*1*الجزء 4 من الطبعة · web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم...

339
* 1 ء ز ج لا* 4 عة ب لط ا ن م* 2 ران م ع ل ا ورة س* * 3 : ان ت$ ي الآ* 1 - 2 *} وم$ ي ق ل ا$ ي ح ل و ا ه لآ4 لة ا4 ة لآ ا ل م، ال لا{ د$ ت*= ب ع ن ب *رو م ع و س ح ل اD را* ق ، و ة ب*ْ I بَ ط وراة ي ل ا$ ي ف ها م س ا نD اQ اش ق ب ل ي ا حك ماع. و جZ إ= ب ة$ ب ي مد ورة س ل ة ا هد@ ف * ق و لر ا$ ي د ق* ت ي عل *ل، ص و ل ا لD *ع ا ط ق ت ل*ة لD م. ا ل ا$ س اD رو لز ا عف ج و بD د وا و جt ن ل ا$ ي بD ا ن ب م ص وعا" " م ه ، و ع* ة رتD ، ا ةQ لآث*Q ب، ان ت*| ي4 واح* د، ا ج ن$ ي فاد ع* دD ء الآ * ما سD ي ا عل ف * ق و ل ا درون ق*$ ت م* ا ك م ل ا ي عل" " : اج ح* ر لل ا ا . ق* ن$ ي ت ك س*ا لء ا ا ق* ب ل م لآ$ ي م ل *ر ا س ك ب ل*ة م ال ل ا ور * ج$ ن د: و$ ت ع* سQ ش ق جD الآ ال . ق* ون ل* ص وا" " ه*ا$ ي ف م كل ت د ، وق* عام*ة ل ا راءة* ق ي ل وD الآ زاءة * لفش: ا ح*اt ن لل ا ا ل*ة. ق* قQ ب ل *زب لع ول*ة ا ق ت ، ولآD ط*ا ا خ ه*د لآD ت ل ح ت ق ل ا ه*ا لروا ا ت* خ ،* وا ن$ ي ت ك س*ا لء ا ا ق* ب ل لآ ت ¡ح ن ف م$ ي م ل ا نD ة ا$ وث يI ي* س ت ه م*د ف دمإء؛* ق* ل ا ون$ * ب و جt ن ل ا ت ف ح*د ف ص و لD ا ه*ا ي$ ب ق ل ا د4 ا$ ي ح ه لي ا *زوف ح: $ يD ب س*ا ك لل ا ا ه*ا. وق* ل ت ف *رة س ك إء و$ وب* رة س ك نI ي ب ع م ج$ ن زاء: * لفل ا ا . وق* ت ب ر ت * ق اِ م ل *ر، وا ك م اد ل ل*ة، وا م ال ل : ا ت ل ق ق لD الآ زك*ة ج ن ها كي ز ح ل ص و ل ا ف لD ا ط* اب خ ل ا ن ب م عD را* ق م. و$ ي م ل ي ا عل ة م ه ل ا زك* ة ح ت$ ي ق لD ا ق*$ س اD رو ل اD را* ق م*ا ك ل*ة لD م ا ل ا صD الآ" " ن م م*اء ل ع ل ل م*إ دم ق* ت د . وق* م$ ي ق ل ا$ ي ح ل ا ل*ة دال ت ع ف ج* ص م$ ي ف: ة ارج* ال ح . وق* ام$ ت* ق ل ا$ ي ح ل ا" " " " : *ورة س ل ة ا ه*د$ ي ف اء ح*Q ت$ ي خ ن م . و زة * ف ب ل ا ولD ا$ ي ف *ور س ل ل اD * ب واD ا$ ي ف$ ي ت* ل ا *زوف ج ل ا$ ي ف راء ا" " ها. كل وال قD ك´ الآ ل ب ور ص ت بt ق ها س ق ب ي مةD ئ ا ق لة م ج وم$ ي ق ل ا$ ي ح ل و ا ه لآ4 لة ا4 ة لآ ا ل ال" " D زا * ف ق *ران م ع ل ا ح ت ق ب* س ا اء قQ س* ع ل ي ا ل* ص ة ب* ع ل*ة ال$ ي * ض ر ط*اب خ ل ا ن ب م ع نD ا$ يD ب س*ا ك ل روى ا" " @ . ة$ ب* ف ا ت ل ا ةD ماث* ل إ ب ة$ ب* ي اQ ت ل ا$ ي ف ، و ة$ ث* ا ةD ماث* ئ ي ل وD الآ ع*ة رك ل ا$ ي فD زا * ف ق ام$ ت* ق ل ا$ ي ح ل *و ا ه لآ4 ل*ة ا4 *ة لآ ا ل م. ال ل ا" "

Upload: others

Post on 21-Jan-2020

4 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

من الطبعة4*الجزء 1**سورة آل عمران2* }الم، الله ال إله إال هو الحي القيوم{2 - 1*اآليتان : 3*

@هذه السورة مدنية بإجماع. وحكى النقاش أن اسمها في الت00وراة طيب00ة، وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وعاصم بن أبي النجود وأب00و جعف00ر الرؤاس00ي "الم. ألله" بقطع ألف الوصل، على تقدير الوقف على "الم" كم00ا يق00درون الوق00ف على أس00ماء األع00داد في نح00و واح00د، إثن00ان، ثالث00ة، أربع00ة، وهم واص00لون. ق00ال األخفش س00عيد: ويج00وز "الم الل00ه" بكس00ر الميم اللتق00اء الساكنين. قال الزجاج: هذا خطأ، وال تقول00ه الع00رب لثقل00ه. ق00ال النح00اس: القراءة األولى قراءة العامة، وق00د تكلم فيه00ا النحوي00ون الق00دماء؛ فم00ذهب سيبويه أن الميم فتحت اللتقاء الساكنين، واختاروا لها الفتح لئال يجم00ع بين كسرة وياء وكسرة قبلها. وقال الكس00ائي: ح00روف التهجي إذا لقيته00ا أل00ف وصل فح00ذفت أل00ف الوص00ل حركته00ا بحرك00ة األل00ف فقلت: الم الل00ه، والم اذكر، والم اق00تربت. وق00ال الف00راء: األص00ل "الم ألل00ه" كم00ا ق00رأ الرؤاس00ي فألقيت حركة الهمزة على الميم. وقرأ عم00ر بن الخط00اب "الحي القي00ام". وقال خارجة: في مصحف عبدالله "الحي القيم". وقد تقدم ما للعلم00اء من آراء في الحروف التي في أوائل السور في أول "البقرة". ومن حيث ج00اء في هذه السورة: "الل00ه ال إل0ه إال ه00و الحي القي00وم" جمل00ة قائم00ة بنفس00ها

فتتصور تلك األقوال كلها. @روى الكس00ائي أن عم00ر بن الخط00اب رض00ي الل00ه عن00ه ص00لى العش00اء فاستفتح "آل عمران" فقرأ "آلم. الله ال إله إال هو الحي القي00ام" فق00رأ في الركعة األولى بمائة آية، وفي الثانية بالمائة الباقية. قال علماؤن00ا: وال يق00رأ سورة في ركعتين، فإن فعل أجزأه. وقال مالك في المجموعة: ال بأس به،

وما هو بالشأن. قلت: الصحيح جواز ذلك. وق00د ق0رأ الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم

باألعراف في المغرب فرقها في ركعتين، خرج00ه النس00ائي أيض00ا، وص00ححهأبو محمد عبدالحق، وسيأتي.

@هذه السورة ورد في فضلها آثار وأخبار؛ فمن ذلك ما جاء أنها أم00ان من الحيات، وكنز للصعلوك، وأنها تحاج عن قارئها في اآلخرة، ويكتب لمن قرأ آخرها في ليل00ة كقي00ام ليل00ة، إلى غ00ير ذل00ك. ذك00ر ال0دارمي أب00و محم00د في مسنده حدثنا أبو عبيد القاس00م بن س00الم ق00ال ح00دثني عبيدالل00ه األش00جعي قال: حدثني مس00عر ق00ال ح00دثني ج00ابر، قب00ل أن يق00ع فيم00ا وق00ع في00ه، عن الشعبي قال قال عبدالله: )نعم كنز الصعلوك سورة "آل عمران" يقوم بها في آخر الليل( حدثنا محمد بن س00عيد ح00دثنا عبدالس00الم عن الجري00ري عن أبي الس00ليل ق00ال: أص00اب رج00ل دم00ا ق00ال: ف00أوى إلى وادي مجن00ة: واد ال يمشي فيه أحد إال أصابته حية، وعلى شفير ال00وادي راهب00ان؛ فلم00ا أمس00ى قال أحدهما لصاحبه: هلك والله الرجل! قال: ف00افتتح س00ورة "آل عم00ران" ق00اال: فق00رأ س00ورة طيب00ة لعل00ه س00ينجو. ق00ال: فأص00بح س00ليما. وأس00ند عن مكحول قال: )من قرأ سورة "آل عمران" يوم الجمعة صلت عليه المالئكة

Page 2: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

إلى الليل(. وأس00ند عن عثم00ان بن عف00ان ق00ال: )من ق00رأ آخ00ر س00ورة "آل عمران" في ليلة كتب له قيام ليلة( في طريق00ه ابن لهيع00ة. وخ00رج مس00لم عن النواس بن سمعان الكالبي قال: سمعت النبي صلى الله علي00ه وس00لم يقول: )يؤتى بالقرآن ي00وم القيام00ة وأهل00ه ال0ذين ك00انوا يعمل00ون ب00ه تقدم00ه سورة البقرة وآل عمران(، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وس00لم ثالثة أمثال ما نس00يتهن بع00د، ق00ال: - كأنهم00ا غمامت00ان أو ظلت00ان س00وداوان بينهما ش00رق، أو كأنهم00ا حزق00ان من ط00ير ص00واف تحاج00ان عن ص00احبهما. وخرج أيضا عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم يق00ول: )اق00رؤوا الق00رآن فإن00ه ي00أتي ي00وم القيام00ة ش00فيعا ألص00حابه اق00رؤوا الزهراوين البق00رة وس00ورة آل عم00ران فإنهم00ا يأتي00ان ي00وم القيام00ة كأنهم00ا غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرق00ان من ط00ير ص00واف تحاج00ان عن أص00حابهما اق00رؤوا س00ورة البق00رة ف00إن أخ00ذها برك00ة وتركه00ا حس00رة وال

يستطيعها البطلة(. قال معاوية: وبلغني أن البطلة السحرة.@للعلماء في تسمية "البقرة وآل عمران" بالزهراوين ثالثة أقوال:

هرة؛ فإم00ا له00دايتهما قارئهم00ا األول: إنهما النيرتان، مأخوذ من الزهر والزبما يزهر له من أنوارهما، أي من معانيهما.

وإما لما يترتب على قراءتهما من الن00ور الت00ام ي00وم القيام00ة، وه00و الق00ول الثاني.

الثالث: سميتا بذلك ألنهما اشتركتا فيم0ا تض00منه اس00م الل0ه األعظم؛ كم0ا ذكره أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وسلم قال: )إن اسم الله األعظم في هاتين اآليتين وإلهكم إله واحد ال إل00ه إال هو الرحمن الرحيم والتي في آل عمران الله ال إله إال هو الحي القيوم( أخرجه ابن ماجة أيضا. والغمام: الس00حاب الملت00ف، وه00و الغياي00ة إذا ك00انت قريبا من الرأس، وهي الظلة أيضا. والمعنى: إن قارئهما في ظل ثوابهم00ا؛ كما ج0اء )الرج0ل في ظ0ل ص0دقته( وقول0ه: )تحاج0ان( أي يخل0ق الل0ه من يجادل عنه بثوابهما مالئكة كما جاء في بعض الحديث: )إن من ق00رأ "ش00هد الله أنه ال إله إال هو..." اآلية خلق الله سبعين ملكا يستغفرون له إلى ي00وم القيامة(. وقوله: )بينهما شرق( قيد بسكون ال00راء وفتحه00ا وه00و تنبي00ه على الضياء، ألنه لما قال: )سوداوان( ق00د يت00وهم أنهم00ا مظلمت00ان، فنفى ذل00ك. بقول00ه: )بينهم00ا ش00رق(. ويع00ني بكونهم00ا س00وداوان أي من كثافتهم00ا ال00تيبسببها حالتا بين من تحتهما وبين حرارة الشمس وشدة اللهب والله أعلم. @صدر هذه السورة نزل بسبب وفد نجران فيم00ا ذك00ر محم00د بن إس00حاق عن محمد بن جعفر بن الزبير، وكانوا نصارى وفدوا على رسول الله ص0لى الله عليه وسلم بالمدينة في ستين راكبا، فيهم من أش00رافهم أربع00ة عش00ر رجال، في األربعة عشر ثالثة نفر إليهم يرج00ع أم00رهم: الع00اقب أم00ير الق00وم وذو آرائهم واسمه عبدالمسيح، والسيد ثمالهم وص00احب مجتمعهم واس00مه األيهم، وأبو حارثة بن علقمة أحد بكر بن وائل أس00قفهم وع0المهم؛ ف0دخلوا على رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم أث00ر ص00الة العص00ر، عليهم ثي00اب الحبرات جبب وأردية فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وس00لم: م00ا رأين00ا وفدا مثلهم جماال وجاللة. وحانت صالتهم فقاموا فص00لوا في مس00جد الن00بي صلى الله عليه وسلم إلى المشرق. فقال الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )دعوهم(. ثم أقاموا بها أياما يناظرون رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم

Page 3: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

في عيس00ى ويزعم00ون أن00ه ابن الل00ه، إلى غ00ير ذل00ك من أق00وال ش00نيعة مضطربة، ورسول صلى الله علي0ه وس00لم ي0رد عليهم ب0البراهين الس0اطعة وهم ال يبصرون، ونزل فيهم صدر هذه السورة إلى نيف وثم00انين آي00ة؛ إلى أن آل أم00رهم إلى أن دع00اهم رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إلى

المباهلة، حسب ما هو مذكور في سيرة ابن إسحاق وغيره. }نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأن00زل الت00وراة3*اآلية: 3*

واإلنجيل{ @قوله تعالى: "نزل علي00ك الكت00اب" يع00ني الق00رآن. "ب00الحق" أي بالص00دق وقيل: بالحجة الغالبة. والقرآن نزل نجوم00ا: ش00يئا بع0د ش0يء؛ فل00ذلك ق00ال "نزل" والتنزيل مرة بعد مرة. والتوراة واإلنجيل ن00زال دفع0ة واح0دة فل00ذلك قال "أنزل" والباء في قوله "بالحق" في موض00ع الح00ال من الكت00اب والب00اءل" ألن00ه ق00د تع00دى إلى متعلقة بمحذوف التقدير آتيا بالحق وال تتعلق ب0 "نز مفعولين أحدهما بحرف جر، وال يتعدى إلى ثالث. و"مصدقا" ح00ال مؤك00دة غير منتقلة؛ ألنه ال يمكن أن يكون غير مصدق، أي غ00ير مواف00ق؛ ه00ذا ق00ول الجمهور. وقدر فيه بعضهم االنتقال، على معنى أنه مصدق لنفسه ومصدق

لغيره. @قوله تعالى: "لم0ا بين يدي0ه" يع0ني من الكتب المنزل0ة، "وأن0زل الت0وراةند ووري لغتان واإلنجيل" والتوراة معناها الضياء والنور مشتقة من ورى الز إذا خرجت ناره. وأصلها تورية على وزن تفعلة، التاء زائدة، وتح00ركت الي00اء وقبلها فتحة فقلبت ألفا. ويجوز أن تكون تفعلة فتنقل الراء من الكسر إلى الفتح كم00ا ق00الوا في جاري00ة وفي ناص00ية ناص00اة كالهم00ا عن الف00راء. وق00ال الخليل: أصلها فوعلة فاألصل وورية قلبت ال00واو األولى ت00اء كم00ا قلبت في تولج، واألصل وولج فوعل من ولجت وقلبت الياء ألفا لحركته0ا وانفت0اح م0ا قبلها. وبناء فوعلة أكثر من تفعلة. وقيل: التوراة مأخوذة من التورية، وهي التعريض بالشيء والكتمان لغيره؛ فكأن أكثر الت00وراة مع00اريض وتلويح00ات من غير تصريح وإيض00اح، ه00ذا ق00ول الم00ؤرج. والجمه00ور على الق00ول األول لقوله تعالى: "ولقد آتينا موسى وه00ارون الفرق00ان وض00ياء وذك00را للمتقين"

جل وهو األص00ل، ويجم00ع48]األنبياء: [ يعني التوراة. واإلنجيل إفعيل من الن00وار؛ فاإلنجي00ل أص00ل لعل00وم وحكم. ويق00ال: لعن على أناجيل وتوراة على ت الله ناجليه، يعني والدي00ه، إذ كان00ا أص00له. وقي00ل: ه00و من نجلت الش00يء إذا استخرجته؛ فاإلنجيل مستخرج به علوم وحكم؛ ومنه س00مي الول00د والنس00ل

نجال لخروجه؛ كما قال:إلى معشر لم يورث اللؤم جدهم أصاغرهم وكل فحل لهم نجل

والنجل الماء الذي يخرج من النز. واستنجلت األرض، وبه00ا نج00ال إذا خ00رج منها الماء، فسمي اإلنجيل به؛ ألن الله تع00الى أخ00رج ب00ه دارس00ا من الح00ق عافيا. وقيل: هو من النجل في العين )بالتحريك( وهو سعتها؛ وطعنة نجالء،

أي واسعة؛ قال: ربما ضربة بسيف صقيل بين بصرى وطعنة نجالء

فسمي اإلنجيل بذلك؛ ألنه أصل أخرج00ه لهم ووس00عه عليهم ون00ورا وض00ياء. وقيل: التناجل التنازع؛ وسمي إنجيال لتن00ازع الن00اس في00ه. وحكى ش00مر عن بعضهم: اإلنجيل كل كتاب مكتوب وافر السطور. وقيل: نجل عم00ل وص00نع؛

قال:

Page 4: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وأنجل في ذاك الصنيع كما نجل أي أعم00ل وأص00نع. وقي00ل: الت00وراة واإلنجي00ل من اللغ00ة الس00ريانية. وقي00ل: اإلنجيل بالسريانية إنكليون؛ حكاه الثعل00بي. ق00ال الج00وهري: اإلنجي0ل كت0اب عيسى عليه السالم يذكر وي00ؤنث؛ فمن أنث أراد الص00حيفة، ومن ذك00ر أراد الكتاب. قال غ00يره: وق00د يس00مى الق00رآن إنجيال أيض00ا؛ كم00ا روي في قص00ة مناج00اة موس00ى علي00ه الس00الم أن00ه ق00ال: )ي00ا رب أرى في األل00واح أقوام00ا أناجيلهم في صدورهم ف0اجعلهم أم00تي(. فق00ال الل00ه تع0الى ل0ه: )تل0ك أم0ة أحمد( صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد باألناجي00ل الق00رآن. وق00رأ الحس00ن: "واألنجيل" بفتح الهمزة، والباقون بالكسر مثل اإلكليل، لغتان. ويحتم00ل أن سمع أن يكون مما عربته العرب من األس00ماء األعجمي00ة، وال مث00ال ل00ه في

كالمها. }من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن ال00ذين كف00روا بآي00ات4*اآلية: 3*

الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام{ @قوله تعالى: "من قب00ل" يع00ني الق00رآن "ه00دى للن00اس" ق00ال ابن ف00ورك:

[2التقدير هدى للناس المتقين؛ دليله في البقرة "هدى للمتقين" ]البق00رة: فرد هذا العام إلى ذل00ك الخ00اص. و"ه00دى" في موض00ع نص00ب على الح00ال.

و"الفرقان" القرآن. وقد تقدم. }إن الله ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء{5*اآلية: 3*

@ هذا خ00بر عن علم00ه تع00الى باألش00ياء على التفص00يل؛ ومثل00ه في الق00رآن كثير. فهو العالم بما كان وما يكون وما ال يكون؛ فكيف يك00ون عيس00ى إله00ا

أو بن إله وهو تخفى عليه األشياء. }هو الذي يصوركم في األرحام كيف يشاء ال إله إال هو العزي00ز6*اآلية: 3*

الحكيم{ @قوله تعالى: "هو ال00ذي يص00وركم" أخ00بر تع00الى عن تص00ويره للبش00ر في أرحام األمهات وأصل الرحم من الرحمة، ألنه0ا مم0ا ي0تراحم ب0ه. واش0تقاق الصورة من صاره إلى كذا إذا أماله؛ فالصورة مائلة إلى شبه وهيئة. وه00ذه اآلية تعظيم لله تعالى، وفي ضمنها الرد على نص00ارى نج00ران، وأن عيس00ى من المصورين، وذلك مما ال ينكره عاقل. وأشار تعالى إلى ش00رح التص00وير في س00ورة "الحج" و"المؤمن00ون". وك00ذلك ش00رحه الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم في حديث ابن مسعود، على ما يأتي هناك بيانه إن شاء الل00ه تع00الى وفيها الرد على الطبائعيين أيض00ا إذ يجعلونه00ا فاعل00ة مس00تبدة. وق00د مض00ى ال00رد عليهم في آي00ة التوحي00د وفي مس00ند ابن س00نجر - واس00مه محم00د بن سنجر - حديث )إن الله تع00الى يخل00ق عظ00ام الج00نين وغض00اريفه من م00ني الرجل وشحمه ولحمه من مني المرأة(. وفي هذا أدل دليل على أن الول00د يكون من ماء الرجل والمرأة، وهو صريح في قوله تعالى: "ي00ا أيه00ا الن00اس

[ وفي صحيح مسلم من ح00ديث13إنا خلقناكم من ذكر وأنثى"] الحجرات: ثوبان وفيه: أن اليهودي قال للنبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم: وجئت أس00ألك عن شيء ال يعلم00ه أح00د من أه00ل األرض إال ن00بي أو رج00ل أو رجالن. ق00ال: )ينفعك إن حدثتك(؟. ق00ال: أس00مع ب00أذني، ق00ال: جئت00ك أس00ألك عن الول00د. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )م0اء الرج0ل أبيض وم0اء الم0رأة أص0فر00را ب00إذن الل00ه تع00الى وإذا عال فإذا اجتمعا فعال مني الرجل مني الم00رأة أذك

Page 5: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

مني المرأة م00ني الرج00ل آنث00ا ب00إذن الل00ه...( الح00ديث. وس00يأتي بيان00ه آخ00ر"الشورى" إن شاء الله تعالى.

@قوله تعالى: "كيف يشاء" يعني من حس00ن وقبح وس00واد وبي00اض وط00ول وقص00ر وس00المة وعاه00ة، إلى غ00ير ذل00ك من الش00قاء والس00عادة. وذك00ر عن إبراهيم بن أدهم أن القراء اجتمعوا إليه ليسمعوا م00ا عن00ده من األح0اديث، فق00ال لهم: إني مش0غول عنكم بأربع0ة أش00ياء، فال أتف00رغ لرواي00ة الح00ديث. فقيل له: وما ذاك الشغل؟ قال: أح00دها أني أتفك00ر في ي00وم الميث00اق حيث قال: )هؤالء في الجنة وال أبالي وهؤالء في النار وال أبالي( فال أدري من أي الف00ريقين كنت في ذل00ك ال00وقت. والث00اني حيث ص00ورت في ال00رحم فق00ال الملك الذي هو موكل على األرحام: )يا رب ش00قي ه0و أم س00عيد( فال أدري كيف كان الجواب في ذلك الوقت والثالث حين يقبض مل00ك الم00وت روحي فيقول: )يا رب مع الكف00ر أم م00ع اإليم00ان( فال أدري كي00ف يخ00رج الج00واب.

[ فال أدري59والرابع حيث يقول: "وامت00ازوا الي00وم أيه00ا المجرم00ون" ]يس: في أي الفريقين أكون. ثم قال تعالى: "ال إله إال هو" أي ال خالق وال مصور سواه وذلك دلي00ل على وحدانيت00ه، فكي00ف يك00ون عيس0ى إله00ا مص00ورا وه00و مص00ور. "العزي00ز" ال00ذي ال يغ00الب. "الحكيم" ذو الحكم00ة أو المحكم، وه00ذا

أخص بما ذكر من التصوير. }ه00و ال00ذي أن00زل علي00ك الكت00اب من00ه آي00ات محكم00ات هن أم7*اآلي00ة: 3*

الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تش00ابه من00ه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وم00ا يعلم تأويل00ه إال الل00ه والراس00خون في العلم

يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إال أولوا األلباب{ @خرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: تال رسول الله ص00لى الل00ه عليه وسلم "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون م00ا تش00ابه من00ه ابتغ00اء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إال الله والراس00خون في العلم يقول00ون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إال أولوا األلباب" قالت: قال رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك ال00ذين سماهم الله فاحذروهم(. وعن أبي غالب قال: كنت أمشي م00ع أبي أمام00ة وهو على حم00ار ل00ه، ح00تى إذا انتهى إلى درج مس00جد دمش00ق ف00إذا رؤوس منصوبة؛ فقال: ما هذه الرؤوس؟ قيل: ه00ذه رؤوس خ00وارج يج00اء بهم من العراق فقال أبو أمامة: كالب الن00ار كالب الن00ار كالب الن00ار ش00ر قتلى تحت ظل السماء، طوبى لمن قتلهم وقتل00وه - يقوله00ا ثالث00ا - ثم بكى فقلت: م00ا يبكيك يا أبا أمامة؟ قال: رحمة لهم، )إنهم كانوا من أهل اإلس00الم فخرج00وا منه؛ ثم قرأ "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكم00ات. .." إلى آخ0ر اآلي00ات. ثم ق00رأ "وال تكون00وا كال00ذين تفرق00وا واختلف00وا من بع0د م00ا ج00اءهم

[. فقلت: يا أب00ا أمام00ة، هم ه00ؤالء؟ ق00ال نعم.105البينات..." ]آل عمران: قلت: أشيء تقوله برأيك أم شيء سمعته من رسول الله صلى الل00ه علي00ه وسلم؟ فقال: إني إذا لجريء إني إذا لجريء! بل س00معته من رس0ول الل0ه صلى الله عليه وسلم غير م00رة وال م00رتين وال ثالث وال أرب00ع وال خمس وال ست وال سبع، ووضع أصبعيه في أذنيه، قال: وإال فصمتا - قالها ثالث00ا - ( ثم ق00ال: س00معت رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يق00ول: )تف00رقت بن00و

Page 6: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

إسرائيل على إحدى وسبعين فرق00ة واح00دة في الجن00ة وس00ائرهم في الن00ارولتزيدن عليهم هذه األمة واحدة واحدة في الجنة وسائرهم في النار(.

@اختلف العلماء في المحكمات والمتش00ابهات على أق00وال عدي00دة؛ فق00ال جابر بن عبدالله، وهو مقتض00ى ق00ول الش00عبي وس00فيان الث00وري وغيرهم00ا: )المحكم000ات من أي الق000رآن م000ا ع000رف تأويل000ه وفهم معن000اه وتفس000يره والمتشابه ما لم يكن ألحد إلى علمه سبيل مما اس00تأثر الل00ه تع00الى بعلم00ه دون خلقه، قال بعض00هم: وذل00ك مث00ل وقت قي00ام الس00اعة، وخ00روج ي00أجوج

ومأجوج والدجال وعيسى، ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور(. قلت: هذا أحسن ما قيل في المتشابه. وقد قدمنا في أوائ00ل س00ورة

البقرة عن الربيع بن خيثم )أن الله تعالى أن00زل ه00ذا الق00رآن فاس00تأثر من00ه بعلم ما شاء...( الحديث. وقال أبو عثمان: المحكم فاتح00ة الكت00اب ال00تي ال تجزئ الصالة إال بها. وق00ال محم00د بن الفض00ل: س00ورة اإلخالص، ألن00ه ليس فيها إال التوحيد فقط. وقد قيل: القرآن كل00ه محكم: لقول00ه تع00الى: "كت00اب

[. وقي00ل: كل00ه متش00ابه؛ لقول00ه: "كتاب00ا متش00ابها"1أحكمت آيات00ه" ]ه00ود: [. 23]الزمر:

قلت: وليس هذا من معنى اآلية في شيء؛ فإن قوله تع00الى: "كت00اب أحكمت آياته" أي في النظم والرصف وأنه حق من عند الله. ومعنى "كتابا متشابها"، أي يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا. وليس الم00راد بقول00ه: "آيات محكمات" "وأخر متشابهات" هذا المعنى؛ وإنم00ا المتش00ابه في ه00ذه اآلي00ة من ب00اب االحتم00ال واالش00تباه، من قول00ه: "إن البق00ر تش00ابه علين00ا"

[ أي التبس علينا، أي يحتمل أنواعا كث00يرة من البق00ر. والم00راد70]البقرة: بالمحكم ما في مقابل00ة ه00ذا، وه00و م00ا ال التب00اس في00ه وال يحتم00ل إال وجه00ا واحدا. وقيل: إن المتشابه ما يحتمل وجوها، ثم إذا ردت الوج00وه إلى وج00ه واحد وأبطل الباقي صار المتشابه محكم00ا. ف00المحكم أب00دا أص00ل ت00رد إلي00ه الفروع؛ والمتشابه هو الفرع. وقال ابن عب00اس: المحكم00ات ه00و قول00ه في

[ إلى151سورة األنعام "ق00ل تع00الوا أت00ل م00ا ح00رم ربكم عليكم" ]األنع00ام: ثالث آي00ات، وقول00ه في ب00ني إس00رائيل: "وقض00ى رب00ك أال تعب00دوا إال إي00اه

[ قال ابن عطية: وهذا عندي مثال أعط00اه23وبالوالدين إحسانا" ]اإلسراء في المحكم00ات. وق00ال ابن عب00اس أيض00ا: )المحكم00ات ناس00خه وحرام00ه وفرائض00ه وم00ا ي00ؤمن ب00ه ويعم00ل ب00ه، والمتش00ابهات المنس00وخات ومقدم00ه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما ي00ؤمن ب00ه وال يعم00ل ب00ه( وق00ال ابن مس00عود وغيره: )المحكم00ات الناس00خات، والمتش00ابهات المنس00وخات( وقال00ه قت00ادة والربيع والضحاك. وقال محمد بن جعف00ر بن الزب00ير: المحكم00ات هي ال00تي فيها حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخص00وم والباط00ل، ليس له0ا تص00ريف وال تحريف عما وضعن عليه. والمتشابهات لهن تص00ريف وتحري00ف وتأوي00ل، ابتلى الله فيهن العباد؛ وقاله مجاهد وابن إس00حاق. ق00ال ابن عطي00ة: وه00ذا أحسن األقوال في هذه اآلية. قال النحاس: أحسن ما قيل في المحكمات، والمتشابهات أن المحكمات ما كان قائما بنفسه ال يحتاج أن يرجع فيه إلى

[ "وإني لغف00ار لمن ت00اب"4غيره؛ نحو "لم يكن ل00ه كف00وا أح00د" ]اإلخالص: [53[. والمتشابهات نحو "إن الله يغفر ال00ذنوب جميع00ا" ]الزم00ر: 82]طه:

[ وإلى قوله82يرجع فيه إلى قوله جل وعال: "وإني لغفار لمن تاب" ]طه: [. 48عز وجل: "إن الله ال يغفر أن يشرك به" ]النساء:

Page 7: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قلت: ما قاله النحاس يبين ما اختاره ابن عطية، وهو الجاري على وضع اللسان؛ وذل0ك أن المحكم اس00م مفع0ول من أحكم، واإلحك0ام اإلتق0ان؛ وال شك في أن ما كان واضح المعنى ال إشكال فيه وال تردد، إنما يكون ك00ذلك لوضوح مف00ردات كلمات00ه وإتق00ان تركيبه00ا؛ وم00تى اخت00ل أح00د األم00رين ج00اء التشابه واإلشكال. والل00ه أعلم. وق00ال ابن خ00ويز من00داد: للمتش00ابه وج00وه، والذي يتعلق به الحكم ما اختلف فيه العلم00اء أي اآلي00تين نس00خت األخ00رى؛ كق00ول علي وابن عب00اس في الحام00ل المت00وفى عنه00ا زوجه00ا تعت00د أقص00ى األجلين. فك00ان عم00ر وزي00د بن ث00ابت وابن مس00عود وغ00يرهم يقول0ون وض00ع الحمل ويقولون: )س00ورة النس00اء القص00رى نس00خت أربع0ة أش00هر وعش00را( وكان علي وابن عباس يقوالن لم تنسخ. وك00اختالفهم في الوص00ية لل00وارث ه00ل نس00خت أم لم تنس00خ. وكتع00ارض اآلي00تين أيهم00ا أولى أن تق00دم إذا لم يعرف النسخ ولم توجد شرائطه؛ كقوله تعالى: "وأحل لكم م00ا وراء ذلكم"

[ يقتضي الجمع بين األق00ارب من مل00ك اليمين، وقول00ه تع00الى:24]النساء: [ يمن00ع ذل00ك. ومن00ه23"وأن تجمعوا بين األختين إال ما قد س00لف"]النس0اء:

أيضا تعارض األخبار عن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وتع00ارض األقيس00ة، فذلك المتشابه. وليس من المتشابه أن تقرأ اآلية بقراءتين ويك00ون االس00م محتمال أو مجمال يحتاج إلى تفسير ألن الواجب منه قدر ما يتناوله االسم أو جميع00ه. والقراءت00ان ك00اآليتين يجب العم00ل بموجبهم00ا جميع00ا؛ كم00ا ق00رئ:

[ بالفتح والكسر، على ما ي00أتي6"وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم" ]المائدة: بيانه "في المائدة" إن شاء الله تعالى.

@روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: ق00ال رج00ل البن عب00اس: إني أج00د في القرآن أشياء تختلف علي. قال: ما هو؟ قال: "فال أنساب بينهم يومئ00ذ

[ وق000ال: "وأقب000ل بعض000هم على بعض101وال يتس000اءلون" ]المؤمن000ون: [42[ وقال: "وال يكتم00ون الل00ه ح00ديثا" ]النس00اء:27يتساءلون" ]الصافات:

[ فقد كتموا في هذه اآلي00ة.23وقال: "والله ربنا ما كنا مشركين" ]األنعام: -28 -0 27وفي النازعات "أم السماء بناها" إلى قوله "دحاها" ]النازعات:

29 00- [ فذكر خلق السماء قبل خلق األرض، ثم قال: "أئنكم لتكف00رون30 [ فذكر0،11 1 0،0 9بالذي خلق األرض في يومين... إلى: طائعين" ]فصلت:

في ه00ذا خل00ق األرض قب00ل خل00ق الس00ماء. وق00ال: "وك00ان الل00ه غف00ورا [. "وك00ان158[ "وكان الله عزي00زا حكيم00ا" ]النس00اء: 100رحيما"]النساء:

[ فكأنه كان ثم مض00ى. فق00ال ابن عب00اس:134الله سميعا بصيرا" ]النساء: )"فال أنساب بينهم" في النفخة األولى، ثم ينفخ في الصور فص00عق من في السموات ومن في األرض إال من شاء الله، فال أنساب بينهم عن00د ذل00ك وال يتساءلون؛ ثم في النفخة اآلخرة أقبل بعض00هم على بعض يتس00اءلون. وأم00ا قوله: "ما كنا مش00ركين" "وال يكتم00ون الل00ه ح00ديثا" ف00إن الل00ه يغف00ر أله00ل اإلخالص ذنوبهم، وقال المشركون: تع0الوا نق0ول: لم نكن مش0ركين؛ فختم الله على أفواههم فتنطق جوارحهم بأعمالهم؛ فعند ذل00ك ع00رف أن الل00ه ال يكتم حديثا، وعنده يود الذين كفروا لو ك00انوا مس00لمين. وخل00ق الل00ه األرض في يومين، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع س00ماوات في ي00ومين، ثم دحا األرض أي بسطها ف00أخرج منه00ا الم00اء والم00رعى، وخل00ق فيه00ا الجب00ال واألشجار واآلكام وما بينها في ي00ومين آخ00رين؛ ف00ذلك قول00ه: "واألرض بع00د ذلك دحاها". فخلقت األرض وما فيها في أربع00ة أي00ام، وخلقت الس00ماء في

Page 8: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

يومين. وقوله: "وكان الله غفورا رحيما" يعني نفسه ذل00ك، أي لم ي00زل وال يزال كذلك؛ فإن الله لم يرد شيئا إال أصاب به الذي أراد. ويحك فال يختل00ف

عليك القرآن؛ فإن كال من عند الله(. @قوله تعالى: "وأخر متشابهات" لم تصرف "أخر" ألنها ع0دلت عن األل0ف والالم؛ ألن أصلها أن تكون صفة باأللف والالم كالكبر والصغر؛ فلما ع00دلت عن مجرى األلف والالم منعت الصرف. أبو عبيد: لم يصرفوها ألن واح00دها ال ينصرف في معرفة وال نكرة. وأنكر ذلك المبرد وقال: يجب على ه00ذا أال ينصرف غضاب وعطاش. الكسائي: لم تنصرف ألنها صفة. وأنك00ره الم00برد أيضا وقال: إن لبدا وحطما ص00فتان وهم00ا منص00رفان. س00يبويه: ال يج00وز أن تكون أخر معدولة عن األلف والالم؛ ألنها لو كانت معدولة عن األلف والالم لكان معرفة، أال ترى أن سحر معرفة في جميع األقاويل لما كانت معدول00ة عن السحر، وأمس في قول من قال: ذهب أمس معدوال عن األمس؛ فل00و كان أخر معدوال أيضا عن األلف والالم لكان معرفة، وقد وصفه الله تع00الى

بالنكرة. @قوله تعالى: "فأما الذين في قلوبهم زي00غ" ال00ذين رف00ع باالبت00داء، والخ00بر "فيتبع00ون م00ا تش00ابه من00ه". والزي00غ المي00ل؛ ومن00ه زاغت الش00مس، وزاغت األبصار. ويقال: زاغ يزيغ زيغ0ا إذا ت0رك القص0د؛ ومن00ه قول0ه تع0الى: "فلم0ا

[. وهذه اآلية تعم ك00ل طائف00ة من ك00افر5زاغوا أزاغ الله قلوبهم" ]الصف: وزنديق وجاهل وصاحب بدعة، وإن كانت اإلشارة بها في ذل00ك ال00وقت إلى نصارى نجران. وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: "فأما الذين في قلوبهم

زيغ": إن لم يكونوا الحرورية وأنواع الخوارج فال أدري من هم.قلت: قد مر هذا التفسير عن أبي أمامة مرفوعا، وحسبك.

@قوله تعالى: "فيتبعون ما تشابه من00ه ابتغ00اء الفتن00ة وابتغ00اء تأويل00ه" ق00ال شيخنا أب00و العب00اس رحم00ة الل00ه علي00ه: متبع0و المتش0ابه ال يخل00و أن يتبع0وه ويجمعوه طلبا للتشكيك في القرآن وإض00الل الع00وام، كم00ا فعلت00ه الزنادق00ة والقرامطة الطاعنون في القرآن؛ أو طلبا العتق00اد ظ00واهر المتش00ابه، كم00ا فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما ظ00اهره الجس00مية حتى اعتقدوا أن الب0ارئ تع0الى جس0م مجس00م وص0ورة مص00ورة ذات وج0ه وعين ويد وجنب ورجل وأصبع، تع0الى الل0ه عن ذل0ك؛ أو يتبع0وه على جه0ة إبداء تأويالتها وإيضاح معانيها، أو كما فعل ص00بيغ حين أك00ثر على عم00ر في00ه

السؤال. فهذه أربعة أقسام:

)األول( ال شك في كفرهم، وإن حكم الله فيهم القت00ل من غ00ير اس00تتابة. )الث00اني( الص00حيح الق00ول بتكف00يرهم، إذ ال ف00رق بينهم وبين عب00اد األص00نام

والصور، ويستتابون فإن تابوا وإال قتلوا كما يفعل بمن ارتد. )الثالث( اختلفوا في جواز ذلك بن00اء على الخالف في ج00واز تأويله00ا. وق00د

ع00رف أن م00ذهب الس00لف ت00رك التع00رض لتأويله00ا م00ع قطعهم باس00تحالة ظواهرها، فيقولون أمروها كم00ا ج0اءت. وذهب بعض00هم إلى إب00داء تأويالته0ا وحملها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قط00ع بتع00يين مجم00ل

منها. )الرابع( الحكم فيه األدب البليغ، كم00ا فعل00ه عم00ر بص00بيغ. وق00ال أب00و بك00ر

األنب00اري: وق00د ك00ان األئم00ة من الس00لف يع00اقبون من يس00أل عن تفس00ير

Page 9: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الحروف المشكالت في القرآن، ألن الس00ائل إن ك00ان يبغي بس00ؤاله تخلي00د البدعة وإثارة الفتنة فهو حقي0ق ب0النكير وأعظم التعزي0ر، وإن لم يكن ذل0ك مقص00ده فق00د اس00تحق العتب بم00ا اج00ترم من ال00ذنب، إذ أوج00د للمن00افقين الملح00دين في ذل00ك ال00وقت س00بيال إلى أن يقص00دوا ض00عفة المس00لمين بالتشكيك والتضليل في تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل. فمن ذلك ما حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاض00ي أنبأن00ا س00ليمان بن ح00رب عن حم0اد بن زي0د عن يزي0د بن ح0ازم عن س0ليمان بن يس0ار أن ص0بيغ بن عسل قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء؛ فبلغ ذل00ك عمر رضي الله عنه فبعث إلي00ه عم00ر فأحض00ره وق00د أع00د ل00ه ع00راجين من عراجين النخل. فلما حضر قال له عمر: من أنت؟ قال: أنا عبدالل00ه ص00بيغ. فقال عمر رضي الله عنه: وأنا عبدالله عم00ر؛ ثم ق00ام إلي00ه فض00رب رأس00ه بعرجون فشجه، ثم تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه، فقال: حسبك ي00ا أم00ير المؤم00نين فق00د والل00ه ذهب م00ا كنت أج00د في رأس00ي. وق00د اختلفت الروايات في أدبه، وسيأتي ذكرها في "الذاريات". ثم إن الله تعالى ألهم00ه التوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته. ومع00نى "ابتغ00اء الفتن00ة" طلب الشبهات واللبس على المؤمنين ح00تى يفس00دوا ذات بينهم، وي00ردوا الن00اس إلى زيغهم. وقال أب00و إس00حاق الزج00اج: مع00نى "ابتغ00اء تأويل00ه" أنهم طلب00وا تأويل بعثهم وإحيائهم، فأعلم الله جل وعز أن تأويل ذلك ووقته ال يعلمه إال الله. قال: والدليل على ذلك قوله تعالى: "هل ينظرون إال تأويله يوم ي00أتي تأويله" أي يوم يرون ما يوعدون من البعث والنشور والعذاب "يقول الذين

[53نسوه من قبل" أي تركوه - "قد جاءت رسل ربنا ب00الحق" ]األع00راف: أي قد رأينا تأويل ما أنبأتنا به الرسل قال: فالوقف على قوله تعالى: "وم00ا

يعلم تأويله إال الله" أي ال يعلم أحد متى البعث إال الله. @قوله تعالى: "وما يعلم تأويله إال الله" يقال: إن جماع0ة من اليه0ود منهم حيي بن أحطب دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: بلغن00ا أنه نزل عليك "آلم" فإن كنت ص00ادقا في مقالت00ك ف00إن مل00ك أمت00ك يك00ون إحدى وسبعين س0نة؛ ألن األل0ف في حس0اب الجم0ل واح0د، والالم ثالث0ون، والميم أربعون، ف00نزل "وم00ا يعلم تأويل00ه إال الل00ه". والتأوي00ل يك00ون بمع00نى التفسير، كقولك: تأويل هذه الكلمة على كذا. ويكون بمعنى ما يؤول األم0ر إليه. واشتقاقه من آل األمر إلى كذا يؤول إليه، أي ص00ار. وأولت00ه ت00أويال أي صيرته. وقد حده بعض الفقهاء فقالوا: هو إبداء احتمال في اللفظ مقص00ود

[2بدليل خارج عنه. فالتفسير بيان اللفظ؛ كقول00ه "ال ريب في00ه" ]البق00رة: أي ال شك. وأصله من الفسر وهو البيان؛ يقال: فس00رت الش00يء )مخفف00ا( أفسره )بالكسر( فس0را. والتأوي0ل بي00ان المع0نى؛ كقول0ه ال ش0ك في0ه عن0د المؤمنين أو ألنه حق في نفسه فال يقب0ل ذات0ه الش0ك وإنم0ا الش0ك وص0ف الشاك. وكقول ابن عباس في الجد أبا، ألنه تأول قول الل0ه ع0ز وج0ل: "ي0ا

بني آدم". @قوله تعالى: "والراسخون في العلم" اختل00ف العلم00اء في "والراس00خون في العلم" هل هو ابتداء كالم مقطوع مما قبل00ه، أو ه00و معط00وف على م00ا قبله فتكون الواو للجمع. فال0ذي علي00ه األك0ثر أن00ه مقط0وع مم0ا قبل00ه، وأن الكالم تم عن00د قول00ه "إال الل00ه" ه00ذا ق00ول ابن عم00ر وابن عب00اس وعائش00ة وع00روة بن الزب00ير وعم00ر بن عب00دالعزيز وغ00يرهم، وه00و م00ذ هب الكس00ائي

Page 10: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

واألخفش والفراء وأبي عبيد وغيرهم. قال أبو نهيك األس00دي: إنكم تص00لون هذه اآلية وإنها مقطوعة. وما انتهى علم الراسخين إال إلى قولهم "آمنا ب00ه كل من عند ربنا". وقال مثل هذا عمر بن عبدالعزيز، وحكى الطبري نح00وه عن ي00ونس عن أش00هب عن مال00ك بن أنس. و"يقول00ون" على ه00ذا خ00بر "الراسخون". قال الخطابي: وقد جعل الله تعالى آي00ات كتاب00ه ال00ذي أمرن00ا باإليمان به والتصديق بما في00ه قس00مين: محكم00ا ومتش00ابها؛ فق00ال ع00ز من قائل: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات... إلى قوله: كل من عند ربنا" ف00أعلم أن المتش00ابه من الكت00اب قد استأثر الله بعلمه، فال يعلم تأويله أحد غيره، ثم أثنى الله عز وجل على الراسخين في العلم بأنهم يقول00ون آمن00ا ب00ه. ول00وال ص00حة اإليم00ان منهم لم يستحقوا الثناء عليه. ومذهب أكثر العلماء أن الوق00ف الت00ام في ه00ذه اآلي00ة إنما هو عند قوله تعالى: "وما يعلم تأويله إال الل00ه" وأن م00ا بع00ده اس00تئناف كالم آخر، وهو قوله "والراسخون في العلم يقول0ون آمن00ا ب00ه". وروي ذل0ك عن ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعائشة. وإنما روي عن مجاهد أنه نسق "الراسخون" على م00ا قبل00ه وزعم أنهم يعلمون00ه. واحتج ل00ه بعض أهل اللغة فقال: معناه والراسخون في العلم يعلمون00ه ق00ائلين آمن00ا؛ وزعم أن موض00ع "يقول00ون" نص00ب على الح00ال. وعام00ة أه00ل اللغ00ة ينكرون00ه ويستبعدونه؛ ألن العرب ال تضمر الفعل والمفعول معا، وال تذكر حاال إال مع ظهور الفعل؛ فإذا لم يظهر فع00ل فال يك00ون ح00ال؛ ول00و ج00از ذل00ك لج00از أن يقال: عبدالله راكبا، بمعنى أقبل عبدالله راكبا؛ وإنم00ا يج00وز ذل00ك م00ع ذك00ر الفعل كقول00ه: عبدالل00ه يتكلم يص00لح بين الن00اس؛ فك00ان "يص00لح" ح00اال ل00ه؛

كقول الشاعر - أنشدنيه أبو عمر قال أنشدنا أبو العباس ثعلب - : أرسلت فيها قطما لكالكا يقصر يمشي ويطول باركا

أي يقصر ماشيا؛ فكان قول عامة العلماء مع مساعدة مذاهب النحويين له أولى من قول مجاهد وحده، وأيضا فإنه ال يجوز أن ينفي الله سبحانه شيئا عن الخلق ويثبته لنفسه ثم يكون ل00ه في ذل00ك ش00ريك. أال ت00رى قول00ه ع00ز

[65وجل: "قل ال يعلم من في السموات واألرض الغيب إال الله" ]النم00ل: [ وقوله: "كل ش00يء هال00ك187وقوله: "ال يجليها لوقتها إال هو" ]األعراف:

[، فكان هذا كله مما استأثر الله س00بحانه بعلم00ه ال88إال وجهه" ]القصص: يشركه فيه غيره. وكذلك قوله تبارك وتع00الى: "وم00ا يعلم تأويل00ه إال الل00ه". ولو كانت الواو في قوله: "والراس00خون" للنس00ق لم يكن لقول00ه: "ك00ل من

عند ربنا" فائدة. والله أعلم. قلت: ما حكاه الخطابي من أنه لم يقل بقول مجاهد غيره فق00د روي

عن ابن عب00اس أن الراس00خين معط00وف على اس00م الل00ه ع00ز وج00ل، وأنهم داخل0ون في علم المتش0ابه، وأنهم م0ع علمهم ب0ه يقول0ون آمن0ا ب0ه؛ وقال0ه الربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير والقاسم بن محمد وغ00يرهم. و"يقول00ون"

على هذا التأويل نصب على الحال من الراسخين؛ كما قال: الريح تبكي شجوها والبرق يلمع في الغمامه

وه00ذا ال0بيت يحتم0ل المعن0يين؛ فيج00وز أن يك00ون "وال0برق" مبت00دأ، والخ00بر "يلمع" على التأوي00ل األول، فيك00ون مقطوع00ا مم00ا قبل00ه. ويج00وز أن يك00ون معطوف00ا على ال00ريح، و"يلم00ع" في موض00ع الح00ال على التأوي00ل الث00اني أي المعا. واحتج قائلو هذه المقالة أيضا بأن الله سبحانه مدحهم بالرس00وخ في

Page 11: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

العلم؛ فكي00ف يم00دحهم وهم جه00ال وق00د ق00ال ابن عب00اس: )أن00ا ممن يعلم تأويله( وقرأ مجاهد هذه اآلية وقال: أنا ممن يعلم تأويله؛ حك00اه عن00ه إم00ام

الحرمين أبو المعالي. قلت: وقد رد بعض العلماء هذا القول إلى القول األول فقال: وتقدير

تم00ام الكالم "عن00د الل00ه" أن معن00اه وم00ا يعلم تأويل00ه إال الل00ه يع00ني تأوي00ل المتشابهات، والراسخون في العلم يعلمون بعضه ق00ائلين آمن00ا ب00ه ك00ل من عند ربنا بما نصب من الدالئل في المحكم ومكن من رده إليه. فإذا علم00وا تأويل بعضه ولم يعلموا البعض قالوا آمنا بالجميع كل من عند ربنا، وم00ا لم يحط به علمنا من الخفايا مما في شرعه الصالح فعلمه عند ربنا ف00إن ق00ال قائل: قد أشكل على الراس00خين بعض تفس00يره ح00تى ق00ال ابن عب00اس: )ال أدري ما األواه وال ما غسلين( قيل له: هذا ال يلزم؛ ألن ابن عباس ق00د علم بعد ذلك ففسر ما وقف عليه. وجواب أقطع من ه00ذا وه00و أن00ه س00بحانه لم يقل وك00ل راس00خ فيجب ه00ذا ف00إذا لم يعلم00ه أح00د علم00ه اآلخ00ر. ورجح ابن ف00ورك أن الراس00خين يعلم00ون التأوي00ل وأطنب في ذل00ك؛ وفي قول00ه علي00ه السالم البن عباس: )اللهم فقهه في ال00دين وعلم00ه التأوي00ل( م00ا ي00بين ل00ك ذل00ك، أي علم00ه مع00اني كتاب00ك. والوق00ف على ه00ذا يك00ون عن00د قول00ه "والراس00خون في العلم". ق00ال ش00يخنا أب00و العب00اس أحم00د بن عم00ر: وه00و الصحيح؛ ف00إن تس00ميتهم راس00خين يقتض00ي أنهم يعلم00ون أك00ثر من المحكم الذي يس00توي في علم00ه جمي00ع من يفهم كالم الع00رب. وفي أي ش00يء ه00و رسوخهم إذا لم يعلموا إال ما يعلم الجميع!. لكن المتشابه يتن0وع، فمن0ه م0ا ال يعلم البتة كأمر الروح والساعة مما استأثر الل00ه بغيب00ه، وه00ذا ال يتع00اطى علم00ه أح00د ال ابن عب00اس وال غ00يره. فمن ق00ال من العلم00اء الح00داق ب00أن الراسخين ال يعلمون علم المتش00ابه فإنم00ا أراد ه00ذا الن00وع، وأم00ا م00ا يمكن حمل00ه على وج0وه في اللغ0ة ومن0اح في كالم الع0رب فيت0أول ويعلم تأويل00ه المستقيم، ويزال ما في00ه مم00ا عس00ى أن يتعل00ق من تأوي00ل غ00ير مس00تقيم؛

[ إلى غ00ير ذل00ك. فال يس00مى171كقوله في عيسى: "وروح من00ه"]النس00اء: أحد راسخا إال أن يعلم من هذا النوع كث00يرا بحس00ب م00ا ق00در ل00ه. وأم00ا من يقول: إن المتشابه هو المنسوخ فيستقيم على قوله إدخال الراس00خين في

علم التأويل؛ لكن تخصيصه المتشابهات بهذا النوع غير صحيح. والرسوخ: الثبوت في الشيء، وكل ثابت راسخ. وأصله في األجرام أن

يرسخ الجبل والشجر في األرض؛ قال الشاعر: لقد رسخت في الصدر مني مودة لليلى أبت آياتها أن تغيرا

ورسخ اإليمان في قلب فالن يرسخ رسوخا. وحكى بعضهم: رس00خ الغ00دير:ن خ ورص00 خ ورض00 نض00ب م00اؤه؛ حك00اه ابن ف00ارس فه00و من األض00داد. ورس00 ورسب كله ثبت فيه. وسئل النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم عن الراس00خين في العلم فقال: )هو من برت يمين00ه وص0دق لس00انه واس0تقام قلب0ه(. ف0إن قيل: كيف كان في القرآن متشابه والله يقول: "وأنزلنا إلي00ك ال00ذكر لت00بين

[ فكيف لم يجعله كله واض00حا؟ قي00ل ل00ه:44للناس ما نزل إليهم" ]النحل: الحكمة في ذلك - والله أعلم - أن يظهر فضل العلم00اء؛ ألن00ه ل00و ك00ان كل00ه واضحا لم يظهر فضل بعضهم على بعض. وهكذا يفع0ل من يص0نف تص0نيفا يجعل بعضه واضحا وبعض00ه مش00كال، وي00ترك للجث00وة موض00عا؛ ألن م00ا ه00ان

وجوده قل بهاؤه. والله أعلم.

Page 12: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "كل من عند ربنا" فيه ض0مير عائ0د على كت0اب الل00ه تع0الى محكمه ومتشابهه؛ والتقدير: كله من عند ربنا. وحذف الضمير لداللة "كل" عليه؛ إذ هي لفظة تقتضي اإلضافة. ثم قال: "وما ي00ذكر إال أول00وا األلب00اب" أي ما يقول هذا ويؤمن ويقف حيث وقف وي00دع اتب00اع المتش00ابه إال ذو لب، وهو العقل. ولب كل شيء خالصه؛ فلذلك قي00ل للعق0ل لب. و"أول0و" جم00ع

ذو. }ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحم00ة إن00ك8*اآلية: 3*

أنت الوهاب{ @قوله تعالى: "ربنا ال تزغ قلوبنا" في الكالم حذف تقديره يقول00ون. وه00ذا حكاية عن الراسخين. ويجوز أن يكون المعنى قل يا محمد، ويق00ال: إزاغ00ة القلب فساد وميل عن الدين، أفكانوا يخافون وقد هدوا أن ينقلهم الله إلى الفس00اد؟ ف00الجواب أن يكون00وا س00ألوا إذ ه00داهم الل00ه أال يبتليهم بم00ا يثق00ل عليهم من األعم00ال فيعج00زوا عن00ه؛ نح00و "ول00و أن00ا كتبن00ا عليهم أن اقتل00وا

[. ق00ال ابن كيس00ان: س00ألوا66أنفسكم أو اخرجوا من دياركم..." ]النساء: أال يزيغوا فيزيغ الله قلوبهم؛ نحو "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم..." ]الصف:

[ أي ثبتنا على هدايتك إذ هديتنا وأال نزيغ فنستحق أن تزيغ قلوبنا. وقي00ل:5 هو منقطع مما قبل؛ وذلك أنه تعالى لما ذك00ر أه00ل الزي00غ. عقب ذل00ك ب00أن علم عباده الدعاء إليه في أال يكونوا من الطائفة الذميمة ال00تي ذك00رت هي وأه00ل الزي00غ. وفي الموط00أ عن أبي عبدالل00ه الص00نابحي أن00ه ق00ال: ق00دمت المدين00ة في خالف00ة أبي بك00ر الص00ديق فص00ليت وراءه المغ00رب، فق00رأ في الركع00تين األول00يين ب00أم الق00رآن وس00ورة من قص00ار المفص00ل، ثم ق00ام في الثالثة، فدنوت من00ه ح00تى إن ثي00ابي لتك00اد تمس ثياب00ه، فس00معته يق00رأ ب00أم القرآن وهذه اآلية "ربنا ال تزغ قلوبنا" اآلية. قال العلماء: قراءته بهذه اآلي00ة ضرب من القنوت والدعاء لما كان فيه من أمر أهل الردة. والقن00وت ج00ائز في المغ00رب عن00د جماع00ة من أه00ل العلم، وفي ك00ل ص00الة أيض00ا إذا دهم المسلمين أمر عظيم يفزعهم ويخافون منه على أنفسهم. وروى الترم00ذي من حديث شهر بن حوشب قال: قلت ألم سلمة: يا أم المؤمنين، م00ا ك00ان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وس00لم إذا ك00ان عن00دك؟ ق00الت: ك00ان أكثر دعائه )يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك(. فقلت: يا رسول الل00ه، ما أكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال: )يا أم سلمة إنه ليس آدمي إال وقلبه بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أق00ام ومن ش00اء أزاغ(. فتال معاذ "ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا". قال: حديث حسن. وهذه اآلية حجة على المعتزلة في ق00ولهم: إن الل00ه ال يض00ل العب00اد. ول00و لم تكن اإلزاغة من قبله لما جاز أن يدعى في دفع ما ال يجوز عليه فعله. وقرأ أب00و واقد الجراح "ال تزغ قلوبنا" بإسناد الفعل إلى القلوب، وهذه رغبة إلى الله

تعالى. ومعنى اآلية على القراءتين أال يكون منك خلق الزيغ فيها فتزيغ. @قوله تعالى: "وهب لنا من لدنك رحمة" أي من عندك ومن قبل00ك تفض00ال ال عن سبب منا وال عمل. وفي ه00ذا استس00الم وتط00ارح. وفي "ل00دن" أرب00ع لغات: لدن بفتح الالم وضم الدال وجزم الن00ون، وهي أفص00حها، وبفتح الالم وضم الدال وحذف النون؛ وبضم الالم وجزم الدال وفتح النون؛ وبفتح الالم وس00كون ال00دال وفتح الن00ون. ولع00ل جه00ال المتص00وفة وزنادق00ة الباطني00ة يتشبثون بهذه اآلية وأمثالها فيقولون: العلم م00ا وهب00ه الل00ه ابت00داء من غ00ير

Page 13: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

كسب، والنظر في الكتب واألوراق حجاب. وهذا مردود على ما يأتي بيان00ه في ه00ذا الموض00ع. ومع00نى اآلي00ة: هب لن00ا نعيم00ا ص00ادرا عن الرحم00ة، ألن الرحمة راجع00ة إلى ص00فة ال00ذات فال يتص00ور فيه00ا الهب00ة. يق00ال: وهب يهب واألصل يوهب بكسر الهاء. ومن قال: األصل يوهب بفتح اله00اء فق00د أخط00أ ألنه لو كان كما قال لم تحذف الواو كما لم تحذف في يوجل. وإنما حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ثم فتح بعد حذفها ألن فيه حرفا من ح00روف

الحلق. }ربن00ا إن00ك ج00امع الن00اس لي00وم ال ريب في00ه إن الل00ه ال يخل00ف9*اآلي00ة: 3*

الميعاد{ @أي باعثهم ومحييهم بعد تفرقهم، وفي هذا إق00رار ب00البعث لي00وم القيام00ة. قال الزجاج: هذا ه0و التأوي0ل ال0ذي علم0ه الراس0خون وأق0روا ب0ه، وخ0الف الذين اتبعوا ما تشابه عليهم من أمر البعث حتى أنك00روه. وال00ريب الش00ك،

وقد تقدمت محامله في البقرة. والميعاد مفعال من الوعد. }إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم وال أوالدهم من الله10*اآلية: 3*

شيئا وأولئك هم وقود النار{ن، أي لن تدفع عنهم أموالهم وال أوالدهم من عذاب الل00ه ش00يئا. @معناه بي وقرأ السلمي "لن يغني" بالي00اء لتق00دم الفع00ل ودخ00ول الحائ00ل بين االس00م والفعل. وقرأ الحسن "يغني" بالياء وسكون الياء اآلخ00رة للتخفي00ف؛ كق00ول

الشاعر: كفى باليأس من أسماء كافي وليس لسقمها إذ طال شافي

وكان حقه أن يقول كافيا، فأرسل الياء. وأنشد الفراء في مثله: كأن أيديهن بالقاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق

القرق والقرقة لغتان في القاع. و"من" في قوله "من الل00ه" بمع00نى عن00د؛ قاله أبو عبيدة. "أولئك هم وقود النار" والوق00ود اس00م للحطب، وق00د تق00دم في "البقرة". وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف "وقود" بضم ال00واو على حذف مضاف تقديره حطب وق00ود الن00ار. ويج00وز في العربي00ة إذا ض00م الواو أن تقول أقود مثل أقتت. والوقود بضم ال00واو المص00در؛ وق00دت الن00ار تقد إذا اشتعلت. وخ00رج ابن المب00ارك من ح00ديث العب00اس بن عب00دالمطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )يظهر هذا الدين ح00تى يج00اوز البحار وحتى تخاض البحار بالخي0ل في س00بيل الل00ه تب00ارك وتع0الى ثم ي00أتي أقوام يقرؤون الق00رآن ف00إذا ق00رؤوه ق00الوا من أق00رأ من00ا من أعلم من00ا؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل ت00رون في أولئكم من خ00ير(؟ ق00الوا ال. ق00ال:

)أولئك منكم وأولئك من هذه األمة وأولئك هم وقود النار(. }كدأب آل فرعون وال00ذين من قبلهم ك00ذبوا بآياتن00ا فأخ00ذهم11*اآلية: 3*

الله بذنوبهم والله شديد العقاب{ @الدأب العادة والشأن. ودأب الرجل في عمله ي00دأب دأب00ا ودؤوب00ا إذا ج00د واجته00د، وأدأبت00ه أن00ا. وأدأب بع00يره إذا جه00ده في الس00ير. وال00دائبان اللي00ل والنهار. قال أبو حاتم: وسمعت يعقوب يذكر "ك00دأب" بفتح الهم00زة، وق00ال لي وأن00ا غليم: على أي ش00يء يج00وز "ك00دأب"؟ فقلت ل00ه: أظن00ه من دئب يدأب دأب00ا. فقب00ل ذل00ك م00ني وتعجب من ج00ودة تق00ديري على ص00غري؛ وال أدري أيقال أم ال. قال النحاس: "وهذا القول خطأ، ال يقال البتة دئب؛ وإنما

Page 14: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

يقال: دأب يدأب دؤوبا ودأبا؛ هكذا حكى النحويون، منهم الف00راء حك00اه فيكتاب المصادر؛ كما قال امرؤ القيس:

كدأبك من أم الحويرث قبلها وجارتها أم الرباب بمأسل فأما الدأب فإنه يجوز؛ كما يقال: شعر وشعر ونهر ونهر؛ ألن فيه حرفا من "حروف الحلق". واختلفوا في الكاف؛ فقيل: هي في موض00ع رف00ع تق00ديره دأبهم ك00دأب آل فرع00ون، أي ص00نيع الكف00ار مع00ك كص00نيع آل فرع00ون م00ع موسى. وزعم الفراء أن المع00نى: كف00رت الع00رب ككف00ر آل فرع00ون. ق00ال النحاس: ال يجوز أن تك00ون الك00اف متعلق00ة بكف00روا، ألن كف00روا داخل00ة في الصلة. وقيل: هي متعلقة ب0 "أخ0ذهم الل0ه"، أي أخ0ذهم أخ0ذا كم0ا أخ0ذ آل فرعون. وقيل: هي متعلقة بقوله "لن تغ00ني عنهم أم00والهم وال أوالدهم..."

[ أي لم تغن عنهم غن00اء كم00ا لم تغن األم00وال واألوالد عن10]آل عم00ران: آل فرع00ون. وه00ذا ج00واب لمن تخل00ف عن الجه00اد وق00ال: ش00غلتنا أموالن00ا وأهلونا. ويصح أن يعمل فيه فعل مقدر من لف00ظ الوق00ود، ويك00ون التش00بيه في نفس االحتراق. ويؤيد هذا المعنى "... وحاق بآل فرعون سوء العذاب. النار يعرضون عليها غدوا وعش00يا وي00وم تق00وم الس00اعة أدخل00وا آل فرع00ون

[. والقول األول أرجح، واخت00اره غ00ير واح00د من46أشد العذاب" ]المؤمن: العلماء. قال ابن عرفة: "كدأب آل فرعون" أي كع0ادة آل فرع0ون. يق0ول: اعتاد هؤالء الكفرة اإللحاد واإلعنات للنبي صلى الله عليه وسلم كما اعت00اد آل فرعون من إعنات األنبياء؛ وقال معناه األزهري. فأم00ا قول00ه في س00ورة )األنفال( "كدأب آل فرعون" ف00المعنى ج00وزي ه00ؤالء بالقت00ل واألس00ر كم00ا جوزي آل فرعون بالغرق والهالك. "بآياتنا" يحتمل أن يريد اآليات المتل00وة، ويحتمل أن يريد اآلي0ات المنص00وبة للدالل0ة على الوحداني0ة. "فأخ0ذهم الل0ه

بذنوبهم والله شديد العقاب". }ق00ل لل00ذين كف00روا س00تغلبون وتحش00رون إلى جهنم وبئس12*اآلي00ة: 3*

المهاد{ @يعني اليهود، قال محمد بن إسحاق: لما أص00اب رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه عليه وسلم قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود فقال: )ي00ا معش00ر اليه00ود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم فقد عرفتم أني ن00بي مرس00ل تج00دون ذل0ك في كت00ابكم وعه0د الل00ه إليكم(، فقالوا: يا محم00د، ال يغرن00ك أن00ك قتلت أقوام00ا أغم00ارا ال علم لهم ب00الحرب فأصبت فيهم فرصة والله لو قاتلتن00ا لع00رفت أن00ا نحن الن00اس. ف00أنزل الل00ه تع00الى: "ق00ل لل00ذين كف00روا س00تغلبون" بالت00اء يع00ني اليه00ود: أي تهزم00ون "وتحشرون إلى جهنم" في اآلخرة. فه00ذه رواي00ة عكرم00ة وس00عيد بن جب00ير عن ابن عباس. وفي رواية أبي صالح عنه أن اليهود لما فرحوا بم00ا أص00اب المسلمين ي00وم أح00د ن00زلت. ف00المعنى على ه00ذا "س00يغلبون" بالي00اء، يع00ني قريشا، "ويحشرون" بالياء فيهما، وهي قراءة ن00افع. "وبئس المه00اد" يع00ني جهنم؛ هذا ظاهر اآلي00ة. وق00ال مجاه00د: المع00نى بئس م00ا مه00دوا ألنفس00هم،

فكأن المعنى: بئس فعلهم الذي أداهم إلى جهنم. }قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقات00ل في س00بيل الل00ه13*اآلية: 3*

وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن فيذلك لعبرة ألولي األبصار{

Page 15: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "قد كان لكم آية" أي عالمة. وقال "كان" ولم يقل "ك00انت" ألن "آية" تأنيثها غير حقيقي. وقيل: ردها إلى البيان، أي قد كان لكم بي00ان؛

فذهب إلى المعنى وترك اللفظ؛ كقول امرئ القيس:برهرهة رؤدة رخصة كخرعوبة البانة المنفطر

ولم يقل المنفطرة؛ ألنه ذهب إلى القضيب. وقال الفراء: ذكره ألن00ه ف00رق بينهما بالصفة، فلما حالت الصفة بين االسم والفعل ذكر الفعل. وقد مضى ه00ذا المع00نى في البق00رة في قول00ه تع00الى: "كتب عليكم إذا حض00ر أح00دكم

[ 180الموت إن ترك خيرا الوصية" ]البقرة: @قوله تعالى: "في فئتين التقت00ا" يع00ني المس00لمين والمش00ركين ي00وم ب00در "فئ00ة" ق00رأ الجمه00ور "فئ00ة" ب00الرفع، بمع00نى إح00داهما فئ00ة. وق00رأ الحس00ن ومجاهد "فئة" بالخفض "وأخ00رى ك00افرة" على الب00دل. وق00رأ ابن أبي عبل00ة بالنصب فيهما. قال أحمد بن يحيى: ويج00وز النص00ب على الح00ال، أي التقت00ا مختلفتين مؤمن00ة وك00افرة. ق00ال الزج00اج: النص00ب بمع00نى أع00ني. وس00ميت الجماعة من الناس فئة ألنها يف00اء إليه00ا، أي يرج00ع إليه00ا في وقت الش00دة. وقال الزجاج: الفئة الفرق00ة، م00أخوذة من ف00أوت رأس00ه بالس00يف - ويق00ال: فأيته - إذا فلقته. وال خالف أن اإلش00ارة به00اتين الفئ00تين هي إلى ي00وم ب00در. واختل00ف من المخ00اطب به00ا؛ فقي00ل: يحتم00ل أن يخ00اطب به00ا المؤمن00ون، ويحتمل أن يخاطب بها جميع الكفار، ويحتمل أن يخاطب بها يهود المدين00ة؛ وبكل احتمال منها قد قال قوم. وفائدة الخطاب للمؤمنين تث00بيت النف00وس

وتشجيعها حتى يقدموا على مثليهم وأمثالهم كما قد وقع. @قوله تعالى: "يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤي00د بنص00ره من يش00اء إن في ذلك لعبرة ألولي األبص00ار" ق00ال أب00و علي الرؤي00ة في ه00ذه اآلي00ة رؤي00ة عين؛ ولذلك تعدت إلى مفعول واحد. قال مكي والمهدوي: يدل عليه "رأي العين". وقرأ ن00افع "ت00رونهم" بالت00اء والب00اقون بالي00اء. "مثليهم" نص00ب على الح000ال من اله000اء والميم في "ت000رونهم". والجمه000ور من الن000اس على أن الفاعل بترون هم المؤمنون، والضمير المتصل هو للكفار. وأنكر أبو عم00رو أن يقرأ "ترونهم" بالتاء؛ قال: ولو كان كذلك لك00ان مثليكم. ق0ال النح0اس" وذا ال يل00زم، ولكن يج00وز أن يك00ون مثلي أص00حابكم. ق00ال مكي: "ت00رونهم" بالت000اء ج000رى على الخط000اب في "لكم" فيحس000ن أن يك000ون الخط000اب للمسلمين، والهاء والميم للمشركين. وقد كان يلزم من قرأ بالتاء أن يق00رأ مثليكم بالك00اف، وذل00ك ال يج00وز لمخالف00ة الخ00ط؛ ولكن ج00رى الكالم على الخروج من الخطاب إلى الغيبة، كقول00ه تع00الى: "ح00تى إذا كنتم في الفل00ك

[، وقول00ه تع00الى: "وم00ا آتيتم من زك00اة" ]ال00روم:22وجرين بهم" ]ي00ونس: [ فرج00ع إلى39[ فخاطب ثم ق00ال: "فأولئ00ك هم المض00عفون" ]ال00روم: 39

الغيبة. فالهاء والميم في "مثليهم" يحتمل أن يك00ون للمش00ركين، أي ت00رون أيه00ا المس00لمون المش00ركين مثلي م00ا هم علي00ه من الع00دد؛ وه00و بعي00د في المعنى؛ ألن الله تعالى لم يكثر المشركين في أعين المسلمين ب00ل أعلمن00ا أن00ه قللهم في أعين المؤم00نين، فيك00ون المع00نى ت00رون أيه00ا المؤمن00ون المشركين مثليكم في العدد وقد كانوا ثالثة أمثالهم، فقلل الله المش00ركين في أعين المس00لمين ف00أراهم إي00اهم مثلي ع00دتهم لتق00وى أنفس00هم ويق00ع التجاسر، وقد كانوا أعلموا أن المائة منهم تغلب المائتين من الكفار، وقلل المس00لمين في أعين المش00ركين ليج00ترئوا عليهم فينف00ذ حكم الل00ه فيهم.

Page 16: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ويحتم000ل أن يك000ون الض000مير في "مثليهم" للمس000لمين، أي ت000رون أيه000ا المس00لمون المس00لمين مثلي م00ا أنتم علي00ه من الع00دد، أي ت00رون أنفس00كم مثلي عددكم؛ فعل الل00ه ذل00ك بهم لتق00وى أنفس00هم على لق00اء المش00ركين. والتأويل األول أولى؛ يدل علي00ه قول0ه تع0الى: "إذ ي00ريكهم الل00ه في منام00ك

[ وقول00ه: "وإذ يريكم00وهم إذ التقيتم في أعينكم قليال"43قليال" ]األنف00ال: [ وروي عن ابن مس00عود أن00ه ق00ال: قلت لرج00ل إلى جن00بي:44]األنف00ال:

أتراهم سبعين؟ قال: أظنهم مائة فلما أخ00ذنا األس00ارى أخبرون00ا أنهم ك00انوا ألفا. وحكى الطبري عن قوم أنهم قالوا: ب0ل ك0ثر الل0ه ع0دد المؤم0نين في عيون الكافرين حتى كانوا عندهم ضعفين. وضعف الطبري هذا القول. قال ابن عطية: وكذلك هو مردود من جهات. بل قلل الله المش00ركين في أعين المؤمنين كما تقدم. وعلى هذا التأوي00ل ك00ان يك00ون "ت00رون" للك00افرين، أي ت00رون أيه00ا الك00افرون المؤم00نين مثليهم، ويحتم00ل مثليكم، على م00ا تق00دم. وزعم الفراء أن المعنى ترونهم مثليهم ثالثة أمثالهم. وهو بعيد غير معروف في اللغة. قال الزجاج: وهذا باب الغلط، في00ه غل00ط في جمي00ع المق00اييس؛ ألنا إنما نعقل مثل الشيء مساويا له، ونعقل مثله ما يساويه م00رتين. ق00ال ابن كيسان: وقد بين الفراء قوله بأن قال: كما تق00ول وعن00دك عب00د: أحت00اج إلى مثله، فأنت محت00اج إلي00ه وإلى مثل00ه. وتق00ول: أحت00اج إلى مثلي00ه، ف00أنت محتاج إلى ثالثة. والمعنى على خالف ما قاله، واللغة. وال00ذي أوق00ع الف00راء في هذا أن المشركين كانوا ثالثة أمثال المؤم00نين ي00وم ب00در؛ فت00وهم أن00ه ال يجوز أن يكونوا ي00رونهم إال على ع00دتهم، وه00ذا بعي00د وليس المع00نى علي00ه. وإنما أراهم الله على غ00ير ع00دتهم لجه00تين: إح00داهما أن00ه رأى الص00الح في ذلك، ألن المؤمنين تقوى قلوبهم بذلك. واألخرى أنه آي00ة للن00بي ص00لى الل00ه عليه وسلم. وسيأتي ذكر وقعة بدر إن شاء الل00ه تع0الى. وأم00ا ق00راءة الي00اء فقال ابن كيسان: الهاء والميم في "يرونهم" عائدة على "وأخ00رى ك00افرة" والهاء والميم في "مثليهم" عائدة على "فئة تقات00ل في س00بيل الل00ه" وه00ذا من اإلضمار الذي ي00دل علي00ه س00ياق الكالم، وه00و قول00ه: "يؤي00د بنص00ره من يشاء". فدل ذلك على أن الك00افرين ك00انوا مثلي المس00لمين في رأي العين وثالثة أمثالهم في العدد. قال: والرؤية هنا لليهود. وقال مكي: الرؤية للفئة المقاتلة في سبيل الله، والمرئية الفئة الكافرة؛ أي ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثلي الفئة المؤمنة، وقد كانت الفئة الكافرة ثالثة أمثال المؤمنة فقللهم الله في أعينهم على ما تقدم. والخط00اب في "لكم"00روهم" بض00م الت00اء، والس00لمي بالت00اء لليه00ود. وق00رأ ابن عب00اس وطلح00ة "ت المضمومة على ما لم يسم فاعل00ه. "والل00ه يؤي00د بنص00ره من يش00اء إن في

ذلك لعبرة ألولي األبصار" تقدم معناه والحمد لله. }زين للن00اس حب الش00هوات من النس00اء والب00نين والقن00اطير14*اآلية: 3*

المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة واألنعام والحرث ذلك متاعالحياة الدنيا والله عنده حسن المآب{

@قوله تعالى: "زين للناس" زين من التزيين واختلف الن00اس من الم00زين؛ فقالت فرقة: الله زين ذلك؛ وهو ظاهر قول عمر بن الخط00اب رض00ي الل00ه عنه، ذك00ره البخ00اري. وفي التنزي00ل: "إن00ا جعلن00ا م00ا على األرض زين00ة له00ا"

[؛ ولما قال عمر: اآلن يا رب حين زينتها لنا! نزلت: "قل أأنبئكم7]الكهف: [ وقالت فرقة: المزين هو الشيطان؛ وه00و15بخير من ذلكم" ]آل عمران:

Page 17: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ظاهر قول الحسن، فإنه قال: من زينها؟ ما أحد أشد له00ا ذم00ا من خالقه00ا. فتزيين الله تعالى إنم00ا ه00و باإليج00اد والتهيئ00ة لالنتف00اع وإنش00اء الجبل00ة على الميل إلى هذه األش0ياء. وت0زيين الش0يطان إنم0ا ه0و بالوسوس0ة والخديع0ة وتحس00ين أخ00ذها من غ00ير وجوهه00ا. واآلي00ة على كال ال00وجهين ابت00داء وع00ظ لجميع الناس، وفي ض00من ذل00ك ت00وبيخ لمعاص00ري محم00د ص00لى الل00ه علي00هن" على بناء الفعل للمفع00ول، وسلم من اليهود وغيرهم. وقرأ الجمهور "زين" على بناء الفعل للفاعل، ونصب ". وقرأ الضحاك ومجاهد "زي ورفع "حب" وحركت الهاء من "الشهوات" فرقا بين االس00م والنعت. والش00هوات "حب جمع شهوة وهي معروفة. ورجل شهوان للشيء، وشيء شهي أي مشتهى واتباع الشهوات م00رد وطاعته00ا مهلك00ة. وفي ص00حيح مس00لم: )حفت الجن00ة بالمك00اره وحفت الن00ار بالش00هوات( رواه أنس عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم. وفائ00دة ه00ذا التمثي00ل أن الجن00ة ال تن00ال إال بقط00ع مف00اوز المك00اره وبالصبر عليها. وأن الن00ار ال ينجى منه00ا إال ب00ترك الش00هوات وفط00ام النفس عنها. وقد روي عنه صلى الله عليه وس00لم أن00ه ق00ال: )طري00ق الجن00ة ح00زن برب00وة وطري00ق الن00ار س00هل بس00هوة...(؛ وه00و مع00نى قول00ه )حفت الجن00ة بالمكاره وحفت الن00ار بالش00هوات(. أي طري00ق الجن00ة ص00عبة المس00لك في00ه أعلى ما يكون من الروابي، وطريق النار سهل ال غلظ فيه وال وعورة، وهو

معنى قوله )سهل بسهوة( وهو بالسين المهملة. @قوله تعالى: "من النساء" ب0دأ بهن لك00ثرة تش0وف النف0وس إليهن؛ ألنهن حبائل الشيطان وفتنة الرجال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )م00ا تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء( أخرج00ه البخ00اري ومس00لم. ففتنة النساء أشد من جميع األشياء. ويقال: في النساء فتنتان، وفي األوالد فتنة واحدة. فأما اللتان في النساء فإح00داهما أن ت00ؤدي إلى قط00ع ال00رحم؛ ألن المرأة تأمر زوجها بقطعه عن األمهات واألخوات. والثاني00ة يبتلى بجم00ع المال من الحالل والحرام. وأم00ا البن00ون ف00إن الفتن00ة فيهم واح00دة وه00و م00ا ابتلي بجمع المال ألجلهم. وروى عبدالله بن مسعود قال ق00ال رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )ال تسكنوا نساءكم الغ00رف وال تعلم00وهن الكت00اب(. حذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألن في إسكانهن الغرف تطلع00ا إلى الرجال، وليس في ذلك تحصين لهن وال ستر؛ ألنهن ق00د يش00رفن على الرج00ال فتح00دث الفتن00ة والبالء، وألنهن ق00د خلقن من الرج00ل؛ فهمته00ا في الرجل والرجل خلق فيه الشهوة وجعلت سكنا له؛ فغير م00أمون ك00ل واح00د منهما على صاحبه. وفي تعلمهن الكتاب هذا المعنى من الفتنة وأشد. وفي كتاب الشهاب عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )أع00روا النس00اء يل00زمن الحجال(. فعلى اإلنسان إذا لم يص00بر في ه00ذه األزم00ان أن يبحث عن ذات الدين ليسلم له الدين؛ قال ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )علي00ك ب00ذات ال00دين ت00ربت ي00داك( أخرج00ه مس00لم عن أبي هري00رة. وفي س00نن ابن ماج00ة عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )ال تزوج00وا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن وال تزوجوهن ألموالهن فعس00ى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين وألمة س00وداء خرم00اء ذات

دين أفضل(. @قوله تعالى: "والبنين" عطف على ما قبله. وواح00د من الب00نين ابن. ق00ال الله تعالى مخبرا عن نوح: )إن ابني من أهلي(. وتقول في التصغير "ب00ني"

Page 18: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

كما قال لقمان. وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وس00لم ق00ال لألش00عث بن قيس: )ه00ل ل00ك من ابن00ة حم00زة من ول00د(؟ ق00ال: نعم، لي منه00ا غالم ولوددت أن لي به جفنة من طعام أطعمه00ا من بقي من ب00ني جبل00ة. فق00ال النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )لئن قلت ب00ذلك إنهم لثم00رة القل00وب وق00رة

األعين وإنهم مع ذلك لمجبنة مبخلة محزنة(. @قوله تعالى: "والقناطير" القناطير جمع قنطار، كما ق00ال تع00الى: "وآتيتم

[ وهو العقدة الكب00يرة من الم00ال، وقي00ل: ه00و20إحداهن قنطارا" ]النساء: اسم للمعيار الذي يوزن به؛ كما ه00و الرط00ل والرب00ع. ويق00ال لم00ا بل00غ ذل00ك الوزن: هذا قنطار، أي يعدل القنطار. والعرب تقول: قنط0ر الرج0ل إذا بل0غ ماله أن يوزن بالقنطار. وق00ال الزج00اج: القنط00ار م00أخوذ من عق00د الش00يء وإحكامه؛ تقول العرب: قنطرت الشيء إذا أحكمته؛ ومنه سميت القنط00رة

إلحكامها. قال طرفة: كقنطرة الرومي أقسم ربها لتكتنفن حتى تشاد بقرمد

والقنطرة المعقودة؛ فكأن القنطار عقد مال. واختل00ف العلم00اء في تحري00ر حده كم هو على أقوال عديدة؛ ف00روى أبي بن كعب عن الن00بي ص00لى الل00ه عليه وسلم أنه قال: )القنطار ألف أوقية ومائتا أوقية(؛ وقال بذلك معاذ بن جبل وعبدالله بن عمر وأبو هري00رة وجماع0ة من العلم0اء. ق00ال ابن عطي00ة: وهو أصح األقوال، لكن القنط00ار على ه00ذا يختل00ف ب00اختالف البالد في ق00در األوقية. وقيل: اثنا عشر ألف أوقية؛ أس00نده البس00تي في مس00نده الص00حيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم ق00ال: "القنط00ار اثن00ا عشر ألف أوقية األوقية خير مما بين السماء واألرض". وق00ال به00ذا الق00ول أبو هريرة أيضا. وفي مس00ند أبي محم00د ال00دارمي عن أبي س00عيد الخ00دري قال: "من قرأ في ليلة عشر آيات كتب من الذاكرين، ومن ق00رأ بمائ00ة آي00ة كتب من القانتين، ومن قرأ بخمسمائة آية إلى األلف أصبح وله قنط00ار من األجر" قيل: وما القنطار؟ قال: "ملء مسك ثور ذهبا". موقوف؛ وق00ال ب00ه أبو نضرة العبدي. وذكر ابن سيده أنه هكذا بالسريانية. وق00ال النق00اش عن ابن الكلبي أنه هكذا بلغة الروم. وقال ابن عباس والضحاك والحسن: أل00ف ومائتا مثقال من الفضة؛ ورفعه الحسن. وعن ابن عباس: اثن00ا عش00ر أل00ف درهم من الفضة، ومن الذهب ألف دين00ار دي00ة الرج00ل المس00لم؛ وروى عن الحسن والضحاك. وقال سعيد بن المسيب: ثمانون ألفا. قتادة: مائة رطل من ال0ذهب أو ثم00انون أل0ف درهم من الفض00ة. وق0ال أب00و حم00زة الثم0الي: القنطار بإفريقية واألندلس ثمانية آالف مثقال من ذهب أو فض00ة. الس00دي: أربعة آالف مثقال. مجاهد: سبعون ألف مثقال؛ وروي عن ابن عمر. وحكى مكي قوال أن القنطار أربعون أوقية من ذهب أو فضة؛ وقاله ابن سيده في المحكم، وقال: القنطار بربر ألف مثق00ال. وق00ال الربي00ع بن أنس: القنط00ار المال الكثير بعضه على بعض؛ وهذا هو المعروف عند العرب، ومنه قول00ه: "وآتيتم إحداهن قنطارا" أي ماال كثيرا. ومنه الحديث: )إن صفوان بن أمي00ة قنطر في الجاهلية وقنطر أبوه( أي صار له قنطار من الم00ال. وعن الحكم هو ما بين السماء واألرض. واختلفوا في معنى "المقنطرة" فقال الط00بري وغيره: معناه المضعفة، وكأن القناطير ثالث00ة والمقنط00رة تس00ع. وروى عن الفراء أنه قال: القناطير جم0ع القنط0ار، والمقنط0رة جم0ع الجم0ع، فيك0ون تسع قناطير. السدي: المقنطرة المض00روبة ح00تى ص00ارت دن00انير أو دراهم.

Page 19: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

مكي: المقنطرة المكملة؛ وحكاه اله00روي؛ كم00ا يق00ال: ب00در مب00درة، وآالف مؤلفة. وقال بعضهم. ولهذا سمي البناء القنطرة لتكاثف البناء بعض00ه على بعض. ابن كيسان والفراء: ال تكون المقنطرة أقل من تسع قناطير. وقيل: المقنطرة إشارة إلى حضور المال وكونه عتي00دا. وفي ص00حيح البس00تي عن عبدالله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن00ه ق00ال: )من ق00ام بعشر آي00ات لم يكتب من الغ00افلين ومن ق00ام بمائ00ة آي00ة كتب من الق00انتين

ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين(. @قول0ه تع0الى: "من ال0ذهب والفض00ة" ال0ذهب مؤنث00ة؛ يق0ال: هي ال0ذهب00ة، ويجم00ع على الحسنة جمعها ذهاب وذه00وب. ويج00وز أن يك00ون جم00ع ذهب األذهاب. وذهب فالن م00ذهبا حس00نا. وال00ذهب: مكي00ال أله00ل اليمن. ورج00ل ذهب إذا رأى مع00دن ال00ذهب ف00دهش. والفض00ة معروف0ة، وجمعه0ا فض00ض. فالذهب مأخوذة من ال00ذهاب، والفض00ة م00أخوذة من انفض الش00يء تف00رق؛ ومنه فضضت القوم فانفضوا، أي فرقتهم فتفرقوا. وه00ذا االش00تقاق يش00عر بزوالهما وعدم ثبوتهما كما هو مشاهد في الوجود. ومن أحسن ما قيل في

هذا المعنى قول بعضهم: النار آخر دينار نطقت به والهم آخر هذا الدرهم الجاري والمرء بينهما إن كان ذا ورع معذب القلب بين الهم والنار

@قوله تعالى: "والخيل" الخي00ل مؤنث00ة. ق00ال ابن كيس00ان: ح00دثت عن أبي عبيدة أنه قال: واحد الخيل خائل، مثل طائر وطير، وضائن وضين؛ وس00مي الفرس بذلك ألنه يختال في مشيه. وقال غيره: هو اسم جم00ع ال واح00د ل00ه من لفظه، واحد فرس، كالقوم والرهط والنساء واإلبل ونحوها. وفي الخبر من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم: )إن الله خلق الفرس من الريح ولذلك جعلها تطير بال جناح(. وهب بن منبه: خلقها من ريح الجن00وب. ق00ال وهب: فليس تس00بيحة وال تكب00يرة وال تهليل00ة يكبره00ا ص00احبها إال وه00و يسمعها فيجيبه بمثلها. وسيأتي لذكر الخيل ووص00فها في س00ورة "األنف00ال" ما فيه كفاي00ة إن ش00اء الل00ه تع00الى. وفي الخ00بر: )إن الل00ه ع00رض على آدم جميع الدواب، فقيل له: اختر منها واحدا فاختار الفرس؛ فقيل ل00ه: اخ00ترت عزك(؛ فصار اسمه الخير من هذا الوجه. وسميت خيال ألنها موسومة بالعز فمن ركبه اعتز بنحلة الله له ويخت00ال ب00ه على أع00داء الل00ه تع00الى. وس00مي فرسا ألنه يفترس مسافات الجو افتراس األسد وثبان00ا، ويقطعه00ا كااللته00ام بيديه على ش00يء خبط00ا وتن00اوال، وس00مي عربي00ا ألن00ه جيء ب00ه من بع00د آدم إلسماعيل جزاء عن رفع قواعد البيت، وإسماعيل ع00ربي، فص00ار ل00ه نحل00ة من الل00ه تع0الى فس00مي عربي0ا. وفي الح00ديث عن الن0بي ص0لى الل00ه علي0ه وسلم: )ال يدخل الشيطان دارا فيها فرس عتيق(. وإنما س00مي عتيق00ا ألن00ه قد تخلص من الهجانة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: )خير الخي00ل األدهم األقرح األرثم ثم األق00رح المحج00ل طل00ق اليمين ف00إن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية(. أخرجه الترمذي عن أبي قتادة. وفي مسند الدارمي عنه أن رجال قال: يا رسول الله، إني أريد أن أشتري فرسا فأيها أشتري؟ قال: )اشتر أدهم أرثم محجال طلق اليمين أو من الكميت على هذه الش00ية تغنم وتسلم(. وروى النسائي عن أنس قال: لم يكن أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وس00لم بع00د النس00اء من الخي00ل. وروى األئم00ة عن أبي هري00رة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ق00ال: )الخي00ل ثالث00ة لرج00ل أج00ر ولرج00ل

Page 20: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ستر ولرجل وزر...( الحديث بطوله، شهرته أغنت عن ذكره. وسيأتي ذك00رأحكام الخيل في "األنفال" و"النحل" بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى.

@قول0ه تع0الى: "المس00ومة" يع0ني الراعي00ة في الم0روج والمس0ارح؛ قال0ه سعيد بن جبير. يقال: سامت الدابة والشاة إذا سرحت تس00وم س00وما فهي سائمة. وأسمتها أنا إذا تركتها ل00ذلك فهي مس00امة. وس00ومتها تس00ويما فهي مسومة. وفي سنن ابن ماجة عن علي ق0ال: نهى رس0ول الل0ه ص0لى الل0ه عليه وسلم عن السوم قبل طلوع الشمس، وعن ذبح ذوات ال00در. الس00وم

هنا في معنى الرعي. وقال الله عز وجل: "فيه تسيمون" [ قال األخطل: 10]النحل:

مثل ابن بزعة أو كآخر مثله أولى لك ابن مسيمة األجمال أراد ابن راعية اإلبل. والسوام: كل بهيم00ة ت00رعى، وقي00ل: المع00دة للجه00اد؛ قاله ابن زيد. مجاهد: المسومة المطهمة الحسان. وق00ال عكرم00ة: س00ومها الحسن؛ واختاره النحاس، من قولهم: رج00ل وس00يم. وروي عن ابن عب00اس أنه قال: المسومة المعلم0ة بش0يات الخي0ل في وجوهه0ا، من الس0يما وهي

العالمة. وهذا مذهب الكسائي وأبي عبيدة. قلت: كل ما ذكر يحتمله اللفظ، فتكون راعي00ة مع00دة حس00انا معلم00ة

لتعرف من غيرها. قال أبو زيد: أصل ذلك أن تجعل عليها ص00وفة أو عالم00ة تخ00الف س00ائر جس00دها لت00بين من غيره00ا في الم00رعى. وحكى ابن ف00ارس اللغ00وي في مجمل00ه: المس00ومة المرس00لة وعليه00ا ركبانه00ا. وق00ال الم00ؤرج: المسومة المكوية، المبرد: المعروفة في البلدان. ابن كيسان: البلق. وكلها

متقارب من السيما. قال النابغة: وضمر كالقداح مسومات عليها معشر أشباه جن

@قوله تعالى: "واألنعام" قال ابن كيس00ان: إذا قلت نعم لم تكن إال لإلب00ل، فإذا قلت أنع0ام وقعت لإلب00ل وك0ل م0ا ي00رعى. ق00ال الف0راء: ه0و م00ذكر وال ي00ؤنث؛ يقول0ون ه00ذا نعم وارد، ويجم00ع أنعام00ا. ق00ال اله00روي: والنعم ي00ذكر ويؤنث، واألنع00ام المواش00ي من اإلب00ل والبق00ر والغنم؛، إذا قي00ل: النعم فه00و

اإلبل خاصة. وقال حسان: وكانت ال يزال بها أنيس خالل مروجها نعم وشاء

وفي سنن ابن ماجة عن عروة البارقي يرفعه قال: )اإلبل عز ألهلها والغنم بركة والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة(. وفيه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )الشاة من دواب الجنة(. وفيه عن أبي هريرة قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وس00لم األغني0اء باتخ00اذ الغنم، والفقراء باتخاذ الدجاج. وقال: عند اتخاذ األغنياء ال00دجاج ي00أذن الل00ه تعالى بهالك القرى. وفيه عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم ق00ال لها: )اتخذي غنما فإن فيها برك00ة(. أخرج00ه عن أبي بك00ر بن أبي ش00يبة عن

وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم هانئ، إسناد صحيح. @قوله تعالى: "والحرث" الحرث هن00ا اس00م لك00ل م00ا يح00رث، وه00و مص00در سمي به؛ تقول: حرث الرجل حرث00ا إذا أث00ار األرض لمع00نى الفالح00ة؛ فيق00ع اس00م الحراث00ة على زرع الحب00وب وعلى الجن00ات وعلى غ00ير ذل00ك من ن00وع الفالح00ة. وفي الح00ديث: )اح00رث ل00دنياك كأن00ك تعيش أب00دا(. يق00ال ح00رثت واحترثت. وفي حديث عبدالله )احرثوا ه00ذا الق00رآن( أي فتش00وه. ق00ال ابن األعرابي: الحرث التفتيش؛ وفي الح00ديث: )أص00دق األس00ماء الح00ارث( ألن

Page 21: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الح00ارث ه00و الكاس00ب، واح00تراث الم00ال كس00به، والمح00راث مس00عر الن00ار والحراث مجرى الوتر في القوس، والجم00ع أحرث00ة، وأح00رث الرج00ل ناقت00ه أهزلها. وفي حديث معاوية: ما فعلت نواضحكم؟ قالوا: حرثناه00ا ي00وم ب00در. قال أبو عبيد: يعنون هزلناه0ا؛ يق0ال: ح0رثت الداب0ة وأحرثته0ا، لغت0ان. وفي صحيح البخاري عن أبي أمامة الباهلي قال وق00د رأى س00كة وش00يئا من آل00ة الحرث فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وس00لم يق00ول: )ال ي00دخل هذا بيت ق0وم إال دخل00ه ال0ذل(. قي0ل: إن ال0ذل هن0ا م0ا يل0زم أه0ل الش0غل ب00الحرث من حق00وق األرض ال00تي يط00البهم به00ا األئم00ة والس00الطين. وق00ال المهلب: مع00نى قول00ه في ه00ذا الح00ديث والل00ه أعلم الحض على مع00الي األحوال وطلب الرزق من أشرف الصناعات؛ وذلك لما خشي الن00بي ص00لى الله عليه وس00لم على أمت00ه من االش00تغال ب00الحرث وتض00ييع رك00وب الخي00ل والجه00اد في س00بيل الل00ه؛ ألنهم إن اش00تغلوا ب00الحرث غلبتهم األمم الراكب00ة للخي00ل المتعيش00ة من مكاس00بها؛ فحض00هم على التعيش من الجه00اد ال من الخلود إلى عمارة األرض ول00زوم المهن00ة. أال ت00رى أن عم00ر ق00ال: تمع00ددوا واخشوشنوا واقطعوا الركب وثبوا على الخي0ل وثب00ا ال تغلبنكم عليه0ا رع0اة اإلب00ل. ف00أمرهم بمالزم00ة الخي00ل، ورياض00ة أب00دانهم ب00الوثوب عليه00ا. وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )م00ا من مسلم غرس غرسا أو زرع زرعا فيأمل منه طير أو إنسان أو بهيم00ة إال

كان له به صدقة(. قال العلماء: ذكر الله تعالى أربعة أصناف من المال، كل نوع من المال

يتمول به صنف من الناس؛ أما ال00ذهب والفض00ة فيتم00ول به00ا التج00ار، وأم00ا الخيل المسومة فيتمول بها الملوك، وأما األنعام فيتمول بها أه0ل الب0وادي، وأما الحرث فيتمول بها أهل الرساتيق. فتكون فتن00ة ك00ل ص00نف في الن00وع

الذي يتمول، فأما النساء والبنون ففتنة للجميع. @قوله تعالى: "ذلك متاع الحياة الدنيا" أي ما يتمتع ب00ه فيه00ا ثم ي00ذهب وال يبقى. وهذا منه تزهيد في الدنيا وترغيب في اآلخرة. روى ابن ماجة وغيره عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )إنما ال0دنيا مت00اع وليس من مت00اع ال00دنيا ش00يء أفض00ل من الم00رأة الص00الحة(. وفي الح00ديث: )إزه00د في ال00دنيا يحب00ك الل00ه( أي في متاعه00ا من الج00اه والم00ال الزائد على الضروري. قال صلى الله عليه وسلم: )ليس البن آدم ح00ق في سوى هذه الخصال بيت يسكنه وثوب يواري عورت00ه وجل00ف الخ00بز والم00اء( أخرج00ه الترم00ذي من ح00ديث المق00دام بن مع00د يك00رب. وس00ئل س00هل بن عبدالله: بم يسهل على العبد ترك الدنيا وكل الشهوات؟ قال: بتشاغله بما

أمر به. @قوله تعالى: "والله عنده حسن الم0آب" ابت00داء وخ0بر. والم0آب المرج0ع؛

آب يؤوب إيابا إذا رجع؛ قال يؤوب إيابا إذا رجع؛ قال امرؤ القيس: وقد طوفت في اآلفاق حتى رضيت من الغنيمة باإلياب

وقال آخر: وكل ذي غيبة يؤوب وغائب الموت ال يؤوب

وأصل مآب مأوب، قلبت حرك0ة ال00واو إلى الهم0زة وأب0دل من ال0واو أل00ف، مثل مقال. ومعنى اآلية تقليل الدنيا وتحقيرها والترغيب في حسن المرجع

إلى الله تعالى في اآلخرة.

Page 22: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}ق00ل أأن00بئكم بخ00ير من ذلكم لل00ذين اتق00وا عن00د ربهم جن00ات15*اآلية: 3* تجري من تحتها األنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والل00ه

بصير بالعباد{ @منتهى االس00تفهام عن00د قول00ه: "من ذلكم"، "لل00ذين اتق00وا" خ00بر مق00دم، و"جنات" رفع باالبتداء. وقيل: منتهاه "عند ربهم"، و"جنات" على ه00ذا رف00ع بابتداء مضمر تقديره ذلك جنات. ويجوز على هذا التأويل "جنات" بالخفض بدال من "خير" وال يجوز ذلك على األول. قال ابن عطية: وهذه اآلية وال00تي قبلها نظير قوله عليه السالم: )تنكح المرأة ألربع لماله00ا وحس00بها وجماله00ا ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك( خرجه مسلم وغيره. فقوله )فاظفر بذات الدين( مثال له00ذه اآلي00ة. وم00ا قب00ل مث00ال لألولى. ف00ذكر تع00الى ه00ذه تسلية عن الدنيا وتقوية لنفوس تاركيها. وقد تقدم في البقرة معاني ألفاظ هذه اآلية. والرضوان مصدر من الرضا، وهو أنه إذا دخل أه0ل الجن0ة يق0ول الله تعالى لهم )تريدون شيئا أزيدكم(؟ فيقولون: يا ربنا وأي ش00يء أفض00ل من هذا؟ فيقول: )رضاي فال أسخط عليكم بعده أبدأ( خرج00ه مس00لم. وفي

قوله تعالى: "والله بصير بالعباد" وعد ووعيد.-00 16*اآليتان: 3* }الذين يقولون ربنا إننا آمنا ف00اغفر لن00ا ذنوبن00ا وقن00ا17

ع00ذاب الن00ار، الص00ابرين والص00ادقين والق00انتين والمنفقين والمس00تغفرينباألسحار{

@"الذين" بدل من قوله "للذين اتقوا" وإن شئت كان رفعا أي هم ال00ذين، أو نصبا على المدح. "ربنا" أي يا ربن00ا. "إنن00ا آمن00ا" أي ص00دقنا. "ف00اغفر لن00ا ذنوبنا" دعاء بالمغفرة. "وقنا ع0ذاب الن00ار" تق0دم في البق0رة. "الص00ابرين" يعني عن المعاص00ي والش00هوات، وقي00ل: على الطاع00ات. "والص00ادقين" أي في األفعال واألقوال "والقانتين" الط00ائعين. "والمنفقين" يع00ني في س00بيل الله. وقد تقدم في البق00رة ه0ذه المع00اني على الكم0ال. ففس00ر تع00الى في

هذه اآلية أحوال المتقين الموعودين بالجنات. @واختلف في معنى قوله تعالى: "والمستغفرين باألسحار" فقال أنس بن

مالك: هم السائلون المغفرة. قتادة: المصلون. قلت: وال تناقض، فإنهم يصلون ويستغفرون. وخص السحر بالذكر ألنه

مظان القبول ووقت إجابة الدعاء. قال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم في تفس00ير قول00ه تع00الى مخ00برا عن يعق00وب علي00ه الس00الم لبني00ه: "س00وف

[: )أن00ه أخ00ر ذل00ك إلى الس00حر( خرج00ه98أس00تغفر لكم ربي" ]يوس00ف: الترمذي وسيأتي. وسأل النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم جبري00ل )أي اللي00ل أسمع(؟ فقال: )ال أدري غ00ير أن الع00رش يه00تز عن00د الس00حر(. يق00ال س00حر وسحر، بفتح الحاء وسكونها، وقال الزجاج: السحر من حين يدبر الليل إلى

أن يطلع الفجر الثاني، وقال ابن زيد: السحر هو سدس الليل اآلخر. قلت: أصح من هذا ما روى األئمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله

عليه وسلم قال: )ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمض00ي ثلث الليل األول فيقول أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأس00تجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر ل00ه فال ي00زال كذلك حتى يطلع الفجر( في رواية "حتى ينفجر الصبح" لف00ظ مس00لم. وق00د اختلف في تأويله؛ وأولى ما قيل فيه ما جاء في كتاب النسائي مفسرا عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قاال: ق0ال رس0ول الل00ه ص0لى الل00ه

Page 23: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

عليه وسلم: )إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل األول ثم يأمر مناديا فيقول هل من داع يس00تجاب ل00ه ه00ل من مس00تغر يغف00ر ل00ه ه00ل من سائل يعطى(. صححه أبو محمد عبدالحق، وهو يرفع اإلشكال ويوض00ح ك00ل احتمال، وأن األول من باب حذف المضاف، أي ينزل ملك ربنا فيقول. وقد روى "ينزل" بضم الياء، وهو يبين ما ذكرنا، وبالل00ه توفيقن00ا. وق0د أتين0ا علىذكره في "الكتاب األسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى".

مسألة: االستغفار مندوب إليه، وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين [.18في هذه اآلية وغيرها فقال: "وباألسحار هم يس00تغفرون" ]ال00ذاريات:

وقال أنس بن مالك: أمرنا أن نس00تغفر بالس00حر س00بعين اس00تغفارة. وق00ال س00فيان الث00وري: بلغ00ني أن00ه إذا ك00ان أول اللي00ل ن00ادى من00اد ليقم الق00انتون فيقومون كذلك يصلون إلى السحر، فإذا كان عند الس00حر ن00ادى من00اد: أين المستغفرون فيستغفر أولئك، ويقوم آخرون فيص00لون فيلحق00ون بهم. ف00إذا طلع الفجر نادى من00اد: أال ليقم الغ00افلون فيقوم00ون من فرش00هم ك00الموتى نشروا من قبورهم. وروي عن أنس سمعت النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يقول: )إن الله يقول إني ألهم بعذاب أه00ل األرض ف00إذا نظ00رت إلى عم00ار بيوتي وإلى المتحابين في وإلى المتهجدين والمستغفرين باألسحار صرفت عنهم الع00ذاب بهم(. ق00ال مكح00ول: إذا ك00ان في أم00ة خمس00ة عش00ر رجال يستغفرون الله كل يوم خمس00ا وعش00رين م00رة لم يؤاخ00ذ الل00ه تل00ك األم00ة بعذاب العامة. وذكره أبو نعيم في كتاب الحلي00ة ل00ه. وق00ال ن00افع: ك00ان ابن عمر يحيى الليل ثم يقول: ي0ا ن00افع أس00حرنا؟ ف00أقول ال. فيع0اود الص00الة ثم يسأل، فإذا قلت نعم قعد يستغفر. وروى إبراهيم بن حاطب عن أبيه ق00ال: سمعت رجال في السحر في ناحية المسجد يقول: يا رب، أمرتني فأطعتك،

وهذا سحر فاغفر لي. فنظرت فإذا هو ابن مسعود. قلت: فهذا كله يدل على أنه استغفار باللسان مع حضور القلب. ال ما

ق00ال ابن زي00د أن الم00راد بالمس00تغفرين ال00ذين يص00لون ص00الة الص00بح في جماعة. والله أعلم. وقال لقمان البنه: )ي00ا ب00ني ال يكن ال00ديك أكيس من00ك، ينادي باألسحار وأنت نائم(. والمختار من لفظ االستغفار م00ا رواه البخ00اري عن شداد بن أوس، وليس له في الجامع غيره، عن النبي صلى الل00ه علي00ه وسلم قال: )سيد االستغفار أن تقول اللهم أنت ربي ال إله إال أنت خلقت00ني وأنا عبدك وأن00ا على عه00دك ووع00دك م00ا اس00تطعت أع00وذ ب00ك من ش00ر م00ا صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه ال يغفر الذنوب إال أنت - قال - ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات من ليله قب00ل أن يصبح فهو من أه00ل الجن00ة(. وروى أب00و محم00د عب00دالغني بن س00عيد من حديث ابن لهيعة عن أبي صخر عن أبي معاوية عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البك00ري عن علي بن أبي ط00الب رض00ي الل00ه عن00ه أن رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عن00ه ثم ق00ال: )أال أعلمك كلمات تقولهن لو كانت ذنوبك كمدب النمل - أو كم00دب ال00ذر - لغفرها الله لك على أن00ه مغف00ور ل00ك: اللهم ال إل00ه إال أنت س00بحانك عملت

سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه ال يغفر الذنوب إال أنت(. }ش00هد الل00ه أن00ه ال إل00ه إال ه00و والمالئك00ة وأول00وا العلم قائم00ا18*اآلية: 3*

بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم{

Page 24: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قال سعيد بن جبير: كان حول الكعبة ثالثمائة وستون صنما، فلم00ا ن00زلت هذه اآلية خررن سجدا. وقال الكلبي: لما ظهر رسول الله صلى الله علي00ه وسلم بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام؛ فلما أبصرا المدين00ة قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة الن00بي ال00ذي يخ00رج في آخر الزمان. فلما دخال على النبي صلى الله عليه وسلم عرفاه بالصفة والنعت، فقاال له: أنت محمد؟ قال )نعم(. ق00اال: وأنت أحم00د؟ ق00ال: )نعم(. قاال: نسألك عن شهادة، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك. فقال لهما رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )س00الني(. فق00اال: أخبرن00ا عن أعظم شهادة في كتاب الله. فأنزل الله تعالى على نبيه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم "شهد الله أنه ال إله إال هو والمالئكة وأول0وا العلم قائم0ا بالقس0ط" فأس0لم الرجالن وصدقا برسول الله صلى الله عليه وس00لم. وق00د قي00ل: إن الم00راد بأولي العلم األنبياء عليهم السالم. وقال ابن كيسان: المهاجرون واألنص00ار. مقاتل: مؤمنو أهل الكتاب. السدي والكلبي: المؤمنون كلهم؛ وه00و األظه00ر

ألنه عام. @ في هذه اآلية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفض00لهم؛ فإن0ه ل0و كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باس00مه واس00م مالئكت00ه كم00ا ق00رن اسم العلماء. وقال في شرف العلم لنبيه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: "وق00ل

[. فلو كان ش00يء أش00رف من العلم ألم00ر الل00ه114رب زدني علما" ]طه: تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم. وقال صلى الله عليه وسلم: )إن العلماء ورث00ة األنبي00اء(. وق00ال: )العلماء أمناء الله على خلقه(. وهذا شرف للعلماء عظيم، ومح00ل لهم في الدين خطير. وخرج أبو محمد عبدالغني الحافظ من حديث بركة بن نشيط - وهو عنكل بن حكارك وتفس00يره برك00ة بن نش00يط - وك00ان حافظ00ا، ح00دثنا عمر بن المؤمل حدثنا محمد بن أبي الخصيب حدثنا عنكل حدثنا محم00د بن إسحاق حدثنا ش00ريك عن أبي إس00حاق عن ال00براء ق00ال: ق00ال رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )العلماء ورثة األنبياء يحبهم أه00ل الس00ماء ويس00تغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا إلى ي00وم القيام00ة( وفي ه00ذا الب00اب ح00ديث

عن أبي الدرداء خرجه أبو داود. @روى غ00الب القط00ان ق00ال: أتيت الكوف00ة في تج00ارة ف00نزلت قريب00ا من األعمش فكنت أختلف إليه. فلما كان ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة قام فتهجد من الليل فقرأ بهذه اآلي00ة: "ش00هد الل00ه أن00ه ال إل00ه إال ه00و والمالئك00ة وأولو العلم قائما بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم. إن ال00دين عن00د الل00ه

-00 18اإلسالم" ]آل عمران: [، قال األعمش: وأنا أشهد بما ش00هد الل00ه19 به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الل00ه وديع00ة، وإن ال00دين عن00د الله اإلسالم - قالها مرارا - فغدوت إليه وودعته ثم قلت: إني سمعتك تقرأ هذه اآلية فما بلغك فيها؟ أنا عندك منذ سنة لم تحدثني ب00ه. ق00ال: والل00ه ال حدثتك به س00نة. ق00ال: ف00أقمت وكتبت على باب00ه ذل0ك الي00وم، فلم0ا مض00ت السنة قلت: يا أب00ا محم00د ق00د مض00ت الس00نة. ق00ال: ح00دثني أب00و وائ00ل، عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )يج00اء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى عبدي عه00د إلي وأن00ا أح00ق من وفى أدخلوا عبدي الجنة(. قال أبو الفرج الجوزي: غ00الب القط00ان ه00و غ00الب بن خطاف القطان، يروي عن األعمش حديث )شهد الله( وهو حديث معض00ل.

Page 25: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قال ابن عدي الض00عف على حديث00ه بين. وق00ال أحم00د بن حنب00ل: غ00الب بن خطاف القطان ثقة ثق00ة. وق00ال ابن معين: ثق00ة. وق00ال أب00و ح00اتم: ص00دوق

صالح. قلت: يكفيك من عدالته وثقته أن خرج له البخاري ومسلم في كتابيهما،

وحسبك. وروي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن00ه ق00ال: )من قرأ شهد الله أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولو العلم قائم00ا بالقس00ط ال إل00ه إال ه00و العزي00ز الحكيم عن00د منام00ه خل00ق الل00ه ل00ه س00بعين أل00ف مل00ك يستغفرون له إلى يوم القيامة(. ويقال من أقر بهذه الشهادة عن عق0د من قلبه فقد قام بالعدل. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: كان ح00ول الكعب00ة ثالثمائة وستون ص00نما لك00ل حي من أحي00اء الع00رب ص00نم أو ص00نمان. فلم00ا

نزلت هذه اآلية أصبحت األصنام قد خرت ساجدة لله. @قول00ه تع00الى: "ش00هد الل00ه" أي بين وأعلم؛ كم00ا يق00ال: ش00هد فالن عن00د القاضي إذا بين وأعلم لمن الحق، أو على من هو. قال الزجاج: الشاهد هو الذي يعلم الشيء ويبينه؛ فقد دلنا الله تعالى على وحدانيته بما خلق وبين. وقال أبو عبيدة: "شهد الله" بمعنى قضى الله، أي أعلم. وقال ابن عطي00ة: وهذا مردود من جهات. وقرأ الكس0ائي بفتح "أن" في قول00ه "أن0ه ال إل0ه إال هو" وقوله "أن الدين". قال المبرد: التق00دير: أن ال00دين عن00د الل00ه اإلس00الم بأنه ال إله إال هو، ثم حذفت الباء كما قال: أمرت00ك الخ00ير. أي ب00الخير. ق00ال الكسائي: أنصبهما جميعا، بمعنى شهد الله أنه ك00ذا، وأن ال00ذين عن00د الل00ه. قال ابن كيسان: "أن" الثانية بدل من األولى؛ ألن اإلس00الم تفس00ير المع00نى الذي هو التوحيد. وق00رأ ابن عب00اس فيم00ا حكى الكس00ائي "ش00هد الل00ه إن00ه" "بالكسر" "أن الدين" ب00الفتح. والتق0دير: ش0هد الل0ه أن ال0دين اإلس0الم، ثم ابتداء فقال: إنه ال إله إال هو. وقرأ أب00و المهلب وك00ان قارئ00ا - ش00هداء الل00ه بالنصب على الحال، وعنه "شهداء الل00ه". وروى ش00عبة عن عاص00م عن زر عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ "أن الدين عن00د الل00ه الحنيفية ال اليهودية وال النصرانية وال المجوسية". قال أبو بكر األنب00اري: وال يخفى على ذي تمييز أن هذا الكالم من النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم على جهة التفسير، أدخله بعض من نق00ل الح00ديث في الق00رآن. و"قائم00ا" نص00ب على الحال المؤكدة من اسمه تعالى في قوله "شهد الله" أو من قوله "إال هو". وقال الفراء: هو نصب على القطع، ك00ان أص00له الق00ائم، فلم00ا قطعت

[. وفي ق00راءة52األلف والالم نصب كقوله: "ول00ه ال00دين واص00با" ]النح00ل: عبدالل00ه "الق00ائم بالقس00ط" على النعت، والقس00ط الع00دل. "ال إال00ه إال ه00و العزيز الحكيم" كرر ألن األولى حلت محل الدعوى، والشهادة الثاني00ة حلت محل الحكم. وقال جعف00ر الص00ادق: األولى وص00ف وتوحي00د، والثاني00ة رس00م

وتعليم، يعني قولوا ال إله إال الله العزيز الحكيم. }إن الدين عند الله اإلسالم وما اختلف ال00ذين أوت00وا الكت00اب19*اآلية: 3*

إال من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله س00ريعالحساب{

@قوله تعالى: "إن الدين عند الله اإلسالم" ال00دين في ه00ذه اآلي00ة الطاع00ة والملة، واإلسالم بمعنى اإليمان والطاعات؛ قاله أبو العالية، وعليه جمه00ور المتكلمين. واألصل في مسمى اإليمان واإلس00الم التغ00اير؛ لح00ديث جبري00ل. وقد يكون بمعنى المرادفة. فيسمى كل واحد منهما باسم اآلخ00ر؛ كم00ا في

Page 26: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

حديث وفد عبدالقيس وأنه أمرهم باإليمان بالله وحده وق00ال: )ه00ل ت00درون ما اإليمان(؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: )شهادة أن ال إل00ه إال الل00ه وأن محمدا رسول الله وإقام الصالة وإيت00اء الزك00اة وص00وم رمض00ان وأن ت00ؤدوا خمسا من المغنم( الحديث. وكذلك قوله صلى الله علي00ه وس00لم: )اإليم00ان بضع وسبعون بابا فأدناها إماطة األذى وأرفعها قول ال إله إال الل00ه( أخرج00ه الترمذي. وزاد مس00لم )والحي00اء ش00عبة من اإليم00ان(. ويك00ون أيض00ا بمع00نى التداخل وهو أن يطلق أحدهما ويراد به مسماه في األصل ومسمى اآلخ00ر، كما في هذه اآلية إذ قد دخ00ل فيه00ا التص00ديق واألعم00ال؛ ومن00ه قول00ه علي00ه السالم: )اإليمان معرفة بالقلب وقول باللس00ان وعم00ل باألرك00ان(. أخرج00ه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو األول وضعا وش0رعا وم0ا ع0داه من ب0اب

التوسع والله أعلم. @قوله تعالى: "وم0ا اختل00ف ال0ذين أوت0وا الكت00اب" اآلي0ة. أخ0بر تع0الى عن اختالف أهل الكتاب أنه كان على علم منهم بالحقائق، وأنه كان بغيا وطلب00ا لل00دنيا. قال00ه ابن عم00ر وغ00يره. وفي الكالم تق00ديم وت00أخير، والمع00نى: وم00ا اختلف ال0ذين أوت00وا الكت0اب بغي00ا بينهم إال من بع0د م0ا ج00اءهم العلم؛ قال0ه األخفش. قال محمد بن جعفر بن الزبير: المراد بهذه اآلي00ة النص00ارى، وهي توبيخ لنصارى نجران. وقال الربيع بن أنس: المراد بها اليهود. ولفظ ال00ذين أوتوا الكتاب يعم اليهود والنصارى؛ أي "وم00ا اختل00ف ال00ذين أوت00وا الكت00اب" يعني في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. "إال من بعد م00ا ج00اءهم العلم" يع00ني بي00ان ص00فته ونبوت00ه في كتبهم. وقي00ل: أي وم00ا اختل00ف ال00ذين أوت00وا اإلنجيل في أمر عيسى وفرقوا فيه القول إال من بعد ما ج00اءهم العلم ب00أن الله إله واحد، وأن عيسى عبدالله ورس00وله. و"بغي0ا" نص0ب على المفع0ول

من أجله، أو على الحال من )الذين( والله تعالى أعلم. }فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين20*اآلية: 3*

أوتوا الكتاب واألميين أأسلمتم ف00إن أس00لموا فق00د اهت00دوا وإن تول00وا فإنم00اعليك البالغ والله بصير بالعباد{

@قول00ه تع00الى: "ف00إن ح00اجوك فق00ل أس00لمت وجهي لل00ه ومن اتبعن" أي جادلوك باألقاويل الم00زورة والمغالط00ات، فأس00ند أم00رك إلى م00ا كلفت من اإليم00ان والتبلي00غ وعلى الل00ه نص00رك. وقول00ه "وجهي" بمع00نى ذاتي؛ ومن00ه الحديث )سجد وجهي للذي خلقه وصوره(. وقيل: الوجه هنا بمعنى القصد؛ كما تق0ول: خ0رج فالن في وج0ه ك0ذا. وق0د تق0دم ه0ذا المع0نى في البق0رة مستوفى؛ واألول أولى. وعبر بالوجه عن سائر الذات إذ هو أشرف أعض00اء

الشخص وأجمعها للحواس. وقال: أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زالال

وقد قال حذاق المتكلمين في قوله تع00الى: "ويبقى وج00ه رب00ك" ]ال00رحمن: [: إنها عبارة عن الذات وقيل: العمل الذي يقصد به وجهه. وقوله "ومن27

اتبعن" "من" في محل رفع عطفا على التاء في قول00ه "أس00لمت" أي ومن اتبعني أس00لم أيض00ا، وج00از العط00ف على الض00مير المرف00وع من غ00ير تأكي00د للفصل بينهما. وأثبت نافع وأب00و عم00رو ويعق00وب ي00اء "اتبعن" على األص00ل،

وحذف اآلخرون اتباعا للمصحف إذ وقعت فيه بغير ياء. وقال الشاعر:ليس تخفى يسارتي قدر يوم ولقد تخف شيمتي إعساري

Page 27: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "وقل للذين أوتوا الكت00اب واألم00يين أأس00لمتم ف00إن أس00لموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما علي0ك البالغ والل00ه بص00ير بالعب0اد" يع0ني اليه0ود والنصارى "واألميين" الذين ال كتاب لهم وهم مش00ركو الع00رب. "أأس00لمتم" استفهام معناه التقرير وفي ض00منه األم00ر، أي أس00لموا؛ ك00ذا ق00ال الط00بري وغيره. وقال الزجاج: "أأسلمتم" تهديد. وهذا حس00ن ألن المع00نى أأس00لمتم أم ال. وجاءت العبارة في قوله "فقد اهتدوا" بالماض00ي مبالغ00ة في اإلخب00ار بوقوع الهدي لهم وتحصيله. و"البالغ" مصدر بل00غ بتخفي00ف عين الفع00ل، أي إنما عليك أن تبلغ. وقيل: إن00ه مم00ا نس00خ بالجه00اد. وق00ال ابن عطي00ة: وه00ذا يحتاج إلى معرفة تاريخ نزولها؛ وأما على ظاهر نزول هذه اآلي00ات في وف00د نجران فإنما المعنى فإنما عليك أن تبلغ م00ا أن00زل إلي00ك بم00ا في00ه من قت00ال

وغيره.-00 21*اآليتان: 3* }إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغ00ير22

ح00ق ويقتل00ون ال00ذين ي00أمرون بالقس00ط من الن00اس فبش00رهم بع00ذاب أليم،أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا واآلخرة وما لهم من ناصرين{

@قوله تعالى: "إن الذين يكف0رون بآي0ات الل00ه ويقتل00ون النب00يين" ق0ال أب00و العباس المبرد: كان ناس من بني إس00رائيل ج00اءهم الن00بيون ي00دعونهم إلى الله عز وج00ل فقتل00وهم، فق00ام أن00اس من بع00دهم من المؤم00نين ف00أمروهم باإلس00الم فقتل00وهم؛ ففيهم ن00زلت ه00ذه اآلي00ة. وك00ذلك ق00ال معق00ل بن أبي مسكين: كانت األنبي00اء ص00لوات الل00ه عليهم تجيء إلى ب00ني إس00رائيل بغ00ير كتاب فيقتلونهم، فيقوم ق00وم ممن اتبعهم في00أمرون بالقس00ط، أي بالع00دل، فيقتلون. وقد روي عن ابن مسعود قال قال النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )بئس القوم قوم يقتلون الذين ي00أمرون بالقس00ط من الن00اس، بئس الق00وم قوم ال يأمرون بالمعروف وال ينهون عن المنك00ر، بئس الق00وم ق00وم يمش00ي المؤمن بينهم بالتقية( وروى أبو عبيدة بن الجراح أن النبي صلى الله علي00ه وسلم قال: )قتلت بنو إسرائيل ثالثة وأربعين نبيا من أول النهار في س00اعة واحدة فق0ام مائ0ة رج0ل واثن0ا عش0ر رجال من عب0اد ب0ني إس0رائيل ف0أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فقتلوا جميع00ا في آخ00ر النه00ار من ذل00ك الي00وم وهم الذين ذكرهم الله في هذه اآلية(. ذكره المهدوي وغيره. وروى ش00عبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبدالله قال: كانت بن00و إس00رائيل تقت00ل في اليوم سبعين نبيا ثم تقوم سوق بقلهم من آخر النهار. فإن ق00ال قائ00ل: الذين وعظوا بهذا لم يقتل00وا نبي00ا. ف00الجواب عن ه00ذا أنهم رض00وا فع00ل من قت0ل فك00انوا بمنزلت0ه؛ وأيض0ا ف0إنهم ق0اتلوا الن0بي ص0لى الل00ه علي0ه وس00لم وأصحابه وهموا بقتلهم؛ قال الل00ه ع0ز وج0ل: "وإذ يمك0ر ب0ك ال0ذين كف0روا

[.30ليثبتوك أو يقتلوك" ]األنفال: @دلت هذه اآلية على أن األمر ب00المعروف والنهي عن المنك00ر ك00ان واجب00ا في األمم المتقدمة، وهو فائدة الرسالة وخالفة النب00وة. ق00ال الحس00ن ق00ال النبي صلى الله عليه وسلم: )من أمر ب00المعروف أو نهى عن المنك00ر فه00و خليفة الل00ه في أرض00ه وخليف00ة رس00وله وخليف00ة كتاب00ه(. وعن درة بنت أبي لهب قالت: جاء رجل إلى النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وه00و على المن00بر فقال: من خير الناس يا رسول الله؟ قال: )آمرهم بالمعروف وأنه00اهم عن المنك000ر وأتق000اهم لل000ه وأوص000لهم لرحم000ه(. وفي التنزي000ل: "المن000افقون والمنافق00ات بعض00هم من بعض ي00أمرون ب00المنكر وينه00ون عن المع00روف"

Page 28: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

[ ثم قال: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولي00اء بعض ي00أمرون67]التوبة: [. فجعل تعالى األمر بالمعروف71بالمعروف وينهون عن المنكر" ]التوبة:

والنهي عن المنك00ر فرق00ا بين المؤم00نين والمن00افقين؛ ف00دل على أن أخص أوصاف المؤمن األمر ب00المعروف والنهي عن المنك00ر، ورأس00ها ال00دعاء إلى اإلسالم والقتال عليه. ثم إن األمر بالمعروف ال يليق بكل أحد، وإنما يق00وم ب00ه الس00لطان إذ ك00انت إقام00ة الح00دود إلي00ه، والتعزي00ر إلى رأي00ه، والحبس واإلطالق ل00ه، والنفي والتغ00ريب؛ فينص00ب في ك00ل بل00دة رجال ص00الحا قوي00ا عالما أمينا ويأمره بذلك، ويمضي الحدود على وجهها من غ00ير زي00ادة. ق00ال الله تعالى: "الذين إن مكانهم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا

[.41بالمعروف ونهوا عن المنكر" ]الحج: @وليس من شرط الناهي أن يكون عدال عند أهل السنة، خالف00ا للمبتدع00ة حيث تق0ول: ال يغ0يره إال ع0دل. وه00ذا س00اقط؛ ف0إن العدال0ة محص00ورة في القلي00ل من الخل00ق، واألم00ر ب00المعروف والنهي عن المنك00ر ع0ام في جمي00ع الناس. فإن تشبثوا بقوله تعالى: "أتأمرون الناس بالبر وتنس00ون أنفس00كم"

[ وقوله: "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما ال تفعل00ون" ]الص00ف:44]البقرة: [ ونحوه، قيل لهم: إنما وقع الذم ههنا على ارتك00اب م00ا نهي عن00ه ال على3

نهيه عن المنكر. وال شك في أن النهي عن00ه ممن يأتي00ه أقبح ممن ال يأتي00ه، ولذلك يدور في جهنم كما يدور الحمار بالرحى، كما بين00اه في البق00رة عن00د

[.44قوله تعالى: "أتأمرون الناس بالبر" ]البقرة: @أجمع المسلمون فيما ذكر ابن عبدالبر أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه، وإنه إذا لم يلحقه بتغييره إال اللوم الذي ال يتع00دى إلى األذى فإن ذلك ال يجب أن يمنعه من تغييره؛ فإن لم يقدر فبلسانه، فإن لم يق00در فبقلبه ليس عليه أكثر من ذلك. وإذا أنك00ر بقلب00ه فق00د أدى م00ا علي00ه إذا لم يستطع سوى ذلك. قال: واألحاديث عن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في تأكي00د األم00ر ب00المعروف والنهي عن المنك00ر كث00يرة ج00دا ولكنه00ا مقي00دة باالستطاعة. قال الحسن: إنما يكلم مؤمن يرجى أو جاه00ل يعلم؛ فأم00ا من وضع سيفه أو سوطه فقال: اتقني اتقني فما لك ول00ه. وق00ال ابن مس00عود: بحسب المرء إذا رأى منكرا ال يستطيع تغييره أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره. وروى ابن لهيعة عن األعرج عن أبي هري00رة ق00ال: ق00ال رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )ال يحل لمؤمن أن يذل نفسه(. قالوا: يا رسول الله

وما إذالله نفسه؟ قال: )يتعرض من البالء لما ال يقوم له(. قلت: وخرجه ابن ماجة عن علي بن زيد بن ج0دعان عن الحس0ن بن

جندب عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكالهم00ا ق00د تكلم في00ه. وروي عن بعض الص00حابة أن00ه ق00ال: إن الرج00ل إذا رأى منك00را ال يس00تطيع النكير عليه فليقل ثالث مرات "اللهم إن ه00ذا منك00ر" ف00إذا ق00ال ذل00ك فق00د فعل ما عليه، وزعم ابن العربي أن من رجا زوال00ه وخ00اف على نفس00ه من تغييره الضرب أو القتل جاز له عند أكثر العلماء االقتحام عن00د ه00ذا الغ00رر، وإن لم يرج زواله فأي فائدة عنده. قال: والذي عندي أن الني00ة إذا خلص00ت

فليقتحم كيف ما كان وال يبالي. قلت: هذا خالف ما ذكره أبو عمر من اإلجماع. وهذه اآلية ت00دل على

جواز األمر بالمعروف والنهي عن المنك00ر م00ع خ00وف القت00ل. وق00ال تع0الى:

Page 29: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

[.17"وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واص00بر على م00ا أص00ابك" ]لقم00ان: وهذا إشارة إلى اإلذاية.

@ روى األئمة عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله ص00لى الل00ه عليه وس00لم يق00ول: )من رأى منكم منك00را فليغ00يره بي00ده ف00إن لم يس00تطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان(. ق00ال العلم00اء: األم0ر ب00المعروف بالي00د على األم00راء، وباللس00ان على العلم00اء، وب00القلب على الضعفاء، يعني ع00وام الن00اس. ف00المنكر إذا أمكنت إزالت00ه باللس00ان للن00اهي فليفعله، وإن لم يمكنه إال بالعقوبة أو بالقتل فليفعل، فإن زال بدون القتل لم يجز القتل؛ وهذا تلقي من قول الل00ه تع00الى: "فق00اتلوا ال00تي تبغي ح00تى

[. وعليه بنى العلماء أنه إذا دف00ع الص00ائل9تفيء إلى أمر الله" ]الحجرات: على النفس أو على المال عن نفسه أو عن ماله أو نفس غ00يره فل00ه ذل00ك وال شيء عليه. ولو رأى زيد عمرا وقد قصد مال بكر فيجب عليه أن يدفعه عنه إذا لم يكن ص00احب الم00ال ق00ادرا علي00ه وال راض00يا ب00ه؛ ح00تى لق00د ق00ال العلماء: لو فرضنا قودا. وقيل: كل بلدة يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البالء: إمام عادل ال يظلم، وعالم على سبيل الهدى، ومش00ايخ ي00أمرون ب00المعروف وينه00ون عن المنك000ر ويحرض000ون على طلب العلم والق000رآن،

ونساؤهم مستورات ال يتبرجن تبرج الجاهلية األولى. @ روى أنس بن مال00ك ق00ال: قي00ل ي00ا رس00ول الل00ه، م00تى ن00ترك األم00ر بالمعروف. والنهي عن المنك00ر؟ ق00ال: )إذا ظه00ر فيكم م00ا ظه00ر في األمم قبلكم(. قلنا: يا رسول الل00ه وم00ا ظه00ر في األمم قبلن00ا؟ ق00ال: )المل00ك في ص00غاركم والفاحش00ة في كب00اركم والعلم في رذالتكم(. ق00ال زي00د: تفس00ير معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم )والعلم في رذالتكم( إذا كان العلم في الفساق. خرجه ابن ماجة. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في "المائدة" وغيرها إن شاء الله تعالى. وتقدم معنى "فبشرهم" و"حبطت" في البق00رة

فال معنى لإلعادة. }ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ي00دعون إلى كت00اب23*اآلية: 3*

الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون{ @قال ابن عباس: هذه اآلية نزلت بسبب أن رسول الل0ه ص0لى الل00ه علي0ه وسلم دخل بيت المدراس على جماعة من يهود ف00دعاهم إلى الل00ه. فق00ال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )إني على ملة إب00راهيم(. فق00اال: ف00إن إب00راهيم ك00ان يهوديا. فقال النبي صلى الله عليه وس00لم: )فهلم00وا إلى الت00وراة فهي بينن00ا وبينكم(. فأبيا عليه فنزلت اآلية. وذكر النق00اش أنه00ا ن00زلت ألن جماع00ة من اليهود أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فقال لهم النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )هلم00وا إلى الت00وراة ففيه00ا ص00فتي( ف00أبوا. وق00رأ الجمه00ور "ليحكم" وقرأ أبو جعف00ر يزي00د بن القعق00اع "ليحكم" بض00م الي00اء. والق00راءة األولى أحسن؛ لقول0ه تع00الى: "ه0ذا كتابن00ا ينط0ق عليكم ب00الحق" ]الجاثي00ة:

29.] @في هذه اآلية دليل على وجوب ارتفاع المدعو إلى الحاكم ألنه دعي إلى كتاب الله؛ فإن لم يفعل كان مخالفا يتعين علي00ه الزج00ر ب00األدب على ق00در المخالف والمخالف. وهذا الحكم جار عندنا باألن0دلس وبالد المغ0رب وليس بالديار المصرية. وه00ذا الحكم ال00ذي ذكرن00اه م00بين في التنزي00ل في س00ورة

Page 30: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

"الن00ور" في قول00ه تع00الى: "وإذا دع00وا إلى الل00ه ورس00وله ليحكم بينهم إذا-48فريق منهم معرضون" إلى قوله "بل أولئ00ك هم الظ00المون" ]الن00ور:

49 00- [. وأسند الزهري عن الحسن أن رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه50 وسلم قال: )من دع00اه خص00مه إلى ح00اكم من حك00ام المس00لمين فلم يجب فهو ظالم وال حق له(. قال ابن العربي: وهذا حديث باطل. أما قوله "فه00و ظالم" فكالم صحيح. وأما قوله "فال حق له" فال يصح، ويحتمل أن يريد أن00ه على غير الحق. قال ابن خ00ويز من00داد الم00الكي: واجب على ك00ل من دعي إلى مجلس الحاكم أن يجيب ما لم يعلم أن الحاكم فاسق، أو يعلم ع00داؤه

من المدعي والمدعى عليه. @وفيها دليل على أن شرائع من قبلنا شريعة لنا إال ما علمنا نس00خه، وإن00ه يجب علينا الحكم بشرائع األنبياء قبلن00ا، على م00ا ي00أتي بيان00ه. وإنم00ا ال نق00رأ التوراة وال نعمل بما فيها ألن من هي في يده غير أمين عليه00ا وق00د غيره00ا وبدلها، ولو علمنا أن شيئا منها لم يتغير ولم يتبدل ج00از لن00ا قراءت00ه. ونح00و ذلك روي عن عمر حيث قال لكعب: إن كنت تعلم أنها التوراة ال00تي أنزله00ا الله على موسى بن عمران فاقرأها. وكان عليه السالم عالما بم00ا لم يغ00ير منها فلذلك دعاهم إليها وإلى الحكم بها. وس0يأتي بي0ان ه0ذا في "المائ0دة" واألخبار الواردة في ذلك إن شاء الله تعالى وقد قيل: إن هذه اآلي00ة ن00زلت

في ذلك. والله أعلم. }ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إال أيام00ا مع00دودات وغ00رهم24*اآلية: 3*

في دينهم ما كانوا يفترون{ @إشارة إلى التولي واإلعراض، واغترار منهم في قولهم: "نحن أبن00اء الل00ه

[ إلى غير ذل0ك من أق0والهم. وق0د مض00ى الكالم في18وأحباؤه" ]المائدة: معنى قولهم: "لن تمسنا النار" في البقرة.

}فكيف إذا جمعناهم لي00وم ال ريب في00ه ووفيت ك00ل نفس م00ا25*اآلية: 3*كسبت وهم ال يظلمون{

@خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته على جه00ة التوقي00ف والتعجب، أي فكيف يكون حالهم أو كيف يصنعون إذا حشروا يوم القيامة واض00محلت عنهم تل00ك الزخ00ارف ال00تي ادعوه00ا في ال00دنيا، وج00وزوا بم00ا اكتس00بوه من كفرهم واجترائهم وقبيح أعم00الهم. والالم في قول00ه "لي00وم" بمع00نى "في"؛ قاله الكسائي، وقال البصريون: المعنى لحساب يوم، الطبري: لم00ا يح00دث

في يوم. }قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تش00اء وت00نزع المل00ك26*اآلية: 3*

ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على ك00ل ش00يءقدير{

@ قال علي رضي الله عنه قال النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )لم00ا أراد الله تعالى أن ينزل فاتح00ة الكت00اب وآي00ة الكرس00ي وش00هد الل00ه وق00ل اللهم مالك الملك إلى قوله بغير حس00اب تعلقن ب00العرش وليس بينهن وبين الل00ه حجاب وقلن يا رب تهبط بنا دار الذنوب وإلى من يعصيك فقال الله تع00الى وعزتي وجاللي ال يقرأكن عبد عقب كل ص00الة مكتوب00ة إال أس00كنته حظ00يرة القدس على ما ك0ان من0ه، وإال نظ0رت إلي0ه بعي0ني المكنون0ة في ك0ل ي0وم سبعين نظرة، وإال قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإال أعذته من كل عدو ونصرته عليه وال يمنعه من دخول الجن00ة إال أن يم00وت(.

Page 31: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وقال معاذ بن جبل: احتبست عن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يوم00ا فلم أصل معه الجمعة فقال: )يا مع0اذ م0ا منع0ك من ص0الة الجمع0ة(؟ قلت: ي0ا رسول الله، كان ليوحن00ا بن باري00ا اليه00ودي علي أوقي00ة من ت00بر وك00ان على بابي يرصدني فأشفقت أن يحبسني دونك. قال: )أتحب يا مع00اذ أن يقض00ي الله دينك(؟ قلت نعم. قال: )قل كل يوم قل اللهم مالك الملك - إلى قوله - بغير حساب رحمن الدنيا واآلخرة ورحيمهما تعطي منهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء اقض عني ديني فلو كان عليك ملء األرض ذهبا ألداه الل00ه عنك(. خرجه أب00و نعيم الحاف00ظ، أيض00ا عن عط00اء الخراس00اني أن مع00اذ بن جبل قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وس00لم آي00ات من الق00رآن - أو كلمات - ما في األرض مسلم يدعو بهن وهو مكروب أو غارم أو ذو دين إال قضى الله عنه وف0رج هم0ه، احتبس00ت عن الن00بي ص0لى الل00ه علي0ه وس0لم؛ فذكره. غريب من حديث عطاء أرسله عن مع00اذ. وق00ال ابن عب00اس وأنس بن مالك: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ووعد أمته مل00ك فارس والروم قال المنافقون واليهود: هيهات هيهات من أين لمحم00د مل00ك فارس والروم هم أعز وأمنع من ذلك، ألم يكف محمدا مكة والمدينة ح00تى طمع في ملك فارس والروم؛ فأنزل الله تع00الى ه00ذه اآلي00ة. وقي00ل: ن00زلت دامغة لباطل نصارى أهل نجران في قولهم: إن عيسى هو الل00ه؛ وذل00ك أن هذه األوصاف تبين لكل ص0حيح الفط0رة أن عيس00ى ليس في ش00يء منه0ا. قال ابن إسحاق: أعلم الله عز وجل في هذه اآلي00ة بعن00ادهم وكف00رهم، وإن عيسى صلى الله عليه وسلم وإن كان الله تع00الى أعط00اه آي00ات ت00دل على نبوته من إحياء الموتى وغ00ير ذل0ك ف0إن الل0ه ع0ز وج0ل ه0و المنف0رد به0ذه األشياء؛ من قوله: "تؤتي الملك من تش00اء وت00نزع المل00ك ممن تش00اء وتع0ز من تشاء وتذل من تشاء". وقوله: "تولج الليل في النهار وت00ولج النه00ار في اللي00ل وتخ00رج الحي من الميت وتخ00رج الميت من الحي وت00رزق من تش00اء

[ فلو كان عيسى إلها ك00ان ه00ذا إلي00ه؛ فك00ان27بغير حساب" ]آل عمران: في ذلك اعتبار وآية بينة.

@قوله تعالى: "قل اللهم" اختلف النحويون في تركيب لفظة "اللهم" بع00د إجماعهم أنها مضمومة الهاء مش00ددة الميم المفتوح00ة، وأنه00ا من00ادى؛ وق00د

جاءت مخففة الميم في قول األعشى: كدعوة من أبي رباح يسمعها اللهم الكبار

ق00ال الخلي00ل وس00يبويه وجمي00ع البص00ريين: إن أص00ل اللهم ي00ا الل00ه، فلم00ا استعملت الكلمة دون حرف النداء ال0ذي ه0و "ي0ا" جعل0وا بدل0ه ه0ذه الميم المشددة، فج00اؤوا بح00رفين وهم00ا الميم00ان عوض00ا من ح00رفين وهم00ا الي00اء واأللف، والضمة في الهاء هي ضمة االسم المنادى المف00رد. وذهب الف00راء والكوفي00ون إلى أن األص00ل في اللهم ي00ا ألل00ه أمن00ا بخ00ير؛ فح00ذف وخل00ط الكلمتين، وإن الضمة التي في الهاء هي الض00مة ال00تي ك00انت في أمن00ا لم00ا حذفت الهمزة انتقلت الحركة. قال النحاس: هذا عند البصريين من الخط00أ العظيم، والقول في هذا ما قاله الخليل وسيبويه. ق00ال الزج00اج: مح00ال أن يترك الضم الذي هو دلي00ل على الن00داء المف00رد، وأن يجع00ل في اس00م الل00ه ضمة أم، هذا إلحاد في اس0م الل00ه تع0الى. ق00ال ابن عطي00ة: وه0ذا غل00و من الزجاج، وزعم أنه ما سمع قط يا ألله أم، وال تقول العرب ي00ا اللهم. وق00ال

Page 32: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الكوفيون: إنه قد يدخل حرف النداء على "اللهم" وأنشدوا على ذلك ق00ولالراجز:

غفرت أو عذبت يا اللهما آخر:

وما عليك أن تقولي كلما سبحت أو هللت يا اللهم ما اردد علينا شيخنا مسلما فإننا من خيره لن نعدما

آخر: إني إذا ما حدث ألما أقول يا اللهم يا اللهما

قالوا: فلو كان الميم عوضا من حرف النداء لما اجتمعا. قال الزجاج: وه00ذا شاذ وال يعرف قائله، وال يترك له ما كان في كتاب الل00ه وفي جمي00ع دي00وان

العرب؛ وقد ورد مثله في قوله: هما نفثا في في من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام

قال الكوفيون: وإنما تزاد الميم مخففة في فم وابنم، وأما ميم مشددة فال تزاد. وقال بعض النحويين: ما قاله الكوفيون خطأ؛ ألنه لو ك00ان كم00ا ق00الوا كان يجب أن يقال: "اللهم" ويقتصر عليه ألنه معه دعاء. وأيضا فقد تق00ول: أنت اللهم ال00رزاق. فل00و ك00ان كم00ا ادع00وا لكنت ق00د فص00لت بجمل00تين بين االبتداء والخبر. قال النضر بن شميل: من قال اللهم فق00د دع00ا الل00ه تع00الى

بجميع أسمائه كلها وقال الحسن: اللهم تجمع الدعاء. @قوله تعالى: "مالك الملك" قال قتادة: بلغني أن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم سأل الله عز وجل أن يعطي أمته ملك فارس فأنزل الله هذه اآلية. وقال مقاتل: سأل النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم أن يجع00ل الل00ه ل00ه مل00ك فارس والروم في أمته؛ فعلمه الله تعالى بأن يدعو بهذا الدعاء. وقد تق00دم معناه. و"مالك" منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان؛ ومثله قوله تع00الى:

[ وال يج00وز عن00ده أن46"ق00ل اللهم ف00اطر الس00موات واألرض" ]الزم00ر: يوصف اللهم ألنه قد ضمت إليه الميم. وخالفه محمد بن يزيد وإب00راهيم بن السري الزجاج فقاال: "مالك" في اإلعراب صفة السم الله تع00الى، وك00ذلك "فاطر السموات واألرض". قال أبو علي؛ هو م00ذهب أبي العب00اس الم00برد؛ وما قال00ه س00يبويه أص00وب وأبين؛ وذل00ك أن00ه ليس في األس00ماء الموص00وفة ش00يء على ح00د "اللهم" ألن00ه اس00م مف00رد ض00م إلي00ه ص00وت، واألص00وات ال توصف؛ نحو غاق وما أشبهه. وكان حكم االسم المفرد أال يوصف وإن كانوا قد وصفوه في مواضع. فلما ضم هنا م00ا ال يوص00ف إلى م00ا ك0ان قياس00ه أال يوص00ف ص00ار بمنزل00ة ص00وت ض00م إلى ص00وت؛ نح00و حيه00ل فلم يوص00ف. و"المل00ك" هن00ا النب00وة؛ عن مجاه00د. وقي00ل، الغلب00ة. وقي00ل: الم00ال والعبي00د. الزجاج: المعنى مالك العباد وما ملكوا. وقيل: المعنى مالك الدنيا واآلخرة. ومعنى "تؤتي الملك" أي اإليم00ان واإلس00الم. "من تش00اء" أي من تش00اء أن تؤتيه إياه، وكذلك ما بعده، وال بد فيه من تقدير الح00ذف، أي وت00نزع المل00ك

ممن تشاء أن تنزعه منه، ثم حذف هذا، وأنشد سيبويه:أال هل لهذا الدهر من متعلل على الناس مهما شاء بالناس يفعل

قال الزجاج: مهما شاء أن يفع00ل بالن00اس يفع00ل. وقول00ه: "تع00ز من تش00اء" [.23يقال: ع00ز إذا عال وقه00ر وغلب؛ ومن00ه، "وع00زني في الخط00اب" ]ص:

"وتذل من تشاء" ذل يذل ذال إذا غلب وعال وقهر. قال طرفة:بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا ذليل بأجماع الرجال ملهد

Page 33: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

" بيدك الخير" أي بيدك الخير والش00ر فح00ذف؛ كم00ا ق00ال: "س00رابيل تقيكم [. وقيل: خص الخير ألنه موضع دعاء ورغب00ة في فض00له.81الحر" ]النحل:

قال النقاش: بيدك الخير، أي النصر والغنيمة. وق00ال أه00ل اإلش00ارات. ك00ان أبو جهل يملك المال الكثير، ووق0ع في ال0رس ي00وم ب00در، والفق00راء ص00هيب وبالل وخب00اب لم يكن لهم م00ال، وك00ان ملكهم اإليم00ان، "ق00ل اللهم مال00ك الملك ت00ؤتي المل00ك من تش00اء" تقيم الرس00ول ي00تيم أبي ط00الب على رأس الرس حتى ينادي أبدانا قد انقلبت إلى القليب: يا عتب00ة، ي00ا ش00يبة تع00ز من تشاء وتذل من تشاء. أي صهيب، أي بالل، ال تعتقدوا أنا منعناكم من ال00دنيا ببغضكم. بيدك الخير ما منعكم من عجز "إنك على كل شيء ق00دير" إنع00ام

الحق عام يتولى من يشاء. }تولج الليل في النهار وتولج النه00ار في اللي00ل وتخ00رج الحي27*اآلية: 3*

من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب{ @قال ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي في معنى قوله "ت00ولج الليل في النهار" اآلية، أي تدخل ما نقص من أحدهما في اآلخر، حتى يصير النهار خمس عشرة ساعة وهو أطول ما يكون، والليل تس00ع س00اعات وه00و أقصر ما يكون، وكذا "تولج النهار في الليل" وهو ق00ول الكل00بي، وروى عن ابن مسعود. وتحتمل ألفاظ اآلية أن يدخل فيها تعاقب اللي00ل والنه00ار، ك00أن زوال أحدهما ولوج في اآلخر. واختلف المفسرون في معنى قول00ه تع00الى: "وتخرج الحي من الميت" فقال الحسن: معناه تخ00رج الم00ؤمن من الك00افر والكافر من المؤمن، وروي نحوه عن س00لمان الفارس00ي. وروي معم00ر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على نسائه فإذا بامرأة حسنة الهيئة ق00ال: )من ه00ذه(؟ قلن إح00دى خاالت00ك. ق00ال: )ومن هي(؟ قلن: هي خالدة بنت األس00ود بن عب00د يغ00وث. فق00ال الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )سبحان الذي يخرج الحي من الميت(. وك00انت ام00رأة ص00الحة وك00ان أبوه00ا كافرا. ف00المراد على ه00ذا الق00ول م00وت قلب الك00افر وحي00اة قلب الم00ؤمن؛ فالموت والحياة مستعاران. وذهب كثير من العلماء إلى أن الحياة والموت في اآلية حقيقتان؛ فقال عكرمة: هي إخراج الدجاجة وهي حية من البيض00ة وهي ميتة، وإخ00راج البيض00ة وهي ميت00ة من الدجاج00ة وهي حي00ة. وق00ال ابن مسعود: هي النطفة تخرج من الرجل وهي ميتة وه00و حي، ويخ00رج الرج00ل منها حيا وهي ميتة. وقال عكرمة والس00دي: هي الحب00ة تخ00رج من الس00نبلة والسنبلة تخ00رج من الحب0ة، والن0واة من النخل00ة والنخل0ة تخ0رج من الن0واة؛ والحي00اة في النخل00ة والس00نبلة تش00بيه. ثم ق00ال: "وت00رزق من تش00اء بغ00ير حساب" أي بغير تضييق وال تقت00ير؛ كم00ا تق00ول: فالن يعطي بغ00ير حس00اب؛

كأنه ال يحسب ما يعطي. }ال يتخذ المؤمنون الك0افرين أولي0اء من دون المؤم00نين ومن28*اآلية: 3*

يفعل ذلك فليس من الله في شيء إال أن تتقوا منهم تق00اة ويح00ذركم الل00هنفسه وإلى الله المصير{

@قال ابن عباس: نهى الله المؤمنين أن يالطفوا الكفار فيتخذوهم أولي00اء؛ [ وهناك يأتي بيان هذا118ومثله "ال تتخذوا بطانة من دونكم" ]آل عمران

المعنى. ومعنى "فليس من الل00ه في ش00يء" أي فليس من ح00زب الل00ه وال [. وحكى س00يبويه82من أوليائه في شيء؛ مثل "واسأل القرية" ]يوس00ف:

"هو مني فرسخين" أي من أصحابي ومعي. ثم استثنى فقال: "إال أن تتقوا

Page 34: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

منهم تقاة" قال معاذ بن جبل ومجاهد: كانت التقية في جدة اإلس00الم قب00ل قوة المسلمين؛ فأما اليوم فقد أعز الله اإلسالم أن يتقوا من عدوهم. قال ابن عباس: هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن باإليمان، وال يقت00ل وال ي00أتي مأثما. وقال الحسن: التقية جائزة لإلنسان إلى ي00وم القيام00ة، وال تقي00ة في القت00ل. وق00رأ ج00ابر بن زي00د ومجاه00د والض00حاك: "إال أن تتق00وا منهم تقي00ة" وقيل: إن المؤمن إذا ك00ان قائم00ا بين الكف0ار فل00ه أن ي00داريهم باللس00ان إذا كان خائفا على نفسه وقلبه مطمئن باإليمان والتقية ال تح00ل إال م00ع خ00وف القتل أو القطع أو اإليذاء العظيم. ومن أك0ره على الكف00ر فالص00حيح أن ل00ه أن يتصلب وال يجيب إلى التلفظ بكلمة الكفر؛ ب00ل يج00وز ل00ه ذل00ك على م00ا يأتي بيانه في "النحل" إن شاء الله تعالى. وأمال حمزة والكسائي "تقاة"، وفخم الباقون؛ وأصل "تقاة" وقية على وزن فعلة؛ مثل تؤدة وتهمة، قلبت الواو تاء والياء ألفا. وروى الضحاك عن ابن عباس أن هذه اآلية ن00زلت في عبادة بن الصامت األنصاري وكان بدريا تقيا وكان له حلف من اليهود؛ فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم األحزاب قال عبادة: يا ن00بي الل00ه، إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي فأس00تظهر بهم على العدو. فأنزل الله تعالى: "ال يتخذ المؤمنون الكافرين أولي00اء من دون المؤمنين" اآلية. وقيل: إنها نزلت في عم00ار بن ياس00ر حين تكلم ببعض م00ا

أراد منه المشركون، على ما يأتي بيانه في "النحل[. @قوله تعالى: "ويحذركم الله نفسه" قال الزجاج: أي ويحذركم الل00ه إي00اه. ثم استغنوا عن ذلك بذا وصار المستعمل؛ قال تعالى: "تعلم ما في نفس00ي

[ فمعن00اه تعلم م00ا عن00دي وم00ا في116وال أعلم ما في نفس00ك" ]المائ00دة: حقيق00تي وال أعلم م00ا عن00دك وال م00ا في حقيقت00ك. وق00ال غ00يره: المع00نى ويحذركم الله عقابه؛ مثل "واسأل القري00ة". وق00ال: "تعلم م00ا في نفس00ي" أي مغيبي، فجعلت النفس في موضع اإلضمار ألنه فيها يك00ون. "وإلى الل00ه

المصير" أي وإلى جزاء الله المصير. وفيه إقرار بالبعث. }قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما29*اآلية: 3*

في السماوات وما في األرض والله على كل شيء قدير{ @فهو الع00الم بخفي00ات الص00دور وم00ا اش00تملت علي00ه، وبم00ا في الس00موات واألرض وما احتوت عليه، عالم الغيوب ال يع00زب عن00ه مثق00ال ذرة وال يغيب

عنه شيء، سبحانه ال إله إال هو عالم الغيب والشهادة. }يوم تجد كل نفس م00ا عملت من خ00ير محض00را وم00ا عملت30*اآلية: 3*

من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفس00ه والل00ه رؤوفبالعباد{

@"يوم" منصوب متصل بقوله: "ويحذركم الله نفسه. يوم تجد". وقيل: هو متصل بقوله: "وإلى الل00ه المص00ير. ي00وم تج00د". وقي00ل: ه00و متص00ل بقول00ه: "والله على كل شيء قدير. يوم تجد" ويجوز أن يكون منقطعا على إضماراذكر؛ ومثله قوله: "إن الله عزيز ذو انتق00ام. ي00وم تب00دل األرض" ]إب00راهيم:

[. و"محضرا" حال من الضمير المح00ذوف من ص00لة "م00ا" تق00ديره00،48 47 يوم تجد كل نفس ما عملته من خير محضرا. هذا على أن يكون "تجد" من وجدان الضالة. و"ما" من قوله "وم00ا عملت من س00وء" عط00ف على "م00ا" األولى. و"تود" في موضع الحال من "ما" الثانية. وإن جعلت "تجد" بمع00نى تعلم ك00ان "محض00را" المفع00ول الث00اني، وك00ذلك تك00ون "ت00ود" في موض00ع

Page 35: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

المفعول الثاني؛ تقديره يوم تجد كل نفس جزاء ما عملت محضرا. ويج00وز أن تكون "ما" الثانية رفعا باالبتداء، و"تود" في موض00ع رف00ع على أن00ه خ00بر االبتداء، وال يصح أن تكون "ما" بمعنى الجزاء؛ ألن "تود" مرفوع، ولو ك00ان ماضيا لجاز أن يكون جزاء، وكان يكون معنى الكالم: وم00ا عملت من س00وء ودت لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا؛ أي كما بين المشرق والمغرب. وال يكون المستقبل إذا جعلت "م00ا" للش00رط إال مجزوم00ا؛ إال أن تحمل00ه على تق00دير حذف الفاء، على تقدير: وما عملت من سوء فهي تود. أبو علي: هو قياس ق00ول الف00راء عن00دي؛ ألن00ه ق00ال في قول00ه تع00الى: "وإن أطعتم00وهم إنكم

[: إنه على حذف الف00اء. واألم00د: الغاي00ة، وجمع00ه121لمشركون" ]األنعام: آماد. ويقال: استولى على األمد، أي غلب سابقا. قال النابغة:

إال لمثلك أو من أنت سابقه سبق الجواد إذا استولى على األمد واألمد: الغضب. يقال: أمد أمدا، إذا غضب غضبا.

}قل إن كنتم تحبون الل00ه ف00اتبعوني يحببكم الل00ه ويغف00ر لكم31*اآلية: 3*ذنوبكم والله غفور رحيم{

@الحب: المحبة، وكذلك الحب بالكسر. والحب أيضا الحبيب؛ مث00ل الخ00دن والخدين؛ يقال أحبه فهو محب، وحب00ه يحب00ه )بالكس00ر( فه0و محب00وب. ق00ال الجوهري: وهذا شاذ؛ ألنه ال ي0أتي في المض00اعف يفع0ل بالكس0ر. ق0ال أب0و الفتح: واألصل فيه حبب كظرف، فأسكنت الب00اء وأدغمت في الثاني00ة. ق00ال ابن الدهان سعيد: في حب لغتان: حب وأحب، وأصل "حب" في هذا البناء حبب كظرف؛ يدل على ذلك قولهم: حببت، وأكثر م0ا ورد فعي0ل من فع0ل. قال أبو الفتح: والداللة على أحب قوله تعالى: "يحبهم ويحبون00ه" ]المائ00دة:

[ و"حب" ي00رد31[ بض00م الي00اء. و"اتبع00وني يحببكم الل00ه" ]آل عم00ران: 54 على فع00ل لق00ولهم ح00بيب. وعلى فع00ل كق00ولهم محب00وب: ولم ي00رد اس00م الفاعل من حب المتعدي، فال يقال: أنا حاب. ولم ي00رد اس00م المفع00ول من

أفعل إال قليال؛ كقوله: مني بمنزلة المحب المكرم

وحكى أبو زيد: حببته أحبه. وأنشد: فوالله لوال تمره ما حببته وال كان أدنى من عويف وهاشم

وأنشد: لعمرك إنني وطالب مصر لكالمزداد مما حب بعدا

وحكى األصمعي فتح ح00رف المض00ارعة م00ع الي00اء وح00دها. والحب الخابي00ة، فارسي معرب، والجمع حباب وحببة؛ حكاه الجوهري. واآلية نزلت في وفد نجران إذ زعموا أن ما ادعوه في عيسى حب لله عز وجل؛ قاله محم00د بن جعفر بن الزبير. وقال الحسن وابن جريج: نزلت في قوم من أهل الكتاب قالوا: نحن ال00ذين نحب ربن00ا. وروي أن المس00لمين ق00الوا: ي00ا رس00ول الل00ه، والل00ه إن00ا لنحب ربن00ا؛ ف00أنزل الل00ه ع00ز وج00ل: "ق00ل إن كنتم تحب00ون الل00ه فاتبعوني". قال ابن عرفة: المحبة عند العرب إرادة الشيء على قصد ل00ه. وقال األزهري: محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما واتباع00ه أمرهم00ا؛ ق00ال الله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني". ومحبة الل00ه للعب00اد إنعام00ه عليهم بالغفران؛ قال الله تعالى: "إن الله ال يحب الك00افرين" ]آل عم00ران:

[ أي ال يغفر لهم. وقال سهل بن عبدالله: عالمة حب الله حب الق00رآن،32 وعالمة حب القرآن حب النبي صلى الله علي00ه وس00لم، وعالم00ة حب الن00بي

Page 36: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

صلى الله علي0ه وس0لم حب الس0نة؛ وعالم0ة حب الل0ه وحب الق0رآن وحب النبي وحب السنة حب اآلخرة، وعالمة حب اآلخرة أن يحب نفسه، وعالمة حب نفس00ه أن يبغض ال00دنيا، وعالم00ة بغض ال00دنيا أال يأخ00ذ منه00ا إال ال00زاد والبلغة. وروى أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وس00لم في قول00ه تعالى: "قل إن كنتم تحبون الل00ه ف00اتبعوني يحببكم الل00ه" ق00ال: )على ال00بر والتقوى والتواض00ع وذل00ة النفس( خرج00ه أب00و عبدالل00ه الترم00ذي. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من أراد أن يحبه الل00ه فعلي00ه بص00دق الحديث وأداء األمانة وأال يؤذي جاره(. وفي صحيح مس00لم عن أبي هري00رة قال قال رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )إن الل00ه إذا أحب عب00دا دع00ا جبريل فقال إني أحب فالنا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ين00ادي في الس00ماء فيقول إن الله يحب فالنا فأحبوه فيحبه أهل السماء - ق00ال - ثم يوض00ع ل00ه القب00ول في األرض، وإذا أبغض عب00دا دع00ا جبري00ل فيق00ول إني أبغض فالن00ا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء أن الل00ه يبغض فالن00ا فأبغضوه - قال - فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في األرض(. وسيأتي لهذا مزيد بي0ان في آخ0ر س0ورة "م0ريم" إن ش0اء الل0ه تع0الى. وق0رأ أب0و رج0اء العط00اردي )ف00اتبعوني( بفتح الب00اء، "ويغف00ر لكم" عط00ف على "يحببكم". وروى محبوب عن أبي عمرو بن العالء أنه أدغم الراء من "يغفر" في الالم من "لكم". قال النحاس: ال يج00يز الخلي00ل وس00يبويه إدغ00ام ال00راء في الالم، وأبو عمرو أجل من أن يغلط في مثل هذا، ولعله ك00ان يخفي الحرك00ة كم00ا

يفعل في أشياء كثيرة. }ق00ل أطيع00وا الل00ه والرس00ول ف00إن تول00وا ف00إن الل00ه ال يحب32*اآلي00ة: 3*

الكافرين{@قوله تعالى: "قل أطيعوا الله والرسول" يأتي بيانه في )النساء(.

@"ف00إن تول0وا" ش00رط، إال أن0ه م0اض ال يع0رب. والتق0دير ف00إن تول0وا على كفرهم وأعرضوا عن طاعة الله ورسوله "فإن الل00ه ال يحب الك00افرين" أي ال يرضى فعلهم وال يغفر لهم كما تقدم. وقال "فإن الله" ولم يق00ل "فإن00ه"

ألن العرب إذا عظمت الشيء أعادت ذكره؛ وأنشد سيبويه: ال أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا }إن الله اصطفى آدم ونوح00ا وآل إب00راهيم وآل عم00ران على33*اآلية: 3*

العالمين{ @قوله تعالى: "إن الله اصطفى آدم ونوحا" اصطفى اختار، وقد تقدم في البقرة. وتقدم فيها اش00تقاق آدم وكنيت00ه، والتق00دير إن الل00ه اص00طفى دينهم وهو دين اإلسالم؛ فح00ذف المض00اف. وق00ال الزج00اج: اخت00ارهم للنب00وة على عالمي زمانهم. "ونوحا" قيل إنه مشتق من ناح ينوح، وهو اسم أعجمي إال أنه انصرف ألنه على ثالثة أحرف، وهو شيخ المرسلين، وأول رس00ول بعث00ه الل00ه إلى أه00ل األرض بع00د آدم علي00ه الس00الم بتح00ريم البن00ات واألخ00وات والعمات والخاالت وس00ائر القراب00ات، ومن ق00ال: إن إدريس ك0ان قبل00ه من

المؤرخين فقد وهم على ما يأتي بيانه في "األعراف" إن شاء الله تعالى. @قوله تعالى: "وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين" تق00دم في البق00رة معنى اآلل وعلى ما يطلق مستوفى. وفي البخاري عن ابن عباس قال: آل إبراهيم وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياس00ين وآل محمد؛ يقول الله تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي

Page 37: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

[ وقي00ل: آل إب00راهيم68والذين آمن00وا والل00ه ولي المؤم00نين" ]آل عم00ران: إسماعيل وإسحاق ويعقوب واألسباط، وإن محمدا صلى الل00ه علي00ه وس00لم من آل إب0راهيم. وقي00ل: آل إب0راهيم نفس00ه، وك0ذا آل عم0ران؛ ومن0ه قول0ه

[. وفي248تع00الى: "وبقي00ة مم00ا ت00رك آل موس00ى وآل ه00ارون" ]البق00رة: الحديث: )لقد أعطي مزمارا من مزامير آل داود(؛ وقال الشاعر:

وال تبك ميتا بعد ميت أحبه علي وعباس وآل أبي بكر وقال آخر:

يالقي من تذكر آل ليلى كما يلقى السليم من العداد أراد من تذكر ليلى نفسها. وقيل: آل عمران آل إبراهيم؛ كم00ا ق00ال: "ذري00ة

[. وقي00ل: الم0راد عيس0ى، ألن أم0ه ابن00ة34بعضها من بعض" ]آل عم0ران: عم00ران. وقي00ل: نفس00ه كم00ا ذكرن00ا. ق00ال مقات00ل: ه0و عم00ران أب00و موس00ى وه00ارون، وه00و عم00ران بن يص00هر لن فاه00اث بن الوى بن يعق00وب. وق00ال الكلبي: هو عمران أبو مريم، وه00و من ول00د س00ليمان علي00ه الس00الم. وحكى السهيلي: عمران بن ماتان، وامرأته حنة )بالنون(. وخص هؤالء بال00ذكر من بين األنبي00اء ألن األنبي00اء والرس00ل بقض00هم وقضيض00هم من نس00لهم. ولم ينص00رف عم00ران ألن في آخ00ره ألف00ا ونون00ا زائ00دتين. ومع00نى قول00ه: "على العالمين" أي على عالمي زمانهم، في قول أهل التفس00ير. وق00ال الترم00ذي الحكيم أب00و عبدالل00ه محم00د بن علي: جمي00ع الخل00ق كلهم. وقي00ل "على العالمين": على جميع الخلق كلهم إلى يوم الصور، وذل00ك أن ه00ؤالء رس00ل وأنبياء فهم صفوة الخلق؛ فأما محمد صلى الل00ه علي00ه وس00لم فق00د ج00ازت مرتبته االصطفاء ألنه ح0بيب ورحم00ة. ق0ال الل0ه تع0الى: "وم0ا أرس00لناك إال

[ فالرسل خلقوا للرحمة، ومحمد صلى الله107رحمة للعالمين" ]األنبياء: عليه وسلم خلق بنفسه رحمة، فلذلك صار أمانا للخلق، لما بعثه الل00ه أمن الخلق العذاب إلى نفخة الصور. وسائر األنبياء لم يحلوا هذا المحل؛ ولذلك قال عليه السالم: )أنا رحمة مهداة( يخبر أنه بنفسه رحمة للخلق من الله. وقوله )مهداة( أي هدية من الله للخلق. ويقال: اخت0ار آدم بخمس0ة أش0ياء: أولها أنه خلقه بيده في أحسن صورة بقدرت00ه، والث00اني أن00ه علم0ه األس00ماء كلها، والثالث أمر المالئكة بأن يسجدوا له، والرابع أسكنه الجنة، والخامس جعله أبا البشر. واختار نوحا بخمسة أشياء: أولها أنه جعل00ه أب00ا البش00ر؛ ألن الن00اس كلهم غرق00وا وص00ار ذريت00ه هم الب00اقين، والث00اني أن00ه أط00ال عم00ره؛ ويقال: طوبى لمن طال عمره وحسن عمله، والثالث أن0ه اس0تجاب دع0اءه على الكافرين والمؤمنين، والرابع أنه حمله على الس00فينة، والخ00امس أن00ه ك00ان أول من نس00خ الش00رائع؛ وك00ان قب00ل ذل00ك لم يح00رم ت00زويج الخ00االت والعمات. واختار إبراهيم بخمسة أشياء: أوله00ا أن00ه جعل00ه أب00ا األنبي00اء؛ ألن00ه روى أنه خرج من صلبه ألف نبي من زمانه إلى زمن النبي صلى الله علي00ه وسلم، والثاني أنه اتخ0ذه خليال، والث0الث أن0ه أنج0اه من الن0ار، والراب0ع أن0ه جعله إماما للناس، والخامس أن00ه ابتاله بالكلم00ات فوفق00ه ح00تى أتمهن. ثم قال: "وآل عمران" فإن كان عم00ران أب00ا موس00ى وه0ارون فإنم0ا اختارهم00ا على العالمين حيث بعث على قومه المن والسلوى وذلك لم يكن ألحد من األنبياء في العالم. وإن كان أبا مريم فإنه اصطفى له مريم ب00والدة عيس00ى

بغير أب ولم يكن ذلك ألحد في العالم. والله أعلم. }ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم{34*اآلية: 3*

Page 38: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@تقدم في البقرة معنى الذرية واشتقاقها. وهي نص00ب على الح00ال؛ قال00ه األخفش. أي في ح00ال ك00ون بعض00هم من بعض، أي ذري00ة بعض00ها من ول00د بعض. الكوفيون: على القطع. الزجاج: بدل، أي اص00طفى ذري00ة بعض00ها من بعض، ومع00نى بعض00ها من بعض، يع00ني في التناص00ر في ال00دين؛ كم00ا ق00ال:

[ يعني في الض00اللة؛67"المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض" ]التوبة: قاله الحسن وقتادة. وقيل: في االجتباء واالصطفاء والنبوة. وقي00ل: الم00راد

به التناسل، وهذا أضعفها. }إذ قالت ام00رأة عم00ران رب إني ن00ذرت ل00ك م00ا في بط00ني35*اآلية: 3*

محررا فتتقبل مني إنك أنت السميع العلي{ @قوله تعالى: "إذ قالت امرأة عمران" قال أبو عبي00دة: "إذ" زائ00دة. وق00ال محم00د بن يزي00د: التق00دير: اذك00ر إذ. وق00ال الزج00اج: المع00نى واص00طفى آل عمران إذ ق00الت ام00رأة عم00ران. وهي حن0ة )بالح00اء المهمل00ة والن00ون( بنت فاقود بن قنبل أم مريم جدة عيسى عليه الس00الم، وليس باس00م ع00ربي وال يعرف في العربية حنة اسم امرأة. وفي العربي00ة أب00و حن00ة الب00دري، ويق00ال فيه: أبو حبة )بالباء بواحدة( وهو أصح، واس00مه ع00امر، ودي00ر حن00ة بالش00أم،

ودير آخر أيضا يقال له كذلك؛ قال أبو نواس: يا دير حنة من ذات األكيراح من يصح عنك فإني لست بالصاحي

وحبة في العرب كث00ير، منهم أب00و حب00ة األنص00اري، وأب00و الس00نابل بن بعك00ك المذكور في ح0ديث س0بيعة حب0ة، وال يع0رف خن00ة بالخ00اء المعجم00ة إال بنت يحيى بن أكثم القاضي، وهي أم محمد بن نصر، وال يعرف جنة )بالجيم( إال

أبو جنة، وهو خال ذي الرمة الشاعر. كل هذا من كتاب ابن ماكوال. @قوله تعالى: "رب إني نذرت لك ما في بطني محررا" تقدم معنى النذر، وأنه ال يلزم العبد إال بأن يلزمه نفسه. ويق00ال: إنه00ا لم00ا حملت ق00الت: لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني لجعلته محررا. ومعنى "لك" أي لعبادتك. "محررا" نصب على الحال، وقيل: نعت لمفع00ول مح00ذوف، أي إني ن00ذرت ل00ك م00ا في بط00ني غالم00ا مح00ررا، واألول أولى من جه00ة التفس00ير وس00ياق الكالم واإلعراب: أما اإلعراب فإن إقامة النعت مقام المنعوت ال يجوز في مواضع، ويجوز على المجاز في أخرى، وأما التفسير فقيل أن س00بب ق00ول امرأة عمران هذا أنها كانت كبيرة ال تلد، وكانوا أهل بيت من الل00ه بمك00ان، وإنها كانت تحت شجرة فبصرت بطائر يزق فرخا فتح00ركت نفس00ها ل00ذلك، ودعت ربها أن يهب لها ولدا، ونذرت إن ولدت أن تجعل ول00دها مح00ررا: أي عتيقا خالصا لله تعالى، خادما للكنيس00ة حبيس00ا عليه00ا، مفرغ00ا لعب00ادة الل00ه تعالى. وكان ذل0ك ج0ائزا في ش00ريعتهم، وك0ان على أوالدهم أن يطيع0وهم. فلما وضعت مريم قالت: "رب إني وضعتها أنثى" يعني أن األن00ثى ال تص00لح لخدم00ة الكنيس00ة. قي00ل لم00ا يص00يبها من الحيض واألذى. وقي00ل: ال تص00لح

لمخالطة الرجال. وكانت ترجو أن يكون ذكرا فلذلك حررت. @قال ابن العربي: "ال خالف أن ام0رأة عم0ران ال يتط0رق إلى حمله0ا ن0ذر لكونها حرة، فلو كانت امرأته أمة فال خالف أن الم00رء ال يص00ح ل00ه ن00ذر في ولده وكيفما تصرفت حاله؛ فإنه إن كان الناذر عبدا فلم يتقرر له ق00ول في ذلك؛ وإن كان حرا فال يصح أن يكون مملوكا له، وكذلك المرأة مثله؛ ف00أي وجه للنذر فيه؟ وإنما معناه - والله أعلم - أن المرء إنما يري00د ول00ده لألنس به واالستنصار والتسلي، فطلبت هذه المرأة الولد أنس00ا ب00ه وس00كونا إلي00ه؛

Page 39: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فلما من الله تعالى عليها ب00ه ن0ذرت أن حظه0ا من األنس ب00ه م00تروك في0ه، وهو على خدمة الله تعالى موقوف، وهذا نذر األح00رار من األب00رار. وأرادت به محررا من جهتي، محررا من رق ال00دنيا وأش00غالها؛ وق00د ق00ال رج00ل من الصوفية ألمه: يا أمه: ذريني لله أتعبد له وأتعلم العلم، فق00الت نعم. فس00ار حتى تبصر ثم عاد إليه00ا ف00دق الب00اب، فق00الت من؟ فق00ال له00ا: ابن00ك فالن،

قالت: قد تركناك لله وال نعود فيك. @قوله تعالى: "محررا" مأخوذ من الحرية التي هي ضد العبودية؛ من ه00ذا تحرير الكتاب، وه0و تخليص0ه من االض0طراب والفس0اد. وروى خص0يف عن عكرمة ومجاهد: أن المحرر الخالص لله عز وجل ال يشوبه ش00يء من أم00ر الدنيا. وهذا معروف في اللغة أن يقال لكل ما خلص: حر، ومح00رر بمعن00اه؛

قال ذو الرمة: والقرط في حرة الذفرى معلقه تباعد الحبل منه فهو يضطرب

وطين حر ال رمل فيه، وباتت فالنة بليلة حرة إذا لم يصل إليه00ا زوجه00ا أولليلة؛ فإن تمكن منها فهي بليلة شيباء.

}فلما وضعتها ق00الت رب إني وض00عتها أن00ثى والل00ه أعلم بم00ا36*اآلية: 3* وضعت وليس الذكر كاألنثى وإني سميتها م00ريم وإني أعي00ذها ب00ك وذريته00ا

من الشيطان الرجيم{ @قوله تعالى: "فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى" قال ابن عباس: إنما قالت هذا ألن00ه لم يكن يقب00ل في الن00ذر إال ال00ذكور، فقب00ل الل00ه م00ريم. "وأنثى" حال، وإن ش00ئت ب00دل. فقي00ل: إنه00ا ربته00ا ح00تى ترع00رعت وحينئ00ذ أرسلتها؛ رواه أشهب عن مالك: وقيل: لفتها في خرقتها وأرس00لت به00ا إلى المسجد، فوفت بنذرها وتبرأت منه00ا. ولع00ل الحج00اب لم يكن عن00دهم كم00ا كان في صدر اإلسالم؛ ففي البخاري ومس00لم أن ام00رأة س00وداء ك00انت تقم

المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فماتت. الحديث. @قوله تعالى: "والله أعلم بما وضعت" هو على قراءة من ق00رأ "وض00عت" بضم الت00اء من جمل00ة كالمه00ا؛ ف00الكالم متص00ل. وهي ق00راءة أبي بك00ر وابن عامر، وفيها معنى التسليم لله والخضوع والتنزيه له أن يخفى عليه ش00يء، ولم تقله على طريق اإلخبار ألن علم الله في كل شيء قد تقرر في نفس المؤمن، وإنما قالته على طريق التعظيم والتنزيه لله تع00الى. وعلى ق00راءة الجمهور هو من كالم الله ع00ز وج00ل ق00دم، وتق00ديره أن يك00ون م00ؤخرا بع00د

[ والل00ه36"وإني أعيذها بك وذريته00ا من الش00يطان ال00رجيم" ]آل عم00ران: أعلم بما وضعت؛ قاله المهدوي. وقال مكي: هو إعالم من الل00ه تع00الى لن00ا على طريق التث00بيت فق00ال: والل00ه أعلم بم00ا وض00عت أم م00ريم قالت00ه أو لم تقله. ويقوي ذلك أن00ه ل00و ك00ان من كالم أم م00ريم لك00ان وج00ه الكالم: وأنت أعلم بما وض00عت؛ ألنه00ا نادت00ه في أول الكالم في قوله00ا: رب إني وض00عتها

أنثى. وروي عن ابن عباس "بما وضعت" بكسر التاء، أي قيل لها هذا. @قوله تعالى: "وليس الذكر كاألنثى" اس00تدل ب00ه بعض الش00افعية على أن المطاوع00ة في نه00ار رمض00ان لزوجه00ا على ال00وطء ال تس00اويه في وج00وب الكفارة عليها، ابن العربي، وهذه منه غفل00ة، ف00إن ه00ذا خ00بر عن ش00رع من قبلنا وهم ال يقولون به، وهذه الصالحة إنما قصدت بكالمها ما تشهد ل00ه ب00ه بينة حالها ومقطع كالمها، فإنها نذرت خدمة المسجد في ولدها، فلم00ا رأت00ه أنثى ال تصلح وأنها عورة اعتذرت إلى ربها من وجوده00ا له00ا على خالف م00ا

Page 40: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قصدته فيها. ولم ينصرف "مريم" ألنه م00ؤنث معرف00ة، وه00و أيض00ا أعجمي؛قاله النحاس. والله تعالى أعلم.

@قوله تعالى: "وإني سميتها م00ريم" يع00ني خ00ادم ال00رب في لغتهم. "وإني أعيذها بك" يعني مريم. "وذريتها" يعني عيسى. وهذا ي00دل على أن الذري00ة قد تقع على الولد خاص00ة. وفي ص00حيح مس00لم عن أبي هري00رة ق00ال: ق00ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما من مولود يولد إال نخس00ه الش00يطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إال ابن مريم وأمه( ثم قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: "وإني أعي00دها ب00ك وذريته0ا من الش0يطان ال0رجيم". ق0ال علماؤنا: فأفاد هذا الحديث أن الل00ه تع00الى اس00تجاب دع00اء أم م00ريم، ف00إن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى األنبياء واألولياء إال م00ريم وابنه00ا. ق00ال قتادة: كل مولود يطعن الش00يطان في جنب00ه حين يول00د غ00ير عيس00ى وأم00ه جعل بينهما حجاب فأصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ لها من00ه ش00يء، ق00ال علماؤنا: وإن لم يكن كذلك بطلت الخصوص00ية بهم00ا، وال يل00زم من ه00ذا أن نخس الشيطان يلزم منه إضالل الممسوس وإغواؤه فإن ذلك ظن فاس00د؛ فكم تعرض الشيطان لألنبياء واألولياء ب00أنواع اإلفس00اد واإلغ00واء وم00ع ذل00ك فعصمهم الله مما يرومه الشيطان، كما قال تع00الى: "إن عب00ادي ليس ل00ك

[. هذا مع أن كل واحد من ب00ني آدم ق00د وك00ل42عليهم سلطان" ]الحجر: به قرينه من الشياطين؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فم00ريم وابنها وإن عصما من نخسه فلم يعص00ما من مالزمت00ه له00ا ومقارنت00ه. والل00ه

أعلم. }فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبته0ا نبات00ا حس00نا وكفله0ا زكري00ا37*اآلية: 3*

كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى ل00ك ه00ذاقالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب{

@قول00ه تع00الى: "فتقبله00ا ربه00ا بقب00ول حس00ن" المع00نى: س00لك به00ا طري00ق الس00عداء؛ عن ابن عب00اس. وق0ال ق00وم: مع0نى التقب00ل التكف00ل في التربي00ة والقيام بشأنها. وقال الحسن: معنى التقبل أن00ه م00ا ع00ذبها س00اعة ق00ط من ليل وال نه0ار. "وأنبته0ا نبات0ا حس0نا" يع0ني س00وى خلقه0ا من غ0ير زي0ادة وال نقصان، فكانت تنبت في اليوم م00ا ينبت المول00ود في ع00ام واح00د. والقب00ول

والنبات مصدران على غير المصدر، واألصل تقبال وإنباتا. قال الشاعر: أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا

أراد بع00د إعطائ00ك، لكن لم00ا ق00ال "أنبته00ا" دل على نبت؛ كم00ا ق00ال ام00رؤالقيس:

فصرنا إلى الحسنى ورق كالمنا ورضت فذلت صعبة أي إذالل ، ولكن00ه رده على مع00نى أذللت؛ وك0ذلك ك00ل م00ا ي00رد وإنما مص00در ذلت ذل عليك في هذا الباب. فمعنى تقبل وقبل واحد، فالمعنى فقبلها ربه00ا بقب00ول

حسن. ونظيره قول رؤبة:وقد تطويت انطواء الحضب

األفعى ألن معنى تطويت وانطويت واحد؛ ومثله قول القطامي: وخير األمر ما استقبلت منه وليس بأن تتبعه اتباعا

ألن تتبعت واتبعت واحد. وفي ق00راءة ابن مس00عود "وأن00زل المالئك00ة ت00نزيال "ألن معنى ن00زل وأن00زل واح00د. وق00ال المفض00ل: معن00اه وأنبته00ا فنبتت نبات00ا حسنا. ومراعاة المعنى أولى كما ذكرن00ا. واألص00ل في القب00ول الض00م؛ ألن00ه

Page 41: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

مصدر مثل الدخول والخروج، والفتح ج0اء في ح0روف قليل00ة؛ مث0ل الول0وع والوزوع؛ هذه الثالثة ال غير؛ قاله أبو عمر والكسائي واألئمة. وأجاز الزج00اج

"بقبول" بضم القاف على األصل. @قوله تعالى: "وكفلها زكريا" أي ضمها إليه. أبو عبيدة: ضمن القي00ام به00ا. وقرأ الكوفي00ون "وكفله00ا" بالتش00ديد، فه00و يتع00دى إلى مفع00ولين؛ والتق00دير وكفلها ربه00ا زكري00ا، أي ألزم00ه كفالته00ا وق00در ذل00ك علي00ه ويس00ره ل00ه. وفي مصحف أبي "وأكفله0ا" والهم0زة كالتش00ديد في التع00دي؛ وأيض00ا ف00إن قبل00ه "فتقبله0ا، وأنبته0ا" ف0أخبر تع0الى عن نفس00ه بم00ا فع0ل به0ا؛ فج00اء "كفله0ا" بالتشديد على ذلك. وخففه الب00اقون على إس00ناد الفع0ل إلى زكري00ا. ف00أخبر الله تعالى أنه هو الذي تولى كفالتها والقيام بها؛ بداللة قول00ه: "أيهم يكف00ل

[. قال مكي: وهو االختي00ار؛ ألن التش00ديد يرج00ع إلى44مريم" ]آل عمران: التخفيف، ألن الله تعالى إذا كفلها زكري00ا كفله00ا ب00أمر الل00ه، وألن زكري00ا إذا كفلها فعن مشيئة الل00ه وقدرت0ه؛ فعلى ذل0ك فالقراءت0ان مت00داخلتان. وروى عم00رو بن موس00ى عن عبدالل00ه بن كث00ير وأبي عبدالل00ه الم00زني "وكفله00ا" بكسر الفاء. قال األخفش: يقال كفل يكفل وكفل يكف00ل ولم أس00مع كف00ل، وقد ذكرت. وقرأ مجاه00د "فتقبله00ا" بإس00كان الالم على المس00ألة والطلب. "ربها" بالنصب نداء مضاف. "وأنبتها" بإسكان التاء "وكفلها" بإس00كان الالم "زكرياء" بالمد والنصب. وقرأ حفص وحمزة والكس00ائي "زكري00ا" بغ00ير م00د وال هم00زة، وم00ده الب00اقون وهم00زوه. وق00ال الف00راء: أه00ل الحج00از يم00دون "زكرياء" ويقصرونه، وأهل نجد يحذفون من00ه األل00ف ويص00رفونه فيقول00ون: زكري. قال األخفش: فيه أربع لغ0ات: الم0د والقص00ر، وك0ري بتش0ديد الي00اء والصرف، وزكر ورأيت زكريا. قال أبو حاتم: زكرى بال ص00رف ألن00ه أعجمي وهذا غلط؛ ألن ما كان فيه "يا" مثل هذا انصرف مثل كرسي ويح00يى، ولم

ينصرف زكرياء في المد والقصر ألن فيه ألف تأنيث والعجمة والتعريف. @قوله تعالى: "كلما دخل عليها زكريا المحراب" المحراب في اللغة أكرم موضع في المجلس. وسيأتي له مزيد بي00ان في س0ورة "م0ريم". وج0اء فيالخبر: إنها كانت في غرفة كان زكريا يصعد إليها بسلم. قال وضاح اليمن:

ربة محراب إذا جئتها لم ألقها حتى ارتقي سلما أي ربة غرفة. روى أبو صالح عن ابن عباس قال: حملت امرأة عمران بعد ما أسنت فنذرت ما في بطنها محررا فقال لها عمران: ويحك م00ا ص00نعت؟ أرأيت إن ك00انت أن00ثى؟ فاغتم00ا ل00ذلك جميع00ا. فهل00ك عم00ران وحن00ة حام00ل فولدت أنثى فتقبلها الله بقبول حسن، وكان ال يح00رر إال الغلم00ان فتس00اهم عليها األحبار باألقالم التي يكتبون بها الوحي، على ما ي00أتي. فكفله00ا زكري00ا وأخذ لها موض00عا فلم00ا أس00نت جع00ل له00ا محراب00ا ال ي00رتقي إلي00ه إال بس00لم، واستأجر لها ظئرا وكان يغلق عليها بابا، وكان ال يدخل عليها إال زكريا ح00تى كبرت، فكانت إذا حاض00ت أخرجه00ا إلى منزل00ه فتك00ون عن00د خالته00ا وك00انت خالتها امرأة زكريا في قول الكلبي. قال مقاتل: كانت أختها ام00رأة زكري00ا. وكانت إذا طهرت من حيضتها واغتسلت ردها إلى المحراب. وقال بعضهم: كانت ال تحيض وكانت مطهرة من الحيض. وكان زكريا إذا دخل عليه00ا يج00د عندها فاكهة الشتاء في القيظ وفاكهة القي00ظ في الش00تاء فق00ال: ي00ا م00ريم أنى لك هذا؟ فقالت: هو من عن0د الل00ه. فعن00د ذل0ك طم0ع زكري0ا في الول0د وقال: إن الذي يأتيها به00ذا ق00ادر أن يرزق00ني ول00دا. ومع00نى "أنى" من أين؛

Page 42: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قاله أب00و عبي00دة. ق00ال النح00اس: وه00ذا في00ه تس00اهل؛ ألن "أين" س00ؤال عن المواضع و"أنى" سؤال عن المذاهب والجهات. والمع00نى من أي الم00ذاهب

ومن أي الجهات لك هذا. وقد فرق الكميت بينهما فقال: أنى ومن أين آبك الطرب من حيث ال صبوة وال ريب

و "كلما" منصوب ب0 "وجد"، أي كل دخلة. "إن الل00ه ي00رزق من يش00اء بغ00ير حساب" قيل: هو من ق0ول م0ريم، ويج00وز أن يك00ون مس0تأنفا؛ فك0ان ذل0ك

سبب دعاء زكريا وسؤاله الولد. }هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيب00ة38*اآلية: 3*

إنك سميع الدعاء{ @قوله تعالى: "هنالك دعا زكريا ربه" هنالك في موضع نصب؛ ألن00ه ظ00رف يس00تعمل للزم00ان والمك00ان وأص00له للمك00ان. وق00ال المفض00ل بن س00لمة: "هنال00ك" في الزم00ان و"هن00اك" في المك00ان، وق00د يجع00ل ه00ذا مك00ان ه00ذا. و"هب لي" أعطني. "من لدنك" من عندك. "ذرية طيبة" أي نس00ال ص00الحا. والذرية تكون واحدة وتكون جمعا ذكرا وأن0ثى، وه0و هن0ا واح0د. ي0دل علي0ه

[ ولم يق00ل أولي00اء، وإنم00ا أنث5قول00ه. "فهب لي من ل00دنك ولي00ا" ]م00ريم: بة" لتأنيث لفظ الذرية؛ كقوله: "طي

أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال فأنث ولدته لتأنيث لفظ الخليفة. وروي من ح00ديث أنس ق00ال: ق00ال الن00بي صلى الله عليه وسلم: )أي رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله ل00ه مث00ل أجر عملهم ولم ينقص من أجورهم شيئا(. وقد مضى في "البقرة" اشتقاق الذرية. و"طيبة" أي صالحة مباركة. "إنك س00ميع ال00دعاء" أي قابل00ه؛ ومن00ه:

سمع الله لمن حمده. @دلت هذه اآلية على طلب الولد، وهي سنة المرسلين والص00ديقين، ق00ال الله تعالى: "ولقد أرسلنا رسال من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية" ]الرعد:

[. وفي ص00حيح مس00لم عن س00عد بن أبي وق00اص ق00ال: أراد عثم00ان أن38 يتبتل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أجاز ل00ه ذل00ك الختص00ينا. وخرج ابن ماجة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم: )النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوج00وا ف00إني مك00اثر بكم األمم ومن كان ذا طول فلينكح ومن لم يج00د فعلي00ه بالص00وم فإن00ه ل00ه وج0اء(. وفي ه0ذا رد على بعض جه0ال المتص00وفة حيث ق0ال: ال0ذي يطلب الولد أحمق، وما عرف أنه هو الغبي األخ0رق؛ ق00ال الل00ه تع0الى مخ00برا عن

[84إبراهيم الخلي00ل: "واجع00ل لي لس00ان ص00دق في اآلخ00رين" ]الش00عراء: وق00ال: "وال00ذين يقول00ون ربن00ا هب لن00ا من أزواجن00ا وذرياتن00ا ق00رة أعين"

[. وقد ت00رجم البخ00اري على ه00ذا "ب00اب طلب الول00د". وق00ال74]الفرقان: صلى الله عليه وسلم ألبي طلحة حين مات ابنه: )أعرس00تم الليل00ة(؟ ق00ال: نعم. قال: )بارك الله لكما في غابر ليلتكم00ا(. ق00ال فحملت. في البخ00اري: قال سفيان فقال رج00ل من األنص00ار: ف00رأيت تس00عة أوالد كلهم ق00د ق00رؤوا القرآن. وترجم أيضا "باب الدعاء بك00ثرة الول00د م00ع البرك00ة" وس00اق ح00ديث أنس بن مالك قال: قالت أم سليم: يا رسول الل00ه، خادم00ك أنس أدع الل00ه له. فقال: )اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته(. وقال صلى الل00ه عليه وسلم: )اللهم اغفر ألبي س00لمة وارف00ع درجت00ه في المه00ديين واخلف00ه في عقبه في الغابرين(. خرج00ه البخ00اري ومس00لم. وق00ال ص00لى الل00ه علي00ه

Page 43: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وسلم: )تزوجوا الول00ود ال00ودود ف00إني مك00اثر بكم األمم(. أخرج00ه أب00و داود. واألخب0ار في ه00ذا المع0نى كث00يرة تحث على طلب الول0د وتن00دب إلي00ه؛ لم0ا يرجوه اإلنسان من نفعة في حياته وبعد موته. قال صلى الله عليه وس00لم: )إذا مات أحدكم انقطع عمله إال من ثالث( فذكر )أو ولد ص00الح ي00دعو ل00ه(.

ولو لم يكن إال هذا الحديث لكان فيه كفاية. فإذا ثبت هذا فالواجب على اإلنسان أن يتضرع إلى خالقه في هداية

ولده وزوجه بالتوفيق لهما والهداية والصالح والعفاف والرعاي00ة، وأن يكون00ا معينين له على دينه ودنياه ح00تى تعظم منفعت00ه بهم00ا في أواله وأخ00راه؛ أال

[ وقال: "ذرية طيبة". وقال:6ترى قول زكريا: "واجعله رب رضيا" ]مريم: [. ودعا رس00ول الل00ه74"هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين" ]الفرقان:

صلى الله عليه وسلم ألنس فقال: )اللهم أكثر ماله وولده وبارك له في00ه(.خرجه البخاري ومسلم، وحسبك.

}فنادت00ه المالئك00ة وه00و ق00ائم يص00لي في المح00راب أن الل00ه39*اآلي00ة: 3*يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين{

@قوله تعالى: "فنادته المالئكة" قرأ حمزة والكسائي "فناداه" باأللف على التذكير ويميالنها ألن أصلها الياء، وألنه0ا رابع0ة. وب0األلف ق0راءة ابن عب00اس وابن مسعود، وهو اختيار أبي عبيد. وروي عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان عبدالله يذكر المالئكة في كل القرآن. قال أبو عبي0د: ن0راه اخت0ار ذلك خالفا على المشركين ألنهم قالوا: المالئكة بن0ات الل0ه. ق0ال النح0اس: هذا احتجاج ال يحصل منه شيء؛ ألن الع00رب تق00ول: ق00الت الرج00ال، وق00ال الرجال، وكذا النساء، وكيف يحتج عليهم بالقرآن، ول00و ج00از أن يحتج عليهم ب00القرآن به00ذا لج00از أن يحتج00وا بقول00ه تع00الى: "وإذ ق00الت المالئك00ة" ولكن

[ أي فلم19الحجة عليهم في قوله عز وجل: "أشهدوا خلقهم" ]الزخرف: يش00اهدوا، فكي00ف يقول00ون إنهم إن00اث فق00د علم أن ه00ذا ظن وه00وى. وأم00ا "فناداه" فهو جائز على تذكير الجمع، "ونادت00ه" على ت00أنيث الجماع00ة. ق00ال مكي: والمالئكة ممن يعقل في التكس0ير فج0رى في الت0أنيث مج00رى م0ا ال يعقل، تقول: هي الرج00ال، وهي الج00ذوع، وهي الجم00ال، وق00الت األع00راب. ويقوي ذلك قوله: "وإذ قالت المالئك00ة" وق00د ذك00ر في موض00ع آخ00ر فق00ال:

[ وه00ذا إجم00اع. وق00ال تع00الى:93"والمالئك00ة باس00طو أي00ديهم" ]األنع00ام: [ فت00أنيث ه00ذا الجم00ع23"والمالئكة يدخلون عليهم من كل ب00اب" ]الرع00د:

وتذكيره حسنان. وقال السدي: ن00اداه جبري00ل وح00ده؛ وك00ذا في ق00راءة ابن مس00عود. وفي التنزي00ل "ي00نزل المالئك00ة ب00الروح من أم00ره" يع00ني جبري00ل، والروح الوحي. وجائز في العربية أن يخبر عن الواحد بلف00ظ الجم00ع. وج00اء

[ يع00ني نعيم بن173في التنزي00ل "ال00ذين ق00ال لهم الن00اس" ]آل عم00ران: مسعود، على ما يأتي. وقيل: ناداه جمي00ع المالئك00ة، وه00و األظه00ر. أي ج00اء

النداء من قبلهم. @قوله تع00الى: "وه00و ق00ائم يص00لي في المح00راب أن الل00ه يبش00رك" "وه00و قائم" ابت00داء وخ00بر "يص00لي" في موض00ع رف00ع، وإن ش00ئت ك00ان نص00با على الحال من المضمر. "أن الله" أي بأن الله. وقرأ حمزة والكس00ائي "إن" أي ق00الت إن الل00ه؛ فالن00داء بمع00نى الق00ول. "يبش00رك" بالتش00ديد ق00راءة أه00ل المدينة. وقرأ حمزة "يبشرك" مخفف00ا؛ وك00ذلك حمي00د بن القيس المكي إال

Page 44: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أنه كسر الشين وض00م الي00اء وخف00ف الب00اء. ق00ال األخفش: هي ثالث لغ00اتبمعنى واحد.

دليل األولى هي قراءة الجماعة أن م00ا في الق00رآن من ه00ذا من فع00ل [17م00اض أو أم00ر فه00و بالتثقي00ل؛ كقول00ه تع00الى: "فبش00ر عب00اد" ]الزم00ر:

[ "ق00الوا71[ "فبش00رناها بإس00حاق" ]ه00ود: 11"فبش00ره بمغف00رة" ]يس: [. وأما الثانية وهي قراءة عبدالله بن مس00عود55بشرناك بالحق" ]الحجر:

فهي من بشر يبشر وهي لغة تهامة؛ ومنه قول الشاعر: بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة أتتك من الحجاج يتلى كتابها

وقال آخر: وإذا رأيت الباهشين إلى الندى غبرا أكفهم بقاع ممحل فأعنهم وابشر بما بشروا به وإذا هم نزلوا بضنك فانزل

وأما الثالثة فهي من أبشر يبشر إبشارا قال: يا أم عمرو أبشري بالبشرى موت ذريع وجراد عظلى

@قوله تعالى: "بيحيى" كان اسمه في الكتاب األول حيا، وكان اسم سارة زوجة إبراهيم عليه السالم بسارة، وتفسيره بالعربي00ة ال تل00د، فلم00ا بش00رت بإسحاق قيل له0ا: س0ارة، س0ماها ب0ذلك جبري0ل علي0ه الس0الم. فق0الت: ي0ا إبراهيم لم نقص من اس00مي ح00رف؟ فق00ال إب00راهيم ذل00ك لجبري00ل عليهم00ا السالم. فقال: )إن ذلك الحرف زي00د في اس00م ابن له00ا من أفض00ل األنبي00اء اسمه حيي وسمي بيحيى(. ذكره النقاش. وق0ال قت00ادة: س0مي بيح00يى ألن الله تعالى أحياه باإليمان والنبوة. وقال بعضهم: سمي بذلك ألن الله تعالى أحيا به الناس بالهدى. وقال مقاتل: اشتق اسمه من اسم الل00ه تع00الى حي

فسمي يحيى. وقيل: ألنه أحيا به رحم أمه. @قول00ه تع00الى: "مص00دقا بكلم00ة من الل00ه" يع00ني عيس00ى في ق00ول أك00ثر المفسرين. وسمي عيسى كلمة ألنه كان بكلمة الله تعالى ال00تي هي "كن" فكان من غير أب. وق00رأ أب00و الس00مال الع00دوي "بكلم00ة" مكس00ورة الك00اف00ف وفخ00ذ. وقي00ل: ساكنة الالم في جميع القرآن، وهي لغة فصيحة مث00ل كت سمي كلمة ألن الناس يهتدون به كما يهتدون بكالم الله تع00الى. وق00ال أب00و عبيد: معنى "بكلمة من الله" بكتاب من الله. قال: والعرب تقول أنش00دني كلم00ة أي قص00يدة؛ كم00ا روي أن الحوي00درة ذك00ر لحس00ان فق00ال: لعن الل00ه كلمته، يع00ني قص00يدته. وقي00ل غ00ير ه00ذا من األق00وال. والق00ول األول أش00هر وعليه من العلم00اء األك00ثر. و"يح00يى" أول من آمن بعيس00ى عليهم00ا الس00الم وصدقه، وكان يحيى أكبر من عيسى بثالث سنين ويقال بستة أشهر. وكان00ا ابني خالة، فلما سمع زكريا شهادته قام إلى عيس00ى فض00مه إلي00ه وه00و في خرقه. وذكر الطبري أن مريم لما حملت بعيسى حملت أيضا أختها بيحيى؛ فجاءت أختها زائرة فقالت: يا مريم أشعرت أني حملت؟ فقالت لها مريم: أشعرت أنت أني حملت؟ فقالت لها: وإني ألجد م00ا في بط00ني يس00جد لم00ا في بطنك. وذلك أنه روي أنها أحست جنينه00ا يخ00ر برأس00ه إلى ناحي00ة بطن مريم. قال السدي: فذلك قوله "مصدقا بكلمة من الله". "ومصدقا" نص00ب على الحال. "وسيدا" السيد: الذي يس00ود قوم00ه وينتهى إلى قول00ه، وأص00له سيود يقال: فالن أسود من فالن، أفعل من السيادة؛ ففيه داللة على جواز تسمية اإلنسان سيدا كما يجوز أن يسمى عزيزا أو كريما. وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ق00ال لب00ني قريظ00ة: )قوم00وا إلى س00يدكم(.

Page 45: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحسن: )إن ابني هذا سيد ولع00ل الل00ه يص00لح ب00ه بين فئ00تين عظيم00تين من المس00لمين( وكذلك كان، فإنه لما قتل علي رضي الله عن0ه بايع0ه أك0ثر من أربعين ألف0ا وكثير ممن تخلف عن أبيه وممن نكث بيعته، فبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وم00ا وراءه00ا من خراس00ان، ثم س00ار إلى معاوي00ة في أه00ل الحج00از والعراق وسار إليه معاوية في أهل الشام؛ فلم00ا ت00راءى الجمع00ان بموض00ع يقال له "مسكن" من أرض السواد بناحية األنبار كره الحسن القتال لعلمه أن إحدى الطائفتين ال تغلب حتى تهل00ك أك00ثر األخ00رى فيهل00ك المس00لمون؛ فسلم األمر إلى معاوية على شروط شرطها عليه، منها أن يكون األمر ل00ه من بعد معاوية، فالتزم كل ذل00ك معاوي00ة فص00دق قول00ه علي00ه الس00الم: )إن ابني هذا سيد( وال أسود ممن سوده الله تع00الى ورس00وله. ق00ال قت00ادة في قوله تع00الى "وس00يدا" ق00ال: في العلم والعب00ادة. ابن جب00ير والض00حاك: في العلم والتقى. مجاهد: السيد الكريم. ابن زيد: الذي ال يغلبه الغضب. وق00ال الزجاج: السيد الذي يفوق أقران00ه في ك00ل ش00يء من الخ00ير. وه00ذا ج00امع.ن. وفي الح00ديث )ث00ني من الض00أن وقال الكسائي: السيد من المعز المس00

خير من السيد المعز(. قال: سواء عليه شاة عام دنت له ليذبحها للضيف أم شاة سيد

قوله: "وحصورا" أصله من الحصر وهو الحبس. حصرني الشيء وأحصرنيإذا حبسني. قال ابن ميادة:

وما هجر ليلى أن تكون تباعدت عليك وال أن أحصرتك شغول وناقة حصور: ضيقة اإلحلي00ل. والحص00ور ال00ذي ال ي00أتي النس00اء كأن00ه محجم عنهن؛ كما يقال: رجل حصور وحصير إذا حبس رفده ولم يخرج ما يخرج00ه الندامى. يقال: شرب القوم فحصر عليهم فالن، أي بخ00ل؛ عن أبي عم00رو.

قال األخطل: وشارب مربح بالكأس نادمني ال بالحصور وال فيها بسوار

[ أي محبس0ا.8وفي التنزي0ل "وجعلن0ا جهنم للك0افرين حص0يرا" ]اإلس0راء: والحصير الملك ألنه محجوب. وقال لبيد:

وقماقم غلب الرقاب كأنهم جن لدى باب الحصير قيام فيحيى عليه الس00الم حص00ور، فع00ول بمع00نى مفع00ول ال ي00أتي النس00اء؛ كأن00ه ممن00وع مم00ا يك00ون في الرج00ال؛ عن ابن مس00عود وغ00يره. وفع00ول بمع00نى

مفعول كثير في اللغة، من ذلك حلوب بمعنى محلوبة؛ قال الشاعر: فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا كخافية الغراب األسحم

وقال ابن مسعود أيضا وابن عباس وابن جبير وقتادة وعطاء وأب00و الش00عثاء والحسن والس00دي وابن زي00د: ه00و ال00ذي يك00ف عن النس00اء وال يق00ربهن م00ع القدرة. وهذا أصح األقوال لوجهين: أحدهما أنه مدح وثناء عليه، والثناء إنما يكون عن الفعل المكتس0ب دون الجبل00ة في الغ0الب. الث00اني أن فع0وال في

اللغة من صيغ الفاعلين؛ كما قال: ضروب بنصل السيف سوق سمانها إذا عدموا زادا فإنك عاقر

فالمعنى أن00ه يحص00ر نفس00ه عن الش00هوات. ولع00ل ه00ذا ك00ان ش00رعه؛ فأم00اين الذي ال ذكر ل00ه يت00أتى ل00ه شرعنا فالنكاح، كما تقدم. وقيل: الحصور العن به النكاح وال ي00نزل؛ عن ابن عب00اس أيض00ا وس00عيد بن المس00يب والض00حاك. وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه

Page 46: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وسلم يقول: )كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه علي00ه إن ش00اء أو يرحمه إال يحيى بن زكريا فإنه كان سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين( - ثم أهوى النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى قذاة من األرض فأخذها وق00ال:00ره هك00ذا مث00ل ه00ذه الق00ذاة(. وقي00ل: معن00اه الح00ابس نفس00ه عن )ك00ان ذك معاصي الله عز وجل. و"نبي00ا من الص00الحين" ق00ال الزج00اج: الص00الح ال00ذي

يؤدي لله ما افترض عليه، وإلى الناس حقوقهم. }قال رب أنى يكون لي غالم وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر40*اآلية: 3*

قال كذلك الله يفعل ما يشاء{ @قيل: الرب هنا جبريل، أي قال لجبريل: رب - أي يا س00يدي - أنى يك00ون لي غالم؟ يعني ولدا؛ وهذا قول الكلبي. وق00ال بعض00هم: قول00ه "رب" يع00ني الله تعالى. "أنى" بمعنى كيف، وهو في موض00ع نص00ب على الظ00رف. وفي معنى هذا االستفهام وجهان: أح0دهما أن00ه س00أل ه00ل يك00ون ل0ه الول00د وه00و وامرأته على حاليهما أو يردان إلى حال من يلد؟. الث00اني س00أل ه00ل ي00رزق الولد من امرأته العاقر أو من غيرها. وقيل: المع00نى ب00أي منزل00ة اس00توجب هذا وأنا وامرأتي على هذه الحال؛ على وجه التواضع. ويروى أن00ه ك00ان بين دعائه والوقت الذي بشر فيه أربعون سنة، وكان يوم بشر ابن تسعين سنة وامرأته قريبة السن منه. وقال ابن عباس والض00حاك: ك00ان ي00وم بش00ر ابن عشرين ومائة سنة وكانت امرأت00ه بنت ثم00ان وتس00عين س00نة؛ ف00ذلك قول00ه "وامرأتي عاقر" أي عقيم ال تلد. يقال: رجل عاقر وامرأة عاقر بينة العقر. وقد عقرت وعق00ر )بض00م الق0اف فيهم00ا( تعق0ر عق0را ص0ارت ع0اقرا، مث00ل حسنت تحسن حسنا؛ عن أبي زي00د. وعق00ارة أيض00ا. وأس00ماء الف00اعلين من فعل فعيلة، يقال: عظمت فهي عظيمة، وظرفت فهي ظريفة. وإنم00ا قي00ل عاقر ألنه يراد به ذات عقر على النسب، ولو كان على الفعل لقال: عقرت فهي عقيرة كأن بها عقرا، أي كبرا من الس00ن يمنعه00ا من الول00د. والع00اقر: العظيم من الرمل ال ينبت شيئا. والعقر أيض00ا مه00ر الم00رأة إذا وطئت على شبهة. وبيضة العقر: زعموا هي بيضة الديك؛ ألن00ه ي00بيض في عم00ره بيض00ة واحدة إلى الطول. وعقر الن00ار أيض00ا. وس00طها ومعظمه00ا. وعق00ر الح00وض:ر، ر وعس00 مؤخره حيث تقف اإلبل إذا وردت؛ يقال: عق00ر وعق00ر مث00ل عس00 والجمع األعقار فهو لفظ مشترك. والك00اف في قول00ه "ك00ذلك" في موض00ع نصب، أي يفعل الله ما يش00اء مث00ل ذل00ك. والغالم مش00تق من الغلم00ة وه00و شدة طلب النكاح. واغتلم الفحل غلم00ة ه00اج من ش00هوة الض00راب. وق00الت

ليلى األخيلية: شفاها من الداء العضال الذي بها غالم إذا هز القناة سقاها

والغالم الط00ار الش00ارب. وه00و بين الغلوم00ة والغلومي00ة، والجم00ع الغلم00ة والغلمان. ويقال: إن الغيلم الشاب والجارية أيضا. والغيلم: ذكر السلحفاة.

والغيلم: موضع. واغتلم البحر: هاج وتالطمت أمواجه. }قال رب اجعل لي آية قال آيتك أال تكلم الناس ثالثة أيام إال41*اآلية: 3*

رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي واإلبكار{ @قوله تعالى: "قال رب اجعل لي آية" "جعل" هنا بمعنى صير لتعدي00ه إلى مفعولين. و"لي" في موضع المفع0ول الث00اني. ولم00ا بش0ر بالول0د ولم يبع0د عنده هذا في قدرة الله تعالى طلب آية - أي عالمة - يعرف بها ص00حة ه00ذا األمر وكونه من عند الله تعالى؛ فعاقبه الله تعالى بأن أصابه الس0كوت عن

Page 47: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

كالم الناس لسؤاله اآلية بعد مشافهة المالئكة إياه؛ قاله أك00ثر المفس00رين. قالوا: وكذلك إن لم يكن من م00رض خ00رس أو نح00وه ففي00ه على ك00ل ح00ال عقاب ما. قال ابن زيد: إن زكريا عليه السالم لما حملت زوجه منه بيح00يى أصبح ال يستطيع أن يكلم أحدا، وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله تعالى؛

فإذا أراد مقاولة أحد لم يطقه. @قوله تعالى: "إال رمزا" الرمز في اللغة اإليماء بالشفتين، وق00د يس00تعمل في اإليماء بالحاجبين والعينين واليدين؛ وأص00له الحرك00ة. وقي00ل: طلب تل00ك اآلية زيادة طمأنينة. المعنى: تمم النعم00ة ب00أن تجع00ل لي آي00ة، وتك00ون تل00ك اآلية زيادة نعمة وكرامة؛ فقي00ل ل00ه: "آيت00ك أال تكلم الن00اس ثالث00ة أي00ام" أي تمنع من الكالم ثالث ليال؛ دليل هذا القول قوله تعالى بعد بشري المالئك00ة

[ أي أوج0دتك بق0درتي9له. "وقد خلقتك من قب0ل ولم ت0ك ش0يئا" ]م0ريم: فكذلك أوجد لك الولد. واختار ه00ذا الق00ول النح00اس وق00ال: ق00ول قت00ادة إن زكريا عوقب بترك الكالم قول مرغوب عنه؛ ألن الل00ه ع00ز وج00ل لم يخبرن00ا أنه أذنب وال أنه نهاه عن هذا؛ والقول فيه أن المعنى اجعل لي عالمة ت00دل على كون الولد، إذ ك0ان ذل0ك مغيب00ا ع0ني. و"رم00زا" نص00ب على االس00تثناء المنقط00ع؛ قال0ه األخفش. وق0ال الكس0ائي: رم00ز يرم0ز ويرم0ز. وق0رئ "إال

رمزا" بفتح الميم و"رمزا" بضمها وضم الراء، الواحدة رمزة. @ في هذه اآلية دليل على أن اإلش00ارة ت00نزل منزل00ة الكالم وذل00ك موج00ود في كثير من السنة، وآكد اإلشارات ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم من أمر السوداء حين قال لها: )أين الل00ه(؟ فأش00ارت برأس00ها إلى الس00ماء فقال: )أعتقها فإنها مؤمنة(. فأجاز اإلسالم باإلشارة الذي هو أص00ل الديان00ة ال0ذي يح0رز ال0دم والم0ال وتس0تحق ب0ه الجن0ة وينجى ب0ه من الن0ار، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يق00ول ذل00ك؛ فيجب أن تك00ون اإلش00ارة عامل00ة في سائر الديانة، وهو قول عامة الفقهاء. وروى ابن القاسم عن مال00ك أن األخرس إذا أشار بالطالق إنه يلزم00ه. وق00ال الش00افعي في الرج00ل يم00رض فيختل لسانه فهو كاألخرس في الرجع00ة والطالق. وق00ال أب00و حنيف00ة: ذل00ك جائز إذا كانت إشارته تعرف، وإن شك فيها فهي باطل، وليس ذلك بقياس وإنما هو استحسان. والقياس في هذا كله أنه باطل؛ ألنه ال يتكلم وال تعقل إشارته. قال أبو الحسن بن بطال: وإنما حمل أبا حنيفة على قوله هذا أن00ه لم يعلم السنن التي جاءت بجواز اإلشارات في أحكام مختلفة في الديانة. ولعل البخاري حاول بترجمته "باب اإلشارة في الطالق واألمور" الرد عليه. وقال عطاء: أراد بقوله "أال تكلم الناس" صوم ثالثة أيام. وكانوا إذا ص00اموا

ال يتكلمون إال رمزا. وهذا فيه بعد. والله أعلم. @ قال بعض من يجيز نسخ الق00رآن بالس00نة: إن زكري00ا علي00ه الس00الم من00ع الكالم وهو قادر عليه، وإنه منسوخ بقوله عليه السالم: )ال صمت يوم00ا إلى الليل(. وأكثر العلماء على أن00ه ليس بمنس00وخ، وأن زكري00ا إنم00ا من00ع الكالم بآف00ة دخلت علي00ه منعت00ه إي00اه، وتل00ك اآلف00ة ع00دم الق00درة على الكالم م00ع الصحة؛ كذلك قال المفسرون. وذهب كثير من العلم00اء إلى أن00ه )ال ص00مت يوما إلى الليل( إنما معناه عن ذكر الله، وأما عن الهذر وم00ا ال فائ00دة في00ه،

فالصمت عن ذلك حسن. @قوله تعالى: "واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي واإلبكار" أم00ره ب00أال ي00ترك ال00ذكر في نفس00ه م00ع اعتق00ال لس00انه؛ على الق00ول األول. وق00د مض00ى في

Page 48: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

البقرة معنى الذكر. وقال محمد بن كعب القرظي: لو رخص ألحد في ترك الذكر لرخص لزكريا بق00ول الل00ه ع00ز وج00ل: "أال تكلم الن00اس ثالث00ة أي00ام إال رمزا واذكر ربك كثيرا" ولرخص للرجل يك00ون في الح00رب بق00ول الل00ه ع00ز

[. وذك00ره45وجل: "إذا لقيتم فئ00ة ف00اثبتوا واذك00روا الل00ه كث00يرا" ]األنف00ال: بحة لم00ا فيه00ا من تنزي00ه الل00ه الطبري. "وسبح" أي صل؛ سميت الصالة س00 تعالى عن السوء. و"العشي" جمع عشية. وقيل: هو واح0د. وذل0ك من حين ت00زول الش00مس إلى أن تغيب؛ عن مجاه00د. وفي الموط00أ عن القاس00م بن محمد قال: ما أدركت الناس إال وهم يصلون الظهر بعشي. "واإلبك00ار" من

طلوع الفجر إلى وقت الضحى. }وإذ ق00الت المالئك00ة ي00ا م00ريم إن الل00ه اص00طفاك وطه00رك42*اآلي00ة: 3*

واصطفاك على نساء العالمين{ @قوله تعالى: "إن الله اصطفاك" أي اختارك، وق00د تق00دم. "وطه00رك" أي من الكفر؛ عن مجاه00د والحس00ن. الزج00اج: من س00ائر األدن00اس من الحيض والنفاس وغيرهما، واصطفاك لوالدة عيسى. "على نس00اء الع00المين" يع00ني ع00المي زمانه00ا؛ عن الحس00ن وابن ج00ريج وغيرهم00ا. وقي00ل: "على نس00اء العالمين" أجمع إلى يوم الص00ور، وه00و الص00حيح على م00ا نبين00ه، وه00و ق00ول الزجاج وغيره. وكرر االصطفاء ألن معنى األول االصطفاء لعبادت00ه، ومع00نى الثاني لوالدة عيسى. وروى مسلم عن أبي موسى قال: قال رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )كمل من الرجال كث00ير ولم يكم00ل من النس00اء غ00ير مريم بنت عم00ران وآس00ية ام00رأة فرع00ون وإن فض00ل عائش00ة على النس00اء كفضل الثريد على سائر الطعام(. قال علماؤنا رحم00ة الل00ه عليهم: الكم00ال هو التناهي والتمام؛ ويقال في ماضيه "كم00ل" بفتح الميم وض00مها، ويكم00ل في مضارعه بالضم، وكمال كل شيء بحسبه. والكم00ال المطل00ق إنم00ا ه00و لله تعالى خاصة. وال شك أن أكمل ن00وع اإلنس00ان األنبي00اء ثم يليهم األولي00اء من الصديقين والشهداء والصالحين. وإذا تقرر ه00ذا فق00د قي00ل: إن الكم00ال المذكور في الحديث يع00ني ب00ه النب00وة فيل00زم علي00ه أن تك00ون م00ريم عليه00ا السالم وآسية نبيتين، وق00د قي00ل ب00ذلك. والص00حيح أن م00ريم نبي00ة؛ ألن الل00ه تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كم00ا أوحى إلى س00ائر النب00يين حس00ب م00ا تقدم ويأتي بيانه أيضا في "مريم". وأما آسية فلم يرد ما ي00دل على نبوته00ا داللة واضحة بل على صديقيتها وفضلها، على ما يأتي بيانه في "التح00ريم". وروي من طرق صحيحة أنه عليه السالم قال فيم00ا رواه عن00ه أب00و هري00رة: )خ0ير نس0اء الع0المين أرب0ع م0ريم بنت عم0ران وآس0ية بنت م0زاحم ام0رأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محم00د(. ومن ح00ديث ابن عب00اس عن النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )أفض00ل نس00اء أه00ل الجن00ة خديج00ة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وم00ريم بنت عم00ران وآس00ية بنت م00زاحم ام00رأة فرعون(. وفي طريق آخر عنه: )سيدة نساء أهل الجنة بع00د م00ريم فاطم00ة وخديجة(. فظ00اهر الق00رآن واألح00اديث يقتض00ي أن م00ريم أفض00ل من جمي00ع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة؛ فإن المالئكة ق00د بلغتها الوحي عن الله عز وجل بالتكليف واإلخبار والبشارة كما بلغت سائر األنبياء؛ فهي إذا نبية والنبي أفضل من الولي فهي أفضل من ك00ل النس00اء: األولين واآلخرين مطلقا. ثم بعدها في الفضيلة فاطمة ثم خديجة ثم آسية. وكذلك رواه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس ق00ال: ق00ال رس00ول

Page 49: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الله صلى الل00ه علي0ه وس00لم: )س00يدة نس00اء الع0المين م00ريم ثم فاطم00ة ثم خديجة ثم آسية(. وهذا حديث حسن يرفع اإلش00كال. وق00د خص الل00ه م00ريم بما لم يؤته أحدا من النساء؛ وذلك أن روح القدس كلمه00ا وظه00ر له00ا ونفخ في درعها ودنا منها للنفخة؛ فليس هذا ألحد من النساء. وص00دقت بكلم00ات ربها ولم تسأل آية عندما بشرت كما سأل زكريا صلى الله عليه وسلم من اآلية؛ ولذلك سماها الله في تنزيله صديقة فقال: "وأمه صديقة" ]المائ00دة:

[. وقال: "وصدقت بكلمات ربها وكتبه وك00انت من الق00انتين" ]التح00ريم:75 [ فشهد لها بالصديقية وشهد لها بالتصديق لكلمات البش00رى وش00هد له00ا12

بالقنوت. وإنما بشر زكريا بغالم فلحظ إلى كبر س00نه وعقام00ة رحم امرأت00ه فقال: أنى يكون لي غالم وامرأتي عاقر؛ فسأل آية؛ وبشرت مريم ب00الغالم فلحظت أنها بكر ولم يمسسها بشر فقيل لها: "ك00ذلك ق00ال رب00ك" ]م00ريم:

[ فاقتصرت على ذلك، وصدقت بكلمات ربها ولم تس00أل آي00ة ممن يعلم21 كنه هذا األمر، ومن المرأة في جميع نساء الع00المين من بن00ات آدم م00ا له00ا من هذه المناقب. ولذلك روي أنها سبقت السابقين مع الرسل إلى الجن00ة؛ جاء في الخبر عنه صلى الله علي00ه وس00لم: )ل00و أقس00مت ل00بررت ال ي00دخل الجن00ة قب00ل س00ابقي أم00تي إال بض00عة عش00ر رجال منهم إب00راهيم وإس00ماعيل وإسحاق ويعقوب واألسباط وموسى وعيس00ى وم00ريم ابن00ة عم00ران(. وق00د ك00ان يح00ق على من انتح00ل علم الظ00اهر واس00تدل باألش00ياء الظ00اهرة على األشياء الباطنة أن يعرف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم )أن00ا س00يد ولد آدم وال فخر( وقوله حيث يقول: )لواء الحمد يوم القيامة بيدي ومفاتيح الكرم بيدي وأنا أول خطيب وأول شفيع وأول مبشر وأول وأول(. فلم ينل هذا السؤدد في الدنيا على الرسل إال ألمر عظيم في الباطن. وكذلك شأن مريم لم تنل ش00هادة الل00ه في التنزي00ل بالص00ديقية والتص00ديق بالكلم00ات إال لمرتبة قريبة دانية. ومن قال لم تكن نبية قال: إن رؤيتها للمل00ك كم00ا رؤى جبري00ل علي00ه الس00الم في ص00فة دحي00ة الكل00بي حين س00ؤاله عن اإلس00الم واإليمان ولم تكن الصحابة ب00ذلك أنبي00اء واألول أظه0ر وعلي00ه األك0ثر. والل00ه

أعلم. }يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين{43*اآلية: 3*

@أي أطيلي القيام في الص00الة؛ عن مجاه00د. قت00ادة: أديمي الطاع00ة. وق00د تقدم القول في القنوت. قال األوزاعي: لما قالت لها المالئكة ذل00ك ق00امت في الصالة حتى ورمت قدماها وسالت دما وقيحا عليها السالم. "واسجدي واركعي" قدم السجود ها هنا على الركوع ألن الواو ال توجب الترتيب؛ وقد تقدم الخالف في هذا في البقرة عند قوله تعالى: "إن الص00فا والم00روة من

[. ف00إذا قلت: ق00ام زي00د وعم00رو ج00از أن يك00ون158شعائر الل00ه" ]البق00رة: عمرو قام قبل زيد، فعلى هذا يكون المعنى واركعي واسجدي. وقيل: ك00ان شرعهم السجود قبل الركوع. "م00ع ال00راكعين" قي00ل: معن00اه افعلي كفعلهم وإن لم تص00لي معهم. وقي00ل: الم00راد ب00ه ص00الة الجماع00ة. وق00د تق00دم في

البقرة. }ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وم00ا كنت ل00ديهم إذ يلق00ون44*اآلية: 3*

أقالمهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون{ @قوله تع00الى: "ذل00ك من أنب00اء الغيب" أي ال00ذي ذكرن00ا من ح00ديث زكري00ا ويحيى ومريم عليهم السالم من أخبار الغيب. "نوحيه إليك" فيه داللة على

Page 50: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخ00بر عن قص00ة زكري00ا وم00ريم ولم يكن قرأ الكتب؛ وأخبر عن ذلك وص00دقه أه00ل الكت00اب ب00ذلك؛ ف00ذلك قول00ه تعالى: "نوحيه إليك" ف00رد الكناي00ة إلى "ذل00ك" فل00ذلك ذك00ر. واإليح00اء هن00ا اإلرسال إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والوحي يكون إلهاما وإيماء وغير ذلك. وأصله في اللغة إعالم في خفاء؛ ول00ذلك ص00ار اإلله00ام يس00مى وحي00ا؛

[ وقول00ه: "وأوحى رب00ك111ومن00ه "وإذ أوحيت إلى الح00واريين" ]المائ00دة: [ وقي00ل: مع00نى "أوحيت إلى الح00واريين" أم00رتهم؛68إلى النحل" ]النح00ل:

يقال: وحى وأوحى، ورمى وأرمى، بمعناه. قال العجاج: أوحى لها القرار فاستقرت

أي أم00ر األرض ب00القرار. وفي الح00ديث: )ال00وحي ال00وحي( وه00و الس00رعة؛ والفع00ل من00ه ت00وحيت توحي00ا. ق00ال ابن ف00ارس: ال00وحي اإلش00ارة والكتاب00ة والرسالة، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى يعلمه وحي كي00ف ك00ان. وال00وحي:

السريع. والوحى: الصوت؛ ويقال: استوحيناهم أي استصرخناهم. قال:أوحيت ميمونا لها واألزراق

@قول00ه تع00الى: "وم00ا كنت ل00ديهم" أي وم00ا كنت ي00ا محم00د ل00ديهم، أي بحض00رتهم وعن00دهم. "إذ يلق00ون أقالمهم" جم00ع قلم؛ من قلم00ه إذا قطع00ه. قيل: قداحهم وسهامهم. وقيل: أقالمهم التي كانوا يكتبون بها التوراة، وه00و

[. إال3أجود؛ ألن األزالم قد نهى الله عنه00ا فق00ال "ذلكم فس00ق" ]المائ00دة: أنه يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك على غير الجهة ال00تي ك00انت عليه00ا الجاهلي00ة تفعلها. "أيهم يكفل مريم" أي يحضنها، فق00ال زكري00ا: أن00ا أح00ق به00ا، خالته00ا عندي. وكانت عنده أشيع بنت فاقود أخت حنة بنت فاقود أم م00ريم. وق00ال بنو إسرائيل: نحن أحق بها، بنت عالمن00ا. ف00اقترعوا عليه00ا وج00اء ك00ل واح00د بقلمه، واتفقوا أن يجعلوا األقالم في الم00اء الج00اري فمن وق00ف قلم00ه ولم يجره الماء فهو حاضنها. قال النبي صلى الله عليه وس00لم: )فج00رت األقالم وعال قلم زكريا(. وكانت آية له؛ ألنه ن00بي تج00ري اآلي00ات على يدي00ه. وقي00ل غير هذا. و"أيهم يكفل مريم" ابتداء وخبر في موضع نصب بالفعل المضمر الذي دل عليه الكالم؛ التقدير: ينظرون أيهم يكفل مريم. وال يعم00ل الفع00ل

في لفظ "أي" ألنها استفهام. @اس00تدل بعض علمائن00ا به00ذه اآلي00ة على إثب00ات القرع00ة، وهي أص00ل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة، وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المس0تويين في الحج0ة ليع0دل بينهم وتطمئن قل00وبهم وترتف0ع الظن00ة عمن يتولى قسمتهم، وال يفض00ل أح00د منهم على ص00احبه إذا ك0ان المقس00وم من جنس واحد اتباعا للكتاب والسنة. ورد العمل بالقرعة أبو حنيفة وأص00حابه، وردوا األحاديث الواردة فيها، وزعموا أنها ال مع00نى له00ا وأنه00ا تش00به األزالم التي نهى الله عنه00ا. وحكى ابن المن00ذر عن أبي حنيف00ة أن00ه جوزه00ا وق00ال: القرعة في القياس ال تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذل00ك وأخ00ذنا باآلث00ار والسنة. قال أبو عبيد: وقد عمل بالقرعة ثالثة من األنبي00اء: ي00ونس وزكري00ا ونبينا محمد صلى الله علي00ه وس00لم. ق00ال ابن المن00ذر. واس00تعمال القرع00ة كاإلجم00اع من أه00ل العلم فيم00ا يقس00م بين الش00ركاء، فال مع00نى لق00ول من رده00ا. وق00د ت00رجم البخ00اري في آخ00ر كت00اب الش00هادات )ب00اب القرع00ة في المشكالت وقول الله عز وجل "إذ يلقون أقالمهم"( وساق حديث النعم00ان بن بشير: )مثل القائم على حدود الله والم00دهن فيه00ا مث00ل ق00وم اس00تهموا

Page 51: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

على سفينة...( الحديث. وسيأتي في "األنف00ال" إن ش00اء الل00ه تع00الى، وفي سورة "الزخرف" أيضا بحول الله س00بحانه، وح00ديث أم العالء، وأن عثم00ان بن مظع00ون ط00ار لهم س00همه في الس00كنى حين اق00ترعت األنص00ار س00كنى المهاجرين، الحديث، وحديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خ00رج به00ا؛ وذك00ر

الحديث. وقد اختلفت الرواية عن مالك في ذلك؛ فقال م00رة: يق00رع للح00ديث.

وقال مرة: يسافر بأوفقهن له في السفر. وح00ديث أبي هري00رة أن رس00ول الله صلى الله علي0ه وس00لم ق0ال: )ل0و يعلم الن0اس م0ا في الن0داء والص00ف األول ثم لم يج00دوا إال أن يس00تهموا علي00ه الس00تهموا(. واألح00اديث في ه00ذا المعنى كثيرة. وكيفية القرعة مذكورة في كتب الفقه والخالف. واحتج أب00و حنيفة بأن قال: إن القرعة في شأن زكريا وأزواج الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم كانت مما لو تراضوا عليه دون قرعة لجاز. قال ابن الع00ربي: "وه00ذا ضعيف، ألن القرعة إنما فائدتها استخراج الحكم الخفي عند التش00اح؛ فأم00ا ما يخرجه التراضي في00ه فب00اب آخ00ر، وال يص00ح ألح00د أن يق00ول: إن القرع00ة تجري مع موضع التراضي، فإنها ال تك00ون أب00دا م00ع التراض00ي" وإنم00ا تك00ون فيما يتشاح الناس فيه ويضن به. وصفة القرع00ة عن00د الش00افعي ومن ق00ال بها: أن تقطع رقاع صغار مستوية فيكتب في كل رقعة اسم ذي السهم ثم تجعل في بنادق طين مستوية ال تف00اوت فيه00ا ثم تجف00ف قليال ثم تلقى في ثوب رجل لم يحضر ذلك ويغطي عليها ثوبه ثم ي00دخل ويخ00رج، ف00إذا أخ0رج

اسم رجل أعطي الجزء الذي أقرع عليه. @ودلت اآلية أيضا على أن الخالة أح00ق بالحض00انة من س00ائر القراب00ات م00ا عدا الجدة، وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم في ابنة حمزة - واسمها أمة الله - لجعفر وكانت عنده خالتها، وقال: )إنما الخالة بمنزل00ة األم( وق00د تقدمت في البقرة هذه المسألة. وخرج أبو داود عن علي ق00ال: خ00رج زي00د بن حارثة إلى مكة فقدم بابنة حمزة فقال جعفر: أنا آخذها أنا أحق بها ابنة عمي وخالتها عندي، وإنما الخال00ة أم. فق00ال علي: أن00ا أح00ق به00ا ابن00ة عمي وعندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي أحق بها. وقال زيد: أن00ا أحق بها، أنا خرجت إليها وسافرت وق00دمت به00ا؛ فخ00رج الن00بي ص00لى الل00ه عليه وسلم فذكر حديثا قال: )وأما الجارية فأقض00ي به00ا لجعف00ر تك00ون م00ع خالتها وإنما الخالة أم(. وذكر ابن أبي خيثمة أن زيد بن حارث00ة ك00ان وص00ي حمزة، فتكون الخالة على هذا أح00ق من الوص00ي ويك00ون ابن العم إذا ك00ان

زوجا غير قاطع بالخالة في الحضانة وإن لم يكن محرما لها. }إذ قالت المالئكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه46 - 45*اآليتان: 3*

اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في ال00دنيا واآلخ00رة ومن المق00ربين،ويكلم الناس في المهد وكهال ومن الصالحين{

@دليل على نبوته00ا كم00ا تق00دم. "وإذ" متعلق00ة ب000 "يختص00مون". ويج00وز أن تكون متعلقة بقوله: "وم00ا كنت ل00ديهم". "بكلم00ة من00ه" وق00رأ أب00و الس00مان "بكلمة منه"، وقد تقدم. "اسمه المسيح" ولم يقل اسمها ألن معنى كلم00ة معنى ولد. والمسيح لقب لعيسى ومعن00اه الص00ديق؛ قال00ه إب00راهيم النخعي. وهو فيم00ا يق00ال مع00رب وأص00له الش00ين وه00و مش00ترك. وق00ال ابن ف00ارس: والمسيح العرق، والمسيح الصديق، والمسيح الدرهم األطلس ال نقش فيه

Page 52: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ح الجم00اع؛ يق00ال مس00حها. واألمس00ح: المك00ان األملس. والمس00حاء والمس00 المرأة الرسحاء ال00تي ال أس00ت له00ا. وبفالن مس00حة من جم00ال. والمس00ائح

قسي جياد، واحدتها مسيحة. قال: لها مسائح زور في مراكضها لين وليس بها وهن وال رقق

واختلف في المسيح ابن م00ريم مم00اذا أخ00ذ؛ فقي00ل: ألن00ه مس00ح األرض، أي ذهب فيه00ا فلم يس00تكن بكن. وروي عن ابن عب00اس أن00ه ك00ان ال يمس00ح ذا عاهة إال بريء؛ فكأن00ه س00مي مس00يحا ل00ذلك، فه00و على ه00ذا فعي00ل بمع00نى فاعل. وقيل: ألنه ممس00وح ب00دهن البرك00ة، ك0انت األنبي00اء تمس00ح ب00ه، طيب الرائحة؛ فإذا مسح به علم أنه نبي. وقيل: ألن00ه ك00ان ممس00وح األخمص00ين. وقيل: ألن الجمال مسحه، أي أصابه وظهر عليه. وقيل: إنم00ا س00مي ب00ذلك ألنه مس00ح ب00الطهر من ال00ذنوب. وق00ال أب00و الهيثم: المس00يح ض00د المس00يخ؛ يقال: مسحه الل00ه أي خلق00ه خلق00ا حس00نا مبارك0ا، ومس0خه أي خلق0ه خلق0ا ملعونا قبيحا. وقال ابن األعرابي: المسيح الصديق، والمس00يخ األع00ور، وب00ه سمي الدجال. وقال أب00و عبي00د: المس00يح أص00له بالعبراني00ة مش00يحا بالش00ين فعرب كما عرب موشى بموسى. وأما الدجال فسمي مسيحا ألنه ممسوح إح0دى العي0نين. وق0د قي0ل في ال0دجال مس0يح بكس0ر الميم وش0د الس0ين. وبعضهم يقول كذلك بالخاء المنقوط00ة. وبعض00هم يق00ول مس00يخ بفتح الميم وبالخاء والتخفيف؛ واألول أش00هر وعلي00ه األك00ثر. س00مي ب00ه ألن00ه يس00يح في األرض أي يطوفها ويدخل جميع بل00دانها إال مك00ة والمدين00ة وبيت المق00دس؛ فهو فعيل بمعنى فاعل، فالدجال يمسح األرض محنة، وابن مريم يمس00حها

منحة. وعلى أنه ممسوح العين فعيل بمعنى مفعول. وقال الشاعر: إن المسيح يقتل المسيخا

وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ليس من بلد إال سيطؤه الدجال إال مكة والمدينة( الح00ديث. ووق00ع في حديث عبدالله بن عمرو )إال الكعب00ة وبيت المق00دس( ذك00ره أب00و جعف00ر الطبري. وزاد أبو جعفر الطحاوي )ومسجد الطور(؛ رواه من حديث جن00ادة بن أبي أمية عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي بكر بن أبي ش00يبة عن س00مرة بن جن00دب عن النبي صلى الله عليه وسلم )وأنه سيظهر على األرض كله00ا إال الح00رم وبيت المقدس وأنه يحص00ر المؤم00نين في بيت المق00دس(. وذك00ر الح00ديث. وفي صحيح مسلم: )فبينا هو كذلك إذ بعث الله المس00يح ابن م00ريم في00نزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تح00در من00ه جم00ان ك00اللؤلؤ فال يح00ل لكافر يج00د ريح نفس00ه إال م00ات، ونفس00ه ينتهي حيث ينتهي طرف00ه فيطلب00ه حتى يدركه بباب لد فيقتله( الحديث بطول00ه. وق00د قي00ل: إن المس00يح اس00م لعيسى غير مشتق سماه الله به. فعلى هذا يكون عيسى بدال من المس00يح من البدل الذي هو هو. وعيسى اسم أعجمي فلذلك لم ينصرف وإن جعلته عربيا لم ينصرف في معرفة وال نكرة؛ ألن فيه ألف تأنيث. ويك00ون مش00تقا من عاسه يعوسه إذا ساسه وقام عليه. "وجيه00ا" أي ش00ريفا ذا ج00اه وق00در وانتصب على الحال؛ قاله األخفش. "ومن المقربين" عند الل00ه تع00الى وه00و معط00وف على "وجيه00ا" أي ومقرب00ا؛ قال00ه األخفش. وجم00ع وجي00ه وجه00اء ووجهاء. "ويكلم الناس" عطف على "وجيها" قاله األخفش أيضا. و"المهد"

Page 53: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

مض00جع الص00بي في رض00اعه. ومه00دت األم00ر هيأت00ه ووطأت00ه. وفي التنزي00ل [. وامتهد الشيء ارتفع كم00ا يمته00د س00نام44"فألنفسهم يمهدون" ]الروم:

البعير. "وكهال" الكهل بين حال الغلوم00ة وح00ال الش00يخوخة. وام00رأة كهل00ة. واكتهلت الروض00ة إذا عمه00ا الن00ور. يق00ول: يكلم الن00اس في المه00د آي00ة، ويكلمهم كهال بالوحي والرسالة. وقال أب0و العب0اس: كلمهم في المه0د حين

[ اآلية. وأما كالمه وهو كه00ل ف00إذا30برأ أمه فقال: "إني عبد الله" ]مريم: أنزله الله تعالى من السماء أنزله على ص00ورة ابن ثالث وثالثين س00نة وه00و الكه00ل فيق00ول لهم: "إني عب00د الل00ه" كم00ا ق00ال في المه00د. فهات00ان آيت00ان وحجتان. قال المهدوي: وفائدة اآلي0ة أن0ه أعلمهم أن عيس0ى علي00ه الس0الم يكلمهم في المه000د ويعيش إلى أن يكلمهم كهال، إذ ك000انت الع000ادة أن من تكلم في المهد لم يعش. قال الزج00اج: "وكهال" بمع00نى ويكلم الن00اس كهال. وقال الفراء واألخفش: هو معط00وف على "وجيه00ا". وقي00ل: المع00نى ويكلم الناس صغيرا وكهال. وروى ابن جريح عن مجاهد قال: الكه00ل الحليم. ق00ال النحاس: هذا ال يع00رف في اللغ00ة، وإنم00ا الكه00ل عن00د أه00ل اللغ00ة من ن00اهز األربعين. وقال بعضهم: يقال له حدث إلى ست عشرة سنة. ثم ش00اب إلى اثنتين وثالثين. ثم يكتهل في ثالث وثالثين؛ قاله األخفش. "ومن الصالحين" عطف على "وجيه00ا" أي وه00و من العب00اد الص00الحين. ذك00ر أب00و بك00ر بن أبي شيبة حدثنا عبدالل00ه بن إدريس عن حص00ين عن هالل بن يس00اف. ق00ال: لم يتكلم في المهد إال ثالثة: عيسى وصاحب يوسف وصاحب جريج، كذا ق00ال: "وصاحب يوسف". وهو في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم ق00ال: )لم يتكلم في الم00د إال ثالث00ة عيس00ى ابن م00ريم وصاحب جريج وصاحب الجبار وبينا ص00بي يرض00ع من أم00ه( وذك00ر الح00ديث بطوله. وقد جاء من حديث صهيب في قص00ة األخ00دود )أن ام00رأة جيء به00ا لتلقى في النار على إيمانها ومعه00ا ص00بي(. في غ00ير كت00اب مس00لم )يرض00ع فتقاعست أن تقع فيها فقال الغالم يا أمه اصبري فإنك على الحق(. وق00ال الضحاك: تكلم في المهد ستة: شاهد يوسف وصبي ماشطة امرأة فرعون وعيسى ويحيى وصاحب جريج وصاحب الجبار. ولم يذكر األخدود، فأس00قط صاحب األخدود وب00ه يك00ون المتكلم00ون س00بعة. وال معارض00ة بين ه00ذا وبين قوله عليه السالم: )لم يتكلم في المهد إال ثالثة( بالحصر فإنه أخبر بما كان في علمه مما أوحى إليه في تلك الحال، ثم بعد هذا أعلمه الله تع00الى بم00ا

شاء من ذلك فأخبر به. قلت: أما صاحب يوسف فيأتي الكالم فيه، وأما صاحب جريج وصاحب

الجبار وص00احب األخ00دود ففي ص00حيح مس00لم. وس00تأتي قص00ة األخ00دود في سورة "البروج" إن شاء الل00ه تع0الى. وأم0ا ص0بي ماش00طة ام0رأة فرع0ون، فذكر البيهقي عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )لم00ا أسري بي سرت في رائحة طيبة فقلت ما هذه الرائحة قالوا ماش00طة ابن00ة فرعون وأوالدها سقط مشطها من ي00ديها فق00الت: بس00م الل00ه فق00الت ابن00ة فرعون: أبي؟ ق00الت: ربي ورب00ك ورب أبي00ك. ق00الت: أول00ك رب غ00ير أبي؟ قالت: نعم ربي وربك ورب أبيك الله - قال - ف00دعاها فرع00ون فق00ال: أل00ك رب غ00يري؟ ق00الت: نعم ربي ورب00ك الل00ه - ق00ال - ف00أمر بنق00رة من نح00اس فأحميت ثم أمر به00ا لتلقى فيه00ا ق00الت: إن لي إلي00ك حاج00ة ق00ال: م00ا هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدي في موضع واحد قال: ذاك ل0ك لم0ا ل0ك

Page 54: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

علينا من الحق. فأمر بهم ف0ألقوا واح0دا بع0د واح0د ح0تى بل00غ رض0يعا فيهم فقال قعي يا أمه وال تقاعس00ي فإن00ا على الح00ق - ق00ال - وتكلم أربع00ة وهم

صغار: هذا وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى بن مريم. }قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك47*اآلية: 3*

الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون{ @قوله تعالى: "قالت رب" أي يا سيدي. تخاطب جبريل عليه السالم؛ ألن00ه لما تمثل لها قال لها: إنما أنا رسول ربك ليهب لك غالما زكيا. فلما سمعت ذلك من قوله استفهمت عن طريق الولد فق00الت: أنى يك00ون لي ول00د ولم

[ ذك00رت20يمسسني بشر؟ أي بنكاح. في سورتها "ولم أك بغيا" ]م00ريم: هذا تأكيدا؛ ألن قولها "لم يمسسني بشر" يش00مل الح00رام والحالل. تق00ول: العادة الجارية التي أجراها الله في خلقه أن الولد ال يك00ون إال عن نك00اح أو سفاح. وقيل: ما استبعدت من قدرة الل00ه تع00الى ش00يئا، ولكن أرادت كي00ف يكون هذا الولد: أمن قبل زوج في المستقبل أم يخلقه الله ابت00داء؟ ف00روي أن جبريل عليه السالم حين قال لها: كذلك الله يخلق ما يشاء "قال ك00ذلك

[. نفخ في جيب درعه00ا وكمه00ا؛ قال00ه ابن9قال ربك هو علي هين" ]مريم: جريج. قال ابن عباس: أخذ جبريل ردن قميصها بأصبعه فنفخ في00ه فحملت من ساعتها بعيسى. وقيل غير ذلك على ما يأتي بيانه في سورتها إن ش00اء الله تعالى. وقال بعضهم: وقع نفخ جبريل في رحمه0ا فعلقت ب00ذلك. وق00ال بعضهم: ال يجوز أن يكون الخلق من نفخ جبريل ألنه يصير الولد بعض00ه من المالئكة وبعضه من اإلنس، ولكن سبب ذلك أن الل00ه تع00الى لم00ا خل00ق آدم وأخذ الميثاق من ذريت00ه فجع00ل بعض الم00اء في أص00الب اآلب00اء وبعض00ه في أرحام األمهات فإذا اجتمع الماءان صارا ولدا، وأن الله تعالى جعل الماءين جميعا في مريم بعضه في رحمها وبعضه في صلبها، فنفخ فيه جبريل لتهيج شهوتها؛ ألن المرأة ما لم تهج شهوتها ال تحب00ل، فلم00ا ه00اجت ش00هوتها بنفخ جبريل وقع الماء الذي كان في صلبها في رحمها فاختل00ط الم00اءان فعلقت بذلك؛ فذلك قول0ه تع0الى: "إذا قض00ى أم0را" يع0ني إذا أراد أن يخل00ق خلق0ا

"فإنما يقول له كن فيكون" وقد تقدم في" البقرة "القول فيه مستوفى. }ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة واإلنجيل، ورسوال49 -0 48*اآليتان: 3*

إلى بني إس0رائيل أني ق0د جئتكم بآي0ة من ربكم أني أخل0ق لكم من الطين كهيئة الطير ف00أنفخ في00ه فيك00ون ط00يرا ب00إذن الل00ه وأب00رئ األكم00ه واألب00رص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بم00ا ت00أكلون وم00ا ت00دخرون في بي00وتكم إن

في ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنين{ @قوله تعالى: "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة واإلنجيل" قال ابن جريج: الكتاب الكتابة والخط. وقيل: هو كت00اب غ00ير الت00وراة واإلنجي00ل علم00ه الل00ه عيسى عليه السالم. "ورسوال" أي ونجعله رسوال. أو يكلمهم رسوال. وقيل: هو معطوف على قول00ه "وجيه00ا". وق00ال األخفش: وإن ش00ئت جعلت ال00واو في قوله "ورسوال" مقحمة والرسول ح00اال لله00اء، تق00ديره ويعلم00ه الكت00اب رس00وال. وفي ح00ديث أبي ذر الطوي00ل )وأول أنبي00اء ب00ني إس00رائيل موس00ى وآخرهم عيسى عليه السالم(. "أني أخلق لكم" أي أصور وأق00در لكم. "من00ة" بالتش00ديد. الب00اقون الطين كهيئة الط00ير" ق00رأ األع00رج وأب00و جعف00ر "كهي بالهمز. والطير يذكر ويؤنث. "فأنفخ فيه" أي في الواحد منه أو منها أو في الطين فيكون طائرا. وطائر وطير مثل تاجر وتجر. ق00ال وهب: ك00ان يط00ير

Page 55: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غ00اب عن أعينهم س00قط ميت00ا ليتم00يز فع00ل الخلق من فعل الله تعالى. وقيل: لم يخلق غير الخفاش ألنه أكم00ل الط00ير خلقا ليكون أبلغ في القدرة ألن لها ثديا وأسنانا وأذن00ا، وهي تحيض وتطه00ر وتلد. ويقال: إنما طلب00وا خل00ق خف00اش ألن00ه أعجب من س00ائر الخل00ق؛ ومن عجائبه أنه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يل00د الحي00وان وال ي00بيض كم00ا يبيض سائر الطيور، فيكون له الضرع يخرج منه اللبن، وال يبص00ر في ض00وء النهار وال في ظلمة الليل، وإنما ي00رى في س00اعتين: بع00د غ00روب الش00مس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة قبل أن يس00فر ج00دا، ويض00حك كم00ا يض00حك اإلنسان، ويحيض كما تحيض المرأة. ويقال: إن سؤالهم كان ل00ه على وج00ه التعنت فق00الوا: أخل00ق لن00ا خفاش00ا واجع00ل في00ه روح00ا إن كنت ص00ادقا في مقالتك؛ فأخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء واألرض؛ وكان تسوية الطين والنفخ من عيسى والخل00ق من الل00ه، كم00ا أن

النفخ من جبريل والخلق من الله. @قوله تعالى: "وأبرئ األكمه واألبرص وأحي الم00وتى ب00إذن الل00ه" األكم00ه: الذي يولد أعمى؛ عن ابن عباس. وكذا قال أبو عبيدة قال: ه00و ال00ذي يول00د

أعمى؛ وأنشد لرؤبة: فارتد ارتداد األكمه

وقال ابن فارس: الكمه العمى يولد به اإلنسان وقد يعرض. قال سويد: كمهت عيناه حتى ابيضتا

مجاهد: هو الذي يبصر بالنهار وال يبصر بالليل. عكرمة: هو األعمش، ولكن00ه في اللغة العمى؛ يقال كمه يكم0ه كمه0ا وكمهته0ا أن0ا إذا أعميته0ا. وال0برص معروف وهو بياض يعتري الجلد، واألبرص القم00ر، وس00ام أب00رص مع00روف، ويجمع على األبارص. وخص هذان بالذكر ألنهما عياءان. وكان الغ00الب على زمن عيس00ى علي00ه الس00الم الطب ف00أراهم الل00ه المعج00زة من جنس ذل00ك. "وأحيي الموتى بإذن الله" قيل: أحيا أربعة أنفس: العاذر: وكان صديقا ل00ه، وابن العجوز وابنة العاشر وسام بن نوح؛ فالله أعلم. فأما العاذر فإنه ك00ان قد توفى قبل ذلك بأيام فدعا الله فقام بإذن الله وودكه يقطر فعاش وولد له، وأما ابن العجوز فإنه مر به يحمل على سريره فدعا الل00ه فق00ام ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله. وأما بنت العاشر فكان أتى عليها ليلة فدعا الله فعاشت بعد ذلك وولد لها؛ فلما رأوا ذل00ك ق00الوا: إن00ك تحيي من كان موته قريب00ا فلعلهم لم يموت00وا فأص00ابتهم س00كتة ف00أحيي لن00ا سام بن نوح. فقال لهم: دلوني على قبره، فخرج وخرج القوم مع00ه، ح00تى انتهى إلى قبره ف00دعا الل00ه فخ00رج من ق00بره وق00د ش00اب رأس00ه. فق0ال ل00ه عيسى: كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيب؟ فقال: يا روح الل00ه، إنك دعوتني فسمعت صوتا يقول: أجب روح الل00ه، فظننت أن القيام00ة ق00د قامت، فمن هول ذلك شاب رأسي. فسأله عن ال00نزع فق00ال: ي00ا روح الل00ه إن مرارة النزع لم تذهب عن حنجرتي؛ وقد ك00ان من وقت موت00ه أك00ثر من أربعة آالف سنة، فقال للقوم: صدقوه فإنه نبي؛ ف00آمن ب00ه بعض00هم وكذب00ه بعض00هم وق00الوا: ه00ذا س00حر. وروي من ح00ديث إس00ماعيل بن عي00اش ق00ال: حدثني محمد بن طلحة عن رجل أن عيسى بن مريم كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين يقرأ في األولى: "تبارك الذي بي00ده المل00ك" ]المل00ك:

[ فإذا فرغ حم00د الل00ه وأث00نى علي00ه ثم2[. وفي الثانية "تنزيل" ]السجدة: 1

Page 56: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

دعا بسبعة أسماء: يا قديم يا خفي يا دائم يا فرد ي00ا وت00ر ي00ا أح00د ي00ا ص00مد؛ذكره البيهقي وقال: ليس إسناده بالقوي.

@قوله تعالى: "وأنبئكم بما تأكلون وم00ا ت00دخرون في بي00وتكم إن في ذل00ك آلية لكم إن كنتم مؤمنين" أي بالذي تأكلونه وما ت00دخرون. وذل00ك أنهم لم00ا أحيا لهم الموتى طلبوا منه آية أخرى وقالوا: أخبرنا بما نأكل في بيوتنا وما ندخر للغد؛ فأخبرهم فقال: ي00ا فالن أنت أكلت ك00ذا وك00ذا، وأنت أكلت ك00ذا وكذا وادخرت كذا وكذا؛ فذلك قوله "وأنبئكم" اآلية. وقرأ مجاهد والزه00ري والسختياني "وما تذخرون" بالذال المعجمة مخففا. وق00ال س00عيد بن جب00ير وغيره: كان يخبر الصبيان في الكتاب بما يدخرون ح00تى منعهم آب00اؤهم منالجلوس معه. قتادة: أخبرهم بما أكلوه من المائدة وما ادخروه منها خفية.

}ومصدقا لما بين يدي من التوراة وألحل لكم بعض51 -0 50*اآليتان: 3* الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون، إن الل00ه ربي

وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم{ @قوله تعالى: "ومص00دقا" عط00ف على قول00ه: "ورس00وال". وقي00ل: المع00نى وجئتكم مصدقا. "لم00ا بين ي00دي" لم00ا قبلي. "وألح00ل لكم" في00ه ح00ذف، أي وألحل لكم جئتكم. "بعض الذي حرم عليكم" يعني من األطعمة. قيل: إنم00ا أحل لهم عيسى عليه السالم ما حرم عليهم بذنوبهم ولم يكن في الت00وراة، نحو أكل الشحوم وكل ذي ظفر. وقيل: إنما أحل لهم أشياء حرمته00ا عليهم األحبار ولم تكن في التوراة محرمة عليهم. قال أبو عبيدة: يج0وز أن يك0ون

"بعض" بمعنى كل؛ وأنشد لبيد: تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها

وهذا الق0ول غل00ط عن0د أه0ل النظ0ر من أه0ل اللغ0ة؛ ألن البعض والج0زء ال يكونان بمعنى الكل في هذا الموضع، ألن عيس00ى ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إنما أحل لهم أشياء مما حرمه00ا عليهم موس00ى من أك00ل الش00حوم وغيره00ا ولم يحل لهم القتل وال السرقة وال فاحشة. والدليل على هذا أنه روي عن قتادة أنه قال: جاءهم عيسى بألين مما جاء به موس00ى ص00لى الل00ه عليهم00ا وعلى نبينا؛ ألن موسى جاءهم بتحريم اإلبل وأش00ياء من الش00حوم فج00اءهم عيسى بتحليل بعضها. وقرأ النخعي" بعض ال00ذي ح00رم عليكم" مث00ل ك00رم، أي صار حراما. وقد يوضع البعض بمعنى الكل إذا انضمت إليه قرين00ة ت00دل

عليه؛ كما قال الشاعر: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض

يريد بعض الش0ر أه0ون من كل0ه. "وجئتكم بآي0ة من ربكم" إنم0ا وح0د وهيآيات ألنها جنس واحد في الداللة على رسالته.

}فلما أحس عيسى منهم الكف00ر ق00ال من أنص00اري إلى الل00ه52*اآلية: 3*قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون{

@قول00ه تع00الى: "فلم00ا أحس عيس00ى منهم الكف00ر" أي من ب00ني إس00رائيل. وأحس معن00اه علم ووج00د قال00ه الزج00اج. وق00ال أب00و عبي00دة: مع00نى "أحس" عرف، وأصل ذلك وجود الشيء بالحاسة. واإلحساس: العلم بالشيء؛ قال

[ والحس القت00ل؛ ق00ال98الله تعالى: "ه00ل تحس منهم من أح00د" ]م00ريم: [. ومن00ه الح00ديث في152الله تع00الى: "إذ تحس00ونهم بإذن00ه" ]آل عم00ران:

الجراد )إذا حسه البرد(. "منهم الكفر" أي الكفر بالل00ه. وقي00ل: س00مع منهم كلمة الكفر. وقال الفراء: أرادوا قتله. "قال من أنصاري إلى الله" استنصر

Page 57: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

عليهم. قال السدي والثوري وغيرهما: المعنى مع الل00ه، ف00إلى بمع00نى م00ع؛ [ أي م00ع. والل00ه2كقوله تعالى: "وال تأكلوا أموالهم إلى أموالكم" ]النساء:

أعلم. وقال الحسن: المعنى من أنصاري في السبيل إلى الله؛ ألنه دع00اهم إلى الله عز وجل. وقيل: المعنى من يضم نصرته إلى نصرة الله عز وجل. فإلى على هذين القولين على بابها، وهو الجيد. وطلب النصرة ليحتمي به00ا من قومه ويظهر الدعوة؛ عن الحسن ومجاهد. وهذه سنة الل00ه في أنبيائ00ه وأوليائه. وقد قال لوط: "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" ]هود:

[ أي عشيرة وأصحاب ينصرونني. "قال الحواريون نحن أنصار الل00ه" أي80 أنصار نبيه ودينه. والحواريون أص00حاب عيس00ى علي00ه الس00الم، وك00انوا اث00ني

عشر رجال؛ قاله الكلبي وأبو روق. واختلف في تسميتهم بذلك؛ فق00ال ابن عب00اس: س00موا ب00ذلك لبي00اض

ثيابهم، وكانوا صيادين. ابن أبي نجيح وابن أرط00اة: ك00انوا قص00ارين فس00موا بذلك لتبييضهم الثياب. قال عطاء: أسلمت مريم عيسى إلى أعمال ش00تى، وآخر ما دفعته إلى الحواريين وكانوا قصارين وصباغين، فأراد معلم عيسى السفر، فق00ال لعيس00ى: عن00دي ثي00اب كث00يرة مختلف00ة األل00وان وق00د علمت00ك الصبغة فاصبغها. فطبخ عيسى حبا واحدا وأدخله جميع الثياب وقال: ك00وني بإذن الله على ما أريد منك. فقدم الح00واري والثي00اب كله00ا في الحب فلم00ا رآها قال: قد أفسدتها؛ فأخرج عيسى ثوبا أحم00ر وأص00فر وأخض00ر إلى غ00ير ذلك مما كان على كل ثوب مكتوب عليه صبغه؛ فعجب الحواري، وعلم أن ذلك من الله ودعا الناس إليه فآمنوا به؛ فهم الحواريون. قتادة والض00حاك: سموا بذلك ألنهم كانوا خاصة األنبياء. يري00دان لنق00اء قل00وبهم. وقي00ل. ك00انوا ملوكا، وذلك أن الملك صنع طعام00ا ف00دعا الن00اس إلي00ه فك00ان عيس00ى على قصعة فكانت ال تنقص، فقال الملك له: من أنت؟ قال: عيس00ى ابن م00ريم. قال: إني أترك ملكي هذا وأتبعك. فانطلق بمن اتبعه معه، فهم الحواريون؛ قاله ابن عون. وأص00ل الح00ور في اللغ00ة البي00اض، وح00ورت الثي00اب بيض00تها،00ة المح00ورة: والحوارى من الطعام ما حور، أي بيض، واح00ور ابيض، والجفن المبيضة بالسنام، والحواري أيضا الناصر؛ قال رسول الله صلى الل00ه علي00ه وسلم: )لكل نبي حواري وحواريي الزبير(. والحواري00ات: النس00اء لبياض00هن؛

وقال: فقل للحواريات يبكين غيرنا وال تبكنا إال الكالب النوابح }ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين{53*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ربن00ا آمن00ا" أي يقول0ون ربن00ا آمن00ا. "بم0ا أن00زلت" يع0ني في كتابك وما أظهرته من حكمك. "واتبعنا الرسول" يعني عيسى. "فاكتبنا م00ع الش00اهدين" يع00ني أم00ة محم00د ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم؛ عن ابن عب00اس. والمعنى أثبت أسماءنا م00ع أس00مائهم واجعلن00ا من جملتهم. وقي00ل: المع00نى

فاكتبنا مع الذين شهدوا ألنبيائك بالصدق. }ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين{54*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ومكروا" يعني كفار بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر، أي قتله. وذلك أن عيس00ى علي00ه الس00الم لم00ا أخرج00ه قوم00ه وأم00ه من بين أظه00رهم ع00اد إليهم م00ع الح00واريين وص00اح فيهم بال00دعوة فهم00وا بقتل00ه وتواطؤوا على الفتك به، فذلك مكرهم. ومكر الل00ه: اس00تدراجه لعب00اده من حيث ال يعلمون؛ عن الفراء وغيره. ق00ال ابن عب00اس: كلم00ا أح00دثوا خطيئ00ة

Page 58: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

جددنا لهم نعمة. وقال الزجاج: مكر الل00ه مج00ازاتهم على مك00رهم؛ فس00مى [، "وه00و15الجزاء باس00م االبت00داء؛ كقول00ه: "الل00ه يس00تهزئ بهم" ]البق00رة:

[. وقد تق00دم في البق00رة. وأص00ل المك00ر في اللغ00ة142خادعهم" ]النساء: االحتي00ال والخ00داع. والمك00ر: خدال00ة الس00اق. وام00رأة ممك00ورة الس00اقين. والمكر: ضرب من الثياب. ويقال: بل هو المغرة؛ حكاه ابن فارس. وقي00ل: "مكر الله" إلقاء شبه عيسى على غيره ورفع عيسى إليه، وذلك أن اليهود لما اجتمعوا على قتل عيس00ى دخ00ل ال00بيت هارب00ا منهم فرفع00ه جبري00ل من الكوة إلى السماء، فقال ملكهم لرجل منهم خبيث يق00ال ل00ه يه00وذا: ادخ00ل عليه فاقتله، فدخل الخوخة فلم يجد هن00اك عيس00ى وألقى الل00ه علي00ه ش00به عيس0ى، فلم0ا خ0رج رأوه على ش00به عيس0ى فأخ0ذوه وقتل0وه وص00لبوه. ثم قالوا: وجهه يشبه وجه عيسى، وبدن00ه يش00به ب00دن ص00احبنا؛ ف00إن ك00ان ه00ذا صاحبنا فأين عيسى وإن كان هذا عيس00ى ف00أين ص00احبنا فوق00ع بينهم قت00ال فقتل بعضهم بعضا؛ فذلك قوله تعالى: "ومكروا ومكر الله". وقيل غير هذا على ما يأتي. "والله خير الماكرين" اسم فاعل من مكر يمكر مك00را. وق00د عده بعض العلماء في أسماء الله تعالى فيقول إذا دعا به: يا خير الماكرين أمكر لي. وكان عليه الس00الم يق00ول في دعائ00ه: )اللهم امك00ر لي وال تمك00ر علي(. وقد ذكرناه في الكتاب األسنى في شرح أسماء الله الحسنى. والله

أعلم. }إذ قال الله يا عيس00ى إني متوفي00ك ورافع00ك إلي ومطه00رك55*اآلية: 3*

من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كف00روا إلى ي00وم القيام00ةثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون{

@قول00ه تع00الى: "إذ ق00ال الل00ه ي00ا عيس00ى إني متوفي00ك" العام00ل في "إذ" مك00روا، أو فع00ل مض00مر. وق00ال جماع00ة من أه00ل المع00اني منهم الض00حاك والفراء في قوله تعالى: "إني متوفيك ورافعك إلي" على التقديم والتأخير؛ ألن الواو ال توجب الرتبة. والمع00نى: إني رافع00ك إلي ومطه00رك من ال00ذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء؛ كقوله: "ول00وال كلم00ة س00بقت من

[؛ والتق00دير ول00وال كلم00ة س00بقت129ربك لكان لزاما وأجل مسمى" ]طه: من ربك وأجل مسمى لكان لزاما. قال الشاعر:

أال يا نخلة من ذات عرق عليك ورحمة الله السالم أي عليك السالم ورحمة الل00ه. وق00ال الحس00ن وابن ج00ريح: مع00نى متوفي00ك قابضك ورافعك إلى السماء من غير موت؛ مثل توفيت م00الي من فالن أي قبضته. وقال وهب بن منبه: توفى الله عيسى علي00ه الس00الم ثالث س00اعات من نهار ثم رفعه إلى الس00ماء. وه00ذا في00ه بع00د؛ فإن00ه ص00ح في األخب00ار عن النبي صلى الله عليه وسلم نزوله وقتل00ه ال00دجال على م00ا بين00اه في كت00اب التذكرة، وفي هذا الكتاب حسب ما تقدم، ويأتي. وق00ال ابن زي00د: متوفي00ك قابضك، ومتوفيك ورافع00ك واح00د ولم يمت بع00د. وروى ابن طلح00ة عن ابن عباس معنى متوفيك مميت00ك. الربي00ع بن أنس: وهي وف00اة ن00وم؛ ق00ال الل00ه

[ أي ينيمكم ألن الن00وم أخ0و60تعالى: "وهو الذي يتوفاكم بالليل" ]األنعام: الموت؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لما سئل: أفي الجنة نوم؟ ق00ال: )ال النوم أخو الموت، والجنة ال موت فيها(. أخرج00ه ال00دارقطني. والص00حيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة وال ن0وم كم0ا ق0ال الحس0ن وابن زيد، وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس، وقاله الضحاك. قال

Page 59: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الضحاك: كانت القصة لما أرادوا قتل عيسى اجتم00ع الحواري00ون في غرف00ة وهم اثنا عشر رجال فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة، فأخبر إبليس جم00ع اليه00ود ف00ركب منهم أربع00ة آالف رج00ل فأخ00ذوا ب00اب الغرف00ة. فق00ال المسيح للحواريين: أيكم يخرج ويقتل ويكون معي في الجنة؟ فقال رج00ل: أنا يا نبي الله؛ فألقى إلي00ه مدرع00ة من ص00وف وعمام00ة من ص00وف وناول00ه عكازه وألقى عليه شبه عيسى، فخرج على اليه00ود فقتل00وه وص00لبوه. وأم00ا المس00يح فكس00اه الل00ه ال00ريش وألبس00ه الن00ور وقط00ع عن00ه ل00ذة المطعم والمشرب فطار مع المالئكة. وذكر أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أب00و معاوي00ة حدثنا األعمش عن المنه0ال عن س0عيد بن جب0ير عن ابن عب0اس ق0ال: لم0ا أراد الله تبارك وتعالى أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وهم اثنا عش00ر رجال من عين في ال00بيت ورأس00ه يقط00ر م00اء فق00ال لهم: أم00ا إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي، ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم فقال أنا. فقال عيسى: اجلس، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال أنا. فقال عيسى: اجلس. ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال أنا. فق00ال نعم أنت ذاك. فألقى الله عليه شبه عيسى عليه السالم. قال: ورف00ع الل00ه تع00الى عيس00ى من روزن00ة ك00انت في ال00بيت إلى الس00ماء. ق00ال: وج00اء الطلب من اليه00ود فأخذوا الشبيه فقتلوه ثم صلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به؛ فتفرقوا ثالث فرق: قالت فرقة: كان فين00ا الل00ه م00ا ش00اء ثم ص00عد إلى السماء، وهؤالء اليعقوبية. وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الل00ه ثم رفعه الله إليه، وهؤالء النس0طورية. وق0الت فرق0ة: ك0ان فين0ا عب0د الل0ه ورس00وله م00ا ش00اء الل00ه ثم رفع00ه إلي00ه، وه00ؤالء المس00لمون. فتظ00اهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل اإلسالم طامسا حتى بعث الل00ه محمدا صلى الله عليه وسلم فقتلوا؛ فأنزل الله تعالى: "فآمنت طائفة من

[ أي آمن14بني إس00رائيل وكف00رت طائف00ة فأي00دنا ال00ذين آمن00وا" ]الص00ف: آب00اؤهم في زمن عيس00ى "على ع00دوهم" بإظه00ار دينهم على دين الكف00ار "فأصبحوا ظاهرين". وفي صحيح مسلم عن أبي هري00رة ق00ال ق00ال رس00ول الله صلى الله عليه وسلم: )والله لينزلن ابن مريم حكما ع00ادال فليكس00رن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القالص فال يسعى عليه00ا ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فال يقبل00ه أح00د(. وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )والذي نفسي بي00ده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنينهم00ا( وال ي00نزل بش00رع مبت00دأ فينسخ به شريعتنا بل ينزل مجددا لما درس منه00ا متبعه00ا. كم00ا في ص00حيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم ق00ال: )كي00ف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم(. وفي رواي00ة: )ف00أمكم منكم(. ق00ال ابن أبي ذئب: ت00دري م00ا أمكم منكم؟. قلت: تخ00برني. ق00ال: ف00أمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. وقد زدنا هذا00ك الباب بيان00ا في كت00اب )الت00ذكرة( والحم00د لل00ه. و"متوفي00ك" أص00له متوفي ح00ذفت الض00مة اس00تثقاال، وه00و خ00بر إن. "ورافع00ك" عط00ف علي00ه، وك00ذا "مطه0رك" وك0ذا "وجاع0ل ال0ذين اتبع0وك". ويج0وز "وجاع0ل ال0ذين" وه0و األصل. وقيل: إن الوقف التام عن00د قول00ه: "ومطه00رك من ال00ذين كف00روا". قال النحاس: وهو قول حس00ن. "وجاع00ل ال00ذين اتبع00وك" ي00ا محم00د "ف00وق

Page 60: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ال00ذين كف00روا" أي بالحج00ة وإقام00ة البره00ان. وقي00ل ب00العز والغلب00ة. وق00الالضحاك ومحمد بن أبان: المراد الحواريون. والله تعالى أعلم.

-0 56*اآليات: 3* }فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا ش0ديدا في ال0دنيا58 واآلخرة وما لهم من ناصرين، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات في00وفيهم أج00ورهم والل00ه ال يحب الظ00المين، ذل00ك نتل00وه علي00ك من اآلي00ات وال00ذكر

الحكيم{ @قوله تعالى: "فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا واآلخرة" يعني بالقتل والص00لب والس00بي والجزي0ة، وفي اآلخ00رة بالن00ار. "ذل0ك نتل0وه عليك" "ذلك" في موضع رفع باالبتداء وخبره "نتلوه". ويج00وز: األم00ر ذل00ك،

على إضمار المبتدأ. }إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب60 -0 59*اآليتان: 3*

ثم قال له كن فيكون، الحق من ربك فال تكن من الممترين{ @قوله تعالى: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ت00راب" دلي00ل على صحة القياس. والتشبيه واقع على أن عيسى خلق من غير أب ك00آدم، ال على أنه خلق من تراب. والشيء قد يشبه بالشيء وإن كان بينهما فرق كبير بعد أن يجتمعا في وصف واح00د؛ ف00ان آدم خل00ق من ت00راب ولم يخل00ق عيسى من تراب فكان بينهما فرق من ه00ذه الجه00ة، ولكن ش00به م00ا بينهم00ا أنهما خلقهما من غير أب؛ وألن أص00ل خلقتهم00ا ك00ان من ت00راب ألن آدم لم يخلق من نفس التراب، ولكنه جعل التراب طينا ثم جعله صلصاال ثم خلقه منه، فكذلك عيسى حوله من حال إلى حال، ثم جعل00ه بش00را من غ00ير أب. ونزلت هذه اآلية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبي صلى الله علي00ه وسلم قوله: )إن عيسى عبد الله وكلمته( فقالوا: أرنا عب00دا خل00ق من غ00ير أب؛ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: )آدم من كان أب00وه أعجبتم من عيسى ليس له أب؟ فآدم علي00ه الس00الم ليس ل00ه أب وال أم(. ف00ذلك قول00ه تع00الى: "وال يأتون00ك بمث00ل "أي في عيس00ى "إال جئن00اك ب00الحق" في آدم

[. وروي أنه عليه الس00الم لم00ا دع00اهم إلى33"وأحسن تفسيرا" ]الفرقان: اإلسالم قالوا: قد كنا مس00لمين قبل00ك. فق00ال: )ك00ذبتم يمنعكم من اإلس00الم ثالث: قولكم اتخذ الله ولدا، وأكلكم الخنزير، وسجودكم للصليب(. فق00الوا: من أبو عيسى؟ فأنزل الله تع00الى: "إن مث00ل عيس00ى عن00د الل00ه كمث00ل آدم خلقه من تراب" إلى قوله: "فنجعل لعنة الله على الك00اذبين" ]آل عم00ران:

[. فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعض00هم لبعض: إن فعلتم61 اضطرم الوادي عليكم نارا. فق00الوا: أم00ا تع00رض علين00ا س00وى ه00ذا؟ فق00ال: )اإلسالم أو الجزية أو الحرب( فأقروا بالجزية على ما يأتي. وتم الكالم عند

قوله "آدم". ثم قال: "خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" أي فك00ان. والمس00تقبل يك00ون في موض00ع الماضي إذا عرف المعنى. قال الف0راء: "الح0ق من رب0ك" مرف0وع بإض0مار هو. أبو عبيدة: هو اس00تئناف كالم وخ00بره في قول00ه "من رب00ك". وقي00ل ه00و فاعل، أي جاءك الحق. "فال تكن من الممترين" الخطاب للنبي ص00لى الل00ه عليه وسلم والمراد أمته؛ ألنه صلى الله عليه وسلم لم يكن شاكا في أم00ر

عيسى عليه السالم.

Page 61: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع61*اآلية: 3* أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجع00ل لعن00ة

الله على الكاذبين{ @قوله تعالى: "فمن حاجك فيه" أي جادلك وخاصمك يا محم00د "في00ه"، أي في عيسى "من بعد ما ج00اءك من العلم" بأن00ه عب00د الل00ه ورس00وله. "فق00ل تعالوا" أي أقبلوا. وضع لمن له جاللة ورفع00ة ثم ص00ار في االس00تعمال لك00ل داع إلى اإلقبال، وسيأتي ل00ه مزي00د بي00ان في "األنع00ام". "ن00دع" في موض00ع جزم. "أبناءنا" دلي00ل على أن أبن00اء البن00ات يس00مون أبن00اء؛ وذل00ك أن الن00بي صلى الله عليه وسلم جاء بالحسن والحسين وفاطمة تمش00ي خلف00ه وعلي خلفها وهو يقول لهم: )إن أنا دعوت فأمنوا(. وهو معنى قول00ه: "ثم نبته00ل" أي نتضرع في الدعاء؛ عن ابن عباس. أبو عبيدة والكسائي: نلتعن. وأص00ل

االبتهال االجتهاد في الدعاء باللعن وغيره. قال لبيد: في كهول سادة من قومه نظر الدهر إليهم فابتهل

أي اجتهد في إهالكهم. يق0ال: بهل0ه الل0ه أي لعن0ه. والبه0ل: اللعن. والبه0ل: الماء القليل. وأبهلته إذا خليته وإرادته. وبهلته أيضا. وحكى أبو عبيدة: بهل00ه الله يبهله بهلة أي لعنه. قال ابن عباس: هم أهل نج00ران: الس00يد والع00اقب

وابن الحارث رؤساؤهم. "فنجعل لعنة الله على الكاذبين". @هذه اآلية من أعالم نبوة محمد صلى الله عليه وس00لم؛ ألن00ه دع00اهم إلى المباهلة فأبوا منها ورضوا بالجزية بعد أن أعلمهم كبيرهم الع00اقب أنهم إن باهلوه اضطرم عليهم الوادي نارا فإن محمدا ن00بي مرس00ل، ولق00د تعلم00ون أنه جاءكم بالفصل في أمر عيسى؛ فتركوا المباهل00ة وانص00رفوا إلى بالدهمفر وأل00ف حل00ة في رجب على أن ي00ؤدوا في ك00ل ع00ام أل00ف حلة في ص00

فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بدال من اإلسالم. @قال كثير من العلماء: إن قوله عليه الس00الم في الحس00ن والحس00ين لم00ا باه00ل "ن00دع أبناءن00ا وأبن00اءكم" وقول00ه في الحس00ن: )إن اب00ني ه00ذا س00يد( مخصوص بالحسن والحسين أن يسميا ابني النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم دون غيرهما؛ لقوله عليه السالم: )كل سبب ونسب ينقطع ي00وم القيام00ة إال نسبي وسببي( ولهذا قال بعض أصحاب الشافعي فيمن أوص00ى لول00د فالن ولم يكن له ولد لصلبه وله ولد ابن وول0د ابن00ة: إن الوص0ية لول0د االبن دون ول00د االبن00ة؛ وه00و ق00ول الش00افعي. وس00يأتي له00ذا مزي00د بي00ان في "األنع00ام

والزخرف" إن شاء الله تعالى. }إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إال الله وإن63 -0 62*اآليتان: 3*

الله لهو العزيز الحكيم، فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين{ @قوله تعالى: "إن هذا لهو القص00ص الح00ق" اإلش00ارة في قول00ه "إن ه00ذا" إلى القرآن وما فيه من األقاصيص، سميت قصصا ألن المعاني تت00ابع فيه00ا؛ فهو من قولهم: فالن يقص أثر فالن، أي يتبعه. "وما من إله إال الله" "من" زائ00دة للتوكي00د، والمع00نى وم00ا إل00ه إال الل00ه "العزي00ز" أي ال00ذي ال يغلب.

"الحكيم" ذو الحكمة. وقد تقدم مثله والحمد لله. }قل يا أهل الكت00اب تع00الوا إلى كلم00ة س00واء بينن00ا وبينكم أال64*اآلية: 3*

نعبد إال الله وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإنتولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون{

Page 62: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "قل يا أهل الكت00اب" الخط00اب في ق00ول الحس0ن وابن زي00د والسدي ألهل نجران. وفي قول قتادة وابن جريج وغيرهما ليه00ود المدين00ة، خوطبوا بذلك ألنهم جعلوا أحب00ارهم في الطاع0ة لهم كاألرب0اب. وقي00ل: ه0و لليهود والنصارى جميعا. وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل "بس00م الل00ه ال00رحمن ال00رحيم - من محم00د رس00ول الل00ه إلى هرق00ل عظيم الروم سالم على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية اإلسالم أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم األريس00يين، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن ال نعب00د إال الل00ه - إلى قول00ه: "فقول00وا اش00هدوا بأن00ا مس00لمون". لف00ظ مس00لم. والس00واء الع00دل

والنصفة؛ قاله قتادة. وقال زهير: أروني خطة ال ضيم فيها يسوي بيننا فيها السواء

وى، ف00إذا فتحت الس00ين م00ددت وى وس00 الفراء: ويقال في معنى العدل س00 [.58وإذا كسرت أو ضممت قصرت؛ كقوله تع00الى: "مكان00ا س00وى" ]ط00ه:

قال: وفي قراءة عبدالله "إلى كلمة عدل بيننا وبينكم" وقرأ قعنب "كلم00ة" بإسكان الالم، ألقى حركة الالم على الكاف؛ كما يقال كبد. فالمعنى أجيبوا إلى ما دعيتم إليه، وهو الكلمة العادلة المستقيمة التي ليس فيها مي00ل عن

[ فموضع64الحق. وقد فسرها بقوله تعالى: "أال نعبد إال الله" ]آل عمران: "أن" خفض على البدل من "كلمة"، أو رفع على إضمار مبتدأ، التق00دير هي أن ال نعب00د إال الل00ه. أو تك00ون مفس00رة ال موض00ع له00ا، ويج00وز م00ع ذل00ك في "نعبد" وما عطف عليه الرفع والجزم: فالجزم على أن تكون "أن" مفسرة

[ وتك00ون "ال" جازم00ة.6بمعنى أي؛ كما قال ع00ز وج00ل: "أن امش00وا" ]ص: هذا مذهب سيبويه. ويجوز على هذا أن ترفع "نعبد" وما بعده يك00ون خ00برا. ويجوز الرفع بمعنى أنه ال نعبد؛ ومثل00ه "أال يرج00ع إليهم ق00وال وال يمل00ك لهم

[. وقال الكسائي والفراء: "وال نشرك ب00ه ش00يئا وال89ضرا وال نفعا" ]طه: يتخذ" بالجزم على التوهم أنه ليس في أول الكالم أن.

@قوله تعالى: "وال يتخذ بعضنا بعضا أرباب00ا من دون الل00ه" أي ال نتبع00ه في تحليل شيء أو تحريمه إال فيما حلله الله تع00الى. وه00و نظ00ير قول00ه تع00الى:

[ معن00اه أنهم31"اتخذوا أحبارهم ورهب00انهم أرباب00ا من دون الل00ه" ]التوب00ة: أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لم00ا لم يحرم00ه الل00ه ولم يحله الله. وهذا يدل على بطالن القول باالستحسان المجرد الذي ال يس00تند إلى دليل ش00رعي؛ ق00ال الكي00ا الط00بري: مث00ل استحس00انات أبي حنيف00ة في التقديرات التي قدرها دون مستندات بينة. وفي00ه رد على ال00روافض ال00ذين يقولون: يجب قبول قول اإلمام دون إبان00ة مس00تند ش00رعي، وإن00ه يح00ل م00ا حرم00ه الل00ه من غ00ير أن ي00بين مس00تندا من الش00ريعة. وأرب00اب جم00ع رب.

و"دون" هنا بمعنى غير. @قوله تعالى: "فإن تولوا" أي أعرضوا عما دعوا إليه. "فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" أي متصفون بدين اإلسالم منقادون ألحكامه مع00ترفون بم00ا لل00ه علينا في ذلك من المنن واإلنعام، غير متخذين أحدا ربا ال عيسى وال عزيزا وال المالئكة؛ ألنهم بشر مثلنا محدث كح00دوثنا، وال نقب00ل من الرهب00ان ش00يئا بتحريمهم علينا ما لم يحرمه الله علينا، فنكون ق00د اتخ00ذناهم أرباب00ا. وق00ال عكرمة: معنى "يتخذ" يسجد. وقد تق00دم أن الس00جود ك00ان إلى زمن الن00بي صلى الله عليه وسلم ثم نهى النبي صلى الله علي0ه وس0لم مع0اذا لم00ا أراد

Page 63: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أن يسجد؛ كما مضى في البقرة بيان00ه. وروى أنس بن مال00ك ق00ال: قلن00ا ي00ا رسول الله، أينحني بعضنا لبعض؟ قال )ال( قلنا: أيعانق بعضنا بعض00ا؟ ق00ال )ال ولكن تصافحوا( أخرجه ابن ماجة في سننه. وسيأتي لهذا المعنى زي00ادة بب00ان في س0ورة "يوس00ف" إن ش00اء الل00ه، وفي "الواقع0ة" مس الق00رآن أو

بعضه على غير طهارة إن شاء الله تعالى. }يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وم00ا أن00زلت الت00وراة65*اآلية: 3*

واإلنجيل إال من بعده أفال تعقلون{ @قوله تع00الى: "ي00ا أه00ل الكت00اب لم تح00اجون في إب00راهيم" األص00ل "لم00ا" فحذفت األلف فرقا بين االستفهام والخبر. وهذه اآلية نزلت بس00بب دع00وى كل فريق من اليهود والنصارى أن إب00راهيم ك00ان على دين00ه، فأك00ذبهم الل00ه

تعالى بأن اليهودية والنصرانية إنما كانتا من بعده. @قوله تعالى: "وما أنزلت التوراة واإلنجيل إال من بعده" قال الزجاج: هذه اآلية أبين حجة على اليهود والنصارى؛ إذ الت00وراة واإلنجي00ل أن00زال من بع00ده وليس فيهما اسم لواحد من األديان، واسم اإلسالم في كل كت00اب. ويق00ال: كان بين إبراهيم وموسى ألف سنة، وبين موسى وعيسى أيضا أل00ف س00نة.

"أفال تعقلون" دحوض حجتكم وبطالن قولكم. والله أعلم. }ها أنتم هؤالء حاججتم فيما لكم ب0ه علم فلم تح0اجون فيم0ا66*اآلية: 3*

ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم ال تعلمون{ @قوله تعالى: "ها أنتم هؤالء ح00اججتم" يع00ني في أم00ر محم00د ص00لى الل00ه عليه وسلم؛ ألنهم كانوا يعلمونه فيما يجدون من نعت00ه في كت00ابهم فح00اجوا في00ه بالباط00ل. "فلم تح00اجون فيم00ا ليس لكم ب00ه علم" يع00ني دع00واهم في إبراهيم أنه كان يهوديا أو نص00رانيا. واألص00ل في "ه00ا أنتم" أأنتم فأب00دل من الهم00زة األولى ه00اء ألنه00ا أخته00ا؛ عن أبي عم00رو بن العالء واألخفش. ق00ال النحاس: وهذا قول حسن. وق00رأ قنب00ل عن ابن كث00ير "ه00أنتم" مث00ل هعنتم. واألحسن منه أن يكون الهاء بدال من همزة فيك00ون أص00له أأنتم. ويج00وز أن تكون ها للتنبيه دخلت على "أنتم" وحذفت األل00ف لك00ثرة االس00تعمال. وفي

"هؤالء" لغتان المد والقصر ومن العرب من يقصرها. وأنشد أبو حاتم: لعمرك إنا واألحاليف هاؤال لفي محنة أظفارها لم تقلم

وهؤالء ها هنا في موضع النداء يعني يا هؤالء. ويجوز ه00ؤالء خ00بر أنتم، على أن يكون أوالء بمعنى الذين وما بعده صلة له. ويجوز أن يك00ون خ0بر "أنتم"

حاججتم. وقد تقدم هذا في "البقرة" والحمد لله. @في اآلية دليل على المنع من الجدال لمن ال علم ل00ه، والحظ00ر على من ال تحقيق عنده فقال عز وجل: "ها أنتم ه00ؤالء ح00اججتم فيم00ا لكم ب00ه علم فلم تح00اجون فيم00ا ليس لكم ب00ه علم". وق00د ورد األم00ر بالج00دال لمن علم

[. وروي عن125وأيقن فقال تعالى: "وجادلهم بالتي هي أحسن" ]النحل: النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل أنكر ولده فقال: يا رس00ول الل00ه، إن امرأتي ولدت غالما أسود. فقال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )هل لك من إبل(؟ قال نعم. قال: )ما ألوانها(؟ قال: حمر: قال: )هل فيه00ا من أورق(؟ قال نعم. قال: )فمن أين ذلك(؟ قال: لعل عرقا نزع00ه. فق00ال رسول الله صلى الله عليه وس00لم: )وه00ذا الغالم لع00ل عرق00ا نزع00ه(. وه00ذا حقيقة الجدال ونهاية في تبيين االستدالل من رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه

وسلم.

Page 64: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}ما كان إبراهيم يهوديا وال نصرانيا ولكن ك00ان حنيف00ا مس00لما67*اآلية: 3*وما كان من المشركين{

@نزهه تعالى من دعاويهم الكاذبة، وبين أنه كان على الحنيفي00ة اإلس00المية ولم يكن مشركا. والح00نيف: ال00ذي يوح00د ويحج ويض00حي ويختتن ويس00تقبل القبلة. وقد مضى في "البقرة" اشتقاقه. والمسلم في اللغة: المتذلل ألمر الله تعالى المنطاع له. وق0د تق0دم في "البق0رة" مع0نى اإلس0الم مس0توفى

والحمد لله. }إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبع00وه وه00ذا الن00بي وال00ذين68*اآلية: 3*

آمنوا والله ولي المؤمنين{ @وقال ابن عباس: قال رؤساء اليهود: والله يا محمد لق00د علمت أن00ا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك، فإنه كان يهوديا وم00ا ب00ك إال الحس00د؛ فأنزل الله تعالى هذه اآلية. "أولى" معناه أحق، قي00ل: بالمعون00ة والنص00رة. وقيل بالحجة. "للذين اتبعوه" على ملته وسنته. "وه0ذا الن00بي" أف00رد ذك0ره

[ وقد تق00دم68تعظيما له؛ كما قال "فيهما فاكهة ونخل ورمان" ]الرحمن: في "البقرة" هذا المعنى مس00توفى. و"ه00ذا" في موض00ع رف00ع عط00ف على الذين، و"النبي" نعت لهذا أو عطف بيان، ولو نصب لكان ج00ائزا في الكالم عطفا على الهاء في "اتبع00وه". "والل00ه ولي المؤم00نين" أي ناص00رهم. وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله علي00ه وس00لم ق00ال: )إن لك00ل ن00بي والة من النبيين وإن وليي منهم أبي وخليل ربي - ثم قرأ - إن أولى الناس ب00إبراهيم

للذين اتبعوه وهذا النبي(. }ودت طائفة من أهل الكت00اب ل00و يض00لونكم وم00ا يض00لون إال69*اآلية: 3*

أنفسهم وما يشعرون{ @نزلت في معاذ بن جبل وحذيفة بن اليمن وعم00ار بن ياس00ر حين دع00اهم اليهود من بني النضير وقريظة وبني قينق00اع إلى دينهم. وه00ذه اآلي00ة نظ00ير قوله تعالى: "ود كثير من أهل الكتاب لو ي00ردونكم من بع00د إيم00انكم كف00ارا

[. و"من" على هذا القول للتبعيض. وقيل: جميع أهل109حسدا" ]البقرة: الكتاب، فتكون "من" لبيان الجنس. "لو يضلونكم" أي يكسبونكم المعصية بالرجوع عن دين اإلسالم والمخالفة ل00ه. وق00ال ابن ج00ريج: "يض00لونكم" أي

يهلكونكم؛ ومنه قول األخطل:كنت القدى في موج أكدر مزبد قذف األتي به فضل ضالال

أي هلك هالكا. "وما يضلون إال أنفسهم" نفي وإيجاب. "وم00ا يش00عرون" أي يفطنون أنهم ال يصلون إلى إضالل المؤمنين. وقيل: "وم00ا يش00عرون" أي ال يعلم00ون بص00حة اإلس00الم وواجب عليهم أن يعلم00وا؛ ألن ال00براهين ظ00اهرة

والحجج باهرة، والله أعلم. }يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون{70*اآلية: 3*

@أي بص00حة اآلي00ات ال00تي عن00دكم في كتبكم؛ عن قت00ادة والس00دي. وقي00ل:المعنى وأنتم تشهدون بمثلها من آيات األنبياء التي أنتم مقرون بها.

}يا أهل الكتاب لم تلبس0ون الح0ق بالباط0ل وتكتم0ون الح0ق71*اآلية: 3*وأنتم تعلمون{

@اللبس الخلط، وقد تقدم في البقرة. ومعنى هذه اآلية والتي قبلها معنى ذل00ك. "وتكتم00ون الح00ق" ويج00وز "تكتم00وا" على ج00واب االس00تفهام. "وأنتم

تعلمون" جملة في موضع الحال.

Page 65: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين72*اآلية: 3*آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون{

@نزلت في كعب بن األشرف ومالك بن الصيف وغيرهم00ا، ق00الوا للس00فلة من قومهم: آمنوا بالذي أن00زل على ال00ذين آمن00وا وج00ه النه00ار، يع00ني أول00ه.

وسمي وجها ألنه أحسنه، وأول ما يواجه منه أوله. قال الشاعر: وتضيء في وجه النهار منيرة كجمانة البحري سل نظامها

وقال آخر: من كان مسرورا بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه نهار

وهو منصوب على الظرف، وكذلك "آخره". ومذهب قتادة أنهم فعلوا ذل00ك ليشككوا المسلمين. والطائفة: الجماعة، من طاف يطوف، وق00د يس00تعمل للواحد على معنى نفس طائفة. ومعنى اآلية أن اليهود قال بعض00هم لبعض: أظهروا اإليمان بمحمد في أول النهار ثم اكفروا به آخره؛ ف00إنكم إذا فعلتم ذل00ك ظه00ر لمن يتبع00ه ارتي00اب في دين00ه ف00يرجعون عن دين00ه إلى دينكم، ويقولون إن أهل الكتاب أعلم به منا. وقيل: المعنى آمن00وا بص00الته في أول النهار إلى بيت المقدس فإنه الحق، واكفروا بصالته آخر النه00ار إلى الكعب00ة لعلهم يرجعون إلى قبلتكم؛ عن ابن عباس وغيره. وقال مقاتل: معناه أنهم جاؤوا محمدا أول النهار ورجعوا من عنده فقالوا للسفلة: هو حق ف00اتبعوه، ثم قالوا: حتى ننظر في التوراة ثم رجعوا في آخر النهار فقالوا: قد نظرن00ا في التوراة فليس هو به. يقول00ون إن00ه ليس بح00ق، وإنم00ا أرادوا أن يلبس00وا

على السفلة وأن يشككوا فيه. }وال تؤمن0وا إال لمن تب0ع دينكم ق0ل إن اله0دى ه0دى الل0ه أن73*اآلية: 3*

يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيهمن يشاء والله واسع عليم{

@قول00ه تع00الى: "وال تؤمن00وا إال لمن تب00ع دينكم" ه00ذا نهي، وه00و من كالم اليهود بعضهم لبعض، أي ق0ال ذل0ك الرؤس0اء للس0فلة. وق0ال الس0دي: من قول يهود خيبر ليهود المدينة. وهذه اآلية أشكل ما في السورة. فروي عن الحسن ومجاهد أن معنى اآلية وال تؤمنوا إال لمن تب00ع دينكم، وال تؤمن00وا أن يح00اجوكم عن00د ربكم ألنهم ال حج00ة لهم ف00إنكم أص00ح منهم دين00ا. و"أن" و"يح00اجوكم" في موض00ع خفض، أي ب00أن يح00اجوكم أي باحتج00اجهم، أي ال تصدقوهم في ذلك فإنهم ال حجة لهم. "أن يؤتى أح00د مث00ل م00ا أوتيتم" من التوراة والمن والسلوى وفرق البحر وغيرها من اآليات والفض00ائل. فيك00ون "أن ي00ؤتى" م00ؤخرا بع00د "أو يح00اجوكم"، وقول00ه "إن اله00دى ه00دى الل00ه" اعتراض بين كالمين. وقال األخفش: المع00نى وال تؤمن00وا إال لمن تب00ع دينكم وال تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وال تصدقوا أن يحاجوكم؛ ي00ذهب إلى أنه معطوف. وقيل: المعنى وال تؤمنوا إال لمن تبع دينكم أن يؤتى أحد مث00ل ما أوتيتم؛ فالمد على االستفهام أيضا تأكيد لإلنكار الذي قالوه أن00ه ال ي00ؤتى أحد مثل ما أتوه؛ ألن علماء اليهود قالت لهم: ال تؤمن00وا إال لمن تب00ع دينكم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ أي ال يؤتى أح0د مث00ل م0ا أوتيتم؛ ف0الكالم على نسقه. و"أن" في موضع رفع على ق00ول من رف00ع في قول00ك أزي00د ض00ربته، والخبر محذوف تقديره أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تصدقون أو تقرون، أي إيتاء موجود مصدق أو مقر به، أي ال تصدقون بذلك. ويجوز أن تك00ون "أن" في موضع نصب على إضمار فعل؛ كما جاز في قولك أزي00دا ض00ربته، وه00ذا

Page 66: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أقوى في العربية ألن االستفهام بالفعل أولى، والتق00دير أتق00رون أن ي00ؤتى، أو أتش00يعون ذل00ك، أو أت00ذكرون ذل00ك ونح00وه. وبالم00د ق00رأ ابن كث00ير وابن محيصن وحمي00د. وق00ال أب00و ح00اتم: "آن" معن00اه "أألن"، فح00ذفت الم الج00ر

[ أي14استخفافا وأبدلت مدة؛ كقراءة من قرأ "أن ك00ان ذا م00ال" ]القلم: أألن. وقوله "أو يحاجوكم" على هذه القراءة رجوع إلى خط00اب المؤم00نين؛ أو تكون "أو" بمعنى "أن" ألنهما حرفا ش00ك وج00زاء يوض00ع أح00دهما موض00ع اآلخر. وتقدير اآلية: وأن يحاجوكم عند ربكم يا معش00ر المؤم00نين، فق00ل: ي00ا محمد إن الهدى هدى الله ونحن عليه. ومن قرأ بترك المد ق00ال: إن النفي األول دل على إنكارهم في ق00ولهم وال تؤمن00وا. ف00المعنى أن علم00اء اليه00ود قالت لهم: ال تصدقوا ب00أن ي00ؤتى أح00د مث00ل م00ا أوتيتم، أي ال إيم00ان لهم وال حج00ة؛ فعط00ف على المع00نى من العلم والحكم00ة والكت00اب والحج00ة والمن والسلوى وفلق البحر وغيرها من الفضائل والكرامات، أي أنه00ا ال تك00ون إال فيكم فال تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إال من تبع دينكم. ف00الكالم في00ه تقديم وتأخير على هذه القراءة والالم زائدة. ومن استثنى ليس من األول، وإال لم يجز الكالم. ودخلت "أح00د" ألن أول الكالم نفي، ف00دخلت في ص00لة "أن" ألنه مفع0ول الفع0ل المنفي؛ ف0إن في موض0ع نص00ب لع0دم الخ00افض. وقال الخليل: )أن( في موضع خفض بالخافض المح00ذوف. وقي00ل: إن الالم ليست بزائدة، و"تؤمنوا" محمول على تقروا. وقال ابن ج00ريج: المع00نى وال تؤمنوا إال لمن تبع دينكم كراهية أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم. وقيل: المعنى ال تخبروا بما في كتابكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم إال لمن تب00ع دينكم لئال يكون طريقا إلى عبدة األوثان إلى تصديقه. وقال الف00راء: يج00وز أن يكون قد انقطع كالم اليهود عند قوله عز وج00ل "إال لمن تب00ع دينكم" ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم "قل إن الهدى هدى الله". أي إن البي00ان الحق هو بيان الله عز وجل "أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم" بين أال يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، و"ال" مقدرة بعد "أن" أي لئال يؤتى؛ كقوله "ي00بين الل00ه لكم

[ أي لئال تض00لوا، فل00ذلك ص00لح دخ00ول "أح00د" في176أن تضلوا" ]النساء: الكالم. و"أو" بمعنى "حتى" و"إال أن"؛ كما قال امرؤ القيس:

فقلت له ال تبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا وقال آخر:

وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما ومثل00ه ق00ولهم: ال نلتقي أو تق00وم الس00اعة، بمع00نى "ح00تى" أو "إلى أن"؛ وكذلك مذهب الكسائي. وهي عند األخفش عاطفة على "وال تؤمن00وا" وق00د تقدم. أي ال إيمان لهم وال حجة؛ فعط00ف على المع00نى. ويحتم00ل أن تك00ون اآلي00ة كله00ا خطاب00ا للمؤم00نين من الل00ه تع00الى على جه00ة التث00بيت لقل00وبهم والتشحيذ لبصائرهم؛ لئال يشكوا عن00د تل00بيس اليه00ود وتزوي00رهم في دينهم. والمعنى ال تصدقوا ي00ا معش00ر المؤم00نين إال من تب00ع دينكم، وال تص00دقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الفض00ل وال00دين، وال تص00دقوا أن يح00اجكم في دينكم عند ربكم من خالفكم أو يقدر على ذلك، فإن الهدى ه00دى الل00ه وإن الفضل بيد الله. قال الضحاك: إن اليهود قالوا إنا نحاج عند ربنا من خالفن00ا في ديننا؛ فبين الله تعالى أنهم هم المدحضون المعذبون وأن المؤمنين هم الغالبون. ومحاجتهم خصومتهم ي00وم القيام00ة. ففي الخ00بر عن رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )إن اليه00ود والنص00ارى يحاجون00ا عن00د ربن00ا فيقول00ون

Page 67: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أعطيتنا أج00را واح00دا وأعطيتهم أج00رين فيق00ول ه00ل ظلمتكم من حق00وقكم شيئا قالوا ال قال فإن ذلك فضلي أوتيه من أشاء(. قال علماؤنا: فلو علموا أن ذلك من فضل الله لم يحاجونا عند ربنا؛ فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم يحاجونكم ي00وم القيام00ة عن00د ربكم، ثم ق00ال: ق00ل لهم اآلن "إن الفضل بي00د الل00ه يؤتي00ه من يش00اء والل00ه واس00ع عليم". وق00رأ ابن كث00ير "آن

يؤتى" بالمد على االستفهام؛ كما قال األعشى:أأن رأت رجال أعشى أضر به ريب المنون ودهر متبل خبل

وقرأ الباقون بغير مد على الخبر. وقرأ س00عيد بن جب00ير "إن ي00ؤتى" بكس00ر الهمزة، على معنى النفي؛ ويك00ون من كالم الل00ه تع00الى كم00ا ق00ال الف00راء. والمعنى: قل يا محمد "إن الهدى هدى الله إن يؤتى أحد مثل م00ا أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم" يع00ني اليه00ود - بالباط00ل فيقول00ون نحن أفض00ل منكم. ونصب "أو يحاجوكم" يعني بإضمار "أن" و"أو" تضمر بعدها "أن" إذا كانت بمعنى "حتى" و"إال أن". وقرأ الحسن "أن يؤتي" بكسر التاء وياء مفتوحة،

على معنى أن يؤتي أحد أحدا مثل ما أوتيتم، فحذف المفعول.قوله تعالى: "قل إن الهدى هدى الله" فيه قوالن:

أحدهما: إن الهدى إلى الخير والداللة إلى الله عز وج0ل بي00د الل00ه ج0ل ثناؤه يؤتيه أنبياءه، فال تنك00روا أن ي0ؤتى أح0د س00واكم مث0ل م0ا أوتيتم، ف0إن أنكروا ذلك فقل لهم: "إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء". والقول اآلخ00ر: قل إن الهدى هدى الله الذي آتاه المؤمنين من التصديق بمحمد صلى الل00ه عليه وسلم ال غيره. وقال بعض أهل اإلشارات في ه00ذه اآلي00ة: ال تعاش00روا إال من يوافقكم على أحوالكم وطريقتكم فإن من ال ي00وافقكم ال ي00رافقكم.

والله أعلم. }يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم{74*اآلية: 3*

@ أي بنبوته وهدايته؛ عن الحسن ومجاهد وغيرهم00ا. ابن ج00ريج: باإلس00الم والقرآن "من يشاء". قال أبو عثمان: أجمل القول ليبقى معه رجاء الراجي

وخوف الخائف، "والله ذو الفضل العظيم". }ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من75*اآلية: 3*

إن تأمنه بدينار ال يؤده إليك إال ما دمت عليه قائم00ا ذل00ك ب00أنهم ق00الوا ليسعلينا في األميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون{

@قوله تعالى: "ومن أهل الكت00اب من إن تأمن00ه بقنط00ار ي00ؤده إلي00ك" مث00ل عبدالله بن سالم. "ومنهم من إن تأمنه بدينار ال ي00ؤده إلي00ك" وه00و فنح00اص بن عازوراء اليهودي، أودعه رج0ل دين0ارا فخان0ه. وقي0ل: كعب بن األش0رف وأصحابه. وقرأ ابن وثاب واألش00هب العقيلي "من إن تيمن00ه" على لغ00ة من قرأ "نستعين" وهي لغة بكر وتميم. وفي حرف عبدالله "مالك ال تيمنا على يوسف" والباقون باأللف. وقرأ نافع والكس00ائي "ي00ؤدهي" بي00اء في اإلدراج. قال أبو عبيد: واتفق أب00و عم00رو واألعمش وعاص00م وحم00زة في رواي00ة أبي بكر على وقف الهاء، فقرؤوا "يؤده إليك". قال النح00اس: بإس00كان اله00اء ال يجوز إال في الشعر عند بعض النحويين، وبعضهم ال يجيزه البت00ة وي00رى أن00ه غلط ممن قرأ به، وإنه توهم أن الجزم يقع على الهاء، وأبو عمرو أجل من أن يجوز عليه مثل هذا. والصحيح عن00ه أن00ه ك0ان يكس0ر اله0اء؛ وهي ق0راءة يزي00د بن القعق00اع. وق00ال الف00راء: م00ذهب بعض الع00رب يجزم00ون اله00اء إذا

Page 68: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

تحرك ما قبلها، يقولون: ضربته ضربا شديدا؛ كما يسكنون ميم أنتم وقمتموأصلها الرفع؛ كما قال الشاعر:

لما رأى أال دعه وال شبع مال إلى أرطاة حقف فاضطجع وقيل: إنما جاز إسكان الهاء في هذا الموضع ألنها وقعت في موضع الجزم وهي الياء الذاهبة. وقرأ أبو المنذر سالم والزهري "يؤده" بضم اله00اء بغ00ير واو. وقرأ قتادة وحميد ومجاهد "يؤدهو" بواو في اإلدراج، اخت00ير له00ا ال00واو ألن الواو من الشفة والهاء بعيدة المخرج. قال س00يبويه: ال00واو في الم00ذكر بمنزلة األلف في الم00ؤنث ويب00دل منه00ا ي00اء ألن الي00اء أخ00ف إذا ك00ان قبله00ا كس00رة أو ي00اء، وتح00ذف الي00اء وتبقى الكس00رة ألن الي00اء ق00د ك00انت تح00ذف

والفعل مرفوع فأثبتت بحالها. @أخبر تعالى أن في أهل الكت00اب الخ00ائن واألمين، والمؤمن00ون ال يم00يزون ذل000ك، فينبغي اجتن000اب جميعهم. وخص أه000ل الكت000اب بال000ذكر وإن ك000ان المؤمنون كذلك؛ ألن الخيانة فيهم أكثر، فخ00رج الكالم على الغ00الب. والل00ه أعلم. وقد مضى تفسير القنط00ار. وأم00ا ال00دينار فأربع00ة وعش00رون قيراط00ا والقيراط ثالث حبات من وسط الشعير، فمجموع00ه اثنت00ان وس00بعون حب00ة، وه00و مجم00ع علي00ه. ومن حف00ظ الكث00ير وأداه فالقلي00ل أولى، ومن خ00ان في اليسير أو منعه فذلك في الكثير أكثر. وهذا أدل دليل على الق00ول بمفه00وم الخط00اب. وفي00ه بين العلم00اء خالف كث00ير م00ذكور في أص00ول الفق00ه. وذك00ر تعالى قسمين: من يؤدي ومن ال يؤدي إال بالمالزم00ة علي00ه؛ وق0د يك00ون من الناس من ال يؤدي وإن دمت عليه قائما. فذكر تعالى القسمين ألنه الغالب والمعتاد والثالث نادر؛ فخرج الكالم على الغالب. وق00رأ طلح00ة بن مص00رف وأب00و عب00دالرحمن الس00لمي وغيرهم00ا "دمت" بكس00ر ال00دال وهم00ا لغت00ان،راة؛ من "دمت ت00دام" مث00ل خفت تخ00اف. وحكى والكس00ر لغ00ة أزد الس00

األخفش دمت تدوم، شاذا. @ استدل أبو حنيفة على مذهبه في مالزمة الغ00ريم بقول00ه تع00الى: "إال م00ا دمت عليه قائما" وأباه سائر العلماء، وقد تق00دم في البق00رة. وق00د اس00تدل بعض البغداديين من علمائنا على حبس المديان بقول00ه تع00الى: "ومنهم من إن تأمنه بدينار ال يؤده إليك إال ما دمت عليه قائما" ف00إذا ك00ان ل00ه مالزمت00ه ومنعه من التصرف، جاز حبسه. وقيل: إن معنى "إال ما دمت علي00ه قائم00ا" أي بوجهك فيهابك ويستحي منك، فان الحياء في العينين؛ أال ترى إلى قول ابن عباس رض00ي الل00ه عن00ه: ال تطلب00وا من األعمى حاج00ة ف00إن الحي00اء في العي00نين. وإذا طلبت من أخي00ك حاج00ة ف00انظر إلي00ه بوجه00ك ح00تى يس00تحي فيقضيها. ويقال: "قائما" أي مالزم00ا ل00ه؛ ف00إن أنظرت00ه أنك00رك. وقي00ل: أراد00ار فعوض00ت من بالقي00ام إدام00ة المطالب00ة ال عين القي00ام. وال00دينار أص00له دن إحدى النونين ياء طلبا للتخفيف لكثرة استعماله. يدل عليه أنه يجمع دنانير

ويصغر دنينير. @ األمان00ة عظيم00ة الق00در في ال00دين، ومن عظم ق00درها أنه00ا تق00وم هي والرحم على جنبتي الصراط؛ كما في صحيح مس00لم. فال يمكن من الج00واز إال من حفظهما. وروى مسلم عن حذيفة قال: حدثنا النبي صلى الله علي00ه وسلم عن رفع األمانة، قال: )ينام الرجل النومة فتقبض األمان00ة من قلب00ه( الحديث. وقد تقدم بكمال00ه أول البق00رة. وروى ابن ماج00ة ح00دثنا محم00د بن المصفى حدثنا محمد بن حرب عن س00عيد بن س00نان عن أبي الزاهري0ة عن

Page 69: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أبي شجرة كثير بن مرة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبدا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إال مقيتا ممقتا فإذا لم تلقه إال مقيتا ممقتا نزعت منه األمانة ف00إذا نزعت منه األمان00ة لم تلق00ه إال خائن00ا مخون00ا ف00إذا لم تلق00ه إال خائن00ا مخون00ا نزعت منه الرحمة فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إال رجيما ملعنا ف00إذا لم تلقه إال رجيما ملعنا نزعت منه ربقة اإلسالم(. وقد مضى في البقرة معنى قوله عليه الس00الم: )أد األمان00ة إلى من ائتمن00ك وال تخن من خان00ك(. والل00ه

أعلم. @ ليس في هذه اآلية تعديل ألهل الكتاب وال لبعضهم خالفا لمن ذهب إلى ذلك؛ ألن فساق المسلمين يوجد فيهم من يؤدي األمانة ويؤمن على المال الكثير وال يكونون بذلك عدوال. فطريق العدالة والش00هادة ليس يج00زئ في00ه أداء األمانة في المال من جهة المعامل00ة والوديع00ة؛ أال ت00رى ق00ولهم: "ليس

[ فكيف يعدل من يعتقد اس00تباحة75علينا في األميين سبيل" ]آل عمران: أموالنا وحريمنا بغير حرج عليه؛ ولو كان ذل0ك كافي0ا في تع0ديلهم لس0معت

شهادتهم على المسلمين. @قوله تعالى: "ذل00ك ب00أنهم ق00الوا" يع00ني اليه00ود "ليس علين00ا في األم00يين سبيل" قيل: إن اليهود كانوا إذا بايعوا المس00لمين يقول00ون: ليس علين00ا في األميين سبيل - أي حرج في ظلمهم - لمخالفتهم إيانا. وادعوا أن ذل00ك في كت00ابهم؛ فأك00ذبهم الل00ه ع00ز وج00ل ورد عليهم فق00ال: "بلى" أي بلى عليهم سبيل العذاب بكذبهم واستحاللهم أموال العرب. قال أبو إس00حاق الزج00اج:

[. ويق00ال:76وتم الكالم. ثم ق00ال: "من أوفى بعه00ده واتقى" ]آل عم00ران: إن اليهود كانوا قد استدانوا من األعراب أمواال فلما أس00لم أرب00اب الحق0وق قالت اليهود: ليس لكم علينا شيء، ألنكم تركتم دينكم فسقط عن00ا دينكم. وادعوا أنه حكم التوراة فقال الل00ه تع00الى: "بلى" ردا لق00ولهم "ليس علين00ا في األميين س00بيل". أي ليس كم0ا تقول0ون، ثم اس00تأنف فق0ال: "من أوفى

بعهده واتقى" الشرك فليس من الكاذبين بل يحبه الله ورسوله. @ ق00ال رج00ل البن عب00اس: إن00ا نص00يب في العم00د من أم00وال أه00ل الذم00ة الدجاجة والشاة ونقول: ليس علينا في ذلك بأس. فقال له: ه0ذا كم0ا ق00ال أهل الكتاب "ليس علينا في األم00يين س00بيل" إنهم إذا أدوا الجزي00ة لم تح00ل لكم أم00والهم إال عن طيب أنفس00هم؛ ذك00ره عب00دالرازق عن معم00ر عن أبي

إسحاق الهمداني عن صعصعة أن رجال قال البن عباس؛ فذكره. @قول00ه تع00الى: "ويقول00ون على الل00ه الك00ذب وهم يعلم00ون" ي00دل على أن الكافر ال يجعل أهال لقبول شهادته؛ ألن الله تعالى وصفه بأنه ك00ذاب. وفي00ه رد عل الكفرة الذين يحرمون ويحللون غير تحريم الل00ه وتحليل00ه ويجعل00ون ذل00ك من الش00رع. ق00ال ابن الع00ربي: ومن ه00ذا يخ00رج ال00رد على من يحكم باالستحسان من غير دليل، ولست أعلم أح00دا من أه00ل القبل00ة قال00ه. وفي الخبر: لما نزلت هذه اآلية قال النبي صلى الله عليه وسلم: )ما شيء كانفي الجاهلية إال وهو تحت قدمي إال األمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر(.

}بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين{76*اآلية: 3* @"من" رف00ع باالبت00داء وه00و ش00رط. و"أوفى" في موض00ع ج00زم. و"اتقى"م علي00ه. "ف00إن معطوف عليه، أي واتقى الله ولم يكذب ولم يستحل ما حر الل00ه يحب المتقين" أي يحب أولئ00ك. وق00د تق00دم مع0نى حب الل00ه ألوليائ00ه.

Page 70: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

والهاء في قوله "بعهده" راجعة إلى الل00ه ع00ز وج00ل. وق00د ج00رى ذك00ره في قول00ه "ويقول00ون على الل00ه الك00ذب وهم يعلم00ون" ويج00وز أن تع00ود على الم00وفى ومتقي الكف00ر والخيان00ة ونقض العه00د. والعه00د مص00در يض00اف إلى

الفاعل والمفعول. }إن الذين يشترون بعه00د الل00ه وأيم00انهم ثمن00ا قليال أولئ00ك ال77*اآلية: 3*

خالق لهم في اآلخ00رة وال يكلمهم الل000ه وال ينظ00ر إليهم ي00وم القيام000ة واليزكيهم ولهم عذاب أليم{

@روى األئمة عن األشعث بن قيس قال: كان بي00ني وبين رج0ل من اليه0ود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وس0لم، فق00ال لي رس00ول الله صلى الله عليه وسلم: )هل لك بينة(؟ قلت ال، قال لليه00ودي: )احل00ف( قلت: إذا يحلف فيذهب بمالي؛ فأنزل الله تعالى: "إن الذين يشترون بعه00د الله وأيمانهم ثمنا قليال" إلى آخر اآلية. وروى األئمة أيضا عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة(. فقال له رج00ل: وإن ك00ان ش00يئا يسيرا يا رسول الل00ه؟ ق00ال: )وإن ك00ان قض00يبا من أراك(. وق00د مض00ى في

البقرة معنى "ال يكلمهم الله وال ينظر إليهم يوم القيامة وال يزكيهم". @ ودلت هذه اآلية واألحاديث أن حكم الح00اكم ال يح00ل الم00ال في الب00اطن بقضاء الظاهر إذا علم المحكوم له بطالنه؛ وقد روى األئم00ة عن أم س00لمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وس00لم: )إنكم تختص00مون إلي وإنم00ا أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجت00ه من بعض وإنم00ا أقض00ي بينكم على نحو مما أسمع منكم فمن قض00يت ل00ه من ح0ق أخي00ه ش00يئا فال يأخ0ذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة(. وهذا ال خالف فيه بين األئمة، وإنم00ا ن00اقض أب00و حنيف00ة وغال وق00ال: إن حكم الح00اكم المب00ني على الشهادة الباطلة يحل الفرج لمن كان محرما عليه؛ كم00ا تق00دم في البق00رة. وزعم أن00ه ل00و ش00هد ش00اهدا زور على رج00ل بطالق زوجت00ه وحكم الح00اكم بشهادتهما فإن فرجه00ا يح00ل لمتزوجه00ا ممن يعلم أن القض00ية باط00ل. وق00د شنع عليه بإعراضه عن هذا الحديث الصحيح الصريح، وبأن00ه ص00ان األم00وال ولم ير استباحتها باألحكام الفاسدة، ولم يصن الف00روج عن ذل00ك، والف00روج أحق أن يحتاط لها وتصان. وسيأتي بطالن قوله في آية اللعان إن شاء الله

تعالى. }وإن منهم لفريق00ا يل00وون ألس00نتهم بالكت00اب لتحس00بوه من78*اآلي00ة: 3*

الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما ه00و من عن00د الل00هويقولون على الله الكذب وهم يعلمون{

@يعني طائفة من اليهود. "يلوون ألسنتهم بالكتاب" وقرأ أبو جعفر وش00يبة "يلوون" على التكثير. إذا أماله؛ ومنه والمعنى يحرفون الكلم ويع00دلون ب00ه عن القصد. وأصل اللي الميل. لوى بيده، ول0وى برأس0ه قول0ه تع0الى: "لي00ا

[ أي عنادا عن الح00ق وميال عن00ه إلى غ00يره. ومع00نى46بألسنتهم" ]النساء: [ أي ال تعرج00ون علي00ه؛ يق00ال ل00وى153"وال تلوون على أحد" ]آل عمران:

ا وليانا مطله. قال: عليه إذا عرج وأقام. واللي المطل. لواه بدينه يلويه ليقد كنت داينت بها حسانا مخافة اإلفالس والليانا

يحسن بيع األصل والعيانا وقال ذو الرمة:

Page 71: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

تريدين لياني وأنت ملية وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا وفي الحديث )لي الواجد يحل عرضه وعقوبت00ه(. وألس00نة جم00ع لس00ان في

لغة من ذكر، ومن أنث قال ألسن. }ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول79*اآلية: 3*

للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا رب00انيين بم00ا كنتم تعلم00ونالكتاب وبما كنتم تدرسون{

@قوله: "ما كان" معناه ما ينبغي؛ كم00ا ق00ال: "وم00ا ك00ان لم00ؤمن أن يقت00ل [.35[ و"ما كان لله أن يتخذ من ولد" ]م00ريم: 92مؤمنا إال خطأ" ]النساء:

[ يع00ني م00ا ينبغي. والبش00ر يق00ع16و"ما يكون لن00ا أن نتكلم به00ذا" ]الن00ور: للواح00د والجم00ع ألن00ه بمنزل00ة المص00در؛ والم00راد ب00ه هن00ا عيس00ى في ق00ول الضحاك والسدي. والكت00اب: الق00رآن. والحكم: العلم والفهم. وقي00ل أيض00ا: األحكام. أي إن الله ال يصطفي لنبوته الكذبة، ولو فع00ل ذل00ك بش00ر لس00لبه الل00ه آي00ات النب00وة وعالماته00ا. ونص00ب "ثم يق00ول" على االش00تراك بين "أن يؤتيه" وبين "يقول" أي ال يجتمع لنبي إتيان النبوة وقوله: "كون00وا عب00ادا لي من دون الله". "ولكن كونوا ربانيين" أي ولكن جائز أن يكون الن00بي يق00ول لهم كونوا ربانيين. وهذه اآلية قيل إنه0ا ن0زلت في نص00ارى نج00ران. وك0ذلك

[121روي أن السورة كلها إلى قول00ه "وإذ غ00دوت من أهل00ك"]آل عم00ران: كان سبب نزولها نصارى نجران ولكن م00زج معهم اليه00ود؛ ألنهم فعل00وا من

الجحد والعناد فعلهم. والربانين واحدهم رباني منسوب إلى الرب. والرباني الذي يربي الناس

بصغار العلم قبل كباره؛ وكأن00ه يقت00دي ب00الرب س00بحانه في تيس00ير األم00ور؛ روي معن00اه عن ابن عب00اس. ق00ال بعض00هم: ك00ان في األص00ل ربي ف00أدخلت األلف والنون للمبالغة؛ كم00ا يق00ال للعظيم اللحي00ة: لحي00اني ولعظيم الجم00ة جم00اني ولغلي00ظ الرقب00ة رقب00اني. وق00ال الم00برد: الرب00انيون أرب00اب العلم،00ه فه0و رب0ان إذا دب00ره وأص00لحه؛ فمعن00اه ه يرب واحدهم ربان، من قولهم: رب على هذا يدبرون أمور الناس ويصلحونها. واأللف والنون للمبالغة كما قالوا ريان وعطش00ان، ثم ض00مت إليه00ا ي00اء النس00بة كم00ا قي00ل: لحي00اني ورقب00اني

وجماني. قال الشاعر: لو كنت مرتهنا في الجو أنزلني منه الحديث ورباني أحباري

فمعنى الرباني الع00الم ب00دين ال00رب ال00ذي يعم00ل بعلم00ه؛ ألن00ه إذا لم يعم00ل بعلمه فليس بعالم. وق00د تق00دم ه00ذا المع00نى في البق00رة: وق00ال أب00و رزين: الرباني هو العالم الحكيم. وروى شعبة عن عاص00م عن زر عن عبدالل00ه بن مسعود "ولكن كونوا ربانيين" قال: حكماء علماء. ابن جبير: حكماء أتقي00اء. وقال الضحاك: ال ينبغي ألحد أن يدع حفظ القرآن جه00ده ف00إن الل00ه تع00الى يقول: "ولكن كون00وا رب00انيين". وق00ال ابن زي00د: الرب00انيون ال00والة، واألحب00ار العلماء. وقال مجاه00د: الرب00انيون ف00وق األحب00ار. ق00ال النح00اس: وه00و ق00ول حس00ن؛ ألن األحب00ار هم العلم00اء. والرب00اني ال00ذي يجم00ع إلى العلم البص00ر00ه إذا أص00لحه وق00ام بالسياسة؛ مأخوذ من قول العرب: رب أمر الن00اس يرب به، فهو راب ورباني على التكثير. ق00ال أب00و عبي00دة: س00معت عالم00ا يق00ول: الرباني العالم بالحالل والحرام واألمر والنهي، العارف بأنباء األمة وما ك00ان وما يكون. وقال محمد بن الحنفية يوم مات ابن عباس: اليوم م00ات رب00اني هذه األمة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )م00ا من م00ؤمن

Page 72: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ذك00ر وال أن00ثى ح00ر وال ممل00وك إال ولل00ه ع00ز وج00ل علي00ه ح00ق أن يتعلم من القرآن ويتفقه في دين00ه - ثم تال ه00ذه اآلي00ة - "ولكن كون00وا رب00انيين" اآلي00ة.

رواه ابن عباس. @قوله تعالى: "بما كنتم تعلم00ون الكت00اب وبم00ا كنتم تدرس00ون" ق00رأه أب00و عمرو وأهل المدينة بالتخفيف من العلم. واختار هذه القراءة أبو حاتم. قال أب00و عم00رو: وتص00ديقها "تدرس00ون" ولم يق00ل "تدرس00ون" بالتش00ديد من التدريس. وقرأ ابن ع00امر وأه00ل الكوف00ة "تعلم00ون" بالتش00ديد من التعليم؛ واختارها أبو عبيد. قال: ألنها تجم00ع المعن00يين "تعلم00ون، وتدرس00ون". ق00ال مكي: التشديد أبل00غ، ألن ك00ل معلم ع00الم بمع00نى يعلم وليس ك00ل من علمما، فالتشديد ي0دل على العلم والتعليم، والتخفي0ف إنم0ا ي0دل على شيئا معل العلم فقط، فالتعليم أبلغ وأمدح وغيره أبلغ في الذم. احتج من رجح قراءة التخفيف بقول ابن مسعود "كونوا ربانيين" قال: حكم00اء علم00اء؛ فيبع00د أن يقال كونوا فقهاء حكماء علماء بتعليمكم. قال الحسن، كونوا حكماء علماء00درس. وق00رأ مجاه00د بعلمكم. وق00رأ أب00و حي00وة "تدرس00ون" من أدرس ي

"تعلمون" بفتح التاء وتشديد الالم، أي تتعلمون. }وال ي00أمركم أن تتخ00ذوا المالئك00ة والنب00يين أرباب00ا أي00أمركم80*اآلي00ة: 3*

بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون{ @قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بالنصب عطفا على "أن يؤتيه". ويقويه أن اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أتري00د أن نتخ00ذك ي00ا محم00د رب00ا؟ فقال الله تعالى: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة - إلى قوله: وال يأمركم". وفيه ضمير البشر، أي وال يأمركم البشر يع00ني عيس00ى وعزي00را. وق00رأ الب00اقون ب00الرفع على االس00تئناف والقط00ع من الكالم األول، وفيه ضمير اسم الله عز وجل، أي وال يأمركم الله أن تتخذوا. ويقوي ه00ذه القراءة أن في مصحف عبدالله "ولن يأمركم" فهذا ي00دل على االس00تئناف، والضمير أيضا لله عز وجل؛ ذكره مكي، وقاله سيبويه والزج00اج. وق00ال ابن جريج وجماعة: وال ي0أمركم محم0د علي0ه الس0الم. وه0ذه ق0راءة أبي عم0رو والكسائي وأهل الحرمين. "أن تتخ00ذوا" أي ب00أن تتخ00ذوا المالئك00ة والنب00يين أربابا. وهذا موجود في النصارى يعظمون األنبياء والمالئكة ح00تى يجعل00وهم لهم أرباب00ا. "أي00أمركم ب00الكفر بع00د إذ أنتم مس00لمون" على طري00ق اإلنك00ار والتعجب؛ فحرم الله تعالى على األنبي00اء أن يتخ00ذوا الن00اس عب00ادا يت00ألهون لهم ولكن ألزم الخلق حرمتهم. وقد ثبت عن النبي صلى الله علي00ه وس00لم أنه قال: )ال يقولن أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي وال يقل أح00دكم

[. وهناك42ربي وليقل سيدي(. وفي التنزيل "اذكرني عند ربك" ]يوسف: يأتي بيان هذا المعنى إن شاء الله تعالى.

}وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كت00اب وحكم00ة ثم81*اآلية: 3* جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأق00ررتم وأخ00ذتم

على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين{ @ قيل: أخذ الله تعالى ميثاق األنبياء أن يصدق بعضهم بعضا ويأمر بعضهم باإليمان بعضا؛ فذلك معنى النصرة بالتص00ديق. وه00ذا ق00ول س00عيد بن جب00ير وقتادة وطاوس والسدي والحسن، وهو ظاهر اآلية. قال طاوس: أخذ الل00ه ميثاق األول من األنبياء أن يؤمن بما جاء به اآلخ00ر. وق00رأ ابن مس00عود "وإذ

[. ق00ال الكس00ائي:187أخذ الله ميثاق ال00ذين أوت00وا الكت00اب" ]آل عم00ران:

Page 73: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

يجوز أن يكون "وإذ أخذ الل00ه ميث00اق النب00يين" بمع00نى وإذ أخ00ذ الل00ه ميث00اق الذين مع النبيين. وق0ال البص00ريون: إذا أخ0ذ الل0ه ميث0اق النب0يين فق0د أخ0ذ ميثاق الذين معهم؛ ألنهم ق0د اتبع0وهم وص0دقوهم. و"م0ا" في قول0ه "لم0ا" بمعنى الذي. قال سيبويه: سألت الخليل بن أحمد عن قوله عز وجل: "وإذ أخذ الله ميث00اق النب00يين لم00ا آتيتكم من كت00اب وحكم00ة" فق00ال: لم00ا بمع0نى الذي. قال النحاس: التق0دير على ق00ول الخلي00ل لل00ذي آتيتكم00وه، ثم ح00ذف الهاء لط0ول االس0م. و"ال0ذي" رف0ع باالبت0داء وخ0بره "من كت00اب وحكم0ة". و"من" لبيان الجنس. وه00ذا كق00ول القائ00ل: لزي00د أفض00ل من00ك؛ وه00و ق00ول األخفش أنها الم االبتداء. قال المهدوي: وقوله "ثم جاءكم" وما بعده جملة معطوفة على الصلة، والعائ00د منه00ا على الموص00ول مح00ذوف؛ والتق00دير ثم

جاءكم رسول مصدق به. @قوله تعالى: "ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن ب00ه ولتنص00رنه" الرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم في قول علي وابن عباس رض00ي الل00ه عنهم00ا. واللف00ظ وإن ك00ان نك00رة فاإلش00ارة إلى معين؛ كقول00ه تع00الى: "وض00رب الل00ه مثال قري00ة ك00انت آمن00ة مطمئن00ة" إلى قول00ه: "ولق00د ج00اءهم

-00 112رس00ول منهم فك00ذبوه" ]النح00ل: [ فأخ00ذ الل00ه ميث00اق النب00يين113 أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه الس00الم وينص00روه إن أدرك00وه، وأم00رهم أن يأخ00ذوا ب00ذلك الميث00اق على أممهم. والالم من قول00ه "لت00ؤمنن ب00ه" ج00واب القسم الذي هو أخذ الميثاق، إذ هو بمنزلة االستحالف. وهو كما تق00ول في الكالم: أخذت ميثاقك لتفعلن كذا، كأنك قلت استحلفك، وفصل بين القسم وجوابه بحرف الجر الذي هو "لما" في قراءة ابن كثير على ما ي00أتي. ومن فتحها جعلها متلقية للقسم الذي هو أخذ الميث00اق. والالم في "لت00ؤمنن ب00ه" ج00واب قس00م مح00ذوف، أي والل00ه لت00ؤمنن ب00ه. وق00ال الم00برد والكس00ائي والزجاج: "ما" شرط دخلت عليها الم التحقيق كما تدخل على إن، ومعن00اه لمهما آتيتكم؛ فموضع "م00ا" نص00ب، وموض00ع "آتيتكم" ج0زم، و"ثم ج00اءكم" معطوف عليه، "لتؤمنن ب00ه" الالم في قول00ه "لت00ؤمنن ب00ه" ج00واب الج00زاء؛

[ ونحوه. وق00ال الكس00ائي:86كقوله تعالى: "ولئن شئنا لنذهبن" ]اإلسراء: لتؤمنن به معتمد القسم فهو متص00ل ب00الكالم األول، وج00واب الج00زاء قول00ه

[. وال يحت00اج على ه00ذا الوج00ه إلى82"فمن تولى بع00د ذل00ك" ]آل عم00ران: تقدير عائد. وقرأ أهل الكوفة "لما آتيتكم" بكس00ر الالم، وهي أيض00ا بمع00نى الذي وهي متعلقة بأخذ، أي أخذ الله ميثاقهم ألج0ل ال0ذي آت0اهم من كت00اب وحكمة ثم إن جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به من بع00د الميث00اق؛ ألن أخ00ذ الميث00اق في مع00نى االس00تحالف كم00ا تق00دم. ق00ال النح00اس: وألبي عبيدة في هذا قول حسن. قال: المعنى وإذ أخ00ذ الل00ه ميث00اق ال00ذين أوت00وا الكتاب لت0ؤمنن ب00ه لم0ا آتيتكم من ذك0ر الت0وراة. وقي00ل: في الكالم ح0ذف، والمعنى إذ أخذ الل00ه ميث00اق النب00يين لتعلمن الن00اس لم00ا ج00اءكم من كت00اب وحكمة، ولتأخذن على الناس أن يؤمن00وا. ودل على ه00ذا الح00ذف "وأخ00ذتم على ذلكم إصري". وقيل: إن الالم في قوله "لما" في ق00راءة من كس00رها

بمعنى بعد، يعني بعد ما آتيتكم من كتاب وحكمة؛ كما قال النابغة: توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع

أي بع0د س00تة أع0وام. وق0رأ س0عيد بن جب0ير "لم0ا" بالتش0ديد، ومعن0اه حين آتيتكم. واحتمل أن يك0ون أص0لها التخفي0ف فزي0دت "من" على م0ذهب من

Page 74: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ي00رى زيادته00ا في ال00واجب فص00ارت لمن م00ا، وقلبت الن00ون ميم00ا لإلدغ00ام فاجتمعت ثالث ميمات فحذفت األولى منهن استخفافا. وقرأ أه00ل المدين00ة "آتين00اكم" على التعظيم. والب00اقون "آتيتكم" على لف00ظ الواح00د. ثم ك00ل األنبياء لم يؤتوا الكتاب وإنما أوتي البعض، ولكن الغلبة للذين أوتوا الكتاب. والمراد أخذ ميثاق جمي00ع األنبي00اء فمن لم ي00ؤت الكت00اب فه00و في حكم من أوتي الكتاب ألنه أوتي الحكم والنبوة. وأيضا من لم يؤت الكت00اب أم00ر ب00أن

يأخذ بكتاب من قبله فدخل تحت صفة من أوتي الكتاب. @قول00ه تع00الى: "ق00ال أأق00ررتم وأخ00ذتم على ذلكم إص00ري ق00الوا أقررن00ا" "أقررتم" من اإلقرار، واإلصر واألصر لغتان، وهو العهد. واإلص00ر في اللغ00ة الثقل؛ فسمي العهد إصرا ألنه منع وتش00ديد. "ق00ال فاش00هدوا" أي اعلم00وا؛ عن ابن عباس. الزجاج: بينوا ألن الشاهد هو الذي يصحح دع00وى الم00دعي. وقيل: المعنى اشهدوا أنتم على أنفس00كم وعلى أتب00اعكم. "وأن00ا معكم من الشاهدين" عليكم وعليهم. وقال سعيد بن المس00يب: ق00ال الل00ه ع00ز وج00ل

للمالئكة فاشهدوا عليهم، فتكون كناية عن غير مذكور. }فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون{82*اآلية: 3*

@قول00ه: "من" ش00رط. فمن ت00ولى من أمم األنبي00اء عن اإليم00ان بع00د أخ00ذ الميث00اق "فأولئ00ك هم الفاس00قون" أي الخ00ارجون عن اإليم00ان. والفاس00ق

الخارج. وقد تقدم.-00 83*اآلية: 3* }أفغير دين الله يبغون وله أس00لم من في الس00ماوات84

واألرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أن00زل على إب00راهيم وإس00ماعيل وإس00حاق ويعق00وب واألس00باط وم00ا أوتي موس00ى

وعيسى والنبيون من ربهم ال نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون{ @قوله تعالى: "أفغير دين الله يبغون" قال الكل00بي: إن كعب بن األش00رف وأصحابه اختصموا مع النصارى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أينا أحق بدين إبراهيم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )كال الفريقين بريء من دينه(. فقالوا: ما نرضى بقضائك وال نأخذ بدينك؛ فنزل "أفغير دين الله يبغون" يعني يطلبون. ونصبت "غير" بيبغون، أي يبغون غير دين الله. وقرأ أبو عمرو وح00ده "يبغ00ون" بالي00اء على الخ00بر "وإلي00ه ترجع00ون" بالت00اء على المخاطبة. قال: ألن األول خاص والثاني عام فف00رق بينهم00ا الفتراقهم00ا في المع00نى. وق00رأ حفص وغ00يره "يبغ00ون، ويرجع00ون" بالي00اء فيهم00ا؛ لقول00ه: "فأولئك هم الفاسقون". وقرأ الباقون بالت00اء فيهم00ا على الخط00اب؛ لقول00ه

"لما آتيتكم من كتاب وحكمة". والله أعلم. @قوله تعالى: "وله أسلم" أي استسلم وانقاد وخض00ع وذل، وك00ل مخل00وق فهو منقاد مستسلم؛ ألنه مجبول عل ما ال يقدر أن يخرج عنه. ق00ال قت00ادة: أسلم المؤمن طوعا والكافر عند موته كره00ا وال ينفع00ه ذل00ك؛ لقول00ه: "فلم

[. ق00ال مجاه00د: إس00الم85يك ينفعهم إيم00انهم لم00ا رأوا بأس00نا" ]الم00ؤمن: الكافر كرها بسجوده لغير الله وسجود ظله لله، "أو لم ي00روا إلى م00ا خل00ق الله من شيء يتفيأ ظالله عن اليمين والشمائل س00جدا لل00ه وهم داخ0رون"

[ "ولله يسجد من في السموات واألرض طوعا وكرها وظاللهم48]النحل: [. وقيل: المعنى أن الله خلق الخل00ق على م00ا15بالغدو واآلصال" ]الرعد:

أراد منهم؛ فمنهم الحسن والقبيح والطوي00ل والقص00ير والص00حيح والم00ريض وكلهم منقادون اض00طرارا، فالص00حيح منق00اد ط00ائع محب ل00ذلك؛ والم00ريض

Page 75: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

منقاد خاضع وإن كان كارها. والط00وع االنقي00اد واالرتب00اع ]االتب00اع[ بس00هولة. والكره ما ك00ان بمش00قة وإب00اء من النفس. و"طوع00ا وكره00ا" مص00دران في موضع الحال، أي طائعين ومكرهين. وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في قول00ه ع00ز وج00ل: "ول00ه أس00لم من في الس00ماوات واألرض طوع00ا وكره00ا" ق00ال: )المالئك00ة أط00اعوه في الس00ماء واألنصار وعبدالقيس في األرض(. وقال علي00ه الس00الم: )ال تس00بوا أص00حابي فإن أصحابي أس0لموا من خ0وف الل00ه وأس0لم الن0اس من خ0وف الس0يف(. وقال عكرمة: "طوعا" من أس00لم من غ00ير محاج00ة "وكره00ا" من اض00طرته الحجة إلى التوحيد. يدل علي00ه قول00ه ع00ز وج00ل: "ولئن س00ألتهم من خلقهم

[ "ولئن س00ألتهم من خل00ق الس00ماوات واألرض87ليقولن الله" ]الزخرف: [. ق00ال الحس00ن: ه00و63وسخر الشمس والقمر ليقولن الل00ه" ]العنكب00وت:

عموم معناه الخصوص. وعن00ه: "أس00لم من في الس00ماوات" وتم الكالم. ثم ق00ال: "واألرض طوع00ا وكره00ا". ق00ال: والك00اره المن00افق ال ينفع00ه عمل00ه. و"طوعا وكره0ا" مص00دران في موض00ع الح00ال. عن مجاه0د عن ابن عب0اس قال: إذا استصعبت داب00ة أح00دكم أو ك00انت شموس00ا فليق00رأ في أذنه00ا ه00ذه اآلية: "أفغير دين الله يبغون ول00ه أس00لم من في الس00موات واألرض طوع00ا

وكرها" إلى آخر اآلية. }ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقب00ل من00ه وه00و في اآلخ00رة85*اآلية: 3*

من الخاسرين{ @ قوله: "غ00ير" مفع00ول بيبت00غ، "دين00ا" منص00وب على التفس00ير، ويج00وز أن ينتصب دينا بيبتغ، وينتص00ب "غ00ير" على أن00ه ح00ال من ال00دين. ق00ال مجاه00د والسدي: نزلت ه0ذه اآلي0ة في الح0ارث بن س0ويد أخ0و الحالس بن س0ويد، وكان من األنصار، ارتد عن اإلسالم هو واثنا عشر معه ولحقوا بمكة كف0ارا، فنزلت ه0ذه اآلي00ة، ثم أرس00ل إلى أخي00ه يطلب التوب0ة. وروي ذل0ك عن ابن عباس وغيره. قال ابن عباس: وأسلم بعد نزول اآلي00ات. "وه00و في اآلخ00رة من الخاسرين" قال هشام: أي وهو خاسر في اآلخرة من الخاسرين؛ ولوال هذا لفرقت بين الصلة والموصول. وقال الم00ازني: األل00ف والالم مثله00ا في الرج00ل. وق00د تق00دم ه00ذا في البق00رة عن00د قول00ه: "وإن00ه في اآلخ00رة لمن

[.130الصالحين" ]البقرة: }كي00ف يه00دي الل00ه قوم00ا كف00روا بع00د إيم00انهم وش00هدوا أن86*اآلي00ة: 3*

الرسول حق وجاءهم البينات والله ال يهدي القوم الظالمين{ @ قال ابن عباس: إن رجال من األنصار أس00لم ثم ارت0د ولح00ق بالش0رك ثم ندم؛ فأرسل إلى قومه: سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل ل00ه من توبة؟ فنزلت "كيف يهدي الل00ه قوم00ا كف00روا بع00د إيم00انهم" إلى قول00ه:

فأرس00ل إلي00ه فأس00لم. أخرج00ه النس00ائي.0[89"غفور رحيم" ]آل عمران: وفي رواية: أن رجال من األنصار ارتد فلحق بالمشركين، فأنزل الله "كي00ف

[ فبعث89يهدي الله قوما كفروا" إلى قوله: "إال الذين تابوا" ]آل عمران: بها قومه إليه، فلما قرئت عليه قال: والل00ه م00ا ك00ذبني ق00ومي على رس00ول الله صلى الله عليه وسلم، وال أكذبت رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم عن الله، والله عز وجل أصدق الثالثة؛ فرجع تائبا، فقب00ل من00ه رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم وتركه. وقال الحس00ن: ن00زلت في اليه00ود ألنهم ك00انوا

Page 76: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

يبشرون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستفتحون على الذين كفروا؛ فلم00ا بعث عاندوا وكفروا، فأنزل الله عز وجل: "أولئ00ك ج00زاؤهم أن عليهم لعن00ة

[. ثم قي00ل: "كي00ف" لفظ0ة87الله والمالئكة والناس أجمعين" ]آل عمران: اس00تفهام ومعن00اه الجح00د، أي ال يه00دي الل00ه. ونظ00يره قول00ه: "كي00ف يك00ون

[ أي ال يك00ون لهم عه00د؛7للمشركين عهد عند الله وعند رسوله" ]التوب00ة: وقال الشاعر:

كيف نومي على الفراش ولما يشمل القوم غارة شعواء أي ال نوم لي. "والله ال يهدي القوم الظ00المين" يق00ال: ظ00اهر اآلي00ة أن من كفر بعد إسالمه ال يهديه الله ومن كان ظالما، ال يهديه الله؛ وقد رأينا كثيرا من المرت00دين ق00د أس00لموا وه00داهم الل00ه، وكث00يرا من الظ00المين ت00ابوا عن الظلم. قي00ل ل00ه: معن00اه ال يه00ديهم الل00ه م00ا دام00وا مقيمين على كف00رهم وظلمهم وال يقبلون على اإلسالم؛ فأما إذا أسلموا وت00ابوا فق00د وفقهم الل00ه

لذلك. والله تعالى أعلم.-00 87*اآلية: 3* 88 00- }أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والمالئك00ة89

والناس أجمعين، خالدين فيها ال يخف00ف عنهم الع00ذاب وال هم ينظ00رون، إالالذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم{

@ أي إن دام00وا على كف00رهم. وق00د تق00دم مع00نى لعن00ة الل00ه والن00اس في )البقرة( فال معنى إلعادته. "وال هم ينظرون" أي ال ي00ؤخرون وال يؤجل00ون، ثم استثنى التائبين فقال: "إال الذين تابوا" هو الحارث بن سويد كما تق00دم.

ويدخل في اآلية بالمعنى كل من راجع اإلسالم وأخلص. }إن ال00ذين كف00روا بع00د إيم00انهم ثم ازدادوا كف00را لن تقب00ل90*اآلي00ة: 3*

توبتهم وأولئك هم الضالون{ @ قال قتادة وعطاء الخراساني والحسن: نزلت في اليهود كفروا بعيس00ى واإلنجيل، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن. وقال أب00و العالية: نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيم00انهم بنعت00ه وص00فته "ثم ازدادوا كف00را" بإق00امتهم على كف00رهم. وقي00ل: "ازدادوا كفرا" بالذنوب التي اكتسبوها. وه00ذا اختي00ار الط00بري، وهي عن00ده في اليهود. "لن تقبل توبتهم" مشكل لقوله: "وه00و ال00ذي يقب00ل التوب00ة عن

[ فقيل: المعنى لن تقبل ت00وبتهم25عباده ويعفوا عن السيئات" ]الشورى: عند الموت. قال النحاس: وهذا قول حسن؛ كما قال ع00ز وج00ل: "وليس00ت التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أح00دهم الم00وت ق00ال إني تبت

[. وروي عن الحسن وقتادة وعطاء. وقد قال صلى الل00ه18اآلن" ]النساء: عليه وسلم: )إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر(. وسيأتي في "النس00اء" بيان هذا المعنى. وقيل: "لن تقبل توبتهم" التي كانوا عليها قبل أن يكفروا؛ ألن الكفر قد أحبطها. وقي0ل: "لن تقب0ل ت0وبتهم" إذا ت0ابوا من كف0رهم إلى كفر آخر؛ وإنما تقبل توبتهم إذا تابوا إلى اإلسالم. وقال قطرب: ه00ذه اآلي00ة نزلت في قوم من أهل مكة قالوا: نتربص بمحمد ريب المنون، فإن بدا لنا الرجعة رجعنا إلى قومنا. فأنزل الله تعالى: "إن الذين كف00روا بع00د إيم00انهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل ت00وبتهم" أي لن تقب00ل ت00وبتهم وهم مقيم00ون على الكفر؛ فسماها توبة غير مقبولة؛ ألنه لم يصح من الق00وم ع00زم، والل00ه ع00ز

وجل يقبل التوبة كلها إذا صح العزم.

Page 77: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}إن ال00ذين كف00روا وم00اتوا وهم كف00ار فلن يقب00ل من أح00دهم91*اآلية: 3* ملء األرض ذهب00ا ول00و افت00دى ب00ه أولئ00ك لهم ع00ذاب أليم وم00ا لهم من

ناصرين{ @ الملء )بالكسر( مقدار م00ا يمأل الش00يء، والملء )ب00الفتح( مص00در مألت الشيء؛ ويقال: أعطني مأله ومأليه وثالثة أمالئه. والواو في "لو افتدى به" قيل: هي مقحمة زائدة؛ المعنى: فلن يقبل من أحدهم ملء األرض ذهبا لو افتدى به. وقال أهل النظر من النحويين: ال يج00وز أن تك00ون ال00واو مقحم00ة ألنها تدل على معنى. ومعنى اآلية: فلن يقبل من أح00دهم ملء األرض ذهب00ا تبرعا ولو افتدى ب0ه. و"ذهب00ا" نص00ب على التفس00ير في ق0ول الف00راء. ق0ال المفضل: شرط التفس00ير أن يك00ون الكالم تام00ا وه00و مبهم؛ كقول00ك عن00دي عشرون؛ فالعدد معلوم والمع00دود مبهم؛ ف00إذا قلت درهم00ا فس00رت. وإنم00ا نصب التمييز ألنه ليس له م00ا يخفض00ه وال م00ا يرفع00ه، وك00ان النص00ب أخ00ف الحركات فجعل لكل ما ال عامل فيه. وق00ال الكس00ائي: نص00ب على إض00مار

[ أي من95من، أي من ذهب؛ كقول00ه: "أو ع00دل ذل00ك ص00ياما" ]المائ00دة: صيام. وفي البخاري ومسلم عن قتادة عن أنس بن مال00ك أن الن00بي ص00لى الله عليه وسلم قال: )يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء األرض ذهبا أكنت تفتدي به فيقول نعم فيقال ل00ه ق00د كنت س00ئلت م00ا هو أيسر من ذلك(. لفظ البخاري. وقال مسلم بدل )ق00د كنت؛ ك00ذبت، ق00د

سئلت(. }لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفق00وا من ش00يء92*اآلية: 3*

فإن الله به عليم{ @ روى األئمة واللفظ للنسائي عن أنس قال: لم00ا ن00زلت ه00ذه اآلي00ة: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مم00ا تحب00ون" ق00ال أب00و طلح00ة: إن ربن00ا ليس00ألنا من أموالنا فأشهدك يا رسول الل00ه أني جعلت أرض00ي لل00ه. فق00ال رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم: )اجعله00ا في قرابت00ك في حس00ان بن ث00ابت وأبي بن كعب(. وفي الموطأ "وكانت أحب أموال0ه إلي0ه ب0ئر ح0اء، وك0انت مس0تقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويش00رب من م00اء فيه00ا طيب". وذك00ر الح00ديث. ففي ه00ذه اآلي00ة دلي00ل على اس00تعمال ظ00اهر الخطاب وعمومه؛ فإن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لم يفهم00وا من فحوى الخطاب حين نزلت اآلية غير ذلك. أال ترى أبا طلحة حين سمع "لن تنالوا البر حتى تنفقوا" اآلية، لم يحتج أن يقف حتى يرد البي00ان ال00ذي يري00د الله أن ينفق منه عباده بآية أخرى أو سنة مبينة لذلك فإنهم يحب00ون أش00ياء كثيرة. وك00ذلك فع00ل زي00د بن حارث00ة، عم00د مم00ا يحب إلى ف00رس يق00ال ل00ه )سبل( وقال: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلي من فرسي ه00ذه؛ فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا في سبيل الل00ه. فق00ال ألسامة بن زيد )اقبضه(. فكأن زيدا وجد من ذلك في نفسه. فق00ال رس00ول الله صلى الله عليه وسلم: )إن الله قد قبلها منك(. ذكره أسد بن موس00ى. وأعتق ابن عمر نافعا مواله، وكان أعطاه فيه عبدالله بن جعفر ألف دين00ار. قالت صفية بنت أبي عبيدة: أظنه تأول قول الله عز وجل: "لن تنالوا ال00بر حتى تنفقوا مما تحبون". وروى شبل عن أبي نجيح عن مجاه00د ق00ال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى األش00عري أن يبت00اع ل00ه جاري00ة من س00بي جلوالء يوم فتح مدائن كسرى؛ فقال سعد بن أبي وق00اص: ف00دعا به00ا عم00ر

Page 78: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فأعجبته، فقال إن الله عز وج00ل يق00ول: "لن تن00الوا ال00بر ح00تى تنفق00وا بم00ا تحبون" فأعتقها عمر رضي الله عنه. وروي عن الثوري أنه بلغه أن أم ول00د الربي00ع بن خيثم ق00الت: ك00ان إذا ج00اءه الس00ائل يق00ول لي: ي00ا فالن00ة أعطي السائل سكرا، فإن الربيع يحب السكر. قال سفيان: يتأول قوله جل وع00ز: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون". وروي عن عمر بن عب00دالعزيز أن00ه كان يشتري أعداال من سكر ويتصدق بها. فقيل ل00ه: هال تص00دقت بقيمته00ا؟ فقال: ألن السكر أحب إلي فأردت أن أنفق مما أحب. وقال الحسن: إنكم لن تنالوا ما تحبون إال بترك ما تشتهون، وال ت00دركوا م00ا ت00أملون إال بالص00بر

على ما تكرهون. @ واختلفوا في تأوي00ل "ال00بر" فقي00ل الجن00ة؛ عن ابن مس00عود وابن عب00اس وعطاء ومجاهد وعمرو بن ميمون والسدي. والتقدير لن تن00الوا ث00واب ال00بر حتى تنفقوا مما تحبون. والن00وال العط0اء، من قول0ك نولت0ه تن0ويال أعطيت0ه. ون00الني من فالن مع00روف ين00الني، أو وص00ل إلي. ف00المعنى لن تص00لوا إلى الجنة وتعطوها حتى تنفقوا مما تحب00ون. وقي00ل: ال00بر العم00ل الص00الح. وفي الحديث الصحيح: )عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى ال00بر وإن ال00بر يه00دي إلى الجنة(. وقد مضى في البقرة. قال عطية الع00وفي: يع00ني الطاع00ة. عط00اء: لن تنالوا شرف الدين والتقوى حتى تتصدقوا وأنتم أص00حاء أش00حاء ت00أملون العيش وتخش000ون الفق000ر. وعن الحس000ن، "ح000تى تنفق000وا" هي الزك000اة المفروض00ة. مجاه00د والكل00بي: هي منس00وخة، نس00ختها آي00ة الزك00اة. وقي00ل: المعنى حتى تنفقوا مما تحب00ون في س00بيل الخ00ير من ص00دقة أو غيره00ا من الطاعات، وهذا جامع. وروى النسائي عن صعص00عة بن معاوي0ة ق0ال: لقيت أبا ذر قال: قلت: حدثني قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما من عبد مسلم ينفق من كل مال0ه زوجين في س0بيل الل0ه إال اس0تقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده(. قلت: وكيف ذل00ك؟ ق00ال: إن ك00انت إبال فبعيرين، وإن كانت بقرا فبق00رتين. وق00ال أب00و بك00ر ال00وراق: دلهم به0ذه اآلية على الفتوة. أي لن تنالوا بري بكم إال ببركم بإخوانكم واإلنف0اق عليهم من أموالكم وجاهكم؛ فإذا فعلتم ذل00ك ن00الكم ب00ري وعطفي. ق00ال مجاه00د:

[. "وم00ا8وهو مثل قوله: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا" ]اإلنس00ان:تنفقوا من شيء فإن الله به عليم" أي وإذا علم جازى عليه.

-00 93*اآلي00ة: 3* }ك00ل الطع00ام ك00ان حال لب00ني إس00رائيل إال م00ا ح00رم94 إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوه00ا إن كنتم ص00ادقين، فمن اف00ترى على الل00ه الك00ذب من بع00د ذل00ك فأولئ00ك هم

الظالمون{ @قوله تعالى: "حال" أي حالال، ثم استثنى فقال: "إال ما حرم إسرائيل على نفسه" وهو يعقوب عليه الس00الم. في الترم00ذي عن ابن عب00اس أن اليه00ود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرنا، م00ا ح00رم إس00رائيل ع00ل نفس00ه؟ قال: )كان يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فلم يجد شيئا يالئمه إال لح00وم اإلبل وألبانها فلذلك حرمها(. قالوا: صدقت. وذكر الحديث. ويقال: إنه ن00ذر إن ب00رأ من00ه لي00تركن أحب الطع00ام والش00راب إلي00ه، وك00ان أحب الطع00ام والش00راب إلي00ه لح00وم اإلب00ل وألبانه00ا. وق00ال ابن عب00اس ومجاه00د وقت00ادة والسدي: أقب00ل يعق00وب علي00ه الس00الم من ح00ران يري00د بيت المق00دس حين هرب من أخيه عيصو، وكان رجال بطشا قويا، فلقيه ملك فظن يعقوب أن00ه

Page 79: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

لص فعالجه أن يصرعه، فغمز الملك فخذ يعق00وب علي00ه الس00الم، ثم ص00عد الملك إلى السماء ويعقوب ينظر إلي00ه فه00اج علي00ه ع00رق النس00ا، ولقي من ذلك بالء شديدا، فكان ال ينام الليل من الوجع وي00بيت ول00ه زق00اء أي ص00ياح، فحلف يعقوب عليه السالم إن شفاه الله جل وعز أال يأكل عرقا، وال يأك00ل طعاما فيه عرق فحرمها على نفسه؛ فجعل بنوه يتبعون بع0د ذل0ك الع0روق فيخرجونها من اللحم. وكان س00بب غم00ز المل00ك ليعق00وب أن00ه ك00ان ن00ذر إن وهب الله له اثني عشر ولدا وأتى بيت المقدس ص00حيحا أن ي00ذبح آخ00رهم.

فكان ذلك للمخرج من نذره؛ عن الضحاك. @ واختلف ه00ل ك00ان التح00ريم من يعق00وب باجته00اد من00ه أو ب00إذن من الل00ه تعالى؟ والصحيح األول؛ ألن الله تعالى أضاف التح00ريم إلي00ه بقول00ه تع00الى: "إال ما حرم" وأن النبي إذا أداه اجتهاده إلى شيء كان دين00ا يلزمن00ا اتباع00ه لتقرير الله سبحانه إياه على ذلك. وكما ي00وحى إلي00ه ويل00زم اتباع00ه، ك00ذلك يؤذن له ويجتهد، ويتعين موجب اجتهاده إذا قدر عليه، ولوال تقدم اإلذن ل00ه في تحريم ذلك ما تسور على التحليل والتحريم. وقد حرم نبينا ص00لى الل00ه عليه وسلم العسل على الرواية الصحيحة، أو خادمه ؟؟ مارية فلم يقر الله

[ على ما يأتي بيان00ه1تحريمه ونزل: "لم تحرم ما أحل الله لك" ]التحريم: في "التحريم". قال الكيا الط00بري: فيمكن أن يق00ال: مطل00ق قول00ه تع00الى: "لم تحرم ما أحل الله" يقتض00ي أال يختص بماري00ة؛ وق00د رأى الش00افعي أن وجوب الكفارة في ذلك غ00ير معق00ول المع00نى، فجعله00ا مخصوص00ا بموض00ع النص، وأب00و حنيف00ة رأى ذل00ك أص00ال في تح00ريم ك00ل مب00اح وأج00راه مج00رى

اليمين. @قول00ه تع00الى: "ق00ل ف00أتوا ب00التوراة فاتلوه00ا إن كنتم ص00ادقين" ق00ال ابن عباس: لما أصاب يعقوب عليه السالم ع00رق النس00ا وص00ف األطب00اء ل00ه أن يجتنب لحوم اإلب00ل فحرمه00ا على نفس00ه. فق00الت اليه00ود: إنم00ا نح00رم على أنفسنا لحوم اإلبل؛ ألن يعق00وب حرمه00ا وأن00زل الل00ه تحريمه00ا في الت00وراة؛ فأنزل الله هذه اآلية. قال الضحاك: فكذبهم الله ورد عليهم فقال: يا محمد "قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم ص00ادقين" فلم ي00أتوا. فق00ال ع00ز وج00ل: "فمن افترى على الله الك0ذب من بع0د ذل0ك فأولئ00ك هم الظ0المون" ق00ال الزجاج: في هذه اآلية أعظم داللة لنبوة محمد نبينا صلى الله عليه وس00لم، أخبرهم أنه ليس في كتابهم، وأمرهم أن يأتوا بالتوراة ف00أبوا؛ يع00ني عرف00وا أنه قال ذلك بالوحي. وق00ال عطي00ة الع00وفي: إنم00ا ك00ان ذل00ك حرام00ا عليهم بتحريم يعقوب ذلك عليهم. وذلك أن إسرائيل قال حين أصابه عرق النس00ا: والله لئن عافاني الله من00ه ال يأكل0ه لي ول0د؛ ولم يكن ذل0ك محرم0ا عليهم. وقال الكلبي: لم يحرمه الله عز وجل في التوراة عليهم وإنم00ا حرم00ه بع00د التوراة بظلمهم وكفرهم، وكانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنب00ا عظيم00ا ح00رم الله تعالى عليهم طعاما طيبا، أو صب عليهم رجزا وهو الموت؛ فذلك قوله تعالى: "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيب00ات أحلت لهم" ]النس00اء:

[ اآلية. وقوله: "وعلى الذين ه00ادوا حرمن00ا ك00ل ذي ظف00ر" اآلي00ة - إلى160[.146قوله: "ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون" ]األنعام:

@ ترجم ابن ماج00ة في س00ننه "دواء ع00رق النس00ا" ح00دثنا هش00ام بن عم00ار وراشد بن سعيد الرملي قاال حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا هشام بن حسان حدثنا أنس بن سيرين أنه سمع أنس بن مالك يقول: س00معت رس00ول الل00ه

Page 80: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

صلى الله عليه وسلم يقول: )شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية ت00ذاب ثم تجزأ ثالثة أجزاء ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء(. وأخرجه الثعل00بي في تفسيره أيضا من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الل00ه عليه وس00لم في ع00رق النس00ا: )تؤخ00ذ ألي00ة كبش ع00ربي ال ص00غير وال كب00ير فتقطع صغارا فتخرج إهالته فتقس00م ثالث00ة أقس00ام في ك00ل ي00وم على ري00ق النفس ثلثا( قال أنس: فوصفته ألكثر من مائة فبرأ بإذن الله تعالى. شعبة: حدثني شيخ في زمن الحجاج بن يوسف في عرق النسا: أقس00م ل00ك بالل00ه األعلى لئن لم تنته ألكوينك بنار أو ألحلقنك بموسى. قال شعبة: قد جربته،

تقوله، وتمسح على ذلك الموضع. }ق00ل ص00دق الل00ه ف00اتبعوا مل00ة إب00راهيم حنيف00ا وم00ا ك00ان من95*اآلية: 3*

المشركين{ @ أي ق00ل ي00ا محم00د ص00دق الل00ه. إن00ه لم يكن ذل00ك في الت00وراة محرم00ا. "فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا" أمر باتباع دينه. "وما ك00ان من المش00ركين" رد

عليهم في دعواهم الباطل كما تقدم.-00 96*اآليتان: 3* }إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وه00دى97

للعالمين، فيه آيات بين00ات مق00ام إب00راهيم ومن دخل00ه ك00ان آمن00ا ولل00ه على الن00اس حج ال00بيت من اس00تطاع إلي00ه س00بيال ومن كف00ر ف00إن الل00ه غ00ني عن

العالمين{ @ ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم عن أول مس00جد وض00ع في األرض ق00ال: )المس00جد الح00رام(. قلت: ثم أي؟ قال: )المس00جد األقص00ى(. قلت: كم بينهم00ا؟ ق00ال: )أربع00ون عام0ا ثم األرض ل0ك مس0جد فحيثم0ا أدركت0ك الص0الة فص0ل(. ق0ال مجاه0د وقتادة: لم يوضع قبله بيت. قال علي رضي الله عنه: كان قبل البيت بيوت كث00يرة، والمع00نى أن00ه أول بيت وض00ع للعب00ادة. وعن مجاه00د ق00ال: تف00اخر المسلمون واليهود فقالت اليهود: بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعب00ة؛ ألنه مه00اجر األنبي00اء وفي األرض المقدس00ة. وق00ال المس00لمون: ب00ل الكعب00ة أفضل؛ فأنزل الله هذه اآلية. وقد مضى في البق00رة بني00ان ال00بيت وأول من بناه. قال مجاهد: خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من األرض ب00ألفي س00نة، وأن قواع00ده لفي األرض الس00ابعة الس00فلى. وأم00ا المس00جد األقصى فبناه سليمان عليه السالم؛ كما خرجه النسائي بإس00ناد ص00حيح من حديث عبدالله بن عمرو. وعن النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )أن س00ليمان بن داود عليه السالم لما بنى بيت المقدس سأل الله خالال ثالثة س00أل الل00ه عز وجل حكما يصادف حكمه فأوتيه، وس00أل الل00ه ع00ز وج00ل ملك00ا ال ينبغي ألحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عز وج0ل حين ف0رغ من بن0اء المس0جد أال يأتيه أحد ال ينهزه إال الصالة في00ه أن يخرج0ه من خطيئت00ه كي00وم ولدت00ه أم00ه فأوتيه(. فجاء إشكال بين الحديثين؛ ألن بين إبراهيم وسليمان آمادا طويلة. قال أهل التواريخ: أكثر من ألف سنة. فقيل: إن إبراهيم وس00ليمان عليهم00ا السالم إنما جددا ما كان أسسه غيرهما. وق00د روي أن أول من ب00نى ال00بيت آدم عليه الس00الم كم00ا تق00دم. فيج00وز أن يك00ون غ00يره من ول00ده وض00ع بيت المقدس من بعده بأربعين عاما، ويجوز أن تك00ون المالئك00ة أيض00ا بنت00ه بع00د بنائها البيت بإذن الله؛ وكل محتمل. والله أعلم. وق00ال علي بن أبي ط00الب رضي الله عنه: أمر الله تعالى المالئكة ببن00اء بيت في األرض وأن يطوف00وا

Page 81: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

به؛ وكان هذا قب00ل خل00ق آدم، ثم إن آدم ب00نى من00ه م00ا ب00نى وط00اف ب00ه، ثماألنبياء بعده، ثم استتم بناءه إبراهيم عليه السالم.

@قوله تعالى: "للذي ببكة" خبر "إن" والالم توكيد. و"بكة" موض00ع ال00بيت، ومكة سائر البلد؛ عن مالك بن أنس. وقال محمد بن شهاب: بكة المسجد، ومكة الحرم كله، تدخل فيه ال00بيوت. ق00ال مجاه00د: بك00ة هي مك00ة. ف00الميم على ه00ذا مبدل00ة من الب00اء؛ كم00ا ق00الوا: طين الزب والزم. وقال00ه الض00حاك والم00ؤرج. ثم قي00ل: بك00ة مش00تقة من الب00ك وه00و االزدح00ام. تب00اك الق00وم ازدحموا. وس00ميت بك00ة الزدح00ام الن00اس في موض00ع ط00وافهم. والب00ك: دق العنق. وقيل: سميت بذلك ألنها كانت تدق رقاب الجب00ابرة إذا ألح00دوا فيه00ا بظلم. قال عبدالله بن الزبير: لم يقصدها جبار قط بسوء إال وقصه الله عز وجل. وأما مكة فقيل: إنها سميت ب00ذلك لقل00ة مائه00ا وقي00ل: س00ميت ب00ذلك ألنه00ا تم00ك المخ من العظم مم00ا ين00ال قاص00دها من المش00قة؛ من ق00ولهم:ه إذا مككت العظم إذا أخ00رجت م00ا في00ه. وم00ك الفص00يل ض00رع أم00ه وامتك

امتص كل ما فيه من اللبن وشربه؛ قال الشاعر:مكت فلم تبق في أجوافها دررا

وقيل: سميت بذلك ألنه00ا تم00ك من ظلم فيه00ا، أي تهلك00ه وتنقص00ه. وقي00ل: سميت بذلك ألن الناس كانوا يمكون ويضحكون فيها؛ من قوله: "وما ك00ان

[ أي تص0فيقا وتص0فيرا.35صالتهم عند ال0بيت إال مك00اء وتص00دية" ]األنف0ال:وهذا ال يوجبه التصريف؛ ألن "مكة" ثنائي مضاعف و"مكاء" ثالثي معتل.

@قوله تعالى: "مباركا" جعله مباركا لتض0اعف العم0ل في00ه؛ فالبرك0ة ك0ثرة الخير، ونصب على الحال من المضمر في "وضع" أو ب00الظرف من "بك00ة"، المعنى الذي استقر "ببكة مباركا" ويجوز في غ00ير الق00رآن "مب00ارك"؛ على أن يكون خبرا ثانيا، أو على البدل من الذي، أو على إضمار مبت00دأ. "وه00دى للعالمين" عطف عليه، ويكون بمعنى وهو هدى للع00المين. ويج00وز في غ00ير

القرآن "مبارك" بالخفض يكون نعتا للبيت. @قوله تعالى: "فيه آيات بينات" رفع باالبتداء أو بالص00فة. وق00رأ أه00ل مك00ة وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير "آية بين00ة" على التوحي00د، يع00ني مق00ام إبراهيم وحده. قالوا: أثر قدميه في المقام آي0ة بين0ة. وفس0ر مجاه0د مق0ام إب00راهيم ب00الحرم كل00ه؛ ف00ذهب إلى أن من آيات00ه الص00فا والم00روة وال00ركن والمقام. والباقون بالجمع. أرادوا مق00ام إب00راهيم والحج00ر األس00ود والحطيم وزمزم والمشاعر كلها. قال: أب00و جعف00ر النح00اس: من ق00رأ "آي00ات بين00ات" فقراءته أبين؛ ألن الصفا والمروة من اآليات، ومنها أن الطائر ال يعلو البيت صحيحا، ومنها أن الجارح يطلب الصيد ف00إذا دخ00ل الح00رم ترك00ه، ومنه00ا أن الغيث إذا كان ناحية الركن اليماني كان الخص00ب ب00اليمن، وإذا ك00ان بناحي00ة الش00امي ك00ان الخص00ب بالش00ام، وإذ عم ال00بيت ك00ان الخص00ب في جمي00ع البلدان، ومنها أن الجمار على ما يزاد عليها ترى على قدر واح00د. والمق00ام من قولهم: قمت مقاما، وهو الموضع الذي يقام في0ه. والمق00ام من قول0ك: أقمت مقاما. وقد مضى هذا في البقرة، ومض00ى الخالف أيض00ا في المق00ام والصحيح منه. وارتفع المقام على االبتداء والخبر مح00ذوف؛ والتق00دير منه00ا مقام إبراهيم؛ قاله األخفش. وحكى عن محمد بن يزي00د أن0ه ق0ال: "مق0ام" بدل من "آيات". وفيه قول ثالث بمعنى هي مقام إبراهيم. وق00ول األخفش

معروف في كالم العرب. كما قال زهير:

Page 82: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

لها متاع وأعوان غدون به قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا أي مضى وبعد سيالنه. وقول أبي العباس: إن مقاما بمع00نى مقام00ات؛ ألن00ه مصدر. قال الله تعالى: "ختم الل00ه على قل00وبهم وعلى س00معهم" ]البق00رة:

[. وقال الشاعر: 7إن العيون التي في طرفها مرض

أي في أطرافها. ويقوي هذا الحديث المروي )الحج كله مقام إبراهيم(. @قوله تع00الى: "ومن دخل00ه ك00ان آمن00ا" ق00ال قت00ادة: ذل00ك أيض00ا من آي00ات الحرم. ق0ال النح00اس: وه0و ق0ول حس0ن؛ ألن الن00اس ك0انوا يتخطف0ون من حوالي00ه، وال يص00ل إلي00ه جب00ار، وق00د وص00ل إلى بيت المق00دس وخ00رب، ولم يوصل إلى الحرم. قال الله تعالى: "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل"

[. وق00ال بعض أه00ل المع00اني: ص00ورة اآلي00ة خ00بر ومعناه00ا أم00ر،1]الفي00ل: تق00ديرها ومن دخل00ه ف00أمنوه؛ كقول00ه: "فال رفث وال فس00وق وال ج00دال في

[ أي ال ترفثوا وال تفس00قوا وال تج00ادلوا. وله00ذا المع00نى197الحج" ]البقرة: قال اإلمام السابق النعمان بن ثابت: من اقترف ذنبا واستوجب به ح00دا ثم لجأ إلى الحرم عصمه، لقوله تعالى: "ومن دخله ك00ان آمن00ا"؛ ف00أوجب الل00ه س00بحانه األمن لمن دخل00ه. وروي ذل00ك عن جماع00ة من الس00لف منهم ابن عباس وغيره من الناس قال ابن العربي: "وكل من قال هذا فق00د وهم من جهتين: إحداهما أنه لم يفهم من اآلية أنها خبر عم00ا مض00ى، ولم يقص00د به00ا إثبات حكم مستقبل، الثاني أنه لم يعلم أن ذلك األمن قد ذهب وأن القت00ل والقتال قد وقع بعد ذلك فيها، وخبر الله ال يق00ع بخالف مخ00بره؛ ف00دل ذل00ك على أنه كان في الماضي هذا. وق00د ن00اقض أب00و حنيف00ة فق00ال، إذا لج00أ إلى الحرم ال يطعم وال يسقى وال يعامل وال يكلم ح0تى يخ0رج، فاض0طراره إلى الخ00روج ليس يص00ح مع00ه أمن. وروي عن00ه أن00ه ق00ال: يق00ع القص00اص في األطراف في الحرم وال أمن أيضا مع هذا". والجمهور من العلم00اء على أن الحدود تقام في الحرم، وقد أمر الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم بقت00ل ابن

خطل وهو متعلق بأستار الكعبة. قلت: وروى الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس: من أصاب

حدا في الحرم أقيم عليه في00ه، وإن أص00ابه في الح00ل ولج00أ إلى الح00رم لم يكلم ولم يبايع حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد؛ وهو ق00ول الش00عبي. فهذه حجة الكوفيين، وقد فهم ابن عباس ذلك من مع00نى اآلي00ة، وه00و ح00بر األمة وعالمها. والصحيح أنه قصد بذلك تعدي0د النعم على ك0ل من ك0ان به0ا جاهال ولها منكرا من العرب؛ كما قال تعالى: "أو لم ي00روا أن00ا جعلن00ا حرم00ا

[ فك00انوا في الجاهلي00ة من67آمنا ويتخطف الناس من حولهم" ]العنكبوت: دخله ولجأ إليه أمن من الغارة والقتل؛ على ما يأتي بيانه في "المائدة" إن شاء الله تعالى. قال قتادة ومن دخله في الجاهلية كان آمنا. وه00ذا حس00ن. وروي أن بعض الملحدة قال لبعض العلماء: أليس في القرآن "ومن دخل00ه كان آمنا" فقد دخلناه وفعلن00ا ك00ذا وك00ذا فلم ي00أمن من ك00ان في00ه ق00ال ل00ه: ألست من العرب ما الذي يريد القائل من دخل داري ك00ان آمن00ا؟ أليس أن يق00ول لمن أطاع00ه: ك00ف عن00ه فق00د أمنت00ه وكففت عن00ه؟ ق00ال: بلى. ق00ال: فكذلك قوله "ومن دخله ك0ان آمن00ا". وق0ال يح00يى بن جع0دة: مع0نى "ومن

دخله كان آمنا" يعني من النار.

Page 83: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قلت: وهذا ليس على عمومه؛ ألن في صحيح مس00لم عن أبي س00عيد الخدري حديث الشفاعة الطويل "فوال00ذي نفس00ي بي00ده م00ا منكم من أح00د بأش00د مناش00دة لل00ه في استقص00اء الح00ق من المؤم00نين لل00ه ي00وم القيام00ة إلخوانهم الذين في النار يقولون ربنا كانوا يص00ومون معن00ا ويحج00ون فيق0ال لهم أخرج00وا من ع00رفتم( الح00ديث. وإنم00ا يك00ون آمن00ا من الن00ار من دخل00ه لقضاء النسك معظما له عارفا بحق00ه متقرب00ا إلى الل00ه تع00الى. ق00ال جعف00ر الصادق: من دخله على الصفاء كم00ا دخل00ه األنبي00اء واألولي00اء ك00ان آمن00ا من عذابه. وهذا معنى قوله عليه السالم: )من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أم00ه والحج الم00برور ليس ل00ه ج00زاء إال الجن00ة(. ق00ال الحس00ن: الحج الم00برور ه00و أن يرج00ع زاه00دا في ال00دنيا راغب00ا في اآلخ00رة.

وأنشد: يا كعبة الله دعوة الالجي دعوة مستشعر ومحتاج ودع أحبابه ومسكنه فجاء ما بين خائف راجي إن يقبل الله سعيه كرما نجا، وإال فليس بالناجي وأنت ممن ترجى شفاعته فاعطف على وافد بن حجاج

وقيل: المعنى ومن دخله عام عم00رة القض00اء م00ع محم00د ص00لى الل00ه علي00ه وسلم كان آمنا. دليله قوله تعالى: "لتدخلن المسجد الح00رام إن ش00اء الل00ه

[. وقد قي00ل: إن "من" ه00ا هن00ا لمن ال يعق00ل؛ واآلي00ة في27آمنين" ]الفتح: أم00ان الص00يد؛ وه00و ش00اذ؛ وفي التنزي00ل: "فمنهم من يمش00ي على بطن00ه"

[ اآلية.45]النور: @قوله تعالى: "ولله" الالم في قوله "ولله" الم اإليجاب واإللزام، ثم أك00ده بقوله تعالى: "على" التي هي من أوكد ألفاظ الوج00وب عن00د الع00رب؛ ف00إذا قال العربي: لفالن على كذا؛ فق00د وك00ده وأوجب00ه. ف00ذكر الل00ه تع00الى الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب تأكيدا لحقه وتعظيما لحرمت00ه. وال خالف في فريض00ته، وهو أحد قواعد اإلسالم، وليس يجب إال مرة في العمر. وقال بعض الناس: يجب في كل خمسة أعوام مرة؛ ورووا في ذلك ح00ديثا أس00ندوه إلى الن00بي صلى الله عليه وسلم، والحديث باطل ال يصح، واإلجماع صاد في وجوههم.

قلت: وذك00ر عب00دالرزاق ق00ال: ح00دثنا س00فيان الث00وري عن العالء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم قال: "يقول الرب جل وعز إن عبدا أوسعت عليه في ال00رزق فلم يع00د إلي في كل أربعة أع00وام لمح00روم( مش00هور من ح00ديث العالء بن المس00يب بن رافع الكاهلي الكوفي من أوالد المح00دثين، روى عن00ه غ00ير واح0د، منهم من ق00ال: في ك00ل خمس00ة أع00وام، ومنهم من ق00ال: عن العالء عن ي00ونس بن خباب عن أبي سعيد، في غير ذل00ك من االختالف. وأنك00رت الملح00دة الحج، فقالت: إن فيه تجريد الثياب وذل00ك يخ00الف الحي00اء، والس00عي وه00و ين00اقض الوقار، ورمي الجمار لغير مرمى وذلك يضاد العق00ل؛ فص00اروا إلى أن ه00ذه األفعال كلها باطلة؛ إذ لم يعرفوا لها حكمة وال عل00ة، وجهل00وا أن00ه ليس من شرط المولى مع العبد، أن يفهم المقصود بجميع ما يأمره به، وال أن يطلع على فائدة تكليفه، وإنما يتعين عليه االمتثال، ويلزمه االنقياد من غير طلب فائدة وال سؤال عن مقصود. وله00ذا المع00نى ك00ان علي00ه الس00الم يق00ول في تلبيته: )لبيك حقا حقا تعب00دا ورق00ا لبي00ك إل00ه الح00ق(. وروى األئم00ة عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: )أيها الناس قد

Page 84: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فرض الل00ه عليكم الحج فحج00وا(. فق00ال رج00ل: ك00ل ع00ام ي00ا رس00ول الل00ه؟ فسكت، حتى قالها ثالثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ل00و قلت نعم لوجبت ولما استطعتم( ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما هلك من ك00ان قبلكم بكثرة سؤالهم واختالفهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا من00ه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه( لفظ مسلم. فبين هذا الح00ديث أن الخطاب إذا توجه على المكلفين بف00رض أن00ه يكفي من00ه فع00ل م00رة وال يقتضي التكرار؛ خالفا لألس00تاذ أبي إس00حاق اإلس00فراييني وغ00يره. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه: يا رس00ول الل00ه، أحجن00ا لعامن00ا هذا أم لألبد؟ فقال: )ال بل لألبد(. وه00ذا نص في ال00رد على من ق00ال: يجب في كل خمس سنين م00رة. وق00د ك00ان الحج معلوم00ا عن00د الع00رب مش00هورا لديهم، وكان مما يرغب فيه ألسواقها وتبررها وتحنفه0ا؛ فلم00ا ج00اء اإلس00الم خوطبوا بما علموا وألزموا بما عرفوا. وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم قبل حج الفرض، وقد وقف بعرفة ولم يغ00ير من ش00رع إب00راهيم م00ا غ00يروا؛ حين كانت قريش تق00ف بالمش00عر الح00رام ويقول00ون: نحن أه00ل الح00رم فال

نخرج منه؛ ونحن الحمس. حسب ما تقدم بيانه في "البقرة". قلت: من أغرب ما رأيته أن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم حج قب00ل

الهجرة مرتين وأن الفرض سقط عنه بذلك؛ ألن00ه ق00د أج00اب ن00داء إب00راهيم [. ق00ال الكي00ا الط00بري:27حين قيل ل00ه: "وأذن في الن00اس ب00الحج" ]الحج:

وهذا بعيد؛ فإنه إذا ورد في ش00رعه: "ولل00ه على الن00اس حج ال00بيت" فال ب00د من وجوبه عليه بحكم الخطاب في شرعه. ولئن قيل: إنم00ا خ00اطب من لم يحج، كان تحكما وتخصيصا ال دليل عليه، ويلزم عليه أال يجب بهذا الخطاب

على من حج على دين إبراهيم، وهذا في غاية البعد. @ ودل الكت00اب والس00نة على أن الحج على ال00تراخي ال على الف00ور؛ وه00و تحصيل مذهب مالك فيما ذكر ابن خويز منداد، وهو قول الشافعي ومحم00د بن الحس000ن وأبي يوس000ف في رواي000ة عن000ه. وذهب بعض البغ000داديين من المتأخرين من المالكيين إلى أنه على الفور، وال يج00وز ت00أخيره م00ع الق00درة عليه؛ وهو قول داود. والصحيح األول؛ ألن الله تعالى قال في س00ورة الحج:

[ وسورة الحج مكية. وقال27"وأذن في الناس بالحج يأتوك رجاال" ]الحج: تعالى: "ولله على الناس حج البيت" اآلية. وهذه الس00ورة ن00زلت ع00ام أح00د بالمدينة سنة ثالث من الهجرة ولم يحج رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم إلى سنة عشر. أما السنة فحديث ضمام بن ثعلبة الس00عدي من ب00ني س00عد بن بكر قدم على النبي صلى الله علي00ه وس00لم فس00أله عن اإلس00الم ف00ذكر الش00هادة والص00الة والزك00اة والص00يام والحج. رواه ابن عب00اس وأب00و هري00رة وأنس، وفيه0ا كله0ا ذك0ر الحج، وأن0ه ك0ان مفروض0ا، وح0ديث أنس أحس0نها سياقا وأتمها. واختلف في وقت قدوم00ه؛ فقي00ل: س00نة خمس. وقي00ل: س00نة س00بع. وقي00ل: س00نة تس00ع؛ ذك00ره ابن هش00ام عن أبي عبي00دة الواق00دي ع00ام الخندق بعد انصراف األحزاب. قال ابن عبدالبر: ومن الدليل على أن الحج على التراخي إجماع العلماء على ترك تفس00يق الق00ادر على الحج إذا أخ00ره العام والعامين ونحوهما، وأن00ه إذا حج من بع00د أع00وام من حين اس00تطاعته فقد أدى الحج الواجب عليه في وقت00ه، وليس ه00و عن00د الجمي00ع كمن فاتت00ه الصالة حتى خ00رج وقته00ا فقض00اها بع00د خ00روج وقته00ا، وال كمن فات00ه ص00يام رمضان لمرض أو سفر فقضاه. وال كمن أفسد حجه فقضاه، فلم00ا أجمع00وا

Page 85: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

على أنه ال يقال لمن حج بع00د أع00وام من وقت اس00تطاعته: أنت ق00اض لم00ا وجب علي00ك؛ علمن00ا أن وقت الحج موس00ع في00ه وأن00ه على ال00تراخي ال على الفور. قال أبو عمر: كل من قال بالتراخي ال يحد في ذلك حدا؛ إال ما روي عن سحنون وقد سئل عن الرجل يجد م00ا يحج ب00ه في00ؤخر ذل00ك إلى س00نين كثيرة مع قدرته على ذلك هل يفسق بتأخيره الحج وترد ش00هادته؟ ق00ال: الق وردت وإن مض00ى من عم00ره س00تون س00نة، ف00إذا زاد على الس00تين فس00 شهادته. وه0ذا توقي00ف وح0د، والح00دود في الش0رع ال تؤخ0ذ إال عمن ل0ه أن

يشرع. قلت: وحكاه ابن خويز منداد عن ابن القاسم. قال ابن القاسم وغيره:

ج؛ ألن النبي صلى ج، وإن أخره بعد الستين حر إن أخره ستين سنة لم يحر الله عليه وسلم قال: )أعمار أمتي ما بين الس00تين إلى الس00بعين وق00ل من يتجاوزها( فكأنه في هذا العشر قد يتضايق عليه الخط00اب. ق00ال أب00و عم00ر: وقد احتج بعض الناس كس0حنون بقول0ه ص0لى الل00ه علي00ه وس00لم: )مع0ترك أمتي بين الستين إلى السبعين وقل من يج00اوز ذل00ك(. وال حج00ة في00ه؛ ألن00ه كالم خرج على األغلب من أعمار أمته ل00و ص00ح الح00ديث. وفي00ه دلي00ل على التوسعة إلى السبعين ألن00ه من األغلب أيض00ا، وال ينبغي أن يقط00ع بتفس00يق

من صحت عدالته وأمانته بمثل هذا من التأويل الضعيف. وبالله التوفيق. @ أجم00ع العلم00اء على أن الخط00اب بقول00ه تع00الى: "ولل00ه على الن00اس حج البيت" عام في جميعهم مسترس00ل على جملتهم. ق00ال ابن الع00ربي: "وإن كان الناس قد اختلف0وا في مطل0ق العموم0ات بي0د أنهم اتفق0وا على حم0ل ه00ذه اآلي00ة على جمي00ع الن00اس ذك00رهم وأنث00اهم، خال الص00غير فإن00ه خ00ارج باإلجماع عن أصول التكليف، وكذلك العبد لم يدخل في00ه؛ ألن00ه أخرج00ه عن مطلق العموم قوله تعالى في التمام: "من استطاع إليه سبيال" والعبد غير مستطيع؛ ألن السيد يمنعه لحقوقه عن هذه العبادة. وقد قدم الله س00بحانه حق السيد على حقه رفقا بالعباد ومصلحة لهم. وال خالف فيه بين األمة وال بين األئمة، فال نه00رف بم00ا ال نع00رف، وال دلي00ل علي00ه إال اإلجم00اع. ق00ال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم إال من شذ منهم ممن ال يعد خالف00ا، على أن الصبي إذا حج في حال صغره، والعبد إذا حج في حال رقه، ثم بل0غ الص0بي وعتق العبد إن عليهما حجة اإلسالم إذا وجدا إليها س00بيال. وق00ال أب00و عم00ر: خالف داود جماع00ة فقه00اء األمص00ار وأئم00ة األث00ر في الممل00وك وأن00ه عن00ده مخاطب بالحج، وهو عند جمهور العلماء خارج من الخطاب العام في قوله تعالى: "ولله على الناس حج البيت من اس00تطاع إلي00ه س00بيال" ب00دليل ع00دم التص00رف، وأن00ه ليس ل00ه أن يحج بغ00ير إذن س00يده؛ كم00ا خ00رج من خط00اب الجمعة وهو قوله تع0الى: "ي0ا أيه0ا ال0ذين آمن0وا إذا ن0ودي للص00الة من ي0وم

[ اآلية - عند عامة العلماء إال من شذ. وكم00ا خ00رج من9الجمعة" ]الجمعة: خطاب إيجاب الشهادة، قال الله تع00الى: "وال ي00أب الش00هداء إذا م00ا دع00وا"

[ فلم ي00دخل في ذل00ك العب00د. وكم00ا ج00از خ00روج الص00بي من282]البق00رة: قوله: "ولله على الناس حج البيت" وهو من الناس بدليل رف00ع القلم عن00ه. وخرجت المرأة من قوله: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للص00الة" وهي ممن شمله اسم اإليمان، وكذلك خروج العبد من الخط00اب الم00ذكور. وه00و ق00ول فقهاء الحجاز والع00راق والش00ام والمغ00رب، ومثلهم ال يج00وز عليهم تحري00ف تأويل الكتاب. فإن قيل: إذا كان حاضر المسجد الحرام وأذن له سيده فلم

Page 86: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ال يلزمه الحج؟ قيل له: هذا سؤال على اإلجماع وربما ال يعل00ل ذل00ك، ولكن إذا ثبت هذا الحكم على اإلجماع استدللنا به على أنه ال يعتد بحجه في حال الرق عن حجة اإلسالم؛ وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله علي00ه وسلم أنه قال: )أيما ص00بي حج ثم أدرك فعلي00ه أن يحج حج00ة أخ00رى وأيم00ا أعرابي حج ثم ه00اجر فعلي00ه أن يحج حج00ة أخ00رى وأيم00ا عب00د حج ثم أعت00ق فعليه أن يحج حجة أخرى(. قال ابن الع00ربي. "وق00د تس00اهل بعض علمائن00ا فقال: إنما لم يثبت الحج على العبد وإن أذن له السيد ألنه ك00ان ك00افرا في األصل ولم يكن حج الكافر معتدا به، فلما ضرب عليه الرق ضربا مؤبدا لم يخاطب بالحج؛ وهذا فاسد من ثالثة أوجه فاعلموه: أحدها: أن الكفار عندنا مخاطبون بفروع الشريعة، وال خالف فيه في قول مالك. الث00اني: أن س00ائر العبادات تلزمه من صالة وصوم مع كونه رقيقا، ولو فعله0ا في ح00ال كف0ره لم يعت00د به00ا، ف00وجب أن يك00ون الحج مثله00ا. الث00الث: أن الكف00ر ق00د ارتف00ع باإلسالم فوجب ارتفاع حكمه. فتبين أن المعتمد ما ذكرناه من تقدم حقوق

السيد(. والله الموفق. @قوله تعالى: "من استطاع إليه سبيال" "من" في موضع خفض على ب00دل البعض من الكل؛ هذا قول أكثر النحويين. وأجاز الكس00ائي أن يك00ون "من" في موض000ع رف000ع بحج، التق000دير أن يحج ال000بيت من. وقي000ل هي ش000رط. و"استطاع" في موضع جزم، والجواب محذوف، أي من استطاع إليه سبيال فعليه الحج. روى الدارقطني عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الل00ه الحج كل عام؟ قال: )ال بل حجة(؟ قيل: فم00ا الس00بيل، ق00ال: )ال00زاد والراحل00ة(. ورواه عن أنس وابن مسعود وابن عمر وجابر وعائشة وعم00رو بن ش00عيب عن أبيه عن جده. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم )ولله على الناس حج البيت من استطاع إلي0ه س0بيال( ق0ال فسئل عن ذلك فقال النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )أن تج00د ظه00ر بع00ير(. وأخرج حديث ابن عمر أيضا ابن ماجة في سننه، وأبو عيسى الترم00ذي في جامعه وقال: "حديث حسن، والعم00ل علي00ه عن00د أه00ل العلم أن الرج00ل إذا ملك زادا وراحلة وجب عليه الحج. وإب00راهيم بن يزي00د ه00و الخ00وزي المكي، وق00د تكلم في00ه بعض أه00ل الح00ديث من ق00ل حفظ00ه". وأخرج00اه عن وكي00ع والدارقطني عن سفيان بن سعيد قالوا: حدثنا إبراهيم بن يزي00د عن محم00د بن عباد عن ابن عمر ق0ال: ق0ام رج0ل إلى الن0بي ص0لى الل00ه علي0ه وس00لم فقال: يا رس00ول الل0ه، م0ا ي0وجب الحج؟. ق0ال: )ال0زاد والراحل0ة( ق0ال: ي0ا رسول الله، فما الحاج؟ قال: )الشعث التفل(. وقام آخ00ر فق00ال ي00ا رس00ول الله وما الحج؟ قال: )العج والثج(. قال وكي00ع: يع00ني ب00العج العجيج بالتلبي00ة والثج نحر البدن؛ لفظ ابن ماجة. وممن قال إن الزاد والراحل00ة ش00رط في وجوب الحج: عمر ابن الخطاب وابنه عبدالله وعبدالله بن عباس والحس00ن البصري وسعيد بن جبير وعط00اء ومجاه00د. وإلي00ه ذهب الش00افعي والث00وري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وعبدالعزيز بن أبي سلمة وابن حبيب، وذك00ر عب00دوس مثل00ه عن س00حنون. ق00ال الش00افعي: االس00تطاعة وجه00ان: أحدهما: أن يكون مستطيعا ببدنه واجدا من ماله م00ا يبلغ00ه الحج. والث00اني: أن يكون معضوبا في بدنه ال يثبت على مركب00ه وه00و ق00ادر على من يطيع00ه إذا أمره أن يحج عنه بأجرة وبغير أجرة، على ما يأتي بيانه. أما المس00تطيع ببدنه فإنه يلزمه فرض الحج بالكتاب بقول00ه ع00ز وج00ل: "من اس00تطاع إلي00ه

Page 87: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

س00بيال". وأم00ا المس00تطيع بالم00ال فق00د لزم00ه ف00رض الحج بالس00نة بح00ديث الخثعمية على ما يأتي. وأما المستطيع بنفسه وه00و الق00وي ال00ذي ال تلحق00ه مشقة غ00ير محتمل00ة في الرك00وب على الراحل00ة؛ ف00إن ه00ذا إذا مل00ك ال00زاد والراحلة لزم00ه ف00رض الحج بنفس00ه، وإن ع00دم ال00زاد والراحل00ة أو أح00دهما سقط عنه فرض الحج؛ فإن كان قادرا على المشي مطيقا له ووج00د ال00زاد أو ق00در على كس00ب ال00زاد في طريق00ه بص00نعة مث00ل الخ00رز والحجام00ة أو نحوهما فالمستحب له أن يحج ماشيا رجال ك00ان أو ام00رأة. ق00ال الش00افعي: والرج00ل أق00ل ع00ذرا من الم00رأة ألن00ه أق00وى. وه00ذا عن00دهم على طري00ق االستحباب ال على طريق اإليجاب، فأما إن قدر على الزاد بمس00ألة الن00اس في الطريق كرهت له أن يحج ألنه يص00ير كال على الن00اس. وق00ال مال00ك بن أنس رحمه الله: إذا قدر على المشي ووجد الزاد فعلي00ه ف00رض الحج، وإن لم يجد الراحلة وقدر على المشي نظر؛ فإن كان مالك00ا لل00زاد وجب علي00ه فرض الحج، وإن لم يكن مالكا للزاد ولكن00ه يق00در على كس00ب حاجت00ه من00ه في الطريق نظر أيضا؛ فإن كان من أهل المروءات ممن ال يكتسب بنفسه ال يجب عليه، وإن كان ممن يكتسب كفايته بتجارة أو ص00ناعة لزم00ه ف00رض الحج، وهكذا إن كانت عادته مسألة الناس لزمه فرض الحج. وكذلك أوجب مالك على المطيق المشي الحج، وإن لم يكن معه زاد وراحلة. وه00و ق00ول عبدالله بن الزبير والشعبي وعكرم0ة. وق0ال الض00حاك: إن ك0ان ش0ابا قوي0ا صحيحا ليس له مال فعليه أن يؤجر نفسه بأكله أو عقبه حتى يقضي حجه. فقال ل00ه مقات00ل: كل00ف الل00ه الن00اس أن يمش00وا إلى ال00بيت؟ فق0ال: ل0و أن ألحدهم ميراثا بمكة أكان تاركه؟ بل ينطلق إليه ولو حبوا، كذلك يجب عليه الحج. واحتج هؤالء بقوله عز وجل: "وأذن في الناس بالحج ي00أتوك رج00اال" أي مشاة. قالوا: وألن الحج من عبادات األبدان من فرائض األعيان، فوجب أال يكون الزاد من شروط وجوبها وال الراحلة كالصالة والصيام. ق00الوا: ول00و صح حديث الخ00وزي ال0زاد والراحل0ة لحملن0اه على عم0وم الن00اس والغ0الب منهم في األقطار البعيدة. وخروج مطلق الكالم على غ00الب األح00وال كث00ير في الشريعة وفي كالم العرب وأشعارها. وقد روى ابن وهب وابن القاسم وأشهب عن مالك أنه سئل عن هذه اآلية فقال: الناس في ذل00ك على ق00در طاقتهم ويسرهم وجلدهم. قال أشهب لمالك: أهو الزاد والراحلة؟. قال: ال والله، ما ذاك إال على قدر طاقة الناس، وقد يجد ال00زاد والراحل00ة وال يق00در

على السير، وآخر يقدر أن يمشي على رجليه. @ إذا وجدت االستطاعة وتوجه فرض الحج يعرض م00ا يمن00ع من00ه ك00الغريم يمنعه عن الخروج حتى يؤدي الدين؛ وال خالف في ذلك. أو يكون ل00ه عي00ال يجب عليه نفقتهم فال يلزمه الحج حتى يكون لهم نفقتهم مدة غيبته لذهابه ورجوعه، ألن هذا اإلنفاق ف00رض على الف00ور، والحج ف00رض على ال00تراخي، فكان تقديم العيال أولى. وق00د ق00ال الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )كفى بالمرء إثم0ا أن يض00يع من يق0وت(. وك0ذلك األب00وان يخ00اف الض00يعة عليهم00ا وعدم العوض في التلطف بهما، فال سبيل ل0ه إلى الحج؛ ف0إن منع0اه ألج0ل الشوق والوحشة فال يلتفت إليه. والم0رأة يمنعه0ا زوجه0ا، وقي0ل ال يمنعه0ا. والصحيح المنع؛ ال س00يما إذا قلن00ا إن الحج ال يلزم00ه على الف00ور. والبح00ر ال يمنع الوجوب إذا كان غالبه السالمة - كم00ا تق00دم بيان00ه في البق00رة - ويعلم من نفسه أنه ال يميد. فإن كان الغالب علي00ه العطب أو المي00د ح00تى يعط0ل

Page 88: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الصالة فال. وإن كان ال يجد موضعا لسجوده لكثرة الراكب وض00يق المك00ان فقد ق00ال مال00ك: إذا لم يس00تطع الرك00وع والس00جود إال على ظه00ر أخي00ه فال يركبه. ثم قال: أيركب حيث ال يصلي ويل لمن ت0رك الص00الة ويس0قط الحج إذا كان في الطريق عدو يطلب األنفس أو يطلب من األموال ما لم يتح00دد بحد مخصوص أو يتحدد بقدر مجحف. وفي سقوطه بغ00ير المجح00ف خالف. وقال الشافعي: ال يعطى حبة ويسقط ف00رض الحج. ويجب على المتس00ول إذا كانت تلك عادت0ه وغلب على ظن00ه أن0ه يج0د من يعطي00ه. وقي0ل ال يجب،

على ما تقدم من مراعاة االستطاعة. 00اض م00ا يحج ب00ه وعن00ده ع00روض @ إذا زالت الموانع ولم يكن عنده من الن فيلزم00ه أن ي00بيع من عروض00ه للحج م00ا يب00اع علي00ه في ال00دين. وس00ئل ابن القاسم عن الرجل تكون له القربة ليس له غيرها، أيبيعها في حجة اإلسالم ويترك ولده وال شيء لهم يعيشون به؟. قال: نعم، ذلك عليه وي00ترك ول00ده في الصدقة. والصحيح القول األول؛ لقوله عليه السالم: )كفى بالمرء إثم00ا أن يضيع من يقوت( وهو قول الشافعي. والظ00اهر من مذهب00ه أن00ه ال يل00زم الحج إال من له ما يكفيه من النفق0ة ذاهب00ا وراجع0ا - قال00ه في اإلمالء - وإن لم يكن له أهل وعيال. وقال بعضهم: ال يعتبر الرجوع ألنه ليس علي00ه كب00ير مشقة في تركه القيام ببلده؛ ألنه ال أه00ل ل00ه في00ه وال عي00ال وك00ل البالد ل00ه وطن. واألول أصوب؛ ألن اإلنسان يستوحش لفراق وطن00ه كم00ا يس00توحش لفراق سكنه. أال ترى أن البكر إذا زنا جلد وغرب عن بل00ده س00واء ك00ان ل00ه أهل أو لم يكن. قال الشافعي في األم: إذا كان له مسكن وخادم وله نفقة أهله بقدر غيبت0ه يلزم0ه الحج. وظ00اهر ه0ذا أن0ه اعت0بر أن يك00ون م0ال الحج فاضال عن الخادم والمسكن؛ ألنه قدمه على نفقة أهله، فكأنه قال بعد هذا كله. وقال أصحابه: يلزمه أن يبيع المسكن والخادم ويكتري مسكنا وخادما ألهله، فإن كان له بضاعة يتجر بها وربحها ق00در كفايت00ه وكفاي00ة عيال00ه على الدوام، ومتى أنفق من أصل البضاعة اختل عليه ربحه0ا ولم يكن في0ه ق0در كفايته، فهل يلزمه الحج من أص00ل البض00اعة أم ال؟ ق00والن: األول للجمه00ور وهو الصحيح المشهور؛ ألنه ال خالف في أنه لو ك00ان ل00ه عق00ار تكفي00ه غلت00ه لزمه أن يبيع أصل العقار في الحج، فكذلك البض00اعة. وق00ال ابن ش00ريح: ال يلزمه ذلك ويبقي البضاعة وال يحج من أصلها؛ ألن الحج إنما يجب عليه في

الفاضل من كفايته. فهذا الكالم في االستطاعة بالبدن والمال. @ المريض والمعضوب، والعضب القطع، ومنه سمي السيف عضبا، وك00أن من انتهى إلى أال يقدر أن يستمس00ك على الراحل00ة وال يثبت عليه00ا بمنزل00ة من قطعت أعض00اؤه؛ إذ ال يق00در على ش00يء. وق00د اختل00ف العلم00اء في حكمهم00ا بع00د إجم00اعهم أن00ه ال يلزمهم00ا المس00ير إلى الحج؛ ألن الحج إنم00ا فرضه على المستطيع إجماع00ا، والم00ريض والمعض00وب ال اس00تطاعة لهم00ا. فقال مالك: إذا كان معضوبا سقط عنه فرض الحج أصال، سواء كان ق00ادرا على من يحج عنه بالم0ال أو بغ0ير الم0ال ال يلزم0ه ف0رض الحج. ول0و وجب عليه الحج ثم عضب وزمن سقط عنه ف00رض الحج؛ وال يج00وز أن يحج عن00ه في حال حياته بح00ال، ب00ل إن أوص00ى أن يحج عن00ه بع00د موت00ه حج عن00ه من الثلث، وكان تطوعا؛ واحتج بقوله تعالى: "وأن ليس لإلنسان إال ما س00عى"

[ فأخبر أنه ليس له إال ما سعى. فمن قال: إنه له س00عي غ00يره39]النجم: فقد خالف ظاهر اآلية. وبقوله تعالى: "ولله على الن00اس حج ال00بيت" وه00ذا

Page 89: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

غير مس00تطيع؛ ألن الحج ه00و قص00د المكل00ف ال00بيت بنفس00ه وألنه00ا عب00ادة ال تدخلها النيابة مع العجز عنها كالص00الة. وروى محم00د بن المنك00در عن ج00ابر قال: قال رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )إن الل00ه ع00ز وج00ل لي00دخل بالحج00ة الواح00دة ثالث00ة الجن00ة الميت والح00اج عن00ه والمنف00ذ ذل00ك(. خرج00ه الط00براني أب00و القاس00م س00ليمان بن أحم00د ق00ال ح00دثنا عم00رو بن حص00ين

السدوسي قال حدثنا أبو معشر عن محمد بن المنكدر؛ فذكره. قلت: أبو معشر اسمه نجيح وهو ضعيف عندهم. وقال الشافعي: في

من والمعضوب والشيخ الكبير يكون ق00ادرا على من يطيع00ه إذا المريض الز أمره بالحج عنه فهو مستطيع استطاعة م00ا. وه00و على وجهين: أح00دهما أن يكون قادرا على م00ال يس00تأجر ب00ه من يحج عن00ه فإن00ه يلزم00ه ف00رض الحج؛ وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روي عنه أنه قال لشيخ كبير لم يحج: جهز رجال يحج عنك. وإلى هذا ذهب الثوري وأب00و حنيف00ة وأص00حابه وابن المبارك وأحمد وإسحاق. والث00اني أن يك00ون ق00ادرا على من يب00ذل ل00ه الطاعة والنيابة فيحج عنه؛ فهذا أيضا يلزمه الحج عنه عند الشافعي وأحمد وابن راهويه، وقال أبو حنيف00ة: ال يل00زم الحج بب00ذل الطاع00ة بح00ال. اس00تدل الشافعي بما رواه ابن عباس أن امرأة من خثعم سألت الن00بي ص00لى الل00ه عليه وسلم فقالت: يا رس00ول الل00ه، إن فريض00ة الل00ه على عب00اده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا ال يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: )نعم(. وذلك في حجة الوداع. في رواية: ال يستطيع أن يس00توي على ظه00ر بعيره. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فحجي عن00ه أرأيت ل00و ك00ان على أبيك دين أكنت قاضيته(؟ قالت: نعم. قال: )ف00دين الل00ه أح00ق أن يقض00ى(. فأوجب النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم الحج بطاع00ة ابنت00ه إي00اه وب00ذلها من نفسها له بأن تحج عنه؛ فإذا وجب ذلك بطاعة البنت له كان بأن يجب عليه بقدرت0ه ع0ل الم0ال ال0ذي يس0تأجر ب0ه أولى. فأم00ا أن ب0ذل ل0ه الم0ال دون الطاعة فالصحيح أنه ال يلزم00ه قبول0ه والحج ب00ه عن نفس00ه وال يص00ير بب00ذل المال له مستطيعا. وقال علماؤنا: حديث الخثعمية ليس مقصوده اإليج00اب وإنما مقصوده الحث على ب00ر الوال00دين والنظ00ر في مص00الحهما دني00ا ودين00ا وجلب المنفعة إليهما جبلة وشرعا؛ فلما رأى من الم00رأة انفع00اال وطواعي00ة ظاهرة ورغبة صادقة في برها بأبيه00ا وحرص00ا على إيص00ال الخ00ير والث00واب إليه، وتأسفت أن تفوته بركة الحج أجابها إلى ذلك. كما قال لألخ00رى ال00تي ق00الت: إن أمي ن00ذرت أن تحج فلم تحج ح00تى م00اتت أف00أحج عنه00ا؟ ق00ال: )حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته(؟ ق00الت: نعم. ففي هذا ما يدل على أنه من باب التطوعات وإيصال ال00بر والخ00يرات لألم00وات؛ أال ترى أنه قد شبه فعل الحج بالدين. وباإلجماع ل00و م00ات ميت وعلي00ه دين لم يجب على وليه قضاؤه من ماله، فإن تطوع بذلك تأدى الدين عنه. ومن الدليل على أن الحج في هذا الحديث ليس بفرض على أبيها ما صرحت ب0ه هذه المرأة بقولها "ال يستطيع" ومن ال يستطيع ال يجب عليه. وهذا تص00ريح بنفي الوجوب ومنع الفريضة، فال يجوز ما انتفى في أول الحديث قطع00ا أن يثبت في آخره ظنا؛ يحققه قوله: )فدين الل00ه أح00ق أن يقض00ى( فإن00ه ليس على ظاهره إجماعا؛ فإن دين العبد أولى بالقضاء، وب00ه يب00دأ إجماع00ا لفق00ر اآلدمي واستغناء الله تعالى؛ قاله ابن العربي. وذكر أبو عمر بن عبدالبر أن حديث الخثعمي00ة عن00د مال00ك وأص00حابه مخص00وص به00ا. وق00ال آخ00رون: في00ه

Page 90: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

اضطراب. وقال ابن وهب وأبو مصعب: هو في حق الولد خاصة. وقال ابن ح00بيب: ج00اءت الرخص00ة في الحج عن الكب00ير ال00ذي ال منهض ل00ه ولم يحج وعمن مات ولم يحج، أن يحج عنه ولده وإن لم يوص ب00ه ويجزئ00ه إن ش00اء الله تعالى. فهذا الكالم على المعضوب وشبهه. وح00ديث الخثعمي00ة أخرج00ه

األئمة، وهو يرد على الحسن قوله: إنه ال يجوز حج المرأة عن الرجل. @ وأجمع العلماء على أنه إذا لم يكن للمكلف ق00وت ي00تزوده في الطري00ق لم يلزمه الحج. وإن وهب له أجنبي ماال يحج ب00ه لم يلزم00ه قبول00ه إجماع00ا؛ لما يلحقه من المن00ة في ذل00ك. فل00و ك00ان رج00ل وهب ألبي00ه م00اال فق0د ق00ال الشافعي: يلزمه قبوله؛ ألن ابن الرجل من كس00به وال من00ة علي00ه في ذل0ك. وقال مالك وأبو حنيفة: ال يلزمه قبول00ه؛ ألن في00ه س00قوط حرم00ة األب00وة؛ إذ

يقال: قد جزاه وقد وفاه. والله أعلم. @قوله تعالى: "ومن كفر فإن الل00ه غ00ني عن الع00المين" ق00ال ابن عب00اس وغ00يره: المع00نى ومن كف00ر بف00رض الحج ولم ي00ره واجب00ا. وق00ال الحس00ن البصري وغيره: إن من ترك الحج وهو قادر عليه فهو كافر. وروى الترمذي عن الحارث عن علي قال: قال رسول الل00ه ص0لى الل00ه علي0ه وس00لم: )من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فال عليه أن يم00وت يهودي00ا أو نص00رانيا وذل00ك أن الل00ه يق00ول في كتاب00ه ولل00ه على الن00اس حج ال00بيت من استطاع إليه سبيال(. قال أبو عيس00ى: )ه00ذا ح00ديث غ00ريب ال نعرف00ه إال من ه00ذا الوج00ه، وفي إس00ناده مق00ال، وهالل بن عبدالل00ه مجه00ول، والح00ارث يضعف(. وروي نحوه عن أبي أمامة وعمر بن الخطاب رض00ي الل00ه عنهم00ا. وعن عبد خير بن يزيد عن علي بن أبي طالب رض00ي الل00ه عن00ه أن رس00ول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: )يا أيه00ا الن00اس إن الل00ه ف00رض عليكم الحج على من اس00تطاع إلي00ه س00بيال ومن لم يفع00ل فليمت على أي حال شاء إن شاء يهودي00ا أو نص00رانيا أو مجوس00يا إال أن يك00ون ب00ه ع00ذر من مرض أو سلطان جائر أال نصيب له في شفاعتي وال ورود حوض00ي(. وق00ال ابن عباس قال رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )من ك00ان عن00ده م00ال يبلغه الحج فلم يحج أو عن0ده م0ال تح00ل في0ه الزك0اة فلم يزك0ه س00أل عن0د الموت الرجعة(. فقيل يا ابن عباس إنا كنا نرى ه00ذا للك00افرين. فق00ال: أن00ا أقرأ عليكم به قرآنا: "يا أيها الذين آمن00وا ال تلهكم أم00والكم وال أوالدكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون. وأنفقوا مم00ا رزقن00اكم من قب00ل أن ي00أتي أح00دكم الم00وت فيق00ول رب ل00وال أخرت00ني إلى أج00ل ق00ريب

[. قال الحسن بن صالح10 -0 9فأصدق وأكن من الصالحين" ]المنافقون: في تفسيره: فأزكى وأحج. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجال سأله عن اآلية فقال: )من حج ال يرجو ثوابا أو جلس ال يخاف عقابا فقد كفر به(. وروى قتادة عن الحسن قال: ق00ال عم00ر رض00ي الل00ه عن00ه: لق00د هممت أن أبعث رجاال إلى األمصار فينظرون إلى من كان له مال ولم يحج فيض00ربون

عليه الجزية؛ فذلك قوله تعالى: "ومن كفر فإن الله غني عن العالمين". قلت: هذا خرج مخرج التغليظ؛ ولهذا قال علماؤنا: تضمنت اآلية أن من

مات ولم يحج وهو قادر فالوعيد يتوجه عليه، وال يجزئ أن يحج عنه غ00يره؛ ألن حج الغير لو أسقط عنه الفرض لسقط عنه الوعيد. والل00ه أعلم. وق00ال

سعيد بن جبير: لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصل عليه.

Page 91: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

-00 98*اآليتان: 3* }قل يا أهل الكت00اب لم تكف00رون بآي00ات الل00ه والل00ه99 شهيد على ما تعملون، قل يا أهل الكت00اب لم تص00دون عن س00بيل الل00ه من

آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون{ @قوله تعالى: "قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله" أي تصرفون عن دين الله "من آمن". وقرأ الحسن "تصدون" بضم الت0اء وكس0ر الص00اد وهما لغتان: صد وأصد؛ مثل صل اللحم وأصل إذا أنتن، وخم وأخم أيضا إذا تغ00ير. "تبغونه00ا عوج00ا" تطلب00ون له00ا، فح00ذف الالم؛ مث00ل "وإذا ك00الوهم"

[. يق00ال: بغيت ل00ه ك00ذا أي طلبت00ه. وأبغيت00ه ك00ذا أي أعنت00ه.3]المطففين: والعوج: الميل والزيغ )بكسر العين( في الدين والق00ول والعم00ل وم00ا خ00رج عن طريق االستواء. و)بالفتح( في الحائط والجدار وكل ش00خص ق00ائم؛ عن أبي عبيدة وغيره. ومعنى قوله تعالى: "يتبعون ال00داعي ال ع00وج ل00ه" ]ط00ه:

[ أي ال يق00درون أن يعوج00وا عن دعائ00ه. وع00اج بالمك00ان وع00وج أق00ام108ووقف. والعائج الواقف؛ قال الشاعر:

هل أنتم عائجون بنا لعنا نرى العرصات أو أثر الخيام ن العوج. والعوج من الخيل التي في والرجل األعوج: السيء الخلق، وهو بي أرجلها تحنيب. واألعوجية من الخي00ل تنس00ب إلى ف00رس ك00ان في الجاهلي00ة سابقا. ويقال: فرس محنب إذا كان بعيد م00ا بين ال00رجلين بغ00ير فحج، وه00و مدح. ويقال: الحنب اعوجاج في الساقين. قال الخليل التحنيب يوصف في

الشدة، وليس ذلك باعوجاج. @قول00ه تع00الى: "وأنتم ش00هداء" أي عقالء. وقي00ل: ش00هداء أن في الت00وراة مكتوبا أن دين الله الذي ال يقبل غ00يره اإلس00الم، إذ في00ه نعت محم00د ص00لى

الله عليه وسلم. }ي00ا أيه00ا ال00ذين آمن00وا إن تطيع00وا فريق00ا من ال00ذين أوت00وا100*اآلي00ة: 3*

الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين{ @ نزلت في يهودي أراد تجديد الفتن00ة بين األوس والخ00زرج بع0د انقطاعه0ا ب00النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، فجلس بينهم وأنش00دهم ش00عرا قال00ه أح00دين في حربهم. فقال الحي اآلخر: قد قال شاعرنا في ي00وم ك00ذا وك00ذا، الحي فكأنهم دخلهم من ذلك شيء، فقالوا: تعالوا نرد الحرب جذعاء كما ك00انت. فنادى ه00ؤالء: ي00ا آل أوس. ون00ادى ه00ؤالء. ي00ا آل خ00زرج؛ ف00اجتمعوا وأخ00ذوا السالح واصطفوا للقتال فنزلت ه00ذه اآلي00ة؛ فج00اء الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم حتى وق00ف بين الص00فين فقرأه0ا ورف0ع ص00وته، فلم0ا س00معوا ص00وته أنصتوا له وجعلوا يستمعون، فلما فرغ ألقوا الس00الح وع0انق بعض00هم بعض00ا وجعلوا يبكون؛ عن عكرمة وابن زيد وابن عباس. والذي فع00ل ذل00ك ش00اس بن قيس اليه00ودي، دس على األوس والخ00زرج من ي00ذكرهم م00ا ك00ان بينهم من الحروب، وأن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم أت00اهم وذك00رهم، فع00رف القوم أنها نزعة من الشيطان، وكيد من عدوهم؛ فألقوا السالح من أي00ديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم سامعين مطيعين؛ فأنزل الله عز وجل: "يا أيها ال00ذين آمن00وا" يع00ني األوس والخزرج." إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب" يعني شاسا وأص00حابه "يردوكم بعد إيمانكم كافرين" قال جابر بن عبدالل00ه: م00ا ك00ان ط00الع أك00ره إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ إلينا بيده فكففن00ا وأص00لح الله تعالى ما بيننا؛ فما كان شخص أحب إلين00ا من رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه

Page 92: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

عليه وس00لم، فم00ا رأيت يوم00ا أقبح وال أوحش أوال وأحس00ن آخ00را من ذل00كاليوم.

}وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رس0وله101*اآلية: 3*ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم{

@قال00ه تع00الى على جه00ة التعجب، أي "وكي00ف تكف00رون وأنت تتلى عليكم آيات الله" يعني القرآن. "وفيكم رسوله" محم00د ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم. قال ابن عباس: كان بين األوس والخزرج قتال وشر في الجاهلية، ف00ذكروا ما كان بينهم فثار بعضهم على بعض بالسيوف؛ فأتى النبي صلى الله علي00ه وسلم فذكر ذلك له فذهب إليهم؛ فنزلت هذه اآلية "وكي00ف تكف00رون وأنتم تتلى عليكم آي00ات الل00ه وفيكم رس00وله - إلى قول00ه تع0الى: فأنق00ذكم منه00ا" ويدخل في هذه اآلية من لم ير النبي صلى الله علي00ه وس00لم؛ ألن م00ا فيهم من سنته يقوم مق0ام رؤيت00ه. ق00ال الزج00اج: يج00وز أن يك00ون ه00ذا الخط00اب ألصحاب محمد خاصة؛ ألن رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم ك00ان فيهم وهم يش00اهدونه. ويج00وز أن يك00ون ه00ذا الخط00اب لجمي00ع األم00ة؛ ألن آث00اره وعالماته والقرآن الذي أوتى فينا مكان النبي ص0لى الل0ه علي0ه وس00لم فين0ا وإن لم نشاهده. وقال قتادة: في هذه اآلية علمان بينان: كت00اب الل00ه ون00بي الله؛ فأما نبي الله فق00د مض00ى، وأم00ا كت00اب الل00ه فق00د أبق00اه بين أظه00رهم رحمة من00ه ونعم00ة؛ في00ه حالل00ه وحرام00ه، وطاعت00ه ومعص00يته. "وكي00ف" في موضع نصب، وفتحت الفاء عند الخليل وسيبويه اللتق00اء الس00اكنين، واخت00ير لها الفتح ألن ما قب00ل الف00اء ي00اء فثق00ل أن يجمع00وا بين ي00اء وكس00رة. قول00ه تعالى: "ومن يعتصم بالله" أي يمتنع ويتمسك بدينه وطاعت00ه. "فق00د ه00دي" وفق وأرشد "إلى صراط مس00تقيم" ابن ج00ريج "يعتص00م بالل00ه" ي00ؤمن ب00ه. وقيل: المعنى ومن يعتصم بالله أي يتمسك بحبل الله، وهو القرآن. يق00ال: أعصم به واعتصم، وتمسك واستمسك إذا امتنع ب00ه من غ00يره. واعتص00مت فالنا هيأت له ما يعتصم به. وك0ل متمس0ك بش0يء معص0م ومعتص0م. وك0ل

مانع شيئا فهو عاصم؛ قال الفرزدق: أنا ابن العاصمين بني تميم إذا ما أعظم الحدثان نابا

قال النابغة:جد يظل من خوفه المالح معتصما بالخيزرانة بعد األين والن

وقال آخر:فأشرط فيها نفسه وهو معصم وألقى بأسباب له وتوكال

وعصمه الطعام: منع الجوع منه؛ تقول العرب: عصم فالنا الطعام أي منعه من الجوع؛ فكنوا السويق بأبي عاصم لذلك. قال أحم00د بن يح00يى: الع00رب

تسمي الخبز عاصما وجابرا؛ وأنشد: فال تلوميني ولومي جابرا فجابر كلفني الهواجرا

ويسمونه عامرا. وأنشد:أبو مالك يعتادني بالظهائر يجيء فيلقى رحله عند عامر

أبو مالك كنية الجوع. }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته وال تم00وتن إال وأنتم102*اآلية: 3*

مسلمون{ @ روى البخاري عن مرة عن عبدالله ق00ال: ق00ال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه عليه وسلم: )حق تقاته أن يطاع فال يعصى وأن يذكر فال ينسى وأن يش00كر

Page 93: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فال يكفر. وقال ابن عباس: هو أال يعصى طرفة عين. وذكر المفسرون أن00ه لما نزلت هذه اآلية قالوا: يا رسول الله، من يقوى على هذا؟ وش00ق عليهم

[ فنس00خت16فأنزل الله عز وجل: "فاتقوا الل00ه م00ا اس00تطعتم" ]التغ00ابن: هذه اآلية؛ عن قتادة والربيع وابن زيد. ق00ال مقات00ل: وليس في آل عم00ران من المنسوخ شيء إال هذه اآلية. وقيل: إن قوله "فاتقوا الله ما استطعتم" بيان لهذه اآلية. والمعنى: فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم، وهذا أص00وب؛ ألن النسخ إنما يكون عند الجمع والجم00ع ممكن فه00و أولى. وق00د روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قول الله عز وجل "يا أيه00ا ال00ذين آمن00وا اتقوا الله حق تقاته" لم تنسخ، ولكن "حق تقاته" أن يجاهد في سبيل الل00ه حق جه00اده، وال تأخ00ذكم في الل00ه لوم00ة الئم، وتقوم00وا بالقس00ط ول00و على أنفسكم وأبنائكم. قال النحاس: وكلما ذكر في اآلية واجب على المسلمين أن يستعملوه وال يقع فيه نسخ. وقد مضى في البقرة مع00نى قول00ه تع00الى:

"وال تموتن إال وأنتم مسلمون". }واعتصموا بحبل الله جميعا وال تفرقوا واذكروا نعم00ة الل00ه103*اآلية: 3*

عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوان00ا وكنتم على ش00فا حف00رة من الن00ار فأنق00ذكم منه00ا ك00ذلك ي00بين الل00ه لكم آيات00ه لعلكم

تهتدون{ @قوله تعالى: "واعتصموا" العصمة المنعة؛ ومن00ه يق00ال للبذرق00ة: عص00مة. والبذرقة: الخفارة للقافلة، وذلك بأن يرسل معها من يحميه00ا ممن يؤذيه00ا. قال ابن خالويه: البذرق00ة ليس00ت بعربي00ة وإنم00ا هي كلم00ة فارس00ية عربته00ا العرب؛ يقال: بعث السلطان بذرق00ة م00ع القافل00ة. والحب00ل لف00ظ مش00ترك، وأصله في اللغة السبب الذي يوصل به إلى البغية والحاجة. والحب00ل: حب00ل العاتق. والحبل: مستطيل من الرمل؛ ومنه الح00ديث: والل00ه م00ا ت00ركت من حبل إال وقفت عليه، فهل لي من حج؛ والحبل الرسن. والحبل العه00د؛ ق00ال

األعشى: وإذا تجوزه00ا حب00ال قبيل00ة أخ00ذت من األخ00رى إلي00ك حباله00ا يري00د

األمان. والحبل الداهية؛ قال كثير: فال تعجلي يا عز أن تتفهمي بنصح أتى الواشون أم بحبول

والحبالة: حبالة الصائد. وكلها ليس مرادا في اآلية إال ال00ذي بمع00نى العه00د؛ عن ابن عباس. وقال ابن مسعود: حبل الله القرآن. ورواه علي وأبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وس00لم، وعن مجاه0د وقت00ادة مث00ل ذل0ك. وأبو معاوية عن الهجري عن أبي األح00وص عن عبدالل00ه ق00ال: ق00ال رس00ول الله صلى الله عليه وسلم: )إن هذا القرآن ه00و حب00ل الل00ه(. وروى تقي بن مخل00د ح00دثنا يح00يى بن الحمي00د ح00دثنا هش00يم عن الع00وام بن حوش00ب عن الشعبي عن عبدالله بن مسعود "واعتصموا بحبل الل00ه جميع00ا وال تفرق00وا" ق00ال: الجماع00ة؛ روي عن00ه وعن غ00يره من وج00وه، والمع00نى كل00ه متق00ارب متداخل؛ فإن الله تعالى يأمر باأللفة وينهى عن الفرقة ف00إن الفرق00ة هلك00ة

والجماعة نجاة. ورحم الله ابن المبارك حيث قال:إن الجماعة حبل الله فاعتصموا منه بعروته الوثقى لمن دانا

@قوله تعالى: "وال تفرقوا" يعني في دينكم كما افترقت اليهود والنص00ارى في أدي00انهم؛ عن ابن مس00عود وغ00يره. ويج00وز أن يك00ون معن00اه وال تفرق00وا متابعين للهوى واألغ00راض المختلف0ة، وكون0وا في دين الل00ه إخوان00ا؛ فيك00ون

Page 94: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر؛ ودل عليه م00ا بع00ده وه00و قول00ه تع00الى: "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا". وليس فيه دليل على تحريم االختالف في الفروع؛ ف00إن ذل00ك ليس اختالف00ا إذ االختالف م00ا يتع00ذر مع00ه االئتالف والجم00ع، وأم00ا حكم مس00ائل االجته00اد ف00إن االختالف فيه00ا بس00بب اس00تخراج الف00رائض ودق00ائق مع00اني الشرع؛ وما زالت الص00حابة يختلف00ون في أحك00ام الح00وادث، وهم م00ع ذل00ك متآلفون. وقال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم: )اختالف أم00تي رحم00ة( وإنما من00ع الل00ه اختالف00ا ه00و س00بب الفس00اد. روى الترم00ذي عن أبي هري00رة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ق0ال: )تف0رقت اليه0ود على إحدى وسبعين فرق00ة أو اثن00تين وس00بعين فرق00ة والنص00ارى مث00ل ذل00ك وتفترق أمتي على ثالث وسبعين فرقة(. قال الترمذي: هذا حديث ص00حيح. وأخرجه أيضا عن ابن عمر قال: قال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه س00لم: )ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى لو كان منهم من يأتي أمه عالنية لكان من أمتي من يصنع ذلك وإن ب00ني إس00رائيل تفرقت اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثالث وسبعين مل00ة كلهم في النار إال مل00ة واح00دة( ق00الوا: من هي ي00ا رس00ول الل00ه؟ ق00ال: )م00ا أن00ا علي00ه وأصحابي(. أخرجه من حديث عبدالل00ه بن زي00اد اإلف00ريقي، عن عبدالل00ه بن يزيد عن ابن عمر، وق00ال: ه00ذا ح00ديث حس00ن غ00ريب ال نعرف00ه إال من ه00ذا الوجه. ق00ال أب00و عم00ر: وعبدالل00ه اإلف00ريقي ثق0ة وثق0ه قوم00ه وأثن00وا علي00ه، وض00عفه آخ00رون. وأخرج00ه أب00و داود في س00ننه من ح00ديث معاوي00ة بن أبي سفيان عن النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )ق00ال أال إن من قبلكم من أه00ل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثالث وسبعين اثنتان وس00بعون في الن00ار وواح00دة في الجن00ة وهي الجماع00ة وإن00ه سيخرج من أمتي أفواج تجارى بهم تلك األهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ال يبقى منه عرق وال مفصل إال دخل00ه(. وفي س00نن ابن ماج00ة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وس00لم: )من ف00ارق ال00دنيا على اإلخالص لله وحده وعبادته ال شريك له وإق00ام الص00الة وإيت00اء الزك00اة م00ات والله عنه راض(. قال أنس: وهو دين الله الذي ج00اءت ب00ه الرس00ل وبلغ00وه عن ربهم قبل هرج األحاديث واختالف األهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله

[ ق00ال: خلع00وا األوث00ان11في آخر ما نزل، يقول الله: "فإن تابوا" ]التوبة: وعبادتها "وأقاموا الصالة وآتوا الزك0اة"، وق0ال في آي0ة أخ0رى: "ف0إن ت0ابوا وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين". أخرجه عن نصر بن علي الجهض00مي عن أبي أحم00د عن أبي جعف00ر ال00رازي عن الربي00ع بن أنس عن أنس. قال أبو الفرج الجوزي: فإن قيل هذه الفرق معروف00ة؛ ف00الجواب أن00ا نعرف االفتراق وأص00ول الف00رق وأن ك00ل طائف00ة من الف00رق انقس00مت إلى فرق، وإن لم نحط بأسماء تلك الفرق ومذاهبها، فقد ظه00ر لن00ا من أص00ول الفرق الحرورية والقدرية والجهمية والمرجئ00ة والرافض00ة والجبري00ة. وق00ال بعض أهل العلم: أصل الفرق الضالة هذه الفرق الست، وقد انقسمت ك00ل

فرقة منها اثنتي عشرة فرقة، فصارت اثنتين وسبعين فرقة. انقسمت الحرورية اثن0تي عش0رة فرق0ة؛ ف0أولهم األزرقي00ة - ق0الوا: ال نعلم أحدا مؤمنا؛ وكفروا أهل القبلة إال من دان بق00ولهم. واألباض00ية - ق00الوا: من أخذ بقولنا فهو مؤمن، ومن أعرض عنه فهو من00افق. والثعلبي00ة - ق00الوا: إن

Page 95: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الله عز وجل لم يقض ولم يقدر. والخازمي00ة - ق00الوا: ال ن00دري م00ا اإليم00ان، والخلق كلهم معذورون. والخلفية - زعموا أن من ترك الجه00اد من ذك00ر أو أنثى كفر. والكوزية - قالوا: ليس ألحد أن يمس أحدا ألنه ال يعرف الط00اهر من النجس وال أن يؤاكله ح00تى يت00وب ويغتس00ل. والكنزي00ة - ق00الوا: ال يس00ع أحدا أن يعطي ماله أحدا؛ ألنه ربما لم يكن مستحقا ب00ل يك00نزه في األرض حتى يظهر أهل الحق. والشمراخية - قالوا: ال بأس بمس النس00اء األج00انب ألنهن رياحين. واألخنسية - قالوا: ال يلح00ق الميت بع00د موت00ه خ00ير وال ش00ر. والحكمي0ة - ق0الوا: من ح0اكم إلى مخل00وق فه0و ك0افر. والمعتزل0ة - ق0الوا: اشتبه علينا أمر علي ومعاوية فنحن نتبرأ من الفريقين. والميمونية - قالوا:

ال إمام إال برضا أهل محبتنا. وانقسمت القدرية اثنتي عشرة فرقة: األحمرية - وهي التي زعمت أن

في ش00رط الع00دل من الل00ه أن يمل00ك عب00اده أم00ورهم، ويح00ول بينهم وبين معاص00يهم. والثنوي00ة - وهي ال00تي زعمت أن الخ00ير من الل00ه والش00ر من الش00يطان. والمعتزل00ة - وهم ال00ذين ق00الوا بخل00ق الق00رآن وجح00دوا ص00فات الربوبية. والكيسانية وهم الذين قالوا: ال ندري هذه األفعال من الل00ه أو من العباد، وال نعلم أيثاب الناس بعد أو يعاقبون. والش00يطانية - ق00الوا: إن الل00ه تعالى لم يخلق الشيطان. والشريكية - قالوا: إن السيئات كله00ا مق00درة إال الكف0ر. والوهمي0ة - ق0الوا: ليس ألفع0ال الخل0ق وكالمهم ذات، وال للحس0نةبرية - قالوا: كل كتاب نزل من عند الله فالعمل به حق، والسيئة ذات. والز ناسخا كان أو منسوخا. والمسعدية - زعموا أن من عصى ثم تاب لم تقب00ل توبته والناكثية - زعموا أن من نكث بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فال إثم عليه. والقاسطية - تبعوا إبراهيم بن النظام في قول00ه: من زعم أن الله شيء فهو كافر. وانقسمت الجهمي00ة اثن00تي عش00رة فرق00ة: المعطل00ة - زعموا أن كل ما يق00ع علي00ه وهم اإلنس00ان فه00و مخل00وق. وإن من ادعى أن الله يرى فهو كافر. والمريس00ية ق00الوا: أك00ثر ص00فات الل00ه تع00الى مخلوق00ة. والملتزقة - جعلوا الباري سبحانه في كل مكان. والواردية - قالوا ال ي00دخل النار من عرف ربه، ومن دخلها لم يخرج منها أبدا. والزنادقة - ق00الوا: ليس ألحد أن يثبت لنفسه ربا؛ ألن اإلثبات ال يكون إال بعد إدراك الحواس. وما ال يدرك ال يثبت. والحرقية - زعم00وا أن الك00افر تحرق00ه الن00ار م00رة واح00دة ثم يبقى محترقا أبدا ال يجد حر النار. والمخلوقية - زعموا أن القرآن مخل00وق. والفانية - زعموا أن الجنة والنار يفنيان، ومنهم من قال لم يخلقا. والعبدية - جح00دوا الرس00ل وق00الوا إنم00ا هم حكم00اء. والواقفي00ة - ق00الوا: ال نق00ول إن القرآن مخلوق وال غير مخلوق. والقبرية - ينكرون عذاب القبر والش00فاعة.

واللفظية - قالوا لفظنا بالقرآن مخلوق. وانقسمت المرجئة اثنتي عشرة فرقة: التاركية - قالوا ليس لله ع00ز

وجل على خلقه فريضة سوى اإليمان ب00ه، فمن آمن ب00ه فليفع00ل م00ا ش00اء. والسائبية - قالوا: إن الله تعالى سيب خلقه ليفعلوا ما ش00اؤوا. والراجي00ة - قالوا: ال يسمى الطائع طائعا وال العاصي عاصيا، ألنا ال ندري ما له عند الله تعالى. والسالبية - قالوا: الطاع00ة ليس00ت من اإليم00ان. والبهيش00ية - ق00الوا: اإليمان علم ومن ال يعلم الحق من الباطل والحالل من الحرام فه00و ك00افر. والعملية - ق0الوا: اإليم0ان عم0ل. والمنقوص0ية - ق0الوا: اإليم0ان ال يزي0د وال ينقص. والمستثنية - قالوا: االستثناء من اإليمان. والمش00بهة - ق00الوا: بص00ر

Page 96: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

كبصر ويد كيد. والحشوية - قالوا: حكم األح00اديث كله00ا واح00د؛ فعن00دهم أن تارك النفل كتارك الف00رض. والظاهري00ة - ال00ذين نف0وا القي00اس. والبدعي00ة -

أول من ابتدع هذه األحداث في هذه األمة. وانقسمت الرافضة اثنتي عشرة فرقة: العلوية - ق00الوا: إن الرس00الة

كانت إلى علي وأن جبريل أخطأ. واألمرية - قالوا: إن علي00ا ش00ريك محم00د في أمره. والشيعة - قالوا: إن عليا رضي الله عنه وصي رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وولي00ه من بع00ده، وإن األم00ة كف00رت بمبايع00ة غ00يره. واإلسحاقية - قالوا: إن النبوة متصلة إلى يوم القيام00ة، وك00ل من يعلم علم أهل البيت فه0و ن0بي. والناووس0ية - ق0الوا: علي أفض0ل األم0ة، فمن فض0ل غيره عليه فقد كفر. واإلمامية - قالوا: ال يمكن أن تك00ون ال00دنيا بغ0ير إم00اممه جبري00ل علي00ه الس00الم، ف00إذا م00ات ب00دل من ولد الحسين، وإن اإلمام يعل غيره مكانه. والزيدية - قالوا: ولد الحسين كلهم أئمة في الصلوات، فم00تى وجد منهم أحد لم تجز الصالة خلف غيرهم، ب00رهم وف00اجرهم. والعباس00ية - زعموا أن العباس كان أولى بالخالفة من غيره. والتناسخية - قالوا: األرواح تتناسخ؛ فمن كان محسنا خرجت روح00ه ف00دخلت في خل00ق يس00عد بعيش00ه. والرجعي00ة - زعم00وا أن علي00ا وأص00حابه يرجع00ون إلى ال00دنيا، وينتقم00ون من أعدائهم. والالعنة - يلعن00ون عثم00ان وطلح00ة والزب0ير ومعاوي0ة وأب00ا موس00ىساك ونص00بوا في ك00ل عص00ر وعائشة وغيرهم. والمتربصة - تشبهوا بزي الن رجال ينسبون إليه األمر، يزعمون أنه مه0دي ه0ذه األم0ة، ف0إذا م0ات نص0بوا

آخر. ثم انقسمت الجبرية اثنتي عشرة فرقة: فمنهم المضطرية - قالوا: ال

فعل لآلدمي، بل الل00ه يفع00ل الك00ل. واألفعالي00ة - ق00الوا: لن00ا أفع00ال ولكن ال استطاعة لنا فيها، وإنما نحن كالبهائم نقاد بالحبل. والمفروغية - قالوا: كل األشياء قد خلقت، واآلن ال يخلق شيء. والنجارية - زعمت أن الل00ه تع00الى يعذب الناس على فعله ال على فعلهم. والمنانية - قالوا: علي00ك بم00ا يخط00ر بقلبك، فافعل ما توسمت منه الخ00ير. والكس00بية - ق00الوا: ال يكتس00ب العب00د ثوابا وال عقابا. والسابقية - ق00الوا: من ش00اء فليعم00ل ومن ش00اء فال يعم00ل، فإن السعيد ال تض00ره ذنوب00ه والش00قي ال ينفع00ه ب00ره. والحبي00ة - ق00الوا: من شرب كأس محبة الله تعالى سقطت عنه عبادة األركان. والخوفية - قالوا: من أحب الل00ه تع00الى لم يس00عه أن يخاف00ه، ألن الح00بيب ال يخ00اف حبيب00ه.

والفكرية - قالوا: من ازداد علما أسقط عنه بقدر ذلك من العبادة. والخشبية - قالوا: الدنيا بين العباد سواء، ال تفاضل بينهم فيما ورثهم

أبوهم آدم. والمنية - قالوا: منا الفعل ولنا االستطاعة. وسيأتي بيان الفرقة التي زادت في هذه األمة في آخ00ر س00ورة "األنع00ام" إن ش00اء الل00ه تع00الى. وق00ال ابن عب00اس لس00ماك الحنفي: ي00ا حنفي، الجماع00ة الجماع00ة!! فإنم00ا هلكت األمم الخالية لتفرقها؛ أما سمعت الله عز وج00ل يق00ول: "واعتص00موا بحبل الله جميعا وال تفرقوا". وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: ق00ال رسول الله صلى الله عليه وس00لم: )إن الل00ه يرض00ى لكم ثالث00ا ويك00ره لكم ثالثا يرضى لكم أن تعبدوه وال تش00ركوا ب00ه ش00يئا وأن تعتص00موا بحب00ل الل00ه جميعا وال تفرقوا ويكره لكم ثالثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال(. ف00أوجب تع00الى علين00ا التمس00ك بكتاب00ه وس00نة نبي00ه والرج00وع إليهم00ا عن00د االختالف، وأمرنا باالجتماع على االعتصام بالكت00اب والس00نة اعتق00ادا وعمال؛

Page 97: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وذلك س00بب اتف00اق الكلم00ة وانتظ00ام الش00تات ال00ذي يتم ب00ه مص00الح ال00دنيا والدين، والسالمة من االختالف، وأم00ر باالجتم00اع ونهى عن االف00تراق ال00ذي حصل ألهل الكتابين. هذا معنى اآلية على التم00ام، وفيه00ا دلي00ل على ص00حة

اإلجماع حسبما هو مذكور في موضعه من أصول الفقه والله أعلم. @قوله تعالى: "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ف00ألف بين قل00وبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" أم00ر تعالى بتذكر نعمه وأعظمها اإلسالم واتباع نبيه محمد عليه السالم؛ فإن ب00ه زالت العداوة والفرقة وك00انت المحب00ة واأللف00ة. والم00راد األوس والخ00زرج؛ واآلي00ة تعم. ومع00نى "فأص00بحتم بنعمت00ه إخوان00ا" أي ص00رتم بنعم00ة اإلس00الم إخوان00ا في ال00دين. وك00ل م00ا في الق00رآن "أص00بحتم" معن00اه ص00رتم؛ كقول00ه

[ أي صار غائرا. واإلخوان جم00ع30تعالى: "إن أصبح ماؤكم غورا" ]الملك: أخ، وسمي أخا ألنه يتوخى مذهب أخيه، أي يقصده. وشفا كل شيء حرفه،

[.109وكذلك شفيره ومنه قوله تع0الى: "على ش00فا ج0رف ه0ار" ]التوب00ة: قال الراجز:

نحن حفرنا للحجيج سجله نابتة فوق شفاها بقله وأشفى على الشيء أشرف عليه؛ ومنه أشفى المريض على الم00وت. وم00ا بقي من00ه إال ش00فا أي قلي00ل. ق00ال ابن الس00كيت: يق00ال للرج00ل عن00د موت00ه وللقمر عند امحاقه وللشمس عند غروبها: ما بقي من00ه إال ش00فا أي قلي00ل.

قال العجاج: ومربأ عال لمن تشرفا أشرفته بال شفى أو بشفى

قوله "بال شفى" أي غابت الشمس. "أو بشفى" وقد بقيت منها بقية. وه00و من ذوات الياء، وفيه لغة أن00ه من ال00واو. وق00ال النح00اس: األص00ل في ش00فا شفو، ولهذا يكتب باأللف وال يمال. وقال األخفش: لما لم تجز في00ه اإلمال00ة عرف أنه من الواو؛ وألن اإلمالة بين الياء، وتثنيته شفوان. ق00ال المه00دوي:

وهذا تمثيل يراد به خروجهم من الكفر إلى اإليمان. }ولتكن منكم أمة ي00دعون إلى الخ00ير وي00أمرون ب00المعروف104*اآلية: 3*

وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون{ @ ق00د مض00ى الق00ول في األم00ر ب00المعروف والنهي عن المنك00ر في ه00ذه الس00ورة. و"من" في قول00ه "منكم" للتبعيض، ومعن00اه أن اآلم00رين يجب أن يكون00وا علم00اء وليس ك00ل الن00اس علم00اء. وقي00ل: لبي00ان الجنس، والمع00نى

لتكونوا كلكم كذلك. قلت: القول األول أصح؛ فإنه يدل على أن األمر بالمعروف والنهي عن

المنكر فرض على الكفاية، وقد عينهم الله تعالى بقوله: "الذين إن مكناهم [ اآلية. وليس كل الناس مكنوا. وق00رأ41في األرض أقاموا الصالة" ]الحج:

ابن الزب00ير: "ولتكن منكم أم00ة ي00دعون إلى الخ00ير وي00أمرون ب00المعروف وينهون عن المنكر ويستعينون الله على ما أصابهم" قال أبو بكر األنب00اري: وه00ذه الزي00ادة تفس00ير من ابن الزب00ير، وكالم من كالم00ه غل00ط في00ه بعض الناقلين فألحقه بألفاظ القرآن؛ ي00دل على ص00حة م00ا أص00ف الح00ديث ال00ذي حدثنيه أبي حدثنا حسن بن عرفة حدثنا وكيع عن أبي عاصم عن أبي ع00ون عن صبيح قال: سمعت عثمان بن عفان يقرأ "ويأمرون بالمعروف وينه00ون عن المنك00ر ويس00تعينون الل00ه على م00ا أص00ابهم" فم00ا يش00ك عاق00ل في أن عثمان ال يعتقد هذه الزيادة من القرآن؛ إذ لم يكتبها في مصحفه ال00ذي ه00و

Page 98: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

إمام المسلمين، وإنما ذكرها واعظ00ا به00ا ومؤك00دا م00ا تق00دمها من كالم ربالعالمين جل وعال.

}وال تكون00وا كال00ذين تفرق00وا واختلف00وا من بع00د م00ا ج00اءهم105*اآلية: 3*البينات وأولئك لهم عذاب عظيم{

@ يعني اليهود والنصارى في قول جمهور المفس00رين. وق00ال بعض00هم: هم المبتدعة من هذه األمة. وقال أب00و أمام00ة: هم الحروري00ة؛ وتال اآلي00ة. وق00ال جابر بن عبدالله: "الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات" اليهود

والنصارى. "جاءهم" مذكر على الجمع، وجاءتهم على الجماعة. }يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت107 -0 106*اآلية: 3*

وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، وأم0ا ال0ذينابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون{

@قوله تعالى: "يوم تبيض وج00وه وتس00ود وج00وه" يع00ني ي00وم القيام00ة حين يبعثون من قبورهم تكون وجوه المؤمنين مبيضة ووجوه الكافرين مسودة. ويقال: إن ذلك عند قراءة الكتاب، إذ ق00رأ الم00ؤمن كتاب00ه ف00رأى في كتاب00ه حسناته استبشر وابيض وجهه، وإذا قرأ الكافر والمن00افق كتاب00ه ف00رأى في00ه سيئاته اسود وجهه. ويقال: إن ذلك عند الم00يزان إذا رجحت حس00ناته ابيض وجه00ه، وإذا رجحت س00يئاته اس00ود وجه00ه. ويق00ال: ذل00ك عن00د قول00ه تع00الى:

[. ويق00ال: إذا ك00ان ي00وم القيام00ة59"وامتازوا اليوم أيها المجرمون" ]يس: يؤمر كل فريق بأن يجتمع إلى معب00وده، ف00إذا انته00وا إلي00ه حزن00وا واس00ودت وجوههم، فيبقى المؤمنون وأهل الكت00اب والمن00افقون؛ فيق00ول الل00ه تع00الى للمؤمنين: "من ربكم"؟ فيقولون: ربنا الله عز وجل فيقول لهم: "أتعرفونه إذا رأيتموه". فيقولون: سبحانه! إذا اعترف عرفناه. فيرونه كما شاء الل00ه. فيخر المؤمنون سجدا لله تعالى، فتصير وجوههم مث00ل الثلج بياض00ا، ويبقى المنافقون وأهل الكتاب ال يقدرون على السجود فيحزنوا وتسود وج00وههم؛ود" وذلك قوله تعالى: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه". ويجوز "تبيض وتس00 بكسر التائين؛ ألنك تقول: ابيضت، فتكسر التاء كما تكسر األلف، وهي لغة تميم وبها قرأ يحيى بن وثاب. وقرأ الزهري "ي00وم تبي00اض وتس00واد" ويج00وز كسر التاء أيضا، ويجوز "يوم يبيض وجوه" بالياء على تذكير الجم00ع، ويج00وز "أجوه" مثل "أقتت". وابيضاض الوجوه إشراقها بالنعيم. واسودادها هو م00ا

يرهقها من العذاب األليم. @ واختلفوا في التعيين؛ فقال ابن عباس: تبيض وجوه أهل الس00نة وتس00ود

وجوه أهل البدعة. قلت: وقول ابن عباس هذا رواه مالك بن سليمان الهروي أخو غسان

عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الل00ه ص00لى الل00ه عليه وسلم في قول الله تع00الى "ي00وم ت00بيض وج00وه وتس00ود وج00وه" ق00ال: )يعني تبيض وجوه أهل السنة وتس0ود وج0وه أه0ل البدع0ة( ذك0ره أب0و بك0ر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب. وقال فيه: منك00ر من ح00ديث مال00ك. ق00ال عطاء: تبيض وجوه المهاجرين واألنصار، وتسود وجوه بني قريظة والنضير. وقال أبي بن كعب: الذين اسودت وجوههم هم الكفار، وقيل لهم: أكف00رتم بع00د إيم00انكم إلق00راركم حين أخ00رجتم من ظه00ر آدم كال00ذر. ه00ذا اختي00ار الطبري. الحسن: اآلية في المن00افقين. قت00ادة هي في المرت00دين. عكرم00ة: هم قوم من أهل الكتاب كانوا مص00دقين بأنبي00ائهم مص00دقين بمحم00د ص00لى

Page 99: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الله عليه وسلم قب00ل أن يبعث فلم00ا بعث علي00ه الس00الم كف00روا ب00ه؛ ف00ذلك قوله: "أكفرتم بعد إيمانكم" وه00و اختي00ار الزج00اج. مال00ك بن أنس: هي في أهل األهواء. أبو أمامة الباهلي عن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: هي في الحرورية. وفي خبر آخر أن00ه علي00ه الس00الم ق00ال: )هي في القدري00ة(. روى الترم00ذي عن أبي غ00الب ق00ال: رأى أب00و أمام00ة رؤوس00ا منص00وبة على ب00اب دمشق، فقال أبو أمامة: كالب النار شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه - ثم قرأ - "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه" إلى آخ00ر اآلي00ة. قلت ألبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وس00لم إال م00رة أو م00رتين أو ثالث00ا - حتى عد سبعا - ما حدثتكموه. قال: هذا حديث حسن. وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد ق00ال: ق00ال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )إني فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أب00دا ل00يردن علي أق00وام أع00رفهم ويعرف00وني ثم يح00ال بي00ني وبينهم(. ق00ال أب00و ح00ازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: أهكذا سمعت من س00هل بن س00عد؟ فقلت: نعم. فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وه0و يزي0د فيه0ا: )فأقول إنهم مني فيقال إنك ال تدري ما أحدثوا بعدك فأقول س00حقا س00حقا لمن غير بعدي(. وعن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله ص0لى الل0ه عليه وسلم قال: )يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك ال علم لك بما أحدثوا بع00دك إنهم ارت00دوا على أدب00ارهم القهق00رى(. واألح00اديث في ه00ذا المع00نى كث00يرة. فمن بدل أو غير أو ابتدع في دين الله ماال يرض00اه الل00ه ولم ي00أذن ب00ه الل00ه فه00و من المط00رودين عن الح00وض المبت00دعين من00ه المس00ودي الوج00وه، وأش00دهم ط00ردا وإبع00ادا من خ00الف جماع00ة المس00لمين وف00ارق س00بيلهم؛ ك00الخوارج على اختالف فرقه00ا، وال00روافض على تب00اين ض00اللها، والمعتزل00ة على أص00ناف أهوائه00ا؛ فه00ؤالء كلهم مب00دلون ومبت00دعون، وك00ذلك الظلم00ة المس000رفون في الج000ور والظلم وطمس الح000ق وقت000ل أهل000ه وإذاللهم، والمعلنون بالكبائر المس00تخفون بالمعاص00ي، وجماع0ة أه00ل الزي00غ واأله0واء والبدع؛ كل يخاف عليهم أن يكونوا عنوا باآلي00ة، والح00بر كم00ا بين00ا، وال يخل00د في النار إال كافر جاحد ليس في قلبه مثق00ال حب00ة خ00ردل من إيم00ان. وق00د قال ابن القاسم: وق00د يك00ون من غ00ير أه00ل األه00واء من ه00و ش00ر من أه00ل

األهواء. وكان يقول: تمام اإلخالص تجنب المعاصي. @قوله تعالى: "فأما الذين اسودت وجوههم" في الكالم ح0ذف، أي فيق0ال لهم "أكفرتم بعد إيمانكم" يعني يوم الميث00اق حين ق00الوا بلى. ويق00ال: ه00ذا لليهود وكانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فلما بعث كفروا به. وقال أبو العالية: ه0ذا للمن0افقين، يق0ال: أكف0رتم في الس0ر بع0د إقراركم في العالنية. وأجمع أهل العربية على أنه ال بد من الفاء في جواب )أما( ألن المعنى في قولك:)أما زيد فمنطل00ق، مهم0ا يكن من ش00يء فزي0د منطلق(. وقوله تعالى: "وأما الذين ابيضت وجوههم" هؤالء أهل طاعة الله عز وجل والوفاء بعهده. "ففي رحمة الل0ه هم فيه0ا خال0دون" أي في جنت00ه ودار كرامته خالدون باقون. جعلنا الله منهم وجنبنا طرق البدع والضالالت،

ووفقنا لطريق الذين آمنوا وعملوا الصالحات. آمين.

Page 100: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد109 -0 108*اآليتان: 3* ظلما للع0المين، ولل00ه م00ا في الس00ماوات وم00ا في األرض وإلى الل00ه ترج00ع

األمور{ @قوله تعالى: "تلك آيات الله" ابتداء وخبر، يعني الق00رآن. "نتلوه00ا علي00ك" يع00ني ن00نزل علي00ك جبري00ل فيقرؤه00ا علي00ك. "ب00الحق" أي بالص00دق. وق00ال الزجاج: "تلك آيات الله" المذكورة حجج الله ودالئله. وقيل: "تل00ك" بمع00نى هذه ولكنها لما انقضت صارت كأنها بع00دت فقي00ل "تل00ك" ويج00وز أن تك00ون "آيات الله" بدال من "تل00ك" وال تك00ون نعت00ا؛ ألن المبهم ال ينعت بالمض00اف. "وما الله يريد ظلما للعالمين" يعني أنه ال يعذبهم بغير ذنب. "ولل00ه م00ا في السماوات وما في األرض" قال المهدوي: وجه اتصال هذا بما قبله أنه لم00ا ذكر أحوال المؤمنين والكافرين وأنه ال يري00د ظلم00ا للع00المين، وص00له ب00ذكر اتساع قدرته وغناه عن الظلم لكون ما في الس00موات وم00ا في األرض في قبضته، وقيل: هو ابتداء كالم، بين لعب00اده أن جمي0ع م00ا في الس0موات وم00ا

في األرض له حتى يسألوه ويعبدوه وال يعبدوا غيره. }كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون ب00المعروف وتنه00ون110*اآلية: 3*

عن المنك00ر وتؤمن00ون بالل00ه ول00و آمن أه00ل الكت00اب لك00ان خ00يرا لهم منهمالمؤمنون وأكثرهم الفاسقون{

@ روى الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الل00ه صلى الل00ه علي00ه وس00لم يق00ول في قول00ه تع00الى: "كنتم خ00ير أم00ة أخ00رجت للناس" قال: )أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها عند الله(. وقال: ه00ذا ح0ديث حس00ن. وق00ال أب00و هري00رة: نحن خ0ير الن00اس للن00اس نس00وقهم بالسالسل إلى اإلسالم. وقال ابن عباس: هم ال00ذين ه00اجروا من مك00ة إلى المدينة وشهدوا بدرا والحديبية. وق00ال عم00ر بن الخط00اب: من فع00ل فعلهم كان مثلهم. وقيل: هم أمة محمد صلى الله علي00ه وس00لم، يع00ني الص00الحين منهم وأهل الفضل. وهم الشهداء على الناس يوم القيام00ة؛ كم00ا تق00دم في البق00رة. وق00ال مجاه00د: "كنتم خ00ير أم00ة أخ00رجت للن00اس" على الش00رائط المذكورة في اآلية. وقيل: معناه كنتم في اللوح المحفوظ. وقيل: كنتم م00ذ آمنتم خير أمة. وقيل: جاء ذلك لتقدم البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمت00ه. ف00المعنى كنتم عن00د من تق00دمكم من أه00ل الكتب خ00ير أم00ة. وق00ال

األخفش: يريد أهل أمة، أي خير أهل دين؛ وأنشد: حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع

وقيل: هي كان التامة، والمعنى خلقتم ووجدتم خير أمة. "فخير أمة" حال.وقيل: كان زائدة، والمعنى أنتم خير أمة. وأنشد سيبويه:

وجيران لنا كانوا كرام [.29ومثله قول00ه تع00الى: "كي00ف نكلم من ك00ان في المه00د ص00بيا" ]م00ريم:

[. وق00ال في موض00ع86وقوله: "واذكروا إذ كنتم قليال فكثركم" ]األع00راف: آخر: "واذكروا إذ أنتم قليل". وروى سفيان عن ميسرة األش00جعي عن أبي حازم عن أبي هريرة "كنتم خير أمة أخرجت للناس" ق00ال: تج00رون الن00اس بالسالسل إلى اإلسالم. قال النحاس: والتقدير على ه00ذا كنتم للن00اس خ00ير أمة. وعلى قول مجاهد: كنتم خير أمة إذ كنتم ت00أمرون ب00المعروف وتنه00ون عن المنكر. وقيل: إنما صارت أمة محمد صلى الله علي00ه وس00لم خ00ير أم00ة ألن المس00لمين منهم أك00ثر، واألم00ر ب00المعروف والنهي عن المنك00ر فيهم

Page 101: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أفشى. فقيل: هذا ألصحاب رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم؛ كم00ا ق00الصلى الله عليه وسلم: )خير الناس قرني( أي الذين بعثت فيهم.

بعثت فيهم. @ وإذا ثبت بنص التنزي0ل أن ه0ذه األم0ة خ0ير األمم؛ فق0د روى األئم0ة من حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وس00لم أن00ه ق00ال: )خ00ير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم(. الحديث وهذا يدل على أن أول هذه األمة أفضل ممن بعدهم، وإلى هذا ذهب معظم العلماء، وإن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ول00و م00رة في عم00ره أفض00ل ممن

يأتي بعده، وإن فضيلة الصحبة ال يعدلها عمل. وذهب أبو عمر بن عبدالبر إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة

أفضل ممن كان في جملة الصحابة، وإن قوله عليه الس00الم: )خ00ير الن00اس قرني( ليس على عمومه بدليل ما يجم00ع الق00رن من الفاض00ل والمفض00ول. وقد جمع قرنه جماعة من المنافقين المظهرين لإليمان وأهل الكبائر الذين أق0ام عليهم أو على بعض00هم الح00دود، وق0ال لهم: م0ا تقول0ون في الس0ارق والشارب والزاني. وقال مواجهة لمن ه00و في قرن00ه: )ال تس00بوا أص00حابي(. وقال لخالد بن الولي00د في عم00ار: )ال تس00ب من ه00و خ00ير من00ك( وروى أب00و أمامة أن النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم ق00ال: )ط00وبى لمن رآني وآمن بي وط000وبى س000بع م000رات لمن لم ي000رني وآمن بي(. وفي مس000ند أبي داود الطيالسي عن محمد بن أبي حميد عن زي00د بن أس00لم عن أبي00ه عن عم00ر. قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: )أتدرون أي الخلق أفضل إيمانا( قلنا المالئكة. قال: )وحق لهم بل غيرهم( قلنا األنبي0اء. قال: )وحق لهم بل غيرهم( ثم قال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )أفضل الخلق إيمانا قوم في أصالب الرجال يؤمنون بي ولم يروني يجدون ورقا فيعملون بما فيها فهم أفضل الخلق إيمانا(. وروى صالح بن جب00ير عن أبي جمعة قال: قلنا يا رس00ول الل00ه، ه00ل أح00د خ00ير من00ا؟ ق00ال: )نعم ق00وم يجيؤون من بعدكم فيجدون كتابا بين لوحين فيؤمنون بما فيه ويؤمن00ون بي ولم يروني(. وقال أبو عمر: وأبو جمعة له صحبة واسمه ح00بيب بن س00باع، وصالح بن جب00ير من ثق00ات الت00ابعين. وروى أب00و ثعلب00ة الخش00ني عن الن00بي صلى الله عليه وسلم أنه ق00ال: )إن أم00امكم أيام00ا الص00ابر فيه00ا على دين00ه كالقابض على الجمر للعام00ل فيه00ا أج00ر خمس00ين رجال يعم00ل مثل00ه عمل00ه( قيل: يا رسول الله، منهم؟ قال: )بل منكم(. قال أبو عم00ر: وه00ذه اللفظ00ة "بل منكم" ق00د س00كت عنه00ا بعض المح00دثين فلم ي00ذكرها. وق00ال عم00ر بن الخطاب في تأويل قوله: "كنتم خير أمة أخ00رجت للن00اس" ق00ال: من فع00ل مث0000ل فعلكم ك0000ان مثلكم. وال تع0000ارض بين األح0000اديث؛ ألن األول على

الخصوص، والله الموفق. وقد قيل في توجيه أحاديث هذا الباب: إن قرنه إنما فضل ألنهم كانوا

غرباء في إيم00انهم لك00ثرة الكف00ار وص0برهم على أذاهم وتمس0كهم ب00دينهم، وإن أواخر هذه األم00ة إذا أق0اموا ال0دين وتمس0كوا ب00ه وص00بروا على طاع0ة ربهم في حين ظهور الشر والفسق والهرج والمعاصي والكبائر ك00انوا عن00د ذلك أيضا غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الوقت كما زكت أعم00ال أوائلهم، ومما يشهد لهذا قوله عليه الس0الم: )ب0دأ اإلس00الم غريب0ا وس00يعود كم0ا ب00دأ فطوبى للغرباء(. ويشهد له أيضا حديث أبي ثعلب00ة، ويش00هد ل0ه أيض00ا قول0ه

Page 102: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

صلى الله عليه وسلم: )أمتي كالمطر ال يدرى أول00ه خ00ير أم آخ00ره(. ذك00ره أبو داود الطيالسي وأبو عيسى الترمذي، ورواه هشام بن عبيدالله ال00رازي عن مالك عن الزه0ري عن أنس ق0ال: ق0ال رس0ول الل00ه ص0لى الل0ه علي0ه وس00لم: )مث00ل أم00تي مث00ل المط00ر ال ي00درى أول00ه خ00ير أم آخ00ره(. ذك00ره الدارقطني في مسند حديث مالك. قال أبو عمر: هشام بن عبيدالله ثقة ال يختلفون في ذلك. وروي أن عمر بن عبدالعزيز لم00ا ولي الخالف00ة كتب إلى سالم بن عبدالله أن اكتب إلي بسيرة عمر بن الخطاب ألعمل به00ا؛ فكتب إليه سالم: إن عملت بسيرة عمر؛ فأنت أفضل من عم00ر ألن زمان00ك ليس كزمان عمر، وال رجالك كرجال عمر. قال: وكتب إلى فقهاء زمان00ه، فكلهم كتب إليه بمثل قول سالم. وقد عارض بعض الجلة من العلماء قوله ص00لى الله عليه وسلم: )خير الناس قرني( بقوله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )خ00ير الناس من طال عمره وحسن عمل00ه وش00ر الن00اس من ط00ال عم00ره وس00اء عمله(. قال أبو عمر: فه00ذه األح00اديث تقتض00ي م00ع ت00واتر طرقه00ا وحس00نها التسوية بين أول هذه األمة وآخرها. والمعنى في ذلك م00ا تق00دم ذك00ره من اإليمان والعمل الصالح في الزمان الفاسد الذي يرف00ع في00ه من أه00ل العلم والدين، ويكثر فيه الفسق والهرج، ويذل المؤمن ويعز الفاجر ويعود ال00دين غريبا كما بدا غريبا ويكون القائم فيه كالقابض على الجمر، فيستوي حينئ00ذ أول هذه األمة بآخرها في فضل العمل إال أه00ل ب00در والحديبي00ة، ومن ت00دبر

آثار هذا الباب بان له الصواب، والله يؤتي فضله من يشاء. @قوله تعالى: "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" مدح لهذه األمة ما أقاموا ذلك واتصفوا ب00ه. ف00إذا ترك00وا التغي00ير وتواط00ؤوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك س00ببا لهالكهم.وقد تقدم الكالم في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أول السورة. @قوله تعالى: "ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم" أخبر أن إيم00ان أه00ل الكت00اب ب00النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم خ00ير لهم، وأخ00بر أن منهم مؤمن00ا

وفاسقا، وأن الفاسق أكثر. }لن يض00روكم إال أذى وإن يق00اتلوكم يول00وكم األدب00ار ثم ال111*اآلي00ة: 3*

ينصرون{ @قوله تعالى: "لن يضروكم إال أذى" يعني كذبهم وتحريفهم وبهتهم؛ ال أن00ه تك00ون لهم الغلب00ة؛ عن الحس00ن وقت00ادة. فاالس00تثناء متص00ل، والمع00نى لن يضروكم إال ضرا يسيرا؛ فوقع األذى موق00ع المص00در. فاآلي00ة وع00د من الل00ه لرسوله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وللمؤم00نين، إن أه00ل الكت00اب ال يغلب00ونهم وأنهم منصورون عليهم ال ينالهم منهم اصطالم إال إيذاء بالبهت والتحري00ف، وأما العاقبة فتكون للمؤم00نين. وقي00ل: ه00و منقط00ع، والمع00نى لن يض00روكم البتة، لكن يؤذونكم بما يس00معونكم. ق00ال مقات00ل: إن رؤوس اليه00ود: كعب وع00دي والنعم00ان وأب00و راف00ع وأب00و ياس00ر وكنان00ة وابن ص00وريا عم00دوا إلى مؤمنيهم: عبدالله بن سالم وأصحابه فآذوهم إلسالمهم؛ فأنزل الل00ه تع0الى: "لن يضروكم إال أذى" يعني باللس00ان، وتم الكالم. ثم ق00ال: "وإن يق00اتلوكم يول00وكم األدب00ار" يع00ني منه00زمين، وتم الكالم. "ثم ال ينص00رون" مس00تأنف؛ فلذلك ثبتت فيه النون. وفي هذه اآلية معجزة للنبي عليه الس00الم؛ ألن من

قاتله من اليهود واله دبره.

Page 103: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

-00 112*اآليات: 3* }ضربت عليهم الذلة أين ما ثقف00وا إال بحب00ل من115 الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المس00كنة ذل00ك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون األنبي00اء بغ00ير ح00ق ذل00ك بم00ا عص00وا وكانوا يعتدون، ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء اللي00ل وهم يس00جدون، يؤمن00ون بالل00ه والي00وم اآلخ00ر وي00أمرون ب00المعروف وينهون عن المنك00ر ويس00ارعون في الخ00يرات وأولئ00ك من الص00الحين، وم00ا

يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين{ @قوله تعالى: "ضربت عليهم الذلة" يعني اليهود. "أينما ثقفوا" أي وج00دوا ولقوا، وتم الكالم. وقد مض00ى في البق00رة مع00نى ض00رب الذل00ة عليهم. "إال بحبل من الله" استثناء منقطع ليس من األول. أي لكنهم يعتص00مون بحب00ل من الل00ه "وحب00ل من الن00اس" يع00ني الذم00ة ال00تي لهم. والن00اس: محم00د والمؤمنون يؤدون إليهم الخراج فيؤمنونهم. وفي الكالم اختصار، والمع00نى: إال أن يعتصموا بحبل من الل00ه، فح00ذف؛ قال00ه الف00راء. "وب00اؤوا بغض00ب من الله" أي رجعوا. وقيل احتملوا. وأصله في اللغة أنه لزمهم، وقد مضى في البقرة. ثم أخبر لم فعل ذلك بهم. فقال: "ذلك بأنهم ك00انوا يكف00رون بآي00ات الله ويقتلون األنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون" وقد مضى في البقرة مستوفى. ثم أخبر فقال: "ليسوا سواء" وتم الكالم. والمعنى: ليس أهل الكتاب وأمة محمد ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم س00واء؛ عن ابن مس00عود. وقيل: المعنى ليس المؤمنون والكافرون من أهل الكتاب سواء. وذكر أب00و خيثمة زهير بن حرب حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا شيبان عن عاص00م عن زر عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليل00ة ص00الة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصالة فقال: )إن00ه ليس من أهل األديان أحد يذكر الله تعالى في هذه الساعة غيركم( قال: أن00زلت هذه اآلية "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة - إلى قول0ه: والل00ه عليم بالمتقين" وروى ابن وهب مثله. وقال ابن عباس: قول الله عز وج00ل "من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء اللي00ل وهم يس00جدون" من آمن مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن إسحاق عن ابن عباس لما أسلم عبدالله بن سالم، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعيه، وأسيد بن عبي00د، ومن أسلم من يهود؛ فآمنوا وص0دقوا ورغب0وا في اإلس0الم ورس0خوا في00ه، ق0الت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد وال تبعه إال شرارنا، ولو ك00انوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره؛ فأنزل الل00ه ع00ز وج00ل في ذلك من قولهم: "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آي00ات الل00ه آن00اء اللي00ل وهم يس00جدون. إلى قول00ه: وأولئ00ك من الص00الحين". وق00ال

األخفش: التقدير من أهل الكتاب ذو أمة، أي ذو طريقة حسنة. وأنشد: وهل يأتمن ذو أمة وهو طائع

وقيل: في الكالم حذف؛ والتقدير من أهل الكتاب أم00ة قائم00ة وأخ00رى غ00يرقائمة، فترك األخرى اكتفاء باألولى؛ كقول أبي ذؤيب:

عصاني إليها القلب إني ألمره مطيع فما أدري أرشد طالبها أراد: أرشد أم غي، فحذف. قال الفراء: "أمة" رفع ب000 "س00واء"، والتق00دير: ليس يستوي أمة من أهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة ك00افرة. ق00ال النحاس: هذا قول خطأ من جهات: إحداها أنه يرف00ع "أم00ة" ب000 "س00واء" فال يعود على اسم ليس بشيء، ويرفع بما ليس جاريا على الفعل ويض00مر م00ا

Page 104: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ال يحتاج إليه؛ ألنه قد تقدم ذكر الكافر فليس إلضمار ه00ذا وج00ه. وق00ال أب00و عبيدة: هذا مثل قولهم: أكلوني البراغيث، وذهبوا أص00حابك. ق00ال النح00اس: وهذا غلط؛ ألنه قد تق0دم ذك0رهم، وأكل0وني ال0براغيث لم يتق00دم لهم ذك0ر. و"أناء الليل" ساعاته. وأحدها إنى وأنى وإني، وهو منص00وب على الظ00رف. و"يسجدون" يصلون؛ عن الفراء والزجاج؛ ألن التالوة ال تك00ون في الرك00وع والسجود. نظيره قوله: "وله يس00جدون" أي يص00لون. وفي الفرق00ان: "وإذا

[ وفي النجم "فاس00جدوا لل00ه60قي00ل لهم اس00جدوا لل00رحمن" ]الفرق00ان: [. وقيل: يراد ب00ه الس00جود المع00روف خاص00ة. وس00بب62واعبدوا" ]النجم:

النزول يرده، وأن المراد صالة العتمة كم00ا ذكرن00ا عن ابن مس00عود؛ فعب00دة األوثان ناموا حيث جن عليهم الليل، والموحدون قيام بين يدي الل00ه تع00الى في صالة العشاء يتل00ون آي00ات الل00ه؛ أال ت00رى لم00ا ذك00ر قي00امهم ق00ال "وهم يسجدون" أي مع القيام أيضا. الث00وري: هي الص00الة بين العش00اءين. وقي00ل: هي في قيام الليل. وعن رجل من بني شيبة ك00ان ي00درس الكتب ق00ال: إن00ا نجد كالما من كالم ال00رب ع00ز وج00ل: أيحس00ب راعي إب00ل أو راعي غنم إذا جنه الليل انخذل كمن هو قائم وس00اجد آن00اء اللي00ل. "يؤمن00ون بالل00ه" يع00ني يق00رون بالل00ه ويص00دقون بمحم00د ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم. "وي00أمرون بالمعروف" قيل: هو عموم. وقيل: يراد ب00ه األم00ر باتب00اع الن00بي ص00لى الل00ه عليه وسلم. "وينهون عن المنك0ر" والنهي عن المنك00ر النهي عن مخالفت00ه. "ويسارعون في الخيرات" التي يعملونها مبادرين غير متث00اقلين لمع00رفتهم بقدر ثوابهم. وقيل: يبادرون بالعمل قبل الف00وت. "وأولئ00ك من الص00الحين" أي مع الصالحين، وهم أصحاب محمد ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في الجن00ة. "وم00ا يفعل00وا من خ00ير فلن يكف00روه" ق00رأ األعمش وابن وث00اب وحم00زة والكسائي وحفص وخلف بالياء فيهما؛ إخبارا عن األمة القائمة، وهي قراءة ابن عب00اس واختي00ار أبي عبي00د. وق0رأ الب00اقون بالت0اء فيهم0ا على الخط0اب؛

[. وهي110لقوله تع00الى: "كنتم خ00ير أم00ة أخ00رجت للن00اس" ]آل عم00ران: اختيار أبي حاتم، وكان أبو عمرو يرى القراءتين جميعا الياء والت00اء. ومع00نى

اآلية: وما تفعلوا من خير فإن تجحدوا ثوابه بل يشكر لكم وتجازون عليه. }إن ال0ذين كف0روا لن تغ0ني عنهم أم0والهم وال أوالدهم من116*اآلية: 3*

الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون{ @قوله تعالى: "إن الذين كفروا" اسم إن، والخبر "لن تغني عنهم أموالهم وال أوالدهم من الله شيئا". قال مقاتل: لما ذكر تعالى مؤمني أهل الكت00اب ذكر كفارهم وهو قوله: "إن الذين كفروا". وقال الكلبي: جع00ل ه00ذا ابت00داء فقال: إن الذين كفروا لن تغني عنهم ك00ثرة أم00والهم وال ك00ثرة أوالدهم من عذاب الله شيئا. وخص األوالد ألنهم أقرب أنسابهم إليهم. "وأولئك أصحاب

النار" ابتداء وخبر، وكذا و"هم فيها خالدو ن". وقد تقدم جميع هذا. }مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيه00ا ص00ر117*اآلية: 3*

أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الل00ه ولكن أنفس00هميظلمون{

@قوله تعالى: "مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها ص00ر" "م00ا " تص00لح أن تك00ون مص00درية، وتص00لح أن تك00ون بمع00نى ال00ذي والعائ00د محذوف، أي مثل ما ينفقون00ه. ومع0نى "كمث00ل ريح" كمث00ل مهب ريح. ق00ال ابن عباس: والصر: البرد الشديد. قيل: أصله من الصرير الذي هو الصوت،

Page 105: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فهو صوت الريح الشديدة. الزجاج: هو صوت لهب النار التي كانت في تلك الريح. وقد تقدم هذا المعنى في البقرة. وفي الحديث: إنه نهى عن الجراد الذي قتله الصر. ومع00نى اآلي00ة: مث00ل نفق00ة الك00افرين في بطالنه00ا وذهابه00ا وعدم منفعتها كمث0ل زرع أص0ابه ريح ب00اردة أو ن0ار فأحرقت0ه وأهلكت00ه، فلم ينتفع أصحابه بشيء بعد ما كانوا يرجون فائدت00ه ونفع00ه. ق00ال الل00ه تع00الى: "وما ظلمهم الله" بذلك "ولكن أنفسهم يظلمون" بالكفر والمعص00ية ومن00ع حق الله تعالى. وقيل: ظلموا أنفسهم بأن زرعوا في غير وقت الزراع00ة أو في غير موضعها ف0أدبهم الل00ه تع0الى؛ لوض0عهم الش0يء في غ0ير موض0عه؛

حكاه المهدوي. }يا أيها الذين آمن00وا ال تتخ00ذوا بطان00ة من دونكم ال ي00ألونكم118*اآلية: 3*

خباال ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي ص00دورهم أك00برقد بينا لكم اآليات إن كنتم تعقلون{

@ أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار. وهو متصل بما س00بق من [.100قول00ه: "إن تطيع00وا فريق00ا من ال00ذين أوت00وا الكت00اب" ]آل عم00ران:

والبطانة مصدر، يسمى به الواحد والجم00ع. وبطان00ة الرج00ل خاص00ته ال00ذين يس00تبطنون أم00ره، وأص00له من البطن ال00ذي ه00و خالف الظه00ر. وبطن فالن

بفالن يبطن بطونا وبطانة إذا كان خاصا به. قال الشاعر: أولئك خلصائي نعم وبطانتي وهم عيبتي من دون كل قريب

@ نهى الله عز وجل المؤم0نين به0ذه اآلي0ة أن يتخ00ذوا من الكف0ار واليه0ود وأه000ل األه000واء دخالء وولج000اء، يفاوض000ونهم في اآلراء، ويس000ندون إليهم أمورهم. ويقال: كل من ك00ان على خالف م00ذهبك ودين00ك فال ينبغي ل00ك أن

تحادثه؛ قال الشاعر: عن المرء ال تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي

وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وس00لم ق00ال: )المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخال00ل(. وروي عن ابن مس00عود أنه قال: اعتبروا الناس ب00إخوانهم. ثم بين تع00الى المع00نى ال00ذي ألجل00ه نهى عن المواصلة فقال: "ال يألونكم خباال" يقول فسادا. يعني ال يتركون الجه00د في فس00ادكم، يع00ني أنهم وإن لم يق00اتلوكم في الظ00اهر ف00إنهم ال ي00تركون الجهد في المكر والخديعة، على م00ا ي00أتي بيان00ه. وروي عن أبي أمام00ة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمن00وا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال يألونكم خباال" قال: )هم الخ00وارج(. وروى أن أبا موسى األشعري استكتب ذمي00ا فكتب إلي00ه عم00ر يعنف00ه وتال علي00ه ه00ذه اآلية. وق00دم أب00و موس00ى األش0عري على عم0ر رض0ي الل00ه عنهم00ا بحس00اب فرفعه إلى عمر فأعجبه، وجاء عمر كت00اب فق00ال ألبي موس00ى: أين كاتب00ك يقرأ ه00ذا الكت00اب على الن00اس ؟ فق00ال: إن00ه ال ي00دخل المس00جد. فق00ال لم! أجنب هو؟ قال: إنه نصراني؛ فانتهره وقال: ال تدنهم وقد أقصاهم الل00ه، وال تكرمهم وقد أهانهم الله، وال تأمنهم وقد خونهم الله. وعن عمر رضي الل00هش00ا، واس00تعينوا على عنه قال: ال تستعملوا أهل الكتاب فإنهم يستحلون الر أموركم وعلى رعيتكم بالذين يخشون الله تعالى. وقي00ل لعم00ر رض00ي الل00ه عنه: إن ههنا رجال من نصارى الحيرة ال أح00د أكتب من00ه وال أخ00ط بقلم أفال يكتب عنك؟ فق00ال: ال آخ00ذ بطان00ة من دون المؤم00نين. فال يج00وز اس00تكتابأهل الذمة، وال غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء واالستنابة إليهم.

Page 106: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قلت: وقد انقلبت األحوال في هذه األزمان باتخاذ أهل الكت00اب كتب00ة وأمناء وتسودوا بذلك عند الجهلة األغبياء من الوالة واألمراء. روى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )ما بعث الل00ه من ن00بي وال اس00تخلف من خليف00ة إال ك00انت ل00ه بطانت00ان بطان00ة ت00أمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحض00ه علي00ه فالمعص00وم من عصم الله تعالى(. وروى أنس بن مالك قال: قال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه عليه وسلم: )ال تستضيؤوا بنار المشركين وال تنقشوا في خواتيمكم غريبا(. فس00ره الحس00ن بن أبي الحس00ن فق00ال: أراد علي00ه الس00الم ال تستش00يروا المشركين في شيء من أموركم، وال تنقشوا في خ00واتيمكم محم00دا. ق00ال الحسن: وتصديق ذل0ك في كت0اب الل0ه ع0ز وج0ل: "ي0ا أيه0ا ال0ذين آمن0وا ال

تتخذوا بطانة من دونكم" اآلية. @قوله تعالى: "من دونكم" أي من سواكم. ق00ال الف00راء: "ويعمل00ون عمال دون ذل0ك" أي س0وى ذل0ك. وقي0ل: "من دونكم" يع0ني في الس0ير وحس0ن المذهب. ومعنى "ال يألونكم خب00اال" ال يقص00رون فيم00ا في00ه الفس00اد عليكم. وه00و في موض00ع الص00فة ل000 "بطان00ة من دونكم". يق00ال: ال آل00و جه00دا أي ال

أقصر. وألوت ألوا قصرت؛ قال امرؤ القيس: وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بم00درك أط00راف الخط00وب وال آل

والخبال: الخبل. والخب00ل: الفس00اد؛ وق00د يك00ون ذل00ك في األفع00ال واألب00دان والعقول. وفي الحديث: )من أصيب بدم أو خب00ل( أي ج00رح يفس00د العض00و. والخبل: فساد األعضاء، ورجل خبل ومختبل، وخبله الحب أي أفسده. ق00ال

أوس: أبني لبينى لستم بيد إال يدا مخبول00ة العض00د أي فاس00دة

العضد. وأنشد الفراء: نظ0ر ابن س00عد نظ00رة وبت به0ا ك0انت لص00حبك والمطي خب00اال أي

فساد. وانتصب )خب00اال( ب00المفعول الث0اني؛ ألن األل0و يتع0دى إلى مفع0ولين، وإن شئت على المصدر، أي يخبلونكم خباال: وإن شئت ب00نزع الخ00افض، أي بالخب00ال؛ كم00ا ق00الوا: أوجعت00ه ض00ربا: "وم00ا" في قول00ه: "ودوا م00ا عنتم" مصدرية، أي ودوا عنتكم. أي ما يشق عليكم. والعنت المشقة، وقد مض00ى

في "البقرة" معناه. @قول00ه تع00الى: "ق00د ب00دت البغض00اء من أف00واههم" يع00ني ظه00رت الع00داوة والتكذيب لكم من أفواههم. والبغضاء: البغض، وه00و ض00د الحب. والبغض00اء مصدر مؤنث. وخص تعالى األفواه بالذكر دون األلسنة إشارة إلى تشدقهم وثرث0رتهم في أق0والهم ه0ذه، فهم ف0وق المتس0تر ال0ذي تب0دو البغض0اء في عينيه. ومن هذا المعنى نهيه عليه السالم أن يشتحي الرجل فاه في عرض أخيه. معناه أن يفتح؛ يقال: شحى الحمار فاه بالنهيق، وشحى الفم نفس00ه. وشحى اللجام فم الفرس شحيا، وجاءت الخيل شواحي: فاتحات أفواهه00ا. وال يفهم من هذا الحديث دليل خطاب على الج0واز فيأخ0ذ أح0د في ع0رض أخيه همسا؛ فإن ذل00ك يح00رم باتف00اق من العلم00اء. وفي التنزي00ل "وال يغتب

[ اآلي00ة. وق00ال ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )إن12بعضكم بعضا" ]الحجرات: حو إنم00ا ه00و إش00ارة دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام(. فذكر الش00

إلى التشدق واالنبساط، فاعلم.

Page 107: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@ وفي هذه اآلية دليل على أن شهادة العدو على ع00دوه ال يج00وز، وب00ذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز؛ وروى عن أبي حنيفة جواز ذلك. وحكى ابن بطال عن ابن شعبان أنه قال: أجمع العلماء على أنه ال تجوز شهادة الع00دو على عدوه في شيء وإن كان عدال، والعداوة تزيل العدال00ة فكي00ف بع00داوة

كافر. @قوله تعالى: "وما تخفي صدورهم أكبر" إخبار وإعالم ب00أنهم يبطن00ون من البغضاء أكثر مما يظهرون ب00أفواههم. وق00رأ عبدالل00ه بن مس00عود: "ق00د ب00دأ

البغضاء" بتذكير الفعل؛ لما كانت البغضاء بمعنى البغض. }ها أنتم أوالء تحبونهم وال يحبونكم وتؤمن00ون بالكت00اب كل00ه119*اآلية: 3*

وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم األنامل من الغي00ظ ق00ل موت00وابغيظكم إن الله عليم بذات الصدور{

@قوله تعالى: "ها أنتم أوالء تحبونهم" يعني المنافقين؛ دليله قوله تع00الى: "وإذا لقوكم قالوا آمن00ا" ؛ قال00ه أب00و العالي00ة ومقات00ل. والمحب00ة هن00ا بمع00نى المصافاة، أي أنتم أيها المسلمون تصافونهم وال يصافونكم لنفاقهم. وقيل: المعنى تريدون لهم اإلسالم وهم يريدون لكم الكفر. وقيل: المراد اليه00ود؛ قاله األكثر. والكتاب اسم جنس؛ ق00ال ابن عب00اس: يع00ني ب00الكتب. واليه00ود يؤمنون بالبعض؛ كما قال تعالى: "وإذا قيل لهم آمنوا بم00ا أن0زل الل0ه ق0الوا

[. "وإذا لقوكم ق00الوا91نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه" ]البقرة: آمنا" أي بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم. "وإذا خلوا" فيما بينهم "عضوا عليكم األنامل" يعني أطراف األصابع "من الغي00ظ" والحن00ق عليكم فيق00ول بعض00هم لبعض: أال ت00رون إلى ه00ؤالء ظهروا وكثروا. والعض عبارة عن شدة الغيظ مع عدم القدرة على إنف00اذه؛

ومنه قول أبي طالب: يعضون غيظا خلفنا باألنامل

وقال آخر: إذا رأوني - أطال الله غيظهم عضوا من الغيظ أطراف األباهيم

يقال: عض يعض عض00ا وعضيض00ا. والعض )بض00م العين(: عل00ف دواب أه00ل األمصار مثل الكسب والنوى المرضوخ؛ يق00ال من0ه: أعض الق00وم، إذا أكلت إبلهم العض. وبع00ير عضاض00ي، أي س00مين كأن00ه منس00وب إلي00ه. والعض )بالكس00ر(: ال00داهي من الرج00ال والبلي00غ المك00ر. وعض األنام00ل من فع00ل المغضب الذي فاته ما ال يق0در علي00ه، أو ن00زل ب00ه م00ا ال يق00در على تغي00يره. وهذا العض هو باألسنان كعض اليد على فائت قريب الفوات. وكقرع السن النادمة، إلى غير ذلك من عد الحصى والخ00ط في األرض للمهم0وم. ويكتب

هذا العض بالضاد الساقطة، وعظ الزمان بالظاء المشالة؛ كما قال: وعظ زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إال مسحتا أو مجلف

وواحد األنامل أنملة )بضم الميم( ويقال بفتحها، والض00م أش00هر. وك00ان أب00و الجوزاء إذا تال هذه اآلية قال: هم األباضية. ق00ال ابن عطي00ة: وه00ذه الص00فة

قد تترتب في كثير من أهل البدع إلى يوم القيامة. @قوله تعالى: "قل موتوا بغيظكم إن الل00ه عليم ب00ذات الص00دور" إن قي00ل: كيف لم يموتوا والله تعالى إذا قال لشيء: كن فيكون. قي00ل عن00ه جواب00ان: أحدهما: قال فيه الطبري وكثير من المفسرين: هو دعاء عليهم. أي قل ي00ا

Page 108: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

محمد أدام الله غيظكم إلى أن تموتوا. فعلى هذا يتجه أن يدعو عليهم بهذامواجهة وغير مواجهة بخالف اللعنة.

الثاني: إن المعنى أخبرهم أنهم ال يدركون ما يؤملون، فإن الموت دون ذلك. فعلى هذا المعنى زال معنى ال00دعاء وبقي مع00نى التقري00ع واإلغاظ00ة.

ويجري هذا المعنى مع قول مسافر بن أبي عمرو: ويتمنى في أرومتنا ونفقأ عين من حسدا

وينظر إلى هذا المعنى قوله تعالى: "من كان يظن أن لن ينص00ره الل00ه في[.15الدنيا واآلخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع" ]الحج:

}إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها120*اآلية: 3*وإن تصبروا وتتقوا ال يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط{

@قوله تعالى: "إن تمسسكم حسنة تسؤهم" قرأ السلمي بالياء والب00اقون بالتاء. واللفظ عام في كل ما يحس00ن ويس00وء. وم00ا ذك00ره المفس00رون من الخصب والجدب واجتماع المؤمنين ودخول الفرقة بينهم إلى غير ذل00ك من األقوال أمثلة وليس باختالف. والمعنى في اآلية: أن من كانت ه00ذه ص00فته من شدة العداوة والحقد والف00رح ب00نزول الش00دائد على المؤم00نين، لم يكن أهال ألن يتخذ بطانة، ال سيما في هذا األم00ر الجس00يم من الجه00اد ال00ذي ه00و

مالك الدنيا واآلخرة؛ ولقد أحسن القائل في قوله:كل العداوة قد ترجى إفاقتها إال عداوة من عاداك من حسد

" وإن تصبروا" أي على أذاهم وعلى الطاعة ومواالة المؤم00نين. "وتتق00وا ال يضركم كيدهم شيئا" يقال: ضاره يض00وره ويض00يره ض00يرا وض00ورا؛ فش00رط تعالى نفي ضررهم بالصبر والتقوى، فك00ان ذل00ك تس00لية للمؤم00نين وتقوي00ة

لنفوسهم. قلت: قرأ الحرميان وأبو عمرو "ال يضركم" من ضار يضير كما ذكرنا؛

ومنه قول0ه "ال ض0ير"، وح0ذفت الي0اء اللتق0اء الس0اكنين؛ ألن0ك لم0ا ح0ذفت الضمة من الراء بقيت ال00راء س00اكنة والي00اء س00اكنة فح00ذفت الي00اء، وك00انت أولى بالحذف؛ ألن قبلها ما يدل عليها. وحكى الكس00ائي أن00ه س00مع "ض00ارهركم" وزعم أن في ق0000راءة أبي بن كعب "ال يض0000وره" وأج0000از "ال يض0000ر. يضرركم". قرأ الكوفيون: "ال يضركم" بضم الراء وتشديدها من ضر يض00 ويجوز أن يكون مرفوعا على تق00دير إض00مار الف00اء؛ والمع00نى: فال يض00ركم،

ومنه قول الشاعر: من يفعل الحسنات الله يشكرها

هذا ق00ول الكس00ائي والف00راء، أو يك00ون مرفوع00ا على ني00ة التق00ديم؛ وأنش00دسيبويه:

إنك إن يصرع أخوك تصرع أي ال يضركم أن تصبروا وتتقوا. ويج00وز أن يك00ون مجزوم00ا، وض00مت ال00راء اللتقاء الس00اكنين على إتب00اع الض00م. وك00ذلك ق00راءة من فتح ال00راء على أن الفعل مجزوم، وفتح "يضركم" اللتقاء الساكنين لخفة الفتح؛ رواه أب00و زي00د عن المفضل عن عاصم، حكاه المه00دوي. وحكى النح00اس: وزعم المفض00ل

كم" بكسر الراء اللتقاء الساكنين. الضبي عن عاصم "ال يضر }وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاع00د للقت00ال والل00ه121*اآلية: 3*

سميع عليم{

Page 109: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "وإذ غدوت من أهلك" العامل في "إذ" فعل مضمر تقديره: واذكر إذ غدوت، يعني خ00رجت بالص00باح. "من أهل00ك" من منزل00ك من عن00د عائشة. "تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم" ه00ذه غ00زوة أح00د وفيها نزلت هذه اآلية كلها. وق00ال مجاه00د والحس00ن ومقات00ل والكل00بي: هي غزوة الخندق. وعن الحسن أيضا يوم بدر. والجمهور على أنها غ00زوة أح00د؛ يدل عليه قول00ه تع00الى: "إذ همت طائفت00ان منكم أن تفش00ال" ]آل عم00ران:

[ وهذا إنما كان يوم أحد، وكان المش0ركون قص00دوا المدين0ة في ثالث0ة122 آالف رجل ليأخذوا بثأرهم في يوم بدر؛ فنزلوا عند أحد على شفير ال00وادي بقناة مقابل المدينة، يوم األربع00اء الث00اني عش00ر من ش00وال س00نة ثالث من الهج00رة، على رأس أح00د وثالثين ش00هرا من الهج00رة، فأق00اموا هنال00ك ي00وم الخميس والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدين00ة، ف00رأى رس00ول الل00ه ص00لى الله عليه وس0لم في منام0ه أن في س0يفه ثلم0ة، وأن بق0را ل0ه ت0ذبح، وأن0ه أدخل يده في درع حصينة؛ فتأولها أن نف00را من أص00حابه يقتل00ون، وأن رجال من أهل بيته يصاب، وأن الدرع الحصينة المدينة. أخرجه مسلم. فكان ك00ل ذل0ك على م0ا ه00و مع0روف مش00هور من تل0ك الغ0زاة. وأص00ل التب00وء اتخ0اذ المنزل، بوأته منزال إذا أسكنته إياه؛ ومن00ه قول00ه علي00ه الس00الم: )من ك00ذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار( أي ليتخذ فيه00ا م00نزال. فمع00نى "تب00وئ المؤمنين" تتخذ لهم مصاف. وذكر البيهقي من حديث أنس أن رسول الل00ه صلى الله عليه وسلم قال: )رأيت فيما يرى النائم كأني مردف كبشا وكأن ض00بة س00يفي انكس00رت ف00أولت أني أقت00ل كبش الق00وم وأولت كس00ر ض00بة سيفي قتل رجل من عترتي( فقتل حمزة وقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة، وكان صاحب اللواء. وذكر موسى بن عقب00ة عن ابن ش00هاب: وكان حامل لواء المهاجرين رجل من أصحاب رسول الله صلى الل00ه علي00ه وسلم فقال: أنا عاصم إن شاء الله لما معي؛ فق00ال ل00ه طلح00ة بن عثم00ان أخو سعيد بن عثمان اللخمي: هل لك ي00ا عاص00م في المب00ارزة ؟ ق00ال نعم؛ فبدره ذلك الرجل فضرب بالسيف على رأس طلحة حتى وقع الس00يف في لحيته فقتله؛ فكان قتل صاحب اللواء تصديقا لرؤيا رسول الل00ه ص00لى الل00ه

عليه وسلم )كأني مردف كبشا(. }إذ همت طائفتان منكم أن تفشال والله وليهما وعلى الل00ه122*اآلية: 3*

فليتوكل المؤمنون{ @ العامل في "إذ - تب00وئ" أو "س00ميع عليم". والطائفت00ان: بن00و س00لمة من الخزرج، وبنو حارثة من األوس، وكانا جناحي العسكر يوم أحد. ومعنى "أن تفشال" أن تجبنا. وفي البخاري عن جابر قال: فينا نزلت "إذ همت طائفتان منكم أن تفشال والله وليهما" قال: نحن الطائفتان: بنو حارثة وبن00و س00لمة، وما نحب أنها لم تنزل؛ لقول الله عز وجل: "والله وليهما". وقي00ل: هم بن00و الحارث وبنو الخ00زرج وبن00و الن00بيت، والن00بيت ه0و عم00رو بن مال0ك من ب00ني األوس. والفش000ل عب000ارة عن الجبن؛ وك000ذلك ه000و في اللغ000ة. والهم من الط00ائفتين ك00ان بع00د الخ00روج لم00ا رج00ع عبدالل00ه بن أبي بمن مع00ه من المن00افقين فحف00ظ الل00ه قل00وبهم فلم يرجع00وا؛ ف00ذلك قول00ه تع00الى: "والل00ه وليهم00ا" يع00ني قلوبهم00ا عن تحقي00ق ه00ذا الهم. وقي00ل: أرادوا التقاع00د عن الخروج، وكان ذلك صغيرة منهم. وقيل: كان ذلك حديث نفس منهم خط00ر ببالهم فأطلع الله نبيه عليه الس00الم علي00ه ف00ازدادوا بص00يرة؛ ولم يكن ذل00ك

Page 110: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الخور مكتسبا لهم فعص00مهم الل00ه، وذم بعض00هم بعض00ا، ونهض00وا م00ع الن00بي صلى الله عليه وسلم فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أط00ل على المشركين، وكان خروجه من المدينة في ألف، فرجع عنه عبدالله بن أبي بن سلول بثالثمائة رج00ل مغاض00با؛ إذ خول00ف رأي00ه حين أش00ار ب00القعود والقتال في المدينة إن نهض إليهم العدو، وكان رأيه وافق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبى ذلك أكثر األنصار، وسيأتي. ونهض رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم بالمس00لمين فاستش00هد منهم من أكرم00ه الل00ه بالشهادة. قال مالك رحمه الله: قتل من المهاجرين يوم أح00د أربع00ة، ومن األنصار سبعون رضي الله عنهم. والمقاعد: جمع مقعد وهو مك00ان القع00ود، وهذا بمنزل00ة مواق00ف، ولكن لف00ظ القع00ود دال على الثب00وت؛ وال س00يما أن الرماة كانوا قعودا. هذا معنى حديث غزاة أحد على االختصار، وسيأتي من تفصيلها ما فيه شفاء. وكان مع المشركين يومئذ مائة فرس عليها خالد بن الوليد، ولم يكن مع المسلمين يومئذ فرس. وفيها جرح رس00ول الل0ه ص0لى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر وهشمت البيضة من على رأسه صلى الله عليه وسلم، وجزاه عن أمته ودينه بأفضل ما جزى به نبيا من أنبيائ00ه على ص00بره. وك00ان ال00ذي ت00ولى ذل00ك من الن00بي صلى الله عليه وسلم عمرو بن قميئة اللي00ثي، وعتب00ة بن أبي وق00اص. وق00د قيل: إن عبدالله بن شهاب جد الفقيه محمد بن مسلم بن شهاب هو ال00ذي شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جبهت00ه. ق00ال الواق00دي: والث00ابت عندنا أن الذي رمى في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ابن قميئة، والذي أدمى شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أبي وقاص. قال الواقدي بإسناده عن ن00افع بن جب00ير ق00ال: س00معت رجال من المه00اجرين يق00ول: ش00هدت أح00دا فنظرت إلى النبل تأتي من كل ناحية ورسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وسطها كل ذلك يصرف عنه. ولقد رأيت عبدالله بن شهاب الزه00ري يق00ول يومئذ: دلوني على محمد دلوني على محمد، فال نجوت إن نجا. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ما معه أحد ثم جاوزه، فعاتبه في ذلك صفوان فقال: والله ما رأيته، أحل00ف بالل00ه إن00ه من00ا ممن00وع! خرجن00ا أربع00ة فتعاه00دنا وتعاق00دنا على قتل00ه فلم نخلص إلى ذل00ك. وأكبت الحج00ارة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ح00تى س00قط في حف00رة، ك00ان أب00و ع00امر الراهب قد حفرها مكيدة للمسلمين، فخر عليه السالم على جنبه واحتضنه طلحة حتى قام، ومص مالك بن سنان وال00د أبي س00عيد الخ00دري من ج00رح رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم، وتش00بثت حلقت00ان من درع المغف00ر في وجهه صلى الله علي00ه وس00لم فانتزعهم00ا أب00و عبي00دة بن الج00راح وعض عليهما بثنيتيه فسقطتا؛ فكان اهتم يزينه هتمه رض0ي الل0ه عن0ه. وفي ه0ذه الغزاة قتل حمزة رضي الله عنه، قتله وحشي، وكان وحشي مملوكا لجبير بن مطعم. وقد كان جبير قال له: إن قتلت محمدا جعلنا ل00ك أعن00ة الخي00ل، وإن أنت قتلت علي بن أبي طالب جعلنا لك مائة ناقة كله00ا س00ود الح00دق، وإن أنت قتلت حمزة فأنت حر. فقال وحشي: أما محمد فعليه حاف00ظ من الله ال يخلص إليه أحد. وأم00ا علي م00ا ب00رز إلي00ه أح00د إال قتل00ه. وأم00ا حم00زة فرجل شجاع، وعسى أن أصادفه فأقتله. وكانت هند كلم00ا تهي00أ وحش00ي أو مرت به قالت: إيها أبا دس00مة اش00ف واستش00ف. فكمن ل00ه خل00ف ص00خرة، وكان حمزة حمل على القوم من المش00ركين؛ فلم00ا رج00ع من حملت00ه وم00ر

Page 111: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

بوحشي زرقه بالمزراق فأصابه فسقط ميتا رحمه الل00ه ورض00ي عن00ه. ق00ال ابن إسحاق: فبقرت هن00د عن كب00د حم00زة فالكته00ا ولم تس00تطع أن تس00يغها

فلفظتها ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت: نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر وال أخي وعمه بكري شفيت نفسي وقضيت نذري شفيت وحشي غليل صدري فشكر وحشي علي عمري حتى ترم أعظمي في قبري

فأجابتها هند بنت أثاثة بن عباد بن عبدالمطلب فقالت: خزيت في بدر وبعد بدر يا بنت وقاع عظيم الكفر صبحك الله غداة الفجر ملهاشميين الطوال الزهر بكل قطاع حسام يفري حمزة ليثي وعلي صقري إذ رام شيب وأبوك غدري فخضبا منه ضواحي النحر

ونذرك السوء فشر نذر وقال عبدالله بن رواحة يبكي ]يرثي[ حمزة رضي الله عنه:

بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء وال العويل على أسد اإلله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا هناك، وقد أصيب به الرسول أبا يعلى لك األركان هدت وأنت الماجد البر الوصول عليك سالم ربك في جنان مخالطها نعيم ال يزول أال يا هاشم األخيار صبرا فكل فعالكم حسن جميل رسول الله مصطبر كريم بأمر الله ينطق إذ يقول أال من مبلغ عني لؤيا فبعد اليوم دائلة تدول وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا وقائعنا بها يشفى الغليل نسيتم ضربنا بقليب بدر غداة أتاكم الموت العجيل غداة ثوى أبو جهل صريعا عليه الطير حائمة تجول وعتبة وابنه خرا جميعا وشيبة عضه السيف الصقيل ومتركنا أمية مجلعبا وفي حيزومه لدن نبيل وهام بني ربيعة سائلوها ففي أسيافنا منها فلول أال يا هند ال تبدي شماتا بحمزة إن عزكم ذليل أال يا هند فابكي ال تملي فأنت الواله العبرى الهبول

ورثته أيضا أخته صفية، وذلك مذكور في السيرة، رضي الله عنهم أجمعين. @قوله تعالى: "وعلى الله فليتوكل المؤمن00ون" في00ه مس00ألة واح00دة، وهي بيان التوكل. والتوكل في اللغة إظهار العجز واالعتم00اد على الغ00ير. وواك00ل

فالن إذا ضيع أمره متكال على غيره. واختلف العلماء في حقيقة التوكل؛ فسئل عنه سهل بن عبدالله فقال:

قالت فرقة الرض00ا بالض00مان، وقط00ع الطم00ع من المخل00وقين. وق00ال ق00وم: التوكل ترك األسباب والركون إلى مسبب األسباب؛ فإذا شغله السبب عن المسبب زاد عنه اسم التوكل. قال سهل: من قال إن التوكل يك00ون ب00ترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألن الله ع00ز

[ فالغنيمة اكتساب.69وجل يقول: "فكلوا مما غنمتم حالال طيبا" ]األنفال: [12وقال تعالى: "فاضربوا فوق األعناق واضربوا منهم كل بنان" ]األنفال:

فه00ذا عم00ل. وق00ال الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم )إن الل00ه يحب العب00د

Page 112: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

المحترف(. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرض00ون على السرية. وقال غيره: وهذا قول عام00ة الفقه00اء، وأن التوك00ل على الل00ه ه00و الثقة بالله واإليقان بأن قض00اءه م00اض، واتب00اع س00نة نبي00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم في السعي فيما ال بد منه من األسباب من مطعم ومش00رب وتح00رز من عدو وإعداد األسلحة واستعمال ما تقتضيه س00نة الل00ه تع00الى المعت00ادة. وإلى هذا ذهب محققو الصوفية، لكنه ال يستحق اس00م التوك00ل عن00دهم م00ع الطمأنينة إلى تلك األسباب وااللتفات إليها بالقلوب؛ فإنها ال تجلب نفعا وال تدفع ضرا، بل السبب والمسبب فعل الل00ه تع00الى، والك00ل من00ه وبمش00يئته؛ وم00تى وق00ع من المتوك00ل رك00ون إلى تل00ك األس00باب فق00د انس00لخ عن ذل00ك االس00م. ثم المتوكل00ون على ح00الين: األول: ح00ال المتمكن في التوك00ل فال يلتفت إلى ش00يء من تل00ك األس00باب بقلب00ه، وال يتعاط00اه إال بحكم األم00ر. الثاني: حال غير المتمكن وه00و ال00ذي يق00ع ل00ه االلتف00ات إلى تل00ك األس00باب أحيان0ا غ00ير أن0ه ي0دفعها عن نفس0ه ب0الطرق العلمي00ة، وال0براهين القطعي0ة، واألذواق الحالي00ة؛ فال ي00زال ك00ذلك إلى أن يرقي00ه الل00ه بج00وده إلى مق00ام

المتوكلين المتمكنين، ويلحقه بدرجات العارفين.-00 123*اآليات: 3* }ولقد نصركم الله بب00در وأنتم أذل00ة ف00اتقوا الل00ه125

لعلكم تشكرون، إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثالثة آالف من المالئك00ة م00نزلين، بلى إن تص00بروا وتتق00وا وي00أتوكم من ف00ورهم ه00ذا

يمددكم ربكم بخمسة آالف من المالئكة مسومين{ @قوله تعالى: "ولقد نصركم الله بب00در" ك00انت ب00در ي00وم س00بعة عش00ر من رمضان، يوم جمعة لثمانية عشر شهرا من الهج00رة، وب0در م0اء هنال0ك وب0ه سمي الموضع. وقال الش0عبي: ك0ان ذل0ك الم0اء لرج0ل من جهين0ة يس0مى بدرا، وبه سمي الموض00ع. واألول أك00ثر. وق00ال الواق00دي وغ00يره: ب00در اس00م لموضع غ00ير منق00ول. وس00يأتي في قص00ة ب00در في "األنف00ال" إن ش00اء الل00ه تعالى. و"أذلة" معناه0ا قليل0ون؛ وذل0ك أنهم ك0انوا ثالثمائ0ة وثالث00ة عش0ر أو أربعة عشر رجال. وكان عدوهم ما بين التسعمائة إلى األلف. و"أذلة" جم00ع ذليل. واسم ال00ذل في ه00ذا الموض0ع مس00تعار، ولم يكون00وا في أنفس00هم إال أع00زة، ولكن نس00بتهم إلى ع00دوهم وإلى جمي00ع الكف00ار في أقط00ار األرض تقتضي عند التأمل ذلتهم وأنهم يغلبون. والنصر العون؛ فنصرهم الل00ه ي00وم بدر، وقتل فيه صناديد المشركين، وعلى ذلك الي00وم أبت00ني اإلس00الم، وك00ان أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح مسلم عن بري00دة قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم س00بع عش00رة غ00زوة، قات00ل في ثمان منهن. وفيه عن ابن إسحاق ق00ال: لقيت زي00د بن أرقم فقلت ل00ه: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وس00لم ؟ ق00ال تس00ع عش00رة غ00زوة. فقلت: فكم غزوه أنت معه ؟ فقال: سبع عشرة غزوة. قال فقلت: فما أول غزوةير أو العش00ير. وه00ذا كل00ه مخ00الف لم00ا علي00ه أه00ل غزاها ؟ قال: ذات العس00 التواريخ والسير. قال محمد بن س00عد في كت00اب الطبق00ات ل00ه: إن غ00زوات رسول الله صلى الله عليه وس00لم س00بع وعش00رون غ00زوة، وس00راياه س00ت وخمسون، وفي رواية ست وأربعون، والتي قات00ل فيه0ا رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي0ه وس0لم ب0در وأح0د والمريس0يع والخن0دق وخي0بر وقريظ0ة والفتح وحنين والط00ائف. ق00ال ابن س00عد: ه00ذا ال00ذي اجتم00ع لن00ا علي00ه. وفي بعض الروايات أنه قات00ل في ب00ني النض00ير وفي وادي الق00رى منص00رفه من خي00بر

Page 113: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وفي الغابة. وإذا تقرر هذا فنقول: زيد وبريدة إنما أخبر كل واحد منهما بما في علم00ه أو ش00اهده. وق00ول زي00د: "إن أول غ00زاة غزاه00ا ذات العس00يرة" مخالف أيضا لما قال أهل التواريخ والسير. قال محمد بن سعد: ك00ان قب00ل غزوة العشيرة ثالث غ0زوات، يع0ني غزاه0ا بنفس0ه. وق0ال ابن عب0دالبر في كتاب الدرر في المغازي والسير. أول غزاة غزاها رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه عليه وسلم غزوة ودان غزاها بنفسه في صفر؛ وذلك أنه وصل إلى المدينة الثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع األول، أق00ام به00ا بقي00ة ربي00ع األول، وب00اقي العام كله إلى صفر من سنة اثنتين من الهجرة: ثم خرج في صفر المذكور واستعمل على المدينة سعد بن عبادة حتى بلغ ودان فوادع بني ضمرة، ثم رج0ع إلى المدين00ة ولم يل00ق حرب00ا، وهي المس00ماة بغ0زوة األب0واء. ثم أق0ام بالمدينة إلى شهر ربيع اآلخر من السنة المذكورة، ثم خرج فيها واس00تعمل00واط من ناحي00ة على المدين00ة الس00ائب بن عثم00ان بن مظع00ون ح00تى بل00غ ب رضوى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حرب00ا، ثم أق00ام به00ا بقي00ة ربي00ع اآلخ00ر وبعض جمادى األولى، ثم خرج غازيا واستخلف على المدينة أب00ا س00لمة بن

عبداألسد، وأخذ على طريق ملك إلى العسيرة. قلت: ذكر ابن إسحاق عن عمار بن ياسر قال: كنت أنا وعلي بن أبي

طالب رفيقين في غزوة العش00يرة من بطن ينب00ع فلم00ا نزله00ا رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم أقام بها شهرا فصالح به0ا ب0ني م0دلج وحلف0اءهم من بني ضمرة فوادعهم؛ فقال لي علي بن أبي طالب: هل لك أبا اليقظان أن تأتي هؤالء؟ نفر من بني مدلج يعملون في عين لهم ننظ00ر كي00ف يعمل00ون. فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا الن00وم فعم00دنا إلى ص00ور من النخ00ل في دقعاء من األرض فنمنا فيه؛ فوالله ما أهبنا إال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه عليه وسلم بقدمه؛ فجلسنا وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ ق00ال رس00ول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: )ما بالك يا أبا تراب(؛ فأخبرن00اه بم00ا ك00ان من أمرنا فقال: )أال أخ00بركم بأش00قى الن00اس رجلين( قلن00ا: بلى ي00ا رس00ول الله؛ فقال: )أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على ه00ذه00ل منه00ا - ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسه - حتى يب هذه( ووضع يده على لحيته. فقال أبو عمر: فأقام بها بقي00ة جم00ادى األولى وليالي من جمادى اآلخرة، ووادع فيها بني مدلج ثم رجع ولم يلق حرب00ا. ثم كانت بعد ذلك غزوة بدر األولى بأيام قالئ00ل، ه00ذا ال00ذي ال يش00ك في00ه أه00ل التواريخ والسير، فزيد بن أرقم إنما أخ0بر عم00ا عن00ده. والل00ه أعلم. ويق0ال: ذات العسير بالسين والشين، ويزاد عليها هاء فيق00ال: العش00يرة. ثم غ00زوة ب00در الك00برى وهي أعظم المش00اهد فض00ال لمن ش00هدها، وفيه00ا أم00د الل00ه بمالئكته نبيه والمؤمنين في قول جماعة العلماء، وعليه يدل ظاهر اآلي00ة، ال في يوم أحد. ومن قال: إن ذلك كان ي00وم أح00د جع00ل قول00ه تع00الى: "ولق00د نصركم الله ببدر" إلى قوله: "تشكرون" اعتراض00ا بين الكالمين. ه00ذا ق00ول

عامر الشعبي، وخالفه الناس. تظاهرت الروايات بأن المالئكة حضرت يوم بدر وق00اتلت؛ ومن ذل00ك

قول أبي أسيد مالك بن ربيعة وك00ان ش00هيد ب00در: ل00و كنت معكم اآلن بب00درعب ال00ذي خ00رجت من00ه المالئك00ة، ال أش00ك وال ومعي بص00ري ألريتكم الش00 أمتري. رواه عقيل عن الزهري عن أبي حازم سلمة بن دينار. قال ابن أبي حاتم: ال يعرف للزهري عن أبي حازم غير هذا الحديث الواحد، وأب00و أس00يد

Page 114: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

يقال إنه آخر من مات من أهل بدر؛ ذكره أبو عمر في االس00تيعاب وغ00يره. وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إلى المش0ركين وهم أل0ف، وأص0حابه ثالثمائة وتسعة عشر رجال، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبل00ة ثم مد يديه فجعل يهت00ف برب00ه: )اللهم أنج00ز لي م00ا وع00دتني، اللهم آت م00ا00د في األرض( وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أه00ل اإلس00الم ال تعب فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: ي00ا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك؛ ف00أنزل الل00ه ع00ز وجل: "إذ تس0تغيثون ربكم فاس0تجاب لكم أني مم0دكم ب0ألف من المالئك0ة

00ل: فح00دثني9مردفين" ]األنفال: [ فأمده الله تعالى بالمالئكة. قال أبو زمي ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئ00ذ يش00تد في أث00ر رج00ل من المشركين أمامه إذ س00مع ض00ربة بالس00وط فوق00ه وص00وت الف00ارس يق00ول: أقدم حيزوم؛ فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إلي00ه ف00إذا ه00و ق00د خطم أنف00ه وش00ق وجه00ه كض00ربة الس00وط فاخض00ر ذل00ك أجم00ع. فج00اء األنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم فق00ال: )ص00دقت ذلك من مدد السماء الثالثة( فقتلوا يومئذ س00بعين وأس00روا س00بعين. وذك00ر

الحديث. وسيأتي تمامه في آخر "األنفال" إن شاء الله تعالى. فتظاهرت السنة والقرآن على ما قاله الجمهور، والحمد لله. وعن خارجة

بن إبراهيم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم لجبري00ل: )من القائل يوم بدر من المالئكة أقدم حيزوم( ؟ فقال جبري00ل: )ي00ا محم00د ما كل أهل السماء أعرف(. وعن علي رض00ي الل00ه عن00ه أن00ه خطب الن00اس فقال: بينا أنا أمتح من قليب ب00در ج00اءت ريح ش00ديدة لم أر مثله00ا ق00ط، ثم ذهبت، ثم جاءت ريح شديدة لم أر مثله00ا ق00ط إال ال00تي ك00انت قبله00ا. ق00ال: وأظنه ذكر: ثم ج0اءت ريح ش0ديدة، فك00انت ال0ريح األولى جبري0ل ن0زل في ألف من المالئكة مع رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، وك00انت ال00ريح الثانية ميكائيل نزل في ألف من المالئكة عن يمين رسول الله ص00لى الل00ه عليه وسلم وكان أبو بكر عن يمينه، وكانت الريح الثالثة إسرافيل ن00زل في ألف من المالئكة عن ميسرة رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وأن00ا في الميسرة. وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا يوم بدر وأن أحدنا يشير بسيفه إلى رأس المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه. وعن الربيع بن أنس قال: كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى المالئك00ة ممن قتلوهم بضرب فوق األعناق وعلى البنان مثل س00مة الن00ار ق00د أح00رق به؛ ذكر جميعه البيهقي رحمه الله. وقال بعضهم: إن المالئكة كانوا يقاتلون وكانت عالمة ضربهم في الكفار ظاهرة؛ ألن ك00ل موض00ع أص00ابت ض00ربتهم اشتعلت النار في ذلك الموضع، حتى إن أب00ا جه00ل ق00ال البن مس00عود: أنتنبك فرس00ه وإن اجته00دت. قتلني؟! إنما قتلني الذي لم يصل سناني إلى س00 وإنما كانت الفائدة في كثرة المالئكة لتسكين قل00وب المؤم00نين؛ وألن الل00ه تعالى جعل أولئك المالئكة مجاهدين إلى ي00وم القيام00ة؛ فك00ل عس00كر ص00بر واحتسب ت00أتيهم المالئك00ة ويق00اتلون معهم. وق00ال ابن عب00اس ومجاه00د: لم تقاتل المالئكة إال ي0وم ب0در، وفيم0ا س0وى ذل0ك يش0هدون وال يق0اتلون إنم0ا يكونون عددا أو مددا. وقال بعضهم: إنما كانت الفائ00دة في ك00ثرة المالئك00ة

Page 115: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أنهم كانوا يدعون ويسبحون، ويكثرون الذين يقاتلون يومئ00ذ؛ فعلى ه00ذا لم تقاتل المالئكة يوم بدر وإنم00ا حض00روا لل00دعاء ب00التثبيت، واألول أك00ثر. ق00ال قتادة: كان هذا يوم بدر، أمدهم الله بألف ثم صاروا ثالث00ة آالف، ثم ص00اروا خمسة آالف؛ فذلك قول00ه تع00الى: "إذ تس00تغيثون ربكم فاس00تجاب لكم أني ممدكم بألف من المالئكة م00ردفين" وقول00ه: "ألن يكفيكم أن يم00دكم ربكم

[ وقول00ه: "بلى إن124بثالث00ة آالف من المالئك00ة م00نزلين" ]آل عم00ران: تصبروا وتتق00وا وي00أتوكم من ف00ورهم ه00ذا يم00ددكم ربكم بخمس00ة آالف من

[ فصبر المؤمنون يوم بدر واتقوا الله125المالئكة مسومين" ]آل عمران: فأمدهم الله بخمسة آالف من المالئكة على ما وعدهم؛ فهذا كله يوم ب00در. وقال الحسن: فهؤالء الخمسة آالف ردء للمؤم00نين إلى ي00وم القيام00ة. ق00ال الشعبي: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين فشق ذل0ك على الن00بي ص0لى الل00ه علي0ه وس00لم وعلى المس00لمين؛ ف00أنزل الل00ه تع00الى: "ألن يكفيكم إلى قول00ه: مسومين" فبل0غ ك0رزا الهزيم0ة فلم يم0دهم ورج0ع، فلم يم0دهم الل00ه أيض0ا بالخمسة آالف، وكانوا قد مدوا بألف. وقيل: إنما وع0د الل0ه المؤم0نين ي0وم بدر إن صبروا على طاعته، واتق00وا محارم00ه أن يم00دهم أيض00ا في ح00روبهم كلها، فلم يص00بروا ولم يتق0وا محارم00ه إال في ي00وم األح00زاب، فأم00دهم حين حاصروا قريظة. وقي00ل: إنم00ا ك00ان ه00ذا ي00وم أح00د، وع00دهم الل00ه الم00دد إن صبروا، فما صبروا فلم يمدهم بمل00ك واح00د، ول00و أم00دوا لم00ا هزم00وا؛ قال00ه عكرمة والضحاك. فإن قيل: فق00د ثبت عن س00عد بن أبي وق00اص أن00ه ق00ال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وعن يس00اره ي00وم ب00در رجلين عليهما ثياب بيض يقاتالن عنه أشد القتال، ما رأيتهم00ا قب00ل وال بع00د. قيل ل00ه: لع00ل ه00ذا مختص ب00النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، خص00ه بملكين

يقاتالن عنه، وال يكون هذا إمدادا للصحابة. والله أعلم. @ نزول المالئكة سبب من أسباب النصر ال يحتاج إليه الرب تع00الى، وإنم00ا يحتاج إليه المخلوق فليعلق القلب بالله وليثق به، فهو الناصر بسبب وبغير

[. ولكن82سبب؛ "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيك00ون" ]يس: أخبر بذلك ليمتثل الخلق ما أمرهم به من األسباب التي قد خلت من قب00ل،

[، وال يقدح ذلك في التوكل. وهو62"ولن تجد لسنة الله تبديال" ]األحزاب: رد على من قال: إن األسباب إنما سنت في حق الضعفاء ال لألقوياء؛ ف00إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا األقوي00اء وغ00يرهم هم الض00عفاء؛ وهذا واضح. و"مد" في الش00ر و"أم00د" في الخ00ير. وق00د تق00دم في البق00رة. وقرأ أبو حيوة "منزلين" بكسر الزاي مخفف00ا، يع00ني م00نزلين النص00ر. وق00رأ ابن عامر مشددة الزاي مفتوحة على التكث00ير. ثم ق00ال: "بلى" وتم الكالم. "إن تص00بروا" ش00رط، أي على لق00اء الع00دو. "وتتق00وا" عط00ف علي00ه، أي معصيته. والجواب "يم00ددكم". ومع00نى "من ف00ورهم" من وجههم. ه00ذا عن عكرمة وقتادة والحسن والربيع والسدي وابن زيد. وقيل: من غضبهم؛ عن مجاهد والضحاك. كانوا قد غضبوا يوم أحد ليوم بدر مما لقوا. وأصل الفور القصد إلى الشيء واألخذ فيه بجد؛ وهو من قولهم: فارت القدر تفور فورا وفورانا إذا غلت. والفور الغليان. وفار غضبه إذا جاش. وفعله من فوره أي قبل أن يسكن. والفوارة ما يف00ور من الق00در. وفي التنزي00ل "وف00ار التن00ور"

[. قال الشاعر: 40}هود:

Page 116: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

تفور علينا قدرهم فنديمها @قوله تعالى: "مسومين" بفتح الواو اسم مفعول، وهي ق00راءة ابن ع00امر وحمزة والكسائي ونافع. أي معملين بعالم00ات. و"مس00ومين" بكس00ر ال00واو اسم فاعل، وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير وعاصم؛ فيحتمل من المع00نى ما تقدم، أي ق00د أعلم00وا أنفس00هم بعالم00ة، وأعلم00وا خيلهم. ورجح الط00بري وغيره ه00ذه الق00راءة. وق00ال كث00ير من المفس00رين: مس00ومين أي مرس00لين خيلهم في الغارة. وذكر المهدوي هذا المع00نى في "مس00ومين" بفتح ال00واو، أي أرسلهم الله تعالى على الكفار. وقاله ابن ف00ورك أيض00ا. وعلى الق00راءة األولى اختلف00وا في س00يما المالئك00ة؛ ف00روى عن علي بن أبي ط00الب وابن عباس وغيرهما أن المالئكة اعتمت بعمائم بيض قد أرس00لوها بين أكت00افهم؛ ذكره البيهقي عن ابن عباس وحكاه المهدوي عن الزجاج. إال جبري00ل فإن00ه كان بعمامة صفراء على مثال الزبير بن العوام، وقال00ه ابن إس00حاق. وق00ال

الربيع: كانت سمياهم أنهم كانوا على خيل بلق. قلت: ذكر البيهقي عن سهيل بن عمرو رضي الله عنه قال: لقد رأيت

يوم بدر رج00اال بيض00ا على خي00ل بل00ق بين الس00ماء واألرض معلمين يقتل00ون ويأسرون. فقوله: "معلمين" دل على أن الخيل البلق ليست السيما. والله أعلم. وق00ال مجاه00د: ك00انت خيلهم مج00زوزة األذن00اب واألع00راف معلم00ة النواص000ي واألذن000اب بالص000وف والعهن. وروي عن ابن عب000اس: تس000ومت المالئكة يوم بدر بالصوف األبيض في نواصي الخيل وأذنابها. وقال عباد بن عبدالله بن الزب00ير وهش00ام بن ع00روة والكل00بي: ن00زلت المالئك00ة في س00يما الزبير عليهم عمائم صفر مرخاة على أكتافهم. وقال ذلك عبدالل00ه وع00روة ابنا الزبير. وقال عبدالله: كانت مالءة ص00فراء اعتم به00ا الزب00ير رض00ي الل00ه

عنه. قلت: ودلت اآلية على اتخاذ الشارة والعالمة للقبائل والكتائب يجعلها

السلطان لهم؛ لتتميز كل قبيلة وكتيبة من غيرها عند الحرب، وعلى فض00لالخيل البلق لنزول المالئكة عليها.

قلت: - ولعلها نزلت عليها موافقة لفرس المقداد؛ فإنه كان أبلق ولم يكن لهم فرس غيره، فنزلت المالئكة على الخي00ل البل00ق إكرام00ا للمق00داد؛

كما نزل جبريل معتجرا بعمامة صفراء على مثال الزبير. والله أعلم. @ دلت اآلية أيضا على لباس الصوف وقد لبسه األنبياء والصالحون. وروى أبو داود وابن ماجة واللفظ له عن أبي بردة عن أبيه قال ق00ال لي أبي: ل00و شهدتنا ونحن مع رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إذا أص00ابتنا الس00ماء لحسبت أن ريحنا ريح الضأن. ولبس صلى الله عليه وسلم جبة رومي00ة من صوف ضيقة الكمين؛ رواه األئمة. ولبسها يونس عليه السالم؛ رواه مسلم.

وسيأتي لهذا المعنى مزيد بيان في "النحل" إن شاء الله تعالى. @ قلت: وأم00ا م00ا ذك00ره مجاه00د من أن خيلهم ك00انت مج00زوزة األذن00اب واألعراف فبعيد؛ ف0إن في مص00نف أبي داود عن عتب00ة بن عبدالس00لمي أن00ه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )ال تقصوا نواصي الخي00ل وال معارفها وال أذنابها فإن أذنابها مذابها ومعارفها دفاؤها ونواصيها معقود فيها الخير(. فقول مجاهد يحت00اج إلى توقي00ف من أن خي00ل المالئك00ة ك00انت على

تلك الصفة. والله أعلم.

Page 117: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ودلت اآلية على حسن األبيض واألصفر من األلوان لنزول المالئكة ب00ذلك، وق00د ق00ال ابن عب00اس: من لبس نعال أص00فر قض00يت حاجت00ه. وق00ال علي00ه السالم: )البسوا من ثيابكم البياض فإنه من خير ثيابكم وكفنوا فيه موت00اكم وأما العمائم فتيجان الع00رب ولباس00ها(. وروى ركان00ة - وك00ان ص00ارع الن00بي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله علي00ه وس00لم - ق00ال ركان00ة: وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: )فرق ما بيننا وبين المش00ركين العمائم على القالنس( أخرجه أب0و داود. ق0ال البخ0اري: إس0ناده مجه0ول ال

يعرف سماع بعضه من بعض.-00 126*اآليتان: 3* }وما جعله الله إال بشرى لكم ولتطمئن قل00وبكم127

به وما النصر إال من عند الله العزيز الحكيم، ليقطع طرفا من الذين كفرواأو يكبتهم فينقلبوا خائبين{

@قوله تعالى: "وما جعله الله إال بشرى لكم" الهاء للمدد، وهو المالئكة أو الوعد أو اإلمداد، ويدل عليه "يمددكم" أو للتسويم أو لإلنزال أو العدد على المع00نى؛ ألن خمس00ة آالف ع00دد. "ولتطمئن قل00وبكم ب00ه" الالم الم كي، أي ولتطمئن قلوبكم به جعله؛ كقوله: "وزينا السماء ال00دنيا بمص00ابيح وحفظ00ا"

[ أي وحفظا لها جعل ذلك. "وما النصر إال من عند الله" يع00ني12]فصلت: نصر المؤمنين، وال يدخل في ذلك نصر الكافرين؛ ألن ما وقع لهم من غلبة إنما هو إمالء محفوف بخذالن وسوء عاقب00ة وخس00ران." ليقط00ع طرف00ا من الذين كفروا" أي بالقتل. ونظم اآلية: ولقد نصركم الله ببدر ليقطع. وقي00ل: المع00نى وم00ا النص00ر إال من عن00د الل00ه ليقط00ع. ويج00وز أن يك00ون متعلق00ا ب0 "يمددكم"، أي يمددكم ليقطع. والمعنى: من قتل من المشركين يوم ب00در، عن الحسن وغيره. الس00دي: يع00ني ب00ه من قت00ل من المش00ركين ي00وم أح00د وكانوا ثمانية عشر رجال. ومع00نى "يكبتهم" يح00زنهم؛ والمكب00وت المح00زون. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبي طلحة فرأى ابنه مكبوتا فقال: )ما شأنه( ؟. فقيل: مات بعيره. وأصله فيم00ا ذك00ر بعض أه00ل اللغ00ة "يكبدهم" أي يصيبهم بالحزن والغيظ في أكبادهم، فأبدلت الدال ت00اء، كم00ا قلبت في سبت رأس00ه وس0بده أي حلق0ه. كبت الل00ه الع0دو كبت0ا إذا ص0رفه وأذله، كب00ده، أص00ابه في كب00ده؛ يق00ال: ق00د أح00رق الح00زن كب00ده، وأح00رقت

العداوة كبده. وتقول العرب للعدو: أسود الكبد؛ قال األعشى: فما أجشمت من إتيان قوم هم األعداء واألكباد سود

ك00أن األكب00اد لم00ا اح00ترقت بش00دة الع00داوة اس00ودت. وق00رأ أب00و مجل00ز "أو يكبدهم" بالدال. والخائب: المنقطع األمل. خاب يخيب إذا لم ينل ما طلب.

والخياب: القدح ال يوري.-00 128*اآليت00ان: 3* }ليس ل00ك من األم00ر ش00يء أو يت00وب عليهم أو129

يعذبهم فإنهم ظالمون، ولله م00ا في الس00ماوات وم00ا في األرض يغف00ر لمنيشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم{

@ ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كس00رت رباعيت00ه يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ويقول: )كيف يفلح ق00وم شجوا رأس نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله تعالى( فأنزل الله تعالى: "ليس لك من األمر ش00يء". الض00حاك: هم الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم أن يدعو على المش00ركين ف00أنزل الل00ه تع00الى: "ليس ل00ك من األم00ر شيء". وقيل: استأذن في أن يدعو في استئصالهم، فلما نزلت ه00ذه اآلي00ة

Page 118: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

علم أن منهم من سيسلم وقد آمن كث00ير منهم خال00د بن الولي00د وعم00رو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم. وروى الترمذي عن ابن ع00امر ق00ال: وكان النبي صلى الله عليه وس00لم ي00دعو على أربع00ة نف00ر ف00أنزل الل00ه ع00ز وجل: "ليس لك من األمر شيء" فهداهم الله لإلس00الم وق00ال: ه00ذا ح00ديث حسن غريب صحيح. وقول00ه تع00الى: "أو يت00وب عليهم" قي00ل: ه00و معط00وف على "ليقطع طرفا". والمعنى: ليقتل طائفة منهم، أو يح00زنهم بالهزيم00ة أو يتوب عليهم أو يعذبهم. وقد تك00ون "أو" ه00ا هن00ا بمع00نى "ح00تى" و"إال أن".

قال امرؤ القيس: أو نموت فنعذرا

ق00ال علماؤن00ا: قول00ه علي00ه الس00الم: )كي00ف يفلح ق00وم ش00جوا رأس ن00بيهم( استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به. وقوله تعالى: "ليس لك من األمر شيء" تقريب لما استبعده وإطماع في إسالمهم، ولما أطمع في ذلك ق00ال ص00لى الله عليه وس00لم: )اللهم اغف00ر لق00ومي ف00إنهم ال يعلم00ون( كم00ا في ص00حيح مسلم عن ابن مسعود قال: كأني أنظر إلى رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم يحكي نبيا من األنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: )رب اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون(. قال علماؤنا: فالحاكي في ح00ديث ابن مسعود هو الرسول عليه الصالة والسالم، وهو المحكى عنه؛ بدليل م00ا ق00د جاء صريحا مبينا أنه عليه الصالة والسالم لما كسرت رباعيت0ه وش0ج وجه0ه يوم أحد شق ذل00ك على أص00حابه ش00قا ش00ديدا وق00الوا: ل00و دع00وت عليهم ! فقال: )إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعي00ا ورحم00ة، اللهم اغف00ر لق00ومي فإنهم ال يعلمون(. فكأنه عليه الس00الم أوحى إلي00ه ب00ذلك قب00ل وق00وع قض00ية أحد، ولم يعين له ذلك الن00بي؛ فلم00ا وق00ع ل00ه ذل00ك تعين أن00ه المع00نى ب00ذلك بدليل ما ذكرنا. ويبينه أيض00ا م00ا قال00ه عم00ر ل00ه في بعض كالم00ه: ب00أبي أنت وأمي يا رسول الل00ه ! لق00د دع00ا ن00وح على قوم00ه فق00ال: "رب ال ت00ذر على

[ اآلية. ولو دعوت علين00ا مثله00ا لهلكن00ا26األرض من الكافرين ديارا" ]نوح: من عند آخرنا؛ فقد وطئ ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إال خيرا، فقلت: )رب اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون(. وقول00ه: )اش00تد غضب الله على قوم كسروا رباعية نبيهم( يعني بذلك المباشر ل00ذلك، وق00د ذكرنا اسمه على اختالف في ذلك، وإنم00ا قلن00ا إن00ه خص00وص في المباش00ر؛

ألنه قد أسلم جماعة ممن شهد أحدا وحسن إسالمهم. @ زعم بعض الكوفيين أن هذه اآلية ناسخة للقنوت الذي كان النبي ص00لى الله عليه وسلم يفعله بعد الرك00وع في الركع00ة األخ00يرة من الص00بح، واحتج بحديث ابن عمر أنه سمع الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يق00ول في ص00الة الفجر بعد رفع رأسه من الركوع فقال: )اللهم ربنا ولك الحم00د في اآلخ00رة - ثم قال - اللهم العن فالنا وفالن00ا( ف00أنزل الل00ه ع00ز وج00ل "وليس ل00ك من األمر ش00يء أو يت00وب عليهم أو يع00ذبهم" اآلي00ة. أخرج00ه البخ00اري، وأخرج00ه مسلم أيضا من حديث أبي هريرة أتم منه. وليس ه00ذا موض00ع نس00خ وإنم00ا نبه الله تعالى نبيه على أن األمر ليس إليه، وأنه ال يعلم من الغيب شيئا إال ما أعلمه، وأن األم00ر كل00ه لل00ه يت00وب على من يش00اء ويجع00ل العقوب00ة لمن يشاء. والتقدير: ليس لك من األمر شيء ولل00ه م00ا في الس00موات وم00ا في األرض دونك ودونهم يغفر لمن يشاء ويتوب على من يشاء. فال نسخ، والله

Page 119: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أعلم. وبين بقوله: "ليس لك من األمر شيء" أن األمور بقضاء الله وقدرهردا على القدرية وغيرهم.

@ واختلف العلماء في القنوت في صالة الفج00ر وغيره00ا؛ فمن00ع الكوفي00ون منه في الفجر وغيرها. وهو مذهب الليث ويحيى بن يحيى الليثي األندلسي صاحب مالك، وأنكره الشعبي. وفي الموطأ عن ابن عمر: أنه كان ال يقنت في شيء من الصالة. وروى النسائي أنبأنا قتيب00ة عن خل00ف عن أبي مال00ك األشجعي عن أبيه ق00ال: ص00ليت خل00ف الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم فلم يقنت، وصليت خل00ف أبي بك00ر فلم يقنت، وص00ليت خل00ف عم00ر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خل00ف علي فلم يقنت؛ ثم ق00ال: ي00ا بني إنها بدعة. وقيل: يقنت في الفجر دائما وفي س00ائر الص00لوات إذا ن00زل بالمسلمين نازلة؛ قاله الشافعي والطبري. وقي0ل: ه0و مس0تحب في ص0الة الفجر، وروي عن الشافعي. وقال الحسن وسحنون: إنه سنة. وهو مقتضى رواية علي بن زياد عن مالك بإع0ادة تارك0ه للص0الة عم0دا. وحكى الط0بري اإلجماع على أن تركه غير مفسد للص00الة. وعن الحس0ن: في ترك0ه س0جود السهو؛ وهو أحد قولي الشافعي. وذكر الدارقطني عن سعيد بن عبدالعزيز فيمن نسي القنوت في صالة الصبح قال: يس00جد س00جدتي الس00هو. واخت00ار مالك قبل الركوع؛ وهو قول إس00حاق. وروي أيض00ا عن مال00ك بع00د الرك00وع، وروي عن الخلفاء األربعة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق أيضا. وروى عن جماعة من الصحابة التخيير في ذلك. وروى الدارقطني بإس00ناد ص00حيح عن أنس أنه قال: م00ا زال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يقنت في صالة الغداة حتى فارق الدنيا. وذك00ر أب00و داود في المراس00يل عن خال00د بن أبي عمران قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مض00ر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اس00كت فس00كت؛ فق00ال: )ي00ا محم00د إن الل00ه لم يبعثك سبابا وال لعانا وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا، ليس لك من األم00ر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون( قال: ثم علمه هذا القنوت فقال: )اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخن00ع ل00ك ونخل00ع ون00ترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرج00و

رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق(. }يا أيها الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة132 -0 130*اآليات: 3*

واتقوا الله لعلكم تفلحون، واتقوا النار التي أعدت للكافرين، وأطيعوا الل00هوالرسول لعلكم ترحمون{

@قوله تعالى: "يا أيها ال0ذين آمن0وا ال ت0أكلوا الرب0ا أض0عافا مض0اعفة" ه0ذا النهي عن أكل الربا اعتراض بين أثناء قصة أحد. قال ابن عطية: وال أحفظ

في ذلك شيئا مرويا. قلت: قال مجاهد: كانوا يبيعون البيع إلى أجل، فإذا حل األجل زادوا في

الثمن على أن يؤخروا؛ فأنزل الله عز وجل: "يا أيه0ا ال0ذين آمن00وا ال ت0أكلوا الربا أضعافا مضاعفة" قلت وإنما خص الربا من بين سائر المعاص00ي؛ ألن00ه الذي أذن الله فيه بالحرب في قوله: "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله

[ والحرب يؤذن بالقتل؛ فكأن00ه يق00ول: إن لم تتق00وا279ورسوله" ]البقرة: الربا هزمتم وقتلتم. فأمرهم بترك الربا؛ ألنه كان معموال به عن00دهم. والل00ه أعلم. و"أضعافا" نص00ب على الح00ال و"مض00اعفة" نعت00ه. وق00رئ "مض00عفة" ومعناه: الربا الذي كانت العرب تضعف فيه ال00دين، فك00ان الط00الب يق00ول:

Page 120: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أتقضي أم تربي ؟ كما تقدم في "البقرة". و"مض00اعفة" إش00ارة إلى تك00رار التضعيف عاما بعد عام كما ك00انوا يص00نعون؛ ف00دلت ه00ذه العب00ارة المؤك00دة

على شنعة فعلهم وقبحه، ولذلك ذكرت حالة التضعيف خاصة. @قوله تعالى: "واتق00وا الل00ه" أي في أم00وال الرب00ا فال تأكلوه00ا. ثم خ00وفهم فقال: "واتقوا النار التي أعدت للكافرين" قال كثير من المفس00رين: وه00ذا الوعيد لمن استحل الربا، ومن استحل الربا فإنه يكفر ويكفر. وقيل: معناه اتقوا العمل الذي ينزع منكم اإليمان فتستوجبون النار؛ ألن من الذنوب م00ا يستوجب به صاحبه نزع اإليمان ويخ00اف علي00ه؛ من ذل00ك عق00وق الوال00دين. وقد جاء في ذلك أثر: أن رجال كان عاقا لوالديه يقال له علقم00ة؛ فقي00ل ل00ه عن ]عند[ الموت: قل ال إله إال الله، فلم يقدر على ذل00ك ح00تى جاءت00ه أم00ه فرضيت عنه. ومن ذل00ك قطيع00ة ال00رحم وأك00ل الرب00ا والخيان00ة في األمان00ة. وذكر أبو بكر الوراق عن أبي حنيفة أنه قال: أكثر ما ينزع اإليمان من العبد عند الموت. ثم قال أبو بكر: فنظرن00ا في ال00ذنوب ال00تي ت00نزع اإليم00ان فلم نجد شيئا أسرع نزعا لإليمان من ظلم العباد. وفي هذه اآلية دلي00ل على أن الن00ار مخلوق00ة ردا على الجهمي00ة؛ ألن المع00دوم ال يك00ون مع00دا. ثم ق00ال: "وأطيعوا الله" يع0ني أطيع0وا الل0ه في الف0رائض "والرس00ول" في الس0نن: وقيل: "أطيعوا الله" في تحريم الربا "والرسول" فيما بلغكم من التح00ريم.

"لعلكم ترحمون" أي كي يرحمكم الله. وقد تقدم. }وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجن00ة عرض00ها الس00ماوات133*اآلية: 3*

واألرض أعدت للمتقين{ @قوله تعالى: "وسارعوا" قرأ نافع وابن عامر "سارعوا" بغير واو؛ وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام. وقرأ باقي السبعة "وسارعوا". وقال أبو علي: كال األمرين ش00ائع مس00تقيم، فمن ق00رأ ب00الواو فألن00ه عط00ف الجملة على الجملة، ومن ترك الواو فألن الجمل00ة الثاني00ة ملتبس00ة ب00األولى مس0تغنية ب00ذلك عن العط0ف ب0الواو. والمس00ارعة المب0ادرة، وهي مفاعل0ة. وفي اآلية حذف. أي سارعوا إلى م00ا ي00وجب المغف00رة وهي الطاع00ة. ق00ال أنس بن مالك ومكحول في تفسير "سارعوا إلى مغفرة من ربكم": معن00اه إلى تكبيرة اإلحرام. وقال علي بن أبي ط00الب: إلى أداء الف00رائض. عثم00ان بن عفان: إلى اإلخالص. الكل00بي: إلى التوب00ة من الرب00ا. وقي00ل: إلى الثب00ات في القت00ال. وقي00ل غ00ير ه00ذا. واآلي00ة عام00ة في الجمي00ع، ومعناه00ا مع00نى

[ وقد تقدم. 148"فاستبقوا الخيرات" ]البقرة: @قوله تعالى: "وجنة عرضها الس00موات واألرض" تق00ديره كع00رض فح00ذف

[ أي28المضاف؛ كقوله: "ما خلقكم وال بعثكم إال كنفس واحدة" ]لقم00ان: إال كخلق نفس واحدة وبعثها. قال الشاعر:

حسبت بغام راحلتي عناقا وما هي ويب غيرك بالعناق يريد صوت عناق. نظيره في سورة الحديد "وجنة عرضها كع00رض الس00ماء

[.21واألرض" ]الحديد: واختلف العلماء في تأويله؛ فقال ابن عباس: تقرن السموات واألرض

بعضها إلى بعض كم00ا تبس00ط الثي00اب ويوص00ل بعض00ها ببعض؛ ف0ذلك ع0رض الجنة، وال يعلم طولها إال الله. وهذا قول الجمهور، وذلك ال ينك00ر؛ ف00إن في ح00ديث أبي ذر عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم )م00ا الس00موات الس00بع واألرضون السبع في الكرس00ي إال ك00دراهم ألقيت في فالة من األرض وم00ا

Page 121: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الكرس0000ي في الع0000رش إال كحلق0000ة ألقيت في فالة من األرض(. فه0000ذه مخلوقات أعظم بكثير جدا من الس00موات واألرض، وق00درة الل00ه أعظم من ذل00ك كل00ه. وق00ال الكل00بي: الجن00ان أربع00ة: جن00ة ع00دن وجن00ة الم00أوى وجن00ة الفردوس وجنة النعيم، وكل جن00ة منه00ا كع00رض الس00ماء واألرض ل00و وص00ل بعض00ها ببعض. وق00ال إس00ماعيل الس00دي: ل00و كس00رت الس00موات واألرض وصرن خ00ردال، فبك00ل خردل00ة جن00ة عرض00ها كع00رض الس00ماء واألرض. وفي الصحيح: )إن أدنى أهل الجنة منزلة من يتمنى ويتمنى حتى إذا انقطعت به األماني قال الله تعالى: لك ذلك وعشرة أمثاله( رواه أب00و س00عيد الخ00دري، خرجه مسلم وغيره. وقال يعلى بن أبي مرة: لقيت التنوخي رسول هرق0ل إلى النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم بحمص ش00يخا كب00يرا ق00ال: ق00دمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل، فن00اول الص00حيفة رجال عن يساره؛ قال: فقلت من صاحبكم ال00ذي يق00رأ ؟ ق00الوا: معاوي00ة؛ ف00إذا كت00اب ص00احبي: إن00ك كتبت ت00دعوني إلى جن00ة عرض00ها الس00موات واألرض ف00أين النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )س00بحان الل00ه ف00أين اللي00ل إذا جاء النهار(. وبمثل هذه الحجة استدل الف00اروق على اليه00ود حين ق00الوا له: أرأيت قولكم "وجنة عرضها السموات واألرض" فأين النار ؟ فقالوا له: لقد نزعت بما في التوراة. ونبه تعالى بالعرض على الطول ألن الغ00الب أن الطول يكون أكثر من العرض، والطول إذا ذكر ال ي00دل على ق00در الع00رض. قال الزهري: إنما وصف عرضها، فأما طولها فال يعلمه إال الله؛ وهذا كقوله

[ فوص00ف54تعالى: "متكئين على فرش بطائنها من إس00تبرق" ]ال00رحمن: البطانة بأحسن م00ا يعلم من الزين00ة، إذ معل00وم أن الظ00واهر تك00ون أحس00ن وأتقن من البطائن. وتقول العرب: بالد عريضة، وفالة عريضة، أي واس00عة؛

قال الشاعر: كأن بالد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل

وقال قوم: الكالم جار على مقطع العرب من االستعارة؛ فلما كانت الجن00ة من االتس00اع واالنفس00اح في غاي00ة قص00وى حس00نت العب00ارة عنه00ا بع00رض السموات واألرض؛ كما تقول للرجل: هذا بحر، ولشخص كبير من الحيوان: هذا جبل. ولم تقصد اآلية تحديد العرض، ولكن أراد بذلك أنها أوس00ع ش00يء رأيتموه. وعامة العلم00اء على أن الجن00ة مخلوق00ة موج00ودة: لقول00ه "أع00دت للمتقين" وهو نص حديث اإلسراء وغيره في الص00حيحين وغيرهم00ا. وق00الت المعتزل00ة: إنهم00ا غ00ير مخلوق00تين في وقتن00ا، وإن الل00ه تع00الى إذا ط00وى الس00موات واألرض ابت00دأ خل00ق الجن00ة والن00ار حيث ش00اء؛ ألنهم00ا دار ج00زاء ب00الثواب والعق00اب، فخلقت00ا بع00د التكلي00ف في وقت الج00زاء؛ لئال تجتم00ع دار التكلي00ف ودار الج00زاء في ال00دنيا، كم00ا لم يجتمع00ا في اآلخ00رة. وق00ال ابن فورك: الجنة يزاد فيها يوم القيامة. قال ابن عطية: وفي هذا متعلق لمن00ذر بن سعيد وغيره ممن قال: إن الجنة لم تخلق بعد. ق0ال ابن عطي0ة: وق0ول ابن فورك "يزاد فيها" إشارة إلى موجود، لكنه يحتاج إلى سند يقطع العذر

في الزيادة. قلت: صدق ابن عطية رضي الله عنه فيما قال: وإذا كانت السموات

السبع واألرضون السبع بالنسبة إلى الكرس00ي ك00دراهم ألقيت في فالة من األرض، والكرسي بالنسبة إلى الع0رش كحلق0ة ملق0اة ب0أرض فالة؛ فالجن0ة اآلن على ما هي علي00ه في اآلخ00رة عرض00ها كع00رض الس00موات واألرض؛ إذ

Page 122: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الع00رش س00قفها، حس00ب م00ا ورد في ص00حيح مس00لم. ومعل00وم أن الس00قف يحت00وي على م00ا تحت00ه ويزي00د. وإذا ك00انت المخلوق00ات كله00ا بالنس00بة إلي00ه كالحلقة فمن ذا الذي يقدره ويعلم طول00ه وعرض00ه إال الل00ه خالق00ه ال00ذي ال

نهاية لقدرته، وال غاية لسعة مملكته، سبحانه وتعالى. }ال00ذين ينفق00ون في الس00راء والض00راء والك00اظمين الغي00ظ134*اآلية: 3*

والعافين عن الناس والله يحب المحسنين{ @قوله تعالى: "الذين ينفق00ون" ه00ذا من ص00فة المتقين ال00ذين أع00دت لهم الجن00ة، وظ00اهر اآلي00ة أنه00ا م00دح بفع00ل المن00دوب إلي00ه. و"الس00راء" اليس00ر "والضراء" العسر؛ قاله ابن عباس والكلبي ومقاتل. وق00ال عبي00د بن عم00ير والض00حاك: الس00راء والض00راء الرخ00اء والش00دة. ويق00ال في ح00ال الص00حة والمرض. وقي00ل: في الس00راء في الحي00اة، وفي الض00راء يع00ني يوص00ي بع00د الموت. وقيل: في السراء في العرس والوالئم، وفي الض00راء في الن00وائب والمآتم. وقيل: في السراء النفقة ال00تي تس00ركم؛ مث00ل النفق00ة على األوالد والقرابات، والضراء على األعداء. ويقال: في السراء ما يض00يف ب00ه الف00تى

ويهدى إليه. والضراء ما ينفقه على أهل الضر ويتصدق به عليهم.قلت: - واآلية تعم.

@قوله تعالى: "والكاظمين الغيظ" وكظم الغي00ظ رده في الج00وف؛ يق00ال: كظم غيظ00ه أي س00كت علي00ه ولم يظه00ره م00ع قدرت00ه على إيقاع00ه بع00دوه، وكظمت السقاء أي مألت0ه وس00ددت علي00ه، والكظام0ة م0ا يس00د ب0ه مج00رىق والقرب00ة. وكظم البع00ير الماء؛ ومنه الكظام للسير الذي يسد ب00ه فم ال00ز جرته إذا ردها في جوفه؛ وقد يقال لحبسه الجرة قبل أن يرسلها إلى في00ه: كظم؛ حكاه الزجاج. يق00ال: كظم البع00ير والناق00ة إذا لم يج00ترا؛ ومن00ه ق00ول

الراعي: فأفضن بعد كظومهن بجرة من ذي األبارق إذ رعين حقيال

الحقيل: موضع. والحقيل: نبت. وقد قيل: إنها تفعل ذلك عند الفزع والجهدفال تجتر؛ قال أعشى باهلة يصف رجال نحارا لإلبل فهي تفزع منه:

قد تكظم البزل منه حين تبصره حتى تقطع في أجوافها الجرر ومنه: رج00ل كظيم ومكظ00وم إذا ك00ان ممتلئ00ا غم00ا وحزن00ا. وفي التنزي00ل:

[. "ظل وجه00ه مس00ودا84"وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم" ]يوسف: [. والغي00ظ48[. "إذ ن00ادى وه00و مكظ00وم" ]القلم: 58وهو كظيم" ]النح00ل:

أصل الغضب، وكثيرا ما يتالزمان لكن فرقان ما بينهما، أن الغي00ظ ال يظه00ر على الجوارح، بخالف الغضب فإنه يظهر في الجوارح م0ع فع0ل م0ا وال ب0د؛ وله00ذا ج00اء إس00ناد الغض00ب إلى الل00ه تع00الى إذ ه00و عب00ارة عن أفعال00ه في المغض00وب عليهم. وق0د فس0ر بعض الن00اس الغي00ظ بالغض00ب؛ وليس بجي00د.

والله أعلم. @قوله تعالى: "والعافين عن الناس" العفو عن الناس أج00ل ض00روب فع00ل الخير؛ حيث يجوز لإلنس00ان أن يعف00و وحيث يتج00ه حق00ه. وك00ل من اس00تحق عقوبة فتركت له فقد عفي عنه. واختل00ف في مع00نى "عن الن00اس"؛ فق00ال أبو العالية والكلبي والزج00اج: "والع00افين عن الن00اس" يري00د عن الممالي00ك. قال ابن عطية: وهذا حسن على جه0ة المث0ال؛ إذ هم الخدم0ة فهم ي0ذنبون كث00يرا والق00درة عليهم متيس00رة، وإنف00اذ العقوب00ة س00هل؛ فل00ذلك مث00ل ه00ذا المفس00ر ب00ه. وروي عن ميم00ون بن مه00ران أن جاريت00ه ج00اءت ذات ي00وم

Page 123: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

بصحفة فيها مرقة حارة، وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه، ف00أراد ميم00ون أن يض00ربها، فق00الت الجاري00ة: ي00ا م00والي، اس00تعمل قول00ه تع00الى: "والكاظمين الغيظ" قال لها: قد فعلت. فقالت: اعمل بما بعده "والع00افين عن الن00اس". فق00ال: ق00د عف00وت عن00ك. فق00الت الجاري00ة: "والل00ه يحب المحسنين". قال ميمون: قد أحسنت إليك، فأنت ح00رة لوج00ه الل00ه تع00الى. وروي عن األحن00ف بن قيس مثل00ه. وق00ال زي00د بن س00لم: "والع00افين عن الناس" عن ظلمهم وإساءتهم. وهذا عام، وهو ظاهر اآلية. وقال مقاتل بن حيان في هذه اآلية: بلغنا أن رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم ق0ال عن0د ذلك: )إن هؤالء من أم00تي قلي00ل إال من عص00مه الل00ه وق00د ك00انوا كث00يرا في األمم التي مضت(. فمدح الل00ه تع0الى ال0ذين يغف0رون عن0د الغض0ب وأث0نى

[، وأث00نى على37عليهم فق00ال: "وإذا م00ا غض00بوا هم يغف00رون" ]الش00ورى: الكاظمين الغيظ بقوله: "والعافين عن الناس"، وأخبر أنه يحبهم بإحسانهم في ذل00ك. ووردت في كظم الغي00ظ والعف00و عن الن00اس ومل00ك النفس عن00د الغضب أحاديث؛ وذلك من أعظم العبادة وجه0اد النفس؛ فق00ال ص0لى الل00ه عليه وسلم: )ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يمل00ك نفس00ه عن00د الغضب(. وقال عليه السالم )ما من جرعة يتجرعها العب00د خ00ير ل00ه وأعظم أجرا من جرعة غيظ في الله(. وروى أنس أن رجال قال: يا رسول الله، ما أشد من كل شيء ؟ قال: )غضب الله(. ق00ال فم00ا ينجي من غض00ب الل00ه؟

قال: )ال تغضب(. قال العرجي: وإذا غضبت فكن وقورا كاظما للغيظ تبصر ما تقول وتسمع فكفى به شرفا تصبر ساعة يرضى بها عنك اإلله وترفع

وقال عروة بن الزبير في العفو:لن يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا حتى يذلوا وإن عزوا ألقوام ويشتموا فترى األلوان مشرقة ال عفو ذل ولكن عفو إكرام

وروى أبو داود وأبو عيس00ى الترم00ذي عن س00هل بن مع00اذ بن أنس الجه00ني عن أبي00ه عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم ق00ال: )من كظم غيظ00ا وه00و يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخالئ00ق ح00تى يخ00يره في أي الحور شاء( قال: هذا ح00ديث حس00ن غ00ريب. وروى أنس عن الن00بي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إذا كان ي00وم القيام00ة ن00ادى من00اد من ك00ان أجره على الله فليدخل الجن0ة فيق0ال من ذا ال0ذي أج0ره على الل0ه فيق0وم العافون عن الناس يدخلون الجنة بغير حساب(. ذكره الماوردي. وقال ابن المب00ارك: كنت عن00د المنص00ور جالس00ا ف00أمر بقت00ل رج00ل؛ فقلت: ي00ا أم00ير المؤمنين، قال رسول الله صلى الل00ه علي0ه وس00لم: )إذا ك0ان ي0وم القيام0ة نادى مناد بين يدي الله ع00ز وج00ل من ك00انت ل00ه ي00د عن00د الل00ه فليتق00دم فال

يتقدم إال من عفا عن ذنب(؛ فأمر بإطالقه. @قول00ه تع00الى: "والل00ه يحب المحس00نين" أي ي00ثيبهم على إحس00انهم. ق00ال س00ري الس00قطي: اإلحس00ان أن تحس00ن وقت اإلمك00ان، فليس ك00ل وقت

يمكنك اإلحسان؛ قال الشاعر: بادر بخير إذا ما كنت مقتدرا فليس في كل وقت أنت مقتدر

وقال أبو العباس الجماني فأحسن:ليس في كل ساعة وأوان تتهيأ صنائع اإلحسان وإذا أمكنت فبادر إليها حذرا من تعذر اإلمكان

Page 124: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وقد مضى في "البقرة" القول في المحسن واإلحسان فال معنى لإلعادة. }والذين إذا فعلوا فاحش00ة أو ظلم00وا أنفس00هم ذك00روا الل00ه135*اآلية: 3*

فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر ال00ذنوب إال الل00ه ولم يص00روا على م00ا فعل00واوهم يعلمون{

@قوله تع0الى: "وال0ذين إذا فعل00وا فاحش00ة أو ظلم00وا أنفس00هم" ذك00ر الل00ه تع0الى في ه00ذه اآلي0ة ص0نفا، هم دون الص00نف األول ف00ألحقهم ب00ه برحمت00هه؛ فهؤالء هم التوابون. ق00ال ابن عب00اس في رواي00ة عط00اء: ن00زلت ه00ذه ومن اآلية في نبهان التمار - وكنيته أبو مقبل - أتته امرأة حسناء باع منه00ا تم00را، فضمها إلى نفسه وقبلها فندم على ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له؛ فنزلت هذه اآلية. وذكر أبو داود الطيالس00ي في مس00نده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر - وصدق أب00و بك00ر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله إال غفر له( - ثم تال هذه اآلية - "وال00ذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذك0روا الل0ه فاس0تغفروا ل0ذنوبهم" - اآلي0ة،

[. وخرجه110واآلية األخرى - "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه" ]النساء: الترمذي وقال: حديث حسن. وهذا عام. وقد ت00نزل اآلي00ة بس00بب خ00اص ثم تتناول جميع من فعل ذلك أو أكثر منه. وقد قيل: إن سبب نزولها أن ثقفي00ا خرج في غزاة وخلف صاحبا له أنصاريا على أهله، فخان00ه فيه00ا ب00أن اقتحم عليها ف0دفعت عن نفس00ها فقب00ل ي00دها، فن00دم على ذل0ك فخ00رج يس00يح في األرض نادما تائبا؛ فجاء الثقفي فأخبرت00ه زوجت00ه بفع00ل ص00احبه، فخ00رج في طلبه فأتى به إلى أبي بكر وعمر رجاء أن يجد عندهما فرجا فوبخاه؛ ف00أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بفعله؛ فنزلت هذه اآلية. والعموم أولى للحديث. وروي عن ابن مسعود أن الصحابة قالوا: يا رسول الله، كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا، حيث كان المذنب منهم تصبح عقوبته مكتوب00ة على ب00اب داره، وفي رواي00ة: كف00ارة ذنب00ه مكتوب00ة على عتب00ة داره: اج00دع أنفك، اقطع أذنك، افعل كذا؛ فأنزل الله تع0الى ه0ذه اآلي00ة توس0عة ورحم00ة وعوضا من ذلك الفعل بب00ني إس00رائيل. وي00روى أن إبليس بكى حين ن00زلت هذه اآلية. والفاحشة تطلق على ك00ل معص00ية، وق00د ك00ثر اختصاص00ها بالزن00ا حتى فسر جابر بن عبدالله والسدي هذه اآلية بالزن00ا. و"أو" في قول00ه: "أو ظلموا أنفسهم" قيل هي بمع00نى ال00واو؛ والم00راد م00ا دون الكب00ائر. "ذك00روا الله" معناه بالخوف من عقابه والحياء منه. الضحاك: ذكروا العرض األك00بر على الله. وقيل تفك00روا في أنفس00هم أن الل00ه س00ائلهم عن00ه؛ قال00ه الكل00بي ومقاتل. وعن مقاتل أيضا: ذكروا الله باللس00ان عن00د ال00ذنوب. "فاس00تغفروا لذنوبهم" أي طلبوا الغفران ألجل ذنوبهم. وك00ل دع00اء في00ه ه00ذا المع00نى أو لفظه فهو استغفار. وقد تقدم في صدر هذه الس00ورة س00يد االس00تغفار وإن وقته األسحار. فاالستغفار عظيم وثواب00ه جس00يم، ح00تى لق00د روى الترم00ذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من قال أستغفر الله الذي ال إله إال هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزح00ف(. وروى مكحول عن أبي هريرة قال: ما رأيت أكثر استغفارا من رسول الله ص00لى الله عليه وسلم. وقال مكح00ول: م00ا رأيت أك00ثر اس00تغفارا من أبي هري00رة. وكان مكحول كثير االستغفار. قال علماؤنا: االستغفار المطل00وب ه00و ال00ذي يحل عقد اإلصرار ويثبت معن00اه في الجن00ان، ال التلف00ظ باللس00ان. فأم00ا من

Page 125: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قال بلسانه: أستغفر الله، وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحت00اج إلى استغفار، وصغيرته الحقة بالكبائر. وروي عن الحسن البصري أنه قال:

استغفارنا يحتاج إلى استغفار. قلت: هذا يقوله في زمانه، فكيف في زماننا هذا الذي يرى فيه اإلنسان

بحة في ي00ده زاعم00ا أن00ه مكب00ا على الظلم ! حريص00ا علي00ه ال يقل00ع، والس00 يستغفر الله من ذنبه وذل00ك اس00تهزاء من00ه واس00تخفاف. وفي التنزي00ل "وال

[. وقد تقدم. 231تتخذوا آيات الله هزوا" ]البقرة: @قوله تعالى: "ومن يغفر الذنوب إال الله" أي ليس أحد يغفر المعصية وال يزيل عقوبتها إال الله. "ولم يصروا على م00ا فعل00وا" أي ولم يثبت00وا ويعزم00وا على ما فعلوا. وقال مجاهد: أي ولم يمضوا. وقال معبد بن ص00بيح: ص00ليت خلف عثمان وعلي إلى جانبي، فأقبل علين00ا فق0ال: ص0ليت بغ00ير وض00وء ثم ذهب فتوضأ وصلى. "ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون". اإلصرار ه00و العزم بالقلب على األمر وترك اإلقالع عن00ه. ومن00ه ص00ر ال00دنانير أي الرب00ط

عليها؛ قال الحطيئة يصف الخيل:عث الكماة إذا ابتغوا عاللتها بالمحصدات أصرت عوابس بالش

أي ثبتت على عدوها. وق0ال قت00ادة: اإلص0رار الثب00وت على المعاص00ي؛ ق00الالشاعر:

يصر بالليل ما تخفي شواكله يا ويح كل مصر القلب ختار قال سهل بن عبدالل00ه: الجاه00ل ميت، والناس00ي ن00ائم، والعاص00ي س00كران، والمصر هالك، واإلصرار ه00و التس00ويف، والتس00ويف أن يق00ول: أت00وب غ00دا؛ وهذا دعوى النفس، كيف يتوب غدا ال يملكه!. وقال غير سهل: اإلصرار هو أن ينوي أال يتوب فإذا نوى التوبة النصوح خرج عن اإلص00رار. وق00ول س00هل أحس00ن. وروي عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم أن00ه ق00ال: )ال توب00ة م00ع

إصرار(. @ قال علماؤنا: الباعث على التوبة وحل اإلص00رار إدام00ة الفك00ر في كت00اب الله العزيز الغف0ار، وم0ا ذك0ره الل0ه س0بحانه من تفاص0يل الجن0ة ووع0د ب0ه المطيعين، وما وصفه من عذاب النار وته00دد ب00ه العاص00ين، ودام على ذل00ك حتى قوي خوف0ه ورج0اؤه ف0دعا الل0ه رغب0ا ورهب0ا؛ والرغب0ة والرهب0ة ثم0رة الخوف والرجاء، يخاف من العقاب ويرجو الثواب، والله الموفق للص00واب. وقد قيل: إن الباعث على ذل0ك تنبي00ه إلهي ينب0ه ب0ه من أراد س00عادته؛ لقبح

الذنوب وضررها إذ هي سموم مهلكة. قلت: وهذا خالف في اللفظ ال في المعنى، فإن اإلنسان ال يتفكر في

وعد الله ووعيده إال بتنبيهه؛ فإذا نظر العبد بتوفي00ق الل00ه تع0الى إلى نفس00ه فوجدها مشحونة بذنوب اكتسبها وسيئات اقترفها، وانبعث منه الن00دم على ما فرط، وترك مثل ما سبق مخافة عقوبة الله تعالى صدق عليه أنه تائب، فإن لم يكن كذلك كان مصرا على المعصية ومالزما ألس00باب الهلك00ة. ق00ال سهل بن عبدالله: عالمة التائب أن يشغله ال00ذنب على الطع00ام والش00راب؛

فوا. كالثالثة الذين خل @قول00ه تع00الى: "وهم يعلم00ون" في00ه أق00وال. فقي00ل: أي ي00ذكرون ذن00وبهم فيتوبون منها. قال النحاس: وهذا قول حس00ن. وقي00ل: "وهم يعلم00ون" أني أعاقب على اإلصرار. وقال عبدالله بن عبيد بن عمير: "وهم يعلمون" أنهم إن تابوا ت00اب الل00ه عليهم. وقي00ل: "يعلم00ون" أنهم إن اس00تغفروا غف00ر لهم.

Page 126: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وقيل: "يعلمون" بم00ا ح00رمت عليهم؛ قال00ه ابن إس00حاق. وق00ال ابن عب00اس والحسن ومقاتل والكلبي: "وهم يعلمون" أن اإلصرار ضار، وأن تركه خ00ير من التمادي. وقال الحس00ن بن الفض00ل: "وهم يعلم00ون" أن لهم رب00ا يغف00ر

الذنب. قلت: وهذا أخذه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى

الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل ق00ال: )أذنب عب00د ذنب00ا فق00ال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عب00دي ذنب00ا فعلم أن ل00ه رب00ا يغفر الذنب ويأخذ بال00ذنب ثم ع00اد ف00أذنب فق00ال أي رب اغف00ر لي ذن00بي - فذكر مثله مرتين، وفي آخره: اعم00ل م00ا ش00ئت فق00د غف00رت ل00ك( أخرج00ه مسلم. وفيه دليل على صحة التوبة بعد نقضها بمعاودة ال00ذنب؛ ألن التوب00ة األولى طاعة وقد انقضت وصحت، وهو محتاج بع00د مواقع00ة ال00ذنب الث00اني إلى توبة أخرى مستأنفة، والعود إلى الذنب وإن كان أقبح من ابتدائه؛ ألن00ه أضاف إلى الذنب نقض التوبة، فالعود إلى التوبة أحس00ن من ابت00دائها؛ ألن00ه أضاف إليها مالزمة اإللحاح بباب الكريم، وإنه ال غافر للذنوب سواه. وقوله في آخر الحديث )اعمل م00ا ش00ئت( أم00ر معن00اه اإلك00رام في أح00د األق00وال؛

[. وآخر الكالم خبر عن46فيكون من باب قوله: "ادخلوها بسالم" ]الحجر: حال المخاطب بأنه مغفور له ما س00لف من ذنب00ه، ومحف00وظ إن ش00اء الل00ه تع00الى فيم00ا يس00تقبل من ش00أنه. ودلت اآلي00ة والح00ديث على عظيم فائ00دة االعتراف بالذنب واالستغفار منه، قال صلى الله عليه وسلم: )إن العبد إذا اعترف بذنب00ه ثم ت0اب إلى الل00ه ت00اب الل00ه علي00ه( أخرج0اه في الص00حيحين.

وقال: يستوجب العفو الفتى إذا اعترف بما جنى من الذنوب واقترف

وقال آخر:أقرر بذنبك ثم اطلب تجاوزه إن الجحود جحود الذنب ذنبان

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم: )والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم(. وهذه فائدة اسم الله تعالى الغفار والتواب، على

ما بيناه في الكتاب األسنى في شرح أسماء الله الحسنى. @ الذنوب التي يتاب منها إما كفر أو غيره، فتوبة الكافر إيمان00ه م00ع ندم00ه على ما سلف من كفره، وليس مجرد اإليمان نفس توبة، وغ00ير الكف00ر إم00ا حق لله تعالى، وإم00ا ح00ق لغ00يره، فح00ق الل00ه تع00الى يكفي في التوب00ة من00ه الترك؛ غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد ال00ترك ب00ل أض00اف إلى ذل00ك في بعض00ها قض00اء كالص00الة والص00وم، ومنه00ا م00ا أض00اف إليه00ا كف00ارة كالحنث في األيمان والظهار وغ00ير ذل0ك، وأم00ا حق00وق اآلدم00يين فال ب00د من إيصالها إلي مستحقيها، فإن لم يوجدوا تصدق عنهم، ومن لم يج00د الس00بيل لخروج ما عليه إلعسار فعفو الله مأمول، وفض00له مب00ذول؛ فكم ض00من من

التبعات وبدل من السيئات بالحسنات. وستأتي زيادة بيان لهذا المعنى. @ ليس على اإلنسان إذا لم يذكر ذنبه ويعلمه أن يت00وب من00ه بعين00ه، ولكن يلزمه إذا ذكر ذنبا تاب منه. وقد تأول كثير من الناس فيما ذكر ش00يخنا أب00و محمد عبدالمعطي اإلسكندراني رضي الله عنه أن اإلمام المحاسبي رحمه الله يرى أن التوبة من أجناس المعاصي ال تصح، وإن الندم على جملته00ا ال يكفي، ب00ل ال ب00د أن يت00وب من ك00ل فع00ل بجارحت00ه وك00ل عق00د بقلب00ه على

Page 127: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

التعيين. ظنوا ذلك من قوله، وليس هذا مراده، وال يقتضيه كالمه، ب00ل حكم المكلف إذا عرف حكم أفعال00ه، وع00رف المعص00ية من غيره00ا، ص00حت من00ه التوبة من جملة ما عرف؛ فإنه إن لم يعرف كون فعله الماض00ي معص00ية ال يمكنه أن يتوب من00ه ال على الجمل00ة وال على التفص00يل؛ ومثال00ه رج00ل ك00ان يتعاطى بابا من أبواب الربا وال يعرف أنه ربا فإذا سمع كالم الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين. ف00إن

[ عظم علي00ه ه00ذا279لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" ]البق00رة: التهديد، وظن أنه سالم من الربا، فإذا علم حقيقة الربا اآلن، ثم تفكر فيما مضى من أيامه وعلم أنه البس منه شيئا كثيرا في أوقات متقدمة، صح أن يندم علي00ه اآلن جمل00ة، وال يلزم00ه تع00يين أوقات00ه، وهك00ذا ك00ل م00ا واق00ع من ال00ذنوب والس00يئات كالغيب00ة والنميم00ة وغ00ير ذل00ك من المحرم00ات ال00تي لم يعرف كونها محرمة، فإذا فقه العب00د وتفق0د م00ا مض00ى من كالم00ه ت0اب من ذلك جملة، وندم على ما فرط فيه من ح00ق الل00ه تع00الى، وإذا اس00تحل من كان ظلمه فحالله على الجملة وطابت نفسه بترك حقه جاز؛ ألنه من ب00اب هبة المجهول، هذا مع شح العب00د وحرص00ه على طلب حق00ه، فكي00ف ب00أكرم األك00رمين المتفض00ل بالطاع00ات وأس00بابها والعف00و عن المعاص00ي ص00غارها وكبارها. قال شيخنا رحمه الله تعالى: هذا مراد اإلم00ام، وال00ذي ي00دل علي00ه كالمه لمن تفقده، وما ظنه به الظان من أن00ه ال يص00ح الن00دم إال على فع00ل فعل وحركة حرك0ة وس0كنة س0كنة على التع0يين ه0و من ب00اب تكلي00ف م0اال يطاق، الذي لم يقع شرعا وإن جاز عقال، ويلزم عن00ه أن يع00رف كم جرع00ة جرعها في شرب الخمر، وكم حركة تحركها في الزنا، وكم خط00وة مش00اها إلى مح00رم، وه00ذا م00اال يطيق00ه أح00د، وال تت00أتى من00ه توب00ة على التفص00يل. وسيأتي لهذا الباب مزيد بي00ان من أحك00ام التوب00ة وش00روطها في "النس00اء"

وغيرها إن شاء الله تعالى. @في قوله تعالى: "ولم يصروا" حجة واضحة وداللة قاطعة لما قاله سيف السنة، ولسان األمة القاض00ي أب00و بك00ر بن الطيب: أن اإلنس00ان يؤاخ00ذ بم00ا

وطن عليه بضميره، وعزم عليه بقلبه من المعصية. قلت: وفي التنزيل: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"

[. فعوقبوا قب00ل فعلهم20[ وقال: "فأصبحت كالصريم" ]القلم: 25]الحج: بعزمهم وسيأتي بيانه. وفي البخاري )إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار( قالوا: يا رسول الله ه0ذا القات0ل، فم0ا ب0ال المقت0ول ؟ قال: )إنه كان حريصا على قتل صاحبه(. فعلق الوعي00د على الح00رص وه00و العزم وألغى إظهار السالح، وأنص من هذا ما خرج00ه الترم00ذي من ح00ديث أبي كبشة األنماري وصححه مرفوعا )إنما ال00دنيا ألربع00ة نف00ر رج00ل أعط00اه الله ماال وعلما فهو يتقي فيه ربه ويص00ل في00ه رحم00ه ويعلم الل00ه في00ه حق00ا فهذا بأفضل المنازل، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته ماال فه00و ص00ادق الني00ة يقول لو أن لي ماال لعملت فيه بعمل فالن فهو نيته فأجرهما سواء، ورجل آتاه الله ماال ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله بغير علم ال يتقي في00ه رب00ه وال يصل به رحمه وال يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل، ورجل لم يؤته الله ماال وال علما فهو يقول لو أن لي ماال لعملت فيه بعمل فالن فهو نيت00ه فوزرهما سواء(. وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عام00ة الس00لف وأه00ل العلم من الفقه0اء والمح0دثين والمتكلمين، وال يلتفت إلى خالف من

Page 128: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

زعم أن ما يهم اإلنسان ب00ه وإن وطن علي00ه ال يؤاخ0ذ ب00ه. وال حج00ة ل0ه في قوله عليه السالم: )من هم بس00يئة فلم يعمله0ا لم تكتب علي0ه ف0إن عمله0ا كتبت سيئة واحدة( ألن معنى )فلم يعملها( فلم يعزم على عملها بدليل م00ا ذكرنا، ومعنى )فإن عمله00ا( أي أظهره00ا أو ع00زم عليه00ا ب00دليل م00ا وص00فنا.

وبالله توفيقنا. }أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجن00ات تج00ري من تحته00ا136*اآلية: 3*

األنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين{ @ رتب تع00الى بفض00له وكرم00ه غف00ران ال00ذنوب لمن أخلص في توبت00ه ولم يصر على ذنبه. ويمكن أن يتصل هذا بقص00ة أح00د، أي من ف00ر ثم ت00اب ولم

يصر فله مغفرة الله. }ق00د خلت من قبلكم س00نن فس00يروا في األرض ف00انظروا137*اآلي00ة: 3*

كيف كان عاقبة المكذبين{ @ هذا تسلية من الله تعالى للمؤمنين، والس00نن جم00ع س00نة وهي الطري00ق المستقيم. وفالن على السنة أي على طريق االس00تواء ال يمي00ل إلى ش00يء

من األهواء، قال الهذلي: فال تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها

والسنة: اإلمام المتبع المؤتم به، يق00ال: س00ن فالن س00نة حس00نة وس00يئة إذاعمل عمال اقتدي به فيه من خير أو شر، قال لبيد:

من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها والسنة األمة، والسنن األمم؛ عن المفضل. وأنشد:

ما عاين الن00اس من فض00ل كفض00لهم وال رأوا مثلهم في س00الف السنن

وقال الزجاج: والمعنى أهل سنن، فحذف المضاف. وقال أب0و زي0د: أمث00ال. عطاء: شرائع. مجاهد: المع0نى "ق0د خلت من قبلكم س0نن" يع0ني ب0الهالك فيمن كذب قبلكم كعاد وثمود. والعاقب00ة: آخ00ر األم00ر، وه00ذا في ي00وم أح00د. يقول فأنا أمهلهم وأملي لهم وأس00تدرجهم ح00تى يبل00غ الكت00اب أجل00ه، يع00ني

بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهالك أعدائهم الكافرين. }هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين{138*اآلية: 3*

@ يعني القرآن، عن الحس00ن وغ00يره. وقي00ل: ه00ذا إش00ارة إلى قول00ه: "ق00دخلت من قبلكم سنن". والموعظة الوعظ. وقد تقدم.

}وال تهنوا وال تحزنوا وأنتم األعلون إن كنتم مؤمنين{139*اآلية: 3* @ عزاهم وسالهم بما نالهم يوم أحد من القتل والجراح، وحثهم على قتال ع00دوهم ونه00اهم عن العج00ز والفش00ل فق00ال "وال تهن00وا" أي ال تض00عفوا وال تجبنوا يا أصحاب محمد عن جهاد أعدائكم لم0ا أص0ابكم. "وال تحزن0وا" على ظهورهم، وال على ما أصابكم من الهزيمة والمص00يبة. "وأنتم األعل00ون" أي لكم تكون العاقب00ة بالنص00ر والظف00ر "إن كنتم مؤم00نين" أي بص00دق وع00دي. وقيل: "إن" بمعنى "إذ". قال ابن عباس: انهزم أصحاب رسول الل00ه ص00لى الله عليه وسلم يوم أحد فبينا هم كذلك إذ أقبل خال00د بن الولي00د بخي00ل من المشركين، يريد أن يعلو عليهم الجبل؛ فقال النبي صلى الله عليه وس00لم: )اللهم ال يعلن علينا اللهم ال قوة لنا إال بك اللهم ليس يعب00دك به00ذه البل00دة غير هؤالء النفر(. فأنزل الله هذه اآلي00ات. وث0اب نف00ر من المس00لمين رم0اة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزم00وهم؛ ف00ذلك قول00ه تع00الى:

Page 129: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

"وأنتم األعلون" يعني الغالبين على األعداء بعد أحد. فلم يخرجوا بعد ذل00ك عسكرا إال ظفروا في كل عسكر كان في عهد رسول الله صلى الله علي00ه وسلم، وفي كل عسكر كان بعد رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وك00ان فيه واحد من الصحابة ك00ان الظف00ر لهم، وه00ذه البل00دان كله00ا إنم00ا افتتحت على عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم بعد انقراض00هم م00ا افتتحت بلدة على الوجه كم00ا ك00انوا يفتتح00ون في ذل00ك ال00وقت. وفي ه00ذه اآلية بيان فضل هذه األمة؛ ألنه خاطبهم بم0ا خ0اطب ب0ه أنبي0اءه؛ ألن0ه ق0ال

[ وقال لهذه األمة: "وأنتم األعل00ون".68لموسى: "إنك أنت األعلى" ]طه: وه000ذه اللفظ000ة مش000تقة من اس000مه األعلى فه00و س000بحانه العلي، وق000ال

للمؤمنين: "وأنتم األعلون". }إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك األي00ام140*اآلية: 3*

نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله ال يحبالظالمين{

@قوله تع00الى: "إن يمسس00كم ق00رح فق00د مس الق00وم ق00رح مثل00ه" الق00رح الجرح. والضم والفتح فيه لغتان عن الكسائي واألخفش؛ مثل عق00ر وعق00ر. الفراء: هو بالفتح الجرح، وبالضم ألمه. والمع00نى: إن يمسس00كم ي00وم أح00د قرح فقد مس القوم يوم بدر قرح مثله. وقرأ محم00د بن الس00ميقع "ق00رح" بفتح القاف والراء على المصدر. "وتلك األيام نداولها بين الناس" قيل: هذا في الحرب، تكون مرة للمؤمنين لينصر الله عز وجل دينه، ومرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليهم ويمحص ذنوبهم؛ فأما إذا لم يعصوا فإن ح00زب الله هم الغالبون. وقيل: "نداولها بين الناس" من فرح وغم وص00حة وس00قم

وغنى وفقر. والدولة الكرة؛ قال الشاعر: فيوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر

@قوله تعالى: "وليعلم الله الذين آمنوا" معناه، وإنما كانت ه00ذه المداول00ة ليرى المؤمن من المنافق فيميز بعضهم من بعض؛ كما قال: "وما أص00ابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين. وليعلم الذين ن00افقوا" ]آل

-00 166عمران: [. وقيل: ليعلم صبر المؤمنين، العلم الذي يقع علي00ه167 الجزاء كما علمه غيبا قبل أن كلفهم. وقد تقدم في "البقرة" هذا المعنى.

@قوله تعالى: "ويتخذ منكم شهداء" أي يكرمكم بالشهادة؛ أي ليقتل ق00وم فيكونوا شهداء على الناس بأعمالهم. وقيل: لهذا قيل شهيد: وقيل: س00مي شهيدا ألنه مشهود له بالجن0ة وقي0ل: س00مي ش00هيدا ألن أرواحهم احتض00رت دار الس00الم، ألنهم أحي00اء عن00د ربهم، وأرواح غ00يرهم ال تص00ل إلى الجن00ة؛ فالشهيد بمعنى الشاهد أي الحاضر للجنة، وهذا هو الص00حيح على م00ا ي00أتي والشهادة فضلها عظيم، ويكفيك في فضلها قوله تع0الى: "إن الل0ه اش0ترى

[ اآلية. وقوله: "يا أيها الذين آمنوا هل111من المؤمنين أنفسهم" ]التوبة: أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في س00بيل الل00ه ب00أموالكم وأنفس00كم" إلى قول00ه: "ذل00ك الف00وز العظيم"

-00 10]الصف: 11 00- [ وفي صحيح البستي عن أبي هريرة قال: ق00ال12 رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما يجد الشهيد من القت00ل إال كم00ا يج00د أح00دكم من القرح00ة(. وروى النس00ائي عن راش00د بن س00عد عن رج00ل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجال قال: يا رس00ول الل00ه، م00ا ب00ال المؤمنين يفتنون في قبورهم إال الشهيد؟ قال: )كفى ببارقة الس00يوف على

Page 130: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

رأسه فتنة(. وفي البخاري: "من قتل من المسلمين يوم أحد" منهم حم00زة واليمان والنضر بن أنس ومصعب بن عمير، حدثني عمرو بن علي أن معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قت00ادة ق0ال: م00ا نعلم حي00ا من أحي0اء الع0رب أكثر شهيدا أعز يوم القيامة من األنصار. قال قتادة: وحدثنا أنس بن مال00ك أنه قتل منهم يوم أحد س00بعون، وي00وم ب00ئر معون00ة س00بعون، وي00وم اليمام00ة سبعون. قال: وك00ان ب00ئر على عه00د الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، وي00وم اليمامة على عهد أبي بك00ر ي00وم مس00يلمة الك00ذاب. وق00ال أنس: أتي الن00بي صلى الله عليه وس00لم بعلي بن أبي ط00الب وب00ه ني00ف وس00تون جراح00ة من طعنة وضربة ورمية، فجع0ل الن00بي ص0لى الل00ه علي00ه وس00لم يمس0حها وهي

تلتئم بإذن الله تعالى كأن لم تكن. @في قوله تعالى: "ويتخذ منكم ش00هداء" دلي00ل على أن اإلرادة غ00ير األم00ر كما يقول أهل السنة؛ فإن الله تعالى نهى الكفار عن قتل المؤمنين: حمزة وأص00حابه وأراد قتلهم، ونهى آدم عن أك00ل الش00جرة وأراده فواقع00ه آدم، وعكسه أنه أمر إبليس بالسجود ولم يرده فامتنع منه؛ وعنه وقعت اإلشارة

[. وإن ك0ان ق00د46بقوله الحق: "ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم" ]التوبة: أمر جميعهم بالجهاد، ولكنه خلق الكس00ل واألس00باب القاطع00ة عن المس00ير

فقعدوا. @ روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى الن00بير أص0حابك في األس0ارى إن صلى الله عليه وسلم ي0وم ب0در فق0ال ل0ه: )خي ش00اؤوا القت00ل وإن ش00اؤوا الف00داء على أن يقت00ل منهم ع00ام المقب00ل مثلهم فقالوا الفداء ويقتل منا( أخرجه الترمذي وقال: حديث حس00ن. ف00أنجز الل00ه وع00ده بش00هادة أوليائ00ه بع00د أن خ00يرهم فاخت00اروا القت00ل. "والل00ه ال يحب الظالمين" أي المشركين، أي وإن أنال الكفار من المؤمنين فه00و ال يحبهم،

وإن أحل ألما بالمؤمنين فإنه يحب المؤمنين. }وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين{141*اآلية: 3*

@فيه ثالثة أقوال: يمحص: يختبر. الثاني: يطهر؛ أي من ذن00وبهم فه00و على حذف مض00اف. المع00نى: وليمحص الل00ه ذن00وب ال00ذين آمن00وا؛ قال00ه الف00راء. الث00الث: يمحص يخلص؛ فه00ذا أغربه00ا. ق00ال الخلي00ل: يق00ال محص الحب00ل يمحص محصا إذا انقطع وبره؛ ومنه )اللهم محص عنا ذنوبنا( أي خلصنا من عقوبتها. وقال أبو إسحاق الزجاج: قرأت على محمد بن يزي00د عن الخلي00ل: التمحيص التخليص. يقال: محصه يمحصه محصا إذا خلصه؛ ف00المعنى علي00ه ليبتلي المؤم00نين لي00ثيبهم ويخلص00هم من ذن00وبهم. "ويمح00ق الك00افرين" أي

يستأصلهم بالهالك. }أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الل00ه ال00ذين جاه00دوا142*اآلية: 3*

منكم ويعلم الصابرين{ @قوله: "أم" بمعنى بل. وقيل: الميم زائدة، والمعنى أحسبتم يا من انهزم يوم أحد أن تدخلوا الجنة كما دخ00ل ال00ذين قتل00وا وص00بروا على ألم الج00راح والقتل من غير أن تسلكوا طريقهم وتص00بروا ص00برهم ال؛ ح00تى "يعلم الل00ه الذين جاهدوا منكم" أي علم شهادة حتى يقع عليه الج00زاء. والمع00نى: ولم تجاهدوا فيعلم ذلك منكم؛ فلما بمعنى لم. وفرق سيبويه بين "لم" و"لم00ا" فزعم أن "لم يفعل" نفي فعل، وأن: "لم00ا يفع00ل". نفى ق00د فع00ل. "ويعلم الصابرين" منصوب بإضمار أن؛ عن الخليل. وقرأ الحسن ويح00يى بن يعم00ر

Page 131: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

"يعلم الصابرين" بالجزم على النسق. وقرئ ب00الرفع على القط00ع، أي وه00و يعلم. وروى هذه القراءة عبدالوارث عن أبي عم00رو. وق00ال الزج00اج. ال00واو هنا بمعنى حتى، أي ولما يعلم الله الذين جاه0دوا منكم ح0تى يعلم ص0برهم

كما تقدم آنفا. }ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلق00وه فق00د رأيتم00وه143*اآلية: 3*

وأنتم تنظرون{ @قوله تعالى: "ولقد كنتم تتمنون الموت" أي الشهادة من قبل أن تلق00وه. وقرأ األعمش "من قبل أن تالقوه" أي من قبل القتل. وقي00ل: من قب00ل أن تلقوا أسباب الموت وذل00ك أن كث00يرا ممن لم يحض00روا ب00درا ك00انوا يتمن00ون يوما يكون فيه قتال، فلما كان يوم أحد انهزموا، وكان منهم من تجلد ح00تى قت00ل، ومنهم أنس بن النض00ر عم أنس بن مال00ك، فإن00ه ق00ال لم00ا انكش00ف المسلمون: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤالء، وباشر القتال وقال: إيها إنها ريح الجنة! إني ألجدها، ومضى حتى استشهد. قال أنس: فم00ا عرفن00اه إال ببنانه ووجدنا فيه بضعا وثمانين جراح0ة. وفي00ه وفي أمثال0ه ن0زل "رج0ال

[. فاآلي00ة عت00اب في ح00ق من23صدقوا ما عاهدوا الل00ه علي00ه" ]األح00زاب: انهزم، ال سيما وكان منهم حمل للنبي صلى الله عليه وسلم على الخ00روج من المدين00ة، وس00يأتي. وتم00ني الم00وت يرج00ع من المس00لمين إلى تم00ني الشهادة المبنية على الثبات والصبر على الجه00اد، ال إلى قت00ل الكف00ار لهم؛ ألن00ه معص00ية وكف00ر وال يج00وز إرادة المعص00ية، وعلى ه00ذا يحم00ل س00ؤال المسلمين من الله أن يرزقهم الشهادة، فيسألون الص00بر على الجه00اد وإن

أدى إلى القتل. @قوله تع00الى: "وأنتم تنظ00رون" ق00ال األخفش: ه00و تكري00ر بمع00نى التأك00د

[. وقي0ل:38لقوله: "فقد رأيتموه" مثل "وال طائر يطير بجناحي0ه"]األنع0ام: معناه وأنتم بصراء ليس في أعينكم علل؛ كم00ا تق00ول: ق00د رأيت ك00ذا وك00ذا وليس في عينيك علة، أي فقد رأيته رؤية حقيقي00ة؛ وه00ذا راج00ع إلى مع00نى التوكيد. وقال بعضهم: "وأنتم تنظرون" إلى محمد صلى الله علي00ه وس00لم.

وفي اآلية إضمار، أي فقد رأيتموه وأنتم تنظرون فلم انهزمتم ؟. }وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن م00ات144*اآلية: 3*

أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبي00ه فلن يض00ر الل00ه ش00يئاوسيجزي الله الشاكرين{

@ روى أنها نزلت بسبب انهزام المسلمين يوم أحد حين ص00اح الش00يطان: قد قتل محمد. قال عطية العوفي: فق00ال بعض الن00اس: ق00د أص00يب محم00د فأعطوهم بأيديكم فإنم00ا هم إخ00وانكم. وق00ال بعض00هم: إن ك00ان محم00د ق00د أصيب أال تمضون على ما مضى عليه نبيكم ح00تى تلحق00وا ب00ه؛ ف00أنزل الل00ه تعالى في ذلك "وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل" إلى قوله:

[. وما نافية، وم00ا بع00دها ابت00داء148"فآتاهم الله ثواب الدنيا" ]آل عمران: وخبر، وبطل عمل "ما". وقرأ ابن عباس "ق00د خلت من قبل00ه رس00ل" بغ0ير ألف والم. فأعلم الله تع00الى في ه00ذه اآلي00ة أن الرس00ل ليس00ت بباقي00ة في قومها أبدا، وأنه يجب التمسك بما أتت به الرسل وإن فقد الرسول بم00وت أو قتل. وأكرم نبيه صلى الل00ه علي00ه وس00لم وص00فيه باس00مين مش00تقين من اسمه: محمد وأحمد، تقول العرب: رجل محمود ومحمد إذا ك00ثرت خص00اله

المحمودة، قال الشاعر:

Page 132: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

إلى الماجد القرم الجواد المحمد وقد مضى هذا في الفاتحة. وقال عباس بن مرداس:

بآء إنك مرسل بالخير كل هدى السبيل هداكا يا خاتم النإن اإلله بنى عليك محبة في خلقه ومحمدا سماكا

فهذه اآلية من تتم00ة العت00اب م00ع المنه00زمين، أي لم يكن لهم االنه00زام وإن قتل محمد، والنبوة ال تدرأ الموت، واألدي0ان ال ت0زول بم0وت األنبي0اء. والل00ه

أعلم. @ ه00ذه اآلي00ة أدل دلي00ل على ش00جاعة الص00ديق وجراءت00ه، ف00إن الش00جاعة والجرأة حدهما ثب00وت القلب عن00د حل00ول المص00ائب، وال مص00يبة أعظم من موت النبي صلى الله عليه وسلم كم00ا تق00دم بيان00ه في "البق00رة" فظه00رت عنده شجاعته وعلمه. قال الن00اس: لم يمت رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، منهم عم00ر، وخ00رس عثم00ان، واس00تخفى علي، واض00طرب األم00رنه، الح00ديث؛ ك00ذا فكشفه الصديق بهذه اآلية حين قدومه من مسكنه بالس00 في البخاري. وفي سنن ابن ماجه عن عائشة قالت: لما قبض رسول الل00ه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عند امرأت0ه ابن0ة خارج0ة ب00العوالي، فجعل00وا يقولون: لم يمت النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو بعض م0ا ك0ان يأخ0ذه عند الوحي. فجاء أبو بكر فكش00ف عن وجه00ه وقب00ل بين عيني00ه وق00ال: أنت أكرم على الله من أن يميتك! مرتين. قد والله مات رسول الله صلى الل00ه عليه وسلم وعمر في ناحية المسجد يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وس0لم، وال يم0وت ح0تى يقط0ع أي0دي أن0اس من المن00افقين كث0ير وأرجلهم. فقام أبو بكر فصعد المنبر فقال: من كان يعبد الله فإن الله حي لم يمت، ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات "وما محم00د إال رس00ول قد خلت من قبل00ه الرس00ل أف00إن م00ات أو قت00ل انقلبتم على أعق00ابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين". قال عمر: "فلك00أني لم أقرأه00ا إال يومئ00ذ". ورج00ع عن مقالت00ه ال00تي قاله00ا فيم00ا ذك00ر الوائلي أبو نصر عبيدالل00ه في كتاب00ه اإلبان00ة: عن أنس بن مال00ك أن00ه س00مع عمر بن الخطاب حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله صلى الله علي00ه وسلم واستوى على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تشهد قبل أبي بكر فق0ال: أم0ا بع0د ف0إني قلت لكم أمس مقال0ة وإنه0ا لم تكن كم0ا قلت، وإني والله ما وجدت المقالة ال00تي قلت لكم في كت00اب أنزل00ه الل00ه وال في عهد عهده إلي رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم، ولك00ني كنت أرج00و أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا - يري0د أن يق0ول ح0تى يكون آخرنا موتا - فاختار الل00ه ع00ز وج00ل لرس00وله ال00ذي عن00ده على ال00ذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله فخذوا به تهتدوا لما هدى له رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الوائلي أبو نصر: المقالة التي قالها ثم رجع عنها هي "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم" وكان قال ذل00ك لعظيم م00ا ورد علي00ه، وخش00ي الفتنة وظهور المنافقين، فلم0ا ش00اهد ق0وة يقين الص0ديق األك0بر أبي بك0ر،

[185وتفوهه بقول الله عز وجل: "كل نفس ذائقة الم00وت" ]آل عم00ران: [ وم00ا قال00ه ذل00ك الي00وم - تنب00ه30وقوله: "إنك ميت وإنهم ميتون" ]الزمر:

وتثبت وقال: كأني لم أسمع باآلية إال من أبي بكر. وخرج الناس يتلونها في سكك المدينة، كأنها لم تنزل ق00ط إال ذل00ك الي00وم. وم00ات ص00لى الل00ه علي00ه

Page 133: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وس00لم ي00وم االث00نين بال اختالف، في وقت دخول00ه المدين00ة في هجرت00ه حين اشتد الضحاء، ودفن يوم الثالث00اء، وقي00ل ليل00ة األربع00اء. وق00الت ص00فية بنت

عبدالمطلب ترثي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أال يا رسول الله كنت رجاءنا وكنت بنا برا ولم تك جافيا وكنت رحيما هاديا ومعلما ليبك عليك اليوم من كان باكيا لعمرك ما أبكي النبي لفقده ولكن لما أخشى من الهرج آتيا كأن على قلبي لذكر محمد وما خفت من بعد النبي المكاويا أفاطم صلى الله رب محمد على جدث أمسى بيثرب ثاويا فدى لرسول الله أمي وخالتي وعمي وآبائي ونفسي وماليا صدقت وبلغت الرسالة صادقا ومت صليب العود أبلج صافيا فلو أن رب الناس أبقى نبينا سعدنا، ولكن أمره كان ماضيا عليك من الله السالم تحية وأدخلت جنات من العدن راضيا ي ويدعو جده اليوم ناعيا أرى حسنا أيتمته وتركته يبك

@ فلم أخر دفن رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وق00د ق00ال أله00ل بيت أخروا دفن ميتهم: )عجلوا دفن جيفتكم وال تؤخروه00ا(. ف00الجواب من ثالث00ة أوج00ه: األول: م00ا ذكرن00اه من ع00دم اتف00اقهم على موت00ه. الث00اني: ألنهم ال يعلمون حيث يدفنونه. ق00ال ق00وم في البقي00ع، وق00ال آخ00رون في المس00جد، وقال قوم: يحبس حتى يحمل إلى أبيه إب00راهيم. ح00تى ق00ال الع00الم األك00بر: س00معته يق00ول: )م00ا دفن ن00بي إال حيث يم00وت( ذك00ره ابن ماج00ه والموط00أ وغيرهما. الثالث: إنهم اشتغلوا بالخالف الذي وقع بين المهاجرين واألنص00ار في البيعة، فنظ00روا فيه00ا ح00تى اس00تتب األم00ر وانتظم الش00مل واس00توثقت الحال، واستقرت الخالفة في نصابها فب00ايعوا أب00ا بك00ر، ثم ب00ايعوه من الغ00د بيعة أخرى عن مأل منهم ورض00ا؛ فكش00ف الل00ه ب00ه الكرب00ة من أه00ل ال00ردة، وقام به الدين، والحمد لل00ه رب الع00المين. ثم رجع00وا بع00د ذل00ك إلى الن00بي

صلى الله عليه وسلم فنظروا في دفنه وغسلوه وكفنوه. والله أعلم. @ واختلف هل صلي عليه أم ال، فمنهم من قال: لم يصل عليه أحد، وإنم00ا وقف ك00ل واح00د ي00دعو، ألن00ه ك00ان أش00رف من أن يص00لى علي00ه. وق00ال ابن العربي: وهذا كالم ضعيف؛ ألن السنة تقام بالصالة عليه في الجن00ازة، كم00ا تقام بالص00الة علي00ه في ال00دعاء، فيق00ول: اللهم ص00ل على محم00د إلى ي00وم القيامة، وذلك منفعة لنا. وقي00ل: لم يص00ل علي00ه؛ ألن00ه لم يكن هن00اك إم00ام. وهذا ضعيف ألن الذي كان يقيم بهم الصالة الفريضة هو الذي كان يؤم بهم في الصالة. وقيل: صلى عليه الناس أفذاذا؛ ألنه كان آخر العهد به، فأرادوا أن يأخذ كل أحد بركته مخصوصا دون أن يكون فيها تابعا لغيره. والله أعلم

بصحة ذلك. قلت: قد خرج ابن ماجه بإسناد حسن بل صحيح من حديث ابن عباس

وفيه: فلما. فرغوا من جهازه يوم الثالث00اء وض00ع على س00ريره في بيت00ه، ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وس00لم أرس00اال يص00لون علي00ه، حتى إذا فرغوا أدخلوا النس00اء، ح00تى إذا ف00رغن أدخل00وا الص00بيان، ولم ي00ؤم الناس على رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم أح00د. خرج00ه عن نص00ر بن علي الجهضمي أنبأنا وهب بن جرير حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق. ق00ال

حدثني حسين بن عبدالله عن عكرمة عن ابن عباس، الحديث بطوله.

Page 134: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@ في تغيير الحال بعد موت النبي صلى الله عليه وس00لم، عن أنس ق00ال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم المدين00ة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها ك00ل ش00يء، وما نفضنا عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم األي00دي ح0تى أنكرن00ا قلوبن00ا. أخرجه ابن ماجه، وقال: حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبدالرحمن بن مهدي ح00دثنا س00فيان عن عبدالل00ه بن دين00ار عن ابن عم00ر ق00ال: كن00ا نتقي الكالم واالنبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم مخاف00ة أن ينزل فينا القرآن، فلما مات رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم تكلمن00ا. وأسند عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي ص0لى الل0ه علي0ه وس00لم أنه0ا قالت: كان الن00اس في عه0د رس00ول الل0ه ص0لى الل0ه علي0ه وس0لم إذا ق0ام المصلي يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه، فلما ت00وفي رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر، فكان الناس إذا قام أحدهم يص00لي لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه، فتوفى أبو بكر وكان عمر، فك00ان الن00اس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، فكان عثمان بن عفان

فكانت الفتنة فتلفت الناس في الصالة يمينا وشماال. @قوله تع00الى: "أف00إن م00ات أو قت00ل انقلبتم على أعق00ابكم" "أف00إن م00ات" شرط "أو قتل" عطف عليه، والجواب "انقلبتم". ودخ00ل ح00رف االس00تفهام على حرف الج00زاء ألن الش0رط ق0د انعق00د ب0ه وص00ار جمل00ة واح0دة وخ0برا واحدا. والمع00نى: أفتنقلب00ون على أعق00ابكم إن م00ات أو قت00ل؟ وك00ذلك ك00ل استفهام دخل على حرف الجزاء؛ فإنه في غير موضعه، وموضعه أن يكون قبل جواب الشرط. وقوله "انقلبتم على أعقابكم" تمثيل، ومعن00اه ارت00ددتم كفارا بعد إيمانكم، قاله قتادة وغيره. ويق00ال لمن ع00اد إلى م00ا ك00ان علي00ه: انقلب على عقبيه. ومنه "نكص على عقبيه". وقي00ل: الم00راد ب00االنقالب هن00ا االنهزام، فهو حقيقة ال مجاز. وقيل: المع0نى فعلتم فع00ل المرت00دين وإن لم

تكن ردة. @قول00ه تع00الى: "ومن ينقلب على عقبي00ه فلن يض00ر الل00ه ش00يئا" ب00ل يض00ر نفسه ويعرضها للعقاب بسبب المخالفة، والله تع00الى ال تنفع00ه الطاع00ة وال تض00ره المعص00ية لغن00اه. "وس00يجزي الل00ه الش00اكرين"، أي ال00ذين ص00بروا وجاهدوا واستشهدوا. وج00اء "وس00يجزي الل00ه الش00اكرين" بع00د قول00ه: "فلن

يضر الله شيئا" فهو اتصال وعد بوعيد. }وما كان لنفس أن تموت إال ب00إذن الل00ه كتاب00ا م00ؤجال ومن145*اآلية: 3*

ي0رد ث0واب ال0دنيا نؤت0ه منه0ا ومن ي0رد ث0واب اآلخ0رة نؤت0ه منه0ا وس0نجزيالشاكرين{

@قوله تعالى: "وما كان لنفس أن تموت إال ب00إذن الل00ه كتاب00ا م00ؤجال" ه00ذا حض على الجهاد، وإعالم أن الموت ال ب00د من00ه وأن ك00ل إنس00ان مقت00ول أو غير مقتول ميت إذا بلغ أجله المكت00وب ل00ه؛ ألن مع00نى "م00ؤجال" إلى أج00ل. ومعنى "بإذن الله" بقضاء الل00ه وق00دره. و"كتاب00ا" نص00ب على المص00در، أي كتب الله كتابا مؤجال. وأجل الموت هو الوقت ال00ذي في معلوم00ه س00بحانه، أن روح الحي تفارق جسده، ومتى قتل العبد علمنا أن ذلك أجله. وال يص00ح أن يقال: لو لم يقتل لع00اش. وال00دليل على قول00ه: "كتاب00ا م00ؤجال" "إذا ج00اء

[ "إن أج00ل الل00ه34أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستقدمون" ]األع00راف: [. والمع00تزلي يق00ول:38[ "لكل أج00ل كت00اب" ]الرع00د: 5آلت" ]العنكبوت:

Page 135: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

يتقدم األجل ويتأخر، وإن من قتل فإنما يهلك قبل أجله، وكذلك كل م00ا ذبح من الحيوان كان هالكه قبل أجله؛ ألن00ه يجب على القات00ل الض00مان والدي00ة. وقد بين الله تعالى في هذه اآلية أنه ال تهلك نفس قبل أجلها. وسيأتي لهذا مزيد بيان في "األعراف" إن شاء الله تع00الى. وفي00ه دلي00ل على كتب العلم وتدوينه. وس00يأتي بيان00ه في "ط00ه" عن00د قول00ه. "ق00ال علمه00ا عن00د ربي في

[ إن شاء الله تعالى. 52كتاب" ]طه: @قوله تعالى: "ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منه0ا" يع0ني الغنيم0ة. ن0زلت في الذين تركوا المركز طلبا للغنيمة. وقيل: هي عام00ة في ك00ل من أراد ال00دنيا دون اآلخرة؛ والمعنى نؤته منها ما قسم له. وفي التنزي00ل: "من ك00ان يري00د

[. "ومن ي00رد ث00واب18العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد" ]اإلسراء: اآلخرة نؤت00ه منه00ا" أي نؤت00ه ج00زاء عمل00ه، على م00ا وص00ف الل00ه تع00الى من تضعيف الحسنات لمن يشاء. وقيل: لمراد منها عبدالله بن جبير ومن ل00زم المركز معه حتى قتلوا. "وس00نجزي الش00اكرين" أي ن00ؤتيهم الث00واب األب00دي جزاء لهم على ترك االنهزام، فهو تأكيد لم00ا تق00دم من إيت00اء مزي00د اآلخ00رة. وقيل: "وسنجزي الشاكرين" من ال00رزق في ال00دنيا لئال يت00وهم أن الش00اكر

يحرم ما قسم له مما يناله الكافر. }وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا147 -0 146*اآليتان: 3*

لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والل00ه يحب الص00ابرين، وما كان قولهم إال أن قالوا ربنا اغفر لن00ا ذنوبن00ا وإس00رافنا في أمرن00ا وثبت

أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين{ @قوله تعالى: "وكأين من نبي قتل معه ربيون كث00ير" ق0ال الزه0ري: ص0اح الشيطان يوم أحد: قتل محمد؛ فانهزم جماع00ة من المس00لمين. ق00ال كعب بن مالك: فكنت أول من عرف رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، رأيت عينيه من تحت المغفر تزهران، فن00اديت ب00أعلى ص00وتي: ه00ذا رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم، فأومأ إلي أن أسكت، فأنزل الله عز وجل: "وك00أين من نبي قتل معه ربيون كثير فما وهن00وا لم00ا أص00ابهم في س00بيل الل00ه وم00ا ضعفوا" اآلية. و"ك00أين" بمع00نى كم. ق00ال الخلي00ل وس00يبويه: هي أي دخلت عليها كاف التشبيه وبنيت معها فص00ار في الكالم مع00نى وكم وص00ورت في المصحف نونا؛ ألنها كلمة نقلت عن أصلها فغير لفظها لتغير معناها، ثم كثر استعمالها فتلعبت بها العرب وتصرفت فيها بالقلب والحذف، فحص00ل فيه00ا لغات أربع قرئ بها. وقرأ ابن كثير "وكائن" مثل وك00اعن، على وزن فاع00ل، وأص00له كيء فقلبت الي00اء ألف00ا، كم00ا قلبت في يي00أس فقي00ل ي00اءس؛ ق00ال

الشاعر: وكائن باألباطح من صديق يراني لو أصبت هو المصابا

وقال آخر: وكائن رددنا عنكم من مدجج يجيء أمام الركب يردي مقنعا

وقال آخر: وكائن في المعاشر من أناس أخوهم فوقهم وهم كرام

وق00رأ ابن محيص00ن "وكئن" مهم00وزا مقص00ورا مث00ل وكعن، وه00و من ك00ائن حذفت ألفه. وعنه أيضا "وكأين" مث0ل وكعين وه0و مقل00وب كيء المخف0ف.

ن" بالتشديد مثل كعين وهو األصل، قال الشاعر: وقرأ الباقون "كأيكأين من أناس لم يزالوا أخوهم فوقهم وهم كرام

Page 136: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وقال آخر: كأين من عدو بعزنا وكائن أجرنا من ضعيف وخائف

ن وكائن، ولغة خامسة كيئن مثل كيعن، وكأنه مخف00ف فجمع بين لغتين: كأين. ولم يذكر الجوهري غير لغ0تين: ك00ائن مث00ل ك0اعن، ىء مقلوب كأي من كين مثل كعين؛ تقول كأين رجال لقيت؛ بنصب ما بعد كأين على التمي00يز. وكأي وتقول أيضا: كأين من رجل لقيت؛ وإدخال من بعد ك00أين أك00ثر من النص00ب

بها وأجود. وبكأين تبيع هذا الثوب ؟ أي بكم تبيع؛ قال ذو الرمة: وكائن ذعرنا من مهاة ورامح بالد العدا ليست له ببالد

قال النحاس: ووقف أبو عمرو "وكأي" بغير ن00ون؛ ألن00ه تن00وين. وروى ذل00كورة بن المب00ارك عن الكس00ائي. ووق00ف الب00اقون ب00النون اتباع00ا لخ00ط س00 المصحف. ومعنى اآلية تش0جيع المؤم0نين، واألم0ر باالقت00داء بمن تق0دم من خيار أتباع األنبياء؛ أي كثير من األنبياء قت00ل مع00ه ربي00ون كث00ير، أو كث00ير من األنبياء قتلوا فما ارتد أممهم؛ قوالن: األول للحسن وس00عيد بن جب00ير. ق00ال الحسن: ما قتل نبي في حرب قط. وقال ابن جبير: ما سمعنا أن نبيا قت00ل في القتال. والثاني عن قتادة وعكرمة. والوق00ف - على ه00ذا الق00ول - على "قتل" جائز، وهي قراءة نافع وابن جبير وأبي عمرو ويعقوب. وهي ق00راءة ابن عباس واختارها أبو حاتم. وفيه وجهان: أحدهما أن يكون "قت00ل" واقع00ا على النبي وحده، وحينئذ يكون تم00ام الكالم عن00د قول00ه "قت00ل" ويك00ون في الكالم إضمار، أي ومع00ه ربي00ون كث00ير؛ كم00ا يق00ال: قت00ل األم00ير مع00ه جيش عظيم، أي ومعه جيش. وخرجت معي تج00ارة؛ أي ومعي. الوج00ه الث00اني أن يكون القتل نال النبي ومن معه من الربيين، ويكون وجه الكالم قت00ل بعض من كان معه؛ تقول العرب: قتلنا بني تميم وبني سليم، وإنما قتلنا بعضهم.

ويكون قوله "فما وهنوا" راجعا إلى من بقي منهم. قلت: وهذا القول أشبه بنزول اآلية وأنسب، فإن النبي صلى الله عليه

وسلم لم يقتل، وقتل معه جماعة من أصحابه. وقرأ الكوفي00ون وابن ع00امر "قاتل" وهي قراءة ابن مسعود؛ واختارها أبو عبيد وقال. إن الل00ه إذا حم00د من قاتل كان من قتل داخال فيه، وإذا حمد من قتل لم يدخل في00ه غ00يرهم؛ فقاتل أعم وأمدح. و"الربيون" بكسر ال00راء ق00راءة الجمه0ور. وق00راءة علي رضي الله عنه بضمها. وابن عباس بفتحها؛ ثالث لغات. والربيون الجماعاتي بض00م ال00راء الكثيرة؛ عن مجاهد وقتادة والض00حاك وعكرم00ة، واح00دهم رب وكسرها؛ منسوب إلى الربة بكسر الراء أيضا وضمها، وهي الجماعة. وقال عبدالله بن مسعود: الربيون األلوف الكثيرة. وقال ابن زيد: الربيون األتباع.00ة واألول أعرف في اللغة؛ ومنه يقال للخرقة ال00تي تجم00ع فيه00ا الق00داح: رببي عش00رة آالف. ب00اب قبائ0ل تجمعت. وق0ال أب0ان بن ثعلب: ال00ر وربة. والربر. ابن عب00اس ومجاه00د وقت00ادة والربي00ع وق00ال الحس00ن: هم العلم00اء الص00

والسدي: الجمع الكثير؛ قال حسان: وإذا معشر تجافوا عن الح0 0ق حملنا عليهم ربيا

ون" بكس00ر ال00راء؛ ي ون" بض00م ال00راء "ورب ي وقال الزجاج: ها هنا قراءتان "ربأما الربيون )بالضم(: الجماعات الكثيرة. ويقال: عشرة آالف.

ون" بفتح الراء منسوب إلى الرب. ي قلت: وقد روي عن ابن عباس "ربي الواح00د من العب00اد ال00ذين ص00بروا م00ع األنبي00اء. وهم ب ق00ال الخلي00ل: ال00رالربانيون نسبوا إلى التأله والعبادة ومعرفة الربوبية لله تعالى. والله أعلم.

Page 137: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله" "وهنوا" أي ض00عفوا، وقد تقدم. والوهن: انكس00ار الج00د ب00الخوف. وق00رأ الحس00ن وأب00و الس00مال "وهنوا" بكسر الهاء وض00مها، لغت00ان عن أبي زي00د. وهن الش00يء يهن وهن00ا. وأوهنته أنا ووهنته ضعفته. والواهنة: أسفل األضالع وقص00ارها. وال00وهن من اإلبل: الكثيف. والوهن: ساعة تمض00ي من اللي00ل، وك00ذلك الم00وهن. وأوهن00ا صرنا في تلك الساعة؛ أي ما وهنوا لقتل نبيهم، أو لقتل من قتل منهم، أي م00ا وهن ب00اقيهم؛ فح00ذف المض00اف. "وم00ا ض00عفوا" أي عن ع00دوهم. "وم00ا استكانوا" أي لما أصابهم في الجهاد. واالستكانة: الذلة والخض00وع؛ وأص00لها "استكنوا" على افتعلوا؛ فأش00بعت فتح00ة الك00اف فتول00دت منه00ا أل00ف. ومن جعلها من الكون فهي اس00تفعلوا؛ واألول أش00به بمع00نى اآلي00ة. وق00رئ "فم00ا وهنوا وما ضعفوا" بإس00كان اله00اء والعين. وحكى الكس00ائي "ض00عفوا" بفتح العين. ثم أخبر تعالى عنهم بعد أن قت00ل منهم أو قت00ل ن00بيهم ب00أنهم ص00بروا ولم يفروا ووطن00وا أنفس0هم على الم0وت، واس0تغفروا ليك00ون م0وتهم على التوبة من الذنوب إن رزقوا الشهادة، ودع00وا في الثب00ات ح00تى ال ينهزم00وا، وبالنصر على أعدائهم. وخصوا األقدام بالثبات دون غيرها من الج00وارح ألن االعتم00اد عليه00ا. يق00ول: فهال فعلتم وقلتم مث00ل ذل00ك ي00ا أص00حاب محم00د ؟ فأجاب دعاءهم وأعطاهم النصر والظفر والغنيمة في ال00دنيا والمغف00رة في اآلخرة إذا صاروا إليه00ا. وهك00ذا يفع00ل الل00ه م00ع عب00اده المخلص00ين الت00ائبين الصادقين الناصرين لدينه، الث0ابتين عن0د لق0اء ع0دوه بوع0ده الح00ق، وقول0ه الصدق. "والله يحب الصابرين" يعني الصابرين على الجهاد. وق00رأ بعض00هم "وما كان قولهم" بالرفع؛ جعل القول اسما لكان؛ فيك00ون معن00اه وم00ا ك00ان قولهم إال قولهم: "ربنا اغفر لنا ذنوبنا" ومن قرأ بالنصب جعل الق00ول خ00بر ك00ان. واس00مها "إال أن ق00الوا". "ربن00ا اغف00ر لن00ا ذنوبن00ا" يع00ني الص00غائر "وإسرافنا" يعني الكبائر. واإلسراف: اإلفراط في الشيء ومج00اوزة الح00د. وفي صحيح مسلم عن أبي موس00ى األش00عري عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء )اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني( وذكر الحديث. فعلى اإلنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه، وال يق00ول أخت00ار

كذا؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون. }فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ث00واب اآلخ00رة والل00ه يحب148*اآلية: 3*

المحسنين{ @قول00ه تع00الى: "فآت00اهم الل00ه" أي أعط00اهم "ث00واب ال00دنيا"، يع00ني النص00ر والظفر على عدوهم. "وحسن ثواب اآلخرة" يعني الجن00ة. وق00رأ الجح00دري

"فأثابهم الله" من الثواب. "والله يحب المحسنين" تقدم. }يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم150 -0 149*اآلية: 3*

على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين، بل الله موالكم وهو خير الناصرين{ @ لما أمر الله تعالى باالقت00داء بمن تق00دم من أنص00ار األنبي00اء ح00ذر طاع00ة الك00افرين؛ يع00ني مش00ركي الع00رب: أب00ا س00فيان وأص00حابه. وقي00ل: اليه00ود والنصارى. وقال علي رضي الله عنه: يعني المنافقين في قولهم للمؤمنين

عند الهزيمة: ارجعوا إلى دين آبائكم. "يردوكم على أعقابكم"

Page 138: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أي إلى الكفر. "فتنقلبوا خاسرين" أي فترجعوا مغبونين. ثم قال: "بل الل00ه م00والكم" أي مت00ولي نص00ركم وحفظكم إن أطعتم00وه. وق00رئ "ب00ل الل00ه"

بالنصب، على تقدير بل وأطيعوا الله موالكم. }سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بم0ا أش00ركوا بالل00ه151*اآلية: 3*

ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين{ @ نظ00يره "وق00ذف في قل00وبهم ال00رعب". وق00رأ ابن ع00امر والكس00ائي "الرعب" بضم العين؛ وهما لغت00ان. وال00رعب: الخ00وف؛ يق00ال: رعبت00ه رعب00اعب االس00م. ورعبا، فهو مرع00وب. ويج00وز أن يك00ون ال00رعب مص00درا، وال00ر وأصله من الملء؛ يق0ال س00يل راعب يمأل ال00وادي. ورعبت الح00وض مألت00ه.يلقي" والمعنى: سنمأل قلوب المشركين خوفا وفزعا. وقرأ السختياني "س00 بالياء، والباقون بنون العظمة. قال السدي وغيره: لم00ا ارتح00ل أب00و س00فيان والمش0ركون ي0وم أح0د مت00وجهين إلى مك00ة انطلق0وا ح0تى إذا ك0انوا ببعض الطريق ندموا وقالوا: بئس ما ص00نعنا ! قتلن00اهم ح00تى إذا لم يب00ق منهم إال الشريد تركناهم، ارجعوا فاستأص00لوهم؛ فلم00ا عزم00وا على ذل00ك ألقى الل00ه في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به. واإللقاء يس00تعمل حقيق00ة في

[ "ف00ألقوا150األجس00ام؛ ق00ال الل00ه تع00الى: "وألقى األل00واح" ]األع00راف: [. ق0ال107[ "ف0ألقى عص0اه" ]األع0راف: 44حبالهم وعصيهم" ]الشعراء:

الشاعر: فألقت عصاها واستقر بها النوى

ثم قد يس00تعمل مج00ازا كم00ا في ه0ذه اآلي00ة، وقول0ه: "وألقيت علي0ك محب00ة[. وألقى عليك مسألة. 39مني" ]طه:

@قوله تعالى: "بما أشركوا بالله" تعليل؛ أي كان س00بب إلق00اء ال00رعب في قلوبهم إشراكهم؛ فما للمصدر. وبقال أشرك به أي عدل ب00ه غ00يره ليجعل00ه شريكا. "ما لم ينزل به سلطانا" حجة وبيانا، وعذرا وبرهانا؛ ومن ه0ذا قي00ل للوالي سلطان؛ ألنه حجة الله عز وجل في األرض. ويقال: إن00ه م00أخوذ من

السليط وهو ما يضاء به السراج، وهو دهن السمسم؛ قال امرؤ القيس: أمال السليط بالذبال المفتل

فالس00لطان يستض00اء ب00ه في إظه00ار الح00ق وقم00ع الباط00ل. وقي00ل الس00ليط الحديد. والسالطة الحدة. والسالطة من التسليط وه00و القه00ر؛ والس00لطان من ذلك، فالنون زائدة. فأصل السلطان الق00وة، فإن00ه يقه00ر به0ا كم00ا يقه0ر بالسلطان. والسليطة المرأة الصخابة. والسليط الرج00ل الفص00يح اللس00ان. ومعنى هذا أنه لم تثبت عبادة األوثان في شيء من الملل. ولم ي00دل عق00ل على ج00واز ذل00ك. ثم أخ00بر الل00ه تع00الى عن مص00يرهم وم00رجعهم فق00ال: "ومأواهم النار" ثم ذمه فقال: "وبئس مثوى الظالمين" والمث00وى: المك00ان الذي يقام فيه؛ يقال: ثوى يثوي ثواء. والمأوى: كل مكان يرجع إلي00ه ش00يء

ليال أو نهارا. }ولق00د ص00دقكم الل00ه وع00ده إذ تحس00ونهم بإذن00ه ح00تى إذا152*اآلي00ة: 3*

فشلتم وتنازعتم في األمر وعصيتم من بعد م00ا أراكم م00ا تحب00ون منكم من يري00د ال00دنيا ومنكم من يري00د اآلخ00رة ثم ص00رفكم عنهم ليبتليكم ولق00د عف00ا

عنكم والله ذو فضل على المؤمنين{ @ قال محمد بن كعب الق00رظي: لم00ا رج00ع رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم إلى المدينة بعد أحد وقد أصيبوا قال بعض00هم لبعض: من أين أص00ابنا

Page 139: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

هذا وقد وعدنا الله النصر ! فنزلت هذه اآلية. وذلك أنهم قتلوا صاحب لواء المش00ركين وس00بعة نف00ر منهم بع00ده على الل00واء، وك00ان الظف00ر ابت00داء للمسلمين غير أنهم اشتغلوا بالغنيم00ة، وت00رك بعض الرم00اة أيض00ا مرك00زهم طلبا للغنيمة فكان ذلك سبب الهزيمة. روى البخاري عن ال00براء بن ع00ازب قال: لما كان يوم أحد ولقينا المشركين أجلس رسول الله صلى الله علي00ه وسلم أناسا من الرماة وأمر عليهم عبدالله بن جبير وقال لهم: )ال ت00برحوا من مكانكم إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فال تبرحوا وإن رأيتم00وهم ق00د ظه0روا علينا فال تعينونا عليهم( قال: فلما التقى الق00وم وه0زمهم المس0لمون ح0تى نظرنا إلى النساء يش00تددن في الجب00ل، وق00د رفعن عن س00وقهن ق00د ب00دت خالخلهن فجعلوا يقولون: الغنيمة الغنيمة. فقال لهم عبدالله: أمهل00وا ! أم00ا عهد إليكم رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم أال ت00برحوا، ف00انطلقوا فلم00ا أتوهم صرف الله وج00وههم وقت00ل من المس00لمين س00بعون رجال. ثم إن أب00ا سفيان بن حرب أشرف علين00ا وه00و في نش00ز فق00ال: أفي الق00وم محم00د ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وس00لم: )ال تجيب00وه( ح00تى قاله00ا ثالث00ا. ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ ثالثا، فقال النبي صلى الله عليه وس00لم: )ال تجيبوه( ثم قال: أفي القوم عمر بن الخطاب ؟ ثالثا، فقال الن00بي ص0لى الله عليه وسلم: )ال تجيبوه( ثم التفت إلى أصحابه فق00ال: أم00ا ه00ؤالء فق00د قتلوا. فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه دون أن قال: كذبت يا عدو الله00ل؛ م00رتين. فق00ال الن00بي ! قد أبقى الله لك من يخزيك به. فق00ال: اع00ل هب صلى الله عليه وسلم: )أجيبوه( فق0الوا: م00ا نق0ول ي0ا رس00ول الل00ه ؟ ق00ال: )قولوا الله أعلى وأجل(. قال أبو سفيان: لن00ا الع00زى وال ع00زى لكم. فق00ال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم، )أجيب00وه(. ق00الوا: م00ا نق0ول ي00ا رس00ول الله ؟ قال: قولوا )الله موالنا وال مولى لكم(. قال أب00و س00فيان: ي00وم بي00وم بدر، والحرب سجال، أما إنكم س00تجدون في الق00وم مثل00ة لم آم00ر به00ا ولم تس00ؤني. وفي البخ00اري ومس00لم عن س00عد بن أبي وق00اص ق00ال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتالن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد القت00ال. وفي رواية عن سعد: عليهما ثياب بيض م00ا رأيتهم00ا قب00ل وال بع00د. يع00ني جبري00ل وميكائيل. وفي رواية أخرى: يقاتالن عن رسول الله صلى الله عليه وس00لم أشد القتال ما رأيتهما قبل ذلك اليوم وال بعده. وعن مجاهد قال: لم تقات0ل المالئكة معهم يومئذ، وال قبله وال بعده إال يوم بدر. قال ال00بيهقي: إنم00ا أراد مجاهد أنهم لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يص00بروا على ما أمرهم به. وعن عروة بن الزبير قال: وكان الله عز وج00ل وع00دهم على الصبر والتقوى أن يمدهم بخمسة آالف من المالئكة مسومين: وك00ان قد فعل؛ فلما عص0وا أم0ر الرس0ول وترك0وا مص0افهم وترك0وا الرم0اة عه0د رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إليهم أال ي00برحوا من من00ازلهم، وأرادوا الدنيا، رفع عنهم مدد المالئكة، وأنزل الله تعالى: "ولقد صدقكم الله وعده

[ فص00دق الل00ه وع00ده وأراهم الفتح،152إذ تحسونهم بإذن00ه" ]آل عم00ران: فلما عصوا أعقبهم البالء. وعن عمير بن إسحاق ق00ال: لم00ا ك00ان ي00وم أح00د انكشفوا عن رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وس00عد ي00رمي بين يدي00ه، وفتى ينبل له، كلما ذهبت نبلة أتاه بها. ق00ال ارم أب00ا إس00حاق. فلم00ا فرغ00وا نظروا من الشاب ؟ فلم ي00روه ولم يعرف00وه. وق00ال محم00د بن كعب: ولم00ا

Page 140: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

قتل صاحب ل00واء المش00ركين وس00قط ل00واؤهم، رفعت00ه عم00رة بنت علقم00ةالحارثية؛ وفي ذلك يقول حسان:

فلوال لواء الحارثية أصبحوا يباعون في األسواق بيع الجالئب و "تحسونهم" معناه تقتلونهم وتستأصلونهم؛ قال الشاعر:

حسسناهم بالسيف حسا فأصبحت بقيتهم قد شردوا وتبددوا وقال جرير:

تحسهم السيوف كما تسامى حريق النار في األجم الحصيد قال أبو عبيد: الحس االستئص00ال بالقت00ل؛ يق00ال: ج00راد محس00وس إذا قتل00ه البرد. والبرد محس00ة للنبت. أي محرق00ة ل0ه ذاهب00ة ب00ه. وس00نة حس00وس أي

جدبة تأكل كل شيء؛ قال رؤبة: إذا شكونا سنة حسوسا تأكل بعد األخضر اليبيسا

وأصله من الحس ال00ذي ه00و اإلدراك بالحاس00ة. فمع00نى حس00ه أذهب حس00ه بالقت00ل. "بإذن00ه" بعلم00ه، أو بقض00ائه وأم00ره. "ح00تى إذا فش00لتم" أي جبنتمل. وج00واب "ح00تى" مح00ذوف، وضعفتم. يقال فشل يفشل فهو فشل وفش00 أي حتى إذا فشلتم امتحنتم. ومث00ل ه00ذا ج0ائز كقول0ه: "ف00إن اس00تطعت أن

[ فافع00ل. وق00ال35تبتغي نفقا في األرض أو سلما في الس00ماء" ]األنع00ام: الفراء: جواب "حتى"، "وتنازعتم" والواو مقحمة زائدة؛ كقوله "فلما أسلما

-0 103وتله للجبين. ونادين00اه" ]الص00افات: [ أي نادين00اه. وق00ال ام00رؤ104 القيس:

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى أي انتحى. وعن00د ه00ؤالء يج00وز إقح00ام ال00واو من "وعص00يتم". أي ح00تى إذا فشلتم وتنازعتم عصيتم. وعلى هذا فيه تقديم وتأخير، أي حتى إذا تنازعتم وعصيتم فشلتم. وقال أبو علي: يجوز أن يكون الج00واب "ص00رفكم عنهم"، و"ثم" زائدة، والتقدير ح00تى إذا فش00لتم وتن00ازعتم وعص00يتم ص00رفكم عنهم

وقد أنشد بعض النحويين في زيادتها قول الشاعر: أراني إذا ما بت بت على هوى فثم إذا أصبحت أصبحت عاديا

وج00وز األخفش أن تك00ون زائ00دة؛ كم00ا في قول00ه تع00الى: "ح00تى إذا ض00اقت عليهم األرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن ال ملجأ من الل00ه

[. وقيل: "حتى" بمع00نى "إلى" وحينئ00ذ118إال إليه ثم تاب عليهم" ]التوبة: ال جواب له، أي صدقكم الل00ه وع00ده إلى أن فش00لتم، أي ك00ان ذل00ك الوع00د بشرط الثبات. ومعنى "تنازعتم" اختلفتم؛ يع00ني الرم00اة حين ق00ال بعض00هم لبعض: نلحق الغنائم. وقال بعضهم: بل نثبت في مكاننا ال00ذي أمرن00ا الن00بي صلى الله عليه وسلم بالثبوت فيه. "وعصيتم" أي خالفتم أمر الرسول في الثب00وت. "من بع00د م00ا أراكم م00ا تحب00ون" يع00ني من الغلب00ة ال00تي ك00انت للمسلمين يوم أحد أول أمرهم؛ وذلك حين صرع ص00احب ل00واء المش00ركين على ما تقدم، وذلك أن00ه لم00ا ص00رع انتش00ر الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وأصحابه وصاروا كتائب متفرقة فحاسوا العدو ض00ربا ح00تى أجهض00وهم عن أثق00الهم. وحملت خي00ل المش00ركين على المس00لمين ثالث م00رات ك00ل ذل00ك تنضح بالنبل فترجع مغلوبة، وحم0ل المس0لمون فنهك0وهم قتال. فلم0ا أبص00ر الرماة الخمسون أن الله عز وجل قد فتح إلخوانهم قالوا: والل00ه م0ا نجلس ههنا لشيء، قد أهل00ك الل00ه الع00دو وإخوانن00ا في عس00كر المش00ركين. وق00ال طوائف منهم: عالم نقف وقد هزم الله العدو ؟ فتركوا منازلهم ال00تي عه00د

Page 141: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

إليهم النبي صلى الله علي00ه وس00لم أال يتركوه00ا، وتن00ازعوا وفش00لوا وعص00وا الرسول فأوجفت الخيل فيهم قتال. وألفاظ اآلية تقتضي التوبيخ لهم، ووجه الت00وبيخ لهم أنهم رأوا مب00ادئ النص00ر، فك00ان ال00واجب أن يعلم00وا أن تم00ام النصر في الثبات ال في االنهزام. ثم بين س00بب التن00ازع. فق00ال: "منكم من يريد الدنيا" يعني الغنيمة. قال ابن مسعود: ما شعرنا أن أحدا من أص00حاب النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يري00د ال0دنيا وعرض00ها ح00تى ك00ان ي00وم أح00د. "ومنكم من يريد اآلخرة" وهم الذين ثبتوا في مرك00زهم، ولم يخ00الفوا أم00ر نبيهم صلى الله عليه وسلم مع أميرهم عبدالله بن جب00ير؛ فحم00ل خال00د بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل عليه، وكانا يومئذ كافرين فقتلوه مع من بقي، رحمهم الل00ه. والعت00اب م00ع من انه00زم ال م00ع من ثبت، ف00إن من ثبت ف00از بالثواب، وهذا كما أنه إذا حل بقوم عقوب00ة عام00ة فأه00ل الص00الح والص00بيان يهلكون؛ ولكن ال يكون ما ح00ل بهم عقوب00ة، ب00ل ه00و س00بب المثوب00ة. والل00ه

أعلم. @قول00ه تع00الى: "ثم ص00رفكم عنهم ليبتليكم" أي بع00د أن اس00توليتم عليهم ردكم عنهم باالنهزام. ودل هذا على أن المعصية مخلوقة لله تعالى. وقالت المعتزلة: المعنى ثم انصرفتم؛ فإضافته إلى الل00ه تع00الى بإخراج00ه ال00رعب من قل00وب الك00افرين من المس00لمين ابتالء لهم. ق00ال القش00يري: وه00ذا ال يغنيهم؛ ألن إخراج الرعب من قلوب الكافرين ح00تى يس00تخفوا بالمس00لمين قبيح وال يجوز عندهم، أن يقع من الله قبيح، فال يبقى لقول00ه: "ثم ص00رفكم

عنهم" معنى. وقيل: معنى "صرفكم عنهم" أي لم يكلفكم طلبهم. @قول00ه تع00الى: "ولق00د عف00ا عنكم والل00ه ذو فض00ل على المؤم00نين" أي لم يستأصلكم بعد المعصية والمخالفة. والخطاب قيل هو للجمي00ع. وقي00ل: ه00و للرماة الذين خالفوا ما أمروا به، واختاره النحاس. وقال أك00ثر المفس00رين:

[. "والل00ه ذو فض00ل52ونظير هذه اآلية قول00ه: "ثم عفون00ا عنكم" ]البق00رة: على المؤمنين" ب00العفو والمغف00رة. وعن ابن عب00اس ق00ال: م00ا نص00ر الن00بي صلى الله عليه وسلم في موطن كما نصر ي00وم أح00د، ق00ال: وأنكرن00ا ذل00ك، فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله عز وجل، إن الل00ه ع00ز وجل يقول في يوم أحد: "ولق00د ص00دقكم الل00ه وع00ده إذ تحس00ونهم بإذن00ه - يق00ول ابن عب00اس: والحس القت00ل - ح00تى إذا فش00لتم وتن00ازعتم في األم00ر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يري00د ال00دنيا ومنكم من يري00د اآلخ00رة ثم ص00رفكم عنهم ليبتليكم ولق00د عف00ا عنكم والل00ه ذو فض00ل على المؤمنين" وإنما عنى بهذا الرماة. وذل0ك أن النبي ص0لى الل0ه علي0ه وس0لم أقامهم في موضع ثم قال: )احموا ظهورنا فإن رأيتمون00ا نقت0ل فال تنص00رونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فال تشركونا(. فلما غنم رسول الله صلى الل00ه علي00ه وسلم وأباحوا عسكر المشركين انكفأت الرماة جميعا فدخلوا في العسكر ينتهبون، وقد التقت ص00فوف أص00حاب النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم، فهم هكذا - وشبك أصابع يديه - والتبس00وا. فلم00ا أخ00ل الرم00اة تل00ك الخل00ة ال00تي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أص00حاب رس00ول الل00ه ص00لى الله عليه وسلم فضرب بعضهم بعضا والتبسوا، وقتل من المس00لمين ن00اس كثير، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين س00بعة أو تس00عة، وج00ال المس00لمون نح00و الجب00ل، ولم يبلغ00وا حيث يق00ول الن00اس: الغ00ار، إنم00ا ك00انوا تحت المه00راس

Page 142: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وصاح الشيطان: قتل محمد. فلم يشك فيه أن00ه ح00ق، فم00ا زلن00ا ك00ذلك م00ا نشك أنه قت00ل ح00تى طل00ع علين00ا رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم بين السعدين، نعرفه بتكفئ0ه إذا مش0ى. ق0ال: ففرحن0ا ح0تى كأن0ا لم يص00بنا م0ا أصابنا. قال: فرقي نحونا وهو يقول: )اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبيهم(. وقال كعب بن مالك: أنا كنت أول من عرف رسول الله صلى الل00ه عليه وسلم من المسلمين؛ عرفته بعينيه من تحت المغفر تزهران فن00اديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين! ابش00روا، ه00ذا رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه

عليه وسلم قد أقبل. فأشار إلي أن اسكت. }إذ تص00عدون وال تل00وون على أح00د والرس00ول ي00دعوكم في153*اآلية: 3*

أخراكم فأثابكم غما بغم لكيال تحزنوا على ما ف00اتكم وال م00ا أص00ابكم والل00هخبير بما تعملون{

@قوله: "إذ" متعلق بقوله: "ولقد عفا عنكم". وق00راءة العام00ة "تص00عدون" بضم التاء وكسر العين. وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو عبدالرحمن السلمي والحسن وقتادة بفتح التاء والعين، يعني تصعدون الجبل. وقرأ ابن محيصن00ون" ب00واو وشبل "إذ يصعدون وال يل00وون" بالي00اء فيهم00ا. وق00رأ الحس00ن "تل واحدة. وروى أبو بكر بن عياش عن عاص00م "وال تل00وون" بض00م الت00اء؛ وهي لغة شاذة ذكرها النحاس. وقال أبو حاتم: أصعدت إذا مضيت حيال وجه00ك، وص00عدت إذا ارتقيت في جب00ل أو غ00يره. فاإلص00عاد: الس00ير في مس00تو من األرض وبطون األودية والشعاب. والصعود: االرتفاع على الجبال والسطوح والسالليم والدرج. فيحتمل أن يكون صعودهم في الجبل بعد إصعادهم فيعدون". ق00ال قت00ادة عدون" و"تص00 الوادي؛ فيص00ح المع00نى على ق00راءة "تص00 والربي00ع: أص00عدوا ي00وم أح00د في ال00وادي. وق00راءة أبي "إذ تص00عدون في الوادي". قال ابن عباس: صعدوا في أحد ف0رارا. فكلت00ا الق0راءتين ص0واب؛ كان يومئذ من المنهزمين مصعد وصاعد. والله أعلم. قال القتبي والم00برد: أص00عد إذا أبع00د في ال00ذهاب وأمعن في00ه؛ فك00أن اإلص00عاد إبع00اد في األرض

كإبعاد االرتفاع؛ قال الشاعر: أال أيهذا السائلي أين أصعدت فإن لها من بطن يثرب موعدا

وقال الفراء: اإلصعاد االبت00داء في الس00فر، واالنح00دار الرج00وع من00ه؛ يق00ال: أص00عدنا من بغ00داد إلى مك00ة وإلى خراس00ان وأش00باه ذل00ك إذا خرجن00ا إليه00ا

وأخذنا في السفر، وانحدرنا إذا رجعنا. وأنشد أبو عبيدة: حت وصاح الحادي قد كنت تبكين على اإلصعاد فاليوم سر

وقال المفضل: صعد وأصعد وصعد بمعنى واحد. ومعنى "تل00وون" تعرج0ون وتقيمون، أي ال يلتفت بعضكم إلى بعض هرب00ا؛ ف00إن المع00رج على الش00يء يلوي إليه عنقه أو عنان دابت00ه. "على أح00د" يري00د محم00دا ص00لى الل00ه علي00ه وسلم؛ قاله الكلبي. "والرسول يدعوكم في أخراكم" أي في آخركم؛ يقال: جاء فالن في آخر الناس وأخ00رة الن00اس وأخ00رى الن00اس وأخري00ات الن00اس. وفي البخاري "أخراكم" تأنيث آخ0ركم: ح00دثنا عم00رو بن خال0د ح00دثنا زه00ير حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب قال: جعل النبي صلى الل00ه عليه وسلم على الرجالة يوم أحد عبدالله بن جبير وأقبلوا منه00زمين ف00ذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم. ولم يبق مع النبي صلى الله علي00ه وس00لم غير اثني عشر رجال. قال ابن عباس وغ00يره: ك00ان دع00اء الن00بي ص00لى الل00ه

Page 143: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

عليه وسلم: )أي عباد الله ارجعوا( وكان دعاءه تغي00يرا للمنك00ر، ومح00ال أنيرى عليه السالم المنكر وهو االنهزام ثم ال ينهى عنه.

قلت: هذا على أن يكون االنهزام معصية وليس كذلك، على ما ي00أتي بيانه إن شاء الله تعالى.

@قوله تعالى: "فأثابكم غما بغم" الغم في اللغة: التغطية. غممت الش00يء غطيته. ويوم غم وليل00ة غم00ة إذا كان00ا مظلمين. ومن00ه غم الهالل إذا لم ي00ر، وغم00ني األم00ر يغم00ني. ق00ال مجاه00د وقت00ادة وغيرهم00ا: الغم األول القت00ل والجراح، والغم الثاني اإلرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وس00لم؛ إذ ص00اح به الشيطان. وقيل: الغم األول ما فاتهم من الظف00ر والغنيم00ة، والث00اني م00ا أصابهم من القتل والهزيم00ة. وقي00ل: الغم األول الهزيم00ة، والث00اني إش00راف أبي وسفيان وخال00د عليهم في الجب00ل؛ فلم00ا نظ00ر إليهم المس00لمون غمهم ذلك، وظنوا أنهم يميلون عليهم فيقتل00ونهم فأنس00اهم ه00ذا م00ا ن00الهم؛ فعن00د ذلك قال النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )اللهم ال يعلن علين00ا( كم00ا تق00دم. والباء في "بغم" على هذا بمعنى على. وقيل: هي على بابها، والمعنى أنهم غموا النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم إياه، فأثابهم ب00ذلك غمهم بمن أص00يب منهم. وق00ال الحس00ن: "فأث00ابكم غم00ا" ي00وم أح00د "بغم" ي00وم ب00در للمشركين. وسمي الغم ثوابا كما سمي ج00زاء ال00ذنب ذنب00ا. وقي00ل: وقفهم

الله على ذنبهم فشغلوا بذلك عما أصابهم. @قوله تعالى: "لكيال تحزنوا على ما فاتكم وال ما أصابكم والل00ه خب00ير بم00ا تعملون" الالم متعلقة بقوله: "ولقد عفا عنكم" وقي00ل: هي متعلق00ة بقول00ه: "فأثابكم غما بغم" أي كان هذا الغم بعد الغم لكيال تحزنوا على ما فات من الغنيمة، وال ما أصابكم من الهزيم00ة. واألول أحس00ن. و"م00ا" في قول00ه "م00ا أص00ابكم" في موض00ع خفض. وقي00ل: "ال" ص00لة. أي لكي تحزن00وا على م00ا فاتكم وما أصابكم عقوبة لكم على مخالفتكم رسول الله صلى الل00ه علي00ه

[ أي12وسلم. وهو مثل قوله: "ما منعك أال تسجد إذ أمرت00ك" ]األع00راف: [ أي ليعلم، وه00ذا29أن تس00جد. وقول00ه "لئال يعلم أه00ل الكت00اب" ]الحدي00د:

ق00ول المفض00ل. وقي00ل: أراد بقول00ه "فأث00ابكم غم00ا بغم" أي ت00والت عليكم الغموم، لكيال تشتغلوا بعد هذا بالغنائم. "والله خبير بما تعملون" فيه معنى

التحذير والوعيد. }ثم أنزل عليكم من بع00د الغم أمن00ة نعاس00ا يغش00ى طائف00ة154*اآلية: 3*

منكم وطائفة قد أهمتهم أنفس00هم يظن00ون بالل00ه غ00ير الح00ق ظن الجاهلي00ة يقول00ون ه00ل لن00ا من األم00ر من ش00يء ق00ل إن األم00ر كل00ه لل00ه يخف00ون في أنفسهم ما ال يبدون لك يقولون لو كان لنا من األمر شيء ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم ل00برز ال00ذين كتب عليهم القت00ل إلى مض00اجعهم وليبتلي

الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور{ @قوله تعالى: "ثم أن00زل عليكم من بع00د الغم أمن00ة نعاس00ا" األمن00ة واألمن سواء. وقيل: األمنة إنما تكون مع أسباب الخوف، واألمن م00ع عدم00ه. وهي منصوبة ب0 "أنزل"، و"نعاسا" بدل منها. وقيل: نصب على المفعول له؛ كأنه00ة" بس00كون الميم. قال: أنزل عليكم لألمنة نعاسا. وق00رأ ابن محيص00ن "أمن تفضل الله تعالى على المؤمنين بع0د ه00ذه الغم00وم في ي00وم أح0د بالنع0اس حتى نام أكثرهم؛ وإنما ينعس من يأمن والخائف ال ينام. روى البخ00اري عن أنس أن أبا طلحة قال: غشينا النع00اس ونحن في مص00افنا ي00وم أح0د، ق00ال:

Page 144: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه. "يغشى" قرئ بالي00اء والتاء. الياء للنعاس، والتاء لألمنة. والطائفة تطل00ق على الواح0د والجماع00ة "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم" يعني المنافقين: معتب بن قش00ير وأص00حابه، وكانوا خرج00وا طمع00ا في الغنيم00ة وخ00وف المؤم00نين فلم يغش00هم النع00اس وجعلوا يتأس00فون على الحض00ور، ويقول00ون األقاوي00ل. ومع00نى "ق00د أهمتهم أنفسهم" حملتهم على الهم، والهم ما هممت به؛ يقال: أهمني الش00يء أي كان من همي. وأمر مهم: شديد. وأهمني األمر: أقلق00ني: وهم00ني: أذاب00ني. والواو في قوله "وطائف00ة" واو الح00ال بمع00نى إذ، أي إذ طائف00ة يظن00ون أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم باطل، وأن00ه ال ينص00ر. "ظن الجاهلي00ة" أي ظن أهل الجاهلية، فحذف. "يقولون ه00ل لن00ا من األم00ر من ش00يء" لفظ00ه استفهام ومعناه الجحد، أي ما لن00ا ش00يء من األم00ر، أي من أم00ر الخ00روج، وإنما خرجنا كرها؛ يدل عليه قوله تعالى إخبارا عنهم: "لو كان لنا من األمر شيء ما قلنا ها هن00ا". ق00ال الزب00ير: أرس00ل علين00ا الن00وم ذل00ك الي00وم، وإني ألسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشاني يقول: لو كان لن00ا من األم00ر شيء ما قتلنا ها هنا. وقيل: المعنى يقول ليس لنا من الظفر ال00ذي وع00دنا

به محمد شيء. والله أعلم. @قوله تعالى: "قل إن األمر كله لله" قرأ أبو عمرو ويعقوب "كله" ب00الرفع على االبتداء، وخبره "لله"، والجملة خبر "إن". وهو كقوله: "وي00وم القيام00ة

[. والب00اقون60ت00رى ال00ذين ك00ذبوا على الل00ه وج00وههم مس00ودة" ]الزم00ر: بالنصب؛ كما تقول: إن األمر أجمع لله. فهو توكيد، وه00و بمع00نى أجم00ع في اإلحاط00ة والعم00وم، وأجم00ع ال يك00ون إال توكي00دا. وقي00ل: نعت لألم00ر. وق00ال األخفش: بدل؛ أي النصر بيد الله ينصر من يشاء ويخ00ذل من يش00اء. وق00ال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله "يظنون بالل00ه غ00ير الح00ق ظن الجاهلية" يعني التكذيب بالقدر. وذلك أنهم تكلموا فيه، فق00ال الل00ه تع00الى: "قل إن األمر كله لل00ه" يع00ني الق00در خ00يره وش00ره من الل00ه. "يخف00ون في أنفسهم" أي من الشرك والكفر والتكذيب. "ما ال يبدون لك" يظهرون لك. "يقولون لو كان لنا من األمر شيء ما قتلنا ها هن00ا" أي م00ا قت00ل عش00ائرنا. فقيل: إن المنافقين قالوا لو كان لنا عقل ما خرجن00ا إلى قت00ال أه00ل مك00ة، ولما قتل رؤساؤنا. فرد الله عليهم فقال: "ق00ل ل00و كنتم في بي00وتكم ل00برز" أي لخ000رج. "ال000ذين كتب" أي ف000رض. "عليهم القت000ل" يع000ني في الل000وح المحفوظ. "إلى مضاجعهم" أي مصارعهم. وقيل: "كتب عليهم القت00ل" أي فرض عليهم القتال، فعبر عنه بالقتل؛ ألنه قد ي00ؤول إلي00ه. وق00رأ أب00و حي00وة "لبرز" بضم الباء وشد الراء؛ بمع0نى يجع0ل يخ00رج. وقي00ل: ل0و تخلفتم أيه0ا المنافقون لبرزتم إلى موطن آخر غيره تصرعون في00ه ح00تى يبتلي الل00ه م00ا في الصدور ويظهره للمؤمنين. والواو في قوله "وليبتلي" مقحم00ة كقول00ه:

[ أي ليكون، وح0ذف الفع0ل ال0ذي م00ع75"وليكون من الموقنين" ]األنعام: الم كي. والتقدير "وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص م00ا في قل00وبكم" فرض الله عليكم القتال والح00رب ولم ينص00ركم ي00وم أح00د ليخت00بر ص00بركم وليمحص عنكم سيئاتكم إن تبتم وأخلصتم. وقيل: معنى "ليبتلي" ليعاملكم معاملة المختبر. وقيل: ليقع منكم مشاهدة ما علمه غيب00ا. وقي00ل: ه00و على حذف مضاف، والتقدير ليبتلي أولياء الله تعالى. وقد تقدم معنى التمحيص.

Page 145: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

"والله عليم بذات الصدور" أي ما فيها من خير وشر. وقي00ل: ذات الص00دورهي الصدور؛ ألن ذات الشيء نفسه.

}إن الذين تولوا منكم ي00وم التقى الجمع00ان إنم00ا اس00تزلهم155*اآلية: 3*الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم{

@قوله تعالى: "إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا" هذه الجمل00ة هي خبر "إن الذين تولوا". والمراد من تولى عن المشركين يوم أحد؛ عن عمر رض00ي الل00ه عن00ه وغ00يره. الس00دي: يع00ني من ه00رب إلى المدين00ة في وقت الهزيمة دون من ص00عد الجب00ل. وقي00ل: هي في ق00وم بأعي00انهم تخلف00وا عن النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم في وقت ه00زيمتهم ثالث00ة أي00ام ثم انص00رفوا. ومعنى "استزلهم الش00يطان" اس00تدعى زللهم ب00أن ذك00رهم خطاي00ا س00لفت منهم، فكره0وا الثب00وت لئال يقتل00وا. وه0و مع0نى "ببعض م0ا كس0بوا" وقي00ل: "اس00تزلهم" حملهم على الزل00ل، وه00و اس00تفعل من الزل00ة وهي الخطيئ00ة. وقيل: زل وأزل بمعنى واحد. ثم قي00ل: كره00وا القت00ال قب00ل إخالص التوب00ة، فإنما تولوا له00ذا، وه00ذا على الق00ول األول. وعلى الث00اني بمعص00يتهم الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في ت00ركهم المرك00ز وميلهم إلى الغنيم00ة. وق00ال الحسن: "ما كسبوا" قبولهم من إبليس م00ا وس00وس إليهم. وق00ال الكل00بي: زين لهم الشيطان أعم0الهم. وقي0ل: لم يكن االنه0زام معص00ية؛ ألنهم أرادوا التحصن بالمدينة، فيقطع العدو طمعه فيهم لما سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل. ويجوز أن يقال: لم يسمعوا دعاء الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم للهول الذي كانوا فيه. ويجوز أن يقال: زاد عدد العدو على الض00عف؛ ألنهم ك00انوا س00بعمائة والع00دو ثالث00ة آالف. وعن00د ه00ذا يج00وز االنه00زام ولكن االنهزام عن النبي صلى الله عليه وسلم خط00أ ال يج00وز، ولعلهم توهم00وا أن النبي صلى الله عليه وسلم انحاز إلى الجب00ل أيض00ا. وأحس00نها األول. وعلى الجملة فإن حمل األمر على ذنب محقق فقد عفا الله عنه، وإن حمل على انهزام مسوغ فاآلية فيمن أبعد في الهزيمة وزاد على القدر المسوغ. وذكر أبو الليث السمرقندي نصر بن محم00د بن إب00راهيم ق00ال: ح00دثنا الخلي00ل بن أحمد قال حدثنا السراج قال حدثنا قتيبة قال ح00دثنا أب00و بك00ر بن غيالن عن جري00ر: أن عثم00ان ك00ان بين00ه وبين عب00دالرحمن بن ع00وف كالم، فق00ال ل00ه عبدالرحمن بن عوف: أتسبني وق00د ش00هدت ب00درا ولم تش00هد، وق00د ب00ايعت تحت شجرة ولم تبايع، وقد كنت تولى مع من تولى يوم الجمع، يع00ني ي00وم أحد. فرد عليه عثمان فقال: أما قولك: أنا شهدت بدرا ولم تشهد، فإني لم أغب عن شيء شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، إال أن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضة وكنت معه00ا أمرض00ها، فض00رب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما في س00هام المس00لمين، وأم00ا بيع00ة الش00جرة ف00إن رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم بعث00ني ربيئ00ة على المشركين بمكة - الربيئة هو الناظر - فضرب رسول الله صلى الل00ه علي00ه وسلم يمينه على شماله فقال: )هذه لعثمان( فيمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وشماله خير لي من يميني وشمالي. وأما يوم الجمع فقال الله تع0الى: "ولق0د عف0ا الل00ه عنهم" فكنت فيمن عف0ا الل00ه عنهم. فحج عثم0ان

عبدالرحمن. قلت: وهذا المعنى صحيح أيضا عن ابن عمر، كما في صحيح البخاري

قال: حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن م00وهب ق00ال: ج00اء رج00ل

Page 146: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال: من هؤالء القعود؟ قالوا: هؤالء قريش. ق00ال: من الش00يخ ؟ ق00الوا: ابن عم00ر؛ فأت00اه فق00ال: إني س00ائلك عن ش00يء أتحدثني؟ قال: أنشدك بحرمة ه00ذا ال00بيت، أتعلم أن عثم00ان بن عف00ان ف00ر يوم أحد؟ قال: نعم. قال: فتعلمه تغيب عن ب00در فلم يش00هدها؟ ق00ال: نعم. قال: فتعلم أن00ه تخل00ف عن بيع0ة الرض00وان فلم يش00هدها؟ ق00ال نعم. ق00ال: فكبر. قال ابن عمر: تعال ألخبرك وألبين لك عما سألتني عن00ه؛ أم00ا ف00راره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه. وأما تغيب00ه عن ب00در فإن00ه ك00ان تحت00ه بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له النبي صلى الل00ه عليه وسلم )إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه(. وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإن00ه ل00و ك00ان أح00د أع00ز ببطن مك00ة من عثم00ان بن عف00ان لبعث00ه مكانه، فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بع00د م00ا ذهب عثم00ان إلى مك00ة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: )هذه يد عثمان( فضرب بها

على يده فقال: )هذه لعثمان(. اذهب بهذا اآلن معك. قلت: ونظير هذه اآلية توبة الله على آدم عليه الس00الم. وقول0ه علي00ه

السالم: )فحج آدم موسى( أي غلبه بالحجة؛ وذلك أن موسى عليه الس00الم أراد توبيخ آدم ولومه في إخراج نفس0ه وذريت00ه من الجن00ة بس0بب أكل0ه من الشجرة؛ فقال له آدم: )أفتلومني على أمر قدره الله تع00الى علي قب00ل أن أخلق بأربعين سنة تاب علي منه ومن تاب عليه فال ذنب له ومن ال ذنب له ال يتوجه عليه لوم(. وكذلك من عفا الله عنه. وإنما كان هذا إلخباره تع00الى بذلك، وخبره صدق. وغيرهما من المذنبين التائبين يرجون رحمته ويخافون عذابه، فهم على وجل وخ00وف أال تقب00ل ت00وبتهم، وإن قبلت ف00الخوف أغلب

عليهم إذ ال علم لهم بذلك. فاعلم. }يا أيها الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا وقالوا إلخ00وانهم156*اآلية: 3*

إذا ضربوا في األرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعلالله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير{

@قول00ه تع00الى: "ي00ا أيه00ا ال00ذين آمن00وا ال تكون00وا كال00ذين كف00روا" يع00ني المنافقين. "وقالوا إلخوانهم" يعني في النف00اق أو في النس00ب في الس00رايا التي بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى بئر معونة. "ل00و ك00انوا عن00دنا م00ا م00اتوا وم00ا قتل00وا" فنهي المس00لمون أن يقول00وا مث00ل ق00ولهم. وقول00ه: "إذا ض00ربوا" ه00و لم00ا مض00ى؛ أي إذ ض00ربوا؛ ألن في الكالم مع00نى الش00رط من حيث ك00ان "ال00ذين" مبهم00ا غ00ير م00وقت، فوق00ع "إذا" موق00ع "إذ" كم00ا يق00ع الماضي في الجزاء موضع المستقبل. ومعنى "ضربوا في األرض" س00افرواى فيها وساروا لتجارة أو غيرها فماتوا. "أو كانوا غزى" غزاة فقتل00وا. والغ00ز جمع منقوص ال يتغير لفظها في رفع وخفض، وأح0دهم غ00از، كراك00ع ورك0ع، وصائم وصوم، ونائم ونوم، وشاهد وشهد، وغائب وغيب. ويجوز في الجم00ع غزاة مثل قض00اة، وغ00زاء بالم00د مث00ل ض00راب وص00وام. ويق0ال: غ00زي جم00ع

الغزاة. قال الشاعر: قل للقوافل والغزي إذا غزوا

وروي عن الزهري أنه قرأه "غزى" بالتخفيف. والمعزية الم00رأة ال00تي غ00را زوجها. وأتان مغزية متأخرة النتاج ثم تنتج. وأغزت الناقة إذا عسر لقاحه00ا. والغزو قص00د الش00يء. والمغ00زى المقص00د. ويق00ال في النس00ب إلى الغ00زو:

غزوي.

Page 147: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم" يع00ني ظنهم وق00ولهم.

والالم متعلقة بقوله "قالوا" أي ليجعل ظنهم أنهم لو لم يخرجوا م00ا قتل00وا. "حسرة" أي ندامة "في قلوبهم". والحسرة االهتم00ام على ف00ائت لم يق00در

بلوغه؛ قال الشاعر: فواحسرتي لم أقض منها لبانتي ولم أتمتع بالجوار وبالقرب

وقيل: هي متعلقة بمحذوف. والمعنى: ال تكونوا مثلهم "ليجع0ل الل0ه ذل0ك" القول "حسرة في قلوبهم" ألنهم ظهر نفاقهم. وقيل: المعنى ال تصدقوهم وال تلتفتوا إليهم؛ فكان ذلك حسرة في قلوبهم. وقي00ل: "ليجع00ل الل00ه ذل00ك حسرة في قلوبهم" يوم القيامة لما هم فيه من الخزي والندامة، ولما في00ه

المسلمون من النعيم والكرامة. @قوله تعالى: "والله يحي ويميت" أي يقدر على أن يح00يي من يخ00رج إلى القتال، ويميت من أقام في أهله. "والل00ه بم00ا تعمل00ون بص00ير" ق00رئ بالي00اء والتاء. ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيل الله والموت فيه خ00ير من جمي00ع

الدنيا. }ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله158 -0 157*اآلية: 3*

ورحمة خير مما يجمعون، ولئن متم أو قتلتم إللى الله تحشرون{ @ جواب الجزاء محذوف، استغني عنه بجواب القسم في قوله: "لمغف00رة من الله ورحمة" وكان االستغناء بجواب القسم أولى؛ ألن له ص00در الكالم، ومعناه ليغفرن لكم. وأهل الحج00از يقول00ون: متم، بكس00ر الميم مث00ل نمتم، من مات يمات مثل خفت يخاف. وسفلى مضر يقول00ون: متم، بض00م الميم مثل نمتم، من م00ات يم00وت. كقول00ك ك00ان يك00ون، وق00ال يق00ول. ه00ذا ق00ول الكوفيين وهو حسن. وقوله: "إللى الله تحشرون" وعظ. وعظهم الله بهذا القول، أي ال تفروا من القتال ومما أم00ركم ب00ه، ب00ل ف00روا من عقاب00ه وأليم عذابه، فإن مردكم إليه ال يملك لكم أحد ضرا وال نفعا غيره. والله س00بحانه

وتعالى أعلم. }فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظ00ا غلي00ظ القلب159*اآلية: 3*

النفضوا من حول00ك ف00اعف عنهم واس00تغفر لهم وش00اورهم في األم00ر ف00إذاعزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين{

@ قوله: "ما" صلة فيها معنى التأكي00د، أي فبرحم00ة؛ كقول00ه: "عم00ا قلي00ل" [ "جن00د م00ا هنال00ك155[ "فبما نقضهم ميث00اقهم" ]النس00اء: 40]المؤمنون:

[. وليست بزائدة على اإلطالق، وإنما أطلق عليها سيبويه11مهزوم" ]ص: معنى الزيادة من حيث زال عملها.. ابن كيسان: "ما" نكرة في موضع ج00ر بالباء "ورحمة" بدل منها. ومعنى اآلية: أنه عليه السالم لما رفق بمن تولى يوم أحد ولم يعنفهم بين الرب تعالى أنه إنما فعل ذلك بتوفيق الل00ه تع00الى إياه. وقيل: "ما" استفهام. والمع00نى: فب00أي رحم0ة من الل00ه لنت لهم؛ فه0و تعجيب. وفيه بعد؛ ألنه لو كان كذلك لكان "فبم" بغير أل00ف. "لنت" من الن يلين لين00ا وليان00ا ب00الفتح. والف00ظ الغلي00ظ الج00افي. فظظت تف00ظ فظاظ00ة وفظاظا فأنت فظ. واألنثى فظة والجم00ع أفظ00اظ. وفي ص00فة الن00بي علي00ه السالم ليس بفظ وال غليظ وال صخاب في األس00واق؛ وأنش00د المفض00ل في

المذكر: وليس بفظ في األداني واألولى يؤمون جدواه ولكنه سهل وفظ على أعدائه يحذرونه فسطوته حتف ونائله جزل

Page 148: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وقال آخر في المؤنث: أموت من الضر في منزلي وغيري يموت من الكظه ودنيا تجود على الجاهلين وهي على ذي النهى فظه

وغلظ القلب عب00ارة عن تجهم الوج00ه، وقل00ة االنفع00ال في الرغ00ائب، وقل00ةاإلشفاق والرحمة، ومن ذلك قول الشاعر:

يبكى علينا وال نبكي على أحد؟ لنحن أغلظ أكبادا من اإلبل ومعنى "النفضوا" لتفرقوا؛ فضضتهم فانفض00وا، أي ف00رقتهم فتفرق00وا؛ ومن

ذلك قول أبي النجم يصف إبال: مستعجالت القيض غير جرد ينفض عنهن الحصى بالصمد

وأصل الفض الكسر؛ ومنه قولهم: ال يفضض الله فاك. والمعنى: ي00ا محم00د ل00وال رفق00ك لمنعهم االحتش00ام والهيب00ة من الق00رب من00ك بع00د م00ا ك00ان من

توليهم. @في قوله تعالى: "فاعف عنهم واستغفر لهم وش00اورهم في األم00ر" ق00ال العلماء: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وس00لم به00ذه األوام00ر ال00تي هي بتدريج بليغ؛ وذلك أنه أم00ره ب00أن يعف00و عنهم م00ا ل00ه في خاص00ته عليهم من تبعة؛ فلما صاروا في ه00ذه الدرج00ة أم00ره أن يس00تغفر فيم00ا لل00ه عليهم من تبعة أيضا، فإذا صاروا في هذه الدرجة ص00اروا أهال لالستش00ارة في األم00ور. قال أهل اللغة: االستشارة مأخوذة من قول العرب: شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها بجري أو غيره. ويقال للموضع الذي تركض في00ه: مش00وار. وقد يكون من قولهم: شرت العسل واشترته فهو مشور ومشتار إذا أخذته

من موضعه، قال عدي بن زيد:في سماع يأذن الشيخ له وحديث مثل ماذي مشار

@ قال ابن عطية: والشورى من قواعد الش00ريعة وع00زائم األحك00ام؛ من ال يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. ه00ذا م00ا ال خالف في00ه. وق00د م00دح

[. قال أعرابي:38الله المؤمنين بقوله: "وأمرهم شورى بينهم" ]الشورى: ما غبنت قط حتى يغبن قومي؛ قيل: وكيف ذلك؟ قال ال أفع00ل ش00يئا ح00تى أشاورهم. وقال ابن خويز منداد: واجب على الوالة مشاورة العلماء فيما ال يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور ال00دين، ووج00وه الجيش فيم00ا يتعل00ق بالحرب، ووجوه الن00اس فيم00ا يتعل00ق بالمص00الح، ووج00وه الكت00اب وال00وزراء والعم00ال فيم00ا يتعل00ق بمص00الح البالد وعمارته00ا. وك00ان يق00ال: م00ا ن00دم من

استشار. وكان يقال: من أعجب برأيه ضل. @قوله تعالى: "وشاورهم في األمر" ي00دل على ج00واز االجته00اد في األم00ور واألخذ بالظنون مع إمكان الوحي؛ فإن الله أذن لرس00وله ص00لى الل00ه علي00ه وسلم في ذلك. واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الل00ه نبي00ه علي00ه السالم أن يشاور فيه أص00حابه؛ فق00الت طائف00ة: ذل00ك في مكائ00د الح00روب، وعند لقاء العدو، وتطييب00ا لنفوس00هم، ورفع00ا ألق00دارهم، وتألف00ا على دينهم، وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه. روي هذا عن قت00ادة والربي00ع وابن إسحاق والشافعي. قال الشافعي: هو كقوله )والبكر تس00تأمر( تطيب00ا لقلبها؛ ال أنه واجب. وقال مقاتل وقتادة والربيع: ك00انت س00ادات الع00رب إذا لم يشاوروا في األمر شق عليهم: فأمر الله تع00الى؛ نبي00ه علي00ه الس00الم أن يشاورهم في األمر: فإن ذلك أعطف لهم علي00ه وأذهب ألض00غانهم، وأطيب لنفوسهم. فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم. وقال آخرون: ذلك فيما لم يأته

Page 149: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فيه وحي. روي ذلك عن الحسن البصري والضحاك قاال: ما أمر الله تع00الى نبي000ه بالمش00اورة لحاج00ة من000ه إلى رأيهم، وإنم000ا أراد أن يعلمهم م000ا في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده. وفي ق00راءة ابن عب00اس:

"وشاورهم في بعض األمر" ولقد أحسن القائل: شاور صديقك في الخفي المشكل واقبل نصيحة ناصح متفضل فالله قد أوصى بذاك نبيه في قوله: )شاورهم(و )توكل(

جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )المستشار مؤتمن(. قال العلماء: وص00فة المستش00ار إن ك00ان في األحك00ام أن يك00ون عالم00ا دين00ا، وقلم00ا يك00ون ذل00ك إال في عاق00ل. ق00ال الحسن: ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله. فإذا استشير من هذه صفته واجتهد في الصالح وبذل جهده فوقعت اإلشارة خطأ فال غرامة عليه؛ قال00ه

الخطابي وغيره. @ وص00فة المستش00ار في أم00ور ال00دنيا أن يك00ون ع00اقال مجرب00ا وادا في

المستشير. قال: شاور صديقك في الخفي المشكل

وقد تقدم. وقال آخر: وإن باب أمر عليك التوى فشاور لبيبا وال تعصه

في أبيات. والشورى بركة. وقال علي00ه الس00الم: )م00ا ن00دم من استش00ار وال خاب من استخار(. وروى سهل بن سعد الس00اعدي عن رس00ول الل00ه ص00لى الله عليه وسلم )ما شقي قط عبد بمشورة وما سعد باستغناء رأي(. وقال بعضهم: شاور من جرب األمور؛ فإنه يعطيك من رأي00ه م00ا وق00ع علي00ه غالي00ا وأنت تأخذه مجانا. وقد جعل عمر بن الخط00اب رض00ي الل00ه عن00ه الخالف00ة - وهي أعظم النوازل - شورى. قال البخاري: وكانت األئمة بعد الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يستش00يرون األمن00اء من أه00ل العلم في األم00ور المباح00ة ليأخذوا بأسهلها. وقال سفيان الث00وري: ليكن أه00ل مش00ورتك أه00ل التق00وى واألمانة، ومن يخشى الله تعالى. وقال الحسن: والله ما تشاور ق00وم بينهم إال هداهم ألفضل ما يحضر بهم. وروي عن علي بن أبي طالب رض00ي الل00ه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وس00لم: )م00ا من ق00وم ك00انت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد ف00أدخلوه في مش00ورتهم إال

خير لهم(. والش00ورى مبني00ة على اختالف اآلراء، والمستش00ير ينظ00ر في ذل00ك

الخالف، وينظر أقربها قوال إلى الكتاب والسنة إن أمكنه، فإذا أرش00ده الل00ه تعالى إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكال عليه، إذ هذه غاية االجته00اد

المطلوب؛ وبهذا أمر الله تعالى نبيه في هذه اآلية. @قوله تعالى: "فإذا عزمت فتوكل على الله" قال قتادة: أم00ر الل00ه تع00الى نبيه عليه السالم إذا ع00زم على أم00ر أن يمض00ي في00ه ويتوك00ل على الل00ه، ال على مشاورتهم. والعزم هو األمر المروى المنقح، وليس ركوب الرأي دون

روية عزما، إال على مقطع المشيحين من فتاك العرب؛ كما قال: إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ونكب عن ذكر العواقب جانبا ولم يستشر في رأيه غير نفسه ولم يرض إال قائم السيف صاحبا

وق00ال النق00اش: الع00زم والح00زم واح00د، والح00اء مبدل00ة من العين. ق00ال ابن عطية: وه00ذا خط00أ؛ ف00الحزم ج00ودة النظ00ر في األم00ر وتنقيح00ه والح00ذر من

Page 150: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الخطأ فيه. والعزم قصد اإلمضاء؛ والله تع00الى يق00ول: "وش00اورهم في األم فإذا عزمت ". فالمشاورة وما كان في معناها هو الح00زم. والع00رب تق00ول: قد أحزم لو أعزم. وقرأ جعفر الصادق وجابر بن زيد: "فإذا ع00زمت" بض00م التاء. نسب العزم إلى نفسه سبحانه إذ هو بهدايته وتوفيقه؛ كما قال: "وما

[. ومع0نى الكالم أي ع0زمت17رميت إذ رميت ولكن الله رمى" ]األنف0ال: ل00ك ووفقت00ك وأرش00دتك "فتوك00ل على الل00ه". والب00اقون بفتح الت00اء. ق00ال المهلب: وامتثل هذا النبي صلى الل0ه علي0ه وس0لم من أم0ر رب0ه فق0ال: )ال ينبغي لنبي يلبس ألمته أن يضعها ح00تى يحكم الل00ه(. أي ليس ينبغي ل00ه إذا عزم أن ينصرف؛ ألنه نقض للتوكل الذي شرطه الله عز وجل مع العزيمة. فلبسه ألمته صلى الله عليه وسلم حين أشار عليه ب00الخروج ي00وم أح00د من أكرمه الله بالشهادة فيه، وهم ص00لحاء المؤم00نين ممن ك00ان فاتت00ه ب00در: ي00ا رسول الله اخرج بنا إلى عدونا؛ دال على العزيمة. وك0ان ص0لى الل0ه علي0ه وس00لم أش00ار ب0القعود، وك0ذلك عبدالل00ه بن أبي أش00ار ب0ذلك وق00ال: أقم ي00ا رسول الله وال تخرج إليهم بالن00اس، ف00إن هم أق00اموا أق00اموا بش00ر مجلس، وإن جاؤونا إلى المدينة قاتلناهم في األفنية وأفواه السكك، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من اآلطام، فوالله ما حاربنا قط عدو في ه00ذه المدين00ة إال غلبناه، وال خرجنا منه00ا إلى ع00دو إال غلبن00ا. وأبى ه00ذا ال00رأي من ذكرن00ا، وشجعوا الناس ودعوا إلى الح00رب. فص00لى رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم الجمعة، ودخل إث00ر ص00الته بيت00ه ولبس س00الحه، فن00دم أولئ00ك الق00وم وقالوا: أكرهنا رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم؛ فلم00ا خ00رج عليهم في سالحه قالوا: يا رسول الله، أقم إن ش00ئت فإن00ا ال نري00د أن نكره00ك، فق00ال النبي صلى الله عليه وسلم: )ال ينبغي لنبي إذا لبس سالحه أن يضعها حتى

يقاتل(. @قوله تعالى: "فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" التوكل: االعتماد على الله مع إظه00ار العج00ز، واالس00م التكالن. يق00ال من00ه: اتكلت علي00ه في أمري، وأصله: "أو تكلت" قلبت الواو ياء النكسار ما قبلها، ثم أب00دلت منه00ا التاء وأدغمت في تاء االفتعال. ويقال: وكلته بأمري توكيال، واالسم الوكال00ة

بكسر الواو وفتحها. واختلف العلماء في التوكل؛ فقالت طائفة من المتصوفة: ال يستحقه إال

من لم يخالط قلبه خوف غير الله من سبع أو غ00يره، وح0تى ي00ترك الس00عي في طلب الرزق لضمان الله تعالى. وقال عام00ة الفقه00اء: م00ا تق00دم ذك00ره

[. وه00و160عند قوله تعالى: "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" ]آل عمران: الصحيح كما بيناه. وقد خاف موسى وهارون بإخبار الل00ه تع00الى عنهم00ا في

قلن00ا ال تخ00ف"0قوله "ال تخافا". وقال: "فأوجس في نفسه خيفة موس00ى [. وأخبر عن إبراهيم بقوله: "فلما رأى أيديهم ال تصل إليه68 -0 67]طه:

[. ف00إذا ك00ان الخلي00ل70نكرهم وأوجس منهم خيفة ق00الوا ال تخ00ف" ]ه00ود: وموسى والكليم قد خافا - وحسبك بهما - فغيرهما أولى. وسيأتي بيان هذا

المعنى. }إن ينصركم الله فال غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا ال00ذي160*اآلية: 3*

ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون{ @قوله تعالى: "إن ينصركم الله فال غ00الب لكم" أي علي00ه توكل00وا فإن00ه إن يعنكم ويمنعكم من عدوكم لن تغلبوا. "وإن يخذلكم" ي00ترككم من معونت00ه.

Page 151: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

"فمن ذا الذي ينصركم من بعده" أي ال ينصركم أحد من بعده، أي من بع00د خذالنه إياكم؛ ألنه قال: "وإن يخذلكم" والخذالن ت00رك الع00ون. والمخ00ذول: الم00تروك ال يعب00أ ب00ه. وخ00ذلت الوحش00ية أق00امت على ول00دها في الم00رعى

وتركت صواحباتها؛ فهي خذول. قال طرفة:خذول تراعي ربوبا بخميلة تناول أطراف البرير وترتدي

وقال أيضا:نظرت إليك بعين جارية خذلت صواحبها على طفل

وقيل: هذا من المقلوب؛ ألنها هي المخذولة إذا تركت. وتخ00اذلت رجاله إذا ضعفتا. قال: وخذول الرجل من غير كسح ورجل خذلة للذي ال يزال يخذل.

والله أعلم. }وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيام00ة161*اآلية: 3*

ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم ال يظلمون{ @ لم0ا أخ0ل الرم0اة ي0وم أح0د بمراك0زهم - على م0ا تق0دم - خوف0ا من أن يستولي المسلمون على الغنيمة فال يصرف إليهم شيء، بين الل00ه س00بحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم ال يج00ور في القس00مة؛ فم00ا ك00ان من حقكم أن تتهموه. وقال الض00حاك: ب00ل الس00بب أن رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم بعث طالئ0ع في بعض غزوات0ه ثم غنم قب0ل مج0يئهم؛ فقس0م للن0اس ولم يقسم للطالئع؛ فأنزل الله علي00ه عتاب00ا: "وم00ا ك00ان لن00بي أن يغ00ل ومن يغلل" أي يقسم لبعض ويترك بعضا. وروي نحو هذا القول عن ابن عب00اس. وقال ابن عباس أيضا وعكرمة وابن جب00ير وغ00يرهم: ن00زلت بس00بب قطيف00ة حمراء فقدت في المغانم ي0وم ب0در؛ فق0ال بعض من ك0ان م0ع النبي ص0لى الله عليه وسلم: لعل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخ0ذها، ف0نزلت اآلية أخرجه أبو داود والترمذي وقال: ه00ذا ح00ديث حس00ن غ00ريب. ق00ال ابن عطية: قيل كانت هذه المقال00ة من مؤم00نين لم يظن00وا أن في ذل00ك حرج00ا. وقيل: كانت من المنافقين. وقد روي أن المفقود كان سيفا. وهذه األقوال تخرج على قراءة "يغل" بفتح الياء وضم الغين. وروى أبو صخر عن محم00د بن كعب "وما كان لنبي أن يغل" قال: تقول وم0ا ك0ان لن00بي أن يكتم ش00يئا من كتاب الله. وقيل: الالم فيه منقولة، أي وما كان نبي ليغل؛ كقوله: "م00ا

[. أي ما كان الله ليتخذ ولدا.35كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه" ]مريم: وق00رئ "يغ0ل" بض00م الي0اء وفتح الغين. وق00ال ابن الس00كيت: لم نس0مع في المغنم إال غل غلوال، وق00رئ وم00ا ك00ان لن00بي أن يغ00ل ويغ00ل. ق00ال: فمع00نى "يغل" يخون، ومعنى "يغل" يخون، ويحتمل معنيين: أحدهما يخان أي يؤخذ من غنيمته، واآلخر يخون أن ينسب إلى الغل00ول: ثم قي0ل: إن ك0ل من غ00ل شيئا في خفاء فقد غل يغل غلوال: قال ابن عرفة: سميت غلوال ألن األيدي مغلولة منها، أي ممنوعة. وق00ال أب00و عبي00د: الغل00ول من المغنم خاص00ة، وال نراه من الخيانة وال من الحقد. ومما يبين ذلك أنه يق00ال من الخيان00ة: أغ00ل يغل، ومن الحقد: غل يغل بالكس00ر، ومن الغل00ول: غ00ل يغ00ل بالض00م. وغ00ل

البعير أيضا يغل غلة إذا لم يقض ريه وأغل الرجل خان، قال النمر: جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل جزاء مغل باألمانة كاذب

وفي الحديث: )ال إغالل وال إسالل( أي ال خيانة وال سرقة، ويقال: ال رشوة. وقال شريح: ليس على المستعير غير المغل ضمان. وقال صلى الله علي00ه وسلم: )ثالث ال يغل عليهن قلب مؤمن( من رواه بالفتح فه00و من الض00غن.

Page 152: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وغل دخل يتعدى وال يتعدى؛ يقال: غل فالن المفاوز، أي دخله00ا وتوس00طها. وغل من المغنم غلوال، أي خان. وغل الماء بين األشجار إذا جرى فيها؛ يغل بالضم في جميع ذلك. وقي00ل: الغل00ول في اللغ00ة أن يأخ00ذ من المغنم ش00يئا يستره عن أصحابه؛ ومنه تغلغل الماء في الشجر إذا تخللها. والغلل: الم00اء

الجاري في أصول الشجر، ألنه مستتر باألشجار، كما قال: لعب السيول به فأصبح ماؤه غلال يقطع في أصول الخروع

ومنه الغاللة للثوب ال00ذي يلبس تحت الثي00اب. والغ00ال: أرض مطمئن00ة ذات شجر. ومنابت السلم والطلح يق00ال له00ا: غ00ال. والغ0ال أيض00ا نبت، والجم00ع غالن بالضم. وقال بعض الناس: إن مع00نى "يغ00ل" يوج00د غ00اال؛ كم00ا تق00ول: أحمدت الرجل وجدته محمودا. فهذه الق00راءة على ه0ذا التأوي0ل ترج0ع إلى معنى "يغل" بفتح الياء وضم الغين. ومعنى "يغل" عن00د جمه00ور أه00ل العلم أي ليس ألحد أن يغله، أي يخونه في الغنيمة. فاآلية في معنى نهي الن00اس عن الغلول في الغنائم، والتوعد عليه. وكما ال يج00وز أن يخ00ان الن00بي ص0لى الله عليه وسلم ال يجوز أن يخان غيره، ولكن خصه بالذكر ألن الخيانة معه أشد وقعا وأعظم وزرا؛ ألن المعاصي تعظم بحضرته لتعين توقيره. والوالة إنما هم على أمر النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم فلهم حظهم من التوق00ير.

وقيل: معنى "يغل" أي ما غل نبي قط، وليس الغرض النهي. @قوله تعالى: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" أي يأتي ب00ه ح00امال ل00ه على ظهره ورقبته، معذبا بحمله وثقله، ومرعوب00ا بص00وته، وموبخ00ا بإظه00ار خيانته على رؤوس األشهاد؛ على ما يأتي. وهذه الفضيحة التي يوقعها الل00ه تعالى بالغال نظير الفضيحة التي توقع بالغادر، في أن ينصب له ل00واء عن00د أسته بقدر غدرته. وجعل الله تعالى هذه المعاقب00ات حس00بما يعه00ده البش00ر

ويفهمونه؛ أال ترى إلى قول الشاعر: أسمي ويحك هل سمعت بغدرة رفع اللواء لنا بها في المجمع

وكانت العرب ترفع للغادر ل0واء، وك0ذلك يط00اف بالج00اني م00ع جنايت00ه. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قام فين00ا رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم ذات ي00وم ف00ذكر الغل00ول فعظم00ه وعظم أم00ره ثم ق00ال: )ال ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة علي رقبته بعيرا ل00ه رغ00اء يق00ول ي00ا رس00ول الل00ه أغثني فأقول ال أملك لك شيئا قد أبلغتك ال ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول ال أملك لك شيئا قد أبلغتك ال ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغ00اء يقول يا رسول الل00ه أغث00ني ف00أقول ال أمل00ك ل00ك ش00يئا ق00د أبلغت00ك ال ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رس00ول الل00ه أغثني فأقول ال أملك لك شيئا قد أبلغتك ال ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول ال أملك لك شيئا قد أبلغتك ال ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته ص00امت فيق00ول ي00ا رسول الله أغثني فأقول ال أملك لك شيئا ق00د أبلغت00ك( وروى أب00و داود عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إذا أص00اب غنيمة أمر بالال فن00ادى في الن00اس فيجي00ؤون بغن00ائمهم فيخمس00ه ويقس00مه، فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من الشعر فقال: يا رسول الله ه00ذا ك00ان فيما أصبناه من الغنيمة. فقال: )أسمعت بالال ينادي ثالثا(؟ قال: نعم. قال: )فم00ا منع00ك أن تجيء ب00ه(؟ فاعت00ذر إلي00ه. فق00ال: )كال أنت تجيء ب00ه ي00وم

Page 153: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

القيامة فلن أقبله من00ك(. ق00ال بعض العلم00اء: أراد ي00وافي ب00وزر ذل00ك ي00وم القيامة، كما قال في آية أخرى: "وهم يحمل00ون أوزارهم على ظه00ورهم أال

[. وقيل: الخبر محمول على ش00هرة األم00ر؛ أي31ساء ما يزرون" ]األنعام: يأتي يوم القيامة قد شهر الله أمره كما يشهر ل00و حم00ل بع00يرا ل00ه رغ00اء أو

فرسا له حمحمة. قلت: وهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والتشبيه، وإذا دار الكالم بين

الحقيقة والمجاز فالحقيقة األصل كما في كتب األص00ول. وق00د أخ00بر الن00بي صلى الله عليه وسلم بالحقيقة، وال عطر بعد ع00روس. ويق00ال: إن من غ00ل شيئا في الدنيا يمثل له يوم القيامة في النار، ثم يقال له: انزل إليه فخذه، فيهبط إليه، فإذا انتهى إليه حمله، حتى إذا انتهى إلى الباب سقط عنه إلى أسفل جهنم، فيرجع إليه فيأخذه؛ ال ي00زال هك00ذا إلى م00ا ش00اء الل00ه. ويق00ال

"يأت بما غل" يعني تشهد عليه يوم القيامة تلك الخيانة والغلول. @ قال العلماء: والغلول كبيرة من الكبائر؛ بدليل هذه اآلية وما ذكرناه من حديث أبي هريرة: أنه يحمله على عنقه. وقد قال ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في مدعم: )والذي نفسي بيده أن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغ00انم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ن00ارا( ق0ال: فلم0ا س00مع الن0اس ذل0ك ج00اء رجل بشراك أو شراكين إلى رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم؛ فق00ال رسول الله صلى الله علي0ه وس0لم: )ش0راك أو ش00راكان من ن0ار(. أخرج0ه الموطأ. فقوله علي00ه الس0الم: )وال0ذي نفس0ي بي00ده( وامتناع0ه من الص00الة على من غل دليل على تعظيم الغلول وتعظيم الذنب فيه وأنه من الكبائر، وهو من حقوق اآلدميين وال بد فيه من القصاص بالحس00نات والس00يئات، ثم صاحبه في المشيئة. وقوله: )شراك أو شراكان من نار( مث00ل قول00ه: )أدوا الخياط والمخي00ط(. وه00ذا ي00دل على أن القلي00ل والكث00ير ال يح00ل أخ00ذه في الغزو قبل المقاسم، إال ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم في أرض الغ00زو ومن االحتطاب واالصطياد. وقد روي عن الزهري أنه قال: ال يؤخذ الطع00ام في أرض العدو إال بإذن اإلمام. وهذا ال أصل له؛ ألن اآلثار تخالفه، على م00ا يأتي. قال الحسن: كان أص00حاب رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم إذا افتتحوا المدينة أو الحصن أكلوا من الس00ويق وال00دقيق والس00من والعس00ل. وق00ال إب00راهيم: ك00انوا ي00أكلون من أرض الع00دو الطع00ام في أرض الح00رب ويعلفون قبل أن يخمس00وا. وق00ال عط00اء: في الغ00زاة يكون00ون في الس00رية فيص00يبون أنح00اء الس00من والعس00ل والطع00ام في00أكلون، وم00ا بقي ردوه إلى

إمامهم؛ وعلى هذا جماعة العلماء. @ وفي هذا الحديث دليل على أن الغال ال يحرق متاع00ه؛ ألن رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم لم يحرق متاع الرجل الذي أخ00ذ الش00ملة، وال أح00رق متاع صاحب الخرزات الذي ترك الصالة عليه، ولو كان ح00رق متاع00ه واجب00ا لفعله صلى الله عليه وسلم، ولو فعله لنقل ذلك في الحديث. وأما ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ق00ال: )إذا وج00دتم الرج00ل ق00د غ00ل ف00أحرقوا متاع00ه واض00ربوه(. ف00رواه أب00و داود والترمذي من حديث صالح بن محم00د بن زائ00دة، وه00و ض00عيف ال يحتج ب00ه. قال الترمذي: سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: إنم00ا روى هذا صالح بن محمد وهو أبو واقد الليثي وهو منكر الحديث. وروى أبو داود أيضا عنه قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعن0ا س0الم بن عبدالل0ه بن

Page 154: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

عمر وعمر بن عبدالعزيز، فغل رج00ل متاع00ا ف00أمر الولي00د بمتاع00ه ف00أحرق، وطيف به ولم يعطه سهمه. قال أبو داود: وهذا أص00ح الح00ديثين. وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وض00ربوه. ق00ال أب00و داود: وزاد في00ه علي بن بحر عن الوليد - ولم أسمعه منه - : ومنعوه سهمه. قال أبو عمر: قال بعض رواة هذا الحديث: واضربوا عنقه وأحرقوا متاعه. وه00ذا الح00ديث يدور على صالح بن محمد وليس ممن يحتج به. وق0د ثبت عن الن00بي ص0لى الله عليه وسلم أنه قال: )ال يح00ل دم ام00رئ مس00لم إال بإح00دى ثالث( وه00و ينفي القتل في الغلول. وروى ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وس00لم ق00ال: )ليس على الخ00ائن وال على المنتهب وال على المختلس قطع(. وهذا يعارض حديث صالح بن محمد وه00و أق00وى من جه00ة اإلسناد. والغال خائن في اللغ00ة والش00ريعة وإذا انتفى عن00ه القط00ع ف00أحرى القتل. وقال الطحاوي: لو صح حديث صالح المذكور احتمل أن يك00ون حين كانت العقوبات في األموال؛ كما قال في مانع الزكاة: )إنا آخ00ذوها وش00طر ماله، عزمة من عزمات الله تعالى(. وكما قال أبو هري00رة في ض00الة اإلب00ل المكتومة: فيها غرامتها ومثله معها. وكما روى عبدالله بن عمرو بن العاص في الثمر المعلق غرامة مثليه وجلدات نكال وهذا كله منسوخ، والله أعلم. @ فإذا غ00ل الرج00ل في المغنم ووج00د أخ00ذ من00ه، وأدب وع00وقب ب00التعزير. وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والليث: ال يحرق متاعه. وقال الش00افعي والليث وداود: إن ك00ان عالم00ا ب00النهي ع00وقب. وق00ال األوزاعي: يحرق متاع الغال كله إال سالحه وثياب00ه ال00تي علي00ه وس00رجه، وال ت00نزع من00ه دابت00ه، وال يح00رق الش00يء ال00ذي غ00ل. وه00ذا ق00ول أحم00د وإس00حاق، وقال00ه الحسن، إال أن يكون حيوانا أو مصحفا. وقال ابن خويز منداد: وروي أن أب00ا بكر وعمر رضي الله عنهما ضربا الغال وأحرق00ا متاع00ه. ق00ال ابن عب00دالبر: وممن قال يحرق رحل الغال ومتاعه مكحول وسعيد بن عبدالعزيز. وحج00ة من ذهب إلى ه00ذا ح00ديث ص00الح الم00ذكور. وه00و عن00دنا ح00ديث ال يجب ب00ه انتهاك حرمة، وال إنفاذ حكم؛ لما يعارضه من اآلثار التي هي أقوى منه. وما ذهب إليه مالك ومن تابعه من هذه المسألة أصح من جه0ة النظ0ر وص0حيح

األثر. والله أعلم. @ لم يختلف مذهب مالك في العقوبة على البدن، فأم00ا في الم00ال فق00ال في الذمي يبيع الخمر من المسلم: تراق الخمر على المسلم، وينزع الثمن من الذمي عقوبة له؛ لئال ي00بيع الخم0ر من المس0لمين. فعلى ه0ذا يج00وز أن يقال: تجوز العقوبة في المال. وقد أراق عمر رض00ي الل00ه عن00ه لبن00ا ش00يب

بماء. @ أجمع العلماء على أن للغال أن يرد جميع ما غل إلى ص00احب المقاس00م قبل أن يفترق الناس إن وجد الس00بيل إلى ذل00ك، وإن00ه إذا فع00ل ذل00ك فهي توبة له، وخروج عن ذنبه. واختلفوا فيما يفعل ب00ه إذا اف00ترق أه00ل العس00كر ولم يص00ل إلي00ه؛ فق00ال جماع00ة من أه00ل العلم: ي00دفع إلى اإلم00ام خمس00ه ويتصدق بالباقي. هذا م00ذهب الزه00ري ومال00ك واألوزاعي والليث والث00وري؛ وروي عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري. وهو يشبه م00ذهب ابن مسعود وابن عباس؛ ألنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي ال يع00رف صاحبه؛ وهو مذهب أحمد بن حنبل. وقال الشافعي: ليس له الصدقة بم00ال

Page 155: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

غيره. قال أبو عمر: فهذا عندي فيما يمكن وجود صاحبه والوص00ول إلي00ه أو إلى ورثته، وأما إن لم يكن شيء من ذلك فإن الش00افعي ال يك00ره الص00دقة حينئذ إن شاء الله. وق00د أجمع0وا في اللقط00ة على ج00واز الص00دقة به00ا بع0د التعريف لها وانقطاع صاحبها، وجعلوه إذا جاء - مخيرا بين األجر والضمان، وكذلك المغصوب. وبالله التوفيق. وفي تغريم الغل00ول دلي00ل على اش00تراك الغانمين في الغنيمة، فال يحل ألحد أن يستأثر بشيء منها دون اآلخر؛ فمن

غصب شيئا منها أدب اتفاقا، على ما تقدم. وإن وطئ جارية أو سرق نصابا فاختلف العلماء في إقامة الحد عليه؛

فرأى جماعة أنه ال قطع عليه. @ ومن الغلول هدايا العمال، وحكمه في الفضيحة في اآلخرة حكم الغال. روى أبو داود في سننه ومس00لم في ص00حيحه عن أبي حمي00د الس00اعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجال من األزد يقال له ابن اللتبية قال ابن السرح ابن األتبية على الصدقة، فجاء فقال: هذا لكم وه00ذا أه00دي لي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وق00ال: )ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وه00ذا أه00دي لي أال جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى إليه أم ال، ال يأتي أحد منكم بش00يء من ذل00ك إال جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء وإن كانت بقرة فلها خ00وار أو شاة تيعر( - ثم رفع يديه ح00تى رأين00ا عف00رتي إبطي00ه ثم ق00ال: - )اللهم ه00ل بلغت اللهم هل بلغت(. وروى أبو داود عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فه00و غلول(. وروى أيضا عن أبي مسعود األنصاري قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيا ثم قال: )انطلق أبا مسعود وال ألفينك ي00وم القيام00ة تأتي على ظهرك بع00ير من إب00ل الص00دقة ل00ه رغ00اء ق00د غللت00ه(. ق00ال: إذا ال أنطلق. قال: )إذا ال أكرهك(. وقد قيد هذه األحاديث ما رواه أبو داود أيض00ا عن المستورد بن شداد قال: سمعت النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم يق00ول: )من كان لنا عامال فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتس00ب خادم00ا فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا(. قال فقال أب00و بك00ر: أخ00برت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )من اتخ00ذ غ00ير ذل00ك فه00و غ00ال س00ارق(.

والله أعلم. @ ومن الغلول حبس الكتب عن أصحابها، ويدخل غيرها في معناه00ا. ق00ال الزهري: إياك وغلول الكتب. فقيل له: وما غلول الكتب؟ قال: حبس00ها عن أصحابها. وقد قيل في تأويل قوله تعالى: "وما كان لنبي أن يغ00ل" أن يكتم شيئا من الوحي رغبة أو رهبة أو مداهنة. وذلك أنهم كانوا يكره00ون م00ا في القرآن من عيب دينهم وسب آلهتهم، فسألوه أن يطوي ذل00ك؛ ف00أنزل الل00ه

هذه اآلية؛ قاله محمد بن بشار. وما بدأنا به قول الجمهور. @قول00ه تع00الى: "ثم ت00وفى ك00ل نفس م00ا كس00بت وهم ال يظلم00ون" تق00دم

القول فيه.-00 162*اآلية: 3* }أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بس00خط من الل00ه163

ومأواه جهنم وبئس المصير، هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون{ @قوله تعالى: "أفمن اتبع رضوان الل00ه" يري00د ب00ترك الغل00ول والص00بر على الجهاد. "كمن باء بسخط من الله" يريد بكف00ر أو غل00ول أو ت00ول عن الن00بي صلى الله عليه وسلم في الحرب. "وم00أواه جهنم" أي مث00واه الن00ار، أي إن

Page 156: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

لم يتب أو يعف00و الل00ه عن00ه. "وبئس المص00ير" أي المرج00ع. وق00رئ رض00وان بكسر الراء وضمها كالعدوان والعدوان. ثم ق00ال تع00الى: "هم درج00ات عن00د الل00ه" أي ليس من اتب00ع رض00وان الل00ه كمن ب00اء بس00خط من00ه. قي00ل: "هم درجات" متفاوت00ة، أي هم مختلف00و المن00ازل عن00د الل00ه؛ فلمن اتب00ع رض00وانه الكرامة والثواب العظيم، ولمن ب00اء بس00خط من00ه المهان00ة والع00ذاب األليم. ومعنى "هم درجات" - أي ذوو درجات. أو على درجات، أو في درج00ات، أو لهم درجات. وأهل النار أيضا ذوو درجات؛ كم00ا ق00ال: )وجدت00ه في غم00رات من الن00ار فأخرجت00ه إلى ضحض00اح(. ف00المؤمن والك00افر ال يس00تويان في الدرجة؛ ثم المؤمنون يختلفون أيضا، فبعضهم أرفع درجة من بعض، وكذلك الكفار. والدرجة الرتبة، ومن الدرج؛ ألنه يطوى رتبة بعد رتبة. واألشهر في منازل جهنم دركات؛ كما قال: "إن المنافقين في الدرك األسفل من النار"

[ فلمن لم يغ00ل درج00ات في الجن00ة، ولمن غ00ل درك00ات في145]النس00اء: النار. قال أبو عبيدة: جهنم أدراك، أي منازل؛ يقال لك00ل م00نزل منه00ا: درك

ودرك. والدرك إلى أسفل، والدرج إلى أعلى. }لق00د من الل00ه على المؤم00نين إذ بعث فيهم رس00وال من164*اآلي00ة: 3*

أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكم00ة وإن ك00انوا منقبل لفي ضالل مبين{

@ بين الله تعالى عظيم منته عليهم ببعثه محمدا صلى الل00ه علي00ه وس00لم. والمعنى في المنة فيه أقوال: منها أن يكون معنى "بش00ر مثلهم" أي بش00ر مثلهم. فلما أظهر ال00براهين وه00و بش00ر مثلهم علم أن ذل00ك من عن00د الل00ه. وقيل: "من أنفسهم" منهم. فشرفوا به صلى الله عليه وسلم، فكانت تل00ك المنة. وقيل: "من أنفس00هم" ليعرف00وا حال00ه وال تخفى عليهم طريقت00ه. وإذا كان محله فيهم هذا كانوا أحق بأن يقاتلوا عنه وال ينهزموا دونه. وقرئ في الشواذ "من أنفسهم" )بفتح الفاء( يعني من أشرفهم؛ ألنه من بني هاشم، وبنو هاشم أفضل من قريش، وقريش أفضل من الع00رب، والع00رب أفض00ل من غيرهم. ثم قيل: لفظ المؤم00نين ع00ام ومعن00اه خ00اص في الع00رب؛ ألن00ه ليس حي من أحياء العرب إال وقد ولده صلى الله علي00ه وس00لم، ولهم في00ه نسب؛ إال بني تغلب فإنهم كانوا نصارى فطه00ره الل00ه من دنس النص00رانية. وبيان هذا التأويل قوله تع00الى: "ه00و ال00ذي بعث في األم00يين رس00وال منهم"

[. وذكر أبو محمد عبدالغني قال: حدثنا أبو أحمد البصري حدثنا2]الجمعة: أحمد بن علي بن سعيد القاضي أب00و بك00ر الم00روزي ح00دثنا يح00يى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن عبدالله بن س00ليمان الن00وفلي عن الزه00ري عن عروة عن عائشة رض0ي الل00ه عنه0ا: "لق0د من الل0ه على المؤم0نين إذ بعث فيهم رسوال من أنفسهم" قالت: هذه للعرب خاصة. وقال آخرون: أراد ب00ه المؤمنين كلهم. ومعنى "من أنفسهم" أنه واحد منهم وبشر ومثلهم، وإنم00ا أمتاز عنهم بالوحي؛ وهو مع00نى قول00ه "لق00د ج00اءكم رس00ول من أنفس00كم"

[ وخص المؤمنين بال00ذكر ألنهم المنتفع00ون ب00ه، فالمن00ة عليهم128]التوبة: أعظم. وقوله تعالى: "يتلو عليهم" "يتلو" في موض00ع نص00ب نعت لرس00ول، ومعن00اه يق00رأ. والتالوة الق00راءة. "ويعلمهم الكت00اب والحكم00ة" تق00دم في )البقرة(. ومعنى: "وإن كانوا من قبل" أي ولقد كانوا من قبل، أي من قبل محمد، وقيل: "إن" بمعنى ما، والالم في الخبر بمعنى إال. أي وما كانوا من قبل إال في ضالل مبين. ومثله "وإن كنتم من قبله لمن الضالين" ]البق00رة:

Page 157: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

[ أي وما كنتم من قبله إال من الضالين. وه00ذا م00ذهب الكوف00يين. وق00د198تقدم في "البقرة" معنى هذه اآلية.

}أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ق00ل165*اآلية: 3*هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير{

@قوله تع00الى: "أولم00ا" األل00ف لالس00تفهام، وال00واو للعط00ف. "مص00يبة" أي غلبة. "قد أصبتم مثليها" يوم بدر بأن قتلتم منهم سبعين وأس00رتم س00بعين. واألسير في حكم المقتول؛ ألن اآلسر يقتل أسيره إن أراد. أي فهزمتموهم يوم بدر ويوم أحد أيضا في االبت00داء، وقتلتم في00ه قريب00ا من عش00رين، قتلتم منهم في ي00ومين، ون00الوا منكم في ي00وم أح00د. "قلتم أنى ه00ذا" أي من أين أصابنا هذا االنهزام والقتل، ونحن نقات00ل في س0بيل الل00ه، ونحن مس0لمون، وفين00ا النبي وال00وحي، وهم مش00ركون. "ق00ل ه00و من عن00د أنفس00كم" يع00ني مخالفة الرماة. وما من قوم أطاعوا ن00بيهم في ح00رب إال نص00روا؛ ألنهم إذا أطاعوا فهم حزب الله، وحزب الله هم الغ00البون. وق00ال قت00ادة والربي00ع بن أنس: يعني س00ؤالهم النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم أن يخ00رج بع0د م00ا أراد اإلقامة بالمدينة. وتأولها في الرؤي00ا ال00تي رآه00ا درع00ا حص00ينة. علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هو اختيارهم الفداء يوم ب00در على القت00ل. وق00د قي00ل لهم: إن فاديتم األسارى قت00ل منكم على ع00دتهم. وروى ال00بيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في األسارى يوم بدر: )إن شئتم قتلتم00وهم وإن ش00ئتم ف00اديتموهم واس00تمتعتم بالفداء واستشهد منكم بعدتهم(. فكان آخ00ر الس00بعين ث00ابت بن قيس قت00ل يوم اليمام00ة. فمع00نى "من عن00د أنفس00كم" على الق00ولين األولين ب00ذنوبكم.

وعلى القول األخير باختياركم. }وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم167 -0 166*اآلية: 3*

المؤمنين، وليعلم الذين نافقوا وقي00ل لهم تع00الوا ق00اتلوا في س00بيل الل00ه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتاال التبعن00اكم هم للكف00ر يومئ00ذ أق00رب منهم لإليم00ان

يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون{ @قوله تعالى: "وما أصابكم يوم التقى الجمعان" يعني يوم أحد من القت00ل والجرح والهزيم00ة. "فب00إذن الل00ه" أي بعلم00ه. وقي00ل: بقض00ائه وق00دره. ق00ال القفال: أي فبتخليته بينكم وبينهم، ال أنه أراد ذل00ك. وه00ذا تأوي00ل المعتزل00ة. ودخلت الفاء في "فبإذن الله" ألن "ما" بمع00نى ال00ذي. أي وال00ذي أص00ابكم يوم التقى الجمع0ان فب00إذن الل0ه؛ فأش00به الكالم مع0نى الش00رط، كم0ا ق00ال سيبويه: الذي قام فله درهم. "وليعلم المؤم00نين وليعلم ال00ذين ن00افقوا" أي ليم00يز. وقي00ل ل00يرى. وقي00ل: ليظه00ر إيم00ان المؤم00نين بثب00وتهم في القت00ال،

وليظهر كفر المنافقين بإظهارهم الشماتة فيعلمون ذلك. واإلش00ارة بقول00ه: "ن00افقوا وقي00ل لهم" هي إلى عبدالل00ه بن أبي وأص00حابه الذين انصرفوا معه عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثالثمائة. فمش00ى في أث00رهم عبدالل00ه بن عم00رو بن ح00رام األنص00اري، أب00و ج00ابر بن عبدالله، فقال لهم: اتقوا الله وال تتركوا ن00بيكم، وق00اتلوا في س00بيل الل00ه أو ادفعوا، ونحو هذا من القول. فقال له ابن أبي: ما أرى أن يكون قتال، ول00و علمنا أن يكون قتال لكنا معكم. فلما يئس منهم عبدالله قال: اذهبوا أعداء الله فسيغني الله رسوله عنكم. ومضى مع الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم

واستشهد رحمه الله تعالى.

Page 158: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@ واختلف الناس في معنى قوله: "أو ادفع00وا" فق00ال الس00دي وابن ج00ريج وغيرهما: كثروا سوادنا وإن لم تقاتلوا معنا؛ فيكون ذلك دفعا وقمعا للعدو؛ فإن الس00واد إذا ك00ثر حص00ل دف00ع الع00دو. وق00ال أنس بن مال00ك: رأيت ي00وم القادسية عبدالله بن أم مكتوم األعمى وعليه درع يجر أطرافها، وبيده راية سوداء؛ فقيل له: أليس قد أنزل الله عذرك؟ قال: بلى! ولكني أكثر س00واد المسلمين بنفسي. وروي عنه أن00ه ق00ال: فكي00ف بس00وادي في س00بيل الل00ه! وقال أبو عون األنصاري: معنى "أو ادفعوا" رابطوا. وهذا ق0ريب من األول. وال محالة أن المرابط مدافع؛ ألنه لوال مكان المرابطين في الثغ0ور لجاءه00ا الع00دو. وذهب ق00وم من المفس00رين إلى أن ق00ول عبدالل00ه بن عم00رو "أو ادفعوا" إنما هو استدعاء إلى القتال حمية؛ ألنه اس00تدعاهم إلى القت00ال في سبيل الله، وهي أن تكون كلمة الله هي العليا، فلم0ا رأى أنهم ليس0وا على ذلك عرض عليهم الوجه الذي يحشمهم ويبعث األنف00ة. أي أو ق00اتلوا دفاع00ا عن الحوزة. أال ترى أن قزمان قال: والله ما قاتلت إال عن أحساب قومي. وأال ترى أن بعض األنصار قال يوم أحد لما رأى قريشا ق00د أرس00لت الظه0ر في زروع قناة، أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب؟ والمعنى إن لم تقاتلوا

في سبيل الله فقاتلوا دفعا عن أنفسكم وحريمكم. @قوله تع00الى: "هم للكف00ر يومئ00ذ أق00رب منهم لإليم00ان" أي بين00وا ح00الهم، وهتك00وا أس00تارهم، وكش00فوا عن نف00اقهم لمن ك00ان يظن أنهم مس00لمون؛ فص00اروا أق00رب إلى الكف00ر في ظ00اهر الح00ال، وإن ك00انوا ك00افرين على التحقيق. وقوله تعالى: "يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم" أي أظهروا اإليمان، وأضمروا الكفر. وذكر األفواه تأكيد؛ مث00ل قول00ه: "يط00ير بجناحي00ه"

[.38]األنعام: }الذين قالوا إلخ00وانهم وقع00دوا ل00و أطاعون00ا م00ا قتل00وا ق00ل168*اآلية: 3*

فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين{ @قوله تعالى: "الذين قالوا إلخوانهم" معناه ألجل إخ00وانهم، وهم الش00هداء المقتولون من الخزرج؛ وهم إخوة نسب ومجاورة، ال إخوة الدين. أي قالوا لهؤالء الشهداء: لو قعدوا، أي بالمدينة ما قتلوا. وقيل: قال عبدالله بن أبي وأصحابه إلخوانهم، أي ألشكالهم من المنافقين: لو أطاعون00ا، ه00ؤالء ال00ذين قتلوا، لما قتل0وا. وقول0ه: "ل0و أطاعون0ا" يري0د في أال يخرج0وا إلى ق0ريش. وقوله: أي قالوا هذا القول وقعدوا بأنفس00هم عن الجه00اد؛ ف00رد الل00ه عليهم بقوله: "قل فادرؤوا" أي قل لهم يا محمد: إن صدقتم فادفعوا الم00وت عن أنفسكم. والدرء الدفع. بين بهذا أن الحذر ال ينفع من الق00در، وأن المقت00ول يقتل بأجله، وما علم الله وأخبر به ك0ائن ال محال0ة. وقي0ل: م0ات ي0وم قي00ل هذا، سبعون منافقا. وقال أبو الليث السمرقندي: سمعت بعض المفسرين بسمرقند يقول: لما نزلت اآلية "ق00ل ف00ادرؤوا عن أنفس00كم الم00وت" م00ات

يومئذ سبعون نفسا من المنافقين.-00 169*اآلية: 3* }وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات00ا ب00ل170

أحياء عند ربهم يرزقون، ف00رحين بم00ا آت00اهم الل00ه من فض00له ويستبش00رونبالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أال خوف عليهم وال هم يحزنون{

@ لما بين الله تعالى أن ما جرى يوم أحد كان امتحان00ا يم00يز المن00افق من الصادق، بين أن من لم ينهزم فقتل له الكرام00ة والحي00اة عن00ده. واآلي00ة في شهداء أحد. وقيل: نزلت في شهداء بئر معون00ة. وقي00ل: ب00ل هي عام00ة في

Page 159: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

جميع الشهداء. وفي مصنف أبي داود بإس0ناد ص0حيح عن ابن عب00اس ق0ال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الل00ه أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأك00ل من ثماره00ا وت00أوي إلى قنادي00ل من ذهب معلق00ة في ظ00ل الع00رش فلم00ا وج00دوا طيب م00أكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجن00ة ن00رزق لئال يزهدوا في الجه00اد وال ينكل00وا عن00د الح00رب فق00ال الل00ه س00بحانه أن00ا أبلغهم عنكم( - قال - فأنزل الله )وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا...( إلى آخر اآلي00ات. وروى بقي بن مخل00د عن ج00ابر ق00ال: لقي00ني رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم فقال: )يا جابر ما لي أراك منكسا مهتم00ا(؟ قلت: ي00ا رسول الله، استشهد أبي وترك عي00اال وعلي00ه دين؛ فق00ال: )أال أبش00رك بم00ا لقي الله عز وجل به أباك(؟ قلت: بلى يا رسول الله. ق00ال: )إن الل00ه أحي00ا أباك وكلمه كفاحا وما كلم أحد قط إال من وراء حجاب فق00ال ل00ه ي00ا عب00دي تمن أعطك قال ي00ا رب ف00ردني إلى ال00دنيا فأقت00ل في00ك ثاني00ة فق00ال ال00رب تبارك وتعالى أنه قد سبق مني أنهم إليها ال يرجعون قال ي00ا رب ف00أبلغ من ورائي( فأنزل الله عز وجل "وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله" اآلي00ة. أخرجه ابن ماجه في سننه، والترمذي في جامعه وقال: هذا ح00ديث حس00ن غريب. وروى وكيع عن سالم بن األفطس عن سعيد بن جبير "وال تحس00بن الذين قتلوا في سبيل الل00ه أموات00ا ب00ل أحي00اء" ق00ال: لم00ا أص00يب حم0زة بن عبدالمطلب ومصعب بن عمير ورأوا ما رزقوا من الخير قالوا: ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة؛ فقال الل00ه تع00الى أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: "وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل الل00ه أمواتا - إلى قوله: ال يضيع أجر المؤمنين". وقال أب00و الض00حى: ن00زلت ه00ذه اآلية في أهل أحد خاصة. والحديث األول يقتضي ص00حة ه00ذا الق00ول. وق00ال بعضهم: نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجال؛ ثماني00ة من األنص00ار، وس00تة من المه00اجرين. وقي00ل: ن00زلت في ش00هداء ب00ئر معون00ة، وقص00تهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق وغيره. وقال آخرون: إن أولياء الش00هداء كانوا إذا أصابتهم نعمة وسرور تحسروا وقالوا: نحن في النعم00ة والس00رور، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور. فأنزل الله تعالى هذه اآلية تنفيسا عنهم

وإخبارا عن حال قتالهم. قلت: وبالجملة وإن كان يحتمل أن يكون النزول بسبب المجموع فقد

أخبر الله تعالى فيها عن الشهداء أنهم أحياء في الجنة يرزقون، وال محال00ة أنهم م000اتوا وأن أجس000ادهم في ال000تراب، وأرواحهم حي000ة ك000أرواح س000ائر المؤمنين، وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل حتى كأن حي00اة ال00دنيا

دائمة لهم. وقد اختلف العلماء في هذا المعنى. فالذي عليه المعظم هو ما ذكرناه،

وأن حي00اة الش00هداء محقق00ة. ثم منهم من يق00ول: ت00رد إليهم األرواح في قبورهم فينعمون، كما يحي00ا الكف00ار في قب00ورهم فيع00ذبون. وق00ال مجاه00د: يرزقون من ثمر الجنة، أي يجدون ريحها وليسوا فيه00ا. وص00ار ق00وم إلى أن هذا مجاز، والمعنى أنهم في حكم الل00ه مس00تحقون للتنعم في الجن00ة. وه00و

كما يقال: ما مات فالن، أي ذكره حي؛ كما قيل: موت التقي حياة ال فناء لها قد مات قوم في الناس أحياء

Page 160: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فالمعنى أنهم يرزقون الثناء الجمي00ل. وق00ال آخ00رون: أرواحهم في أج00واف طير خضر وأنهم يرزقون في الجنة ويأكلون ويتنعم00ون. وه00ذا ه00و الص00حيح من األقوال؛ ألن ما صح به النقل فهو الواقع. وحديث ابن عباس نص يرف00ع الخالف. وك00ذلك ح00ديث ابن مس00عود خرج00ه مس00لم. وق00د أتين00ا على ه00ذا المعنى مبينا في كتاب "التذكرة ب00أحوال الم00وتى وأم00ور اآلخ00رة". والحم00د لله. وقد ذكرنا هناك كم الشهداء، وأنهم مختلفو الحال. وأم00ا من ت00أول في الشهداء أنهم أحياء بمعنى أنهم سيحيون فبعيد يرده الق00رآن والس00نة؛ ف00إن قوله تعالى: "بل أحياء" دليل على حياتهم، وأنهم يرزقون وال يرزق إال حي. وقد قيل: إنه يكتب لهم في كل سنة ثواب غزوة؛ ويشركون في ثواب ك00ل جهاد كان بعدهم إلى ي00وم القيام0ة؛ ألنهم س00نوا أم0ر الجه0اد. نظ0يرة قول0ه تعالى: "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا" ]المائدة:

[. على ما يأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى. وقيل: ألن أرواحهم تركع32 وتسجد تحت العرش إلى يوم القيامة، كأرواح األحياء المؤمنين الذين ب00اتوا على وض00وء. وقي00ل: ألن الش00هيد ال يبلى في الق00بر وال تأكل00ه األرض. وق00د ذكرن00ا ه00ذا المع00نى في "الت00ذكرة" وأن األرض ال تأك00ل األنبي00اء والش00هداء

والعلماء والمؤذنين المحتسبين وحملة القرآن. @ إذا كان الشهيد حيا حكم0ا فال يص00لى علي0ه، ك0الحي حس0ا. وق00د اختل00ف العلماء في غسل الشهداء والص00الة عليهم؛ ف00ذهب مال00ك والش00افعي وأب00و حنيفة والثوري إلى غسل جميع الشهداء والصالة عليهم؛ إال قتيل المع00ترك في قتال العدو خاصة؛ لحديث جابر قال قال النبي صلى الله علي00ه وس00لم: )أدفنوهم بدمائهم( يعني يوم أح00د ولم يغس00لهم، رواه البخ00اري. وروى أب00و داود عن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أح00د أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم. وبهذا قال أحم00د وإسحاق واألوزاعي وداود بن علي وجماعة فقهاء األمص00ار وأه00ل الح00ديث وابن علية. وقال سعيد بن المسيب والحسن: يغسلون. قال أح00دهما: إنم00ا لم تغسل شهداء أحد لكثرتهم والشغل عن ذلك. ق00ال أب00و عم00ر: ولم يق00ل بقول سعيد والحسن هذا أحد من فقه00اء األمص00ار إال عبيدالل00ه بن الحس00ن العنبري، وليس ما ذكروا من الشغل عن غسل ش00هداء أح00د عل00ة؛ ألن ك00ل واحد منهم كان له ولي يشتغل به ويق00وم ب00أمره. والعل00ة في ذل00ك - والل00ه أعلم - م00ا ج00اء في الح00ديث في دم00ائهم )أنه00ا ت00أتي ي00وم القيام00ة ك00ريح المسك( فبان أن العلة ليست الشغل كم00ا ق00ال من ق00ال في ذل00ك، وليس لهذه المسألة مدخل في القياس والنظر، وإنما هي مسألة اتباع لألثر الذي نقل00ه الكاف00ة في قتلى أح00د لم يغس00لوا. وق00د احتج بعض المت00أخرين ممن ذهب مذهب الحسن بقوله عليه السالم في ش00هداء أح00د. )أن00ا ش00هيد على هؤالء يوم القيامة(. قال: وه00ذا ي00دل على خصوص0هم وأن00ه ال يش0ركهم في ذلك غيرهم. قال أبو عمر: وهذا يشبه الشذوذ، والقول بترك غسلهم أولى؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتلى أح00د وغ00يرهم. وروى أبو داود عن جابر ق0ال: رمي رج0ل بس00هم في ص0دره أو في حلق00ه فم0اتفأدرج في ثيابه كما هو. قال: ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. @ وأما الصالة عليهم فاختلف العلماء في ذلك أيضا؛ ف00ذهب مال00ك والليث والشافعي وأحمد وداود إلى أنه ال يص00لى عليهم؛ لح00ديث ج00ابر ق00ال: ك00ان النبي صلى الل0ه علي0ه وس00لم يجم0ع بين ال0رجلين من قتلى أح0د في ث0وب

Page 161: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

واحد ثم يقول: )أيهما أكثر أخذا للقرآن(؟ فإذا أشير له إلى أح00دهما قدم00ه في اللحد وقال: )أنا شهيد على هؤالء يوم القيامة( وأم00ر ب00دفنهم ب00دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. وقال فقهاء الكوفة والبصرة والشام: يص00لى عليهم. ورووا آثارا كبيرة أكثرها مراسيل أن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم

صلى على حمزة وعلى سائر شهداء أحد. @ وأجم00ع العلم00اء على أن الش00هيد إذا حم00ل حي00ا ولم يمت في المع00ترك

وعاش وأكل فإنه يصلى عليه؛ كما قد صنع بعمر رضي الله عنه. واختلفوا فيمن قتل مظلوما كقتيل الخوارج وقطاع الطريق وشبه ذلك؛

فقال أبو حنيفة والثوري: ك00ل من قت00ل مظلوم00ا لم يغس00ل، ولكن00ه يص00لى عليه وعلى كل شهيد؛ وهو قول سائر أهل الع00راق. ورووا من ط00رق كث00ير صحاح عن زيد بن صوحان، وكان قتل يوم الجمل: ال ت00نزعوا ع00ني ثوب00ا وال تغسلوا ع00ني دم00ا. وثبت عن عم00ار بن ياس00ر أن00ه ق00ال مث00ل ق00ول زي00د بن صوحان. وقتل عمار بن ياسر بصفين ولم يغسله علي. وللش00افعي ق00والن: أحدهما - يغسل كجميع الموتى إال من قتله أهل الحرب؛ وهذا ق00ول مال00ك. قال مالك: ال يغسل من قتله الكفار ومات في المعترك. وكان مقتول غ00ير قتيل المعترك - قتيل الكفار - فإنه يغسل ويصلى علي00ه. وه00ذا ق00ول أحم00د بن حنبل رضي الله عنه. والقول اآلخر للش00افعي - ال يغس00ل قتي00ل البغ00اة. وق00ول مال00ك أص00ح؛ ف00إن غس00ل الم00وتى ق00د ثبت باإلجم00اع ونق00ل الكاف00ة.فواجب غسل كل ميت إال من أخرجه إجماع أو سنة ثابتة. وبالله التوفيق. @ العدو إذا صبح قوما في منزلهم ولم يعلموا ب0ه فقت0ل منهم فه0ل يك00ون حكمه حكم قتيل المع00ترك، أو حكم س00ائر الم00وتى؛ وه00ذه المس00ألة ن00زلت عندنا بقرطبة أعادها الله: أغ00ار الع00دو - قص00مه الل00ه - ص00بيحة الث00الث من رمضان المعظم سنة سبع وعش00رين وس00تمائة والن00اس في أج00رانهم على غفلة، فقتل وأسر، وكان من جمل00ة من قت00ل وال00دي رحم00ه الل00ه؛ فس00ألت شيخنا المقرئ األستاذ أبا جعفر أحمد المع00روف ب00أبي حج00ة فق0ال؛ غس00له وصلى عليه، فإن أباك لم يقتل في المعترك بين الصفين. ثم سألت شيخنا ربيع بن عبدالرحمن بن أحمد بن ربيع بن أبي فقال: إن حكمه حكم القتلى في المعترك. ثم سألت قاضي الجماعة أبا الحسن علي بن قطرال وحوله جماعة من الفقهاء فقالوا: غسله وكفنه وصلى عليه؛ ففعلت. ثم بع0د ذل0ك وقفت على المسألة في "التبصرة" ألبي الحسن اللخمي وغيرها. ولو ك00ان

ذلك قبل ذلك ما غسلته، وكنت دفنته بدمه في ثيابه. @ هذه اآلية تدل على عظيم ث00واب القت00ل في س00بيل الل00ه والش00هادة في00ه حتى أنه يكفر الذنوب؛ كما قال صلى الله عليه وس00لم: )القت00ل في س00بيل الله يكفر كل شيء إال الدين كذلك قال لي جبريل عليه السالم آنفا(. ق00ال علماؤنا ذكر الدين تنبيه على ما في معن00اه من الحق00وق المتعلق00ة بال00ذمم، كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد وجراحه وغير ذل00ك من التبع00ات، فإن كل هذا أولى أال يغفر بالجهاد من الدين فإنه أشد، والقصاص في ه00ذا كله بالحسنات والسيئات حسبما وردت به الس00نة الثابت00ة. روى عبدالل00ه بن أنيس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وس0لم يق0ول: )يحش0ر الل0ه العباد - أو قال الناس، شك همام، وأومأ بيده إلى الشام - عراة غرال بهما. قلنا: ما بهم؟ قال: ليس معهم ش00يء فين00اديهم بص00وت يس00معه من ق00رب ومن بعد أنا الملك أنا الديان ال ينبغي ألحد من أهل الجن00ة أن ي00دخل الجن00ة

Page 162: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة وال ينبغي ألحد من أه00ل الن00ار أن ي00دخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة. قال قلنا: كيف وإنما نأتي الله حفاة عراة غرال. قال: بالحسنات والسيئات(. أخرجه الح00ارث بن أبي أسامة. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه

عليه وسلم قال: )أتدرون من المفلس(؟. قالوا: المفلس فينا من ال درهم له وال متاع. فقال: )إن المفلس من أمتي من يأتي ي00وم القيام00ة بص00الة وص00يام وزك00اة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وس00فك دم ه00ذا وض00رب ه00ذا فيعطى ه00ذا من حس00ناته وه00ذا من حس00ناته ف00إن ف00نيت حس00ناته قب00ل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياه فطرحت علي00ه ثم ط00رح في الن00ار(. وق00ال صلى الله عليه وسلم: )والذي نفسي بيده لو أن رجال قتل في س00بيل الل00ه ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل وعليه دين م00ا دخ00ل الجن00ة ح00تى يقض00ى عنه(. وروى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم: )نفس المؤمن معلقة ما كان علي00ه دين(. وق00ال أحم00د بن زه00ير: س00ئل يح00يى بن معين عن هذا الحديث فقال: هو صحيح. فإن قيل: فهذا يدل على أن بعض الشهداء ال يدخلون الجنة من حين القتل، وال تكون أرواحهم في جوف طير كما ذك00رتكم، وال يكون00ون في قب00ورهم، ف00أين يكون00ون؟ قلن00ا: ق00د ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )أرواح الشهداء على نهر بب00اب الجن00ة يقال له بارق يخرج عليهم رزقهم من الجن00ة بك00رة وعش00يا( فلعلهم ه00ؤالء. والله أعلم. ولهذا قال اإلمام أبو محمد بن عطية: وهؤالء طبق00ات وأح00وال مختلفة يجمعها أنهم "يرزقون". وق0د أخ0رج اإلم0ام أب0و عبدالل0ه محم0د بن يزيد بن ماجه القزوي00ني في س00ننه عن س00ليم بن ع00امر ق00ال: س00معت أب00ا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )شهيد البح00ر مثل شهيدي البر والمائدة في البحر كالمتشحط في دمه في البر وم00ا بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله وإن الله عز وجل وكل مل0ك الم0وت بقبض األرواح إال شهداء البح00ر فإن00ه س00بحانه يت00ولى قبض أرواحهم ويغف00ر لشهيد البر الذنوب كلها إال الدين ويغفر لشهيد البحر الذنوب كلها والدين(. @ الدين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة - والله أعلم - هو الذي قد ت00رك له وفاء ولم يوص به. أو قدر على األداء فلم ي00ؤده، أو أدان00ه في س00رف أو في س00فه وم00ات ولم يوف00ه. وأم00ا من أدان في ح00ق واجب لفاق00ة وعس00ر ومات ولم يترك وفاء فإن الله ال يحبسه عن الجنة إن ش00اء الل00ه؛ ألن على السلطان فرضا أن يؤدي عنه دينه، إما من جمل00ة الص00دقات، أو من س00هم الغ00ارمين، أو من الفيء الراج00ع على المس00لمين. ق00ال ص00لى الل00ه علي00ه وسلم: )من ترك دينا أو ضياعا فعلى الله ورسوله ومن ترك ماال فلورثته(.

وقد زدنا هذا الباب بيانا في كتاب )التذكرة( والحمد لله. @قوله تعالى: "عند ربهم يرزقون" فيه حذف مضاف تق00ديره عن00د كرام00ة ربهم. و"عند" هنا تقتض00ي غاي00ة الق00رب، فهي ك000 )ل00دى( ول00ذلك لم تص00غر فيق00ال! عني00د؛ ق00ال س00يبويه. فه00ذه عندي00ة الكرام00ة ال عندي00ة المس00افة والقرب." يرزقون" هو الرزق المعروف في العادات. ومن ق00ال: هي حي00اة الذكر قال: يرزقون الثناء الجمي00ل. واألول الحقيق00ة. وق00د قي00ل: إن األرواح تدرك في تلك الحال التي يسرحون فيها من روائح الجن00ة وطيبه00ا ونعيمه00ا وسرورها ما يليق باألرواح؛ مما ترتزق وتنتعش به. وأما اللذات الجس00مانية

Page 163: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فإذا أعيدت تلك األرواح إلى أجس00ادها اس00توفت من النعيم جمي00ع م00ا أع00د الله لها. وهذا قول حسن، وإن كان فيه نوع من المجاز، فهو المواف00ق لم00ا اخترناه. والموفق اإلله. و"فرحين" نص00ب في موض00ع الح00ال من المض00مر في "يرزق00ون" ويج00وز في الكالم "فرح00ون" على النعت ألحي00اء. وه00و من الفرح بمعنى السرور. والفضل في هذه اآلية هو النعيم المذكور. وق00رأ ابن السميقع "فارحين" باأللف وهما لغتان، ك0الفره والف0اره، والح00ذر والح00اذر، والطمع والطامع، والبخل والباخل. قال النح00اس: ويج00وز في غ00ير الق00رآن

رفعه، يكون نعتا ألحياء. @قوله تعالى: "ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم" المعنى لم يلحق00وا بهم في الفض00ل، وإن ك00ان لهم فض00ل. وأص00له من البش00رة؛ ألن اإلنسان إذا فرح ظهر أثر السرور في وجهه. وقال السدي.: ي00ؤتى الش00هيد بكتاب فيه ذكر من يقدم علي00ه من إخوان00ه، فيستبش00ر كم00ا يستبش00ر أه00ل الغ00ائب بقدوم00ه في ال00دنيا. وق00ال قت00ادة وابن ج00ريح والربي00ع وغ00يرهم: استبشارهم بأنهم يقولون: إخواننا الذين تركنا خلفنا في الدنيا يق00اتلون في سبيل الله مع نبيهم، فيستشهدون فينالون من الكرامة مث00ل م00ا نحن في00ه؛ فيس00رون ويفرح00ون لهم ب00ذلك. وقي00ل: إن اإلش00ارة باالستبش00ار لل00ذين لم يلحقوا بهم إلى جميع المؤمنين وإن لم يقتلوا، ولكنهم لما عاينوا ثواب الله وقع اليقين بأن دين اإلسالم هو الحق الذي يثيب الل00ه عليهم؛ فهم فرح00ون ألنفسهم بما آت00اهم الل00ه من فض00له، مستبش00رون للمؤم00نين ب00أن ال خ00وف

عليهم وال هم يحزنون. ذهب إلى هذا المعنى الزجاج وابن فورك. }يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الل00ه ال يض00يع أج00ر171*اآلية: 3*

المؤمنين{ @ أي بجنة من الله. ويقال: بمغفرة من الله. "وفضل" هذا لزيادة البي00ان. والفضل داخ0ل في النعم0ة، وفي0ه دلي00ل على اتس0اعها، وأنه0ا ليس0ت كنعم الدنيا. وقيل: جاء الفضل بعد النعمة على وج00ه التأكي00د؛ روى الترم00ذي عن المقدام بن معد يك00رب ق00ال: ق00ال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )للشهيد عند الله ست خصال - كذا في الترمذي وابن ماجه "س00ت"، وهي في العدد سبع - يغفر له في أول دفعة ويرى مقع00ده من الجن00ة ويج00ار من عذاب القبر ويأمن من الفزع األكبر ويوضع على رأسه تاج الوق00ار الياقوت00ة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وس00بعين زوج00ة من الح00ور العين ويشفع في سبعين من أقاربه( قال: هذا حديث حسن صحيح غ00ريب. وه00ذا تفسير للنعمة والفضل. واآلثار في هذا المعنى كثيرة. وروي عن مجاهد أنه قال: السيوف مفاتيح الجنة. وروي عن رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم أنه قال: )أكرم الله تعالى الشهداء بخمس كرامات لم يكرم به00ا أح00دأ من األنبياء وال أنا أحدها أن جميع األنبياء قبض أرواحهم ملك الموت وه00و ال00ذي سيقبض روحي وأما الشهداء فالله ه00و ال0ذي يقبض أرواحهم بقدرت00ه كي00ف يشاء وال يسلط على أرواحهم ملك الم00وت، والث00اني أن جمي00ع األنبي00اء ق00د غسلوا بعد الموت وأنا أغسل بعد الم00وت والش00هداء ال يغس00لون وال حاج00ة لهم إلى ماء الدنيا، والثالث أن جميع األنبياء قد كفنوا وأن00ا أكفن والش00هداء ال يكفنون بل يدفنون في ثيابهم، والرابع أن األنبياء لما ماتوا س00موا أموات00ا وإذا مت يقال قد مات والش0هداء ال يس0مون م0وتى، والخ0امس أن األنبي0اء

Page 164: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

تعطى لهم الشفاعة يوم القيامة وشفاعتي أيضا يوم القيامة وأما الش00هداءفإنهم يشفعون في كل يوم فيمن يشفعون(.

@قوله تعالى: "وأن الله" قرأه الكسائي بكسر األلف، والب00اقون بالنص00ب؛ فمن قرأ بالنصب فمعناه يستبشرون بنعمة من الله ويستبشرون ب00أن الل00ه ال يضيع أجر المؤمنين. ومن قرأ بالكسر فعلى االبت00داء. ودليل00ه ق00راءة ابن

مسعود "والله ال يضيع أجر المؤمنين". }الذين استجابوا لله والرسول من بع00د م00ا أص00ابهم الق00رح172*اآلية: 3*

للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم{ @قوله: "الذين" في موضع رفع على االبتداء، وخبره "من بعد م00ا أص00ابهم الق00رح". ويج00وز أن يك00ون في موض00ع خفض، ب00دل من المؤم00نين، أو من "الذين لم يلحقوا". "استجابوا" بمعنى أجابوا والسين والتاء زائدتان. ومن00ه

قوله: فلم يستجبه عند ذاك مجيب

وفي الصحيحين عن ع00روة بن الزب00ير ق00ال: ق00الت لي عائش00ة رض00ي الل00ه عنها: ك00ان أب00وك من ال00ذين اس00تجابوا لل00ه والرس00ول من بع00د م00ا أص00ابهم القرح. لفظ مسلم. وعنه عائشة: يا ابن أختي كان أبواك - تعني الزبير وأبا بكر - من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم الق00رح. وق00الت: لما انص00رف المش00ركون من أح00د وأص00اب الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وأصحابه ما أصابهم خاف أن يرجعوا فقال: )من ينتدب لهؤالء حتى يعلم00وا أن بنا قوة( ق00ال فانت00دب أب00و بك00ر والزب00ير في س00بعين؛ فخرج00وا في آث00ار القوم، فس00معوا بهم وانص00رفوا بنعم00ة من الل00ه وفض00ل. وأش00ارت عائش00ة رضي الله عنها إلى ما جرى في غزوة حمراء األسد، وهي على نحو ثماني00ة أميال من المدينة؛ وذلك أنه لما كان في ي00وم األح00د، وه00و الث00اني من ي00وم أحد، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بإتب00اع المش00ركين، وقال: )ال يخرج معن0ا إال من ش0هدها ب0األمس( فنهض مع0ه مائت0ا رج0ل من المؤمنين. في البخاري فقال: )من يذهب في إثرهم( فانتدب منهم سبعون رجال. قال: كان فيهم أبو بكر والزبير على ما تقدم، حتى بلغ حمراء األسد، مرهبا للعدو؛ فربما كان فيهم المثقل بالجراح ال يس00تطيع المش00ي وال يج00د مركوبا، فربما يحمل على األعناق؛ وكل ذلك امتثال ألمر رسول الله ص00لى الله عليه وسلم ورغب00ة في الجه00اد. وقي00ل: إن اآلي00ة ن00زلت في رجلين من بني عبداألشهل كانا مثخنين بالجراح؛ يتوكأ أحدهما على صاحبه، وخرجا مع النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم؛ فلم00ا وص00لوا حم0راء األس00د، لقيهم نعيم بن مسعود فأخبرهم أن أبا سفيان بن حرب ومن معه من ق00ريش ق00د جمع00وا جم00وعهم، وأجمع00وا رأيهم على أن ي00أتوا إلى المدين00ة فيستأص00لوا أهله00ا؛ فقالوا ما أخبرنا الله عنهم: "حس00بنا الل00ه ونعم الوكي00ل". وبين00ا ق00ريش ق00د أجمعوا على ذل0ك إذ ج0اءهم معب0د الخ0زاعي، وك0انت خزاع0ة حلف0اء النبي صلى الله عليه وسلم وعيبة نصحه، وكان قد رأى حال أصحاب النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم وم00ا هم علي00ه؛ ولم00ا رأى ع00زم ق00ريش على الرج00وع ليستأصلوا أهل المدينة احتمله خوف ذلك، وخالص نصحه للنبي صلى الل00ه عليه وسلم وأصحابه على أن خوف قريشا بأن قال لهم: قد تركت محم00دا وأصحابه بحمراء األسد في جيش عظيم، قد اجتمع له من كان تخلف عنه،

Page 165: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وهم قد تحرقوا عليكم؛ فالنجاء النجاء! فإني أنه00اك عن ذل00ك، فوالل00ه لق00دحملني ما رأيت أن قلت فيه أبياتا من الشعر. قال: وما قلت؟ قال: قلت:

كادت تهد من األصوات راحلتي إذ سالت األرض بالجرد األبابيل تردي بأسد كرام ال تنابلة عند اللقاء وال ميل معازيل فظلت عدوا أظن األرض مائلة لما سموا برئيس غير مخذول فقلت ويل ابن حرب من لقائكم إذا تغطمت البطحاء بالخيل إني نذير ألهل البسل ضاحية لكل ذي إربة منهم ومعقول من جيش أحمد ال وخش قنابله وليس يوصف ما أنذرت بالقيل

قال: فثنى ذل00ك أب00ا س00فيان ومن مع00ه، وق00ذف الل00ه في قل00وبهم ال00رعب، ورجعوا إلى مكة خائفين مسرعين، ورجع النبي صلى الله عليه وس00لم في أصحابه إلى المدينة منصورا؛ كما قال الله تعالى: "فانقلبوا بنعمة من الل00ه

[ أي قت00ال ورعب. واس00تأذن174وفضل لم يمسسهم سوء" ]آل عم00ران: جابر بن عبدالله إلى النبي صلى الله علي00ه وس0لم في الخ0روج مع0ه ف0أذن له. وأخبرهم تعالى أن األج00ر العظيم ق00د تحص00ل لهم به00ذه القفل00ة. وق00ال رسول الله صلى الله عليه وسلم )إنها غزوة(. هذا تفس00ير الجمه00ور له00ذه اآلية. وشذ مجاهد وعكرم00ة رحمهم00ا الل00ه تع00الى فق00اال: إن ه00ذه اآلي00ة من

-173قوله: "ال00ذين ق00ال لهم الن00اس" إلى قول00ه: "عظيم" ]آل عم00ران: [ إنما نزلت في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر الص00غرى.174

وذلك أنه خرج لميعاد أبي سفيان في أحد، إذ قال: موع00دنا ب00در من الع00ام المقبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )قولوا نعم( فخرج النبي ص00لى الله عليه وسلم قبل بدر، وكان بها سوق عظيم، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وس00لم أص00حابه دراهم؛ وق00رب من ب00در فج00اءه نعيم بن مس00عود األشجعي، فأخبره أن قريشا ق00د اجتمعت وأقبلت لحرب00ه هي ومن انض00اف إليها، فأشفق المسلمون من ذلك، لكنهم قالوا: "حسبنا الله ونعم الوكي0ل" فصمموا حتى أتوا بدرا فلم يجدوا أحدا، ووجدوا السوق فاشتروا بدراهمهم أدما وتجارة، وانقلبوا ولم يلق00وا كي00دا، وربح00وا في تج00ارتهم؛ فل00ذلك قول00ه تعالى: "فانقلبوا بنعمة من الله وفضل" أي وفضل في تلك التجارات. والله

أعلم. }الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم173*اآلية: 3*

فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل{ @ اختلف في قوله تعالى: "الذين قال لهم الناس" فق00ال مجاه00د ومقات00ل وعكرم00ة والكلبي: ه00و نعيم بن مس00عود األش00جعي. واللف00ظ ع00ام ومعن00اه

[ يعني محمدا ص00لى الل00ه54خاص؛ كقوله: "أم يحسدون الناس" ]النساء: عليه وسلم. السدي: هو أعرابي جعل له جعل على ذلك. وقال ابن إسحاق وجماعة: يريد الن00اس ركب عب00د القيس، م00روا ب00أبي س00فيان فدس00هم إلى المسلمين ليثبطوهم. وقيل: الناس هنا المنافقون. قال السدي: لم00ا تجه00ز النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للمسير إلى بدر الصغرى لميع00اد أبي سفيان أتاهم المنافقون وقالوا: نحن أصحابكم ال00ذين نهين00اكم عن الخ00روج إليهم وعص0يتمونا، وق0د ق0اتلوكم في دي0اركم وظف0روا؛ ف0إن أتيتم0وهم في ديارهم فال يرجع منكم أحد. فقالوا: "حسبنا الل0ه ونعم الوكي00ل". وق0ال أب0و معشر: دخ00ل ن00اس من ه00ذيل من أه00ل تهام00ة المدين00ة، فس00ألهم أص00حاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان فقالوا: "قد جمعوا لكم"

Page 166: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

جموعا كثيرة "فاخشوهم" أي فخافوهم واحذروهم؛ فإنه ال طاقة لكم بهم.فالناس على هذه األقوال على بابه من الجمع. والله أعلم.

@قوله تعالى: "فزادهم إيمانا" أي فزادهم قول الن00اس إيمان00ا، أي تص00ديقا ويقينا في دينهم، وإقامة على نصرتهم، وق00وة وج00راءة واس00تعدادا. فزي00ادة اإليمان على هذا هي في األعمال. وقد اختل00ف العلم00اء في زي00ادة اإليم00ان ونقصانه على أقوال. والعقيدة في هذا على أن نفس اإليمان الذي هو ت00اج واحد، وتصديق واحد بشيء ما، إنما هو معنى فرد، ال يدخل مع00ه زي00ادة إذا حصل، وال يبقى منه شيء إذا زال؛ فلم يبق إال أن تكون الزيادة والنقص00ان في متعلقاته دون ذاته. فذهب جم00ع من العلم00اء إلى أن00ه يزي00د وينقص من حيث األعمال الصادرة عن00ه، ال س00يما أن كث00يرا من العلم00اء يوقع00ون اس00م اإليم00ان على الطاع00ات؛ لقول00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )اإليم00ان بض00ع وسبعون بابا فأعالها قول ال إله إال الله وأدناها إماط00ة األذى عن الطري00ق( أخرجه الترمذي، وزاد مسلم )والحياء شعبة من اإليمان( وفي ح00ديث علي رض00ي الل00ه عن00ه: إن اإليم00ان ليب00دو لمظ00ة بيض00اء في القلب، كلم00ا أزداد اإليمان ازدادت اللمظة. وقوله "لمظة" قال األصمعي: اللمظة مثل النكت00ة ونحوها من البياض؛ ومنه قيل: ف00رس ألم0ظ، إذا ك0ان بجحفلت0ه ش00يء من بياض. والمحدثون يقولون "لمظة" بالفتح. وأما كالم العرب فبالض00م؛ مث00ل شبهة ودهم00ة وخم00رة. وفي00ه حج00ة على من أنك00ر أن يك00ون اإليم00ان يزي00د وينقص. أال ت00راه يق00ول: كلم00ا ازداد اإليم00ان ازدادت اللمظ00ة ح00تى ي00بيض القلب كله. وكذلك النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب كلم00ا ازداد النف00اق أسود القلب حتى يس00ود القلب كل00ه. ومنهم من ق00ال: إن اإليم00ان ع00رض، وهو ال يثبت زمانين؛ فهو للنبي صلى الله عليه وس00لم وللص00لحاء متع00اقب، فيزي00د باعتب00ار ت00والي أمثال00ه على قلب الم00ؤمن، وباعتب00ار دوام حض00وره. وينقص بت00والي الغفالت على قلب الم00ؤمن. أش00ار إلى ه00ذا أب00و المع00الي. وهذا المعنى موجود في حديث الشفاعة، حديث أبي سعيد الخدري أخرجه مسلم. وفيه: )فيقول المؤمن00ون ي00ا ربن00ا إخوانن00ا ك00انوا يص00ومون ويص00لون ويحجون فقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ثم يقولون ربنا م00ا بقي فيها أحد ممن أمرتنا به فيقول ارجع00وا فمن وج00دتم في قلب00ه مثق00ال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقول0ون ربن00ا لم ن0ذر فيه0ا أحدا ممن أمرتنا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نص00ف دين00ار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربن00ا لم ن00ذر فيه00ا ممن أمرتنا أح00دا ثم يق00ول ارجع00وا فمن وج00دتم في قلب00ه مثق00ال ذرة من خ00ير فأخرجوه( وذكر الحديث. وقد قي00ل: إن الم00راد باإليم00ان في ه00ذا الح00ديثماها أعمال القلوب؛ كالنية واإلخالص والخوف والنص00يحة وش00به ذل00ك. وس00 إيمان00ا لكونه0ا في مح0ل اإليم0ان أو ع0ني باإليم0ان، على ع0ادة الع0رب في تسمية الش0يء باس0م الش0يء إذا ج0اوره، أو ك0ان من0ه بس0بب. دلي00ل ه0ذا التأويل قول الشافعي بعد إخ0راج من ك0ان في قلب0ه مثق00ال ذرة من خ0ير: )لم نذر فيها خيرا( مع أنه تعالى يخرج بعد ذلك جموعا كثيرة ممن يقول ال إله إال الله، وهم مؤمنون قطعا؛ ولو لم يكونوا مؤمنين لما أخرجهم. ثم إن عدم الوجود األول الذي يركب عليه المثل لم تكن زيادة وال نقصان. وق00در ذلك في الحركة. فإن الله سبحانه إذا خلق علما فردا وخل00ق مع00ه مثل00ه أو

Page 167: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أمثاله بمعلومات فق00د زاد علم00ه؛ ف00إن أع00دم الل00ه األمث00ال فق00د نقص، أي زالت الزيادة. وكذلك إذا خلق حرك00ة وخل00ق معه00ا مثله00ا أو أمثاله00ا. وذهب قوم من العلماء إلى أن زيادة اإليمان ونقصه إنما هو طريق األدل00ة، فتزي00د األدلة عند واحد فيقال في ذل00ك: إنه00ا زي00ادة في اإليم00ان؛ وبه00ذا المع00نى - على أح00د األق00وال - فض00ل األنبي00اء على الخل00ق، ف00إنهم علم00وه من وج00وه كث00يرة، أك0ثر من الوج0وه ال0تي علم0ه الخل0ق به0ا. وه0ذا الق0ول خ0ارج عن مقتضى اآلية؛ إذ ال يتص00ور أن تك00ون الزي00ادة فيه00ا من جه00ة األدل00ة. وذهب قوم: إلى أن الزيادة في اإليمان إنما هي بنزول الفرائض واألخبار في مدة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المعرفة بها بعد الجهل غابر الدهر. وهذا إنما هو زيادة إيمان؛ فالقول فيه إن اإليمان يزيد ق00ول مج00ازي، وال يتص00ور

فيه النقص على هذا الحد، وإنما يتصور باإلضافة إلى من علم. فاعلم. @قوله تعالى: "وقالوا حسبنا الله ونعم الوكي00ل" أي كافين00ا الل00ه. وحس00ب

مأخوذ من اإلحساب، وهو الكفاية. قال الشاعر:فتمأل بيتنا أقطا وسمنا وحسبك من غنى شبع وري

روى البخاري عن ابن عباس قال في قوله تعالى: "الذين ق00ال لهم الن00اس إن الناس قد جمعوا لكم - إلى قول00ه: - وق00الوا حس00بنا الل00ه ونعم الوكي00ل" قالها إبراهيم الخليل عليه السالم حين ألقي في النار. وقالها محم00د ص00لى الله عليه وس00لم حين ق00ال لهم الن00اس: إن الن00اس ق00د جمع00وا لكم. والل00ه

أعلم. }فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم س00وء واتبع00وا174*اآلية: 3*

رضوان الله والله ذو فضل عظيم{ @ قال علماؤنا: لما فوضوا أمورهم إليه، واعتمدوا بقلوبهم عليه، أعط00اهم من الجزاء أربعة معان: النعمة، والفض00ل، وص00رف الس00وء، واتب00اع الرض00ا.

فرضاهم عنه، ورضي عنهم. }إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فال تخ00افوهم وخ00افون175*اآلية: 3*

إن كنتم مؤمنين{ @ ق0ال ابن عب0اس وغ0يره: المع0نى يخ0وفكم أولي00اءه؛ أي بأوليائ0ه، أو من أوليائه؛ فحذف ح00رف الج00ر ووص00ل الفع00ل إلى االس00م فنص00ب. كم00ا ق00ال

[ أي لين00ذركم بب00أس ش00ديد؛ أي2تع00الى: "لين00ذر بأس00ا ش00ديدا" ]الكه00ف: يخوف المؤمن بالك00افر. وق00ال الحس00ن والس00دي: المع00نى يخ00وف أولي00اءه المنافقين؛ ليقعدوا عن قتال المشركين. فأما أولياء الله ف00إنهم ال يخافون00ه إذا خوفهم. وقد قيل: إن المراد هذا ال0ذي يخ00وفكم بجم0ع الكف00ار ش00يطان من شياطين اإلنس؛ إم00ا نعيم بن مس00عود أو غ00يره، على الخالف في ذل00ك كما تقدم. "فال تخافوهم" أي ال تخافوا الكافرين المذكورين في قول00ه: "إن الناس قد جمعوا لكم". أو يرج00ع إلى األولي00اء إن قلت: إن المع00نى يخ00وف

بأوليائه أي يخوفكم أولياءه. @قوله تعالى: "وخ00افون" أي خ00افوني في ت00رك أم00ري إن كنتم مص00دقين بوعدي. والخوف في كالم العرب ال00ذعر. وخ00اوفني فالن فخفت00ه، أي كنت أشد خوف00ا من00ه. والخوف00اء المف00ازة ال م00اء به00ا. ويق00ال: ناق00ة خوف00اء وهي الجرباء. والخافة كالخريطة من األدم يش00تار فيه00ا العس00ل. ق00ال س00هل بن عبدالله: اجتمع بعض الصديقين إلى إب00راهيم الخلي00ل فق00الوا: م00ا الخ00وف؟ فقال: ال تأمن حتى تبلغ المأمن. قال س00هل: وك00ان الربي00ع بن خيثم إذا م00ر

Page 168: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

بكير يغشى عليه؛ فقيل لعلي بن أبي ط00الب ذل00ك؛ فق00ال: إذا أص00ابه ذل00ك فأعلموني. فأصابه فأعلموه، فجاءه فأدخل يده في قميص00ه فوج00د حركت00ه عالية فقال: أشهد أن هذا أخوف أهل زمانكم. فالخائف من الله تعالى ه00و أن يخاف أن يعاقبه إما في الدنيا وإما في اآلخرة؛ ولهذا قيل: ليس الخائف الذي يبكي ويمسح عينيه، بل الخائف الذي يترك ما يخاف أن يع00ذب علي00ه. ففرض الله تعالى على العباد أن يخافوه فقال: وق00ال: "وإي00اي ف00ارهبون".

[.50ومدح المؤمنين بالخوف فقال: "يخ00افون ربهم من ف00وقهم" ]النح00ل: وألرباب اإلشارات في الخوف عبارات مرجعها إلى ما ذكرن00ا. ق00ال األس00تاذ أبو علي ال00دقاق: دخلت على أبي بك00ر بن ف00ورك رحم00ه الل00ه عائ00دا، فلم00ا رأني دمعت عيناه، فقلت له: إن الله يعافيك ويشفيك. فقال لي: أترى أني أخاف من الموت؟ إنما أخاف مما وراء الم00وت. وفي س00نن ابن ماج00ه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إني أرى م00ا ال ت00رون وأسمع ما ال تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيه00ا موض00ع أرب00ع أصابع إال وملك واضع جبهته ساجدا لله والله لو تعلمون م00ا أعلم لض00حكتم قليال ولبكيتم كث00يرا وم00ا تل00ذذتم بالنس00اء على الفرش00ات ولخ00رجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله والل0ه ل0وددت أني كنت ش0جرة تعض00د". خرج0ه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. ويروى من غ00ير ه00ذا الوج00ه أن أب00ا ذر

قال: )لوددت أني كنت شجرة تعضد(. والله أعلم. }وال يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله176*اآلية: 3*

شيئا يريد الله أال يجعل لهم حظا في اآلخرة ولهم عذاب عظيم{ @قوله تعالى: "وال يحزنك الذين يسارعون في الكفر" هؤالء قوم أس00لموا ثم ارتدوا خوفا من المشركين؛ فاغتم النبي صلى الله عليه وس00لم، ف00أنزل الله عز وجل: "وال يحزنك الذين يسارعون في الكفر". وقال الكلبي: يعني به المنافقين ورؤساء اليهود؛ كتموا صفة النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم في الكتاب فنزلت. ويقال: إن أهل الكتاب لما لم يؤمنوا شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألن الن00اس ينظ00رون إليهم ويقول00ون إنهم أه00ل كتاب؛ فلو كان قوله حقا التبعوه، ف00نزلت "وال يحزن00ك". ق00راءة ن00افع بض00م الياء وكسر الزاي حيث وق00ع إال في - األنبي00اء - "ال يح00زنهم الف00زع األك00بر" فإنه بفتح الياء وبضم الزاي. وضده أبو جعفر. وق00رأ ابن محيض كله00ا بض00م الياء وكس0ر ال0زاي. والب00اقون كله0ا بفتح الي0اء وض0م ال0زاي. وهم00ا لغت00ان: حزن00ني األم00ر يحزن00ني، وأحزن00ني أيض00ا وهي لغ00ة قليل00ة؛ واألولى أفص00ح

اللغتين؛ قاله النحاس. وقال الشاعر في أحزن: مضى صحبي وأحزنني الديار

وق00راءة العام00ة "يس00ارعون". وق00رأ طلح00ة "يس00رعون في الكف00ر". ق00ال الضحاك: هم كفار قريش. وقال غيره: هم المنافقون. وقيل: هو ما ذكرناه قبل. وقيل: هو عام في جمي00ع الكف00ار. ومس00ارعتهم في الكف00ر المظ00اهرة على محمد صلى الله عليه وسلم. قال القشيري: والحزن على كفر الكافر طاعة؛ ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرط في الح00زن على كف00ر قوم00ه، فنهي عن ذل00ك؛ كم00ا ق00ال: "فال ت00ذهب نفس00ك عليهم حس00رات"

[ وق00ال: "فلعل00ك ب00اخع نفس00ك على آث00ارهم إن لم يؤمن00وا به00ذا8]ف00اطر: [. 6الحديث أسفا" ]الكهف:

Page 169: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "إنهم لن يض00روا الل00ه ش00يئا" أي ال ينقص00ون من مل00ك الل00ه وسلطانه ش00يئا؛ يع00ني ال ينقص بكف00رهم. وكم00ا روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: )يا عب00ادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فال تظالموا. يا عب00ادي كلكم ضال إال من هديته فاستهدوني أه00دكم. ي00ا عب00ادي كلكم ج00ائع إال من أطعمت00ه فاس00تطعموني أطعمكم. ي00ا عب00ادي كلكم ع00ار إال من كس00وته فاستكسوني أكس00كم. ي00ا عب00ادي إنكم تخطئ00ون باللي00ل والنه00ار وأن00ا أغف00ر ال0ذنوب جميع0ا فاس0تغفروني أغف0ر لكم. ي00ا عب0ادي إنكم لن تبلغ0وا ض00ري فتض00روني ولن تبلغ00وا نفعي فتنفع00وني. ي00ا عب00ادي ل00و أن أولكم وآخ00ركم وإنس00كم وجنكم ك00انوا على أتقى قلب رج00ل واح00د منكم م00ا زاد ذل00ك في ملكي ش00يئا. ي00ا عب00ادي ل00و أن أولكم وآخ00ركم وإنس00كم وجنكم ك00انوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي ل00و أن أولكم وآخركم وإنس00كم وجنكم ق00اموا في ص00عيد واح00د فس00ألوني ف00أعطيت ك00ل إنسان مسألته ما نقص ذلك مم00ا عن00دي إال كم00ا ينقص المخي00ط إذا أدخ00ل البحر. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحص00يها لكم ثم أوفيكم إياه00ا فمن وج00د خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فال يل00ومن إال نفس00ه(. خرج00ه مس00لم في صحيحه والترمذي وغيرهما، وهو ح00ديث عظيم في00ه ط00ول يكتب كل00ه. وقيل: معنى "لن يضروا الله ش00يئا" أي لن يض00روا أولي00اء الل00ه حين ترك00وا

نصرهم إذ كان الله عز وجل ناصرهم. @قول00ه تع00الى: "يري00د الل00ه أال يجع00ل لهم حظ00ا في اآلخ00رة ولهم ع00ذاب

عظيم" أي نصيبا. والحظ النصيب والجد. يق00ال: فالن أح0ظ من فالن، وه00و محظ00وظ. وجم00ع الحظ أحاظ على غير قياس. قال أبو زيد: يقال رجل حظيظ، أي جدي00د إذا كان ذا حظ من الرزق. وحظظت في األمر أحظ. وربما جمع الحظ أحظ00ا. أي ال يجعل لهم نصيبا في الجنة. وهو نص في أن الخير والشر بإرادة الل00ه

تعالى. }إن الذين اشتروا الكفر باإليمان لن يضروا الله شيئا ولهم177*اآلية: 3*

عذاب أليم{ @قوله تعالى: "إن الذين اش00تروا الكف00ر باإليم00ان" تق00دم في البق00رة. "لن يضروا الله شيئا" كرر للتأكيد. وقيل: أي من سوء تدبيره اس00تبدال اإليم00ان بالكفر وبيعه به؛ فال يخاف جانبه وال تدبير. وانتصب "شيئا" في الموض00عين لوقوعه موقع المص00در؛ كأن00ه ق00ال: لن يض00روا الل00ه ض00ررا قليال وال كث00يرا.

ويجوز انتصابه على تقدير حذف الباء؛ كأنه قال: لن يضروا الله بشيء. }وال يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير ألنفسهم إنم00ا178*اآلية: 3*

نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين{ @قوله تع0الى: "وال يحس0بن ال0ذين كف0روا أنم00ا نملي لهم خ0ير ألنفس0هم"

اإلمالء طول العمر ورغد العيش. والمعنى: ال يحسبن ه00ؤالء ال00ذين يخوف00ون المس00لمين؛ ف00إن الله قادر على إهالكهم، وإنما يط00ول أعم00ارهم ليعمل00وا بالمعاص00ي، ال ألن00ه خير لهم. ويقال: "أنما نملي لهم" بما أصابوا من الظف00ر ي00وم أح00د لم يكن ذلك خيرا ألنفسهم؛ وإنما كان ذلك ليزدادوا عقوبة. وروي عن ابن مس00عود أنه قال: ما من أحد بر وال فاجر إال والموت خير له؛ ألنه إن ك00ان ب00را فق00د

Page 170: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

[ وإن ك0ان198قال الله تعالى: "وما عند الل00ه خ0ير لألب00رار" ]آل عم0ران: فاجرا فقد قال الل00ه: وق00رأ ابن ع00امر وعاص00م "ال يحس00بن" بالي00اء ونص00ب السين. وقرأ حمزة: بالتاء ونصب السين. والباقون: بالي00اء وكس00ر الس00ين. فمن قرأ بالياء فال00ذين ف00اعلون. أي فال يحس00بن الكف00ار. و"أنم00ا نملي لهم خير ألنفسهم" تسد مسد المفعولين. و"ما" بمعنى الذي، والعائد مح00ذوف، و"خ00ير" خ00بر "أن". ويج00وز أن تق00در "م00ا" والفع00ل مص00درا؛ والتق00دير وال يحسبن الذين كفروا أن إمالءنا لهم خير ألنفسهم. ومن ق00رأ بالت0اء فالفع0ل هو المخاطب، وهو محم00د ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم. و"ال00ذين" نص00ب على المفعول األول لتحسب. وأن وما بع00دها ب00دل من ال00ذين، وهي تس00د مس00د المفعولين، كما تسد لو لم تكن بدال. وال يص00لح أن تك00ون "أن" وم00ا بع00دها مفع00وال ثاني00ا لتحس00ب؛ ألن المفع00ول الث00اني في ه00ذا الب00اب ه00و األول في المعنى؛ ألن حسب وأخواتها داخلة على المبتدأ والخبر؛ فيكون التقدير؛ وال تحسبن أنما نملي لهم خير. هذا قول الزجاج. وقال أبو علي: ل00و ص00ح ه00ذا لقال "خيرا" بالنصب؛ ألن "أن" تصير بدال من "الذين كفروا"؛ فكأن00ه ق00ال: ال تحس00بن إمالء ال00ذين كف00روا خ00يرا؛ فقول00ه "خ00يرا" ه00و المفع00ول الث00اني لحس00ب. ف00إذا ال يج00وز أن يق00رأ "ال تحس00بن" بالت00اء إال أن تكس00ر "إن في "أنما" وتنصب خيرا، ولم يرو ذلك عن حم00زة، والق00راءة عن حم00زة بالت00اء؛ فال تصح هذه القراءة إذا. وقال الفراء والكسائي: قراءة حمزة جائزة على التكرير؛ تقديره وال تحسبن الذي كفروا، وال تحس00بن أنم00ا نملي لهم خ00يرا، فسدت "أن" مسد المفعولين لتحسب الثاني، وهي وما عملت مفعول ثان لتحسب األول. قال القشيري: وهذا ق00ريب مم00ا ذك00ره الزج00اج في دع00وى البدل، والقراءة صحيحة. فإذا غرض أبي علي تغليط الزجاج. قال النحاس: وزعم أب00و ح00اتم أن ق00راءة حم00زة بالت00اء هن00ا، وقول00ه: "وال يحس00بن ال00ذين

[ لحن ال يجوز. وتبعه على ذلك جماعة.180يبخلون" ]آل عمران: قلت: وهذا ليس بشيء؛ لما تقدم بيانه من اإلعراب، ولصحة القراءة

وثبوتها نقال. وقرأ يحيى بن وثاب "إنما نملي لهم" بكسر إن فيهم00ا جميع00ا.

قال أبو جعفر: وقراءة يحيي حسنة. كما تقول: حس00بت عم00را أب00وه خال00د. قال أبو حاتم وسمعت األخفش يذكر كسر "إن" يحتج به ألهل الق00در؛ ألن00ه كان منهم. ويجعل على التق00ديم والت00أخير "وال يحس00بن ال00ذين كف00روا إنم00ا نملي لهم ل00يزدادوا إثم00ا إنم00ا نملي لهم خ00ير ألنفس00هم". ق00ال: ورأيت في مصحف في المس00جد الج00امع ق00د زادوا في00ه حرف00ا فص00ار "إنم00ا نملي لهم إيمانا" فنظر إليه يعقوب القارئ فتبين اللحن فحكه. واآلي00ة نص في بطالن م00ذهب القدري00ة؛ ألن00ه أخ00بر أن00ه يطي00ل أعم00ارهم ل00يزدادوا الكف00ر بعم00ل المعاص00ي، وت00والي أمثال00ه على القلب. كم00ا تق00دم بيان00ه في ض00ده وه00و اإليمان. وعن ابن عباس قال: ما من بر وال فاجر إال والموت خير ل00ه ثم تال "إنما نملي لهم ليزدادوا لهم إثما" وتال "وما عند الله خ00ير لألب00رار" أخرج00ه

رزين. }ما كان الله ليذر المؤمنين على م00ا أنتم علي00ه ح00تى يم00يز179*اآلية: 3*

الخبيث من الطيب وم00ا ك00ان الل00ه ليطلعكم على الغيب ولكن الل00ه يجت00بي من رس00له من يش00اء ف00آمنوا بالل00ه ورس00له وإن تؤمن00وا وتتق00وا فلكم أج00ر

عظيم{

Page 171: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@ ق00ال أب00و العالي00ة: س00أل المؤمن00ون أن يعط00وا عالم00ة يفرق00ون به00ا بين المؤمن والمنافق؛ فأنزل الله عز وجل اآلية. واختلفوا من المخاطب باآلي00ة على أقوال. فقال ابن عباس والضحاك ومقاتل والكلبي وأكثر المفس00رين: الخطاب للكفار والمنافقين. أي ما ك00ان الل00ه لي00ذر المؤم00نين على م00ا أنتم عليه من الكفر والنفاق وعداوة النبي صلى الله عليه وس00لم. ق00ال الكلبي: إن قريشا من أهل مك0ة ق0الوا للنبي ص0لى الل00ه علي0ه وس00لم: الرج0ل من0ا تزعم أنه في النار، وأنه إذا ترك ديننا واتبع دينك قلت ه00و من أه00ل الجن00ة! فأخبرنا عن هذا من أين هو؟ وأخبرنا من يأتيك منا؟ ومن لم يأتك؟. ف00أنزل الله عز وجل "ما كان الل00ه لي00ذر المؤم00نين على م00ا أنتم علي0ه" من الكف00ر

والنفاق. @قول00ه تع00الى: "ح00تى يم00يز الخ00بيث من الطيب" وقي00ل: ه00و خط00اب للمشركين. والمراد بالمؤمنين في قوله: "ليذر المؤمنين" من في األصالب واألرحام ممن يؤمن. أي ما كان الله ليذر أوالدكم الذين حكم لهم باإليم00ان على ما أنتم عليه من الشرك، ح00تى يف00رق بينكم وبينهم؛ وعلى ه00ذا "وم00ا كان الله ليطلعكم" كالم مستأنف. وهو قول ابن عباس وأك00ثر المفس00رين. وقيل: الخطاب للمؤمنين. أي وما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على م00ا أنتم علي00ه من اختالط الم00ؤمن بالمن00افق، ح00تى يم00يز بينكم بالمحن00ة والتكليف؛ فتعرفوا المنافق الخبيث، والمؤمن الطيب. وق00د م00يز ي00وم أح00د بين الفريقين. وهذا قول أكثر أهل المعاني. "وم00ا ك00ان الل00ه ليطلعكم على الغيب" يا معش00ر المؤم00نين. أي م00ا ك00ان الل00ه ليعين لكم المن00افقين ح00تى تعرفوهم، ولكن يظهر ذلك لكم بالتكليف والمحنة، وقد ظهر ذلك في ي00وم أحد؛ فإن المنافقين تخلفوا وأظهروا الشماتة، فما كنتم تعرفون هذا الغيب قبل هذا، فاآلن قد أطلع الله محمدا عليه السالم وصحبه على ذلك. وقي00ل: معنى "ليطلعكم" أي وما كان الله ليعلمكم م00ا يك00ون منهم. فقول00ه: "وم00ا ك00ان الل00ه ليطلعكم على الغيب" على ه00ذا متص00ل، وعلى الق00ولين األولين منقطع. وذلك أن الكفار لما قالوا: لم لم يوح إلين00ا؟ ق00ال: "وم00ا ك00ان الل00ه ليطلعكم على الغيب" أي على من يس00تحق النب00وة، ح00تى يك00ون ال00وحي باختي00اركم. "ولكن الل00ه يجت00بي" أي يخت00ار. "من رس00له" إلطالع غيب00ه "من يشاء" يق00ال: طلعت على ك00ذا واطلعت علي00ه، وأطلعت علي00ه غ00يري؛ فه00وز" بالتشديد من ميز، وكذا في "األنفال" وهي الزم ومتعد. وقرئ "حتى يمي قراءة حمزة. والباقون "يميز" بالتخفيف من ماز يميز. يقال: مزت الشيء بعضه من بعض أميزه ميزا، وميزته تمييزا. ق00ال أب00و مع00اذ: م00زت الش00يء أميزه ميزا إذا فرقت بين شيئين. ف00إن ك00انت أش00ياء قلت: ميزته00ا تمي00يزا. ومثله إذا جعلت الواح00د ش00يئين قلت: ف00رقت بينهم00ا، مخفف00ا؛ ومن00ه ف00رق

الشعر. فإن جعلته أشياء قلت: فرقته تفريقا. قلت: ومنه امتاز القوم، تميز بعضهم عن بعض. ويكاد يتميز: يتقط0ع؛

[ وفي الخبر )من8وبهذا فسر قوله تعالى: "تكاد تميز من الغيظ" ]الملك: ماز أذى عن الطريق فهو له صدقة(.

@قوله تعالى: "فآمنوا بالله ورس0له" يق0ال: إن الكف0ار لم0ا س0ألوا رس0ول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم من يؤمن منهم، فأنزل الله "فآمنوا بالله ورسله" يعني ال تش00تغلوا بم00ا ال يع00نيكم، واش00تغلوا بم00ا يع00نيكم وه00و اإليم00ان. "ف00آمنوا" أي ص00دقوا، أي عليكم التص00ديق ال التش00وف إلى اطالع

Page 172: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الغيب. "وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم" أي الجنة. ويذكر أن رجال كان عند الحجاج بن يوسف الثقفي منجما؛ فأخذ الحجاج حصيات بيده قد عرف ع00ددها فق00ال للمنجم: كم في ي00دي؟ فحس00ب فأص00اب المنجم. فأغفل00ه الحج00اج وأخ00ذ حص00يات لم يع00دهن فق00ال للمنجم: كم في ي00دي؟ فحس00ب فأخطأ، ثم حسب أيضا فأخطأ؛ فقال: أيها األمير، أظن00ك ال تع00رف ع00دد م00ا في يدك؟ قال ال: قال: فما الفرق بينهم00ا؟ فق00ال: إن ذاك أحص00يته فخ00رج عن حد الغيب، فحسبت فأصبت، وإن هذا لم تعرف عددها فص00ار غيب00ا، وال يعلم الغيب إال الله تعالى. وسيأتي ه00ذا الب00اب في "األنع00ام" إن ش00اء الل00ه

تعالى. }وال يحسبن الذين يبخل00ون بم00ا آت00اهم الل00ه من فض00له ه00و180*اآلية: 3*

خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيام00ة ولل00ه م00يراثالسماوات واألرض والله بما تعملون خبير{

@قوله تعالى: "وال يحس00بن ال00ذين" "ال00ذين" في موض00ع رف00ع، والمفع00ول األول محذوف. قال الخليل وسيبويه والفراء المعنى البخل خيرا لهم، أي ال يحسبن الباخلون البخل خيرا لهم. وإنما حذف لدالل00ة يبخل00ون على البخ00ل؛ وهو كقوله: من صدق كان خيرا له. أي كان له الصدق خ00يرا ل00ه. ومن ه00ذا

قول الشاعر:إذا نهي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خالف

فالمعنى: جرى: إلى السفه؛ فالسفيه دل على السفه. وأم00ا ق00راءة حم00زة بالتاء فبعيدة جدا؛ قاله النحاس. وجوازها أن يكون التقدير: ال تحسبن بخ00ل ال0ذين يبخل00ون ه0و خ0يرا لهم. ق0ال الزج0اج: وهي مث0ل "واس00أل القري00ة". و"هو" في قوله "هو خ00يرا لهم" فاص00لة عن00د البص00ريين. وهي العم00اد عن00د

الكوفيين. قال النحاس: ويجوز في العربية "هو خير لهم" ابتداء وخبر. @قوله تعالى: "بل هو شر لهم" ابتداء وخبر، أي البخل ش00ر لهم. والس00ين في "سيطوقون" سين الوعيد، أي سوف يطوقون؛ قاله المبرد. وهذه اآلية نزلت في البخل بالمال واإلنفاق في سبيل الل00ه، وأداء الزك00اة المفروض00ة.

[ اآلي00ة. ذهب إلى34وهذه كقوله: "وال ينفقونها في س00بيل الل00ه" ]التوب00ة: هذا جماعة من المتأولين، منهم ابن مس00عود وابن عب00اس وأب00و وائ00ل وأب00و مالك والسدي والشعبي قالوا: ومعنى "سيطوقون ما بخلوا ب00ه" ه00و ال00ذي ورد في الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )من آتاه الله ماال فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيام00ة ش00جاعا أق00رع ل00ه زبيبت00ان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه ثم يقول أن00ا مال00ك أن00ا ك00نزك - ثم تال هذه اآلية - "وال يحسبن الذين يبخلون" اآلية(. أخرجه النسائي. وخرجه ابن ماجه عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ق00ال: )م00ا من أحد ال يؤدي زكاة ماله إال مثل له يوم القيامة شجاع أقرع ح00تى يط00وق ب00ه في عنقه( ثم قرأ علينا النبي صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله تعالى: "وال يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله" اآلية. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: )ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيس00أله من فضل ما عنده فيبخل به علي00ه إال أخ00رج ل00ه ي00وم القيام00ة ش00جاع من الن00ار يتلمظ حتى يطوقه(. وقال ابن عباس أيض00ا: إنم00ا ن00زلت في أه00ل الكت00اب وبخلهم ببيان ما علموه من أمر محمد صلى الله علي00ه وس00لم. وق00ال ذل00ك مجاه00د وجماع00ة من أه00ل العلم. ومع00نى "س00يطوقون" على ه00ذا التأوي00ل

Page 173: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

سيحملون عقاب ما بخل00وا ب00ه؛ فه00و من الطاق00ة كم00ا ق00ال تع00الى: "وعلى [ وليس من التطويق. وقال إبراهيم النخعي:184الذين يطيقونه" ]البقرة:

معنى "سيطوقون" سيجعل لهم يوم القيامة طوق من الن00ار. وه00ذا يج00ري مع التأويل األول أي قول السدي. وقيل: يلزمون أعمالهم كما يلزم الطوق العنق؛ يقال: طوق فالن عمله ط00وق الحمام00ة، أي أل0زم عمل00ه. وق00د ق00ال

[. ومن ه00ذا13تعالى: "وكل إنسان ألزمن00اه ط00ائره في عنق0ه" ]اإلس00راء: المعنى قول عبدالله بن جحش ألبي سفيان:

أبلغ أبا سفيان عن أمر عواقبه ندامه دار ابن عمك بعتها تقتضي بها عنك الغرامه وحليفكم بالله رب الناس مجتهد القسامة اذهب بها أذهب بها طوقتها طوق الحمامة

وهذا يجري مع التأويل الثاني. والبخل والبخل في اللغ00ة أن يمن00ع اإلنس00ال الحق الواجب عليه. فأما من منع ماال يجب عليه فليس ببخيل؛ ألن00ه ال ي00ذم بذلك. وأهل الحجاز يقولون: يبخل0ون وق0د بخل0وا. وس0ائر الع0رب يقول0ون:

بخلوا يبخلون؛ حكاه النحاس. وبخل يبخل بخال وبخال؛ عن ابن فارس. @ في ثمرة البخل وفائدته. وهو ما روي أن النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم قال لألنص00ار: )من س00يدكم؟( ق00الوا الج00د بن قيس على بخ00ل في00ه. فق00ال صلى الل00ه علي00ه وس00لم: )وأي داء أدوى من البخ00ل( ق00الوا: وكي00ف ذاك ي00ا رسول الل0ه؟ ق0ال: )إن قوم0ا نزل0وا بس0احل البح0ر فكره0وا لبخلهم ن0زول األضياف بهم فقالوا: ليبعد الرجال منا عن النساء ح00تى يعت00ذر الرج00ال إلى األضياف ببعد النساء؛ وتعتذر النساء ببعد الرجال؛ ففعل00وا وط00ال ذل00ك بهم فاشتغل الرجال بالرجال والنساء بالنساء( ذكره الماوردي في كت00اب "أدب

الدنيا والدين". والله أعلم. @ واختلف في البخل والش0ح؛ ه0ل هم0ا بمع0نى واح0د أو بمعن0يين. فقي0ل: البخل االمتناع من إخراج ما حصل عندك. والشح: الحرص على تحصيل م00ا ليس عندك. وقيل: إن الشح هو البخل مع ح00رص. وه00و الص00حيح لم00ا رواه مسلم عن جابر بن عبدالله أن رسول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم ق00ال: )اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهل00ك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم(. وه00ذا يرد قول من قال: إن البخل منع الواجب، والشح منع المستحب. إذ لو كان الشح منع المس0تحب لم0ا دخ0ل تحت ه0ذا الوعي0د العظيم، وال0ذم الش0ديد الذي فيه هالك الدنيا واآلخرة. ويؤيد هذا المعنى م00ا رواه النس00ائي عن أبي هريرة عن النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم )ال يجتم00ع غب00ار في س00بيل الل00ه ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدأ وال يجتمع ش00ح وإيم00ان في قلب رجل مسلم أبدا(. وهذا يدل على أن الشح أشد في الذم من البخل؛ إال أنه قد جاء ما ي00دل على مس00اواتهما وه00و قول00ه - وق00د س00ئل؛ أيك00ون الم00ؤمن بخيال؟ قال: )ال( وذكر الماوردي في كت00اب "أدب ال00دنيا وال00دين" أن الن00بي صلى الله عليه وسلم قال لألنصار: )من سيدكم( قالوا: الجد بن قيس ع00ل

بخل فيه؛ الحديث. وقد تقدم. @قوله تعالى: "ولله ميراث السماوات واألرض" أخبر تع00الى ببقائ00ه ودوام ملكه. وأنه في األبد كه0و في األزل غ0ني عن الع0المين، ف0يرث األرض بع0د فناء خلقه وزوال أمالكهم؛ فتبقى األمالك واألموال ال م00دعى فيه00ا. فج00رى

Page 174: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

هذا مجرى الوراثة في عادة الخلق، وليس ه00ذا بم00يراث في الحقيق00ة؛ ألن الوارث في الحقيق00ة ه00و ال00ذي ي00رث ش00يئا لم يكن ملك00ه من قب00ل، والل00ه سبحانه وتعالى مالك السموات واألرض وما بينهما، وك0انت الس0موات وم00ا فيها، واألرض وما فيها له، وإن األموال كانت عارية عند أربابها؛ ف00إذا م00اتوا ردت العارية إلى صاحبها الذي كانت له في األصل. ونظير هذه اآلي00ة قول00ه

[ اآلي00ة. والمع00نى في40تعالى: "إنا نحن نرث األرض ومن عليها" ]م00ريم: اآلي00تين أن الل00ه تع00الى أم00ر عب00اده ب00أن ينفق00وا وال يبخل00وا قب00ل أن يموت00وا

ويتركوا ذلك ميراثا لله تعالى، وال ينفعهم إال ما أنفقوا. }لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن182 - 181*اآلية: 3*

أغني00اء س00نكتب م00ا ق00الوا وقتلهم األنبي00اء بغ00ير ح00ق ونق00ول ذوق00وا ع00ذابالحريق، ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظالم للعبيد{

@قوله تعالى: "لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغني00اء" ذكر تعالى قبيح قول الكفار وال سيما اليهود. وقال أهل التفسير: لما أن00زل

[ ق00ال ق00وم من245الله "من ذا الذي يقرض الله قرضا حس00نا" ]البق00رة: اليهود - منهم حيي بن أخطب؛ في قول الحسن. وقال عكرمة وغ00يره: ه00و فنحاص بن عازوراء - إن الله فقير ونحن أغنياء يقترض منا. وإنما قالوا هذا تمويه00ا على ض00عفائهم، ال أنهم يعتق00دون ه00ذا؛ ألنهم أه00ل كت00اب. ولكنهم كف00روا به00ذا الق00ول؛ ألنهم أرادوا تش00كيك الض00عفاء منهم ومن المؤم00نين، وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم. أي إنه فقير على ق00ول محم00د ص00لى الله عليه وسلم؛ ألنه اق00ترض من00ا. "س00نكتب م00ا ق00الوا" س00نجازيهم علي00ه. وقيل: سنكتبه في صحائف أعمالهم، أي نأمر الحفظة بإثب00ات ق00ولهم ح00تى يقرؤوه يوم القيامة في كتبهم التي يؤتونها؛ حتى يكون أوكد للحجة عليهم.

[. وقيل: مقصود الكتابة الحفظ،94وهذا كقوله: "وإنا له كاتبون" ]األنبياء: أي سنحفظ ما قالوا لنجازيهم. "وما" في قوله "ما قالوا" في موضع نصب ب0 "سنكتب". وقرأ األعمش وحمزة "سيكتب" بالياء؛ فيكون "ما" اس00م م00ا لم يسم فاعله. واعت00بر حم00زة ذل00ك بق00راءة ابن مس00عود: "و يق00ال ذوق00وا

عذاب الحريق". @قول00ه تع00الى: "وقتلهم األنبي00اء" أي ونكتب قتلهم األنبي00اء، أي رض00اهم بالقتل. والمراد قتل أسالفهم األنبياء؛ لكن لما رضوا بذلك ص00حت اإلض00افة إليهم. وحسن رجل عند الش00عبي، قت00ل عثم00ان رض00ي الل00ه عن00ه فق00ال ل00ه

الشعبي: شركت في دمه. فجعل الرضا بالقتل قتال؛ رضي الله عنه. قلت: وهذه مسألة عظمى، حيث يكون الرضا بالمعصية معصية. وقد

روى أبو داود عن، العرس بن عم00يرة الكن00دي عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم قال: )إذا عملت الخطيئة في األرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة فأنكرها - كمن غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها ك00ان كمن ش00هدها(. وهذا نص. قوله تعالى: "بغير حق" تقدم معناه في البقرة. "ونق00ول ذوق00وا عذاب الحريق" أي يق0ال لهم في جهنم، أو عن0د الم0وت، أو عن00د الحس00اب هذا. ثم ه00ذا الق00ول من الل00ه تع00الى، أو من المالئك00ة؛ ق00والن. وق00راءة ابن مسعود "ويقال". والحريق اسم للملتهبة من النار، والن00ار تش00مل الملتهب00ة وغير الملتهبة. قوله تعالى: "ذلك بما قدمت أيديكم" أي ذل00ك الع00ذاب بم00ا سلف من الذنوب. وخص األيدي بالذكر ليدل على تولي الفع0ل ومباش00رته؛

Page 175: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

إذ قد يضاف الفعل إلى اإلنسان بمعنى أنه أمر به؛ كقوله: "ي00ذبح أبن00اءهم"[ وأصل "أيديكم" أيديكم فحذفت الضمة لثقلها. والله أعلم.4]القصص:

-00 183*اآلية: 3* }الذين قالوا إن الله عه00د إلين00ا أال ن00ؤمن لرس00ول184 حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم ص00ادقين، ف00إن ك00ذبوك فق00د ك00ذب رس00ل من

قبلك جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير{ @قوله تعالى: "الذين" في موض00ع خفض ب00دال من "ال00ذين" في قول00ه ع00ز وجل "لقد سمع الله قول الذين قالوا" أو نعت "للعبيد" أو خ00بر ابت00داء، أي هم الذين قالوا. وقال الكلب وغيره. ن00زلت في كعب بن األش00رف، ومال00ك بن الصيف، ووهب بن يهوذا وفنحاص بن عازوراء وجماعة أتوا النبي ص00لى الله عليه وسلم؛ فقالوا له: أتزعم أن الل0ه أرس00لك إلين0ا، وإن0ه أن0زل علين00ا كتابا عهد إلينا في00ه أال ن00ؤمن لرس00ول ي00زعم أن00ه من عن00د الل00ه ح00تى يأتين00ا بقربان تأكله النار، فإن جئنا به صدقناك. فأنزل الله هذه اآلية. فقيل: ك00ان هذا في التوراة، ولكن كان تمام الكالم: حتى يأتيكم المس00يح ومحم00د ف00إذا أتياكم فآمنوا بهما من غير قرب0ان. وقي00ل: ك0ان أم0ر الق00رابين ثابت00ا إلى أن نسخت على لسان عيسى ابن مريم. وكان النبي منهم يذبح وي00دعو فت00نزل نار بيضاء لها دوي وحفيف ال دخان لها، فتأكل القرب00ان. فك00ان ه00ذا الق00ول دعوى من اليهود؛ إذ كان ثم استثناء فأخفوه، أو نسخ، فكانوا في تمس0كهم بذلك متعنتين، ومعج00زات الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم دلي00ل ق00اطع في إبطال دعواهم، وكذلك معجزات عيسى؛ ومن وجب صدقه وجب تص00ديقه. ثم قال تعالى: إقامة للحجة عليهم. "قل" يا محمد "قد ج00اءكم" ي00ا معش00ر اليهود "رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم" من القربان "فلم قتلتم00وهم إن كنتم صادقين" يعني زكريا ويحيى وشعيا، وس00ائر من قتل00وا من األنبي00اء عليهم السالم ولم تؤمنوا بهم. أراد ب00ذلك أس00الفهم. وه00ذه اآلي00ة هي ال00تي تالها عامر الشعبي رضي الله عنه، فاحتج بها على الذي حسن قتل عثم00ان رضي الله عنه كما بيناه. وإن الله تعالى سمى اليهود قتلة لرض00اهم بفع00ل أسالفهم، وإن كان بينهم نحو من سبعمائة سنة. والقربان ما يتقرب به إلى الله تعالى من نسك وصدقة وعمل صالح؛ وه00و فعالن من القرب00ة. ويك00ون اس00ما ومص00درا؛ فمث00ال االس00م الس00لطان والبره00ان. والمص00در الع00دوان والخسران. وكان عيسى بن عمر يقرأ "بقربان" بض00م ال00راء اتباع00ا لض00مة القاف؛ كما قيل في جمع ظلم00ة: ظلم00ات، وفي حج00رة حج00رات. ثم ق00ال تعالى معزيا لنبيه ومؤنسا له." فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤوا بالبين00ات" أي بال00دالالت. "والزب00ر" أي الكتب المزب00ورة، يع00ني المكتوب00ة. والزبر جمع زبور وهو الكتاب. وأصله من زبرت أي كتبت. وك00ل زب00ور فه00و

كتاب؛ قال امرؤ القيس:لمن طلل أبصرته فشجاني كخط زبور في عسيب يماني

وأن00ا أع00رف تزب00رتي أي كت00ابتي. وقي00ل: الزب00ور من الزب00ر بمع00نى الزج00ر. وزبرت الرجل انتهرت00ه. وزب00رت الب00ئر: طويته00ا بالحج00ارة. وق00رأ ابن ع00امر "بالزبر وبالكتاب المنير" بزيادة باء في الكلمتين. وكذلك ه00و في مص00احف أه00ل الش00ام. "والكت00اب المن00ير" أي الواض00ح المض00يء؛ من قول00ك: أن00رت الشيء أنيره، أي أوضحته: يقال: نار الشيء وأناره ونوره واستناره بمعنى،

Page 176: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وكل واحد منهما الزم ومتع00د. وجم00ع بين الزب00ر والكت00اب - وهم00ا بمع00نى -الختالف لفظهما، وأصلها كما ذكرنا.

}كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم ي00وم القيام00ة185*اآلية: 3* فمن زح00زح عن الن00ار وأدخ00ل الجن00ة فق00د ف0از وم00ا الحي00اة ال0دنيا إال مت00اع

الغرور{ @ لما أخبر جل وتعالى عن الباخلين وكف00رهم في ق00ولهم: "إن الل00ه فق00ير ونحن أغنياء" وأمر المؤم00نين بالص00بر على أذاهم في قول00ه: "لتبل00ون" ]آل

[ اآلية - بين أن ذلك مم00ا ينقض00ي وال ي00دوم؛ ف00إن أم00د ال00دنيا186عمران: قريب، ويوم القيامة يوم الجزاء. "ذائقة الم00وت" من ال00ذوق، وه00ذا مم00ا المحيص عنه لإلنسان، وال محيد عنه لحيوان. وقد قال أمية بن أبي الصلت:

من لم يمت عبطة يمت هرما للموت كأس والمرء ذائقها وقال آخر:

الموت باب وكل الناس داخله فليت شعري بعد الباب ما الدار @ قراءة العامة "ذائقة الموت" باإلضافة. وق00رأ األعمش ويح00يى وابن أبي إسحاق "ذائقة الموت" بالتنوين ونصب الم0وت. ق00الوا: ألنه0ا لم ت00ذق بع0د. وذل00ك أن اس00م الفاع00ل على ض00ربين: أح00دهما أن يك00ون بمع00نى المض00ي. والثاني بمعنى االستقبال؛ فإن أردت األول لم يكن فيه إال اإلض00افة إلى م00ا بعده؛ كقولك: هذا ضارب زيد أمس، وقاتل بك00ر أمس؛ ألن00ه يج00ري مج00رى

االسم الجامد وهو العلم، نحو غالم زيد، وصاحب بكر. قال الشاعر: الحافظ عورة العشيرة ال يأتيهم من ورائهم وكف

وإن أردت الثاني جاز الجر. والنصب والتنوين فيما هذا س00بيله ه00و األص00ل؛ ألنه يجري مجرى الفعل المضارع فإن كان الفعل غير متع00د، لم يتع00د نح00و قاتم زيد. وإن كان متعديا عديته ونص00بت ب00ه، فتق00ول. زي00د ض00ارب عم00روا بمعنى يضرب عمروا. ويج00وز ح00ذف التن00وين واإلض00افة تخفيف00ا، كم00ا ق00ال

المرار": سل الهموم بكل معطي رأسه ناج مخالط صهبة متعيس مغتال أحبله مبين عنقه في منكب زبن المطي عرندس

فحذف التنوين تخفيفا، واألصل: معط رأسه بالتنوين والنص00ب، ومث00ل ه00ذا [ وم00ا38أيضا في التنزيل قوله تعالى "ه00ل هن كاش00فات ض00ره" ]الزم00ر:

كان مثله. @ ثم اعلم أن للموت أسبابا وأمارات، فمن عالمات م00وت الم00ؤمن ع00رق الجبين. أخرجه النسائي من حديث بريدة ق00ال س00معت رس00ول الل00ه ص00لى الله علي00ه وس00لم يق00ول: "الم00ؤمن يم00وت بع00رق الج00بين". وق00د بين00اه في "التذكرة" فإذا احتضر لقن الشهادة؛ لقوله عليه السالم: )لقن00وا موت00اكم ال إله إال الله( لتكون آخر كالمه فيختم ل00ه بالش00هادة؛ وال يع00اد علي00ه منه00ا لئال يضجر. ويستحب قراءة "يس" ذلك الوقت؛ لقول00ه علي00ه الس00الم: "اق00رؤوا يس على موتاكم" أخرجه أبو داود. وذك00ر اآلج00ري في كت00اب النص00يحة من حديث أم الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )م00ا من ميت يق00رأ عنده سورة يس إال هون عليه الموت(. فإذا قضي وتبع البص00ر ال00روح كم00ا أخبر ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم في ص00حيح مس00لم وارتفعت العب00ادات وزال التكليف، توجهت على األحياء أحكام؛ منها تغميضه، وإعالم إخوانه الصلحاء بموته؛ وكرهه قوم وقالوا: هو من النعي. واألول أصح، وق00د بين00اه في غ00ير

Page 177: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

ه00ذا الموض00ع. ومنه00ا األخ00ذ في تجه00يزه بالغس00ل وال00دفن لئال يس00رع إلي00ه التغير؛ قال صلى الله عليه وسلم لق00وم أخ00روا دفن ميتهم: )عجل00وا ب00دفن

جيفتكم( وقال: )أسرعوا بالجنازة( الحديث، وسيأتي. @ فأما غسله فهو س00نة لجمي00ع المس0لمين حاش0ا الش0هيد على م0ا تق0دم. قيل: غسله واجب قاله القاضي عبدالوهاب. واألول: مذهب الكتاب، وعلى هذين القولين العلم00اء. وس00بب الخالف قول00ه علي00ه الس00الم ألم عطي00ة في غسلها ابنته زينب، على ما في كتاب مسلم. وقيل: هي أم كلثوم، على م00ا في كتاب أبي داود: )اغسلنها ثالثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك( الحديث. وهو األصل عن0د العلم0اء في غس0ل الم0وتى. فقي0ل: الم0راد به0ذا األمر بيان حكم الغس00ل فيك00ون واجب00ا. وقي00ل: المقص0ود من0ه تعليم كيفي00ة الغسل فال يكون فيه ما ي00دل على الوج0وب. ق0الوا وي00دل علي00ه قول0ه: )إن رأيتن ذلك( وهذا يقتضي إخراج ظاهر األمر عن الوج00وب؛ ألن00ه فوض00ه إلى نظ00رهن. قي00ل لهم: ه00ذا في00ه بع00د؛ ألن ردك )إن رأيتن( إلى األم00ر، ليس السابق إلى الفهم بل السابق رجوع هذا الش0رط إلى أق0رب م0ذكور، وه0و )أكثر من ذلك( أو إلى التخيير في األعداد. وعلى الجمل00ة فال خالف في أن غسل الميت مشروع معمول به في الشريعة ال يترك. وصفته كصفة غسل الجنابة على ما ه00و مع00روف. وال يج00اوز الس00بع غس00الت في غس00ل الميت بإجماع؛ على ما حكاه أبو عم00ر. ف00إن خ00رج من00ه ش00يء بع00د الس00بع غس00ل الموضع وحده، وحكم00ه حكم الجنب إذا أح00دث بع00د غس00له. ف00إذا ف00رغ من

غسله كفنه في ثيابه. والتكفين واجب عند عامة العلماء، فإن كان له مال فمن رأس ماله

عند عامة العلماء إال ما حكي عن طاوس أن00ه ق00ال: من الثلث ك00ان الم00ال قليال أو كثيرا. فإن كان الميت ممن تلزم غيره نفقته في حياته من سيد إن ك00ان عب00دا أو أب أو زوج أو ابن؛ فعلى الس00يد باتف00اق، وعلى ال00زوج واألب واالبن ب000اختالف. ثم على بيت الم000ال أو على جماع000ة المس000لمين على الكفاية. والذي يتعين منه بتعيين الفرض ستر العورة؛ فإن ك0ان في00ه فض00ل غير أنه ال يعم جميع الجسد غطى رأسه ووجهه إكرام00ا لوجه00ه وس00ترا لم00ا يظهر من تغير محاسنه. واألصل في هذا قصة مصعب بن عمير، فإنه ت00رك يوم أحد نمرة ك00ان إذا غطى رأس00ه خ00رجت رجاله، وإذا غطي رجاله خ00رج رأسه؛ فقال رسول الله صلى الله علي00ه وس00لم: )ض00عوها مم00ا يلي رأس00ه واجعلوا على رجليه من اإلذخر( أخرج الحديث مسلم. والوتر مستحب عند كاف000ة العلم000اء في الكفن، وكلهم مجمع000ون على أن000ه ليس في000ه ح000د. والمستحب منه البياض قال ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم: )البس00وا من ثي00ابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيه00ا موت00اكم( أخرج00ه أب00و داود. وكفن صلى الله عليه وسلم في ثالثة أث00واب بيض س00حولية من كرس00ف. والكفن في غير البياض ج00ائز إال أن يك00ون حري00را أو خ00زا. ف00إن تش00اح الورث00ة في الكفن قضي عليهم في مثل لباسه في جمعته وأعياده قال صلى الله عليه وسلم: )إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه( أخرجه مس00لم. إال أن يوص00ي بأقل من ذلك. فإن أوص00ى بس00رف قي00ل: يبط00ل الزائ00د. وقي00ل: يك00ون في

[. وق00ال أب00و141الثلث. واألول أصح؛ لقوله تعالى: "وال تسرفوا" ]األنعام: بكر: إنه للمهلة. فإذا فرغ من غسله وتكفينه ووضع على س00ريره واحتمل00ه

الرجال على أعناقهم

Page 178: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@ فالحكم اإلسراع في المشي؛ لقول00ه علي00ه الس00الم: )أس00رعوا بالجن00ازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إلي0ه وإن تكن غ0ير ذل0ك فش0ر تض0عونه عن رقابكم(. ال كما يفعله اليوم الجهال في المشي رويدا والوقوف به00ا الم00رة بعد المرة، وقراءة القرآن باأللحان إلى ما ال يحل وال يجوز حسب ما يفعله أهل الديار المصرية بموتاهم. روى النس00ائي: أخبرن00ا محم00د بن عب00داألعلى قال ح0دثنا خال00د ق00ال أنبأن00ا عيين00ة بن عب00دالرحمن ق00ال ح00دثني أبي ق00ال: شهدت جنازة عبدالرحمن بن سمرة وخرج زياد يمش00ي بين ي00دي الس00رير، فجعل رجال من أهل عب00دالرحمن وم00واليهم يس00تقبلون الس00رير ويمش00ون على أعقابهم ويقولون: رويدا رويدا، بارك الله فيكم! فك00انوا ي00دبون دبيب00ا، حتى إذا كنا ببعض طريق المريد لحقنا أبو بكرة رضي الل00ه عن00ه على بغل00ة فلما رأى الذين يصنعون حمل عليهم ببغلت00ه وأه00وى إليهم بالس00وط فق00ال: خلوا! فوالذي أكرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وس00لم لق00د رأين00ا م00ع رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم وإنه00ا لنك00اد نرم00ل به00ا رمال، فانبس00ط القوم. وروى أبو ماجدة عن ابن مسعود قال س00ألنا نبين00ا ص00لى الل00ه علي00ه سلم عن المشي مع الجنازة فقال: )دون الخبب إن يكن خ00يرا يعج00ل إلي00ه وإن يكن غير ذلك فبعدا ألهل النار( الحديث. ق00ال أب00و عم00ر: وال00ذي علي00ه جماعة العلماء في ذلك اإلس00راع ف00وق الس00جية قليال، والعجل00ة أحب إليهم من اإلبطاء. ويكره اإلس00راع ال00ذي يش00ق على ض00عفة الن00اس ممن يتبعه00ا. وقال إبراهيم النخعي: بطئوا بها قليال وال تدبوا دبيب اليهود والنصارى. وق00د تأول قوم اإلسراع في حديث أبي هريرة تعجي00ل ال00دفن ال المش00ي، وليس

بشيء لما ذكرنا. وبالله التوفيق. @ وأما الصالة عليه فهي واجبة على الكفاي00ة كالجه00اد. ه00ذا ه00و المش00هور من م0ذاهب العلم0اء: مال0ك وغ0يره؛ لقول0ه في النجاش0ي: )قوم0وا فص00لوا عليه(. وقال أصبغ: إنها سنة. وروى عن مالك. وسيأتي لهذا المع00نى زي00ادة

بيان في "براءة". @ وأما دفنه في التراب ودسه وستره فذلك واجب؛ لقول0ه تع0الى: "فبعث

[.31الله غرابا يبحث في األرض ليريه كيف يواري سوأة أخي00ه" ]المائ00دة: وهناك يذكر حكم بنيان القبر وما يس00تحب من00ه، وكيفي00ة جع00ل الميت في00ه.

ويأتي في "الكهف" حكم بناء المسجد عليه، إن شاء الله تعالى. فهذه جملة من أحكام الموتى وما يجب لهم على األحياء. وعن عائشة

قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال تسبوا األموات ف00إنهم ق00د أفضوا إلى ما قدموا( أخرجه مسلم. وفي سنن النسائي عنها أيض00ا ق00الت: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء فقال: )ال تذكروا هلك00اكم

إال بخير(. @قوله تعالى: "وإنما توفون أجوركم ي00وم القيام00ة" ف00أجر الم00ؤمن ث00واب، وأجر الكافر عقاب، ولم يعتد بالنعمة والبلية في ال00دنيا أج00را وج00زاء؛ ألنه00ا عرصة الفناء. "فمن زحزح عن الن00ار" أي أبع00د. "وأدخ0ل الجن00ة فق00د ف00از" ظف00ر بم00ا يرج00و، ونج00ا مم00ا يخ00اف. وروى األعمش عن زي00د بن وهب عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبدالله بن عمرو عن النبي ص00لى الل00ه عليه وسلم قال: )من سره أن يزح00زح عن الن00ار وأن ي00دخل الجن00ة فلتأت00ه منيته وهو يشهد أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله ويأتي إلى الن00اس الذي يحب أن يؤتى إليه(. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ص00لى الل00ه

Page 179: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

عليه وسلم: )موضع سوط في الجن0ة خ0ير من ال0دنيا وم0ا فيه0ا اق0رؤوا إنشئتم "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز"(.

@قوله تعالى: "وما الحياة الدنيا إال متاع الغرور" أي تغر الم00ؤمن وتخدع00ه فيظن طول البقاء وهي فانية. والمتاع ما يتمتع به وينتفع؛ كالف00أس والق00در والقص00عة ثم ي00زول وال يبقى ملك0ه؛ قال0ه أك0ثر المفس00رين. ق00ال الحس0ن: كخضرة النبات، ولعب البنات ال حاصل له. وق00ال قت00ادة: هي مت00اع م00تروك توشك أن تضمحل بأهلها؛ فينبغي لإلنسان أن يأخذ من ه00ذا المت00اع بطاع00ة

الله سبحانه ما استطاع. ولقد أحسن من قال:هي الدار دار األذى والقذى ودار الفناء ودار الغير فلو نلتها بحذافيرها لمت ولم تقض منها الوطر أيا من يؤمل طول الخلود وطول الخلود عليه ضرر إذا أنت سبت وبان الشباب فال خير في العيش بعد الكبر

والغرور )بفتح الغين( الشيطان؛ يغر الناس بالتمنية والمواعيد الكاذبة. قال ابن عرفة: الغرور ما رأيت له ظاهرا تحبه، وفيه باطن مك00روه أو مجه00ول. والشيطان غ00رور؛ ألن0ه يحم00ل على مح00اب النفس، ووراء ذل0ك م0ا يس0وء.

قال: ومن هذا بيع الغرر، وهو ما كان له ظاهر بيع يغر وباطن مجهول. }لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتس00معن من ال00ذين أوت00وا186*اآلية: 3*

الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كث00يرا وإن تص00بروا وتتق00وا ف00إنذلك من عزم األمور{

@ هذا الخطاب للن00بي ص0لى الل00ه علي0ه وس0لم وأمت00ه والمع0نى: لتخت00برن ولتمتحنن في أموالكم بالمصائب واألرزاء باإلنف00اق في س00بيل الل00ه وس00ائر تكاليف الشرع. واالبتالء في األنفس بالموت واألمراض وفقد األحباب. وبدأ بذكر األموال لكثرة المصائب بها. "ولتسمعن" إن قي00ل: لم ثبتت ال00واو في "لتبلون" وحذفت من "ولتسمعن"؛ فالجواب أن ال00واو في "لتبل00ون" قبله00ا فتحة فحركت اللتقاء الساكنين، وخصت بالضمة ألنها واو الجم00ع، ولم يج00ز حذفها ألنها ليس قبلها ما يدل عليها، وحذفت من "ولتسمعن" ألن قبلها ما يدل عليه00ا. وال يج00وز هم00ز ال00واو في "لتبل00ون" ألن حركته00ا عارض00ة؛ ق00ال النحاس وغيره. ويقال للواحد من المذكر: لتبلين يا رجل. ولالثنين: لتبلي00ان يا رجالن. ولجماعة الرجال: لتبلون. ونزلت بس00بب أن أب00ا بك00ر رض00ي الل00ه عن00ه س00مع يهودي00ا يق00ول: إن الل00ه فق00ير ونحن أغني00اء. ردا على الق00رآن واس00تخفافا ب00ه حين أن00زل الل00ه "من ذا ال00ذي يق00رض الل00ه قرض00ا حس00نا"

[ فلطمه؛ فشكاه إلى النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم ف00نزلت.245]البقرة: قي00ل: إن قائله00ا فنح00اص اليه00ودي؛ عن عكرم00ة. الزه00ري: ه00و كعب بن األشرف نزلت بسببه؛ وك00ان ش00اعرا، وك00ان يهج00و الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم وأصحابه، ويؤلب عليه كفار قريش، ويشبب بنساء المس00لمين ح00تى بعث إليه رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم محم00د بن مس00لمة وأص00حابه فقتله القتلة المشهورة في السير وص00حيح الخ00بر. وقي00ل غ00ير ه00ذا. وك00ان صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان بها اليه00ود والمش00ركون، فك00ان هو وأصحابه يسمعون أذى كثيرا.، في الصحيحين أنه عليه السالم مر ب00ابن أبي وهو عليه السالم على حمار فدعاه إلى الله تع00الى فق00ال ابن أبي: إن كان ما تقول حقا فال تؤذنا به في مجالسنا! ارج00ع إلى رحل00ك، فمن ج00اءك فاقصص عليه. وقبض على أنفه لئال يصيبه غبار الحمار، فق00ال ابن رواح00ة:

Page 180: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

نعم يا رسول الله، فاغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك. واستب المشركون الذين ك00انوا ح00ول ابن أبي والمس00لمون، وم00ا زال الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يس00كنهم ح00تى س00كنوا. ثم دخ00ل على س00عد بن عب00ادة يع00وده وه00و مريض، فقال: )ألم تسمع ما ق00ال فالن( فق00ال س00عد: أع0ف عن00ه واص00فح، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاءك الله بالحق الذي ن00زل، وق00د اص00طلح أهل هذه البحيرة على أن يتوج0وه ويعص00بوه بالعص00ابة؛ فلم00ا رد الل00ه ذل0ك بالحق الذي أعطاكه شرق به، فذلك فعل ب00ه م00ا رأيت. فعف00ا عن00ه رس00ول الله صلى الله عليه وس00لم، ون00زلت ه00ذه اآلي00ة. قي00ل: ه00ذا أن قب00ل ن00زول القتال، وندب الله عباده إلى الصبر والتق00وى وأخ00بر أن00ه من ع00زم األم00ور. وك00ذا في البخ00اري في س0ياق الح00ديث، إن ذل0ك ك0ان قب00ل ن00زول القت00ال. واألظهر أنه ليس بمنسوخ؛ فإن الج00دال باألحس00ن والم00داراة أب00دا من00دوب إليها، وكان عليه السالم مع األمر بالقتال ي00وادع اليه00ود وي00داريهم، ويص00فحعن المنافقين، وهذا بين. ومعنى "عزم األمور" شدها وصالبتها. وقد تقدم.

}وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكت00اب لتبينن00ه للن00اس وال187*اآلية: 3*تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليال فبئس ما يشترون{

@قوله تعالى: "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكت00اب" ه00ذا متص00ل ب00ذكر اليهود؛ فإنهم أمروا باإليمان بمحمد عليه السالم وبيان أمره، فكتموا نعت00ه. فاآلية ت00وبيخ لهم، ثم م00ع ذل00ك ه00و خ00بر ع00ام لهم ولغ00يرهم. ق00ال الحس00ن وقت00ادة: هي في ك00ل من أوتي علم ش00يء من الكت00اب. فمن علم ش00يئا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم فإن00ه هلك00ة. وق00ال محم00د بن كعب: ال يح00ل لعالم أن يسكت على علمه، وال للجاهل أن يس00كت على جهل00ه؛ ق00ال الل00ه تعالى: "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب" اآلية. وقال: "فاسألوا أه00ل

[. وقال أبو هريرة: لوال ما أخ00ذ الل00ه42الذكر إن كنتم ال تعلمون" ]النحل: على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء؛ ثم تال هذه اآلية "وإذا أخذ الل00ه ميث00اق الذين أوتوا الكتاب". وقال الحسن بن عمارة: أتيت الزه00ري بع00د م00ا ت00رك الحديث، فألفيته على بابه فقلت: إن رأيت أن تح00دثني. فق00ال: أم00ا علمت أني تركت الحديث؟ فقلت: إما أن تحدثني وإم00ا أن أح00دثك. ق00ال ح00دثني. قلت: حدثني الحكم بن عتيبة عن يح00يى بن الج00زار ق00ال س00معت علي بن أبي طالب يقول: م0ا أخ0ذ الل00ه على الج0اهلين أن يتعلم0وا ح0تى أخ0ذ على

العلماء أن يعلموا. قال: فحدثني أربعين حديثا. @ الهاء في قوله: "لتبيننه للناس" ترجع إلى محمد صلى الله علي00ه وس0لم وإن لم يجر له ذكر. وقيل: ترجع إلى الكتاب؛ ويدخل في00ه بي00ان أم00ر الن00بي صلى الله عليه وسلم؛ ألنه في الكتاب. "وال تكتمونه" ولم يقل تكتمنه ألن00ه في معنى الحال، أي لتبيننه غير كاتمين. وقرأ أبو عمرو وعاص00م في رواي00ة أبي بكر وأهل مكة "لتبينن00ه" بالت00اء على حكاي00ة الخط00اب. والب00اقون بالي0اء ألنهم غيب. وقرأ ابن عباس "وإذ أخذ الل00ه ميث00اق النب00يين ليبينن00ه". فيجيء قوله "فنبذوه" عائ0دا على الن0اس ال00ذين بين لهم األنبي00اء. وفي ق00راءة ابن مسعود "ليبينونه" دون النون الثقيلة. والنب00ذ الط00رح. وق00د تق00دم بيان00ه في "البقرة". "وراء ظهورهم" مبالغة في اإلطراح، ومن00ه "واتخ00ذتموه وراءكم

[ وقد تقدم في "البقرة" بيانه أيضا. وتقدم مع00نى قول00ه:92ظهريا" ]هود: "واش00تروا ب00ه ثمن00ا قليال" في "البق00رة" فال مع00نى إلعادت00ه. "ف00بئس م00ا

يشترون" تقدم أيضا. والحمد لله.

Page 181: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}ال تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحم00دوا بم00ا188*اآلية: 3*لم يفعلوا فال تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم{

@ أي بما فعلوا من القعود في التخل00ف عن الغ00زو وج00اؤوا ب00ه من الع00ذر. ثبت في الص00حيحين عن أبي س00عيد الخ00دري أن رج00اال من المن00افقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج النبي صلى الل00ه علي00ه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم النبي صلى الله علي00ه وس00لم اعت00ذروا إلي00ه وحلف00وا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعل00وا؛ ف00نزلت "ال تحس00بن ال00ذين يفرح00ون بم00ا أوتوا ويحبون أن يحم00دوا بم00ا لم يفعل00وا" اآلي00ة. وفي الص00حيحين أيض00ا أن مروان قال لبوابه: اذهب ي00ا راف00ع إلى ابن عب00اس فق00ل ل00ه: لئن ك0ان ك00ل ام00رئ من00ا ف00رح بم00ا أوتي وأحب أن يحم00د بم00ا لم يفع00ل مع00ذبا لنع00ذبن أجمعون. فقال ابن عباس: مالكم ولهذه اآلية! إنم00ا أن00زلت ه00ذه اآلي00ة في أهل الكتاب. ثم تال ابن عباس "وإذا أخ00ذ الل00ه ميث00اق ال00ذين أوت00وا الكت00اب لتبيننه للناس وال تكتمونه" و"ال تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا". وق00ال ابن عب00اس: س00ألهم الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم عن شيء فكتموه إياه، وأخ00بروه بغ00يره؛ فخرج00وا وق00د أروه أن ق00د أخ00بروه بم00ا س00ألهم عن00ه واس00تحمدوا ب00ذلك إلي00ه، وفرح00وا بم00ا أوت00وا من كتمانهم إياه، وما سألهم عنه. وق00ال محم00د بن كعب الق00رظي: ن00زلت في علماء بني إسرائيل الذين كتموا الحق، وأتوا ملوكهم من العلم ما ي00وافقهم في باطلهم، "واشتروا به ثمن00ا قليال" أي بم00ا أعط00اهم المل00وك من ال00دنيا؛ فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: "ال تحسبن الذين يفرحون بما أوت00وا ويحبون أن يحمدوا بم00ا لم يفعل00وا فال تحس00بنهم بمف00ازة من الع00ذاب ولهم عذاب أليم". فأخبر أن لهم ع0ذابا أليم00ا بم0ا أفس00دوا من ال0دين على عب00اد الله. وقال الضحاك: إن اليهود كانوا يقولون للملوك إن00ا نج00د في كتابن00ا أن الله يبعث نبين00ا في آخ00ر الزم00ان يختم ب00ه النب00وة؛ فلم00ا بعث00ه الل00ه س00ألهم الملوك أهو هذا الذي تجدونه في كت00ابكم؟ فق0ال اليه0ود طمع0ا في أم0وال الملوك: هو غير ذلك، فأعط00اهم المل00وك الخ00زائن؛ فق00ال الل00ه تع00الى: "ال تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا" المل0وك من الك00ذب ح0تى يأخ0ذوا ع0رض الدنيا. والح00ديث األول خالف مقتض00ى الح00ديث الث00اني. ويحتم00ل أن يك00ون نزولها على السببين الجتماعهما في زمن واح00د، فك00انت جواب00ا للف00ريقين. والله أعلم. وقوله: واس00تحمدوا ب00ذلك إلي00ه، أي طلب00وا أن يحم00دوا. وق00ول مروان: لئن كان كل امرئ منا إلخ دليل على أن للعموم ص00يغا مخصوص00ة، وأن "الذين" منه00ا. وه00ذا مقط00وع ب00ه من تفهم ذل00ك من الق00رآن والس00نة. وقوله تعالى: "ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعل00وا" إذا ك00انت اآلي00ة في أه00ل الكت00اب ال في المن00افقين المتخلفين؛ ألنهم ك00انوا يقول00ون: نحن على دين إبراهيم ولم يكونوا على دينه، وك00انوا يقول00ون: نحن أه00ل الص00الة والص00وم والكتاب؛ يريدون أن يحمدوا بذلك. و"ال00ذين" فاع00ل بيحس00بن بالي00اء. وهي ق00راءة ن00افع وابن ع00امر وابن كث00ير وأبي عم00رو؛ أي ال يحس00بن الف00ارحون ف00رحهم منجي00ا لهم من الع00ذاب. وقي00ل: المفع00ول األول مح00ذوف، وه00و أنفسهم. والثاني "بمفازة". وقرأ الكوفيون "تحسبن" بالت00اء على الخط00اب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ أي ال تحسبن يا محم00د الف00ارحين بمف00ازة من العذاب. وقول00ه "فال تحس00بنهم" بالت00اء وفتح الب00اء، إع00ادة تأكي00د، ومفعول00ه

Page 182: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

األول الهاء والميم، والمفعول الثاني محذوف؛ أي كذلك، والفاء عاطف00ة أو زائدة على بدل الفعل الث00اني من األول. وق00رأ الض00حاك وعيس00ى بن عم00ر بالت00اء وض00م الب00اء "فال تحس00بنهم" أراد محم00دا ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم وأصحابه. وقرأ مجاهد وابن كثير وأبو عم00رو ويح00يى بن يعم00ر بالي00اء وض00م الب00اء خ00برا عن الف00ارحين؛ أي فال يحس00بن أنفس00هم؛ "بمف00ازة" المفع00ول الثاني. ويكون "فال يحسبنهم" تأكيدا. وقي00ل: "ال00ذين" فاع00ل ب000 "يحس00بن"

ومفعوالها محذوفان لداللة "يحسبنهم" عليه؛ كما قال الشاعر: بأي كتاب أم بأية آية ترى حبهم عارا على وتحسب

استغنى بذكر مفعول الواحد عن ذكر مفع00ول، الث00اني، و"بمف00ازة" الث00اني، وهو ب00دل من الفع00ل األول ف00أغنى إلبدال00ه من00ه عن ذك00ر مفعولي00ه، والف00اء زائدة. وقيل: قد تجيء هذه األفعال ملغاة ال في حكم الجمل المفيدة نح00و

قول الشاعر: وم00ا خلت أبقى بينن00ا من م00ودة ع00راض الم00ذاكي المس00نفات

القالئصا المذاكي: الخيل التي ق00د أتي عليه00ا بع00د قروحه00ا س00نة أو س00نتان؛ الواح00د م000ذك، مث000ل المخل000ف من اإلب000ل؛ وفي المث000ل ج000ري الم000ذكيات غالب، والمسنفات اس00م مفع00ول؛ يق00ال: س00نفت البع00ير أس00نفه س00نفا إذا كففت00ه بزمامه وأنت راكبه، وأسنف البعير لغة في سنفه، وأسنف البعير بنفسه إذا رفع رأسه؛ يتعدى وال يتع00دى. وك00انت الع00رب ت00ركب اإلب00ل وتجنب الخي00ل؛

تقول: الحرب ال تبقي مودة. وقال كعب بن أبي سلمى: أرجو وآمل أن تدنو موتها وما إخال لدنيا منك تنويل

وقرأ جمهور القراء السبعة وغيرهم "أتوا" بقصر األل00ف، أي بم00ا ج00اؤوا ب00ه من الكذب والكتم00ان. وق00رأ م00روان بن الحكم واألعمش وإب00راهيم النخعي "آتوا" بالمد، بمعنى أعطوا: وقرأ سعيد بن جب00ير "أوت00وا" على م00ا لم يس00و فاعله؛ أي أعطوا. والمفازة المنجاة، مفعلة من فاز يفوز إذا نجا؛ أي ليسوا بفائزين. وسمي موضع المخاوف مفازة على جهة التفاؤل؛ قاله األصمعي. وقيل: ألنها موضع تفويز ومظنة هالك؛ تقول العرب: فوز الرج00ل إذا م00ات. قال ثعلب: حكيت البن األعرابي قول األصمعي فق00ال أخط00أ، ق00ال لي أب00و المكارم: إنما سميت مفازة؛ ألن من قطعها ف00از. وق00ال األص00معي: س00مي اللديغ سليما تفاؤال. قال ابن األعرابي: ألنه مستسلم لما أص00ابه. وقي00ل: ال تحسبنهم بمكان بعيد من الع00ذاب؛ ألن الف00وز التباع00د عن المك00روه. والل00ه

أعلم. }ولله ملك السماوات واألرض والله على كل شيء قدير{189*اآلية: 3*

@ هذا احتجاج على الذين قالوا إن الله فق00ير ونحن أغني00اء، وتك00ذيب لهم. وقيل: المعنى ال تظنن الفرحين ينجون من الع00ذاب؛ ف00إن لل00ه ك00ل ش00يء، وهم في قبض000ة الق000دير؛ فيك000ون معطوف000ا على، الكالم األول، أي إنهم ال ينجون من عذابه، يأخ00ذهم م00تى ش00اء. "والل00ه على ك00ل ش00يء" أي ممكن

"قدير" وقد مضى في "البقرة". }إن في خل00ق الس00ماوات واألرض واختالف اللي00ل والنه00ار190*اآلي00ة: 3*

آليات ألولي األلباب{ @قوله تعالى: "إن في خلق السماوات واألرض" تقدم معنى هذه اآلية في "البق00رة" في غ00ير موض00ع. فختم تع00الى ه00ذه الس00ورة ب00األمر ب00النظر

Page 183: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

واالستدالل في آياته؛ إذ ال تصدر إال عن حي قيوم قدير وقدوس سالم غني عن العالمين؛ حتى يكون إيمانهم مستندا إلى اليقين ال إلى التقليد. "آلي00ات ألولى األلب00اب" ال00ذين يس00تعملون عق00ولهم في تأم00ل ال00دالئل. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنه00ا ق00الت: لم00ا ن00زلت ه00ذه اآلي00ة على الن00بي ق00ام يصلى، فأتاه بالل يؤذنه بالصالة، ف0رآه يبكي فق0ال: ي0ا رس00ول الل0ه، أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وم00ا ت00أخر! فق00ال: )ي00ا بالل، أفال أك00ون عبدا شكورا ولقد أنزل الله على الليلة آية "إن في خلق السموات واألرض واختالف الليل والنهار آليات ألولي األلباب" - ثم قال:)ويل لمن قرأه00ا ولم

يتفكر فيها(. @ ق00ال العلم00اء: يس00تحب لمن انتب00ه من نوم00ه أن يمس00ح على وجه00ه، ويستفتح قيامه بقراءة هذه العشر اآلي00ات اقت00داء ب00النبي ص00لى الل00ه علي00ه وسلم، ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما وس00يأتي؛ ثم يص00لي م00ا كتب ل00ه، فيجمع بين التفكر والعمل، وهو أفضل العمل على ما ي00أتي بيان00ه في ه00ذه اآلية بعد هذا. وروي عن أب هريرة أن رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة "آل عمران" كل ليلة، خرجه أب00و نص00ر الوائلي السجس00تاني الحاف00ظ في كت00اب "اإلبان00ة" من ح00ديث س00ليمان بن موسى عن مظاهر بن أسلم المخزومي عن المقبري عن أبي هريرة. وق00د تقدم أول السورة عن عثمان قال: من قرأ آخ00ر آل عم00ران في ليل00ة كتب

له قيام ليلة. }الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفك00رون191*اآلية: 3*

في خلق السماوات واألرض ربنا ما خلقت هذا باطال س00بحانك فقن00ا ع0ذابالنار{

@قوله تعالى: "الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم" ذكر تعالى ثالث هيئات ال يخلو ابن آدم منها في غالب أمره، فكأنها تحصر زمانه. ومن هذا المعنى قول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. أخرجه مسلم. فدخل في ذلك كون00ه على الخالء وغير ذلك. وقد اختلف العلماء في هذا؛ فأجاز ذلك عبدالله بن عمرو وابن سيرين والنخعي، وكره ذلك ابن عباس وعطاء والشعبي. واألول أصح لعموم اآلي00ة والح00ديث. ق00ال النخعي: ال ب00أس ب00ذكر. الل00ه في الخالء فإن00ه يصعد. المعنى: تصعد به المالئك00ة مكتوب00ا في ص00حفهم؛ فح00ذف المض00اف.

[. وقال:18دليله قوله تعالى: "ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد" ]ق: -00 10"وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين" ]االنفط00ار: [. ألن الل00ه ع00ز11

وجل أمر عباده بالذكر على كل حال ولم يستثن فقال: "اذكروا الل00ه ذك00را [ وق00ال:152[ وقال: "ف00اذكروني أذك00ركم" ]البق00رة: 41كثيرا" ]األحزاب:

[ فع. فذاكر الل00ه تع00الى على3"إنا ال نضيع أجر من أحسن عمال" ]الكهف: كل حاالته مثاب مأجور إن شاء الله تعالى. وذكر أبو نعيم ق00ال: ح00دثنا أب00و بكر بن مالك حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ق0ال ح0دثني أبي ق0ال ح0دثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن كعب األحب00ار قال قال موسى عليه السالم: )يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني قال: يا رب فإنا نكون من الحال على حال نجلك ونعظمك أن نذكرك قال: وما هي؟ قال: الجنابة والغائ00ط ق00ال: يا موسى اذكرني على كل حال(. وكراهية من كره ذلك إما لتنزيه ذكر الله

Page 184: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

تعالى في المواضع المرغوب عن ذك00ره فيه00ا ككراهي00ة ق00راءة الق00رآن في الحم00ام، وإم00ا إبق00اء على الك00رام الك00اتبين على أن يحلهم موض00ع األق00ذار واألنجاس لكتاب00ة م0ا يلف0ظ ب00ه. والل00ه أعلم. و"قيام00ا وقع0ودا" نص00ب على الحال. "وعلى جن00وبهم" في موض00ع الح00ال؛ أي ومض00طجعين ومثل00ه قول00ه

[ على العكس؛ أي دعانا12تعالى: "دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما" ]يونس: مضطجعا على جنبه. وذهب، جماع00ة من المفس00رين منهم الحس00ن وغ00يره إلى أن قوله "يذكرون الله" إلى آخ00ره، إنم00ا ه00و عب00ارة عن الص00الة؛ أي ال يضيعونها، ففي حال العذر يصلونها قعودا أو على جنوبهم. وهي مث00ل قول00ه تعالى: "ف00إذا قض00يتم الص00الة ف0اذكروا الل00ه قيام00ا وقع00ودا وعلى جن00وبكم"

[ في قول ابن مسعود على، ما ي00أتي بيان00ه. وإذا ك00انت اآلي00ة103]النساء: في الصالة ففقهها أن اإلنسان يصلى قائما، فإن لم يس00تطع فقاع00دا، ف00إن لم يس00تطع فعلى جنب00ه؛ كم00ا ثبت عن عم00ران بن حص00ين ق00ال: ك00ان بي البواسير فسألت النبي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم عن الص00الة فق00ال: )ص00ل قائما، فإن لم تس00تطع فقاع00دا، ف00إن لم تس00تطع فعلى جنب( رواه األئم00ة: وقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي قاع00دا قب00ل موت00ه بع00ام في النافل00ة؛ على م00ا في ص00حيح مس00لم. وروى النس00ائي عن عائش00ة رض00ي الل00ه عنه00ا قالت: رأيت رسول الله ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم يص00لي متربع00ا. ق00ال أب00و عبدالرحمن: ال أعلم أحد روى هذا الحديث غير أبي داود الحفري وهو ثق00ة،

وال أحسب هذا الحديث إال خطأ. والله أعلم. @ واختلف العلماء في كيفية ص00الة الم00ريض والقاع00د وهيئته00ا؛ ف00ذكر ابن عبدالحكم عن مالك أنه يتربع في قيامه، وقال البويطي عن الشافعي ف00إذا أراد السجود تهيأ للسجود على قدر ما يطيق، قال: وكذلك المتنفل. ونحوه قول الثوري، وكذلك قال الليث وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد. وق00ال الشافعي في رواية المزني: يجلس في صالته كلها كجلوس التشهد. وروى هذا عن مالك وأصحابه؛ واألول المش00هور وه00و ظ00اهر المدون00ة. وق00ال أب00و

حنيفة وزفر: يجلس كجلوس التشهد، وكذلك يركع سجد. @ قال: فإن لم يستطع القعود صلى على جنبه أو ظهره على التخيير؛ هذا مذهب المدونة وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم يصلي على ظه00ره، ف00إن لم يستطع فعلى جنبه األيمن ثم على جنبه األيسر. وفي كت00اب ابن الم00واز عكسه، يصلي على جنبه األيمن، وإال فعلى األيسر، وإال فعلى الظهر. وقال س00حنون: يص00لي على األيمن كم00ا يجع00ل في لح00ده، وإال فعلى ظه00ره وإال فعلى األيسر. وقال مالك وأبو حنيفة: إذا صلى مضطجعا تك00ون رجاله مم00ا

يلي القبلة. والشافعي والثوري: يصلي على جنبه ووجهه إلى القبلة. @ فإن قوي لخفة المرض وه00و في الص00الة؛ ق00ال ابن القاس00م: إن00ه يق00وم فيم00ا بقي من ص00الته ويب00ني على م00ا مض00ى؛ وه00و ق00ول الش00افعي وزف00ر والطبري. وقال أبو حنيفة وصاحباه يعقوب ومحم00د فيمن ص00لى مض00طجعا ركعة ثم صح: إنه يستقبل الصالة من أولها، ولو كان قاعدا يركع ويسجد ثم صح بنى في ق00ول أبي حنيف00ة ولم يبن في ق00ول محم00د. وق00ال أب00و حنيف00ة وأصحابه: إذا افتتح الصالة قائما ثم ص00ار إلى ح00د اإليم00اء فليبن؛ وروي عن أبي يوسف. وقال مالك في المريض الذي ال يستطيع الرك00وع وال الس00جود وهو يستطيع القيام والجلوس: إنه يصلي قائم00ا وي00ومئ إلى الرك00وع، ف00إذا

Page 185: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

أراد السجود جلس وأومأ إلى السجود؛ وهو قول أبي يوسف وقي00اس ق00ولالشافعي وقال، أبو حنيفة وأصحابه: يصلي قاعدا.

@ وأما صالة الراقد الصحيح ف00روي عن ح00ديث عم00ران بن حص00ين زي00ادة ليست موجودة في غيره، وهي "صالة الراق00د مث00ل نص00ف ص00الة القاع00د". قال أبو عمر: وجمهور أهل العلم ال يجيزون النافل مضطجعا؛ وه00و ح00ديث لم يروه إال حسين المعلم وهو حسين بن ذكوان عن عبدالله بن بريدة عن عم00ران بن حص00ين، وق00د اختل00ف على حس00ين في إس00ناده ومتن00ه اختالف00ا يوجب التوقف عنه، وإن صح فال أدري م00ا وجه00ه؛ ف00إن ك00ان أح00د من أه00ل العلم قد أجاز النافلة مضطجعا لمن قدر على القعود أو على القيام فوجهه هذه الزي00ادة في ه00ذا الخ00بر، وهي حج00ة لمن ذهب إلى ذل00ك. الن أجمع00وا على كراهة النافلة راقدا لمن قدر على القعود أو القي00ام، فح00ديث حس00ين هذا إم00ا غل00ط وإم00ا منس00وخ وقي00ل: الم00راد باآلي00ة ال00ذين يس00تدلون بخل00ق السموات واألرض على أن المتغير ال بد ل00ه من مغ00ير، وذل00ك المغ00ير يجب أن يكون قادرا على الكمال، ول00ه أن يبعث الرس00ل، ف0إن بعث رس00وال ودل على صدقه بمعجزة واحدة لم يبق ألحد عذر؛ فه00ؤالء ال00ذين ي00ذكرون الل00ه

على كل حال. والله أعلم. @قوله تع00الى: "ويتفك00رون في خل00ق الس00ماوات واألرض" ق00د بين00ا مع0نى "ويذكرون" وهو إما ذكر باللسان وإما الصالة فرضها ونفلها؛ فعطف تعالى عبادة أخرى على إحداهما بعبادة أخرى، وهي التفكر في قدرة الل00ه تع00الى

ومخلوقاته والعبر الذي بث؛ ليكون ذلك أزيد بصائرهم: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد

وقيل: "يتفكرون" عطف على الحال. وقيل: يكون منقطع00ا؛ واألول أش00به. والفكرة: تردد القلب في الشيء؛ يقال: تفك00ر، ورج00ل فك00ير كث00ير الفك00ر، وم00ر الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم على ق00وم يتفك00رون في الل00ه فق00ال: )تفكروا في الخلق، وال تتفكروا في الخالق فإنكم ال تق00درون ق00دره( وإنم00ا التفكر واالعتبار وانبساط الذهن في المخلوقات كما قال: "ويتفك00رون في خلق السموات واألرض". وحكي أن سفيان الثوري رض00ي الل00ه عن00ه ص00لى خلف المقام ركعتين، ثم رفع رأسه إلى السماء فلما رأى الك00واكب غش00ي عليه، وكان يبول الدم من طول حزنه وفكرته. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )بينما رج00ل مس00تلق على فراشه إذ رفع رأسه فنظر إلى النجوم وإلى الس00ماء فق00ال أش00هد أن لك، ربا وخالقا اللهم اغفر لي فنظر الله إليه فغف00ر ل00ه( وق00ال ص00لى الل00ه عليه وسلم: )ال عبادة كتفكر(. وروي عنه عليه السالم ق00ال: )تفك00ر س00اعة خير من عبادة سنة(. وروى ابن القاسم عن مالك ق00ال: قي00ل ألم ال00درداء: ما كان أكثر شأن أبي الدرداء؟ ق00الت: ك00ان أك00ثر ش00أنه التفك00ر. قي00ل ل00ه: أفترى التفكر عمل من األعمال؟ قال: نعم، هو اليقين. وقيل البن المسيب في الصالة بين الظهر والعصر، قال: ليست هذه عبادة، إنما العب0ادة ال0ورع عما حرم الله والتفكر في أمر الله. وق00ال الحس00ن: تفك00ر س00اعة خ00ير من قيام ليلة؛ وقال ابن العب00اس وأب00و ال00درداء. وق00ال الحس00ن: الفك00رة م00رآة المؤمن ينظر فيها إلى حسناته وسيئاته. ومما يتفك00ر في00ه مخ00اوف اآلخ00رة من الحشر والنشر والجنة ونعيمها والنار وع00ذابها. وي00روى أن أب00ا س00ليمان الداراني رضي الله عنه أخذ قدح الماء ليتوضأ لصالة اللي00ل وعن00ده ض00يف،

Page 186: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

فرآه لما أدخل أصبعه في أذن القدح أقام لذلك متفكرا حتى طل00ع الفج00ر؛ فقال له: ما هذا ي00ا أب00ا س00ليمان؟ ق00ال: إني لم00ا ط00رحت أص00بعي في أذن الق00دح تفك00رت في ق00ول الل00ه تع00الى "إذ األغالل في أعن00اقهم والسالس00ل

[ تفكرت، في ح00الي وكي00ف أتلقى الغ00ل إن ط00رح71يسحبون" ]المؤمن: في عنقي يوم القيامة، فما زلت في ذلك ح00تى أص00بحت. ق00ال ابن عطي00ة: "وهذا نهاية الخوف، وخير األمور أوس00اطها، وليس علم00اء األم00ة ال00ذين هم الحجة على هذا المنهاج، وقراءة علم كتاب الله تعالى ومعاني سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يفهم ويرجى نفع00ه أفض00ل من ه00ذا". ق00ال ابن العربي: اختلف الن00اس أي العملين أفض00ل: التفك00ر أم الص00الة؛ ف00ذهب الصوفية إلى أن التفكر أفضل؛ فإنه يثمر المعرفة وه00و أفض00ل، المقام00ات الشرعية. وذهب الفقهاء إلى أن الص00الة أفض00ل؛ لم00ا ورد في الح00ديث من الحث عليها والدعاء إليها والترغيب فيه00ا. وفي الص00حيحين عن ابن عب00اس أنه بات عند خالته ميمونة، وفيه: فقام رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم فمس00ح الن00وم عن وجه00ه ثم ق00رأ اآلي00ات العش00ر الخ00واتم من س00ورة آل عمران، وقام إلى شن معلق فتوضأ وض00وءا خفيف00ا ثم ص00لى ثالث عش00رة ركعة؛ الحديث. فانظروا رحمكم الله إلى جمعه بين التفكر في المخلوقات ثم إقباله على صالته بعده؛ وهذه السنة هي التي يعتمد عليها. فأما طريق00ة الصوفية أن يكون الشيخ منهم يوما وليلة وشهرا مفك00را ال يف00تر؛ فطريق00ة بعيدة عن الصواب غير الئقة بالبش00ر، وال مس00تمرة على الس00نن. ق00ال ابن عطية: وحدثني أبي عن بعض علماء المشرق ق00ال: كنت بائت00ا في مس00جد األقدام بمصر فصليت العتمة فرأيت رجال قد اضطجع في كساء له مسجى بكسائه حتى أصبح، وصلينا نحن تلك الليلة؛ فلما أقيمت ص00الة الص00بح ق00ام ذلك الرجل فاستقبل القبل00ة وص00لى م00ع الن00اس، فاس00تعظمت جراءت00ه في الصالة بغير وضوء؛ فلما فرغت الصالة خرج فتبعته ألعظه، فلما دنوت منه

سمعته ينشد شعرا: مسجى الجسم غائب حاضر منتبه القلب صامت ذاكر منقبض في الغيوب منبسط كذاك من كان عارفا ذاكر يبيت في ليله أخا فكر فهو مدى الليل نائم ماهر

قال: فعلمت أنه ممن يعبد بالفكرة، فانصرفت عنه. @قوله تعالى: "ربنا ما خلقت هذا باطال" أي يقولون: ما خلقته عبثا وهزال، بل خلقته دليال على قدرتك وحكمتك. والباطل: الزائل الذاهب. ومن00ه ق00ول

لبيد: أال كل شيء ما خال الله باطل

أي زائل. و"باطال" نصب ألنه نعت مصدر مح00ذوف؛ أي خلق00ا ب00اطال وقي00ل: أنتصب على نزع الخ00افض، أي م00ا خلقته00ا للباط00ل. وقي00ل: على المفع00ول الثاني، ويكون خلق بمعنى جعل. "سبحانك" أسند النح00اس عن موس00ى بن طلحة قال: سئل رسول الله ص0لى الل0ه علي00ه وس0لم عن مع0نى "س0بحان الل00ه" فق00ال: )تنزي00ه الل00ه عن الس00وء( وق00د تق00دم في "البق00رة" معن00اه

مستوفى. "وقنا عذاب النار" أجرنا من عذابها، وقد تقدم. }ربنا إنك من تدخل الن00ار فق00د أخزيت00ه وم00ا للظ00المين من192*اآلية: 3*

أنصار{

Page 187: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

@قوله تعالى: "ربنا إنك من ت00دخل الن00ار فق00د أخزيت00ه" أي أذللت00ه وأهنت00ه.وقال المفضل أي أهلكته؛ وأنشد:

أخزى اإلله من الصليب عبيده والالبسين قالنس الرهبان وقيل: فضحته وأبعدته؛ يقال: أخ0زاه الل00ه: أبع0ده ومقت0ه. واالس00م الخ0زي. قال ابن السكيت: خزي يخزي خزي00ا إذا وق00ع في بلي00ة. وق00د تمس00ك به00ذه اآلية أصحاب الوعيد وقالوا: من أدخل الن00ار ينبغي إال يك00ون مؤمن00ا؛ لقول00ه تعالى: "فقد أخزيته" فإن الله يقول: "يوم ال يخزي الله النبي والذين آمنوا

[. وم00ا ق00الوه م00ردود؛ لقي00ام األدل00ة على أن من ارتكب8معه" ]التح00ريم: كبيرة ال يزول عنه اسم اإليمان، كما تقدم ويأتي. والم00راد من قول00ه: "من تدخل النار" من تخلد في الن00ار؛ قال00ه أنس بن مال0ك. وق00ال قت00ادة: ت00دخل مقلوب تخلد، وال نقول كما قال أه00ل ح00روراء. وق00ال س00عيد بن المس00يب: اآلية خاصة في قوم ال يخرجون من النار؛ ولهذا ق00ال: "وم00ا للظ00المين من أنصار" أي الكفار. وقال أه00ل المع00اني،: الخ00زي يحتم00ل أن يك00ون بمع00نى

الحياء؛ يقال: خزي يخزى إذا استحيا، فهو خزيان. قال ذو الرمة: خزاية أدركته عند جولته من جانب الحيل مخلوطا بها الغضب

فخزي المؤمنين يومئذ استحياؤهم في دخول الن00ار من س00ائر أه00ل األدي00ان إلى أن يخرجوا منها. والخزي للك00افرين ه00و إهالكهم فيه00ا من غ00ير م00وت؛ والمؤمنون يموتون، فافترقوا. ك00ذا ثبت في ص00حيح الس00نة من ح00ديث أبي

سعيد الخدري، أخرجه مسلم، وقد تقدم ويأتي. }ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمان أن آمنوا ب00ربكم فآمن00ا193*اآلية: 3*

ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع األبرار{ @قوله تعالى: "ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمان" أي محمدا ص00لى الل00ه عليه وسلم؛ قاله ابن مسعود وابن عباس وأك00ثر المفس00رين. وق00ال قت00ادة ومحمد بن كعب القرظي: هو القرآن، وليس كلهم سمع رسول الله ص00لى الله عليه وسلم. دليل هذا القول ما أخ0بر الل0ه تع0الى عن مؤم0ني الجن إذ

-00 1قالوا: "إنا سمعنا قرآنا عجب00ا يه00دي إلى الرش00د" ]الجن: [. وأج00اب2 األولون فقالوا: من سمع القرآن فكأنما لقي النبي صلى الله علي00ه وس00لم؛ وهذا صحيح مع00نى. وأن من "آمن00وا" في موض00ع نص00ب على ح00ذف ح00رف الخفض، أي بأن أمنوا. وفي الكالم تقديم وتأخير، أي سمعنا مناديا لإليم00ان ينادي؛ عن أبي عبيدة. وقيل: الالم بمعنى إلى، أي إلى اإليمان؛ كقوله: "ثم

[. وقول00ه: "ب00أن رب00ك أوحى له00ا"8يع00ودون لم00ا نه00وا عن00ه" ]المجادل00ة: [ أي إلى43[ وقوله: "الحمد لله الذي ه00دانا له00ذا" ]األع00راف: 5]الزلزلة:

هذا، ومثله كثير. وقيل: هي الم أجل، أي ألجل اإليمان. @قوله تعالى: "ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا س00يئاتنا" تأكي00د ومبالغ00ة في ال0دعاء. ومع0نى اللفظين واح0د؛ ف0إن الغف0ر والكف0ر: الس0تر. "وتوفن0ا م0ع األبرار" أي أبرارا مع األنبياء، أي في جملتهم. واحدهم وبر وبار وأص00له من

االتساع؛ فكأن البر متسع في طاعة الله ومتسعة له رحمة الله. }ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك وال تخزنا يوم القيامة إن00ك194*اآلية: 3*

ال تخلف الميعاد{ @قوله تعالى: "ربنا وآتنا ما وع00دتنا على رس00لك" أي على ألس00نة رس00لك؛ مثل "واسأل القرية". وقرأ األعمش والزهري "رسلك" بالتخفيف، وهو م00ا ذكر من استغفار األنبي00اء والمالئك00ة للمؤم00نين؛ والمالئك00ة يس00تغفرون لمن

Page 188: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

في األرض. وما ذكر من دعاء نوح للمؤمنين ودعاء إبراهيم واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم ألمته. "وال تخزنا" أي ال تعذبنا وال تهلكنا وال تفض00حنا، وال تهنا وال تبعدنا وال تمقتنا يوم القيامة "إنك ال تخلف الميعاد". إن قيل: ما

[ وق00د194وجه قولهم "ربن00ا وآتن00ا م00ا وع00دتنا على رس00لك" ]آل عم00ران: علموا أنه ال يخلف الميعاد؛ فالجواب من ثالثة أوجه:

األول: أن الله سبحانه وعد من آمن بالجنة، فس00ألوا أن يكون00وا ممن وعد بذلك دون الخزي: والعقاب.

الثاني: أنهم دعوا بهذا الدعاء على جهة العبادة والخضوع؛ والدعاء مخ [ وإن كان هو ال112العبادة. وهذا كقوله "قال رب احكم بالحق" ]األنبياء:

يقضي إال بالحق. الثالث: سألوا أن يعطوا ما وعدوا به من النصر على ع00دوهم معجال؛

ألنها حكاية عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فس00ألوه ذل00ك إع00زازا للدين. والله أعلم. وروى أنس بن مال00ك أن رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم قال: )من وعده الله عز وجل على عمل ثوابا فه00و منج00ز ل00ه رحم0ة ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار(. والع00رب ت00ذم بالمخالف00ة في

الوعد وتمدح بذلك في الوعيد؛ حتى قال قائلهم: وال ي00رهب ابن العم م00ا عش00ت ص00ولتي وال أختفي من خش00ية

المتهددوإني متى أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي }فاس00تجاب لهم ربهم أني ال أض00يع عم00ل عام00ل منكم من195*اآلية: 3*

ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين ه00اجروا وأخرج0وا من دي00ارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتل00وا ألكف00رن عنهم س00يئاتهم وألدخلنهم جن00ات تج00ري

من تحتها األنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب{ @قوله تعالى: "فاستجاب لهم ربهم" أي أج00ابهم. ق00ال الحس00ن: م00ا زال00وا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم. وق00ال جعف00ر الص00ادق: من حزب00ه أم00ر فقال خمس مرات ربنا أنجاه لله مما يخاف وأعطاه م00ا أراد. قي00ل: وكي00ف ذلك ؟ ق00ال: اق00رؤوا إن ش00ئتم "ال00ذين ي00ذكرون الل00ه قيام00ا وقع00ودا وعلى

[. 194 - 191جنوبهم" إلى قوله: "إنك ال تخلف الميعاد" ]آل عمران: @قوله تعالى: "أني" أي بأني. وقرأ عيسى بن عمر "إني" بكس00ر الهم00زة، أي فقال: إني. وروى الحاكم أب00و عبدالل00ه في ص00حيحه عن أم س00لمة أنه00ا قالت: يا رسول الله، أال أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء ؟ فأنزل الله تعالى: "فاستجاب لهم ربهم أني ال أضيع عم00ل عام00ل منكم من: ذك00ر أو أنثى" اآلية. وأخرج00ه الترم00ذي. ودخلت "من" للتأكي00د؛ ألن قبله00ا ح00رف نفي. وقال الكوفيون: هي للتفسير وال يجوز ح00ذفها؛ ألنه00ا دخلت لمع00نى ال يصلح الكالم إال به، وإنما تحذف إذا كان تأكيدا للجحد. "بعض00كم من بعض" ابتداء وخبر، أي دينكم واحد. وقيل: بعضكم من بعض في الثواب واألحك00ام والنصرة وشبه ذلك. وقال الضحاك: رج00الكم ش00كل نس00ائكم في الطاع00ة، ونساؤكم شكل رجالكم في الطاعة؛ نظيرها قوله ع00ز وج00ل: "والمؤمن00ون

[. ويق00ال: فالن م00ني، أي على71والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" ]التوبة: مذهبي وخلقي.

@قوله تعالى: "فالذين هاجروا" ابتداء وخبر، أي هج00روا أوط00انهم وس00اروا إلى المدينة. "وأخرجوا من ديارهم" في طاعة الله عز وجل. "وق00اتلوا" أي

Page 189: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

وق00اتلوا أع00دائي. "وقتل00وا" أي في س00بيلي. وق00رأ ابن كث00ير وابن ع00امر: "وقاتلوا وقتلوا" على التكثير. وقرأ األعمش "وقتل00وا وق00اتلوا" ألن ال00واو ال تدل على أن الثاني بعد األول. وقيل: في الكالم إضمار ق00د، أي قتل00وا وق00د

قاتلوا؛ ومنه قول الشاعر:تصابى وأمسى عاله الكبر

أي وقد عاله الكبر. وقيل: أي وقد قاتل من بقي منهم؛ تقول العرب: قتلن00ابني تميم، وإنما قتل بعضهم. وقال امرؤ القيس:

فإن تقاتلونا نقتلكم وقرأ عمر بن عبدالعزيز: "وقتلوا وقتلوا" خفيفة بغير أل00ف. "ألكف00رن عنهم سيئاتهم" أي ألسترنها عليهم في اآلخرة، فال أوبخهم بها وال أعاقبهم عليها. "ثوابا من عند الله" مصدر مؤكد عند البصريين؛ ألن معنى "ألدخلنهم جنات تج00ري من تحته00ا األنه00ار" ألثيبنهم ثواب00ا. الكس00ائي: انتص00ب على القط00ع. الفراء: على التفسير. "والله عنده حسن الثواب" أي حس00ن الج00زاء؛ وه00و

ما يرجع على العامل من جراء عمله؛ من ثاب يثوب.-0 196*اآليت0ان: 3* }ال يغرن0ك تقلب ال0ذين كف0روا في البالد، مت00اع197

قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد{ @قول00ه تع00الى: "ال يغرن00ك تقلب ال00ذين كف00روا في البالد" قي00ل: الخط00اب للن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم والم00راد األم00ة. وقي00ل: للجمي00ع. وذل00ك أن المسلمين قالوا: هؤالء الكفار لهم تجائر وأموال واضطراب في البالد، وقد هلكنا نحن من الجوع؛ فنزلت هذه اآلية. أي ال يغرنكم سالمتهم بتقلبهم في أسفارهم. "متاع قليل" أي تقلبهم متاع قليل. وقرأ يعقوب "يغرنك" ساكنة

النون؛ وأنشد: ال يغرنك عشاء ساكن قد يوافي بالمنيات السحر

[.4ونظير هذه اآلية قوله تعالى: "فال يغ00ررك تقلبهم في البالد" ]الم00ؤمن: والمتاع: ما يعجل االنتفاع به؛ وس0ماه قليال ألن00ه ف00ان، وك00ل ف00ان وإن ك00ان كثيرا فهو قليل. وفي صحيح الترمذي عن المستورد الفهري ق00ال: س00معت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: )ما الدنيا في اآلخرة إال مث00ل م00ا يجع00ل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بم00اذا يرج00ع(. قي00ل: )يرج00ع( بالي00اء والت00اء. "وبئس المهاد" أي بئس ما مهدوا ألنفسهم بكفرهم، وما مهد الل00ه لهم من

النار. [178@ في هذه اآلية وأمثالها كقوله: "أنما نملي لهم خ0ير" ]آل عم00ران:

[. "أيحس00بون أن م00ا183اآلي00ة. "وأملي لهم إن كي00دي م00تين" ]األع00راف: [. "سنس00تدرجهم من حيث ال55نم00دهم ب00ه من م00ال وب00نين" ]المؤمن00ون:

[ دلي00ل على أن الكف00ار غ00ير. منعم عليهم في182يعلم00ون" ]األع00راف: الدنيا؛ ألن حقيقة النعمة الخلوص من شوائب الضرر العاجلة واآلجلة، ونعم الكفار. مشوبة باآلالم والعقوب00ات، فص00ار كمن ق00دم بين ي00دي غ00يره حالوة من عسل فيها السم، فه00و وإن اس00تلذ آكل00ه ال يق00ال: أنعم علي00ه؛ ألن في00ه هالك روح00ه. ذهب إلى ه00ذا جماع00ة من العلم00اء، وه00و ق00ول الش00يخ أبي الحسن األشعري. وذهب جماعة منهم سيف السنة ولسان األم00ة القاض00ي أبو بكر: إلى أن الله أنعم عليهم في الدنيا. قالوا: وأصل النعمة من النعم00ة بفتح النون، وهي لين العيش؛ ومنه قوله تعالى: "ونعمة كانوا فيها فاكهين"

[. يقال: دقيق ناعم، إذا بولغ في طحن00ه وأجي00د س00حقه. وه00ذا27]الدخان:

Page 190: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

هو الصحيح، والدليل علي00ه أن الل00ه تع00الى أوجب على الكف00ار أن يش00كروه [.74وعلى جمي000ع المكلفين فق000ال: "ف000اذكروا آالء الل000ه" ]األع000راف:

[ والش00كر ال يك00ون إال على نعم00ة. وق00ال:172"واش00كروا لل00ه" ]البق00رة: [ وه00ذا خط00اب لق00ارون.77"وأحسن كم00ا أحس00ن الل00ه إلي00ك" ]القص00ص:

[ اآلي00ة.112وقال: "وضرب الله مثال قرية ك00انت آمن00ة مطمئن00ة" ]النح00ل: فنبه سبحانه أنه قد أنعم عليهم نعم00ة دنياوي00ة فجح00دوها. وق00ال: "يعرف00ون

[ وقال: "يا أيها الناس اذكروا نعمة الل00ه83نعمة الله ثم ينكرونها" ]النحل: [. وه00ذا ع00ام في الكف00ار وغ00يرهم. فأم00ا إذا ق00دم لغ00يره3عليكم" ]فاطر:

طعاما فيه سم فقد رفق به في الحال؛ إذ لم يجرعه السم بحتا؛ ب00ل دس00ه في الحالوة، فال يس00تبعد أن يق00ال: ق00د أنعم علي00ه، وإذا ثبت ه00ذا ف00النعم ضربان: نعم نفع ونعم دفع؛ فنعم النفع م00ا وص00ل إليهم من فن00ون الل00ذات، ونعم ال00دفع م00ا ص00رف عنهم من أن00واع اآلف00ات. فعلى ه00ذا ق00د أنعم على الكفار نعم الدفع قوال واح00دا؛ وه00و م00ا زوي عنهم من اآلالم واألس00قام، وال

خالف بينهم في أنه لم ينعم عليهم نعمة دينه. والحمد لله. }لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تج00ري من تحته00ا األنه00ار198*اآلية: 3*

خالدين فيها نزال من عند الله وما عند الله خير لألبرار{ @قوله تعالى: "لكن الذين اتقوا ربهم" استدراك بعد كالم تقدم فيه مع00نى النفي؛ ألن مع00نى م00ا تق00دم ليس لهم في تقلبهم في البالد كب00ير االنتف00اع، لكن المتق00ون لهم االنتف00اع الكب00ير والخل00د ال00دائم. فموض00ع "لكن" رف00ع

باالبتداء. وقرأ يزيد بن القعقاع "لكن" بتشديد النون. @قوله تعالى: "نزال من عن0د الل0ه" ن0زال مث0ل ثواب0ا عن00د البص0ريين، وعن0د الكسائي يكون مصدرا. الفراء: هو مفس00ر. وق00رأ الحس00ن والنخعي "ن00زال" بتخفيف الزاي استثقاال لضمتين، وثقل00ه الب00اقون. وال00نزل م00ا يهي00أ للنزي00ل،

والنزيل الضيف. قال الشاعر: نزيل القوم أعظمهم حقوقا وحق الله في حق النزيل

والجمع األنزال. وحظ نزيل: مجتمع. والنزل: أيضا الريع؛ يقال؛ طعام النزلوالنزل.

@ قلت: ولعل النزل - والله أعلم - ما ج00اء في ص00حيح مس00لم من ح00ديث ثوبان مولى وسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة الح00بر ال00ذي س00أل النبي صلى الله عليه وسلم: أين يكون الناس يوم تبدل األرض غ00ير األرض والسماوات؟ فقال رسول الل00ه ص0لى الل00ه علي0ه وس00لم: )هم في الظلم0ة دون الجسر( قال: فمن أول الناس إجازة ؟ قال: )فقراء المه0اجرين( ق0ال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال )زيادة كبد النون( قال: فما غ00ذاؤهم على إثره00ا ؟ فق00ال: )ينح00ر لهم ث00ور الجن00ة ال00ذي ك00ان يأك00ل من أطرافها( قال: فما شرابهم عليه ؟ قال: )من عين فيه00ا تس00مى سلس00بيال( وذكر الحديث. قال أهل اللغة: والتحفة ما يتحف ب00ه اإلنس00ان من الفواك00ه. والطرف محاسنه ومالطف00ه، وه00ذا مط00ابق لم00ا ذكرن00اه في ال00نزل، والل00ه أعلم. وزيادة الكبد: قطعة منه كاألصبع. قال الهروي: "ن00زال من عن00د الل00ه" أي ثوابا. وقيل رزقا." وما عند الله خير لألب00رار" أي مم0ا يتقلب ب00ه الكف0ار

في الدنيا. والله أعلم.

Page 191: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

}وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وم00ا199*اآلية: 3* أنزل إليهم خاشعين لله ال يشترون بآيات الله ثمنا قليال أولئ00ك لهم أج00رهم

عند ربهم إن الله سريع الحساب{ @قول00ه تع00الى: "وإن من أه00ل الكت00اب لمن ي00ؤمن بالل00ه" ق00ال ج00ابر بن عبدالله وأنس وابن عباس وقتادة والحسن: نزلت في النجاشي، وذلك أن00ه لما مات نعاه جبريل عليه السالم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال النبي ألصحابه: )قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي(؛ فقال بعضهم لبعض: يأمرنا أن نصلي على علج من علوج الحبشة؛ ف00أنزل الل00ه تع00الى "وإن من أه00ل الكت00اب لمن ي00ؤمن بالل00ه وم00ا أن00زل إليكم وم00ا أن00زل إليهم". ق00ال الضحاك: "وما أنزل إليكم" الق00رآن. "وم00ا أن00زل إليهم" الت00وراة واإلنجي00ل.

[. وفي ص00حيح54وفي التنزيل: "أولئك يؤتون أج00رهم م00رتين" ]القص00ص: مسلم: "ثالثة يؤتون أج00رهم م00رتين - ف00ذكر - رج0ل من أه00ل الكت00اب آمن بنبيه ثم أدرك النبي صلى الله علي00ه وس00لم ف00آمن ب00ه واتبع00ه وص00دقه فل00ه أجران( وذكر الحديث. وقد تقدم في "البقرة" الصالة عليه وما للعلماء في الصالة على الميت الغ00ائب، فال مع00نى لإلع00ادة. وق00ال مجاه00د وابن ج00ريج وابن زيد: نزلت في مؤمني أهل الكتاب، وهذا عام والنجاشي واح00د منهم. واسمه أصحمة، وهو بالعربية عطية. "خاشعين" أذل00ة، ونص00ب على الح00ال من المض00مر ال00ذي في "ي00ؤمن". وقي00ل: من الض00مير في "إليهم" أو في

"إليكم". وما في اآلية بين، وقد تقدم. }يا أيها الذين آمنوا اصبروا وص00ابروا ورابط00وا واتق00وا الل00ه200*اآلية: 3*

لعلكم تفلحون{ @ ختم تعالى السورة بما تض00منته ه00ذه اآلي00ة العاش00رة من الوص00اة ال00تي جمعت الظه00ور في ال00دنيا على األع00داء والف00وز بنعيم اآلخ00رة؛ فحض على الص00بر على الطاع00ات وعن الش00هوات، والص00بر الحبس، وق00د تق00دم في "البقرة" بيانه. وأمر بالمصابرة فقيل: معناه مصابرة األعداء؛ قال00ه زي00د بن أسلم. وقال الحسن: على الصلوات الخمس. وقيل: إدامة مخالف00ة النفس عن شهواتها فهي تدعو وهو ينزع. وق00ال عط00اء والق0رظي: ص0ابروا الوع0د الذي وعدتم. أي ال تيأسوا وانتظروا الف00رج؛ ق00ال ص0لى الل00ه علي00ه وس00لم: )انتظار الفرج بالصبر عبادة(. واختار هذا القول أبو عمر رحمه الله. واألول

قول الجمهور؛ ومنه قول عنترة: فلم أر حيا صابروا مثل صبرنا وال كافحوا مثل الذين نكافح

فقوله "صابروا مث00ل ص00برنا" أي ص00ابروا الع00دو في الح00رب ولم يب00د منهم جبن وال خور. والمكافحة: المواجهة والمقبلة في الح00رب؛ ول00ذلك اختلف00وا في معنى قوله "ورابطوا" فقال جمهور األمة: رابطوا أعدائكم بالخي00ل، أي ارتبطوها كما يرتبطه00ا أع00داءكم؛ ومن00ه قول00ه تع00الى: "ومن رب00اط الخي00ل"

[ وفي الموط00أ عن مال00ك عن زي00د بن أس00لم ق00ال: كتب أب00و60]األنف00ال: عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا الروم وم00ا يتخ00وف منهم؛ فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله له بعدها فرج00ا، وإن00ه لن يغلب عس00ر يس00رين، وإن الل00ه تع00الى يقول في كتابه "يا أيها الذين آمنوا اص00بروا وص00ابروا ورابط00وا واتق00وا الل00ه لعلكم تفلح00ون" وق00ال أب00و س00لمة بن عب00دالرحمن: ه00ذه اآلي00ة في انتظ00ار الصالة بعد الصالة، ولم يكن في زمان رسول الله صلى الل00ه علي00ه وس00لم

Page 192: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

غزو يرابط فيه؛ رواه الح00اكم أب00و عبدالل00ه في ص00حيحه. واحتج أب00و س00لمة بقوله عليه الس00الم: )أال أدلكم على م00ا يمح00و الل00ه ب00ه الخطاي00ا ويرف00ع ب00ه الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المس00اجد وانتظ00ار الصالة بعد الصالة فذلكم الرباط( ثالثا؛ رواه مالك. قال ابن عطية: والقول الصحيح هو أن الرباط هو المالزمة في سبيل الله. أصلها من رب00ط الخي00ل، ثم سمي كل مالزم لثغر من ثغ00ور اإلس00الم مرابط00ا، فارس00ا ك00ان أو راجال. واللفظ مأخوذ من الرب00ط. وق00ول الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم )ف00ذلكم الرباط( إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل الله. والرب0اط اللغ0وي ه0و األول؛ وه00ذا كقول00ه: )ليس الش00ديد بالص00رعة( وقول00ه )ليس المس00كين به00ذا

الطواف( إلى غير ذلك. قلت: قوله "والرباط اللغوي هو األول" ليس بمسلم، فإن الخليل بن

أحمد أحد أئمة اللغ00ة وثقاته00ا ق00د ق00ال: الرب00اط مالزم00ة الثغ00ور، ومواظب00ة الصالة أيضا، فقد حصل أن انتظار الص00الة رب00اط لغ00وي حقيق00ة؛ كم00ا ق00ال رسول الله صلى الله عليه وس00لم. وأك00ثر من ه00ذا م00ا قال00ه الش00يباني أن00ه يقال: ماء مترابط أي دائم ال ي00نزح؛ حك00اه ابن ف00ارس وه00و يقتض00ي تعدي00ة الرباط لغة إلى غ0ير م0ا ذكرن0اه. ف0إن المرابط0ة عن0د الع0رب: العق0د على الشيء حتى ال ينح00ل، فيع00ود إلى م00ا ك00ان ص00بر عن00ه، فيحبس القلب على النية الحس00نة والجس00م على فع00ل الطاع00ة. ومن أعظمه00ا وأهمه00ا ارتب00اط الخيل في س00بيل الل00ه كم00ا نص علي00ه في التنزي00ل في قول00ه: "ومن رب00اط

[ على م00ا ي00أتي. وارتب00اط النفس على الص00لوات كم00ا60الخيل" ]األنفال: قاله النبي صلى الل00ه علي00ه وس00لم؛ رواه أب00و هري00رة وج00ابر وال عط00ر بع00د

عروس. @ المرابط في س00بيل الل00ه عن00د الفقه00اء ه00و ال00ذي يش00خص إلى ثغ0ر من الثغور ليرابط فيه مدة ما؛ قاله محمد بن المواز ورواه. وأما سكان الثغ00ور دائما بأهليهم الذين يعمرون ويكتسبون هنالك، فهم وإن كانوا حماة فليسوا بمرابطين. قال ابن عطية. وقال ابن خويز من00داد: وللرب00اط حالت00ان: حال00ة يكون الثغر مأمونا منيعا يجوز سكناه باألهل والولد. وإن ك00ان غ00ير م00أمون جاز أن يرابط في00ه بنفس00ه إذا ك0ان من أه0ل القت00ال، وال ينق00ل إلي00ه األه0ل

والولد لئال يظهر العدو فيسبي ويسترق. والله أعلم. @ جاء في فضل الرباط أحاديث كثيرة، منه00ا م00ا رواه البخ00اري عن س00هل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وس00لم ق00ال: رب00اط ي00وم في سبيل الله خير عند الله من الدنيا وم00ا فيه00ا(. وفي ص00حيح مس00لم عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يق00ول: )رب00اط ي00وم وليلة خير من صيام شهر وقيام00ه وإن م00ات ج00رى علي00ه عمل00ه ال00ذي ك00ان يعمل00ه وأج00ري علي00ه رزق00ه وأمن الفت00ان(. وروى أب00و داود في س00ننه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وس00لم ق00ال: ك00ل ميت يختم على عمله إال المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر(. وفي ه00ذين الح00ديثين دلي00ل على أن الرب00اط أفض00ل األعم00ال ال00تي يبقى ثوابها بعد الموت؛ كما جاء في حديث العالء بن عب00دالرحمن عن أبي00ه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من ثالثة إال من ص0دق جاري0ة أو علم ينتف0ع ب00ه أو ول0د صالح يدعو له( وه0و ح0ديث ص0حيح انف0رد بإخراج00ه مس00لم؛ ف0إن الص00دقة

Page 193: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

الجارية والعلم المنتفع ب00ه والول00د الص00الح ي00دعو ألبوي00ه ينقط0ع ذل0ك بنف00اد الص00دقات وذه00اب العلم وم00وت الول00د. والرب00اط يض00اعف أج00ره إلى ي00وم القيامة؛ ألنه ال معنى للنماء إال المض00اعفة، وهي غ00ير موقوف00ة على س00بب فتنقطع بانقطاعه، بل هي فضل دائم من الله تعالى إلى يوم القيامة. وهذا ألن أعمال ال00بر كله00ا ال يتمكن منه00ا إال بالس00المة من الع00دو والتح00رز من00ه بحراسة بيضة الدين وإقامة شعائر اإلسالم. وهذا العمل الذي يج00ري علي00ه ثوابه ه0و م0ا ك0ان يعمل0ه من األعم0ال الص00الحة؛ خرج0ه ابن ماج0ة بإس0ناد صحيح عن أبي هريرة عن رسول الل0ه ص0لى الل0ه علي00ه وس00لم ق0ال: )من مات مرابطا في سبيل الله أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي ك00ان يعم00ل وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع(.

وفي هذا الحديث قيد ثان وهو الموت حالة الرباط. والله أعلم. وروي عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله علي00ه

وسلم يقول: )من رابط ليلة في سبيل الل00ه ك00انت ل00ه ك00ألف ليل00ة ص00يامها وقيامها(. وروي عن أبي بن كعب قال: قال رس00ول الل00ه ص00لى الل00ه علي00ه وسلم: )لرباط يوم في سبيل الله من وراء ع00ورة المس00لمين محتس00با من غير شهر رمضان أعظم أجرا من عبادة مائة سنة ص00يامها وقيامه00ا ورب00اط يوم في سبيل الله من وراء ع00ورة المس00لمين محتس00با من ش00هر رمض00ان أفض00ل عن00د الل00ه وأعظم أج00را - أراه ق00ال: من عب00ادة أل00ف س00نة ص00يامها وقيامها فإن رده الله إلى أهله سالما لم تكتب عليه سيئة ألف سنة وتكتب له الحسنات ويجرى له أجر الرب00اط إلى ي00وم القيام00ة(. ودل ه00ذا الح00ديث على أن رباط يوم في شهر رمضان يحصل ل00ه من الث00واب ال00دائم وإن لم يمت مرابطا. والله أعلم. وعن أنس بن مال00ك ق00ال: س00معت رس00ول الل00ه صلى الله عليه وسلم يقول: )حرس ليلة في سبيل الل00ه أفض00ل من ص00يام رجل وقيامه في أهله ألف سنة الس00نة ثالثمائ00ة ي00وم وس00تون يوم00ا والي00وم

كألف سنة(. قلت: وجاء في انتظار الصالة بعد الصالة أنه رباط؛ فقد يحصل لمنتظر

الصلوات ذلك الفضل إن شاء الله تعالى. وقد روى أب00و نعيم الحاف00ظ ق00ال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا علي بن عبدالعزيز قال ح00دثنا حج00اج بن المنهال وحدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثني الحسن بن موسى قال ح00دثنا حم00اد بن س00لمة عن ثابت البناني عن أبي أيوب األزدي عن نوف البكالي عن عبدالله بن عم00رو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة المغرب فصلينا مع00ه فعقب من عقب ورجع من رجع، فجاء رسول الله صلى الله عليه وس00لم قب00ل أن يثوب الناس لصالة العشاء، فجاء وقد حضره الناس رافعا أصبعه وقد عق00د تسعا وعشرين يشير بالس00بابة إلى الس00ماء فحس00ر ثوب00ه عن ركبتي00ه وه00و يقول: )أبشروا معشر المسلمين هذا ربكم قد فتح بابا من أب00واب الس00ماء يباهي بكم المالئكة يقول يا مالئكتي انظروا إلى عبادي هؤالء قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى(. ورواه حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن مط00رف بن عبدالله: أن نوفا وعبدالله بن عم00رو اجتمع00ا فح00دث ن00وف عن الت00وراة وحدث عبدالله بن عمرو بهذا الحديث عن الن00بي ص00لى الل00ه علي00ه وس00لم. "واتق00وا الل00ه" أي لم ت00ؤمروا بالجه00اد من غ00ير تق00وى. "لعلكم تفلح00ون"

Page 194: *1*الجزء 4 من الطبعة · Web viewأخرجه ابن ماجة، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع

لتكونوا على رجاء من الفالح. وقيل: لعل بمعنى لكي. والفالح البق00اء، وق00دمضى هذا كله في )البقرة( مستوفى، والحمد لله.