الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

22
لجاىح ابح اعك غسعا دزجت عللتكاضا يافضت ا خطة هذا المبحث كأتي ما ي: جتين شرعاتقاضي على درف والستئنالاأول: اب المطل الئناف ومناقشتهالاستزين لة المجي: أدلأولفرع ال الئناف ومناقشتهالاست من اعينلمانني: أدلة الثا الفرع الث: الترجيحلثا الفرع ا لثامطلب ا الى درجتين عقلاتقاضي علف والستئنالا ني: ا على درجتينلتقاضيمؤيدة لج ال: الحجأولفرع ال ال على درجتينلتقاضيرافضة لج الني: الحجلثا الفرع الث: الترجيحلثا الفرع ا

Upload: ahmed-godamy

Post on 19-Feb-2017

175 views

Category:

Education


3 download

TRANSCRIPT

Page 1: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

املبحح الجاى

االضتياف التكاض عل دزجتني غسعا عكال

:ما يأتيخطة هذا المبحث ك المطلب الأول: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

الفرع الأول: أدلة المجيزين للاستئناف ومناقشتها الفرع الثاني: أدلة المانعين من الاستئناف ومناقشتها الفرع الثالث: الترجيح

ني: الاستئناف والتقاضي على درجتين عقلاالمطلب الثا الفرع الأول: الحجج المؤيدة للتقاضي على درجتين الفرع الثاني: الحجج الرافضة للتقاضي على درجتين الفرع الثالث: الترجيح

Page 2: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

355 خامتة البحث

لاأل طلبامل

االضتياف التكاض عل دزجتني غسعا

الاستئناف في الفقه الإسلامي،هناك خلاف بين الباحثين المعاصرين حول مشروعية وفي »: الرأيين، ثم قال الدكتور عبد الرحمن عيادفأكثرهم يجيزه، وبعضهم يحرمه، وقد عرض

منطق الرأي الأول لا يجوز الطعن على الحكم بالاستئناف، وإن جاز الطعن عليه بالنقض .(1)«والنقض)التمييز(، وفي منطق الرأي الثاني يجوز الطعن على الحكم بالاستئناف

الاستئناف أمر ومن أبرز المجيزين للاستئناف الدكتور نصر فريد واصل الذي يقول إنقد أقر ملسو هيلع هللا ىلص ن الرسولالدكتور حافظ عجاج كرمي الذي يقول إو ،(2)«يقرره الفقه الإسلامي»، والدكتور محمد رأفت عثمان الذي جعله صورة من صور (3)«مبدأ استئناف الحكم وتمييزه»

، وقد تعرض البحث لذلك تفصيلا في الفصل الخاص بالتماس إعادة النظر.(4)عد الحكمالدفع بفي (5)ومن أبرز المانعين من الاستئناف الشيخ تقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير

؛ حيث جاء «نظام الحكم في الإسلام»، وكتاب «مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له»كتاب توجد محاكم استئناف، ولا محاكم تمييز، فالقضاء من حيث البت في القضية لا »: 78في المادة

ا، إلا إذا درجة واحدة، فإذا نطق القاضي بالحكم فحكمه نافذ، ولا ينقضه حكم قاض آخر مطلق خالف نص ه، أو سنة رسوله، أو إجماع الصحابةا قطعي .(6)«ا من كتاب الل

القوانين الوضعية »الدكتور محمد نعيم ياسين الذي قال: ومن أبرز المانعين من الاستئناف أيضا

دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي وبأنظمة –قواعد المرافعات في التنظيم القضائي والدعوى والاختصاص – أصول علم القضاء( 1)

بية السعودية، عبد الرحمن عياد، معهد الإدارة ياض، د.ط، ) الممل كة العر بية السعودية، الر -ه 1481العامة بالممل كة العر .283: صم(1981

.262( السلطة القضائية، نصر فريد واصل: ص2) .231صه : 1427، 1أحمد عجاج كرمي، دار السلام، القاهرة، ط، تأليف ملسو هيلع هللا ىلصالإدارة في عصر الرسول ( 3) (.559)ص: ت عثمان، للدكتور محمد رأفالنظام القضائي في الفقه الإسلامي( 4)حزب سياسي إسلامي غير تابع لنظم الحكم في العالم، نشأ في الأردن عام ، ويدعو إلى إسقاط النظم الحاكمة في البلاد العربية ( هو: 5)

ية، وبموالإسلامية بناء على اعتقاده كفرها، وإقامة نظام الخلافة بدلا يطانيا نها، وله انتشار في إندونيسيا وبعض الدول الآسيو –ريا، ووجوده ضئيل –حيث يعمل فيها بشكل رسمي وأمريكا ودول أوربا، وله تواجد في فلسطين المحتلة، ولبنان، والأردن، وسور

في مصر وكثير من الدول العربية.ور أو ، مقدمة الدست198م(: ص2882-ه 1422، دار الأمة، بيروت، )6نظام الحكم في الإسلام، تقي الدين النبهاني، ط( 6)

وشرحها. 83، المادة 253/ص1م(: ج2889-ه 1438الأسباب الموجبة له، تقي الدين النبهاني، دار الأمة، بيروت، )

Page 3: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

356 خامتة البحث

تجيز تعقب الحكم القضائي الابتدائي، إذا طلب ذلك الخصم، وإن لم يكن معه أية حجة جديدة يريد وهذا مما تخالف فيه القوانين الوضعية ،أن يطرحها أمام القاضي الجديد )قاضي الاستئناف(

لا يصح عند فقهاء المسلمين إعادة النظر في حكم قضائي الاجتهادات الفقهية الإسلامية؛ إذلة على اصادر وفق الشروط الشرعية، إلا إذا طلب خصم ذلك واستعد لتقديم الحجج والبينات الد

استحقاق الحكم للنقض بوجود بعض الأسباب الموجبة لذلك، ومن هنا نص الفقهاء المسلمون ي، مستوفية لشرائطها الشرعية، فلا تنقض ولا على أن الدعوى إذا فصلت مرة بالوجه الشرع

.(1)«تعاديق قد استند و ، ونظرا لدقة المسألة، جديرة بالبحث والمقارنة عدة أدلة شرعيةإلى كل فر

يق على حدة ثم ترجيح الرأي الأقرب إلى وعمقها، وتشعب أدلتها يحسن التعرض لأدلة كل فر .صوابال

يأتي: وبالتالي تكون خطة هذا المطلب كما الفرع الأول: أدلة المجيزين للاستئناف ومناقشتها

الفرع الثاني: أدلة المانعين من الاستئناف ومناقشتها الفرع الثالث: الترجيح

.148ص: للدكتور محمد نعيم ياسين، حجية الحكم القضائي( 1)

Page 4: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

357 خامتة البحث

الفسع األل: أدل اجملص لالضتياف مياقػتا استدل القائلون بمشروعية الاستئناف بعدة أدلة، مثل ما يأتي:

ه »، قال: علي بن أبي طالب حديث أال: إلى اليمن، حفر قوم ملسو هيلع هللا ىلص لما بعثني رسول اللبية بية، ووقع فيها الأسد، فوقع فيها رجل، وتعلق الرجل (1)ز للأسد، فازدحم الناس على الز

الآخر، حتى صاروا أربعة، فجرحهم الأسد فيها فهل كوا، وحمل القوم برجل، وتعلق الآخر بالسلاح، فكادوا أن يكون بينهم قتال، قال: فأتيتهم، فقلت: أتقتلون مائتي رجل من أجل أربعة

ه ؟أناس تعالوا أقض بينكم بقضاء، فإن رضيتموه فهو قضاء بينكم، وإن أبيتم رفعتم إلى رسول اللقال: فجعل للأول ربع الدية، وجعل للثاني ثلث الدية، وجعل للثالث ، فهو أحق بالقضاء،ملسو هيلع هللا ىلص

على القبائل الأربعة، بية نصف الدية، وجعل للرابع الدية، وجعل الديات على من حضر الز ه ، فقصوا عليه القصة، فقال: "أنا ملسو هيلع هللا ىلصفسخط بعضهم، ورضي بعضهم، ثم قدموا على رسول الل

ه عليا قد قضى بيننا، فأخبروه بما قضى علي أقضي بينكم"، فقال قائل: فإن ، فقال رسول الل .(2)«"القضاء كما قضى علي"ملسو هيلع هللا ىلص:

بهذا الحديث على مشروعية الاستئناف في الفقه الإسلامي، ووجه (3)استدل عدة باحثينوطلبوا ،(لم يقبلوا حكم قاضي الدرجة الأولى )سيدنا علي بعض الخصوماستدلالهم أن

ثم عند إعادة نظر القضية تم تأييد حكم ،ملسو هيلع هللا ىلص(لى قاضي الدرجة الأعلى )النبي عرض القضية عيق محكمة الدرجة الأولى، ومعلوم أن تأييد حكم محكمة أول درجة لا ينفي مشروعية الطعن بطر

مبدأ.إقراره بوصفه و ،الاستئناف

بية: حفرة تحفر في أعلى المسيل، والجمع زبى، كما تطلق على أعلى المسيل نفسه، أي المك( 1) ان المرتفع الذي لا يعلوه الماء، ومنه المثل الز

بى»القائل: بط عندها شاة أو جدي؛ لإغراء الوحش للوقوع «بلغ السيل الز بية تحفر ثم تخفى؛ لاصطياد الوحوش، وقد ير ، والز ه ه (، تحقيق حس573نشوان بن سعيد الحميرى اليمني )ت فيها. انظر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: ين بن عبد الل

؛ المطلع على ألفاظ المقنع، لأبي7365/ص11ج م(:1999-ه 1428، )1العمري وآخرين، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط ه شمس الدين ياسين محمود الخطيب، 789محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي، )ت عبد الل ه (، تحقيق محمود الأرناؤوط و

بية المعاصرة: ج435صم(: 2883-ه 1423، )1مكتبة السوادي، جدة، ط .972/ص2؛ معجم اللغة العره (، تحقيق محمد بن عبد المحسن التركي، 284أبو داود في مسنده، المسند لأبي سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي )ت أخرجه (2)

انظر: ري: هذا إسناد حسن، قال عنه البوصي؛ و189/ص1( ج: )أحاديث على بن أبي طالب د.ت -دار هجر، القاهرة، د.ط ه (، 848إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، للإمام الحافظ شهاب الدين أحمد ابن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري )ت

ياض، ط .391/ص5م(: كتاب القضاء، باب من رأى حكم من قبله صوابا فأقره ج1999-ه 1428، )1دار الوطن، الرمحمد يوسف علام، مبدأ التقاضي على درجتين: ؛ 188/ص2الكاشف: ج، 262ص نصر فريد واصل: قضائية،السلطة الانظر: ( 3)

ه، درجات التقاضي: ص163 -155 -6-5ص . 87، حيدر دفع الل

Page 5: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

358 خامتة البحث

مياقػ الدلل: م حح الجبت:-1

،(2)مسند أبي داود الطيالسيو، (1)شافعيالأم لل :نهاالحديث ورد في مصنفات كثيرة م .(5)، والسنن ال كبرى للبيهقي(4)بن حنبل مسند أحمدو، (3)ومصنف ابن أبي شيبة

، (6)وقد اختلف علماء الحديث حول صحة هذا الحديث، فهناك من قال إنه حديث صحيحأن في والسبب في ذلك الخلاف ،(8)، وهناك من قال إنه حسن(7)وهناك من قال إنه ضعيف

، طرق الحديث مأخوذة منه جميعو، (9)بن المعتمر احنش طبقته الثانية بعد علي بن أبي طالب .(18)من رجال الصحيح –بعد حنش –وبقية رجال الحديث

وليس من جهة ،حنش بن المعتمر أنه ضعيف من جهة الضبط والحفظ نلام الأئمة عكو العدالة.

لى صحة دلالة الحديث على الاستئناف، لولا أنه وقد ذهب الدكتور محمد رأفت عثمان إفهو ما رواه الإمام أحمد وغيره، عن أما الحديث الذي لم يثبت»عنده لم يثبت، حيث قال:

الحديث ضعيف؛ لأن حنشا راوي الحديث اختلف العلماء في توثيقه، ...حنش بن المعتمر

. 448ص/8ج كتاب اختلاف علي وابن مسعود/ باب الديات( انظر: الأم: 1) . 189/ص1( ج)أحاديث على بن أبي طالب مسند أبي داود: ( انظر: 2) .52/ص15جملسو هيلع هللا ىلص: انظر: مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الحدود باب أقضية الرسول ( 3)، 1ه (، شرح وفهرسة أحمد محمد شاكر، القاهرة، دار الحديث، ط241المسند للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني )ت( انظر: 4)

. 411/ص1ج (على بن أبي طالب )من مسند : م(1995 -ه 1416) .111/ص8انظر: السنن ال كبرى للبيهقي: كتاب الديات، باب ما ورد في البئر جبار والمعدن جبار: ج( 5) .411/هامش ص1صححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد، وقال إسناده صحيح. انظر: مسند أحمد: ج( 6)سنن ال كبرى للبيهقي: كتاب الديات، باب ما ورد في البئر جبار ضعفه البيهقي، وقال إن حنش بن المعتمر غير محتج به. انظر: ال( 7)

.111/ص8والمعدن جبار: جوحسنه ؛ 391/ص5ج -حسنه البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة: كتاب القضاء، باب من رأى حكم من قبله صوابا فأقره ( 8)

فقهها وفوائدها(، محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة الأحاديث الصحيحة وشيء من )سلسلة اةالألباني في السلسلة الصحيحة المسمياض د.ط، د.ت: .478/ص2: ج478/ص2ج المعارف، الر

هو: أبو المعتمر، حنش بن المعتمر ال كوفي، يقال له حنش بن ربيعة، والمعتمر كان جده، قال ابن المديني عنه: لا أعرفه، وقال أبو ( 9)يثه، وقال أبو داود: ثقة، وقال البخاري: يتكلمون في حديثه، وقال النسائي: ليس حاتم: هو عندي صالح ليس أراهم يحتجون بحد

بالقوي، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وكان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات حتى صار ممن ليس بالمتين عندهم، وذكره العقيلي والساجي وابن لا يحتج بحديثه، وقال البزار: حدث عنه سماك بحديث منكر، وقال الحاكم:

؛ الإصابة 1/619 395ص 2انظر: ميزان الاعتدال: ج الجارود وأبو العرب الصقلي في الضعفاء، وقال ابن حزم: ساقط مطرح.ابن افعي المعروف بللحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي الكناني العسقلاني الشالصحابة، مييزفي ت

.396/ص1: جد.ت -ه (، دار الفكر العربي، د.ط 852حجر )ت . 449-448/ص6ج :( انظر: بغية الرائد18)

Page 6: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

359 خامتة البحث

يكفي هذا في رد الحديث يثبت، ولو ثبت الحديث لكان من وإنما المشكلة أن الحديث لم ... و .(1)«وجهة نظرنا دالا على الاستئناف

وقد دافع عن صلاحية الحديث للاستدلال به الإمام الشوكاني في السيل الجرار، حيث ولا نعلم له إلا هذا ،لا نعلمه يروى إلا عن علي :قال البزار :قال ابن حجر في التلخيص»قال:

يق فإن ،ليس فيه من الجرح ما يوجب عدم الاعتبار بحديثه :تقل .انتهى ،وحنش ضعيف ،الطروهذا لا ،إنهم يتكلمون فيه :وما قاله النسائي ،إنهم يتكلمون فيه :غاية ما قيل فيه ما قاله البخاري

،مع أن أبا داود وثقه ،وتأثير الرأي عليه ،يوجب جرحا يوجب ترك العمل بالحديث ن ابن وبي ،وهذا القدح ليس بشيء .انتهى ،ويرسل ،فقال صدوق له أوهام ،حجر في التقريب وجه الجرح

.(2)«فلم يبق في بقية أحاديثه علة قادحة ،وكذلك الإرسال ،فالوهم في أحاديثه قد بينه الحفاظوعلى أي حال، الخلاف حول لأجل هذا تترجح صحة الاستدلال بالحديث، والعمل به،

، ومن باب (3)أيا شرعيا معتبرا، حتى ولو لم يكن راجحاد إليه رثبوت الحديث يجعل الرأي المستنر النظم بتطبيقه، ولا يصح أن يقال إنه لا يوجد استئناف في القضاء أولى لا يصح أن تكف

.(4)الإسلامي، أو في الفقه الإسلامي، ولا يجوز أن يصدر مثل ذلك حتى ممن يراه مرجوحا م حح الدالل: -2

يقين، فإن رضالحديث على جواز أن ي يدل واحكم قاضي أول درجة حكما معلقا على رضا الفرأعلى يكون حكمه فاصلا في النزاع، وإلا رفعه بعضهم إلى قاضي درجة ،نفذ في حقهمجميعا به

يث الأصل أن يكون حكم أول درجة غير قابل للنفاذ حتى ح ؛وهو عين ما يحدث في الاستئنافولم يطعن أحد الخصوم اعتبرت تلك ،ن بالاستئنافيمر وقت الاستئناف، فإن مر وقت الطع

،قرينة على رضاه بحكم أول درجة ظرت القضية ونفذ الحكم، أما إن طعن أحد الخصوم في الحكم ن من جديد أمام محكمة الدرجة الأعلى.

.558-556النظام القضائي في الفقه الإسلامي، محمد رأفت عثمان: ص( 1) ه الشوكاني اليمني )تمحمد بن علي بن محمد بن عبد الالسيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، لأبي علي ( 2) ه (، دار ابن 1258ل

.891ص:، د.ت: 1حزم، طه (، تحقيق عامر الجزار وأنور الباز، دار الوفاء، 728مجموعة الفتاوى لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية الحراني )ت( انظر: 3)

تأليف تقي الدين أحمد بن تيمية، ؛ رفع الملام عن الأئمة الأعلام،135-129/ص28م(: ج2885-ه 1426، )3المنصورة، طياض، د.ت وما بعدها؛ مجلة البحوث 18د.ط: ص-الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الر

يقي: العدد ) ه بن عبد المحسن الطر .212-284/ص1( ج47الإسلامية، بحث بعنوان: "الإنكار في مسائل الخلاف" د. عبد الل؛ كما 168مقدمة الدستور: ص« ومن هنا لا توجد في الإسلام محاكم استئناف» 78الشيخ تقي الدين النبهاني في شرح المادة قال( 4)

حجية الحكم « مما تخالف فيه القوانين الوضعية الاجتهادات الفقهية الإسلامية»عمم الدكتور محمد نعيم ياسين فقال إن الاستئناف .148القضائي: ص

Page 7: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

360 خامتة البحث

ه بن مسعود ثاىا: جد مع امرأة في أنه أتي برجل من قريش، و » ما روي عن عبد الل ه أربعين، وأقامه للناس، فانطلق قوم إلى عمر ولم ت ،ملحفتها قم البينة على غير ذلك فضربه عبد الل

ه بن الخطاب ا : بلغني أنك ضربت رجلا من فقالوا: فضح منا رجلا، فقال عمر لعبد الل ،أتيت به قد وجد مع امرأة في ملحفتها، ولم تقم البينة على غير ذلك ،فقال: أجل ،قريش

قال: نعم ما رأيت، قالوا جئنا ،قال: أرأيت ذلك؟ قال: نعم ،رفته للناسوع ،فضربته أربعين .(1)«نستعديه عليه فاستفتاه

إلى أن وجه الاستدلال بهذا الأثر هو أن قوم الرجل القرشي لم (2)وقد ذهب المستدلون ه بن مسعود ،يرضوا بحكم أول درجة ،، فتوجهوا إلى الخليفة عمر وهو الذي أصدره عبد الل

وطعنوا في حكم قاضي الدرجة الأولى. ،بوصفه الجهة القضائية العليا مياقػ الدلل:

م حح الجبت: - أيحتاج إلى ما يعضده ليصلح ، وهو بذاته(3)بسند صحيح الأثر ورد في كتاب أخبار القضاة

، وذلك على لا يصلح في ذاته للاستدلالأي أنه دليلا شرعيا، مثل أن يحدث إجماع عليه، ، وربما لاشتهار الواقعة عدوها (4)راجح من خلاف الأصوليين حول الاحتجاج بمذهب الصحابيال

من الإجماع السكوتي. م حح الدالل: - ب

المتأمل في دلالة الأثر يكاد يجزم بأنه ضد ما استدل به القائلون بمشروعية الطعن اهية الطعن بالاستئناف، أو أنهم بالاستئناف، وأن هؤلاء المستدلين إما أنهم لم ينعموا النظر في م

ربما لم ينعموا النظر في دلالة ذلك الأثر.رأوا أن الأثر يدل على أنه يجوز لأي من الخصوم أن يطلب إعادة نظر القضية، كما فعل فقد

ول كن ، ، وأن ذلك يدل على مشروعية الطعن بالاستئنافقوم الرجل الذي جلده ابن مسعود ه بن ولم –صح التعبير إن –أول درجة قضاءقد نفذ الحكم بعد مسعود الواضح أن عبد الل

.88ص 1بهامش جاله رجال الصحيح. سبق تخريجه( الأثر ر1)وقد عزا دليليه هذين إلى كتاب )محاضرات في نظام القضاء( للدكتور عبد ، 263السلطة القضائية، نصر فريد واصل: صانظر: ( 2)

-6تين: صالعال عطوة، وكتاب )نظام القضاء( للمستشار جمال المرصفاوي؛ وانظر: محمد يوسف علام، مبدأ التقاضي على درج ه، درجات التقاضي: ص162 .91-98، حيدر دفع الل

.72ص 1انظر: هامش ( الأثر رجاله رجال الصحيح.3)اختلف الأصوليون حول مذهب الصحابي، أيكون بذاته حجة أم لا، والراجح أنه ليس بحجة، وإلى هذا ذهب الآمدي، وأدرجه ( 4)

وما بعدها؛ وإلى هذا ذهب 182/ص4ح. انظر: الإحكام للآمدي: جضمن ما ظن أنه دليل صحيح، وليس كذلك، وهو الراجالنظام القضائي: « لا يعد حجة –حتى لو كان من اثنين –وقول الصحابي »محمد رأفت عثمان فقال عن هذا الأثر: الدكتور

.559ص

Page 8: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

361 خامتة البحث

إلى قاض أعلى كما في يلجؤواحتى يمارسوا الطعن بالاستئناف، أو حتى ؛يوقف تنفيذ الحكم حادثة زبية الأسد.

أولى من حادثة زبية الأسد في احتياجها إلى وقف كانت والمدقق يرى أن هذه الحادثة أن العقوبة في هذه الحادثة لا لوذلك ؛وجود ما يسمى بتعدد درجات التقاضيفي حالة ،التنفيذ

بية، وإنما هي عقوبة يمكن تلافيها، فهي ليست مالا يمكن استرجاعه مثل مال الدية في حادثة الز وهو ما لا يمكن تداركه. ،الجلد والتشهير

ى المحكوم عليه حق مفوتا عل ،قد جلد وشهر بعد حكم أول درجة فلو صح أن ابن مسعود الطعن قبل تنفيذ الحكم، لكانت هذه فحوى شكواهم أمام عمر ابن مسعود ، ولحاسب عمر

تلك على ، وإن وقتئذ في القضاء الإسلامي مطبقةأنها كانت مزعخرقه القاعدة القانونية التي ي كان حكمه صحيحا، ول كن هذا ما لم يحدث من أمير المؤمنين.

هو تأييد محكمة الاستئناف لحكم أول درجة كما ر المؤمنين لحكم ابن مسعود فليس تأييد أميأنه فوت عليهم حق ما معناه زعموا؛ لأن الشكاة جاءوا بعد تنفيذ الحكم، ولم يأت في شكواهم

الطعن قبل التنفيذ.وعدم ، الاستدلال بهذا الأثر لقلنا إن إقرار عمر لابن مسعود نعمنا النظر فيأإذا على أننا

الطعن، واشتهار فرصة فضلا عن معاقبته ومحاسبته على التنفيذ قبل منح المحكوم عليه ،معاتبتهوعدم وجود نكير من أحد يدل على إجماع الصحابة على أن حكم أول درجة ينفذ دون ،القصة

عين ن الدليل يكاد يصلح للمانإأن يمنح الخصوم حقا في الطعن أمام درجة من القضاء أعلى، أي من الاستئناف.

أن المحاكم في دولة الصحابة كانت تقوم على مبدأ تعدد درجات التقاضي، يتصورأن لمرء ولحق الطعن، فهل كانت الحادثة عليه ونفذ حكمه دون إعطاء المحكوم ،ثم حكم ابن مسعود

يه من أحد الفقهاء على مر العصور على خر ق ابن ستمر دون نكير من أحد الصحابة؟ ودون تنوعلى خرق مسعود لهذه القاعدة؟ ودون تمسك أهل الرجل المجلود بحقهم في معاقبة ابن مسعود

.وأعجب الخليفة عمر ،كان حكمه صحيحا إنالقاعدة؟ ويتقرر بوضوح أن هذا الأثر يدل على عكس ما استدل به المجيزون للطعن بالاستئناف، بذلك

القضاء الإسلامي في –بوصفها نظاما –مطبقة لم تكن ويدل على أن فكرة التقاضي على درجتين وقتذاك.

إن الذي كان موجودا ومعروفا في الفقه الإسلامي هو نقض الأحكام التي فيها مخالفة أي ،للشرع، أو بها ظلم بين ليس محلا للاجتهاد، ولعل الحادثة المذكورة هنا تندرج تحت ذلك

للشكاية من حكم معين بعد ذهبوا – أصلا –فالطاعنون الطعن بالنقض من وجهة نظر الطاعنين، وفي القانون ،وهو ما يجوز في حال الطعن بالنقض في الفقه الإسلامي –أن اكتسب قوة التنفيذ

يضا ماديا وأدبيا عما لحقه من ضرر وغاية –الوضعي كذلك ،طعنهم أن ينال الطاعن تعو به سب

Page 9: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

362 خامتة البحث

، وأن ينال القاضي الجزاء المناسب على ذلك زعمهمبحسب حكم جائر يخالف القواعد القاطعةنظر في شكايتهم ، وعمر «جئنا نستعديه عليه»، بدليل أنهم قالوا: إن استحق ذلك الحكم الجائر

.عليالا بوصفه قاضي درجة استئنافية ،أو النقض ،بوصفه قاضي المظالميقا غير عادي، أي دعالطعن بالنقض يختلف عن الطعن بالاستئناف في أن الأول يإن و طر

لابد للطاعن من تسبيب طعنه بأسباب معينة منصوص عليها، وهو عين ما حدث في هذه وهو ما اعتبروه إقامة حد بدون دليل قطعي على ثبوت ،الواقعة، فالشكاة يرون أنه شهر وجلد

ع امرأة في وجد م»أو شهادة الشهود الواضحة بأنه زنا؛ حيث قال راوي الأثر ،الاعتراف، كالزناوقد أيد ،، فالشهود رأوه فقط مشتملا معها في ملحفتها(1)«ولم تقم البينة على غير ذلك ،ملحفتها

،اجتهد لأن ابن مسعود ؛الحكم الأول –أو قاضي النقض – قاضي المظالم سيدنا عمر يرا لا حدا، ولما كان هذا اجتهاده فلا مطعن فيه طالما أنه تحتمله ومما ،الأدلة وجلد الرجل تعز

، وهي تعني: هل هذا اجتهادك؟ (2)«أرأيت ذلك؟» يؤكد ذلك أن عمر سأل ابن مسعود يؤيد ذلك أن الأثر قد ورد في كتاب المحلى في ، (3)والاجتهاد إنما يكون في التعازير لا في الحدود

. (4)معرض الكلام عن مقدار التعازير ه ثالجا: م وكيا وداوۥد وسليم : ﴿قول الل و إذ يههان ف ٱلرث إذ نفشج ػي غيم ٱلل

تال يستحو ٧٨لههم ش ديو رىا نع داوۥد ٱل وسخ ا سليم و ولكا ءاحييا حهها وعلها هن ػف وكيا ف عل ي .(5)﴾ي وٱلط

فأكلته وأفسدته، فجاء ،وقد ذكر في تفسير ذلك أن زرعا دخلت فيه غنم لقوم ليلاعوضا عن حرثه ؛، وقصوا عليه القصة، فح كم بالغنم لصاحب الزرع إلى داود المتخاصمون

وكان يجلس على الباب الذي يخرج ،سليمان الذي أتلفته الغنم ليلا، فلما خرج الخصمان على ه داود : بمسألهمف ،صوم، وهو ابن إحدى عشرة سنةمنه الخ ؟ فلما علم قضى بينكما نبي الل دفعيفينتفع بألبانها وسمونها وأصوافها، و ،أن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث واقترح عليه ،أتى أباه

رد كل واحد تاليةالسنة ال الحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه، فإذا عاد الزرع إلى حاله في ه فهمك ،بني وفقت يا»: ما ماله إلى صاحبه، فقال داود منه ، وقضى بما قضى «لا يقطع الل

.88ص 1ثر رجاله رجال الصحيح، سبق تخريجه بهامش ( الأ1) لسابق: الصفحة نفسها.( ا2)ه (، تحقيق محب الدين الخطيب، 852فتح الباري بشرح صحيح البخاري، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني )نظر: ( ا3)

يادة على العشر جلدات في التعازير. 178/ص12: جد.ت-دار المعرفة، بيروت، د.ط ، وكلامه عن الخلاف في جواز الز .421/ص12انظر: المحلى لابن حزم: ج( 4) [79-78لأنبياء: ( ]ا5)

Page 10: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

363 خامتة البحث

به سليمان (1).

قد أعيد النظر ى أن القضية بعد أن حكم فيها داود إلبهذه الآية (2)المستدلون ذهبو .وهو سليمان ،فيها من قاض آخر

مياقػ الدلل:

ه ال كريم.الآية قطعية اف م ىاح الجبت:أما لثبوت؛ حيث وردت في كتاب اللنظرا ؛القصة تتوافر فيها مقومات الاستدلال على مشروعية الاستئنافف م ىاح الدالل:أما

لأن المتخاصمين لا ي صحيحا؛ لأن الحكم الأول صدر ؛ر أنهم طعنوا بالنقض أو الشكاية )المظلمة(و ص ت ه تعالى قال عن لأنه : ﴿سليمان وداود من نبي، ولأن الل يجبف ،(3)﴾ولكا ءاحييا حهها وعلها

وحكم أصوب، وهي ما يحدث في الاستئناف؛ حيث يعاد ،تعلق بحكم صائبعلى أنها تفهم المسألة ية جديدة، تغض الطرف .، دون تجريحهالتقدير الأول عن – نسبيا –النظر في القضية بسلطة تقدير

ض الأمور تمنع من هذا الاستدلال مثل:ول كن مع ذلك هناك بع :(4)قولان فيه – بحسب علماء الأصول –أن الآية تتعلق بشرع من قبلنا، وهو -أ

؛(5)وهو الراجحإلا أن يأتي في شرعنا ما يؤيده، ،القول الأول: أنه ليس شرعا لنا ه تعالى ﴿ لقول الل اجا جعليا نيكم شعث وني

.(6)﴾لك يعتنا ما يدل على ،القول الثاني: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شر

يعتنا خلاف لذلك، وهو إنفاذ حكم خلافه ، وقد ثبت في هذه المسألة في شر . (7)الحاكم الأول طالما كان صحيحا خاليا من الناقض المتفق عليه

ارج كان جالسا خ المفسرين أن سليمان بعض أن الذي حدث بحسب قول -ب ولم يكن يعيد نظر القضية في مجلس قضاء، ،مجلس القضاء، وهو الذي سأل القوم بعد خروجهم

ه المسألة أخذهمثم إنه بعد أن فه ، ثم داود وعرض الأمر على القاضي الأول داود ،مه الل نقض حكم نفسه السابق، وهذا يخالف مفهوم الاستئناف تماما، ففي الاستئناف لا تعرض

. 567/ص3فتح القدير للشوكاني: ج، 387/ص 11( انظر: تفسير القرطبي: ج1) .168انظر: محمد يوسف علام، مبدأ التقاضي على درجتين: ص( 2) [79الأنبياء: ( ]3)براهيم بن علي ا( انظر: اللمع ل4) يوسف علي 476تلشيرازي )أبي إسحاق إ بديوي، دار الكلم ه (، تحقيق محيي الدين ديب مستو و

.3/266؛ المحصول للرازي 137/ص4الإحكام للآمدي: ج؛ 137-136ص م(:1995-ه 1416، )1الطيب، دمشق، ط .182-169/ص4انظر: الإحكام للآمدي: ج( 5) [48( ]المائدة: 6)مطالب: ، أسنى ال99-98/ص7الأم: ج؛ 384-388/ص7فتح القدير لابن الهمام: ج؛ 85-83/ص16انظر: المبسوط: ج( 7)

؛ 326/ص6؛ كشاف القناع: ج225-222/ص11ج ؛ الإنصاف:79-78/ص1تبصرة الحكام: ج؛ 384-383/ص4ج .429/ص8المحلى: ج

Page 11: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

364 خامتة البحث

صبي صغير آتاه وهو - على نفس المحكمة، ولذلك يمكن فهم الحادثة على أن سليمان القضية ه مل كة الفهم القضائي العميق ولو ،لما فهم الحكم اقترح على أبيه حلا، ثم ترك تقرير الحكم إليه - الل

دنا صح الاستدلال بالحادثة على مشروعية الاستئناف لما احتاج الأمر إلى أن يعود الخصوم مع سييقرر حكمه بناء عليه. ،ليأخذ بالاقتراح الجديد سليمان إلى داود و

أخذنا بنص الآية دون اعتبار قول المفسرين لما وجدنا في الآية دلالة على أنه لوعلى أننا -ج ( وهي تحتمل وحدة مجلس القضاء، وتقول يههانتم التقاضي على مرحلتين، فالآية تقول )

أو معه. ،ت المجلس قبل الحكم النهائي( تحتمل في ذاففهياا)لقاضي اما يؤكد أن الآية في رجوع لأبي بكر ابن العربي وقد ورد في تفسير أحكام القرآن

في هذه دليل على رجوع : »قالنها من قبيل نقض القاضي حكم نفسه؛ حيث إعن حكمه، أي فأما ، (1)ة عمر إلى أبي موسىالقاضي عما حكم به، إذا تبين له أن الحق في غيره، وهكذا في رسال

أن ينظر قاض فيما حكم به قاض فلا يجوز له؛ لأن ذلك يتداعى إلى ما لا آخر له، وفيه مضرة عظمى من جهة نقض الأحكام، وتبديل الحلال بالحرام، وعدم ضبط قوانين الإسلام، ولم

، فابن العربي (2)«إليه يتعرض أحد من الخلفاء إلى نقض ما رآه الآخر، وإنما كان يحكم بما يظهريؤكد أن في الآية دليلا على رجوع القاضي عن حكم نفسه، وهذا يؤيد أن الاستدلال بالآية على

. (3)الاستئناف أو حتى على النقض بالمفهوم المعاصر لا يصحيتمثل في نفي الأساس الذي بنيت عليه لقائلين بمنع الاستئناف، وهول اأن في الآية دليل -د

لصواب، إلى االأقرب بوصفه القضاء ،تئناف، وهي العرض على القضاء الأعلى درجةفكرة الاسالخبرة العملية، لا ما تقرره مجرد حدوث المل كة القضائية، وهو خلاف ما في حالة والمشمول ب

، وأقل منه خبرة، ففكرة الاستئناف تقتضي أن تعرض أحكام ؛ إذ إنه ابن داود سليمان وليس العكس. ،سليمان على داود

تؤكد على أن الآية إذ إن الأساسية؛ لاستئنافام يهافيكون ضد أحد مكاد يالآية فمدلول دور الموهبة القضائية في صحة الحكم أكبر من دور الخبرة، فرب قاض مبتدئ تصح أحكامه

ب حكم ابتدائي يكون أصح من ور بشكل يفوق أحكام قاض بلغ أعلى درجات السلم القضائي،

.46ص 1الأثر إسناده ثابت. سبق تخريجه بهامش ( 1) .266/ص3أحكام القرآن لابن العربي: ج( 2)، فنقضه وحكم حكما، وتعقبه سليمان داود فقد حكم»، حيث قال الشيخ آل خنين: 186/ص2الكاشف: جانظر مثلا: ( 3)

؛ لأنه قد تقدم أن هو الذي نقض حكم نفسه بناء على اقتراح سليمان ، ول كن يبدو أن الصحيح هو أن داود «حكما آخربالأدلة النقض لا يكون لمخالفة الدليل القاطع المجمع عليه، وهذا لا يحدث من نبي، وهذا يحتم القول بأن هذا أمر لا يتعلق

ه لسليمان يعية للحكم، بل بالوقائع التي ظهرت، وفهمها الل ، فأشار به على أبيه، فنقض حكم نفسه، فأحرى أن يكون ذلك التشر ه أعلم. دليلا على التماس إعادة النظر، والل

Page 12: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

365 خامتة البحث

على فكرة أن يبنى –عكس ذلك على –هذا ما تقرره الآية، والاستئناف ، ينافيهاستئنافي حكم لصواب من القاضي المبتدئ، فالآية إذ تقرر إلى افهو بالتالي أقرب ،القاضي الثاني أعلى درجة

ا سليم و ولكا »؛ إذ تقول: تقرر الفهم لسليمان العلم لكل من النبيين هن ءاحييا ػف ية في القضاء، بل ،، فالعلم سواء نشأ عن التلقين«حهها وعلها أو عن الخبرة، ليس له الأولو

.(1)«الفهم الفهم» الفهم، ومن هنا كانت وصية عمر القول بأن الآية ليس فيها أي دلالة على مشروعية الطعن بالاستئناف. يمكنإذا تقرر هذا

ه بو هريرة ما رواه أزابعا: ،جاء الذئب ،بينما امرأتان معهما ابناهماملسو هيلع هللا ىلص: »قال: قال رسول اللفذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنما ذهب

فقال: ائتوني ،فأخبرتاه ،بابنك، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به لل كبرى، فخرجتا على سليمان بن داود ه –أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا تفعل بالسكين .(2)«هو ابنها، فقضى به للصغرى –يرحمك الل

أن وجه الاستدلال أن القضية أعيد النظر فيها أمام قاض ثان بعد (3)ورأى المستدلون به أن حكم فيها قاض أول.

مياقػ الدلل:

م حح الجبت: .أ

كما ورد في ،البخاري ومسلم الحديث صحيح؛ حيث ورد في أشهر كتب الصحاح، وهي أحمد بن حنبل.الإمام مسند

م حح الدالل: .ب في الحديث بعض الأمور التي تؤيد ما ذهب إليه المستدلون على مشروعية الاستئناف مثل:

أن المرأتين بعد أن تحاكمتا إلى داود، وحكم بالطفل لل كبرى ذهبتا إلى سليمانحكما مخالفا للأول بعد استطاعته جلب وحكم ،، فنظر في القضية من جديد

دليل لم يكن في الحسبان. أن حكم سليمان .هو الذي استقر، وألغي الحكم الأول

أخرى تحول دون ذلك الاستدلال مثل: اهناك أمورالراجح أن ول كن ا عند بعض الأصوليين، وعند تنعيفإنه لا يكون دليلا في شر تقررأنه شرع من قبلنا، وكما

يعتنا.ر بعض آخ لا يجوز عند وجود معارض في شريعتنا، وقد تقرر ثبوت المعارض في شر

يجه بهامش ( 1) . 46ص 1الأثر إسناده ثابت. الأثر سبق تخر . 238ص 4ق تخريجه بهامش ( حديث صحيح. سب2) ه، درجات التقاضي: ص( 3) .89انظر: حيدر دفع الل

Page 13: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

366 خامتة البحث

أن الواقعة عندما حكم فيها داود لأنه ليس فيها أي دليل سوى ؛رةكانت محيادعاء كل من المرأتين، وهذا سوف يؤدي إلى احتمال ظلم إحداهما، فح كم داود

وحكمه ،(1)أو قرينة ال كبر كبرىكون الطفل في يد ال مثل ، بأقل قرينة ممكنة ه سليمان و ،صحيح طالما عدم الدليل –من فطنة قضائية ل كن بفضل ما آتاه الل

أن يأتي بدليل قاطع، والدليل القاطع هنا كاف لنقض استطاع –صغر سنه رغمظهور الدليل لا يجوز دالحكم الأول الذي كان صوابا قبل ظهور الدليل، ل كنه بع

كانتا المرأتين وذلك أن ؛فالقصة أجدر بالإلحاق بباب التماس إعادة النظرالأخذ به، فقضى به - - والحديث يقول "فتحاكمتا إلى داود ،خارجتين من مجلس القضاء

فأخبرتاه"، ثم هو استطاع أن يحصل لل كبرى، فخرجتا على سليمان بن داودض الحكم الأول المخالف فهذا خول له نق ،من أقوالهن على دليل لم يكن موجودا

.ظهر آخرا الذي –لا الشرعي –الواقعي للدليل فإن كان داود»أنه قد تساءل القرطبي حول هذه المسألة فقال قضى بسبب

لم نقض حكمه، فالجواب: أن سليمان فكيف ساغ لسليمان ،شرعيالصغرى؛ وإنما احتال حيلة لطيفة ظهر له بسببها صدق ،يتعرض لحكم أبيه بالنقض

؛ فظهر له من "لا"، قالت الصغرى: "هات السكين أشقه بينكما" :وهي أنه لما قالمع ما عساه انضاف إلى ذلك ،وعدم ذلك في ال كبرى ،قرينة الشفقة في الصغرى

.(2)«فح كم لها ،من القرائن ما حصل له العلم بصدقها أي لا يمكن ، طعةأن القرطبي يؤكد أن حكم القاضي الأول لا ينقض إلا لبينة قا

ولعل ال كبرى اعترفت بأن الولد للصغرى عندما رأت من »فيقول: ،نقضه بالظنلصغرى، ولا يكون ذلك من باب للولد بافقضى ،الحزم والجد في ذلك سليمان

ه أعلم ،ل كن من باب تبدل الأحكام بتبدل الأسباب ،نقض الحكم الأول .(3)«والل هو أن سليمان أن القرطبي أضاف احتمالا آخر، و وهو حاكم ونبي ربما كان قد

.(4)«حكم الحاكم بعلمه»هذا الحديث ل، وقد ترجم النسائي «سوغ له أن يحكم بعلمه»

ولقد أبعد من قال: إنه كان من شرع داود أن »ساق القرطبي اعتراضا على كون قرينة التي حكم بها هي قرينة ال كبر، حيث قال: ( 1)

واد والبياض وذلك لا يحكم به لل كبرى من حيث هي كبرى، لأن ال كبر والصغر طرد محض عند الدعاوى كالطول والقصر والس .313/ص11ج: تفسير القرطبي« يوجب ترجيح أحد المتداعيين

.لسابق: الصفحة نفسهاا( 2) لسابق: الصفحة نفسها.( ا3) .لسابق: الصفحة نفسهااانظر: ( 4)

Page 14: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

367 خامتة البحث

ن في الحديث دلالة قيمة على أن القاضي عليه أن يبذل الوسع في استجلاب الأدلة أحصل على دليل في المسائل المبهمة، وفيه دلالة على أنه يجوز للقاضي أو الحاكم إن

، الواقعي قاطع كان مفقودا في الحكم الأول أن ينقض الحكم الأول المخالف للدليلنقض الحاكم ما حكم به »ولا غرو أن نجد النسائي في سننه يعنون لهذا الحديث ب

وهذا في إطار ما أوصت به الدراسة في فصل ، (1)«أو أجل منه ،غيره ممن هو مثلهليشمل كل ما يفترض الالتماس ع ضابط أسباب و أن يوس التماس إعادة النظر، وه

أنه "إذا علمه القاضي بعد الحكم لتغير تقديره"، وهو لا يعارض قاعدة عدم نقض واقع مغلوط، بدليل واقعي الاجتهاد السابق بالاجتهاد اللاحق. فالأمر هنا نقض

ناف.هذا الحديث حجة على مشروعية الاستئفي وبالتالي ليس ،كان غائبا للخصوم يتمثل في نفي الأساس الذي بنيت عليه فكرة ادليلأيضا أن في الحديث

لأنه الأقرب للصواب، ؛الاستئناف، وهي العرض على القضاء الأعلى درجةوالقضاء الأعلى درجة هو ما تقرره الخبرة العملية، لا ما تقرره مجرد حدوث المل كة

، وأقل منه ؛ إذ إنه ابن داود القضائية، وهو خلاف ما في حالة سليمان ، وليس خبرة، ففكرة الاستئناف تقتضي أن تعرض أحكام سليمان على داود

العكس.ولا يمنعنك قضاء »لأبي موسى من قوله: ما يروى في رسالة عمر بن الخطاب خامطا:

قضيته بالأمس، ثم راجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق .(2)«قديم، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل

ما يحدث في وهو – لرسالة عمر طبقا –إمكان مراجعة الأول وووجه الاستدلال ه الاستئناف.

مياقػ الدلل:

م حح الجبت: - أ

العلماء حول ثبوت هذه الرسالة، فابن حزم الظاهري هاجمها سندا ومتنا، بينهناك خلاف ، والراجح أن إسنادها ثابت كما وأغلب الفقهاء عملوا بها ونقلوها ،ها ابن تيمية وابن القيمودافع عن

ظ جلال الدين ه ( بشرح الحاف383النسائي للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان النسائي )ت( سنن 1)

-ه (، تحقيق مكتب تحقيق التراث الإسلامي، دار المعرفة، بيروت، د.ط1138ه ( وحاشية السندي )ت911السيوطي )ت 5419حديث رقم نقض الحاكم ما حكم به غيره ممن هو مثله، أو أجل منه،: كتاب آداب القضاة، باب د.ت

.628-627ص/8/ج4مجيجه بهامش الأثر إسناده ثابت. الأثر سبق ت( 2) .46ص 1خر

Page 15: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

368 خامتة البحث

.(1)حكم بذلك ابن تيمية

م حح الدالل: -ب

الفقرة المستدل بها تتعلق برجوع القاضي عن اجتهاده الذي قضى به من قبل، فقد يخشى ،القاضي أن يعود في قضائه إنه لا يحسن القضاء، فيوصيه عمر بأن ظن به الظنون، أو يقالفي

وأحق أن يتبع من القضاء السابق، فينبغي عليه أن يقضي فيما استقبل من ،يتذكر أن الحق قديمقضايا مشابهة باجتهاده الجديد، ولا علاقة للرسالة بإعادة نظر نفس القضية، ولا بنقضها، وهذا ما

فأخذ أمير المؤمنين في »كة ثم قال: لة المشر في المسأ حيث روى قضاء عمر ؛فهمه ابن القيمكلا الاجتهادين بما ظهر له أنه الحق، ولم يمنعه القضاء الأول من الرجوع إلى الثاني، ولم ينقض

.(2)«الأول بالثاني، فجرى أئمة الإسلام بعده على هذين الأصلينيل آخر لقول عمر ي، فهذا يقتضي السابق، وهو أنه في تبين الخطأ القطع وهناك تأو

أبي كتب إلى عمر جميع ما بان له خطؤه؛ لأن» الأثر يتعلق ب ورد في المغني أنوقد النقض، موسى: لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس، ثم راجعت نفسك فيه اليوم، فهديت لرشدك أن تراجع

.(3)«فيه الحق... كما لو خالف الإجماعبإعادة نظر موضوع الحكم الأول، وأنها في تغيير وبذلك يترجح كون الرسالة لا علاقة لها

القاضي اجتهاده فيما استقبل من أقضية، أو في نقض ما خالف المجمع عليه من الأدلة.وعلى افتراض أن الرسالة في إعادة القاضي نظر أحكامه الماضية إن تغير اجتهاده، فليس فيها

القضية أمام محكمة أعلى درجة، وليس أمام ما يدل على الاستئناف؛ إذ إنه مبني على إعادة نظر .نفس القاضي

على جواز الاستئناف سوى ن الأدلة السابقة لا يصح الاستدلال بأي م همما سبق يتقرر أن حديث زبية الأسد.

ية، لابن تيمية: ج( انظر: 1) ية: ج71/ص 6منهاج السنة النبو .158/ص 2؛ إعلام الموقعين، لابن قيم الجوزية: ج( 2) .87-86/ص1إعلام الموقعين، لابن قيم الجوز .51/ص18المغني: ج( 3)

Page 16: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

369 خامتة البحث

الفسع الجاى: أدل املاىعني م االضتياف مياقػتان حكم قضاء القاضي في الإجماع على أاستدل المانعون من الاستئناف بدليل واحد، وهو

الاجتهاديات لا ينقض، فقد أجمع الصحابة على ذلك، ورويت عنهم عدة آثار تفيد أن بعضهم لم يات في ذلك: ،ينقض اجتهاد بعض، برغم اختلافهم في أحكام بعض المسائل ومن أمثلة المرو

قول علي بن أبي طالب :أن ووجه الاستدلال ،(1)«لا أغير صنعة عمر»لوفد نجرانأقر بنفاذ القضاء الأول الذي قضى به عمر اعلي

(2). إنفاذ عمر ووجه الاستدلال أن عمر (3)كةالقضاء الأول في المسألة المشر ، أكد

برغم –أن حكمه الأول القوة والنفاذ، ولا يمكن العدول عنه حتى يمتلك –ا عنه رجوعه فقهي الاستئناف. ولو إلى الأصوب، وهو بعكس ما يحدث في

الأثر الوارد عن عمر بن الخطاب لقي رجلا فقال: ما صنعت؟ يعني في مسألة »أنه فقال عمر: لو كنت أنا لقضيت ،معروضة للفصل فيها، فقال الرجل: قضي علي وزيد بكذا كانت

ه ،بكذا يه سنة نب أو إلى ،قال الرجل: فما يمنعك والأمر إليك؟ قال: لو كنت أردك إلى كتاب الل (.4)«لفعلت، ول كني أردك إلى رأيي، والرأي مشتركملسو هيلع هللا ىلص

السلطة القضائية صاحب و ،مع كونه خليفة المسلمين ووجه الاستدلال بذلك هو أن عمر لم يعط المحكوم ه كان على قناعة برأي يخالف الرأي الذي قضى به علي وزيد أنومع ،العليا

من قاض أعلى درجة. عليه حق إعادة النظر في قضيته لطلب حكم أصوبالدكتور ةالاجتهاديالمسائل في ةاضم القاحكأوقد استدل بالإجماع على عدم جواز نقض

حيث عقد مبحثا عن قواعد النقض والإبرام، وقال في القاعدة الثانية منه: ؛عبد ال كريم زيدان

؛ فضائل الصحابة ومناقبهم وقول 65ص 17، جمصنف ابن أبي شيبة: كتاب الفضائل، ما ذكر في فضل عمر بن الخطاب ( 1)

ه عليهم، لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني )ت باح، مكتبة الغرباء 385بعضهم في بعض صلوات الل ه (، تحقيق محمد خليفة الرية، ط ك، جاء أهل نجران إلى علي فقالوا: يا أمير المؤمنين، كتابك بيد»؛ والأثر بتمامه: 33-32م(: ص1998-ه 1419، )1الأثر

« وشفاعتك بلسانك، أخرجنا عمر من أرضنا، فارددنا إليها، فقال لهم علي: ويحكم إن عمر كان رشيد الأمر، ولا أغير صنعة عمر ه محمد بن أحمد بن واللفظ لابن أبي شيبة، وقد أعله الذهبي بالانقطاع، انظر: المهذب في اختصار السنن ال كبير للبيهقي، لأبي عبد الل

ياض، ط748عثمان الذهبي )ت م(: كتاب أدب 2881-ه 1422، )1ه (، تحقيق دار المشكاة، الناشر دار الوطن، الر ؛4113/ص8القاضي، باب من اجتهد ثم تغير اجتهاده لم يرد حكمه، ج

.253/ص1، مقدمة الدستور: ج198استدل بذلك تقي الدين النبهاني، انظر: نظام الحكم في الإسلام: ص( 2) .124ص 1ح. سبق تخريجه بهامش الأثر إسناده صال( 3)، 1ه (، تحقيق أبي الأشبال الزهيري، دار ابن الجوزي، ط463بن عبد البر )ت، لأبي عمر يوسف ( جامع بيان العلم وفضله4)

؛ والأثر 74/ص1؛ إعلام الموقعين: ج854ص/2م(: باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص ج1994-ه 1414)؛ فتح القدير لابن 49/ص9؛ البناية: ج384/ص7؛ العناية: ج188/ص4تبيين الحقائق: جالفقهاء، انظر: قد استعمله كثير من

.325/ص1؛ غمز عيون البصائر: ج385/ص7الهمام: ج

Page 17: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

370 خامتة البحث

ا الحكم قد ما دام هذ ،لا يسوغ لأي قاض أن ينقض باجتهاده حكما اجتهاديا أصدره قاض آخر»صدر عن اجتهاد سائغ مقبول؛ لأن الاجتهاد السابق لا ينقضه اجتهاد لاحق من قاض آخر؛

ما دام الاثنان سائغين... وعلى هذا النهج ،لأنه لا مزية للاجتهاد الثاني على الاجتهاد الأولر ومن بعدهم من عصو ،والمسلك القويم سار قضاة السلف الصالح من عهد الصحابة ،السديد (.1)«التابعين

وإذا كان هناك اتفاق بين جمهور الفقهاء، أو ما يشبه الإجماع على أن »وقال في موضع آخر: يعيا صريحا، فقد اتفقوا كذلك على أن حكم حكم القاضي ينقض ويبطل إذا خالف نصا تشر

يعي ا صريحا... الحاكم لا يجوز نقضه في المسائل الاجتهادية لمصلحة الحكم، ما لم يخالف نصا تشر .(2)«لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد؛ حتى تستقر الأحكام

وأما الدليل على ذلك فهو الإجماع من »مة قاطبة فقال: ئونسب القرافي ذلك الإجماع إلى الأ ه تعالى ما حكم به الحاكم في مسائل الاجتهاد كما تقدم، وأن ذلك الحكم الأئمة قاطبة أن حكم الل

.(3)«ميع الأمة، ويحرم على كل أحد نقضهيجب اتباعه على جيعة قيدت مبدأ التقاضي بما إذا قام القاضي درجات وهذا أدى إلى إمكان القول بأن الشر

ففيه ،وصدر عن مستوف، وهذا غير معمول به في القضاء الوضعي ،ولم يخالف قطعيا ،بالاجتهاد .(4)نومن مستوف فيمكن الطع ،حتى لو صدر الحكم غير مخالف لقاطع

مياقػ الدلل:

م حح الجبت: .أ

الراجح هو ثبوت إجماع الصحابة على عدم نقض الحكم في المسائل الاجتهادية، أما إجماع العلماء بعد (5)ثبوته شك، لاسيما بعدما تقدم ففي – حد تعبير القرافي على –مة قاطبة ئعصر الصحابة، أو إجماع الأ

تؤول فيهما القول المروي عن الإمام مالك في ،ال كية على قولينمن كون المسألة فيها خلاف بين الم، سواء في المسائل ينقض جميع ما بان له خطؤه القاضي عن أبي ثور وداود أنكما جاء في المغني المدونة،

. الاجتهادية أو غيرهايلين رجحانوبغض النظر عن يل الآخر علماء معتبرون ،أحد التأو يكفون ، وهم(6)فقد قال بالتأو

لخرق الإجماع.

.226( نظام القضاء، عبد ال كريم زيدان: ص1) .563النظام القضائي، محمد رأفت عثمان: ص؛ لسابق: الصفحة نفسها( ا2) .42-41افي: ص( الإحكام للقر3) .165انظر: محمد يوسف علام، مبدأ التقاضي على درجتين: ص( 4) .58/ص18( انظر: المغني: ج5) .58/ص18، المغني: ج351-358/ص8منح الجليل: جانظر: ( 6)

Page 18: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

371 خامتة البحث

م حح الدالل: .ب

المدقق في هذا الدليل الذي ساقه المانعون من الاستئناف يمكنه أن يلاحظ بوضوح أنه ليس فيه دلالة على عدم مشروعية الاستئناف، وذلك لما يأتي:

أن هذا الدليل إنما هو دليل يتعلق بالنقض، أي إلغاء حكم المحكمة السابقة، وهو غيريعة أو القانون المتعلق بالقضية، دون ناف، الاستئ فالنقض هو إجراء رقابي على صحة تطبيق الشر

تعرض للأدلة الواقعية وثبوتها، أما محكمة الاستئناف فهي محكمة موضوع في الأساس، وتنظر يعة )القانون( في حكم أول درجة أو عدمه .في الموضوع بغض النظر عن صحة تطبيق الشر

ا نقض أحكام لا يجيز الإسلام نقضها، فهذالاستئناف نه قد يترتب على وحتى إن فرضنا أنقضه شرعا ن قاضي الاستئناف إذا وجد الحكم لا يجوز بالنص على أيمكن تنظيمه الأمر

إذا لم يقنع المحكوم عليه بالحكم الواقع »ونص عليه التمييز العثماني: ،ده، وهو ما حدث بالفعلأيفإذا كان موافقا ،ييز الإعلام الحاوي الحكم يدقق الإعلام المذكوروطلب تم ،في حق دعوى

إذا وجدت محكمة »، ونص عليه التمييز السعودي: (1)«وإلا ينقض، لأصوله المشروعة يصدق، ونص عليه (2)«التمييز أن منطوق الحكم موافق من حيث نتيجته لأصوله الشرعية صدقته...

دت محكمة الاستئناف أن منطوق الحكم في القضايا التي إذا وج»الاستئناف السعودي الجديد: ، وبالتالي إن أقر (3)«يتم تدقيقها دون مرافعة موافقا من حيث نتيجته لأصوله الشرعية أيدته...

لا يجوز نقضه، وتقوم محكمة اجتهادي رأيالقانون في قواعد النقض أن الحكم المستند إلى ل للاعتراض على الاستئناف بهذا الدليل.الاستئناف بتأييده يكون حينئذ لا مجا

رأيأن قاعدة عدم نقض الاجتهاد بالاجتهاد، وما بني عليها من كون حكم القاضي المستند إلى –الترجيحي، أما في القضاء التقنيني فإنه يجوز ءتطبق في القضا ةهي قاعد اجتهادي لا ينقض

لمسنون، وإن صادف قولا اجتهاديا تحتمله ينقض الحكم القضائي المخالف ل أن –كما ترجح آنفا لو صدر أمر سلطاني بالعمل برأي مجتهد في : »العدلية أنه المجلةورد في الأدلة، وهذا ما

ولمصلحة العصر أوفق فليس للقاضي أن يعمل برأي مجتهد ،لما أن رأيه بالناس أرفق ،خصوصكما نص عليه النظام السعودي: ، (4)«آخر مناف لرأي ذلك المجتهد، وإذا عمل لا ينفذ حكمه

للمحكوم عليه الاعتراض بطلب النقض أمام المحكمة العليا على الأحكام والقرارات التي »مخالفة -1أو تؤيدها محاكم الاستئناف متى كان محل الاعتراض على الحكم ما يأتي: ،تصدرها

يعة الإسلامية . (5)«معها... وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض ،أحكام الشر

.691/ص4؛ درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: ج374ص 1839( مجلة الأحكام العدلية: م1) .486، المرجع: ص388؛ المبسط: ص235/ص2الكاشف: جوانظر: مرافعات سعودي قديم، 185م( 2) مرافعات سعودي جديد. 191م ( 3) .599-597/ص4؛ درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: ج367ص 1881مجلة الأحكام العدلية: م( 4) مرافعات سعودي جديد. 193م( 5)

Page 19: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

372 خامتة البحث

يخرق قاعدة عدم نقض الأحكام الاجتهادية للقضاة، ه ن من الاستئناف يستندون إلى أنوالمانعفنظم مجمع عليها، ل كن الأحكام الاجتهادية الخلافية لا وجود قضائيا لها في يدعون أنها قاعدة و

ضاء ي الق ل ةالتقنين شكله ةالكام هم اب يب أن صر، والغر مانع أي –المعا ستئناف ن يال من –من الا، ومعنى هذا أنهم يقرون بأن ترجيح الحاكم العام في القضاء التقنيني (1)أنصار القضاء التقنيني

سنون خالف للم ضائي الم كم الق بنقض الح قرون تالي ي لاف، وبال فع الخ حاكم ير كان من ال وإن يا ضا ،اجتهاد صحابة أي ماع ال لك بإج لى ذ ستدلون ع بد(2)وي عارض لا فك الت هم أن ، ول من ف

صدر تي أ سائل ال ستثناء الم لاف، با سائل الخ في م كام قض الأح مة ن لى حر عوا ع صحابة أجم الحاكم عام ال لاف، أي ال عا للخ ضاة راف مة للق قوانين ملز ها لنقض إفي مة ا قولهم بحر في ن

ما الاجتهاديات يعية قانونا، وسمح للقضاة بالعمل فلو يتعلق ب يه لم يسن الحاكم أو سلطته التشر وهذا لا وجود له اليوم. ،باجتهادهم

صدون ستئناف يق حددوا أي ا لم ي هم بيآ، بالتحريم أن ستئناف الغر ماني ،لا يز العث أم ،أم التميأم الاستئناف في الأنظمة العربية الوضعية؟ فإن فهم من تغاضيهم عن ،الاستئناف السعودي

في د يالتحد ستئناف صدون الا هم يق لنظم، فأن لك ا يع ت ماني جم يز العث هم التمي ضمن حكم قد تما نص قرر أنه قد ت سعودي، و وال كم الممي لى أن الح ا ع ستأن ز أو الم ي من ف يؤ قا كان مواف د إن

فا ل عد مخال لا ي نا شروعة، وه صول الم ته للأ يث نتيج عدةح سائل قا في م كم قض الح عدم نلتأكد من ليكن سوى وسيلة وبوسعنا أن نقول إن الاستئناف في النظم الإسلامية لم ،الخلاف

قا كم مواف صل ،كون الح لنقض أن الأ بين ا نه و جوهري بي فارق ال شرع. وال فق لل ير موا أو غإتاحته لكل الخصوم بغض النظر عن مشروعية الأسباب المستند إليها، وأن الأصل فيه تأخير

نفاذ الحكم.

لخليفة أحكاما شرعية معينة يسنها دستورا وقوانين، وإذا تبنى حكما شرعيا يتبنى ا» ( يقول تقي الدين النبهاني في كتاب مقدمة الدستور:1)

في ذلك، صار هذا الحكم وحده هو الحكم الشرعي الواجب العمل به، وأصبح حينئذ قانونا نافذا وجبت طاعته على كل فرد من .16/ص1ج«. الرعية ظاهرا وباطنا

انظر: السابق: الصفحة نفسها.( 2)

Page 20: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

373 خامتة البحث

الفسع الجالح: الرتجحالإجماع، من الاستئناف هي المانعون اي استند إليهتلا ةالدليل الوحيدشبهة تبين مما سبق أن

أنه لا إجماع على فهو – ثبتإذا –نفيه هاهنا؛ لأنه وأنه لا طائل من إثبات هذا الإجماع أوالقضية بعد حكم الحاكم موضوع ، وهو أمر مختلف عن إعادة نظر يجوز النقض في الاجتهاديات

المانعين من الاستئناف هو أن القاضي حينما يعيد النظر الأول فيها؛ لأن غاية ما يدل عليه دليلفي القضية ينبغي ألا ينقض ما لا يجوز نقضه، وهو الحكم المبني على اجتهاد صحيح، وإن لم يكن

فيما يكون إعادة نظر القضية، بل ربما منع وينتج من ذلك أنهم لم يأتوا بدليل على مجرد ،راجحا عدم قبول الطعنبغض النظر عن نظر القضية، إعادة على جواز يلرووه من حوادث دل

، ثم أصدر حكمه بتأييد اقد سمع دعوى الطعن، ونظر فيه وعمر فكل من علي ؛موضوعا سماع دعوى الطعن. مجرد رفض لالحكم لنقض اليس في عدم رفضهمفالحكم السابق،

ف، وأن بعضها خارج عن أكثر أدلة المجيزين لا تدل على جواز الاستئنايتبين أيضا أن و أصحاب الرأي الآخر ضدهم، ولم يصمد سوى لالموضوع أصلا، فضلا عن أن يكون فيه متمسك

.حول الثبوت وهو حديث زبية الأسد على ما فيه من خلاف ،دليل واحد، إلا أنه قد رأى أن ذلك الاستدلال قد يثير االضتدالل برا احلدحصح للباححقد تسجح

ويجيب عنها فيما يأتي: ،أن يستعرضهاشبهات، فآثر قد يقال إن قضاء علي بية قضاء لا يقاس ،ةاستثنائيقد تم في ظروف في حادثة الز

أول درجة، ولو كان يبمعنى أن القاعدة العامة في القضاء كانت تتمثل في نفاذ حكم قاض عليها،ئي يبقى معلقا حتى يوافق عليه أن الحكم الابتداوالأصل في القضاء وقتئذ مشروعية الاستئناف،

مع لما كانت هناك حاجة لاتفاق علي أقول لو كان الأصل ذلك – الخصوم أو يطعنوا فيهيقين على أنه سيقضي بينهم قضاء وإن لم يرضوه انتظروا عرضه على الرسول ،فإن رضوه نفذ ،الفر

و قضاء بينكم، وإن أبيتم تعالوا أقض بينكم بقضاء، فإن رضيتموه فه: »فقد قال لهم علي ،ملسو هيلع هللا ىلص ه فما معنى هذا الاتفاق لو كان هذا هو الأصل في ،«، فهو أحق بالقضاءملسو هيلع هللا ىلصرفعتم إلى رسول الل

؟ وكيف نتصور نظاما قضائيا يتيح حق الطعن ملسو هيلع هللا ىلصالمحاكم الإسلامية في عهد الرسول يقول لهم بالاستئناف، ويجعل الأصل عدم نفاذ الحكم قبل مرور فترة الطعن، ثم نجد القاضي

سأقضي بينكم قضاء إن رضيتموه نفذ، وإلا عرض على محكمة الاستئناف؟ لابد أن قول القاضي وأنه أمر استثنائي له ما يبرره، والأمر ،هذا يشي بأن هذا الأمر لم يكن أصليا في المحاكم

يتخذ قاعدة عامة. ولايقاس عليه غيره، لا الاستثنائي وخلفائه الراشدين كان يعتمد ،ملسو هيلع هللا ىلصلقضاء في عهد الرسول والإجابة عن هذه الشبهة: أن ا

Page 21: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

374 خامتة البحث

على اجتهاد القضاة فيما لم يرد فيه نص صريح من القرآن والسنة، وبالتالي ناسب ذلك احتراممتوقع أن يمثل الاستئناف حالة استثنائية، وذلك مثل حالة فالأحكام واجتهادات القضاة الأول،

يقإلزامك –إلزام القضاة ببعض الأحكام وغير – (1)الطلاق الثلاث ثلاثا على عهد عمر اعهم بإ اليوم في هذا المجال، كما ثبت من إقرار معظم العلماء مستغرب أن يكون الاستثناء آنذاك قاعدة

، فيمكن القول إن اختلاف أحوال المسلمين اجتهادا (2)القضاء مسائل جلللتقنين في اليوموتطور تنظيماتها ،، بل تطور أشكال الحياةتقنينو ترجيحين وتقليدا، واختلاف النظام القضائي ب

ذلك قد يبرر أن الأمر الذي يحدث استثنائيا في العصور القديمة قد يصبح قاعدة كل – الدقيقةمطردة اليوم، المهم هو أن يكون لهذه القاعدة أصل شرعي راسخ، وقد ثبت هذا الأصل بإقرار

،ولعاتب عليا ،ملسو هيلع هللا ىلص، وأنه لو كان حراما ما أقره الرسول بقضائه المعلق لفعل علي ملسو هيلع هللا ىلص النبي تعليقهم الحكم الواجب النفاذ.والقوم الذين معه ل

عد سياسي غير عادي، وقد تتسم بأنها حالة ضرورة، ويدل على قد يقال إن القضية لها بلت: وحمل القوم السلاح، فكادوا أن يكون بينهم قتال، قال: فأتيتهم، فق: »ذلك قول علي

، ومما يدل على ذلك أيضا أن القوم لم يرفعوا (3)«أتقتلون مائتي رجل من أجل أربعة أناسبل تشاجروا، وورد في ؛القضية إلى محكمة أول درجة أصلا، بمعنى أنهم لم يذهبوا إلى المحكمة

ا ، وبالتالي لا «فأتيتهم»وليس العكس؛ حيث قال: ،هو الذي أتى إليهم الحديث أن علي اس على حالة الضرورة.يق

والرد على هذه الشبهة: أنه لابد من التسليم أن هذه الواقعة تنطوي على وضع ضروري هبرر أخذما له، وأنه بتصرفه حقن الدماء، وأن هذا طارئ، من خلال وصف سيدنا علي

ما الترجيحي عند قضاءالترجيحي، ففي ال القضاءبنظام الاستئناف استثنائيا للضرورة في ظل يعين القضاة يعينون على أساس اجتهادهم، وعلى أساس نفاذ أحكامهم من أول درجة، وبالتالي

بية، أما في ،لا يجوز لقاض ما أن يغير النظام المطبق إلا في حالة ضرورة كالتي في حادثة الزيتم تعيين القضاة على أساس الحكم م والقوانين من الأحكا بالملزمأنظمتنا اليوم فهي كلها تقنينية، و

فليس –ما استثني إلا –بغض النظر عن ترجيحاتهم، وأن أحكامهم الابتدائية تكون كلها معلقة القاضي بحاجة إلى حالة ضرورة ل كي يطبق هذا النظام.

ي معتبر، فقهمما سبق يترجح مشروعية الاستئناف، وأنه إن لم يكن حكما راجحا، فهو رأي قرره وأمر به، وبالتالي يجوز للحاكم أن ينظم القضاء على أساس افينبغي طاعة الحاكم المسلم إذ

ثم إن هذا الحكم إنما هو في القضاء، أما »حيث قال: إلى أن إلزام الخليفة عمر بذلك كان في القضاء، وهبة الزحيلي ( ذهب الدكتور1)

.385/ص9وهبة الزحيلي: ج للدكتور ،الفقه الإسلامي وأدلته .«في الديانة فإن كل واحد يعامل فيها بنيته .من هذا البحث 15-14نظر صا( 2) .354ص 2جه بهامش ( حديث حسن، سبق تخري3)

Page 22: الاستئناف والتقاضي على درجتين شرعا

والقانون المصري ةالإسلاميوالنظم دراسة مقارنة بين الفقه –الطعن في أحكام القضاء

375 خامتة البحث

درجتين، أما الدرجة الأولى فالأصل في أحكامها عدم النفاذ إلا بعد النظر أمام محاكم الدرجة الثانية، وأما أحكام الدرجة الثانية فيكون الأصل فيها أن تكتسب النفاذ.

أصول الشرعية ما هو إلا أن يمر الحكم قبل تنفيذه والاستئناف بشكله الإسلامي القائم على البمرحلة يتاح فيها الاستيثاق من أن الحكم لا يخالف الأصول الشرعية، وأنه حكم صحيح مستوف

يكون بني على اجتهاد صحيح، حتى ولو أن –تقرر كما –لما اشترطه الشارع، ومن تلك الأصول خالف تقدير قاضي الاستئناف.

بية، واليوم القضاءانت لتوجد في وهو ظاهرة ما ك الترجيحي إلا استثناء كما في حادثة الز بعد أن ق ل جل العلماء بالقضاء القانوني صار متصورا وجود الاستئناف وجوازه.ب

وأهم ما ينبغي تقريره هاهنا أن التقاضي على درجتين لم يعرف في النظم الإسلامية إلا بعد يق واستناد ،تبني فكرة التقنين القضاء إلى أحكام مسنونة جاهزة تعفي القاضي من طلبها عن طر

الترجيح، بل تحظر عليه ذلك.تطور فكرة عدم نقض الحكم في المسائل الخلافية المعتبرة، إلى ومن مقتضيات هذا الأمر

حتى ولو صدر عن اجتهاد صحيح، تلك الفكرة التي زرع لما سنه الحاكم، نقض المخالف عدم فكرة يعامل كأنه فما يحكم به الحاكم يرتفع فيه الخلاف، على أن تأكيده خلال من ،ا القرافيبذوره

ه تعالى ، ثم طورته مجلة الأحكام العدلية بالنص على أن الحكم المخالف للأمر (1)نص من الل .(3)، ثم نصت عليه الأنظمة السعودية(2)السلطاني مردود

وتبقى حادثة زبية الأسد هي الدليل ،و الاستئنافدليل يحتج به مانع ةوبالتالي لا يكون ثم الموضوع. في هذاالذي يصلح للاستدلال وحيدال

الأخذ جواز هو جح في هذه الدراسة رالذي تهاهنا، وهي أن أخرى وينبغي تقرير نقطة مهمة –اطلاع الباحث بحسب –الاستئناف، وليس وجوبه، وإن وجوبه لم يطرحه أحد بنظام يعية النائبة عنه أن تأخذ بالاستئناف، ويجوز لهيجو وبالتالي ألا از للحاكم المسلم، أو للهيئة التشر

وهذا بذاته ينقلنا إلى ،وواقعهم ،تأخذ به، بناء على وجهة نظرها في الأصلح لحال المسلمين الموضوع التالي، وهو فكرة التقاضي على درجتين عقلا.

.88( انظر: الإحكام للقرافي: ص1) .687، ص598/ص4انظر: درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: ج( 2) مرافعات سعودي جديد. 193م( انظر: 3)