طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

······································· مقدمة ·······························مصر للمصريين: مدخل

···································الدولة: الفصل األول ·································قانون ال:الفصل الثاني ··················قيم النظام الجمهوري: الفصل الثالث

································الحكومة: الرابعالفصل ·····················السياسة، والنخبة: الفصل الخامس ····················األحزاب السياسية: الفصل السادس ······························األصولية: الفصل السابع ·······························الصحافة: الفصل الثامن ················التجديد في الفكر الديني: الفصل التاسع ······························اإلصالح: الفصل العاشر

حادة، وعنيفة، وانفجارية، وسـلبية تحملهـا صفات

نفسية، عن –البنيات الخطابية السياسية والثقافية، والسوسيو الحالة المصرية العامة، في المجاالت المختلفة، وكلها تمثـل تعبيرات عن أوضاع الجمود السياسي، والشيخوخة الجيليـة، وضعف المؤسسية، وشخصنة السـلطة، وعسـكرة الـدين، والسياسة، وضعف الكفاءات، واغتيال المواهـب، وضـعف

و ، أ "الفردية"المشاركة المجتمعية والسياسية، ووأد المبادرات الجماعية والقمع والعنـف الرمـزي والمـادي واللفظـي، والعشوائية، وضعف األخيلة السياسية، وبطء اإلدراك والحس بالتحوالت الكبرى في الدنيا المتغيرة، حيث عـوالم فلسـفية وفكرية واصطالحية تداعت وانهـارت، وأخـرى بزغـت، وتأسست، تغيرات، وصيرورات، وتشكالت ألبنية، وأفكـار،

وبعض أجهزة االستقبال اإلدراكية السياسية والثقافية ورؤى،لدينا بها أعطاب بنائية، أثرت على عمليات التمثيل والهضـم لما ينتجه العالم المعولم األكثر حداثة وما بعـدها، والـردود على التحوالت غير المسبوقة، التي مست أساسيات عالم مـا

. الباردةبعد الحرب العالمية الثانية، بل عالم الحرب

أو بـاألحرى –األوصاف الزاعقة للحالـة خطاب يدور في غالبه حول المحنة، والكارثـة، ،الحاالت المصرية

والدراما، واالنهيـار، والفوضـى، والعشـوائية، والعجـز، ، نوالفشل، والفرص الضائعة، والتراجع، واالنحطاط، والوه

خروج واألزمة، والمشاكل المستعصية، والتخلف الشامل، وال من العصر والتاريخ والجغرافيا والعالم مـا بعـد الحـديث

إلى نعوت مستمدة من تشخيص الحـاالت الًوالمعولم، وصو الباثولوجية، والمرضية أو الوراثية، التـي تصـف تخلفنـا وانحطاطنا، بأنه جيني، وجزء من نسيج تكـوين الجينـات

، وكلها بيئة أوصاف حادة، - منقوص المواطنة –للمصري ، "الجماعيـة " و - أين هـي؟ –" الفردية"وقدحية، تذم الذات

وراء تطهر ما من تقاعس ما، أو فشـل امها سعي يالبهدف إ زدواجية إنها بيئة مترعة باليأس، واأللم، والمداراة واال . ما؟

للعمـل، وللفـرح، ايداءات التي تمارس يوم والتمثيل في األ ئر، يعبر عنه في ناهيك عن القنوط والضيق، وألم جماعي غا

أشكال من التعبير اللفظي المتفجرة، والحادة والخشنة، وفـي لغة االتصال، والمشاحنات، والشجارات، وبعـض أشـكال

االسلوك االجتماعي الجانح، والمؤثم عقابي.

يمكن للمتابع لبعض تفاعالت مشاهد وصور الحيـاة اليومية للمصريين أن يرصد عينات مـن لغـة وسـلوكيات

باالة بالسياسة، وكراهية فضائها وشخوصـها، وعـدم الالماالهتمام بها، بل وإطالق الـبعض للنكـات السـاخرة مـن

في بعضه، –حاالت مصرية تفيض بحس جماعي . رموزها بالمرارة واأللم والحزن وغياب األمل، –وغالبه لدى آخرين

أو القدرة على تغيير أوضاع باتت عالمة علـى الشـيخوخة ن المبادرة والفعل التغييري نحو نظم وشخوص واالستقالة ع

الً وحيوية وكفاءة وخيا اورموز أكثر شباب من ا وموهبة وقرب .عالم مختلف ومتغير

ألنظمـة تتسـم بالترهـل، إن حالة الوهن البنـائي والعجز، والهشاشة، والجمود، وعـدم الكفـاءة، تبـدو فـي

ثـة مجاالت عديدة، وتزيد من إنتاج الحـس الفـاجع بالكار والضياع، وتؤدي إلى النكوص الماضوي، ويؤدي االنكشاف أمام العالم، والتراجع في المكانة اإلقليمية السياسية، والثقافية،

وال سـيما مـن -إلى شيوع الخوف، وهيستريا تمجيد الذات الصفوة الحاكمة وزبائنها وحلفائها داخل المؤسسات األصولية

ب مفـردات وصـخ –على اخـتالف أديانهـا ومـذاهبها

، ولغــة خطابــات الخصوصــية، "اإلنجــازات التاريخيــة" . إلخ…والهوية

طوفان نوح من لغة تمجيدية، ودفاعيـة، عـن ذات ، واأللم، ومسكونة بخوف أسطوري مـن ىملتاعة من الجو

الضياع والتبدد، واإلحساس بـالعجز وعـدم القـدرة علـى لفكري، االستمرارية، ناهيك عن اإلبداع التقني، والفلسفي، وا

. إلخ…أو اإلنجاز السياسي واالقتصاديلغة تبدو فاقدة لدالالتها التاريخية من حيث استعادتها

، واستعارات وأزمنة أفلت، أو وهنت، أو لم تعد لعوالم ومعانٍ لديها الكفاءة على توليد المعاني، ووصف الصور والمشـاهد

.والظواهر الجديدة، أو رصد حاالت الواقع المتغيرماضوية، وجهازها البالغي والداللي، لـم يعـد لغة

على تشخيص وتصوير هذا اإلحساس العميـق بـاأللم اقادر والعجز والتيه واإلحساس بالفقد لعـوالم ورمـوز وفـرص وإنجازات ضاعت وتبددت، أو لغة أخرى مجنحة بين السلفية الدينية، ونثارات لغة حداثية تسند منطوقها علـى التقليـدي

وأوهامه في أحيان عديدة، ناهيك عـن إنتاجهـا وتبريراته، الضطراباتها وقلقهـا، وتناقضـاتها، ومعانيهـا المشوشـة

وعـوالم تحـاول والمبتسرة، وفوضاها، ودوارها بين معانٍ التعايش، ولكن بعضها يوهن بعضـها، أو ينطويـان علـى إعاقات تعسر إمكانية إيجاد تجانس ما، أو فتح المجال أمـام

ق لغة مخلطة فقدت إمكانياتها على المناورة الخروج من مأز بين المعاني والدالالت، وإمكانية اختراق عتمـة اللحظـات

.الدامسة، أو الحالة الرمادية إذا شـئنا –إنها اللغة الصنمية، أو اللغـة الخشـبية

ـ ااستعارة هذا التعبير المجازي الذائع الصيت فرنسي ا وعالمي عاراتية، إنها لغة الكالم المنـتفخ، ، اللغة المثقوبة، اللغة الش -

ضـد الفهـم الموضـوعي، اوالمترهل، الذي يشكل حاجز إنها لغة اعتقال الفكر والخيـال واإلدراك . والبحث المنضبط

والوجدان، إنها تعبير عن بالغة االعتقـال داخـل كهـوف ديكتاتوريات الذكورة السياسية، والدينية، والثقافية، والقيمية،

. إلخ.…واألخالقيةإنها لغة قمعية، تنطق باسم الجماعة، والنوع، والدين والمذهب والعرق والقومية، والرئيس والزعيم والبطريـرك

لغـة . السياسي والديني، والشيخ والولي، والمرشد، واإلمـام تبدو وكأنها قادمة من قمة السـلطات السياسـية والدينيـة،

عميـاء غيـر وتستعاد، وتتلى بالتكرار والنسخ والـتالوة ال .البصيرة

لغة تبدو في ثنايا مفردات وأوصاف، وبنيات بعـض الخطابات السياسية والدينية واألخالقية القمعية التـي تكـاد تخنقنا، وتزهق أرواحنا، من تكراراتها، والملل الذي تفـرزه مفرداتها وأوصافها، وسردياتها الناطقة باألوامر والنـواهي

لغة تجـافي واقعنـا، . كذوبوبعض اإلرشادات األخالقية ال .ونطق يراوغ الفعل

الحالة المصرية على اختالف مساحاتها، ومستوياتها هــي فضــاءات مــن القيــود والكــوابح، والمصــادرات، والتمييزات، واالنتهاكات الممنهجة للحريات األساسية وحقوق

ـ ـ ااإلنسان المصري، تحرسها لغة قمعية، تمثل عنفً ا لفظي ،اوخطابي يكرس التابوهـات، - يبرز من ثناياها - ا، ورمزي ،

والمواقع والخطوط الحمراء السياسـية والدينيـة والطائفيـة ـ اوالمذهبية والعرقية، التي ال يجوز االقتراب منها تشخيص ،

. عن مسارات إصالح أو تجديداوبحثً ،الًوتحليإن الحالة المصرية مثخنـة بـاألمراض والجـراح

تعـود لعوامـل –از التعبير وسـاغ إذا ج –واآلالم البنائية

دينية، واقتصادية، وقيميـة، – سياسية، وسوسيو –سوسيو وتربوية عديدة ومركبة، وليس هناك مجال رصـد وتحليـل لكلياتها، وتفصيالتها، ألن ذلـك دونـه صـعاب منهجيـة،

.وتحليلية عديدة، تحتاج إلى معالجات بحثية مختلفةطبة، تتمثل فـي بيد أن أعقد المشكالت المصرية قا

الحرية المعتقلة وراء غياهب التسـلطية السياسـية، وعـدم احترام الحريات العامة وانتهاكها الممنهج من قبـل الصـفوة

وعدم احترام قطاعات معارضة أخرى السياسية الحاكمة، بل ومحجوب عنها الشرعية للحريات العامة، حتى تلـك التـي

اترفع عقائرها بالصراخ دفاعنها عا شكلي! متعددة للتسلطية مصدرها تركيبة الدولـة ثمة منابع

المصرية المركزية والنظام السياسي المصـري، والصـفوة السياسية الحاكمة العسكريتارية األصول التي وصلت للحكـم

، وحتى اللحظة الراهنة فـي تطورنـا ١٩٥٢ يوليو ٢٣بعد .السياسي والتاريخي

ة اإلنجـاز ثمة ضعف إدراكي من صفوة يوليو ألهمي وفـق –التاريخي للمصريين، في إنتاج األمـة المصـرية

وللدولـة الحديثـة، والقـانون –المعاني والدالالت الحديثة

الوضعي الحديث، ومعها بعض التكنوقراط ممن عملوا فـي خدمتها، أو جماعات وعناصر من رافعي لـواءات الدولـة

المفاهيمية الدينية الذين يعتمدون على محاولة تديين المنظومة وهياكل الدولة الحديثة، وإيجاد لغة دينية وفقهية لها، مبادئو

اال تجد جذر لها في تاريخهم الفقهي أو السياسي، ألن ا تاريخي ، عن أشـكال وأنمـاط ا األمة الحديثة تختلف جذري –الدولة

الدولة التي ظهرت في تاريخنا كله، أو تاريخ الدولة بمراحله .تالفهاالمتعددة على اخ

ثمة مصادر أخرى في إنتاج اإلعاقات الهيكليـة إزاء وحقوق اإلنسـان علـى اخـتالف الحريات العامة األساسية

أجيالها، وتتمثل في محاولة بعض السلطات الدينية الرسمية، واألهلية، أن تفرض بعض مصالحها من خالل تسييد بعـض

لسيطرة على الرؤى التأويلية والتفسيرية الفقهية أو الالهوتية ل وأمة، من خالل تحـالفهم مـع السـلطة االمصريين، أفراد ،

عن بعض التناقضات والمنافسات التي تظهر االسياسية، رغم بين الحين واآلخر في بعض الوقائع السياسية أو الفكريـة أو

.الدينية

إن المؤسسة الدينية الرسمية اإلسـالمية والمسـيحية ، فـرض هيمنتهمـا ن يزاال األرثوذكسية وغيرها حاوال، وال

على المجالين العام والخاص، للمصريين، وحرياتهم الفكرية إنها محاولة للسـيطرة . والسياسية، وتلك اللصيقة بإنسانيتهم

المصريين وحرياتهم باسم النطـق " المواطنين"الشاملة على من تحليل وقائع صدامية عديدة . بالدين اإلسالمي، والمسيحي

لسلطات الدينية، واإلبداع، والحياة الشخصية في العالقة بين ا المصـري، ظهـر أن ا مجـاز صـطالح نستخدم اال " للفرد"

المؤسسة الدينية، كانت أحد أسباب المصـادمات، ونزعتهـا ـ االشمولية الحتكار الفرد، والتعبيـر عنـه فكري ا وسياسـي

ناهيك عن تواطؤ ما، على تحويـل األمـة إلـى اوضميري ،، كي تزعم كل مؤسسـة، اينية عرقية أساس جماعات أولية، د

نها الممثل والمعبر السياسي، والديني، أسمها، اوسلطة ناطقة ب .والثقافي، واالجتماعي عن الجماعة

إن صناعة األقلية الدينية، وراؤها تواطؤ وتحالف في أحيان عديدة على الحريات العامة، وحقوق اإلنسان لصـالح

ي الحريات والحقوق اإلنسانية سلطات سياسية، ودينية، ترى ف

من هنا لطغيانها واستبدادها، و ااألساسية، حد ا تعـد خطـر عليها، وعلى أدوارها االستبداديةاداهم .

ثمة مواريث دينية، وفقهية والهوتية، وأعراف وقيم ضد الحريات، ويمكن القول ضد إنسانوية اتقليدية تقف حاجز

ن أصـفاده السياسـية المصري م " الفرد"قادرة على تحرير والفقهية والالهوتية، وتواريخ من األعـراف والشـعارات،

.وأنماط التفكير المتخلفإن أوضاعنا الفكرية، والسياسية، والحياتية، وأساليب حياتنا، وطقوس، ورموز، وأقنعـة استعراضـات اليـومي،

تكشف عن فجوات بـين الظـاهر، إلخ، والديني، والوجداني مر، والمعلن، وهو ما يعني أننا نعاني من ضموالباطن، بين ال

آالم عميقة، ونحتاج إلى مكاشفات حقيقية وجـادة ومركبـة، يب، والطقوس التـي ذونحتاج إلى التحرر من األقنعة واألكا

نمارسها إلخفاء حقائق ذواتنا، ودواخلنا، كي يكون التعبيـر يـة ، بداية إلنتاج فرديتنا، وذواتنا، ال حر "الفردية" عن الذات

بال فردية، وال تدين، بال تجربة إيمانية وروحية فردية عميقة لها، وتؤدي إلى إنتـاج معـان ودالالت ئتزلزل الذات، وتسا

ناتجة عن آالم التجربة الذاتية، التي تساهم في إنتاج الفرد ثم

ثرة وحب للذات شـائعة، لكـن الفـرد أثمة . الفردية الغائبة جتماعية الثقافية والسياسية غائب، والفردية حالة شرائطها اال

السـلطات السياسـية . لم تتحقق بعد في غالبيـة الحـاالت ـ وسـلطات – كانـت االديكتاتورية، والسلطات الدينيـة أي

األعراف، واألخالقيات القديمة، يلعب بعضـهم أدوار سـادة بعضهم . األوهام واألساطير وبقاء األوضاع على ما هي عليه

ت معـتقالت الفكـر والضـمير، يلعبون أدوار حراس بوابا واإلنسان، يحاولون إخضاع مشاعر، وحواس، وقيم اإلنسان تحت سيطرتهم الغشوم، تحت شعارات كبـرى مـن مثيـل

والهوية من حدد عناصرها؟ ! من حددها، بشر مثلنا " الثوابت"ومتى تم اختيارها، أو الخصوصية كأن كل ثقافـات العـالم

أو ! ات أو ذاتيات ثقافيـة المعولم وقبله لم تكن ذات خصوصي القومية التي تحولت إلى الوطنية، كأنها مفاهيم أبدية، ارتبطت بنا وحدنا في هذا العالم، مع تناسي أنهـا مفـاهيم تاريخيـة انتقلت إلينا مع غيرها من المصـطلحات الحديثـة، كاألمـة والقومية، والمواطنة، وغيرها، في أواخـر القـرن التاسـع

.ن اللغات األوروبية آنذاكعشر، مع الترجمة ع

في ظل بيئة التدهور، والعجـز، وتآكـل مواريـث الحداثة السياسية والقانونية، تتفاقم مشكالت الجمود البنائي في الدولة والنظام السياسي، ورموز الصفوة الحاكمة على نحـو

ايبدو غريب مع استمرارية بعض األطر الدسـتورية ا ومثير ،ها التطورات، وال تزال تحكم عمـل والسياسية التي تجاوزت

السلطات الدستورية والمؤسسات السياسـية، مثـل دسـتور . وتعديالته١٩٧١

الخلــل الهيكلــي بــين الســلطات إن اســتمرارية الدستورية، يمثل أحد أبرز مصادر العجز السياسي القائم في البالد، خاصة مركز رئيس الجمهورية وصالحياته الواسـعة

و الحكومة، وكأنها مجرد أداة بيد رئـيس النطاق، بحيث تبد الجمهورية، بل ومعها السلطات األخرى، ذات الصـالحيات

إن ظواهر شخصنة الدولة والسـلطة، . الشكلية أو المنقوصة ـ –أحالت الدولة والنظام السياسي إلى أدوات بيد الرئيس ا أي

في ظل عالم معـولم . وال سيما خالل العقود الماضية –كان والصـفوات والشـعوب أن تعتقـل السياسـة اممكنًلم يعد

كان، وبحيث االسياسية، والمثقفون رهينة مشيئة حاكم فرد أي

تغدو قراراته وآراؤه وذوقه الشخصي، هـو الـذي يحـدد !.مستقبل الدولة، والمؤسسات، والصفوة ذاتها

إن أفريقيا جنوب الصحراء تتحرك، وتفتح الباب أمام مالمحه وحدوده، إال الحالة المصرية كانت اتطور سياسي أي

نهـا أالتي تبدو مرتهنة باألقدار واألمزجة السياسية، في حين أكثر الحاالت العربية واألفريقية بل واإلنسانية حاجـة إلـى التجديد في خاليا وأوردة الدولة المصـرية، وفـي هياكلهـا الدستورية والسياسية، ونظامهـا االجتمـاعي واالقتصـادي

!. إلخ…يوالقانونثمة حاجة ملحة لتجديدات عميقة في أنظمة تعليمهـا وإعالمها وثقافتها، واألهم إحداث تمايزات بـين الفضـاءات المختلفة، وبين األديان ومؤسساتها وسلطاتها الدينية والسياسة

عميقة في مواجهة الفساد والقهر اوالحياة، بحيث تلعب أدوار على ا، ال أن تكون عونً والدفاع عن الحريات وحقوق اإلنسان

الغتيال حريات الفكر والبحـث ا وتسويغً ااالستبداد، وتبرير .واإلبداع

المصـري، " للفرد"إلى ميالد متجدد نحن في حاجة وللنزعة الفردية، والمشيئة الفرديـة والمسـئولية الفرديـة،

والحرية الفردية، وصيانة المجال الخاص الفردي وحمايتـه عتداءات، ومحاولة اغتيالـه، نوف من اال والذود عنه إزاء ص أمام السلطات والمحرمات التي ترفعهـا اليغدو الفرد مستباح

الجتياح المجال الخاص الذي يفترض أن يتنفس الفرد اتبرير عبره حرياته، وخصوصياته، وسلطته الخاصة دون قسر أو

رغام، طالما يحترم القـانون، والضـوابط التـي إتدخل أو ة له، ولآلخرين، كما تعرف ذلك األمم المتمدينة يضعها حماي

المصري المستباح " الفرد. " في عالمنا المعولم اواألكثر تطور والجماعية –في حاجة إلى حماية ومعصومية حرياته الفردية

من االنتهاكات الممنهجة، التي تقوم بها السلطات المتعددة – .على اختالفها

الحقـوق الشـاملة اإلنسـان ذو –من إنتاج الفـرد االجتماعي، والسياسي، يمكن أن –والمتكاملة التي ال تتجزأ

نؤسس لثقافة الحرية والمسئولية، واسـتكمال تطورنـا فـي المدارات الحداثية وما بعدها، حتى ال نتحول إلـى موميـاء

سية ودينية تتواطأ للحيلولة ياسياسية ومتحفية ليدكتاتوريات س .واجهة تحديات هادرة، وصعبةدون تحركنا إلى األمام لم

مساهمة في اإلصالح، : الحرية والمراوغة "إن كتاب ، هو تجميع لمقاالت نقدية نشرها الكاتب "ونقد الدولة والسلطة

، في بعض أشهر عـام "المصري اليوم"، و "األهرام"بجريدتي .٢٠٠٤، وعام ٢٠٠٣

شكلت مجموعة المقاالت مساهمة متواضـعة مـن ت نقدية عديـدة فـي تشـريح بعـض الكاتب، ضمن خطابا

مكونات المسألة المصرية ومكامن االختالالت البنائية داخلها، وقد أثارت اهتمامات عديدة، ورأى العديـد مـن األصـدقاء

على رأيهم دفعت بها للنشر، الًضرورة نشرها مجمعة، ونزو .لدى دار ميريت التي يديرها صديقي الناشر محمد هاشم

م تقسيمها إلـى عشـرة فصـول، المقاالت العديدة ت وتدور حول الدولة، والقانون، وقـيم النظـام الجمهـوري، والحكومــة، والسياســة والنخبــة، واألحــزاب السياســية، واألصولية، والصـحافة، والتجديـد فـي الفكـر الـديني،

.واإلصالحإن الروح النقدية الصارمة، التي ينطوي بعضها على

تجد مبررها، في رغبة بعض من الغضب، والنبرة الصاخبة، المصري " الفرد" في تحرير – وآخرين – لدى الكاتب عارمة

من قيوده، واألمة من إعاقاتها، والدولة من ترهلها، والصفوة .من أمراضها

اوعلى اهللا دائمقصد السبيلا وأبد ،،،، نبيل عبد الفتاح

٢٠٠٥ يناير ٩ – ٨القاهرة في

:

ننا في حاجة استثنائية الستعادة أحد أبـرز يبدو لي أ من . مطالب الحركة القومية المصرية وهو مصر للمصريين

لماذا؟ هذا المبدأ كـان . قلب الذاكرة التاريخية لألمة والدولة اتعبير عن بدايات التبلور العميق للوعي بضرورة ا موضوعي

التمايز بين المصريين، وبين غيرهم من الجماعات والشعوب والشركس واألرناؤوط –" العثمانلية "–األخرى من األتراك

، وبـين ………، وا………اواأللبان والشوام واألرمن، و المصريين، وسواهم من الجاليـات األجنبيـة، الفرنسـيين،

، .…واإليطاليين، واإلنجليز، واليونـانيين والمـالطيين، وا .!…وا

اوشـعار مصـر للمصـريين، تعبيـر كان مطلب عن بدايات انعكاسات الخيـارات الحداثيـة فـي اموضوعي

الهندسات القانونية الوضعية المستعارة من النماذج الفرنسـية اإليطالية، وعمليات بناء الدولة القومية الحديثة على أيدي –

إن الحداثـة . محمد علي، وإسماعيل باشـا، ونوبـار باشـا القانونية، ومؤسسات التحديث السـلطوي فـي المؤسسـات،

اء برلمـان، واالنفتـاح علـى التجـارب والخبـرات وإنشاألوروبية، واالستعارات فـي التحـديث السـلطوي للقـيم

األمة كتجربة –والمؤسسات، كل ذلك أدى إلى تشكيل الدولة سياسية، وهي تمثل أحد أبـرز – ثقافية، وسوسيو –سوسيو

الشـعار مصـر –كان المطلب . إنجازات المصريين قاطبة تبلور الوعي السياسـي بـأن المصـريين للمصريين يعني

يشكلون أمة نسيج وحدها، ولها تاريخها الحضاري المتفـرد، ثمة وعـي . عن األتراك، والبريطانيين، والجاليات األجنبية

ـ ااستثنائي تشكل آنذاك مفاده أن ما يربط المصـريين جميع اروابط تاريخية، وثقافية، واجتماعية أكثر تركيبمـن ا وتعقيد

نتماءات األولية إلى اللغة، والعرق، والـدين، والمـذهب، االـ ا األمة، أكثر تطور – إن الدولة . إلخ …والملة مـن ا وعمقً

بـين اأنماط الروابط األولية البسيطة التي ال تشكل انـدماج الجماعات األولية كما نرى في العراق، وسوريا، والسعودية،

ربية باستثناء، ونسبي ولبنان، والسودان، وليبيا وكل البالد الع .الحالة المغربية

" لألمة والدولـة الحديثـة "من هنا إنجاز المصريين ـ أإلى قلب الحداثة وعمليات التحديث، ومن هنـا ينتمي ايض

يمكن تفسير عداء األصوليات الدينية، وكراهية بعض رافعي للدولـة – األمة العربيـة –شعارات الفكرة العربية الجامعة

.ألمة المصرية وكأنها تناهض العروبةالحديثة، ولوروح نحتاج اآلن الستعادة مبدأ مصر للمصـريين،

األمة المصرية بذات االنفتاح الرحب على مصـادر التجـدد اإلنساني، كي نستعيد عافيتنا ودورنـا وروحنـا وأصـالتنا

وهذا ال يعني االنفصال –نحتاج مصر للمصريين . الدينامية اإلصالح الكاذبـة، ىخب دعاو في وسط ص –عن العروبة

من جماعات الضـغط العولميـة األمريكيـة، والفرنسـية، بين بعض المصريين، ومـن جماعـات إلخ .…والبريطانية

الضغط التي تنتمي إلـى دول الـنفط المحافظـة جميعهـا، لـم امن األمور المثيرة للريبة أن أحـد . والراديكالية السابقة

ية باسم الوهابية ونظائرها يفتح ملفات جماعات الضغط النفط أموال طائلة من دم الشعوب العربيـة . وباسم القومية العربية

النفطية ذهبت إلى جيوب بعض رجال السياسـة والصـحافة واإلعالم واألعمال، ومن هنا سر التواطؤ على عـدم فـتح ملفات تحقيق رسمية في مصر، وفي أكثر من بلد عربي، ولم

.اني حول الموضوعنسمع عن تحقيق سياسي برلم

ل الملفات االستخباراتية ومن هنا تثار أسئلة عديدة ح أمريكيـة، –العراقية التي وقعت في أيدي األجهزة األنجلو

حول تمويالت المخابرات العراقيـة ألحـزاب وشخصـيات . إلخ…سياسية وإعالمية وفنية

بعض التسريبات قد يكون وراءها رغبة في تشـويه لكن البـد ! لمعارضتها احتالل العراق بعض الوجوه الوطنية

ـ –من معرفة الحقيقة حول رشاوي البترودوالر كانـت ا أي التي خربـت السياسـة والصـحافة واإلعـالم –مصادرها

ـ أمريكيـة، – مثـل األبـواق األورو االعربي، مثلها تمام .وجماعات الضغط األجنبية األخرى

.… ال إصالح وال ديمقراطية وال حقوق إنسان، وال إال باستعادة مصر للمصريين، وليست مصر األمريكـان إلخ

والفرنسيين والبريطانيين والسعوديين والكويتيين واإلماراتيين !… و ا…وا

نعم ال إصالح وال تطور إال باسـتعادة روح األمـة المصرية وال تطوير إال بأفكار وحركة أبنائها المصـريين ال

غير إعالمهاامن يرفعون أعالم .

: وأجهزتهـا تبدو الدولة المصرية النهرية المركزية،

البيروقراطية، وتدهور الملكات السياسية والفنيـة للصـفوة الحاكمة، هي مركز شـكاوي، وصـراخ، وهجـاء غالبيـة

.المصريينـ ر دتبدو الدولة في وعي قطاعات عديدة بمثابة مص

رور الحياة اليومية المعسورة التـي يواجههـا الجمهـور ش من فوضى، وضعف الوظـائف المنعيـة االشعبي خصوص ،

والقمعية والتنظيمية للقواعد القانونية، إلى تـوحش ظـواهر الفساد اإلداري والسياسي، وتهتك الضوابط القيمية واألخالقية

إلـى االحديثة لصالح أخالقيات وطقوس أقنعة تنتسـب زور القيم الدينية لكنها لصـالح أخالقيـات مراوغـة ومخاتلـة ومتواطئة ومتعايشة مع ظواهر الفساد والقوى الفاعلة علـى ساحاته المتعددة في الدولة واألجهزة الحكومية، وما يسـمى

بالفضاء األهلي، وال أقول المجتمع المدني المجازي، الذي لم .تتحقق شروطه وقواعده وفاعليته بعد

انب اآلخر من الوعي السياسي شبه الجماعي على الج المأزوم تبدو الدولة هي الكائن السـحري، أو األسـطوري

وكلي القدرة، الذي يمكن أن ينتج حلوال سـريعة، الغامض، وناجزة، ويحيل الحياة مـن وضـعية الجحـيم إلـى حالـة

.فردوسية، أو جنة أرضية ثمة تعايش بين اإلدراكين السابقين، يتداخالن لـدى

البعض، ويتناسالن إلى إدراكات أخرى لدى البعض اآلخـر، إال أن أخطر ما يسود اآلن هو تزايد ظاهرة كراهية الدولـة وعدم الرضا العام عنها، بل واعتبارها صـانعة المشـكالت واالنقسامات االجتماعية بين السراة الذين تغدق عليهم المـال

إلخ، …العام، كقروض، وأراض، وبنية أساسية، وتراخيص وغالبية المعسورين الذين يـدفعون ثمـن الثـراء الفـاحش

تبدو كراهية الدولة في اعتبار بعض . لألغنياء، ومن أموالهم المصريين أنها منتجة للتمزقات في بنية االندماج القومي على

–" المـواطنين "أسس دينية وطائفية، وعرقية، إنها تميز بين امجاز – معايير الدين والعرق في ضوء ا وبين بعضهم بعض

تستبعد فئات اجتماعية، وجيلية، من هنا واالنتماء الجهوي، و ودينية، ومذهبية، وعرقية من هياكل المشـاركة السياسـية، ومن حقهم الجوهري في تقلد المناصـب العامـة والعليـا، واالرتقاء إلى أرفع المواقع السياسـية واإلداريـة والفنيـة،

مبـادئ ل الًحقوق اإلنسان، وإعمـا من اباعتبار أن ذلك حقً .المواطنة الكاملة

إن كراهية الدولة ظاهرة خطيرة لها أسبابها المتعددة، خاصة أنها أخطر من ظـاهرة االتي يجب التوقف أمامها ملي

لألذى والفسـاد، بـل ابوصفها مصدر كراهية السياسة ذاتها وأخطر من كراهية وهجاء رموز الصفوة السياسية الحاكمـة

إن مظاهر الكراهية تبدو واضحة في األوصاف . والمعارضةالخشنة، والعنف اللفظي الذي يبدو في لغة الجمهور، وفـي توصيفات وملفوظات وقفشات ونكات الخاصة مـن بعـض

عن اتكاد تختلف جوهري المثقفين ورجال األعمال، والتي ال .قاموس وبالغة اللغة اليومية للعامة

–ات السلوكية والمادية الواعية التعبيريمكن مالحظة عن ظاهرة كراهية الدولة من ظواهر التكاسل –واعية والال

عن أداء األعمال المنوطة بالموظفين العموميين فـي جهـاز

الدولة ومؤسساتها، أو البطء، أو االبتسـار فـي أدائـه، أو التخريب العمدي، أو الناتج عن األخطاء المهنية الجسيمة، أو

ضالً عن االنتهاك الممنهج لقواعد قانون العقوبات، اإلهمال، ف أو القانون اإلداري، أو غيره من منظومات قانون الدولة، وال

، واخـتالس األمـوال العامـة، اسيما في تلقي الرشاوي علنً وغيرها، وهي جزء من ظاهرة كراهية الدولة التـي باتـت

.تمثل أخطر مشكالت رجل الشرق األوسط المريضر والتحليل السياسي في العقود األخيرة على ركز الفك

النظام السياسي والصفوة السياسية الحاكمـة والمعارضـة، –واألحزاب، والنقابات، وتباعد البحث والتحليل السوسـيو

–" والفـرد "سياسي، عن الدولة المصرية وعالقتها باألمـة االتعبير نستخدمه مجاز واإلشكاليات التي - ا كالمواطن أيض ،

ثيرها في إطار ثقافة الدولة وتقاليدها، التي باتت تمثل فـي ت ا بنائي اذاتها، وسياقاتها، والقائمين على أمورها عند القمة عائقً

ضد تطويرها، ومعها األمة، والمجتمع، بل أصبحت الدولـة المصـرية، والمواطنـة ضد تطـوير األمـة اتمثل حاجز

في منظومة اراسخً اوالمواطن، لتغدو مثل هذه المفاهيم جزء ثقافة الدولة التي تؤثر على صـناعة االثقافة السياسية، وأيض

القرارات السياسية العليا، واإلدارية من قمة السلطة إلى أدنى مستوياتها، وهو ما يتجلى وبوضوح في وهـن الموحـدات

أو الوحـدة –القومية التي شكلت أسس االنـدماج القـومي ، األمر الذي أصبحت معه -لشائع الوطنية بالتعبير السوقي ا

منذ خمسة عقود ويزيد، هي دولة إنتاج انقسامات، وإضعاف الروابط القومية، وإنتاج االستبعادات، والتحالفات على أسس

.دينية وطائفية والدولة أكثـر –تحالف السلطة السياسية إن ظاهرة

اتعقيد مع المؤسسات الدينية – من الحكومة والسلطة ا وسمو الرسمية القبطيـة األرثوذكسـية، واإلسـالمية أدت إلـى –

اختصار األمة في ممثلين رئيسين يتالعبون ويتحالفون معها وآراء هـذه ىفي الشئون األساسية، األمر الذي حول فتـاو

االمؤسسات إلى جزء ال يتجزأ من قرارات الدولة، وتبريـر نا هو لها على سند ديني، والبطريرك األرثوذكسي ه اوتسويغً

إنهـا . اختصار لجزء رئيس من أبنـاء األمـة المصـرية اختصارات وابتسارات تكشف عن ضـعف فـي التكـوين السياسي، وعدم الكفاءة وفقدان القدرة على بلـورة خبـرات

، تساعد جهاز الدولة علـى أن يكـون أحـد األدوات ةدولتي

الرئيسة في تطوير ثقافتها، ناهيك عن إعادة إنتـاج وتجديـد وآليات االنـدماج مبادئ واألمة، ال المساهمة في تآكل الدولة

كانت دياناتهم ا أي –القومي، والتكامل الداخلي بين المواطنين فـي –ومذاهبهم واتجاهاتهم السياسية وانتماءاتهم االجتماعية

إطار مفهوم ومعاني األمة المصرية، كجزء مـن الهندسـة هياكلهـا العديـدة السياسية الحديثة، والحداثـة القانونيـة، و

. المؤسسة على الحريات العامة والمساواة وتكـافؤ الفـرص والسؤال الذي نطرحه هنا هل الصفوة السياسـية التسـلطية

سمها؟ االحاكمة اختطفت الدولة، واحتكرت جهازها، والنطق ب هل تم احتجاز األمة، وتكسيرها لصالح مجموعة من المفاهيم

مع بعض رجال الـدين؟ إن والتأويالت الدينية عبر التواطؤ هذه األسئلة وغيرها تثيرهـا سياسـات دينيـة وتمييـزات واستبعادات على أسس أيديولوجية، أو دينية، أو طائفيـة، أو

، أو طبقيـة تتضـافر أو -) نوعية أو جندريـة (–جنوسية تختلط مع بعض معايير االستبعاد مـن التمثيـل السياسـي،

الغليظة، عبـر أنظمـة والوظيفي، أو استخدام عصا السلطة . إلخ.… واالعتقاالت ومحاكم أمن الدولةئالطوار

ثمة عوامل كامنة، وراء ظـواهر الـوهن البنـائي، والتآكل المستمر لمفاهيم الدولة الحديثة، واألمة، ومنظومات المفاهيم السياسية والقانونية الحداثية، تتطلب وقفة مراجعـة

قانونية، – وسوسيو ثقافية، –، وسوسيو - سياسية –سوسيو كي نستطيع تحديد مواطن الخلل واألعطاب إلخ، …وإدارية

!.الهيكلية الكبرى كي نتصدى لهانحن أمام ظواهر خطرة أدت إلى تفـاقم التـوترات الدينية والطائفية، وإلى اختطاف األديان والمذاهب من بعض

المحترفين بمساعدة السـلطة السياسـية، وهـو رجال الدين بشرى، وسياسي واجتماعي، ليخدم مصالح سياسية اختطاف

.واجتماعية محددةثمة تزايد لكراهية المصريين لدولتهم وليس لنظـام

ـ فـي سـلوك االحكم ورموزه فقط، بل إن ذلك يظهر أيض عناصر ومستويات عديدة تنتمي إلى تراتبية جهاز الدولـة،

جسام لقـرار تقع عليها، بينما آخرون يملكون ا اوترى أعباءوال يسمحون لهم بالمرور إلى أعلى إال فيما ندر، وتقع مهمة مواجهة االضطرابات والمشكالت االقتصادية واالجتماعيـة والسياسية لسياسات ما، وقرارات ما على عائق أجهزة الدولة

إن التوترات باتت ذات طبيعة مناطقية فـي بعـض . األمنيةات من مثيل نقابـة األحيان، وتظهر في انتخابات بعض النقاب

الصحفيين وبروز معيار االنتماء إلى الصعيد إزاء اآلخـرين كأحد محددات اختيار األعضاء المرشحين لعضوية مجلـس

الظواهر السابقة بـدأت فـي البـروز، ألن هياكـل . النقابةالمشاركة السياسية والنقابية واالجتماعية تبدو مغلقة األبواب،

مفروضـة علـى الممارسـة أو بها أعطاب بنائية، وقيـود السياسية والحريات العامة، فضالً عن الحجر علـى إطـالق

– منفردين أو على نحو جمـاعي –الجمهور أو األشخاص .للمبادرات السياسية واالجتماعية والثقافية والشخصية

للصفوة الحاكمة وجهاز ثمة ضعف للذاكرة التاريخية نـدماجي للدولـة الدولة حول الميراث الحداثي والقـومي اال

الحديثة واألمة، وهي الموارد التاريخية الحيوية التـي يبـدو إن عـدم . أنها شارفت على الجفاف وعدم التغذية أو التجدد

الوعي لدى بعض الصفوة الحاكمة، والبيروقراطية، وبعـض بـالتراكم التـاريخي – اإلسالمي والمسيحي –رجال الدين

لة الحديثة، أدى إلى إنتـاجهم ندماج القومي وقيم الدو لثقافة اال المؤسسة الدينية لالنقسامات والتمييزات والنزوع إلى محاولة

األرثوذكسية دمج األقباط داخلها، وتمثيلهم إزاء جهاز الدولة، اوالتعبير عنهم سياسي وهو أمـر أدى إلـى إعـادة ا وثقافي ،

يعضده بعض – إال فيما ندر –صياغة وعي جماعي طائفي الدينية اإلسـالمية المراوغـة عـن المواطنـة، الخطابات

عة الدينيـة، ماوالتشكيك في الدولة واألمة الحديثة لصالح الج واألمة كرابطة دينية، وجحد بعضهم لشرعية دولة القـانون

الدولة الديمقراطيـة . الحديث لصالح الدولة الدينية وقوانينها من و، - اعتباري في التعبير القديم –الحديثة شخص معنوي

فهي ال تخاصم األديان، وال تعاديها وال تعادي المـذاهب هنا بين مواطنيها على أسس تمييزية دينية الًالدينية، وال تقيم فص

. أو جنوسية أو عرقية أو قومية أو دينية أو مذهبية أو سياسية كـان ادولة القانون، وهي دولة المواطنة الكاملة بال تمييز أي

التي يعبر قانونها الحديث، عـن قـيم وهي . معياره أو سببه ندماج ومعايير الحداثة السياسية والقانونية، التي تؤدي إلى اال

القومي، وإعادة بناء األمـة وتجديـدها، وفـق التطـورات الدولة الحديثة . إلخ …التاريخية والثقافية والسياسية والتقنية

ـ ا وقانونها هو أساس الحريات العامة وحقوق اإلنسان بما فيهحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، وهي حرية ليست من

جانب واحد، وإنما هي حرية مرتبطة بالضمير اإلنساني الحر الذي ال حجر عليه، أو اعتقـال الختياراتـه، وإال تحولـت

لمسرح يتالعب به المحترفون أو الهواة من األديان والعقائد أو "الفـرد "هـور و كانوا على إيمانات الجم ارجال الدين أي ،

على التجربة الروحية العميقـة، يصبح اإليمان الفردي القائم عـن امحض تمثيالت شكلية وطقوسية بال روح، أو تعبيـر

إن خطـورة وقـائع األزمـات . نفاق شخصي أو جمـاعي الدينية، والمذهبية، ومناهج التعامل معها –والتوترات الدينية

والمؤسسـة الدينيـة من الصفوة الحاكمة، وجهـاز الدولـة إال فيما نـدر –الرسمية، والخطابات السياسية الدينية حولها

تشير إلى عدم فعاليـة ونجاعـة هـذه – ابين هؤالء جميع تؤدي األسـاليب السـابقة إلـى من هنا األساليب النمطية، و

تكريس االنقسامات واألزمـات، وبنـاء الـوعي الجمـاعي .يزيالسياسي والديني االنقسامي والتمي

إن تزايد كراهية الدولة، والصفوة، والسلطة، والفجوة بين الدولة واألمة والفجوة بين المصري والدولة ساعد علـى

الرابطـة الدينيـة – وإعـادة إنتـاج –إحياء عمليات إنتاج رية ئوالقبلية والعائلية والعشـا والمذهبية والمناطقية والعرقية

ألسـاس السياسـي كأساس لرابطة الجماعات األوليـة، ال ا كـل ظـواهر . واالجتماعي المرتبط باألمة والدولة الحديثين

تآكل الحداثة العمدية أو الناتجة عن الرعونة وعدم التبصـر السياسي أو عدم الكفاءة السياسية والجهـل بالتـاريخ هـي

على تراكم االنقسـامات، اساعد أيض . أعراض لسوء الحكم ن الدولة اختصرت إألمة، وتآكل قيم وأسس الدولة الحديثة وا

-في السلطة، واألخيرة اختصرت في أجهزة القمع المشروع واإلفراط في استخدام القـوة -في األدبيات السياسية امجاز ،

.ومظاهرها االستعراضيةفي " سلطة األفراد "إن سلطة الدولة استغرقت وجبت

حين أنها ال تلغيها، وإنما تحرسها وتدعمها وتحميهـا مـن أدى ذلـك . كانت، وتضبط تجاوزاتها بالقانون انتهاكات أي اال

وغيره إلى اجتياحات للدولة والسلطة للمجال الخـاص بعـد إضعاف المجال العـام بـالقيود، ثـم دخـول المؤسسـات والجماعات الدينية، والروابط األولية للسيطرة على المجـال الخاص العتبارات سياسية ودينية وطائفية، وهو مـا أوهـن

.، ويسر انتهاك الحريات الفردية"الفرد"ثقافة

قامت السلطة السياسية وأجهزتها بالتالعب بالقواعـد المنظمة للمؤسسـات وأجهـزة الدولـة، لمصـلحة رئـيس

ممـا أدى – كان شخصه فله كل االحترام ا أي –الجمهورية إلى بروز فجوة إزاء قاعدة القانون والدولة، وأن كليهما هما

لمحجوز والمختزل والمجسد في مشيئة الحـاكم، من النطاق ا شخصنة الدولة والقانون، وتحولهما إلى ملكية فردية من هنا و

له، وتحول أنظمة وأجهزة الرقابة، وكأنها تعبر عن رغبـات اختزاالت أدت إلى تفاقم ظاهرة كراهيـة . الحاكم ومصالحه

، "األمـة "، و "المـواطن "الدولة، وتزايد الفجوات بين الدولة و وتعقدت الدراما السياسـية المصـرية، وأصـبحت بعـض

آخر من أعـراض االمعالجات المبسطة، والسطحية، عرض المحنة، وأمراض الصفوة الحاكمة، وبعض معارضيها، وهو ما سوف يؤدي إلى استمرارية تسطيح عمليات التشـخيص،

المسألة المصرية، أصـبحت . بل وسوئها، وأخطائها الفادحة اأكثر تعقيد مـن أطروحـات اإلصـالح ا، وخطورة، وتفاقم

ثـم حاجـة . السياسي الكاذبة، أو الجادة، الجزئية أو الشاملة استثنائية وتاريخية إلعادة النظـر فـي الدولـة وطبيعتهـا وسلطتها، وصفوتها الحاكمة، بل وفـي عالقاتهـا باألديـان

والجماعات األولية، ،"الفرد"والمذاهب واألعراق، والحرية، و إن ظــواهر الكراهيــة والغضــب والتــوتر، . إلــخ.…وا

!!"ذكي"نها الدولة يا أوالالمباالة تجعلنا نقول

:

هل أدلك على أخطر مراكز التخريب المنظم لألمة، والدولة المصرية الحديثة؟ الذي مارسته ببراعـة، ورعونـة

الصفوة الحاكمة، وأعوانها؟توريـث الوظـائف : رتين شائعتين، همـا خذ ظاه

.والمهن، وتخصيص الدولة مع شخصنة السلطةظاهرة توريث الوظائف، والمهن ال تحتاج إلى كبير عناء لرصدها، انظر حولك، في عيادات األطبـاء وأسـاتذة كليات الطب، والهندسة، والصيدليات، وستجد أسماء اآلبـاء،

يمارسون أعمالهم في واألبناء، واألنجال في بعض األحيان، وال تسأل بعد ذلك ! ذات التخصص، أو في تخصصات أخرى

!لماذا تدهورت مهنة الطب في البالدانظر إلى بعض أصدقائك، أو أقاربك، أو جيرانـك، أو جيران أوالد العمومة أو الخئولة، عـن ضـباط شـرطة صغار، آلباء من ذوي الرتب العليا، أو بالمعاش، ويمارسون

ل الهام والخطير، وهو الخدمة األمنية للمـواطنين، هذا العم نحن إزاء ظاهرة انتقال . والوظيفة الحساسة للدولة والمجتمع

والمهن بين أبناء األسرة الواحدة، والعائلة، وتوزيع الوظائف في ظل حياة كبار الموظفين، ورجال الشـرطة، والقضـاء،

.وكبار المهنيينل معايير الكفـاءة، إن إمكانية وراثة المهنة من خال

والمساواة ال خالف حولها، ولكن مـا يحـدث فـي الواقـع االمصري اآلن شيء آخر تمام.

ثمة اتساع مستمر لنطاق الظاهرة، وشمولها لوظائف عمومية هامة، ومتميزة اجتماعيـة، كالشـرطة، والقضـاء والنيابة العامة واإلدارية، ومجلس الدولـة، وهيئـة قضـايا

ة، واإلذاعة والتليفزيـون، ووصـلت إلـى الدولة، والصحاف وراثة مهنة التمثيـل السـينمائي، والتلفـازي، والتـدريس

هل يمكن تـرك . إلخ …بالجامعات، وفي السلك الدبلوماسي األمور هكذا، بحيث يتم اختطاف الوظائف العامـة الهامـة،

على أسس ومعايير األصل العائلي؟لدولـة، إننا إزاء أخطر عمليات التخريب المـنظم ل

والوطن والوطنية، ألن هـذه الوظـائف تتسـم بالحساسـية الشديدة، مما يؤدي إلى خلق بؤر للقوة مؤسسة على روابـط الدم، واألسرة، والعائلة، والعائلة الممتدة، وهو أمر يقـوض

دولة القانون، ويـؤدي إلـى مبادئمفهوم الدولة الحديثة، و .الداحتكار قلة للقوة والمكانة والثروة في الب

والسؤال الذي أطرحه عند هذا المستوى من رصـد الظاهرة، ما داللة هذه الظاهرة الخطيرة، وما أسباب نشأتها؟

يبدو أننا إزاء ظاهرة ضد حداثية تعكس شيوع روح عامة، تنامت بين فئات اجتماعية، وتنـزع إلـى تخصـيص

بانتزاع بعض سلطاتها وصـالحياتها، االدولة ووظائفها، حينً عبر إسنادها أو انتزاعها من قبل بعـض الجماعـات وذلك

المهنية، أو منح الحصانات القضائية لبعض الجماعات حماية – وبعضها خاص واآلخر عام يخصخص بعضه –ألنشطتها

.وذلك تحت اسم الدولةثمة من يرى أنها نزعة عمدية تنامت لكسر احتكـار

رار، اختطفت قلة نخبوية عند قمة السلطة والثروة والنفوذ والقالضيقة؟ وثمة من يتسـاءل " الطبقية"الدولة لصالح مصالحها

ورة اقتطاع جزء من رهل هو إحساس بضعف الدولة، وبض بناء القوة ونسيجها لصالح كل جماعة، حمايـة لمصـالحها وإعادة إنتاج لها من خالل آليات توريث الوظـائف، التـي

كغطاء شـكلي تستخدم فيها االختبارات التحريرية والشفوية

إلخفاء اآلليات والمعايير الحقيقية، وهي الوساطة والمحسوبية من هذه الظواهر يستعيد اإن بعض . والرشوة في أحيان عديدة

والسـؤال الـذي . إلى الذاكرة، ظاهرة البرطلة المملوكيـة نطرحه هنا ما أسباب هذه الظاهرة؟

تحويل الصفوة المصرية الحاكمة الدولة الحديثـة، -١ومة، وأهل الحكـم كاهرة تتجاوز مفهوم الح من ظ

من الصفوة المميزة بالقوة والثروة، إلى موضـوع التخصيص، والسلطة إلـى موضـوع لشخصـنة

ليات الشخصنة، والتخصـيص الحاكم، ثم امتداد عم من قمة الصفوة العليا إلى المراتب السلطوية األدنى في المستويات السياسية والحكومة، ثم امتدت إلـى

جهاز اإلداري حتى صغار الموظفين العمـوميين الالذين يحولون توقيعاتهم، واألختام الحكومية، علـى األوراق وطلبات الناس العادية إلى ملكية خاصـة،

إلى سلطة، وصالحيات خاصـة، ولـيس من هنا ومحض ممارسة للوظيفة العامة، وفي إطار القانون

.وحدوده وضوابطه

لبيروقراطـي، وفـي ظواهر الفساد السياسـي، وا -٢المحليات، اجتاحت أجهزة الدولة، وشاعت من قمة الهرم السياسي واالجتماعي والبيروقراطـي إلـى

بوسطه، مما أدى إلى شيوع إحساس اقاعدته مرور لدى غالبية الجمهور، بأن الدولة لم تعـد اإلطـار الجامع لكل المصريين، وإنما أداة تدار من خـالل

قوة والثروة العمومية وإصدار قلة تحتكر السلطة وال القرارات، وأن إدارة القوة والثروة القومية والقرار يتم وفق معايير خاصة وذاتية ولصالح أقلية حاكمة، تدير الدولة والمنافع العامة، والمال العام لصالحها،

كرس هذا الحس الفاجع من هنا أو لمن يدفع لها، و ةالطبق"، أن الدولة بيد اوالخطر مع "– ا نقولها مجاز

وليست صنو األمة المصرية، وكليهما يتكامالن، –ان، وأن الدولة تدار باسم األمة، وال تستغل مايزيتو

!سمهااوتنهب، وتخصخص وتشخصن ب

أدى فساد المصارف العمومية، وسـوء إدارتهـا، -٣وغياب الشفافية والمساءلة القانونية، إلى تدخل ذوي

والنفـوذ السياسـي، فـي السلطة الواقعية المطلقة

عمليات توجيه رؤساء ومديري البنـوك وإصـدار القرارات بمنح تسهيالت وقروض كبيـرة لـبعض

ا وبهتانً اممن أطلق عليهم كذب ـ ا وإثم رجـال ا مبينًاألعمال، وذلك دونما ضـمانات حقيقيـة وجـادة، تسوغ حصولهم على مئات، بل ومليارات الجنيهات

لى خارج الـبالد فـي المصرية، كي يهربوا بها إ ظاهرة نهب للمال العام المصرفي، لم يحدث لهـا

شك أن ذلـك وال. نظير طيلة القرن الماضي، كله . يوحي بفساد سياسي، ومصرفي ال شـبهة حولـه

ويبدو أن حجب المعلومات عن عمليات الخصخصة ئتمانية مرجعه عدم ومنح القروض والتسهيالت اال

ذوي النفـوذ كشف االرتباطات والعالقـات بـين والسلطة في الحكم، وبـين نـاهبي المـال العـام

فساد الجهاز المصرفي، وبعض كبار و. المصرفي، دعم وأشـاع معنـى "ورجال األعمال "العاملين،

برز، وتجلى وهو أن أجهزة الدولة تم تخصيصـها لصالح ذوي النفوذ والسلطة ومحالفيهم من بعـض

ـ ات رجال األعمال، وبعض أنجال وأزواج وزوج

، وأراٍض وعقـارات، ا الذين منحوا قروض ،األبناءــائهم ــات آب ــيرات وتوقيع وتخصيصــات، وتأش

تحـول أبنـاء . وزمالئهم الوزراء، وذوي النفـوذ رجال الحكم والبيروقراطية إلى رجـال أعمـال، وأصحاب عشرات ومئـات ومليـارات الماليـين

االمملوكة للشعب أساس.

العامة قبل الخاصة، ما معنى من االسؤال الذي يثار هنا دوم إلى رجال أعمال، ومستوردين، وتخصص اأن يتحولوا جميع

وعقـارات الًلهم الدولة، كل ما ييسر لهم أعمـالهم، أمـوا . إلخ…، وايوتراخيص، وأراض

هل ما تيسره الدولة المخصصـة لـذوي السـلطة والنفوذ، يمكن أن تـدبره لعمـوم المصـريين، أشـخاص

!وجماعات؟اهر نهب ونهش المال العام، بـال رادع أو إن ظو -٤

ضوابط أو رحمة، أو خلق، أو ديـن، امتـد إلـى المحليات، وأجهزة الحكـم المحلـي، والمجـالس

له قط، ن فسادها، ال حدود أالشعبية، التي قيل فيها وبحيث بات هـو القـانون الحـاكم لمعامالتهـا،

وبالقطع، المجالس الشـعبية . وعالقاتها، بالجمهور عمومها لصالح الحزب الوطني الحاكم، كرة في محت ا يغدو أي خطاب رسمي عن إصالحه أمر من هنا و

للسخرية في ظل أوضاعه المختلة الراهنـة امثير والموروثة، واألخطر ابتعاده عن العمل السياسـي، لصالح السيطرة على أجهزة الحكم المحلي، والتمتع

ـ ي بالمصالح العامة واعتصارها للصـالح الشخصواألسري والعائلي والعشائري من خالل اآلليـات

.العديدة للفساد

ـ إن ظواهر االفساد السلطوي والهيكلي، أنتج انطباع أن الدولة تم اختطافها من األمـة المصـرية، ا وساحقً اعام

لصالح قلة عند قمة النظام، خاصة، وأن كل مصري يحمـل تبدو في أحيان ذاكرة تاريخية سلبية عن عالقته بالدولة، التي

عديدة، وكأنها مصدر من مصادر الشـر واألذى والبلـوى اوالتحيز لصالح بعض الفئات ضده، وأن المنافع العامة، غالب

، وفـق اما تبعد عنه إذا احتاجها، أو يبدو أنها دنت منه أحيانً .ا، فإذا بها بعيدة عنه تمام!شعارات أهل الحكم

ن ضعف وازعات القانون، وقواعـده، أدى إلـى إ -٥هيمنة قوانين الفساد، وأبرز قواعده، تمثلت في بيع الخدمات، والتراخيص، والقرارات في سوق بيـع صالحيات الوظيفة العامة عبر الرشوة واالرتشاء،

غالـب . وامتد ذلك إلى كل تفاصيل الحياة اليومية ة، يقومون الموظفين العامين أو المكلفين بخدمة عام

بتخصيص سلطاتهم وصالحياتهم، سواء أكانوا من رجال البلدية أو الحكـم المحلـي أو المـرور، أو

كل في نطاق عملـه، . إلخ .…الصحة، أو اإلسكان كــان أم مجموعــة أشــخاص، حولــوا اشخصــ

.صالحياتهم إلى ملكية خاصة

الجانحون والخارجون على القانون، وذوو السـوابق ئدون إلى الجريمة، وممارسو البلطجة، وقوانين الجنائية، والعا

القوة، كل هؤالء وأشباههم، خصخص غالبهم بعض سلطات االدولة، وأجهزتها، ويمارسها جهار وعلى نحو يومي، ا نهار ،

إن ظاهرة خصخصة الدولة ووظائفها . في جميع أنحاء البالد على الصـفوة العليـا، اوسلطاتها وصالحياتها، لم تعد قصر

تي باتت منصرفة نحـو مصـالحها، وأهـدافها، وتركـت ال

عمليات تآكل مفاهيم ومعاني الدولة، تتسارع، ويغشاها الوهن .البنائي السريع

أصبحت الدولة مختطفة من فئات عديدة، كل مهنـة من اتبحث عن نطاق تنتزعه من جسد الدولة المصرية، بدء

مسـاءلة الصالحيات، والنفوذ، والحصانات، ومحاولة قصر ال القانونية على المساءلة المهنية والتأديبية الداخلية، بحيث يحال

خاصة ذوي النفـوذ مـن كبـار األطبـاء –بين أعضائها ، وبـين - إلـخ .…والصيادلة وأطباء األسنان، والمهندسين

إعمال قواعد المسئولية الجنائية، عبر التواطؤ والتستر علـى قواعـد المهنيـة تجاوزات بعض أعضائها وخروجهم على ال

. والقانونية

أدت هيمنة النزعة السلطوية في الحكـم، وغيـاب -٦المشاركة السياسية الشعبية الجادة، وحكم القـانون، والشفافية والمساءلة، إلى عدم خضـوع ظـواهر خصخصة الدولة، وشخصنة السلطة، وتآكل الدولة الحديثة إلى الرقابة الشعبية والسياسية على أعمـال

الحكومات والوزراء، ورجال المحليات، وسلوكيات

وكبار الموظفين العمـوميين، ورجـال األعمـال !المنحرفين وهم كثر في زماننا الوغد هذا

في غياب المشاركة والرقابة الشعبية تتوالد، وتتكاثر، ظواهر االنحراف السياسي والقـانوني، ويتزايـد الفسـاد،

دولـة، ويصبح هو الحاكم للصـفوة السياسـية، وجهـاز ال والمتعاملين معه، وعبر أسواقه التي تم تخصيصها لصـالح

.الموظفين العموميينن ظواهر شخصنة السـلطة ـ أمن هنا يمكن القول

والوظائف وتخصيص الدولة، أدت إلى شيوع نزعة عارمـة لتمزيق جسد الدولة المصرية الحديثة من ناحية، ودمجها مع

ن الفئات الوسـطى ظاهرة توريث المهن من ناحية أخرى، أل المصرية من المهنيين، وكبار الموظفين، والتكنوقراط، رأى بعضهم أن ال سبيل أمامهم للصعود االجتماعي إلى أعلى هم

ترتب على انسداد قنـوات المشـاركة السياسـية . مهؤوأبناوآليات التصعيد االجتماعي والسياسي، أن ذهب بعض أبناء

ض الوظـائف الحكوميـة الفئات الوسطى لمحاولة احتكار بع الهامة، وتوريثها ألبنائها كضباط الشرطة، والنيابة والقضاء،

. إلخ.…، وا .…وقضايا الدولة، والنيابة اإلدارية، وا

وهذا ال يعني أن األكفاء منهم يجـب أن يسـتبعدوا، فهذا يتناقض مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، أما أن تتحول

أ الدستوري الخاص بالمسـاواة إلى ظاهرة، وال تخضع للمبد افهذا هو المرفوض قطع.

بعض المهن كالطب، وطب األسـنان، والصـيدلة، كانت تورث إلى بعض األبناء، وبعضهم استحق ذلـك عـن

هم، إال أن بعض أسـاتذة ئجدارة، واستفادوا من مهارات آبا كليات الطب، وطب األسنان والصيدلة، ورث مهنة التدريس

وعلى نحو ينطوي على تواطـؤ فاضـح، منذ عقود عديدة، وفشلت كل الحمالت الصـحفية، لوقـف هـذا االنحـراف، ومساءلة بعضهم على هذا السلوك، وتطبيق القانون بصرامة عليهم، لكن الظاهرة استفحلت، وباتت خطرة، ومـن أبـرز

الخريجين، من هنا مالمحها، تدهور مستوى التعليم الطبي، و العام والخاص، واالستثماري، ومستويات العالج في مصر،

وتدهور سمعة ومكانة األطباء المصريين لصالح أساتذة طب، وأطباء، ومستشفيات في بعض البلدان العربية باتت تستقطب المرضى، وطالبي العالج من دول عديدة بالمنطقة، ومنهـا

السودان واليمن على سبيل التمثيل ال الحصر، اللذين يذهبون ! عن مصرالًإلى األردن، بدي

١٩٥٢ قبل نظام يوليو –إبان المرحلة شبه الليبرالية كان توريث المهن جد استثناء، في المحاماة أو الطب، أو ،-

بعـد انهيـار النظـام القـديم، وصـعود . القضاء أو النيابة الًالناصرية، كان مبدأ تكافؤ الفرص في الوظائف العامة فعا

ي المراكـز القانونيـة المساواة ف إلى حد ما، في ظل قاعدة للمتنافسين أو المتزاحمين على الوظيفة العامة، وهذا ال يعني أن قانون المحسوبية والوساطة لم يكن يعمـل، وإنمـا ظـل

اسائد رث سلطوي واجتماعي وطبقي مـزدول، إ من ا، وجزءويمكن وصفه باالنحطاط القيمي والخلقي واألخطر السياسي،

ول السادات إلى سـدة عـرش منذ وص . بال تردد، أو خشية مصر الجمهوري، ظلت تقاليد األبهة، وهيلمان السلطة عنـد القمة تخلب لب الحاكم، وأعوانه، بينما الفساد، وسوء اإلدارة، وتجنيد الموالين واألتباع من معين عدم الكفـاءة والنزاهـة

امستمر كـل ذلـك أشـاع ظـواهر ! كسياسة حكم ا وشائعإعادة إنتاجها، األمر الذي أدى إلى المحسوبية، والوساطة، و

تسارع عمليات انكسار تقاليد وقيم الدولة الحديثـة لصـالح

مصالح وعالقات القوة األسـرية، والعائليـة والعشـائرية، ونفاذها بقوة إلى بعض الوظائف الهامة، كالشرطة، والطب، والصيدلة، وفي الجامعات، حيث يخصص اآلبـاء مـواقعهم

ألبنائهم، وشاعت قيمة وبيلـة، وهـي أن الوظيفية والمهنية توريث الوظائف من األبناء إلى اآلباء هو محاولة إلبعاد أبناء

مـن أبنـاء " الوضـيعة "السبيل والدهماء، وذوي األصـول األغلبية الشعبية من العمال والفالحين وبعض أبناء الفئـات

ولعمري، هذه نزعة تكشـف ال عـن . الصغيرة –الوسطى محتد، وإنما عن هشاشة اجتماعية، وعقد نفسية عراقة منبت و على العالج، وهو ما يظهر بوضوح، فـي يوطبقية تستعص

حيـث ال –ضعف الثقافة الطبقية للصفوة السياسية الحاكمة مـن حيـث التقاليـد، –تاريخ طبقي خارج الوظيفة العامة

ـ أسـاليب الـزي، يوالقيم، والسـلوكيات، والذائقـة، ورقشخصية، ونوعية التعليم، والثقافـة العميقـة واالختيارات ال

الغربية والشرقية، والسـينما، االمركبة في الفنون، كالموسيق واالنفتـاح اإلنسـاني إلخ، .…والتشكيل والنحت، واآلداب

القيم والمعاني الدينيـة إلـى ذرى التسـامح يالمعلمن، ورق الروحي والخلقي الرفيع، وهي أمور نـدر مالحظتهـا فـي

الصفوة المصـرية الحاكمـة وأعوانهـا وزبائنهـا، أوساط وقصارى ما تالحظه عليهم بعض من المحاكاة، والتزيينـات

رجال الديكور، واألزيـاء، والتصـوير التي يقوم بها بعض التشكيلي، وبعض المعلومات والشعارات الثقافيـة الشـائعة،

.والتي تند عن سوقية ظاهرة ال خفاء لهاة والرشوة، وبيع الوظـائف قيم الوساطة والمحسوبي

العمومية لمن يدفع، والحديث عن الوضاعة، ورقـة الحـال كسبب لعدم تجنيد بعض المواطنين لبعض الوظائف الهامـة،

للنقد والهجوم ا، كانت موضع "ألبناء األصول "التي تخصص ممارسـات المرذولـة الالسياسي، واالجتماعي بوصفها من

هار، إال أنها عادت إلى الواجهة للنظام الملكي القديم، الذي ان منذ عصر السادات، وتزايدت خالل أكثر من عقدين ونصف

الموظفين العموميين، ورجال الدولـة، عقد بين أوساط كبار " األصل الطبقي "والوزراء، وعليه القوم، ممن أشاعوا معيار

وليتهم يعلمون أن رؤوس كبار العائالت والباشوات مـن – لـدى اتمصرين، كانوا يعملـون خـدم غير المصريين والم

كمـدخل –إسماعيل باشا، ووزعت عليهم الـدائرة السـنية لبعض الوظائف الهامة، والخطيرة، والتي يؤدي إعمال هـذا

المعيار المضاد لمبـدأ المسـاواة، وتكـافؤ الفـرص بـين أين هم؟ ألننا نسـتخدم التعبيـر علـى نحـو –" المواطنين"

سياسة احتكار بعض األبنـاء ، ولعل ذروة مأساة -مجازى في النيـل، الوظائف آبائهم، انتحار شاب مصري كفء غرقً

لرفض تعيينه بالسلك الدبلوماسي، رغم اجتيـازه اختبـارات .؟! وتم استبعاده ألنه من أسرة مصرية رقيقة الحال،القبول

منذ عقدين ونصف عقد، تشهد مصـر، انهيـارات، اإلقليمية والدولية، إال وتراجعات عديدة في مكانتها وسمعتها

من بعض أدوار صفوتها الحاكمة، أصبحت في خدمة بعض اإلسرائيلية في المنطقة، كدعم األولى –السياسات األمريكية

في حروبها ضد اإلرهاب، ومصالحها اإلقليميـة، والضـغط على السلطة الفلسطينية الفاسدة لصالح الثانية، أو اإليحاء أمام

الصـفوة علمانيـة إزاء معارضـات أمريكا والغرب بـأن ا، وذلـك كسـب !راديكالية وإسالمية تسعى إلقامة حكم ديني

للدعم السياسي والمادي، والسكوت عن ملفات الفساد، وسوء الحكم، بينما كال الطرفين يتالعـب بالـدين فـي السياسـة، وباألخيرة على الدين، مع قمع الحريات العامـة، وانتهـاك

اته األساسية، وانهيار ممنهج ومنظم لقيم حقوق اإلنسان وحري

ولقيم النظام الجمهوري وقواعده اوتقاليد الدولة الحديثة أساس ،وأسسه الدستورية، والخروج عليها، وجاءوا بذوي الجنسيات

وأمريكـي ! وبعضهم سعودي يا للهول –والوالءات األجنبية لحكم بالدنا علـى خـالف – إلخ .…وفرنسي وكندي، وا

بات وضع الدولة الحديثة، والجمهورية . وص الدستورية النص، وفي مهـب ريـاح وأهـواء ذوي السـلطة ا ومهدد اضعيفًإزاء ذلك تأكدت عمليات تمزيق الدولـة الحديثـة، . والنفوذ

الجمهورية لصالح ترك مساحات للنفـوذ والسـلطة مبادئور ألبنية القوة التقليدية، كالعائالت الكبيرة والممتـدة والعشـائ

واألسر داخلهم، كي تحتكر المقاعد البرلمانية، وقيادة الحزب الوطني في المدن والمحافظات والقرى، والحكـم المحلـي، والوظائف في المحافظات، وفي بعـض الوظـائف الهامـة

. إلخ.…كالشرطة والقضاء تحطيم عمدي لمواريث الحداثة السياسية والقانونيـة

ت بـه الصـفوة الحاكمـة هذا ما قام . في الدولة والمجتمع وأعوانها طيلة عقود عديدة، أبرزها طيلة مرحلـة العقـدين

!الماضيين ويزيد

إن انعكاسات ظاهرة تخصيص الدولـة وشخصـنة كانت مستوياتها ونوعهـا إداري أو أمنـي، أو ا أي –السلطة وتوريث الوظائف والمهن، أدت إلى إضعاف منطق -سياسي

كمـة، وهيبتهـا لـدى كبـار الدولة، في سلوك الصفوة الحا أشــاعت ظــواهر التخصــيص، . المــوظفين وصــغارهم

من الفجوات، والصـدع، بـين الجمهـور اوالتوريث، مزيد والدولة، والتعامل معها ومع أجهزتها، وكأنها كائن برانـي،

أجهزة دولة مولـدة للشـرور . وخارجي ال يعبر عن الناس أن أفضـل واألذى والفساد المبين، ورأى الجمهور بخبرتـه

وسيلة للتعامل معها هو التعامـل خارجهـا، وفـق قـوانين ودفع بعض الجماعـات !. لخإ. …الفوضى والفساد والرشوة

المهنية إلى انتزاع مساحات من الدولة، وتوريث المهن إلـى .األبناء

من هنا يؤدي توريث الوظائف، إلى انهيار منطـق سيادة وعلو ، ويجعل الحديث عن االدولة وقيم الجمهورية مع

ويغدو مبدأ المساواة بين المواطنين من قبيل االدستور هذر ،اللغو الدستوري والسياسي، ويجعـل مـن إمكانيـة ترقـي المواطنين، وحقهم في تقلد المواقع السياسية العليا، واإلدارية،

وفق قواعد حقوق اإلنسان من قبيل األساطير، طالما أن هذه !رها لألبناء واألحفادالمواقع، والمهن تم احتكا

إن ظواهر توريث المهن، والنيابة عن األمـة فـي البرلمان، وبعض وظائف القضاء، واألمن، والطب، ستؤدي إلى انهيار الدولة، وتحول السلطة إلى حكم عصب، ومافيات،

.وال يمكن بعدئذ الحديث عن حكم القانون من الكوميديا السياسـية اإن توريث المهن بات جزء

لمصرية السوداء، هل يعقل أن مهنة كالصحافة، أو اإلعالم االمـوظفين "تورث أبناءها المهنة، هل يورث بعـض كبـار

قصير القامة المهنية والفكرية، وبـال وبعضهم –" الصحفيينموهبة أو كفاءة إال أنه جـزء نشـط فـي دولـة التقـارير والوشايات والنفاق الوضيع داخل الصحافة الحكومية، ويعمل

خيبـتهم –لدى األجهزة المعاديـة للحريـات الديمقراطيـة الصحفية، وقلة حيلتهم المهنية، وتاريخهم في الوشاية وكتابة

ويا ليت غالبية األبنـاء ! التقارير، ونشر الجهل، إلى أبنائهم !ن، وإنما هم أسوأ خلف ألسوأ سلفوأكفاء، أو موهوب

اهل هذا معقول؟ هل ترك هذه الظواهر الخطرة جد ، تستمر، في دولة يعتمد بعض سراتها من رجال اوالمدمرة جد

على نهب المال العام – هكذا يسمون في هذا البلد –األعمال المصرفي، مال الشعب المصري؟

!هل هذا معقول؟

:

إن تدهور حالة السياسة والثقافة وإنتاج األفكار فـي تكشف عن بعض مالمحهـا عمليـة مصر والعالم العربي،

المقارنة بين ردود أفعال المدارس الفكريـة، عقـب ثـالث الساحقة، ثـم ١٩٦٧األولى هزيمة يونيو : لحظات تاريخية

، ثم انهيار ١٩٧٣الحوار الذي دار في أعقاب حرب أكتوبر الدولة الطغيانية، أو الدولة العائلية والعشائرية والمذهبية في

في اللحظة األولى قدمت المدارس الليبرالية . العراق واحتالله والماركسية والقومية واإلسالمية، أطروحات اتسمت آنـذاك

على التفاوت في مسـتوياته بـين –بالجدية وعمق التحليل وذهبت إلى تنـاول تخلـف البنيـات –االتجاهات المختلفة

والهياكل والسلطات المتعددة، ال سيما االجتماعية والثقافيـة دينية، كما برزت في أطروحات أنور عبد الملك، ومحمد وال

النويهي، وصادق جالل العظم، وكميل حوا، وعبد اهللا عبـد الدائم، ومحمد عصفور ووحيد فكري رأفت، ولويس عوض، وبيان نادي القضاة ذائع الصيت بقيادة ممتـاز نصـار، أن

٣٠ في بيـان ا الخطابات النقدية تم تمثل بعضه رسمي ىصد

كان مدى ظل تحليل الهزيمة وأسـبابها علـى ا، وأي مارس. تفكير الصفوة السياسية الحاكمة، وسياساتها، وجهاز الدولـة

عـن الدولـة اكانت ورقة أكتوبر، وبعض الحديث مجـدد العصرية، واالنفتاح، وفتح األسواق السياسـية واالقتصـادية

فـة ال رسمية وشبه ليبرالية، تتسم بخ اوالثقافية، يمثالن ردودـ ا، على وجهة تحرك مصر إقليمي !شبهة حول غالبها ا ودولي

بغلبة السجاالت، مإن مستوى الخطابات الفكرية اتس . اوداخلي واالحتقانات بين الـرئيس السـادات والجماعـات الثقافيـة المصرية الماركسية والقومية وبعض أشباه الليبراليين النقديين

وراتـه وتالعباتـه الفـرد، ومنا – توجهات الحـاكم لحواإلسالمية السياسية وتحالفه مع بعض جماعاتها باأليديولوجيا

ال يسـتطيع . في الصراعات والتوازنات السياسية الداخليـة المراقب للمسـألة المصـرية أن يلحـظ جديـدا إال بعـض الدراسات والبحوث السياسـية، التـي تـأثرت بمنهجيـات

سياسـية واصطالحات، واألحـرى اسـتعارات النظريـة ال . إلخ…والحكومات المقارنة، والعالقات الدولية

اللحظة التاريخية الراهنة، هي األكثر وهنا وتشوشا، وسجالية من بين اللحظات الثالث، إذ ال تزال ردود األفعـال

تركـز علـى – وباستثناءات محدودة –الفكرية في عمومها وقائع االحتالل، وعمليات قتل بعض جنـود االحـتالل، أو

بـروز دور العشـائر – تبـدو هكـذا لبعضـهم –فاجأة موالمجموعات األولية الدينية والمذهبية في العراق، السيما في

وريات الشيعة، وغياب األمن، أو لأثناء انتفاضة طقوس وفلك .هجاء االستعمار، أو اإلمبريالية األمريكية العولمية

ثمة خطاب مناور من بعض الجماعات السياسية يتفق طاب الصفوة السياسية الحاكمة في رفض تغيير الـنظم مع خ

والقادة بالقوة، بدعوى أن ذلك يشـكل اعتـداء علـى حـق الشعوب العربية في اختيار نظمهـا وقادتهـا، يرمـي هـذا

إلى تحقيق بعض الحضور على ئالخطاب المناور والمتواط مـن أي االساحة السياسـية الداخليـة، وأن يكونـوا جـزء

ة متوقعة يمكن للسلطة السياسـية اتخاذهـا إصالحات سياسي كجزء من نتائج تغيير نظام حكم الـرئيس صـدام حسـين

إن بعض المواقف السابقة تكشف . وعائلته وعشيرته وحزبه إلى أي مدى بعض التواطؤات في السياسة المصـرية لمنـع

الرجل المـريض فـي –تأصيل مكونات المسألة المصرية لنقدي لها، هذا النمط من التواطؤ والتحليل ا –الشرق األوسط

ايشير إلى توظيف مفهوم الوطنية في أكثر معانيـه صـخب وسطحية كسالح سياسي اتهامي في مواجهة أيـة محاولـة لبحث مسألة تجديد الدولة، والسـلطة السياسـية والصـفوة

وتـداول الحاكمة، وضرورات الديمقراطية والتغيير السياسي ون فـي مصـر، وكـأن التيـار السلطة وإقرار دولة القـان

الديمقراطي واإلصالحي هو الذي جاء باليانكي اإلمبراطوري !والعولمي إلى المنطقة

إن أطروحة رفض تغيير النظم والقادة بـالقوة مـن ن ذلك شأن داخلي، ويتم مـن أخارجها، استندت إلى مقولة

خالل الشعوب، وهو ما ينطوي على افتراض أن هذه الـنظم عبر اآلليات الديمقراطية، والواقع أنها وصـلت تم اختيارها

عبر تزوير إرادة الناخبين، ومستمرة في الحكم مـن خـالل .آليات القمع وعنف جهاز الدولة الوحشي

إن أخطر ما أدى إليه الطغيـان والفسـاد العـائلي ري، والبعثي، والمذهبي في العراق، هو انهيار الدولة ائوالعش

اتور ونجليه ومساعديه، من هنا وأجهزتها عقب هروب الديكت الخلـل ر، وجوانب صتبدو وجاهة بحث وتحليل الدولة في م

البنائية من منظور نقدي، بهدف تأصـيل جوانـب المسـألة

وراء سياسات إلعادة هيكلة وتطـوير االمصرية، وذلك سعي ظل الخطاب النقدي واألكاديمي . الدولة المصرية أو تجديدها

و الصفوة الحاكمة، أو الحكومـة أو يدور حول نقد السلطة أ الحزب الحاكم، أو بعض السياسات أو الوزراء، إال أن نقـد

ـ بالحكومـة أو الحـاكم، أو الطبقـة االدولة اختلط مفهومي المسيطرة أو النخبة الحاكمة، دونمـا تمييـزات بـين هـذه

.المستويات واالصطالحاتإن الخطاب حول الدولة تأثر وال يزال بالمنهجيـة القانونية الشكلية ونزعتها المبسـطة للتجريـد والتأصـيل، وتحويل النصوص الدستورية إلى عوالم نظرية بعيـدة عـن ربط هذا التحليل بالتركيبة االجتماعية، ووضع المصالح بين الفئات المختلفة، وانعكاساتها على عمل الدولـة ومؤسسـاتها

.وأجهزتها المختلفة للتكـرار الً قاب الًيشكل مثا إن انهيار الدولة العراقية،

في المنطقة كنتاج لمواريث الطغيان والحكم األسري والعائلي والعشائري والمذهبي، وتضافر سياسـات الفسـاد والقمـع والتالعب بالمذاهب الدينية في اللعبة السياسية فـي محاولـة

أزمات الشرعية ودولة القانون ومستويات الحكم للتغطية على

مـا دون (والمنيوقراطي ) دون الحد الوسط ما (الديمقراطي سيين، ومن االذي يسم مستويات أداء القادة السي ) الحد األدنى .يحيطون بهم

إن مسألة تجديد أو إصالح الدولة المصـرية، تبـدو ى من الميراث الهيجلي الشائع بـدعو امحورية، ليس انطالقً

مـن هنـا أنها ترتفع عن المصالح الخاصة أو الطبقيـة، و يرها عن المصلحة العامـة واحتكارهـا للقـوة والقمـع تعب

المشروع، فهذا وهم أيديولوجي أقرب لألساطير السياسـية، نها محض أداة للطبقة المسيطرة أو أمثله في ذلك مثل القول

علـى الـرغم مـن –الدولة المصـرية . الصفوة الحاكمة إال أنها تتجاوز ذلـك –اختالالتها وتخلفها البنائي والسياسي

لتمثل مصالح فئات اجتماعية تتجاوز في بعض األحيان القوة إن الدولة المصرية التسلطية، ومعهـا التركيبـة . المسيطرة

االجتماعية والثقافية والدينية، وثقافتها القمعية والهرمية تقف ضد قبول القـيم والقواعـد والمؤسسـات واآلليـات اعائقً

ـ واق السياسـية الديمقراطية وتقف ثقافتها ضد تحريـر األس إن تقديس الدولة المصرية بـل وتأليههـا إلخ، …والثقافية

الوضعي، وإضفاء القدسية عليها تحـت دعـوى احتكارهـا

لمعاني الوطنية والوالء واالنتماء الوطني، وماهية اإليمـان اإلسالمي الصحيح، عبر أجهزتها ومؤسساتها وخطاباتها، هو

ة وجوفاء، أسهمت في جزء في إطار ثقافة ولغة سياسية طنان إشاعة الخوف والرعب من نقدها بهدف تطويرها، ويرجـع ذلك إلى أن استراتيجية تقديس الدولة وتحويلها إلى أسطورة عن طريق النفخ في المعاني الرسمية السـلطوية للوطنيـة،

ـ وداللـة مـن تعريفهـا اوهي أكبر وأخطر وأوسـع نطاقًاستفادة الصـفوة الشعاراتي واإلعالمي الرسمي، يرمي إلى

وتوظيفـه " المقدسـة "السياسية الحاكمة من فائض الوطنيـة من أسطورة القداسة السياسية ا تغدو جزء من هنا لصالحها، و

الذي سرعان مـا إلخ، …للوطنية المصرية، وللصالح العام من الوضـع اانطالقً! أعيد تعريفها على نحو أمني واتهامي؟

علينا بحث مسألة إصـالح البالغ الخطر والحرج معا، يتعين ، تحديـد الً يتعـين أو من هنا الدولة المصرية أو تجديدها، و

ـ معنـى امظاهر الخلل البنيوي في الدولة المصرية، وثاني ، .التفكير في تجديد الدولة المصرية اآلن

: مظاهر الخلل البنيوي للدولة المصرية:الًأو

رية يمكن لنا رصد األعطاب البنائية في الدولة المص :الراهنة بإيجاز فيما يلي

التضخم المفرط فـي أجهـزة الدولـة وأدوارهـا -١وصالحياتها، وبال فعالية في اإلنجاز، كجزء مـن مواريث التصور البيروقراطي والتسلطي للدولـة النهرية، وسياسات التوسع فـي بنـاء األجهـزة، والمشروعات العامة، والنزعة التدخلية في جميـع

تهت إلى سياسـة الخصخصـة، القطاعات، التي ان وتراجع األدوار التدخلية فـي مجـال السياسـات االجتماعية، مع بقاء هياكل بيروقراطية وإداريـة متخلفة وعاجزة تستهلك موارد عديدة على األجور واإلنفاق اإلداري مـع إشـاعة الفسـاد وشـبكاته

. إلخ…وقيمه بـين جشخصنة الدولة وأجهزتها السياسية، والـدم -٢

واألمة والوطن والحاكم، ومثالها الـرئيس الوطنيةالسادات، وتوريث المهن فـي مجـاالت عديـدة

للتواطؤ في الجامعـات والطـب اأصبحت موضع . إلخ…والصحافة

.الخلط بين الصفوة الحاكمة، والحكومة، والدولة -٣

اختصار الدولة في مفهوم األمن وأجهزته، وهو ما -٤لهياكل األمنية عليها، بل وتحولت ا الً هائ اشكل عبئً

إلى أجهزة منوط بها مواجهة ملء فراغ السياسـة، والعمل السياسي، األمر الذي أسهم فـي تكـريس

االفجوة بين المصريين والعمل السياسي عموم.

أزمة المؤسسية والطابع المهني الوظيفي فـي أداء -٥أجهزة الدولة، أي تردي مستويات المهنية واألداء،

لقيادي فـي قمـة الهـرم وذلك ناتج عن الجمود ا المؤسسي، ثم ضعف المستوى التعليمي والتدريبي

.للموظفين العموميين

جمود ثقافة الدولة النهرية المركزية ومفاهيمها عن -٦التي تدور في فضاء التسـلطية والمركزيـة الدولة

المفرطة، وعدم االنفتاح على المكونات المختلفـة .للثقافات الفرعية في التركيبة المصرية

أولوية الحاكم والبيروقراطي على الشعب، والدولة -٧ . أمن الدولة على أمن الفردمن هناعلى المواطن و

المواطنة حالة لم تتحقـق –مفارقة الدولة للمواطن -٨ فـي اإلدراك –ألسباب تاريخية وسياسية وثقافية

الجماعي لغالبية المصريين، حيـث تبـدو الدولـة ـ ه بغالبيـة ككائن سياسـي متعـال وال عالقـة ل

المصريين، وال تأخذ رأيهم وال تطالبهم بالمشاركة، اوتفرض عليهم قراراتها قسر.

أزمة دولة القانون، حيث تبدو الدولة وكأنها خارج -٩إطار سيادة القانون، فهي قادرة عبر أجهزتها على أن تصنع القانون متى رأت ذلك، ولحماية المصالح

، ثـم تتراجـع االجتماعية التي تراها في لحظة ما عنها، أو تصدر قوانين تعرف أنها غير دستورية، مثال قوانين االنتخابات، ولكنهـا تسـتخدم اآللـة التشريعية في إنتاج تشـريعات تفتقـر للشـرعية الدستورية لتحقيق مصالح عاجلة لهـا، وتوظيـف الصفوة السياسية ثغرات القانون لتحقيق مصـالحها

جتماعية والسياسية دون مراعاة لتوازن المصالح اال .للفئات المختلفة

العاصمة واإلسكندرية والمنـاطق –أولوية المركز -١٠ في اإلنفاق والتطوير على بقية – إلخ .…السياحية

المحافظات، األمر الذي شكل أحد أسباب التمـرد السياسي، ألجيال شاركت في عنـف الجماعـات اإلسالمية السياسية، وجاءت عناصر رئيسـة مـن

الوجه القبلي، مما دفع إلى إيالء بعـض محافظاتالعناية لها بعدئذ، لمحاولة حصـار بـؤر العنـف

ــاعي ــي ذ–االجتم ــة ي السياس ــوه الديني الوج .والطائفية

المصرية، وذلك بالنظر إلى عـدم اختطاف الدولة -١١مواجهة ظواهر الجمود فـي شـخوص الصـفوة

مـن خـالل تجديـد – ا جيليا وحكومي –الحاكمة لسياسية، ولجوء الصفوة السياسـية إلـى األجيال ا

ربط نفوذها في المحافظات بأبنية القـوة التقليديـة كالعائالت الممتدة والعشائر والقبائل، مـن خـالل وسطاء ينتمون للروابط األولية، ويتم اختيارهم في البرلمان ومجلس الشورى والمحليـات واألجهـزة

لدولة اإلدارية، األمر الذي أدى إلى تحول أجهزة ا

في هذه المناطق إلى أدوات ألبنية القـوة التقليديـة ولم تجد هـذه اوقيمها وتقاليدها ومصالحها أساس ، خارج األجهزة –العمليات االختطافية لجهاز الدولة

أية محاولة لردعها والمسـئولين عنهـا –األمنية لصالح الدور التحديثي والتطـويري والتوحيـدي

.ريةلجهاز الدولة لألمة المص

أجهزة الدولة، من خـالل ىبروز تصدعات في بن -١٢انتــزاع بعــض الوظــائف والمهــن الحكوميــة لصالحيات الضبط القضائي، وهي ظاهرة تنامـت منذ عقدي السبعينيات والثمانينيـات مـن القـرن الماضي، وأسهم انتشار ظواهر وبـؤر وشـبكات الفساد الوظيفي في أجهزة الخدمة المدنية إلى بروز

لتئام بين الشعب والدولة، وبـين حتاج لال صدوع ت الشعب والنظام السياسي، وبين الشـعب والقـانون

لجوء فئات عديدة إلـى من هنا والشعب واألمن، و أساليب عرفية لحل مشكالتها القانونيـة أو لجـوء األقوياء بالمال أو السلطة أو العشـيرة أو العائلـة

وتنفيذها، ال الممتدة إلى أسواق بيع القاعدة القانونية

سيما في ظل بروز ظاهرة عـدم تنفيـذ األحكـام القضائية، بكل دالالت ذلك الخطيرة علـى عمـل السلطات العامة والـوعي الجمـاعي للمخـاطبين

.بأحكام القانون، وعلى الشرعية السياسية

ذكورية ثقافة ومنطق ولغة الدولـة المصـرية، ال -١٣، سيما من حيث تجنيد السلطات العامـة للكـوادر

وتمثيل المناصب القيادية للمصريين والمصريات، المواطنـة والمسـاواة بـين مبادئدونما إعمال ل

.الجنسين في حاالت عديدة

الذي بات سمت نظام ما بعد ئدولة قانون الطوار -١٤ . وإلى اآلن١٩٥٢ يوليو ٢٣

معاني إعادة التفكير في تجديد الدولة المصرية:اثاني : ولة المصرية ال ينفصل عـن الحوار حول تجديد الد

تاريخها وثقافتها وتقاليدها وإدراكها من ناحية، وال عن تطور ظاهرة الدولة المعاصرة وتحوالتها من ناحية أخـرى، مـن المعروف وفق الفقيه الفرنسي ميشيل مياي، أن كلمة دولة لم تستعمل في اللغة الفرنسية إال في مرحلـة إرسـاء الحكـم

السادس عشر، ثم تعممت ابتداء مـن المطلق، أي في القرن

القرن السابع عشر، واستخدمت في الوثائق الرسمية نحو سنة األمة، ليست ظاهرة أبدية، وإنما ترتبط –إن الدولة . ١٥٤٠

من هنا بالتطورات التقنية والسياسية وشكل العالم وتحوالته، و ة تبدو ظاهرة تقديس الدولة والقومية والوطنية بالمعاني السوقي

ه أهدافه ومصالحه السلطوية أكثر من كونه ء ورا االسائدة أمرعن قيم وأشكال تخضع للتطـور التـاريخي للـنظم اتعبير

.والمفاهيم واألفكار السياسيةإن التفكير في تجديد الدولة المصرية البد أن يضـع

:في اعتباره ما يلي من متغيراتتها نعكاسات العولمة على مفاهيم السيادة وتبـدال ا -١

وتحوالتها في ظل ثورة المعلومـات والوسـائط .االتصالية المتعددة، أي دولة في إطار معولم

.دولة ما بعد الرفاهية وسياساتها، وإنجازاتها -٢

٣- ال حقوق اإلنسـان ادولة حقوق اإلنسان عموم ،– أوروبـا إلـى المواطن، حيث سيدفع التطور في

لغاء شرط المواطنة وتعميم حـق المقـيم علـى إرضها في االنتخابات، أي دولة في إطار مواطنة أ

.ذات طبيعة عولمية

دولة في إطار إضفاء مشروعية على ما يسـمى -٤بالحق في التدخل اإلنساني كما حدث في البلقـان،

بـل اوشمال العراق، والصومال، والعراق مجدد ،واحتالله وإسقاط الدولة ونظامها وقادتها والقبض

في إطار نزعة أمريكيـة على غالبيتهم، أي دولة – دولة من هنا امبراطورية عولمية وإمبريالية، و

ذات قابلية لالختـراق –والسيما في جنوب العالم والهشاشة أكثر من ذي قبل، لحاجتها للمعونـات والقروض والمسـاعدات االقتصـادية والفنيـة، وتخضع ألشكال متعددة للتأثير علـى صـورتها،

لكبـرى، ومؤسسـات وعلى سياساتها من الدول ا التمويل، والشركات متعددة الجنسيات، والمنظمات غير الحكومية واألجهـزة اإلعالميـة المتعـددة،

. إلخ…نترنتواإل

لم تعد تعتمد فقط على سيادة قوانينها دولة القانون -٥فقط، وإنما على شبكة من المنظومـات القانونيـة العولمية تتكون من معاهدات واتفاقيات عولميـة

ابع واألطراف، وقوانين دول مانحة أو قوانين الط

علـى ادول كبرى كالواليات المتحدة تفرض قيود المشرعين وسياسات النظم في الـدول األخـرى،

، أو حقـوق الًكما في مجال الحريات الدينية مـث …اإلنسان، أو قانون تعقب معاداة السامية

إن خطورة مفاهيم دولة القانون في اإلطار العـولمي ـ تت اه تسـتأثر مثل في أن المنظومات القانونية العولمية االتج

بتحديد القيم القانونية والمعايير الكبرى التي يتعين على الدولة أن تتبناهـا وتطبقهـا فـي – في طور تحولهـا الجديـد –

إن هذه المعايير لم تعد مقصـورة علـى / تشريعاتها الوطنية ا تمتد إلى طبيعة حقوق اإلنسان فقط أو قوانين التجارة، وإنم

. إلخ…تكوين سلطات الدولة وتمايزاتها البنائية والوظيفيةدولة لم تعد هي الفاعل األساسي فـي العالقـات -٦

العولمية مع المنظمات الحكومية، وإنما ثمة فواعل اأخرى تلعب أدوار فـي السياسـات ا أكثر تأثير

.العولمية كبعض الجماعات الطوعيةهشـة والمهمشـة كـالمرأة دولة تحابي الفئات ال -٧

واألطفال واألقليات الصغيرة العرقية والمذهبيـة فهي دولـة يـتم نـزع من هنا و إلخ، …والدينية

ديكتاتورية الفحولة الذكورية عنها، بـالنظر إلـى الضغط الذي يمـارس اآلن مـن دول كبـرى، ومنظمات حكومية وطوعية، واتفاقيات عولميـة

ـ ى سـبيل بخصوص عدم التمييز ضد المرأة عل .المثال

دولة لم تعد تحتكر الفرد والمواطن حيث يمكـن -٨رفع دعاوي أمام دول أخرى على أشخاص وقادة

نتهاكات لحقوق اإلنسان ومارسوا اقاموا بممارسة التعذيب في بلدان أخرى، وهـو تطـور جديـد

.الًوسيتنامى مستقبإن نظرة مدققة على بعض المتغيرات السابقة، تشير

ديد الدولة المصرية كمدخل ضـمن مـداخل إلى ضرورة تج عديدة إلعادة تجديد حياتنا كلها لمواجهة مسببات وأعـراض المرض المصري، وهو الدولة ضد الديمقراطية وضد الفرد،

عن الدولة والسياسـة مـا اووجهة اآلخر المواطن يقف بعيد .أمكن

إن تطــوير ومقرطــة وضــبط اإلفــراط الــدولتي لتصدي الحاسـم للحكـم التسـلطي والبيروقراطي، يتطلب ا

واحتكار السلطة وهيمنة وسطوة الشيخوخة الجيلية والفكريـة !.على حياة الدولة وأجهزتها في مصر اآلن

تأسيس الدولة القومية الحديثة، وإنجازات التحـديث منذ محمد علي، حتى النصف األول مـن القـرن في مصر

االماضي، ارتبط عضويبالقانون الحديثا وبنائي . كانت عمليات استمداد واستعارة الهندسات القانونية

والسياسية والثقافية تدور في فلك الحداثة القانونية، سواء على المستويات الفلسفية والمنطقية، ورؤية العالم آنذاك، ومفـاهيم

تقدم والتطور، أو بحث أسباب تقدم أوروبا على المجتمـع ال تحت نيـر االسـتبداد الًالمصري المتخلف الذي رزح طوي

.الشرقي، وضعف وازعات القانون التقليدي

عـن العقـل اكانت الحداثة القانونية، تمثل تعبيـر السياسي الحديث، الذي يرتكز علـى العقالنيـة والمنطـق

، واالنتقال من قواعد وقيم قوانين الوضعي واألخالق المدنية المكانة التقليدية إلى النظم والقواعد القانونية الحديثـة التـي

المساواة وعمومية القاعدة القانونيـة إلـى مبادئتعتمد على .آخر األقانيم واألساطير المؤسسة للقانون الحديث

لزلزلـة المجتمـع، الًكان القانون الحـديث مـدخ المرتكزة على بعض األساطير العرقيـة والسلطات التقليدية تشكلت الطبقـة السياسـية المصـرية . وقيم القانون التقليدي

ي عبـر الحديثة في أعطاف المعرفة والعلم القانوني األوروب .البعثات الخارجية إلى فرنسا، ثم مع إنشاء كلية الحقوق

الفذ، وقدراته التحليلية هشكل العقل القانوني، ومنطق لتمصير القواعد القانونية الحديثة، عبـر الً مدخ والتجريدية،

استراتيجيات ألقلمة النصوص الغربية مع الواقع الموضوعي –المعقد، بل إن الصياغات القانونيـة الرصـينة، والبليغـة

هي نتاج ثقافة عميقة، ووعـي بـالعلوم –وليست اإلنشائية ثمة إنتاج قـانوني راسـخ . الفقهية والشرعية على اختالفها

رجـال –باللغة العربية، صاغته الجماعة القانونية المصرية

في أرفع مستويات اللغة العربية، –الفقه والقضاة والمحامون نتاج أدبيـات نظريـة وتطبيقيـة فـي إاألمر الذي أدى إلى

الصناعة التشريعية، وفي المرافعات أمام المحاكم، جعلت من من حيث ار عالمي الجماعة القانونية المصرية، ذات وزن مقد

نتاجها الفقهي، والقضائي، والدفاعي وإن تراجع ذلـك فـي إإن مكانة الجماعـة المصـرية فـي العـالم . العقود األخيرة

في عالم – الهندية –القانوني الالتيني، مع الجماعة القانونية تشكالن قدوة تاريخيـة للـدول –القانون األنجلو ساكسوني

ل الخمسينيات من القرن الماضي، في النمو حتى أوائ اآلخذة استمرت التجربة الهنديـة القانونيـة فـي إطـار التقاليـد الديمقراطية، والجمهورية البرلمانيـة، وأصـبحت الدولـة

ى يحتذ اوالقانون، والتجارب واألنظمة القانونية الهندية نموذج األمة فـي –للعالقة بين القانون والديمقراطية، وبناء الدولة

داثة ثم الحداثة العليا وما بعدها، حتى وصلت إلـى إطار الح أمـا . مراحل بالغة التطور في أوائل القرن الجديد، وال تزال

الحالة القانونية المصرية أخذت في التدهور والتراجع، حتـى يمكن اعتبار أن ضعف الدولة، واهتراء النظـام السياسـي

أتي على الطغياني خالل العقود الماضية يعود ألسباب عديدة ي

رأسها انهيار دولة القانون، وتراجع مبدأ سيادة الدستور، بل وتخلف الهيكـل الدسـتوري عـن التجـارب الدسـتورية

.الديمقراطيةالفساد السياسي واالجتماعي واالقتصـادي إن انتشار

من قمة النظام السياسي، وصفوة الحكم، إلى الجهاز اإلداري، إلى غالبية الفئـات الًوالمؤسسات السياسية والحزبية، وصو

الرشـوة –االجتماعية، أدى إلى تحـول قـوانين الفسـاد إلى سوق واسع من القيم والقواعـد –واالختالس والسرقات

القانونية المضادة لقانون الدولة، يتم خاللها تنظيم العالقـات .االقتصادية واالجتماعية والوظيفية والسياسية بين المواطنين

ـ ق القـانون الرسـمي علـى تحولت عمليات تطبيالمخاطبين بأحكامه إلى سياسة انتقائيـة، وباتـت السـلطات

تطبيق القانون تمايز بين المخاطبين بقواعده، بالعامة المخولة علـى بعضـهم العتبـارات اتفضل عدم إعمال أحكامه حينً

ن إأحيان أخـرى، بـل تقدرها، وتطبق أحكامه بصرامة في . بدولة القانون اضائية تمثل عصفً ظاهرة عدم تنفيذ األحكام الق

هذا النمط من السياسة االنتقائية في تطبيق القوانين، يشير إلى أزمة بنائية كبرى، وهي تداعي ووهـن المنطـق القـانوني

– في الفقه السني –الحديث لصالح سطوة فهم والية المتغلب الذي يعتمد على حيازة أوراق القوة في السيطرة على الحكم،

يغدو القانون محض أداة مـن أدوات القـوة بيـد نامن ه والحاكم، ويخضع في إنتاجه وتطبيقه لمشيئة وإرادة ورغبـات

.المتغلبضعف الدولـة المصـرية، واهتـراء إن مؤشرات

الصفوة السياسية الحاكمة نظامها السياسي، وضعف مستويات وغياب المشاركة الشعبية وعدم الشفافية والمسـاءلة، تبـرز

ثمة إدراك سياسي . في إدراكها لمفاهيم دولة القانون بوضوح م، ١٩٥٢سلبي للقانون وأدواره منذ تأسـيس نظـام يوليـو

وبعض بقاياه الراهنة، على أنه ال يعدو كونه أداة، توظف في إن المفهوم األدائي للقانون، . إدارة الشئون اليومية والمعاشية

تي تسـتند إلـى أن ارتبط بالثقافة العسكريتارية لقادة يوليو ال ت أخـرى لتحقيـق السـيطرة القانون هو أداة ضـمن أدوا

في إطار الثقافة والنظم واإلجراءات السائدة فـي واالنضباط ترتب على هذا اإلدراك للقانون، إغفال أن . الحقل العسكري

ـ ئالنظم الدستورية والقانونية أكبر من كونها أداة، وأنها تنشـ ات، ومسـئوليات، وأن مراكز قانونيـة وحقـوق والتزام

كانت مكانتهم ومواقعهم االمخاطبين بأحكامها يخضعون لها أي كمـا –أدت ظاهرة عسكرية القـانون . السلطوية أو الثروية

فـي بـدايات –عسكرت الحقول الثقافية والسياسية والدينية نظام يوليو، إلى تحوله إلى محض أداة يـتم اللجـوء إليهـا

يعة، وسرعان ما يلتفت عنهـا، لتحقيق بعض األهداف السر أدت النزعة األدائية إلى . عبر قانون أو الئحة جديدة، وهكذا

بروز ظاهرة االنفجارات التشريعة، واألخطر، الفوضى مـن خالل تنامي عمليات إنتاج التشـريع، وتضـارب القـوانين والقواعد المنظمة لذات الموضوع، والتضخم المفرط لغابـة

.االقوانين على اختالفهإن أخطر ما في الحالة القانونية المصرية الراهنـة، تتمثل في تخلف النظم القانونية عن التطـورات االجتماعيـة

معها، واألخطر اواالقتصادية والسياسية، بل وتناقضها جذري أن الصفوة الحاكمة تنظر إلى ذلك بصالفة والمباالة، ألنهـا

ـ رئـيس –اكم ترى أن إرادتها فوق القانون، وأن مشيئة الحمـن مجمـل % ٦٥الجمهورية الذي يحوز على أكثر مـن

فوق الدستور والقانون والسـلطات –الصالحيات الدستورية دسـتور –النظام الدسـتوري المصـري . االدستورية جميع

ينطوي على تناقضات واختالالت هيكلية – وتعديالته ١٩٧١ دولـة في العالقات بين السلطات الثالث لصالح سيادة مفهوم

الرئيس الذي يقف فوق جميع السلطات، وبحيث تقف األمـة كلها ومؤسساتها رهينة مشيئته وقراراته وخياراتـه دونمـا ضوابط تحد من هذه السلطات شبه المطلقة، بكل انعكاسـات ذلك الخطرة والسلبية على السياسـة، والمؤسسـية، ودولـة

ية في أدى الوضع االحتكاري لمركز رئيس الجمهور . القانونالدستور، والممارسة السياسية إلى تحول النظام كله إلى نظام الرئيس منذ عصر الرؤساء جمال عبـد الناصـر، وأنـور

، ١٩٧١أدى دسـتور . السادات، وإلـى المرحلـة الراهنـة وتعديالته إلى تمكين من يشغل منصب رئيس الجمهورية من

فرد التي ال –، مما كرس مفهوم دولة اأمور البالد والعباد معينطوي الدستور المصري . تصل إلى مستويات الحكم المطلق

على نصوص صريحة على الحكم االشتراكي، والقطاع العام إلى آخـر مفـاهيم واصـطالحات المـرحلتين الناصـرية والساداتية، ومع ذلك حـدثت تحـوالت جذريـة تنـاهض

ولم تحدث مسـاءلة سياسـية أو االمنصوص عليه دستوري ، عن سطوة الًضعف ذلك في البنية الدستورية، فض دستورية ل

أخطر ما في ذلك هو أن الوثائق الدستورية . الرئيس –دولة " مـواطنين "كانت تنص على حقـوق وحريـات وواجبـات

الرئيس ال تبالي بقواعد الدستور، وتصـنع –دولة ووعليهم، من السياسات والقوانين التي تحقق مصـالحها االجتماعيـة

. والسياسية، واستمرارية سيطرتها على الحكـم واالقتصاديةإن تاريخ الوثائق الدستورية منذ اإلعالن الدسـتوري بعـد

وتعديالته، هو تـاريخ العصـف ١٩٧١الثورة حتى دستور بالحريات الدستورية للمـواطنين، واالنتهاكـات الممنهجـة

المصرية، لحقوق اإلنسان التي وقعت وصادقت عليها الدولة تكريس نمط من الحكم االستبدادي الذي أدى إلـى هو تاريخ

الحيويـة تجريف الحقل السياسي، وتبويره، وإلـى تجفيـف السياسية واالجتماعية لدى الغالبية العظمى للشعب المصري، الذي تحول في ظل سيادة قانون الرشوة والفساد واألعراف، إلى حالة من الفساد المعمم واالهتراء والتفسـخ والتهتـك

بقانون الدولة، بل والعمل مـع اوالالمباالة أساس الأخالقي الإن حالـة . الحكومات وجهاز الدولة على انتهاكه واحتقـاره

حالـة – التي وصف بها بعض الكتاب –العصيان الجماعي اآلن، هي نتاج أكثر من خمسة عقود من انتهـاك المصريين

المبـادرات والقيم الدستورية والقانونية، وقمع مبادئالدولة لل والجماعية، ومطاردة وسـحق المـدارس الفكريـة " الفردية"

والسياسية المختلفة، ومن رفض الدولة والصـفوة الحاكمـة والحكومات التي تشـكلها، للديمقراطيـة، أو اإلصـالح، أو التغيير السياسي نحو نظام جمهوري برلماني، على الـرغم

نقاذ البالد مـن من المطالبات السياسية بالتغيير من الداخل إل امخاطر جمة تحيط بها إقليمي وتـدهور أوضـاعها ا، ودولي ،

الداخلية وحالة سوء اإلدارة، وسوء الحكم، وغموض مستقبل عملية الخالفة السياسـية فـي ظـل غمـوض، وضـعف والديمقراطية التنظيم الدسـتوري لعمليـة اختيـار رئـيس

الحكـم ال يتجزأ مـن مفـاهيم االجمهورية، والتي تعد جزء التسلطي، ودولة التعبئة التي كانت سـائدة فـي خمسـينيات

الجمهورية إن نظام اختيار رئيس . وستينيات القرن الماضي من مجلس الشـعب هـو أحـد أبـرز تعبيـرات الطـابع

.ديمقراطي للدستور، والنظام السياسي المصريالال على إدارة الدولة والسياسة طوارئإن هيمنة قانون ال

في مصر لم يؤد إلى وقف ظواهر عدم االستقرار واالقتصاد االجتمـاعي، وال –السياسي، وال إلى منع الضعف السياسي

إلى اختفاء التنظيمات السياسية السرية، وال إلى الحيلولة دون وقوع عمليات إرهابية، وال إلى منع نشوء جماعات، وخاليا

نظام شبه الدائم طيلة طوارئأدى نظام ال . مصرإرهابية في يوليو إلى شيوع إدراك لدى الصفوة الحاكمة، أنها أكبر مـن القانون، والمواطنين والمدارس الفكرية والجماعات السياسية، وأنها أكبر من السياسة وعقلها وخيالها وأدواتها، وإبداعاتها، ألنها تمتلك وتحتكر الدستور والقانون والقوة المادية وأجهزة

التلفاز، والصحافة واإلذاعة –وجي الترويض والقمع األيديول والتعليم والثقافة، وأهم من ذلك كله أنها تمـارس الحكـم –

طليقة من القيود الدستورية والقانونية، ألنها هـي الدسـتور الخطير فـي طوارئ ترفع سالح قانون ال من هنا والقانون، و .وجه الجميع

ومعـه –على مفهوم أن إرادة الحـاكم إن االعتماد ومشيئته المطلقة هي الدستور والقـانون، –ة وزبائنها الصفو

أدت إلى ارتهان الحكم والقانون والدستور لدى إرادة رئـيس مع كل التقدير واالحترام ألشخاص من –الجمهورية ونواياه

هذا التقليـد السياسـي –يشغلون هذا الموقع السامي والهام األجيـال قـط لتطلعـات االيوليوي في الحكم لم يعد مالئم

السياسية المصرية الشابة، ويقف حجر عثـرة إزاء تطـوير الدولة المصرية، وتجديد هياكلها ومؤسساتها، وإزاحة تقاليدها

إن أحـد أبـرز المـداخل . الً شام االبالية التي تتطلب تجديدالمالئمة للتغيير السياسي، يبدأ بطرح تصور فلسفة للتغييـر

ة، ومجموعة من البـرامج الديمقراطي نحو جمهورية برلماني والتدابير واإلجراءات السياسـية والدسـتورية والقانونيـة،

إن غالبية التصورات المقدمـة فـي . وآليات للحركة والعمل الجدل السياسي العام حول اإلصالح تحولت إلى لغو سياسي، لغلبة النزعة الشعاراتية، واللغة اإلنشائية المعممة، وهو مـا

السياسـية الحاكمـة فـي امتصـاص استفادت منه الصفوة الضغوط السياسية واألخالقيـة للعناصـر المسـتقلة داخـل

– عـن الضـغوط األورو الًالجماعة الثقافية المصرية، فض .أمريكية، التي تستجيب لها فقط المجموعة الحاكمة

إعداد البرامج السياسية والدسـتورية واالقتصـادية ـ ات الراهنـة، ولـألداء والتعليمية والثقافية البديلـة للسياس

الحكومي المحدود الكفاءة، والذي يفتقـر للرؤيـة السياسـية وخياراتها وأدواتها، يتطلب حركة من أهل الخبـرة والفكـر والسياسة المستقلين الذين يستطيعون إعداد الملفات والبـدائل

بناء على توصيف وتحليل موضوعي وعلمـي لالخـتالالت بالجديـد علـى أهـل الخبـرة البنائية الراهنة، وليس ذلك

والمعرفة في مصر، فقد سـبق أن كانـت هنـاك ملفـات وسياسات وآليات بديلة لسياسة الحكم أيام الرئيس السـادات، ثم في أوائل حكم الرئيس مبارك، وهذا هـو الفـارق بـين أوضاع المعارضات آنذاك، ومستواها الحالي، بل إن هذا هو

كثر من عقدين، وأوضاعهم الفارق بين أوضاع المثقفين منذ أ الهشة واالكتئابية اآلن، بعد أن أبعدتهم السياسة الرسمية عن المشاركة في الحياة السياسية، واحتكار المجموعة الحاكمـة للحكم دون رغبة في التجديد، أو التغيير السياسي، من هنـا تتشكل مسألة التجديد الدستوري، عبر اللجوء إلى الدسـاتير

عداد دستور ديمقراطي لجمهورية برلمانية يكون المقارنة، إل رئيس الجمهورية فيها ذا منصب شرفي ورمـزي، وتعتمـد على الفصل بين السلطات الثالث المستقلة، في إطار التعاون

.بينهموتشكل الحكومات بنـاء علـى نتـائج االنتخابـات البرلمانية التي تجريها هيئة إشراف مستقلة على االنتخابـات

يتم اإلعداد للدستور عبر هيئة تأسيسـية . أسوة بالهند العامة

منتخبة في مدة ال تتجاوز ستة أشهر، ويتم خاللهـا تغييـر قانون األحزاب السياسية ليكـون إعـالن الحـزب بمجـرد اإلخطار لوزارة الداخلية، وتجري االنتخابات العامة خـالل

.األشهر الستة التي تليها في ظل القانون العادييس الجمهورية البرلمانية سيؤدي إلـى فـتح إن تأس

شرايين الحيوية السياسية والفكرية في البالد، ويدفع األغلبية الساحقة من الشعب المصري للمشاركة السياسية، واالهتمـام بأمور الحكم واختيار ممثليه داخل البرلمان، وشـيوع روح المسئولية والمساءلة في إطار من الشفافية، ودولـة القـانون

وسيادته على جميع المواطنين أيا كانت مكاناتهم، ومواقعهم، ومحاسبة المسئولين على سلوكياتهم العامة، ومدى اتفاقها مع

الجمهورية البرلمانيـة . قيم النزاهة والكفاءة وقواعد القانون هي مدخل التغيير السياسي والقانوني واالقتصادي واإلعالمي

جمود السياسي وضـعف والثقافي في مصر إلخراجها من ال المؤسسية لصالح شخصنة الحكم والوظائف، وقوانين الرشوة والفساد وسلطة المكانة، وتحديد وضبط المجاالت بين الديني والسياسي، وبين الديني والثقافي واإلبداعي، وبـين تحـول السلطة الدينية إلى داعمة ومبررة للسلطة السياسية، والحكـم

ل أكثر من خمسة عقود مضت وال التسلطي كما ساد ذلك خال الجمهورية البرلمانية الديمقراطية تشكل الطريق الوحيد . تزال

إلنقاذ مصر من حافة الهاوية، فليسـت مصـر أقـل مـن الجمهورية الهندية البرلمانية الديمقراطية رفيعة المكانة داخل

.الديمقراطيات العريقة في عالمنا

الخوف في كل مكان، في تفصيالت اللغة، ومفرداتها

، فـي نجـوى افي عالقات الناس بعضهم بعض التي تستهلك ـ ةالذات لذاتها، في الهمس، في السكنات والحركات، فـي أي

اممارسة للتفكير أي ومعـه ا كانت توجهاته نجـده حاضـر ،ب اإلحسـاس بالسـكينة، وعـدم متتالياته من الرعب، وغيا

، وكأنـه وحشـي وميتـافيزيقي، اخوف يبدو أحيانً . األمانوغامض، وغير معروف مالمحه، ومخاطره، ومداه، ولكنـه

هناك، يطل برأسه األسطوري والقاتل من بين أصالب ادائم ذات التقاليد الراسـخة " أزهى عصور الديمقراطية "جمهورية

، وربمـا يمكننـا أن نسـتعير "السلطنة الشرقية" في ممارسة التعبير ذائع الصيت دون محتواه، الطغيان الشـرقي، صـفة

هيمنتـه علـى الزمـان ا، وباسـطً اعلى خوف يبدو متمدد مصادر متعددة تولد، وتعيد إنتـاج …المصري" الجمهوري"

الخوف الذي يأكل غالـب الـروح المصـرية الجماعيـة، .والشخصية

لة، خوف من غياب خوف من الجوع، وانتشار البطا األمل، ومن المستقبل، خوف من أن تؤدي عمليات السـطو

العام من انهيار اقتصادي، بعد المليـارات التـي على المال عطيت بغير ضمانات إلى مجموعة أطلقت عليهـا الصـفوة أ

.الحاكمة رجال أعمال بغير حق، ومنهم مقربون من دوائرهافي ظـل خوف من السير في الطرق غير المأمونة،

رعونة وطيش بين لقـادة المركبـات العامـة، والخاصـة، إذا شئنا استعارة اسم فيلم -"وإمبراطورية؛ عفاريت األسفلت

، حيث تبدو " أو ؛ الميكروباصات –مصطفى ذكري المتميز استعراضات لالنتحار الجماعي في . وكأنها دولة داخل الدولة

ير إلـى طرق مصر السريعة، وشوارع المدن، على نحو يش رغبة ما دفينة تـربض داخـل النسـيج النفسـي لـبعض المصريين، بضرورة مالقاة الموت كسرا لهـذا اإلحسـاس

…جمهورية الخـوف "الغائر بالخوف الذي تم ترسيخه في ، حيث تحول األمر من سلطوية الصـفوة "والطغيان الشرقي

الحاكمة، إلى تحالف سلطويات األديان، والسياسة، والبلطجة، عائالت والعشائر والقبائل، وكل األشكال المسـتعارة مـن وال

الخوف الـذي . م حياتنا أبنية القوة التقليدية، والتي باتت تحك

سـكندرية، مباالة المارة في شوارع العاصمة، واإل يبدو من ال وغيرها من المدن وفي التحرك وسـط حركـة السـيارات

انون الخوف من غياب ق .ط لها ابالمسرعة، في عشوائية ال ض الدولة الرسمي، والخوف من قوانين األعراف والقـوة فـي

الخوف من نفوذ الخصوم، وقـدرتهم علـى . الحياة اليومية توظيف مفردات القوة والقـانون والتالعـب بهمـا لسـحق

خوف الضعفاء من بعضهم بعضا، وقلق األقويـاء . الضعفاء مـن – من فرط انحرافات بعضهم وفسادهم –وذوي النفوذ

ت الزمن، وموازين القوة، بحيث يتم اإلطاحة بهـم دون تقلباغيرهم من المشاركين معهم في ملفات الفسـاد، وتجـاوزات

.القانونخوف األسر من عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتهـا وأعبائها، أو توفير الطعام، والملبس والنقـود المخصصـة لإلنفاق على الدروس الخصوصية، حتى قرأنا مؤخرا عـن

تحار سيدة بسبب ثقل أعباء عودة أبنائها إلـى مدارسـهم، انوتحول االنتحار إلى محاولة إلنهاء المشاعر الطاغية بالخوف

.والعجز

خوف الفتيات والشبان من عدم الـزواج، وتأسـيس أسرة، كمطلب شرعي، وبسيط شأن مليـارات البشـر فـي

.عالمناخوف بعض قيـادات الجهـاز البيروقراطـي مـن

ـ ن مـواقعهم، وانكشـاف دخائـل ممارسـاتهم إزاحتهم ع .وانحرافات بعضهم أثناء أدائه لعمله الوظيفي

أو اخوف المبدع، والباحث، عندما يتناول موضوع ، اقضية، أو إشكالية تمس موضوع من هجمـة بعـض ا ديني ،

رجال الدين، الذين فوضوا أنفسهم أوصياء علـى األديـان، م، مرتعشـة، وإبـداع، أقـال . وإيمانات الجمهور ومعتقداتهم

يحكمه الخوف والقلق من المصادرات والمنع والتكفير، مـن بعض من يحاول إعادة تشكيل محاكم تفتيش دينية، تبحث في

صناعة كاملـة . الضمائر ودخائل الكتاب والمثقفين والباحثين ، "األفـراد "للخوف، تتحرك وتتسع، وتهيمن علـى نفسـيات

موظـف مـن ممارسـة والجماعات، والمؤسسات، خوف ال السلطات التقديرية الممنوحة له في نطاق وظيفتـه العامـة، وخوف رجل الدين من أن يمارس الحق في االجتهاد، عـن

من أن يتعرض لسهام التكفير، واالتهام ضعف، أو عن خوف .بالمروق والهرطقة والزيغ

الخــوف، وغيــاب األمــان والســكينة الشخصــية كومين من األغلبية الشـعبية والجماعية ال يقتصر على المح

للمصريين، والتي تقصم ظهورهم موجات التضخم والركـود والبطالة ودفعهم إلى ما وراء خطوط الفقر، وإنما تمتد إلـى

لمراكمة الثـروة االحكام ممن يسيطرون على السلطة طريقً الوزير، يخشى من بعض زمالئه، وكلهم يخشـون . والنفوذ

حكومـة قادمـة ةالوزارية في أي من استبعادهم من التركيبة خـوف . على قلة هذه التغيرات منذ عقدين ويزيد من السنين

حفية عـن حركـة محـافظين صالمحافظين من أي أحاديث جديدة، وخوف أعضاء مجلس الشعب المعينـين مـن عـدم

بعد نهاية مدة المجلس، وفي الشورى، وكبـار اتعيينهم مجدد اسل من خوف، وأصـبح رؤساء الهيئات الرقابية، خوف يتن

يشكل نمط حياة المصريين في قمة الهرم االجتماعي ووسطه .وقاعدته

علـى –خوف الصفوة الحاكمـة، مـن الجمـاهير والخوف من أيـة –والسياسية اختالف مكوناتها االجتماعية

مبادرات فردية أو جماعية مستقلة عـن الدولـة وأجهزتهـا ما يبرز فـي الهيمنـة األمنية والرقابية والبيروقراطية، وهو

على الجمعيات األهلية، وفي األندية، والخوف مـن تحـرك العمال، والنقابات العمالية، والخوف من النقابـات المهنيـة، حيث معاقل الطبقة الوسطى، ومراكز حيويتها في ظل الفراغ

الخوف من األحزاب السياسـية المعارضـة، بـل . السياسي الرقابـات الداخليـة الخوف من تحرر الحزب الحاكم مـن

والخارجية العديدة على هيكل العضـوية، خشـية انتشـار فيروس عدم الوالء، أو االنتماء السياسي للصفوة الحاكمـة،

االنتماء القومي لألمة، والدولة، ورموزهـا، . وجهاز الدولة ومحموالته التاريخية واإلنسانية، لم يعد هو معيـار الـوالء،

ليت كـان ذلـك هـو ام حكم، وياوإنما تحول إلى انتماء نظ الموضوع، وإنما حول اإلعالم وأجهزة الدولـة السـلطوية

مـن هنـا ، و ١٩٥٢ يوليو ٢٣االنتماء إلى قادة النظام منذ وذا طبيعـة شخصـانية فـي اأصبح الوالء الوطني متغير ،

.غالبه، وروح الجماعة، ويغتـال "الفرد"الخوف يأكل روح

ومن خالل هوة الخوف التي ال نونة والهوية، كياإلحساس بال

قاع لها، يمكن التالعـب بالمصـائر الفرديـة والجماعيـة، وتشكيل اتجاهات الغالبية من المصريين، وتطويعهم، وبـذر

وتحويـل سـلوك غالبيـة االشكوك فيما بين بعضهم بعض ،المصريين إلى جزء من مزرعة الحيوانات، وتخايلهم عوالم

يته الذائعة الصيت، ولكن ما وهواجس وأشباح أرويل في روا يميز حياتهم األرويلية أنها تجري في الواقع ال فـي عـوالم تخيلية، وضمن مواضعات وشروط اجتماعية وسياسـية ذات مفردات ورموز وطقوس مصرية تماما، وفي ظل متغيـرات شملت عالم أرويل الشمولي والطغياني الذي انهار من تصدع

.ةوتفكك اإلمبراطوريات الشموليأقـر "وكما يقول مايكل هاردت، وأنطونيو نيغـري

هوبز منذ زمن بعيد أن الشعور الذي ال بد من استثارته فـي ، فـالخوف بـرأي "سبيل فرض السيطرة الفعالة هو الخوف

هو الذي يقيد النظام االجتماعي ويضـمنه، ويبقـى " هوبز الخوف إلى يومنا هذا آلية التحكم الرئيسـة التـي تختـرق

مبراطورية العولمـة الجديـدة، إ"ع والمشهد والصورة المجتم ".٢٠٠٢، ٤٧٠تعريب فاضل جتكر، ص

الفعالة هي الوجه اآلخـر لجمهوريـة نعم السيطرة إذا شئنا استعارة تعبير –الخوف الذي أكل الروح في مصر

الخـوف "جمهورية الخوف من عنوان كتاب كنعان مكية، و لشهير، حيـث المسـتقبل ا" فاسبندر"فيلم " الذي يأكل الروح

ـ مـن مسـتقبل النظـام االقريب وليس البعيد يبدو غامض ، لغياب الفرص االسياسي، إلى مستقبل الفرد في الوجود، نظر

العديدة في التعليم والعمل والثقافة، واألهم الفرص السياسية، وغياب إمكانية االرتقاء االجتماعي والسياسي والوظيفي، أو

دية بدءا من أعالها إلى وسطها، شـأن أي تبوء المواقع القيا مواطن، في أية دولة من دول العالم تحترم حقوق اإلنسـان

.وحرياته األساسيةالخوف الذي يسـيطر علـى األغنيـاء واألثريـاء والمترفين من الفقراء، انظر حولك، وخارج القاهرة القديمة، وفي االمتدادات العمرانية الجديدة، والحظ أنديـة الجولـف،

بسـوقية اوالفيالت والقصـور المنتشـرة وال تهـتم كثيـر ذوي "االختيارات، وانحدار مستويات الذائقة لدى بعضهم من

ونـاهبي – على الطريقة البريطانية –" الدماء النبيلة الزرقاء المال العام، والمهربين، وبعض أبناء كبار رجـال الدولـة،

حـظ باهتمـام ، وال ا وذوقً اومن يسمون رجال األعمال تلطفً شديد الحراسات المكثفة، البشرية واإللكترونية، على بوابات

من اآلخـرين ا خوفً …تجمعات القصور والفيالت، وداخلها من العيون الجائعة، والفضولية التي تحاول التطلع إلـى مـا وراء األسوار العالية، والرقابات العديدة، التي تحاول تحقيق

تحقق عبر األنمـاط السـائدة أمان ما، وسكينة ضائعة، ال ت لتوزيع الثروة والسلطة التـي تتسـم باالحتكـار األقلـوي، واالستبعادات السياسية واالجتماعية من الفـرص المحـدودة

.التي يتيحها النظامان االجتماعي والسياسيـ خوف دينـي، وطـائفي، ال تخط فـي ه العـين، ئ

ثمـة شارات، والتلميحات، واللغة الصريحة، الزاعقة بأن اإلحيفا لحق بفئات اجتماعية عديدة على أساس ديني، بعضـها

، وغالبها ينتمي إلى ١٩٥٢ يوليو ٢٣يعود إلى ما قبل نظام خوف يدفع بعضهم إلـى …بعض سياساته الدينية والطائفية

وغالبيـة . التفكير في الهجرة، إن استطاع إلى ذلـك سـبيال عالم البداوة المصريين، بعد نهاية الحلم النفطي الكابوسي في

الوحشي، يتطلع أبناؤهم إلى عوالم األحالم الغربية، ولكنهـا المتوسط، مواطن للحلم فقط، أو قوارب المهاجرين إلى شمال

، أو االعتقال والعودة إلى السجون الليبية، احيث الموت غرقً ".جمهورية الخوف الذي أكل الروح"أو إلى

ف الـذي جمهورية الخو "تتكالب أسباب عديدة وراء فيما ا ال حصر الً، يمكن اإلشارة إلى بعضها تمثي "أكل الروح

:يلي النظام السياسي التسلطي الذي يقتل وعلى نحو منـتظم، -١

كل اآلمال والتطلعـات اومستمر طيلة أكثر من خمسين عام ،السياسية نحو التطوير واإلصالح السياسـي والـديمقراطي

، قامـت بتجريـب الشامل، نظام وصفوة حاكمـة سـلطوية خيارات أيديولوجية وسياسية متناقضة، وال تزال تحكم باسم

، إلـى "االشـتراكي "شرعية يوليو، من النظام التعاوني، إلى ، وبـال س، إلى الخصخصة التي تتم في خلسة المختل االنفتاح إلى شـعارات جديـدة عـن المحكوميـة، ودور …شفافية

يدير النظام ويصـنع ، بينما الذي "المجتمع المدني وجمعياته "شعاراته وخطاباته الزاعقة عن النهضة والتحديث واإلصالح جيل من الكهول السياسيين، ال عالقة له بالزمن الكوني الذي

جمهورية الكهولة . "نعيشه، وال عقلياته السياسية، وال مفرداته ، هي صانعة الموت السياسي، والخـوف الكبيـر، "السياسية

الكفاءات، وهي صـانعة الالمصـداقية وهي قاتلة المواهب و السياسية، ومبتكرة الالآمال في السياسة والحياة، وهي منتجة الكذب، والكلمات الباردة الميتة التي ال حياة فيها، ألنها تموت بمجرد التلفظ بها، أو كتاباتها، وقبل إعالنها أو نشرها فـي الصحف الكاذبة، وعلى شاشات التلفزة التافهـة، وموجـات

نظم تنتمـي . تسمع سوى رجع صداها الخاوي األثير التي ال إلى تاريخ مـن الحفريـات السياسـية الميتـة للسـلطويات

بعضها يناور ويقاتـل فـي والديكتاتوريات البائدة، وال يزال إصالحات سياسية واجتماعية وثقافيـة ودينيـة مواجهة أي

ت غير شاملة، إنهم يقاتلون األمة المصرية، في معارك النهايا . من فتح الملفات كاملة، وبال نقصاناالسعيدة، خوفً

خوف يولده النظام الشـمولي المسـيطر، ونخبتـه الحاكمة، خوف تجذر من سحقه ألجيـال، ومـن اختياراتـه

، من الـذي ءلعناصره من الدوائر غير الموهوبة وغير الكف صنع سياسات المراحل المختلفة؟ أليسوا من عناصر النخبـة

هذا الفشل الذي تم طيلة عقود عديدة أليس من إنتاج الحاكمة،هو فشل منسوب له، وليس لألشخاص، ألنه ! النظام، وقادته

طيلـة هـذه نتاج سياسة وممارسات وسلوكيات وقيم سادت .الفترة الكلمـات واألفعـال، بـين الفجوات الكبيرة بـين -٢

الشعارات، والسياسات التي تمارس علـى األرض عن أحد وجوه أزمة شـرعية وبين الناس، تكشف

، حيث ال يقتنع غالبيـة النـاس "جمهورية الخوف " أو –بالخطابات السياسية السلطوية، والمعارضـة

ألنها مجرد فقاعات مـن –المعاونة أو المتواطئة ومن هنا تآكلت مصادر الرضا االهواء تتبدد سريع ،

العام على النظام وصـفوته الحاكمـة، وأصـبحت –لحكام والمحكومين تقوم على الغلبة العالقة بين ا

والية المتغلب في الفقه السني، واألدق الالمبـاالة كلما حاول المحكومون إعطـاء آذانهـم . السياسية

وهـي –للحكام عن التغيير والنهضة والتحـديث كلمات صاغها خبراء للسـلطة مـن المسـتويات

ــدودة ــؤخر –المح ــالح م ــدموا ا واإلص ، ص تعكس نقيض ادعاءات الخطـاب باالختيارات التي

السلطوي ذاته في رفعه الشعارات الكبرى السابقة،

كيف نطالب غالبية أبناء األمة المصـرية من هنا وبالرضا العام على النظام وصفوته وسياساته، ولـم

مما طالب به، مـن نهضـة وتحـديث ايحقق شيئً وتغيير وإصالح؟ إنها جمهورية الكلمات والسياسات

يف تؤسس شرعية للمستقبل؟ وكيف تنـتج ك! الميتةفرصا سياسية واجتماعية لألجيال الجديدة؟ وكيـف تفتح حوارا سياسيا بين مـدارس للفكـر والعمـل السياسي في بالدنا؟ إنهـا جمهوريـة، تحـاول أن

.تستمر بأفكار ميتة، وعقول فارقت زمانهااالستبداد السياسي، والممارسات السلطانية الطليقـة -٣

بة، أو رقابة سياسية وقانونية، والتـي ال بال محاس تأبه عناصر غالبة في الصفوة الحاكمة بمبدأ سيادة الدستور وقواعده، وهذا كله ال يأتي مـن فـراغ، وليس تعبيرا عن هيمنة الخوف وآلياته فقط، وإنمـا هو انعكاس للثقافة السياسية السائدة وسطوة القـيم

سـتمد الطاعوية، والرعويـة واألبويـة، وهـي ت جذورها، وتتغذى على دماء حياة نظـام للتنشـئة االجتماعية، يركز على الطاعـة وغيـاب اإلرادة

زدواجيـة الفردية والمسؤولية وشيوع الكـذب واال واألقنعة المتعددة والستر، وعدم المواجهة، والنفاق، وعدم النقد الناتج عن التلقـين والحفـظ والتكـرار

معوقات تحـول لألمثوالت وتجارب الكبار، وهي نعم ثمـة ! دون الفحص والنقد والمغامرة والتجريب

تربية على ثقافة القطيع ال ثقافة إنتاج الفرد الحـر والمسؤول، وهي أمور مسكوت عنها ألنها تطـول

يسود التواطؤ بين من هنا الجميع؛ الشعب والحكم، و .غالبية الجمهور

جمهورية الخوف الذي يأكل الروح ال مستقبل لهـا ل الوقت أو قصر، في ظل تحـوالت العـالم المعـولم، طا

وصدى دق طبول الحرية والديمقراطيـة النيابيـة الكاملـة تسمع بوضوح على أبـواب والتي – بال تجزئة –والشاملة

مصر المحروسة، ليت أعضاء لجنة السياسـات والـوزراء، وجهاز الدولـة يسـمعون معنـا إيقاعـات ودوي الحريـة

لشامل، حتى يكونـوا جـزءا منـه وال واإلصالح السياسي ا .يكونوا جزءا من مساءالته، وضحاياه

وسلمت مصر من الديكتاتورية وأعـداء اإلصـالح .الشامل

:

الدولة الحديثـة، هـي هندسـة سياسـية وقانونيـة واجتماعية، وهي مجموعة من األنظمة والترتيبات والتدابير

ت، ال يمكن االستغناء عن مبدأ، واإلبقاء على آخـر، واآللياوال يمكن أن يعمل نظام، بينما األنظمة األخرى أصابها عطل

.أو أعطالالحركة والديناميكية واالنضباط، البد أن يشمل جميع أبنية وقواعد وإجراءات وآليات الدولة الحديثة، وإذا حـدث

ى الصـفوة خلل في إحدى مكونات هندسة من هندساتها، عل السياسية المسيطرة على زمام السلطة أن تتحرك، لمعالجتـه

.وإصالحه بمسئولية وكفاءةالصفوة الحاكمة العليا، ليست هابطة من السماء، وال لديها تفويض إلهي بالحكم، وإصدار القـوانين، وال مقاعـد الحكم موروثة عن اآلباء واألجداد، ألن الحكم الملكي ذاتـه،

وانه، كانت لديه تقاليد، وتراكمت قيم وترتيبات وفي ذروة عنف وقواعد وهيلمان الحكم الملكي، حتى في نهاياته، عندما تحول

مـن تقاليـد الدولـة اإلى ملكية دستورية، وأصـبح جـزء

إنه جزء من طقوس : الديمقراطية البرلمانية، بل ويمكن القول وهيلمانات عراقـة الدولـة والقـانون، فـي ظـل التقاليـد

نجلوساكسونية الشهيرة، حيث الملكية البريطانية تحولـت األ، وطقس كالم وحكايات، ونوادر للشـعب "إلى، طقس عراقة

!البريطانيأحد أخطر أمراض السياسة المصرية، هو ضـعف التقاليد الجمهورية، بعد انهيار الملكية المصـرية، والحكـم

،١٩٢٣النيابي وتقاليده ومهاراته ومؤسساته، سقط دسـتور أو غالبها أو كلها –وجاءت دساتير جمهورية عديدة، بعضها

ال تساوي الحبر الذي كتبت به، ألنها لـم –في نظر البعض من التطبيق الصـارم، إال اختصاصـات رئـيس الًتجد ظ

الجمهورية، والسلطة التنفيذية، التي هي أقرب إلى الشمولية، ات في مراحل دمج السلطاوجوهر الحكم المطلق، خصوص.

نصت الدساتير على الحريات العامة للمواطنين، وال تجد ظال لحريات الرأي والتعبيـر والحريـات الشخصـية

جـاء اوالمدنية والسياسية، في الحياة اليومية للمصريين، إذ الدستور بنصوص حول حريـات الـرأي والتعبيـر، تجـد الصحافة المصرية وقد سيطر على غالبها مـن ال يعرفـون

و الكتابة ، وال من يقدرون أهمية فتح األبواب كاملة، القراءة أ كي يعبر أصحاب الفكر والرأي واإلبداع عن آرائهـم فـي

.جميع المجاالت، بال قيود أو شروط تمييزيةوعبر خمسة عقود ويزيد من السنين، ظلت الصـفوة

مـن الـذي يـدير …المثقفة المصرية تحمل أسئلة عديـدة داف؟ وألية قـيم؟ ووفـق أيـة الصحافة واإلعالم؟ وألي أه

سياسات تحريرية؟ ولماذا يبدو الفساد سـيدا فـي قـرارات للقادة وذوي النفوذ في الكتابة والنشر؟ ولماذا النفاق الصارخ

السلطة ورجال األعمال، هو الذي يسود كتابات بعض كبـار الصحفيين ومتوسطيهم وصغارهم؟ لماذا تـدهور مسـتوى

العام، ويجلب علـى المنـافقين النفاق، وأصبح يجافي الذوق السخط، هم ومن ينافقونهم، ومع ذلك ال أحد عند القمة يرصد الظاهرة، ويزجر هؤالء المنافقين، ويرفض كتاباتهم السطحية

التافهة؟ وبالطبع لدى البعض إجابات لهـا –ثمة أسئلة دائمة

حول ظواهر النفاق السياسي –تتراوح بين السطحية والعمق هل نحن إزاء ظاهرة لصـيقة بمفهـوم السـلطة . والصحفي تواجهها غالبية أو جميع الـنظم السياسـية، من هنا والقوة؟ و

وصفوات الحكم، ولكن الخالف يكمن في مدى محدوديـة أو تعاظم ظاهرة النفاق السياسي في صفوة سياسية ما، أو داخل مجتمع ما؟ هل الظاهرة تجد جذورها في نظم القيم والثقافـة

ية السائدة؟ هل سندها الرئيس في ثقافة المجتمـع، أو السياس شرائح اجتماعية رئيسة داخله؟

الطبيعة اإلنسانية، أي جزء لصيق ههل النفاق مصدر إن اإلنسان مدني : بها؟ وهل المصري منافق بطبعه؟ كالقول

هل النفاق الرخيص هو …بطبعه، كما تذهب المقولة الشائعة لما يعلوها؟ هل هـو المـدخل مدخل، المشتاقين للوزارة؟ و

األساسي للدخول إلى الصفوة الحاكمة، أوالمناصـب العليـا !والمتوسطة، أو إلى أي موقع؟

يمكنك أن تسوق األسئلة وراء األخرى، حول النفاق .والمنافقين، ال سيما عند األعتاب العليا للسلطة السياسية

يبدأ النفاق وعباراته الرخيصـة، وابتكاراتـه، فـي الشخص موضوع المنافقة، وإضفاء سمات شخصـية وصف

فذة على شخوص تافهـة، وبعضـها ذكـي، لكـن النفـاق .والترخص يغشي العيون، ويظلم القلوب

مصر مدرسة كبرى للنفاق السياسـي، والمداهنـة، والمسكنة، والمذلة، وكلها سـمات تقـود إلـى الوضـاعة

من الشخصية، وتزداد خطورتها إذ كانت هذه الظواهر قريبة صناع القرارات في بلد بات منذ عقود وكأنه أضاع نفسـه، ألنه تواطأ مع النفاق والمنافقين، والجهـل والجهـالء فـي

،السلطة السياسية، وفي أجهزة اإلدارة، وفي القطاع الخاص .وقبال في قطاع الدولة

كاتب رديء المستوى، يحول مقاله إلى وصلة نفـاق عديدة طافحة بصور صفحات . رخيص لشخصيات ذات نفوذ

، وال لمن نشر لهـم، وال اوأخبار نكرات، ال قيمة لهم أو له ـ ، لكننا إزاء فساد ال تخط امآثر سابقة، وال الحقة لهم وله ه ئ

العين، وال نقول مجامالت في ثقافة باتت تحـض الفاسـدين على االستمرار في غيهم، وفي أياديهم الممتدة إلى الحـرام،

! لكل ما هو مناهض للقانونوجيوبهم المفتوحة شوقاالنفاق قد يكون ظاهرة اجتماعية وإنسانية، لكنه ليس

بالشخصية اإلنسانية، لكنه نتاج عوامل اجتماعية ا لصيقً اأمر .وسياسية وثقافية

النفاق والفساد يظهران في النظم السـلطوية …نعموالديكتاتورية، كما في النظم الديمقراطية ، لكن دفاع البعض

لفساد والنفاق، بوصفهما ظاهرة في كل المجتمعات، فهو عن ا .دعم للفساد والمفسدين، والنفاق والمنافقين، وتبرير لهما

الفساد والنفاق يظهران في النظم الديمقراطية، …نعمإال أن هناك شفافية ومساءلة، وحريـات صـحافة وتعبيـر

يسهل متابعة الظواهر الفاسدة، وردع النفاق من هنا ورأي، و والمنافقين، وتؤدي السلوكيات الفاسدة والنفاقية إلى المسـاءلة

.والتصفية المعنوية والسياسية، للمنافقين والمنافقاتالديكتاتورية ال تعـرف النظم السلطوية، والصفوات

تطبيق القانون، إال على خصـومها، أو علـى الشـرفاء أو فين الضعفاء والمحكومين، أما أن تطبق القانون على المنحـر

إذا …والفاسدين داخلها، فهي ظاهرة بعيـدة عـن التطبيـق ار، طبقت القانون على وزير أو أحد عناصر جهاز الحكم الكب

.فألنه خرج عن قواعدها السرية، أو قانونها الخاصومن هنا يتم تطبيق القانون بصرامة، حتى ال تنتقـل

.، أو أصغرالًالعدوى آلخرين من المستوى ذاته، أو أكبر قلي

ال توجد دولة قانون تواجه بحزم الفساد والمفسـدين، وتجد في ثقافة النفاق والظالم، والعمل خلف السـتار، قيمـة

إن اهللا أمـر : الستر، باعتباره قيمة عليا، ويقـول الـبعض بالستر، وذلك طول الوقت، وحتى فيما يتنافى مع القيم الدينية

.الساميةإلنشائية، والتعبيرات تبدأ ثقافة النفاق من خالل اللغة ا

المجانية غير المسؤولة، عبـر اللغـة السـائدة، والمعممـة والصفات المدحية الضخمة والتافهة في آن، هي التي تقـود

.المجتمع إلى أن يكون إبداعه األساسي هو النفاقمنذ دروس اللغة العربية، وإلـى بنيـات الوصـف

هي لغة والصفات الكاذبة، والمترعة بالمبالغات، حتى غدت التبادل اللغوي والقيمي اليومية بين الناس، من نفاق الكتـاب

والصغار في وزنهم ومهنتهم، –والصحفيين الكبار بمناصبهم إلى نفاق كبـار وصـغار –والفقراء في أخالقهم ونزاهتهم

– هذا المجتمع المنافق …الموظفين للوزراء، وهكذا دواليك ؤثرة في سلوكيات األغلبية أو الذي تسوده ثقافة نفاق وفساد م

هل يمكنه أن يواجه ذاته بصراحة وصرامة وشفافية؟–

نحن شركاء : هل يمكن للمصريين أن يقولوا ألنفسهم للصفوة الحاكمة البائسة، ومحدودة المواهب والكفاءات، والتي

وفسـاد تفتقر إلى النزاهة، فيما آلت إليه األمور من تـدهور وانهيارات، بحيث باتت مصر في ذيل دول المنطقة، ونجـد

ال تبـالي – في تاريخها وأهميتها ودورهـا –دوال صغيرة .بمصر ووزنها وشعبها

، ألن هناك شرفاء ة أقصد الغالبي -هل علينا، كشعب أن نعترف أننا شركاء أصليون فـي جريمـة –في هذا البلد

ة وكفاءة الصفوة الحاكمـة، الفساد القومي التي قادتها ببراع طيلة العقود الماضية؟

هل النفاق وقرينـة، الفسـاد السياسـي والـوظيفي واالجتماعي، هو إبداع المصريين خالل المرحلة الماضية؟

وكـل –هل النفاق، وقرة عينه، الفسـاد السياسـي هو المشروع القومي المصـري، الـذي –أنواعه األخرى

لية، رصدتها تقارير منظمـات بمعدالت عا نجحنا في تحقيقه الشفافية الدولية، ووضعتنا في الموضع والموقع الالئق بنـا،

كأحد أبرز الدول، إنجازا في معدالت الفساد وغياب اعالمي ، الشفافية؟

للجمود السياسي، الـذي سـاد اهل كان الفساد نتاج حياتنا خالل العقود التي خلت؟

ر دائـم علـى بالطبع اإلجابة بنعم، جمود واسـتقرا المقاعد الوثيرة، وفي ظل بيئة من النفـاق الـرخيص مـن صغار، حول أصحاب المقاعـد الـوثيرة، وبعضـهم كـان

ثم تحول إلى وزير، ومحـافظ، ورئـيس تحريـر اصغير ، .إلخ. ………… و…………صحيفة حكومية، و

كيف يمكن تحقيق إنجاز تنمـوي أو اسـتثماري، أو الفساد من هنا اق والمنافقين، و فعالية إدارية، في ظل دولة النف

جازة أ أن قانون، من أين لك هذا؟ في اوالمفسدين؟ خصوصدائمة بالنسبة لكبار السياسيين، حكومة، ومعاونة، وال أقصـد

.معارضة، أين هي؟في الفترة األخيرة، فتح موضوع المهندس المصري ممدوح حمزة، ملـف صـراعات المكاتـب االستشـارية،

مل الوزاري أو الحكومي، وتأثير ذلـك علـى وعالقاتها بالع قواعد وآليات السوق من ناحية، ونزاهة العمل السياسـي أو

ال أحد إال ويطـرح …الحكومي للوزراء، دون أي اتهامات هؤالء اهذا الملف، مساءلة الملفات المالية للوزراء، خصوص

الذين كانوا يعملون كوكالء تجاريين، أو رجال أعمـال، أو هؤالء، الوزراء، ألـيس مـن . …مكاتب استشارية أصحاب

حق األمة أن تعرف ما الحدود الفاصلة بين عمـل الـوزير وبين، أعماله، أو استشاراته، أو استثماراته السابقة؟

أنها تحكـم يهذا من حقنا؟ أليست السلطة تدع أليس والمنهوبة بأمر الصـفوة – شعب المحروسة –سمنا نحن اب

الحاكمة؟ين باعوا القطاع العام بأبخس األسعار، من هؤالء الذ

هم؟ وكيف تم تقدير قيمة كل هذا المال؟ وبـأي أثمـان تـم شراؤها؟ ومن المشترون؟

إن البعض يردد مقولة، باع من ال يملك، ومـن لـم يفوض، إلى من ال يستحق وبأبخس القيم المالية، المال العام

.للشعب المصري والقيمـي، بـين هذا االنفصال الشعوري والمعنوي

أسفل السلم –الصفوة الحاكمة، وبين الفئات الوسطى والفقيرة أال يعكس أزمة شرعية حادة وعميقة، ال تكفي –االجتماعي

؟امعها عشرات ومئات التعديالت الوزارية، كما حدث مؤخر

أال نحتاج إلى مصارحة شاملة، تقوم على نقد السلطة ؟اوالحكام مع

أصليون في جريمة النفاق المقترن شركاء اإننا جميع .بالفساد المعمم، التي خربت الديار المصرية

الجميـع …هذا بلد غريب، وسياسته أغـرب منـه – وباستثناءات محدودة –ضالعون في النفاق والفساد اليومي

– اإلسـالم والمسـيحية –ومع ذلك يتحدثون لغة األديـان ول فيلم سينمائي، ويكادون يشعلون بالدهم نيرانا وحرائق، ح

شعر، أو قصيدة، أو لوحة، أو تمثـال، أو رواية، أو ديوان إلـخ، . …لمجرد فهم مغلوط أو مسطح لرواية، أو فيلم، أو !للخلط العابث والجهول بين لغة الدين، ولغة الفن

، وتدرج فـي ا موظفً – وال يزال –وزير كان يعمل ئفه وأعماله ، ودخل وظا االسلك الوظيفي، إلى أن أصبح وزير

الفنية له حدود، مهما كانت المبالغات في دخله تحـت أيـة مبالغات، لديه قصر، وشقق، وفنادق عائمة، وال أحد يسـائله

من أين جاء كل هذا؟ من أين لك بكـل : من األجهزة الرقابية . وسياسةاهذا؟ ويساءل قانونً

ئلة من قبيل الحقد، وال االبتـزاز، ولكـن سليست األ ورا اسعي ألي شكوك تثـار اء نزاهة الوظيفة العامة، وتبديد .

من حقه التملك واالستمتاع بأمواله، ومن حق الرأي العام أن يعلم، من أين له هذا؟ وهو سؤال مشروع، ومـن حـق أي

.امواطن أن يطرحه علنًقصور نشرت عنها الصحف لوزير، وال يسأل أحـد

ة وتاريخه، من أين له كل هذا؟ في ظل أية مبالغات عن دخل .وال مساءلة سياسية أو قانونية

ـ القـوم، مـن ةأبناء الوزراء، وأهل الحكـم، وعليالمحافظين، وكبار الموظفين، وكبار الصحفيين الحكـوميين،

كل هـذا يـا – الكبار –وغير الحكوميين، من أين لألطفال والطبقة الوسطى، وأبنـاء األغلبيـة مـن العمـال ! حبيبي؟

يعيشون حياة رغدة في دائرة جهنمية –هللا لهم ا –والفالحين !!من البطالة

؟ هل هو احـتالل !من أين لكم كل هذا أيها، األحبة لمصر باسم شرعية يوليو؟ ما لكم بها؟

هل هو احتالل باسم الوظيفة؟ هل هو استعمار؟ هل هي وصاية على األمة؟ وما سند الوصاية؟ هل هو الفساد؟ ما

ديون، وغربيون، فـي مواقـع شرعية كل هذا الهوان؟ سعو سياسية في مصر أم الدنيا، وسيدة العـالمين، وواحـدة مـن

!أعرق الدول وأجهزة الدولة في التاريخ اإلنساني كلههل هذا معقول هل هذا مفهوم؟ هل هذا دسـتوري؟

؟ سعوديون، وإماراتيون، وكويتيـون، اهل هذه شرعية أساسـ –وقطريون، وليبيون، وعراقيون وحبايـب اابقً بعثيون س

ــ ــا حالي ــا وحلفائه ــون، – األمريك ــديون، وأمريكي وكن. …وإسرائيليون، وبريطانيون، وفرنسيون، وإيطـاليون، و

ومن يعلم؟ فربما بعـض – لوبيات وجماعات ضغط …إلخ كل هؤالء فـي واجهـة – االعمالء في هذه األوساط جميع

ة، المشاهد العامة في مصر، وال وقفة، وال حزم، وال مساءل وال ضبط للسياسة ومن يعملون بها، وال ضبط للصحافة ومن

من أين لهم كل هذا؟…يعملون بها الفساد والنفاق بات ظـاهرة عامـة، رأسـية …نعم

يمكن وقف التدهور، فال … نعم …وأفقية، لكن يمكن مقاومته اإلصالح الشـامل والحـازم …يأس، وال خوف، وال وجل

القضاء البات، يمكننا تحقيقه، ممكن، ودولة القانون واستقالل وتنظيف السياسة، والصحافة، والثقافة، واإلعالم، والبيزنس،

فريضة سياسية مطلوبة وممكنة، فمصر للمصـريين فقـط، .وليست ألتباع األجانب والخواجات، واألعراب

وعاشت مصر ديمقراطيـة …فال يأس مع السياسة .مراكز القوىنيابية وبرلمانية حرة ومستقلة عن اللوبيات و

وتحيا قـيم الجمهوريـة، …عاش النظام الجمهوري .حرية. حرية…حرية

:

الحديث عن أزمـات التعلـيم المصـري الًيبدو مم

من حيـث هياكلـه، وسياسـاته، وفاعليتـه، ، سواء اعموميوجـد موضـوع ال يكـاد . ومناهجه، ومدخالته ومخرجاته

يطغى على الخطاب اليومي منذ عقود عديدة، سوى التعلـيم، من مصادر إنتاج االختالالت البنائية في االذي أصبح مصدر

الدولة والمجتمع، إذا تحدثت عن أزمات المشاركة المجتمعية والسياسية على وجه الخصوص، اوالسياسية، والثقافية عموم

وجهه القبيح في قلب التدهور، يطل التعليم المختل والمأزوم ب إذا فتحت ملفـات البطالـة، أو محاولـة . وسوء األداء العام

تقصي أسباب تدني مستوى األداء في أجهزة الخدمة المدنية، أو سعيك لمعرفة عجز العمل السياسي والحزبـي، أو فـي ضعف مستوى جهازنـا اإلعالمـي المرئـي والمسـموع

ات التعليم هي جزء مـن والمكتوب، سيبدو لك بجالء أن أزم جـاءت وزارات وذهبـت . أسباب إنتاج األزمات األخـرى ، على سبيل المثـال، ١٩٥٢أخرى في ظل نظام ثورة يوليو

والجميع يتحدثون عن أزمات التعليم، ويطرحـون شـعارات صاخبة لحلها، ومع ذلك تتوالد األزمات وتتكـاثر وتنفجـر،

في التعبير التقليـدي ويبدو وكأن ال حياة لمن ينادي كما يقال لفرط تقليديته في وصـف حالـة تعليمنـا االذي بات صالح

ـ الجميع مسكون بالشكوى، . المصري اويصـرخ بهـا ألم ليس ألن نظام التعليم، وسياسـات توزيـع الـدخل، اوعذاب ،

نتجت نظام الدروس الخصوصـية، أوالتناقضات االجتماعية ة تعاني، واألسرة، ومجموعات التقوية فقط، وإنما ألن المدرس

آخر إلنتـاج اوالتالميذ، واإلنفاق على التعليم أصبح مصدر الفسادات، ألن اآلباء واألسر تحاول مالحقة وحش الـدروس

االخصوصية المفترس، والذي يلتهم مليارات الجنيهات سنوي ،وفشلت سياسات مجموعات التقوية كبـديل عـن الـدروس،

مت األشكال التعليميـة حط. آخر على األسر اوأصبحت عبئً الـدروس (الموازية والمؤسسة على فساد الوظيفـة العامـة

الدسـتورية ئ، القيم والمباد )الخصوصية ومجموعات التقوية لـم نسـتطع أن نصـوغ فلسـفة . التي يتأسس عليها التعليم

اديمقراطية وحداثية للمدرسة المصرية، بحيث تغدو تعبيـر التي تنتج وتعيـد إنتـاج عن المدرسة الجمهورية الحداثية،

ندماج القومي والمواطنة والمساواة والحريـات وتجديد قيم اال والقيم الديمقراطية والمدنية والقيم الدينية الرفيعة المؤسسـة

المدرسة الجمهورية . على حرية التدين وإقامة الشعائر الدينية هي المدرسة التي تنتمي إلى االمصرية التي حلمنا بها كثير ،

يم السياسية والثقافية والتعليمية الديمقراطية، التي ترسـخ الق التعددية في الرؤى السياسية والفلسفية، وتعتمد علـى مبادئ

قيم الحوار، واالعتراف باآلخر الوطني، واإلنساني، والتي ال ينبذ فيها شخص آخر ألسـباب تمييزيـة، وال يحقـر فيهـا

المدرسة التي هي. مةوشقيقه في الوطن، واأل المواطن صنوه تؤسس للحوار، وتدعم وتنمي الرؤى والخطابـات النقديـة، وإعمال سلطان العقل بقدر ما تحترم القيم الدينيـة الرفيعـة

المدرسة الجمهورية هي مدرسة الحريـة والعقـل . والساميةوالمساواة، وهي كذلك التي تربي وتعلـم الناشـئة وطلبـة

بالعدالة واإليمان بها المراحل ما قبل الجامعية على اإلحساس عن كونها قيمة سياسية ومبـدأ الًكقيمة إنسانية رفيعة، فض

ومسعى يحاول المواطن دعمه في السياسة والحياة ادستوري ، .المدرسة الجمهورية في مصر كما تخيلناها هي التـي تنـتج

ندماج القومي، أو بتعبير آخر التكامل القومي وتعيد إنتاج اال

بات يعرف في األدبيات المصـرية بالوحـدة الداخلي، أو ما - على خطأ التعبير وعدم دقته ونزعته الشمولية –الوطنية طار ثقافة الحيـاة يؤسس وينمي اإلجماع القومي في إ ، حيث

القومية المشتركة لألمة المصرية، على اخـتالف مكوناتهـا . لـخ إ ….االجتماعية والثقافية والدينية والمذهبية والسياسية

درسة الجمهورية هي التي تعلم تالميذها وطالبهـا القـيم الم المصرية على نحو الوطنية المصرية، والتاريخ القومي لألمة

إنشائي، وبرؤية نقدية ولجميع مراحله بال نقصـان، علمي ال وذلك في جميع األن تاريخ األمة ملك مشترك ألبنائها جميع ،

ة تواكـب المدرسة الجمهورية هي مدرسة متطـور . مراحلهتطورات المعرفة في كافة التخصصات والحقـول المعرفيـة والعلمية، وليست مدرسة نكوصية، وخائفة ومرعوبـة مـن تطورات العلم والمعرفة في عالمنا، وإنما مدرسـة مقتحمـة وسباقة إلى تلمس الجديد في المعرفة والعلوم، وتحاول تقديمه

ا المعولم الجديـد ال يتجزأ من عالمناألبنائها كي يكونوا جزءالمدرسـة . الذي يعيد صياغة مكوناتـه وفكـره ومناهجـه

الجمهورية هي التي تقدم ألبنائها ومدرسيها أدوات المـنهج هي مدرسة نقد . العلمي وقواعده، وتطبقه في العملية التعليمية

وتحليل وتركيب، وليس مدرسة شعارات كاذبة، وبـداهات، اءلة التي تفتح أمام عقول وحكم ال تخضع ألعمال النقد والمس

أبنائها األبواب أمام فحص المعارف الذائعة والقيم المتخلفـة المدرسة الجمهوريـة كالجامعـة وطـن . وتحليلها ورفضها

كما قال ذات مرة وبحق سـالمة موسـى المثقـف –للثقافة ، أي أنها تحتفي بالثقافة -المصري البارز في القرن الماضي

تحرض عليها وتحـث طالبهـا أن وتمجدها، هي وأهلها، و ال يتجزأ من عوالمهـا العقالنيـة والجماليـة ايكونوا جزء

.والوجدانية واإليمانية والحسية الفاتنةنعم المدرسة الجمهورية تؤهل تالميـذها وطالبهـا ومدرسيها كي يكونـوا مـواطنين فـي جمهوريـة الثقافـة

.الديمقراطية الحرة المستقلةحور التجديد واإلبداع القومي جمهورية الثقافة هي م

المالمح واآلفاق والوجوه، التي يمكن لمصر من : واإلنسانيخالل مواطنيها أن تستعيد أدوارها اإلقليمية واإلنسانية التـي لعبتها من قبل من خالل دورها الثقافي والجمالي البارز فـي

.لخإ …القانونيةالفكر والفنون واآلداب والخبرات السياسية و

المدرسة الجمهورية التي تتمثل في تعليم أبنائهـا قيم الحريات العامة وحقوق اإلنسان والمواطنة ودولـة القـانون والمساواة بين المواطنين والتسامح، وتساعد علـى تطـوير

كانـت قـيم المدرسـة . وإصالح أوضاع المرأة المصـرية كان من هنا الجمهورية الحداثية وال تزال محور اهتماماتنا، و

ور المدرسة هو جزء ال يتجزأ من تدهور، بـل ويمكـن تده …القول انهيار سياسات التعليم ومناهجه وعملياتـه وآلياتـه

الخصوصية، لخ، وخضوع العملية التعليمية لسلطة الدروس إومجموعات التقوية، وعشوائية المواعظ واألفكار المغلوطة، والتربية على النفـاق االجتمـاعي والكـذب، والشـعارات

لسنة العوام، وكأنها هي المعرفة ألكالشيهات السائرة على وا !!لخإ…والعلم

لم تعد المدرسة بانية وحدة واندماج وحرية وحـوار وعقالنية ورؤى نقدية، ومناهج تحليل للظواهر واألفكار، بل

للعشوائية والعنف والنظرة األحادية والحفـظ اأصبحت مكانً ائي للنظام التعليمي هو ما والتكرار واالستظهار، والناتج النه

نشاهده من ضعف مخرجـات النظـام، وتـردي مسـتوى الخريجين ونوعية العمل واألداء مقارنة بدول عديـدة، بـل

ومستوى الخريج المصري منذ عقود سلفت وبالرغم من كل المشكالت التي كان يعاني منها التعليم وسياسـاته وهياكلـه

!لخإ …آنذاكم، واللغة الخشنة واأللفـاظ إن العنف في الجدل العا

الفظة أو تلك التي ينبو عنها الـذوق اللغـوي السـليم، بـل وواجبات اللياقة االجتماعية كلها تعبيرات عن أزمة أنظمـة التربية والتنشئة االجتماعية والسياسية، خاصـة المدرسـة،

ن النبذ واالستبعاد إنعم . والتدريس، والتعليم ومناهجه ومواده كراهية وعدم التسامح همـا نتـائج لغيـاب والحض على ال

المدرسة ودورها، والجامعة ووظائفهمـا العلميـة والقيميـة من هنا كنـت، وال أزال أرى أن . لخإ …والتربوية والثقافية

المدرسة هي أول محركات بناء نظام ديمقراطي وعصـري على أسس المواطنة والحريات ودولة القانون، وميالد الفرد،

إدارة ن، ومشاركة سياسية فعالة للمواطنين في وحقوق اإلنسا شئون بالدهم وهو ما يتطلب تطوير التعليم وهياكله ومكوناته ومناهجه وسياساته ومواده، وفق آخر ما في عصـرنا مـن

.سياسات ومناهج ومعارف، وال بديل لنا عن ذلك

من هنا كان تصوري الدائم وال يزال أن المواطنـة زمن العالم المعـولم، يـتم عبـر والعصرية واالنخراط في

جمهورية للحريات وحقـوق اإلنسـان تحويل المدرسة إلى . وحرية العقل، ودون ذلك التعصب الذميم، والعقل األحـادي

جورج إسـحق / من هنا طرحت على صديقي وأخي العزيز الخبير التربوي المعروف، وأحـد نشـطاء الحيـاة العامـة

يـة المتعـددة أن تتبنـى المصرية، بحيويته وقدراته التنظيم المدارس الكاثوليكية في مصر فكرة تحويل المدرسـة مـن دائرة التلقين والحفظ واالستظهار إلى دوائر العقل والحريـة والحوار والنقد، وحقوق اإلنسان، وثقافة المسـئولية، وبنـاء

.الضمائر اليقظة، والتفكير الوثابنقطـة أن تكون التربية والتعليم داخل هذه المدارس

تحول من وضعية التلميـذ والطالـب ذي األدوار السـلبية لى طـرف فاعـل فـي العمليـة إكموضوع للتلقين والحفظ

خطابات متعددة المشـارب ا وتكرار اسمعنا مرار . التعليمية من كافة – بعضها رسمي ومعارض -حول أزمات التعليم،

ليم االتجاهات السياسية، بل واألخطر من رجال التربية والتع واألكثر خطورة هذا اإلنتاج الغزير في كمه والمحـدود فـي

مستواه إال فيما ندر من خطابات وظيفية من المدرسين فـي كليات التربية، ومن أسف ازدادت العشوائية واالضـطراب

إن . والتخليط في الحوار، وباألحرى السجاالت حول التعلـيم أن يتـرك أهم وأخطر من – بل وأخطر –التعليم كاالقتصاد

اللمدرسين من أساتذة التربية، كما قلنا ومعنا غيرنـا مـرار أن ننقل الطالب من محور السلب إلى محور الفعل، اوتكرار ،

ومن التلقي السلبي إلى التلقي اإليجـابي، واألهـم المبـادرة اإليجابية الفاعلة في السياسة التعليمية ألمـر بـالغ الحيويـة

.والخطورةؤيتي ألخي جورج إسـحق، فـي من هنا انطلقت ر

ضرورة االستماع إلى خطاب التلميذ حول التعليم ومشكالته من واقع معايشته للمدرسـة، والمـدرس، وأسـاليب اإلدارة

.الشائعة في مدارسنا وظواهرها على اختالفهاـ – أو خطاب الطالب –خطاب التلميذ مـن ا انطالقً

األكثر دقة السلع للمادة التعليمية أو باألحرى و اكونه مستهلكً .التعليمية في أسواق غلبت عليها العشوائية واالضطراب

ليس هذا فحسب، بل من خـالل معرفـة مشـكالت وهموم التعليم، من واقع خبرات التالميذ والطالب، ثم الحوار

في مراحل التعليم المختلفة حـول – والطالب –بين التالميذ بعد ذلك تصورهم وتصنيفاتهم لمجمل المشكالت، و تحديداتهم

.لمدرسة وتعليم المستقبلكان حرصي من وراء اقتراحـي هـو أن يتحـرر خطاب التلميذ المصري من قيوده التـي فرضـتها أسـاليب التنشئة االجتماعية األبوية والمحافظة التي تستمد معاييرهـا وأحكامها وقيمها من مرجعيات تقليدية وخبـرات لـم تعـد

غير االجتماعي والتقني والثقافي صالحة للتعامل مع نوعية الت ا وذهني اتحرير خطاب التلميذ عملية صعبة تربوي . في عالمنا

من فرط تعود التلميذ والطالب المصري على القوالب اونفسي ،الذهنية الجامدة، وعلى الركون إلى التقليد وتقبل ما يقال لـه دون فحص نقدي، أو حتى دونما استطالع لوجهة نظره فيما

من هنا شكلت أساليب التنشئة االجتماعية والتربوية . له يقالوالسياسية من المنزل إلى المدرسة إلـى وسـائل اإلعـالم المرئية والمسموعة أدوات ترويض وقمع للعقـول الغضـة

.للناشئة من أبناء المصريينمن هنا كان أحد محاور التحـرك وهـز السـكون

أ بالبحـث عـن والجمود في المدرسة المصرية المعاقة، يبد

– أو السعي ما أمكن لتحقيق ذلك –خطاب التلميذ وتحريره من عوائقه المتعددة، كي يلعب دوره في العملية التعليمية، بل وأن يسمع هذا الخطاب من مخططـي وصـانعي السياسـة

.التعليميةإن تحرير وإنتاج خطاب التلميذ، البد أن ينطلق مـن

موضوع العملية التعليميـة، المنظور النقدي، ألن التلميذ هو يتطلب االنتقال من حد السـلبية إلـى حـد النقـد من هنا و

.والحريةوال يمكن أن ينطلق خطاب التلميذ النقـدي إال مـن خالل رصد واقع العملية التعليمية اليومية من حيث المنـاهج الدراسية والمقررات، ثم تحديد مجال المشكالت مـن مثيـل

مدرسية ومنـاخ العمليـة التعليميـة، المرافق والتجهيزات ال والمناهج وأساليب التعلم، والقيم والعالقات التربويـة داخـل المدرسة، واألنشطة والمهارات الحياتيـة، والمعلـم ودوره

متحانـات والتنظيمـات ساليب التقييم واال أومستوى تأهيله، و .المدرسية ومدى فاعليتها، وفلسفة التعليم وهدفه

إنتاج خطـاب التلميـذ حـول والسؤال كيف يمكن المحاور السابقة؟ وقمت بتقديم اقتراح لألمانة العامة للمدارس

الكاثوليكية، وهي صورة من صور الحياة القومية المشـتركة بين أبناء الشعب المصري داخل المـدارس، سـواء علـى األصعدة االجتماعية والدينية والمذهبية والمناطقية من حيـث

هي صورة مصغرة ومكثفـة . الوطن انتشارها على خريطة لألمة المصرية بمكوناتها، وتصلح ألن تكـون بدايـة لهـذه

وال شك أن دور أخي جورج إسحق في هذا األمـر . التجربةفاقترحت عليه أن يعقد مجموعـة . فياض بالحيوية واإلنجاز

مؤتمرات فرعية على مدى عام داخل كل محافظة أو منطقة قوم خاللها الطالب بإدارة المؤتمرات تعليمية تابعة لألمانة، ي

سواء من حيث التنظيم، وطرح األفكـار وتقـديم األوراق، وإصدار التوصـيات، وأن اوإدارة النقاش بين بعضهم بعض ،

ايكون إشراف المدرسين والمديرين محدود ا جد وال ا، وناعم ،يتجاوز حدود المراقبة واالستماع بال رقابة من أي نوع على

ثم يتم رصد رؤى التالميـذ حـول . تالميذ النقدي خطاب ال مشكالت وهموم التعليم، في مؤتمرات أخرى تمثل نقلة سواء من حيث المستوى والمناطق وهكذا، ثـم تتجمـع خـرائط المشكالت والتصورات بما فيها مدرسـة المسـتقبل ويعقـد

مكتوبة ليدور الحوار حولها علـى امؤتمر سنوي يقدم أوراق

أوسع، ويشارك فيه بعض الشخصيات العامة، مستوى ونطاق ن باألمانة العامـة وومسئولو وزارة التربية والتعليم، والعامل

شك أن موضوع المؤتمرات، ثـم وال. للمدارس الكاثوليكية المؤتمر األخير الذي توج المؤتمرات السابقة دار حول التعليم العصري والمواطنـة المصـرية، وكـال الموضـوعين ال

، وإنما هما جزء ال يتجزأ مـن أهـداف المدرسـة نينفصال .الجمهورية الحداثية

قامت األمانة بجدية بإنجاز المقترح، علـى امتـداد مؤتمرات في القاهرة واإلسـكندرية والمنصـورة والمنيـا

، وشارك فيها مئات من الطلبة ٢٠٠٢وأسوان وقنا خالل عام عـدادي والطالبات بمراحل التعلـيم الـثالث االبتـدائي واإل

والثانوي نوقشت فيها تجربة هموم ومشاكل الطالب داخـل المدرسة، والتـي تحـول دون قيامهـا بـدورها التربـوي

.والتعليميتعليم مصري : "ثم عقد المؤتمر األخير تحت عنوان

٣٠/١/٢٠٠٣ – ٢٨بالقاهرة في المدة من " ومواطنة مصرية دة مـن إن سعادتي غامرة بنجاح فكرتي وتحولها لتجربة رائ

خالل جهد األمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، ودور العزيز

عن أنهـا تمثـل بدايـة إلدارة الً، فض اجورج إسحق تحديد الحوار بين خطاب التلميـذ النقـدي وخطابـات المـدرس واإلداري، بل وخطاب خبراء التربية والتعلـيم، وال سـيما

.الرسميينر خطاب التلميذ إن أهم ما في التجربة الرائدة لتحري

المصري يتمثل في إمكانية تعميمها، وحـول موضـوعات أخرى، كحقوق الطفل واإلنسان، والمواطنة، وحقوق المرأة،

والمشاركة السياسية، والقيم الديمقراطية، والحريات المدنية، . إلخ…والحداثة، والعولمة

دمة حول خطاب التلميذة المؤتمرات القا أود أن تعقد حقوق وحياة التلميذة المصرية ورؤيتها لسـلطة النقدي حول

نريـد . الذكورة الثقافية واالجتماعية، بل والسياسية في مصر تحرير خطاب التلميذة، وخطاب الفتاة من عوائقـه، وقيـوده

.الثقيلةإن نشر أعمال المؤتمر، هو توثيق لفكـرة وتجربـة

لنا غير تقليدي للتعامل مع مشاك الًرائدة، يمكن أن تمثل مدخ .العديدة والمتراكمة والتي تتكاثر على نحو خطر

إن بداية التصدي الخالق للمشكالت يبـدأ بـإطالق كامل الحرية للخطاب النقدي، وال سـيما خطـاب التلميـذ، والطالب، واألهم خطاب التلميذة والطالبـة لكسـر احتكـار

.الذكورة إنتاج الخطاب المهيمندهارز لمصر بالدي السالمة واالاوأخير.

:

الشك أن حريات الرأي والتعبيـر فـي الصـحافة المصرية، تمثل نقطة تحول أساسية في طريقنا نحو تطـوير وإصالح حياتنا السياسية، ومن أبرز مالمح هـذا اإلنجـاز السياسي المصري الهام اتساع مساحات وخطوط النقد أمـام

بل في ظـل نظـام المثقفين والكتاب إلى حدود لم تتح من ق ـ ١٩٥٢يوليو بضـرورة الممارسـة ا، ويبدو أن ذلك رهينً

الموضوعية للنقد ال الغوغائية والتجاوزات التي تنحدر إلـى إن أبرز مالمح هـذا اإلنجـاز . نتهاك القانون وحقوق الغير ا

المصري الهام، هو مشروعية واتساع مجاالت طرح القضايا سبيل المثال مشـاكل واإلشكاليات واألزمات ومن بينها على

المواطنة واالندماج القومي المصري، والتناول غير التقليدي .لهذا الموضوع الهام

شك أن المواطنـة تشـكل أحـد أهـم القضـايا ال عقـود ةواإلشكاليات المصرية والعربية خالل أكثر من خمس :مضت ألسباب عديدة يمكن أن نذكر بعضها فيما يلي

أجهزتهـا األيديولوجيـة طبيعة الدولة التسلطية، و -١والرمزية والمادية التي أعلت مـن شـأن الطـابع التعبوي في عالقاتها مع القوى والفئات االجتماعية

.على اعتبارات الحريات العامة والفردية كما –هذا اإلطار إعالء شأن الشرعية الثورية ثم في

على الشرعية الدستورية –كان يقال في أدبيات هذه المرحلة وركزت الصفوة السياسـية الحاكمـة علـى . لة القانون ودو

اعتبارات األمن، واالستقرار السياسي من منظورهـا علـى حرية الفرد، وعلى اعتبارات ذات طبيعة إقليمية على األمور

.الداخلية

ركزت الدولة على بعـض األبعـاد االجتماعيـة -٢على األبعاد السياسية والحريات، وعلى للمواطنة ال

العامـة، دون مبـادئ عناية واالهتمـام بال إيالء ال تطبيقاتها الواقعية ولم تركز على ضرورة التنبـه إلى الجوانب اإليجابية التي ينطوي عليها التعدد في التركيبة المجتمعية المصرية بمكوناتهـا الدينيـة،

ذلك لعدد من ويعود إلخ …والمناطقية واالجتماعية :االعتبارات منها

الصفوة السياسية الحاكمة، أن طبيعة تركيبة -أ وأصولها العسكرية تنـزع إلـى السـيطرة

سطوة الثقافة المركزيـة من هنا والتعبئة و النهرية للدولـة المصـرية علـى تكـوين وتدريب وقيم المؤسسة العسكرية الوطنيـة التي تمثل بال نزاع بوتقة صهر وتجـانس بين المصريين على اخـتالف انتمـاءاتهم

. إلخ… ومناطقهم وأديانهمأولوية الصراعات الداخلية مع بعض القوى -ب

السياسية اإلسـالمية كجماعـة اإلخـوان الليبراليين، المسلمين، والشيوعيين، وبعض

مما أدى إلى سيطرة هـواجس وأولويـات .أمنية على عالقة أجهزة الدولة بالمواطنين

الصراعات اإلقليمية مع إسرائيل، ثـم فـي -ج لعربية مع بعض ا –إطار العالقات العربية

الدول حول األدوار والمكانـات اإلقليميـة ممـا – إلخ …والسيما العراق، والسعودية

أدى إلى أولوية عالقات التعبئـة السياسـية

واألمنية الداخلية في إطار تنظـيم سياسـي وحيد على اعتبـارات التعدديـة السياسـية

.واأليديولوجية وحريات التعبير عنها

سالمي السياسي، مـن أدت ظواهر المد اإل -د بعض الجماعات السياسية اإلسـالمية إلـى

:إنتاج عدد من المتغيرات منها

مد ديني مضاد على أساس االرتبـاط بالمؤسسـة -١الدينية المسيحية المذهبية بكل انعكاسات ذلك علـى

.الشعور بالمواطنة المصريةعودة مفاهيم فقهية تاريخية إلى قلب الخطاب الديني -٢

ــة السياســي اإلســ ــة، واألم المي، كأهــل الذموالشك أن ذلك أدى إلى إشـاعة إلخ …اإلسالمية

ثقافة تعتمد على االنتماء الديني كإطـار للرابطـة الجامعة بين المسلمين ال الرابط والجامع الـوطني المصري المؤسس على المواطنة في إطار الدولـة

.الحديثة

بروز ظواهر للتدين البيروقراطي والنفطي في ثنايا -٣السلوك والقيم والممارسات السـلوكية للمصـريين

القادمين بعد نهاية العمل والهجرة المؤقتة إلى إقليم ، والمسـتلهمة "!الجديدة"النفط، واعتبار سلوكياتهم

امن هناك هي المثال المرتجى للتدين، مما أثر كثير األمـة –على التفاعالت السلوكية داخل الـوطن

.مصر

ة األيديولوجي واألمني لظواهر مواجهة جهاز الدول -٤العنف ذي الوجوه الدينية والطائفية، أدى إلى تعثر استراتيجيات المقرطة من أعلى وتطورها السياسي

إلـى تبنـي التعدديـة السياسـية من هنا السلمي و والفكرية بأطيافها المتعددة، وذلك تحت ضرورات تحقيق األمن واالستقرار الداخلي في مصر، والشك

لك أثر على وضعية الحالـة المواطنيـة فـي أن ذ .مصر وابتسارها بل وهشاشة بعض مكوناتها

العوائق الثقافية والقيمية إزاء المواطنة، كـالمواقف -٥االجتماعية من أوضاع وحقوق المـرأة، وبعـض المجموعات العرقية والجهوية واالجتماعية المهمشة

واستناد هذه المواقف واآلراء علـى إلخ …والهشة .راء وتأويالت فقهية بالغة التقليدية والمحافظةآ

: عودة الخطاب حول المواطنة:الًأوأحد أبرز الجوانب المتعددة للظـواهر االجتماعيـة

بالمواطنة في اوالسياسية السابقة، تمثل في عودة العناية مجدد :بعض الخطابات السياسية المتداولة، وذلك مرجعه ما يلي

والمفاهيمي للمواطنـة فـي تطور الحقل النظري، -١العلوم السياسية واالجتماعية المعاصرة وتطوراتها

ـ عـن الًفي المدارس األوروبية واألمريكية، فضتراكم خبرات ونماذج وتقاليد مقارنة فـي مجـال تطوير المواطنة وتطبيقاتها في ظل ثـورة أجيـال حقوق اإلنسان المتعددة، األمر الذي ساهم في إغناء

.نظيراتها المتعددةالمواطنة وتمبراطوريــة الســوفيتية ودول الكتلــة انهيــار اإل -٢

االشتراكية السابقة، والعودة إلى بناء الدول علـى تطبيق نمـاذج من هنا أسس ديمقراطية، وتعددية، و

المواطنة، األمر الذي وسع من النطـاق التطبيقـي للمبدأ، ونماذجـه وتجاربـه كمصـدر للخبـرات

.دستوريستلهام السياسي والواال

بروز إشكاليات جديدة للمواطنة في اإلطار ما بعـد -٣الحديث، والعولمي، أي في سياق عمليـات تآكـل

ادة والدولة القومية وبروز ظواهر مـا مفاهيم السي من أبرز هذه الظـواهر األوضـاع . بعدية أخرى

الجديدة في إطار المجموعة األوروبية على سـبيل . إلخ…المثال

ن المصـريين، والمؤسسـات اهتمام بعض المثقفي -٤بأهمية تجديد المواطنة، والسيما في ظـل انكسـار بعض الموحدات في النموذج المصري لالنـدماج القومي الذي تأسس على الـربط بـين الدسـتور

الدولة الحديثة والحريات نومقاومة االستعمار، وبي أدى انتشار ظواهر العنف . العامة والتحرر الوطني

سي والطائفي إلى تفككات فـي االجتماعي، والسيا مفاهيم الحداثة القانونية، ودولة القانون، والمواطنة،

ـ األمر الذي دفع إلى ضرورة إيالء عناية ق وى ص .لمبدأ المواطنة

أدى عنف بعض الجماعات اإلسالمية السياسية على -٥أسس طائفية إلى بروز دعوة إلى ضرورة مواجهة

بنموذج أهل مجموعة األفكار الفقهية التي ارتبطت الذمة الذي تجاوزته الظروف واألوضاع التاريخية،

عن التجربة الوطنية المصـرية، مـن هنـا الًفضبرزت أهمية فتاوي محمد سليم العـوا، وطـارق البشري، واستعار البعض آراء فتحي يكن زعـيم

السنية في لبنان، وبـرزت آراء الجماعة اإلسالمية اأكثر تقدم أدت من هنا وشي، و لراشد الغن ا وتطور

استجابات بعض المفكرين اإلسالميين المعاصـرين إلى التأكيد على أهمية مبدأ المواطنة، بل وأهميـة

.إحداث توافقات ما معه

أدى تطور العالقات الدولية بعد الحـرب البـاردة -٦وانهيار الكتلة الشيوعية إلى بروز مبدأ المشروطية

ض، وضرورة مراعاة الـدول المسـتقبلة للقـرو والمعونات والمسـاعدات األجنبيـة مـن الـدول المتقدمة، واحتـرام حقـوق اإلنسـان والمواطنـة والحريات العامة، بصرف النظر عن توظيف ذلك كغطاء للتدخل األجنبي في بعض األحيان، أدى ذلك

من اإلى وضع مبدأ المواطنة وحقوق اإلنسان جزء

األجندة المصرية أو قائمـة األعمـال المصـرية كانت مناهج التعامل السياسي الرسمي األساسية، أي ا

.معها

للمنظمات غير الحكومية، والحركة األدوار الجديدة -٧ – والسيما المنظمات الدفاعية –االجتماعية الجديدة

قضايا المواطنة وحقوق اإلنسان، سـواء في تبني على مستوى إنتاج الخطابات الجديـدة حولهـا، أو

التطبيـق واألنشـطة، على مسـتوى الممارسـة و .والشبكات الداخلية واإلقليمية، والعولمية

تبني بعض المؤسسات المصرية األهلية لمبـادرات -٨ حول – ومنهم الكاتب –بعض المثقفين المصريين

موضوع المواطنة، كالمركز القبطـي للدراسـات االجتماعية ولجنـة العدالـة والسـالم بالكنيسـة

اإلنجيلية مـن حيـث الكاثوليكية، والهيئة القبطية بهذا الموضوع الهام وذلـك اتطور االهتمام تاريخي

من خالل الدور الذي لعبـة مثقفـون مصـريون .بارزون

مالحظات عن األنشـطة السـابقة حـول موضـوع : اثاني :المواطنةمن المالحظة الميدانية، وعبر المشاركة، والفحـص

:ة ما يليالنقدي لإلنتاج السابق حول المواطنة يمكن مالحظتقليدية اإلنتاج البحثي والخطابي حول المواطنـة، -١

–ونقصد بذلك دورانـه حـول مفـاهيم قديمـة حـول معـاني –وكالسيكية وباألحرى تقليديـة

وتطبيقات المواطنة كما طرحـت فـي الخطـاب الدستوري المصري، بل إن بعضـها ال / القانوني

ين يزال يلوح من بين ثنايا، التمحور حول مفهوم الد هللا والوطن للجميع الكالسيكي في الحركة الوطنيـة المصرية المعادية لالستعمار الغربي، على الـرغم من تطورات عديدة على المفهوم، بل وفي التجربة

.المصرية يحتاج إلى الرصدالنزعة التبشيرية في طرح مبـدأ المواطنـة، دون -٢

النزعة البحثية والنظرية التي تتابع تطور هذا الحقل .على الصعيد النظري والعلمي والتطبيقات المقارنة

باسم المواطنة أعاد بعضهم إنتاج بعض الشعارات -٣العامة التي تطرح في مجال قضايا أخرى، كالمرأة، والعالقات بين األديان أو الحوار بينها، بما يشـي بغموض والتباس، بل وفوضى مفاهيمية ونظرية ال

.لمثقف الحصيفها عين الباحث والمراقب وائتخط

– إال فيما نـدر –االفتقار إلى كادر بحثي وفكري -٤داخل الجماعتين البحثية والثقافية متخصـص فـي موضوع المواطنة، يستطيع أن ينهض بعرض الحد األدنى من المفاهيم والتطبيقات المقارنة والمعاصرة

.للمواطنة

التركيز على موقف الدين من المواطنة، أدى إلـى -٥دأ ونماذجه، وكأنه يستجدي مشـروعية تحويل المب

دينية، في حين أننا إزاء موضوع يـدخل ضـمن اإلنتاج القانوني والسياسي والنظري المرتبط بالدولة

والعلوم السياسـية – وما بعدها –القومية الحديثة ــة ــة المعاصــرة – والسوســيو –والقانوني ثقافي

.بتعقيداتها وتطوراتها

تحويل المواطنة إلـى هذه النزعة أدت وستدفع نحو مبدأ دستوري معاق، ويعتمد على منابع دينية، ال مبدأ يعتمد على قيمته في ذاته، وفي أنه جزء من الدولة القومية الحديثة،

.وتحوالتهااالفتقار إلى برامج تعليمية وتربويـة وتدريبيـة علـى -٧

المواطنة، بعض البرامج التي تمت اعتمدت على غمـوض لة المفهوم، وال تزال في بدايتها، وتركز على وعمومية وسيو

.كبار السن من الجماعات المستهدفة ثمة حالة بها بعض اإليجابية ظهرت، وهي تطبيق فكرة -٨

مقترحنا المفصل عن التعلـيم والتـدريب علـى المواطنـة المصرية العصرية، وذلك من خالل تدريب طلبة المـدارس

المواطنة المعاصرة في الكاثوليكية في عموم مصر على قيم كمـا -اعتمد هذا المشـروع . إطار التعليم المصري السائد

علـى أن يلعـب طـالب – من هذا الفصل اأشرنا في ثالثً ن واألقباط، الفتيان والفتيـات مـن جميـع والمدارس المسلم

األعمار والمراحل الدور المحوري في الحوار النقدي عـن ة في عالقاتها بالمواطنـة مشكالت السياسة والعملية التعليمي

وحقوقها وواجباتها من زاوية القضايا والممارسات الواقعيـة

إن بناء مواطنة مصرية كاملة، وفعالـة، . وتشكيل الوعي بها يشكل مدخلنا إلى تطوير حياتنا السياسية إلى األفضل، كـي نستطيع كسر كل محاوالت الحد من دورنا ومكانتنـا، التـي

. حصارنا داخل الحدود–هم كُثر و–يحاول أعداء مصر

:

ـ –الجمهور العادي في مصر، يعامل الحكومـة ا أي

بقسوة شديدة، ويخلط بين الحكومة وبـين الدولـة، –كانت وبعضهم يعتبر الحكومة هي كل السلطات الثالث، وال يكـاد

شـريعية والقضـائية، يميز بين المؤسسات السياسـية و الت وبعضها بعضا، أو اختالف أدوارها، وصالحياتها، وضرورة استقالل كل واحدة عن األخرى في إطار المفهوم الدستوري

.لفصل السلطات والتعاون فيما بينهاظاهرة الجهل السياسي، هي تعبير عـن ضـحالة -١

الثقافة السياسية، والمدنية لدى غالبية المصـريين، كراهيـة المصـريين : ديدة منها وتعود ألسباب ع

السياسـية األحـزاب وضـعف ، للحكومة اتاريخي

نشـر علـى قـدرتها وعدم والمعارضة، الحكومية

بـين األولية والسياسية الدستورية مبادئوال المعرفة

األحزاب بعض ترشح األحيان بعض في .الجمهور

ذوي مـن أعضـائها بعض والمعارضة الحكومية

يعرف والذي الممتدة، لعائليةا أو العشائرية األصول

ـ تمـده وال بالكاد، والكتابة القراءة أو معرفـة ةبأي

.انتخابه بعد البرلمان في يفعل وماذا سياسي، تدريب المصـرية البرلمانات أعضاء من اعدد أن الغريب

مبـادئ ال مـن األدنى الحد إلى يفتقر يكاد المتعاقبة،

يـؤدي كي الالزمة األساسية والقانونية الدستورية،

.الحكومـة أعمـال على والرقابي التشريعي دوره بـل – والقانونيـة – الدسـتورية األميـة ظاهرة

االسـتماع مجرد من وبارزة جلية تبدو -والسياسية

على انادر إال تعثر تكاد وال البرلمان، مناقشات إلى

في والرصانة السياسي، التكوين ذوي من برلمانيين

عملهم مباشرة أثناء اخالتهممد ودقة وبالغة .األداء

إذا .الحكومية التشريعات بعض مناقشة أو الرقابي،

البرلمـان رجـال ومعرفـة أداء مستوى هذا كان

بعامـة بالنـا فمـا والقانونية، الدستورية مبادئبال

!الناس؟

قواعـد والطالب التالميذ، يعلم ال المصري، التعليم -٢

الدسـتورية مبادئال حول والسياسية، المدنية التربية

والواجبـات وااللتزامات اإلنسان وحقوق والقانونية

نفسـه، إزاء المصـري المواطن عاتق على الملقاة

والقانون، الدستور تجاه ومسؤولياته المصرية وأمته

ال الغيـاب هـذا .والسياسية الدستورية والمؤسسات االجتماعية، التنشئة مؤسسات كأبرز التعليم أن يعني

المصريين، أبناء من الناشئة عقل حشوي ال والسياسية

التـي الحكوميـة والشعارات األفكار من بمجموعة

مهابـة عليـه وتضفي حكمه، ونظام الحاكم، تمجد

تقـديس مسـتوى إلى النفاق يصل اوأحيانً وإجالال،

كـل مـع شخصـه كـان اأي - الجمهورية، رئيس

حتى مقدس، كائن إلى وتحويله ،- للجميع االحترام

إلـى اسابقً جمهورية رئيس رفع اكبير دين رجل أن

من النمط هذا .بيده األمر كان لو يسأل ال من مرتبة

ديـن رجـال همارس والديني، بل السياسي، النفاق

يسـتخدمون العصور، كل في ومنافقون سلطويون

لتحقيق ،ىزلف الحاكم مدح في وتأويالته، نصوصه،

الحفظ لىع يقوم الذي والتعليم .ذاتية ومصالح مغانم

الترهـات، طالبـه يعلـم العقل، وتغييب والتكرار

ونقده مناقشته، وليس له، والخضوع للحاكم، والنفاق

يتمتـع مواطنـا بوصـفه تجاوز، وبال اموضوعي

مـن والمراجعة والنقد للرقابة، تخضع بصالحيات

.جميعها للسلطات كمصدر واألمة المواطنين،

ئــيالمر اإلعالمــي النظــام مخرجــات ضــحالة -٣

لخطـاب الـدائم إنتاجهـا في والمقروء والمسموع

وحكوماتـه، للحاكم، داعم وإنشائي غوغائي سياسي

لـرئيس واآلخـر، الحـين بين النقد بعض ويطرح

دون الوزراء بعض أو البرلمان، رئيس أو الحكومة،

الحكومـة، لسياسـات الموجه للنقد وتعميق تأصيل

.أعضائها أشخاص وسلوك وفكرصرية المتعاقبة، كانت محور انتقادات الحكومات الم

جميع القوى السياسية علـى اختالفهـا، والقـوى الوطنيـة المصرية المستقلة التي ال تنتمي أللوان الطيـف السياسـي

في حين أن غالب رؤساء التشكيالت الوزارية، على . السائداختالفها جاءوا مـن مواقـع تكنوقراطيـة، كالجامعـات أو

مـن –، أو من المؤسسـة العسـكرية بيروقراطية وإدارية . أو من أجهزة األمن السياسي–الضباط األحرار وغيرهم

إال –خلفية رؤساء مجالس الوزارات لم تكن سياسية وكانـت ا كان أغلبهم مـوظفين كبـار من هنا ، و -فيما ندر

ألعضاء المجموعة الوزاريـة – نقولها تجاوزا –اختياراتهم من رئيس الجمهوريـة، فـي كـل مقيدة ألن التشكيل يأتي

ال يعدو دور رئيس من هنا الوزارات السيادية، أو المهمة، و الحكومة سوى أن يرأس مجلس الوزراء، ويدير اجتماعاتـه ويتحمل تناقضات التركيبة الوزارية، وانتقادات بعض أعضاء

رئيس الحكومـة . البرلمان، والصحافة، وأحزاب المعارضة قد عن مجمل السياسات المختلفـة اختصر دوره في تحمل الن

. لهاا فيها أو منفذًاسواء أكان طرفًالحكومة الحالية، ال تختلف عن مثيالتها السـابقات،

: العتبارات عديدة، أذكر بعضها فيما يلياولدت معاقة سلفً اختالل في الصالحيات والمسـؤوليات داخـل السـلطة -أ

، وبـين رئـيس التنفيذية بين موقع ومكانة رئيس الجمهورية وترتب . الحكومة لصالح األول ذي السلطات الواسعة النطاق

على ذلك أن السياسة الخارجية، باتت من اختصاص رئـيس

بعض . ، وحتى اآلن ١٩٥٢الجمهورية من بدايات نظام يوليو بـبعض – بناء على أوامـر الـرئيس –الوزراء يختصون

ق السـيد الملفات الخارجية المهمة، كوزير اإلعـالم السـاب ، ) السعودية ودول الخليج النفطيـة –ليبيا (صفوت الشريف

وتوظيف كفاءة وقدرات السيد عمر سليمان في إدارة الملـف الفلسطيني تحت إشراف الرئيس، وقبلها كانت –اإلسرائيلي

. من اختصاص مستشار الرئيس للشؤون السياسية أسامة الباز ووزيرها للتحول دور وزارة الخارجية، شهذا أدى إلى تهمي

ال . إلى مجرد أداة إدارية لتنفيذ العمل الدبلوماسي التقليـدي شك أن هذا كله من اختصاص رئيس الجمهورية وفق قواعد

. يدخل ضمن الشرعية السائدةمن هناالدستور، وهذا الخلل ذو طبيعة بنائية في تركيبة العالقـة بـين

اصـة السلطات، وفي العالقات الداخليـة لكـل سـلطة، وخ من هنا تبدو أهمية اإلصـالح الجـذري لدسـتور . التنفيذية . وتعديالته١٩٧١

هناك عدم تجانس في التركيبة الوزارية بين أعضائها، -ب لغياب السياسة –سواء من حيث االنسجام، والخلفية السياسية

وهم أعضـاء يتسـمون بـالوالء، - في االختيارات اأساس ،

مة اختالل داخل حكومات عديـدة ث. والطاعة اآللية، لألوامر منها، حكومة عاطف عبيد، بين مراكز القوى الوزارية، التي

معيـار –تناطح رئيس الحكومة، ألن بعضهم أقـدم منـه من شيوخ الحكومة الطاعنين فـي –األقدمية مهم للموظفين

السن، أو من المسيطرين على بعـض الـوزارات المهمـة، شريف، وكمـال الشـاذلي، كوزير اإلعالم السابق صفوت ال

. ويوسف والي نائب رئيس الوزراء، ووزير الزراعة األسبق التطاحن والتنافس والصراع الداخلي، وضـعف المهـارات، ونقص الكفاءات السياسية، وعدم تغيير بعض مراكز القـوى بفعل الجمود السياسي، أدى إلى ما يمكـن أن نطلـق عليـه

فعاليـة، وبـال رأس الحكومة الرخوة، أي حكومة هشة بال سياسي يديرها هو رئيس الحكومة ألنه ببساطة تكنوقراطي، وفشل وحكومته في حل المشكالت االقتصـادية الطاحنـة، كالتضــخم الركــودي، والركــود االقتصــادي، وضــعف االستثمارات الخارجية، وتزايد الدين العام الـداخلي، وعـدم

لة، والفقر، وتزايد معدالت البطا استقرار سعر صرف الجنيه، وانهيار النظام التعليمي ومستوى الخريجين، ومشاكل أخرى

عديدة، وفشل وجاء غيره وهكذا، والمشكلة أننا إزاء أعطاب .بنائية في التركيبة السياسية تحتاج إلى تغيير جذري

ويبقى السؤال هل الحل يتمثل فـي مجـرد تغييـر الحكومة الرخوة؟

قد من مجرد تغييـر أم أن مشكالتنا أكثر هيكلية وأع خة ئالحكومة ورئيس مجلس الوزراء، والوجوه القديمة الشـا

بأخرى، ضعيفة مثلها؟المشكلة في هياكل الدولة، والدستور، ونوعية الصفوة

.بنة الدولة الرخوةاالحاكمة ذاتها، والحكومة الرخوة، هي

:

يـدة لـن يتعـدى يبدو أن مسـتقبل الحكومـة الجد إذا نظرت إلى خطاب التكليف، . التشكيالت الوزارية السابقة

ستجده بمثابة إعادة إنتاج لذات المهـام التـي كلفـت بهـا اإلسراع بمعدالت اإلصالح والتجديد "الحكومات السابقة من

، إلى آخـر هـذه "وتهيئة األوضاع للدخول في مرحلة جديدة والسؤال وهل . المنضبطةالتعبيرات الغامضة الداللة، وغير

كانت هناك معدالت لإلصالح والتجديد تمت أصال؟، حتـى نحاسـب عليهـا الحكومـة اتحديدهي وما

الجديدة، والسابقة؟ الً فلماذا التغيير الوزاري أص اوإذا كان ذلك صحيح !

ثمة بعض العادات الفكرية السائدة في بعض دوائر الصـفوة ، ومنهـا ا أن تتغيـر جـذري السياسية الحاكمة العليا، البـد

ـ من هنـا الالمباالة بضبط المفاهيم والكلمات، و ا يبـدو مهمالئها عناية شديدة بلغة الخطاب السياسي الرسمي، يضرورة إ

وأال يتعامل بعض خبراء السلطة مع اللغة السياسية ببساطة، أو الميل إلى التعامل الشعاراتي مع المفردات، ألن ذلك ينقلب

خط اإحساس الخطاب، مفاده أنـه يفتقـر إلى مستهلكي هذا ار مـن الشـعارات اإلى الصدقية، وأنه ال يتعدى كونه شـعار

منذ سنوات طوال كان . السابقة التي سمعها وملها المصريون ، ثم سرعان ما اندثر، وصعد مفهـوم "النهضة"الحديث عن

عـن طـرق البـوارج " اإلصالح"، ثم جاء مفهوم "التحديث" والطائرات األمريكية، ثـم القصـف السياسـي والصواريخ

المدوي من خالل المبادرات األوروأمريكية التـي طالبـت النظم السلطوية الصديقة لها بضـرورة إجـراء إصـالحات سياسية جذرية، وتوسيع المشاركة السياسية، واحترام حقوق

جاء اصطالح اإلصالح في الخطاب . إلخ …المرأة وتمكينها هندسة سياسية تأشيرية وضـعتها اإلدارة من االرسمي جزء

األمريكية، ألن الصفوات الحاكمة الصديقة والحليفـة لهـا، عـن اساهمت في إنتاج اإلرهاب العالمي، الذي جاء تعبيـر

غياب اآلمال السياسية والمشاركة وتدهور أوضـاع التعلـيم إذ. والثقافة واالقتصاد والمؤسسات الدينية، واألخطر الفسـاد

ني الخطاب الرسمي اصطالحات الخطـاب األمريكـي ن تب إ اصالحي الديمقراطي الوطني ذ األوروبي، وليس الخطاب اال

التاريخ والتقاليد في قلب الحركة الوطنية، والجماعة الثقافيـة

من هنا كان . وسلطاتها الرسمية المستقلة خارج جهاز الدولة هذا اإلحساس الخطر الذي تولد من أصـالب اللغـة غيـر

"" اإلصالح"لتي تخلط، أو ترادف بين ، وا المنضبطة مفهومي ا، وكأننا نعيد قصص تكليف الـوزارات السـابقة "التجديد"و

والكالم الكبير عن النهضة، والتحديث، واإلصالح االقتصادي االذي كان إصالح أدارته حكومة عاطف صـدقي، ثـم ا نقدي

انهار نتيجة سياسات غير مدروسة، بـرزت مـع حكومـة الجنزوري، وتدهور شامل في كافة القطاعات مـع حكومـة عاطف عبيد، وعندما نرى شعارات جديدة وعامة في خطاب تكليف الحكومة الجديدة، فالبد أن يجتاحنا الخوف من فشـل

!قادم آخر أو المقالة بتعبير آخر –وإذا كانت الحكومة المستقيلة

أدت ما نيط بها، فلماذا ذهبت؟– الوزراء القدامى، يمثل أغلبية أعضاء وإذا كان عدد

الجديدة، فهل المشكلة، كانـت –وزارة أحمد نظيف القديمة في وزارة اإلعالم، وصفوت الشـريف، وبعـض الـوزراء اآلخرين الذين خرجوا؟ وجود أغلبية مـن وزراء حكومـة

استمروا في مواقعهم من هنا عاطف عبيد يعني أنهم أنجزوا و

السؤال، ما هو اإلنجاز الـذي امشروعالوزارية، وهنا يبدو ألن هناك بعض " غالبية"قام به غالبية هؤالء الوزراء؟ أقول

وزارات سيادية ال كلها تقع عليها أعباء تفوق االحتمال فـي ظل تدهور األوضـاع االقتصـادية واالجتماعيـة؟ ووزراء بعض وزارات السيادة، يؤدون عملهم بصرامة وجديـة، ال

.امجال للشك فيهسـتمرة إذا كانت أغلبية وزراء حكومة عبيد هي الم

فهل مجرد تغيير بعض الوجوه، بتكنوقراط جدد، وبعضـهم ، وال مهـارات، أال اأساسصغار السن، وبال خبرات سياسية

هؤالء في مواقعهم " نجاحات" أن نعرف ما هي ايعد مشروعبعض رؤساء الجامعات في ظل نظام تعليم جـامعي " السابقة وتدني مستويات الخريجين الذين –م باالختالل، وتدهور يتس

ماذا فعلوا وأنجـزوا؟ وإذا قيـل –ال يصلحون لسوق العمل أنهم مجرد موظفين كبار يديرون الجامعات، ومـن يضـع

لكـن وزيـر ! السياسات هو الحكومة، ووزير التعليم العالي التعليم العالي لم يحاسب على أداء وزارته، وال عن مستوى الخريجين، واستمر في الوزارة، كوزير لمجلس ال تشـريعي

!هو الشورى

إن نظرة على التركيبة الوزارية الجديدة، تشير إلـى أنها ال تعدو أن تكون إعادة إنتاج لتقاليد حكومـة اإلدارة أو

، ونرصد ١٩٥٢التنفيذ التي عرفناها منذ تأسيس نظام يوليو :بعض هذه المؤشرات فيما يلي

ور واضح لشكل القطاعات الحكوميـة، غياب تص -١واإلطار المؤسس المستقر للحكومة وأجهزتها، من هنا يحدث بين الحين واآلخر دمج وزارات، وإنشاء

في الوزارة الحاليـة ثمـة . جديدة، وإلغاء بعضها السياسي، فتم –لجوء لهذا الموروث البيروقراطي

وزارة قطاع األعمال فـي : دمج بعض الوزارات لغاء منصـب وزيـر الدولـة إاالستثمار، و وزارة

خاصة بعـد التنـافس علـى –للشئون الخارجية الصالحيات منذ أن شغله بطرس غالي، إلى فـايز

وتـم –أبو النجا التي شغلت حقيبة التعاون الدولي وتـم . إعادة منصب وزير الدولة للتعاون الـدولي

تقسيم اختصاصات وزير الدولة لشـئون مجلـس ى بين وزيـرين، وذلـك بهـدف الشعب والشور

تحجيم، أحد أبرز رجال الحـرس القـديم كمـال .الشاذلي

يبدو أن عملية االختيار ال تخضع لوجود خريطـة -٢مدروسة للكفاءات والخبرات والمواهب المصرية، في كافة المهن والتخصصات، وفق أصول علميـة

خـارج المـدارس –وموضوعية، تجعل االختيار ضـمن إطـار تكنـوقراطي –السياسية والحزبية

وبيروقراطي، في أرفع مستوياته، والشك أن ذلـك يشير إلى غلبة المعايير الذاتية، والمعرفة المسبقة، أو بعض التقارير الرقابية وهي على أهميتهـا، ال تعدو أن تكون أحد المعايير ضمن أخرى في فـرز وتقييم المرشحين، خاصة أنه ال شفافية في طـرح

، ولماذا لم اذا الشخص، أو ذاك وزير لماذا اختير ه يتم اختيار آخرين أكثر كفاءة، أو والء، ومـولعين

بالمناصب الوزارية، خاصة مـن أعضـاء لجنـة السياسات أو الجيل الجديد من المشتاقين للسلطة في

ـ مـن مسـتقبل امصر؟ أو جيل المستعجلين خوفً !غامض

ال زالت ظاهرة ذكورية الحكومة بارزة، وهي تجل -٣إن . لذكورية الدولة وتحيزاتها إزاء المرأة المصرية

وزيرتي الحكومة الحالية أمينة الجندي، وفايزة أبو النجا، ال يعكسان تطلعات األجيال الشابة والجديدة، والكفؤة من بعض الشابات المصريات ممن تلقـين

ومعرفة مرموقة، ويشغلن مواقـع أكاديميـة اتعليم نظمات الدفاعيـة، أو فـي بارزة، أو يعملن في الم

الشـك أن الشـيخوخة . المنظمات غير الحكومية الجيلية ال تزال تمثل سمت الحكومة الحالية، مـن

ال يـزال مـن هنـا حيث متوسطات األعمـار، و ، ويعكـس اسـتمرارية االحضور النسائي ضـعيفً

من الجـدير باإلشـارة إلـى أن . الظاهرة السابقة ـ فـي نظرتهـا ادمالصفوة الحاكمة العليا، أكثر تق

ألوضاع المرأة، وتحققت بعض اإلنجازات علـى شك حولهـا فـي يديها في عهد الرئيس مبارك ال

مجــال إصــالح األوضــاع القانونيــة لألحــوال الشخصية، أو االهتمام بتمكين المرأة في اإلطـار

إال أن وجود مقعدين فقـط . االقتصادي والسياسي

مـع كـل –ن ألجيال كبيرة السن الوزيرتين ينتمي يعكس حالة فصـام عـن –االحترام والتقدير لهما

األجيال الجديدة من الشابات المصريات، وضرورة دمج بعضهن ضمن األطر السياسية الرسمية، كـي يشاركن وفق رؤى جديدة فـي العمـل السياسـي

.والتنفيذي

أن نظرة على موقع الوزراء األقباط في التشـكيلة -٤ورة إيالء أهميـة تكشف ضر – وزيران –الجديدة

كبيرة لتحفيز األجيال الجديدة من األقباط للمشاركة في النظام السياسي، وفـي التركيبـة الحكوميـة، خاصة وأن قادة لجنة السياسات بالحزب الحـاكم، تحدثوا في المؤتمر الماضي للحزب عن المواطنـة

كان رأينا في ضعف مستوى ا أي –في ورقة خاصة من أولويات المواطنة، أن يجد و–خطابها وتقليديته

األقباط أنفسهم في حكومة بالدهم، وأن يزداد تمثيل ة من أبناء الفئـات الوسـطى فـي ؤالعناصر الكف

البـد . الحكومة، وغيرها من المؤسسات السياسية من االبتعاد عن المصادر التقليدية لتجنيد األقبـاط

اسياسي كالقرب مـن الكنيسـة القبطيـة ا وحزبي ،وذكسية، ألنها ليست جهـة تمثيـل سياسـي األرث

أو بعض العائالت ،لألقباط، نقولها بوضوح وحسم القبطية القديمة كعائلة غالي وعبيد وغيرهمـا، أو بعض التكنوقراط ووجهاء الحياة العامـة األقبـاط والذين يلعبون دور الوساطة بين الدولة وجهازهـا

.والكنيسة

قبـاط مـن الفئـات الهتمام بالتجنيد السياسي لألإن ا إلمـالءات أو االوسطى من األهمية بمكان لـيس خضـوع

اضغوط خارجية مرفوضة تمام لخطابات أقباط ا، وال دحض –المهجر، وال مطالـب اإلمبرياليـة العولميـة األمريكيـة

لتقاليد الوطنية المصـرية الحديثـة، ااألوروبية، وإنما تطبيقً األمة كما عكستها –ولة القومية، والد –التي كرستها الدولة

الحداثة السياسية ودولة القانون الحديث، إنها باختصار عودة لقيم المواطنة وتقاليدها في إطار الدولة، ال المؤسسة الدينية،

.وال العائالت الكبيرة القديمـة تعبيـر عـن – هل التشكيلة الوزارية الجديدة -٥

بعـض انتصار مجموعة اإلصالح بلجنة السياسـات؟ ثمـة

القرية "جوانب اإلجابة في أن تشكيل الحكومة الحقيقي، تم في ، ثم انتبه القائمون إلى أنها حكومـة حزبيـة، فتمـت "الذكية

أحمد نظيف مع بعض الوزراء المرشـحين فـي . مقابالت د !مقر الحزب الوطني

هذا يشير بوضوح إلـى تقليـد راسـخ مفـاده، أن كان، االحزب الحاكم أي االختيارات الوزارية ال تتم من داخل

ألنه ال يعدو كونه أداة بيد الصفوة العليا الحاكمة، ويسـتخدم بـات، لكـن اعبر جهاز الدولة، في التعبئـة، وفـي االنتخ

ن بقاء إ. االختيارات الوزارية تتم في إطار أوسع من الحزب األغلبية الوزارية يشـير إلـى أن هنـاك اسـتمرارية فـي

شكل التغيير الـوزاري وحـدوده، التوازنات، والقوة، تحدد إلى بعض احتى مع تقدم بعض أعضاء لجنة السياسات نسبي

المواقع من خالل بعض المشتاقين مـن األجيـال الجديـدة داخلها، إلى حقائب وزارية بأي ثمن؟

يبدو أن الوجوه الجديدة في تشكيل الحكومة، ال تشـير -٦نفيذيـة وال إلى أي إصالحات هيكلية في بنيـة السـلطة الت

اإلصالح السياسي، ال من حيث اهتمامات الوزراء القـدامى، نحن إزاء إعادة إنتـاج للتقاليـد . والجدد وال رئيس الوزراء

السياسية والدستورية للدولة التسلطية في مصر منذ تأسـيس ال يشير التغيير إلى مشـروع من هنا و! نظام يوليو إلى اآلن

ويبـدو أن . في مصر واضح إلصالح سياسي بنيوي وشامل ، ٢٠٠٥التغيير الوزاري انتقالي لإلعداد السـتحقاقات عـام

وهي االستفتاء على واليـة جديـدة لـرئيس الجمهوريـة، .وانتخابات مجلس الشعب

ـ لالواضح أن ثمة استنساخ للحكومات ا بقة علـى اسالرغم من بعض الوجوه الوزارية الجديدة، وهـي ظـاهرة

، "دوللـي "اكمة قبـل استنسـاخ الصفوة الح " إبداعات"تعكس ونقصـد . واالستنساخ البشري، منـذ أكثـر مـن عقـدين

باالستنساخ السياسي، استمرارية هيكل القوة السياسـية فـي السلطة التنفيذية، وداخلها لصالح القوة المركزية في النظـام، وهو موقع رئيس الجمهورية، وصالحياته واسعة النطاق في

لقوة ا تاريخي اض عن أن فائ الًض، وتعديالته، ف ١٩٧١دستور عقود ويزيد ةموقع الرئيس وسلطاته الواقعية ناتج عن خمس

من الممارسة السياسية والسلطات المفرطة في إطار نمـوذج .دولة التعبئة

إن رئيس الوزراء الجديد، أضاع فرصـة نـادرة -٦أعطاها الرئيس مبارك له، وهو أن يختار الفريـق

العـدل، –رات السـيادة عـن وزا االوزاري بعيد ، ولكن يبـدو أن -والداخلية، والدفاع، والخارجية

يعني أن الفرصة الهامة ا سابقً ابقاء عشرين وزير ،والنادرة ضاعت، أو أن هناك مواقع قوة وثقـل ال

.يستطيع تجاوزهاإن غالب بعض الوجوه الشابة، غير معروفين فـي -٧

ولكنه يشير الحياة العامة أو السياسية، وهذا مفهوم، إلى استجابة شكلية لمطلب التغيير الجيلي للصـفوة

تكنـوقراط ال ! الوزارية في مصر، لكنهم واأسـفاه .عالقة لهم بالسياسة وتقاليدها ومهاراتها، وأخيلتها

القديمة تشير إلى تناقضـات –ن الحكومة الجديدة إمستمرة، ومناورات بين الحرس القديم ورموزه المسـتمرة،

ـ ومواقع ا القوة داخلة، وبين الوجوه الجديدة التي تدخل عالم إلى مسـرح السياسـة ه أقرب إلى الترقي الوظيفي من اجديد

والقوة والنفوذ والصراعات عليها، وبهم داخل النظام وفـي من هنا سنشهد حكومة تحمل سمة عـدم . الفضاء المجتمعي

يـال التجانس البنائي، والتكامل الداخلي في العالقة بين األج .والمكانات ومواقع القوة

ثمة مطلب بسيط من األمة إلى رئيس الوزراء، هـو لماذا ال تقدم الوزارة الجديدة تقارير الذمة المالية، وتنشـرها

عن الجدية وااللتزام بالقانون، ونظافة اليـد، إلعـادة اتعبير !الهيبة للوظيفة العامة؟

والسؤال هل تستطيع الحكومـة الجديـدة مواجهـة أنهـا والختالالت الهيكلية في النظام السياسي المصـري؟ أ ا

حكومة انتقالية ريثما يتم ترتيـب أوراق القـوة، ومسـتقبل النظام؟

ارغم إذا تمكنـت ا عن أية مالحظات، سأكون سعيد –الحكومة من أداء بعض ما كلفت به، وهـذا مـا أرجـوه

! لرئيسها، ولجميع وزرائها–ومعي غالبية أبناء األمة

:

أن العنوان قد حمل دقته، وربما يحتـاج الست متأكد ـ من هنا إلى ضبط داللته، و للسياسـة ا األدق أن نقول وداع

نبـدأ بالسـؤال بمناسـبة ! التي تخيلنا، وال نزال أننا نعرفها اد الدولة والمجتمع لقـرن حديث التغيير واألجيال بهدف إعد

هذا القرن الذي جاء منذ أوائل عقد التسعينيات ومعـه ! مقبلتحوالته الهائلة ولم تسمع نخبة الحكـم والمعارضـة بهـذا، وراحت تعيد إنتاج شعاراتها عن ضرورات التغيير والنهضة

مجرد مفردات جديـدة تنـتج ويعـاد إنتاجهـا . والعصريةسي واإلعالمي كبـدائل عـن واستهالكها في الخطاب السيا

مناهج في التفكير واستراتيجيات في العمل السياسي تتـواءم مع عمق ما يحدث من تحوالت هيكلية في عالمنا؟ من هنـا

حـول التغييـر ئالصـخب المفـاج كان ينبغي أن نتجاوز

وضروراته وتصوراته، لتحليل جـوهر عمليـات التحـول ية واالتصالية التي تتم والقطيعة السياسية والثقافية والمعلومات

في عالمنا كله، نعم هل السياسة كما تفهمها النخبة السياسـية هي التـي – واألتباع على اختالفهم –الحاكمة والمعارضة

تتالءم مع التغيير في مفهومها وداللتها ومجاالتها في الـدنيا إذا –الجديدة؟ بل األدق القول هل العقل السياسي النخبـوي

للتعامل مع مفهوم السياسة ا أساس ا كان صالح – ساغ التعبير !في إطار الدولة القومية وتطوراتها؟

نعم السؤال مشروع منذ عقود عديدة وممتدة خاصـة ـ اونحن نكتشف أن أساطير ووعود النظم السياسية جميع –

لم تتحقق في –من الدولة شبه الليبرالية ثم التسلطية فيما بعد والعدل االجتماعي واالستقالل الوطني، الحرية والديمقراطية

بل مفاهيم وقيم المساواة والمواطنة والمشاركة السياسـية ال ؟ وعود النخب السياسية !تزال محض تخطيطات تحتاج لتنفيذ

على اختالفها حول أساطيرها األيديولوجية لم تحقق سـوى األسـاطير لم تكـن ! نقائضها أو بعض جوانبها دون غيرها

ة سـوى تبريـر لتكنولوجيـا القهـر السياسـي األيديولوجيواالستغالل االجتماعي، واستراتيجيات للهيمنة السياسية، وها

نحن نعود إلى ما وراء الوراء مترددين ونعيد طرح السؤال وما هي أسئلة التغيير الكبير التي علينا أن ! ؟القديم كيف نبدأ

عن إجابات خـارج الفكـر السياسـي اليـومي انطلقها بحثً السوقي؟ بل هل لـدينا القـدرة خـارج أوهـام اليقينيـات !األيديولوجية السائدة على تقديم إجابات من نمط غير مألوف

هل الدولة القومية وسياسـاتها ومفاهيمهـا مازالـت ا ال يزال صـالح – كان ا أي –صالحة؟ هل الحزب السياسي

هـل . تجنيد وتعبئة المصالح والتعبير عنهـا؟ ال نظـن فيسات القومية للدولة ستستمر بنفس وظائفها؟ هل ستلعب المؤس

نفس األدوار والوظائف القديمة؟ هل رؤساء الدولة والوزراء نحن إزاء أمثلـة ألسـئلة ! سيلعبون نفس الوظائف القديمة؟

–عديدة لم تطرح في سـاحة إنتـاج الخطـاب الرسـمي فهي تدور في مدارات بعيـدة من هنا و – اوالمعارض أيض

قنيات النخبة والسلطات السـائدة بأنهـا هـي سـيدة خارج ت سمها؟ وهـو مـا االمصالح العامة والمعبرة عنها والمتحدثة ب

!!يشكل أقنعة الهيمنة األيديولوجية ووجوهها الملونةالسياسة في إطار التحول الجديد في عالمنـا لم تعد

حتـى –قائمة على أن الدولة هي الفاعل السياسي المحوري

، وإنمـا تعنـي -يمقراطيات الغربيـة العتيـدة في ظل الد لكائنات وفواعل جديدة، هناك القطاع االمحكومية اآلن أدوار

الثالث، والقطاع الخاص كما تـذهب إلـى ذلـك تنظيـرات المحكومية وتحليالتها المعيارية ونضيف أنها ليسـت كـذلك فقط ألن المشاركة الثالثية بين األطراف السابقة تمثل مرحلة

قالية تحت إيقاع التحـوالت العولميـة، وتآكـل المفـاهيم انت التي تمثل مرحلة في –التقليدية التي ارتبطت بالدولة القومية

ومنها مفاهيم السـيادة والقوميـة –تطور الرأسمالية الغربية والبنيات والهياكل السياسية التي أنتجها هذا التطور في النظام

الثالث والعودة إليه كفاعـل السياسي الغربي، بما فيها القطاع متساو مع الدولة والقطاع الخاص في عمليات التنمية واتخاذ

في ا واضطراب ا يلقي ذلك تشوشً من هنا القرارات السياسية و التفكير السياسي اليومي السوقي في بالدنا ونظائرها في دول إنتاج التخلف السياسي واالجتمـاعي واالقتصـادي، حيـث

الت وظواهرها مع طريقة فهـم السياسـة طدم هذه التحو صتوالتعامل اليومي واتخاذ القرارات تتمثل في رفض المشاركة

أو السـلطنة – على فهم النخبـة للسـلطة اواعتبارها عدوانً رفض تفويض الصالحيات والالمركزية من هنا و –السياسية

اإلدارية أو السياسية، بل وعدم تصور سلطة خارج إرث من إن اتجاهات ما بعد الدولـة . إلخ …هرية القديمة المركزية الن

في عالم يتعولم وينكمش تتمثل في تضاؤل سلطات –القومية الدولة التقليدية وضعف سلطاتها االقتصادية بحيـث يمكـن لقرارات القطاع الخاص واالستثماري والمصارف ومؤسسات التمويل الدولية أن تعصف باالستقرار االقتصادي والسياسي

ذا النمط من الدول في المجال النقـدي واالسـتثماري في ه في إصدار القوانين بل إن السيادة التقليدية . إلخ …والمديونية

وغالب الهياكل القانونية المحورية تصاغ ويعاد النظر فيهـا خـذ علـى . خارج نطاق المفهوم التقليدي للسيادة التشريعية

ارة الحرة وحقوق سبيل المثال االتفاقات الدولية في مجال التج اإلنسان حتى الجيل الرابع، بل والرقابة على مدى تطبيقهـا

انظر القانون األمريكـي للحمايـة الدينيـة، . من عدمه اآلن .وقانون تعقب معاداة السامية على سبيل المثال

إلى اتفاقات مشـارطة التحكـيم الدوليـة خذ اللجوء ـ – الداخلية –والقومية ة مـن والتي أخرجت نزاعات مهم

مجال السيادة القضائية على الخصومات القضائية والنزاعات حول المراكز القانونية؟ ما الذي تبقى سوى تراكم نزاعـات

غير مهمة؟ خذ رقابة منظمات حقوق اإلنسان المتنامية على المحاكمات وعلى أساليب المعاملة العقابية، بل وعلـى األداء

الرقابـة المـؤثرة نحن إزاء أنماط من ! والسلوك الشرطي؟ والفاعلة والفورية والمستمرة والتي تختلف عن مفاهيم السيادة التقليدية المرتبطة بالدولة القوميـة وبالتسـلط السياسـي أو

.التنفيذي أساليب الرقابة اإلعالمية والدينية والسياسية الًخذ مث

–واألخالقية التقليدية التي ارتبطت بالدولة التسلطية التعبوية لم تعد ذات قيمة أو –ؤيدة من السلطات الدينية والتقليدية الم

أهمية ألن الكتـاب أو الشـريط أو القطعـة الموسـيقية أو الفضائية الممنوعة يمكن أن تبث عبر الفضاء واألثير وعبر اإلنترنت والبريد اإللكتروني وعن طريق الكاسـيت والسـي

دينية أو سلطة سياسية أو أمنية أو ةخارج نطاق أي C.Dدي حول الدولـة – ماذا تبقى من مفاهيم السياسة إلخ، اجتماعية مفهوم الحزب السياسي؟ كان وال يزال في الً خذ مث –القومية

الفهم السياسي السائد أن حرية األحزاب السياسية وإنشـائها ورفع قيودها مرتبط بمفهوم الديمقراطية التقليدي بل بالدولـة

يتأسـس المفهـوم علـى أن ! لغربيةالديمقراطية البرلمانية ا

الحزب هو أداة مؤسسية وآلية لتجميع المصـالح والتعبيـر اخذ بدائل أكثر فعالية وهيمنة وتأثير . هذا يتراجع اآلن . عنها

حتى في الغرب األورو أمريكي مثـل آليـات ومؤسسـات استقصاء الرأي العام الكبرى والجمعيات األهلية، أو اإلعالم

ع األكثر نفاذا وفعالية وسطوة وتحالف نخب المرئي والمسمو خذ جماعات اإلنترنت وتأثيراتهـا . السياسة مع نخبة اإلعالم

على المستوى الداخلي والكوني في تعبئة المصالح والتعبيـر نترنـت اإل – المجال العام الكوني الذي أنتجه الًعنها؟ خذ مث

الًمـث على تحوالت السياسة ومفاهيمها وآلياتها؟ خذ – الًمثالمجال العام الداخلي اإلنترنتي في مصر إزاء ثقافة التسلطية

!والقهر والتفاهة؟ –النخبة الحاكمة والسلطة التنفيذية عليها أن تتدرب

وتعرف وتتعلم أنها في عالم –إذا شاءت وعبر أجيال جديدة لم تعد فيه الحكومة هي كيان كلي القدرة وأن استبدادها بـال

ع وشراء الوالء السياسي أمر سهل وميسـر وأن القم ! حدودويبدو أن هياكل وشخوص هذا العالم من ! انتهت هذه األوهام

الجمود السياسي عليها أن تدخل مدرسة للتـدريب والتعلـيم والتربية السياسية على الحكم في عالم من القيود والفـرص

ن الدولة الطغيانية ونخبها وحكوماتهـا إ. والمخاطر الصعبة . ساكن في رءوس صانعيهاهي وهم

األحزاب السياسية والصحف واألقـالم التـي تنـتج السياسات واألفكار اليومية السوقية لم تعـد تصـلح علـى

الدولـة . الهياكل السياسية السائدة لم تعد صـالحة . اإلطالقتعتمـد علـى كانـت – التعبوية والمتسـلطة –المتضخمة

جتماعي، وامـتالك أيديولوجية شمولية تنطق بيقين العدل اال وتستمد هيمنتها إلخ، الحقائق والمعارف والوطنية واالستقالل

وسلطاتها من سياسات تدخلية في التعليم والوظائف والتدخل في مجال السياسة االجتماعية كانت تعطي الخبـز والعمـل

بيمينها وتأخـذ الحريـة والمبـادرة – إلى حد ما –والسكن لحـد األدنـى فـي األدوار دولـة ا اآلن . والصمت بيسراها

االجتماعية واالقتصادية في عالم كوكبي، وتريـد الصـفوة المصرية أن تظل دولة األدوار والهياكل المتضخمة مستمرة

التعبير إن الجمهورية البرلمانية مختلفة في ! في مصر كيف؟ عن المصالح وتحتاج إلى مهارات وتفكير وثقافـة سياسـية

كتاتوريـة والتسـلطية السياسـية مختلفة هل تصلح ثقافة الدي لمواجهة عالم وسياسة مختلفة؟ ال بالقطع على الرغم من أنه

ال يزال هناك إنتاج للطاعة واإلذعـان والقدريـة السياسـية ومفاهيم الستر السياسي، حيث الخوف من الحرية والشـفافية !والعالنية حتى ال تهتك حجب وأستار الفساد بمختلف أنماطه

عبر رجالها من شـيوخ السياسـة أن الدولة تحاول سساته يكونوا أكبر من المجتمع باختالف فئاته وشرائحه ومؤ

؟ كيف !من رغباتهم وآمالهم ! بل أكبر من الناس؟ ! أين هي؟ دوارهم؟أليمكن أن يستمر هكذا فهم للسياسة ولرجالها و

ال مجال لإلحباط السياسي من تغييرات غير مالئمة مع عالم مختلف؟ كان الـثمن ا هكذا شخوص ومفاهيم سائدة أي وال مع

الذي دفعته مصر؟أمامنا فرص ال تزال في وقف التدهور إلى ما وراء

!الدولة الحديثة؟ فما بالنا بمعابدها يا للهول

: :

أكبر مشكالتنا، يتمثل في غياب رؤى سياسـية أحد

والخوف من ! وقطاعية لدى دوائر الصفوة العليا الحاكمة كليةالتفكير السياسي في إنتاج تصورات إصالحية للدولة وشـكل النظام السياسـي، أو اإلطـار الدسـتوري الـذي يؤسـس لديمقراطية نيابية، وال النظم القانونية الحزبية واالنتخابية، أو

لخـوف مـن ا! تلك التي تؤطر العمل الجمعياتي، أو النقابي تأسيس هندسة سياسية وقانونية إصالحية لعالقات المحكومية،

المجتمع ابين الحكومة والقطاع الخاص وما يطلق عليه مجاز !المدني

هل هناك غياب لخريطة بنائية، للعالقات بين األبنية القانونية والسياسية والمؤسسـات؟ بـالقطع ال، ثمـة نظـم

–ن األطراف الفاعلـة وعالقات، وحدود، وتوازنات قوى بي إال أنها تتسم بالتشوه البنائي، ،-في حدود الدور المرسوم لها

وهيمنة السلطة التنفيذية، ورئيس الجمهورية على السـلطات ، وشـيوع فلسـفة سياسـية -١٩٧١ ر وفق دستو –جميعها

عتيقة، ومستهلكة، تنظر إلى حريات المواطنين المدنية علـى لحاكمـة وامتيازاتهـا وسـلطاتها نها تهديد خطير للصفوة ا أ

الحكومـات، وذوو . الواسعة، وتالعبها بـالقوة، والقـانون االمتيازات ينظرون بخوف شديد من إطالق حريـة تكـوين األحزاب السياسية، وفتح البـاب علـى مصـراعيه أمـام

، والمجموعـات السياسـية أو "لألفـراد "المبادرات السياسية تطرح برامج ومصـالح االجتماعية لتشكيل أحزاب سياسية

عن مجموعة مصالح اجتماعيـة، اورؤى لإلصالح، أو دفاع الصفوة الحاكمة ترى أن أية مبادرة خاصة تشكل . أو سياسية

ـ اخطر ا، وال سيما إذا كانت سياسية، كأن ذلك يعني انتقاصرجـال الحكـم ! من مزاياها، وهيمنتها على الحياة السياسية

صالح قوانين النقابات المهنية يرفضون أية مطالبات جادة إل والعمالية، ويعتقدون أن الحريات النقابية خطر داهـم علـى االستقرار السياسي، ألنها سوف تفتح شرايين العمل النقـابي

ا جديـدة، وأشـواق والسياسي، وتضخ دماء جديدة، وأجيـاال ، واألفكار اليابسة ةسياسية ومهنية مختلفة عن العقول العجوز

!بليدةواألداءات ال

رجال الحكم، يريدون إصالحات جزئية، وشـكلية، ألنهم يخافون من حرية تكوين الجمعيات، وتحريرهـا مـن

نها يمكن أن تؤدي إلى فـتح أالقيود األمنية والبيروقراطية، و أمام استعادة المجتمع األهلـي زمـام إطـالق االباب واسع

عـن ضـغوط الدولـة وجهازهـا االمبادرات الخالقة، بعيد البيروقراطي الجاثم على صدور أبناء األمة، ويمتص دماءها

. والرشوة واختالس المال العامبالفسادالعمل األهلي في مصر، يتسم باإلعاقات، والخشـية الحكومية واألمنية من تحرر إرادات األفراد من الخوف من السلطوية، واألمن وأشكال العقاب وأنماطها المختلفة المسلطة

هم، وتحد من رغباتهم في صياغة حياتهم بحريـة على أفكار عن كابوس الدولة، والحكومة، والبيروقراطية وزبائنهم ابعيد

المنتفعين من أخطبوط من القـوانين واللـوائح والقـرارات !والممارسات األمنية

قيود على مبادرات الجماعة الثقافيـة فـي تشـكيل جهـاز عـن سـلطة اجمعيات وروابط ومراكز ثقافية بعيد

الدولة، وال السلطة الثقافية الرسمية، زبائنها من ذوي الحظوة

إنـه ! واالمتيازات والنفوذ، ممن يؤيدون الحكومة وسياستها !الخوف من المبادرات الثقافية لمؤسسات مستقلة عن النظام

الخوف من الشعب، ومن بعض الفئات االجتماعيـة، هناك خوف من ! ومطالبها يكبل أهل الحكم عن تجديد النظام

اتحرك الجمهور باستقاللية بعيد ا عن الحزب الوطني، وبعيد الخوف من التحركـات . عن أحزاب المعارضة المعاونة له

!الفردية، أو الجماعية البعيدة عن األطر المأمونةالخوف، واالستئثار بالسلطة، واالسـتمتاع بـالثروة

ي، وتجديد معها، هو الذي يشل إمكانية تطوير النظام السياس تجديد حقيقـي، ! الصفوة الحاكمة بدماء جديدة وأجيال جديدة

وليس عملية تجميل شكلية لم تستطع أن تولد ديناميكية جديدة .في التركيبة الوزارية

الخوف يسيطر على دوائر الصفوة العليا الحاكمـة، الطبقة "من االنفتاح الحقيقي الواسع على األجيال الجديدة من

، من ذوي المعرفة والخبـرة والنزاهـة، "ريةالوسطى المص وألنهـم ،ومن خارج جهاز الدولة، ربما الخوف من كفاءتهم

خارج دوائر النفاق السياسي، والفساد، والطاعـة العميـاء، الخوف من مواهبهم، وإنهم أطـراف محـاورة ومسـتقلة،

– وليسـت الخاصـة –وسيرفعون معايير المصلحة العامة وللدولـة، ولقـيم حقـوق اإلنسـان، لألمة، والـوالء لهـا

الخوف من المساءلة والشفافية وإعمال صارم ! والديمقراطية وزير السياحة الجديد، الًخذ مث ! للقواعد الدستورية والقانونية

هل عقمـت :سعودي الجنسية ولديه جنسية مصرية والسؤال امصر من أن تجد وزير بكـل – على تحويل مصـر ا قادر

إلى أحد المراكز الحية للجذب واالستقطاب –ثرائها السياحي السياسي، حتى نلجأ إلى مزدوجي الجنسية؟

مصر ليست لبنـان ورئـيس وزرائهـا الحريـري أمـة –الحاصل على الجنسية السعودية واللبنانية؟ إننا دولة

.من أعرق األمم والدول في العالماألمة المصرية ال تحتاج إلى ازدواج الجنسـية فـي

والغريب أن وزير السياحة أعلنها صراحة أنه ليس ! حكومتها !الوحيد مزدوج الجنسية داخل التشكيلة الوزارية

من حيـث شـرعية اكيف تستقيم األوضاع دستوري ازدواج جنسية بعض الـوزراء، فـي حـين أن الدسـتور

الواجـب توافرهـا فـي المصري، أحال في شأن الشروط . إلى القـانون – من الدستور ٨٨ م –أعضاء مجلس الشعب

الخـاص ١٩٧٢ لسنة ٣٨في هذا اإلطار صدر القانون رقم المعدلة بالقانون بمجلس الشعب، والذي حددت المادة الخامسة

شروط العضوية بالمجلس وأولها البند ١٩٧٦ لسنة ١٠٩رقم سية من أب مصري، أن يكون المرشح مصري الجن – ١رقم

على ذلك اأي البد من توافر شرط الجنسية األصلية، وتأسيس أبطل البرلمان عضوية بعض أعضائه من مزدوجي الجنسية كرامي لكح على سبيل المثال، والحاصـل علـى الجنسـية

ولو أراد المشرع أن يسمح لمزدوجـي الجنسـية . الفرنسيةضوح في الترشح لعضوية مجلس الشعب لكشف عن ذلك بو

.صياغة المادةحدد في شأن الـوزراء اشـتراط الجنسـية المشرع

ـ ةالمصرية، ووحدانيتها كشرط لالختيار والتعيـين فـي أي من الدستور، حيـث ١٥٤وهو ما جاءت به المادة . حكومة

أو نائب وزيـر أن ايشترط فيمن يعين وزير "ذهبت إلى أن ا بالغً ايكون مصري نة ميالدية على وثالثين س ا من العمر خمس

بكامل حقوقه المدنيـة والسياسـية ااألقل، وأن يكون متمتع ."كيف خرج رئيس مجلس الوزراء عن هذا القيد الذي ال يمكن تجاوزه، ألن المشرع الدستوري إذا أراد أن يعطـي ميـزة

خاصة للوزراء، ورئيس مجلـس الـوزراء، عـن رئـيس وضوح الجمهورية وأعضاء مجلس الشعب، لنص صراحة وب

على أنه يمكن اختيار أعضـاء الـوزارة، مـن مزدوجـي الجنسية، وذلك كاستثناء عن القاعدة الدستورية التي تطبـق

ومن أبـوين ا وهو أن يكون مصري ،على رئيس الجمهورية ؟ كيـف يكـون ١٩٧١ من دستور ٧٥مصريين وفق المادة

ـ مجلس الـوزراء اسـتثناء علـى المشـروعية ا وخروج !الدستورية؟ المصـري، – التمييز بـين الـوزير السـعودي إن

وآخرين معه في الحكومة المستنسخة، وبين أعضاء البرلمان من الدستور، التي ذهبت إلى إقرار قاعدة ) ٤٠(يخالف المدة

المواطنـون "المساواة بين المواطنين، حيث جرت علـى أن لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقـوق والواجبـات

تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو األصـل أو العامة، ال ".اللغة أو الدين أو العقيدة

هل نميز بين الوزراء مزدوجي الجنسية، وبين أبناء المصريين األقحاح الذين يريدون االلتحاق بالكليات العسكرية

والشرطة، بضرورة توافر شرط الجنسية المصـرية، ومـن أبوين مصريين؟

وحساس، ويشترط أن يكون إن منصب الوزير هام، االوالء الوطني للدولة واألمة المصرية حاسم ـ ا ونهائي ، ا وباتً

يغدو الخروج من هنا هذا ما تجري به القواعد الدستورية، و واعتداء علـى مبـدأ المسـاواة بـين اعلى هذا الشرط هدم

قامت به حكومة نظيف، والبد من إعمال االمصريين جميع ، .اسخ حول المساواةالمبدأ الدستوري الر

عـن إن هذا االنتهاك الدستوري الخطير، هو تعبير وهي مصدر السـلطات –من اللجوء إلى أبناء األمة الخوف اجميع – عن الدوائر الضيقة الختيار الوزراء، والتـي ا بعيد

!!جعلها الخوف تضيق أكثر وأكثربعض الـوزراء لـديهم شـركات، واسـتثمارات،

ريد أن نعرف أوضـاعهم االقتصـادية ووكاالت تجارية، ون باإلعالن عن أمالكهم، وأنهم بعيدون عن استثمار منصـبهم الوزاري كـوزيري الصـناعة والتجـارة، والسـياحة، ألن

ال يجوز للوزير " يحرم ذلك، حيث ١٥٨الدستور في المادة ـ الًأثناء تولي منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عم أو ا تجاري

امالي من أمـوال ا أو أن يشتري أو يستأجر شيئً ،ا أو صناعي مـن أموالـه، أو أن االدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شـيئً

أن بعـض وهل ينفذ هذا النص الدستوري؟، أ "يقايضها عليه الوزراء يستفيدون من موقعهم الوزاري في دعـم مكـاتبهم وشركاتهم، وأعمالهم، ويسـتفيدون مـن الدولـة بالشـراء

! إلخ…والها، وعقاراتهاواستئجار بعض أملماذا تخافون من إعالن إقرارات الذمم المالية لكـم

اجميع! لماذا تخافون من اإلعالن الكامـل عـن ثـرواتكم الحقيقية وكيف جاءت، ومن أي المصادر، وما هي شرعيتها؟

حتى نعرف بعد خروجكم من الوزارة ما الذي زاد؟ إنه الخوف من الشفافية والمساءلة والشعب؟

الخوف من الشعب، من حريته، من إرادته المستقلة، هو الذي يجعل الصفوة الحاكمة ال تعرف كفاءات ومواهـب وأوزان أبناء األمة المصرية، الخوف هو الذي جعل المجتمع ضد الدولة؟ الخوف هو الذي أدى إلى ظهور الصفوة الحاكمة

!ضد المجتمع واختياراته الحرة

إلى التجديـد، وانفتـاح الحرية تبدد الخوف وتؤدي النخبة على المجتمع، وتجعلـه يتفاعـل معهـا، ويرفـدها بالمواهب والكفـاءات والطاقـة السياسـية، واالجتماعيـة

.المتجددة ! وانفتحوا على شعبكم تتحرروا وتتطهروااكفى خوف

:

أخطر ما كشفت عنه حروب وصراعات الصـفوات اكمة في المنطقة العربية، أن الحكم الديكتاتوري السياسية الح

البــدوقراطي والنفطــي، أو العســكر قراطــي –العربــي ، هو الـذي أدى - إلخ …الراديكالي، أو الحزبقراطي البعثي

إلى تشييد صناعة كبرى، هي اإلرهاب، وتصـديره للـدنيا . كلها، وزراعته كخاليا على خريطة النظام العالمي المعـولم

سياسي والرعونـة وضـعف التكـوين والخبـرات النزق ال السياسية، وعدم فهم طبيعة التحوالت الكبـرى فـي النظـام الدولي، كلها أسباب قادت إلى قـرارات سياسـية خاطئـة، وكارثية أدت إلى استدعاء اإلمبريالية العولميـة ونزوعهـا اإلمبراطوري الوحشي، الحتالل العـراق وانهيـار الدولـة

.لوحدة الوطنية للشعب العراقيوالنظام، وتمزق امن أبرز أخطاء القادة الـديكتاتوريين فـي دائرتـي عرب النفط، أو عرب الماء، اعتمادهم على تكنولوجيا القمع المادي والرمزي فائقة الحداثة من حيث االعتقاالت، وأساليب التعذيب المروع، وإنتاج أقصى لحظات األلم، وفـق أحـدث

ناحية أخرى، أسسوا شرعيتهم علـى من. تقنيات التكنولوجيا الجيوش، والسجون وأجهزة األمن والسجون، التـي دربـت لقمع التمردات الجماهيرية، أو االحتجاجـات السياسـية، أو

الم وكسرها، واعتقال الكتاب والمبـدعين قلمطاردة بعض األ الذين يطرحون رؤى خالقة ونقدية، تعيـد تقـويم وتحليـل

ـ مية السـائدة، أو المعارضـة أو الشعارات السياسـية الرس .لتواءزدواجية واالخطابات الكذب، واال

بقايا نظـم وعقـول القـرون –قامت النظم القمعية بمحاولة تأميم األقالم والعقول، ومحاولة اعتقـال –الوسطى

روح شعوبها، وتصفية منابع التعدديـة والثـراء الروحـي حاول صياغة رسمية أحادية، ت ىوالديني والثقافي، لصالح رؤ

مجتمعاتها، وفق نظرات دينية ومذهبية وطائفية وعرقية، بل ومناطقية في أحيان عديدة، وذلك كجزء من محاولة تفريـغ

ـ ىالتنوع والثراء، وقتل اإلبداع العفـوي للجمهـور، والغنالروحي واإلنساني في التعدد، والتركيب والتعقيد في الخرائط

ومية الجامعـة ورومانتيكيـة الدينية والعرقية والمذهبية والق الـدرس ال يزالون بعيدين عـن –الفكرة اإلسالمية الجامعة

عـن االتاريخي واألكاديمي المنهجي الجاد والصـارم بعيـد

األهواء األيديولوجية، التي تحرف الممارسـة البحثيـة، أو الكتابية عن مساراتها الموضوعية، وتؤدي بها إلـى وحـدة

أليديولوجية المتوترة والزاعقة لذاتها، إعادة إنتاج الشعارات ا ضمن عوائق معرفية تحول دون إحداث ا تغدو عائقً من هنا و

تراكم في المعرفة والوعي التاريخي، واألخطر أنها تدفع نحو إعادة إنتاج األزمات والكوارث واالنهيارات، وال نزال ندور

ة وضبابية، تتعطل فيها الرؤى السياسي في دوائر تفكير غائمة ـ ابطانات األكثر عمقً تالثاقبة، واالستبصارات واالس ا وتركيب

أغوار الظواهر والمشكالت، أقول ذلك بسبب أن انهيـار في هـو – ومعها النظام الديكتاتوري السـابق –الدولة العراقية

دول ديكتاتوريـة وقمعيـة – أو نهايات –مثال على مآالت هيـار الدولـة عديدة في المنطقة، وأن عدم إخضاع حالـة ان

والنظام في العراق تحت مجاهر الفحص والتحليـل الجـاد، .سيؤدي إلى تكرار ما حدث

نهيار الـدرامي للقـوة أعتقد أن من أبرز عوامل اال –القمعية للعراق، طبيعة العالقات الزبائنية بين رأس النظام

وبين الدائرة اللصيقة بالحكم، سواء من األتبـاع –الديكتاتور

ن، أو األبناء، أو األخوة، وأوالد العمومة، والعشيرة المباشري .والمنطقة التكريتية

نقالبات العشائرية الديكتاتوريات التي جاءت عبر اال والقبائلية والمذهبية، قامت بالمزاوجة بين تطـوير الجيـوش وأجهزة القمع الداخلي، وذلك للسيطرة الشاملة على الحيويـة

فئات الوسـطى علـى وجـه ، ولل االسياسية للشعوب عموميـة النظـام ورمـوزه، وقائـده هالخصوص، في ذروة عنج

الديكتاتور وحماقاته السياسية، يتجلى الضعف فـي أقصـى مالمحه، ألن القوة الغشوم التي يحركها الخوف، هي نتاج له،

استخدام الديكتاتوريات المكثف لجيـوش مـن . وتعبير عنه المثقفـين ورجـال رجال األمن والمخبرين ومتابعة سكنات

تعبيـرات أحدالسياسة والمعارضين لعبة تقليدية، لكنها هي .الخوف الساكن تحت جلد الديكتاتور ورجاله وجنونهم

الديكتاتورية الغاشمة، لم تمتلك العقل والحس األنظمة واإلدراك السياسي، المرهف، ومن هنا تصورت أن القمـع

واء، والتعلـيم الوحشي وآلياته ورغيف الخبز، وقارورة الـد الرديء التافه، هو أدواتها مع أقصى درجات القمع والخوف،

والمؤسسة الدينية في بناء الدولة والسيطرة علـى األغلبيـة .المحكومة بالحديد والنار والخوف المعمم

لـه، ولتجاربـه امن هنا يشكل ضرب النظام انهيار الدولـة، إن بعـض –السطحية في محاولـة بنـاء األمـة

–كتاتوريات الجهول في المنطقة تصورت أن بناء األمة الديالدولة أمر سهل ميسور من خالل أجهزة الدولـة القمعيـة،

ثبت بالتجربة !! والتعليم، والخدمات االجتماعية، لكن واأسفاه التاريخية أن استراتيجيات بوتقة الصهر القمعيـة أدت إلـى

أدت . فرعيـة إعادة إنتاج االنقسامات والوالءات األوليـة وال نتماءات آليات القمع المادي واأليديولوجي إلى إعادة إنتاج اال

إلى المذهب الديني، وإلى األعـراق، والقوميـات والـدين، . إلخ…والمنطقة التي ولد فيها األشخاص

نـدماج النسـيج التقليـدي لال الديكتاتوريـة تحطـم المجتمعي، وداخل كل جماعة أولية، بل إنها ال تستطيع بناء أمة، وهذا ما حدث فـي دول المنطقـة ونظمهـا السياسـية االمتخلفة، خذ إقليم البداوة النفطية، كان وال يـزال مصـدر

لإلرهاب المذهبي، الذي يحمي العائلة الحاكمة، حيث تبحـث عن شرعيتها في ديكتاتورية سلطة مذهبية، ال فـي شـرعية

شعبية تعتمد على المشـاركة السياسـية، والحـوار الحـر، وحريات الرأي والتعبير واالجتماع والتنظيم وحقوق المرأة،

من هنا يعتقل ويحاكم من يطالب . بال نقصان اواإلنسان جميعبتحويل ملكية عائلية، تعتمد على البداوة السياسية والتطـرف الديني والنفط، إلى ملكية دستورية، ويقدم إلى المحاكمة أمام

خرج من هنا وة، والتزمت، محكمة دينية تنتمي إلى فقه البدا الجيل الرابع في الحركة اإلسالمية السياسية الراديكالية مـن أصالب فرق التطرف والبداوة، والديكتاتورية البدوية السنية،

خـرج . وغياب المشاركة واستبعاد الناس مـن المشـاركة اإلرهاب من خاليا حكم مطلق ال معقب عليه يحتكر الثـروة

ديني، ووراءه مؤسسة تدافع عـن كـل والسياسة والمذهب ال مبراطوريـة، واإلمبرياليـة قراراته وتحالفاته، وتبعيتـه لإل

هل يستطيع هؤالء : الكونية األمريكية، ومع ذلك يظل السؤال أمة؟–بناء دولة

بالقطع ال، نقولها حاسمة وجهيرة، ألن الديكتاتوريات تـي ال تنتج الموحدات القومية بين المجموعـات األوليـة ال

ماليـة مـن تتشكل منها الدولة، ال تستطيع بناء أمة برشاوٍ الحكومات والصفوات السياسية الحاكمة كما حدث في الدول

النفطية، في العراق، وليبيـا، والسـعودية، والكويـت ودول .الخليج

ماذا يبقى بعد رشوة الناس بـبعض مـن أمـوالهم والعائلـة المتراكمة؟ يبقى االنتماء إلـى العشـيرة والقبيلـة

الممتدة، واألسرة، والسؤال التراجيدي الذي يقال فـي هـذه ابن من؟ ومن أسف في ظل : التقليدية للناس –البيئة السياسية

الدولة السلطوية المصرية، ونظامها التسلطي أصبح السـؤال أكثر من خمسة عقود مضت ابن من في مصر؟ يتردد طيلة

ألمة أهم إنجاز حداثي ا –داللة على التحطيم المنهجي للدولة للمصريين منذ تأسيس دولتهم الحديثة على أيدي محمد علـي باشا، وإسماعيل باشا، ونوبار باشا، وأجيال تلو أخرى مـن

.الجماعة القانونية المصرية، والمثقفين الوطنيينالفارق المائز بين الحالة القومية المصـرية، وبـين

األمة، –ا دون الدولة الحاالت العربية ما دون القومية، أو م نتجوا أمة بالمعاني الحديثة التي عرفتهـا أهو أن المصريين

التجارب األوروبية الراسخة في بناء وتأسيس األمم والدول، وهي جزء ال يتجزأ من تطور الرأسماليات، وحركة القوميات

.في إطارها

ية، بل ومأساتها اإلغريقية السياسية رالمعضلة المص عديدة تحاول كسر األمـة فـي أنانيـة، اطرافًالكبرى، أن أ

وسطحية ولعبة حاولها أعداء مصر، وهم كثر فـي اإلقلـيم –وخارجه في النظام الدولي، جماعـات تالعبـت بالـدين

في محاولة تحطيم بنية األمة من خـالل –إسالمي ومسيحي استخدام الدين وفق تفسيرات طائفية فيكسر االندماج القـومي

ح تعبئة طائفية ومذهبية، أي تحويل مصـر المصري، لصال إلى مسلمين وأقباط، تسيطر على كل منهم نخبة دينية تحتكر تمثيلهم باسم الدين أو المذهب أو الطائفة، وتتحـول الدولـة المصرية الحديثة إلى رهينة في أيدي رجال دين، أو سياسيين يتالعبون بالدين ألهداف سياسية ودنيوية ومصالحية محضة،

. شبهة حول ذلكوالها رجال عملـوا بالسياسـة ءهذه اللعبة الخطرة ورا

دون فهم لها، وال لقوانينها، وال لمهاراتهـا، وال لخبراتهـا، السياسة في مواجهة خصومهم السياسـيين تالعبوا بالدين في

.من بعض الجماعات الدينية السياسيةر للشرعية السياسية بديالً عن دتحول الدين إلى مص

للديكتاتوريـة ا ومبرر اادة الحرة لجماعة الناخبين، وسند اإلر

وقهر الحريات العامة، وأداة للضبط السياسي واالجتمـاعي، السياسـية ه آلرائـه، ومصـالح االجميع يستخدم الدين دعم

األمنية، حتى انقلب السحر على الساحر، والجميع لعب لعبة .آلخريناختطاف الدين، كي يستعلي برأيه ومصالحه على ا

ــالســلطة لمصــالحها، ااختطفــت اإلســالم دعم – اإلسـالمية والمسـيحية –والمؤسسات الدينية الرسـمية

والجماعات اإلسالمية السياسية، ووعاظ المساجد، والـدعاة الجدد، ودعاة ووعاظ أهليون، وآخرون من وعاظ الشوارع،

التي –كل ذلك شكل عمليات تكسير منظمة لألمة المصرية اج تاريخي وسياسي واجتماعي وثقافي وديني مركـب هي نت وهكذا تواطأت أطراف سياسية ومجتمعية عديدة في –ومعقد

مهمة خطيرة تبدو كأنها مشبوهة من فرط غباوتها التاريخية القومية المصرية، واألمة المصرية لصالح لتحطيم الموحدات

مصر، مجزأة، محطمة، ممزقـة بـين أديـان وطوائـف، بحراوي، ووراثة للمهن، واحتكـار للوظـائف وصعيدي، و

وكهولة سياسية، وشيخوخة أفكار، وانسداد األفق السياسـي أمام األجيال الجديدة، إال من دخل الحزب الحاكم ووافق على أن يتم اختياره ضمن لجنة السياسات، وصاية علـى األمـة

وأبنائها، وسياسات تؤدي إلى بناء هويـات فرعيـة ودينيـة .ال هوية قومية مصرية جامعةوطائفية،

نهارا، وبالـدين فـي العب بالدين في السياسة جهار الثقافة، والحياة، والفن، كلها ألعاب سياسية ال تحتاج إلى ذكاء للتعامل معها، كما تجلى من بين صـراعات األجنحـة فـي

بالحيـاة ا ال عالقة له ايمقاألكليروس األرثوذكسي، مستغلين من رجال الدين المحترفين، بهـدف حسـم الواقعية لألقباط

نزاعات ومنافسات داخلية، وبناء مكانة على أساس مـذهبي، وإنتاج المزيد من االنقسامات والمشاحنات داخل المصـريين المسيحيين، وفرض مشاكل داخلية على قائمة أعمال األمـة

ممارسات بعض أبنائها، ومعهـم الصـفوة الجريحة برعونة ن الفشل وتراكماته، أدى إلى انكسار بعض تاريخ م . الحاكمة

الموحدات القومية التي تحتاج إلى تجديد، وإعـادة هيكلـة، .ودماء جديدة تتدفق بين شرايين األمة المصرية، والدولة

من خبراء لجنة السياسات مـن امشكالتنا أكثر تعقيد المدرسين والتكنوقراط، بالحزب الوطني، وال الوزراء ذوي

ر المصرية، وال صياحات الجهالة في اإلعـالم الجنسيات غي .المصري الذي بات يمثل فضيحة لتدهورنا الشديد

الحفاظ على مكونات األمة المصرية، والدولة الحديثة الًيتطلب طبقة سياسية حقيقية، ومهارات، وكفـاءات، وخيـا

ة، وال محاوالت ، ال شعارات إصالحية سطحية وتافه اسياسي .الحكم على خالف الدستورلجنة للسيطرة على

إعادة تجديد األمة المصرية، والدولة الحديثة مسـألة وأكبر من إمكانات الحكومة ولجنـة السياسـات اأكثر تعقيد ،

.والحزب الوطني، واألحزاب المعاونة له، أقصد المعارضةنحتاج إلى نظام حكم، ودستور جديد، واألهم نخبـة

عامل مع ملفات المسـألة سياسية مؤهلة، وقادرة ومسؤولة للت !المصرية، رجل الشرق األوسط المريض

: !

أين الصف الثاني في السياسة والثقافة والصـحافة، في مصر؟اوفي جهاز الدولة عموم

ويطرح بين الحين واآلخـر، …االسؤال ليس جديد سـلطة وقد يتصور البعض أن مجال طرح السؤال هو قمة ال

، أي غياب الرجل الثاني في موقع نائب الـرئيس، في مصر وهو موضوع ممل، ألنه يطرح في بعض المناسبات، وكأن تعيين النائب هو حل سحري لمشـاكل السـلطة السياسـية، وضعف مستويات الخيال، وملكات التخطيط السياسي، وإدارة

مـن مشـاكلنا العديـدة إلـخ، ……، و .… و …األزمات .المتراكمة

السؤال أكبر من مجرد تعيين نائب للـرئيس، ألننـا أجهـزة اإزاء ظاهرة بنائية تمس النظام السياسي كله، وأيض

–األهلية، وما يسـمى الدولة الرسمية، بل وداخل الجمعيات لماذا : والسؤال – تحت التشكيل – بالمجتمع المدني – امجاز

ت العمـل ال توجد لدينا بدائل قيادية في كل قطاع من قطاعا ؟ !السياسي، واإلداري، واالقتصادي

في وزارة الثقافة وغيرها من الوزارات، أين الرجل الثاني؟ وأين الصف الثاني، والثالث، داخل كل هيئـة مـن

وهو سؤال طرح على الكاتـب فـي أحـد هيئات الوزارة؟ حن أمام سياسة عمدية لقتل األجنة، أو البرامج المتلفزة، هل ن

أنهـا ظـاهرة والكفاءات في أجهزة الدولة؟ أ وأد المواهب و ؟ !لصيقة بجهاز الدولة السلطوي

الحق، أن غياب الصف الثاني فـي أجهـزة وزارة الثقافة، وغيرها من الوزارات والهيئات، هو أحـد تجليـات الطابع السلطوي للنظام السياسي، وجهـاز الدولـة اإلداري،

علي مـن شـأن وثقافة الموظفين المصريين الهدامة، التي ت المصالح، والغايات الشخصية، على المصالح العامة، ويعود

-:ذلك ألسباب عديدة، يمكن لنا رصدها فيما يلي إن غياب سياسة إلنتاج الصف الثاني المؤهل :الًأو

والكفء داخل جهاز الدولة، هو تعبير عن امتـداد ظـاهرة عند قمة النظام والسلطة فـي مصـر االرجل األول سياسي ، .

الرئيس كمركز للدولـة والنظـام، ومعـه اهناك، دستوري ،جهاد . د –صالحيات واسعة النطاق، رصدها بعض الباحثين

؛ حيث إنه من مجموع خمس وخمسين مادة تتضمن -عودة

صالحيات أو سلطات في الدستور، اختص رئيس الجمهورية ، في حين بلغت سلطات %٣٦ صالحية، بنسبة ٥٣ بـ هوحد

، والسـلطة %٢ صالحيات، بنسبة ٤صالحياتهم الوزراء و ، والسـلطة التشـريعية %٢ صالحيات، بنسـبة ٤القضائية

مجلس الشعب، ومعها مجلس الشورى، وهو في رأينا ومعنا ااتجاه في الفقه الدستوري المصري، ليس مجلسـاً تشـريعي ،

والمدعي العام االشتراكي % ٥٢ سلطة وصالحية، بنسبة ٤١لك المجلس األعلى للصحافة ولـه سـلطة سلطة واحدة، وكذ

.واحدةنحن إزاء نظام دستوري كرس هيمنة موقع ومكانـة رئيس الجمهورية على النظام كله، وبروز ظاهرة شخصـنة النظام، أي خضـوع السياسـات واسـتراتيجيات العمـل،

لمؤسسات الدولة، على قرار واالختيارات، واإلدارة السياسية النظـام، ويصـدع الجميـع شخص واحد، يصدر من أعلى

.بتطبيقه دون مناقشةإن طابع الشخصنة يعني، إضفاء الطابع الذاتي لمـن

مع احترامنا وتقديرنا لمـن –يشغل موقع رئيس الجمهورية على قرارات يفترض أنها نتاج حسابات وتوازنات –يشغله

اجتماعية وسياسية، أي هناك مكون موضوعي لعملية صناعة .القرار

رة غياب الصف الثاني، والرجل الثاني، مثلها إن ظاه شرنا، تخضع أفي ذلك مثل ظاهرة غياب نائب للرئيس، كما

الختيارات الرئيس، وهي جوازية وغير ملزمة له، ادستوري له، وإن لم يشـأ ظـل الموقـع اإن شاء الرئيس اختار نائب

بصرف النظر عن آراء عناصر في النخبة الحاكمة اشاغر ،ارضة أو المعلقين، ألن الدستور اعتبر أن ذلك أمـر أو المع

جوازي للرئيس، ومن هنا تبرز ضرورات تغييره على نحو .شامل

ال يمكن لنا فصل غياب الرجل الثاني عند قمة جهاز الدولة، وعن الصف الثاني الغائب فـي جميـع الـوزارات، والمواقع اإلدارية، وعن ظاهرة الركود السياسي، كما سـبق

لقنا عليها منذ منتصف العقد التسـعيني فـي القـرن أن أط الماضي، وهذا الركود يرجع إلى كراهية السياسة والسياسيين من قبـل الصـفوة الحاكمـة، وإدارة الدولـة علـى نحـو

في إدارتـه إلـى بيروقراطي، وكمشروع خاص، وال يحتاج وإنما إلـى إدارة إلخ، …مهارات سياسية، وخيال ومناورات

هذا أمر صعب، وكـان . تخاذ القرارات اليومية يوم بيوم، ال من فهم لطبيعة السلطة السياسية، وحكومـات اإلدارة، اجزء

كما كان األمر فـي السـتينيات والسـبعينيات مـن القـرن العشرين، وكان يتالءم مع البيئة السياسية اإلقليمية والدوليـة

. إلخ…آنذاكـ ة الوضع اآلن ال يحتمـل حكومـة اإلدارة، أو دول

وإنما المطلوب هو عودة السياسـة – ا نقولها مجاز –اإلدارة .إلى فضاء الدولة والنظام السياسي المصري

إن ظاهرة الركود السياسـي أدت إلـى اسـتمرارية وزراء موثوق بهم أكثر من كفاءتهم منذ عقدين ويزيد، فـي

ال تقييم من هنا مواقعهم الوزارية، دون مساءلة وال شفافية، و محاسبة من هنا تهم وأساليب عملهم داخل كل وزارة، و لسياسا

بعضهم أو غالبيتهم على سوء اإلدارة، واألهم سوء السياسـة .طيلة العمل الوزاري

إن الوزراء في مصر، جاءوا من مواقع تكنوقراطية وبيروقراطية، أو من أجهزة الدولة، وبناء علـى اختيـارات

القمة، ومن هنا شخصية، ومن هنا والؤهم لمن اختارهم عند قتل الكفـاءات : يحاول هؤالء االستمرار بأية طريقة، ومنها

وتصفية الخصوم المحتملين داخل الوزارة، اوالمواهب مبكر ،أو في الحزب الحاكم، أو في إطار جماعات رجال األعمال، الذين يرغبون في ممارسـة العمـل الـوزاري، كـوزراء،

لفات االقتراض من وتحريك بعض الدعاوي ضدهم، أو فتح م البنوك دونما ضمانات، أو التشهير بهم عبر بعض الصـحف والمجالت، هذا شيء، وتطبيق القانون بصرامة عليهم، شيء

اآخر تمام. تناقص كفاءات ومهارات البيروقراطية وكبـار : اثاني

أساتذة الجامعـات، وهـي االموظفين والتكنوقراط، خصوص ومن هنا انعكس ذلك على عدم ظاهرة تتأكد يوما بعد اآلخر،

اختيار الوزراء وكبار قيادات أجهزة الدولة، لعناصر شـابة وكفؤة وموهوبة وإعطائها الفرص لالرتقاء بقـدراتها، مـن ـ اخالل برامج للتدريب، وبناء القـدرات وتطويرهـا داخلي

وتفويض بعض الصالحيات لهم، حتى يسـتطيعوا اوخارجي ،بالمشكالت، األمر الـذي يـدفعهم االحتكاك الفعلي واليومي

إلدارة األزمات، واتخاذ القرارات، وسط بيئة من الضـغوط .والخيارات المحددة

بعض القادة اإلداريين، جاءوا بنـاء علـى معـايير من المداهنة، والوالءات الشخصية أو المحسوبية والوساطة، و

نما ، وإ ا أو فكري ا ال نستطيع أن نلمس لديهم انتماء سياسي هنامحض موظفين ال يملكون مهارات إلدارة الوظائف القياديـة

.المهمة المسندة إليهمإن ظاهرة غياب مدارس رفيعة، للتكوين السياسـي واإلداري للقادة في مصر، ذات تقاليد راسخة، وعمل جـاد،

ـ –أدت إلى تحول الجهاز اإلداري إلـى – ا كالحكومة تمام ة، والفهلـوة فـي أداء مجال للتخبط واإلجراءات العشـوائي

األعمال المنوطة بهم، وهذا الوضع أدى إلى نتائج خطيـرة : يمكن اإلشارة إلى بعضها فيما يلي

جمود قمة الهرم البيروقراطي، وسـيطرة بعـض -١كبار الموظفين على الهيئات الحكومية بال تغييـر، وهي انعكاس للجمود السياسـي والـوزاري فـي

.مصرة، والفحـص الـدوري غياب المساءلة والشـفافي -٢

للملفات الوظيفية والمالية والسياسية للوزارة وكبار الموظفين، وهنا يطرح سؤال غياب قانون من أين

لك هذا؟، ما سبق أدى إلى بروز معيار والء بعض ولقـادتهم أو بعـض –الوزراء وكبار الموظفين

بوصفه القيمة –مراكز القوى والنفوذ داخل النظام حـدث مـن هنـا اءة ونزاهة اليد، و األعلى ال الكف

تواطؤ من بعض الموظفين ورؤساء الهيئات، مـع .قيادات أعلى، لضمان بقائهم

تداخل المصالح الخاصة، مع المصالح العامة، التي -٣تعمل األجهزة الحكومية إلنجازها، وهذا أدى إلـى تحويل الهيئات والمؤسسات العامة إلى نطاق خاص

.مؤسسةمملوك لرئيس الهيئة أو ال

تناسل واستنساخ شبكات الفساد الوظيفي، من أعلى -٤ .إلى أسفل

اعتماد الترقية للوظائف األعلـى، علـى معـايير -٥المحسوبية، والنفاق، والفساد، وليس على الكفـاءة

.الوظيفية، ومعايير النزاهة واإلنجاز

أدى الجمود السياسي من أعلى إلى إنتـاج هياكـل -٦ واالختالل، وذلك مـن إدارية ومالية، تتسم بالتشوه

خالل آليات الترقي األسمى، أي الترقية بالحصول

على مسمى الوظيفة، دون صالحياتها، في مقابـل األجر والمزايا، دونما ترق حقيقي، قائم على تولي الوظيفة األعلى، بناء على اختبارات وتأهل تدريبي

.منظم، لرفع قدرات المرشح للوظيفة األعلى

رة ترهل اإلدارة في مصر، كما يحـدث من هنا برزت ظاه في الحكومة، وتبدو ظاهرة مئات وكالء الوزارة داخل هيئـة

كـاتوري ي كمظهر كار إلخ، …واحدة، وآالف مديري العموم .ألزمة األداة الحكومية في مصر

سم يحصـل عليهـا المئـات، االوظيفة تحولت إلى مجرد نهـم ال واآلالف دون حاجة إلى إثبات كفاءة أو موهبـة، أل

!يعملون أساسا

النزعة السلطوية فـي إدارة المؤسسـات العامـة، -٧والرغبة في شخصنة الوظيفة القيادية، مما أدى إلى بروز عمليـات اإلطاحـة بالعناصـر المحتملـة، للتصعيد كبدائل، وتصـفية ممنهجـة الحتمـاالت

.صعود الشخص الثاني، كبديل محتمل

سـبيل ميل بعض الوزراء، كوزير الثقافة علـى -٨المثال، إلى االستعانة بعناصر معروفة من خـارج

الوزارة، إلدارة شؤونها، وذلك ألسـباب عديـدة، :، ما يليا ال حصرالًمنها، تمثي

تجنيد عناصر ووجوه معروفة لصالحه، وتبرير ذلك - أبأنها اختيارات لصالح النظام، ولتجميل صـورته،

رة وهو ما تحول بعد ذلك إلى نظرية الحظيرة الشهي .لدي الوزير

إن الجمود الوزاري لم يؤد إلى إنتاج صـف ثـان، - بوهو ما ينبغي أن يسأل عنه الـوزير، ألن اختيـار

الثاني من القادة، هـو أحـد وتربية وتأهيل الصف أبرز أدوار الوزير، ورئيس الهيئـة أو القطـاع أو المؤسسة، لضمان استمرارية الـوزارة والمرافـق

.العامة للدولة

شخصيات قيادية، تكون بدائل للـوزير، عدم بروز - تولقادة قطاعات الوزارة، هي استراتيجية مدروسـة،

.وعمدية

إن اختيار عناصر جامعية إلدارة بعض قطاعـات - ثالوزارة، هو عملية مغريـة للمدرسـين، ألن هـذه المواقع اإلدارية أهم من مواقعهم األكاديمية، في ظل

ر أن يطيح تدهور الجامعات المصرية، ويمكن للوزي ببعض هؤالء الموظفين، إذا حاولوا تقـديم أنفسـهم

!كبديل لهإال أن هذه االستراتيجية في التجنيد اإلداري لم تحقق أهدافها، ألن بعضهم كان يبنـي أوراق قـوة مـن خـارج الوزارة، بعالقاته مع أركان أساسية في الصـفوة الحاكمـة،

! ال يستطيع إزاحتهم بمشيئته الفرديةمن هناوإن ما سبق يشكل بعض التفسـيرات، لمـاذا حـدث تصفية ممنهجة للصف الثاني، وللرجل الثاني والمرأة الثانية في مصر؟ وهي من أخطر الظواهر السياسية واإلدارية فـي تاريخ مصر المعاصر على اإلطالق، واالنعكـاس األخطـر لدولة الشخص الواحد، والقرار الواحد، التي تطالـب األمـة

بإصالحها على نحو شامل، إلـى دولـة القـانون المصرية …والمؤسسات والحريات العامـة، والديمقراطيـة النيابيـة

لسنا أقل من الهند:انكررها دوم .

: … :

أسمع، أو أقرأ بعض ما يصدر عـن القـادة عندما

مقوالت، أو شعارات عن الفكـر الجدد للحزب الوطني، من التعبير الفرنسي الذائع، إنهـا االجديد، يتبادر إلى الذهن فور

لغة خشبية، داللة علـى نسـق مـن الكلمـات، واألرقـام، والعالمات، واالصطالحات، والمجـازات التـي غادرتهـا معانيها ودالالتها المعجمية واالصطالحية، عندما نطق هؤالء

.ا النمط من العبارات، والمفرداتبهذ" القادة الشباب" التلفـاز –محاوالت األجهزة األيديولوجية الرسمية

أن تكثف اإليحـاء بأننـا إزاء فكـر –واإلذاعة والصحف إصالحي، وأننا إزاء فكر جديد، تبدو صعبة علـى تحقيـق

، وتحـدثوا، يبـدو "القادة الجـدد "أهدافها، وكلما ظهر ممثلو –أن أقول كله، ألن ثمة استثناءات وال أريد –أغلب ما يقال

وكأنه ضرب من لغو الحديث، ومـن مـألوف الخطابـات السياسية الرسمية، لغة ذات صياغات إنشـائية وشـعاراتية،

القيادية، بوي بالفخامة، والمكانة عتهدف إلى إنتاج إحساس ش والقدرة على تحريك وتطوير األوضاع، بينما ال تجـد هـذه

، وامـتالك ألرقـام اعات والوطنيات وا اللغة الصادحة باإليق

اليقينيات، ومعرفة المتغيرات والتحوالت، والعـالم الجديـد والمعولم أي سـند واقعـي، وموضـوعي يضـفي عليهـا

القادة "المصداقية، والقبول الجماهيري، األمر الذي يمد هؤالء إن نظرة على . بشرعية حضورهم الحزبي، والسياسي " الجدد

كيل لجنة السياسات الموسعة، تشـير إلـى تاريخية، وأداة تش ومعهم رئيسها، عبر آليـة ال ديمقراطيـة اأنهم جاءوا جميع

تظل شرعيتهم من هنا ، أي بقرار من رئيس الحزب، و اأساس من هنا يبـدو . القانونية، ذات سند الئحي، لكنه ال ديمقراطي

أن عملية اإلصالح السياسي الحقيقي والجاد، البد أن تتم من ل إعادة هيكلة الحزب، وإطاره الالئحي، وآليات التصعيد خال

والحراك السياسي داخله، وبرامج جادة للتجنيـد السياسـي، وبناء القدرات السياسية والفكرية لدى قادة وكوادر الحـزب، حتى يتم االرتقاء بلغة الخطاب السياسي الحزبـي، والقـدرة

عنهـا على بناء أواصر شعبية مع الجماهير التـي يتحـدث ، وال عن تطلعاتها ابعض قادة الحزب، وال يعرفون عنها شيئً

االسياسية واالجتماعية في حياة أفضل، وأقل عسر. إن االنتقادات الموضوعية للحزب الوطني، تأتي من مصادر عديدة، منها عناصر داخل الحزب، وفي مسـتويات

ومة انتقاداتها الجادة على الحزب، والحك تنظيمية عديدة، تبدي – وعلـى البرلمـان، الـذي ال –لها ورئيسها شكي كان ت ا أي

يستطيع أي عضو في الحزب أن يرشـح نفسـه، ويحـوز عضويته، ألن جميع األعضاء، وبعضهم من قيادات الحزب

، تعرف أنها لن تختار مـن قيـادة الًالوسطي، وما دونها قلي االحزب، وإذا تمردت ورشحت نفسها لن تجد دعم ا سياسـي

ـ ا وأمني ا وبيروقراطي ااريوإد الً يسمح لها بتحقيق النجاح، فضعن أنها ال تمتلك المقومات الماديـة، أو العائليـة، أو أوراق

مـن كبـار " الحيتـان "القوة األخرى التي تسمح لها بمنافسة األعضاء الحزبيين ذوي النفوذ والعالقة مع كبار رجال الحكم

يـأتي مـن تبـاريح وجهاز الدولة، بعض النقد الموضوعي بعض األعضاء داخـل الحـزب الـوطني، وهـم يـرون االختيارات تتم بقرارات علوية ال شأن لهم بها، وأن الحزب

بـالمعنى امحض أداة في أيدي الصفوة الحاكمة، وليس حزب صطالح، والمفهوم، كما تعرفـه التجـارب الحقيقي لداللة اال

المرحلة شبه وفي مصر في . السياسية في النظم الديمقراطية مـن هـم . الليبرالية، كانت هناك طبقة حزبية بـين قادتـه

السياسيون داخل جماعة لجنة السياسات، أو كبار الـوزراء،

أو رجال األعمال وبقية القيادات في المحافظات، خذ علـى سبيل المثال، ما ظهر في التليفزيون المصري أثناء الجلسـة

اصل بين حكام البلـد االفتتاحية للمؤتمر، من وجود حاجز ف ـ اوالحزب وبين بقية القيادات األخرى، ال يجوز ألحـد أمني

اورمزي أحـد أبـرز ! هء أن يتجاوزه ممن هم ورا ا، وسياسيمصادر االنتقادات تأتي من الجماعـة الثقافيـة والسياسـية المصرية المستقلة عن األحزاب السياسية، قبل إنشاء لجنـة

سفر عنه ممارساتها التنظيميـة السياسات، وبعد أنظار ما ست داخل البنية الحزبية، وتشكيلها ونوعية األعضاء الجدد مـن

وهذا تعبيـر اصـطالحي، –أبناء جهاز الدولة، ومن زبائن النظام، والموالين له، وبعض الطامعين للوثوب -وليس مذمة

لمواقع أعلى، عبر التوزير، أو بعض المقاعد البيروقراطيـة فرصهم لشغل مواقع قيادية بالجهاز اإلعالمي العليا، أو دعم

المرئي، والمسموع، أو رئاسـة مجـالس إدارات وتحريـر الخطابات النقدية لعناصر مستقلة داخل ! الصحف والمجالت

الجماعة الثقافية والسياسية المصرية، تستند إلى تاريخ مـن يتأسس علـى األدوات النقديـة االمشروعية والمصداقية مع ،

–لمستقل عن السلطة، وحواشـيها، وهـو خطـاب للمثقف ا

ينزع نحو نقد االختالالت واالعتالالت –واألحرى خطابات البنائية في النظم الدستورية والسياسية، والحزبية، واإلدارية،

هذا االتجـاه . واألمنية، وفي السياسات العامة على اختالفها علـى الوطني الرصين والمفتوح بجدية ورحابـة ومعرفـة

التـي ال –حوالت العالم الجديد، يكتسب صدقيته وشرعيته ت من ارتكازه على مفاهيم المصـلحة العامـة، –نزاع عليها

والنزعة النقدية التي تشمل الحكومـة، والحـزب الـوطني، الرسمية، والمحجوب عنها الشـرعية اوالمعارضات جميع ،

اكريهذا االتجاه النقدي المستقل، هو الذي تصدى ف . القانونيةللشعارات، والمقوالت الفكريـة، واأليديولوجيـة الصـاخبة

معارضة الرسمية، والقوى اإلسالمية المتطرفة، والعناصر للالموالية لها والتي تستخدمها ضد المثقفين داخل جهاز الدولة بين الحين واآلخر، االتجاه النقدي المستقل داخـل الجماعـة

كثر، وليس زبائن الحزب الثقافية والسياسية، وداخلة باحثون نظيـف مـن . ولجنة السياسات وبعـض وزراء حكومـة د

مـا اهو االتجاه الوطني المنفتح الذي تابع نقـدي التكنوقراط، يحدث داخل المنطقة، والعالم، ورصـد، وحلـل السياسـات العامة للحكومة، وأداء عمل جهـاز الدولـة بقـدر الطاقـة

الـب هـؤالء ال وغ إلـخ، …والمعلومات الرسمية المتاحة يسعون لمواقع، أو مناصب رسمية، وإنمـا تجديـد الدولـة

.والمجتمع والمؤسسات واألفكار وحياة أفضل للمصريينأحد أبرز مصادر نقد الحزب الحاكم والحكومة، تأتي من أحزاب المعارضة الرسمية، والذي يقلـل مـن صـدقية

نها محملة بذات أمراض، أبعض انتقادات أحزاب المعارضة، فـال – الحزب الوطني –رجل السياسة المصرية المريض أطال اهللا أعمار الجميـع –تزال غالبية قياداتها كبيرة السن

وأنهـا ال تعتمـد اآلليـات –ومتعهم بالصـحة والعافيـة الداخلية في العمل الحزبي، والعالقات التنظيمية الديمقراطية

غير متطورة، ة، وأن برامجها عتيقة، و يبين مستوياتها القياد وأنها ال تستند إلى جذور اجتماعية حية، وفاعلة في التركيبة االجتماعية، وأنها أحزاب مقار، وال نشاط لها سوى إصـدار الصحف التي يسيطر عليها رؤساء األحـزاب، والعناصـر القيادية القريبة منهم، إلى آخر المالحظات الموضوعية على

ن أهنا نستطيع القـول تركيبة وأداء أحزاب المعارضة، من ن ادعاء أالحزب الوطني، وتركيبته السلطوية ال ديمقراطية، و

اإلصالح، أمر مشكوك فيـه، سـواء مـن حيـث داللتـه،

يمكـن فهـم اسـتخدام بعـض من هنا وصدقيته، ومداه، و أنـه فكـر ىالتعبيرات السائرة في اإلنشاء السياسي لما يدع

إزاء طريق طويل ال جديد، كالقول بمسيرة اإلصالح، أي أننا بإذن ووحياتنا، أ نهاية له، ويا ترى هل سنبلغه في أعمارنا،

اهللا ستراه أجيال القرن المقبل، عندما تصـل، أو ال تصـل مسيرة اإلصالح الديمقراطي الشامل إلى نهايتها؟، وهو حكم نيابي وبرلماني جمهوري، ال تورث السلطة فيه، وال تمتـد

مـع كـل – من كان الرئيس اائنًرئاسة رئيس الجمهورية، ك إال دورتين متتاليتين، عبـر انتخابـات –االحترام والتقدير

حرة، وبين مرشحين متعددين، وفي إطار بنيـة دسـتورية، قائمة على الفصل بين السـلطات، ورئـيس حكومـة جـاء

نتخابات الحرة الشفافة إلـى بصالحيات كاملة، يأتي عبر اال .تورية الديمقراطية النيابية والقواعد الدسمبادئالآخر

إن بروز قيادات جديدة للحـزب جـاءت بقـرارات علوية، وال تستند إلى اختيارات شعبية من داخـل الحـزب، ويبدو أن هذه اآللية هي التي جعلت بعضهم ال يقـيم وزنـا ألهمية السياسة المقبلة عبر تفاعل خصـب بـين الجمهـور

الختالط بالنـاس، ورجال السياسة، وهي عالقة تحتاج إلى ا

والتفاعل الحر معهم، واالنتماء والوالء لهم، خاصة أن القادة االجدد لديهم ولع ومفتونـون بالعبقريـة الغربيـة، وتحديـد

وجنـة أرضـية، ااألمريكية، وبعضهم يرى إسرائيل نموذج ـ . ولكل منهم وجهته اهذه سياسة الخارج، التي تعكس خيوطً

ارج الرأسـمال الرمـزي مرجعية تقع خ انفسية، ورموز– واألمة المصـرية علـى وجـه االتاريخي المصري عموم

معنى، وداللة االنتمـاء االخصوص، ويا ليتهم يدركون جميع إلى معاني هذا اإلنجاز التاريخي الحداثي والمعاصر، ألجيال تلو أخرى داخل الجماعة الثقافية المصرية، من موالنا اإلمام

فع الطهاطـاوي، والشـيخ خليفـة حسن العطار، ورفاعة را ومصطفى عبد الرازق، واألستاذ العميد طه يالمنياوي، وعل

حسين، وفتحي زغلول، ومحمد عمر، والمدرسـة القانونيـة والشـريحة –المصرية الليبرالية رفيعـة المكانـة والمقـام

من عبد الرازق السنهوري، ووديع فرج، – هااليسارية داخل يرة، وصحبه، وولـيم سـليمان ، إلى حسن ك ةوشفيق شحات

وثروت أنيس األسيوطي، والسيد يس، وحسام عيسى، قالدة، مدرسة القضاء الشرعي، وأحمد أمين وأبنـاؤه اوهناك أيض

من بعد، حسين، وجالل، ثم حازم الببالوي، وسالمة موسى

مفكرون وأدباء وفنانون ورجال ديـن عصـريون . وتالمذتهالحوار واإلجابـة علـى أسـئلة ينتمون إلى تقاليد االجتهاد و

ألجيال السـتينيات والسـبعينيات الًالعصر، كل هؤالء وصو ابعض هؤالء لعـب دور . والثمانينيات والتسعينيات وما بعد

امهم في إنتاج الخطابات النقدية، والحداثية، التـي ا وإبداعي ،حاولت عالج اعتالالت المشروع الحداثي المصـري، فـي

ة نظام يوليو، ونقد سياساته، وهزائمـه، السياسة، عبر مقرط الكاسحة، وهي ١٩٦٧وتقوض مشروعيته بعد هزيمة يونيو عـن الديمقراطيـة، ااألجيال التي خرجت إلى الشارع دفاع

ورد العدوان وتحرير األراضي المصرية المحتلـة، وحتـى آخر إنجازات هذه األجيال جميعها، والتي يحـاول بعضـهم

ذوي المصالح، واألهواء نسـيان هـذا اآلن، من اإلمعات، و التاريخ المجيد من اإلنجاز الحداثي المصري، في بناء األمة

والدولة الحديثة ومؤسساتها التي يريدون االستيالء عليها، – –خارج األطر الديمقراطية، وهم يحتقرون كل ما هو وطني

مصري، وكل ما يمت للفئات الشعبية والجماهيرية بصـلة، ينظر إلى مواطن فؤاده السياسية فـي أمريكـا، ألن بعضهم

وأوروبا، والغريب أن بعضهم ينتمي إلى فئـات اجتماعيـة .الحال، أو متوسطة صغيرة، من أسف رقيقة

من معدالت، وكلشيهات قادة لجنة السياسات، اانطالقً احول ادعاء أن لديهم فكر ا جديد وبعـد ا، سوف تكتشف فور

ل المحتـوى ومنعـدم الداللـة قراءته أنه محض شعار باط الفكر الجديد في مجاالت الفكر السياسي واالجتماعي . اأساس

واالقتصادي والثقافة، ال يصـدر بقـرارات، وال عنـاوين كليـب سياسـي –عريضة في الصحف، وال عبر فيـديو

إعالناتي الطابع، والمحتوى لتسويق شعار الفكر الجديـد، أو ـ وا بـالمظالت عبـر لجنـة القادة الجدد للحزب الذين هبط

السياسات، أو الحكومة الجديدة، أو عبر نشر صـور قائـد المجموعة الجديدة المعين بقرار، وصوال ألهداف لـم تعـد

اغامضة على أحد، وال دستورية أساس. الفكر الجديد ليس مجرد لفظة تقال شفاهة، أو شعار على الفتات الطرق، أو إعالن تلفـازي، مـل النـاس مـن

ته، ألنهم يدركون عدم مصداقيته من حقائق حياتهم مع مشاهدصناع هذا الفكر الجديد، وكوادره الغائبة عنهم فـي حيـاتهم

اليومية، ولم يروا من هذا الفكر الجديد، سوى صور القـادة .الجدد في الصحف، والتلفاز، واإلعالنات، واليافطات

خذ مجرد بعض األمثلة على هذا الفكر القديم جـدا مثل الخلط في شعارات وعبارات قادة لجنة السياسات، ،اجد

بين مفاهيم التقدم، والتطور الحديث، وهي مفاهيم ارتبطـت بمرحلة تاريخية في تطور الفكر االجتماعي، انتهت منذ زمن بعيد، هذا المثال على لغة اإلنشاء السياسي السائدة يعكس سنّة

أتباعهـا مـن سياسية ولغوية سائدة لدى الصفوة الحاكمة، و خبراء السلطة وكتبة الخطب السياسية، وهو االستيالء علـى االصطالحات، وتوظيفها كجماليات إنشائية، ومجازات، خـذ

تعبير تفعيل، وتمكين القادمين من لغـة واصـطالحات الًمثبرامج وأفكار األمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتي

بنية الخطاب السياسـي تستخدم بإفراط، وبال داللة حتى في .الحكومي والحزبي

عندما تسمع بعض القادة الجـدد، أو تقـرأ بعـض أن لديهم مشكلة وهي شكهم في مدى اتصريحاتهم، تتبين فور

قول أحد أعضاء لجنـة الًمشروعية، وصدقية ما يقولون، مث –إن المبادرات المطروحـة : السياسات، في مؤتمر صحفي

طنية تنبع من اإلرادة الوطنية ولم هي مبادرات و -أين هي؟ . جبهة أجنبيةةتتم مناقشتها مع أي

وواقع الحال يناهض كالم المنسق، فلم نسمع قط عن خطاب إصالحي داخل الحزب الوطني منـذ إنشـائه، ألنـه

لتاريخ من أحزاب السلطة الواحدية، وحري احزب جاء نتاج ـ أبنا أن نقول طالـب كـل الم ان هذا الحزب رفض تاريخي

مـا ىالوطنية الرافعة لشعارات اإلصالح، والتغيير، قصار رفعه الحزب من شعارات طنانة لالستهالك الجماهيري، هو النهضة، والتحديث، وذلك بين الحين واآلخر، وبـالطبع لـو

الـوطني وال تحققت بعض هذه الشعارات، لما كان الحزب ـ ات حكوماته وال صفوة الحكم، بحاجة لرفع شـعارات أولوي

.اإلصالح الليبراليـة ىاألحزاب المعارضة واإلخوان والقـو

الوطنية المستقلة، طالبت بالتغيير واإلصالح السياسي، ولـم .يستجب لها أحد من الحكام أو جهاز الدولة

العناصر الوطنية داخل الجماعة الثقافية المصـرية، اهي التي رفعت خطاب اإلصالح تاريخي منذ أيـام ا، وتحديد

، الً شـام ا بعصر السادات ونقدته نقـد االناصر، ومرور عبد

ومنذ وصول الرئيس مبارك إلى الحكم، ويكفي قراءة األهرام . االقتصادي، ومنابر الفكر عندما كان يـرأس تحريرهـا د

لطفي عبد العظيم، وما صدر من مؤلفات، وكتابات ألجيـال ، ٢٠٠١ سـبتمبر ١١من المفكرين والباحثين المصريين قبل

.وبدء معزوفة اإلصالح المشروخةالمبادرات التي طرحت داخل اجتماعـات، وبيـان الحزب الختامي، هي نتاج للضغوط األمريكية واألوروبيـة على الصفوة الحاكمة، ولوالها لما اهتم أحد داخـل الحكـم

ن أ كان، ومـن الـدقيق القـول اوجهاز الدولة باإلصالح أيالقـادة "ز ما تفتق عنه ذهن المبادرات المشار إليها، هي أبر

أمريكيـة، –للمناورة، والتكيف مع الضغوط األورو " الجددالتي رأت أن الطبيعة السلطوية، والفساد، وضعف مستويات

وهي أبـرز إنجـازات حكومـات إلخ، …التعليم، والبطالة .انتشاره عالمياالحزب الوطني، هي التي أدت إلى اإلرهاب و

ضوع المواطنة لم يتحقق شيء أين الفكر الجديد، ومو من شعاراته األساسية المرفوعة، التي ال عالقة لها بموضوع

في الفكر السياسي، والتجارب المقارنـة، المواطنة وتطوراته الفكر الجديد في ورقة المواطنة الثانية التي هي عبـارة أين

وإنما هي اعن سرد للحقوق الدستورية، التي ال تطبق أساس ،االنفصال بين الوثيقة الدسـتورية، وبـين الواقـع تعبير عن

لطرح موضـوع الًالعملي، وإال لما كان هناك ضرورة أص .تفعيل المواطنة في مؤتمرين للحزب

أين إنجازات الفكر الجديد اإلصالحي، فـي إنشـاء المجالس القومية، وهي بالمناسبة، ال جديد حولها، وإنما هي

لتـي ثبـت فشـلها، فـي تعبير عن استيراد بعض األفكار ا التجارب العربية الحكومية كالمجلسـين الـوطنيين لحقـوق اإلنسان، في تونس والمغرب، وهي انعكاس لسياسـة الولـع الغامر بكل فكرة أجنبية يسـمع بهـا أحـد أعضـاء لجنـة السياسات، فيبذل بعض الجهد في ترجمة الفكرة إلـى اللغـة

ي ذاتها كشـعار العربية، وصياغتها على نحو تبدو وكأنها ف هي اإلنجاز، إنها األفكار التي تأتي بتسليم مفتاح كالتكنولوجيا الغربية، واآلسيوية، مثل معايير تقيـيم الجـودة التعليميـة، ومعايير تقويم الجودة الصحية، لمـاذا ال يسـتورد أحـدهم منظومة معايير لتقويم الكفاءة السياسـية للحـزب، ولجنـة

أخرى لمعرفة مستويات الفسـاد السياسات، ومنظومة معايير ! إلخ…السياسي واالقتصادي

استيراد المجلس القومي الحكومي لحقـوق الًخذ مث لغاء نظـام إ أين إنجازه؟ أين دوره في …اإلنسان، والسؤال

، والقوانين االستثنائية، وفي تطبيق قواعـد الحـد طوارئالعد الحد األدنى للمعاملة والقوانين االستثنائية، وفي تطبيق قوا

ال : األدنى للمعاملة العقابية في السجون؟ اإلجابـة واضـحة شيء، اختيار حكومي ألعضاء أغلـبهم ذوو والء للحكومـة

ال دور لهم في مسـألة تحسـين أوضـاع من هنا والحكم، و حقوق اإلنسان، وال نقول تطبيقها الكامل والحـازم والبـات

ما قالهـا للحكومة، ك اعلى الجميع، المجلس استشاري أساس . العام بطرس غاليهبصراحة أمينلغاء محاكم أمن الدولة العليا والجزئيـة وإلغـاء إأما

معظم األوامر العسكرية الصادرة بموجـب العمـل بقـانون ، وتقليص السلطات االستثنائية للنيابة العامة وإلغاء طوارئال

كـل التـدابير . عقوبة األشغال الشاقة من التشريع المصري ات السابقة، هي بذاتها تكشف عن مأزق الفكر القديم واإلجراء

. الالإصالحي الذي يطرحه القادة الجدد داخل لجنة السياسات الفكر اإلصالحي، البد أن يستند إلـى منظومـة إصـالحية

فلسفية لإلصالح الشامل، وهنا في المجال ىترتكز على رؤ

القانوني والتشريعي، البد أن تتأسس على دراسـات معمقـة لخلل في السياسة التشريعية، وفي البناء القـانوني الكلـي، ل

واألنساق القانونية الكبرى، والمتفرعة عنهـا، فـي ضـوء الدراسات الكلية، والقطاعية حتى يمكن تحديد الفلسفة القانونية

والقيم، والمصالح، والمعايير مبادئوالتشريعية الجديدة، ما ال ، ثم مـا البنيـة ا عموم التي ستعبر عنها السياسة التشريعية

الدستورية المرجعية التي سـتلهم المشـرع أثنـاء إعـداده منظومات القوانين الجديدة الكلية، والفرعية، موضوع مركب

، أن يتحول إلى مجرد شـعار ا وال ميسور الًومعقد وليس سه يقال في خطاب عابر، وإصالح تشريعي يعني العـودة إلـى

الحكم المؤسس علـى قـانون قواعد الشرعية الدستورية، ال .، والتشريعات االستثنائيةطوارئال

أين الفكر الجديد؟ وال يوجد تصور واضح إلعـادة تجديد البنية الدستورية؟ لماذا المراوغة؟ لماذا الخـوف مـن الشعب المصري؟ أين الفكـر الجديـد، وال يوجـد تصـور

اجتهادي وخالق لعالقة الدين بالدولة؟اء مشـاركة وأدوار العمـال أين الفكـر الجديـد إز

والفالحين والمرأة واألقباط؟ أين الفكر الجديد، ومـا مـدى

أصالته، ونحن نسمع صدى باهت لشعارات واصـطالحات مستهلكة قادمة من الخارج، وفق مبدأ تسليم المفتاح؟

اانتظرنا، وقرأنا، وسمعنا، ولم نر ال فكر ا وال جديد ، الرجل المـريض فـي – وإنما ازداد ملف المسألة المصرية

على غموض، ويـزداد خـوف ا غموض –الشرق األوسط األغلبية الشعبية، والصفوة المثقفة، علـى مسـتقبل األمـة والجمهورية وتقاليدها، من طموحات عناصر تكنوقراطية، ال خبرة لها، وال خيال سياسي، وال رؤي خالقة ومبدعة لديها،

ومن تحرير األمـة واألخطر أنهم يخافون من الديمقراطية، !من قيودها، يخافون من الشعب ويزدرونه

:

:

الحزبية فـي ما هي معالم التحول للسياسة والظاهرة

المجتمعات الشمالية المعولمة وما بعد الحديثة؟ هـل هنـاك سـة انعكاسات للظـواهر والتغيـرات الجديـدة علـى السيا

وظواهرها في مصر؟تعرضت الظاهرة الحزبية شـمال العـالم لتحـديات

: فيما يليا ال حصرالًعديدة نرصد بعضها تمثيأنها جزء من التعبيرات السياسية المختلفـة للقـوة -١

االجتماعية والسياسية على اختالفهـا، ولـم تعـد تحتكر التعبئة والتمثيل والتعبيـر عـن المصـالح

أو فئات اجتماعية محددة داخل االجتماعية لطبقات االمجتمعات األكثر تطور.

ها ؤحيوية المجتمع المدني ومنظماته الطوعية وآرا -٢المتجددة والمبتكرة التي أدت إلى دخولها كطـرف فاعل ومحوري في تعبئة المصـالح االجتماعيـة والقيم اإلنسانية والتعبير عنها، واستقطاب جزء من

ـ ية التطوعيـة داخـل الطاقة االجتماعية والسياسالمجتمع المدني، والتـي ال تجـد فـي األحـزاب

. لممارسة نشاطاتهاالًالسياسية مجا

االتصـالية والمعلوماتيـة قامت ثـورة التقنيـات -٣واإلنترنت، والموبايل والوسائط المتعددة إلى إنتاج أشكال جديدة لتعبئة المصالح االجتماعية والسياسية

ة والقوميـة فـي إطـار والدينية والعرقية والطائفي القومية التي ارتبطت بها الظاهرة الحزبية –الدولة

ـ الً سيغدو مستقب من هنا الحديثة، و بتطـور ا رهينًثم بعض . الدولة القومية وتحوالتها في ظل العولمة

األحزاب فوق القومية تبدو اآلن اسـتثناء كـبعض األحــزاب الشــيوعية التــي انهــارت، وحــزب

رة حزبية انهارت بانهيار، وهي ظاه إلخ،…البعثو ما ية، أ مبراطورهذا النمط من األيديولوجيات اإل

اسـم فوق القومية التي ارتبطت بالديكتاتوريـة، ب قومية متخيلة كما في حالـة اسمالطبقة العاملة أو ب

.حزب البعث

إن شبكة اإلنترنت أنتجت شبكات عولمية، وإقليمية -٤كبر مـن وقومية على قاعدة مصالح وقيم بعضها أ

– في الحكم والمعارضة –ظاهرة الحزب السياسي صبحت الشبكات الجديدة تشكل تجمع قوة أوسـع أو

في القرارات السياسـية ا وأكثر فعالية وتأثير انطاقًالعولمية أي في بعـض قـرارات أكبـر اإلدارات السياسية، بـل وأصـغرها ومتوسـطها، خـارج

. ين والهندالواليات المتحدة وأوروبا واليابان والص

إن الشبكات الجديدة للقوة والمصالح تتنوع وتتعـدد -٥ اعلى أسس ومعايير ال حزبية وال قومية وتجد سند

.على المستوى العولمي كلهلها

إن الشبكات الجديدة للقوة تعتمد على المجال العـام -٦ قد ال تحتاج إلى الحركة علـى من هنا نترنتي، و اإل

للمصالح والتعبيـر األرض في تشكيالتها وتعبئتها في العالم التصوري السيبري اعنها، دائم Cyber

World في غالب األحيان، وتعتمد على المبادرات الخالقة لألفراد والجماعات من بناة العالم السيبري

.التصوري

إن العالم التصوري يتـداخل فـي التعبيـر عـن -٧المصالح وتعبئتها مع العالم الواقعي، ويساهم فـي

إن منتج السياسة ومشاهدها واستعراضاتها .تشكيلهفي الواقع، قد يعتمد على العالم التصوري ونشطائه

من . بعد اآلخر اومنتجيه، ويتزايد هذا االعتماد يوماإلنتاج السياسي الواقعي يعتمد علـى : ناحية ثانية

اإلنتاج السياسي التصوري، في التعبئة والتـرويج طاء الفعل السياسـي والمساندة والدعم العولمي لنش

الواقعي، وهي ظاهرة تنمو باضطراد، وعند لحظة محددة سيتماهى الواقعي مع التصوري بكل آثـار اذلك في إنتاج عالم مختلف وغير متصور سياسـي

اوثقافي ا وقيمي مع االستنساخ البشـري ا، بل وإنساني عن المؤسسات والسـلطات االذي بدأ إنتاجه رغم

ة وسـلطة األنظمـة األخالقيـة الدينية والسياسـي .إلخ…السائدة

في إطار التحول في شـبكات تجميـع المصـالح -٨والتعبير عنها في األطر العولمية، ال يزال هنـاك أدوار لألحزاب السياسية، لكنها تحولت إلى العوالم المتلفزة عن طريق التحالف بين الصفوة السياسـية

مج والحزبية، وبين منتجي ومديري ومقدمي البـرا المتلفزة والمسموعة والمكتوبة، إال أن تأثير الصور

نطبـاع يتزايـد المتلفزة، والتـأثير السياسـي باال .حضوره

المتلفز عبـر قـادة ي يغدو الحضور الحزب من هنا نطباعات، وفي التأثير في خلق اال ااألحزاب هو األكثر تأثير

على اتجاهات التصويت فـي استقصـاءات الـرأي العـام، .ابات العامةواالنتخ

بروز اتجاهات غالبة لنزع ذكورية الدولة واألحـزاب -٩ .السياسية والمؤسسات السياسية

والسؤال الذي نطرحه، هل هناك دور يمكن أن تلعبه األحزاب السياسية المصرية في هذه المرحلة من تطور البالد

السياسي؟

األحزاب السياسية الراهنة، هي تعبير عـن بعـض مثقلـة مـن هنـا التجربة التعددية المقيدة، و مراحل تطور

بأزمات وقيود واختيارات النظام السياسي والصفوة السياسية مستوى الفكـر االحاكمة، وحدود مهاراتها ومناوراتها وأيض

. األحـزاب السياسي والحزبي ومهـارات وكفـاءات قـادة األحزاب المصرية تعاني من شـيخوخة جيليـة وسياسـية

هناك حدود أمام أية إمكانيـات لتطـوير نامن ه وتنظيمية، و ا ال حصـر الًالعمل الحزبي ألسباب عديدة نذكر بعضها تمثي

:فيما يليأنها معزولة عن تحوالت الواقع االجتماعي، وعن -١

.الجماهير داخل مقارها وجرائدها .الالمباالة السياسية لدى غالبية المصريين -٢

.الناسالصور السلبية عن األحزاب السياسية لدى -٣

وجود إدراك يتنامى في الوعي الجمعي للجمهـور -٤أن التغيير السياسي أو اإلصالحي يبدو وكأنه قادم من خارج الخريطة الحزبية الحالية، أي سيأتي من مجموعة ما، وتركيبة أخرى مختلفة عما هو قـائم

.بالفعل

ال شك أن هذه الصور السلبية عن الحزبية واألحزاب وتجديـد قيادتهـا ايط األحزاب داخلي تقف ضد تطوير وتنش

. كبيرة السنتبدو محدودية تداول وتأثير بعض األفكـار من هنا

التي يطرحها بعض الحزبيين المعارضين من قبيل المطالبـة بعقد اجتماعي وسياسي جديد في مصر، أو تأسـيس جبهـة وطنية مع الحزب الوطني أو بدونه، أو ائـتالف معـارض،

جماعة اإلخوان المسـلمين، أو اسـتبعدت سواء أكان داخله خارجه على نحو ما حدث فيما قامت بـه بعـض أحـزاب

.المعارضة األساسية في مواجهة الحزب الحاكمهل هناك إمكانية للخروج مـن مـأزق األحـزاب

عن مشروع إصالحي شامل للدولة االسياسية المعاصرة بعيد والمعارضـة وللسياسة والثقافة والصفوة السياسية الحاكمـة

؟ هذا السؤال هو مدخل ما العمل؟ امع في ضوء المالحظات اآلنفة الذكر، هل تبدو الحالـة الحزبية المصرية المعاقة خارج عمليات التحول في مفـاهيم السياسة، واألحزاب، وأشكال وآليات الممارسة السياسية فـي

الدول والمجتمعات المعولمة وما بعد الحديثـة، كالواليـات بان، ومعهم الهند؟احدة وكندا، وأوروبا، واليالمت

يبدو لي قبل اإلجابة عن السؤال السـالف، أن ثمـة يحول دون إبراز بعض بشائر التغير والتحول السياسي اعائقً

حـول –في مصر، ويتمثل في سطوة الخطابات التقليديـة تحليل الظواهر والمتغيرات واألنساق السياسـية والحزبيـة

والتي ال تزال تعيد عالمها السياسـي وصـوره ، -والثقافية إزاء – ومفاهيمها ومصطلحاتها وأدواتها النظرية –ومشاهده

الخطابات السياسية السـائدة يبـدو " واقع" واقع متغير، لكن وكأنه ثابت أو محدد المعالم، وألنه تم تنميطه وتسكينه فـي

د بنية الخطابات وسردياتها، اكتسب استقراره وجموده، ويعـا إنتاجه حتى يعطي مشروعية شكلية لتحليالت سابقة التجهيز، كان فيما يبدو بعضها ينطوي على بعض الصدقية الواقعيـة

ما، لكن غالب هذه الخطابات لم تعد صـالحة اوالتحليلية يوم .اآلن

ثمة إعاقة أخرى تتمثل في سلطة الشيخوخة السياسية ميين، وهـؤالء السائدة لدى بعض الباحثين والكتاب، واإلعال

حيوية مـا تمثـل الًون ظال ئيعيشون في عالمهم القديم ويتفي

من تجارب ما، وأيديولوجيات ما، وبالغة سياسية ما، امزيج مجهضة، وفوبيا من نوع مـا إزاء الفكـر والنقـد اوأحالم

الجديد، وشراسة في الدفاع عـن مواقـع داخـل الخطـاب م مـن مواقـع المسيطر الرسمي، أو المعـارض، أو القـاد

إسالمية، ثمة خوف ورعب كامن فيمـا وراء هـذا القتـال مطالبات إصالحية، أو دعوة لتغييـر جـذري ةالشرس ألي

للسلطة، والصفوة الحاكمة، والمعارضة، هذا الخوف المستبد بمواقع القوة والسلطة والثروة والنفوذ، يمثل الوجـه اآلخـر

والعشـوائية، نتجـت الفوضـى، أألقنعة القوة العمياء، التي اوالتآكل في الدولة والمجتمع مع.

هذا النمط من الوثوقية واإلطمئنان للقوة وأجهزتهـا اواحتكاراتها، يبدو شكلي إزاء عدم ا، ويمثل عقبة كئود ا وقناعي

اكتساب الخطابات المسيطرة حـول السياسـة وظواهرهـا لحساسية سياسية مرهفة ونشيطة في متابعة الوقائع السياسية

.واالجتماعية ومتغيراتها، وتحوالتهاالسياسة ليست مقصـورة إن الخطابات حول تحليل

ىعلى الصفوة السياسية الحاكمة فقط، وإنمـا يشـمل القـو ستثناء موجود في أروقة السـلطة المعارضة في غالبها، واال

السياسية والحزب الحـاكم، والمعارضـة، لكنـه محجـوب ىلـرؤ اتغييـر لي عن بدايات تشـكل قـو الًوشاحب، فض

.المختلفة عما هو سائد في دائرة االستثناء الهش

إن اإلعاقات السـابقة ولـدت تصـورات نمطيـة عن النظام والمجتمع المدني تحت التشكيل وعـن وتكرارية

متغيرات عولمية وما بعد حديثة أثرت على مفاهيم السياسة، واألحزاب، وتعبئـة وتمثـيالت المصـالح واآلراء، وبنـاء

في مصـر إلخ،…واالصطالحيةسواق السياسية واللغوية األ والمنظورات المدرسية السياسية السلفية التي ىاآلن، إن الرؤ

عامـة تطـال ال تقتصر على التيار اإلسالمي وإنما حالـة عائالت الفكر والعمل السياسي في مصر تتعالى على اإلعداد والكم األقـل، والمجموعـات الصـغيرة، مـن مسـتخدمي

، باإلضـافة إلـى اترنت، واألجيال الشابة، واألصغر سنً اإلناستبعاد كل تغير أو تحول في مواقف المجموعات العرقية أو الدينية والمذهبية، أو الفئـات األكثـر هشاشـة كـالمرأة أو الجماعات والمنظمات الدفاعية على سبيل المثال ال الحصر،

داخـل إن ظاهرة التقليل من شأن هذا النمط من التغيـرات

األنماط السابقة من الجماعات يعود لعدد مـن االعتبـارات :منها

مناهج ورؤى التحليل الشمولي، التي تهتم بالظواهر ) أ (والقضايا الكبرى والكتل الجماهيرية، ألن لديها منظومة مـن

من هنا المقوالت الكلية والتعميمية سابقة التجهيز واإلعداد، و هر االجتماعية والسياسية وقصـر يسهل إسقاطها على الظوا

ى تعيد إنتاج ذاتها في الكتل والظواهر ؤالواقع عليها، وهي ر ، والذي االكبرى، وتفسرها كما في قوائم تفسيرها المعدة سلفً

.يصلح لتفسير كل شيء ال يصلح لتفسير شيء إن بعضهم إما أن يسقط مقوالتـه الكبـرى علـى

طاباته عن وطن وأمـة من خ انطالقًاالمجموعات الصغيرة، وشعب ودولة، كما وردت وال تزال في خطـاب المقـوالت الكبرى المنتفخ باليقين والسكينة والثقة بمعرفة واقع مقوالتـه الوطنية والقومية والشعبوية، من هنا يـتم قمـع خطابـات المجموعات الصغرى، أو على األقل التقليـل مـن شـأنها

نتماءاتهـا أو والءاتهـا وأشواقها ومطامحها أو التجريح في ا من االختالف في االنتماء للمذهب االقومية أو الدينية، انطالقً

.الًالديني، أو العرقي مث

سطوة مفاهيم اإلجماع ذات الظل الديني علـى ) ب(التنوع والتعددية والمشاركة والديمقراطية، وعدم االعتـراف

لها اسمأباألقليات بوصفها مجموعات صغيرة ولها أسواقها ور .الرمزي والثقافي في إطار ثقافة األمة المصرية

ـ ومرجعيـة فـي ا وسـند الًمفاهيم اإلجماع تجد ظالتسلطية السياسية، ومفاهيم التعبئـة، والكـل فـي واحـد، والمستبد العادل، وهي مفاهيم تتعايش على دمـاء الطغيـان هالسياسي، وسطوة الرأي الواحد، وثقافة رفض اآلخر، ونبـذ

.واستبعادهعدم تطور مبحث األقليات في الممارسة البحثية ) ج(

نثربولوجيا السياسـية السوسيو دينية، والسوسيو ثقافية، أو األ كانت صفاتهااللجماعات الصغيرة في مصر أي . ما هي بشائر التغيـر فـي : السؤال الذي يطرح هنا

مجال تمثيل المصالح والتعبير عنها، وما دالالتها من منظور ت العولمة، والشرط ما بعد الحديث فـي مجتمعـات انعكاسا

اجنوبية مهمشة ومتخلفة كالحالة المصرية بوصـفها تجسـيد للرجل المريض في الشرق األوسط؟

يمكننا مالحظة بعض بشائر التحول في مصر علـى -:عدد من المستويات يمكن تحديد بعضها فيما يلي

نمــو متزايــد فــي اســتهالك المنتجــات االتصــالية-١والمعلوماتية المتعددة الوسـائط والتفاعـل بـين جماعـات المستهلكين في توظيف التقنيات واآلليات الجديدة فـي بنـاء

.شبكات آراء ومصالح وحوار وسجال واهتمامات مشتركة لمستخدميها فـي بنـاء وتكـوين تم تطويع التقنية

منظورات مختلفة للذات الفردية والجماعية ولآلخرين داخـل ع الواقعي والمجتمع التصوري والسيبري أو لآلخرين المجتم

في العالم كأفراد ومجموعات ومجتمعـات ودول وثقافـات، وهي عمليات وصيرورات سوسيو سياسية وثقافية مسـتمرة

اوتتسع عولمي. وفرت التقنيات االتصالية الجديدة آليات للتعبير والتمثيل -٢

اق أن طرحنا مـرار والتعبئة للمصالح واآلراء السياسية، سب على ذلك يتمثل فـي الً في نهاية القرن الماضي، مثا اوتكرار

في السياسة المصـرية اأن جهاز الموبايل فون سيلعب دور ئة والحشـد، وتبـادل بفي التعبير عن اآلراء السياسية والتع

المعلومات بين مستخدميه، وبات ال جدل حول هذه الوظائف

نقابية بدأت في انتخابات الصـحفيين في المعارك االنتخابية ال أثناء االنتخابات التي اختير فيها مكرم محمـد أحمـد امبكر وتوسعت بعد ذلك، ووصلت إلى درجة متقدمـة فـي انقيب ،

ياالنتخابات األخيرة، وأكبر مستخدميها وببراعـة مرشـح .اجماعة اإلخوان المسلمين المحظورة قانونًجـاد مجـال عـام إن شبكة اإلنترنت، أدت إلـى إي

تصوري إنترنتي مصري ومفتـوح علـى المجـال العـام العولمي، وثمة تداخل فيما بينهما بانعكاسات ذلك المتبادلة في

من أبرز ما إلخ،…ئةبالقيم واألفكار والمصالح، والحشد والتع حدث بناء غـرف الحـوار والسـجال والمنـاظرة الدينيـة

عن تبـادل الًوالسياسية، وعلى محاور جذرية ونوعية، فض على الشبكات إلخ …المنشورات السياسية والدينية، والفضائح

النوعية التي تم بناؤها داخل الشبكة العولميـة، إن األجيـال نصارها، أ تتحرك وتنتج مواقعها وتجمع االشابة واألصغر سنً

كـاإلخوان اوالجماعات السياسية المعارضة المحظورة قانونً المية الراديكالية لهـا مواقعهـا، المسلمين، والجماعات اإلس

وأدبياتها منشورة ومتداولة ولم تعد أنظمة الرقابة السياسـية

واألمنية واألخالقية الرسمية أو حتى العرفية المسيطرة ذات :فعالية وتأثير، هذا الوضع أدى إلى ما يلي

فقدان متدرج ألهمية المجال العام السياسي الرسمي -١ـ واز للمجـال المصري، وذلـك لصـالح نمـو م

التصوري، وألهميته وفعاليته المطردة، بانفتاحـه على نظرائه في اإلقليم أو المنطقة أو مع مخالفيـه في الـرؤى السياسـية واالجتماعيـة، والثقافيـة

.والقوميةقدرة نشطاء المجال العام اإلنترنتي في إقامة جسور -٢

حوار وشراكة وتمويل ودعـم وتعبئـة للمصـالح ع نظرائهم في المجتمـع المـدني والتعبير عنها م

العولمي الواقعي أو التصوري أو السيبري، إن قوة النظراء في التمويل، وبنـاء شـبكات التضـامن والتعاضد والتحالفات الواقعية، أو اإلنترنتية، تمثل

للجماعات األضعف في جنـوب افائض قوة متاح العالم وهوامشه التي ال تـزال تخضـع ألنظمـة

اتورية غاشمة، أو أشكال من القمـع سلطوية وديكت أو االستبعاد أو االحتقار أو الحـط مـن كرامـة

أشخاص، أو جماعات أو أقليات قوميـة ولغويـة إلخ،… أو … أو …ودينية ومذهبية أو سياسية أو

إن قدرة بعض المجموعات الصغيرة التي تعرضت ألشكال من التضييق أو التحقير في أكثر من بلـد،

لى بعض مالمح التغير ثم التحول في ع الًشكلت مثا مفهوم السياسة، وآليات تجميع المصالح والتعبيـر

.عنها في إطار معولم

المتلفـزة Talk Kshowإن بعض برامج الــ -٣ أثناء الحرب B.B.Cواإلذاعية كما حدث في الـ

ضد العراق واحتاللها، تشير إلى توظيـف آليـات جديـدة، فـي أداء وظـائف ااتصالية ذائعة سابقً

إلحداث تحويالت في المواقف الذهنية المسبقة عبر آلية الحوار المنظم، إزاء قضايا سياسية أساسية في

.المنطقة

إن انفصال الجماعات عن النظام السياسي والحزبي -٤ للقيود الثقيلة علـى حريـة اوالرسمي، وذلك نظر

المبادرات السياسية والفكرية والحصـار األمنـي ل العام السياسي المصري، أدى إلى واإلداري للمجا

بناء بعض الجماعات لذاكرة جماعية لهـا تـاريخ ورموز وثقافة وهوية خاصة تبتعد عن ذاكرة األمة في محطاتها ووقائعها التاريخية المركزيـة، التـي بنت الموحدات القومية في إطـار الخصوصـيات، والشك أن هذه الظاهرة تنطوي على مصادر خطر

وموحدات االندماج القومي المصري، على مقومات األخطر أن موجات الخطـر المهـددة للموحـدات التاريخية أنها ال تدرك خارج الفكـر الشـعاراتي التقليدي الذي ال يزال يقتصر فقط على جوانب ما يسمى خطأ بالوحـدة الوطنيـة بـين المسـلمين

أخـرى األمور اآلن تسير في تشعبات ! واألقباط؟ى، سواء على أسس عرقية أو للمجموعات الصغر

كوجه إلخ …، أو نوعية ة، أو جيلي ة، أو ديني ةمذهبي .آخر من أوجه وأقنعة الجمود السياسي الممتدة

إن الرقابة السياسية والدينية والمذهبية واألخالقيـة -٥اإلعالمية واألمنيـة التي تمارسها السلطة السياسية

األزهـر، والكنيسـة األرثوذكسـية إزاء : والدينيةإبداعية أو دينية أو الهوتية، لـم أعمال ونصوص

يعد لها تأثير إال في فرض المزيد من القيود علـى حريات الفكر والبحـث والـرأي والتعبيـر بكـل انعكاسات ذلك على تـدهور مسـتويات الصـفوة السياسية والمثقفة إزاء نظرائهم فـي المنطقـة وال

!نقول في العالملـى شـبكات من ناحية أخرى تهرب النصـوص إ

.إلخ…ومواقع عديدة تنشر وبال قيد النصوص المقموعةهل ثمة بوابة للخروج من : األسئلة التي نطرحها هنا

هذا المأزق التاريخي بكل داللة هذا النعت األخير؟هل هناك استيعاب لبشائر التحول الذي يحدث حولنا،

وداخلنا؟م هل الصفوة الحاكمة وزبائنها في المعارضة واإلعال

الرسمي والالرسمي لديها من المعرفة والحساسية السياسـية المرهفة ما يجعلها قادرة على الـتعلم والتـدريب السياسـي

ما يحدث؟لمواكبة هل يمكن تطوير البنية الحزبية والقادة داخلهـا مـع العلم بأن غالبهم عقبة ضد الديمقراطيـة وتطـور العمليـة

اسـية فـي إطـار تطـوير الحيـاة السي الحزبية، هل يمكن

المحكومية أو الحكمانية دون فتح ملف المجتمع المدني نقولها وإعاقاته وانحرافاته؟اتجاوز

هل يمكن تطوير السياسة ذاتها دون فتح ملـف مـا التعبير مجازي شأن كثيـر –يسمون أنفسهم برجال األعمال

ومعرفـة –من الظواهر والمسميات في مصر منذ عقـود اطـاتهم تبراة، وداخل جهـاز الدولـة، و أصولهم االجتماعي

اإلقليمية والخارجية، وحجم ما نهب من المال العام المصرفي لخ؟ إ …المصري

مكانية البحث والتحليل بحثـا إال يوجد شيء خارج !عن مفاتيح لحلول أكثر فاعلية من االنهيار

: : ?

وأنشطة للحزب الوطني الحاكم، اال نرى أدوار لماذا

وأحزاب المعارضة األخرى في بعض جوانب حياتنا اليومية؟ فـي الألحزاب متجسد لماذا ال نرى اإلنتاج السياسي

مبادرات خالقة، ومؤتمرات جماهيرية، وأفكار جديدة لتجديد ـ ل الفئـات االجتماعيـة خرائط السياسة، وتوليد حيوية داخ

المصرية على اختالفها؟، لماذا ال تحرك األحزاب السياسـية السائدة خالل التظاهرات السلمية، ومؤتمرات بطول الـوطن وعرضه؟، لماذا لم تؤد التجربة الحزبية المصرية إلى والدة قادة ومفكرين من أجيال جديدة ومبادرات لحل مشاكل الفقـر

حتى يمكن مطاردة اليـأس، إلخ …فةوالتعليم والصحة والثقا وتأسيس اآلمال السياسية الجديدة؟

لماذا يقتصر حضور الحزب الحاكم على نشاط بعض ه الذي يكتسب بعضهم فجأة عضـوية الحـزب بعـد ئوزرا

واستقالته من خانة التكنوقراطي والبيروقراطـي أو اختياره، رجل األمن وصعوده إلى موقع رئيس وزراء أو وزير؟

الحزب الحاكم على اإلصالح الداخلي ي يستعص لماذاوالتجديد في وجوهه ورموزه على رغم أن وراء ما يطلـق

هي عملية تخطيط سياسي مـا " عملية التجديد " اعليه حزبيتتعلق بصياغة لمستقبل التركيبة السياسية التي ال تزال تعتمد على مواريث نظام يوليو وقواعد لعبته من حيـث الشـرعية

لماذا يبدو التجديد وكأنه أسطورة؟ هل !! الفة السياسية؟ والخ على هذه اللعبة؟ هم ذاتهم يحتاجون إلى التغيير؟ ألن القائمين

أما أن األحزاب التي نشأت في أعطاف السلطة الحاكمة هي تعبير عن أزمات الصفوة الحاكمة ونظام الحكم ذاته؟

للسـلطوية اهل يمكن لحزب كان وال يـزال رمـز وعنف جهاز الدولـة وانتهاكاتـه للحقـوق –دكتاتورية وال

، أن يلعـب بعـض األدوار -والحريات العامة للمـواطنين المنوطة بالحزب السياسي في إطار ديمقراطي؟ كيف يمكـن لقادة غير سياسيين، تربوا وعملوا فـي إطـار تسـلطي وال ديمقراطي أن يشاركوا في لعبة سياسية وحزبية يفتـرض أن

طار تعددي جديد وديمقراطي؟ واألهم في إطـار تدور في إ فيها التغيير السلمي للسلطة العبة سياسية تنافسية يكون وارد

عبر صناديق االقتراع؟

هل يمكن لألكلينيكا السياسية أن تستولد مـن خـالل االمعامل واألنابيب حزب يضج بالحيوية، والشـباب، أم ا جديد

ة وال تمـس مراكـز أننا إزاء مجرد عملية جراحية سـريع األعصاب والحيوية التنظيمية واالجتماعية للحزب الحـاكم؟ هل يمكن توليد أو استنساخ حزب أنابيب شاب وإصالحي من

بين تركيبة الجمود داخل الحزب الوطني؟هل يشعر المصريون بحضور األحزاب السياسية في

االنتخابات البرلمانية؟اسممصر في غير مو عدد اتخصصين والمثقفين عموم هل يعرف غالب الم في مصر؟ااألحزاب المصرح بها قانونً

هل اتصل علم غالبية المصريين بتـاريخ الـدعوات والمطالبات المستمرة التي تظهر أثناء وبعد كل أزمة بعقـد اجتماعي وسياسي جديد يحكـم العالقـات بـين األحـزاب

بة مع بعض القوى المحجو االمعارضة والحكومة، بل وأحيانً عن الشرعية القانونية كاإلخوان المسلمين والشيوعيين، هـل

الـدعوة لمشـروعات – أو بعض المصريين –تابع غالبية إنشاء جبهات وطنية بين قوى المعارضة؟ هل تابع الشـعب

المصري الدعوة إلى تشكيل جبهة وطنيـة جديـدة بـرزت ؟امؤخر

هل تابع البعض ما يدور حول ما إذا كان اإلخـوان فيها، أم مستبعدين من تشكيلها؟ هل الجبهة يدخل فيهـا افًطر

الحزب الحاكم أم ال؟ وهل الدعوة األخرى التي تم اسـتبعاد اإلخوان منها ال تزال قادرة على توليد مصادر قـوة ذاتيـة

حيوية سياسية في ظل الركود وشعبية بحيث تسمع لها بإنتاج ـ دى السياسي والحكومي واالقتصادي؟ هـل غيـاب أي ص

هي تعبير – ا الحكومة والمعارضة مع –لألحزاب المصرية ؟، أم أنهـا امصر أساس عن أزمة فكرة الحزب السياسي في

والسياسية التي نشأت فيهـا –تتعلق بالبيئة القانونية واألمنية للعمل السياسي في نطاقها؟الًاألحزاب، وال تجد مجا

هل أزمة األحـزاب هـي الوجـه اآلخـر للقيـود األحزاب السياسية ونشاطاتها المتعددة؟ فروضة على نشأة الم

هل هي أزمة نوعية القادة الحزبيين الذين ينتمون ألجيال ما قبل وما بعد الحرب العالمية الثانية؟

هل هذا الشلل السياسي والتنظيمي لألحزاب يعود إلى ونعيد وصف – إذا شئنا استعارة فرويد –حالة من الخصاء

بخصـاء سياسـي تية المصرية بأنهـا أصـيب الحالة الحزب رمزي؟

هل الخصاء السياسي الرمزي، كحالة نفسية، طارئة ال مجال أمامنا وآخرين للبحـث عـن من هنا أو مستمرة، و

إمكانية ما إلصالحها أو تجديدها؟ والسياسة هل حالة الالمباالة شبه الجماعية باألحزاب

ورموزها وطقوسها هل يمكن تغييرها؟توصيفات السابقة تقليدية، وال تزال تدور فـي هل ال

إطار النظم السياسية المقارنة، أو التسلطية ما قبل التحوالت البد من طـرح أزمـات من هنا ما بعد الحديثة والعولمة؟ و

األحزاب والنظم السياسية في إطار أسئلة جديدة؟هل ال يزال الحزب السياسـي : أسئلة جديدة من قبيل

لحة في العالم ما بعـد الحـديث والمعـولم هو الصيغة الصا لتجميع المصالح االجتماعية والتعبيـر السياسـي والثقـافي والرمزي عنها؟ وهل هذه الصالحية ال تـزال ممكنـة فـي

الحالة المصرية المرتقبة؟ هل هناك آليات وأشكال للتعبير السياسي للمصريين

سـية، عن األحزاب السيا اعلى اختالفهم عن مصالحهم بعيد

والبرلمان، والصحافة والتليفزيون واإلذاعة؟ هل يمكن اعتبار الهروب من العمل السياسي واألحزاب في مصر بمثابة تعبير سياسي مضاد يكشف عن تفاقم أزمة الشرعية السياسية للنظام

وصفوة الحكم، ومؤسساته التمثيلية، والتعبيرية؟أن تتناول إن محاولة اإلجابة عن األسئلة السابقة البد

من القضايا األساسية منهااعدد : األزمات البنائية لألحزاب السياسية الحكوميـة :الًأو .والمعارضةانعكاسات التطورات العولمية علـى الظـاهرة :اثاني

.الحزبية : لألحزاب السياسية المصرية–األزمات البنائية

الواحدية بعـد –ولدت األحزاب السياسية الحكومية والحزب الحاكم في إطار تعددية حزبية – ١٩٥٢يو يول ٢٣

منذ منبر الوسط، وحـزب الوسـط، ثـم الـوطني –مقيدة الديمقراطي، وبها إعاقات هيكلية تستعصي علـى التطـور، والتحول إلى أحزاب سياسية شعبية وفعالة، وذلـك ألسـباب

: ما يليا ال حصرالًعديدة من أبرزها تمثي

يمقراطية وضد السياسـة وذلـك الحزب الحاكم ضد الد -١األنه وأمثاله كانوا نتاجعما يليا وتعبير :

أنها تنظيمات وأحزاب سياسية نشأت في أعطاف -أالســلطة السياســية الحاكمــة، واعتمــدت فــي ميالدهــا واستمراريتها على قوتها ومعها جهاز الدولة البيروقراطـي

ـ من هنا واألمني، و يما بعـد ال تستند أحزاب الحكومة والسالتعددية المقيدة إلى قوة اجتماعية موحدة، أو شرائح اجتماعية متعددة، تؤمن للحزب أن ينهض بأدواره وأنشـطته وتمـده بالحيوية، والمصالح والمطالب ثم تعتمد على حركية تفاعـل القــادة والقاعــدة التــي تــدعم أنشــطة الحــزب، وتؤيــد

ة مراحـل ظل الحزب الحاكم في كاف من هنا .إلخ…سياساته، وحتـى اآلن ١٩٥٢ يوليو ٢٣ منذ –تطور النظام التسلطي

للمنتفعين، والبيروقراطية، والمستفيدين ا وخصب ا آمنً ا مالذً ،-ما في الحزب الوطني أنه ورث ن أخطر إ. من جهاز الدولة

وطور شبكات المصـالح االجتماعيـة والسياسـية والنفـوذ ه لدعم –لقوة التقليدية والمكانة التقليديين وتحالف مع هياكل ا

اسياسي في الريف المصري، من القبائل والعشائر – ا وانتخابي سـتراتيجية هذه اال . في الصعيد إلى العائالت واألسر الممتدة

من خالل قوة ونفوذ ومساعدات –في مد نفوذ الحزب الحاكم أدت إلـى دعـم الحيويـة –الجهاز البيروقراطي واألمني

عية لهياكل القوة التقليدية، التي استفادت من السياسية واالجتما األشكال السياسية الحداثية لتطويعها لصالح إعادة إنتاج ذاتها في العالقة مع الدولة من ناحية، وإعادة إنتاج التمايزات داخل

هنـا سـاهم . كل قبيلة أو عشيرة أو عائلة من ناحية أخرى فـي – وبعض أحزاب المعارضة القليلـة –الحزب الحاكم

تكريس ظاهرة التخلف السياسـي والحزبـي فـي مصـر، والتراجع عن تقاليد الحداثـة السياسـية والمؤسسـية التـي ارتبطت بعمليات بناء وتطور الدولـة القوميـة المصـرية

.الحديثة مـن قـادة – إن الحزب الحاكم ظل لدى بناته -ب

ا مسـاند ا يلعب دور م مجرد أداة في أيديه –الصفوة الحاكمة في تأييد القرارات السياسية الكبرى، واإلشادة بمـآثر القـادة

إنجازاتهم وعبقريتهم وحكمتهم السياسية إلى آخر هذا النمط ومن شعارات المديح السياسي التي قام بها الحـزب الحـاكم

إن الدور المساند الـذي يـنهض بـه . والصحف الحكومية سية، ولم يكن الحزب الحاكم كان يدور حول تأييد القيادة السيا

امطلوب ا منه أن يلعب دور سواء في إنتاج مبـادرات ا سياسي ،سياسية، أو القيام بأنشطة في القرى والمـدن والمحافظـات، خارج إطار الطقوس السياسية الموسمية، أو الطارئـة التـي تتطلب إظهار تأييد جماهيري للقيادة السياسية، أو الحكومـة،

.إلخ…ية أو االستفتاءات الشكليةأو في االنتخابات البرلمانإن الحزب الحاكم يربي قادتـه، وعضـويته -جـ

الورقية على الطاعة وإنتاجها، ال الجدل والحوار الديمقراطي الحر، الذي يقوم على المشاركة السياسية في اتخاذ القرارات الحزبية من أسفل قاعدة العضوية إلـى قمـة هـرم القيـادة

إن الهرمية الصارمة كانت تعكس طبيعة عالقـات . الحزبية أو بعـض -في الثقافة العسكريتارية لقادة نظام يوليو، القوة

حمدان ذائع الصيت مكونات الفرعونية السياسية بتعبير جمال والعالقات فيما بينهم، ونقلوا هذه القيمة وقواعد ومعـايير –

هذا النسق الثقافي إلى األحزاب الحكومية، منذ هيئة التحرير .إلى الحزب الوطني

بعض الحيوية اكم يعكس أحيانً كان الحزب الحا -دفي نظام الشرعية السياسية للحاكم، الكاريزمي في عهد جمال

أحد التعبيرات – أي الحزب – اعبد الناصر، إال أنه ظل دائم

السياسية والمؤسسية عن األزمات الطاحنة لشرعية الحكـم، وهو ما برز في أحزاب التعددية السياسية الشكلية والمقيـدة،

.الحزب الوطني الحاكم في اللحظة الراهنةوذروتها ظل الحزب الحاكم أحد مرايا أزمات الصفوة -هـ

استخدم بعضـهم . السياسية الحاكمة وعالقات القوة فيما بينها الحزب في سبيل دعم وجودة السياسي ومواقعه إزاء وزراء آخرين يمتلكون وسائل تأثير أخـرى كوسـائل اإلعـالم أو

أي توظيـف نفـوذهم .إلـخ …و الثقافـة التنظيم الحزبي، أ لبناء مراكـز – وال نستطيع القول السياسي –البيروقراطي

.قوة داخل التشكيالت الوزارية المتعاقبةالبيروقراطية الوزاريـة علـى قيـادة سيطرة -و

الحزب أدت إلى سيطرة جيل الشيوخ ينتمـون إلـى أجيـال القيـادة، عمرية ستينية وسبعينية وثمانينيـة علـى مقاليـد

لم تستطع محاولة التجديد من هنا والسيطرة داخل الحزب، و اأن تحدث تغيير ا إصالحي سواء من بعـض اللجـان ا داخلي

الجديدة، كالسياسات التي كشف تشكيلها عن تحولها إلى إنتاج .إلخ…بيروقراطي جديد، متشعب ويفتقر إلى التجانس

ديكـور، أم سياسي أم، قطع ماكياج: أحزاب المعارضة -٢ كومبارس في اللعبة؟

واألمنية –هل أحزاب المعارضة هي ضحية القيود القانونية للنظام السياسي المصري؟–واإلدارية

من ناحية، بعض الخطاب الدفاعي الذي يطرحـه )١(بعض أو غالب قادة المعارضة الحزبية المشروعة حول تأثر نشاطاتهم بالقيود المفروضة على العمل

يتسم بالمصداقية، فالشك أن هذه القيـود السياسي، أثرت على قدرة بعض األحزاب في إنتاج أنشـطة

.حزبية عديدةمن ناحية ثانية، يبدو غيـر كـاف هـذا الـدفاع )٢(

التبريري لألحزاب عن غيابها أو اسـتقالتها عـن العمل السياسي باستثناء إصدار بعض الصحف، أو مساهمات محدودة لبعض ممثليها فـي مناقشـات

إن أحـزاب . مجلس الشعب والشورى ولجانهمـا؟ المعارضة التي سمح لها النظام بـالمرور اإلداري واألمني، أو تلك التي جاءت عبر اآللية القضائية، ولدت والدة غير ديمقراطية وتحمل فـي داخلهـا

إعاقات بنائية، وبها فيروسات مضـادة للمشـاركة وصـفوة السياسية الداخلية أو إزاء النظام السياسي ـ االحكم، واألخطر فيما يبدو أن ثمة عطب ا مـدمر

إن . يتمثل في نقص المناعة السياسية والتنظيميـة نقص المناعة الجماهيرية للحزب المعارض نـاتج عن أنه في الغالب جاء عبر صفقة سياسية أثنـاء التخطيط لالنتقال من الحزب الواحد إلى التعدديـة

قانوني واإلداري له، أو أنه تم الترخيص ال . المقيدةالحـزب بعد بروز مؤشرات أنه ال يمتلك مقومات

الًالسياسي الجماهيري الذي يمكن أن يكـون فعـا علـى ا يشكل خطـر من هنا إزاء الحزب الحاكم و

من هنا وجدنا . التركيبة السياسية والصفوة الحاكمة صغيرة تنشأ بعد صراعات داخل أحـزاب اأحزاب

في محاولة إضـعاف معارضة، وعناصر ساهمت أحزاب أخرى تمتلـك .إلخ…األحزاب من داخلها

–ية اسـم برامج إنشائية وهالمية، وحجم عضوية نحن إزاء أحزاب . ا وأعدادهم محدودة جد –ورقية

اال تمتلك جذور ـ ا ا أو نسـب ن إ. يؤيـدها اجتماعي

أحزاب المعارضة نشأت في إطار تصور تسـلطي وذلـك كمكيـاج لخريطة سياسية تعددية شـكلية،

سياسي لتجميل شكل النظام، وصورته اإلعالميـة -ا تحديد –والسياسية في أجهزة اإلعالم األمريكية

الحـزب السياسـي . اواألوروبية والشمالية عمومالمعارض كأحد قوارير المكياج السياسي لم ينـتج

امن النظام ليكون حزب ا سياسي في الً فاع ا جماهيري ،إن تبـادل . السـلطة السياسـية إطار التنافس على

السلطة عبر األساليب واآلليات السياسية السلمية لم من تفكير قادة أحزاب المعارضـة وال ايكن جزء

الحزب الحاكم واألهم الدائرة األصغر في الصـفوة الحاكمة صانعة القرار السياسـي، والتـي تحـوز

!أوراق القوة السياسية في أيديها

التعبيـرات أحد هي ا عموم إن األحزاب المعارضة )٣( لثالثة – كانت برامجها وشعاراتها ا أي –التنظيمية

أجيال في السياسة المصرية، جيل ما قبل الحـرب العالمية الثانية، وجيـل مـا بعـدها، إلـى جيـل الستينيات، وما لحق بهم من زبائن ينتمـون إلـى

كان ينتمي إلى اأجيال أخرى، وبعض هؤالء جميع مراحـل إحدىاسية وجهاز الدولة في السلطة السي

.تطوره التاريخي

تعيـد إنتـاج الذكوريـة –إنها أحزاب ذكوريـة )٤(، -السياسية واألبوية في الحياة السياسية المصرية

وهو أحد آثار ذكورية الدولة المصرية والصـفوة وإدراك الحاكمة، والحزب الوطني الحـاكم، بـل

ة، أو تعبيرات وتمفصـالت الـذكور أحدالسياسة ك ديكتاتورية الفحولة السياسية، بكل ما يعبر عنه ذلك من استبعادات للمرأة أو اسـتخدامها كـديكور أو كمكياج سياسي كما فـي التشـكيالت الحكوميـة، والحزبية، مثلها في ذلك األحزاب السياسية كلها في ظل التعددية السياسية المقيدة كديكور أو لتجميـل

.إلخ…صورة الحزب والنظام

الجمود الجيلي والقيادي داخل األحزاب السياسـية، )٥(لسيطرة قانون القلة األوليجاركية التي أسست انظر

الحزب على معايير خاصة في تجنيـد العضـوية واختيار القادة ونوعية األنشطة الحزبية، ومن هـم

الذين يديرون شئون الحزب بالتوافق مـع أجهـزة حتـى ال األمن والبيروقراطية والحزب الحـاكم و

تظهر عناصر راديكالية أو إسالمية تؤثر في تحديد .حركة وقرارات وسياسات الحزب

إن األحزاب المعارضة تدرك حدود دورها كديكور )٦(من خالل بعض التواطؤ السياسي مـع الحكومـة والحزب الحاكم على الرغم من غبار يتخلف عـن غارات معارك لفظية خشنة تثـور بـين الحـين

ض أحـزاب المعارضـة لسياسـة واآلخر لنقد بع أو في البرلمان االحكومة، أو الهجوم عليها صحافي ،

كل ذلك في سبيل تحقيـق – إن كان لها أعضاء – االستفادة من أنها جزء -أ: عدد من األهداف منها

! من الشرعية الرسمية، وهو أمر مهم لها وللحكومة إلـى أن يغـدو اأما الحزب المعارض يرمي دوم

السياسية، ثم كي يكونـوا من الوجاهة اءقادته جز من الحياة العامـة وطقوسـها وهيلماناتهـا اجزء

تحسين شروط التفاوض -ب. رسميةاإلعالمية وال الكواليسي في بعض الصـفقات السياسـية قبيـل

االنتخابات البرلمانية التي يتحـدث عنهـا بعـض الكوادر الحزبية المعارضة، وتعرفها بعض مقاهي

.والثقافة والثرثرة في القاهرةالسياسة

كمـا الحـزب –إن األحزاب السياسية المعارضة )٧( تفتقر برامجها إلى التمايزات الناتجة عن –الحاكم

رؤى سياسية متجـددة، وتعبـر عـن التحـوالت هي رؤى سياسية العولمية والقومية واإلقليمية، بل

واقتصادية تقليدية، فهي برامج أعدتها عقول أعدت يبـدو أن من هنـا السياسي المصري، و للماضي

بعض قادة أحزاب المعارضة ال تستجيب عقولهـا وإدراكاتها للسياسة في عالم اليوم، والغد وبعد الغد

ن لعالم لم يعد هنا، ومفاهيم ولألسف، وإنما مشدود مثلهم في ذلك مثل بعض قـادة ! غادرتنا من أسف

!الحزب الحاكم إن لم نقل غالبيتهم

زاب مشهد، وصورة واستعراض بكل نحن إزاء أح )٨(دالالت ذلك الشكلية ال المضمونية في إطار ثقافـة

ما سبق هو بعض ! االستعراض والصورة والمشهد اإلعاقات البنائية في أحزاب الحكومة والمعارضـة

ذي سيتبقى من مفهوم النظام الحزبي الوالسؤال ما خارج شكالنيته القانونية؟

حماية صور قادتها تواطؤ أحزاب المعارضة على )٩(من االنتقادات سواء من بعض األحزاب لبعضـها البعض، أو من كتاب مستقلين للقادة أو السياسـات الحزبية، وذلك كأحد الحدود الحمراء على اللعبـة

.الحزبية من داخلها ال من النظاماألحزاب السياسية الراهنة، هي تعبير عـن بعـض

مثقلـة مـن هنـا دة، و مراحل تطور التجربة التعددية المقي بأزمات وقيود واختيارات النظام السياسي والصفوة السياسية

مستوى الفكـر االحاكمة، وحدود مهاراتها ومناوراتها وأيض . السياسي والحزبي ومهـارات وكفـاءات قـادة األحـزاب

األحزاب المصرية تعاني من شـيخوخة جيليـة وسياسـية إمكانيـات لتطـوير هناك حدود أمام أية من هنا وتنظيمية، و . العمل الحزبي

! هل هناك حزب حاكم في مصر؟:اثالثً

هل هناك حزب حاكم في مصر؟ لكن ما غريب إال الشيطان كمـا االسؤال يبدو غريب ،

!يقال في التعبير الشعبي الذائع !لم السؤال؟

كلينيكي، أو السـريري ثمة مؤشرات على الموت اإل خرج من معطـف السـلطة لما يسمى بحزب األغلبية، الذي

التي تستند إلى أجهزة الدولة، ال إلى سند شعبي، هو اإلرادة .العامة لألمة، بوصفها مصدر السلطات جميعها

قتراع فـي يفترض أن الحزب يستند إلى صناديق اال وصول مرشحيه إلى المجـالس التمثيليـة، وعلـى رأسـها

ــورى ــس الش ــان، ومجل ــة –البرلم ذي األدوار الغامضإال أن واقع الحال يشير إلـى أن . والمحليات –ستشارية واال

مرشحي الحزب يعتمدون على مجموعة من أوراق القـوة، غالبها ال عالقة له بقـوة الحـزب، وقاعدتـه االجتماعيـة،

.إلخ…وبرامجه السياسية واالقتصادية واالجتماعية والقانونية

على عدد مـن ا الحزب الوطني دوم ويعتمد مرشح :لقوة، يمكن لنا رصدها فيما يليأوراق ا

قوة جهاز الدولة التنفيذي، واألمني، الذي يسـاهم فـي -١عملية اختيار المرشحين، عبر تقديم التقارير عن أوضـاعهم االجتماعية، ومدى مواالتهم للنظـام، وثـروتهم، والتـاريخ الشخصي واألسري والعائلي للمرشح، واحتماالت فوزه فـي

.ة داخل دائرته من عدمهاالمعركة االنتخابيإن عملية الترجيح بين المرشحين من أعضاء الحزب هي عملية تنفيذية وأمنية، في ظل نظام سلطوي، ال زالـت تقاليد وخبرات الحزب الواحد، هي المسيطرة علـى الثقافـة السياسية للجهاز الحكومي، وقـادة الحـزب الـوطني فـي

. اختياراتهمالرقابيـة القوميـة فـي األجهزة األمنيـة و إن دور

ـ ااالختيار يعني تداخلها مع الصفوة الحاكمة، وتماهيهما مع ،من ناحية أخـرى، . للطبيعة السياسية التسلطية للنظام انظر

طبيعـة وذتشير آليات االختيار للترشيح إلى أن االختيـار إدارية ال سياسية، من حيث غلبة اعتبارات الوالء والطاعـة

لدولة، ولقادة الحزب على معايير االنتماء واالنصياع لجهاز ا .السياسي والحزبي الصارم

القاعدة االجتماعية للمرشح داخل الـدائرة، وال سـيما -٢االنتماء العائلي، والعشائري، والقبلي، الذي يؤيـد المرشـح ويدعمه في المعركة االنتخابية، وليس برنـامج الحـزب، أو

!سياستهلعائلي والعشائري أدى إلى إن التركيز على المعيار ا

تزايد قوة العصبيات المحلية، وأبنية القوة التقليدية، وهو مـا إعادة إنتاجها، وهو ما مثل وال يزال ضربة قويـة أدى إلى

للحداثة السياسية، وقيم الدولة الحديثة لصالح قـيم وروابـط ! وعالقات ما قبل حداثية

ومـا من هنا تبدو مفارقة أن ادعاءات قادة الحـزب يسمى بالمجموعة اإلصالحية، عـن اإلصـالح والتحـديث السياسي ال يتعدى الشعارات وليست سوى محض فقاعـات

!تتبدد بعد الحديث عنها القوة المالية للمرشح، أي قدرته على تمويـل معركتـه -٣

كانـت ااالنتخابية، من األشكال المختلفة لشراء األصوات أي ض عصب من الخارجين على مسمياتها، فضالً عن تجنيد بع

القانون، لممارسة أعمال العنف والبلطجـة التـي جرمهـا المشرع الجنائي المصري، ومع ذلك تمارس أثناء االنتخابات

الحزب الوطني، دوره رائـد فـي !. ويغض الطرف عنهما ا يقدم نموذج من هنا ممارسة أعمال العنف أثناء االنتخابات، و

.امه أمام جماعة الناخبينللخروج على القانون، ال احترإن أبرز مظاهر معركة انتخابات مجلس الشعب عام

دي الحزب ي، تمثلت، في ضرب الناخبين من غير مؤ ٢٠٠٠الحاكم، والحيلولة دون وصولهم إلى مراكز االقتراع، وذلـك

الوطني" لمرشحي ادعم!!" ورغما عن ما سبق وغيره كثير، ال يـزال السـؤال

ء حزب حاكم حقيقي؟ هل نحن إزاامطروح !بالطبع ال

هل سمع أحد عن حزب حاكم، تتم اختيار الحكومات وأعضائها، دون أن يأخذ أحد رأي قادة الحزب في اختيـار

شخص رئيس الحكومة، والوزراء؟إن غالبية أعضاء الحكومات المصرية، بمـا فيهـا

- ١، وال جديد الً وربما شكلت فع -الحكومة التي ستتشكل،

.نظيف. حكومة د ١

قط على اإلرادة الرئاسية، وبعض األدوار الهامشـية تعتمد ف !لشخص رئيس الحكومة في اختيار بعض أصدقائه

المسألة هنا ليست شخصـية محضـة، وال تـرتبط فله كل االحترام والتقدير الواجب – كانت ابشخص الرئيس أي

، وإنما بالهيكل الدستوري، الذي يعطي لرئيس الجمهورية - جرت بها النصـوص الدسـتورية صالحيات واسعة النطاق

.م وتعديالته١٩٧١الواردة بدستور ومن هنا دور رئيس الحكومة محدود، وثانوي فـي إطار النظام الدستوري المختل، والذي وضع علـى مقـاس وتصورات الرئيس السابق أنور السادات، الذي كان يعتبـر

!نفسه آخر فراعنة مصرن الحـزب في النظم الحزبية المقارنة العالقـة بـي

في إطار الدساتير الرئاسية، . والحكومة مختلفة عن أوضاعنا أي التي تمزج بين النظـامين -أو البرلمانية، أو البرلماسية

كما في دستور الجمهورية الخامسـة –الرئاسي والبرلماني الفرنسية وتعديالته، األحزاب تختار مرشحيها، فـي ضـوء

نـامج سياسـي، وفي ظل بر ما، معايير موضوعية إلى حد وانتخابي، والحزب الذي يحصل على األغلبية في االنتخابات

البرلمانية، هو الذي يختار رئيس الحكومة، وأعضاء الوزارة من بين أبرز قادة وأعضـاء الحـزب مـن ذوي الخبـرة

في ظل النظم الرئاسية يختار الحزب عبر . السياسية، والفنية ما يختار الرئيس نائبه، ا، وغالب الرئاسي هاالنتخابات، مرشح

.أو فريقه من بين أعضاء الحزب عندما يفوز بمقعد الرئاسةللسياسـة؟ أين نحن من القواعد واآلليات المؤسسية

أين نحن من التقاليد الديمقراطية داخل األحزاب، وفي النظام السياسي؟

مـن – واألحزاب المعاونة له –أين الحزب الوطني وحريات الرأي بين أعضائه؟ اإلجابـات الديمقراطية، التقاليد

جهاز الدولة هو الحزب الحاكم الحقيقـي، ال ! امعروفة تمامالحــزب الــوطني، وال شــيوخه وال المجموعــة المســماة باإلصالحية، ولم نر حتى اآلن، سوى أخبار عن أعمـال ال

! في التطبيق إال فيما ندرالًتجد لها ظـ –هل يتم إحداث تغيير وزاري ـ ا أي ان حجمـه ك

قبل المؤتمر السنوي للحزب وما سيطرح فيه من –ونوعيته قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية؟ ماذا يعني هذا؟

بوضوح إن مؤتمرات الحزب ديكورية، وال دور لها .في اتخاذ القرارات السياسية األساسية

يفترض أن الحزب يضع برامج، وخطط تقدم إلـى ائها مـن أعضـاء الحـزب الحكومة مجتمعة، أو عبر وزر

.بوضع السياسات واستراتيجيات تنفيذ رؤى وبرامج الحزبما الذي يحدث في الواقع لـدينا؟، مجموعـة مـن الخطب اإلنشائية لبعض قادة الحزب، وبعض الوزراء، تجد

!ا آخر تمامامكانها الدائم على األرفف، والحكومة تنفذ شيًئستسـتمر، الفجوة بين الحزب الوطني، والحكومات

ألن مشكالت الحزب الوطني، والحكومات هي نتـاج خلـل المشكلة كلها في النظـام من هنا هيكل في النظام السياسي، و

السياسي السلطوي، والصفوة السياسية الحاكمة التي ال تزال كـان حجمـه ا أي –تتصور الحلول في مجرد تغيير حكومي

هم، المتصاص غضب المصريين ونقمـت –ونوعية وزرائه على الجمود والركود السياسي، وارتفاع األسـعار والغـالء الشديد، وتدهور المرافق، وعدم الكفـاءة، وانتشـار الفسـاد

ما يقـال عـن دور متزايـد للجنـة !إلخ…القيادات وجهل ولـيس – نجل الرئيس مبـارك –السياسات مرتبط برئيسها

عن تغيير سياسي هيكلي في العالقـة بـين الحـزب اتعبير .الصفوة الحاكمة، والحكومة والدولةو

هل هناك حزب، وال تزال ورقة المواطنة المبتسـرة مبـادئ والمحدودة، لم يتم إصـالحها وتطويرهـا، وفـق ال

الدستورية الحديثة والمعاصرة عن المواطنـة فـي الـنظم والقانونية المقارنة؟ لم يتم تنفيذها رغم الدستورية والسياسية

م على إقرارها في المؤتمر الذي عقد مرور ما يقرب من العا !!٢٠٠٣في العام الماضي

حزبي تم أمام الرأي العـام هل هناك حوار سياسي حتى تناقش نتائجه في المؤتمر السـنوي للحـزب الـوطني

؟٢٠٠٣إذا كانت األحزاب كلها شككت فـي الحـوار وفـي جدواه؟ والسؤال لماذا الخوف من أن يكـون الحـوار بـين

ي واألحزاب المعارضة أو باألحرى المعاونة له الحزب الوطن أمام األمة؟ هل هناك تواطؤ ما على إرادة األمة ا وشفافً اعلني

بين الحزب الحاكم واألحزاب المعاونة له، على اتفاقات مـا، بعد ٢٠٠٥ستتم على بعض المقاعد أو الحصص في برلمان

االستفتاء على والية خامسة للرئيس مبارك؟

التخبط حول إعالن مواعيد للتغيير الوزاري أال يشير من قبل بعض كبـار – الذي تم من خالل حكومة نظيف –

، وعدم االصحفيين السلطويين، على أن ثمة اضطرابا، وتخبطً تبلور لتصورات لمعالجة مشكالت الجمود والركود السياسي، والفساد، واالختالالت االقتصادية الهيكلية، وتردي مستويات

ونتائج التجريف السياسي المنظم …الشعب المصري معيشة للمواهب والكفاءات والمواهب السياسية في مصر؟

لماذا لم ينتج الحزب والسلطة في مصر، سياسـيين؟ يبدو أن تركيبة كليهما ضد السياسة والسياسيين فـي مصـر

.المحروسة بأمر ربي

:

أردت أن تتعرف على بعـض جوانـب الخلـل إذا

والفشل الجماهيري لألحزاب التي تنشأ وتحيـا فـي والعجز أعطاف السلطة، هي وبعض األحزاب المعارضة الضـعيفة، قارن بينها وبين جماعة سرية وعلنية في آن، هي اإلخـوان المسلمين، ويمكنك أن تختلف مع أفكارها ورؤاها بل وقادتها،

كـل تقاليـدها، ونظـام القـيم السياسـية وتنتقد بعض أو عن مضمرات التحيز السياسي أو ا إال أنك بعيد إلخ،…داخلها

الفلسفي وظاهرياته، البد أن تتوقف أمام قدرة الجماعة علـى االستمرارية التاريخية، وعلى التمدد التنظيمـي واسـتنبات

الوسـطى، –الجذور في القاعدة االجتماعية للفئات الوسطى الصغيرة، في المدن والقـرى، والقـدرة علـى –ى والوسط

امتصاص الضربات األمنية االستباقية، واألهم اآلن الكفـاءة السياسية في إعادة صياغة قوائم االهتمام والجـدال العـام،

عن خطورة ذلـك علـى اوأسلمته واألحرى أخونته، ورغم الوعي العام السياسي، إال أن ثمة كفاءة خاصة في إنجاز ذلك

عن القيود اوضع الجماعة في قلب األحداث السياسية، رغم لالقانونية والبيروقراطية التي يفرضها جهـاز الدولـة علـى

الصفوة الحاكمة يبدو أنها ال تثـق . أنشطة الجماعة وحركتها لم تسند له دور المواجهـة من هنا في الحزب الوطني قط، و

ن أي حزب السياسية والجماهيرية مع اإلخوان المسلمين، شأ من قلب احاكم لديه إدعاء أنه حزب األغلبية الذي ولد عمالقً

إلى !! ولديه أكثر الكوادر شعبية وكفاءة !! الحركة الجماهيرية آخر مألوف اللغو السياسي والخطابي الذي يقال فـي إطـار األحزاب الشمولية للدولة التسلطية، في كثير من الدول التـي

واأليديولوجيات الشـمولية أو مرت بتجارب الحزب الواحد، الفاشية أو التعبوية، كما حدث فـي مصـر وورث الحـزب الوطني كل مواريث ثقافة سياسية ال ديمقراطية تقوم علـى الطاعة، واإلذعان والطابع األبوي في الممارسـة السياسـية

.الداخلية للحزبالحزب صفوة الحاكمة ال تثق في قدرات وكفاءات ال

اجهة السياسية مع الجماعة علـى أرض وأعضائه، في المو الواقع الموضوعي بمحموالته االجتماعية والسياسية والقيمية السائدة، من هنا الحكام يثقون في جهاز الدولة األمني فقـط،

في أداء هذا الدور الذي حمل األمـن أعبـاء هائلـة علـى والبـؤر التزاماته األخرى في ضـبط ومواجهـة األنشـطة

ـ اإلجرامية الجنا لقـانون العقوبـات، ائية، فيما يمثل انتهاكًوالقوانين األخرى على اختالفها، وتنفيذ األحكام القضـائية، إلى إنفاذ وتطبيق قوانين المرور والسكينة العامة، والضـبط اإلداري إلى جميع تفصيالت األطر القانونية المنظمة للحيـاة

.اليومية في دولة حديثة ومعاصرةاسة الحزب الحـاكم التنظيميـة يمكنك أن تقارن سي

في هـذا اإلطـار . والجماهيرية مع سياسة جماعة اإلخوان ه عين المراقب السياسي ئالمقارن ستالحظ، وبوضوح ال تخط

أن الحزب الوطني غائب بين الجمهور، وال يكاد يعرف لـه قاعدة أو شرائح اجتماعية مستهدفة لتجنيد أعضاء من بـين

ابي والسياسي على مصالحها وأشواقها أبنائها، أو للتأثير الخط السياسية أو تعبئتها في إطار التنافس السياسي مع األحـزاب المعارضة، أو مع جماعة اإلخوان بوصفها إحدى المراكـز الرئيسة للسياسة في مصر، الغياب السياسي للحزب الوطني، والظهور اإلعالمي لبعض وجهائه يبدو مجاله األثيـر فـي

والتلفاز واإلذاعة ألنه حـزب الحكومـة الصحف والمجالت

لهذا األداء اإلعالمـي فـي محـاوالت االمسيطر تجد نقيض في الحركة وسط – ا وهي محظورة قانونً –جماعة اإلخوان

الختراق وسط اجتماعي، أو ةالجماهير، وال تكاد تترك مناسب مهني ما إال حاولت االستفادة منهـا ألقصـى حـد ممكـن،

ت المهنية بالقانون المقيد للحريات النقابية، ضربت في النقابا ، وبالتنافس بين ا وبأخطاء أسندت إليها رقابي اوالحراسات حينً

كوادرها في أحيان أخرى، إال أنها لم تستسـلم، وتحركـت داخل نقابة الصحفيين، وصاغت اتفاقات مع عناصر قوميـة ويسارية وأخرى حكومية ال شبهة في والئها لجهاز الدولـة،

ـ اإن ثمة جهـاز ما الذي يعنيه هذا ببساطة؟ يفكـر ا تنظيمي المؤثرة، بل في الدفع ويعمل في اختراق بني النقابات المهنية

بعناصر تنتمي إلى الجماعـة فـي داخـل جهـاز الدولـة بـل – الصحافة واإلعالم المرئي والمسموع –األيديولوجي

قادة أين: في بعض جرائد المعارضة الرسمية، ونتساءل هنا الحزب الوطني؟ أين كبار أعضائه مـن رؤسـاء تحريـر

ومجالس إدارة الصحف والجرائد والمجالت الحكومية؟ما الذي يهتم به هؤالء السادة في عملهم، وهل لديهم سياسات تحريرية تدافع بعمق عـن الخطـوط والمصـالح

السياسية للصفوة الحاكمـة؟ أم أنهـم اهتمـوا وال يزالـون إال بـبعض لـم يهتمـوا من هنـا صية، و بمصالحهم الشخ

المساندات للقيادة السياسية، وتنفيـذ فـاتر الهمـة لـبعض وهنا يبرز السؤال أين انتماؤهم السياسـي إلخ،…توجيهاتها

للحزب الوطني وبرامجه السياسية؟ أعتقد أن نفـاذ جماعـة اإلخوان وكوادرها إلى قلب جهاز الدولة األيديولوجي، ونقابة

س ديناميكية سياسية وتنظيمية للجماعـة إزاء الصحفيين يعك .قيود عديدة، لكنها فيما يبدو باتت نظرية

كأي حزب من األحزاب السياسية –الحزب الوطني يفترض أن يكون مدرسة من المدارس السياسية في تكوين –

الكوادر، وبناء القدرات السياسية والمهاراتية والتنظيمية، إال لألحزاب السياسـية، تكـاد ال تـرى أن الوظائف التقليدية

بوضوح، بل إن بعض أعضائه قـد ال يتـذكرون برامجـه عن أعطاب بنائية في ا رغم –وسياساته، خذ جماعة اإلخوان

مرجعياتها األيديولوجية، وعالقاتها الجيلية الداخلية وبرامجها المصـرية، فهي تمثل مدرسة في الحياة السياسية –ورؤاها

كانت االنتقـادات الموضـوعية االمية، أي وفي الحركة اإلس كان مستواه مـن ا أي –والصارمة لها، ثمة إنتاج أيديولوجي

–حيث العمق أو الهشاشة المعرفية اإلسالمية أو المعاصـرة ـ ايعاد إنتاجه، ويوزع على كوادرها تلقينـا وتـالوة وخطاب

أخـرى، بينمـا ا أحيانً ا وجهر ا حينً ا بين الناس، همس اونطقًالحزب الوطني ينتظر طالب الوظائف من العاطلين، فيشترط عليهم العضوية، أما لدى الجماعة المحظورة تجـد السـعي الدءوب نحو التمدد التنظيمي، وبناء الخاليا وخلق األواصـر

في ضوء مـا إلخ،…االجتماعية وبناء الشبكات الجماهيرية هل الحزب الوطني قـادر علـى : سلف، نطرح هذا السؤال

إنتاج فكر جديد، وعلى بلورة أولويات لإلصالح؟ يبدو لي أن :اإلجابة هي ال، ألسباب عديدة أشير إلى بعضها فيما يلي

الحزب يسيطر عليه، شأن األحزاب ذات العضوية -١ية والورقية الكبيرة، بيروقراطية جهاز الدولة سماال

التي تنتفع من أحزاب السلطة، وبعض قادته مـن يخضع الحزب إلى حكم من هنا و أهم رجال الحكم، األوليجاركية، التي تم تجنيدها من –القلة المسيطرة

التكنوقراط أو جهاز الدولة ولـيس مـن أصـول .سياسية وحزبية سابقة

افتقار الحزب إلى برامج وخطابات ملهمة، وقادرة -٢على جذب التطلعات واالهتمامات الجديدة، ألجيال

سياسية مغايرة نمعامصرية شابة ذات احتياجات ل لما تعود عليه الحزب وقادته من أفكـار جوفـاء،

. ولغة باتت مثقوبة وقديمة وبالية

الحزب يبدو أحد وجوه فشل سياسات الحكومـات -٣المتعاقبة أمام الناس، حيث يعتبر الجمهور الحزب

مـن من الحكومة، وجهاز الدولة و االوطني، جزءوتتـأثر يفتقد إلى تمايزه المؤسسي كحـزب، هنا

الصورة الجماهيرية للحزب بصور بعـض قادتـه ما تنعكس على صورة الحزب، االسلبية، ألنها غالب

في اقتناص المصالح في اوإذا كان بعضهم انتهازي األحياء والقرى والمدن والمحافظات، فهم يؤثرون على إدراك الجمهور الجمعي لهم، وللحزب الـذي

مت ثـرواتهم ينتمون إليه، خاصة أن بعضهم تضخ ومصالحهم أمام عيون الجمهـور، وبـال سـبب

.مشروع

غياب معايير التصعيد التنظيمي والسياسي داخـل -٤الحزب، وإنما يخضع ذلـك العتبـارات زبائنيـة

.ترتكز على الوالءات الشخصية والمنافع المتبادلة

ضد المبادرات الفردية االقادة الحزبيون يقفون عائقً -٥ في المسـتويات اء، خصوص التي يتقدم بها األعضا

الدنيا للعضوية، األمر الذي يؤثرون معه، االبتعـاد اوالعمل الروتيني والبيروقراطي الذي يعكس بعض

من تداخل تقاليد العمل واإلدارة الحكومية إلى داخل .اإلدارة الحزبية

الجمود التنظيمي للحزب، واعتمـاد االختيـارات -٦يـادة العليـا القيادية على قرارات علوية مـن الق

للحزب، ومن عناصر لم يكن لديها تاريخ سياسـي في العمل الجماهيري، ومن أبرز األمثلـة غالبيـة أعضاء لجنة السياسات، التي شكلت على خـالف

.التقاليد الخاصة بديمقراطية العمل الحزبي

اعتماد قيادة الحزب، وجهاز الدولة في اختيـاراتهم -٧ى معـايير ألعضاء مجلسي الشعب والشورى، عل

الوالء األمني والسياسي، والثراء الفاحش والقـوة .العصبية والعشائرية والعائلية

غياب القدوة، والنماذج السلوكية المتميزة في العمل -٨السياسي والقيادي داخل الحزب حتـى يمكـن أن يكون أحد مـداخل الجـذب والتجنيـد للعضـوية

.الجديدة

سـتوياتهم كانت م ا أي –إن غالبية أعضاء الحزب -٩ تم اختيارهم من عناصر لـم يعـرف –التنظيمية

عنها االنتماءات السياسية واأليديولوجية الليبراليـة أو الماركسية، أو اإلسالمية، ألن معيـار التجنيـد للحزب هو عدم االنتماء السياسي، والوالء لجهـاز الدولة والحكم، والجديد في السنوات األخيرة هـو

إذا شئنا اسـتعارة تعبيـر – تجنيد قبيلة آل مشتاق من التكنوقراط الجـدد –ير أحمد رجب بالكاتب الك

وخوارج الحركة اليسارية والناصـرية السـابقة، يبراليين الجدد، وهم مجموعـة مـن الخبـراء لوال

والمهندسين واإلداريين واالقتصاديين الذين يعملون في القطاع الخاص، أو بفروع الشـركات متعـددة

ــية، أو ــركات الجنس ــة، وش ــاالت التجاري الوك غالبية هـؤالء ليسـت إلخ،…االتصاالت الجديدة

لديهم خبرات سياسية قط، وال مهارات أو ملكـات تفكير سياسي، أو عالقات مباشرة بجماهير الحزب أو الشعب المصري، وبعض هؤالء لـديهم أجنـدة مرتبطة باالتجاهات اليمينية والمحافظة في أمريكـا

ل، وأبرز آيات الالتسـيس، هـو وأوروبا وإسرائي الشريحة الوزارية التـي فرضـها رئـيس لجنـة

كل مع –السياسات، وعلى رأسها رئيس الوزراء الذي تشـير تصـريحاته وخطبـه –االحترام له

وأحاديثه إلى فقدان المهارة السياسية في الدفاع عن وجهات نظر حكومته، بل والنظام وهو ما يكـرس

حاكمة، ويساهم فـي تآكـل ال مصداقية الصفوة ال مصادر شرعيتها مع مرور الوقت، واسـتمرارية

.هذا النوع من التصريحات

١٠-

الحزب الوطني لم يستطع تفريـغ كـوادر وقـادة -١٠بارزين، يمكن أن تتشـكل مـنهم لجنـة سياسيين

لجأ رئيس اللجنة بعد تعيينـه من هنا السياسات، و من رئيس الحزب، إلى تجنيد عناصر من خـارج

من الحرس الجديد، وتم االحزب حتى يكونوا جزء اضمها تحت مسمى الكفاءة، وهذا أمر يبدو جيـد

إال أن مسـتوى األداء السياسـي للحـزب انظري ، أن أهداف بعض وللجنة السياسات ذاتها، كشف عن

فـي أعضائها هو التوزير أو االرتقـاء الـوظيفي الجامعات أو قيادة الصحف والمؤسسات الصـحفية

– عن األكثر كفاءة وخبرة ونزاهة داخلها الً بدي –ت المنهكة بالفساد، وتدني مستوى الكفاءات والقدرا

وضعف المستويات المهنية على نحو باتت تشـكل فضيحة مصرية أمام الصحف العربية، يخجل لهـا أي صحفي جاد، أو هؤالء الذين يريدون الدفاع عن أنشطتهم التجارية، أو الصناعية ممن يطلق علـيهم مسمى رجال األعمـال، أو دعمـا الحتكـاراتهم

. والمهمةرئيسةوتالعباتهم بأسعار السلع ال

ا ورائد ابارز اض هؤالء األعضاء لم نر لهم جهد بعفي أعمالهم األساسية، يمكن أن يتخذ كأمارة على إبداع مـا، أو كفاءة خاصة أو ملكة إدارة، ناهيك عن فقدانهم لخبـرات

ن االستعانة بهم سـتؤدي أوملكات وأخيلة سياسية حتى يقال إلى تفعيل أداء لجنـة السياسـات أو العمـل الـوزاري أو

.البيروقراطيما الذي رأيناه خالل المرحلة السابقة، ال يعدو سوى

وتمثيل لعمل ال أكثر وال أقـل، ألن ينثار جهد أقل من عاد أال وهو تلمس مواقـع القـوة اهؤالء يعرفون طريقهم جيد ،

والنفوذ داخل الحزب، وعبر المداخل الشخصـية والوالئيـة .فوذوالطاعوية للوصول إلى ذوي السلطة والن

اللجان الحزبية ال تعدو أن تكون مسميات ورقيـة، -١١وبعض أنشطتها ذات طابع ترفيهي عن األعضـاء

عن عمل ما، أو االبائسين الذين دخلوا الحزب بحثً لمصلحة أو مغنم أو على األقل الترويح عن اتحقيقً

النفس المكدودة في إحدى رحالت الحزب الترفيهية .إلى المصايف أو المشاتي

زب يفتقر إلى آليـات للمحاسـبة والشـفافية، الح -١٢واالنضباط التنظيمي لألعضاء الذين يخرجون على صفوفه في انتخابات مجلسي الشعب والشورى، ثم يفصلهم ويعيدهم إلى عضويته بعد فـوزهم علـى خصومهم في االنتخابات وضد إرادة الحزب، وهو ما ساهم، وال يزال، في التشكيك فـي مصـداقية

في شرعية تمثيلهم للقواعـد االنتخابيـة الحزب، و التي قدموا أنفسهم لتمثيلها، وهـم ضـد الحـزب

.وبرنامجه ومرشحيه المنافسين لهم

أين هـي –الحزب الذي يرفع شعارات المواطنة -١٣ الجديد بها، لديـه ه وفكر ه ويتشدق خطاب -؟ الًأص

، والمرأة ألنـه الًموقف من ترشيح األقباط إال قلي السياسية، ألنه يتردد عة والثقافة حزب ذكوري النز

في ترشيح النساء خشية من عـدم نجـاحهن فـي .المعارك االنتخابية أمام خصومهن السياسيين

االختالالت البنائية آنفة السرد والتحليل، مستمرة في ظل عالم وهنت فيه األوعية السياسية التقليديـة، كـالحزب

مثيلها والتعبيـر السياسي كأداة لتجميع المصالح السياسية وت

هل هذا الحزب قـادر : عنها لصالح أوعية جديدة، والسؤال على أن يقود حركة الجماهير المصرية نحو اإلصالح؟

جميع المؤشرات تقول ال مدوية، ألنها تأتي ووراءها تاريخ من الالسياسة والعمل ضد السياسة، ولصالح الفـراغ

اخليـة، شـأن الممتد والخوف من السياسة والديمقراطية الد .األحزاب المعارضة األخرى

كنا نعتقد أن تيار التجديد داخل الحزب سيؤدي إلـى من كل المؤشرات –تجديد الحزب والوجوه السياسية، وجدنا

أننا إزاء مراكز قوى جديدة داخل النظام استخدمت –المتاحة الحزب الميت قاعدة انطالق لتشكيل الحكومة، وغدا اإلعالم

.طية كمدخل للسلطة السياسية العلياوالبيروقراكيف يمكن ألعضاء ورئـيس لجنـة السياسـات أن يمارسوا القيم والقواعد والتقاليد الديمقراطية، ولم يأتوا عبـر اآلليات االنتخابية الحرة بال قيود أو تأثير علـى األعضـاء؟

جاءوا باالختيار العلوي واألمني؟اوهم جميع من داخـل – جماهيرية كيف لمن لم يأت باختيارات

أن يؤمن بدور صناديق االقتراع في تحديـد –حزب سياسي المصائر السياسية للبالد؟

كيف لمن ال يعتقد في أهمية وخطورة االقتراع العام، العمل السياسي والحزبي أن يؤمن بأهمية ودور الجمهور في

األفكار جديدة كانت أم قديمة؟ـ دق بـه شـعارات أين الفكر الجديد هذا، الذي تتش المؤتمر األول، ثم المؤتمر الثاني للحزب؟

ما رموز هذا الفكر الجديـد ومقوالتـه ومضـامينه المعرفية؟ لماذا ال يطرح صناع ما يسـمى الفكـر الجديـد أفكارهم علنا أمام أعضاء من أحزاب المعارضة، وعناصـر مستقلة في حوارات حرة بالتليفزيون أو اإلذاعة، والصـحف

لكي يعرفوا أمام الجماهير مباشرة، مـا أوزانهـم والمجالتالسياسية والفكرية، وليعرفوا أن الشعارات وحدها ال تكفـي

لصنع السياسيين أو السياسات في مصر، أو غيرها من الًسبي .البلدان

ونحن في انتظار نبوءات الفكر الجديـد، وأوراقـه ـ ن الهزيلة وشارحيه البؤساء الباحثين عن مناصب ومغانم م

، التي تحاول االستيالء على السلطة بطرق "آل مشتاق "قبيلة .ال ديمقراطية داخل الحزب الوطني ذاته

وبأساليب ال دستورية في إطار قيم وتقاليـد النظـام الجمهوري المصري، ومؤسساته القومية المصرية العريقـة،

.عاشت الجمهورية وقيمها وتقاليدها الوطنية

الحزب الوطني عن لماذا ال يعتذر:اخامس خطاياه للشعب المصري؟

لألسف، استبشر بعض المتابعين للحالة الحزبية فـي مصر، رغبة عناصر داخل الحزب الوطني، فـي إحـداث تغيير داخلي، يرمي إلى إصـالح مـا فـي بنيـة الحـزب التنظيمية، وهياكله، واألهم في تركيبة العضوية، ومحاولـة

.ضخ دماء جديدة وشابة داخلها لم يكن – فيما يبدو –أقول لألسف، ألن هذا االتجاه

لديه من أوراق القوة داخل تركيبة الدولة، والحزب، ما يسمح له بإجراء بعض التعديالت التـي تسـمح لحـزب مشـلول

بتجديد خالياه، بفعل ضـعف وانتهازيـة بعـض اجماهيري عناصره القيادية، وسيطرة بعض من ذوي النفوذ والمصالح

م، على الهياكل الحزبية القاعديـة والمتوسـطة فـي والمغان .المحافظات واألرياف

، وعـدم "بالجماعة اإلصـالحية "يإن ضعف ما سم قدرتها على تحقيق إصالح جزئي يعود لعدد من االعتبارات،

:يمكن لنا إيراد بعضها فيما يلي

اعتمادها على أدوات سلطوية في إحداث بعـض -١جنة السياسـات، التزويقات من خالل استحداث ل

التي سرعان ما حولها الحرس القديم إلى ميـدان للمناورات، وتوسيع اللجنة، وتحويلها إلى لجـان عديدة تحت مظلتها الواسعة، وهـي اسـتراتيجية بيروقراطية قديمة ومستهلكة، ترمـي إلضـعاف البنية التنظيمية الجديدة لصـالح هيمنـة شـيوخ

.الً أصالحزب على أعصابه الحساسة، إن وجدتإن المكياج السياسي للحزب، برز فـي الخطـاب -٢

السياسي ألبرز رموزه، وذلك عبـر تـبن حـذر لبعض القضايا المهمة في تطوير النظام السياسي السلطوي القائم، كالمواطنة وقضايا المـرأة، وال سيما حق أبناء المصرية المتزوجة من أجنبي في

هم الحصول على الجنسية المصرية، وهو تطور م في مجال الحد مـن ذكوريـة العقـل السياسـي السلطوي في مصر، أما قضايا المواطنـة، فهـي ملــف مهــم، وحســاس، فخطــاب مــا ســموا باإلصالحيين اتسم باالبتسار والفهم الجزئـي، أو

هكذا طرح، ومرجع ذلك أنه ال مواطنـة دونمـا حريات عامة واسعة، وديمقراطية نيابية، وتوسيع

اركة السياسية وهـي غيـر وتأسيس هياكل للمش ، وإنما نظـام سـلطوي غشـوم، الًموجودة أص

نقولها تجـاوزا، ألن . وحوافز لترغيب المواطنين الواقع ال يزال يدور حول الراعي، والرعية مـن

واألخطر أن من هم وراء إنتاج هذا الفهـم ! أسف حول المواطنـة، – المرتبك –القاصر، والبالغي

وضـوعية، للتـراث غير متابعين بدقة وعمق وم الموضـوع، النظري المقارن في تطوراته حول

وال التطبيقات السياسية واالجتماعيـة والثقافيـة بل في بعـض اللمواطنة في الدول األكثر تطور ،

الدول الجنوبية اآلن، أو أن بعضهم ال يزال يدور في فضاء الفكر األصـولي التقليـدي، ومواقـف

ية المتطرفة، أو بعض الجماعات اإلسالمية السياس الفقه التقليدي حول غير المسـلمين، أو الخطـاب الغامض والمرتبـك والمتذبـذب لـدى بعـض

.الجماعات اإلسالمية كاإلخوان، إزاء المواطنة

يبدو أن بعض الوزراء وبعض شباب مـا سـموا -٣بالجماعة اإلصالحية لهم أهدافهم الذاتية، وهو بقاء

علـى مواقـع هؤالء في مواقعهم ريثما يتم القفز وزارية أهم، أو الترقي إلى درجة نائـب رئـيس

– بعض هـؤالء –الوزراء، أو رئاسة الوزراء كان إنجازه حصول مصر على الصفر األعظـم،

.٢٠١٠في إدارة ملف مونديال

بعض الشباب لم ينتظر دوره سواء فـي اكتسـاب الخبـرة ـ د السياسية، واألهم اإلنسانية في التعامل مـع الملـف المعق

لمصر بفئاتـه االجتماعيـة المتعـددة، وثرائهـا اإلنسـاني وتناقضاتها، ومشاكلها المتراكمة، وراح بعضهم يعـد نفسـه

. للوزارة كتكنوقراطي، حتى ال تضيع الفرصة إلى األبد المقربين، بدا وكأنه يشق األرض طوال فـي خـيالء وبعض

طاووسية فجة وسوقية، وهم ال يزالون صغارا في مكـانتهم إنجازهم المهني، واألخطر السياسي، وهي رعونة لم تجـد و

.من يردعها –هذا النمط من الفرز الثاني، والثالث من جيل الثمانينيـات

عقلية وفهم بعض أساتذتهم يعيد إنتاج –مع استثناءات بينهم

لمعاني السلطة المصرية وفهم الموظفين لكيفية التعامل معها، هـذا اإلدراك سـف، أن والمؤ. واقتناص بعـض مغانمهـا

الإلصالح شائع لدى بعضهم، أي أن هدفه أن يكونوا جـزء من التركيبة السلطوية الجديدة إذا ما حدث التغيير، ال فلسفته وسياساته وآلياته، وكيفية إنفاذه في الواقـع، وبـين الفئـات

.االجتماعية المستهدفة لدعمهـ ة لفلسـفة هذا الغياب للجوانـب األيديولوجيـة، أو العقائدي

–اإلصالح أو التغيير أو التجديد في ذاتها، والـدفاع عنهـا داخل الحزب الحاكم هو –حال تبلور خطاب متكامل حولها

.أبرز مكامن الخلل في الكثير من عناصر مجموعة اإلصالح

غياب تراكم في أدبيات، وخبرات كوادر الحزب، -٤والمجموعة المطالبـة باإلصـالح، إذا اسـتثنينا

م ممن يتابعون بعـض التقاليـد الحزبيـة بعضهالغربية على نمط حزب العمال البريطاني، سنجد أن خطاباتهم، وكتاباتهم تفتقر إلـى رؤى معمقـة

عن غيـاب الحـس السياسـي الًورصينة، فض العملي، واألخطر ملكة الخيال السياسي المرهف،

ضعف الصفوة السياسية دروهي لألسف أحد مصا .والحزبية الحاكمة

إن صيغة المؤتمرات الحزبية السـنوية للحـزب -٥الوطني، تبدو آلية مهمة للحوار الداخلي، ولكـن

قراطية شيوخ الحزب من الحـرس ويبدو أن بير القديم، حولتهـا إلـى طقـس سـنوي للهتافـات

آسـف –والخطب، ونفاق بعض الكوادر المقبلة ـ ستخدم التعبيـر أ مـن المحافظـات – امجازي

والحكـام ورئـيس لجنـة واألرياف، للشـيوخ السياسات في العاصمة، وذلك لتيسير عملهم فـي

عن دور ما فـي انتخابـات امحافظاتهم، أو بحثً يفترض . الشعب أو الشورى، أو بعض الوظائف

لية المؤتمر السـنوي جـادة، وسـاحة آأن تكون ألوسع نقاش وحوار ديمقراطي داخلي، حتى يمكن

–ة أو الذكيـة اكتشاف المواهب، واألفكار الجديد ومعرفة الواقع ومعطياتـه عبـر –حال وجودها

ـ فـي ابعض الكوادر الحزبية المنخرطـة يومي تفاصيله ووقائعه السياسية واالجتماعية واحتقاناته،

. ال عبر التقارير األمنية، والبيروقراطيـة فقـط المؤتمر السنوي، وما يسـبقه مـن اجتماعـات

مــل تنظيميــة، يفتــرض أن يكــون بمثابــة معللمعلومات الحقيقية، ونـبض الشـارع السياسـي

والديني، ال مجال للفصاحة اإلنشائية واالجتماعيواللغو، والنفاق السوقي مـن بعضـهم لقـادتهم ومعلميهم عند القمة الحزبيـة والحكوميـة فـي

.القاهرة

ضعف اللجان المنبثقة من اللجنة العامة للسياسات، -٦مكتبيـة وهو ما يتجلى فـي بعـض تقاريرهـا ال

.السطحية والمحدودة الكفاءة، إزاء قضايا مهمةنقد الحزب الوطني وممارساته ليست بطولة، ولكـن

ـ اهدفه ضرورة تطويره جذري وضـرب بعـض ا، وهيكلي ،، إلمكانيات ضخ دمـاء الًأوكاره الفاسدة، ألن ذلك يعد مدخ

.سياسية وجيلية جديدة في الحياة السياسية المصرية الذي يعتمـد علـى –زب المترهل إن شلل هذا الح

أدى إلى ضعف وهزال الحياة الحزبية، منـذ –جهاز الدولة .العودة للتعددية السياسية المقيدة

من هنا تبدو الشعارات الجديـدة للمـؤتمر السـنوي عن قضايا اإلصالح – ٢٠٠٤ الذي عقد في سبتمبر –الثاني

لعـدم الشامل في مصر، ال تثير أي اهتمام أو دهشة، وذلك تحرك بعض الجادين مـن قـادة المجموعـة اإلصـالحية،

ؤتمر يمارس في سماحة حقيقية أوسع وأرحب وتحويله إلى م الممارسات الديمقراطية الداخلية، وفتح الباب أمام كل القوى الناقدة داخل الحزب لتقول آراءها بحرية وموضوعية، وبـال

ـ عف خوف من مواجهة الشيخوخة في القادة واألفكـار وض .الًالخيال والمهارات السياسية، وهو ما لم يتم أص

للشعب المصري عما فعلتمـوه الًعليكم االعتذار أو بنا، كما على بعض األحزاب المعاونة للحـزب الـوطني أن

فلتفتح . اتعتذر وتستأذن في الرحيل غير مأسوف عليهم جميعاألبواب أمام قوى وأجيال جديدة وأحزاب مختلفة فـي ظـل

. القانون والديمقراطية، والحرياتدولة

!

ما داللة قرارات مجمع البحوث اإلسالمية بمصادرة الكتب، والروايات، وبعض البحوث في مجـال الدراسـات

اإلسالمية؟ ما معنى رفع الدعاوى من قبل بعض األفراد، لمنـع

يمس العقائـد أو الثوابـت التداول العام، بحجة أنه كتاب من الدينية؟

من قبل بعض رجـال الـدين دعاوىما دوافع رفع بحب "المسيحي من المذهب األرثوذكسي، لوقف عرض فيلم

، بمقولة أنه يزدري بعض تعاليم المذهب؟"السيما

ما معنى انضمام رجال األكليروس األرثوذكسي إلى مرفوعة، على كاتب السيناريو، والمخرج القضائية ال دعاوىال

تجة للفيلم؟نوالشركة المهل القضاء، هو الجهة المنوط بها حسم الخالفات في

دية، حول موضـوعات األفـالم نقوجهات النظر الفنية أو ال إلخ؟…القصيرةالسينمائية، أو الروايات، أو القصص

هل القضاء هو الساحة التي تعرض عليهـا أمـور كاديمي، في التاريخ، أو الفنون على اختالفهـا، أو البحث األ نحياز إلى اتجاه علمي مناهج البحث األكاديمي، واال في مجال

دون آخر، ومنهج دون غيره، واصـطالحات بديلـة عـن أخرى؟

ما معنى إصرار البعض على إبداء اآلراء والفتاوي، في أمور وقضايا لم توضع أمامهم كل المعطيات المعلوماتية

ساسية حولها، حتى يمكنهم الوصول إلى موقف رصـين األ ومجتهد منها؟

هل التعليم الديني في مصر، يعطي الطالب، والباحث في األمور الدينية اإلسالمية أو الالهوتية المسيحية الحق في استيعاب التخصص في كل العلوم على اختالفهـا، والسـيما

كل شيء، الحديثة والمعاصرة، بحيث يستطيع أن يتحدث في وفي جميع القضايا، أو المشـكالت التـي تواجـه الدولـة والمجتمع والفرد والنظام الدولي، وفـي األمـور السياسـية والعسكرية واالقتصادية والثقافيـة والكيميائيـة والصـناعية

؟! إلخ……والدوائية، وقف عـرض فـيلم دعاوىما معنى لجوء رافعي

مية، وذلك للمساعدة ، إلى مجمع البحوث اإلسال "بحب السيما "في وقف عرض الفيلم؟ لماذا لم تنتظر هيئة الدفاع الكنسـية، اإلجراءات القضائية، خاصة بعد حكم القضـاء المسـتعجل، بعدم االختصاص، ألن الفصل في الدعوى، يتطلب المسـاس

بأصل الحق، وهو من اختصاص القضاء العادي؟لماذا صرح مصدر في مجمع البحـوث اإلسـالمية

، الصـادر يـوم ٨٦ريدة المصري اليوم، في عددها رقم لجلـو "بحب السـيما " سنوصي بمنع – ٢٠٠٤/ ٣١/٨الجمعة

؟ لماذا تقدم بعض المحامين بمذكرة إلى أمين عام "طلبوا رأينا مجمع البحوث اإلسالمية، يطلبون فيها رأي المجمع واألزهر

في الفيلم؟

" ي اليوم المصر"لماذا أعرب الشيخ إبراهيم الفيومي عن ترحيبه بالمذكرة، التي تقدمت بها الكنيسة األرثوذكسية،

بعد أن تحول إلى جهة فصل في مضمون الفيلم؟بحب "إذا أبدى مجمع البحوث اإلسالمية رأيه في فيلم

بناء على طلب رافعي الدعوى، هل يبدى رأيه فـي " السيمابعض األفالم التي تنتجها الكنـائس حـول بعـض األمـور

هوتية، والعقيدية، وهل يعتبرها حال بثهـا فـي بعـض الالأم أنها ! من أعمال التبشير؟ الًالقنوات الفضائية المسيحية عم

دسـتوري لجميـع جزء ال يتجزأ من الحرية الدينية كحـق المواطنين؟

هل المصادرات هي األسـلوب المالئـم لمواجهـة شريعة األفكار، أو اآلراء التي تمس أصول الدين والعقيدة وال

الغراء، وبعض قواعد اإليمان األرثوذكسي؟مسئولية فشـل "إن مصادر كتاب جمال البنا األخير

تعيـد إلـى – الصادر منذ أعوام عديدة –" الدولة اإلسالمية من المصادرات، لروايات ودواويـن شـعر، االذاكرة تاريخً

؟ ! إلخ… لوقف األفالم، والمسرحياتدعاوىورفع

ل األسئلة سالفة السرد، ما الداللـة والسؤال الناظم لك الكلية لتاريخ المصادرات الفكرية البحثية واإلبداعيـة طيلـة أكثر من أربعة عقود ماضية، إذا ما قورن بالعقود الخمسـة األولى من القرن العشرين، حيـث شـهدت مصـر الدولـة

الدينية، حركة تجديد كبرى في الفكـر والمجتمع والمؤسسات ، وفي المؤسسات الدينية األزهريـة رفيعـة الديني اإلسالمي

المقام واالحترام، كتابات تجديدية، وتأصيلية، في جميع فروع المعرفة الدينية، واجتهادات رصينة، وعميقة، تصدت ببراعة

بل وعلى – على اختالفها –وأصالة ألسئلة الفرد، والمجتمع يعلإن كتابات . أسئلة عصرها بكل ما تعنيه الكلمة من داللة

عبد الرازق رد عليها بكتابات تختلف معها، وكـل طـرف يستخدم من األطروحـات والحجـج، وأسـاليب البرهنـة،

به دحض الرأي اآلخر، قامت زوابع، والمعلومات، ما يحاول ومعارك فقهية، وفكرية شارك فيها أزهريون كبار ومفكرون ليبراليون راسخو المعرفة والعلم، ولجأ البعض إلـى سـالح

مصادرات لبعض الكتب، بل ونقل بعض علماء األزهر إلى الوظائف أخرى، وانتصر القضاء لحريـة الفكـر والبحـث

العلمي، واألكاديمي، وحرية التعبير والنشر، وعاد هؤالء إلى .مواقعهم

لم يتزعزع إيمان األمة المصرية قـط، ألن الـدين ، مكون رئيس في بنيانهم الثقافي، وفي لغة التخاطب اليـومي

كانـت صـورة، اويشكل آلية دفاعية للفرد إزاء الطغيان أي سياسية وسلطوية، أو إزاء ذوي القـوة والنفـوذ والمكانـة

ما كانوا، وهو أحد أبرز مالمح الهوية القومية، اوالثروة كائنً .وأنظمة القيم، وأساليب اإلدراك الفردي والجماعي

ـ اثم ما يث ض ر في ردود الفعل العنيفة من جانب بع إزاء كتاب، أو شريط سينمائي، أو – ال كلهم –رجال الدين

لوحة، أو رأي يبديه بعضهم، وكأن إيمان األمة سـيتزعزع، لمجرد أن طرح رأي، أو مشاهدة فيلم؟ ما الذي يكمـن وراء هذا الخوف والرعب الكامن وراء الغضب، وفقه المصادرات

مـن والمطاردات، الذي ظهر وشاع خالل العقود الماضـية بعض رجال الدين؟ هل هو الخوف مـن تزعـزع إيمـان الجمهور، لكن هذا لم يحدث من قبل، ولن يأتي هذا الزمن؟

هل هي وصاية على إيمان الفرد واألمة؟ لكن مـن أعطى لهم حق الوصاية هذا؟ في اإلسالم، ال توجـد سـلطة

دينية، وال مفهوم رجل الدين، من أين تم استقاء هذه المفاهيم، ستيرادها؟أو ا

غريب ما يتم من بعض علماء الدين اإلسالمي، فـي االوقت الذي لعب األزهر دور ا تاريخي فـي تأصـيل ا مجيد

وتجديد العلوم اإلسالمية، وفي بنـاء الجسـور بـين الفقـه والعصر، وبين المسلمين والعصر الحـديث، منـذ الشـيوخ

اعة رف ومكانة، حسن العطار و ا الكبار، علما ودور …الكبارطاوي، واألغاني، ومحمد عبـده، وصـوال إلـى رافع الطه

الشيوخ عبد المتعال الصعيدي ومحمود بخيت واإلمام األكبر مصطفى المراغي وأستاذنا اإلمام األكبـر الشـيخ محمـود شلتوت، حتى أستاذنا اإلمام األكبر الشيخ طنطاوي، وصحبة من بعض العلماء المهمومين بمشاكل األمة، ويعـانون مـن

عنت الضغوط المتعددة، من بعـض العامـة، وآخـرين ال يزالون يعتقدون في حاجة وضرورة العقل النقلي، وأن ملكة

نترنت، والكمبيـوتر، وحفـظ في زمن اإل –الحفظ والتكرار يقض علـى لم – C.Dالمراجع على األسطوانات المدمجة

هذا الدور النقلي الذي يعتمد على ملكة الحفظ فقط، وأن العقل ، لكـي يخـرج ا ضروري ابات مطلب التجديدي واالجتهادي،

المسلمين من المأزق التاريخي والسياسي والحضاري، الذي .٢٠٠١ سبتمبر ١١يواجههم قبل وبعد كارثة

لماذا لم نسمع آراء رجال الالهـوت واألكليـروس، ووعاظ المصادرة ومنع األفـالم، حـول قضـايا الفسـاد،

ال العام وانتشار الفقر، واتساع الهوة والديكتاتورية، ونهب الم بين األغنياء والفقراء في مصر؟

–سنوصـي : لماذا يصرح مصدر بمجمع البحـوث الفـيلم؟ ىلو طلبوا رأينا؟ هل رأ " بحب السيما " بمنع –هكذا

هل هو متخصص في النقد السينمائي، ومارسه وله كتابـات والمصرية اراسخة في أدبيات نقد السينما، عموم ؟ اخصوص

لماذا االندفاع التخاذ موقف قبل أن يرى الفيلم بفرض صحة تصريحه بالمصري اليوم؟ هل يصرح القضاة بأحكامهم قبل نظر القضية وبحثها والمداولة فيها؟ هذا بفـرض أن مجمـع البحوث جهة تقاض؟ أعتقد أن الموقف الذي اتخذه الـبعض

جـاء ؟هونه مصدر وال نعلم من أ يقال –في مجمع البحوث خاصة أن القضية معروضة أمام القضـاء، ولـم امتسرع ،

أو موقـف المجمـع وعلمائـه ي جهة قضائية رأ ةتطلب أي األفاضل حتى لحظة كتابة المقال؟

المصـادرة مـن ىلماذا تتم دعوة رافعـي دعـاو القمامصة والقساوسة، وبعض المحامين، إلى تقديم طلب إلى

لقضاء المستعجل بعدم المجمع، خاصة بعد صدور حكم من ا االختصاص وهو حكم وقتي وقابل لالستئناف؟

هل مضمون المواطنة ومبادئها الدستورية في الدولة الحديثة، يعتمد على مفهوم األغلبية واألقلية، والتحريض على

مذهب صغير العدد؟أم أن المواطنة تتصل بالحقوق والواجبات الدستورية

كان دينـه أو ا المواطن، أي–لفرد والقانونية، التي يتمتع بها ا امذهبه، حتى ولو كان فرد في الدولة كلهـا، ينتمـي ا واحد

لدين، أو مذهب ما؟ األقلية العدديـة، –إذا اعتمدنا على مفاهيم األكثرية

الدينية، –في مجال الحقوق والواجبات والخيارات السياسية البـات فإن هذا المنطق سيؤدي إلى تسويغ منطق بعض المط

بالدولة الدينية، ال الدولة الحديثة التي تساوي بين المـواطنين وال تتحيز لبعضهم على حسـاب الـبعض اآلخـر اجميع ، .

. األقلية، وفق االنتماءات الدينية– مفاهيم األغلبية دعاوىب

ــة ــاهيم األغلبي ــالمعنى السياســي، / مف ــة ب األقلي .اء الدينيواالجتماعي، واأليديولوجي، وليس بمعنى االنتم

إلى مجمع البحوث، يعني ىإن ذهاب رافعي الدعاو أنهم يحـاولون بنـاء تحـالف بـين األصـولية المسـيحية األرثوذكسية، وبين عناصر داخل مجمع البحوث اإلسالمية، وفي هذا اإلطار قد يؤدي هـذا التعـاون والتحـالف إلـى مصادرات مستقبلية للكتب والروايات والبحوث ومنع لألفالم

المسرحيات والمعارض الفنية؟ إن خطـورة هـذا االتجـاه و على حريات الفكر والتعبيـر والـرأي االجديد أنه يضع قيود

خلـق والبحث األكاديمي، والعلمي، وهو ما سـيؤدي إلـى توترات جديدة بين الجماعة الثقافية، ورجال الـدين، وبـين

قيقة الدولة والمثقفين، وهي أمور ال تراعي طبيعة المرحلة الد التي تمر بها بالدنا، وتحتاج إلى جهود كـل أبنـاء األمـة المصرية، في كل المجاالت للخروج من عنـق الزجاجـة، وتكالب األزمات، على مستويات عديدة، ويتطلب الخـروج منها، االستقرار السياسي، وتنظيم الحوار والجدل العام فـي موضوعية وعمق واحترام متبادل بـين جميـع المـدارس

.كرية والسياسيةالف

إن بعض الممارسات التي تمت في إطار ملف فـيلم تدفع األمور إلى المزيد من التوتر المـذهبي، " بحب السيما "

.الذي ال يفيد أطرافهإذا حاولنا تأصيل األسئلة، والظواهر السالفة البيـان، فالبد أن نعود إلى توترات الحقـول الدينيـة، والسياسـية،

ادية طيلة النصـف الثـاني مـن القـرن والثقافية، واالقتص .العشرين، وإلى اآلن

شهدت مصر خالل خمسة عقود، ويزيـد، ظـاهرة ـ –تداخل الفاعلين الدينيين كانـت أديـانهم ومـذاهبهم ا أي

في مجاالت خارج تخصصاتهم ومحـاوالتهم –ومؤسساتهم مد دورهم ونفوذهم إلى بقية الحقول السياسية، وإلى مجاالت

دبي، والسينمائي، والتشكيلي، والفنـون الجميلـة، اإلبداع األ محاولة بعض رجال الدين إبداء آرائهم . إلخ .…واالقتصاد

في تخصصات عديدة تشكل ظاهرة توسيع ألدوارهـم علـى الرغم من أنها علوم، باتت معقدة وليس لدى بعضهم األدوات

صطالحية والتحليلية لمتابعة بعـض البحـوث المنهجية واال . إلخ…ات، واألفالم والروايات والقصصوالدراس

ن هذا المنحى يشكل أحد أبعاد اللجـوء السياسـي إالمستمر للدين فـي كـل القضـايا، والمسـائل الكبـرى، والصغرى، من الشرعية السياسية إلى التعبئـة االجتماعيـة والسياسية، إلى السياسة االجتماعية، والسياسـة الخارجيـة،

مـن شـرعية –ت االقتصـادية وسياسات الهوية، والقرارا التأميم الدينية، واإلصالح الزراعي في عقد السـتينيات مـن القرن الماضي، إلى عدم الشرعية الدينية لكل هذه القرارات،

موالنا اإلمـام عاطف صدقي للحكومة، ورأى . في رئاسة د ، وهكذا قامت الصـفوة -األكبر الشيخ جاد الحق رحمه اهللا

وظيف الدين اإلسالمي في السياسة على السياسية المصرية بت ليس هذا فحسب، بل استخدام بعض رجال الدين . نحو مكثف

األقباط في تسويغ شرعية االشتراكية من المنظور المسيحي في عقد الستينيات، وتراجع البعض عنها في ظـل سياسـة

.االنفتاح االقتصادي والخصخصةه إن الفارق بين عهود نظام يوليـو والمرحلـة شـب

الليبرالية في العالقة بين الدين والدولة، هـو الـذي يحـدد اتجاهات تفسير هذا التوتر والقلق والخوف الكامن فيما وراء سياسة المصادرات، والرعب من رواية أو قصـيدة أو فـيلم

/ سينمائي، أو بعض الدراسات مثلما حدث مع كتاب األسـتاذ !جمال البنا عن فشل الدولة اإلسالمية

لبيئة شبه الليبرالية، والحريات العامة آنـذاك أثرت ا على الجدل العام، وانفتح الباب علـى مصـراعيه للحـوار المفتوح بين جميع أطراف الجماعة الثقافية، بين األزهريين،

العمائم وذوي الطرابيش والقبعـات، حيـث والعلمانيين، بين تفاعل الجميع، وتصارعوا في حدود الفكر ورحابة حريـات

.كير والتعبيرالتفأدت الحريات الديمقراطية، إلى تفاعل أبناء األزهـر الشريف مع أسئلة عصرهم، وهموم أمتهم، وكانوا في طليعة

كـان هنـاك . الحركة الوطنية الدستورية المعادية لالستعمار محافظون، لكن األثر التاريخي للحـوارات امجددون، وأيض

ديني واإلصـالحي والمساجالت الكبرى هو حركة التجديد ال إن ثورة مصر الكبـرى . التي أفادت األمة والمجتمع والدولة

، هي جزء ال يتجزأ من حركة عرابي، ومطالب ١٩١٩عام متيـازات مصر للمصريين، وليست لألجانب، وأصـحاب اال

األجنبية، وخدم وأعوان االستعمار البريطاني، ولدت حركـة سـتعمار، اإلصالح الديني في مواجهة تحـدي وضـعية اال

ومحاولة اإلجابة عن أسئلة التخلف والتقدم، وكيـف السـبيل للوصول إلى ما وصل إليه المستعمر من تقدم؟

كان الدستور ودولة القـانون الحـديث، والحريـات العامة والحكم النيابي، واألمة الحديثة، هـي ردود الشـعب المصري مسلميه وأقباطه في إطار المواطنـة علـى هـذه

تب على ذلك، أن السياسة ومجالهـا ورجالهـا، تر. األسئلةوأحزابها السياسية، وانتخاباتها، ال دخل لرجال الـدين بهـا، وإنما حقل يخضع للصراعات السياسـية، وأسـاليب وأدوات

لتجاوزاتهم، وهو أمـر ينبغـي تنزيـه من هنا السياسيين، و األديان رفيعة المقام والمكانة، عن تالعب البعض بهـا فـي

.ة اليومية وتقلباتهاالسياسيمن هنا ولدت البيئة شبه الليبراليـة والديمقراطيـة،

مـن أبـرز التقاليـد . ١٩٥٢تقاليد عصف بها نظام يوليو الفكرية، أن الكتاب يرد عليه بالنقد والتقـويم ال المصـادرة، والتكفير، والتخوين والتخويف يكتب األستاذ العميد طه حسين

ه كبار المشايخ وفقهاء أصـول في الشعر الجاهلي، يرد علي الدين، والتاريخ اإلسالمي، كموالنا الشيخ أحمد الخضري بك

.رحمه اهللا

وينتصر القضاء المصري لحرية تداول الكتاب مـع .غيره من الكتب، ويراجع طه حسين بعض أفكاره فيما بعد

بلغة واصـطالحات االفيلم، يرد عليه، بتقويمه نقدي ، السينمائي، ألنـه مـن المعـروف أن أدوات ومعايير النقد و

ـ للواقـع، وال هـي الحكايـة، وال هـي الًالسينما ليست نقالشخصيات، وإنما هي ميدان للتخييل، وبنـاء المتخـيالت،

.وحياة موازية للحياةالرواية، والقصيدة، واللوحـة، يـرد عليهـا بعمـل ةروايات وقصائد، ولوحات أخرى، ولكن المنع والمصـادر

بال الجمهور على المواد المصادرة، وإلى النشر يؤدي إلى إق لم تعد أسـاليب الرقابـة علـى . نترنتوالبث على شبكة اإل

المصنفات الفنية قادرة على االستمرار في ظل عالم الوسائط المتعددة، الكتب والروايات والقصائد المصادرة تـم نشـرها اإليكترونيا على مواقع متعددة باإلنترنت، ولـم يعـد مجـدي

اللجوء إلى المصادرات والمنع، إنما األكثر جدوى وكفـاءة، هو الحوار والتقويم النقدي، حيث الحجة بالحجـة، والـرأي

. ي، والمعلومة تواجه المعلومةأبالر

إننا إزاء مفترق طـرق تـاريخي، بـين ضـغوط ـ اخارجية، تحاول أن تنسب زورا وبهتانً دين العظـيم ، أن ال

سـبتمبر ١١ مستغلة أحـداث ضد حريات الفكر واإلبداع، وما بعدها، وبين صـور نمطيـة يحـاول الـبعض ٢٠٠١

فلترد على . ترويجها عن اإلسالم والمسلمين، وهو منها براء وأفكار وآراء جمال البنا، عن زواج المتعة لألقليات دعاوى

المسلمة في المهاجر الغربية وال تصادر، فهي مثـل فتـاوى سماه زواج فريند، يرد على هذه الشيخ الذنداني اليمني عما أ

اآلراء، ببحوث وكتابات أخرى، تؤصـل القضـايا وتحـرر المسائل، وتصوغ الحلول للمشكالت التي تواجـه المسـلمين

ورجاال في البلدان األوروبية وفي أمريكا الشـمالية نساء – … وأمريكا الالتينيـة، واسـتراليا –الواليات المتحدة، وكندا

!إلخاحث إسالمي مجتهد، ورصين ويسـعى جمال البنا ب

، وهـو ىإليجاد حلول للمشاكل المعاصرة، دون غرض وهو .رجل حوار من طراز رفيع

امشكالت عموم المسلمين يجب أن تكون موضـوع للدراسات، وبحـوث ميدانيـة، وتاريخيـة وسوسـيولوجية

ال توجد في اإلسالم سلطة دينية وال وساطة . وسياسية ودينية ال محاكم تفتـيش من هنا واهللا سبحانه وتعالى، و بين المسلم،

– عقيدته وشريعته –في الضمائر واألفكار، ألن الدين راسخ في قلوب وعقول الناس، والمصريون أمة متدينة مسـلموها،

.ومسيحيوهافليواجه مجمـع البحـوث اإلسـالمية، وعلماؤهـا

مثل هـذه اآلراء، – وبعضهم أخوة كرام أعزاء -األفاضل، ائهم، وبحوثهم المتعمقة واألصلية واالجتهادية، هذا هـو بآر

ال يحتـاج . المطلوب، ال الحجر وال المنـع وال المصـادرة األزهر الشريف، وعلماؤه الكبار، أية سـلطات قانونيـة أو إدارية كي يواجهوا آراء مخالفيهم سواء أكانـت خاطئـة أو صائبة أو تنطوي على خطأ وصواب، ألن مكانتهم، ودورهم

وعلمهم قادر على مواجهة التجديف، أو محاوالت النيل مـن وذلك بالحسنى والفكر والبحـث والفتـوى ال إلخ، …العقيدة

المصادرة أو التكفير التي تسيء لنا، وتفـتح البـاب أمـام المرجفين، وصانعي الصور النمطية عن اإلسالم والمسلمين

.في وسائل اإلعالم الغربية

اإلسالمية إلى إجابة طلـب ال يحتاج مجمع البحوث بينما األمـر كلـه، " بحب السيما " لمنع فيلم دعاوىرافعي ال

عرضوه على القضاء المصري، ورفضته محكمـة القضـاء المستعجل؟ ثم إن دعوى أخرى معروضـة علـى القضـاء

١اإلداري؟ ليتهم يعلمون أن القضاء اإلداري ليس جهة فصل في

لنظـر فـي األعمـال اختالف الرؤى، واألفكار، ووجهات ا السينمائية والفنية؟

إن الكنيسة القبطية إحدى مراكز الحكمة في بالدنـا، وما قام به بعضهم، هو تعبيرات عن احتقانات تحتـاج إلـى حلها باالنتصار إلـى حريـة اإلبـداع والفنـون، ال إلـى

.المصادرات، وأساليب المنع، ودعاوى الحسبة الجديدةة منذ البابا كيرلس الرابع، كانت الكنيسة األرثوذكسي

إحدى طالئع اإلصالح الديني واالجتماعي في مصر، ولعب ويقصد بهم هنا مـن هـم –األقباط الليبراليون والعلمانيون

مهما في تطوير وتحـديث ا دور –خارج اإلكليروس الكنسي

ة الرأي صدر حكم من محكمة القضاء اإلداري برفض الدعوى واالنتصار لحري ١

.واإلبداع

ـ نظـم األحـوال االمؤسسة الدينية األرثوذكسية، وخصوص عن الكثير منها خالل العقـود التي تم التراجع –الشخصية

، وفي الحياة السياسية والثقافيـة -األخيرة من القرن الماضي ال يتجزأ مـن حركـة اواالقتصادية المصرية، وكانوا جزء

هذا التاريخ المرموق يجعلنا نثـق فـي . التجديد واإلصالح حكمة، وتسامح بعض رجال الدين األقباط في دعم حريـات

قواعد اإليمان األرثوذكسي لن تتزعزع إن. التعبير واإلبداع من عرض فيلم سينمائي، أساء بعض رجال الدين وأتبـاعهم فهم طبيعة السينما، وبعض وقائع الفيلم، وذلـك فـي إطـار الصراعات الداخلية بـين بعـض مراكـز القـوى داخـل

.األكليروساألمة المصرية العريقة، ومؤسساتها الدينيـة التليـدة

ام مفترق طرق تاريخي، وخطير، وعلينـا على اختالفها، أم مسؤوليات جسـام، فـي ضـرورة اختيـار طريـق اجميع

الديمقراطية، والتسامح، والعدالة والحرية، والحوار ال طريق ما أعرفـه مـن …التسلطية، والقمع، والمصادرات والمنع

طريق حريـة اتاريخ بالدي، أن األزهر والكنيسة اختارا مع منذ واطنة، واالستقالل، طريقا إلى التقدم الوطن والفرد، والم

بيـد ا يد ا، ويمكننا مواصلة الطريق اآلن، ومع ١٩١٩ثورة .تحت ظالل الحرية والمساواة ودولة القانون

? هل يمكن أن يحدث أي إصالح مـن أي نـوع، ال

، ويفتح ملفاتـه ال كل شيء إلى اإلعالم عموم وقب الًيمتد أو كلها، وبشفافية ال حدود لها؟ ما الذي حدث خـالل خمسـة

عقود، ويزيد، خاصة بعد تأميم المؤسسات الصحفية؟ وبعضها أقـل مـن اشخصيات صحفية عادية جد ،

عادى من حيث القامة المهنية، واإلنسانية، بل ويفتقرون ألية القانون، وقـيم المهنـة بخرق قواعد مهارات، إال فيما يتعلق

تحولوا إلى مجموعة من الفراعنة، يتحكمون فـي مصـائر المؤسسات، وميزانياتها، واإلداريون، والصحفيون، يعينـون

ليـت مـن يـتم عمالة جديدة ال تحتاجها المؤسسات، ويـا اختيارهم على كفاءة أو موهبة، إال فيمـا نـدر، يهمشـون

هكذا تاريخ أسود من الممارسات كفاءات، ويقربون إمعات، و الصحفية الداخلية حافـل بانتهاكـات صـارخة للقـوانين، وتجاوزات إدارية ومالية، وال أحد يسأل، وال أحـد يـدرس

.ويقوم ويجيب ما الذي يحدث داخل المؤسسات الصحفيةتاريخ الصحافة المصرية لم يكتب بعد بموضـوعية،

وسوسـيولوجي ومن خالل منهج تاريخي واقتصادي ومهني إننا ال نكاد نعرف ذاكرة كل صحيفة أو مجلة، . وصارمجاد،

تاريخ شفاهي، تتداخل فيـه الوقـائع . أو األقسام الداخلية بها الصحيحة، مع الكاذبة، والموضوعية مع الذاتية، والصـدقية بجانب االفتراء، قامات صغيرة، ترفع إلـى سـابع سـماء،

إلى أساتذة كبـار للمهنـة، تباع والمستفيدينويحولها نفاق األ وعندما ينتقل بعضهم إلى الرفيق األعلى، ال نكاد نرى لهـم

اإنجاز أضافوها إلـى اإلدارة الصـحفية، أو إلـى ا، أو آثار أنا ال أتحدث هنـا عـن . الصحفية أو المهنية الفنون والعلوم

كوارث اإلعالم المسموع والمرئي ألنها مروعة، وتحتاج إلى ووقفة حازمة تستعيد للقانون هيبته، وللوظيفة معالجة خاصة،

العامة احترامها لدى شاغليها، ولدى الجمهور الذي يتعامـل مع جماعات الموظفين العموميين، الـذين حولـوا الوظيفـة

أو –، وقبل الخصخصة، وتحرير القطاع العام االعامة مبكر إلى وظيفة قطاع خاص، تباع وتشترى في –قطاع األعمال

.لخدمات العمومية لمن يدفعسوق اإن مذابح عديدة تمت داخل المؤسسـات الصـحفية

مشاغبة، ألنهـا طالبـت المصرية، لعناصر عديدة اعتبرت قيادات هذه المؤسسات بضرورة االنصياع ألحكام القـانون

في أعمالهم وقراراتهم، أو تحكـيم قواعـد قـوانين اعموم ،لوائح المتعلقة بإدارة العمل، والصحافة، ونقابة الصحفيين، وال

.العمل اليوميإن تهميش الكفاءات، وهدر اإلمكانات المتعددة فـي الصحف المصرية الحكومية، ربما يشكل ظاهرة مكافئة لهدر أموال الصحف، من توسعات ال سند اقتصادي، وال دراسات جدوى وراءها، أو فساد ذمم، وفقدان للنزاهة، يـراه عامـة

أى العين، وربما ال يحتاج إلى تسويغ، العاملين والصحفيين ر .أو تدليل عليه

المشكلة تبدو، وكأنها جزء من دراما غامضـة، وال إن ملفات عديدة حول اختالالت هيكلية، . إغريقية اأقول مبالغً

للمصـداقية وتدني مستويات المهنة، وفقدان وأخطاء فادحة،

ن السياسية وللحرفة والصناعة جلية، بل ومخزية فـي أحيـا عديدة، وال مساءلة، وال تغيير في األشخاص المسؤولين عن التدهور المستمر، والخسائر المتتالية للصـحف والمجـالت

.الحكوميةمظاهر األزمات المستمرة للصحافة المصرية عديدة،

، تـدني الًخذ مث . وتتفاقم، وتحتاج إلى وقفة حازمة ومسؤولة يث ما تقدمـه مستويات الحرفة، والمهنة والصناعة، ومن ح

، مـن حيـث الخبـر ئالجرائد والمجالت من خدمات للقار ــل، ــوار، والتحلي ــال، والح ــق، والمق ــز، والتحقي المتمي

وقارن بين مراحل تاريخية عديدة فـي إلخ، …كاتوريوالكر –تطور المهنة، والصناعة في مصر، وبين التدهور المستمر

إال فيما ندر وباستثناءات محـدودة فـي بعـض الصـحف والذي إذا ما قورن بـأداء بعـض –المجالت والصحفيين و

الحصيف يخجل من مسـتوى ئالصحف العربية، يكاد القار . الصحف والمجالت الحكومية، إال باستثناءات قليلة

الغريب أن بعض الصحفيين والكتـاب المصـريين وليست كلهـا ذات –يشاركون في الكتابة بالصحف العربية

ثلهم كمثل بعض مذيعي ومحـرري م –وزن أو قيمة مهنية

إذاعات عالمية وفضائيات عربية، لماذا ينجح هؤالء هنـاك؟ ولماذا يفشلون إذا عملوا هنا؟ لماذا يكتبون مقاالت تتسم بالحد األدنى المطلوب من التأصيل وتعميق موضوعاتهم، وتأسيسها على الحد األدنى من المعلومات، والمعالجة المنهجيـة، وال

تاباتهم في جرائدهم، أو مجالتهم المصرية؟ يبـدو يهتمون بك بوضوح أن نمط اختيار القيادة الصـحفية، ينطـوي علـى

على االستمرار، خاصة في ااعتالالت جسيمة، ولم يعد قادر ظل تزايد الخلل في الهياكل المالية، من حيث تزايد معدالت المديونية، وهدر اإلمكانـات، والتوسـعات التـي ال هـدف

ي أو مهني من ورائها، من قبيل التوسع فـي إنشـاء اقتصاداألبنية، والتجديد المستمر للمطابع، وتزايد اإلنفـاق اإلداري

. إلخ…فيما ال يلزمإن نمط التجنيد القيادي السلطوي لم يعـد مالئمـا، ويسهم في هدر المال العام، وموارد دافعي الضرائب فيما ال

.طائل من ورائه رؤسـاء مجـالس –دة الصـحف اعتمد التجنيد لقيا على عدد من االعتبارات، منهـا –إدارات، ورؤساء تحرير

عالقات بعضهم مع بعض أجهزة الدولـة : على سبيل المثال

ذات الطبيعة األمنية، وهو أمر مفهوم في ظل دولة التعبئـة، إن طبيعة . واأليديولوجية السلطوية الشمولية، والحزب الواحد

وة الحاكمة، وأساليب التجنيد، والوالء السلطة، وتركيبة الصف داخلها، فرضت نفسها على طرائق اختيار الصفوة الصحفية

:الرسمية، وهياختيار قادة النظام بعد التأميم، وإلى اآلن، للقيـادات - أ

الصحفية، وهو ما يعتمد على المعرفـة المباشـرة باألشخاص، وكتاباتهم، ومدى والئهم الكامل والبات

ة، أو الرئيس كما في عهـد الـرئيس ألشخاص القاد .السادات

الوالء األيديولوجي، والقدرة علـى التعبيـر عـن - بالسياسة العامة، للقيادة السياسـية، والحكومـة، ثـم تدهور هذا النمط من الـوالء كمـا لـوحظ خـالل السنوات العشر األخيرة، بعد أن تحولت الحكومـات إلى هدف مركـزي إلطـالق رصاصـات النقـد

والعشوائي في أحيان عديدة لتفريغ اي حينً الموضوعالسخط الشعبي العام الذي يتنـامى، بفعـل ضـعف مستوى ونوعية السياسـات والقـرارات واآلليـات

الحكومية، وباألحرى ضـعف نوعيـة الـوزراء، ورؤساء الحكومات، هنا نجد أن االنتقادات العشوائية

، "بطوالت " من قبل الصفوة الصحفية الحكومية، و ابتزاز بعض طـالب اإلعالنـات والمزايـا مـن و

إلى عناصر " الصحفيين"الوزراء، إلى تحول بعض تخلط بين قواعد وتقاليد العمل المهني، وأخالقياتـه، ونطاق وحدود العمـل الصـحفي، وبـين العمـل اإلعالني، والسعي إلى التـربح مـن وراء العمـل

.المهني

لعمـل من هنا، نستطيع أن نالحظ، اتساع مساحات ا ااإلعالني، والخلط بينه، وبين العمل الصحفي جهار ا نهـار ،

ال من المجلـس !اواألخطر ال رادع سياسي . وال رادع نقابيا ، لرصـد ااألعلى للصحافة الذي يصدر تقارير بها جهد أحيانً

أحد يعمل بها، لماذا؟ وال من مجالس التدهور المهني، لكن ال . لحسابات انتخابية صغيرةنقابات الصحفيين على اختالفها،

ألنه ال توجد متابعة سياسية ال من مجلس الشورى، وال من األجهزة الرقابية، وإذا فعلت فمن ذا الـذي سـيتابع

ويـأمر بـالتحقيق والمسـاءلة – المشكور إن تـم –عملها .والعقاب

–خذ الوزراء، ورؤساء مؤسسات قطاع األعمـال –ص منها بالبيع الـبخس الباقية حتى اآلن في انتظار التخل

الجميع قرروا، أن يشتروا سكوت، وصمت بعض الصحف، والمجالت، بالصفقات اإلعالنية السنوية، أو الموسمية، وهي بالماليين، وهناك عموالت تدفع للصحفيين، وليس لمنـدوبي

.إعالنات الصحف – وليس الـوزارات –عقود الصمت، بين الوزراء

أنها عقود تصالح مع ابتزاز، وبين الصحف تعني وبوضوح، وأن الوزراء يسـتخدمون اإلعالنـات كـأداة ضـغط، ألن الصحف بحاجة إلى عقود اإلعالنـات، فـي ظـل األزمـة االقتصادية المستمرة، خاصة في ظل الركـود التضـخمي،

لقرارات عديدة تفتقـر إلـى اوتزايد المديونيات الهائلة، نظر !الرشد االقتصادي، وال أحد يسأل

: ة جمعيات عمومية، ومجالس إدارات، والسـؤال ثمماذا تعمل؟ ما هو دورها الرقابي؟ ثمة تهميش واقعي للرقابة الداخلية على عملية صناعة القرارات اإلدارية، والتحريرية،

والمالية للمؤسسات الصحفية من حيث الجدوى، وحسـابات . إلخ…الربح والخسارة

معـايير الكفـاءة نمط التجنيد القيادي، ال يعتمد على والموهبة والخبرة والنزاهة، وهو ما يجعل بعض الصحفيين

في أحيان عديـدة، ا، وغاضب ا، ومندهشً ا حينً االشباب مرتبكً ربما لعدم استيعاب معايير وطرائق اختيـار قـادة العمـل

. في المؤسسات– واإلعالمي –الصحفي ء العقد القديم القائم علـى الـوال اهل ال يزال مستمر

الكامل للنظام في مقابل الحرية الكاملـة، وبـال قيـود فـي التصرف داخل المؤسسات؟

، وال الًال أعتقد، فقد تم انتهاكه، فال الوالء بات كـام األداء الفعال في دعم قادة النظام وسياساته ظل كما كان منذ

–" رجال األعمـال "عقود، بل أصبحت هناك والءات لبعض وتجد رائحـة شـيوخ نفـط، –لبلد يسمونهم هكذا في هذا ا

وزعماء قبائل، ولوبيات من بالد الفرنجـة، علـى رأسـها مندوبو اإلمبراطورية الكونية األمريكية، وبريطانيا، وفرنسا،

. إلخ.…و . …و

والءات أخرى لمن هم أدنى مرتبـة قياديـة مقابـل السفر في األعياد القومية لبالد النفط وبالد أخـرى تركـب

من هم أصغر مكانة، فـي موضـوعات صـحفية ول !أفياالإعالنية، أو تسعى لتحقيق إعالنات، أو كي تدوم نعمة السفر

اإلى هذه البلدان مجدد. ؟ بالطبع ال، انكسـرت اهل عقد الوالء، ال يزال قائم

خذ . لغاء بنوده، أصبحت حدود الوالء صغيرة إقواعده، وتم ، لـم "مبـارك الوالية الرابعـة للـرئيس " موقفهم من الًمث

بفعالية في إدارة حملة استثنائية متميزة يستطيعوا أن يساهموا وجديدة، قادرة على تحويل خطاب رئيس الجمهورية الشهير

.سكندرية يومذاك إلى برنامج، وحركة، وتصوراتباإلهل يمكن قبول الرأي الذي ساد، وال يزال يـرى أن

بالقطع ! ا مستمرالعقد المبرم من أيام الرئيس السادات ال يزالبل إن بعضهم يمارس التشهير، واالبتزاز علـى وزراء، ! ال

ورجال دولة، وإدارة، والناتج النهائي ال أحد يسأل بعضـهم نجـازات داخـل إعن ممارسة مهنيـة أو سياسـية، أو أي

المؤسسة التي يعمل بها؟

بسيطا على عدم وفاء بعـض المؤسسـات الًخذ مث الية في أحد البنود، والمتمثل في دفع الصحفية بالتزاماتها الم

أقساط التأمينات االجتماعية المتأخرة على العاملين بها، حيث ٣٠ مليون جنيـه حتـى ٣٨٧تقدرها وزارة التأمينات بمبلغ

إن بعض المصادر تشكو من هجـوم . الماضي ٢٠٠٤يونيو ابتزازي للصحف في حالة مطالبة الهيئة العامـة للتأمينـات

لماذا ال يحقق مجلـس الشـورى فـي هـذه …بمستحقاتهاالمشكلة، ومعها منتجو المشاكل الصـحفية األخـرى التـي

!أصبحت فيما يبدو مستعصية؟لماذا ال تدفع رسوم الخـدمات، مثـل التليفونـات،

إلى الجهـات المختصـة؟ طبيعـي، ألن إلخ، …والمياه، و المؤسسات مثقلة بمديونيات كبيرة، وال تستطيع أن تدفع مـا

ليها من التزامات مالية، ألسـباب تتعلـق بسـوء اإلدارة ع .وانحرافات بعضها

أخطر ما فـي الصـحافة المصـرية، أن التجنيـد للقيـادات، - أين هـو؟ –السلطوي القائم على الوالء التام

على اختيار القيادات الصحفية األخـرى، فـي انعكس أيض ا التحريـر، تسلسل الهرم القيادي، وأصبح الوالء التام لرئيس

صارم، أكثر من الـوالء للقـادة . ورؤساء مجالس اإلدارات السياسيين للنظام في أعلى مستوياته، بل إن رغبات رئـيس التحرير، ورؤساء األقسام، يبدو لدى بعضهم أكثر أهمية من

.الوالء لقادة النظام، وال نقول لألمةملف متخم بأوراق اخـتالالت مهنيـة، ومخالفـات

ـ عف في الكفـاءة ال تخط قانونية، وض ه العـين، والنفـاق ئبــالقطع ال تقــود . والــوالءات الشخصــية، واالنحرافــات

المالحظات السابقة إلى التعميم، بل هناك بعض القيادات لديها .خبرة، ومهارات، وبعض القيادات التالية لهم كذلك

ظروف وعوامل اقتصادية، أدت إلى تفاقم اثمة أيض المالية واإلدارية، إال أن هـذا كلـه، ال االختالل في الهياكل

ال ! يعني استمرارية شخصيات فوق مقاعدها بعد فشل جهير يمكن ألحد في مصر أن يقتنع بأية نوايا حقيقية، أو موهومة ـ اعن إصالح ما، جزئي أو شامل، أو عن مواجهة للفساد أي

كانت حدودها إال بعد إصالح شـامل، وجـذري للصـحافة .المصرية

قت المساءلة، وفـتح الملفـات، ألن حريـات حان و الرأي المتزايدة في الصحافة المصـرية، تتطلـب حمايتهـا

وتطويرها ودعمها، وفتح األبواب أمام أجيال جديدة شـابة، وقادرة على العطاء، والعمل، ألن دور الصحافة فـي ةوكفؤ

سيحتاج إلى فكر وجهـد –تمت إذا ما –عمليات اإلصالح الجديدة في الصحافة المصرية، ال إلى أقالم ومهارات الرؤى

مـن أجيـال اجفت، ورؤى ميتة، وروح ذابلة نطالعها يومي متعددة من كتاب، وصحفيين، وحفريات من قـرون غـابرة باتوا يمثلون عقبات إزاء إصالح المهنة، والنظام، والمجتمع

.المصريعشرات األقالم من المستويات الرديئة تكتب بانتظام

، بينما قادة النظام يتحدثون عن اإلصالح، والتحديث، ترهاتوالنهضة قبل المبادرات األمريكية، واألوروبية، ولم يتحقـق

هل هي مسألة تضليل ! منها شيء أبدا، ويبدو أنها لن تتحقق سياسي يمارس على الشعب المصري؟ هل ألن بعضهم غير قادر على تحقيـق نوايـا، ومنطـوق خطاباتـه السياسـية

الحية؟ هل ألنهم ال يجدون القوى المهنية أو السياسـية اإلصالقادرة على تحويل اإلصالح من مجـال النوايـا والدعايـة

السياسية إلى حقائق عمل يومي تتحرك بين الناس؟

أعتقد على الرغم مـن كـل االنتقـادات السياسـية والجزئية الجريئة حينا، وغير العلمية والعشوائية في أحيـان

ـ عديدة، هناك والصـحافة ا اضطراب في اإلعـالم عموم ،يحتاج إلى إصالح جذري وشامل، ويبـدأ بكسـر اخصوص ،

الجمود والركود القيادي والفكري والجيلـي فـي الصـحافة وأولها، ملـف . الرسمية في مصر كمقدمة لفتح الملفات كلها

الفساد واالنحرافات وسوء اإلدارة، وتدني مستوى القيـادات دي الهرمي داخل كل صـحيفة، وتضـخم في التسلسل القيا

!العمالة اإلدارية والمهنية، والصحفية بال داعثمة حاجة ملحة لتحرير الصـحافة المصـرية مـن

واإلعالميـة مـن القيـود أعبائها، وتحرير السوق الصحفية تحرير حقيقـي يشـمل …البيروقراطية والسياسية والمالية

ات التي ال مالـك األقالم، والضمائر، وملكية غالبية المؤسس !حقيقي لها يراقب ويتابع ويسائل القائمين عليها

فريضة اتحرير، وخصخصة الصحف المصرية، بات وطنية، وضرورة اقتصادية، حتى تستعيد الصحف توازناتها االقتصادية، والمهنية، بناء على معايير التنافسية، والكفـاءة،

مؤسسـات، ، واألهم المسؤولية فـي إدارة ال ئوالخدمة للقار .واألكثر أهمية الحرية في أرحب أبعادها وأعماقها

ال إصالح جدي إال بإصالح جاد، وصارم للصحافة بصراحة طليقة المؤسسـات الصـحفية . والصحف واإلعالم

الرسمية وعناصر عديدة داخل الجماعة الصـحفية يمثلـون كانت الهتافات الصاخبة من بعضهم اعقبة ضد اإلصالح، أي

!! ب باإلصالح، واإلصالحيينالتي تطال

هل يمكن تحرير القيم األخالقية واالجتماعيـة فـي مصر والمنطقة مـن الريـاء والطقوسـية االستعراضـية، واألضمار والتكلف واألبوية واإلذعـان لسـلطات السياسـة

والمؤسسة الدينية؟واألعراف السائدة هل إمكانية تحرير اإلنسان المصري، مـن أصـفاد العبودية للطغيان والقيم والتقاليد واألخالقيات والموروثـات

عن إصالحات بنائيـة وفكريـة االبشرية البالية، واردة بعيد أو تجديد أو تطوير خذ ما شـئت –شاملة، وداخلها إصالح

الخطابـات الدينيـة –من اإلصطالحات على التمايز بينها ؟االسائدة، وإصالح التعليم الديني والمدني مع

هل مطالب ودعاوى اإلصالح الديني والسياسي هي سـبتمبر ١١تعبير عن ضغوط أمريكيـة وأوروبيـة بعـد

، ثم احتالل العراق وانهيار دولته؟٢٠٠١هل تجديد أو إصالح الخطاب الديني هـو مشـروع

انـة وعقيـدة وقـيم وقواعـد لهندسة أمريكية لإلسـالم كدي وموجهات سلوكية وعملية؟ هل المطلوب أن ننصـاع لمثـل

الجديدة المطلوب إدخالها إلى المنطقة هذا النمط من الهندسات كجزء من خطابات الوعظ والتبشير السياسي األمريكي لدى

ول، وولفيتز، وكوندليزا رايـس، ومـا تسـميه بالرسـالة اب نطقة؟األخالقية األمريكية في الم

إن انهيار الدولة العراقية، تمثل ذروة نهاية رمزيـة لمنظومات من األفكار، والقيم السياسية المتخلفة، وأنماط من

ا لم يعد مجـدي من هنا اإلدراك السياسي والذهنيات السائدة؟ و التعامل الهروبي والنعامي لما يطرحه رمـوز اإلمبرياليـة

العولمية في واشنطن اآلن؟ ات القوة الذاتية في رفـض الضـغوط، ال إن إمكاني

تزال واردة، على الرغم من نسبية وحدود االقتصاد السياسي والرمزي لخطاب الرفض المصري؟

إننا ننطلق من أن إمكانية إعـادة بعـض الحيويـة السياسية للرجل المريض في الشرق األوسط، ترتبط بتـوافر

دولـة التصورات العقالنية لإلصالح الشامل، تحـت لـواء القانون الحديث، واستعادة المبادرة اإلصالحية فـي المجـال الديني، وللمؤسسة األصولية السنية المصرية في مجال إنتاج الخطابات، وتجديد الرؤى الفقهية، والفكرية والمنهجية أسـوة

هي في المؤسسة قبما يتم في بعض مراكز التعليم واإلنتاج الف راد بعـض فقهائهـا ألتـي األصولية الشيعية في المنطقة، ا

الطريق إلبـداع رؤى فقهيـة وإفتائيـة وبحثيـة متجـددة وإصالحية؟

إن استعادة القدرة على المبـادرة اإلصـالحية فـي المجال الديني، في إطـار إصـالحات سياسـية وتعليميـة ودستورية وثقافية شاملة، ستؤدي إلى تحركنـا مـن مجـال

العالء فـي مفـرق تاج"و " لواسطة العقد "اإلنشاد التمجيدي وفق القصيدة الذائعة لحافظ إبراهيم، إلى حركة جادة " الشرق

نحو معرفة الواقع الموضوعي وحقائق القوة ومواردها التي تبددت منا حتى على الصعد الرمزية والثقافية، وجفاف فائض الخبرات السياسية والمؤسسية، كنتاج للمراوغة والتسـلطية

عد حقائقه عنا، وعن صناع القرارات، ومعاندة الواقع الذي تبت وزنا النخبوية رمواألخطر ضرورة تغيير حياتنا وسياساتنا و

إلخ؟…في مجاالت السياسة واإلعالم والثقافة والتشريع إن إصالح الخطابات الدينية والمؤسسـات والتعلـيم الديني سيؤدي على المستويين المتوسط، والبعيد إلى استعادة

عن فقه وسلطات البداوة الدينية التي ابعيددورنا اإلصالحي حاولت التأثير علـى إنتـاج الخطـاب الـديني المصـري اإلصالحي، والذي كان من أبرز طالئعـه بعـض رمـوز األزهر الشريف، ومدرسة القضاء الشرعي، وبعض أسـاتذة الشريعة في كليات الحقوق المصرية العريقة، وأساتذتنا الكبار

الوهاب خالف، ومحمـد أبـو زهـرة، أحمد إبراهيم، وعبد ومؤلفاتهم الرائدة في علوم الشريعة ودراساتهم المقارنة مـع

ثم الشيخ محمـد عبـد اهللا . إلخ …القانون الوضعي الحديث دراز، وعبد المتعال الصعيدي، ومحمود بخيـت، وأسـتاذنا

وآخـرين ال يـزال …اإلمام األكبر الشيخ محمود شـلتوت صخب التوظيفات السياسية للقـيم بعضهم يؤدي دوره، رغم

.والقواعد الدينية في األسواق السياسية والدينية واإلعالمية

اإن الحديث عن إصالح الخطابات الدينية اتخذ طابع اسجالي على األغلـب، ويعـود ذلـك لعـدد مـن ا ورافض

:االعتبارات يمكن إيجازها فيما يليحساسية اللحظة إلى طرح فيها الموضوع والتـي -١

تتمثل في تكالب الهزائم واألزمات التي يتعـرض ، وخاصة في ان عموم ولها العالم العربي، والمسلم

والحـرب فـي ٢٠٠١ سبتمبر ١١أعقاب أحداث .أفغانستان، ثم احتالل العراق

ربط البعض بين اإلصـالح وتجديـد الخطابـات -٢والتعليم الديني بضغوط أمريكية وأوروبية، األمـر

إزاء تداخل بعض البـاحثين افسي ن االذي شكل عائقً أو المفكرين أو المشايخ إلعادة التوازن إلى إطـار طرح مسألة اإلصالح أو التجديد في الفكر الديني، بحيث أدى إلى شيوع خوف بعضهم من الربط بين الضغوط األمريكية اإلمبريالية العولميـة، وبـين

يؤدي هذا الخلط إلى من هنا مطالباتهم باإلصالح، و نشيط نزعات الرفض، والسـجال، والهجـوم ال ت

إن تـدخل بعـض . الحوار الموضوعي الرصين

رمــوز اإلدارة الجمهوريــة وخطــاب المــواعظ ، وضـرورات "عجـز الحريـة "واإلرشاد حـول

الديمقراطية واإلصالح التعليمي، والديني، أدى إلى خلق فجوة بين ضرورات اإلصالح والوعي بهـا،

طنية المصرية به، وبـين ومشروعية المطالبات الو ربط اإلصالح بالضغوط األمريكية، وإعادة إنتـاج مخاوف وأشباح الهوية المهـددة، والعالقـة مـع

! إلخ…الغرب اإلمبريالي

ال يوجد فـي اإلسـالم –خلط بعض رجال الدين -٣، ا عمد – اصطالح أساس وأصوله وصحيحه هذا اال

بين تطـوير المؤسسـات ،، أو عدم دقة اأو ابتسار على مستوى اإلنتاج الفقهـي واإلفتـائي –الدينية

ـ –والتعليمي ى وبين الدين اإلسـالمي ذاتـه، كبنعقدية، وقيم أخالقية، وطقوس، ورموز، وقواعـد،

وبين منـاهج وآليـات الخطابـات إلخ …فةقاوثالدينية، والتفسيرية، والتأويلية، وهي إنتاج بشـرى

دينيـة بامتياز حول القيم والقواعـد واألصـول ال للمساءلة البحثية والفقهية والدرس من هنا ويخضع

إال أن بعضـهم . التاريخي، بل والفلسفي حولهـا يتعمد هذا الخلط أو التخليط بين قداسـة وعصـمة النص المقدس عن التجديف وااللتـواء والخلـط،

فتـائي أو وبين الـرأي البشـري الفقهـي، أو اإل يترك إذا الوعظي الذي يؤخذ به، أو يرد عليه، أو . إلخ…جانبه الصواب الفقهي أو التأصيلي لألمور

نحن إزاء استراتيجية عمدية من بعضهم، ترمـي إلـى تشويه دعاوى ومطالب اإلصالح الفقهـي والخطـابي، والمؤسسي، والتعليمي الديني بالربط بينه، وبين ضغوط وأهواء وفانتازيـا اإلمبرياليـة االستشـراقية العولميـة

ة الكونيين أمثال رايز، وباول، وولفيتـز، ومجلس األساقف ثمة من يهدف إلى تجيـيش المشـاعر الدينيـة . وبوش

العفوية لدى غالب الجمهـور المسـلم ضـد مطالبـات اإلصالح، بهدف إزاحة العناصر المطالبة بالتغيير داخل المؤسسة، أو خارجها لإلبقاء على مصالح ومراكز قوى

واسـتبعاد الخطـاب عن التجديـد اترسخت داخلها بعيداالنقدي والتقويمي لإلنتاج والسياسات واألداء عموم.

من نوافل القول أن خطابات اإلصـالح والتطـوير كانت انتماءاتها الفكرية ا أي –والتجديد الديني في إطار شامل

في تاريخنا الثقافي والسياسي ا هي أقدم وأرسخ وأكثر عمقً –الجمهوري في البيـت من خطاب مجلس المبشرين الكونيين

م من األتباع الرسـميين وغيـرهم فـي هاألبيض ومن واال مشروعية خطابات اإلصـالح ال شـبهة من هنا المنطقة، و

!حولها قط، إال من في قلبه هوى ومرض بـل –إن خطاب ومشـروعات التجديـد الـديني

داخل بنيات الفكر الديني اإلسالمي والمسـيحي –واإلصالح فـي القـرن ا وإنما بدأ مبكر ا عارض اثًليست بدعة، وال حد

إن تاريخنا التجديدي واإلصالحي ولحظـات . الثالث الهجري عـن احتيـاج فقهـي اتألقه وازدهاره كانت وال تزال تعبير

وروحي ومجتمعي وتاريخي تولد من داخل البنيات الداخليـة ولم يكن محض تعبير عن ضغوط ومطالب خارجية، اأساس ،

فقد كان استجابة لنمطين مـن المطالبـات اوإذا حدث أحيانً والمؤثرات الداخلية والخارجية، واألخيرة لـم يجـد أكـابر

من التصدي لهـا باإلبـداع الفقهـي االفقهاء المجددين حرج نصياع، أو المجـاراة لسـلطة األصيل والمتجدد، وليس باال

و أصدقائه كما تباعه أ أالمتغلب االستعماري أو اإلمبريالي أو .يقال في اللغة الدبلوماسية أليامنا

، تجد أصـولها "التجديد الديني "إن شرعية اصطالح بدأ الحـديث عـن التجديـد "وفق شيخنا أمين الخولي عندما

منذ حوالي القرن الثالث الهجري، ولم يبق بعـد ذلـك امبكر مقال لقائل وال اعتراض لمعترض، ولم تعد فكـرة التجديـد

ن األمر يختلف الناس حوله، فتخسر الحياة ضحايا من بدعا م األشخاص واألعراض واألوقات مما ينبغي أن تدخره هـذه

وال تضـيع الوقـت …الحياة، لتفيد منه في ميادين نشاطها والجهد في تلك المهاترات التي تكثر وتسـخف حولـه كـل محاولة جادة لدفع الحياة الدينية أو الحياة االجتماعية إلى مـا

ـ مـن االبد منه سير، وتقدم وتطور، ووفاء بما يجـد دائم المجـددون فـي اإلسـالم، "(…حاجات األفراد والجماعات

).١٠ص –نحن إزاء اصطالحات، وأفكار، واجتهادات إبداعية كشفت

على عمق وأصالة اتجاهات التجديد في الفكـر –وال تزال كـار الديني اإلسالمي، وقدرته على المواكبـة وإنتـاج األف

الً وتأصي ا وبحثً االخالقة اجتهاد إال أن مطالبات التجديد . ا ونقد

ما واجههـا المقلـدون، وذوو المصـالح اأو اإلصالح دائم القدرات الفقهية المحـدودة وواألهواء، أو المحافظون، أو ذو

أو المبتسرة، وهذا شأن البشر وحظهم من الذكاء والمعرفـة مقاومة امشاربهم يبدون دوم وهؤالء على اختالف . والموهبة

شرسة لكل تجديد أو إصالح أو الدعوة لهما، ألن أي تجديـد لمصالح ومواقع قوة، بل وشرعية قوى التقليـد ايحمل تهديد

. تباعواالتباع ليسـت واحـدة، إن قوى التقليد والمحافظة واال

وبها بعض األفاضل من ذوي الخلق والمقدرة، إال أن خيارهم تباعي، هو تعبير عن ترجيحاتهم وآرائهم، ونمط المحافظ واال

تربيتهم التعليمي والبحثي، وهؤالء يجادلون بالتي هي أحسن، امع قوى التجديد في الفكر الديني عموم.

ثمة مقاومات شرسة في عالمنا العربي، من بعـض المؤسسات الدينية المحافظة التي وجدت فـي تحالفهـا مـع

السياسية الحاكمة فرصة تاريخية السلطات التسلطية واألبوية بعاد المجددين، ورفض آية محـاوالت إصـالحية تلقمع واس

من هنا يشكل هذا . للمؤسسة والتعليم وإنتاج الخطابات الدينية التحالف السياسي المعلن بين السلطات السياسية والدينية، أحد

العوامل البنائية التي تقف ضد إصالح الخطابـات واإلنتـاج التجديدي واإلصالحي الذي يعـد سـؤال الشـرعية الفقهي

. أحد أهم أسئلته - من أين لهم كل هذا؟ –السياسية والثروية إن خطورة هذا التحالف تكمن في اتباع المؤسسة والسـلطة والخطاب الديني الرسمي، لمصالح ومراكز القوى المسيطرة

إن . على مقاليد السلطة والثروة في غالب الـدول العربيـة رة السلطات السياسية العربية علـى الـدين وتوظيفـه سيط

والتالعب به ألهداف سياسية ورمزية في الشرعية السياسية، والتبرير، والتعبئة السياسية واالجتماعيـة، وفـي السياسـة الخارجية، أدى إلى نتـائج خطيـرة علـى حياتنـا الدينيـة

:والروحية والسياسية منهاتارية إلى إنتاج رجل نقالبية والعسكري أدت النظم اال -أ

نقالبية والذهنية العسـكريتارية، الدين ذي النزعة اال أو التسلطية، القائمة على إنتـاج خطابـات األمـر والنهي، واإلذعان كتعبيـر عـن القـيم التسـلطية ــة واإلرادة ــاب الحري ــيس خط ــة، ول والتعبوي

سئولية، وذلك على الرغم مـن إنتـاج بعـض موال

الحرية والمسـئولية، فـي الفقهاء المجددين لخطاب .إطار الهامش الفقهي

نزعة استيالء السلطات السياسية على الحقـل ولدت -ب الــديني إلــى إنتــاج معارضــات حــادة وظفــت استراتيجيات سجالية تجحد شرعية الدولة الحديثـة ذاتها، والسلطات الحاكمة، وتوظف بنية من األفكار المغالية والمتطرفة في تـاريخ الفقـه والمـدارس

ااإلسالمية، وذلك كي تلعب دور فـي نفـي ا وظيفي شرعية المؤسسـة السياسـية والدينيـة وتحالفهمـا

.السياسي

– شأن غيرها –تأثر إنتاج المؤسسة الدينية الرسمية -ج بالطابع التسلطي في السياسة والثقافة وفـي تقييـد الحريات العامة والفردية، وال سيما حريات الفكـر

كاديمي، األمر الذي أدى إلـى واإلبداع والبحث األ الجمود الفقهي والبحثي والتعليمي، بل وتأثرت كافة ــة ــة كأنظم ــدكتاتوريات العربي ــطة بال األنشوأيديولوجيات وسياسات وانتهاكات، وأدى ذلك إلى

الًإنتاج فقه الطاعة والتبرير والنفاق والخـوف بـدي

عن فقه الحريات والمسئولية ومواجهة منكر الحاكم .كتاتوري وأعوانه وزبائنهالدي

ثمة عوائق تقف إزاء التجديد في الفكر الديني، يمكن : فيما يليا ال حصرالًرصد بعضها تمثي الثقافيـة المصـاحبة –الضغوط النفسـية -١

لدخول المبشرين والكهنة العـولميين فـي اإلدارة الجمهورية على طريق المطالبـات اإلصالحية الوطنية، وفوبيا الخـوف مـن

ثمار الضغوط وإنتاج نمط خطابي دينـي أرخو وانسحابي من التأثير في الحياة وبين

.الناس الخطابي والمؤسسـي –إن التجديد الديني -٢

من بالهوية، و ا قد يشكل مساس –والتعليمي يؤدي إلى انخالعنا عن جـذورنا فـي هنا

؟!نظر بعضهم

ثمة نزعة لدى بعض رجال الـدين إلـى -٣على بعض اإلنتـاج إضفاء مهابة واحترام

الفقهي، وذلـك مـن فـرط التـأثر بـه

إزاء أية اواالعتزاز، وهو أمر يشكل عائقً سياسات تطويرية، حيث لم يعد التطـوير مجرد قرار فردي فقط، وإنما هـو إنتـاج

امؤسسي وجماعي، وفردي أيضا وأيض.

المجافاة الفكرية للواقع ومشـكالته، عـن -٤طريق رجـوع الـبعض إلـى التكـرار، والحفظ، وإنتاج الخطابات القديمة، أو قصر الواقع على النص الفقهي، وغلبة النزعـة اإلفتائية على البحث الفقهـي والتـأريخي والتأصيلي التي تمثل سمت الفقهاء ال وسم

.الدعاة وخطاباتهم الوعظية أو الدعوية

ثقافة التسلط والتعبئة واإلذعـان، أدت إن نتائج حالة في قلبه هوى ومرض في قدرة الفكـر إلى تشكيك بعض من

اإلسالمي على أن يقدم استجاباته األصـيلة علـى تحـديات الحداثة وما بعدها، وعلى قدرته على التوافق مع الديمقراطية

ـ مـن بعـض اوثقافاتها ومؤسساتها وقيمها وآلياتها انطالقًالخطابات السياسية اإلسالمية التي تتسـم بـالغلو والتزمـت

ن هذا النمط من الخطابات يتسم بالالتاريخيـة، إ. واالنغالق

فالتجديد في الفكر الديني والتوافقات التي تمت بين مصر شبه الليبرالية، والقيم اإلسالمية والفكر الديني على صـعد إنتـاج الخطابات والتعليم والمؤسسة اتسمت باإليجابيـة والتفاعـل

أزمنـة الجاد من أكابر الفقهاء والمفكرين، والفـارق بـين اإلصالح والتجديد في الفكـر الـديني، وبـين زماننـا أن اإلصالحيين كانوا على مسـتوى مـن التكـوين والمعرفـة األصيلة باألصول، وبالفكر الحديث، وبحجم التحديات التـي تواجه مجتمعاتهم المتخلفة، وأن الواقع المتخلف يؤدي إلـى

من هنا وعلى إنتاج األفكار والمؤسسات والخطابات، التأثير يشكل األخذ بأسباب التقدم، ونقد الذات مقدمة أساسية لتطوير المؤسسة والخطابات والتعليم تحت إعالم التجديد والحركـة

األفكـار الـوعي الفعالة لمواجهة تخلفنا، وكسر القيود على من خـالل الحريـة والخطـاب . والروح واإلرادة المصرية

ولوجيات الخـوف النقدي والمساءلة واالنفتاح ورفض أيـدي والقمع والكراهية يمكن مواجهة خطاب الوعاظ والمبشـرين

! من هنا نبـدأ ! األيديولوجيين والعولميين في البيت األبيض ! كما بدأ أكابر المجددين

:

هل تحولت السياسة المصرية إلى حالـة مرضـية؟ حقـل سياسـي مثقـل باألزمـات، وتراكماتهـا نحن إزاء

وانفجاراتها الصاخبة حينا، واألخطر الصامتة، التي تتمثل في األساسية فـي الدولـة ىامتداد الوهن وخالياه إلى نسيج البن

لقدرتها الفائقـة اوالمجتمع والحكومة، حالة تبدو خاصة أحيانً ية، منذ على توليد احتقانات تبدو وكأنها أحد مالمحها األساس

من الفهلوة السياسـية، واإلداريـة، اعقود ونحن نكرر أنماطً ، أننا ا من المثير والمريب مع إلخ، …والهندسية، واألكاديمية

لم نتعلم ونستوعب دروس األزمات التي تلـم بنـا وغالـب الكوارث إنسانية وبفعل فاعل، أو ما يطلق عليه في قـاموس

أو فقدان الرقابة، أو ااإلهمال المصري الذائع، قضاء وقدر ،

مخالفة القوانين واللوائح المنظمة لقطاع من القطاعـات، أو عناصر يأزمات تمويل التجديد واإلحالل في اآلالت، أو تول

لمواقع قيادية ال تستحقها، أو خلل نظـام اغير ذات كفاءة فني إلى آخـر قـاموس ضـخم مـن …إصدار تراخيص البناء

يعـاد إنتاجهـا بـين الحـين التبريرات واألوصاف التـي !! …واآلخر

حرائق في بعض القطارات، ومئات القتلى، ومـذابح يومية على الطرق نتيجة لحوادث السيارات، وغياب تطبيـق فعال وصارم لقوانين المرور، وسيارات أجرة يحدد السـائق فيها األجرة بناء على قانون القوة والبلطجة في أحيان عديدة،

وكيات االجتماعية المضادة لقانون الدولـة وال تجد هذه السل من خالل آليات فعالة وعادلة لتطبيق قواعد القانوناردع .!

شعبية ومتوسطة، تؤجرها هيئـة األوقـاف مساكن المصرية لمستأجرين مـن البسـطاء، ومتوسـطي الحـال، استأجروها منذ أكثر من أربعة عقود، تحولت مـن أمـاكن

وضاء، من خالل بيعها آلخرين للسكنى إلى محال إلنتاج الض …لتحويلها إلى ورش، ومقـاه، ومحـال جـزارة وبقالـة

من أعطى لهم ترخيص تحويل سكن إلـى مقهـى : والسؤال ! إلخ…وورش إلصالح السيارات

انهيار عقار في واحد من أكثر شـوارع العاصـمة أثرياء وبعض وجهاء السياسة كشف ه، ويقطن االمصرية لمعانً

ى القانون، وعن نسبة مخالفات في مدينة عن خروج سافر عل ، وتكـاد !!من المباني التي شيدت هنـاك؟ % ٩٥نصر تبلغ

تسمع ذات التبريرات، ويكاد البعض يقول وأين القانون فـي اوبات البعض صـريح ! مصر كلها ال في منطقة أو محافظة

في تحديد السبب وراء الكوارث التي تحدث في مصر، وهو المحلي واألجهـزة البيروقراطيـة، بـل فساد أجهزة الحكم

وتواطؤ بين هؤالء، وبين ممثلـي الشـعب فـي المحليـات ومجلسي الشعب والشورى، على استصدار تراخيص مخالفة للقانون، والغريب أن غالبيتهم الساحقة من الحزب الـوطني

.الحاكم القـدرة علـى من هنـا هل افتقدنا القابلية للتعلم، و

وكنا السياسـي واالجتمـاعي، تصحيح بعض أو غالب سـل والقانوني، واإلداري المنحـرف؟ هـل تحولـت السياسـة المصرية إلى سياسة تراكمية؟ أي أنها سياسة تفتقر للقـدرة

على استيعاب أخطائها عبر الدراسـة العلميـة والتحليليـة .للمشكالت وأسبابها وتطوراتها التاريخية

تـدور هل هي الفهلوة السياسية والبيروقراطية التي حول المشكالت، وتسعى إلى رمي المسئولية على اآلخرين،

عاطف عبيد . كما كان أول رد فعل لرئيس الحكومة الحالية د عقب حريق أحد قطارات الصعيد، وحجم الضحايا الكبيـر، حيث أرجع مسئوليته ال علـى حكومتـه، وهيئـة السـكك الحديدية، والمسئولين عن القطار والصـيانة، وإنمـا علـى

.الركاب الذين يصطحبون معهم أجهزة إشعال غازيهذا النمط من ردود األفعـال التـي تتنصـل مـن

في أثناء الشجارات االمسئولية، وإسنادها لآلخرين، برز أيض التي تمت في الكويت بين بعض أبنائنا، وبين بعض الكويتيين

نحياز جهاز الشرطة ا المحال، و أحدفي وأتباع يعملون لديهم كـان رد الفعـل األول لـرئيس ! إلى أهل الكويـت؟ هناك

بالطبع !! الحكومة، إن ما حدث تقع مسئوليته على المصريين المطلوب منه ليس الدفاع عن خروج البعض عن الصـراط القانوني المستقيم، ولكن مهمته التريث ومتابعة التحقيقـات،

منـه أن يتـابع امطلوبوهل تتم بنزاهة أم بالتواء؟ ولم يكن

، وهذا واجبه، ودورة وإنما أن يتابع متخصصون ما اخصيش ! إلخ…يجري هناك

التهرب من مسئولية بعض القرارات السياسية والفنية المؤثرة على االقتصاد وأنماط المعيشة لدى فئات اجتماعيـة واسعة، تبدو أحد أبرز مالمح الخطاب السياسي الحكـومي،

ة والمؤثرة تؤكـد إن نظرة على بعض ال كل القرارات المهم ن بعض مظاهر الخلل في سياستنا إالمالحظة آنفة السرد، بل

نتاجية، والتعليمية، والثقافية، كلها تشير وتؤكد االقتصادية واإل تغيير سـعر صـرف العملـة الًوتدلل على ما نقول، خذ مث

وضعف مستوى الصادرات المصرية، وارتفـاع وتحريره، افية مشروعات الخصخصة، معدالت البطالة، وتعثر وعدم شف

وضعف وانهيار النظام التعليمي وتدني مسـتويات التعلـيم والخريجين، وما نراه ونسمعه من بعض الشـعارات التـي

– السابق حسين كامل بهـاء الـدين –يرفعها وزير التعليم الذي تفرغ لكتابة الكتب عن تطوير التعليم، وال أحـد : الًمث

ان، ويقول له ماذا تعمل أثنـاء يحاسبه في الوزارة أو البرلم الحكومات التي شغل فيها موقعه الوزاري؟

في الصحافة، انظر إلى ما يكتب فيها، وال تجد سوى تدهور جلي ال يحتاج إلى تدليل كبير علـى سـوء وتـدني المستوى المهني، وقارن مع بعض الجرائد العربية، وسوف

ـ دات، قيـا ! ايقودك ضميرك إلى القـول ال مقارنـة أساسومحررون ال تعرف لماذا استمروا طيلة عقود، والجميع يقف أمام أطالل مهنة، كانت تميز الحالـة السياسـية والثقافيـة

توريث مهنة الصـحافة إلـى …المصرية أيام ازدهارها؟ بعض أبناء العائالت من أشخاص هـم األبناء واألحفاد وإلى

أثرياء لخ، إ …موضع شك كبير في قدراتهم المهنية والكتابية المهنة من أين لهم كل هذا في ظل تدهورها؟ أثرياء المهـن

، والهندسة، حيث المباني التي الًاألخرى المتدهورة كالطب مث تنهار ومعها الذمم وأصول المهنـة وأخالقياتهـا مـن أيـن

ثرواتهم الطائلة؟من المثير أن تالحظ ازدهار أقنعة وعالمات التـدين

لزي، وتمثيل التدين، فـي مسـاحات الشكالنية في اللحى وا إلى جنب مع االنحرافات والخروج على القانون، اعديدة جنب

إذا كانت لغة الخطاب اليومي محملة بـالرموز والمفـردات والحكم واإلشارات الدينية، وفي ذات الوقت ال تسـتطيع أن

في إطار القـانون إال إذا دفعـت المعلـوم مـن الًتنجز عم أو االرشاوي جبر إلى مـوظفين عديـدين يمثلـون ا اختيار

. إلخ!.!ويرتدون أقنعة قيم الدين والشرف واألمانةالفهلوة السياسية، تتمثل في إبعاد المسئولية عن الذات وإسنادها لآلخرين، والنزوع إلى ادعاء المعرفة أو الدراسـة دونما معرفة أو دراسة، أو التالعب باألرقام إلثبات اإلنجاز،

من الفهلوة، وعدم التصدي للمشكالت ومعالجتهـا شكل آخر .من جذورها، وإنما االلتفاف حولها وكلها تجليات فهلوية

غالبية المصريين يجأرون بـاأللم والشـكوى، مـن ر الفساد األكبر، والفسـاد ؤاالنتشار الواسع النطاق لدوائر وب

األصغر، ومع ذلك ثمة تواطؤ عام مـع هـذه البيئـة مـن القانون، منذ عقود، والعقول الوطنيـة حكم الفوضى وغياب

المستقلة والنزيهة تطالب ضرب أوكار الفساد داخل السياسة وأجهزة الدولة، وفي الحياة اليومية، وتطبيق القـانون علـى

كانت مواقعهم، وال حياة لمن تنادياالجميع أي !! من عقود مضت، وهناك امتداد واتصال ألصـوات

راطية والعدالة والحداثة في مصـر، ونداءات الحرية والديمق منذ عقود ونداءات الكذب والخديعـة !!.. وال حياة لمن تنادي

السياسية، وأصوات الجهالـة والفسـاد والنفـاق السياسـي لم تكـن الصـفوة !! واالجتماعي تعلو على أصوات الجميع

سـبتمبر ١١الوطنية المثقفة والمستقلة بحاجة إلـى كارثـة ـ ٢٠٠١ الح السياسـي، واالجتمـاعي، كي تطالـب باإلص

والديني، والتعليمي، والثقافي للضمائر الفاسدة والكاذبة فـي الدولة والمجتمع، سحقت األفكار التجديدية، واعتقلت العقول وأصحابها خالل نصف قرن ويزيـد تحـت وطـأة القمـع السلطوي، أو تحت سطوة العقل السلفي الـذي رمـى إلـى

لقينيـة تمجـد الماضـوية محاصرة التفكير لمصلحة نزعة ت وتحتفي بها، ومولعة بالبحث عـن اآلراء الفقهيـة الغربيـة

.والمهجورة، وإعادة الحياة إليهاـ األفكـار ىقيل وال يزال أننا بحاجة إلى تجديـد بن

الفقهية والتفسيرية حول الدين، ألنها آراء بشـر مثلنـا لهـم زمانهم، ولنا زماننا، وال أحد يتحرك، ومـن يبـادر بـرأي

بشرى إزاء رأي آخر يهاجم من ذوي المصالح واألهـواء، والسلطات ويتهم في بعض األحيان في صدق إيمانه، ويحاكم

لم يقل أحد لهؤالء ال توجد سـلطة دينيـة فـي ! على نياته اإلسالم العظيم، وال يذكرهم أحد باألصول في العقيـدة وأن

مـع الدين يسر ال عسر، وأن الدين اإلسالمي مع الحرية ال تحـالف ال أحد يقف وبحسم إال من رحم بك ضـد . العبودية

السلفية مع السلطوية، وبين فقهاء السلطة، وبين الدكتاتوريات وبين األصولية المتزمتة والسلطات الدينية، والعائلية في إقليم

. إلخ.النفط سبتمبر، واحتالل العراق وانهيار ١١هل بعد أحداث

حاكمة، نتعامل مع ما يحدث بهـذا الدولة والنظام والصفوة ال التشكيل للمجلس القومي لحقوق اإلنسان، هـل يـتم تشـكيل المجلس دون أن يعلم بعض أعضائه عن طبيعة دوره، هـل هو مجلس للبحث عن موضوعات حقوق اإلنسان، أم مجلس

! إلخ…رصد لالنتهاكات عن رئـيس الً بدي اهل ال توجد شخصيات أصغر سنً

سـما ومكانـة اام مع كل االحترام لهمـا الع هالمجلس وأمين أال تستحق األجيال الجديدة ! في العمل العام المصري اوتاريخً

أن تأخذ خبراتها من خالل العمل القيادي داخل هذا المجلس؟ للتعامل مع عالم وظواهر اهل الخبرات القديمة، صالحة دائم

مختلفة؟

هل اإلصالح السياسي المنشود يتمثل في تسـريبات بعض قادة الحزب الوطني، بأنه يتمثل في إدخال تعـديالت جزئية وشكلية على قانون األحـزاب السياسـية ومباشـرة

الًوهل أص ! الحقوق السياسية والسماح بإنشاء أحزاب جديدة الحزب الوطني وأحزاب المعارضة هـم أحـزاب حقيقيـة

ابالمعنى الدقيق الذي نعرفه مصري؟ ا وعالمي اإلصالح السياسي دون تغيير شامل هل يمكن أن يتم

للدستور المصري، الذي كان يعبر عن مرحلة تسلطية فـي السياسة والحكم المصري؟ هل االكتفاء بتعديالت ال وزن لها

طبيعة النظام الدستوري المصري يشكل نزعة إصالحية ىعل جادة؟

لماذا الخوف من اإلصالح الشامل؟ الحاكمـة لماذا الخوف من السياسة مـن الصـفوة

!والمعارضة في مصر اآلن؟هل سياسة الخوف ما هي إال إدراكـات وقـرارات

بقاء األوضاع على مـا هـي وسلوكيات سياسية، ترمي إلى عليه، وعدم إجراء تغييرات أو تحويالت أو إصالحات على

حداث تغيير في التركيبـة إصطالحات تؤدي إلى اختالف اال

نسـاق أعـديل فـي السياسية المصرية؟ هل الخوف مـن ت وشخوص وقواعد اللعبة؟، هل هو الخوف من تولد ضـغوط

دي إلى مخاطر تهدد استمرار وسيطرة الصـفوة ؤعديدة قد ت السياسية الحاكمة؟ من هنا تبدو سياسة الخوف هي سمة تفكير وأداء هدفها بث بعض الدماء في خاليا الركـود السياسـي

.والشيخوخة الجيلية كي تستمر هدفها استمرار األوضاع القائمة مـن سياسة الخوف

اختالالت وانهيارات، في انتظار يوم ال ينفع فيـه مـال وال بنون، وتذهب زينة الحياة وسلطانها وهيلمانهـا وزخرفهـا السياسي، ولذاتها، ويبقى وجه ربـك سـبحانه وتعـالى ذو

.الجالل واإلكرام

سياسة الخوف هي التردد من إجراء تغييرات تؤدي ملفات وجوه بارزة في الحياة السياسية، وفي عـالم إلى فتح

رجال المال واألعمال، والصحافة واإلعالم والثقافـة، وفـي وسط رجال وسيدات أعمال المجتمع المدني أين هو؟ وفـي

نهـا إعالم بعض الجمعيات الوهمية الممولة مـن الخـارج، الخوف من المسـاءلة والشـفافية والوضـوح واالسـتقامة

.والمسئولية

إنها الخوف والرعب من إعمال مبدأ سيادة القـانون على جميع المخاطبين بأحكامه، إنها الخـوف مـن اآلليـات الفعالة لتطبيق قانون الدولة بحسم، ودونما تردد، وال تبريـر للفساد والجنوح وإجرام الصغار بمقولة إجرام الكبار، إنهـا

االتصدي للفساد األكبر، والفساد األصغر مع. سة الخوف هي محاولة لمد عمر الحياة السياسية سيا

اإلكلينيكية لمملكة الديناصورات السياسية، التـي تحـاول أن .تستمر فوق إرادة الطبيعة والحياة وقوانين البشر

إنها سياسة شارفت نهاياتها، ولن تستمر ولن تصـمد سياسـة . إزاء نداءات الحرية ودولـة القـانون والمواطنـة

على سياسة الموت، وال حول وال قوة إال الخوف، هي عالمة . باهللا

:

دخل اصطالح اإلصالح، وصفاته ومجاالته المتعددة السياسية والدينيـة واألخالقيـة واالجتماعيـة والثقافيـة –

إلى دائـرة الموضـات الفكريـة، –واإلعالمية والتعليمية في لغة الصحافة والخطابـات ادة األكثر شيوع وأصبح المفر

ثمة موجات من تدافع اللغو . السياسية الحكومية، والمعارضة واالضطراب المفهومي، والنزعة البيانيـة فـي توظيفـات االصطالح، الذي بات، وكأنه في ذاته يحمل حلوال سـحرية

نتجتها سياسـات الفسـاد ألكل مشاكلنا وهمومنا المعقدة التي سي واالقتصادي واإلفقار وتحقير المعرفة فـي بالدنـا السيا

.طيلة العقود الماضيةيبدو اإلصالح، وكأنه دخل دوائر تشـويه المعـاني والدالالت التي تجيدها صفوة سياسية حاكمة ومعارضة، تتسم عناصرها الغالبة والنافذة، بضعف التكوين ونقص الخبـرات

.والمهارات السياسية، وعدم الكفاءة

لي أن بعضهم من فرط كراهيتـه للخطابـات و يبداإلصالحية، قرر تحويلها إلى مـادة لالسـتهالك المبتـذل،

، في ظل وطـأة االسـتخدام "كيتش"وتحويل االصطالح إلى المســتمر لالصــطالح فــي اآللــة اإلعالميــة الرســمية،

والمستقلة، وذلك حتى يفقد مفهـوم اإلصـالح ،والمعارضة داللة وهيبة وحضور ة أي إلخ، …ميالديني والسياسي والتعلي

نفسي، واستدعاءات لصور اإلصالح ومجاالته ومساءالته في صطالح والمفهـوم ين، عندما يطرح عليهم اال يذاكرة المصر

وسياساته وآلياته، في الخطابات الوطنية الجـادة والمسـئولة وذات المشروعية التاريخيـة الموصـولة فـي مطالباتهـا

ثمة مشاعر قـرف جمـاعي، …ملباإلصالح القومي الشا وعزوف عن التعامل مع اصطالح اإلصـالح، مـن كثـرة

وبعـض – وبعض المعارضين -استخدام السلطة السياسية يؤدي اكبار الموظفين، ومثقفي السلطة ممن يريدون إصالح

إلى تبديل وجوه السلطة بوجوههم، وكأن اإلصـالح مجـرد ننا إزاء تحول لـدى يبدو أ !! تغيير وجوه بأخرى شائهة مثلها

ألنه ببسـاطة – اإلصالح نالخوف م السلطة السياسية، من يطرح المساءلة السياسية والقانونية عما حدث خالل العقـود

ودالالته، إلـى هصطالح ومعاني بل وكراهية اال –الماضية السعي للحض على كراهيته في أوساط الجمهور، وذلك مـن

ياسـي، والتعليمـي، خالل كثرة اللغو باسـم اإلصـالح الس ! إلخ…والديني

هل تترك السوق اللغوية لعمليات التشويه والحـض إشاعة وال ينبغي استسهال ،على كراهية اإلصالح، بالقطع ال

اليأس الجماعي، ألن هذا ما تريده القوى المعادية للديمقراطية واإلصالح في الحكم والمعارضة الرسمية والالرسـمية فـي

.مصرغو باسم اإلصالح السياسـي والـديني إن طوفان الل

وراءه قوى عديدة، ترتبط بأواصـر مـن ! إلخ …، وا …واالمصالح تنامت وتشابكت خالل العقود الماضية، من خـالل إعطاء بعض األحزاب المعارضة بعض المقاعد البرلمانية أو التعيين في مجلس الشورى، ومن هنا يمكن مالحظة بعـض

إن بعض . ة وحزبية معارضة التواطؤات بين مواقف حكومي الخطابات الحزبية المعارضة الزاعقة في مطالبها اإلصالحية

إذا شئنا اسـتعارة تعبيـر – في الهواء اال تعدو كونها دخانً وفي أوقات المغانم االنتخابيـة –المرحوم جالل الحمامصي

وغيرها، هناك لغة المصالح والمقاعد التي تدار فـي خلسـة التعبير، وهي ألعاب تعيـد إنتـاج النظـام المختلس إذ أجاز

السياسي الالديمقراطي، والتخلف السياسي والمؤسسـي فـي .مصر

السياسية، التـي هلكل خطاب حول اإلصالح مصالح تتدثر وراءه مصالحه ايحاول جعل اصطالح اإلصالح قناع . يفتقر إلى الدقة وإلـى –الصفوة السياسية الحاكمة لديها زعم

أن اإلصالح بدأته مصر منذ تتمثل في –ريخية الشرعية التا فجر التاريخ، كما كتب المستشار السياسي للـرئيس، أسـامة الباز، في صحيفة هيوستن كرونيكل أن مصر تخوض عملية اإصالح مستمرة منذ فجر التاريخ، وأنها خالل العشرين عام

الماضية أجرت عمليات إصالح سياسـية واسـعة النطـاق وال شك أن . لحقوق األساسية لجميع المواطنين تضمن حماية ا

هذه الوجهة من النظر تعبر عن حماسة سلطوية أقرب إلـى السلطوية، أكثر من كونها لغة سياسية رصـينة برو باجندا

يمكن التوقف أمامها بجدية، ألن كل المؤشرات الموضوعية والدراسات العلمية في مجاالت الحريات العامـة األساسـية،

اإلنسان، والمؤسسات السياسـية، ودولـة القـانون، وحقوق

وغيرها ال تساند وجهة النظر الدعائية السابقة، بل وتدحضها والسؤال ما وراء هذا الخطاب؟ يرمـي . ا وباتً الً شام ادحض

هذا الخطاب إلى محاولة تثبيـت ادعـاء أن أيـة محاولـة إلصالحات شكلية من قبيل إنشاء المجالس الحكومية، كحقوق

إلنسان، وآخر للشباب مزمع إنشاؤه مع إجـراءات الواليـة االخامسة للرئيس، وهي تعبير عن خيار سياسي داخلي، وليس امتثاال للمطالب والضغوط األوروبية واألمريكية، ويتنـاقض هذا الخطاب مع نفسه في أنه أنتج أعقاب المبادرات الخارجية

سية المعنيـة األوروأمريكية، بل ويطرح أمام اإلدارات السيا ثم يطرح إلخ، …في واشنطن ولندن وباريس وبرلين وروما

في إطار أننا سنقوم بإصالحات أخرى، لكن عبـر سياسـة إن المنطق الذي يتأسس عليه هذا الخطـاب، . الخطوة خطوة

– بتاريخه المجيد في بنـاء الدولـة –أن الشعب المصري غيـر –لخ إ …ألمة، ودولة القانون، وفي إقامة البرلمانات ا

من هنـا لتطويرات ديمقراطية كاملة وناجزة، و امؤهل حالي هو في نظرهم المالئـم ،- خطوة –يقدمون إصالح الخطوة

نعرفه أكثر من الخواجة – أي الصفوة الحاكمة –له، ونحن األول : هذا المعنى خطير من وجهين . البريطاني –األمريكي

العولميـة إعطاء شرعية لمطالـب وضـغوط اإلمبرياليـة بضرورة اإلصالح، وقبول الضـغوط والمطالـب، ولكـن

هـذا ! التفاوض يدور حول نسب اإلصالح وحدوده وزمنـه يعني أن مرجعية هـذا الموقـف لـيس األمـة المصـرية، ومؤسساتها حتى ولو كان بعضها ال يعبر عن غالب آرائها،

األوروبية التي أطلقت مبادراتها –وإنما اإلدارات األمريكية .إلصالحيةا

الوجه الثاني، أن األمة المصرية غائبـة فـي هـذا لتقول رأيها وماذا تريد؟ىالخطاب، وال تستدع

خطـوة، –الخطاب السلطوي حول إصالح الخطوة من مثقفي السلطة وأذنابها، وبعض –ومن يشايعه ويروج له

يأخـذ بسياسـة –كبار الموظفين السياسيين والبيروقراطيين ، أو طـوارئ الحين واآلخر، كإلغاء قـانون ال التلميحات بين

إصدار قانون انتخابات جديـد، أو الحـوار مـع أحـزاب المعارضة، أو إصدار قانون يخصص بعض المقاعد للمـرأة

بث التلميحات، فـي …لخإ …في مجلسي الشعب والشورى المقاالت والتصريحات والخطب واللقاءات يرمي إلى تحقيق

:عدد من األهداف

لإلعالم الغربي، ولـإلدارات السياسـية إشارات -١الغربية بأن ثمة استجابات لمبـادرات اإلصـالح على الطريق لتخفيف االنتقـادات فـي وسـائل

. أمريكية–اإلعالم األورو كسر حدة الغليان والغضب الداخلي من استمرارية -٢

الجمود السياسي وشـيخوخة النظـام وصـفوته اعيـة الحاكمة، في ظل أزمـة اقتصـادية واجتم

طاحنة، تعبر عن تاريخ من الخلل في السياسـات .االقتصادية واالجتماعية

إعطاء االنطباع بأن السلطة السياسية المصرية ال -٣!! وال لضغوط داخليـة !! تخضع لضغوط خارجية

وهو أمر مثير ألن المطالب الشـعبية بضـرورة إجراء إصالح سياسي، هي حق شـرعي لألمـة

ال يعد من هنا ها، و بوصفها مصدر السلطات جميع حال، بل إن إعمال هذه المطالب هـو ة بأي اضغطً

تعبير عن مصدر الشرعية السياسية الحقيقية فـي .البالد

سياسة التلميحات تكشف عن أن منطق إصـالح -٤، وإنما الً خطوة الجزئي، لن يكون شام –الخطوة

يبدو كمحاولة الستيعاب الضغوط الدولية، وبعض إلعادة إنتاج النظام وصـفوته المطالب الداخلية،

الحاكمة لمصالحها ولذاتها دون تغيير حقيقـي أو لملفات شامل، مع استمرار أركان الحكم في لفتح

مواقعهم، أو استبدال بعضهم بوجوه شاحبة تعمل .لديهم، أو في أروقة السلطة

تلميحات التغيير في الوجـوه، تـدفع إلـى بـث -٥والسياسية بـين تناقضات داخل الجماعتين الثقافية

الطامحين إلى تقلد بعـض مواقـع وزاريـة أو إعالمية أو بيروقراطية، وبين العناصر المسـتقلة بما يحد من عنفوان النقد االجتماعي والسياسـي

.للنظام وسياساته وصفوته الحاكمةالسؤال الذي نطرحه هنا لماذا يطرح بـين الحـين،

طة ألنه ال يمكـن ؟ ببسا طوارئلغاء قانون ال إواآلخر إمكانية ، يفتقـر طوارئتأسيس نظام ديمقراطي نيابي، وهناك نظام

أي ضمانات قانونية إزاءه، بل إنـه - أين هم؟ –المواطنون

شكل أبرز سمات النظام طوارئال دولة قانون في ظل نظام من هنـا . خالل خمسة عقود ويزيد السياسي التسلطي وأداة

ديالت تحت مسـمى وتحويل نصوصه إلى تع –لغاؤه إوجب يمثل ضربة رمزية حكومية –مكافحة اإلرهاب والمخدرات

إلضعاف خطابات المعارضة، والخطابات النقدية السياسـية واالجتماعية للعناصر الوطنية المستقلة داخل الجماعة الثقافية

–إن إمعان النظر في الخطاب السياسي الرسـمي . المصريةال يمتلك فلسـفة سياسـية يكشف عن أنه –ومواليه وأذنابه

وقانونية ودينية شاملة لإلصالح القومي، بحيث يضع مصـر ااألمة، والمجتمع والدولة على طريق التجديد والنهوض داخلي

ما يرمي إليه هو السعي لتطويق مطالـب ارى، وقص اوإقليمي اإلصالح ومبادراته الخارجية، والداخلية، واستثمار الوقت في

في واشنطن، في انتظـار –ارة الجمهورية المناورة مع اإلد الذي مضى ٢٠٠٤االنتخابات الرئاسية القادمة في نهاية عام

، خاصـة فـي ظـل -بوش وأعيد انتخاب جورج دبليو –األوضاع العراقية، التي أدت إلى تخفيف حدة مطالب اإلدارة األمريكية عن مبادرتها حول الشرق األوسط الكبير، وحـول

أولوياتها في المنطقة وهـو مـا ظهـر فـي مكانها في سلم

. اجتماعات مؤتمر الرباط الذي عقد في أواخر العام الماضي ال قيمة له دون إصالح في الفلسفة طوارئلغاء قانون ال إإن

القانونية كلها، ودون إعادة هيكلة للنظام القانوني كلـه فـي ضوء منظومة حقوق اإلنسان بأجيالها المتعددة، إن اإلصالح

لقانوني هو جزء ال يتجزأ من بنيـة كليـة ومتكاملـة مـن اإصالحات في األنسـاق السياسـية والمؤسسـية والدينيـة

. إلخ…والتعليمية واإلعالميةإن خطورة هذا االتجـاه الرسـمي، هـو أن وراءه مريدون، منهم بعض القوى المعارضة الرسمية التي تطـرح

مزايـا حول اإلصالح بهدف الحصول علـى ا زاعقً اخطاب سياسية في إطار صفقة ما، تتم خارج رقابة الرأي العام، بل وأعضاء هذه األحزاب المعارضة التي تفتقر إلـى شـرعية

اشعبية، وإلى جذور كالحزب الحاكم تمام. اتجاه بين مثقفي السلطة يطرحون خطابات اضثمة أي

إصالحية هدفها إحالل بعضهم محل بعض شـيوخ الحـزب ة، تحت دعوى نحن أكثر كفـاءة ومعرفـة الحاكم والحكوم

منهم، وهم عناصر غالبيتهم من الفرز الثالث أو الرابع فـي ال مآثر ذات وزن لغالبيتهم في –الجماعة الثقافية واألكاديمية

، ونحن قادرون على التعامل مـع -الثقافة والسياسة والبحث تجـاه النقـدي اإلعالم واإلدارات الغربية، وعلى التصدي لال

نحن هنا إزاء عرض قوة عمل أيديولوجية عاطلـة . المستقلفي سوق السجال والهجاء السياسي المصـري والعربـي إذا تطلب األمر، ولكنها تفتقر إلى الخبرة والمهارات السياسـية

.وشارف بعضها على الشيخوخة، أو أوائلها مـن ذوي األشـواق –وأخطر ما في هذا االتجـاه

فتقر إلى شرعية، ويعمل فـي أطـر أنه ي –والوله السلطوي لدعم القوى السلطوية ا جاهز اتفتقر إلى الشفافية، ويمثل رديفً

المضادة للديمقراطية واإلصالح السياسي الشامل في مصـر ويبدو من المثير أن عناصر حكومية مـن هـذا . المحروسة

كجزء مـن شـبكات –االتجاه استدعت عناصر نظيرة لها مية في مصر ومصالحها مـع نظائرهـا السلطة الثقافية الرس

في مؤتمر أدى إلى تسييس مكتبـة اإلسـكندرية -العربية، لصناعة خطاب إصالحي بالغي، يواكب المبـادرات األورو

أمريكية، إن تسييس المكتبة، يعني وبوضوح أن من حـق – ا قوة سياسية أو جماعة فكرية أن تستخدم المكتبـة منبـر ةأي

ااسية، وأي منع أو حجر يشكل عصـفً إلصدار البيانات السي

بشرعية المكتبة كساحة حرة للحوار الحـر، وإال أصـبحت –بمثابة بوق للسياسة الرسمية مهما تقنع المثقفون الرسميون

بأقنعة المثقف، أو ما يسمى بالمجتمع المـدني؟ –ونظراؤهم ؟ باسـم مـن يتحـدثون عـن اوالسؤال من اختارهم جميع

تفاد وال يزال من أنظمـة وسياسـات اإلصالح؟ وبعضهم اس سلطوية وديكتاتورية غشوم، باسم من، وعلى أي سـند مـن

ـ ؟ واللغـة االشرعية يتحدثون، والخطاب موجه لمـن أساسصطالحات من أي المنابع استلهمت؟ أال تكشف عمليـة واال

عـن ! تسييس المكتبة، والدعوات واالستبعادات والتشبيكات أدار هذا المؤتمر، ومن ساهم أزمة من خطط ومن دعا ومن

التساؤل عن شرعية ا هل يبدو مشروع من هنا في الحضور و تمثيل من حضروا وذلك ألنهم يمثلون ماضي الثقافة العربية

وأكثـر . في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضـي ؟ها أم أنهم يمثلون مستقبلها وروحامراحلها تدهور

ابـات السياسـية إن نظرة فاحصة على إنتاج الخط الرسمية يكشف عن أزمة في مفاهيمها وبنياتهـا وعملياتهـا إنتاجها، تستدعي وقفة مع جماعـة المـوظفين السياسـيين، والموظفين خبراء السلطة، والموظفين الثقافيين، التي تعمـل

ـ افي إطار أجهزة الحكم المصرية أو تساعدها شـوقً ا وولع أال يشير الخلـل . هابالسلطة ورغبة في ارتقاء بعض مناصب

في الخطابات، إلى أن هؤالء المـوظفين خبـراء السـلطة يحتاجون إلى مساءلة وتقويم لكفـاءاتهم المحـدودة، وأن أي

– والقانونية –إصالح جاد وشامل يتطلب المساءلة السياسية والفصل واالستبعاد– اطبع .

الغريب في خطابات اللغو باسم اإلصالح …الغريبغار، والكبار فـي دوائـر الكتابـة، واللغـو من بعض الص

السياسي، أن الجميع يتحدث عن إصالح باسـم الشـعب، أو األمة المصرية، وكأن له شرعية ونيابة في الحديث باسـمه،

ولم يسائلهم أحد ال في اومصدر النيابة واإلرادة غائب أساس ،الحكومة وال المعارضة وال عشـاق المناصـب الحكوميـة،

بمواقع وزارية، قال لنا أين رأي األمة المصـرية والحالمون في أفكارهم اإلصالحية الجزئية الطائرة؟

إن الخطابات الجزئية والمبتسرة والغامضـة حـول اإلصالح تتكاثر في مصر اآلن، وال يخفى علـى بصـيرة المتابع السياسي الفطن، أن بعضها يأتي من عناصر يخشـى

ت والمؤسسـات بعضهم فتح الملفات عـن سـوء السياسـا

واإلدارات غير الكفء خالل العقود األخيرة، وأنها تخشـى من المساءلة واإلصالح السياسي والقانوني والديني الشـامل والجاد، والرصين، ألن ذلك هو طريق مصر للتجديد الشامل في صفواتها، ومؤسساتها، وخياراتها نحو حكم ديمقراطـي

لة في إطـار ء ومسا وحكومة نيابية مسئولة، ورقابة وشفافية دولة القانون وحقوق اإلنسـان، والحكـم المقيـد بضـوابط دستورية، حيث ال تزيد مدة رئاسة الجمهورية على واليتـين متتاليتين، وحيث األمة هي مصدر السلطات جميعها، ومرجع الشرعية السياسية، وال يحق ألحـد أن يصـادرها بـالنطق

ن إصالحات شاملة، ال بديل ع . سمها بال شرعية أو تفويض ابمهما ناور البعض، نحن إزاء مرحلة حرجة في تاريخ مصر

.السياسي

:

الحالة النفسية لغالبية الفئات االجتماعية الشعبية فـي مصر رجل الشرق األوسط المريض تثير القلـق والخـوف

داء إن مشاعر الغضب الجمعي المكتـوم مـن األ . الشديدينالسياسي الرسمي، والمعارض، تنطـوي علـى غمـوض، ومخاطر كأمنه، في ظل غياب قنوات مؤسسية قادرة علـى استيعاب الغليان، وتوزيعه على نحو سـلمي، وبنـاء فـي اتجاهات تساعد وتدعم التغيير السياسـي نحـو إصـالحات جذرية وشاملة في وجوه الصـفوة الحاكمـة والمعارضـة،

دة تأسيس دولة القانون، بل وتجديـد ومؤسسات الحكم، وإعا الدولة القومية المصرية الحديثة ذاتها، بعد تضخمها المفـرط

عليها، وعلى هياكلهـا ومؤسسـاتها، ا باهظً االذي شكل عبئً ةونظامها السياسي التسلطي الذي يسيطر منذ أكثر من خمس

.عقود مضتالشك أن الجمود السياسي الممتد منـذ أكثـر مـن

تسارع وتأثر الوهن الهيكلي للنظـام السياسـي، عقدين، مع الحاكمـة والمعارضـة، ةوضعف ملكات ومهارات الصـفو

وتحول الفساد إلى نظام للحياة اليومية، أدى إلـى تسـرب موجات متتالية من اليأس من حدوث تغيير في السياسـات،

أدى إلـى حالـة فـراغ والوجوه، والمؤسسات، األمر الذي ة الحاكمة والمعارضـة الضـعيفة سياسي، تصورت الصفو

والهشة والديكورية ومعها الحزب الحاكم أن هذه الحالة هـي أفضل األوضاع، وهي االستقرار السياسي ذاته، الذي تنشده

إن وجود مجلس شعب هو تعبير عن وجود . السلطة السياسية مؤسسات رقابية في البالد، إال أن تاريخ االنتخابات البرلمانية

عديدة حول شرعية تمثيل نـواب كثـر عـن يرمي بشكوك الطعون االنتخابية، ثـم ا تكثر دوم من هنا جماعة الناخبين، و

بعدم الدستورية على صحة تشكيله، أو اإلجراءات القانونية، أو القواعد التي جاء بها القانون االنتخـابي علـى خـالف

الدستورية العليـا، كلهـا أحكام المحكمة . القواعد الدستورية الشـرعية الدسـتورية مبـادئ ير إلى فجوة واسعة بـين تش

والسياسية، وبين تشكيل مجلس الشعب الذي يتم عبر قوانين غير دستورية هي جزء مما سماه األستاذ العميد عبد الرزاق السنهوري، ظاهرة االنحراف بالتشريع، وهي ظاهرة سياسية وقانونية يبدو أنها تمثل إحدى سـمات السياسـة التشـريعية

وتدهور مستوى الفن والمعرفة القانونية لدى فقـه السـلطة .السياسية

إن أزمات الشرعية السياسية، واتساع الفجـوة بـين الحكم وبين قطاعات شعبية واسعة بما فيها عناصـر داخـل

الوسطى مرشـح للتفـاقم خـالل –الفئات العليا والوسطى ستوري المرحلة المقبلة، خاصة في ظل عدم كفاية التنظيم الد

لمسالة الخالفة السياسية، وفي ظل غياب نائب للرئيس، يؤدي .هذا الوضع إلى إنتاج القلق والغموض السياسي

وتعديالتـه ١٩٧١ال شك أن النظام الدستوري لعام موضع انتقاد جمهور الفقه الدستوري المصـري، وغالبيـة

ولعل أبرز مالمح عـدم . الجماعة القانونية، ورجال السياسة ءمة السياسية يتمثل في عدم التوازن في العالقـة بـين المال

السلطات الثالثة وهيمنة السلطة التنفيذية وصالحيات رئـيس الجمهورية على بقية االختصاصات الدستورية التي ناطهـا المشرع الدستوري بالسلطة التشريعية والقضائية، فال يـزال

هوري بقانون يمثـل أحـد أبـرز محـاور نظام القرار الجم ما صدر في غير األدوار التـي االسياسة التشريعية، وكثير

خصص لها، وفي ظل الشروط التي يفرضها الفقه والقضـاء .والمحامون

مـا تـم اإن النطاق المحجوز للسلطة الشارعة كثير لسلطة التشـريع، اتجاوزه، وهو ما يعتبره بعض الفقه غصب

نات مـا قبـل ن ضعف األداء البرلماني إذا ما قورن ببرلما إ، يبـدو مجـرد تشـكيالت برلمانيـة ١٩٥٢نظام يوليـو

كاريكاتورية وضعيفة األداء واألدوار التشريعية والرقابية في نظر بعضهم خاصة، مع وجود مجلس الشورى الذي يشـكل

على ميزانية الدولة ودافعي الضرائب، ويبـدو وكأنـه اعبًئحاكمـة، مجلس لمكافأة عناصر موالية للصفوة السياسـية ال

.وعناصر من المعارضة الرسمية الداعمة لسياسة الحكومةإن ضعف األداء المؤسسي للبرلمان، مـع شـروخ الشرعية وتدني مسـتويات اإلنتـاج القـانوني للتشـريعات والرقابة على أعمال الحكومة، ولد فجوات بين قانون الدولة

بكل محموالته، األمر الـذي أدى وبين قوانين القوة والواقع .إلى شيوع حالة من حاالت عدم االستقرار التشريعي

إن السلطة القضائية، وجماعة القضاة يطالبون ومعهم الفقه وجماعة المحامين بضرورة استكمال عمليات اسـتقالل

السلطة القضائية، سواء من خالل إلغـاء جهـات القضـاء االستثنائي، ووالية جهات القضـاء العـادي علـى جميـع

الًي تدخل في اختصاص القضاء الطبيعي، فض المنازعات الت .فراد بند في الميزانية لإلنفاق على الوظيفة القضائيةإعن

إن ذلك يعني، وبوضوح، ضرورة العودة إلى دولـة القانون، وفصل السلطات، والرقابة القضائية علـى أعمـال السلطة التنفيذية، وفق القواعد والمعايير التي تفرضها الـنظم

. المقارنة، والفقه المقارنالدستورية ـ اإن المسألة المصرية أصبحت أكثر تعقيد ا، وتركيب ،

وتصور بعض منتجي الخطابات السياسية المجانية أن حـل المشكالت السياسية واالجتماعية والثقافية، أمر بسيط، تكفـي بضعة شعارات عامة وغامضة لحلها هو من قبيـل الخفـة

للغلو السياسي ار بات مالزم السياسية وعدم التبصر، وهو أم .السائد في مصر منذ فترة

من هنا تشكل االختالالت الهيكليـة فـي النظـامين الدستوري والسياسي مصدر قلق آخر، يـدعو إلـى شـيوع

ن إ. اليأس من اإلصالح السياسي واالجتماعي واالقتصـادي خطر ما في النزعات الهدامة هو إشاعة اليأس الجمـاعي، أ

ن مصر ليست لديها ما تقدمه أدعاء لقومية، واال وجلد الذات ا ة على إصالح ذاتها ألن الفسـاد رإلى المنطقة، وأنها غير قاد

طال كل شيء، وأن عدم الكفاءة في الوظيفة العامـة، وفـي القطاع الخاص أصبح يمثل أبـرز الخصـائص السـلوكية

التعليم فاشـل، . للموظف العام، وللعاملين في القطاع الخاص ة المدن فاشلة، والمحليات فاسدة، والحديث عن تضـخم وإدار

البطالة، وانتحار بعض الشباب العاطل، وشيوع المحسـوبية والوساطة، والرشوة واختالس المـال العـام، والعمـوالت،

إلى آخر مكونات هذا الخطـاب البـائس الـذي ال والجرائم يرصد الخلل بهدف النقد الموضوعي النزيـه الـذي يرمـي

القانون، الذي يتأسس على ألمة والدولة، وإقامة دولة لتجديد ا تقدير عميق للمصريين، وللدولة المصرية وأن كليهما جـدير

من األمم المتمدينة ذات النظم الديمقراطيـة ابأن يكون جزء النيابية العريقة، فارق بين نقد موضوعي وآخر سوقي يرمي

هذا التعبير إلى إشاعة الوهن واليأس في روح األمة إذا ساغ الغامض، والبالغي هنا أو في القوى الشعبية التـي ال تقـدم

.لمصر إال بها

اإن منتجي اليأس يمثلون خطر خاصة هؤالء ا داهم ،الذين يرمون من وراء نقد الدولة الحديثة، إلى التشكيك فـي إنجازاتها لصالح مشاريع سياسية غامضة، ال تمتلك مواريث

وتصورات لبنـاء مسـتقبل أفضـل فلسفية وفكرية سياسية، للنظام السياسي والدولة وتنظيم اجتماعي قادر علـى شـحذ

مكونـات أحداألرصدة والملكات القومية لألمة المصرية، ك إبداع فكر حداثي وإصالحي قادر علـى وضـع السياسـات والتصورات واآلليات المناسبة لتطـوير الحداثـة القانونيـة

. والسياسية والقضائيةضهم يشـكك فـي اإلرث الحـداثي الفكـري عإن ب

والمؤسسي، والقانوني المصري، وهو أمر يفتقر إلى الدقـة والبرهنة التاريخية والبحثية على زعمهم في مسار ونتـائج

ثمة أرصدة حداثيـة ودولتيـة . الحداثة والتحديث، في مصر مهمة، وال تزال تمثل إحدى ركائز أي مشـروع إصـالحي

إنتاج المؤسسة القضائية المصـرية، شامل، ويتمثل ذلك في االذي يتراكم تاريخي كانت المشـكالت ا من مرحلة ألخرى أي

الدستورية، والقانونية للمحكمة الدستورية العليا، مبادئفي ال ومحكمة النقض، والمحكمة اإلدارية العليا في مجال الحريات

مهما لواحدة مـن االعامة وحقوق اإلنسان، الذي يمثل رصيد هم المؤسسات القضائية خارج إطار الثقـافتين القـانونيتين أ

هذا الميراث . الالتينية واألنجلو سكسونية مع القضاء الهندي القانوني لألمة وللجماعة القضائية يمثل مجـاال للحركـة إذا أردنا اإلصالح القانوني الشامل، وإعادة بناء دولة القـانون،

، والـنظم القانونيـة مع االستهداء بمنظومات حقوق اإلنسان في الغـرب، أو االمقارنة، وال سيما في البلدان األكثر تطور

إن مشروع اإلصالح القانوني والقضائي، يحتاج إلـى . الهندإسناد هذا الملف لرجل قضاء أو قانون أو فقيـه أو سياسـي بارز لدراسة مشكالت التشريع والقضاء، وتسـند عمليـات

الفقهاء والقضاة البارزين في إصالح وتطوير القوانين لبعض كل تخصص إلعداد المشروعات الجديدة، كـل ذلـك بعـد دراسة عميقة للمشكالت القانونية، والواقعيـة التـي تواجـه

.الجمهور في الحياة اليوميةإن كارثة التعليم المصري ال تحتاج إلعـادة إنتـاج االنتقادات واألسباب، وإنما تحتاج إلى إسـناد الملـف إلـى

ية سياسية نزيهة ومستقلة، تدرس مشـكالت النظـام شخصوالسياسة التعليمية، ومقارنة ذلك بـالنظم التعليميـة األكثـر

وكيف يمكن إصالح نظامنـا وسياسـتنا التعليميـة اتطور ، .والتكلفة المالية والسياسية واالجتماعية لعمليات التطوير

هناك إنجازات إبداعية في مجال اإلنتـاج اإلبـداعي ري الرواية والقصة والقصـيدة والشـعر فـي جيـل المص

التسعينيات تثير بهجة الذائقة المرهفة، وغالبها ينتج خـارج ومن الشـيق أن نالحـظ أن . إطار السلطة الثقافية الرسمية

الكتابة التسعينية وما بعدها وبعض الثمانينيـة أثـرت علـى اإلنتاج الروائي ألدباء مرمـوقين مـن أجيـال السـتينيات

بعينيات، وثمة بوادر لكتابة جديدة ألجيال القرن الحادي والسبيئة اإلبداع في الفن التشكيلي واألدب والنحـت، . والعشرين

هي مصدر جديد لكسر خطابات اليأس والعدمية السياسـية، نعم هناك أرصدة قومية لألمة المصرية، وبعـض مثقفيهـا ومبدعيها تتسم بالتميز عن آخرين فـي المنطقـة المحيطـة

باألمة المصرية، وينبغي أال يكون شاغلنا اآلخـرين، وإنمـا تطوير الدولة، وتفـويض االنحطـاط السياسـي والثقـافي

حتى نستطيع أن نؤثر مـن داخلنـا إلـى إلخ، …والتعليميالمنطقة، حتى دونما قصـد، إن خطـاب اليـأس والعدميـة السياسية، له مروجوه والذين أدمنوه، والبد من وقفة حازمـة

هؤالء ومن يدعمونهم ال يريدون لخطابـات اإلصـالح ألنالشامل أن تستكمل مساراتها في النقد االجتماعي والسياسـي الجديد، الذي يتصدى لألطروحـات والشـعارات الغامضـة والعامة والكاذبة التي يطرحها الخطاب الرسمي ومؤيدوه، ال سيما خطاب المشتاقين للمناصب الرسمية من الذين تحولـت

ـ الم وراءه يصلحة العامة لألمة إلى مجرد شعار كاذب يخف !.مصالحهم الصغيرة التي يعتبرونها هي مصلحة مصر

إن خطابات اإلصالح الشامل ينبغي أال تقـف عنـد رصد أعراض وعوامل إنتاج التخلف السياسي والفساد وأزمة دجولة القانون فقط، ألنها ستصبح شعارات عامة ال معنـى

لجمهور بالملل واليأس مثلها في ذلك مثل لها، بل وستصيب ا الشعارات الحكومية والمعارضة الرسمية والالرسـمية فـي مصر، المطلوب هو دراسة اختالالت كـل حقـل سياسـي واقتصادي واجتماعي وتعليمي ودينـي وثقـافي وأسـبابها، وكيف يمكن التصدي لها بالعلم وأساليب البحث، ال شعارات

ت الحكومة والحـزب الحـاكم، مضادة وفارغة مثل شعارا !.وبعض أحزاب المعارضة

ثمة حاجات لدراسات عميقة في فروع شتى إلصالح الدولة، والمجتمع، وهو أمر صعب ومعقد، وال ينتظر قيـام الصفوة الحاكمة بذلك، وإنما هي مهمـة المثقـف والباحـث

الدولة المصرية وإصـالح دالوطني المستقل، من أجل تجدي ل دولة القانون الحديث، وجمهورية برلمانية المجتمع من خال

.تحت إعالم الحرية وحقوق اإلنسان

: :!

موضـوع التغييـر السياسـي هل يمكن أن تتـرك والدستوري الهيكلي والشامل ومعه وجوه الصفوة الحاكمـة

ينها لمجموعة من استراتيجيات السيطرة وأجيالها ونوعية تكو ن ما يثير إوالمناورات واأللعاب السياسية الرسمية النمطية؟

المتصـاص اهذا السؤال بعض األساليب التي برزت مجدد الغضب السياسي المكتـوم مـن ضـعف مسـتويات األداء السياسي للنظام، وكوادره الضعيفة، منها إدارة ملف مصـر

حصولها على صوت واحد، ورفض وعدم ٢٠١٠لمونديال رئاسة القمة العربية عرض اقتـراح مصـري بخصـوص

إليجاد موقف جماعي إزاء الضغوط األورو ااإلصالح، رمي ونخـب أمريكية المطالبة بضرورة إصالح دول ومجتمعات

أسهمت في إنتاج العنف واإلرهاب باسم الـدين اإلسـالمي ات اجتماعيـة، العظيم كقناع الحتجاج راديكالي إزاء فجـو

اوغياب لآلمال السياسية الجماعية والفردية، نقولها تجـاوز

ألزمة ميالد الفرد، وتحـول الدولـة إلـى نظـام إلنتـاج االستبعادات الدينية والطائفية والمذهبية، وإلى هياكل مغلقـة إزاء المشاركة السياسية، ومواقع إلنتاج الفسادات السياسـية

ها تـاريخ مـن ء داللة، وورا والبيروقراطية، عالمات ذات مؤشرات التآكل والوهن المتسارع، وتداعي المكانة اإلقليمية

رنا كثيرا له منذ نهايـة والدولية للدولة، واألمة المصرية، أش إن حالة رجل الشـرق األوسـط ! عقد السبعينيات وال نزال

المريض بالغة الحرج وتظهر من أبعاد الدور المصري فـي لسودانية لمصـلحة مجموعـة اإليجـاد مفاوضات الملفات ا

! والدور األنجلو أمريكي، واإليطالي، والنرويجي، واأللماني لجأ . وبعض المؤسسات الدينية الغربية في عمليات التفاوض

النظام إلى بعض األساليب في التعامـل مـع موضـوعات الموضوع مـن مضـامينه وعمقـه، تفريغ اإلصالح، عبر

اعات اللفظية، وكجزء مـن لغـة وتحويله إلى فقاعة من الفق الخديعة والمناورة، وهي جزء من اللعبة السياسية اليوميـة، ودورنا هو تفكيك وهتك أستار الخداع والذي تحمله بعـض أساليب المناورة التي ترقى إلى ترحيل المشكالت، في حـين أن تراكمات األزمات تنذر بأخطار وخيمـة علـى مسـتقبل

األول : فوة الحاكمة إلـى أسـلوبين لجأت الص . الدولة واألمة إقليمي ذو بعد دولي وهو التحرك األخير إزاء مبادرة شارون واالنسحاب من غزة، واألسلوب الثاني داخلي، وهو الحديث

وسوف نحاول تحليل ما وراء . المستمر عن التغيير الوزاري األسلوبين ومدى صالحيتهما كمدخلين للتعامل مـع المسـألة

في الشرق األوسط فـي " والغلبان" المريض المصرية الرجل :ظل تفاقمها، وذلك فيما يلي

إن تحرك الدبلوماسية المصرية للعب دور في إطار اسـتمرارية الـربط بـين من هنا ، و الًخطة شارون غزة أو

اللعبـة ! التطور الديمقراطي الداخلي، وحل القضايا اإلقليمية اء تكالـب األخيرة هي جزء من أنماط السلوك المصـري إز

األزمات الداخلية والدولية التي تواجه النظام باتـت شـائعة، من األهداف، وأصبحت اآلن تحمل نـذر ا بعض احققت حينً

إنتاج أزمات أخرى، ونرصد هذه اللعبة اإلسـتراتيجية فيمـا :يليعندما تتكثف الضـغوط األمريكيـة واإلسـرائيلية - أ

تهاكات نواألوروبية على مصر، في مجال التنديد باالالممنهجة لحقـوق اإلنسـان، وعرقلـة التسـويات

السياسية في المنطقة، وإزاء االنتقادات المستمرة من ــض ــة، أو بع ــة للحكوم ــات الحقوقي المنظماالستراتيجيات العنيفة لجهاز الدولـة إزاء بعـض القوى المحجوبة عن الشرعية القانونية، أو بعـض

ني تحـت ناشطي المجتمع المدني، أو المجتمع المد التشكيل أو بعض القيود على حريات الرأي والتعبير

.واإلبداع، وال سيما من رجال الدينتلجأ الصفوة الحاكمة إلى استراتيجية تحريك الجمود - ب

في مجال التسوية السياسية مع إسرائيل، ووجههـا اآلخر تجميد عملية التسوية، سواء من خالل قبـول

ساليب المنـاورة بعض المقترحات اإلسرائيلية عبر أ الجزئية، ومنها ممارسة بعض التأثير على عرفـات

أين هو مـن ! قبل وفاته، بأن يكون مانديال فلسطين ! مانديال ودوره العظيم في تحرير شعبه ال قمعـه؟

ومنظمة فتح عبر ضرورة إعـادة هيكلـة السـلطة داخلهمـا أو واألمن من ضروب الفسـاد المتعـدد

سـالمي، ويخـرج الحوار مع حماس والجهـاد اإل ممثلوهم بعد كل اجتماع مع مفاوضـين مصـريين

بارزين رافضين مقترحات الحكومة المصرية، وهي التي تربط بين حل القضية الفلسطينية والنظر فـي

!!التطور الديمقراطي في مصر

تقديم بعض المقترحات الوسيطة أو التوفيقيـة بـين - ت .الطرفين

سـطينية والواليـات محاولة التوسط بين السـلطة الفل -٤المتحدة واإلدارة األمريكية لتخفيف الضـغوط اإلسـرائيلية

.والحصار على القيادات والشعباستراتيجية تحريك الجمود كانت تحقق عدة أهداف،

كما كـان مـن قبـل، اوثمة شك حول إمكان تحقيقها مجدد :ويمكن رصد هذه األهداف فيما يلي

، وجماعـات تخفيف الضغط األمريكي اإلسرائيلي -١ مـن االضغط الصهيونية، وهو ما حـدث أخيـر

تخفيف لهجة الخطاب األمريكي في اجتماع قمـة دول الثماني الكبار األخير، وفي بعض تعـديالت طفيفة في المبادرة األمريكية، وبـرز ذلـك فـي مرافعة شيراك صديق النظام الديكتاتوري البعثـي

ئيس صدام حسين، والر هالسابق في العراق ورئيس

عمر بونجو في توجو، والرئيس الروسي بـوتين، عن الديكتاتوريات في المنطقة، وفق نظرية ادفاع

أنها ال تحتاج إلى مبشرين بالديمقراطيـة، وفـق نظرية الخصوصيات والمواءمات والظروف لـدى شيراك، ونظرية أن األولوية فـي المنطقـة هـي لألمن، والتدرج فـي اإلصـالحات لـدى رجـل

ارات السابق بوتين، وكالهما ينهض مـن االستخبقلب االستشراق اإلمبريالي التقليـدي العنصـري، والمعادي لثقافة المنطقة وشعوبها، الذي ينطـوي على موقف عنصري يرى الديمقراطيـة وحقـوق اإلنسان كمنظومة متكاملة ال تتجزأ هي من إنتـاج وإنجاز وحقوق الرجل األبيض، وأن هذه المنطقـة

من عالم الـديمقراطيات ان تكون جزء أدنى من أ !!وحقوق اإلنسان

هذا هو أبرز إنجاز للعبة األخيرة تجاه إسرائيل وشارون !حتى اآلن

اإليحاء بدور إقليمي مصري مركزي وفاعـل، إال -٢ ألن مقوماته وأرصدته اأن هذا اإليهام لم يعد مجدي

تبددت بفعل الجمود الـداخلي، وضـعف الخيـال ارات، ورفــع بعــض وزراء السياســي، والمهــ

الخارجية والمستشارين الشعارات الصاخبة لكسب جماهيرية شخصية بلغة تنبو عن لغة الدبلوماسية، ورصانة السياسيين المحترفين، كل ذلك في محاولة

عن إقناع الًإليهام الجماهير بشعارات تعرفها، بدي .اآلخرين بها، من حكومات، ورأي عام عالمي

اإلقليمي في إيجاد بعض الحلـول استثمار التحرك -٣الجزئية لبعض المشكالت االقتصـادية العاجلـة،

الـدوالر ءومحاولة دعم سعر صرف الجنيـه إزا والعمالت األجنبية، دون تصد لجوهر االختالالت

اإلدارة، ءالهيكلية في االقتصاد المصـري، وسـو . إلخ…وضعف األداء، واألخطر الفساد

ل في اقتناص فرص تبدو ثمة سلوك سياسي آخر يتمث من بين ثنايا األزمات، أو لحظات التحـول فـي السياسـات الدولية ثم العولمية بعدئذ، وال بأس في هذا ألنه قلب عمليـة ـ االسياسة كميدان لصراع المصالح والقـيم والرمـوز داخلي

اودولي ومن أبرز األمثلة على ذلك، قيام الرئيس ا وديمقراطي

ئي تحجيم الدور السوفيتي فـي الشـواط السادات باإلسهام ف الدافئة، وطرد الخبراء السوفيت، وتغيير نمط تحالفاته الدولية واإلقليمية إلى الواليات المتحدة، ودول البدوقراطية النفطيـة كالسعودية ودول الخليج، ثم دعـم العـراق فـي مواجهـة األصولية الشيعية وجمهورية الماللي وآيات اهللا في إيـران،

لف ز هذا الدور في حرب الخلـيج الثانيـة مـع التحـا وبراألمريكي الدولي ضد صدام حسين، ثم مناوراتنا فـي أثنـاء

سـبتمبر، انتقـادات خطابيـة ٢٢الحرب ضد اإلرهاب بعد لالستهالك الجماهيري، وتحالفات ضمنية، وفي حرب الخليج الثالثة إلسقاط صدام واحتالل العراق، هـذا التـداخل بـين

ة الخارجية والعالقات الدولية والعولمية، وبين قضايا السياسيومشكالت داخلية أسهم أحيانا في إيجاد بعض الحلول الوقتية، لكنه أسهم على المدى البعيد في تراكم وتفاقم المشكالت إلى درجة التعقد على نحو أدى إلى دخول البالد إلى حلقة جهنمية

.بين المشكالت كلهاخير هدفه األول الحد من عزلـة التحرك اإلقليمي األ

اوضعف النظام والصفوة الحاكمة سياسي والمنـاورة ا ال أمني ،مع الضغوط اإلمبريالية العولمية األمريكية األوروبية التـي

تطالب لمصالحها وأهدافها في المنطقـة، النظـام وصـفوته بضرورة اإلصالح السياسي والتعليمـي والـديني، وإيجـاد

دة لألجيال الشابة، وتطـوير أوضـاع فرص وتطلعات جدي .المرأة إلى آخر هذا الخطاب

بحثا عن فرص ما للتخفيف من وطأة : الهدف الثاني . االقتصاديةاألزمات

رد دعائي وإعالمي ضد مؤشـرات : الهدف الثالث قليمـي لمصـر، وصـورتها المكانة والدور اإل عن تراجع

.االعالمية، وهو ما أشرنا إليه سلفً :ة التغييرات الوزارية والمحافظيناستراتيجي

تهدف هذه االستراتيجية إلى مواجهة حاالت تصاعد الغضب والسخط الجماعي إزاء بعض السياسات االقتصادية، أو تدهور مستويات معيشة غالبية الجمهور المعسـور مـن الفقراء وأوضاع الريف والمدن المريفة، أو الغضب الصريح

بة من الفساد السياسـي للكبـار، أو المكبوت إزاء أنماط غال وبال اوالفسادات اإلدارية وفي المحليات، وفي الشارع جهار ،

هناك عدد من مستويات مواجهة هذه الحاالت ! إلخ …رادعتقديم بعض قضايا الفساد مـن المسـتوى : وما شابهها، منها

المتوسط وما فوقه بقليل، مع بعض الحمالت األمنية إلعـادة الشارع، مع بعض الفضائح كي تكون جـزء االنضباط إلى ا

الفظة للثرثرة السياسية والجنسية والمالية للصـفوة من المتع والجمهور، مع تناسي صلب المشكالت التي توهن أعصـاب

.الدولة والمجتمع بكل تعقيداتها وتشابكاتها

كومي، يتم تفتيـت المستوى من التعامل الح عند هذا كتل الغضب الجمعي إلى شظايا وإعادة تركيز االهتمامـات

هـذا التوزيـع الهتمامـات . الجماهيرية حول توافه األمور جتماعية علـى اته اال ءالجمهور على اختالف شرائحه وانتما

ر عديدة هو جزء من لعبة السياسة، وقد تكون ناجحـة إذا ؤب من إدارة أزمات عاجلة، بهدف التمهيد لحلـول ات جزء كان

ناجعة، لكن من أسف أصبحت محض لعبة دائمة فقط، وبدت !! إلخ…وكأنها هي السياسة ومهاراتها

المستوى األكثر بروزا يتمثل في التغييرات الوزارية كان الرئيس السادات . الشاملة أو الجزئية المتصاص الغضب

ر الحكومات، لكنه أدمنها إلى درجـة يجيد ببراعة لعبة تغيي . أفقدتها تأثيراتها في أحيان عديدة

الحس السياسي للسادات على الرغم مـن إنجـازات الشك في أهميتها وأخطائه الفادحة وأوهامه الذاتية المتضخمة اتسم في بعض األحيان بالرهافـة، ومـارس آليـة تغييـر

انتظـار الحكومات والوزراء لتجديد آمال طـوابير قـوائم إلى السلطة ثمنا يؤجرون االتزوير، غالب هؤالء تطلعوا دوم

ته م للرئيس حتى ولو لم يكن بحاجة قط للنفاق وحك اعليه مدح

وعظمته واألعباء التي يتحملها نيابة عن شعبه، إلى آخر هذا النمط الكاريكاتوري من خطابات الصغار في نفاق السـلطة

ومحدودي الموهبة والكفاءة ومن بعض المتسلقين، ! كانت اأي وعمالء األجهزة المعادية للديمقراطية والحريات العامة، هذا النمط النفاقي السوقي بات من فولكلوريات السياسة المصرية، ثمة آخرون من القوى المساندة والداعمة للـرئيس والنظـام

طرف ثالث تالعب الـرئيس السـادات . ولها دور في الحكم كنوقراط والمدرسيين من أساتذة الجامعة، بهم، وهم بعض الت

وإلـى اآلن، وكبـار ١٩٥٢ممن نكبت بهم بالدنا منذ عام رجال اإلدارة من أجهزة الدولة، وهم من المتطلعـين دومـا بوله وشغف إلى مواقع وزارية، وذلك كي يضـمن والءات

مصادر متعددة للمتطلعين للوزارة . له، ولنمط حكمه شخصيةلسـاخرة الزميـل الكبيـر أحمـد رجـب وصفهم بفلسفته ا

.بالمشتاقينماسبق ال يعني إسـقاطنا ألحكـام قيمـة أخالقيـة وأيديولوجية عليها، ألننـا إزاء وصـف تحليلـي إلحـدى استراتيجيات السيطرة على الحقل السياسي، وعلـى صـفوة

الحكم نفسها، ومن حيث تركيبها، والحراك داخلها، أو التجنيد .مدح أو الذملها، أي وصف خارج ال

أدت استراتيجية التغييـر الـوزاري، والمحـافظين متالحقين أو متباعدين لتحقيق وظائف، إال أنهـا تراجعـت

بسبب الجمود، وادعاءات تحقيق االستقرار واإلصالح انسبي !!االقتصادي

الحق أن استراتيجية تغيير الحكومـات ورؤسـائها اهيري، ومحاولة والوزراء لم تتعد لعبة استيعاب السخط الجم

لهاء الجمهور، بيد أنها لم تحقق قـط أي إتجاوز األزمات، و النظـام، وسياسـاته، وال فـي ىإصالح سياسي جاد في بن

ظل الدور المركـزي . تركيبة ونوعية عمليات تجنيد الصفوة وحتى هذه اللحظـة ١٩٥٢داخل النظام المصري منذ يوليو

تنفيذيـة، لسـلطة ال ، فوق ا في موقع رئيس الجمهورية الًمتمث ثمة تسامح الشك حوله في مجال حريـة اوالسلطات جميع ،

الصحافة مع ضغوط سلطوية ودينية على حريـات البحـث واإلبداع، آخرها قرار وزير العدل بمنح صـفة الضـبطية

بما يكشف !! القضائية لبعض شيوخ مجمع البحوث اإلسالمية

وعـدم عن اضطراب، وعدم تجانس في التركيبة الحكومية !!تناسق في أداء أجهزة الدولة ألعمالها

مما سبق يبدو أن محض التغييـر الـوزاري فـي الوجوه، وحتى األجيال من ذات نوعية الموظفين السياسيين، ال وزن لها في إحداث تحوالت بنائية ونوعية في السياسـة

.والصفوة، الحاكمة، وأداء النظام كـان نوعـه ايإن المتطلعين إلى التغيير السياسي أ

وحدوده وفلسفته ال حصر لهم سواء داخل الحزب الحاكم، أو ـ ابعض رجال األعمال بحثً ا عن حمايـة ألنشـطتهم، وطلب

وثمة عديدون مـن ! للتوسع فيها عن طريق األبناء واألنجال عن مكـان اذوي األصوات الصاخبة ترمي إلى التغيير بحثً

ة بنائيـة للدولـة داخل عملياته، وال يستهدفون إعادة صياغ ثالثـة أجيـال سياسـية، . والسياسات واألجيال والمجتمـع

وباألحرى القول أننا إزاء عناصر تنتمي إلى ثالثـة أجيـال ترفع عقائرها الصاخبة بالتغيير واإلصالح، لكن غالبهـا ال كلها تفتقر إلى مفاتيح للتعامل معه، وفتح مسارات للحركـة

.ة الجديدةنحو تأسيس مصر الديمقراطية الحر

أول المنتظرين للتغيير بعض عناصر ستينية، وهـو جيل عانى هزائم عديدة وتقلبات النظام بعد هزيمـة يونيـو

التحق بالسلطة الثقافية واإلعالمية الرسـمية، ه، بعض ١٩٦٧ من وجهاء الثقافـة واألحـزاب واإلعـالم اوبات يمثل جزء

نية ال كلها غالب الرموز الستي . المتلفز والمكتوب والمسموع من الفرز الثاني والثالث والرابع فـي الثقافـة واألكاديميـة

وجل هؤالء يتكاتفون في تحالف . اواإلعالم والصحافة تحديدمن هـؤالء بعـض مـن . غير مكتوب لدعم بعضهم بعضا

يتصدرون ومعهم بعض من إمعان األجيال التالية كل المشاهد والثقافية ويوزعون الرسمية، والكرنفاالت والطقوس السياسية

الجوائز والفرص والتفرغ بين بعضهم، وبعض مواليهم مـن نمط من التواطؤات .لية، وفق قانون المعلم واالتباع أجيال تا

والمحسوبيات يشكل علما على مراحل كاملة وممتـدة فـي ثمة عناصر موهوبة والمعة داخل هذا الجيل لديها ما . حياتنا

غيير الشامل القادمة بال جدال تقدمه من عطاء في معارك الت بعضها استكان وصـمت، وبعضـها . طال الوقت أو قصر

يحاول، وبعضها اآلخر آثر مسايرة لعبة السـلطة الرسـمية يفترض أن بعض هذا الجيل سيكون . حتى ال يطرد خارجها

في أية عملية تغيير جاد أو زائف في السياسـة اطرفا انتقالي !حت التشكيلوالثقافة والمجتمع المدني ت

الجيل الثاني بعض أبناء السبعينيات، وبعضـهم لـه تجارب سياسية سابقة، وبعض هؤالء مـن جرحـى الحيـاة

وحضور هـؤالء . االسياسية بمواريثها السلبية واإليجابية معفي المجال العام في الصحافة والمنظمات غير الحكومية تأثر

ض رموز هذا بع. بخلفياتهم وتناقضاتهم وصراعاتهم السابقة الجيل يفترض أن يكون القلب الحي للحيـاة السياسـية فـي

وأحزاب المعارضة، وفي الحكومة واإلعالم والحزب الحاكم ودور هؤالء ! المنظمات غير الحكومية، إال أن ذلك افتراض

واإلعالم وهياكـل هو إعداد مسرح الحياة العامة واألحزاب سية المصرية، وإيجاد الدولة ألجيال جديدة تدخل الحياة السيا

.مال جديدةآفرص وبدائل و عن واقع حـال اإال أن الوضع السياسي ليس تعبير

يمكن استثناء عدد من ألمع أبناء السبعينيات . هذه المجموعات في الجماعة األكاديمية والبحث السياسي، والرواية والشعر –

وهم قلة قليلة وفي التصوير والنقد األدبـي، وبعضـهم فـي ، من مصائر -مل القانوني وفي الفقه والقضاء والمحاماة الع

القلـة الكـفء . وضعف مهارات وخبرات بقية أبناء جيلهم والموهوبة والالمعة في هذا الجيل لديها خبرات قومية ودولية رفيعة، والقوة الضاربة فـيهم لـذوي الخلفيـات اليسـارية

ديمقراطيـة والليبرالية، وغالبهم يدخل اآلن في دائرة القوى ال الليبرالية تحت إعالم الحريات العامـة وحقـوق اإلنسـان،

ـ . وعلمنة النظام السياسـي المرنـة عـن تشـوهات ارغم ومشكالت عديدة داخل هذه المجموعات، فإنه ال بـديل قـط عنها في أي مشروع تغيير شامل، وجـاد للدولـة والنظـام

.والمجتمع هذا االستثناء في إطار أصوات صـاخبة الصـوت،

تفتقر إلى الخبرات السياسية والجماهيرية الواسعة، وجماعات من أبرز إنجـازات . ال تزال معزولة وستبحث عن دور ما

بعض أبناء هذا الجيل من الحركيين والنشطاء خالل العقدين األخيرين، بعض الممارسات في مجال المنظمات الدفاعيـة

ـ ال، والحقوقية، آخرون نجحوا إلى حد ما في مجـال األعموهؤالء يأملون في االشتغال بالسياسة كجـزء مـن الحنـين

، ١٩٧٣ – ٧٢لرومانتيكية سياسية غامضة للحركة الطالبية

ل نجمهم السياسي، يرمي بعض هـؤالء إلـى فلكنهم عبثا أ .تطوير مواقعهم الطبقية الجديدة بعد االنفتاح والفساد ومعهما

اماتهما الثمانينيات والتسعينيات همومهما واهتم جيال السياسية لم تعد محملة بإرث األجيال السابقة ذات الشعارات والمقوالت والسرديات األيديولوجية والفلسفية الكبـرى، هـم نتاج أجيال من الهزائم والتحوالت العاصفة فـي عصـرنا،

يركـز . مبراطوريات الفلسفية الكبرى كالماركسية وانهيار اإل ، وهو ما تجلى فـي هؤالء على اليومي والمعاش والملموس

سردياتهم وفي نصوصهم الشعرية والروائيـة فـي إطـار موهوبة داخل العـالم الجديـد ثمة عناصر . الجماعة الثقافية

بتحوالته كما هو، وأصبحوا يراكمون خبرات علمية وحسـا هذا الجيل تضم نخبته شريحة معولمة، تعيش حيـاة . اذرائعي

تمـون إلـى بعـض تتداخل فيها أنماط متعددة، وآخرون ين الجماعــات الدينيــة، وال يــزال منخرطــا ضــمن البنيــة

.األيديولوجية الدينية في مقوالتها العامةنحن أمام ملفات معقدة، وتركيبة سوسـيو سياسـية

تبدو استراتيجية تحريك الجمـود من هنا مشوشة ومشوهة، و في التسوية والعالقات مع إسرائيل، واسـتراتيجية التغييـر

ست سوى عرض ألزمة كبرى في العقل السياسي الوزاري لي ! للصفوة الحاكمة، ولسنا أمام مشروع كبير للتغيير الشـامل

بصراحة لم يعد هذا النمط من السياسات والسلوكيات صالحا للمناورة مع ضرورات اإلصالح والتغيير الشامل، البـد أن نفصل بين التغيير الديمقراطي النيابي واإلصـالح الشـامل

لقضية الفلسطينية، واألوضاع في العراق، ألنهما أوال وبين ا مسئولية الشعبين الفلسطيني والعراقي، وقادتهما، وألن الربط بين هذه القضايا، والتغيير الشامل يعني تأجيل تطوير مصر وتحريرها من صنوف االستبداد إلى زمن مجهول لحين حل

ـ ! واستقرار العراق ! القضية ىدعأو إصالح كائن مشـلول ي .ا وأخيرالًجامعة عربية فمصر أو

ضرورة الفصل بين اإلصالح السياسي واإلصـالح االقتصادي الذي فشل ألنه تم في أطـر ال ديمقراطيـة بـال

ولم يحدث ال اإلصالح االقتصـادي، إلخ، مساءلة وال شفافية .وال تحررنا من السلطوية واالستبداد

ل كفى مناورات وخديعة وألعاب مكشـوفة، الحـال الديمقراطي الحر بين ال لبس وال غموض حولـه، دسـتور جديد لجمهورية نيابية جديدة، تأقيت واليـة رئـيس الدولـة

بمدتين، ثماني سنوات على األكثر في هذا العصر وانتخابات بين أكثر من مرشح رئاسي، ودولة القانون، أما حرام وآثـام

!انظر حولك: االستبداد والسلطوية، فال يحتاج إال إشارة فقط

: : !? !? ?

جملة افتتاحية في "بناء على توجيهات السيد الرئيس

اإنها على ألسنة الجميع، بدء " لغة الخطابات السياسية الرسمية مـوظفين، من رئيس مجلس الوزراء، والوزراء، وكبـار ال

ورئيسي مجلسي الشعب والشورى، إلـى المسـؤولين عـن اإلعالم، واألجهزة الحكومية، وفي إطار الحـزب الـوطني،

عـن التي تحاول أن تحكم مصـر، بعيـدا ولجنة السياسات األطر والقواعد والتقاليد الدستورية، والقانونية، وهو ما يبدو

طـار من الدور المتعاظم لرئيسها في أمور تـدخل ضـمن إ اختصاصات، ورموز وطقوس رئيس الجمهورية الـذي تـم

.اختياره في إطار االستفتاءات الرئاسيةـ ابناء على توجيهات السيد الرئيس، يقولهـا أيض ،

محدودو الخبرة والتكـوين والمهـارات –بعض التكنوقراط رجال األعمال الذين تم اختيـارهم ا ومعهم أيض –السياسية

. جنة السياساتمن بين محاسيب قادة ل

الحـزب " قـادة "البائس، الذي يـدور بـين الحديث والحظ التعبيـر وفقـره –الوطني، حول أولويات اإلصالح

ومشروعات القوانين التي تنطوي على –السياسي والمعرفي نها تتم بناء على توجيهـات أتعديالت جزئية ومبتسرة، يقال

!الرئيسمـدخال إن تحليل هذا المنطوق الخطـابي، يصـلح

مناسبا لفهم، وتحليـل قواعـد وآليـات النظـام السياسـي، والعالقات داخل الصفوة الحاكمة، وداخل الحزب الوطني، بل ولجنة السياسات ذاتها، إن الجملة آنفة الذكر، والترداد، يعاد إنتاجها وتوزيعها علـى قاعـدة واسـعة مـن المسـتهلكين

ـ دة، وهـي للخطابات السياسية الرسمية، وفي مجاالت عديأشهر الجمل الشعارية التي تكشف عن أن النظام يدور حول

مع كـل –قطب واحد عند قمته هو موقع رئيس الجمهورية بكل صالحياته واسعة النطاق، التي تكاد –االحترام والتقدير

تعصف بمفهوم فصل السلطات، والتمايز المؤسسـي بينهـا، وتكاد تجعل ،والتي تتالشى معها ضمانات الحرية للمحكومين

ح إال عبر تعـديالت هيكليـة، إلصاللالنظام كله غير قابل

وجوهرية تستعيد للمبدأ األساسي، هيبته وتجسيداته، وقواعده، اوحدوده، في إطار دستور جديد تمام.

، "بناء على توجيهـات الـرئيس "إن التعبير األشهر إلغاء مفهوم دولة القانون، والطـابع المؤسسـي ايعني ضمنً

لدولة الحديثة، وعدم شخصنة السلطة، لصالح دمج الدولـة لوالسياسة والمؤسسات العامـة، والقـانون وقواعـد اللعبـة

.السياسية، في شخص رئيس الجمهوريةنفـي دور هذا بالقطع ال يعني محاولـة تغييـب أو

وصالحيات رئيس الجمهورية، فهذا أمر غير وارد بـالقطع، ي ظـل فصـل السـلطات ألنه موقع مركزي ومهم، ولكن ف

وتوازنها وتعاونها، وضمانات الحريات العامة للمـواطنين، ودولة القانون وسيادته، منذ عقود عديـدة، حاولـت الدولـة التسلطية وأعوانها اختصار األمة المصرية العريقة، ومصادر الحيوية السياسية، واالجتماعية، والفكرية، داخلها، في شخص

جهزة الدولة األيديولوجية مـن وأضفت أ ! رئيس الجمهورية نفاقها السياسي، صفاتا عليا ومتعالية على شخص من يشغل

من الحكمة والرشادة السياسـية، اموقع الرئيس أيا كان، بدء

اوالزعامة الملهمة، ما من فضيلة من الفضائل اإلنسانية، وم !، إال ونسبت إليهافوقها أحيانً

ييديولوجية، رم هذا النمط من نفاق أجهزة الدولة األ وال يزال إلى بناء شرعية، ومسـاندة لـرئيس الجمهوريـة،

عن تقنيع الواقع وتجميلـه، لكـن أخطـر مـا فـي الًفضالممارسات النفاقية، هو إبعاد الجماهير، أو أبناء األمة، عن

في إطار جهـاز الدولـة االمشاركة السياسية المعتقلة أساس اليز العليا للحـزب الحـاكم أساسا، وأحيانا في األروقة والده

الذي ال يعمل بالسياسة أصالً ، وإنما يستدعي أحيانـا لكـي يلعب بعض أدوار المساندة السياسية عندما يتم االحتياج إليه، وبناء على توجيهات السيد الـرئيس، يعنـي محاولـة كـل الناطقين بهذه التعويذة النفاقية والبيروقراطية نسبة النجاح أو

عمل من األعمال العامة، إلى السيد الـرئيس، الفشل في أي الذي قد ال يعرف عنه إال بعض المعلومات والعناوين العامة،

تكشف الجملـة النفاقيـة عـن نزعـة مراوغـة من هنا وبيروقراطية من رؤسـاء الحكومـات، والـوزراء، وكبـار

أو فشـل ! الموظفين، مفادها أننا لسنا مسؤولين عن نجاح ما وننفـذ توجيهاتـه ! عند رئـيس الجمهوريـة ألننا نعمل ! ما

مشروعات كبرى، ويقال فـي معجـم الصـفات ! الحصريةنها عالقة، وأعظـم المشـروعات، أالسلطوي واأليديولوجي

مثل أزهى عصور الديمقراطية إلى آخر هذه المعزوفة المملة األجوف، والخطابات الفارغة البليدة، التي من إيقاعات الطبل

صفوة الحكم الضيقة، ومنافقوهـا ا جميع سناوصدعت بها رؤ من زبائنها، أو الصغار الحالمون بالعمل في دوائرها، وداخل

.بعض لجان لجنة السياسات في الحزب الوطنيالفكر الجديد وأولويات اإلصـالح، شـعار مـؤتمر

، برز معـه الشـعار األهـم ٢٠٠٤الحزب الوطني في عام ذي ال جديد فيـه علـى واألخطر من الشعار الجديد القديم ال

اإلطالق، والذي يقول بالمالءمات والمواءمات، في اإلصالح والسـؤال هنـا مـا دور !بناء على توجيهات السيد الرئيس

قيادات الحزب الوطني، وقواعده، وهياكله التنظيميـة مـن القضايا المطروحة، لكي يوافـق ويبصـم عليهـا أعضـاء

ياسـية، وقـانون المؤتمر، وهي قانون مباشرة الحقـوق الس النقابات المهنية، وربما قانون جديد علـى القـانون القـديم

، الذي أدخل بعض التعديالت ١٩٩٣ لسنة ٩٧لإلرهاب رقم على قانون العقوبات واإلجراءات الجنائية وقوانين أخـرى،

أو إلـخ، …وإلغاء الحبس في قضايا النشر بواسطة الصحف اب السياسـية، أو إدخال بعض التعديالت على قانون األحـز

، وترحيل نصوصـه الخطيـرة طوارئإلغاء وهمي لقانون ال ! الجديـد –وإدماجها، ضمن قانون مكافحة اإلرهاب القـديم

وهي أمور تم ترحيلها إلـى سـنة االسـتحقاقات السياسـية ، حيث يتم االستفتاء على واليـة خامسـة للـرئيس ٢٠٠٥

والصفقات مبارك، وانتخابات البرلمان، كجزء من المناورات .السياسية مع بعض أحزاب المعارضة محاولة بعـض قـادة اوالغريب والمثير للدهشة مع ،

الحزب، اإليحاء بالربط بـين مطالـب الـبعض بالتعـديل – واألحرى القول التغيير الدسـتوري الشـامل -الدستوري

وبين فتح الباب أمام التدخل األجنبي، مع الدعوة إلى التكاتف لمناورات السياسية التي تفتح الباب، أمام هـذا واالبتعاد عن ا

التدخل األجنبي، وذكرنا بأن الرئيس أعلن أنه ليس ثمة مـا والرد ! يمنع من إجراء تعديالت دستورية في الوقت المناسب

على هذا النمط من المراوغات السياسية المملـة، أن بـاب االتدخل األجنبي حادث بالفعل، من العالقات الخاصـة جـد

: مع الواليـات المتحـدة، والـدول األوروبيـة إلخ، …ادج

! إلـخ .… وا …وا. …بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وا تمارس على الحكومة والنظام، والتـدخل ومن الضغوط التي

األجنبي، بارز، في وزراء أجانب في الحكومة، ومع كل هذا التمجيد المبالغ فيه لكل ما هو أجنبـي وتـوقيره، وإحاطتـه باالحترام، وعلى إبعاد كل ما هو مصري أصيل في الفكـر النقدي والموهبة والكفاءة، ومعرفة األجنبي على نحو أكثـر

صفوة السياسية الحاكمة التي ينتمـي إليهـا هـذا من ال اعمقًالمسئول وغيره، التي تكره المواهب والكفاءات المصـرية،

أساسا التدخل األجنبي يبدأ . اوتحرض عليها، وتغتالها معنويباالستالب واالستسالم أمام كل ما هو أمريكـي وبريطـاني

التدخل األجنبي، بدأ بالخوف مـن ! إلخ …وفرنسي وألماني مة، واحتقارها، وادعاء الحكم باسمها، التدخل األجنبي لن األ

تأتي به القوى الوطنية المصرية المستقلة التي طالما نادت في نزاهة وموضوعية وحيدة بإصالح وتطوير اإلعالم والتعلـيم العام والجامعي والديني، والخطابـات السياسـية والدينيـة،

قوى الوطنيـة ال. وبضرورة ضرب أوكار الفساد والمفسدين وال تزال بالسلطة القضـائية المسـتقلة، اهي التي نادت دائم

وبمجلس شعب يمثل األمة وإرادتها العامة على نحو حقيقي،

من الذي جاء بالتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية؟ . وجادإنها الحكومات التي شغل فيها هذا الوزير السـابق، وغيـره

التـدخل ! بعاده إلى موقع آخرمواقع وزارية شبه أبدية حتى إ األجنبي جاء مع انعدام الكفاءة السياسية واإلدارية لحكوماتكم، ومجالسكم التشريعية يا سيدي، لقد جاء بالفعل على أيـاديكم

سوف تسندون ذلك عندما يأتي أوان التقاعد اوطبع! الكريمة! والمساءلة، إلى أنها كانت بناء على توجيهات السيد الرئيس

ت أيام ناصر، والسادات، وتقال بكثافة في عصر الرئيس قيل إلبعـاد المسـؤولية – له كل التقدير واالحتـرام –مبارك

السياسية والقانونية عـن فشـلكم السياسـي، واالقتصـادي …واإلعالمي كحكومة وكوزراء، وكمجلسي شعب وشورى

.إلخ ابناء على توجيهات السيد الرئيس، ليست شعارا كافي

فشل الحزب الوطني، وال استعارة بعض الشـعارات إلخفاء للحزب، االبراقة والجوفاء لمن يحاولون أن يكونوا قادة جدد

!من مثيل الفكر الجديد وأولويات اإلصالحكنت أتصور أن ثمة رؤى جديدة بالفعل، بعـد كـل

ـ االحوارات حول اإلصـالح مصـري وعولميـا، ا، وعربي ،

علـى –عمال، والخارج إلى مؤتمرات حزب ال –وسفريات وآمل أن تكون علـى حسـاب احساب دافع الضرائب طبع

وهـم أثريـاء االحزب، أو قياداته في بلد معسور اقتصادي ، لكن فيما يبدو ال فكر وال جديد، وإنما –بحسب ظاهر الحال

مجرد بالونات لفظية وحسب، وعادت ريمـا إلـى عاداتهـا ة لألمثـوالت الشـعبية القديمة كما يقال في البالغة الشـائع

وأخطر ما في هذا المؤتمر، أنه يأتي فـي ظـل . المتواترةظروف مهمة وحرجة وتمس مستقبل النظام السياسي، رغـم عدم اإلحساس السياسي بهذا من قبل بعض دوائـر الحكـم، ألنها بعيدة عن نبض غالبية المصريين، وعسـر حيـاتهم،

!ومللهم السياسي، ومخاطر ذلك المحتملةة أهمية للمؤتمر، لكن ما أطلق من تصـريحات، ثم

يبدو أنه شيء عادي، مثله في ذلك مثـل الوقـائع اليوميـة العادية، وهو ما يعكس ضعف الملكات السياسية لدى قادتـه

. وطالبي التوزير والمناصب والمغانم داخل لجنة السياسـات المؤتمر يفترض لو صحت النية والعزيمة السياسية، أن يعيد،

نحو جاد ترتيب البيت الداخلي للحزب وتوازناته بـين وعلىأعضاء لجنة السياسات، والقوى المحافظة، أي ترتيب هيكل

إن المؤتمر يفترض أن يفتح الحوار عن سعة . القوة الداخلي لعام االستحقاقات الرئاسـية وبال حدود عن اإلعداد التنظيمي

يوافـق والبرلمانية الصعبة، ثم إن مؤتمر الحزب عليـه أن على فلسفة اإلصالح الجزئي إزاء ضـغوط الخـارج مـن

مـن أمريكـا إلـى اأصدقاء وحلفاء النظام والحزب، بـدء المجموعة األوروبية، أما الداخل فمطلوب فقط، لكي يهجـو

عن تخفـيض االواليات المتحدة والمجموعة األوروبية دفاع في نسبة الخضوع الحكومي للخارج، وهي إصالحات جزئية يا خواجا، ألننا نعرفهم أي المصريين الذين ال تصلح معهـم الديمقراطية، ألنهم سيأتون بالبعبع، وهم اإلخوان المسلمون،

إلى آخر هذه المعزوفة …والتطرف، وانتهاك حقوق األقباط ال أعتقد أن ثمة وعيا بأهمية المـؤتمر، ! السياسية المشروخة

ني، عبر الحوار وال ضرورة بناء شرعية جديدة للحزب الوط كيف يمكـن أن يـتم الًخذ مث ! الديمقراطي المفتوح بال قيود كل مؤتمر توزيـع على يفرض حوار، وهناك ستار حديدي

األوراق، كيف يناقش األعضاء أوراقا لم تطرح عليهم بوقت بالطبع اإلجابة سهلة وميسورة ليس مطلوبـا مـنهم ! كاف؟

النظر عن بعـض الحوار، وإنما الموافقة والطاعة، بصرف

كيـف نطـالبهم …التمثيل المهذب لبعض اآلراء األخـرى ـ ضبالحوار والجدل ودح ا األوراق، وتقديم بدائل، وهم أساس

غير مؤمنين بالقيم السياسية الديمقراطية، وبحقوق للمعارضة !السياسية األخرى، سواء داخل الحزب أو خارجه

سياسة إخفاء األوراق، وهي كما ظهر مـن ورقـة ليست أوراقا سياسية –لمواطنة، ومن أوراق أخرى عتديدة ا

ذات ثقل، أو إبداع، إنما محض إنشاء سياسي ال يعدو كونـه تشير إلى الخوف من االنتقـادات –لغوا في بعض األحيان

الموضوعية، والعلمية التي تكشف عن الفجوة بين الشعارات يـة الطنانة الواردة بـاألوراق، وواقـع الممارسـة الحكوم

ـ وألن اواإلدارية وال أقول السياسية، ألنه ال سياسـة أساس ، !الًالحزب ضد السياسة أص

الحزب الوطني هو الحـزب المـريض األول فـي مصر، ومصدر مرضه أنه حزب ضد السياسة، صنع مـن الفراغ السياسي، ودوره هو توسيع الفراغ السياسي وتمديده،

تقـر غالبيـة حزب تف . هو حزب خالي الوفاض من السياسة كوادره على اختالفها إلى خبرات سياسية، بعضهم لديه بعض خبرات إدارية، أو وظيفية، وبعضهم يعتمد على أواصر قوة

تقليدية في العشائر والعائالت الممتدة يوظفها في دعم مواقعه داخل الحزب الذي يعتمد عليها فـي االنتخابـات المحليـة

ـ . والدلتاوالبرلمانية في بعض مناطق الصعيد عـن اورغم إن الحزب يمثل ! اذلك، فالحزب ال يمارس السياسة إال أحيانً

ا أمينً اانعكاس لسـمتها ا لتركيبة السلطة الحاكمـة، وامتـداد يعد إصـالحه رهنـا من هنا ومواطن الخلل الهيكلي بها، و

من هنا . بإصالح الدولة والسلطة والصفوة السياسية الحاكمة تشكل من هنا فكر الجديد، وغموضه، و تبدو ضبابية شعار ال

مـن ظـاهرة ابعض الشعارات والكليشيهات السياسية، جزء كالقول ا حقً االلغو السياسي، واإلنشاء التعبيري، ال فكر جديد ،

في األوراق والتصريحات بمواصلة مسيرة الديمقراطية ادوم أين هـذا التعزيـز –وتعزيز احترام الدستور ! أين هي؟ –

أو من خالل سـيادة -الدستورية؟ للوثيقة اام أساس واالحتر والحريات - وأين ظاهرة عدم تنفيذ أحكام القضاء؟ –القانون

الشفافية والمساءلة فـي العمـل ئالعامة، والتأكيد على مباد العام وحرية الصحافة واإلعالم وتشجيع المشاركة السياسـية

حقوق السياسية بأشكالها ومستوياتها المختلفة والحفاظ على ال قرأ هذا الكالم الشـعاراتي واألجـوف، ا. للعمال والفالحين

وانظر حولك في العمل والشارع اوفقط ال تجهد نفسك كثير ،والحافالت العامة، أو في قيادة المركبات الخاصة، والمرور، وفي التعامل مع جهاز الدولة، أو اقرأ الصـحف أو اسـتمع

عد كل ذلـك، قـل لكـل هـذه لإلذاعة، أو شاهد التلفاز، وب أين تنفيذ : لجنة السياسات الشعارات التي يكتبها كتبة وخبراء

كل ما قلتموه وصرحتم به طيلة السنوات السابقة؟ ال شـيء مجرد كالم إنشائي، وطنان، يقـع ضـمن لزوميـات اطبع ،

!اإلنشاء السياسي الفجهل يعقل أن يكون هناك فكر جديد، والحـزب هـو

ويعتمد علـى –وزن ومقام رئيس الجمهورية امتداد لدور و –حضوره الغالب في الحياة العامـة السياسـية المصـرية

الحزب يدور وفق منطق بناء على تعليمات وتوجيهات السيد .الرئيس، التي يرددها قادة النظام

يرصد بعض المراقبين، صالحيات رئيس الحـزب، من واقع رصـد الئحـة الحـزب –وهو رئيس الجمهورية

: فيما يلي–الوطني

إن رئيس الجمهورية، وهو رئيس الحزب، له سلطة اإلشراف والتوجيه لجميع تشكيالت الحزب ومستوياته، وهو

:ما يتجلى فيما يلي من صالحيات مهمة ومحوريةترشيح األمين العام، واختيـار األمنـاء العـامين -١

.المساعدين، وتحديد االختصاصات المنوطة بهملألمانة العامة، واختيـار أعضـاء إضافة أعضاء -٢

.هيئة مكتب األمانة العامة

.إعادة تشكيل المكتب السياسي واألمانة العامة -٣

اختيار أمناء األمانات المركزية واختيار ممثلـي -٤الهيئة البرلمانية للحزب فـي مجلسـي الشـعب

.والشورى

ـ وال اختيار رئيس وأعضاء أمانـة القـيم -٥ ؤون ش .القانونية

السنوي للحزب والمـؤتمر العـام دعوة المؤتمر -٦ .لالنعقاد

دعوة المكتب السياسي لالجتماع، واعتماد الهيكل -٧التنظيمي وأساليب العمل التي تضـعها األمانـة

.العامة

لرئيس الحزب أن يختار نائبا له أو أكثر ويحـدد -٨اختصاصاتهم، وتشكيل المكتـب السياسـي مـن رئيس الحزب ونوابه المعينين من قبل الـرئيس،

وهو معين من قبـل رئـيس –ورئيس الوزراء ورئيسي مجلسـي –الجمهورية، ورئيس الحزب

يعينـه –الشعب والشورى واألمين العام للحزب وثمانية أعضاء آخرين يختارهم –رئيس الحزب

المؤتمر العام بناء على ترشيح رئيس الحزب، أي ت المنوطة بالحزب وهياكله، تقع يامحور الصالح

.ت رئيس الجمهوريةضمن اختصاصا

مصطفى خليـل . والغريب أن رئيس الحزب، عين د ـ انائب ا له، للشؤون الخارجية، بينما لم يعين، بوصـفه رئيس

لـه، ا، نائب الًللجمهورية طيلة ما يقرب من ربع قرن إال قلي على مسألة الخالفـة السياسـية، ااألمر الذي أضفى غموض

عل أحزاب المعارضـة ومستقبل النظام السياسي، وهو ما ج بعد تزايد أدوار ! الجمهورية العائلية االرسمية، ترفض مؤخر

ارئيس لجنة السياسات، في الميدان المحجوز دستوري ا وقانوني

لرئيس الجمهورية، أو ألعضاء السـلطة التنفيذيـة، اورمزي كحضور جلسات وزارية، مثـل المجموعـة السياسـية، أو

تقبال بعض الرياضيين، توظيفا غيرها من المجموعات أو اس لشعبيتهم، أو ملء الميادين العامة بالصور الضوئية الملونة، وهو أمر غريب ومثير في ظل تقاليد النظام المصري التي ال ترفع في ظلها إال صور رئيس الجمهورية، فهذا أمـر مـن مألوف السياسة المصرية الرسمية، لكن من غير المألوف في

رفع صور ضوئية وملونة الستقباالت أي مصر الجمهورية، ـ مجلسـي اشخص آخر بمن فيهم رئيس الوزراء، أو رئيس

ال شك أن بعض هذه المظاهر هي جـزء ! الشعب والشورى من طقوس وطبول تقرع للجنة السياسات ورئيسها، خـارج

المصرية الحاكمة في حيـاة إطار تقاليد الجمهورية والصفوة . عمره، ومتعه بالصحة والعافية الرئيس مبارك أطال اهللا في

الشك أن بعض هذه الممارسات هي تعبيـر عـن مصـالح تتشوق ولعا للتوزير، والوثوب إلى مقاعد –وأهواء عناصر

داخل الحزب، –األجهزة الحكومية األثيرة ال مصلحة مصر وجهاز الدولة، وتحتاج لمراجعات حاسمة إعمـاال للدسـتور

.ساسيةوتقاليد الجمهورية وقيمها األ

- ٢٠٠٤ عقد في العام الماضي –إن المؤتمر القادم ، عليه وضع الضوابط القانونية والسياسية في العالقة بـين

،١لجنة السياسات، والحكومة، وغيرها من مؤسسات الدولـة ألن أي خلط يؤثر على مصداقية الحكـم وجهـاز الدولـة،

أبواب أما أن الحزب يمكن أن يكون أحد . والشرعية السياسية ممكن ألي حزب، أما حزب خرج ااإلصالح السياسي، نظري

من معطف السلطة، وفي ظل تقاليد ال ديمقراطيـة، وثقافـة فهل يمكـن أن …إذعانية تقوم على الطاعة، والوالء األصم

سياسـيا ايكون جسرا للديمقراطية؟ هل يمكن أن يصلح نظام ح دعـم بينما هو ذات أسس ضد منطق الديمقراطية، ولصال

!دولة التعبئة والتسلط والطغيان

، ولم يحدث شيًئا مؤثرا في العالقة بين لجنة ٢٠٠٤ عقد مؤتمر الحزب الوطني ١

السياسات والحكومة، إال دخول بعض عناصر اللجنة القريبة من رئيسها في ظل وجوه الوزارية القديمة، مع بروز إعالمي لرئيس اللجنة، نجل السيد تركيبة من ال

.رئيس الجمهورية

نبيل عبد الفتاحمساعد مدير مركـز الدراسـات السياسـية واالسـتراتيجية

.باألهرام .٢٤/٢/١٩٥٢ :ولد بالقاهرة

، كلية الحقوق ١٩٧٤ليسانس في الحقوق : المؤهالت العلمية .جامعة القاهرة

– ١٩٨٤درجة الماجستير من جامعة السوربون، بـاريس، ١٩٨٥. :المهـنة .١٩٧٩ – ٧٤عمل بالمحاماة -١باحث بمركز الدراسات السياسـية واالسـتراتيجية -٢

.٨٧ – ٨٩باألهرام

خبير بمركز الدراسات السياسـية واالسـتراتيجية -٣ .٩٠ – ٨٧باألهرام من

رئيس وحدة البحوث االجتماعية والقانونية بمركـز -٤ .١٩٩٠ الدراسات السياسية واالستراتيجية منذ عام

محرر مشارك في التقرير االسـتراتيجي العربـي -٥ حتـى ١٩٧٧الذي يصدره مركز األهـرام مـن

١٩٩٤.

رئيس تحرير كتب مركـز الدراسـات السياسـية -٦ .١٩٩٤واالستراتيجية منذ

رئيس تحرير تقرير الحالة الدينية في مصـر منـذ -٧ .١٩٩٦عام

يكتب بانتظام بجريدة األهـرام ومجلـة األهـرام -٨ .العربي

:كتب للمؤلف

: باللغة العربية:الًأوصراع الـدين والدولـة فـي : المصحف والسيف -١

.١٩٨٤مصر، الناشر مكتبة مدبولي، القاهرة رؤى في أزمـة الثقافـة : خطاب الزمن الرمادي -٢

المصرية، الناشر يافا للدراسات والنشـر القـاهرة ١٩٩٠.

تأمالت نقديـة فـي ثقافـة العنـف :عقل األزمة -٣يال المستور، دار سيشات للدراسات والغرائز والخ

.١٩٩٣والنشر، القاهرة

الحركة اإلسالمية والعنف والتطبيع، : الوجه والقناع -٤ .١٩٩٥دار سيشات للدراسات والنشر، القاهرة

اإلسـالم السياسـي واألقبـاط : النص والرصاص -٥وأزمات الدولة الحديث فـي مصـر، دار النهـار

.١٩٩٧ لبنان، ديسمبر –اللبنانية، بيروت

قضايا الحداثة والعولمـة فـي : اليوتوبيا والجحيم -٦مصر، المركز القبطـي للدراسـات االجتماعيـة،

.٢٠٠١ ،القاهرة

ــان -٧ ــات األدي ــرورات : سياس الصــراعات وض، ٢٠٠٣األولى ميريت، القاهرة اإلصالح، الطبعة

والطبعة الثانية الهيئة المصـرية العامـة للكتـاب .٢٠٠٣، القاهرة )مكتبة األسرة(

:كتب باللغة اإلنجليزية١. Nabil Abdel Fattah, Vailed

Vilence, Dar Sechat, Cairo, ١٩٩٤.

٢. Baudauin Dupret, Maurits Berger, Laila Zwaini (editers): Legal Pluralism in the Arab World, CEDEJ, Kluwer International Law, Niaasc, The Hauge, The Netherlands, ١٩٩٩.

: باللغة الفرنسية:ايثان١. Nabil Abdel Fattah, B. Botiveau

(editeurs): Politiques Legislatives< Dans le Monde Arabe: Egypte, Tunisie, Algerie, Maroc, CEDEJ, LE Caire, ١٩٩٤.

٢. Sarah Ben Nafisa, Nabil Abdel Fattah, Carlos. S. Milini. Sari – Hanafi, (editeurs) ONG et Gouvernance Dans Le Monde Arabe, Karthala, Cedej, Paris, ٢٠٠٤.

: كتب باالشتراك مع آخرين:اثالثًتاريخ مصر بين المنهج العلمي والصراع -١

أحمد عبد اهللا وآخـرون، دار . الحزبي، د .١٩٨٨شهدي للنشر، القاهرة

أزمة الخليج وتحديات الحاضر والمستقبل، -٢تحاد المحامين أحمد يوسف وآخرون، ا . د

.١٩٩٠العرب، القاهرة

انهيار االتحاد السوفيتي وتأثيراتـه علـى -٣طــه عبــد العلــيم . الــوطن العربــي، د

وآخرون، مركـز الدراسـات السياسـية .١٩٩٣واالستراتيجية باألهرام، القاهرة

مستقبل المنطقـة العربيـة فـي ضـوء -٤. المتغيرات اإلقليمية والدولية، إشـراف د

–الحكيم، وزارة الثقافة محمد صبحي عبد الهيئة العامة لقصـور الثقافـة، القـاهرة

١٩٩٣.

، ١٩٩٥تقرير الحالة الدينية فـي مصـر -٥، مركـز "رئيس التحرير وصاحب الفكرة "

الدراسات السياسية واالستراتيجية باألهرام ، ويصدر باللغـة اإليطاليـة عـن ١٩٩٦

Fondazione Giovanni Agnelli ، ١٩٩٦ فـي مصـر تقرير الحالة الدينية -٦

، مركـز "رئيس التحرير وصاحب الفكرة "

الدراسات السياسية واإلستراتيجية باألهرام ١٩٩٧.

عشـرون : وآخرون) محررة(أماني قنديل -٧عاما على نشأة منظمات حقوق اإلنسان في مصر، الناشر جمعيـة حقـوق اإلنسـان

.٢٠٠٤لمساعدة السجناء، القاهرة

: وآخــرون) محــرر(عمــرو الشــوبكي -٨إسالميون وديمقوقراطيون، إشكاليات بناء تيار إسالمي ديمقراطي، النشـار مركـز

ستراتيجية باألهرام، الدراسات السياسية واال .٢٠٠٤القاهرة

: وآخـرون ) محـرر (محمد السيد سـعيد -٩مناهضة الختان، الناشر مركز الدراسـات السياسية واالستراتيجية باألهرام، القـاهرة

٢٠٠٤.

ح، وسـارة بـن نفيسـة، نبيل عبد الفتـا -١٠ميالني، وسـاري حنفـي . وكارلوس س

المنظمات األهليـة : وآخرون) محررون(

العربية والمحكومية، قضـايا وإشـكاليات الناشر مركز الدراسات السياسية ،وحاالت

واالستراتيجية باألهرام، ومركز الوثـائق االجتماعية والقانونية واالقتصادية الفرنسي

CEDEJ رنسي لألبحاث من ، والمعهد الف، واليونسـكو، القـاهرة IRDأجل التنمية

٢٠٠٤.

كتب تحت النشر: ارابع: .القضاء والسياسة في مصر -مؤتمرات علمية: اخامس:

شارك في مؤتمرات علمية عديـدة فـي مصـر، واألردن، وتونس، والجزائر، ولبنان، والنمسـا، وفرنسـا، وهولنـدا،

رص، وإسبانيا، والمملكـة والهند، وإيطاليا، والدنمارك، وقب المتحــدة، والمغــرب، وإندونيســيا، ورومانيــا، وألمانيــا،

. والنرويج، والسويد، وإيران