من حال باأية ميكن ل يف عميقة اختالفات ب�صبب الغربي، للناقد وموازيا مناظرا والفل�صفية، والفكرية الثقافية واحلا�صنة والتكوين الإعداد واحل�صارية والفكرية الثقافية املرجعيات طبيعة عن ف�صال ذات )الزمكانية( الف�صائية املوؤثرات وطبيعة منهما، لكل نحو على منهما، كل جمتمع يف الراهنة املجتمعية الطبيعة واملمار�صة واملزاج التلقي وح�صا�صية التفكري بطريقة يرتبط لل�صخ�صية املكونة الثقافة وح�صا�صية الأ�صياء، جتاه الذوقية

النقدية خارج العمل النقدي وداخله.

واإذا كانت النظرية مبا متتلكه من �صلطة عابرة للثقافات واخل�صو�صيات بو�صعها اأن ت�صمح للناقد الغربي والناقد العربي اجللو�س على مائدة واحدة م�صرتكة، فاإن املمار�صة الإجرائية والفكرية والثقافية احل�صارية حا�صنته اإىل منهما كل تعيد الناقد يعمل حيث الغربي الن�س اأن �صيما ول والجتماعية، ي�صهمان العربي، الناقد يعمل حيث العربي والن�س الغربي، على نحو فعال يف فر�س اخل�صو�صية واللون والرائحة والطعم يبعد مائدة كل منهما عن الآخر، ويحقق واملزاج والروؤية مبا لكل منهما الفرادة والتميز واخل�صو�صية التي ين�صدها ويعرب غربي ناقد ثمة النهاية يف ليكون بو�صاطتها، �صخ�صيته عن

واآخر عربي، وثمة نقد غربي واآخر عربي.

املنظرون الغربيون اجتهدوا يف ابتكار نظرياتهم النقدية �صحيحا تاأ�صي�صا موؤ�ص�صة فل�صفية حا�صنات اأفق �صمن

43

ومتفاعلة ومتطابقة مت�صاحلة نظريات لطبيعتهم؛ م�صتجيبا مع النماذج وال�صياقات الثقافية الأخرى ومتفاهمة معها على النقاد اأما طبيعية، ولدة ذات باأنها و�صفها اإىل يقود نحو والن�صو�س الظواهر على والأدب الثقافة حقل يف امل�صتغلون يفر�صون لكنهم الفل�صفي، النقدي للتنظري م�صتلهمون فهم تخ�صع باآليات الإجراء حقول يف وهوياتهم �صخ�صياتهم الفل�صفي للنقدي قدر تعلق الأمر باإجناز اأعلى واأمثل للقراءة، ول �صيما حني نعرف اأن املنظرين يف حقول ا�صتغالهم الفل�صفي ل لذا والأدبي، النقدي ال�صاأن عن كثريا بعيدين لي�صوا هذا العالقة ف�صاء تاأ�صي�س يف �صلبية عميقة انقطاعات حت�صل بني النظري الفل�صفي والنظري النقدي يف اإطار بناء النظرية

النقدية احلديثة عند النقاد الغربيني.

اأما املنظرون العرب فهم م�صتقبلون وملخ�صون و�صارحون حوا�صن لنعدام الآخر، ف�صاء من القادم النظري للوافد ال�صياقات مع ومتفاهمة مت�صاحلة �صحيحة عربية فل�صفية والنماذج، مبعنى اأن لديهم م�صكلة فيهما معا، ورمبا ن�صتطيع القول ا�صتنادا اإىل هذه الروؤية اإنه ل يوجد منظرون عرب بهذا يف الغربيني النقاد مع يت�صاوون عرب نقاد يوجد بل املعنى، مع وهوياتهم، �صخ�صياتهم وفر�س وفهمه التنظري ا�صتلهام النقاد تف�صل التي امل�صاعفة امل�صافة العتبار بنظر الأخذ الغربيني، بالنقاد قيا�صا الغربي النظري امل�صدر العرب عن تلقي مراحل كل يف وخطورة كبرية اأهمية ذات ق�صية وهي النظرية وفهمها وتكييفها وحتويلها اإىل حقل الإجراء، ف�صال

عن نتائجها يف امل�صار القرائي من البداية اإىل النهاية.

بناء الثقايف وقيمته يف الن�صق اأهمية بد من مالحظة ل ثقافة هي الغربية الثقافة اإن اإذ النظرية، وتاأ�صي�س املنهج �صرد، ومرجعية هذه الثقافة يف الأ�صا�س هي مرجعية فل�صفية تقود �صرورة اإىل النظرية، يف حني تو�صف الثقافة العربية باأنها ثقافة �صعر ومرجعية هذه الثقافة هي مرجعية اأدبية تقود اإىل اأنتج اليونانية بالفل�صفة العرب فيما بعد تاأثر البالغة، وحني )علم الكالم( الذي يقوم اإىل اجلدل وال�صجال وظلت اأدوات

البالغة عاملة وفاعلة يف امليدان ومل ينته هذا التاأثري اإىل بناء الرتدد ظل فقد �صافية، نظرية وتاأ�صي�س خا�س نقدي منهج بني البالغي والفل�صفي عامال خطريا من عوامل احليلولة دون الو�صول اإىل ف�صاء ثقايف �صوي يتيح اإنتاج املعرفة �صمن مناخ وال�صلطات املهيمنات خارج احلر الليربايل التفكري من عام

واملركزيات ال�صاغطة.

وانطالقه التعبري انفتاح ثقافة بطبيعتها ال�صرد ثقافة ومتظهره، اإذ يتميز باجلملة الطويلة وال�صرت�صال وال�صتطراد على ف�صال واملنتج، املولد التعبري من لنوع يوؤ�ص�س نحو على وجدل حوار من عنه ينتج وما التفا�صيل يف ال�صتغراق اأن الفكرة وتطورها و�صريورتها لنمو اأرحب يوفر جمال و�صجال مع التوا�صل م�صاحة ات�صاع من ي�صاعف نحو على وبنائها، جمتمع التلقي ويزيد من حجم اإقناعه وفاعليته الثقافية على

امل�صتويات كافة.

الغربي منوذجه يف املنهج فاإن املنهج، تلقي �صياق ويف امل�صتورد واملرتجم ل ي�صمد يف حقل الإجراء النقدي العربي، املفاهيم �صبكة يف نوعي تكييف اإجراء ي�صتلزم ما وهو وامل�صطلحات احلاملة للمنهج، اإذ ي�صهم النقد العربي على هذا احلا�صنة النظري يف م�صاره من املنهج اآليات بتحويل النحو الغربية ليفتحها على جمال جديد داخل حقل العمل، وهو ما يحتاج اإىل جهد ا�صتثنائي وكد ذهني عال ومعرفة وح�صا�صية واإدراك عميق، بو�صعه اأن ينتقل من خمترب املحاولة اإىل ف�صاء الإجناز، وذلك لأن املناهج الغربية ولدت يف حوا�صن ح�صارية باقتطاع العربي الناقد قام معقدة، و�صو�صيوثقافية وفل�صفية خمتلفة اأر�س يف لإنباتها �صياقاتها من النا�صجة ثمرتها املفارقة ح�صلت هنا ومن مغايرة، حوا�صن يف وت�صغيلها وتوجيها اإنتاج واإعادة تكييفا ي�صتوجب مبا الإ�صكال ومتظهر منا�صبا للحا�صنة اجلديدة، من اأجل تفادي اأي خلل يف م�صتوى التكييف يف�صد العملية برمتها، لأن الق�صية بحاجة اإىل عملية جراحية دقيقة جدا ت�صتدعي توافر كادر نقدي عايل اخلربة واملوؤهل واملعرفة، هو يف احلقيقية لي�س متوافرا دائما، وميكن

44

اللتفات اإىل اأن املرتجمني لعبوا لعبتهم الفادحة رمبا من غري ما وهو للغاية، حمدودة العملية جناح فر�س وجعلوا ق�صد،

ميكن تلم�صه يف امل�صهد النقدي العربي بقوة وو�صوح.

الذوقية والتجربة النقدير • املزاج

الذوقية والتجربة النقدي املزاج عن احلديث يبدو قد النقدي الدر�س يف واملنهج والروؤية النظرية هيمنة ظل يف الهيمنة لفرط وذلك ما، نحو على منا�صب غري احلديث الثقافية الإجرائية التي تفر�صها معطيات النظرية على فعالية الروؤية، غري اأن اخلربة النقدية متثل امل�صاحة الأكرث اأهمية يف مبختلف النظرية وما النقدي، الك�صف مرحلة اإىل الو�صول اجتاهاتها، والروؤية مبختلف متثالتها، واملنهج مبختلف اأ�صكاله ومتظهراته، �صوى و�صائل واآليات حتت ت�صرف اخلربة النقدية

وهي ت�صخر اإمكاناتها يف خدمة القراءة.

الن�صياع والإذعان وال�صت�صالم ل�صلطة النظرية بروؤياتها اأعمى متثل هي اإمنا وم�صطلحاتها ومفاهيمها ومناهجها متطلباتها وفق والعمل النظرية، جفاف قبول على يحر�س �صديدة احلرفية والق�صوة بحيث تنتج كتابة نقدية بال ماء، واإذا كان النقاد العرب القدامى قد و�صفوا ال�صعر اخلايل من املاء باأنه جمرد نظم، فقد ن�صيف اإىل ذلك لو�صف النقد اخلايل يليق مبقاربة ياب�س ل تقاين باأنه جمرد كالم علمي املاء من ن�صو�س اأدبية، لها عالقة بالوجدان والعاطفة واخليال والروؤية

الإن�صانية اخلالقة.

اأهم متثل التي الناقد �صخ�صية �صياع ي�صبب ما وهو �صكل من اأ�صكال احل�صور يف م�صاحة العمل النقدي، اإذ يجب احلديث وعند الكتابة، هذه جوهر يف وتعال بقوة يتجلى اأن املكونات من �صبكة ح�صور من بد ل الناقدة ال�صخ�صية عن املركزية يف مقدمتها ما ميكن اأن ن�صطلح عليه هنا بـ)املزاج النقدي(، ويتكون هذا املزاج من طاقة الرغبة العالية يف العمل والن�س، الناقد بني وتفاعل حمبة عالقة واإن�صاء النوعي،

بالعالقة، يحيط اأمنوذجي )زمكاين( اإن�صاين ف�صاء وتوفري طبقات يف للخو�س الناقد يوؤهل وج�صدي نف�صي وا�صتعداد من جتعل داخلية بهجة على ف�صال وظالله، وجيوبه الن�س العمل النقدي عمال لذويا يدفع الناقد نحو النغما�س فيه من

اأجل مزيد من الك�صف والكت�صاف واملتعة.

خارج النقدي( )املزاج تكوين يف ي�صهم اإمنا ذلك كل املفهوم التقليدي للمزاج بو�صفه حالة انفعالية وعاطفية عابرة بة، لأن )املزاج( هنا يرتبط بعمل )نقدي( حت�صر غري خم�صما اأي واملرجعيات، واملعرفة والثقافة والعقل الذاكرة فيه ي�صبه منظومة عمل ت�صبه املخترب، لذا فاإن املزاج هنا �صيكون مزاجا كفوؤا حمرو�صا بكل هذه الإمكانات وفاعال داخل �صبكة اأول، ويرفع املتوقع ال�صطط منظومتها، على نحو يحفظه من العايل الإجرائي العمل من النوع بهذا جديرة لتكون طاقته امل�صتوى ثانيا، بحيث يتخلى متاما عن انفعاليته وعفويته ويدخل يف جوهر الفاعلية النقدية على نحو خالق ومنتج، م�صهما يف واأ�صلوبيتها بفرادتها تتمتع وهي النقدية، ال�صخ�صية تكوين

ومنهجيتها املتلونة بلون ال�صخ�صية �صكال وروحا وكتابة.

املزاج النقدي على هذا الأ�صا�س هو ح�صيلة جتربة ذوقية ثرية عميقة ووا�صعة ت�صتغل على تربية الذوق وتدريبه ومترينه مب�صتواه الرتفاع حظوظ من تي�صر ما بكل ودعمه وتهذيبه، كي يبلغ اأعلى قدرة على الفعل والتاأثري والإنتاج، ويتعدى ذلك اإىل ابتكار �صبل جديدة للتعامل والتفاهم والتفاعل مع الآليات النقدية القادمة من حا�صنة املنهج، وبناء ت�صافر ن�صيجي يف منطقة الإجراء النقدي يتيح لكل منهما )املزاج النقدي واآليات املنهج( اأرفع قدر ممكن من التعا�صد الفعلي الك�صفي، من اأجل ومده�صة، ومنتجة ومكت�صفة كا�صفة قراءة اأبلغ اإىل الو�صول تعمل الآليات فيها باأعلى كفاءتها الإنتاجية مثلما يعمل الذوق وحدها الآليات على ي�صتحيل ما حت�ص�س على طاقته باأ�صمى

ا�صتكناهه واكت�صاف عمق اجلمال ورهافته فيه.

اإبـــــداعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات: - الـــــم�صتميـــــــــــــــــــــــت - �صعر اأمـــــــــــــني الـــــربيــــــــــــع

- األ مــن فرجة للولـوج؟ - �صعر حممـــــــــــــد يا�صــــــــــــــني

- قـــــ�صـــــــــــــــــــــــــــائــــــــــــــــــــد حممـــــــــــــــد ثلجــــــــــــي

- مــــــــــــــــاذا لــــــــــــــــو؟ - ق�صة تي�صيـــــــــــــــر نظمــــــــــــي

- ومــــــــ�صـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات اإيهـــــــــــــاب ال�صلبــــــــــــي

- تــــراجـــــــــــــم احليـــــــــــــــوان يو�صــــف ح�صـــــن ناجـــي

- م�صــــادرة وق�صــ�ش اأخــــرى.. �صـــمري اأحمـــد ال�صــريف

- نهــــــــــايـــة الــحلـــــــــم- ق�صة خالـد يو�صف اأبو طماعة

46

�صاعر اأردين.

اليوم كباقي اأيامي

يزداد القلب نفادا والفقدان علي!

ل �صيء لدي

اكي ب من �صب يتلوى يف ال�صوء املت�صر

خيط دخان اأزرق

ير�صم يف الظلمة وجها

ومييل اإيل

يا قلبي املغمو�س بظلمة هذا الكون

ة حي؟! ترى.. هل ظل على القم

/

مزدحم �صدري كظهرية عا�صمة

عي عن الطالع ي�صغلها ال�ص

بني �صقوق الإ�صفلت �صغريا من نبت!

اليوم كاأم�س احلالك،

م�صباح ال�صارع ي�صعرين بخفوت الوقت

والقلب وحيد و�صديد العري

كنار يف ليل مفتوح

لماء يلوح! قلب يف عر�س الظ

/

يا قلبي املغمو�س بظلمة هذا الكون

تراين يف القاع اأم القاع قريب كالهم�س؟!

لمة اأاأدور ببطن احلوت اأج�س الظ

اأم اأقطع يهماء براأ�صي؟!

ل �صيء لدي

اليوم كباقي اأيامي

يزداد القلب نفادا والفقدان علي!

* * *يتثاءب قربي املوت كقط

ه�صة، فقد الد

اأم�صح راأ�س املوت برفق،

�س يف عينيه الالمعتني.. اأتفر

�صهي كاإراقة عطر وعناق مالك!

ل �صيء �صواك

ين�صل هذي الظلمة

الـم�صتميت

اأمني الربيع

47

هر يطويها كب�صاط اأباله الد

به الإنهاك! وثق

/

وكاأنثى افرت�صت عا�صقها

تبلعني الظلمة،

ت�صحبني ملدار اآخر يعرفني

واأنا عجز!

ما و�صف الناتئ من عظم الأحداث

�صوؤال اأم حل لغز؟!

اكي ب من �صب يرتاق�س يف ال�صوء املت�صر

خيط دخان،

! ة تهتز اأجرا�س الف�ص

الأ�صطورة، مدن على الآن "غونزالو" عرث

كم يتالألأ هذا الكنز!

وكاأنثى افرت�صت عا�صقها

مز! بنا يف احللم الر ذو

* * *كم ي�صتبك الأمر الآن

وكم ن�صل ي�صطك بن�صل!

ف الف�صل لمة ينت�ص يف قاع الظ

القلب مييل ك�صنبلة مالأى

هرة مات! واحلالـم فوق حطام الز

قلب تعركه اللعنات

فاأ�صيح بهذا الـمظلم: هات ن�صالك،

رخة.. هات! ترتد يل ال�ص

/

لمة.. د يف الكون الظ تتمد

وال�صوء خيال!

غبة يجرحها، وم�س ملرور الر

والعمر ظالل!

لمة، ر الظ بق�صائد )اإيدا( تنت�ص

حتكم هذي الأر�س وتبقى!

لمة حتكم هذي الأر�س الآن الظ

ول �صوء �صوى وم�س �صوؤال!

قلب تنه�صه قطعان الآل!

/

ولأن العالـم م�صغول ب�صباق الك�صب

�صاأدخل نف�صي كالنائم،

وحدي يف ملكوت الباطن اأتقلب حي!

�صي�صري لدي..

كالكامن يف البذرة قلب يتنا�صل اأ�صعافا

فاأعود اإيل!

يا قلبي املغمو�س بظلمة هذا الكون

بي! �صالما.. �صاأعود �ص

* * *ت�صرين ثاين / 2008م

48

�صاعر اأردين.

من اأنت..

ة كي تلج الكهوف بخف

وت�صي باأ�صرار الظالم؟

من اأنت..؟

يا ظال متاهى يف ظالل الروح

يا برقا تك�صر يف الغمام

تدنو �صعاعا ناب�صا بالعنفوان

حتط يف اجل�صد امل�صجى

ثم ت�صري فيه متـئدا

وجتمع من زواياه الكالم

يا طيعا يف جلة التاأويل

تقراأ من ميني، اأو �صمال

زئبقي ال�صكل، واملعنى

ر�صول الوهم.. تنذر بال�صتات

مغيب يف الروح

مرئي تب�صر بالوئام

)2(

للنف�س اأنت خليلها

اأنت الندمي ل�صمتها

ت ما بها تلج امل�صاحات التي فيها اأ�صر

ها!! فتـف�ص

مت�صي م�صاعا يف يديك

ك د ول رقيب بها ي�ص

اأين حرا�س الغواية؟

اأين جي�س الراب�صني على حدود الذكريات؟

كاأنهم هجعوا...!!

فجئت لت�صتبيح وهادها ق�صرا

وتنب�س تربها

اأال مــن فــرجـــة للــولــــوج؟

حممد يا�صني

49

فتثري يف اأرجائها �صخبا

ت�صيء الليل يف دمنا

وت�صري خل�صة

لتمد من درب خفي

بني حد الوعي، والالوعي مع اأجفاننا

ج�صرا من الأ�صواء

ور تعربه امل�صاهد، وال�ص

)3(

تاأتي مبن عربوا املدى �صوب الغياب

تعيدهم..

لكنهم ل ي�صرحون معامل املجهول

كي من�صي اإىل درب النهاية واثقني

ت�صرتجع املن�صي يف دمنا

فتن�صل بع�س اأ�صماء.. وتدنيها

لها كما ترجو ت�صك

ع من رماد ر ما جتم وحينا ل تعف

يف زوايا الروح

بل تذكي جمار العمر حتى ن�صتوي لهبا

ي األ من فرجة يف احلاجز ال�صر

كي نلج الق�صيدة

ثم جنري بع�س تعديل بها..؟

لوحة للفناناحلاج فايز الأغب

50

�صاعر اأردين.

)كتلك التي يف ميولك(

)1(

موح�س ليلنا

لب والهواء على الباب �ص

تي اأرهقتها املعابر كاأن الأماين ال

بط ابتعادك يوما مل تن�س �ص

ومل ت�صتعد لقطف امل�صاعي

واأن الأكف ال�صغرية

/ املفاجئ مل يوؤتها موتك الأبدي

ع�صقا

)2(

من مداءات عينيك

من وجهك البدء

يئا ا انبثقت م�ص مم

بيحة يوم الوداع �ص

وكنت اأنا

لأق�س عليك حكاية موتي

فهل �صوف تاأتي!!

وتي!! وت�صمع �ص

فني مثلما كنت تفعل وهل �صتعن

يا اأبتي ..

م�س باردة ال�ص

والكالم على غري عادته

ل يطيل املكوث ..

لعلك تبقى

)3(

عر ب كاأ�صا من ال�ص �ص

ى وعك اإذ تتلق وا�صرب خ�ص

قـ�صــــــــــائـــد

حممد ثلجي

51

عن الوحي بعد انقطاع

ابة الوجد ومن نفح �صب

ا الذكريات يف غفلة من ع�ص

كتلك التي يف ميولك

حني ته�س العبارة ليال

يه ل من الت كاأنك ف�ص

من غابر امل�صتطاع

ناأى واأنت مب

ك اأو .. رب تكلل �ص

ما تبقى

وذلك اأن غيابك �صفر

ورك دوما.. واأن ح�ص

ل فرقا ي�صك

)حني تاأتي (

�صاأ�صاألها حني تاأتي

ر اذا تفك مب

يف �صرفة البيت

وهي هنالك جتل�س

كل م�صاء

�صوف اأ�صاألها

م تلك العقارب نحو الوراء واأعيق تقد

ب موهبتي يف الكالم �صاأرت

متي اأعنف �ص

وء من الكربياء واأقلع �صتلة �ص

حني تاأتي

�صاأ�صاألها

ريق القدمي خطاي ا�صى الط واإذا ما حت

�صاأبحث يف ج�صدي عن مكان لنا

مقعد فارغ يف مهب الفناء

حني تاأتي

�صاأ�صاألها

ي الدقائق كيف مت�ص

م�صرعة اأم بطاء

واحلنني الذي قد تركناه يحبو

كحلم �صغري

على رقعة النكفاء

و�صاأ�صاألها حني تاأتي

كريات عن الذ

52

وعن خوفها اأن نكون معا

كظالل

د وحيدين يف الرب

منكفئني

اإذا ما افرتقنا

على منحنى اللتقاء

)هكذا اأرتاح اأكرث(

)1( هكذا اأرتاح اأكرث

حني تندلقني من يومي املرير

فال اأفكر بانتظام فيك!!

ل اأن�صاك حني اأعد اأ�صيائي الكثرية

اأو اأنام على غيابك مطمئنا

فارغ البال!!)2(

ماذا �صاأفعل بعد اأن اأ�صحو!!

تقول بعو�صة بالقرب:

ماذا لو تنام جمددا!!

فاأجيبها ..

ل اأ�صتطيع

ال( اأقلب الأ�صماء يف )اجلو

ت�صفعني الإرادة

ي�صتفيق بداخلي الف�صل الذريع

فاأ�صعل الأ�صواء

اأكتب ثم اأحمو

ثم اأ�صعر باحلنني اىل الظالم

اإىل الفراغ

اإىل الظالل

)3(

ماذا �صاأفعل حينها!!

يف النتظار

عى -جدل- باأن زجاجتني من النبيذ وهل �صاأد

ور�صد اأغنية على )اليوتوب(

ب فكرتي ال�صوت ال�صريري كاف كي اأجن

فاأجنو قاب تنظيف الهواء من ال�صعال

)4(

كان ابتداعي للتطرف يف الروؤى وهما جميال

ا به كنت مكتظ

حتى ا�صتندت على الكالم فلم اأجد!!

53

مني ..

�صوى �صمتي الطري

تتابع الأ�صوات يف راأ�صي

على فرتات نومي الال اأكيد

عالوة عما ا�صتهيت

ته الهو�س القدمي بال ج�صد يثب

كلعنة يف مومياء

ا اأهل عرفت باأنني بالفعل �صوف اأكون ممتن

لأعوام من الهرب ال�صخي

لوحة للفناناحلاج فايز الأغب

ولي�س ثمة منتهى

وء يف النفق الطويل ل �ص

ول �صبيل لأن اأكون...

فاأطفئ الرغبات يف على غرار ) الهاتف املحمول(

حني اأريد

)5(

ل �صيء يبقيني على قيد احلنني

�صوى كاأنك ما تبقى

امل�صتحيل اىل الوراء

وذكريات ل تزال

54

كاتب اأردين.

ثلج ثلج ثلج، فامثل بني يدي الآن ول تتاأخر.

اأعلى على يبعث كان ما زوال بعد مبت�صما واثقا �صاأمثل القهقهات. ثلج �صوؤايل الأول. دفء يكون اجلواب. ملاذا �صلبت يدي متتد اأن قبل يحتاج ما اأعطيته �صجائره؟ علبة ميتا اأملك ما كل عاد، هو اإن له، ودفعت الفاخرة. �صجائره على اأنت؟ بل اأرثوذك�صي الثاين. يهودي من نقود. ثلج ثلج �صوؤايل بي فاإذا عقل، من وهبت ما ا�صتخدمت تروت�صكي مارك�صي »الع�صكري«، ال�صناعي املجمع وب�صاعة الراأ�صمالية قبح �صد النب�س تروت�صكي بي فاإذا القلب من وهبت ما وا�صتخدمت اإنقاذك بعدم بابليا تلموديا �صلوكا مار�صت لكنك والإدراك. اأقول: با�صما الأغيار. من علم، دون اعتربته، اإن�صان حلياة وع�صت يبلغها، مل نارا ومنحته ميلك مبا الدفء عا�س اإنه باأكرث لي�س واأحرتق اأحرق اأن الدفء مبا يخفق، فاعتدت اأنا ولو ب�صيارة، متجمدا ميتا وجدته كذلك وهو �صيجارة، من �صيتوقف اأنه اأظن كنت ما ي�صعى حيا كان اأن ت�صادف اأنه يل باإ�صارة، ولو عاد اإىل احلياة ثانية ملا ر�صي باأ�صعاف ثمن هكذا يف الأ�صعار رفع ولعترب يديه بني يب�صره الذي العلبة ظروف �صطارة. ثلج ثلج ثلج، فاذهب اإنك ملوؤمن بكل الأديان

التي اأنزلت لأجل الإن�صان، ولتبق منزويا يف عزلتك بعيدا عن كل الأوثان. بوركت، بوركت اأن جئتني واثقا مبت�صما فال ت�صعل

اليوم نارا فاأنت الثلج والنار.

ماذا لو!

عجبت فعال من عاداتي، ومن حتليالتي، فقد كنت يف ما اأ�صتعل واملاألوف، ال�صائد عن تخرجني ده�صات، من م�صى يف اأتفهم جتعلني التي الوحيدة هي حيث للمعرفة. حما�صا متاما للواقعة، و�صول الأحداث وت�صل�صل منطق علمي �صياق وعلوم اأحبها هي كي التي جهدت الكيمياء كما هي معادلت من غريي دون ال�صباق لكنت اأحببتهما فلو الريا�صيات، واأول مريخيا. حال الفل�صطينية الق�صية حلل الأحقية حيث ال�صتة الأيام حرب على املبكر ا�صتيقاظي كانت الده�صات حني ا�صرتاحت اإ�صرائيل يف يومها ال�صابع على ه�صبة اجلولن حاخاماتها لدى يعرف ما يف الغربية ال�صفة وكامل و�صيناء �صنواتها طيلة فذ ذهني بكدح فعملت »امل�صرتدة«، بالأرا�صي اأ�صباب ومنطق الهزمية. وباملثل يوم ا�صتيقظت التالية لتفهم اأنظر اأن العمل يف زميلة مني تطلب كي الهاتف رنات على فقط من النافذة لأرى الدبابات العراقية وهي متخر الإ�صفلت

مـــــــــــاذا لـــــــــــو؟*

تي�صري نظمي

55

تنقطع عني اأن اأما للفروانية. الرئي�صي ال�صارع من حتتي يف انرتنت، وتلفاز، وحتى املعرفة من �صحف ومذياع و�صائل كل واأتكيف متاما مع كل هذا لأهرع فقط لقراءة �صاحاك جمددا هذا وكل يل، الثلج هذا فكل ببال. حقا يخطر ل ما فهذا نهاية فر�صة ا�صتغل حتى اأو اأكرتث اأن دون واملوات الهدوء اأ�صود، عباد دون قاطبة البلدان �صيد مبوقع وفوزي احلياة، م�صتغرب هو ما بل م�صتهجن، حقا فهذا عليهم، اأت�صيد اأو املكمن ومل للخروج من هذا تدعوين اأطرد كل فكرة اأن حقا اأكت�صف كم فعلت بي العزلة من قوة باأ�س يف الت�صوف اإل الآن، بل وكم اأنا غري مبال اإل الآن. فقد كان باإمكاين التجوال اأكرث يف العا�صمة، وزيارة ال�صجن فيها لإخراج امل�صاجني امل�صاكني اأن ال�صجن؛ اأ�صوار خارج يجري مبا اأحد يعلمهم لن الذين يدركوا كيف اأ�صبحوا الآن اأحرارا بفعل الكارثة، اأو بفعل رحيل اأهل هذا الكوكب، بقدرته عز وجل، اإىل كوكب اآخر ليعيثوا فيه ف�صادا بعد اأن ف�صدت الأر�س واأتلفوها، وبعد اأن نهبت اأمريكا واأزور القانونية الطرق اأتبع اأن باإمكاين بل ال�صم�س.. حتى بالقنابل الأر�س ت�صرب اأن العدل من فلي�س العدل، ق�صر جتدد ق�صايا ملفات مراجعة مثلي رجل على ويحرم النووية توجه و�صوف بل والعدل، احلق لإحقاق فيها املحاكمة اإعادة يل الـUNCAC كتاب �صكر من املريخ كوين متكنت اأخريا من اأ�صكرها لن الذي الكتاب النامية، الدول يف الف�صاد حماربة نائمة ول نامية دول ثمة ل اليوم يعد مل لأنه باملقابل، عليه ول م�صتبدة ول م�صتبد بها بعد انغمار واندثار كل �صيء حتت ونا�صدت واإن�صانية دولية وهيئات نادت منظمات فلكم الثلج. اأو الأوزون، ثقب بعد �صواء الكوكب؛ بهذا اأمريكا يا راأفة اأن ونهايات ال�صعوب مب�صائر البابلي، التلمود حاخامات حتكم بحر نفط على بو�س الرئي�س انق�صا�س اأو والدروب الطرق اأغلقت اأكرث عندما نف�صي العراق، وعجبت من ونفط قزوين باب املنزل داخال بطواعية اإىل هذا ال�صقيع دون اأن اأفكر ولو اأن اأو جناد، واأحمدي و�صافيز كا�صرتو فيدل بالرفيق قليال

واأزلمه اإن كان بو�س اأبارك لهم اأو الأقل اأطمئن عليهم على فقط هم من هربوا اإىل املريخ بعد ان ثبت اأن �صعوب الأر�س ملا حما�صبتهم من تتمكن �صوف �صعوبهم فيها مبا قاطبة اأنني الذات، لوم وجلد بعد واأيقنت، اإليه من حال. اأو�صلوها يف النهاية اأ�صلك �صلوك رجل ميت اأو يائ�س متاما، ولكن ل�صت مع كل ذلك انهزامي اأو تنق�صني ال�صجاعة، اأجل، اأعرف اأنه زال ما يل؟ الثلج هذا كل ماذا؟ بعد ولكن الأمل. ينق�صني الثلج يت�صاقط ويت�صاقط ينثال انثيال غزيرا هذا الثلج ويرتفع. الأ�صربين اأقرا�س واإىل والأخرى الفينة بني اإليه واأنظر اأقراأ مميع الدم، اأنظر اإىل ما تبقى من ماء. ويف النهاية ل حول ول قوة يل �صوى اأن اأريحه هذا القلب باإرادة مني وببادرة احرتام 56 منذ نهارا ليال يعمل الذي امل�صكني هذا جتاهه متبادل عاما ومل يطلب النوم اأو ال�صمت مبثل ما اأنا فاعل. يف النهاية ل�صوف اأنام من التعب اأنا اأي�صا، حتى واإن فقدت بو�صلة الليل والنهار وعقارب ال�صاعة قد باتت تدور مبجانية وعبثية ل مثيل لها. الآن... الآن اأملك كل �صيء ول �صيء. الآن ولي�س قبل الآن اأنا يف جنة الثلج؛ الثلج الأبي�س. الآن اأدرك اأن هذا الثلج، كل الثلج حويل، كفني الذي تهبه الطبيعة اأو الكارثة يل. وما علي �صوى .. حلظات لن اأتوقف فيها عن الكتابة متاما كما مل يتوقف �صائق ال�صيارة امل�صكني عن قيادة �صيارته باجتاه عبدون. الآن لي�س بو�صعي اإل اأن اأ�صيطر على الزمن بعد اأن كان هو ال�صيد اأنام امل�صتبد. �صاأقراأ و�صاأكتب حتى النهاية، ومن الطبيعي اأن يف النهاية، ولكن دون هتافات من حويل اأو عويل. �صاأنام وحويل

ثلج اأمتنى األ يذوب، األ يذوب اإل ببزوغ �صم�س جديدة.

* اجلزء الثاين من رجل الثلج.

56

1

م لها وردة؛ بكت احلديقة. حني قد

2

ها ف�صال حربا. وخزته الورقة ببيا�ص

3

بخطى متهالكة.. و�صل اإىل قربه.

4

اأ�صغى ل�صمت احلجرة و�صرخ فزعا.

5

فتح الباب وخرج.. اإىل بيته.

6

رغم اأنها اأ�صاءت له اأ�صابعها، ظل يلعن الظالم.

7

باح. ة ال�ص فته حتي اإذ هوى مذعورا من الأعلى تلق

8

ت قدمها فوقع قلبه. تعرث

9

على البكاء ي�صتطع مل به اأحاطوا من بني من وحده فراقهم.

10

اأح�س باجلوع.. فر�صم على يده فما.

11

اأمطرته حجبتها التي الطائرة لكن ال�صم�س، نحو تطلع دما.

12

عندما فتحت النافذة ت�صلل �صوء ما اإىل قلبها.

13

لأن له اأقداما كاذبة، غا�س ل�صانه يف الوحل.

ومـــ�صـــــــــــــات

اإيهاب ال�صلبي

كاتب اأردين.

57

14

�صكينة طائ�صة ر�صا�صة اأ�صابت منذ �صوقا ينزف بقي قلبه.

15

نبت له جناحان فجاأة.. فقفز اإىل البحر.

16

يف يقظته، كانت تزعجه الأحالم، فاآثر النوم اإىل الأبد.

17

اقتلعوا حنجرته واألقوها يف النهر.. بعدها، �صمعوا اأمواجا دها البحر. من الغناء يرد

18

�صظاياه بجمع يفلح مل ثم قب�صته، ة بقو املراآة رب �صاملتناثرة.

19

بانهمار اأح�س وحيدا مغلقة، ال�صبابيك متلبدة، ال�صماء املطر يف الداخل.

20

لقة، وقبل اأن ي�صيح عنها اقتادته ب عينيه اإىل �صورة مع �صالبنادق.

21

ثقب حت�ص�س عندما �صاقيه، على الوقوف عن عجز ر هتافه للحرية. الر�صا�صة اأ�صفل ظهره تئك

لوحة للفناناحلاج فايز الأغب

58

كاتب اأردين.

• بعد اأن ت�صلقوا ظهرهجلدوه.. وجروه

وبعد اأن تعبت اأيديهم من �صربه

نظر اإليهم احلمار

ونهق �صامتا:

فعال.. كم اأنتم ب�صر!!

• قبل اأن يلفظ اأنفا�صه الأخريةدا: يثغو اخلروف مهد

�صاأعود يف العيد القادم!!

• نظر الع�صفور اإىل �صيدتهوغرد �صاخرا:

حتب�صينني يف قف�س

كما يحب�صك زوجك يف البيت!!

• تو�صو�صك الذبابة بطنينها:ل تخف..

لن اأوجعك هذه املرة!!

• بعد ان رمى لها قطعةمن الدجاج امل�صتعمل

اأخذت القطة ت�صجبه مواء:

اإن بقيت خدمتك هكذا

�صاأذهب للبيت املجاور!!

• يف حديقة احليوانيقلب الأ�صد وجوه النا�س

يزاأر �صاحكا

ثم ي�صاأل اللبوؤة:

لو كنا باخلارج الآن

تـراجــــم الـحيــــوان

يو�صف ح�صن ناجي

59

هل يت�صع هذا القف�س

لكل زوار احلديقة!!

• يف ال�صارعينبح الكلب على املارة:

ل تقرتبوا.. اإنه ملكي!!

• يخرج مدندناوبيده دلو من احلليب

تخور البقرة من خلفه:

الهاري"!! "�صم

• قبيل اأن يدو�س النملة"باأ�صبعه"

�صرخت النملة:

لن اأخربك اأين خباأت ال�صكر!!

60

)1(اأين تخبئ تدر الهتاف، ومل داهمها التي الطفلة ارتبكت

اأ�صياءها التي تبيعها على الر�صيف.

)2(ه ندت من فم الطفل �صرخة مكتومة، ووالده ي�صغط بكفتتزين الذي املحل اأمام من ه يجر ة، الطري يده على الكبرية واجهته بالألعاب دون اأن ينتبه الطفل للدمعة التي انطلقت من

عيني الأب حماول اإخفاءها.

)3( لل�صهر الرابع مل يتذوق اأطفايل طعم اللحم.

للمرة الرابعة اأقف اأمام اجلزار، اأ�صم قب�صتي على قرو�صي القليلة، للمرة الأخرية اأم�صكت بي نظراته متلب�صا بحريتي قبل

اأن اأمتطي �صرج �صجاعتي واأطعنه بال�صوؤال:

- هل اأجد لديك عظمات للكالب يف بيتي؟

)4(

�صاأل ال�صحفي املتحم�س الرئي�س الذي يقف اأمام الكامريا ب�صموخ:

- ماذا عن مذكراتك التي نزلت ال�صوق حديثا؟

- �صمعت اأنه كتاب رائع، لكن الوقت مل يتح يل بعد.

)5(

حقوق موؤكدا يهدر ال�صوت مكرب كان الذي الوقت يف

يد لها ميد من �صة املوؤ�ص بباب تنتظر اأحمد اأم كانت املراأة، العون.

)6(

حني هوى الدركي بهراوته الغليظة، �صقط الفتى م�صرجا باأ�صئلته.

)7(

اأن الأعايل، غري يت�صافحا يف اأن الغ�صنان يحاولن ظل خمربا اأمعن يف ق�صهما �صكا يف هذا اللقاء املريب.

)8(الطاولة التي اأ�صند عليها املحقق مرفقيه، كانت �صنديانة اأغ�صانها القيلولة، وحتط على القطعان عند لها تلجاأ وارفة

الطيور عند �صق�صقة الفجر...

هل اأدرك الذي ا�صتمات ل�صحب اعرتايف

معنى تغري الف�صول؟

)9(

فا بنف�صه، ي�صتدرجها وهو يقلب كتابا �صميكا قال لها معرتاه تركيزها عن التقاط معنى العنوان فيه.

- اأنا من الي�صار الفكري.. واأنت؟

تنطق اأن قبل ال�صوؤال �صيول حا�صرتها وقد ذهلت بارتباك:

- اأنا من طرببور.

كاتب اأردين.

م�صــــادرة وق�صــــ�ص اأخـــــرى..

�صمري اأحمد ال�صريف

61

كاتب اأردين.

ل ترتك يل حبال من اأفكاري اإل وتن�صر غ�صيل الدنيا عليه، من يخل�صني من مطالبها التي ل تنتهي، اأريد اخلروج بنتيجة

معقولة معها.

خرجت من البيت حممال بهمومي، اأجوب �صوارع املدينة، اأطوف بنظري كل الوجوه، حمدثا نف�صي... األ يوجد من و�صل

اإىل هذا احلد من اجلنون مثلي؟

اأجتول بني الأزقة والطرقات، ول اأكرتث ملا يجري حويل، �صراخ اأ�صوات بعمق امتدت العام ال�صارع حواف وكاأمنا

الباعة.

اآه... من اجلنون اأن اأدفن معها يف تلك احلجرة ال�صيقة.

هي وكل �صيء حويل تاآمروا علي، هي والدنيا باتتا ت�صنقاين، واأنا ما زلت يف اأول حمطات حياتي.

بكل كربيائي تهني اإنها كثرية، باأ�صئلة ي�صطدم عقلي �صرامة، ل تتوقف عن الرثثرة، كاأنها الهذيان واجلنون، حتى حلظي يا تطاردين، البيت خارج فيه اأكون الذي الوقت يف

العاثر.

بينما هو على تلك احلال، طيلة م�صري �صاعة ون�صف، وجد اأمام نف�صه وجد بالب�صر، املكتظ ال�صوق زحام و�صط نف�صه بائع للعطور، وقف متاأمال منظر الزجاجات على رف خ�صبي عالقة من بد "ل نف�صه: يف قال الزهور، من باقة تتو�صطه وطيدة بني الزهور والعطور"، قال للبائع: "مل تبيع العطور؟ هل

بقيت اأنوف..؟". نظر اإليه البائع واأ�صاح عنه بوجهه املتعب..

اأنا اأحدثك... مل تع�صر الورد يف الزجاج..؟ تبا "اأنت... ور�س ل..."، "تف�ص وجهه: يف البائع زعق حني وابتعد لك"،

عليه من بع�س الزجاجات.

لعن العطر والبائع وال�صارع، وهم ب�صربه لول تذكره طلبات زوجه اللحوحة.

اأن بد ل النا�س، من كبري زحام يف وغا�س البائع ترك اأنهي روايتي ال�صقيمة، ول بد من اإثبات وجودي يف تلك ال�صاحة

البائ�صة و�صط الكبار منهم.

وتناول الطريق، حافة على جل�س جمنونة، فكرة راودته حتى الكتابة يف انغم�س جيبه، يف مطوية كانت وورقة قلما الأمل، من يتلوى الأر�س، على �صقط رجل اأنني �صوت اأيقظه بال�صحك بداأ عليه، وقع ولكنه برفعه، وهم فوره من قام وقف حوله، من املارة لنتباه ولفت عال ب�صوت والقهقهة اأحدهم كلمه وكلما الغريب، فعله راأوا ملا مدهو�صني النا�س اقرتب اأ�صابه، م�صا اأن النا�س ظن وعلت، قهقهاته ازدادت منه رجل طاعن يف ال�صن، دقق النظر يف مالحمه، وقال: "ما بك يا حامد، ا�صم اهلل عليك، هل اأنت بخري يا ولدي، ل بد اأن ما اأو�صلك لهذه احلالة هي ر�صمية زوجتك، ظلت ت�صيء الظن النحيل بخ�صرها املجنونة الراق�صة تلك بع�صق وتتهمك بك حامد، يا وعقلك لبك تاأخذ اأن لها يحق الر�صيق، وقوامها من منا ل يتمنى نظرة من عينيها ال�صاحرتني؟ من ل يتمنى

نـهــــــــايـــة احللـــــــــم

خالد يو�صف اأبو طماعة

62

د ث معها ولو لدقائق معدودات؟ من منا..؟"، وظل يعد التحديف مناقبها حتى فغر النا�س اأفواههم عجبا ملا يقول.

اأخذ العجوز حامد، وم�صى به اإىل بيته، وما زال ي�صحك تارة ويقهقه اأخرى. "غريب اأمرك يا حامد، اأردت اإنقاذ رجل

وقع على الأر�س واأ�صبت اأنت باجلنون".

البا�صم وهي الباب بقوة حتى طلت ر�صمية بوجهها طرق التي زوجها قهقهات ال�صمت من لفها وحامد، للرجل تنظر مالأت املكان، وتلجلج �صوته يف اأرجاء العمارة باأكملها، اأدخلته القراآن، من لها تي�صر ما عليه وتقراأ بكلمات، تتمتم وبداأت

وكلما قراأت ازدادت �صحكاته وعال �صوته بال�صراخ.

بقي حامد على هذه احلال عدة اأيام، مل تبخل عليه زوجته من جلب للعجائز، وعمل للتمائم، وقراءة لالأدعية، ومل يتغري

عليه �صيء.

النف�صية. اإر�صاله مل�صت�صفى الأمرا�س قرر الأهل والزوجة يلفه وال�صمت وغرابة بتمعن اإليه ينظر الطبيب اأمام جل�س من كل جانب، ده�س اجلميع من �صمته وتوقفه عن ال�صحك "لي�س فيه من مرة واحدة ودون مقدمات، قال لهم الطبيب: بداأ الرجال". مائة من يزن وعقله �صليم معافى �صيء، امل�س ول الأر�س اإىل راأ�صه مطرق وهو حامد مع يتكلمون اجلميع

يجود عليهم باأية كلمة.

القراءة يف غرق بهدوء، اأيامه يعد م�صى بيته، اإىل عاد اليوم يعد، يف �صهر خرج ومل بعد م�صي والكتابة من جديد، روايته نباأ زواجه و�صدور تقراأ التايل جن جنون زوجته وهي

التي كانت حلما يراوده.

لوحة للفناناحلاج فايز الأغب

اآداب اأجـــنــبــيـــــــــــــــــــــة: - "النتظـار" ق�صة خورخي لوي�ش بورخي�ش

ترجمتها عن الإ�صبانية: اأمــــــــــــــــــــل العلــــــــــــــــــي

- "ال�صمكـة ورفيقتها" ق�صة اإبراهيم كل�صتان ترجمها عن الفار�صــــية: د. علــــــــــــــي زائــــــــــــــري

64

كاتبة ومرتجمة اأردنية.

واأربعة اآلف اأربعة رقم املبنى عند الأجرة �صيارة تركته من ال�صرقية ال�صمالية الناحية يف الواقع ال�صارع ذلك يف ولحظ �صباحا، التا�صعة قبل الوقت كان اآير�س. بوينو�س الرجل با�صتح�صان اأ�صجار الدلب)1( املتناثرة، وقطعة الأر�س ب�صرفاتها املحرتمة والبيوت منها، �صجرة كل اأ�صفل املربعة ملحل الباهتة والديكورات بجوارها، وال�صيدلية ال�صغرية، ثمة ال�صارع من الآخر اجلانب وعلى واحلدادة. الدهانات اإىل ال�صم�س انعك�صت وقد نوافذ، بال طويل م�صت�صفى حائط فكر الزجاجية. البيوت بع�س على اأبعد، م�صافة على اأ�صفل، الرجل يف اأن هذه الأ�صياء )التي كانت يف تلك اللحظة ع�صوائية التي الأ�صياء مثل بعينه، نظام اأي تتخذ تكن ومل وعر�صية نراها يف الأحالم( �صت�صبح يف الوقت املنا�صب، اإن �صاء اهلل، حروف ثمة ال�صيدلية نافذة وعلى وماألوفة. و�صرورية ثابتة من البور�صلني توؤلف ا�صم »بري�صالور«؛ كان اليهود يحلون حمل وكان الكريوليني)2(. حمل حلوا اأن �صبق الذين الإيطاليني، ل األ يختلط باأنا�س من جن�صه. ذلك اأف�صل؛ فالرجل كان يف�ص

فتحت اأخريا بدنه؛ اإنزال على ال�صيارة �صائق �صاعده �صائق اإليه واأعاد مرهق. اأو ذاهل مظهر ذات امراأة الباب املقعد، على منه �صقطت التي النقدية القطع اإحدى ال�صيارة وكانت قطعة عملة من اأوروجواي قيمتها ع�صرون �صنتاڤو ظلت يف جيبه منذ تلك الليلة يف الفندق يف ميلو)3(. اأعطاه الرجل

اأربعني �صنتاڤو واأح�س يف احلال: »ينبغي اأن اأت�صرف بطريقة ا�صتخدمت خطاأين: ارتكبت اأنا يل. يغفرون اجلميع جتعل

قطعة نقدية اأجنبية واأظهرت اهتماما بهذه الغلطة«.

وكانت الأوىل. والباحة املدخل وعرب املراأة، خلف �صار الباحة على احلظ، حل�صن تطل، له حجزوها التي الغرفة الثانية. وكان ال�صرير من احلديد، وقد عدل ال�صنايعي �صكله مت�صلقة، نباتات وخيوط اأغ�صانا متثل رائعة منحنيات اإىل وكان ثمة دولب مالب�س طويل من خ�صب ال�صنوبر، وكومودينو الأر�صية، م�صتوى على الكتب عليه ت ر�ص ورف باأباجورة، بحو�صها، اغت�صال ومن�صدة خمتلفني، نوعني من وكر�صيان وجرة، وطبق لل�صابون، وزجاجة من زجاج معكر اللون. وكانت اجلدران مزينة بخريطة ملنطقة بوينو�س اآير�س و�صليب، وكان ورق احلائط قرمزي اللون؛ بر�صوم لطواوي�س �صخمة مب�صوطة من وكان الباحة. على مفتوحا الوحيد الباب وكان الذيول. عليها. اجللو�س لي�صتطيع الكرا�صي و�صع تغيري ال�صروري ا�صمه، عن املراأة �صاألته وعندما �صيء، كل الرجل ا�صتح�صن قال بياري، لي�س كتحد خفي، ولي�س لتخفيف الإذلل الذي مل ي�صعر به يف الواقع، بل لأن ذلك ال�صم كان يزعجه، لأنه كان من امل�صتحيل عليه اأن يفكر يف اأي ا�صم اآخر. ومل يغره بالتاأكيد ذلك اخلطاأ الأدبي املتمثل يف العتقاد اأن انتحال ا�صم العدو

قد يكون مناورة ذكية.

االنـتـظـــــــــــارخورخي لوي�ش بورخي�ش

ترجمتها عن الإ�صبانية: اأمل العلي

65

اأ�صابيع وبعد املنزل؛ بياري ال�صيد يغادر مل البداية، يف قليلة اأخذ يخرج لفرتة ق�صرية �صاعة الغروب. وذات ليلة دخل دار ال�صينما على مبعدة ثالثة �صفوف من املباين. ومل يذهب دائما ينه�س وكان الأخري، املقاعد �صف بعد ما اإىل مطلقا قبل نهاية الفيلم بقليل. وكان يرى ق�ص�صا ماأ�صاوية من عامل اجلرمية؛ كانت تلك الق�ص�س تنطوي، دون �صك، على اأخطاء؛ �صور متثل كانت �صور على اأي�صا �صك، دون تنطوي، كانت فكرة لأن الأ�صياء هذه اإىل بياري ينتبه ومل ال�صابقة؛ حياته وجود تطابق بني الفن والواقع كانت غريبة عليه. وكان يحاول مغزى يحد�س اأن يود وكان الأ�صياء، تلك يحب اأن بخ�صوع عر�صها. وعلى خالف الأ�صخا�س الذين يقراأون روايات، مل ير

نف�صه مطلقا �صخ�صية يف عمل فني.

مل ت�صل اإليه اأبدا ر�صائل ول حتى ن�صرة عمومية، غري اأنه يف وكان ال�صحيفة. اأق�صام اأحد مبهم باأمل دائما يقراأ كان الأ�صائل ي�صع اأحد الكر�صيني بجوار الباب في�صنع »املاتيه«)4( الذي املت�صلق النبات على مثبتتان وعيناه بوقار، وي�صربه اأعوام من د الطوابق. كانت يغطي حائط املبنى املجاور متعداأن اإىل املرء، الأيام متيل، يف ذاكرة اأن كل العزلة قد علمته تكون ال�صيء نف�صه، لكنها علمته اأنه لي�س ثمة يوم واحد، ل يف ال�صجن اأو امل�صت�صفى، ل ياأتي مبفاجاآت، اأو ل ميثل �صبكة ن�صف حب�صات يف ا�صت�صلم، قد وكان التافهة. املفاجاآت من �صفافة اأخرى، لإغراء عد الأيام وال�صاعات، لكن هذه احلب�صة كانت ذات ال�صحيفة تاأت مل ما ـ نهاية لها تكن مل لأنه خمتلفة، �صباح باأنباء عن موت األيخاندرو بياري. كما اأن من املمكن اأن يكون بياري قد مات بالفعل، ويف تلك احلالة كانت هذه احلياة اأن يفهم اأزعجه هذا الحتمال، لأنه مل ي�صتطع مطلقا حلما. متاما ما اإذا كان ذلك يرتاءى فرجا اأم بالء، وقال لنف�صه اإن ذلك حمال فاأ�صقطه من ح�صابه. ويف اأيام بعيدة، وهي لي�صت عملني ب�صبب كذلك هي ما بقدر الزمن مرور ب�صبب بعيدة اأو ثالثة اأعمال ل رجعة فيها، وكان قد رغب يف اأ�صياء كثرية �صبق التي القوية، الإرادة هذه وكانت ال�صمري، معدوم بولع

تريد تعد مل الن�صاء، بع�س وحب الرجال كراهية اأثارت اأن نكهة تنتهي. األ تدوم، اأن فقط تريد كانت بذاته: �صيء اأي التي للظالل املتطاول واخلط الأ�صود، التبغ ونكهة »املاتيه«،

تغطي الباحة بالتدريج ـ كانت هذه حوافز كافية.

كان يف البيت كلب »وولف«، وكان م�صنـا اآنذاك. وت�صادق بكلمات وبالإيطالية، بالإ�صبانية، يحادثه كان معه. بياري الريفية. طفولته لهجة من بها يحتفظ يزال ما كان قليلة وحاول بياري اأن يعي�س يف احلا�صر اخلال�س، بال اأي ذكريات وبطريقة الأخرية. بقدر تعنيه ل الأوىل وكانت توقعات؛ اأو التي املادة املا�صي هو اأن يرى اأن بو�صعه اأن اعتقد غام�صة، نع منها الزمن؛ ولهذا ي�صتحيل الزمن اإىل ما�س يف احلال. �صوذات يوم كان �صجره اأ�صبه ب�صعور بالر�صا؛ ويف حلظات كهذه،

مل يكن اأكرث تعقيدا بكثري من الكلب.

اخللفي اجلزء يف الأمل من حميم ر حتر اأبقاه ليلة ذات خالل املرعبة املعجزة هذه تكررت مرجتفا. ذاهال فمه من دقائق قليلة ثم مرة اأخرى عند الفجر. واأر�صل بياري، يف اليوم التايل، يف طلب �صيارة اأجرة تركته عند عيادة طبيب اأ�صنان يف الق�صم رقم واحد. هناك مت خلع �صر�صه. ويف �صياق هذه املحنة

مل يكن ل اأكرث جبنا ول هدوءا من بقية النا�س.

باأن اأح�س ال�صينما، من عائدا كان وفيما اأخرى، ليلة يف ثمة من يدفعه. بغ�صب، با�صتياء، بارتياح خفي، واجه ال�صخ�س منده�صا، الآخر، الرجل متتم فظة؛ باإهانة وتلفظ الوقح. باعتذار. كان طويال، �صابا، اأ�صود ال�صعر، ت�صحبه امراأة تبدو اأملانية، يف تلك الليلة، كرر بياري لنف�صه اأنه ل يعرفه. مع ذلك،

مرت اأربعة اأيام اأو خم�صة قبل اأن يخرج اإىل ال�صارع.

الكوميديا من ن�صخة ثمة كانت الرف على الكتب بني لي�س ومدفوعا، اأنديويل. بقلم القدمي بالتعليق الإلهية)5(، بياري يف بالف�صول بقدر ما كان ذلك ب�صعور بالواجب، �صرع ثم، ن�صيدا يقراأ كان الغداء قبل العظيم. العمل هذا قراءة ل اجلحيم عقوبات اأن ير ومل الإ�صارات. �صارم، برتتيب

66

يحكم اأن ميكن كان دانتي اأن يعتقد ومل مفرطة، اأو ق ت�صدرقبة اأوجولينو اأ�صنان تق�صم حيث الأخرية، بالدائرة عليه

روجيريي)6( اإىل ما ل نهاية.

لها مقدر القرمزي احلائط ورق على الطواوي�س اأن بدا اأن تكون مو�صوعا لكوابي�س ملحة، لكن ال�صيد بياري مل يحلم من منها فكاك ل بطريقة من�صوجة رهيبة ب�صجرة مطلقا نف�صه، هو جوهره حلما يحلم كان الفجر وعند حية. طيور مب�صد�صات الغرفة وبياري رجالن يدخل متغرية. ظروف مع اأو ي�صبحون ثالثتهم ال�صينما اأو يهاجمانه بعد مغادرته لدار ينتظرانه اأو الذي كان قد دفعه، الغريب جميعا دفعة واحدة نهاية ويف عليه. يتعرفان ل اأنهما ويبدو الباحة يف بحزن احللم، ياأخذ م�صد�صه من درج الكومودينو )و�صحيح اأنه كان يحتفظ مب�صد�س يف ذلك الدرج( ويفتح النار عليهما. وكانت توقظه �صو�صاء ال�صالح، لكنه كان دائما حلما، ويف حلم اآخر كان ميكن اأن يتكرر الهجوم ويف حلم اآخر كان عليه اأن يقتلهما

مرة اأخرى.

ح�صور اأيقظه يوليو، �صهر يف ال�صباب كثري �صباح ويف �صخ�صني غريبني، )ل �صو�صاء للباب عندما فتحاه(، طويلني و�صط ظالل الغرفة، وب�صيطني ب�صورة لفتة بفعل تلك الظالل دائما(، و�صوحا اأكرث قبل من املفزعة الأحالم يف )وكانا وكاأنها اأعينهما وخاف�صني و�صبورين، و�صاكنني، وحذرين، جمذوبة اإىل اأ�صفل بثقل اأ�صلحتهما، كان األيخاندرو بياري ومعه غريب قد فاجاآه اأخريا. باإ�صارة، طلب منهما اأن ينتظرا واأدار وجهه اإىل احلائط، كاأمنا لي�صتاأنف نومه. هل فعل ذلك ليثري اأقل �صعوبة من ل حادث مفزع اأم لأن حتمـ من قتاله؟ �صفقه تخيله وانتظاره اإىل ما ل نهاية؟ اأم، ورمبا كان هذا هو الأرجح، حتى ي�صري القاتالن حلما، متاما كما �صبق اأن كانا مرارا، يف

املكان نف�صه، يف ال�صاعة نف�صها؟

من النفجار اأزاله عندما ال�صحر هذا تاأثري حتت كان الوجود.

امل�صدر: http://www.educar.org/lecciones/narrativa/

cuentopolicial.asp

عن املوؤلف: كاتب اأرجنتيني من اأبرز كتاب القرن الع�صرين ولد يف 24 الكتابة اإىل بالإ�صافة .1986 يونيو 14 وتويف يف 1899 اأغ�صط�س فقد كان بورخي�س �صاعرا وناقدا وله عدة ر�صائل. كتب بورخي�س ال�صعر واملقالت وعدد من امل�صرحيات، بالإ�صافة اإىل ق�ص�صه الق�صرية التي نال �صهرته منها، وكما كبريا من النقد الأدبي والفتتاحيات وتعقيبات

على كتب، وعددا �صخما من املختارات الأدبية.

الهوام�ش:الدلبية- يتبع الف�صيلة الدلب: جن�س من الأ�صجار املعمرة مت�صاقطة الأوراق، -1

املرتجمة.

2- الكريوليون: �صعب خليط من اأ�صول من ال�صود والبي�س، وهي كلمة م�صتقة من لفظة »كريول« الإ�صبانية التي تعني ال�صاكن الأ�صلي ملوطن معني- املرتجمة.

املرتجمة. الأورجواي- يف مدينة ميلو: -3

املرتجمة. الأرجنتني- جلمهورية الر�صمي ال�صراب املاتيه: -4

حتى 1308 بني ما األيغيريي دانتي األفه ملحمي �صعر الإلهية: الكوميديا -5وفاته عام 1321- املرتجمة.

مراحل اآخر يف دانتي التقاه الذي الكونت هو اأوجولينو وروجيريي: اأوجولينو -6اجلوليفز تناه�س �صيا�صية جمموعة وهي بيزا، يف للجوبلني قائدا وكان اجلحيم، )الذئاب(. حتالف الكونت اأوجولينو مع رئي�س الأ�صاقفة روجيريي، وغدر بابن عمه جيوفاين وقتله. ولكن رئي�س الأ�صاقفة �صرعان ما غدر هو الآخر بالكونت، حيث رماه مع اأبنائه يف الربج، واأمر احلرا�س باإقفال باب الربج اإىل الأبد، حتى ق�صى الكونت

مع اأبنائه يف ال�صجن جوعا- املرتجمة.

67

كاتب ومرتجم اإيراين.

اأخذ الرجل ينظر اإىل ال�صمكة، بينما كانت ال�صمكة هادئة ال�صخور من حو�س لها نع �ص وقد الزجاج خلف وعالقة امتد وقد بعيدا وجداره كبريا احلو�س كان ال�صفائحية. من للرجل املواجه اجلدار كان املظلم. الن�صف اإىل ابتعاده الزجاج، ويف الن�صف املظلم من املمر الذي ي�صبه الغار، وجد هذه جانبي من كل على وامللونة املختلفة لالأ�صماك معر�س اجلدران، التي كان كل منها ميثل حو�صا لالأ�صماك. وياأتي نور من اأعلى في�صيء جميع الأحوا�س. مل يكن النور يالحظ، اإل اأن اأثره ظهر يف اإ�صاءة احلو�س. لقد جل�س الرجل واأخذ ينظر اإىل الأ�صماك يف الإ�صاءة الباردة واملظلمة. كانت الأ�صماك هادئة يف كاأنها بدت ترفرف، ل طيور كاأنها الزجاج خلف وعالقة الهواء. كانت الفقاقيع تتوقف عن ال�صعود اأحيانا، وحينها مل يكن وجود املاء يلحظ. ويف ظل وجود الفقاعات وحركة زعانف اأق�صى يف �صمكتني الرجل راأى والبطيئة، القليلة الأ�صماك

نقطة مواجهة له؛ كانت ال�صمكتان متالزمتني.

وراأ�صاهما متالزمتني، كانتا كبريتني، ال�صمكتان تكن مل متجاورين وذيالهما منف�صلني. كانتا بعيدتني، حتركتا فجاأة، اجتهتا نحو اأعلى، ويف و�صط الطريق دارتا ونزلتا اإىل الأ�صفل تريدان اأنهما يبدو جديد. من متجاورتني وبقيتا جمددا،

تقبيل بع�صهما بع�صا اإل اأنهما انف�صلتا جمددا، التوتا، ذهبتا ثم جاءتا.

هذا مثل مطلقا ير فلم التفكري، يف وغار الرجل جل�س حركاتها ولها نف�صها لأجل ت�صبح �صمكة كل اإن التالزم. الأخرى ال�صمك اأحوا�س يف راأى لقد بها. اخلا�صة الب�صيطة وخارجها، ويف الدنيا، ويف الغابات ال�صغرية ويف احلارة، راأى اأ�صماكا، ودجاجا وب�صرا، كما راأى النجوم تتجول يف ال�صماء، اأوراق اإن مطلقا. التنا�صق بهذا لي�س لكن تتحرك، فالنجوم الربيع واأع�صاب اأثناء اخلريف، تالزم تت�صاقط يف ل ال�صجر اإىل هذا النجوم متالزما تالألوؤ ولي�س تنمو معا، اخل�صراء ل احلد. لكن املطر، رمبا املطر، رمبا الأمطار املت�صاقطة تهطل يف تالزم، وقد يت�صاعد البخار من البحار يف حلظة واحدة،

ولكنه مل ير ذلك؛ مل يره مطلقا.

قد تكون ال�صمكتان متالزمتني لكرثة الوقت الذي تق�صيانه معا اأو رمبا كانتا رفيقتني لأنهما متالزمتان. هل كانت احلركة وليدة كانت املرافقة اأن اأم املرافقة، من نابعة املتنا�صقة اأي�صا، اأو رمبا كانتا تواأما. هل الأ�صماك، احلركة املتنا�صقة؟

بها توائم؟

ال�صمكـــــة ورفيقتهـــــاق�صة: اإبراهيم كل�صتان

ترجمها عن الفار�صية: د. علي زائري

68

باأن يعتقد اأن اأحب لكنه حلنا، ي�صمع الرجل يكن مل حلن تقبل اإذ بها، ت�صمع اآذان اأو اأحلان، لديها الأ�صماك

الوحدة. لكن ملاذا ل تفعله الأ�صماك الأخرى؟

حو�س يف احلياة زينتا لقد ماألوفتني. ال�صمكتان كانت يف �صت�صتمران كيف لكن املوزون. بالرق�س ال�صيق الأ�صماك

الرق�س هكذا؟ اإىل اأي مكان �صت�صتمران يف الرق�س؟

اأمام حو�س وقفت بيد طفل، امراأة عجوز مت�صك جاءت ال�صمك لت�صاهده وقد قطعت طريق الروؤية على الرجل.

وتعر�صها باأ�صبعها الأ�صماك اإىل ت�صري املراأة اأخذت كانت ال�صمك. حو�س نحو واجته الرجل نه�س الطفل. على

وحو�س والنعومة، باحلرية �صلوكها ويت�صم جميلة الأ�صماك كانت هادئا. �صيء كل بدا لقد رائعة. اإ�صاءة م�صاء ال�صمك اأن اأرادت ثم باأ�صبعها، الطفل على الأ�صماك تعر�س املراأة ذلك، فعل على املراأة تقو مل اأف�صل. ب�صكل لرياها حتمله املراأة قالت وحمله. اإبطيه اأ�صفل من الطفل الرجل فاأم�صك

العجوز: "�صكرا يا خويا".

بعد فرتة وجيزة، قال الرجل للطفل: "ب�س، �صوف اللتنني متالم�صتني ال�صمكتان وكانت اإيه". اأد بع�س مع حلوين دول ب�صدريهما وكانت زعانفهما تتحركان معا يف نعومة وان�صيابية. كان النور اخلافت يف نهاية حو�س ال�صمك ي�صبه نور ال�صباح نظيفة، فقاعة وكاأنها ال�صفائحية ال�صخرة وتظهر الباكر،

69

مل�صاء، مريحة وخفيفة. انف�صلت ال�صمكتان يف حركة متالزمة لتعاودا القرتاب من بع�صهما جمددا، وتتزحلقان يف جتاور. قال الرجل للطفل: "ب�س، �صوف اللتنني دول حلوين مع بع�س

اأد اإيه".

ف�صاأل الطفل: "فني اللتنني دول؟".

قال الرجل: "اللتنني دول. ق�صدي اللتنني دول. ب�س �صوف الزجاجي حلو�س باأ�صبعه على اجلدار دول". �صرب اللتنني الزجاج على تذكرة كتب قد الأ�صخا�س اأحد كان ال�صمك.

باإبرة اأو م�صمار. ثم قال الطفل بعد قليل: "دول م�س اتنني".

قال الرجل: "دول، دو... دو...، دول، اللتنني دول".

�صورة منهم واحدة اتنني. م�س دول "اأيوه. الطفل: قال واقعة يف الإزاز من الناحية التانية".

ثم الأر�س، على الطفل الرجل اأنزل وجيزة، فرتة بعد ان�صرف مل�صاهدة اأحوا�س ال�صمك الأخرى.

واجلدار "النهر جمموعة من ماأخوذة الق�صة امل�صدر: اإبراهيم ت�صنه(، و ديوار و جوى )بالفار�صية: والظماآن"

كل�صتان، بازتاب نكاه، طهران، 2005.

املوؤلف يف �صطور:

"�صرياز" مدينة يف 1922 عام كل�صتان" "اإبراهيم ولد الإيرانية. رحل اإىل "طهران" عام 1941 ودخل كلية احلقوق يف جامعة طهران. ترك الدرا�صة بعد فرتة ومال نحو الإعالم عنوان حتت 1947 عام ق�ص�صه اأوىل ن�صر والت�صوير. الق�ص�صية جمموعته يف ن�صرها ثم لل�صرقة"، "الذاهبون ترجم كما .1948 اخلريف" �صنة �صهور اآخر "اآذار، بعنوان ق�ص�صا للموؤلفني الكبار من اأمثال اأرن�صت همينغوي، وويليام

الكتاب اأوائل من "كل�صتان" يعد ت�صيخوف. واأنطون فوكرن ا بلغة الق�صة وا�صتخدام الإيرانيني الذين اأولوا اهتماما خا�صيف مهما دورا اأدى اإذ ق�ص�صي؛ اإطار يف الإيقاعي النرث اأنه ق�ص�صه ميزات من املعا�صرة. الفار�صية الق�صة تطوير خلق كما ببع�س، بع�صها مرتبطة ق�ص�صية جمموعات اأبدع �صخ�صياتها ت�صتمد التي الفار�صية الق�صة من جديدا نوعا الدين لفريد الطري كمنطق الكال�صيكي الفار�صي الأدب من العطار، فهذه الق�ص�س ترتبط ببع�صها بع�س لي�س على اأ�صا�س احلبكة اأو ال�صخ�صيات واإمنا تلتقي وفقا للهياكل املماثلة لتلك الأفالم باإنتاج �صغوفا كل�صتان" "اإبراهيم وكان الق�ص�س. واأحرز حياته يف عدة اأفالما اأنتج اإذ والوثائقية ال�صينمائية

جوائز عاملية مرموقة يف هذا املجال.

يعي�س "كل�صتان" حاليا يف مدينة لندن اإل اأن غزارة اإنتاجه تراجعت يف الآونة الأخرية.

من موؤلفاته الق�ص�صية: اآذر، اآخر �صهور اخلريف )1948(، �صيد الظل )1955(، النهر واحلائط والعط�صان )1967(، املد ،)1975( ال�صبح قرية يف الكنز اأ�صرار ،)1975( وال�صباب

الديك )1995(.

ــــــي بتظــــــــلر الأغــــــــانــــي.." مــــديـــــــــــرة التحـــــريـــــــــر مـــــــة: "لــــــو راح املغنر - مـقــــدر

- "حبيــــب الـــزيــــودي" قـــــراءة يف اأحـــزان "نــــاي البــراري" د. عـــمـــــــــــــــر القيــــــــــــــــام

- حبيـــب الــزيـــودي: قـراءة يف ديــوان "ال�صيخ يحلــم باملطـر" عبـــــــــــــداهلل ر�صـــــــــــــــــوان

- الــــــوطــــــــن فــــــــــــي �صـــــــــــعــر حـــبيــــــــب الـــــــزيـــــــــــودي د. عماد عبدالوهاب ال�صمور

- حـــبيـــــــــب الـــــــزيــــــــــــودي.. �صــــــــــــهــــادة وتــــحيـــــــــــــــة د. اإمـــيــــــــــــــل حــــــــــــــــداد

- نـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاي الــــــعـــــــــــــالــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوك مــحمــــــــــــــــد وا�صـــــــــــــــــف

ف يف رحـــاب بيت ال�صعــــر الأردنــي مــجـــــــــــــــــدي الـــتـــــــــــــــــل - حبيـب الــزيـــودي يتطـــور

- مــــــــع حــبيـــــــب الــــــــــزيـــــــــــــــودي فـــــــي فــــــرجينيـــــــــــــا مــحمــــــــــــود الــجبــــــــــــــــور

- وداعـــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الــــــــحبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب �صـــــــــــالـــــم اخلــــــــزاعـــلــــة

- حـــبيــــــب.. واأنـــــــا: ق�صـــة ودر و�صـــــعر اأقــــــوى مـــن املــــــوت مـــحمــــــــــــــد �صـــــــــــــــــمحان

- الــــربــــــــــــابـــــــــة فــــــــــــي �صـــــــــــعر حبيــــب الــــزيــــــــــودي ح�صـــــــني عبـــــــــده مو�صــــــى

مــلــــــــــف الــعــــــــــــــــــدد:

الـ�صـــاعـر حبيب الـزيـــودي

71

املقــدمــــــة:

عندما رحل حبيب الزيودي يف ثاين اأيام عيد الأ�صحى 2012/10/27، اإثر نوبة قلبية مفاجئة، غاب عنا بج�صده، لكنه ما د نفح كلماته يف ق�صائده التي تركها لنا، ورددتها على م�صامعنا اأغنيات زال ماثال فينا وبيننا قامة �صعرية ا�صتثنائية، يرتد�صجية، تعد من اأجمل النتاجات املحلية التي لم�صت وجداننا؛ فاأيقظ حبيب ده�صتنا النائمة، وا�صتفز فينا جمال الوطن يف

اأب�صط تفا�صيله، واأنطق �صجره وحجره، لتبوح على ل�صانه.

ية حبيب الزيودي؛ اأحد اأهم رواد ال�صعر الأردين احلديث، و�صخ�صية غنية مثرية للجدل، فهو خليط لطبائع اإن�صانية براإقامتنا يف الزرقاء، ودر�صنا معا يف اجلامعة الأردنية، حيث عرفته عن قرب، متمردة، �صفافة وح�صا�صة. عرفته فتى بحكم لأكت�صف يف هذا الفتى الأ�صمر النحيل، منجما ملفارقات واإبداعات ل تن�صب. حاز لقب �صاعر اجلامعة يف احتفالية مت تكرميه فيها باإهدائه جمموعة من الكتب و�صهادة تقدير. يف اليوم نف�صه كنا ن�صتقل البا�س للعودة من اجلامعة اإىل الزرقاء، �صعد حبيب اإىل البا�س حامال الكتب التي نالها. كنا فخورين به، وكاأن فوزه فوز لنا، اأذكر يومها كان بجانبي مقعد �صاغر، فجل�س اإىل جانبي. �صار البا�س وهذا ميازحه، وتلك تطلب »حلوان« فوزه، لتعلو اأ�صوات كثرية تطلب منه »احللوان«، ومل يخيب مطالبهم، ع الكتب املهداة اإليه على الزمالء والزميالت، رجع وجل�س بجانبي مبت�صما، ثم التفت اإيل، وقال م�صريا اإىل ما فنه�س وراح يوز

بقي لديه »ال�صهادة«، قال يل: »خذيها«.

هكذا كان، روحا طيبة، و�صخ�صيته تلقائية خلت من اأي تعقيد، واإبداعا متدفقا مثل ينبوع ل يكف عن النفجار.

ولد حبيب حميدان �صليمان الزيودي يف الها�صمية/ الزرقاء يف 27 اأيلول من عام 1963 واأكمل الثانوية العامة يف الزرقاء، وح�صل على �صهادة البكالوريو�س يف الأدب العربي من اجلامعة الأردنية عام 1987، واملاج�صتري يف الأدب والنقد من اجلامعة الها�صمية عام 2008. عمل يف التلفزيون الأردين والإذاعة الأردنية ووزارة الثقافة، وكذلك عمل م�صت�صارا ثقافيا لأمني عمان الأردنية لرئي�س اجلامعة لعمله م�صاعدا اإ�صافة �صنوات، ت�صع له ملدة 1999 وعمل مديرا الأردين« عام ال�صعر »بيت واأ�ص�س

لل�صوؤون الثقافية، وكاتبا يف جريدة الراأي الأردنية يف زاويته اليومية »قفا نحك«.

اأ�صدر خم�صة دواوين �صعرية »ال�صيخ يحلم باملطر« )1986(، و»طواف املغني« )1990(، و»ناي الراعي« )1990(، و»منازل اأهلي« )1997(، و»غيم على العالوك« )2012(، و�صدر بعد وفاته عام 2013 ن�صو�س غنائية بعنوان ظبي حوران. وكتب الزيودي

اأكرث من 40 ن�صا غنائيا تغنى بها جنوم الغناء من اأردنيني واأ�صقاء عرب.

ياأتي هذا امللف، مت�صمنا ثالثة حماور: النقد، الق�صائد املغناة، وال�صهادات، جتمعها ثيمة املحبة والوفاء حلبيب ال�صاعر ل عتبنا مت�صائلني: اأين النقد من روعة هذه التجربة ال�صعرية واأ�صالتها؟ والإن�صان. لن�صتذكر حبيب الزيودي، ون�صج

جمدولني اأبو الرب

»لــو راح املغنــي بتظــــل االأغـــــانـي..«

72

واأ�صفا، حزنا منفطرة وبقلوب مهيب، جنائزي وداع يف الذاكرة: وحار�س الكلمة فار�س الطيبون الأردنيون ع �صيولدها »العالوك« واحت�صنت الزيودي، حبيب الكبري ال�صاعر ة من طياتها احلانيات، وتقاطر الأ�صمر اجلميل، واأودعته طيروحه ذابت الذي النبيل الفتى هذا لوداع الأوفياء الرجال لي يف حمراب حنينا لالأردن، وهياما به، واأفنى عمره وهو ي�صقل الوجدان الأردين، وغادر الوطن، واأ�صهم باقتدار فريد يف �صا بهذا الإن�صاد هذه الدنيا وهو قاب�س على جمر الوفاء، مرتمندق وفائه د عمق التحامه برثى الأردن، و�ص ال�صاحر الذي يوؤك

لهذه الديار الكرمية: حملت هوى الأردن بني جوانحي

حفا زبورا واإجنيال ولوحـــــا وم�صوطفت على وديـــــانـــــــه ووهــاده

فا وما طاف مثلي من �صعى وتطو

الأ�صى دمع غلبني الكلمة، هذه لكتابة القلم حملت حني على فقد حبيب، فقبل ثالثة اأيام من وفاته، رحمه اهلل، كنت احلركة تاريخ عن بعمق فيه حتدثنا مطول لقاء التقيته قد الإ�صالمية يف الأردن والعامل العربي، حيث كان ي�صتعد لإجراء زكي الأ�صتاذ امل�صلمني لالإخوان العام املراقب نائب مع لقاء وقبل »�صنديان«، اجلميل امل�صائي برناجمه يف ار�صيد بني ومقالته »�صلمى« الأخرية ق�صيدته قراءة يل اأعاد اخلروج الأخرية »حوار قانوين«، ومل اأكن اأعلم اأن هذا هو اللقاء الأخري

ن�صيج يف الأول اخليط كان عاما ع�صر اأربعة فقبل بيننا، قت عالقتنا، وكان لقاوؤنا فاحتة عهد جديد لكل واحد منا، وتوثهذه العالقة النقدية وارتقت اإىل اأفق ال�صداقة النبيلة واملودة

ال�صافية.

هكذا يا )اأخي(

كل �صيء تال�صى

ور ومل يبق من فرح العمر اإل ال�ص

املمر العتيق يحن لوقع خطاك

وقد جف بعدك ع�صب املمر.

فت اإىل حبيب كان يعاين من عزلة نقدية ماكرة حني تعروجعلته واأ�صالتها، ال�صعرية جتربته بروعة اإح�صا�صه دت بد عنه يف قادمات الأيام، وبعد يطوي قلبه على اأمل مم�س �صيعرباأن اقرتبت من جتربته ال�صعرية بروح حانية انفتحت عني قلبه عر، وارتقى ذرى الفن وانطلق كاحل�صان اجلامح يف براري ال�صالعالية، واأذهل الذائقة الأدبية باإبداعات �صعرية عز نظريها، كامال، بدرا الدنيا على طلع حياته من الأخرية الآونة ويف عر�س على فا�صتوى الأدبي، اإجنازه بقيمة اإح�صا�صه وازداد اقة التو الأرواح على اأزاهريه نرث يف وتفن ، الأردن ال�صعر يف التي الوطنية الأغنيات ع�صرات عن ال ف�ص ال�صايف، لغنائه مبعامل العميق الإح�صا�س خت ور�ص الأردين، الوجدان اأنع�صت كان وديعة، وقلب حمامة ن�صر جارح وبعيني الوطنية، الهوية

»حبيب الزيودي«قـــراءة يف اأحـــزان »نـــــاي البـــراري«

د. عمر القيام

كاتب وناقد اأردين.

73

حبيب يرقب ما يفعله �صعره يف الروح الأردنية، فارتقى عاليا عاليا يف الأعايل، وجتلى على النا�س غيمة ماطرة متنح ع�صاق ال�صعرية املوهبة بهذه والزهو �صوة بالن فريدا اإح�صا�صا �صعره

دة. املتفر

مثل النف�س من قريب �صخ�س عن تكتب اأن �صهال لي�س ت، و�صيم�صي حبيب، ولي�س �صهال اأبدا اأن تكتب عنه كاإن�صان ميزمان طويل حتى ي�صتوعب اأ�صدقاء حبيب غياب روحه الفاتنة، بة، اخلال والفو�صى غب وال�ص جيج بال�ص املكتظة و�صخ�صيته ا كن حني اأنف�صنا على حك ن�ص حبيب اأ�صدقاء نحن كنا وكم اإخراج على هو يزيد فال »النظام«، فكرة يف اإدخاله نحاول ل�صانه �صاخرا من قلة عقولنا، ول�صان حاله يقول: اأنا اأنا، فمن وبحب النهاية، الحتمال حتى فعليه مداري الدخول يف اأراد بل والن باحلب الفيا�س وقلبه ودلله جنونه ل نتقب كنا كامل

والفرو�صية.

ة لقد عا�س حبيب الزيودي حياته املفعمة بالرغبات، الغا�صنداء لهما: ثالث ل اثنني نداءين اإىل غيا م�ص باحل�صرات اإح�صا�صه ل ت�صك النداءين القوايف، وعلى هذين ونداء القلب، حنينه انبج�س القلب نداء فمن الذاتي، ده جم وبنى بالعامل د للمراأة وحبه للوطن، واأزهر قلبه بهما، ومن نداء القوايف تعبال�صاخمة، الإبداع ذرى وافرتع الفنون، حمراب يف حبيب نايه وانبعث ات، بامل�صر بروقه التمعت النداءين هذين وبني الفينة والعذابات. ومن هنا كان حبيب حري�صا بني باحلنني والأخرى على تقدمي جردة ح�صاب حلياته، وكتابة ن�س مكثف حياته مبالمح للتذكري العمر مراحل من ما مرحلة يختزل وما ن�صب يف حلق العمر من اخليبات، ومن هنا كان يلح على فكرة اخل�صارات يف �صعره، وكانت ق�صيدته الرائعة »اإن احلياة جميلة« واحدة من اأكرث ق�صائده دللة يف هذا ال�صياق، وكانت اأكرث من التالية عالة عليها، وعلى الرغم من مرور ه ن�صو�صاأن حبيبا جعلها خامتة لديوانه اإل �صبع �صنوات على كتابتها، الأخري »غيم على العالوك«، وكنت قد توقفت يف قراءة �صريعة عند مغزى هذه الق�صيدة وكونها تعبريا عن الإح�صا�س املاأ�صاوي

بالعامل، واأن فكرة اجلمال »جمال احلياة« كانت قناعا �صاخرا تقنع به حبيب اإمعانا يف املراوغة وال�صخرية من ق�صوة احلياة، العمر لعذابات باهر تكثيف على الق�صيدة بنية قامت حيث التي بداأت باإطاللة وجه حبيب على هذه احلياة التي اأو�صدت فء وال�صكينة، فما كان منه اإل اأبوابها يف وجهه، وحرمته الدم وجهه �صطر الق�صيدة التي منحها ذوب قلبه وع�صارة اأن مي

د واخل�صارات. وجده، فمنحته ناي الت�صرما كانت الأيام عاقلة

ها لأن�صاأ عاقال اأبدا. ول اأما لأ�صكن �صرواأ�صم اأيامي

ويف حقل احل�صاد ولدت. القمح كان اأبيي وبطن ال�صفح اأم

ها ما كان باب بانتظاري/ حني اأعطتني الق�صيدة �صرلأ�صب مثل النار يف فلواتها�س الدنيا واأنرثها بدد واأرو

وكان ال�صعر ملا غاب ظل اأبي، اأبيوطويت قلبي مل اأجد روحا حنونا كالق�صيدة مل اأجد

حني اثنتني كلمتني يف حياته الزيودي حبيب �س خل لقد «، وهي مقولة تاأتي على اأ�صرار قال: »اأكتب لأنزف، اأكتب لأحبوالأمل البوح عر، ورغبته اجلاحمة يف ال�ص ا�صتغراقه يف غواية ل ، ول اأدري كيف �صيتقب وتقدمي الذات قربانا على معبد احلبيف مق�صودة غري نيت�صوية مالمح هناك اأن فكرة ي املتلقموؤلفاتي كل كتبت »لقد القائل: هو فنيت�صه �صخ�صية حبيب، ، وحني عنه حبيب بالنزف واحلب بدمي وحياتي«، وهو ما عربان اأن يخلق الفرحة... �صبابته قال نيت�صه: »يريد العبقري الفنق�س«، وجدنا حبيب الزيودي تعزف ولكن ل اأحد يرغب يف الري ذاب اإن�صادا وعزفا«، ولو اأردنا اأن ي، واملغن يقول: »واأنا املغناأفق حبيب بها دخل التي الرتاجيدية للنهاية تف�صريا م نقد

74

م لنا عونا نقديا كبريا حيث يقول: الأبدية، لوجدنا نيت�صه يقداإىل به يعود فاإنه ما �صخ�س على ة بقو الفن ي�صتحوذ »حني ت�صورات الع�صر الذي كان فيه الفن يزدهر بحيوية كبرية... كل العنيفة، يرى يف الفنان لالنفعالت تبجيل يزداد يوم كل ويطالب ي�صتقر طبعه على حال، ل روحا، الطبيعة مكان من بعنف ذلك يطلب ، الفن تالئم ل التي الأو�صاع كل بتغيري الأطفال وع�صفهم... وهكذا ينتهي به الأمر باأن تن�صاأ خ�صومة تكون وحمزنة ال�صن، نف�س من معا�صريه وبني بينه �صديدة نهايته... بهذا ال�صكل ح�صب روايات الأقدمني اأنهى هومريو�س

واأ�صخيلو�س حياتهما وماتا كئيبني«.

لقد ظفرت جتربة حبيب الزيودي ببع�س الهتمام النقدي هذا ويف اخل�صو�س، وجه على الأكادمييني الدار�صني من يف ر حو حممد الدكتور كتبه ما اإىل الإ�صارة ميكن ال�صياق حيث ال�صعراء« عيون يف عرار وال�صدى: »ال�صوت درا�صته: توقف عند ثورة حبيب على عرار يف ق�صيدته ال�صهرية »مئوية الكوفحي يف درا�صته لبع�س اإبراهيم واإىل ما كتبه د. عرار«، الدرا�صة يف القول وكذا حبيب، �صعر يف الأ�صلوبية الأمناط الراعي: »ناي بعنوان: الزعبي زياد د. كتبها التي املتميزة للروح عميقا نقديا حتليال قدم حيث وجروح« روح مو�صيقى الرعوية يف �صعر حبيب، وكنت قد توقفت يف جمموعة قراءات زال وما الروحية احلادة يف جتربة حبيب، البوؤر �صابقة عند خالل من وا�صتنطاقها التجربة هذه لإثراء مفتوحا املجال مقاربات نقدية خمتلفة على م�صتوى الروؤى املنهجية، و�صتظل القراءة الرعوية امل�صبعة بالروح الأ�صطورية والرومان�صية هي جتربته تخ�صر و�صوف حبيب، جتربة ا�صتكناه على الأقدر اإذا الروحي واإ�صعاعها الأدبية روائها من كثريا ال�صعرية روحه اقتحام عن عاجزة تقف منهجية ملقاربات خ�صعت املوغلة يف الإ�صغاء اإىل غناء الرعاة وحداء الراحلني باعتبار والراف�صون الروح، بجوهر املت�صبثون هم الرعاة هوؤلء اأن د يف جتربة حبيب الزيودي بامتياز لزيف املدينة؛ وهو ما جت�ص

ملحوظ.

يف العام 2002 ن�صر حبيب الزيودي اأعماله ال�صعرية الكاملة حتت عنوان »ناي الراعي«، وهو عنوان مو�صيقي يذكرنا بال�صرية اهلل رحمه عبا�س اإح�صان د. ال�صهري للناقد قة ال�صي الذاتية والتي و�صمها بـ«غربة الراعي«، وكتبها ب�صعرية عالية تومئ اإىل بقايا ال�صاعر يف �صخ�صيته النقدية املتفردة، وحني بلغ اإح�صان عبا�س اخلام�صة وال�صبعني عام 1997م �صدر الكتاب التذكاري »يف حمراب املعرفة« احتفاء بجهوده الكربى يف خدمة الثقافة الثقافة، وكان العربية، واأ�صهم به نخبة مميزة من خرية نقاد اإبراهيم الدكتور درا�صة الر�صينة الدرا�صات تلك بني من الرومانتيكية« والروؤية الرعوية بني عبا�س »اإح�صان ال�صعافني ل�صخ�صية الروحية نات للمكو متق�صيا نقديا فيها حتليال م قداإح�صان عبا�س والتي تتاأ�ص�س ابتداء على ح�س رعوي ميجد �صفاء الروح الإن�صانية، ويت�صبث بالقيم الطيبة يف احلياة، ثم �صفعت عبا�س اإح�صان يحبها كان رعوية ق�صائد بثالث الدرا�صة تلك ترجمتها باأعباء نه�س وقد وا�صحا، تاأثريا �صعره يف واأثرت املرتجم املقتدر بكر عبا�س �صقيق اإح�صان و�صديقه، ومن اأجمل فيها رثى التي ملنت جلون »ل�صيدا�س« ق�صيدة الق�صائد هذه �صديقه اإدوارد كنج الذي مات غرقا عام 1637، وهي ق�صيدة من بكثري تفا�صيلها وت�صي الرعوية القيم اأروع على م�صتملة الراعي ذلك الزيودي، حبيب بها يت�صف كان التي ال�صفات الذي فر من مدينة الأ�صواء »عمان« واختار اأن تكون رقدة روحه اأ�صجار بني الغافية الربوة تلك »العالوك«، يف فتونه وهجعة

البلوط وال�صنديان، والتي يتجلى فيها وجه اهلل �صباح م�صاء.قد مات ل�صيدا�س، مات قبل اأوانه

مات يف ريعانه، ومل يخلف له نظريامن ذا الذي ل يغني لل�صيدا�س؟ لقد كان

عارفا بالغناء، ويبني القوايف الرفيعةل يجوز اأن يطفو على نع�صه املائي

ي ج�صده دون اأن يبكيه اأحد، تطوحه الرياح وتذردون اأن يحظى بدمعة �صجية

75

الهواج�س من واحدا املبكر الرحيل هاج�س كان لقد »ال�صيخ الأول: ديوانه ومنذ حبيب، روح ت�صكن التي الكربى عن الرحيل فكرة كانت 1986 عام ال�صادر باملطر« يحلم نحو على تنامت اأنها ويبدو وجدانه، يف متاأ�صلة الدنيا هذه ماأ�صاوي حتى بلغت ذروتها يف ق�صيدة »اإن احلياة جميلة« عام 2005، واألقت بظاللها على كامل جتربته، وثمة ن�صو�س كثرية

يف دواوينه تفوح منها رائحة املوت، فمن ذلك قوله يف ديوان »ال�صيخ يحلم باملطر«:

بينــي وبينــــك يـــا اآمـــــال اأوديـــة مـــن الرمـــــال واأحالمي بعيــــدات

�صحراء اأ�صرخ يف �صاحاتها ثمال مــــن ال�صيـــــاع فتـــرتد النـــداءات

اأكــــاد اأملــح يف كثبــانهــــــا كفنـــي للموت يف وجهها ال�صاري عالمات

اأهلي« �صيغت فكرة املوت على وحني �صدر ديوان »منازل النحو التايل:

هو القلب اأتعبني وهو يدخل طق�س الثالثني

دون دليل

اأ�صاء لهم كل ما �صاع من عمره

وكل الذي ظل وهو على اأي حال قليل

اأما اأروع ال�صياغات الفنية لهذه الفكرة الوجودية املقلقة، فقد كانت يف ق�صيدة »اإن احلياة جميلة« وهي الق�صيدة الأهم يف �صياق جتربة حبيب ال�صعرية، حيث قطر دللتها تقطريا، واختزل �صريط حياته واأ�صرار عذاباته وخيباته يف هذا الن�س اإيقاع هادئ يرحب نهاياتها يف الق�صيدة يف لت�صتقر الفريد، بفكرة املوت باعتبارها خال�صا من هذه املرارات التي جترعها

حبيب يف �صعيه املحموم نحو اأفق الأبدية:

اإن احلياة جميلة

عها كتوديع احلبيبة با�صمني لكن علينا اأن نود

جميلة اأيامنا،

وجميلة اأحالمنا

اأرجوك ل تاأتي، اتئد.

ل بد من يوم يجيء

ولن تراين غا�صبا متربما

ها ها ومبر ع�صت احلياة كما يليق مبر

وكما مير ال�صهم من ج�صد الغزال مررت

وحدي كنت يف برية الدنيا،

ولكن الرماة بال عدد

كن را�صيا يا قلب

اإن الرحلة اقرتبت

فال جتزع على اأحد

فقد ع�صت احلياة جميلة

فيها بيوت،

والبيوت بها نوافذ،

والنوافذ ل تطل على اأحد.

كان حبيب الزيودي م�صكونا بهاج�س ال�صياع، وقد عرب عن ذلك اأروع تعبري حني قال:

»يا ناي

لن يبكي على ا�صمي

�صاحب بعد الغياب

ف�صمني ناي الرباري«.

76

الأردنيني املبدعني بني فرادة الأكرث احلالة حبيب ميثل الب�صطاء، النا�س هموم مع التوا�صل على القدرة امتالك يف وتبني مطالبهم ولو يف اأ�صعاره، بل والحتفاظ بالقدرة العميقة على التوا�صل مع اأبناء وطنه الب�صطاء واملهم�صني، دون اأن يفقد ب اأذى يف عالقته الر�صمية بو�صلته، ودون اأن يرتاجع اأو اأن ي�صبامل�صوؤولية، من مواقعها خمتلف يف احلكومة ومع الدولة مع من يحققها مل الأردين الإبداع تاريخ يف نادرة حالة وهذه املبدعني الأردنيني �صوى حبيب، اأو على الأقل هذا هو الو�صع

يف حدود معرفتي.

واأين الـ"حبيب"، هذا جاءنا اأين من ت�صاءلنا: فاإذا اإن حبيب اإطار اجلغرافية الأردنية، فاإننا نقول: مرجعيته يف من قرية "العالوك" التي ينه�س �صباحها بثغاء النعاج، و�صجة الأردنية القرية الأر�س ربيعا، من هذه واملاء، وعبري احلليب الب�صيطة الطيبة التي تقع على حفاف البادية، لتختتم م�صرية ال�صعري بيته يحمل الزيودي والنماء. جاءنا حبيب اخل�صرة ا با�صما ومقاتال ليكون �صاعرا قادرا على فر�س وجوده، معربتعميق على وقادرا بل والأبناء، والوطن الع�صرية هموم عن اإن حبيب الإح�صا�س بالوطن والهوية معا، بحيث ميكن القول وتي�صري عرار ومنهم الأردنيني، املبدعني من قليلة وجموعة املبدعني هوؤلء هل�صا...كل وغالب بل الرزاز وموؤن�س �صبول

قد عملوا على �صياغة الوجدان الأردين جتاه الأردن وهمومه وق�صاياه، وقد ظل حبيب، وهو يف هذا يت�صابه مع معلمه الأول عرار، اأكرث اقرتابا وتوا�صجا مع نب�س ال�صارع الأردين يف بواديه

وقراه �صمال الأردن وو�صطه وجنوبه..

�صوته من واثقا الكركي" "خالد الدكتور اإلينا مه قدومتيزه، وجاء كما قدر، يف ديوانه الأول "ال�صيخ يحلم باملطر" ويف مقدمة الديوان يقول "الكركي" متحدثا عن الزيودي: )اإنه قد ا�صتكمل اأدواته الأوىل، واإن �صورته تت�صكل يف �صورة �صوت متميز نابع من وجدان ال�صعب، وممتد بني عرار وعلي الفزاع، وماح�س زي يف والطيبني العالوك يف الطيبني النا�س وبني

والطفيلة والثنية(.

وبهذا مي�صك الدكتور الكركي باملف�صل الرئي�صي يف �صعر حبيب، واملتمثل يف توا�صجه وتداخله مع الق�صيدة "العرارية"، الأردين.. ال�صعري العطاء جممل يف متايزا �صكلت التي التجربة عنا�صر من عدد متابعة الدرا�صة هذه يف �صنحاول

ال�صعرية يف هذا الديوان قيد الدرا�صة.

ال�صغري عرار اأو • حبيب

اأول ما يلفت انتباه الدار�س لديوان حبيب، اأن هذا الديوان

حبيب الزيوديقراءة يف ديوان "ال�صيخ يحلم باملطر"*

عبداهلل ر�صوان

كاتب وناقد اأردين.

77

الأنباء/ هم هم املوقف/ هم الأردين/ بالهم يجيء م�صكونا الوطن. الهم اليومي املعا�س، وهو بهذا يلتقي لدرجة التماهي مع اخلطاب املركزي يف ق�صائد "عرار"، وميكن متابعة حمور "حبيب" د املج طالبه وق�صيدة عرار ق�صيدة بني التداخل

مبجموعة من األفاظ نذكر منها:

الأبيات من عدد يف والدللة ال�صعرية البنية تت�صابه اأ- جليا ذلك وبربز التقليدي، ال�صكل على التي جاءت ال�صعرية

يف قول حبيب:

يا اأردنيات اأ�صالئي مبعرثة فمن تلملمني يا اأردنيـات )الديوان �س 24(

وهذه ق�صية ا�صتوفاها الدكتور الكركي يف مقدمة الديوان هذه بني الت�صابه و�صوح مالحظة مع اإليها، العودة وميكن البنية/ الدللة وبني الأبيات الثالثة التي تقفل ق�صيدة عرار

النونية امل�صهورة.

ق�صية وهي عليه، والتمرد بالقهر، ر املبك الإح�صا�س ب- ا�صتوفى حبيب اأن على ن�صبيا، املتاأخر عرار نتاج يف نلم�صها راجع وهذا عرار، بعك�س بداياته، منذ مبكرا التجربة هذه عرار �صعر يف جتلت كما العرارية التجربة ملجمل ملعاي�صته الواقع -اأق�صد الزمن لختالف وكذلك حبيب، بدايات منذ املعي�صي التاريخي- ومن هنا ل نفاجاأ اأن يكون حمور القهر/

التمرد هو املحور الرئي�صي يف ديوان حبيب:

- هـــذي بــــالد وزعت ع�صـــاقها ليـــال على حر�س املغافـر. )�س 30(

- هو ما لوث ماء النيل..

ما قامر بالأهرام،

ما �صود دجلة

هو غنى للعيون ال�صود،

للدفلى...

فقطعت الوتر.

فلماذا اأيها ال�صادن قطعـت الوتـر.. )�س 41(

)وال�صادن هو اأداة القهر و�صداته(

- يا بالدي كلما خنقوا يل وترا

اأينع يف روحـي وتـر.. )�س43(

ونالحظ هنا �صدة الإح�صا�س بالقهر/ التمرد، كما وتربز دللة متابعة �صرورة مع الدافق/ الوطن حب ظاهرة هنا

مفردة وتر التي تعني- الغناء مبحبة وتوا�صل:

- وطن ت�صيخ من الردى اأحالمه

اأودت به احلمى وعز امل�صعف

يا ليت �صعري هل يفيد توجعي

روحي مه�صمة، وجرحـي ينـزف.. )�س 47(

اإح�صا�صا جند هل و هذا؟ من اأكرث قهرا جند هل ترى بالفجيعة حد الذبح اأكرث من ذلك؟:

الرمادي الأفق طائر "يا

ما زلت تبحث عن بالدك يف بالدك

والبالد..

تكون اأبعد وهي �صائعة على �صدر البالد" )�س49(

وهل هنالك اأكرث �صعوبة وقهرا من م�صاعر مثل هذه؟ اأن حت�س بفقد الوطن واأنت فيه، وهو الوطن الذي يحبه، ويعبده،

ثم ها هو يتغناه ويبكيه:

- لكنه وطني، وبني �صلوعه روحي

78

وبني عروقه اأع�صابي

وله يفي�س الدمع من قيثارتي

ويذوب يف حب الديار رباين

بي من عذابك يا بـالدي مـا بي.. )�س52/51(

اإىل ال�صيقة اجلغرافيا حدود ليتجاوز الهم يتو�صع هنا م�صاحة اأرحب، وهذا ما يوؤكده ال�صاعر �صارخا:

- هذا الذي اأحببته وطني

فعالم يتـركني ملغت�صـبي.. )�س53(

الإن�صانية، العالقات جمموعة هو الوطن ي�صبح وهنا جمموعة الرتدي والقبول بالقهر ووعده بالتمرد.

ج- التعلق بالوطن والن�صهار معه ومع ق�صاياه:

فبالإ�صافة اإىل ما لحظناه يف املقاطع ال�صابقة املختارة، هذا خ�صو�صية يوؤكد اأن ق�صيدة كل يف يلبث ل حبيب فاإن

احلب، من خالل و�صاية متوارثه من الآباء لالأبناء فيقول:

فاإن عط�صـت وكـان املـاء ممتنعا

واإن �صـقطت على درب الهوى قطعا

فلت�صربي من دموع العني يا بلدي

اأو�صيك اأو�صيك بالأردن يا ولدي )… �س 66(

األي�س هذا هو الأردن اجلميل، واملعافى والرائع الذي غناه قرن؟؟ ن�صف منذ ذلك "عرار" قبل

د- ا�صتخدام اللفظ ال�صائد:

وهذه ق�صية ما لبثت اأن تعمقت يف ق�صائد حبيب الالحقة، الأول عرب الرتكيز على الديوان نلمح بداياتها يف ق�صائد اإذ اأبرز التي متثل الظاهرة الأردنية- هذه الدارجة - "املفردة

خ�صي�صات الق�صيدة العرارية، قد ا�صتخدمها حبيب متعمقا خطى معلمه، بل اإن اأحد عناوين ق�صائد حبيب م�صتوحاة من يعنونها وهنا حتديدا، اخلرابي�س من عرار، ق�صائد اإحدى ا�صتخدام اأوجه ومن والوطن(، للمراأة بـ)خرابي�س حبيب

اللفظ ال�صائد عند حبيب:

وحني اأتاهم ال�صم�صار

وال�صكر "ق�س" امللح

وق�س حجارة البيدر

هنا غنى حجيج القمح

منجاله.. منجلـي وامنجـال.. ه.. )�س 80(

ه - ا�صتخدام املكان الأردين:

وهذه الظاهرة الأكرث بروزا يف �صعر عرار كذلك، اإذ نكاد ل جند مكانا اأردنيا مل يتغزل به عرار، وحبيب ي�صري على نهج مواز لهذا. ولذا نالحظ تكرار اأ�صماء: عمان - مادبا - �صيحان نباتات لأ�صماء هناك اأو هنا اإ�صارة اإىل اإ�صافة العالوك. -"البلوط" التي اأبرزها �صجرة لعل الأردنية البيئة معروفة يف

تتكرر يف اأكرث من مو�صع يف الديوان.

و- ون�صري اأخريا اإىل و�صوح الق�صيدة/ املعنى يف ق�صيدة اأق�صر من ال�صعرية ورة ال�ص اإىل الو�صول عرب "حبيب"، الطرق، واعتماد املبا�صرة، ول اأقول التقرير، وهذه من �صفات الق�صيدة العرارية اأي�صا، على اأننا لن نتو�صع فيها عند حبيب، لأن عطاءه يف هذا الديوان ما يزال اأوله، واحلكم الفني ل بد

اأن ي�صرت�صد بتجربة اأكرث طول توخيا للدقة.

يوان الدر ق�صائد يف • عمان

"ال�صيخ ديوان يف امل�صتخدمة الأردنية الأماكن بني تربز تدور رئي�صيا مركزا باعتبارها عمان مدينة باملطر" يحلم

حوله كثري من ق�صائد/ اأو مقطعات الديوان.

79

وجند اختالفا يف طبيعة موقف ال�صاعر منها فهي:- عمان ل ترخي جديلتها على �صدر اجلبان.. )�س21(

وهي: - تربعمت عمان يف قلـبي قرنفلـة - )�س20(

لتعدد ال�صاعر تعذب وهي بها، وتعلقه حبه عن تعبريا مراكزها وحمطاتها. ولكنها اأي�صا:

- تناه�صتني بعمـان املحطـات.. )�س 22(وعلى كرثة �صوارعها، ومراكز الفعل فيها، فالعالقة معها

عالقة حب وتوا�صل:

… فن�صربها �صارعا �صارعا - عمان ت�صرخ فينا اكربوا )�س36(

ولكنه كذلك، اأ�صوة باأ�صتاذه عرار، يعتب على عمان احلالة- التوا�صل، ويعاين الكثري من هجرانها له )ونالحظ هنا عدم

و�صوح الدللة يف ال�صياق عمن هو املق�صود بالعتب(:

- يا ليت عمان قد مدت اإيل يدا

اأو ليت عمان بعد ال�صد ت�صمعني

فقد وهى بالهوى مـن بعـدها جلـدي … )�س66(

ولعل اأجمل ال�صور التي اأوردها ال�صاعر لعمان قوله:

- �صتفتح عمان اأبوابها

فيهجع يف راحتيها

وحني يطل امل�صاء

�صتلب�س عمان ع�صاقها كـي تنـام … )�س38(

ال�صعري" اخلطاب "وعي • الأيدولوجيا

يربز يف ديوان حبيب تداخل يف الروؤية اأحيانا، بل واأخطاء

اإىل ذلك مرد ولعل اأخرى، اأحيان يف وا�صحة اخلطاب يف ديوانه نتحدث عن العمر، فنحن هنا التجربة وحداثة ق�صر الأول، ولكن املو�صوعية تتطلب منا الإ�صارة اإىل جزء من هذا الغياب للوعي، اأو الوعي الذي مل يتبلور يف روؤية حمددة، يقول

حبيب:

حجر ول ركن يل الدار يف يبق "مل

ووزعتني على الريح الولءات

هذا اإىل الفر�س قد �صارت ركائبه

وذاك للروم قادته الو�صاطات

اإن مل توحد بواريد العدا وطنا

يـم اعتقـادات" )�س24( فلن توحد يف ال�ص

ومع مالحظة ثقل الزحافات يف عجز البيت الثالث، ومع اأحا�صي�س حبيب، ولكن العدو وبنادقه التاأكيد على م�صداقية الإح�صا�س واإمنا املوقف، يف وحدة تخلق اأن ميكن ل بذاتها هذا يوحد، الذي هو العدو البنادق/ هذه وتاأثري بخطر روؤية اإىل بحاجة هو واإمنا هواء، من يجيء لن الإح�صا�س

حمددة؛ وهذه الروؤية لن جتيء دون معتقد.

للقول ال�صعري اخلطاب اإخ�صاع باأن بع�صهم يحتج وقد العقالين ي�صقط ال�صعر، فاأقول اإن مثل هذا ال�صعر الذي يحمل

خطابا/ موقفا مبا�صرا وا�صحا يجب اأن يعامل عقليا بدوره.

هذا الغياب يف الوعي يف بدايات التجربة ال�صعرية، اأو لنقل نق�س الوعي الكيفي، اأوقع حبيب يف اإحدى ق�صائده يف مطب �صبه حني وذلك يق�صده، ل حبيب اأن من متيقن اأنا، كبري، " عالقته مع حبيبته التي ميوت فيها هياما، �صبه نف�صه "بحرببعالقة بينهما والعالقة املبكى" "بحجارة والعا�صقة متبتل،

قوله: يف باملبكى" وذلك "احلرب

80

كفيها بني واأبكي "األثمها

كحرب بعد طول البعد

�صم حجارة املبكى

فخـان اخلـط …" )�س64(

وهنا قد نقبل العالقة الغيبية بني يهودي كان يف فل�صطني وبني املقولة الدوغمائية -املبكى- ولكن اأن يكون احلرب بعيدا، ملقولة تاأكيد ذاته بحد هو البعد"، "طول بعد املبكى وي�صم مع هذا القد�س. يف لليهود التاريخي احلق حول �صهيونية افرتا�س، بل والتيقن ح�صن النية، ولكن الفن ل يعرتف بح�صن

النوايا.

املعنى تلخي�ش - الأعالم • اأ�صماء

رئي�صا اعتمادا يعتمد ال�صاعر اأن الديوان يف يالحظ كان -واإن غالبا التاريخية اخل�صو�صية ذات الأعالم على تتحمل بحيث خاطر( )�صليمان معا�صرة اأعالما ي�صتخدم هذه الأ�صماء/ الأعالم الدور الرئي�س يف اإي�صال املعنى املراد لياأخذ املعروف العلم باإيراد غالبا ال�صاعر ويكتفي وتعميقه، ال�صم بحكم متيز اللفظ دللة املعنى من امل�صتقبل القارئ/ امل�صار اإليه مبوقف خا�س، تاريخي يف الغالب، ومعا�صر اأحيانا،

وقد جاء هذا ال�صتخدام �صمن اأربع �صيغ هي:

اأ- اأ�صماء حتمل دللة غيبية منها:

الإجنيل، العذراء، مرمي املعمدان، يحيى �صالومي، التوراة.

ب- �صخ�صيات تاريخية فاعلة �صواء كانت فاعلة �صيا�صيا اأو ع�صقيا اأو اجتماعيا منها:

بن عمرو قي�صر، ك�صرى، اخلوارج، حممد، بن مروان زرياب، العامرية، ليلى لبنى، قي�س، عبلة، عنرتة، العا�س،

اخلن�صاء.

ج- اأ�صماء ت�صري اإىل حكايات تراثية منها:

ال�صندباد، �صنمار.

د- حوادث اأو وقائع تراثية:

داح�س، الغرباء.

هـ- �صخ�صيات مقاومة معا�صرة منها:

�صليمان خاطر، �صناء حميديل.

وعلى م�صتوى التوظيف نختار املقطع التايل:

ح�صانا اأو �صيفا العب�صي عنرت ""دقي" لتعطي

ما زال ي�صرخ يف الرباري

والنفط ينجب كل يوم األف �صالومي

وي�صلبني على األواح يحيى املعمدان …". )�س34(

قدرة لالأعالم، التوظيف اإىل اإ�صافة هنا ولنالحظ النفط النفط واخليانة، بني اإدراك العالقة بني ال�صاعر على

وبني الرتدي العام يف الواقع العربي.

الديوان يف الفنيرة • ال�صورة

مع اأن النطباع الأول الذي يخرج به دار�س الديوان هو قلة اهتمام ال�صاعر بال�صورة الفنية، والعتماد على اإثارة املتلقي من خالل اجلملة املبا�صرة ذات ال�صياق التقليدي بناء، ولكن،

ميكن متييز عدد من ال�صور نذكر منها:

اأ - ب�صاطة ال�صورة مع رومان�صية امل�صهد وتوظيف احلوار مع ال�صرد يف اإي�صال املعنى املراد:

واأكتب �صعرا لعينيك اأكتب �صعرا

في�صاألني النا�س: ماذا حتب بعينني خائفتني

بالدي … وماذا؟ … بالدي … وماذا؟

81

بالدي غرام اأحداقهن ل يكح اللواتي الن�صاء جميع )�س37/36(

ب - �صورة ح�صية مميزة؛ ومنثل على ذلك بقول ال�صاعر:

�صلعي من … وخرجت

ت�صكل ثائراك كبلبلني من الرخام … )�س31/30(

اآدم، �صلع من حواء خلق فكرة تلخي�س هنا ونالحظ اإ�صافة اإىل التمرد القائم يف اندماج �صورة احلبيبة اأو قوله:

مللمت عن �صعري البنات ق�صائدي

ونرثتها فاخ�صرت ال�صحراء )�س85(

مفاجاأة ال�صورة ومتردها، وذلك يف قوله: ت -

لأن احلب يف العالوك، كالإحلاد يف مكة )�س64(

مبعنى ا�صتحالة وجود الثنني معا، كما وي�صتوقفنا الإيقاع اخلارجي يف كثري من ق�صائد الديوان من حيث ح�صوره القوي، واملتميز خا�صة يف الق�صائد ذات البناء التقليدي، على اأننا ل نعدم ت�صطريا، اأو مقاطعا تعتمد نظام التفعيلة جندها ممتلئة

باإيقاعها وذلك يف مثل قوله:

�صاأعيد ر�صمك مرة اأخرى

واأ�صمع طائر الأفق الرمادي

يتلو على الرعيان اأوجاع البداوي

يتلو على جرحي ن�صيد احلزن

يوقظني لأبحث عن بالدي )�س49/48(

ولنالحظ يف املقطع ال�صابق تكرار القافية يف نهاية البيت يتلو، مفردة تكرار ثم بالدي، بوادي، ال�صعري/رمادي، ونالحظ كذلك ارتباط فعل التالوة باملوقف الديني مما يوؤكد

التوا�صل بني ال�صاعر والواقع الذي يتعامل معه.

تفعيلة اإيقاعيا ت�صكل املقطع بها ينتهي لفظة كل اإن ثم )فعولن( مما يعطي تناغما خا�صا ومتوا�صال

* حبيب الزيودي، ال�صيخ يحلم باملطر، عمان، 1986.

82

كاتب واأكادميي اأردين.

لعل اأهم ما مييز جتربة حبيب الزيودي ال�صعرية انبثاقها من البيئة الأردنية، بكل ما حتمله من غنى فكري، وتنوع معريف فيها مييل املنزع، رومان�صية جتربة اأنها عن ف�صال وتراثي، الرومان�صية الذي يحمل مالمح الفني، التجديد اإىل ال�صاعر مبا فيها من ت�صوير للطبيعة، وثورة على عيوب املجتمع، ونقد ملفا�صده، مما يعك�س عاطفة �صادقة، ووجدان �صعري ملتهب.

هو الزيودي، حبيب �صعر به يتميز الذي الآخر الأمر عن ي�صدر يجعله ب�صكل العامية للمفردة الناجح توظيفه وجدان وطني �صادق، تن�صهر فيه الألفاظ ال�صعبية يف �صياق

�صعري معرب.

اأحد جعله �صعره يف الثالثة الأمور هذه اجتماع ولعل معني من نهلوا الذين الأردين ال�صعر يف البارزين ال�صعراء

الوطن، والتزموا باإبراز هويته العربية الإ�صالمية.

املفردة الذات دائرة خارج يقع الوطني الهم اأن ومع بني تنت�صر خمتلفة، دوائر تاأثري حتت يقع اأنه اإل )الأنا(، الأنا والآخر بكل حممولتها الفكرية، وذلك "يف �صياق عالقة د �صكل الق�صيدة، وم�صتوى الإبداع، وحجم الطاقة جدلية حتد

التعبريية يف العمل ال�صعري")1(.

�صمة اأ�صبح الفردية، باملعاناة الوطن ماأ�صاة تداخل اإن عامة مميزة لل�صعر الوطني يف الأردن، مما اأو�صله اإىل درجة الأهل، فيها ويفتقد الأحالم، فيها ت�صتباح الياأ�س، مغرقة يف

كما يف قول حبيب الزيودي معربا عن حالة ياأ�س عامة)2(:

وطن ت�صيخ من الردى اأحالمه اأودت به احلمى

وعز امل�صعفعي يا ليت �صعري، هل يفيد توجروحي مه�صمة، وجرحي ينزف

ر بالقهر، والتمرد عليه، وهي حيث يربز "الإح�صا�س املبكق�صية نلم�صها يف نتاج عرار املتاأخر ن�صبيا")3(، مما يربز اأثرا

عراريا مبكرا يف �صعر حبيب الزيودي.

وملا كان فعل ال�صهادة ثمرة عالقة حميمة بالوطن، ونتيجة ال�صاعر رثاء جاء �صادقة، وجداين ت�صكل لعالقة طبيعية اأبرز مما ذلك، عن ا معرب العجلوين فرا�س الأردين لل�صهيد قيم اإيجابية خ�صبة، انبعثت من دماء اأبنائه، اإذ اإن ال�صهادة من اأبرز هذه القيم واأنبلها، فهي بذل للروح واجل�صد يف �صبيل احلفاظ على املنجز الوطني، فكان املكان مبفرداته من اأبرز

متعلقات فعل ال�صهادة، حيث يقول)4(: نهار من النار

غطى القتام جراحيوحط على الرمل ن�صر قتيل

يخبئ يف قلبه برتقال اأريحاوينرث اآذار فوق جبال الكرك

الــوطـــن يف �صــــعر حبيب الــزيـــودي

د. عماد عبدالوهاب ال�صمور

83

فقد �صور ال�صاعر حادثة حتطم طائرة فرا�س العجلوين، جاعال منها ن�صرا يهبط على الأر�س؛ ليخط يف ذاكرة العروبة اأماين الوطن واأحزانه التي معاين الت�صحية والفداء، ويحمل

تنمو بني ذرات ترابه.

تخلف اإذا به �صيلحق الذي العار اإىل ال�صاعر وي�صري فرا�س ال�صهيد خماطبا يقول حيث ال�صهيد، بثاأر الأخذ عن العجلوين، مربزا انك�صاره الذاتي يف مواجهة عنفوان ال�صهادة

املتقد)5(:

اأغثني فكيف اأخبئ عاري

اإذا طاردتني عيون ال�صبايا

واأين اأخبئ وجهي

اإذا ذوبتني عتابا عيون ال�صغار

وال�صهيد م�صدر خ�صب دائم، وحتفيز ثوري، ونبع عطاء يك�صب مما باحلياة، فتمدها الأمة، روحه تعانق و�صفاء،

الوطن قيما �صامية، وينابيع حب متجدد)6(:

�صالم على ال�صهداء،

لقد كانت الأر�س جرداء حتى ثووا يف ثراها.

فاأينعت الأر�س خريا وفاكهة ومياها.

قطفنا احلياة لأنا ع�صقناك يا وطن ال�صهداء

ويف كل ركن زرعنا باأر�صك زيتونة و�صهيدا

املكاين، للعن�صر تعظيما بالطلل ال�صاعر وقوف ويحمل جاءت حيث النف�س، يف ملكانته وتعميقا الوطن، ميثله الذي يعتز الذي النبع على للوقوف لرفيقيه ال�صاعر منا�صدة الطماأنينة، فيه ين�صد عنه، لفراقه ويحزن معه، بذكرياته

وال�صعادة الدائمة، حيث يقول معربا عن ذلك)7(:

قفا على النبع، يل بالنبع حاجات حلت على القلب من ذكراه، عالت

اأتيتــــه حامـــــال يف راحتـــي ندمي ويف دمــــي، �صر�صت لليــاأ�س غابات

للوطن اآخر الدللية وجها ومتثل الأر�س بكل حممولتها يف اأبهى �صوره، حيث ترمز الأر�س لالأمل بامل�صتقبل اخل�صب، بني تختزن ب�صاكنيها، تربطها ع�صق عالقة عن ف�صال ذراتها موروثا ح�صاريا خ�صبا حممال بالوجد وال�صمو، حيث

يقول)8(: علمتني الأر�س اأن اأرقب ميعاد املطر

هذه الأر�س التي اأحببت بلوطاتهاواحدة... واحدة...

طاردها الرومان يف قلبيوما ا�صت�صلمت

ويتغنى حبيب الزيودي باأبناء الوطن الأوفياء ال�صادقني، الذين اأ�صبحت بطولتهم را�صخة يف الوجدان، ي�صيئون الوطن

باأفعالهم، ويحفظون عهودهم وقت املحن، حيث يقول)9(: اأيهـــــا الأوفيـــــاء احلافظــون على

عهــــوده البي�س اآتيهـــــا وما�صيهــــاكنتـــــم قناديلـــــه يف لـيلـــــه فــــاإذا

مادت به الأر�س اأ�صبحتم روا�صيهالكـــم اأزف اأنـــا�صـــــيدي واإن بهـــــا

من حبـكــــم عبقــــا بالنـــور يذكيـها

حتمل عفوية، عالقة بوطنه ال�صاعر عالقة فاإن لذلك حيث به، الرتباط بدفء وتنب�س ال�صايف، احلب معاين

يقول)10(:

84

لنا وطن طيب وزرعنا

على اأر�صه قمحنا و�صبانا

اإذا اأرقت مقلتاه ن�صيل

نعا�صا على ليله واأمانا

واأغنية �صادقا، وطنيا حلنا �صعره من جعل ما وهذا قدرة ال�صاعر عن يقلون ل الذين الأردنيني وجدان من تنبع الوطني انتمائهم عن والتعبري �صعرا، اأفكارهم �صياغة على

ال�صادق)11(:

ودع نب�س �صعبي يتم الق�صيدة

فال�صعب اأف�صح مني ل�صانا...

متجددة، خ�صب حالة ميثل احلياة، يوازي والوطن وينبعث ال�صادقة، بروحانيته ي�صمو دائمة، �صعادة وم�صدر حيث دائمة، ن�صوة من حتتاجه ما ليمنحها الروح؛ ثنايا يف

يقول)12(:

وخانتني ال�صبابيك ولكني وفيت

فابحثوا عن �صجر خارج قلبي

وابحثوا عن وطن غ�س

وعن ماء وع�صب

)وطن النعتي النزياح ووقوع بالغ�س، الوطن نعت وما املاأمول ال�صاعر اإل دللة وا�صحة على ما يحمله وطن غ�س( من احلياة مقومات بكل يرتبط جتعله وحيوية، خ�صب، من

ماء، وع�صب، وغريهما.

وتتداخل الوطنية بالقومية، اإذ ي�صعب و�صع حدود فا�صلة بني البعدين؛ فالقومية هي حب الأمة، وال�صعور بارتباط باطني نحوها، والوطن هو قطعة من الأر�س، لذلك جنده يتحدث عن

امل�صريية، العرب وق�صية اجلميع، وطن بو�صفها فل�صطني حيث يقول)13(:

هـذي بالدي، بالد الذاهبني غــــدا

اإىل فل�صطني كي تزهو روابيها

طالت جراح فل�صطني التي انتظرت

ولوث ال�صفل الأوغـــــاد واديهــا

على املـــــاآذن من طغيانهم �صـــــجن

وعذبتها جراحات تقا�صــــيمها

وملا كانت املراأة رمزا للخ�صب والنبعاث املتجدد للحياة، �صاكنيه، اآلم يختزن فهو عنها، منزلة يقل ل الوطن فاإن الت�صاقا اأكرث تبدو بينهما العالقة جعل مما و�صجونهم،

بالوجدان ال�صعري، وانبثاقا للروؤيا، حيث يقول)14(:

علمتني الأر�س اأن اأكتب اأوجاعي على

هامة البحر

وقامات ال�صجر

اآ ه يا �صيدة الألوان يف قلبي

اأ�صكني جرحي

لعل اجلرح يرتاح قليال...

وهي عالقة �صامية، تربط م�صري كل منهما بالآخر، وتبعث احلياة يف نفو�س العا�صقني، فكانت ق�صيدة "خرابي�س للمراأة والوطن" بيانا لتداخل م�صامني ال�صعر الغزيل بع�صق الوطن،

والت�صحية يف �صبيله، حيث يقول معربا عن ذلك)15(:

اأحبك لل�صيف يف وطني

للمطر

85

واأع�صق عينيك اإذ تغزوان الف�صاءواإذ تطفئان القمر

ويبوح ال�صاعر بحبه لوطنه، الذي مل يبخل عليه ب�صيء، بل اإنه يتمنى لو امتلك كل �صيء حتى مينحه لوطنه، حيث يف�صح

عن تعلقه برتابه)16(:

ملاذا تعاتبني هذه الأر�س

لو اأ�صتطيع نرثت النجوم على ثوبها

وعلقت يف كل واد قمر

ملاذا تطالبني اأن اأغني واأحلم

ماذا يظل من احللم

حني ميد الل�صو�س بنادقهم

فتبعرث ري�س الع�صافري بني غ�صون ال�صجر

بالنتماء مفعمة لوطنه ال�صاعر حتية جاءت لذلك اأ�صعاره مبفرداته، وتنب�س ال�صادق لالإن�صان واملكان، تزدهي

اأفكاره باأحالم اأهله الطيبني، حيث يقول)17(:

�صنكتب عن اأهلنا الطيبني

وعن وطن فيه نبداأ اأ�صعارنا

ونتمم فيه الكالما

وعن وجه "حمدان" يطلع يف ليلنا قمرا

ويزين �صدر اجلنوب و�صاما

�صالما على وطن الطيبني، �صالما

ويظهر �صعر حبيب الزيودي حالت اغرتابية موؤملة، و�صلت اأمدت ج�صد اأنها الياأ�س، ف�صال عن اإىل درجة مغرقة من به ال�صاعر يف تنتاب ال�صعري بروؤى فكرية خ�صبة، حيث الن�س

عالقته بوطنه حالة اغرتاب طارئة، يفتقد فيها دفء الوطن، فتنبعث اأحزانه ب�صكل عفوي، بعدما تخلى عنه الوطن والأحبة،

حيث يقول)18(:

ويقتلني ظماأي...

وكاأن قطيعا من املاعز اجلبلي بجويف

فال ماء،

ل ع�صب،

ل اأغنيات

القومية باملعاناة الفردية ال�صاعر معاناة تختلط وقد بالوطن العالقة فيه وتفتقد الأحزان، تتعاظم حيث العامة،

خل�صو�صيتها، حيث يقول)19(:

لـم يبق يف الدار يل ركن ول حـجر

ووزعتني على الــــريح الولءات

هـذا اإىل الفر�س قد �صـارت ركـائبه

وذاك للـروم، قادته الو�صاطات

يـــا اأردنيـــــات اأ�صـــــالئي مبـعثـــــرة

فمـن تلملمني... يــــا اأردنيــــات

يحمل مالمح �صرخة حمملة مبرارة الأخري البيت ولعل وال�صياع، بالغرتاب، وال�صعور احلا�صر، وجراح املا�صي،

والت�صرذم.

ذات نف�صية مالمح الزيودي �صعر يف الغرتاب ويحمل اأبعاد ماأ�صاوية يف انبعاثاتها التي هي نتاج عوامل خمتلفة "اإذ اإن تعاقب الإخفاقات والحباطات توؤدي بالإن�صان اإىل اعتزال واقعه اعتزال كليا، اأو �صبه كلي، و�صعيه اإىل بلوغ واقع اآخر، ل

وجود له اإل يف ت�صوره")20(.

86

التي للمدينة عتاب الزيودي حبيب �صعر يف ويربز تتجاهل عا�صقها، مبعنى عتاب املحب، الذي يقرتب كثريا من ال�صعراء ق�صائد بع�س ذلك يف برز املكاين، حيث الغرتاب

الأردنيني)21(.

ومع ذلك، كان تاأكيد ال�صعراء على توا�صلهم مع مع�صوقتهم قول يف كما لالأردن، وعا�صمة خا�صا، رمزا بو�صفها عمان،

حبيب الزيودي)22(:

يا ليت عمــــان قد مدت اإيل يــــدا

بعد الفـــراق فاإين قد ب�صطت يدي

اأو ليت عمان بعد ال�صد ت�صمعنـي

فقد وهى بالهوى من بعدها جلدي

اهلل يعلـــــم اأين مــــــا نكثت لـهـــــــا

عهــــدا ول فارقت روحي ول خلدي

فاإن عط�صت وكان املـــــــاء ممتنعا

فلت�صربي من دمــــوع العني يا بلدي

واإن �صقطت على درب الهوى قطعا

اأو�صيك، اأو�صيك، بالأردن يا ولدي

واإخال�صه املكان، مع احلميم توا�صله يربز فال�صاعر الدائم لرتابه، مما يجعله يعرب عن حالة تقابلية بني موقفني، فموقف الثاين، اأما لع�صاقها، املدينة جتاهل الأول ميثل بوحا حتمل خ�صبة، فكرية بروؤى ال�صعر عنه يعرب اإيجابي، عرب الرمز مدينته مع ال�صاعر فيه يتوا�صل خا�صا، وجدانيا

اأن�صاق لغوية ب�صيطة، واحتاد وا�صح باملع�صوقة)23(.

ومع اأن ال�صاعر ل يخفي رغبته اجلاحمة يف التوا�صل مع الوطن، اإل اأنه يظهر يف �صعره الوطني بني احلني والآخر عتابا

له، وغرية على م�صاحله، حيث ينبع من حب �صادق لطيفا، يقول)24(:

داويت كل جراح العرب يا وطنــي

اإل جراحـــــاتنا ما من يداويها

واإن يف القلب اأوجاعـــــــا يكتمهـــــا

واإمنــــا اأقتــــل الأوجاع خافيها

اآلما له ي�صببون الذين الوطن، بخائني ال�صاعر ويعر�س ال�صخ�صية والأطماع املادية، امل�صالح لتغليبهم م�صاعفة،؛

على حب الوطن الرا�صخ يف النفو�س، حيث يقول)25(:

قد حدثوين عن نفائ�س فار�س

وعن القيان بق�صر ك�صرى تعزف

لكنهم ملا جتندل موطني

خانوا العهود املا�صيات واأخلفوا

تركوه لالأوجاع تنه�س �صدره

، ويغرف ولكل �صم�صار يعب

لذلك، فاإن �صورة الوطن املتخيل اأو املاأمول، مل تكن غائبة عن فكر حبيب الزيودي، اإذ يحلم ال�صاعر بوطن ي�صم جميع �صاكنيه جميع مينح واخلائنني، الطامعني، من يخلو اأبنائه، فيه تتعاظم للج�صد، الروح مبنزلة له يكون وطن احلب،

الآمال، وتختفي منه الأحزان، حيث يقول)26(:

اأنا اأ�صتهي وطنا ي�صاركني طريقي

حني اأرجع متعبا للبيت وحدي يف امل�صاء

واأ�صتهي وطنا ي�صاركني احرتاقي يف العيون

واأ�صتهي وطنا يقا�صمني عذابي.

87

املتخيل، فهو وطن يحتوي ير�صم مالمح وطنه فال�صاعر ف عنهم الآلم، وي�صهرهم يف بوتقته، عا�صقني اجلميع، يخفله، يحتمون بظالله، وذلك يف عالقة حب خالدة، ل يعرتيها

اأي �صائبة، حيث يقول)27(:

من اأجل هذا احلب يا وطني

اأريدك اأن جتال�صني، وت�صرب قهوتي.

اأحتاج يا وطني ورودك كي اأغطي طعنتي

واأريد يا وطني مكانا وا�صعا

لأقول لالأطفال يف كل املدار�س كلمتي.

�صاأقول يا وطني املوزع يف حنايا الروح

اأنك كعبتي...

اأن �صعر حبيب الزيودي اإىل بد هنا من الإ�صارة هنا ول )عرار( التل وهبي م�صطفى لق�صائد امتداد هو الوطني موظفا جنوبه، اإىل �صماله من الوطن برتاب تغنى الذي نباته واإن�صانه الطيب، ومتمردا على الظلم الجتماعي، وقوى

ال�صتعمار امل�صتبدة.

لذلك، فاإن الزيودي ميثل الظاهرة العرارية خري متثيل، "فنجد �صاعرا �صابا يحاول اأن يبعث ال�صاعر، اأن يرفعه رمزا اأو رف�صه، اأو وطنيته، عن ليعرب �صورته؛ ي�صتعيد اأن وطنيا، اإذ اجلنون، حد ويع�صقه بوطنه، يتغنى حيث �صياعه")28(، يقول م�صورا حالة احتاد وجداين بالوطن رغم ما ي�صعر به من

مرارة الواقع وانك�صاراته، وفراق الأحباب)29(:

لكنه وطني...

وبني �صلوعه

روحي،

وبني عروقه

اأع�صابي

وله يفي�س الدمع من قيثارتي

ويذوب يف حب الديار ربابي

يف وا�صحا الأردين املكان مفردات توظيف جاء وقد ال�صلط، �صارع موؤاب، الكرك، مادبا، �صيحان، مثل: �صعره،

عمان، اإربد، العالوك... اإلخ.

على باعثة لالإبداع، ملهمة الزيودي �صعر يف وعمان اخل�صب، تنب�س باأوجاع �صاكنيها، متار�س �صلطتها التحفيزية ب�صدر العا�صقني حتت�صن الواقع، اإحباطات عن بعيدا حيث عنفوانه، بع�س الغزيل �صعره يف منها في�صتمد دافئ

يقول)30(:

�صتلب�س عمان ع�صاقها كي تنام

تعايل اأ�صمك

حني نذوب معا يف العناق

ي�صري الرتاب غماما

ويبتدي الطوفان

ولعل هذا ما يجعل من "املكان مب�صهديته التعبريية لوحة امل�صتمرة، ومعاناتهم ال�صابرين، تنطبع عليها ظالل جميلة، من تتك�صف روحي، غنى حالة ال�صعرية التجربة منح مما فعل ومواجهة ال�صمود، ميزة املكان لتك�صب الذاكرة؛ ثنايا

الزمن")31(.

وي�صتعري حبيب الزيودي من ج�صد املراأة ما يعرب به عن واقع مدينة عمان اخل�صب، وثرائها الفكري امللهم لالإبداع، اإذ متتنع عمان عن هذا العطاء ملن يت�صف بالغدر، اأو اجلنب، مما

88

مينحها اأ�صالة وعنفوانا م�صاعفا، حيث يقول)32(:

عمان ل ترخي جديلتها على �صدر اجلبان

وزنابق الأردن تزرع ليلها فرحا

وت�صقي قلبها �صما

ول ت�صتمطر الباغي حنان...

وقد تفرز عالقة ال�صاعر املتاأججة بعمان حالة هيام خا�صة، ب الن�س ال�صعري بروؤى احل�صور والغياب املتجددة،؛ اإذ تخ�صفي�صبب غيابها اأما والزهو، ال�صعادة بح�صورها عمان متنح البوؤ�س وال�صقاء، لذلك جاءت ال�صور ال�صعرية و�صيلة لإبراز ما متثله عمان يف نفو�صهم من مكانة، حيث يقول م�صورا تعلقه فيها وجد بعدما فراقها، عند حاله عليه ت�صبح وما بعمان،

بل�صمه ال�صايف، وخمل�صته من العذاب)33(:

اآمال عمري متى األقاك عائدة

ال�صعد يبعـــد عني حــــني تبتعــــدي

اأنا بدونك كالأغ�صــــــان عارية

ادح الغرد كالع�س بعد رحيــــل ال�ص

اإن العذاب �صرى يف كل اأوردتي

وحل يف مهجتي الظماأى ويف كبدي

فقد جعل توظيف ال�صاعر ملعامل الطبيعة املكان اأكرث قدرة على جتاوز اأبعاده الهند�صية املعقدة اإىل اأبعاد جمالية �صاحرة،

تربز حالة التجذر املكاين، والنتماء لرتاب الوطن.

ق�صيدته يف عذبا وطنيا حلنا الزيودي حبيب ويعزف التي نظمها مبنا�صبة مرور مائة عام على وفاة �صاعر الأردن اخلروج وحماول لعرار، قويا ندا نف�صه من جاعال )عرار(،

عن العباءة العرارية، "وما كان ذلك من باب العقوق له، وعدم واملرحلة، الظروف يف اختالف هو ما بقدر به، العرتاف حق ومن اأحد، فيهما ينازعه ومل ومرحلته، ظرفه، فلعرار

حبيب الزيودي اأن يكون له ظرفه ومرحلته")34(.

وغريته الوطني، عرار حل�س وا�صح ا�صتلهام والق�صيدة على م�صالح الأمة، حيث يقول)35(:

ندان نحن اليوم يا اأبتي على �صفح الكالم

ندان فا�صرب من مدامك جرعة واترك مدامي

ندان ل تغ�صب اإذا �صليت وحدي يا اإمامي

اإن كان جند مبتغاك اذهب لنجد اأنا تهامي

لذلك جاءت اأغنية حبيب الزيودي للوطن تعبريا �صادقا عن قيمة الوطن، وحدوده الروحية املفعمة بعبق تراب الوطن،

وقيمته التي ل حتدها حدود، حيث يقول)36(:

األ اأيـها الوطـن املتـدفق يف الـروح

يا اأعذب الأغـنيات

�صمـال حتـدك روحـي

جنوبا حتدك روحي

وروح ال�صهيد حتدك يا وطني من جميع اجلهات

وظيفة من الوطنية اأ�صعاره الزيودي يف نبع حبيب لقد �صكن وطني حب ومن وق�صاياه، بالوطن امللتزمة ال�صعر يف الإبداع فكان الأ�صعار، باأجمل وجدانه واألهم جوارحه، طاقة �صعره من جعل مما الوطنية، لأ�صعاره الفني الت�صكيل ال�صعر وظيفة وتعك�س ال�صلبية، املظاهر كل ترف�س حمركة،

اخلالدة.

89

الهوام�ش:العربي(، ال�صعر الأردن )وموقعه من حركة ال�صعر يف واآخرون، 1- �صمري قطامي بحث عمان، الثقافة، وزارة من�صورات اخلام�س، الثقايف عمان ملتقى اأوراق بعنوان الهم الوطني يف ال�صعر الأردين )نقي�س التجربة( للدكتور �صليمان الأزرعي،

�س65.

2- حبيب الزيودي: ناي الراعي، من�صورات اأمانة عمان الكربى، 2002، �س �س . 54 -53

الكربى، عمان اأمانة من�صورات ال�صعرية)1(، البنى ر�صوان: اهلل عبد -3�س444. ،2003

�س137. الراعي: ناي -4

�س142. نف�صه: امل�صدر -5

�س149. نف�صه: امل�صدر -6

�س17. نف�صه: امل�صدر -7

�س48. نف�صه: امل�صدر -8

�س266. نف�صه: امل�صدر -9

�س274. نف�صه: امل�صدر -10

�س282. نف�صه: امل�صدر -11

�س181. الراعي، ناي -12

13- امل�صدر نف�صه: �س267.

�س49. نف�صه: امل�صدر -14

.87 -86 �س �س نف�صه: امل�صدر -15

�س126. نف�صه: امل�صدر -16

�س300. نف�صه: امل�صدر -17

.13 -12 �س �س نف�صه: امل�صدر -18

.20 �س نف�صه: امل�صدر -19

الرواد(، املعا�صر)مرحلة العربي ال�صعر يف الغرتاب جعفر: را�صي حممد -20من�صورات احتاد الكتاب العرب، دم�صق، 1990م، �س43.

21- انظر: عماد ال�صمور، عمان وهج املكان وبوح الذاكرة )قراءة نقدية ل�صورة ،2006 الكربى، عمان اأمانة من�صورات املعا�صر(، الأردين ال�صعر يف عمان

�س110 وما بعدها.

.82 -81 �س �س الراعي: ناي -22

الثقافة، وزارة احلديث، العربي ال�صعر يف املدينة ر�صوان، اهلل عبد انظر: -23عمان، 2003، �س121.

.269 -268 �س �س الراعي: ناي -24

.53 �س نف�صه: امل�صدر -25

�س162. نف�صه: امل�صدر -26

.167 -166 �س �س نف�صه: امل�صدر -27

كتاب �صل�صلة ثقافية(، ون�صو�س )مقالت قراءات الزعبي: زياد -28ال�صهر)36(، وزارة الثقافة، عمان، 2002، �س55.

�س61. الراعي: ناي -29

30- امل�صدر نف�صه: �س40.

�س40. الذاكرة، وبوح املكان وهج عمان ال�صمور: عماد -31

�س16. الراعي: ناي -32

.81 -80 �س �س نف�صه: امل�صدر -33

املوؤ�ص�صة جديدة(، )قراءة التل وهبي م�صطفى واآخرون: الزعبي زياد -34حور حممد للدكتور بحث عمان، الفار�س، دار بريوت، والن�صر، للدرا�صات العربية

بعنوان ال�صوت وال�صدى)عرار يف عيون ال�صعراء(، 2002، �س89.

�س386. الراعي: ناي -35

�س278. �س الراعي: ناي -36

90

ن اأردين. كاتب وملح

كان �صديقا اأتذكر فاإنني الزيودي، حبيب اأذكر عندما امللهم يل -يف كثري من الأحيان- يف مهنتي يف �صناعة الأغنية لفرتة طويلة ق�صيناها معا، بل اأتذكر �صاعرا فذا قل نظريه يف

عامل ال�صعر والإبداع.

كان ما اأ�صتذكر فاإنني اهلل، رحمه حبيب، اأتذكر عندما يواجهه، عند تاأليفه لق�صيدة اأو اأغنية، من التحديات الفكرية اإذا اللحظات، خ�صو�صا تلك بها يف كان مير التي والنف�صية كانت هذه الق�صيدة للوطن اأو لعمان، اأو لوردة اأو لزهرة يف اأي جزء من الأردن احلبيب، فماذا كان يفعل؟ كان يطلب مني اأن اآتي بالعود اأو القانون اإىل �صومعته ومكانه املحبب يف العالوك، ويكون قد األف اأبياتا من ق�صيدة، يدفعها اإيل كي اأعطيها حلنا منا�صبا، ويظل يدندن معي يف تلك اللحظات املمتعة بني قراءة النغمات اآلف قريحتي على لتنهال القانون، ونغمات ال�صعر باإلهام من �صاعرية حبيب، حيث نظل حبي�صني لل�صعر والنغم،

حتى ياأتي املولود اجلديد.

اإن هل يف عهد احل�صني هاللها

فبعهـــــد عبــــداهلل تــــم متامها.

دون يل قال ،1991 العام يف مرة لأول التقيته عندما مقدمات: "�صمعت من اأحلانك اأغنية جميلة هي:

عمـــــــان يــــا دار املعــزة والفخر

يا حــــرة مـــا دن�صت اأبـــوابهـــــا

ال�صاعي، عبيد علي �صعر من عو�س فار�س غناها والتي

من يل تلحن اأن منك "واأريد قائال: واأردف بها"، واأعجبت �صعري هذه الق�صيدة"، وبداأ باإلقائها على م�صامعي:

يا ليت عمـــــــان قد مدت اإيل يدا بعد الفـراق فاإين قد مددت يدي

اأهلل يعلم اأين مـــا نكثت لها عهدا ول فــــارقت روحــــــي ول خلـــــدي

اإعجابي ولكن البداية، يف ده�صت اأين واحلقيقة، بالق�صيدة، جعلني اأ�صعر باأنني اأمام �صاعر كبري، وكانت هذه فورا با�صرت والتي بحبيب، التي جتمعني الأوىل الأغنية هي

بتلحينها.

الكويت من قادمة -اآنذاك- نا�صئة لالأغنية اخرتت )ا�صمها �صمرية الع�صلي(، وكانت الأغنية الأوىل اخلا�صة بها يف حياتها الفنية -على ما اأذكر- و�صجلنا الأغنية بعد اأن غري حبيب يف كلماتها اأكرث من ع�صر مرات، اإىل اأن ا�صتقر على اأن

تكون بدايتها: عمان اأر�س الندى اإين فتحت لها

قلبي املحب واإين قـد مددت يدي

بعد فرتة جاءين حبيب يريد �صماع الأغنية، وا�صتمعنا يف ال�صتوديو اإليها، فطرب لها وطرب

ل�صوت املطربة اجلديدة اأ�صد طرب، وظل يعيد �صماعها، عند خ�صو�صا وجهه، تفارق مل وب�صمته اإيل تنظران وعيناه

املقطع الذي يقول فيه:

حبيب الــزيــــودي.. �صـــــهادة وحتيــة

د. اإميل حداد

91

فاإن �صقطت على درب الهوى قطعا

اأو�صيك، اأو�صيك، اأو�صيك بالأردن يا ولدي

ل اأن ل ت�صكن اأو�صيك، فاأجبته: حاولت فقال يل: كنت اأف�صالت�صال بك )قبل وجود املحمول( ولكن مل اأفلح، لأن املطربة راأت اأن الت�صكني اأ�صل�س من الفتح يف الغناء، وقد اأعدت الكلمة ثالث مرات، مرتني بالت�صكني، والأخرية بالفتح، واإنه يف عامل

الغناء لي�س على املطرب اأن يعرب، ف�صحك وقال: ل باأ�س.

جنحت الأغنية يف تلك الفرتة جناحا باهرا.

ابونا عني يا • هال

يف العام 1999 ويف ني�صان حتديدا، كان دولة عبد الروؤوف الإذاعة موؤ�ص�صة اإىل زيارة للوزراء، وجاء يف رئي�صا الروابدة والتلفزيون، وكنت وقتها رئي�صا للق�صم املو�صيقي، فاجتمع دولته بامل�صوؤولني واملوظفني يف قاعة يف مبنى الإذاعة اجلديد، وتكلم العمل لتطوير عمله ميكن وما والتلفزيون الإذاعة �صوؤون يف ه وج ثم والغناء، واملو�صيقى والأخبار، والتلفزيوين، الإذاعي اأن امللك عبداهلل كالمه اإيل مبا�صرة قائال: )هل من املعقول للعهد اأغنية اأي بعد تنجزوا واأنتم مل ملكا، �صهران عليه مر

اجلديد؟ وين �صارت؟(.

فرتة نعي�س زلنا ما اإننا اأقول اأن اأود وكنت اأجبه، ومل اأ�صتطيع اأنني مل اإل حزينة بفراق املغفور له جاللة احل�صني،

اأن اأنب�س ببنت �صفة.

طلب مني املدير العام -يف ذلك الوقت- الأ�صتاذ اإح�صان والتلفزيون، الإذاعة موؤ�ص�صة يف مكتبه اإىل احل�صور رمزي حيث ناولني ورقة خمطوط فيها ن�س غنائي من كلمات حبيب

الزيودي بعنوان "هال يا عني ابونا".

ا يق�صده حبيب، اأخذت الأغنية واأنا اأفكر بهذا املعنى، وعموقد تداعت الأفكار اأمامي عندما تذكرت جارة لنا كنا ن�صمعها

تنادي على ابنها: وينك يا �صليم، وينك يا عني اأبوك؟

ن بوا�صطته اأحل فانهالت الأنغام على القانون الذي كنت الأغنية، كلمات اهلل رحمها والدتي و�صمعت الكلمات، هذه البادية، وذكرتني باجلارة وحلنها، وقالت: هذه الكلمات من

التي كانت تنادي ابنها يا عني اأبوك.

حلنت الأغنية وا�صتمع اإليها حبيب، وكاد يطري من �صدة الفرح بهذه الأغنية الوليدة. اخرتت لهذه الأغنية مطربا �صابا يدعى متعب ال�صقار والذي كان يف بداية حياته الفنية، وغري الأغنية، واأ�صمعته حولها. وما الرمثا اأبناء من اإل معروف، التايل اليوم يف جاء ثم حفظها، اأن اإىل غنائها على ودربته اإىل عمان، و�صجلها يف الإذاعة، حيث طارت �صهرة الأغنية يف

جميع اأنحاء الأردن، والبالد العربية.

بعدها جاء دولة رئي�س الوزراء اإىل الإذاعة، وا�صتمع اإىل الأغنية، واأعجب بها كثريا، مع اأنه كانت له بع�س املالحظات يف تقدمي بع�س املقاطع وتاأخري بع�صها الآخر، وقد كان ذلك يف حمله، حيث قال حبيب: "نعم هكذا �صتكون اأجمل يا دولة

الرئي�س"، ونفذنا ما اأ�صار به دولته.

عهودها نخون وما بلدنا • هذي

الأوىل، اللحظة من بتلحينها وبداأت حبيب، من تلقفتها الع�صلي �صمرية املطربة وب�صوت متقنة بكلمات حلنا وكان التي طارت �صهرتها يف اأرجاء الوطن العربي بعد غنائها لهذه

الأغنية.

وا�صتمرت اللقاءات بيني وبني حبيب، وكان ل مير يوم اإل وكان لقاء لنا، اأو على الأقل حمادثة تلفونية.

يدعو فكان املع�صر، طيب النف�س، كرمي بطبعه حبيب الأ�صدقاء من الأدباء والفنانني وال�صحفيني اإىل بيته دعوات عنده، املدعوين اأحد الأيام- معظم -يف وكنت يومية، �صبه حيث تعرفت خالل تلك الفرتة على كبار الأدباء وال�صحافيني

والفنانني العرب والأردنيني.

92

اإل اأن معظم لقاءاتي به كانت ثنائية يف بيته يف العالوك، معي دائما وكان ثالثتا، القانون اأو والعود اجلبيهة، يف اأو بال�صيارة، في�صاألني: "معك العود؟"، فاأنزل واأح�صره، وجنل�س، اأنا اأعزف، وهو يكتب، واإذا �صمت حلظة، كان يقول: "ا�صتمر،

ا�صتمر يف العزف"، اإىل اأن يرفع الورقة اإيل ويقول ا�صمع:

ا�صرق �صباح ر�صا و�صم�س اأمــــــاين

واعقــــد لـــــواء احلق للفر�صـــان

املـجـــــد والعـليـــــــاء اإن يتـفـرقـــــــــــا

يف وجــــــه عبــــــداللـه يلتقيــــــان

واختار هو املطرب ال�صوري نور مهنا لغنائها، ومت ت�صجيل الوطنية الأردن حفالت يف باقتدار املطرب واأداها الأغنية،

واأمام �صيد البالد.

ال�صعر، ففي تاأليف به عند كانت حلبيب طقو�س خا�صة يلف ج�صمه يف كان بيته، اأزوره يف كنت عندما ال�صتاء، اأيام يف وكاأنه ويجل�س راأ�صه، ويغطي نف�صه، على ويتكور بطانية، خيمة على مقا�س ج�صمه، وبيده القلم والورقة، ويقول: اعزف

يا اأبا يو�صف.

من يحثني دائما وكان القريحة، به جتود ما له فاأعزف حتت خيمته على العزف ويقول: "ا�صتمر، ا�صتمر"، واأنا اأ�صتمر واأعزف واأعزف اإىل اأن يطل راأ�صه من البطانية ويقول: ا�صمع:

ذبحتني يا اخلايل يا ناعم الري�س

�صـحنت قلبي مثل بن املهابي�س...

"يا للروعة يا حبيب"، فيقول: "اأ�صمعنى حلنها"، فاأحاول ت�صلح هذه اهلل، "اأهلل فيقول: مبدئيا، هيكال لها اأ�صع اأن عمر، ب�صوت الأغنية ت�صجيل مت وفعال العبدالالت"، لعمر

ولقت الأغنية جناحا كبريا.

طيبك • الطيب

الأغنية لدور كبري تكرمي هناك كان 2001 العام يف "مهرجان و�صخم كبري مهرجان خالل من وذلك الأردنية، وتوزيع باحل�صور، امللك جاللة �صرفه الذي الأول" الأغنية

اجلوائز على امل�صاركني والفائزين.

املهرجان، ذلك جتاه كبرية مب�صوؤولية حبيب اأح�س وقد فكنا جنل�س يوميا يف مكتبي بالإذاعة، اأو يف التلفزيون، اأو يف

العالوك، نفكر بهذا املهرجان، وما ميكننا اأن نقدم فيه.

وقد جاءين يف اإحدى املرات اإىل مكتبي يف الإذاعة قائال يل: ا�صمع هذه الكلمات:

الطيب طيبك والنـــدى بيك والنــــد

يا م�صرع ابوابك على املجد والغار

يـــا هالوطن تعمــــر، تكبـــر ومتتــــــد

وتلمنا من حـــــولك زغار وكبــــــــار

و�صيء رائع �صديدة: فاأجبته بحما�صة راأيك؟ ما و�صاألني: عظيم، ولكن اأين البقية يا اأبو حممد؟

الأبيات من البقية و�صتاأخذ دندن، ابداأ "اأنت فقال: اليوم".

اأتيت بالقانون احلا�صر دائما يف مكتبي، وجل�صت اأمامه، من نظراته يف ملا امتحان؛ يف باأين و�صعرت يراقبني، وهو بها يل اأوحت التي اخلواطر بع�س اأعزف فاأخذت اإ�صعاع، كلمات حبيب "الطيب طيبك"، واأح�س حبيب بجمال املو�صيقى للجملة الأوىل من الن�س، فقفز من مكانه وراح يذرع الغرفة،

ثم قال:

احلب له حـــد، وحبك بـــــال حـــــد

ونو�صفك بال�صعر، والو�صف يحتــــار

93

اإىل اأن اأمت الأغنية، واأنا اأ�صتمع اإليه، فكان م�صدرا لإلهامي اأر�صمها على الورق، واأرددها عزفا، وغناء كي ل يف كل نغمة ت�صيع نغماتها من خاطري، وهكذا، حتى اكتملت الأغنية، ففي واأكملنا العالوك، اإىل معا ذهبنا حيث اأفارقه مل اليوم ذلك واأنا الكلمات، بع�س ل يبد حبيب فكان الفنية، اجلل�صة هذه اأغري بع�س النغمات، حتى و�صلت الأغنية اإىل حالة من الن�صج،

وا�صتقر الأمر من الناحية ال�صعرية، والناحية النغمية.

له: فقلت حبيب، �صاألني الأغنية؟"، �صيغني من "الآن، بالرمثا، مبتعب ات�صلت حيث فورا، فوافق ال�صقار"، "متعب يحفظ متعب وبداأ رائعة، فنية جل�صة وجل�صنا اإليه، وذهبنا للت�صجيل عمان اإىل التايل اليوم يف ياأتي اأن واتفقنا اللحن، يف الإذاعة، متهيدا لتقدميه اإىل جلنة املهرجان، ولظرف ما، تاأخر متعب عن القدوم اإىل عمان، وكان امل�صوؤول عن املهرجان ي�صاألني: "اأين اأغنيتكم، ومن �صيغنيها؟"، فقلت له: "�صيغنيها وكانت لت�صجيلها"؛ غدا �صياتي اهلل �صاء واإن ال�صقار، متعب �صهرة متعب قد و�صلت اإىل معظم الأردنيني بعد اأن غنى "هال "اإن وقال: املهرجان م�صوؤول علينا فاأ�صار البيت"، وا�صط يا متعب ال�صقار اأ�صبح جنما يف الغناء، فال يجوز اأن نقدمه على اأنه مت�صابق مع الهواة، والأف�صل اأن يغني هذه الأغنية مطرب جديد من الهواة، ولي�س ب�صهرة متعب"، و�صعرت باإحراج �صديد ل الأمر بكل ب�صاطة، ف�صكرت فيه جتاه �صديقي متعب الذي تقب

هذه الأريحية العالية.

املنا�صب املطرب لإيجاد العذاب رحلة بداأت ذلك، بعد لالأغنية، حيث اإن معظمهم قد التزم باأغنية اأخرى للمهرجان، ولكنني مل اأياأ�س، واأخذت اأ�صتعر�س يف ذاكرتي واأت�صاءل: ترى

من �صيقوم مبهمة الغناء؟

زيارة يف الرمثا من فرقة جاءت التايل، اليوم ويف لالإذاعة لت�صجيل اأغان �صعبية يف ا�صتوديو املو�صيقى، فجل�صت اأ�صتمع اإىل املطربني الذين كان يرافقهم رئي�س الفرقة "بالل

الزحراوي"،

الدوقراين"، "رامي ا�صمه وكان اأحدهم فاأعجبت ب�صوت تلك يف التلفزيون يف موجودا كان الذي بحبيب وات�صلت اللحظة، وقلت له تعال ا�صمع هذا ال�صوت، فجاء حبيب ب�صرعة، حيث كنت قد دربت رامي الدوقراين على املقطع الأول من حلن واأنا وحبيب املقطع، ذلك له و�صجلت وغنى فدخل الأغنية، اأين من ونت�صاءل الفخم، ال�صوت هذا اإىل ده�صة بكل ن�صتمع ياأتي هذا ال�صوت؟ وهو ي�صدر عن �صاب �صغري ل يتجاوز �صن ال�صاد�صة ع�صرة من العمر! ثم ناداه حبيب وقال له: ما ا�صمك يا �صاطر؟ فاأجابه: ا�صمي رامي الدوقراين، فقال حبيب، بدنا نغري والدك؟ ا�صم اأ�صتاذ. ف�صاألته: ما يا فاأجاب: كما تريد ا�صمك، فقال: "خالد"، فقال حبيب: نحن اخرتنا لك ا�صم رامي اخلالد،

فما راأيك؟ فنظر اإلينا ب�صرور، وقال: �صكرا.

حيث ال�صاب، هذا ب�صوت النظري منقطع الإعجاب كان اأجمل جائزة جوائز، بثالث طيبك" "الطيب اأغنيته فازت

كلمات، وجائزة اأجمل حلن، وجائزة اأف�صل اأغنية متكاملة.

تلك الدنيا يف اأملك اأنني �صعرت اأ�صدق ما حدث، فقد مل من املباركة؛ الأيدي من اجلوائز فيها ا�صتلمت التي اللحظة

جاللة امللك عبداهلل الثاين.

ويطول ال�صرح.

من�صغال عمره �صنوات اأم�صى حبيب اإن القول اأ�صتطيع التي ال�صعرية ابداعاته خالل من والوطني، الثقايف بالهمني يف الق�صائد اأجمل و�صطر املفدى، وقائده بالوطن بها تغنى دها دها وما زال يرد الأردن وعمان، و�صاغ اأجمل الأغاين التي رد

النا�س يف املنا�صبات كافة.

وقد �صغل حبيب وظائف متعددة يف الدولة، فعمل بالإذاعة وم�صت�صارا الأردين، ال�صعر لبيت مديرا عمل كما والتلفزيون، اأخريا الأردنية، وعمل لرئي�س اجلامعة لأمني عمان، فم�صاعدا لالإذاعة ناجحا برناجما قدم كما الثقافة، لوزير م�صت�صارا الأردنية بعنوان "�صنديان".. ولكن موقعه الأهم ظل حمجوزا يف

دنيا الإبداع يف حياته، ويف عامل اخللود بعد رحيله.

94

وح�صة روحي يف د املتجد الزيودي حبيب ح�صور د يبدالكاآبة، وتداعب �صيجارته ممتزجة ب�صوته وجداين، فتتدفق والفكرية ال�صعرية الأم�صيات وق�ص�س اأحاديث الذاكرة من

ية جفاف الروح. وال�صيا�صية، مند

بعد ال معه ع�صناها التي الأجواء تلك قيمة اأدرك مل الوجه عرفت عندها اإنذار. �صابق ودون م�صرعا مغادرته الآخر لواقع احلياة، وعرفت اأي فتى اأ�صاع الأردن والأردنيون. واملو�صيقية(، )ال�صعرية الثقافية حياتنا معامل من فحبيب فقدنا برحيله دعامة من اأر�صخ دعائم ال�صعر الأردين الأ�صيل، اأكرث من هذا، فهو من العالمات ولكنه بالن�صبة جليلنا �صيء الفكري وتراثنا لأنف�صنا ال�صحيح فهمنا طريق على الفارقة

الأدبي العربي، ولي�س املحلي فقط.

فقد واأ�صدقائه، لأهله مفاجاأة الزيودي حبيب نعي كان �صهدناه يف الأيام الأخرية وهو ي�صع كالزمرد والياقوت، والآن وبعد اأن رحل مبكرا وحتررت نف�صه الوديعة الطيبة من الآلم م نقي اأن علينا حقه من فاإن الأخرية، ق�صائده حملتها التي

ر الأجيال بقيمته يف الثقافة وال�صعر. ف�صله، ونذك

واإمنا فح�صب، وملهمي �صديقي لي�س الزيودي حبيب كان، و�صيبقى، من املعامل الثقافية والفنية املجنونة يف حياتي يف املتوا�صع ق والتعم والن�صج الدرا�صة مراحل مدار على الأردنية تاأ�صرين يف �صخ�صيته ودائما كانت �صوؤون احلياة... -الب�صيطة غري املعقدة، وموهبته املتدفقة، وثقافته الوجدانية، وتلقائيته، وعواطفه بعفويته التي اختلطت امل�صطربة وحياته طاقته ونرثا- �صعرا كتب: ما كل يف اإبداعه مع املتاأججة الإبداعية الفذة التي كانت �صببا يف جمع كل الأطياف حوله يوم

دفنه يف ثرى العالوك. وكلما ازددت تاأمال وتعمقا يف ثقافتنا وق�صاياها وتياراتها وتفاعالتها بني ال�صرق والغرب، جتلت يل اأمارات عبقرية هذا الفتى الأ�صمر ابن القرية، الذي حقق ثورة

وربيعا يف الق�صيدة الأردنية �صتمتد اآثارها اإىل يوم الدين.

* * *وعلى امل�صتوى الإن�صاين، بعيدا عن ال�صعر والثقافة، كانت اأفرط الذي فهو العجيبة، بتناق�صاتها �صخ�صيته ت�صتهويني اأبرز �صفاته. اأريحيته وكرمه من على نف�صه، ومع ذلك كانت فما اأكرث ما ك�صب من مال، وما اأكرث ما اأنفق ب�صخاء. تقديري نتيجة لي�س الأخرية ال�صنوات يف منه وقربي حلبيب وحبي تعلق جمرد ولي�س فريدة، عربية اأردنية ب�صخ�صية اإعجاب روحاين ببطل م�صريي ارتبط مبرحلة معينة من العمر، اإمنا يف متاأن قريب ل تاأم وحياته... ليومياته يومي ل تاأم نتاج هو الآثار القريبة والبعيدة التي تركها هذا الفتى يف تاريخ الأردن

وثقافته.

كانت �صخ�صية حبيب مزيجا عجيبا من ال�صاعر والأديب املحب املرهف ال�صاعر بح�س ال�صيا�صة فمار�س وال�صيا�صي، ال�صيا�صي. بح�س وال�صعر الأدب ومار�س و�صغبه، ومثاليته لكن اجلميل، اخلا�س و�صجيجه بطفولته احلياة ومار�س الذي الإن�صان ال�صاعر وروح املالحظة دقة على باملحافظة ع�صق النا�س الذين تعامل معهم باإح�صا�صه و�صفافيته وب�صاطته قبل اأن يفرد عليهم ع�صالت �صعره. فكان ذا روح مرحة، ونكتة املرهف ولعل لإح�صا�صه للحياة، وروؤية عميقة متميزة لذعة، يوم بطفولته �صلة الأوىل، ق�صائده يف ذرفها التي والدموع

ف�صل ق�صرا عن والدته.

* * *

نـــــــــــاي الـعـــــــالــــــــــوك

حممد وا�صف

ن اأردين. اأكادميي وملح

95

كان حبيب اإذا ما ح�صر جمال�س امل�صوؤولني اأو ال�صعراء اأو الأدباء اأو املو�صيقيني، جذب اإليه اجلميع، ومل يبق يف املجل�س

اأحد اإل وا�صتمع اإليه، كبريا كان اأم �صغريا.

اأما عن اأجواء حبيب الزيودي يف الكتابة وبالتحديد حلظة الإلهام:

�صارد اخليال الكالم توقف عن ما اإذا دائما جتد حبيب بني فيها يدخل غرائبية بطريقة يتاأملك عينيك يف �صارحا جوانحك ويتقم�صك تقم�صا تاما. فكنت اأحدثه واأنا اأعلم اأنه

يف يجول ال�صعر من بيت فهناك اللحظة، تلك يف معي لي�س خاطره، فاأ�صحك تارة واأغ�صب اأخرى.

يف اإحدى الليايل، ويف حلظة م�صابهة، �صاألته كيف تكتب؟ ومتى ياأتيك الإلهام؟

وكعادته، مل يجب، وانعزل يف اجلل�صة عنا اإىل جانب النار ب�صوت نادى ثم بفروته، م�صتدفئا يكتب و�صار العالوك، يف عال: "حمم اااد، تعال اقراأ يا معلم، اأنا هيك بكتب"، واأترك التي حملت خطه الورقة تلك الإجابة يف الأعزاء قراءنا لكم

واأحتفظ بها كمئات الأوراق:

96

اأغانيه غالبية اأن مو�صوع حول حبيب مع مرارا حتدثت كتبت بالعامية، مع اأن بدايته مع الأغنية كانت باللغة الف�صيحة ترتاوح اإجابته تظل �صاألته كلما وكان التاج(. �صاحب بـ)يا اليومية احلياة مع التفاعل الف�صيحة عن مكانها حول عجز لعامة النا�س، واأن العامية اأقرب اإىل اللهجات الكثرية املوجودة يف الأردن القريبة اإىل ال�صورية والعراقية والفل�صطينية، وهكذا. وهنا تعجز الف�صيحة اأي�صا عن التفاعل مع التغري الناجم عن ات التي حدثت ل العادات والآداب واللهجات ب�صبب التغري تبد

وحتدث يف املنطقة مثل الحتالل الأجنبي.

عن تختلف الأردنية العامية اأن عن كثريا ث يتحد وكان اأنها انحدرت من �صلب اأي عامية عربية حملية اأخرى ب�صبب لهجات عربية قدمية متباينة كالتي جاءت من الغ�صا�صنة قبل الإ�صالم، واأن اللهجات تطورت يف البيئة الأردنية. وهنا كنت حبيب به ث حتد ملا فنتيجة والفكرة، احلديث يف معه األتقي اأن الأ�صوات وطبيعتها وكيفية نطقها قد اختلفت، جند اأي�صا مما جعلها تتميز ب�صفات �صوتية خا�صة، لذلك جند يف اأغاين بيئة اإىل ترجع خا�صية بالعامية كتبت التي الزيودي حبيب التي واللهجة الأغاين هذه جتعل ل بحيث ودللتها، الكلمة كتبت بها غريبة على اأخواتها بعيدة عنها ع�صرية الفهم على

اأبناء اللهجات الأخرى.

كتب قد حبيب اأن يجد الزيودي حبيب لأغاين واملتتبع بالعامية )لغة القرية( التي ما زالت تتمتع مبميزاتها العربية املدنية اأو وباللغة احل�صرية املوؤثرات. كل بعيدة من القدمية لهجات جماورة والتي هي خليط من املوؤثرات ا�صتقبلت التي )لغة العامية البتعاد عن يتعمد وكان الف�صيحة. اإىل جانب

البادية(.

طريقته تقليد حاول من كل حبيب اأعيا هذا، كل ولأجل فتات على يقتات بع�صهم ف�صار الأردنية، الأغنية كتابة يف

موائده، و�صار كل نتاجهم تقليدا م�صطنعا لأ�صل ل يقلد.

كان حبيب الزيودي مو�صيقيا مهما و�صنعته يف ذلك عجيبة ونادرة، فرتاه وهو يدندن اأ�صعاره اأو ي�صكل ق�صائده يتقن الإيقاع باأ�صابعه، اأنه مير اأ�صعر وكنت وي�صبطه، الأر�س برجله على املتفرقة املرفوعة اإىل الأعلى القريبة من وجهه، على ناي ينفخ فيه راع، فيخرج اأنغاما �صجية تبعث على الده�صة. فحبيب كان نحو بها واجته الأردنية، اأغنيتنا تاريخ نقطة حتول مهمة يف التعبري م�صتعينا يف ذلك بالتعابري الب�صيطة التي اأخرجها من الأر�س، وتوحي بجو الريف والبادية، وحتاكي احلياة اليومية، ال�صعبية املو�صيقى بعنا�صر اأي�صا وم�صتعينا الوطن. وتغني

الب�صيطة من جانب، وعنا�صر اأولية )هدته اإليها �صليقته(.

ولي�س �صعرا" "غنى يقولون: واليونان الرومان كان وملا غناه، اأي �صعرا" "اأن�صد يقولون والعرب �صعرا"، "نظم اإن�صادا، حيث كان اإل ال�صعر يقولون اأجيال ل اليونان وق�صى الأع�صى قبل الإ�صالم ينظم ال�صعر ويغنيه، حتى بعد الإ�صالم كان ال�صعراء ين�صدون ق�صائدهم يف ح�صرة اخللفاء، واإذا مل يكن لأحدهم �صوت جميل اقتنى غالما جميل ال�صوت ين�صد اأن ولو ال�صعر". ابن هو "الغناء يقال: كما اأنه اأي اأ�صعاره.

العالقة بينهما يف م�صتوى ما، ت�صبح جدليه.

حبيب الأردين ال�صاعر ق�صائد من تقرتب عندما لكن الزيودي، ت�صعر اأن �صعره ابن اأغنية عا�صت معه منذ طفولته، لكن �صعره، يغني اأنه واليونان الرومان قال ما عليه فينطبق اأغانيه لي�صت بنات �صعره، بل العك�س، فق�صائده بنات اأغانيه املهبا�س واإيقاع العالوك، �صكلت مالحمها جبال و�صهول التي رائحة هيلها �صممنا التي طاملا والده القهوة يف م�صافة ودلة

ور�صفنا اأ�صالتها يف ق�صائده واأغانيه.

كما ذكرت �صابقا كتب حبيب اأغاين بالف�صحى والعامية، ول �صك اأن طابع الغناء العربي التقليدي يف "الو�صلة الغنائية كتبت التي الطويلة" يختلف اختالفا كبريا عن طابع الأغنية بالعامية، فالغناء بالعامية قريب من ال�صعب وتفا�صيل حياتهم اليومية، وهذا النوع من الغناء ل ميكن اأن يعتمد على جمرد

97

كانت وهنا الغنائية، واحلليات باحلركات ويكتفي التطريب، لعبة ال�صاعر حبيب، فقد اجته بالأغنية اإىل البحث عن التعبري النف�صي املبا�صر ملعنى الكلمات، وجلو املواقف اليومية، واأ�صبح

بعد فرتة مطالبا بالوفاء بالتزامات هذا التعبري النف�صي.

وفق ما ولعل الف�صيحة، يكتب عندما مهم �صاعر حبيب دائما يراه فهو للوطن، الفذ ال�صعري فيه حبيب هو جت�صيده يف بحنوه وي�صعر والبدوية، والريفية واحلبيبة الأب اأعني يف بحة ناي الراعي، وي�صتظل بفيئه حتت �صرو اجلامعة الأردنية، عام، ب�صكل الأردنية الأغنية على اأ�صفى الزيودي حبيب والأغنية الوطنية ب�صكل خا�س، �صحنة تعبريية هائلة بالن�صبة لأهل هذا الوطن، وهي �صحنة نابعة عن خيال خ�صب، وح�س اللحني، امل�صار على اإيقاعها ونب�س الكلمات مبعاين مرهف الأحداث مع عميق جتاوب عن �صيء كل وقبل اأول ونابعة اأغاين اإىل اأعادنا حبيب به، املحيطة والجتماعية الوطنية الق�صائد وبهذه اأغنيتنا، ورواد مو�صى وعبده النمري توفيق والأوزان امل�صطلحات تتجاوز مل التي الب�صيطة والأغاين الدارجة ا�صتطاع حبيب اأن يرتقي بالق�صيدة املغناة درجات، اأعلى من جمرد الطرب اأفقا اأمام امل�صتمع الأردين واأن يفتح جمرد لي�س �صادق لغناء ال�صتماع على يعوده واأن احل�صي، هي كما بع�صهم، حوا�س تدغدغ دارجة لألفاظ �صعري اإطار كثري من الأغاين والق�صائد التي خرجت تقلد ق�صائد حبيب، وخ�صو�صا الق�صائد والأغاين التي ادعوا اأنها للوطن، واعتقد بع�صهم اأن دخول هذا امليدان �صهل ومي�صر، فاقتحمه من هو اأن منهم ظنا وم�صالكه؛ بدوره جاهل هو ومن عنه، غريب والقلع والتك�صري الطقطقة لهم يبيح الوطنية الأغنية مفهوم ورفع وتوطية احليطان، ون�صي هوؤلء اأن الوطن اأ�صمى من هذه "اأغاين"، واأن ال�صعر له مكانته فت و�صميت العبارات التي �صاخلا�صة يف نفو�س الناطقني بلغة ال�صاد، حتى اإنه عندما تكتب اأغنية وطنية بالف�صيحة اأو العامية ل بد من توفر طقو�س معينة ت�صفي على املكان جوا يعبق باحل�س الوطني وال�صاعرية التي

جتعل امل�صتمع يحلق مع اخليال، وي�صت�صلم لن�صوة لذيذة. ول بد م كاأغنية من التو�صيح اأن ال�صعر ال�صعبي، وخ�صو�صا الذي يقدالنا�س، بع�س يعتقد كما النظم �صهل لي�س ال�صعب، واإىل من واأن ال�صاعر هنا بحاجة اإىل امتالك اأدوات وو�صائل هذا اللون

من ال�صعر قبل اأن يطرق اأبوابه.

يوم؟ كل اأغانيها اإىل وي�صتمع فريوز، يعرف ل منا من ولكن الأغلبية ل يعرفون من هو جوزيف حرب الذي كتب اأجمل الأغاين التي تغنت بها فريوز، ومن منا ل يعرف ومل ي�صتمع اإىل الأغاين: )يا �صاحب التاج، �صباح اخلري يا عمــان، مهيوب يا هالوطن، مرت الأيام، هال يا عني اأبونا، الطيب طيبك، عمان ياطف نعنع، نغمة �صوق يا عمان، زول �صاره(، وعلينا اأن نعرف املرحوم الأردين ال�صاعر هو الأغاين هذه كتب من اأن اأي�صا

حبيب الزيودي.

الزيودي حبيب واأغاين ق�صائد تداعيات متتد وهكذا الع�صر وباأ�صاليب خفية �صت�صاير تدر بخلده. اإىل جمالت مل مو�صيقى وحيوية عبقريته على دليل هذا و�صيكون القادم،

اأ�صعاره وقدرتها على البقاء.

رائحة ون�صتم الدافئة، "العالوك" ن�صمات تهب عندما وكل ال�صتاء ياأتي عندما حبيب(... يا )�صنديانك ال�صنديان �صتاء، تطوف بالقلب ذكرى رحيلك... �صنتذكر "منقل" والدك واأغنياتي ق�صائدك يف لنا دفء رفيق كان الذي النحا�صي من درع كاأنها احلياة، رحلة نهاية وحتى الأعوام تلك خالل واأ�صدقاءك اأبناءك يحمي الو�صطى، الع�صور فر�صان دروع لهم تنري روحية، بقوة ومتدهم اأزرهم ت�صد اأكرثهم- -وما

طريق احلق واخلري والع�صق واجلمال.

ثرى يف �صوتنا على لنا "�صلم �صديقي: يا تن�صى ول العالوك".

98

كاتب و�صحفي اأردين، �صديق ال�صاعر الراحل حبيب الزيودي ورافقه يف تاأ�صي�س بيت ال�صعر الأردين.

كرحيله، املباغت ح�صوره و�صخب خطواته وقع زال ما اأخاله و�صاحاته، الأردين" ال�صعر "بيت اأركان يف ي�صج ي�صعد هو فيما قهوة بفنجان ي�صعفه "�صعبان" باأن ي�صتعجل بيت يف الإدارية املكاتب اإىل املوؤدية ال�صلم درجات مهرول ال�صعر، ليلج اإىل مكتبه وهو يداعب املوظفني والعاملني �صائال اإياهم عن اأحوالهم، لي�صتقر يف غم�صة عني على كر�صيه خلف بقراءة لي�صتهلها الراأي �صحيفة بت�صفح يومه مبتدئا مكتبه زاويته "قفا نحك" خ�صية اأن يكون قد نالها �صيء من التو�صيب

اأكان بفعل مق�س الرقيب اأو خطاأ غري مق�صود.

هو حبيب الزيودي بكل األوان �صقاوة الطفل الكبري الذي من لرمبا اأو به، ي�صيق العامل كان فيما حوله من لكل يت�صع �س �صغاف قلبه العامل اأولئك الذين مل ميتلكوا القدرة على تلماملفعم باحلب واحلزن و�صهوة احلياة بكل �صنوفها، وهو �صاحب

الأبيات: لتلك جت�صيدا املغني" فكان "طواف

ول يعرف القلب �صيئا

متى ينطفئ ومتى ي�صرتيح؟

ومي�صي على الرمل،

والرمل يحرقه،

واحلبيبة اأبعد من جنمة، والزمان �صحيح

ويعرف اأن الزمان �صليب.. واأين امل�صيح

ويعرف اأن اأمامي �صريحا وخلفي �صريح.

تراوح ل اأذكرها، زلت ما التي املرارة تلك تتجلى فيما من جميلة" احلياة "اإن ق�صيدته يف اإياها ملخ�صا مقلتيه،

ديوانه الأخري "غيم على العالوك":

ع�صت احلياة كما يليق مبرها ومبرها

وكما مير ال�صهم من ج�صد الغزال مررت

وحدي كنت يف برية الدنيا،

ولكن الرماة بال عدد

كن را�صيا يا قلب

اإن الرحلة اقرتبت

فال جتزع على اأحد

فقد ع�صت احلياة جميلة

فيها بيوت،

والبيوت بها نوافذ،

و النوافذ ل تطل على اأحد.

حبيب الزيودييتطوف يف رحاب بيت ال�صعر االأردين

جمدي التل

99

بال�صعر الأردين" م�صكونا ال�صعر "بيت �صاحب يكن مل قليال اأتريث اأراين ذهب، اأنى موئله ال�صعر كان بل فقط، واألتقط ذكريات ال�صنون الطويلة التي جمعتني واإياه، "�صديقي الويف اللدود" كما كان يدعوين، ومتر بخاطري تلك اللحظات التي �صبقت حفل افتتاح "بيت ال�صعر الأردين" حيث كان جل راود حلما ليحقق �صورة باأبهى امل�صروع هذا يخرج اأن همه منهم، ال�صعراء �صيما ل والثقافة الإبداع اأهل من الكثريون وقد راأى اأنه فار�س البيت والق�صيد، الأقدر على جت�صيد هذا احللم الذي كان يريده ق�صيدة حملقة ل تقيدها �صوابط غري التي ال�صماء �صقف �صوى يحدها ول وال�صعر الإبداع �صوابط مالحمه حامال ات�صاعه، على الوطن خاللها من يرى كان احلقيقية املت�صربة من �صواقي بواديه واأريافه وخميماته وزقاق بيوتاتها، نوافذ خلف وخباأت طياتها، يف حملت التي مدنه حكايا العا�صقني والنا�س الب�صطاء واأولئك املجبولني يف ثراه..

وذرات الهواء التي حتملها الن�صائم القادمة من فل�صطني.

تبنى فكرته �صديق الأردين" م�صروعا ال�صعر "بيت كان و�صعى العبادي، الدكتور ممدوح الأ�صبق اأمني عمان املثقفني لأن يجد له مقرا يف حي جبل اللويبدة باعتباره احلي الثقايف الوقت مل اأن اإل الأردن كلها، اإن مل يكن يف الأبرز يف عمان، لتحقيق الكربى عمان اأمانة يف امل�صوؤولية مقعد على ي�صعفه ذلك يف عهده، حيث انتقلت تلك الفكرة التي التقطها بذكاء اأمني عمان الالحق له املهند�س ن�صال احلديد، وحيث ت�صادف م�صت�صارا الزيودي حبيب الراحل ال�صاعر تعيني ذلك اأثناء بيت وتاأ�صي�س امل�صروع هذا اإجناز يف للمبا�صرة دعاه اإذ له، اأحد جبال عمان �صفوح له مكانا مميزا على واختري ال�صعر، ال�صرقية )جبل اجلوفة( يعتلي املدرج الروماين، ويطل �صرقا على الق�صور امللكية )رغدان وب�صمان العامرين( و�صمال على الناب�س عمان قلب املدينة، قاع على وي�صرف عمون، قلعة عمان غرب بني الو�صل وحلقة الأطياف، جميع ملتقى حيث من املرحتلني وطريق واملرتفة، املهم�صة واأحيائها و�صرقها، واأولئك القادمني من الغرب ال�صرق بحثا عن الأمن والأمان،

لقراءة الأبجديات الأوىل التي �صطرها العمانيون الأوائل على عتبات القلعة اأو يف �صخور املدرج الروماين.

ال�صاعر، حبيب نف�س يف اأيقظت املكان، خ�صو�صية والأحا�صي�س وامل�صاعر ال�صفيف العاطفي الدفق من الكثري وكاأنها ال�صعر؛ بيت �صاحة من مطال يجل�س حني كان التي والقريب، ال�صحيق املا�صيان فيها يتداخل عوامل على �صرفة يتاأمل الأل�صنة، كل من ب�صرية وجموع وامل�صتقبل، واحلا�صر م�صاهدها وكاأنه يقول اإن هذا املكان بحد ذاته ق�صيدة، فعلينا �صاأن من ونعلي واحلب، الأمل بف�صحة املكان هذا ن�صتغل اأن ال�صعر وال�صعراء انطالقا من هنا.. فقد اأ�صبح لل�صعراء بيت،

ي�صوغون فيه وجدانهم وعبثهم، دون اأن يحا�صرهم اأحد.

حت�صرين تلك الأ�صابيع الطويلة يف اأواخر عام 1999حيث ال�صعر بيت فيه �صي�صتقر الذي املكان باإعداد منهمكني كنا به، �صيقوم الذي الدور مع يتنا�صب الذي بال�صكل الأردين واأثاث اإن�صائية اإجراءات تتطلب التح�صريات تلك وكانت وحدائق، وكان حبيب يف كل ذلك متابعا لأدق احليثيات م�صقطا روؤيته ال�صعرية على معظم تفا�صيل املكان الذي اأراده اأن يكون مقاما يليق بال�صعر وال�صعراء، ويوحي بف�صائه الإبداعي وعمقه الأردنية العربية الهوية التي حتمل دللت الوطني مبوروثاته

وجتلياتها احلميمة.

م�صاء الفتتاح )كان الفتتاح �صبقت التي الليلة كانت 2000(، والتي ا�صتمرت حتى �صاعات التا�صع من �صباط عام وهو حبيب لدى املتقدة الروح تلك عن معلنة الأوىل الفجر وو�صعه الفتتاح، حجر تن�صيب على يقف املعهود �صخبه يف املهند�س اآنذاك املدينة منطقة مدير الالئق مبعية مكانه يف حممد الك�صواين، وي�صيع الدفء واحلما�صة فيمن حوله، فيما كل غمر طفويل فرح الالاإرادية عرباتهما يف حتمالن عيناه من حوله وهو يرى اأن ذلك احللم بداأ بالتحقق، يف حني �صفتاه ترمنان بع�صا من اأبيات �صعره خ�صو�صا الأحب اإىل قلبه "هال

يا وا�صط البيت وال�صراف عمدانا".

100

الفتتاح الذي رعاه رئي�س الوزراء يف وقتها، رئي�س جمل�س من العديد وبح�صور الروابدة، عبدالروؤوف حاليا، الأعيان حدثا يكن مل فهو خمتلفا، كان وال�صيا�صية، الثقافية الرموز ال�صعر م يكر ومميز، جديد مبولود احتفاء كان بل عاديا، العربية الدول م�صاف يف رابعة كدولة الأردن وي�صع واأهله، التي تبنت مثل هذه املبادرة واأعلت من �صاأن ال�صعر وال�صعراء، وبيت ال�صارقة يف ال�صعر وبيت الفل�صطيني ال�صعر بيت حيث الأردين هو موقعه البيت اأن ما ميز هذا اإل التون�صي، ال�صعر الزماين البعدين خالل من الإبداع ف�صاء مع يتوا�صل الذي البيت خازن وهمة نظرائه، عن الفريدة ومعماريته واملكاين

وعرابه و�صاعره الراحل حبيب الزيودي.

ال�صبق، وكان حبيب العراقيون كان لهم ن�صيب الأ�صقاء لأن دعاه ما وهو �صنك، يف مبدعوهم وكان الهوى، عربي "البيت" اأم�صيات بواكري �صمن وزخم بفعالية ي�صركهم ال�صعر بيت نهو�س من املميزة الأوىل املرحلة يف �صيما ل ما �صبب عن ي�صاأل كان وحني ،2003 -2000 الأعوام خالل اعتقده بع�صهم حتيزا لهم، كان جوابه حا�صرا �صافيا، هوؤلء اأهل العراق.. اأبناء الفرات ودجلة، اأهل الأدب وال�صعر، اأحفاد

واأ�صقاء اجلواهري والبياتي واأبناء الر�صايف وال�صياب املتنبي الذي واملربد واحل�صارة.. التاريخ عراق الكثري.. وغريهم كان يحت�صـــن كـــل مثقفـي العروبــة ومبدعيهــا، األيـ�س لهم حق

علينا؟

مل يكن تاأ�صي�س بيت ال�صعر بالأمر الي�صري على حبيب الذي تعر�س للكثري من الفهم اخلاطئ وحماولت اإجها�س التجربة، عالوة على ما كان يواجهه من روتني العمل البريوقراطي يف ال�صاعرية الروح �صاحب وهو الإدارية، عمان اأمانة اأروقة كان وحيث الأمور، بتلك عالقة له ما كل عن بعيدا املحلقة كل داعيا باجلميع، بة املرح بابت�صامته ذلك كل يقابل دوما اإطار خارج من حتى امل�صروع هذا يف لالنخراط املبدعني حتقيق اإىل ال�صعر لبيت مديرا عمله خالل و�صعى ال�صعراء، من بع�صهم حمله ملا وعيه رغم الواقع، اأر�س على ذلك اأجندات تثري الفرقاء بني اأهل الإبداع، فكان الت�صكيل وامل�صرح التاأ�صي�س عام يف امل�صرحيات اأوىل عر�صت حيث حا�صرين؛ وجاءت "عرار"، قاعة حينا �صميت التي الرئي�صة القاعة يف اتكاء طق�صي باأ�صلوب مت وقد م�صرحية" "طقو�س بعنوان حممود وحيدر دروي�س وحممود عرار لل�صعراء ق�صائد على

تعليق ال�صاعر اللبناين �صوقي بزيع لدى افتتاح"بيت ال�صعر"

101

الزيودي �صماوي وحبيب القا�صم وجري�س و�صميح دنقل واأمل ومارجو حداد ربى عطية الفنانات كل من قدمتها وغريهم،

ورانيا احلارثي وباإخراج م�صرتك.

وترافقت اإىل جانب ال�صعر الإبداعات املختلفة، فالق�صة املمو�صقة والتي كانت من ريادة وجتليات بيت ال�صعر الأردين، النرثية الإبداعية والن�صو�س الق�صة قراءة ي�صاحب حيث مو�صيقى حية، غالبا ما كان يت�صدى لها املبدع ن�صر الزعبي الثقايف الو�صط انت�صرت يف على عوده الأثري، والتي فيما بعد منهما كل يخدم الإبداع من �صكلني لتوظيف جديد كاأ�صلوب

الآخر لإن�صاء ف�صاء مفعم باخل�صو�صية.

رافق تاأ�صي�س بيت ال�صعر ر�صوخ العديد من اأ�صماء �صعراء

الت�صعينيات وح�صورهم املميز على ال�صاحة ال�صعرية، وهو ما �صكل لهم مكانا للقيا واإثراء امل�صهد الإبداعي باأ�صوات �صعرية الدكتور اإىل يومنا هذا، وكان منهم ما زالت حا�صرة متاألقة مكاوي وطارق عبيداهلل حممد والدكتور النواي�صة حكمت واأحمد الكناين وحممد العداربة وحممد يا�صني وموفق ملكاوي احلجايا عطاهلل والدكتور العرموطي وعالء هديب وجهاد العتوم مها والدكتورة �صبانه نا�صر والدكتور الذيبة وغازي ونبيلة اخلطيب ورانة نزال وزياد العناين والدكتور عمر القيام ردن اأبو واأحمد حمدان ومروان الكوفحي اإبراهيم والدكتور وح�صني العامري وحممد الهيجاء اأبو وعمر جلعاد وح�صني ن�صوان وتي�صري النجار وغريهم، اأو من �صبقهم بقليل من جيل الثمانينيات مثل جري�س �صماوي والدكتور را�صد عي�صى وزهري

حبيب يف رحاب بيت ال�صعر

102

اأبو �صايب ويو�صف عبدالعزيز وطاهر ريا�س ومو�صى حوامدة وحممد �صمرة، اأو الأجيال الأ�صبق مثل الراحل حممد امل�صلح لوز اأبو ويو�صف ر�صوان وعبداهلل اإبراهيم اخلطيب والراحل ونادر املقدادي حممد والدكتور من�صور عبداهلل والدكتور �صمحان وحممد ال�صريف و�صميح ري�صة اأبو وزليخة هدى وغريهم، عالوة على القامات ال�صعرية الوطنية ومنها الدكتور القي�صي حممد والراحل حممود وحيدر منا�صرة الدين عز

والراحل �صليمان عوي�س وحممود ف�صيل التل ونايف اأبو عبيد.

"ال�صيخ يحلم باملطر" وكان بيت ال�صعر يف عهد �صاحب اكت�صاف اأو يكل عن يفتاأ حبيب ال�صابة، فلم راعيا لالأ�صوات نظم لهم، الذين ال�صباب ال�صعرية اجلديدة بني فئة املواهب يف بدايات عهد تاأ�صي�س بيت ال�صعر، م�صابقة لل�صعراء ال�صباب عن فيها واأعلن املخت�صني، الأكادمييني من جلنة وباإ�صراف مولد العديد من ال�صعراء ومنهم خلدون العزام وقي�س قوقزة وغريهم، الع�صاف ومناهل كيوان وخليفة العزام وحممد وجد التي ال�صابة الوجوه من العديد تبنيه اإىل بالإ�صافة يلتقون فيها لها مكانا الإبداعية ووفر ال�صعرية لديها اخلامة �صعراء واأدباء ومثقفني اأردنيني وعرب؛ متثل لهم اأفقا لتطوير ة، فيما كان ل�صعراء املحافظات ح�صور واهتمام جتربتهم الغ�صالزيودي حبيب كان حيث ال�صعر، بيت فعاليات �صمن بالغ يرى، وهو ابن حمافظة الزرقاء، اأن دروب املنابر الثقافية يف العا�صمة غري �صالكة لهم اأ�صوة بزمالئهم من �صعراء عمان، ل �صيما واأنهم قد ل يجيدون فنون العالقات العامة وما لها وما

عليها.

�صهد بيت ال�صعر الأردين �صمن فعالياته يف عهد الراحل حبيب الزيودي )2000-2007( زخما كبريا يف ح�صور وتواجد ال�صعراء العرب من خمتلف الأجيال والأقطار العربية، منهم ال�صايغ عبداملعطي حجازي وعبدالرزاق عبدالواحد ويو�صف وعبدالقادر احل�صني وعمر الفرا وقا�صم حداد وح�صب ال�صيخ وممدوح حيدر وطالل بزيع و�صوقي اليا�صري وعي�صى جعفر

عدوان وحممد علي �صم�س الدين وجمانة حداد واأحمد البخيت وحممد اأبالن وهدى ف�صيل بن واحلارث املزغني واملن�صف العزي و�صالح ال�صادي ومي�صون القا�صمي واملتوكل طه وغ�صان غ�صيان وجا�صر القا�صم و�صميح غو�س اأبو وماجد زقطان وماجد اخلاطري، واأدوني�س و�صربل داغر و�صيد حجاب واأحمد ال�صهاوي وغريهم، بالإ�صافة اإىل �صعراء من فرن�صا وبريطانيا ح�صورا بال�صرورة ا�صتقطب ما وهو وال�صني، واإيطاليا جماهرييا موازيا عز نظريه الآن، لي�س فقط فيما تبقى حاليا لدى حتى بل اجلوفة، �صفح على الأردين ال�صعر بيت من الهيئات واملنابر الإبداعية والثقافية الأخرى، وكان بيت ال�صعر اآنذاك مناف�صا قويا للعديد منها، مبا فيها املن�صوية حتت مظلة عليها وما لها مبا ذاتها حبيب �صخ�صية اإن اإذ عمان، اأمانة وتب�صيطه الإدارية، �صيما ل القيود، خمتلف من وانفالتها لآلية دعوة ال�صعراء واملبدعني ال�صيوف، وو�صع الربامج التي ز كبري من غالبا ما تكون وليدة حلظتها، عملت على توفري حياملرونة والبتعاد عن املراوحة يف الإعداد والتنظيم للم�صاركة اإيجابيا، وحما�صة لدى لقي �صدى اأكرث، وهو ما اأو يف فعالية اأولئك امل�صاركني، عمل �صاحب "طواف املغني" على ا�صتثماره جيدا كاأننا به يتعامل مع ق�صيدة تطل عليه حينها، فال يتلكاأ

بالتقاطها والعمل عليها.

يف بعيد، حد اإىل تلك، املناف�صة اأجواء �صاهمت ولرمبا اإثراء امل�صهد الإبداعي يف عمان، رغم حماولت بع�صهم العمل لل�صعر فار�صا كان الذي الزيودي حبيب جتربة اإف�صال على العامة، العالقات فن واإتقانه الإدارية درايته ح�صاب على اأنها مل تكن نقي�صة يف حبيب، بل كانت نهجا؛ اأرى وان كنت وهو ال�صاعر الذي يوؤمن باأن ال�صعر وال�صاعر كائنان ملتحمان ال�صاعر وهو الربيئة، وال�صقاوة احلرية بجناحي حملقان الذي ن�صاأ يف بيئة بالغة التعقيد واجلمال، وجترع مرارة اليتم والعوز وال�صطهاد، و"ذاته املفردة املغرتبة املتمردة وامل�صكونة قال كما اأو الزعبي، زياد الدكتور جماحة" بح�صب برغبات

103

اأن�صجته ولد "اأنا ال�صحفية لقاءاته اإحدى يف نف�صه عن هو املرارات، قلبي ربابة بدو وروحي فالة".

بالفعاليات ميور الأوىل �صنينه يف ال�صعر بيت كان الوجبة مثل الذي ال�صعر بني ما تنوعت التي والن�صاطات الرئي�صة، والندوات والأم�صيات الق�ص�صية والنقدية، والكتابة ال�صاخرة، والفنية الغنائية واملو�صيقية التي كان الرتاث الأردين رموز على عالوة الربابة، اآلة وت�صيده بقوة، فيها حا�صرا و�صلوى النمري توفيق الراحل راأ�صهم وعلى والغناء الطرب م�صت�صرفا كان بهذا وهو وغريهم، خ�صر واإ�صماعيل العا�س لأهمية اإيالء هوؤلء النجوم الهتمام الالزم الذي التفت اإليه قبل �صنوات املبدع �صخر حرت من خالل "بيت الرواد"، عالوة على العرو�س امل�صرحية ومعار�س الفن الت�صكيلي وفرق الدبكة. وكانت من اأبرز الفعاليات التي نظمها بيت ال�صعر الأردين يف الثقايف رم�صان كانون الثاين من عامه الأول )2000( "مقهى مكثف برنامج �صمن متوا�صلة ليلة 23 ا�صتمر الذي الأول" مبعدل فقرتني اإىل ثالث فقرات يف الليلة الواحدة، وهو ما قد �صنوف خمتلف وت�صمنت اأخرى، هيئات تنظيمه عن تعجز الإبداع، فيما كان ال�صعر واملو�صيقى املادة الأ�صا�س لها، واحتل العربية ال�صحف الأوىل يف ال�صفحات �صدر الوقت ذلك يف ال�صادرة يف اخلارج، عالوة على عدد من الف�صائيات العربية التي تابعته ووجدت فيه مادة د�صمة ترثي براجمها الثقافية، اإىل بالإ�صافة دائم، ب�صكل حا�صرا الأردين التلفزيون وكان والعرب والد�صتور الراأي �صحف �صيما ل املحلية ال�صحافة

اليوم.

مل يغفل �صاحب "منازل اأهلي" عن اأن بيت ال�صعر هو بيت حقيقي بكل ما حتمله الكلمة من معنى، فلم يكن يف م�صمونه اأبوابها يف نهاية الدوام الر�صمي املتعارف دائرة ر�صمية تغلق الفرتات تتداخل واأحيانا دوام، بفرتتي يتمتع كان بل عليه، وهو الليل اأبوابه حتى منت�صف يغلق ول فيه، العاملني لدوام ما دعا حبيب اإىل اأن�صنة هذا البيت ونفث الروح الإبداعية فيه

نا �س يف مرحلة ما، للقاءات غري منهجية تيم ب�صكل م�صتمر ليوؤ�صمبي زيادة بــ"لقاء الأربعاء" الذي كان يقام م�صاء الأربعاء من حيث الثقايف، الو�صط لدى كبريا ترحابا ولقي اأ�صبوع، كل بق�صايا بينهم فيما للتداول وزمنية مكانية م�صاحة لهم وفر يذاكر عبداخلالق غ�صان الدكتور هو فها الثقافية، ال�صاعة يف احل�صور عن روايات اأحالم م�صتغامني، فيما الراحل فايز ال�صاعر ليلقي العتقال، فرتة اأثناء كتاباته ي�صتذكر حممود ما ال�صعرية، اأبياته من عدة احل�صور يدي بني العناين زياد يلبث اأن يتلقف ذلك حبيب الذي كان يعترب زياد �صاعرا مميزا بق�صيدة اجلميع ليباغت لديه، خا�س بح�صور يحظى وكان مقهى اإىل امل�صهد ويتحول عليه، الأوىل اأبياتها تطل بداأت كان التي وبريوت القاهرة مقاهي اإىل يحيلنا حقيقي ثقايف يجل�س فيها عظماء الإبداع والأدب العربي، وهذه احلال غالبا

ما خلقت اأفكارا مل�صروعات ثقافية راأت النور فيما بعد.

كانت الحتفالت الوطنية لها احل�صور الأبهى لدى ال�صاعر يف الأردن ح�صور مع ت�صاوق والذي الزيودي، حبيب الراحل التي وكلماتها الأردنية بالأغنية واهتمامه دائما، وجدانه �صاغها م�صتمدا اإياها من بيئتها الأردنية، وغنى له العديد من املطربني الأردنيني والعرب الذي تعمد معظمهم بن�صائم "بيت وعبق امل�صهد �صحر اأخذهم وقد له، زيارتهم ال�صعر" خالل

ال�صعر اإىل حيث تتخلق تلك الكلمات فت�صبح ق�صائد تغنى.

املوت، ق�صعريرة ال�صعر بيت �صكنت دونك، حبيب، اأي واأم�صى خاويا اإل من اأطياف حلم تال�صى، و�صدى بقايا بعرثات

جدلنا الالمتناهي..

العلى.. ف�صاءات ارتقيت وقد عليك �صالم حبيب، اأي و�صالم عليك حني تبعث حيا.

104

كنا عائدين بالطائرة من م�صر احلبيبة، قال يل "مارتن" مدير برنامج تعليم اللغة العربية: �صن�صل عمان بحدود ال�صاعة احلادية ع�صرة، هل من املمكن اأن نلتقي اأحد ال�صيا�صيني اأو قادة الراأي يف الأردن؟ يف املطار ات�صلت باملرحوم حبيب الزيودي، بعد �صاأت�صل بك اأحدهم، قال: لقاء مع لنا اأن يرتب و�صاألته قليل، بالفعل بعد دقائق معدودة قال اإن معايل �صامل اخلزاعلة الثانية. ل�صبب ل �صيكون بانتظارنا يف رئا�صة الوزراء ال�صاعة عالقة له بال�صيا�صة اأو اجلهات الأمنية األغي اللقاء، فقد كان قد كنا اللقاء، اإلغاء تدخله ب�صبب فقررنا اأحدهم تدخل اأن وعدنا الطالب بلقاء، فلما مل يتم لقاء معايل �صامل اخلزاعلة- على اقرتحنا الأردنية- احلكومة يف مهما رقما يومها وكان حبيب اأن يكون اللقاء معه، قال اأنا ل اأعرف اللغة الإجنليزية، املوعد الرتجمة. ح�صر حبيب يف �صنتوىل عملية باأ�س ل قلنا على غري عادته، عرفت به بو�صفه �صاعر الأردن الأول و�صاعر

امللك الراحل رحمه اهلل.

كان املرحوم يف غاية الألق، يتحدث ول تود مقاطعته، وكان قبل عمان اأمانة من ف�صل حيث يجري، ما كل من غا�صبا لقائنا بيومني، فوجد يف لقائه بالطلبة الأمريكيني حيزا لتفريغ �صحنة غ�صبه وانفعاله، األقى �صعرا، حتدث وهو ي�صخر من كل الذي يجري؛ عما يقال وما ل يقال. اأذكر مما حتدث به حكاية �صاحب الأر�س وال�صجرة والع�صافري: يروى اأن رجال كان يف حقله �صجرة كبرية تاأوي اإليها الع�صافري، ذات يوم قرر الرجل

قطع ال�صجرة، فاحتجت الع�صافري التي كانت تبني اأع�صا�صها الأر�س �صاحب اأبرز للتقا�صي، جميعا ذهبوا ال�صجرة، على الع�صافري اأر�صه، احتجت اأنه حر يف الأر�س، مدعيا قو�صان

باأنها حتب ال�صجرة واأنها تبني اأع�صا�صها عليها منذ قرون.

�صاعرا، رائعا، اهلل رحمه حبيب كان اللقاء، انتهى �صفره بداأت حكاية الطلبة ومن هنا اأحبه ثائرا.... �صيا�صيا،

اإىل اأمريكا.

عام �صتاء يف ،2009 �صنة متوز �صهر يف اللقاء هذا كان 2010 يف 21-27 �صباط تعقد جامعة Richmond اأ�صبوعا للغة

العربية يختتم باحتفال يدعى )الليلة العربية( جرت العادة يف �صنوات �صابقة اأن تدعو اجلامعة �صاعرا عربيا، اأبدى �صديقنا د.مارتن رغبة �صديدة يف ا�صت�صافة املرحوم حبيب، فقد انبهر يعتمد عليه ل اإن حبيب ملارتن يف حينها بلقائه، قلت الطلبة يف املواعيد، ميكن بعد اإجراء الالزم اأن يعتذر يف اآخر حلظة، "ل باأ�س، �صيكون هناك بديل فت�صطر لتغيري الربنامج، قال: يف حال اعتذاره"، اأخربت حبيب، اأبدى ا�صتعداده �صريطة اأن

اأ�صافر معه، قلت �صحبتك تقت�صي الت�صحية يا حبيب.

اأر�صل لنا مارتن الدعوات، قمت بكل الإجراءات وح�صلت 27 يف �صعرية اأم�صية يقدم اأن حبيب على كان الفيز، على العربية اللغة تعليم حول حما�صرة اأنا واألقي ،2010 �صباط تردد باأيام ال�صفر وقبل التذاكر، حجزنا بغريها. للناطقني

مع حبيب الزيودي يف فرجينيا*

حممود اجلبور

كاتب اأردين.

105

قد Richmond كانت جامعة وقد ال�صفر املرحوم حبيب يف اأعدت الربنامج ون�صرت اإعالنات ودعوات لالأم�صية.

بال�صفر حبيب اإقناع جاهدا حاولت يدي، يف اأ�صقط 18 �صباط، قبل وجنحت يف ذلك، كنا قد حجزنا التذاكر يف ال�صفر بيوم حاول حبيب العتذار، يف النهاية �صافرنا، وبينما نحن يف املطار كاد حبيب اأن يلغي ال�صفر، قال يل: "اأنا اأخاف �صاعة 14 �صجائر بدون �صاأبقى كيف بالطائرة، ال�صفر من �صيكون الرحلة هذه يف الطائرة كابنت باأن اأقنعته طريان"، يف ما مكان يف بالتدخني له و�صي�صمح التل، را�صي �صديقي اأن الكابنت مل يكن را�صي التل، فقد كانت رحلة اإل الطائرة، الكابنت را�صي التل اإىل Chicago يف حني رحلتنا �صتكون اإىل نيويورك. عندما �صاركت بتغ�صيل املرحوم حبيب يف امل�صت�صفى اآثار راأيت حني بالطائرة لل�صفر حبيب كراهية �صر عرفت

عملية القلب املفتوح التي كان قد اأجراها.

كان تعلق املرحوم حبيب بالأردن تعلقا فريدا، ما اإن وطاأنا اأر�س مطار نيويورك حتى وجدته ي�صتاق لرتاب الأردن، لو كان بو�صعه لعاد باأول طائرة عائدة لالأردن، بتنا ليلتنا يف نيويورك، زرنا مكان برجي التجارة امل�صئومني، ويف اليوم التايل غادرنا اإىل Richmond، كان مارتن بانتظارنا يف املطار، اأخذنا اإىل الفندق وكان قد اأعد برناجما ثريا لزيارتنا؛ يف الليلة الأوىل دعينا ل�صهرة مع ثلة من مثقفي املدينة، كان اأحدهم قد اأعد برناجما حول زيارته لالأردن، اإحدى ال�صور كانت عن املدرج كان حبيب الذي عر ال�ص بيت ال�صورة وقد ظهر يف الروماين عمان اأمني اتخذه م�صوؤوم قرار ذات اإدارته من ف�صل قد بيت اإىل لهم ي�صري وراح مكانه من حبيب قام .2009 �صنة ال�صعر، واأنه كان منذ اأ�صهر مديره، طبعا كنت اأتوىل الرتجمة وكانت رائعة جدا اأم�صية كانت الإجنليزية. لغتي على �صعف ث، يتحد اأن طلب من حبيب فريدة، بحبيب حفاوة حفاوتهم ليت قال: مما كان حبيب، كالم ترجمة ومارتن اأنا وتوليت

للع�صافري. اأع�صا�س اإىل تتحول جنودكم وخوذ دباباتكم ان�صروا ال�صالم واملحبة بدل احلروب والكراهية.

يف �صبيحة اليوم الثاين، رحنا نبحث عن دكان ي�صرتي منه املرحوم حبيب �صجائر، ملا عرف البائع اأننا من الأردن اأخربنا اأن �صاحب املطعم الذي بجواره اأردين، ذهبنا لنتناول الغداء وراح الرجل لنا ه�س حتى املطعم باب وجلنا اإن ما عنده، ي�صاألنا هل نحن من الأردن، حتى اإذا عرفنا وعرف حبيب اأكرم وفادتنا وراح يدعو اأ�صدقاءه الأردنيني للتعرف على حبيب، ثم دعانا اإىل بيته واأعد لنا من�صفا، كان م�صيفنا اأبو �صهيب اأول

�صخ�س عربي نتكلم معه يف اأمريكا، وكان يف غاية الكرم.

ب�صيارته مارتن ا�صطحبنا 2010 �صباط 21 الأحد يوم لزيارة بيت الرئي�س الأمريكي جفر�صون

ثم زرنا جامعة فرجينيا ب�صحبة الدكتور حممد ال�صواعي، ويف امل�صاء عدنا اإىل Richmond وزرنا قرب ال�صاعر الأمريكي

Edgar Allan Poe "ال�صهري �صاحب ق�صيدة "الغراب

106

كانت انفعالت املرحوم حبيب اأثناء الزيارة غري طبيعية، راح الأمريكي ال�صاعر قرب حديقة يف �صيء، كل ي�صور راح احلديقة يف النباتات اإن قائال احلديقة عن يحدثنا الدليل وفاتك "بعد حلبيب: قلت بو، األن �صعر يف ظهرت التي هي الدالية �صعرك: التي ظهرت يف النباتات �صنزرع حول قربك حديث اأي كان ذلك، �صاءه والقمح...."، وال�صيح واخلزامى عن املوت يزعجه... مل اأكن اأدرك ذلك، قلت: "هل تخاف من اأدرك اأكن مل كثريا". اأخاف "نعم، قال: حبيب؟"، يا املوت هذا التناق�س بني خوفه من املوت وتلك احلياة البوهيمية التي

كان يعي�صها، مل يكن لريحم نف�صه ج�صدا وروحا.

على م�صرا مبكرا يوقظني راح التايل اليوم �صباح يف م اأم�صيته، كان قد تلقى ر�صالة العودة اإىل الأردن قبل اأن يقدمن الأردن قرر على اإثرها قطع رحلته والعودة اإىل الأردن، كان

متوترا جدا، يف امل�صاء تغري كليا، لأكت�صف اأنه قد و�صلته ر�صالة كان التايل اليوم �صبيحة يف ال�صابق. اخلرب ب تكذ اأخرى

�صخ�صا اآخر، راح يوقظني ي�صمعني مطلع ق�صيدته:

ثالثة ع�صاق يغوون ثالثة رهبان

وثالثة رهبان يعظون ثالثة ع�صاق

فكيف اأنام وال�صتة يف قلبي

يا الأمر اعك�س املدينة: �صوارع يف ن�صري ونحن له قلت حبيب، وقل:

ثالثة رهبان يغوون ثالثة ع�صاق

وثالثة ع�صاق يعظون ثالثة رهبان

قال: هذا بال�صبط ما ق�صدته.

راح يعيد املقطع مئات املرات، يف اأثناء م�صرينا يف اجلامعة. قرب البحرية الواقعة و�صط اجلامعة خطرت اإحدى

الطالبات وكانت ترتدي ف�صتانا اأخ�صر؛ اأكمل حبيب املقطع:

مررت ماريا

يا ماريا يا اأم الف�صتان الأخ�صر

يا بنت البحر

اأعيدي الع�صب اإىل احلقل

فما للحوريات وللع�صب

)من ق�صيدة "عن الع�صافري والكنائ�س - ماريا" / ديوان غيم على العالوك(

1000 من اأكرث ح�صرها التي العربية الليلة وقت حان اأرقى املنا�صبات التي ح�صرتها يف حياتي، �صخ�س، كانت من با�صتثناء اأردنيا كان �صيء كل بامتياز، اأردنية اأم�صية كانت

107

الطعام الذي غاب عنه املن�صف وح�صر املغرب العربي ب�صايه ونعنانه الذي كان املرحوم حبيب يع�صقه، قبيل اأن ي�صعد حبيب ال�صرقي، للتخت الهوامن فرقة ب�صحبة ال�صعر لإلقاء املن�صة لأن ترجمة �صيلقيها التي الق�صائد يرتب اأن كان على حبيب كان لكنه ق�صيدة، كل �صتلي بعناية اأعدت الإجنليزية باللغة م�صغول ببع�س �صئونه ول عالقة له بالأم�صية، �صاألته اأن يرتب الق�صائد، فقال يل: "رتب كما ت�صاء"، هنا وجدتني اأقول له: قال الكيل. بي طفح وقد اأعمالك"، مدير ل�صت اأنا "حبيب �صاألغي را�صيا تكن واإن مل �صيء، بكل قمت "لقد معاتبا: يل وهكذا الق�صائد، له قت ون�ص هداأت اأن بعد عدت الأم�صية"، �صمعت يف ما اأروع من الناي �صعرية مب�صاحبة اأم�صية كانت حياتي. قراأ حبيب ق�صائد منها "بيت بعيد يف ال�صباب"، وقراأ اأي يف املقطع هذا على اأعرث مل احلرية، متثال عن مقطعا

مكان، لعله موجود يف ما تركه املرحوم من ق�صا�صات.

تفاعال كبريا من التي لقت "اأنوثة" وهي وقراأ ق�صيدته اجلمهور.

اإىل Richmond جامعة رئي�س دعانا التايل، اليوم يف مكتبه ويف نهاية اللقاء األب�صه املرحوم حبيب العباءة الأردنية.

يف عميقا ا�صتقرت وقد الرحلة تلك انتهت وهكذا وجداين.

يف اأدر�س كنت 2012/2011 التايل الدرا�صي العام يف جامعة Richmond، ات�صل بي حبيب واأهداين ق�صيدته:

فبابا بابا فرجينيا على يل �صلم "حممود

وقل ال�صالم على بالد قد زهدت بها انت�صابا

قد زدتها األقا على األق وزادتني اغرتابا

حممود:

اإن �صادفت قوما ت�صمعوا حلفيف قلبك

فتذكر ظلم قومك..".

ومل الذاكرة من اأكتبها فالأبيات الكرمي، للقارئ معذرة اأجدها مكتوبا يف اأي مكان.

اإثر وعكة �صحية 2012 ني�صان الأردن يف �صهر اإىل عدت اأملت بي، كنت قد ا�صرتيت حلبيب تذكارا من مطار �صيكاغو، كم وعدين حبيب بزيارة، ولكنه مل ياأت بعد، ومل اأره اإل م�صجا بيتي يف منت�صب التذكار الأردنية. اجلامعة م�صت�صفى يف

يذكرين بحبيب �صباح م�صاء.

حبيب!

كل على �صالم الطيبة، الأردنية روحك على �صالم مع�صوقاتك واأ�صدقائك الذين انت�صوا بعبري �صعرك.

�صالم على حرير �صعرك وعبري خزاماك.

لك منا الفاحتة ومن اهلل الرحمة.

• لطائف

اللطائف بع�س من تخلو ل حبيب املرحوم مع الرحلة

108

�صلم ن�صعد ونحن اأنه ذلك من تن�صى، ل التي واملفارقات مطار اأقدامنا وطاأت حني التدخني، يرتك اأن قرر الطائرة جون كندي يف نيويورك راح مي�صي م�صرعا دون اأن يلتفت وراءه حتى ي�صري بقي به، اللحاق واأحاول باحلقائب م�صغول واأنا اأ�صبح خارج املبنى واأ�صعل �صيجارته، رحت اأ�صحك رغم تعبي �صاألته كيف عرفت املخرج، قال عه، اأ�صي اأن وتوتري وخ�صيتي

�صيجارة املدخن دليله.

عفوية عن ناجتة وكانت معنا، حدثت مفارقات ثمة ال�صرطة اأن ذلك من الثقافات، واختالف حبيب املرحوم كنا �صاذجني، ل�صببني الفندق يف مرتني عنه تبحث جاءت ثنا يف الليل عن زيارة وا�صنطن، خرج املرحوم حبيب قد حتدالنا�س �صباحا، الثامنة ال�صاعة كانت ليدخن، ال�صباح يف ي�صريون م�صرعني اإىل اأعمالهم، ا�صتوقف حبيب اأحدهم و�صاأله عن كيفية الذهاب اإىل وا�صنطن، فارتاب به واأبلغ ال�صرطة عن رجل عربي املالمح ي�صاأل عن وا�صنطن، اأما املرة الثانية فكانت اأن دعا املرحوم حبيب اأحدهم لحت�صاء القهوة معه يف الفندق، كان الأمر غريبا عليه، فاأبلغ ال�صرطة عن رجل يدعوه ل�صرب ب يجر اأن يريد املرحوم كان معرفة، �صابق دون معه القهوة

حظه يف التحدث باللغة الإجنليزية.

ذات ليلة طلب مني اأن اأدله على �صالون حالقة لأنه قرر اأن يحلق راأ�صه باملو�س، قلت له عندما تعود اإىل الأردن افعل ما ت�صاء، نحن ل�صنا يف حج ول عمرة، يف ال�صباح راح يناديني من احلمام، واإذا به قد �صنع براأ�صه �صوارع وممرات، �صاعدته يف

ذلك �صاحمه اهلل و�صحكنا على الأمر كثريا.

من اآخر املفارقات اأن املرحوم حبيب اأثار ذعرا يف الطائرة اإىل مطار جون Richmond اأقلتنا من مطار التي ال�صغرية وقد مرتفع، وب�صوت العربية باللغة مني طلب حني كندي، كنت اأجل�س يف اخللف يف حني كان يجل�س يف الو�صط مع اأحد

جمال حول يقوله ما للرجل اأ�صرح اأن مني طلب امل�صافرين، ا �صري رحلته الأردن وروعتها، واأنه يدعوه لزيارة الأردن مغري

من قبيل "جرية اهلل غري ع�صاك عندنا".

وتلقائيته، وطيبته عفويته بكل حبيب املرحوم هو ذلك قال الذي فهو العالوك، عن بعيدا العي�س لي�صتطيب يكن مل لنا ذات حديث عن اجلنة والنار: يوم القيامة �صاأدعو اهلل اأن

يعيدين اإىل العالوك.

* جزء من �صرية حياة املرحوم حبيب الزيودي.

لوحة للفنان احلاج فايز الأغب

109

له اختارته عا بني ما الفتى حبيب موز البدايات، كان يف اأم واأب، وهكذا كانت روحه ع�صفورة الرب تطري احلياة، بني يف ي�صمه الذي الدفء عن بحثا العاثرة اأقداره ف�صاء يف اأح�صان الربية القا�صية، دفء مل يجده ال يف احلل ال�صحري الذي يتجاوز الأمة الغائرة التي رافقت عمره الق�صري؛ دفء اأباه ال�صعر فكان فيه، الق�صيدة توقدها كانت التي النار يف

واأمه، بل كان له الدنيا يلوذ به باحثا عن احلنان املفقود.

هذه يف دائما حبيب الفتى عند الأيام كانت وهكذا، الثنائية القا�صية؛ دائرة بني اأم واأب حاول اأن يجد بينهما من اخل�صراء الوهابة الطبيعة تخلقها مواءمة الرقراقة روحه التي العالوك هي الدنيا؛ يف ما اأجمل عنده كانت اأر�س يف احت�صنت قربه حتت ظل �صجرة ال�صنديان العتيقة بني حقولها وذكريات اأحبهم، الذين الب�صر واأرواح وبلوطها، وجبالها

مملوؤة باجلراح ه�صمت قلبه الطري:

لأ�صكن اأما ول اأبدا، لأن�صاأ عاقال الأيام عاقلة )ما كانت �صرها واأ�صم اأيامي، ويف حقل احل�صاد ولدت

القمح كان اأبي وبطن ال�صفح اأمي

ما كان باب بانتظاري حني اأعطتني الق�صيدة �صرها لأ�صب �س الدنيا واأنرثها بدد مثل النار يف فلواتها واأرو

ما كانت الأيام عاقلة

وكان ال�صعر ملا غاب ظل اأبي اأبي

وطويت قلبي مل اأجد روحا حنونا كالق�صيدة مل اأجد

وطويت اأيامي اأبيع واأ�صرتي �صعرا بخبز خا�صرا يف غابة

واأقول يا قلبي احلياة جميلة

حتى ولو األقتك يف فلواتها بني ال�صباع بال �صند(.

هذا احلبيب البهي يف اآخر ما كتب يف وداعيته.

اإن الرحلة اقرتبت، فال جتزع على اأحد، فقد ع�صت احلياة على تطل ل والنوافذ نوافذ، بها والبيوت بيوت، فيها جميلة

اأحد.

اإنني اأدرك اأ�صى يف قلبك واأنت ل ترى غري فر�صان اعتلوا �صهوات اجلياد

بها ليبنوا النهابة ذواتهم واختاروا الوغى، �صاح �صيعوا وهم اأجماد.

اأبا ويا الفقراء، اأحببت كم الفقري اأيها اأدرك اإنني املظلومني واأخا امل�صت�صعفني،

وداعـيــــــــة الـحبيـب

�صامل اخلزاعلة

كاتب اأردين، وزير �صابق.

110

يد كرمية وروح وهابة، وحب مبثوث لكل طالب.

اأبجدية من ر املتحد ال�صفيف احلزين الوطني اأيها الأنباط،

ل حتدك اجلغرافيا ول القبائل ول العرق واللون

ول نزق قطاع الطرق من اللذين ركبوا موج الوطن

بقاياها على ويقيموا الأهل، منازل من تبقى ما ليغرقوا بيوتهم الورقية.

يا �صاحب اجلرح القدمي كلما �صمدته يزداد نزفا،

يف ال�صعر اأدرت خانت فاإن اأعناقا، لالأيام اأظن )كنت الأعناق �صيفا

النرث منفى وال�صعر حمبوبي اإذا جافيته وافى و�صفا.

يا �صدوم الغريبة

يا �صدوم التي عقرت ناقة اهلل

ما اأنت اأغنيتي ول وطني،

وال�صماء عالية ال�صفح على الغيوم، �صدوم يا وطني القريبة

هنا

قالت اإمراأة للغمامة

ي على ولدي مر

وروي عظامه

هنا

يئ�س الفقراء من العدل

منتظرين القيامة

ل مالمة يا وطني ل مالمة

وكم كذبت على قلبي ف�صار معي

اإىل غواي رفيقا ل يخون ول

يريد مني اإذا اأ�صرفت تو�صيحا

اأ�صرفت كي اأنحت املعنى على حجر

وكي يظل هيامي فيك مف�صوحا

اأ�صاأت عتم جماهيلي باأغنية

عن الظالم واأطفاأت امل�صابيحا

مواجعي حيث �صارى البدو بادية

وجللج الوجد ملا ودعوا ال�صيخا

اأقودهم واأنا الأعمى اإىل لغة

ل اأ�صتعري لتبقى الدرب وا�صحة

ول اأروي ليبقى اجلرح مفتوحا

قلبي على قلبك املجروح يا بلدي

اإذا تلوتك ذاب النا�س ت�صبيحا

ظنوك من �صجع الكهان يف ورقي

واأنت يف خاطري الوحي الذي يوحى(.

كم يا �صديقي كذبت على قلبك ليتبعك،

وكم اأ�صرفت يف نحت املعنى حامال اإزميل اللغة لتنحت يف مرمرها ال�صقيل.

دفء فينا واأوقدت الأيام عتمة قلوبنا يف اأ�صاأت كم احلياة،

111

كيف زرعت يف دروب البالد مو�صيقى الفرح

وعزفت على نايك الرقراق عذب الأغاين

وخ�صرة ال�صنابل رمو�س العالوك يف رق�صت كم ال�صنديان،

وكم اأوقدت فينا �صعلة املعنى وبذرة الفكرة.

وبلوطها الأحمر جبالها نوار من طالعا اأردنيا كان الأخ�صر،

وقد�س بلوعاتهم ممزوجا الطيبني اأهلها بكدح جمبول اأرواحهم.

ول احلد يحده ل حبيبا، متمردا ثائرا كرميا.. حانيا يدعيه اأب.

كان فل�صطينيا من البحر اإىل نهاية النهر،

بعذب �صعره وتفجرت يف وروحه، بقلبه فل�صطني ا�صتعلت الق�صيد

فاأن�صدها وغنى، ونام على حلم وميعاد.

ح احلقول، كان اإن�صانيا نبيال تقوده الفكرة، ي�صر

ن اجلداول، يناغي الع�صافري، ويلو

ويناجي امللكوت، كان �صوفيا مولعا

بالرحمة واحلب، رفيقا �صفيفا

ياأ�صره ال�صتاء، ويهدهده القمر.

كان بقية الظالل التي �صاعت منذ عهد الرومان، فاجتمعت فيه

يف العالوك البلدة احلار�صة على اأبواب جر�س.

يف هاطل مطر مثل ال�صعر وينرث ال�صفوح. على يطل �صباحات القرية الوادعة

اآه يا اأخي و�صديقي. ويا بقية اأهلي

من يهدهد �صعر �صلمى وليلى يف امل�صاء العليل.

من �صيلقانا على الدرب يهلي

حامال �صيف اأجداده الأولني.

* * *

هذا من منجاة للقلب وهل بعدك، العالوك �صتبدو كيف الفقد.

الذكريات متر.. واأنت ل�صت جمرد ذكرى، اإنك اأنت ن�صف حياتنا

مت�صي معنا وتعي�س فينا خالدا مثل فر�صان هذه الأر�س.. متهم بل اأنت يف مقد

حامال م�صعل الأمل وروح احلياة، تربزها فينا ويف بالدنا لتبقى

اأ�صجار ال�صنديان خ�صراء كما حتبها...

من يا �صديقي مطال على جبال ال�صنديان

مثل طري اأ�صطوري ل ينام يحر�س اأحالمنا واأيامنا،

من على مقربة من �صاللة املكان والزمان

عند اأجدادك الأولني

العتيق مبجدك الوادي قلوبنا، متلك تفرد جناحيك على امل�صتعل،

ل تغفو كثريا يا �صديقي.. ما تعودت اأن تنام.

112

كان ذلك يف بدايات عام 1979، حني دعيت لندوة �صعرية اأحد املنتديات الثقافية، وكنت قد عدت لتوي من مغرتبي يف

يف ليبيا.

مل يكن معي ن�صخة من ديواين ال�صعري )اأنا�صيد الفار�س لوكالة اأودعته والذي ،1972 �صدرعام الذي الكنعاين(، التوزيع الأردنية يف ذلك احلني، لأجده قد بيع عن بكرة اأبيه،

ومل يكن لدي ن�صخة منه.

لأ�صتعري زياد اأبي عطااهلل ال�صاعر �صديقي اإىل ذهبت فاأخربين الديوان، �صدور اأوان له اأهديتها قد كنت ن�صخة الثانوية )ق�صر اإىل مكتبة مدر�صة الزرقاء اأهدى ن�صخته اأنه

�صبيب( التي كان اأمينا ملكتبتها.

فعاد املكتبة، رفوف على يجده فلم الديوان، عن بحث املرحلة الطلبة يف اأحد معارا لدى ليجده الإعارات اإىل دفرت لأن فه يعن وبداأ الطالب، ال�صاعر الأ�صتاذ ا�صتدعى الثانوية.

ذلك الطالب مل يرجع الديوان رغم انتهاء فرتة اإعارته.

كان الطالب يقف مرتبكا اأمام اأ�صتاذه.

تلفت اإليه لأرى �صبيا نحيال اأ�صمر الب�صرة ل ي�صتطيع الرد على اأ�صئلة اأ�صتاذه.

تعاطفت معه ورحت اأعتذر بالنيابة عنه.

�صاأله الأ�صتاذ:

- مل احتفظت بهذا الديوان طيلة هذه املدة؟

قال متلعثما:

- اأ�صتاذي، لقد اأحببت هذا الديوان واأنا طالب يف مدر�صة اأنهيت حتى معي وبقي ا�صتعرته وقد الإعدادية، العالوك

الإعدادية.

اإىل النتقال وثيقة لإعطائي مني املدر�صة طلبته وحني زلت وما يدي، بخط الديوان بن�صخ قمت الزرقاء، ثانوية اأحتفظ به يف بيتي، ولكنني حني وجدته يف مكتبة املدر�صة قمت اأحببت كما الديوان هذا اأحببت لأنني جديد من با�صتعارته

ال�صاعر.

�صاأله الأ�صتاذ: وهل تعرف ال�صاعر؟

حبيب.. واأناق�صة ود و�صعر اأقوى من املوت

حممد �صمحان

كاتب اأردين.

113

فقال الطالب: ل.

فقال له الأ�صتاذ: هذا هو ال�صاعر، حممد �صمحان، �صاحب الديوان.

عن يحدثني وراح بحياء، علي و�صلم يده الطالب مد ق�صائد الديوان ويقراأ مقاطع من الق�صائد عن ظهر قلب.

عن ت�صي التي اإلقائه وطريقة الطالب، بحافظة اأعجبت اإح�صا�س مرهف بالكلمة واملو�صيقى.

�صاألته: هل تكتب ال�صعر يا حبيب؟

قال بحياء: اأحاول.

كنت اآنذاك ع�صوا يف الهيئة الإدارية يف نادي اأ�صرة القلم يف الزرقاء، فطلبت من الطالب اأن يزورين يف النادي لرعاية

موهبته.

وهكذا كان.

كان هذا الطالب النحيف الأ�صمر احليي اخلجول احلزين مل حميمة عالقة بداية املقابلة تلك وكانت الزيودي. حبيب

تنقطع على مدار ثلث قرن اأو يزيد.

يف العامة العالقات مديرية يف نت عي 1984 العام يف واملحلية، العربية الثقافية للعالقات مديرا الأردنية اجلامعة

ومن�صقا لأعمال املوؤمتر الثقايف الوطني.

كان حبيب الزيودي ل ينقطع عن زيارتي يف مكتبي، اإما اأو �صحبة ال�صاعر املرحوم عاطف الفراية، ليطلعاين منفردا وال�صعراء، ال�صعر اأمور يف ولنتحدث ال�صعري نتاجهما على

وكان معايل الدكتور خالد الكركي يو�صيني خريا بهما.

تخرج حبيب من اجلامعة الردنية يف مرحلة البكالوريو�س، لكننا بقينا على توا�صل اإما داخل حرم اجلامعة اأو خارجه.

اأكرث من مرة با�صتمرار، كما دعاين ن�صاطاته اأتابع كنت مالعب على واأطلعني العالوك، يف )القدمي( بيته لزيارة طفولته و�صباه، واأ�صرار بوؤ�س حياته التي عا�صها يف ظل اأ�صرته

املمزقة.

�صدين الذي هو ديوانك يف املقيم احلزن "اإن يل: قال اإليه واإليك"، واأردف: "هل تعلم اأنني احفظ ديوانك عن ظهر قلب؟؟". فقلت له: "اإن حياتنا تكاد تكون مت�صابهة يا حبيب".

وكنا الزمن، من فرتة الأردنية الإذاعة يف حبيب عمل اأو بيتي با�صتمرار حيث كان يزورين يف الفرتة تلك نلتقي يف

اأزوره يف بيته، ويطلعني على جديد اأ�صعاره ودواوينه.

لأمانة التابع الأردين ال�صعر لبيت مديرا حبيب اأ�صبح رفقة ال�صعرية الأم�صيات لإقامة دعاين ما وكثريا العا�صمة، ال�صعر، اأبي زياد يف بيت ال�صريف وعطاهلل ال�صاعرين �صميح ثم ما لبث اأن تعني م�صاعدا لرئي�س اجلامعة لل�صوؤون الثقافية.

زرته يف مكتبه يف اجلامعة لالطمئنان عليه، فراح يبث يل اأ�صبحوا الذين اأ�صدقائه مع و�صوء حظه يف عالقاته اأحزانه وزراء للثقافة؛ ودون اأن يكونوا يف م�صتوى حلمه اأو الآمال التي تلقاه وظيفي عر�س يف ا�صت�صارين اأنه حتى عليهم. عقدها اأجل البتعاد عن اأجل املال، بل من من �صلطنة عمان، ل من

اأ�صدقائه الذين كان يعتقد اأنهم عقوه وجحدوه.

وزارة يف م�صت�صارا وعني اجلامعة يف عمله حبيب ترك فيه، يجل�س مبكتب عليه عزت الثقافة وزارة لكن الثقافة،

وجادوا عليه مبكتب متوا�صع جدا يف دائرة املكتبة الوطنية.

ا�صتيقظت ذات �صباح على هاتف من حبيب يطلب اإيل اأن اأتدخل لف�س خ�صومة ن�صبت بينه وبني وزير ثقافة كان يعرف اأنه �صديق يل. كان ذلك قبل وفاته باأ�صابيع. زرت معايل الوزير فاأكرمني بقبول الو�صاطة. واأنهيت امل�صكل بينهما، وا�صطحبني

114

اإىل اجلامعة واأخربين اأنه انتقل اإىل وظيفة م�صت�صار يف وزارة اأن ي�صاأ مل لكنه اليوم، ذلك من اعتبارا ال�صيا�صية ال�صوؤون يغادر الوزارة وهو على خالف مع الوزير والأمني، وكان يبدو

عليه الإعياء والإنهاك.

�صاألته عن �صحته، ف�صكى يل من اأعرا�س تنتابه بني احلني واحلني.

قلت له: "تلك اأعرا�س اجللطة يا حبيب، فانتبه لنف�صك".

بعد اأ�صابيع اأذيع نباأ وفاته.

�صاركت يف جنازته، وبقيت واقفا على قربه مع من يحثون الرتاب عليه حتى ووري الرثى يف مقربة العالوك.

وزراء من اأ�صدقائه من خم�صة حبيب جنازة يف �صار الثقافة ال�صابقني.

كان حبيب طفال يف �صلوكه وعالقاته، طيبا وديعا، لكنه �صرعان ما ي�صتفز وي�صتثار، و�صرعان ما يهداأ.

العائلية عالقاته اأ�صرار من بكثري اأحتفظ زلت وما والرفاقية والر�صمية الوظيفية.

الأف�صل بعد منت�صف الفي�صبوك ملتقانا وكانت �صفحات ق�صائده يقراأ من اأول اأكون باأن يخ�صني كان الليايل، حيث

اجلديدة لي�صتاأن�س براأيي فيها.

وكان اآخرها ق�صيدته "�صلمى" التي اأر�صلها يل قبل وفاته بيومني وتناق�صنا فيها، وما زالت الق�صيدة واأحاديثنا حمفوظة لدي، اأعود اإليها كلما هزين ال�صوق اإىل حبيب، كما اأن �صفحته وهاتفي حا�صوبي جهاز على هاتفه ورقم الفي�صبوك، على

النقال، ما زالت على حالها.

لقد فقد الأردن وال�صعر والطيبة، �صاعرا يف ذروة عطائه. كان كثريا ما يت�صبه بعرار حتى مبيعاد وفاته، حيث كان يقول: )اأنا مثل عرار، و�صاأموت يف مثل عمره وقبل بلوغي اخلم�صني.(

وقد مات حبيب كعرار يف التا�صعة والأربعني.

رحم اهلل حبيب، واإنا هلل واإنا اليه راجعون.

بيــت ال�صعر الأردين

115

كاتب اأردين، رئي�س جمعية عبده مو�صى لإحياء الرتاث.

�صكلت الربابة، هذه الآلة الب�صيطة القدمية، هاج�صا قويا الزيودي، فانعك�صت الراحل حبيب الكبري ال�صاعر يف وجدان ال�صعرية والق�صائد الأبيات من العديد ووردت يف �صعره، يف التي األفها، حتى اإنه، رحمه اهلل، اأفرد لها ق�صائد حتمل ا�صم

الربابة.

اأ�صباب عديدة، نذكر منها، على �صبيل اأن لذلك ول �صك املثال ل احل�صر، الب�صاطة والتوا�صع وال�صدق و�صفاء النف�س من قريبا جعله الذي الأمر الزيودي، بها يتمتع كان التي اأول من عرفها، العرب كان التي الب�صيطة الوترية الآلة هذه ال�صاأن جلد من قطعة وهي اأ�صعارهم، اأجمل عليها واأن�صدوا املنزوع ال�صوف اأو ال�صعر وامل�صدود من اجلهتني على �صندوق �صنتمرتات �صبعة بحدود خ�صبه ارتفاع م�صتطيل، خ�صبي تقريبا، يخرتق ال�صندوق ق�صيب من املعدن )عمود الرتكاز( الذي ي�صكل �صاق ال�صتناد يف الأ�صفل، ويلتقي من الأعلى بعمود خ�صبي هو الرقبة التي يعادل طولها طول ال�صندوق اخل�صبي، الن معا )الق�صيب املعدين والعمود اخل�صبي( قطب حيث ي�صكمن والرقبة الأ�صفل من العمود طرف بني ويربط الربابة، الأعلى وتر م�صنوع من �صعر ذيل احل�صان العربي، يرفع على على ويجز )الغزال(، ت�صمى خ�صبية بقطعة ال�صندوق وجه الوتر بقو�س مكون من غ�صن نبات نظيف حمني، يحافظ على

انحنائه وتقو�صه �صعر اخليل امل�صدود بني طريف القو�س.

الغربية املو�صيقى وم�صطلحات اأعالم قامو�س ف يعرالربابة REBEC باأنها اآلة مو�صيقية، �صغرية ذات ثالثة اأوتار، وهي عربية الأ�صل، انتقلت بعد ذلك اإىل املو�صيقى الأوروبية. ويعرف الطالب �صقر �صبحي عبده مو�صى يف ر�صالة املاج�صتري تقنيات العزف على اآلة الربابة )عبده مو�صى منوذجا( الربابة

باأنها ال�صم ال�صعبي امل�صتخدم يف ت�صمية اآلة رباب ال�صاعر.

نتحدث اأن يجب فبالتاأكيد الربابة عن نتحدث وعندما املرحوم الأردين الفنان ال�صهري العاملي الربابة عازف عن اأ�صطورة الفن الغنائي الأردين العربي الأ�صيل، عبده مو�صى؛ اآلة الربابة حتى غدا �صفري الأغنية الذي برع يف العزف على العربي الغناء واأمري الربابة، اآلة على العزف وملك الأردنية نقل يف الأكرب الف�صل له وكان الأردين، الفلكلوري والرتاثي اأهم اإىل الأردنية البادية يف بيئتها من ال�صعبية الآلة هذه

امل�صارح العاملية.

كانت الربابة قريبة من حبيب منذ نعومة اأظفاره، ورافقته يف طفولته و�صبابه، فقد ن�صاأ وترعرع يف ظل اأ�صرة بدوية اأ�صيلة عريقة تتمتع بالعادات والتقاليد العربية والقهوة العربية والنار اأردنية القهوة ومنقل احلطب والفحم يف قرية وال�صعر ودلل الزيودي حبيب ال�صعري الكوكب عا�س حيث العالوك؛ هي �صباه اأيام يتذكر الأخري، النف�س حتى ال�صعر مباء املجبول

ليكتب على �صفحات ديوان تاريخ ال�صعر الأردين:

الربابة يف �صعر حبيب الزيودي

ح�صني عبده مو�صى

116

اأرنو وغيم على العالوك ياأخذين

للنبع حتت ظــــــالل احلور ياأخذين

اإىل جدائل �صــــــود وهي تاأخذين

حيث الغوى والهوى وال�صعر واحللم

اأطري فوق �صــحاب كي اأرى لغتي

على ال�صواطئ مثـــــل املــــــوج تلتطم

و�صيا�صة، ووجعا و�صخبا �صحكا متتلئ العالوك وكانت عندما يلتئم حبيب مع اأ�صدقائه و�صيوفه وحمبيه ومريديه يف

بيته حتت ال�صنديانة.

الزيودي، حبيب �صعر من وا�صعة م�صاحة املكان احتل احلقيقية ال�صورة تعك�س نف�صية واأبعادا دللت وج�صد النفعالية التي يعي�صها ال�صاعر، وتظهر جماليات املكان خالل املختلفة، واأبعادها ال�صغرية بدقائقها جلية الريفية البيئة لها الت�صاق عالقة واملكان الإن�صان بني العالقة واأن خا�صة

جذورها العميقة وقد�صيتها يف نف�س املبدع.

والربابة اأو ربابة ال�صاعر كما ي�صميها بع�صهم اآلة ب�صيطة بنف�صه العازف وي�صنعها اأ�صرنا، كما التعقيد، عن بعيدة على �صهولة احل�صول ولعل البداوة، �صبغة تاأخذ وهي عادة، الزخرف، عن ابتعادها مع �صنعها، وب�صاطة بنائها، مواد جعلها تتاأقلم وحياة البدو والبدو الرحل، فهي ترافق اأ�صعارهم هنا من والتف�صيل، املحبة كل لها يكنون وهم واأغانيهم، ارتبطت الربابة يف حياة حبيب باملكان الذي كان يعي�س فيه،

وقد ا�صرتجع �صور منازل اأهله حني يقول:

كلما دندن العود رجعني

ملنازل اأهلي

ورجع �صربا من الذكريات

حتوم مثل احل�صا�صني حويل

اأبي يف امل�صافة....

والقهوة البكر مع طلعة الفجر

عابقة باملحبة

اأوتار، الثمانية ذات الوترية، املو�صيقية الآلة هذه العود دندن فنقول الواحد، الوتر ذات الربابة اآلة عن واملتطورة العود، وعزفت الربابة اأو جرة الربابة، كذلك امل�صافة والقهوة اإىل كثرية واأحيانا امل�صاء، اإىل وال�صباح الفجر طلوع منذ ومرتبطة �صرورية واأدوات مفردات كلها الليل، منت�صف منهم، كثري زال وما كانت، قدميا فالنا�س بع�س، ببع�صها يت�صامرون وي�صهرون يف امل�صافة، قرب منقل النار لغلي القهوة احلني بني ي�صربونها دفئها، على حمافظة ولتبقى العربية �صهرتهم، مل�صاركتهم امل�صافة على �صيف اأقبل وكلما والآخر

والتي بالتاأكيد ل تخلو من ال�صعر والق�صيد على الربابة.

وغالبا ما يتم العزف على اآلة الربابة يف املجال�س ال�صعبية البدوية داخل بيوت ال�صعر، وحديثا اأ�صبحت الدواوين ال�صعبية

مكانا منا�صبا لذلك.

ياأن�س فهو واملو�صيقى، لل�صوت يطرب البدوي فالإن�صان حتى ب�صوت الرمال التي ت�صوقها الزوابع، وتارة لرغاء الناقة اأعناق يف الأجرا�س ي�صع اإنه والغنم، العنز وثغاء واجلمل يحب البدوي وهذا تتحرك، وهي ل�صوتها ويطرب الأغنام املو�صيقى بطبعه، فال جتده يف اأغلب اأوقات فراغه اإل ويختلق عي�صه، و�صظف متاعبه ف وتخف عنه، ه ترف التي املنا�صبات اأو اجلرات ال�صبابة ال�صادرة من املو�صيقى والأ�صوات فيحب

النابعة من الربابة.

كذلك ارتبطت الربابة بالوطن وبالق�صائد الوطنية املغناة اأكرث ق�صائد للوطن يف الربابة، وجند ح�صورا لفتا اآلة على الزيودي، فهو يتغنى بكل مدينة وقرية، ومعلم من معامل وطنه

117

لهذا يتحول، وهو يعطي الذي ل الع�صق الأردن، يف حالة من الع�صق ما يتطلبه من بذل وت�صحية.

بوطنيته، خمل�صا �صادقا وطنيا مو�صى عبده كان كذلك عز ب�صكل الها�صمية وقيادته وترابه، و�صعبه الأردن، يع�صق الأردن، اأغنية وطنية من ذكر اأية تخلو تكاد نظريه، حيث ل

وقيادته الها�صمية، وجي�صه املقدام.

وحبيب يف �صعره الوطني ل يغفل اأحوال الأمة وطموحاتها من للكثري لتعر�صها نظرا �صدرها على جتثم التي الكربى املتعاقبة دواوينه يف مل�صناه، ما وهذا والأزمات، امل�صكالت د التي نقلت اأحا�صي�صه جتاه الوطن وهمومه، الأمر الذي ج�صت اخلطوب ادلهم كلما نف�صه الأكرب يف والهم الأول الهاج�س

حول ق�صايا الوطن امل�صريية.

التي الوطنية الق�صائد من العديد الزيودي نظم وقد الوطنية املنا�صبات يف واألقيت اأحيانا ال�صحف يف ن�صرت اأحيانا اأخرى؛ والربابة وال�صعر يعمالن على ت�صجيع املقاتلني، يظهر ذلك جليا يف فرتة احلروب والغزوات، فال�صعر احلما�صي النا�س، نفو�س ويبث احلما�صة يف العواطف اجليا�صة، يحرك الربابة، �صوت به يزهو كلمة وحلن عبارة عن ال�صعر ويكون اأوقات يف تذاع اأغاين ت�صبح التي الوطنية الكلمات مثل احلروب، فما يكون من البدوي عندما ي�صتمع ل�صوت الربابة بالعتزاز �صعورا يزداد اأن اإل حما�صية بكلمات م�صحوبا اأهزوجة من ذلك على اأدل ول والإقدام، وال�صجاعة والفخر

الربابة. على مو�صى عبده غناها التي "الثاأر" ال�صهرية

كانت فقد البداوة، كانت "وملا الزيودي: حبيب يقول الربابة بوابة عبده مو�صى يف الولوج اإىل روح ال�صعب واكت�صاف عبقرية املكان، وظل قامو�س البداوة م�صيطرا على روح عبده

مو�صى".

هو فحبيب عمر، رفيقا واملعاناة الزيودي حبيب كان وانتمائه الواعية الإيجابية ومعار�صاته م�صاجالته يف حبيب

وولئه ال�صادق، وهو ال�صاعر امل�صكون باأمل الب�صطاء، وتفا�صيل ل باخلط العري�س اأنه �صاعر وطن واأمة ونا�س. حياتهم لي�صج

واأ�صالة اللغة امتلك جميال، قرويا �صاعرا حبيب وظل البداوة والريف الأردين، وقد انتمى للموروث ال�صعري املحلي، امتدادا يكون اأن وحاول عرار، ب�صعر وثيقة كانت فعالقته والبادية الريف يف الأردين املكان فنجد له، واإبداعيا روحيا اإن�صانا كان اأ�صعاره، فحبيب كافة ب�صورة كبرية يف ظاهرين يف �صعره وعذبا يف �صوره امل�صتوحاة من الوطن، وحتديدا من الريف الأردين، الذي ن�صاأ فيه، فاألف منها بوحا ما يزال يحفظ الفطري وال�صتعداد لالأدب الإخال�س ميزة وهي د، ويردلالإبداع. فكاأنه يف �صعره يتحدث عن اأي �صاب، يف اأي قرية من

قرى الأردن، باأمله وطموحه ومعاناته.

من هنا كان اهتمام ال�صاعر حبيب الزيودي بالربابة، وقد وردت كلمة الربابة اأو م�صتقاتها يف العديد من اأبياته ال�صعرية، ففي ديوان "طواف املغني"، يف و�صط ق�صيدة "املوؤابي" يقول:

ما زلت اأ�صــــــعى وال�صموع خوابي

واأ�صــــــد لل�صبح البهــــي ركابـــــي

اأنا يا مــــــوؤاب على ميينك عا�صق

فتـــــرفقي بالعا�صــــــق اجلــــــــواب

كحلت من هذا الرتاب ق�صائدي

وعجنت من طيف اجلنوب ربابي

ملي �صـــــتات ق�صـــــائدي فلرمبـــــا

اأ�صحى �صبـــــــاح املدجلني موؤابي

ويف نهاية الق�صيدة يقول:

هذا اأنا

118

طفل على اأبوابك اخلر�صاءيلثغ بالن�صيد املبكر

يحمل يف اليد اليمنى هدايا العيدويحمل يف اليد الي�صرى ربابته

وير�صم يف دفاتر حبه وطنا جميالمي�صي ويك�صو كل نافذة هديال

�صلمان" يف "بيت ق�صيدة اأهلي" يف "منازل ديوان ويف ختام اأبياتها يقول:

على طارق يف الدروب، اأ�صتندوالوحيد الذي مات من غري اأن تنت�صي

اأذناه بزغرودة،اأو ي�صم الولد

ليته كان يعرف اأنك من دونهم �صتزور ترابهومن دون اأبناء عمك �صوف تكون

وريث عذاباتهووريث الربابة

ويف ق�صيدة "�صالما على وطن الطيبني �صالما" يقول:اإذن �صاهر النجم واأكتب

اأعن غري حوران تزهو الكتابةواأعرف �صوف متر اأغانيك فيها مرور ال�صحابة

ولي�صت تليق املحبة اإىل جاحدةفتحمل جحود احلبيبة، واكتب هواها دموعا

فما خلقت يا اأخا الوجد اإل لتبكي الربابةالأبيات يف الربابة ذكر اأهلي" ورد "منازل ق�صيدة ويف

التالية:

وعاد اأبي وهو يفر�س قريتنا هيبة

واإخوته من حواليه �صرب �صقور

وجوه اإذا عتم العمر طلوا

على عتمة العمر مثل البدور

ملاذا اإذن اأيها املوت غيبتهم

وتركت الربابة تعجن روحي اأ�صى بعدهم

وت�صب على جمرها يف فوؤادي الك�صري

ويف نهاية الق�صيدة اأبيات يقول فيها:

ل يحب الق�صائد اإل اإذا �صم قهوتنا يف القوايف

ولحت ربابة عمي التي �صكبت نب�صها يف الوتر

ويعتب اإذ ل تكون وراء املطالع

نافذة للحننيالرقم )6( "الربابة" حتمل بعنوان اأفرد ق�صيدة واأخريا

�صمن ق�صائد ق�صرية يف ديوانه "منازل اأهلي":

الربابة منذورة للفجيعة

معجونة بال�صجى

مات اأخوتها واأبوها فعذبها اليتم

حتى اإذا رحل القوم

ما وجدت من يهد لها خيمة

اأو ي�صد لها هودجا

ولو اأ�صعف احلال لختار �صاحبة غريها وا�صرتاح

فما كان يوما ندمي الرجال اإذا وهنوا وتراخوا

واأودى الزمان بفطنتهم حني �صاخوا

ولو اأ�صعف احلال مل ميدح ال�صيخ اأو ابنه الأعرجا

119

ولكن زغب القطار و�صنوهفلم يلق يف غريها خمرجا

اإن التاريخ الطويل، للرتاب واحلجارة والنا�س والفن وال�صعر يف يحمل الغايل، الوطن هذا يف والربابة واملو�صيقى والغناء األوانا من الفن، زاهية م�صرقة، متنوعة... على اأكرث اأعطافه اجلماعي، واأدائها، ونغمها، بن�صها، الأغنية �صعيد: من واللبا�س، العطاء.. مو�صم يف الربابة، على وعزفها وغنائها والأهداب، والزهر، ال�صجر، عروق من املغزولة خيوطه بكل والعادات، بكل ما فيها من �صموخ الإن�صان، وكرمه، وارتباطه بالأر�س، وبرغم كون هذا الفن، هو اأ�صال فن ال�صعب، وهو نابع

من داخله، وطالع مثل �صنابل القمح، ومن �صميمه.

املكتوبة باملو�صيقى اأ�صبه هي الزيودي حبيب اأ�صعار اأو �صماعها لدى عنك، رغما تاأ�صرك الرنانة، بالكلمات �صجي عود اإىل اأو حزين ناي اإىل ن�صغي وكاأننا قراءتها...

ف�صاعرنا الأحلان، اأ�صعب بوترها تغزل ربابة اإىل اأو حمبب، والإيقاع اخلا�س الكالم ابتكار على عظيمة قدرة امتلك النف�صي امل�صبع لينفث اأفراحه واأحزانه وغ�صبه ور�صاه و�صكونه

واندفاعه وحبه وعتابه احلنون.

حبيب من اأهم �صعراء الوطن... فهو �صاعر القلق واحلب والأحالم الوردية... �صادق الكالم واملو�صيقى والده�صة والرقة الذي الأردن تراب يع�صق كان ال�صاملة، الإن�صانية وامل�صاعر بـ"احلناء"، لذا فهو قمر الوطن املنري الذي غاب عنا و�صفه

فجاأة دون مقدمات ول علل.

فتوقف فاأتعبها، بروحه �صعره حمل الزيودي... حبيب قلبه، وهو ينب�س، بحب الأردن وتقدي�س ترابه.

على حنا �صيظل مماته ويف حياته يف الزيودي... حبيب حنا.

نــــدوة اأفكــــار "الثقــــافة بيـن التنويــر والتكفيــر"

اإعداد وحترير: الدكتور �صليمان الأزرعيتفريغ املادة احلوارية ال�صوتية: فتحي ال�صمور

املكــــان: املركــز الثقـــايف امللكي – قاعـة املوؤمتــرات2014 / 11 / الـزمـــــان: 9

121

املـ�صــــاركــــــون:مـديــــر النــــدوة: الدكتور �صــــليمــان الأزرعــي

الدكتور اإبــراهيــــم بــــــدران

الدكتور عبــداملجيـــد ن�صيــر

الدكتور �صــالــــح اأبــو اأ�صبـــع

الأ�صتاذ اأحمد ح�صن الزعبي

الأ�صتاذة ليـــلــــى الأطـــــر�ش

الأ�صتاذ هزاع الباري – مندوب وزيرة الثقافة

بامل�صاركني، مرحبا حديثه، الأزرعي الدكتور ا�صتهل الندوات هذه مثل عقد على الثقافة وزارة حر�س وموؤكدا يف ما�صية اأفكار جملة اأن توؤكد والتي الفكرية، والور�صات

ر�صالتها، خلدمة الفكر والإبداع والثقافة الأردنية والعربية.

ملختلف �صفحاتها، اأفكار تفتح جملة ا�صتهالله: وجاء يف الفكرية وللكتابات واملكتملة، منها رة املب�ص الإبداع، فنون هذا باأهمية املجلة، حترير هيئة ت�صعر وعندما املحرتمة، فيه ي�صارك وافيا، ملفا �س تخ�ص فاإنها ذاك، اأو املو�صوع امل�صهد. واإغناء ال�صوء، اإلقاء على والقادرون �صون املتخ�صاحلر، الدميقراطي املنرب هذا اأفكار جملة �صت خ�ص هكذا

ملفات حول اأدباء ومبدعني اأردنيني، من اأمثال موؤن�س الرزاز، ويعقوب العودات، وعبد الرحيم عمر، وحممد طمليه، وحبيب العديد اأهمية يف الزيودي، وغريهم. كما فتحت ملفات ذات الثقافات، وحوار القومية، بالثقافة املتعلقة املو�صوعات من والدراما العمارة، وفن وامل�صلمني، العرب عند والعلوم ق�صيتي، على قلقها من تنطلق هي وها وغريها. الأردنية، حرية الفكر، والأمن الوطني والقومي، والأمن الفردي اأي�صا، وهي الظالمي. للتكفري الأعمى الزحف يف ظل خماطر هذا تنظر لهذين املو�صوعني؛ التنوير والتكفري، بو�صفهما مو�صوعا

ثقافيا، واأزمة ثقافية قبل اأي �صيء اآخر.

اأ�صكر الأ�صاتذة، واملفكرين والأدباء، الذين ا�صتجابوا، ولبوا دعوتنا للم�صاركة يف هذه الندوة، واأقدر ملن تغيب واعتذر، واأنوه اإىل اأن املجلة تقوم على اإعداد ملف خا�س يف املو�صوع نف�صه، الفكرية بامل�صاركات التحرير هيئة يف زمالئي با�صم واأرحب التي �صنتلقاها. والآن ل بد من كلمة اإن �صاء ال�صديق الأديب راعي هذه الندوة، مندوبا عن معايل وزيرة الثقافة؛ الأ�صتاذ

هزاع الرباري اأن يكرمنا يف افتتاح هذه الندوة.

الباري هزاع • الأ�صتاذ

الدكتور رئي�س اجلل�صة، اأ�صحاب املعايل، الإخوة احل�صور، اأ�صعد اهلل م�صاءكم. ال�صحيح اأن وجودي بينكم هو تكرمي يل،

نــــدوة اأفكــــار "الثقــــافة بيـن التنويــر والتكفيــر"

اإعداد وحترير: الدكتور �صليمان الأزرعيتفريغ املادة احلوارية: فتحي ال�صمور

122

واأنا اأعتز بوجودي بني اأ�صحاب فكر وفل�صفة كبار، اأتعلم واأنهل منهم الكثري.

تنويريا م�صروعا كانت بداأت، اأن منذ اأفكار جملة اإن الثقافة وزارة وجود على �صابقة كانت وبالتايل الأ�صا�س، يف كموؤ�ص�صة اإدارية و�صيا�صية �صمن هيكلة الإدارة الأردنية. املعركة الكتاب زال وما تنوير، ومعركة وعي معركة هي الأ�صا�صية الظالم �صد والتنوير، للمعرفة الأول امل�صدر هما واملجلة تراجع اأن كما ي�صاف، ملا ي�صتجيب وعاء لأنهما والظالمية، الفعل الثقايف التنويري �صمح لكثري من الثقافات الظالمية اأن لي�صت املعركة وبالتايل لتمالأها، فارغة م�صاحات اإىل تتقدم معركة ق�صف طريان اأو جيو�س، لأن هذه املعركة، معركة اآنية، هنا من الفكر. مقابل الفكر معركة هي امل�صتمرة واملعركة تاأتي اأهمية هذه الندوة، وهذه املبادرة من هيئة حترير جملة موؤ�ص�صة باعتبارها اأفكار جملة اإىل اأنظر دائما واأنا اأفكار، ثقافية م�صتقلة قائمة بحد ذاتها، م�صتقلة بكل ما حتمل الكلمة الدوائر التحرير هي من غري موظفي هيئات لأن معنى، من تتدخل ول امل�صارب، كافة ومن املثقفني، من وهي الر�صمية،

الوزارة باأي توجه لهذه املجلة.

من املهم اأي�صا اأن ل تكتفي املجلة باملواد التي تن�صر، اإمنا بني من تخرج واأن واحلوارية، الفكرية والندوات بالربامج دفتي املجلة، فمثل هذه الندوات، وهذا التوا�صل مهم جدا يف خلق هذا التمازج، وهذا احلوار الذي يقدم الثقافة املرجوة. نف�س اإىل وحتتاج و�صر�صة، �صعبة املعركة باأن نعرف فنحن طويل يف املواجهة، ونحن الآن نقطف ثمار مرحلة من الرتاجع على �صعيد الفعل الثقايف ب�صكل عام، الثقايف الإيجابي، تراجع الر�صمي عن الرتاجع ال�صينما، امل�صرح، الإبداعية يف الكتابة هذه احلقول، واإن اإهمال هذه امل�صارب، واملنابر الثقافية �صمح ملوؤ�ص�صات وجلهات معينة اأن تبث فكرا مدمرا، اأ�صعل لالأ�صف الأر�س العربية. لذلك نحن ن�صد على اأيدي هيئة حترير جملة اأفكار، ون�صكرهم على هذه املبادرة الطيبة، ونعول على اأ�صحاب

الفكر والراأي فيما يقدمونه من اأفكار وتو�صيات ثمينة.

رئي�ش اجلل�صة: الدكتور �صليمان الأزرعيهذه على الرباري هزاع الأ�صتاذ الندوة، هذه راعي اأ�صكر جملة حترير هيئة باأن واأذكر ال�صتهالل، وهذا الفتتاحية، اآخر ندوة الندوة. وكانت اأكرث من ندوة قبل هذه اأفكار عقدت عقدت حول موقف التيارات الفكرية، والأحزاب ال�صيا�صية، من اأجله اأن يعقد من يلزم نتابع كل ما الثقافية. فنحن املو�صوعة الدراما ندوة عقدنا فمثال امل�صاركة. وبهذه الوزن، بهذا ندوة الأردنية، لأننا ن�صعر اأنها تدخل يف اأزمة. على وجه العموم ثمة اأ�صئلة ملحة نتوقعها يف هذه الندوة ونتطلع لالإجابة عنها، واأ�صئلة

الندوة الأهم كما نراها:

- اإىل اأين مي�صي فكرنا وثقافتنا العربية الإ�صالمية اليوم؟

من املنحى هذا ظهور وحوافز ودوافع اأ�صباب تكمن اأين -التفكري والتوجه؟

اأنه اأم نبت �صيطاين مباغت ومفاجئ، اليوم هو نراه - هل ما نتاج ظروف وحا�صنات تغري بولدته وتفاقمه؟

- كيف ميكن لنا اأن نحاور هذا الفكر، اأم اأن قتاله هو الو�صيلة العربية و�صعوبها، كما هو يف اأنظمتنا اأمام باتت التي الوحيدة

املدى املنظور؟

العربية ثقافتنا يف جذور والتوجهات الظاهر لهذه هل -الإ�صالمية؟

الدويل، التخبط غمرة يف املوجة هذه بنا مت�صي اأين اإىل -وت�صارع الأفكار، كحوار الثقافات، و�صدام احل�صارات، وتوا�صل

الأمم، واأ�صئلة ال�صرق والغرب؟

تلك هي الأ�صئلة التي نطرحها من طرفنا، ونتوقع اأن يجاب عنها، وعن اأ�صئلة اأخرى. واأول امل�صاركني يف عر�س اأطروحاتهم، هو الأ�صتاذ الدكتور عبد املجيد ن�صري، ونتوقع يف مداخلته -كما والأ�صتاذ الإ�صالمي. الفكر يف الجتهاد حول تكون اأن علمنا- الدكتور عبد املجيد ن�صري تعرفونه مبوؤلفاته، بكتاباته الفكرية،

والعلمية.

123

• الأ�صتاذ الدكتور عبد املجيد ن�صري

بداية اأقول جلاري )د. �صليمان الأزرعي(: نحن كناقل التمر اإىل هجر، اأمام هذه الوجوه الطيبة، والعقول النرية، ماذا ميكن اأن نقول �صيئا جميال مفيدا؟ ولكن، وقد و�صعنا يف هذا املقام، فعلينا اأن نقوم ب�صيء من ذلك. عنوان الندوة هو "الثقافة بني الكلمة وبالذات نا، معي �صيئا علينا والتكفري" يفر�س التنوير الأخرية "التكفري"، التي لها �صوق رائجة منذ �صنوات طويلة. الإ�صالم وامل�صلمني. ملاذا اأنها تقع بني امل�صكلة هنا، يف ظني، تقع اأول يف الإ�صالم؟ اأية عقيدة لها وجود واقعي، هي مركبة اأو والتاريخ الجتهاد، اأو والتاأويل الن�س، ثالثة: عنا�صر من التطبيق. فالن�س هو الوحي، وبالذات هو القراآن الكرمي، وما امل�صلمني. كل عند عليه النبوية ل خالف الأحاديث من ثبت ابتداء من التاأويل، البداية يف ق�صية ولكن ظهر اخلالف يف الإ�صالمي التاريخ اآخر اإىل اأبي طالب بن علي على اخلوارج يف خمتلفني، يزالون وما امل�صلمون، واختلف هذا. يومنا يف اإذا كانت اخلالفات يف الأ�صياء الفرعية، فال التاأويل. ق�صية باأ�س، اأما اأن تكون اخلالفات يف الأ�صياء الأ�صا�صية التي تقوم عليها احلياة، عندئذ تت�صعب الأمور، وباأ�صباب ب�صرية خال�صة يجد بع�صهم، بع�س هوؤلء الذين يحملون هذه اخلالفات، اأن الو�صيلة لإثبات راأيهم هي حمل ال�صيف، واإذا حمل ال�صيف ل يبقى راأي، ول يبقى فكر له قيمة. نحن يف الإ�صالم كما تعلمون الجتهاد اأو التاأويل الزمن �صار ولكن مع لنا مقد�س، الن�س والتاريخ مقد�صني. والتاأويل والتاريخ كالهما من �صنع الب�صر، ومعنى ذلك اأننا كم�صلمني، اأخطاأنا خطاأ فادحا عندما رفعنا عمل الب�صر اإىل م�صتوى العمل الإلهي، اإىل م�صتوى الوحي، على اأن الوحي مقد�س، ولكن اأن جنعل اأنه مقد�س! ل خالف على عمل الب�صر، ال�صالطني، والفقهاء، وتاأويالتهم، اأن جنعل من ذلك كله له قد�صية، هذا هو ال�صيء اخلطري الذي اأدى بنا اإىل الإ�صالم التاريخ، الآن. ولن�صرب لكم مثال من ما نحن عليه اأيام اإىل ال�صالم عليه الر�صول اأيام من ينت�صر بداأ عندما اخللفاء الرا�صدين، اإىل يومنا هذا، علمنا اأهل التاريخ اأن الفاحت امل�صلم كان يطرق باب العدو، ويقول له: اأمامك ثالثة خيارات:

الإ�صالم، اأو اجلزية، اأو احلرب. طبعا كان هذا الإجراء، كما ميكن ل لأنه الأيام، تلك يف للدولة منا�صبا نقول، اأن ميكن اخلوارزمية اأو ال�صا�صانية، اأو البيزنطية الدولة ت�صمح اأن ملب�صرين م�صلمني اأن ينت�صروا بني النا�س، ويكون لهم ح�صور، ولكن يعي�صونه. كانوا الذي الواقع هو هذا بدينهم. ويب�صروا ق ذلك على ال�صويد، مثال؟ ال�صويد تقول لك: اليوم، كيف نطباعمل اإذاعات وف�صائيات وقنوات تلفزيونية واطبع كتبا، وب�صر اأمنعك من ذلك. فكيف تقف مثال على ت�صاء، ل بدينك كما حدود ال�صويد، وتقول لهم: هذا اأو ذاك! لكن هذا الأمر اأ�صبح مقد�صا عند داع�س. فداع�س، عندما دخلت على اليزيديني اأو غريهم، قالوا: "هوؤلء لي�صوا من اأهل الكتاب، ومن ثم ل بد من لأنهم يف ظني اعتربوا اإ�صالمهم". ملاذا؟ يعلنوا اأن اأو قتلهم

التاريخ مقد�صا.

تعلمون ولها مدار�س، وكما الإ�صالم كثرية، التاأويالت يف الإمام جاء حتى مفتوحا، العقلي الجتهاد كان البداية يف ال�صافعي رحمه اهلل، وو�صع قوانني، اأو اأ�صول الفقه والجتهاد يف كتابه "الأم" وغري يف ذلك. فالأمور يف الإ�صالم تنق�صم اإىل ما هو مباح، وما لي�س مباحا. فاملباح هو اأو�صع ما ميكن، فدخل ال�صافعي على دائرة املباح، وحول عندئذ املباح اإما اإىل حالل العقل، فرقة كاملعتزلة، الأخرى، الفرق جاءت ثم حرام. اأو وخالفوا اجتهاد عقولهم بقبول الراأي الآخر. وا�صتغلوا ال�صلطة بني اأيديهم عن طريق املاأمون. واجلميع يعلم ماذا ح�صل اأيام املاأمون، من حماولة فر�س راأي املعتزلة على اجلميع. ثم جاء باب واأقفل ال�صنة، �صاأن من ورفع املعتزلة، واأبطل املتوكل، الجتهاد. كان هذا القرار، كما يعتربه بع�س املوؤرخني، احلد جمال وت�صييق التقليد وبني الإ�صالم، يف العقل بني الفا�صل العقل والجتهاد. وبالذات عندما تقننت هذه املذاهب الأربعة: احلنفية وال�صافعية واملالكية واحلنبلية. وبقيت كما هي، و�صار الجتهاد هو �صمن هذا املذهب اأو ذاك، مما �صيق على النا�س �صيء اإىل تدفعهم اأنت النا�س، عقول ت�صيق وعندما كثريا. اأتباع من وبالذات املذاهب، فبع�س مثال. كالتطرف غريب، من ويجعل والعقل، بالجتهاد ي�صيق الذي احلنبلي املذهب

124

ب�صراحة، يف واأقولها اجتهاد عقلي، اأهم من حديث �صعيف بداية القرن الع�صرين عندما ا�صتعملت ال�صيا�صة هذا املذهب، كان �صعارهم، اإما اأن تكون على املذهب، اأو اإنك كافر؛ وعندما تكون كافرا، فدمك وكلك حالل، وهذا بالطبع �صيء خطري، مل ياأت به الإ�صالم، بل جاءت به مثل هذه املذاهب، اأو كما قلت، جاء به الجتهاد والتاأويل اجلامد بحجة اتباع ال�صلف ال�صالح،

ونحن بذلك اأعطينا الجتهاد والتاأويل قد�صية ل ي�صتحقانها.

واملبعثان اليوم، نعي�صه الذي التكفري اإىل ناأتي عندما والقمع والقهر الظلم هو الأول اثنان: للتكفري الأ�صا�صيان هذه اأن اإىل اإ�صافة اأنظمتها. قبل من �صعوبنا، تعي�صه الذي الأنظمة ذات �صعارات كذابة، ووعود غري حمققة. ومن بداية ال�صلطة واملال. ففي الزمن كان هناك حلف غري مقد�س بني ذلك الوقت كان بني التجار وال�صيوخ، فكانت وظيفة ال�صيخ اأن يخرج بفتوى اأن هذا العمل جائز، ويف احلرب التاجر "يولول" وال�صلطان ينعم بذلك، ثم ل تعرف كيف يقت�صمون الدنيا بينهم بطريقة اأو باأخرى! وبقي هذا الأمر حتى هذا اليوم. فهذا هو املبعث الأول، وهو القمع والقهر والظلم، وعدم حتقيق العدالة. اأو اإن احلاكم ينفع ل�صيئني فقط، احلرب، القلق�صندي يقول: ال�صرب. اأما املبعث الثاين، فهو اإعادة قراءة التاريخ، للتاريخ والن�س. هنا كثري من النا�س ي�صريون اإىل فكرة �صيد قطب يف كتابه "يف التاريخ فكرة ومنهاج" ويف ظني، اأن الفقرة املخيفة يف كتاب �صيد قطب، والتي تقول ما يلي: "اإن اجلاهلية موؤ�ص�صة ذات �صلطة قوية، ل ميكن اأن تق�صي عليها باملواعظ واخلطب، ل بد من �صلطة قوية مثلها اأو اأكرث" فلقد فهم احلكام اأنه يدعو اإىل قوة، وموؤ�ص�صات، وجمعيات، وما اإىل ذلك، مما ميكن اأن لالأ�صف. قطب �صيد اأعدموا وبالتايل احلكم، عن يبعدهم وهذا الأمر بقي موجودا، فاإذا مزجت هذا التاريخ وهذا الواقع مع هذا الفكر، عندئذ لي�س اأمام ال�صباب �صيء، اإل اأن يقرروا مع كنت عندما اأذكر واأنا اجلاهلية. احلالة هذه حماربة اأحيانا واأتكلم عاما، الثالثني يقارب ومبا امل�صلمني، الإخوان اأن كل ما نراه هو جاهلية، بتعريف حممد من الداخل، اأذكر قطب يف كتابه "جاهلية القرن الع�صرين " ون�صيف اإليه كتاب

�صيد قطب "معامل يف الطريق" هذه اجلاهلية ل بد من اإزالتها، ل ميكن اأن تزول بالوعظ، اأو باخلطب اأو بالكالم اجلميل، ول

باجلمعيات اخلريية. ل بد من قوة لإزالتها.

بدران اإبراهيم • الدكتور

املتميزة من النخبة اأكون بني هذه اأن وي�صرفني ي�صعدين جملة حترير هيئة اإىل بال�صكر واأتوجه واملفكرين، املثقفني اأفكار، واإىل وزارة الثقافة، على اهتمامها مبو�صوع حيوي، هو مو�صوع اليوم، وهو مو�صوع ال�صاعة، و�صيبقى لفرتة من الزمن يحتل اأهمية كبرية. ق�صية الثقافة، وق�صية التنوير، وكان هذا مو�صوع ظهر اأن اإىل �صنة، اأربعني قبل حتى به، م�صلم اأمر التكفري، فاأرجع املنطقة العربية �صنوات و�صنوات اإىل اخللف،

بل مئات ال�صنني اإىل اخللف.

الثقافة، وتعريف الثقافة، عن نتحدث اأن اأردنا اإذا ن�صتعمل اأن اأردنا اإذا رمبا ولكن ممار�صون، مثقفون فكلكم اللغة احلديثة، فاإن الثقافة، هي تلك الربجمة اجلمعية لعقل املجتمع. كيف يفكر هذا املجتمع؟ ما هي الربامج التي و�صعت يف عقل اأفراد املجتمع، حتى يت�صرف مبوجبها؟ ميكن اأن يكون القيم، تت�صمن الربجمة هذه وبالتايل للثقافة، تعريفا هذا وتت�صمن الأفكار واملعلومات، وكل ما ميكن اأن يوؤثر يف ال�صلوك الإن�صاين. اإذا الثقافة هي احلالة الذهنية والنف�صية وال�صلوكية واملعرفة التعليم عن انبثقت والتي للمجموعة، اأو للفرد، والإعالم واملهن والتاريخ واملعتقدات والتقاليد والعادات الثقافة ج�صم تكون نات، مكو كلها هذه الجتماعي. والو�صع بالعادات يبداأ مركب، هرم هي بهذا والثقافة املجتمع. لدى نظرنا اإذا وبالتايل الفكري، بالإبداع وينتهي واملعتقدات، اإىل الهرم الثقايف، جند اأن القاعدة له هي التاريخ والعادات والتقاليد والبيئة، ثم ترتقي قليال يف املعتقدات واللغة والفنون والبيئة الجتماعي واملوقع التعليم يدخل ثم الإنتاج، واأمناط والإنتاج والتكنولوجيا العلم يدخل ثم الثقافة، من ليطور الإنتاج، و�صائط يف املجتمع ارتقى وكلما والتحليل. والإعالم كلما ارتقى الجتماع على �صلم التقدم، كلما �صاقت القاعدة،

125

املجتمعات اإىل اأتينا اإذا حتى الأعلى، ال�صرائح وات�صعت املتقدمة، جند اأن اجلزء الأكرب، اأو اجلزء الأعلى من الهرم، عليها ي�صيطر املتقدمة املجتمعات اأن مبعنى امل�صيطر، هو واخلربة والإطالع اجلديد والفكر والتحديث والإبداع العقل والعلم والتكنولوجيا وو�صائط الإنتاج، واأما املفردات الأخرى، فاإنها تاأخذ مكانة اأقل اأهمية. وبالتايل من م�صوؤولية املثقفني، �س الهرم الثقايف للمجتمع من اآن لآخر، ووزارة الثقافة، تفحاأين و�صل، اأين �صاق، اأين ات�صع، وما هي التغيريات التي طراأت اأركز واأنا املجتمعية، الثقافة بنية اإىل ننتقل هنا ومن عليه. لأن هناك املجتمعية، الثقافة حقيقة يف حديثي على مو�صوع فرقا كبريا بني ثقافة النخبة، والثقافة املجتمعية. وما نتحدث عنه، ون�صكو منه، اأو نخ�صاه، اأو نتوقعه، هو لي�س ثقافة النخبة، واإمنا هي ثقافة املجتمع. جند اأن هذه البنية تتكون من ثماين ومنط الإنتاج، ومنط والتقاليد، والعادات التعليم، حلقات: وغري والفنون الكتابة والإبداع، واحلريات واحلكم، الإدارة

ذلك، ثم البيئة، والإعالم.

مفردات اأن العربية، نالحظ املنطقة اإىل نظرنا ما واإذا يف التعليم وا�صح. تراجع يف هي املجتمعية الثقافة بنية اأو الإنتاج ا�صتثناء يف تراجع، ومنط العربية دون الأقطار جميع منط الزراعي، والنمط التجاري، النمط بني حائرا زال ما الإدارة واحلكم هو �صلطة مركزية، و�صاآلة م�صاركة اجلماهري، الكتابة تراجع الكثرية، القيود عليها والإبداع احلريات والفنون، والإعالم فيه ما هب ودب، وفيه اخلرافة ت�صري جنبا اإىل جنب مع النظريات العلمية. وبالتايل، فالعقل الب�صري يف حالة ت�صوي�س تام. ي�صاف اإىل كل ذلك، اأن البيئة ال�صحراوية، اآثارا ترتك العربية، املنطقة م�صاحة من %90 ت�صكل والتي اأ�صاليب كثرية على تفكري النا�س، وعلى ثقافة املجتمع، وعلى

العمل، واأ�صاليب الإنتاج.

لها متحرك، �صيء هي اإمنا �صاكنا، �صيئا لي�صت الثقافة بالعوملة، تتاأثر الوطنية، بالروح تتاأثر وا�صحة، ديناميكية والإجناز، واقت�صاديات الثقافة. مبعنى كم ننفق على الثقافة؟

هي ما الثقافة؟ على املدين املجتمع منظمات تنفق كم ال�صناعات الثقافية املوجودة لدينا؟ كل هذه ت�صكل الديناميكية

اخلا�صة بالثقافة، والتي يجب اأن تعطى الهتمام الكايف.

هل التنوير؟ هو ما التنوير، عن اأي�صا يتحدث العنوان باأنه التنوير عرف "كانت" التنوير؟ يف حمدد �صيء هناك من اخلروج اأو الآخر، نور اإىل الذات ظالم من اخلروج يف امل�صتقبل. اإىل املا�صي من اخلروج التفكري، اإىل النفعال املنطقة العربية لو اأردت اأن تتحدث عن اأب�صط ق�صية، خالل الهجري، الثاين القرن اأ�صبحت يف نف�صك دقائق جتد ثالث األف �صنة دون اأي خالل ثالث دقائق ترجع اأو القرن الثالث. توقف، لتبداأ تفكر من تلك اللحظة! وبالتايل التنوير، اخلروج احلقيقة. اإىل الوهم من اخلروج امل�صتقبل، اإىل املا�صي من وثالثمائة األف ت�صم اإ�صالمية دولة عن داع�س تتكلم عندما مليون ن�صمة، فيها �صت وخم�صون دولة، وفيها �صبعمائة وثالثون ل الوهم، من �صيء هذا لغة، وخم�صمائة األف وفيها قومية، التقليد من اخلروج التنوير، ثم ب�صلة. احلا�صر للعقل ميت اإىل البتكار، ومن التباع اإىل الإبداع، ومن النقل اإىل العقل. اآلية التنوير، هي العقل والعلم والتفكري النقدي وبالتايل فاإن هذه دون واحلرية. والإبداع والتجديد والرتكيب والتحليل

املفردات، ل ميكن لآلية التنوير اأن تاأخذ دورها.

قبل ما مرحلة يف �صيء اإنه التكفري؟ هو ما التكفري، ثم والتاريخ العربي، التاريخ تدري�س يف خطاأ وهذا الدولة، لي�س دولة، هناك لي�س اأنه دائما يفرت�صون حينما الديني، هناك قانون، وبالتايل كل �صخ�س ياأخذ القانون بيده، وينفذ ياأمر، ولي�صت اأن ياأخذ باملعروف هو اأراد ما يريد بيده. واإذا الدولة، واإذا اأراد اأن ينهى عن املنكر، هو ينهى، ولي�صت الدولة. وهذا كله عائد اإىل ما قبل األف ومائتي �صنة، التكفري مرحلة الآخر، �صد �صخ�صانية، حالة اإذا فالتكفري احلرية. قبل ما �صخ�س على يطلق �صخ�صا اآخر، �صخ�صا يكفر �صخ�صا لأن اآخر ا�صم كافر. فاحلكم اأ�صبح هنا للفرد، ولي�س للقانون. نحن الآن يف القرن احلادي والع�صرين، ال�صيادة هي للقانون، لي�صت

126

تقدير يكون اأن تقدير �صخ�صي. ل ميكن اأو حلكم �صخ�صي، ال�صخ�س، تقدير الفرد، هو تقدير مائة �صخ�س، األف �صخ�س. الن�صو�س، خارج القانون؟ فالتكفري هو اختباء وراء اأين اإذا العقل وخارج ال�صرورة، وخارج املنا�صبة، وخارج ال�صياق، املجيد عبد والدكتور القراآين، الن�س اأخذنا اإذا امل�صتنري. اإذا اأن الن�س القراآين يخاطب اإىل الن�صو�س، جند رجع بنا " وقال: الكافرين خاطب فقد كافرين، هناك اأن افرت�صنا لكم دينكم ويل دين" حتى يف زمن الر�صول عليه ال�صالم، كان

هناك ف�صل يف الدين.

له ديناميكية للثقافة ديناميكية خا�صة، فالتكفري اأن كما خا�صة، وهنا خطورته. فالتكفري لي�س جمرد اأن يقول �صخ�س لآخر: اأنت كافر، بل يتبع ذلك اأن ي�صتحل دمه، وي�صتبيح ن�صاءه، �صيئا عليه ويفر�س وجوده، وينفي ويقتله، اأمواله، وي�صادر اآخر. وبالتايل الديناميكية تبداأ بالروؤية ال�صخ�صية، والفئوية، �صخ�س اأو فئة، مثلما جاء �صيد قطب وحممد قطب، وقال اإن اإنه جمتمع اجلاهلية، ول هذا املجتمع، لي�س جمتمعا م�صلما، اأخوان، اثنان، �صخ�صان لحظوا احلالة. هذه تغيري من بد �صيد قطب وحممد قطب، قررا اأن املجتمع هو جمتمع جاهلية، فرتتب على ذلك ما ترتب، من الق�صاء على كل ما هو اإن�صاين، لأن الختالف هو جزء من طبيعة الإن�صان والإن�صانية، ويوؤدي الن�صو�س، تاأويل من مزيد واإىل الإن�صان، ا�صتعباد اإىل اأن جند ولذلك الزمن، عجلة واإيقاف احلركة، تقييد واإىل �صبعمائة �صنة عند الزمن عجلة فيها تقف العربية، املنطقة اأية توجد ل ذلك وبعد هجرية، مائة اأو ميالدية، وخم�صني املا�صي، ق�صية يف اأية اإىل الرجوع اأردنا ما اإذا حركة. حتى التي احل�صارية الإجنازات كل احل�صارية، الإجنازات نقزم وانتهاء والدواء، والطائرة ال�صاروخ من ابتداء ن�صتعملها، باملالب�س التي ن�صتوردها. كل ذلك ي�صبح ل �صيء، لأن الكفر اأهم من ذلك، وبالتايل رف�س اأهم، وهذا كافر، وهذا موؤمن والنقطة احلقيقة، واحتكار وال�صتبداد، والطغيان، الآخر، الأهم، هي رف�س الدولة الوطن، حيث اأ�صبحت الدولة الوطن

مرفو�صة. فاأبو بكر البغدادي نادى: اأن العراق لي�س للعراقيني، و�صوريا لي�صت لل�صوريني، وعلى امل�صلمني اأن يهاجروا اإىل اأر�س تنفي لأنك قائمة، الوطن على فاخلطورة الإ�صالمية. الدولة وجود على فقط وتوؤكد الدولة، اأهمية وتنفي الوطن، اأهمية

العقيدة.

اأن التنوير اإذا و�صعنا التكفري والتنوير يف عمودين، جند هو خروج من ظالم النف�س، والتكفري ظالم املعتقد ال�صخ�صي، مقابل وامل�صتقبل النفعال، مقابل التفكري، هو والتنوير التقليد، مقابل والبتكار الوهم، مقابل واحلقيقة املا�صي، والتعددية القيود، مقابل واحلرية التباع، مقابل والإبداع مقابل الفردانية، واملو�صوعية مقابل الذاتية، والقانون مقابل

حكم الفرد.

ماذا يتبع التنوير؟ وماذا يتبع التكفري؟ يتبع التنوير احلياة ويف احلياة، اإىل يخرجان واملجتمع الإن�صان لأن احلقيقية، التكفري نرى القتل، كما ترونه الآن. حقوق الإن�صان يف التنوير التنوير، املراأة حتفظ يف التكفري. مكانة وت�صتباح يف حتفظ، التدمري، مقابل والبناء التكفري. يف لل�صبي مكانا ونراها وامل�صاواة الدينية مقابل التمييز الديني، والإبداع مقابل رف�س ذلك. ويف النهاية التقدم مقابل التخلف. وهذا يعني اأننا اأمام وثاقبة. وهناك اإليها بعني فاح�صة ينظر اأن بد من حالة، ل احلركة ظهور يف تت�صبب اأن ميكن التي الأ�صباب ع�صرات تراجع باأن �صك ل ولكن التكفريية. الروؤية اأو التكفريية، الثقافة كان واحدا من اأهم الأ�صباب، لأن الثقافة هي القطار الذي يحمل التنوير، ويجول به من اأق�صى اأطراف املجتمع اإىل اأق�صى اأطرافه. ونحن نالحظ يف الثقافة املرتاجعة مدخالت �صعيفة، �صواء كنا نتحدث عن التعليم، اأو نتحدث عن الإعالم، عن النا�صئ والإحباط، الياأ�س الفنون، اأو الكتابة عن حتى وغياب وال�صلطوية والبطالة، والفقر القت�صادي، الإخفاق والتغيري، الإ�صالح و�صعف ال�صيا�صي، والإخفاق احلريات، تاأثري املا�صي على احلا�صر. وهذا يقودنا اإىل نقطة اأخرية، اأن التعددية غياب العربية، املنطقة يف بالآخر العرتاف غياب

127

املال حتالفات ثم املواقف. هذه مثل اإىل اأدى الثقافية، وال�صلطة، الأحزاب الدينية وال�صلطة، قوة اخلارج على �صرعية الداخل، غياب الإرادة الإ�صالحية، والروؤية امل�صتقبلية، وغياب العربية املنطقة الأهمية. بالغة نقطة هذه التخلف. �صدمة بكل ما فيها من التخلف، ل ت�صعر باأن هناك �صدمة، ت�صدم امل�صوؤول، ت�صدم �صانع القرار، ت�صدم املثقف، ت�صدم املواطن العادي. ملاذا بلدهم متخلف، بينما بلدان اأخرى متقدمة؟ ثم

تراجع �صيادة القانون والف�صاد.

الأزرعي • الدكتور

ع�صرة �صبع قطع الذي بدران، اإبراهيم للدكتور �صكرا خرجت اأنك ويكفي ممتلئة، مكتنزة جميلة لكنها دقيقة، له لي�س التكفري ال�صائد. الفهم هذا من التكفري مب�صطلح بلطجة تكفريي، ال�صتبدادي احلكم بالعقيدة، عالقة فقط لأنهم تكفري، ال�صتحواذ تكفري، الأحادية تكفري، الأجهزة اأن اأريد ل وبالتايل احلقيقة، ميتلكون باأنهم يزعمون كلهم اأ�صمعك، اأو اأن اأ�صمع منك �صيئا، اأنت الذي من �صي�صمع؛ هذه

ثقافتهم! �صكرا لهذا الأفق الذي فتحته يف مو�صوع التكفري.

اأ�صبع اأبو �صالح • الدكتور

نعي�س اليوم اأجواء القتتال والتوتر، وعدم اليقني وال�صك، وعدم والطائفي، والقبلي الفكري ب والتع�ص الت�صامح وعدم نعي�س الجتماعيني. والأمن بالأمان ال�صعور وفقدان الثقة بع�صنا مع بع�صنا التوا�صل على القدرة فقدان مع ذلك جزر حالت يف تعي�س املجتمع اأطياف فعالة، بطريقة الآخر الأعمال، اأ�صحاب العمال، املتنوعة، املجتمع �صرائح منعزلة، املعلمون، املزارعون، البدو، اجلنود، ال�صباط، املراأة، والرجل، ولي�صت مراكز اقت�صادية، لي�صت فوارق اإنها اإلخ. ال�صباب... يف حتيلنا وات�صالية ثقافية حواجز اإنها فح�صب، اجتماعية، الوطن العربي اإىل ظرف ا�صتثنائي يغمره القتتال والدمار. ومل واملقامات والكنائ�س امل�صاجد الإ�صالمية دولة اخلالفة تفجر الدينية فح�صب، بل فجرت معها يف املجتمع العربي الإ�صالمي

حالة التنوير. فالتنوير لي�س ظرفا ا�صتثنائيا، اإنه حالة وعملية العلم واأداته والن�صال، املعاناة خالل من املجتمع يف تنبع والبحث العلمي، وحرية التفكري، وحرية العقيدة. فكما ح�صل يف الغرب، كان التتويج تتويجا لن�صالت من اأجل �صيادة العقل وامل�صاواة والت�صامح، واحرتام كرامة الإن�صان واحلقوق، وحرية يف الإ�صالمية املجتمعات عرفتها حالة هذه واملعتقد. الفكر وكنا الأندل�س، وعرفتها والعبا�صية. الأموية اخلالفة ظل ويتبواأ معها، تتعاي�س واملعتقدات الأجنا�س من اأخالطا جند اأديان واأ�صول خمتلفة مراكز مرموقة يف تلك اأفراد من فيها تاريخنا يف بها نفتخر التي للنه�صة كان وما املجتمعات. اإىل يعود بل فح�صب، كعقيدة الدين، اإىل مردها الإ�صالمي، يف واملعتقد الفكر وحرية الت�صامح، من الدين هذا وفره ما اليونان عن والفل�صفات العلوم نقل اأتاح مما م�صرتك. عي�س الإ�صالمية احل�صارة لتكون حرج. اأي دون وغريهما والهند، كان التي الإن�صانية، احل�صارة قمة هي الو�صطى الع�صور يف الأوروبيون يرنون اإليها ويتعلمون لغتها، وينقلون تراثها. والذي يجري يف الوطن العربي اليوم من مظاهر التكفري، ل ميكن اأن الإرباك حالة اإليه من اآلت التي الظروف معرفة دون نفهمه

ب والإقليمية والطائفية والع�صائرية. الفكري، والتع�ص

اإىل حتيلنا الع�صرين، القرن �صتينيات اإىل نظرة اإن والعدالة النهو�س يف القومي باحللم متور عربية، جمتمعات واحلرية والوحدة وحترير فل�صطني. جمتمعات عرفت تاأ�صي�س وفرت علمية نه�صة و�صهدت العربية، اجلامعات من العديد النا�س. لعامة متاحة اأ�صبحت التي واجلامعات، املدار�س نه�صة و�صهدت وا�صعة. واإعالمية �صحفية نه�صة و�صهدت الت�صكيلي والفن وال�صينما، امل�صرح جمالت يف كبرية فنية �صاملة تنوير حركة اإىل جميعها وقادت والغناء. واملو�صيقي يف املجتمعات العربية. واأتاحت ثقافة التنوير هذه املجال لكل الأفكار والأيديولوجيات اأن تتواجد، واأن تتعاي�س معا. ومل تكن اخلالفات الفكرية واحلزبية �صبيال للتناحر، بل للتناف�س. وكنا جند يف الأ�صرة الواحدة ال�صرتاكي مع اأخ م�صلم مع القومي.

128

ويعي�س يف احلي الواحد امل�صلم بجانب امل�صيحي. ل �صيء كان يدعو اإىل التناق�س اأو ال�صراع. كان املجتمع فيه حلمة النتماء فالدين وحده، ه تخ�ص واأفكاره الفرد ومعتقدات الوطن. اإىل

هلل، والوطن للجميع.

اأظن اأن هزمية حزيران كانت مفرتق الطرق، وكانت بداية التمزق يف املجتمعات العربية. لي�س فقط لأن الهزمية حطمت اأي�صا هزمت لأنها بل والوحدة، التحرير العربية يف الأحالم الأيديولوجيات التي كانت �صائدة. وكر�صت مفاهيم ال�صلطوية يف املجتمعات التي ل تتيح الفر�صة للتعبري عن الراأي، وتخنق بذور الدميقراطية فيها. لذا كان منو الفكر الديني الأ�صويل الرجوع اأن فكرة اإىل ي�صتند خال�س عن للبحث �صريعا منوا اأزمة من للخروج ال�صبيل هو يكون �صوف اهلل، كتاب اإىل �صيا�صيا دعما الإ�صالمية احلركات هذه ولقيت املجتمعات. كان مبا�صرة. غري اأو مبا�صرة بطريق احلكومات من ر�صميا نف�صه لقب الذي ال�صادات، عهد يف م�صر، يف وا�صحا هذا اأتيح حيث الأردن، يف وا�صحا هذا وكان املوؤمن. بالرئي�س حلركة الإخوان امل�صلمني فر�صة مل تتح لالأحزاب الأخرى يف وزارة اإىل الدخول لها اأتيح بل اجلماهريية، احلركة حرية الرتبية والتعليم، وا�صتالم زمامها لعدة عقود. وكانت الأنظمة القوى من واخلوف ال�صك بعني تنظر العربية ال�صيا�صية كانت والتي وال�صرتاكية. والقومية الي�صارية الراديكالية الواقع مع تتناق�س وكانت وال�صيا�صية، الفكرية براجمها لها القطري، وامل�صاريع ال�صيا�صية لالأقطار العربية. وعلى هام�س تنمو كانت الراديكالية، والقوى الرئي�صية، الإ�صالمية القوى بة، ل تقراأ الدين بعني الع�صر الذي تعي�صه. قوى دينية متع�صل وجودها، ومن يدعهما ماليا، لي�صت يف قوى وجدت من ي�صهظل يف �صيا�صية اأجندات لتحقيق بل للدين، خدمة حقيقتها يع�ص�س جمتمعات العربية، املجتمعات تعي�صها قمعية ظروف الجتماعي. والظلم واملح�صوبية، والو�صاطة الف�صاد، فيها جمتمعات تنعدم فيها الدميقراطية، وتزيف فيها النتخابات، اجلمهوري احلاكم ويظل ،%99 بن�صبة احلاكم فيها وينجح

على الكر�صي اإىل اأن ميوت، اأو ينتزع منه انتزاعا. وي�صعى اإىل وكانت �صوريا، يف احلالة هذه �صهدنا لأبنائه، احلكم توريث

ت�صري م�صر، وليبيا، واليمن على اخلطى نف�صها.

لقد كانت احلالة العربية مهياأة للبحث عن حلول، وكانت هذه احلالة مهياأة اأي�صا لتنفيذ املخططات الغربية، وحتديدا اأكرث كيانات اإىل املمزق العربي الوطن لتمزيق الأمريكية، قبل من العربية احلالة اخرتاق ال�صهل من وكان متزيقا. الغرب، بدعمهم القوى التي كانت تعمل على اإذكاء ال�صراعات الواحد. الدين وحدة متزيق ال�صطح على ليربز الطائفية، ولي�صبح ال�صراع يف بع�س مظاهره لي�س �صراعا على ال�صلطة، ولكنه �صراع على �صحة العقيدة لدى جميع مكونات املجتمع، ال�صيعة، وال�صنة، والعلويني، والأزيديني، وامل�صيحيني، والأكراد،

والأمازيغيني،.... اإلخ.

ال�صهيوين الكيان ينعم بينما املجتمع، يتمزق هكذا بالراحة، ويعمل على تق�صيم امل�صجد الأق�صى، وهدمه، وبناء التي القوى تكفري اأ�صبح هكذا يتفرجون. والعرب الهيكل، مربرا مثال ال�صام واأحرار الن�صرة، وجبهة داع�س، تخالف لقتل كل من يختلف معهم، اأو يختلف عنهم، اأو يخالفهم الراأي. وكاأنهم مل يقروؤوا قول ر�صول اهلل عليه ال�صالم حني بعث جي�صا: "انطلقوا با�صم اهلل، ل تقتلوا �صيخا فانيا، ول طفال �صغريا، ول امراأة، ول تغلوا، و�صموا غنائمكم، واأ�صلحوا، واأح�صنوا، اإن

اهلل يحب املح�صنني".

بالن�صبة يل، هو حركة جمتمعية تعرب عن التنوير مفهوم حالة فكرية ت�صود جمتمعا ما، ت�صتند اإىل العقل والعلم وامل�صاواة عن التنوير م�صطلح ويعرب والت�صامح، والعدالة واحلرية حقبة، وعن حركة فكرية، وعن اأدوات، ومن ناحية زمنية، قد يكون حالة موؤقتة، كما هي عند العرب، اأو حالة م�صتمرة، كما هي يف الغرب. ويوجد التنوير يف كل جمتمع. وقد عرف الوطن العربي بوادر التنوير يف مطلع القرن التا�صع ع�صر نتيجة عوامل خمتلفة، اأهمها الت�صال املبا�صر بالغرب، عن طريق البعثات

129

التعليمية، وحملة نابليون على م�صر، والإر�صاليات التب�صرية، يف خ�صو�صا وال�صحافة، املدار�س وانت�صار املطبعة، ودخول م�صر وبالد ال�صام وتون�س. وكانت حركة التنوير حركة فكرية املجالت جميع يف العربي الإن�صان تقدم حتقيق ت�صتهدف والقت�صادية، والجتماعية والعلمية والفكرية ال�صيا�صية واإرادته فكره وحترير الإن�صان، حرية ت�صمن نه�صة لتحقيق احلياة، مناحي جميع على العقل �صيطرة ومتكني وخياراته، وح�صلت وامل�صاواة. والعدل والدميقراطية احلرية لتحقيق البالد العربية يف القرن الع�صرين على ا�صتقاللتها، و�صهدت واجلامعات، الأ�صا�صي التعليم انت�صار مع تنويرية، حركات وو�صائل الإعالم اجلماهريية، على الرغم من حركات اجلذب الإمكان "لي�س يف املا�صي عرب مقولة: اإىل بالرتداد العك�صي

اأبدع مما كان".

وحينما عرب الوطن العربي اإىل القرن احلادي والع�صرين، يرتد يراه وهو واآ�صفا، متح�صرا واقعه اإىل ينظر املرء بات التعليم، ي�صهد اإذ وخارجية. داخلية بعوامل اخللف اإىل �صواء املخرجات، من متدنية م�صتويات اليوم، انت�صاره رغم يف تراجعا كذلك وي�صهد اجلامعي. اأو املدر�صي التعليم يف الهتمام بالعلوم الطبيعية والفل�صفة، ويعاين من قمع احلريات النه�صة اأ�صا�صيات اأن اإىل ي�صري مما والفكرية، ال�صخ�صية الثلث يف ابتداأ التقهقر هذا اإن اإذ تراجع. يف باتت والتنوير

الأخري من القرن الع�صرين، وما زال م�صتمرا.

لقد اهتم الرواد الأوائل للنه�صة بق�صية احلرية والنهو�س الأفغاين، الدين جمال الطهطاوي، رفاعة اأمثال: الفكري، اإ�صحق، واأديب التون�صي، والكواكبي، الدين اأمني، خري قا�صم بخو�س هوؤلء التنوير رواد وقام وغريهم. �صميل، و�صبلي معركة التجديد يف املجال الديني وال�صيا�صي ليواجهوا ال�صلطة و�صلطة اجلهالء، الق�صاة، الروؤ�صاء من امل�صتبدة ال�صيا�صية املحافظني من العلماء الغفل، الأغبياء، ح�صب تعبري الكواكبي

يف كتابه "طبائع ال�صتبداد".

بع�صهم فهم يف حتجر من فتنبع التكفري، ثقافة اأما ويرى التف�صري، حرفية اعتمدوا اإذ الديني، الفكر لن�صو�س اأن انبعاث جماعات تكفريية مثل داع�س، لي�س اأحد الباحثني �صببه وجود ن�س تراثي يعزز اجتاه التكفري، بل وجود ظروف ومن الن�س هذا توظيف من جتعل واقت�صادية �صيا�صية التح�صيد والتعبئة عربه اأمرا ممكنا. لكن هذا ل ينفي اأهمية وبني بينه الرتباط وفهم لداع�س، الأيدولوجي املكون درا�صة وطبيعة التنظيم. هذا وممار�صات �صلوكيات لفهم الوهابية، التاأ�صيل العقائدي للعنف الذي ميار�صه، دون الوقوع يف �صرك العنف دوافع وتنا�صي وهابية، �صلفية ظاهرة العنف اعتبار

املختلفة.

واليوم يعترب تنظيم الدولة الإ�صالمية يف العراق وال�صام، اجلهادي ال�صلفي للفكر ممثلني الن�صرة جبهة وتنظيم التكفريي، وهما من اأكرث تنظيمات احلركة الإ�صالمية عنفا يف تاريخنا املعا�صر. ويعتمد خطابهما الديني املتع�صب بالتوجه اإىل طائفة ال�صنة، كما يتبنيان العنف والإرهاب كنهج لتحقيق دينية فتاوى من العدوانية روحها داع�س وت�صتمد اأهدافهما. متطرفة و�صاذة، والتي تعود اإىل �صيوخ متطرفني يف العديد من كتب مثل تراثية، كتب اإىل ترجع التي وتلك العربية، بلداننا ابن تيمية، وابن القيم اجلوزية، ويتم ترويجها يف الف�صائيات وميكن ف�صائية. حمطة مائة نحو عددها بلغ والتي الدينية، عدة يف تكفرييني ملت�صددين تكفريية وفتاوى �صلوكيات تتبع جمالت، من بينها على �صبيل املثال، ال�صب والقذف والطعن يف حق علماء الأمة ومفكريها، العداء لالأزهر، هدم امل�صاجد، �صد �صيوخهم فتاوى واملزارات، والقباب، الأولياء، وبيوت حترمي اجلزية، فر�س الكنائ�س، بناء كتحرمي امل�صيحيني، اأعيادهم، يف وجماملتهم امل�صيحيني، على ال�صالم اإلقاء

وحترمي الوظائف املهمة عليهم.

بحق حتى هوؤلء، اقرتفها التي اجلرائم يوميا نتابع ما فقتلوا البومنر، قبائل بحق اأرتكبت التي كاملجازر ال�صنة، املدار�س يف اإغالق اإىل فتاوى اإ�صافة يقارب ثالثمائة عائلة،

130

واإخ�صاع اخلا�صة، مناهجهم بو�صع يقوموا حتى الزور، دير املدر�صني لدورات �صرعية.

ثقافة الثقافات: من اأنواع ثالثة اإليه، بحاجة نحن ما العلمي التفكري وثقافة احلوار، ثقافة والتعاي�س، الت�صامح

والنقدي.

الزعبي ح�صن اأحمد • الكاتب

اأعتز باأن اأكون بني مفكرين واأكادمييني، وقامات عظيمة، ثم اإن عدد احل�صور ل يزيد كثريا عن عدد امل�صاركني، وهذا دليل على اأن التنوير "على ودنه". لن اأحتدث باملفهوم الدقيق، تكون �صوف لذلك مواطن، متابع را�صد مراقب جمرد لأين حمددتني نقطتني عن و�صاأحتدث ومكثفة، �صغرية م�صاركتي حتت هذا العنوان الكبري العري�س، املتمدد كغيمة، رمبا ت�صيع خيوط التفاق على مفاهيم اجلل�صة، بدءا من تعريف املثقف ل الكبري، العنوان هذا وحتت التكفري. بتعريف رمبا وانتهاء حرف به، املفعول اأم الفاعل، بذلك، املق�صود هو من ندري اأو املكان. كما ل اأو املجرور من عنقه يف ظرف الزمان اجلر تلك اأو نتيجة "املو�صة" اأو بالتكفري، هذه املق�صود ما ندري العدوى الأيبولية من الفايرو�س "اأيبول" وهل املثقف هو، كما املعرفة من مزيج اأنه بدران، اإبراهيم الدكتور معايل عرفه املجتمع، نظر وجهة من املثقف اأم اإلخ، والفن.... والأدب حال، اأية على وم�صمى؟ كوظيفة بالثقافة امل�صتغل ذلك هو متوازيتني، مهمتني بني املتاأرجح بالعنوان اللتزام �صاأحاول

التنوير، ومواجهة التكفري.

بداية من غري املن�صف اأن ن�صع جنديا حار�صا للحدود، ول النت�صار عدم على بعدها ونلومه منظار، اأو بندقية، نعطيه على فيالق الجتياح. فهذه هي اأدواته الأوىل، التي متكنه من ن�صاأل من خالل هذا ونحن الوطن. بدوره يف حرا�صة القيام التنوير، يف يلعبه اأن يجب الذي والدور املثقف عن العنوان اأين الدولة؟ خارطة من املثقف هو اأين بداية، ن�صاأل دعونا اأدواته، وبندقيته ومنظاره؟ ليمار�س دوره يف التنوير. اأين هي

�صلطة املثقف، يف ظل احتالل كل امل�صاحات الورقية يف ال�صحف والإعالم الر�صمي، من قبل مثقف ال�صلطة؟ كيف لنا اأن نطالب اأن عليه ممنوع وهو التنوير، ل�صعلة حامال يكون اأن املثقف اأن يلب�س �صرتة املنقذ، اأن نطلب منه لنا ي�صعل �صمعة؟! كيف اأن منه نطلب كيف احلكومية؟ اللوازم م�صتودع مرمي وهو يكون ل�صان املنطق، وهو مكبل بال�صمت؟ هل ي�صتطيع املثقف، واملفكر احلر، اأن ين�صر راأيه يف �صحيفة ر�صمية؟ اأحتدى! هل ي�صتطيع املثقف واملفكر اأن يبدي راأيه يف نهج النظام، وين�صره

يف و�صيلة اإعالم حكومية، اأو خا�صة؟

جل املثقفني الذين يحملون اأفكارا حرة وروؤى حقيقية، ملا يحدث لالأمة، وعلى الأر�س العربية، يحرمون من الظهور. واإن

تكلموا تدار لهم الظهور!

ي�صتطيع الذي ومنظاره املثقف �صالح يعد الذي الإعالم الفاعل، غائب عنه، راأيه، وميار�س دوره ين�صر من خالله اأن

وحمروم منه.

الرباغماتية، اجلديدة، الدولة نظر وجهة من واملثقف حو�س فك يف ملون �صمك اأنه على اإليه تنظر الراأ�صمالية، اأ�صحاب ا�صتمع متى للزينة فقط. للزينة، �صفاف، هو زجاج البلد؟ هذا ومفكري ملثقفي با�صمهم، يحكم من اأو القرار، متى ا�صتمعوا اإليهم؟ متى مت ال�صتئنا�س براأيهم، اأو م�صاركتهم باحلكم، اأو القرار؟ ال�صيا�صيون يف الوطن العربي، هم اأحفاد كلمة �صمعت "كلما قال: عندما هتلر، زمن الدعاية يف وزير يطيق ل باخت�صار ال�صيا�صي م�صد�صي". حت�ص�صت مثقف، عن يبحث ال�صيا�صي م�صرتكة. غري امل�صلحة لأن املثقف، م�صلحة، واملثقف يبحث عن مبادئ جتر امل�صلحة. لذلك لن يعطي الأول املثقف دورا يف ممار�صة دوره الفاعل يف الدولة. وي�صيق يحرمه، اأن الإمكان بقدر �صيحاول العك�س، على بل كم الرباري، هزاع الأ�صتاذ الدرا�صات مدير ا�صاألوا عليه. وزارة وكم هي خم�ص�صات الثقافة؟ وزارة هي خم�ص�صات

الداخلية؟ �صتعرفون ما هو الفرق بني التنوير والتزوير!

131

ثم دعونا نتفق اأن الإ�صالم، يتعر�س حلملة ت�صويه منظمة ومدرو�صة. الف�صائيات التي تخرج هنا وهناك، وت�صع مدلول ديني يف نهاية م�صماها، لي�س املق�صود بذلك احلملة الأخرية الدين هو املق�صود التحالف. ودول اأمريكا ت�صنها التي الإ�صالمي. وعليه يجب اأن نعرتف اأنهم يحاولون اتهام الإ�صالم على ينزل مل الإ�صالمي الدين والدمار. واخلراب بالقتل الر�صول الكرمي، ل لالإلغاء، ول لالإق�صاء، ول للقتل وغريه، بل كما ال�صر، ونبذ اخلري، قيم على كلها الإن�صانية ليجمع جاء

جاء به الدين امل�صيحي والديانات الأخرى.

ولي�س مبجمله، الإرهاب حا�صنة هي العربية الأنظمة الدين الإ�صالمي. والأنظمة العربية، هي نف�صها اأنظمة تكفريية باملعنى املطلق، كما قال عنها الدكتور �صليمان الأزرعي. اإن مل اأو ت�صبح برغيا يف م�صنناتها، اأو توؤمن ب�صيا�صتها، تكن معها فاأنت كافر بالوطن والوطنية، ومتاآمر ورجعي، ول تبحث عن م�صلحة الوطن. ترى، ما الذي اأنتج القاعدة وداع�س وغريها؟ األي�س قمع الأنظمة �صد �صعوبها، وغياب العدالة الجتماعية، والتعددية ال�صيا�صية، واحتكار ال�صلطة بالفرد الواحد، والفل�س �صوي�صرا يف داع�س توجد مل ملاذا الواحدة. والعائلة الواحد، اجتماعية، عدالة هناك كان لو املتحدة؟ واململكة وال�صويد يفكر هل الد�صم، كامل حقيقي ودميقراطي �صيا�صي ومتثيل من خرجت التنظيمات هذه جميع امل�صلح. باخليار املرء ك�صحايا، لهم اأنظر لذا النفط. وعباءة القمع "ب�صطار" عجزوا فقد ال�صر. مع الإرهاب لئحة يت�صدروا اأن قبل باحت�صان الأمر ويل ون�صح والتمني، بالدعاء التغيري، عن بيئة هي ال�صلطة، وانفراد العربي القمع املفخخة. ال�صيارات الإرهاب احلقيقية. ثم ملاذا ل توجه كل هذه التحالفات الدولية والقوى العربية جتاه اأكرب تنظيم اإرهابي يف التاريخ؟ الحتالل ويق�صي م�صلح، ديني تنظيم داع�س كانت اإذا ال�صهيوين. قائم اأي�صا ال�صهيوين فالكيان مبادئه، يتبع ل الذي الآخر الكيل مبكيالني، عندما مل الآخر. واإق�صاء ديني اأ�صا�س على يتعلق الأمر بالإ�صالم؟ ملاذا ل تتحرك كل هذه القوى الدولية

�صد اإرهاب ديني، متار�صه فئة ن�صرة للتهمي�س وال�صجن. ملاذا كالقد�س العامل، بقاع كل يف امل�صلمني تطهري العامل ميار�س

وغزة، وبورما، والكثري يف دول العامل؟!

قبل اأن اأختم، اأود اأن اأذكر لكم، اأن دولة ال�صني ر�صدت، اأو �صحبت خم�صني مليار، ملحاربة داع�س. خم�صون مليارا كفيلة لأن حتول �صخ�س من دين اإىل دين، ولي�س من ت�صدد اإىل اعتدال. وحتى اللحظة يقال، اإن من قتل من داع�س بحدود الأربعمائة رف حتى اللحظة اأربعمائة وخم�صني وخم�صني �صخ�صا، وما �صمليون كلف داع�س من عن�صر كل اأن مبعنى دولر. مليون

دولر!

ول "امل�صخم" البغدادي املطلوب لي�س الآن، عرفتم هل داع�س "امللثمة" املطلوب هو راأ�س الإ�صالم، وبرميل النفط.

الأطر�ش ليلى الأ�صتاذة • الروائية

�صخ�صت القامات الأدبية والفكرية الكبرية ممن حتدثوا قبلي حالة العامل بعد انت�صار الفكر التكفريي وانح�صار التنوير "التكفري مل�صطلح ال�صامل املعنى وقدموا الثقافة. ودور

والتع�صب"، واإ�صهام انت�صار الف�صائيات يف هذا الرتداد.

د.. اإذن ما احلل؟ لهذا �صاأبداأ حديثي ب�صوؤال حمد

دولة. ميتلك وموؤثرة قوية اإعالم و�صيلة ميتلك من اإن فالإعالم هو اأ�صا�س ت�صكيل الراأي العام، وتوجيه الفكر اجلمعي

ليحوله و�صطيا معتدل، اأو تكفرييا منغلقا، اأو حتى داع�صيا.

الف�صائيات انت�صار اإىل اأ�صبع اأبو الدكتور اأ�صار لقد العربية حتى و�صل عددها اإىل األف وثالثمائة حمطة، اأ�صهمت اأبناء يف فو�صى اإعالمية، وبثت الإقليمية والطائفية حتى بني الدين الواحد.. الالفت يف هذا الرقم واملوؤكد يف اإح�صائيات احتاد الإذاعات العربية، اأن مئة حمطة منها تديرها ومتلكها بل اآخر، اأي يرف�س تكفرييا فكرا وتبث احلركات اجلهادية،

وحتر�س �صده وتدعو اإىل الق�صا�س منه.

132

اأنها تبث بلغات اخلطورة الأكرب لهذه القنوات اجلهادية ومهند�صون فنيون جهاديون عليها ي�صرف ومن متعددة، يتقنون فن التوا�صل و�صرعته، وهو اأمر يجب عدم التقليل من ه ب�صكل اأ�صا�صي خطورته، خا�صة اأن خطاب هذه القنوات موجاأو اإليها املهاجرة يف جمتمعات غربية، هاجرت الأقليات اإىل الأوطان اإىل بالنو�صتاجليا الغربة �صعور فيجتمع فيها، ولدت واللغة عند املتلقني، ويبداأ البحث عن الهوية الدينية والعرقية لفرديته تلتفت ل قد ولغوية عرقية تعددية يف يذوب لئال املهاجر انغالق ال�صعور هذا مثل تاأثري ومن وخ�صو�صيتها، على نف�صه، في�صكن ويعمل يف جتمعات عرقية، تتم�صك بلغتها وطن يف بالغربة املهاجر �صعور ويزداد وتقاليدها، وعاداتها طلبا اأو اأف�صل، حياة عن بحثا اأو برغبته، اإليه هاجر بديل، هذا رف�س اإىل الغرتاب �صعور تعمق ورمبا العمل، اأو للعلم

املجتمع اأو الرتداد عليه.

توا�صلهم ليمنع املهاجرين يالحق فكري ا�صتبداد اإنه ق�صرا.. اأو اإليها طوعا الهجرة اختاروا مع جمتمعات جديدة من الآخر مينع وفكري، وديني عرقي ا�صتبداد فالتع�صب

تكوين راأيه بالتجربة والقتناع.

اإىل الزعبي، ح�صن الكاتب الزميل اأ�صار عندما لهذا، �صوي�صرا يف داع�س جند ل فنحن التطرف، �صبب الفقر اأن وال�صويد مثال، اأقول: على العك�س، لقد ظهروا هناك رغم اأنها نعم، احلياة، مناحي ي�صمل والتاأمني دميقراطية، جمتمعات ذهب املتطرفون من �صوي�صرا، واأملانيا، وال�صويد وفرن�صا، كما الدول "ملحاربة والعراق �صوريا اإىل كلها، العربية دولنا من الغربية، بعد اأن توجهت اإىل بالدنا لال�صتيالء على مقدراتنا"،

وليقيموا دولة لالإ�صالم كما يفهمونه وب�صروطهم وروؤيتهم.

ت�صكيل يف كبريا دورا لعب الذي ال�صيا�صي، الدين اإنه اأخرى، دول واأجندات ون�صرها خلدمة م�صالح الأفكار، هذه تف�صري اأنه على لهم قدم مبا اإميان عن ال�صباب، به والتحق

للدين واأوامره، اأو ب�صذاجة �صيا�صية.

الفكر انت�صار م�صكلة اأ�صا�س عن بعيدة اأمريكا تكن ومل و�صهلت ومولتها بل دعمتها معنويا وماديا، املتطرف، الديني هذه من فاملقاتلون كوادرها، بع�س وتدريب بها اللتحاق اجلماعات يف اأفغان�صتان، كانوا "املجاهدون الأفغان" ف�صمحت بتدفق الأموال وال�صالح اإليهم عرب حليفتها باك�صتان، وتغا�صت لالأطفال تدريب القراآن" من "مدار�س حتفيظ يدور يف عما على "اجلهاد"، وجمعت لهم التربعات الهائلة من دول اخلليج لأنهم يقاتلون ال�صوفييت يف وعورة جبال اأفغان�صتان، يف حرب بني القوتني من اأجل اإمدادات الغاز والنفط من بحر قزوين.. عرفوا اأو يدعمهم، من ذلك عن جهالة مبرامي فعلوا ورمبا واتبعوا �صيا�صة املراحل، الق�صاء على ال�صوفييت امللحدين اأول، لإ�صباع رمبا منهم وقليل الكافرة. اأمريكا على الرتداد ثم فممار�صات بالدين. مت�صرتين والقتل بالذبح �صادية رغبات بع�س هذه اجلماعات ل تف�صري لوح�صيتها اإل باملر�س النف�صي

والنزعة الإجرامية لأ�صحابها.

كهوف يف كانت منذ اجلهادية" "اجلماعات واأدركت وجتنيد اأفكارها، لن�صر الإلكرتونية املواقع اأهمية اأفغان�صتان الرهائن رقاب بجز بداأت التي عملياتها وعر�س ال�صباب، الإخبارية؛ الف�صائيات فت�صابقت الروؤو�س.. وقطع الأجانب، اأن وغريها اأن اجلزيرة، والعربية، وحتى الأجنبية مثل ال�صي اأن�صاأت الف�صائيات، توقفت وحني امل�صاهد، هذه بث على اجلماعات الدينية املت�صددة، على اختالف دياناتها وطوائفها، اجتهاد كل وترف�س اأفكارها تعلم بها خا�صة دينية حمطات اآخر. ومن هنا لعبت الف�صائيات دورا كبريا فيما نعي�صه الآن، عداوات واأججت الواحد، الدين اأبناء انق�صام يف وت�صببت امل�صلمني �صد وحتري�س و�صنة- -�صيعة غابرة وعرقية دينية والأكراد، امل�صيحيني، و�صد العلمانيني، عليهم يطلقون ممن

والأزيديني، و�صد اأية فئة يختلفون معها.

الف�صاء ع�صر وقبل الع�صرين، القرن ت�صعينيات يف الإعالم، وزارات تتبع املحطات جميع كانت التلفزيوين، اأي باإمكان الآن اأما �صديدة.. ر�صمية لرقابة البث ويخ�صع

133

يف �صقة يف ا�صتوديو حمطة، ميتلك اأن ماديا قادر اإن�صان عمارة، ومبعدات واأدوات ب�صيطة لكنها فعالة، فال غرابة اإذن البث لأن الألف، العربية الف�صائية املحطات يتجاوز عدد اأن

د الأقمار ال�صناعية التجارية. اأ�صبح �صهال ومتاحا مع تعد

الثقافية الفو�صى هذه مثل على ال�صيطرة ميكن فكيف ومتار�س والرف�س التكفري اأفكار تغر�س التي املوجهة التحري�س.. وما دور الثقافة وموؤ�ص�صاتها املختلفة يف الت�صدي

لهذه الهجمة التي متلك الو�صائل واملال؟

هل ميكن ال�صيطرة على خطاب هذه املحطات مبا ي�صمى بع�س اإليه دعت والذي مثال، الإعالمي ال�صرف مبيثاق

املنظمات وال�صحف والف�صائيات؟

فال جمدية.. غري واملواثيق احللول هذه مثل اأن اأعتقد اإن ثم املحطات.. هذه خطاب م�صمون على ال�صيطرة ميكن اأي دولة �صتفعل هذا �صتتهم باأنها �صد حرية التعبري، و�صتواجه و�صيطعن الإن�صان.. حقوق جماعات من �صر�صة حمالت باأنه �صدهم حكم اأو قرار باأي الف�صائيات هذه اأ�صحاب اأكرب م�صر يف يحدث وما التعبري. حرية على �صافر اعتداء دليل على ذلك. فم�صر حني فكرت بو�صع ميثاق �صرف، اتهمت

باأنها تقمع احلرية الإعالمية، والراأي الآخر.

وهذه الف�صائيات م�صوؤولة، اإىل حد بعيد، عن ن�صر فكر التطرف والتكفري بني جاليات املهاجرين يف الغرب، طبعا ال�صافر والتاأييد العربية ق�صايانا يف بالظلم اإح�صا�صهم مع وممار�صات وقتل ف تع�ص من ترتكبه ما رغم لـ"اإ�صرائيل" الغرب، املهاجرين يف هوؤلء لأن لالأر�س، واحتالل عن�صرية اأ�صبحوا الآن ل ي�صمعون اإل حمطتهم الف�صائية، ول ي�صاهدون اأفغان بريطانيا، بنف�صي يف راأيت ولقد اإل حمطات بالدهم. طالبان، مع يحاربون اأقاربهم باأن ويتفاخرون با تع�ص اأ�صد من قريب �صاب زفاف حل�صور باأكملها عائلة �صافرت بل لهذا تقديرا النفقات بجميع وتكفلت لدن بن اأ�صامة رجال

"املجاهد".

ويف زيارة يل اإىل كندا انتظرين �صائق باك�صتاين يف املطار يحفظ ق�صيدة جمنون ليلى، وكان مهوو�صا بالعرب وامل�صلمني �صاألته: حني جدا وغ�صب "الكفار". قتال يف رغبته واأبدى ن لك معي�صتك رغم اأنهم " كفار" فلماذا تريد اأن )كندا توؤم

جتاهد؟!(.

الدرا�صة، بق�صد ي�صافرون عندما �صابقا العرب كان يوؤثرون يف املجتمعات التي يعي�صون فيها. اأما الآن فهم يذهبون

الإ�صالم". دولة "لإقامة

اأمريكا"، يف املقيم "الكاتب برنامج يف م�صاركتي اأثناء طارق الأ�صل، ال�صوداين النم�صاوي، ال�صاعر هو زميل مع يف ندوة اإىل اأيوا ولية يف ال�صودانية اجلالية دعتنا الطيب، نادي اجلالية. ولأين قلت اإن الفتاة تتعر�س لالنق�صام النف�صي واملعاناة حني تنتقل اإىل جمتمع جديد يختاره والدها لهجرته، يف خا�صة اجلديد باملجتمع الندماج عدم عليها يفر�س ثم املدر�صة اإىل تذهب اأن عليها ويفر�س اجلامعة، اأو املدر�صة بحجاب، وعندما تدخل اإىل املدر�صة ت�صطر اإىل خلع احلجاب، لأن زمالءها يتهمونها باأنها متخلفة اأو اإرهابية بعد اأحداث 11 باهظا.. ثمنا يدفعن الفتيات جعل النق�صام هذا �صبتمرب. لأنني بالعتذار وطالبني وهاجمني الأ�صخا�س اأحد فنه�س اأ�صاأت له. ليوؤكد يل احلا�صرون لحقا اأنه جاء لن�صر الدين بني اجلالية لتحافظ على اإ�صالمها وتقاليدها يف بالد الكفار.. وقد يفعلون امل�صيحيون املب�صرون كان كما اأمريكا يف مب�صرا جاء نهاية القرن التا�صع ع�صر يف هذه املنطقة. الآن اأ�صبح التب�صري معاك�صا؛ بالإ�صالم واإقامة دولة الإ�صالم. ل اأحد ينكر على اأي اإن�صان احلق يف الدين الذي يريد، وباملقابل ل يجوز لأي اإن�صان

اأن يفر�س على الآخر خياره.

فما هو احلل يف تنامي ظاهرة التكفري وانح�صار التنوير؟

جتدي لن بال�صالح التطرف حماربة اأن الواقع اأثبت مكونات هي الأ�صرع الو�صيلة وتبقى تنويري، بفكر بل نفعا، الثقافة.. التعليم اأول ثم كل ما له ات�صال مبا�صر مع املتلقي،

134

ولأن ن�صبة الأمية احلرفية ارتفعت اإىل حد بعيد بني ال�صعوب واحلروب ال�صراعات نتيجة املا�صيني العقدين يف العربية والفقر والتهجري، يبقى الإعالم هو الو�صيلة الأ�صرع والأجنع..

الف�صائيات، ومواقع التوا�صل الجتماعي وامل�صرح وال�صينما.

الفكر ت�صكيل يف الفنون اأثر توؤكد التاريخ و�صواهد قالوا الع�صرين، القرن خم�صينيات يف فيه. والتاأثري اجلمعي ال�صيا�صة" وفعال ال�صينما، ل ميلك "من ل ميلك اأمريكا: يف فعندما بعيد. حد اإىل �صيا�صتها، الأمريكية الأفالم خدمت اأ�صموهم الأ�صليني، اأمريكا �صكان على الق�صاء تربير اأرادوا الهنود احلمر واأنتجوا اأفالما اأظهرتهم كوحو�س. ويف احلرب اأفالمهم، يف الرو�س اأظهروا ال�صوفييتي الحتاد مع الباردة اأن رو�صيا اأح�صت وعندما م�صوهة، ب�صورة الأكرب، عدوهم ال�صينما الأمريكية ت�صوه �صورتها، مولت بطريقة غري مبا�صرة للدعاية م�صادة اأفالم لإنتاج اأمريكيني وممثلني خمرجني وم�صل�صالت واأوبرا اأفالم باإنتاج الأمريكيون فرد الأمريكية، تناولت العن�صرية �صد ال�صود، وكلنا يذكر م�صل�صل "اجلذور" الأمريكي، الذي غري الكثري من املعتقدات والأفكار عن ال�صود

وحقق لهم كثريا من املكا�صب واحلقوق.

وبالرغم من اأن ال�صينما امل�صرية، هي ال�صينما الثانية يف العامل بعد الأمريكية، اإل اأنها مل حتقق التنوير املطلوب، لأنها �صغلت بنقل ال�صينما من الق�صور اإىل ال�صوارع لتكون واقعية، ال�صينما، اأمم اأن جمال عبد النا�صر فاأغرقت يف ذلك، رغم جنيب ثم �صيف"، اأبو لـ"�صالح لل�صينما العامة الهيئة و�صلم معها تراجع كما كثريا، تراجع ال�صينما دور لكن حمفوظ،

امل�صرح.

كانت اخلم�صينيات يف واأدواته. لغته، ع�صر لكل لكن والكتاب والدراما وامل�صرح فالتلفزيونات، الآن اأما ال�صينما،

هي اأدوات ن�صر الفكر التنويري غري املبا�صر.

امل�صكلة التي نواجهها مع و�صائط ات�صال متاحة للطرفني؛ للفكر املتطرف وملن يريد التنوير، واإذا كنا ل ن�صتطيع اأن نخلق

التوا�صل ومواقع و�صائل على ال�صيطرة ول لالإعالم، ميثاقا الجتماعي، اإذا ما احلل؟

اأكرب، ومبيزانية الثقافة وزارات دور تفعيل هو احلل الآخر وقبول الت�صامح قيم وزرع التعليمية، املناهج وتطوير يف العقل واإعمال الفل�صفة درا�صة اإعادة مع معه، والتعاي�س اجلامعات.. واأعجب.. كيف يتحدثون عن تنمية �صيا�صية؟ ول اأفهم معنى تنمية �صيا�صية ووجود وزارة خا�صة بها دون تنمية

ثقافية ت�صبقها؟ فكيف ننمي �صعوبا جاهلة؟

�صعب العراقيون على هذا.. مثال العراق يحدث يف وما اإىل كتابه ي�صل اأن عربي كاتب اأي اأمنية كانت بل قارئ، من %75 الآن الن�صخ. من الآلف ع�صرات ليبيع العراق، ن�صاء العراق جاهالت، بل اأميات نتيجة احلروب وال�صراعات

العرقية والطائفية.

مع يتعار�س كاأنه التنوير عن نتحدث األ يجب لهذا، لي�صت و�صعوبها املنطقة على الهجمة لأن الإ�صالم، تعاليم �صد الإ�صالم واإن بدت كحرب دينية وطائفية، لكنه ا�صتغالل الدين ال�صيا�صي �صد دولنا باأكملها، �صد وجودنا، فبداأنا ننهار لدح�س وبالتاأثري احللول، بو�صع ن�صرع مل واإذا الداخل. من �س لها جميع الو�صائل هذه الأفكار التكفريية بهجمة تنوير تكرالأ�صرة مكتبة دور تعزيز فيها.. املوؤ�ص�صات جميع وتتعاون الأردنية، التي بداأت يف وزارة الثقافة، فحني بداأت كانت من اأهم امل�صاريع التنويرية، ولالأ�صف الآن جند عناوين ل عالقة لها بالتنوير. وتفعيل الدراما التلفزيونية لتقوم بدور تنويري، البدوية امل�صل�صالت ظلت اأن بعد املجتمع، على اإيجابا يوؤثر باأكمله الأردن وكاأن الأردين! التلفزيون اإنتاج على م�صيطرة ت حياة الأردنيني حتى يف البادية، ويجب اأن يناق�س بادية. تغريواأفالم وم�صل�صالت، تلقي ال�صوء التغيري يف امل�صرح مثل هذا بداية ومناق�صتها امل�صكلة ومعرفة م�صاكلنا، على الكا�صف

الطريق ال�صحيحة للتخل�س منها.

135

كاتب جزائري مليء بالأحالم وامل�صاريع الأدبية التي ي�صعى وعن اجلزائر يف الأهلية احلرب عن فكتب جميعا، لكتابتها الأمري عبد القادر اجلزائري، و�صدر له موؤخرا �صريته الذاتية

العا�صمة الأردنية عمان م�صاركا اإىل "�صرية املنتهى". ح�صر الروائي هو للكتاب، ع�صر اخلام�س الدويل عمان معر�س يف

وا�صيني الأعرج، حيث كان لنا هذا احلوار.

وا�صــــيني االأعــــــرج:* �صريفانت�ش علمني الكتابة

* "مملكة الفرا�صة" متنح فر�صة لالأمل والت�صامح اب ممزق بلغة عربية ركيكة * اجليل الثالث من الكتر

اآيـــة اخلــوالـــــدة

كاتبة اأردنية.

136

الفرا�صة" "مملكة اجلديدة روايتك تتناول *اأحداث وهي اجلزائرية، الأهلية احلرب تداعيات الذاكرة لثنائية روؤيتك هي فما معا�صرة، تاريخية

والن�صيان؟

مبا�صرة؛ الأهلية احلرب تتناول الفرا�صة" ل "مملكة -ينطبق الرواية فالذي يظهر يف اأو غريها، �صواء يف اجلزائر على جميع البلدان العربية التي عاي�صت هذا الو�صع مثل لبنان و�صوريا واليمن، والوطن العربي كله يف حالة غليان الآن. األقي ال�صوء على خملفات احلرب الأهلية التي تنتج احلرب ال�صامتة هل الأ�صئلة: تطرح والرواية النتقامات، و�صل�صلة والأحقاد تتخذه قرار الت�صامح هل نريد؟ عندما نت�صامح اأن ن�صتطيع هل احلرب؟ هذه �صحية كانوا من بيد قرار هو اأم ال�صلطة جميعا، مت�صنا اأ�صئلة الت�صامح؟ على القدرة ر املت�صر ميلك رواية متنح فر�صة يبقى رهني حياته وجتاربه. هي فالإن�صان للتاأمل والأمل، فدورة احلياة ت�صتمر رغم ق�صوتها و�صحاياها.

اأما الن�صيان، فهو حاجة اإن�صانية من اأجل ال�صتمرار، لكنني ا�صتمرار اأ�صا�س فهي ذاكرة، بال �صعوب اإىل نتحول اأن �صد اإىل الرواية وتعمقت وحياته، تاريخه على القائمة الإن�صان م�صببات هذه احلرب؛ الف�صاد املايل واحلياتي وتهريب الأدوية

واملجتمع الذي ل يعي�س حالة �صحية جيدة.

العديد يحمل حواراته جميع يف وا�صيني الكاتب *الثاين والثالث من امل�صتقبلية، ومنها اجلزء امل�صاريع من ابن ال�صاعر تاريخية عن ورواية الأمري"، "كتاب رواية زمرد، ورواية تخ�ش بها والدتك. فما الذي حتقق منها؟

- اأنا رجل مليء بالأحالم وامل�صاريع، وذلك ح�صب ظروف يف دوما لي�صت فهي الكتابة، م�صاكل اإحدى وتلك الكاتب، "كتاب الأمري" انتهيت من جمع املادة خط م�صتقيم. م�صروع ن�صاله اإىل الأول تطرقت به، ففي اجلزء التاريخية اخلا�صة ومقاومته لال�صتعمار على مدى �صبعة ع�صر عاما، واأتطرق يف

مع و�صراعاته ال�صويف اجلانب اإىل والثالث الثاين اجلزئني فهو ال�صام، بالد يف م�صيحي األف 15 لـ واإنقاذه املا�صونية، كان حماورا لالأديان الأخرى حينما تكون حاملة للخري واملودة بني النا�س. كما متنيت الكتابة عن ال�صاعر ابن زمرد، اإل اأن الأو�صاع ال�صعبة التي يعي�صها العامل العربي اليوم منعتني من نحو ويتجه للحا�صر ظهره يدير اأن للكاتب ميكن فال ذلك،

التاريخ.

وهنالك اأي�صا قاعة �صينما يف اجلزائر، لها دورها التاريخي يف تاأ�صي�س احلركة الوطنية، والنا�س يدخلونها دون اأن يعلموا اأن اأول م�صروع �صينمائي بداأ فيها، واأنها واحدة من اأكرب ع�صر التاريخ من اأن ت�صتعيد لل�صينما، ومن املفرت�س قاعات عاملية رته وح�صلت على العديد خاللها، وقد ذهبت اإىل املكان و�صو

من الوثائق، لكن الوقت وال�صفاء الذهني غري متوفران.

الآن، لقد توفيت اأكتب عن والدتي حتى اأنني مل يحزنني قبل عامني وتركت فراغا كبريا، وفاتها جعلتني اأدرك اأنني ما ون�صيطة حتى ديناميكية امراأة كانت لقد وحيدا، زلت طفال معها لالحتفال طلبي يف اأر�صلت حيث حياتها، من يوم اآخر بيوم عا�صوراء، وذهبت �صباح ذلك اليوم اإىل ال�صوق من اأجل توفيت يف لكنها كما حتبه، الطازج واخلبز �صراء احلاجيات

منت�صف النهار.

�صاهم والذي جريدة" يف "كتاب اإىل بالعودة *باإجناح رواية "كتاب الأمري"، كيف وجدت هذه الطريقة

رها؟ بالرتويج للرواية، وهل �صتكر

وحتقيق الكتاب توزيع يف جدا جيدة خطوة كانت لقد -ن�صرت ف�صول طويلة من الكتاب ملحقة اأعلى املبيعات، حيث عت باملاليني يف اأنحاء الوطن العربي، وخا�صة بالر�صومات، ووزيف ظل �صعوبة و�صول الكتب اإىل الدول العربية. اإل اأن هنالك ذ، وهو براأيي اأف�صل، مع "جملة دبي الثقافية" م�صروع اآخر ينفهدية، الكتاب من ن�صخة املجلة من عدد كل مع ت�صع والتي

137

ويطبعون املاليني من الن�صخ ون�صرت معهم "مملكة الفرا�صة"، املنتهى". "�صرية اأي�صا وقريبا لوليتا"، "اأ�صابع

واجلزائريني املغاربة اب الكتر بهجران راأيك ما *اأ�صاوؤوا وهل الفرن�صية؟ باللغة وكتابتهم العربية، للغة

ا�صتخدامها والتعامل معها؟

- هذا الهجران له اأ�صباب تاريخية، وفرتة ا�صتعمار، وجيل هواج�س امتلك لكنه العربية، اللغة لتعلم الفر�صة ميتلك مل حب باللغة، لها عالقة ل داخلية واأحا�صي�س وطنية �صيا�صية الوطن ورف�س الظلم والقهر، فمثال يا�صني، حممد ديب، ملك واتبعوا ال�صتعمار �صد بالفرن�صية كتبوا جبار واآ�صيا حداد لغة اأي من اأكرث الوطنية الق�صية وخدموا الوطنية املدر�صة اأخرى، وخا�صة اأن العربية اآنذاك كانت حماربة، وهذا اجليل اأي بعد ظهور اأنه تراجع بعد ال�صتقالل؛ اإل ا�صتمر بالكتابة، كتاب اجليل الثاين املخ�صرم والذي كتب بالعربية والفرن�صية ق، تعلم اللغة العربية واأنا منهم. اأما اجليل الثالث، فهو ممزوبالتايل اخلطابي، احل�س متلك ل والتي ال�صعيفة الركيكة عالقتهم مع الأدب �صعيفة، كما اإن هنالك كتاب توجهوا اإىل اللغة الفرن�صية ولي�س لهم اأي عالقة حول ما يحدث يف وطنهم، يبحثون عن ال�صهرة باأي طريقة وهذا اأ�صاء للغة، واأقول بنهاية املطاف: الكاتب املميز، يبقى كذلك، وهنالك جيل �صبابي جيد ولي�س العاملية الثقافة مع وثيقة عالقة وله امل�صوؤولية يحمل

منح�صرا يف جمال واحد.

ة ثمر الرواية �صمن الأدبية، اأعمالك اأغلب يف *عنوان فرعي، فما ال�صر يف ذلك؟

- م�صكلة ذاتية، اإذ اأ�صعر دوما اأن العنوان الواحد ل يوؤدي املنتهى" "�صدرة لغوية على املنتهى" لعبة فـ"�صرية الوظيفة، اإىل ي�صل حيث املعراجية، رحلته يف واأكرم اأجل والر�صول يعلم، وبعدها وحده اهلل من الإن�صان اإليه ي�صل اأن ما ميكن اإىل واأ�صل اأعماقي يف نف�صها بالرحلة اأقوم كاأنني وهنا

رغم العنوان، هذا باأن �صعرت اأقوله. اأن ميكن ل ما �صقف جماليته واأ�صالته، يبقى هنالك نق�س ما؛ لأقول: "ع�صتها كما وظروفها احلياة لطبيعة وذلك ا�صتهيتها، كما ل ا�صتهتني"، والقدر، وهي دللة على املقاومة والروح احلية وال�صتمرارية، ومن هنا ياأتي العنوانان للتاأكيد للقارئ على وجود اأمر ظاهر

واأمر خفي.

* يف اإحدى مقابالتك، ذكرت اأنك توقفت عن كتابة ال�صرية الذاتية خوفا من عدم امتالك اجلراأة للبوح بكل

�صئ. فهل قلت كل �صئ يف "�صرية املنتهى"؟

�صحيح، غري اأمر هو �صئ كل تقول باأنك عي تد اأن -اجلراأة، من معني حد لدي نعم، تخونك. اأحيانا فالذاكرة وخا�صة ال�صخ�صية، احلياة اإىل ت�صل عندما تقف ولكنها الآخرين عن احلديث يف احلق اأملك ل اإنني كما العاطفية. واقتحام خ�صو�صياتهم، اإذ من املمكن اأن اأت�صبب بال�صرر لهم، وخا�صة اأننا يف جمتمع بائ�س ومتخلف ل يقبل مثل هذه الأمور. ملكا لي�صت كانت معي، لو الآخرين، حتى اأن جتارب فرباأيي

يل.

يف ال�صرية الذاتية كتبت عن الأ�صخا�س الذين لعبوا دورا التي وجدتي الأندل�صي اجلد وهم الأدبي تكويني يف اأ�صا�صيا وا�صيني ا�صم منحتني التي ووالدتي العربية، باللغة ربطتني لأحد ا�صم اأنه من الرغم على نهائيا، دارج غري ا�صم وهو الأول املعيل كانت اإنها كما املنطقة، يف املعروفني ال�صوفيني ا�صت�صهد فيها والدي وحتى للعائلة منذ حرب الـ"1959" التي ومينا ال�صهداء. زوجات نظام فيه اأقروا الذي 1969 عام اأول عالقة حب يف حياتي. كما تطرقت اإىل اللقاء الأدبي مع �صريفانت�س، الرجل الذي علمني كيف اأكتب على الرغم من اأنه من القرن ال�صاد�س ع�صر واأنا من القرن الع�صرين، اإل اأن اأغلب بل �صرية احلا�صر، لي�صت العربية. هي اللم�صة ت�صم كتاباته �صرية النا�س الذين بنوا هذه ال�صخ�صية، وميكنني يف امل�صتقبل

138

"رحلة منها كثرية عناوين وحتت ال�صرية اأجزاء بقية كتابة املنفى اإىل باري�س"، "الن�صاء اللواتي اأثرن يف؛ �صواء احلبيبات

اأو الأخوات اأو الزوجة".

على القدرة اليوم الأدبية الكتابة متتلك هل *والتي غوركي" لـ"مك�صيم "الأم" رواية مثل التغيري،

�صاهمت بقيام الثورة ال�صرتاكية؟

خطا لي�س فهو مبا�صر، ب�صكل يغري ل الأدبي الن�س -الزمن ول متوت، ت�صتمر مع اإمنا يغر�س قيم تعبويا، �صيا�صيا ر البوؤ�س نحن اإىل اليوم نقراأ البوؤ�صاء، هذا الن�س الذي ي�صويف ذلك الزمن، وا�صتقر يف الالوعي الب�صري حتى الآن باحثا بنية يف يغري الأدب الثورات. بعده من وجاءت العدالة، عن فيه ويغر�س والبعيد، املتو�صط املدى على الداخلية الإن�صان

القيم.

�صجة واأثارت عربي، اأنا ق�صيدة كتب دروي�س حممود كبرية، اإل اأنه اأدرك اأن اخلطاب ال�صيا�صي، ماآله املوت، بينما تبقى القيم الإن�صانية وال�صامية، فكتب "ملاذا تركت احل�صان وحيدا" فاأ�صبح يتحدث عن احلق يف احلياة واحلق يف الوجود،

وبالتايل خاطب الب�صرية جمعاء ل الفل�صطينيني فقط.

* وما هو م�صروعك القادم؟ اأكرب م�صروع وهنالك ون�صرها. الذاتية ال�صرية تدقيق -حول الو�صعية العربية احلالية، و�صعية اإن�صان عربي يف حلظة اأن العرب م ق�صوى يف املجتمعات اليوم، تنطلق من فكرة تاأزمن وين�صحبون مادي، وح�صور رادعة كقوة للزوال اآيلون التاريخ يف حال بقيوا على ما هم عليه اليوم، حتى اإنني وجدت اآخر "ق�صة والفرعي "2084" مظلما �صبابيا يعترب عنوانا اإىل حتتاج �صيا�صية رواية وهي الأر�س"، وجه على عربي

�صغل ذهني كبري.

لوحة للفنان احلاج فايز الأغب

متابعات ومقاالت: - "فيـــــــ�ش املعنــــــى" و�صـــــــعريـــة الــقــــــــــراءة النقــــــديـــة ماجـــــد �صالح ال�صامـــــــرائي

- بالغة ال�صورة يف "عامليـدان رايــح جـاي" ل�صامية العطعوط د. �صــــفيق طــــــه النوبــــاين

حبي: احليــــاة ولعبــــة ال�صرد هــــيــــــــــــــــا �صـــــــــالــــــــــــــح - "اخل�صـت" ملحمد بن �صيف الرر

- التكنـــــولـــــوجيـــــــــــــا املفقـــــــــــــودة مل�صـــــــــــر القــــــدميـــة د. يعـــرب قحطـــان الــدوري

140

كتابها �صعيد خالدة الناقدة ت�صدر اأن يف غرابة ل النقدي اجلديد »في�س املعنى« )دار ال�صاقي ـ بريوت: 2014( والذي الناق�صة«، القراءة »بيان عنوان حتت و�صعته مبا حددت الكتاب �صفحات من �صفحة وثالثني واحدا احتاز �صعرية لأعمال قراءة من م تقد ما يف منهجها روؤيتها/ فيها اجلديدة ال�صعرية التجربة يف حداثة الأكرث بينهم ل�صعراء ما )�صعراء زمانية حداثة الأقرب ومنهم احلاج(، )اأن�صي اأواخر اأن بداأت م�صروعها النقدي بعد ال�صتينات(. فهي منذ خم�صينات القرن املا�صي وبدايات �صتيناته )تزامنا مع ولدة على توؤكد كانت »�صعر«...( ملجلة والنقدي ال�صعري امل�صروع »املعنى« يف ق�صيدة ال�صاعر احلديث، �صواء ما انحدر من هذا املعنى من »الرمز« اأو »الأ�صطورة« -وقد �صاعا �صيوعا مفرطا اأم يف ما انطوى �صمن حالة »الغمو�س« يف يف جتربة جيلها- التجربة ال�صعرية اجلديدة. فقد بحثت »يف املعنى« ويف »دللت من التجربة لهذه ما اإىل و�صول التجربة هذه يف املعنى« »جماليات املفارقة« مع ما هو �صائد -كما جند ذلك يف كتابها البحث، يف ما ليتوا�صل الأول »البحث عن اجلذور«- النقدي اتخذ عندها من تطور الأداة والو�صيلة، يف التجارب اجلديدة التي ات�صعت �صفحات كتابها اجلديد لعديد منها، لنجد اأن ما يعنيها من »الفن جوهره« مرتكزا يف املعنى واأبعاد هذا املعنى، »اجلوهر« هذا ت�صتوعب التي الفنية حقيقته« »الإبداع ومن

بو�صفه جتربة.

الناق�صة« القراءة »بيان اإىل بداية، اأ�صرنا، قد كنا واإذا �صعرية اأعمال من قراأت ما لقراءة مدخال منه جعلت الذي فذلك ومو�صوعية، فنية وتوجهات م�صتوى ل�صعراء خمتلفني،

لت�صمنه الروؤية النقدية للناقدة، بو�صوحها كله، يف ما اعتمدت �صت من خاللها »اأطيافا« من دللت املقروء من روؤية نقدية تلماحلقيقة »بوحدانية القول قراأت ما يف عابرة ومالحمه، ويف هنا، فالقراءة قبلها. من املقروء الن�س« يف ال�صعرية البعد الذي تاأخذ به نف�صها يف ما تقراأ، هي اإ�صغاء للن�س، وهو اإ�صغاء غري جمرد، واإمنا قراءة ت�صتند اإىل معارف وخربات، فمثل القراءة.. يف ذاتية« »جتربة نعده اأن ميكن عما ف�صال هذه القراءة، بح�صب ما اأرادته الناقدة، وحدها التي تقف بنا، قارئني وقراء، على ظالل »من ك�صوف الن�س وروؤاه«.. فهي، هنا، بقدر ما تنجز قراءتها امل�صتندة اإىل/ واملنطلقة من مثل هذه »املحددات النقدية«، التي تاأخذ بها منهجا واإجراء، اإمنا تكتب »ا�صتجابتها النقدية« للن�س املقروء. وهذا ما يجعلنا ننظر اإىل »ن�صها النقدي« بو�صفه »ن�صا اإبداعيا« يف اإطار نقدي. وهي يف هذا اإمنا ترف�س، ا�صتنتاجا، كل ما يحدد القراءة النقدية، يف العادة، من »اإلزامات نظرية« تق�صر النظر يف الن�س وفقا ملا تتبنى من منهج.. وبذلك فهي تفتح ف�صاء القراءة »خل�صو�صية روؤية القارئ ونوعية ح�صا�صيته وتعدد زوايا النظر« التي ينظر منها اإىل الن�س املقروء، من تقيد مبنهج ونظرية. فهي تخ�س

القراءة كونها »فنا«، ومتنحها »خ�صائ�س ال�صعرية«.

اإل اأن هذه »القراءة احلرة«، وهي جتري على هذا النحو، اأن نتملك، اأن نخرتق، اأن يعني نقراأ فـ«اأن منفلتة«.. »قراءة العمل يخرتق اأن وخياله، ال�صاعر ـ الكاتب فكر يف ن�صافر ب�صرنا، اأو نت�صلل اإليه، اأن يخرتقنا �صوته ال�صعري، اأن يتكلم يتدخل قد كما ب�صوته«.. اأو عنه، نيابة نتكلم اأو عنا نيابة ما جعل وهو تاأثيث خيالنا«، له، »يف قراءتنا الن�س، يف هذا

»في�ص املعنى« و�صعرية القراءة النقدية

ماجـد �صالح ال�صـــامرائي

كاتب وناقد عراقي.

141

منطلقاتها »تتاأ�ص�س على ركني القارئ- الن�س«، فهما، القارئ والن�س، عندها »حموران غري ب�صيطني ول اأحاديني«، ول ينف�صل واحدهما عن الآخر.. وهذه القراءة، كما ت�صميها، هي »ال�صراكة حلظتني »لقاء يف متمثال و«املقروء« »القارئ« بني ال�صحرية« وخميلتني، بل ذاتني »ي�صبح بعدا اأ�صا�صا من اأبعاد الن�س- وهو الن�س »�صر فاإن بحثت يف القول.. اأفق �صفر يف اأو بحث عن/ يف )...( عالقاته وتداخل حركته »يف كامنا وجدته ال�صعري«

لغته واملغامرة يف توجيه موكب الن�س يف« بحر اللغة.

اأو ما النقد«، »الن�س- ت�صميه تكتب ما الناقدة فاإن كانت »ن�س عليه- ت�صطلح ما وبح�صب الدقة، وجه -على ت�صميه حميط ملا اأحاط بالن�س املقروء«.. فهي ل تقرتب من الن�صو�س التي تقراأ »واأ�صرارها البعيدة بقراءة حرفية تقليدية، بل تاأويلية، اأي بالقراءات الحتمالية التي يتيحها الن�س، وبال�صفر عرب تعدد الأبعاد، لكت�صاف ل حمدودية العالقة، اأو ل حمدودية ما تاأخذنا اإليه لغته الفنية العالية«، وهو ما يجعل من دخول القارئ، الذي ه بالتميز وبالقدرة على التاأويل، »عامل الن�س«.. »فاعال تخ�ص

يف م�صار الدللة«.

التما�صا متثل كونها الناقدة، عند القراءة، تتحدد هنا الكاتب- حلم يف الده�صة رحلة هي ووعوده، »املعنى لأفق اللغة يف بل الثقافية، وخلفياته وعيه ل يف بيانه، ويف ال�صاعر والتاأويل التاأويل، اإىل العبور يكون هنا ومن احتمالتها«. واأفق امل�صار يحدد م�صبق »ل هذه، روؤيتها بح�صب والفني، ال�صعري والغاية« منه؛ ما يجعل ال�صعر احلق يف منظورها »معرفة تتجاوز

القواعد والقوانني«.

الن�س حدود ير�صم ل النقدي الن�س »اأن تاأكيدها: ومع الإبداعي«، م�صددة على اأن ل يخرج النقد »الن�س من خ�صو�صيته الفنية«، و«خ�صو�صية الن�س« -بح�صب روؤيتها هذه- تقوم يف »ما ل يقوله اإل الن�س ذاته«، ما يعني اأن »القراءة« التي تقوم بها هي حماولة اكت�صاف بق�صد الك�صف. هذه »اخل�صو�صية«، يف ما تعنيه لها/ اأو تعنيه بها، ل متلكنا ا�صتطاعة »جتاوز الن�س ال�صعري اإىل

مراجعه«، اأو حتديده »مبراجعه مهما بدا ح�صورها«، لتجد اأن ملثل هذه »املراجع« ح�صورا خمتلفا، »اإذ تغدو عنا�صر وظالل )...( جديدة وتفاعالت عالئق يف وتدخل ا�صتقاللها تفقد

حتكمها وتعيد تكوينها«.

من هنا جاء حذرها »من حرفية املناهج )ل من مرتكزاتها ومنطلقاتها(.. وتخ�س بهذا احلذر »توحد اأ�صاليب املقاربة«. وعلى هذا فهي تريد لقراءتها، لكي تاأتي »يف اأ�صا�س املقاربة«،

اأن تاأتي بحثا »عن اخل�صو�صية والختالف والتميز«.

وهل ذلك؟ اأتت نحو اأي على اأو كيف، هو: هنا وال�صوؤال جاءت قراءتها واحدة لن�صو�س واأعمال �صعرية متثل/ اأو تتمثل ال�صعراء اأ�صوات بتعدد تعددت اأنها اأم متعددة، اأ�صوات يف املقروئني، وما قراأت من اأعمالهم، فكانت لكل �صاعر قراءته

التي ميليها عمله املقروء؟

يف معه تاأخذنا الذي احلاج« »اأن�صي من كانت البداية هو ملا التوثيق بني توزعت �صفحات ثماين ا�صتغرق متهيد بخم�س ليتوا�صل لل�صاعر، ال�صعري امل�صار يف وفني تاريخي اإىل النطباع ال�صخ�صي مبا يت�صمن اأخرى تن�صاف �صفحات من تاأكيد خل�صو�صية ق�صيدته فنيا، فهو، بح�صب ما ترى، قد »دعم ا�صتقاللية الن�س عن وظيفة »التعبري« و«�صرح الأحوال«، فيها التي جتد ومباركتها خطواته تبنيها خلطه لنجدها، يف انقطاع عن خطوات فعلية على درب »احلداثة«، مبا مثل من عمله لتقراأ كله هذا وتراثيني؛ جمددين الأ�صالف، موروث ال�صعر منه وانطالقا به/ حمددة املقطوع«، »الراأ�س الثاين المتحان اإىل ودعوة الوراثة على »مترد من انطالقا عنده، املغامرة« »بعنف كتب ما كتب فهو بالعامل«. للوعي امل�صتمر و«خارج املعيارية القيمية« فمثل اخلروج على جاهزية الروؤية، يف اإياها وحمركا للماألوف، مباغتة عنا�صر من ه ن�ص بانيا كان فاإذا ال�صائد. ال�صعري التعبري اأجواء اإىل ينتمي ل اإطار هو املقطوع »الراأ�س فاإن التمرد« »كتاب هو »لن« الأول كتابه

ن�س النكران، ن�س العزلة، وخلخلة املعنى الناظم للكون«.

142

ا�صتغرقت ن�صف والتي بال�صاعر، الكتابة الحتفائية هذه انعكا�صاتها على ما لها املكتوبة عنه، �صنجد عدد ال�صفحات تكثيفا النقدية قراءتها فجاءت ال�صاعر، ن�صو�س من قراأت اآخر لهذه »القراءة الحتفائية« التي انطلقت منها، وبنت، ما بنته، عليها، اإذ �صتختزل قراءتها هذه لن�س واحد من ن�صو�س الكتاب، مقيمة اإياها على ثالثة اأبعاد: فاإذا كانت قد انطلقت داخلية بقراءة متلقيه من الن�س عامل تقريب عملية من موؤثرات من داخله ما اإىل �صتحيله فاإنها العالئق، ت�صتمزج مالدورر« »اأنا�صيد ح�صورا واأكثفها اأخرى، اأعمال من جاءته لـ«لوتريامون«. فاإذا ما بلغت الناحية القيمية الفنية �صتجده »ل

ي�صعى اإىل واقعية الن�س، بل اإىل هذيان يلعب بال�صور«.

لل�صاعر املقروء العمل ا�صتوقفها التي القراءة هذه ويف اأكرث من �صواه ممن قراأت، والتي توزعت بني »الحتفاء فيها املنبثق من حالة الحتفاء هذه.. جندها و«التجلي« بال�صاعر« اأن اإىل تخل�س اإذ ذهبت، فيه ملا »تنظريي« بتعزيز تختم الأ�صئلة »التي طرحها اأن�صي احلاج على الن�س ال�صعري واللغة �صا�صعة«، اأ�صئلة هي بالعامل، وعالقتها وجمالياتها ال�صعرية

دون اأن تعزز اإملامنا بها، قراء.

يف �صياق قريب من هذا تتابع »حركة« ق�صيدة مثل »البحر« لعبا�س بي�صون، لتجد، من خالل قراءتها التتابعية لـ«حركة«تها خالل من جمعا، -وتتمثلهم، احلديثة احلركة �صعراء اأن ال�صاعر- مل يتوقفوا »عن ا�صتدراج ال�صعر اإىل قارات جديدة«، فاإذا هي يف قراءتها هذه الق�صيدة، كما يف قراءتها ق�صائد ت�صفها، كما وهي، مكتوبة«، »لوحة يقراأ كمن له، اأخرى �صمات من فيها جتد ما اإىل اإ�صارة يف كثريا«- »تتكلم لوحة ت�صويرية.. لفتة اإىل »حركية الرتا�صل بني امل�صتوى الت�صويري وامل�صتوى ال�صعري )واإن كنا جند تعليقاتها تتفوق، لغة وروؤية،

على الن�صو�س التي علقت عليها(.

فاإذا ما جاءت اإىل ال�صاعرة زليخة اأبو ري�صة وجدت نف�صها تغامر لغة »باإزاء الرائحة( تقراأ )دفرت لها الذي الكتاب مع

على مركب املجاز ال�صحري لبتداع دروب التداخل والعناق بني املادي والتاأثريي املعنوي«، ما يحدو بها اإىل القول اإن »القامو�س يف املتوالدة املتجددة الدللت يطول ل ات�صع مهما ال�صعري النزياحات«. من وغريه املجاز بقوة واملتحولة الكتاب، هذا املعنى املعنى، نحو �صفر الكتاب هذا »يف فمراتبه احلب اأما من لتخل�س قيود«.. ول حدود ول له ع�صريا ج�صد ل الذي قائما على »لي�س ال�صاعرة واأعوانه« عند »املجاز اأن اإىل هذا اللعب »حرية يف هو واإمنا وحده«، التقني البياين امل�صتوى بالعامل والعالقات«، و«تاأليف املتفارق، وحتى املتناق�س، حرية احلكاية، وحرية اجلمع والتحول«.. وكذلك هو الزمن، واملجاز. فاإذا ال�صاعرة، كما ا�صتخل�صت ذلك من قراءتها كتابها هذا، اللغة ومفاجاأة »�صاعرة فار�صة، جيادها حريات اخليال وعلو

التعبري، حيث التخييل �صفر ومغامرة وغزو«.

ويف مثل �صياق التفرد هذا، جتد يف كتاب »�صر من راآك« اجتاه املرجعي يف »م�صتواها تغادر الكلمات اأن نا�صر لأجمد ح�صور متعال« تتقدم فيه ال�صورة »دون اأن تك�صف اأو تعلن عن »مطلوبة ترى، ما بح�صب تبدو، يجعلها ما بالأ�صل«، عالقة اأن اإىل ما ترى من لذاتها«، م�صتندة يف ما تقول وفيه تذهب وتعدد الإ�صارات غمار يف »رحلة هو اإمنا الإبداعي« »ال�صر تقوم الن�س هذا »خ�صو�صية اأن اإىل لتخل�س الحتمالت«، الذي الغام�س الطريق يف مقيمة واملغامرة املغامرة، يف يذهب بعيدا يف التوريات وي�صتدرج القارئ اإىل براري اخليال

الفاتنة«.

وياأتي الكالم يف »مدينة املعنى« من خالل »كتاب �صنعاء« هي خاللها من -واإن القارئ فتجد املقالح، لعبدالعزيز والإرهاف الفكري الوم�س من مناخ يف »مغمورا القارئة- »اللقاء ومن خالله به/ تقراأ الذي العاطفي« واخلفر اللغوي ف�صنعاء ال�صعرية«. واملدينة التاريخية املدينة بني والتداخل هذا- املقالح ن�س قراءتها من �صورتها ت�صتخل�س -كما »ماأثرة دللية، جوهر مدينة، حلم مدينة، مدينة فوق مدينة،

143

ثم ومن املت�صل، لالكت�صاف مدينة والتاأمل، للفرادة مدينة مدينة موعودة...«.

روؤية من عليه ويقوم يت�صمن/ مبا النقدي، التوجه هذا �صعره، ال�صاعر يف �صخ�صية ومن خاللها بها/ �صعرية حتدد جنده يتكرر يف قراءتها وديع �صعادة، كما يف قراءتها ن�صو�صا واأعمال ل�صعراء اآخرين. فهو، كما تراه، »يكتب ال�صهاب الذي ترتكه الكارثة وراءها«، و«يقب�س على الفظيع الهائل ب�صفافية ال�صعر«.. لتوؤكد، مرة اأخرى، اأنها معنية بنقل »الأثر« الذي يرتكه الن�س الذي تقراأ يف نف�صها، وتكتب، اإذ تكتب عنه، مقدمة اإياه ن�صو�س و�صفت كما الن�صو�س، لت�صف له، ال�صتجابة بروح عبداملنعم رم�صان يف »غريب على العائلة« باأنها »تغلغل حركي �صعرية ا�صتجابة النف�س«؛ وهي واأ�صرار الكوامن ت�صويري يف اأكرث منها نقدية، تقوم على »التلقي« و«التفاعل الذاتي« مع ما

تتلقى، لتاأخذ الكتابة عن الن�س بعد »النفعال بالن�س«.

ال�صيخ ح�صب �صعر اإىل املحرمة« العتبات »عبور اأن غري جعفر هو ما يجعل منطلقها يف قراءته ياأتي من خالل الرتكيز واإن �صميمية«، ذاتية جتربة من »ينطلق �صاعرا، كونه، عل وجدته »ياأخذها يف مدار حلم كوين وت�صاوؤل وجودي« ما يجعله، اإىل بـ«الكلمات الظلية«، اإىل ذلك ما تدعوه كما ترى، يتلم�س قراءتها من ت�صتخل�صه ما وبح�صب �صعرا، ان�صيابه، جانب يدفع ما امللتب�صة«، املحرية والأ�صئلة الروؤى اأروقة »يف هذه، »يف �صعريا به انعطف ما على �صعره قراءتها تركيز اإىل بها الكتابة خارج اللهجة الطاغية والجتاه الغالب«، ما جعلها ترى

اأن �صعريته اإمنا جتيء »من اإيقاع التحول ومفاجاآته«.

اإل اأن »�صعرية القراءة« هذه تقع بالناقدة يف ما ميكن اأن من ترتاد ما يف وتوجهات، لغة يتقارب، نقديا« »منطا نعده اآفاق ال�صعراء الذين قراأت. فاإذا ما وجدنا �صيئا من خ�صو�صية التناول يف ما كتبته يف ال�صاعرين عبد املنعم رم�صان وح�صب ال�صيخ جعفر، فاإن ذلك ل ي�صري على جممل قراءتها لهما، ذلك اأن جانبا كبريا مما كتبته يقع يف �صياق التجريد النظري )الذي

قد يكون بفعل ما قد ي�صتهويها من الن�س املقروء من اأبعاد(، وجاء بع�س اآخر اأقرب اإىل »بوارق الروؤى« -والتعبري للناقدة- منه اإىل النظرة التحليلية التي جندها فيها، يف جانب اآخر من قراءاتها هذه، ت�صت�صف مكونات الن�س بروح �صعرية، وبنظرة ل تخلو، مكونات، مما ميكن اأن ندعوه »فل�صفة الوجود«.. يقابل هذا ما ميكن اأن نن�صبه اإىل »�صعرية الروؤية«، كقولها يف التعليق على مقطع من ن�س ملحمد بني�س: »هذه خطرات روح مهيمة

تلتم�س يف الأفق والزمن م�صارا ومعراجا...«.

ت بها �صنية �صالح فتنتظم اأما قراءتها اخلتامية التي خ�ص�صعريتها، و�صياق قرب(، )من تعريفي �صياق �صياقني: يف اإذ املتوالية«، ال�صعر اأمواج و�صط حدة »على �صعرها فت�صع روؤيا«، »يحمل فهو كامال متكامال«، »ير�صم عاملا �صعرا جتده فوارا بدئيا عاملا حترك �صاعرة ترى، ما بح�صب اأنها، ذلك »وتبنيه بعالقات و�صور �صحرية«.. فال�صعر عندها »فعل وجود«، ف�صال عن كونها �صاعرة »األقت بكيانها يف ال�صعر«. ولكننا جند على وتتغلب تطغى، قرب من والتوا�صل ال�صخ�صية املعرفة اأحكامها النقدية، واإن مل جتردها من ا�صتخال�س ما ل�صعرها هو مبا اهتمامها على طغت واإن مو�صوعية- وقيم روؤى، من تنتج ل وجع، »�صرخة عندها الكلمة وجدت التي وهي فني،

اجلمال واملتعة، بل تفتح الداخل ملعاينة التجربة«.

وهنا ياأتي ال�صوؤال عما كانت الناقدة تبحث عنه وهي تقراأ ن�صو�صا، واأعمال، وجتارب، ت�صتعيد من خاللها اأزمنة واأمكنة، فت�صتجوب وت�صاأل الدللة، عن فتبحث حتلل اأفعال.. وتتمثل الن�صو�س، اأو ذاتها القارئة، وا�صعة كتابا له خ�صو�صيته، وهي خ�صو�صية اأقرب اإىل روح الإبداع منها اإىل »نظريات النقد«، متحدثة بلغتها، ومن�صغلة بلحظاتها التي عمدت اإىل بنائها من خالل الن�صو�س التي قراأت، جاعلة منه كتابا ينتمي اإىل »عامل الكتابة: مثل »القراءة فاإن »بيانها«، يف جاء وكما الكتابة«. وما نتذكر ملا م�صاءلة ا�صتق�صاء، ا�صتفهام، �صر، عن بحث نعرف، ملا نظن اأننا نعرف«.. وقد غامرت يف طلب ذلك.. بلغة

نقدية تفوقت فيها على لغة غري �صاعر ممن قراأت!

144

ت�صد اأن الأوىل �صفحاتها من الرواية حتاول ما عادة القارئ اإىل مكوناتها وعنا�صرها و�صري اأحداثها، ليتجه القارئ من بعد ذلك اإىل ربط الرواية ب�صياقاتها التاريخية والثقافية روايتها يف العطعوط �صامية الأديبة اأن غري والجتماعية، ال�صادرة عن الدار العربية للعلوم نا�صرون عام 2013 تنطلق من ال�صياق الذي جاءت خالله الرواية، فال تنفتح روايتها على اأمكنتها، بل تنفتح على ر�صومات ت�صري اأو اإحدى �صخ�صياتها الذي التاريخي ال�صياق متثل التي العربي الربيع ثورات اإىل

جاءت فيه الرواية.

اأولهما تتعلق اثنتني دللتني هذا الرواية مفتتح يحمل املتمثل التاريخي التحول �صياق وهو الرواية، ال�صياق يف باأثر يف الربيع العربي، اإذ مثل هذا التحول ال�صريع جاذبا وموطنا املجتمع، �صرائح جلميع بالن�صبة التحليل اأو للم�صاركة مغريا نابعا طبيعيا اأمرا ال�صياق هذا من النطالق يجعل ما وهذا بالرواية فمتعلقة الثانية الدللة اأما املرحلة، تاأثري قوة من وعالقتها بال�صياق التاريخي، فهي مندجمة فيه اإىل حد اأن من ال�صياق، هذا من جزءا الرواية، روؤية وفق اعتبارها، املمكن وهي من ناحية اأخرى تتجه اإىل هذه املرحلة التاريخية املعا�صة

يف حماولة تف�صريية ت�صخي�صية تقرتب من النا�س اأكرث.

ال�صورة اأثر العربي الربيع لأحداث املتابع على يخفى ل ال�صياق وال�صورة يف هذا الثورات، اأحداث �صري واأهميتها يف

ت�صري اإىل اأدوات الإعالم ب�صتى اأ�صكاله؛ �صواء ما كان يظهر من اأم ال�صحف امل�صورة، اأم مواقع الإنرتنت الف�صائيات، خالل املحاولت بالتحديد من خالل الأداة اأهمية هذه وقد ظهرت العربي الربيع اأحداث فيها متثلت التي لالأنظمة امل�صتميتة

لإيقاف فعل هذه الأداة.

رايح جاي" اإىل هذه "عامليدان العطعوط يف تنبهت وقد الرواية ا�صتهلت اإذ اأدواتها، اأ�صا�صية من اأداة الأداة فجعلتها تربز العربي الربيع من م�صاهد اإىل ت�صري الر�صوم من بعدد تغب مل كما الأنظمة. ل�صتبداد مواجهتها يف ال�صعوب �صوت ال�صورة عن الزمن الداخلي للرواية اأي�صا، اإذ �صورت كثري من الر�صوم اأحداثا عديدة فيها، وقد جاءت هذه الر�صوم لتوازي اإذ للت�صوير، هاويا كان دي" الذي "كي الرواية بطل هواية قادته هذه الهواية اإىل الدخول يف قلب اأحداث الربيع العربي.

اإىل ي�صعى بالت�صوير، مغرما �صابا دي" "كي كان ال�صهرة من خالل هذه الهواية، فري�صل ال�صور التي يلتقطها حادثة ح�صلت وحني بالت�صوير، ة املخت�ص امل�صابقات اإىل البوعزيزي يف تون�س قرر ال�صفر من عمان اإىل هناك على اأمل اأن يلتقط �صورة له مع البوعزيزي لتفوز يف اإحدى امل�صابقات، وبالفعل �صافر اإىل تون�س، غري اأنه مل يتمكن من التقاط ال�صورة

التي غامر بال�صفر من اأجلها.

بالغة ال�صورة يف "عامليدان رايح جاي" ل�صامية العطعوط

د. �صفيق طه النوباين

كاتب اأردين.

145

�صديقه �صعف نتيجة جاء دي" قد "كي ال�صم كان واإن �صعيد يف اللغة العربية؛ اإذ مل ي�صتطع كتابة ا�صمه الأ�صلي "عبد النا�صر"، فكان حني يكتبه يتجاوز عن كتابة الالم ال�صم�صية، فاإن ذلك ل يلغي دللة الت�صمية وخلفيتها املعرفية، فهي اأ�صبه "كي انخراط اإىل ي�صري مما التجارية، بالعالمات تكون ما يف ال�صباب و�صريحة �صعيد و�صديقه النا�صر عبد اأو دي" الوقت يف وابتعادهم الع�صر، مظاهر يف العربية جمتمعاتنا نف�صه عن رموز املرحلة ال�صابقة التي كان جمال عبد النا�صر واحدا من اأهم ممثليها، اإذ مل يكن ا�صم عبد النا�صر اإل تيمنا

بهذا الرمز.

اأي خالل من ووجوده ذاته عن يبحث الذي اجليل اإنه "كي جعل ما وهذا مكانته، متنحه الع�صر اأدوات من اأداة التي ميكن الفر�صة تلك اإىل للو�صول تون�س اإىل دي" ي�صافر اأن حتقق له ذاته، واإن كانت تتخذ من ماأ�صاة البوعزيزي مادة لها. واإذا كان "كي دي" قد بحث عن هذه الفر�صة يف حماولة منه لتحقيق الذات، فاإن �صديقه الويف �صعيد مل ميتلك معنى ل�صخ�صيته اإل من خالل "كي دي" يف اإ�صارة اإىل الفراغ الفكري �صامية قيمة ال�صداقة كانت فاإن اجليل، هذا يعي�صه الذي ومهمة يف احلياة اإل اأنها بال �صك ل متثل القيمة الوحيدة التي

ي�صعى اإليها الفرد.

تون�س، دي" اإىل بـ"كي اللحاق يف جهدا �صعيد يدخر مل �صعيدا اأن غري معنى، بال دونه عمان يف حياته اأن اأح�س اإذ يتعلق بتون�س بعد ذلك، فقد رف�س العودة مع "كي دي" بعد اأن اأحب املمر�صة التون�صية "منى" التي تعمل يف امل�صت�صفى الذي اإثر تعالج فيه من ال�صربة التي تلقاها من ال�صرطة التون�صية

م�صاركته يف مظاهرات ثورة اليا�صمني.

الثورة �صعيد يف مظاهرات "كي دي" اأو تكن م�صاركة مل التون�صية، اأو امل�صرية فيما بعد، م�صاركة حم�صوبة اأو خمططا لها، بل كانت جمرد انفعال مع مظاهرات ال�صارع دون حتديد هدف اأو غاية معينة، فهل جاءت طبيعة هذه امل�صاركة لت�صري

اإىل ملمح من مالمح الثورات العربية التي مل تنب على اأ�ص�س فكرية را�صخة، ومل ت�صع اإىل حتقيق روؤية م�صبقة لدى ال�صعوب

الثائرة؟

واإذا كان "كي دي" قد اأخذ ن�صيبه من قمع الثورة امل�صرية؛ رب على راأ�صه يف معركة اجلمل يف ميدان التحرير، فقد اإذ �صدفع �صعيد حياته كلها يف هذه الثورة، اإذ عاد من تون�س ليالقي "كي دي" هناك، فاأ�صابته ر�صا�صة يف قلبه اأثناء م�صاركته يف اإحدى املظاهرات. والناظر اإىل م�صهد الربيع العربي لن يجد الذي ميثل فاملكان ال�صياق، �صعيد م�صادفة يف هذا يف مقتل

القتل امل�صهد الأبرز فيه، لن يكون القتل فيه م�صادفة.

لقد كان ال�صباب الذي فقد معنى وجوده م�صتعدا للت�صحية باأي �صيء؛ فقط من اأجل حتقيق هذا املعنى، ولعل بقاء �صعيد يف تون�س من اأجل منى التي مل تبد رغبة جادة يف بقائه معها، مل تكن اإل حماولة منه لتحقيق هذا املعنى لوجوده، بل لعلنا ل "كي دي" و�صعيد هي رحلة بحث عن اإن رحلة اإذا قلنا نبالغ معنى الذات ت�صتبك بعمق مع حركة ال�صعوب و�صعيها اإىل بناء

موؤ�ص�صاتها.

حتققت قيم ال�صمو والت�صحية عند "كي دي" خالل رحلته، اإذ بدت من خالل ت�صحياته يف ميادين ثورتي تون�س وم�صر، غري اأنها كادت تفقد معناها عندما عاد اإىل تون�س مرة اأخرى اأن بلحظات وفاته قبل منه طلب الذي �صعيد لو�صية تنفيذا تون�س من خروجه فكان اإليه، اآل مبا ليخربها مبنى يلتقي حمبوبة مبنى برغبته العميق اإح�صا�صه من هروبا ذلك بعد اإن تورطه بزيارة اأحد املواخري مل �صديقه احلميم �صعيد، بل حلمه التي ظهرت من خالل رغبته مبنى من هروبا اإل يكن الزيارة. لهذه ال�صابقة الليلة يف باحلقيقة عليه التب�س الذي الربيع ماآل دي" "كي اإليها اآل التي النهاية هذه مثلت فهل العربي يف هذه املرحلة؟ لعلنا ل نبالغ اإذا و�صلنا يف حتليلنا اإىل مها �صبابها هنا. فالثورة قد ل تكون وفية للت�صحيات التي قدبقدر ما كانت رغبات "كي دي" تعتمل يف داخله، وهي رغبات

146

دي" اأن "كي ا�صتطاع واإن احلال. بطبيعة �صعيدا تر�صي لن فاإن تلك الرغبات يتجاوز خيانة �صعيد ب�صكل غري مر�س له، الرواية افتتاح ولعل بالفعل. للتحقق القابل الوجه متثل ذلك بق�صيدة جالل الدين الرومي ما ي�صري اإىل موقف الرواية من

هذه النتائج:

تعال، تعال، اأيا من تكون،

الهائم، عابد النار، عا�صق الرحيل.

هذه لي�صت قافلة الياأ�س.

ل يهم اإن اأخلفت نذرك

األف مرة، ا�صتمر باملجيء،

ومرة اأخرى تعال.

على الرغم من اأن الربيع العربي مل يحقق يف هذه املرحلة على الأقل ما كان ماأمول منه، اإل اأنه ك�صر حالة ال�صكون التي كانت م�صيطرة على ال�صعوب، ما يجعلها منفتحة على خيارات مواجهة اأمام ال�صباب جيل و�صع اأنه كما م�صتقبال، متعددة حاول من خاللها فهم ذاته واأهدافه التي ي�صعى اإليها، اإذ اأيقن تكفل حقوق التي املوؤ�ص�صات بوجود الذات مرهون اأن حتقيق

اجلميع.

الرحلة التي �صافر فيها "كي دي" من اأجل حتقيق ذاته مل تعد عليه باأي فائدة، بل اأ�صبحت خ�صاراته و�صديقه �صعيد مادة يحقق الآخرون من خاللها جناحاتهم، اإذ ح�صلت �صورته مع جثمان �صعيد عندما فارق احلياة على اإحدى جوائز الت�صوير، بذلك والرواية عمان، اإىل عودته بعد منى اأبلغته ما بح�صب اأمام مفارقة وا�صحة تعتمد على املقارنة بني ال�صورة ت�صعنا التي �صعى "كي دي" اإىل التقاطها مع البوعزيزي وهذه ال�صورة

التي اتخذت من عذاباته و�صديقه مادة لها.

"عامليدان رايح جاي" ت�صخي�س حالة الربيع لقد حاولت

العربي بدوافعها واإرها�صاتها واإ�صكالياتها، واإذا كانت ال�صورة حاولت التي الروؤية ق لتعم جاءت اأدواتها، من اأ�صا�صية اأداة الرواية تو�صيلها، فاإن الرواية مل تكتف بهذه الأداة اإىل جانب جلالل مقتطفات على مو�صع من اأكرث يف فاعتمدت ال�صرد، اأدت الأحالم دورا مهما يف �صري الدين الرومي وبودلري، كما الأحداث ويف اإجالء روؤية الرواية، فما اأكرث النبوءات التي جاء الربيع العربي ليحققها، اإذ مل يكن اإل ابنا �صرعيا لردح طويل

من الزمن الرديء.

147

حممد للعماين اأخرى" اأدوار وللعبة "اخل�صت: رواية يف والزمان وال�صخ�صيات الأحداث تتداخل الرحبي، �صيف بن �صردي قالب �صمن الذاكرة من امل�صرتجعة وال�صور واملكان فني يعاين مفهوم الهوية، وم�صاألة النفتاح على الآخر، ويتناول التابوهات الثالثة )الدين، اجلن�س وال�صيا�صة(، ويقارب وعي كـ"�صيف" العمانية مب�صتوياتها املختلفة: الب�صيطة ال�صخ�صية ك�صخ�صية وامل�صتلبة "�صعيد"، ك�صخ�صية واملركبة وع�صيقته،

الفتاة الزجنبارية..

الثقافية مرجعياتها د تعد على ال�صخ�صيات، هذه جميع وروؤاها واأفكارها، والتباين يف من�صوب وعيها، واختالف اللغة والطريقة التي تتعامل فيها مع جمريات الواقع وتبدلت احلياة مواجهة عن عاجزة ال�صردي املنت �صمن تظهر حولها، من واقعها اأو تغيريه، اأو جتنب انعكا�صاته على �صياق حياتها التي

فر�صت عليها غ�صبا عن اإرادتها ورغبتها.

بنيت الرواية وفق منطق لعبة "اخل�صت"؛ وهي لعبة عمانية واللعبة عبارة عن مربع الذكور، اإل اأدوارها يوؤدي ل تقليدية ميتلك الأربعة الالعبني من لعب كل حفرة، 28 من مكون رمزين وميتلك والعودة، النطالق مبثابة له تكون حفرة اأربع وبوا�صطة الالعبني، بقية رموز عن يتميزان مت�صابهني الرمزين، يحرك نخلة �صعفة من مقطوعة �صغرية ع�صي معا اأو كال على حدة، تبعا ملا متنحه له الع�صي املت�صاقطة يف

التي الع�صا الرند.. حجر بدور الع�صي فتقوم اللعبة، باطن �صقطن جميعا فاإن بنقطة، كا�صفة عن بطنها حت�صب ت�صقط ل لالعب اأربع نقاط، ويكون له حق اللعب ببطون بي�صاء ي�صجظهورهن عن كا�صفات جميعهن �صقطن اإن اأما اأخرى، مرة اخل�صراء، فذلك يعني اأن له ثماين نقاط تتيح له اللعب مرة

اأخرى.

بع�صا بع�صها يف تتداخل هوام�س والرواية اللعبة وبني لت�صيع الفوا�صل بني اأج�صاد الالعبني واأرواحهم. اللعبة ج�صد واجل�صد لعبة؛ اخل�صت تتكون من 28 حفرة، كل لعب له حفرة حفر، 6 الآخر الالعب حفرة عن تف�صله املربع طرف يف وهكذا اأي�صا. ال�صابعة هي الآخر وحفرة ال�صابعة فحفرته متفردة، اأنها تدعي ل جتربة اأدوارها، الرواية/ ف�صول يف ر/ املغيب التما�س. هناك امل�صتح�ص تقارب بني خطوط لكنها الغائب �صمن احلا�صر/ وهناك املتوارثة، املجتمع ذهنية يف

تفاعالت املجتمع يف األعابه اجلديدة.

للقارئ حرية اللتقاء باأبطال الرواية الذين قد ل جتمعهم �صوى احلفر، لكنها كافية لأن يكونوا يف لعبة واحدة، كل منهم احلياة، اللعبة/ مربع داخل خطواته وم�صار حفرته يختار لكن هذا الختيار له مقدمات اأوجدتها جمموعة من الظروف والعوامل التي فر�صت على ال�صخ�صية وقيدت حريتها و�صاقتها

يف ت�صعبات احلياة ال�صاخبة والعنيفة.

"اخل�صت" ملحمد بن �صيف الرحبي:احليـــــاة ولعبـــة الـ�صــــرد

هـيـــــا �صـــالــــح

كاتبة اأردنية.

148

املجتمع يف اأي�صا جن�صية دللت "اخل�صت" وملفردة اأن اختيار هذه املفردة عنوانا للرواية جاء العماين، لذا يبدو "التابوهات"، حماول القرتاب اإزاء الكاتب بوعي م�صبق من

منها واحلديث عنها عرب رمزية اللعبة.

وهي "�صهام"، الأوىل اأربع؛ فتيات عن الرواية تتحدث �صحبة ل يف�ص الذي زوجها هجران من تعاين رقيقة �صاعرة القنوات الإباحية على اجللو�س معها، وتبوء حماولتها لإغرائه املخرج على تتعرف الياأ�س غمرة يف هي وبينما بالف�صل،

امل�صرحي "�صيف".

والثانية هي "حنني" التي تقع يف ع�صق �صاب، لكن والدها ويقوم فندقية �صقة اإىل لي�صتدرجها معه فتهرب يرف�صه، ب�صرقة م�صاغها ونقودها، وعندما جتد نف�صها غري قادرة على

العودة اإىل بيت اأهلها اأو ا�صتئجار �صقة اأو الإنفاق على نف�صها البغاء حترتف املحمول، هاتفها حتى ممتلكاتها فقدت وقد يعمل الذي "علي" على وتتعرف ج�صدها، بجمال م�صتعينة

ممر�صا يف م�صت�صفى حكومي.

اأما "اأمينة"، فهي زوجة لرجل الدين "�صعيد" الذي يتزوج اأن ي�صبح اثنتني غريها، و"�صعيد" هذا كان زنديقا قبل من مظهره عرب التدين ويدعي الدينية املحا�صرات مرتادي من اخلارجي وت�صرفاته البائنة على ال�صطح، فيما هو من الداخل رجل �صهواين ل يهتم باملراأة اإل مبا ير�صي غرائزه، لذا تتعرف "اأمينة" -كرد فعل على ت�صرفات زوجها واحتقاره اإياها- على "خالد" الذي يعمل يف التلفزيون مذيعا لالأخبار وتقيم عالقة

معه.

من اأ�صولها تنحدر التي "ناهد" هي الرابعة والفتاة "جمال" على وتتعرف مرتفة، حياة تعي�س وهي زجنبار،

الطالب يف الكلية التقنية.

تقوم احلبكة ال�صردية يف الرواية على اخليط الذي يجمع �صقيقان، و"جمال" فـ"�صيف" الرواية؛ يف الأربعة الذكور اأمــا "اأمينــة". "�صـــعيد" زوج وكذلك و"علــي" ابن عمهمــا،

معهم. قرابة ب�صلة يرتبط "خالد" فال

يدور ال�صرد حول اأربع ق�ص�س تبدو اأحيانا كاأن كال منها ن�صيج �صمن مت�صلة اأخرى اأحيانا وتبدو بذاته، قائم عامل بع�صها عنا�صرها ف�صل ي�صعب متداخلة بنائية وحبكة فني عن بع�س نظرا للعالقة التي جتمع اأبطال الرواية من الذكور الفتيات جتمع التي احلال ولوحدة )القرابة(، جهة من ميار�س ذكوري جمتمع �صحايا جميعا فهن اأخرى، جهة من احرتام اأو رغباتهن اإىل النظر دون وقمعه �صطوته عليهن

م�صاعرهن.

تكتظ الرواية بالأ�صئلة الوجودية التي ل تبحث عن اإجابات ب�صرط ك التم�ص مع الراكد، حتريك تبتغي ما بقدر حمددة

149

واإرثه، وح�صارته وتاريخه العماين املجتمع بواقع الوعي الوجودي العبث فكرة على قام م�صتوياته اأحد يف فال�صرد )تلك ال�صخ�صيات خطوات تقود التي احلياتية والفانتازية اأن اإىل احلياة( اللعبة/ حفر بني تنقلها خالل تقطعها التي

تنتهي بالال�صيء.

بني الربط عدم على للرواية العام البناء قام هنا، من على د ومتر الأحداث، توارد يف ال�صببية مبداأ وفق الظواهر بناء ل�صالح الرواية لأجزاء الع�صوي بالتما�صك عرف ما من نوع جديد يقوم على التفكيك والت�صتت، لكن مع احلفاظ على اخليط الأ�صا�س الذي يلظم الأحداث يف حراكها الواقعي زمانيا ومكانيا، وذلك ا�صتجابة لواقع البنية الروائية عموما،

والتي مل تعد ثابتة اأو م�صتقرة.

احلدث مع الذات تعاطي مفهوم يف انقالب حدث كما اأ�صاليب نحو الكتابي الوعي اجته لذلك وا�صتجابة الروائي، تعرب عن هذا النقالب، متجاوزا ال�صرتاطات الفنية التقليدية تنطوي ما بكل الإن�صانية الذات بدواخل العناية مع للرواية، وجناحات وخماوف، ورغبات وهواج�س، اأحالم من عليه

واإخفاقات.

عليها تقوم التي الأربع الق�ص�س جمريات اإىل وبالنظر بناء اأ�صا�صية يف كانت �س ثالث مرجعيات تلم الرواية، ميكن املنت الروائي وحركات ال�صخ�صيات والرتكيز على بوؤرة احلدث امل�صتمد ال�صردي الت�صكيل هي: املرجعيات وهذه واإ�صاءتها، اللعبة خالل من البعد هذا ويت�صح العماين، الرتاث من نف�صها، اإذ هي لعبة تراثية قدمية، وكذلك من خالل الرتكيز على ا�صتخدام مفردات اللهجة العمانية. اأما املرجعية الثانية �صياق يف بقوة ح�صر الذي الغرائبي ال�صردي الت�صكيل فهي معقوليتها ول غرائبيتها ا�صتمدت املرجعية وهذه الأحداث، التهوميات اإىل تتجاوزه اأو عنه تنف�صل اأن دون الواقع من الثقافية هي املرجعيات هذه وثالث الذهنية. الت�صورات اأو واحل�صارية التي تدعو اإىل تغيري النظرة الراهنة للمجتمع عرب

نقد "التابوهات" وجتاوزها من اأجل حتقيق احلرية الفردية/ الذاتية والتي بدورها تقود اإىل حرية املجتمع ككل.

من جهة اأخرى، قامت "اخل�صت" على الرمز؛ وا�صتطاعت نف�صه متابعة الوقت اللعبة، ويف املتلقي على متابعة اأن حتمل ي�صبه حجارة الرند اإىل ما التي حتولت ال�صخ�صيات م�صائر على طاولة ال�صطرجن؛ احلياة حتركها يف كل اجتاه، واملتغريات والتعبري الفكاك من �صنميتها بها، وهي حني حتاول تع�صف الهاوية؛ اإىل خطواتها تقودها رغباتها وعن نف�صها عن والهاوية ل تبدو قدرا حكم به على هذه ال�صخ�صيات، اإمنا هي نهاية منطقية ملجتمع ت�صريه التابوهات، ول ي�صمح له اأن يفتح

عينيه عليها اأو يتفوه مبا ي�صري اإليها.

وقد اأ�صهم ا�صتثمار الرمز يف الرواية، يف جعل لغة ال�صرد يف ال�صردية وقيمتها ح�صورها تكت�صب ودللية، �صعرية لغة التعبري والت�صكيل معا، اأما احلوارات فجاءت باللهجة املحكية ومبا يتنا�صب مع وعي ال�صخ�صيات ويظهر خ�صو�صية كل منها ومالحمها التي تقربها من القارئ وجتعله يتفاعل معها، ومبا تك�صف التي اجلريئة الرواية هذه ثيمة مع كذلك يتنا�صب ثقافيا �صخ�صية كل م�صتوى عن فيها العفوية احلوارات

واجتماعيا.

ل الرواية فاإن عة، متوق غري غالبا نهايتها اللعبة ولأن لعبة �صتقرتحها الأبواب على ف�صاءات م�صرعة وتظل تنتهي،

اأخرى، وهكذا ت�صتمر دائرة اللعبة با�صتمرار دائرة احلياة.

من نف�صه الوقت "اخل�صت" باحلا�صر مقرتبة يف تن�صغل التاريخ، وتتناول اليومي املعا�س مثلما تعاين احلياة ب�صموليتها، كما تركز على املو�صوع دون اأن تهمل التجريب واحلداثة، وتنقل اجلزئي والتفا�صيلي مبوازاة الكلي والعام.. لهذا ميكن القول

اإنها رواية تركت ب�صمتها يف امل�صهد ال�صردي العربي.

150

كاتب عراقي، جامعة برلي�س - ماليزيا.

امللخ�شتتميز احل�صارة امل�صرية القدمية بعطائها العلمي والإبداعي تليها الأهرامات بناء يف القدمية النظرية ن�صتعر�س النري. نظريتنا املعتمدة على القراءة الالهوتية للم�صريني القدماء. ي�صاف العربية، باللغة الثالثة الأهرامات اأ�صماء معاين ثم واأحجام والأهرامات للمعابد ال�صخمة الأحجار درا�صة لها لتلك احل�صارة مما املتميزة الهند�صية الدقة بنائيها، كذلك

يدل على تكنولوجيا غابت عنا اآلف ال�صنني.

املقدمةواملائية ال�صم�صية ال�صاعة القدماء امل�صريون ا�صتخدم نقل يف وا�صتخدامه التزييت فائدة وعرفوا الزمن ، لقيا�س التمثال فكان النحت، فن من هائلة اآثارا احلجارة ، وتركوا العامل . يف للنحت الأمثلة اأروع من نفرتيتي للملكة الن�صفي والعمارة امل�صرية القدمية ممثلة باملعابد ذات الأعمدة ال�صخمة مبا عليها من زخارف على هيئة زهرة اللوت�س، والنقو�س ذات ومعبد وامللكات، امللوك ووادي الأق�صر يف الزاهية الألوان اإ�صنا، حيث توجد امل�صالت الفرعونية مبا عليها من ر�صومات املعمارية العجائب اإحدى اجليزة اأهرامات اأن كما ونقو�س . و�صنع العامل . يف بناء اأ�صخم تعترب التي القدمية امل�صرية امل�صريون القدماء اأقدم عربة بعجالت، حيث مت العثور عليها كاملة يف اأحد القبور . وهي حتفة فنية رائعة، وتتكون من عدة اأجزاء يتم جتميعها بخربة ودقة، وهي املحور، وفراغ املحور، والكالبات للدعامات، واملحيط اخل�صبي اخلارجي للعجلة . كما

اأو العجلة الفخارية اخرتع امل�صري القدمي املن�صدة الدائرية لت�صكيل الطمي بعملية الدوران . وا�صتخدموا الأبراج وال�صالمل امل�صتخدمة يف البناء . وكانت هناك اأدوات من اخل�صب والنحا�س لعمليات الغزل والتف�صيل)1( . ا�صتطاع امل�صريون القدماء نقل ماليني الكتل احلجرية، التي تزن الواحدة منها اأطنانا، لبناء من روؤيته ميكن طن األف وخم�صمائة ماليني �صتة يزن هرم 20 عاما، فكيف فعلوا ذلك، وما الف�صاء، يف فرتة ا�صتغرقت التكنولوجيا التي ا�صتخدموها، وما امل�صانع اأو املعدات الثقيلة

امل�صاهمة يف البناء بهذه العظمة من الدقة والفخامة)2( ؟

نظرية بناء الأهرامات

اإذا اأردنا معرفة ال�صر يف بناء الأهرامات علينا التعمق يف مرتبط فالهرم القدماء. للم�صريني الالهوتي الفكر قراءة »اأجدواد« اأ�صطورة تف�صرها للوجود. نظرة القدمية بالنظرية وال�صروق املاء وهي عنا�صر اأربعة على املبنية Ogdoad

والهواء والروح. تلك عنا�صر الوجود عند امل�صريني القدماء، واإذا ما مت توفري العنا�صر الثالثة الأوىل داخل الهرم مل يبق دورة يف اجلديدة احلياة لتنطلق الروح عودة انتظار �صوى وجودية ل تنتهي، اأو نظرية »عاد« الوجودية وهي نظرية مبنية على فكرة اخللود. لذلك، فالأهرامات لي�صت قبورا ومل توجد ن الروح من العبور اإىل عامل لهذا الغر�س، بل كانت بوابة متكات�صال و�صيلة اأنها اأي الوجود. عامل اإىل العودة ثم اخللود، ي�صمى الذي وجد داخل ما التابوت اأما وال�صماء. الأر�س بني »غرفة امللك« فهو غالبا تابوت العهد عند امل�صريني القدماء.

التكنولوجيا املفقودة مل�صـر القدمية

د. يعرب قحطان عبدالرحمن الدوري

151

فالتابوت هو املكان الذي عادة ما حتفظ فيه الأ�صياء الثمينة ر�صالة اأنها بها النا�س يوؤمن عقائدية ر�صالة اأثمن من ولي�س يبحث عن كان يف حياته »خوفو« امللك اأن علمنا واإذا الرب. كتاب احلكمة الذي تركه )توت( اأو نون. واأن ال�صكل الهرمي يف ال�صكل )1( امل�صمى )بن بن( ي�صري اإىل البعث، فاكتملت بذلك

عنا�صر نظرية بناء الأهرامات)3( .

�صكل 1: احلجر ذو ال�صكل الهرمي )بن بن( وهو ي�صري اإىل البعث وعادة ما يو�صع اأعلى الهرم

اأبيدو�ش

التاريخية املدن اأهم من Abydos الوادي عابد وهي واأقدمها وكانت عا�صمة م�صر العليا )�صكل 2(. ارتبط ا�صمها كبرية حجارة ا�صتخدمت حيث Osireion اإيزيري�س مبعبد اإ�صارة وهناك بنائه. يف جدا املبكرة املراحل على يدل مما وثمود ح�صب عاد بني ما زمن اإىل يعود تاريخه اأن على تدل

الأ�صماء املنقو�صة على جدران املعبد)4( .

اإن الذين بنوا هذه املباين كانوا اأ�صد منا قوة وبا�صا. فمن �صخم بحجم حجارة حتريك ي�صتطيع اليوم الب�صر بني من اأو تقطع مبهارة عالية وحترك 100 طن)5( ، يزيد وزنها عن التي هي القوية اجل�صمانية البنية اإن كم)6( . 900 م�صافة

ت�صتطيع ذلك.

�صكل 2: معبد اإيزيري�ش باأبيدو�ش اأو العرابة املدفونة

�صكل 3: الأحجام ال�صخمة حلجارة الأهرامات

في�صبح بالتاأكيد اأن من قام بهذه املهمة هم اأنا�س بحجم عمالق متكنوا من حمل احلجارة الكبرية وحتريكها ب�صهولة)7( )�صكل 3(. اإنهم قوم عاد الذي اأخربنا عنهم القراآن الكرمي؛ تكن بحجم لنا، ومل بالن�صبة تكن طبيعية اأولئك مل فاأحجام اآدم عليه ال�صالم، بل كانوا و�صطا بني الثنني. وزادهم اهلل يف

اخللق ب�صطة )�صكل 4(.

ويدعم هذا الأمر بارتفاع مدخل الهرم 17 مرتا، مقارنة باملدخل الذي حفر يف عهد اخلليفة املاأمون كما يف ال�صكل 5،

للدللة على اأحجام اولئك العمالقة)8( .

152

�صكل 4: الأحجام ال�صخمة لالأقوام الذين بنوا تلك املعابد والأهرامات

�صكل 5: مقارنة للمدخلني يف الهرم الأكب خوفو

كذلك عر�س مدخل الهرم بـ 3 اأمتار وارتفاعه بـ 10 اأمتار، يدعم هذا الفرتا�س.

�صكل 6: مدخل الهرم الأكب خوفو

لقد امتاز عمل امل�صريني القدماء بالدقة واملهارة العالية هند�صيا وح�صابيا )�صكل 6( ولول هذا ما �صمدت اإجنازاتهم اآلف ال�صنني فاأ�صبحت تراثا اإن�صانيا تقف له الب�صرية احرتاما

وتقديرا)9( .

�صكل 7: الدقة العالية لعمل امل�صريني القدماء التي حريت علماء هذا الع�صر

153

كما ن�صتدل على ذلك من حياتهم اليومية حيث ا�صتخدموا الأواين احلجرية املواكبة مل�صاكنهم املبنية من احلجر كما هو الطني املبنية من واملباين الأواين 8. هذه ال�صكل مو�صح من امل�صريني اأن على تدل الأوىل ال�صاللة قبل ما مرحلة من القدماء ا�صتخدموا الطني يف البناء قبل ا�صتخدام احلجارة. النقلة فاإن القدمية امل�صرية الدرا�صات ملخت�صي ووفقا لأنه من ا�صتخدم الطني اإىل احلجارة حدثت يف زمن زو�صر امللك الثالث من الأ�صرة الثالثة وهو الذي بنى اأول هرم حجري يف نظر العلماء)10( . كما اأن هذه الأواين احلجرية متت �صناعتها بتكنولوجيا راقية مل نعرفها يف يومنا املعا�صر، ويف عهد مبكر فرعون عهد بكثري �صبقت القدمية، امل�صرية احل�صارة من

مو�صى)11( .

�صكل 8: الأواين احلجرية للم�صريني القدماء

اأما امل�صالت فكانت تنحت يف ال�صخر ب�صكل اأفقي )�صكل 9( ثم تنقل قطعة واحدة لتثبت عموديا يف موقعها الذي عادة

اأردنا اإذا اليوم، وبقيا�س املحجر. الأميال عن يبعد مئات ما نقل م�صلة من هذه امل�صالت العمالقة فالطريق الوحيدة هي اأن

نقوم بتقطيعها ثم اإعادة تركيبها من جديد)12( .

مبقايي�س تف�صريها ميكن ل حقيقية معجزة اأمام نحن ما يوجد حيث احلالية. واإمكاناتنا اليوم الب�صري احلجم 70 اإىل 7 مليون �صخرة خمتلفة الأحجام ي�صل وزنها معدله طنا ا�صتخدمت يف بناء الأهرامات الثالثة)13( . هذه ال�صخور

اأماكن بعيدة ورتبت ب�صكل هند�صي قطعت ونحتت ونقلت من م�صبوط ا�صتقر على مدى اآلف ال�صنني. مثل هذا العمل نعجز غري جند فال لدينا. املتوفرة التكنولوجيا برغم اليوم عنه اأن من �صنع هذه الآثار مل يكونوا باأحجامنا تف�صري وحيد هو اليوم، بل اإنهم عمالقة يرتاوح اأحجامهم ما بني 6 و15 مرتا. كما يلزم الإ�صارة اإىل الباحث عزالدين كزابر يف بحثه املعنون: اأ�صار حيث الزمن. مع نق�صانه ومنحنى والإن�صان اآدم طول يلزم طول القدماء: هل التايل حول م�صالة طول ال�صوؤال اإىل عمر اآدم وذريته اأن تكون �صفاتهم البدنية على غري ما نعهده الآن؟ اأم اأن طول العمر وهيئة اجل�صم م�صاألتان منف�صلتان ول الإن�صان اإن ال�صواهد، على بناء القول ميكن بينهما؟ عالقة الأول الذي يتجاوز عمره مئات ال�صنني وقد ي�صل اإىل اأكرث من األف �صنة، مثل نوح عليه ال�صالم، ل يكون بدنه مماثال للبدن احلايل. لذلك نتو�صل اإىل �صرورة اأن يواكب عمر الإن�صان بدنا العمر وطول فالعالقة مطردة بني طول يتحمل حياة خا�صة،

البدن)14( .

�صكل 9: م�صلة غري مكتملة مل حترك من مكانها

التي املواد اأن ال�صابقة)15( الدرا�صات خالل من علمنا الطبيعة يف ومتوفرة موجودة القدماء امل�صريون ا�صتعملها دون احلاجة لتطويرها اأو حتويرها، وموجودة حاليا يف املتحف امل�صري بالقاهرة )�صكل 10( ومتحف الأق�صر يف اأ�صوان منها: عجالت خ�صبية، ومثاقب خ�صبية، وزلجات خ�صبية، ومطارق

154

نحا�صية، ومنا�صري نحا�صية، مناحت اإىل اإ�صافة خ�صبية. ومثاقب نحا�صية، وفوؤو�س ومطارق نحا�صية، وزلجات وحماور للمعادن اخلفيفة ال�صوؤال املطروح، كيف ميكن لكن نحا�صية. كالنحا�س قطع اأحجار قا�صية كالغرانيت؟ كان الت�صور القدمي اأن الفتحات امل�صنوعة يف حجر الغرانيت يدخل فيه اخل�صب حتى يغمر يف املاء فيمت�صها اخل�صب فيت�صقق احلجر تدريجيا. راأيهم لهم القدمية امل�صرية بالدرا�صات املخت�صون لكن دورا لعبت والتي وقتئذ النحت متوفرة اأدوات اخلا�س، حيث اأ�صوان. لكن ال�صوؤال هاما يف تهيئة القطع الأثرية يف حماجر : هل هذه الأدوات وحدها التي اأجنزت العمل كما نراه املحرياليوم؟ فاملناحت النحا�صية لي�صت كافية لقطع اأحجار الغرانيت ال�صلبة. فمثال املدقات واملطارق قد توؤدي اإىل ته�صيم الأحجار التو�صيح ولغر�س لحقا. منها ي�صتفاد ول فتتلفها تدريجيا، ل�صرح التطبيقية بالأعمال متخ�ص�صني من بد ل الأف�صل جهودا اأن املوؤكد القدمية. الفخمة الآثار هذه بناء كيفية م�صنية قد اأدت فعلها لتو�صيح عمل الأدوات الب�صيطة املوؤدية

لهذه الأعمال القدمية)16( .

امل�صريون متكن »كيف وهو اإحلاحا الأكرث ال�صوؤال بقي القدماء من قطع الأحجار ال�صلبة بكل كفاءة ومهارة؟« حلل اللغز الذي بقي قائما اآلف ال�صنني)17( . هنا يجب فهم من اأين اأتى هوؤلء ال�صناعيون املهرة، وما هي اأو�صافهم. حيث اجلواب يتطابق مع ما طرحناه يف نظرية بناء الأهرامات املنبثقة عن قراءة الفكر الالهوتي، وهو حجم الأج�صام الب�صرية ال�صخمة 15 مرتا يجعلها قادرة على اإىل 6 التي يرتاوح طولها ما بني ح�صب وب�صيطة نظرنا، وجهة ح�صب ج�صيم عمل بكل القيام الوزن ذو ال�صلب ال�صخر تقطيع نظرهم من عمليات وجهة فائقة، هند�صية وبقيا�صات طن، 100 عن يزيد الذي الكبري عاليا ورفعه كم، 900 اإىل ت�صل بعيدة جدا م�صافات وحمله

مب�صافات ت�صل اإىل 147م كما يف قمة هرم خوفو )�صكل 2(.

�صكل 10: اأدوات البناء لدى امل�صريني القدماء

الهوام�ش:�صيد. املح�صن عبد حممد د. امل�صريني، قدماء عند التكنولوجيا -1

املبللة. الرمال -2

.93 �س القدمي، امل�صري التاريخ -3

.101 �س القدمي، امل�صري التاريخ -4

5- The land of Osiris، page 67.

6- The revelation of the pyramids.

7- A different story about ancient Egypt and our origins.

155

8- The revelation of the pyramids.

9- Adaptation from lost technologies.

10- The Gods of Egypt.

11- Serpent in the sky، page 85.

.114 �س القدمي، امل�صري التاريخ -12

13- Counting number of stones in the pyramid.

الب�صرية. عمر -14

15- Lost technologies، page 199.

16- Experiments in archaeology، page 133.

17- Lost technologies، page 204.

امل�صادر العربيةاملغربية الهيئة اإ�صدارات �صل�صلة فتاح، عمر ح�صن القدمي، امل�صري التاريخ -

لالإعجاز العلمي، املغرب، 1435هـ - 2014م.

- التكنولوجيا عند قدماء امل�صريني، د. حممد عبد املح�صن �صيد، �صحيفة الأهرام، العدد 44646، ال�صنة 133، 2 اآذار 2009.

- الرمال املبللة: اأب�صط اأ�صرار بناء الأهرامات، عالء الب�صبي�صي،

http://www.sasapost.com/simple-way-egyptians-moved-massive-pyramid-stones-without-modern-technology/.

-http://defense-arab.com/vb/threads/71765/page-8

- عمر الب�صرية، ومنحنى نق�صان عمر الإن�صان،

http://kazaaber.blogspot.com/11/2012/blog-post.html

امل�صادر الأجنبية

- A different story about ancient Egypt and our origins، https://m.youtube.com/watch?v=ugWCRliG4Rg

- Adaptation from lost technologies of ancient Egypt: Advanced engineering in the temples of the Pharaohs، http://www.gizapower.com/LoTeAnArticle.htm

- Counting number of stones in the pyramid، http://www.egyptorigins.org/numberofstones.htm

- Experiments in archaeology: stoneworking technology in ancient Egypt، Denys A. Stocks، Routledge، UK، 2003

- Lost technologies of ancient Egypt، Christopher Dunn، Bear & Company، USA، 2010

- Serpent in the sky: The high wisdom of ancient Egypt، John Anthony West، Quest Books، USA، 1993.

- The Gods of Egypt، https://m.youtube.com/watch?v=ffKaHwnmNXc.

- The land of Osiris: An introduction to khemitology، Stephen S. Mahler، Adventures Unlimited Press، 2002.

- The revelation of the pyramids، http://vimeo.com/65293943

156

�ســــــــدر حـــديــثــــــــام جميعــــــان اإعــــــداد: حممـــــــد �ســـــــلا

اخلطاب الإبداعي اجلاهلي / عبد الإله ال�صائغ

يترباأ عبد الإله ال�صائغ يف م�صروعه الثقايف هذا من اأورام البحث ال�صرطانية، التي تبعد الن�س اجلاهلي عن متلقيه، ليغر�س حديقة ناعمة بني ح�صا�صية املتلقي وح�صا�صية الن�س، فيتبع منهجا �صوفيا عرفانيا ينه�س بت�صريح الن�س، ويظهر ما يقدمه اخلطاب ال�صعري اجلاهلي من اأطروحات جمالية تقوم على ال�صورة الفنية، تاركا الن�صو�س التي عاجلها تبث همومها الفنية والدللية . فالن�س هو امل�صدر ، والتحليل هو

�صيد العملية النقدية .

تكفل الف�صل الأول من الكتاب بتظهري ال�صورة الفنية م�صبارا ال�صورة معتمدا اجلاهلي الإبداعي اخلطاب يف لتحليل جماليات الن�س. ويف الف�صل الثاين جهد يف اإزاحة الزائر احلبيبة طيف وراء اخلافية املكنونات عن الغبار لدى ال�صعراء الذين امتازوا باعتماد التخييل املبتكر وهم يطوعون الطيف مل�صيئتهم ال�صعرية املحرومة . وا�صتمل هذا . الدرا�صات يف متداولة غري ن�صائية ن�صو�س على الف�صل اأما كيف تبدو �صورة التهيوؤ لقمع الآخر تكون فيها احلرب بحثا ميثولوجيا عن املوت ، لتكري�س احلياة ، فهو ما عاجله اأ�صواق الف�صل الثالث ، لينتهي الف�صل الرابع ب�صياحة يف وال�صعر بال�صلع ع تب�ص من فيها ما بكل القدمية العرب املوؤلف لدى التعبري وجماليات العبارة رهافة وتبدو امل�صتفز.

�صمة ت�صمح مبوا�صلة القراءة دون �صجر.

جتليات الفتى البدوي / الغربي امل�صلرمي

�س ، ويلخ التون�صي جمذوبا ببداوته ال�صاعر يبدو هذا عنوان الديوان حالة من النخراط يف وجدان الذات املنتمية اإىل وجدان عروبتها ، اإن على �صعيد التمنيات والرغبات ، الوطن اأو احلبيبة مع العالقة بطهارة امل�صبعة ة الذاتيوكالهما يكنى عنه با�صم " ليلى" جريا على العرف ال�صعري اأو الهم القومي من خالل الوفاء للحالة العروبية القدمي،

العامة اأو ل�صخو�صها الأماجد.

وبالقدر الذي تتجلى فيه النزعة الرومن�صية يف اخلطاب ن�صيج حداثي تبدو ذات ال�صعرية البنية اأن ال�صعري ، غري على حتافظ نف�صه الوقت يف لكنها ، الرتكيب �صيغ يف امل�صتويات الإيقاعية الوزنية للجملة ال�صعرية، حتى عندما تتعدد القوايف يف الق�صيدة الواحدة . وهذا جزء من الوفاء ، اإيقاعية كقيمة بالوزن يحتفل الذي ال�صعري للموروث

وتاأكيد على الهوية يف كامل جتلياتها العروبية حياة وفنا.

157

تراوح الق�صائد بني ق�صائد التفعيلة الإقاعية والق�صيدة اخلليلية التي متيل اإىل التطريب ،باأثر من طبيعة العرو�س الق�صائد يف الب�صيط البحر عليه يغلب الذي ال�صعري ة تنم عن �صدق �صعوري اخلليلية. غري اأن هذه الب�صاطة والعفويو�صدق فني، يتزاوجان يف حالة من الإدها�س امل�صحوب برنني اأمر اإليه اآل ما اإزاء العاطفي النك�صار من و�صيء ، حزين

العروبة يف راهنها كما تعرب عنة ق�صائد املجموعة.

الأ�صطورة يف ال�صعر العربي/اأحمد اإ�صماعيل النعيمي

الباحثون اأ�صبعها مو�صوعات النظر يف الكتاب هذا يعيد بحثا وا�صتق�صاء، فكان عليه – كما يقول موؤلفه-اأن ي�صتوعب

كل ما �صبقت كتابته يف هذا املو�صوع ليتمكن من اإ�صافة لبنة جديدة، اأو ت�صويب بع�س النظرات التي قال بها باحثون اآخرون طروحاته طبيعة من يبدو كما واملوؤلف نف�صه. ال�صياق يف الأ�صطورة بني العالقة تف�صري يف الأحادية النظرة يتجاوز وال�صعر، فاجتمعت لديه عدة مناظري : دينية وتاريخية واأدبية

يف ا�صتقراء هذه العالقة.

والطبيعية الجتماعية البيئة باحل�صبان اأخذ قد اإنه ثم عن ليجيب لل�صعر الرديفة وامل�صادر العربية، لالأ�صاطري الق�صيدة حتمل هل وهو: الدرا�صة هذه يف املركزي ال�صوؤال ا�صتطاع ، اأ�صطورية اآخرها م�صامني اإىل اأولها اجلاهلية من البحث له �صروريا كان لهذا وتوظيفها؟ ا�صتلهامها ال�صعراء املدار�س ونظرة واأنواعها وبواعثها، الأ�صاطري ن�صاأة يف النقدية والفكرية لها. ومن ثم الوقوف عند الكائنات الغيبية

158

كالكاهن الأ�صطوري امل�صمون ذات الإن�صانية وال�صخ�صيات والعراف والبطل وال�صاحر واجلن. وكذلك الوقوف على عامل الطبيعة مبا فيه من كواكب واأنواء، والطبيعة املتحركة )عامل

احليوان(.

وهو يهدف من وراء ا�صتقراء كل هذه الظواهر اإىل الغو�س يف الأبعاد الفكرية والنف�صية لالأ�صطورة وانتفاع ال�صعراء بها، بكل اأبعادها النف�صية واخللقية والجتماعية والدينية.ول يغفل

الباحث عن ربط كل هذا بالت�صكيل الفني للق�صيدة العربية.

ان / حممد اأبو عري�صة اأ�صرار عمر

ذاكرة يف "حتقيقات الفرعي العنوان من يبدو كما املدينة"، تك�صف هذه االدرا�صة عن كثري من الأ�صرار الثاوية يف جغرافيا املدينة ، والأبعاد الغائرة يف تاريخها ، وما انطوى ال�صيا�صة اأحوال مع تفاعالت من ال�صكاين احلراك عليه

والقت�صاد ن�صوءا ومنوا وتطورا .

ة تتجاوز ال�صيغة املعرفية للكتاب اللغة املدحية التقريظيكذلك، وتتجاوز معا، و�صريورته و�صريورته و�صكانه للمكان مع التعامل يف والرتيبة اجلاهزة الإعالمية ال�صيغ يف ق يحق كونه املعريف، بالرثاء مليء كتاب فهو ، الأمكنة ر وال�صرد ، واإمنا لالإحياء الذاكرة لي�س بو�صفها حمال للتذكوالتحولت الن�صوءات وقراءة املوؤثرات، التاريخي وحماكمة �صمن معطيات فكرية ، تتاأ�ص�س على روؤية خا�صة لالجتماع

الإن�صاين والتاريخ.

لهذا كله يعرث القارىء يف الكتاب على خفايا ل يجدها يف اأي م�صدر اآخر . حتى وهو يعتمد م�صادر الآخرين لإ�صعاف ه يفح�صها ويجادلها جيدا ، ويذهب يف قلمه مبعلومة ما، فاإنتاأويالتها وربطها ب�صياقاتها ال�صيا�صية والقت�صادية على نحو يجعل القارىء يقر معه بجدوى ك�صر املاألوف وخرق ال�صائد،

وعدم الت�صليم بالتقاليد املعرفية ذات الن�صخة الرومن�صية دون املا�صي كذكرى فح�صب با�صرتجاع امل�صبعة احلاملة مالحظة جدل التاريخ والأحداث. اإنها حتقيقات كما و�صفها وراء وما اخلفايا يف يغو�س اأن التحقيق طبيعة ومن كاتبها،

املاألوف ، وهذه اإحدى مزايا الكتاب، دون مبالغة.

159

الغالء وتكاليف وا�صت�صراء والفن، الأدب اأجنا�س واملعنوي عن مبدعي خمتلف املادي الدعم ظل غياب يف ال يف حدود ال�صعي اإىل توفري �صبل العي�س، و�صعوبة التاأقلم مع واقع امل�صتجدات، يجد املثقف الفاعل نف�صه مكبت الفكري وجنون احلياة الالئقة، وك�صب رزقه وتاأمني اأب�صط اأ�صكال العي�س له ولأ�صرته. ومع ا�صتداد �صعار التزمب الطائفي والفئوي الالمعقول، وجد الفنان نف�صه يف �صائقة خانقة؛ مما �صاعف من ه�صا�صة الحتمال التع�صلديه، وكاد يفقده القدرة على الت�صدي املعنوي والعقالين ملا يجري من حمبطات وجراحات عميقة. وهذه احلال اأو ال�صري على طريق الرتف الفكري والإبداعي. مثل هذا دفعت بالكثريين اإىل الهروب والبتعاد عن املجابهة، واملتطلبات املادية الفعل اجلاد، واخلروج من عامل احلاجات زة على وم�صتغرب يف ظروف حمف املوقف غريب الإن�صان. الأمة وم�صري تواجه التي الكربى بالإ�صكاليات وال�صطدام اأو�صع، وم�صاحات اأعمق اإىل عوامل الآنية احلية بالق�صايا زاخرة اإبداعية اأعمال اجرتاح اإىل الع�صوي الفنان تدفع وح�صا�صة قا�صية مرحلة نعي�س نحن فنه ليثمر النبيلة والغايات املتينة الفكرية والأخالقيات ال�صامية املثل لغر�س ووجدانه عقله وت�صخري واملهمة، ويخلد. وعليه، اأن يتم�صك مب�صوؤوليته الإن�صانية، ويقرتب من هموم �صعبه واأمته، واأن ل يقع يف اخلطيئة ويبتعد. واأوجاعها، لعذاباتها الأمة وينحاز التجاوب مع ما يكمن يف �صمري الإلهام احلقيقي يح�صر يف مبداأ �صر ولعل ة م�صابها؛ فالإلهام الذي »يتجاهل ال�صاأن احلياتي تاأباه احلياة ذاتها، وهو لي�س اإلهاما، ف من اآلمها وحد ويخف

واإمنا هو لوثة هو�س«.

الفن- م�صوؤولية واأمانة، ومن دلف اإىل هذا احلقل يعي جيدا الدور الذي يتعني عليه اأن يقوم به، ومن يتمل�س اأو املبالغة يف التجريد والالمبالة، من واجباته وم�صوؤولياته كالذي يخون الأمانة ويهرب اإىل التخفي يف الذات

عندئذ يجف عطاوؤه تدريجيا، وتتال�صى مكانته يف ال�صاحة الفكرية والإبداعية، وما يلبث اأن تلفه رحى الن�صيان.

هذا امل�صري املوؤمل الذي ينتظر من ل يخل�س ملهنته وري�صته يحبط همم ال�صداة واملواهب الواعدة، ويق�صي عن اجلديدة بالأجيال يناأى وقد الذهني، العمل على ي�صجع ول الذاتية، والطموحات الفردية املبادرات على والعي�س والإبداع والعلم للمعرفة املتعط�س تروي ظماأ ول ت�صبع اجلائع، ل لأنها والفن والكتابة بالفكر التعامل

الكرمي، وتاأخذ بالبحث عن حرفة اأخرى تكون اأجدى واأنفع، واأ�صمن للحياة واأ�صلم.

لكن، من يعي الدور الفاعل للفن يف احلياة يظل م�صتم�صكا مبهنته ووظيفته لأداء واجبه الوطني والقومي، واإجناز ر�صالة الفن اخلالدة يف بناء جمتمع امل�صتقبل، الذي ل ي�صاد اإل باللجوء للكلمة احلرة ال�صريفة وال�صورة

اجلاذبة والبتعاد عن املكا�صب ال�صخ�صية ال�صيقة.

الفـــن.. م�صـــوؤوليــة ومـوقـف

د. ح�صني جمعة

كاتب اأردين.

160

تقع على عاتق هذا النفر املوؤمن بر�صالة الفن ودوره يف احلياة م�صوؤولية ج�صيمة ومزدوجة: املثابرة على حمل عبء العمل الفكري يف ظروف �صعبة، ورفع ال�صوت عاليا يف �صبيل التحرر الجتماعي والرتهان الذهني، وحماربة

التطرف بكل اأ�صكاله وتالوينه، وجمابهة العدو ال�صهيوين وف�صح خمططاته التو�صعية وممار�صاته الإرهابية.

يتحتم على املبدع اخلالق الواعي اأن يرفع الراية الفكرية النا�صعة ويعمل على تطوير احلراك الثقايف والفني، وي�صعى دوما اإىل احلفاظ على طهر امل�صرية الإبداعية ونقائها وتخلي�صها من ال�صوائب اأو الرتاجع، و�صرب الواقع وك�صف اأ�صراره ومتاهاته واإماطة اللثام عن �صلبياته وعيوبه، وتبيان زيف بع�س قيمه وعاداته يف �صبيل الإ�صالح يياأ�س ل �صعبه، و�صمري اأمته �صالح فهو الفنية؛ الثقايف وحلمته ووعيه الإبداعي ده تفر من انطالقا والتغيري، يثنيانه عن عزمه الرتهيب ول الرتغيب الفكري، فال لالإرهاب ول والإغراء، لالإغواء فري�صة يقع ول ويقنط، واإرادته احلرة واحلية، وتطلعاته الوطنية وت�صوفاته الذهنية؛ وذلك لأن الأ�ص�س اجلمالية والأخالقية كل ل يتجزاأ ل ميكن ف�صمها اأو ت�صطريها. املفكر املبدع ينطلق من خربته العملية وجتربته الذاتية، متكئا على التاريخ ومتثل روحيته يف دربه الإبداعي وامل�صلكي؛ فهو ل يعي�س يف عزلة عن حياة النا�س واآمال اجلماهري العري�صة، وعليه اأن يلتزم التزاما عمليا بتطلعات �صعبه وهمومه.. ول يقف متفرجا اأو حمايدا من الق�صايا الوطنية وامل�صاكل احلياتية

والإرها�صات امل�صتقبلية، فال توفيق عنده بني احلق والباطل.

املبدع الع�صوي يغالب الظلم وال�صتغالل، ويواجه اأي اعتداء على حقوق الإن�صان اأو النيل من كرامته، ويفتح العيون والأذهان على ال�صتبداد واملظامل، ويوقظ الوعي ويثري اليقظة لتح�ص�س امل�صائب واملحن التي حتيق بالأمة، ويظهر ال�صلبيات التي تواجه تاريخ بالده املعا�صر، وي�صارك �صعبه همومه واآلمه اخلا�صة والعامة، وي�صعى اإىل

ا�صتثارة تفكريه واإيقاظ همته، والتب�صر مبا هو مهم و�صروري.

الفنان امل�صغول بالهم القومي والوطني يتحلى دوما بال�صرب والتفاوؤل الدائم، ويح�س على الإقدام والبطولة، ودفع احليف عن املظلوم وجمابهة الظامل، وينادي بالإن�صانية احلقة، بعيدا عن التع�صب القومي والبغ�س الطائفي والتطرف الفكري، والإ�صاءة اإىل التاريخ والعقل الإن�صاين احلر، كما اأنه يعي واجبه ال�صامي يف الإعالء من �صاأن

الرتاث الوطني واأ�صالة الفكر القومي وعدم احتقار اأو ا�صت�صغار ثقافة الآخر وفكره.

املثقف املبدع- اإن�صان ومواطن، لكنه مواطن من جبلة معينة، �صديد احل�صا�صية، مفرط احلما�صة يف الدفاع عن الق�صايا الوطنية والجتماعية، وهو موؤمن اأ�صد الإميان، وواثق اأ�صد الثقة بقدراته و�صعة اإمكانياته وعظمة تاأثريه. للواقع، الت�صيري الالعقالين والت�صاوؤم، ويقف يف وجه الياأ�س الوحدة والنغالق، ويطارد لذا، فهو يرف�س قتام

منطلقا من وعيه العميق حلركة التاريخ و�صريورته احلتمية اإىل اأمام، مهما بلغت هواج�س اأعالم الظالم.