ﺀﺎﻤﺩﻘﻝﺍ ﺏﺭﻌﻝﺍ ﺩﺎﻘﻨﻝﺍ ﺩﻨﻋ …ﺀﺎﻤﺩﻘﻝﺍ...

الغموض عند النقاد العرب القدماء حازم القرطاجني أنموذجا

إعداد

هدى محمد إبراهيم قزع

المشرف محمد خليل الخاليلة.د

قدمت هذه الرسالة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في األدب والنقد

كلية البحث العلمي والدراسات العليا الجامعة الهاشمية

م٢٠٠٩، أيار

PDF Created with deskPDF PDF Writer - Trial :: http://www.docudesk.com

http://www.docudesk.com

ب


ج

اإلهداء

إلى من غرست في الطموح أمي

إلى من علمني اإلصرار والسعي إلى النجاح أبي

إلى من رسموا لي طريق النجاح أخوتي وأخواتي


د

شكر وتقدير

محمد خليل الخاليلة على جهوده التي بذلها معـي طـوال .أتقدم بخالص شكري ألستاذي الفاضل د

ة إعداد الرسالة ،وعلى توجيهاته ونصائحه التي أسداها لي ،وتبصيري بأمور ينبغـي مراعاتهـا فتر

آخذا بيدي إلى بر آمن ،إذ لم يبخل علي بعلمه ،ومد يد العون لي ،فله مني كل شكر وتقدير وعظيم

.االمتنان

لوافر فهذا البحـث دمصطفى عليان الذي أعانني بعلمه ا .وأتوجه بخالص شكري إلى أستاذي القدير أ

.مدين ألستاذي إذ طرح موضوعه بحلقاته العلمية وبصرني بجوانب دفعتني للبحث واالستقصاء فيه

كما أتوجه بخالص الشكر وعظيم التقدير لألساتذة األجالء الذين تفضلوا على هـذا البحـث بقبـول

:قراءته ومناقشته وتقويمه

. عشا علي. جمال مقابلة ود. د زياد الزعبي ،ود.أ

.نفعني اهللا بعلمهم وجزاهم عني خير الجزاء


�

فهرس المحتويات

ب...........................................................قرار لجنة المناقشة ج.......................................................................اإلهداء

د..................................................................شكر وتقدير هـ............................................................ فهرس المحتويات

ز........................................................الملخص بلغة الرسالة ١ ......................................................................المقدمة

١٣_٩:........................................................حد الغموض: تمهيد ٩........................................................الغموض في اللغة_ ١١..................................................الغموض في االصطالح_ ٣٥_١٥............................الغموض عند النقاد العرب القدماء:لفصل األول ا ١٥....................................الذوق العربي القديم وظاهرة الغموض _ ١٨..................................موقف النقاد العرب القدماء من الغموض _ ٣٢............................العرب القدماءأنماط الغموض كما صنفها النقاد _

٦٣_٣٧..............................الغموض عند حازم القرطاجني: الفصل الثاني ٣٧............................................................أنماط الغموض_ ٥٣......................................................طرق إزالة الغموض_ ٥٩............................................................أنواع الغموض_

١٣٦-٦٥....................................الغموض عالقات واتصال:الفصل الثالث ٦٥.........................................................الغموض والمعنى_ ٩١..........................................................بنىالغموض والم_ ١٠٣.......................................................الغموض واألسلوب_


و

١٥٥-١٣٨.......................................تلقي الخطاب الغامض:الفصل الرابع ١٣٨.............................................................أسلوب التمويه_ ١٤٨...................................................التأويل آلية فعالة للقراءة_ ١٥٠..................................................الغموض اإليجابي والتلقي_

١٥٦.......................................................................الخاتمة ١٥٩......................................................قائمة المصادر والمراجع

١٦٨..........................مصطلحات الغموض عند حازم القرطاجني : الملحق ١٦٩.....................................................الملخص باللغة اإلنكليزية


ز

الملخص

جاالغموض عند النقاد العرب القدماء حازم القرطاجني أنموذ

إعداد

هدى محمد إبراهيم قزع

إشراف

محمد خليل الخاليلة.د

يهدف هذا البحث إلى استجالء وعي حازم القرطاجني النقدي بظاهرة الغموض ، وطبيعـة

ناية في الدرس النقدي الحديث والفلسفي وكثـر وروده معالجته لها ،وذلك أن الغموض مبحث لقي ع

.من دون تخصيص أو تقييد في نقدنا العربي القديم

ومن هنا تأتي هذه المحاولة لتناول ظاهرة الغموض عنـد ناقـد عنـي بالتأصـيل النقـدي

تي التنظيري ،ودرس هذه الظاهرة باستفاضة ،وبأسلوب خاص جمع فيه النظرات الجزئية المتفرقة ال

احتوتها كتابات النقاد من قبله ،وأعاد تشكيلها في نظرية موسعة ضمت أغلب األنماط التـي تحـدث

فيها النقاد ،بحيث غدت دراسته لهذا الموضوع في كتابه منهاج البلغـاء وسـراج األدبـاء أوسـع

.الدراسات عنه في نقدنا القديم

عند النقـاد العـرب القـدماء، وطأت الدراسة لمفهوم الغموض ،ومن ثم عرضت ألنماطه

. والمصطلحات التي استخدموها في وصفه بما يكشف موقفهم منه

وبعد أن فرغ البحث من استخالص نظرة النقاد العرب القدماء ،عني بالبحث عن الظـاهرة عنـد

حازم القرطاجني ،فتوقف عند أنماط الغموض لديه ،وتتبع طريقته في وضع الحيل المناسبة إلزالـة

ض أنماطه ،وأشار بعدها إلى نظرته ألنواعه،ومن ثم توجه الستشفاف الصلة الناظمة بع


ح

بين الغموض ونظرية حازم القرطاجني الشعرية في المعنـى والمبنـى واألسـلوب،وبعدها حـاول

.استكناه الصلة الجوهرية بين التلقي والغموض

لقرطـاجني فـي دراسـة ظـاهرة وفي الخاتمة أبرز البحث جملة من النتائج التي أظهرت تميـز ا

.الغموض

.وشفعت البحث بملحق انطوى على مصطلحات القرطاجني في الغموض


١

المقدمة

حول المفهـوم أو ا شغلت قضية الغموض النقاد منذ القديم ،وتفاوتت معالجتهم لها دوران

.الشعريللقول بداع واإلنشاء للحلول التي تقدم لواحدة من مشكالت اإلا أو طرق،المصطلح

الغموض ارتبطت بالمعاني إال أن حازما في معالجته للغموض تجاوز بها ةومع أن قضي

. في المعنى ،واللفظ ،والترتيب ،والوضع والبناء والتركيبدوائرها الضيقة متناوال إياها إذ تظهر

والمباني واألسلوب والتلقـي ،مـن أي منظورا إليها وفق رؤية كلية وجهتها مقوالته في المعاني

حيث حديثه عن مستويات المعنى ،وتعدد المعاني وتضاعفها ،والتطالب باإلسـناد واالنتسـاب،

واقتباس المعاني ،وتحديده لمراحل تشكيل بنية الخطاب الشعري ،والمبادىء البنائية التي يرتكـز

.حسن الوضع عليها الخطاب من حيث االختيار وحسن التأليف وترك التكلف و

وتصديه إلى عناصر األسلوب األساسية من ألفاظ ومعان وعبارات وصور ،من خـالل وضـع

المقاييس المالئمة لضبط هذه العناصر بما يسمو باللغة إلى مصافي الشعرية ،ويكسـبها قبـوال

.لدى المتلقي

هم دون وحيث درس النقاد العرب القدماء ظاهرة الغموض ،في مواطن متفرقة من كتـب

تخصيص، ووصف للظاهرة بطريقة متكاملة ،فإن القضية تأخذ بعدا أكثر نضجا وتطـورا لـدى

القرطاجني ، إذ تبلورت القضية في كتاب منهاج البلغاء وسراج األدباء بشكل نقـدي واضـح ،

وبصورة قابلة للدرس ،من خالل خطة منهجية اتخذها صاحب هذا المؤلف استهلها بذكر أنمـاط

غموض التي قد تطرأ على المعاني إما ألسباب ترجع إلى المعاني في نفسها ، أو ألسباب ترجع ال

.إلى األلفاظ والعبارات المدلول بها عليها، أو إلى األلفاظ والمعاني معا


٢

وأردفها بذكر الحيل التي تزيل بعض ضروب الغموض السـلبي ،وتحديـد أنـواع الغمـوض

. ضمنيا

لحديث عن الحيل التي يعمد إليها القائل إلزالة الغموض يبتكـر مصـطلحين وفي سياق تفصيله ا

.هما االعتياض والقران ،بما يظهر دور البنية النظمية في كشف الخفاء عن المعنى

:ويمكن تقسيم الدراسات التي تناولت ظاهرة الغموض إلى قسمين

:العامة الدراسات

ة عند النقاد العرب القدماء عامـة دون تخصـيص وهذه الدراسات عنيت بكشف جوانب الظاهر

:وجهة نقدية معينة ،و تحت هذا القسم تقع

حيث اتخذ ،"موقف النقاد العرب القدماء من الغموض "،بعنوان)١٩٨٧(دراسة إبراهيم سنجالوي _

من هذه الظـاهرة العرب القدماء موقف النقاد عن بانة اإلالباحث إجراءات الدرس المقارن ،في

)٨٦٠_٨٣٥ص.م١٩٨٧ ،٨،مج ٣عالم الفكر ،ع : انظر(

،وفيهـا "الغموض في الشعر "،والتي حملت عنوان )١٩٩٩( دراسة مريم محمود علي البصول _

،وقد ،وأبعادها الفكريـة والنفسـية القـديم وقفت الباحثة عند ظاهرة الغموض في الشعر العربي

واسعة آلراء عبد القـاهر ركزت الحديث فيها عن الغموض في شعر أبي تمام ،وأعطت مساحة

رسـالة (الجرجاني في هذه القضية ،وبينت بعض أنماط الغموض عند النقـاد القـدماء عامـة

)م١٩٩٩ماجستير ،جامعة اليرموك،

:الدراسات الخاصة

:وهي التي عنيت بدراسة ظاهرة الغموض لدى حازم القرطاجني و تحت هذا القسم تقع


٣

موقف حازم القرطاجني مـن قضـية "،بعنوان)م١٩٩٢(ق دراسة محمد بن عبد الرحمن الهدل _

وهـي دراسـة عرضـت لموقـف حـازم " الغموض في الشعر مقارنا بمواقف النقاد السابقين

ـ االقرطاجني من الغموض مقارنة بغيره من النقاد القـدماء ،وخلـص فيهـا الباحـث أن حازم

انظـر . (ه النقاد من قبلـه القرطاجني لم يضف في نظريته التي قدمها في الغموض لما جاء ب

).٣٥٠_٣٣٦م،ص١٩٩٢ ، ٤،مج٢مجلة جامعة الملك سعود ،اآلداب،ع

،وهي في األصل "نظرية المعنى عند حازم القرطاجني "، بعنوان "٢٠٠٢"دراسة فاطمة الوهيبي _

رسالة جامعية ، ترى الباحثة فيها أن انشغال حازم بالغموض،متأت من انشـغاله بالقضـية األم

،وأن أبرز ماجاء في معالجته للغموض، تحديده لوجوه الغموض التي قد تطـرأ علـى ) يالمعان(

والغموض ، قصدا إلـى أن المقـول لـه ) المخاطب(المعاني ،وقد ربطت الباحثة بين المقول له

الغمـوض :انظر .(حاضر في هذه المسألة باستعداده لتقبل القول الشعري وبقدراته على التحاور

.)٢٥٢_٢٤٦والمقول له ،ص

إن قراءة الغموض ضمن المحددات النظرية التي وضعها حـازم القرطـاجني ،دون ربطهـا

بمنظومته المصطلحية والشعرية المتكاملة في كتابه منهاج البلغـاء قاصـرة فـي وجهتهـا،ألن

الغموض ظاهرة شعرية تتعلق بغيرها من الظواهر التي تناولها حازم القرطاجني فـي الـدرس

يدعو إلى التريث في الحكم النقدي ،وعدم إغفال دور حازم القرطاجني في نظريتـه األمر الذي

. النقدية للغموض


٤

وقد وقع االختيار على الناقد األندلسي حازم القرطاجني في دراسـة هـذه الظـاهرة ؛

ف معـر "بعنوان في كتابه منهاج البلغاء وسراج األدباء صا خا احيز ،وإفراده جوانبهافي لتفصيله

يعنى بإظهار أنماط الغموض " دال على طرق المعرفة بما يكون به وضوح المعاني أو غموضها

تأخر زمانه إلى القـرن السـابع ، ول التي تعتري الكالم ،وحيل إزالة الغموض ،وأنواع الغموض

،على أهم األعمال النقدية، التي تناولت ظاهرة الغمـوض طالعإلا مما هيأ له فرصة ،الهجري

.ه قبلمن

آراء القرطاجني متأصلة جدا فهي منبثقة من تراث نقدي عربي هائل، ولعصور عديدة و

يظهر وفاء الناقد لهذا التراث ال في جمع المادة النقدية وتقديمها جاهزة بل في استغاللها ببراعـة

التفريـع رغم اعتماد القرطاجني لنظام التقسيم و ،ووذكاء وهو ما يتيح التفاعل معها تفاعال نصيا

إال أن إحساسه الشعري وذوقـه ،في آرائه التي بسطها على الطريقة المنطقية في مواضع كثيرة

.كرة النص الذي ينبض باالحتماالت الفني جعاله يتبنى ف

:واتخذت في سبيل تبين جوانب نظرية القرطاجني في الغموض عددا من اإلجراءات

.ي،والتمييز بين المصطلحات المختلفة للغموضحصر أهم دالالت الغموض في التراث النقد_

.،وأبرز أنماط الغموضوسماتها تحديد خصائص المعاني الغامضة _

.محاولة ربط جهد القرطاجني التنظيري ببعض األمثلة التطبيقية في كتب النقد العربي القديم_

.تقسيم الغموض إلى عدة مستويات وأنواع حسب درجة التأثير الفني_

آلليات المتعلقة بإنتاج الغموض من خالل توضيح أوجـه االرتبـاط بـين الغمـوض رصد ا _

.وعناصر النص من معنى ومبنى وأسلوب

معالجة قضية الغموض في إطار عملية التلقي ،وكان التركيز على جهد القرطاجني من خـالل _

.والتأويلوالتمويه حديثه عن المحاكاة


٥

ينطلق من منهاج حازم القرطاجني، ليعـود إليـه ا جمالي ا منهج هذا البحث واتبعت في

باعتباره المادة المقروءة، وبالتالي يكون المنهج الجمالي هو المهيمن أثنـاء الدراسـة لتضـمنه

العناصر الشكلية التي على صلة وثيقة بالغموض ،وهي اللغة والبناء ،والصورة،والمتلقي، وألنـه

على دراسة الوظيفة الشعرية ضـمن ا ركز فيه تيلينسجم مع رؤية حازم لظاهرة الغموض، وا

.هذه العناصر المختلفة

:تمهيد وأربعة فصول توزعت الدراسة على

مدى التوافق بين األصـل لوأشرت ، لغة واصطالحا الغموض حد :التمهيد في عرضت

عالقة حد الغموض بفصول الرسالة من حيث أنها تتضمن الحـديث و،اللغوي للمادة والمصطلح

.عن عناصر العملية اإلبداعية من مبدع ونص ومتلقي

نظرة النقاد العرب القدماء لظاهرة الغموض ،فعاينت وفي الفصل األول حاولت استجالء

جوانـب إلظهارالقضية منطلقة من المعيار األساسي الذي ابتغاه النقاد في الشعر وهو الوضوح ،

رت إلى أبرز اآلراء النقدية التـي دعـت إلـى هذا المعيار ومدى تناسبه مع الذوق العربي،فأش

مع االحتراس أن النقاد القدماء لم يريدوا الوضوح الساذج المباشر وإنمـا الوضـوح ،الوضوح

الذي هو أقرب ما يكون إلى السهل الممتنع ،باستثناء ابن سنان الذي أوجب ضـرورة المباشـرة

.المحضة والوضوح في الشعر

مصـطلحاتهم التـي ا إليهـا و ز أنماط الغمـوض التـي أشـارو أبرفضال على ذلك وأوضحت

.استخدموها في وصف الظاهرة بما يكشف عن موقفهم تجاه الغموض


٦

بدأت تخصيص دراستي لظـاهرة الغمـوض عنـد الناقـد حـازم الفصل الثاني وفي

القرطاجني ،ولم يكن لي بد من أن أتوقف عند أنماط الغموض عند القرطاجني ،وتوضـيح هـذه

األنماط بأمثلة من كتب النقد العربي القديمة بما يقرب مفهومها،وتتبعت طريقة القرطـاجني فـي

.وضع الحيل المناسبة إلزالة أنماط الغموض التي أشكل وجودها على نفس القرطاجني

مـن ا تخالف المعهود إذ تضع عدد وهينواع الغموض ، أل نظرة القرطاجني وبعدها أشرت إلى

فنية تحت دائرة الغموض السلبي ،في حين تضع التعمية واإللغاز والكناية فـي أنماط الغموض ال

.دائرة الغموض اإليجابي

الستشفاف الصلة الناظمة بين عناصر الـنص مـن معنـى الفصل الثالث وتوجهت في

.ومبنى وأسلوب وصورة ،وارتباط ذلك بقضية الغموض

مستويات التعبير من خالل الحديث عـن وإلظهار الصلة بين الغموض والمعنى تناولت بالدرس

المعاني األول والثواني ،وبعدها تطرقت لجانب تعدد المعنى وتضاعفه بوصفه أحد أبرز أنمـاط

.االقتران ،واالستناد والتطالب:الغموض ،وذكرت بعض الوسائل التي تسهم في تعد المعنى مثل

ني التصرف بالمعاني إمـا بتغييرهـا وتوقفت عند جانب اقتباس المعاني الذي يعني عند القرطاج

بحذف ماال يناسب السياق وإبقاء ما يناسبه ،أو تضمين الخبر مثال في ثنايا النص بما يحذفه وهو

.ما يحتاج نوعا من الحيلة

وفي جانب الربط بين الغموض والمبنى،تحدثت عن تشكيل بنية الخطاب الشعري ،التـي تتمثـل

ه ،ثم اللفظة وتركيب حروفها وأصواتها ثم البنية التركيبيـة من أصغر وحدة وهي الصوت ونطق

.وخواصها الشعرية وحجم انسجامها مع قواعد اللغة التي ولدت ضمنها التجربة الشعرية

وأظهرت أبرز المبادىء البنائية للخطاب والتي تتمثل باختيار األلفاظ ،وحسن تركيب الكلمـات،

.يثار حسن الموضع والمبنىوالتسهل في العبارات وترك التكلف ،وإ


٧

وألمحت إلى سمة االستجداد والتأنق في اللفظ والمعنى ،إذ تشير السمة األولى إلى جودة االختيار

.والتميز في االستخدام ،في الوقت الذي تشير السمة الثانية إلى التميز في الوضع والترتيب

ال سيما وأن القرطاجني دعا المبدع وكان للبنية الختامية وقفة قصيرة ألظهر عالقتها بالغموض ،

. أال ينحو نحو التعقيد والحوشية بالقافية ،ألنها موضع تخلي السامع

وختمت هذا الفصل بعالقة الغموض باألسلوب ،فأظهرت السـمات األسـلوبية التـي وضـعها

التي القرطاجني للفظ والعبارة، وهذه السمات تقترب من شروط الفصاحة للفظة المفردة والمركبة

.وضعها النقاد العرب القدماء

وفصلت الحديث عن أنماط الصور بما لها من صلة بالغموض ال سيما الصورة المحاكية ،التـي

قد تقوم على وصف المرجع الموضوع مباشرة أو وصفه بواسطة صفات مرجع آخر ،وفي كلتا

.ييليا أو استعارة غامضة الحالتين ال يعتبر خارجا عن نطاق التخييل ،فيصبح الشعر تصويرا تخ

فإن كان المبـدع ينـتج حاولت استكناه الصلة بين التلقي والغموض ، الفصل الرابع وفي

نصا يفترض أنه جيد المستوى من حيث ربط العالقات اللغوية ،وتوظيف ما هو مألوف في شكل

عمال خياله أوال فـي غريب باالعتماد على المحاكاة والتمويه واالحتيال ،فإن المتلقي يعمد إلى إ

.هذا الكم اللغوي والمعنوي من خالل التأويل المنهجي واالعتماد على الخيال

.وختمت البحث بزمرة من النتائج مستصفاة

كتابه وشفعت البحث بملحق انطوى على مصطلحات الغموض عند حازم القرطاجني في

.منهاج البلغاء وسراج األدباء


٨

تمهيد حد الغموض

.الغموض في اللغة_١ .الغموض في االصطالح_٢


٩

:الغموض في اللغة _١

أصل المادة اللغوية غمض هو الغين والميم والضاد وهو أصل صحيح يـدل علـى إن

.)١(تطامن في الشيء وتداخل

،)٤( ومعنى غامض لطيـف ،) ٣(أبهمه غمض الكالم ، و )٢ (والكالم الغامض هو خالف الواضح

ـ فقـد غ وكل ما لم يتجه لك من األمور ، ، )٥(يقال لألمر الخفي والمعتاص أمر غامض و مض

هـو الـذي ال :والنسـب الغـامض ، )٧(والمسألة الغامضة هي التي فيها نظر ودقـة ، )٦(عليك

. )٩(غير مشهور:والحسب الغامض ،)٨(يعرف

،وهـذا )١٠ (أغمض في النظر أدق : قد أغمض النظر ، قال ابن القطاع :يقال للرجل الجيد الرأي و

.من المجاز

:ويقال، )١١(وغمضت واغتمضت إذا أغضيت وتغافلت سمعت كذا فأغمضت عنه ، ومن المجاز

١.)١٢(سمعت منه كذا وكذا فأغمضت عنه وأغضيت إذا تغافلت عنه

�� ا�� ،) ١(��دة 789 م ،١٩٩١، ١ط دار ا�!�5 ،'�4وت ، 12��0 /.- ا�,+م ه�رون ، ا'& %�رس ، �"! ��.

�ه4ة،12��0 /.- اA /�@ ا�?.�4،ا'& �<=>ر ، �,�ن ا�"4) ٢(��ذ�@، و�81- أح8- ح,C اA ، ب ،دار ا�8"�رف،ا�Gا� H��دة 789ت .د وه�.

��>س ،)٣(��وي ا�K'�-ي ، 2�ج ا�"4وس �& ج>اه4 ا�'K"ا� �12��0 /.- ا�?4 L��دة 789 م ،١٩٧٩، �M."� ح?>�� ا�?>�.

�دة 789 ، ا'& �<=>ر)٤(� .

.٣٢٩ص ، ��دة 789 ت ،.د دار ا�8"�%4 �.<�ن ، ا�.+�9 ، 12��0 /.- ا�4ح� �81>د، ا�K�4GOي ، أس�س)٥(

�دة 789،ا'& �<=>ر) ٦(� .

�C ا�� ، /�W��/ 0 /48 س+�V و/.- ا�?4� ح��- ، دار إح��ء ا�4Sاث ،'�4وت ، اQزه4ي )٧(XY2 ،دة 789 ،١ط م ،٢٠٠١��.

�دة 789ا'& %�رس ، )٨(� .

�دة 789، ن\,Wا�8]-ر ) ٩(� .

. مادة غمضالزبيدي ،) ١٠(

. مادة غمضالزمخشري ،) ١١(

. مادة غمضابن منظور ،) ١٢(


١٠

نجد في دالئل الغموض اللغوية حديثا عن الكالم الغامض وصفته ، فغموض الكالم دليل

.على تداخله وعدم ظهوره ، وصفة الغموض هي الصفة المضادة للوضوح

والغموض ميزة أساسية للكالم إذا انطوى على معان لطيفة ودقيقة تحتاج إلى صـبر مـن لـدن

المتلقي وإعادة النظر ومزيد من التدبر والتأمل ، وقد يكون الغموض دليال على القصور السيما

.ستدالل على معناه إذا كان معقدا ال يمكن اال

من هنا نجد أن صفة الغموض السلبي كانت االعتياص ، بينمـا يتصـف الغمـوض اإليجـابي

.باللطف والخفاء والدقة واإلبهام

وتتضمن داللة الغموض اللغوية إشارة إلى مقصدية المتكلم إلى إغماض الكالم ، فالمتكلم قد يعمد

ا دليل قصور وضعف ، وقد يغمـض المـتكلم إلى إغماض الكالم مع قدرته على اإليضاح وهذ

.الكالم نتيجة لعمق فكره وبعد نظره دون القصد إلى اإلغماض ، وهذا دليل على اإلبداع

وأما مقياس الغموض فهو أن كل ما لم يتجه لنا من األمور فهو غـامض ، فتحديـد الغمـوض

.ودرجته مرهون بذوق المتلقي وثقافته

غامض ال يشير إلى ضحالة فكره وثقافته ، فالمتلقي قد يعزف عـن وإغضاء المتلقي عن الكالم ال

.تلقي الكالم الغامض ألنه ال يناسب ذوقه

.وقد يرجع الغموض إلى عدم الشهرة والمعرفة وهنا يوازي الغموض مفهوم الغرابة


١١

:الغموض في االصطالح _٢

وهـو يعطـي الـنص ،الغموض هو القدر الذي يحتاج إليه الشاعر ليعبر عما يريـد

.وهو سبب من أسباب الشعرية تفسيرات مختلفة تذهب النفس فيها كل مذهب ،

.)١(وإعطاء العبارة ظالال توحي بأكثر من معنى ويأتي الغموض من الغوص على المعاني ،

يتسـبب فـي مما ،وهو قدرة الكلمات والجمل على التعبير عن معان مزدوجة متعددة أو مبهمة

.)٢(سإثارة اللب

و يستطيع القارىء في كثير من األحيان إزالة الغموض وإدراك المعنى الحقيقـي مـن

.القراءة الشاملة للنصوخالل االستعانة بالسياق

إال أن الكاتب وخاصة في الميدان األدبي قد يعمد أحيانا إلى نظم كلماته بطريقـة ال تخلـو مـن

أو إيجاد أبعاد إضافية للصورة التـي يقـوم ، نبهدف اإليحاء بمعنى معي ؛ اإلبهام أو الغموض

.)٣(برسمها

ويأتي الغموض هنا مـن المعنـى ال الغامض يطلق على النص الذي يقرأ فال يفهم ، و"

.) ٤"(اللغة

وتكـون الفكـرة والفكرة الغامضة هي ضد الواضـحة ، الغامض هو ما خفي مأخذه ومعناه ، و

وعندما ال يعرف صاحبها العناصر يء والداللة عليه ، غامضة عندما ال تكون كافية لمعرفة الش

١.)٥(التي تتضمنها وال األفعال والنتائج المترتبة عليها

)١(

.١٨٦_١٨٤م،ص٢٠٠٢أح -8��M>ب ،%@ ا��M[8` ا�<�-ي،ا�8!8_ ا�"�8@،'�-اد،:ان=4 1�ت ا��>�� واQد'�� ، ،ا�S?8.� اQآ�د��8 ،ا�: ان=4) ٢(�M[8"! ا��د ، ��ه4ة ،/�� /Kت /�� .١٤م،ص١٩٩٤�ر�c ،: ان=4) ٣(Gا� �"��1�ت ا�4Sج، �8�G>>رات ج�M[� �/<>س�ي /�@،-Y� Cح� .٢١ ، ص٢٠٠٧/.- ا�] .٦٦٨ ، ص٢م ، ج١٩٩٣، ١�81- ا�S>ن!@،ا�8"! ا�8\]5 %@ اQدب ،دار ا�?CS ا�"��8،'�4وت،ط) ٤(�ظ ا�"4'�� وا�\4ن:ان=4 )٥(\�Q��ب ا��.<�ن@ ،�.<�ن ،ج5�8 ص��.� ، ا�8"! ا�\�,\@ 'S?وا�+�2<�� ،دار ا� ��K��?نf٢م ،ج١٩٨٢,�� وا

.١٢٠ _١١٩ص


١٢

:قسمين ويقسم جبور عبد النور الغموض إلى

.يدل على تميز المبدع وغنى النص: غموض فني

١.)١(يدل على عجز وقصور المنشىء وفقر النص : وغموض احترافي

ض مصطلح مشترك بين عدد من العلوم كالنقد واللغة واألدب والفلسفة ، يظهر أن الغمو

وثمة تحديد مفهومي تتفق عليه هذه العلوم وإن تباينت في االتجاه والغرض ، وهو أن الغمـوض

.مؤشر على عدم الوضوح

ولكن يبقى لحد الغموض في النقد خصوصية نابعة من طبيعة المادة المدروسة ، وهـي الـنص

، وحيث إن جوهر العملية األدبية يتمثل بالنص والمبدع والمتلقي، فإن الغموض ال ينفـك األدبي

.عن تلك العناصر وتحديده مرهون بها

ويتمثل غموض النص بتعدد احتماالت المعنى ، والطاقة الشعرية التكثيفية التي تمنحهـا بعـض

لتفسيرات العديدة التـي يمكـن أن العناصر التحسينية والجمالية له، و تعدد الظالل الموحية ، وا

.يتأول بها

ويتصل هذا النوع من الغموض بعناصر هي األلفاظ والمعاني والتراكيب والصور ، وكلها قـد

.تجمع في بوتقة واحدة وهي األسلوب

فالغموض قد يطال األسلوب كامال ، وقد يكون جزئيا في عنصر من عناصر النص ، والمعـول

.التعبير، وما يتبع ذلك من تأثير في المتلقي على قيمته أثره في

أما غموض المبدع فيظهر في المرحلة القبلية لتشكيل العمل األدبي ، وهـي مرحلـة االنفعـال

النفسي والتوتر الشعوري ، وينعكس هذا الغموض على النص في صـورته النهائيـة ويلمسـه

.المتلقي

.١٨٧م ،ص١٩٨٤ ، ٢ج.>ر /.- ا�<>ر ،ا�8"! اQد'@،دار ا�"� ��8+��& ،'�4وت ،ط: ان=4 )١(


١٣

افى مع اإلبداع إن لم يكن له ضابط أو مسـوغ ولكن قد يعمد المبدع إلى غموض نصه وهذا يتن

.فني

ويحدد غموض المتلقي تبعا الختالف ذوقه وثقافته ، فالمتلقي المتمرس بقراءة النصوص ، مـن

خالل ما يمتلكه من عمق ثقافي وفكري وصبر في سبر أغوار النص هو المتلقي اإليجابي الـذي

.يدرك جوهر العمل الفني الغامض

.لقي السلبي فهو يتجرد من تلك التبعات ويلقي باللوم على النص الغامض ومبدعهأما المت

وقد يكون المتلقي إيجابيا ولكنه يعزف عن تلقي النص الغامض ، لحاجة في نفسـه،وهنا يكـون

.الغموض نسبيا ويرتبط بالذوق

ا ، وقد يرجع هذا القلق الرتباط هذ ١)١(لقد وصف مصطلح الغموض بأنه قلق ومضطرب

المصطلح بجوهر العمل اإلبداعي من حيث المبدع والنص والمتلقي ، وكذلك إلى تعدد مسـتوى

كمـا تعـود إشـكالية تحديـد درجاته ، واختالف حده ، ومدى إدراك قيمته وغايته وأهميته ،

.لغاز وغيرها إلمصطلح الغموض إلى مرادفاته الكثيرة مثل التعمية واإلبهام واالستغالق وا

هذا القلق أقول إن مصطلح الغموض صعب التحديـد لكنـه ممكـن ضـمن وهنا وسط

الضوابط المعروفة في تحديد المصطلح ، فنحن عندما نقول بـأن هـذا األمـر غيـر واضـح

نستحضر مصطلح الغموض ، وفي هذا االستحضار دليل على أن هذا المصطلح محدد ولكنه قد

ننا بحاجـة إلقامـة الفـروق بـين هـذه يختلط مع غيره من المصطلحات وهنا يتمثل القلق أل

المصطلحات التي تختلف في الداللة على درجة الغموض أو الوضوح ، وهذا االخـتالف هـو

.الذي يحدد نوع الغموض ودرجته الفنية

.٦٦-٦٥، ص ١٩٩١، حh8 ١ ، دار ا�Xاآ4ة، طا�!-�-ة ا��8>ض ا�G"4ي %@ ا��]�-ة ا�"4'�� ، ا�O>اج� �V�1 در�- :ان=4) ١(

�%�، '�4وت�jد'@، دار ا�Qا -��رات ا�8"�ص4ة %@ ا�<�Sن� ، ا��.k ٤٣٩، ص١٩٨٥ ، '-وي.


١٤

الفصل األول الغموض عند النقاد العرب القدماء

.الذوق العربي القديم وظاهرة الغموض_١ . القدماء من الغموض موقف النقاد العرب_٢ .أنماط الغموض كما صنفها النقاد العرب القدماء_٣


١٥

:الذوق العربي القديم وظاهرة الغموض _ ١

ولعل أول ، كان النقاد العرب مشدودين لمعيار الوضوح الذي هيمن على رؤيتهم البيانية

ي صحيفته المشهورة ، إذ ف )هـ٢١٠(إشارة نطالعها في هذا االتجاه هي إشارة بشر بن المعتمر

حرص على أن يقرن البالغة بالوضوح ،وأكد أن البليغ هو الذي يصل في كالمه إلـى عقـول

السامعين دون مشقة أو معاناة ، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حينما طالب األديب أو الشاعر بـأن

١.تكون معانيه قريبة المنال من العامة والخاصة

، ، وفخمـا سـهال عـذبا ؛ فإن أولى الثالث أن يكون لفظك رشـيقا فكن في ثالث منازل "يقول

، كنت للخاصـة قصـدت ، إما عند الخاصة إن ، وقريبا معروفا ويكون معناك ظاهرا مكشوفا

.)١( "وإما عند العامة إن كنت للعامة أردت

نوعا من الوضوح هو أقرب إلى السـهل إن بشرا لم يقصد الوضوح المبتذل والساذج إنما أراد

الممتنع الذي يطمع في مثله سامعه لسهولته ، ولكنه أمنع جانبا وأعز مطلبا وليس أدل على ذلـك

.من أنه يريده مألوفا قريبا من العامة والخاصة

:لخاصة يقول الشاعر أو الكاتب بليغا إال إذا تمكن من أن يفهم العامة معاني ادوبشر ال يع

، ، واقتدارك علـى نفسـك ولطف مداخلك ، ، وبالغة قلمك فإن أمكنك أن تبلغ من بيان لسانك "

، وال األلفاظ الواسطة التي ال تلطف عن الـدهماء ، وتكسوها إلى أن تفهم العامة معاني الخاصة

.)٢("، فأنت البليغ التام تجفو عن األكفاء

؛ومن أراغ معنى كريما فليلتمس له لفظـا كريمـا " :يؤيد أنه لم يقصد الوضوح التام ، قوله وما

فالشاعر يحتفظ للمعاني بقيمتها ، و يشاكل لهذه)٣("المعنى الشريف اللفظ الشريف فإن حق

12��0 و4Hح /.- ا�,+م ه�ر)١ (، &��.Sن وا��ه4ة،ط ا�!�حl ،ا�.��ن!@،ا�Oا� �.S?�،١٣٦،ص١ج، ١٩٩٨ ،٧ون. .١٣٦، ص١ن\,W ، ج) ٢ ( .١٣٦ ، ص١ن\,W ، ج) ٣ (


١٦

.المعاني ألفاظا تالئمها من حيث القيمة

، فـإن التـوعر وإياك والتوعر "وض السلبي إذ يقول ويشير بشر من المعتمر ضمنيا إلى الغم

.)١("، ويشين ألفاظك يستهلك معانيك ، والتعقيد هو الذي يسلمك إلى التعقيد

البليغ من طبق المفصـل، " : إلى ما ذهب إليه بشر إذ قال ) هـ٢١٠(وذهب األصمعي

.)٢("وأغناك عن المفسر

، بما والبعد عن تكلفه وتعقيده ، ضرورة وضوح المعنى البليغ وتجلية مغزاه لمح إلى وهو بهذا ي

.يغني عن تأويله

أعطـاك معنـاه بعـد خير الشعر ما : " ولكنه ال يؤيد الوضوح الساذج وهذا ما يدلل عليه قوله

.)٣("مطاولة

لبـه عطـاء ، ولكنه ال يسلم قياده لنا بسرعة ، فالشعر يمـنح طا ال بد أن يحمل معنى ، فالشعر

أحـرص المتلقـي ويأتي هذا العطاء بعد مطاولة مما يجعل وكلمة العطاء ذات مدلول إيجابي ،

.وأقدر على البذل والصبر لنيل الغرض وإصابة المقصد على تحقيق مبتغاه ،

ركـب مـن "قول األصمعي فيرى أنه لم يرد الشعر الـذي ) هـ٦٥٤(ويفسر ابن أبي اإلصبع

، ولو كان كذلك كان وقع فيه من تعقيد التركيب ما أوجب له غموض معناه ، أو وحشي األلفاظ

كثرة استعماله و، ، وإنما أراد األصمعي الشعر القوي الذي يحتمل مع فصاحته للشعر ذلك شرا

معاني شتى يحتاج الناظر فيـه إلـى تـأويالت عـدة، ،، وجودة سبكه وسهولة تركيبه ، ألفاظه

١.)٤("لدليل يترجح منها با وترجيح ما

)١( lح� .١٣٦،ص١، ج ا�! .١٠٦،ص١ن\,W ،ج) ٢(412�4 ا�4�.1S %@ ص<�/� ا�G"4 وا�<4j و'��ن إ/!�ز ا��m4ن ،12��0 ح<\@ �4H -81ف،أ4Hف /�V ا'& أ'@ اfص._ ا�8]4ي،)٣(

�ه4ة ،� .٤٥٥ص،هـ١٣٨٣اfص-ار �81- 2>0�% /4��n،ا� .٤٥٥ن\,W ، ص) ٤(


١٧

أحسن الكالم ما كان معناه يرى أن الذي يعتبر مؤسسا للبيان العربي )هـ٢٥٥(حظلجااو

مدار األمـر والغايـة "ذلك أن ، ويجعل البيان مرادفا للوضوح وتحقيق الفهم )١(في ظاهر لفظه

وأوضـحت فبأي شيء بلغت اإلفهـام التي إليها يجري القائل والسامع ،إنما هي الفهم واإلفهام ،

١.)٢("فذلك هو البيان عن المعنى ،

وهذه اإلشارات غيض من فيض إذ تكثر مثيالتها في كتاب البيـان والتبيـين ، وفيهـا دعـوة

.صريحة إلى إظهار المعاني المقصودة بلغة واضحة فصيحة بليغة

ن يسلم فإن سلك المبدع الغموض طريقا لإلفهام فهو مبين وإن غمض كالمه ، ألنه ليس شرطا أ

قدر دقة المدخل يكون إظهـار "الغموض إلى التعقيد وتشتت المعنى وعدم الوضوح ذلك أنه على

.)٤("اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى "، وأن البيان )٣("المعنى

ويبدو لي أن إشارة الجاحظ لدقة المدخل سبيال إلظهار المعنى،وتخفي المعاني بقناع يكشف عنها

، ال تنفي أن يكون الكالم الغامض واقعا في إطار البيان ولكن ضمن تحديد مشروط وهـو البيان

.عدم تعارضه مع اإلفهام

من عيوب الشعر االنغالق وتعذر العلم "الجاحظ عندما يرى أنه ) هـ٣٢٦(ويوافق قدامة

.)٥("بمعناه

إن أشرف : " إذ يقول ليخرج عن السنن الذي أرسى قواعده الجاحظ ) هـ٣٨٨(ولم يكن الحاتمي

.)٦("الكالم ما سهل سبيله ،وقرب مأخذه ،وبعد مرامه

.١١٥، ص١ا�!�حl،ج:ان=4 ) ١()٢ ( W,\٧٦ص ، ١ ج،ن. )٣ ( W,\٧٥،ص١،جن. )٤ ( W,\٧٦،ص١،جن. 12،4��0 و2"��0 ) ٥("Gا� -��ج@،دار ا�?CS ا�"��8،'�4وت،د:c-ا�� '& ج"\4،أ'@ ا�\4ج ،ن\p ">881-/.- ا��١٥٩ت،ص.. �ن@،دار ا�4G>�� -�H4،ا�"4اق،ح�� ا�18�4qة ا�1�82@،�81- '& ا�1,& ، ) ٦(S?0 ج"\4 ا��12،4"Gا� �/� .١٢٣ص،١،جم١٩٧٩%@ ص<


١٨

فهو يأخذ بمعيار الوضوح الذي ال يقترن فقـط ) هـ٣٩٥(وكذلك الحال مع أبي هالل العسكري

مـا كـان "أن بمعنى التوصيل وإنما ذلك الوضوح الذي يحفظ للمعاني قيمتها ولذلك فإنه يـرى

.)١("وفا بينا فهو من جملة الردئ المردود، ومعناه مكش لفظه سهال

وهو من جهة أخرى ال يحفل بالغموض الذي يصل إلى حد التعقيد بل يطلب الجزل والسهل من

وأجود الكـالم : "الكالم الذي يكون مطمعا ممتنعا ، وبعيدا مع قربه ، وصعبا مع سهولته ، يقول

، ومتوعرا مستكرها تبهم مغزاه، وال يكون مكدودا ، ال ينغلق معناه، وال يس ما يكون جزال سهال

.)٢(" ، عاريا من الرثاثة ، ويكون بريئا من الغثاثة متقعرا

السهل أمنع جانبا، وأعـز مطلبـا، إن :"ويوضح أبو هالل العسكري قصده من السهولة فيقول

.)٣("متنعأجود الكالم السهل الم: ولهذا قيل،موقعا، وأعذب مستمعا وهو أحسن

:موقف النقاد العرب القدماء من الغموض _ ٢

هـو ،وما كان له من سلطة قوية على نظرية العرب في الشـعر معيار الوضوح ، إن

ـ الغموض اعتبارصرف جل النقاد العرب القدماء عن الذي ممـات الشـعر مقوألن ا مـن مقو

. بلوغ المعنى وتحقيق اإلبانة واإلفهام كانمنطلقهم

مـا المصطلحات التي استخدموها في وصفهم لهـذه الظـاهرة ، ي موقفهم من بعض وف

)٤( المعاظلـة هذه المصـطلحات ومن يكشف عن عدم اطمئنانهم أمام خفاء الداللة وغموضها ،

وقد كان عمر بن الخطاب أول من اسـتعمل تداخل الكالم وتراكب ألفاظه ومعانيه ، به ويعنون

. المصطلح في ذم الشعرهذا

___________________ 12،4�� @sss�/ 0�sss81- ا�.!�وي،و�sss81- أ'sss> ا�\5sssn إ'4اه� ،�<sssG>رات ا��sss.S?8 ا�",sss?4ي، ) ١("sssGوا� �sss'�S?ا� &�S/�>sss[ب ا��S5،آYsssس &sss' Aا -sss./ &sss' &sss,1ل ا�+sssه <sss'أ

.٦٤م،ص١٩٨٦ا�"]4��،'�4وت،)٢ ( W,\٦٧،صن. .٦١_٦٠،صا�",?4ي )٣(� و�-ا7s"' @s% Wsn"' ��p ا�8"��u ه@ رآ>ب '"7 ا�?+ )٤(n"' م. @s.�1� -�"sس &s' Aا -s./ -s81� @'ج@،أ�s\Oن ا��>sس &s'ـ ٤٦٦(اsه( Ws��/ 0s�/و W11sح� ،ص�s[\4 ا�sس،

�ه4ة، s��ل ا�]s"�-ي ،�? �s.S�s�/ -s81@ صs.�` ،ا�"S8١٨٤م،ص١٩٥٢/.- ا� �-s"�% 4s\"ج &s' �s�ا-c �s�رة "،أ�"Ssسxا yح�s%" 0 ،ص'�sر س-s[�، 4s\"ج &s' �s�ا-c١٧٤ 4s=وان، z�X0،صآ'��|4 ا'& اQ}�4،،و/<- ١٦٢هXا ا��M[8` /<- أ'@ ه+ل ا�",?4ي ،�]-ر سs,5 ا�sj8ا� ،@�sا�8>ص ��ء ا�-�& ن]4ا &' A� &' -81�s./ &s' -s81-ا�?4�q `S\أ'@ ا�

0��12 ،4/�Gوا� C2� .٢٨٥،ص١، ج١٩٩٥ا�S?8.� ا�"]4�� ، '�4وت ، -،ا��81 �81- ��1@ ا�-�& /.-: %@ أدب ا�?


١٩

وال يمدح الرجـل ، حوشيه١عوال يتب كان ال يعاظل بين الكالم ، " أشعر الشعراء ألنه وعد زهيرا

)١("إال بما فيه

فقد استعمله النقاد العرب القدامى للداللة به علـى الغمـوض فـي التوريةأما مصطلح

ابـن يقول األول قريب والثاني بعيد ، وذلك بأن يورد المتكلم لفظا له معنيان ، اللفظة المفردة ،

:معرفا المصطلح )هـ٤٥٦ (رشيق

، أو ، أو ناقـة ، أو بيضـة ، أو شـاة بشجرة: في أشعار العرب فإنما هي كناية التوريةوأما "

:سل بن عبيسكقول الم ، كأو ما شاكل ذل ، مهرة

واألثأب السدر لينصره داعيهم األرض شجر دعا

جاء فالن بالشوك والشـجر، إذا جـاء :لكالم المنثور ا وهم يقولون في ، فكنى بالشجر عن الناس

.)٢("بجيش عظيم

أو التعبير عنها بطريق غير مباشـر ومن المصطلحات التي دلوا بها على خفاء الداللة ،

أن يكنى عن الشيء ويعرض به وال يصرح، على حسب " ،وهي عند أبي هالل العسكري الكناية

فتنـدرج وتتفاوت الكناية من حيث درجات الوضوح ،، )٣(" الشيءلتورية عنواما عملوا باللحن

:من األوضح إلى األغمض بحسب الترتيب التالي

مقام التصريح في الكـالم )هـ٣٢٢(ويؤدي وظيفة تلميحية ،ويقوم عند ابن طباطبا :التعريض_

ي ينوب عن اإلطالةأما التعريض الذي ينوب عن التصريح واالختصار الذ" :وذلك في قوله

)١( 0�H4وان@ا'& ر��12��0 �81- ��1@ ا�-�& /.- ا��81- ،دار ا�!�5 ،'�4وت،ط ا�، �-� .٩٨،ص١ ج١٩٨١، ،٥،ا�"8-ة %@ �1�س& ا�G"4 وmدا'W ون .٣١١،ص١ن\,W ،ج )٢( .٣٦٨ا�",?4ي ،ص )٣(�وc- آ�ن �]�M` ا�"��د ?<�� 4pm ه> واسS"58 ا�"اxرداف"%{c W��/ 0�k-ا�� '& ج"\ 4� �" `�M[�S{رج1� /<- ا�<1�M[� @82�1

_�.SSء ،ط:،ان=4"ا��n�.ة ،ا�-ار ا�-�� ا��4ن ا�4ا'_ ،�M."� ا�<!�ح ا�!-�Yن Vي إ�-��-ي ،�\Y>م اQد'�� %@ ا�4Sاث ا�<K١٩٨٧، ٢ 2>%�0 ا� .١٢٣ص


٢٠

فكقول ع ب ررو بن معدي كم:

أجرت الرماح ولكن نطقت رماحهم أنطقتني قومي أن فلو

ىوطعنوا أعـداءهم برمـاحهم فـأنطقتن ، فأي لو أن قومي اعتنوا في القتال ،وصدقوا المصا

ـ ت أي شق أجر الرماح ، ولكن هم نطقت سن بالئ ح ركهم وذ بمدح لسـان رت لسـاني كمـا يج

.)١(" أسكتتنييريدل، الفصي

)القـرن الثـامن الهجـري .ت(وهو من أنواع الكنايات التي تعني عند السجلماسـي :التلويح_

.اقتضاب الداللة على الشيء بنظيره ،وإقامته مقامه"

:ومن صوره قوله

يببآ النجوم يرعى الذي وليس بمنقض ليس:قلت حتى تطاول

.)٢("يعني الصبح أقامه مقام الراعي الذي يغدو فيهيب بالماشية على جهة النظير

وأصله الصوت الخفي وأما الرمز فهو ما خفي من الكالم ، :"قدامة بن جعفر وفيه يقول : الرمز_

ل آيتـك أال قال رب اجعل لي آية قـا { :وهو الذي عناه اهللا عز وجل بقوله الذي ال يكاد يفهم ،

.(*)} تكلم الناس ثالثة أيام إال رمزا

:ثم يستطرد قائال

١ بـه إلـى واإلفضـاء وإنما يستعمل المتكلم الرمز في كالمه فيما يريد طيه عن كافة الناس ، "

،أو حرفابعضهم ،فيجعل الكلمة أو الحرف اسما من أسماء الطير أو الوحش أو سائر األجناس

4 ،12��0 �81- ز�9>ل س+م ،�<G{ة ا�8"�رف) ١("Gر ا�� ،أ'> ا�1,& �81- '& أح8- ا�"�>ي ،/�.k�.k &'طا،��م ١٩٨٤، ٣،اxس?<-ر

.٧٠_٦٩،ص12��0 /+ل ا��زي ،�?S.� ا�8"�رف ،ا�4'�ط ،ط) ٢ (، _� .٢٦٦ ،ص١٩٨٠ ،١ا�,!�8�س@ ،ا�K>8ع ا�.-�_ %@ 2!<�� أس��C ا�.- .٤١،ا�� رm cل /48انس>رة ) *(


٢١

لطمن حروف المعجم ،ويفيكون ذلك قوال مفهوما بينهمـا على ذلك الموضع من يريد إفهامه ، ع

مرموزا عن غيرهما ،وقد أتى في كتب المتقدمين من الحكماء والمتفلسفين من الرمـوز أشـياء

١.)١("اطلع على علمها األئمة المستودعون علم القرآن ...عظيمة القدر جليلة الخطر

فالداللة على المعـاني ال تكـون باأللفـاظ )٢(وهي إحدى طرق الداللة عند الجاحظ : اإلشارة_

وإلى هـذا يـذهب بل تكون كذلك باإلشارة وهي داللة سريعة ،خفية،وغير مباشرة ، وحدها ،

إليهـا هو أن يكون اللفظ القليل مشتمال على معان كثيرة بإيماء "قدامة حينما يقول معرفا اإلشارة

ه، وبالغة عجيبـة، حلواإلشارة من غرائب الشعر وم :"ويقول فيها ابن رشيق )٣("أو لمحة دالة

وليس يأتي بها إال الشاعر المبرز، والحاذق الماهر، وهي ، تدل على بعد المرمى وفرط المقدرة

ظـاهر واختصار وتلويح يعرف مجمال ومعناه بعيـد مـن ، في كل نوع من الكالم لمحة دالة

.)٤("لفظه

:قول الشاعر "اإلشارة"ومن األمثلة التي يوردها ابن رشيق على

عذارا لمته سواد وبين منه الخد بين السيف جعلنا

، وإنمـا فأشار إلى هيئة الضربة التي أصابه بها دون ذكرها إشارة لطيفة دلت علـى كيفيتهـا

.) ٥("وصف أنهم ضربوا عنقه

إلى هذا اللـون مـن الكـالم وقد أشار بعض النقاد وهي من أشد الكنايات غموضا ، : التعمية_

بمصطلحات أخرى مثل المعمى والعويص واللغز والمحاجاة والمرموس والكناية والتعريض

وألجل هذا يحذر أبو هالل العسكري وينصح الكاتب ،)٦(خفاء المعنى وغموضه على وكلها تدل

�ب ا�.��ن، 12��Wk 0 ح,�& و/.- ا��81- ا�".�دي) ١(S4 أو آj>ا� -� .٦٢_٦١م،ص١٩٨٠،دار ا�?CS ا�"��8،'�4وت،c-ا�� '& ج"\4،ن .٧٦ ص،١ ،جا�!�حl : ان=4 )٢(�رة %@ ا�]<�/�S& ، ص١٥٥_c١٥٤-ا�� '& ج"\4،ن�- ا�G"4 ،ص) ٣(H�� رد� أ'> ه+ل ا�",?4ي<�4�� ا�Xي "Sا� W,\٣٤٨، وه> ن. .٣٠٢،ص١ا'& ر0�H ،ج) ٤( .٣٠٣_٣٠٢، ص١ن\,W،ج)٥( .١٧١م ،ص١٩٨٨، 8�١>ض،دراس� ��>�� %@ د��x ا�V�/ V>.8 ا�V>"8،دار ا�8"4%� ا�!��"��،اfس?<-ر��،طح�5��p @8،ا�"4'�� وا�:ان=4 ) ٦(


٢٢

.)١("يكسب الكالم تعميةجميع ما " أن يتجنب

، وهو كما يذهب ابن رشيق أخفى اإلشارات وأبعدها إذ يكون للكالم ظاهر عجب ال يمكن :اللغز_

وباطن ممكن غير عجب، كقول ذي الرة يصف عين اإلنسانم:

١أصغرليد قعب من وناة قبابا به ترى الوبة مأوديخضرا و

ألصقتها به وجعلتها آلة اللمس، والسامع: به لإللصاق ،كما تقول لمسته بيدي أيفالباء في "

.)٢("يتوهمها بمعنى في، وذلك ممتنع ال يكون

ومن هذه المصطلحات أيضا التي استعملها النقاد العرب القدامى لوصف ظاهرة غيـاب

ر على المعنى الحرفي أن الشعر ال يقتص الذي يعني عندهم االتساع الداللة أو غموضها مصطلح

وهذا ما يعطي المتلقي حريـة أكبـر فـي الموجود في ظاهر اللفظ ،وإنما يتسع لتأويالت عدة ،

مما يجعل الـنص حيـا التعامل مع القصيدة التي يتعذر استنفاد معناها مهما تعددت التأويالت ،

يقول الشاعر بيتا يتسع فيه وذلك أن :"يقول ابن رشيق محددا االتساع ، وفعاال على امتداد الزمن

من ذلـك ، التأويل؛ فيأتي كل واحد بمعنى، وإنما يقع ذلك الحتمال اللفظ، وقوته، اتساع المعنى

:قول امرئ القيس

مكر قبل مفردبر مم iعالمود مخر كجص طهيل حل من السع

، وشبهه جميع ذلك فيه : أي مقبال مدبرا، ثم قال معا نسحيفإنما أراد أنه يصلح للكر والفر، و "

؛ فإذا انحط من عـال كـان في سرعته وشدة جريه بجلمود صخر حطه السيل من أعلى الجبل

وذهب قوم منهم عبد الكـريم إلـى أن ، شديد السرعة، فكيف إذا أعانته قوة السيل من ورائه

؛ ألن الصخر عندهم كلما كـان هو الصالبة ن عل إنما معنى قوله كجلمود صخر حطه السيل م

�ن@ :اQول :ج<� �S>س� WS12 أر'"� أن>اع "/<- ا�,!�8�س@ وا�S"��8 ،١٥٣ا�",?4ي ،ص) ١( jا��1& ،ا�:��jا�، K�4ا�4ا'_ :ا� ��ان=4 "ا�X1ف :ا�S>ر .٢٦٨ا�,!�8�س@ ،ص

.٣٠٧،ص١ر0�H،�]-ر س�'0،جا'& )٢(


٢٣

إنما أراد اإلفراط، فـزعم :وقال بعض من فسره من المحدثين ،أظهر للشمس والريح كان أصلب

أنه ير سرعته، واعترض على نفسه، واحتج ال ومدبرا في حال واحدة عند الكر والفر لشدة بقى م

الجبل، فإنك ترى ظهره في النصبة على الحـال در من قنة المنح بالجلمودبما يوجد عيانا؛ فمثله

ما مر قط ببال امرئ القـيس، وال خطـر فـي التي ترى فيها بطنه وهو مقبل إليك، ولعل هذا

١.)١(."ه، وال روعهدلوهمه، وال وقع في خ

هذا النوع :"ما ذهب إليه ابن رشيق بخصوص االتساع فيقول )هـ٨٣٧(ويعزز ابن حجة الحموي

االتساع يتسع فيه التأويل على قدر قوى الناظم فيه وبحسـب مـا تحتمـل ألفاظـه مـن أعني

.)٢("المعاني

،وذكـر )٣(اتساع أقلي واتساع أكثري : هذا المصطلح ،وقسمه إلى قسمين السجلماسي وقد تناول

:أنه يحتمل أكثر من معنى ،من غير رجحان أحدهما على اآلخر ،ويقول في تعريفه

االسم علـى عموم تخصيص بجهة قول إلى هذه الصناعة ،وم منقول أول مثال اسماالتساع هو "

إلـى احتمـال سـامع وهم كل سامع يذهب في اللفظ الواحد ،بحيث الكثيرة مكان االحتماالت إ

البـديع ةعه فـي صـن جوهر ول من تلك المعاني ،وق معنى من تلك االحتماالت ،ومعنى احتمال

.)٤("لبيان هو صالحية اللفظ الواحد بالعدد لالحتماالت المتعددة من غير ترجيح وا

وأما ما يستبهم فال :"فقال الذي اهتم به أبو هالل العسكري ،اإلبهام ومنها أيضا مصطلح

:يعرف معناه إال بالتوهم فهو مثل قول أبي تمام

األشياء جوهر لقبوها قد أنهم إلا األوصاف جهمية

.٩٣،ص٢ا'& ر0�H ،ج) ١ (�م S�"H>،دار و�?S.� ا�Y+ل '�4وت،ط )٢([/ 0�� اQرب، 12� .٤٠٣،ص٢ م ، ج١،١٩٨٧ا'& ح!� ا�81>ي ، Kpان� اQدب و9�ع اQآ4jي،وإ�� أن �S\0 ا��\l �& ج )٣(,2xا ه> اXوه W��Y و��SO �& ج4S% �Yى ا��\l ذ�z أنW إ�� أن �S\0 ا��\l ا�.�S و��SO %@ 2{و

@�cQع ا�,2xا ه> اXوه � .٤٣٠ا�,!�8�س@ ،ص./�V ص>رة و�58S1 أن �?>ن /�V 4�9ه .٤٢٩ص ،ا�,!�8�س@ )٤(


٢٤

أبي ، وآراء مختلفة متشعبة، لم يدل فحوى كالم أن لجهم مذاهب كثيرة : فوجه االشتراك في هذا

إنمـا :، إال أن يتوهم المتوهم فيقـول تمام على شيء منها يصلح أن يشبه به الخمر وينسب إليه

وال يعـرف ، بعينـه ن يدل الكالم منه على شـيء ، من غير أ أراد كذا وكذا، من مذاهب جهم

.)١("قد لقبوها جوهر األشياء إال بالتوهم أيضا: معنى قوله

أن يقول المتكلم كالما يحتمل :"و ابن أبي اإلصبع يفرق بين اإلبهام واالشتراك ،فاإلبهام

معنيين متغايرين ال يتميز أحدهما عن اآلخر ، والفرق بينه وبين االشتراك المعيب أن االشتراك

ع إال في لفظة مفردة لها مفهومان ال يعلم أيهما أراد المتكلم ، واإلبهـام ال يكـون إال فـي ال يق

.)٢("الجمل المؤتلفة

الذي يشتمل عليه البيـان "عن جنس أعلى هو اإلشارة ويتفرع مصطلح اإلبهام عند السجلماسي

١.)٣("وصنعة البالغة والبديع

علـى ذات الداللـة دقصوذلك أن ي : " االقتضاب:النوعين أو " إلى اإلشارة السجلماسيويقسم

مـن ، واحد وأسلوب التأخر من الجمود على مسلك وعبارة التعبير المعتاد ، عن ىيترقمعنى ف

ـ وب على العبارة عن المعاني ، ةردق الم رهظي واحد من أنحاء الداللة ،ف أساليب العبارة ،ونحو عد

مرموت التصرف في مجال القول ، في اهوسف ه في نطاق الكالم ، عضتقيفي الداللة علـى ذات ب

اعتمادا علـى ،أو المساوقة أو المتأخرة ، عليه باللوازم والعوارض المتقدمة ، والداللة المعنى ،

صك ما فيه مـن بينهما ،وفي ذل واالشتراك ، ةلظهور النسبة بين اللوازم وبين الملزوم ،وقوة الو

.)٤("اإللذاذ للنفس واإلطراب لها بالغرابة والطراوة التي لهذا النوع من الداللة

.٣٤ا�",?4ي ، ص) ١(�ه4ة،) ٢(�� و12��0 ح\<@ �4H -81ف ،دار ن�nY �]4،ا�-� .٣٠٧_٣٠٦م ،ص١٩٥٧ا'& أ'@ اfص._ ا�8]4ي،'-�_ ا��m4ن ،2�1]4ه� ا�,!�8�س@ %@ و2) ٣(، ��ز، :58SG ه�X ا�]<�/� ا��8�.� '"� ا�.��ن وص<"� ا�.+�9 وا�.-�_ /�4G/ Vة أج<�س /!�fا

4�S2 {، 4\4ع /& ه�X اQح<�س ا�"�� أن>اع ?Sء ،وا��>jSسxع ـ>ا�,2xوا، `�q<Sه4ة ،وا��رة ،وا�8.��،وا�4ص�،وا�8=Hf5 وا��OSوا�Y/<8!� @% 5[2 4ىpأ Vإ� �� ،ان=١٨٩4� �_ اQج<�س ا�"1�M[� : ب�Sآ @% W8ه��1�ت ا�K>8ع و�\�M[8� ا�.<�>ي C4آ�S4ة ا�!H

.٣١ا�,!�8�س@،ص�ب و�S\4ع )٤(nScxا `�<�S4ض وا�"Sوا� �� .٢٦٣،ص ا�,!�8�س@ .'-ور� /<- ا�,!�8�س@ إ�V أر'"� أن>اع ه@ ا�SS.�_ وا�?<


٢٥

صل واالشتراكات والوبست به وجعل لها من إدراك النين عليه وع النفسلتبج"ويعلل لذلك بما

صبينهما ،وفي ذلك واالشتراك ،ةلاعتمادا على ظهور النسبة بين اللوازم وبين الملزوم ،وقوة الو

صل واالشتراكات والو بست به وجعل لها من إدراك الن ين عليه وع النفس لتبج"ويعلل لذلك بما

بين األشياء ،وما يها عند ذلك ويعرقلحضلها من انبساط ر حانو١( "رب وطي(.

التنويه هو اإلشادة بذكر:" ،وهذا ما يشرحه بقوله ،ويتصل عنده بالتنويه والتفخيماإلبهام:ثانيا

الشيء ،واإلعظام واإلكبار له ،وذلك لما في إبهام الشيء من التهويل واإلكبار له ،والتفخيم لشأنه

١ .)٢("لطموح النفس فيه كل مطمح ،وذهابها في شأنه كل مذهب

بـإخراج القـول " الذي يتحقق في الشعر مصطلح الغرابة ومن هذه المصطلحات أيضا ،

معلقا على فن الشعر ألرسطو الذي يـذهب )هـ٥٩٥(ابن رشد كما يقول )٣("غير مخرج العادة

والسقوط ،من ناحية ،وتتصف بالنبل والبعد واالبتذالإلى أن األقاويل الشعرية تتصف بالوضوح

،وتتحقـق فيهـا )٤("إذا تألفت من ألفاظ دارجة "والغرابة ،من ناحية ثانية ،فتكتسي الصفة األولى

والسقوط يكـون االبتذالفتجنب " الدارج االستعمالإذا استخدمت ألفاظ غريبة عن "الصفة الثانية

.)٥("باستعمال الكلمات الغريبة والمجازات والمحسنات

أثر اللذة األدبية التي يحدثها ظهور الشيء الذي بين فيه إلى قول سهل بن هارون الجاحظ ويشير

غير معدنه أغرب، وكلما كان أغرب كان أبعد فـي الـوهم، ألن الشيء من " :من غير معدنه

طرف كان أعجب، وكلما كان أعجـب كـان أوكلما كان أبعد في الوهم كان أطرف، وكلما كان

.)٦("أبدع

�S\4ع إ�V ج<,�& ه8� وS2,�,5 ا�٢٦٣ص ا�,!�8�س@،)١( <Y% م�Y'xت %@ ا�"�4\S :ن��Sن ا��W ا�<>/<>S4ع /& ا�\S��W وا�S"��8 و<>Sا� :�S\4ع /& ا�S"��8 أر'"� أج<�س ه@ �8�ء آ8�fوا �O\Sس@ ،ص:ا�� .٢٦٦ا��1& وا�4�K وا�S>ر�� ،وا�X1ف ان=4 ا�,!�8

.٢٦٧ا�,!�8�س@ ، ص) ٢()٣( <Mب أرس�Sآ h�O�2،-H42ج�8 /.- ا�4ح8& '-وي ،دار ا'& ر، <MرسQ 4"Gب %& ا��S8& آq،4ح ا�>س��G4ا�"Gا� @% ��k

�%� '�4وت،�j٢٤٣،ص١٩٧٣ا�. .٦١ن\,W،ص )٤( .٦٢ن\,W،ص )٥( .٩٠_٨٩،ص١ا�!�حl ،ج: ان=4) ٦(

�د ا�K/.@ ،ا�C�!"S /<- ا'& س�<�ء ا��M[8` وا�Y\8>م، �!�� أ'1�ث ا��4�>ك،اQردن، ��:وان=4 � .٢٤٨_٢٤٢، ص٢٠٠٤ ، ٢ع ، ٢٢ز


٢٦

ويذهب ابن طباطبا مذهبا نفسيا ،عندما يرجع هذه اللذة إلى أساس نفسي متصل بسعي الشاعر ١٢

فيؤنس النافر الوحشي حتى يعود مألوفا محبوبا ،ويبعـد المـألوف "إلى تقريب البعيد من المعاني

.)١("المأنوس به حتى يصير وحشيا غريبا

الذي يتوحد مع المألوفعن االستعمال اللفظ الغريب فسر اللذة التي يحدثها النص الشعري ،هو

٣. التي ال تنفك عن المتلقيتولد الغرابة ،،هنا تداع واإلب ، )البعد في الوهم(اإليحاء

)هـ٣٧٠( إذ ينص اآلمدي مع بروز مشكلة القديم والمحدث ، ويرد مصطلح الغموض

:البحتري يقول الذي وصف به شعرفي مقابل الوضوح في وصفه لشعر أبي تمام ،عليه

رد مما يحتـاج إلـى ، ونسبه إلى غموض المعاني ودقتها، وكثرة ما يو ل من فضل أبا تمام يوم"

وهؤالء أهل المعاني والشعراء أصحاب الصنعة ومن يميـل إلـى ، استنباط وشرح واستخراج

.)٢("التدقيق وفلسفي الكالم

فيتضـح أن يورد نموذجا لنقده القائم على التفريق بين المطبوع والمصـنوع اآلمدي ال يلبث و

، ومـا فـارق عمـود على مذهب األوائل ، و أعرابي الشعر، مطبوع "بذلك ميله للبحتري ألنه

في حين أن أبـا )٣(" ، وكان يتجنب التعقيد ومستكره األلفاظ ووحشي الكالم (*) الشعر المعروف

�،�]-ر س�'0،ص) ١(.k�.k &'١٦٠ا. �ه4ة،د٤ا��-ي ،ا�8>ازن� '�& H"4 أ'@ 82�م وا�.4S1ي ،12��0 أح8- ص�4 ،ط) ٢(��|4 ا�"4ب .،دار ا�8"�رف،ا�p٤،ص١،ج٢٥ت، ذ.

(*) @% @cا�48زو ��-�� 4.S"2 4حH ��[� -8S"8س� ا�48ج_ ا��آ�ن هXا ا� `�M[8�4GS>ا c.5 /]4 ا�48زوc@ وإذا "2"4�� /8>د ا�G"4 "د�>ان ا�81�'W ا�>س��k )هـ٤٢١(Sآ @% �n��q@ ا�!4ج�ن@ أ�12��0 :ان=4.%�- اسW�8"S ا�،W�<s[pو @s.>S8ا� &�s' �k�sن@،ا�>س��Ks ا�!4جK"ا� -./ &' @�/ @q��ا�

.٣٨م ،ص٢٠٠٦ ، ١و4Hح �81- أ'> ا�\5n إ'4اه� و/�@ �81- ا�.!�وي ا�S?8.� ا�"]4�� ،'�4وت،ط��WS، _4H٢ف ا�V>"8 وصWS1s ، _١و�1-د ا�48زوc@ هXا ا��M[8` %@ س."� /<�ص4 ه@ �Ssواس ls\ا�� sا�K٣ج_ �sا�>ص @s% �'�sصf٤ا_ @s% �s'ر��ا�8

، W�.GSا�>زن، _٥ا� X�X� &� 4�O2 V�/ �Y��Sاء ا�<= وإ�Kم أج�1S٦ا�_،W� ر�"S,8�� W>� ر�"S,8س.� ا��>�٧_ �8Y|�snScة ا-sH Vs>"8�� l\آ�� ا��G� �s�%�� 8Y>�' 4ة%�>� x VSرون،دار ا�!�5 ،'�4وت،ط:ان=4 . ح� ، ١ا�48زوc@،أ'> /�@ أح8- '& ا�4H، &,1ح د�>ان ا�81�س�،ن�4G أح8- أ��& و/.- ا�,+م ه

.١١_٩م ،ص١٩٩١�XهC إ��W ه �� C,�8 ح�-�� M>'� آz�X %@ ا�.+�9 ا��4'�� ا�Y�8!� @% Lن��ن4�y ون!- أن ه�X ا�"<�ص4 ا�,."� ،آ)B.Heinrich ( ذآ4 أن -�%

�4SG2 �8ط أر'"� �.�دىء ��س�>ب ه@ -��م ا�<]@ )ا�8"��ر��(ا�8<�س.� ،أو ا�8+ء�� _أ:ا�.+�9 ا��@ ،ا�8�دة ('�& اQس�>ب وا�8�S8ا�، C2�ا�-�c _،ب)ا�?8�ل ا��,�ن@ ا�8S"8- %@ /]4 �"�& ،ج"Sس�>ب ��سQا ��+ء�د 2"-د _أي �".Sح ،أي اس<q<ن@ ا�<]�� ا��ه<4�y '�� ،ا�.+�9 واQس�>'�� :ان=4 .ا�8"

� و2"��0 ،�81- ا�"48ي ،�<G>رات س�ل ،ط-� .٣١ ،ص١٩٨٩، ١ن1> ن8>ذج س��8�|@ �5��1S ا�<h ،42ج�8 و2 .٤، ص١ ، جا��-ي) ٣(


٢٧

وشعره ال يشـبه أشـعار صاحب صنعة ،ومستكره األلفاظ والمعاني ، شديد التكلف ، " (*)تمام

.)١("، والمعاني المولدة دة؛ لما فيه من االستعارات البعي األوائل، وال على طريقتهم

لمذهب األوائل "وإذا كان اآلمدي ينتصر لمذهب الوضوح الذي يمثله البحتري بخضوعه وامتثاله

ويجعـل منـه مقومـا ينتصر لمذهب الغموض في الشعر ، )هـ٣٨٤(فإن أبا إسحاق الصابي "

ريق اإلحسان في منثور إن ط" به الشعر على النثر يمتاز ،يقول فيما فن الشعر جوهريا في تحديد

الترسل هو ما وضح معنـاه ،وأعطـاك أفخر خالف طريق اإلحسان في منظومه ،ألن يالكالم ،

،وأفخر الشعر ما غمض فلم يعطك غرضه إال بعد مماطلة منـه سماعه في أول وهلة غرضه

.)٢("لك وعرض منك عليه

لى من اتهموا شـعر من الغموض في معرض رده ع )هـ٣٩٢(ويظهر موقف القاضي الجرجاني

المتنبي بالتعقيد والغموض،وهو يرى أنه كان يمكنه تجنبهما لو أراد ذلك ،ويستدل بأمثلـة مـن

:شعراء آخرين اتسم شعرهم بالغموض ،منتصرا للمتنبي على طريقة القياس ويخلص إلى القول

واحد؛ فإنا ال بيت ولو كان التعقيد وغموض المعنى يسقطان شاعرا لوجب أن ال يرى ألبي تمام "

به لفظهما، ولذلك كثـر هما؛ وأفسد نعلم له قصيدة تسلم من بيت أو بيتين قد وفر من التعقيد حظ

طائفة من أهل األدب، وصارت االختالف في معانيه، وصار استخراجها بابا منفردا؛ ينتسب إليه

١.)٣("تتطارح في المجالس مطارحة أبيات المعاني، وألغاز المعمى

ويعد القاضي الغموض من طبيعة الشعر ألن هدفه األساسي هو اإليحاء وتتميز أساليبه بتوظيف

�ت ا�<�- ا�!-�- ��Y-ىو��q @c<H �c /<- ا��8>ض ا�\<@ )*( \Sم إ�-/ Vر إ��Hم ،وأ��ل أ'@ 82�% 4"Gا� @% W' ء�� ا�!-�- ا�Xي ج!2xا اX": ف<cإن و

�د ا�".�س��& /<- ج�نC ا�]">'� واS�x>اء %@ ��%� وا�\�,\� %@ "هXا ا��8>ض ا�\<@"ا�<�jم ا�-OS,��S\S>ن إ�V ج�نC ا�!8�ل %�W ،إذ آ�ن أ'> 82�م x Y�"ج8� أن �1-ث �<\,W أY' ول�1�، �� واس"�>% ��- ا�41آ� وا��1�ةH"�4 اسOS-ا�-H 5�"��' ��\?4 زاه�' � "س�>'� �8S>ج

.٢٤٤،ص��q @c<H٦،ا�\& و�Xاه.W %@ ا�G"4 ا�"4'@ ،دار ا�8"�رف ،�]4 ،ط .٥_٤،ص١،جا��-ي )١( �� ، �!�� أ'1�ث ا��4�>ك ،) ٢( -��/4 دراس� 2>}�� نG4س5 وا�S8ا�\4ق '�& ا� @% @'��د ا�K/.@، رس�� أ'@ إس1�ق ا�]� ١ ، ع١١ ��ز

. ١٥٦م ، ص١٩٩٣�q@ ا�!4ج�ن@ ، ص )٣ (� ٣٤٥ا�


٢٨

وليس في األرض بيت من أبيات المعاني لقـديم أو محـدث إال ومعنـاه غـامض :"الخيال يقول

ذلك لم تكن إال كغيرها من الشعر، ولم تفـرد فيهـا الكتـب المصـنفة، وتشـغل مستتر؛ ولوال

.)١("األفكار الفارغة خراجهاباست

أثر الصابي في تناوله الغموض من حيـث التفريـق بـين الـنظم ) هـ٤٢١(ويتبع المرزوقي

.)٢(والنثر

فينعى على أبي إسحاق الصابي تفريقه بـين الشـعر والنثـر ، )هـ٤٦٦(ابن سنان الخفاجيأما

: ط الفصاحة والبالغـة ومن شرو :" في النظم والنثر على حد سواء ،يقول بلغموض عنده عي وا

فكر في استخراجه وتأمل لفهمه، وسواء أن يكون معنى الكالم واضحا ظاهرا جليا ال يحتاج إلى

.)٣("منثورا كان ذلك الكالم الذي ال يحتاج إلى فكر منظوما أو

ومن ثم تكون شروط الفصاحة ،التي تقترن عند ابن سنان بالوضوح والظهور تشمل الكالم على

الق ،أي في حالتي النظم والنثر وذلك راجع إلى نظريته النفعية التي تحصـر الكـالم فـي اإلط

١ن الكالم غير مقصود في نفسه وإنما احتيج إليه ليعبر الناس أ"التبليغ واإليصال ،فهو يرى

كانت األلفاظ غير دالة على المعاني وال عن أغراضهم ويفهموا المعاني التي في نفوسهم، فإذا

.)٤("ة لها فقد رفض الغرض في أصل الكالم موضح

إن ابن سنان يوجب أن يكون معنى الكالم واضحا وال يتطلب أي جهد أو فكر فـي الوصـول

.لمعناه سواء أكان شعرا أم نثرا

لذلك يمكن القول إن ابن سنان يخالف رأي معظم النقاد ممن دعوا إلى الوضـوح ، ألنهـم لـم

وضوح والظهور الساذج الذي يفقد الشعر مستواه الفني ويحوله إلى يريدوا هذه الدرجة من ال

�q@ ا�!4ج�ن@، ص) ١(� .٣٤٦_ ٣٤٥ا� .١٩_١٨، ص١ان=4 ،ا�48زوc@، ج) ٢(�ج@ ،ص) ٣(\Oن ا�� .٢٥٩ا'& س< .٢٥٩ن\,W،ص ) ٤(


٢٩

كالم مباشر أقرب إلى النثر منه إلى الشعر ، مما يفقد القارىء المتعة الفنية التي يتوخاهـا مـن

.النص الشعري

إلى قضية الغموض من خالل السياق اللغوي ، فاللفظة وهي مفردة ) هـ٦٣٧(وينظر ابن األثير

.حة مستغنية عن التفسير ،ولكنها قد تحتاج إلى التأويل إذا ما ضمها السياق اللغويقد تكون واض

ينبغي أن تكـون مفهومـة " فالوضوح الذي يشترطه ابن األثير ال يطال إال األلفاظ المفردة التي

١.)١("سواء كان الكالم نظما أو نثرا ،وإذا تركبت فال يلزم فيها ذلك

في التفريق بين الشعر والنثر ،عنـدما يـذهب إلـى مع أبي إسحاق ويبدو أن ابن األثير يختلف

كل كالم من منثور ومنظوم فينبغي أن تكون مفردات ألفاظه مفهومة ،ألنها إذا لم تكن "القول بأن

.)٢("يحةحمفهومة فال تكون ص

مـن ، موقفا سلبيا من انكشاف المعنى في الشعر ،وينفر )هـ٤٧١(عبد القاهر الجرجاني ويقف

،ولذلك يلح على توفر عنصر التمثيل فـي الشـعر ،تجنبـا للتقريـر المباشر والساذج المعنى

إذا أتاك ممثال، في األكثر ينجلي لك بعد أن يحوجك إلـى غيـر "والمباشرة في التعبير، فالمعنى

ه عليك أكثر، طلبه بالفكرة وتحريك الخاطر له والهمة في طلبه، وما كان منه ألطف، كان امتناع

ه أشد٣("وإباؤه أظهر، واحتجاب(.

:وتحدث الجرجاني عن فضل النص الغامض ،إذ قال

الطباع، والراسخ في غرائز العقول أنه متى أريد الداللـة علـى معنـى وكان من المركوز في "

فترك أن يصرح به، ويذكر مباللفظ الذي هو له في اللغة، وعيـه، إلى معنى آخر فأشير بـه إل د

)١( 0��12 4|� .٣٩٤،ص٢،ج�81- ��1@ ا�-�& /.-ا��81-ا'& اQ}�4،ا�5j8 ا�, .٣٩٤،ص٢ن\,W،ج )٢(�آ4،دار ) ٣(H -81� 81>د� W��/ 0�/4أ� وc،�9+.81- ا�<1>ي ،أس4ار ا��ن@،أ'> '?4 '& /.- ا�4ح8& '& ��ه4 ا�!4ج�/.- ا�

.١٣٩م ، ص١٩٩١، ١ا�8-ن@،ج-ة،ط


٣٠

للكالم بذلك حسن ومزية ال يكونان إذا لم يصنع ذلـك، وذكـر بلفظـه وجعل دليال عليه، كان

.)١"(صريحا

فهو يقرر أن المعاني إذا عبر عنها بطريق غير مباشر كان لذلك التعبير ،ولتلك المعاني حسـن

.وفضل في ذاتهما

م المشتمل على التعقيد والتعمية ال إن الكال :ولكن لم يغب عن ذهن الجرجاني أن متسائال قد يقول

يدرك معناه إال بصعوبة فهل يعد ذلك الكالم حسنا؟

مـذموما ألجـل أن " يطلق الجرجاني على الغموض السلبي في الكالم التعقيد وهو الذي يكون

لب اللفظ لم يرتب الترتيب الذي بمثله تحصل الداللة على الغرض، حتى احتاج السامع إلى أن يط

. )٢("المعنى بالحيلة، ويسعى إليه من غير الطريق

والتعمية لوصف التعقيد الذي يتعلق األمر فيه بـاإلعراب كذلك يستعمل مفردات اللبس والتلبيس

وما كان من الكالم معقدا موضوعا على التأويالت المتكلفة، فليس ذلك بكثرة وزيادة فـي :" يقول

نقصا له ونقضا أولى، ألن اإلعراب هو أن يعرب المتكلم عما فـي اإلعراب، بل هو بأن يكون

نفسه ويبينه ويوضح الغرض ويكشف اللبس، والواضع كالمه على المجازفة في التقديم والتأخير

١.)٣("زائل عن اإلعراب، زائغ عن الصواب، متعرض للتلبيس والتعمية

الغموض في الشعر وذلك من خالل تأييده لموقف أبـي عن )هـ٦٥٦( أبي الحديد ابن ويدافع

:،وهو يفسر ما يعنيه الصابي بالغموض فيقول "أفخر الشعر ما غمض"إسحاق القائل إن

ولسنا نعني بالغموض أن يكون كأشكال إقليدس والمجسطي والكالم في الجزء ،بل يكون بحيث "

ما غير مطروقة ،فال يجـوز أن يكـون إذا ورد على األذهان بلغت منه معاني غير مبتذلة ،وحك

�ه4ة،ط)١(��ن!@،ا�Oا� �.S?�،4آ�H -81� 81>د� W��/ 0�/4أ� وc،ز�!/f5 ا|xن@،د��ه4 ا�!4ج� .٤٤٤م ،ص٢٠٠٤ ، ٥ /.- ا� .4١٤٢ج�ن@،أس4ار ا�.+�9 ،صا�!) ٢( .٧٣ن\,W،ص) ٣(


٣١

الشعر الذي يتضمن الحكم هو المعنوي كشعر أبي تمام ومن أخذ أخذه ،فذلك القدر من المعنـى

. )١("هو الذي يعنيه أبو إسحاق بالغموض ال غير

ناشئا عن التواء التعبير ،أو إقحام ما ليس له صلة بالتكوين الداخلي للشـعر ن كان إإن الغموض

سفة ومصطلحات فهو غموض سلبي،ألن الغموض اإليجابي هو الغموض الذي ينشأ عـن من فل

.التكثيف واكتناز األلفاظ والتراكيب بالطاقة الشعرية،عن طريق اإليحاء والتصوير الفني١

)١ ( ، 4|��ب ا�5j8 ا�,�|4 (ا'& أ'@ ا�1-�- ،ا�\�z ا�-ا|V�/ 4 ا�5j8 ا�,S& آ�ا�4ا'_ ,��12��0 ،أح8- ا�1>%@ )وه> ��01 '

�ن� ،.k ه4ة و'-وي�� .٣٠٦_٣٠٥،صدار ن�nY �]4،ا�


٣٢

:أنماط الغموض كما صنفها النقاد العرب القدماء_ ٣

ي عزوا إليها غموض المعنى، فكانت تعـود العرب القدماء األسباب الت النقاد تعددت عند

والتشبيه واستغالقهما، أو لتركيب النحوي، أو بعد االستعارة ، أو تعقد ا لكالملإلى البنية الصوتية

.)١(مخالفة قواعد عمود الشعر العربي

لعل أول من تنبه إلى أن الغموض يعود إلى غير واحد من األسباب هو علي بن عيسى و

ـ ٣٨٦(الرماني التغيير عن : أسباب اإلشكال ثالثة ":وإن كانت إشارته موجزة وسريعة بقوله ) ه

.، وسلوك الطريق األبعد، وإيقاع المشترك األغلب كالتقديم والتأخير وما أشبهه

:كل ذلك اجتمع في بيت الفرزدق

يقاربه أبوه حي أمه أبو مملكا إال الناس في مثله وما

؛ ألن التقدير وما مثله في الناس حي يقاربه إال مملكا أبـو يير على األغلب سوء الترتيب فالتغ

هشام بن عبد يريد بالمملك هشام بن عبد الملك، والممدوح هو إبراهيم بن هشام خال ، أمه أبوه مشترك ال ؛ وأما سلوك الطريق األبعد فقوله أبو أمه أبوه وكان يجزئه أن يقول خاله وأما الملك١

فقوله حي يقاربه ألنها لفظة حي تشترك فيها القبيلة والحي من سائر الحيوان المتصف بالحيـاة،

.)٢("وإذا تفقدت أبيات المعاني ال تخرج عن هذه األسباب الثالثة:قال

كما أظهرت ذلك التقسيمات العديدة أنماط الغموض عن )هـ٤٥٥(ة جابن فور تحدث و

جاء حديثه عنها من خالل شعر أبي الطيب المتنبي ،من غير أن تقتصـر ذ إ ، لتلك األنماط لديه

؛لكن لم تصلنا كل تلك التقسيمات بسبب سقوط بعض أوراق مخطوطته كما قال محققها عليه ،

: ثالثة رئيسة ،ولكل منها أقسام عدة أنماط في حصرها٢ إذ

.٨،ص�4ج_ س�'0 ح�5��p @8 ، :ان=4) ١( .٢٦٧_٢٦٦،ص٢ج،��4وان@ '& ر0�H اا )٢(


٣٣

ولهذا النمط أقسام ، )لفظ غرابة ال(هو ما صدك جهل غريبه عن تصور غرضه : األول النمط

.ولفظ مستشنع ما ال يتضمن غير كالم مهجور ،:وصلنا منها األول فقط وهو ثالثة ،

.اإللغاز الصريح :وهو لم يصلنا منه سوى القسم الرابع ، : الثاني النمط

تقـديم أو أو حذف من اللفظ ، ما عماه إعرابه لمجاز فيه ، :وهو وال أقسام له ، : الثالث النمط

وقد جاءت هذه األسباب ضمن حديثه عن األمـور التـي تسـتبهم ، )١(وتأخير سوغه اإلعراب

.معانيها على األذهان

وهكذا عزا ابن فورجة خفاء المعنى أو احتجابه في النوع األول إلى البنـاء الخـارجي للـنص

ء في النوع الثـاني الشعري وما يشتمل عليه من غريب أو حوشي األلفاظ ، بينما عزا هذا الخفا

بالدرجة األولى إلى البناء الداخلي أو الخيالي ، وما يفرض هذا البناء مـن عالقـات وأوضـاع

داللية يقضي بها المجاز ، وأوحى بقبوله لهذا النوع ألن له ما يسوغه وبذلك يكون قد اتفق مـع

١.الجرجاني فيما ذهب إليه

ـ ٤٦٦(ابن سنان الخفـاجي ط فهو أما الناقد الذي فصل الحديث عن هذه األنما ،إذ ) هـ

وقد جعل ابن سنان ، بالمعنى ،وثالثة تتعلق بالتركيب تتعلق باللفظ وأخرى تتعلق قسمها إلى أنماط

:جلها يغمض الكالم على السامع ستةاألسباب التي أل

. ، واثنان في المعنى في تأليف األلفاظ بعضها مع بعضواثناناثنان منها في اللفظ بانفراده،

:وتفصيل ذلك كاآلتي

:أنماط الغموض في اللفظ المفرد

.االشتراك اللفظي_٢. غرابة الكلمة_١

)١(4ssss=اد ،ط : ان-ssss�'،��%��jون ا��ssssGج��@،دار ا�-ssssا� �4ssss?ا� -ssss./ 0ssss��12، `Sssss\ا� @ssss'أ Vssss�/ `Sssss\ا�، -ssss8أح &ssss' -ssss81�،ر�ج�<% &ssss'٢ا ، .٤١_٣٥م،ص١٩٨٧


٣٤

:أنماط الغموض في التراكيب و

. إغالق النظم _٢. فرط اإليجاز _١

:وأنماط الغموض في المعنى

.دقة المعنى _١

١.)١() األصول التي تبنى عليها الفروع(معنى إلى مقدماتأن يحتاج في فهم ال_٢

:ويفرق القاضي الجرجاني بين ضربين من الغموض

.ضرب علته غرابة اللفظ لبعد العهد به وهو خارج عن باب الغموض المقصود _١

:أما الضرب الثاني وهو المقصود ما كان في المعنى ذاته مع وضوح األلفاظ ،كقول األعشى_٢

األميرا أطاع القناة صدر د البال في الفتى هادي انك إذا

فهذا البيت سليم النظم من التعقيد ،وبعيد لفظه عن االستكراه ،وال تشكل كل كلمة بانفرادها علـى

.العامة،ولكن إذا أردنا الوقوف عند مراد الشاعر فإن هذا الوقوف محال وممتنع

إن الفتى إذا كبر فاحتاج إلى لـزوم العصـا :"ذا البيت فيقول ويفسر القاضي المعنى المقصود به

٢.)٢(" أطاع لمن يأمره وينهاه ،واستسلم لقائده،وذهبت شرته

آخر أطلقوا عليـه فـي نمطا ،الغموض ه األنماط من وقد تناول النقاد ،باإلضافة إلى هذ

والتشـبيهات كاالسـتعارات ة ويتعلق فيه األمر بالصور البالغي ، بعض األحيان التعقيد المعنوي

).٣(البعيدة

�ج@، ص:ان=4) ١(\Oن ا�� .٢٦١_٢٥٩ا'& س<�q@ ا�!4ج�ن@ ) ٢(� .٣٤٦ ص،ا�� %@ H"4 أ'@ 82�م وا'& /]�م c]:ان=4 2\]�5 ا��8>ض %@ ا�]>رة ) ٣(�.M2 دراس�، �-�.!@،ن=4�� ا�18�آ�ة %@ ا�<�- ا�"4'@ ا�

.١٣٢ص_١١٣م ، ص١٩٨٠، ١ا�4و�@ وا�S8<.@،دار ا�� ا�"4'@ ،ط


٣٥

إذ أقاموا فروقا دقيقـة بـين مسـتويات كانوا شديدي الوعي بظاهرة الغموض نقادنا القدماء إن

من خالل المصطلحات العديدة التـي اسـتخدموها يظهركما ،المعنى من حيث الخفاء والتجلي

لـم يكـن هنإ إذ ، الجزئيةار ولكن هذا الوصف لم يخرج في عمومه عن إط ، الغموضلوصف

دون أن يتم الربط بينهمـا وبـين البنـاء الكلـي للقصـيدة ، ينصب إال على البيت أو البيتين ،

.فالغموض كان ينظر إليه بهذا الشكل التجزيئي

:ومن المالحظات التي تسجل في دراسة القدماء للغموض

.إن الغموض أصبح يرادف الخروج على عمود الشعر العربي _

لم يكن الغموض عند أغلب النقاد أساسا للجودة ،ولعل ذلك يعود إلى أن لفظ الغموض اكتسـب _

.معنى أقرب إلى السلبية منه إلى اإليجابية

هناك مصطلحات كثيرة أدرجها النقاد تحت باب الغموض وهي ال تنفك عن ضـروب البيـان _

.سيرات ويحتمل تأويالت عديدةوالبالغة ،خاصة إذا كان النص متعدد المعاني ومختلف التف


٣٦

الفصل الثاني الغموض عند حازم القرطاجني

.أنماط الغموض_ .طرق إزالة الغموض_ .أنواع الغموض_


٣٧

:أنماط الغموض

قضـية الدراسة التي يمكن أن توصف بالدقة والعمـق واالستقصـاء فيمـا يخـص إن

التي قام بها حازم القرطاجني الذي تجمعت في ثقافته الروافد العربيـة هي ، في الشعر الغموض

حيث يذهب حـازم ،وذلك في كتابه المشهور منهاج البلغاء وسراج األدباء ) ١(واليونانية جميعا

إلـى ) ٣("صرفوا النقص " قد )٢( " المحركة غابت عنهم أسرار الكالم وبدائعه "إلى القول بأن الذين

ولذلك فهم ال يفهمـون إال الكـالم الـذي )٤(" بالحقيقة راجع إليهم موجود فيهم والنقص"الشعر

صوروه في صورة الشعر من جهة الوزن والقافية خاصة،من غير أن يكون فيه أمر آخر مـن "

.)٥("األمور التي بها يتقوم الشعر

التـي األنمـاط فهو يعد ال يحيد عن معيار الوضوح في المعاني ، غير أن القرطاجني

بعدما فصـل لذلك انبرى ، سلبية في القصيدة أنماطا يتولد عنها الغموض التي فصل فيها القول ،

لتقديم النصائح وإعطاء الحيل التي يمكن بها التخفيف من حـدة الغمـوض أو القول في األنماط

هميـة أ تحصـر تـي ال ،تلك النظرة وهو بذلك يعد مكرسا للنظرة النفعية للكالم الشعري ،إزالته

هو أولى األشياء بأن يجعل دليال على "القرطاجني فالكالم كما يرى في اإلفادة واالستفادة الكالم

المعاني التي احتاج الناس إلى تفاهمها بحسب احتياجهم إلى معاونة بعضهم بعضا على تحصـيل

كلم يبتغي إمـا المضار وإلى استفادتهم حقائق األمور وإفادتها وجب أن يكون المت وإزاحةالمنافع

١.)٦("إفادة المخاطب ،أو االستفادة منه

داللة إيضاح وداللة :ذهب القرطاجني إلى أن الداللة على المعاني تكون على ثالثة أضرب و

.٥٣٩ ،ص،م١٩٨١، دار الثقافة ،بيروت ،لبنان، ٣تاريخ النقد األدبي عند العرب،ط إح,�ن /.�س،)١(�ج<@ ،ص) ٢(k4� .١٢٤ا� .١٢٥ن\,W،ص) ٣( .١٢٥ن\,W،ص) ٤( .١٢٥ن\,W،ص) ٥( .٣٤٤ن\,W،ص )٦(


٣٨

١( ا ونادى باالبتعاد عن اإلغماض حرصا على اإلبانةإبهام وداللة إيضاح وإبهام مع( .

:والداللة الغامضة تتولد على ثالثة أنماط

.غموض المعاني__١

.غموض األلفاظ_٢

١.)٢( غموض األلفاظ والمعاني معا_٣

: غموض المعاني _ ١

:يرى القرطاجني أن الغموض الذي يرجع إلى المعاني في حد ذاتها ،يرتد إلى األسباب التالية

و يجب لمـا ،)٣("يكون المعنى في نفسه دقيقا ،ويكون الغور فيه بعيدا "وذلك بأن :دقة المعنى _١

يجهد في تسهيل العبارة المؤدية عن المعنى وبسطها حتـى يقابـل خفـاؤه "كان بهذه الصفة أن

.)٤("بوضوحها ،وغموضه ببيانها ،حتى تبلغ الغاية المستطاعة في ذلك

فالمعنى الدقيق يحتاج إلظهاره وتجليته إلى أن يعبر عنه بألفاظ واضحة حتى تجلي هذه األلفاظ

به من غموض؛ذلك ألن مصدر غموضه راجع لدقته في أصله ،األمر الذي يجعل فهمه ما لحق

.مقصورا غالبا على من يحسن الفهم واالستنباط

:ومن أمثلة النقاد على المعنى الدقيق قول أبي نواس

حكم من النفس شقيق يا اختمرت التي الخمر فاسقني

أنم لمو ليلي عن نمت الرحم في الشيب بخمار

معنى مخترع لم يسبق إليه وهو دقيق يكاد لدقته أن يلتحق بالمعاني التي تستخرج من غير "فهذا

.)٥( "شاهد حال متصور

�ج<@، ص)١(k4� .١٧٢ ا� .١٧٢ن\,W،ص) ٢( .١٧٢ن\,W،ص) ٣( .١٧٨ن\,W،ص ) ٤()٥ ( 4�{Q٣٠٧،ص١ ،جا'& ا.


٣٩

ودقة المعنى في هذا البيت تعود إلى االختالف الحاصل في فهم المعنى المراد من قولـه خمـار

: الشيب في الرحم

.الخمر تكون في جوانبها ذات زبد أبيض على وجههاأي أن _

.)١(م أول ما يجري فيه الماء يخرج شبيها بالقطنة وهي أصل العنقودر إن الك_

يكون المعنى مبنيا على مقدمة في الكالم قـد صـرف " الذي يحصل عندما :اضطراب المعنى _٢

. أي عدم تبين المعنى بسبب االستطراد)٢("الفهم عن التفاتها بعد حيزها من حيز ما بني عليها

:ومثال ذلك قول أبي تمام

هتان التعداء هطل وسابح قوائمه تظمأ ولم الفصوص أظمى فلق والحصى مشيحا تراه فلو

حافره أن تثبت لم إن حلفت

خوان غير ينأم الجراء على ريان ظمآن في عينيك فخل ووحدان مثنى من السنابك تحت عثمان وجه من أو تدمر صخر من

لو صك بوجهه: فبينا يصف قوائم الفرس خرج إلى هجاء عثمان، وهو من قول األعرابي"

١.)٣(" سرقهاالحجارة لرضها، ولو خال بالكعبة ل

المعنـى يشـتمل أن " استخدم القرطاجني مصطلح التضمين لغير معنى ،فهو :تضمين المعنى _٣

به إليه ،فيكـون فهـم المعنـى به على ذلك ومشار ل أو محا تاريخي رب أو خ يعلى معنى علم

مثـل ،أو متوقفا على العلم بذلك المضمن العلمي أو الخبري ،أو يكون المعنى مضمنا إشارة إلى

سالف بالجملة يجعل بعض ذلك المثل أو البيت جزءا من أجزاء المعنى ،أو غيـر بيت أو كالم ،

.)٤("ذلك من أنحاء التضمين

.٣٠٧،ص١ا'& اQ}�4 ،ج: ان=4 )١(�ج<@ ،ص) ٢(k4� .٣٣١ا� .٣٩٩،صأ'> ه+ل ا�",?4ي ) ٣(�ج<@ ،ص) ٤(k4� .١٧٣ا�


٤٠

ضم بيت :وقد استخدمه ليدل به على األخذ أي )١("وضع المعاني الكثيرة في األلفاظ القليلة "وهو

لبيت عن قصد قائله إلى قصد الشـاعر لشاعر إلى أبيات أخرى لشاعر آخر ،مما يصرف ذلك ا

:ومن هذا النوع تضمين بعضهم قول مهلهل "المضمن

بالذكور تقرع البيض صليل بحجر من أسمع الريح فلوال

أبيات هجاء ،فصرف البيت إلى غير مقصد مهلهل حيث وجد األلفاظ المشتركة صالحة ألن يدل

.)٢("بها على ذلك

فال يخلو األمر من أن تكون الكلمة الواقعة فيها القافية غيـر :"عناه العروضي حين قال وذكره بم

،بمعنى أن هذه الكلمة لو افتقـرت إلـى )٣("مفتقرة إلى ما بعدها ،وهو المستحسن على اإلطالق

.غيرها على سبيل التضمين لم يكن ذلك حسنا

ب على المتلقي فهمه ،خصوصـا إذا إن تضمينات الشعراء عادة ما تكسب الشعر غموضا ،يصع

.لم يتحصل على مرجعيات تلك التضمينات

الواجب أال يسـتعمل فـي "لذلك يدعو القرطاجني الشعراء إلى تحاشي التضمين ذلك أنه من

الشعر من األخبار إال ما شهر ،وأال يستعمل من معاني العلوم والصنائع ،وال شيء من عباراتهم

.)٤(" مبنيا على ما هو خارج عن تلك العلوم والصنائعإذا كان تضمين الغرض

قد وضعت صور التركيب الـذهني " بأن يكون المعنى أن يأتي الكالم على غير ما هو مألوف _٤

١.)٥("في أجزائه على غير ما يجب ،فتنكره األفهام لذلك

�ج) ١(k4� .٢٠٩<@ ،صا��ج<@ ،ص) ٢(k4� .٣٣١ا� .٢٧٦ن\,W،ص) ٣( .١٩٠ن\,W،ص) ٤( .١٧٣ن\,W،ص) ٥(


٤١

:ومن ذلك قول أبي تمام

أثقل عبأيه أي دهرا رلفك شطره الدهر حمل لو ما تحملت

هـذه ين أثقل، وما معنى أبعد من الصـواب مـن فجعل للدهر عقال، وجعله مفكرا في أي العبأ "

: أن يقـول بهذا المعنى لما قال تحملت ما لو حمل الدهر شطره ق واأللي هبشاالستعارة، وكان األ

المعـاني فـي ونوازله، ونحو هذا مما يعتمده أهل ، أو ألمن الناس صروفه لتضعضع، أو النهد

.)١("البالغة واإلفراط

،كأن يكون المعنى جزءا من معنى أشمل ،فينصرف القـارىء أو تعدد االحتماالت في المعنى _٥

يكون بعـض ممـا " المعاني األخرى ،تاركا المعنى المتوخى أو بتعبير القرطاجني أن إلىالسامع

.)٢( "االحتماالتأنحاء من النصراف الخواطر في فهمه إلىيشتمل عليه المعنى مظنة

:يجري على هذا النهج من الشعر قول أبي الطيب في قصيدة يمدح بها كافورا

ورده الطير يعجز بماء شربت فربما منك أملت ما نلت فإن

غير نظر إلى ما قبله فإنه يكـون بالـذم وإذا أخذ بمفرده من ،فإن هذا البيت يحتمل مدحا وذما "

وصدر البيت مفتتح بإن الشرطية وقد ، ألنه يتضمن وصف نواله بالبعد والشذوذ ؛أولى منه بالمدح

أجيب بلفظة رب التي معناها التقليل أي لست من نوالك على يقين فإن نلته فربما وصـلت إلـى

ذا البيت دل على المدح خاصة الرتباطـه مورد ال يصل إليه الطير لبعده وإذا نظر إلى ما قبل ه

. )٣("بالمعنى الذي قبله١

.٢٧١،٢٧٢، ص١ا��-ي، ج) ١(�ج<@،ص) ٢(k4� .١٧٣ا� .٥٢،ص١ا'& اQ}�4 ، ج) ٣(


٤٢

:ومن إبهام العرب قول رجل من بني عبد شمس بن سعد بن تميم طويل

أسابقي فقلت وهنا تضيفني بقفرة ضيفا للسعدي تلق ولم

األصابع يدي من شلت الزاد إلى جائع صديان ووه إال األرض من

فإن ظاهر الشعر مبهم معناه، فيظن سامعه أنه أراد ضيفا من البشر، فيكون قد هجا به"

.)١(" وهو فخر محضقفر رحله في الليل وهو باليشنفسه، وإنما هو يصف ذئبا غ

وكلما كانت األوصاف في مثل هـذا مؤتلفـة مـن "اشتراك المعاني في جملة من األوصاف _٦

.)٢(" الشيء البعيد لم تتهد األفكار إلى فهمه إال بعد بطء أغراض

:مثال ذلك قول أبي تمام

مظلم شيء كل منها وأضاء دونها شيء كل فأظلم ولهت

فإن الوله والظلمة واإلضاءة كل ذلك مفهوم المعنى لكن البيت بجملته يحتاج فـي فهمـه إلـى "

والمراد به أنها ولهت فأظلم ما بيني وبينها لما نالني من الجزع لولهها كما يقول الجازع استنباط

أظلمت األرض علي أي أني صرت كاألعمى الذي ال يبصر وأما قوله وأضاء منها كـل شـيء

.)٣("مظلم أي وضح لي منها ما كان مستترا عني من حبها إياي

:وكذلك قول أبي عبادة البحتري في منهزم

(*)السهب ذلك بكرة الصديق وكان عدوه ظهرا عاد سهبا سار إذا١

والصديق كل ذلك مفهوم المعنى لكـن البيـت بمجموعـه ودر والع هفإن السير والسهب والظ "

خلفه مكروها يحتاج معناه إلى استنباط والمراد أن هذا المنهزم يرى ما بين يديه محبوبا إليه وما

.٥٩٨_٥٩٧ص ، ا'& أ'@ اQص._)١(�ج<@، ) ٢(k4� .١٧٣ا�)٣ (،4�{Q٨٣،ص١ جا'& ا.

�د 4Yuا /(*) / �.Yر س� -و�� وآ�ن ا�]-�0 9-وة ذz� ا�,CY إذا س


٤٣

عنده ألنه يطلب النجاة فيؤثر البعد مما خلفه والقرب مما أمامه فإذا قطـع سـهبا وخلفـه وراءه

.)١("صار عنده كالعدو وقبل أن يقطعه كان له صديقا أي يطلب لقاءه ويحب الدنو منه

ـ "وذلك عندما يكون المعنى :اإلشارة_٧ اني قد قصد به الداللة على بعض ما يلتزمه مـن المع

ويكون منه بسبب ،على جهة اإلرداف أو الكناية عنه أو التلويح به إليه ،أو غير ذلك ،وكلما كان

١.)٢("الملتزم بعيدا كان المعنى بعيدا عن الفهم

: قول امرئ القيس اإلردافلاومث

هيكل األوابد قيد بمنجرد وكناتها في والطير أغتدي وقد

بأردافـه ما أراد أن يصف هذا الفرس بالسرعة وأنه جواد، فلم يتكلم باللفظ بعينـه، ولكـن فإن"

الوحـوش، بعها أن تكون األوابد، وهـي تولواحقه التابعة له، وذلك أن سرعة إحضار الفرس ي

.كالمقيدة له إذا نحا في طلبها

ـ ألوابد، وإنما من قيد ا أولهو : والناس يستجيدون المرئ القيس هذه اللفظة، فيقولون بهـا زاع

االستجادة لقولـه الداللة على جودة الفرس وسرعة حضره، فلو قال ذلك بلفظه لم يكن الناس من

.)٣(" مثلهم عند إتيانه بالردف له

:ومن الكناية قول أبي تمام

تتهدم أطوادكم أرى مالي الثرى يبس ترابكم رأيت مالي

.٨٤ ، ص١ ا'& اQ}�4، ج)١(�ج<@، ص)٢(k4� .١٧٣ ا� .١٥٨ c-ا�� '& ج"\4، ن�- ا�G"4، ص)٣(


٤٤

الذي الود تنكر إذا فالن وبين بيني الثرى يبس تقول البين ذات تنكر عن كناية الثرى فيبس" ١

.)١(" العقول وطيش الحلوم خفة عن كناية فإنه األطواد تهدم وكذلك وبينه بينك

:ومن التلويح، قول المجنون قيس بن معاذ العامري

عالنيا حتى واإلبرام النقض بي يزل فلم ليلى حب أعلو كنت وقد٢

"افلوح بالصحة والكتمان ثم بالسقم واالشتهار تلويح٣)٢("ا عجيب.

:غموض األلفاظ _ ٢

: إلى العوامل التالية غموض األلفاظ القرطاجني يعزو

فيعرض من ذلـك أال يعلـم قبيل المشترك اللفظي أو من )٣( أن يكون اللفظ حوشيا أو غريبا _١

ما يدل عليه اللفظ ،أو أن يتخيل أنه دل في الموضع الذي وقع فيه الكالم على غير ما جيء بـه

.للداللة عليه فيتعذر فهم المعنى لذلك

ضمن حديثه عن األلفاظ التي توقع في المعاني حده مفهوم المشترك اللفظي ،إذ وحدد القرطاجني

لفاظ المشتركة فتدل على معنيين أو أكثر ،ال في ومن ذلك أن تكون اللفظة أو األ :"فقالغموضا ،

حال واحدة ،فيجب للناظم أن ينوط باللفظة أو األلفاظ التي بهذه الصفة من القرائن مـا يخلـص

.)٤("معناها إلى المفهوم الذي قصده حتى يكون المعنى مستبينا ،وذلك حيث يقصد البيان

:ول الحارث بن حلزة ويضرب القرطاجني مثاال على المشترك اللفظي ق

الوالء وأنا لنا موال ر يـالع ضرب من كل أن زعموا

.١٩٥، ص٢ا'& اQ}�4 ،ج) ١( .٣٠٤،ص١ا'& ر0�H، ج )٢(�ج<@ ، ص )٣(k4� .١٧٣ا� .١٨٥ن\,W،ص )٤(


٤٥

فقيل أراد بالعير الوتد ،وأراد بالضاربين العرب ألنهم كانوا أصحاب عمـد ،وقيـل أراد عيـر "

ا يطفـو علـى العين،وهو ما نـتأ منها أي كل من ضرب عير عينه بجفنه ،وقيل أراد بالعير م

.)١(" الحوض من األقذاء ،وأصله التشديد وهو العائر والعير ،فخفف كما قيل هين وهين

وجود قرينة تسهم في رفع اللبس عن األلفاظ المشتركة بمـا إذن القرطاجني يدعو إلى ضرورة

ما يرشد متعددة، وليس هناك األلفاظ المشتركة المعاني التي يمكن أن تفيدها يحدد قصد المبدع ،ف

.المعنى الذي يرمي إليه الشاعر إلى المتلقي

:قول امرىء القيس بن حجراللفظ الحوشي ومن

سنق ونيكس ناءنما سسرت وجير بمدالج ذعوض الهنه

هو بيت مسجدي، يريد من: فإن هذا على ما ذكر لم يعرفه األصمعي وال أبو عمرو، وقال"

.)٢("نيق جبل وسنم هي البقرة، فأما السن فالثورسوقال غيرهما . المسجدعمل أهل

:وأما اللفظ الغريب فكقول ذي الرمة

٣(واعتدالها لينها طوسعصا عس(

: أن يقول وقد كان يمكن ذا الرمة ، وقيل إنه الخيزران ،..وفي عسطوس ضروب من العيوب "

بكالمهم العامة حتى يتساوى في الجهل غراباإلعصا خيزران، وإن كان هؤالء الشعراء أرادوا

.)٤(" وأكثر الخاصة

١ .)٥(أن يقع في الكالم تقديم وتأخير_٢

�ج<@، ص)١(k4� .١٨٥ ا��ج@، ص) ٢(\Oن ا�� .٧٤ا'& س<)٣(�Y�ا-S/وا �Y>�� س<c ��c �[/ Wء آ{ن�� /�V أ�4 �<�-� ا�"\ .٧٥ا'& س<�ن ،ص) ٤(�ج<@ ،ص) ٥(k4� .١٧٤ا�


٤٦

:قول عروة بن الورد العبسىومثال ذلك

تروحوا الكنيف في لقوم قلت بنفوسكم تبلغوا أو الغنى تنالوا

رزح ماوان عند بتنا عشية مبرح حمام من مستراح لىإ

ففصل بـين قلت لقوم رزح في الكنيف عشية بتنا عند ما وان تروحوا تنالوا الغنى : ألن تقديره "

.)١("الصفة والموصوف واألمر وجوابه

. )٢( فيصير الكالم مقلوباأن يتخالف وضع اإلسناد_٣

هذا باب المسند والمسند إليـه، :ل سيبويه ساندت الرجل مساندة إذا عاضدته ،وقو "يقال في اللغة

.)٣("المسند هو الجزء األول من الجملة ،والمسند إليه هو الجزء الثاني منها

والمعنى الذي يقدمه القرطاجني لإلسناد قريب من معناه اللغوي ،لكن شرط أخـذ الكلمـة مـن

نحـو قـول )٤( ما اشتق منه فأما إسناد الفعل إلى :"األخرى ،إيرادهما معا في سياق واحد ،يقول

:المتنبي

الذعر ذعر أم الموت؟ أمات تقول تركتها حتى باآلفات تمرست

.)٥("ال يتهدى إليه إال بعض الشعراء "ويرى القرطاجني أن مسألة إسناد الفعل مما

ـ :" قائال يحدد القرطاجني القلب و رض الكـالم عـن مقصـده هو أن يكون المعنى متحرفا بغ

الواضح، معدوال إليه عما هو أحق بالمحل منه ،حتى يوهم المعنى أن المقصود به ضد ما يـدل

١.)٦("عليه اللفظ المعبر به عنه

�ج@ ،ص)١(\Oن ا�� .١٢٥ ا'& س<�ج<@ ، ص) ٢(k4� .١٧٤ا� .ا'& �<=>ر،��دة س<-) ٣(�ج<@ ، ص) ٤(k4� .٣٦٩ا�)٥ (��ج<@ ،صا�k4٣٦٧. .١٧٩ن\,W،ص) ٦(


٤٧

:الشاعرقول ك

الرجم فريضة الزناء كان كما تقول ما فريضة كانت

:وإنما الرجم فريضة الزناء، وكقول الفرزدق يصف ذئبا

فأتاني موهنا بناري دعوت صاحبا كان وما عسال طلسوأ

.وإنما النار رفعها للذئب

وفي سعة الكالم مندوحـة " فاسد في الكالم وخطأ في العبارة مذهب ويرى القرطاجني أن القلب

.)١("عن المذاهب الفاسدة

حاء العرب نهجوا هذا المـنهج فـي القلب ظنا منه بأن فص ويذكر القرطاجني أن الشاعر يقصد

شعرهم ،وأصبح عادتهم وديدنهم في التعبير عن بنات أفكارهم ،فسلكه وجعله لنفسه مذهبا، وقـد

وكان الشاعر قد عدل عن األشهر إلى األخفى ،إما اضطرارا إلى ذلـك ،أو " قوله تمثل ذلك في

،فهم الكالم على خالف ما قصده القائل قصدا إلى االفتتان في معاني الكالم واالتساع في مذاهبه

ورأى العبارة ال تدل على ما فهم إال بعد القلب ،فظن أن هذا المذهب في الكالم لمن يأتم به ،وأن

للشاعر أن يعبر عن المعنى بما ال يدل عليه إال بعد القلب ،ويكتفي بما يسبق األفهام فـي ذلـك،

١ ..) ٢("فيجعل ذلك مذهبا له فيخطىء فيه

القرطاجني كثرة استخدام القلب في شعر الشاعر حتى يكون له مذهب وعادة مما غلط به لقد عد

المتأخرون من الشعراء ،حينما ظنوا أن لجوء من لجأ إلى القلب من المتقدمين ألسـباب خاصـة

بعـد القلـب، به، مذهب في الكالم وأسلوب ،وللشاعر أن يعبر عن معانيه بما ال يدل عليها إال

�ج<@ ،)١(k4� .١٧٩ ا� .١٨٠ن\,W،ص) ٢(


٤٨

وهذا الظن ،كما يقول القرطاجني ،من الشاعر المتأخر أوقعه في الخطأ ؛ذلك ألنه أكثر من القلب

.في شعره حتى أصبح له سمة وأسلوبا

. )١("عند السماع وال يقاس عليه"لذا يوقف بمثل هذا األسلوب ،

. بين الكالمينفتخفى جهة التطالب)٢(أن يفصل بين أجزاء العبارة بقافية أو سجع _٤

بحيث تخفي وجوه اإلسناد بين عناصرها ،وال سـيما إذا وقـع فـي إفراط العبارة في الطول _٥

١.فتتسبب بذلك في الغموض )٣( وتخللتها فصولالكالم اعتراضات

:كقول الشاعر

عقل قد الشمس ظله حتى الغرب إلى ظله الشمس مطلع وشخصي نظرت

أي حاذاهـا،وعلى هـذا :أراد نظرت مطلع الشمس وشخصي ظله إلى الغرب حتى عقل الشمس "

التقدير فقد فصل بمطلع الشمس بين المبتدأ الذي هو شخصي وبين خبره الجملة،وهو قوله ظلـه

وأمثاله مما يفسد المعاني إلى الغرب، وأغلظ من ذلك أنه فصل بين الفعل وفاعله باألجنبي، وهذا

.)٤(" تالالويورثها اخ

:وقول الشاعر

ألت فلواة سرس يى الحلمس قومي أحساب ذوو لخبرها

زماني بي تلون قد أن على بالني قد فكل وأعدائي

سـراة وجوابها وهو من فائق االعتراض ونادره وتقديره فلـو سـألت وهذا اعتراض بين لو "

أي وفائدة قوله على أن قد تلون بي زمان "ذوو أحساب قومي و أعدائي"الحي سلمى لخبرها

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٧٩ ا� .١٧٤ن\,W،ص) ٢( .١٧٨ن\,W،ص) ٣( .١٧٩،ص٢ا'& اQ}�4 ،ج) ٤(


٤٩

أنهم يخبرون عني على تلون الزمان بي يريد تنقل حاالته من خير وشر وليس من عمه الزمان ج

وأبان عن جوهره كغيره ممن لم يجع١("ه وال أبان عنه م(.

: ومن ذلك قول أبي تمام

ظت لو لي الغنى إنطالبي لحم ر منفي إال الشع ديحكم عأطو

وخبرها وتقديره وإن الغنى أطوع لـي مـن " إن " اعتراضان األول بين اسم وفي هذا البيت "

إال "وأما االعتراض الثاني فقوله " إن لحظت مطالبي " الشعر فاعترض بين االسم والخبر بقوله

فجاء بالجملة االستثنائية مقدمة وموضعها التأخير فاعترض بها بين الجملة التي هي " في مديحك

خبر إن وتقدير البيت بجملته وأن الغنى أطوع لي من الشعر إن لحظت مطالبي إال في مـديحك

راد بـه من االعتراض الذي اكتسب به الكالم رقة فائدة حسنة والم " إال في مديحك " وفائدة قوله

وصف جود الممدوح باإلسراع ووصف خاطر شعره باإلسراع إذا كان في مدحه خاصـة دون

١ .)٢(" غيره فهذا االعتراض يتضمن مدح الممدوح والمادح معا

أن ترد العبارة التي يقصد انفصال بعض أجزائها عن بعض في صورة المتصـلة وأن يـرد _٦

.المتصل في صورة المنفصل

: وإن لم يذكر هذا المفهوم بلفظه مباشرة ،إذ قـال )٣(حدث عن مفهوم لحن القول إن القرطاجني يت

ومن ذلك أن تكون الكلمة قد فصلت بحرف أو حذف منها حرف فتتصل بكلمة يحتمل لفظها أن"

.١٧٦،ص٢ن\,W،ج) ١( .١٧٦، ص٢ا'& اQ}�4 ،ج) ٢()٣ (8� ��ه4 ا�!4ج�ن@ ا�Xي ج"�W �4اد%��c- /.- ا�>��ص 'p `�M[8ا ا�X��8 ه"Sل وا�<��ل /& ح- �1& ا�c �8� إ��M[": V` ا�S"��8 ح�<8Y�% -8"S�أن

�را.Spوا �1�نS�4ف ا"��]�4 ا�8"�>م ا4Mqارا ، VSد ح<[��ء ا�8\pإ." 4/�Gل ا�<��L '41ف: آMن �� Wوا�� +% @>S8��?% ->ب ه� �4رت '.

�ه4 ا�!4ج�ن@ ،أس4ار ا�.+�9� .٣٤٢، ص/.- ا�


٥٠

يكون الحرف الموصول باألول داخال عليها ،أو من جملة حروفها ،أو يكون قد دخل على الثانية

لألولى ،أو تتمة لما نقص منها فيعرض من هذا فهم الكالم على غيـر حرف يخيل لك أنه صلة

.)١("وجهه ٢:ومن هذا ما روي من أن األصمعي أنشد يوما "١

ونالوا منهم نلت ما وسواء منهم نلت الذي مثل ينالوا لم

ـ :ال ندري قال :كيف أوجب في آخر البيت ما نفى في أوله ؟فقالوا :ثم قال ألصحابه تكم قـد أجل

نالوا مثـل :إنما هو لمي ترخيم لمياء ثم قال :فيه شهرا ،قالوا لو أجلتنا فيه سنة ما علمناه ،فقال

.وليس ينفي على ما يتوهم سامعه فهذا إيجاب أنهم نالوا ، الذي نلت منهم ،

فيجب أن يتحفظ في الكالم المقصود به البيان نحو وقوع تلك الحروف التي يسبق الوهم إلى أنها

.)٢( "إلى غير الحيز الذي استندت إليه مستندة

إن فهم المعنى بالبيت السابق،مرهون بتفطن المتلقي لمواطن الفصل والوصل ،وإال بقي المعنـى

أسيرا للغموض المغلق ،وال يقتصر األمر على الخفاء وإنما يصل اإلشـكال لجـوهر المعنـى

.ليستهلكه ،ويمنع المتلقي من الوصول إليه

مستهلك للمعاني ،وحاجب لألفكار عن حقائق المقصود " أنه عن هذا النمط القرطاجنيك قال ولذل

).٣("من الكالم

معنى غامض وعبـارة مسـتغلقة ،فغموضـه " القول بأن كل إلى بعد ذلك يخلص القرطاجني و

مـا أو إلـى واستغالق عبارته راجعان إلى بعض هذه الوجوه المعنوية أو العبارية أو إليهما معا

�ج<@ ، ص) ١ (k4� .١٨٦ا� .١٨٦ن\,W ، ص) ٢ ( .١٨٧ن\,W ، ص) ٣ (


٥١

ويبلغ الشاعر أقصى درجات الغموض عندما يجمع بين غمـوض ،)١("ناسبهما وجرى مجراهما

.األلفاظ والمعاني في آن واحد

:غموض التراكيب _ ٣

. )٢( المعاظلة المعنوية_١

هو االختصار وعدم اإلطالة ،وتأدية المعنى بأقـل مـا يمكـن مـن : اإليجاز:فرط اإليجاز _٢

.)٤(واإلضمار لقرطاجني عنه أحيانا بمصطلح االقتصاد ،وقد عبر ا)٣(كلمات

،وهما معروفان قبله ،وإذا )٥(إيجاز القصر ،وإيجاز الحذف : ومن أنواع اإليجاز عند القرطاجني

. وهو مستقبح مسترذل)٦(بولغ في الحذف والقصر،يدخل القائل فيما أسماه حازم فرط اإليجاز

:من خالل تعليق القرطاجني على قول الخنساء ويلمس هذا االستقباح لفرط اإليجاز

إنخرا ونا لوالينا صديسو إنخرا ولتأت صداة به ماله

إنخرا ونشتوا إذا ص ارلنح كأنه لمأسه في عر نار

من بداية البيت الثاني ،لكـان البيـت وإنه لتأتم الهداة به فأضمرت أي أخفت صخرا :"ولو قالت

.)٧("ناقصا مفتقرا ،فإنما أظهرت لفظ صخر ثانيا وثالثا تباعدا بالكالم عن االفتقار

ينتقل إلى توجيه النصائح وتقديم األنماط من الغموض، وبعد أن يفرغ القرطاجني من تحليل هذه

١.الحيل التي تزيل الغموض ،أو تخفف منه

�ج<@،ص )١(k4� .١٧٤ا��ج<@ ،ص:ان=4 ) ٢(k4� .،وا�8"��u ا�8"<>�� 2>ازي �]�M` ا��١٨٧Cا� .٧٣ن\,W،ص) ٣(8�ر ص:ان=4) ٤(qfا،W,\د ص٢٧٨_٢٧٧ا�8]-ر ن�[Scx٧٥ ، ص٧٤ ، ص٧٣،وا. .١٧٤ن\,W،ص) ٥()٦ (،W,\١٧٤صن. �ج<@،�]-ر س�'0،ص) ٧ (k4� .٢٧٨ا�


٥٢

الغموض الذي يحدث بسبب المعنى نفسه،وبسبب العبارة على السواء ،فلم وأما ما يخص

يفرده القرطاجني بالحديث ،ألنه معروف ضمنيا ،إذ المقصود به ما تضمن بعض العيوب التـي

.تتصل بالمعنى وبعض العيوب التي تتصل بالعبارة مما جرت اإلشارة إليه

التي تؤدي إلى الغموض سـواء مـا وبعد أن فرغ القرطاجني من تعداد بعض األسباب

كان منها ناشئا عن المعنى نفسه،أو عن العبارة ،شرع في إيضاح بعض الحيل التي من شأنها أن

تزيل ما يقع في المعاني من غموض ،ولم يستقص القرطاجني أنواع الحيـل وإنمـا أورد منهـا

.نماذج على جهة اإلشارة واإليماء


٥٣

:وض طرق إزالة الغم

:إزالة غموض المعاني -١

:رفع الغموض واإلشتكال في المعاني يتم،حسب القرطاجني بالوسائل اآلتيةإن

أن يحرص على اختيار العبارة السـهلة التـي ،فإن على الشاعر فإذا كان المعنى نفسه دقيقا _١

ن يقرن ذلـك تؤدي المعنى بأيسر السبل ،فإن ظل المعنى غير واضح الداللة فإن على الشاعر أ

المعنى بما يناسبه ويقرب منه من المعاني لكي تكون عونا على فهمه ألن بعـض المعـاني قـد

يلتمس العذر للشاعر القرطاجنيلكن ، ١)١(تكتسب الوضوح بما يجاورها من المعاني المشابهة لها

.)٢("في نفسه جليا ال يمكن أن يجعله"الذي يقع في مثل هذا الغموض في المعنى ألنه

وال يستكملها ،بسبب ذهولـه عـن بعـض أركـان ، الشاعر ببعض أركان المعنى يخل وقد_٢

المعنى،أو جهله بها ،أو بسبب ضرورات الوزن والقافية،فإن كان الغموض ناشئا عن ضـرورة

شعرية فإن ذلك مما يتصل بالعبارة ويتعين على الشاعر أن يزيل ذلك الغموض بأن يتصرف في

كان المجال قد ضاق على استيفاء أجزاء المعنى في بيت واحد أورده في بيـت فنون القول ،فإن

ونصف أو في بيتين ،وإن تعذر عليه استقصاء المعنى بالجملة ترك ذلك المعنـى فـإن الـنقص

.)٣(الحاصل فيه يعد قصورا من جانب الشاعر يؤخذ عليه

فإذا ،آخر ال يمكن فهمـه إال بـه ى ناتجا عن كون المعنى مرتبا على معنوقد يكون الغموض _٣

كان الكالم المرتب واقعا ضمن الكالم فيتعين على المنشىء أن يحسن الربط بين المعنيين لكـي

تتضح الصلة بينهما ،وإن كان المعنى المبني عليه خارج الكالم فإنه يتعين على المنشـىء أن ال

.)٤(بشكل جلييحيل إال على معنى مشهور ،وأن يجعل العبارة دالة عليه

.١٧٨ا�8]-ر ا�,�'0،ص: ان=4)١( .١٧٨ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢( .١٧٨ن\,W،ص: ان=4) ٣( .١٧٩ن\,W،ص: ان=4) ٤(


٥٤

حتـى يـوهم المعنـى أن ،حرفا به عن قصده ومعدوال به عن غرضـه ت الكالم م وقد يكون _٤

،وأكثر الناس يجعلون هذا النوع مـن الكـالم المقصود به ضد ما يدل عليه اللفظ المعبر به عنه

.)١("بعض الناس يتأول ما ورد من ذلك تأويال فيه سالمة من القلب "و مقلوبا

ذلك ما وقع في أبيات من الشعر حملها قوم على القلب وخرجها آخرون على وجوه يصـح منو

:الكالم عليها لفظا ومعنى ،كقول الحطيئة

حافره الحبل أثبت ما رغمه على ممسك والعير الهون خشيت فلما

،ه عن أن يتخلى عنـه وينفلـت ألن الحبل إذا أمسك الحافر فالحافر أيضا قد شغل الحبل وأمسك "

،،ولكن القرطاجني يتشدد في موقفه من هذا الضرب مـن الغمـوض )٢("فعلى هذا ليس بمقلوب

كل الكالم يمكن حمله علـى "ويرى أن يوقف به عند السماع ،وال ينبغي أن يقاس عليه ،ذلك أن

.)٣("غير القلب بتأويل ال يبعد معناه ،فليس يجب حمله على القلب

من األفضل عدم إيرادها في الشـعر فإن القرطاجني يرى : المعاني المتعلقة بأهل المهن أما_٥

،ألن منزلتها من المعاني منزلة اللفظ الحوشي الذي ال يفهمه إال األقـل (*)إذا وجد عنها مندوحة

١ : قول أبي تمام ، هذا اللون من الغموضعلى ،ومن ضمن األمثلة )٤(من خاصة األدباء

عرض معروفها جوهر وهمة شبه أثمارها ذهب مودة

فقد نهى القرطـاجني الشـعراء ، ألن الجوهر والعرض من ألفاظ المتكلمين الخاصة بصناعتهم

، استخدامها ،بسبب الغموض الموجود فيها ،وطلب منهم العدول عنها إلى المعاني الواضحة عن

زلتها من المعاني منزلة مها على المعرفة بعلم أو صناعة فمنفأما المعاني التي يتوقف فه"

�ج<@، ص)١(k4� .١٧٩ ا� .١٨١ن\,W،ص) ٢( .١٨٩_١٨٨ا�8]-ر ن\,W، ص:ان=4) ٣(

�ج<@ ،ان=4(*) k4��ب ا��1>ان، : ن.W ا�!�حl إ�V هXا c.5 ا�S٣٦٩_٣٦٨ ، ص٣جآ . .١٨٩ن\,W، ص)٤(


٥٥

وكذلك اإلحالة على ما لـم من خاصة األدباء ، اللفظ الحوشي الذي ال يفهمه إال األقل استعمال

.)١("يشتهر من األخبار

أن تكون من ن األمر ال يخلو إ على قصة ما ،ف ا ما يتوقف فهمه يوه :أما المعاني المتضمنة _٦

وإن لـم ، مشهورة أو غير مشهورة ،فإن كانت القصة مشهورة فاإلحالة عليها فعل حسن القصة

ومالحظات الشعراء األقاصيص واألخبار المسـتطرفة فـي "تكن مشهورة فإن ذلك ال يستحسن

هم بين المعاني المتقدمة والمعاني المقاربة لزمان وجودهم ،والكائنة فيها التـي أشعارهم ومناسبت

ويجب للشاعر أن يعتمد من ذلك المشـهور ر، أشعارهم مما يحسن في صناعة الشع يبنون عليها

قه على طريق التشبيه أو التنظيـر أو الذي هو أوضح في معناه من المعنى الذي يناسب بينه ويعل

ب إلى ذكره من القصص المتقدمة المأثورة بذكر قصة أو حال بسويسمى ما ت ،المثل أو غير ذلك

)٢( ."ن الشاعر يحيل بالمعهود على المأثورأل معهودة اإلحالة

،إحالـة تـذكرة ،ومحاكـاة ،ومفاضلة،وإضـراب :"إلى القصص والتواريخ أنـواع (*) واإلحالة

.)٣"(وإضافة

يكشف عن الفرق بين مجرد التاريخ والمحاكاة، "ويستخدم القرطاجني مصطلح اإلحالة المحضة ل

لوقائع ،أما المحاكاة فتركـز علـى التفاصـيل مجرد عرض مجمل ل )اإلحالة المحضة (فالتاريخ

،وقد يكون لهذا النوع من اإلحالة عالقة بما يسمى في النقد الحـديث )٤("تركيزا يفصح عن مغزى

.،فاإلحالة المحضة مختصرة ،في حين تكون محاكاة التواريخ مفصلة ١)٥(بالنص الغائب

�ج<@،�]-ر س�'0،ص)١(k4� .١٨٩ ا� .١٨٩ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢(

(*) -s>/ ي-s��ت %s@ ا��Ms[8` ا�<sدراس، `�Ms[8ت ا�x<s12و �s\c�j8ا� ، @s./Kد ا��ج<@ ،زk4�ان= @% 4��M[` اfح�� /<- ح�زم ا��%� ،اQردن ،ص٢٠٠٧ا�"4ب ، �j٢١ ،ص٩١م ،وزارة ا�.

.٢٢١ ن\,W،صا�8]-ر) ٣(�4 ،'�4وت ، ٢ج�'4 /]\>ر،�\Y>م ا�G"4،دراس� %@ ا�4Sاث ا�<�-ي،ط) ٤ (<>S٢٢٤،ص١٩٨٢، دار ا�. )٥ ( C|��]4sح 'Ws و�?<Ws :ا�<h ا�� s� �� z�Xوه> آ W>8nS� W>?و� h>آ�4 ا�X� � ��>ح@ 'W ،وه> � W>?4ة و�H�.� h>ا� W�� ه> �

�4ssss�j� . �ssss�� دراسssss% �ssss@ ج-��ssss ا�"+�ssss' �ssssc& ا�h>ssss ا�1�4ssssq وا�h>ssss ا��|، Cssss��ssss.S? أحssss8- ا�ssss./K@،ا�<h ا��|Cssss ن=4ssss��.M2و �ن@،اQردن،S?٥،ص١م،ط١٩٩٣ا�.


٥٦

وإذا أوقعـت :"حيث يقول فـي ذلـك ويخبرنا القرطاجني عن قيمة اإلحالة وأثرها في النفس ،

اإلحالة الموقع الالئق بها فهي من أحسن شيء في الكالم ،فلتذكر ما مضى من األمور التي يقـل

نظيرها في ما هي عليه من األوصاف التي تميل إليها النفوس أو تنفر عنها ، موقع عجيب مـن

ولى إلى اعتقاد القصـة األخـرى النفوس ،فتتحرك النفوس بما قد ارتسم فيها من صفة القصة األ

.)١("على مثل تلك الصفة

واإلحالة مصطلح :"ويشير جابر عصفور إلى خصوصية مصطلح اإلحالة عند القرطاجني فيقول

من مصطلحات حازم، يقصد به إشارة الشاعر إلى أحداث التاريخ أو معالجة وقائعـه معالجـة

.)٢("تقرن الحاضر بالماضي أو تحيل إليه

١

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٩٠ ا� .٢٧٨ ج�'4 /]\>ر، ص)٢(


٥٧

:إزالة غموض األلفاظ_٢

التي يتوقف عليها فهم المعنـى ،فـإن القرطـاجني لفاظ الحوشية والغريبة األأما ما يتعلق ب _١

فإن عليه ،يطلب من الشاعر أن يتجنب ما يتوغل منها في الغرابة والوحشية ، وإذا دفع إلى ذلك

االبتعاد عن األلفاظ _رطاجنيكما يرى الق _،فواجب الشاعر أن يوجد قرائن يهتدى بها إلى المعنى

.)١(المسببة للغموض هنا ، التي تدل على معنيين أو أكثر ،األلفاظ المشتركة ومن قبيل هذه األلفاظ الحوشية والغريبة ١

أن ينوط باللفظة أو األلفاظ التي بهذه الصفة من القرائن ما يخلص "يلح القرطاجني على الشاعر

وغالبـا )٢( "وذلك حيث يقصد البيان ،تى يكون المعنى مستبينا معناها إلى المفهوم الذي قصده ح

.ما يلجأ إلى التأويل،في حال عدم قدرة هذه القرائن على إزالة الغموض

قد وصلت بحـرف أو حـذف منهـا " وذلك عندما تكون كلمة أما ما يتعلق بالتعقيد اللفظي -٢

ألول داخال عليها أو من جملـة حرف فتتصل بكلمة يحتمل لفظها أن يكون الحرف الموصول با

حروفها ،فيجب أن يتحفظ بالكالم المقصود به البيان نحو وقوع تلك الحروف التي يسبق الـوهم

.)٣("إلى أنها مستندة إلى غير الحيز التي استندت إليه

ولم يصف القرطاجني هنا الطريقة التي يتعين على المبدع اتباعها من أجل تخليص الشعر مـن

نمط من الغموض،واكتفى بوصف هذا النمط بأنه مذهب رديء جدا فـي الكـالم ،فرأيـه هذا ال

.مفهوم ضمنا وهو أنه يتعين على الشاعر اجتناب مثل هذا النوع من التأليف بكل وسيلةلقد أسس القرطاجني نظرية متكاملة في الغموض دعامتها األولـى أن مقصـد ٢

جوانب الغموض من خالل التفصيل في أنماط الغمـوض أكثر الكالم الوضوح ،ثم انبرى لكشف

�ج<@ ، ص: ان=4) ١ (k4� .١٨٥_١٨٤ا�) ٢ (W,\١٨٥،صن. .١٨٧_١٨٦ن\,W،ص) ٣ (


٥٨

،معرفا كل نمط بما يكشف عن طبيعته ،وبعد ذلك قدم القرطاجني عددا من الحيل التـي تزيـل

اإلشكال الذي يكتنف النصوص الغامضة،وهو في تقديمه هذه الحيل كان ملزمـا أكثـر مـن أن

،إذ استخدم عبارات تدل على الوجـوب يكون مخبرا وذلك يظهر من خالل أسلوبه في الخطاب

ذلـك ممـا ال "و"ينبغي أال يسـتعمل "،"الواجب على الشاعر "،"يجب على الشاعر :"واإللزام منها

وهذه العبارات تحمل دعوة صريحة من .."استعمالها في الشعر أشد قبحا من استعمال "و"يستحسن

.غموض القرطاجني للشعراء بأن يبتعدوا عن اإلغراق في التعقيد وال

ومع ذلك يحسب لحازم ،تناوله مسألة الغموض ،بأسلوب خاص جمـع فيـه النظـرات

الجزئية المتفرقة التي احتوتها كتابات النقاد من قبله، وأعاد تشكيلها في نظرية موسـعة ضـمت

يكـون _كمـا يقـول سـليمان _أغلب األنماط التي تحدث فيها النقاد من قبله ،ولعل القرطاجني

منهـاج "عرض إلى ظاهرة الغموض في الشعر في تراثنا النقدي ،وذلك في كتابه أبرز من ت "بذلك

حيث عالجها بإسهاب وعمق كبيرين ،وليس من باب المبالغة أو التهويـل "البلغاء وسراج األدباء

.)١("أن ندعي أنه كون لنفسه حول هذا الموضوع نظرية تكاد تكون متكاملة

بصورة لم يجاره فيها غيره من النقاد، وهذا يدل علـى فقد فصل القرطاجني القول في الغموض

قد استطاع بما أوتي مـن "،ذلك أن حازما فهمه لما قيل في هذه الظاهرة عند من سبقه من النقاد

قدرات عقلية وحدة في الذهن ،أن يفصل الكالم في موضوع الغموض تفصيال ال نجده عند غيره

١ .)٢("موضوع أوسع الدراسات عنه في نقدنا القديممن النقاد، بحيث غدت دراسته لهذا ال

��- س��8�ن،أن8�ط ا��8>ض %@ ا�G"4 ا�"4'@ ا�)١(p،>ك�ا��4 �"�� .١٢م ،ص،41١٩٨٧�G>>رات ج)٢( z�8ا� �"��&،�!�� ج'��د ا�,��رن� '8>ا�c ا�<�� 4"Gا��8>ض %@ ا� ��nc &� @>ج�k4� �81- '& /.- ا�4ح8& ا�،0�-Y��c< ح�زم ا�

.٣٦٠م،ص١٩٩٢، ٢_،ا�داب ٤س">د ،��


٥٩

:أنواع الغموض

إن كان القرطاجني قد فصل القول في األنماط التي تندرج تحت باب الغموض السـلبي،

فإننا نراه يشير سريعا إلى الغموض اإليجابي ،و ذلك ليجنب المبدع الوقوع في الغموض السلبي

نوع السلبي إلى نوع أكثر فعالية من وجهة نظره وهو الغموض ،ويحفزه إلى تجاوز حدود هذا ال

.اإليجابي

:فالغموض نوعان

:الغموض السلبي :النوع األول_١

هو الغموض الذي يؤثر سلبا في العملية اإلبداعية ،ويدفع بالعمل اإلبداعي نحو الجمـود

خاذ الحيل المناسبة التي تميط واالنغالق من هنا جاء تنفير القرطاجني منه،ودعوته المبدع إلى ات

.اللثام عن هذا النوع من الغموض

وجملة األمر أن اشتكال المعاني وغموضها :"و قد حدد القرطاجني هذا النوع من الغموض بقوله

من جهة ما يرجع إليها أو إلى عباراتها يكون ألمور راجعة إلى مواد المعنى أو مواد العبارة أو

ما من وضع وترتيب أو إلى مقادير ما ترتب من ذلك أو إلـى أشـياء إلى ما يكون عليه إجراؤه

.١)١("مضمنة فيها أو أشياء خارجة عنهما

وتـزداد ،فالغموض الذي يرجع إلى التعقيد اللفظي أو المعنوي أو التركيبي هو الغموض السلبي

.حدة هذا الغموض إذا اجتمع نمطان من الغموض في وقت واحد

مؤلف الكالم على شفا حفرة من الحيرة والشك ،وإنما يمده بالحيل والقرطاجني ال يترك

فأما طريق الحيل في إزالة الغموض واالشتكال الـواقعين بهـذه :"المالئمة إلزالة هذا الغموض

�ج<@ ، ص )١(k4� .١٧٥ا�


٦٠

األشياء فهي أن يعتاض من الشيء الذي وقع به اإلغماض واإلشكال أو أن يقرن به مـا يزيـل

.)١("الغموض واالشتكال

قرطاجني يبتكر مصطلحين وهما االقتران واالعتياض ،وهو يشرحهما كحيل في الصـنعة إن ال

.الشعرية إلزالة الغموض

.)٢("بأخذ مماثالتها مما يكون في معناه أوضح منها "ويكون االعتياض في المعاني

منه يكون بما يماثلها من جهة الداللة ،وقد يكون بين العوض والمعوض "واالعتياض في األلفاظ

مع ذلك مخالفة في الوضع مثل وصل المنفصل وفصل المتصـل ،وإطالـة القصـير وتقصـير

.)٣("الطويل وقد ال يكون ذلك

بأن يتبع الشيء بما يكون شرحا له وتفسيرا من جهة ما يكون في معنـاه أو "أما القران فإنه يكون

ن بأشياء خارجة عـن معنـى تكون داللته في معنى داللته أو من جهة ما يناسبه ويشابهه ،ويكو

.)٤("الشيء إال أن فيها دالالت على إبانة ما انبهم في األشياء المقترنة بها

وما اقتراح القرطاجني لهذه الحيل إال إشارة واضحة إلى ميله نحو الوضوح ،ورفضه إلى هـذا

١.متلقي عن الالكالم بما يخفي مقصد ،النوع من الغموض الذي يسلم إلى التعقيد واالنغالق

ورود المعنـى "فالقرطاجني ال يؤثر الغموض السلبي لتنافيه مع مقصـدية الكـالم ألن

غامضا في كالم قد قصد به اإلبانة مما يوعر سبيله ويزيله عن االعتدال واالستواء مع مناقضته

).٥("للمقصد

إن ": فيقـول مويتابع القرطاجني حديثه عن تفاوت درجات الغموض تبعا لمقصدية منشىء الكـال

المعاني منها ما يقصد أن تكون في غاية من البيان على ماتقدم ومنها ما يقصد أن تكون في

�ج<@ ، ص)١(k4� .١٧٥ ا� .١٧٦ ن\,W،ص)٢( .١٧٦ن\,W،ص) ٣( .١٧٦ن\,W،ص) ٤( .١٧٥ن\,W،ص) ٥(


٦١

غاية من اإلغماض ،ومنها ما يقصد أن يقع فيه بعض الغموض ،ومنها ما يقصد أن يبـان مـن

.)١("جهة وأن يغمض من جهة

حض،ومنها الغموض الجزئي،ومنهـا فالكالم يتفاوت في درجات منها ،البيان ،ومنها الغموض الم

.الكالم الواقع في منزلتين بين الغموض والوضوح

:الغموض اإليجابي:النوع الثاني_٢

إن كان القرطاجني أشار إلى نفوره من الغموض ،فإنه ال يطلق هذا النفور إلى الغموض

بي ،الـذي بعمومه،إذ إن هناك نمطا آخر من الغموض المحبب إلى نفسه وهو الغموض اإليجـا

وما قصد به الكناية أو اإللغاز والتعمية فهي الئقة به وصالحة له ،فليوقع منها فـي :"حدده بقوله

كل نوع من الكنايات وفي كل ضرب من ضروب اإللغاز والتعمية ما يليق به ويكون فيه أكثـر

.)٢("غناء عن غيره

يـده علـى الكنايـة وإن لم يفصل القرطاجني القـول فـي هـذا النـوع ،واقتصـر فـي تحد

.والتعمية،واإللغاز

فإنه تجدر اإلشارة إلى أن مصطلح الكناية تندرج تحته ألوان من غموض الكالم تختلف من حيث

وغالبا ما تقع الكناية في التراكيب دون المفردات ،وقد يعتمد التركيب ،الدرجة وطريقة الصياغة

رفع الغموض أحيانا بداللة السياق والقرائن على االشتراك اللفظي إليقاع الغموض في المعنى ،وي

ومنها ما ال يفهـم إال بالحـدس ،الحالية أو المقالية في مثل التعريض والتلويح والرمز واإلشارة

١.)٣(والتخمين مثل التعمية واللغز

.)٤(" نستعمل كيانا معينا لإلحالة على كيان آخر مرتبط به "وفي الكناية

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٧٧ ا� .١٨٧ن\,W،ص) ٢( .١٧٥ص،ح�5��p @8 : ان=4) ٣(�ل ط)٤(��ء ،دار 2>'n.42ج�8 /.- ا�8!�- ج1\� ،ا�-ار ا�، �Y' ��رات ا�S@ ن�1"Sسxرك ج>ن,>ن ،ا��?>ف و�x م ، ١٩٩٦، ١ ج>رج

.٥٥ص


٦٢

د الكنايات غموضا ،وهي تشير إلى صـورة مـن خفـاء المعنـى شأفهي :وأما التعمية

أن يريد المتكلم شيئا فيعبر عنه بعبارات يدل ظاهرها على غيره ،وباطنهـا "،وتعني باالصطالح

.)١("عليه

ويبدو أن هذا المصطلح كان يدل أوال على الكالم غير المفهوم الذي يقع مصادفة في لغة األديب

.)٢(صود فيه ضرب من اإللغاز ثم تحول إلى معنى مق

وأما اللغز فهو من أخفى الكالم وأشده غموضا ،والغموض فيه مقصود لذاته ،وفي

ممكن غير أن يكون للكالم ظاهر عجب ال يمكن، وباطنهو:"االصطالح يحده ابن رشيق بقوله

:عجب، كقول ذي الرمة يصف عين اإلنسان

ليد قعب من أصغرناة قبابا هب ترى الوبة مأوديخضرا و

ألصقتها به وجعلتها آلة اللمس، والسامع: أي" لمسته بيدي" فالباء في به لإللصاق كما تقول

.)٣("يتوهمها بمعنى في، وذلك ممتنع ال يكون، واألول حسن غير ممتنع

شيء من األشـياء بـذكر ى واللغز ،أن الكالم إذا دل على اسم موالفرق بين الكالم المع

١.صفات له تميزه عما سواه كان ذلك لغزا

.أما إذا دل على اسم خاص من حيث هو لفظ له داللة يرمز إليها سمي كالما معميا

أي أن الكالم الدال على بعض األسماء أو األشياء يكون معمى من حيث أن مدلولـه اسـم مـن

.مع فتكون ذلك االسم األسماء قد يرمز إليه بالحروف التي تتج

وغالبا ما ينصب اللغز على الصفات التي يصل القارىء أو السامع عن طريق مالحظتهـا إلـى

.)٤(المقصود

)١(�.1S4 ا�� .4٥٧٩ ،ص ا'& أ'@ اfص._،412 .١٧١ح�5��p @8 ،ص:ان=4) ٢( .٣٠٧،ص١ا'& ر0�H ،ج) ٣( .١٧٢ح�5��p @8 ، ص:ان=4) ٤(


٦٣

:في كمون قول القائلفمثال

لنا أعرب العطار أيها يا يقظة في بالعين تنظره

سومكا في قل شيء اسم عن كانوم في بالقلب ترى كما

يصلح أن يكون لغزا بمالحظة داللته على صفات الكمون، ويصلح أن يكون في اصطالحهم"

،أي باعتبار داللته على مقلوب اسـمه فـي قولـه ى، باعتبار داللته على اسم بطريق الرمز ممع

.)١("نومك

سلبي وإيجابي ،وقد ركز حازم جـل : إذن قسم القرطاجني الغموض إلى نوعين رئيسيين

.مامه على الغموض السلبي ،فبين أنماطه ، ووضع الحلول المالئمة التي تزيله اهت

.أما الغموض اإليجابي ،فهو المحبب إلى نفس القرطاجني ، بما يحويه من كناية وتعمية وإلغاز

.والغموض بنوعيه ،يصدر عن مقصد من الشاعر لغاية معينة ،وال يأتي مصادفة

١

،خزانة األدب ولب لباب لسان العرب ،تحقيق وشرح عبد السالم هارون ،مكتبة )هـ١٠٩٣( البغدادي ، عبد القادر بن عمر) ١(

.٤٥٣، ص٦ ، جم١٩٩٧، ٣الخانجي ،القاهرة،ط


٦٤

الفصل الثالث الغموض عالقات واتصال

.الغموض والمعنى_ .الغموض والمبنى_ .الغموض واألسلوب_


٦٥

:الغموض والمعنى

: ماهية المعنى _١

من خالل صورتين ،أوالهمـا ا أولي فرة بوصفها معطى ا القرطاجني متو عندإن المعاني

فكل شـيء "صفة الشعرية وجودها في الطبيعة بالدرجة األولى ،ومن ثم في الذهن قبل اكتسابها

.)١("له وجود خارج الذهن فإنه إذا أدرك حصلت له صورة في الذهن تطابق لما أدرك منه

:وتنقسم المعاني إلى نوعين

مـا يكـون " قياسا لعالقتها بغرض الشـعر وهـي يةوتكتسب صفة األول : المعاني األوائل :أوال

،فهي المعاني التـي تكـون مـن مـتن مقصودا في نفسه بحسب غرض الشعر ومعتمدا إيراده

بمعنى أن هذه المعاني هي الخطاب في بنيته اللغوية العميقـة دون صـورة تحسـينية ،)٢("الكالم

.كالتشبيه والمحاكاة

ما ليس بمعتمد إيراده ولكن يورد على أن يحاكي به مـا "وهي من قبيل :(*) المعاني الثواني :ثانيا

فإذا كانت أوائل المعاني مـن صـميم الغـرض )٣(" غير ذلك اعتمد من ذلك أو يحال به عليه أو

الشعري ،فإن الثواني هي التي تكمل إنتاج هذا الغرض في شكل مقبول نصـيا وقرائيـا ؛ إذ ال

أمثلة واستدالالت عليها أو غير " فهي تابعة للمعاني األول ،بكونها ، عنهاالنص الشعري يستغني

أو مالحظة وجـه يجمـع ، م غير محاكاة المعاني األول بها ذلك و ال موجب إليرادها في الكال

).٤("بينهما على بعض الهيئات التي تتالقى عليها المعاني ١

�ج<@ ،ص) ١(k4� .١٨ا� .٢٣ن\,W،ص) ٢(

(*) �YSت 2]-ى �-راس�cن@ ،و�?& }�8 %4و�jول وا�Qا V>"8��ج<@ 'k4��ج<@ /& ا�8"�ن@ اQول وا�j>ان@ �_ c>ل ا�k4��k_ ح-�� ا��S� &�jح��ن :ان=4:إح-ى ا�.Ss,آ�'، ��+sسfت ا�sا�-راس �s�!�،@>ج�k4��زم ا�sن@ وح�sه4 ا�!4ج�s��81>د درا',� ،�"<Vs ا�s./ &�s' Vs>"8- ا�

.م١٩٩٧، ٤،ع٣٣��ج<@ ن\,W،ص) ٣(k4� .٢٣ا� .٢٣ا�8]-ر ن\,W ، ص) ٤(


٦٦

وذلك واضـح )١(يقصد بالمعاني الثواني الصورة الشعرية القرطاجني ولقد رأى الولي محمد بأن

لشـعرية التـي تكتسـب التجلي في حديث القرطاجني الذي يقرن بين المعاني الثواني واللغـة ا

حـق الثـواني أن "جماليتها من كل المحسنات اللفظية والمعنوية أو الصورة الشعرية ،ولذلك ف

األول لتستوضح معاني األوائل بمعانيها الممثلة بها ،أو تكون مساوية منتكون أشهر في معناها

.)٢("لها لتفيد تأكيدا للمعنى

.رة فالمعاني وفق حازم مباشرة وغير المباش١

وهـذه )٣("متن الكالم ونفس غرض الشعر المعاني األول " فالمعاني المباشرة هي التي تكون من

عن للكشف التنقيب تتسم بالوضوح والقرب ،إذ تظهر على سطح الخطاب ،وال تستدعي المعاني

.مضامينها ،وال تحتمل وجها دالليا يخرج عن متن الكالم الظاهر

متن الكالم ونفس الغرض ،ولكنها أمثلة لتلـك أو من التي ليست "فهي أما المعاني غير المباشرة

وهذه المعاني تتسم بالخفاء وعدم المباشرة وهي تـرد كاسـتدالالت علـى ،)٤("استدالالت عليها

.المعنى األول

إيراد المعنى الثاني في الخطاب الشعري ،إال إذا كان أوضـح القرطاجني ال يستحسن و

استدالل على المعنى المعنى الثاني ذلك أن أو مساويا له في درجة الوضوح ؛ من المعنى األول ،

إن كان المعنى فيها أخفى منه في األول قبح إيراد الثواني لكونها " ف وهو يزيد وضوحه األول

٢.)٥("زيادة في الكالم من غير فائدة؛فهي بمنزلة الحشو غير المفيد في اللفظ

)١(4ss=ط : ان، @ss'4"ا� @%�ss�jا� Kssي ،ا�48آ-ss��ب ا�.+ss9@ ا�<ssMOا� @ss% ��4"ssGرة ا�<ss[ا�، -ss81� @�<ssار ١٩٩٠ ،١ا�-ssن ،ا��ss>.�، 4وتss�' ،

�ء،ا�4�8ب،صn�.١٤٤ا�. �ج<@ ،ص) ٢(k4� .٢٣ا� .٢٣ن\,W،ص) ٣( .٢٣ن\,W،ص) ٤( .٢٤_٢٣ن\,W، ص) ٥(


٦٧

كون مفيدا في اللفظ ،األمر الذي يجعلنا نعتبره من قبيـل الحشـو فغموض المعنى الثاني قد ال ي

.والزيادة التي ال فائدة منها سوى إطالة القول وانغالقه

،والتعبير غيـر التعبير المباشر من خالل المعاني األول :يان من التعبير هما مستو للكالم

رطـاجني أن المسـتوى األول إضافة إلى ذلك بـين الق المباشر الذي يتمثل في المعاني الثواني،

هو األساس الذي يستند عليه المستوى الثاني من المعنى ،وأن حضـور المعنـى الثـاني للمعنى

.مشروط بتمكن المعنى األول وحضوره

إن حديث القرطاجني عن تفاوت أهمية المعاني األوائل والثواني يضع أمامنا تناقضا في

:رأيه يتأسس على ما يلي

،واللغـة )١( المعاني الثواني هي الصورة الشعرية الممثلة في المحاكـاة والتخييـل إذا فرضنا أن

الشعرية ال يمكنها مطلقا التخلص وال االستغناء عن الشكل الجميل للخطاب ،فكيف ينسجم هـذا

خاصة )٢("الثواني هي التي ال يقتضي مقصد الكالم وأسلوب الشعر بنية الكالم عليها "إنمع قوله

أفضل الشعر ما حسنت "طاجني يرى بأن المعتبر في جودة الشعر هو درجة تخيله وأن وأن القر

.)٣("محاكاته وهيأته

منفذا من خالل النص ذاته ،حيث تحدث القرطاجني عن بنيـة الكـالم _ لهذا_ونلتمس

فـال بـد مـن نـواة ، وعالقة الثواني به ،إذ ال يمكن أن يؤسس القول على التخييل كلبنة أولى

، فـإن لمعنى األول تجذب إليها ما يناسبها من التشبيهات و ضروب التحسينات ا ١ وهرية هي ج

المقصد يرتبط بالمعنى األول الذي يقدمه الغرض الشـعري دون تجـاوز ،وهـو مـا قصـده

القرطاجني عندما تحدث عن البنية ،مما يكسبها صفة الثابت عكس الصورة البديعية التي تمنحها

.ي والتي ترتبط بفعل التحسين المجسد للتجاوز المعاني الثوان

�ج<@ ،ص:ان=4) ١(k4� .٢٤ا� .٢٤ن\,W،ص) ٢( .٧١ن\,W،ص) ٣(


٦٨

:تعدد المعنى وتضاعفه_٢

القرطاجني حديثه في تشـكل المعنـى ،بـالتطرق لكيفيـات تركيـب المعـاني يستهل

وأن الجملة الشعرية هي في األصل تجربة ،فإنه يتحدث عـن المعـاني المفـردة ) ١(وتضاعفها

د تكون مفردة األجزاء ومتضاعفتها وقد يكون ق"والمضاعفة وعن حاالت وجودها في الخطاب ف

: وهذا التعدد والتضاعف معتمد على شـروط ثالثـة )٢("بعض أجزائها مفردا وبعضها مضاعفا

).٣("بحسب تعدد األفعال الواقعة في المواطن التي يعبر فيها أو اتحادها "_١

.)٤("بحسب تعدد ما تستند إليه تلك األفعال أو اتحادها "_٢

.)٥(.حسب تعدد ما تتوجه لطلبه من المفعوالت أو اتحادها ب"_٣

وما يفهم من هذه الشروط والمقاييس ،أن المعاني تتركب في القول الشعري ،وتتكاثر حسب كون

األفعال متحدة أو متعددة ،وكذا حسب ورود الفاعل متحدا أو متعددا ،أو حسب منحى المفعول به

القاهر الجرجاني الذي يعرف ون في هذا تأثر جلي بعبد كذلك وهو تقسيم نحوي بحت،وقد يك) ٦("ال أن تضع كالمك الوضع الذي يقتضيه علـم النحـو إفليس النظم "نظم القول الشعري قائال ١

ليس معناه اتحاد ألفاظها ،بل اتحـاد معانيهـا، "والجرجاني أيضا تحدث عن اتحاد الكالم والذي

.)٧("معة ،ال إلى معانيها أفرادا فالفكر ينصرف إلى معاني الكلم مجت

فما يوصف بالغموض هو المعنى ، وأي خلل في البنية النظمية يتبعه تعقيد في المعنـى،

.وما التعقيد إال ضرب من الغموض السلبي الذي حذر جل النقاد المبدعين منه

�ج<@،ص) ١(k4� .٣٢ا� .٣٢ن\,W،ص) ٢( .٣٢ن\,W،ص) ٣( .٣٢ن\,W،ص) ٤( .٣٢ن\,W،ص) ٥(�ز ، ص )٦(!/f5 ا|xن@،د��ه4 ا�!4ج� .٤٧١/.- ا� .٢٣٩ص ،١٩٨٠ mب،١٥، ١١/.- ا�<.@ اص��M،ن=4�� ا�<= /<- ا�!4ج�ن@،�!�� أc+م،ع)٧(


٦٩

تـران يتمـان بحسـب االق التحاد أما القرطاجني فإنه يفصل في القول ويجعل التعدد وا

للتعدد واالتحاد التـي يكـون عليهـا القـول كثيرةواالستناد والتطالب ،وبذلك فهو يقدم حاالت

ومثلما لم يقترن االتحاد عند الجرجاني باأللفاظ فإنه عند القرطـاجني ال يمكـن أن ، )١(الشعري

فمـا )٢("قد يشترك الشيئان أيضا ويكون كالهمـا متوجهـا لفعـل اآلخـر "يتعلق إال بالمعنى ف

يتضاعف في القصيدة هو المعنى بالدرجة األولى ولذلك فإن تضاعف األلفاظ ال بـد أن يكـون

.)٣("خففوا بعض ما يقع فيه التكرار بالكناية والحذف "تابعا للمعنى ،وإذا حدث ذلك مرتبطة بالمعاني ألنها تختزن طاقـة التي يصنفها القرطاجني ضمن الغموض اإليجابي فالكناية ١

فيعـدل إذ "،من المعاني في لفظ قليل ،بينما يتعلق الحذف باأللفاظ المتكررة ويتم الحـذف كبيرة

ذاك عن العبارة التي وقع فيها التكرار بكونهما جملتين يلزم في إحداهما ذكر ما في األخرى إلى

عبارة مفردة تفيد ما تفيده تلك وهي صيغتا تفاعل وفاعل نحو تضارب وضارب فحينئذ ال ينقـل

فكلمتي تضارب وضارب يجمعهـا جـوهر واحـد وهـو )٤("اعف المعاني التي بهذه الصفة تض

.مصدرهما االشتقاقي ضرب

ال يقدم لنا عبارة شعرية إذا لم يستند ذلـك علـى )٥(إن اتحاد المعاني أو حتى تكرارها

يـه تتضاعف صور العبارات بما يوقع في معانيها من تحديدات ترجع إلى ما تكون عل "قرائن ف

،وذلـك مـرتبط بالمعـاني األول )٦("في نفوسها، من كونها عامة أو خاصة ،كلية أو جزئيـة

.والمعاني الثواني

�ج<@ ،ص: ان=4 )١(k4� .٣٣ _٣٢ا� .٣٣ ن\,W ،ص)٢( .٣٣ ن\,W ،ص)٣( .٣٣ ن\,W ، ص)٤( .٣٦ا�8]-ر ن\,W ، ص: ان=4)٥( .٣٥ن\,W ،ص) ٦(


٧٠

بحسب األحكام الواقعة في المعاني بعد تحديداتها،من نفي وإثبـات "كما تتضاعف كذلك

).١("ومساواة أو ترجيح

انبها وهو يقر في البدء بأن ذلـك وهي حاالت للتضاعف يحاول القرطاجني اإلحاطة ببعض جو

ومن ،)٢("وقوع المعاني على هيآت وصور يعز حصرها وال يتأتى استقصاؤها لكثرتها "يؤدي إلى

. اإلسناد واالنتساب:أهم القرائن التي تتألف بها العبارات الشعرية

فعال_وقد عبر القرطاجني عن هذه العملية بمصطلحات تحمل دالالت موحية بما يجري

:من عمل دؤوب من أجل تأسيس المعنى ومن بين هذه المصطلحات ما يلي _

وأول ما يالحظ على هذا المصطلح أنه على وزن تفاعل الذي يوحي بحاجة المكونـات :التطالب

،يقـول مـع الثـواني ألولالمعاني ا_إلى بعضها ،كما أن هذه الصيغة تدل على فعل المشاركة

١ ا ما يتطالب بحسب اإلسناد خاصة ،ومنها مـا يتطالـب بحسـب إن المعاني منه :"القرطاجني

اإلسناد وبحسب انتساب بعض المعاني إلى بعض في أنفسها بكونها أمثاال أو أشباها أو أضـدادا

.)٣("أو متقاربات من األمثال واألضداد

الثواني تحدث بين المعاني األول كبنية ثابتة ،وبين المعاني يسبغ حركية فعل التطالب إن

بوصفها مكملة ،لتناسبها مع السياق المحتوي للبنية الجوهرية وأول ما يجعل المعـاني تتطالـب

:وتتكاثر

كذا على الضم ،ولذلك قيل بأنو)٤(بالترابط الداللي_بدوره _مصطلح ينبض وهو :اإلسناد _ ١

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٣٥ا� .٣٥ن\,W ،ص) ٢( .٤٤ن\,W ،ص) ٣( .٢٢١ا�K�4GOي ،أس�س ا�.+�9 ،ص:ان=4) ٤(


٧١

مفهوم إحداهما الخبري هو ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى على وجه يفيد أن ١اإلسناد" .)١("ثابت لمفهوم األخرى ٢

وبهذا المعنى فإن أوائل المعاني ستكتسب مستويات أخرى لإليحاء والداللة باإلسناد الذي

فالنسب اإلسنادية نالحظ "سيكون الرابط بين المعنى األول ،وبين المعنى التحسيني الجديد ولذلك

.)٢("الغة والمناسبة والمشاكلة البيان والمب:األفكار فيها أربعة أشياء وهي

هو البيان فذلك ألن النسبة الثابتة غيـر مكتفيـة و إذا كان الرابط بين المعاني :البيان *

بمعناها، فهي بحاجة لمستوى آخر من اإلفهام يزيح اللبس عنها إن كانت غامضـة ،أو يكشـفها

رة ،وحسـن االختصـار على قدر وضوح الدالالت ،وصواب اإلشا "كانت مركزة ؛ف دالليا إن

،والقرطاجني يضع البيان فـي مقابـل الغمـوض بغيـة )٣("،ودقة المدخل يكون إظهار المعنى

وبالجمع بين السهولة والبالغة )٤("بألفاظ سهلة بليغة بعيدة عن اللبس "اإلعراب ؛فاإلفصاح يكون

اهتم بها قدامـة تتحقق براعة النص، وهذا يقابل مصطلح التفسير الذي هو من المصطلحات التي

تطرق للمصطلح في إطار حديثه عن تطالب المعـاني ويتعلـق القرطاجني فقد ،أما )٥( بن جعفر

.)٦("إرداف معنى فيه إبهام بمعنى مماثل له إال أنه أوضح منه "األمر ب

:وهو النوع الجيد الذي يوازي بيت المتنبي

٣ة تظنيه ذكيينه طليعرى عقل يهومه في بغدا ترى ما ي

�ن�،�"! ا�.+�9 ا�"4'��،دا) ١(.k رة ،ج-ة ،ط'-وي� .٢٨٥ ،صم١٩٩٧، ٤ر ا�8<�ج<@ ،ص) ٢(k4� .٤٤ا��ن� ،ص) ٣(.k ٩٨'-وي. .٤٨٩ا'& أ'@ اQص._ ، 412�4 ا�4�.1S ، ص) ٤( .١٤٤ _c١٤٢-ا�� '& ج"\4 ،ص:ان=4) ٥(�ج<@ ،ص) ٦(k4� .٥٧ا�


٧٢

يتحـرى فـي "وليكون التفسير صحيحا ال بد من تناسب األجزاء في جملة التفسـير ؛إذ

ر رالتفسير مطابقة المفسالمفس ر عما يحتاج إليه فـي إيضـاح وأن يتحرز من ذلك نقص المفس

١("ر، أو أن يكون في ذلك زيادة ال تليق بالغرض المعنى المفس(.

ومثلما تحدث قدامة عن سوء التفسير فإن القرطاجني يورد ذلك مقتديا بقدامة إذ قرن بين سـوء

:التفسير بعدم التطابق بين المفسر والمفسر فقد ذكر قول الشاعر

الدجى ظلم في الحيران أيها فيا وجهه نور من تلق إليه تعال

نأن خاف وم لقاهي ى من بغيالعد ه ومن ضياءرا كفيالندى من بح

فمقابلة ما في عجز البيت األول بما في عجز الثاني غير صحيحة ،والتسامح في إيراد التفسـير "

.)٢("ل بوضع المعاني ومذهب لطالوة الكالم مخعلى مثل هذا

باإلضافة للبيان ،فإن اإلنشاء يؤلف بين المعاني بواسطة المبالغة حيـث يـتم :المبالغة*

أن تبلـغ بـالمعنى أقصـى "االرتقاء بالمعنى إلى ذروة الوصف ذلـك أن المبالغـة تقتضـي

لمدح والمبالغـة بالممـدوح فـرأى أن مـن بينه القرطاجني أثناء حديثه عن ا وهو ما )٣("غاياته

١.)٤("واجبا أو ممكنا أو ممتنعا أو مستحيال "المبالغات ما كان

وهي ضروب مختلفة يتفاوت فيها الوصف ،ونلمس في هذا التدرج تفـاوت مصـداقيتها نصـيا

.)٥("الوصف المستحيل أفحش ما يمكن أن يقع فيه جاهل أو غالط في هذه الصناعة "ف

مثل أن يكون الشيء طالعا نازال فـي " المعنى يأخذ منحى ال يمكن وقوعه وال تصوره إن حيث

.)٧(وهو ما ذكره قدامة سابقا وسماه أحمد مطلوب المبالغة المتناهية )٦("حال

�ج<@ ،ص)١(k4� .٥٨ ا� .٥٩ن\,W ،ص) ٢( .٣٦٥أ'> ه+ل ا�",?4ي ،ص) ٣(�ج<@ ،ص) ٤(k4� .١٣٣ا� .١٣٣ن\,W ،ص) ٥( .٢٠١ _c١٩٥-ا�� '& ج"\4 ،ن�- ا�G"4 ، ص:ان=4) ٦(�ن ،ط) ٧(>.� �.S?�، �-�1�ت ا�<�- ا�"4'@ ا��M[� !"�، ب<�M� -8٣٣م ،ص٢٠٠١ ، ١أح.


٧٣

.)١("والممتنع يتصور وإن لم يقع ،كتركيب عضو من حيوان على جسد حيوان آخر "

فضله النقاد جميعا ألنه ال يغالي في وصف األشـياء ،وذلـك كلـه أما الممكن والواجب فهو ما ي

ما كان واجبا واقعـا ،أو إنما هو على وبالنظر إلى ما يستساغ ويؤثر "قياسا إلى جمهور المتلقين

ره والممكن ال يخلو من أن تتوفر فيه دواعي اإلمكـان أو أن تقـل ممكنا معتاد الوقوع ،أو مقد،

اإلمكان كان الوصف أوقع في النفس ،وأدخل في حيز الصحة ولهذا يقـال وكلما توفرت دواعي

.)٢(" ممكن بعيد وممكن قريب

الثابت الوقـوع الـذي ال "والصنف األخير من المبالغة في الوصف هو ما كان منه واجبا وهو

نـاهي يخلو من أن يكون متناهيا في الحال التي هو عليها ،أو قاصرا فيها ،أو وسـطا بـين المت

ودرجة المبالغة تتفاوت بين األقسام الثالثة ولما كانت المبالغة مقترنة المدح والذم)٣("والقاصر

ذلك ال يخلو من أن يكون الوصف به تحسينا للموصوف ومدحا له ،أو تقبيحـا لـه وذمـا "فإن

١.)٤("ذم تقصير في القبحا يحسن تقصير في المدح ،والذم بالقاصر مما يوالمدح بالقاصر مم

:كما في بيت أبي تمام

محموم أنه اظنن حتى والعال بالمكارم يهذي زال ما

فالمعنى األول الطموح وقد تم العلو به إلى أعلى درجة منه ،وهي الهوس بالرفعة فكانت الحاجة

.ة مبالغ فيها الممدوح كالمحموم وهي صورفيهملحة إلى استحضار معنى ثان يبدو

وترتيب القرطاجني ألنواع المبالغة بهذا التدرج مقصود ،إذ به يتبين مـا يصـح ويحسـن مـن

،إال أن هذا القول يبقى نسبيا فالموهبة المتقدة ال تعرف)٥( المبالغة وما يصح منها وال يحسن

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٣٣ ا� .١٣٣ن\,W ،ص) ٢( .١٣٣ن\,W ،ص) ٣( .١٣٣ن\,W ،ص) ٤( .١٣٣ن\,W ،ص) ٥(


٧٤

يخطر علـى حدود المنطق ،فقد تفنن المبدعون وتنافسوا في البحث عن الصور الغريبة مما ال

:البال ،فنالحظ بيت أبي نواس التالي

تخلق لم التي النطف لتخافك إنه حتى الشرك أهل أخفت

إن هذه المبالغة ليست من أنواع الواجب وال من الممكن ،بل هي تتجاوز الممتنع إلى المسـتحيل

.ونقا كبيرا وجاذبية نصية واضحةلكن صياغتها بهذا الشكل وفي سياق المدح،أكسبها ر

و أدرك القرطاجني ما لهذه األبيات وغيرها من التأثير الكبير ،والقيمة الفنية،وقد استشهد علـى

:هذا ببيتي المتنبي التاليين

بأرضه الرسول هذا اهتدى وأنى جياده يسقي كان ماء أي ومن

القساطل فيها سرت مذ سكنت وما المناهل الدماء مزج من تصف ولم

فهذا مستساغ مقبول من حيث يمكن أن تتصور له حقيقـة وإن لـم تكـن ":وعلق عليهما قائال ١

ـ حد الجيوش ال كثرةواقعة، إذ كانت ـ رت الزيـادة فـي مقـدار منهـا وإن ك د لها،ومتى ق رث

) .١("...أمكنت

إخـراج "ي األنواع التي ذكرها القرطاجني في المبالغة وصيرها إلى وقد أخذ السجلماس

الممكن بصورة الواجب ،وإخراج الواجب بصورة الممكن ،وإخراج المحـال بصـورة الممكـن

وهي طريقة مركبة للمصـطلحات التـي ذكرهـا )٢("والواجب، وإخراجهما معا بصورة المحال

.القرطاجني

أن صـناعة "جعله يتطرق لعالقة ذلك بالكذب معتبـرا وحديث القرطاجني عن المبالغة

تتعدى الممكن من ذلك أو الممتنع إلـى المسـتحيل ،وإن ال الشعر لها أن تستعمل الكذب إال أنها

�ج<@ ،ص) ١(k4� .١٣٥ا� .٤٠٣ا�,!�8�س@ ،ص: ان=4 )٢(


٧٥

مما يجعل فعـل التجـاوز )١("كان الممتنع فيها أيضا دون الممكن في حسن الموقع من النفوس

.ألوفنسبيا مادام الفن يعتمد على مخالفة الم

وهي مبدأ رئيسي تتأسس وفقه العالقات بين المعاني التي تتطالب تبعا لمقياس :المناسبة*

الشـيء "وقد رأى السجلماسي بأن المناسبة في أجزاء القول على أربعـة أنحـاء هـي ،المناسبة

وهـي )٢("وشبيهه ،أو يأتي باألضداد أو يأتي بالشيء وما يستعمل فيه أو يأتي باألشياء المتناسبة

. عند القرطاجني مصطلح المقابلة قابلاألنواع التي ت

واهتمام القرطاجني بالمقابلة هو من قبيل عنايته بالتأليف الجيـد بـين المعـاني الجيـدة

كان حـديث القرطـاجني عـن هـذا وقد السبك، وتماشيا مع تقاسيم المعنى العديدة وتخريجاته ،

وإذا ،)٤(ىثم عاد وفصل في مواضـع أخـر ،)٣(ة المصطلح مقتضبا بذكر بعض الشواهد الشعري

ـ "فإن المقابلة تحدث ،١أردنا إجمال بعض ذلك ابالتوفيق بين المعاني التي يطـابق بعضـها بعض

،والجمع بين المعنيين اللذين تكون بينهما نسبة تقتضي ألحدهما أن يذكر مع اآلخر من جهة مـا

كما اآلخر أحد المعنيين عبارة ئم بها عبارة على صفة من الوضع تال ،بينهما من تباين أو تقارب

.)٥("الءم كال المعنيين في ذلك صاحبه

أوفي البيتين،وقد أشار القرطاجني إلى أنـه ال يجـوز بنـاء ،وقد تقع المقابلة في البيت الواحد

إذ يصح أن يقال في الفاتر "مقابلة الوجود والعدم على التناقض ؛ألن ذلك يسبب الغموض واللبس

.)٦("أنه حار عند البارد ،وبارد عند الحار ،وال يكون حارا باردا عند أحدهما

�ج<@ ،ص) ١(k4� .١٣٦ا� .٤٠٣ا�,!�8�س@ ، ص) ٢(�ج<@ ، ص:ان=4 ) ٣(k4� .٥٥ _٥٢ا� .١٣٩_١٣٧ا�8]-ر ن\,W ،ص:ان=4 ) ٤( .٥٢ن\,W ،ص) ٥( .١٣٧ن\,W ،ص) ٦(


٧٦

إذا كان معنى البيت الواحد متعلقا بمعنى البيت اآلخر، فـإن الجمـع بـين المتقـابلين غيـر "و

مـا حمـل علـى م المبدع إلى هذا النوع من القول فإن التأويل هو الحـل و وإن جنح ١،)١("سائغ

:ل الشعراء قول عبد الرحمن بن عبد القيس التناقض من أقوا

وأيسر أعفى فالقتل مالمكم فاقصروا مثلين والقتل هجرها أرى

والتناقض مستبعد من البيت باعتبار أن الهجر صورة موازية للقتل وتقابـل الصـورتين يجعـل

.وبه تساويهما منطقيا ،إال أن القتل أسهل وقعا على المحب من هجر محب

تشاكل الشيئان وشاكل : "وهي قائمة على االنسجام والتالؤم بين المعاني فيقال :المشاكلة*

وهو ما يوجب التطالب المعنوي ،أما اصطالحا فهي ،)٢("واحد منهما صاحبه ،والمشاكلة الموافقة

لهما أن يجمع الشاعر في البيت كلمتين متجاورتين ،أو غير متجـاورتين ،شـك "عند بعض النقاد

. وهي أنواع كثيرة)٣(" ومعناهما مختلف ،واحد

وهذا النوع يسميه الرماني المشـاكلة "وقد تحدث ابن رشيق عنها في باب التجنيس قائال

إال أن المشاكلة التي تحدث عنها أحمد مطلوب تختلف عن التي يوردهـا ،)٤("وهي عنده ضروب

شاكل بعض حروف الكلمتـين كقـول ابـن ذلك أن هذا األخير يقصد ت ؛ابن رشيق عن الرماني

همة ر:

نللقرن وأطع ومالوغى ي مأطعن في ومالماحل الز

أحمد مطلوب"والمشاكلة حاصلة بين أطعن وأطعم بتشاكل األصوات ،أما المعنى الذي يريده

�ج<@ ،ص) ١(k4� .١٣٨ا�)٢ (5?H دة� .ا'& �<=>ر ،�1�ت ا�<�- ا�"4'@:ان=4) ٣(�M[� !"�، ب<�M� -8صأح، �-� .٣٧٤ ا� .٣٢٦، ص١ا'& ر0�H ا��4وان@، ج) ٤(


٧٧

:(*)فهو في مثل قول الشاعر أبي سعيد المخزومي

قتال للمرء ىوالهو آجال اآلجال حدق

ر الكلمتين من ضروب المشاكلة ،حيث تتضاعف الكلمة استنادا لمبـدأ اإلسـناد اوتكر١

القرطاجني يقابله مصطلح المماثلة اللفظية إال أن المشاكلة التي يعنيها القرطـاجني والتكرار،عند

عنـد ليست التي يقصدها الرماني ،وال التكرار الذي يـورده أحمـد مطلـوب ؛ألن التكـرار

القرطاجني هو المماثلة اللفظية والتي يصنفها القرطاجني في باب االنتساب ،فإذا حذفنا ما يعتمـد

من المشاكلة على تشاكل الحروف في مخارجها الصوتية ،وكذا التكرار فإن ما يبقى هو تشـاكل

.المعاني والذي يحصل بالتحديد بين المعاني األول والثواني

إال لتعلق أحدهما باآلخر ،وهو ما ينتج ترابطا في المعنى والشـكل أيضـا إذ ال يتشاكل المعنيان

والمشاكلة مع المناسبة والمبالغة والبيان ،تناسب في جوهر الخطاب، الذي يترابط ببناء عالقـات

من الخفاء بحيث قد يتعـذر "مبنية على التالزم ومع أن اكتشاف سر هذا التالزم غير ممكن فهو

.إال أن جاذبية فعل التخطي قد تكون أحد أسبابه الخفية)١("عرفان كنهه

هو النمط الثاني الذي تتطالب من خالله المعاني الشعرية ،ويقع انتسـاب بعـض و:النتسابا_٢

المعاني إلى بعض في أنفسها بكونها أمثاال أو أشباها أو أضـدادا أو متقاربـات مـن األمثـال

بواسـطة أو بغيـر " المعنى باالنتساب يكـون إمـا بأن تشكل وقد رأى القرطاجني )٢(واألضداد

قـع فيـه ما ت فيه بغير واسطة فيمكن حصر أنواعه وصوره ،وأما "االنتساب فما كان )٣("واسطة

النسب بواسطة فعزيز حصرها فيه لكون كل معنى يمكن أن يكون جهة للتطالب بـين معنيـين

٤("طهبتوس(.

.٣٧٤أح -8��M>ب ،ص(*) �ج<@ ،ص) ١(k4� .٤٤ا� .٤٤ن\,W ،ص) ٢( .٤٤ن\,W ،ص) ٣( .٤٤ن\,W ،ص) ٤(


٧٨

التطالب بينها ،فالخطاب ينشأ الشـتراك عناصـر بمعنى أن النسب بين المعاني هي التي تحقق أما تزن أكثر مما تظهره من وضوح شكلي معينة فيه في قرائن ال يمكن عدها ،ألن المعاني تخ ١

غابت القرائن والوسائط فإن القراءة ستوجه إلى مستوى معين تغيب فيـه القـرائن ،ويـذكر اإذ

:بعض هذه القرائن والوسائط وهي القرطاجني

:ابهات والمتماثالتالمتش-

؟هل المقصود هو التشبيه فقط الذي القرطاجنيونتساءل أمام هذا المصطلح عما يقصده

يقع بين عنصرين ؟أم أن المقصود هو كل ما يحقق المشابهة ال االستعارات والكنايات ؟

حيـث تكـون فالمشابهة قائمة على التشابه ،لإلجابة ال بد من التفريق أوال بين التشبيه والمشابهة

األلفاظ متناسبة غير متباينة ولكن متقاربة في الجزالة والمتانـة ،والرقـة والسالسـة ،وتكـون "

من غير أن " ما تناسبت األلفاظ مع معانيها كان النظم متشاكال ، ،وإذا)١("المعاني مناسبة أللفاظها

تتناسـب يكسى المعنى الشريف اللفظ السخيف ،أو على الضد ،بـل يصـاغان معـا صـياغة

فهو اإلخبار بالشبه ،وهو اشـتراك الشـيئين فـي صـفة أو أكثـر ،وال "أما التشبيه ،)٢("وتتالءم

ألن تشـابه زيـد "عكس التشابه الذي تغيب فيه المفاضلة والتفضيل؛ )٣("يستوعب جميع الصفات

تساويين زيد يشبه عمرا ،عمرو يشبه زيدا، فيكونان م : في المعنى إلى قولنا وعمرو قضية تنحل

وألجل ذلك فإن القرطاجني قد جمع بين التشابه والتماثل من )٤("فيصير مضمون التشابه التساوي

:جهة وبين التماثل والتشابه والتخالف من جهة أخرى ففي استشهاده ببيت حبيب التالي

نالتقت طالما دم عز أدمليها ن المع عأدمشاق والع

�ن� ،ص) ١(.k ٢٩٧'-وي. .٢٩٧ا�48ج_ ن\,W ، ص) ٢( .٣٠٠ن\,W ،ص) ٣( .٢٩٨ _٢٩٧ن\,W ، ص) ٤(


٧٩

فهناك لفظ متماثل و هو أدمـع والتماثـل )١("بلفظ التماثل " هذا البيت معاني متشابهة وى احت وقد١

اللفظي وهو التكرار ،أما الصورتان فالرابط بينهما هو التشابه إما سخاء أو بخال ،األمـر الـذي

قائمة على التشابه مما ال يجعل ضـرورة لوجـود )٢(يجعلنا نقول أن المشابهة كما يعرفها النقاد

وجه شبه ،بيد أن الحاصل أن القرطاجني يستعمل مصطلح المتشابهات بين طرفين غير متكافئين

ومن جهة أخرى فإن إدمـاج _وهو ما يتنافى مع مبدأ المشابهة –أي بين ما يوجد فيه وجه شبه

المتشابه بالمتماثل لفظا ؛حيث مثل عين العاشق ودمعها ،بدمع المزن كما فعل ابن رشيق مع بيت

:مرىء القيس الذي ذكره في باب المماثلة أو التمثيل ا

مقتل قلب أعشار في بسهميك لتقدحي إلا عيناك ذرفت ما

" فمثل عينيها بسهمي الميسر يعني الم ه سبعة أنصباء والرقيب له ثالثة أنصـباء ،فصـار ل و ىلع

وبين الصـورة ،)٣("ومثل قلبه بأعشار الجزور ا عينيها جميع أعشار قلبه للسهمين اللذين مثل بهم

،التي حملها بيت حبيب بن أوس عند القرطاجني والتي جاء بها امرؤ القيس لـدى ابـن رشـيق

مسافة توشك أن تنعدم ،وما قيل بالنسبة للمتشابهات يقال عن المتماثالت ،و لمعرفة كيفية تقسـيم

:ف عند مصطلح هذه المتماثالت والمتشابهات وترتيبها أق

:التقسيم*

حول تكاثر المعاني الـذي يقتضـي تنظـيم المعـاني القرطاجنيوالذي يضاف لمفهوم

فاألجزاء تتطالب فيما بينها وتتضافر لتناسبها مـن ناحيـة المعنـى الـذي ، المنتجة وتقسيمها

ينبغي "لذلك استدعاها وكذا لمالءمتها السياق ،أما إذا غاب التناسب بين األطراف لم يصح ذلك و

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٤٥ا��ن� ،ص'-وي k: ان=4) ٢(.٣٩٨_ ٣٩٧. .٢٧٧ ، ص١ا'& ر0�H ا��4وان@ ، ج) ٣(


٨٠

ومـن ، )١("أن يتحرز في القسمة من وقوع النقص فيها أو التداخل أو وقوع األمرين فيهما معـا

:قول جرير القسمة الناقصةنماذج

مواليها من وثلث العبيد من فثلثهمi أثالثا حنيفة صارت

:عبيد اهللا الهذلي:قول شاعر آخر وكذا في )٢("فهذه القسمة ناقصة، ألنه أخل بالقسم الثالث

أبادر لك إهالكلما مسته ث أو ليبالعابث ع

.)٣("هالك المستهلك‘فعبث العابث داخل في "وهو مما عيب ؛

وإذا تداخلت القسمة يغدو التأويل ،أمرا حتميا ، وهو ما فعلـه القرطـاجني مـع بيـت هـذيل

:األشجعي

غفل خصمها إذا أحيانا وتومض بطرفها هإلي تومي رحتب فما

فيحتمل أن يكون في الكالم تداخل بأن يريد بقوله تومض تبسم ،وهذا الوجه أولى بـأن يحمـل

هذا البيت من قبيـل التكريـر ألن (*) و اعتبر قدامة١)٤("البيت عليه ليسلم الكالم بذلك من الخلل

.تومض وتومي بطرفها متساويان في المعنى

يعد جزءا مـن نظريـة المعـاني الشـعرية " عن انقسام المعاني القرطاجني حديثإن

أن القسمة لن تكون في كل حاالتها كاملة األجزاء ألن التجاوزوقد أدرك القرطاجني،)٥("العامة

فالقصيدة ال تقدم معانيها معلبةالفني لن يكون متشابها بل ستوجد حاالت أخرى تتداخل فيها

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٥٦ا� .١٥٦ن\,W ، ص) ٢( .٣٤٤أ'> ه+ل ا�",?4ي، ص) ٣(�ج<@ ،ص) ٤(k4� .١٥٧ا�

.c١٩٢-ا�� '& ج"\4، ن�- ا�G"4، ص(*)

.٢٨م، ص١٩٩٦، ١٣ محمد الحجوي،البديع عند حازم القرطاجني،مجلة آفاق الثقافة والتراث،الكويت،ع)٥(


٨١

ها ،بل إنها تحفزه على إيجاد طرق جمالية بديلة للتعامل مع المعنى الضامر الخفي في لب لمتلقي

.الخطاب

١:التفريع *

وقد نؤلف بين المتشابهات والمتماثالت في أسلوب متفرع ،والتفـرع كمصـطلح نقـدي

ل آلرائه في جزيئـات وتفاصـي إذ راح يقعد مستمد من ولع القرطاجني بالتقسيمات والتفريعات،

. المعاني في الخطاب الشعري عدقيقة ،ثم تجاوز ذلك إلى تفري

فإذا كانت أجزاء القصيدة تتكاثر وتتضاعف فهي ال محالة تتفرع ويبقـى لنـا أن نحـدد

وفق عمل منظم ودقيق ؟زأم أن ذلك ينجتلقائي،كيفية حدوث ذلك ،فهل تتفرع المعاني بأسلوب

التي تجري في عمق القصيدة وهو ما يضـع أمامنـا إن فعل التفريع تابع لعملية التكاثر

أن يصف الشاعر شيئا بوصف ما ،ثم يلتفت إلى شـيء "عدة مستويات من المعاني المتفرعة ك

.)١("آخر يوصف بصفة مماثلة ،أو مشابهة ،أو مخالفة لما وصف به األول

:ومن ذلك قول البحتري

عضبه من لسانه خلت صقولم ال كالمه الندي في تألق وإذا

والـرابط هنـا هـو )٢(ضب إذ تتفرع الصفات الرئيسية المتعلقة بالكالم المتألق إلى صورة الع

ستدرج من أحدهما إلى اآلخر ،ويستطرد به إليه علـى يف"التشبيه ،والروابط كبيرة بين المعنيين ؛

يناسب به بين بعض المعاني وبعـض فيكـون ة أو التفات أو غير ذلك مما ضلجهة تشبيه أو مفا

.)٣("ذكر الثاني كالفرع من ذكر األول

المعنى األول أهم حضورا فيوحيث إن والثواني ،األولهذه الثنائية تربطنا مباشرة بالمعاني

�ج<@، ص)١(k4� .٥٩ ا�)٢( Cn"01 ا�% )��,ان=4) أي ا�، W>� Vn�ن أ� .٤٣، ص٢ا'& ر0�H ،ج:%@ '�ب ا�8-ح أن ا��,�ج<@، ص)٣(k4� .٥٩ ا�


٨٢

تشكيل الخطاب ،ألنه ال يكتفي بهذه األهميـة وال يسـتغني عـن مكمالتهـا مـن المعـاني ١

بأن تفرع المعاني يتم في عدة صور وأنسـاق، تمامـا كتفـرع القرطاجني الثواني،ولذلك يرى

فلو الحظنا أغصان شجيرة ما لوجدنا أن بعضها متفـرع مباشـرة مـن ،األفنان في النبتة الفتية

الجذع الرئيسي وقد يكونان فرعين من جذعين مختلفين ،وقد يكون االلتقاء فـي مركـز واحـد

كـل معنـى "مر نفسه بالنسبة لتفرع المعاني في القصيدة ف تتفرع منه األغصان من جديد ،واأل

ع من معنى قد يكون واقعا معه في حيز واحد ،وقد يكون بينهما تباين في ذلك ،وقـد يكـون رف

المأخذ فيهما واحدا ،وقد يكون متخالفا ،وقد يكون أحدهما موجها من بعض جهات التوجيه نحـو

اآلخر ،وقد يكون أحدهما موجه إلـى غيـر مـا وجـه إليـه النسب اإلسنادية إلى ما وجه إليه

.)١("اآلخر

لتفرع المعاني ،وصور مبتكرة لما يحـدث فـي الخاليـا المشـكلة غير منتهية احتماالت ذهوه

للخطاب بتشعيبها ودقة تكوينها قريبة من صورة الشجرة ،فمثلما تتفـرع هـذه األخيـرة تفعـل

وألن ،رتها فإن القصائد تكتسب هويتها من نمط تفرعها القصيدة ،وكما تختلف كل شجيرة عن نظي

هذا األخير متباين كانت كل القصائد غير متشابهة وللتوضيح أكثر سأحاول الوقوف عند بعـض

:الحاالت الممكنة لتفرع المعاني ونبدأ بالذي يقع في الحيز الواحد كما في بيت الكميت

الكلب بها فىيش دماؤكم كما شافية الجهل لسقام أحالمكم

فاألحالم والدماء تشترك في تحقيقها هدفا واحدا وهو الشفاء، رغم كون الـدماء متفرعـة عـن

.صورة األحالم

أحـد تكـون النقلـة مـن "وكلما كثرت المعاني المتفرعة وجب مراعاة وجوه التناسب بينها ،ف

مما يحسن اقترانهعنى الثانيإلى اآلخر فيما قصد فيه التفريع متناسبة ،وأن يكون المالمعنيين

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٦٠ا�


٨٣

:فنالحظ أبيات ابن المعتز التالية)١("باألول ويفيد الكالم حسن موقع من النفس

كأنة ومره حلونها من خد تبسمت المزاج صب إذا حتى عينه ديمواع لي ينجز زال ما

كأنو ا طيبنشره مننسيمه ثغره منفحسبته ثغرها عنهفم بأحسو خمره من ريقه

ومثلما تفرعت صفات الحمرة ،تفرعت صفات المحبوب ،وهما متقاربتـان إذ ال يبـدو الحشـو

ظاهرا ،فالتدرج بين المعاني تم بصورة متناسقة فال إقحام لمعنى على حساب آخر ،وهي صورة

ورغم عدم وجود أي عالقة مشابهة بين المشهدين إال )٢(عنترةتنطبق على الروضة التي وصفها

.أن الشاعر قد جعل المعاني تتفرع من صورة الروضة والذباب بأسلوب متناسق

وقد اعتبر القرطاجني أسلوب التفريع نوعا من الزينة اللفظية التـي قـد يـؤدي اإلفـراط فـي

من قبيل التذييل والحشو الذي "أن يكون إال فال يعدو ذلك سياقهاستعمالها إلى إخراج المعنى من

بذلك عملي":ولذلك فإن اتباع التفريع يكون حسب حاجة السياق الذي ينتج المعاني ف )٣(" يحسنال

وما يفهم من )٤("في بيت أو فصل غير طويل بحيث تقع المراوحة بينه وبين غيره من الصناعات

،وهـذه خاليا تتفرع عن هذه البنيـة األم جذب إليها حديث حازم أن الخطاب بنية مركزية ثابتة ت

الخاليا ليست على صفة واحدة ،فمنها ما كان ثنائيا أي قابال للتفرع أو أحاديا غيـر متفـرع أو

مجـال ١غير قابل للتفرع فيكون التشكيل بين المختلف والمتشابه والمتحـد والمتفرع،فالقصـيدة

فال يتصف )٥("فتن في ضروب اإلبداعات الموقعة فيه المذهب المستحسن في الكالم أن ي "خصب،و

الخطاب بلغة واحدة ،وكلما كان الكالم مقتصرا به على فن واحد من اإلبداعات وإن كان حسـنا

�ج<@،ص)١(k4� .٦١ ا�� 49دا /�V أ/>اده� آ��4M8ب ا�">اد )٢(Y?��ب '{'Xا� +pو �ج)٣(k4� .٦١<@،ص ا� .٦١ ن\,W ، ص)٤( .٦١ ن\,W ، ص)٥(


٨٤

في نفسه ،ولم يحسن ألن ذلك يعود إلى سآمة النفس ،فإن شيمتها الضجر مما يتردد والولع بمـا

.ت الجوهر يتجدد والتجدد هو سمة النص الجيد رغم ثبا

:المعنىاقتباس _٣

ولمـا كانـت هـذه المعـاني )١("استثارة المعاني واجتالب األفكار "هذا المفهوم يرادف

الموصوفات واألوصاف وجهات انتساب بعضـها "مطروحة في الطريق حسب الجاحظ ،كما أن

أمسى مسـتحيال )٢(" بها من ذوي األغراض ال تحصى كثرة األغراضوجهات تعلق ١إلى بعض

المعاني التي هي مرتبة من تلك األوصاف على "حصر هذه المعاني ولذلك رأى القرطاجني بأن

حسب األغراض أجدر بأن ال يستطاع إحصاؤها ،ولكن يمكن أن ينبه على الطـرق التـي بهـا

،وقوله منها إلى تأليفها إشارة واضـحة إلـى )٣("تتطرق الخواطر إليها وتتهدى منها إلى تأليفها

القة متعدية بين هذه المعاني ؛فهي عبارة عن حافز للتأليف فكيف يتم ذلك ؟وجود ع

ربط القرطاجني بين االنفتاح على األفق المعرفي وبين استثارة المعاني القتباسـها ،ألن

األصل الذي به يتوصل إلى استثارة المعاني واستنباط تركيباتها هو التملؤ من العلـم بأوصـاف "

بها من أوصاف غيرها ،والتنبه للهيئات التي يكون عليها التآم تلك األوصـاف األشياء وما يتعلق

وموصوفاتها ونسب بعضها إلى بعض أحسن موقعا من النفوس والتفطن إلى ما يليق بها من ذلك

مثقفـا ومنتبهـا و فاالقتباس الجيد يتطلب مبدعا مطلعا )٤("بحسب موضع موضع وغرض غرض

فطنة التي ال يعدمها كل من له هذه الصفات ،وهي كلهـا تحيلنـا علـى في آن واحد باإلضافة لل

التركيبة النفسية والفكرية للمبدع ؛فالمادة التي ينهل منها هي ما خزنته ذاكرتـه مـن قـراءات

وأفكار وشاهده من تجارب ومشاهد ،وتخيله من آمال وأحالم ،وهو ما يجعل الشاعر وجها لوجه

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٣٧ا� .٣٧ن\,W ،ص) ٢( .٣٨ن\,W ،ص) ٣( .٣٨ن\,W ،ص) ٤(


٨٥

يتوجه بذهنه إلى التراث وينفتح على خبرات غيره فإنما يبحث عـن الشاعر حينما "مع التراث و

ورغم أنه في البداية يقرأ لمجرد المطالعة أو المعرفـة إال )١("نموذج أو إطار أو شكل فني يحاكيه

أن ذلك ينمي بنفسه حب تقليد هذا الرائع فتكبر الرغبة شيئا فشيئا إلى أن تجد لها خالصـا فـي

.الخطاب

قتبس منه لمجرد الخيال تأحدهما "ة االقتباس واستثارة المعاني فتتم وفق منهجين أما كيفي

.)٢("الفكر ،والثاني تقتبس منه بسبب زائد على الخيال والفكر ١وبحث

يعتمد على حدة الذكاء في التنسيق بين التخيالت ،وهذا باالعتماد على القوة علـى :المنهج األول

ضر صورة ما من محض النسيج المحاكى لصورة الواقـع فـذلك التشبه ؛فخيال الشاعر إذ يستح

ناجم عن حصيلة من التنسيقات التي يرتبها الخيال المبدع لكل ما تميز مـن الصـور واألفكـار

يتعلق على ذاته ليمتاح من طبعه وينقل عـن شـيطانه "باإلضافة إلى موهبته الفنية ،وليس له أن

دون إغفـال ،)٣(" بين طبعه الفطري وخبرات اآلخـرين المزعوم ولكنه ناتج عن اللقاح المعرفي

دور الفكر الذي يهدي القوة المائزة في عقد القرائن بين االقتباسات ،وهنا تعمـل قـوة التصـور

القوة الشاعرة بأنحاء اقتبـاس المعـاني "عملها ،في إدراك الصور بعد تحصيلها باالعتماد على

لها ذلك بقوة التخيل والمالحظة لنسب بعض األشـياء ومالحظة الوجوه التي منها تلتئم ،ويحصل

.٢ )٤(" بعضا هامن بعض ولما يمتاز به بعضها من بعض ويشارك به بعض

.ونلحظ هنا أن تجاوب القوى الفاعلة للنظم والمكونة للطبع متشابكة ال مرتبة وال متتالية

.١٠٦ ،صم٢٠٠٠، ١محمد طه عصر،مفهوم اإلبداع في الفكر النقدي عند العرب،عالم الكتب،القاهرة،ط) ١(�ج<@ ،ص) ٢(k4� .٣٨ا� .١٠٥�Wk -81 /]4، ص) ٣(�ج<@ ،) ٤(k4� .٣٨صا�


٨٦

بسة عـن طريـق الخيـال إال أن ما يضيق الخناق على الفعل اإلبداعي هو كون الصورة المقت

كون خياالت ما في الحس منتظمة في الفكر على حسب "انعكاسا حقيقيا لما هو ماثل في الوجود ؛

ويبدو من هذا )١("ما هي عليه ،ال تباين فيه ما تشابه في الحس وال يتشابه فيه ما تباين في الحس

ا ينطبق على النظرة الحسـية القول أن القرطاجني ربما يقصد الحواس الظاهرة ال الباطنة ،وهذ

المبدئية للصورة العيانية قبل حدوث االختراق ،بما تمتاز به من مادية جافة ألنها تقتضـي مـن

، قوة على معرفة ما تماثل من الصور وما تناسب ومـا تخـالف ومـا تضـاد "الشاعر امتالك

ولذلك فقد استدرك)٢("لة بالجملة ما انتسب منها إلى اآلخر نسبة ذاتية أو عرضية ثابتة أو متنقو

غير القرطاجني قوله بإيجاد حالة إضافية يبتكر الخيال خاللها صورا أخرى ممكنة الحدوث لكنها

تقع ،لكـن الـنفس لم اإلدراك من أي طريق كان أو التي "متحققة في الواقع الحسي عن طريق

لى بعض مقبوال فـي تتصور وقوعها لكون انتساب بعض أجزاء المعنى المؤلف على هذا الحد إ

على ذلك صورا شتى من ضروب المعاني فـي ضـروب تنشىءالعقل ممكنا عند وجوده ،وأن

.)٣("األغراض

،) ٤(يربط القرطاجني هنا بين العقل عن طريق اإلدراك وخيال المبدع وبين هذا األخير والحواس

اجه باالستعانة بقوة التمويه لتتصرف قوة التخيل فيه بحيث يعاد إنت ؛فالحواس تنقل المشهد كما هو

وهنا تكون الصورة النهائية إما مؤثرة مع احتفاظها بانتمائها للواقـع بتأييـد مـن العقـل وإمـا

١.افتراضية غير موجودة في الواقع إنما يقبلها العقل

فكل "،)٥(وقد تحدث القرطاجني عن عملية إدراك المعاني بدقة وهو في ذلك متأثر بابن سينا كثيرا

،ء له وجود خارج الذهن فإنه إذا أدرك حصلت له صورة في الذهن تطابق لمـا أدرك منـه شي

�ج<@ ،ص)١(k4� .٣٨ ا� .٣٨ن\,W ،ص)٢( .٣٩ن\,W ،ص) ٣( .١٠٢ج�'4 /]\>ر ،ص) ٤(�ه4ة،،ا'& س�<�،أ'> /�@ ا�1,�& ) ٥(��ن@،دار ا�8"�رف ،ا�jا� ,��ت ،12��0 س��8�ن دن��،ا�Y�.>Sرات وا��Hf٢٤٣،ص١٩٦٠ا.


٨٧

ة فإذا عبر عن تلك الصورة الذهنية الحاصلة عن اإلدراك أقام اللفظ المعبر به هيئة تلك الصـور

.)١("لذهنية في أفهام السامعين وأذهانهم ،فصار للمعنى وجود آخر من جهة داللة األلفاظا

ألنه يتحدث عن ارتسام الصورة وعالقتها بالجملة إال أنـه يحتـوي شكلي ذا التفسير ورغم أن ه

الذي يقدمه السياق الخارجي يتم تجاوزه عن طريق عمليـة لشكليمعنى آخر وهو أن المعطى ا

المجاز ،أو باألحرى الصياغة الجديدة بفضل المحاكاة التي تلفه مع قوة التخيـل فيلـبس شـكال

.جديدا ،األشياء منها ما يدرك بـالحس "حازما ربما يقصد الحواس الظاهرة ؛فإلى أن شرنا سابقا وقد أ ١

يـل ي إدراكه بالحس ،والذي يدركه اإلنسان بالحس فهو الذي تتخيله نفسه ألن التخ سومنها ما لي

مـن هيئـات هيله بما يكون دليال على حاليتابع للحس ،وكل ما أدركته بغير الحس فإنما يرام تخ

.)٢(" به والالزمة لهيفةألحوال المطا

ويبدو من خالل الممارسة اإلبداعية أن الصورة التي تنقلها الحواس مختلفة عن التي يتصـورها

الخيال؛ ألن هذا األخير يتجاوز ويخترق ،وبالمقابل تنقل حواسنا األشياء نقال أمينا يرتسـم بعـد

ـ راضها ،وكلما كانت األ عخواصها وأ ل ب األشياء المدركة بالحس تخي "ذلك في الذهن ،ف راض ع

.)٣("ة شهيرة مناسبة لغرض القول كانت أحسنبفي ذلك قري

بأن القرطاجني وفي مواطن كثيرة يومىء إلى ضـرورة مجـاراة الخيـال نرى وهو ما يجعلنا

.لجمال الطبيعة بالدرجة األولى ،ثم إضفاء بعض اللمسات الفنية على المعنى

لجمال بهذا القدر الذي يجعلنا ننقلها كما هي ؟أم أن الجمال موجود بالـذات ل الطبيعة تنبض با فه

المبدعة ،والطبيعة هي التي تستفزه فيتحرك؟

�ج<@ ،ص) ١(k4� .١٩_١٨ا� .٩٨ن\,W ،ص) ٢( .٩٩ن\,W ،ص) ٣(


٨٨

ومنها األشياء التي ندركها وبالتالي نقتبسها بغير الحس ،إال أن الحـواس ال تغيـب تمامـا ألن

ضئيلة الرقشاء ،فتتخيليقال ال"المعاني التي ال تدرك بالحواس تبنى على قرائن حسية ف

.)٢(وهنا يلعب المجاز دوره باالستعانة بالقوة الحسية والتصورية)١("الحية

إن القرطاجني يبين لنا كيفية اقتباس المعاني من مكامنها ،ونراه يركز على الطبيعة بشكل واضح

ات خاصة عندما يتعلق األمر بالمحاكاة التي يؤسسها علـى المعـاني الجمهوريـة ،فالمتصـور

الواضحة تدرك عن طريق الحـواس ومعهـا الخيـال فيجتمـع الواقـع بالخيـال فـي نقـل

واقتباسها وتظهر البراعة أكثر عندما يبدع الشاعر في تصور معان لم تنقلها الحـواس ١الصورة

.)٣("التي ليس لها وجود خارج الذهن أصال"وهي

ـ "الذي تستثار به المعاني فإنها :المنهج الثاني ه بسـبب زائـد علـى الخيـال تقتبس من

الفكـر " من دالالت بل يعمل ذهنه ويوجه ائجفالمبدع ال يكتفي بما يبتكره من صور ونت )٤("والفكر

هنـا القـرآن والقرطاجني ال يذكر )٥(" في نظم أو نثر أو تاريخ أو حديث أو مثلجرىإلى كالم

.)٦("الكريم رغم أن االقتباس ارتبط أول ظهوره بالقرآن الكريم

اإلحالة استحضار لسـياقات معينـة ،ون النص في تحاوره مع الموروث يحيل على جنس أدبي إ

يبحث الخاطر فيما يستند إليه من ذلك على الظفر بما يسوغ لـه معـه "تستجيب لسياق النص إذ

الـذاكرة ال تخـزن "ف)٧(" ذلك الكالم أو بعضه بنوع من التصرف والتغيير أو التضـمين إيراد

ولما يتم اقتباس هذه المكونات تذوب فـي ،)٨("وإنما تصهرها وتغير من طبيعتها الصورة فحسب

منه ،فالنصوص التي ال تحتك بالذاكرة الجمعية تبقى مجرد بـوح رائـق ال ءا النص فتصبح جز

)١ (k4�٩٩�ج<@ ،صا�. .١٣ا�8]-ر ن\,W ،ص:ان=4) ٢( .١٥ن\,W، ص) ٣( .٣٨ن\,W ،ص) ٤( .٣٩ن\,W ،ص) ٥( .٩٥ ،٩٤أح -8��M>ب ، ص: ان=4) ٦(�ج<@ ، ص) ٧(k4� .٣٩ا� .٩٠ج�'4 /]\>ر ، ص)٨(


٨٩

التي تمنحه عبقها إذا أحسـن )١("ال ينبغي للشعر أن يكون أيضا خاليا مغسوال من هذه الحلي "غير

يحيل على ذلك أو يضمنه أو يدمج اإلشارة إليه أو يورد معناه في عبارة أخرى على ف"توظيفها ؛

١.)٢("جهة قلب أو نقل إلى مكان أحق به من المكان الذي هو فيه

وهنا ال بد من اإلشارة إلى أن مصطلح التضمين يختلف معناه من ناقد إلى آخر فبينما يعده ابـن

عند أبي هالل العسكري ،وهو أن ) ٤("من عيوب الشعر "نجد أنه)٣("من محاسن الكالم"المعتز

: الفصل األول مفتقر إلى الفصل الثاني والبيت األول محتاج لألخير كقول الشاعر

كأن غدى قيل ليلة القلبي فباتت شرك عزها قطاة

يراح أو العامرية بليلىهقد تجاذبلق ون عالجاح

وبالمقابل نجد القرطاجني حافظ على أصالة المصطلح إذ بقي مرتبطا باألخذ المبتكر،والذي يقدم

احتماالت كثيرة لتوظيف العنصر المقتبس بغض النظر عن جنسه قصة كان أو مثال أو قصصـا

توفير هذا التناسب لـه قيمتـه فـي تحقيـق اإلثـارة "تاريخيا مع ضرورة تناسب السياقين ألن

) .٥("النفسية

كما يرتبط االقتباس بالتناسب، فإنه يرتبط كذلك بطبع الشاعر أي مـدى حاجـة سـياق

النص لما وظف فيه ،فإذا وجدت فيه ثغـرة نصـية أمسـى معهـا االقتبـاس ضـرورة فـي

ليزيد فيه فائدة فيتممه أو يتمم به أو يحسن العبارة خاصة أو يصير المنثور منظوما أو "؛الخطاب

؛قيمة التحسين وما أضفاه على النص ال إن المتلقي يتلمس بحسه أو)٦(" منثورا خاصةالمنظوم

.٢٨٦_ ٢٨٥ ، ص١ ا'& ر0�H ا��4وان@، ج)١(�ج<@ ،ص)٢(k4� .٣٩ ا��ن�، ص)٣(.k ٣٥٩ '-وي. .٣٥٨ ن\,W ، ص)٤()٥( ��!�،�\ssssssssssssssج<@ وا�\+س�ssssssssssssssk4��زم ا�ssssssssssssssح &�ssssssssssssss' ��-ssssssssssssss�� ن1�Mssssssssssssss[� ل�ssssssssssssss�Oا�،C�MOا� Aا -ssssssssssssss./ ت<\ssssssssssssssص

.٣٩ ،صم١٩٨٧،إ'4�5،س.٤،4.8S_٣،ا�"-دان٧%]>ل،��ج<@ ،ص)٦(k4� .٣٩ ا�


٩٠

أما من ال يقصد في ذلك إال االرتفاق بالمعنى خاصـة "نه يتذوق ما سهل مأخذه وأحكم مكمنه، أل

من غير تأثير من هذه التأثيرات ،فإنه البكي الطبع في هذه الصـناعة الحقيـق بـاإلقالع عنهـا

.)١("احة خاطره مما ال يجدي عليه غير المذمة والتعب وإر

إن قوة الطبع وسالمته تظهر في أدق تفاصيل الخطاب إذا تعلق األمر بالمواطن التي يمكـن أن

من الذاكرة ،وإذا ما تسرب التكلف لهذه المواطن انحل عقد النظم ،فالمبدع يحتاج في اتحتوي أثر

أن يظهـر أنـه مقتـدر علـى "لة لالنسياب مع الدالالت وب قدرة هائ إلىبعض لحظات اإلبداع

المناسبة بين المتباعدين وأن يغطي بحسن تأليفه ووضعه على ما بينهمـا مـن التبـاين بعـض

.)٢("التغطيةتلك التغطية التي يموه بها المتلقي الذي ال تخفى عليه مكامنها إن كـان بصـيرا بهـذه ١

واضـحا فـي اساتهم في السياق دونما مناسبة فيظهر ذلك وبعض الشعراء يقحمون اقتب ،الصناعة

يكد خاطره في ما ال تظهر فيه صناعته ظهورها في غيره وال يتوصـل بعـد " الخطاب ف سياق

.في الخطابوهذا يحدث خلال )٣("ذلك إلى الغرض المقصود بالشعر من تحريك النفوس

أي بحـذف مـا ال ؛ا بتغييرها إن اقتباس المعاني عند القرطاجني يعني التصرف فيها إم

الخبر مثال في ثنايا النص بما يخدمه وهو ما يحتاج تضمينيناسب السياق ،وإبقاء ما يناسبه، أو

،أو يدمجه مباشرة باإلشارة إليه إلقنـاع المتلقـي )٤(نوعا من الحيلة كما يقول ابن طباطبا العلوي

جعل المتلقي أكثر ارتباطا بالنص فيـزداد أكثر وهي كلها تقنيات فنية تزيد الخطاب سحرا كما ت

الحوار بينهما ،وتلك الغاية المنشودة من االقتباس والقرطاجني يستثمر هذا المصـطلح بأحسـن

.صفة ؛إذ يقتبس العنصر الجميل من الطبيعة ويوظف في النص من خالل المعاني المألوفة

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٣٩ا� .٣١ن\,W ، ص) ٢( .٣١ن\,W ،ص) ٣(�ر ا�G"4 ،ص: ان=4) ٤(�/، �.k�.k &'١١٣ا.


٩١

:الغموض والمبنى

رطاجني دور البنية في جودة التأليف وحسـن الـنظم يبين الق :تشكيل بنية الخطاب الشعري _١

األقاويل الشعرية يحسـن موقعهـا " وتعالي الخطاب، وتأثيرها على النفوس عندما يذهب إلى أن

من النفوس من حيث تختار مواد اللفظ وتنتقي أفضلها، وتركب التركيـب المـتالئم المتشـاكل،

ة على أجزاء المعاني المحتاج إليها حتى تكون وتستقصى بأجزاء العبارات التي هي األلفاظ الدال

١.)١("حسنة إعراب الجملة، والتفاصيل عن جملة المعنى وتفاصيله

النظم صناعة آلتها الطبع، والطبع هـو " ويعتبر القرطاجني الشعر أو ما أطلق عليه اسم

ن الكـالم في فهم أسرار الكالم، والبصيرة بالمذاهب واألغراض التي مـن شـأ للنفساستكمال

الشعري أن ينحى به نحوها، فإذا أحاطت بذلك علما قويت على صوغ الكالم بحسبه عمال، وكان

النفوذ في مقاصد النظم وأغراضه وحسن التصرف في مذاهبه وأنحائه إنما يكونان بقوى فكريـة

.)٢(" تتفاوت فيها أفكار الشعراء خاطريةواهتداءات

يرجـع _أي تشكيل وتركيب بنية الخطاب الشعري _ أن النظم والمتأمل في هذه المقولة يتبين له

في أساسه إلى ملكة توجد في اإلنسان بالطبع، لكن هذه الملكة تتطور وتنمو من خـالل القـوى

على تنمية الطبع الشعري ، والتي ال تحصل لإلنسان لحظة والدته، بل بعـد الصـقل المساعدة

.المتواصل والتعود المستمر

سرعة الخاطر إلى الشـاعر فيمـا ال "وسوء الفهم لحقيقة الشعر أن تنسب من العيب و

.)٣("يجب فيه أن ينسب إلى السرعة، وينسبون اإلبطاء فيما ال يجب أن ينسب إليه بطء

يكون قدر الـوزن فـوق " وهذا يرجع إلى طبيعة العالقة الجدلية بين بنية الخطاب ومحتواه، فقد

ال الحيلة فيما يستحسن من الحشو ، أو يكون قدر المعنى فوق قـدر قدر المعنى، فيحتاج إلى إعم

�ج<@ ،ص)١(k4� .١١٩ ا� .١٩٩ن\,W ،ص) ٢( .٢١٢ن\,W ،ص) ٣(


٩٢

الوزن، فيحتاج إلى الحذف واالختصار ، أو يكون المعنى دقيقا داعيا إلى إيراد العبارة عنه على

.)١("صورة يقل ورودها عفوا ، فال يتمكن الخاطر من إيرادها موزونة إال بتعمل ومحاولة

.ند صياغة الخطاب الشعري ع(*)بد من اعتماد مقياس التنقيح والتمكنولتخطي هذه الجدلية ال : الشعري للخطابالمبادىء البنائية _١٢

إن لبنية الخطاب الخارجية مبادىء ومقومات و قواعد كلية ،من هنا كان على مـن أراد

. )٢("التهدي إلى العبارات الحسنة " النجاح، في تجربته الشعرية

من أبسط وأصغر وحدة وهي الصوت ونطقـه، ثـم اللفظـة وتركيـب حروفهـا ويبدأ التهدي

وأصواتها ،ثم البنية التركيبية وخواصها الشعرية، وحجم انسجامها مع قواعد اللغة الذي ولـدت

. ضمنها التجربة الشعرية

: البنائية وهيلخطاب الشعري على جملة من المبادىءويرتكز ا

المواد اللفظية من شطرين أحدهما صوتي خارجي، حيث تكون تتشكل : اختيار المواد اللفظية -

منزلتها، وتوضع األلفاظ ، وال تنزل )٣("اللفظ المنزلة الالئقة في سياق الكالم "اللفظة جيدة، فينزل

في الموضع الالئق بها إال عبر اختيار اللفظ الواحد من بين مجموعة من األلفـاظ المماثلـة لـه

تحسن في مالفظ " حيث تشكليها الصوتي ، فيختار الشاعر اللفظة التي دالليا ، وتختلف عنه من

ما ينبغي أن يختار شطرها ك)٤("حروفها وانتظامها وصيغها ومقاديرها واجتناب ما يقبح في ذلك

ما يحسن منها باعتبار طريق من الطرق العرفية، وتجنب ما يقبح باعتبار ذلك ٢بحسب" الداللي

فيما ينزل بعضها منزلة غوي االجتماعي ينزل كلمات منزلة السوء،ألن العرف الل ؛)٥("

�ج<@ ،ص)١(k4� .٢١١ ا�

.٢١٤ا�8]-ر ن\,W ، ص(*) .٢٢٢ن\,W،ص) ٢( .١٠٧م،ص١٩٩١س4�8 أ'> ح8-ان،اf'+��9 وا�.+�9 ا�"،،��'4�G>>رات />�-ات ا�-و��،'�4وت،) ٣( .٢٢٢ن\,W،ص ) ٤( .٢٢٢ن\,W،ص )٥(


٩٣

. عندما تقع أصواتها على آذانهم وتتشكل المعاني في أذهانهم،داللية محببة من قبل المستمعين

بعض حروف " وذلك من حيث تالؤمها باعتبار الحروف، حيث تأتلف : حسن تركيب الكلمات -

جملة كلمة مع جملة كلمة تالصقها منتظمة " كلمات بحيث تأتلف باعتبار ال و )١("الكلمة مع بعضها

وباعتبار ، )٢("في حروف مختارة متباعدة المخارج مترتبة الترتيب الذي يقع فيه خفة وتشاكل ما

أال تتفاوت الكلم المؤتلفة " ظروف استعمال الكلمات المكونة لبنية الخطاب الشعري، بحيث يجب

، )٣(" في نهاية االبتذال واألخرى في نهاية الحوشية وقلة االسـتعمال في مقدار االستعمال فتكون

بل ينبغي أن تكون كل واحدة متقاربة مع األخرى منسجمة متوازية في الوزن، متقاربة المقاطع،

توقيع اللفظ موقعا مناسبا حين تأليفه مع ما يجاوره من ألفاظ أخرى ينطوي على قيمة فنية "ألن

إن مثل هذا التوقيع جـدير بنقـل التجربـة النفسـية الشـعورية، اإلبالغيـة وجمالية ، ال بل

ولهذا فالخطاب الشعري الناجح في نقل تجربة الشاعر هو ما كانت وحداتـه الدالليـة ،)٤("للمبدع

.منسجمة تستدعي الواحدة منها الوحدة التي تليها، وتبقى على صلة بما قبلها

إن الخطاب الشعري تعبير عن مقاصد المبدع، لذا كان :التسهل في العبارات وترك التكلف_

لزاما على الشاعر أن يعبر عما اختلج في نفسه دون تكلف فـي توظيـف األلفـاظ والتراكيـب

كون الكلم غير متوعرة المالفظ والنقل مـن بعضـها ت ١أن ب"المعبرة عن ذلك، ويحصل التسهل

إلى بعض، وأن يكون اللفظ طبقا للمعنى

، باعتبـار )٥("ه جارية العبارة من جميع أنحائها على أوضح مناهج البيـان والفصـاحة تابعا ل

لكل شيء " ألن فنا لفظيا راقيا، والفن ال يبالغ في تعقيد الصورة والتركيب والتخييل، رالشع

�ج<@،ص) ١(k4� .٢٢٢ا� .٢٢٢ن\,W ،ص) ٢( .٢٢٢ ن\,W ،ص)٣( .١٠٦_١٠٥س4�8 أ'> ح8-ان ،ص) ٤(�ج<@ ، ص) ٥(k4� .٢٢٣ا�


٩٤

ي مفرطا، وما وقع اإلفراط في شيء إال شانه، وأحال إلى الفسـاد احدمإذا تجاوزه المتجاوز س ،

.)١("صحته، وإلى القبح حسنه وبهاءه

، )٢("المقصد إغمـاض المعـاني " غير أن هذا التسهل يتجاوزه الشاعر ويتجنبه إذا كان

يستدعي تشكيله أحيانا أجزاء ووحدات بسيطة سـهلة، وقـد فن الشعري الخطاب أنونحن نسلم

ل من ناحيـة الداللـة نتيجـة تأتي المسحة الجمالية عكس ذلك، فيكون معقدا غامضا بعيد المنا

.غموض األلفاظ والتراكيب

وأما ترك التكلف فيكون بإدراك مسالكه وكل ما يؤدي إليه، إذ ينبغي علـى الشـاعر أن

م، أو بزيادة مـا ال يحتـاج إليـه أو الإما بتوعر المالفظ، أو ضعف تطالب الك " يدرك بأنه يقع

، وإما بعدل صيغة عن صيغة هي أحق بالموضع نقص ما يحتاج، وإما بتقديم وتأخير، وإما بقلب

، وكلها خـواص بنائيـة )٣("منها، وإما بإبدال كلمة مكان كلمة هي أحسن موقعا في الكالم منها

تجعل البنية الخارجية للخطاب الشعري ضعيفة التناسق، قليلة التجاذب، والتناغم واالنسجام، ومن

:قول المتنبي١ذلك

ت قومسنايا تفرالم أت فيكمرب في لكم فرالح بركرام ص

فجاء المعنى بعيدا أو ضعيفا، لضـعف ) الهاء(بالغائب ) الكاف(حيث استعاض ضمير المخاطب

.تطالب األلفاظ لبعضها البعض

.٢٦٠،ص١ا��-ي،ج) ١ (�ج<@ ،ص) ٢ (k4� .٢٢٣ا� .٢٢٣ا�8]-ر ن\,W،ص)٣(


٩٥

ويتحقق هذا بتخير مواضع األلفـاظ واألصـوات بحيـث ال : إيثار حسن الموضع والمبنى -

، فيسعى الشاعر دومـا علـى )١("رئ الحق في أن يذهب إلى ما يشاء دون قيد للقا" يترك

في الكالم بين كلم تتماثل في مواد لفظها أو فـي ىأن يؤاخ " المستوى اللفظي الصوتي إلى

١.)٢("صيغها أو في مقاطعها فتحسن ديباجة الكالم

ع تلك األصوات المتتالية التي ومن أمثلة ذلك سينية البحتري، ونونية ابن زيدون، إذ نالحظ ونسم

ف تعبر عن حرقة في النفس، وتوجع في الفؤاد تبعثهما زفرات متتالية في البيت الواحد عبر حر

السين عند البحتري، وأنين متواصل عبر متتالية نونية في البيت الواحد البن زيدون، ولو حصل

تباعد وتراخ بين هذه األصوات لما تركت هذه الحروف وقعها الموسيقي المشجي، واألمر مثيله

قبل في تراخ حاصل في األلفاظ والتراكيب، ألن الوقع الجميل تتراجع وتيرة تأثيره على نفس المت

.)٣("شتيتة النظم متخاذال بعضها عن بعض بعيدة أنحاء التطالب " لكون بنية الخطاب

:ومن ذلك التراجع الحاصل في وتيرة التأثير نتيجة تباعد عناصر البنية التركيبية كقول بعضهم

ذهول نفس عزف نحو وانثنت شيء_ هللا والحمد_ يضرها لم

بين عناصر الجملة جعلت في بنية البيت تراخيا، وتباعدا ) والحمد هللا (ضية فدخول الجملة االعترا

.ينقص من جمال ووقع صورة البيت، وتخييالته

�%� وا�\<>ن وا�داب ،ا�?>�L ،١٩٣�]V\M ن�ص� ،ا�� وا�S\,�4 وا�S>اص5 ، س�,�� /�� ا�8"�%4 ، )١(�j�� @>k<١٩٩٥ ، ا�8!�� ا�

.٩ص�ج<@ ،ص) ٢(k4� .٢٢٤ا� .٢٢٤ن\,W ، ص) ٣(


٩٦

: في البنية الشعريةاالستجداد والتأنق_ ٣

غير أن هذا ال يمنع مـن ، يرى القرطاجني أن اكتمال الفعل الشعري مرهون بالمحاكاة

ن موقع من النفوس من جهة اقترانها بالمحاسـن التأليفيـة والصـيغ تبيين ما للمحاكاة من حس "

. )١("المستحسنة البالغية

ومحاسن المحاكاة التأليفية التي تتعلق أساسا بأوجه التناسب بين المعاني تتقابل مع صيغ األلفـاظ

فـظ وفـق يتعاضد فيه اختيـار الل كما سلف بناء العبارة ،ف)٢(المتوافقة المحققة للتحسين البالغي

، ثم يتكامل فـي هيئـة الفصاحة في حديثهم عن تتشابه مع المقاييس التي طرحها النقاد مقاييس

، وكل هذا يسير فـي خـط أفقـي هذه المقاييس البناء التركيبي الملتزم ب تأليفية جامعة لخصائص

. شامل للبنية الصوتية للفظ

السابق، وهنا يكون االرتباط ويوازي هذا الخط مسار يتقصى الداللة التي هي نتاج الخط

بين المعنى واللفظ في مستوى داللي تركيبي يتبدى أساسا في المحاكاة وأوجـه التناسـب بـين

.المعاني

القرطاجني في وصف خصائص األلفاظ والمعاني من حيث تطلب التميز فـي قد اعتمد و

منظـور الترتيـب استخدامهما مصطلح االستجداد، وبمصطلح التأنق يبحث في العنصرين مـن

جهـة ١ والتأنق فيها من يجهد في استجداد العباراتمن أصحاب الروية من "والوضع إذ يرى أن

الوضع والترتيب،ومنهم من ال يستجد وال يتأنق،ومنهم من يستجد العبارة دون المعنى أو المعنى

ما من ال يسـتجد وال دون العبارة، ومن يتأنق في العبارة دون المعنى أو المعنى دون العبارة، فأ

) .٣("يتأنق فيه فليس يصدر عن مطبوع بروية

�ج<@ )١(k4� .١١٨ ،صا� .١١٩ان=4،ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢( .٢١٥ن\,W،ص) ٣(


٩٧

األلفـاظ والمعـاني، فتكامل الحسن في العبارة الفصيحة يكون باعتماد االختيار على مسـتوى ١

المواضع الالئقة وفق موقع العبـارات والمعـاني ،ومراعاة رائقة في الترتيب الشكال األواعتماد

.بعضها من بعض

على حدة دون من األلفاظ والمعاني مراتب االستجداد والتأنق في كل رطاجني ويضبط الق

واعلـم أن : " بقولـه على مستوى اللفـظ باالستجدادأن يغفل مستوى ترابط العنصرين، فهو يبدأ

منزلة حسن اللفظ المحاكى به وإحكام تأليفه من القول المحاكى به ومن المحاكاة بمنزلـة عتاقـة

،ف بعضها إلى بعض وتناسب أوضاعها من الصور التي يمثلهـا الصـانع األصباغ وحسن تألي

وبما أن الصورة إذا كانت أصباغها رديئة وأوضاعها متنافرة وجدنا العين نابيـة عنهـا غيـر

مستلذة لمراعاتها، وإن كان تخطيطها صحيحا، فكذلك األلفاظ الردئية والتـأليف المتنـافر، وإن

القبيحة التـأليف الرديئة فإنا نجد السمع يتأذى بمرور تلك األلفاظ وقعت بها المحاكاة الصحيحة،

فلذلك كانت الحاجة فـي ،عليها، يشغل النفس تأذي السمع عن التأثر لمقتضى المحاكاة والتخييل

.)١("هذه الصناعة إلى اختيار اللفظ وإحكام التأليف أكيدة جدا

وتأليفـه وموضـوع المحاكـاة مـن جهـة، القرطاجني يقابل بين اللفظيلحظ من هذا القول أن

واألصباغ وحسن تأليفها والصورة التي تتركب منها من جهة أخرى، وهذا بقدر ما يـذكر بعبـد

، بقدر مـا يكشـف )٢(القاهر وما درج عليه من إجراء المقارنة بين بنية العبارة وتأليف الصورة

فظية واعتماد التأليف الحسـن فـي إمكان تجاوز هذين الشرطين المتجسدين في انتقاء المواد الل

ترتيبها، إذ يمكن للقول أن يخلو منهما مع توفره على صحة المحاكاة، وهذا يدل على أنهما مـن

مرتبة التحسينات المضافة إلى الداللة الصحيحة يشهد بذلك تأكيد صـحة الصـورة المرسـومة

�ج<@،ص )١(k4� .١٢٩ا��ه4 ا�!4ج�ن@) ٢(��>ل /.- ا�� ا�]>روا�<�>ش، %?8� أنz 42ى ا�4جY2 -c 5>ر " :Y>� 58"2 @Sغ ا��وإن8� س.�5 ه�X ا�8"�ن@ س.�5 اQص.

� ا�]>رة وا�<�W'<{ @% y%@ اQص.Y>� 58/ @Sغ ا�� ،��د�4ه�� ،�Y"c>ا�غ، و%@ �ا�Xي ن,� إ�4q Vب �& ا�4�OS وا�S-'4 %@ أن\� اQص.�ء ن�WG �& أج5 ذ�z أ/!C، وص>رW2 أ49ب وآ�\��!% ،W.ح��YS- إ��W ص � �� Vإ� ،��ه��، وW.�242 إY� WجK� . 4/�G4 وا�/�Gل ا��آz�X ح

�ن@ ا�"� �8Y�p<2 @% =>1]>ل ا�� Yأن L8�/ @Sا� Wز ،" <1>، ووج>ه�!/f5 ا|xن@،د��ه4 ا�!4ج� .٨٨_٨٧ص /.- ا�


٩٨

سجم المقارنة في اعتماد وصحة خطوطها مع اإلقرار برداءة األصباغ وتنافر األوضاع، حيث تن

الحس في اإلدراك، إذ يكون تأذي البصر من رؤية فساد الصورة المرسومة متطابقا مـع تـأذي

.السمع من جراء تنافر الكالم المحاكى بها

وعلى الرغم من ضياع القسم األول من الكتاب المخصص لبحث األلفاظ، فـإن نصـا يـورده

من انتقاء اللفظ وإحداث التأليف الرائق، وإن كان يجمل عن قصده يكشف، في كتابه القرطاجني

.١)١(،إال أنه يمكن تلمس ما يخص به المواد اللفظيةالمبحثين معا

عند السـابقين، المفرد القرطاجني على ما حددته مباحث الفصاحة في مستوى وقد اعتمد

يرة العرف، وكذلك مراعاة إذ خص شروطا تتمثل في انتقاء اللفظ وفق الشيوع واالستعمال ومسا

الحسن في بنية اللفظ مما يعود إلى انسجام مادته الصوتية، وانتظام صيغته وفق قواعد الفصـاحة

. عموما

ويسد القرطاجني بهذه الشروط التي تراعي بنية األلفاظ الثغرة في إنجاز عبد القاهر الجرجـاني

. الصوتي هفي النظم، إذ غاب مبحث األلفاظ في مستوا

إفـرادا إلى رصد مستوى التأليف في مرتبة المواد اللفظية بعد ذلك القرطاجني انتقل ثم

صـفات عرفتهـا مباحـث ،وهي توازي )٢(أشكال االنسجام في التأليف اللفظي إذ حدد ،وتركيبا

، تتحدد في ضرورة إحداث االنسجام بين حروف الكلمـة الواحـدة عند النقاد السابقين الفصاحة

متعددة بمراعاة ما عرف من اعتماد تباعد المخارج وانتقـاء اللفـظ أو األلفـاظ وفـق والكلم ال

االنسجام الصوتي المتالئم الذي ال يسبب على مستوى التلفظ توعرا أو صعوبة، ليؤكد ضـرورة

إحداث التالؤم وفق الداللة بمراعاة عدم التناقض في حشد المبتذل بجوار الحوشي، أو ضـرورة

بمراعاة التجنيس أو االشتقاق أو السجع أو المزدوج، والحق أن هذه المسـتويات إحداث التناغم

. �& ه�X ا�4س��٨٨ص :ان=4) ١( . �& ه�X ا�4س��٨٩ص :ان=4)٢(


٩٩

الفعل وسيلة لترسيخ إال فما التحسين اللفظي في اللفظ تؤكد شمول فعل المحاكاة في نظر حازم

.التخيلي

ثم يرتقي القرطاجني في مبحث التأليف إلى مزيد من التدقيق في رصـد مواقـع الكلـم

وفق جملة المبادىء البنائية السابقة التي طرحت لتأليف الخطـاب اة التأليف بينها وضرورة مراع

.الشعري

بقـوة "ذلـك أن تميز العبارة ، صفات وخصائص ا ينتج عنه البنى التركيبية تحسين إن

إلى العبارات الحسنة يجتمع في العبارات أن تكـون مسـتعذبة جزلـة ذات طـالوة، ١ التهدي

حسن المواد والصيغ واالئتالف واالستعمال المتوسط، والطالوة تكون بـائتالف بفاالستعذاب فيها

رت العبارة عنه، والجزالة ما خفي سببه وقص وتشاكل يقع في التأليف رب صقيلةالكلم من حروف

ـ تتكون بشدة التطالب بين كلمة وما يجاورها و ق تقارب أنماط الكلم في االستعمال وسائرها يتعل

.)١("فردة من الشروط المذكورة التي تطرد الكلم بوجودها فيها أحسن إطرادباأللفاظ الم

فصفة العذوبة تكون للعبارات الحسنة بسبب حسن اختيار المواد والصيغ واالئتالف واالسـتعمال

، ثم ينـتج عـن تكون في التأليف في الجانب اللغوي على وجه الخصوص والطالوة المتوسط ،

واجتمـاع هـذه الـدوائر الذي يتعلق بنظام الجمل والقصيدة ككل ،ة، الكالم وصف الجزال تأليف

.يشكل محسنات النص من خالل تناسب كلماته المفردة والمركبة ضمن السياق

)١(،0'��ج<@،�]-ر سk4� .٢٢٢ص ا�


١٠٠

: البنية الختامية والغموض_٤

يجب أال يوقع فيها إال مـا "يضع القرطاجني شرطا ينبغي للمبدع أن يعتمده في القافية إذ

لنفس بحسب الغرض، وأن يتباعد فيها عن المعاني المشنوءة واأللفـاظ الكريهـة، له موقع من ا

.)١("وال سيما ما يقبح من جهة ما يتفاءل به

ويرى القرطاجني أن ما يقع من ذلك أثناء البيت قد يغتفر للشاعر فيه ؛ألن مـا يجـيء

القافية فإنه يجيء في أشهر بعده يغطي عليه ويشغل النفس عن االلتفات إليه،أما إذا جاء ذلك في

موضع وأشده تلبسا بعناية النفس ،وبقيت النفس متفرغة لمالحظته واالشتغال به ولم يعقها عنـه

من هنا كان على المبدع أن يكون أكثر حذرا أثناء اعتماد ألفاظه،التي يختم بها مقطعه ، )٢(شيء

.الحوشية،حيث ال ينحو بهذه األلفاظ نحو التعقد والشعري والبنائي

:تمكن القافية في بنية القصيدة الشعرية

للبنية الختامية دور في ربط مكونات بنية القصيدة، فهي تربط البيت بما قبله ومـا بعـده

،بحكم التماثل في البنية الختامية لكل األبيات المشكلة للقصيدة، ولهذا أدرجت في تعريف الشـعر

.)٣("كالم موزون مقفى" بوصفه د دعا القرطاجني إلى ضرورة النظر في هذه البنية ذات البعـد الموسـيقي والـربط وق ١

الختامي،والحرص على تمكنها في بنية القصيدة،ولكي تكون القافية متمكنـة، يجـب أن يحسـن

المبدع تخير بنياته، وخاصة ما تقوم عليه البنية الختامية للقصيدة،ويكون ذلك بتوجيه مزيد مـن

مقطـع الكـالم :"ي موطن اإلجادة ومعرض الشاعرية ،ألنها كما يقول القرطاجني العناية إليها فه

�ج<@ ،،ص) ١ (k4� .٢٧٦ا� .٢٧٦ن\,W،ص)٢ ( .٧١ن\,W،ص)٣ (


١٠١

وموضع تخلي السامع ،وتفرغه لتفقد ما مر على سمعه مما وقع فيها،فالسمع أقرب عهدا به وهو

. )١ (ارتسام فيه

اختيار المتلقي يوجه اهتمامه األولي نحو البنية الختامية، فإنه يتعين على الشاعر أن يحسن وألن

هما ينبغي الوقوف عليه، واالنتهاء بالكالم عليه، غير أن العكس قد يحصل عـن سـوء تقـدير

للعبارة داللة على أمر مكروه خارج عمـا جـيء بهـا " ألهمية هذه البنية ، وخاصة إذا كانت

حفظ للداللة عليه، إما باشتراك وقع في اللفظ، أو باستعمال أو بحدث فيه ولو للعامة، فيجب أن يت

:من ذلك، ومن ذلك قول الصاحب في عضد الدولة

تغلب الجديدان كر ما فتغلب تاءها تغلب أبناء على ضممت

.)٢ (! "يقي اهللا : فقال عضد الدولة

فلو تأملنا البيت من أول كلمة إلى آخرها لوجدنا الداللة واضحة، وإنما استهجن عضـد

"وجعله قافيـة،و ) تغلب(باعتبار ما توقفت عليه البنية الختامية،إذ جاء بالدال الدولة قول الصاحب

.)٣(" وردت اللفظة التي أنكرها عضد الدولة في أثناء البيت لكان األمر فيها أسهل لووبما أن القصيدة عمل فني لفظي يشترك فيه المتلقي كما يصنعه المبـدع، فإنـه يتحـتم علـى ١

أن يختار لكل بيت من أبيات القصيدة بنية ختامية ، لتوجيه المتلقي نحـو للقصيدة عالشاعر المبد

.ما يريده دون أن يقع في المشكل الداللي المستنكر من طرف المتلقي

�ج<@، ص) ١(k4� .١٥١ا� .١٥٠ ا�8]-ر ن\,W ،ص)٢( .١٥١ن\,W ،ص) ٣(


١٠٢

: االنفصال واالتصال في القافية-

:تتمثل هذه الثنائية الضدية في القافية من خالل الحاالت التالية

غير مفتقرة إلى ما بعدها، وال مفتقر ما " قافية من الناحية الداللية تكون فيها ال : الحالة األولى _١

. ،وهذا ما يستحسن على اإلطالق)١("بعدها إليها

يكون كالهمـا " تكون فيها القافية غير مستقلة عن بنى البيت الالحقة ، ومن ثم :الحالة الثانية _٢

بة للبيت الالحق، أو يكون العكس، وهو ،أي تكون حاجة البيت السابق بالنس )٢("مفتقرا إلى اآلخر

.)٣("مناقض للقسم المستحسن" أقبح الحاالت ألنه

وتسمى هذه الحالة التي تأتي عليها القافية التضمين ، فيتضمن ما بعدها شيئا: الحالة الثالثة_٣

)٤("ا إليهاتكون مفتقرة إلى ما بعدها وال يكون ما بعدها مفتقر" منها من الناحية الداللية، وبالتالي

ما بعدها مفتقرا إليهـا وال " وهي افتقار عكسي بالنسبة للحالة الثالثة، ، فيكون : الحالة الرابعة _٤

.)٥("تكون هي مفتقرة إليه

وإن كانت الحالتان الثالثة والرابعة أقل قبحا من الحالة الثانية ، فإنهما أقل حسـنا مـن الحالـة

القبح عند القرطاجني بحسب شدة االفتقار أو ضعفه، وأشـد فدرجات التضمين تتفاوت في ،األولى

االفتقار افتقار بعض أجزاء الكلمة إلى بعض ،وربما صنع شاعر قوافيه على هذا الوضع ليعمي

١.)٦(موضع القافية

�ج<@ ،ص)١(k4� .٢٧٦ ا� .٢٧٦ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢( .٢٧٦ن\,W،ص) ٣( .٢٧٦ن\,W،ص) ٤( .٢٧٦ن\,W،ص) ٥()٦(>Sسxا Vإ� ��n\وا�، ��n\�8 ا�S2 Vر ا�"8-ة إ��S%ا ��ر أح- أجKاء ا�?+م ا�48آC ا�8\�- إ�V ا�4p ،وأ��S%ر ،ا��S%xة ا-H @% �<�S��د و

�ن sإذا آ Ws��/ �sM"� �s� Vsف إ�<sM"8ر ا��s�S%ر ،وا�8sqf��?>ن هXا ح�� 2�>م ا�-V�/ ��x ا�4s8اد ' �� & ذ�z ،وإن81.c 5c}% ا�"8-ة Vإ��ن sوآ �sM"ر وا��8sqfا _s8S5،وإذا اجYsر أس�8sqf4 ا�ن أ�� آ[c��، %�ن آ�ن ا�M"8>ف ن1.c 5cوأ zذ� &� �pأ ��2 �ا�M"8>ف آ+�

��را وإن آ�ن ا�?+م ا�M"8>ف 2�S%ا xو �>�8n2 zذ� -"� � 48n84 ا�Yuر ،%�ن أ�8qf4 ا�أ C"وص �M"ا� �Yج &� W�% 4�Q5 اYس ��"V�/ �M ا�8�-ر %��_ ا�41ف ا�"��k ص-را -�% �n��4 حXف ا�41ف ا�"��k ،وأ-�S' 5�S,�� Qن ا�?+م \M/.

.٢٧٧ا�8]-ر ن\,W،ص:ان=4


١٠٣

:الغموض واألسلوب

تصدى القرطاجني إلى عناصر األسلوب األساسية من ألفاظ ومعان وعبارات وصـور

ه لمقاييس تضبط هذه العناصر بما يسمو باللغة إلى مصافي الشعرية ،ويكسـبها ،من خالل وضع

قبوال لدى المتلقي،وحيث أن الكلمة هي العنصر األول في تشكيل القصيدة فقد ابتدأ القرطـاجني

.حديثه بها وبسماتها الفنية التي تميزها شعريا عن غيرها

: الكلمة المفردة وسماتها األسلوبية_ ١

)١(عاما يقيم من خالله الكلمة المفردة ،وهو حسن وقعها في النفوس قيدا القرطاجني تخذ ي

وال يتأتى ذلك إال إذا توافر باأللفاظ ،عنصر العذوبة،واللفظ المسـتعذب هـو اللفـظ الجـدير

،باالستعمال األدبي وإن كان غريبا بالنسبة إلى الجمهور ذلك ألن غرابته تتالشى بسياق الكـالم

فظ المستعذب وإن كان ال لال"نا دعا القرطاجني إلى ضرورة االحتفاظ بسمو اللغة األدبية ف من ه

يعرفه جميع الجمهور مستحسن إيراده في الشعر ألنه مع استعذابه قد يفسر معناه ،لمن ال يفهمـه

،ما يتصل به من سائر العبارة وإن لم يكن في الكالم ما يفسره لم يعوز أيضا وجـدان مفسـره

.)٢("أو أكثر منهم كونه مما يعرفه الجمهورل

استعمال اللفظ المعروف المشهور مع عذوبته أفضـل القرطاجني ينبه إلى أن لى أن ع

ويبين أن أحسن ما يستعمل في صناعة الشعر هو اللفـظ ،من استعمال اللفظ الغريب مع عذوبته

١. بين العامة مبتذالشائعا ،أي أنه ال يكون مقصورا على الخاصة ،وال) ٣(المستعذب

. لها لضبطها بما يحقق الشعريةالسمات األسلوبيةيقف القرطاجني مع الكلمة ليضع

:السمات األسلوبية للكلمة المفردة

ذلك أنإن المبدع يختار ألفاظه بدقة ،ويبتعد عن كل األلفاظ التي تضعف أسلوبه ،:الدقة _١

�ج<@ ،ص)١(k4� .٢٩ ا� .٢٩ن\,W ، ص) ٢( . ٢٩ن\,W ،ص)٣(


١٠٤

ي إلى إطالة الطريق في الوصـول للمعنـى المـراد ؤدتجانبة الصواب في اختيار األلفاظ ، م ١

اإلخالل بوضع الكالم وإزالة ألفاظه عن مراتبها حتى يصير المتأخر متقدما والمتقدم متـأخرا "و

فتتداخل األلفاظ بعضها على بعض فتشكل العبارة وال يتحقق نظامها قبل التقـديم والتـأخير وال

. )١("ان الفرزدق يكثر من هذا النوع كأنه كان يقصدهيعلم كيف كان ،وهذا المذهب رديء جدا وك

ويقصد باإليحاء أن تتجاوز الكلمة في دالالتها المدلول اللغوي وتكتسب معاني زائدة : اإليحاء_٢

للكلمة الموحية أثـر و ،)٢(عليه تثيرها في النفس ،وإن كانت هذه المعاني ليست في معاجم اللغة

.ه من معاني محيطة تقبع خلف المدلول اللغوي األصلي لأللفاظكبير في النفس ،وذلك لما تثير

فقد يكون للفظة داللة تخرج عما جيء بها للداللة عليه ،إما باشتراك وقـع بـاللفظ ،أو

.)٣( ولو للعامةبعرف واستعمال حدث فيه

يراد بهذه السمة أن تكون حروف األلفاظ منسجمة مع بعضها ،بما يسـهل نطقهـا، :السهولة_٣

.)٤( لك أن الحروف المتنافرة تعيق من التعبير وهو ما عبر عنه القرطاجني بلفظ التوعرذ

.)٥(ويتناول القرطاجني مقياس السهولة من خالل ربطه بالعذوبة والشيوع واالستعمال :يقسم القرطاجني األلفاظ من حيث السهولة واالستعمال إلى ثالثة أقسامو ٢

.التي ليست بعامية وال ساقطة وال متوعرة وحشيةاأللفاظ المستعملة المفهومة _١

.األلفاظ التي ارتفعت عما يفهمه جميع العامة وكان علمها مقصورا على الخاصة _٢

.)٦(اللفظ الحوشي الذي ال يفهمه إال األقل من خاصة األدباء _٣

لغامضـة زمان ،والكلمـات ا إلى ثقل الكلمات أمر نسبي يختلف من لغة إلى لغة ومن زمان إن

.وكذلك األمر بالنسبة للكلمات الواضحةتتفاوت في غموضها ،

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٨٧ ا� .١٥٠ا�8]-ر ن\,W ،ص:ان=4) ٢ ( .١٥٠ا�8]-ر ن\,W،ص:ان=4) ٣( .٢٢٣ن\,W،ص:ان=4 ) ٤( . �& ه�X ا�4س��٩٥ص :ان=4) ٥(�ج<@ ،ص:ان=4 ) ٦(k4� .١٨٩ا�


١٠٥

استعمال ما خـف وتناسـب وأن مـا إلىويشير القرطاجني إلى أن الذوق العربي يميل

).١(جرى على ألسنة العرب يبعد عن الثقل والتنافر

فة حسن الموقـع يقرر القرطاجني أن من شروط البالغة والفصاحة األلفة ،ويراد باألل :األلفة_٤

.التي ال يفهمها إال األقل من خاصة األدباء فهي الكلمة الغريبة،أما)٢(من نفوس الجمهور

بشرط أن يحسن في بعض المواطن ولكن الحوشي والساقط استعماللشاعر ل ويسوغ القرطاجني

. )٣(ذلك ،ويضعه في موضعه

مـا دام منسـجما مـع لحوشي واإذن القرطاجني ال يعيب على المبدع استعمال الغريب

.سياق القول

يقرر القرطاجني أن اللفظ المتوسط في االستعمال هو أفضل ما يستعمله المبدع فـي :الطرافة_٥

،صوغ خطابه ،لمناسبة األسماع والنفوس ،األمر الذي يضطر المبدع إلى تجنب اللفـظ العـامي

.)٤(والساقط السوقي اعلم أن االبتذال في األلفاظ " والطرافة أمور نسبية حين قرر )٥(وقد فطن القرطاجني أن الغرابة ١

وما تدل عليه ليس وصفا ذاتيا وال عرضا الزما ،بل الحقا من اللواحق المتعلقة باالستعمال فـي

.)٦("زمان دون زمان ،وصقع دون صقع

�ج<@ ،ص: ان=4) ١(k4� .٢٣٢ا� .٢٥ا�8]-ر ن\,W،ص: ان=4) ٢(�/4 اQوزان وا��>ا%@ ،٨٢ن\,W،ص) ٣(G4 ا�Mn2 ع ،ح��,2xوا `��,Sب ا��8�ل �& '"Sسxا اXه. .٨٢_٨١ن\,W،ص:ان=4 ) ٤(�م )٥(,cأ Vإ� �YS�+ء�& ح�� ال وا��4ا'� ،وXS'x& ح�� ا�ج<@ ا�?��8 �k4��, ا��8�ل _١ "Sن اس�� اسW�8"S ا�"4ب دون ا�18-}�& ،وآ�

��ر و4�9ه"HQ4ا %@ ا�jآ W� ا ح,& %]�`،ا�"4بXY%،4اد� ،_٢��1,& إ x اXY% WSص�� xو W\��}2 &,1�� اسW�8"S ا�"4ب ��c+ و� �٣_ �� ، �s��ص� ا�18-}�& دون /��XY%، YSا ح,& ج-ا ،Qنp W+ �& ح>��H ا�"4ب وا'XSال ا�"pا�"4ب و W�8"S4ب _٤اسs"م ا�+sآ @s% 4sjآ �s�

�ص� ا�18-}�& و/��YS ،و� �?4j %@ أ�,<� ا� pو،W' س}' +% ��"٥_ sاس Vs>"8ا� z�Xs� ن�sوآ، �s�� آ�ن آz�X ،و�?<W آ4j %@ أ�,s<� ا�"� Wا�XS'x W��8"Sاس `.��ص� /& هXا ،%XYا Oا� W' L>�S٦اس_ Ls,4 ،و��spm sاس Ws� ��sو�، �s��ص� وا�"O4ا /<- ا��jس آxا zن ذ�<?�أن

sSء ا��sHQا &s� &ss?� sو�، �sص�Oا� &s� �4sذآ Vsج إ�<sأح �s��" -s� xXsS.�ls\� 5sj ا�4ssأس ا�" xو `.s�� x اXsY%، &ssY85 ا�sه}' Cs,أن @sه @�|_ %XsYا �.XsSل ، _٧وا�"�&،>s[��أن s?2>ن ا�?��s8 آ4s�jة _٨أن �?>ن آ8� ذآ4ن� ،إx أن ح�ج� ا�"�� Ws أآsY%، 4sj> آ4s�j ا�s-وران '�Y>s آ

� '"7 ا�"4ب ن�درا �8 Y�8"Sاس -cو، V>"8� &�{-18ل /<- ا�"4ب وا��8"Sسxا،اXه C>S!�أن �?>ن ا�"4ب وا�"��s _٩"<C!�%، 4pm V أن `�s.c 4s��Sا� Vs�/و، xXsS.� ��s� 4بs"ا� Ws' Ls�Mن �s� V�/ �Y��8"Sس�% 4��2 4�9 &� �Y� ل ا�">ام�8"Sن اس��ص� ،وآOدون ا� �اسS"�8>ه

�ج<@،،ص.�.XSلk4� .٣٨٦ا� .٣٨٦ن\,W،ص) ٦(


١٠٦

كون حـروف بأن ت،يرى القرطاجني أن الكلمة تبتعد عن الشاعرية لسوء تركيبها :الشاعرية__٦

الكلمة غير مؤتلف بعضها مع بعض ،أو تكون غير حسنة المالفظ لسوء تركيبها وعـدم إلـف

.)١(السمع لها

هيئـة تحصـل عـن التأليفـات ":والقرطاجني هنا يشير إلى مفهوم النظم ،الـذي حـده بأنـه

ليف بـين فالنظم هو الهيأة المشكلة للقصيدة بكامل عناصرها ،من خالل تحسين التـأ ،)٢("اللفظية

. والتركيب للعناصر كاملة،األلفاظ

.)٣(أي أن تكون الكلمة مسموعة عن فصحاء العرب:االستعمال اللغوي _٧

وإذا كان الخليل بن أحمد يبيح للشعراء أن يتصرفوا بالكالم أنى شاءوا ألنهم أمراء الكالم ،فـإن

وايات الصحيحة مـن كـالم يما اجتمعت عليه الر د ف ال يقبل من الضرائر إال ما وج "القرطاجني

.)٤("علية الفصحاء منهم أن تكون هذه اإلضافة معتمـدة ،ما يجب مراعاته في استعمال الكلمة إذا أضيفت إلى غيرها مو١

على االستعمال الذي يقربها إلى النفوس ،وإال نشأ عن ذلـك إضـافات ممقوتـة ،واسـتعارات

آخى في الكالم ،وربمـا دل بـذلك فـي فمن حسن الوضع اللفظي أن يو "بعيدة،يقول القرطاجني

بعض المواضع أول الكالم على آخره ،ومن ذلك وضع اللفظ إزاء اللفظ الـذي بـين معنييهمـا

تقارب وتناظر من جهة ما ألحدهما إلى اآلخر انتساب وله به علقة ،وحمله عليه في الترتيب فإن .)٥("اجة واستدالال بأوله على آخره هذا الوضع في تأليف األلفاظ يزيد الكالم بيانا ،وحسن ديب٢

�ج<@ ، ص: ان=4) ١(k4� .٢٢٢ا� .٣٤٦ن\,W، ص) ٢( .١٨٠ن\,W،ص:ان=4) ٣( .١٨٠ن\,W،ص) ٤( .٢٢٤ن\,W،ص) ٥(


١٠٧

أن تكون األلفاظ مع عدم تراخيها بعيدة أنحاء التطالب شـتيتة الـنظم "ومن قبح الوضع والتأليف

:كقول الشاعر ،) ١("متخاذال بعضها عن بعض

ذهول نفس عزف نحو وانثنت شيء _هللا والحمد _يضرها لم

عض الكلمات قد تكتسب معاني جديدة ،تتجاوز أصل الوضـع وينبه القرطاجني إلى أن ب

ومما يندرج في هذه الجملة قول المتنبي في أم سيف )٢( وذلك باستعمال أحد الشعراء لها ،اللغوي

:الدولة

كمال في ابنك علي وملك مسبطر فوقك العز رواق

) شاعر مجون (وال سيما بعد أن استعملها ابن حجاج فلفظه مسبطر بعد قوله للمرأة فوقك قبيحة ، "

.)٣("حيث استعملها وعرف ذلك من قوله

من المعيب عند القرطاجني استخدام الكلمة المشتركة ،التي ال يظهر المراد منها لما :االشتراك_٨

فإذا اضطر المبدع إلى بعض هذه الكلمـات ،يتحـتم عليـه أن ،في ذلك من الغموض واإلشكال

.معناها المقصود بالسياق والقرائن حتى يتضح المعنى ويستبين يكشف عن

:ومن ذلك قول امرىء القيس

i على لأمين لفتك ومخلوجة سلكى نطعنهم iنابل

.)٤("ألن الكاف محتملة أن تكون ضميرا مضافا إليها ما قبلها ،وأن تكون حرفا جارا لما بعدها" أن يحترز من الوقوع بمثل هذا اإليهام إن كان قصد الكالم البيان ألن ذلك وينبغي للمبدع ١

�ج<@ ، ص) ١(k4� .٢٢٤ا� .١٥١ا�8]-ر ن\,W ، ص) ٢( .١٥١ن\,W ، ص) ٣( .١٨٦ن\,W ، ص) ٤ (


١٠٨

.)١("مستهلك للمعاني ،وحاجب لألفكار عن حقائق المقصود بالكالم "

:ومن ذلك أيضا استخدام عبارة ال تدل على المعنى المراد داللة قاطعة كقول جرير

أفعل لم ما فعلت رحيلال يوم عهدكم آخر أن أعلم كنت لو

فعلت ما لـم (:فوجه االشتراك في هذا أن السامع ال يدري إلى أي شيء أشار من أفعال في قوله

أأراد أن يبكي إذا رحلوا ،أو يهيم على وجهه من الغم الذي لحقه ،أو يتبعهم إذا ساروا ،أو )أفعل

ا يتذكرونه ،أو غير ذلك مما يجوز أن يمنعهم من المضي على عزمة الرحيل ،أو يأخذ منهم شيئ

.)٢(يفعله العاشق عند فراق أحبته ،فلم يبن عن غرضه ،وأحوج السامع إلى أن يسأله عند رحيلهم

علـى المعنـى القـبض الذي يمكننا من ، فاأللفاظ المشتركة ال يمكن أن تفهم بعيدا عن السياق

. المقصود

كالم عـال فـي من هذه األلفاظ أنه ال يأتلف رطاجني الق يرى :ألفاظ العلوم و الصناعات _٩

البالغة ،ويعلل لذلك بأن من شروط البالغة والفصاحة حسن الموقع من نفوس الجمهور ،وهـذا

بأن البصراء بهذه الصناعة كأبي الفرج وأضرابه قد نـص :"ما تفتقر إليه مثل هذه األلفاظ،ويقول

لعبارات المصطلح عليها في جميع ذلك ،ونهـوا عـن جميعهم على قبح إيراد المعاني العلمية وا

.)٣("يراد جميع ذلك في الشعرإ

.)٤(ويضيف القرطاجني أن استعمال هذه األلفاظ أشد قبحا من استعمال األلفاظ الساقطة المبتذلةفال يحسن فـي الشـعر أن "ويربط القرطاجني بين استعمال هذه األلفاظ وبين غموض المتكلم ١

،والمـتكلم لمقد نقلت إلى علم ما فتجعل العبارة بها صالحة لما تدل عليه في ذلك الع تؤخذ ألفاظ

�ج<@ ،ص) ١(k4� .١٨٧ا� .٣٣ص أ'> ه+ل ا�",?4ي ،:ان=4) ٢(�ج<@ ، ص) ٣(k4� .٢٥ا�)٤ (،W,\١٨٩ص ن.


١٠٩

صل اللغة ،وإنما قصد اإللغاز عن مراده ،فهذا ال يحسـن أال يريد إال المعنى الذي تدل عليه في

.)١("في المقاصد التصريحية

اكاتها والتخييل أما إذا كان غرض الشعر مبنيا على وصف أشياء علمية أو صناعية ومح

ألن للشاعر أن يحاكي شيئا من "؛في شيء منها فإيراد تلك العبارات غير معيب في ذلك الغرض

.)٢("جميع الموجودات ويخيل في واحد واحد منها ماتميل إليه النفوس أو تنفر عنه

: صناعة النحوإلى في ما يرجع ومن ذلك قول أبي تمام

خرقاء بلعقول يبا بالعهاحب بباألسماء األفعال كتلع

:وقول أبي العالء المعري في مثل ذلك

الجمع في الصحائح وتكسير مآق تذمه فراق عن تفرى تالق

لينشدني كل واحد منكم أغزل ما يعرفه من الشعر فأنشده كل :وحكي أن عز الدولة قال لندمائه"ه فلما انتهى القول إلى أبي الخطاب مفضل بن ثابت الصـابي وكـان أبـوه واحد منهم ماحضر ١

:قول أبي العتاهية طبيبا أنشده

ددر ولم لي قال أحمبي ما ي حبا نعم قلت ثم فتنفست

ة أتحبتبقا؟ ،الغداة،عح فعرقا عرقا العروق في جرى

.)٣("ترثها عن كاللةلم ال تخرج بنا يا أبا الخطاب عن صناعة الطب التي :فقال له بختيار

�ج<@ ، ،ص) ١(k4� .١٨٨ا� .١٩٠ا�8]-ر ن\,W ، ص) ٢(�ج<@ ،ص ) ٣ (k4� .١٩١ا�


١١٠

: المهلبي الوزيرقول بعض األدباء إذا سمع وكان

i من القواعد ممكنة رتب له من يا iفؤادي

.)١("هذا يصلح أن يكون شعر بناء: قالوا"

أبى نواس ياتشعيب القالل أب أباأنشدت : قال. حكى أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ و

:التي أولها

ودارس جديد منهم أثر بها وأدلجوا عطلوها ندامى ودار

. )٢(" طن، فوصفه من طريق صناعته فيههذا شعر لو نقرت": فقال

ـ غوقد أوردنا هذه األمثلة على غير ما أوردها ":يقول القرطاجني ناعة يرنا فكل ما انتسب إلى ص

ليها أو عبارة مستعملة فيها،فليس يحسـن إمن الصنائع انتساب ما ذكر من حيث هو معنى راجع

استعماله في الشعر ،إذ الواجب أن يقتصر باألشياء على ما هي خاصة به وأال يخلط فن بفن بل

.)٣("يستعمل في كل صناعة ما يخصها ويليق بها ،وال يشاب بها ما ليس منها

صطلحات العلمية في الشعر معيب إذا أدى إلى التعمية واإللغـاز ،أمـا إذا كـان إن استخدام الم

الشعر مبنيا على وصف أشياء علمية أو صناعية ومحاكاتها والتخييل في شيء منها فإيراد تلـك

.العبارات غير معيب ١

�ج<@ ، ص) ١(k4� .١٩١ا� .١٩٢ا�8]-ر ن\,W ، ص) ٢()٣ (،W,\١٩٢_١٩٠ صن.


١١١

: وسماتها األسلوبيةالعبارة األدبية-٢

ة جاء ضمن حديثه عـن المحاسـن التأليفيـة العبارات األدبي عنإن حديث القرطاجني

نه لما كان للـنفس إ"ووالصيغ البالغية المستحسنة ،وهو يبدأ ببيان أثر العبارة األدبية في النفس ،

اجتالء المعاني في العبارات المستحسنة من حسن الموقع الذي يرتاح له ماال يكون لها عنـد في

فال ، قد يلقى إليه المعنى بعبارة مستقبحة ...د اإلنسان ولهذا نج ،...قيام المعنى في عبارة مستقبحة

.)١(" فإذا تلقاه في عبارة بديعة اهتز له وتحرك لمقتضاه،يرتاح له في واحد من هذه األحوال

كما أن العين والنفس تبتهج الجتالء مـا لـه شـعاع "ويقول موضحا أثر العبارة األدبية

ور ما لم تبتهج لذلك إذا عرض عليها لها كالزجاج والب عن ولون من األشربة في اآلنية التي تشف

تنفي آنية الحوجب أن تكون األقاويل الشعرية أشد األقاويل تحريكا للنفوس ،ألنها أشد إفصاحا م،

اإلنسانية ،إذ كان المقصود بها الداللة على أعراض الشيء ولواحقه التي غراضعما به علقة األ

. )٢("قةللآلداب بها ع

معه أغراضه التي تتصـل بميـول الـنفس تبعث المعنى مجردا بل تقدم فالعبارة الشعرية ال

،وهي شفافة واضحة أقرب ماتكون إلى شفافية البلور ،وإن احتجبـت فإننـا يمكـن أن وأهوائها

.نعاينها إذا نظرنا فيها

ة اللفظ من القول ،وجعل منزل القرطاجني أهمية اللفظ بالنسبة إلى التعبير األدبي وقد قرر

١.كمنزلة األصباغ التي يستعين فيها الفنان لتشكيل صورته بطريقة مبدعة متناسبة

تركيـب ثم أخذ في ذكر مقومات األقاويل الشعرية ،وخصائص لغة األدب مـن حيـث

التركيب المتالئم ،واستقصاء أجزاء العبارات التي هي األلفاظ الدالة على أجزاء األلفاظ المختارة

�ج<@ ،ص)١(k4� .١١٨ ا� .١١٨ن\,W،ص) ٢(


١١٢

،وما يتبع هذا الحسن من القبض علـى عراب اإل حسنة العبارة لمعاني المحتاج إليها حتى تكون ا

١.)١( المعنى ،ألن اإلعراب فرع المعنى

ويعقد القرطاجني فصال عن حسن التعبير وإجادته ،ويقرر أن االهتـداء إلـى العبـارة

كون للشاعر قوة يستولي فكره بهـا وبأن ت "األدبية إنما يرجع إلى الملكة التي طبع عليها األديب

على جميع الجهات التي يستكمل حسن الكالم بالترامي به إلى كل جهـة منها،والتباعـد عـن

.)٢("الجهات التي تضادها

وموإذا كان القرطاجني قد ذكر بعض األسباب التي تحسن بها العبارة والمقاييس التي تق

قد تعـدم هـذه "ساس األول في ذلك هو الذوق حيث بها فنية التركيب ،فإنه يقرر صراحة أن األ

من أين وقع فيها الـتالؤم ىالصفات أو أكثرها من الكالم وتكون مع ذلك متالئمة التأليف ال يدر

.وال كيف وقع

.)٣( " كنهه ماليس ذلك إال لنسبة وتشاكل يعرض في التأليف ال يعبر عن حقيقته وال يعلم

ير عند حد اإلعراب والجملة المركبة وإن كان يرى أن من وال يقف القرطاجني من التعب

،فهو ال يعنى كثيرا بدراسة النحو )٤(شروط فصاحة المركب أن يكون جاريا على العرف العربي

.ولعل هذا يعود إلى افتراضه المسبق أن يكون المبدع صحيح األداء حتى يكون أديبا مبدعا

الواجب أال تسد عبارة مسد عبارة أخرى في حسـن فومعنى وعنده أن العبارة وإن استوت داللة

.)٥(وقع وإن كان مفهومهما واحدا ألن إحداهما أشد مناسبة بالموضعالم

ويحسن باألديب أن يضفي على عبارته ما يكسبها جدة ويبعد بها عن التواطؤ والتشـابه

إلىناسبا للغرض ،وسبيله حتى يكون كالمه مقبوال من النفس ومواإلسآم وما يبعث على الملل

�ج<@ ،ص: ان=4)١(k4� .١١٩ا� .٢٢٢ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢( .٢٢٣ن\,W،ص) ٣( .١٦_١٥ا�8]-ر ن\,W ، ص:ان=4) ٤( .8١٧٩]-ر ن\,W ، صا�:ان=4) ٥(


١١٣

معرفة كيفيات تصاريف العبارات ،وهيئات ترتيبها وترتيب ما دلـت عليـه ،والبصـيرة " ذلك

بضروب تركيباتها وشتى مآخذها ،وبقوة مالحظات الخواطر لضروب تلك العبارات وأصـناف

لمختارة لمسـلك ت ما دلت عليه ،وللحيل التي تنتظم بها تلك العبارات على الهيئات ا آتها وهي آهي

وضـع مالوزن باختصار أو حشو ،أو إبدال لفظة مكان لفظة أو تقديم أو تأخير ،وبسرعة التنبه لل

الذي تطابقه العبارة من الوزن في ترتيب الحركات والسكنات فيطبعها في ذلك الموضع ويصلها

بما قبلها إلى شيء بما قبلها بزيادة أو نقص أو إبدال أو غير ذلك ،وإن اتفق أال يحتاج في صلتها

١ .)١("من ذلك فهو أحسن

ال يقف عند حد وهو أهمية التركيب في اإلنشاء األدبي ، إن القرطاجني كان على وعي ب

النحوي في المعنى ولكن يتجاوز ذلك إلى الوزن وترتيب الحركات والسكنات وأثر ذلك التركيب

و إلى الحركة التفاعلية ،يار واالستبدال وألمح القرطاجني إلى عمليتي االخت ،في الخطاب الشعري

.والتحوالت التي تمس البنية وتؤثر في اختالف المعنى

:السمات األسلوبية للعبارة األدبية

يربط القرطاجني بين الخطأ في التركيب وبين اإلخالل بالمعنى األدبي ،فمن شروط :الصحة _ ١

الكالم ح بعيدا عن الخلل الذي يبعد فصاحة المركب أن يكون جاريا على العرف العربي الصحي

إن العبارة إنمـا تـدل :"عن أن يكون متسقا مع الشائع المألوف من كالم العرب ،وفي هذا يقول

على المعنى بوضع مخصوص ،وترتيب مخصوص ،فإن بدل ذلك الوضع والترتيب زالت تلـك

.)٢("الداللة

وقف به عند السماع ،وأال يقـاس يجب أن ي" وضع العبارة وترتيبها نويرى القرطاجني أ

.)٣("عليه

�ج<@،�]-ر س�'0،ص)١(k4� .١٧_١٦ ا� .١٧٩ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢( .١٧٩ن\,W،ص) ٣(


١١٤

وإذا كان من عادة الشعراء أن يأخذوا الكالم من كل مأخذ ويجتلبوا المعـاني مـن كـل

على وجوه من الصحة ،حتى ال يفهم الكـالم "مجتلب ويتالعبوا بالكالم ،فإن ذلك يجب أن يكون

.المذاهب الفاسدة ،وفي سعة الكالم مندوحة عن )١("على خالف ما قصده القائل

والعبارة إن كانت غير دالة على المقصود الذي وضع من أجله الكالم ،فهذا ذهاب بالكالم مذهب

فاسد ،وكان ذلك خطأ في العبارة والواجب في تصحيح الكالم أن يكون خاليا منه ؛ومثـال ذلـك

:قول عروة بن الورد

معاذ أبا شهدت أني فلو يومال نفسي بنفسه فديت

يفوق غداتئذ بمهجته أطيق ما إال آلوك وما

.)٢("يريد فديت بنفسي ،فهذا وأمثاله ال يجب أن يعمل عليه ألنه كالم خطأ"

القرطاجني سبب وجود األخطاء في تعابير من ليس مـن عليـة الفصـحاء وقد وضح

.١ )٤( غيير بعض الرواةبت،وهو يعلل لذلك أيضا )٣(عندما تحدث عن مقصدية القلبالعرب

وفي وجهة أخرى يرى أنه ربما كانت المخالفة في األبيات ناشئة عن الضرورة ،أو على وجـه

يقول القرطاجني ،من التأويل ،أو أنها جرت على لغة من لغات العرب ال علم لهؤالء الرواة بها

ك أوقصدا إلى االفتنان خفى إما اضطرارا إلى ذل األ إلىكان الشاعر قد عدل عن األشهر "وربما

.)٥("في معاني الكالم واالتساع في مذاهبه

القرطاجني يقف موقفا وسـطا ،وويتصل بمقياس الصحة الحديث عن الضرائر الشعرية

من الضرائر ،فهو وإن كان يقبل الضرائر ويجيزها فإن هذا القبول ليس مطلقا وإنما مرهون

�ج<@،،ص)١(k4� .١٨٠ ا� .١٨٤ن\,W،ص) ٢( .�& ه�X ا�4س��٤٤ص:ان=4) ٣( .١٨٤ن\,W،ص) ٤( .١٨٠ن\,W،ص) ٥(


١١٥

ـ ايات الصحيحة من كالم علية الفصحاء مـنهم ،ممـا تح اجتمعت عليه الرو " بموافقتها لما قق

.)١("ه إليهم كقصائد امرىء القيس ،والنابغة وزهير ومن جرى مجراهم ه انتساببراعت ، أنه قل أن يخفى عليهم ما يظهر لغيرهمظنهومع تقدير القرطاجني للفحول من الشعراء ،و ١

ال وه ،فال فرق بينهم وبين غيرهم فيمـا هـو خطـأ فإنه يؤاخذهم ويخطئهم فيما ال وجه لصحت

.)٢(يحتمل التأويل على الصحة

ويقرر القرطاجني أن ال وجود للضرورة بالقرآن الكريم ،إذ إن حمل الكالم على غيرها في غير

القرآن واجب ،وحمله عليها إذا أمكن حمله على استقامة تعسف شـديد ،فكيـف فـي الكتـاب

.)٣(العزيز

كان يرى أن األدب في جله ال بد أن يكون واضحا ومفهوما مـن القرطاجني وإن :حالوضو_٢

قبل المتلقي حتى يحدث تأثيره النفسي،فإنه يبادر ويقرر أن السهولة ليست بمعنى االبتذال ،وإنمـا

بأن تكون الكلم غير متوعرة المالفظ والنقل من بعضها إلى بعض،وأن يكون اللفظ "يكون التسهيل

.)٤("والفصاحة للمعنى تابعا له جارية العبارة من جميع أنحائها على أوضح مناهج البيانطبقا

وإغـالق "إلى إغماض المعاني في بعـض المواضـع _أحيانا_ومع هذا فإن الشعراء يقصدون

.)٥ ("أبواب الكالم دونها

، )٦(سترا من الغموض إن اإلكثار من المحسنات البديعية يسدل على المعنى :التحسين اللفظي _٣

من هنا دعا القرطاجني إلى االعتدال في اللجوء إليها ،وعدم إثقال الشعر بها بما يخفـي معـالم

هظالمعنى وظالله ،ويالتكلف وفتور العاطفة ،بل إن القرطاجني ضاق باإلكثار من توظيـف ر

.١٨١_١٨٠ا�8]-ر ا�,�'0،ص) ١( .٣٧٨ا�8]-ر ن\,W،ص:ان=4) ٢( .١٨٣،صا�8]-ر ن\,W:ان=4) ٣( .٢٢٣ن\,W،ص) ٤( .١٧٢ن\,W،ص) ٥( .١٣٩،ص١ا��-ي،ا�8>ازن�،�]-ر س�'0،ج:ان=4) ٦(


١١٦

ا ،كما حمل على النقـاد وضاق بالشعراء الذين يفسدون أشعارهم بتكلف كثرته تلك المحسنات ،

تلـك ١ إحـدى يقول القرطاجني في حديثه عـن ، يقيمون الشعر بما حوى من محسنات نذيال

أال يسـتعمل ييإن السجع لما كان زينة للكالم فقد يدعو إلى التكلف ،فرأ "المحسنات وهو السجع

مـا اجتلبـه فيه لخاطرال يخلى الكالم بالجملة منه أيضا ،ولكن يقبل من ا ن في جملة الكالم ،وأ

نزل القرآن على أساليب الفصيح من كالم العرب ،وإنما لم يجيء إنما ،و ...عفوا بخالف التكلف

على أسلوب واحد ألنه ال يحسن في الكالم جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد لما فيه مـن

حة أعلى من االستمرار ولما في الطبع من الملل عليه ،وألن االفتنان في ضروب الفصا ،التكلف

.)١("على ضرب واحد ،فلهذا وردت بعض آي القرآن متماثلة المقاطع ،وبعضها غير متماثل

:حسن التأليف_٤

:يتحقق حسن التأليف في العبارة من خالل ما يأتي

إن وضع ما ال يليق موضع ما يليق وضع غير " ،يقول القرطاجني التالؤم بين اللفظ والمعنى _١

نما الوضع المؤثر وضع الشيء الموضع الالئق به ،وذلك يكون بالتوافق بـين األلفـاظ مؤثر ،وإ

والمعاني واألغراض من جهة ما يكون بعضها في موضعه من الكالم متعلقا ومقترنا بما يجانسه

ض من جهة راويالئمه من ذلك ،والوضع الذي ال يؤثر يكون بالتباين بين األلفاظ والمعاني واألغ

.)٢(" بعضها في موضعه من الكالم متعلقا ومقترنا بما يناقضه ويدافعه وينافرهما يكون

من التأثير النفسي إال من خالل االنسـجام مـا بـين األلفـاظ فالخطاب األدبي ال يؤدي وظيفته

.والمعاني واألغراض

. )٣(وقد فصل القرطاجني هذا في مواضع كثيرة من كتابه

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٣٨٩_٣٨٨ا� .١٥٣ن\,W،ص) ٢( .٣٥٣_٣٤٩ا�8]-ر ن\,W،ص:ان=4) ٣(


١١٧

:ها الذم فأورد في العبارة عنها ما هو أليق بالمدح قول الفرزدق من المعاني التي قصد فيو ٢ ١

يا رشاء بأي ريرماتح جليت وومات في تدح القماقم تلك

.)١("ى على قومكفقال له جرير جعلتني أتدل"

ويكشف القرطاجني عن أهمية التالؤم وضرورته من وجهة نفسـية ،ذلـك أن الـنفس

أدعى لتعجيب الـنفس " بكل ما هو عجيب ،والتناسب في التأليف ماع على الميل إلى االست فطرت

.)٢("وإيالعها باالستماع من الشيء ،ووقع منها الموقع الذي ترتاح له

إن خير :" إذ يقول والمنحى الشعري ويوسع القرطاجني دائرة التالؤم بين موسيقى الشعر

مرتاح للجهة والمنحى الذي وجـه غرض الذي القول فيه لع بالفن وال الشعر ما صدر عن فكر و

.)٣("إليه كالمه

ذلك أن نسبة الكالم المقول فيه إلى المنحى كنسبة القالدة إلى الجيد ،فالمنحى هو مناط الكالم وبه

اعتالقه ،وإن كانت القالدة تزيد الجيد حسنا فكذلك تناسب المنحى مع القول يزيد الـنظم جمـاال

.) ٤(وحسنا

لقد وضع القرطاجني عددا من المقاييس التي تسهم في تحقيق الـتالؤم سابقا وكما أشرنا

.بين األلفاظ، ولكن يبقى الذوق متخطيا لهذه المقاييس وعليه االعتماد ألنه قد يتم تجاوز هذه المقاييس ،ويتم تحقيق التأليف على أتم وجه دون أن نعرف ماهية هـذا ٣

.التآلف وسره

�ج<@ ،ص) ١ (k4� .١٤٨ا� .٢٤٥ن\,W،ص) ٢ ()٣ (،W,\٣٤١ص ن. .٣٤٢ا�8]-ر ن\,W،ص: ان=4) ٤( .�& ه�X ا�4س�� ٨٩ص :ان=4 ) ١ (


١١٨

.)١( المؤاخاة بين الكلم_٢

. )٢( التسهيل في العبارات وترك التكلف_٣

:الطول والقصر _٤

يتخذ القرطاجني حد التوسط بين الطول القصر بما يحقق االنسجام مـع منحـى الكـالم

يحمد في الكالم أيضا أن يكون من الخفة بحيـث يوجـد فيـه وليس:"ويؤثر في المتلقين إذ يقول

المحمود من ذلك ماله حظ من الرصـانة ال ١ر بحيث يوجد فيه انبتار ،لكن طيش ،وال من القص

إلى اإلسآم واإلضجار ،فإن الكالم المنقطـع ٢هتبلغ به إلى االستثقال، وقسط من الكمال ال يبلغ ب

وهو شبه الرشفات المتقطعة التي ال تـروي ،األجزاء المنبتر التراكيب غير ملذوذ وال مستحلى

المتناهي في الطول يشبه استقصاء الجرع المؤدي إلى الغصص ،فال شـفاء مـع والكالم ،غليال

ويحذر القرطـاجني )٣("التقطيع المخل وال راحة مع التطويل الممل ،ولكن خير األمور أوسطها

.)٤(من اإلسهاب واإلطالة بال تبصر ،ويربط ذلك بالمعنى والمقام

لمخل يسبب غموض الكالم ،وكذلك اإلفـراط وهنا نستحضر إشارة القرطاجني إلى أن اإليجاز ا

. بالطول يخفي وجوه إسناد ويباعد بين عناصر الكالم ويشتت الذهن عن مقصود الكالم

.�& ه�X ا�4س��٨٩ص :ان=4) ٢ (�ج<@ ،ص) ٣(k4� .٦٥ا� .٢٩٤ا�8]-ر ن\,W،ص: ان=4) ٤(


١١٩

: الغموض والصورة المحاكية-٣

تقوم الصورة المحاكية بحضور إطارين مرجعيين أساسـيين ال يمكـن أن يتخطاهمـا

:الشاعر وهما

شكل مكثف على سطح القصيدة الشعرية عندما تكون القصيدة معتمدة الذي يظهر ب : المحاكي _١

عليه مباشرة، ويصير هو المحاكى بالنسبة إلى القصيدة الشعرية، التي تؤدي دور المرآة بالنسـبة

للصورة الواقعية، فتحاكي األلفاظ الموجودات الموصوفة وتنقلها من عالم الحس النظـري إلـى

لمرجع عن التجسيد الواقعي، إلى عالم التجريد المطلق بينما يكون عالم الحس السمعي، فينحرف ا

محاكيا عندما يضاف إلى المحاكاة اإلطار اآلخر وهو المحاكى، فإذا كانت في المحاكـاة إحالـة

أن ترتب في الكالم علـى حسـب مـا " داللية على مرجع واحد يجب في محاكاة أجزاء الشيء

ة في المسموعات تجري مـن السـمع مجـرى المحاكـاة وجدت عليه في الشيء، ألن المحاكا

بالمتلونات من البصر، فالنفس تنكر لذلك المحاكاة القولية إذا لم يوال بين أجزاء الصـور علـى

.)١("مثل ما وقع فيها، كما تنكر المحاكاة المصنوعة باليد إذا كانت كذلك

األشياء منهـا " ، ألن ويوصف الشيء المرجعي باعتبارين أحدهما تجريدي، وآخر حسي

ما يدرك بالحس ومنها ما ليس إدراكه بالحس، والذي يدركه اإلنسان بالحس فهو الـذي تتخيلـه

.)٢("نفسه، ألن التخيل تابع للحس

وبالتالي فأقرب الصور الشعرية ما لها عالقة بالوجود الحسي لسهولة وبساطة عملية التخيل لدى

لمشبه ، بينما تسمي المحاكى المشبه به ، وبالتالي إذا وجـد المتلقي، وتسمي العرب المحاكي ا

وخصائص المرجع ١المحاكي والمحاكى، أي المرجع الموضوع والمرجع الثاني المفسر بصفات

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٠٤ ا� .٩٨ن\,W،ص) ٢(


١٢٠

" الموضوع، تأخذ عملية المحاكاة منحى استعاريا أو تشبيهيا لما يقتضيه التشـكيل التصـويري

.)١(" الذي يخيل لك الشيء في غيره

ينبغي أال توقع الهيمنة المطلقة للتشبيهات واالسـتعارات بمبـدع القصـيدة فـي :المحاكى_ ٢

الغموض ،واالبتعاد عن الحقيقة الموصوفة، بفعل التكثيفات االستعارية الناجمة عن تتالي بعضها

ال يستحسن بناء بعض االستعارات على بعض حتى تبعـد عـن الحقيقـة " وراء بعض، ولذلك

.)٢("برتب كثيرة

إن المحاكاة للموجودات منها ما يكون مباشرا، ومنها ما يكون بواسطة، ويتجلـى ذلـك

محاكاة الشيء نفسه هي المحاكاة التي ليست بواسـطة، " فيما ذهب إليه القرطاجني عندما اعتبر

.) ٣("ومحاكاة الشيء بغيره هي المحاكاة التي بواسطة

مرجع الموضوع مباشرة أو وصفه بواسطة صـفات ومع هذا االختالف الحاصل بين وصف ال

مرجع آخر، فإنه ال يعتبر خارجا عن نطاق التخييل في كلتا الحالتين، فيصبح الشـعر تصـويرا

.)٤("غامضة /استعارة بعيدة" تخييليا أو يعد

: والصور المحاكية أنواع منها

: الصورة الوصفية_أ

،وقـد اسـتنتج بعضـهم أن القرطـاجني عند نصادف مفهوما نظريا خاص بالوصف ال

الصـورة ،ويمكن أن نعده ضربا منها ،وثمة أنواع تقـع تحـت جـنس )٥(المحاكاة١الوصف هو

: هيالوصفية

،بحيث يلمس الشاعر)٦( دواعي اإلمكان اي تتوفر فيهت الوهي :ة الممكنيةالوصفالصورة _

.٩٤ا�8]-ر ا�,�'0،ص) ١( .٩٤ن\,W،ص) ٢( .٩٥ن\,W،ص) ٣(4��،42ج�8 ج�ن آ>ه& ، )٤("G81- ا�"48ي،دار 2>':'<�� ا�� ا��81- ا�>�@،و�ء،ا�4�8ب،ط�n�.ل،ا�-ار ا�� .١٢٥م، ص١٩٨٦، ١ .١٨٨م،ص١٩٨٨، ٤ا�"��H@ ا�,<>ن@،�\Y>م ا�>ص� '�& ا�<=4�� وا�MS.�0،�!�� آ�� ا�داب ،ج��"� س�-ي �81- '& /.- اA،ع) ٥(�ج<@،�]-ر س�'0،ص) ٦(k4� .١٣٣ا�


١٢١

لمقاربة في التشبيه ،إذ كلما حقيقة الموصوف ،وهذا قريب من إحدى قواعد عمود الشعر ،وهي ا

.)١(" أوقع في النفس وأدخل في حيز الصحة "كانت الصورة الوصفية مكان إلتوفر ا

صـف ت هـي التـي لموصوف ،أو ل الوصف فيها ثبتوهي التي ي :الصورة الوصفية الواجبة _

.)٢(ة عند كل شعراء الغزل أ كصفة الجمال في المر،الشيء بما ال يمكن الحياد عنه

ممكن هذه الصورة ستساغ إال عن طريق المجاز ،و ت ال وهي التي :عة الممتن يةالوصفصورة ال_

.)٣( كتركيب عضو من حيوان على جسد حيوان آخر أو تتحقق في الواقع،قعت وإن لم أن تتصور

ـ لجاهل ال ا يقع فيهوهي الصورة التي :ةالمسـتحيل الصورة الوصفية _ ي التـي فن الشـعر ،وه

.)٤( وقوعه أو تصوره ،مثل أن يكون شيء طالعا نازال في حال ال يمكنتصف ما

الصورة التي تستقصي األجزاء التـي بمواالتهـا وانسـجامها وهي :الصورة الوصفية التامة _

.١)٥(يكمل تخييل الشيء الموصوف

.)٧( ،أو التاريخ)٦(ويندرج تحت هذا النوع ،الصورة التي تتم فيها المحاكاة في الحكمة

نى أن على الشاعر الذي يريد أن يضمن صورته الشعرية حكمة ،أن يجعل عباراته دالة على بمع

هذه الحكمة لتؤدي المعنى الذي يقصد إليه على أكمل وجه ،وكذلك الحال في الصورة التي تتم

.بها محاكاة التاريخ ويضرب القرطاجني مثال عليها

:قول األعشى

له ماماله سار إذ كالسموأل كن له فقال خسف خطتي سامه إذ

جرار الليل كسواد جحفل فيi سامع فإني تقله مهما iحار

�ج<@ ،ص)١(k4� .١٣٣ ا� .١٣٣ن\,W ،ص) ٢( .١٣٥ _١٣٣ا�8]-ر ن\,W ، ص: ان=4) ٣( .١٣٣ن\,W ،ص) ٤( .١٠٥ن\,W ،ص) ٥( .١٠٥ن\,W ،ص) ٦( .١٠٥ن\,W ،ص) ٧(


١٢٢

i أنت وغدر ثكل فقال iماينهب فشك قليل غير قال ثم له

لمختار حظ فيهما وما فاختر جاري مانع إني ديكه اذبح

فهذه صورة وصفية تامة ،لو أخل بذكر بعض أجزاء هذه الحكاية ،لكانت ناقصة ولو لـم يـورد

،وفي هذا النوع من الصور إشارة بينـة )١(ذكرها إال إجماال لم تكن صورة ،ولكن إحالة محضة

.إلى الخروج من أسر وحدة البيت والبحث عن وحدة أشمل

محاكاة قصة تتضـمن معـاني ،بقصـة " التامة في التاريخ صورة الوصفية ال جني القرطا ويسمي

.)٢("تتضمن معاني

:الصورة التشبيهية _ب

يسميها القرطاجني تشبيهية ألن فيها طرفين تقـوم بينهمـا مشـابهة ،ويسـميها أيضـا

ه بـه مـن ،وبالنسبة لطرفي هذه الصورة ،المحاكى ،والمحاكى به ،أي المشبه والمشب )٣(مزدوجة

،أي يجـب أن )٤("ينبغي أن تكون المحاكاة بأمر موجود ال مفـروض "حيث الوجود والغرض ،

.يكون كل من الطرفين موجودا فعال

اتباع المشتهر بالخفي حيـث يقصـد "ويرى القرطاجني أن أدنى الصور التشبيهية ما يكون فيها

وفي هذا مناقضة للمقصد الشعري، لذلك ،)٥("زيادة المشتهر شهرة ،أو تأكيد ما فيه من االشتهار

.جعلها القرطاجني أدنى المراتب

:و الصورة المحاكية التشبيهية تقسم إلى أقسام وهي

١ تحاكي غير المحسوسهابمعنى أن)٦(هي التي تكون في األمور المحسوسةو :الصورة الحسية_

�ج<@ ، ص) ١(k4� .١٠٦ا� .٩٧ن\,W،ص) ٢( .٩٥ن\,W،ص) ٣( .١١١ن\,W،ص) ٤( .٢٤ن\,W،ص) ٥( .١١٢ن\,W،ص) ٦(


١٢٣

المحاكـاة بمـا تدركـه " بالمحسوس ،ألن ذلك يقرب الشيء إلى الذهن ،ويسمي هذا النوع أيضا

بإضـفاء السمــات هيتجلى جـوهر الذي ،وهو قريب جدا مما يعرف بالتشخيص )١("الحواس

.)٢(اإلنسانية وإسباغ العواطف والمشاعر اإلنسانية على كل ما في الحياة

ألنـه )٣(قبـيح الصور من ،فهذا النمط أما عكس ذلك ،أي أن يحاكي المحسوس بغير المحسوس

. ما يسمى بالتشبيه الخيالي أو الوهمي يدخل في

وضـوح يقصد بها "ويضع القرطاجني هذه الصورة في درجات إذ ثمة صورة تشبيهية

:،ويقصد بذلك بيت امرىء القيس )٤(" كتشبيه أيطل الفرس بأيطل الظبي الشبه

ساقا ظبي أيطال لهة ونعام إرخاءسرحان و تقريبتتفل و

،أي فيها مقاربة في التشبيه كما هـو فـي )٥("منصرفة إلى جنس الشيء األقرب "الصورة هذه و

.،ألنه شبه األيطل باأليطل وهذا حيواني ،وذاك حيواني )٦(قواعد عمود الشعر

يقصد بها التوسع والراحة " ،فهي التي إلى الجنس األبعد التشبيهية المنصرفة الصورةأما

،ويعني بها التشبيه الـذي لـيس فيـه )٧( الشبه كتشبيه متن الفرس بالصفاة والقناعة بما تيسر من

:مقاربة كقول امرىء القيس

بالمتنزلi الصفواء زلت كما متنه حال عن اللبد يزل كميت

الجنس األبعد ،ألن مـتن الفـرس حيـواني ،أمـا محاكاة إلى الصورة التشبيهية وقد انصرفت

١.الصفواء فهو جماد

�ج<@،ص)١( k4� .٩٩ ا�� :ان=4 ) ٢(��ر�� %@ ا�G"4 ا�"4'@ ا�1-��،وج-ان ا�]"Sسx5 رؤ، ا�]>رة اMpQا ->/ ��4"G�9 ا�+.�� ٢٠٠٣، '�4وت ،

. ٣٧_٢٧ص�ج<@ ،ص:ان=4) ٣ (k4� .١١٢ا� .١١٢ن\,W،ص) ٤ ( .١١٢،ص) ٥ ( .١٣ _٩ صا�48زو4H ،@cح د�>ان ا�81�س�، :ان=4) ٦ (�ج<@، ص) ٧(k4� .١١٢ا�


١٢٤

األقـرب ( التشبيهية تقع وسـط الحـالتين السـالفتين الصورة وثمة درجة متوسطة من

يلي الجنس األقرب ،كتشبيه األشياء الحيوانية باألشياء النباتيـة ،نحـو "وهذه الدرجة مما )واألبعد

وذلـك )١("مسـتمد تشبيه قلوب الطير رطبة بالعناب ،ويابسة بالحشف وتشبيه إبرة الروق بالقلم ال

:كقول امرىء القيس

كأن طبا الطير قلوبيابسا ركرها لدى وو نابشف العالحالبالي و

:دي بن الرقاع العاملي عوكقول

i إبرة كأن أغن تزجي iوقهر قلم أصاب واة منها الددادم

إال تسميات جديدة لمفهوم المقاربة في التشبيه ،وهو مـن ،ماهيهذه الدرجات الجنس إن

.)٢(قواعد عمود الشعر

ويلفت القرطاجني إلى ما قد يحمله التشبيه من مبالغة وإيهام من خالل عكـس التشـبيه،

وهو ما يسمى عند البالغييين بالتشبيه المقلوب ،أي الذي يجعل ما الوجه فيه أتم مشبها، ليتـوهم

مشبه به أتم ويكون األمر بالعكس ،وهذا ما أطلق عليه ابن جني غلبة الفروع علـى السامع أن ال

،والعلوي صاحب الطراز يسـمي هـذا النـوع )٤( ،وسماه ابن األثير الطرد والعكس )٣(األصول

التشبيه المنعكس وإنما لقب بالمنعكس لما كان جاريا على خالف العادة واإللـف فـي مجـرى

.)٥(التشبيه

١

�ج<@، ص) ١(k4� .١١٢ا� .١٣_٩ان=4،ا�48زوc@ ،ص) ٢(12��0>'أ) ٣(،h|�[Oن ا'& ج<@،ا��8j/ `S\ر ،ج: ا��%�� ا�"��،'�-اد،١�81- /�@ ا�<!�jون ا��G٣٠١،ص٤،ط١٩٩٠،دار ا� )٤ ( 4�{Q4ا�8، ا'& ا|� .٤٠٣،ص١ ،12��0 �81- ��1@ ا�-�&،ج5j ا�, .١٤٨ ،صا�"�>ي )٥(


١٢٥

القرطاجني أنه إذا اجتمع في المشبه والمشبه به أوصاف ثالثـة أو اثنـان منهـا ويقرر

،وقد )١(المقدار والهيئة واللون ،جاز عكس التشبيه وحسن أن تحاكى الشيء بما حاكيته به :وهي

يقصد المبدع إلى اإلغراب في التشبيه ،فيشبه الشيء الحسن بما هو قبيح ،فيستسهل لذلك تمثيـل

:،كقول ابن الرومي )٢(فس إليه بما تنفر عنه ما تميل الن

وأرغفة هام فخمة وضاء لنا ابتسمت الجنة أهل كوجوه

فوار جاحم من أخرجا قدi أهل بوجوه مقرونة iالنار

.)٣("هذا وما جرى مجراه من عبث المنهومين" وفي نظر القرطاجني

؛ جملة كذب الشعر ، وعنده أن التشبيه صدقويغلط القرطاجني من يظن أن التشبيه من

رف النظر عـن إظهـار األداة أو بصكذلك هو بال شك ، ،ن المشبه مخبر أن شيئا أشبه شيئا أل

والذين كفـروا { :فالماء يشبه السراب بال شك في قوله تعالى)٤(حذفها، واحتج لذلك بالقرآن الكريم

ة ياب بقيعركس مالهمأع فـاهفو هعنـد اللـه دجوئا وشي هجدي لم اءهتى إذا جاء حم آنالظم هبسح

.(*)}حسابه والله سريع الحساب

والقمـر قـدرناه منـازل حتـى عـاد {: والهالل شبيه بالعرجون القديم وال بد في قوله تعالى

.(*)}عرجون القديم كال

والقرآن الكريم يسير بأسلوب التشبيه إلى غاية بعيدة من الصدق والتأثير ،وتقرير الشـبه بـين

األشياء وإبراز المعاني البعيدة في صورة مألوفة ،ومن هنا كانت تشبيهات الكتاب العزيز الشـبه

١.فيها ظاهر

�ج<@ ، ص) ١ (k4� .١١٥ا� .١١٣ا�8]-ر ن\,W ، ص: ان=4)٢ ( .١١٤ن\,W، ص) ٣ ( .٧٥ن\,W،ص) ٤(

(*) cر �� .٣٩س>رة ا�<>ر،ا�(*) cر �� .٣٩س>رة ��،ا�


١٢٦

:الصورة الطارئة المبتدعة_

.)١(بيه المخترع ،وهو الذي يقال فيه إنه قليل أو نادر أو معدوم النظيروهي تتمثل بالتش

النفسي ،حيـث إن النفـوس ،ويرجع القرطاجني الفضل في التشبيه المخترع إلى العامل النفسي

.)٢(أشد تحريكا لما هو مخترع إذا قدرنا تساوي قوة التخييل في المعنيين

،فالشيء المعتاد الذي أنست لـه الـنفس أثير في النفوسويرجع ذلك إلى عامل األلفة وماله من ت

يقل تأثيرها له ،وغير المعتاد يفجؤها بما لم يكن به لها استئناس قط فيزعجها إلى االنفعال بـديها

.)٣(بالميل إلى الشيء واالنقياد إليه أو النفرة عنه واالستعصاء عليه

ادر بتشبيه الشمس بالمرآة في كـف وقد سبق أن قرر هذا عبد القاهر الجرجاني ومثل للن

.)٤ (األشل وسبب غرابة هذا التشبيه قلة رؤية العيون له

ومن التشبيهات المبتكرة المبتدعة ما يطلق عليه القرطاجني التشبيهات العقم وهي مشتقة

ي فلذلك يقول القرطاجن )٥("ألنها ال تلقح وال تحصل عنها نتيجة "عند القرطاجني من الرحم العقيم

.تحاماها الشعراء وسلموا ألصحابها علما منهم أن من تعرض لها مفتضح

ومن التشبيهات العقم ،بيتا عنترة في وصف ذباب الروض ،حيث شبه الذباب إذا كان واقعا ثـم

.برجل مقطوع اليدين يقدح بعودين_حك إحدى يديه باألخرى

ببارح فليس بها الذباب وخال بذراعه ذراعه كيح هزجا

المترنم الشارب كفعل غرداحقد كبلى الماألجذم الزناد ع

�ج<@ ،ص: ان=4) ١(k4� .٩٦ا� .٩٦ا�8]-ر ن\,W ،ص:ان=4)٢( .٩٦ا�8]-ر ن\,W ،ص: ان=4) ٣(�ه4 ا�!4ج�ن@ ، أس4ار ا�.+�9 ، ص: ان=4) ٤(� .١٨٠ ،ص١٥٨ ،ص١٦٥/.- ا��ج<@ ،ص )٥(k4� .١٩٤ا�


١٢٧

:الصورة المستقلة_

فنية تؤثر في نفس طاقة تخييلية التي يعتمد عليها في ذاتها ،وبما فيها من الصورة هيو

على طاقتها المعرفية أو ما تتضمن مـن قصـص أو السامع سلبا أو إيجابا ،بمعنى أنها ال تعتمد

١ ،تاريخ

الشعر كالم موزون مقفى من شأنه أن يحبب إلى "يقول القرطاجني ،فنيتها حسبإنما تعتمد على

النفس ما قصد تحبيبه إليها ،ويكره إليها ما قصد تكريهه ،لتحمل بذلك على طلبه أو الهرب منـه

اة مستقلة بنفسـها ،أو متصـورة بحسـب هيـأة تـأليف بما يتضمن من حسن تخييل له ،ومحاك

أو قوة صدقه أو قوة شهرته ،أو بمجموع ذلك ،وكل ذلك يتأكـد بمـا يقتـرن بـه مـن ،الكالم

النظر عما تقدمه بقطع)٢( المحضة االستعارة وأ المحض، وهذه الصورة تمثل التشبيه ،)١("إغراب

.من معرفة أو معلومات

:الصورة المتحدة_

،أي محاكى )٣("تشمل على محاكى خاصة "التي تحاكي الشيء في نفسه ،و رة الصو وهي

:أبي ذؤيب الهذليكقول )٤(" في البالغة التقليديةاالستعارة" وهذه الصورة تمثل فقط،

تنفع ال تميمة كل ألفيت أظفارها أنشبت المنية وإذا

أداة ،وبين االستعارة على أساس أن مفهوم هذا غير ويفرق القرطاجني بين التشبيه بغير

: مفهوم ذاك ،ألن االستعارة وإن كان فيها معنى التشبيه إال أن الطرفين ال يجتمعان فيها ،يقـول

التشبيه بغير حرف شبيه باالستعارة في بعض المواضع ،والفرق بينهما أن االستعارة وإن كـان "

�ج<@ ، )١(k4� .٧١ص ا��ج<@ ون=4�� ا�18�آ�ة وا�5��OS %@ ا�G"4 ،ط: ان=4) ٢(k4��ه4ة ،١س"- �]�>ح،ح�زم ا�� .٨٦م،ص١٩٨٠،/�� ا�?CS ،ا��ج<@ ،ص) ٣(k4� .٩٥ا� .٨٨ص س"- �]�>ح ،) ٤(


١٢٨

،والتشبيه بغير حرف على خـالف ذلـك؛ ال يسوغ فيها يه فيها معنى التشبيه فتقدير حرف التشب

:ألن تقدير حرف التشبيه واجب فيه ،أال ترى إلى قول الوأواء الدمشقي

بالبرد العناب على وعضت وردا وسقت نرجس من لؤلؤا وأمطرت

،وكذلك سائر ما في البيت ،وال يسوغ يسوغ لك أن تقدره وعضت على مثل العناب بمثل البرد ١

:ذلك في االستعارة نحو قول ابن نباتة

النوار بأعين إليك نظرت والربى األباطح بهر إذا حتى

،وبهذا اتضحت االستعارة وتميزت عن )١("ألنه ال يصح أن تقدر نظرت إليك بمثل أعين النوار

.التشبيه الذي هو أصلها

س جودة االستعارة عند القرطاجني ،القرب ؛أي أن تكـون الصـلة بـين ومن أهم مقايي

المستعار منه والمستعار له قريبة حتى يتحقق الوضوح الفني، فالمبدع يلجأ لالستعارة ليخيل لـك

الشيء بصفات شيء آخر هي مماثلة لصفات ذلك الشيء، فإذا بعد الكالم عن الحقيقة بسبب بعـد

.)٢( ذلك إلى الخطأ واإلحالة فتكون االستعارة رديئة وغير مقبولة المناسبة بين الطرفين ،أدى

بعدا عن الحقيقة ،وأن هذا البعد قـد يفضـي وتماثلهايرى القرطاجني أن في ترادف المحاكاة و

إلى االستحالة ،فيفضل لذلك عدم بناء االستعارات بعضها على بعض بما يبعدها عـن الحقيقـة

بنى بعضها على بعض ،فتبعد الكالم عن الحقيقـة بحسـب تـرادف وربما ترادفت المحاكاة ،و "

المحاكاة ،وأدى ذلك إلى االستحالة ،ولذلك ال يستحسن بناء بعض االستعارات على بعض حتـى

.)٣("تبعد عن الحقيقة برتب كثيرة ،ألنها راجعة إلى هذا الباب

�ج<@ ،ص) ١(k4� .٣٨٧ا� .١٢٨ا�8]-ر ن\,W ،ص:ان=4 ) ٢( .٩٥ن\,W،ص) ٣(


١٢٩

قاده بحسية التشبيه ،ذلك ويبدو أن القرطاجني يرجع في إنكاره ترادف المحاكاة ،إلى اعت

شد حرصا على ذلك مـن خـالل أأنه لم يتخلص من االعتقاد السائد في هذا األمر ،بل لعله كان

وضع قانون واضح لهذه الحسية على سبيل الشرط ،ومن شأن ترادف المحاكاة أن يضعف قلـيال

١رة التمثال ذاته من هذه الحسية ؛ألن صورة التمثال في المرآة أقل حسية في الحقيقة من صو

وصورته في مرآة ثانية ،أو ثالثة ،تكاد تجعله معنى بما تثيره من أخيلة متعددة تبعـد بـه عـن

.)١(األصل شيئا فشيئا

وواضح أن القرطاجني حريص على التشبيه وقربه ؛ألنه يخشى أن يفقد وضوح الرؤية الحسـية

.ر بين الحقيقة والخيال من خالل تعدد صور هذه الرؤية ،وأن يختلط عليه األم

الذي يحـدده تشافع الحقيقة والمجاز ويعبر القرطاجني عن االستعارة بمفهوم آخر وهو

،وعـدم إتيـان القرطـاجني )٢("اقتران الشيء بما يشبهه واستعارة اسم أحدهما لآلخر ":بقوله هو

هـا ،كقولنـا قد يعنـي االسـتعارة عين فهو ال يعني أنه ذو مضمون غريب عنا ، يوضحهبمثال

.صادفت بحرا أي جوادا

:الصورة التمثيلية الخطابية_

هو الحكم على جزئي بحكم موجود في جزئـي "يحدد القرطاجني التمثيل الخطابي فيقول

: نحو قول حبيب ،)٣("آخر يماثله

جتموهته من بكره أخرشجي النارلم ناضر من تنتضى قد والس

.مدلول التشبيه التمثيلييلحظ أن هذه الصورة تتضمن

�ج<@ ،ص:ان=4 ) ١(k4� .٩٤ا� .١٥\,W ،صا�8]-ر ن) ٢( .٦٧ن\,W ،ص) ٣(


١٣٠

والمعـاني المتعلقـة :"ويعبر القرطاجني عن ذات المعنى باستخدامه لفظ التنظير إذ يقول

بإدراك الذهن ليس لمقاصد الشعر حولها مدار ،وإنما تذكر بحسب التبعية للمتعلقة بادراك الحس

كم في هذه ،فيكون التمثيل والتنظير فيهما مـن قبيـل لتجعل أمثلة لها ،أو ينظر حكم في تلك بح

ارتباط التنظيـر بالتمثيـل القرطاجنيويؤكد،)١("تمثيل األشهر باألخفى وتنظير األظهر باألخفى

١.)٢ ( التنظير يقود إلى االنبساط أو االنقباضوأنوالتصوير

:و المعتادة /الصورة المستغربة _ ج

محاكـاة :"قسمين إلى المحاكى والمحاكى به لأللفة بين ة بالنسب الصورة يقسم القرطاجني

الشيء نفسه على حسب ما ألف فيه ،ومحاكاة الشيء بغيره على حسب ما ألف فيهما ،ومحاكاتـه

،ومـن محاكـاة الشـيء )٣("فيه على غير ما ألف ،وأعني بغير المألوف أن تكون حالة مستغربة

: راج فيه قول أبي عمر بن د بغيره على غير ما ألف

العناب بيانع إلي تهدى نارها تشعل األعناب وسالفة

كمـا المحاكـاة فالمألوف أن يذوي النبات الناعم بمجاورة النار ،ال أن يونع ،فأغرب فـي هـذه

،فنار السالفة هنا على سبيل المجاز ،وهي توحي بنضرة العنـب ال بذبولـه ،وإن كـان )٤("ترى

ينظر إلى الخمـر وهولوف ذبول العنب إلى جوار النار ،فاألمر راجع إلى إحساس الشاعر، المأ

. يانع العنب من خالل وقدة الخمر بهالمشتعلة في الكأس ،هذا اإلحساس الذي يبدو أنه أبصر

.)٥( بالنسبة لحال المحاكى والمحاكى به من حيث األلفة والغرابة إلى عدة أقساموتقسم الصورة

�ج<@ ،ص)١(k4� .٣٠_٢٩ا� .٣٠ا�8]-ر ن\,W ،ص) ٢( .٩٥ن\,W ،ص) ٣( .٩٥ن\,W ، ص)٤(�د )٥(S"8��د 'S"8ا� �Y' Vآ�1� @S4ب، وا�]>رة ا��S,8�� ا�4�S,8ب 'Y' Vآ�1� @S4ب ، وا�]>رة ا��S,8ا� �Y' Vآ�1� @Sا�]>رة ا�

�د S"8�� ا�8،و'Y' Vآ�1� @S4ب ا�]>رة ا��S,8��د 'S"دة،و�S"� �� .ا�]>رة ا�18�آ�� 1�� ,4�S'�،وا�]>رة ا�18�آ�� 1�ج<@ ،ص:ان=4k4� .٩٥ا�


١٣١

محاكاة الغريبة أثر كبير في نفس المتلقي ،ومصدر ذلك التأثير يعـود إلـى طبيعـة ولل

للنفـوس تحـرك شـديد للمحاكيـات "المحاكاة الغريبة التي تبتعد عما ألفه اإلنسان بحواسـه ف

المستغربة ألن النفس إذا خيل لها في الشيء ما لم يكن معهودا من أمر معجب في مثله وجـدت

ل لها مما لم تعهده في الشيء ما يجده المستطرف لرؤية ما لم يكن أبصـره من استغراب ما خي

)١("قبل ،ووقوع ما لم يعهده من نفسه موقعا ليس أكثر من المعتاد المعهود

من هنا نجد القرطاجني في مجال مفاضلته بين الشعراء يضاعف ثناءه على الشـاعر إذا

ا في مكانه وال هو من طريقه وال مما احتنك فيه وصف ما ليس معتادا لديه وال مألوف "أحسن في

وال مما ألجأته إليه ضرورة ،وكان مع ذلك متكلما باللغات التي يستعملها في كالمه ،وبالجملة إذا

أخذ في مأخذ ليس مما ألفه وال اعتاده فإن الشاعر إذا أخذ في مأخذ ليس مما ألفـه وال اعتـاده

ه واعتاده ،كان قد أربى عليه في الفضل إرباء كثيرا ،وإن كان فساوى في اإلحسان فيه من قد ألف

.)٢(" شعرهما متساويا١

�ج<@ ،ص)١(k4� .٩٦ ا� .٣٧٦ _٣٧٥ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢(


١٣٢

ولكن هل كان القرطاجني يؤثر قرب الصورة المحاكية ووضوحها ؟

لقد أولى القرطاجني غرابة الكالم اهتماما خاصا ،ال سيما أنه جعل اقتـران اإلغـراب

،وإن أنكر القرطاجني في حديثه عن )١(أورد ذلك في تعريفه للشعر بالمحاكاة مما يالئم النفس ،و

الصورة المتحدة ترادف المحاكاة بحيث تعتمد فيها االستعارات بعضها على بعض ،فما ذلـك إال

لما تفضي إليه مثل تلك المترادفات من تعقيد بالصورة ،ولكن فيما عـدا ذلـك ،كـان يصـرح

.ف ،وقريب من التشبيهالقرطاجني بإيثاره لما هو غير مألو

وارتباط المتماثالت بالمتشابهات أي القرائن المحققة للتشـابه ال يفضـي إلـى سـهولة

؛فالتشابه ال يعني قرب المسـافة بـين بالضرورة سهولة تقبل المتلقي لها االهتداء إليها وال يعني

وإال )٢("ستعارة القريبة الشعر في نظرهم هو اال "المعاني المتشابهة وهو ما كان سائدا لدى النقاد ف

فما جدوى التجاوز الجمالي؟

فإن كانت األمثال أو األشباه عتيدة الوجود لم يحسن االستيعاب ووجب التخطي فيها مـن "ولذلك

األشرف إلى األشرف ،وكان جديرا أال يناسب منها إال بين ذوات الشـهرة والمناسـبة لغـرض

وأن النقاد قبله قد دعوا إلـى ضـرورة تقريـب وهو رأي يحسب للقرطاجني ،خاصة )٣("الكالم

).٤(المسافة بين المتشابهات ،فقد كان التطابق بين طرفي التشبيه من المسلمات

ومع حازم بدأت هذه الفكرة تفقد سلطتها ،سلطة قد كانت سارية المفعول لدى النقاد فقـط

.بينما لم يحترم المبدعون ما سنه النقاد

ن هذه المسألة وربطها بتحقيق عنصر المفاجأة عند المتلقي في معرض وقد تحدث القرطاجني ع١

�ج<@ ،ص)١(k4� .٧١ ا� .١٠٩ت،ص.�]V\M ن�ص�،ن=4�� ا�V>"8 %@ ا�<�- ا�"4'@ ،دار اQن-��،د) ٢(�ج<@ ،ص) ٣(k4� .٤٦ا��ج<@،%]>ل،��:ان=4) ٤(k4� ٨٤،ص١٩٨٥ ،١،ع٦ ن>ال اf'4اه� ،k.�"� ا�G"4 /<- ح�زم ا�


١٣٣

:أنواع التشبيهات وهي قسمان (*) حديثه عن المحاكاة

فالقسم األول هو التشبيه المتداول بين الناس والقسم الثاني هو التشبيه الذي يقال فيه أنـه "

وهذا أشد تحريرا للنفوس "لتجاوز الجمالي بينما يتسم األول بالعادية ،يجسد الثاني فعل ا )١("مخترع

في المعنيين ألنها أنست بالمعتاد فربما قل تأثرها لـه،وغير المعتـاد إذا قدرنا تساوي قوة التخيل

ولنأخذ علـى سـبيل ، وهو حكم بعيد االعتبار لكثير من األشعار التي اعتبرت ناقصة )٢("يفجؤها

.لعسكريالمثال بيت أبي تمام الذي أورده أبو هالل ا

الزمن من سيفا به أخذت عضبا له الرجاء جردت يوم كأنني

.)٣("وال يكاد يرى تشبيه أبرد من هذا

إن البرودة التي استشعرها أبو هالل راجعة إلى بعد المسافة بين طرفي التشبيه، خاصة أن أبـا

رجاء بصورة مادية خالصة وهي صـورة المـاء تمام قد شبه حالة معنوية وهي فقدان األمل وال

والنار رغم أن تباعد المشهدين يوحي بقربهما فال يحتاج لجهد كبير لتقارب بين المشاعر الملتهبة

وإصابتها بالخيبة وبين النار الملتهبة ومواجهتها بالماء دون إغفال عامل الزمن في الصـورتين

المواطن كالتشبيه ولم يلتزم بهـا فـي مـواطن وهي الحقيقة التي أدركها القرطاجني في بعض

،وقد كانت المحاكاة مجاال مفتوحا ليحس القرطاجني أن التجاوز الحالي هو الذي يحقق (*)أخرى

ال تجد النفس للمناسبة بين ما كثر وجوده ما تجد لما قل ،مـن الهـزة وحسـن "الفجوة الفنية ؛ف

١ .)٤("ا لجلب ما عز الموقع لكونها ال تستغرب جلب العتيد استغراقه

4��،ا�\+س\� وا�8\?4ون ا�"4ب �� :ان=4(*)"G4 وا�"Gا��>س\@،ا� @\M� -81�،��Xة ا�!8' �%�جXور ذ�z /<- أرسM> و/+�c ا�8,

�ب،S?�� '4"ا�-ار ا�،Wه\>ا إ�� .١٦٦م ،ص١٩٩٩أن!Kو� و��ج<@ صا)١(k4� .٩٦ن=4 ا� .٩٦ا�8]-ر ن\,W،ص) ٢( .٢٥٩_٢٥٨> ه+ل ا�",?4ي ،صأ') ٣(

�ج<@ ،ص:/<- ح-�Wj /& 2-ا%_ ا�8"�ن@،ان=4(*)k4� .١٥٣_١٤٧ا� .٤٦ا�8]-ر ن\,W،ص) ٤(


١٣٤

إذا القرطاجني يمحو الحد الفاصل بين المتشابه والتشبيه ؛فبعد المسافة بين طرفي التشبيه

كما بينا في بيت أبي تمـام ) مركز الثقل(من قرينة المشابهة التي يمثلها وجه الشبه يقربها

افؤ بين العنصرين يـدل الستعمال القرطاجني لمصطلح المتشابه بغير االعتماد على التك كما أن

القـرائن التـي تحقـق جميععلى أن عوالم الكتابة األصلية تكسر كل األعراف،كما أن صهر

التطالب ال يعني تحقيق التطالب في كل الحاالت ؛ذلك أن التماثل والتشابه قد يقع في أشياء كثيرة

فضاء االحتمـاالت إلىشرة الوجود ،وقد ال تقع هذه النسب إال في أشياء قليلة وهو ما يحيلنا مبا

.واالحتمال ال يتجسد نصيا إال إذا وجدت النسبة بين المعاني

وهو ي النفس من أثر خفي ممتع ، االستغراب ف يخلفه لقد كان القرطاجني على وعي بما

يكون باستبداع ما يثيره الشاعر من لطائف الكالم "الذي في حين آخر يقرن االستغراب بالتعجيب

التهدي على مثلها ،فورودها مستندر مستطرف لذلك ،كالتهدي إلى ما يقل التهدي إلـى التي يقل

مثلها ،فورودها مستندر مستطرف لذلك ،كالتهدي إلى ما يقل التهدي إليه من سبب للشيء تخفـى

سببيته ،أو غاية له ،أو شاهد عليه ،أو شبيه له ،أو معاند ،وكالجمع بين مفترقين من جهة لطيفـة

.)١("سب بها أحدهما إلى اآلخر ،وغير ذلك من الوجوه التي من شأن النفس أن تستغربهاقد انت

لكن القرطاجني لم يطلق أمر اإلغراب في الشبه دون قيد ،فهو يربطه بالقصدية فإن كان

يقصد بالتشبيه الوضوح فإنه ينصرف بالتشبيه إلى جنس الشيء األقرب ،كتشبيه أيطـل الفـرس

إذا قصد بالتشبيه التوسع فإنه ينصرف إلى الجنس األبعد كتشبيه متن الفـرس بأيطل الظبي ،أما

١.)٢(بالصفاة

�ج<@ ،ص)١(k4� .٩٠ ا� .١١١ا�8]-ر ن\,W،ص: ان=4) ٢(


١٣٥

أما إذا قصد المبدع الجمع بين الوضوح والحذق فإنه ينصرف إلى ما هو أكثر دقة مـن تشـبيه

عنـاب األشياء الحيوانية ،باألشياء النباتية ،نحو تشبيه قلوب الطير رطبة بال "الشيء بمثله ،فيشبه

.)١("ويابسة بالحشف ،وتشبيه إبرة الروق بالقلم المستمد

وهذا يعني أن المباعدة بين طرفي التشبيه الذي هو دليل الحذق أمر زائد على القرب الذي هـو

أصل التشبيه، ولقد ظل القرطاجني وفيا لهذا األصل بحيث اشترط مـثال أن يكـون المحـاكى

صاف المشتركة بين المحـاكي ،والمحـاكى مـن الصـفات معروفا غير منكر ،وأن تكون األو

.)٢(المشهورة

لكن القرطاجني يخرج قليال عن الكالم في المألوف من محاكاة الشيء بالشيء ،ويالحظ

بخواص وأغراض الحقة لألمور ،أو محاكاة بخواص وأعـراض ألشـياء أن المحاكاة قد تتعلق

هذه األشياء أمثلة لصور األشياء المحاكاة وتقسـم أخرى فتكون الصور المرتسمة في الخيال من

:هذه المحاكاة إلى

محاكـاة قصـص بقصـص أو _٣محاكـاة حكمـة _٢محاكاة قصص وما جرى مجراهـا _١

.محاكاة حكمة بحكمة_٥محاكاة قصص بحكمة _٤نحوه

فمهمة القصة ليس توضيح الحكمة وإنما التمثيل لها بما يجعلها أقرب إلى النفوس ،ألنهـا تـأتي

على نحو غير مباشر يجلو فيها طابع الفن ،والحكمة إذا كانت مباشرة لم تجد سبيلها على القلـب

.مثلما تجده إذا تسربت إليه عبر قصص خيالي

ويوجب القرطاجني في هذه النوع من الصور المحاكية أال يحاكى العـام بالخـاص وال الكلـي

١.)٣(.بالجزئي

�ج<@ ،ص)١(k4� .١١١ ا� .١١٣ن\,W،ص) ٢( .٩٨_٩٧ا�8]-ر ن\,W،ص:ان=4) ٣(


١٣٦

محاكاة وما قد تقترن به من تعجيب ،إال أنه كان يتخـذ ومع اهتمام القرطاجني الشديد بال

من المحاكاة العجائبية وسيلة للتأثير في المتلقي،يقول عصام قصبجي في بيان دور المحاكاة عنـد

أما حازم فقد كان واضحا في إدراكه أن المحاكاة ليست غاية في ذاتها ،وإنمـا هـي :"القرطاجني

على نحو يفضي إلى فعل معين،وربما كان في ذلـك الناقـد وسيلة إلى تحسين الشيء أو تقبيحه

)١("الوحيد الذي يجعل للشعر غاية أبعد من التعجيب المحض

فالتعجيب في الصورة يكون لحاجة فنية وهو ال ينفصل عن غاية التـأثير فـي المتلقـي

ال يحمـد إال للفن أن يبتعد عن الواقع ألن ذلك شرطا فيه وله أن يعلو إذا شاء ،لكن التطرف "ف

في مواقف قليلة ال يستطيع الحكم فيها إال الذوق الرفيع وال يجيدها إال القالئل الذين بلغـوا ذروة

. ١)٢("النضج الفني

)١ ( @!.[c م� ١٩٠ ،ص/] .١٩،ص١٩٥٢روز 49�C ،ا�<�- ا�!8��@ وأ}�4 %@ ا�<�- ا�"4'@ ،دار ا�"� ��8+��& ،'�4وت،) ٢(


١٣٧

الفصل الرابع تلقي الخطاب الغامض

.أسلوب التمويه_ .التأويل آلية فعالة للقراءة_ .الغموض اإليجابي والتلقي_


١٣٨

: التمويه أسلوب-١

يوهم ويخيل ويموه ويستدرج نحـو الغايـة ، للخطاب الشعري مزيف عبقري تجالمنإن

يحيل ،كأسلوب التمويه ،الذي التي يروم بلوغها، ويعتمد على تقنيات خاصة به وحده دون غيره

ماه الشيء بالشيء موها خلفـه عـن "معناه اللغوي عن معناه االصطالحي؛ فالتمويه مشتق من

.)١(" وموه عليه الخبر إذ أخبره بخالف ما سأل عنه ،كراهة

ا يعنينا في هذا التعريف هو القسم األول ،ألن الثاني منـه يتعلـق بمحسـن بـديعي وم

.معروف في العرف البالغي وهو أسلوب الحكيم

لب عملية التخييـل "وأما النوع األول فهو الذي سماه القرطاجني باالحتيال الشعري الذي يعتبر

رج مواقف الشعرية التي تحتـاج حهو مرتبط بالقول الشعري حال كون القول كاذبا وهو من أ و

توجد في كثير من النـاس بـالطبع "،هذه البراعة التي )٢(" إلى براعة وإبداع في القول والتمويه

والحنكة الحاصلة باعتياد المخاطبات التي يحتاج فيها إلى تقوية الظنون في شيء ما أنـه علـى

فالعبارة اإلبداعيـة إذا )٣("ب في احتذائها ر ما هو عليه بكثرة سماع المخاطبات في ذلك والتدر غي

استحداث طرق أخرى يغيـر بهـا "كانت جيدة من حيث نظمها ومحاكاتها وتخيلها فال ضير في

المألوف بإعادة صياغته وإظهار األمور في غير محلها العادي ،إذ يعمد من وراء هـذا تغييـر

. )٤(" لواقع المنقول ،حيث يعيد الشاعر تشكيل المكرر من الكالم والمحاكيات بشكل جديدصورة ا

األقاويل الشعرية التي تختلف مذاهبها وأنحاء االعتماد فيهـا بحسـب "يكون التمويه في

.)٥("الجهة أو الجهات التي يعتني الشاعر فيها بإيقاع الحيل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�دة �>�ا'& �<=>ر) ١(�، . .٢٢٧ ،ص%��8k ا�>ه�.@) ٢(�ج<@ ،ص) ٣(k4� .٦٣ا��8k /.- اA ا�>ه�.@ ،ص) ٤(%٢٣٨. �ج<@ ،ص:ان=4) ٥(k4� .٣٤٦ا�


١٣٩

: قصد القرطاجني بالجهات الثالث ما يلي

."ترجع للقول نفسه :"الجهة األولى

."ل ما يرجع إلى القائ: "والجهة الثانية

."ما يرجع إلى المقول فيه ":والجهة الثالثة

جهة المقول فيه ،فهي براعة الصياغة للمقـول فيـه منأما الجهة التي يقع فيها التمويه

محاكاته وتخيله لما يرجع إليه أو بما هو مثال بما يرجع لما هو ، لكي يبتعـد الشـاعر عـن "و

األذواق ،أمـا الجهـة عنها نأت وفذتها األغراض الصيغ المتداولة واألقوال المكرورة التي استن

أو ،فتكون بتهيؤ المتكلم بهيئة من يقبل قوله " اجاتالقرطاجني باالستدر الخاصة بالقول أو ما سماه

.)١( " لهباستمالة المخاطب واستلطافه

مجال تركيز القارىء ليغفل عـن منـاح شتيتكما هو جلي فإن هذا احتيال لغوي ،القصد منه ت

ها القصور، أو جعله ينهمك بحالة وجدانية معينة بغية إيهامه بقضية ما ،من حيث صـدقها يشوب

.وقابليتها للتأثير

إظهـار القائـل مـن :"إذا أردنا حصر هذه التمويهات فإننا نجدها تتمحور حول ما يلي

ه ضـحية ،ومعنى هذا أن يتقمص القائل دورا يجعل )٢("المبالغة في تشكيه أو تظلمه أو غير ذلك

ما يـوهم ،بإشراب الكآبة والروعة وغير ذلك كالمه "لمتلقي بوصفه بطريقة مبالغ فيها افي عين

أنه صادق ،فيكون ذلك بمنزلة الحال فيمن ادعى أن عدوا وراءه وهو مع ذلـك سـليب ممتقـع

.)٣("اللون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

)١ (، �.k�.k &'٤٤صا. ��8k /.- اA ا�>ه�.@ ،ص) ٢(% ٢٣٨. �ج<@) ٣(k4� .٦٣ص ،ا�


١٤٠

ن هذه الفكرة رغم فاعليتها في الخطاب الشعري ،إال أنها ستكون أكثر فاعلية إذا طبقت إ

على النصوص النثرية ،ألن ذلك يجسد الموقف فيعطيه إيحاءات أكثر وانغماسا أكثر فـي لـب

.) ١(" تميل إلى تصديقه وتقنعها دعواه النفوس"الشخصية فيحدث مباشرة أن

بأن يحتال في انفعال "ما في الشعر فإن فعل هذا ،يحرك أحاسيس المتلقي ويجعله ينفعل أ

وألن المستمع للوهلة األولى والذي يتحـول )٢(" بالصفة هظالسامع لمقتضى القول باستلطافه وتقري

إيقاع الحيل التي هي عمدة في إنهـاض "من متلق إلى ناقد، هو من يحدد قيمة النص فال بد من

.)٣("النفوس لفعل شيء أو تركه أو التي هي أعوان للعمدة

تخير ما من أجل هذا األمر كان ، إحساس قربفالنفس اإلنسانية ال يلج إلى أعماقها إال أ

قرب من النفس ويسر مأخذه بغية بث شيء عظيم يتخفى وراء ذلك اإلحساس ،كمـا أن بإمكـان

شاعر أن يشكل توليفة لفظية يزاوج فيها بين الشعر والنثر ،فالشعر بنظمه ومحاكاتـه وتخيلـه ال

يؤثر في متلقيه ،كما أن النثر باستدالالته وقياساته يقنع وألن التعود على شكل واحد في صـيغة

أن بإمكان الشاعر أن يمزج بـين الشـعر "واحدة يجعل المتلقي يشعر بالسآمة ،رأى القرطاجني

صناعة الشعر لها أن تستعمل شـيئا مـن اإلقنـاع كمـا أن "الخطابة لتشكيل صياغة جديدة ف و

.)٤("صناعة الخطابة لها أن تستعمل شيئا يسيرا من المتخيالت

قد ركز على الشيء اليسير فذلك مخافة أن يفسد كل من الخطابـة القرطاجنيوإذا كان

وإذا ما تم األمر بحيث )٥("ة خطبة ،والشعر شعرا الجنس ،فتبقى الخطببحيث ال يميع"والشعر و

وما كان بهذه الصفة"استفاد كل جنس من اآلخر ،وأمكن للشعر أن يستعير من الخطابة إقناعها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@،ص) ١(k4� .٣٤٧ا� .٣٤٧ ن\,W،ص)٢()٣( ،W,\٣٤٦ ن. .٣٤٧ ن\,W، ص)٤(��8k /.- اA ا�>ه�.@ ،ص)٥(%٢٢٨.


١٤١

.)١( "في الشعرفهو أفضل موقعا

فال تتغلب أسلوب، وليست االستعارة بين الفنين بعيب فني ،وإذا "واالعتدال في هذا األمر واجب

.)٢("قناع على أسلوب اإلمتاع اإلكان الشعر قد استعار

مسـتوياتها ورغـم تشـعب هل أن لغة الشعر رغم تعـدد :ألمر الذي يجعلنا نتساءل ا

األساليب الشعرية يعوزها االبتكار والتجديد لهذه الدرجة، بحيث يصبح الفضاء الشعري قاصـرا

في بعض أركانه ،مما يؤدي إلى ضعف قدرة المبدع على التأثير في المتلقي أم أن هذا األخيـر

شأنها تحريكـه ،أم أن هو الذي استنفذ طاقة القراءة في الشعر فأصبح محتاجا لبدائل أخرى من

التمازج بين األجناس األدبية والتزاوج بين الفنون أمر وارد ما دام هذا الفعل ال يجعلنا نقر بفقـد

هوية هذه األجناس ؟

ال يعد القرطاجني مبدع هذه الفكرة أي تبادل األفكار والتقنيات بين الفنون ،كأسلوب من

لقراء ،فقد كان مسبوقا بالناقد صاحب الذوق الجمـالي أساليب التجديد في فن القول قصد استمالة ا

ابن طباطبا العلوي الذي رأى أن الشاعر كي يبتكر في مقاصده عليه أن يأخذ من فن الترسل ما

منهـاج أصـحاب "يجعل القصيدة تتجاوز سقوطها في أزمة تكرار المعاني ،فعلى الشاعر تتبـع

.التمويه وهذا ضرب من ضروب )٣("الرسائل في بالغاتهم

التمويه خاضع لسلسلة من العمليات والتحويالت التركيبية الهدف منها "على كل حال فإن

.)٤("أن يخرج النص على غير ما هو متوقع إلرضاء هذا القابع في وعي القائل

ه حقمقنعا وموهما أن"وبناء على ذلك يجيز القرطاجني توظيف الكذب في القول الشعري ليكون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@،ص)١(k4� .٣٤٧ ا�)٢ ( �>s,ا� ، Ls��%�s وا�4sSاث ،ا�?>�jق ا��s%m �s�!�، 5sj8وا� �s8?1ا�، �-s�� ا�<�s- ا��nc &� ، ل /4وي�.c81- إ�4 ٣٤ ، ع ٩spا� _s�'ر،

.٦٦هـ ،ص١٤٢٢�، ص) ٣(.k�.k &'٤٤ا. ��8k ا�>ه�.@ ،ص) ٤(%٢٣٨.


١٤٢

أن أفضـل "،ورغم أن حازما قد اعتبر )١("ويهات واستدراجات ترجع إلى القول أو المقول له بتم

وإن ،)٢(" كذبه وقامت غرابتـه خفيته،وقويت شهرته أو صدقه ،أو أالشعر ما حسنت محاكاته وهي

كان قد ركز على الصدق ،فهو لم ينكر الكذب الفني بل أشار إلى ضرورة إخفائه ،هذا اإلخفـاء

قتـداره احذقا للشاعر " يتحقق إال بتمويه المتلقي ،وأكثر من ذلك أنه احتسب هذا اإلنجاز الذي ال

،بإعمالها الروية في ما هو عليـه قبل على النفس وإعجالها إلى التأثر له وتمويهه ترويج الكذب

.)٣("،فهذا يرجع إلى الشاعر وشدة تحيله في إيقاع الدلسة للنفس في الكالم

في النص الشعري ،إذا أحسن الشـاعر توظيفـه بأسـلوب كبيرا الذكي أثرا إن للتمويه

وإحراجه على خصمه حتى يصير بذلك كالمه "يحرك الساكن ويثير الثابت بإثارة انتباه المخاطب

فيكتسب الكالم دالالت إضافية وذلك باسـتغالل )٤(" ،وكالم خصمه غير مقبول الحكم مقبوال عند

معنى ومبنى ،وتقسيما وخياال ،إال أن اإلكثار منها بال وازع ،يفضي إلى الخطاب لغة و مكونات

بطبـاعهم "مفعول سلبي خاصة بعد أن يكتشف المتلقون سوء استعمالها ؛إذ يكشـفون مواقعهـا

.)٥(" بأفكارهم تهدون إليهاوي

جهة ،وتركيب تركيب ،وصيغة صيغة بالكالم إلى أنحاء شتى في جهة الترامي"كما أن

وضرب بعضه ببعض على الهيآت المالئمة في كل مذهب يذهب فيه ونحو ينحى به ألذ وأطيـب

وكما هو معروف فالقصد من ، )٦("من الجمود به على حالة واحدة في كل نحو من أنحاء الكالم

التمويه إيهام المتلقي وشغله عن االلتفات إلى ما قصر من األغراض،ولكـي يـتم ذلـك نصـح

.عر باالعتدال القرطاجني الشا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@،ص)١(k4� .٦٣ ا� .٧١ ن\,W، ص)٢( .٧٢ ن\,W،ص)٣( .٦٤ ن\,W، ص)٤( .٦٤ ن\,W، ص)٥( .٣٤٨ن\,W، ص) ٦(


١٤٣

ال يحذف من المقاييس إال ما يكون في قوة الكالم دليـل عليـه " بأن هي دعوة للمتلقي و

.)١( "قضية مستثناة نتيجة أو من مقدمة أو

ا يجوز في الحالة التي يدل فيها ما بقي من الحذف على المحذوف، وأما فعل الحـذف الحذف إذ

في حد ذاته ،فيكون تفاديا للتطويل كما يكون في المقدمة التي يظهر فيها الكذب ويقع في جملـة

. )٢(من مقدمات القياس إذ تطوى إحداها قصد التخفيف

فإن توالي المتشابهات سواء كانت استنتاجات ،أو تشابهات أو أوصافا يجعل سبك الـنظم وكذلك

.رتيبا ال إبداع فيه

بناء على ما تم ذكره نجد أن المبدع هو الذي يتحكم في مقدار جودة نصه بحسن انتقـاء

ـ الل منهـا ودقة توظيف تمويهاته،فحشو االحتياالت في سياق واحد يجعلها متكلفة ،كمـا أن اإلق

الكالم المتقطع األجزاء المنبتر التراكيب غير ملذوذ وال "يجعل النظم ذا سبك هزيل ضامر ،ألن

مستحلى وهو شبه الرشفات المتقطعة التي ال تروي غليال ،والكالم المتناهي في الطـول يشـبه

ويه واالحتيـال إال أننا ال يمكن أن ننكر ما لتقنيتي التم )٣("استقصاء الجوع المؤدي إلى الغصص

من قدرة عجيبة على إثارة حواس المتلقي وتنبيه ذهنه ،فالشاعر إذا حذف رام من ذلـك إخفـاء

،حتوائها على معنى من شأنه أن يحيل إلى ما تالها من المعاني يقدمها ال علة ما ،وإذا قدم عبارة

أكثر المتلقي نه لشد أما إذا اختار مادة من مشاعر متلقيه من ذكريات وعهود سالفة ،فتلك حيلة م

فمصدر التأثير الذي يكون للكالم في السامع إنما هو الحيلة التي تميز القول الشـعري "لخطاب ل

.)٤("من غيره من األقاويل العادية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@ ،ص)١(k4� .٦٥ ا� .٦٥ ن\,W، ص)٢( .٦٥ ن\,W ،ص)٣( .O.8�٢١>ت ، صH?4ي ا) ٤(


١٤٤

وإذا كان المبدع ذكيا في استعماله االحتيال وصياغة معانيه وكيفية إيصالها للمتلقي بحيث يوهمه

تكسب كلمة المراوغة أهمية كبيـرة "بجاذبيتها فيهتز ويتأثر فإن هذا المتلقي يراوغ المعاني وهنا

فكرة الفراغ، والفجـوة أبعـادا حيث يتحول من تعداد الداللة إلى ال نهاية الداللة ،وحيث تكتسب

.)١("تمكن القارىء، كل قارىء جديد للنص في الواقع من كتابة نص جديد

فالمعطيات التي يضعها النص في متناول المتلقي تفرض أسئلة بديهية شكلية جلية فـي تقاسـيم

ئلة التي بين األس"الخطاب ،وبالمقابل تطرح الكتابة أسئلة أخرى غير مباشرة تستلزم إجابات ،و

يثيرها القارىء واألجوبة التي يقدمها النص ،وبين اإلجابات التي ال يقدمها النص واألسئلة التي

،محاولة الكتابة هـذه )٢("يثيرها المؤلف الجديد للنص ،وهو القارىء في محاولة كتابة نص جديد

قناة اتصال بـين لىإتبنى أساسا على فك الرموز والشفرات اللغوية ،واكتشاف دالالتها لتتحول

اتصال ينتج عن حقيقة وجود فجوات في النص تمنع التناسـق الكامـل بـين "المتلقي والخطاب

.)٣("النص والقارىء

وهو أمر منطقي إذا كان المتلقي فعال بإمكانه صناعة الكتابة من جديـد مـن خـالل اسـتدراج

يبـرر ويوجـد "هو الفعل الذي األفكار واستحضار المعاني التي يمكن أن تسد فجوات الخطاب و

)٤("ن الفجوات وضرورة ملئها تعمل كحـوافز ودوافـع لفعـل التكـوين الفكـري إاالتصال إذ

والمراجعة القرائية تجمع بين آلتين وهما اإلحالة والتأويل، فلكي يصبح النص مشبعا وكثيفا أكثر

يستشـهد بهمـا إلقنـاع )٥(اقترح القرطاجني على المبدع أن يحيل المتلقي إلى تواريخ وقصص

السامع أكثر والحكم نفسه ينطبق على الحكم واألمثال ،وهي مع القصص والتاريخ ،اجتهاد من ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�K ح8>دة ،ص)١(K"٢٤٥ /.- ا�. .٣٢٧ ن\,W ،ص)٢(�%@ ا�"4'@ ،ا�4�8ب ،ط ��!�ن ا�4و��@ ،وس"- ا�.�ز9@ ،د��5 ا�<�c- اQد')٣(�jا� K١٩١م ،ص٢٠٠٠ ، ٢@ ، ا�48آ. .١٩٥ ن\,W ،ص)٤(�ج<@، ص) ٥(k4� .٢٢١ا�


١٤٥

وال تتم جمالية هذا التلقي إال حينما يراعـي " المبدع واحتيال من جهة أخرى ،للتأثير في المتلقي

يلـه إلـى القائل شرط السياق الفني والجمالي التواصلي الذي يشرك فيه المقول لـه حينمـا يح

.)١(" المشترك الجمعي بينهما وإلى جزء من الذاكرة الجمعية للقول أو الفن القولي

هذا الفعل من المبدع يجعل متلقيه متحصنا نقديا ،بل ويدفعه للتأويل بناء على أن كل النصـوص

تمثل دور"مفتوحة للقراءة بميزة خاصة هي استحضار هذا المتلقي في حاضر الكتابة ،وذلك ب

القارىء أثناء عملية بناء النص ،وبالتالي فهو ينتج التأويل والتفسير ضمن حدود نصـية معينـة

.)٢(" ومفروضة

فـي اوالتأويل هو ما دعى إليه القرطاجني عندما تطرق لقدرة الشاعر على األخذ مأخذا حسـن

وامتـداد من بعد غايـات الشـعراء "مذاهب القول وتصريفه إياه في مختلف مضاربه فذكر أن

على آمادهم في معرفة الكالم واتساع مجالهم في جميع ذلك ،يحتاج أن يحتال في تخريج كالمهم

وجـه ه من الصحة فإنهم قل ما يخفى عليهم ما يظهر لغيرهم فليسوا يقولون شيء إال وله ووج

. )٣("فلذلك يجب تأويل كالمهم على الصحة والتوقف عن تخطئتهم فيما ليس يلوح له وجه

لغة ثانيـة ،فـالمؤول الـذي يفترضـه إلىوالقارىء بدوره يأمل في تجاوز لغة النص األولى

مبدع آخر يعيد تشكيل الخطاب ،وفق معايير التأويل السـليمة مـن القلـب ،وهـي قرطاجني ال

.مسؤولية كبيرة يتحملها هذا المبدع المختلف

ينتج نصا يفترض أنه جيد المستوى مـن وإذا أردنا تشكيل الحقيقة فإننا نقول بأن المبدع األصلي

حيث ربط العالقات اللغوية ،وتوظيف ما هو مألوف في شكل غريـب باالعتمـاد طبعـا علـى

فيعمد إلى إعمال خياله أوال في هذا المتلقي المحاكاة والتخييل واالحتيال والتمويه واإلحالة ،أما ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

��8k ا�>ه�.@ ، ص)١(% ٢٤٥. �ن ا�4و��@، وس"- ا�.�ز9@ ،ص) ٢(!��١٨١. �ج<@ ،ص) ٣(k4� .١٤٤ا�


١٤٦

اللغوي والمعنوي من خالل التأويل المنهجي ،واالعتماد على الخيال ال يعني أن هذا الفعـل الكم

ص ممكناتـه ال إرادي أو غير واع ذلك أن التأويل عملية قراءة واعية في أبعـاد الـن )التأويل(

واحتماالته ،ألنها تهدف إلى استنباط المعنى،والمعنى في الشعر ال يأتي مباشرة بل فـي صـور

،وإذا كانت الكتابة غير مباشرة فإن القراءة في أرقى مستوياتها غير مباشـرة، )١(وهيآت مختلفة

الخطـاب فالشاعر يستخدم اإليهام للسـيطرة وبـث "وتبقى العالقة بينهما في مد وجزر جماليين

والنفس بسبب القوة المتوهمة التي في الشعر تنقاد مع هذا التوهم ،على الـرغم مـن أن العقـل

يناقضه ويرفضه ،وإن كان للقوة العقلية القدرة على التأليف والجمع والتكوين فإن القدرة الوهمية

السطحي للخطاب إال أن هذه السيطرة ال تنشأ إال على المستوى )٢("لها السيطرة على جهة التلقي

ألن للمتلقي أيضا قدرة عقلية تدفعه للرفض ،ومواجهة القدرة الوهمية ليتم اللجوء إلى الــتأويل

ومثلمـا ، ال يفنى من المعاني والدالالت اكحل لالنتقال إلى مرحلة أرقى يصبح فيها الخطاب كنز

.ماالت أخرى في القراءة يحيل الشاعر إلى صور أكثر إيقاعا فإن المتلقي يحيل أيضا إلى احت

ومهمة المتلقي تبدأ ببدء التحدي مع الكتابة، وهنا يغدو تأويل النص تأويال سليما ،وسيلة للمتلقـي

القراءة عملية جدلية تبادلية مستمرة ذات اتجاهين من القارىء إلى النص "للفهم وتصبح تبعا لذلك

.)٣("ومن النص إلى القارىء

موهة والعبارات المخيلة والتي تبدو للوهلة األولـى غامضـة ،والتأويـل ، بالشفرات الم فالكتابة

.يجعالن القراءة النقدية أكثر فعالية

ل التمويهات القوة الناظمة عند المبدع فتجعله يحسن االنتقاء والنظم ،فإنها تحفز خيـال غشوكما ت

المواطن تفطن ذهنه إلىالمتلقي كذلك لتصور هذه المعاني وإذا لم يتجل المعنى في بعض ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.٢٤٦�81- ا�8.�رك ،ص: ان=4)١( .٧٢ ن\,W،ص)٢(�ن ا�4و��@ ، وس"- ا�.�ز9@ ،ص) ٣(!��١٩٤.


١٤٧

أولى من حمل الكالم علـى القلـب إذ " ما غمض ،وذلك تأويل حاالت أخرى يتمكن من خاللها

تدل على المعنى بوضع مخصوص وترتيب مخصوص فإن بـدل ذلـك الوضـع العبارات إنما

.)١("والترتيب زالت تلك الداللة

والقرطاجني في هذه العبارة يحذر من عواقب حمل القول فيه على العكس، فيكون التأويـل وإن

ذة كان بعيدا أسلم لكي ال يفسد المعنى وتستنزف منه الدالالت ،وذلك يفضي مباشرة إلى تحقيق ل

اكتشاف النص الجديد وتلك هي مغامرة البحث عـن المفـاهيم العميقـة المضـمرة فـي ثنايـا

.الخطاب،وهو المبلغ الذي أراد القرطاجني أن يبلغه القارىء في تعامالته مع الخطاب األدبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@ ، ص)١(k4� .١٧٩ ا�


١٤٨

:التأويل آلية فعالة للقراءة _٢

أن أي نص قابل ألن يؤول معناه على أكثر مـن وجـه، ألن ارتبـاط القرطاجني ىرأ

بعض المعاني مع بعض في النص الواحد قد يترتب عليه اختالف فهم العالقات بينها من شخص

يهـة فـي نسـبة ولقوى النفس تفاضل في مالحظة الجهة النب: "آلخر، أي من متلق آلخر، فيقول

.)١ ("معنى إلى معنى والتنبه إليها

في كتابه عددا من األمثلة التي يحاول فيها تأويل نص ما بأكثر من وجه، كأنه القرطاجنييقدم و

. يريد أن يؤكد فكرة قبول أي نص ألن يؤول على أكثر من وجه دون تناقض بينها

الت عدة دون تعارض أو تناقض بينهـا من أمثلة ما ذكر من النصوص التي تقبل تأوي و

): كلب(قول زياد األعجم في

اهما إذا تر رصف أبيقبال الضه مكلمه من يوهو حب مأعج

قدامة بن جعفر تناول هذا البيت، ورأى أنه ينطوي على تنـاقض فـي أن القرطاجني إلى فأشار

سنان الخفـاجي ،أما رأي ابن مه إياه حين وصفه بالعجم المعنى، ألنه أوجب الكالم للكلب، ثم أعد

الكالم جملة كاألخرس، فـإذا مد الذي ع األعجم األعجم هو الذي يتكلم بعجمة، وليس فقد كان أن

البيت محتمل وجها آخر من أن القرطاجني ثم علق ، يتكلم وهو أعجم لم يكن متناقضا نقيل فال

ـ وهو أنه قد يع ،التأويل يصح عليه ه ني بالكالم ما يفهم من إشارة من ال يستطيع النطق وحركات

. )٢ (ه حيث يقصد بذلك إفهام ما في نفسهلوشمائ

رأى قدامة فيهما تناقضـا، أمـا ، هذه األمثلة أيضا أن حازما ذكر بيتين ألبي نواس ومن

ن يكـون فيهمـا أي حازم القرطاجني فقد حملهما على عدة وجوه يمكن أن يؤوال عليهـا دون أ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@ ) ١(k4� .٤٤، صا� .١٤٠، صن\,W ا�8]-ر :ان=4) ٢(


١٤٩

:وهذان البيتان هما ،تناقض

قايا كأنفا ما ببابها من عح أديمه عن انفرت ثم به تردت

ارعذ سواد في شيب تفاريقين ليل تفرياض عنهار ب

فقدامة يرى أن أبا نواس تناقض في وصف الحباب في البيـت األول بالبيـاض حـين شـبهها

كما تناقض فـي وصـف الخمـر ، بتفري الليل في البيت الثاني هبالشيب، ثم بالسواد حين شبه

ر بالبياض حين قال عن بياض بالسواد حين شبهها بسواد العذار في البيت األول، ثم وصف الخم

. )١ (نهار في البيت الثاني

: ورأى حازم أن هذين البيتين يحتمالن وجوها من التأويل ال يكون معها فيهما تناقض، منها

والحباب بالنجوم، فلم يتسع له الكالم لهذا التشبيه، فلوح لـه ، أنه أراد تشبيه سواد الخمر بالليل *

تفري ليل عن بياض نهار؛ فالضمير في قوله انفرى راجـع : ا لطيفا بقوله في البيت الثاني تلويح

إلى ما ترده تفريه بتفري الليلت به الخمر من لون السواد المشب .

ولم يذكرها ألنها في ضمن الليـل ، أن يكون في هذا التشبيه إشارة إلى تشبيه الحباب بالنجوم *

. وتابعة له في انحساره

ي نجوم ة تفر في قو ) تفري ليل (راجعا إلى الحباب ويكون قوله ) انفرى(ر في أن يكون الضمي *

. )٢ (ليل أو يكون قد اكتفى بذكر الليل ألن النجوم في ضمنه

ـ في هذا المثال والمالحظ ، اأن حازما استطاع تقديم عدد من الوجوه التي يحتمل النص تأويله

نفسه بـاختالف المتلقـين، واخـتالف تـأويلهم اختالف فهم النص أيضا ويتضح من هذا النص

. لمعانيه نتيجة الختالف مرجعياتهم وخلفياتهم اللغوية، واألدبية، والثقافية وغيرها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@ :ان=4) ١ (k4� .١٤١، صا� .١٤٢ صا�8]-ر ن\,W ، :ان=4) ٢ (


١٥٠

أنـه القرطـاجني لقرطاجني، وهو بيت لهذيل األشجعي، يـرى في مثال آخر يذكره ا و

:وجه، وهو قوله أكثر منيحتمل

i إليه ترمي برحت فما iفهابطر ها إذا أحيانا وتومضمغفل خص

: ويرى حازم أن هذا البيت يحتمل تأويلين، فهو إما

. يماض به سواء أن يكون من القسمة المتداخلة، ألن اإليماء بالطرف واإل*

أو أال يكون في الكالم تداخل بأن يريد بقوله تومض تبتسم، وهذا الوجه أولى بأن يحمل البيت *

. )١ (عليه ليسلم الكالم بذلك من الخلل

رجح تأويال على اآلخر فيما ذكره، والترجيح ال يعني نفي اآلخر ، ولكنه يعنـي ه والمالحظ أن

.المرجح المفاضلة مع قبول الرأي اآلخر

: والتلقياإليجابيالغموض _٣

فالمعنى الذي يوهم بأنحـاء "إن بين الغموض وتقنية التمويه عند القرطاجني صلة وثيقة

.)٢("من االحتماالت ،ويدفع المقول له إلى التأويل في طرفين قد يبدوان كتناقضين معنى غامض

ها ما يقصد أن تكـون فـي المعاني من "ن فكرة الغموض عموما يرى القرطاجني أن وع

غاية البيان على ما تقدم ،ومنها ما تقصد أن تكون في غاية اإلغماض ومنها ما يقصد أن يقع فيه

.)٣("بعض الغموض ،ومنها ما يقصد أن يبان من جهة وأن يغمض من جهة

ويقود هذا التصنيف إلى القول بأن البيان أو الوضوح ال يعني الرداءة، إذ نجد أن هنـاك

بل إن خصوصية )٤("ن يظن أن السهولة تبعد الشعر عن خصوصيته وأن السهولة لغة نثرية م"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ�ج<@ :ان=4) ١(k4� .١٥٧، صا� .٢٥٢ ،ص%��8k ا�>ه�.@) ٢(�ج<@) ٣(k4� .١٧٧ ،صا��%� وا�4Sا) ٤(�jق ا��%m ��!� &� ل��،@'� .١٩م ،ص١٩٩٠هـ،س.١٤١٦،4.8S ، ٢،ر'�_١٠،ع٣ث،ا�,<� ج>دت ا�4آ


١٥١

إذ تكف عن القبول بكونها مجـرد أداة "هي التي تفرض نفسها من خالل لغتها الخالقة الخطاب

.)١("حيادية ،وتصر على دخول النص بوصفها طرفا رئيسيا فيها توصيل

يعتمد على الجانب الفني للغة وهي اللغة عينها التي ينبغي أن يكتب بها الشعر ويقرأ ،وخاصة ما

أشد تحريضـا " ،وذلك عندما يصبح الغموض أو اإليجابي أو ما يصطلح عليه بالغموض الفني

. )٢("لخيال المتلقي ذلك أن هذا النص أوال وأخيرا مجال إلعمال الخيال عند منتجه ومتلقيه

هـي التـي لبعيـدة يرى القرطاجني أن المناسبة بين األشياء ا الغموضوعن سبب هذا

إذ كلما كانت األوصاف في مثل هذا مؤتلفة من أغراض الشيء البعيدة لم تتهـد األفكـار "تحدثه

.)٣("إلى فهمه إال بعد بطء

يضفي على نصه غاللة شفافة ليزيد مـن "والشاعر قد يلجأ إلى الغموض لحاجة فنية ف

ونتيجة لهذه الحالـة يلجـأ )٤(وب قدرته على اإلثارة،والدهشة ،والمتعة وهذا هو الغموض المرغ

شـرط أن ال يقصـد )٥(" من القلـب تأويل ما ورد من ذلك تأويال فيه سالمة "المتلقي بدوره إلى

بالغموض تشويش عملية اإلفهام والتواصل بين المتلقي والمبدع من خالل الـنص ، كـاإلخالل

والمتقدم متـأخرا فتتـداخل بوضع الكالم وإزالة ألفاظه عن مراتبها حتى يصير المتأخر متقدما

ل العبارة وال يتحقق نظامها قبل التقديم والتأخير ،وال يعلم كيف كان كشتفاأللفاظ بعضها ببعض

فالواجب على الشاعر أن يجتنـب " ، )٦(الكالم موضوعا قبلها وهذا المذهب رديء جدا في الكالم

تكون داللته علـى المعـاني واضـحة من هذا ما توغل من الحوشية والغرابة ما استطاع حتى

.)٧("وعباراته مستعذبة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

)١ (،0G�ب ا�"4ب،د�S?د ا�� %@ اQدب واf'-اع،�<G>رات ا12-��ر'�ت ن� .٣٤صم،١٩٩٩راC2 ا�1+ق ،ا�<h وا�88�ن"� ،� .٤٣ن\,W،ص )٢(�ج<@ ،ص )٣(k4� .١٧٣ا� .٣٣راC2 ا�1+ق ،ص:=4ان )٤(�ج<@ ، )٥(k4� .١٧٩ا� .١٨٧ا�8]-ر ن\,W،ص:ان=4 )٦( .١٨٥،ن\,W ،ص )٧(


١٥٢

وال يعني ذلك مطلقا أن تقرأ النصوص دونما جهد أو اهتمام ألن ذلك يخـرج الخطـاب

أن يكون المعنى في "عن أدبيته،ويجعله عاديا ال جمال فيه ،وبالمقابل فإن الشاعر قد يعمد قصدا

.)١(" دقيقا لطيفا يحتاج إلى تأمل وفهم نفسه

فيكون الغموض فنيا وجماليا في قيمة محاكاته الجيدة التخييل ،وبمعانيه التي تشكل حلقـة

مترابطة بين األلفاظ الجيدة النظم ،في هذه الحالة يلجأ المتلقي إلى التأويل،ولهذا فإن ما يميز بين

بعض الناس ممن يتأول ما ورد من ذلـك "خير يقول بوجود ن هذا األأالتأويل السلبي واإليجابي ،

.)٢("تأويال فيه سالمة من القلب

فعندما يحسن استغالل آلية التأويل بحيث تكتسب بعدا جماليا يكـون مستسـاغا عنـد المتلقـين

ويبـرز القـول )٣("يكون للمعنى فيه موقع من النفس ومكانة مكينة من الفهـم "اآلخرين ،وبذلك

.ؤول براعة المتلقي النقدية وقدرته في إيجاد البدائل القرائية باالعتماد على التأويل السليمالم

القـراءة وتأمـل تعطل ألنها معيبة بحيث يكون فيها غاية،فإنها الغموض يلفهاأما األقوال التي

. النصالخطاب ،ولذلك تفقد حقها في االنتماء لفضاء

لعبثية،فهذا يدل على أن أحـد إلى ال بين المتلقي والنص يفضي وبأسلوب آخر فإن انعدام التواص

األطراف لم يقم بدوره إذ ال يمكن أن نلقي المسؤولية كلها على كاهل المبدع ،فقد يكون المتلقـي

سببا في السقوط إلى هذه الهوة السحيقة ،عندما تعوزه التجربة الفنية والرؤية الجمالية في التذوق

وفي هذه ،عن استيعاب النص،خاصة أن آلية التأويل غير متاحة لكل القراءفيجد نفسه قاصرا

الغموض مشكلة تقع على تخوم العالقة من جهة تلقـي القـارىء وإدراكـه "الحالة بالذات يغدو

.)٤("للعالقة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

�ج<@،) ١(k4� .١٧٧،صا��ج<@ ،) ٢(k4� .١٧٩،صا��ج<@،) ٣(k4� .١٧٩صا��8k /.- اA ا�>ه�.@ ،ص)٤(% ١٤٧.


١٥٣

مشكلة تشير إلى خلل أو فشل فـي "الغموض االستجابة إلى وفي كل األحوال يكون عدم

.أي إحداث اللذة الجمالية)١("نجاح هذه الوظيفة

إعمال الفكـر "على المتلقي المحنك عندما يقرأ نصا ذا نظم متشابك اإليحاءات والدالالت يرتكز ف

والغاية األكثر إيجابية وجمالية هي النفاذ إلى مقصدية النص ال المبدع؛)٢(" إلى مراد المبدعذلينف

الذي تالشت مقصديته وذوت بمجرد أن أصبح ومراده ألن المتلقي يقرأ بعيدا عن مقصدية المبدع

.النص في متناول المتلقي

أمارة على كثرة فراغات الخطاب الداللية وهو ما والجانب الفني في الغموض،هو كونه

درجة صاحب النص،وبالمقابل فإن تكشـف الخطـاب إلى يستلزم خبرات عديدة ترتقي بالمتلقي

يمتلك قوة فكرية "للمتلقي يقيد خبراته في التفكيك والتركيب وبذلك لن يتلمس درجة المبدع بحيث

الشـيء "ة إلى لذة االستمتاع بتمنع دالالت النص ف هذا باإلضاف )٣("تعادل قوة الفكر عند المبدع

إذا نيل بعد الطلب له واالشتياق إليه ومعاناة الحنين نحوه ،كان نيله أحلى وبالمزية أولى ،فكـان

وللجرجاني كذلك مقارنة بديعة بـين )٤("موقعه من النفس أجل وألطف وكانت به أضنى وأشغف

.)٥(ن اللؤلؤة في جوف الصدفة مشقة القراءة ومشقة الغائص الذي يبحث ع

وإذا كان األمر كذلك فإن هذا اإلحساس واللذة ال يكون صرفا ألن هذه األخيرة من أهم مصـادر

فاللذة األصلية هي التي يصاحبها األلم الناجم عن اإلحسـاس بتلـك )٦(المتعة والقلق في آن معا

تتحدد باستمرار والقلق من ممارسة لشعور المتلقي أنه شريك وسيد أعظم في عملية خلق "المتعة

.)٧("ما يترتب عن هذا االختبار من تتابعللذي هو في النهاية اختبار ،والخوف االتأويل، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.٢٤٧،ص%��8k ا�>ه�.@ ، )١()٢ (<�� ،د-��در ه<@ ،ن=4�� اf'-اع %@ ا�<�- ا�"4'@ ا��ت ا�!��"��،/.- ا�/<.M8ا|4 ،ص١٩٩٩ان ا�K!٢٤٧م ،ا�. )٣ (W,\٣٤٤ص،ن �ه4 ا�!4ج�ن@،أس4ار ا�.+�9 %@ /� ا�.��ن )٤(� .١٤١،ص /.- ا� .١١٨،صا�8]-ر ن\,W : ان=4) ٥( .٣٩ راC2 ا�1+ق ،ص)٦( .٣٩ا�48ج_ ن\,W،ص) ٧(


١٥٤

على المتلقي كما يقـول وتجنبا لهذا الشطط ، ألن تقصي الدقة في تأويل المعنى له مزالق كثيرة

وإذا أردنا إجمال القول في عالقة الغمـوض "الفكر والروية والقياس واالستنباط "الجاحظ إعمال

والشعر كالحب ...األدب ...الفن " الخاصة فابالمتلقي فإننا نقول بأن األعمال الجادة لها سماته

هذه األسرار التي )١("ب أن يكون ولكن عطاءه مغلق األسرار دائما وهكذا يج ...من طبيعته العطاء

الذي اليخرج عن القرطاجنيإن تخلت عن تمنعها أصبحت عادية ،هذا هو الغموض الذي قصده

.إطار الجمالية والفنية

بأن مدار األمر والغاية التي إليهـا يجـري القائـل "وإذا كان الجاحظ فيما مضى يرى

أن يكون هذا اإلفهام من مجرد مالحظة الخطـاب فال يشترط ،)٢("والسامع إنما هو الفهم واإلفهام

الشعري ،بل ال بد أن يتم االرتقاء بالعملية أكثـر مـن خـالل االسـتعانة بطـرق فنيـة فـي

ق عنصر التعجيب الذي ذكره القرطاجني حيث يتحكم في مقدار التـأثر بـالنص يتحق،والتأويل

الغرابة هـي التـي تثيـر " إذ أن والتفاعل معه ،األمر الذي ال ينجز دائما عن عنصر السهولة

السـتقراء فافيتحقق اإلفهام بعد تخطي المالحظة البسـيطة ،فـالقراءة )٣("لفاعليتها النشوة والهزة

.التأويل ف

المسؤولية ،مسؤولية النص أو يتحملها كاملـة فعليـه أن المبدع أما المتلقي الذي يشاطر

السماع وحده كافيا للحكم على النص الجيد وال ليس"ف)٤(يكون كما أراده القرطاجني مولعا عارفا

،وهو ما سـعى )٥("توافر المعرفة والثقافة إنما هما معا يشكالن عدة الناقد المتذوق للنص الجيد

وهو ما يجعله يمتلك معرفة وخبرة )٦("البصير الجيد الطبع"القرطاجني عندما جعل ناقده هو إليه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.٤١راC2 ا�1+ق ،ص) ١()٢ ( &��.Sن وا�� .٧٦،ص١،جا�!�حl،ا�.�)٣ (�"'��ه4�>سV ر'� .٣٠م ،��رس،ص٢٠٠١، ١٤١٢،ذو ا�1!�،٥ر،عا�!4ج�ن@،�!�� جXو ،ا��4ا'� /<- /.- ا��ج<@ ،ص) ٤(k4� .١٤٤ا��م �4ه>ن ا�]\�ر،�1�4qات %@ 2�ر�� ا�<�- /<- ا�"4ب ،د) ٥(,S'ن ،ا�8/، �>�Y٣٥٢صم،٢٠٠٦ار ج. �ج<@ ) ٦(k4� .٣٧١ص،ا�


١٥٥

.)١(ودربة حتى يتمكن من محاورة ظاهرة الغرابة بما تفتحه من آفاق للتأويل والقراءة المتأنية

ن الغرابة أو الغموض الفني كقيمة فنية بحتة ،غير متاحـة إال نخلص إلى أ ومن هذا كله

لغموض وتأويله ليس في متناول كل المتلقين،وإذ يغـدو للفنان األصيل ،كما أن فك شفرات هذا ا

الغموض الفني أمرا حتميا ليكون النص أكثر تمنعا وجاذبية ،يصبح التأويل آليـة حتميـة فـي

.ريته والقراءة النقدية إبداعيتهاالقراءة للتعامل مع هذا المعطى المتميز وبهذا يكتسب الشعر شع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .٤٠�>سV ر'�'"� ،ص:ان=4) ١(


١٥٦

الخاتمة

درس القرطاجني ظاهرة الغموض ،وحاول تقنينها ،ودل عليها بمصطلحات عديدة،وكان

قطب الرحى الذي دارت حوله دراسة القرطاجني للغموض هو معيار الوضوح في أداء المعنـى

ة ،وصلة ذلك باإلفهام والتبليغ ،ثم مظاهر الغموض وتفسيره من ناحية أخـرى وصـلته من ناحي

.بخفاء المعنى

:وإذا كان لي أن أرصد أهم النتائج التي أسفر عنها هذا البحث ،فإنها تتمثل فيما يلي

:مفهوم الغموض قبل القرطاجني:أوال

ظيفة هذا األصـل التـي تتمثـل األصل في الكالم هو الوضوح والبيان ،والغموض تعطيل لو *

.باإلفهام

إن معيار الوضوح كان له سلطة قوية في صرف النقاد العرب القدماء عن اعتبـار الغمـوض *

.مقوما أساسيا من مقومات الشعر

:الغموض هو تعدد احتماالت المعنى ،وخفاء المعنى بسبب من األسباب التالية*

.الصورة_٤التركيب،_٣المعنى،_٢اللفظ،_١

كان لنظرة القدماء الجزئية في اقتصارهم على دراسة الغموض،بحدود البيت أو البيتين أثر في *

تضخم المصطلحات الدالة عليه وتداخلها،وقد وجهت هذه الدراسة الجزئية النقد القديم إلى اعتبار

.ةالغموض مجرد خلل في تركيب بعض األوجه البالغية في استقاللها عن السياق العام للقصيد

ميز النقاد العرب بين نمطين من الغموض ،الغموض اإليجابي الذي يبنى على دقة الفكر ولـه *

.غاية جمالية،والغموض السلبي الذي يسلم إلى التعقيد والغموض


١٥٧

:الغموض عند حازم القرطاجني:ثانيا

ة مفهوم الغموض ال ينفصل عن حد القرطاجني للشعر ،الذي ركز فيه على خصوصية الصناع *

.والغرابة

إن التمييز بين نوعين من الغموض لدى القرطاجني ،كشف عن نظرته السلبية تجـاه بعـض *

.أنماط الغموض اإليجابية من مثل دقة المعنى ،وتعدد االحتماالت

لم تعد قواعد اللغة تتمثل في اإلعراب وما يتصل به ،وإنما أصـبحت مـن طـرق الصـياغة *

بمـا (ى به في البراعة يقوم أساسا على نوع من االنتقاء واالختيار يهتد را والتصوير معا ،ومعيا

.،وإن جنح المبدع نحو اإلبهام والغموض فإنه سيفسد المعنى ،بفساد النظم)محصوله النظم

يظهر تميز القرطاجني في دراسته الغموض من خالل دراسته العميقة للمعنى،من حيث الماهية *

. وتقسيم عنى من إسناد وتطالبوالتعدد والتضاعف ،وعالقات الم

إن المعايير البنيوية التي وضعها القرطاجني،وكذلك األسلوبية تنسجم تمام االنسجام مع موقـف *

.القرطاجني من الغموض

كشف عن أنواع عديـدة للصـورة أبرزهـا إذ تميز القرطاجني في دراسته لجانب الصورة، *

.الصورة المحاكية ،التي لها صلة وثيقة بالغموض

على نقل الواقع بل إنـه اء للوصف ،إذ ال يقتصر الوصف عنده القرطاجني مفهوم القدم باين قدو

.قد يكون ممكنا أو ممتنعا أو مستحيال

ربط القرطاجني بين الغموض وبين مقصدية المتكلم،ودعا المبدع إذا اضـطر إلـى اسـتخدام *

.أ إلى الغموض إال لحاجة فنيةالغموض ،أن يحترم العهد بينه وبين المتلقي، وأال يلج


١٥٨

للغموض اتصال كبير بجانب التلقي،وهذا ما كشف عنه القرطـاجني ،بحديثـه عـن التخييـل *

والغرابة،واألساليب الخفية التي يلجأ إليها المبدع للتأثير في المتلقي من مثـل أسـلوب الخـداع

.والتمويه

يعني السذاجة والمباشـرة ،وإنمـا هـو إن الوضوح الذي أراده القرطاجني للكالم األدبي ، ال *

أقرب ما يكون إلى السهل الممتنع ،الذي يخفي المعنى ولكنه ال يدفنه بما يقتله ،ويقتل القدرة على

.القبض عليه من قبل المتلقي


١٥٩

:قائمة المصادر والمراجع

:المصادر_١

،الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري ،تحقيـق )هـ٣٧٠(اآلمدي ،أبو القاسم الحسن بن بشر _١

.٢٥ت، ذخائر العرب .،دار المعارف،القاهرة،د٤أحمد صقر ،ط

أبي الفتح ضـياء الـدين نصـراهللا بـن محمـد بـن محمـد بـن عبـدالكريم ابن األثير، _٢

محمد محيي الـدين عبـد : ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، تحقيق )هـ٦٣٧(الموصلي

.١٩٩٥المكتبة العصرية ، بيروت ، د،حميال

المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر،قدم له وحققـه وعلـق عليـه ،أحمـد ، _ ________٣

.م ١٩٥٩ ، ١طالقاهرة، مطبعة نهضة مصر ،،الحوفي وبدوي طبانة

تهذيب اللغة ، علـق عليـه عمـر ،)هـ٣٧٠(محمد بن أحمد بن األزهر الهروي األزهري،_٤

.١م ،ط٢٠٠١ الكريم حامد ، دار إحياء التراث ،بيروت ، سالمى وعبد

،خزانة األدب ولب لباب لسان العرب ،تحقيـق ) هـ١٠٩٣( البغدادي ، عبد القادر بن عمر _٥

.م ١٩٩٧، ٣وشرح عبد السالم هارون ،مكتبة الخانجي ،القاهرة،ط

،تحقيق وشرح عبد البيان والتبيين )هـ٢٥٥(عمر بن بحر بن محبوب الكناني الليثي الجاحظ ، _٦

.م١٩٩٨، ٧طالسالم هارون،مكتبة الخانجي،القاهرة،

،الوساطة بين المتنبي وخصـومه،تحقيق ) هـ٣٩٢(الجرجاني، القاضي علي بن عبد العزيز _٧

.م٢٠٠٦ ، ١وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي المكتبة العصرية ،بيروت،ط

ـ ٤٧١(عبد الرحمن بـن محمـد النحـوي الجرجاني، عبد القاهر أبو بكر بن _٨ ،أسـرار ) هـ

.م١٩٩١، ١البالغة،قرأه وعلق عليه محمود محمد شاكر،دار المدني،جدة،ط


١٦٠

،دالئــل اإلعجــاز،قرأه وعلــق عليــه محمــود محمــد شــاكر،مكتبة _ ___________ ٩

.م٢٠٠٤ ، ٥الخانجي،القاهرة،ط

١جوزف هل ،ط :راء ،نشره ،طبقات الشع ) هـ٢٣٢(الجمحي ،محمد بن سالم بن عبيد اهللا _١٠

م١٩٨٢،دار الكتب العلمية ،بيروت ،

،دار ١محمـد علـي النجـار ،ج :لخصائص،تحقيق،ا )هـ٣٩٢ (ابن جني، أبي الفتح عثمان _١١

.٤،ط١٩٩٠الشؤون الثقافية العامة،بغداد،

في صناعة حلية المحاضرة ،) هـ٣٨٨(الحاتمي،محمد بن الحسن بن المظفر الكاتب اللغوي _١٢

.م١٩٧٩تحقيق جعفر الكتاني،دار الرشيد للنشر،العراق،الشعر،

الفلك الـدائر علـى )هـ٦٥٥(عز الدين عبد الحميد بن هبة اهللا بن محمد ابن أبي الحديد ، _١٣

تحقيق ،أحمد الحوفي وبـدوي )وهو ملحق بالقسم الرابع من كتاب المثل السائر (المثل السائر ،

.دار نهضة مصر،القاهرةطبانة ،

خزانة األدب ،)هـ٨٣٧(ي ، ابن حجة تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا األزراري الحمو_١٤

.م١٩٨٧، ١طوغاية األرب، تحقيق عصام شعيتو،دار ومكتبة الهالل بيروت،

الكافي )هـ٥٠٢(الخطيب التبريزي ،أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد بن الحسن الشيباني _١٥

.ت. عبد اهللا ،عالم المعرفة ،بيروت،دفي العروض والقافية ،تحقيق ،الحساني

،سر الفصـاحة ،صـححه )هـ٤٦٦(أبي محمد عبد اهللا بن سعيد لحلبي الخفاجي، ابن سنان _١٦

١٩٥٢وعلق عليه عبد المتعال الصعيدي ،مكتبة محمد علي صبيح ،القاهرة،

مد العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ،تحقيق مح )هـ٤٥٦(ابن رشيق ،أبو علي الحسن _١٧

.١٩٨١، ،٥محيي الدين عبد الحميد ،دار الجيل ،بيروت،ط


١٦١

تاج العروس مـن جـواهر )هـ١٢٠٥(محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي ، _١٨

.م ١٩٧٩القاموس ،تحقيق عبد الكريم العزباوي، مطبعة حكومة الكويت

ـ ٥٣٨(بو القاسممحمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي جار اهللا أ الزمخشري ، _١٩ )هـ

.ت.أساس البالغة ، تحقيق عبد الرحيم محمود،دار المعرفة لبنان ،د

المنزع البديع في تجنـيس ،)القرن الثامن الهجري (أبو محمد القاسم األنصاري السجلماسي ، _٢٠

.١٩٨٠ ،١أساليب البديع ،تحقيق عالل الغازي ،مكتبة المعارف ،الرباط ،ط

اإلشارات والتنبيهـات ،تحقيـق سـليمان )هـ٤٢٨(بن عبد اهللا ابن سينا،أبو علي الحسين _٢١

.١٩٦٠دنيا،القسم الثاني،دار المعارف ،القاهرة،

،عيار الشـعر ) هـ٣٢٢(ابن طباطبا ،أبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم الحسني العلوي _٢٢

.م١٩٨٤، ٣،تحقيق محمد زغلول سالم ،منشأة المعارف،االسكندرية،ط

بـن سـعيد بـن يحيـى بـن هالل الحسـن بـن عبـد اهللا بـن سـهل العسكري، أبو _٢٣

،كتاب الصناعتين الكتابة والشعر،تحقيق علي محمد البجاوي،ومحمد أبو الفضل )هـ٣٩٥(مهران

.م١٩٨٦إبراهيم،منشورات المكتبة العصرية،بيروت،

،كتـاب الطـراز المتضـمن )هـ٧٤٥(العلوي،يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم اليمني _٢٤

رار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز ،مراجعة وضبط محمد عبد السالم شـاهين،دار الكتـب ألس

.م١٩٩٥، ١العلمية ،بيروت،ط

الصـاحبي ،تحقيـق )هـ٣٩٥(ابن فارس ،أحمد بن زكرياء القزويني الرازي أبو الحسين، _٢٥

.م١٩٧٧السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي الحلبي ،القاهرة ،

عجم مقاييس اللغة ،تحقيق عبد السالم هارون ،دار الجيـل ،بيـروت ،م _ ___________٢٦

.م١٩٩١، ١ط


١٦٢

،الفتح على أبي الفتح ،تحقيق عبد الكريم الدجيلي،دار ) هـ٤٥٥(ابن فورجة،محمد بن أحمد _٢٧

.م١٩٨٧، ٢الشؤون الثقافية،بغداد ،ط

الشعر،تحقيق وتعليق ،نقد) هـ٣٣٧(قدامة بن جعفر،أبو الفرج بن قدامة بن زياد البغدادي _٢٨

.ت.محمد عبد المنعم خفاجي،دار الكتب العلمية،بيروت،د

،نقد النثر أو كتاب البيان، تحقيق طه حسين وعبد الحميد العبادي،دار الكتب _ _________٢٩

.م١٩٨٠العلمية،بيروت،

ـ ) هـ٦٨٤(القرطاجني،أبو الحسن حازم _٣٠ د ،منهاج البلغاء وسراج األدباء،تقديم وتحقيق،محم

.١م ،ط١٩٦٦الحبيب ابن خوجة،دار الكتب الشرقية،تونس،

،شرح ديوان الحماسة،نشره أحمـد أمـين ) هـ٤٢١(المرزوقي،أبو علي أحمد بن الحسن _٣١

.م١٩٩١ ، ١وعبد السالم هارون،دار الجيل ،بيروت،ط

عبـد العظـيم بـن عبـد الواحـد بـن ظـافر العـدواني المصري، ابن أبي اإلصـبع _٣٢

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن ،تحقيق حنفي ،)ـه٦٥٤(البغدادي

المجلس األعلـى للشـؤون محمد شرف،أشـرف علـى اإلصـدار محمـد توفيـق عريضـة،

.م١٩٦٣القاهرة ،اإلسالمية،

بديع القرآن ،تقديم وتحقيق حفني محمد شرف ،دار نهضة ،، ابن أبي اإلصبع _ ________٣٣

.م١٩٥٧مصر،القاهرة،

ـ ٧١١(محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين األنصارياإلفريقي ابن منظور ، _٣٤ ،)هـ

لسان العرب ،دار المعارف،القاهرة،تحقيق عبد اهللا علي الكبير،ومحمد أحمد حسب اهللا ،وهاشـم

.الشاذلي


١٦٣

:المراجع_٢

.م٢٠٠٦ ،عمان ،ابتسام مرهون الصفار،محاضرات في تاريخ النقد عند العرب ،دار جهينة_١

.م١٩٨١، دار الثقافة ،بيروت ،لبنان، ٣إحسان عباس،تاريخ النقد األدبي عند العرب،ط_٢

أحمد الزعبي،النص الغائب نظريا وتطبيقيا دراسة في جدلية العالقة بـين الـنص الحاضـر _٣

.١م،ط١٩٩٣والنص الغائب ،مكتبة الكتاني،األردن،

.م٢٠٠٢مجمع العلمي،بغداد،أحمد مطلوب ،في المصطلح النقدي،ال_٤

.٣٣م ،ص٢٠٠١، ١،معجم مصطلحات النقد العربي القديم،مكتبة لبنان،ط_ _________٥

.م١٩٨٩،معجم النقد العربي القديم وزارة اإلعالم ،بغداد ،_ _________٦

.م١٩٩٧، ٤بدوي طبانة،معجم البالغة العربية،دار المنارة ،جدة ،ط_٧

.١٩٨٥ ،عاصرة في النقد األدبي، دار الثقافة، بيروت، التيارات الم_ _________٨

توفيق الزيدي ،مفهوم األدبية في التراث النقدي إلى نهاية القـرن الرابـع ،مطبعـة النجـاح _٩

.١٩٨٧، ٢الجديدة ،الدار البيضاء ،ط

.١٩٨٢، دار التنوير ،بيروت ، ٢جابر عصفور،مفهوم الشعر،دراسة في التراث النقدي،ط_١٠

.م١٩٨٤ ، ٢بد النور ،المعجم األدبي،دار العلم للماليين ،بيروت ،طجبور ع_١١

جميل صليبا ، المعجم الفلسفي باأللفاظ العربية والفرنسية واإلنكليزية والالتينية ،دار الكتاب _١٢

.م١٩٨٢ ،اللبناني ،لبنان

رفـة حلمي خليل،العربية والغموض،دراسة لغوية في داللة المبنى علـى المعنـى،دار المع _١٣

.م ١٩٨٨، ١الجامعية،اإلسكندرية،ط

منشـورات جامعـة اليرمـوك أنماط من الغموض في الشعر العربي الحر ، خالد سليمان ، _١٤

.١٩٨٧إربد،


١٦٤

، ١ ، دار الـذاكرة، ط الجديدة الغموض الشعري في القصيدة العربية ، الخواجة يحيى دريد_١٥

.١٩٩١حمص

نقدية في األدب واإلبداع،منشورات اتحاد الكتـاب راتب الحالق ،النص والممانعة ،مقاربات _١٦

.م١٩٩٩العرب،دمشق،

.١٩٥٢روز غريب ،النقد الجمالي وأثره في النقد العربي ،دار العلم للماليين ،بيروت،_١٧

زياد الزعبي ، المثاقفة وتحوالت المصطلح ،دراسات في المصطلح النقدي عنـد العـرب ، _١٨

م ،وزارة الثقافة األردن٢٠٠٧

،عـالم الكتـب ١صلوح،حازم القرطاجني ونظرية المحاكاة والتخييل في الشـعر ،ط سعد م _١٩

.م١٩٨٠القاهرة ،

.م١٩٩١سمير أبو حمدان،اإلبالغية والبالغة العربية،،منشورات عويدات الدولية،بيروت،_٢٠

شكري المبخوت،جمالية األلفة،النص ومتقبله في التراث النقدي ،المجمع التونسـي للعلـوم _٢١

.م١٩٩٣، ١واآلداب ،بيت الحكمة،ط

.٦شوقي ضيف،الفن ومذاهبه في الشعر العربي ،دار المعارف ،مصر ،ط_٢٢

عبد الصاحب مهدي علي،موسوعة مصطلحات الترجمـة ،منشـورات جامعـة الشـارقة _٢٣

٢٠٠٧.

فـة التفكيكية ، ،منشورات عالم المعر إلى المرايا المحدبة ،من البنيوية ،عبد العزيز حمودة _٢٤

.١٩٩٨ إبريل،،الكويت

م ١٩٩٩عبد القادر هني ،نظرية اإلبداع في النقد العربي القديم،ديوان المطبوعات الجامعية، _٢٥

.الجزائر


١٦٥

عصام قصبجي،نظرية المحاكاة في النقد العربي القديم ،دراسة تطبيقية في شعر أبي تمـام _٢٦

.م١٩٨٠، ١وابن الرومي والمتنبي،دار القلم العربي ،ط

لية عزت عياد ، معجم المصطلحات اللغوية واألدبيـة ، ،المكتبـة األكاديميـة ،القـاهرة ع_٢٧

.م١٩٩٤

فاطمة عبد اهللا الوهيبي،نظرية المعنى عند حازم القرطـاجني،المركز الثقـافي العربـي _٢٨

.م٢٠٠٢، ١المغرب،لبنان،ط

.م١٩٩٣، ١محمد التونجي،المعجم المفصل في األدب ،دار الكتب العلمية،بيروت،ط_٢٩

، ١محمد طه عصر،مفهوم اإلبداع في الفكر النقدي عنـد العرب،عـالم الكتب،القـاهرة،ط _٣٠

.م٢٠٠٠

محمد لطفي اليوسفي،الشعر والشعرية،الفالسفة والمفكرون العرب ما أنجـزوه ومـا هفـوا _٣١

.م١٩٩٩إليه،الدار العربية للكتاب،

.،المؤسسة العربية للدراسات،بيروتم١٩٩٩، ١محمد المبارك ،استقبال النص عندالعرب،ط_٣٢

رسالة ماجستير ،جامعة ، الغموض في الشعر، مريم محمود علي البصول_٣٣

.م١٩٩٩ليرموك،ا

.ت .مصطفى ناصف،نظرية المعنى في النقد العربي ،دار األندلس،د_٣٤

،المجلس الوطني للثقافـة ١٩٣،اللغة والتفسير والتواصل،سلسلة عالم المعرفة _ _________٣٥

.م١٩٩٥والفنون واآلداب،الكويت،

رؤية للبالغة الشعرية عند ، الصورة االستعارية في الشعر العربي الحديث ،وجدان الصايغ _٣٦

.م٢٠٠٣، بيروت ،األخطل


١٦٦

١الولي محمد ،الصورة الشعرية في الخطاب البالغي النقدي ،المركز الثقـافي العربـي ،ط _٣٧

.المغرب، بيروت، لبنان ،الدار البيضاء،١٩٩٠

:الكتب المترجمة_٣

محمد الولي،ومحمـد العمـري،دار توبقال،الـدار :جان كوهن ، بنية اللغة الشعرية،ترجمة _١

.م١٩٨٦، ١البيضاء،المغرب،ط

أحمـد درويـش،دار غريـب . ،ترجمة د٢،النظرية الشعرية ، اللغة العليا ،ج _ _________٢

.٢٠٠٠القاهرة ،

في الشعرالشرح الوسيط،ضمن كتـاب فـن الشـعر ابن رشد،تلخيص كتاب أرسطو طاليس _٣

.١٩٧٣ألرسطو ،ترجمة عبد الرحمن بدوي ،دار الثقافة بيروت،

عبـد :، ترجمه وشـرحه وحققـه )فن الشعر ألرسطو طاليس :ضمن (ابن سينا ،فن الشعر _٤

.ت.الرحمن بدوي ،دار الثقافة، بيروت ،د

ي ،إضاءة ألكثر من خمسين تياراو مصطلحا ميجان الرويلي ،سعد البازغي ،،دليل الناقد األدب _٥

.م٢٠٠٠ ،٢ لبنان ،المغرب ،ط، المركز الثقافي العربي،نقديا معاصر

هنريش بليث ،البالغة واألسلوبية ،نحو نموذج سيميائي لتحليل النص ،ترجمة وتقديم وتعليـق _٦

.١٩٨٩، ١محمد العمري منشورات سال ،ط

:الدوريات_٤

٨،مـج ٣عـالم الفكـر ،ع : وقف النقاد العرب القدماء من الغموض، م، إبراهيم سنجالوي _١

١٩٨٧.

.م١٩٨٧ ،٢_١،ع٧خالد سليمان،ظاهرة الغموض في الشعر الحر،مجلة فصول،مج_٢


١٦٧

زياد الزعبي، رسالة أبي إسحاق الصابي في الفرق بين المترسل والشاعر دراسـة توثيقيـة _٣

.م١٩٩٣ ١ ، ع١١نقدية ، مجلة أبحاث اليرموك ، مج

زياد الزعبي ،التعجيب عند ابن سيناء المصطلح والمفهوم، مجلة أبحاث اليرمـوك،األردن، _ ٤

٢٠٠٤ ، ٢ ، ع٢٢مج

صفوت عبد اهللا الخطيب،الخيال مصطلحا نقديا بـين حـازم القرطـاجني والفالسـفة،مجلة _٥

.م١٩٨٧،إبريل،سبتمبر،٤_٣،العددان٧فصول،مج

النظرية والتطبيق،مجلة كليـة اآلداب ،جامعـة سـيدي العياشي السنوني،مفهوم الوصف بين _٦

.م١٩٨٨، ٤محمد بن عبد اهللا،ع

محمد إقبـال عـروي،من قضـايا النقـد القديم،الحكمـة والمثـل ،مجلـة آفـاق الثقافـة _٧

.م٢٠٠٤هـ، ،يوليو ،١٤٢٢، ربيع اآلخر،٣٤،ع٩والتراث،الكويت،السنة

، ١٣ق الثقافـة والتراث،الكويـت،ع محمد الحجوي،البديع عند حازم القرطاجني،مجلـة آفـا _٨

.م١٩٩٦

محمد بن عبد الرحمن الهدلق،موقف حازم القرطاجني من قضية الغموض في الشعر مقارنـا _٩

.م١٩٩٢، ٢_،اآلداب ٤بمواقف النقاد السابقين،مجلة جامعة الملك سعود ،مج

جلـة محمود درابسة،معنى المعنى بين عبـد القـاهر الجرجاني،وحـازم القرطـاجني ، م _١٠

.م١٩٩٧، ٤،ع٣٣الدراسات اإلسالمية،باكستان ،مج

، ١٤١٢،ذو الحجـة، ٥ر،عالجرجاني،مجلـة جـذو موسى ربابعة ،الغرابة عند عبد القاهر _١١

.م، مارس٢٠٠١

.١٩٨٥ ،١،ع٦نوال اإلبراهيم ،طبيعة الشعر عند حازم القرطاجني،فصول،مج_١٢


١٦٨

ملحق

به منهاج البلغاء وسراج األدباءمصطلحات الغموض عند حازم القرطاجني في كتا

إبهام

اتساع

إرداف

استغراب

استغالق

اإلشارة

الشتراكا

اشتكال

إغراب

إغماض

اإللغاز

انبهام

إيهام

تأويل

تضاد

تعدد المعنى

تعمية

تكلف

تلويح

تمويه

الحوشي

دقة المعنى

غموض

فرط اإليجاز

القلب

كناية

لحن القول

مشاكلة

المعاظلة المعنوية


١٦٩

ABSTRACT

Ambiguity in the traditional Arabic criticism :Hazim al_Qartajanni as an

Example

By

Huda Mohammad Ibrahim qazza

Supervised by

Dr.Mohammad Khalil ALKhalayleh

This research aims to clarify the firm Alqirtagni critical awareness of the phenomenon of ambiguity, and the nature of treatment, and the Study of the ambiguity that was in the care of the cash consideration and the modern philosophical and much of the receipt or without a restriction in the old Arab criticism. Hence this attempt to address the phenomenon of ambiguity in the critical Baltoesel my cash Altnziri, studied this phenomenon extensively, and the manner in which a special collection of insights contained in micro-isolated from the writings of critics before him, and re-formed in an expanded theory of patterns, which included most of the critics in which he spoke, his study has become so to this subject in his book and Siraj latform Rhetoricians broader literary studies in the old criticism. Of his study of the concept of ambiguity, and then presented to the patterns in the ancient Arab critics, and the terminology used in describing what it reveals their position. Having completed the search to draw an ancient Arab critics, my research on the phenomenon at the firm Alqirtagni, stop at the patterns of ambiguity, and it has followed in the development of his tricks for the elimination of some patterns, and then pointed to the kinds of views, and then went to the perception of the link between the regulatory uncertainty and the theory of Hazem Alqirtagni poetic meaning and the building method, and then tried to Acetknah intrinsic link between the receipt and the ambiguities. In conclusion highlighted a number of research results, which indicated that a distinction Alqirtagni in the study of the phenomenon of ambiguity. And accompanied by the search terms supplement Alqirtagni involved in mystery.


ﺀﺎﻤﺩﻘﻝﺍ ﺏﺭﻌﻝﺍ ﺩﺎﻘﻨﻝﺍ ﺩﻨﻋ …ﺀﺎﻤﺩﻘﻝﺍ...

Documents