ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ...

32
ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﻣﺒﺎﺩﺅﻫﺎ؛ ﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ٭ ﺑﺮﻭﻳﲏ ﺧﻠﻴﻞ ٭٭( ﺍﳌﺴﺆﻭﻝﺍﻟﻜﺎﺗﺐ) ﮔﻮﺷﮑﻲ ﺣﺴﻴﲏ ﺣﺴﲔ ﺳﻴﺪ ﺍﳌﻠﺨﺺ ﻭﻏﻠﺒﺖ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺷﺘﯽ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻭﻣﺬﺍﻫﺐ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﺟﺘﺎﺣﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻷﺩﺏ ﺇﻟﯽ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻫﺬﻩ ﻭﺗﺴــﺮﺑﺖ. ﻭﺍﻟﺘﺸــﺘﺖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻣﻴﺔ ﺍﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﰊ، ﺍﳌﺠﺘﻤﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﻓﻜﺮﺗﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺟﺬﻭﺭﻩ ﲣﺘﻠﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳌﺠﺘﻤﻊ ﺗﺮﻋﺮﻉ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﻭﺇﻟﯽ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺇﻟﯽ ﺍﻷﻣﺮ ﻫﺬﺍ ﺃﺩ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﱵ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺃﺯﻣــﺔ ﺍﻣﺔ ﺩﻭ ﺍﻟﺸــﺮﻗﻴﺔ ﺍﳌﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺟﻌﻞ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌــﺮﰊ، ﺍﳌﺠﺘﻤــﻊ ﳎﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻭﺍﳌﺜﻘﻔﻮﻥ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﺑﻬﺎ ﺍﻧﺒﻬﺮ ﺍﻟﱵ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻋﻠﯽ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻫﺬﻩ ﺇﺣﺪﯼ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﻭﺍﻋﺘﻤﺪﺕ. ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﻦ ﻋﺸﻮﺍﺋﻴﴼ ﺇﻣ ﺃﺩﺑﺎﺅﻧﺎ ﺗﻠﻘﻔﻬﺎ ﻗﺪ ﻭﺇﻳﺪﺋﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻪ، ﻭﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻔﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻻﻧﺒﻬﺎﺭ ﻭﺇﺛــﺮ ﻭﻋﻲ ﻋﻦ ﻭﺇﻣ ﺃﺭﺿﻴﺘﻬﺎ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻜــﺮﻱ ﺑﺄﺳﺎﺳــﻬﺎ ﻭﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﳐﺘﻠﻒ ﺑﲔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﺍﳍﻮ ﻋﻠﯽ ﺷــﻌﻮﺭﻳﴼ ﺑﻪ ﺍﺑﺘﻠﻮﺍ ﺍﻟﱵ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺗﺸــﻮﻳﻪ ﻋﻠﯽ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻫﺬﺍ ﻳﻘﻮﻡ ﻫــﺬﺍ؛ ﻣﻦ ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ. ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﳋﻼﻓﺎﺕ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺩﻭﻥ ــﺎ ﺭﲟ ﻣﻦ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺃﻫﻢ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﲢﻠﻴﻠﻲ ﻭﺻﻔﻲ ﻣﻨﻬﺞ ﺃﺳــﺎﺱ ﺿﻮﺀ ﻋﻠﯽ ﻣﺴﺎﻭﺋﻬﺎ ﻭﺇﺑﺮﺍﺯ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﳋﻼﻓﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺗﺒﻴﲔ ﺑﻐﻴﺔ ﺇﺳــﻼﻣﻴﺔ ﺭﺅﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺃﻥ ﺇﻟﯽ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺧﻠﺺ. ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﻷﺩﰊ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺑﺎﻟﱰﺍﺙ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﳛﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺗﺆﺩ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳌﺪﺭﺳــﺔ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﱵ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﺁﺭﺍﺀ ﺃﺳﺎﺱ ﻋﻠﯽ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻘﻴﻤﺔ، ﻳﺔ ﻭﻣﺎﺩ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﻣﺪﺭﺳﺔ. ﻟﻪ ﺑﺪﻳﻞ ﺗﻘﺪﱘ ﺩﻭﻥ ﺷﻲﺀ ﻛﻞ ﻫﺪﻡ. ﺍﻟﻼﺷﻌﻮﺭ ﺍﳊﻠﻢ، ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﻟﻴﺔ، ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ، ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ: ﺍﻟﺪﻟﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﮑﻠﻤﺎﺕ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻃﻬﺮﺍﻥ، ﻣﺪﺭﺱ، ﺗﺮﺑﻴﺖ ﲜﺎﻣﻌﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﺳﺘﺎﺫ. ٭[email protected] ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻃﻬﺮﺍﻥ، ﻣﺪﺭﺱ، ﺗﺮﺑﻴﺖ ﲜﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﮐﺘﻮﺭﺍﻩ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻃﺎﻟﺐ. ٭٭h.hosseini٦٢٨٨@gmail.com ١٣٩٦/١٠/١١ : ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺗﺎﺭﻳﺦ١٣٩٦/٥/١ : ﺍﻻﺳﺘﻼﻡ ﺗﺎﺭﻳﺦ( ﻤﺔ ﳏﻜﻓﺼﻠﻴﺔ) ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺇﺿﺎﺀﺍﺕ٢٠١٨ ﺁﺫﺍﺭ/ ١٣٩٧ ﺭﺑﻴﻊ ـ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﺍﻟﻌﺪﺩ ـ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ٤١ ـ٧٢ ﺻﺺ

Upload: others

Post on 27-Oct-2019

2 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالميةخليل برويين٭سيد حسني حسيين گوشکي (الكاتب املسؤول)٭٭

امللخصاجتاحت اجتاهات فلسفية غربية عديدة ومذاهب فكرية شتی الفكر املعاصر وغلبت ــربت هذه الفكرة إلی األدب العريب الذي ــتت. وتس عليها الفوضوية والعدمية والتشترعرع يف املجتمع الذي ختتلف جذوره الثقافية وفكرته الفلسفية عن املجتمع الغريب، حيث أّدی هذا األمر إلی تشويه اهلوية وإلی نوع من االزدواجية بني الفئات املختلفة ــة اهلوية اليت ــرقية يف دّوامة أزم ــريب، ومن ّمث جعل املجتمعات الش ــع الع يف املجتمتتمثل بصورة خاصة يف املذاهب األدبية اليت انبهر بها األدباء واملثقفون يف جمتمعاتنا ــالمية. واعتمدت املدرسة السريالية بوصفها إحدی هذه املدارس الفكرية علی اإلســفية وثقافته وإيدئولوجيته، قد تلقفها أدباؤنا إّما عشوائيًا من غري فكرة الغرب الفلســر االنبهار الثقايف أو ــري واختالف أرضيتها وإّما عن وعي وإث ــها الفك وعي بأساســعوريًا علی اهلّوة احلضارية بني خمتلف البلدان، أو ــويه اهلوية اليت ابتلوا به ال ش تشــذا؛ يقوم هذا البحث علی ــذه اخلالفات بينها. وانطالقا من ه ــا دون االهتمام به رّمبــاس منهج وصفي – حتليلي بدراسة أهم مبادئ هذه املدرسة دراسًة إشكاليًة من أســالمية بغية تبيني هذه اخلالفات الفكرية والثقافية وإبراز مساوئها علی ضوء رؤية إســالمية. وخلص البحث إلی أّن هذه االهتمام بالرتاث الفكري واألديب للحضارة اإلســة ال تستطيع أن تؤّدي الوظيفة اليت حيملها األدب يف البلدان اإلسالمية كونها املدرسمدرسة أحادية البعد وماّدية عقيمة، قائمة علی أساس آراء فرويد النفسية اليت تريد

هدم كّل شيء دون تقدمي بديل له.

الکلمات الدليلية: املذاهب األدبية، السوريالية، احللم، الالشعور.

٭. أستاذ يف اللغة العربية وآدابها جبامعة تربيت مدرس، طهران، إيران[email protected]

٭٭. طالب مرحلة الدکتوراه جبامعة تربيت مدرس، طهران، إيرانh.hosseini٦٢٨٨@gmail.comتاريخ القبول: ١٣٩٦/١٠/١١ش تاريخ االستالم: ١٣٩٦/٥/١ش

إضاءات نقدية (فصلية حمّكمة)

السنة الثامنة ـ العدد التاسع والعشرون ـ ربيع ١٣٩٧ش / آذار ٢٠١٨م

صص ٧٢ ـ ٤١

Page 2: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٤٢ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

املقدمةــأت املذاهب األدبية الغربية، يف بيئة وثنية قائمة علی تعدد اآلهلة املعتمدة علی نشــفية النامجة عنها وجتاوزت حدود املجتمعات اإلسالمية اليت ختتلف عنها الفكرة الفلسحضاريًا وثقافيًا وفكريًا. وّملا تسّربت هذه الفلسفة إلی البلدان اإلسالمية، إهتّم األدباء ــاط الفكرية واألدبية رغم بُعدها عن ــاعتها يف األوس بتلقف مبادئها واالعتناق هلا وإشروح جمتمعهم. فبهرتهم وجعلتهم يقلدونها مبعدًة إياهم عن ثقافتهم وحضارتهم وجمتمعهم. األمر الذي أّدی إلی تكوين هذا التذبذب يف البحث عن هويتهم وأسفر عن ضياع ثقايف وضبابية حضارية لدی اخلواص والعوام. حيث جند بوًنا شاسعًا بني لغة الشاعر وفكرته ــباب هذا ــني الناس حبيث اليفهم كالمهم إذ ال رابط يربطهم مبجتمعهم. وكان من أس وبالتعرض هو التغرب واإلنهيار الثقايف والتغافل عن احلضارة اإلسالمية وسننها ومبادئها

الفكرية والثقافية الناجتة عن التبعية الغربية تكنولوجيًا وسياسيًا وثقافيًا.ــد وإيديولوجيات يتبناها ــفات وعقائ ــب األدبية جاءت تعبريًا عن فلس إن املذاهــن تصورات عقدية للكون ــط خبلفيات إيديولوجية وفكرية وتنبع ع ــاد، حيث ترتب النقــان، فهي – بالتايل – ليســت حمايدًة، وإنها ليســت جمرد آراء أو أفكار واحلياة واإلنســب، وإّمنا ــاكل ذلك فحس حول األدب واللغة وطبيعتهما ووظيفتهما وقضايامها وما شــفة الفكرية اليت يتبناها هذا الناقد أو ذاك، بل هي – يف هذه اآلراء صادرة عن الفلسحقيقتها – استلهام هلذه الفلسفة. فتمثل انعكاسًا إليديولوجيات و فلسفات خمتلفة، هي ــاج حضارة أخری ومناهج غربية نبعت عن األدب الغريب فإنّها ختالف فكرنا وذوقنا نتــن مث وجب التعامل معها حبذر، ألخذ الصــاحل منها و هو كثري موجود و ــا، وم وعقيدتنــري موجود أيضًا. (إبراهيم قصاب، ٢٠٠٧م: ٢٠-٢٢) كما أّن طرح الطاحل منها وهو کثــن عيوب هذه املدارس هي أنّها قليلًا ما تهتّم باجلانب الفين، فالرؤية الفنية «هي أقل مــكل ــكال األدبية هي – يف رأينا – حمايدة بش أمهيًة من الرؤية الفكرية، ذلك أّن األشــًة متامًا؛ إذ إّن لّلغة ــام، ال يدخلها حّل وال حترمي، ولكنها – مع ذلك – ليســت غائب عــة األدب العريب، خصوصيًة فنيًة متمّيزًة ال جيوز ــة، وللذوق األديب العريب، ولطبيع العربيأن تتجاهل، ومن ّمث فإّن بعض اآلراء األدبية اليت جاءت بها هذه املدارس ال تتفق مع

Page 3: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٤٣

ــذوق األديب، وال مع طبيعة اللغة العربية، وطرائقها يف التعبري واألداء، وال مع أعراف الالفصاحة والبالغة يف هذه اللغة.» (إبراهيم قصاب، ٢٠٠٥م: ٨)

لقد تطّرق طه ندا إلی إشكالية األدب املقارن لدی الشرقيني الهتمامهم باإلنتاجات ــبب ما يكون هناك من اختالف كبري ــة واعتربها من اخلطأ الفادح لديهم بس األوروبيــكون أو ــرية بكل ما تعنيه من الس ــني الثقافة الغربية واملجتمع األورويب وبيئته البش باالصطخاب، والتجانس أو التشّعب، والتنوع والتقّلب، بينها وبني الثقافة الشرقية بطابعها ــد من ذلك هو أن نغّض الطرف عن اخلالفات ــالمي. واألبع اخلاص ومنها الطابع اإلسالتارخيية والبيئية والفوارق يف البواعث واألهداف اليت ال متّت بصلة إلی الرؤی والفكرة

الغربية. (ندا، ١٩٩١م: ٩٥)ــفية والرؤی الفكرية علی شيء، سوی االنهيار ال نعثر من خالل هذه املواقف الفلســا مقلدين للغرب فاحتًا علينا أبواب ــايف والفكري، ومن ّمث يأخذ مّنا هويتنا وجيعلن الثقــلطته االقتصادية والعسكرية؛ ذلك أّن ــيطرته الثقافية اليت تكون أخطر بكثري من س ســم النفس والروح (پروينی، ١٣٨٩ش: ــتقبال الثقافة الغربية وقبوهلا يعين أن نقّدم هل اس

٦٧) ونستبدهلا غطاءًا ال يشملنا.ــًا ألّي من املذاهب األدبية، فيمكن لنا أن ــا القول إن هناك معنًی فنيًا حمض ال ميكننــلوبًا فنيًا. «وهل ينتظر أن ــيكية - مثلًا - حالة عقلية قبل أن تكون أس نقول إّن الكالســا» صورة مطابقة حلالة وجدت يف ــائدة يف بلد ما «يف عصر م تكون احلالة العقلية الس

مكان آخر وزمان آخر؟» (شكري عياد، ١٩٩٣م: ١٤٨) ال شك أّن احلضارة الغربية ختتلف يف جذورها الثقافية عن احلضارة اإلسالمية اليت امتزجت يف غري قليل من رؤيتها الفكرية والعقدية بدعوة األنبياء والرسل. و«األرضية ــيت قامت عليها احلضارة الغربية املعاصرة هي املادية الدنيوية اليت ال تعطي الدين يف الاحلياة دورًا مؤثرًا وتعزله عن التأثري يف الناس، بينما جتعل للقيم املاّدية املكان األول يف حياة الفرد واملجتمع.» (الطاش، التا: ٩) وهذه املادية اليت ّمحلت علی الفطرة اإلنسانية

هي السبب الرئيس ألزمة املدنية احلديثة.ــفية والدينية بني الثقافتني؛ فالثقافة ــاك خالفات كثرية يف األيدئولوجيات الفلس هن

Page 4: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٤٤ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــفية املسيطرة علی الدين ويعترب الدين كجزء الغربية يف أغلبها تعتمد علی الفكرة الفلســون هذه القضية يف الثقافة ــون يف ضمنها حبيث يتأثر منها، بينما تك ــفتها أو يك من فلسالشرقية اليت تعتمد يف أكثرها علی الرؤية الدينية الغالبة علی الفكرة الفلسفية، بالعكس ــاه حيدده الدين والعقيدة ــفة حنو إجت متامًا وغالبًا ما يكون من الواجب أن تســري الفلسالدينية. إذن الفوارق األساسية يف الفكرة اإلسالمية واملسيحية تعود إلی الفلسفة والدين

اللذين ختتلف مدلوالتهما من واحدة إلی أخری بني الشرق والغرب.ــق األدب العريب ــني الثقافتني، النعين أن يغل ــا جئنا به من خالفات ب ــم كل م ورغنوافذه يف وجه أي فكرة جديدة، أو ينعزل عنه، أو جيهله، ولكّن عليه أن ال ينبهر به، أو يستسلم أمامه، وأال تأخذه اجلدة والطرافة اللتان توجدان تارًة بينهما، فكّل ما يؤخذ أو يرتك ينبغي أن يكون حمتكمًا إلی رؤية فكرية وفنية نابعة من خصوصية هذه األّمة اليت ــي إليها. (إبراهيم قصاب، ٢٠٠٥م: ٩-١٠) من هذا املنطلق حاولنا يف هذا البحث ننتماملتواضع أن نتوقف علی أساس منهج وصفي ـ حتليلي، عند املالمح الكربی اليت تشكل ــريالية اليت وجدت أتباعًا هلا الوحدة العامة إلحدی املدارس األدبية الغربية وهي الس

عند طائفة من الشعراء العرب.

ضرورة البحثــة البحث تعود إلی واقعنا الراهن وقضايانا يف األدب کجزء هام من ثقافتنا إّن أمهيــئلة ال حصر هلا ــنا حماطني بأس ــرين جند أنفس ــا. حنن يف القرن الواحد والعش وجمتمعنــيء حول ذاتنا ووجودنا يف عالقتنا بالعامل احمليط بنا. وكانت وعلی العموم مادام كل شــه ثقافة أيضًا، ــب، بل إّن ــًا بالدين، ومادام الدين ليس العقيدة فحس ــا مرتبط يف جمتمعنــريالية لدی عدد ــدود التقليد يف غالبيته ـ بالس ــام ـ الذي اليتجاوز ح ــرة االهتم فکثــنگ ايراين، ــالمية ومن بينهم صادق هدايت، وهوش ــري من أدبائنا يف البلدان اإلس كثويداهللا رؤيايي، وسهراب سپهري، وامحدرضا امحدي، ورضا براهين وغريهم يف األدب الفارسي، وأدونيس، ويوسف اخلال، وعبداهللا الربدوين، وجنيب حمفوظ، وسرکون بولص، ــة، وترييز عّواد وغريهم ــر، وأنســي احلاج، وعصام حمفوظ، وفؤاد رفق وأورخان ميس

Page 5: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٤٥

ــًة لروح اهلزمية ــة اليت جاءت نتيج ــريب ممن يتبّنون هذه املدرس ــن يف األدب الع کثرييــّببتها احلربان العامليتان األولی والثانية، وتناقض احلضارة الغربية بني النزعتني: اليت ســعوذة ــيوع اخلرافة والش ــة العقلية والروحانية اليت تبلغ حد اخلرافة متمثلًة يف ش املاديوالتنجيم واستطالع الغيب واستحضار األرواح وإحياء األساطري واإلميان باملصادفات ــذوذ وإثارة الفضائح والتمرد ــخصيات اليت متيزت بالش ــباح وکذلک تقليد الش واألشــتنا اجلانب الديين وغرابة األطوار ّمما يبنيِّ ضرورة هذا البحث. لذلك وضعنا يف دراســرات املهمة لدراسة التيار أو املذهب األديب السريايل كي نسّلط الضوء علی من املؤشــها جمتمعنا يف صراعه مع الغرب ــمة املهيمنة، واليت عاش االزدواجية اليت أصبحت الس

حيث التجاذب والتنافر.

أسئلة البحثــريالية دورها فيما اّدعته مركزين علی األدب كظاهرة ثقافية؟ لننظر كيف أّدت الســبيل الوصول إلی عامل الالشعور الذي ــاءل أي وسيلة استخدمتها السريالية يف س ونتسدعت إليه؟ وهل جنحت يف حتقيقه ويف تلبية احتياجات البشر يف القرن العشرين خاصًة

فيما يرتبط حباجاتنا كمسلمني يف البلدان الشرقية؟ــئلة علينا أن نبدأ بعرض صورة عن أوضاع األدب يف القرن لإلجابة عن هذه األسالعشرين ونقوم بدراسة السريالية؛ مساتها وأصوهلا ومناهجها، مث نبني وجهة نظر اإلسالم إزاء هذه املناهج واآلراء بعد تصفح يسري يف الدراسات والبحوث اليت ّمت نشرها واليت

تتعلق بهذا املوضوع.

خلفية البحثــار األدبية العربية ــري قليل من اآلث ــريالية قد أّثرت علی غ ــي أّن الس ــن البديه مــة بها من خمتلف ــات املرتبط ــر احلديث، وکثرة البحوث، والدراس ــية يف العص والفارســب، بل أصبحت ــعراء والفنانني فحس جوانبها تدّل علی أنّها مل تکن موضع اهتمام الشموضوع دراسة کثري من النقاد واآلکادمييني حبيث ميکننا تقسيم الدراسات املرتبطة بهذه

املدرسة تبعًا ألساليب توظيفها لدی األدباء والفنانني إلی ثالثة أنواع حسب ما يلي:

Page 6: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٤٦ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــة وحتليل جتليات مبادئ السريالية أولًا؛ البحوث التطبيقية احملضة اليت تقوم بدارسيف آثار األدباء، منها؛

ــعر العريب احلديث» حملمد امساعيل دندي (١٩٩٧م)، ومقال ــريالية والش مقال «الســم در ديوان عبداهللا الربدونی» أليب احلسن أمني مقدسي ــبک سوررئاليس ــی س «بررسوأويس حممدي (١٣٩١ش)، ومقال «مالمح السريالية يف شعر أدونيس كتاب التحوالت واهلجرة يف أقاليم النهار والليل» أليب احلســن أمني مقدسي وإدريس أميين (١٣٩٢ش) ــپيد زكريا تامر» لعلي نوروزي ــتان های شيهه اسب س ــم در داس ومقال «سوررئاليســعر هوشنگ ايرانی و ــم در ش وفاطمة صحرايي (١٣٩٣ش) ومقال «تبلور سوررئاليسجمموعه سريال» للكاتب فرهاد رجيب (١٣٩٣ش) ومقال «غموض و شعر سوررئاليستی و مسبليك عربی» للمؤلف حسني أبويساين (١٣٨٩ش) ومقال «قصيده كليه مرياث دار ــم و تصوف» للمؤلفة جنمة رجائي (١٣٧٨ش) ومقال «بررسی ــم، مسبوليس سوررئاليســحاذ» أثر جنيب حمفوظ» حملمود حيدري وذبيح ــتان «الش ــم در داس مبانی سوررئاليســتی در کالژهای ــم انداز جهان سوررئاليس اهللا فتحــي فتح (١٣٩٣ش)، ومقال «چشــلطاين (١٣٩١ش)، ومقال «نگاهی ــيد حســن س مکس أرنســت» لفاطمة بورمند وســتی هشــت کتاب» لعبداهللا حســن زاده مريعلی وحممد گذرا به جلوه های سوررئاليســري حتول سوررئاليسم در آثار زکريا تامر براساس رضا عبدي (١٣٩٢ش) ومقال «ســه جمموعه صهيل اجلواد األبيض، وربيع يف الرماد والرعد» ملعصومه مطالعه موردی سنعمتی قزوينی وشکوه السادات حسينی وفائقه السادات مريحممد حسينی (١٣٩٦ش)، ــم در شعر ُانســی احلاج، جمموعة "لن" لعدنان طهماسيب وإدريس ومقال «سوررئاليســم و ــين (١٣٩٣ش)، ومقالة «رهيافيت تطبيقي بر كاربرد زبان در دو مكتب رئاليس أميسوررئاليسم از رهگذر بررسي رمان سووشون و بوف كور» ملينا بهنام (١٣٩١ش) و...

ــات اليت تقوم بنوع من املقارنة بينها وبني العرفان الصويف، منها؛ مقال ثانيًا؛ الدراس«شيوه های انعکاس سوررئاليسم در رمان های معاصر و تفاوت ها و شباهت های آنها با مبانی غربيش» حملسن ذوالفقاري، وجليل مشيدي، ونادر يوسفي (١٣٩٥ش) ومقال «سوررئاليسم در حکايت های صوفيانه (معرفی يک نوع روايی کهن)» لعلی رضا اسدي

Page 7: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٤٧

ــعيد بزرگ بيگديل (١٣٩١ش)، ومقال «گريزی به پيوند رگه های فراواقع گرايی و وســپهر (١٣٩٦ش) ومقال ــان و تأثريات قابل برداشــت از آن» لراضية فوالدي س عرفــه های شعری موالنا با نظريه شعری ــتی مولوی (مقايسه انديش «بوطيقای سوررئاليسسوررئاليسم)» حملمود فتوحي (١٣٨٤ش)، ومقال «مولوي، سوررئاليسم، رمبو و فرويد ـــم درشــعر مولوی» حلســني «لرضا براهين (١٣٤٤ش)، ومقال «نـوعي سوررئاليســم از منظر زمينه های اجتماعی» فــاطمي (١٣٥٧ش)، ومقال «عرفان و سوررئاليسلرمحان مشتاق مهر وويدا دستمالچی (١٣٨٩ش) ومقال «عرفان سوررئاليزه: خوانش

سكوالر سنت عرفانی در شعر ادونيس» للمؤلف إدريس أميين (١٣٩٤ش).ــة، منها؛ «بوطيقای ــزج بينهما، وطبعا هناک من جيمع بني الثالث ــًا؛ ما يقوم بامل ثالثــيدان ــوی» للمؤلفني اهلام س ــون نظامی گنج ــه ليلی و جمن ــتی در منظوم سوررئاليسواسحاق طغياين (١٣٩٤ش)، ومقال «سوررئاليسم در مثنوي معنوي» لفرشته جعفري ــاس مؤلفه هاي ــنايی براس ــال «تطبيق غزلی از موالنا با غزلی از س (١٣٩٤ش)، ومق

مکتب سوررئاليسم» حملمد بهنام فر ومصطفی غريب (١٣٩٦ش) و...وغريها من املقاالت والكتب والدراسات الكثرية اليت عاجلت هذا املوضوع ومل تهتم ــريالية. وأما األهم من كل هذه البحوث ــة نقدية للس أو اهتمت بصورة عابرة إلی دراســد إبراهيم قصاب من ــة؛ رؤية فكرية وفنية» لولي ــاب «املذاهب األدبية الغربي ــو كت فهــورات مؤسسة الرسالة الطبعة األولی ٢٠٠٥م يتحدث عن املذاهب األدبية الغربية منشــة فيما ــة هذه املدرس ــريالية اليت خّصص املؤلف ١٤ صفحة من كتابه لدراس ومنها السيتعلق بتعريفها ونشأتها وأبرز اآلراء الفكرية والفنية هلا مث نقدها بصورة خمتصرة وبيان ما فيها من االحنراف والضالل، فتطرق إلی جتلی مالحمها يف الشعر العريب احلديث. فهذا الكتاب هو أهم املصادر اليت ساعدنا كثريًا يف هذا البحث. وحنن حاولنا يف هذا البحث ــاملة للمدرسة السريالية ومبادئها مشريين إلی اخلالفات الثقافية والفوارق يف قراءة شــفية بني املسافات اليت طوتها هذه املدرسة من الغرب إلی الشرق، خاصًة اجلذور الفلســالمية مبّينني ما يكون يف هذه املدرسة من االحنراف والضالل فيما يرتبط بالفكرة اإلس

واالعوجاج الذي يتعارض مع الفكرة اإلسالمية السائدة يف البلدان اإلسالمية.

Page 8: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٤٨ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

احلركة السريالية؛ نشأتها وجذورهاــق تكّون يف فرتة من ــب األدبيه خصائص مجالية ومبادئ فكرية ذات تناس للمذاه

ــاج األدبی بصبغة غالبة تتمّيز عن إنتاجات ما قبله وما ــن تيارًا خاصًا يصبغ اإلنت الزم

ــّين مبعزٍل عن املجتمع والبيئة، واملبدع حمكوٌم، إىل ــده و«ال جيري اإلنتاج األديب والف بع

حٍد بعيد، مبحيطه الذي يعيش فيه، ويكّون جزءًا منه يبادله التفاعل أخذًا وعطاًء، وتأّثرًا

وتأثريًا، فهو يتأثر بالطبيعة اليت حتيط به وتفعل يف تكوين صوره ورؤاه ونشاطه وختتلف

معطيات الطبيعة باختالفه وتنوعه.» (األصفر، ١٩٩٩م: ٦) هلذا، ال تقوم دراسة املدرسة

السريالية كتيار برز يف القرن العشرين ما مل نلّم بالعوامل املؤثرة فيها ومسّوغات نشوئها.

ــرين، «أن املذاهب املوروثة ال انسجام بينها، وال ترابط وجد األدباء يف القرن العش

ــّن عليهما معًا هجومًا عنيفًا، ــيكية، والواقعية تش ــية تتناقض الكالس يذكر: فالرومانس

ــان بواقعه، واجلمالية تسخر كل السخرية من ــد مبالغة يف ربط اإلنس والطبيعية تبالغ أش

دعوة الواقعية، وهلّم جرا. فأّي من هذه املذاهب هو الصحيح؟ وأي إجتاه أديب وفكري

ــاؤل قد دار يف عقول اجليل اجلديد دون أن وفين ينبغي أن ميّثله األديب؟ إّن هذا التس

ــامل ـ باحلقيقة ــاطئ األمان، ويبصرهم ـ بالبحث اهلادي ـ الدقيق الش يهديهم إلی ش

ــذه املذاهب األدبية املوروثة ــذا جاء رد الفعل عنيفًا، أال وهو رفض كّل ه ــودة. ل املنش

ــيت كان ينتهجها أدباء القرن ــاليب التعبري ال ــًا كاملًا، وهجران الطرائق الفنية وأس رفض

التاسع عشر.» (بوزوينه، ١٩٩٠م: ٤٧-٤٨)

ــوبول ــورها األّول أندرية بريتون ومعه فليب س ــع منش ــوريالية اليت وض أتت الس

ــردت علی املذاهب األدبية ــدی هذه االجتاهات اجلديدة اليت مت ــس أراغون كإح ولوي

ــوهت ــرت الواقع إنكارًا كليًا واعتربته زائفًا كل الزيف ومتادت عليه وش ــا، «فأنك كله

معامله ومل تكد تبقی منه أثر.» (احلاوي، ١٩٨٣م: ٢٢٣)

ــريالية وكلها تشــري إلی أنها االنفتاح علی املجهول ُقّدمت تعاريف عديدة من الس

ــعی إلی حترير القوی الالشعورية املكبوتة أو املجهولة يف اإلنسان. وعلی املاوراء وتس

ــتطيع أن نقول؛ هي التعامل النفســي مع األدب وبعبارة أخری؛ األدب مضيفًا عليه ونس

Page 9: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٤٩

املسائل النفسية. (مشيسا، ١٣٩٠م: ١٦٩) حجر األساس للفلسفة العلمية يف هذه املدرسة ــفتها األخالقية رفض كل العقود االجتماعية وفلسفتها ــي، وفلس هو حتليل فرويد النفس

االجتماعية هي إجياد الثورة السريالية. (نفس املصدر: ١٧٢)ــاعر الفرنســي أندرية بريتون، واضع املدرسة السريالية١ اليت ميكن ترمجتها يعّد الشــة السريالية البّد بـ"ما فوق الواقع" وهو الذي كتب بيانها عام ١٩٢٤م. وملعرفة املدرســوائية جاءت لتناقض الفن. ــن معرفة احلركة الدادية؛ والدادية حركة فنية عدمية عش مشعارها "كل شيء ال يساوي شيئا" وأطلق عليها اسم "ضد الفن" لكونها تعرض كل ما هو قبيح وغريب وعابث وغري معقول، وانتشــرت بسرعة مذهلة بسبب طبيعتها املتمردة علی كل ما هو معقول ومنطقي. «الدادائية انتقلت إىل فرنسا وأقطار أخرى لتبلغ ذروتها ــرعان ما أخذت تنحدر نتيجة الصراعات الداخلية احلادة من يف العام ١٩١٩، لكن ســبب موقفها الرافض واملناهض لكل شيء. حىت نفسها، مفوتة الفرصة للتطور جهة، وبس

واالستمرارية.» (صاحل، ٢٠١٠م: ١٤)فجاءت السوريالية خلف الدادية وهي حتمل يف طياتها كثريًا من تناقضات الدادية ــا وإن انتقدت بعض جوانب الرفض يف هذا االجتاه قائلًا بأن الدادية عليها أن ومترداتهــوم بدور أكثر فاعليًة وأّال تكتفي بالصراخ والتهجم علی اآلداب دون االتيان ببديل تقــات اهلدم والتخريب «انبثقت حاجة ليس إىل ــا. ويف الزمن الذي رّدت الدادية هتاف هلتدمري مظاهر الواقع القدمية فحسب بل أيضا إىل خلق واقع جديد. لقد بزغت السريالية ــاب وفنانني، يف املضي إىل ما ــعراء وكت ــة تفاؤلية تعرب عن رغبة أفرادها، من ش كحركوراء الواقع الظاهري نفسه، السعي إىل تنوير الفكر من خالل طريقة فهم جديدة لألدب

والفن.» (نفس املصدر: ١٦)تأثر الفكر التنظريي السريايل بالدراسات السيكلوجية الفرويدية حول عوامل احللم ــريالية بناًء علی التطور الذي حدث يف العلوم اإلنسانية يف والالشعور وقد جاءت الســر املعاصر ومعاجلة علم النفس ومزجت بني الدادائية والفرويدية، داعيًا إىل حرية البشهذا اإلنسان الذي خّلفته احلرب بعد أن فشلت يف ختليصه وإسعاده كل األديان والنظم

1. surrealism

Page 10: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٥٠ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــية اجلديدة من ــات. يف احلقيقة، فإّن التطورات العلمية وظهور النظريات النفس والثقافــامل الالوعي، وّفرت جمالًا ــهرية يف ع ــل حمّللي النفس كأمثال «فرويد» ونظريته الش قبــريالية يف انطالق العقل يف الالمعقول سواًء يف التصوير أو الشعر أو خصبًا ملا اّدعته الس

املسرح. (العبد النيب، ٢٠٠٥م: ٢٨)رغم هتافات السورياليني وتأكيدهم علی عملية البناء املتفاعل بعد هدم املوانع، إال ــريالية استوحت من الدادئية معظم مبادئها مما جعل الكثري من النقاد يعتربونها أن السشكلًا آخرًا من الدادائية. فنبحث عّما أنتجته السريالية حتی نری هل إنها كشفت سبيل ــعور ومن أي طريق ــريالية أن تصل إلی عامل الالش العالج أم ال؟ ولنری كيف تريد الس

وبأية وسيلة حيصل هلا اإلمالء من الالوعي يف غياب كل مراقبة من العقل؟

سبل الوصول إلی الالوعي يف رؤية السرياليةــرياليني مناهج وطقوس للعبور من عامل الظواهر والواقع احلقيقی وكشــف عامل للسالالشعور دون رقابة العقل، نأيت بأبرزها: (للمزيد: مشيسا، ١٣٩٠: ١٧٢-١٧٥ واألصفر،

١٩٩٩م: ١٤٢-١٤٤)اجليفة الشهية: «جيلس السرياليون ويتناولون ورقًة يتناوبونها فيما بينهم، فيما يدون

كٌل منهم فيها كلمة أو عبارة، كٌل بدوره مما خيطر بباله فورًا دون تفكري وروية ودون أن ــون هنالك رابط بني هذه العبارات والكلمات، وبالنتيجة حيصلون على نص عجيب يككتبته اجلماعة، ويعكفون علی حتليله ليستنبطوا من خالله الّالشعور اجلمعي! وسبب هذه التسمية أن التجربة األوىل أسفرت عن هذا النص: اجليفة- الشهية -ستشرب- اخلمر- ــف كل بدوره خطًا حتی ــر، ١٩٩٩م: ١٤٢) أو يرمسون خطوطًا يضي ــد». (األصف اجلديــم، وكذلك يف كتابة القصيدة يقومون بنفس هذا األسلوب وينتجون قصائد إكمال الرس

ال وزن هلا وال قوايف وال موضوع.الكتابة اآللية: واملراد منها، إطالق العنان للحلم واخليال وتسيري الفرد من قبل العقل ــتعينون للدخول يف هذه وكل القوی الداخلية اليت تقهر كل املقاومات اليومية «وقد يســعور ــُف عن قرارة الالش التجربة باملخدرات، وهم يرون أن حصيلة هذه الكتابة الكش

Page 11: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٥١

ــذات اخلارجية الواعية. ــق مما تنتجه ال ــارات فكرية هي أغىن وأعم ــذي يزخر بتي الــانًا تراوده األحالم والرؤی والتداعيات، ويطلق العنان للخيال وإذا كان كّل فناٍن إنســعور ويعرب عن كل ذلك بالعبارات والرموز، فالفرق يف السريالية أن ــعور والالش والشــكل هذه احلالة ليســت واعيًة وال منطقيًة وال مقصودًة وال مرتابطًة وال يراعی فيها الش

الفّين أو القيمة األخالقية.» (نفس املصدر: ١٤١-١٤٢)التنومي املغناطيسي١: هو حالة ذهنية هادئة ومسرتخية، ففي هذه احلالة يكون الذهن

ــكل كبري لالقرتاحات واإلحياءات. فالسرياليون يكتبون كل ما يقوله الشخص قابلًا بشيف هذا النوم مث يقومون بتحليله.

استماع كالم املجانني ورصد تصرفاتهم: ألنهم يرون يف انفعاالت املجانني وتصرفاتهم،

حقيقة نفس البشر ورغباتها املكبوتة.ــكاری واملجانني يف هذه ــرياليون يهذون كالس ــاء النور والكالم دون وعي: الس إطف

احلالة ويف جو من الظلمة والفوضی.ــريالني، االرتقاء بالكلمات إىل أفكار: «كانت النتيجة املنطقية للكتابة اآللية عند الس

هي حترير اللغة من كل القيود الكالسيكية ألن اللغة عندهم ليست جمرد وسيلة للتواصل ــتخدام الكلمات من والتبادل الفكري فقط، بل إنها القدرة علی وضع آلية جديدة الســق تقانة الكتابة اآللية عند ــالل ختطي حدود املنطق العادي، ألن اللغة املتداعية وف خالسورياليني ليســت هي الرتكيب اللغوي املفّكك علی الطراز الدادائي، بل هي وحدة تتضمن معاين مستقلة وعميقة تتماثل مع حمتوی الالشعور، وهي مهمة ألنها متثل الوسط املثايل الذي متتزج فيه العوامل النفسية باملادية. فلقد أكد السرياليون دائمًا إميانهم بوجود حياة للكلمات، وحبقيقة خفية جتّسدها الكلمات وأنها وحدها ميكنها الكشف، شرط أن

نتبعها طوعًا إىل حيث تقودنا.» (بوهرور، ٢٠١٤م: ١٧٣)استنطاق األحالم النومية وتدوين أحالم اليقظة: سيجلون كل تداعيات تلقائية طرأت

هلم يف عوامل احللم قبل أن تفسره العادات، مث يعودون إلی حتليلها.ــياء املليئة بالتناقض واملفارقة: يف حالة زوال الفكر املنطقي ورقابة العقل والعامل األش

1. Hypnosis

Page 12: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٥٢ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــباح وانفالت اخليال ــريايل أن يدخل يف عامل األوهام واألش الواعي، يتاح املجال للســياء غريبة ال ارتباط بني أجزائها وتوحي بصور ذات ختيالت غريبة و رموز وخيلق أش

غامضة ومعقدة.ــعبية واملريبة: للبحــث عن الغرابة ــاد يف األماكن الش ــوارع واالرتي ــوال يف الش التج

واملصادفة واملتوقع وغري املتّوقع والتقاط املدهشات....الدعابة السوداء: «وكان هذا دأبهم يف كل اجتماع وحديث وكأمنا وجدوا فيه وسيلًة

لإلحتجاج علی الواقع وتهدميه وإحالل كوٍن جديد مكانه، إن السخرية عندهم عملية حمو ــيلة أمينة لقول احلقيقة وهز وجدان اإلنسان العادّي الذي وبناء يف آن واحد، وهي وسترهقه الضغوط، واإلنسان املتعب اليائس احملبط للتغلب على ضغوطات العامل اخلارجي ــان آالمه ــيلٌة يقاوم بها اإلنس ــخرية وس الرديء. ومن جهة أخری ميكن القول: إن الّساخلارجية من داخل ذاته. إنها إطالق شحنة حبيسة بشكل عدواين متوّتر. وليست أبدًا ــوداء مؤملة وقد كانت أمجل أغانيهم أكثرها يأسًا وسخريًة لإلمتاع والضحك ولكنها س

وإيالمًا.» (األصفر، ١٩٩٩م: ١٤٤)

أهم مبادئ السريالية (األفكار العامة)ــريالية تعرب عن خواطر النفس يف جمراها احلقيقي دون ــرنا سابقًا أن احلركة الس أش

ــانية وهي تؤمن برفعة احللم والالشعور ومسومها التقيد برقابة العقل أي أنها تلقائية نفس

يف اإلبداع الفين ترسم لنا انشغال الفكر باالعتماد علی التخيالت واألحالم دون التقيد

ــد رائد التحليل ــرياليون علی نظريات فروي ــذا املجال ركز الس ــات، ويف ه باألخالقي

ــي، خاصًة فيما يتعلق بتفسري األحالم وبنوا عليها بنيان آرائهم. للسريالية مبادئ النفس

ــرين داعيًا الوصول إلی سعادة اإلنسان بواسطة التخّلص من دعت إليها يف القرن العش

ــري الذي أّدی إلی احلرب واهلدم والدمار. أحد أبرز هذه املبادئ ــيطرة العقل البش س

ــوق الواقع أي الوعي والالوعي عن طريق ــو الوحدة الكاملة بني العامل الواقع وما ف ه

االستكشاف املنظم والعلمي للالوعي عرب جتارب متنوعة مثل احللم، واجلنون، واخليال،

واهلذيان والتوهم. فنبدأ بدراسة أهم ما دعت إليها حتی نصل إلی عمق ما جاءت هذه

Page 13: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٥٣

املدرسة به من الفكرة يف القرن العشرين، مث نعاجل هذه املبادئ من وجة نظر إسالمية.

- اللجوء إلی احللم وعامل الالشعور وتسجيل كل ما فيهــاعره والوعيه، فيسجل ـ ــريايل يصغي شديد اإلصغاء إلی فكره ومش األديب السأثناء هذا اإلصغاء ـ كل ما هّب ودّب، بغية أن جييء نتاجه الفين موازيًا حلياته النفسية ــريالية غامضة مغرقة يف ــدة عند أدباء الس ــه، ١٩٩٠م: ٥٢) فالقصي ــة. (بوزوين الباطنيالضبابية وهي نفثات عقل مشوش سجل كل ما عرض له من األفكار يف الشعوره وهذه التداعيات واهلذيانات اليت طرأت له يف عامل الالوعي أشبه ما تكون خبرافات األحالم

وصور يصعب علی الشاعر أن يبني مدلوالتها. (هدارة، ١٩٩٠م: ٦٧)ــعراء ومبالغتهم هذه وإفراطهم يف التعقيد اللغوي إىل الوقوع يف قد أّدی جنوح الشالتشكيل املفتعل الذي ال حييل إىل شيء أكثر من التعبري ذاته، وأحيانا تبدو بعض صور هذا االجتاه خاليًة حىت من اخليال، وقائمة علی التصور الذهين البحت. إّن الّلغة والصور تبقى مفككة متامًا، إنها لغة سريالية هائمة جتمع بني شطحات األحالم واخلياالت، ويبدو ــاعر يف بعض ــتطيع أن نصل إىل فهم حمدد ملا يقصده الش ــة لن نس أننا أمام هذه اهللوســعور الداخلي احملض فإن عباراته. وحني تقوم الصورة على رموز العقل الباطن أو الشــرتاك يف داللة تلك الرموز بني ــا على الوصول إىل اآلخرين تصبح رهينة االش قدرتهــرتكة، ولكنه كثري منها ــعور رموز مش املبدع واملتلقي. وال شــك أن بعض رموز الالشــأة والوجود االجتماعي، وهكذا خاص يتصــل بتجارب وذكريات فردية ترتبط بالنشتتسم التجربة وما جتلبه من صور بكثري من الغموض الذي يشف أحيانًا عما وراءه من ــم مهما حيســن الظن به ويبذل من جمهود يف داللة، وينغلق يف كثري من األحيان كالطلس

إدراكه وتذوقه. (القط، ١٩٩٦م: ١٠)ــالمي أن ــالم أمام إطالق العنان للحلم واخليال؟ وهل لألدب اإلس فما موقف اإلس

يقبل مثل هذه الفوضی اليت ال يكاد القارئ ينتهي إلی أي هدف وراءها؟ــدون رقابة العقل ــرياليني يريدون نقل احللم واخليال ب ــابقًا، أن الس ــرنا س كما أشــجله يف تلك ــاق الالوعي حوارًا جيب أن نصغي إليه لنس ــدون بأن دائمًا يف أعم فيعتقاللحظة وهنا ندرك أن حوارنا يوميًا جمرد حجاب علی سري أعمق تيار الضمري املكبوت

Page 14: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٥٤ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

وأصدقه. (سيد حسيين، ١٣٩١م: ۸۲۶)ــعور واحد ــوريالية يف اللجوء إلی عامل الالش يری أدونيس أن منهج الصوفية والسويعتقد بأن مناذج الرجوع الی عامل الالوعي دون رقابة العقل الذي دعت إليه السريالية ــريالية «سلكت الطريق املعريف نفسه، موجودة يف اللغة الصوفية وكل من الصوفية والســد، ويف تطبيق هذا املنهج ــات خمتلفه. فاملنهج واح ــن بأمساء خمتلفه، ومن أجل غاي لكمشابهات كثرية تدفع إلی القول بأن السريالية صوفية وثنية، أو بال إله، وغايتها التماهي ــی البحث عن املطلق والتماهي هي أيضا ــوريالية تقوم عل مع املطلق، وبأن الصوفية س

معه.» (أدونيس، التا: ١٥-١٦)ــبيل ملقارنة الصوفية مع السوريالية ألن العقائد هي املركز األساس الذي حيدد ال ســوريالية والصوفية خيتلف متامًا وإن يكن ــة يف كل أدب والدافع عند الس ــة الوظيف طبيع

منهجهما واحدًا يف رؤية أدونيس.ــوريايل معادلًا للتجارب العرفانية ــعور الس ــوريالية يعّدون عامل الالش إن أتباع الســلمني يف ملس عامل اخليال وعامل الوجود وعامل الالوعي ــعراء واحلكماء املس الفنية للشأعلی من العوامل امللموسة املادية ومن مراتب إدراك العقل اجلزئي، إال أنهم ال يعرفون ــلوك املعنوي ليلمس ــطة الس ــه ويزكيها بواس أن احلكيم والعارف احلقيقي يهذب نفســبة ــة املثالية وخيالًا أعلی من الفهم العادی وأرفع من العقل اجلزئی. وأما يف نس احلقيقــان مبراتب احلياة الدنية، ففي ــانية اإلنسان الغريب مع الكون، فريتبط وجود اإلنس إنســهود اخليايل والقدسي بل هو األوهام النفسية ــه ويدركه، ليس الش النهاية، الذي يلمسوالغريزية. لذلك، يتكّون مزيٌج من اإلثارة اجلنسية والعدمية والصور الومهية واملضامني املرضية واملضطربة واليت أدنی من العقل اجلزئي اليومي، مفهوم اآلثار السوريالية الفنية ــاكلتها. فعلی هذا األساس وبهذه الرؤية ميكن أن نری األدب السوريايل والقصصية وش

أدبًا مريضًا.ــورياليون بالالوعي أو اخليال املثايل أو فالبد أن نعمق النظر ونعلم أن ما دعاه السيف بعض األحيان بالشهود! ليس شيئًا سوی بيان األوهام والشهوات النفسية، ففي نظرة ــوريالية بسبب ــهود املقصود يف الس حقيقية، نراه دون أي وجه إدراكي مثايل. هذا الش

Page 15: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٥٥

مفهومه النفساين واملوهوم والدين له تضاد وتقابل جذوري مع ما يعرف باخليال القدسي ــالمية وعلينا أن ال منزج بعضهما بعضًا. (زرشناس، ــهود املعنوي يف الفلسفة اإلس والش

١٣٨٩ش: ١٤٦-١٤٧)جيب أن نالحظ أن احللم يستمد أولياته من «نطاق الشعور اإلنساين، مآسي احلياة، ــرية، أزمات املصري اإلنساين عامًة عن كل ما تتالف الصدمات االنفعالية، األهواء البشمنه حياة اإلنسان الشعورية.» (اجلسماين، ٢٠٠٠م: ٧٩) لذلك، تسجيل كل ما يف اخليال واحللم بدون أي تنقيح يؤدي إلی الفوضی واالضطراب و«جيب أن يكون هناك تكنيك ــهود وعواطف وخياالت عوامل خفية وكتابتها وترسيمها ألن وأسلوب خاص لنقل الشــرة وناقصة ينتهي إلی نفور ومترد ــوائية والالنظمي يف بيانها وإيرادها بصورة متوت العش

األنفس منها.» (عصفور، ال تا: ٢٤٦)وأما منهج اإلسالم فليس منهج اهلروب من الواقع واللجوء إلی عامل الالوعي خالفًا للسوريالية بل هو «منهج واقعي للحياة، ال يقوم على مثاليات خيالية جامدة يف قوالب ــاتها الواقعية. ــريةـ كما هيـ بعوائقها وجواذبها ومالبس نظرية. إنه يواجه احلياة البشــاء يف آن واحد. يواجهها حبلول يواجهها ليقودها قيادًة واقعيًة إىل الســري وإىل االرتقــال حامل، ورؤى جمنحة ال جتدي على واقع ــة تكافئ واقعياتها، وال ترفرف يف خي عملي

احلياة شيئًا!» (سيد قطب، التا: ٢٢٦)ــوريالية يف اللجوء إلی عامل الالوعي من جانب وما نراه ــبة إلی إحلاح الس وبالنســر، فيجب علينا أن ــم واخليال من جانب آخ ــالمية لعامل املثال واحلل ــن الرؤية اإلس مــوريايل، ينظر إلی الكون بعينني اثنتني، فريی ــلم خالفًا لألديب الس نقول: األديب املســي، مث ال يفصل بني اجلانبني، بل ــعر فيه اجلانب الروح فيه اجلانب املادي مثلما يستشــالمي حيتاج لّلجوء إلی يتوحدان يف داخله عند حمرق واحد. ال شــك أن األدب اإلسعوامل املثال واألحالم كما هو شأن سائر اإلجتاهات األدبية وصحيح أن األديب املسلم ــتحق أدبه صفة اخللود بدون عامل املثال وال يكتشــف عوامل املستقبل ومسات الغد ال يســرق بدون األحالم املنطلقة البناءة، ولكنه جيب أن ال ننسی هذه النقطة اهلامة وهي املشأن تسامی األديب املسلم إلی عامل املثال بأحالمه اإلجيابية ال يعين هروبا من األرض،

Page 16: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٥٦ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــامي باخليال ليس تسجيل خواطره اليومية تلقائيًا بل ألن هدفه الرئيس من وراء التســامی خبياله هذا ليفكر كيف يصنع سعادة اإلنسان اجلديد، وكيف يفصل للعاري هو يتســعادة واخلري يف ــر النور والس ــدم للجائع طعامًا، وللمريض دواًء، وكيف ينش رداًء، ويق

أرجاء األرض اليت يدب عليها. (الكيالين، ١٩٨٧م: ٦٦)ــا جييء به، نری ــامية وراء كل م ــالمي هذه األهداف الس عندما نری لألدب اإلســوريايل يف جانب مقابل يضع جل اهتمامه للهروب من الواقع واللجوء إلی األدب السعامل الالوعي ورفض رقابة العقل ومن العجب أنه بعد الوصول إليه يقوم متطرفًا بنقل كل ــات واهلذيانات إلی متلقيه ويف كثري من األحيان ال يكشف األديب ما يراه من اهللوس

السوريايل نفسه ما سجله من أحالمه فكيف للقارئ أن يتعامل معه ويفهمه؟علی أساس ما بيناه من إحلاح السورياليني لّلجوء إلی عامل الالشعور وكذلك موقف

اإلسالم منه، جيب أن نأخذ علی السوريالية رؤيته هذه ما هو ملّخصه:ــوريالية يدعو إلی إطالق العنان لألحالم واللجوء إلی عامل الالشعور، لكن ألف: السما يدعو إليه -أي الوصول إلی عوامل الالوعي- «صناعة فئة من اخلاصة، وليست علی ــاين الواسع، علی العكس من موقف اإلسالم، والفرق بينهم هو الفرق بني الصعيد اإلنســلس، يتســق يف مبادئه ــفة مضطربة متعددة املفاهيم املتناقضة، وبني دين واضح س فلس

ومفاهيمه مع مستوی العقول العادية.» (نفس املصدر: ٦٩)ــوريالية واملنهج السوريايل ــاس منهل األحالم يف الس ب: الضمري املكبوت هي أســية ــعور هو املنطقة االنفس ــز علی آراء فرويد يف علم النفس ـ وهو يعترب الالش بالرتكيــانـ يريد أن يتخلص من عامله ــا صورًة حيوانيًة غريزيًة عن اإلنس ــة ويقّدم لن احلقيقيــوريايل ــعور الذي يعكس كل عقده وآالمه واألديب الس الواقع ويســري يف عامل الالشــجيل كل ما ــا أنه ال يعتقد بالتنقيح ويؤكد علی الكتابة اآللية بدون رقابة العقل وتس مبــاته مع ما فيه من ــتعرض كل ما خيطر له يف أحالمه وهلوس ميّر علی خاطره تلقائيًا، يســاهده يف كثري من إنتاجات السورياليني، وهذه الكتابة اآللية الغموض والتوتر، كما نشوإطالق العنان للخيال واحللم فحسب، وكذلك نسيان العقل والعامل املادي، قد أّدی إلی

االضطراب والغموض يف آثارهم.

Page 17: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٥٧

ــاعر ــوريالية أي هدف أو التزام من وراء كتابتهم اآللية، بل الش ج: ال يوجد يف السالسوريايل خيلق حلمًا ويسجله بدون أي تنقيح ويقتنع به، أما األديب املسلم فال يكتف

بالتصورات واألحالم بل حيول املشاعر كلها لتحقق يف العامل الواقع.د: إن العناية بالقيم اجلمالية يف األدب ضرورية، وهذا اجلمال جيعل دخول ما يكتبه ــر ووقعه يف الوجدان أعمق. ليس معنی هذا القول أنه ليس يف ــاعر إلی النفس أيس الشــوريالية أية قيمة مجالية بل يعين أّن ما اعتصموا به للوصول إلی عامل الالوعي ولو الســجيل كل ما وصلوا إليه من ــكر والتنومي، مث تس كان عن طريق تعاطي املخدرات والســؤدي غالبًا إلی اجلمال فيما ــجيلًا تلقائيًا بدون أي تنقيح، ال ي األحالم واخلياالت تسيكتبون بل كل ما ينقله يف كثري من األحيان هو اهلذيانات املضطربة ال يكاد القارئ أن ــالمي متجه حنو حتقيق ينتهي إلی مجالية وهدف وراءها. وعندما اجلمال يف املفهوم اإلساخلري والنمو والكمال بسبب ارتكازه علی املقصدية، يرتكز اجلمال يف السوريالية علی الكتابة اآللية لألحالم واخلياالت بدون أن يكون هدفًا وراء نقل هذه األحالم إال جمرد

تسجيل هذه األحالم وعرضها إلی القارئ مباشرًة.ــی اجلانب الروحي، ــر اجلانب العقلي وترتكز عل ــوريالية وتنك ذ: عندما تغلو السفالصورة اليت تنتجها صورة ألحالمه ورغباته املكبوتة مبا فيها من اإلضطراب والتوتر، ــه وعقله وروحه وطاقاته النفسية ــان حبواس ــالمية لألدب، «اإلنس لكن يف الرؤية اإلسوالعصبية ونزعاته الوجدانية والعاطفية، ليس مرآًة صقيلًة تعكس ما يأتيها من اخلارج ــن اعتباره ماّدًة أوليًة، ــه يلتقي عن العامل، عن املوضوع، ما ميك ــاطة وأمانة، إن بكل بســن جديد، ويضيف ــا يعيد تركيبها وصياغتها م ــات اليت وهبه اهللا إياه ــه باإلمكان ولكن

إليها.» (خليل، ٢٠٠٧م: ٦٠)

- االتكاء علی املنهج الفرويدي يف حتليل النفســوريالية قد وجدت يف منهج فرويد النفسي ملجأ إلثبات ما اّدعته من الوصول الســفة فرويد تؤكد علی ــی عوامل خفية وراء حياتنا اليومي وواقعنا احلايل وبينا أن فلس إل

ــان. نعرتض علی منهج ــهوانية عن اإلنس ــري املكبوت وتصور صورة حيوانية وش الضم

Page 18: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٥٨ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

فرويد هذا ورؤيته لإلنسان والشعوره من النواحي التالية:

أ: إّن منهج فرويد يف علم النفس منهج وضعي فاسد عاث فسادًا يف األرض واملجتمع

والفكر والسلوك وتلته أزمات روحية وجنسية نری آثاره علی املجتمعات الغربية ب:

جّل تالمذة فرويد قد رفضوا منهجه فيما بعد وبينوا بطالنه وعبثيته ج: منهج فرويد قّدم

ــان وعن الضمائر الكامنة يف وجوده، وهذا خيالف لنا صورًة حيوانيًة غريزيًة عن اإلنس

حقيقة اإلنسان الذي خلقه اهللا ليكون خليفته يف األرض وأشرف خملوقاته د: من أعجب

ــان وتصوره، ــية احلقيقية اليت متّثل اإلنس ما اّدعاه فرويد أن الالوعي هو املنطقة النفس

وهذا الالوعي يف رؤيته ليس سوی غريزة اجلنس.

إن اإلنسان حقيقة واعية يتمتع مبراتب متعددة منها جسدية ومنها روحية علی خالف

ــگاه ــان أحادي الُبعد وعامله عامل الالوعي. (پژوهش تصور فرويد الذي يری أن اإلنس

حوزه و دانشگاه، ١٣٨٨ش: ٣٥١)

ــائر ــفة فرويد مضاّدًة لألهداف احلقيقية، ألنه كس ــوم األهداف األخالقية يف فلس تق

ــًا حقيقيًة، هذا وأننا ال نقبل رفض ــاء الغربيني مل يعترب األهداف األخالقية أهداف العلم

ــا موضوعًا حقيقيًا. (نفس ــان ونعتربه ــن األخالقية بل نراها ميزة لكمال اإلنس املوازي

املصدر: ٣٥٥)

ــه إلی اخليال واحللم والبحث عن مصدره ويراه ــد أعطی منهج فرويد جّل اهتمام ق

ــية ــية والضمري املكبوت وادعی أن العقد اجلنس ــت واحلرمان ويف العقد اجلنس يف الكب

املكبوتة يف أعماق الالشعور هي احملرك األساسي للتصرف البشري.

ــين واألديب ملنهج فرويد يف ــيد الف ــريالية اليت هي التجس ــة الس لذلك إن «املدرس

التحليل النفسي القائم على العامل الباطين الالشعوري، الذي يعتربه السورياليون الواقع

ــكيلية والسينما. وكانت ــرح والفنون التش النفســي احلقيقي، قد ّجتلت يف األدب واملس

ــة حتاول دومًا الغوص يف األعماق النفسية واالغرتاف منها ومشابكتها مع هذه املدرس

ــات الواقع الواعي، جمافيًة معطيات املنطق والعلم املوضوعي ورقابة الفكر، وغري معطي

مكرتثة بالواقع االجتماعي وما يفرضه من املواصفات األخالقية والنظم وما يسوده من

Page 19: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٥٩

ــور جيب أن تنسف ليتفتح اإلنسان ــفات.. إن كّل هذه األمور عندهم قش العقائد والفلس

ــتقبله اجلديد منطلقًا من أرٍض نظيفة يلتقي على صعيدها كل احلقيقي ويبين عامله ومس

البشر يف عامل احلب واحلرية والسعادة!» (األصفر، ١٩٩٩م: ١٣٨)

ــدي يف علم النفس، يتبني ــوريالية املنهج الفروي ــاس ما بيناه من قبول الس علی أس

ــان، وهذا األمر هو ــعور اإلنس لنا أنها ارتضت أن يأيت أدبها صورًة طبق األصل لالش

ــية، ــذي جعل أدبها يف كثري من األحيان صدی األوهام والنداءات احليوانية واجلنس ال

بعبارة أخری السوريالية بنهجها هذا قد شجعت حركة اهلدم والفساد اخللقي واإلباحية

والدعارة يف املجتمع.

ــدة ينتج نتاجًا ــفات الفاس كان من الطبيعي أن األدب الذي يتكئ علی هذه الفلس

ــالمي امللتزم فنحن نری أن «صورة احلياة ــدًا عبثًا، وأما بالنسبة إلی األدب اإلس فاس

ــه فتحرك عواطفه ووجدانه، اهلائجة املائجة املضطربة تنعكس علی فكر املؤمن ونفس

وتثري فكرته، فينبع صورًا أدبيًة مجيلًة تتسم باحليوية والصدق، ومن البديهي أن استقراره

ــن انطباعيني ما يوافق ــف والزيغ واالحنراف، فنحن نقبل م ــدي يعصمه من الزي العقائ

ــبة تصورنا، ونرفض ما يتناقض مع مفاهيمنا، وحنرتم جهودنا التجريبيني، وحنتفظ بالنس

لبعض حتليالتهم استنتاجاتهم، فليس من املعقول أن نقبل وجهة نظر فرويد يف الفن علی

عواهنها، أو تفســريات (أدرلر ) و(يونج)، فلن يكون الكبت اجلنســي دافعًا لإلبداع، أو

ترمجًة ملا حيدث يف الفن من تسام ولن يكون تعويضًا عن مركب نقص كامن يف اإلنسان.»

(الكيالين، ١٤٠٧ق: ١٢٥-١٢٦) و«إن أي إنسان يكفر بالقيم واملثل اإلنسانية الرفيعة

ــهل أن يفعل أي شيء، وإذا كانت الفضائل جمرد وهم، فإن األديان وهي معينها من الس

ــان لنفسه وبنفسه، ــتكون هي األخری ومهًا كبريًا، وبهذا يعيش اإلنس والداعي إليها، س

ــاعته. إنه أدب ــة جرمية، أو اقرتاف أي إمث مهما كانت بش ــورع عن ارتكاب أي وال يت

ــو رائع ومجيل من قيم ــوت الضمائر... أدب فقدان الثقة يف كل ما ه ــاؤم.. أدب م التش

احلياة اخلالدة.» (الكيالين، ١٩٨٧م: ٣٢)

Page 20: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٦٠ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

- هدم كل شيءــات ورفض كل ما ــورياليون هو هدم الدين واملقدس أحد أبرز مبادئ دعی إليه الســيء ــون به الناس وكذلك هدم الرتاث واملذاهب األدبية، فصاروا ينكرون كل ش يلتزم

وال يقرون بصحة أي مبدأ.

ألف: هدم الدين، وموازين الناس ومقدساتهمــرر املطلق من كل القيود، ــورياليون األديان وتعاليمها و«ينادون بالتح يرفض الســروط ملوازين الناس وأحكامهم ومقدساتهم.» (بوزوينه، ١٩٩٠م: ٥٠) والرفض الالمشــًا علی ادعاء «أن جمتمعات احلرب ــورياليني مبني كان هذا الرفض واهلدم من قبل السالعاملية األولی قد أفســدت قوانينها وأنظمتها ومذاهبيها (مبا يف ذلك املذاهب األدبية)، ــري قد ــيء، والكفر بكل مبدأ، ألن الواقع البش وأن اخلالص احلقيقي هو رفض كل ش

فسد لفسادها وبعدها عن احلقيقة.ــريايل قد زاد الطني بلة، بكونه رفض التعامل مع أي مبدأ ـ ولو إن هذا املوقف السكان إنسانيًا ـ وأي بديهة علمية أو عقائدية أي أن األديان السماوية ال فائدة ترجی من

ورائها يف نظر أنصار املذهب.» (نفس املصدر: ٨٥)فالسريالية حتتقر األديان واألعراف واملنطق والعقل، وهي دعوة إلی «الكفر بالعقل واملنطق، والنظم االجتماعية، والتقاليد، واألخالق الذي يعين ـ يف نظرهم ـ البحث عن ــانيًة.» (شكري، ١٩٩٣م: ١٩٨) «إّن السريالية موجة من موجات عامل جديد أكثر إنسالفكر اإلحلادي الكثرية اليت تتباهی بإحلادها وتری فيها اخلالص لإلنسان من العبودية واألغالل اليت تقيده بها األديان واألعراف والتقاليد.» (إبراهيم قصاب، ٢٠٠٥م: ١٢٧) ــيت ال يوجد فيها أي قيد ــرد علی هذا االدعاء بأن احلضارة ال جيــب أن نقول يف الــان كل ما يريد، و«أن ــتطع أن متنح اإلنس وميزان يتبع وهي تفتقد اليقني الديين، لن تساإلنسان مل جيد نفسه تتعامل معه كإنسان، بكل مكوناته، وأشواقه، ومنازعه، فإنه سيتمرد ــال الوقت أم قصر.» (خليل، ١٩٩٢م: ـ وال ريب ـ علی هذه البيئة، وينشــق عليها، طــد ــی رفض كل القيود وهدم كل ما يوجد يف اجلوامع من موازين أش ــوة إل ٣٨)، والدعــوريالية علی ــّنها الدول إال أن هجوم الس ــر دمارًا من احلروب اليت قد ش ــرًا وأكث خط

Page 21: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٦١

األديان واملقدسات هو حرب علی مقومات اإلنسانية مجيعها.

ب: هدم الرتاث األديبــًا أنها متناقضة، ــب األدبية املوروثة، زاعم ــوريالية رفضت كل الرفض املذاه الســجام ــياء والظواهر املتعارضة. وأكدت علی عدم االنس ــض عالمة قصور األش والتناقــة واجلمالية وكل املذاهب ــية والواقعية والطبيعي ــيكية والرومانس والرتابط بني الكالســا علی بعض. إن موقف ــّن بعضه ــبقتها بادعاء أنها كلها متناقضة وقد ش األدبية اليت ســة اهلوس فصاروا ــذا «موقف الرفض املرضــي الذي وّرث أصحابه عل ــوريالية ه الســب األديب األصيل ـ عكس هذا ــيء وال يقرون بصحة أي مبدأ. واملذه ينكرون كل شــه لغايات فنية الئقة. ــتثمره ضمن إطار خاص، ويوظف ــل مبدأ الرفض، لكنه يس ـ يقبــرح كل طاحل، واإلعراض عن ــك أن الرفض اإلجيايب البناء هو عملية ط ــح ذل وتوضيــيء مّدعني البناء والتجديد ــد. أما أن نهدم كل ش كل ما أثبت البحث احلقيقي أنه فاسوالتطوير، فهذا هوس وجنون وخيال.» (بوزوينه، ١٩٩٠م: ٨٤-٨٥) وإن كان يف اّدعاء ــوريالني أنهم قد جاؤوا ال للرفض والتخريب فحسب بل لبناء رؤية جديدة وجمتمع الســان سعادته ويعود إليه حريته، وإن ادعوا اإلتيان ببديل جديد قادر علی أن يتيح لإلنسوالبناء من جديد ولكنهم بالفعل ما استطاعوا أن يصلوا إلی شيء سوی ازدياد الدهشة ــو أدب ثورة وحتطيم وهدم لألعراف ــريايل، «ه والتناقض يف عامل األدب. فاألدب الســلبية، ألنّها ــة والفنية، ولألنظمة اخللقية واالجتماعية وثورة هؤالء القوم ثورة س اللغويــرياليني رفضوا جمرد حتديد مالحمًا ملذهبهم الذي ــم من غري بناء. فلقد نری أن الس حتطيــك مرحلًة من مراحل احلداثة اليت ــوا إليه، أو وضع قواعد وأصول له، فكانوا بذل دع

عرفت بالنفرة من املعايري الضابطة املنظمة.» (إبراهيم قصاب، ٢٠٠٥م: ١٢٧)ــة واخلصائص اجلمالية ــوريايل «مل يعرتف باألســس الفني كما بيناه أن املذهب السلألشكال واألنواع األدبية املألوفة، باعتبار أنها صورة للواقع الفاسد املرفوض. إن هذا ــذي بيّناه. واحلقيقة أن األدب ــة طبيعية والزمة للموقف العامل ال ــف ليس إال نتيج املوقــيع آفاق أنواعه ــتلهام تراثه، كما أنه يعين بتوس يف تطوره وازدهاره حيتاج دومًا إلی اس

Page 22: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٦٢ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

وأشكاله الفنية، أما أن يهدمها ـ كما يدعي أنصار السوريالية ـ فال، إلنه خمالف ـ مجلًة

ــة الرفض املتطرف، ألنها ــور وقوانينه. والعاقل اللبيب ميج حرك ــنن التط وتفصيلًا ـ لس

ــان يظل يف مجيع أحواله تدعو إلی اهلدم دائمًا واالنطالق دومًا من الصفر، أي إن اإلنس

تائهًا يف دائرة مغلقة ال خمرج عنها.» (بوزوينه، ١٩٩٠م: ٨٧)

ــة ضد جوانب احلياة ــوريالة أطاحــت بكثري من املوروث وهي ثورة عارم إّن الس

ــاعر التقليدية وعلی احلضارة واملقدسات اليت ــّنت هجومًا عنيفًا علی املش املختلفة. ش

ــعت إلی تكبيل الوجه الغريزي لإلنسان ورغباته الشهوانية. فالسوريالية بهذا املوقف س

ــية اليت مل تكن لإلنسان فيها أغالل ــان إلی حالته الوحش الرفضي أرادت أن ترد اإلنس

من املوازين األخالقية واألدبية، فنراها اجتازت حدود احلرية وتكلمت يف األدب بلغة

غريزية مليئة بالشهوة وحب الدعارة، ودعت إلی حرية عالقات الذکر واألنثی وإطالق

العنان للنفس لتفعل كل ما تشاء دون أي رقابة وقيد. أكدت السوريالية علی احلرية بال

قيد وعلی الشهوة املطلقة واعتربتها أساس الوجود بل الوجود كلها. فاألدب السوريايل

مبا فيه من هذه املضامني، أدب شهواين املعجم.

ــالمي ال يفرض ــالم إلی الرتاث ليســت رؤية تقليدية واألدب اإلس إن رؤية اإلس

ــه كل الرفض كما فعل ــن جانب آخر ال يرفض ــی الواقع دون أي نقد. وم ــرتاث عل ال

السورياليون. إّن اإلدب اإلسالمي ينبع من القرآن والسنة النبوية وكالم األئمة املعصومني

عليهم السالم. فاألديب املسلم يستضيء بضوئها ويستفيد منها كميزان للفصل بني احلق

والباطل، ومن مث، ال يعد كل ما حّققه النظام اإلنساين متعارضًا جيب أن يهدم وال ينظر

ــر بل يراها موازين ومبادئ ــات بوصفها األغالل واألس إلی املوازين الدينية واملقدس

ــرة أو القدمي واجلديد ــكالية األصالة واملعاص ــعادته. وكثريًا ما نری أن إش لكماله وس

ــرح من قبل املثقفني إذ خيتارون األمنوذج الغريب بوصفه أمنوذجًا أصيلًا جيب أن نهتّم تط

به وهذا ما ال ميكن قبوله حيث ذات األديب املسلم النابع من عقيدته معارض مع دعارة

ــفه. فعلينا أن ال نغض النظر عن وجود غين معريف يف الرتاث وتوفر األدب الغريب وكش

مساحات واسعة مفيدة فيه.

Page 23: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٦٣

- الثورة علی العقللقد شّنت السوريالية هجومًا علی سيطرة العقل واالتكاء عليه وهامجت االستخدام احلصري للعقل، وسعت إىل اخلالص من سيادة العقل بواسطة أشكال املعرفة الالواعية ــعرية، تعاطي ــم، املخيلة الش ــوداء، اللعب، احلل ــة، الدعابة الس ــة املوضوعي كالصدفــوريالية يصور «األمحــق الذي يدّنس ــل يف نظرة أصحاب الس ــدرات و...، والعق املخــيء» (أدونيس، التا: ۵۶)، وهم يعتقدون أن اإلنسان فرض ــه الواقعي كّل ش باحرتاســية وعقلية علی نفسه وعلى أشباهه. والسوريالية تريد أن تقتلع كوابح اجتماعية وجنس

احلواجز االصطناعية خللق عامل فيه ستكون للرغبة الكلمة األوىل واألخرية. ــروع إذا صّح التعبري، علی ما قد يتضمّنه ــبه غري املش «وهو يبين موقفه هذا، أو كسالعقل البشري من قصور وعدم قدرة علی اإلملام جبوانب احلقيقة وافتقاده النظرة الكلية ــذا العقل الذي يعاين من نقصه هذا ــرف أطراف الظاهرة من كل مكان... ه اليت تستشــماء ومينح ــاوي... بربنامج عمل موضوعي جييء من الس ــتهد بدين مس ــا هو مل يس طاملــامل، القدرة علی جتاوز النظرة ــان والعقل اإلنساين، مبا يتضمنه من علم إهلي ش اإلنسأحادية اجلانب، والتوغل إلدراك جوانب احلقيقة وساحاتها وطبقاتها مجيعًا.» (خليل،

١٩٨٧م: ١٠٤)ــی العقل ماهية عقيمة، وهذا ــوريالية أو هجومه عل ميكن القول: إن الالعقالنية الســن احلرب يف املأزق، ألن النضال مع العقل اجلديد ــروب من العقل يف احلقيقة نوع م اهلــد علی الفكر الديين واإلعتقاد بالوحي ــه ينتهي إلی التعايل والنمو كّلما يعتم ومعارضتوإال فال ينتهي إلی شيء سوی الدخول يف دوامة العبثية والومهية واليأس وهذه العبثية

هي اليت أصابت بها السوريالية. (زرشناس، السابق: ١٣٨٩)ــون واحلياة ويف األدب ــري ومكانته يف الك ــف القرآن الكرمي إزاء العقل البش موقــار إليها يف معظم سوره ومقاطعه وآياته، حيث يقول اهللا واالجتماع واضح وبّني قد أشــه لعّلكم تعقلون﴾ (البقرة: ٢٤٢) و«إن دّل ــبحانه وتعالی: ﴿كذلك يبني اهللا لكم آيات سهذا علی شيء فإمنا يدّل علی أن األفكار والعقائد اليت يقبلها العقل أو يرفضها جيب أن ترتك للعقل نفسه، وأّال يعتمد علی األساليب والوسائل ما يتجاوز مكانة العقل البشري

Page 24: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٦٤ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــر واإلرغام علی حتوير قناعاتها، أو تفريغها، لتقبل أفكار ــتوی القس وينزل بها إلی مســان.» ومعروف أن القرآن ــندها جدل أو بره ــدات ال تقوم عليها احلجة وال يس أو معتقــؤوليتها الكبرية عن الكرمي أعطی احلواس، اليت هي إحدی مداخل املعرفة العقبية، مســر والتأمل واملعرفة والتجريب فقال: ــان يف جمال البحث والنظ كل خطوة خيطوها اإلنس

﴿وال تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفواد كل أولئك كان عنه مسؤولًا﴾ ــوا بصائرهم وعقوهلم للوصول إلی احلق ــراء: ٣٦) «وطلب من املؤمنني أن حيرك (اإلســرياليون العقل أميا ــل، ١٩٨٧م: ١٢٥) فاحتقر الس ــوم الكون إال به» (خلي ــذي ال يق ال

احتقار، ولكن اإلسالم كّرمه أميا تكرمي.هذا العقل هو مناط التكليف، وهو الذي يقود إلی معرفة اخلالق، وإلی إدراك عظمة الكون، وعجيب صنعه، ومن ّمث رفع التكليف عن املجنون، وفاقد الوعي، واملكره املغيب عن الشعور واإلدراك. وذكر اهللا سبحانه العقل وأصحاب العقول بقوله: ﴿وما يّذكر إّال

أولو األلباب﴾ (البقرة: ٢٦٩)ــريالية والدادية فقد احتقرتا هذا العقل الواعي، بل جلأتا إلی كّل احملرمات أّما السواملوبقات: كاخلمر واملخدرات والتنومي املغناطيســي واجلنون، من أجل تغيبه واهلروب ــعور. (ابراهيم قصاب، ٢٠٠٥م: منه، واالرمتاء يف أحضان الغيبوبة، وفقدان الوعي والشــتلي١ ـ ــريالية ـ كما يالحظ بريس ــريالية الكبري أّن الس ١٢٧-١٢٨) ومن تناقض الس

تصنع بواسطة العقل حالًة منافيًة للعقل. (نفس املصدر: ١٩٨)

- اهلروب من الواقع ومن كل زمان ومكانــريالية ال تعرتف كليًة بالواقع احلايل، معتربًة إياه فاسدًا كل الفساد وإن الواقع السالبديل الذي تريده لإلنسان هو عامل آخر غريب عن عامله. وهذا تطرف صارخ ال يقبله املنطق السليم وال التفكري السديد. فإذا أراد العقالء تطوير جمتمعهم وترقية أحواله، فإن اخلطة اليت ينهجونها لذلك هي القضاء علی السلبيات والنقائص واآلفات قدر اإلمكان ــية ــبل اخلري وطرق اإلصالح من جهة أخری. فاملعطيات األساس من جهة، وتدعيم س

1. Priestley

Page 25: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٦٥

ــتطيع دعاة التطرف أن ينالوا عنها مقدار أمنلة، فتصري للواقع ال ميكن أن تتغري، وال يســلًة، وهي أشبه بالّصدی أو انكسار األمواج العاتية علی الصخور الصلدة. حملولتهم فاش

(بوزوينه، ١٩٩٠م: ٨٦-٨٧)ــالمي ليس ضيقة النطاق وال ينحصر يف دائرة املاضي أو احلال نعلم أن الفكر اإلسأو القادم بل هو للبشر يف كل األزمنة ويف كل األمكنة وهو يتعامل مع الواقع وال ينفصل عن مهومه وقضاياه حبكم ضرورات االلتزام، وهذا الفكر العاملي الذي ينهل من املناهل السماوية ال يأسره الواقع الضّيق الذي تعارف عليه الناس، ولكنه ينطلق إىل فضاءات

اخلربة والرؤية اللتني ال أّول هلما وال نهاية.ــع وال ترفضه وال تبحث عن عامل غريب يكمن ـ ــالمية ال ترتك الواق فالرؤية اإلسمن وجهة نظر السوريالينيـ يف عوامل احللم واخليال بعيدًا كل البعد عن واقع الناس، بل ــعيد للبشر مجيعًا وعونهم علی جتاوز متاعبهم وآالمهم وإرشادهم تهدف إلی بناء عامل ســعادة والنجاة ولن يرتكهم يف غمرات العبثية والعدمية ويف حالة ــبل اخلري والس إلی ســي واللجوء إلی عوامل أحالم ــروب من الزمان واملكان وواقعهم اليوم االضطراب واهلــورياليون ويرونها السبيل الوحيد للوصول بعيدة عن عاملهم احلقيقي كما يلّح عليها الس

إلی حرية اإلنسان وسعادته.فالفن يف الرؤية اإلسالمية هو «حماولة البشر أن يصوروا حقائق الوجود وانعكاسها ــهم، يف صورة موحية مجيلة، وإن مكان الفنان والفن يتحدد مبدی املساحة اليت يف أنفستشملها احلقيقة اليت يشري إليها العمل الفين أو يرمز هلا من كيان الكون، إذا أدركنا ذلك ــالمي للكون فقد أدركنا يف ذات الوقت أن الفن الذي ميكن أن ينبثق عن التصور اإلسواحلياه واإلنسان، هو أرفع فن تستطيع أن تنتجه البشريه.» (سيد قطب، ١٤٠٣م: ۱۳)

- احلب والدعارةــس وهو غايتهم األولی ــورياليون النهيار كل احلواجز بني احلب واجلن ــعی الس يســدي للمرأة. هذه الرؤية قد أدت إلی ــن مث يدعون إلی العالقات احلرة واحلب اجلس ومشيوع اإلباحية يف األدب والفن حيث نری املرأة يف معظم اللوحات السوريالية عنصرًا

Page 26: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٦٦ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

مشرتكًا لدی الفنانيني السورياليني وهم يصورون واقع جمتمعهم ويرونه كأنه قد خلی من القيم األخالقية ومل يبق فيه سوی الشهوة والالقيدية.

ــبة إلی السورياليني ــهوة وهو بالنس ــوريالية كان وجهًا آخر للش احلب يف رؤية الســيط للشعر يف رؤية أندرية بريتون ــعر، بل إن احلب هو الشكل األول والبس معادلًا للشــدي بني الرجل واملرأة ــم األدبية مكانة إهلية و«احلب اجلس ــك للمرأة يف أعماهل وكذلــهوة اجلارفة هو الذي يقود إىل املعرفة، ألن املعرفة وفق الرؤية املبين على الرغبة والشالسوريالية تتحقق عرب الرغبة وكما أنها حتقق املعرفة كذلك متنح اإلنسان كليته وحتميه من هول التناقضات والثنائيات املتعددة. لذا كان من املهم لدی السورياليني أن حيافظوا على ظهور احلب يف قصائدهم، خاصة مع املرحلة اليت أعلوا بها من شأن احلب ليكون مقام الدين بقداسته، وبالتايل أعادوا للشعر قداسته بتقديسهم للحب، ليصبح إىل جانب ــهوة من أهم عناصر الشعر السوريايل. وللمرأة حضور بارز يف القصيدة السوريالية، الشــوريايل وحدويته وكليته، خاصًة مع تقديس احلب واإلميان باإليروتيكا١ فبها حيقق الســوريايل باملرأة اهلدف ــث، واملعرفة وحتقيق الذات. وجد الس ــوريايل للبح كمحرك الســيلة، فاملرأة هي اليت تعيد للسوريايل براءته وطبيعته األوىل، وهي اليت متكنه من والوســية والشهوانية منها، وتساعده علی كسر التابوهات وولوج املناطق حتقيق الرغبة اجلنسالعذراء، لذا امتأل الشعر السوريايل باحلديث عن املرأة وتفاصيل جسدها، ومل يكن حلب ــود اآلخر املختلفـ املرأة، ــوريالية بوج ــتهائها بديل، إذ قالت الس الرجل للمرأة واش

ليكمل األنا يف واحد كامل.» (بيكر، ٢٠٠٣م: ٢٦٦-٢٧٠)ــة ــورياليون كل دين رفض هذه القداس ــد هاجم الس ــاس هذه الفكرة، ق علی أســهوانية واعتربوه مبادئ قدمية تقليدية جيب أن يهدم ويقوض ويؤسس بدل منه آخر الش

فوقه.ــروعًا ــال احلب وعالقة الرجل واملرأة يغدو املمنوع مباحًا ويصري احلرام مش يف جمــر ويريده وجيب أن يهدم كل مانع ــز أمام الوصول إلی ما حيّبه البش ــی أي حاج وال يبقــان ورغباته اجلنسية وهم عالوة علی الدعوة هلذه الدعارة يف عالقات أمام نفس اإلنس1. erotic

Page 27: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٦٧

ــفًا مليئًا باإلباحية والشهوة و«ال يستطيع الرجل واملرأة قد صوروها تصويرًا دقيقًا كاشأي مفكر أن ينكر دور األدب "الكشــوف" يف إفساد األخالق واحنرافات العواطف، إن الوصف الدقيق للجرائم اجلنسية وإحاطتها جبو من اللذة املجنونة، والشهوات العارمة، ــن، ومل يبق فيها غري ــرج بهذه عن دائرة الف ــرفًا، قد خ ــاح يف ذلك إحلاحًا مس واإلحلاإلثارة البشعة، فجسمت املشكلة جتسيمًا مبالغًا فيه، وأوقعت كثريًا من األغرار يف محأة ــية املؤرقة، ويف حضيض الكبت املعقد وعطلت طاقات مادية وروحية اخلياالت اجلنس

كثرية.» (الكيالين، ١٩٨٧م: ٥٧)ــًا هلذا األدب الكشــوف واإلباحية فهو ــالم موضعًا مناهض ــن نری موضع اإلس حنيرفض كل الرفض إثارة الشهوات وتهييج النفس بتوصيف الرغبات اجلنسية واللقاءات الشهوانية، فاملسلم امللتزم باملنهج اإلسالمي إميانًا وعلمًا وسلوكًا وممارسًة بغض الطرف عن مقدرته األدبية خيضع لقوانني الشريعة الراسخة يف كتاب اهللا الكرمي وحديث رسول

اهللا الشريف، كما أنه حيرص على أن يطيع ما أمر اهللا به، ويتحاشى ما نهى اهللا عنه.ــاك اختالف كبري بني احلب واجلنس. أما اجلنس فهو غريزة ملتهبة ولكن احلب فهنعاطفة روحية. واإلسالم ال حيارب احلب وال حيظر عليه، وكذلك ال يقتل غريزة اجلنس ــتهتار وإثارة ــح هلا أن تصري صعيدًا لإلباحية واالس ــمو بها وال يتي ــل هو يهذبها ويس ب

الشهوات.ــالم ــالمية فهو احلب اإلهلي و«إن العبادة يف اإلس أما احلب احلقيقي يف الرؤية اإلســوم علی احلب والتعاطف والتناغم (الوجداين) بني اهللا وعباده، ال علی الكره واملقت تقــان والصراع واإلرهاب، كما هو احلال يف عدد من الديانات الوثنيه حيث يتعبد اإلنســخطها.» (الكيالين، ١٩٨٤م: ــف) آهلته الغاضبة املتوعدة كيال تنزل به غضبها وس (اخلائ

(١٢٦

- العدمية واالضطرابــن مفهوم خفي ورؤية ــذه احلياة وكذلك البحث ع ــّل القلق مبعنی رفض ه قد احتجديدة عن النظم العاملي، مكانًة هامًة يف قلب تيار السوريالية (سيد حسيين، ١٣٩١ش:

Page 28: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٦٨ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــة من العدمية واالضطراب اليت ــيت حتمل يف طياتها كل ما يوجد يف الدادائي ٨٠٨) واللطاملا توجههم حنو االنتحار، إذ أصبح االنتحار مبدًأ هامًا لديهم. «ويتجافی مع اإلسالم، ــماوية، ما ُعرف به السرياليون من متجيد لالنتحار، ومن دعوة ومع غريه من العقائد الســه، وعّده خروجًا من ــالم، وجّرم فاعل ــه، بل جلوء بعضهم إليه، وهو مما حّرمه اإلس إلي

الدين.» (إبراهيم قصاب، ٢٠٠٥م: ١٢٨)ــتغراق ــاة والواقع إلی جانب اس ــرة املظلمة إلی احلي ــة الومهية والنظ ــذه الرؤي هــد أدت إلی ظهور العدمية ــعور بعيدة عن احلياة اليومية، ق ــورياليني يف عوامل الالش السيف األدب السوريايل وقد غلبت علی نتاجهم األديب رؤية تشاؤمية للمستقبل وللموت. ــون واحلياة وإزاء املوت ــالم إزاء الك أما من جانب آخر عندما نعاجل موقف اإلسومستقبل البشر فنری أن «القرآن الكرمي، والتجربة اإلميانية عمومًا، تسعی ألن حتّد أبصار اإلنسان إلی املستقبل القريب والبعيد، جنبًا إلی جنب مع التوجه صوب املاضي... وهذا النزوع املستقبلي، كما أنه يؤكد حركية اإلسالم علی املستوی العام، فإنه علی املستوی (الوجودي) اخلاص ـ إذا صّح التعبري ـ مينح اإلنسان فرصًة أخری ملّد حياته وإغنائها، وكســب رصيد زمين تتضاءل إزاءه السنون اخلمسون أو الستون أو حتی التسعون اليت ــان... وأي مستقبل هذا الذي يتواصل مع اإلنسان املسلم؟ إنه زمن حتسب عمرًا لإلنسمفتوح علی مصراعيه، ممتّد يف األبدية، ال تقّطع فيه وال حواجز وال زوال... إنها الرؤية اليت تلغي واقعة املوت من حسابها، متحّررة اإلنسان من عمره احملدود وتطلقه يف املدی عرب آالف السنني صوب يوم احلساب!! ويوم احلساب يف كتاب اهللا قريب بعيد... ومهما يكن من قربه أو بعده فإنه جييء مبثابة بدء لزمن اخللود الذي ال ينتهي أو ينعدم أبدًا... .»

(خليل، ١٩٨٧م: ١١٤-١١٥)و«من أجل هذا يغدو (التاريخ) يف القرآن الكرمي وحدًة زمنيًة، تتهاوی اجلدران اليت ــتقبل، وتتعانق هذه األزمان الثالثة عناقًا مصرييًا... تفصل بني املاضي واحلاضر واملســماء... قصة اخللقية يوم احلساب... ــماء... زمن األرض وزمن الس حتی األرض والس

ــريع بني ــرة يف (بانوراما) القرآن... فهذا االنتقال الس ــد النقطة احلاض ــي دائمًا عن تلتقاألزمان الثالثة يوضح حرص القرآن علی إزالة احلدود اليت تفصل بني الزمن باعتباره

Page 29: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٦٩

ــون حركة واحدة تبدأ ــع هلا الك ــة متصلة، فتغدو حركة التاريخ اليت يّتس ــدة حيوي وح

ــاة الدنيا فعل ــاب. إن احلي ــماوات واألرض وتتجه حنو يوم احلس ــوم خلق اهللا الس ي

ــكل من املاضي واحلاضر ويرتبط مبستقبل يوم احلساب الذي هو ــتمر يتش تارخيي مس

ــا القرآن وصفًا رائعًا ــان يف العامل... وهلذا يقدم لن ــة املصري النهايي لفاعلية اإلنس مبثاب

ــري، وبهذا التوافق بني املاضي واحلاضر ــز باحليوية والتدفق ملجری التاريخ البش يتمي

ــتقبل، وينقلنا خبفة وإبداع بني اآلونات الثالث حيث تذوب الفواصل واحلواجز واملس

وتسقط اجلدران.» (خليل، ١٩٩١م: ١٤)

ــالم ـ کما يقول عماد الدين خليل (خليل، ١٩٨٧م: ١١٦-١١٧) ـ مبوقفه هذا اإلس

ــان املسلم حريًة شاملًة ونوعًا من الشعور بالقدرة علی االستجابة لتحديات مينح اإلنس

ــوريايل ملوت مظلم وعدمية ــلم كاألديب الس ــوت واالنقطاع والفناء وال خيضع املس امل

مبهمة، فاإلنسان يف الرؤية اإلسالمية حي موجود إن يكن يف احلياة الدنيا أم يف احلياة

اآلخرة وإن ميِش علی األرض أم يسري يف السماء، فمّم خياف؟ وعالم؟

النتيجةارتبطت املذاهب األدبية يف معظمها بفلسفات وإجتاهات فكرية وتأثر مجع من أدبائنا

ــان بهذه املذاهب اليت تعكس الرؤية الفكرية املنطلقة من التصور الغريب للكون واإلنس

ــاة، دون اإلنتباه إلی الفوارق الثقافية واجلذور الفكرية املختلفة واإليديولوجيات واحلي

اخلاصة بها والعقائد والفلسفات املتعارضة اليت تنكر بعضها البعض علی مسار ما جری

من التحديات يف التقابل اإلسالمي والغريب.

ــة مبادئ السريالية كإحدی هذه املدارس ووصلنا إلی من هذا املنطلق قمنا بدراس

بعض النتائج من أّمهها ههنا ما تلي:

ــعور ــية إلی احللم والالش ــرياليون معتمدين إلی نظريات فرويد النفس ١ـ يلجأ الس

دون رقابة العقل واهلروب من الواقع، وإن كان هناك مشابهات كثرية بينها وبني الرؤية

ــالمي ال يريد اهلروب من ــة ولكن الدوافع والغايات خمتلفة متامًا. واملنهج اإلس الصوفي

Page 30: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٧٠ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

ــن احلياة علی ــاء وال يرتك اجلانب املادي م ــه ويقوده حنو اإلرتق ــع، بل يواجه الواق

حساب اجلانب الروحي، بل ينظر إلی الكون بعني االعتبار.

ــعور ــرياليون للوصول إلی الالش ــة فإن ما اعتصم به الس ــن الناحية اجلمالي ٢ـ م

واألحالم، غالبًا ما ال يؤّدي إلی اجلمال فيما يكتبونه، بل ال يتجاوز عن حدود اهللوسة

ــالمي ــة اليت ال تنتهي إلی اجلمالية، بينما اجلمال يف املفهوم اإلس ــات املضطرب واهلذيان

متجه حنو اخلري والكمال بسبب ارتكازه علی املقصدية.

٣ـ إّن السريالية تعتمد علی منهج فرويد يف التحليل النفسي، وهذا منهج نفسي وضعي

ــان واّدعی أن العقد اجلنسية املكبوتة يف ــد يقدم صورًة حيوانيًة غريزيًة عن اإلنس فاس

أعماق الالشعور هي احملرك األساسي للتصرف البشري، فتلته أزمات روحية وجنسية

ــذي خلقه اهللا ليكون خليفته يف ــان ال ــات الغربية. وهذا خيالف حقيقة اإلنس يف املجتمع

األرض وأشرف خملوقاته.

ــريالية تريد هدم كّل شيء، هدم الدين واملقدسات واملوازين وتنكر الرتاث ٤ـ الس

واملذاهب األدبية اليت سبقتها وتكفر بكل مبدأ. فلقد متّردت علی األديان لكنها مل تستطع

اإلتيان ببديل هلا.

ــيادته مبختلف الطرق منها ــعی إلی اخلالص من س ٥ـ احتقر هذا املذهب العقل وس

التنومي املغناطيسي، املجون، الدعابة والسخرية وتعاطي املخدرات واحللم مما ال ينتهي

بأصحابه إلی شيء سوی الدخول يف العبثية والومهية واليأس، بينما اإلسالم كّرم العقل

ــوره وآياته وجيعلها مناط التكليف الذي يقود إلی ــاد به يف كثري من س أّميا تكرمي وأش

معرفة اخلالق وإدراك عظمة الكون.

ــريالية مجيع احلواجز بني احلــب واجلنس وتعترب احلّب وجهًا ٦ـ لقد اجتازت الس

ــهوة فتدعو إلی العالقات احلرة واحلّب اجلسدي للمرأة. أّدت هذه القضية إلی آخر للش

ــالم ــاد األخالق واحنراف العواطف. أما اإلس ــيوع اإلباحية يف األدب والفن وإفس ش

ــريعة الراسخة يف ــلم ملتزم بقوانني الش فيدعو إلی مراعاة احلدود بينهما واألديب املس

ــالمية هو احلب ــريف. واحلب احلقيقي يف الرؤية اإلس ــوله الش كتاب اهللا وحديث رس

Page 31: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

املدرسة السريالية ومبادؤها؛ دراسة نقدية من رؤية إسالمية / ٧١

اإلهلي القائم علی التعاطف الوجداين بني اهللا وعباده.ــعور والدنيا احلاملة والتيه يف أودية اخلياالت والرؤی ٧-إن الولوج يف عوامل الالشــي بصاحبها إّال إلی ــة احلياة وعبثيتها اليت ال تنته ــريالية إلی عدمي املظلمة قادت الس

اإلنتحار، حيث جيعله مبدأ هامًا لديه وهو مما حّرمه اإلسالم وعّده خروجًا من الدين.

املصادر واملراجعالكتب

القرآن الكرميإبراهيم حسني الشاذيل، سيد قطب. (ال تا). يف ظالل القرآن. ج١. القاهرة: دارالشروق.

___________________. (١٤٠٣ق). منهج الفن اإلسالمي. ط ٦. بريوت: دارالشروق. ــة الغربية؛ رؤية فكرية وفنية. ط ١. بريوت: ــم قصاب، وليد. (٢٠٠٥م). املذاهب األدبي إبراهي

مؤسسة الرسالة. ــالمية. ط ١. دمشق: ____________. (٢٠٠٧م). مناهج النقد األديب احلديث؛ رؤية إس

دار الفكر.أدونيس، (التا). الصوفية والسوريالية. ط ٣. المک: دارالساقي.

ــريالية والشعر العريب احلديث. جملة املعرفة، العدد ٤٠٩. امساعيل دندي، حممد. (١٩٩٧م). السصص٧٧-٩٥.

ــورات احتاد الكتاب األصفر، عبدالرزاق. (١٩٩٩م). املذاهب األدبية لدی الغرب. لبنان: منشالعرب.

ــالم. املجلد الثالث. ط ١. عمان: ــه، عبداحملمد. (١٩٩٠م). نظرية األدب يف ضوء اإلس بوزويندار البشري للنشر والتوزيع.

بوهرور، حبيب. (٢٠١٤م). جتليات التحديث الفكري يف الشعر األوريب احلديث. جملة مقاليد. العدد السابع. صص١٧-٣١.

ــب. الكرمل. فصيلة ــيد بوطي ــوريالية. ترمجة رش بيكر، هريربت. (٢٠٠٣م). اإليروتيكا والسثقافية. العدد ٧٦-٧٧. صص ٢٦٣-٢٧٤.

پرويين، خليل. (١٣٨٩ش). نظريه ادبيات تطبيقی اسالمی: گامی مهم در راستای آسيبزدايی از ادبيات تطبيقی. جمله اجنمن ايرانی زبان و ادبيات عربی. مشاره ١٤. صص٥٥-٨٠.

ــگاه حوزه و دانشگاه. (١٣٨٨ش). مكتبهای روانشناسی و نقد آن (١). چ٧. طهران: پژوهشانتشارات مست.

ــيكولوجية اإلبداع يف احلياة. ط ٢. بريوت: الدار العربية ــماين، عبدالعلي. (٢٠٠٠م). س اجلس

Page 32: ﺔﻴﻣﻼﺳﺇ ﺔﻳﺅﺭ ﻦﻣ ﺔﻳﺪﻘﻧ ﺔﺳﺍﺭﺩ …roc.kiau.ac.ir/article_541198_21e6b6663a00be84e90b59abf9cea281.pdf · ﺵ١٣٩٧ ﻊﻴﺑﺭ ،٢٩ ﺩﺪﻌﻟﺍ

٧٢ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٨، العدد ٢٩، ربيع ١٣٩٧ش

للعلوم.احلاوي، إيليا. (١٩٨٣م). الرمزية والسريالية يف الشعر الغريب والعريب. ط٢. بريوت: دارالثقافة.

خليل، عماد الدين. (١٩٩١م). التفسري اإلسالمي للتاريخ. بريوت: دارالعلم للماليني. __________. (١٩٨٤م). مع القرآن يف عامله الرحيب. بريوت: دار العلم للماليني.

ــالمية معاصرة. قطر: دار ــوار يف املعمار الكوين وقضايا إس __________. (١٩٨٧م). حالثقافة.

__________. (١٩٩٢م). قالوا عن اإلسالم. الرياض: الندوة العاملية للشباب اإلسالمي.__________. (٢٠٠٧م). مدخل إلی نظرية األدب اإلسالمي. بريوت: دار ابن كثري.

زرشناس، شهريار. (١٣٨٩ش). پيش درآمدی بر رويكردها و مكتبهای ادبی. دفرت دوم: عصر ــم تا ادبيات پسامدرن. چ٢. طهران: سازمان انتشارات پژوهشگاه فرهنگ و انديشه رئاليس

اسالمی.سيد حسينی، رضا. (١٣٩١ش). مكتبهای ادبی. ج ٢. چ١٦. تهران: انتشارات نگاه.

ــرب والغربيني. الکويت: ــة والنقدية عند الع ــاد. (١٩٩٣م). املذاهب األدبي ــكري، حممد عي شاملجلس الوطين للثقافة والفنون واآلداب.

مشيسا، سريوس. (١٣٩٠ش). مكتب های ادبی. چ٧. طهران: نشر قطره.صاحل، أمني. (٢٠١٠م). السوريالية يف عيون املرايا. ط٢. لبنان: دار الفارايب.

الطاش، عبدالقادر. (ال تا). أزمة احلضارة الغربية والبديل اإلسالمي. المک: النا.العبدالنيب، أمحد عبداهللا. (٢٠٠٥م). التكعيبية والسرييالية .. دراسة مقارنة. جملة الواحة. السنة

احلادية عشر. العدد ٣٩. صص٢٥-٣٦.ــک: املركز العريب ــة يف الرتاث النقدي. الم ــعر دراس ــور، جابر أمحد. (التا). مفهوم الش عصف

للثقافة والعلوم.ــعر العريب املعاصر يف مصر. جملة إبداع. العدد ٣. مصر. القط، عبد القادر. (١٩٩٦م). رؤية للش

صص٨-١٩.الكيالين، جنيب. (١٩٨٤م). اإلسالمية واملذاهب األدبية. بريوت: مؤسسة الرسالة.________. (١٤٠٧ق). مدخل إلی األدب اإلسالمي. ط١. قطر: كتاب األمة.

املقاالتندا، طه. (١٩٩١م). األدب املقارن. ط٣. بريوت: دارالنهضة العربية للطباعة والنشر.

هدارة، حممد مصطفی. (١٩٩٠م). دراسات يف األدب العريب احلديث. ط١. بريوت: دارالعلوم العربية.