مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

71
1 مجلة الومضة سناد العدادس، الس نوفمبر2014

Upload: -

Post on 14-Jul-2015

114 views

Category:

Art & Photos


7 download

TRANSCRIPT

Page 1: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

سنا الومضةمجلة

2014نوفمبر السادس، العدد

Page 2: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

سنا الومضةجلة م

الكترونية شھرية تصدر عن مجموعة سنا الومضة على الفيسبوكمجلة

2014السادس، نوفمبر العدد

سنا الومضةمجموعة

مخصصة للقصة الومضةمجموعة

:2014في مطلع عام أسسھا

عصام الشريف، مصرأ.

عباس طمبل، السودانأ.

. جمال الجزيري، مصرد

تحرير المجلة وإدارة المجموعة:ھيئة

د. جمال الجزيري، مصر

. بسام جميدة، سورياأ

. عصام الشريف، مصرأ

. عباس طمبل، السودانأ

. حسونة العزابي، ليبياأ

. ھيفاء حماد، سورياأ

. محمد الحديني، مصرأ

Page 3: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

)2014العدد السادس (نوفمبر ھرسف

الصفحة الكاتب المقالعنوان م

5 جمال الجزيريد. تعريف بسنا الومضة 1

11 الكميتييوسف السرد وااللتباس الومضة القصصية بين 2

13 جميدةبسام الومضة وروح التحدي 3

16 طمبلعباس ) لمحمد سعيدركيزتإطاللة على ومضة ( 4

19 حمادھيفاء نص (فراغ) ليوسف الكميتي يف ة قراء 5

20 الشريفعصام لعدنان فرازاتقراءة انطباعية لومضة سالم مؤجل 6

22 جميدةبسام قراءة في ومضة سالم مؤجل للكاتب عدنان فرزات 7

حاولة انطباعية لقراءة ومضة (تطلع) للدكتور جمال م 8

الجزيري

24 صديقحيدر

"تصفيق" ھوامش على ومضة :العصفور والصياد 9

لعصام الشريف

د. بھاء الدين محمد

مزيد

26

28 العزابيحسونة عالقتي مع الومضة 10

29 طمبلعباس مفھوم القصة الومضة 11

32 د. جمال الجزيري صيغة التعريف وحدود المنظور السردي 12

35 د. جمال الجزيري والتسطيح التخصيص بين نص الومضة 13

40 د. جمال الجزيري قراءة في ومضة "إحباط" لبسام جميدة 14

43 د. جمال الجزيري ومضتي "سوق" و"بض" لحيدر صديققراءة في 15

47 د. جمال الجزيري قراءة في ومضة "وجع" لصبري حسن 16

Page 4: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

50 د. جمال الجزيري عصام الشريفلاغتيال قراءة في ومضة 17

: بين الومضة الشعرية والومضة القصصيةالفرق 18

نظرة أولية

54 د. جمال الجزيري

ارقراءة منظورية في و 19 56 د. جمال الجزيري مضتين لمصطفى علي عم

63 د. جمال الجزيري قراءة في ومضة طوارئ لرحيمة بلقاس 20

66 د. جمال الجزيري عدنان مھدي قراءة في ومضتين للسيد 21

Page 5: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

تعريف بسنا الومضة

جمال الجزيريد.

جامعة السويس، مصر

مجموعة سنا الومضة مجموعة مخصصة للقصة الومضة والتأصيل لھا

وتطويرھا وتحديد معالمھا وسماتھا الفنية واألسلوبية والجمالية. والقصة

الومضة تختلف عن القصة القصيرة جدا من جھة تركيزھا فقط على لحظة

وحية وتمثل محطة زمنية في حياة الشخصية، وھذه اللحظة كاشفة ودالة وم

فارقة في حياة الشخصية بحيث يمكننا من خالل نص الومضة أن نستشف

مالمح الشخصية وصراعھا أو تناغمھا مع العالم والوجود من حولھا ونستدل

تاريخ الشخصية أو باألحرى ارتباط ھذه من ھذا الموقف أو ھذه اللحظة على

اة ھذه الشخصية ومدى داللة اللحظة باللحظات السابقة أو حتى القادمة في حي

ھذه اللحظة في حياتھا.

سنا الومضة مجموعة صار لھا تاريخ. المعرفة تراكمية بطبعھا. ال

يمكن أن نبدأ في كل مرة من الصفر وكأننا فاقدو الذاكرة. المجموعة لھا كتب

في ملفات المجموعة وتشتمل ھذه الكتب على معظم موجودة روابطھا

ال نالومضات المنشورة على المجموعة طوال الشھور السابقة، ويمكن لم

يعرف نماذج من الومضة أن يطالع ھذه الكتب. كما أن المجموعة لھا مجلة

شھرية بھا عشرات المقاالت والدراسات عن فن الومضة نظريا وتطبيقيا،

تاريخ سنا الومضة أن يقرأ ھذه المقاالت. ويمكن لمن ال يلم ب

Page 6: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

واألخالق األدب الحديث ليست له عالقة بكلمة األدب بمعنى التھذيب

والتھذب. األدب الحديث أنواع أدبية رئيسية تتمثل في فنون الشعر والسرد

وأشكال أدبية أنواع عن عبارة بالكتابة الخاص بمعناه اآلن األدب .والمسرح

في لھا تضيف أو األشكال ھذه عن تتفرع أن يمكنھا أشكال أو يھاعل متعارف

.األيام قابل

اللغة كائن حي يعيش ويزدھر ويموت أو ينقرض. ليس معنى وجود

الكلمة في المعجم العربي أنھا صالحة لالستعمال في نص أدبي معاصر.

المھجورة أو المندثرة أو التي لم تعد رائجة في االستعمال اللغوي المفردات

المعاصر ال مكان لھا في أي نص أدبي حديث إال إذا كان ھذا النص يسائل

اللغة وداللتھا أساسا أو إذا كان ھذا النص يتناول أحداثا تاريخية بأسلوب

نص الحالي سردي، وھنا يحيلنا اللفظ القديم إلى إنشاء عالقة تناص بين ال

.والثقافة القديمة التي كان ھذا اللفظ رائجا فيھا

نص الومضة البد أن يكون مفھوما ومكتمال في حد ذاته بعيدا عن

نص د أن يكون . والبالعنوان وبعيدا عن السياق التاريخي اآلني المكتوب فيه

الومضة مترابطا على مستوى الداللة والعالقات بين المفاھيم واأللفاظ داخل

.النص، كما البد أن يكون متماسكا لغويا وفيه سالسة وانسياب

المفاھيم والصفات واألسماء المجردة ال يمكنھا أن تكون شخصيات في

.أي نص أدبي معاصر

Page 7: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

تؤمن سنا الومضة بأن لغة الومضة البد أن تكون معاصرة بعيدا عن

األلفاظ المھجورة أو القديمة أو المندثرة، كما تؤمن بسالسة األسلوب وترابطه

وتماسكه لغويا ودالليا.

مفھوم األدب بالنسبة لسنا الومضة مفھوم نوعي ليست له عالقة

واع أدبية رئيسية تتمثل في السرد باألخالق والتھذيب والتأديب، فاألدب أن

والشعر والمسرح وما يتفرع عنھم من أنواع فرعية.

عنوان الومضة منفصل عن بنية النص، وتعبير نص الومضة يدل على

.الومضة بعيدا عن عنوانھا

ية أو ذات بعد واحد. الشخصيات في الومضة ليست مسطحة أو نمط

الشخصية في السرد عموما البد أن تكون ثرية وتتميز مالمحھا عن مالمح

الشخصيات األخرى، وتساعدنا سماتھا في فھم الحدث وتأويال فھما أفضل

.وتأويال أمتن

الشخصية في الومضة أو في أي نص ينتمي ألي نوع من أنواع السرد

صية توجد في لحظة فارقة في حياتھا الفرعية البد أن تكون من لحم ودم، شخ

سواء أكانت ھذه اللحظة لحظة انسجام مع المجتمع والوجود أم لحظة صراع

وتنافر معھما. الشخصية كائن بكل ضعفه وھشاشته وقوته وجبروته وتردده

وسموه وانحطاطه وما إلى ذلك من حاالت نمر بھا بين الحين واآلخر. ال توجد

من الخطأ وإال تحولت إلى فكرة ونمط وشخصية شخصية مقدسة أو معصومة

أحادية ليس لھا وجود في عالمنا البشري أو الحيواني أو أي فئة أخرى من

Page 8: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

الفئات والفصائل التي تشاركنا الوجود والحياة. األساس في الومضة لحظة

تساؤل أو لحظة سمو أو لحظة شك أو لحظة صراع أو....

الومضة والذي نطلق عليه ھناك فرق بين الصوت الذي يتكلم في

الراوي والمنظور الذي يتم سرد األحداث من خالله، بمعنى بعيون من نرى

الحدث الماثل في الومضة؟ الراوي غير المشارك عبارة عن كاميرا راصدة ال

أكثر وال يحق له رؤية شيء من منظوره الخاص. ولذلك إذا كان في نص

ث مثال، فالبد أن ينتمي ھذا اللفظ الومضة لفظ يدل على تقييم لسلوك أو حد

وھذا التقييم للشخصية وليس للراوي، إال إذا كان الراوي راويا مشاركا في

.الحدث وكانت الومضة مروية بضمير المتكلم

لم المعاصر، األدب في ونسبيته السردي الصوت ديمقراطية مع ماشيات

الراوي ينصب أن معاصر سردي نص أي في أو الومضة في الممكن من يعد

. اللغة حتى أو الدين أو األخالق على وصيا أو الشخصية على حكما نفسه

أن يستطيع ال بحدود محكوم صوت مجرد المعاصر السرد في الراوي

النص كان إذا فقط محايدة بعيون الحدث نقل على يقتصر فدوره .يتجاوزھا

كان إذا إال تأويليا أو داخليا منظورا يقدم أن له يحق وال الغائب بضمير مرويا

أو الحدث في مشاركا الراوي كان إذا أما. بالشخصية خاصا المنظور ھذا

في للحدث الخاصة نظرته عن والتعبير والتأمل التأويل له فيحق له، صانعا

اإلفراط دون السرد على الحفاظ يحتم الومضة نص قصر ألن المعقول حدود

.المشارك الراوي قبل من التأمل في

Page 9: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

 

في الفترة الحالية، تقبل سنا الومضة النصوص السردية الوامضة التي

كلمة حتى يستطيع الكاتب أن يفسح 15كلمات و 8يتراوح عدد كلماتھا ما بين

المجال للسرد الفني في نصه.

ومضات تصدر سنا الومضة سلسلة كتب الكترونية شھرية تضم ال

المنشورة على المجموعة في شھر معين، كما تصدر مجلة سنا الومضة

االلكترونية شھريا وتنشر الدراسات والمقاالت الخاصة بنقد الومضة والتنظير

لھا وألسلوبھا ولجمالياتھا. وعلى األعضاء المنضمين حديثا للمجموعة

يتھا.االطالع على الكتب وأعداد المجلة للتعرف على المجموعة ورؤ

ا يتم طرحه على سنا الومضة عبارة عن اجتھادات شخصية كل م

للمجموعة أعضاء وإدارة وكل ذلك ناتج عن نقاشات مستمرة على المجموعة

منذ نھاية يناير الماضي بناء على تحليل ومضات بالفعل وما يكشف عنه ھذا

.التحليل من مشكالت في كتابة الومضة

ھو نص وامض يلتزم بما تم سنا الومضة ال تبتدع شيئا. كل ما نطلبه

إنجازه في فنون السرد بوجه عام مع التركيز في الومضة على لحظة فارقة في

حياة الشخصية تمثل في الغالب نقطة تحول في حياتھا، وأن يلتزم الكاتب

بصوت راو يعرف حقوقه وواجباته وبمنظور يتسق مع أسلوب السرد بلغة

.عربية معاصرة وسليمة وسلسة

ا الومضة النصوص التي يرسلھا أصحابھا للنقاش. ويتمثل تقبل سن

النقاش في تعليق األعضاء على الومضة من ناحية نقاط قوتھا ونقاط ضعفھا

فنيا. ويتم نشر النص للنقاش بدون اسم صاحبه إلزالة الحرج من ناحية وإفساح

Page 10: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

10 

 

. المجال للتعليق باستفاضة من ناحية أخرى. وال يعرف المعلقون اسم صاحبھا

فصاحب النص كائن مجھول للجميع، ويحق له التعليق مثل األعضاء اآلخرين

ما معنى أن يتم طرح نص للنقاش؟ دون اإلفصاح عن كتابته للومضة. ولكن

أظن أن اإلجابة البديھية تتمثل في أن صاحب النص يريد االستفادة من

لى من يرسل فع .التعليقات على ھذا النص، ال أن يصادر على آراء المعلقين

نصا للنقاش أن يتقبل نتيجة النقاش ويتحاور مع المعلقين، ال أن يقف ليدافع عن

نصه أو يصادر على آرائھم.

تھا حتى يمكن تكرار كل النقاشات التي دارت على المجموعة منذ بداال ي

اآلن مع كل عضو جديد، ولذلك ذكرت تاريخ الومضة منذ قليل وأشرت إلى

.كتاب الومضات الشھرية وإلى مجلة سنا الومضة

Page 11: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

11 

 

السرد وااللتباس الومضة القصصية بين

يوسف الكميتي، ليبيا

الومضة ھذا النوع السردي الذي انتشر انتشار النار في الھشيم، ھذا

الكائن المدھش كيف عرفناه وما ھي رؤيتنا له؟ سأحاول في ھذه السطور

القليلة تدوين تجربتي مع ھذا النوع من القص وكيف أراه:

الومضة القصصية تختلف اختالفا كبيرا عن باقي الفنون السردية

األخرى، فھي فن اللحظة، فن العمق، فن الصدمة، فن البالغة، فن الحذف،

ھي السھل الممتنع وال تتأتى لك من أول قراءة.

ھي اقتناص اللحظة أو المشھد في أقصر حاالته، بحيث يغيب القاص

ن يرويه بمنظور سردي خارجي أو كان عن المشھد بجسده فقط، سواء أكا

مشاركا فيه.

ويعتبر السرد من أھم مقومات نجاح الومضة، فمن خالل السرد تتالشى

الحاجة لشرح األفكار وتفاصيلھا، والبد أن يكون السرد فيھا مجمال فيه

ألساسيات النص تاركا مساحة رحبة لمخيلة القارئ في اقتضاب شارح

ة التي يستشفھا من النص.استنباط القراءة والرؤي

ا فيھا، فالفعل ھو جوھر العملية والفعل ھنا يلعب دورا محوريا مھم

السردية وتوظيفه في نص قصير كالومضة يحتاج إلى براعة من القاص في

التكثيف وضغط الفكرة سرديا واالختزال الذي يمثل االختبار الحقيقي لقدرة

الكاتب.

Page 12: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

12 

 

ي بتنا نحفظھا عن ظھر قلب، فال شروط وبعيدا عن الشروط األربعة الت

أراھا لبناء الومضة سوى أنھا (ومضة).

ومن خالل تجربتي في مجموعة سنا الومضة والتي عاصرتھا منذ

انطالقتھا، فالتجريب فيھا مستمر ولن يقف عند حد، فإني أرى الومضة تسير

ن بخطى ثابتة نحو التأصيل، ويبقى االلتباس فيھا حاضرا دائما، فھي ف

مستعص والبد لكاتبھا أن يمتلك أدواته حتى يستطيع أن يضعھا في االتجاه

الصحيح.

الومضة ال ترسم المشھد كامال، بل تسلط ذلك الشعاع على جزء من

المشھد، جزء من اللحظة، جزء من الحياة بمفھومھا الواسع، بعيدا عن

التقريرية والمباشرة والتنميط والتعميم.

Page 13: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

13 

 

الومضة وروح التحدي

، سوريابسام جميدة

لن أتوقف في ھذا الموضوع حول فن كتابة الومضة وال أنواعھا وال

في ھذا الموضوع، خبرة كون بيننا متخصصون أكثر مني تقنيات كتابتھا

وسأحاول التطرق إلى الومضة كما عرفتھا، وماذا تشكل بالنسبة لي ولغيري

المكثف، وماذا يحتاج من الذين يحاولون كتابة ھذا النوع من السرد القصصي

لدى المتلقي االكاتب من أدوات كي يبدع فيھا بالطريقة التي تالقي صداھ

.والنقاد وأھل االختصاص

للوھلة األولى تبدو الومضة القصصية بالنسبة للكثيرين سھلة الھضم

ومجرد رصف كلمات مع بعضھا البعض، ومجرد فعل ورد فعل، وقليال من

.. أثورة أو فكرة عامةعظة أو حكمة أومقولة م

ھكذا وجدتھا أيضا عندما سبرت أغوار غالبية الصفحات التفاعلية التي

تعني بھكذا أدب بعد أن قبلت دعوة صديقي عباس طمبل الملك لصفحة (سنا

الومضة)..وجدت أسماء كثيرة تكتب وبغزارة غير متوقعة، ويجذبھم وھج

وع، ولم تالمس كتاباتھم الحد المسابقات الوھمية التي التسمن والتغني عن ج

األدنى من اإلبداع األدبي الذي يقارب خصوصية ھذا النوع من األدب الذي

.اليزال يبحث عن قالب محدد له وربما يدور حوله الكثير من الجدل

وألن تجربتي في ھذا النوع من الكتابة حديثة العھد، كحداثة ھذه

ى ال أقع في االستسھال الذي الصفحات المھتمة، كان دخولي حذرا جدا حت

Page 14: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

14 

 

وجدته لدى الغالبية، ولكن من خالل الورشات النقدية والمتابعة المستمرة

ووجود أشخاص أكاديميين في صفحة سنا الومضة لمست ھناك من يحاول

التأسيس لھذا الفن بطريقة صحيحة ومحاولة نشرھا باالعتماد على األسس

بطريقة الومضة الخاطفة التي تعتمد التي تقوم عليھا الرواية والقصة ولكن

على السرد القصصي واختزال الزمن واالعتماد على الكلمات الرائجة والتقاط

الصور الجميلة والمعبرة وحتى السيئة مما حولنا في ھذا الفضاء الواسع

.وتجسيده في ومضة بحدھا األدنى واألقصى من كلمات تم االتفاق بشأنھا

ائضين لو أسرت رغبتي في االستسھال كان يمكن أن أخوض مع الخ

الموجود ھنا وھناك، ولكن من خالل التدقيق ورغبتي في التميز، كان البد من

أعمل بروح التحدي لتقديم ماھو مغاير ويالمس عملية البناء التي يسير أن

عليھا ثقاة ھذا الفن األدبي الذي تجسد فعال ال قوال في صفحة سنا الومضة من

ت الكثيرة التي نشرت فيھا وقدمھا مشكورا الدكتور جمال خالل الموضوعا

الجزيري، تناول فيھا مختلف جوانب ھذا البناء وقدم له بطريقة يمكن أن

يستفيد منھا كل من يحاول تطوير إمكانياته الكتابية سواء في الومضة أو

.غيرھا

لم أجده في غيرھا من الفنون وجدت في الومضة ككاتب وصحفي ما

التكثيف يحتاج إلى دراية من ف ،، وھي ليست سھلة كما يراھا البعضاألديبة

اقتناص اللحظة والزاوية المناسبة للحدث وتقديمھا بكيفية الكاتب ومعرفة

.بطريقة تعتمد على السرد الجميل الذي يالمس ذوق القارئ

Page 15: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

15 

 

الومضة فن االختزال والتقاط الصور الحياتية المختلفة الموجودة بيينا

درنا بنظرنا، من الممكن أن تجسد أي حالة تراھا حولك في ومضة وأينما أ

مبدعة، لحفيف الشجر قصة ولصوت المطر حكاية، وللريح المتقلبة ألف

عنوان، ولمن يريد أن يستمد ومضاته عليه أن يبحر في فرح الناس وآمالھم،

يتلمس الوجع المسكون فيھم، يغازل ضحكة طفل، يقرأ عيني امرأة تھيم

، يجسد نظرة حاقد، يستمد كلماته من آھات المظلومين، وبالمختصر بالحب

الومضات موجودة في كل زاوية وحدث، ومن يمتلك الموھبة وروح اإلبداع

.وأدوات الكتابة يستطيع أن يكتب الومضة بسالسة وموضوعية

عام كامل من المتابعة المستمرة للومضة القصصية لمست كثيرا ممن

ذا الفن قد أبدعوا وقدموا لنا نماذج كثيرة من الومضات يريدون خوض غمار ھ

.بأشكالھا المختلفة وتعتبر دروسا في كتابة الومضة

لمست لدى البعض روح التحدي ومحاولة تطوير أدواته السردية وقدم

نماذج راقية للومضة من خالل اقتناص الفرصة والصورة المناسبة التي تحدث

.عن لحظة فارقة من عمر الحدث أو الشخصية

لن أتحدث عن أشخاص بعينھم بل أتحدث عن نفسي، ھكذا قرأت

ستبقى معي مادمت حامال روح التحدي الومضة وھكذا رأيتھا، وھكذا كتبتھا، و

كي أجسد من خاللھا نبضي ونبض الحياة من حولي، ساتوقف عندما أجد

نفسي عاجزا عن التعبير عن مكنونات مافي الكون.

Page 16: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

16 

 

) لمحمد سعيدركيزتإطاللة على ومضة (

عباس طمبل، السودان

النص:

: لملم رداءه ، شرع في المرافعة، قاطعه: "أستاذ أين ربطة العنق؟" رد

"عصبت بھا أعين العدالة".

ـــــ

عد على لحظة فارقة فيما يمحمد س للكاتب المصريتركز ھذه الومضة

ن ھذه الومضة يعيبھا الغموض إال للشخص العارف أ و، بالرغم منيبد

المحاماة، فنجد أن السياق ينقصه الكثير حتي تضح دالالته بتفاصيل مھنة

ستطيع حمل النص أكبر، لذلك سأسلك كل سبل التخمين الممكنة حتى أبشكل

دراك ما يصبو إليه الكاتب، ولسان حالي يقول الكثير إالي منطقة وسطي من

من المعاني والبيان في بطن الكاتب.

ص لحال كل ما يتعلق بتحقق ينقل الكاتب ھذه الومضة بعين المتفح

وربما يكون الكاتب بصفته محاميا يريد إيصال ،العدل في البلدان العربية

تزمت بإلزام الھيئات القضائية للمحامين بارتداء الزي الرسالة السخرية من

سود وربطة عنق) في الكثير من البلدان ومنھا أ(روب الرسمي المتعارف عليه

المرافعات دون ارتدائھم الزي الكامل بالبدء فيلھم ال يسمح فبلدي السودان،

حتي إن كانت الظروف على غير ما يرام.

Page 17: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

17 

 

القاضي ذاته مراوغا يريد تشتت تركيز ھذا المحامي ھذا أو ربما كان

أو يجبره على الخروج خارج القاعة لذلك ركز فقط على ربطة عنقه، أو ربما

وقد كان يربو إلي طرده لتأجيل ه الرسمي عن قصد،ئتخلي ـ الفاعل ـ عن راد

ھذه المرافعة وربما تكون جلسة نطق كي يستفيد من عامل الزمن لفترة أخرى

كي يحقق حيلة ما.

بشكل عام السياق ينقصه الكثير وال نستطيع أن نحدد جيدا ماھي دالالت

،الرمزية ال تعني الغموض ، علما بأنالنص والرسالة المراد إيصالھا للقارئ

نما تعني التأويل حسب دالة اللفظ الذي يحيل الي معان واضحة من غير إو

ع المتلقي في متاھات التخمين.وقو

الجملة .إذ ال يوجد في النص ما يدل على أن أعين العدالة معصوبة

وال يمكن ،الحوارية الوحيدة التي على لسان الشخصية في حد ذاتھا غامضة

يركز على الشكليات والمحامي يرى أن تفسيرھا إال على أساس أن القاضي

فبداية الومضة تتحدث عن استعداد .ھذا التركيز يخرجنا بعيدا عن القضية

المحامي للمرافعة والقاضي ال ينصت إلى ما يقوله المحامي وإنما يركز فقط

، وبالتالي يرى القاضي أن المحامي ال يحق له على أنه ال يرتدي ربطة عنق

. التحدث مطلقا

ة التي على لسان الجملة األخير الومضة مروية من منظور خارجي عدا

ال يمكن ألي شخص رؤية أعين العدالة من منظور داخلي المحامي مروية

معصوبة.

Page 18: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

18 

 

شخصية محورية ھي ھذا المحامي الذي ھناك شخصيتان في الومضة:

امي يبدو ساخرا أو مراوغا والشخصية الثانية ھي القاضي الذي يبدو مثل المح

عادال يريد تحقيق مبدأ المعاملة ياقاض أومتزمتا لغرض ما وإما مراوغا أ

. لكل المحامين بالمثل

المحامي المدي الزمني للحدث يبدو قصيرا قد يمتد لدقائق بين لملمة

وسؤال القاضي عن الزي الرسمي وتوجه ، وشروعه في المرافعة ئهردال

عدة تخمينات. ھال في مضمونالمحامي سريعا لإلجابة التي تحم

لجملة الفعلية ـ تقوم على االبداية حدثية :أسلوب السرد في ھذه الومضة

المفعول به ،الفعل والفاعل والمفعول به ـ الفعل الماضي (لملم) و( رداءه)

الھاء ضمير أيضا للفعل في محل مضاف إليه مالمح ـ الفاعلـ ـ الشخصية

.المحورية ضمير مستتر تقديره (ھو) ذلك المحامي

ة لمكان الحدث ھو أي قاعة مرافعات موجودة تدور فيھا جلسات بالنسب

؟أين ھي بالضبط وفي أي بلد :لكنھا غير محددة ،المحاكمات

ن أوھو عنوان قد يدل على ،ل عن ھذه الومضةقالعنوان (تركيز) مست

،يريد أخذنا لقضية أخرىالذي موضوع الومضة ربما يشير الي ھذا الراوي

رتداء الزي الرسمي الذي يوضح كما قلنا سخريته الالفته وھو التركيز مع مخ

. دون مبرر حسب وجھة نظره من تزمت الھيئات القضائية تجاه المحامين ككل

Page 19: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

19 

 

نص (فراغ) ليوسف الكميتي يف ة قراء

اد، سوريا ھيفاء حم

نص الومضة

فراغ

فراغ في المكان الفسيح، بعينين ممتلئتين، خالية، تسبقني نظراتي الى

حيث أرى أمي.

فالجملة األولى اسمية ( في المكان اإليحاء:ومضة اعتمدت على

الفسيح) وھنا يتراءى للقارئ أن ذلك المكان ھو(السماء، البحر، الفضاء...).

تلئتان توحيان ببعد النظر لة الثانية (بعينين ممتلئتين) ھنا العينان المممالج

واكتماله وأنھما تستطيعان رؤية كل األشياء أو األشخاص في ذلك المكان

وتأتي كلمة ( خالية) لتؤكد أن العينين .وربما كانتا ممتلئتين بالدموع .الفسيح

ممتلئتان بالدموع ولكنھا خالية من أي مشھد أو صورة ألحد األشخاص.

ر نظرات الراوي تأخذه الى وأمي). دون شع(تسبقني نظراتي الى حيث أرى

رھا ھناك.يغير أنه لم ھالتبحث عن أمه السماء الى حيث ارتقت روح

بجمل اسمية ثم جملة فعلية قدمت لنا أالومضة سرد لحدث بسيط بدھذه

ظة منفصلة عما قبلھا من زمن . فيھا لحظة فارقة في حياة الشخصية.حل

Page 20: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

20 

 

لعدنان فرازاتقراءة انطباعية لومضة سالم مؤجل

عصام الشريف، مصر

:النص

سالم مؤجل

.ھمت الغيمة أن تمطر، كان حقل الزيتون قد رحل حين

يحيلنا العنوان كأحد المداخل للنص لحالة من السالم والھدوء أو الھدنة

وھي ليس في الوقت الراھن أو اآلني.و طرفين ولكنه مؤجل من حرب بين

فإما ،من بدايتھا في مرحلة "بين بين" الومضةتضعنا حالة غريبة ومدھشة إذ

الرغم من أن فعلى ،ن؟ ربمامرحلة حرب اآل سالم وإما حرب، أترانا في

يثبت الحرب أيضا وال ولكنه ال يؤجله. اال أنه ،العنوان يصف الحالة بالسالم

وما يخبئه أكبر ،يبدو من ظاھره ما د بالعنوان عكسووربما كان المقص ينفيھا.

بكثير مما يظھره.

النص عبارة عن .ما يخبئه لنا ونرى، عموما سندخل النص "من بابه"

زمنيا في قلب يدخلنا النص ظرف زماني "حين" وكأنجملتين األولى تبدأ ب

ھنا يشير لوقوع إرادة من الغيمة الحدث لحظة حدوثه، "ھمت الغيمة"، النص

فھي أيضا ،موجودة بالعطاء رادةن اإلأوھذه الحالة تشير بوضوح إلى للمطر،

اعتدنا على كرم قبل؟ ترى منعت الغيمة عطاءھا من تملك إرادة المنع، فھل يا

فھل بخل علينا ھنا في ھذا النص؟ الغيم وعطاءه.

Page 21: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

21 

 

"كان حقل الزيتون قد :الجملة الثانية أن تجيب عن تساؤلنا ربما تستطيع

"الزيتون رمز السالم . مناسب، لقد نبت الزيتون حقال الغير ياللتوقيت رحل".

لم يجد من يحنو عليه ويسقيه لينبت حقوال ولكنه رحل، .."المعمورة في أرجاء

أتخيل زخات . السالم أوطاننا وننعم بالحياة في سالم وسلم ، ليعمواحدا ال حقال

دى. وضاعت س ،عطشاسقيت حقال وال رويت المطر تضيع في الصحراء فال

لعلھا تروي حكايتنا مع األعداء ر، وومضة في كلمات قليلة ولكنھا تقول الكثي

.. وأغصاننا التي نرفعھا تعلن أننا سالم

Page 22: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

22 

 

قراءة في ومضة سالم مؤجل للكاتب عدنان فرزات

بسام جميدة، سوريا

النص:

ل سالم مؤج

ن قد رحل..حين ھمت الغيمة أن تمطر، كان حقل الزيتو

عندما يوجز الكاتب عدنان فرزات روايته أو قصته بكلمات ھي

بالتأكيد تأتي قمة في البالغة، حيث يترك التفاصيل كامنة بين (ومضة) فھي

القارئ والناقد بكل ما تجود به مخيلته من تقارب في ھانبطالكلمات ليست

خيرات، مكان خصيب، وحقول عامرة بال المعاني واألحداث، يأخذك إلى

لزمن مضى، لعل وغيمات تتمنى أن تمطر، يجعلك تفرد مزاميرك لتغني

الشدو ينبت لك قوس قزح في ذلك األفق الجميل.

ھو سالم مؤجل يطرحه الكاتب في عنوان ومضته ليدفعنا كي نفتح

وماھي ؟ومن يؤجله ؟المعرفة على أمور كثيرة، لماذا يؤجل السالم قواميس

مع أن السالم أنشودة فرح لكل الحالمين بالدفء، يسحبنا العنوان إلى األسباب؟

ه ؤجلتحرب بات السالم فيھا صفحة يطويھا أزيز الرصاص ربما، و أرض

والمتاجرين والمتالعبين. أطماع الطامعين

فيھا غيوم الحب والسالم، تھطل وبالغوص في الومضة التي كادت

التحمل إال الخير والعطاء حيث تنبت األرض ويغني الناس لھا مواويل فالغيمة

واستعارة الكاتب لحقول الزيتون فيھا .يباب جد أن األرضن ، ولكننافرح

Page 23: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

23 

 

كم تكون جذور شجرة الزيتون ضاربة وية، وكلنا يعرفالكثير من المعاني الق

،السنين، وقد تشيخ في األرض وھي أصال شجرة معمرة يصل عمرھا لمئات

جديدة، وھي لكنھا التموت، وتبقى تتوالد من جذورھا ومن أغصانھا، أشجاراو

شجرة معطاءة التبخل بالثمر مھما جار عليھا الزمن، تتحمل العطش، فكيف

جلل؟ ھا أمر ب ص ل لو لم ي ھنا ترح ھي

أغصان الزيتون عنوان السالم وعنوان النصر منذ غابر األزمان،

حقول الزيتون ترحل، والغيمة ھناك حبلى بالمطر، إذا فالسالم مؤجل ليوموا

وكيف ومتى؟ ؟تعود األشجار إلى مكانھا، من ذا الذي يعيدھا حتى

ا ھناك انفراج تظار، إذ ھمت الغيمة أن تمطر بعد جفاف وتردد وطول ان

حدث، االنحباس الذي طال جاءت به غيمة ھمت، وھنا ياألجواء كاد ضمن

!يالھول المنظر .أنھا ستمطر، لكنھا لم تجد من تسقيه، وتوقفت فعل تأكيد على

وحدھا، ھنا الحقول التي تحتضن تلك األشجار. الحقول رحلت، ليست األشجار

كساراتنا على القراءة في تفاصيل أتوقف ھنا وتبقى الومضة تفتح ان

سيبقى الساكن فيھا، خبأه الكاتب ليتركنا نعيد قراءتھا مرات ومرات. الوجع

الغيمات المحملة بالخير. الزيتون رسالة سالم ومحبة وسيعود، وتعود

Page 24: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

24 

 

حاولة انطباعية لقراءة ومضة (تطلع) للدكتور جمال الجزيريم

حيدر صديق، السودان

النص:

تطلع

في أرض حديقة، عشب ينظر إلى شجرة تفاح تزھو بثمارھا، ويحلم بتفاح

.يتدلى منه

جابات إجابات او بإھى تلك االسئلة المتعبة الكامنة في الدواخل بال

سنان. ونص (تطلع) ناقصة. تظل ھناك ھامدة تنتظر االثارة. تنقر كألم األ

للدكتور القاص جمال الجزيرى من مثيرى تلك االسئلة الكثيرة المتداخلة

.والمتشابكة

حق الحلم؟ ھل )(ليس المقصود ذوي االحتياجات الخاصة ھل للعاجز

ساس مبذولة؟ وما مدى الحلم لنا حق الحلم بمعناه الواسع؟ وھل االحالم في األ

لي وإن اخطأته صرت مع النجوم (كما في أوحدوده؟ وھل ضع القمر ھدفا

م أا؟ وح م المثل الغربى؟) واذا فعلت ووضعت القمر ھدفا، ھل تحسبنى ط

سئلة كثيرة بال نھاية تتوالد أى؟ ت وول معتوھا؟ ... وھل انتھى زمن المعجزا

.خرياتأوتنجب

البال. الراحة من ذاك الزفير وءق ھى الراحة، الھواء النقى وھدالحدائ

ا بندى الحارالرابض في الصدر، ھي ذاك النفس العميق المسحوب نقيا عامر

.ر. ھى الظل الوريف المسكون بھبات النسيم والطلازھاأل

Page 25: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

25 

 

لجمال الحدائق ومنھا يستمد جماله وھو كمثلنا ساسأالعشب رغم ضعفه

نسانا بكامل جمال دنياه وضعفه؟ إسئلتنا فھل نحسبه أجابات لنفس إيبحث عن

كان ام معتوھا؟ وط ن نتطلع أن فعلنا ھل لنا كبشر (الرجال تحديدا) إموحا

ا بعد عاله وغيرھأسئلتنا جابات ألإالمالم لعدم جود يللتفاح وھو السبب الرئيس

ن بخروجنا من الجنة؟ياھا التى ندفع ثمنھا اآلإالقضمة

جابات ونظل نحلم في قوتنا وضعفنا، ينھمر سيل االسئلة، ينضب نھر اإل

.المستحيل وال نستسلم بالممكن،

Page 26: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

26 

 

لعصام الشريف"تصفيق" ھوامش على ومضة :العصفور والصياد

أ. د. بھاء الدين محمد مزيد

جامعة سوھاج، مصر

العصفور الذي غادر سربه وحيدا، صفقت له يدا الصياد." (عصام "

)تصفيقالشريف:

ھذا معنى واسع رحب في عبارة ضيقة محكمة. فيھا عصفور ينتمي إلى

سرب، وصياد ينتظر خروجه من السرب فيصفق لھذا الخروج. فعالن ال

أكثر: فعل المغادرة من جھة العصفور وفعل التصفيق من جھة الصياد.

"وحيدا" تصف حال العصفور وھو يترك السرب. وھي في طباق واضح مع

."سربه". والھاء التي تتصل بكلمة "سرب" ال تفيد الملكية، بل االنتماءكلمة

ھذا حال رفقاء السوء حين يھللون لخروجك من كنف أسرتك وأھلك

إليھم، فقد أصبحت صيدا سھال ولقمة سائغة، وحال أعدائك المتربصين ال

ل يستطيعون نيال منك إال إذا غادرت قومك وتمردت على ذويك. "إنما يأك

.الذئب من الغنم الشاردة"، ألنه ال يملك مھاجمة قطيع حاشد من األغنام

الغدر أصل المغادرة وفي لسان العرب "الغدر ضد الوفاء بالعھد ...

الغدر ترك الوفاء" وفي "المغادرة" مفاعلة أي "تارك" و"متروك" وفي الترك

نقض لعھود الوفاء مع نقض لعھد القربى أو الجوار أو الصحبة. وفيه كذلك

قد يكون الترك اضطرارا وقد يكون اختيارا التقاليد التي قد تكون بالية معطلة.

وقد يكون خيرا وقد يكون شرا. في ومضة (تصفيق)، ليس ھناك ما يشير إلى

Page 27: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

27 

 

أن المغادرة فعل إيجابي وال إلى أنھا عالمة على اإلبداع والتميز. انظر من

بين العصفور والصياد ھي عالقة عداوة ومطاردة أزلية، يصفق للفعل. العالقة

.فال يعقل أن يفرح الصياد إال حين ينال من العصفور

تأمل ھذه المعادلة في ھذا المربع، واستنتج منھا ما إذا كانت المغادرة في

:النص محمودة أو مذمومة وتذكر أن الصياد عدو العصفور اللدود

صديقك يفرح لنجاحك

صديقك يحزن لفشلك

عدوك يفرح لفشلك

عدوك يحزن لنجاحك

تصفيق الصياد فيه ابتھاج وتشجيع. لكنه ليس فرحا للعصفور بل فرح به

وفيه. إذا صفق لك أعداء وطنك حين تخرج على وطنك وأھلك، راجع نفسك،

فأغلب الظن أنھم يريدون االنفراد بك. سوف يفتكون بك، وسوف يستخدمونك

.ما الصطياد غيرك من بني وطنكطع

.... سلمت يمينك .... أيھا المبدع الجميل .... عصام الشريف

Page 28: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

28 

 

عالقتي مع الومضة

، ليبياحسونة العزابي

بالقصة البداية كانت فقد, معدودة أشھر تتعدى ال بالومضة عالقتي

إلى, بعد فيما أغلبھا من انسحبت أخرى مجموعات بعض عبر، جدا القصيرة

االنطالقة أو البداية وكانت ،الومضة سنا صفحة على بالصدفة تعرفت أن

ولألساتذة جمعة الفاخري ،األدب ضروب من الجديد العالم ھذا نحو األولى

في هللا بعد الفضل الجزيري جمال كتوردالو طمبل عباسو الشريف عصامو

.أبعاده تفاصيل في والتعمق األدب من النوع ھذا على التعرف

الصفحة لھذه التوفيق هللا وأسأل ،هللا بإذن وستستمر جميلة كانت التجربة

.الكرام أعضائھا ولكل وإلدارتھا

***

, ما لحظة في, ما موقف أو,ما لحالة تصويرية لقطة ھي.. الومضة

وتفاصيلھا أبعادھا بكل

Page 29: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

29 

 

مفھوم القصة الومضة

عباس طمبل، السودان

فنون لبادئ ذي بدء أن القصة الومضة فن يجب أن ينتمي نوعيا ل

والقصة واألقصوصة السردية التي تشمل فن الرواية والقصة القصيرة

فالقصة الومضة أو الومضة القصصية البد المعروفة جدا، بمقوماتھاالقصيرة

من أنواع متفرعنوعا فنونه وتعتبرا أحد أن تشتمل على سرد واضح ألنھ

القصة. االختالف بينھا وبين القصة القصيرة جدا يكمن في المدى الزمني

للحدث وربما في توظيف الشخوص وعددھا في النص الواحد إذ ربما تشمل

القصة القصيرة جدا يمكن أن إما ، أكثرالقصة القصيرة جدا على شخصين أو

للحظة ويمكن أن تشتمل على تفاصيل أكثر حتى لو يتسع زمنھا أكثر من ا

كانت تركز على لحظة واحدة. أما القصة الومضة فتركز على لحظة دالة من

حياة الشخصية تقترن بتحول أو تغير في حياتھا أو وعيھا وتكون القصة

الومضة موجزة ومكثفة وتشتمل على التفاصيل الدالة فقط التي تسلط الضوء

للحظة وتكتفي بما يؤكد نقطة التحول. على جوانب ھذه ا

وفي كل الحاالت، البد أن يكون ھناك سرد والبد أن تكون الشخصيات

من حيث سمات النفسية وسلوكھا، والبد أن يكون الراوي مرسومة بعناية

بارعا في نقل الحدث بطريقة تجعل القارئ والناقد على حد سوء ال يقعون في

قوله الراوي كما ھو موجود في قصص ومضة فخ التخمين عنما يريد أن ي

المجموعة.كثيرة تنشر على

Page 30: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

30 

 

، بالنسبة للعنوان أحدي عتبات النص فھو المعضلة الكبرى التي توجھنا

مفھوم ونجده لخص جنييت" وھو حسب وظائف العنوان عند "جير داد

:على سيبل المثال في اآلتي العنوان

وملحقاته الداخلية؛ نظرا يعد العنوان من أھم عناصر النص الموازي*

لكونه مدخال أساسيا في قراءة اإلبداع األدبي والتخيلي بصفة عامة، والروائي

بصفة خاصة. ومن المعلوم كذلك أن العنوان ھو عتبة النص وبدايته، وإشارته

األولى. وھو العالمة التي تطبع الكتاب أو النص وتسميه وتميزه عن غيره.

مجاورة والمحيطة بالنص الرئيس إلى جانب وھو كذلك من العناصر ال

الحواشي والھوامش والمقدمات والمقتبسات واألدلة األيقونية.

البد أن يكون النص مكتمال في حد ذاته بعيدا في نص القصة الومضة

عنوانه ويفھم من غير اللجوء لعنوانه كيال يخل الكاتب بمقومات القص،عن

نجد أن الكثير ما زال ال يفرق بين النص األدبي والتعليق، لذا يصر على جعل

مما يؤدي الي تغيب عنصر مھم من ،من المتن العنوان جزءا ال يتجزأ

أو البطل فال قصة من غير شخصية.مقومات القص وھو الشخصية

القصةبنت منذ أن أسسنا ھذه المجموعة ركزنا على أن القصة الومضة

التي الزالت تحت طور التجريب والتنظير ھي األخرى مثلھا قصيرة جداال

على المجموعات األخرى يبدو أنھا ال زالت في مثل القصة الومضة، ونجدھا

بعت في ط التيوكل الكتب ، ، ولم يعرف لھا شكل محددالتجريبطور

دي لكنھا لم تتحدث عن الم والحكايةتنظيرھا حتى اآلن تتحدث عن الشخوص

للحدث.

Page 31: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

31 

 

مع إنني أراه مربط الفرس في الفصل بين أنواع ھذه الفنون السردية.

ما يسميه ، وھوفأي قصة لديھا منظور سردي وتقنيات زمن في العالم المتخيل

بعض نقاد السرديات بالطبقة األولى للبنية الحكائية أو المدى الزمني الذي

الروي.يستغرقه فعل

التي تمتد عليھا أحداث الرواية مثال المستعادة عبر غير أن البنية الزمنية

يستغرق زمنا أطول كثيرا ، قداالستذكار واالسترجاع وأساليب قرينة أخرى

وكذلك القصة ،حتى إن عاد إلى فترة طفولة الشخصية المحورية في الرواية

القصيرة واألقصوصة لھا تقنيات سرد ومدي زمني تفرقھا نوعيا عن بقية

سرد.الفنون

لذا نجد الكثير يتحدث عن بعض عالمات االستفھام التي نريد أن نعرفھا

ماھي عالمات االستفھام الكثيرة التي تشوب رؤية مجموعة "سنا

لكن رأيت في ،مع احترامنا لما ينشر في المجموعات األخرى،الومضة"؟

و ما ، وھالكثير منھا قصور في عملية النقد وتقديم الجمل المفيدة لألعضاء

يجعل فكر األعضاء مشتتا وحائرا بين ھذه وتلك وخصوصا مجموعات

إال واحدة فقط ممن أعرفھم فھي مجموعة مسابقات القصة الومضة اليومية،

وھي "واحات القصص القصيرة ،جيدة تقدم جمل مفيدة تفيد األعضاء

والقصيرة جدا" خالف ذلك ال أعرف أي مجموعة تقدم جمل مفيدة.

Page 32: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

32 

 

صيغة التعريف وحدود المنظور السردي

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

استعمال صيغة التعريف باأللف والالم ألول مرة داخل الومضة دون أن

يتم ذكر المعرف من قبل بصيغة التنكير يفترض أن الراوي جزء من العالم

الذي تقدم لنا الومضة لقطة أو لحظة منه. ويمكن استعمالھا في الومضات

المروية بضمير المتكلم ألن الراوي في ھذه الومضات حاضر بسرده

بشخصه بوصفه شخصية في ھذا العالم. أما إذا كان الراوي غير مشارك في و

الحدث ويروي الومضة بضمير الغائب، فال يحق له التعريف باأللف والالم إال

إذا كان قد ذكر الشيء بصيغة التنكير من قبل، ويمكنه أن يستعمل وسائل

الشيء أخرى للتعريف مثل التعريف باإلضافة أو التخصيص الذي يخصص

وينسبه إلى الشخصية مثال. كما يمكنه أن يستعمل صيغة التعريف باأللف

والالم في حالة أخرى، وھي عندما يروي الحدث من منظور الشخصية

ويقتصر دوره كراو على نقل ھذا المنظور من خالل صوته، وھنا يتفاوت

الذي المنظور عن عملية السرد، إذ ينتمي المنظور للشخصية وينتمي الصوت

ينقل ھذا المنظور للراوي. وكون الحدث مرويا بعيون الشخصية يتيح للراوي

أن يستعمل صيغة التعريف باأللف والالم ألن الشيء في ھذه الحالة معرف

بالنسبة للشخصية التي تراه. أما إذا كان الراوي يروي الحدث من منظور

ه ھذه الشخصية، خارجي على الشخصية وعلى مفردات العالم الموجودة في

Page 33: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

33 

 

فيفترض أن عينه محايدة وترى الشيء ألول مرة بصيغة النكرة أو بالتعريف

بوسائل أخرى غير ألف والم التعريف.

ماعدا –فعدم مشاركة الراوي في الحدث تستلزم في الكثير من األحيان

فيما يتعلق بالقواسم الثقافية المشتركة بين جمھور اللغة التي يستعملھا في سرد

من موقعه –كون األشياء نكرة بالنسبة له، فھو عندما يرى شيئا –النص

يراه ألول مرة نكرة ال يمثل له ھو –االفتراضي بوصفه راصدا للحدث

شير إلى ذلك الشيء بصيغة شخصيا شيئا وال توجد عالقة بينھما تستلزم أن ي

التعريف باأللف والالم، فكل ما ھو متاح له أن يستعمل التعريف بصيغة أخرى

غيرھا، كأن يشير إلى الشيء/الشخص بإضافته إلى شيء/شخص آخر أو

باستعمال ضمير وصل يصف ھذا الشيء أو الشخص: ال يحق له أن يقول

ولى ثم يأتي بالخبر أو الفعل "الرجل" مثال بصفته مبتدأ أو فاعل الجملة األ

فه –مباشرة، وإنما عليه أن يخصص ھذا الرجل بنسبة شيء –إذا أراد أن يعر

إليه، كأن يقول "الرجل الذي فعل كذا أو صفته كذا"، "الرجل ذو الساق

المبتورة" أو "الرجل الذي بترت ساقه". فعندما يستعمل التعريف باألف

ؤدي إلى إفساد النص ذاته، سيمعنى داخل النص و فهوالالم، لن يكون لتعري

فالتعريف يشير إلى شيء محدد، والبد أن يتم رصد ھذا الشيء من منظور

. ا بالنسبة لها ومعلوم ف شخص داخل العالم السردي يكون الشيء معر

بصيغة السرد عناصر من عنصرا أو شخصية نذكر باختصار، عندما

الشخصية ھذه أو العنصر ھذا أن الصيغة ھذه عنيست التعريف باأللف والالم،

Page 34: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

34 

 

يعرف أن يمكنه كيف مشارك، غير الراوي كان وإذا. من قبل للراوي معروفة

يعرفھا؟ أنه على وتدل تحددھا بصيغة إليھا ويشير ھذه الشخصية

Page 35: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

35 

 

والتسطيح التخصيص بين نص الومضة

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

يمكن ال ولذلك لھا، حصر ال سياقات في توجد أن يمكنھا الكلمات معظم

تخلق أخرى كلمات أو بكلمة تخصيص دون النص في ھكذا مطلقة استعمالھا

في محددة صورة وترسم خاصة حياة تمنحھا ولغوية لفظية وبيئة سياقا لھا

فالبد القصصي، النص في الشخصية على الشيء نفس ويسري. المتلقي ذھن

أن كقراء نستطيع حتى كانت أيا ومالمح معالم ذات الشخصية تكون أن

قارئ من التخيل شكل اختلف لو حتى الحدث ونتخيل أذھاننا في نرسمھا

نصية دالئل على بناء النص من التخيل ينبع أن البد األحوال كل وفي آلخر،

ھم الذين طيحوالتس والتجريد التعميم إطار إلى سنخرج وإال فيه، بالفعل متحققة

عليه. وقضاء باألدب فتكا اآلفات أشد من

اللغة ليست تجميع لكلمات وراء بعضھا. البد أن تكون بين ھذه كما أن

رية مستساغة. وحتى المجاز ذاته له الكلمات عالقات داللية ومفھومية وتصو

منطقه الخاص وال يمكن أن نقوم بإجبار كلمات على التعايش مع بعضھا

سي أو... ط منطقي أو وجداني أو فكري أو نفابالبعض في حين أنه ال يوجد ر

بينھا

األدب بوجه عام ليست له عالقة بالمباشرة القحة وما يتعلق بھا من

وعظ وإرشاد وتعليق وتھذيب وإصالح، فكل ھذه األغراض لھا منابرھا

Page 36: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

36 

 

ومجاالتھا التعبيرية األخرى بعيدا عن األدب. ولذلك ال مجال لھا في الومضة،

لفعل أمام أعيننا إذا كانت فالومضة تقدم لنا لقطة من حدث مجسد من خالل ا

بضمير الغائب وال يحق للراوي ھنا أن يعلق أو يعظ أو يفترض أنه مصلح

اجتماعي وعليه تھذيب ھذه الفئة الضالة أو ھذا المجتمع الفاسد!

فالراوي ھنا مجرد راصد للحدث مثله مثل الكاميرا بالضبط. والكاميرا

مباشرة من خالل التقاط زاوية ال تعلق، ويمكن للكاتب التعليق بطريقة غير

دالة للحدث أو من خالل عملية المونتاج أو المنتجة التي يجريھا على الحدث.

وفي ھذا النوع من الومضات، يمكن للراوي أن يتتبع منظور الشخصية التي

تقوم بالحدث/الفعل، وھنا يحق لھذه الشخصية أن ترى الحدث من وجھة

لنظر ھذه تتمثل في تعليقھا على الحدث. وھنا البد نظرھا حتى لو كانت وجھة ا

أن نلفت االنتباه إلى أن ھذا التعليق ليس منفصال عن الحدث، وإنما ينقل لنا

وجھة نظر الشخصية في الموقف الذي توجد فيھا ويمت لھا بصلة وثيقة.

أما في الومضات المروية بضمير المتكلم، فيمكن للراوي أن يضيف إلى

ه له أو انطباعه عنه أو داللته بالنسبة له. وھنا البد أن يكون ھذا الحدث تفسير

الحدث فريدا بحيث يأتي تفسير الراوي لما يحدث بمثابة نظرة جديدة لنا نرى

من خاللھا تجربة قد تكون عادية من زاوية جديدة.

وفي كل األحوال، البد أن يكون الحدث مميزا وله داللته اإلنسانية

وقت ذاته يكون منفتحا على كافة مجاالت الحياة والتجارب البارزة وفي ال

اإلنسانية، ومن األفضل أن تكون الومضة عميقة بحيث يمكن تأويلھا أكثر من

تأويل ويستطيع القراء المختلفون أن يقرؤونھا من زوايا مختلفة. فكثيرا ما يقوم

Page 37: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

37 

 

ألنه وجد في القارئ بتأويل الومضة تأويال مختلفا حتى عما كان يقصده الكاتب

نص الومضة ما يساعده على ھذا التأويل. كتبت مثال بعض الومضات عن

ووجدت بعض –وكنت أقصد بھا نقيض الومضات األصيلة –"اإلطفاءات"

القراء يربطونھا بانقطاع الكھرباء في العديد من الدول العربية في وقتنا

الحالي.

وفن السرد خصوصا يقوم األدب بوجه عام رؤية خاصة ومميزة للحياة.

على تجسيد مواقف حياتية أو ما وراء حياتية متميزة والفكرة تأتي الحقا بحيث

يستشفھا القارئ من السياق وبنية النص. ولو كان النص جيدا ربما تكون ھناك

عدة أفكار تتشابك ببعضھا البعض وتسمح بقراءة النص من أكثر من زاوية.

أما من يصر على الفكرة أوال ويحددھا ثم يقول سأكتب ومضة عن كذا،

فأظن أنه ال يفھم جوھر األدب وال يكتب أدبا. من ينظر إلى األدب على أنه

لديه مفھوم خاطئ عن األدب، ونشرنا أظن أن حكمة األجداد ودروس مفيدة

وتطوره في عدد أكتوبر من مجلة سنا الومضة مقالة كاملة عن مفھوم األدب

وكيف أنه كان يعني في اللغة العربية في البداية التأديب والتھذيب ثم تحول

المفھوم مع مطلع العصر الحديث ليدل على األنواع األدبية الحديثة، أي صار

مفھوما نوعيا ليست له عالقة بالحكمة والتھذيب واإلصالح، وإن كانت الكلمة

بمعناھا العام ما زالت تدل على ذلك.

ف يمكن ألديب أن يجھل ماھية األدب؟ األدب تجسيد ونظرة متميزة كي

للكون والحياة. التجريد والوعظ واإلرشاد والنظرة األخالقية السطحية للحياة ال

النص الذي يقوم على مجرد الفكرة ليس أدبا، فھو مجرد وعالقة لھم باألدب.

Page 38: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

38 

 

الفكرة استعمال ويرتبط بالتعبير المباشر عن تعبير عن فكرة بشكل مباشر.

مثل الفضيلة والرزيلة والشيطان وإبليس واألمانة شخصيات نمطية أو مجردة

لح أن تكون شخصيات في نص أدبي جيد، صوما إلى ذلك: ھذه شخصيات ال ت

. وعندما توجد مثل ھذه فمجالھا في األدب التعليمي والمسرح التوعوي مثال

ت لھا معالم فردية، الشخصيات في السرد أو شخصيات نمطية أخرى ليس

تصير مجرد أداة لتوصيل الفكرة في األساس، وليست شخصيات أدبية سردية

من لحم ودم.

األسماء المجردة مثل الظلم والخير والشر والحق والفساد والحب

والكراھية والعدل ال يمكنھا أن تكون شخصيات في قصة أو ومضة وإال

ب تجسيد والبد للشخصية في رجعنا إلى عصر ما قبل األدب أساسا. األد

القصة أن تكون لھا مالمح محددة وتنتمي لفصيل من فصائل المخلوقات من

وليست مثال ةبشر وحيوان ونبات وطيور. الومضة ليست حكمة وليست مقول

وليست فكرة. على الكاتب أن يجسد موقفا محددا بشريا أو غير بشري ويدعنا

ھذا الموقف والسياق الذي يخلقه، ال أن نستنبط ما يريد أن يعبر عنه من خالل

يقول لنا الكاتب الفكرة. أي نصوص تجريدية تعميمية ليس لھا مكان في

.الومضة القصصية

التضاد والتناقض والمفارقةوالتسطيح أيضا يشمل قيام الومضة على

تكون أن اال يمكنھ دون بنية سردية تستتبع مثل ھذه التقنيات، فھذه العناصر

شرة خارجية تكسونا، بل ھم تعبير عن بعض جوانب تجربتنا كبشر ق مجرد

ولذلك البد ،نعيش حياة متكاملة بكل ما فيھا وفينا وما عليھا وعلينا وما لھا ولنا

Page 39: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

39 

 

بتجربتنا القصصية الحقيقية أو المتخيلة ونلتحم بھم في تلتحم ھذه العناصرأن

مضاتنا إنسانية خالصة. قصة ومضة صادقة أيا كان ما تعبر عنه. نحن بشر وو

الومضة تعني التوغل في روح لسنا متطھرين وال ننظر للعالم من الخارج.

التجربة السردية ومحاولة التقاط القبس الذي يكشفه لنا ھذا التوغل، ولذلك

يكون التوقف عند القشور اللغوية واالھتمام بالمظھر البراق أو المفتعل على

مضة والوميض والسرد.حساب الجوھر قتال متعمدا للو

ومن مظاھر التسطيح أيضا أن يفترض الكاتب الغباء في القارئ، ويقوم

بتفسير كل شيء له أو ينصب نفسه وصيا عليه وعلى فھمه. فللنص حياته

الخاصة بعيدا عن مؤلفه وللقارئ أيضا حياته الخاصة بعيدا عن المؤلف

ياة بعيدا عن كاتبه وال ورؤيته. ومن ھنا البد أن يكون النص صالحا للح

يضطر ھذا الكاتب ألن يكون حاضرا مع كل قارئ ليشرح له النص.

ويستوجب ذلك أن يتناول النص تجربة إنسانية قد تتقاطع مع تجارب آالف

البشر بحيث إذا قرأه قارئ قد يجد فيه صدى لنفسه، وھذه سمة من سمات

نية ويستطيع أن يحيا في األدب الجيد الذي يتجاوز الحدود الجغرافية والزما

وجدان القراء مختلفي الجنسية والھوية والديانة وما إلى ذلك. ولذلك البد أن

يخلو النص من العنصرية ومن اإلشارات العقائدية المباشرة محل الخالف،

وكل ذلك يمكننا أن نتجنبه من خالل عدم التعبير المباشر على الفكرة ومن

نساني قد يتعاطف معه قارئ ال يؤمن بالفكرة خالل تجسيد الفكرة في موقف إ

أصال.

Page 40: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

40 

 

قراءة في ومضة "إحباط" لبسام جميدة

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

الراوي في ومضات بسام جميدة المروية بضمير الغائب ينقل لنا جزءا

من حياة شخصية تعيش لحظة صراع مع المجتمع أو لحظة مواجھة أو لحظة

سبيل إحساس باالغتراب عن البيئة التي تعيش فيھا. ففي ومضة "إحباط" على

متعبة.. دخان، المثال، يقول الراوي: " وقف شاب بالمقھى، تأمل وجوھا

فنجد ھنا نوعين من ر". صراخ، المباالة، عاد يبحث عن وطنه بمكان آخ

الشخصيات: شخصية الشاب الذي تبدأ به الومضة وشخصيات الوجوه المتعبة

اإلرھاق المؤقت التي يجدھا في المقھى الواقف ببابه. والتعب ھنا ال يدل على

الناتج عن بذل مجھود بدني في عمل ما، وإنما ھو تعب تراكمي يمثل محصلة

حياة اإلنسان في مجتمعاتنا العربية، ھو تعب بمعنى أثر السنوات والوطأة أو

ان وصحته وشبابه وجعله فاقدا الثقل الذي أحدثه ھذا التراكم على عزيمة اإلنس

لھم.

محه في بداية الومضة، فالراوي ھنا يعقد وھنا يبرز دور الشاب أو مال

مقارنة غير مباشرة بين الشباب وھؤالء المتعبين. ويحدد الراوي ثالث سمات

وھذه مباالة. الأو أشياء تتعلق بھؤالء المتعبين، وھي: الدخان والصراخ وال

األشياء ليست محايدة الداللة أو ال تحتفظ ھنا بدالالتھا المعجمية وحسب، وإنما

ھي متأثرة بسياق الومضة ككل ومتأثرة كذلك بمالمح شخصيات الوجوه

المتعبة.

Page 41: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

41 

 

فالدخان قد يرمز ھنا الحتراق "شباب" ھذه الوجوه، باإلضافة إلى

خان الناتج عن التدخين في المقھى. داللته األصلية المتمثلة في الد

انه والصراخ صراخ متبادل بين الوجوه الجالسة على المقھى، وكأن اقتر

بالتعب السابق في النص يدل على أن ھؤالء المتعبين خسروا صراعاتھم

الكبرى في الحياة ولم يجدوا بديال للتنفيس عن ھذه الخسارة سوى باللجوء إلى

صراعات حول ألعاب المقھى وجدالھم حول قضايا فائتة أو قضايا حالية بعيدة

ييم مباراة كرة قدم على ن االختالف حول تقلغالب كالصراخ الناتج ععنھم في ا

سبيل المثال.

وعندما ترد الالمباالة أخيرة في ھذه السلسة من األسماء التي تدل على

ما يراه الشاب في المقھى، البد أن نرى فيھا انعكاسا للسمتين السابقتين:

ھا عالقة بالتعب الوارد قبل احتراق الشباب والخالفات حول أشياء ليست ل

ذلك، وكأن ھؤالء األشخاص الذين "يقطنون" المقھى بما يوحي به من مقھى

"المسنين" أو الموظفين الذين بلغوا سن التقاعد قد استسلموا لخسارتھم

معاركھم السابقة في الحياة أو ألثر السنوات عليھم وصاروا ينظرون إلى الدنيا

ھم في شيء أو كأنھم ال ينتمون لھا. بالمباالة وكأنھا ال تعني

وتأتي النھاية القصصية لتقي ضوءا كاشفا على كل ما ورد في الومضة

من قبل، لتكشف لنا أن الومضة أيضا تجسد صراعا بين األجيال، بين رؤية

ى، بين جيل يرى أن الحياة لشاب ورؤية العالم لدى رواد المقھالعالم لدى ا

يديه إذا لم يجدھا وجيل يرى أن الحياة وراء ظھره، أمامه والبد أن يولدھا ب

أفراده أو من وجھة نظر –أنھا تركته ومضت، وما على ھذا الجيل األخير

Page 42: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

42 

 

إال أن يستسلم لھروب الحياة أو تسللھا من بين يديه ويلتحف – جماعاته

يد بالالمباالة كأن شيئا ال يعنيه. وربما كانت الالمباالة ھنا تعبير عن الفقد الشد

بدال أو عن الحزن الذي يكتمه صاحبه ويرسم على وجھه عالمات الالمباالة

. منه

كما أن النھاية القصصية تلقي الضوء على عنصر آخر من عناصر

، واستعمال الراوي لكلمة "آخر" الومضة، أال وھو مفھوم الوطن أو صورته

لمعناه، ال يدل على أنه يرى في المقھى وطنا أيضا، ولكنه وطن سلبي، فاقد

يؤازر الحياة، ال يدفع إلى البناء، يقضي على العزيمة والشباب.

ولذلك يسعى الشاب للبحث عن وطن آخر في مكان آخر داخل الحدود

الجغرافية التي يطلق عليھا مجازا اسم الوطن. ونستشف من ذلك أن الوطن

صراخ بالمعني الذي ينشده الشاب يتناقض مع دالالت التعب والدخان وال

واالمباالة. الوطن شباب متجدد يحتوي الجميع صغارا وكبارا ويعزز عوامل

الحفاظ على الحياة داخلھم ويحفزھم للبناء وتحقيق الذات؛ الوطن ال يحرق

عزيمة أبنائه وال يقضي على شبابھم؛ الوطن ال يعني صراخ أو باألحرى

ي الجميع ويضمھم تصارخ الجميع على أتفه األسباب، فھو يستطيع أن يحتو

في حضن واحد على تنوعھم واختالفھم وتوجھاتھم المتباينة؛ الوطن يقضي

على الالمباالة ويجعل الجميع يقبلون على الحياة باستبشار وعزيمة وانطالق

دون أن ينكسروا أو تتبدد أحالمھم سدى.

Page 43: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

43 

 

ومضتي "سوق" و"بض" لحيدر صديققراءة في

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

حيدر صديق كاتب سوداني مبدع يشق طريقة في عالم اإلبداع بخطوات

واثقة ومتأنية ويضع نصب عينيه جوھر الفن وجودة النص وصدق تعبيره عن

الحدث السردي الذي تسرده كل ومضة. وسأتناول ھنا ومضتين له وھما

ة بضمير المتكلم الذي يجعل الراوي ومضتي "سوق" و"بض"، وكلتاھما مروي

المحور األساسي لسرد الحدث والتفاعل معه والتعبير بعمق عن تجليات ھذا

الحدث وانعكاساته على نفس الشخصية ووجدانھا. وسأبدأ بومضة "سوق" وھا

ھو نصھا:

سوق

تمعنت في اللوحات المعروضة. لوجود النسخة األصلية في جيبي لم

.العنكبوت اشتر لوحة خيوط

فالشخصية والحياة، الفن بين والواصل الفاصل الخط على تلعب ومضة

المعروضة اللوحات مع وتتفاعل معرض في وتقف التشكيلية للفنون ھاوية ھنا

على فتبني الثانية الجملة أما. للنص األولى الجملة من ذلك كل ونستشف

المعرض لوحات أمام الوقوف من فبدال وتخصصھا، األولى الجملة دالالت

الخاصة اللوحة وھي بعينھا لوحة أمام الشخصية تتوقف عام، بوجه

ھذه تجسده ما وبين الشخصية/المتأمل/الناظر بين تماه ويحدث. بالعنكبوت

Page 44: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

44 

 

كلھا، اللوحة يمثل العنكبوت كان وإذا. بينھما مشترك قاسم فالعنكبوت اللوحة،

صا نجده لم الجيب ھذا وكأن فقط، ابجيبھ ويقترن للشخصية، بالنسبة مخص

الذي األمر -المزمع الشراء فعل ذلك ويؤكد - سنوات منذ مثال نقود تدخله

. جيد بشكل الشخصية تعيشھا التي الفقر حالة لنا يجسد

لفظية، مفارقة يمثل أنه لنجد الشراء فعل إلى نعود ذلك، ضوء وعلى

الذي األمر ھنا، ةلوح أي شراء تستطيع وال فقيرة الشخصية أن الواضح فمن

االستھالك في الشراء ھذا يتمثل كأن لفظه، غير على الشراء فعل نفسر يجعلنا

اللوحة ھذه أمام للتوقف حاجة في ليست الشخصية أن بمعنى التلقي،/الفني

ومن منه فائض ولديھا حياتھا في أساسية لبنة يمثل العنكبوت ألن طويال

. تجسده التي اللوحة عن تستغني وبالتالي دالالته،

وعندما نعود إلى عنوان الومضة نجد أنه ال يرتبط بالفنون التشكيلية

بوجه خاص، وإنما يفتح مجال الومضة على باب االستھالك والتسوق في

حياتنا اليومية، وكأن سوقنا الواقعية ال تعرض إال آالمنا مثال أو ال نستطيع أن

قف مكتوفي األيدي والجيوب أمام ما نشتري منھا شيئا لعجزنا المالي، أو أننا ن

يعرض في السوق. وإبراز مفردة "جيبي" في نص الومضة يجعلنا نربط

النص بالركود االقتصادي أو الغالء الفاحش ألسعار السلع وھي سلع فاقدة

لقدرتھا على اإلشباع على أية حال ألنھا تماثل ما لدى المستھلك. وربما

فن بوجه عام، وھي نظرة تقوم على ما لنستشف من الومضة نظرة معينة ل

ينقص المتلقي، ال على التعبير البديع عما لديه بالفعل. فالراوي ھنا يعتر الفن

مكمال لحياة المتلقي، أي أن يسبح من خالله في عالم ال يستطيع الوصول إليه

Page 45: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

45 

 

في الواقع، أو عالم البد أن يقدم للمتلقي رؤية جديدة ال تماثل الرؤية المتحققة

لديه بالفعل أو التي يعرفھا تمام المعرفة.

وننتقل اآلن إلى الومضة الثانية لحيدر صديق وھي ومضة "بض"

وليست لھا عالقة بالفنون التشكيلية، فھي ومضة تقف أمام لحظة مرتقبة أو

مشتھاة في حياة شخصية الراوي الذي يسرد حدث الومضة بضمير المتكلم. ھا

ھو نص الومضة:

بض

ت ناثرة الفرح في دنياي بعد زمان طال. فتحت قلبي وعكست التقي

.ترتيب ندوبه

ھذه الومضة تسلط الضوء على لحظة زمنية تأتي بعد زمن ممتد من

افتقاد/غياب الفرح/ناثرة الفرح. وربما كان اللقاء عابرا أو ال سبيل إلى االلتقاء

وي ھذه الناثرة للفرح دون المتعمد بناثرة الفرح، فاللقاء يتم عندما تمر بالرا

جھد منه أو أن سعيه وراء الفرح ال يمكنه أن يكلل بالنجاح إال إذا مرت ھذه

الناثرة في طريقه. والراوي ال يتكلم ھنا عن ناثرة الفرح بوجه عام وإنما

يخصصھا بقرنھا بعبارة "في دنياي"، أي أن الفرح خاص به ھو، األمر الذي

واالتيان بصفة ن الفرح طوال ذلك الزمن الطويل. يدل على أنه كان محروما م

يؤكد على دورھا في حياته وعلى –"ناثرة الفرح" –تلك المرأة أو البدل عنھا

حاجته الماسة إلى الصفة المقترنة بھا. ولكنھا "ناثرة" فقط، بمعنى أنھا تتوقف

عل عند نثر الفرح وال تتابع اكتماله أو نموه. ولذلك نستحضر كل دالالت ف

ب ونثر النثر عند قراءتنا للومضة. النثر يقترن بالتفرق والبعثرة كنثر الح

Page 46: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

46 

 

الشجرة لثمارھا كما تفعل شجرة التوت مثال، كما يقترن النثر بمجرد البداية

الواعدة دون متابعة نتائج فعل النثر، مثلما ننثر الحبوب في الحقل في بداية

تلتقطھا العصافير دون أن يشمل ذلك الزراعة أو ننثر الحبوب في مكان ما كي

التأكد من نمو البذور/الحبوب أو من قيام العصافير بالتقاط ھذه الحبوب.

وعندما ننتقل إلى الجملة الثانية واألخيرة من الومضة، نجد أنھا تبني

على دالالت الجملة األولى، فھا ھو الراوي يستعد الستقبال حبوب الفرح

ه اللتقاط ھذه الحبوب. ولكننا نفاجأ بأنه يعكس ترتيب المنثورة بأن يفتح قلب

ندوب قلبه، وكأن قلبه كله عبارة عن ندوب، ومن الواضح أنھا ندوب ناتجة

عن غياب الفرح في حياته لفترة طويلة من الزمن. وفكرة عكس ترتيب الندوب

فكرة رمزية قد يقف القارئ حائرا أمامھا. وأظن أن عكس الترتيب ھنا يوحي

وھي –ن الراوي يريد للندوب التي تشكلت في بداية غياب ناثرة الفرح بأ

أن تأتي في البداية كي تمتلئ بحبوب الفرح –ندوب أقدم على مستوى الزمن

التي تنثرھا ھذه المرأة. وإذا تالشت ھذه الندوب وحل محلھا الفرح يمكن

أن تمتلئ – التي ربما كانت مبنية عليھا أو ناتجة عنھا –للندوب الالحقة

بالفرح تلقائيا.

Page 47: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

47 

 

قراءة في ومضة "وجع" لصبري حسن

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

سأتناول في ھذه المقالة القصيرة ومضة "وجع" للمبدع المصري

صبري حسن، وھي ومضة مروية بضمير المتكلم وتكثر فيھا األفعال التي تنم

عن حركة في مجال السرد وانتقال من جانب آلخر من جوانب الحدث الذي

تقدمه لنا ھذه الومضة بطريقة سلسلة ومرنة وانسيابية. وھا ھو نص الومضة:

وجع

فكرت أن أكتب، قررت أن أبكي... مألت القلم دمعا... وخططت حروف

.اسمك

ومضة جيدة مروية بضمير المتكلم. ھناك تفكير يقود إلى فعل: ھذه

التفكير في الكتابة يوصل الراوي إلى قرار البدء في الكتابة، ولكنھا كتابة من

يريد أن يبكي على نوع خاص، فيبدو أن مصدر البكاء أو الشخص الذي

صدره الراوي غائب أو راحل ألي سبب كان، لكنه مفقود في حياة الراوي،

ومن ھنا يتحول البكاء إلى كتابة كنوع من التطھير لنفس الراوي من أوجاعه

وأحزانه ومما يثقل على صدره ويجعله ال يجد إال الكتابة وسيلة للتخلص من

ھذا الثقل الذي يقھره.

ولى والثانية من نص ھذه الومضة متوازيتان على مستوى والجملتان األ

التركيب، فكالھما مكونة من فعل ماض (بضمير المتكلم على لسان الراوي

Page 48: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

48 

 

المشارك) + أن + فعل مضارع منصوب (على لسان الراوي المتكلم الذي

يقوم بالفعل أيضا). ومن المالحظ أن الفعلين األوليين في التركيبين يمثال حدثا

يا تحقق بالفعل (التفكير واتخاذ القرار). أما الفعالن اآلخران فھما فعالن في ذھن

حالة كمون لم يتحققا بعد ألنھما مسبوقان بـ "أن" التي تجعلھما مازاال حالة في

الذھن لم تخرج إلى حيز الوجود بعد. وكون الجملتين متوازيتين تركيبيا يجعلنا

البكاء، وكأن الكتابة ھنا كتابة جنائزية أو ننظر إلى أن فعل الكتابة مساو لفعل

كتابة تسعى للتطھر من الوجع واأللم والعذاب، وكأن الكتابة/البكاء عمل

إيجابي ال يقتصر على مجرد القول وإنما يحقق النتيجة المرجوة منه ساعة

القيام به.

لكن الفعل "مألت" ال يناسب ھذا المقام، فمن المفترض أن الدمع يفيض

قائيا وبالتالي من األفضل استعمال فعل يدل على ذلك مثل "امتأل القلم دمعا"، تل

. فالقلم ھو الذي سيكتب والدموع ليست تحت إرادة الراوي كي يمأل بھا القلم

وفي كل الحاالت، يتساوى الدمع والحبر ھنا ويقوم كل منھما بوظيفة اآلخر

لوجود/التنفيس/التطھر لما ھو ودوره في حياة الراوي. فالدمع إخراج إلى حيز ا

موجود/مكبوت/محبوس داخل ذات الراوي وصدره، األمر الذي يحدث أثره

العالجي/االستشفائي، وكأن الراوي يھم بأن يفرغ كل ما يثقل على قلبه

وصدره وعقله.

وتأتي الجملة األخيرة لتكشف لنا عن الغائب/الراحل/المفقود، وكأن فعل

قدان/ضياع المخاطب ھنا والذي ال نعرف إن كان مذكرا الكتابة/البكاء ينعي ف

أم مؤنثا ألن الكاف في "اسمك" بدون عالمة فوقھا أو تحتھا تدل على نوع

Page 49: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

49 

 

ويجعلنا فعل الكتابة في بداية الومضة نظن أن الراوي . المفقود/الضائع/الغائب

رد ما حدث مثال أو ما تسبب في بكائه، ولكننا نكتشف أنه يكتفي برسم سسي

حروف اسم المخاطب وكأنه يرسم المخاطب ذاته ويستحضره على الورق

أمامه بدون عتاب أو لوم أو جلد للذات، فحضور االسم/المخاطب في حد ذاته

كفيل بتطھر الراوي مما يعانيه، وكأنه ال يتمنى إال حضور المخاطب أمامه

شكل أو وفعل البكاء ذاته يوحي بأن الراوي مسئول ب. حتى ولو بشكل رمزي

.بآخر عن تضييع المخاطب ھنا

Page 50: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

50 

 

عصام الشريفلاغتيال قراءة في ومضة

د. جمال الجزيري

السويس، مصرجامعة

سأتناول في ھذه المقالة القصيرة ومضة "اغتيال للقاص المصري

ومضة تحتاج إلى التوقف أمامھا كثيرا فالموحى به فيھا عصام الشريف، وھي

أكثر من المصرح به بكثير وكأننا أمام عالم متكامل من الصراعات النفسية

واإلنسانية. ھا ھو نص الومضة: واالجتماعية

اغتيال

اياي الشاردة، ھذه الضحية قتلتني نظرتھا بينما أغتال نظرة ضح عتدت ا

.حلمھا

شرود الضحايا السابقين أثناء اغتيال أحالمھم واحدا تلو اآلخر جعل

. الراوي يعتبر ھذا الشرود جزءا طبيعيا من عملية االغتيال التي يقوم بھا

نمارس ويوحي لنا ذلك بنظرة عميقة إلى مفھوم الشر والقبح في حياتنا، فعندما

شيئا شريرا أو قبيحا ونكرره وال نجد في رد فعل من نقوم بمارسته عليھم أو

ضدھم شيئا يصدنا، نعتاد على ھذه الممارسة أو ھذا السلوك، وھو اعتياد

يجعلنا نستمرئ تصرفاتنا السيئة وال نجد فيھا شيئا شاذا أو غريبا.

ا يبدو على وكلمة االغتيال ذاتھا تدخل الومضة في نطاقات أكبر مم

سطحھا، فاالغتيال يكون للسياسيين والمفكرين والمتميزين خاصة ممن يحقد

عليھم أو يعارضھم في السلوك أو االتجاه أو النظرة للحياة أو ممن يفتقد ما

Page 51: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

51 

 

. وفي الغالب يكون االغتيال مصحوبا بغفلة الضحية وعدم وعيھا بأن لديھم

وعندما يقترن ھذا االغتيال ھناك أحدا يترصدھا أو يريد أن يقضي عليھا.

باألحالم ھنا، ربما يكون الراوي صديقا لمن يغتال أحالمھم أو مسئوال عن

أمورھم بشكل أو بآخر، وكأنه يتسلل إلى أحالمھم أو يتعرف عما يكشفون عنه

له من تطلعات ليفسدھا في مھدھا أو يدمر قواعدھا، وكأن الراوي سوسة تنخر

في عظام مجتمع بأكمله.

وتعمد الراوي اغتيال األحالم دون اغتيال أصحابھا يوحي بأن الراوي

يحاول أن ينزل بسقف الطموحات لدى الشخصيات/الضحايا إلى حده األدنى،

الذي يغتاله الراوي في كل ضحية أكبر من الراوي ذاته وكأن ھذا كما أن الحلم

حرص ألن أو كأنه يسعى ب الراوي ناقم على كل من له حلم يسعى لتحقيقه

يجعل كل شخصية "شريرة" مثله بال حلم، وكأنه ھو شخصيا عجز عن تحقيق

حلمه فأراد أن يجتث كل حلم ألي شخص آخر.

وبعد ھذا االعتياد وھذه اآللية في االغتيال، يفاجأ الراوي بنظرة مغايرة

ربما تخلو من الشرود وربما وجد نفسه في الضحية ونظرتھا وكأنه اكتشف أنه

، وكأن نظرة ھذه الضحية تجسد كل نظرات نفسه باغتيال ھذه الضحية يغتال

الضحايا السابقين وكأن ھذه النظرة ومضة في حد ذاتھا تكثف كل لحظات

االغتيال السابقة وتفرغ النظرات السابقة من شرودھا ليسقط ھذا الوميض

ا الكاشف على الوعي الراوي ووعيه على حد السواء ويجعله يكتشف فظاعة م

يفعله.

Page 52: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

52 

 

ويستعمل الراوي "ھذه" التي تدل على اإلشارة للقريب زمانا ومكانا ھنا

وكأنه يكتشف فداحة اغتياالته في نفس اللحظة التي يغتال فيھا حلم الضحية

التي من الواضح أنھا ستكون أخيرة، ألن نظرة ھذه الضحية قتلت الراوي

ن اغتيال، وكأن ھذه النظرة معنويا على األقل: أي أنھا قتلت فيه ما يقوم به م

.ھي المقصلة أو القاضي أو الحكم الذي يصدر حكما نھائيا على الراوي

من الواضح أن ھذه الومضة عبارة عن لقطة من حدث أكبر يشير و

الراوي إليه من خالل االعتياد في بداية الومضة وكأننا أمام ومضة مستنبطة

الشر داخل النفس البشرية وقام من رواية جريمة أو رواية تتوغل في خبايا

الراوي بالتوقف عند لحظة تحول الحدث في ھذه الراوية وأبرزھا لنا في

.ومضة رائعة

بالنسبة للحدث في ھذه الومضة، لسنا أمام مجرد سرد لحدث. فالومضة

ھنا تقدم لنا لحظة دالة من حدث أكبر يمتد قبلھا في الزمن بكثير واستحضره

ل التأكيد على اعتياده اغتيال أحالم أشخاص آخرين. ومن الراوي ھنا من خال

ھنا نكون أيضا أمام شخصية مركبة ولھا بعد نفسي كبير تكثفه اللحظة التي

أمامنا وتوحي بتوغل الشر واغتيال األخالم في شخصية الراوي. ومن ھنا

يمكننا أن نستشف أن الومضة بوجه عام تستحضر في خلفيتھا أحداثا سابقة بين

لشخصيات حتى لو كانت ھذه الشخصيات/الضحايا ھنا مختلفة، ولكنھا تشترك ا

في األحالم على أية حال، أي أنھا كلھا تتقاسم رحابة الحلم والسعي نحو تحقيق

التطلعات ويأتي الراوي ھنا بمثابة عائق أمام ھذه األحالم والتطلعات أو خصم

لھا يسعى للقضاء عليھا.

Page 53: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

53 

 

الراوي على لحظة فارقة في حياته، فالومضة وبالنسبة للزمن، يركز

ھنا مروية بضمير المتكلم، وھذه اللحظة ليست منفصلة عن اللحظات السابقة

عليھا، ولكنھا تتصل بھا اتصاال وثيقا ألنھا تكشف لنا عن تاريخ

الشخصية/الراوي مع االغتيال. ولكن ھذه اللحظات السابقة ال تحضر بذاتھا

ي قد يجعل الومضة قصة قصيرة أو تلخيصا لحدث، في الومضة، األمر الذ

وإنما تحضر من خالل الفعل "اعتدت" الذي يوحي بتكرار الحدث من قبل

وبتكرار لحظات وتجارب مماثلة، ولكنه فعل أيضا يوحي بأن الراوي سيمر

بنقطة تحول تخرجه من ھذا االعتياد، فلو سردت لنا الومضة نفس الحدث

تحول لن نكون أمام ومضة، إذ أن وعي الراوي في ھذه المتكرر من قبل دون

الحالة سيكون ثابتا دون أن يطاله تحول أو تبدل أو تغير، ولذلك يسلط الراوي

الضوء على لحظة تحول في ھذا الحدث المتكرر، ولحظة التحول ھذه ھي ما

تحدثنا عنه سابقا بأن الومضة تلتقط لحظة فارقة في حياة الشخصية، فارقة

عنى التحول والتميز عن اللحظات األخرى المشابھة أو غير المشابھة. بم

Page 54: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

54 

 

نظرة أولية :بين الومضة الشعرية والومضة القصصيةالفرق

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

الحالة الغنائية تحتويھا القصيدة وفيھا يعبر الشاعر عما يحلو له من

انطباعات ومشاعر وأحاسيس وحتى أفكار بشكل فني. أما في القصة الومضة

فالبد أن يكون ھناك حدث يسرد موقف معين وتغلب عليه أفعال الحركة التي

.ال الحدث من خطوة/حركة إلى أخرىتدل على انتق

.على سبيل المثال: رأيتك في آخر النفق. نبع األمل بقلبي

ھذه حالة شعرية، ألن الروية تدل على سكون وليست على حركة. ولم

يستعمل الكاتب بعد ھذه الرؤية أفعاال يمكنھا أن تبث الحركة في ھذا السكون،

سكونا أقل من السكون الماثل في فنبع األمل ترتبط بسكون أيضا وإن كان

.الرؤية

): رأيتك في آخر النفق. قاومت ألم قدمي. استجمعت عزيمتي 2مثال (

.وواصلت التقدم نحوك

ھنا توجد حركة، وانتقال من حالة أو لقطة ألخرى، ففعل الرؤية الساكن

السكون في بداية الومضة لم يظل ساكنا، ألن الجملتين التاليتين حركتا ھذا

وجعلتاه مبتدءا لحدث متصاعد ومفتوح في آن. فالشخصية ھنا تشعر باأللم

الذي من الواضح أنه ناتج عن طول السير أو الحركة في سبيل الوصول لھدف

ما وأن الراوي كاد يصل إلى مرحلة اليأس واالستسالم. ومجرد رؤيته لھذه

Page 55: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

55 

 

األمل في المثال السابق. المرأة/الحلم/الوطن، الخ، بث فيه طاقة جديدة مثل

ولكن الراوي ھنا لم يكتف بھذه الطاقة الجديدة وإنما استغل دالالتھا وقام باتخاذ

خطوات ملموسة أمامنا تدفع حركة الحدث لألمام من خالل المقاومة ھنا. ثم

تأتي الجملة األخيرة لتستغل إمكانات الجملة السابقة وتؤكد لنا أن المقاومة

وأن العزيمة جعلت الراوي يتغلب على ألمه ويواصل تحولت إلى عزيمة

الحركة سعيا للوصول إلى الھدف.

Page 56: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

56 

 

ارقراءة منظورية في و مضتين لمصطفى علي عم

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

ار من زاوية سأتناول ھنا ومضتين للكاتب المصري مصطفى علي عم

المنظور السردي وتأثره السلبي باستعمال صيغة التعريف باأللف والالم في

الومضة، وھما ومضتا "رحيل" و"خطبة". وھذه الومضة مروية بضمير

وي ال يشارك في الحدث بأي شكل من األشكال، كما أنه ال يقدم الغائب والرا

لنا الومضة من خالل منظور أي شخصية من الشخصيات، وإنما يقدم لنا

الحدث من منظور خارجي بحث ويقرنه في نھاية الومضة بمنظور داخلي أو

باألحرى منظور ذاتي يذكر من خالله المبرر الذي يجعل الشخصية تقوم بما

ه. ومن نافلة القول إن طبيعة استعمال ضمير الغائب تستلزم وجود فجوة تقوم ب

أو مسافة تبعد الراوي عن االندماج في الحدث المروي وتمنعه من استعمال

أو التعميم نطاق إلى المعرف صيغة التعريف، فالتعريف في ھذه الحالة يخرج

الغالب. في التجريد

يقول الراوي غير المشارك في الحدث بضمير الغائب في ومضة

الشارع، في المواطنين يروع األمن رجل فوقف العادل الحاكم "رحيل": "مات

الحاكم تجعل" العادل الحاكم مات"الحماية". عبارة ألجل منھم اإلتاوات يجمع

لحاكما يجعالنه والالم فاأللف ودم، لحم من شخصية وليس وفكرة رمزا ھنا

يجعالنه وال بالعدل الحكم أو الحكم في العدل لفكرة صورة أو الوحيد العادل

Page 57: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

57 

 

من بالرغم مقبولة تكون قد" عادل حاكم مات: "مثال ذكر لو. محددة شخصية

الشخصية. تجسيد على وليست الفكرة على تقوم ذاتھا الومضة أن

ونجد المشكلة ذاتھا في "رجل األمن" المعرفة باإلضافة، وخاصة في

األلف والالم المقترنة بكلمة "األمن" وإن كانت بشكل أقل، فرجل األمن ھنا

رمز لكل رجال األمن، فھو ليس "رجل أمن" بل "رجل األمن"، األمر الذي

د إلى يخرج الومضة أيضا من سياق مخصص ومن تجسيد لموقف سردي محد

إطار التجريد وكأن المشھد يتكرر في كل مكان في البلد االفتراضي الذي يدور

فيه حدث الومضة.

واستعمال صفة "العادل" باإلشارة إلى ذلك الحاكم يؤكد نزعة التجريد

في ھذه الومضة. ھل العدل صفة منظورة يمكن ألي شخص أن يراھا ويصف

عال، فمن المفترض أن رجال األمن في بھا ذلك الحاكم؟ لو كان حاكما عادال ف

دولته يتسمون بالعدل بشكل أو بآخر، وإال كان سلوك أحدھم ھنا بعد موت ذلك

الحاكم يدل على أن رجال أمنه كانوا ينافقونه أو يمثلون العدل أمامه وما إن

مات حتى ظھروا على حقيقتھم، وھذا بدوره ينفي صفة العدل لدى ذلك الحاكم

ه للحكم. وينفي أھليت

وتقوم الجملة الثانية من الومضة على التضاد أو التنافر بين "األمن"

و"الترويع" وكأن رجل األمن ليس برجل أمن! كيف يستقيم ذلك والراوي

يستعمل معه صيغة التعريف التي تجعله رمزا لألمن ورمزا لكل رجال األمن؟

أو تباينا أو تضادا ال يبدو أن الراوي يرى في الومضة بوجه عام مجرد مفارقة

يستند إلى منطق في الحدث وال يجعلنا نجدى صدقا فنيا في الحدث المروي.

Page 58: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

58 

 

"يجمع اإلتاوات منھم ألجل الحماية" –ونصل ھنا إلى الجملة األخيرة

وھي جملة ال يمكنھا أن تمثل منظور شخصية رجل األمن الداخلي، فلو كان –

سمي ما يجمعه من الناس "إتاوات"، وإنما رجل األمن يفعل ذلك فعال، فھو ال ي

يستعمل الراوي ھذه الكلمة وتعبر عن منظوره الشخصي. والراوي ھنا غير

مشارك في الحدث، وبالتالي يكون منظوره منظورا ذاتيا يفرضه على

الشخصية ويبرر به سلوكھا، وكونه غير مشارك ال يتيح له أن يفسر الحدث

بھذا الشكل الفج.

ھنا أن الومضة تقوم على رؤية أصولية للعالم، وتتمثل ھذه من الواضح

الرؤية في أن العصور السابقة أفضل من العصر الحالي على مستوى كل

يجسد العدل –عصر الحاكم العادل –شيء، فالعصر السابق في الومضة

عصر رجل األمل الذي يقوم بالترويع –المطلق للحكام، والعصر الحالي

يجسد االنحدار التام لفكرة العدل وفكرة الحكم ذاتھا، وكأن –وات ويفرض اإلتا

الراوي يعيش في عصر سابق أو ماض ولم يستطع أن يندمج في العصر

الحالي فوصفه ھذا الوصف التقريري المباشر الذي يقوم على الفكرة أوال

وأخيرا دون أن يسلط الضوء على موقف في حياة الشخصية تجعلنا نراھا

بعيدا عن التقييم أو القسر أو التوصيف الذي ال يحتمله الحدث. بحياد

ويقول الراوي في ومضة "خطبة" التي أرسلھا مصطفى علي عمار

نادي اإلمام بالتبرع : "2014سبتمبر 3للنقاش على سنا الومضة بتاريخ

."للفقراء؛ وضع يديه في جيبه لم يخرجھا

Page 59: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

59 

 

صية التي تذكر م مع الشخفنجد ھنا نفس مشكلة استعمال األلف والال

ألول مرة في نص الومضة، وھي شخصية اإلمام. فالتعريف ھنا يدل على إمام

بعينه أو صفة أو فكرة اإلمام/اإلمامة بوجه عام. كما أن السياق يدل على أن

كلمة "الخطيب" ھي المقصودة ھنا، فاإلمام في المسجد ال تطلق إال على من

ل الكلمة في نص قصير مثل الومضة يؤم الناس في الصالة. وعندما تستعم

ستوحي لنا بأن الراوي سيرد لنا حدثا خاصا بالصالة وليس بالخطبة.

رض أن شخصيات الومضة شخصيات محددة من لحم ودم، تمن المف

ومن ھنا البد أن تروي في ھذه الومضة حدثا عن إمام بعينه. فالتعريف ھنا

يجسد الفكرة من خالل يجعل الومضة عبارة عن فكرة وليس سردا لموقف

الحدث. اإلمام ھنا رمز لكل األئمة. وما معنى اإلمام؟ عندما تأتي بصيغة

التعريف، البد أنھا تشير إلى فكرة اإلمام بوجه عام وھذا غير جائز في القصة

الومضة أو تشير إلى اإلمام في مذھب ديني محدد.

ي الحدث الومضة مروية ھنا بضمير الغائب، والراوي غير مشارك ف

ومن ھنا فھو ال يعرف اإلمام معرفة شخصية وليس موجودا مثال في المسجد

وعنوان الومضة خطبة، ولذلك فھو خطيب وليس !الذي يخطب فيه ھذا اإلمام

إماما. الراوي من المفروض أنه ال يعرف ھذا اإلمام أو ھذا الخطيب إال من

ضافة مثال: إمام مسجدنا. خالل صيغة التنكير، ويمكنه أن يعرفه من خالل اإل

وھذا يدخل الراوي في الحدث ألنه سيكون مشاركا فيه ولو حتى عن طريق

االستماع للخطبة فقط. ولذلك من األفضل أن يتغير أسلوب السرد ھنا من

Page 60: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

60 

 

السرد بضمير الغائب إلى السرد بضمير المتكلم حيث يكون الراوي شخصية

ثانوية في الومضة

ستعملھايمال الفاصلة المنقوطة. لماذا عتعلق باستت ھنا النقطة الثانية

؟ وما وظيفتھا وداللتھا؟ ھل ھناك عالقة سببية بين ما قبلھا وما الراوي/الكاتب

بعدھا؟ اإلمام ھنا ينادي جمھور المصلين بالتبرع للفقراء وال يوجه كالمه

لنفسه، فمعنى الخطبة أنه يخطب في آخرين وال يخطب في نفسه

ليست له ، فما بعدھاما بعد الفاصلة المنقوطةالنظر إلى إلى وھذا يقودنا

عالقة بما قبلھا، فمن المفروض أن يتعلق ما بعدھا بالمصلين أو جمھور

. بداية أي ومضة تؤسس لحدث ھو شخصيا اإلمام/الخطيبالخطبة وليس ب

وتحدد أطرافه أو على األقل السياق الذي سينمو فيه الحدث ويكون منبتا له.

وكون الشخصية ھنا خطيبا يجعل كالمه وخطابه/خطبته موجھة لجمھور

الحاضرين بالمسجد وبالتالي نتوقع أن يكون حدث الومضة خاصا بھؤالء

الحضور وليس بالخطيب ذاته.

وعبارة "وضع يديه في جيبه لم يخرجھا" بھا مشكلة لغوية تتمثل في أن

ي "يخرجھا" ضمير مفرد اليدين مثنى وأن الضمير الذي يعود عليھما ف

واألصح أن نقول "يخرجھما". وإذا نظرنا إلى ھذه الجملة من زاوية عالقتھا

بمن نراھم من خطباء على المنابر، ال أظن أن الخطيب على المنبر يضع يديه

في جيبه أثناء الخطبة، فغالبا ما يستعمل الخطيب حركات الجسد مثل اليدين

ا من وراء خطبته. ليؤكد المعاني التي يرمي إليھ

Page 61: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

61 

 

المتكلم وعدل في بضمير لو كان الراوي قد قام بسرد ھاتين الومضتين

أنھا على المعرفة والشخصيات للعناصر ننظر أن بإمكاننا كان صياغتھما،

في معرفة ألنھا والصفة باالسم يعرفھا وھنا يحق له أن الراوي عالم من جزء

له. بالنسبة عالمه

باختصار، نص الومضة بوجه عام نص كامل ومتكامل برغم من قصره

الشديد، وكل حرف فيه يلعب دورا مھما، وأي خلل أو سوء استعمال للغة

يؤدي إلى إفساد النص بوجه عام.

ليست –وفي أي نص سردي آخر –البداية السردية في الومضة

عشوائية، فھي مثل البذرة التي ستنمو سريعا وتشكل لنا نصا مترابطا عضويا

ومنطقيا وحدثيا ودالليا ومتماسكا لغويا. ولذلك البد أن يكون أي شيء يأتي بعد

يمكن مثال أن أذكر ھذه البداية ناتجا منھا ومبنيا عليھا ومستغال إلمكاناتھا. فال

شخصا في بداية الومضة، ثم يكون الحدث التالي متعلقا بشخص آخر.

صيغة التعريف في الومضات المروية بضمير الغائب تقرن الومضة

بمنظور الراوي. ونظرا ألن الراوي غير مشارك، فليس له منظور في النص

لراوي عينا محايدة سوى المنظور الخارجي الذي ينقل لنا الحدث كما لو كان ا

ال وظيفة لھا سوى النقل. وتأتي المنظورات األخرى خاصة

بالشخصية/الشخصيات بعيدا عن الراوي.

مراجع

Page 62: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

62 

 

. الكتاب 2014ومضات". ومضات أغسطس 10مصطفى علي عمار. "

الرابع في سلسلة كتاب الومضات الشھرية االلكتروني. سلسلة شھرية

الفيسبوك. تحرير وتقديم: جمال تصدر عن مجموعة سنا الومضة على

-24. ص 2014الجزيري. الجيزة: حمارتك العرجا للنشر االلكتروني،

25 .

Page 63: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

63 

 

قراءة في ومضة طوارئ لرحيمة بلقاس

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

عندما مشكلة استعمال صيغة التعريف في الومضة القصصية تبرز

يكون النص مباشرا ويحيل إلى عالم ما خارج النص، إلى عالمنا الواقعي

المعاش إحالة مباشرة دون أن يقوم الكاتب بتخليص النص من إشارته المباشرة

لتقريرية إلى ھذا العالم لدرجة أن من يقرأ النص وال يعرف الحدث المشار ا

إليه خارجه ربما يجد النص عبثيا بال معنى ويوحي بأن كاتبه ال يعرف كيف

يكتب نصا قصصيا. ففي نص "طوارئ" لرحيمة بلقاس، يقول الراوي أو

السبات"، ونشر فأكملوا النوم، حاصرھم الحصار، لفك القمة الراوية: "انعقدت

، وأجدني 2014 أغسطس 1 ھذا النص على مجموعة سنا الومضة بتاريخ

على يمضطرا ھنا لذكر تاريخ نشر النص ألنه مرتبط بفترة العدوان اإلسرائيل

له ليس عبثي نص" طوارئ" غزة في وقت كتابة الومضة ونشرھا. فنص

كتابة ساعة بيةالعر بالقمة خاص خارجي حدث إلى باإلحالة إال سردي معنى

حصار؟ القمة معرفة بال أي. الحصار فك: تقول أن يمكنك قمة؟ أي. النص

األمر الذي يدخل الومضة في داع والحصار غير معرف وال نعرف طبيعته،

.قصصي محدد المعالم ومعلومة أطرافه سياق أي عن بعيدا العام إطار الكالم

رة من الومضة، نجد أنھما تكرران وعندما ننتقل إلى الجملتين الثانية واألخي

نفس المعنى بشكل أو بآخر وأظن أن الكاتبة لم تضع الجملة األخيرة إال ألن

كلمات كحد أدنى لحجم نص الومضة، األمر الذي يبعد 8سنا الومضة تشترط

Page 64: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

64 

 

النص عن التكثيف السردي الذي تستلزمه الومضة. كما أن كلمة السبات كلمة

رة في لغتنا العربية المعاصرة، وھذه مشكلة ال يعيھا قديمة تكاد تكون مھجو

الكثيرون من الكتاب الذين يستعملون ألفاظا اندثرت أو تكاد ومن ھنا ال

يدركون طبيعة اللغة األدبية التي ينبغي أن تكون مواكبة لالستعمال الجاري

على األلسنة أو على األقالم في عصر معين، فعصرية اللغة جزء من حيوية

عالقة ص وارتباطه بحياة مجتمع مستعملي اللغة في فترة زمنية محددة. وماالن

عبثية. عالقة أنھا أظن القصصية؟ بالمقدمة باألحرى أو بالنص والسبات النوم

كما أن استعمال ضمير الجمع في سرد النص يدخلنا في إشكالية أخرى.

فالشخصيات التي يتم التعبير عنھا ككتلة واحدة من خالل ضمير الجمع الغائب

ليست لھا مالمح بشرية، فالنوم سمة مشتركة بين جميع الكائنات الحية. وحتى

شخصية ال حول لھا وال إذا نظرنا إليھم كشخصية واحدة من لحم ودم، ستكون

قوة ألنھا تتعرض لحصار النوم لھا. كما أن الفعل "أكملوا" ال يتناسب مع

حصار النوم لھم، فالفعل األدق ھنا ھو "استسلموا" ليتماشى مع الفعل

"حاصرھم" وكان من األجدى أن يتم استعمل ضمير يعود على النوم ھنا بدال

سلموا له". ومن الواضح ھنا أن أدق من كلمة "السبات": "حاصرھم النوم فاست

توصيف للمنظور المستعمل ھو المنظور الخارجي الذي ينقل لنا مھاجمة النوم

لھذه الشخصيات واستسالمھم له. ونأتي ھنا إلى عالقة العنوان بالنص. ال توجد

أي "طوارئ" فيما يحدث في الومضة وال يوجد حدث قصصي أصال:

فسيطر عليھم النوم"، كأن أجلس للكتابة اآلن أشخاص عزموا على أداء مھمة،

وأشعر بالنوم فأنام، ما الفن في ذلك. تعاني ھذه الومضة من عدة مشكالت

Page 65: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

65 

 

تخرجھا من نطاق الفن السردي أساسا: الحدث غير محدد ويشير إشارة

خارج النص؛ الشخصيات –ساعة كتابة النص –مباشرة إلى حدث آني

دة أيضا؛ الضمير المسرودة به الومضة ضمير جماعية وليست لھا مالمح متفر

يخرج الومضة من نطاق التخصيص والتجسيد وعرض الحدث إلى نطاق

التعليق والفكرة المباشرة؛ اللغة تميل إلى التكرار واستعمال ألفاظ مھجورة.

نص الومضة بطبيعته نص قصير وال يحتمل أي إساءة استعمال حتى لو كان

. ذلك يتعلق بعالمة ترقيم

. الكتاب الرابع في 2014رحيمة بلقاس. "ومضتان". ومضات أغسطس

سلسلة كتاب الومضات الشھرية االلكتروني. سلسلة شھرية تصدر عن

مجموعة سنا الومضة على الفيسبوك. تحرير وتقديم: جمال الجزيري. الجيزة:

.58. ص 2014حمارتك العرجا للنشر االلكتروني،

Page 66: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

66 

 

عدنان مھدي قراءة في ومضتين للسيد

د. جمال الجزيري

جامعة السويس، مصر

سأتناول في ھذه المقالة القصيرة ومضتين للكاتب السعودي السيد عدنان

مھدي، وھما ومضتا "سماء غزة" و"غبث". وھناك تباين واضح في المستوى

بين ھاتين الومضتين، فاألولى بھا الكثير من المشاكل الفنية والثانية ومضة

ومضة "سماء جيدة تقوم على السرد غير المباشر من خالل الحوار. وسأبدأ ب

غزة" ألنھا األقدم على مستوى الكتابة إذ أنھا نشرت على مجموعة سنا

، ثم سأنتقل بعد ذلك إلى ومضة "عبث" 2014الومضة في شھر أغسطس

المنشورة على المجموعة في شھر أكتوبر، وھي ومضة أكثر نضجا من

الناحية الفنية وال تشوبھا عيوب الومضة األولى.

ة "سماء غزة" مباشرة إلى العالم الواقع خارج يحيلينا عنوان ومض

فضاء النص األدبي، ويشير ھنا إلى مكان جغرافي محدد. يقول الراوي في

أقفاصھا، عن تبحث غزة عصافير القصف، بدأ القصف، ھذه الومضة: "انتھى

الطيران". ومشكلة اإلحالة المباشرة إلى العالم الذي يقع خارج تخاف مازالت

ي خارج مجال األدب، والمقصود باألدب ھنا النص السردي الذي النص وبالتال

بين أيدينا الذي من المفترض أنه ينتمي إلى نوع أدبي محدد، ومن المفترض

أن يكون النص الذي ينتمي لھذا النوع مكتمال في حد ذاته بحيث يستطيع

يعرف القارئ أن يتفاعل معه تفاعال كامال من داخله. فلنفترض أن قارئا ما ال

شيئا عن غزة أو أن قارئا ما ينظر لما يحدث في غزة الواقعة خارج النص

Page 67: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

67 

 

نظرة مخالفة للنظرة التي يراھا ما خاللھا الراوي ھنا، ال أظن أن ھذا القارئ

سيستطيع التفاعل مع النص أو يستطيع أن يشكل نظرة متكاملة لما يقدمه عالم

النص ھنا.

لف والم التعريف مع كلمة "قصف"، تتمثل المشكلة ھنا في استعمال أ

وكأن الراوي يضع في ذھنه قصفا محددا ال نراه مجسدا في نص الومضة. أي

ولماذا يكرر الكاتب كلمة "القصف" مع أنھا فاعل في الجملتين؟ ھنا؟ قصف

القصف يشير إلى حدث خارج النص معروف للكاتب وربما للقارئ أيضا،

وال الغائب بضمر ظاھرھا ليته واكتماله. الومضةاألمر الذي يفقد النص استقال

مروية واعتبرناھا السرد أسلوب في النظر أعدنا إذا إال كذلك قبولھا يمكن

مستتر والراوي ينتمي للمجتمع الذي يدور فيه الحدث، فالحدث متكلم بضمير

ھنا ال يمكن لراو مالحظ أن يبصره في حد ذاته، إال إذا كان ھو معرضا

ى في العصافير معادال موضوعيا لحالته. للقصف وير

وما عالقة األقفاص بالطيران؟ األقفاص لطيور الزينة، والطيور التي

في الومضة عصافير يمثل الطيران بالنسبة لھا ھوية وحياة. ومن الواضح أنھا

عصافير برية غير مدجنة أو بيتية. ھل يقصد الكاتب باألقفاص األعشاش؟

فردات يضيف أبراج الحمام؟ ھل الحمام عصافير أم طيور؟ سوء استعمال الم

عيبا آخر للومضة. وإذا كان الحدث يتعلق بالعصافير بوصفھا الشخصية

الرئيسية بل والوحيدة ھنا في الومضة، ھل يحتمل نص الومضة الكلمات

األربع ألول جملتين بھا أم كان من األفضل أن يحذف ھاتين الجملتين

يرتين؟ ويستعيض عنھما بكلمة تدل على القصف في ثنايا الجملتين األخ

Page 68: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

68 

 

ال مشكلة في أن تدول أحداث النص المتخيلة في أي مكان جغرافي،

فالمشكلة تتمثل في عدم االلتزام بمتطلبات السرد من استعمال دقيق للمنظور

فا واكتمال الحدث وعدم استعمال التعريف إال إذا كان الشيء في النص معر

لمة القصف بالتعريف ھنا ال بالفعل داخل النص وفقا للعين التي تراه. وروود ك

تتماشى مع المنظور الخارجي المستعمل في بجاية الومضة، كما أن تكرار ھذه

الكلمة ال يحتمله نص الومضة.

التجربة التي يعبر النص في حد ذاتھا جيدة، ولكن أسلوب صياغتھا

أضعفھا. فلقطة العصافير المطاردة التي ال تستطيع أن تحلق وتحقق ذاتھا

يتھا فكرة جيدة، لكنھا كانت تحتاج إلى تعبير أقدر على إيصالھا وتجسديھا. وھو

وفكرة البحث عن األقفاص ال تتسق مع جوھر العصافير، فمن المفترض أن

الخوف من القصف ھنا يجعل العصافير تختبئ في أي مكان مثال ال يعرضھا

التعاطف للقصف. ولكن وجود األقفاص ھنا ينسف فكرة الومضة وينسف فكرة

مع ما يحدث أو حدث في غزة. فإذا كان أھل غزة يرون أن المكان اإلنساني

المناسب واألصيل للعصافير ھو األقفاص، ومن ھنا يرون أن العصافير للزينة

فقط والبد من سجنھا في أقفاص، كيف للقارئ أن يندمج في عالم الومضة؟

المه وعالم الومضة؟وكيف له أن يبصر النقاط اإلنسانية المشتركة بين ع

تعاطف الكاتب مع قضية أو فكرة ليس كفيال بإنتاج نص أدبي جيد،

فالنص األدبي البد أن يتجسد فيه الصدق الفني بحيث تكون كل كلمة فيه

متفاعلة نفسيا ووجدانيا وتعبيريا ودالليا وإيحائيا مع الكلمات والتعبيرات

ي متكامل. األخرى والبد أن يصب كل ذلك في كل فن

Page 69: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

69 

 

سأنتقل اآلن إلى تناول ومضة "عبث" للسيد عدنان مھدي. وھي ومضة

مختلفة تماما عن ومضة "سماء غزة". فعلى مستوى العنوان، جاء عنوانھا

بصيغة التنكير التي تصف الحالة العامة التي يجسدھا النص ويبرزھا داخله.

ون أي تدخل منه وعلى مستوى السرد، اكتفى الراوي بالمنظور الخارجي د

حتى على مستوى الصياغة، فالومضة منقولة لنا من خالل الحوار بين

شخصيتين. وتوجد ھنا أيضا إحالة إلى ما ھو موجود خارج العالم النصي،

ولكنھا ليست إحالة إلى عالمنا الواقعي، وإنما ھي إحالة إلى نص أدبي آخر

الذي يكتب باللغة الفرنسية وھو مسرحية "في انتظار جودو" للكاتب األيرلندي

صمويل بيكيت. ويمكننا أن ننظر إلى الومضة ھنا على أنھا تقيم عالقة تناص

مباشر مع مسرحية بيكيت وكل المسرحيات الالحقة عليھا المستوحاة منھا. وھا

ھو نص الومضة:

عبث

.غودولن يأتي -

سيأتي.لكنه -

.يأتيتأكدت، لن -

ماذا نفعل إذن؟ -

2014أكتوبر 19 .ه، ننتظر غودوھھھ-

تتكون ھذه الومضة من خمس جمل حوارية: أول جملتين ترجعاننا إلى

النص المسرحي الذي تتناص معه الومضة وما فيه من تردد بين االنتظار

وعدم االنتظار، من تأمل أو تناول لفكرة االنتظار ذاتھا. ولكن الجملة الحوارية

Page 70: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

70 

 

شخص األول على أن جملته األولى تأكيدية وليست الثالثة تجعلنا ننظر إلى ال

ظنية أو تأملية. فھذا الشخص تأكد من عدم قدوم جودو ومن الجدوى االنتظار.

ويرد عليه الشخص الثاني بسؤال يبدو أنه حقيقي يطلب التشاور حول الخطوة

التالية: ماذا يفعالن بعد أن تأكدا من أن انتظارھما لذلك الجودو بال معنى؟

أتي نھاية النص لتضيف بعدا ساخرا لالنتظار بأكمله. فالضحكة ھنا توحي وت

بأن الجملة التالية عبارة عن مفارقة قولية تدل على عكس معناھا، وكأن

الشخص األول الذي ابتدأ الحوار يؤكد على نيته في عدم االستمرار في ھذا

ائل مفھوم االنتظار العبثي. ويستخدم الكاتب ھنا الضحك والمفارقة ليس

االنتظار في حد ذاته ويسائل ما فعله ھذان الشخصان بحياتھما طوال فترة

االنتظار. والكوميديا ھنا تخفف من وطأة اإلحساس بضياع حياتھما سدى في

انتظار ال يحقق شيئا.

نص الومضة ھنا متكامل في حد ذاته وال يتدخل فيه الراوي بشيء وال

يكون معروفا في حد ذاته. وحتى اإلحالة يحيل إلى شيء خارج النص قد ال

التناصية إلى مسرحية صمويل بيكيت يمكن للقارئ أن يقرأ النص بعيدا عنھا.

فيوجد ھنا شخصان ينتظران شخصا ثالثا ويبدو أنھما ينتظرانه منذ فترة طويلة

وعندما يتأكدا من عدم مجيء ذلك الشخص الثالث يحوالن انتظارھما الطويل

فكاية ويسخران من ھذا االنتظار. ومن المعروف أن السخرية له إلى مادة

تعتبر وسيلة من وسائل المقاومة وكذلك الضحك، مقاومة اإلحساس بالخيبة كي

ال ينكسر اإلنسان أو يكتئب عندما يدرك أن حياته الماضية لم يعشھا كما ينبغي

ا يؤھل أو أنه أضاعھا في أشياء ال جدوى من ورائھا، وتجنب االنكسار ھن

Page 71: مجلة سنا الومضة، العدد السادس نوفمبر 2014

71 

 

ھذين الشخصين ألن يصححا مسار حياتھما ويقوما بأشياء تحاول أن تعوض

ما فاتھما.

مراجع

. الكتاب الرابع 2014ومضات". ومضات أغسطس 3السيد عدنان مھدي. "

في سلسلة كتاب الومضات الشھرية االلكتروني. سلسلة شھرية تصدر

عن مجموعة سنا الومضة على الفيسبوك. تحرير وتقديم: جمال

.49. ص 2014الجزيري. الجيزة: حمارتك العرجا للنشر االلكتروني،