ةــــــــــــــــــــریئالجزاة ــــــــــــــــــــالجمھوری

ةـــــــــــــــبیة الشعــــــــــــــــــالدیمقراطی

و البحث العلميالعالي ة التعلیم اروز جامعة وھران للعلوم اإلنسانیة

كلیة العلوم اإلنسانیة و الحضارة اإلسالمیة

قسـم العلـوم اإلسالمیة

في العلوم الشرعیة شھادة ماجستیرمذكرة تخرج لنیل -فقھ و أصول : تخصص -

عالموضو

قاعدة مراعاة الخالف و أثرھا في الفقھ اإلسالمي

:إشرافحتت :الطالبتقدمي

أحسن زقور.الدكتور العید عباسة

2007 - 2006 2005

بسم اهللا الرحمن الرحیم

:

فلوال نفر من كل فرقة منھم طائفة لیتفقھوا في الدین ﴿

.﴾إلیھم لعلھم یحذرونولینذروا قومھم إذا رجعو

]122:التوبة[

» «

)رواه البخاري ومسلم(

شكر و تقدیر

–

–

مقدمــــــــــة

م بســــم اللــه الرحمـــن الرحیــــ

صحبه وله وعلى آ لصالة والسالم على خامت أنبيائه،او ،احلمد هللا على مجيع نعائمه .أوليائه و

بعد يف حياته و اإلنسان ا سعادة ربط اهللاشريعة خالدة، شريعة اإلسالم نإف بعـد، أماسهل على اتهدين معرفة كلية ا ت صول الشريعة قواعدأ ن جعل يفأومن رمحته بعباده ،مماته .، دين صاحل لكل زمان ومكانسيما والدين اإلسالميكام كل ما يستجد من احلياة، الأح

و حادثة تستجد حكما يفهم من أن جيدوا يف شريعتهم لكل جزئية أاملسلمني ال يعجزهم نأو يف روح الشريعة يستنبط بطريق التأملو أ عليه وسلم،رسول اهللا صلى اهللا و سنةأكتاب اهللا يف املستقبل رو ستظهأن حكما لكل حالة ظهرت تضم قد انه وتعاىلحكتاب اهللا سبكيف ال و

قواعدها حكام الشرعية وصول األأليه العلماء املتخصصون يف دراسة إيتوصل أو البعيد القريب .الكلية درك ذلك جليا يف قوله تعاىلن : ﴿

﴾ ] 83, 82: النساء [

يانا السنة املطهرة زادت األمر ب نإف الشرعية، ن الكرمي بأمهية استنباط األحكامآكما نوه القروإىل اليمن قال معاذاراد أن يبعث أفيما رواه أبو داود بسنده أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ملا

مل جتد يف فإن« :قال ،قضي بكتاب اهللاأ :قال » كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ « :لهة رسول نفإن مل جتد يف س «: قال- اهللا عليه وسلم صلى - سنة رسول اهللا بف: قال »اب اهللا ؟كت

مقدمــــــــــة

فضرب رسول اهللا لو،ي وال آأيجتهد رأ: قال »وال يف كتاب اهللا ؟ -صلى اهللا عليه وسلم - اهللا رسول اهللا ملا يرضي احلمد هللا الذي وفق رسول« :صدره وقال -صلى اهللا عليه وسلم -

لوه قبأن أهل العلم قد ت": واملتفقه الفقيه " ال فيه اخلطيب البغدادي والذي ق .»رسول اهللاأليب -رضي اهللا عنه –كما جاء يف كتاب عمرصحته عندهم،واحتجوا به فوقفنا بذلك على

وال مينعك قضاء قضيته اليوم، فراجعت فيه نفسك، وهديت :" موسى األشعري قاضيه على الكوفة ".احلق قدمي، ومراجعة احلق خري من التمادي يف الباطل فيه لرشدك أن ترجع إىل احلق، فإن

قصدها األعظم هو جلب نأو، الشريعة وضعت ملصاحل العباد نأيضا أومن املعروف ،هذا الواحد، ة وختتلف يف األمرتربن تتعارض املصاحل املعألكن كثريا ما حيدث رء املفاسد،دواملصاحل

فاحلكم هنا هو يف اجلهة املقابلة، فتتحقق مصلحة ما يف جهة معينة بينما تتحقق مصلحة أخرىا بالنسبة للمجتهد ا قويوقد يكون هذا الترجيح جلي. ارضةعتاد الترجيح بني هذه املصاحل املاعتم

ن يتحقق ترجيح ال يسقط معه ألكن ميكن صلحة املرجوحة موقعا وال اعتبارا،حبيث ال يرى للمن أ حيتمل –و مصلحة ما أ –اعتبار اجلهة املرجوحة كلية فريى اتهد يف هذه اجلهة معىن ما

إعطاء ىل إعمد الفقيه حبيث ي أ من هذا االحتمال،تنش" مراعاة اخلالف"و ا للشارع،يكون مقصودىل ختريج الفتوى بناء إد مو يع، أثرهأشيئا من - املرجوحةالذي حيقق املصلحة –الدليل املخالف

".. يف هذا املعىن يقول الشاطيب . فقهعلى و ذا كان عمل املكلف قد مت، إعلى هذا الدليل املرجوح, خرىمتعلق باأل قصد الشارع نأ: أن يقالخرى فيمكن حدى اجلهتني على األإن ترجحت ا إمأوتهد د اناجلهتني معا ع أن: ن يقال أميكن و ن متعلقا باألخرى ملا صح الترجيح،ذ لو كاإ

ما كلفنا مبا ينقدح نإوحنن . املقصودة للشارعن تكون هي واحدة منهما حيتمل أ كل ذإ معتربتان،ال –ن ترجحت إو –فالراجحة .مريف نفس األ هال رمبا هو مقصودو ه مقصود للشارع،دنا أنعن

–يف التكليف حرطهذا اإلمكان م أن إال هي املقصودة للشارع، مكان كون اجلهة األخرىإتقطع د طائفة قاعدة مراعاة اخلالف عنومن هنا نشأت . يف النظر حرطعند تساوي اجلهتني وغري م الإ

...."من الشيوخ

مقدمــــــــــة

ة يف ين معرفة أحكام املسائل املستجدالكلية اليت يسهل ا على اتهدومن القواعد هذا،آلخر، ايقوم على احترام وجهة نظر صل عريق ، قاعدة أصيلة وأ"مراعاة اخلالف "قاعدة : احلياة

.ل الفعلمآ والنظر إىل كم،واعتبار قول املخالف، ومالحظة آثار احلاملالكية عدق، ويبني متوسع ومضي"مراعاة اخلالف "واتهدون متفاوتون يف األخذ بأصل واعتمدوه يف تعليل األحكام وختريج اشتهروا بهو .أكثر املذاهب أخذا به حىت عدوه من أصوهلم

اخلالف، أو اخلروج من الفروع، وال يكاد خيلو كتاب يف الفروع أو األصول من ذكر مراعاة .اخلالف

واملذاهب األخرى وإن أخذت مبراعاة اخلالف فهي مل تبلغ مبلغ التأصيل، أما املالكية فقد جعلوه أصال ثابتا من أصوهلم، وأعملوه قبل وقوع فعل املكلف، فكان ذا املعىن خروجا من

.اخلالف كمسلك احتياطي، كما اعتربوه بعد الوقوعاعلم أن مراعاة اخلالف من حماسن هذا املذهب، ف: "ة اخلالفمراعا قال القباب عن

ابتداء بالدليل الذي يراه أرجح، فإذا وقع العمل على مقتضى –أي اإلمام مالك –فيقول ".الدليل من القوة اليت مل يسقط اعتبارها يف نظره مجلة االدليل اآلخر، راعى ما هلذ

جديد يف نفس الواقعة أو الفعل لكن بأحكام خمتلفة فمراعاة اخلالف بعد الوقوع اجتهاد .تناسب الواقعة ومالبساا

أما اخلروج من اخلالف كمسلك احتياطي فقد أخذت به مجيع املذاهب الفقهية، وليس .مزيد اختصاص –إن صح التعبري –للمالكية

اعدة الثالثة عند حديثه عن الق" مراعاة اخلالف " عرض ملسألة - رمحه اهللا -والشاطيب اليت تتفرع عن النظر يف املآالت، وقد كان غرضه من ذلك هو أن جيعل أدلة األحكام مبوأة خلدمة

اتهد عليه أن أن -رمحه اهللا–تنبيها منه الضرر عنهم، ورفع مصاحل املكلفني بتحقيق العدل هلم،ن امية، وذلك بأاف الشارع السهدعلى فروعها اجلزئية أ يستحضر أثناء إجرائه الكليات األصولية

ء الذي ع احليف والضرر عن املكلفني الشيورف ألحكام حتقيق العدل،اقيامه باستثمار يتحرى أثناء ة األحكامدليستدعي النظر يف املآالت املترتبة على استعمال أ" اعاة اخلالفمبر "العمل على أن يدل

.تها اليت تعترب مراعاة اخلالف دليال من أدلو

مقدمــــــــــة

ىل حماولة التوفيق بني إهو سعيه ألة،يب إسحاق خبصوص هذه املسمن كالم أ ومما يستشفبني ما يترتب عنه و ما يترتب عن دليل احلكم بغض النظر عن الطوارئ وخصوصيات األحوال

االقتضاء ) مهاحدأ: (ا على وجهنيذلك اعترب اقتضاء األدلة لألحكام بالنسبة إىل حماهللبالنظر إليها ؛االقتضاء ) الثاين(و .ضافاتإلاجمردا عن التوابع و األصلي قبل طروء العوارض وهو الواقع على احملل

ضافات مع اعتبار التوابع واإل هو الواقع على احمللبعي والت. ء واالقتضا ن،ق مبعيا ال يتعلصلي عامبني احلالني أن جعل االقتضاء األوقد ترتب عن متييزه

التىذا ا يرتبط بالنظر إىل احلادثة بعد وقوعها؛ فإبعي خاصاال أدمبقتضى الدليل مسك ستمرار يف الترفع الشارع إىل دآخر يستدعي استحضار قص ضرر باملكلف صار للمسألة نظر صلي إىل إحلاقاأل

.فني دفع املفاسد عن املكلاحليف وتقتضي احلكم األدلة املتعلقة مبواقعة املنهيات أن : لةيف املسأ -رمحه اهللا –وحاصل كالمه

ار يف التمسك مبقتضى االستمر نوالفساد، فإذا رأى اتهد أ عليها باحلظر، وعن مترتباا بالبطالنقصد الشارع يف نصب األدلة الشرعية عمل مناقضة إىل يىل ما بعد الوقوع يؤدهذا الدليل إ

.حاالت اخلصوصيات الفردية يتالءم وطبيعة الوقائع اجلزئية، و ليلكد "مراعاة اخلالف"بقاعدة يف املسائل وكذا من جهة خصوبتهاهاته القاعدة من جهة أصلها هذا األصل أوولتجلية

مشكالت الفرد واتمع يف اإلسالم حلو – وليس مواجهته - فردية وقدرا على توجيه التطورالن د خطاي، وأأن يسد جلو عز بحث راجيا من املوىللغمار هذا اومقاصده الشرعية، أخوض

الكتابة يف علم خيفى على طلبة العلم والباحثني أنال ه صعاب ما بدا يل منها وما غاب؛ ألنل اليذلووجود ، وعموم قواعده واتساع تطبيقاته،هتمصطلحاة لدق نا،ا هيصول الفقه ليست أمرأ

. ناعصرىل وبقائه إ االختالف يف أدلته، وتبسيطها رعية إىل األذهانىل تقريب العلوم الش، وقد اجتهت الدراسات املعاصرة إهذا، مث ايفريعة الصعني الشر بذلك جذب ذوي االختصاصات املختلفة لينهلوا من مسلإلفهام، ليتي

صر طلبات العريعة جلميع متبراز مشول الشمن خالل إ ىل الناسليشاركوا يف إظهار كنوزه إ .املستقبلة ومقتضياته احلاضرة و

بعض الباحثني اجتاه - عين جهود تقريب العلوم الشرعيةأ –ن مما يدخل يف هذه اجلهود وأاملختلف فيها، وحماولة القواعد األصوليةو ىل دراسة األدلةيف أطروحتهم ودراستهم اجلامعية إ

يصبح من السهلاء وتتبع ما أمكن، وعلى استقر ته مبينن صحترجيح يغلب على الظالوصول إىل

مقدمــــــــــة

اإلسالمي خرى حىت يكمل االنتفاع بالفقهمجع الناس على حكم واحد فيها، أو دراسة مسائل أ .اس منشرحة لبعضهم البعضور الندصيف مجيع أوجه احلياة، أو يبقى اخلالف و

سباب اختيارهعلمية والعملية ملوضوع البحث وأاألمهية ال :

، وذلك يف تربية الناس -مراعاة اخلالف-صل ذا املوضوع يف إبراز منهج هذا األهتكمن أمهية -1حول الذات، وعدم االكتراث والطواف جر على عقول الناس وآرائهم،احلبنبذ التعصب املذموم و

فهمه وضعفت تربيته، إال عمن قل رعمل شنيع ال يصد، ولق بغيضي اآلخر فذلك خبالرأذهان على على توطني األ والعمل أيضا ؤن،علماء اتهدون من ذلك مربالواألئمة املخلصون وتنا ال طاقحوحىت تهم عليها، أغلب املسلمني أو فق سائرن يتاليت ميكن أ البحث عن األسس

.عن اهلدم حنو البناء وكفاءتناي د يراعـفق يقا جلملة من املفاهيم الكلية يف آن واحد،صل مراعاة اخلالف تطبكما يعترب أ -2

وهلذا الفعل، و نظرا ملا يؤول إليهاستحسانا، أ لذريعة أوا و سداتهد قول املخالف ملصلحة، أ .ن يكون جمتهدايراعي اخلالف أ يشترط يف الذي

هب املنهج االجتهادي للمذسالمي عموما ويضا من هذا البحث هي جتلية قوة الفقه اإلوالغاية أ -3خلصوبة ة املرونـة واحليوية واها خباصياملالكي خصوصا، وذلك لتعدد أصوله وقواعده، مع اتسام

راء ذلك مل يقع رد اآل نن وتغري األعراف، وأيف املسائل الفرعية اليت تالئم اختالف الزمااألهواءخصية والش ما كان وفقا لقواعد والفردية، وإنا للبحث وطرق أصول وضعها الفقهاء مناهج

صول لعلماء الفقه واأل ا يعترب مفخرةواالستنباط مم. :ها من أمه سبابأو كان الختيار هذا املوضوع دوافعوقد

عامل مع كل هذه كيف نتدت عن املستحدثات من األمور وحة اليت تولالضرورة املل:أوالرت واملعطيات العلمية اليت وف ديثة املتطورةعصر التقنيات احل املتغريات، خاصة يف عصرنا احلاضر،

د هلم الطريق يف االستنتاج واالجتهاد الوقت والتفكري مبا ميهللباحثني واتهدين الكثري من اجلهد و .صول الفقه و قواعده مستفيدين من علم أ

مقدمــــــــــة

ال يزال كان و ،الذي تبىن عليه القواعد األصولية "يل آاملالعقل املقاصدي و "ن بناء لذلك فإ هذا را كنموذج لتطبيق هذه الفكرة واخت" مراعاة اخلالف"قاعدة و حتما الزما على كل جمتهد،

.البناء كما -الذي ، "اعتبار املآل "هلا عالقة ووجه اندراج بأصل ) مراعاة اخلالف(ن قاعدة أ مباو :ثانيابأ-رمحه اهللا-بو إسحاق الشاطيب ر عنه شيخ املقاصد أعب ،ردت أن أبني ه معترب مقصود شرعا، فأن

هذا ثربفن املقاصد، وأ صلني وعالقتهما أيضاعالقة وهذا االرتباط بني هذين األوجه هذه الالواقع و املتوقعاملذموم الحم يف نبذ اخلالف الت..

راسةحتديد إشكال البحث وحدود الد: :تية اآل األسئلةيظهر إشكال البحث بطرح

ما هو وقت مراعاة اخلالف ؟ هل يراعى كل خلف قد وجد ؟ وو مراعاة اخلالف ؟ ما معىن -1له العمل مبراعاة اخلالف ؟ ومن حيق...

ف ؟ اخلالاة وهل انفرد املالكية بالقول باخلروج من اخلالف ؟ وما هو الفرق بينه وبني مراع -2 ملالكي ؟اصول املذهب وما موقع مراعاة اخلالف بني أ

–و رجحانه على األقل أ –صل عن الدليل الذي يعتقد صحته كيف يتنازل القائل ذا األ -3 ؟- قل أو مرجوحيته على األ –يعمل بدليل يعتقد بطالنه وجعلوا من -رمحهم اهللا تعاىل-رشد وغريمها كالقرايفابن الغزايل و لة أخرى هي أنومسأ -4

ي ـه –جوازها وعدمه يف أي -ر املختلف فيهامواأل أن اخلروج من اخلالف بناء على الورعفيكون من الورع واتقاء الشبهات اليت جاء يف احلديث احلث على اتقائها، بهاتن الشـوع مـن

. ترك ما اختلف فيه اخلروج من اخلالف بشريعة من ا من الا كبريسمننا سنجعل قمنها أ: وصعوبات ي يؤدي إىل إشكاالتوهذا الرأ

كبري الذي ومنها احلرج ال ،ما هي استثناءات يف الشريعةنأن املتشاات إ تشاات، مع العلماملالعسري منفي عن الشريعة و واحلرج الكبري، فيه املكلفون من أجل أن يكونوا ورعنيسيقع

؟ ...قطعا يربى به الناسيف سلوك املراعي للخالف ؟ وكيف " رعي اخلالف"ما مدى تأثري مسلك -5

عصب املذموم فيهم ؟ويعاجل داء الت ...

مقدمــــــــــة

منهج البحث : اد تقدير يكو عليها الباحث،مور األساسية اليت حيرص األوضوح املنهج يف البحث من يعد

ا غالبا ما يكون تنظيم معلومات الرسالة ملفت؛ وكرب يف تقدير قيمة البحوثاملنهج يستقل باجلزء األرجة األوىل من الد –املنهج يف تنظيم املعلومات –اجلانب هذا حيتل ناملرء ليعجب أ لالنتباه، وأن

فمن خالل طريقة استعمال ة فيه، جوانب اجلدمن هضم املوضوع، و أكثرالتدريب العلمي هذافااللتزام بعمل علمي يفرض .ى قدرة الباحث، وملكته العلميةاملعلومات يف موضعها الصحيح تتجل

.املعترف ا علميا ، وبعةالطرق املت اعبتا .ما حاولت قدر االستطاعة أن أكون كذلكوإن..... وال أدعي القدرة وامللكة

: كاآليت - شاء اهللا نإ -بع يف هذا البحثيكون املنهج املت وعليه، موقعها بني أصولو" مراعاة اخلالف"ة مث االستنتاجية يف بيان مدلول صيلية التحليليأالدراسة الت -1

الستقرائية يف تتبع بعض املالكي بوجه اخلصوص مث الدراسة ا صول املذهبهب عموما وأاملذاجة عن مراعاة اخلالف الفروع الفقهية املخر.

متمثل يف متسلسل سلوب منطقيحيحا، يف أاحلرص على استعمال املعلومات استعماال ص -2 :تية العناصر اآل

مثلةباألالقضايا املعروضة وكذلك تأييد –اهلادئة املناقشة–أسلوب العرض املنسجم . املطلوبةائج النت النتيجة، أو قصدا للتوصل إىلواهد، الشو :االلتزام بالطريقة العلمية يف -3 .يات إىل مواضعها يف كتاب اهللا عزو اآل* .ى طريقتهم علوثني دربة عند احملتاملصادر املع ختريج األحاديث الواردة يف البحث من *

لكي املتبين للعمل ذه داخل املذهب املارين وغريهم املفسكالم الفقهاء واألصوليني وعزو * .اإلحالة على املرجع املنقول عليه الإو أمكن،ىل أهله يف كتبهم ما إ القاعدة واملذاهب األخرى،

ل ئج املتوصحث، ويف النتامعايشة الواقع، وذلك يف اختيار األمثلة والتطبيقات الواردة يف الب -4 .الفساد للتشتت ولب امسامهة يف عالج داء التعصب والعناد اجلمة للاملقترحات املقدإليها، و

مقدمــــــــــة

الدراسات السابقة يف املوضوع: قد تناولته كتب الفقه اإلسالمي صل من األصول الكلية أ –مراعاة اخلالف –موضوع نإ املدونة :"ثرة منها، نذكر على سبيل املثالقة ويف جزيئات متنابواب متفرالقدمية يف أ أصولهو

اإلشراف على " و"كتاب املعونة" يد القريواين، والبن أيب ز" الرسالة " ولإلمام مالك، " الكربىالبن رشد اجلد، " البيان والتحصيل "كالمها للقاضي عبد الوهاب، و" نكت مسائل اخلالف

...ليحي الونشريسي، وغريها كثري" املعرب املعيار" الربزيل، و" فتاوى"و : اطلعت على حبثني احلديثة منها فقدأما

محد لألستاذ حممد أ]مراعاة اخلالف عند املالكية وأثره يف الفروع الفقهية :[ ـوسم ب: األول .شقرون مراعاة اخلالف يف املذهب املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهب : [ـ وسم ب :والثاين

البحوث للدراسات حممد األمني ولد حممد سامل بن الشيخ الباحث بدار للدكتور،] عده وقوا قد استفدت كثريا من هذين البحثني،و .حدةمارات العربية املتالتراث بدولة اإل إحياءو اإلسالمية

ه،البحث الستجالء ما مل يدرجا هذا يف يحرتالزيادة دفعين إىل الشيء الذي زاد يف عزمييت وت وتعاورت داألدلة كلما تعاض ن؛ ألتطعيمه بزيادة أدلةتوضيح ما استغلق من كالمهما وو

.اليقني تفيد القطع و أصبحت : يقف على املالحظات اآلتية –خاصة القدمية منها –الناظر يف هذه الدراسات وأن

ذه تبني للعمل داخل املذهب املالكي امل خاصة ،االختالف يف تأصيل القاعدة من عدمه - 1 اتهد القياس الشرعي جيري فيه القول بأن رعي اخلالف خمالف للقياس الشرعي؛ ألنالقاعدة، و

ه يقتضي عدم جريانه على مقتضى دليله، مما فإن" رعي اخلالف " على مقتضى دليله، خبالف ان، ودحض كل ما هو من والربهوة يف احلجة يستدعي النظر الدقيق يف املسألة وإنصافها مبيزان الق

. األوهام ،"اخلروج من اخلالف"و "مراعاة اخلالف "أيضا يف ضبط مسمى القاعدة بنياالختالف - 2

والبعض اآلخر جعلها امسا ) صاحب احلدود الفقهية ( ق بني املصطلحني كابن عرفة فبعضهم يفرهذا الدليل مما يستدعي أيضا ضبط الشاطيب، سهم أبو إسحاقى واحد على رأملسم .

مقدمــــــــــة

.فيما يلي عرض خطة البحث بشيء من التفصيل

] قاعدة مراعاة اخلالف وأثرها يف الفقه اإلسالمي[

.نيلمقدمة و متهيد وفص مقسمة إىلتكون خطة البحث ارتأيت أن

املقدمة:

البحث شكاالت كما حددت إسبب اختياري له، وضوع وأمهية املذكرت فيها .منهج الدراسة وحدود الدراسة، وما كتب فيه قبل هذه املذكرة، و

فيه مبحثان و : الفصل التمهيدي. وموقف العلماء ، أنواعهوعيته ومشرختالف يف الفروع الفقهية، نشأته واال :املبحث األول

: ربعة مطالب وفيه أ. منه نشأة اخلالف الفقهي :ألولاملطلب ا. مشروعيته :املطلب الثاين. أنواعه، وأهم أسبابه: املطلب الثالث. موقف العلماء منه: املطلب الرابع.

وفيه مطلبان بينها،وقع مراعاة اخلالف أصول املذهب املالكي وم :املبحث الثاين : أصول املذهب املالكي :املطلب األول. مراعاة اخلالف بني أصول املذهب املالكي مرتلة :املطلب الثاين.

يتها : الفصـل األولمعىن مراعاة اخلالف ومذاهب األصوليني يف حج. : تناولت ذلك يف مبحثنيو

مقدمــــــــــة

.معىن مراعاة اخلالف :ملبحث األولا • :ثالثة مطالب وفيه

معىن مراعاة اخلالف لغة واصطالحا :املطلب األول. القواعد الفقهية ويف أيهما ميكن تصنيف و وليةالفرق بني القواعد األص: املطلب الثاين

.مراعاة اخلالف اخلروج من اخلالفالفرق بني مراعاة اخلالف و :لثاملطلب الثا.

".مراعاة اخلالف"األصوليني يف حجية مذاهب :املبحث الثاين • :وفيه ثالثة مطالب

لموقف علماء املالكية من العمل مبراعاة اخلالف ومستندهم يف ذلك :املطلب األو. العمل مبراعاة اخلالفوشروط ضوابط :املطلب الثاين . ىاملذاهب األخر عضبحكم مراعاة اخلالف عند املالكية وموقف :املطلب الثالث

.منها تهد واملفيت الفقه اإلسالمي ويف عمل أثر مراعاة اخلالف يف : الفصل الثاينا .

: و فيه مبحثان باب النكاح –الشخصية يف األحوال" مراعاة اخلالف " اعتبار ثرأ : املبحـث األول-

.منوذجا أ تهد واملفيت الف يف عملأثر مراعاة اخل :املبحث الثاينا.

:اخلامتــة .هم نتائج البحث و فيها عرض أل

ء جال، فقد سبقين إليه علماء أولقد استعنت خبربات السابقني حني كتابيت هلذا املوضوعبه خري اجلزاء طالي وعن العلم وفجزاهم اهللا عن.

الىل نفسي و، وال يكلين إأحبها إليهو قين خلري األعماليوفد خطاي وسدسأل أن يأاهللا وة إال باهللا وال قو لصا لوجهه الكرمي، وال حولن جيعل عملي خاأحد من خلقه طرفة عني، وأ إىل

صلى اهللا وسلم احلمد هللا رب العاملني، و خر دعوانا أنوآ. و هو حسبنا ونعم الوكيل,العلي العظيممني آ....يوم الدين ودعا بدعوته إىلومن تبعه أصحابهحممد وآله و دناعلى سي.

الفصل التمھیدي

: و فيه مبحثان

الفصل التمھیدي

مل يكن إالتمنون لوالناس يالف الفقهاء يف املسائل نقيصة، واخت قد يتوهم البعض أن

ذهبون إىل أبعد من هذا فريون أن اختالف املذاهب قد يوهم تناقضا يف رمبا يمذهب واحد وتشريعي، هيهات ما يظنون، إن االختالف الشائن املستكره الذي ليس له يف األمة إال املصدر ال

فقهية الفرعية ا االختالف الوارد يف األحكام الأم.)1(عقائدالسيئات اآلثار إنما هو االختالف يف التوسعةهو من باب فهو من املفاخر، وهو دليل على حيوية الفقه وصالحيته لكل زمان ومكان، و

حب أن أما "-رمحه اهللا تعاىل-عدم احلرج عليها، هلذا قال عمر بن عبد العزيزعلى األمة وه لو كان قوال واحدا لكان الناس الخيتلفون؛ ألن -صلى اهللا عليه وسلم–أصحاب رسول اهللا

قول القاسم ، و)2("هم أئمة يقتدى م، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان سنةو إن يف ضيق،يف العمل، ال -اهللا عليه وسلم صلى–لقد نفع اهللا باختالف أصحاب رسول اهللا " :)3(بن حممد

معىن هذا ، و)4("رأى أن خريا منه قد عملهرجل منهم إال رأى أنه يف سعة، و يعمل العامل بعململ يفتحوه لكان اتهدون يف هم لوجواز االختالف فيه؛ ألنأم فتحوا للناس باب االجتهاد و

.)5(ضيق

ث إسالم آباد، معهد األحبا:باكستان(للطحاوي،" اختالف الفقهاء"مقدمة الدكتور حممد صغري حسن لكتاب : ينظر -)1(

).هـ1391اإلسالمية، ، قدم له و علق عليه حممد )و ما بعدها 2/301(جامع بيان العلم و فضله البن عبد الرب: هلذه اآلثار و ما يف معناها: ينظر -)2(

).2/218(صام للشاطيبعتاال.عبد القادر أمحد عطاما رأيت أعلم : قال أبو الزناد. اءالسبعة باملدينةهو القاسم بن حممد بن أيب بكر الصديق أحد كبار التابعني، و أحد الفقه -)3(

).8/290(التهذيب: ينظر).هـ106:ت(بالسنة منه .ينظر املصادر السابقة -)4( ).2/119( )م2002-هـ1422دار الفكر -ط: بريوت( االعتصام، للشاطيب -)5(

الفصل التمھیدي

.نشأة اخلالف الفقهي: املطلب األول

ترك ألمته شيئني ولبى نداء ربه، و إىل الرفيق األعلى،-السالمعليه الصالة و-انتقل الرسول خلفه، ال مني ال يأتيه الباطل من بني يديه وكتاب اهللا الكرمي الذ: ما إن متسكوا ما لن يضلوا

ه على ما تيسر من وسائل الكتابة آنذاك، وسنته مكتوبا يف مجيعتركه حمفوظا يف الصدور، و مل يكتب منها إالإن كان و -رضوان اهللا عليهم-صدور أصحابهالشريفة تركها حمفوظة يف

.)1(القليل كتاب اهللا: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما متسكتم ما« :السالمقال عليه الصالة و

يف حياته، يف سفره وحضره، ابا له عاشروهصحك ألكنه على جانب هذين ترو. )2(»سنة نبيهومقتضياته، شاهدوا أفعاله، واستمعوا إىل أقواله، وشاهدوا نزول الوحي، واطلعوا على أسبابه وو

سنة مور من خالل كتابه وما جيد من أفحصل هلم من ذلك ملكة فقهية يتعرفون ا حكم اهللا يف .)3(صلى اهللا عليه وسلم-نبيه

: "طبقات الفقهاء"كتابه يف)4(أبو إسحاق الفريوزآبادي الشريازي قال الزموه كانوا فقهاء، ن صحبوه والذي -صلى اهللا عيه وسلم-أن أكثرأصحاب رسول اهللاعلم «صلى اهللا -خطاب رسول اهللا حق الصحابة خطاب اهللا عزوجل، وذلك أن طريق الفقه يفو

، على أسباب مقد أنزل بلغتهعزوجل هو القرآن، و ، وما عقل منها، فخطاب اهللا-عليه وسلمهلذا قال أبو ، وهمعقولصص كانوا فيها، فعرفوها مسطورة ومفهومة، ومنطوقة وقعرفوها و

مل ينقل أن أحدا من الصحابة رجع يف معرفة شيء من القرآن إىل ": ااز"عبيدة يف كتاب

، 7مؤسسة الرسالة، ط(ى سعيد اخلنأثراالختالف يف القواعد األصولية يف اختالف الفقهاء للدكتور مصطف:ينظر )1(

.35، ص)م1998/هـ1418-دار الفكر.ط:بريوت)(1622:رقم احلديث(أخرجه اإلمام مالك يف املوطأ، كتاب القدر، باب النهي عن القول بالقدر )2(

صحيح اجلامع الصغري لأللباين : ينظر.، و انفرد به من بني الكتب التسعة549ص) م2002-هـ1422 3ط .)م1988-هـ1408 3املكتب االسالمي ط.ط:وتبري()1/566( .13ينظر ابن عاشور يف كيفية استنباط األحكام ص.35أثر االختالف، ص )3(افعية، حمقق، متقن، له تصانيف هو أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشريازي الفريوز آبادي، إمام من أئمة الش )4(

و طبقات الفقهاءلنكت يف اخلالفة، و اللمع، و شرحه، و التبصرة يف أصول الفقه،املهذب، و التنبيه، و ا:قت بالقبول، منهاالطبقات الشافعية الكربى للسبكي، تاج الدين عبد الوهاب بن علي، حتقيق عبد الفتاح حلو، و حممد : ينظر). هـ476:ت(

).215،ص4م، ج1964/هـ1383القاهرة، مطبعة عيسى احلليب، (الطناحي

الفصل التمھیدي

م، أيضا بلغته -اهللا عليه وسلم صلى-وخطاب رسول اهللا، -صلى اهللا عليه و سلم-رسول اهللامن العبادات واملعامالت والسري أفعاله ويفهمون منطوقه وفحواه، ويعرفون معناه، و

.)1("قد شاهدوا ذلك كله وعرفوه وتكررعليهم وحتروهوالسياسات، ويفرغون من دفنه يف قربه املطهر حىت -صلى اهللا عليه وسلم- مل يكد أصحاب رسول اهللاو

ختالف يف ما بينهم يف أمور عدة، كان يف طليعتها اختالفهم فيمن يلي منصب إمام ذر قرن االباخلالفة من غريهم؛ ألن وا الرسولاملسلمني، فكان األنصار يرون أنفسهم أحقصلى اهللا -هم آو

هم قوم ألن إليهم كانت هجرته، وكان املهاجرون يرون أنفسهم أحق ا؛نصروه، وو -عليه وسلم -صلى اهللا عليه وسلم–العباس عم الرسول وعشريته، حىت إن - صلى اهللا عليه وسلم- الرسول

)2(.العصوبةالناس بذلك ملا هلم من القرابة ولريى أن أهل بيت الرسول هم أوىل يف -رضوان اهللا عليهم أمجعني-إىل غري ذلك من االختالفات اليت وقعت بني الصحابة

.خمتلف جماالت احلياةختالف تنوع ال إقضايا على أنه اختالف هذه الت األمة تنظر إىل اختالفهم يفقد كانو

اتفاقهم حجة قاطعة : "يف ذلك وردت املقولة املشهورةتضاد، وموجب للتوسعة ال سبب للفرقة، و .)3("اختالفهم رمحة واسعةو

سنذكر كان هلذا االختالف أسباب كثريةختالف بعد ذلك يف مسائل كثرية، ومث تواىل اال .أمهها عند احلديث عن أسباب اخلالف

ضيقة -رضي اهللا عنهما–عمر خلالف يف عهد الصاحبني أيب بكر ولقد كانت رقعة او .)4(كانا يرجعان إليهم فيما جد من املسائلالصحابة مل يتفرقوا يف اآلفاق و نذلك أ سببجدا، وليه احلكم نظر يف سنة رسول كان أبو بكر الصديق إذا ورد ع:عن ميمون بن مهران قال

هل : ، فإن وجد ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناس-اهللا عليه وسلم صلى-اهللاقضى : ه القوم فيقولونقضى فيه بقضاء؟ فرمبا قام إلي -صلى اهللا عليه وسلم- علمتم أن رسول اهللا

مجع رؤساء الناس -سلمصلى اهللا عليه و–مل جيد سنة سنها النيب كذا، وإن فيه بكذا وإن أعياه أن جيد ذلك كان عمر يفعل ذلك، فو. ذا اجتمع رأيهم على شيء قضى بهفاستشارهم، فإ

).م1:1970ط 1/35ج) دار الرائد العريب : بريوت(أليب اسحاق الشريازي، حتقيق إحسان عباس طبقات الفقهاء )1( .36أثر االختالف للدكتور سعيد اخلن، ص )2( .61، ص6دار القلم و الثقافة، ج: نيل األوطار للشوكاين، بريوت.118ينظر االعتصام للشاطيب، ص )3( .36ينظر نفس املرجع ص )4(

الفصل التمھیدي

فإن كان أليب بكر قضاء قضى به، هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء؟ : سأل السنة يف الكتاب و .)1(إال مجع الناس واستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى بهو

لقد ساعد على تفشي اخلالف انسياح أصحاب ا، واخلالف تتسع من بعدمه دأت حلقةمث ب تلقي أبنائها عنهم ما و اختاذهم إياها وطنا،يف البلدان املفتوحة و -ليه وسلمصلى اهللا ع- رسول اهللا

قد يكون عند بعضهم ما ال يكون عند اآلخر، ، و- صلى اهللا عليه وسلم-سول اهللامسعوه عن رنظرا لتعدد و القضاياثرت أسبابه نظرا لتجدد الوقائع وكا يف عصر التابعني، وف اتساعفازداد اخلال

تميزة هلا ظهورها كمذاهب فقهية مواالجتهاد، ويف الفتوى - رضي اهللا عنهم- منهاج الصحابةمر إىل أئمة املذاهب الفقهية، حيث كان لكل واحد أتباعها من التابعني وتابعيهم، حىت انتهى األ

ميهد يتبع طريقته يف ما يقرر من فروع والتابعني وتابعيهم، يسلك جه وو سلف من الصحابةم منه .)2(وأصولمن قواعد

هذا وقد ظل اخلالف يف عهد األئمة يتسم باملرونة واملوضوعية وعدم التعصب، فلم يكن بأدب اخللف أحد من األئمة يرغب يف تقليد الناس له آلرائه واجتهاداته، بل كما متثل الصحابة

ما كان :- رمحه اهللا- واحترام آراء بعهم لبعض كان هؤالء الفقهاء كذلك، ومن معىن كالم مالك .هذا معىن كالمه دون لفظه .من كالمي موافقا للكتاب والسنة فخذوا به، وما مل يوافق فاتركوه

و كما احلديث مذهيب فما خالفه فاضربوا به احلائط أ: - رمحه اهللا-من كالم الشافعيو )3(.هذا لسان حال اجلميع: قال العلماء قال؛

ل، طبعة دار جي: بريوت(بد الرؤوف طه قيم اجلوزية، تقدمي و تعليق طه عاملوقعني عن رب العاملني البن ينظر إعالم )1(

. 58، ص1و يف مقدمة سنن الدارمي، باب الفتيا وما فيه من الشدة، ج. 62، ص1ج) م1973، دراسة )هـ294تويف (زيمقدمة التحقيق، كتاب اختالف الفقهاء لإلمام أيب عبد اهللا حممد بن نصر املرو: ينظر )2(

.م2000/هـ1420، 1وحتقيق الدكتور حممد طاهر حكيم، مكتبة أضواء السلف، ط .، طبعة دار الفكر 2/223: االعتصام للشاطيب )3(

الفصل التمھیدي

.مشروعية اخلالف الفقهي: املطلب الثاين

ت األدلة القاطعة من الكتاب والسنة على وجود االختالف بني بين البشر وتقدير اهللا دل لألنظار وجماال حكم حبكمته أن تكون فروع هذه امللة قابلة -سبحانه وتعاىل–ذلك عليهم، فاهللا ل

ظار أن النظريات ال ميكن االتفاق فيها عادة الختالف القرائح واألنظار، للظنون، وقد ثبت عند النفالظنيات عريقة يف إمكان االختالف، لكن اخلالف الذي نعنيه هنا هو اخلالف الفقهي احملمود

بأن يكون يف الفروع – حمله ويف -وهم الفقهاء من أهل النظر والكفاءة العلمية–الواقع من أهله فلذلك ال يضر ذلك االختالف، - ، ويف اجلزئيات دون الكلياتالقطعية االجتهادية دون األصول

الذي و)1(.ه أمر قدري كوين، ومنه املذموم املنهي عنه شرعاوهو اختالف سائغ مشروع؛ ألن .سأذكره يف أنواع اخلالف وأهم أسبابه

ه أمر قدري ة على وجود االختالف بني بين البشر وأناب والسنومن األدلة القاطعة من الكت : كوين﴿: قوله تعاىل -

﴾]ن اهللا سبحانه]19: يونسكلمته وتعاىل أن ، فبي .)2(ماالسابقة وقضاءه األول يف تأجيل اخللق إىل أجل معدود ال يقضي بينهم قبله يف اختالف

﴿ :وقوله تعاىل -

﴾]3(ويف تفسري اآلية أقوال للعلماء. ]119–118: هود( :

﴿:قوله تعاىل :األول - ﴾ ؛ أي الختالف خلقهم، وهو قول احلسن يف .رواية، ورواية عن ابن عباس

.بشيء من التصرف .118، 117، 114، ص 2االعتصام، للشاطيب، ج: ينظر- )1(مد بن أمحد األنصاري القرطيب، قدم له فضيلة الشيخ خليل حميي الدين اجلامع ألحكام القرآن، أليب عبد اهللا حم: ينظر- )2(

صديق مجيل العطار، خرج حديثه الشيخ عرفان : امليس، مفيت زحلى والبقاع ومدير أزهر لبنان، ضبطه وراجعه على األصول2458ص ،8، ج)م2003/هـ1424دار الفكر، طبعة جديدة، : بريوت(، االعش.

.2592، ص9ن كثري باختصار، اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب، جينظر تفسري اب- )3(

الفصل التمھیدي

: ما قالولرمحته خلقهم؛ وإن: )2(وقتادة )1(وهو قول ابن عباس وطاووس :والثاين -﴿ ﴾ تأنيث الرمحة غري حقيقي، ه مصدر؛ وأيضا فإنومل يقل ولتلك، والرمحة مؤنثة ألن

رجلني اختصما إليه فأكثرا عن طاووس أن)3(روى ابن وهب.الفضل مـعىنفحملت على كذبت، : لذلك خلقنا، فقال طاووس: متا، فقال أحد الرجلنياختلفتما وأكثر: فقال طاووس

﴿: أليس يقول: فقال ﴾ ؟! .مل خيلقهم ليختلفوا، ولكن خلقهم للجماعة والرمحة: قال

إىل شيئني متضادين؛ ) ذلك(ـ املراد وللرمحة واالختالف خلقهم، وقد يشار ب :الثالث - ﴿:كقوله تعاىل ﴾]ومل يقل بني ذينك وال ، ]68: البقرة

﴿:تينك، وقال ﴾]110: اإلسراء[ ،

﴿:وكذلك قوله ﴾]وهذا القول ]58: يونس ذكر خلقهم؛ اشاء اهللا؛ ألنه يعم، أي ولم وهذا أحسن األقوال إن:رجحه اإلمام القرطيب وقال

ابن كيسان الفقيه عامل اليمن أبو عبد الرمحن احلافظ، مسع من زيد بن ثابت وعائشة وأيب هريرة وابن عباس : طاووس- )1(

هيب مشس الدين، حتقيق هـ، ينظر سري أعالم النبالء للذ106والزمه مدة وعنه عطاء وجماهد ومجاعة من أقرام، تويف عام إحياء التراث ، تذكرة احلفاظ للذهيب، دار 5/399، )مؤسسة الرسالة: بريوت(وط مجاعة من العلماء بإشراف شعيب األرناؤ

.90 /1العريب، ذيب .س الطبقة الرابعة مات سنة بضع عشر و مئةي أبو اخلطاب البصري ،ثقة ثبت ،رأقتادة بن دعامة السدوس: هو )2(

.8/351) م1984هـ1404دار الفكر : بريوت (يب البن حجر العسقالين التهذعبد اهللا بن وهب بن سلم القرشي موالهم، أبو حممد، روى عن أربع مائة عامل، منهم الليث، وابن أيب ذئب، : ابن وهب-)3(

أصحاب السنة والسفيانان، ومالك وقد صحبه عشرين سنة، وعنه أخذ سحنون وأصبغ وأبو مصعب وغريهم، وأخرج له 125مساعه من مالك، واملوطأ الكبري، واملوطأ الصغري، واجلامع الكبري، واالسات، ولد سنة : مجيعا، له تآليف كثرية منها

وزارة األوقاف، : املغرب(ترتيب املدارك للقاضي عياض، حتقيق مجاعة من األساتذة : ينظر. هـ197هـ وتويف سنة ، شجرة النور 133، 132نظر أيضا الديباج املذهب البن فرحون املالكي، ص ي. 421، ص 2، ج)م1983/هـ1403

.59، 58، ص1، ج)هـ1349املطبعة السلفية، : القاهرة(الزكية يف طبقات املالكية، ملخلوف حممد

الفصل التمھیدي

سألت مالكا عن هذه اآلية : قال أشهب: ؛ قال)1(وإىل هذا أشار مالك يف ما روى عنه أشهبم ليكون فريق يف اجلنة وفريق يف السعري؛ أي خلق أهل االختالف لالختالف وأهل خلقه: فقال

.)5(واختاره ابن جرير، )4(واألعمش )3(وعطاء )2(الرمحة للرمحة، وكذا قاله احلسنهذا األمر لالختالف خلقهم فهو يعين أن: واحلق أن ال تعارض بني هذه األقوال، فمن قال

للرمحة خلقهم ومل خيلقهم : ومن قال. التعليل لبيان احلكمة الكونيةم الم قدري كوين، فالالطاووس على ذلك الرجل الذي أراد الشرعي الذي أمروا به كما أنكر للعذاب فهو يعين األمر

كذبت، فليس هذا االختالف مبراد شرعا، : تقرير مشروعية االختالف حمتجا باآلية، فقال له﴿: إىل الرمحة، والالم لبيان احلكمة الشرعية مثل قوله تعاىل راجعا "ذلك"فيكون اسم اإلشارة

﴾ ]؛ أي ليأمرهم بعبادته أمرا شرعيا]56: الذاريات.

الورع والصدق، الشيخ الفقيه الثبت العامل اجلامع بني "أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داوود القيسي العامري املصري - )1(

انتهت إليه رئاسة مصر بعد موت ابن القاسم، روى عن الليث والفضيل بن عياض، ومالك وبه تفقه، خرج عنه أصحاب شجرة النور : ينظر". هـ بعد موت الشافعي بثمانية عشر يوما204السنن، وعدد كتب مساعه عشرون، تويف مبصر سنة

.370، 3/362، ترتيب املدارك، 59الزكية، ص : ت(هو احلسن بن أيب احلسن يسار أبو سعيد البصري، موىل زيد بن ثابت، من أئمة التابعني، كان عاملا ناسكا حجة - )2(

.178– 6/156، )هـ1371دار صادر : بريوت(ينظر طبقات ابن سعد ). هـ110تذكرة (هـ 114احلرم، مات سنة عطاء بن أيب رباح، أبو حممد القرشي، موالهم املكي، إمام فقيه فاضل مفيت: هو- )3(

). ،:7/199ذيب التهذيب1/89احلفاظ للذهيب، الكويف اإلمام املشهور " باألعمش"هو أبو حممد سليمان بن مهران موسى بن كاهل من ولد أسد، املعروف : األعمش- )4(

وما . لكن مل يرزق السماع عليه -وكلمه–كان ثقة عاملا فاضال، وكان يقارن بالزهري يف احلجاز، ورأى أنس بن مالك .يرويه عن أنس فهو إرسال أخذه عن أصحاب أنس

وروى عن عبد اهللا بن أيب أوىف حديثا واحدا، ولقي كبار التابعني وروى عن سفيان الثوري وشعبة بن احلجاج وحفص بن مآثر طراز اآلخر واألول، تأليف التاج املكلل من جواهر : ينظر. هـ 148غياث، وخلق كثري من جلة العلماء، تويف سنة

، 2طبعة دار إقرأ، ط: بريوت(السيد أيب الطيب احلسيين القنوجي، بتصحيح وتعليق، عبد احلكيم شرف الدين .52، ص)م1983/هـ1404

، 15/531ج) بريوت مؤسسة الرسالة(جامع البيان يف تأويل القرآن البن جرير الطربي، حتقيق أمحد شاكر : ينظر – )5( .هـ 1:1420ط

الفصل التمھیدي

والقول الثالث مجع بني القولني، فأهل طاعة اهللا املنفذون ألمره الشرعي هم أهل رمحته فهم مل خيرجوا عن قضائه وقدره ،عهاالختالف املفارقون للحق الذي شرهل سبحانه، وأما أ .وحكمته الكونية

: قال) صلى اهللا عليه وسلم(أن رسول اهللا - رضي اهللا عنه –روى الترمذي عن أيب هريرة تفرقت اليهود على إحدى وسبعني فرقة أو اثنتني وسبعني فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق «

.)1(» ث وسبعني فرقةأميت على ثالفاالفتراق يف احلديث حيتمل أن يكون افتراقا على ما يعطيه مقتضى اللفظ، وحيتمل أن

قبة مبطلقها ال يشعر ، كما كان لفظ الرهيكون مع زيادة قيد ال يقتضيه اللفظ بإطالقه ولكن حيتملفتراق، حبيث يطلق صور بكوا مؤمنة أو غري مؤمنة، لكن اللفظ يقبله فال يصح أن يراد مطلق اال

ني حتت ه يلزم أن يكون املختلفون يف مسائل الفروع داخللفظ االختالف على معىن واحد؛ ألناخلالف من زمان الصحابة إىل اآلن واقع يف املسائل ع، فإنامجاالإطالق اللفظ، وذلك باطل ب

معنا يف مبحث نشوء اخلال االجتهادية، ومل يعد ره، وبالصحابة أحد ذلك منهم كما مرف وتطوضيه يف املذاهب مما يقت فتراقمن بعدهم يف توسيع اخلالف، فكيف ميكن أن يكون االاقتدى

عليه، ما يراد افتراقاحلديث؟ وإن د، وإن مل يكن يف احلديث نصفي اآليات مما يدل عليهف مقي . ﴿: قوله تعاىل

﴾ ]وقوله تعاىل]32-31:الروم ، :﴿

﴾]ق ]159: األنعاموما أشبه ذلك من اآليات الدالة على التفر الذي صاروا به شيعا؛ أي مجاعات بعضهم فارق البعض، ليسوا على تآلف وال تعاضد وال تناصر،

: ، يف كتاب حتقيق السيد حممد السيد و آخرين داود أيبسنن : يف عن أيب هريرة رضي اهللا عنه: ديث ينظر ختريج احل– )1(

الترمذيسنن ، و)م1999-هـ1420دار احلديث :القاهرة(4/1969 )4596رقم احلديث(شرح السنة : السنة ، بابدار احلديث :القاهرة( 4/450)2640(ء يف افتراق هذه األمة ما جا: حتقيق أمحد شاكر يف كتاب االميان ، باب

يف حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي ابن ماجة سنن و .حديث أيب هريرة حسن صحيح: قال أبو عيسى) . م1999-هـ1419 .)م1998-هـ1419دار احلديث :القاهرة (3/414) 3991(باب افتراق األمم: الفنت

.4/450)2640(ماجاء يف افتراق هذه األمة : باب االميان، : رواه الترمذي يف كتاب القاهرة ( حتقيق السيد ابراهيم علي حممد علي الدارميسنن و ،13/203)16871(أمحد ،أخرجه وعن معاوية بن أيب سفيان يف بن ماجةا و ،10/387)12174(أمحد أخرجه : وعن أنس بن مالك. 3/213) م2000-هـ1420دار احلديث :

. 3/413)3993( افتراق األمم: بابكتاب الفنت ،

الفصل التمھیدي

اإلسالم واحد وأمره واحد، فاقتضى أن يكون حكمه على االئتالف التام بل على ضد ذلك، فإن .)1(ال على االختالف

: تعاىل العر بالعداوة والبغضاء، ولذلك قوهذه الفرقة مشعرة بتفرق القلوب املش﴿ ﴾]ن أن ]103: آل عمرانما حيصل عند فبيالتأليف إن

االئتالف على التعلق مبعىن واحد، وأما إذا تعلقت كل شيعة حببل غري ما تعلقت به األخرى فالبد ﴿: من التفرق، وهو معىن قوله تعاىل

﴾]وإذا ثبت هذا نزل عليه لفظ احلديث واستقام معناه ]153: األنعام .)2(واهللا أعلم

به نافذ االختالف بني الناس واقع ال حمالة، وقضاء اهللا ت األدلة اليت سقناها على أنفدللسبق الكلمة منه بتأجيل الفصل والقضاء بني الناس فيه إىل أجل مسمى، ولكن هل يعين ذلك أن

نستسلم هلذا القدر؟ فمهما حاولنا االجتماع وترك االختالف فال فائدة، والسعي إلزالة االختالف مصادمة

ختالف من قدر اهللا الشرع احلنيف، نعم هذا اال عن هذا من أخطر املسالك وأبعدها !للمقاديرالذي أمرنا شرعا أن نفر منه إىل قدر اهللا باالئتالف واالجتماع، فندفع القدر بالقدر، ننازع القدر املكروه بالقدر احملبوب، والواجب اتباع الشرع واإلميان بالقدر، وليس ترك الشرع واالحتجاج

وت بني الناس يف األزمنة اهللا سبحانه فا نا، فإنبالقدر، فنحن ال ندري ما سبق القضاء به يف حقواألمكنة فقد يكون بعضهم يف زمن ما يف مكان ما أكثرهم أو كلهم على احلق مرحومني، وقد

االختالف املهلك، فنحن مأمورون شرعا بنبذ يهم أزمنة الفتنة فيقع أكثرهم يفيأيت عل .عي إىل االئتالفوالس )املذموم(اخلالف

احلرص على األلفة واالجتماع، . )1(لية املتفق عليها بني علماء أهل السنةومن القواعد الكاجلماعة؛ ألم يأمرون باالجتماع على ما وأهل السنة ب وي عن التفرق واالختالف، ولذا مسوالنه

.بشيء من التصرف 132، 1/131ام للشاطيب، عتصاال- )1( .1/132االعتصام للشاطيب، - )2(ن بأهل السنة واجلماعة، كلهم متفقون على مقالة وعلي بن إمساعيل األشعري املعروف هم أصحاب أيب احلسن: أهل السنة- )1(

، ويف سائر أصول الدين، وإمنا مامةوعدله، وحكمته يف أمسائه وصفاته، ويف أبواب النبوة واإلواحدة يف توحيد الصانع وصفاته خيتلفون يف احلالل واحلرام يف فروع األحكام، وليس بينهم فيما اختلفوا فيه تضليل وال تفسيق، ودخل يف هذه اجلملة مجهور

الفصل التمھیدي

ومن كان بعدهم على ما كانوا -رضي اهللا عنهم–كانت عليه اجلماعة األوىل، مجاعة الصحابة صلى اهللا عليه ب الشرعي أن نسعى إىل التوحد واالجتماع على سنة رسول اهللا عليه، فالواج

ومن تبعهم بإحسان -رضي اهللا عنهم–، بفهم اخللفاء الراشدين ومن معهم من الصحابة وسلمرها وأتباعها أو ينعدموا، إىل يوم الدين، وأن حنارب البدع واألهواء املفرقة لألمة حىت يقل أنصا

الفرق الضالة ال يعين بالضرورة وجودها يف كل زمان ومكان، وال يلزم أن يكون ارعناإلخبفمة على ثالث وسبعني فرقة، افتراق األ" حديث"البعض على منت أتباعها هم األكثر كما اعترض

ه يقتضي أن تكون هذه األمة وهي خري أمة أخرجت للناس أكثرها من أهل النار، وهذا إن: فقال شك، فال يلزم من تعدد الفرق أن يكون أتباعها أكثر األمة، بل حبمد اهللا أكثر األمة على باطل بال

﴿:لقوله تعاىلاخلري واإلميان والتوحيد يف مجلة العصور، ...﴾ اد ينتشر يف زمن ما، أو يف بلد ما ال وكون الفس. فهي شاهدة إىل يوم القيامة ] 110:آل عمران [

ه يصد هذا هو األصل، فاليأس من االجتماع إذن من وسوسة الشيطان وعمله؛ ألن يعين أناملسلمني عن العمل الواجب عليهم شرعا بالبعد عن أسباب االختالف والتباغض واألخذ بأسباب

)2(.االجتماع والتآلف

من اخلالف الفقهيالذي يظهراملوقف: من اخلالف الفقهي؟ الذي يظهر وبعد هذا االستعراض لوجهات النظر فما هو املوقف أنه قد ذكر خالل هذا املبحث أنواع االختالف، وأمثلة -وباهللا التوفيق –ذي يظهرفال

: لكل نوع منه، وميكننا أن خنلص من األمثلة السابقة إىل أن أنواع االختالف الثالثة املذكورة يرجع إىل اختالف التنوع، وهذا جيب استثمارهمنها ما -والتعاون عليه، وال يصح أن نسعى إللغاء هذا االختالف؛ ألنه بالتكامل فيه يتم الواجب ويتحقق

.املقصود بإذن اهللا بالشروط اليت ذكرت

الفرق : ينظر. واألوزاعي والثوري، وأمحد، وأهل الظاهر األمة، وسواده األعظم من أصحاب مالك، والشافعي، وأيب حنيفة،

وما بعدها، امللل والنحل للشهرستاين 26، ص )طبعة دار املعرفة: بريوت(بني الفرق للبغدادي، حتقيق حميي الدين عبد احلميد يف " االعتصام"يف كتابه ولإلمام الشاطيب كالم نفيس. 1/94أيب الفتح، حتقيق حممد سيد كيالين، طبعة مصطفى احلليب،

.، طبعة دار الفكر2/114فلريجع إليه، ] يف السبب الذي من أجله افترقت املبتدعة عن مجاعة املسلمني[الباب التاسع .11م، ص 2000 -2فقه اخلالف بني املسلمني، تأليف ياسر حسني برهاين، طبعة دار العقيدة، ط: ينظر- )2(

الفصل التمھیدي

ومنها ما يرجع إىل اختالف التضاد السائغ املقبول وهو اختالف اتهدين، وهذا جيب احتماله -، وهو -رضي اهللا عنهم أمجعني–وأن يسعنا كما وسع سلفنا الصاحل الصحابة ومن تبعهم بإحسان

: املراد بالقصد األصلي هلذا املطلب، فاملوقف اإلجيايب السليم من هذا اخلالف يتلخص يف1. ه النيبمه والتسليم به كواقع حتمي مشروع أقربنيووقع -صلى اهللا عليه وسلم -تفه

، وكمظهر من مظاهر -كما سبق ذكره–ة وتابعيهم وغريهم من أئمة الفضل والتقدم الصحابمرونة الشريعة اإلسالمية وسعتها وقدرا على استيعاب ما يستجد يف احلياة من وقائع

.)1(وأحداثالنظر إليه حسب اختالف أحوال الناس بالنسبة له، وذلك أن املعين باخلالف إما أن يكون .2

قا قادرا على االستقالل بالنظر يف األدلة واستنباط األحكام منها، فهذا الواجب يف حقه جمتهدا مطلاتهد ال حيق له تقليد غريه، على رأي اجلمهور أن ينظر لنفسه ويعمل مبا أداه إليه اجتهاده؛ ألن

)2(.من املصوبة واملخطئةمراتب االجتهاد األخرى اليت وإما أن يكون دون مرتبة االجتهاد املطلق، لكنه يف إحدى

ختول له النظر يف األدلة، ومتييز صحيحها من سقيمها، ومعرفة ما يصلح االحتجاج به مما ال يصلح، وهذا له أن ينظر فيما اختلف العلماء فيه، ويعمل منه مبا ترجح لديه مع احترام رأي غريه

.والتزام األدب معهليس له أن ينظر يف مسائل فاألدلة وهو العامي، لى النظر يفما أال يكون له قدرة عأو

اخلالف وال يسعه إال أن يقلد إمام مذهبه إن كان يلتزم مذهبا معينا أو أي عامل من العلماء يفتيه، .)1(ومذهبه حينئذ مذهب مفتيه

: التعامل مع مسائل اخلالف من حيث اإلنكار وعدمه، وللعلماء يف ذلك رأيان .3

1/97)م1994هـ1414-1مؤسسة الرسالة،ط:بريوت(سالمي و أصوله لفتحي الدريين حبوث مقارنة يف الفقه اال – )1(

.41ببعض أصول املذهب املالكي حملمد األمني ولد الشيخ سامل ص مراعاة اخلالف و عالقتها:وينظر، ص )هـ1414دار الفكر : بريوت(وما بعدها، كتاب االجتهاد للجويين 8/335البحر احمليط، للزركشي، : ينظر - )2(

نشر يف " انقطاع االجتهاد واستمراره بني املنكرين واملثبتني"، وحبثا للدكتور حممد األمني ولد حممد سامل بن الشيخ بعنوان 19للدراسات اإلسالمية وإحياء التراث، يف ديب سنة .العدد الثالث يف الة األمحدية اليت تصدر عن دار البحوث اإلسالمية

.هـ1419 ،76– 75، ص)م1975، سنة 1مكتبة اهلدى، ط(يف االختالفات الفقهية، أليب الفتح البيانوين دراسات - )1(، ومراعاة اخلالف يف 164، ص )م1991املدينة املنورة، سنة (وموقف األمة من اختالف األئمة، لعطية حممد سامل :ينظرو

.42، 41املذهب املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهب وقواعده، ص

الفصل التمھیدي

ذهب إليه إمام مما يسوغ االجتهاد فيه من الفروع وكان له وجه يف الشرع، ال كل ما أن: األول؛ أي سواء ضعف فيه اخلالف لضعف مأخذه أم )2(جيوز ملن رأى خالفه من أهل النظر أن ينكره

فكل ما هو يف حمل االجتهاد فال حسبة فيه، : - رمحه اهللا تعاىل- )3(ال ويف هذا يقول اإلمام الغزايلالضبع، وال للشافعي أن ينكر على احلنفي شربه ن ينكر على الشافعي أكله الضب ونفي أفليس للح

النبيذ الذي ليس مبسكر، وتناوله مرياث ذوي األرحام، وجلوسه يف دار أخذها بشفعة اجلوار إىل .)4(غري ذلك من جماري االجتهاد

ما ينكرون ما أمجع عليه ء إنمث إن العلما… ": - رمحه اهللا تعاىل- )5(ويقول اإلمام النووي ه على أحد املذهبني كل جمتهد مصيب، وهذا هو األئمة، وأما املختلف فيه فال إنكار فيه؛ ألن

املصيب واحد واملخطئ غري معين لنا، واإلمث :املذهب اآلخر وعلى ،املختار عند كثري من احملققني .)6("مرفوع عنه

ال ينبغي ألحد أن ينكر على غريه العمل مبذهبه : - رمحه اهللا تعاىل- )1(ويقول ابن قدامة

تهداتفإن2(ه ال إنكار يف ا(.

وهنا أمر جيب التنبيه عليه، وهو أن االعتراف بشرعية االختالف ال يعين أن .20/257، البن تيمية ىالفتاو: ينظر- )2(

باالختالف فيه، فهذا مل يقل به -فيباح له الفعل -اخلالف يعد من حجج اإلباحة، حبيث يستدل على أن األمر واسع للمكلف .بتصرف 4/102املوافقات . أحد ممن يعتد به

: ، إمام شافعي معروف، من تصانيفه"حبجة اإلسالم"حممد بن حممد بن حممد الطوسي، أبو حامد، امللقب : هو- )3(ينظر طبقات . هـ505املستصفى، املنخول، وشفاء الغليل يف أصول الفقه، وإحياء علوم الدين، وافت الفالسفة، تويف سنة

. 4/13، 2/10، شذرات الذهب، 6/191، )دار املعرفة: بريوت(الشافعية الكربى، للسبكي .2/32، )املكتبة التجارية الكربى: مصر(إحياء علوم الدين، للغزايل - )4(اإلمام حميي الدين حيي بن شرف بن مرى اخلذامي احلوراين الشافعي، احلافظ، الثقة القدوة، الورع، شيخ اإلسالم، : هو- )5(

اموع شرح املهذب وشرح صحيح مسلم، رياض : ، من مصنفاتههـ676صاحب املصنفات املشهورة، مات سنة .4/1470، تذكرة احلفاظ، 5/165: طبقات الشافعية، للسبكي: ينظر. الصاحلني، منهاج الطالبني، وغريها

.2/63، )هـ1403طبعة دار الفكر، : بريوت(شرح صحيح مسلم للنووي - )6(ن أمحد بن عبد اهللا بن قدامة احلنبلي، له مؤلفات كثرية يف املذهب، ومن كبار موفق الدين أبو حممد عبد اهللا ب: هو - )1(

شذرات : ينظر. هـ620 واملقنع والعمدة يف الفقه، والروضة يف أصول الفقه، تويف سنة والكايف املغين: أئمته، من مؤلفاته . 92-3/88الذهب

.136اض احلديثة، ص اآلداب الشرعية البن مفلح احلنبلي، مكتبة الري: ينظر - )2(

الفصل التمھیدي

ما صار إليه : )4(ميتفيما نقل عنه ابن حجر اهلي -عاىلرمحه اهللا ت– )3(ويقول اإلمام القرطيب .)5(إمام وله وجه ما يف الشرع ال جيوز ملن رأى خالفه أن ينكره وهذا مما ال خيتلف فيه

مسائل االجتهاد من عمل فيها بقول بعض : -رمحه اهللا–شيخ اإلسالم ابن تيمية ويقول .)6(العلماء مل ينكر ومل يهجر، ومن عمل بأحد القولني مل ينكر عليه

جيوز اإلنكار يف املسائل اخلالفية إذا ضعف اخلالف فيها، وكان ذريعة إىل حمظور أنه : الرأي الثاينعة وإباحة وطء اجلواري بالعارية وما أشبه ذلك من كل ما كان مأخذ عليه كربا النقد ونكاح املت

املخالف فيه ضعيفا، وخيشى أن يوقع يف جممع على حترميه، وهذا مذهب بعض احلنابلة ومنقول عن ما ضعف اخلالف فيه ":قوله عن القاضي أيب يعلى احلنبلي )7(اإلمام أمحد ويف هذا ينقل املاوردي

.)9("متفق عليه كربا النقد فيدخل يف إنكار احملتسب حبكم واليته وكان ذريعة إىل حمظور

وقوهلم إن مسائل اخلالف ال إنكار فيها ليس بصحيح، : "يف إعالم املوقعني )1(وقال ابن القيمأما األول فإذا كان القول خيالف سنة أو . فإن اإلنكار إما أن يتوجه إىل القول والفتوى، أو العمل

ا وجب إنكاره اتفاقا، وإن مل يكن كذلك فإن بيان ضعفه وخمالفته للدليل إنكار مثله، إمجاعا شائع

هو أبو عبد اهللا حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرج األنصاري اخلزرجي القرطيب املفسر، وكان فقيها وحمدثا، له : القرطيب - )3(. هـ671تويف بصعيد مصر سنة . اجلامع ألحكام القرآن، التذكرة يف أحوال املوتى وأمور اآلخرة: مؤلفات كثرية أشهرها

، الديباج املذهب، البن فرحون، 88، طبقات املفسرين للسيوطي، ترمجة رقم 5/235: ت الذهب، البن العمادشذرا: ينظر .197شجرة النور الزكية، ص . 317ص

: مي، شيخ اإلسالم، شهاب الدين، فقيه شافعي، أعلم املتأخرين، من تصانيفهأمحد بن حممد بن علي بن حجر اهليتهو – )4( .1/234األعالم للزركلي . م974تويف مبكة سنة . الكربى ح املنهاج، والفتاوى الفقهيةختفة احملتاج لشر

، نقال عن 264ص ) هـ1352دار إحياء الكتب، سنة : القاهرة(مي تالفتح املبني يف شرح األربعني، البن حجر اهلي - )5( . 44مراعاة اخلالف وعالقتها ببعض أصول املذهب ص

.20/257شيخ اإلسالم، البن تيمية ىالفتاو - )6(اإلمام أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب املاوردي البصري الشافعي امللقب بقاضي القضاة، صاحب كتاب : هو - )7( .3/303: ينظر طبقات الشافعية الكربى. هـ450تويف سنة ". األحكام السلطانية"و" احلاوي"، هذا إذا كان احملتسب من أهل اإلجتهاد فال يغري ما 297ص ) الفكرطبعة دار : بريوت(األحكام السلطانية للماوردي - )9(

.طبعة ابن اهليثم. 2/105شرح النووي على مسلم . كان على مذهب غريههو حممد بن أيب بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، أبو عبد اهللا مشس الدين، املعروف بابن قيم اجلوزية، فقيه حنبلي - )1(

عاد، إعالم ملمدارج السالكني، زاد ا: ع يف مجيع العلوم، وتبحر يف معرفة مذاهب السلف، من كتبهأصويل، مفسر حنوي، بردار املعرف، : بريوت (بلة البن رجب ناذيل طبقة احل: ينظر .هـ751املوقعني، الطرق احلكمية وغريها كثري، تويف سنة

.6/168ب ، شذرة الذه2/447) م1952/هـ1372مصورة عن طبعة السنة احملمدية،

الفصل التمھیدي

وأما العمل فإذا كان على خالف سنة أو إمجاع وجب إنكاره حبسب درجات اإلنكار، وكيف ال إنكار يف املسائل املختلف فيها والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم : يقول فقيه

وأما إذا مل يكن يف املسألة ن كان قد وافق فيه بعض العلماء؟إخالف كتابا أو سنة واحلاكم إذا )2(."سنة وال إمجاع ولالجتهاد فيها مساغ مل تنكر على من عمل ا جمتهدا أو مقلدا

.)3(ومثله ما ذكره القرايف يف الفتاوى

املذهب املختار: القيم ابن قدامة وابن تيمية وآخر كالمبالنقول اليت تقدمت عن الغزايل والنووي وابن

والقرطيب يظهر أن الصواب ما ذهب إليه اجلمهور من عدم وجوب اإلنكار يف املسائل الظنية واالجتهادية، وأما ندب مرتكب املسائل اخلالفية إىل تركها على سبيل االستحباب فال غضاضة

ولكن إن ندبه على جهة النصيحة إىل : يفيه بل هو أمر مطلوب ومستحب، ويف هذا يقول النووالعلماء متفقون على احلث فهو حسن حمبوب مندوب إىل فعله برفق، فإن" اخلروج من اخلالف"

.)4(على اخلروج من اخلالف، إذا مل يلزم من ذلك إخالل بسنة أو وقوع يف خالف آخر :خلالفوأختم هذا املطلب مبأثورات عن بعض السلف يف مواقفهم من ا

عاف واحلجامة، فقيل له -رمحه اهللا–قد كان اإلمام أمحد ففإن كان : يرى الوضوء من الر

كيف ال أصلي خلف اإلمام مالك : إمام قد خرج منه الدم ومل يتوضأ أتصلي خلفه؟ فقال . )1(وسعيد بن املسيب

.24، 3/23إعالم املوقعني عن رب العاملني البن القيم، - )2( .42، 35اإلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام، للقرايف، ص: ينظر- - )3( .2/24: شرح صحيح مسلم للنووي: ينظر- )4(مطابع دار : القاهرة(بد اجلليل عيسى ما ال جيوز فيه اخلالف بني املسلمني، لع: ، و ينظر 1/22مقدمة املغين البن قدامة - )1(

.46، مراعاة اخلالف للشيخ حممد السامل ص100-99ص ) م1962/هـ 1382القلم، سنة

الفصل التمھیدي

بح قريبا من مقربة أيب حنيفة -رمحه اهللا-وصلى اإلمام الشافعيرمحه اهللا فلم يقنت تأدبا الص . )2(معه، وقال ربما احندرنا إىل مذهب أيب حنيفة

ه ملا شاور هارون الرشيد مالكايف أن يعلق املوطأ يف الكعبة، وحيمل - رمحهما اهللا تعاىل–وأناختلفوا يف - صلى اهللا عليه وسلم-أصحاب رسول اهللا ال تفعل فإن: الناس على ما فيه فقال

)3(.قال وفقك اهللا يا أبا عبد اهللا. وتفرقوا يف البلدان، وكل سنة مضتالفروع، ما صنعت؟ قال: لقي رجال فقال - رضي اهللا عنه–عمر بن اخلطاب وروي أن : قضى علي

لو كنت أردك : "فما مينعك واألمر إليك؟ قال: قال" لو كنت أنا لقضيت بكذا: "وزيد بكذا، قاللفعلت، ولكني أردك إىل الرأي وليس -صلى اهللا عليه وسلم- ة نبيه إىل كتاب اهللا أو إىل سن

.)4(رأي بأوىل من رأي

19ماالجيوز فيه اخلالف بني املسلمني ص - )2( .66، 65اإلنصاف يف بيان أسباب اخلالف، للدهلوي، ص - )3( .1/65إعالم املوقعني، البن قيم اجلوزية، : ينظر- )4(

الفصل التمھیدي

.أنواع االختالف الواقع بني املسلمني وأسبابه: املطلب الثالث

ع واختالف التضادميكن أن نقسم اخلالف الواقع بني املسلمني إىل اختالف التنو.

.اختالف التنوع –النوع األول لألقوال األخرى، بل كل األقوال صحيحة وهذا اا ال يكون فيه أحد األقوال مناقضوهو م

النوع يكون يف األمور اليت شرعت متنوعة، فيختلف العلماء يف استحباب واحد منها، وتقدميه هلذا بأنواع احلج، فإن من حج قارنا أو متمتعا أو مفردا أجزأه عند )1(على غريه، وميثل ابن تيمية

علماء املسلمني، وإن تنازعوا يف األفضل من ذلك، وكذلك اآلذان يعد آذانا صحيحا إذا رجع فيه أو مل يرجع، وسواء ربع التكبري يف أوله أو ثناه، وكذلك اإلقامة يصح فيها اإلفراد والتثنية، بأيتهما

.)2(سفيه شذوذ النا اأقام صحت إقامته عند علماء املسلمني إال تنازع: ومن هذا الباب وجوه القراءات وأنواع التشهدات واألذكار، فمن قرأ مثال يف الفاحتة

﴿وهو يعلم صحة قراءة من قرأ ﴾مالك یوم الدین﴿ ﴾ فال يكون هذاث القرآن نزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف كما ثبت يف احلدي مناقضا هلذا، فالكل يعلم أن

.صحيحة قد نزلت من عند اهللا سبحانه وتعاىلثابتة حرفاأل هفق عليه، وكل هذاملترضي اهللا –ومن يقرأ يف التشهد بتشهد ابن مسعود ال يرى مانعا من تشهد ابن عباس

فق العلماء على جواز كل أو غريه من الصيغ، بل ات - رضي اهللا عنه –، أو تشهد عمر -عنهما3(يف اختيار كل منهم ملا يراه األفضل العتبارات يراهاما اختالفهم منها، وإن(. وال جيوز التفرق : "بن تيميةايقول .فهذا النوع من اخلالف بني األمة أمره سهل يسري

ه قد يكون من أتى بغري ذلك من املستحبفوق حقه، فإن بذلك بني األمة، وال أن يعطى املستحبمبرتلة الواجبات اتضل بكثري، وال جيوز أن جتعل املستحبمن أمور أخرى واجبة أو مستحبة أف

هو أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن تيمية، احلراين، الدمشقي، تقي الدين أبو العباس، شيخ اإلسالم، كان واسع - )1(

، واإلميان، ومنهاج السنة النبوية، درء تعارض العقل والنقل، ىالفتاو: لية، تصانيفه كثرية منهاالعلم حميطا باملعارف النقلية والعقدار املعرفة، مصورة عن طبعة : بريوت(ذيل طبقات احلنابلة البن رجب، عبد الرمحن بن أمحد : ينظر. ـه728تويف سنة

.408– 2/387، )م1952/هـ1372مطبعة السنة احملمدية، ".1/123: جمموعة الرسائل املنريية"خالف األمة يف العبادات، البن تيمية : يراجع- )2( .2/89) هـ1403طبعة دار الفكر، : بريوت(، على مسلم شرح النووي :يراجع )3(

الفصل التمھیدي

حبيث ميتنع الرجل من تركها، ويرى أنه قد خرج من دينه أو عصى اهللا ورسوله، بل يكون ترك .املستحبات لعارض راجح أفضل من فعله، بل الواجبات كذلك

تركها املرء الئتالف ين من بعض املستحبات، فلو ائتالف األمة أعظم يف الد ومعلوم أن ون مصلحة ذلك القلوب كان ذلك حسنا، وذلك أفضل إذا كانت مصلحة ائتالف القلوب د

-رضي اهللا عنها–عائشة مسلم يف صحيحيهما عن أم املؤمننيالبخاري و املستحب، وقد أخرجكعبة ت النقضل ،كفرالك بقوم حداثة عهدلو ال «: قال هلا -صلى اهللا عليه وسلم- أن النيب

)1(»، فإن قريشا حني بنت البيت استقصرت، وجلعلت هلا خلفا إبراهيم أساسوجلعلتها على . )بابا من خلفها: قصرت عن متام بنائها ، خلفا:استقصرت (

ذا احلديث البخاري وغريه على أن وقد احتج اإلمام قد يترك بعض األمور املختارة؛، وهلذا نص اإلمام أمحد على أنه جيهر بالبسملة عند املعارض ألجل تأليف القلوب، ودفعا لنفرا

أهلها إذ ذاك كانوا جيهرون، فيجهر ألن: )2(جيهر ا إذا كان باملدينة، قال القاضي: الراجح، فقال، وذا يزول الشك - مراعاته–ا ليعلمهم أنه يقرأ ا، وأن قراءا سنة فهذا أصل عظيم ينبغي

االتفاق إذا حصل على جواز اجلميل وإجزائه علم أنه داخل يف املشروع فالتنازع يف إنوالطعن، ف .)3("الرجحان ال يضر، كالتنازع يف بعض القراءات، وبعض العبادات

:اختالف التضاد –النوع الثاين

- هـ1422، 3طبعة دار الفكر، ط 232ص)813(ما جاء يف بناء الكعبة : مالك يف املوطأ كتاب احلج، باب أخرجه– )1(

، طبعة موافقة ح الباريامشه فتصحيح البخاري و ).1585:رقم(فضل مكة و بنياا : البخاري يف احلج بابو .م2002العلم، كتاب يفو. 3/539) م2003-هـ1424-1، طمكتبة الصفا: القاهرة(د الباقي الشيخ حممد فؤاد عب ترقيملتبويب و

،، ومسلم يف احلج1/282)126:رقم( باب من ترك بعض االختيار خمافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا يف أشد منهطبعة موافقة لتبويب وترقيم الشيخ ،مام النوويشرح اإلصحيح مسلم وامشه . )1333:رقم(بناؤها نقض الكعبة و: باب

.5/221) م2003/هـ 1427-1، طدار ابن اهليثم: القاهرة(فؤاد عبد الباقي ويريدون به حممد بن احلسني بن ) القاضي(يطلق علماء احلنابلة منذ عصر القاضي أيب يعلى إىل أثناء املائة الثامنة لفظ - )2(

.2/193طبقات احلنابلة،: ينظرترمجته يف). أيب يعلى ( لى الكبري وهو املراد عند إطالق لفظ حممد بن خلف امللقب بأيب يع " .الطبقات"أبو يعلى الصغري فاملراد ولده حممد صاحب : أما إذا قالوا - املنقح، ويلقبونه ب) عالء الدين علي بن سليمان السعدي( أما املتأخرون فيطلقون لفظ القاضي على املرداوي -

. 85ص)طبعة دار إحياء التراث العريب(املدخل يف مذهب أمحد البن بدران : ينظر. واتهد يف تصحيح املذهب .1/124: جمموعة الرسائل املنريية، البن تيمية- )3(

الفصل التمھیدي

ويكون وهو أن يكون كل قول من أقوال املختلفني يضاد اآلخر وحيكم خبطئه أو بطالنه،، -من جهة احلكم ال من جهة الفتوى–يقول البعض حبرمته والبعض حبله كأن الشيء الواحد يف

هذا الفعل حرام كشرب قليل من النبيذ املسكر كثريه غري عصري العنب، واملخالف فاحلكم بأنمن جهة الفتوى كإنسان يف حالة ضرورة وخممصة مل جيد االختالف فيه وليس .يقول قليله حالل

رمقه فهو حالل له يف هذه احلالة كفتوى، أما احلكم العام فهو حرمته عند ذلك النبيذ ليسد الإ .)1(من يقول بذلك

وقوع اختالف التضاد بني املسلمني وأن احلق يف قول أحد اتهدين ومن خالفه أماوهو الذي فالعملية، ألمور العلمية واألمورخمطئ يف األصول والفروع، يف العقائد واألعمال، يف ا

اختلف عنهم وعليه أئمة العلم، وإن -رضي اهللا عنهم–عليه الكتاب والسنة وإمجاع الصحابة دلفالصحيح من مذاهبهم وقوع هذا النوع وهو الذي ال يشك فيه من نظر إىل أقواهلم ،يف النقل

ه قطعيا، وإما ظنا فيما كان ومناظرام وختطئتهم ألقوال خمالفيهم إما يقينا وقطعا فيما كان دليل﴿:قال تعاىل،)2(دليله ظنيا

﴾ .]79، 78: نبياءاأل[

حكم أصاب فله أجران، وإذافإذا اجتهد احلاكم «:-صلى اهللا عليه وسلم-وقال النيب .)3(»اجتهد فأخطأ فله أجرف

نة الكربى، ملالك املدو. 516ص )1595: (حترمي اخلمر، رقم احلديث: املوطأ، ملالك بن أنس، باب : يراجع يف ذلك - )1(املغرب، وزارة عموم (، التمهيد البن عبد الرب، حتقيق مصطفى بن أمحد العلوي وآخرين 4/410، )دار صادر: بريوت(

دار إحياء : القاهرة(، احمللى، البن حزم الظاهري، حتقيق أمحد شاكر 7/126، )هـ1402، 2األوقاف اإلسالمية، طدار : بريوت(ما بعدها، فتح الباري لشرح صحيح البخاري، البن حجر العسقالين و 7/478، )التراث، دون تاريخ النشردار الكتب : بريوت(، شرح معاين اآلثار، للطحاوي احلنفي، حتقيق حممد زهري النجار 10/33، )الفكر بدون تاريخ النشر

.وما بعدها 4/221، )م1979-هـ1399، 1العلمية، ططبعة دار 129– 2/114االعتصام، للشاطيب، الباب التاسع، . بتصرف 360ة، ص روضة الناظر، البن قدام: ينظر- )2(

.الفكر ،13/282)7352(رقم بأجر احلاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ :باب ": االعتصام"أخرجه البخاري يف كتاب - )3(

. 6/293)1716(برقم " األقضية"ومسلم يف كتاب

الفصل التمھیدي

وهو حديث تلقته األمة بالقبول، وهو صريح يف أنه حيكم باجتهاده فيخطئ : قال ابن قدامة )1(اهـ. ويؤجر دون أجر املصيب

اشتهر -رضي اهللا عنهم–الصحابة أما اإلمجاع فإن: ابن قدامةوأما إمجاع الصحابة فقال يف - رضي اهللا عنه–عنهم يف وقائع ال حتصى إطالق اخلطأ على اتهدين، من ذلك قول أيب بكر

أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن اهللا، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، واهللا : الكاللةيكن صوابا اكتب هذا ما رآه عمر، فإن: تبهالك -رضي اهللا عنه–عمر وقال. نورسوله منه بريئا

. يكن خطأ فمن عمر فمن اهللا وإنواهللا ما يدري عمر أصاب أم أخطأ، وقال علي لعمر يف املرأة اليت : وقال يف قضية قضاها

ا أنت مال شيء عليك إن: أرسل إليها فأجهضت ذا بطنها وقد استشار عثمان وعبد الرمحن فقااليك إن يكونا قد اجتهدا فقد أخطآ، وإن يكونا ما اجتهدا فقد غشاك، عل: مؤدب، فقال علي

: يف إحراق زنادقة الرافضة قال عليو .الدية، فرجع عمر إىل رأيه

2 من : وقال !بن إبنا، وال جيعل أبا األب أباال يتقي اهللا زيد، جيعل ابن اإلأ: وقال ابن عباس

.)4(يف العول )3(شاء باهلتهصلى اهللا عليه -أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول اهللا : وقالت عائشة

.)5(أن يتوب، وهذا اتفاق منهم على أن اتهد خيطئ إال -وسلم

: يف. و ينظر حنوه. بتصرف 360ص)م1991، 1اجلزائر طبعة دارالسلفية، ط(روضة الناظر، البن قدامة املقدسي - )1(

).طبعة دار الفكر(129، 2/114االعتصام للشاطيب، الباب التاسع .2/129االعتصام - )2( ﴿: قال تعاىل. العنته، من املالعنة: باهلته مبعىن - )3(

﴾ ]تفسري القرطيب، ]61: آل عمران ، .6/270، املغين البن قدامة، 5/68 . هو الزيادة يف األسهم والنقص يف األنصبة": املرياث"يف علم الفرائض العول- )4(، 1/39، إعالم املوقعني البن القيم، 367– 366روضة الناظر، البن قدامة، ص : ينظر8/185مصنف عبد الرزاق – )5(

.2/129، االعتصام للشاطيب، 216، 215، 54

الفصل التمھیدي

: الف ينقسم إىل نوعنيوهذا النوع من اخل .اختالف سائغ غري مذموم– 1 .اختالف غري سائغ مذموم– 2

اخلالف السائغ غري املذموم –النوع األول

وهذا هو اختالف اتهدين من فقهاء ومفتني وحكام يف املسائل االجتهادية وهي اليت ال يوجد فيها نص قطعي ة صحيحة أو إمجاع قدمي، من كتاب أو سنوهذا سواء أكان أو قياس جلي ،

أو يف األحكام بني الفقهاء، ولعل -كما سنبين الحقا وهذا نادر –ية االعتقادية مليف األمور العندرة املسائل االعتقادية اليت فيها خالف سائغ ليس عليه دليل ظاهر هو السبب الذي جعل الكثري

معظم املسائل االعتقادية الكربى ك ألنعون من خالف يف مسائل األصول؛ وذلمن العلماء يبديف للعقاب را مستحقامقص - يف األغلب األعم –عليها األدلة القاطعة، وهلذا كان املخالف فيها

. الدنيا واآلخرةالكثري من العلماء القيف املسائل العملية دليل قطعيوألجل كثرة املسائل اليت ليس عليها

.)1(وال يأمث املخالف فيه تالف سائغاخلالف يف الفروع اخ أنمن الصحابة أو م أحدوهذا النوع من االختالف وقع من الصحابة والتابعني، وال يذ

،العلماء األعالم من التابعني واألئمة الفقهاء بسبب اخلالف الذي وقع منهم، فكلهم طالب حق فاجتهد مث أصابإذا حكم احلاكم «:فإذا وقعوا يف طلبهم للحق فهم معذورون، ويف احلديث

.)2(»فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر

. وما بعدها 1/261روضة الناظر، البن قدامة، . 150 ،119، 118، 2/117االعتصام، للشاطيب، : ينظر- )1(

.طبعة دار الكتب العلمية، بريوت 2/363واملستصفى للغزايل، .34، صسبق خترجيه قريبا- )2(

الفصل التمھیدي

: أسباب هذا اخلالف السائغمن هذه األسباب أن الشرع مل ينصب دليال قاطعا على كل املسائل، بل جعل دليال .1

وهذا معلوم ضمنيا حيتاج لبحث واجتهاد ونظر يقوم به من حصل مقومات االجتهاد والنظر، باالستقراء بأدلة الشريعة واختالف العلماء، ابتداء من عصر الصحابة فمن بعدهم، كما سبق

. )1(وأن أشرنا إليهومنها أن أفهام العباد خمتلفة متفاوتة، قد فضل اهللا بعضهم على بعض فيها، فما يدركه هذا .2

: ر القرآن إىل ذلك بقوله تعاىلال يفهمه هذا، وما يراه الواحد قد يغيب عن اآلخرين، وقد أشا﴿ ﴾]ه هو الذي ]79: األنبياءن سبحانه أنفهيم وبيسليمان بالت فخص ،

.فهمهاخلالف يف مآخذ األحكام وفروعها كاختالف األئمة يف األخذ أو عدم األخذ ببعض .3

ستصالح وعمل أهل املدينة املصادر والقواعد االجتهادية كاالستحسان واالستصحاب واال .ومفهوم املخالفة وغري ذلك مما خيتلفون يف األخذ به

)( -الاإلنصاف يف التنبيه على األسباب اليت أوجبت االختالف بني املسلمني : "ومن املؤلفات املفيدة يف هذا ا

اإلنصاف يف بيان " ، و)هـ1394طبعة دار الفكر، سنة : دمشق(، بتحقيق حممد رضوان الداية بطيلوسيللسيد ال"وآرائهمطبعة دار ابن حزم، : بريوت(، بتحقيق مشترك بني حممد صبحي بن حسن احلالق، وعامر حسني للدهلوي "أسباب االختالف

طبعة دار مكتبة احلياة، : بريوت" (عن األئمة األعالم رفع املالم"والبن تيمية حبث مطول عن ذلك يف كتابه ). هـ1420سنة من سبقه من املؤلفني وحتدث عنها بإسهاب يف كتابه ا، كما نبه اإلمام القرايف إىل أسباب أخرى مل ينبه إليه)م1980

/ هـ1425، 1طعن األحكام وتصرفات القاضي واإلمام، طبعته دار الكتب العلمية ببريوت، ىاإلحكام يف متييز الفتاو"وما بعدها، وممن ألف يف هذا املوضوع 2/114، "االعتصام"م، وحبث هذا املوضوع أبو إسحاق الشاطيب يف كتابه 2004

، والدكتور رمضان سعيد "حماضرات يف أسباب اختالف الفقهاء"فضيلة الشيخ األستاذ علي خفيف بعنوان : من احملدثني، وحممد "آثار االختالف"، والدكتور مصطفى سعيد اخلن يف كتابه "فقه املقارنحماضرات يف ال"البوطي يف مقدمة كتابه املغرب، منشورات كلية اآلداب، –الدار البيضاء " (نظرية التقعيد الفقهي وأثرها يف اختالف الفقهاء"الروكي املغريب يف كتابه

.221، ص )مطبعة النجاح اجلديدة . 21ص) خلالفمشروعية ا: مطلب(يف هذه املذكرة - )1(

الفصل التمھیدي

ومنها اختالف طريقة التعلم والتعليم بني علماء املسلمني يف بالدهم املختلفة وقد فطر اهللا .4ضرورية يف إدراك التعامل مع هذا (*)العباد على التأثر مبا تعلموه أوال، ومعرفة هذه األسباب

.الفاالختاالجتهاد يف معرفة الصحيح من هذه األسباب ال ميكن إزالتها عرفنا أن فإذا علمنا أن

مسائل االختالف، وما يرجحه البعض من أهل العلم فيها مبا وصل إليه فهمه وعلمه من أدلة، وحبسب قدرته على النظر والبحث واالجتهاد لن يلغي اجتهاد غريه، ولن خيرج املسألة عن كوا من مسائل االجتهاد، وبالتايل ال تضيق الصدور بوجود هذا بني أهل العلم، كما حيدث لدى كثري

كل مسألة فيها قول راجح مطلقا، ومل ممن تعود السؤال دائما عن الراجح من األقوال، وظن أنالسؤال عن الراجح من األقوال ه راجح عند فالن، ومرجوح عند غريه، وال شك أنيتفطن أن

واألدلة أمر حممود من طالب العلم، ودليل على ورعه وعدم حرصه على تعدد األقوال، لينتقي ب االختالف بشهوته أطيبها وأقرا إىل رغبته كما يفعل كثري من اجلهلة، والذي سأذكره يف أسبا

. الغري السائغ املذمومخصه لنا اإلمام ومن األمور املهمة اليت تضاف إىل أسباب االختالف السائغ ما يل

القرآن نزل بلسان العرب وإنه عريب وإنه ال عجمة فيه، فبمعىن نفإن قلنا أ: " بقوله )1(الشاطيبة، وأساليب معانيها، وأنطرت عليه ها فيما فأنه أنزل على لسان معهود العرب يف ألفاظها خاص

اخلاص يف وجه، وبالعام يف وجه و يراد به العاممن لساا ختاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام وكل ذلك يعرف من أول الكالم أو وسطه أو . يراد به اخلاص، والظاهر يراد به غري الظاهر

آخره، وتتكلم بالكالم ينبئ أوله عن آخره، أو آخره عن أوله، وتتكلم بالشيء يعرف باملعىن وكل شياء الكثرية باسم واحد، كما يعرف باإلشارة، وتسمي الشيء الواحد بأمساء كثرية، واأل

اكتفيت بذكر هذه األسباب جمملة، وهناك أسباب أخرى ذكرها األصوليون، ملن أراد التفصيل يراجع املراجع السابقة، –(*)

. 37هامش صالعظمى يف الفنون اإلمامةله القدم الراسخة و" ي الغرناطي هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن حممد اللخم: الشاطيب - )1(

فوائد لطيفة، ا ، وعربية و غريها مع التحري والتحقيق، له استنباطات جليلة، ودقائق منيفة، وتفسريا،و حديثو ،والفقها، وأصغزارة تها ملا حتمله من أصالة فكرية، وليف نفيسة، عرف هلا أهل العلم مكانو له تآ..." و أحباث شريفة، و قواعد حمررة حمققة

حو،وكتاب االعتصام يف احلوادث ملوافقات يف أصول الفقه، و شرحه على اخلالصة يف علم النكتاب ا: يف املادة العلمية ، منها ملح أدبية، كتاب اإلفادات واإلشادات فيه طرف و ،فيه كتاب البيوع من صحيح البخاريكتاب االس شرح والبدع، و

تويف . و األجفاناوى كثرية مجعها الدكتور أب،كما أن له فتهاريعلم االشتقاق، وكتاب أصول النحو، وغ وكتاب االتفاق يف .اما بعدهو 46ص ) هـ 1351القاهرة مطبعة املعاهد سنة ( الديباج للتنبكيت زنيل االبتهاج بتطري: ينظر.هـ 790سنة

الفصل التمھیدي

، وال ميكن أن ... ا معروف عندها ال ترتاب يف شيء منه هي وال من تعلق بعلم كالمها هذيفهم لسان العرب من جهة فهم لسان العجم؛ الختالف األوضاع واألساليب، والذي نبه على

وكثري ممن أتى . ل الفقههذا األخذ يف املسألة هو الشافعي اإلمام يف رسالته املوضوعة يف أصو . )1("وباهللا التوفيق. بعده مل يأخذها هذا املأخذ، فيجب التنبه لذلك

معرفة هذه األسباب، وأنه ال سبيل إىل إزالتها جيعلنا ال حناول السري يف طريق يتمناه فإنه، أال وهو أو تلقيه من دون غري البعض لقلة فهمه هلذه املسائل، ولقراءته لواحد من أهل العلم

حماولة توحيد األمة يف كل املسائل على قول واحد، وقد يتعمق هذا لدى بعض املبتدئني من طالب العلم حني جيد كثريا من العلماء خاصة املعاصرين ينتصر لقول مضعفا ما سواه، بل ربما ال

، وال شك أنيشري إىل اخلالف أصال فضال عن اإلشارة إىل درجته، وهل هو سائغ أو غري سائغرده على من طلبه - رمحة اهللا عليهم–هذا مسلك ما سلكه أحد من أئمة العلم، بل املشهور عنهم

.منهموالبد أيضا من االستفادة من فقه التنوع؛ لتالقح األفكار والبقاء لألصح واألصلح يف إطار

أن أشري إليها يف هذا يف مقولة جيدر –الضوابط الشرعية، وذلك لتجنب ما أشار إليه الشاطيب إن تعويد الطالب أال يطلع إال على مذهب واحد، ربما يكسبه نفورا : "، يقول رمحه اهللا-املقام

أو إنكارا لكل مذهب غري مذهبه ما دام ال يطلع على أدلته، فيورثه حزازة يف االعتقاد يف م ملقاصد الشارع وفهم فضل األئمة، أئمة أمجع الناس على فضلهم وتقدمهم يف الدين وخرب

.)2("أغراضهفإذا كان الشاطيب يف زمانه خياف هذا اخلوف فكيف بزمن أصبحت فيه األفكار ليست

حكرا على أحد؟ بل على طالب العلم أن يطلب العلوم بال حد .

يف وضع يف بيان قصد الشارع :" املسألة األوىل من النوع الثاين من مقاصد الشارع ، املوسوم بـ. [ املوافقات للشاطيب )1(

.51-2/50، حتقيق عبد اهللا دراز ] الشريعة لإلفهام .2/296، )12: املسألة(مقاصد املكلف : -القسم الثاين من املقاصد–املوافقات، للشاطيب، كتاب املقاصد - )2(

الفصل التمھیدي

قد عزمت أن آمر : قال ملالك - ملا حج- )2(أن أبا جعفر املنصور )1(روى ابن عساكر ه اليت وضعتها فتنسخ مث أبعث لكل مصر من أمصار املسلمني منها نسخة وآمرهم بأنبكتبك هذ

الناس قد سبقت إليهم يا أمري املؤمنني ال تفعل هذا؛ فإن: فقال. يعملوا مبا فيها وال يتعدوه إىل غريهمن أقاويل الناس ومسعوا أحاديث وروايات، وأخذ كل قوم مبا سبق إليهم وعملوا به ودانوا به

اختالف الناس، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد .)3(منهم ألنفسهم

:أمثلة لالختالف السائغ

وهي كما سبق يندر يف أصوهلا هذا النوع من اخلالف، :يف األمور االعتقادية والعلمية -1اته وربوبيته وألوهيته، واإلميان مبالئكته وكتبه بل أصوهلا الكربى من اإلميان باهللا وأمسائه وصف

، أو امع عليها من أهل )4(ين بالضرورةمن املعلوم من الد إماورسله، واليوم اآلخر والقدر، كلها .)5(العلم

ولكن توجد يف بعض تفاصيل ذلك بعض االختالفات السائغة أشار إليها العلماء، كما ربه، وخالف -صلى اهللا عليه وسلم - ذلك اخلالف يف رؤية النيب من - رمحه اهللا- ذكر ابن تيمية

. - رضي اهللا عنهما –يف تفضيل عثمان على علي اخلالف يف تفسري بعض آيات القرآن، ومنها ما - على سبيل املثال –ومن هذا النوع أيضا

﴿: يتعلق باألمساء والصفات كقوله تعاىل ﴾]هل هذه من ]115: البقرة ،

، "عساكر ابن"بـ: احلافظ أبو القاسم، علي بن أيب حممد احلسن بن هبة اهللا بن عبد اهللا بن احلسني، املعروف: هو- )1(

غلب عليه احلديث فاشتهر به، وبالغ . ، كان حمدث الشام يف وقته، ومن أعيان الفقهاء الشافعية"ثقة الدين: "الدمشقي، امللقبالتاج : ينظر. بدمشق وحضر الصالة عليه السلطان صالح الدين رمحه اهللا 571: ت. يف طلبه إىل أن مجع منه ما مل يتفق لغريه

.84ر الطراز اآلخر واألول، أليب الطيب احلسيين البخاري القنوجي، ص املكلل من جواهر مآثعبد اهللا بن حممد بن علي بن عبد اهللا بن عباس، أبو جعفر املنصور، ثاين خلفاء بين العباس، كان عاملا بالفقه : هو - )2(

، )ت.دار الفكر، د: بريوت(بغدادي تاريخ بغداد، للخطيب ال: ينظر). هـ158: ت(واألدب والفلسفة والفلك، حمبا للعلماء 10/53.

.66، 65اإلنصاف يف بيان أسباب اخلالف، للدهلوي، ص - )3( .ما انتشر بني املسلمني حىت علمه اخلاص والعام والعامل واجلاهل: املقصود من املعلوم من الدين بالضرورة - )4( .مجاع فيه وإن مل يكن منتشرا بني عوام املسلمنيالذي يعرف العلماء اإل أي ؛أهل العلم نموامع عليه - )5(

الفصل التمھیدي

﴿قال عكرمة عن ابن عباس )1(آيات الصفات أم ال؟ ﴾ ،قال قبلة اهللاأينما توجهت شرقا وغربا، وحنوه عن جماهد وشهد هلذا ما ذكر يف سبب نزوهلا، فالوجه على هذا

يف هذا الوجه وسار فالن يف ذلك الوجه، فليست من آيات سرت : التفسري الوجهة كما يقالا غري واحد من علماء السلف على إثبات صفة الوجه هللا سبحانه وتعاىل، فعلى الصفات، واحتج

داخل يف األمور -أي القرآن الكرمي – هذا هي من آيات الصفات فاالختالف يف فهم معانيه . العلمية واالعتقادية، وأكثره خالف سائغ

ومنه اخلالف يف رؤية اهللا تعاىل يف اآلخرة، هل هي خاصة باملؤمنني أم يراه أهل املوقف مجيعا مث حيجب عن الكفار؟ أم يراه املؤمنون واملنافقون مث حيجب املنافقون؟ على ثالثة أقوال

هممعروفة وإن2(.ما انعقد إمجاع أهل السنة على رؤية املؤمنني رب( كثري من مسائل التكفري، وهي مسألة اعتقادية أصال وينبين عليها كثري ومنها اخلالف يف

من األحكام، ومع ذلك فقد ثبت فيها االختالف حبيث ال يضلل املخالف، كمسائل تكفري تارك واملباين األربعة عدا الشهادتني تكاسال، فمن رأى كفر تارك الصالة ال يقول عمن مل )3(الصالةبل بإمجاعهم ال يضلل وال يبدع فضال ر الكافر، فهو كافر أو ضال أو مبتدع،أنه ال يكف: يكفره

)4(.عن تكفريه :قد اخترت منها املسائل اآلتيةو أن حتصى، من وهي أكثر: ية الفقهيةلميف األمور الع -2 منها االختالف يف كثري من أمور الوضوء والصالة، ووجوب املضمضة واالستنشاق أم

على اليسرى على الصدر ىناستحبابه، ووضع اليم أم وجوب الترتيب يف الوضوءاستحباا، و

.2/422ن، للقرطيب، آاجلامع ألحكام القر - )1( ﴿: يف تفسري قوله تعاىل 7/40: املصدر نفسه- )2( ﴾ ]يف 8/197و. ]103: األنعام

﴿:قوله تعاىل ﴾ ]يف قوله تعاىل 19/80و]26: يونس:﴿

﴾]23، 22: القيامة.[ وذهب اجلمهور، مالك .ذهب إىل تكفري تارك الصالة أمحد يف رواية وإسحاق بن راهويه وعبد اهللا بن مبارك وغريهم- )3(

حنيفة وأمحد يف رواية وقبلهم الزهري وعمر بن عبد العزيز وغريهم إىل أنه كفر ال ينقل عن امللة، مع اتفاقهم والشافعي وأبوبداية اتهد واية املقتصد البن رشد احلفيد : ينظر. ا فهو كافر إن كان مثله ال جيهل ذلكوعلى أن من تركها جاحدا لوج

، الفقرة 1/48االعتصام للشاطيب، . 87، 1/86، كتاب الصالة، )م1989/ هـ1409دار أشريفة ببوزريعة، : اجلزائر()125.( .31وما بعدها، فقه اخلالف بني املسلمني، ياسر حسني برهامي، ص 1/86ينظر بداية اتهد، - )4(

الفصل التمھیدي

بعد الركوع وإرساهلما، والرتول على الركبتني أم على اليدين يف السجود، وقراءة الفاحتة خلف اإلمام خاصة يف اجلهرية، واالعتداد بالركوع أم اشتراط قراءة الفاحتة يف صالة املسبوق، وجلسة

تركها، وبطالن الصالة يف املساجد اليت بنيت على القبور أم كراهتها حترميا مع االستراحة واإلجزاء، ووجوب قضاء فوائت املتروك بدون عذر أم عدم جواز قضائها أصال، وصالة النفل

. )1(الذي له سبب يف أوقات الكراهة كتحية املسجد وغري ذلك كثري وهل لكل بلد رؤيتهم أم يلزم مجيع البالد رؤية بلد مسألة اختالف املطالع يف رؤية اهلاللومنها ،

. )2(واحد ووجوب كفارة اليمني، وكذلك طالق وقوع الطالق املعلق أم عدم وقوعهومنها االختالف يف

. )3(الثالث بلفظ واحد هل يقع ثالثا أم واحدة وجوب ومنها اخلالف يف وجوب ستر املرأة وجهها عن الرجال األجانب أم استحبابه فقط ،

.)4(النقاب واجللباب أم استحبابه 5(أم ال؟ التصوير هل هو داخل يف النهي عن) توغرايفالفو(ومنها اخلالف يف التصوير الشمسي(. ومنها اخلالف يف أكل اللحوم املستوردة من دول أوربا وأمريكا هل جيوز أكلها أم حيرم، وهذا

.)6(فروعالنوع من اخلالف مسائله أكثر من أن حتصى يف ال

.2/89، شرح النووي على مسلم 1/123خالف األمة يف العبادات البن تيمية -)1( .15قارن لسعيد رمضان البوطي صحماضرات يف فقه امل -)2( .99، حماضرات يف فقه املقارن لسعيد رمضان البوطي ص478، 248، 332اختالف الفقهاء للمروزي ص -)3( ﴿:اجلامع ألحكام القرآن أليب عبد اهللا القرطيب يف تفسري قوله تعاىل -)4( ﴾ ]31: النور[

.174 – 12جزء .109ص) 1994-15املكتب االسالمي ط: بريوت(احلالل و احلرام يف اإلسالم ليوسف القرضاوي - )5(ما و2/337)1994-1مؤسسة الرسالة، ط :بريوت(حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي للدكتور فتحي الدريين -)6(

الك، األم للشافعي، املغين البن قدامة، بداية اتهد واية املقتصد املدونة لإلمام م: يراجع مجلة هذه األحكام يف حمالهاو.بعدها .البن رشد، اختالف الفقهاء للطحاوي، وللمروزي، شراح خمتصر اخلليل

الفصل التمھیدي

:تنبيه هام جدا

اخلالف يف املسألة خالف سائغ مقبول أنه جيوز لكل واحد أن ينتقي ليس معىن أن 1(ا من القولني دون اجتهاد، فهذا سبيل إىل الزندقة واالحنالل، وقد أمجع العلماءبالتشهي أي( ه ال أن

اهـ. طاتت والسقجيوز تتبع رخص العلماء فضال عن الزال

: فالواجب على اإلنسان على حسب مرتبته يف العلم العامل اتهد يلزمه البحث واالجتهاد، ومجع األدلة والنظر يف الراجح منها، فما ترجح .1

إىل اخلالف شريأن يالبلوى اعنده قال به وعمل به وأفىت، وما أحراه يف املسائل اليت تعم .فيها مع بيان ما يراه صوابا

ي املقلد العاجز عن معرفة الراجح بنفسه عليه أن يستفيت األوثق األعلم من أهل العلم والعام .2عنده ويسأله عن الراجح، فيعمل به يف نفسه، وجيوز نقله لغريه من غري إلزام هلم به، ومن

. غري إنكار على من خالفه بأي من درجات اإلنكارالف السائغ أو غري السائغ بأخذ ما يشتهي، أما ما يفعله كثري من أهل زماننا يف مسائل اخل

بني املذاهب، ال حبسب األدلة )2(بل يفعله كثري من املنتسبني إىل العلم ويفيت البعض جبواز التلفيقصلى اهللا -الناس، أو أن الرسول علىأو تيسريا واالجتهاد بل مبجرد موافقته ما يظنونه مصلحة

، فهذا اجلهل العظيم املخالف لإلمجاع)3(»رمهااختار أيس مل خيير بني أمرين إال« -عليه وسلمما اختيار األيسر هو يف األمور االختيارية، أما ما ، فإن)5(كما نقله أبو عمر بن عبد الرب. )4(القدمي

كان فيه إمث وحالل وحرام وواجب ومندوب فالبد من الترجيح واالجتهاد على حسب درجة كل

.360فيما نقل أبو عمر بن عبد الرب يف جامع بيان العلم وفضله، ص - )1( . 150سيأيت تعريفه يف املبحث الثاين من الفصل الثاين ص - )2(بني أمرين إال -صلى اهللا عليه وسلم-ما خير رسول اهللا: "إشارة إىل احلديث الذي روته أم املؤمنني عائشة رضي اهللا عنها- )3(

حملمد فؤاد عبد الباقي " اللؤلؤ واملرجان"متفق عليه، كما يف ". اختار أيسرمها ما مل يكن إمثا، فإن كان إمثا كان أبعد الناس عنه ).1502:رقم() هـ1368ار إحياء الكتب العربية سنة د: القاهرة( .وما بعدها 360اجلامع لبيان العلم وفضله، ص - )4(يوسف بن عبد اهللا بن حممد بن عبد الرب، أبو عمر القرطيب، حافظ، أحد أعالم األندلس، و كبري : ابن عبد الرب هو - )5(

التمهيـد، اإلسـتـذكـار، : ه كتب كثرية منهااحلديث و التاريخ، ل و العربية و ها، كان ثقة نزيها متبحرا يف القفهيحمدث .119، شجرة النور ص2/367الديباج : ينظر. هـ458: هـ، وقيل463تويف سنة . و اإلستعاب، وغريها

الفصل التمھیدي

ذا يف مسائل اخلالف السائغ فما بالك يف اخلالف غري السائغ كما سيأيت واحد كما سبق بيانه، وه . شاء اهللا تفصيله إن

:)1(أمهية إدراك وجود هذا االختالفكل كثريا من طالب العلم ال ينتبهون إىل وجود هذا النوع من االختالف، ويظنون أن إن

غض املخالف له، وهذا قد يوجد من مسائل االختالف بني العلماء مما يعادى فيه وألجله، ويباهللا وإدراك وجود هذا النوع من االختالف أسباب الفساد والضغائن والتعادي ما ال يعلمه إال

يسعنا ما وسع "وعدم إمكان إزالته يوسع صدور املسلمني الحتماله، وليكن شعارنا يف ذلك ة واأللفة بني السلف مع وجود هذا ، فإذا بقيت املود"السلف الصاحل، وال يسعنا ما مل يسعهم

االختالف فليكن هذا حالنا أيضا، ولنرفق باملخالف لنا، وال يزيد إنكارنا على جمرد املذاكرة مبا نريد ألنفسنا، كما قال - أي املخالف -العلمية وبيان األدلة اليت نرى رجحاا، وأن ننصفه

، فلو فعلنا ذلك )2("ر احلق على يديهما ناظرت عاملا إال وددت أن يظه: "اإلمام الشافعيلف، ولوصلنا تخبني اآلراء املتنافرة والفكر املوحاولنا التقريب بني وجهات النظر الستطعنا اجلمع

.إىل نتيجة حممودة أقلها أن خنرج من حيز كفر وإميان إىل حيز خطأ وصواب

األحكام ، اإلنصاف يف بيان أسباب االختالف يف )هـ728: ت(رفع املالم عن األئمة األعالم، البن تيمية : يراجع - )1(

، معرفة اخلالف الفقهي قنطرة إىل حتقيق الوفاق اإلسالمي، للدكتور زكريا عبدالرزاق )هـ1179: ت(الفقهية للدهلوي .م1990دار اإلميان، سنة –املصري، طبعة مؤسسة الرسالة

الوهاب إبراهيم أبو سليمان لعبد -تأصيل وحتليل–يف الفقه و أصوله -رمحه اهللا-منهجية اإلمام حممد بن إدريس الشافعي – )2( . 73ص) م1999/هـ1420 -1املكتبة املكية مبكة املكرمة، ط -دار ابن حزم ، بريوت(

الفصل التمھیدي

هذا اخلالف رمحة معىن أن: ف يف الفروع ضربا من ضروب الرمحة، ما روي عن القاسم بن حممد و بيان كون االختال

يضا ما روي عن ، وأ)1(رمحة للناس -صلى اهللا عليه وسلم-كان اختالف أصحاب حممد : ه قالأنه كان يقولعمر بن عبد العزيز أن" :مل -صلى اهللا عليه وسلم-أصحاب حممد ين لو أنما سر

.)2(" تكن رخصةخيتلفوا؛ ألم لو مل خيتلفوا مليفرقها يف آفاق اإلسالم ا أراد أن يكتب كتبه وقول اإلمام مالك للخليفة هارون الرشيد ملو

اختالف العلماء رمحة من اهللا تعاىل على يا أمري املؤمنني ال تفعل، إن: ليحمل عليها األمة، قال لهاختالف أميت « -يه وسلمصلى اهللا عل-رسول اهللا وقد يستدل مبا روي عن. )3(هذه األمة

قله ابن عبد الرب عن مالك كما ن" االختالف يف األحكام"املراد ، فهو كالصريح يف أن)4(»رمحةخمطئ ومصيب، فعليك : -صلى اهللا عليه وسلم-قال يف اختالف أصحاب رسول اهللا من أنه

ما هو بالنسبة باالجتهاد، إن قال ناس فيه توسعة على األمة كما و ليس: قال ابن عبد الرب. االجتهاده فال توسعة عليه يف ، فاتهد مكلف مبا أداه إليه اجتهاد)فعليك باالجتهاد(إىل اتهدين لقوله

؛ أي ملقلديهم، »اختالف أميت رمحة للناس« :فقول احلديث. ما التوسعة على املقلدإناختالفهم، ومن كان أهال لالجتهاد له : رد على من قالما هو الإن" اخل...خمطئ ومصيب"و مساق قول مالك

.رمحة الصحابة دون غريهم

.مر معنا قريبا ختريج كل من األثرين - )2(،)1(ة مؤسس: بريوت(كشف اخلفا و مزيل االلتباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس، المساعيل بن حممد العجلوين - )3(

.66-65اإلنصاف للدهلوي ص: وينظر. و ما بعدها 1/66)هـ1405-4الرسالة، ط .بسند منقطع عن ابن عباسالفقهي خل داحلديث رواه البيهقي يف امل": كشف اخلفا"قال العجلوين يف : احلديث - )4(

مرفوعا، و " احلجة"دسي يف و نصر املق" الآللئ"فيه ضعف و عزاه الزركشي و ابن حجر يف وأخرجه الطرباين و الديلمي، و هأنه حديث مشهور على األلسنة و قد أورد –احلافظ بن احلجر -قرأت خبط شيخنا يعين ": املقاصد"قال اإلمام السخاوي يف

و كثر السؤال عنه، و زعم الكثري من األئمة أنه ) اختالف أميت رمحة للناس(ابن احلاجب يف املختصر يف مباحث القياس بلفظ كشف اخلفا للعجلوين . له، لكنه ذكره اخلطايب يف غريب احلديث و استطرد يف رده على املعارضني هلذا احلديثال أصل

، فيض القدير شرح اجلامع 92-11/91صحيح مسلم بشرح النووي : و ينظر الكالم على احلديث. و ما بعدها 1/66 .2/504الصغري لعبد الرؤوف املناوي

الفصل التمھیدي

- صلى اهللا عليه وسلم-ما التوسعة يف اختالف أصحاب رسول اهللا إن: قال إمساعيل القاضيري أن ا أن تكون توسعة ألن يقول اإلنسان بقول واحد منهم من غتوسعة يف اجتهاد الرأي، فأم

.هم اجتهدوا فاختلفواعلى أن لكن اختالفهم يدلويكون احلق عنده فيه فال، .)1(كالم القاضي هذا حسن جدا: قال أبو عمر

:قد نظم أحدهم ذلك يف شعرو

2 .االختالف غري السائغ املذموم: النوع الثاين من أنواع اختالف التضاد

:بعةمن االختالف الفقهي ما يكون قبيحا مذموما، وأسباب هذا النوع من اخلالف أر فكثري من الناس جيهلون األمر املشروع املسنون الذي حيبه اهللا ورسوله، والذي سنه : اجلهل .1

.ألمته وأمرهم به - صلى اهللا عليه وسلم - الرسول اختالفهم مع الصحابة كان بسبب وقد كان اجلهل هو الداء الذي أصاب اخلوارج، فإن

وقد وصفهم الرسول ،- اهللا عليه وسلمصلى -جهلهم بداللة النصوص، وبأحاديث الرسول ين كما ميرق اوز حناجرهم، ميرقون من الديقرؤون القرآن ال جي«:بقوله - صلى اهللا عليه وسلم–

3(»ميةالسهم من الر(. ن هلم ما هم فيه من بي -رضي اهللا عنهما–س احرب هذه األمة ابن عب موعندما ذهب إليه

سكوا ا، فرجع منهم ألفان، وقد كان اجلهل هو الداء الذي باطل وكشف هلم الشبهات اليت مت

.، و ما بعدها2/300فضله البن عبد الربجامع بيان العلم و - )1(مسلم باب التحريض على قتل /15/185)4670...(باب من راءى بقراءة القرآن :البخاري – )2(

.5/306ج)1771(اخلوارجيف : ، و الدارمي يف كتاب اجلهاد باب 4/258) 4764(يف قتال اخلوارج : أخرجه أبو داود يف كتاب السنة باب– )3(

ي مع دعون املعبود بشرح سنن أيب داود، للعالمة أيب الطيب حممد مشس احلق العظيم آبا: ينظر، و 2/714 قتال اخلوارج، 2نشر املكتبة السلفية، ط: املدينة املنورة(شرح ابن احلافظ بن قيم اجلوزية، ضبط وحتقيق عبد الرمحن حممد عثمان

.13/80، )م1968/هـ1388

الفصل التمھیدي

وجل عن جهل، ولذلك مساهم اهللا بالضالني، أصاب النصارى، فإن هم كانوا يعبدون اهللا عز .)1(وجبهلهم ابتدعوا كثريا من العبادات والقربات، وحرموا على أنفسهم الطيبات

- النيب وروي عن . اليت تدعى بزالت العلماءة ذومن اخلالف املذموم تتبع األقوال الشاوما هي يا : قالوا. ي أخاف على أميت من بعدي من أعمال ثالثةإن« :قوله- صلى اهللا عليه وسلم

ما زلة أو. )2(» أخاف عليكم من زلة العامل، ومن حكم جائر، ومن هوى متبع: رسول اهللا؟ قال .العامل؛ فبخروجه عن طريق الشرع

ز إعارة اجلواري للوطء وجواز األكل للصائم يف رمضان ما بني الفجر كالقول جبوا ال جيوز األخذ ا البتة؛ -على فرض صحة نسبتها إىل أصحاا - واإلسفار، فأمثال هذه األقوال

ولعل هذا هو املراد مما نقل عن اإلمام . )3(ها من الشواذ املخالفة ألصول الشريعة وقواعدهاألن . أخذ بنوادر العلماء خرج عن اإلسالم من: )4(األوزاعي

قد يقع االختالف بسبب ظلم بعض هذه األمة لبعض، وبغي بعضها على :الظلم والبغي .2بعض، وبسبب الظلم والبغي يقع النهي عن أمور شرعها اهللا على سبيل الوجوب أو االستحباب،

: اخلبيث، وذمهم اهللا بذلك،قال، وقد وقع أهل الكتاب يف هذا املرض عنه وقد يأمرون مبا ى اهللا﴿

﴾]وهذا االختالف يكون بسبب التباغض والتدابر ]19: آل عمران ، .ك فريقا على خمالفة الفريق اآلخر يف أقواله وأفعاله وإن كانت حقاوالتحاسد، فيحمل ذل

، طاملا لبغي واالستطالة عليهومن أعظم وأهم أسباب العالج أن نعلم حرمة املسلم وحرمة ابقي يف دائرة اإلسالم ومل خيرج منها إىل الكفر، فنتعامل بالشرع مع من عاملنا به ومع من مل

تاقباهللا فيهيعاملنا، فما ع ق اهللا فيك، مبثل أن تتقي5(من مل يت(.

.باختصار 130 -2/129 االعتصام، للشاطيب: ينظر- )1(فيه كثري : اهليثمي قال نور الدين . 2/361وينظر جامع بيان العلم و فضله قسم ،)14(الكبري املعجم ورواه الطرباين يف - )2(

يف أئمة الظلم واجلور وأئمة : جممع الزوائد ومنبع الفوائد، باب. ، وبقية رجاله ثقاتبن عوف املزين وهو متروكبن عبد اهللا .5/239) هـ1407دار الريان للتراث، : القـاهـرة( الضاللة

. 4/104املوافقات هامش - )3(. هـ157عبد الرمحن بن عمر بن أيب عمر األوزاعي، احلافظ، الثقة، عامل أهل الشام، مات يف بريوت مرابطا سنة : هو- )4(

. 4/401، سري أعالم النبالء، 1/124ينظر تذكرة احلفاظ، .47اخلالف بني املسلمني، ص قهف: ينظر - )5(

الفصل التمھیدي

اهلوى ما واه النفس، ومتيل إليه، واهلوى إن مل يكن :واتباع الظن )1(اهلوى املذموم .3 .حمكوما بالكتاب والسنة يوقع يف املذموم

يف بيان قصد الشارع - وقد قرر أبو إسحاق الشاطيب يف النوع الرابع من مقاصد الشارعأن املقصد الشرعي من وضع الشريعة اخراج املكلف - ملكلف حتت أحكام الشريعةيف دخول ا

. )2(عن داعية هواه، حىت يكون عبدا هللا اختيارا، كما هو عبد هللا اضطرارا، وقد حذر اهللا رسوله من اتباع )3(وكثري من الفرق الضالة ضلت بسبب اتباع اهلوى ﴿:فقال -املذموم–اهلوى ﴾]وحذر من ]26: ص ،

﴿: اتباع أهواء أهل الضالل

﴾]77: املائدة[ . رمي مع والقرآن الك -صلى اهللا عليه وسلم-ر بالرسول وقد محل اهلوى اليهود على الكف

﴿به،والقرآن مرتل من عند اهللا،ر الرسول مرسل من علمهم بأن

﴾]89:البقرة[،﴿ ﴾]20: نعاماأل[. .)4(قد كان هواهم يف أن يكون الرسول منهم ال من بين إمساعيل

الدخول حتت التعبد الشارع اخلروج عن اتباع اهلوى، وقصد فهذا كله واضح يف أن .للموىل

- روي عنه مطلقا، ومنه اهلوى احملمود الذي يوافق الشرع، كما " اهلوى"ألنه هو املراد إذا ورد لفظ ؛قيدته باملذموم - )1(

. 4/369" تاريخ بغداد"أخرجه اخلطيب يف »ال يؤمن أحدكم حىت يكون هواه تبعا ملا جئت به «: - عليه الصالة والسالموقال عمر بن . 10/458-463ذيب التهذيب : ينظر ". حديث ضعيف ألجل نعيم بن محاد:"حلافظ بن حجر فيه قال ا

.بالعسل، والترهيب من اهلوى املذموم يكافئ منطقيا الترغيب يف اهلوى احملمود ةعبد العزيز إذا وافق احلق اهلوى فذلك الزبد .2/128املوافقات للشاطيب - )2( .باختصار 2/128للشاطيب االعتصام - )3( .190، 2/122وما بعدها، االعتصام 2/128املوافقات للشاطيب )4(

الفصل التمھیدي

:واخلالصةراجعة يف - كما قال أبو إسحاق الشاطيب- ثالثة وما يف معناهاهذه األسباب الفإن

وهو اجلهل مبقاصد الشريعة، والتخرص على معانيها بالظن من غري : جه واحدالتحصيل إىل و .)1(تثبت، وال يكون ذلك من راسخ يف العلم

هذه نبذة عن االختالف الفقهي نشأته وتطوره ومشروعيته، وأنواعه، وأهم أسبابه، واملوقف ي باختصار ومرتلة مراعاة يف بيان أصول املذهب املالك هالسليم منه، أما املبحث املوايل فأخصص

.اخلالف بينها

.طبعة دار الفكر 2/126االعتصام، للشاطيب، - )1(

الفصل التمھیدي

.أصول املذهب املالكي: املطلب األول

)1(يف الفقه هو مبدأ أهل احلجاز الذي أسسه سعيد بن املسيب - رمحه اهللا–مبدأ مالك كان مالك يذهب إىل قول : )2(وقال ابن املديين ،-عنه رضي اهللا–أخذا عن عمر بن اخلطاب

. - رضي اهللا عنه–، وسليمان بن يسار يذهب إىل قول عمر بن اخلطاب )3(سليمان بن يسار

اإلمام سعيد بن املسيب بن حزن بفتح احلاء وسكون الزاي، ابن أيب وهب القرشي املخزومي، أحد العلماء الثقة : هو- )1(

: تذكرة احلفاظ(هاء السبع الكبار من أجل التابعني اتفقوا على أن أصح املراسيل مرسالته، تويف بعد التسعني األثبات والفق ). ،4/84ذيب التهذيب، 4/54

، والقاسم بن حممد بن أيب بكر الصديق )هـ91: ت(، وعروة بن الزبري )هـ90:ت(سعيد بن املسيب : والفقهاء السبعة هم، )هـ94:ت(، وعبيد اهللا بن عبد اهللا بن عتبة بن مسعود )هـ100:ت(بن زيد بن ثابت ، وخارجة)هـ105: ت(

هو أبو سلمة بن عبد : ، وأما السابع فقد اختلف يف تعيينه، فقيل-رضي اهللا عنها–وسليمان بن يسار موىل أم املؤمنني ميمونة ، وقيل هو أبو بكر بن عبد الرمحن بن -هللا عنهرضي ا–هو سامل بن عبد اهللا بن عمر بن اخلطاب : الرمحن بن عوف، وقيل

:-جريا على القول الثالث–احلارث بن هشام، ونظمهم أحدهم قائال

، كشف النقاب احلاجب من مصطلح احلاجب، البن فرحون 23، 1/22، إعالم املوقعني، 2/384طبقات ابن سعد، : ينظر

االصطالح . 175– 173، ص )م1990، 1دار الغرب اإلسالمي، ط(املالكي، حتقيق محزة أبو فارس وعبد السالم الشريف .48عند املالكية، حملمد إبراهيم أمحد علي، ص

بن املديين، أن أصله من املدينة ومولده بالبصرة، كنيته أبو ابن جنيح السعدي الذي يقال له هو علي بن عبد اهللا بن جعفر - )2(صلى اهللا عليه -كان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول اهللاو. وخ البخارياحلسن، يروي عن محاد بن زيد، و هو من شي

، البن حبان بن أمحد أبو "الثقات:"نظر هـ، ي234تويف سنة . ، ممن رحل و مجع وكتب و صنف و حفظ وذاكر-وسلم- 8/469، ج)م1975/هـ 1395: دار الفكر، ط: بريوت(، حتقيق السيد شرف الدين أمحد )354:ت(حامت التميمي

470. أعتقته وأعتقت إخوته، روى عن موالته -أبو عبد الرمحن وقيل أبو أيوب موىل ميمونة أم املؤمنني رضي اهللا عنها: هو- )3(

أحد األئمة وأحد الفقهاء : "وابن عباس وزيد بن ثابت ومجاعة، روى عنه الزهري ونافع وقتادة، قال عنه النسائي وأم سلمة، وفيات األعيان، البن خلكان، 4/228ينظر ذيب التهذيب البن حجر، . هـ107تويف سنة ". العشرة مث السبعة

.175-5/174، 2/384 طبقات ابن سعد،. 5/332سري أعالم النبالء للذهيب، . 2/399

الفصل التمھیدي

وليس بني القولني تعارض، فكل منهما يكشف جانبا من احللقات اجلماعية اليت تسلسل فيها فقه : ي بال، وهو طرفا هذه السلسلةأهل املدينة، كما أن القولني معا، يتفقان يف أمر ذ

.)1(فهي تبتدئ من عمر بن اخلطاب، وتنتهي إىل مالك بن أنسما وجد كل ذلك وإن. مل يؤسس مذهبه، ومل يضع أصوله وقواعده -رمحه اهللا-فمالك

املذهب : "قولنا ومن هنا فإن. جاهزا مستقرا، وورثه تاما ناضجا، فسار عليه واجتهد يف إطارهمبعىن أن املذهب املالكي هو املذهب الذي ينتسب إليه مالك وليس ا إالال يكون سليم "املالكي

.)2(املذهب الذي ينسب إىل مالكال جيدون أي يالذين يتكلمون عن األصول اليت يتميز ا املذهب املالك وكذلك فإن

".مالكية"ال قبل أن تكون أصو" عمرية"ما هي أصول تلك األصول إن صعوبة يف إدراك أنفمذهب أهل املدينة يرجع يف كثري منه إىل عهد عمر، فضال عما يرجع منه إىل السنة

، فكل ذلك متأصل فيه نابع -دين اهللا تعاىل–النبوية بل األمر يرجع قبل كل شيء إىل اإلسالم ، مث -همرضي اهللا عن- منه، مث جاءت جتربة عمر ومدرسة عمر، مدعمة بالرأي اجلماعي للصحابة إذا تبين ذلك، فقد …توالت احللقات العلمية االجتهادية لفقهاء املدينة، مث حلقة مالك بن أنس

حلقة من املذهب املالكي مذهب ينتسب إليه مالك بن أنس، وأن هذا اإلمام ليس إال ظهر أنأقوم الناس : - رمحه اهللا–كما قال ابن تيمية -يف عصره وفيما بعد عصره–ه كان ، غري أنهحلقات

.)3(مبذهب أهل املدينة رواية، وأكثرهم به درايةما )2(اركداملب ــك يف ترتيـال ملنهج اإلمام مالـعرضا مفص )1(يقدم لنا القاضي عياضو

ترتيب االجتهاد على ما يوجب العقل، ويشهد له الشرع، تقدمي كتاب اهللا عز وجل إن: "نصه

طبعة الدار العاملية للكتاب اإلسالمي واملعهد : الواليات املتحدة األمريكية(نظرية املقاصد للدكتور أمحد الريسوين : ينظر- )1(

عمل أهل املدينة بني مصطلحات مالك وآراء األصوليني للدكتور أمحد . 76، ص )م1995العاملي للفكر اإلسالمي، سنة وكتاب املسائل اليت بناها اإلمام مالك على عمل أهل . 51، ص)م2000دار البحوث اإلسالمية سنة : ديب(حممد نور سيف

.1/62، )ضمن جمموعة عمل أهل املدينة– 2000دار البحوث اإلسالمية، سنة : ديب(املدينة للدكتور حممد املدين بوساق .بتصرف 20/320البن تيمية، ، نقال عن جمموع الفتاوي79نظرية املقاصد للريسوين، ص - )2( .20/320، ىاوتجمموع الف- )3(هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصيب السبيت االندلسي، كان إماما يف خمتلف العلوم يف وقته، حافظا - )1(

: وينظر .مبراكش) هـ544: ت( املعلم، و الشفا، و ترتيب املدارك، وغري ذلك، : ملذهب مالك، له تصانف مفيدة منها .224-2/223، الفكر السامي 141-140شجرة النور . 51، 2/46اج الديب

الفصل التمھیدي

ن تقدمي نصوصه، مث ظواهره، مث مفهوماته، مث كذلك السنة على على ترتيب أدلته يف الوضوح مترتيب متواترها ومشهورها وآحادها، مث ترتيب نصوصها وظواهرها ومفهوماا، مث اإلمجاع عند عدم الكتاب ومتواتر السنة، وعند عدم هذه األصول كلها القياس عليها واالستنباط منها، إذ

اتر السنة، وكذلك النص مقطوع به، فوجب تقدمي ذلك كله، كتاب اهللا مقطوع به، وكذلك متو، مث أخبار اآلحاد عند عدم الكتاب واملتواتر امث الظواهر مث املفهوم؛ لدخول االحتمال يف معناه

صلني وتركهم نظر أنفسهم مىت بلغ خرب لى القياس بإمجاع الصحابة على األوهي مقدمة ع امنهمنهم يف ذلك، مث القياس أحرى عند عدم األصول على ما الثقة وأمثاهلم مقتضاه دون خالف

مضى عليه عمل الصحابة ومن بعدهم من السلف املرضيني رضي اهللا عنهم أمجعني، وأنت إذا نظرت ألول وهلة منازع هؤالء األئمة ومآخذهم يف الفقه واجتهادهم يف الشرع وجدت مالكا

تبا هلا مراتبها ومداركها مقدما كتاب اهللا عز ناهجا يف هذه األصول مناهجها مر -رمحه اهللا–وجل على اآلثار، مث مقدما هلا على القياس واالعتبار، تاركا منها ما مل يتحمله الثقات العارفون ملا

مث . الغفري من أهل املدينة قد عملوا بغريه وخالفوه عحيملونه أو حيملونه، أو ما وجد اجلمهور واجلمملشكالت وحتريه عن الكالم يف املعوصات ما سلك به سبيل السلف الصاحل، يف ا هكان من وقوف

.)3("وكان يرجح االتباع ويكره االبتداع :-رمحه اهللا –اإلمام مالك حىت قال

، فذلك موضوع يتطلب وال أريد يف هذا املطلب أن أدرس هذه األصول أو أفصل فيها

عمال مستقال، وحسيب تعدادها على سبيل اإلمجال، وذكر بعض أقوال علماء املالكية يف عددها، .)1(علماء املالكية اختلفوا يف تعدادها اختالفا كثريا ذلك أن

املصدر منه كاسم يم و هو خطأ؛ ألنه مأخوذ من أدرك الرباعي، ومدرك بفتح امل"الشائع على السنة الفقهاء قراءة لفظ - )2(

القياس، كما هو مقرر يف حمله، ونبه من أفعل، واستثنيت كلمة مسموعة خرجت عن -بضم امليم -املفعول على وزن مفعلدار الكتب العلمية : بريوت (، للفيومي "صباح املنري يف غريب شرح الكبري للرافعيامل: " ينظر . عليه يف املصباح

).درك(، مادة )م1978/هـ1398ن تاويت الطبخي ترتيب املدارك و تقريب املسالك ملعرفة أعالم مذهب مالك، للقاضي عياض، عارض أصوله حممد ب - )3( .1/89) هـ1403وزارة االوقاف و الشؤون اإلسالمية، : املغرب (معىن الوجازة يف، اإلشارة إىل معرفة األصول و1/87يب املدارك ترت: ينظر أصول املذهب املالكي يف املراجع األتية - )1(

، 445ح الفصول للقرايف ص، شرح تنقي3/285، احملصول من علم األصول البن العريب 23-22الدليل للباجي صو ما بعدها، 2/123، البهجة شرح التحفة للتسويل 113، تقريب الوصول البن جزي ص 30-3/29املوافقات للشاطيب

الفصل التمھیدي

األدلة : )4(ما نصه )3(عامل فاس الشهري فيما نقله عن الفقيه راشد )2(قال أبو حممد صاحلف : عليها مالك مذهبه ستة عشراليت بىن

نص الكتاب، وظاهر الكتاب، وهو العموم، ودليل الكتاب، وهو مفهوم املخالفة، ومفهوم ة كقوله وهو التنبيه على العل(، وتنبيه الكتاب )مراده مفهوم املوافقة(الكتاب، وهو باب آخر

﴿: تعاىل …﴾ ] 145: األنعام[ (. : اإلمجاع، والثاين عشر: ومن السنة أيضا مثل هذه اخلمسة فهذه عشرة، واحلادي عشر

: قول الصحايب، واخلامس عشر: عمل أهل املدينة، والرابع عشر: القياس، والثالث عشر : احلكم بسد الذرائع، واختلف قوله يف السابع عشر: االستحسان، والسادس عشر

على )1(اعيه ومرة ال يراعيه، كذا يف حاشية سيدي الطالبوهو مراعاة اخلالف، فمرة يرونظمها بعضهم مع خمالفة يف أصناف . )4(ومن ذلك االستصحاب: )3(قال أبو احلسن. )2(مياره

:األدلة املذكورة وجعلها ستة عشر فقال

، األصول اليت إنفرد ا اإلمام 358، اإلمام مالك أليب زهرة ص 350فتح الودود على مراقي السعود لعبد اهللا الشنقيطي صىل أصول الفقه املالكي حملمد خمتار ولد باه، اجلواهر ، املدخل إ1/453السامي للثعاليب الفكر، 75مالك لزقالم حممد ص

. 115الثمينة يف بيان أدلة عامل املدينة للمشاط ص . هـ653كان شيخ املغرب علما وعمال، له تقييد على الرسالة، تويف سنة … أبو حممد صاحل اهلسكوري من أهل فاس- )2(

. 185، شجرة النور، ص 2/232الفكر السامي للحجوي الثعاليب، : رينظ. ودفن بفاسكتاب احلالل : هو أبو الفضل راشد بن أيب راشد الوليدي، العامل املتبع، مل يكن يف زمانه أتبع للحق منه، له مؤلفات منها- )3(

.2/232امي، الفكر الس. 201شجرة النور، ص: ينظر. هـ675واحلرام، وحاشية على املدونة، تويف سنة الفكر : و ينظر 123/ 2) م1977طبعة دار املعرفة للطباعة والنشر : بريوت (البهجة شرح التحفة للتسويل : ينظر- )4(

.385، 1/383السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي، للحجوي الثعاليب، القرن الثالث عشر، ومن عائلة علمية أبو عبد اهللا حممد الطالب بن محدون بن احلاج من كبار فقهاء املالكية يف: هو- )1(

األزهار الطيبة النشر على املبادئ العشر، ورياض الورد وما : معروفة، توىل قضاء اجلماعة مبراكش مث بفاس، له تآليف منها) ارةمي(انتهى إليه هذا اجلوهر الفرد، تكلم فيه على نسب أبيه، وحاشية على شرح الشيخ حممد بن أمحد الفاسي الشهري بـ

تويف يف ذي . على املرشد املعني، مطبوعة، وهي حاشية نفيسة اشتملت على الكثري من الفوائد واملعلومات املهمة، له فهرسة .401شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية، ص : ينظر. هـ 1273احلجة سنة

الفصل التمھیدي

5

م معزواالستدالل(ا حلاشية سيدي الطالب فزاد على ما تقد (ه استغىن عن ذكره بأدلة وكأناالستدالل املراد به إقامة الدليل من الكتاب والسنة، أما على الكتاب والسنة اخلمس بناء على أن

و قياس متثيل فال ميكن حينئذ املراد باالستدالل ما ليس بنص من كتاب أو سنة أو إمجاع، أ أنمشتمل أنواعا كالقياس املنطقياالستغناء بذكر أدلة الكتاب والسنة عنه؛ ألن ذا احلد وقياس )6(ه ،

ياملراد ذا االستدالل عندهم هو ما أشار له صاحب مراق ؛ ألن)2(، وفقد الشرط)1(العكس : السعود بقوله

فاسي الشهري مبياره ملنظومة عبد الواحد بن حاشية سيدي الطالب بن محدون بن احلاج على شرح حممد بن أمحد ال: ينظر- )2(

.1/16، )هـ1316، 1املطبعة األمريية، ط" (املرشد املعني"عاشر املسماة شرحه على حتفة : نوازيل، له مؤلفات منهاالفقيه الهو القاضي أبو احلسن التسويل علي بن عبد السالم املدعو مبديدش، - )3(

اودي على المية الزقاق، ومجع فتاوي شيخه حممد بن إبراهيم وضمها إىل فتاويه احلكام البن عاصم وحاشية على شرح الت . 397شجرة النور الزكية، ص : ينظر. هـ 1258تويف سنة . فجاءت يف جملدات

.2/123، )م1977طبعة دار املعرفة للطباعة والنشر، : بريوت(شرح التسويل على التحفة : ينظر- )4( . 111اط ص اجلواهر الثمينة للمش - )5(إلثبات حقائق سبق العلم ا، ولكن حصلت الغفلة عن جوانب منها إذ يأيت القياس : صيغة شكلية: القياس املنطقي- )6(

ينظر . وهو أحد طرق االستدالل غري املباشر، وأقومها إنتاجا. اخلصم بالتسليم ا إذ هو أنكرها ااملنطقي منبها عليها، أو ملزمدار : دمشق(عبد الرمحن حسن حبنكة امليداين لاالستدالل واملناظرة، صياغة للمنطق وأصول البحث ضوابط املعرفة وأصول

.227، ص )م1998، 5القلم، طهو إثبات عكس حكم شيء مبثله لتعاكسهما يف العلة، واملراد بعكس احلكم ضده، أو نقيضه، مثاله : قياس العكس- )1(

أرأيتم لو وضعها يف حرام أكان عليه : أيأيت أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ قال " - صلى اهللا عليه وسلم–قوله .حديث مسلمالوضع يف : الوضع يف احلرام، ومثل ذلك الشيء: احلديث، فاحلكم هو ثبوت الوزر، وعكسه ثبوت األجر، والشيء" وزر؟

.227ص : ضوابط املعرفة. احلاللوال يلزم من وجوده وجود وال عدم لذاته، فظهر أن القيد راجع إىل الشرط هو ما يلزم من عدمه العدم : فقد الشرط- )2(

.228ضوابط املعرفة، ص . العدم أي فقد الشرط والوجود، وفقد الشرط يكون إما ملانع، أو لعدم وجود سبب

الفصل التمھیدي

:فبهذا احلد يشمل األنواع املذكورة كما نبه عليه الناظم يف كتاب االستدالل بقوله

3

وزاد أيضا املصلحة املرسلة، وتصديق املعصوم، واالستقراء، والرباءة األصلية، والعرف، .بعضها نظر ليس هذا حمل بسطهواألخذ باألخف، ويف

وأما زيادة أربعة الكتاب، وأربعة السنة الزائدة على نصها فقد اكتفى الناظم عن بسطها بىن مذهبه - رمحه اهللا–مالكا فيتحصل من مجيع ما تقدم أن. )4("كتاب، السنة"باإلمجال لقوله

.)5(على أربعة وعشرين دليال

بن ا، حسبما ينقل عنه )2(عشرة )1(أبو بكر بن العريبلقاضي ا -قبل هذا وذاك-وقد عدها والسنة وعمل أهل الكتاب: ، على حني مل يذكر منها القاضي عياض سوى أربعة فقط)3(هالل

.)4(املدينة والقياس

.2/255نشر البنود على مراقي السعود، - )3( .2/09املصدر نفسه، - )4( أدلة عامل املدينة، حلسن بن حممد املشاط، دراسة وحتقيق، الدكتور عبد الوهاب إبراهيم اجلواهر الثمينة يف بيان: ينظر- )5(

.116، ص )م1990/هـ1411، سنة 2دار الغرب اإلسالمي، ط: بريوت(بن سليمان عالم اإلسالم القاضي أبو بكر حممد بن عبد اهللا بن حممد املعروف بابن العريب املعافري األندلسي اإلشبيلي، أحد أ: هو- )1(

وفقهائه، رحل إىل املشرق وتلمذ على أعالم عصره كأيب بكر الطرطوشي وأيب حامد الغزايل، وأخذ عنه العلم عدد كبري من عارضة االحوذي شرح الترمذي، : العلماء كالقاضي عياض وابن بشكوال، تقلد وظيفة اإلفتاء أربعني عاما، وله تآليف منها

لك شرح موطأ مالك، اختصره يف كتابه القبس، اإلنصاف يف مسائل اخلالف، العواصم من أحكام القرآن، ترتيب املسا .هـ مبدينة فاس534تويف سنة . القواصم يف التاريخ، احملصول من علم األصول

.136، شجرة النور، ص 197/ 20: ، سري أعالم النبالء للذهيب4/296: وفيات األعيان، البن خلكان: ينظر الطبعة احلجرية، بتاريخ : فاس(نوازل بن هالل السجلماسي، تصحيح الفقيه الشريف املهدي الوزاين العمراين :ينظر- )2(

.05، ص )هـ1310

الفصل التمھیدي

: أصول اإلمام مالك أربعة عشر وهي فقد اعترب أن )5(أما القرايفحة املرسلة ينة والقياس وقول الصحايب واملصلالكتاب والسنة واإلمجاع وعمل أهل املد

والعرف واالستقراء وسد الذرائع واالستدالل األصلية والعوائد والرباءة واالستصحاب، .)6(واالستحسان

أدق إحصاء ألصول املذهب : هذا اإلحصاء هو األدق فقال )1(وقد اعترب الشيخ أبو زهرة .)2(يح الفصولاملالكي هو ما ذكره القرايف يف كتابه تنقومذهب : أصال آخر، هو شرع من قبلنا وقال -قبلهم- )3(وقد زاد القاضي عبد الوهاب

.)4(وغريه - عليه السالم–مجيع شرائع األمم شرع لنا إال ما نسخ وال فرق بني موسى املالكية أن

، أخذ عن القوري وابن هالل وغريمها، "نور البصر"هو أبو إسحاق إبراهيم بن هالل السجلماسي، جد اهلاليل صاحب - )3(

، ونوازل اهلاليل أو أجوبته مجعها ورتبها )هـ903: ت(تصر خليل يف أربعة أسفار له نوازل وفتاوي مشهورة وشرح على خم 265(علي بن أمحد اجلزويل، وقد صحح هذه النوازل الفقيه الشريف املهدي الوزاين العمراين، وطبعت باحلجر بفاس، يف

يق حممد األمني بن حممد فال بن عون احملتسب البن السالك، حتق. 58نيل االبتهاج، ص : ينظر. هـ 1310، سنة )صفحةدار : بريوت(األعالم للزركلي . 82، 81، ص )م1995املعهد العايل للدراسات والبحوث اإلسالمي، سنة : نواقشوط(آباه

. 1/78، )2002، 15املاليني، ط . 1/89ترتيب املدرك للقاضي عياض، : ينظر- )4(إمام بارع -رضي اهللا عنه–األعالم املشهورين يف مذهب اإلمام مالك هو شهاب الدين أمحد بن إدريس، أحد : القرايف- )5(

كتاب الذخرية يف الفقه من أجل : يف الفقه واألصول والعلوم العقلية، ألف كتبا مفيدة أمجع العلماء على حسنها وكماهلا منهاأصول الفقه وهو مقدمة الذخرية، كتب املالكية، وكتاب الفروق من أعظم ما أنتج الفكر اإلسالمي، وكتاب التنقيح يف

وكتاب األحكام يف التمييز بني الفتاوي واألحكام، وكتاب شرح التهذيب، وكتاب شرح اجلالب، والعقد املنظوم للخصوص ينظر الديباج . هـ 684تويف سنة . والعموم وكتاب تلقيح الفهوم يف تنقيح صيغ العموم، وغري ذلك من املؤلفات القيمة

.2/223: ، الفكر السامي188، شجرة النور الزكية، ص 239-1/236املذهب، .445شرح تنقيح الفصول، ص : ينظر- )6(هـ، درس 1316حممد بن أمحد أبو زهرة الفقيه األصويل احملقق املؤرخ احلنفي ولد مبدينة احمللة الكربى، سنة : أبو زهرة- )1(

هـ، واشتغل بالتدريس، ترك حوايل مخسني 1346دار العلوم سنة مبعهد طنطة، والتحق مبعهد القضاء، مث حصل على دبلوم تشنيف : ينظر. هـ ودفن مبسقط رأسه باحمللة الكربى،رمحه اهللا1395، وله مقاالت وحماضرات وفتاوي تويف سنة امصنف

.461ص ، )دار الشباب للطباعة، دون تاريخ: القاهرة(األمساع بشيوخ اإلجازة والسماع، حملمود سعيد بن ممدوح .257اإلمام مالك، أليب زهرة، ص - )2(

الفصل التمھیدي

.)5(وقد صحح ذلك بن العريب يف كتابه أحكام القرآن : يف ذكر أدلة املذهب أن قسمها إىل ضربنيأما اإلمام الشاطيب فكان جه

.ما يرجع إىل النقل: أحدمها .ما يرجع إىل الرأي، من غري أن يفصل فيهما: والثاين

ويرى املرحوم أبو زهرة أن اقتصار الشاطيب على هذا التقسيم له وجه معقول جدا؛ ألن )6(كلمة الرأي ة، كما أنعمل أهل املدينة وقول الصحايب كان يعتربمها مالك من شعب السن

تشمل بعمومها املصاحل املرسلة وسد الذرائع، والعادات واالستحسان واالستصالح والقياس .)1(ومراعاة اخلالف؛ ألن هذه من مشوالت الرأي

:أدق إحصاء ألصول املالكية

يدوا يف تعداد أصول املالكية، والظاهر أم مل ير - ممن سبق ذكرهم–اختلف كالم املؤلفني هو من ، وبعضهم مل يذكر سوى أربعة أصول كالقاضي عياض حصرها فيما ذكروه، بدليل أن

ا وذكر بعضهم األصول اليت ال يقول .كارداملقدم لنا عرضا مفصال ملنهج مالك يف ترتيب .أصول املالكية كاملصاحل املرسلة، ومنهم من مل يعنت بتعدادها أصالاملالكية، وأمهل بعضهم أهم

: عراق، له مؤلفات كثرية منهاعبد الوهاب بن نصر البغدادي املكىن بأيب حممد، إمام من أئمة املذهب املالكي بال: هو- )3(

ترتيب : ينظر .هـ422تويف سنة . رة ملذهب إمام دار اهلجرة، واألدلة يف مسائل اخلالف، واملعونة، والتلقني، وغري ذلكصالن .104-103، شجرة النور، ص 29-2/26الديباج، . 1/219املدارك،

نقال عن مراعاة اخلالف عند املالكية حملمد أمحد شقرون، 2/1790نفائس األصول يف شرح احملصول للقرايف، : ينظر- )4( .88ص

، )م1988/هـ1408، 1كتب العليمة، طدار ال: بريوت(أحكام القرآن، البن العريب، تعليق حممد عبد القادر عطا - )5(1/23. و منه السنة كما أشار إليه الشيخ أبـو زهرة -إىل ما يرجع اىل النقل احملض –رمحه اهللا -و هذا التقسيم من الشاطيب - )6(

خر؛ ألنصول األدلة، و إال فكل واحد من الضربني مفتقر إىل اآلبالنسبة إىل أ -أي التقسيم –وإىل الرأي احملض، فهو -قوالت البد فيه من النظر، كما أن الرأي ال يعترب شرعا إال إذا استند اىل النقل؛ فما يلحق بالضرب الثاين من ناإلستدالل بامل

و قد ترجع إىل . القياس، و اإلستحسان و املصاحل املرسلة و سد الذرائع ومراعاة اخلالف، إن قلنا إا راجعة إىل أمر اجتهادي .بشىء من التصرف 30، 3/29املوفقات للشاطيب . إن شهدنا أا راجعة إىل العمومات املعنوية) النقل( ل الضرب األو

، مراعاة اخلالف يف املذهب املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهب وقواعده، ص 258اإلمام مالك، أليب زهرة، ص - )1(73.

الفصل التمھیدي

إحصاء ألصول املالكية هو ما قام به بعض املتأخرين ممن أن -فيما ظهر–ه لذلك فإن أدقخصوا أصول املالكية مبؤلفات خاصة مجعوا فيها أصول املذهب بعد استقراء ومقارنة بني خمتلف

هذه األصول األقوال يف عد: يف نظمه ألصول املالكية يف تسعة )2(ومن هؤالء ابن أيب الكفالشنقيطي بشرح )3(عشرين بيتا، وقد شرحها حيي بن حممد املختار بن الطالب عبد اهللا الواليتو

. هـ1346وقد طبع بتونس سنة " إيصال السالك يف أصول اإلمام مالك"مساه ، وقد "اجلواهر الثمينة يف بيان أدلة عامل املدينة"يف كتاب مساه )4(والشيخ حسن املشاط

.الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان طبع بدراسة وحتقيق : وقد عد هؤالء أصول املذهب املالكي كما يلي

الكتاب والسنة واإلمجاع والقياس وعمل أهل املدينة وقول الصحايب واالستحسان واملصاحل .)1(املرسلة واالستصحاب وسد الذرائع والعرف والعوائد ومراعاة اخلالف

: وخالصة هذا املطلب

:بني لنا ما يليتي - رمحه اهللا–بعد عرض أصول مذهب اإلمام مالك حلقة ينة اليت يعد اإلمام مالكاألصول اليت متيز ا املذهب املالكي أصول مذهب أهل املد أن .1

.من حلقاا

يل، مل أقف على ترمجته بالكامل إال أنه من القرن الثالث عشر، أبو العباس أمحد بن أيب كف املغريب، عامل جل: هو- )2(

.ومنظومته مطبوعة بتونس، مع شرح إيصال السالك للشيخ حممد بن املختار الواليت الشنقيطي من أعالم فقهاء املالكية يف القرن الرابع عشر، له تآليف كثرية بني مطول وخمتصر، ورسائل، ترجم له تلميذه الشيخ أبو- )3(

هو العالمة العلم، اهلمام املهتم بتحرير العلوم أي اهتمام، احلافظ احلجة، السالك يف : "العباس بن املأمون احلسين مبا ملخصه. وكان مع اشتغاله باإلفادة تأليفا وتعليما يتجر يف الرب وغريه مع قدمه الراسخ يف العلم والعمل… اقتضاء السنة أوضح حمجة

.435ينظر شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية، ص . هـ1330تويف يف شعبان سنة إنارة الدجى يف مغازي خري الورى، : حسن بن حممد املشاط، أحد علماء احلرمني الشريفني، له تآليف مفيدة منها: هو- )4(

السنية يف شرح وشرح طلعة األنوار يف مصطلح احلديث، والبهجة السنية يف شرح اخلريدة يف علم التوحيد، والتقريراتاملنظومة البيقونية، والتحفة السنية يف أحوال الورثة األربعينية يف علم الفرائض، واحلدود البهية يف القواعد املنطقية، تعليقات

ينظر مقدمة اجلواهر الثمينة للمحقق عبد الوهاب أبو . هـ 1399تويف سنة . شريفة على لب األصول يف أصول الفقه .بعدها وما 17سليمان، ص

. وما بعدها 05وإيصال السالك، ص . وما بعدها 115اجلواهر الثمينة، ص : ينظر- )1(

الفصل التمھیدي

، هجها مرتبا هلا مراتبها ومداركهاج يف هذه األصول منا -رمحه اهللا–اإلمام مالك أن .2 .نقول باملعقول واملعقول باملنقول، مرجحا االتباع، كارها االبتداعمشفعا امل

أكثر املذاهب —رمحه اهللا–املذهب الذي ينسب إليه مالك عينأ –يعد املذهب املالكي .3ال ميكن حصر أصوله وقواعده، وهذه مزية جعلت املذهب املالكي : أصوال، حىت قال بعضهم

األوضاع والبيئات، وأكثر حيوية، وأقرب إىل مصاحل أكثر مرونة لسهولة تكيفه مع خمتلف .األنام وما حيسون وما يشعرون

العلماء يف عصور خمتلفة فاتسع -أي املذهب املالكي–وقد اختربه : "قال أبو زهرةملشاكلهم واختربه علماء القانون يف عصرنا احلاضر فكان مسعفا هلم يف كل ما حيتاجون إليه من

.)2("ديه وكثرة أصوله، ونوع األصول اليت أكثر منها، وأنه أكثر املذاهب أصوالعالج لكثرة جمته

.376اإلمام مالك، أليب زهرة، ص- )2(

الفصل التمھیدي

.موقع مراعاة اخلالف بني أصول املذهب املالكي: املطلب الثاين

وهو الوارث –اإلمام مالك واآلن، وقد انتهينا من عرض أصول املذهب املالكي، وتبيان أنه يرد يف أعقاب ذلك ،فإن-لى فقه مدرسة املدينة وأصوهلاقد أسس مناهج استدالله ع - للفقه املدينوتارة يراعي ":صول وهذه املناهج؟ وقول بعضهمبني هذه األ" مراعاة اخلالف"ما موقع : سؤال هو

" اخلالف وتارة ال يراعيه؟ولإلجابة عن هذا السؤال البد من إبراز ثالثة أمور هامة يتبني من خالهلا موقع مراعاة

. أصول مذهب مالك اخلالف بني .مراعاة اخلالف يف كتب األصول والقواعد :األمر األول ملاذا أغفل بعض املالكية ذكر مراعاة اخلالف يف تعدادهم ألصول مالك : األمر الثاين

.كما سبق ذكره يف املطلب السابق؟ -رمحه اهللا– .؟"الف ومرة ال يراعيهاإلمام مالك يراعي اخل أن: "وما معىن قول بعضهم: واألمر الثالث

والقواعد و الفقه مراعاة اخلالف يف كتب األصول: باألمر األولولنبدأ أصحاا املطالع يف كتب القواعد واألصول اليت جرى فيها ذكر مراعاة اخلالف، جيد أن

د مراعاة اخلالف تعد أصال من أصول مذهب اإلمام مالك رمحه اهللا وذلك طبعا بع قد صرحوا بأن .استقرائهم الفروع الفقهية وفتاوي اإلمام مالك اليت بناها على مراعاة اخلالف

وكثريا ما يقول عند تعليقه )2("…من أصل مالك مراعاة اخلالف: ")1(قال ابن رشد اجلد .)3("هذا على أصله يف مراعاة اخلالف: "على فتاوي اإلمام مالك

املقدمات، والبيان : حممد بن أمحد بن حممد بن رشد املالكي أبو الوليد القرطيب، اإلمام الفقيه، له تآليف كثرية منها: هو- )1(

.4/62شذرات الذهب، . 78ينظر الديباج املذهب، ص . هـ520ة تويف سن. والتحصيل، )م1986/هـ1406دار الغرب اإلسالمي، : قطر(البيان والتحصيل، البن رشد اجلد، حتقيق أساتذة من علماء املغرب - )2(

13/419. .4/369البيان والتحصيل، - )3(

الفصل التمھیدي

ي2(" املالكية مراعاة اخلالفمن أصول : "يف قواعده )1(وقال املقر( جتري كثريا يف فتاويهم ومسائلهم -رمحهم اهللا-مالكا وأصحابه إن: "وقال اإلمام الشاطيب

مراعاة اخلالف، ويبنون عليها فروعا، ويعلل به شيوخ املذهب الشارحون له أقوال من تقدم من هاء قاعدة مبنيا عليها، عمدة أهل مذهبهم من غري توقف حىت صارت عندهم أو عند مدرسي الفق

.)3("مرجوعا إليها .)4(ومراعاة اخلالف أصل يف مذهب مالك، ينبين عليه مسائل كثرية: "وقال يف االعتصام

عليه مذهبه بىن من مجلة ما فإن: "ويف البهجة شرح التحفة يقول أبو احلسن التسويل .)5("مراعاة اخلالف

عمل أهل املدينة : ئص مذهب مالك مخسة أصولأن خصا )6(وقد ذكر الشيخ الكتاين .)7(ومراعاة اخلالف العرفو واملصلحة املرسلة وسد الذرائع

حمققي املذهب الثقات، املتفنن يف العلوم، أخذ العلم عن أئمة أبو عبد اهللا حممد بن أمحد القرشي التلمساين، أحد: هو- )1(

يف فقه اإلمام مالك " القواعد"أعالم منهم الشاطيب ولسان الدين بن اخلطيب، وابن خلدون، وابن جزي وغريهم، ألف كتاب اسة وحتقيق أربعمائة قاعدة وهو كتاب عزيز مفيد مل يسبق إليه، قام بدر) 200(قاعدة ومائيت ) 1000(اشتمل على ألف

هـ، جبامعة أم القرى، بذل فيه جهدا علميا 1404قاعدة منه، أمحد بن عبد اهللا بن محيد للحصول على درجة الدكتوراه عام يتالءم وقيمة الكتاب العلمية، وله حاشية بديعة على خمتصر ابن احلاجب الفرعي، وغريها من املؤلفات القيمة، تولى القضاء،

.232ينظر شجرة النور الزكية، ص . هـ756وتويف عام ، )طبعة معهد البحوث العلمية وإحياء التراث اإلسالمي: مكة املكرمة(قواعد املقري حتقيق أمحد بن عبد اهللا بن محيد - )2(

1/236. طبعة دار : تبريو(املعيار املعرب، ألمحد الونشريسي، خرجه مجاعة من الفقهاء بإشراف الدكتور حممد حجي : ينظر- )3(

.6/367، )م1995الغرب اإلسالمي، .2/101، )2003طبعة دار الفكر، : بريوت(االعتصام، للشاطيب، مراجعة وتدقيق مكتب البحوث والدراسات - )4( .1/21البهجة شرح التحفة، - )5(علماء فاس مث رحل إىل احلجاز حممد بن عبد احلي بن عبد الكبري احلسين اإلدريسي الكتاين الفاسي، أخذ العلم عن: هو- )6(

ودخل مصر ودمشق وحضر دروس الشيخ سليم البشري باألزهر ورحل إىل اجلزائر وتونس، مث عاد إىل املغرب ودرس أنواع فهرس الفهارس واألثبات، والرحلة احلجازية، والتراتيب اإلدارية، واختصار العواصم من : منها ةالعلوم والفنون، له كتب كثري

وتشنيف األمساع بشيوخ . مقدمة كتابه فهرس الفهارس: ينظر. هـ1382عام -رمحه اهللا-تويف . البن العريبالقواصم .278اإلجازة والسماع، أليب سليمان حممود سعيد بن ممدوح، ص

. 93مراعاة اخلالف عند املالكية، ص . 111خصائص مذهب مالك، ص - )7(

الفصل التمھیدي

.)2("مراعاة اخلالف وهو أصل يف املذهب: "احلجوي )1(وقال الثعاليب .)3("اجلواهر الثمينة لبيان أدلة عامل املدينة"وكذلك فعل الشيخ املشاط يف كتابه

- رمحه اهللا–مراعاة اخلالف من أصول اإلمام مالك رية، كلها تؤكد أنوالنقول يف ذلك كثفإذا كان األمر كذلك، فلماذا أغفل بعض علماء املالكية ذكر مراعاة اخلالف بني أصول

. املذهب املالكي؟ وهو ما سنذكره يف النقطة املوالية

رمحه –لك يف إغفال بعض علماء املالكية يف تعدادهم ألصول ما: األمر الثاين .ذكر مراعاة اخلالف -اهللا

لقد أغفل بعض املالكية ذكر مراعاة اخلالف بني أصول املذهب املالكي مما دفع اإلمام .)4("قد عد الناس األدلة ومل أر من عد مراعاة اخلالف أصال منها: "الشاطيب إىل أن يقول

: تلخيص ذلك وعاة اخلالف قد أغفل الكثري منهم بعض الذين أغفلوا ذكر مرا إن: الذي ميكن أن يقال

أصول املذهب املهمة األخرى عدا مراعاة اخلالف وبعضهم نسب إىل املذهب أصوال ليست من ب مل يعمدوا إىل حتري الدقة يف عد أصول املذه - كما أشرنا سابقا-أن هؤالء ناأصوله، مما يدل

املذهب فقد ذكروا مراعاة اخلالف وا الدقة يف عد أصولعلى سبيل احلصر، أما الذين قصد .-رضي اهللا عنه–وفصلوا القول فيها باعتبارها أصال عريقا من أصول مالك

هـ، أخذ عن والده حفظ القرآن، والتحق جبامع 1291لفاسي، ولد بفاس سنة حممد بن احلسن احلجوي الثعاليب ا: هو- )1(

بني مطول وخمتصر، له ) 50(تآليفه اخلمسني تالقرويني وأخذ عن الفقيه سيدي حممد التهامي الوزاين وأمحد بن سوده، بلغوقد ترجم الثعاليب . هـ1376تويف سنة . الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي: فهرس فصل فيه هذه الكتب أشهرها

.1/09لنفسه يف كتابه الفكر السامي يف .1/151الفكر السامي، - )2( .115اجلواهر الثمينة، ص- )3( . بتصرف 77مراعاة اخلالف حملمد الشيخ سامل ص: ، وينظر6/376املعيار املعرب، للونشريسي، - )4(

الفصل التمھیدي

بعض الذين أغفلوا ذكر مراعاة اخلالف ينفون العمل ا، أو ال يعتربوا يضاف إىل هذا أنكروها بني أدلة املذهب يذوالقاضي عياض، فمن الطبيعي أال )1(حجة كابن عبد الرب واللخمي

اء من العمل موقف العلم( من الفصل األول الثاين يف املبحث يت ذكر ذلك بالتفصيل ، وسيأاملالكي ).مبراعاة اخلالف

وبعضهم حيتج مبراعاة اخلالف دون اعتبارها مصدرا أو أصال مستقال بل يدرجوا حتت .)2(أصل آخر كاالستحسان، للتشابه بينهما

من مجلة أنواع االستحسان مراعاة خالف العلماء وهو أصل يف مذهب إن" :قال الشاطيب .)3("مالك ينبين عليه مسائل كثريةمراعاة اخلالف وتقدم لنا يف االستحسان يف الطور األول، أن… : "وقال احلجوي الثعاليب

.)4("من االستحسان فليس بزائد عليهاملذهب عند بعض املالكية، فماذا عن األمر هذا عن إغفال ذكر مراعاة اخلالف بني أصول

.الثالث؟

تارة يراعي اخلالف - رمحه اهللا–اإلمام مالك أن: "يف معىن قول بعضهم: األمر الثالث ."وتارة ال يراعيه

قد يفهم البعض من هذا التعبري التردد يف نسبة القول مبراعاة اخلالف ملالك رمحه اهللا، أو

األمر ليس كذلك، والعبارة ال يراد ا ما توهمه، من أصوله، واحلقيقة أنعدم اجلزم بكوا أصالما مراد هؤالء أنإن ه ال اإلمام مالك كان يراعي بعض اخلالف دون بعض، وهذا معروف عنه أن

نا بشروط وضوابط سنذكرها يف حينها، وإاليراعي كل خلف، وإنفلو كان ما يراعي خالفا معي

روف باللخمي القريواين، رئيس الفقهاء يف وقته، وإليه الرحلة، تفقه بابن هو أبو احلسن علي بن حممد الربعي املع: اللخمي- )1(

توفي سنة . التبصرة، مشهور معتمد يف املذهب"، له تعليق على املدونة مساه …، وبه تفقه مجاعة منهم اإلمام املازري…حمرز .117ينظر، شجرة النور الزكية، ص . … هـ بصفاقص478

.94مراعاة اخلالف، لشقرون، ص :، وينظر 2/101،قسم االعتصام للشاطيب– )2( .2/101االعتصام، - )3( .1/355الفكر السامي، - )4(

الفصل التمھیدي

اخلالفات الشاذة والضعيفة ال ا استقر له قول، فإنمي كل خلف ملا ثبت له مذهب، ولاإلمام يراع .)1(تنتهي يف الفقه اإلسالمي

، )2(وتارة يراعي اخلالف وتارة ال يراعيه: "لذلك فإن معىن قول الفقيه أيب حممد صاحل

الكف يف منظومته اليت نظم ، وقول ابن أيب)3("أما مراعاة اخلالف فتارة وتارة: "وقول ابن محدون :فيها أصول اإلمام مالك

4 يعمل مبراعاة اخلالف إذا كان اخلالف من النوع الذي يراعيه خلف ه كانمعىن ذلك أن

ف إذا كان حسب شروطه اليت يشترطها يف اخلالف الذي جتب مراعاته، ويعدل عن مراعاة اخلال .اخلالف ليس من النوع الذي يراعيه

ا أحيانوليس املعىن مطلقا أن أخر يف اه كان يأخذ مبراعاة اخلالف أحيانا ويترك األخذ . حال واحد

وليس …: "وهذا ما تنبه له أحد املعاصرين، وهو عبد احلي بن صديق الغماري حني قالمن مالك يف تأصيل هذا األصل وعمله به، بل هو بيان األمر كما تومهوا؛ ألن هذا ليس اختالفا

كان مالك ال يراعي اخلالف كله، بل : بقوله- )5(كما نبه عليه ابن خويز منداد -ملوضع العمل بهمنه يف مراعاة البد -يضيف الشيخ الغماري–وهذا الشرط . الدليل ما كان قوي ال يراعي منه إال

فمراعاة اخلالف أصل من . ما يراعى لقوة دليله يراعى لذاته، وإناخلالف ال قول املخالف؛ ألنا، فإذا كان مالك مل يراعه يف أصول املذهب، باعتبار هذا الشرط، وهو كون دليل املخالف قوي

.بشىء من االختصار 6/388املعيار املعرب ليحي الونشريسي - )1( .2/355الفكر السامي، للحجوي، . 2/132البهجة شرح التحفة للتسويل، : ينظر- )2( .1/16الفاسي، ةعلى ميار حاشية ابن محدون: ينظر- )3( .130إيصال السالك، ص: ينظر- )4(له كتاب كبري يف اخلالف، وكتاب يف أصول الفقه، وكتاب يف أحكام القرآن، :"حممد بن أمحد بن عبد اهللا، أبو بكر: هو- )5(

يوجب ر، وأن خرب الواحدأن العبيد ال يدخلون يف خطاب األحرا: تيارات يف أصول الفقه منهاوعنده شواذ عن مالك، وله اخالديباج ". …العلم، ويف بعض مسائل الفقه حكاية عن مالك يف التيمم أنه يرفع احلدث، ومل يكن باجليد النظر وال قوي الفقه

.2/229املذهب،

الفصل التمھیدي

بعض األحوال فذلك لعدم قوة دليله ال الختالف قوله يف هذا األصل، كما يفيده كالم من مل .)1("ةميعن النظر يف هذه املسأل

والراجح أن مراعاة اخلالف أصل معتمد اعتمده اإلمام مالك يف : يقول حممد أمحد شقرونكثري من اجتهاداته مثله يف ذلك مثل املصلحة املرسلة، وسد الذرائع واالستحسان، وحىت الذين مل

حكام احتجوا ا وعللوا ا الكثري من األ -رمحه اهللا-يذكروا مراعاة اخلالف بني أصول مالك .الشرعية

وبعد عرض هذه األمور الثالث يتبني لنا جليا أن مراعاة اخلالف تتبوأ مكانة مهمة وموقعا . متميزا بني أصول وقواعد املذهب املالكي

أخذا عن مراعاة 64-63تبيني املدارك لرجحان سنية حتية املسجد وقت خطبة اجلمعة يف مذهب مالك، ص : ينظر- )1(

.79الف يف املذهب املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهب وقواعده، ص اخل

الفصل األول

معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

.

.

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 68 -

.معىن مراعاة اخلالف لغة و اصطالحا: املطلب األولة، مث تثنيته باحلد االصطالحي، ه لغمن بيان حد البد –مراعاة اخلالف - معىن )1(لتصور

كما أن التصديق ال يكسب إال )2(العلم إما تصور أو تصديق، والتصور إمنا يكسب باحلد نأل :اآلتيني وحيد ذلك يف الفرعني )3(لربهان با

األول الفرع: املعر ف لغةحد. اينـالث الفرع: املعر ف اصطالحاحد.

ذهان من املعارف بال شرط أي هو أول ما يقع يف األ ;األشياء واملعاين هو إدراك أي مفرد من مفردات :التصور -(1)

مث يربط بني هـذه املفردات اليت . اإلذعان، وفهم للمعىن املراد به ذلك املفرد من غري تعرض إلثبات شيء ، وال نفيه عنهحينئذ ننتقل من اإلدراك ، فإذا أدركنا هذه النسب فإنه وقعت صورها يف األذهان بنسب ما ، وهذه النسب إما مثبتة أو منفية

ضوابط املعرفة وأصول .وري الذي كان وحده إىل اإلدراك التصديقي معه، وبادراك هذه النسب نصدر حكمنا الفكري التص .19 -18االستدالل واملناظرة لعبد الرمحن حبنكة امليداين ص

قيح الفصول للقرايف شرح تن. أي به يصري امل مفصال عند املستمع ;هو شرح ما دل عليه اللفظ بطريق اإلمجال: د احل - )2( . 59، ضوابط املعرفة ص 28شرح األخضري على السلم ص : ، وينظر 11ص

.11الفصول للقراىف ص شرح تنقيح )3(

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 69 -

لغة )1(حـد املعرف :األول الفرع

هي أنه ينبغي أن يذكر يف ابتداء كل علم حقيقته ليتصورها الذي يريد مبقدمة ولنقدم و فينبغي تعريف معىن مراعاة " فمن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل" ،به قبل اخلوض فيهاالشتغال

ألن ؛ اإلضافةك من تعريف املضاف واملضاف إليه، واخلالف التركييب قبل التسمية، والبد يف ذل : وإن كان قول البعض نبدأ يف ذلك بتعريف املضاف،ركب يتوقف على العلم بأفراده ، واملبالعلم

ه كما يقول ألن )2( إليه عرف بتعريف املضافتاملضاف ي يعتىن بداءة باملضاف إليه، حمتجا بأنأنه يكتسبه املضاف التنكري، وهو الذي قابلم تعريف ;التعريف": يف اإلاج شرح املنهاج"السبكي

املضاف هذا ال يكتسبه املضاف من اجلهل وهو املقصود هنا و قابلم تعريفمن املضاف إليه، و . )3(إليه .-أي املضاف –سأبدأ بتعريف كلمة مراعاة و

ايف مركب إض -كما يعرب عنه البعض -" رعي اخلالف" أو " مراعاة اخلالف"هذه اجلملة بيان معىن كل واحدة منهما على حدة، مث النظر بعد ذلك فيما يقتضي حتديده فصل الكلمتني و

معروف من أصول املالكية، ا على أصلملعضع لقبا واملركب اإلضايف كونه و صار يدل عليه هذا :وهذا ما سيذكر يف الفقرات اآلتية

فهو التعريف والقول الشارح ، وهو : أما بكسر الراء . اللفظ امل املراد شرحه: ويقال له -بفتح الراء -: معرف -) 1(

. أن القول الشارح سبب ملعرفة املعرف أو احملدود: شيء وامتيازه عن كل ما عداه ، على معىن الذي يستلزم تصور ذلك المطبعة مكتبة الرشاد : اجلزائر(، مبادئ املنطق للدكتور خلضر األخضاري 59، ضوابط املعرفة ص 11شرح تنقيح الفصول ص

. 48ص ) بسيدي بلعباسسبق يف الذكر والذي املضاف هو األوىل بالبيان ألنه أ أن: د الرأي الثاين الذي يقول هذا الرأي حسنه اإلمام األيب، و أور - )2(

خر ال يؤثر يف ، فتقدمي أحدمها على اآل1/48: إكمال إكمال املعلم شرح صحيح مسلم لأليب. تبناه اإلمام السبكي يف اإلاج .، و اهللا اعلماملعىن ألن النتيجة واحدة وهي إدراك معىن املضاف و املضاف إليه

1/20:اإلاج يف شرح املنهاج للسبكي - )3(

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 70 -

.معىن املراعاة: أوال :أمهها معانيراد ا تطلق املراعاة والرعي يف اللغة و إما بغذائه احلافظ حلياته، أو بذب العدو نيف األصل حفظ احليوا الرعي: )1(قال الراغب :حلفظا -

﴿: قال تعاىل. السياسةأي حفظته، وجعل الرعي والرعاء للحفظ و ;رعيته: عنه، يقال

﴾ ]أي ما حافظوا عليها حق احملافظة، ويسمى كل سائس لنفسه أو لغريه ؛ ]27: احلديدومؤمتن، أي حافظ ؛)2( »كلكم مسؤول عن رعيتهكم راع وكل«: ثراعيا، كما جاء يف احلدي

)3( نظرهوالرعية كل من مشله حفظ الراعي و

.احلفظ ال يكون إال به ألن؛ ، اإلبقاء على الشيءاملراعاةوالرعي و - )4(قال ذو اإلصبع

)5( .أي مل يبقوا على أحد

راعيت أمر : ، يقالاعتبارهو ملراعاة مبعىن النظر إىل الشيء ومالحظته ومراقبتهوتأيت ا - .)6(اعتبارهاأي مالحظتها و ؛منه مراعاة احلقوقنظرت إىل ما يصري إليه أمره و؛فالن

غب، أديب لغوي سكن هو احلسن بن حممد بن الفضل أبو القاسم األصفهاين أو األصبهاين، املعروف بالرا: الراغب - )1(

502تويف .مها كثريوغري" مفردات ألفاظ القرآن "،"الذريعة إىل مكارم الشريعة: "تصانيف مفيدة منها بغداد و اشتهر، له . 4/59، معجم املؤلفني 2/255 ياألعالم للزركل. هـ

فضيلة : ومسلم يف اإلمارة باب ،2/466)893(اجلمعة يف القرى واملدن : أخرجه البخاري يف اجلمعة، باب: احلديث -)2( . 6/459 )1829(اإلمام العادل

.357ص) م1961/هـ 1380 –بعة نور حممد بكراتشيمط(مفردات غريب ألفاظ القرآن، للراغب األصفهاين - )3(ذو اإلصبع بن احلارث بن احملرث بن ثعلبة بن عدوان، شاعر جاهلي، لقب بذي اإلصبع ؛ ألن حية شت إصبع رجله – )4(

كانت له إصبع زائدة، عاش طويال حىت عد من املعمرين، له حروب و وقائع و أخبار، و شعره مليء : فقطعها، و يقال 1364طبعة عيسى احلليب، سنة :القاهرة (الشعر و الشعراء البن قتيبة، حتقيق أمحد شاكر . هـ.ق22تويف سنة . احلكمةب

. 2/173:واألعالم للزركلي.270ص) هـ . 14/329) م1955/ هـ1374طبعة دار صادر : بريوت( لسان العرب البن منظور -)5( . 1/264شرح حدود ابن عرفة للرصاع ، وينظر14/329: رلسان العرب البن منظو -)6(

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 71 -

املعىن االصطالحي هو احملافظة أقرا إىل ناللفظي بني معاين املراعاة، إال أجه االشتراك وال خيفى ويبين همله، بل يأخذه بعني االعتبار، وي الحيفظ رأي جمتهد آخر وهد يالحظ وات أي أن ؛االعتبارو

.عليه األحكاماعتربه ؛راعى فالن فالنا معناه: كما تقول ،الرعي معناه اعتبار الشيء: " )1(قال الرصاع

.)2("وقام له مبا يناسبه .معىن اخلالف :ثانيا

اختلف، خيتلف مصدر : فاالختالو.مصدر خالف خيالف خالفا وخمالفة :)3(اخلالف يف اللغة .االختالف نقيض االتفاق، اختلف األمران إن مل يتفقاالف واخلاختالفا و

﴿:ومنه قوله تعاىل ﴾]وقوله تعاىل]22: الروم ، :

﴿ ﴾]13:النحل [

)4( .» ...جعل اإلمام ليؤمت به، فال ختتلفوا عليه إمنا « :السالم ومنه قوله عليه الصالة و ، إال)5(أفعاله مجيع أقواله ون يتبع اإلمام يفه جيب على املأموم ألعلماء على أنفأمجع ا

.بعض األمور حملها كتب الفقه يف اختالفا يسرياق طريقا غري طري أن يأخذ كل واحد: املخالفةواالختالف و: "قال الراغب األصبهاين

ليس كل خمتلفني كل ضدين خمتلفان، و ألن ؛من الضد واخلالف أعم. أقوالهاآلخر يف حاله و .)6("ضدين

هو أبو عبد الله حممد بن قاسم الرصاع األنصاري التونسي، قاضي اجلماعة ا و إمامها، له تآليف مهمة، : الرصاع - )1(

. هـ894و له غري ذلك تويف سنة . ، باإلضافة إىل شرحه حلدود ابن عرفة"شرح لصحيح البخاري "و" الفقه الكبري: "منها . 260، 1/259جرة النور الزكية شللرصاع، حتقيق حممد أبو " اهلداية الكافية الشافية لبيان حقائق اإلمام ابن عرفة الوافية"شرح حدود ابن عرفة، املسمى -)2(

.1/264)م1993-1دار الغرب اإلسالمي ط: بريوت(األجفان و الطاهر املعموري . 23/275:العروس للزبيدي ، تاج 9/90:لسان العرب البن منظور -)3(البخاري و ،90ص)307(صالة اإلمام و هو جالس : مالك يف املوطأ، يف كتاب صالة اجلماعة، باب أخرجه: احلديث -)4(

إمنا جعل اإلمام ليؤمت به : ، وكتاب الصالة، باب2/259) 722(إقامة الصف من متام الصالة :يف كتاب اآلذان، باب .3/235 )414(إئتمام املأموم باإلمام : اب الصالة، بابسلم يف كتم، و2/215 )288( .1/150بداية اتهد و اية املقتصد البن رشد -)5( .294مفردات غريب ألفاظ القرآن األصبهاين ص -)6(

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 72 -

أن يذهب كل عامل إىل خالف ما ذهب إليه :" االختالف يف اصطالح الفقهاء واخلالف و (1)قفااالت اآلخر، وهو ضد.

وعدم االتفاق، أي مطلق املغايرة ؛اه اللغوياالختالف مبعناألصوليون اخلالف ومل الفقهاء وفاستعاستقر عليه اجتهاده، قوال مغايرا متاما ملاأي أن اتهد يراعي ؛"مراعاة اخلالف"وهو املراد من

.يبين عليه أحكاما جديدةويعمله واة مراع"معىن يف اللغة، ميكن أن خنلص إىل أن" اخلالف"و" املراعاة" معىن كل من ةبعد معرفو

عند النظر يف املسائل "مالحظتهها اعتبار اخلالف وأن":بعد هذا التركيب اإلضايف " الفاخل .املختلف فيها فقهيا

.، بتصرف يسري 179ص) م 1996-هـ 1417/ 1املكتبة العصرية ط: بريوت (املصباح املنري ، للفيومي - (1)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 73 -

حــد مراعاة اخلالف اصطالحا: الثاين الفرع. لصياغة حقيقة من حقائق العلوم، البد أن يكون احلكم للمعاين على األلفاظ، هذه هي

فاعلم أن كل من طلب املعاين ..." :بقوله -رمحه اهللا -قاعدة الذهبية اليت يقررها اإلمام لغزايلالومن قرر املعاين أوال يف عقله، هو يطلبه،وكان كمن استدبر املغرب و هلك،ضاع ومن األلفاظ

)1( "....مث أتبع املعاين األلفاظ فقد اهتدى كم للمعاين البد أن يكون احل - مراعاة اخلالف - فوعليه، فلصياغة حقيقة املعر

؛ لوجود االشتراك "خالف"و ،"مراعاة"معىن كل من اللفظتني على مدلول و االصطالحية مبنياواللفظ هو املفيد "األلفاظ قوالب للمعاين ، املعاين االصطالحية، وذلك ألنلغوية وبني املعاين ال

مراعاة اخلالف دلول اللغوي الذي خلصنا به من املركب اإلضايففامل )2(،"للمعىن عند التخاطب على هذا املدلول املسائل املختلف فيها فقهيا، وعند النظر يف" املالحظة للخالفاالعتبار و"هو - .ملراعاة اخلالف ةبىن املعاين االصطالحيت

وتفيد معنى واحد، يتردد يف كتب املالكية عدة تعاريف ملراعاة اخلالف، لكنها متقاربة : وأمهها التعاريف الثالثة اآلتية

املراعاة يف احلقيقة؛ إعطاء كل من : "قال.(3)تعريف الشيخ حممد بن عبد السالم: ) األول(: وقريب منه تعريف أيب العباس القباب، قال (4)".من احلكم مع وجود املعارضالدليلني ما يقتضه

(5)".حكمههو إعطاء كل واحد من الدليلني " خصصت هذا املطلب يف ذكر أشهر التعاريف ملراعاة اخلالف، واالعتراضات الواردة و

.ناسباملالتعريف عليها، ومناقشتها، مث الوصول إىل

.21/ 1) ه 1322عام 1ط ،املطبعة األمرية: مصر(أليب حامد الغزايل تصفى، املس -)1( . 11شرح تنقيح الفصول للقراىف شهاب الدين ص - )2(شرح على خمتصر ابن احلاجب : هو حممد بن عبد السالم بن يوسف اهلواري التونسي، عامل مالكي كبري، من مصنفاته -)3(

- 2/336ب البن فرحون هذالديباج امل: ينظر. هـ 749، تويف عام" لفهم كالم ابن احلاجب الب تنبيه الط" الفرعي مساه . 2/241الفكر السامي للحجوي الثعاليب . 210، شجرة النور الزكية ص 337

. 1/236، ونقله أيضا املقري يف القواعد 2/269شرح حدود ابن عرفة للرصاع –)4( . 6/388املعيار املعرب -)5(

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 74 -

(1).تعريف ابن عرفة: )والثاين(

الذي إعمال دليل يف الزم مدلوله" :ملراعاة اخلالف (2)يف رسمهابن عرفة قال الشيخ (3) ."أعمل يف نقيضه دليل آخر

(4).وهذا حد تابعه عليه كثريون

نيشرح التعريف : رمحه –نأيت مبثال اختاره ابن عرفة –خصوصا الثاين لصياغته املنطقية –لشرح هذين احلدين

: مثالوهو النكاح الذي يقول فيه الرجل (5)لتوضيح تعريفه واملتمثل يف نكاح الشغار –اهللا فاملعروف يف املذهب املالكي أن حكم ؛(6)زوجين ابنتك على أن أزوجك ابنيت، وال مهر بيننا

هذا النكاح هو الفسخ وثبوت اإلرث بني املتزوجني إذا مات أحدمها، مع أن األصل العام عند بدليل ذ، فأخمالك هو أنه ال توارث مادام الفسخ ثابتا لكنه راعى خالف القائلني بعدم فسخه

وهو ثبوت اإلرث - )عن ذلك احلكم املستند إىل الدليلاألثر املترتب (املخالف يف الزم مدلوله

، التونسي املالكي، اإلمام العالمة ) نسبة إىل ورغمة من قرى إفريقيا(هو حممد بن حممد بن عرفة، الورغمي : ابن عرفة -)1(

؛ الذي "التقييد الكبري يف املذهب" أو" املبسوط يف الفقه املالكي: " ليفهمن تآ. كثري من العلوم املتبحر يف ىاألصوىل الفروع . 340-2/338الديباج البن فرحون . هـ 803تويف سنة . فاراشتهر به يف حنو عشرة أس

شرح تنقيح . أغلب التعريفات الشرعية إن مل نقل كلها ، هي من باب الرسوم ال احلدود ؛ وذلك لتعذر العناصر الذاتية -)2( . 11، مبادئ املنطق للدكتور األخضرى ص 12الفصول للقراىف ص

– 1دار الغرب اإلسالمى ط :بريوت( أبو األجفان والطاهر املعمورىحتقيق ، حدود ابن عرفة مع شرح الرصاع -)3(، البهجة شرح التحفة ألىب احلسن 378-6/377: املعيار املعرب ليحي الونشريسي: وينظر. 263 /1ج) م 1993 .235، اجلواهر الثمينة يف بيان أدلة عامل املدينة ، حلسن املشاط ص 10/ 1:التسويل

. 235، اجلواهر الثمينة للمشاط ص1/19، البهجة للتسويل 1/7شرح ميارة على التحفة :ينظر مثال -)4(راعى اخلالف فيهما بعدم الفسخ –رمحه اهللا – ااملراد هنا صريح الشغار، أما وجه الشغار ومركب الشغار، فإن مالك -)5(

.نية على اعتبار مراعاة اخلالف شرعا الفقهية املب الفروعبعد الدخول كما سيأيت تفصيل ذلك يف فصل . 2/260شرح احلدود -)6(

. 1/10أفاده صاحب البهجة - (7)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 75 -

إعمال دليله يف : وأخذ بدليله الذي يترتب عليه الفسخ، وذلك مجع بني أمرين -يف هذا املثال (7)).ثبوت اإلرث ( ، وإعمال دليل املخالف يف الزم مدلوله )الفسخ ( احلكم

) صلى اهللا عليه وسلم(لنهي النيبالنكاح فاسد : - رمحه اهللا –قول اإلمام مالك ي عنه،فيفسخ قبل الدخول بغري طالق، أما لو بىن الزوج بأهله فإنه يفسخ بطالق ويقع به املرياث

(1).بني املتزوجني ويثبت به النسبسد لكنين أمضيه النكاح فا): رمحه اهللا( بو حنيفة أ –يف هذا املثال –بينما يقول خمالفه

(2).مبهر املثل، فإذا أعطى الزوج املهر كان نكاحه صحيحاأن –رضي اهللا عنهما –هو حديث عبد اهللا بن عمر - رمحه اهللا –فدليل اإلمام مالك

وهو ي صريح عن هذا ،(3) »ال شغار يف اإلسالم«: قال) صلى اهللا عليه وسلم ( النيب : طالق؛ ألن القاعدة تقولنكاح، ومدلول هذا الدليل هو فسخ هذا النكاح بغريالنوع من ال

والزم هذا . ؛ وألن األصل يف الطالق أن يقع على نكاح صحيح"فسادالالنهي يقتضي " املدلول هو أال يكون بني الزوجني مرياث لو قدر ومات أحدمها قبل إدراك نكاحهما

(4).بالفسخفهو أن احلديث يفيد الكراهة ال احلرمة، وعلى فرض - رمحه اهللا –حنيفة أما دليل أيب

املثل ينقلب هذا بإجيابنا ملهر : ا، مث يقولداسف منهي عنه تسليم إفادته احلرمة فإنه ليس كلكما علل احلنفية ذلك بأن هذا النكاح مؤبد أدخل فيه شرط فاسد، . (5)النكاح صحيحا

.265-264، 2/260شرح احلدود (1)، 2/278) ت -ط، بدون -مطبعة اإلمام بالقلعة، بدون: القاهرة(بدائع الصنائع يف ترتيب البدائع، للكساين احلنفي - (2)

.2/332) ه 1286املطبعة املصرية : مصر(عابدين على الدر املختارحاشية ابن : وينظر نكاح حترمي: ومسلم يف النكاح، باب، 9/74 ) 5112(البخاري يف كتاب النكاح ، باب الشغار أخرجه : احلديث - (3)

.5/318) 1415(الشغار وبطالنه ، مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل، 2/57تهد واية املقتصد ، بداية ا 2/98املدونة الكربى، لإلمام مالك بن أنس - (4)

، والبهجة شرح التحفة ألىب احلسن 3/512) طبعة دار الفكر للطباعة والنشر(ألىب عبد الرمحن املغريب املعروف باحلطاب . 1/507لتسويل

.238-1/237الدر املختار - (5) . 2/278، بدائع الصنائع 2/232ية ابن عابدين ، حاش238 -1/237الدر املختار : يراجع - (6)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 76 -

إىل غري ذلك من ... فاسدة ال تبطل العقد؛ وإنما يلغي الشرط ويصحح العقد والشروط ال (6).وجوه االستدالل

ومدلول دليل األحناف تصحيح هذا النكاح وعدم فسخه، والزم هذا املدلول وقوع .املرياث بني الزوجني

دليل اإلمام يف مدلوله، فقال بفسخ هذا النكاح، وأعمل –هو –فأعمل اإلمام مالك دليله واجلاري . فقال بثبوت املرياث بني الزوجني –أي مدلول دليل احلنفية –أيب حنيفة يف الزم مدلوله يف حترمي نكاح الشغار هو فسخه أبدا بغري طالق وال –رمحه اهللا –على دليل اإلمام مالك

ول فجعله طلقة ث، لكنه جرى على دليله يف الفسخ وخالفه يف صفة الفسخ يف حال الدخمريا؛ فكأنه اعترب نكاح الشغار نكاحا صحيحا يف بعض خالفه أيضا يف إثبات املرياث به واحدة، كما

مراعاة اخلالف : "وهذا معىن قول املالكية(1).له األحكام مث اعتربه يف أحكام أخرى كالعدم ال أثرالعمل بالدليلني معا على ما رمسه ، ففيه "إعطاء كل واحد من الدليلني حكمه أو بعض ما يقتضيه

ة يف موضع دون (2)يخ ابن عبد السالم والشيخ القبابكل من الشمن هذا أنه يكون حج فصح ، .(3)اتهدين من رجحان دليل املخالف موضع، وأنه حبسب ما يقع يف نفس :االعتراضات الواردة على التعريفني

بعض االعتراضات أشار إليها كل مـن اإلمامني الرصاع ب وقد اعترض على تعريف ابن عرفة : أمهها(5)الونشريسي يف معياره ، و(4)يف شرحه على احلدود

".إن الزم دليل املدلول قد استعمل يف نقيضه دليل آخر" :قوله - أيوجد الزم له، وهو باطل ضرورة،ال يؤدي هذا القول إىل ثبوت ملزوم و: يقول املعترض

بني ) عدم اإلرث( هالزم) امللزوم( نكاح الشغار ن فسخ هذا حمال، فإ ! ملزوم وال الزم له ؟ ؟) عدم اإلرث( هبدون الزم) فسخ النكاح( الزوجني، فكيف يوجد امللزوم

: (6)عن هذا االعتراض جبوابني - ابن عرفة-وقد أجاب الشيخ

. 235، اجلواهر الثمينة ص1/19البهجة: ، وينظر 268 -2/264شرح احلدود - (1) . 6/388، املعيار املعرب 2/269شرح احلدود - (2) . 2/265شرح احلدود - (3) .وما بعدها 1/264شرح حدود ابن عرفة للرصاع - - (4) . 6/378املعيار املعرب ليحي الونشريسى - (5)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 77 -

:اجلواب األولأما اللزوم الشرعي فال ،لزوم العقليمه إنما هو يف البدون الز استحالة وجود امللزوم

؛ ألنه قد يكون هناك مانع مينع من ثبوت الالزم مع وجود امللزوم عن الالزم كاستحالة يف انفكامع وجود ) الالزم(وقد ينتفي اإلرث ،موجبات اإلرث فهي ملزومة لهك ،فال يثبت ملزومه .شرعا هملزومالقتل لزومة لإلرث شرعا، وقد ينتفي اإلرث بسبب مانع شرعي كالكفر أوفالبنوة مثال م

.أو الرق مع وجود البنوة :اجلواب الثاين

: س كذلك، منه هذه املسألة، وبيانهأن إثبات امللزوم مع نفي الزمه يف بعض املسائل لي عدم ( نفي الالزمو) النكاحفسخ (اب وجود امللزوم ذلك من ب أنه منع يف بعض املسائل أنمن باب نفي امللزوم وذلك من باب أن: ا؛ ألنا نقول شبههذه املسألة يف الشغار و، ومنه ه)اإلرث

.مإثبات الالز

وهو النكاح –امللزوم بنفي -رمحه اهللا–فقال مالك ): ه من باب نفي امللزومأن( :فأما األول، والالزم هو اإلرث، (1) "يلزم من نفي امللزوم نفي الالزمو"واستعمل دليله يف ذلك، –الصحيح

.ملخالف يف الزم مدلوله وهو اإلرثاستعمل دليل او

6/378وما بعدها، املعيار املعرب للونشريسى 1/265حدود ابن عرفة مع الرصاع - (6)من القواعد األساسية يف املعرفة، واليت يرددها العلماء وحيتجون ا ؛ باعتبارها من املسلمات املقررة اليت ال حتتاج إىل - (1)

فمن هذه . ليها، فقد سبق التسليم ا عندهم، حىت غدت قواعد حيتج ا، ويستند إليها يف إثبات قضايا أو نفيهاإقامة براهني عأما التالزم بني ". هما معا دون العكس، وقد يكون تالزما بين خرحدمها لآلاللزوم ببني شيئني قد يكون من ا: "القواعدوأما . ثباته يلزم منه إثبات اآلخر، كالتالزم بني طلوع الشمس ووجود النهارفنفي أحدمها يلزم منه نفي اآلخر وإ: الشيئني

الزم لكن انعدام امللزوم ال يستلزم انعدام الزمه؛ الحتمال أن يكون الم يستلزم وجود وفوجود امللز: اللزوم من طرف واحد :ومن أمثلة ذلك. أيضا مللزوم آخر االزم

ود الضوء، لكن انطفاء املصباح الكهربائي ال يستلزم انعدام الضوء الحتمال وجود إضاءة املصباح الكهربائي تستلزم وج - . الضوء من مصدر آخر غري املصباح الكهربائي

نزول املطر على األرض يستلزم بللها، لكن بللها ال يستلزم أن تكون املطر قد نزلت عليه، الحتمال أن يكون البلل قد -لعبد الرمحن حسن -صياغة للمنطق وأصول البحث –أصول االستدالل واملناظرة ضوابط املعرفة و. حدث بسبب آخر . باختصار 354، 353حبنكة امليداين ص

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 78 -

دليل خمالفه يف الزم مدلوله -رمحه اهللا –فلرعي مالك ) : ثبات الالزمه من باب إنأ( :أما الثاينوالنكاح ( ثبوت امللزومال يلزم منه ، و)اإلرث ( ، فقد أثبت الالزم - وهو اإلرث املذكور-

.)الصحيحإثبات " مراعاة اخلالف"ه ليس يف إعماله دليل أن: -رمحه اهللا –وحاصل كالم ابن عرفة

على ما تقرر يف جوابه ما فيه نفي ملزوم وإثبات الزم بوجه، وإن - رمحه اهللا-الكملزوم من قول م . عتراضالاعلى هذا

دليل هو ال الظاهر من تعريفه أن بأن –رمحه اهللا – اعترض على تعريف ابن عبد السالمو ولو بأدىن وجوه -خرعلى اآل حد الدليلنيرجح للمجتهد أ إليه، ومىت املتبع، فحيث ما صار صري

أي - وجب التعويل عليه وإلغاء ما سواه، على ما هو مقرر يف األصول، فإذا رجوعه –الترجيح لراجح عنده الواجب عليه اه املرجوح عنده وإمهال للدليل ري إعمال لدليلإىل قول الغ -اتهد

.) 1( ذلك على خالف القواعدتباعه وا : االعتراضهذا اإلجابة على

خر، جعله بسطا اجلواب عن اإلشكال، بتقرير آ (2)ول القاضي أبو عبد اهللا الفشتايلقد حا هأقوى من دليلوقوع صار عند مالك ملخالف بعد الدليل ا لكالم ابن عبد السالم أشار فيه إىل أن

إذا رجح عنده –رمحه اهللا –إن اإلمام : "خارجي فقال قومنع به اإلقدام ابتداء بدليل م الذي. لوقوعفه ملرجوحيته، وذلك قبل االمل يراع ما خالتحرمي، وم مثال، أطلق املنع ودليل املنع من اإلقدا

يف العبادات، وعدم ترتب على املنع آثاره من عدم اإلجزاء أردنا أن نرتب فإذا وقع الفعل املمنوع و: آثار العقود عليها يف املعامالت، عارضنا دليل املنع من إبطال العمل يف العبادات؛ لقوله تعاىل

﴿ ﴾] رمحه اهللا –استثقال اإلمام عارضنا يف املعامالت و ] 33: حممد– ري ال أنقض صفقة مسلم لغ: كقوله يف بعض املسائل اخلارجة عن هذا الباب ملسلم،لنقض صفقة ا

دليله أن جتزئ النافلة فمقتضى: قال . ما يتعلق بذلك من االحتياط يف حتصني الفروجو. عتق ناجزمل أن يرد احلرام من البيوع، فات أوغار، ويف نكاح الش ثأن ال يقع الطالق وال املريابأربع، و

. 6/391معيار املعرب للونشريسي : ، وينظر 2/101لشاطيب لاالعتصام -(1)

، قيه احملقق اخلطيب الفرضي املوثق مام الفهو حممد بن أمحد أبو عبد اهللا الفشتاىل، قاضى اجلماعة بفاس ، اإل: الفشتايل - (2) .236شجرة النور الزكية ص. هـ779تويف سنة . له تآليف يف الوثائق مشهورة مفيدة، ورسالة يف الدعاء بعد الصالة

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 79 -

يف مسألة ط للفروج االحتياإبطال العمل يف مسألة النافلة، و، لكن ملا عارض دليل عدم .. .يفت الترجيح يقع النكاح بعد الوقوع، ونقض صفقة املسلم يف مسألة البيوع، ترجح دليل املخالف؛ ألن

(3). "-رمحه اهللا –ىل آخر ما كتب إ. بأدىن حمرك للظن

.اق الشاطيبتعريف أيب إسح: التعريف الثالثحيث مل يذكر راعاة اخلالفبتعريف أساسي مل - رمحه اهللا –ال نظفر عند اإلمام الشاطيب

مثل هذه التعاريف السابقة شأن عامة األصوليني يف كتبهم األصولية، وغاية " املوافقات"يف كتابه ها ميكن أن صنوع، ولكنما وقفت عليه إشارات يف أثناء كتبه ال ترقى إىل درجة التعريف امل

.يف الداللة على تصوره للقوام األساسي ملراعاة اخلالف تستثمر كتاب املوافقات وردت واحدة من هذه اإلشارات يف سياق عرضه للقاعدة الثالثة ففي

(1).تتفرع عن أصل النظر يف املآالتاليت ها عبارة عن أن:" -مراعاة اخلالف تصور من (2)يف موقفه األخري-يرى اإلمام الشاطيب

ىل املآالت ك مبراعاة دليل املخالف، والنظر إإعادة نظر من اتهد يف األحكام اليت يقررها، وذليف هذه احلالة أن يالحظ أمورا - أي اتهد-ث جيب عليهيبعد تقرير األدلة يف املسائل اخلالفية، حب

م بعد الوقوع ليست كحالته حالة احلك ظر يف احلكم بعد الوقوع خاصة، إذتستدعي إعادة النقبله، فبعد الوقوع تنشأ أمور جديدة تستدعي نظرا جديدا، وجتد مشكالت ال ميكن التفصي منها

بالبناء على األمر الواقع بالفعل واعتباره شرعيا بالنظر لقول املخالف وإن كان ضعيفا يف أصل إالملصلحة وجتدد االجتهاد يف املسألة من جديد ه ملا وقع األمر على مقتضاه روعيت اأن النظر، إال

(3)".بنظر وأدلة أخرىمثال بني منع وإباحةومعناه أن الفعل املعين من أفعال املكلف إذا كان خمتلفا يف حكمه

البعض اآلخر، مث وقع عض اتهدين، وترجح اآلخر لدى لتعارض دليلني ترجح أحدمها لدى ب

. 6/391املعيار املعرب ليحىي الونشريسي - (3) . 4/151املوافقات - (1)ولكنه مل يرد ) 1/73( د ذكر بعض إشكاالته يف املوافقات قاعدة صراحة، وقيب ممن استشكل اليعد اإلمام الشاط - (2)

.كنه مل يصرح بإنكارها عمل ا، لالقاعدة ، وإنما أورد عليها اعتراضات جعلته يتوقف عن تسليم ال .119ألجفان ص مع تعليقات عبد اهللا دراز، فتاوى اإلمام الشاطيب مجعها أبو ا 4/109املوفقات للشاطيب - (3)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 80 -

، فإنه بعد وقوعه إذا طبق عليه يف آثاره - ولو كان املرجوح –كمني الفعل على مقتضى أحد احلاحلكم الراجح الذي كان ينبغي أن جيري عليه، فربما حصلت بسبب ذلك مفسدة أكرب من

تطبيق احلكم املصلحة املتوقعة من تصحيحه باحلكم الراجح، فينظر إذن يف املآل الذي يؤول إليه ، املرجوح ضمنه من مضرة فيصرف عنه ذلك احلكم، ويطبق عليه احلكمالراجح بعد وقوعه مبا يت

(1). معاجلة املفسدةاستثمارا للخالف يف: ومما يدعم هذه الوجهة يف استجالئنا ملعىن مراعاة اخلالف يف تصور اإلمام الشاطيب قوله

مترتباا بالبطالن والفساد، األدلة املتعلقة مبواقعة املنهيات تقتضي احلكم عليها باحلظر، وعن أناالستمرار يف التمسك مبقتضى هذا الدليل إىل ما بعد الوقوع يؤدي إىل مناقضة فإذا رأى اتهد أن

كدليل يتالءم وطبيعة -مراعاة اخلالف-قصد الشارع يف نصب األدلة الشرعية عمل بقاعدة (2).الوقائع اجلزئية وحاالت اخلصوصيات الفردية

م مثالني ساقهما أثناء حديثهقدخلالف يف فكر أيب إسحاق األصويل نوقع مراعاة اولبيان مصلى - النيب فإن" ، (3)يتعلق حبديث البائل يف املسجد: أوهلما: عن مشروعية العمل ذه القاعدة

نجست ثيابه وحلدث عليه من ذلك ه لو قطع بوله لأمر بتركه حىت يتم بوله؛ ألن -اهللا عليه وسلمفترجح جانب تركه على ما فعل من املنهي عنه على قطعه مبا يدخل عليه من الضرر . يف بدنه داءرك فالذي ينجسه موضع واحدوبأنس موضعني، وإذا ت(4)"ه ينج. حالة نكاحها بغري ويل، ذلك ألنكان استحقاق الزوجة مهرها حىت يف يتعلق بإم: والثاين -

ه إذا حصل ذلك فللشارع نظر آخر فسها بدون ويل إال أناألصل عندنا هو حظر تزويج املرأة نيستهدف العدل ورفع احليف والضرر عن هذه الزوجة بعد وقوع البناء ا، فأثبت هلا املهر مبا

، وهذا تصحيح للمنهي عنه من وجه ولذلك يقع فيه املرياث ويثبت النسب (5)استحل منها

.، بتصرف4/146هامش املوافقات : ينظر - (1) .بتصرف 4/151، 1/72املوافقات للشاطيب - (2)دعوه حىت إذا فرغ دعا مباء « : رأى أعربيا يبول يف املسجد فقال -صلى اهللا عليه وسلم -عن أنس بن مالك أن النيب - (3)

كتاب الطهارة، ، ومسلم يف10/522 )6025(لرفق يف األمر كله ا: أخرجه البخاري كتاب اآلداب باب.»فصبه عليه .3/84 )285(وجوب غسل النجاسات إذا حصلت : باب

.4/147: املوافقات - (4)أميا امرأة نكحت بغري إذن وليها فنكاحها « : قال -صلى اهللا عليه وسلم-أن رسول اهللا -رضي اهللا عنها-عن عائشة - (5)

: احلديث أخرجه أبو داود يف السنن كتاب النكاح باب» فإن دخل ا فلها املهر مبا استحل منها : مث قالباطل، باطل، باطل،

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 81 -

يف هذه األحكام ويف حرمة املصاهرة، وغري للولد، وإجرائهم النكاح الفاسد جمرى الصحيحذلك دليل على احلكم بصحته على اجلملة وإال لكان يف حكم الزنا، وليس يف حكمه باتفاق، فالنكاح املختلف فيه يراعى فيه اخلالف فال تقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول مراعاة ملا

. (1)صحيحيقترن بالدخول من األمور اليت ترجح جانب التأن املنع كان دليله أقوى قبل الوقوع، ودليل اجلواز أقوى : " الشاطيبد ومنتهى األمر عن

.(2)"بعد الوقوع ملا اقترن به من القرائن املرجحة هذا األمر من منظور آخر، بعيدا عن القيود املكونة حلد مراعاة وذا يكون قد عاجل

وعلى رأسهم - خبصوص هذه املسألة - رمحه اهللا- ين راسلهم اخلالف لدى مجلة من الفقهاء الذإعمال دليل اخلصم يف : " حممد بن عرفة الذي مر معنا تعريفه ملراعاة اخلالف وأنه قيدها بقوله

، مستهديا يف ذلك باألهداف املستقاة من مقاصد "الزم مدلوله الذي أعمل يف نقيضه دليل آخرألدلة األحكام قبل طروء التمييز بني االقتضاء األصلي دأالشريعة السمحة، معتمدا على مب

وبغض النظر عن التوابع واإلضافات، وبني االقتضاء التبعي القاضي بالنظر إىل العوارض . األمارات قوتفاريخصوصيات األحوال

وعلى اتهد هنا أن يستحضر أثناء إجرائه الكليات األصولية على فروعها اجلزئية أهداف السامية، وذلك بأن يتحرى أثناء قيامه باستثمار األحكام حتقيق العدل، ورفع احليف الشارع

العمل مبراعاة اخلالف يستدعي النظر يف املآالت والضرر عن املكلفني، الشيء الذي يدل على أن . (3)املترتبة عن استعمال أدلة األحكام

:التعريف املناسب

مراعاة اخلالف عند املالكية ميكن أن نصل إىل على ضوء تصورات هؤالء األئمة ملعىن . خالصة حتصر لنا هذا املفهوم نستشف من خالهلا أقرب حقيقة ملراعاة اخلالف

والترمذي يف النكاح، الباب ، 2/166 )1879(ال نكاح إال بويل : وابن ماجه يف النكاح باب، 2/891 ) 2083(الويل ".حديث حسن: "، وقال3/274 )1102(: نفسه

. 4/148شاطيب املوافقات لل - (1) .منه 109،108: ، وينظر أيضا الصفحات4/148نفس املرجع - (2)، حبث لعبد احلميد العلمي، نشر هذا البحث يف العدد الثاين من جملة املوافقات "قواعد التنظري املآيل عند اإلمام الشاطيب" - (3) . م 1993/ هـ 1413ر سنة اجلزائ -ألصول الدين باخلروبة تصدر عن املعهد الوطين العايل اليت

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 82 -

عبارة عن إعادة نظر : مراعاة اخلالف معىن خاص عند املالكية وهو كما صوره الشاطيبلفالت تستدعي نظرا جديدا، يأخذ من اتهد يف احلكم بعد الوقوع ملا يترتب عليه من آثار وإشكا

إن كان ، و(1)بعني االعتبار دليل املخالف، فيبين األمر الواقع على مقتضاه أو بعض مقتضاهيه، ما يترتب على وفقه روعي جانب آثار الفعل ووقع األمر عل ه ملاأن مرجوحا يف أصل نظره، إال

.أدلة أخرىفتجدد االجتهاد بنظر جديد والسابقة خبصوص هذه املسألة هو سعي التصورات أوسياق التعاريف وما يفهم من

أصحاا إىل حماولة التوفيق بني ما يترتب عن دليل احلكم بغض النظر عن الطوارئ وخصوصيات قبل الوقوع :( األحوال، وبني ما يترتب عنه بالنظر إليها،وهو املعبر عنه عند علماء املالكية بـ

) . وبعده دلة لألحكام اعاة اخلالف اعترب اقتضاء األيف تصوره ملر –ه اهللا رمح –ولذلك أن الشاطيب

؛ )قبل الوقوع( القتضاء األصلي قبل طروء العوارضا) أحدمها( :ها على وجهنيبالنسبة إىل حمال؛ وهو )عد الوقوعب(االقتضاء التبعي ) والثاين. (ل جمردا عن التوابع واإلضافاتوهو الواقع على احمل

(2). الواقع على احملل مع اعتبار التوابع واإلضافاتد ترتب عن هذا التمييز بني احلالني أن االقتضاء األصلي يكون عاما ال يتعلق مبعين، وق

واالقتضاء التبعي خاصا يرتبط بالنظر إىل احلادثة بعد الوقوع؛ فإذا أدى التمسك مبقتضى الدليل آخر يستدعي استحضار قصد الشارع إىل اإىل إحلاق ضرر على املكلف صار للمسألة نظر األصلي

(3).رفع احليف، ودفع املفاسد عن املكلفني

القول بتصحيح األنكحة الفاسدة املختلف يف فسادها :، مثالهمر الواقع على مقتضى قول اخلروج عن اخلالفبناء األ - (1)

األنكحة الفاسدة ألجل الصداق وكنكاح وجه الشغار، ومركب الشغار، فإم ميضوا ويصححوا بعد كبعد الدخول، و أما بناء األمر الواقع على بعض . قول املخالف الذي يقول بصحتها مطلقا قبل الدخول وبعده الدخول على مقتضى

صريح الشغار، فإن املالكية يقولون بثبوت اإلرث فيه بعد الدخول، و نشره للحرمة وفسخه : مقتضى قول املخالف، فمثالهقول بصحة نكاح الشغار مطلقا، وما يتبع الصحة بطالق ووجوب العدة فيه، وهذا قول بعض مقتضى قول املخالف الذي ي

، مراعاة اخلالف 2/57بداية اتهد البن رشد : ، وينظر 2/263: ابن عرفة للرصاع من توارث وغريه، شرح حدود .زيد بيان يف فصل التطبيقات الفقهية ملراعاة اخلالفموسيأيت له . 99وعالقتها ببعض أصول املالكية ص

.بتصرف 4/147للشاطيب املوافقات - (2) .بتصرف 316-315ص) جملة املوافقات ( لعبد احلميد العلمي " عند اإلمام الشاطيب املآيل قواعد التنظري" حبث - - (3)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 83 -

؛ فيما وقع من األفعال والنوازل، فمراعاة اخلالف ذا املعىن ال ميكن أن تكون إال ولإلشارةكده أكثر األقوال ، وتؤيده أكثر الفروع الفقهية هلذا وهو ما تؤ ،اونتائجه األا تأيت ملواجهة آثاره

.األصل ولذلك نرى بعض املالكية يقصر مراعاة اخلالف عموما على ما بعد الوقوع كما نقل

أن: يف تعليقه على قول ابن رشد اجلد ) أبو حممد صاحل اهلسكوري ( الرصاع عن الشيخ املغريب انية راعيا للخالف، قال حيتاط بقراءة السورة مع الفاحتة يف الركعة الثمن أدرك ركعة من الظهر

(1).ما يراعى بعد الوقوعفيه إشكال لكونه راعى اخلالف قبل الوقوع، وإنو: الشيختكون بعد –يف مذهب مالك -"مراعاة اخلالف"على أن من العلماء من يرى أن

وسيأيت زيادة تفصيل . (2)ن يكون دليل املخلف قوياهو أ وع، وفيما قبله أيضا، بشرط واحدالوق . ذلك يف مبحث الشروط والضوابط للعمل مبراعاة اخلالف

وهذا املعىن اخلاص ملراعاة اخلالف عند املالكية هو الذي أراد ابن عرفة أن حيده يف تعريفه، الف يف قالب لفظي القباب، أما اإلمام الشاطيب فلم يضع مراعاة اخلد السالم ووكذلك ابن عب

ها مأخذ أو مسلك معني إمنا صورها على أنه حد أو تعريف كعادته، وعليه أن معين ميكن أن يطلق . آثارتلفة وما يترتب عليها من نتائج ويأخذ به املالكية يف املوازنة بني األدلة واآلراء املخ

حقيقتها وواقعها عند األقرب إىلراعاة اخلالف يبدو أنه املناسب ووتصوير الشاطيب مل .الشتماله على أهم ما مييز مراعاة اخلالف –سنعلم يف املباحث القادمة اكم–املالكية

.1/264شرح حدود ابن عرفة للرصاع - (1) .1/169شرح حدود ابن عرفة للرصاع - (2)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 84 -

هما ميكن تصنيف : املطلب الثاينة ويف أية والقواعد الفقهيالفرق بني القواعد األصولي

.اخلالف مراعاةا اتهد نصب عينيه عند املناهج اليت يضعهس واخلطط وألصولية هي تلك األسلقواعد اا

يكون ما يتوصل إليه مثرة، يضعها ليشيد عليها صرح مذهبه والشروع يف االستنباطالبدء وها موضوعة بعبارة موجزة؛ فهي متتاز مبزيد من اإلجياز يف صياغتها من خصائصها أنهلا، و نتيجةو

بضع كلمات من كلمات العموم ب، و"النهي للتحرمي" و"لإلجياب مراأل"فقد تصاغ بكلمتني مثل " .النهي يقتضي فساد املنهي عنه "مثل

يالحظوا عند االستنباط، وضبطوا يف األصولية يبين الفقهاء أحكامهم وعلى القواعد والوقت نفسه الفقه بقواعد كلية تكون مشتملة على جزئيات تعرف أحكامها منها، وهي ذا

صياغتها، فقد متتاز القواعد الفقهية هي أيضا باإلجياز يف من القواعد األصولية، و تعبري أخصال ...".املشقة جتلب التيسري" أو ببضع كلمات مثل" العادة حمكمة"تصاغ بكلمتني مثل

يقول شهاب الدين . هافأمهية هذه القواعد بالنسبة لألصويل أو الفقيه ال ختفى على ممارسومن ضبط الفقه بقواعده استغىن عن حفظ اجلزئيات الندراجها يف الكليات وتناسب ": القرايف

. (1)"عنده ما تناقض عند غريه

:يلي و ميكن التمييز بني النوعني فيماإن القواعد األصولية ناشئة يف أغلبها عن األلفاظ العربية والقواعد العربية والنصوص .1

.العربية كما صرح اإلمام القرايف .(2)املسائل الفقهية هية فناشئة من األحكام الشرعية وأما القواعد الفق

ام الفقهية إن القواعد األصولية خاصة باتهد األصويل، يستعملها عند استنباط األحك .2 .املسائل املستجدة من املصادر الشرعيةومعرفة حكم الوقائع و

) ر الكتب العلميةطبعة دا( 1/7الفروق للقرايف - (1) .1/6نفسه - (2)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 85 -

ملعرفة احلكم يت أو املتعلم الذي يرجع إليهاها خاصة بالفقيه أو املفأما القواعد الفقهية، فإن .(1)املتفرقةع إىل األبواب الفقهية الواسعة ويعتمد عليها بدال من الرجواملوجود للفروع، و

3. ما تبىن عليها القواعد الفقهية، وعن طريقها يستنبط الفقيه أن قواعد األصول إن .أحكام املسائل اجلزئية من األدلة التفصيلية

(2).قد تكون أصال هلاا أحكام احلوادث املتشاة، و ما تعللاعد الفقهية فإنأما القوالشمول جلميع فروعها، كما تتصف باالطراد تتصف القواعد األصولية بالعموم و .4

.فال تنخرم كليتهاهذه ثناءات وإن كانت عامة شاملة، لكنها تكثر فيها االستها وأما القواعد الفقهية فإن

القواعد الفقهية تشكل قواعد فرعية، وهذا ما حدا بكثري من العلماء العتباراالستثناءات (3).ه ال جيوز الفتوى مبقتضاهاأنقواعد أغلبية و

: قد يضاف إىل هذه الفروق واليت م ما يشغل بال األصويل يف النصوص التشريعية ليس املادة التشريعية بالذات أن -

إخراجها هي كيفية استنباطها و ا الذي يهم األصويل بالدرجة األوىلمإنالفقيه بصورة أولية، وعلى صورة تضمن للجميع العدالة والتجرد عن األهواء تطبيقهابشكل تشريعي مقنن و

.واخلالفات املذمومةوذلك للتفريق بني - أي املنت –هو ذلك البيان يف التأويل النصيوحاصل هذا الفرق

طلق واملقيد يف مدلول الكلمة الواحدة والفصل بني اخلرب واألمر، والتمييز بني اخلاص والعام وبني امل، اهتمام آخر لألصويل يكمن يف نقد إسناد األخبار قصد خ واملنسوخ ، وإن كان يضاف إليهالناس

التأكد من عدالة الراوي وصحة طريقة نقله، وكذلك بنقد املنت حىت يكون احلديث أو اخلرب قد (4). قرآنه من بيان الأدى وظيفت

.10أصول الفقه أليب زهرة ص - (1)مراعاة اخلالف وعالقتها ببعض أصول املالكية : ،وينظر60حماضرات يف تاريخ املذهب املالكي لعمر اجليدي ص - (2) .128ص .14هـ، ص1402اخلامس لعام مقالة الدكتور حممد مصطفى الزحيلي يف جملة البحث العلمي، العدد : ينظر - (3) .وما يليها باختصار 15ص مقالة الدكتور حممد مصطفى الزحيلي يف جملة البحث العلمي - (4)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 86 -

أيف القواعد األصولية أم يف القواعد الفقهية؟ "مراعاة اخلالف"أين ميكن تصنيف ، بعد هذا العرض مل الفوارق بني القواعد األصولية والقواعد الفقهية وبالنظر إىل ما تتميز

غي ينب –قنا عليها اسم القاعدة إذا أطل–به كل واحدة منهما عن األخرى، جند أن مراعاة اخلالف ، وليست يف عداد القواعد الفقهية، فهي من مباحث علم أن تصنف ضمن القواعد األصولية

ألن الفروع املبنية على مراعاة اخلالف مستنبطة منها وهي دليلها ؛األصول ال من مباحث الفقهفني حتت املكل يع من حيث وضعمراعاة اخلالف ناشئة عن مالحظة أسرار التشر اإلمجايل، كما أن

أعباء التكليف، ومن حيث إن قصد الشارع من ذلك جلب املصاحل هلم ودرء املفاسد عنهم، وهذا .شأن القواعد األصولية

طردة فتكون ضمن مأن مراعاة اخلالف قاعدة أغلبية وليست كلية : وملعترض أن يقول - ال يراعيه، كما نقلنا عن الفقيه وتارة ،ي اخلالف تارةألننا نرى اإلمام يراع ؛القواعد الفقهية

: العباس أمحد بن أيب كف يف نظمه ألصول املالكية قوله أيب (1)

: فاجلواب على هذا االعتراضض ، أو لتخلف بع تأصيل مراعاة اخلالف والعمل بهأن هذا ليس اختالفا من مالك يف

، بل هو بيان ليةري أغلبيا وبالتايل يصري قاعدة فقهية ال أصوجزئيات هذا األصل الكلي حىت يص، بل ال يراعي منه إال ما كان قوي الدليل، كان ال يراعي اخلالف كله امالك ن؛ ألملوضع العمل به

ي قوله يف هذا األصل الكل ختالفالألحوال فذلك لعدم قوة دليله ال فإذا كان مل يراعه يف بعض ا .أو ختلف بعض جزئياته

ة، يف األدل نظرياتهدين النمراعاة اخلالف من دأب ا: "... يقول ميارة يف هذا املعىن (2)."فحيث ترجح عندهم دليل الغري أعملوه، وحيث ال أمهلوه

.130ألمحد ابن أيب كف ، شرح ابن طالب الواليت ص صال السالك يف أصول اإلمام مالكإي - (1)

. 1/7: شرح التحفة - (2)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 87 -

ف باالعتبار أو عدمه، مث رعايته ألن احلكم على دليل املخال"؛ والظاهر أن هذا هو الراجح هذا يؤذن بكمال التصرف يف األحكام بالنظر ... من وجه دون وجه، ويف حال دون حال

. واالستنباط والترجيح، وتلك درجة االجتهاد األصويل

اخلروج من اخلالفالفرق بني مراعاة اخلالف و :الثالث املطلب.

الباحثني يف و يقع كثري من العلماء تان مهمتانة قاعدمث: "اخلالف الفقهي"موضوع يف :اخللط بينهما مها .اخلالف مراعاة قاعدة -1 .قاعدة اخلروج من اخلالف -2

ه عبارة الذي سبق وأن ذكرنا أن-مبعناها اخلاص- يف الفقه املالكي فاألوىل تكاد ال تعرف إال إشكاالت تستدعي نظرا عليه من آثار و الوقوع ملا يترتبإعادة نظر من اتهد يف احلكم بعد "عن

وإن أو بعض مقتضاه جديدا يأخذ بعني االعتبار دليل املخالف، فيبين األمر الواقع على مقتضاه ه ملا وقع الفعل وفقه رعي جانب آثار الفعل وما يترتب عليه،أن كان مرجوحا يف أصل النظر إال

". فتجدد االجتهاد بنظر جديد وأدلة أخرىثانية معروفة ومشروعة عند عامة املذاهب وقد يصطلح عليها مسمى مراعاة اخلالف وال

واليت هي عبارة عن األخذ ببعض أثر الدليل إذا كان "، قبل الوقوع أو اخلروج من اخلالف ابتداءال يعود بالنقض على الدليل، وذلك بالعمل مبقتضى دليله على سبيل الندب إن كان يقول

رك على سبيل الكراهة إن كان يقول باحلرمة، وذلك خروجا من اخلالف احتياطا بالوجوب أو الت (1)".للدين واتقاء للشبهة

.بتصرف 107املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهب وقواعده ص مراعاة اخلالف يف املذهب - (1)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 88 -

ي بني اخلروج من اخلالف ومراعاة اخلالف، لكنها تسوية فكثري من العلماء والباحثني يسون عن مراعاة هؤالء العلماء حني يتكلمو هلذا فإن. اخلروج من اخلالف هي مراعاة له لفظية؛ ألن(2).ما يقصدون اخلروج من اخلالف، والعكس صحيحاخلالف فإن

قاعدة مستقلة، -عندهم–فقهاء املالكية فهم يفرقون بينهما، فاخلروج من اخلالف اأم .ومراعاة اخلالف قاعدة أخرى خمالفة لألوىل

االنتباه إىل ينبغي":قة االحتياط باخلالفيقول الدكتور إلياس بلكا إثر كالمه عن عال عن استعمال غري ) اخلروج من اخلالف، ومراعاة اخلالف(اختالف استعمال املالكية للمصطلحني

امالك إن: املالكية؛ فقد رأيت بعض الباحثني خيلط بني االستعمالني حىت أدى به ذلك إىل أن قالتهدين يف القول به، مث ، بل شاركه غريه من ا"مبراعاة اخلالف"ال خيتص بالقول -رمحه اهللا-

م أنه، فف"اخلروج من اخلالف مستحب"كثريا من العلماء يقولون بقاعدة استدل على هذا بأنوهذا ال يصح، وهو . عند غريهم) اخلروج من اخلالف(عند املالكية هي نفسها " مراعاة اخلالف"

، ويف العلم يلزم التأين -ذلك أو حنو –من األخطاء اليت تؤدي إليها العجلة وعدم توسيع اإلطالع (1)".توالتثب

" اخلروج من اخلالف"و" مراعاة اخلالف"بني أن -يضيف إلياس بلكا–وسبب هذا اخللط :شبها؛ وميكن أن يقال لتصويره

: مراعاة اخلالف قسمان إن . وأخذ ملذهب نفسه من وجه آخر. وهي اعتبار ملذهب املخالف من وجه :مراعاة جزئية -1

.عندهم هذه مراعاة اخلالف املقصودة عند املالكية، وال تكاد تعرف إالو

. ملذهبه بالكلية، وعدول إىل مقتضى مذهب اآلخر وخروج إليه وهي إمهال: مراعاة كلية -2(2).وهذه قاعدة اخلروج من اخلالف اليت يذكرها عامة الفقهاء من خمتلف املذاهب

ربعني ، الفتح املبني بشرح األ311-8/310: البحر احمليط للزركشي: وعلى هذا حتمل النصوص الواردة مثال يف - (2)

اشية على الدر ين، وهو ح، رد احملتار على الدر املختار، حملمد أمني املعروف بابن عابد118مي ص البن احلجر اهليت) النووية( .1/278) م1994 1دار الكتب العلمية، ط : بريوت(كفي، حتقيق عادل عبد املوجود وعلي معوض املختار للحص

/ هـ 1424 – 1مؤسسة الرسالة ط : بريوت(االحتياط، حقيقته، وحجيته وأحكامه وضوابطه للدكتور إلياس بلكا - (1) . 263-262ص ) م 2003

.نفسه – (2) .110مراعاة اخلالف يف املذهب املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهب وقواعده ص - (3)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 89 -

: من أوجه اختالف بني القاعدتني "بلكا إلياس"وقد يضاف إىل ما ذكره الدكتور ضمن القواعد اخلروج من اخلالف هو من القواعد الفقهية، لذلك مل يذكره أحد إال أن. 1

التكييف األصويل هلا ، أما مراعاة اخلالف مبعناها اخلاص عند املالكية فقد مر معنا أن(3)الفقهيةأا تصنف ضمن و ب إىل حقيقة مراعاة اخلالف،الدليل اإلمجايل أو األصل هو األقر يقتضي أن

.مباحث األصول ال الفقهغريه، ومل يقل أحد و (1)اخلروج من اخلالف مستحب كما صرح بذلك الزركشي أن. 2

(2).بوجوبه، أما مراعاة اخلالف مبعناها اخلاص عند املالكية فقد قالوا بوجوب العمل اذو اعتبار شخصي يرجع إىل احتياط الشخص اخلروج من اخلالف مسلك شرعي أن . 3

.وورعه واتقائه للشبهة، وليس تشريعا إلزاميا، ولذلك كثريا ما يكون يف أبواب العباداتأما مراعاة اخلالف مبعناها اخلاص عند املالكية فهي مسلك تشريعي إلزامي، يؤخذ به يف

ولذلك كثريا ما يؤخذ به يف املنازعات وغريها، وينبين عليه تصحيح عقود وفساد أخرى،ه أبواب املعامالت، كعقود النكاح والبيوع، وهلذا فإن كل شخص ميكنه اخلروج من اخلالف؛ ألن

.(3)من باب الورع واالحتياطه يشترط يف األخذ به أن اآلخذ مبسلك مراعاة اخلالف مبعناه اخلاص عند املالكية، فإن وأن

.تنباط احلكم من دليله اإلمجايليكون ذا أهلية علمية ختول له اس

: مسألةإشكال، وهو أن الغزايل وابن رشد وغريمها جعلوا من الورع يرد يف هذا الفرق األخري

هي نوع من –أي يف جوازها وعدمه -أن األمور املختلف فيها ىعل ا، بناء"اخلروج من اخلالف"

هو بدر الدين حممد بن ادر بن عبد اهللا، فقيه أصويل، أديب درس و أفىت، أحصى له حمـقق كــتاب : الزركشي - (1)

البحر احمليط يف ثالثة أجزاء، مجع فيه مجعا كثريا مل يسبق :الربهان ثالثا و ثالثني مؤلفا يف علوم خمتلفة، من أمهها يف األصول مقدمة الربهان يف علوم القـرآن، حتقيق أبو الفضل . هـ 794تويف سنة . إليه و شرح مجع اجلوامع للسبكي يف جملدين

.6/335شذرات الذهب يف أخبار من ذهب : ، وينظر)م1957/هـ 1376-1دار الكتب العلمية، ط: مصر( إبراهيم 1/169شرح احلدود للرصاع - (2)

.269كتاب االحتياط إللياس بلكا ص - (3) . 6/369املعيار املعرب للونشريسي : وينظر) . فصل اإلحكام والتشابه( 3/63. 1/75،74املوافقات للشاطيب - (4)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 90 -

اخلروج : "يكون من الورع واتقاء الشبهاتاليت جاء يف احلديث احلث على اتقائها، ف" الشبهات" .بترك ما اختلف فيه " من اخلالف

قسما كبريا من منها أن: إىل إشكاالت وصعوبات –كما قال اإلمام الشاطيب –وهذا يؤدي ريعة من املتشاات، مع العلم أن املتشاات إنما هي استثناءات يف الشريعة؟ ومنها احلرج الش

منفي عن ، واحلرج الكبري والعسري ورعني ايقع فيه الكلفون من أجل أن يكونوالكبري الذي س (4)؟...الشريعة قطعالة ورجح جانب اتهد إذا تعارضت عنده األد...: "- رمحه اهللا –ل اإلمام الغزايل فمما قا

حبل أشياء ال يقدمون احلل حبدس وختمني وظن فالورع له االجتناب، فلقد كان املفتون يفتون ما تعارضت فيه اآلثار "... :وقال يف موضع آخر. (1)..."عليها قط تورعا منها وحذرا من الشبهة

. (2)..."فهو من املتشااتما اختلف أهل العلم فيه لتكافئ األدلة يف : "س املعىنفيف ن –رمحه اهللا –وقال ابن رشد

. (3)..."تحتليله وحترميه فهو من املتشاا تعارض األدلة؛ ؛ ألننا جند أنها تعود إىل(4)رض سبب من أسباب اختالف الفقهاءاالتعو

وهذا التعارض يكون يف نظر اتهد . معترب لتقرير مذهبه شرعي ه يستند إىل دليلأعين أن كل فقي

﴿ :طبعا وإن كان للشريعة قول واحد يف املسألة؛ ألنها ال ختتلف لقوله تعاىل

﴾. ]82: النساء[

من الورع ترك ما اختلف العلماء يف إباحته اختالفا :"-رمحه اهللا –ويقول اإلمام النووي مل يسم عليه الصيد والذبيحة إذا: جممال، ويكون اإلنسان معتقدا مذهب إمام يبيحه، ومن أمثلته

. (5)" فهو حالل عند الشافعي، حرام عند األكثرين، والورع ملعتقد مذهب الشافعي ترك أكله

. 2/128اإلحياء - (1) .نفسه - (2) . 3/432املقدمات - (3) . 2/269ة البالغة، للدهلوي احلج - (4) . 9/419اموع – (5)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 91 -

املراد بأن املختلف فيه من ":فقال(6)وأجاب الشيخ ابن عرفة عن هذه اإلشكاالت لفقه هكذا؛ بل املتشابه؛املختلف اختالفا دالئل أقواله متساوية أو متقاربة، وليس أكثر مسائل ا

فحينئذ ال يكون املتشابه ) أي اتهدين(اد التأمل لك أقلها ملن تأمل من حمصلي مواملوصوف بذ . (7)"منها إال األقل

ن وجه اعتباره أن أكثر مسائل من اجلواب مل يتبي –رمحه اهللا –وفيما قرره الشيخ ابن عرفة كما –الف ضعيف ال يعتد به؛ ألنه جيري يف اتهد وحده الفقه غري متقاربة؛ مبعىن أن أكثر اخل

عند تعارض األدلة، ال عند يتورع واتهد إنما –" من حمصلي مواد التأمل:"يشري إليه قولهوأما املقلد فأكثر مسائل الفقه خمتلف فيها اختالفا متقاربا . تعارض األقوال، فليس مما حنن فيه

، يتحصل للمقلد العامي ضابط يرجع إليه فيما جيتنبه من اخلالف مما ال جيتنبهبالنسبة إليه، فالوورع اخلروج من اخلالف صعب يف الوقوع، وإن كان شديدا يف خمالفة مألوفات النفس وصدها

صعب يف الوقوع قبل النظر يف خمالفته إذن ورع اخلروج من اخلالفعن هواها خاصة، فأن ما أجاب به الشيخ ال يطرد وال جيري يف الواقع جمرى - واهللا أعلم –فتبين ،(1) النفس

أن يستند إليه، وال –كما يقول اإلمام الشاطيب –االستقامة؛ للزوم احلرج يف وقوعه، فال يصح . (2)جيعل أصال يبىن عليه

ال كالم يف : " اطيبوأما اجلواب على أن الورع صار من أشد احلرج ، فيجيب اإلمام الشسه، كما أنه ال إشكال يف أن التزام التقوى شديد؛ إال أن شدته ليست من د يف نفأن الورع شدي

ألن اهللا مل جيعل علينا يف الدين من حرج، بل من جهة قطع مألوفات جهة إيقاع ذلك الفعل؛ . (3)..." النفس وصدها عن هواها خاصة

وهي مما ذكره ) وما بعدها 1/72(هذه اإلشكاالت منسوبة إىل اإلمام الشاطيب واليت تضمنها كتابه املوافقات - (6)

نسبتها إىل الشاطيب وانظر بصدد هذه األسئلة ويف إثبات . الونشريسي ضمن األسئلة الثمانية اليت وجهها الشاطيب إىل ابن عرفة .وما بعدها 106نظرية املقاصد ألمحد الريسوين ص: ويف مراسالته على العموم

1/74املوافقات - (7) .بتصرف 1/74من كالم الشاطيب يف املوافقات - (1) .1/75املوافقات - (2) .نفسه بتصرف - (3) .بتصرف 1/75هامش املوافقات - (4)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 92 -

احلرج العسري خاصة املقلد العامي إذا تعارضت عليه أقوال اتهدين وليخرج املكلف عن كأن يأخذ بقول من اشتباهأمور واضحة ال يبقى معها ترجيحهأن يرجح واحدا منها، معتربا يف

(4).ويكفي يف ذلك الشهرة ...، أو معروفا بورعهعرف بأنه يعمل بعلمه مثالمفيد جدا وعليه فهو) اخلروج من اخلالف( تفظ ذا األصل فاح:" - رمحه اهللا – حتى قال

. (5)" االشتباه وما ال يعتربينبين كثري من مسائل الورع، ومتييز املتشاات، وما يعترب من وجه ف اخلروج من اخلالف مبعناها اخلاص عند املالكية، وبعض الفروق بني مراعاة اخلالهذه

مثلة لقاعدة اخلروج من أرى أن ال أخلي هذا املبحث عن أو. غريهمكية ومبعناه املعروف عند املالويف كتب . (1)اليت تنبين عليها فروع كثرية جدا ال تكاد حتصى، كما قال السيوطياخلالف، و

قتصر على بعضها كنين ألة كثرية، أمثل –أي الفقه املقارن -الفقه والقواعد واخلالف الفقهي :أحيل على البعض اآلخر و

الناس اختلفوا يف صحة ؛ ألناعجز عن القيام أن يستخلف أحداملستحب لإلمام إذا مرض و .(2)إمامته، فيستخلف ليخرج من اخلالف

(3)من أبطلها قبله من خالف يستحب إقامة صالة اجلمعة بعد الزوال للخروج. رية الذين الظاهوللخروج من خالف بعض الصحابة املستحب عند احلنابلة الفطر يف السفر

. (4)أبطلوا صوم املسافر (5)يستحب قضاء شهر رمضان متتابعا للخروج من خالف من أوجب ذلك. د التطوع مبجر هناك من العلماء من اعترب أن كل تطوع قطعه املتطوع؛ ألنيستحب قضاء

.(6)خرج منه لزمه قضاؤهالشروع فيه ينقلب أداؤه واجبا، ولو

.1/75قات املواف - (5)

.94األشباه ص - (1)

. 2/48: املغين البن قدامة - (2) .2/144: املغين - (3) .91-3/90املغين - (4)

.3/92املغين - (5)

ل الفصل األو معنى مراعاة الخالف ومذاھب األصولیین في حجیتھا

- 93 -

ن وجد من األصناف الثمانية، ليخرج من خالف من مل جيز يستحب صرف الزكاة إىل كل م . (7)صرفها إىل صنف واحد

انتهاء باإلرث وفقه بدءا بالطهارة واملياه لهناك غري هذه الفروع كثري يغطي مجيع أبواب او .(8)و الوصايا

.2/93املغين - (6)

.529-2/528املغين - (7)، 794، 315-314، 1/244، املغين 1/207، قواعد األحكام 4/351، 3/337، 1/430اموع : يراجع - (8)، الزرقاين على 6/11، 1/205، مواهب اجلليل 256، 117، 11/46، 10/420، 7/330، 389، 2/112-116

، 337البيعان باخليار، إيضاح املسالك ص : ، كتاب البيوع باب4/385، فتح الباري 1/528، مغين احملتاج 1/286خليل .94األشباه و النظائر ص

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 93 -

فيحتج به مجهور املالكية ويعتربونه أصال " مراعاة اخلالف"العلماء يف صحة اختلف موقف

من أصول اإلمام مالك، وخالف بعض العلماء واألشياخ املربزين الذين هلم وزم يف املذهب جية مراعاة اخلالف، واعتمد كل فريق على خرى، ومل يسلموا حبذاهب األاملالكي بله أصحاب امل

وف عندها من حيث العرض أدلة وبراهني واعتراضات على الفريق اآلخر البد من ذكرها والوق :وهذا ما سنتناوله يف املطالب اآلتية. واملناقشة

.ومستندهم يف ذلك من العمل مبراعاة اخلالف املالكية علماءموقف : املطلب األول

من العمل مبراعاة اخلالف املالكية علماءموقف : الفرع األول.

:وهلم يف ذلك رأيان ،تباين موقف علماء املالكية حول مراعاة اخلالف

.ايزون للعمل مبراعاة اخلالف : األول وقد .به يف الفقه العمل (1)أصل صحيح ينبغي " مراعاة اخلالف:"قال أصحاب هذا الرأي

.(2)دليل معترب وأنه عنده -رضي اهللا عنه–مالك اإلمامحكى كثري من العلماء نسبته إىل

.1/269شرح احلدود ".يظهر وجوب ذلك عند اتهد: هل جتب مراعاة الدليل أو جتوز؟ قلت:"... قال الرصاع - (1): بريوت( حتقيق محزة أبو فارس وعبد السالم الشريف .حونفركشف النقاب احلاجب من مصطلح ابن احلاجب، البن - (2)

.1/20، البهجة1/29:، حاشية ابن محدون6/363: ، وينظر املعيار املعرب63ص ) م1990 -1دار الغرب اإلسالمي، ط

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 94 -

مراعاة اخلالف ...مذهب ابن القاسم :" قال الوليدي ،(1)قاسم اإلمام على ذلك الوقد وافق ابن ومىت...التحليل دليل ؛ ألن من مذهبه أنه مىت غلب على ظنه دليل التحرمي مل يراع...القوي

.(2)" ...نه دليل التحليل راعى قول من قال بالتحرميغلب على ظويدل عليه ،واحلاصل أن نسبة القول ملراعاة اخلالف إىل مالك وابن القاسم أمر ثابت

ومن املؤكد أيضا أن ."مراعاة اخلالف"واليت تتخرج على ،الكثري من الفتاوى املنقولة عنهمامن : " ي أنأطلق املقر لذا (3)"مراعاة اخلالف " واسع من املالكية يعترف بصحة اجلمهور ال

جيري -رمحهم اهللا -وأصحابه امالك إن:" يبطوقال الشا. (4)"ل املالكية مراعاة اخلالفوصأشيوخ املذهب ل اويعل ،ةمراعاة اخلالف ويبنون عليها فروعا مجكثريا يف فتاويهم ومسائلهم

م وعند مدرسي ن تقدم من أهل مذهبهم من غري توقف حىت صارت عندهون له أقوال مالشارحأي –هذه املسألة :"وقال أبو حيي بن عاصم . (5)"إليها الفقهاء قاعدة مبنيا عليها وعمدة مرجوعا

بين عليها كثري من نقاعدة من قواعد املذهب املالكي وأصل من أصوله اليت ي –مراعاة اخلالف مالكا وابن القاسم النقول اليت سقناها أن هذه من ومما يستشف. (6)"يف أبواب الفقه األحكام

ومن .وصحة اعتماده دليال وأصال فقهيا "مراعاة اخلالف"واألكثرية من أصحاما يقولون بصحة .وغريهم كثر ... (8)،وابن عبد السالم(7)هؤالء ابن عرفة، والقباب ،وابن العريب

.12/37:املعيار - (1)مطبوعات (ان العمراين اإلدريسي احلالل واحلرام، أليب الفضل راشد بن أيب راشد الوليدي، دراسة وحتقيق عبد الرمح- (2)

.140ص) م1990وزارة األوقاف املغربية ، 1/91:، الفكر السامي1/20، البهجة شرح التحفة 2/101:االعتصام للشاطيب :، وينظر6/367:ر املعرباملعيا - (3)

حتفة " بيه ومساهأل "حتفة احلكام" أليب حيي حممد أيب بكر بن حممد بن عاصم الذي شرح. 11ص ) خمطوط(حتفة الفوائد .ن كتاب االحتياط، أخذا ع"الفوائد

.1/236:القواعد أليب عبد اهللا املقري - (4) .367-6/366:املعيار املعرب - (5) .18حتفة الفوائد البن الناظم ص - (6) .12/37: املعيار املعرب - (7) .12/37، واملعيار 2/37شرح ابن ناجي للرسالة - (8)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 95 -

.ون ملراعاة اخلالفنافال: الثاين

:مجاعة من الفقهاء ذكر بعضهم الونشريسي قائال "راعاة اخلالف مب" اعترض القول وغريمها من ن الفقهاء ومنهم اللخمي وعياضوالقول مبراعاة اخلالف، قد عابه مجاعة م"

.(1)"ه القياس القول مبراعاة اخلالف ال يعضد:" ، حىت قال عياضاحملققني

. (2)"اخلالف ال يكون حجة يف الشريعة : " احملققني ابن عبد الرب، فإنه قال ومن هؤالء وقال أيضا يف ساالختالف" :)جامع بيان العلم وفضله (فيس فره الن ة عند أحد ليس حبج

. (3)"يف قوله وال حجةله وال معرفة عنده رعلمته من فقهاء األمة إال من ال بص ز االختالف وزعم أنقال ملن جوي :"الشافعي يف املسألة حيث قال (4)مث نقل قول املزين

جهدهى كل واحد منهما فقال أحدمها حالل واآلخر حرام فقد أد ةيف احلادث اإذا اجتهد لمينالعاكيف : بأصل، قيل: بقياس ؟ فإن قال بأصل قلت هذا أمأمصيب احلق وهو يف اجتهاد ،فوما كل

كيف تكون األصول تنفي اخلالف : قيلبقياس، : اب ينفي اخلالف، وإن قالكون أصال والكتيأليس : ويقال له .زه عاقل فضال عن عاملوجيوز لك أن تقيس عليها جواز اخلالف ؟ هذا ما ال جيو

ه أحدمها يف معىن واحد أحل - صلى اهللا عليه وسلم - ثبت حديثان خمتلفان عن رسول اهللا إذإثبات أحدمها ونفي اآلخر، أليس اب اهللا أو يف سنة رسول اهللا دليل على مه اآلخر ويف كتوحر

فإن خفي الدليل على أحدمها وأشكل ،ليل ويبطل اآلخر ويبطل احلكم بهت الذي يثبته الديثبفلم ال : قيل له ،فإن قال نعم والبد من نعم وإال خالف مجاعة العلماء ،األمر فيهما وجب الوقوف

.ني؟ فيثبت منهما ما أثبته الدليل ويبطل ما أبطله الدليلمالعاملني املختصهذا برأي تصنع

منشورات كلية الدعوة :ليبيا(اح املسالك ألمحد بن حيي الونشريسي، حتقيق الصادق بن عبد الرمحان الغرياين إيض - (1)

.65ص) م1991/هـ1401-1اإلسالمية وجلنة احلفاظ على التراث اإلسالمي، ط .12/36، 6/367، ويف املعيار4/109، كما نقله يف املوافقات 2/312جامع بيان العلم وفضله قسم - (2) 2/312قسم - (3). أبو إبراهيم إمساعيل بن حيي املزين نسبة إىل مزينة من مصر، صاحب اإلمام الشافعي من أهل مصر وناصر مذهبه: املزين - (4)

، طبقات الفقهاء 1/327:، األعالم 2/92:طبقات السبكي: ينظر.هـ264تويف سنة . له مؤلفات منها اجلامع الكبري .1/196:ات األعيان، وفي97للشريازي ص

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 96 -

لك ذكرته وأضفته ، فلذزين عندي الزمما ألزمه امل :ابمعق) ابن عبد الرب(مث قال أبو عمر صل فيه القول وهذا باب يت ،أن من بركة العلم أن تضيف الشيء إىل قائله :قالألنه ي ؛إىل قائلهمه وأنصف ا مقنع ونصاب ملن فهنحووفيما ل ،لواالفقهاء من أهل النظر يف هذا وطو وقد مجع

.(1)نفسه ومل خيدعها بتقليد الرجال وكيف يترك العامل ،ده القياسال يعض" مبراعاة اخلالف"القول : يرى القاضي عياض أنوعند عدم إالهذا ال يسوغ؛ : الحتى ق ملذهبه؟ لصحيح عنده ويفيت مبذهب غريه املضادمذهبه ا

(2)ازلة فيسوغ له التقليد ويسقط عنه التكليف يف تلك احلادثةالترجيح وخوف فوات الن. .وقصده بالتكليف هنا االجتهاد يف استنباط حكم النازلة

:ه قاليف أول أمره حىت أن"مبراعاة اخلالف "استشكل الشاطيب العمل كما -ألن ؛اء اتهد مبذهب جمتهد آخر خمالفا لهجتري على جواز إفتوال يقال مراعاة اخلالف "

ة مشكلة علياملسألاألصوليني نقلوا اإلمجاع على منع ذلك على اتهد يف املسألة اليت اجتهد فيها ف .(3)"من أصلها كما أشكلت على ابن عبد الرب وغريه

خصوصا أخاه ومفيده ومراجعةفاعتىن الشاطيب ذه املسألة وكتب فيها إىل الشيوخ سؤاال .أبو العباس القباب

:قوله -مقتطفا من مراسلته أليب العباس القباب –وأسوق يف هذا املقام كم ملا حكيتم عن العلماء استشكال القول مبراعاة أن -وجرى يف كالمكم عن هذه املسألة"...

وأنا يا سيدي أستثقل .الصحةإىل من استشكله فهو بعيد الفهم عن (4)اخلالف نزعتم بالبيت

جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي يف روايته ومحله، البن عبد الرب قدم له وعلق عليه الشيخ محد عبد القادر أمحد عطا - (1) . 2/312ج) م1997/هـ1418-2مؤسسة الكتاب الثقافية، ط: بريوت(

بب يف ذلك أن هذه االعتراضات القوية على مراعاة ومما هو مالحظ أن يف بعض النصوص اليت أنقلها طوال وبسطا والس -مراعاة "اخلالف وردت عن أئمة بارزين يف املذهب املالكي، وبيان هذه االعتراضات واإلجابة عليها ضروري لفهم حقيقة

. وبضدها تتميز األشياء، والضد يظهر حسنة الضد: ، كما يقال"اخلالف .160وإيضاح املسالك ص ،12/36:عن املعيار املعرب - (2) .391وما بعدها/ 6:إشكاالته أيضا صاحب املعيار لوما بعدها، ونق 4/109املوافقات - (3) :إشارة إىل ما أنشده القباب يف ذلك من قول املتبين - (4)

:وتتمته

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 97 -

إذ منهم أبو ،م من أهل العلم املستشكلنياحلوم حول هذه املنازع اليت تشري إىل استنقاص من تقدسن النظر وإمنا ح ،وأنتم أعرف مبا فيها منا. بعد وإن كان اإلشارة علي ،عمر بن عبد الرب وسواه

وأخالق ،فهو أليق بآداب العلماء أرادوه وتوقف الفهم عما االستشكالمعهم أن يكون على جهة واملقصود ،وأجلب للفائدة يف الدنيا واآلخرة ،دروانشراح الص ،وأحرى بتنوير القلب ،الفضالء

فإن ظهر أن الصواب خالف ما .ن فيه اإلشكال وظهر ما هو الصوابإذا تبي ،بعد ذلك حاصلب ما يليق به من مناحي الصحة أو يبني هلم أحسن املخارج ومحل كالمهم على أقر ، التمسقالوه

(1)"وحسنت اإلشارة إىل رد ما خالفه فهذا الذي يظهر يل وباهللا التوفيق ،عند الناظر ما هو احلق. م فسل ،راجعه القاضي أبو العباس القباب وأجابه على هذه االعتراضات واالستشكاالتف

) هذه:"...(قال القباب ،ما هو الظاهرمه كوسل االعتصامالشاطيب هذا اجلواب منه ونقله يف اقت العبارة عن ولقد ض...منكرة لطريقة االستحسان إيرادات شديدة صادرة عن قرحية قياسية

ولقد كنت أقول مبثل مقال هؤالء األعالم يف ...بىن عليهفكيف ما ي...معىن أصل االستحسان انه كثريا يف فتاوى اخللفاء وأعالم جدوتقوى لو ه اعتضد، لوال أنطرح االستحسان وما بين عليه

كريالصحابة مبحضر مجهورهم مع عدم الن، وسكنت إليه النفس ،ى ذلك عندي غايةفتقو، .(2)"...-رضي اهللا عنهم -لألمر باتباعهم واالقتداء م ،ووثق به القلب ،وانشرح له الصدر

اة اخلالف يف آخر رسالة وقد اقتنع اإلمام الشاطيب بوجهة نظر القباب حول العمل مبراع –فق تنظري القباب ملأخذها و –العمل ا ةم أخريا بواقعيوسل ،من املراسالت اليت جرت بينهما

.(3)"االعتصام"و" املوافقات "كما صرح بذلك يف كتابيههذه إمجاال اعتراضات خنبة من األشياخ احملققني على مراعاة اخلالف وآراء غريهم من

.(4)نفسه تقريرا واستدالال االجتاهلفني تسري يف املخاهم من األشياخ الذين هلم " برعي اخلالف " ومما جيدر التنبيه إليه أن الذين عارضوا القول

عند جيته، مما يستدعي دقة النظر يف املسألة وزيادة متحيص املذهب املالكي ومل يسلموا حبيفوزم .لوقوف عندها من حيث العرض واملناقشة لة كل فريق وااستعراض أد

.6/392:املعيار- (1) .وما بعدها 392/ 6وما بعدها، املعيار 101االعتصام ص - (2) .وما بعدها 101:االعتصام ، 111- 4/108: املوافقات - (3) . وما بعدها 12/36وما بعدها، 6/387املعيار : يراجع يف ذلك - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 98 -

ومناقشتها ةاألدل : الثاين الفرع.

.للعمل مبراعاة اخلالف ومناقشتها أدلة ايزين :أواليزون للعمل مبراعاة اخلالف بأدلة وحجج نقلية وعقليةمتسوغالب األدلة اليت استدلوا ،ك ا

والبعض منها يصلح أن يكون دليال مشتركا ملراعاة ،إمنا قصدوا ا مراعاة اخلالف بعد الوقوع ،ا .اخلالف بعد وقبل الوقوع

:األدلة النقلية - أ

:مبراعاة اخلالف من النقل باألدلة التاليةاستدل املالكية على العمل ﴿:قوله تعاىل -1

﴾]2: املائدة[

فعلل اهللا سبحانه وتعاىل النهي عن استحالله بابتغائهم فضل اهللا ورضوانه مع كفرهم الذي ال ل، وإن كان هذا احلكم اآلن منسوخا، فذلك ال مينع االستدالل به يصح معه عبادة، وال يقبل عم

. (1)) أن ما هم فيه عبادة( يف هذا املعىن الذي فيه نوع من االعتبار واملراعاة لزعمهم الباطل : دليله شرعا من وجهني : فقال ابن عرفة يف االستدالل ملراعاة اخلال -2

فال نطول (2)ر يف أصول الفقهوهو مقر ،باألرجحالدليل الدال على وجوب العمل :األول .به

الولد للفراش وللعاهر احلجر واحتجيب منه يا :"حديث قوله صلى اهللا عليه وسلم :و الثاين .(3)...."سودة

. 395 - 6/393اجلواب جتده يف املعيار ، ونفس2/103االعتصام للشاطيب - (1)

.2/153، مسلم الثبوت امش املستصفى2/257، إرشاد الفحول 3/209اإلاج شرح املنهاج - (2) .6/379:املعيار - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 99 -

.(1)"مراعاة اخلالف"وهذا احلديث هو عمدة املالكية يف االستدالل على : مث قالاختصم سعد بن أيب وقاص وعبد «:قالت ،-اهللا عنها رضي-ه أم املؤمنني عائشةواحلديث روت ،أنه ابنه هذا يا رسول اهللا ابن أخي عتبة بن أيب وقاص عهد إيل: فقال سعد .بن زمعة يف غالم

فنظر .ولد على فراش أيب من وليدته ،هذا أخي يا رسول اهللا :وقال عبد بن زمعة ،انظر إىل شبههالولد للفراش :[مث قال" ةهو لك يا عبد بن زمع:"بعتبة فقال نارسول اهللا إىل شبهه فرأى شبها بي

فلم ير سودة )-رضي اهللا عنها–أي عائشة (قالت ،]واحتجيب منه يا سودة] : [وللعاهر احلجر .(2)»قط

" ةعمابن ز" وقال إن ،أخي قد أوصى إيل :فسعد يقول ،فهنا تنازع سعد وعبد يف الغالم؛ ألإن هذا الولد ولد على فراش أيب: عبد فيقول أما ،ي فاقبضه إليكمنالغالم هي أ ن أمةعمة زم،

لكن ملا" الولد للفراش"إذ ،الولد أخ لعبد بأن -صلى اهللا عليه و سلم -فحكم النيب ،فهي فراش لهحتجاب باال -رضي اهللا عنها–أن الغالم يشبه عتبة أمر سودة -صلى اهللا عليه و سلم -رأى النيب

كون الغالم هو فعال ابن لعتبة احتمال، وذلك ألن احتمال رغم أنه أخوها يف احلكم ،لغالممن اقوي بالنظر إىل الشبه البني بينهما ،اجد. وفيه مراعاة وإعمال للدليلني ،بني حكمني فهذا حكم -لسالمفها ابن عبد اواحد منهما فيما هو فيه أرجح وهو معىن مراعاة اخلالف كما عر كلمعا،

.معنا يف مدلول القاعدة وقد مر - شيخ ابن عرفة ،فحكم بأنه أخو عبدعلى فراش زمعة دلراعى أن الولد و )صلى اهللا عليه وسلم( فالنيب

.فلم يكن أخا هلا ،وراعى الشبه فحكم على سودة باالحتجاب منهب العطف جي ة بليقطع حكم املرجوح بالكلي القضاء بالراجح الابن العريب، قال

.(3) »واحتجيب منه يا سودة « :)صلى اهللا عليه و سلم ( لقولهعلى املرجوح حبسب مرتبته؛

بفاس، املطبعة اجلديدة شارع الطالعة :املغرب(منار السالك إىل مذهب اإلمام مالك، ألمحد الساعي الشهري بالرجراحي - (1) .239وينظر اجلواهر الثمينة للمشاط ص. 33ص) م 1940 - 1ط

، 450ص )1449:رقم(الولد بأبيه القضاء باحلاق: كتاب األقضية باب مالك يف املوطأ يف أخرجه: احلديث - (2) )2421(وصي للميتدعوى ال: ، ويف اخلصومات باب4/347 )2053(تفسري الشبهات : البخاري يف البيوع بابو )2745( ..."تعاهد ولدي:" قول املوصي لوصيه: ، ويف الوصايا باب5/195 )2533( أم الولد: ، ويف العتق باب5/88الولد للفراش : ومسلم يف الرضاع باب. 12/36 )6749(الولد للفراش حرة كانت أم أمة :، ويف الفرائض باب5/438

. 5/380 )1457(وتوقي الشبهات .، واحلديث مر خترجه قريبا 12/37: ارنقله يف املعي - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 100 -

فإذا وقعت على خالف ذلك ,تر ثابمقرولذا جتد يف الفروع مسائل كثرية هلا حكم . (1)آخر حكمااستنبط هلا

خصوصا إذا ,املرجوح اعتبارعين أنه ينبغي أ - هذه القاعدة توضيح كالم جيد يف يبطللشاوا يف احليف عليه إذا وقعت فال يكون إيقاعها من املكلف سبب املمنوعات يف الشرع" :قال -وقع

بزائد على ما شرر أو غريهاله من الزواج ع ..فمن واقع مهنيب عليه من ا عنه فقد يكون فيما يترتمن مقتضى إىل أمر أشد عليه أو مؤد ،ألصالةما ينبغي حبكم التبعية ال حبكم اأحكام زائد على

نظرا ع من الفساد على وجه يليق بالعدل،ما وق (3)جنيز أو ما فعل من ذلك،و (2)فيترك النهي،و ف فيه دليال على اجلملة،املكل إىل أن ذلك الواقع واقعإن كان مرجوحإىل بالنسبة ا فهو راجح

من أوىل من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشدألن ذلك إبقاء احلالة على ما وقعت عليه؛ دليل اجلواز أقوى بعد و أقوى قبل الوقوع، هإىل أن النهي كان دليل :فريجع األمر ،مقتضى النهي

تأسيس البيت على (5)يف حديث (4)كما وقع التنبيه عليه ؛املرجحة ملا اقترن من القرائنقوع، الوالنيب صلى اهللا عليه - فإن املسجد، يف البائل (7)حديثفقني وتل املناق (6)حديثو ،قواعد إبراهيم

يف حلدث عليه من ذلك داءو ،لو قطع بوله لنجست ثيابهألنه بوله؛ أمر بتركه حىت يتم - سلمو، وبأنه هي عنه على قطعه ملا يدخل عليه من الضررح جانب تركه على ما فعل من املنفترج ،بدنه

ن كحت بغري إذأميا امرأة ن «:، ويف احلديثجسه موضع واحدنلذي يموضعني وإذا ترك فا ينجس

، 339-229-228-203-1/119:، مواهب اجلليل1/44: شرح الزرقاين على خليل: يراجع بعض األمثلة يف - (1)2/393.

.أي كما يف مثال البائل يف املسجد، وسيأيت - (2) .) فصل الفروع الفقهية ( ولأي كما يأيت يف األنكحة الفاسدة قبل الدخول املصححة بعد الدخ - (3)وإمنا هي مما . ؛ ألن املواضع الثالثة ليست منه-أي مراعاة اخلالف -أي على الترك أو التصحيح وإن مل يكن مما حنن فيه - (4)

د، وقع خمالفا للمطلوب وترك كما يف بناء البيت على غري قواعد إبراهيم، أو وقع منهيا عنه قطعا كمسألة البائل يف املسج .وكترك قتل الكافر املنافق املؤذي للمسلمني، وقد تركه اجلميع خشية حصول ضرر أشد من إزالة هذه الثالثة

.باب نقض الكعبة وبنائها 3/538 )1583(سلم م، و3/539 )1585( أخرجه البخاري: سبق خترجيه - (5)نصر األخ ظاملا : يف كتاب الرب والصلة باب ، ومسلم8/573 )4905(أخرجه البخاري يف كتاب التفسري : احلديث - (6)

.8/190 )2584(أو مظلوما : ، ومسلم كتاب الطهارة باب10/522 )6025( الرفق يف األمر كله: أخرجه البخاري كتاب اآلداب، باب - (7)

. 3/83 )284(وجوب غسل النجاسة

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 101 -

وهذا ،(1)»فإن دخل ا فلها املهر مبا استحل منها: مث قال –باطل ،باطل ،وليها فنكاحها باطلوإجرائهم النكاح . تصحيح للمنهي عنه من وجه، ولذلك يقع فيه املرياث ويثبت النسب للولد

ذه األحكام ويف حرمة املصاهرة وغري ذلك دليل على احلكم بصحته الفاسد جمرى الصحيح يف هفالنكاح املختلف فيه قد يراعى فيه . على اجلملة؛ وإال كان يف حكم الزنا، وليس منه باتفاق

اخلالف فال تقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول، مراعاة ملا يقترن بالدخول من األمور اليت (2)..."ترجح جانب الصحيح

).حديث عائشة رضي اهللا عنهاأي :(االعتراض الوارد على هذا الدليل .أنه ال حيتج لألصول والقواعد اهلامة خبرب آحاد

:وجوابهأقوى أدلة مراعاة ) حديث عائشة(وهذا احلديث :"قال ابن عرفة جميبا على هذا االعتراض

خبرب آحاد؛ ألنين أقول إن هذا ليس اخلالف، وال يقال إنه ال حيتج لألصول والقواعد اهلامة .(3)"حديث آحاد فقط، بل هو خرب مشهور، وهذا يوجب علم الطمأنينة كما يرى األحناف

صلى اهللا عليه - من أصح ما يروى عن النيب) هو :" (ويقول ابن عبد الرب عن هذا احلديث .(4)"من أخبار اآلحاد العدول - وسلم

:الدليل الثالثملا بعث يزيد بن أيب - رضي اهللا عنه -بن سعيد األنصاري، أن أبا بكر الصديق ما روى حيي

إنك :"سفيان إىل الشام وكان أمريا لربع من أرباع الغزاة يف سبيل اهللا، قال له أبو بكر يف وصية له .(5)"ستجد أقواما زعموا أم حبسوا أنفسهم هللا، فذرهم وما زعموا أم حبسوا أنفسهم له

.كما يصح دليال على القاعدة ،)تعريف الشاطيب ملراعاة اخلالف عند(سبق ختريج احلديث - (1) .مع تعليقات عبد اهللا دراز 148-4/146:املوافقات للشاطيب - (2) .6/379:نقله يف املعيار - (3)مطبوعات وزارة األوقاف والشؤون (حتقيق جمموعة من الباحثني.املوطأ من املعاين واألسانيد البن عبد الرب يف التمهيد ملا - (4)

.8/181ج) م1992و1982الكتاب على مراحل بني سنيت ب، طبعاإلسالمية باملغرإنه منقطع؛ :وقيل، )982(النهي عن قتل النساء والولدان يف الغزو: أخرجه اإلمام مالك يف املوطأ يف كتاب اجلهاد باب - (5)

حيي بن يف ترمجة ) )11/223ذيب التهذيب : األنصاري مل يسمع من صحايب غري أنس بن مالك، ينظر ألن حيي بن سعيد .سعيد، إال أن رجاله ثقات

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 102 -

وهلذا ال يسىب الراهب ويترك له ماله، وغريه ممن ال يقاتل يسىب وميلك؛ وإمنا ملا زعم أنه وهي عبادة هللا تعاىل، وإن كانت عبادته أبطل الباطل، وهذا فيه نوع من االعتبار . حبس نفسه له

يعترب لزعمهم الباطل، والنظر إليه عند بناء احلكم، فكيف يستبعد اعتبار نظر عبد مسلم وال خالفه وال تصح عبادته الواقعة على وفق دليل شرعي ال يقطع خبطأ فيه، وإن كان يظن ذلك ظنا؟

.(1)"...وتتبع مثل هذا يطول األدلة العقلية للعمل مبراعاة اخلالف:ثانيا

:الدليل األولأحد جهة تقضي باجلواز، واألخرى تقضي باملنع، فريجح : قد يتنازع فعل املكلف جهتان

ويغلب على ظنه أن مقصد الشارع قد تعلق جبهة اجلواز دون املنع، - مثال - اتهدين جهة اجلواز .غري مقصودة للشارع -أي املنع –لكنه ال جيزم بكون اجلهة األخرى

.من هنا جاز له أن يراعي اجلهة األخرى هلذا االحتمال حت إحدى اجلهتني على األخرى فيمكن أن وأما إن ترج:"...ويف هذا يقول اإلمام الشاطيب

إن قصد الشارع غري متعلق باجلهة األخرى، إذ لو كان متعلقا باجلهة األخرى ملا صح : يقالمعتربتان، إذ كل واحدة منهما حيتمل -معا عند اتهد –إن اجلهتني : الترجيح، وميكن أن يقال

فنا مبا ينقدح عندنا أنه مقصود للشارع، ال مبا هو أن تكون هي املقصودة للشارع، وحنن إمنا كل .مقصوده يف نفس األمر

مقصودة للشارع، إال إمكان كون اجلهة األخرى هي غري فالراجحة وإن ترجحت ال تقطع أن هذا اإلمكان مطرح يف التكليف، إال عند تساوي اجلهتني وغري مطرح يف النظر، ومن هنا

.(2)"نشأت مراعاة اخلالف

، ونقله يف مراعاة اخلالف وعالقته ببعض أصول395 – 6/393:باملعيار: وما بعدها، ينظر 2/103:االعتصام - (1)

.252املذهب ص .25-2/24:املوافقات - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 103 -

وح بالكلية بل جيب طرالقضاء بالراجح ال يقطع حكم امل:"وهذا ما قصده ابن العريب بقولهالولد للفراش وللعاهر احلجر واحتجيب :" العطف عليه حبسب مرتبته لقوله عليه الصالة والسالم

.(1)"منه يا سودةبعها السالك، فرمبا وقد مثل اإلمام القباب هلذا املعىن بالطريق الذي جعلت عليه أمارات يت

.على كل واحد منهما أمارة. عرض له طريقتانفإن تساوت يف نظره األمارتان، وقف حىت جيد مرجحا، وإن رجحت إحدامها عمل عليها،

كيف أرده وهو : وإن رأى غريه قد مضى على اجلهة األخرى وقطع منها ما يشق رجوعه، فيقولإن علم أن يقه أقصد، وقد قطع منها ما له بال، وال سيما عمل بأمارة هلا اعتبار ؟ فلعل طر

(2).ىل املقصودالطريقني معا موصالن إوما مثلتم به من :"...على هذا اجلواب بقوله -يف أول أمره –وقد اعترض اإلمام الشاطيب

د ال يستقيم، ألنك إذا كنت العارف باألمارات فجاء من أراد سلوك طريق إىل بل...الطريقنيالطريق ذات اليسار، ليه الطريق ذات اليمني، وعند غريككذا، فرجح عندك أن الطريق املوصل إ

فدللته على ما ترجح عندك ومنعته من سلوك اآلخر، فلم متنعه منه إال وقد غلب على ظنك أنه ال لك فإن ترك رأيك وأخذ ذات اليسار مث سألك كيف يصنع؟ مل يصح أن تنقلب. إىل البلد ليوص

غلبة الظن فتصري األمارة املرجوحة عندك راجحة؛ ألن هذا من باب انقالب االعتقاد من غري كيف أرده وهو قد عمل بأمارة هلا اعتبار؟: وأما قولكم. دليل

اعتبار عندك أو عند غريك؟ أما عندك فال، وأما عند غريك فإنه مل يسأل غريك، : فيقال لهيف التمادي على سلوك الطريق اآلخر كما سألك أوال فمنعته، فصار وإنما سألك أنت وإياك قلد

مبخالفتك عاصيا، فكيف تفرع على مذهب من أنت غري قائل مبذهبه؟ هذا وإن كان عندك الطريق ذات اليسار توصل إىل البلد، فليس مبوصل إىل البلد بداللتك أنت، بل بداللة غريك ولو

نعه ابتداء، هذا على القول بتصويب اتهدين فإن كل واحد كان موصال إليه بداللتك مل متيصوب قول صاحبه من حيث نظر صاحبه ال من حيث نظر مذهب نفسه، إذ ال جيوز الذهاب

.، واحلديث سبق خترجيه قريبا2/37:نقله يف املعيار - (1) .6/388: باملعيار املعر - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 104 -

، وهذا مع القول (3)إليه كما ال جيوز لآلخر الذهاب إىل غري مذهب نفسه فالتصويب إضايف ند ذلك مل يتبين يل القول أن مراعاة اخلالف تتمشى بالتصويب فأحرى به مع القول بالتخطئة، وع

.على قول املصوبني، كما مل يتبين لبعض الناس جرياا على قول املخطئني أيضاإن مراعاة اخلالف جتري على جواز إفتاء اتهد مبذهب جمتهد آخر خمالف له؛ : وال يقال

.(1)"هد يف املسألة اليت اجتهد فيها ألن األصوليني نقلوا اإلمجاع على منع ذلك على ات .فأنت ترى أن كل هذه اإليرادات الشديدة صادرة عن قرحية منكرة للعمل مبراعاة اخلالف

وقد أجاب عن هذه االعتراضات كل من اإلمام القباب، والشيخ أبو عبد اهللا الفشتايل، ب القباب، الذي بني له فيه فرد الشاطيب على جواب أيب عبد اهللا الفشتايل، ومل يرد على جوا

.أن مراعاة اخلالف من باب االستحسان الذي كثر اخلالف واجلدل حول العمل بهفإذا كانت هذه حالة االستحسان الذي هو " من استحسن فقد شرع:"حىت قال اإلمام الشافعي

(2)؟"األصل فكيف ستكون حالة مراعاة اخلالف وهي الفرعد فروع االستحسان عقف مرياثها من هذا اجلدل وهي من أفال غرو أن تنال مراعاة اخلال

.إليه" املوافقات: "(3)وقد اقتنع اإلمام الشاطيب متاما بوجهة نظر القباب حىت أنه أصبح يف كتابيه

.(4)ينظر ملراعاة اخلالف كما ينظر هلا اإلمام القباب ويؤصلها على وفق تأصيله" االعتصام"و

.أي ولو كان حقيقيا مل يكن هناك مانع من ترك اتهد رأي نفسه إىل رأي غريه - (3) .6/388: املعيار املعرب - (1) 6/393:املعيار املعرب- (2) وما بعدها 2/101:وما بعدها واالعتصام 4/146:يف املسألة العاشرة من كتاب االجتهاد : املوافقات- (3)حقيقته وحجيته "االحتياط "كتاب 263: ب وقواعدهاة اخلالف يف املذهب املالكي وعالقتها ببعض أصول املذهمراع- (4)

324-323ه وضوابطه للدكتور إلياس بلكا ص وأحكام

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 105 -

: الدليل الثاينتهد يف مراعاة اخلالف يراعي دليال كان مرجوحا يف األصل إال أنه أحاطت به قرائن ا

والعمل بالراجح واجب .(1)ومالبسات كثرية فارتقى إىل درجة الراجح لتحقيق املناط اخلاص . (2)عند مجهور العلماءويعمل مبقتضى اء ، أن اتهد يقول ابتدعمال بالراجح -أي مراعاة اخلالف –ووجه كوا

لف واقترنت بوقوع الفعل خامث إذا وقع الفعل على مقتضى دليل امل ،دليله الراجح يف نظرهفهو عمل بدليله ،هي عليه وقال بذلك حة لقول املخالف وإبقاء احلالة على ماقرائن مرج

هذا ويف ،مث عمل بدليل خمالفه عندما صار أرجح بعد وقوع الفعل ،الراجح قبل وقوع الفعل(3)بالراجح على كل حال لعم.

:الدليل الثالثظر، وعن املمنوعات تقتضي احلكم عليها باحلة املنهيات أو عقحاصله أن األدلة املتعلقة مبوا

مترتباا بالبطالن والفساد، فإذا رأى اتهد االستمرار يف التمسك مبقتضى هذا الدليل إىل ما

نظر يف تعيني املناط من حيث هو ملكلف : فاألول. حتقيق خاص من ذلك العامحتقيق عام، و :حتقيق املناط على قسمني - (1)فإذا نظر اتهد يف العدالة مثال ووجد هذا الشخص متصفا هلا على حسب ما ظهر له، أوقع عليه ما يقتضيه النص من . ما

...التكاليف املنوطة بالعدول، من الشهادات واالنتصاب للواليات العامة أو اخلاصة وهكذادق، فهو نظر يف كل مكلف بالنسبة إىل ما وقع على من النظر العام وأأفهو على اجلملة ): النظر اخلاص(وأما الثاين

عليه من الدالئل التكليفية، والنظر فيما يصلح بكل مكلف يف نفسه حبسب وقت دون وقت وحال دون حال وشخص دون وزان واحد مراعاة اخلالف ،71-4/70:املوافقات باختصار. شخص، إذ النفوس ليست يف قبول األعمال اخلاصة على

.138لشقرون ص، احملصول 2/394:، املستصفى للغزايل4/321:األحكام يف أصول األحكام لآلمدي : يراجع املسألة يف - (2)

، وإرشاد 4/76:، كشف األسرار لعبد العزيز البخاري420، شرح التنقيح للقرايف ص 2/1142:، الربهان2/529:للرازي .276-273الفحول للشوكاين ص

، ومراعاة اخلالف يف املذهب املالكي وعالقته ببعض أصول 258ص رح املنتخب للمنجورش: وينظر. 6/379املعيار - (3) .253املذهب وقواعده ص

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 106 -

الشارع يف نصب األدلة وإحلاق الضرر باملكلف وأنه البد بعد الوقوع يؤدي إىل مناقضة قصدللمسألة من نظر آخر يستدعي استحضار مقاصد الشرع إىل رفع احليف ودفع املفاسد عن

مبراعاة اخلالف كدليل يتالءم وطبيعة الوقائع اجلزئية، - أي اتهد –املكلفني عمل .واخلصوصيات الفردية

.راعاة اخلالف ومناقشتهاالنافني مل اعتراضات: ثانيا، "مراعاة اخلالف:"لقد خلص الشاطيب أهم االعتراضات اليت كانت لسابقيه على قضية

وأرسلها إىل الشيخ ابن عرفة ضمن مثانية أسئلة وجهها إليه، كما أرسلها أيضا إىل الشيخ أيب عاصم يف شرحه وحفظ هذا املراسالت كل من أيب حيي حممد بن أيب بكر بن. العباس القباب

، وعليها اعتمادي األساس (4)، والونشريسي يف املعيار(3)يف فتاويه (2)، والربزيل(1)لتحفة والدهيف هذا املطلب، وهذه أهم األدلة واإلشكاالت اليت أوردها النافون ملراعاة اخلالف وأجوبة

:علماء املذهب عليها فيما يأيت

:األول االعتراضخمالف للقياس الشرعي؛ ألن القياس الشرعي جيري فيه اتهد على القول مبراعاة اخلالف

.مقتضى دليله، خبالف رعي اخلالف فإنه يقتضي عدم جريانه على مقتضى دليلهالقول مبراعاة اخلالف ال يعضده القياس، وكيف يترك العامل مذهبه :"قال القاضي عياض

ا ال يسوغ، إال عند عدم الترجيح وخوف الصحيح عنده ويفيت مبذهب غريه املضاد ملذهبه، هذ

.فما بعدها 106 ص نظرية املقاصد أمحد الريسوين: ويراجع يف موضوع مراسالت الشاطيب 17إىل 12حتفة الفوائد - (1)فقيه تونس -أبو الفضل -املعتل البلوي القريواين الشهري بالربزيلهو أبو القاسم بن أمحد بن حممد بن : لربزيلا - (2)

اجي القريواين وعمر ابن ن: ذهب املالكي ومن تالمذتهأخذ عن ابن عرفة وابن مرزوق احلفيد وجلة من أعالم امل.ومفتيها ...القلشاين وعبد الرمحان الثعاليب اجلزائري والرصاع وغريهم

ومسيته جبامع :"ي عرف بالفتاوى أو النوازل أو ديوان الربزيل واختار له املؤلف يف مقدمته عنوانا فقالمن تآليفه كتابه الكبري الذالضوء الالمع : مقدمة حتقيق فتاوى الربزيل وينظر .ـه841تويف سنة " مسائل األحكام مبا نزل من القضايا باملفتني واحلكام

ومعجم املؤلفني لرضا 1/245:شجرة النور حملمد خملوف 370-368للتنبكيت : نيل االبتهاج 189-11/113:للسخاوي 8/94:كحالة

. وما بعدها 1/103ج) م2002-1دار الغرب اإلسالمي ط:بريوت (فتاوى الربزيل تقدمي وحتقيق حممد احلبيب اهليلة - (3) 37-12/36، 387-379إىل 377-367-6/366: املعيار - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 107 -

وقصده . (1)"فوات النازلة، فيسوغ له التقليد ويسقط عنه التكليف يف تلك احلادثةالدليل هو املتبع فحيثما صار :"وقال الشاطيب.بالتكليف هنا االجتهاد يف استنباط حكم النازلة

وجب -ولو بأدىن وجوه الترجيح –صري إليه، ومىت رجح للمجتهد أحد الدليلني على اآلخر إىل - أعين اتهد -فإذا رجوعه. التعويل عليه وإلغاء ما سواه على ما هو مقرر يف األصول

، تباعهاقول الغري إعمال لدليله املرجوح عنده، وإمهال للدليل الراجح عنده الواجب عليه .(2)"وذلك على خالف القواعد

:اإلجابة على هذا االعتراضخلالف يراد ا اعتباره من وجه ال مطلقا، فالقول مبراعاة اخلالف ال خيالف القياس؛ رعاية ا

ن يف مراعاة أ: -على تفسري ابن عرفة لذلك –ألنه ال يقتضي ترك راجح ملرجوح، وإمنا هو لدليله من وجه هو فيه أرجح، وإعماال لدليل غريه فيما هو عنده الفقيه للخالف إعماال

ن قوته تبيينا جيزم بيترعية منها ما توبسطه أن األدلة الش:"...و العباس القبابوقال أب.(3)أرجحفها هنا ال وجه ملراعاة اخلالف وال ،الناظر فيه بصحة أحد الدليلني والعمل بإحدى األمارتني

ة ما ح فيها إحدى األمارتني قووتترج ،ومن األدلة ما يقوى فيها أحد الدليلني .معىن لهفها هنا حتسن مراعاة ،ها إىل مقتضى الدليل اآلخرفس وتشوفد الن ينقطع معه تردورجحانا ال

فإذا . هظنلبة لدليل األرجح ملقتضى الرجحان يف غعلى ا ؛ فيقول اإلمام ويعمل ابتداءاخلالفقد ومل تبطل العبادة لوقوع ذلك ى مقتضى الدليل اآلخر مل يفسخ العوقع عقد أو عبادة عل

:فهذا معىن قولنا .بالذي تنشرح له النفس إسقاطهوليس ،دليل له يف النفس اعتبارعلى موافقة مث إذا وقع العمل ،بالدليل الذي يراه أرجح ، فيقول ابتداءإعطاء كل واحد من الدليلني حكمه

ة اليت مل يسقط اعتبارها يف نظره مجلةعلى مقتضى الدليل اآلخر راعى ما هلذا الدليل من القو، .(4)"فإذا أخذته هذا املأخذ ذهب التناقض ،ب الدليلنيوسط بني موجفهو ت

12/36:نقله عنه يف املعيار - (1)وما بعدها، كشف النقاب احلاجب من 2/101:االعتصام: ، وجتد هذا اإلشكال أيضا يف387-6/367: املعيار - (2)

، 1/263:فة للرصاع، شرح حدود ابن عر12، حتفة الفوائد البن الناظم ص168مصطلح ابن احلاجب البن فرحون ص وما بعدها 1/110وفتاوى الربزيل

6/379: املعيار - (3) 13-12:، وحتفة الفوائد 6/388: ملعيارا - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 108 -

متم قس"... :قال ،اب يف نقضهفكتب إىل القب ،ض هذا اجلوابا مل يرتولكن الشاطيب حينهوإىل ما يبقى له ،داألدلة الشرعية املتعارضة إىل ما جيزم الناظر فيه بترجيح أحد الدليلني من غري ترد

كما ،ويف الثاين هلا اعتبار ،يف القسم األول ال معىن له" مراعاة اخلالف"وجعلتم ،ديف ترجيحه تردألن األمارة يف القسم ؛ ن يل بعدفرقة مل تتبيوهذه الت .يف الدليل املرجوح عند الناظر من االعتبار

ض فإن مل يقت ،فإما أن يكون ترجيحا يقتضي تقدميها على األخرى أو ال ،الثاين إذا ترجحت .اظن ، وال ينشئاال يفيد حكم إذ ال معىن لرجحان ،تقدميها فهو معىن التساوي بني األمارتني

إما على الوقف أو على التخيري حسبما تقرر يف ،والتساوي جيري على حكمه قبل الوقوع وبعده يه، إذيف احلكم بالقسم األول الذي ال تتردد ف إن اقتضى تقدمي إحدى األمارتني حلقت، فاألصول

وال أن .ة إمكان اجلوازوقو ،د يف عدم اجلوازمع الترد ،هذا ال جيوز: ال يسوغ أن يقول املفيتعل صار فإن هذا شنيع أن يكون املمنوع إذا ف ،وبعد الوقوع جائز ،إنه قبل الوقوع ال جيوز: يقالوال اعتبار ،از غري معتربإال أن دليل اجلو ،وأيضا فال معىن العتبار دليل املنع قبل الوقوع .جائزا

؛مع ترجيح أحدمها ،ر يف اعتبار الدليلنيتصوفلم ي ،دليل اجلواز إال أن دليل املنع ساقط االعتبار .(1)..."ألن هذا تضاد

-وسلمه" االعتصام"ونقل الشاطيب هذا اجلواب يف ،اب على هذه االعتراضاتأجاب القب وقددات شديدة صادرة عن قرحية قياسية منكرة لطريقة هذه إيرا:"قال القباب -كما هو الظاهر

ولقد كنت ..يف ما يبين عليهفك...ولقد ضاقت العبارة عن معىن أصل االستحسان ...االستحسانى لو ال أن اعتضد وتقو ،ثل ما قال هؤالء األعالم يف طرح االستحسان وما بين عليهأقول مب

ى ذلك عندي فتقو ،ريبة ومجهورهم مع عدم النكاخللفاء وأعالم الصحاجدانه كثريا يف فتاوى لوق به القلب لألمر باتباعهم واالقتداء م رضي ووث ،وانشرح له الصدر ،وسكنت إليه النفس ،غاية

.(2)...اهللا عنهموبعد تسليم الشاطيب جلواب القباب واقتناعه بوجهة نظره حول العمل مبراعاة اخلالف أصبح

بني عنها كل اعتراضات املعترضنياالذ لني هلا ومنمن أكرب املؤص.

.14-13:، حتفة الفوائد6/389: املعيار - (1) .وما بعدها 6/393:، املعيار 2/102:االعتصام - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 109 -

واألوىل عندي يف كل نازلة يكون فيها لعلماء املذهب قوالن فيعمل الناس فيها :"يقول رمحه اهللادوه وأن جيروا على أم قل -أن ال يعرض هلم - وإن كان مرجوحا يف النظر ،على موافقة أحدمها

وا على غري ذلك كان يف ذلك تشويش للعامة هم إن محلفإن ،يف الزمان األول وجرى به العملويل ،ين عن القول بهوفتح ألبواب اخلصام ورمبا خيالفين يف ذلك بعض الشيوخ ولكن ذلك ال يصد

.(1)"أسوةفيه :الثاين االعتراض

بني دليلني أو حكمني اشيء ال يتصور؛ فإن مراعاة اخلالف واعتباره مجعأنه قول كل جمتهد انبىن على دليل معارض لدليل خمالفه ؛ فإن بينهما تناقض واختالف، ف

ما يقتضيه اآلخر، وإعطاء كل واحد منهما ضد دليلي القولني البد أن يكونا متعارضني كما –كل واحد منهما ما يقتضيه اآلخر أو بعض ما يقتضيه هو معىن مراعاة اخلالف

(2)تنافرين؟؟فكيف يراعي املتضادين وجيمع بني امل –مر معنا ،دليال القولني البد أن يكونا متعارضني:"متأخري املالكية قوهلم بعض ونقل الونشريسي عن

وهو مجع بني ،وهو معىن مراعاة اخلالف ،كل واحد منهما يقتضي ضد ما يقتضيه اآلخرغريهم يف وبأدلة ،ة نكاح بال ويليف صحعمل بأدلة احلنفية أن ن -مثال -فال ميكن .(3)"متنافيني

ا عمل مفالعمل بكل واحد منه ،فال ميكن إال أن نعتقد أحد املذهبني بدليله .فساد هذا النكاح .مبذهبني متنافيني

:وجوابه

اإلعمال للدليلني يف مراعاة اخلالف ليس فيه مجع بني متناقضني؛ ألن القول بأحدمها يكون ، واآلخر فيما بعده، ومها مسألتان ا قبل الوقوعاآلخر، فاألول فيم يف غري الوجه الذي يقول به

.(4)خمتلفتان، فليس مجعا بني متنافيني وال قوال ما معا

.150حتقيق أبو األجفاف ص: فتاوى الشاطيب - (1) . 12/37، 6/387، املعيار 2/101وينظر االعتصام . فما بعدها بتصرف 4/87املوافقات - (2) .4/109:، املوافقات12/37:املعيار - (3) .بتصرف 4/109:املوافقات - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 110 -

فحالة ما بعد الوقوع ليست كحالة ما قبله؛ ألنه بعد الوقوع : " يقول الشيخ عبد اهللا دراز

إال بالبناء على األمر الواقع تنشأ أمور تستدعي نظرا جديدا، وجتد إشكاالت ال ميكن التفصي عنهااألمر بالفعل، واعتباره شرعيا بالنظر لقول املخالف وإن كان ضعيفا يف أصل النظر، لكن ملا وقع

ما تكون املسألة أخرى غريها باعتبار على مقتضاه روعيت املصلحة، وعليه فبعد الوقوع .(1)..."قبله

:الثالثاالعتراض دليله إن اتحد، وراجحه إن تعدد، فقوله بقول غريه إعمال باع تهد إتعلى ا إن الواجب

. (2)لدليل غريه وترك لدليلهمصيبون فليس على اإلطالق، بل بالنسبة -أي اتهدين -وإن قيل أن الكل: " ...وقال الشاطيب

رجوع عما أداه إليه اجتهاده، إىل كل جمتهد أو من يقلده؛ التفاقهم على أن كل جمتهد ال جيوز له ال؛ أي لو كان حقيقية مل يكن (3)"ةاإلصابة عندهم إضافية وليست حقيقيوال الفتوى إال به؛ ألن

. (4)ه إىل رأي غريههناك مانع من ترك اتهد رأي نفس :وجوابه

ه فيما هو غري ، وإعمال لدليلإن يف مراعاة اخلالف إعمال اتهد لدليله من وجه هو فيه أرجح « :تضمنه حديثحسبما ين لنا يف تفسري ابن عرفة، وعنده أرجح حسبما تب « .

العمل بالدليلني فيما كل واحد منهما هو فيه أرجح، ليس هو إعماال ألحدمها وتركا لآلخر، بل و .وهذا يف الرد على االعتراض األول. (5)هو إعمال للدليلني معا حسبما تقرر

.4/109هامش املوافقات - (1) . 6/378املعيار - (2) .4/92املوافقات - (3) .4/92:هامش املوافقات - (4) . 6/379املعيار - (5)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 111 -

:االعتراض الرابعوقد رأى بعض الناس أن مراعاة اخلالف ال " :صاحب املعيار عن اإلمام القبابنقله

فمفهوم هذا القول أن مراعاة اخلالف ال جتري على . (1)..."تتمكن إال على القول بالتصويببدليل أنه (2)غري خمطئإن املصيب من اتهدين واحد و: القول بالتخطئة؛ ألن املخطئة يقولون

.ليس للمجتهد أن يترك ما وصل إليه اجتهاده إىل قول غريه

:اجلواببأن ما ورد يف االعتراض ليس كذلك، بل إن مراعاة اخلالف –رمحه اهللا –أجاب القباب

(3). معا، ولكنها على التصويب أسهلتتمشى على املذهبنيإن اتهد يعمل ابتداء : " على القول بالتصويب فقال وجه جرياا -رمحه اهللا –وبين

فإذا وقع عقد أو عبادة على مقتضى . مبقتضى الدليل األرجح ملقتضى الرجحان يف غلبة ظنهالدليل اآلخر، مل يفسخ العقد، ومل يبطل العبادة؛ لوقوع ذلك على موافقة دليل له يف النفس

(4)."لنفسسقاطه بالذي تنشرح له اإ اعتبار، وليسإذا علمنا أن مراعاة اخلالف بعد وقوع احلادثة هي مبثابة اجتهاد ونظر جديدين وأدلة ف

تهد ال يقطع النظر عن مؤدألن " ؛زال االعتراض ،ى اجتهاد خمالفه ومقتضى دليلهخمتلفة وأن ا ه اجتهاده إىلليتهد ال جيوز له أن يترك ما وصل إمبدأ القول بالتصويب االتفاق على أن كل جم

عتبقول غريه مادام يبة .(5)ار قوله صوابي مراعاة اخلالف على مذهب املصوذا يظهر وجه متشو .املبين على أن اإلصابة تتعدد يف حق اتهدين وأنها إضافية ال حقيقية

. 6/389املعيار - (1) . 359، روضة الناظر البن قدامة ص93-4/92، املوافقات 344 صشرح تنقيح الفصول للقرايف – (2) . 6/388املعيار - (3) .نفسه - (4) .مع تعليقات عبد اهللا دراز) 4/92(املوافقات - (5)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 112 -

إن املصيب : أما وجه جريان مراعاة اخلالف على مذهب املخطئة، فألنهم يقولون فال مانع (6)اعينه بالنسبة لناتهدين واحد وغريه خمطئ غري آمث، غري أن املصيب غري معروف بمن

من اعتبار قول كل واحد من اتهدين، وعدم قطع النظر عنه إذا وقع الفعل على مقتضاه؛ لى ؛ وألن اجلميع حمومون ع(1)الحتمال أن يكون هو املصيب للحق الذي أراده اهللا عز وجل

. (2)ول احلق الذي هو قصد الشارع عند اتهدالق بيان املذهب املختار:

:موقف علماء املالكية من مراعاة اخلالفتها ومناقشتها يظهر رجحان املذهب بعد ذكر موقف علماء املالكية من مراعاة اخلالف وأدل

وإن ،املالكي متفق عليه يف اجلملةبأن مراعاة اخلالف أصل من أصول التشريع يف املذهب : القائليف بناء األحكام عليه وذلك لألسباب وهو أصل مهم ،وقع اخلالف يف تطبيقه يف بعض جزئياته

:اآلتية

ة مع ضعف أدل ،وسالمة أغلبها من الطعن –أي ايزين للعمل مبراعاة اخلالف - تهمقوة أدل -1هذه الردود -أي املخالفني - تلقي مجهورهم مع ،املخالفني اليت مل تثبت أمام ردود ايزين

.)فيه مراعاة للرد واعتباره( واألجوبة بالقبول .ال خالف يف وجوب األخذ به الذيالعمل يف مراعاة اخلالف يكون بالدليل األرجح -2ليس يف العمل مبراعاة اخلالف تقليد جمتهد تهد آخر الذي هو ممنوع، وإمنا املراعي للخالف -3

النظر واالجتهاد مبا يناسب األمر الواقع بالفعل دجيد، ا بالنظر لقول املخالف واعتباره شرعي .فني ورفع الضرر عنهمملصلحة املكل رعاية

على قول - فنيق احلكم على األفعال أو تصرفات املكليطب أنكما ظهر لنا أن اتهد قبل -4ينظر يف نتائج تلك األفعال وما تؤول إليه تلك عليه أن ينبغي -ايزين للعمل مبراعاة اخلالف

واضعا نصب عينيه مقاصد الشارع وقواعده العامة وما ينتجه الفعل من واقع .التصرفات

.املراجع السابقة - (6) " .اعدة املصوبة واملخطئة عالقة مراعاة اخلالف بق: مبحث" ؛ 242مراعاة اخلالف وعالقته ببعض أصول املذهب ص - (1) . 4/92املوافقات - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 113 -

لظروف واملالبسات واألحوال اليت ويكون ذلك احلكم تبعا ل ،جديد يستدعي حكما جديداوهو ما يتعلق -ام الشاطيبشار إليه اإلمتحقيق املناط اخلاص كما أل ،نتجها ذلك الفعلأ

فق ظروفه وطبيعته ملعرفة ما يناسبه وما ينطبق عليه من األحكام الشرعية و -نبشخص معي .العلماء أن احلكم يقدر زمانا ومكانا وشخصا ونتيجة روقد قر .الهالشخصية وأحو

و لدرء كليف إما جللب مصلحة أكان مناط الت ،ريعة وضعت ملصاحل العبادأن الشومبا أة خلدمة ة استثمار األحكام املبوفينبغي العمل مبراعاة اخلالف كدليل من أدل ،هلما معا مفسدة أو

.مصاحل املكلفني بتحقيق العدل هلم ورفع الضرر عنهمها وهو عدم انضباط العمل بقي إشكال آخر لنفاة القول مبراعاة اخلالف اعتمدوه على رد

،يعقل يف بادئ الرأفإن ذلك خالف ما ي ،ة يف موضع دون موضعحج كونه أي ؛مبراعاة اخلالفيف معرفة باق اإلشكالجواز العمل مبراعاة اخلالف يف مواضع دون مواضع فإن فرض وعلى

.الضابط الذي ينبغي اعتماده يف ذلك .ه املطلب املوايلوجواب هذا اإلشكال أو االعتراض حمل

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 114 -

ل مبراعاة اخلالفضوابط وشروط العم: ب الثايناملطل

ضابط اخلالف الذي يراعى: األول الفرع . يقتضي منا ضبط اخلالف الذي ينبغي مراعاته معرفة نظرة الفقه املالكي إىل اخلالف املذهيب

.خصوصا، وما هو املعتمد منه : فلنقدم لذلك بنبذة خمتصرة القول املتفق ) أحدها: ( شياءالذي جتوز به الفتوى أربعة أ:" قال أمحد بن عبد العزيز اهلاليل

مث إن كان املفيت أهال للترجيح أفىت . القول الراجح، وهو ما قوي دليله) ثانيها. ( عليه يف املذهب) وثالثها(مبا اقتضت القاعدة ترجيحه عنده، وإال قلد شيوخ املذهب يف الترجيح فأفىت مبا رجحوه،

مع أن كال - ؛ فالفرق بينه وبني الراجح-غةكما يناسب معناه ل - املشهور، وهو ما كثر قائلههو أن الراجح نشأت قوته من الدليل نفسه من غري نظر للقائل، - منهما له قوة على مقابله

خر املسألة قوالن أحدمها راجح، واآل فإن تعارض بأن كانا يف... واملشهور نشأت قوته من القائل هما جرى ب) رابعها(و... مل بالراجح واجبمشهور، فمقتضى نصوص الفقهاء واألصوليني أن الع

.(1)"العمل :(2))بوطليحية(يقول الناظم

: مث يقول

مطبعة فاس احلجرية ") مبينا ملا به الفتوى:" عند شرح كلمة خليل: ه الرابعيالتنب( نور البصر يف شرح املختصر - (1)

.328أخذا عن كتاب االحتياط ص. 174 هـ ، ص 1309 .)47-46-45، 29: األبيات. ( 65ص: بوطليحة - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 115 -

إن احلاكم إذا كان جمتهدا فال جيوز له أن حيكم ويفىت إال بالراجح عنده، :" وقال القرايف وأما . مه الذي يقلده كما يقلد يف الفتياوإن كان مقلدا جاز له يف رجحان القول احملكوم به إما

.(1)" اتباع اهلوى يف احلكم أو الفتيا فحرام إمجاعاهو املشهور املعمول به، فال ينصرف إىل ... ما ذكر:" ... -يف فتوى له –وقال الشاطيب

يف وأنا ال أستحل يف دين اهللا وأمانته أن أجد قولني. غريه مع وجود التقليد يف املفيت كزماننااملذهب فأفيت بأحدمها على التخيري مع أني مقلد، بل أتوخى ما هو املشهور املعمول به، فهو الذي

. (2)" أذكر للمستفيت ال أتعرض إىل القول اآلخرذو أهلية - على األقل –فرحم اهللا تعاىل الشاطيب، هذا من تواضعه، وإال فهو جمتهد أو

.لالجتهاد . (3)يسمى بالقول الشاذ املشهور عند فقهاء املالكيةمقابل القول وليعلم أن

: واخلالصة

مقتضى مذهب مجهور املالكية هو أن العمل بالراجح واجب، وأن العمل باملشهور بعد . (4)ما كثر قائله من الفقهاء املعتمدين ال ما قوي دليله -أي املشهور - الراجح متعني، وأنه

تمد عند االختالف يف التشهري هو تشهري املغاربة، قال ابن وجيدر التنبيه إىل أن املع ما اختلف فيه التشهري بني العراقيني واملغاربة فالعمل يف األكثر على تشهري املغاربة؛ ألن :" فرحون

؛ وألن فيهم حنو ابن أيب زيد وابن رشد (5)" املشهور عندهم وعند املصريني هو مذهب املدونةوهؤالء عمدة املذهب؛ لذا ... ي واللخمي واملازري والقاضي سند وابن يونسوابن العريب والباج

: طبعة دار الكتب العلمية . ( 28يف جوا به عن السؤال ،26اإلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام، للقرايف ص - (1)

) . م 2004 . 11/103املعيار: وينظر. 329، أخذا عن كتاب االحتياط ص 8حتفة الفوائد البن الناظم ص - (2) . 1/44: البهجة للتسويل - (3)، 11/101: ، املعيار66-62، كشف النقاب البن فرحون ص 1/236: قواعد املقري: ملوضوعيراجع يف هذا ا - (4) . 288، اجلواهر الثمينة للمشاط ص 2/275: ، نشر البنود للعلوي45-1/44: ، البهجة12/5 . 394، اصطالح املذهب عند املالكية ص 12/23، املعيار1/50تبصرة احلكام : ، ينظر67كشف النقاب ص - (5)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 116 -

املازري، وابن رشد، وابن يونس، : اعتمد خليل يف االختيار والترجيح والتشهري على أربعة علماء . (1)واللخمي، وهؤالء مغاربة

): بوطليحية( يقول الناظم (2)

ملاذا نراعي القول املشهور رغم أن االعتبار يكون بالدليل ال بالشهرة؟ : وهنا إشكال بأن شهرة القائل متضمنة للدليل يف األكثر ): ابن الناظم( أجاب عن ذلك حيي بن عاصم

. (3)" دال بغري دليليندر أن يكون القائل الشهري الذكر يف العلماء مست" األغلب؛ ألنه : إذا متهد هذا عدنا إىل ما رمنا حتصيله بالقصد األول

ما ضابطه؟ (4)اختلف املالكية يف اخلالف الذي ينبغي مراعاته يقول اإلمام الشاطيب يف مراسلته إىل الشيخ ابن عرفة كما أرسلها أيضا إىل الشيخ أيب

جيري كثريا يف فتاويهم ومسائلهم - رمحهم اهللا-هإن مالكا وأصحاب: " العباس القباب ما نصهمراعاة اخلالف ويبنون عليها فروعا مجة ويعلل ا شيوخ املذهب الشارحون له أقوال من تقدمهم من أهل مذهبهم من غري توقف، حىت صارت عندهم وعند املدرسني والفقهاء قاعدة مبينا عليها

كما أن مالكا وأصحابه ال يعتربوا . مجيع املسائلوعمدة مرجوعا إليها، لكنهم ال يطردوا يف أن يقال مراعاة اخلالف، إما أن تكون ) أحدمها: ( فوقع يل اإلشكال من وجهني. يف مجيع املواضع

فإن كانت صحيحة جارية على أصول الشريعة وجب . صحيحة، وإما أن تكون غري صحيحةن كانت غري صحيحة وجب إلغاؤها على اإلطالق، وأما اعتبارها يف اعتبارها على اإلطالق، وإ

بعض املسائل دون بعض فذلك يفتقر إىل ضابط يعرف به املوضع الذي جيب أو جيوز أن يراعى فيه اخلالف يف حمل مراعاته، وبتعينه من الذي ال يراعى فيه، حىت يكون الناظر ملسائل الفقه واملفيت يف

لكن الشارحني .ة من ذلك، فرياعى اخلالف يف حمل مراعاته ويلغيه يف حمل إلغائهالنوازل على بين

. 330االحتياط إللياس بلكا ص - (1) ) 48: البيت. ( 72ص بوطليحية - (2) . 330، أخذا عن كتاب االحتياط ص13حتفة الفوائد ص - (3)، نشر البنود 2/37، شرح ابن ناجي على الرسالة 1/263: ، شرح حدود ابن عرفة للرصاع 1/236: قواعد املقري - (4) . 1/113فتاوى الربزيل ،238، اجلواهر الثمينة ص 2/276

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 117 -

فإن كانوا ذكروه اهدوين - على قلة اطالعي، وقصر باعي -للمذهب مل يضبطوا ذلك فيما أعلمعلى فرض صحة مراعاة اخلالف ما ) والثاين( إليه، وإن مل يذكروه فأوقفوين بالبيان الشايف عليه

." ؟...من الشريعة؟ وعالم تبىن من قواعد أصول الفقهأصلها حجة يف -أي مراعاة اخلالف -هو: " - رمحه اهللا –فأجابه اإلمام أبو عبد اهللا بن عرفة

رجحان دليل املخالف عند اتهد، على دليله يف : ضابطه؟ قلنا ما: فإن قلت. موضع دون آخريف ثبوت اإلرث عند مالك على دليل مالك يف الزم الزم قول املخالف، كرجحان دليل املخالف

وثبوت الرجحان ونفيه هو حبسب نظر اتهد وإدراكه يف النوازل، . مدلول دليله وهو نفي اإلرثوقد اعتمد كثري . (1)فمن هذا كان رعي اخلالف يف نازلة معموال به ويف أخرى غري معمول به

. (2)من املالكية هذا اجلواب : ميارةوقال

(3) : (4)وللمالكية يف هذا قوالن

.يراعى كل خالف سواء أكان مشهورا أو شاذا :األولإذا قيل مبراعاة الشاذ، فقد اختلف هل يراعى شذوذ القائلني أو شذوذ :" قال املقري

إذا : وقد خاطبت ذا من ينسب إىل الفقه فأنكره، حىت أخربته بالقولني: (5)قال ابن بشري. ليلالدهل ميضي خلالف الناس أو ال ميضي؟ ألنه خالف شاذ، : وقع الصلح أو العفو عن القاتل غيلة

ضعيف، ال الطالق؛ ألن دليله ه املواريث وإن نكاح الشغار ال تقع في: وأخربته بقول أصبغ وغريه . (6)" أنه ميضي بالعقد -يف أحد قوليه –، بل روي عن مالك )أبا حنيفة( وإن قال به النعمان

.2/101: ، االعتصام6/378: وما بعدها، املعيار 1/110فتاوى الربزيل - (1) . 1/285: ، الفكر السامي236، اجلواهر الثمينة ص2/101، ، االعتصام 1/265: شرح احلدود - (2) . 238اجلواهر الثمينة للمشاط ص - (3) . 288، اجلواهر الثمينة ص 12/38: املعيار: - مثال –ينظر . د غريهاهذه أهم األقوال يف املوضوع، ويوج - (4)إمام يف أصول الفقه والعربية واحلديث، من العلماء املربزين يف املذهب، املترفعني عن درجة : " ترجم له ابن فرحون بأنه - (5)

تأليفه املختصر أنه أكمله يف سنة ست ومل أقف على تاريخ وفاته غري أنه ذكر يف... التقليد إىل رتبة االختيار والترجيح . 126، وينظر شجرة النور ص 1/265ج : الديباج املذهب" -رمحه اهللا تعاىل –وعشرين ومخسمائة

. 1/113: فتاوى الربزيل: ، وينظر1/247: القواعد أليب عبد اهللا املقري - (6)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 118 -

. (2)، مذهبيا كان أو غري مذهيب(1)ال يراعى إال اخلالف املشهور :الثاين - ومسائل املذهب تدل على أن املشهور ما قوي دليله، وأن مالكا:" قال ابن خويزمنداد

-رمحه اهللا تعاىل –يراعي من اخلالف ما قوي دليله ال ما كثر قائله، وقد أجاز كان -رمحه اهللات، وأكثرهم على خالفه، وأباح بيع ما فيه حق توفيةمن غري الصالة على جلود السباع إذا ذكي

.(3)"الطعام قبل قبضه، وأجاز أكل الصيد إذا أكل منه الكلب، ومل يراع يف ذلك خالف اجلمهور كثريا ما جيري على ألسنة الفقهاء احلكم :" البن عبد السالم هنا حسن، جاء فيه وكالم

هل يراعى كل خالف أم ال؟ قوالن وإذا مل نراع كل خالف راعينا : كذا ملراعاة اخلالف ويقولوناملشهور، وهل املشهور ما كثر قائله أو ما قوي دليله؟ فيه خالف، والذي يعتقد أن اإلمام إمنا

قوي دليلهيراعي م (4)" ن . . (5)إن هذا الشرط مستقرأ من الفروع املذهبية: وقال ابن فرحون عن بعض أهل املذهب .(6)" من أصلنا أال نراعي من اخلالف إال ما قوي دليله" وقد صرح الونشريسي بأن

: يقول السيوطي

ف املالكية يف مذهب ابن القاسم ما هو؟ وخيتل - وإن قال مبراعاة اخلالف –ووقع لبعض القرويني أن ابن القاسم :" يقول الربزيل يف فتاويه

كمن : ومثاله. فال يطرد ذلك يف أن يفسخ نكاحا صحيحا على مذهب غريه مبراعاة مذهب غريهاسم يلزمه فيه الطالق لكنه إن بادر فتزوج تلك فابن الق. يتزوج نكاحا خمتلفا فيه ويطلق فيه ثالثا

. 64قاب البن فرحون ص كشف الن: ، وينظر12/37: ، املعيار1/269: شرح احلدود - (1) . 1/263: شرح احلدود - (2) . 289، اجلواهر الثمينة ملشاط ص 1/44 البهجة للتسويل: ، وينظر 63جب ص قاب احلاكشف الن - (3) . 1/269: شرح احلدود - (4) . 167قاب ص كشف الن - (5): بريوت( ريسي، دراسة وحتقيق محزة أبو فارس عدة الربوق يف مجع ما يف املذهب من اجلموع والفروق، ليحي الونش - (6)

. 236ص ) م1990 -1دار الغرب اإلسالمي، ط

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 119 -

املرأة قبل زوج فإنه ال يفسخ نكاحه بوجه؛ ألنه يصري هاهنا يفسخ ما هو صحيح عقده مراعاة .(7)"انتهى كالمه. ملذهب، و هذا ال ميكن أن يقال

ل ابن ، بينما يقو(1)"إن ابن القاسم إمنا يراعي اخلالف القوي: "فالفقيه راشد الوليدي يقولاختلف مذهب ابن القاسم يف ذلك، فمرة مل يراعه مجلة، ومرة راعاه مجلة، ومرة : عبد السالم

. (2)ويف املدونة جلملة هذه األقوال مآخذ وأصول . راعى القوي ومل يراع الشاذ لكن لقوة الدليل املخالف حدا، وهو أال يرجح عند الناظر فيه، وإال ارتفع اخلالف بالكلية،

.(3)فهي قوة ال تصل إىل درجة الرجحان

ة خالفية هامة بني القائلني مبراعااخلالف ةقضي : على أنه يراعى اخلالف بعد -الذين قالوا بصحة مراعاة اخلالف -اتفق مجهور املالكية

بغري – خسفأبدا، وإذا أدرك قبل الدخول ال جيوز عقده النازلة، فالنكاح املنهى عنه وقوعنراعي اخلالف ونعترب أن : لكن لو مضى هذا النكاح ووقع، فهنا يقول املالكية. إلزاما - طالق

. ذلك من الفقهاء قد الفاسد كالصحيح؛ وفقا ملن يرىالعأما قبل وقوع النازلة فهل ينظر إىل خالف املخالف ويراعى أم ال اعتبار به أصال، بل جيري

. أي الراجح؟الفقيه على ما يعتقده من الر

اع ن مبراعاة اخلالف يلخصها لنا اإلمام الرصذه قضية مهمة اختلف فيها القائلوه :فيما يلي) شرح احلدود(

. 1/113: فتاوى الربزيل - (7) . 140احلالل واحلرام ص - (1) . 12/37: املعيار - (2) . 167بن فرحون ص كشف النقاب ال - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 120 -

وهل يصح مراعاة اخلالف ابتداء أو ال يصح إال بعد الوقوع؟ مث أجاب -رمحه اهللا –قال احلاجب ابتداء، ويدل عليه قول ابن كان ميضي لنا أنه جيوز ذلك:" على هذا السؤال مبا نصه

أنه كان رد على من زعم -رمحه اهللا –ونقل عن شيخنا اإلمام العقباين ، "وكره للخالف وقبلوه"م على ملا تكل - رمحه اهللا -(2)مث وقفت على كالم الشيخ املغريب (1)أنه ال يكون إال بعد الوقوع

وقول مالك : هل هو قاضيا أو بانيا؟ قال ابن رشد كالم ابن رشد بعد ذكره اخلالف يف املسبوقأنه إذا سلم اإلمام وأدرك ركعة من الظهر يقرأ بأم القرآن وسورة، فإذا ركع وسجد -رمحه اهللا–

ما أدرك مع اإلمام أوهلا ورأى أن حيتاط بزيادة :جلس فإذا قام قرأ بأم القرآن وسورة؛ إنما أجاب . فالسورة يف الصورة رعيا للخال

. (3)" وفيه إشكال لكونه راعي اخلالف قبل الوقوع، وإمنا يراعى بعد الوقوع: قال الشيخ ه ال يراعى اخلالف قبل الوقوع، بل اع أنصالشيخ املغريب فيما نقله عنه الرالظاهر من قول

.بعده فقط

مات، توقيا واحترازا، كما يف املاء املستعمل ويف القليل خالفا لصاحب املقد -والصحيح قبل الوقوع: " قال املقري - (1)وأراد املقري بصاحب ). 237 -1/236: القواعد: ( تربءا وإنفاذا -بعد الوقوع –وبعده . بنجاسة على رواية املدنيني

من خالل تتبع بعض وهذا غري صحيح؛ ألنه. املقدمات ابن رشد اجلد؛ أي أن ابن رشد ال يقول مبراعاة اخلالف قبل الوقوعجند عكس ما نقله عنه املقري، بل أغلب تعليقات ابن رشد على ) البيان والتحصيل( ، و)املقدمات( مواطن مراعاة اخلالف يف

. يف املقدمات، والبيان والتحصيل، تؤكد أنه يقول مبراعاة اخلالف قبل الوقوع -رمحه اهللا –فتاوى اإلمام مالك أتيه مبتاع من بلد، على أنه إن وجده يف الطريق رجع وكانت أجرة ستأجر أجريا على أن يالو :" قال يف املقدمات

فيها -رمحه اهللا –ومعىن ما ذهب إليه مالك :" ، قال ابن رشد" األجري حبساب ما عمل وقطع من الطريق؛ فهذه كرهها مالك، وينظر تفاصيل املسألة يف 2/174املقدمات " . اخلالف ابتداء مراعاة) أي هذه اإلجارة وأمثاهلا( على هذا التأويل أنه كرهها

فسؤر النصراين، وما أدخل يده فيه، وإن أيقن جناسة يده وفمه مكروه مع : " وقال يف البيان والتحصيل. 174 ،173ص ابتداء إمنا خفف يف ذلك: وكثريا ما يقول ابن رشد). 1/35: البيان والتحصيل" . ( وجود غريه ابتداء الختالف الناس

.الختالف الناس واهللا -وهناك كالم لألبياري املالكي ربما يوضح وجه هذا القول، وإن كان األبياري مل يقصد إىل ذلك فيما يبدو

الورع لشمس ". الظاهر عندي من جهة القياس اإلعراض عن دليل اخلصم إذا كان مرجوحا و:" ...يقول رمحه اهللا -أعلم . 41ص) م1987-1دار اآلفاق اجلديدة،ط: بريوت(فاروق محادة، الدين األبياري، حتقيق

أبو احلسن علي بن احلق الزرويلي، الشهري عند أهل إفريقيا باملغريب، أحد األقطاب الذين دارت عليهم الفتيا، : املغريب - (2)شرح التهذيب للرباذعي، تويف سنة له. ويل القضاء بتازا مث بفاس، ومبقامه يف الفقه يضرب املثل، قد مجع بني العلم والعمل

. 2/278: ، الفكر السامي212هـ الديباج املذهب ص 719 . 1/264: شرح حدود ابن عرفة - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 121 -

الذي أعمل يف إعمال دليل يف الزم مدلوله " وإذا رجعنا إىل رسم ابن عرفة ملراعاة اخلالف هل يعم مراعاة اخلالف ابتداء أو وقوعا أو ذلك خاص بالوقوع وال : وقلنا " نقضيه دليل آخر

. يصح مراعاة اخلالف ابتداء؟ رمسه يعم ذلك، وما ذكره من املثال أي نكاح الشغار " -رمحه اهللا –جييب اإلمام الرصاع

" ه للخالف املاء املستعملوكر" د قال ابن احلاجب وق. عليهإمنا هو لبيان الفهم وال يقصر ذلك –بديهة حني سئل عن املسألة وقد نص على -رمحه اهللا - وقد أجاب بذلك الشيخ اإلمام العقباين

ذلك بعض احملققني، ورسم الشيخ إذا سلم يصدق يف ذلك وترتيله يف مسألة املاء املستعمل ال خيفى . (1)" على من فهم الرسم

يصح أن يراعى اخلالف قبل الوقوع أيضا كما يصح بعده، فمراعاة : عليه ميكن القولو اخلالف يف هذه احلالة ال تتعلق بالنازلة، وقعت أو مل تقع؛ بل هو نظر مستقل عن ظروف التكليف

فهذه حالة إنشاء للحكم، وهو ال يتغري بعد الوقوع ألنه هو نفسه حكم ما -من حيث الوقوع – .عقبل الوقو

وجه القول مبراعاة اخلالف قبل الوقوع:

لنأخذ مثاال ملراعاة اخلالف قبل الوقوع، وهو احلكم بالكراهة رعاية للخالف، فكثريا ما مراعاة خالف من حكم : ة عندهم، ووجه هذايحيكم املالكية بالكراهة رغم قيام الدليل على احلل

.باحلرمة يقطع املرجوح بالكلية، بل جيب العطف عليه حبسب القضاء بالراجح ال: "قال ابن العريب

وهذا مستند مالك فيما كره أكله، فإنه حكم بالتحليل لظهور الدليل، وأعطى املعارض ... مرتبته .(2)"ن مسائله جتدها على ما رمست لك فتبي. أثره

مكروه ويعين : " ، قال احلطاب) 5املختصر ص" ( وكره ماء مستعمل يف حدث :" قال خليل. 1/269: شرح احلدود - (1)

فإن مل جيد غريه وتطهر به و ال يتيمم مع وجوده، -أي ابتداء –يد مع وجود غريه ذلك أنه طهور ولكنه يكره استعماله ير ). 1/66: مواهب اجلليل" ( وهذا هو املشهور

: القواعد" ( وإن كره ابتداء؛ للخالف:" فقال املالكية بكراهة املاء املستعمل مراعاة للخالف ابتداء، قال املقري1/228 .(

.12/37نقله يف املعيار - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 122 -

ن وجه ال راد ا اعتباره مي –أي اخلالف –رعايته : " ويف كشف النقاب تأكيد هلذا ط األمر قال ح دليل اإلباحة عنده، ومذهب غريه التحرمي، فإذا توسأن يترج: مثال ذلك. مطلقا

يف املاء املستعمل بأنه مكروه للخالف، توسطا بني القول -يف املشهور –بالكراهة، كما توسطوا . (1)"بنجاسته وبني القول بأنه طاهر غري مطهر

أسوقه ألمهيته، وأحسب أنه يكشف بوضوح -مع طوله - ازريللم نصوأبني من هذا أصال ال يصح جيب أن تعلم أن ماال منفعة فيه : " عن حقيقة مراعاة اخلالف قبل الوقوع، قال

وأما ما فيه منفعة ... اخلمر رع عن متلكه كامليتة والدم وحلم اخلرتير والش ملكه إذا كان مما ى : ام مقصودة فال خيلو من ثالثة أقس

.أن تكون سائر منافعه حمرمة: أحدمها

.أن تكون سائر منافعه حمللة : والثاين .أن يكون بعضها حملال وبعضها حمرما : والثالث

.فإن كانت سائر منافعه حمرمة صار هو القسم األول الذي ال منفعة فيه كاخلمر وامليتة غري ذلك و الثمارو العقارالعبد واز بيعه إمجاعا كالثوب وة جوإن كانت سائر منافعه حملل

. من ضروب األموالة األقدام، وفيه ترى مزله املواضع املشكالت يف األفهام وإن كانت منافعه خمتلفة فهذو

جواز : فاعلم أنه تقدم لك أصالن... هللا العلماء يضطربون، وأنا أكشف لك عن سره إن شاء ا .نافع، و حترميه عند حترمي مجيعهاسائر املالبيع عند حتليل

املقصود منها حمرما حىت صار احمللل من املنافع و فانظر، فإن كان جل فإذا اختلفت عليك رح من ألن املط ا؛مق هذا بأحد األصلني املتفق عليهإحلاالبيع ممنوع، وواضح ملطرح فإنكااملنافع

وإذا كان األمر بعكس ذلك كان احلكم . م صار كأن اجلميع حمرملعداملنافع كالعدم، وإذا كان كاوأشكل من ... احملرم مطرح يف املقصود باحا وجلها من يكون املقصود من املنافع وبعكسه، وهو أ

ا فإن هذ افعه سواها حملل مقصود،عة حمرمة مقصودة مرادة، وسائر منهذا القسم أن تكون فيه منفبالقسم املمنوع؛لحق ينبغي أن ي مة مقصودة تألن كون هذه املنفعة احملرة ذن بأنؤمن هلا حص

. 168كشف النقاب احلاجب ملختصر ابن احلاجب البن فرحون ص - (1)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 123 -

احد على شيء الثمن، وأن العقد اشتمل عليها كما اشتمل على سائر املنافع سواها، وهو عقد وفريى املنفعة ... هذا النوع مسائل تشكل على العامل ورمبا وقع يف... واحد ال سبيل إىل تبعيضه

رمة ملتبسا أمرها هل هي مقصودة أم ال؟، ويرى ما سواها منافع مقصودة حمللة، فيمتنع من احملويكفيه ... لتباسال ينشط إلطالق اإلباحة ألجل االالتحرمي ألجل كون املقصود من املنافع حملال، و

لب الصيد، من أمثلة هذا الباب على اتساعها وكثرا ما وقع ألصحابنا من االختالف يف بيع كيف : فإنه من مل يسمع فيه حديثا بالنهي عن بيعه واستعمل هذا األصل خرج له حكمه منه، فيقول

الكلب من املنافع كذا وكذا، ويعدفيمنع البيع، أو حملل مد سائر منافعه، مث ينظر هل مجيعها حمرجيعل احلكم للغالب على ما بسطناه، فيجيز البيع، أو خمتلفة فينظر هل املقصود احملرم أم احمللل ؟ و

تبس كوا مقصودة أو تكون املنفعة واحدة حمرمة خاصة، وهي مقصودة فيمنع على ما بيناه، أو ملناه فيقف أو يكروكذلك . والعرض على هذا األصل هو سبب اضطراب أصحابنا فيه. ه على ما بي

وألشهب على يف املدونة و يف املوازية والبن القاسمما وقع فيه نبات،بيع النجاسات ليزبل ا ال .(1)"...هذا األصل يعرض ، ومنه يعرف احلق فيه

رد االختالف ،رعاية للخالف قبل الوقوع –مثال –علم أن القول بالكراهة ومنه ي ليسالكراهة على جمرد " ألن ؛إىل األدلة واملوازنة بينها بل هو نظر –من حيث هو االختالف –

. (2)" مما مل يصر إليه أحد االختالفأي قبل الوقوع، ؛ ح القول مبراعاة اخلالف ابتداءرجاجلزئية اليت ت عوهناك كثري من الفرو

:وهذه بعضها

، إال وزصل مالك ال جتلصالة يف الكيمخت على أا": طاب عن ابن رشد قوله نقل احل - 1 التشديد فيه من فرأى يف العتبية املنع منه و. السلف له استجازةللخالف فيه و) لك ذ ( استخف نهأ

.(3)"وكرهه ابن القاسم للخالف من غري حترمي . ي ال ينبغيذالتعمق ال

دار الغـرب اإلسالمي، : بـريوت (املعلم بفوائد مسلم أليب عبد اهللا حممد بن علي املازري ، حتقيق حممد الشاذيل النيفر - (1) . 158-2/157) 1992-2ط

يراعى اختالف العلماء : وإمنا نقول. 335كتور إلياس بلكا ص، االحتياط للد60لشمس الدين األبياري ص: الورع - (2)نراعي األدلة املتعارضة؛ ألن اختالف العلماء يرجع يف األعم األغلب إىل تعارض األدلة؛ فالعامل ال يفيت إال بناء : وال نقول

.على دليل صح عنده ، فهذه مسألة لفظية حبتة

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 124 -

نه يكره استعمال املاء القليل الذي وقعت فيه جناسة يسرية مل املشهور يف املذهب أ –2

هذا املاء على وجه كراهة " :قال احلطاب . د غريه وجب عليه استعمالها إذا مل جي، وقالوتغريه .(1)"املشهور مراعاة للخالف

يعين أن املتوضأ إذا غسل رأسه " : "وغسله جمزئ " قال احلطاب يف شرح قول خليل -3

قيل ال جيزيه و. ن الغسل مسح وزيادة ه فإن غسله جيزئه عن مسحه؛ أليف الوضوء بدال عن مسح، إعماال لدليل اجلواز مراعاة وقيل يكره... املسح املأمور به ن حقيقة الغسل غري حقيقةأل

والقول بعدم ،ا كاملسحجزاء مطلقتوسط بني القول باإل -هنا –ة فالكراه (2)..."للخالف .جزاءاإل

واحلكم ،ل العلم يف إجازاليت اختلف أهو أما البيوع املكروهة فهي ا:" قال ابن رشد - 4 مراعاة لالختالف فيها ، كما روى ابن وهب عن فيها الفسخ ما كانت قائمة ، فإن فاتت مل ترد

(3)..."إن فات مالك أن البيع املكروه ال يرد . حكم بالكراهة على املختلف فيه، ه ألن ؛الوقوع فهذا مثال ملراعاة اخلالف قبل

. إذا فات ال يفسخ و ال يردبعد الوقوع؛ ألنه وملراعاته

حرام ال –رمحه اهللا –وأما صيد أهل الكتاب فهو على مذهب مالك : "رشد ابنقال -5 وكرهه مجاعة من أهل ..ب مجاعة من أهل العلم إىل إباحتهوذه..منه إال ما أدركوا ذكاته ليؤك

.جلود اخليل أو احلمري تدبغ وتستعمل :والكيمخت . 1/103: مواهب اجلليل - (3) .1/67: نفسه - (1) .1/211:مواهب اجلليل - (2) .2/68: املقدمات البن رشد - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 125 -

مراعاة : نة على وجهنيك على مذهب من أجازه بية يف ذلالكراهو ،(1)–م حبيب منه–العلم .(2)»رام بني،وبينهما أمور مشتبهاتاحلالل بني واحل«: صلى اهللا عليه وسلملقول النيب و؛ اخلالف

بعد الوقوع، فيعترب والكالم يف ضابط اخلالف الذي يراعى قبل الوقوع كالكالم يف ذلك وبعض الفقهاء قال يشترط يف .ل حبسب نظر اتهدراد، ب، لكن من غري اطاخلالف القوي

من اخلالف الذي يراعى اخلالف الذي يراعى قبل الوقوع أن يكون مشهورا، وأن يكون أقوى الثانية إمضاء له بعد أن واحلالة ،إنشاء للحكم -قبل الوقوع -بعد الوقوع؛ ألن احلالة األوىل

.آخر يأخذ اعتباره الوضع الذي استجدنا يتغير احلكم األول إىل حكم فه (3)وقع شروط مراعاة اخلالف: الثاين الفرع.

: يذكر بعض املالكية شروطا للعمل مبراعاة اخلالف، ميكن تلخيصها فيما يأيت أن يكون الذي يراعي اخلالف جمتهدا: الشرط األول.

فهل ذلك عام يف ... إذا قلنا مبراعاة اخلالف مطلقا، أو املشهور : "... قال الونشريسي . (4)"حق كل أحد أو خاص باتهد؟ قوالن

.والظاهر من نصوص بعض العلماء أن ذلك خاص باتهد هو حبسب نظر اتهد - أي يف مراعاة اخلالف -وثبوت الرجحان ونفيه: "قال ابن عرفة

. (5)"وإدراكه يف النوازل

. فقه والسنن ، الفقيه األديب مسع من أصحاب مالكالعبد امللك بن حبيب بن سليمان ، صاحب الواضحة يف : لعله - (1)

كتب اجلامعة يف املذهب ، إال أن فيها أحاديث ضعيفة ، وبعض الفتاوى هـ ، والواضحة من ال239/ 238تويف سنة . 2/112، الفكر السامي 74شجرة النور ص . املرجوع عنها

) 1987-1دار الغرب اإلسالمي، ط: بريوت(بن الطاهر التليلي املختار تقدمي وحتقيق الدكتور) : اجلد(فتاوى ابن رشد - (2)1/565 .

الل بني احل: وكتاب البيوع باب 1/158)52(فضل من استربأ لدينه : البخاري يف كتاب اإلميان باب: واحلديث أخرجهأخذ احلالل وترك الشبهات : باب ، وأخرجه مسلم يف كتاب املساقاة4/345 )2051(هات بواحلرام بني وبينهما مش

)1599( 6/107 . . 12/38: املعيار املعرب - (3) . 12/38: املعيار - (4)

، فتاوى الشاطيب حتقيق أبو 235اجلواهر الثمينة للمشاط ص: وينظر. 6/378: ، املعيار 1/112فتاوى الربزيل - (5) .119األجفان ص

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 126 -

مراعاة األقوال : "، فأجاب ضعيفة ايةأو رو ضعيف وقد سئل الشاطيب عن مراعاة قولالضعيفة أو غريها شأن اتهدين من الفقهاء، إذ مراعاة اخلالف إنما معناها مراعاة دليل املخالف،

ومراعاة الدليل أو عدم مراعاته ليس إلينا معشر املقلدين، . حسبما فسره لنا بعض شيوخنا املغاربة . (1)"باملشهور منهافحسبنا فهم أقوال العلماء والفتيا هذا من دأب اتهدين الناظرين يف األدلة " : "مراعاة اخلالف"وقال ميارة الفاسي يف

.(3)وكذلك قال التسويل. (2)"فبحيث ترجح عندهم دليل الغري أعملوه، وحيث ال أمهلوه، مث رعايته والظاهر أن هذا هو الراجح؛ ألن احلكم على دليل املخالف باالعتبار أو عدمه

م بالنظر هذا يؤذن بكمال التصرف يف األحكا... من وجه دون وجه، ويف حال دون حاللك درجة االجتهاد؛ وألن فقهاء املالكية قرروا أنه ملا كان الترجيح نظرا واالستنباط والترجيح، وت

.يف االستدالل، وذلك قسم من أقسام االجتهاد بدوا أنه ال يشترط االجتهاد املطلق للعمل مبراعاة اخلالف، بل ي: "يقول الدكتور إلياس بلكا

تكفي درجة الترجيح أو التخريج املذهبيتني؛ بل يكفي توفر امللكة الفقهية، إذا اجتهد صاحبها يف . (4)"مسائل حمددة وبالغ، وهذا على القول جبواز جتزؤ االجتهاد

:شروط وصفات اتهد الذي يراعي اخلالف

ني الشروط اخلاصة اليت ينبغي توفرها يف اتهد املراعي للخالف عالوة على من ب :، منها(5)الشروط العامة اليت يشترطها األصوليون

رحم اهللا تعاىل الشاطيب ، فهذا من تواضعه، . 11/103، ونقله يف املعيار 119فتاوى الشاطيب حتقيق أبو األجفان ص - (1)

. -ذو أهلية لالجتهاد –األقل وإال فهو جمتهد أو على . 1/7: شرح حتفة ابن عاصم للميارة - (2) . 1/21: البهجة شرح التحفة - (3) . 338االحتياط ص - (4)

- 2دار الغرب اإلسالمي، ط: بريوت( اإلحكام يف أصول األحكام للباجي، حتقيق عبد ايد التركي - (5): دار الكتب العلمية، ط: بريوت( اإلاج شرح املنهاج للسبكي . ]784: فقرة[، 2/728) م 1995/هـ1415 . 3/254) م1996/هـ1416

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 127 -

: أن يكون عاملا مبواضع االختالف - 1

وألجل ذلك جاء يف حديث عبد اهللا بن بأن يكون عارفا بأقوال اتهدين وحججهم؛ لبيك : قلت ! يا عبد اهللا بن مسعود«: قال -صلى اهللا عليه وسلم - هأن – رضي اهللا عنه -مسعود

أعلم الناس أبصرهم : قال. اهللا ورسوله أعلم: ؟ قلت أتدري أي الناس أعلم: قال !يا رسول اهللا .(1)»إسته مقصرا يف العمل، وإن كان يزحف علىباحلق إذا اختلف الناس وإن كان

جعل فهذا تنبيه على املعرفة مبواقع اخلالف، ولذلك : ا احلديثل الشاطيب معلقا على هذيقو (2)"من مل يعرف االختالف مل يشم أنفه الفقه: "فعن قتادة. الناس العلم معرفة االختالف

ال ينبغي ألحد أن يفيت الناس حتى يكون عاملا باختالف الناس، فإنه إن مل : "وعن عطاء .(3)"ق من الذي يف يديهيكن كذلك رد من العلم ما هو أوث

. (4)"ال جتوز الفتيا إال ملن علم ما اختلف الناس فيه:" وقال اإلمام مالك وال يكون ألحد أن يقيس : "ويؤكد اإلمام الشافعي يف التحريض على هذه املعرفة بقوله

ع الناس لف وإمجاحتى يكون عاملا مبا مضى قبله من السنن وأقاويل الس - يف باب االجتهاد -وال ميتنع من االستماع ممن خيالفه؛ ألنه ينتبه باالستماع لترك الغفلة ... واختالفهم ولسان العرب

اإلنصاف من نفسه، حتى وعليه يف ذلك بلوغ جهده وويزاد به تثبيتا فيما اعتقد من الصواب، . (5)"يعلم من أين قال ما يقول وترك ما يترك

على كماهلا متمكنا من االستنباط على فهمه شريعةالفامها ملقاصد ن يكون أ -2

:فيها

.2/264من يستحق أن يسمى فقيها أو عاملا : جامع بيان العلم و فضله البن عبد الرب ، باب - (1) .4/116: املوافقات - (2) .4/117: نفسه - (3) .نفسه - (4) . 510ص الرسالة للشافعي - (5)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 128 -

فاتهد قبل أن يطبق احلكم على أفعال أو تصرفات املكلفني ينبغي عليه أن ينظر يف نتائج وغايات تلك األفعال وما تؤول إليه تلك التصرفات واضعا نصب عينيه مقاصد الشرع

يد يستدعي حكما جديدا، ويكون ذلك احلكم وقواعده الكلية وما ينتجه الفعل من واقع جدناط اخلاص كما أشار تبعا للظروف واملالبسات واألحوال اليت أنتجها ذلك الفعل لتحقيق امل

. (1)لشاطيبإليه اإلمام اخاصة –كما ينبغي على اتهد الناظر يف األدلة أن يكون مسنده يف العمل مبراعاة اخلالف

ري قصد الشارع إىل حتقيق العدل ورفع احليف والضرر عن يقوم على مبدأ حت -بعد الوقوعأن املمنوعات يف الشرع إذا وقعت فال جيوز إيقاعها من املكلف سببا يف "املكلفني انطالقا من

واجر وغريها، كالغصاحليف عليه بزائد ما شع له من الزر ب مثال إذا وقع فإن املغصوب منه البدالغاصب فوق ما يليق به يف العدل إضرارجه ال يؤدي إىل أن يوىف حقه لكن على و

. (2)"واإلنصافوقع ممنوعا عند تفاق ال يصح أن يكون سببا للحيف، فما فإذا كان ما وقع ممنوعا باال

اتهد خمالفا لغريه يف منعه من باب أوىل أن يراعي دليل صحته وإن كان مرجوحا عند هذا يف بل ينظر لألمر وللمآل ، وهذا أهم ضابط يف املراعي للخالفاتهد، فال يكون سببا للح

.خاصة بعد الوقوع -أي اتهد -

.أن يكون الدليل املراعى قويا: الشرط الثاينللخالف جمتهدا عاملا مبواطن -بكسر العني –مر معنا يف الشرط األول أن يكون املراعي

ام بالنظر واالستنباط والترجيح بني األدلة من حيث القوة االختالف قادرا على التصرف يف األحكبفتح - أن يكون املراعى -حتى يتم رعي أو اعتبار دليل املخالف–والضعف، ويعضد هذا الشرط

، فإن كان ون قوياينبغي أن يك –اتهد، ويعمله يل أو القول الذي يراعيه املراعيوهو الدل -العني .واهيا مل يراع

.146، 75 -4/70املوافقات - (1) .4/146:املوافقات - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 129 -

رمحه –والذي ينبغي أن يعتقد أن اإلمام مالك : "- بن عرفةاشيخ –قول ابن عبد السالم ي . (3)"إنما يراعي ما قوي دليله -اهللا

مل يراع مالك كل خالف، وإنما راعى خالفا لشدة : "ويؤكد هذا املعىن اإلمام القرطيب

.؛ أي قوة دليل املخالف ال جمرد اخلالف(1)"قوتهيرشدنا إىل أن اإلمام مالك كان طورا يراعي اخلالف وطورا يعدل عنه؛ ذلك أنه وهذا ما

كان يعمل مبراعاة اخلالف إذا كان اخلالف من النوع الذي يراعيه حسب شروطه اليت يشترطها يف اخلالف الذي جيب مراعاته، ويعدل عن مراعاة اخلالف إذا كان اخلالف ليس من النوع الذي

م الذين أغفلوا كما توه–ا اختالفا من مالك يف تأصيل هذا األصل وعمله به وليس هذ. يراعيه –منداد كما نبه عليه ابن خويز -لعمل به بل هو بيان ملوضع ا –ذكر مراعاة اخلالف يف كتبهم

، وهذا الشرط البد يراعي إال ما كان قوي الدليل، بل الكان مالك ال يراعي اخلالف كله: بقوله .مراعاة اخلالف؛ ألن اخلالف ال يراعى لذاته، وإنما يراعى لقوة دليلهمنه يف

مث إذا وقع العمل على مقتضى الدليل اآلخر، راعى ما هلذا الدليل من : "... قال القبابألنه لو كان يراعي اخلالف مطلقا، ملا ثبت له ؛...يسقط اعتبارها يف نظره مجلة القوة اليت مل

ابن شهاب، ب، ويراعي قول ابن املسيح أيضا يراعي القائلني، فإنه تارة بمذهب بوجه، وألص . (2)" كالم صاحب هذا القرب كل كالم فيه مقبول ومردود، إال: وتارة يطرح اجلميع، ويقول

ليس كل خالف يعترب وينبغي مراعاته، وهلذا اتفق القائلون بالقاعدة على هذا الشرط : أيخر قوة ورجحانا ال ينقطع معه الف، وهو أن يكون ملدرك الرأي اآلاخل األساسي لصحة مراعاة

. أي الدليل املخالف القوي -تردد النفس وتشوفها إىل مقتضاه

. وقد يكون اخلالف شاذا واهي املدرك فلم يراع اإلمام مالك فيه اخلالف

.1/269شرح حدود ابن عرفة للرصاع - (3) .8/316نقله يف البحر احمليط - (1) . 6/388: املعيار املعرب - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 130 -

عضهم للخالف الواهي املأخذ؛ بالرواية املنقولة عن أيب حنيفة يف بطالن الصالة ومثل ببرفع اليدين، فإن بعضهم أنكرها، وعلى تقدير ثبوا ال يصح هلا مستند، واألحاديث الصحيحة

، وكذلك ما نقل عن عطاء من إباحة وطء اجلواري بالعارية، لضعف )الرواية( معارضة هلا . (3)الشبهة

. أن ال تؤدي مراعاة اخلالف إىل صورة ختالف اإلمجاع: لشرط الثالثا

شرط بعضهم أن ال تؤدي مراعاة اخلالف إىل صورة ختالف اإلمجاع أو إىل صورة مل يقل .(1)ا األئمة املقتدى م

أي زوجت له املرأة نفسها دون إذن وليها، لكن كان ذلك - من تزوج بغري ويل مثال، - ؛ فاملالكية يصححون هذا العقد الفاسد -مثال -ول وصداق مبلغه ثالثة دنانريبشهود عد

(2)رجال تزوج بغري ويل وال شهود ومبهر أقل من ربع درهم فلو أن. إذا وقع الدخول - عندهم - ، فإن...مقلدا أىب حنيفة يف عدم الويل، ومالكا يف عدم الشهود، والشافعي يف أقل من ربع درهم

حنيفة فأىب. الشافعي، واملالكي، وغريمهاهذا النكاح إذا عرض على احلنفي ال يقول به، وكذلك فهذه صورة نكاح مل يقل ... والشافعي لعدم الشهود... ومالك لعدم الويل... يبطله لعدم الشهود

دا؛ أعين ال تصحح إذا وقعت بل تفسخ أب مة، فال تراعى ولو فاتت بالدخول؛ا أحد من األئم حىت ينظر فيهاألن ا أحد من الفقهاء املعتد ا أم ال؟ ومبعىن : ها صورة مل يقلهل ينبغي مراعا

. آخر إن شرط مراعاة اخلالف هو وجود اخلالف، وهنا ال يوجد خالف، بل هو منعدما الذي اتفق العلماء على حترميه، وهو م (3)" التلفيق"ذه احلالة تسمى يف األصول باسم وه

يبحث فيه املرء عن أهون أقوال العلماء يف مسألة خالفية حىت يكون لنفسه عبادة توافق هواه من

. 130-2/129املنثور يف القواعد للزركشي - (3)

. 32: ك، إيصال السال237-236: اجلواهر الثمينة - (1) . 1/152: ربع دينار كما يف املدونة: هكذا وردت يف اجلواهر الثمينة وإيصال السالك، والصواب - (2)إال عند األصولني املتأخرين كصاحب فواتح الرمحوت -األغلب -، هلذا ال جتد الكالم يف"التلفيق" مل يعرف املتقدمون - (3)لعبد الغىن " خالصة التحقيق يف بيان حكم التقليد والتلفيق" سالة ر -:، ومن أمجع ما كتب يف هذا املوضوع2/405

يد واتباع ما الطريقة املثلى يف اإلرشاد إىل ترك التقل" ، رسالة 27إىل 17خصوصا صفحات -من علماء احلنفية -النابلسي

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 131 -

أقوال عدة ألهل العلم، كل واحد منهم يرى عدم صحة تلك الصفة الشتماهلا على مفسدة يف يما ، السامؤد إىل إسقاط التكليف يف كل مسألة خمتلف فيه - كما يقول الشاطيب -نظره، وهو أمر

. (4)يف حق املقلد فإنه ليس له أن يتخري يف اخلالف ليس للمقلد أن يتخري يف اخلالف، كما إذا اختلف : " ويف هذا يقول اإلمام الشاطيب

اتهدون على قولني، فوردت كذلك على املقلد، فقد يعد بعض الناس القولني بالنسبة إليه خمريا فيتبع هواه وما يوافق غرضه دون ما خيالفه، ورمبا استظهر على فيهما كما خيير يف خصال الكفارة،

أصحايب « : -صلى اهللا عليه وسلم –ذلك بكالم بعض املفتني املتأخرين وقواه مبا روي من قوله ، وذلك وإن صح فهو معمول به فيما إذا ذهب املقلد عفوا، (1)» كالنجوم بأيهم اقتدمت اهتديتم

وأما إذا تعارض عنده قوال مفتيني . فقلده فيما أفتاه به فيما له أو عليه فاستفىت صحابيا أو غريهكل واحد منهما متبع لدليل عنده يقتضي ليس بداخل حتت ظاهر احلديث؛ ألن: فاحلق أن يقال

ضد ما يقتضيه دليل صاحبه، فهما صاحبا دليلني متضادين، واتباع أحدمها باهلوى اتباع للهوى، ...فيه، فليس إال ترجيح باألعلمية واألورعية وحنو ذلكوقد مر ما

وأيضا فاتهدان بالنسبة إىل املقلد كالدليلني بالنسبة إىل اتهد، فكما جيب على اتهد ، وقد أدى إغفال هذا األصل إىل أن صار كثري من مقلدة ...الترجيح أو التوقف، فكذلك املقلد

مبا ال يفيت به غريه من األقوال، اتباعا لغرضه وشهوته، أو لغرض ذلك الفقهاء يفىت قريبه أو صديقه القريب وذلك الصديق، وقد زاد هذا األمر قدر الكفاية، حىت صار اخلالف يف املسائل معدودا يف حجج اإلباحة، ووقع فيما تقدم وتأخر من الزمان االعتماد يف جواز الفعل على كونه خمتلفا فيه

. نظر آخر غري ذلك -مراعاة اخلالف -له أي مبعىن مراعاة اخلالف، فإن بني أهل العلم، ال

، )م2000: 1ابن حزم، ط دار: بريوت( نور احلسن بن أيب الطيب حممد صديق حسن خان القنوجي أليب اخلري " هو األوىل

. 1152إىل 2/1142) م1996دار الفكر، لعام : تصنيف( والزحيلي وهبة، يف أصول الفقه . 4/95: املوافقات - (4)هذا إسناد ال تقوم به احلجة وقد ذكر ابن حجر مجيع : ، وقال2/111: أخرجه ابن عبد الرب يف جامع بيان العلم وفضله - (1)

هذا خرب : و قال بن حزم. -صلى اهللا عليه وسلم -هذا الكالم مل يصح عن النيب: عف، وقال البزارطرقه وكلها فيها ض. 1/147: ، كشف اخلفا للعجلوين)2098: رقم( 191-4/190: تلخيص احلبري البن حجر. مكذوب موضوع باطل

). 4603: رقم( 4/76: فيض القدير للمناوي

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 132 -

، فيجعل "؟ لم متنع واملسألة خمتلف فيها:"تالف يف املسألة باملنع، فيقالورمبا وقع اخ اخلالف حجة يف اجلواز، رد كوا خمتلفا فيها ال لدليل يدل على صحة مذهب اجلواز، وال

وهو عني اخلطأ على الشريعة، حيث جعل ما ليس . تقليد من القائل باملنعلتقليد من هو أوىل بال . (2)"حلجة حجةمبعتمد معتمدا، وما ليس با

مسألة :د املخالف للقائل بالوجوبمن قل إذا سئل املفيت عن مسألة يف حق . لشافعية مىت سؤلنا عن ا: " ... يقول شهاب الدين القرايف املالكي: يف بسط هذه املسألةو

، ونفيت -أي جيوز مسح بعض الرأس على مذهبهم -هل جيب عليهم مسح الرأس بكامله نقول ا، )أي مبذهب الشافعية واحلنفية(ونفيت يف مذهبنا خبالف مذهبنا احلنفية بأنه جيب عليهم الربع،

يستثىن من هذا لكل فرقة مذهب إمامها خبالفنا مبا خيالفنا وخيالف مذهبنا؛ ألنه جممع عليه غري أنه -ما كان على خالف اإلمجاع: أربع صور خاصة، وهي الصور اليت ينقض قضاء القاضي فيها

أو القواعد أو النصوص أو القياس اجللي إذا سلم كل من هذه -وهو املقصود يف هذه اجلزئيةع يف فتياه مبا خالفنا الثالثة عن املعارض الراجح له، فإذا غلب على ظننا أن خمالفنا يف املسألة قد وق

فيه أحد هذه األربعة، فإنا ال نفيت مقلدين يف تلك املسألة الواقعة على خالف أحد األمور األربعة إال مبذهبنا؛ ألن خالفه غري معتد به وال يتقرر شرعا ما للمكلفني؛ ألن ما ال نقره إذا حكم به

. كمحاكم وتأكد باحلكم أوال نقره إذا مل يتصل به حكم حاجيوز : وكذلك أن كل من قال جبواز االنتقال يف املذاهب استثىن هذه األمور األربعة، وقال

التقليد للمذاهب واالنتقال فيها بشرط أن ال يكون على خالف اإلمجاع أو القواعد أو القياس . (1)"اجللي أو النص السامل عن املعارض الراجح عليها

. 284مراعاة اخلالف عند املالكية وعالقتها ببعض ألصول املذهب ص: وينظر 102، 97-96-95/ 4: املوافقات - (2) . 69، 68: ص) 38(يف جوابه عن السؤال : اإلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام للقرايف - (1)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 133 -

ي اشترطه بعضهم عن أمثلة ملراعاة اخلالف اليت تؤدي ويظهر أن ال أخلي هذا الشرط الذ .وقد يفعلها بعض املتورعني عن حسن نية - إىل خرق اإلمجاع

ابن سريج من فقهاء الشافعية أنه كان يغسل أذنيه مع الوجه وميسحهما مع الرأس ما نقل عن -أس مراعاة ملن قال ويفردمها بالغسل؛ أما مع الوجه فمراعاة ملن قال إما من الوجه، ومع الر

يف خالف - رمحه اهللا -إما من الرأس، ويفردها مراعاة ملن قال إما عضوان مستقالن، فوقع . (2)اإلمجاع إذ مل يقل أحد باجلمع بني هذه األشياء الثالثة

ومثل أن يكون شخص طالبا لشفعة اجلوار يعتقدها أا حق له، مث إذا طلبت منه شفعة اعتقد -

. (1)ثابتة أا ليستومثل ذلك أيضا من يعتقد إذا كان أخا مع اجلد أن اإلخوة تقاسم اجلد يف املرياث، فإذا صار -

. جدا مع اإلخوة اعتقد أن اإلخوة ال تقاسم اجلدوقد ... فمثل هذا ممكن يف اعتقاده حل الشيء وحرمته ووجوبه وسقوطه حبسب هواه

. (2)نص غري واحد أن هذا ال جيوز

. ةيترك املراعي اخلالف مذهبه بالكلي أال: لشرط الرابعا؛ أي (3)إن شرط مراعاة اخلالف أن ال يترك املراعي له مذهبه بالكلية: وقال بعضهم أيضا

. من كل الوجوه وأصل ذلك ما حكاه ابن بشري عن بعض القرويني من أن ابن القاسم وإن قال

ىت يفسخ نكاحا صحيحا على مذهبه ملراعاة مذهب غريه؛ فإنه ال يطرد ذلك ح" مبراعاة اخلالف" : وهذا بسط املثال الذي ذكروه. واعتربوا بناء على ذلك أن هذا الشرط البن القاسم

. 130-2/129تسيري فائق : املنثور يف القواعد للزركشي، حتقيق - (2) .130-2/129تسيري فائق : ي، حتقيقاملنثور يف القواعد للزركش - (1)

.نفسه –(2) .33: ، إيصال السالك237اجلواهر الثمينة ص - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 134 -

وبىن - كنكاح الشغار أو كالنكاح بال ويل -إذا تزوج املالكي تزوجا فاسدا على مذهبه أي للمذهب الذي يصحح ذلك -بأهله، فإن ابن القاسم يصحح هذا الزواج مراعاة للخالف

فلو طلق الزوج ثالثا، فإن ابن القاسم يلزمه هذا الطالق ومينعه من مراجعة زوجته حىت - ابتداءلكنه صار صحيحا -وإن كان أصله فاسدا -تنكح زوجا غريه؛ ألن هذا الطالق وقع على نكاح

إلزام ابن القاسم الرجل ها قبل أن تتزوج بغريه، فبمقتضى زوجهنا لو بادر الزوج فت. بوقوعهفسخ هذا الزواج؛ ألنأن ي ها بانت منه بالطلقة الثالثةالطالق .

وعلل ذلك القرويون بأن ابن . إن هذا الزواج ال يفسخ: لكن ابن القاسم مل يفعل ذلك، بل قالكان ذلك ، فإمنا- حني طلق -القاسم ملا صحح هذا النكاح أول األمر وألزم الزوج بالطالق

مراعاة "للزوج إنه يفسخ، كان ذلك أيضا فلو قال يف النكاح الثاين"مراعاة للخالف"همنفهنا يكون . الفسخ قول ابتين على مذهب املخالف وليس على مذهب ابن القاسم ؛ ألن"للخالف

قد راعى اخلالف مرتني، وذلك يؤدي إىل ترك - بفسخه النكاح الثاين لو قال به - ابن القاسماعتبار دليل املراعي من وجه، واعتبار دليل املخالف من " "مراعاة اخلالف" ومعىن . املذهب كلية

ما هو خروج فأما اعتبار دليل املخالف من كل وجه، فذلك ليس مراعاة للخالف، إن"وجه آخر (1). إىل مذهب اآلخر وإهدار ملذهب نفسه بالكلية

عدة اخلروج من اخلالفكما يف قا- وهذا قد يقع يف بعض احلاالت، بل قد يصح وال يكون كذلك؛ -مبعناها اخلاص عند املالكية -، لكنه ال يسمى مراعاة اخلالف- احتياطا

(2)ما هو يف مراعاة اخلالف ال يف غريهوكالمنا اآلن إن . (4)، يف حني رفض ذلك ابن عرفة(3)وقد قبل ابن بشري وابن عبد السالم قول القرويني هذا

. (5)واملقري

.12/38: ينظر املعيار - (1) . بتصرف 340، االحتياط إلياس بلكا ص 12/38املعيار : ، وينظر1/2شرح املنجور لقواعد الزقاق - (2)

.39 -12/38: املعيار - (3) .340 :االحتياط - (4)

.2/235: القواعد - (5)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 135 -

ومل يتبين يل :"ض من ابن عرفة واملقري حيث قالشكل الدكتور إلياس بلكا هذا الرفواست أي أن ال : ، أم هو رد للشرط- فيكون هذا اختالفا جزئيا - هل هو رد هلذا الفرع الفقهي املمثل به

. (6)" تؤدي مراعاة اخلالف إىل اخلروج عن املذهب كلية؟

: هــوجوابعرفة واملقري لقول القرويني هو رد للشرط، وليس ردا للفرع أن الذي يظهر من رد ابن

وأن"البحث يف املثال ليس من دأب الرجال:" ه كما يقالالفقهي املمثل به؛ ألن ، ما العلماء إنبع لتوضيح وتبيني يسوقون األمثلة لتوضيح ما قرروه من قواعد واستنباطات، فاألمثلة مقصودة بالت

وسيق الكالم إليه أصالة من تقرير القواعد أو استنباط األحكام من أدلتها، ما قصد إليه باألصل . فباملثال يتضح املقال كما يقال

أي أن ال تؤدي مراعاة اخلالف إىل اخلروج عن املذهب : ابن عرفة واملقري للشرط أما ردية بني القائلني الفأن مرت معنا مسألة خ - يف ضابط اخلالف الذي يراعى -كلية، فألنه قد مر معنا

، وكنا قد نقلنا جواب "هل يراعى اخلالف ابتداء أو ال يصح إال بعد الوقوع؟"مبراعاة اخلالفابن عرفة يراعي اخلالف على املسألة وتبين لنا من خالهلا أن -تلميذ ابن عرفة - اإلمام الرصاع

صره يف حكم املاء ه قول ابن احلاجب، فقد قال يف خمتوالظاهر أن. قبل الوقوع وبعدهواملقري حيث (2)وهو أيضا ما صرح به أبو القاسم العقباين . (1)" وكره للخالف:"املستعمل

؛ توقيا واحترازا، كما يف -أي ابن رشد –والصحيح قبل الوقوع خالفا لصاحب املقدمات :"قالتربءا - الوقوعأي بعد - وبعده، (3)املاء املستعمل، ويف القليل بنجاسة على رواية املدنيني

ابن عرفة واملقري مل يفرقا بني رعي اخلالف قبل النازلة وبعدها فكالمها فيه ، فيتبني أن(4)"وإنفاذا . احتياط يف إنشاء احلكم وإنفاذه

. 340االحتياط إلياس بلكا ص - (6) . 269، 1/263: شرح احلدود - (1) . ، وكان يستدل له مبا ذكرته عن ابن احلاجب269، 1/264: حكاه عنه الرصاع يف شرح احلدود - (2) . 237 - 2/236: القواعد للمقري - (3)اصطالح . ابن كنانة، وابن املاجشون، ومطرف، وابن نافع، وابن مسلمة ونظرائهم: يةاملراد باملدنني يف اصطالح املالك - (4)

.25دليل السالك للمصطلحات ص: وما بعدمها، وينظر 62عند املالكية حملمد إبراهيم علي صاملذهب

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 136 -

فمراعاة اخلالف يف هذه احلالة ال تتعلق بالنازلة، وقعت أو مل تقع، بل هو نظر مستقل عن -ه ، فهذه حالة إنشاء للحكم، وهو ال يتغري بعد الوقوع؛ ألن-من حيث الوقوع -ظروف التكليف

. هو نفسه حكم ما قبل الوقوعإذا خالف اتهد باجتهاده أحد األمور األربعة اليت ينقض : "... يقول شهاب الدين القرايف

هم قضاء القاضي إذا خالفها، فمقلديه إن اطلعوا على أنه خالف أحد األمور األربعة حرم عليأحد املذاهب الصحيحة ال : موافقته وخيريون بني مذهبني أو االنتقال إىل املذهب الثاين الذي هو

ه ه يضطر إىل صالته، والتقدير أنألن ؛- مثال -سبيل إىل ترك التقليد يف مسح الرأس يف حق العاميما عدا هذا الفرع، مل جيد يف مذهبه فيتعين أحد األمرين؛ إما اجلمع بني مذهبه الذي كان عليه في

وهو معىن - خرآهبه األول بالكلية إىل مذهب وبني غري مذهبه يف هذا الفرع، أو ينتقل عن مذوهذه الصورة ينبغي أن ينبه هلا كل من يقول باملنع من االنتقال :مث يضيف قائال. -رعي اخلالف

وموضع حاجة ال انفكاك يف املذاهب ويقول باستثنائها عن قاعدته يف عدم االنتقال، فهي ضرورة عنها؛ فهذه صورة ما يفيت به املفتون يف مجيع املذاهب، تارة تكون الفتيا عامة وتارة تكون خاصة،

، ومن جهل هذا - أي خروجا من مذهبه بالكلية -وتارة تكون بضد ما عليه مذهب املفيت يف نفسهوقع يف خالف اإلمجاع يف فتياه وهو ال وهو يفيت فقد جهل أمرا عظيما يتعلق مبنصب الفتيا، ورمبا

ال يوجد فكم من علم " يشعر إذا عرض له مثل هذه األمور اخلفية اليت ال يكاد جيدها يف الكتب،ال يقدر على نقله وهو موجود فيما نص من القواعد ضمنا على سبيل مسطورا بفصه ونصه أبدا و

. انتهى كالمه رمحه اهللا(1) "متفطن الندراجه آحاد الفقهاء دون عامته" جاالندرا

. أن يكون اجلمع بني املذاهب ممكنا: الشرط اخلامسيف خالف آخر، وهذا الشرط يكون يف حالة - أي اخلالف –وذلك بأال يوقع مراعاته

أو اخلروج من اخلالف احتياطا، فإن مل يكن اجلمع ممكنا فال يترك -مراعاة اخلالف قبل الوقوعذلك عدول عما وجب عليه من اتباع ما غلب يف معتقده ملراعاة املرجوح؛ ألناتهد الراجح

. على ظنه وهو ال جيوز

. (38)، يف جوابه عن السؤال 70-69إلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام ص ا - (1)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 137 -

أن يكون اجلمع بني املذاهب -أي يف اخلروج من اخلالف -يشترط:"يقول السيوطي يف خالف آخر، ومن مث كان فصل الوتر أفضل من - أي اخلالف - ممكنا، وذلك بأال يوقع مراعاته

فيه نوع من الربهان (؛ (2)" من العلماء من ال جييز الوصل ومل يراع خالف أيب حنيفة؛ ألنوصله، . ) باخللف

: ومن أمثلته أيضا ه ال يف اشتراط املصر اجلامع يف انعقاد اجلمعة، فإن -رضي اهللا عنه –الرواية عن أيب حنيفة

عدد الذي تنعقد به اجلمعة لزمتهم وال أهل القرى إذا بلغوا ال إن: ميكن مراعاته عند من يقولجيزيهم الظهر، فالقوالن هنا ال ميكن اجلمع بينهما، أما إذا مل يكن كذلك، فينبغي اخلروج من اخلالف السيما إذا كان فيه زيادة تعبد، كاملضمضة واالستنشاق يف غسل اجلنابة الواجب عند أيب

عند احلنابلة، وإتيان القارن بطوافني وسعيني حنيفة، والغسل من ولوغ الكلب مثاين مرات الواجب . (3)مراعاة خلالف أيب حنيفة

درك املخالف ر التنبيه إليه أنومما جيداجلمع بني املذاهب إن كان ممكنا ال بد أن يكون مقويا، وإال فالواجب على املرء اتباع ما يعتقده من االجتهاد مىت كان راجحا عنده، ومهما اشتبهت

ومل يعرف أيها أقوى ليعتربها للخروج من اخلالف، - أي تعارضت -أدلة املخالفني وتعادلتعليه . رجع إىل األصل وهو التزام املذهب املعتقد

. ، طبعة دار الفكر94: ه والنظائر للسيوطي صاألشبا - (2) . 2/131: املنثور يف القواعد للزركشي - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 138 -

ملذاهب و موقف أصحاب ا عند املالكية حكم مراعاة اخلالف: الثالث املطلب

.األخرى منها

عند املالكية حكم مراعاة اخلالف: األول الفرع. وهذا ما عمدنا إليه يف -يستدعي سبق تصوره" مراعاة اخلالف"إطالق احلكم على إن

فرقنا بينها و, راعىي يضابط اخلالف الذفذكرنا تعريفه وشروط العمل به و -ملباحث السابقةا فيمكننا بكل هذا أن نتصور حكم العمل مبراعاة اخلالف؛ ألن. وبني ما يلتبس معها من مسميات

.معرفة حكم العمل ا من املباحث املهمة اليت ال بد من تناوهلا يف هذا املقامعمل أشار ابن أيب كف يف منظومته ألصول املذهب املالكي إىل وجود خالف يف حكم ال

:فيقول يف منظومته املذكورة, ه مل يفصل يف ذلكأن مبراعاة اخلالف، إال (1). هل : فإن قلت ":اع يف شرحه على احلدود بقولهقد أجاب عن هذا السؤال اإلمام الرصو

.(2)"د اتهديظهر وجوب ذلك عن: جتب مراعاة الدليل أو جتوز؟ قلتلتعلق حق من وقع يف جوب العمل بالدليل الراجح اتفاقا، ووهذا الوجوب منشؤه و

أي -ل افقد يصري حكم العم إذا مل يكن منشؤه ذلك،شكلة، ومن له عالقة مباشرة به، واملمن إىل دليل املخالفودون النظر ,إذا مل يكن ممن به أهلية االجتهاد احلرمة، -مراعاة اخلالف -مبعناه اخلاص عند املالكية خاصة بعد الوقوع –محل مراعاة اخلالف و. ضعفالحيث القوة و

ه مبرجحات حتقق مقصد ل املخالف الذي قوي دليله القترانوإغفال قو, على غري هذا احلكمفحمله على غريه يؤدي ذلك إىل تشويش على املكلفني وفتح املكلف على حد السواء،لشارع وا

.واب اخلصامألباألصل إذا أدى القول حبمله على عمومه إىل احلرج أو إىل " :هذا ما قصده الشاطيب بقولهو

.(3)"فال يستمر اإلطالق, ال اطرادفهو غري جار على استقامة و, قالما ال ميكن شرعا أو ع

.121: إيصال السالك ألصول مذهب مالك - (1) .1/269: شرح حدود ابن عرفة للرصاع - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 139 -

عليها احلكم األدلة املتعلقة مبواقعة املنهيات تقتضي أن: - رمحه اهللا - حاصل كالمهو االستمرار يف التمسك مبقتضى هذا فإذا رأى اتهد أن باحلظر، وعن مترتباا بالبطالن والفساد،

وجب على صد الشارع يف نصب األدلة الشرعية،الدليل إىل ما بعد الوقوع يؤدى إىل مناقضة قلوقائع اجلزئية واحلاالت طبيعة ادليل يتالءم وكة االجتهاد العمل مبراعاة اخلالف،من كانت له أهلي .اخلصوصية الفردية

. - بعد الوقوع -هذا احلكم إمنا هو ملراعاة اخلالف مبعناها اخلاص عند املالكية أي و القائلني به أن فال خالف بني) أو اخلروج من اخلالف(أما مراعاة اخلالف قبل الوقوع

(1).االستحبابحكمه هو الندب و

:ورعامن اخلالف احتياطا و وجسبب استحباب اخلرو العمل مبقتضى عيته اجلمع بني أدلة املختلفني وسبب مشروفائدة الورع و" :يقول القرايف

فباجلميع ينتفي , ه قد أمهل دليال لعل مقتضاه هو الصحيحفال يبقى يف النفوس توهم أن, كل دليلنظر يف متمسك خمالفه ى ظنه واتهد إذا كان جيوز خالف ما غلب عل ألن:"ذلك ؛ و(2)"ذلك

.(3)" فينبغي له أن يراعيه على وجه, فرأى له موقعاب ختتلف حبسب قوة دليل مراتب الند" :هو أنو أمرا جيدر بنا االنتباه إليه، اهاهن أن إال

هذا كلما كان مأخذ املخالف و من فقهاء احلنفية، (5)كما ذكره ابن عابدين ،(4)"ضعفهاملخالف وا تأكد الندب و اقويحىت يصل الوقوع يف اخلالف إىل درجة الكراهة, عظم طلبهالئح.

.1/72: املوافقات - (3)

طبعة دار الكتاب العلمية، الفروق 1/215الم قواعد األحكام للعز بن عبد الس: يراجع حكم اخلروج من اخلالف - (1), 94:األشباه و النظائر للسيوطي, 144, 2/48:املغين, 8/310البحر احمليط للزركشي, 212إىل 4/210:للقرايف

. 205:مواهب اجلليل للحطاب .219-4/218:الفروق للقرايف - (2) .8/310:البحر احمليط, 1/216حكام قواعد األ: و ينظر, 2/128:املنثور يف القواعد للزركشي - (3)

: اإلحياء: يراجع. و لذا قسم الغزايل اخلروج من اخلالف إىل مراتب ثالثة. 1/278:رد احملتار شرح الدر املختار - (4) ).م1986, 1طبعة دار الكتب العلمية ط( 2/128-129

له , ين فقيه الديار الشامية و إمام احلنفية يف عصرهحممد أمني بن عبد العزيز الدمشقي الشهري بابن عابد: ابن عابدين - (5)الرحيق ","مسات األسحار على شرح املنار"املعروف حباشية ابن عابدين، " رد احملتار على الدر املختار:"كتب مفيدة أشهرها

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 140 -

رمبا يرقى اخلروج من اخلالف عن درجة االستحباب إىل درجة " :يقول ابن السبكي ملا و عند الشافعية حرام عند املالكية، فهو جائز ،(2)ميثل لذلك ببيع العينةو. (1)"كراهية الوقوع فيه

كره -يلكنها قوة غري كافية ليعتقد الشافعي رجحان مذهب املالك -رمة قوياكان دليل احل .(3)أكدوا على تركه خروجا من اخلالفو الشافعية التبايع بالعينة،

دار الكتب العلمية طبعة، : بريوت(إلمساعيل كمال باشا, هدية العارفني. هـ1251تويف سنة , "املختوم .6/267:، واألعالم للزركلي2/367)هـ1413

.1/116:األشباه والنظائر البن السبكي - (1)يسلمه إىل املشتري مث يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد مث يشتريه من غريه بثمن مؤجل، و بيع العينة أن يبيع شيئا: العينة - (2)

األصل يف ذلك ما روي نع للتهمة سدا للذريعة، وىل ما ال جيوز فيمأقل من ذلك القدر؛ أي أن يظهرا فعل ما جيوز ليتوصال به إسلط اهللا عليكم ... إذا تبايعتم بالعينة «: يقول -صلى اهللا عليه وسلم -اهللا لمسعت رسو: قال) رضي اهللا عنهما(عمر نعن اب

القوانني الفقهية ). 11(األلباينوصححه ). 3462(كتاب البيوع أخرجه أبو داود،( »ذال ال يرتعه حىت ترجعوا إىل دينكم - دارالفكر: بريوت(سبل السالم شرح بلوغ املرام للصنعاين، حققه حازم علي جت القاضي: و ينظر. 261البن جزى ص

للشوكاين، اعتىن به حممد تامر، وقدم له رونيل األوطار شرح منتقى األخبا. و ما بعدها 3/814ج) م2003/هـ1423 .وما بعدها 5/227ج)م2001-دار بن اهليثم: مصر(وهبة الزحيلي

.1/116:األشباه و النظائر - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 141 -

موقف أصحاب املذاهب األخرى من مراعاة اخلالف: الثاين الفرع. هل من موقف ألصحاب املذاهب و ف؟هل انفرد املالكية بالقول مبراعاة اخلال: اإلشكال

؟ األخرى يف مراعاة اخلالفلقد كانت دراستنا يف املباحث السابقة يف جمملها ملراعاة اخلالف عند املالكية دون غريهم

كانت من نتائجه , ملا للمالكية من مزيد اختصاص يف هذا املسلك من أصحاب املذاهب األخرى؛تعرضنا ملعظمها يف املباحث -املالكية حول العمل به مناقشات حادة بني علماءمناظرات و

أما بالنسبة ملوقف غري املالكية من مراعاة اخلالف، فلم نتعرض له إال من باب االستطراد - السابقةبع ال على سبيل القصدعلى سبيل الت.

ملوقف أصحاب املذاهب األخرى من -وبقصد –فسنتعرض أما يف هذا املطلب بالذات، .اخلالف مراعاة

, حكامعللوا به بعض األراعى مجهور الفقهاء من احلنفية والشافعية واحلنابلة اخلالف وفقد األحكام الشرعية، فلم يبلغوا به درجة طمسلكا معتمدا يف استنباولكنهم مل يعتربوه أصال و

.التقعيد كما فعل علماء املالكيةالتأصيل وائلهم ويقصدون ا مراعاة اخلالف قبل الوقوع؛ وغالبا ما يذكرون مراعاة اخلالف يف مس

(1).االحتياطورع وأي اخلروج من اخلالف ابتداء لل :التمثيل بالفروع الفقهية يف النقاط اآلتية تعرض لكل هذا معنس

مراعاة اخلالف عند احلنفية: النقطة األوىل. اة اخلالف كمسلكحاالت يأخذ فيها فقهاء احلنفية مبراعجند يف بعض األحيان مواقف و

.لديهم ارمقر ها ال تكفي العتبارها أصالأن إال يبنون عليه بعض األحكام الفقهية،

ام يف مصاحل األنام و قواعد األحك, 311-8/310 للزركشيالبحر احمليط : وعلى هذا حتمل النصوص الواردة مثال يف - (1)، ورد احملتار على الدر املختار 143، 118مي صالبن حجر اهليت) النووية(األربعنياملبني بشرح .ما بعدهاو 1/215:للعز

.473، 126و جامع العلوم و احلكم البن رجب احلنبلي ص , 1/278البن عابدين

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 142 -

ف باملعىن الذي قرره فروع يف كتب احلنفية تدل على األخذ مبراعاة اخلالهناك شواهد وو ان حكم سأذكرها بعد بي عىن اخلروج من اخلالف احتياطا وورعا،مبراعاة اخلالف مباملالكية و

.مراعاة اخلالف عندهم حكم مراعاة اخلالف عند احلنفية: (1).ها مندوبةذهب بعض علماء احلنفية إىل أنخلالف مطلوبة يف املذهب احلنفي ومراعاة ا مراعاة اخلالف مندوبة بشرط عدم ارتكاب "":الدر املختار"صاحب (2)قال احلصكفي

.يهية كما نبه عليه ابن عابدينالكراهة هنا تعم الترت، و (3)"مكروه مذهبهاحلنفية صرحوا بأن مراعاة اخلالف أن" ":الدر املختار"شرحه على نقل ابن عابدين يفو . (4)"مطلوبةالذي مييل و: ل من االنفراد مث قالرائض أفضاإلقتداء باملخالف املراعي يف الف" :قال أيضاو التابعني كانوا أئمة جمتهدينكثريا من الصحابة و ن؛ ألب عدم كراهة االقتداء باملخالفإليه القل

.(5)" ...هم يصلون خلف إمام واحد مع تباين مذهبهموول يف مسألة ق - أي أبا حنيفة –إنه إذا مل يوجد يف مذهب اإلمام " :قال يف مكان آخرو

.(6)"ه أقرب املذاهب إليهألن يرجع إىل مذهب مالك؛اخلروج عن اخلالف مستحب " :-من علماء احلنفية -(7)يوقد قال مال علي القار

لكن ال ميكن أن نثبت إمجاعا يف هذه ؛أعلم مبا يقول -رمحه اهللا - لقاريوعلي ا. (8)"باإلمجاع

.272مراعاة اخلالف ألمحد شقرون - (1)الدر :"باحلصكفي، فقيه أصويل حمدث مفسر له تصانيف منها حممد بن علي احلصين الدمشقي احلنفي الشهري: هو - (2)

تويف . وغريها، "إفاضة األنوار"قه مساه فيه منت األبصار وجامع األحبار للتمرتاشي، وشرح على املنار يف أصول الف شرح"املختار، 1/257)طبعة دار الغرب اإلسالمي بريوت(فهرس الفهارس لعبد احلي الكتاين، حتقيق إحسان عباس . هـ1088سنة .2/266هدية العارفني إلمساعيل كمال باشا: وينظر

- 1دار الكتب العلمية، ط: بريوت(الدراملختار شرح تنوير األبصار حملمد بن علي احلصين املعروف باحلصفكي احلنفي - (3) .1/136)م1994

.1/152)هـ 1286 -املطبعة املصرية " (رد احملتار على الدر املختار" حاشية ابن عابدين املسماة - (4) .1/589:املرجع نفسه - (5)

.2/653:نفسه - (6)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 143 -

أو إن اإلمجاع سابق على املخالفني، :اللهم إال أن يقال ،(1)حمققالقضية ما دام فيها خالف قائم ومما - نفيهما معاأو - تصحيح أحد هذين االحتمالنيو...إمجاعبعده استقركان خالف لكنه اندثر و

.تاج إىل استقراء واسع ليس هذا حمله حيروج من اخلالف إن مجهور العلماء يذهب إىل أن اخل: هوهلذا أكتفي بتقرير حكم آخر و - اهللا رمحه -على دعوى علي القاري) أوال( :اعتمادي يف هذا احلكمحسن مندوب، و ااحتياط

على كون من صرح ذا املذهب أو روي عنه أو فرع عليه ) ثانيا(، و(2)اإلمجاع يف املسألةلذا قال بينما املخالفون هلم أفراد قالئل، ة من العلماء يعسر ضبط أساميهم وعددهم،مجاعات كثريوج أن اخلر...- يكاد حيسبه الفقيه جممعا عليهو -اشتهر يف كالم كثري من األئمةقد ":ابن السبكي

.(3).."أفضلمن اخلالف أوىل ومراتب الندب ختتلف حبسب قوة " :هو أن ا جيدر بنا أن نعيد التنبيه إليه، وإال أن هاهنا أمر

ما كل ا الئحالف قويهكذا كلما كان مأخذ املخاو. كما ذكره ابن عابدين" وضعفه دليل املخالف .وع يف اخلالف إىل درجة الكراهيةحىت يصل الوق طلبه، عظمتأكد الندب و

وع ملراعاة اخلالف حسب قوهلم، فر -أي احلنفية–ومن أعجب العجاب أن تكون عندهم .الفروع أوال مث تأصيلها ثانيا أن :القاعدة عندهم يؤصلوا هلا أصوال، مع أنومل

علي بن سلطان حممد اهلروي املكي احلنفي، من مشاخيه ابن حجر اهليثمي، وعبد اهللا السندي، وقطب الدين املكي، : هو - (7)

املصنوع يف معرفة املوضوع، واألسرار املرفوعة، املسلك : من مصنفاته. ومن تالمذته عبد القادر الطربي، ومعظم البلخيتح باب العناية بشرح النقاية، وتوضيح املباين وتنقيح املعاين، وشرح الشفا، وشرح املوطأ، املتقسط يف املنسك املتوسط، وف

.3/89الفتح املبني يف طبقات األصوليني للمراغي : وينظر. 1/445:البدر الطالع للشوكاين. هـ 1014تويف عام املسلك املتقسط يف املنسك "عن 341ص) م1991-2ط, دار القلم: دمشق" (القواعد الفقهية"نقله علي الندوي يف - (8)

.، للشيخ القاري املذكور96ص " املتوسطو ابن السبكي ) و ما بعدها 4/217:الفروق(من الفقهاء من استشكل هذه القاعدة، وقد حكى ذلك كل من القرايف - (1)

شكاله صرحيا ابن عبد ، والذي ثبت است)و ما بعدها 94:األشباه والنظائر(والسيوطي) وما بعدها 1/111:األشباه و النظائر(وهو ، ومنهم من نفى القاعدة كلية، )1/73(، والشاطيب ذكر بعضها يف املوافقات )وما بعدها 4/131:كاراالستذ(الرب

).4/26ج:األحكام يف أصول األحكام(ظاهر قول ابن حزم وإن كان غري صريح كما سيأيت بيانه اتهد باإلمجاع إال بعد إطالعه على نصوص أو نقول تدعم ذلك، وتكون من الكثرة يف الغالب ال يصرح العامل - (2)

احتمال وجود اخلالف، مع عدم اطالعه على نص خمالف، هلذا وإن مل يصح بعض -عنده -والوضوح حبيث يضعف كثريا .، واهللا أعلمدعاوي اإلمجاع يف بعض القضايا، إال أن صحة دعوى اتفاق اجلمهور منها أمر قلما يتخلف

.1/111األشباه - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 144 -

أمثلة للفروع الفقهية اليت راعى فيها احلنفية اخلالف:

خرب بفأرةمث أ الناس بعد اغتساله من ماء احلمام،وسف أنه صلى اجلمعة بما روي عن أيب ي -1 .ميتة يف ماء احلمام الذي اغتسل منه للجمعة

"حنمل ذلك على مذهب إخواننا أهل املدينة:"فقال مل يعدها بل أجازها بعد الوقوع مراعاة لقول خمالفه مع مرجوحيته فلم يبطل صالته و

.(1)على اعتباره ملبدأ مراعاة اخلالفعنده مما يدل فأعاد ه كان حمدثا،لى بالناس مث ذكر أناخلليفة استخلفه يف صالة اجلمعة فص وي أنور

.مل يأمر الناس باإلعادةو مذهبه أنو" فأخذنا بقول إخواننا املدنينيما ضاق علينا الشيء رب: "فقال. فقيل له يف ذلك

.(2)على اجلميع اإلعادةيوسف أنه راعى ضاة أيبعن قاضي الق - خاصة الرواية األوىل-املالحظ من الفرع الفقهيو

.الذي عدوه أصال من أصوهلمكما هو املشهور عند املالكية و - بعد الوقوع - اعتربهاخلالف واملاء عند احلنفية إذا مل جيدد و .(3)جتديد املاء ملسح األذنني سنة من سنن الوضوء عند الشافعية -2

.(4)فإنه يكون مقيما للسنة آتيا ا - أي مل جيدد املاء -فمسح مبا بقي بعد مسح الرأسية جتديد املاء وقالوا بأولمع ذلك فقد الحظوا خالف الشافعية، و...": يقول ابن عابدين

. (5)"ملسح األذنني مراعاة للخالف مع الشافعية القائلني بذلك

مطبعة املنار، :مصر(، القول السديد يف بعض مسائل االجتهاد و التقليد البن املقدسي احلنفي 1/78حاشية ابن عابدين - (1) .24ص) هـ1332ـ1

.64مطبعة اإلمام مبصر ص. صحة أصول مذهب أهل املدينة البن تيمية - (2)) م1955/هـ 1374 1مطبعة االستقامة، ط: القاهرة( عرفة ألفاظ املنهاج، ألمحد الشربيين مغين احملتاج إىل م - (3)4/428.

أنه رأى « : حىت عند املالكية يستحب جتديد املاء هلما خالفا أليب حنيفة؛ للخرب الذي رواه عبد اهللا بن زيد : قلت أخرجه احلاكم يف املستدرك . »ف املاء الذي أخذه لرأسه يتوضأ، فأخذ ألذنيه ماء خال -صلى اهللا عليه وسلم -رسول اهللا

، 1/16املدونة: ينظر أحكام هذه املسألة). 1/22نصب الراية للزيلعي .( حديث حسن على شرط الشيخني: ، وقال1/151 .1/125، املعونة 96الرسالة ص

.276مراعاة اخلالف لشقرون ص. 126-1/125حاشية ابن عابدين - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 145 -

قال ه ورد عنهم القول مبراعاة اخلالف،إال أن العيد ثالث يف كل ركعة، عند احلنفية تكبريات -3

أي إن زاد اإلمام يف عدد التكبريات على ثالث تابعه املأموم ؛(1)" لو زاد تابعهو" :ابن عابدينترك رأيه تبع إلمامه فتجب عليه متابعته و ألنه" :القول باملتابعة بقوله-رمحه اهللا- مث علل. احلنفي .(2)"إمامه برأي

لصغري قبل أبوه مث كرب اصغرية اليت زوجها أبوها من صغري، وأن ال: جاء يف مسائل االجتهادو -4كان الزواج بشهادة الفسقة فإنه جيوز للقاضي أن يبعث لشافعي وكانت بينهما غيبة متقطعة، و

.املذهب ليبطل النكاح بينهما ذا السببإن مل يكن ذلك فسه أيضا، أخذا مبذهب اخلصم ونبل جيوز للحنفي أن يفعل ذلك ب .(3)مذهبه

أن ال يؤدي - أو مراعاة اخلالف ابتداء-كما أن احلنفية شرطوا الستحباب اخلروج من اخلالف-5لكن .. يندب اخلروج من اخلالف " :يقول احلصكفي. اخلروج منه إىل ارتكاب مكروه املذهب .(4)"بشرط عدم لزوم ارتكاب مكروه مذهبه

فإنه السنة عند التغليس يف صالة الفجر،:"..دين، قالمن أمثلته عندهم ما ذكره ابن عابو ها ال توقع يف أمر أي ألن - فال يندب مراعاة للخالف ،الشافعي مع أن األفضل عندنا اإلسفار

عند الشافعي ه األفضل عندنا، وصوم يوم الشك فإنكو. -هو التغليسو, ه عند احلنفيةمكرو

.126-1/125ابن عابدين حاشية - (5) .1/871حاشية ابن عابدين - (1) .نفسه - (2)) هـ1332-1مطبعة املنار ، ط: مصر(القول السديد يف بعض مسائل االجتهاد و التقليد البن املقدسي املكي احلنفي - (3) .64ص .1/279نبه عليه ابن عابدين يف رد احملتار و الكراهة هنا تعم الترتيهية كما. 1/228الدر املختار شرح تنوير األبصار - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 146 -

وكاالعتماد وجلسة االستراحة، السنة . ف أر من قال يندب عدم صومه مراعاة للخال، وملحرام .(5)"فيكره فعلهما ترتيها مع أما سنتان عند الشافعي ..لو فعلهما ال بأسعندنا تركهما، و

مراعاة اخلالف عند الشافعية: النقطة الثانية أدلة أخرى فكذلك جند من جديد بنظر ولة إذا قلنا أن مراعاة اخلالف اجتهاد يف الناز

:قوالن يف املذهب -رمحه اهللا -لإلمام الشافعيهذا أمر و .تقاله إىل مصر تصنيفا أو إفتاءهو ما قاله الشافعي يف العراق قبل انو: القدمي

صنف يف العراق كتابه القدمي ويسمى و" :قال النووي. متفق عليه بني علماء املذهب .(1)"..."احلجة"

.(2)فهو ما قاله اإلمام الشافعي مبصر تصنيفا أو إفتاء: أما اجلديدو. جتدد أو تغير االجتهاد هو مذهب الكثري من علماء األصول كما فعل اإلمام الشافعيو

.(3)"إن جتدد ما قد يوجب الرجوع لزمه قطعاو" :قال السبكي .عي اخلالفحني يرا -رمحه اهللا -قد مر معنا أنه مذهب مالكو :من بني القواعد اليت ضبطها و فصلها متأخروا الشافعية للترجيح بني أقوال اإلمامو .بالنص على أرجحيته -1 .فالعلم بتأخره -2 .فالتفريع له -3 .فالنص على فساد مقابله -4 .فإفراده يف حمل أو يف جواب -5 .(4)فموافقته ملذهب جمتهد -6

: ما إذا كان للشافعي قوالن أحدمها يوافق مذهب جمتهدللشافعية وجهان فيو

.1/379رد احملتار - (5) .17-1/16اموع للنووي - (1)طبعة : القاهرة( حتفة احملتاج بشرح املنهاج لشهاب الدين أمحد بن حجر اهليثمي مع حاشية عبد احلميد الشرواين - (2)

1/53) مصطفى حممد دون ط، دون ت .3/260املنهاج للسبكي اإلاج بشرح - (3) .13-1/12) الكتب العربية إحياء طبعة دار(حاشية القليويب على جالل الدين احمللي على منهاج الطالبني - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 147 -

.(5)يينو اختيار الشيخ أيب حامد اإلسفرايهأن القول املخالف أوىل و): األول(يقول .(2)"األصحهو و:"قال النووي. (1)هو قول القفالالقول املوافق أوىل و): الثاين(إن ضعف املأخذ إذا كان فيه و ال مراعاة اخلالفواعلم أن ظاهر كالم القف" :الزركشي

.(3)..."احتياطأما إذا كان لشخصني أو أكثر االختالف بني الوجهني لشخص واحد، هذا إذا كان

؛ وذلك بالنظر يف األدلة،(4)ميثجمتهد آخر كما يقول ابن حجر اهليفالترجيح حينئذ يكون من .ومراعاة مقاصد الشريعة

علل به بعض املسائل اليت خالف ف واعتربه، واخلال - رمحه اهللا -فقد راعى اإلمام الشافعي .فيها اجتهاده

مراعاة اخلالف معتربة بعد أن ذكر أن -"صحيح البخاري"يف شرح (5)قال القسطالين ا الشافعي أنه كان يراعي اخلالف، كذلك روي أيضا عن إمامنو" : -رمحه اهللا - عند اإلمام مالك

، وهذا من باب (6)"أصحابه حيث ال تفوت به سنة عندهبه قال ونص عليه يف مسائل، و .االحتياط

لطربي، وروى اإلسفراييين أبوا إسحاق إبراهيم بن حممد بن مهران، كان فقيها متكلما أصوليا، و عليه درس أبو الطيب ا - (5)

اجلامع يف أصول الدين : ، وعنه أخذ الكالم و األصول عامة شيوخ نيسابور، وله مصنفات كثرية منها يهقيعنه أبو بكر الب، 52-1/51طبقات الشافعية الكربى . هـ418أو 417تويف سنة . والرد على امللحدين ، وتعليقه يف أصول الفقه وغريها

. 126طبقات الفقهاء ص: وينظرمد بن أمحد بن احلسني الشاشي القفال الفاروقي، امللقب فخر اإلسالم، املستظهري، رحل إىل بغداد أبو بكر حم: القفال - (1)

حلة العلماء يف معرفة مذهب الفقهاء، :" له. هـ واستمر إىل أن توىف 504فتوىل فيها التدريس باملدرسة النظامية سنة . وغري ذلك" والشايف 357-3/356،وفيات األعيان 17-4/16شذرات الذهب : نظر، وي4/58طبقات الشافعية الكربى

.46- 1/45حاشية الشرواين على حتفة احملتاج : ، وينظر1/111اموع - (2) .131-1/130املنثور يف القواعد - (3) .1/50حتفة احملتاج مع حاشية الشرواين - (4)إرشاد الساري على : قسطالين املصري الشافعي، من مصنفاتهأبو العباس، شهاب الدين أمحد بن حممد ال: القسطالين - (5)

. 103/ 2الضوء الالمع للسخاوي . هـ 933تويف سنة . صحيح البخاري وي ، امشه صحيح مسلم بشرح النوإرشاد الساري لشرح صحيح البخاري،أليب العباس شهاب الدين القسطالين و - (6) .1/257) هـ 1323املطبعة األمريية ببوالق، سنة : مصر(

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 148 -

:ومما يدل على مراعاة اإلمام الشافعي للخالف ما يلي •حيث ابتلينا نأخذ مبذهب أهل العراق" :ه قالروي عن اإلمام الشافعي أن"

.(7)عرحيث كان مذهبه إذ ذاك جناسة الش وذلك حني صلى وعليه أثر شعر من حلق رأسه، فية يف كما روي عنه أنه ترك القنوت يف صالة الصبح عندما صلى مع مجاعة من احلن•

.(1)ربما احندرنا إىل مذهب أيب حنيفة: قالو. مسجد اإلمام أيب حنيفةقراءا مذهبه أنالكية الذين ال يقرؤون البسملة وه كان يصلى خلف املثبت عنه أنو•

.(2)واجبةكذلك فعل فعي اعترب اخلالف وراعاه، واإلمام الشا النقول اليت تدل على أنغريها من و

.راعوا اخلالف كلما كان ذلك ممكنافقد ساروا على منهجه، و, به من بعدهأصحا

حكم مراعاة اخلالف عند الشافعية: أحيانا وبعضهم ذهب إىل سنتها و, ستحبةماة اخلالف عند الشافعية مندوبة ومراع

.أوىلو كلمة أفضل يستعملوناالستحباب لرعاية اخلالف ال أن" :على اية احملتاج (3)جاء يف حاشية الشرباملسي-

فقد .(4)"إن كان خالفا ألهل املذهبئمة األربعة بل سن اخلروج منه ويتوقف على كونه بني األ . السنيةمجع بني االستحباب و

اخلروج من اخلالف " :للسيوطي"النظائراألشباه و"قاعدة الثامنة عشر من جاء يف الو - .(5)" مستحب

.1/257إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، أليب العباس شهاب الدين القسطالين - (7) .19ص) م1962/هـ1382دار العلم، سنة : القاهرة( ما ال جيوز فيه اخلالف بني املسلمني لعبد اجلليل عيسى - (1)، وفتاوى ابن تيمية 64حة أصول مذهب أهل املدينة صص: وينظر. 71ما ال جيوز فيه اخلالف بني املسلمني ص - (2)2/172. حاشية على اية احملتاج يف : صنف كتبا منها . هو علي بن علي الشرباملسي أبو الضياء نور الدين ، فقيه شافعي مصري - (3)

ألعالم ا. هـ1087تويف سنة . احلرمني وغريهافقه الشافعية، وحاشية على شرح ابن قاسم على الورقات إلمام . 7/153، ومعجم املؤلفني لرضا كحالة 7/314للزركلي

1382 -مطبعة مصطفى احلليب ط: مصر( للرملي، مطبوع امش اية احملتاج اية احملتاج حاشية الشرباملسي على - (4) .1/189) م1967/

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 149 -

نظر يف متمسك كان جيوز خالف ما غلب على ظنه، و اتهد إذاو" :قال الزركشي - .(6)"خمالفة فرأى له موقعا فينبغي له أن يراعيه على وجه

ن لو أ، وهذه املراعاة تكون بإرشاد املفيت للمستفيت إىل استحباب اخلروج من اخلالفو ز إمكان اعتبار الشجوتهد ال يألحد اخلروج من اخلالفا رع مذهب املخالف ما استحب..

قل من ثالث احتياطا على أما أنا فأحب أن ال أقصر يف أو" ... :يقول اإلمام الشافعيو .(1)" ...إن ترك القصر مباح يلنفسي، ووأما . (2)ل باستحباب اخلروج من اخلالفلذا اعترب كثري من العلماء أن الشافعي ممن يقوو

اشتهر يف كالم كثري من األئمة : " كون اخلروج من اخلالف احتياطا أوىل وأفضل، فيقول السبكي .(3)"أن اخلروج من اخلالف أوىل وأفضل...- ويكاد حيسبه الفقيه جممعا عليه –

شروط مراعاة اخلالف عند الشافعية: هلذا اتفق القائلون ا منهم روج منه عند الشافعية،ليس كل خالف يعترب ويستحب اخل درك الرأي اآلخر بعض القوة هو أن يكون ملط أساسي لصحة اخلروج من اخلالف، وعلى شر

.حبيث ال يعد متهافتا شديد الضعفلكن الشرط األول هو , بعض الذاهبني إىل القاعدة من الشافعية أضافوا شروطا أخرىو

:وهلذا سأبدأ بذكره مل مبراعاة اخلالف،ا اشترطه املالكية يف العاألهم لتوافقه مع م

.دركقوة امل: األول الشرطهو أن اخلالف املعتد به و, ههنا أمر جيب التنبيه له"... :- األب-قال تقي الدين السبكي

ة ما باجلملو, نص فيها أو فيها نص غري صريحكاملسائل اليت ال , هو اخلالف يف مظان االجتهاد .(4)" يكون اخلالف فيه له وجه حمتمل

.152األشباه والنظائر ص- (5) . 8/310البحر احمليط ، و1/216د األحكام قواع: ، ويراجع2/128املنثور للزركشي - (6) . يف مثله الصالة بال خوفالذي تقصر السفر –صالة املسافر : ، باب1/211األم - (1) 311/.8، البحر احمليط 2/133املنثور للزركشي : وينظر. 4/219اموع للنووي - (2) .1/111األشباه - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 150 -

أن يقع هنا خالف يف والبد.فكرقد حيتاج إىل تأمل و..درك وضعفه مماة املقوو" :مث يقول ومثال ما تردد النظر يف قوته ..ناشئا عن املدرك قوي أو ضعيف) أي هذا اخلالف(االعتداد به

من مث اختلف أنه هل األفضل الفطر يصح، و إنه ال: داود قال الصوم يف السفر، فإن: وضعفه .(1)" ؟..مطلقا خروجا من خالفه

بن عبد كما يقول العز-، فمحلها(2)فهذا شرط يذكره كثري من القائلني بالقاعدة يف سائر اخلالف حبيث ال يبعد قول املخالف كل البعد، فهذا مما األدلة إذا تقارنت -(3)السالم

رع حيتاط لفعل الشصم، والف فيه حذرا من كون الصواب مع اخليستحب اخلروج من اخل . (4)املكروهاتوبات، كما حيتاط لترك احملرمات واملندو الواجباتوفرق بني الضعيف والضعيف - ومهما كان األمر، فإن املأخذ إذا كان واهيا وضعيفا جدا

. فال اعتداد به اتفاقا –جدا اهلفوات ى عن مأخذ الشرع كان معدودا من أون فعفإن ض: " قال ابن السبكي

ومن مث كان الصوم يف السفر أفضل ملن قوي عليه، . (5)، ال من اخلالفيات اتهداتوالسقطات ومل يبال بقول داود إنه ال يصح .

إن احملققني ال يقيمون خلالف أهل الظاهر : "إمام احلرمني يف هذه املسألة وقد قال .(6)"وزنا

.انتفاء حمذور شرعي: لشرط الثاينا

.45- 10/44تكملة اموع للسبكي - (4) .1/113األشباه - (1)، األشباه البن السبكي 42اإلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام للقرايف ص: هناك نصوص كثرية يف هذه املسألة منها - (2) 118.، الفتح املبني ص64، األشباه للسيوطي ص2/129، املنثور 8/311، البحر احمليط 1/112-113،394-395سم بن احلسن السلمي الدمشقي عز الدين، امللقب بسلطان العزيز بن عبد السالم بن أيب القاهو عبد :العز بن عبد السالم - (3)

.4/144، األعالم 5/301ذرات الذهب ش: ، وينظر8/209طبقات السبكي . هـ660العلماء، تويف سنة .)طبعة دار املعرفة.(1/276قواعد األحكام - (4) .1/112األشباه - (5) .1/122له يف األشباه و النظائر البن السبكي نق - (6)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 151 -

أن ال يؤدي اخلروج منه إىل حمذور " ج من اخلالف واشترط الشافعية الستحباب اخلر .(7)"شرعي من ترك سنة ثابتة، أو اقتحام أمر مكروه أو حنو ذلك

ال «: فصل الوتر أفضل من وصله؛ حلديث: " وقد ذكر ابن السبكي مثاال هلذا الشرط، قال .(2)..."، ومنع أبو حنيفة فصله(1)»... بثالث وال تشبهوا بصالة املغرب توتروا .(3)"الوصل يلزم منه ترك سنة ثابتة ألن" فهنا ال يستحب اخلروج من اخلالف؛ ما يراعي الشافعي اخلالف إذا مل يؤدي إىل إن: " قال وبيان هذا عند اخلطيب الشربيين،

: وقال القفال ،... منه؛ فإن الوصل فيما إذا أوتر بثالث مكروه حمظور شرعي أو مكروه، وهذا .(4)..."ال يصح وصله "

سن رفع اليدين يف الصالة، ومل يبال برأي من قال : " وذكر السيوطي مثاال آخر، قال من رواية مخسني –صلى اهللا عليه وسلم -ه ثابت عن النيببإبطاله الصالة من احلنفية؛ ألن

فاخلروج من خالف اجلماعة من األحناف يترتب عليه خمالفة سنة ثابتة عند القائل ،(5)"صحابيا .ا

: قاعدة للعبادة، فقالالوقد عد الزركشي من هذه احملاذير الشرعية تفويت العمل ب وكذلك أيضا يضعف اخلروج من اخلالف إذا أدى إىل املنع من العبادات لقول املخالف بالكراهة"

ها تكره أو املنع، كاملشهور من قول مالك إن العمرة ال تتكرر يف السنة، وقول أيب حنيفة من أنفال ينبغي للشافعي . ، ورمبا قالوا إا حترم-وليس التمتع مشروعا له –للمقيم مبكة يف أشهر احلج

. (6)"املفضلة العتمار، وهو من القرباتمراعاة ذلك؛ لضعف مأخذ القولني، وملا يفوته من كثرة اه مينع من رد أن" اخلروج من اخلالف"ه ال ينبغي رد أن -واهللا أعلم - والذي يظهر يل

نا ال نرجح املشروعية إذا وقع اخلالف بني مشروعية العمل أو عدم مشروعيته، فإن :فمثال. بادة ماع

مي ، فتح املبني البن حجر اهليت94ي صاألشباه للسيوط: نصوصا أخرى لبعض الفقهاء الشافعية ر، وينظ1/112األشباه - (7) . 1/300وقد أطلق العيين حكاية هذا الشرط عن الشافعية يف عمدة القاري .118ص

.3/41نيل األوطار للشوكاين : ، وينظر2/26 )2: رقم( كلهم ثقات : عن أيب هريرة وقالأخرجه الدراقطين بإسناده - (1) .1/112األشباه - (2) .نفسه - (3) .1/452مغين احملتاج للشربيين - (4)

.94األشباه للسيوطي ص - (5) .133-2/132املنثور - (6)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 152 -

رد أنألنة إال بدليل، وبادات احلرماألصل يف الع ه هو املذهب الذي يقتضي زيادة التعبد؛ ألن ولو كان جمرد زيادة .. هذا العمل بدعة، واالبتداع شأن خطري الذي ينكر املشروعية يدعي أن

عبادة أمرا مرجحا لكان الصواب مع الذي قال باستحباب صالة التسبيح، وصوم يوم النصف من له أو -دليل املخالف، إن كان قوياعلى –يف احلقيقة -فلهذا كان االعتماد.. شعبان وقيام ليلته

.أعلميندب ، واهللا تعاىل أعلى و إال ملندب اخلروج منه، و -بعض قوة، - أقصد انتفاء احملذور الشرعي- ا يصلح أن يكون قيدا هلذا الشرطلكن ذكر ابن السبكي م

ي اخلروج نا قد نكتفي بأدىن درجات القوة يف مأخذ املخالف، وذلك حني ال يؤدأن: وخالصته أن يكون مدرك املخالف قويا جدا، وأن -أحيانا -من اخلالف إىل حمذور شرعي، لكن حيدث

يكون اعتباره يؤدي إىل حمذور شرعي، فهنا نعترب هذا اخلالف، وال نعترب جانب احملذور الذي .(1)ضعف بسبب قوة هذا اخلالف

ام أفضل له من القصر اإلمت ر، فإنولنمثل له مبن يدمي السف: " قال ابن السبكي: مثاله - ه ال جيوز له القصر يف هذه احلالة، وإن تضمن هذا القول ترك سنة ل بعض العلماء إنمراعاة لقوبل يف هذه الصورة النادرة اليت لعل سنة القصر مل . ه مل يؤد إىل تركها مطلقاأن القصر، إال

رط اخلروج من اخلالف القوة وعدم التأدية إىل نا شوهذا الكالم يف احلقيقة عائد بقول. تشملها ناه اآلناحملذور، فيقال إنشترطان على الوجه الذي بي(2)"ما ت.

: الشرط الثالث

يف ) أي اخلالف(أال يوقع مراعاته " يشترط أن يكون اجلمع بني املذاهب ممكنا، وذلك بـ من العلماء ف أيب حنيفة، ألنخالف آخر، ومن مث فصل الوتر أفضل من وصله، ومل يراع خال

. (3)"من ال جييز الوصل رقوع يف خالف آخاخلروج من اخلالف إذا كان يترتب عليه الو وحاصل هذا الشرط أن

.ه ال يستحبفإن -غري هذا الذي خرج عنه-

.1/117األشباه البن السبكي - (1)

.نفسه - (2) .94للسيوطي ص األشباه - (3)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 153 -

ه حني يكون يف املسألة رأيان خمتلفان لرأي الذي يود أن - واهللا تعاىل أعلم - والذي يظهر اعتبار هر أنايا واآلخر ضعيفا فالظيف دليلهما، فإن كان أحدمها قوه ينظر روج من اخلالف، فإناخل

رد األول مستحب، ولو أوقع ذلك يف خمالفة الثاين ألن ه ضعيف املأخذ، فال نلغي العمل بالقاعدة .وجود أكثر من خالف يف مسألة

هو حني تتساوى -الزركشي والسيوطي الذي ذكره -حمل هذا الشرط ومما يظهر أيضا أن الواجب على املرء اتباع ما يعتقده من األصل أن: قوة الدليلني عند الناظر، فهنا يصح أن يقال

االجتهاد مىت كان راجحا عنده؛ فمهما اشتبهت علينا أدلة املخالفني لنا أو تعادلت، ومل نعرف .األصل وهو التزام املعتقدأيها أقوى لنعتربها للخروج من اخلالف، رجعنا إىل

األصل أيضا يؤخذ على الشافعية أم فرعوا ملراعاة اخلالف دون تأصيل هلا، مع أنو .عندهم التأصيل أوال مث التفريع ثانيا

:أمثلة للفروع الفقهية اليت راعى الشافعية فيها اخلالف

حكى صاحب :"الق ذكر النووي يف جمموعه بعض النماذج على رعي اخلالف احتياطا، .1ه كان أن عن أيب العباس ابن سريج،) القفال الشاشي( واملستظهري ) املاوردي( احلاوي

، -كما قال آخرون-، وميسحهما مع الرأس-قال الزهري كما- يغسل أذناه ثالثا مع الوجهومل يكن ابن : " قال صاحب احلاوي. -كما قال الشافعي-على االنفراد ثالثا أذنيه وميسح :صالحالقال الشيخ أبو عمرو بن . "با بل احتياطا ليخرج من اخلالف فعل ذلك واجسريج ي

قال "اجلمع بني اجلميع مل يقل به أحد ه؛ فإنمن اخلالف بل زاد في مل خيرج ابن سريج ذا"ابن سريج ال يوجب ذلك، بل يفعله استحبابا وهذا االعتراض مردود؛ ألن :اإلمام النووي

ري ممنوع باإلمجاع بل حمبوب، وكم من موضع مثل هذا اتفقوا على كما سبق وذلك غاستحبابه للخروج من اخلالف، وإن كان ال حيصل ذلك إال بفعل أشياء ال يقول بإجياا كلها

يستحب غسل الرتعتني مع : قالوا - رمحهم اهللا - األصحابالشافعي و وقدمنا قريبا أن. أحداستيعابه باملسح مأمور به باإلمجاع، و -إذ مها من الرأس - يعند الشافعالوجه، ومها مما ميسح

مل يقل أحد بوجوب مها من الوجه و: من خالف من قال ما استحبوا غسلهما للخروجوإن

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 154 -

األصحاب، ونظائر ذلك كثرية مشهورة، حهما، ومع هذا استحبه الشافعي وغسلهما ومس .(1)" -رمحه اهللا - فالصواب فعل ابن سريج

أما أنا فأحب أن ال أقصر : " قوله - رضي اهللا عنه -ى الزركشي عن الشافعيبعد أن حك .2وقد أورد عليه أن من العلماء من شرط :" قال - (1)"يف ثالثة أيام احتياطا على نفسي

: واجلواب . -أي اخلالف –للقصر أكثر من ثالثة أيام ولياليهن فكان ينبغي اعتباره . (2)) "أي األيام الثالثة( ليلها ضعف دليل الزيادة عليها، وقوة د

مل يراع قول من شرط ثالثة أيام، -(3)مسرية يومني هو الذي جوز القصرو -فالشافعي هناوعلل ذلك الزركشي بقوة مدرك األول . فهو قد اعترب القول األول ومل يلتفت إىل الثاين

.وضعف اآلخرومع عدم عند الشافعية ليس بواجب، ، و(4)الترتيب بني الفوائت واجب عند املالكية .3

ة الترتيب املذكور مراعاة خلالف املالكية القائلني الوجوب عندهم فإنهم قالوا بسني . (5)بالوجوب

، بينما هو (6)القضاء واجب عند احلنفية على من دخل يف تطوع صالة أو صيام مث قطعهما .4ه ال قضاء على القاطع لصالة أن، إذ يقولون ب (8)واحلنابلة (7)غري واجب عند الشافعية

(9)ه قد جاء عند الشافعية استحباب القضاء مراعاة للخالفالتطوع أو صيامه إال أن .

بني ابن الصالح -يف هذه املسألة –الظاهر وجود خالف يف اخلروج من اخلالف . 447-1/446اموع للنووي - (1)مادمنا يف موضوع مراعاة اخلالف أو اخلروج -بالنسبة إىل الفقيه أوا ملقلد الشافعي، وحىت خارج املذهب الشافعيالنووي، وو

ح قول النووي على قول ابن الصالح، إذ من املعروف أن النووي هو حمقق املذهب الشافعي، وهو الذي ميكن له أن يرج -منه .نقحه وحرره ورجح بني وجوهه ورواياته؛ هلذا كان ترجيح النووي معتمدا يف املذهب، واهللا أعلم باحلق من ذلك

.املسافر باب صالة -1/211ونص كالم الشافعي بكتاب األم . 2/133املنثور - (1) .2/134املنثور - (2) .112-4/210اموع : ينظر مذهب الشافعي وغريه من العلماء يف - (3)

.1/265الشرح الكبري مع حاشية الدسوقي - (4) .1/283اية احملتاج لشمس الدين الرملي - (5) .2/85. طبوع مع شرحه فتح القديراهلداية شرح بداية املبتدي لعلي بن أيب بكر املرغيناين احلنفي، م - (6) .2/351-352اية احملتاج - (7) . 1/461) م1947-هـ 1366مطبعة أنصار السنة احملمدية ط، : مصر(شرح منتهى اإلرادات للبهويت - (8) .2/351-352اية احملتاج للرملي - (9)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 155 -

5. د النظر؛ ألنا ولو مبجر ه مباح بالنكاح املطلقة طالقا رجعيا عند الشافعية حيرم االستمتاع .(10)فيحرم بالطالق، والرجعة ال تصح عندهم إال بالقول

. (11)املالكية يباح الوطء إذا كان ناويا به الرجعة إذ تصح إذا نواها بذلكعند و

.(1)"فإن وطئ فال حد : " فراعى الشافعية قول املالكية يف درء احلد، وقال النووي .جياب احلد على شارب النبيذ وهو خمتلف فيه .6

حلد على شرب النبيذ وهو ا بيف رده على من اعترض على إجيا –رمحه اهللا - (2)يقول الرافعيأدلة حترمي : " ولامرأة يف النكاح بال ويل لشبهة اخلالف، يق ىءخمتلف فيه وعدم إجيابه على من وط

، فيحتاج إىل الزجر، وهلذا نوجبه على من يعتقد إباحته النبيذ أظهر، وأيضا فإن الطبع يدعو إليه . (3)"أيضا، وهنا خبالفه

.مرأة يف النكاح بال ويل ال حيد لشبهة اخلالف أو مراعاة لهمن وطئ ا يفهم من كالمه أنوى شرب حيد احلنفي عل:" فائدة بقولهالسالم هذا املثال أكثر توضيحا ويزيد العز بن عبد و

هال حددمت احلنفي : ه ليس بعاص دفعا ملفسدة شرب املسكر، فإن قيلأنالنبيذ مع اجلزم بعدالته ويف صحته كما حددمت احلنفي بشرب النبيذ املختلف يف حل شربه ؟ بالوطء يف النكاح املختلف

فإنه يوجب املهر ويلحق قلنا الفرق بينهما أن مفسدة الزنا ال تتحقق يف النكاح املختلف فيه، وال عدة ، ال يوجب مهرا ه يقطع األنساب وخبالف الزنا فإنحرمة املصاهرة تيثبالنسب و

(4)". ها يف شرب اخلمر من غري فرقواملفسدة يف شرب النبيذ مثل

.3/336مغين احملتاج للخطيب الشربيين - (10)(11) - 417-1/416، حاشية الدسوقي 2/152تهد بداية ا. .، مع شرح اية احملتاج للرملي2/152املنهاج للنووي - (1)

الشرح : هو عبد الكرمي بن حممد بن عبد الكرمي الرافعي الشافعي، أبو القاسم صاحب املصنفات الكثرية منها: الرافعي - (2) . 4/55، األعالم 7/189شذرات الذهب : ترمجته يف . هـ 623تويف سنة . الكبري، أو فتح العزيز شرح الوجيز

مطبوع امش اموع للنووي، طبعة (فتح العزيز شرح الوجيز للغزايل أيب حامد و شرحه يسمى بالشرح الكبري للرافعي - (3) .7/533 )دار الفكر

).طبعة دار الكتب العلمية(، 1/83: قواعد األحكام - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 156 -

قطعا ، األصل من تصرفام البطالن لعدم الوالية تنفيذ تصرفات البغاة وأئمة اجلور، مع أن. 7ب احلكم بالبطالن ذلك وجعن ووعه وأو ظنا، وهذا حكم بترتب اآلثار على التصرف بعد وق

.(5)لراجحةذلك ملا يف عدم إمضاء هذه التصرفات من املفاسد اابتداء؛ وولو :"فيه يقول العز بن عبد السالمو. القضاء من غري اإلمام الشرعي نفوذ قضاء من توىل . 8

استوىل الكفار على إقليم عظيم فولو القضاء ملن يقوم مبصاحل املسلمني العامة، فالذي يظهر إنفاذ لفقيه حيكم بنفاذ القضاءفهنا جند ا. (1)"دفعا للمفاسد الشاملة ذلك كله جلبا للمصاحل العامة و

.، مع حكمه ببطالن تولية الكفار القضاء ملسلم ابتداء - بعد وقوعه -كان األصل أال تترتب عليه ف، والفعل أو العمل خمال جند أن )8، 7(يف هذين الفرعني و

ض هذه اآلثار نظرا إىللكن ملا كان يف عدم ترتب هذه اآلثار ضرر أشد، قيل بترتب بعثاره، وآا يقول العز بن عبد يف هذو -يف مبدأ األخذ مبراعاة اخلالفهو نفس نظرة املالكية و - الواقع

املوافق للحق مع عدم –أي الوالة الفسقة -الذي أراه يف ذلك أننا نصحح تصرفهمو: " السالم رة ن ما ثبت للضروواليتهم لضرورة الرعية كما نصحح تصرفات إمام البغاة مع عدم إمامته، أل

الضرورة يف خصوص تصرفاته فال حنكم بصحة الوالية فيما عدا ذلك خبالف اإلمام يقدر بقدرها وقد ، وغريها من الفروع الفقهية، و(2)"واليته قائمة يف كل ما هو مفوض إىل األئمة العادل، فإن

.ذكر اإلمام السيوطي مثانية عشر فرعا لقاعدة استحباب اخلروج من اخلالفغسل املين باملاء، والرأس باملسح، باستيعامنها استحباب الدلك يف الطهارة وف: " فقال

لقصر يف سفر يبلغ او ،عكسهخلف القضاء و -وترك صالة األداء والترتيب يف قضاء الصلوات،ومكاتبة ترك اجلمع،مالح الذي يسافر بأهله وأوالده وتركه فيما دون ذلك، للثالثة مراحل، و

قطع املتيمم ها مع الساتر، واجتناب استقبال القبلة واستدباروب، ونية اإلمامة، والعبد القوي املكس .الصالة إذا رأى املاء خروجا من خالف من أوجب اجلميع

.)طبعة دار الكتب العلمية (بتصرف 1/57ام قواعد األحك - (5) .1/61. )طبعة دار الكتب العلمية (قواعد األحكام - (1) .1/74: نفسه - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 157 -

كراهة صالة حمللل خروجا من خالف من حرمه، ونكاح اكراهة احليل يف باب الربا، ووقة اإلمام بال عذر، واإلقتداء مفاركذا كراهة الصف خروجا من خالف من أبطلها، واملنفرد خلف

.(3)"خالل الصالة، خروجا من خالف من مل جيز ذلك به مراعاة اخلالف عند احلنابلة: النقطة الثالثة .

عند مواطن األحكام من باب األخذ باألحوط عللوا به بعضراعى احلنابلة اخلالف ورمحه –، فقد نص اإلمام أمحد - ه اهللا رمح –اخلالف متبعني يف ذلك إمام مذهبهم أمحد بن حنبل

قال " .ا إذا كان باملدينة رجيه: "فقال . لة عند املعارض الراجحه جيهر بالبسمعلى أن –اهللا قراءا أنه يقرأ ا، وجهر ا ليعلم أنفي. أهلها إذ ذاك كانوا جيهرون ألن: – يب يعلىأ–القاضي

االتفاق إذا حصل الطعن ، فإن، وذا يزول الشك و- ته مراعا –سنة، فهذا أصل عظيم ينبغي لم أنه داخل يف املشروع، فالتنازع يف الرجحان ال يضر، كالتنازع يف على جواز اجلميل وإجرائه ع

. (1)بعض القراءات وبعض العباداتلفصد، إذا كان اإلمام ال يتوضأ من احلجامة أو ا:" -رمحه اهللا–روي أنه قيل لإلمام أمحد فقد

".هل يصلى خلفه؟. (2)"ب ومالك رضي اهللا عنهماسبحان اهللا، كيف ال يصلى خلف سعيد بن املسي:"فقال

وهذا دليل على اعتبار إمام املذهب للخالف ،من احلجامة والفصده كان يرى الوضوء مع أن. ا مل تتبين االحتياط إذ إن:" ويقول ابن القيم يف معرض حديثه عن فسخ احلج بالعمرة

تركها ألجل االختالف السنة، فإذا ثبت فاالحتياط هو اتباعها وترك ما خالفها، فإن كانحتياط للخروج من خالف ا: االحتياط نوعاناحتياطا، فترك خمالفها وإتباعها أحوط وأحوط، و

و ما 1/72: قواعد األحكام للعز بن عبد السالم: ، وأمثلة أخرى يف 151/152ص : األشباه و النظائر للسيوطي - (3)

.بعدها .1/124:البن تيميةجمموعة الرسائل املنربية - (1) . 100- 99:ما ال جيوز فيه اخلالف بني املسلمني لعبد اجلليل عيسى ص: ،وينظر 1/22: مقدمة املغين البن قدامة - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 158 -

: يقول مث..." دمها على اآلخر ال خيفى رجحان أحالعلماء، واحتياط للخروج من خالف السنة، و . (3)باخلروج من اخلالف تعني االحتياط باخلروج من خالف السنةفإذا تعذر االحتياط " :(5)»دع ما يريبك إىل ماال يريبك «:عند كالمه عن حديث (4)ويقول ابن رجب احلنبلي .(1)"ه أبعد عن الشبهةقد يستدل ذا على أن اخلروج من خالف العلماء أفضل؛ ألنو"

أي – هكثريا، وذلك حني يريد دعم مذهب" اخلروج من اخلالف"ن قدامة على قاعدة ويعتمد ابفيذكر القاعدة ضمن .. أو رأيه الشخصي، أو حني يريد التنبيه على طريق االحتياط –حلنبلي ا

.(2)املرجحات اليت يسردها

حكم اخلروج من اخلالف عند احلنابلة: ه أخذ عند احلنابلة؛ ألنسائغ جائز و –بتداء أو مراعاة اخلالف ا –اخلروج من اخلالف

.هو مطلوب شرعاو طباألحوباحلزم وكل من هذه املذاهب، إذا أخذ به آخذ ساغ له ذلك، فإن خرج من : "جاء يف املسودة

... .اخلالف فأخذ باألحوط، كتحريه مسح مجيع رأسه

: بريوت (عبد القادر األرنؤوط حتقيق و تعليق شعيب األرنؤوط، و قيم اجلوزية،البن زاد املعاد يف هدي خري العباد - (3)

.112/113/ 2ج )مؤسسة الرسالةهو اإلمام احلافظ الفقيه عبد الرمحن بن أمحد بن رجب بن احلسن بن حممد بن أيب الربكات مسعود : ابن رجب احلنبلي - (4)

شرح "، و"جامع العلوم و احلكم : " له مصنفات كثرية منها . السالمة البغدادي مث الدمشقي، شيخ احلنابلة يف عصره 340-6/339: هـ ، شذرات البن الذهب البن العماد احلنبلي 795تويف سنة "... حلنابلة طبقات ا" و " األربعني النووية

، األعالم )79، 1/59(، كشف الظنون حلاجي خليفة )2/448(و ينظر الدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة البن حجر .4/67: للزركلي

يف صفة القيامة الترمذيو 4/7 )5727(على ترك الشبهات احلث : يف كتاب األشربة باباحلديث أخرجه النسائي - (5)احلاكم يف املستدر حديث حسن صحيح، و: وقال 4/382 )2518(ما جاء يف صفة أواين احلوض : والرقائق والورع باب

.مل خيرجاهصحيح اإلسناد و: ، وقال 2/13ع ج ، و يف كتاب البيو4/99وصححه يف كتاب األحكام ج بريوت (احلكم يف شرح مخسني حديث من جوامع الكلم، البن رجب احلنبلي، تقدمي حسن أمحد إسرب و جامع العلوم - (1)

.137 ص )م2003هـ، 1423 2دار ابن حزم،ط .421-420، 310 -3/308، 2/3، 695-694، 1/409املغين : يراجع يف ذلك - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 159 -

العمل مبا قاله منهم و ى ما عليه أكثرإذا قصد يف مواطن اخلالف توخ:" فيها أيضا و(3)"األحوطه قد أخذ باحلزم واجلمهور دون الواحد منهم فإن.

األفضل أن تقارن النية يف التكبري لإلحرام لتقارن :" ...وجاء يف شرح منتهى اإلرادات .(4)"خروجا من اخلالف عبادة، وال

قول بأفضلية يف". دع ما يريبك إىل ماال يريبك"أما ابن رجب عند كالمه عن حديث و .أقر ذلك بعد ضبطه للخالف الذي يعترب شبهةاخلروج من اخلالف، و

ه اخلروج من اختالف العلماء أفضل؛ ألن على أن -أي احلديث -يستدل ذاو:"فيقول هذا ليس هو على غريهم على أنمن العلماء من أصحابنا و نيقاحملقلكن هة، وأبعد عن الشب

ا رخصة ليس هل -صلى اهللا عليه وسلم –الختالف ما ثبت فيه عن النيب من مسائل ا إطالقه، فإنا، وباع معارض، فاتمل تكن تلك الرخصة بلغت بعض العلماء إن تلك الرخصة أوىل من اجتنا

صلى اهللا –ه صح عن النيب فإن. شك يف احلدثفامتنع منها لذلك، وهذا كمن تيقن الطهارة وال سيما إن كان شكه و. (1)»صرف حىت يسمع صوتا أو جيد رحيا ال ين« :ه قالأن -سلمعليه و

(2)..."ه ال جيوز له قطعها لصحة النهي عنهيف الصالة، فإن. .التفريع للقاعدة دون التأصيل هلا -أي احلنابلة –كما يؤخذ عليهم

أمثلة للفروع الفقهية اليت راعى فيها احلنابلة اخلالف:

رون حد من شرب ما يسكر كثريه، وإن حترمي قليل ما أسكر كثريه يأكثر العلماء الذين يرون .1ال حيد لتأوله، فهو : ه قال أمحد خالفا أليب ثور، فإناعتقد حله متأوال، وهو قول الشافعي و

ه ال حيد، وقد فرق يف حد الناكح بال ويل خالف أيضا، لكن الصحيح أنكالنكاح بال ويل، وشرب النبيذ املختلف فيه داع إىل شرب اخلمر امع ال بأنلنبيذ متأوبني شرب امن فرق بينه و

.540عبد احلميد، مطبعة املدين بالقاهرة صاملسودة يف أصول الفقه آلل تيمية، حتقيق حممد حمي الدين - (3)

ة أنصار السنة احملمدية مطبع: مصر (للشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهويت : شرح منتهى اإلرادات - (4) .1/166 )م 1947-هـ 1366/ ط

مسلم ، و1/299 )137(ستيقن الشك حىت ي ال يتوضأ من من: بابالوضوء : أخرجه البخاري يف كتاب : احلديث - (1) .3/161 )361(باب الدليل على أن من تيقن الطهارة مث شك يف احلدث فله أن يصلى بطهارته تلك : يف كتاب احليض

.137جامع العلوم و احلكم البن رجب احلنبلي ص - (2)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 160 -

مععلى حترميه خبالف النكاح بغري ويل؛ فإنموجب لالستعفاف على حترميه و ه مغن عن الزنا ا .عنه

تأويله ضعيف ال يدرأ احلد عنه، ما حد شارب النبيذ مأوال؛ ألنه إنعن أمحد أن (3)املنصوصوحيد من شرب النبيذ متأوال، ولو رفع إىل اإلمام من طلق البتة، مث راجعها : ن قال يف رواية األثرمفإ

أي -هذا غري ذاك: متأوال أن طالق البتة واحدة، واإلمام يرى أا ثالث ال يفرق بينها، وقال، ونزل حترمي -لمصلى اهللا عليه وس –، أمره بين يف كتاب اهللا عز وجل، وسنة نبيه -شرب النبيذ

فهذا بين، . (4)»كل مسكر مخر« : - صلى اهللا عليه وسلم - اخلمر وشرام الفضيخ، وقال النيب .(5)"وطالق البتة إمنا هو شيء اختلف الناس فيه

ه فرق بني حد شارب النبيذ الحظ اخلالف واعتربه، كما أن -رمحه اهللا - فاإلمام أمحد لوطء يف النكاح املختلف يف صحته، فاملفسدة يف شرب النبيذ مثلها املختلف يف حل شربه وبني ا

ه مغن عن يف شرب اخلمر من غري فرق، بينما مفسدة الزنا ال تتحقق يف النكاح املختلف فيه، فألنمع على حترميه وموجب لالستعفاف عنه، فإنلحق النسب ويثبت ه يوجب املهر والزنا اة ويالعد

.ه يقطع األنساب وال يوجب مهرا وال عدة خبالف الزنا فإنحرمة املصاهرة، جيب القصاص ممن أمسك شخصا آلخر ليقتله فقتله؛ وذلك القصاص من : قال املالكية . 2

.(1)املمسك لكونه تسبب يف القتل، ومن القاتل أيضا ملباشرته القتلى قتله اآلخر فإن القصاص واجب من أمسك إنسانا آلخر ليقتله وظل ممسكا به حت: وقال احلنابلة

.من القاتل بالفعل لكونه قتل عمدا بغري حق من يكافئه

املدخل يف مذهب اإلمام أمحد، لعبد . نسبته لإلمام أمحد: املنصوص أو النص يف مصطلح أصحاب اإلمام أمحد، معناه - (3)

البحث الفقهي مع املصطلحات : و ينظر . 204القادر بن أمحد املعروف بابن بدران، طبعة دار اإلحياء التراث العريب ص ص )م 1992/هـ 1412-1نشر مكتبة الزهراء، ط: القاهرة (إمساعيل سامل عبد العال . الفقهية يف املذاهب األربعة للد

241. بيان أن كل : ، ومسلم كتاب األشربة باب10/50 )5585(اخلمر والعسل : كتاب األشربة بابأخرجه البخاري - (4)

.7/92 )2003(مسكر مخر وأن كل مخر حرام .516جامع العلوم واحلكم البن رجب احلنبلي ص - (5)

، الكايف البن عبد الرب 3/1310لوهاب املعونة للقاضي عبد ا: ، وينظر4/918شرح اخلرشي مع حاشية العدوي - (1) .589ص

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 161 -

قتل ويل القتيل املمسك ه حيبس إىل املوت وال مينع من الطعام والشراب، وإنوأما املمسك فإن .(2)كان على الويل القصاص

ن الويل املذكور مراعاة ولكن احلنابلة انتقلوا من قوهلم هذا إىل القول بانتقال القصاص علقول املالكية القائلني بوجوب قتل املمسك مع املباشر، وذلك لوجود املسوغ هلذا االنتقال وهو

.(3)التيسري على الويل بعدم القصاص منه لوجود الشبهة الدافعة له .(4)على اجلبهة واألنف املكشوفني عند الظاهرية السجود ال جيزئ إال .3

مباشرة املصلي من أرض أو حصري أو حنومها بشيء من أعضاء السجود غري واجبة وعند احلنابلة . فالصالة بدون مباشرة صحيحة

إذا ترك املصلي مباشرة املصلى : ولكن احلنابلة الحظوا اخلالف فاعتربوه واعتدوا به وقالوا ملباشرة ذه باليدين واألنف واجلبهة بال عذر فهو مكروه مراعاة خلالف القائلني بلزوم ا

.(5)األعضاءيسن القضاء عند احلنابلة ملن دخل يف صالة تطوع أو صيام مث قطعهما مراعاة ملا ذهب إليه .4

وغريها من الفروع . (1)احلنفية من وجوب القضاء، واألصل أن القضاء غري واجب عند احلنابلة : اه املغين ، أذكر منهالفقهية، وقد ذكر ابن قدامة مجلة منها يف مواضع متفرقة من كتاب

الناس اختلفوا يف املستحب لإلمام إذا مرض وعجز عن القيام أن يستخلف أحدا؛ ألن - .(2)صحة إمامته، فيستخلف ليخرج من اخلالف

.(3)يستحب إقامة صالة اجلمعة بعد الزوال للخروج من خالف من أبطاهلا قبله - الظاهرية الذين فر للخروج من خالف بعض الصحابة و الساملستحب عند احلنابلة الفطر يف -

.(4)صوم املسافر اأبطلو

.276-3/275شرح منتهى اإلرادات للبهويت - (2) .نفسه - (3) .3/255احمللى البن حزم الظاهري - (4) .1/187شرح منتهى اإلرادات للبهويت - (5) .نفسه - (1) .2/48.املغين - (2) .2/144نفسه - (3) .91-3/90نفسه - (4)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 162 -

.(5)ان متتابعا للخروج من خالف من أوجب ذلكضيستحب قضاء شهر رم - التطوع مبجرد من العلماء من اعترب أن يستحب قضاء كل تطوع قطعه املتطوع، ألن -

يف املثال يت، كما ذكره البهو(6)نه لزمه قضاؤهلو خرج مالشروع فيه ينقلب أداؤه واجبا، و .السابق؛ ليخرج من خالف من ةيستحب صرف الزكاة إىل كل من وجد من األصناف الثماني -

.(7)مل جيز صرفها إىل صنف واحد

موقف الظاهرية من مراعاة اخلالف: النقطة الرابعة. ه الف هو رد القاعدة كلية؛ ألنالذي استطعت معرفته من موقف الظاهرية من مراعاة اخل

ال يأخذون إال بظواهر الظاهرية يسدون هذا الباب، وو باب من أبواب االجتهاد يف الرأي، . -وإن كان غري صريح –و هذا ظاهر قول ابن حزم . النصوص

.هذا مما يسع فيه االختالف: قال ابن حزم وال جيوز ملا نذكر بعد يسع البتة،هذا باطل واالختالف الو: " أي ابن حزم –قال أبو حممد

ما اىل الذي شرع لنا دين اإلسالم، وما الفرض علينا اتباع ما جاء به القرآن عن اهللا تعإنهذا، والذي أمره اهللا تعاىل ببيان الدين قال –على آله وسلم صلى اهللا عليه و –صح عن رسول اهللا

﴿ :تعاىل

﴾ ]ال مزيدو ]44: النحل.

﴿ :قال تعاىلو

﴾ ] 03: املائدة[.

عليه أهل األرض، وال فما صح عمجة أن تيف النصني أو أحدمها فهو احلق، وال يزيده قو .االختالف ال جيب أن يراعى أصال يوهنه ترك من تركه، فصح أن

.3/92 املغين- (5) .3/93املغين - (6) .529-2/528نفسه - (7)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 163 -

–صلى اهللا عليه وسلم –، واحتجوا مبا روي عن النيب "االختالف رمحة:" قد غلط قوم فقالوا و . (1)»م اقتديتم اهتديتمأصحايب كالنجوم بأيه«

ه لو كان االختالف رمحة لكان االتفاق وهذا من أفسد قول يكون؛ ألن: قال أبو حممد أما اختالف، وليس إال رمحة أو سخط، وه ليس إال اتفاق أو هذا ما ال يقوله مسلم؛ ألن. سخطا

ه مل يصح من أن: دها أح: احلديث املذكور باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضروريةأبا بكر السالم قد أخرب أنا ى عنه وهو عليه الصالة وه مل جيز أن يأمر مبوالثاين أن. طريق النقل

يل كذب أسيد بن حضري يف تأويف تأويل تأوله يف اهلجرة، وقد أخطأ يف تفسري فسره، فكذب عمر .(2)هو يقاتلتأوله يف من رجع عليه سيفه و

أبواب كل باب من بنصه، وهو يبني مقدار تشدده يف رد - رمحه اهللا -ن حزمهذا كالم اب .املعاين اليت يقصدها النص واهر األلفاظ فقط دون االجتاه إىلأخذه بظاالجتهاد بالرأي، و

وإنكار ابن حزم ألصل رعي اخلالف هو نتيجة إبطاله جلميع أبواب االجتهاد بالرأي ... .الذرائعصاحل املرسلة وتحسان واألخذ باملكالقياس واالس

: وجوابهه حجة املعول عليه هو اخلالف يف ذاته، أو أن مل يقل أحد من احملتجني مبراعاة اخلالف أن

ى ورمحة، فعني اخلالف ال ينتصب شبهة، وال يراعى، وإنما املراعى هو الدليل الذي ترجح وتقو .، ال صورة اخلالف بالقرائن احمليطة به بالشروط اليت ذكرت سابقا

... .لو كان االختالف رمحة لكان االتفاق سخطا:" أما عن قولهوإن كان ليس ردا على ابن -ما ذكره اإلمام النووي يف شرحه على صحيح مسلم: فجوابه

وقوهلم لو . (1)"اختالف أميت رمحة" ما ردا على من اعترض على حديثوإن -يف املسألة -حزمواجلواب عن هذا : لكان االتفاق عذابا، كما هو حال قول ابن حزم فقالكان االختالف رمحة

.سبق خترجيه - (1) 1-طبعة دار احلديث، ط:القاهرة ( بن حزم األندلسي، بتحقيق جلنة من العلماء اإلحكام يف أصول األحكام ال - (2)

. 4، الباب اخلامس و العشرون يف ذم االختالف ج )م1984/ هـ 1404 .تقدم خترجيه - (1)

ثاني المبحث ال ھب األصولیین في حجیة مراعاة الخالفامذ

- 164 -

هذا ويذكره ه ال يلزم من كون الشيء رمحة أن يكون ضده عذابا، وال يلتزم االعتراض الفاسد أن ﴿ :وقد قال اهللا تعاىلإال جاهل أو متجاهل،

﴾]ظاهر الشك فسمى الليل رمحة ومل يلزم من ذالك أن يكون النهار عذابا وهو ،]73:القصص .(2)فيه

.92-11/91ج: صحيح مسلم بشرح النووي - (2)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ اإلسالمي

وعمل المجتھد و المفتي

:وفيه متهيد ومبحثان

»«

.

:يد ومبحثانهوفيه مت

»«

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 166 -

لقد انبىن على اعتبار قاعدة مراعاة اخلالف شرعا كثري من الفروع يف أبواب الفقه . اإلسالمي املختلفة

فصل أهم الفروع الفقهية واليت متثل مناذج تطبيقية ملراعاة اخلالف لوسأذكر يف هذا ا بق وأن بينا أنه عبارة عن إعادة نظر من اتهد يف احلكممبدلوهلا اخلاص عند املالكية، الذي س

ثار آملا يترتب على وقوع الفعل من -بعد وقوع الفعل من املكلف على مقتضى قول املخالف -وإشكاالت تستدعي نظرا جديدا يأخذ بعني االعتبار قول املخالف ودليله، فيبىن األمر الواقع على

ه ملا واقع الفعل على مقتضاه، أن ان مرجوحا يف أصل نظره، إالمقتضاه أو بعض مقتضاه، إن ك . ثار الفعل وما يترتب عليه، فتجدد االجتهاد بنظر جديد وأدلة أخرىآروعي جانب

راعاة اخلالف يف كل مسألة والدليل املراعى مبوسأحرص أيضا على ذكر دليل الذين قالوا .ما يراعون الدليل وقوتهصورة اخلالف وإنني ا ال يراعون ئلللتأكيد على أن القا

األمثلة جارية على معناها اخلاص عند املالكية، الذي أن تكون تحري يفالومما سيالحظ اخلروج من اخلالف على سبيل التبع؛ ألن نفا، ومل أتعرض ألمثلة اخلروج من اخلالف إالآبيناه

ما هو مسلك احتياطي عند مجيع ، وإنليس للمالكية فيه مزيد اختصاص اكما سبق وأن بين ىعبد الرب من املالكية، ومن نف كابناملذاهب هذا إذا مل نعترب خمالفة بعض من استشكل القاعدة

وقد سبق بيان الفرق بينه وبني مراعاة اخلالف عند –القاعدة كلية كابن حزم يف ظاهر قوله .املالكية

هو قسم اإلسالمي وا حمددا من فقهنا الثري تشمل جزءوقد ارتأيت أن تكون هذه الفروع . - " منوذجا " باب النكاح –األحوال الشخصية

.من اتهد واملفيت يف عمل كل" مراعاة اخلالف "وأثني بذكر أثر أصل

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 167 -

ع بتوسمراعاة اخلالف -على اخلصوص -هم القضايا اليت استعمل فيها الفقه املالكيمن أ

بن رشد تعريف النكاح وقبل بيان ذلك أنقل عن ا. م آثارهحكم النكاح الفاسد وحك: كبريالنكاح ينقسم على " :رمسه بقوله ركذف ،احلكم عليه يستدعي سبق تصوره ألن ؛الفاسد وأنواعه

:والفاسد ينقسم على ثالثة أقسام .زته السنة والقرآنفالصحيح ما جو .وفاسد ،صحيح :قسمنيفأما ما فسد لعقده . نكاح فسد لشروط اقترنت بهونكاح فاسد لصداقه، و ،قدهعنكاح فاسد ل

فساده مثل نكاح من ىفاملتفق عل .وقسم خمتلف فيه ،فق على فسادهقسم مت :فينقسم على قسمنيومثل نكاح املرأة يف عدا أو على ابنتها ،ها من ذوات احملارم من نسب أو رضاعله نكاح ال حيل

ويكون فيه الصداق ،هذا القسم يفسخ النكاح فيه قبل الدخول وبعدهف...أو نكاح اوسية .. .املسمى

والنكاح واإلمام خيطب يوم ،مونكاح احملر ،ارغمثل نكاح الش ،واملختلف يف فساده.. أو بغرر.. واخلرتير ةا ما فسد لصداقه مثل أن يتزوج الرجل املرأة حبرام مثل اخلمروأم.. اجلمعة

ومن أهل العلم من ال ..فهذا القسم يفسخ فيه النكاح قبل الدخول ويصح بعده بصداق املثل وهو مذهب الليث بن سعد وأيب حنيفة ،املثل قبل الدخول وبعده يرى فسخه ويصححه بصداق

فمنها ما يفسخ ،ا ما فسد للشروط الفاسدة املقترنة به وهي كثرية ال حتصر بعددوأم .وأصحابه (1)..."ومنها ما يفسخ به النكاح قبل الدخول ويثبت بعده ،النكاح به قبل الدخول وبعده

.485-1/484:املقدمات - (1)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 168 -

حبليس - كل نكاح اختلف فيه:" (1)را يف املذهب الضابط الفقهيوقد صار مقرنرام بي - .(2)"وكل نكاح مل خيتلف يف فساده فالفسخ فيه بغري طالق ،قفالفسخ فيه بطال

قال ابن القاسم لرواية بلغته " :عن ابن القاسم قال(3)يعاذوأصل هذا الضابط ما نقله الربخيتلف على حترميه ال -عليه الصالة والسالم -اهللا ورسوله كل نكاح نص إن: عن مالك وغريه

كمتزوج اخلامسة ،ق فيه قبل الفسخ مل يلزمه وال يتوارثانطل وإن ،ه يفسخ بغري طالقفيه فإنويقع فيه الطالق ،ه فالفسخ فيه بطالقما اختلف الناس يف إجازته ورد وكل..وأخته من الرضاع

ة تتزوج بغري إذن واألم ،نكح من غري ويلكاملرأة تزوج نفسها أو ت،قبل الفسخ ةواخللع واملوارثهذا قد ألن ؛دالسي وكذلك .مل أنقضه وإذا قضى به قاض ،كثري إن أجازه الويل جاز قال خلق

.(4)"م لالختالف فيهما نكاح الشغار واحملريه فف ،وهلذا جعل الفقه املالكي للنكاح الفاسد كثريا من أحكام النكاح الصحيح و ،ة ويثبت به النسباإلرث والعدذا الن –حرم املنكوحة تعلى ولد الزوج -كاح الفاسد

،والتحرمي بعقده ووطئه ،حرم وشغارهو طالق إن اختلف فيه كم" :قال الشيخ خليل. ...وأبيه .(5)"...فال طالق وال إرث ،فق على فسادهات ال ،-.. .نكاح املريض إال –وفيه اإلرث

ال تصوم املرأة تطوعا إال بإذن الزوج أو إذا كان " :لمث ،جيمع الفروع واملسائل يف باب واحد: الضابط الفقهي - (1)

ق به دون ما تعل ،ما قبله يف حقوق اهللا اإلسالم جيب" :ومثل ،عند الشافعية"الكفار مكلفون بفروع الشريعة :"ومثل ،"مسافراواألشباه والنظائر للسيوطي ،173األشباه والنظائر البن جنيم احلنفي ص :ينظر . "كالقصاص وضمان املال ،حق آدمي

.255-253الشافعي ص املنهج " و ،"الكسإيضاح امل"تطبيقات قواعد الفقه من خالل :وينظر ،1/263: اع صمع الر شرح حدود ابن عرفة - (2)

) . 128 :قاعدة( 435 ص" املنتخب ه، له عي الفقيه العامل اإلمام من كبار أصحاب ابن زيد والفاسي وما تفقذخلف بن القاسم املعروف بالربا: عي ذالربا - (3)

واختصار ،والتمهيد ملسائل املدونة ،ل الناسظهرت بركته وعليه عو .ذيب اختصار املدونةالته: ليف مشهورة منهاآت .105ص شجرة النور ،2/209الفكر السامي ،112الديباج املذهب ص : ينظر .مل تذكر سنة وفاته .الواضحة

(4) - 3/447" التاج واإلكليل "اق يف نقله املو. 112ص . ...ةذي أهبندب حملتاج :باب ،املختصر - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 169 -

قال ،هذه األحكام يف فصل الفسخ من التحفة وقد مجع ابن عاصم أهم:

طالع بتفصيل على أحكام النكاح معنا اإل راد االستزادة يف شرح ما مرويستطيع من أ .(1)الفاسد يف كتب الفقه

- رغم قوهلم بفساده –وليس هناك سبب جعل املالكية يعاملون النكاح املختلف يف فساده كل من الزوجني ق به حقه بعد الوقوع تعلألن ؛معاملة النكاح امع عليه غري االختالف

فكان هذا التمييز منهم مراعاة ،قول املخالف حها ما يرجتق به من املصلحة وأدلويتعل ،والدواأل .(2)للخالف

؛ثرت أن يكون هذا املبحث التطبيقي يف باب النكاح كنموذج ملراعاة اخلالفآوقد ،ومنه تنمو به تتكون ،فالنكاح هو أصل األسرة ،من هذا الباب بناء األسرة املسلمة منطلق ألن

مع عليه إنوكذا ،ما راعى هذا األصلفمن عامل النكاح املختلف يف فساده معاملة النكاح ااالحتياط يف حتصني الفروج ملا هلا من حرمة خاصأن يكون حاولت ولقد ،والوقوع ة بعد الفوت

وفيما يلي .تقلةإذ استقصاء مجيع مسائله يفتقر إىل رسالة مس ه،مسائل املبحث مقصورا على أهم :عرض هلذه املسائل

.192-3/191، شرح الزرقاين 450-3/447: مواهب اجلليل :يراجع يف شرح ما قدمته عن خليل - (1)املدونة :وينظر ،712-1/710البهجة للتسويل ، 248-1/247 شرح ميارة: رح أبيات ابن عاصم ويراجع يف ش ، 6/336 ،4/369: ، البيان والتحصيل 728،753،758-2/727:املعونة ،334، 327،324ص املوطأ ، 2/98

.)22:النساء( 1/467:، وأحكام القرآن البن العريب14/72: التمهيد ، 37-2/36:شرح زروق على الرسالة ،119فتاوى الشاطيب ص ،109 -4/108افقاتاملو ،2/101: طيباالعتصام للشا: ، وينظر3/448: مواهب اجلليل - (2)

.2/37: اجي للرسالةنن ، شرح اب1/268: شرح احلدود

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 170 -

أهم مسائل مراعاة اخلالف يف باب النكاح وما يتعلق به:

سأج طريقة ابن رشد يف ،لعرض مسائل مراعاة اخلالف يف باب النكاح وما يتعلق به ونكاح فسد ،ونكاح فاسد لصداقه ،إىل نكاح فاسد يف عقده ،تقسيمه للنكاح املختلف يف فساده

.ط اقترنت بهلشرو

بعض األنكحة الفاسدة ألجل العقد : لفرع األولا. .النكاح بغري الويل : املسألة األوىل وهلذا ،ثبت االختالف بني املذاهب بشأن ضرورة اشتراط الويل يف النكاح وعدم اشتراطه

ج زويف أن ت احلقهل للمرأة " :ناحية العلمية يف القضية التاليةذات األمهية من ال ،االختالف مثرته "نفسها أو غريها ؟

الويل ركن من إىل أن (3)محدوأ(2)والشافعي(1)ذهب اإلمام مالك يف رواية أشهب عنهفإن فعلت مل يصح ،تزويج نفسها وال متلك املرأة حق، ه ال نكاح إال بويلوأن ،أركان العقد

.النكاح ،س وأيب هريرة من الصحابةوهذا مذهب عمر وعلي وابن مسعود وعائشة وابن عبا

(4)وهو ما ذهب إليه القاضي أبو يوسف من احلنفية ،ب واحلسن من التابعنيوسعيد بن املسي.

:وحجة الفقهاء الذين ذهبوا إىل بطالن العقد بغري ويل أمور

2/8، بداية اتهد 2/727:، املعونة144-2/140:املدونة ،321ص املوطأ:ينظر أحكام هذه املسألة عند املالكية - (1)

البهجة شرح التحفة ،2/220، الشرح الكبري مع حاشية الدسوقي 16/33 :، االستذكار3/267:يليها ، املنتقى وما .154-1/153: ي على التحفة ، وشرح ميارة الفاس1/444

.3/147:شرح املنهاج للخطيب، 166ص ، خمتصر املزينوما يليها5/11 :لشافعيلاألم - (2) .32/103:جمموع فتاوى للشيخ اإلسالم ا، فما بعده 7/337:املغين البن قدامة - (3) 7/337:املغين - (4)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 171 -

﴿:قوله تعاىل: الكتاب -1

﴾ ]232 :لبقرةا[. .ضح من عدة نواحعليها يت وىلذه اآلية على ضرورة الويل لدى تزويج املووجه االستدالل

وهو ،فقد نزلت هذه اآلية بشأن شخص منع أخته من الزواج عضال: سبب الرتول• مث ندم ،اح فطلقها هذا األخري وتركها حىت انقضت عدامعقل بن يسار كانت أخته حتت أيب البذ

وجهي من وجهك حرام : ال فخطبها مرة ثانية وأىب أخوها أن يزوجها منه وق ،على هذا الطالقصلى اهللا عليه وسلم -رسول اهللا فدعى :قال مقاتل ،فرتلت اآلية .هإن تزوجت- إن " :فقال ،العقم

.(1)"آمنت باهللا وزوجتها منه:فقال ،احكنت مؤمنا فال متنع أختك عن أيب البذعليها يف التزويج حىت ولو ن مدى سلطة الويل على املوىلتبي -يف نظر اجلمهور -فهذه اآلية

،والويل كان أخا ،باىل عليها يف هذه احلادثة كانت ثيوامل فإن ،الو مل يكن أبوحىت ،بانت ثياكللويل(له نت أنومع ذلك بي (؛لطة يف تزويج املوىل عليهاس مل تثبت له هذه السلطة عليها ه لوألن،

مينع أخته من الرجوع إىل زوجها األول وطلب منه أال -عليه الصالة والسالم -ملا استدعاه النيبفتتزوج مبن تشاء خاصة ،يف نفسهاوألبطل فعله من أول وهلة وأذن هلا بالتصرف ،بعقد جديد

.(2)هذه احلادثة كانت تقتضي بيان حكم وأنس والتضييق العضل معناه احلبو ،﴾ نوهلضعت الو ﴿: املنع إىل األولياء يف قولهد استنا•

التزويج تعاىل األولياء عن من منع املوىل عليها منفلما ى اهللا تبارك و ،حمتملوكال املعنيني وارد و . (3)هوا عنها فيما نحق) أي األولياء (هلم نأذلك على دل ،أو التضييق عليها يف ذلك

باب ما على "أشري إىل ما جاء يف كتاب األم للشافعي حتت عنوان ،ذا اخلصوصو ،مالسالة نبيه عليه الصالة ووسن جلز وكتاب اهللا ع فدل : -رمحه اهللا - قال الشافعي" األولياء اهللا قال ،ىل رضاإ ندعوردن النكاح وأ إذا جوا احلرائر البوالغا على األولياء أن يزوحق على أن

.2/100لجصاص ، أحكام القرآن ل2/666طيب جأحكام القرآن للقر - (1) .2/10ج:بداية اتهد ،5/11األم للشافعي :وينظر ،املراجع السابقة - (2) .10/ 2بداية اتهد :وينظر. 2/666لقرطيب جا - (3)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 172 -

﴿ :تعاىل ﴾ هذه أبني آية يف كتاب و :قال . (4)بغري ويلاهللا تعاىل داللة على أن ليس للمرأة أن تتزوج

أما كيف استدل ا فذلك ما ،وذه اآلية استدل الفريق القائل بعدم ضرورة الويل يف الزواج .ة هذا الفريقتعرض له لدى ذكر أدلسأ

:منها كثرية ولقد ورد يف السنة أحاديث :السنة -2 .(1)» بويل ال نكاح إال«:ه قال أن - صلى اهللا عليه وسلم- ما رواه أبو موسى األشعري عن النيب •فاحلديث صريح ،على اشتراط الويل يف النكاح واضح ،ووجه االستدالل ذا احلديث

.(2)"الكمال ة الحالص األصل يف النفي نفي ألن" ؛يف نفي الصحة عن النكاح اخلايل من الويلعباس وأيب وقد روي هذا احلديث عن عمر بن اخلطاب وعلي وابن مسعود وابن

يد وسفيان ب وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زوبه قال ابن املسي –رضي اهللا عنهم –هريرة مة وابن املبارك والشافعي وعبيد اهللا بن احلسن وأمحد وإسحاق وأبو ربن شالثوري وبن أيب ليلى واب

من الصحابة خالف ه ال يعرف عن أحد املنذر أن وهلذا فقد حكي اإلمجاع عن ابن . (3)عبيد .(4)حاديثت األوعليه دل ،ذلك

ما أي«:قال -صلى اهللا عليه وسلم -النيب أن –رضي اهللا عنها -ومنها ما روته أم املؤمنني عائشة •امرأة نا فلها ،، فنكاحها باطلفنكاحها باطل ،ها فنكاحها باطلكحت بغري إذن ولي فإن دخل

.(5)»اشتجروا فالسلطان ويل من ال ويل له فإن ،املهر مبا استحل من فرجها

.5/11:األم للشافعي - (4)اب كتيف والترمذي، 2/892 )2085( الويل: يف كتاب النكاح باب ، وأبو داود)19634( 15/23 رواه أمحد - (1)

)1881( ال نكاح إال بويل: يف كتاب النكاح باب وابن ماجه ،3/264 )1101( ما جاء ال نكاح إال بويل: النكاح بابسبل السالم للصنعاين .، واختلف العلماء يف وصله وإرساله9/99فتح الباري . ، وبوب له البخاري ومل خيرجه2/167 .6/516، نيل األوطار للشوكاين 3/953

.لدى شرح هذا احلديث 3/117السالم للصنعاين سبل - (2) .وال تنكحوا املشركني حتى ﴾ ﴿ :عند قوله تعاىل ،3/880ج: أحكام القرآن للقرطيب - (3) .2/259: ار للشوكاين يل اجلرالس - (4)ما جاء ال نكاح : اب النكاح بابيف كت ذيموالتر ،2/891 )2083(يف الويل : يف كتاب النكاح بابرواه أبو داود - (5)

.2/166 )1879( ال نكاح إال بويل: يف كتاب النكاح باب وابن ماجه ،3/264 )1102( إال بويل

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 173 -

ظاهر من النص على ،يف النكاح ووجه االستدالل ذا احلديث على ضرورة اشتراط الويل نها جاز هلا أه إذا أذن هلا وليأن ،فهم من ظاهر احلديثوقد ي .بطالن نكاح املرأة بغري إذن وليها

.(6)ه مفهوم ال يقوى على معارضة املنطوق باشتراطهوجياب على هذا املفهوم أن ،تعقد على نفسها :من اآلثار -3النساء ال اعقدوا فإن: ب مث تقولكانت حتضر النكاح وختط - رضي اهللا عنها - عائشة أن - أ

.(1)يعقدن .(2)وجلد الناكح ،كحت بغري ويلنكاح امرأة ن رد -رضي اهللا عنه –عمر بن اخلطاب أن - ب

هناك جانب آخر يتعلق بطبيعة ،ذه األدلة من الكتاب والسنة واآلثاروإىل جانب كل ه .يقتضي هذه الوالية عليها ،أةرامل

نكاح فوجب ه عقد وألن ؛ةكاألم ةثباألنوها ناقصة وألن:"يقول القاضي عبد الوهاب ل املرأةحموج لئال تللفر ياطةحشرط يف النكاح الويل وألن ؛العقد على الصغريةك افتقاره إىل ويل

لحق عارا فت ها إىل الرجال عن التسرع إىل وضع نفسها يف غري كفءالنكاح ميل شهوة (3)"بأوليائها

،وإن مل يعقد عليها ويل ،نكاح احلرة العاقلة البالغة ينعقد برضاها وذهب أبو حنيفة إىل أن (4)ه ينعقد النكاح موقوفاوذهب حممد إىل أن.

:وحجة أيب حنيفة يف ذلك أمور ﴿:وذلك يف قوله تعاىل : الكتاب/1 ﴾ اآلية تفيد أن :قال

ي األولياء قوله ذلك هو ألن ؛ره اخلصمال كما تصو ،النهي عن منع النساء من مباشرة النكاح .(5)نكاح اإلن يف يده املمنوع وهو يتحقق املنع ممما وإن ،عن منعهن من نكاح من خيترنه

.لدى شرح هذا احلديث 3/118سبل السالم ج - (6) . 5/11املبسوط للسرخسي ج - (1) .5/11:م للشافعي واأل ،يف التزويج بغري ويل 2/140املدونة الكربى لإلمام مالك ج - (2) .2/728: املعونة - (3) .431-2/429، الدر املختار للحصكفي 2/240، بدائع الصنائع للكاساين 405-2/391اهلداية مع فتح القدير - (4)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 174 -

والرد ذه اآلية على ،اعلى هذا التحليل الذي يبدو منطقي ذكرته لدى استدالل اجلمهورهذا االستدالل ويضاف إليه أن .يف الزواج ا على ضرورة الويلقوي باعتبارها دليال ،وجهة نظرهم

يقولون بذلك بل هو عندهم حقيقة يف واحلنفية ال ،حقيقة يف العقدالنكاح هو على أن مبين .، إال عند وجود القرينة فيمكن محله على خالف األصلفال يستقيم هلم االستدالل ،الوطء

صلى اهللا عليه -أن النيب –رضي اهللا عنهما –وذلك يف احلديث الذي رواه ابن عباس :السنة/2م يواأل.(1)»يف نفسها وإذا صماا ننفسها من وليها والبكر تستأذب م أحقأليا« :قال -و سلم

األحاديث اليت استدل ا الطرف وهذا من أصح ،با أم بكرايمن ال زوج هلا سواء أكانت ث .مد إىل الترجيح عند التعارض فهذا أرجح فإن ع ،املخالف

وهلذا كان هلا ،لكوا عاقلة مميزة ،ها وهي من أهلهالص حقخها تصرفت يف وذلك أن :املعقول/ 3وهلا اختيار األزواج ،ف يف املالالتصر، وإنطالما ي(2)نسب إىل الوقاحةب الويل بالتزويج كي ال ت.

ة املرأة البالغة العاقلة يف تزويج نفسها ليس على إطالقهوقول أيب حنيفة وصحبه حبري، ومبهر املثل ا من كفءد بزواجهكما يف ظاهر الرواية بل هو مقي.

(3)ثبت للويل حق االعتراض عليها جت نفسها من غري كفءفإذا زو. وتوجيه هذا الرأي يقوم على االعتبارات اآلتية:

والضرر جيب رفعه مهما ،اليت قد تلحق باألولياء لدى تزوجيها من غري كفءمراعاة األضرار - ."لالضرر يزا"كان نوعه ومصدره عمال بالقاعدة

﴿: النكاح لدى قوله تعاىل :باب 2/101أحكام اجلصاص ج : املراجع السابقة ،وينظر - (5)

﴾ ]232 :لبقرةا[.

استئذان :ومسلم يف النكاح باب ،321ص )1114(م يف أنفسهما كر واأليباستئذان ال: أخرجه مالك يف النكاح باب - (1) .5/322 )1421(ب يف النكاح بالنطق والبكر بالسكوت يثال

.) 394-2/392(فتح القدير البن اهلمام - (2) .يف باب النكاح بغري ويل 5/10املبسوط للسرخسي ج - (3)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 175 -

وال تستطيع ،ما ألوليائها احلق معها يف ذلكاملرأة وحدها وإن طلب الكفاءة ليس من حق مث أن -ن إذا قام أحدمها بتصرف يف الشركة وأحلق ضررا امثل الشريك .هاليس خبالص حق سقط ماأن ت

(4)فلهذا األخري االعتراض على ما قام به شريكه واملطالبة بفسخه ،باآلخرا ويكون فاسدا إذا كاح يكون صحيحا إذا كان الزوج كفؤالن فإن ، الرواية األخرىويف

(5)اصب غري موافق على إنشاء العقد قبل وقوعهع وكان للمرأة ويل ،امل يكن كفؤ . وذا اخلصوص جاء يف املبسوط )فاسد ألنه( وتوجيه هذه الرواية هو املزيد من االحتياط

،مل جيز النكاح أصال وهو أقرب إىل االحتياط جت نفسها من غري كفءإذا زو :للسرخسي مايليباب التزويج يعدل فكان األحوط سد قاض حيتسب يف املرافعة إىل القاضي وال كل ويل فليس كل

.(1)عليها من غري كفء كان ال جيوز تزوجيها من كفء أو غري كفء إذا :ل مرةأما أبو يوسف فكان يقول أو

.إذا كان الزوج كفؤا جاز وإال فال: مث رجع وقال –كقول اجلمهور –هلا ويل فال ،ضرر بالويل ه ملا زوجت نفسها من كفء حبيث ال يلحق أيأن ،وتوجيه ذلك ه مضله وظلعل فيجب وضع حد ،وإذا منعها يف هذه الصورة فيعترب عاضال ومانعا ،وجه للمنع

تهواحلكم يدور مع عل ،ا من غري كفء فيكون ملنعه وجهجت نفسهعكس ما إذا زو ا وجوداوعدم.

جت نفسها ف نكاحها على إجازة الويل سواء زوفيتوق - رمحه اهللا –أما على قول حممد هلا ؤا ه إذا كان الزوج كفأن إال ،جاز وإن أبطله بطل فإن أجازه الويل ،من كفء أو غري كفء

لعقد إذا أىب الويل أن يزوجها منه د اينبغي للقاضي أن جيد. املرأة وعلى اعتبار أن ،وتوجيه هذا الرأي يقوم على مراعاة خطر وأمهية نتائج عقد الزواج

(2)رضة لالغترار وعدم معرفتها بالرجل بسبب األنوثةع.

.2/939ج اه اجلديد لألستاذ مصطفى الزرقبوثالفقه اإلسالمي يف - (4) .5/11ج: املبسوط - (5)

2/531نة لفتحي الدريين وث مقار، وحب137ص الوالية على النفس أليب زهرة :ويراجع ،5/11ج: املبسوط - (1)

.مايليهاو .5/11ج:املبسوط للسرخسي - (2)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 176 -

ومثرة هذا اخلالف:

ة زوجت نفسها كفؤاأامر:"ة التالية تتجلى مثرة هذا اخلالف يف الناحية العلمية يف القضي، " يتوارثان ؟ فهل يتوارثان أم ال...مث مات أحدمها قبل املرافعة إىل القاضي

:ذلك خيتلف باختالف وجهة كل فقيه أو كل رواية إن ألن ؛هما يتوارثانفعلى رواية أيب حنيفة أن ها زوجت نفسها من كفء فليس للويل املوضوع أناعتراض حق. العقد على الرواية منعقد وال يفسخ ألن ؛هما يتوارثان أيضاية أيب يوسف أنوعلى روا

.يف صورة تزوجيها من كفء األن ؛الضرر عن الويل منتف وأن ،الويل ،العقد يف نظر هذه الرواية موقوف نأل ؛هما ال يتوارثاننإأما على رواية حممد بن احلسن ف

.رثاجيري فيه التو والعقد املوقوف ال من هذه الروايات جيدر باالتباع لدى إعداد تشريع فأي ذا املوضوع أو أي هما جتدر يتعلق

،به الفتوى ؟ هذا إىل جانب مذهب اجلمهور الذين يقولون بضرورة اشتراط الويل يف عقد النكاحه الوأن يقر (1)ويفسخ مطلقا وال توارث بينهما بغري ويل نكاح.

ف يف املسألةمراعاة اخلال: خنه يفسأو ،ه باطل يفسخ قبل الدخول وبعدهمقتضى النكاح بغري ويل عند اجلمهور أن

فسخه بعد الدخول ال و ،ال توارث فيه بني الزوجنيبغري طالق وال عدة فيه، وال ينشر احلرمة وراعوا ، مراعاة اخلالف لعمال بأصواملالكية بعض نأ إال فرق فيه بني الطول وعدم الطول،

، فالنكاح نفسها أو غريهاجت املرأة زو لك فإنذ تبثإذا : ، فقالوااحلنفية القائلني بصحته خالف؛بعده بطالقويفسخ قبل الدخول و ،بوجه فاسد ال يصح "أن ه نكاح خمتلف فيه، فاحتيط بألن

. (2)"يكون فسخه طالق

يتها وخطرها يف نتائج عقد مهأل ؛استطردت يف عرض هذه املسألة كما أين آثرت تقدميها على باقي مسائل هذا الباب - (1) .حد ما ستدعى نوعا من التفصيل إىلاألمر الذي ا ،ضمن التشريعات املعاصرة ،وهي من املسائل اليت كثر اخلوض فيها ،الزواج

. 221 ص زيالقوانني الفقهية البن ج :، و ينظر 2/728: املعونة للقاضي عبد الوهاب - (2)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 177 -

لد هلما أوالد مراعاة خول، وودالول بعد بتصحيحه إذا حصل الط يف املذهب قوال كأن ، قالوا بتصحيحه بعد طول الدخول وحصول األوالد ماإناحلنفية القائلني بصحته مطلقا، وقول لال يفسخ من األحكام إال، وذما يترتب على الفسخ من ضرر حينئل أن أو يكون خطاحلرام البي

الشك فيه، فأمأن -على مذهب مالك -يثبتهفال يفسخ، والرأي وفيه االختالف فيه جتهد ا ما ييكون الدخول فو(3)لكذلكنه احتاط يف ول وإن مل يتطاا وت .

دليل خصمه يف الزم مدلوله فأعمل مالك دليله يف احلياة، و. ..":ويل تسسن الاحليقول أبو :ال ق- لمساهللا عليه و صلى-النيب نألو ؛كون الفسخ بطالق ، فأوجب توارثهما وتبعد املما

العقد أن ذلك على بعد أن حكم على نكاحها بالبطالن فدل. »ا أصاب منها مبفاملهر هلا « ه الأنتضى القياس أن الفسخ بغري طالق وفمق الإالباطل حيكم له حبكم الصحيح بعد الفوات، و

. (1)"...مهر هلاوليه حظا من النظر ذا املقام أن نتوجيه يف هذه املسألة جيدر بنا يف ه يبلإلمام الشاطو

،» الثاثفنكاحها باطل وليهاكحت بغري إذن ن مرأةاما أي« ، بعدما ساق احلديث الشريف تهمهيأل :-رمحه اهللا - قال. (2)»فإن دخل ا فلها املهر مبا استحل منها« : مث قال عليه الصالة و السالم

هم وإجراؤ .ت النسب للولدثبيذلك يقع فيه املرياث وول ي عنه من وجه،ههذا تصحيح للمنو"... غري ذلك ة املصاهرة وميف حرسد جمرى الصحيح يف هذه األحكام والنكاح الفا –أي املالكية –

، فالنكاح ، وليس يف حكمه باتفاقاكان يف حكم الزن إالو ،اجلملة دليل على احلكم بصحته علىملا يقترن إذا عثر عليه بعد الوقوع مراعاة قع فيه الفرقةفيه اخلالف فال ت ىاملختلف فيه قد يراع

(3)".... ح جانب التصحيحبالدخول من األمور اليت ترج

.1/20ة التسويل جالبه :، وينظر 38 - 16/36: بن عبد الرب االستذكار ال - (3)

.1/20: البهجة - (1) .سبق خترجيه قريبا - (2) . 119فتاويه ، حتقيق أبو األجفان ص وحنوه يف ،4/148املوافقات للشاطيب - (3)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 178 -

.النكاح يف حالة اإلحرام :املسألة الثانية

.م اختلف العلماء يف نكاح احملره ال أنمن بعدهم إىلومجهور العلماء من الصحابة و (3)أمحدو (2)الشافعيو(1)فذهب مالك

. يصح نكاح احملرم .(4)الكوفيون إىل صحة نكاحهو ذهب أبو حنيفةو

صلى اهللا عليه -رسول اهللا قال :قال –رضي اهللا عنه –اجلمهور حبديث عثمان استدل .(5)» بخيط نكح والال يح احملرم ونكال ي« - وسلم

حترمي اخلطبة م لنفسه ولغريه وره قد أفاد حترمي العقد على احملأن: وجه الداللة من احلديث .(6)كذلك

ه ليس له أن يراجع ألنة، وفمنعت عقد النكاح كالعد يبها عبادة متنع الطألن :ومن املعقول .(7)نهمثلم انما ما هو استصالح لإنو عقد بابتداء

رضي –ابن عباس اري ومسلم عنبخال هم مبا روااستدل أبو حنيفة على صحة نكاح احملرو . (8)»تزوج ميمونة وهو حمرم –صلى اهللا عليه وسلم -النيب أن « –ا ماهللا عنه

، مفتاح الوصول 197-196قوانني الفقهية صال، 2/598:، املعونة 228رم صنكاح احمل: موطأ اإلمام مالك، باب - (1)

. 1/331، بداية اتهد 2/238، املنتقى 60إىل بناء الفروع على األصول للتلمساين صين اوما يليها، ختريج الفروع على األصول الزجن 9/193شرح النووي على مسلم ،3/186املنهاج مع مغين احملتاج - (2) .2/421، معامل السنن للخطايب 239ص .2/492، اإلنصاف 1/238، احملرر يف الفقه 579-7/578املغين البن قدامة - (3) . 68وما بعدها، خمتصر الطحاوي ص 2/374اهلداية مع فتح القدير - (4)م حترمي نكاح احملر: ، ومسلم يف النكاح باب222ص )780(م نكاح احملر: املوطأ، كتاب احلج بابيف لك أخرجه ما - (5)

على معىن النهي ال على -كسر احلاءب –الرواية الصحيحة ال ينكح احملرم : (قال اخلطايب ،5/312 )1409(وكراهة خطبته . 5/15، نيل األوطار 2/188معامل السنن : ينظر ).حكاية احلال

2/717سبل السالم للصنعاين - (6) 1/599املعونة للقاضي عبد الوهاب - (7)حترمي نكاح : ، ومسلم يف كتاب النكاح، باب9/78 )5114(م احملر نكاح: النكاح، بابأخرجه البخاري يف كتاب - (8) . 5/314 )1410... (ماحملر

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 179 -

ح محله على معناه اللغوي ترجني معناه الشرعي وب اللفظ إذا داركما ذهبوا إىل أن .(1)زليل على ااالد دلأن ي الكالم حبقيقته إالعداه، و يكون جمازا فيمااملوضوع الشرعي و

صلى اهللا عليه -يب الن أن (2)هاقد أجاب اجلمهور على احتجاج أيب حنيفة بأجوبة أصحو .جها حالال، هكذا رواه أكثر الصحابةما تزوإن - وسلم

ما إال ابن عباس وحده حىت قال سعيد بن ه تزوجها حمرأن مل يرو": قال القاضي عياض إال -صلى اهللا عليه وسلم -ما تزوجها رسول اهللا ،إن كانت خالتهذهل ابن عباس و :بسيامل

(3)."...حالال يف رواية إالل، وبعدما ح احلديث الذي استدل به اجلمهور أوىل، نحديث ابن عباس، لكا لو صح :اجلواب الثاينو

آالقول وذاك فعله، و - صلى اهللا عليه وسلم - ه قول النيبألنالحتمال اخلصوصية كد. ه حرام يف حقهأن: وهذا أصح الوجهني عند أصحابنا، والوجه الثاين ":م النوويقال اإلما

(4)".ليس من اخلصائصكغريه وكما أولوا حديث ابن عباس على أنرم وهو حالل، ويقال ملن هو يف احلجها يف احله تزوم ر

:شائعة معروفة، ومنه البيت املشهور ةم، وإن كان حالال، وهي لغحمر (5).

مراعاة اخلالف يف املسألة:

النكاح يف حالة اإلحرام نكاح فاسد ال أنمقتضى ما ذهب إليه اجلمهور مبن فيهم املالكية، جيوز لألدلة اليت أوردوها، وعليه فإنوال ينشر احلرمة وال يثبت فيه فسخ عندهم بغري طالق ه ي

التوارث بني الزوجني وال عدسترباءما فيه االة فيه، وإن - ق على فكما هو احلال يف النكاح املتثار ليه بعض آخالف احلنفية القائلني بتصحيحه، فرتبوا ع بعض املالكية راعوا فيه أن إال - فساده

3/332املغين البن قدامة - (1) .5/314ى مسلم عل شرح النووي - (2) .2/717نقله الصنعاين يف سبل السالم - (3) ).1409(، يف شرحه للحديث 5/312شرح النووي على مسلم - (4) .نفسه - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 180 -

ة وينشر احلرمة التوارث بني الزوجني، وفيه العده يفسخ بطالق ويثبت فيه إن: الصحة، فقالوا (1).مراعاة لقول احلنفية القائلني بصحته

ما فيه ه اختلف فيه، فأحبومما يبين ذلك نكاح احملرم أن" :جاء يف املدونة قول ابن القاسم .(2)" أن يكون الفسخ فيه تطليقة إيل

. (3)"بطالق مراعاة لالختالف فسخقول ابن القاسم يف املدونة ي:" قال ابن رشد

.نكاح املريض املخوف عليه: املسألة الثالثةنكاحه نكاح املريض املخوف عليه ال جيوز له أن يتزوج، وأن لكية إىل أناذهب امل

.(4)فاسد يفسخ قبل الدخول وبعدهيفعله ق، وماالورثة؛ فال يهب وال يتصد ه حمجور عليه يف ماله حلقأن: وحجتهم يف ذلك

اج الوارث عن فيه إخر طالقه غري مانع من املرياث ألن من ذلك يوقف على الثلث كالوصية؛ وألنوما دام حمجورا عليه يف ماله امتنع عليه ،ويف تزوجيه هذا املعىن - قياسا على طالق املريض -املرياث

منهم، فضال عن أنكإخراج وارث الزواج الذي فيه إدخال وارث جديد على الورثة، وهو ممتنعسخ النكاح مطلقا قبل الدخول ج املريض ففإن تزو ،الورثة ه إىل الزواج حلقباملريض ال حاجة

.(5)وبعدهومقتضى ذلك أن يكون الفسخ بغري طالق، وأن ال ينشر احلرمة، وأن ال تكون فيه عدة،

.وأن ال يثبت التوارث بني الزوجني

، جواهر اإلكليل على شرح خمتصر خليل )534/ 2 (الكايف البن عبد الرب: ، وينظر4/316: البيان والتحصيل - (1)

. )2/230(اشية الدسوقي على الشرح الكبري ح. )1/281 (لآليب .1/119: املدونة - (2) . 4/316: البيان والتحصيل - (3)

، حاشية الدسوقي على 1/298: ل، جواهر اإلكلي148، الكايف ص 788، 2/787: ، املعونة2/186: املدونة - (4) . 2/276الشرح الكبري

.2/276، وينظر حاشية الدسوقي، 2/787: املعونة - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 181 -

ه ال حيكم على التصرفات بالبطالن ة نكاحه وأنإىل صح(2)والشافعية(1)هب احلنفيةذبينما ، وذلك عن طريق اإلعراب شرعي م املكلف على مناقضة مقصودعزق من إذا حتق أو الفساد إال

ته وقصده صراحةعن ني . كل عقد كان أصل ما أذهب إليه أن: -رمحه اهللا –قال الشافعي " :"األم"جاء يف كتاب

إذا كانت ةيوأجزته بصحة الظاهر، وأكره هلما الن... يف الظاهر مل أبطله بتهمة وال عادة صحيحا الن(3) ."لو ظهرت تفسد العقد ةي

. داد والصالح حىت يظهر غريهأمور املسلمني حممولة على الس كما ذهب األحناف إىل أن م على عزال أن -رضي اهللا عنه –عند مالك بن أنس صل األ:" قال صاحب تأسيس النظر

.(4)" م على الشيء مبرتلة املباشرة عندناعزالشيء مبرتلة املباشرة لذلك الشيء وليس ال

مراعاة اخلالف يف املسألة : غري جائز فإنه -نكاح املريض املخوف عليه –ه إذا ثبت أن" املعونة "جاء يف كتاب

أي اإلمام - اح غري جائز فيجب فسخه، والظاهر من قولهيفسخ إذا وقع؛ ألن كل نك، وسواء دخل أو مل (5)ولقوله اخلالف فيه ،ألنه مفتقر إىل اجتهاد ؛ه يفسخ بطالقنأ: -مالك

الدخول ال يصحح العقد الفاسد، فإن مل يدخل فسخ وال شيء هلا، وإن دخل يدخل؛ ألنقيمة ألن ؛فلها صداق املثل ،ن مسى هلافلها الصداق من ثلثه لفساد العقد، وإن مل يك

(6) "....البضعورتب املالكية على نكاح املريض املخوف عليه آثار الصحة من فسخ بطالق وثبوت العدة ونشر التحرمي مراعاة خلالف احلنفية والشافعية القائلني بصحته، واستثنوا من تلكم اآلثار

.2/1520: لكساينلائع صنبدائع ال - (1) .67، 2/33: املهذب للشريازي - (2) . 3/75: األم للشافعي - (3)

. 49ص ) املطبعة األدبية مبصر(تأسيس النظر للدبوسي، - (4) . 2/186": قد اختلف فيه:" ملا جاء يف املدونة قوله - (5)

.2/787: دياملعونة للقاضي عبد الوهاب البغدا - (6)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 182 -

ريض املتزوج بأنه أراد اإلضرار بالورثة بإدخال وارث به من أجل مة امل وهاإلرث، فإنه مل يثبت .(1) "وجوب املعاملة بنقيض املقصود الفاسد" :جديد عليهم، والقاعدة يف املذهب

وهذا كله مبين على غلبة الظن، فإن برئ من مقصوده أو أذن له الورثة يف ذلك جاز . واهللا أعلمنكاحه

.وغ يف تزويج اليتيمةاشتراط البل: املسألة الرابعة .(2)اختلفت املالكية يف اشتراط البلوغ يف اليتيمة إذا كان الويل غري جمرب

(3).ذلك شأن كل أنثى مع الويل غري ارب يف إذا بلغت، شأا اليتيمة ال تزوج إال :القول األول أدلة اشتراط البلوغ يف اليتيمة :

:قال - صلى اهللا عليه وسلم -النيب أن: - رضي اهللا عنه–عن أيب موسى األشعري (4).»كرهمل ت أنكرتأذنت، وإن فقد تسكتفإن اليتيمة يف نفسها رمتستأ «اليتيمة رتستأم« :ل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمقا: قال - رضي اهللا عنه–وعن أيب هريرة

(5).»يف نفسها فإن سكتت فهو إذا، وإن أبت فال جواز عليهاوال سواء خيف حفيجب استئذان اليتيمة إذا كانت بالغة تعرف ما تريد، وهذا يف مجيع األ

.عليها الفساد أم مل خيف

وتطبيقات قواعد الفقه عند املالكية ،1/298: ، جواهر اإلكليل2/548: الكايف: وينظر: 2/276: حاشية الدسوقي - (1) ).75: رقم(، قاعدة 272: د الرمحن الغرياينبعل

،ولو عانسا البكر: من بناته وله اجلرب على ثالثة" األب: "فارب ثالثة أقسام. جمرب وغريه: الوالية عند املالكية قسمان - (2)" وصي األب. "وثيب صغرية، وجمنونة بالغة ثيب ال تفيق إن مل يكن فيه ضرر كتزوجها من جمنون أو أبرص أو خصي وإال فال

أما األولياء غري .ل يف العقد وجوبا له جرب مملوكهولو أنثى وتوك" املالك"نه له الزوج، وإال فخالف، إذا أمره األب أو عيربين فهم بالترتيبا :الشقيق على األصح املختار، فاملوىل مابن املرأة فابنه وإن سفل، فأب، فإبن، فجد، فعم، فابنه، وقد

. 110خليل ص : ينظر. ته، فاحلاكم، فوالية عامة املسلمنيصباألعلى، فع . 2/224: اشية الدسوقي، ح224-2/223: ، الشرح الكبري املختصر110: ، املختصر4/228: الذخرية - (3) .15/05) 19576(أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده - (4)

. 2/896)2093: رقم(االستئمار : أخرجه أبو داود يف النكاح باب - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 183 -

من عدا األب من والصغرية ممن ال إذن هلا ال جيوز العقد عليها إال بعد بلوغها، وألن: وقالوا

(1).ذلك يف بضعهاأوليائها أخا كان أو غريه ليس له أن يتصرف يف ماهلا فكد واملرا. اليتيمة من خيف عليها الفساد زوجت سواء أكانت بالغة أم ال أن: القول الثاين

نكاحها إن أو عدم حاضن شرعي أو ضياع حال أو دين، وصح بالفساد فساد حاهلا بفقر أو زىنوإال ... ا وبلغت عشرامث ال جرب، فالبالغ، إال يتيمة خيف فساده: " قال خليل. دخل ا الزوج

(2)".صح إن دخل وطالأخيه وهي صبية، والناس يومئذ متوافرون، وعروة من ابنةج إن عروة بن الزبري زو: وقالوا

(3).هووال ،»تستأمر اليتيمة «:قال - صلى اهللا عليه وسلم -ألنه: (4)وبالقول األول قالت الشافعية

. ستئمار الصغريةإال بعد البلوغ، إذ ال فائدة يف ااستئمار ﴿ :ه جيوز أن يزوجها األولياء مستدلني بظاهر قوله تعاىلإىل أن (5)وذهبت احلنفية

﴾ ]03:النساء[ ه يكون يف حجر وما ذكر يف سبب نزوهلا يف أنا فيتزوجها لذلك، فنهوا وليس بصريح ما يرغب يف ماهلالوايل يتيمة ليس له رغبة يف نكاحها، وإن

وهلا بعد البلوغ : ه مينعها األزواج حىت تبلغ مث يتزوجها، قالوايف أن ينكحها صغرية الحتمال أن .اخليار قياسا على األمة

. 16/58: االستذكار البن عبد الرب - (1) . 110ص : راملختص - (2) . 16/58: املرجع السابق - (3)

ختريج الفروع على األصول ،فما بعده ، :6/224اية احملتاج135: اإلقناع للماوردي. 165 خمتصر املزين ص - (4) .3/957: ، سبل السالم للصنعاين227: للزجناين

وسبل . 227ختريج الفروع على األصول للزجناين ص: ويراجع 3/10: خمتصر القدوري. 173خمتصر الطحاوي ص - (5) . 3/957: السالم

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 184 -

مراعاة اخلالف يف املسألة : اشترط أصحاب القول الثاين أن تكون اليتيمة قد بلغت عشرا مراعاة ملن أوجبوا

لوغ لصحة نكاح اليتيمة وهم أصحاب القول األول داخل املذهب، وكذا مراعاة لقول الب (1).البنت كثريا ما تبلغ بلوغا شرعيا يف مثل هذا السن ألن: الشافعية، وقالوا

إن وإال صح...مث ال جرب، فالبالغ، إال يتيمة خيف فسادها وبلغت عشرا: " جاء يف خليل (2)".دخل وطال

أي اليتيمة ال ؛راعاة القول اآلخرملالبلوغ عشرا مطلوب واحلاصل أن" :قال الدسوقيت(3)".ج إال إذا بلغتزو

.نكاح الشريفة بالوالية العامة: املسألة اخلامسة

سبق وأن ذكرنا يف أول مسألة من مسائل هذا الباب وهي أن اجلمهور غري احلنفية يثبتون والية خاصة ووالية عامة، فاخلاصة : على ضربني - املالكيةعند - والوالية. حاجة النكاح إىل ويل

والية األب على ابنته، واألخ على أخته وهكذا بتدرج العصبة، األقرب فاألقرب، وهذه هي اليت ا احلرة الشريفةت وأما العامة والية الدين؛ وهي والية مجيع املسلمني بعضهم على بعض . نكح

﴿:واألصل يف ثبوا قوله تعاىل ﴾ ]71: التوبة[ ،وهذه الوالية جيوز أن تا الدنيئة، فيجوز ألي ر، إذا أن يلي الدنيئة ويزوجها ملسلم آخ مسلم زوج

(4).رضيت بذلك

. 2/224: وقي مع الشرح الكبريحاشية الدس - (1)

.110: املختصر - (2) .املرجع السابق - (3)، كفاية 228، القوانني الفقهية 2/244، حاشية الدسوقي 1/278: ، جواهر اإلكليل233: ، الكايف2/729: املعونة - (4)

. 3/86الطالب الرباين على الرسالة

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 185 -

ملذهب، ويفسخ قبل وجت احلرة الشريفة بالوالية العامة فنكاحها باطل يف ايه فإذا زلوعفسخه الدخول وبعده، ومقتضى املذهب أنه يفسخ بعد الدخول مطلقا، طال الزمان أو قصر، وأن

بغري طالق، وأن(1).ه نكاح بغري ويل وذلك باطله ال عدة فيه، وال إرث، وال ينشر احلرمة؛ ألن مراعاة اخلالف يف املسألة:

فقالوا بصحته بعد . (2)يشترطون الويل أصالراعى املالكية خالف احلنفية الذين ال الضررين النكاح ارتكابا ألخف قرن طال األمر كمضي ثالث سنني أو والدة ولدين وأإالدخول

ال يفسخ إال بطالق، وتكون فيه العدة وينشر احلرمة، ويثبت ما دام صوابا، وإن فسخ قبل ذلكالقائلني بصحته، بناء على عدم اشتراط الويل فيه اإلرث كالنكاح الصحيح مراعاة لقول احلنفية

. لصحة النكاحإذا :" هذه املسألة للرفق وارتكاب أخف الضررين، والقاعدة تقول اخلالف يف ةفمراعا (3)".األكرب سقط األصغرتقابل ضرران أ

.التواصي بكتمان النكاح: املسألة السادسة

حدى زوجاته، أو أمرهم بكتمه عن أهل إذا أوصى الزوج الشهود بكتمه حني العقد عن إ بطل العقد . بيته، أو أمرهم بإسراره أياما، كثالثة فأكثر، أو عن أهل بلد معني، أو عن قوم معينني

عند املالكية، ويعد عندهم من األنكحة الفاسدة، حيرم القدوم عليه، ويعاقب كل من كان طرفا صلى اهللا عليه -يف صحة النكاح لقولهألن اإلعالن شرط ؛فيه، ويفسخ قبل الدخول وبعده

.(4)»أعلنوا النكاح « : - وسلم

. سابقةوينظر املراجع ال 1/279: جواهر اإلكليل - (1) . يراجع املسألة األوىل من باب النكاح - (2)

، 508، شرح املنهج املنتخب 236، 2/226: ، الشرح الكبري مع حاشية الدسوقي1/279: جواهر اإلكليل لآليب - (3) . )38: قاعدة رقم( 159،156وتطبيقات قواعد الفقه عند املالكية لعبد الرمحن الغرياين ص

... «: وزاد 2/172 )1895( إعالن النكاح: يف كتاب النكاح باب ، وابن ماجه12/464 )16075( رواه أمحد - (4)، وقد اشترط يف املقدمة 1/122" اإلملام بأحاديث األحكام " ، وكذا ابن دقيق العيد بإيراده إياه يف »بالغربال واضربوا عليه

، إرواء الغليل برقم 6/593نيل األوطار للشوكاين ، 3/952سبل السالم للصنعاين . أن ال يرد إال ما كان صحيحا . ضعيف: ، قال الشيخ7/50الوليمة وآداب األكل:باب )1993(

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 186 -

التواصي بالكتمان من صفة وألن ؛(1)عن نكاح السر - صلى اهللا عليه وسلم - ولنهيه يف إظهاره حفظا لألنساب الزنا، ففي إباحة عقد النكاح معه ذريعة إىل إضاعة األنساب، وألن

النكاح وتكون املرأة حامال، فال يكون هلا سبيل إىل رج قد ينكالزو واحتياطا من جحدها؛ ألن (2).وإعالن مل ميكنه ذلك دإثباته فيؤدي إىل إضاعة النسب، فإذا كان هناك إشها

مطلقا، واإلعالن عندهم ليس بشرط إذا استوىف تهإىل صح(4)والشافعية(3)وذهب احلنفية - . العقد أركانه

مراعاة اخلالف يف املسألة : رف واشتهر ه إذا حصل الدخول يف هذا النكاح، وطال حبيث عب بعض املالكية إىل أنذه

ولو فسخ قبل .عادة مل يفسخ ومضى، مراعاة خلالف الشافعية واحلنفية القائلني بصحته مطلقاه يفسخ بطالق وينشر احلرمة فإن - على أصل املذهب عند املالكية –الدخول أو بعده بقرب

كالنكاح الصحيح، مراعاة خلالف من صححه من بت اإلرث بني الزوجنيويوجب العدة ويث (5).أصحاب املذاهب األخرى

، )4/288جممع الزوائد ( .عبد اهللا بن ضمرية وهو ضعيف دهيف سن: ، قال اهليثمي12/464) 16075(أخرجه أمحد - (1)

. 327ص )1136(جامع ما ال جيوز من النكاح :بوحنوه يف املوطأ من أثر عمر بن اخلطاب، باالبهجة شرح التحفة ،400/ 4، الذخرية 1/479: ، املقدمات746-2/745، املعونة 2/158املدونة : ينظر - (2) .5/80: ، مواهب اجلليل3/300: ، منح اجلليل لعليش)1/271(

. 172-171خمتصر الطحاوي ص - (3) . 5/22األم للشافعي - (4) . ، ويراجع املراجع السابقة3/300، ومنح اجلليل 5/80مواهب اجلليل - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 187 -

. نكاح املخطوبة من غريه: املسألة السابعةأمجع العلماء على حترمي اخلالتصريح باإلجابة ومل يأذن اخلاطب طبة إذا متطبة على اخل

قال رسول اهللا عليه : قال -رضي اهللا عنهما-ن عمرما روي عن اب: واألصل يف ذلك (1)األول .(2)»أخيه حىت يترك اخلاطب قبله أو يأذن له ةخطب لىال خيطب أحدكم ع« :وسلم

اخلاطب األول، فقد أفاد احلديث حرمة اخلطبة على اخلطبة ملا يف ذلك من اعتداء على حق .واالعتداء الذي يروع اآلمنني واإلساءة إليه، وقد ينجم عن هذا التصرف الشقاق بني األسر

هذا وقد اختلف العلماء فيما إذا خطبها الثاين وعقد عليها بعد إجابة األول، هل يكون العقد صحيحا أم فاسدا؟

هل النهي يقتضي الفساد إىل جانب -كما يقول ابن رشد–وسبب اخلالف يف ذلك )3(؟التحرمي

ه واقع على أمر خارج عن العقد هو الفساد؛ ألنإىل أن النهي ال يقتضي : فذهبت الشافعية -1 .)4(اخلطبة، واخلطبة ليست شرطا يف صحة النكاح فال يفسخ النكاح بوقوعها غري صحيحة

عليه أمحد فإن فعل فنكاحه صحيح نص:" قال ابن قدامة .ىل مثل ذلك ذهب اإلمام أمحدوإيقارن العقد فلم يؤثر فيه، كما لو صرح ولنا أن احملرم مل :"مث قال" ق بينهماال يفر:" فقال

.)5("باخلطبة يف العدة

. 6/107ين يف نيل األوطار ا، والشوك9/197النووي يف شرحه على صحيح مسلم : حكى اإلمجاع - (1): ، باب، والبخاري كتاب النكاح320ص )1111(ما جاء يف اخلطبة :أخرجه مالك يف املوطأ يف كتاب النكاح باب - (2)

حترمي اخلطبة على خطبة أخيه حىت يأذن أو :، ومسلم باب9/119 )5144(ال خيطب على خطبة أخيه حىت ينكح أو يدع . 5/315 )1412(يترك

.58، 2/3بداية اتهد - )3( .9/107، وينظر فتح الباري 2/47: املهذب -)4( .7/523املغين - )5(

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 188 -

2- (1)وعن أصحاب مالك يف هذا الباب آراء خمتلفة واضطراب: أما املالكية فقال ابن عبد الرب :وميكن حصرها يف ثالثة أقوال

. مل ينبخ مطلقا بىن ا أوالعقد يفس أن: )األول( .عدم الفسخ مطلقا: )الثاين( . فإن بىن مل يفسخ وهو املروي عن مالك، الفسخ إن مل ينب: )ثالثال(

.(2)النكاح يفسخ قبل الدخول وبعده إىل أن: وذهب داود الظاهري -3 .(3)وأما احلنفية فالنهي عندهم ال يقتضي الفساد فال يفسخ مطلقا -4

بعض ما إذا ظهرت أمارات ركون بعضهم إىل: وصورة املسألة اليت يقع فيها التحرمي والفسخر الصداق على قول عند املالكية، أما إذا مل حيصل ذلك فالعند اجلمهور، أو قد.

وتفسري قول رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ": - يف تفسري حديث الباب السابق- قال مالكفيما نرى، واهللا أعلم، ال خيطب أحدكم على خطبة أخيه؛ أن خيطب الرجل املرأة، فتركن إليه،

ى صداق واحد معلوم وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها، فتلك الذي ى أن ويتفقان علخيطب الرجل على خطبة أخيه، ومل يعن بذلك إذا خطب الرجل املرأة، فلم يوافقها أمره ومل تركن

. (4)"ها أحد، فهذا باب فساد يدخل على الناسبإليه أن ال خيطخطباها، مهمعاوية بن أيب سفيان وأبا ج أن:" حديث فاطمة بنت قيس وفيه: واحلجة يف ذلك: هلا -صلى اهللا عليه وسلم -تستشريه، فقال الرسول - صلى اهللا عليه وسلم -فجاءت إىل الرسول

.(5)»نكحي أسامة بن زيدا« ه ألسامة، وذلك ألن ، بل خطبهامامل ينكر ذلك عليه - صلى اهللا عليه وسلم -الرسول فإن

.(6)ت الرضا بواحد من اخلطابا أمارامل يظهر عليه

، 58، 2/3، بداية اتهد 1/481، املقدمات 760-2/759، املعونة 320وطأ ص امل: ، وينظر 203ص : الكايف - (1) .2/11، الفواكه الدواين 2/217، حاشية الدسوقي 5/33مواهب اجلليل

.9/107: نقله يف الفتح - (2) .3/1410بدائع الصنائع - (3) . 2/759، وحنوه يف املعونة 320 املوطأ ص - (4) . 5/428 )1480(املطلقة ثالثا ال نفقة هلا : الطالق، بابأخرجه مسلم يف - (5) . 3، 2/2، بداية اتهد 6/107، نيل األوطار 9/107فتح الباري - (6)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 189 -

مراعاة اخلالف يف املسألة : إذا خالف اخلاطب الثاين وخطب املخطوبة وتزوجها فنكاحه فاسد عند أصحاب مالك،

إال - كما مر معنا عند عرض األقوال- ه يفسخ مطلقا قبل الوقوع وبعدهومقتضى هذا املذهب أن اخل املذهب على القول الثالث القائل بالفسخ إن وخارجه،؛ فدداخل املذهب الفاخلهم راعوا أن

القائلني بصحة - اجلمهور من احلنفية والشافعية واحلنابلةمل يبن وبعدمه إن بىن، كما راعوا خالف فقالوا بإمضائه وتصحيحه بعد الدخول مراعاة للخالف، فأما قبل الدخول فيفسخ -هذا النكاح

ما يراعى ترتب آثار النكاح الصحيح عليه من كونه ضائه، وإنلفساده، وال يراعى فيه اخلالف يف إم .(1)يفسخ بطالق وينشر احلرمة ويثبت فيه اإلرث

انه ال يفسخ بعد الدخول وطول الزمان؛ لكونه خمتلفأوحكى ابن قدامة عن اإلمام أمحد . (2)فيه

.2/217، حاشية الدسوقي 5/33، مواهب اجلليل 1/485داملقدمات البن رش - (1)

.7/523املغين - (2)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 190 -

.بعض األنكحة الفاسدة من أجل الصداق: الفرع الثاين فالنكاح املختلف فيه قد يراعى فيه اخلالف :"... ب املوافقات لإلمام الشاطيبجاء يف كتا

فال تقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول، مراعاة ملا يقترن بالدخول من األمور اليت ترجح .(1)..."جانب التصحيح

نكحة أي كما يف األ:" وعلق الشيخ دراز على هذه الفقرة بإعطاء أمثلة على ذلك فقال الفاسدة للصداق كأن نقص عن ربع دينار أو جعل الصداق مخرا أو إنسانا حرا أو وقع العقد على

ه إن عثر عليه قبل الدخول فسخ إن إسقاطه رأسا فإنتمأقل من ربع دينار( ه يف الصورة األوىلمل ي ( ف يف الصداق ء على اخلالبعد الدخول فال يفسخ بنا ويف غريها مطلقا، وأما إن مل يعثر عليه إال

. (2)داخل املذهب وخارجه (3)".هو ما يعطى للزوجة يف مقابلة االستمتاع ا ويسمى مهرا ":والصداق يا كتمتع اجلاه ألن التمتع يكون معنويا وحسأو التمتع أعم من التلذذ؛ واالستمتاع

ذ يكون يف األمور احلسية، على ما ذكر ابن والوالية، ومتتع الركوب واألكل واملقدمات، والتلذ . (4)عرفة

.(5)"كونه منتفعا به للزوجة متمول:" ويف شروطه قال ابن عرفةه ال جيوز التواطؤ على الفقهاء اتفقوا على أنه من شروط الصحة، وأن فإن :وأما حكمه

﴿: تركه لقوله تعاىل ﴾ ]وقوله تعاىل]4:النساء ،:﴿

﴾ ]25: النساء[. .(6)»شيء تصدقها به ندك منع هل«: ولقوله عليه الصالة والسالم للذي خطب املرأة

.لعلمية، طبعة دار الكتب ا4/148: فقاتااملو - (1) .4/148ت الشيخ عبد اهللا دراز مع كتاب املوافقات هامش اتعليق - (2) .2/293الشرح الكبري - (3) .1/236حدود ابن عرفة - (4) . 1/255حدود ابن عرفة مع الرصاع - (5) )5150(امت احلديد املهر بالعروض وخ: ، ويف باب5/109)5135(السلطان ويل : أخرجه البخاري يف النكاح باب - (6)

.5/327)1425(الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخامت حديد: ، و مسلم يف كتاب النكاح باب 9/140

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 191 -

واتفقوا أيضا على أنالصداق يف أقله، ويف: اواختلفوا يف مسائل منه (1)ه ليس ألكثره حد ر؛ فالذي يفسد لعينه مثل اخلمر أو اخلرتير وما ال ا لعينه أو لصفة فيه من جهل أو غرالفاسد إم

. (2)ر واجلهل فاألصل فيه تشبيهه بالبيوعوالذي يفسد من قبل الغر ،جيوز أن يتملك ومن أمثلة األنكحة الفاسدة ألجل الصداق اليت راعى فيها املالكية اخلالف

- الدخول، ورتبوا عليها بعض آثار الصحة مبجرد العقد، وإن مل حيصل الدخول بعد فصححوها :(3)وإن كنت سأذكرها بشيء من اإلمجال لكثرا

أن يكون النكاح على صداق أنقص من أقل الصداق، وأقل صداق عند املالكية ربع دينار من -1 . الذهب، أو ثالثة دراهم من الفضة اخلالصة من الغش

را أو خرتيرا أو مثرة مل يبدالنكاح الفاسد ألجل فساد عني الصداق، فكأن يكون مخومثال -2العقد صحيح إذا وقع وفيه مهر املثل، وعن مالك يف : قال أبو حنيفة . شاردا اأو بعري صالحها

يفسخ دخل ال إن أنه ) والثانية. (فساد العقد وفسخه قبل الدخول وبعده) إحدامها: (ذلك روايتان .ويكون فيه مهر املثل

رأى أن الصداق وإن مل يكن من شرط صحة العقد ففساد –رضي اهللا عنه –وكأن مالكا العقد ههنا من قبل فساد الصداق خمصوص؛ لتعلق النهي به، أو رأى أن النهي إنما يتعلق بنفس

. (4)تعيني العقد، والنهي يدل على فساد املنهي عنهتزوج بقصاص وجب له على املرأة، وأجازه نأن يكون النكاح بصداق غري متمول، كم -3

.(5)جيرب القاتل على الدية: سحنون، واألصل عند أشهبأن يتزوجها على صداق مؤجل، ويف األجل جهالة، أو كان األجل بعيدا جدا كاخلمسني -4

.(6)سنة

.6/156، شرح النووي على مسلم 6/681، املغين 2/18، بداية اتهد 2/750املعونة - (1) .املراجع السابقة - (2)وما يليها، 1/170، البهجة شرح التحفة 31-2/18، بداية اتهد758-2/750املعونة : ينظر حلكم هذه األنكحة - (3)

.2/13وما بعدها، فواكه الدواين 3/302وما يليها ، منح اجلليل 2/237الشرح الكبري مع حاشية الدسوقي .57، 2/27:بداية اتهد - (4) . 1/255ج" مول كونه منتفع به للزوجة مت: "شرح حدود ابن عرفة للرصاع يف قوله - (5) .املراجع السابقة - (6)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 192 -

ففي املذهب ثالثة .نافع اليت تتملك باإلجارةأن ينكحها على أن يكون الصداق منفعة من امل -5 أقوال، قول باإلجازة وقول باملنع وآخر بالكراهة، واملشهور عن مالك الكراهة، ولذلك رأى فسخه قبل الدخول، وأجازه من أصحابه أصبغ وسحنون، وهو قول الشافعي، ومنعه ابن القاسم

. (1)...وأبو حنيفةف يف جوازه، وإن عقد به جاز خالفا ملن منعه، لقوله لالختالوالقول بالكراهة؛

﴿:تعاىل

﴾]27:القصص[ .ه أحد األعواض يف املبيعات، فجاز عقد النكاح به كاألعيان يف معىن وألن . (2)املال

ه أم شرع لنا حىت يدل دليل على فسخ هل شرع من قبلنا) أحدمها: (الفهم أمرانوسبب اختواليت هي ةهل جيوز أن يقاس النكاح يف ذلك على اإلجار :)الثاين(؟ والسبب األمر بالعكس

ما هو أصل التعامل إن الغرر اهول، وفيه خالف بني بعض العلماء؛ وذلك أن وعبي مستثناة منوال مقررة قابلتها حركات وأفعال غري ثابتة هي عني ثابتة يف م ةثابتة واإلجار على عني معروفة

.(3)بنفسهابدون ذكر الصداق، ال -على جوازه يف املذهب وأنه قول مالك – أن ينكحها بلفظ اهلبة -6

. (4)حكما وال حقيقة؛ لفساد الصداق أيضا جعالة د بيع أو قرض أو شركة أو لصداق عقإذا وقع النكاح على صداق اجتمع فيه مع ا -7

: أو مساقاة أو صرف يف عقد واحد للجهل مبا خيص البيع، ومجعها أحدهم بقوله (5)

.21-2/20بداية اتهد - (1) .2/751: املعونة - (2) .21-2/20، بداية اتهد 2/751: املعونة - (3) .2/4بداية اتهد – (4) .110إعداد املهج لالستفادة من املنهج يف قواعد الفقه املالكي ص - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 193 -

هاوقع يف املدوه ال جيوز اجتماع البيع والنكاح، ونصال جيتمع يف صفقة واحدة نكاح : " نة أنإذا عقد على املتعة بامرأة بعشرة : ، فإن وقع كان نكاحا فاسدا لصداقه، وصورته(1)"وبيع

مع ) النكاح ( فالعقد قد وقع على جمموع املتعة ... دنانري مثال واشترط عليها أن تبيعه عبدها . (2)انضاف إليها الذي

إذا انضم إىل النكاح عقد بيع قال : " ويلخص لنا القاضي عبد الوهاب هذه املسألة بقولهإذا بقي بعد طرح قيمة مقدار : جيوز، وقال عبد امللك: ال جيوز، وقال أشهب: مالك وابن القاسم

ضات املعاو اح عقد خمصوص من سائر عقودالنك إن: وجه قول مالك. ربع دينار فأكثر جازه جيوز أن يكون العوض يف مقابلة البيع فيعرى بأحكام العوض ال يوجد يف غريه من العقود، وألن

البعض من عوض ويكون ذلك ذريعة إىل إباحة وإسقاط املهر واعتبارا به إذا مل يبق قسط من مينع صحة ه ليس يف ذلك أكثر من اجلهالة مبقدار املهر، وذلك الإن: أشهب ووجه قول. عوضال

املنع خيفة إن: ووجه قول عبد املالك. -أي كونه معلقا - العقد كما لو تزوجها على حكم زيد، فروعي خالف أشهب داخل املذهب، (3)"أن يعرى النكاح من عوض، فإذا أمن ذلك جاز

(4).وخارجه من احلنفية والشافعية، وصححوا هذا النكاح بعد الدخولشغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، أو : تقول. ق من الرفع وهو مشت :غارالشنكاح -8

لت من الناس، ولذلك استعمل يف النكاح صداق بينهما، وشغرت البالد إذا خمن اخللو وهو رفع ال . (5)بدون مهر

.صريح الشغار، ووجه الشغار ومركب منهما: وهو ثالثة أقسام

.2/216املدونة –(1)

.2/240شرح احلدود مع الرصاع - (2) .768-2/767املعونة - (3) .2/284: ، جواهر اإلكليل اآليب3/302: منح اجلليل - (4) .2/50، حاشية العدوي على الرسالة 3/700الصحاح - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 194 -

غارصريح الش: (1)"هو خلو البضع من الصداق :"فه ابن عرفةعر.

جك ابنيت أو زوجين ابنتك أو أختك أو من تلي أمرها حىت أزو: أن يقول: وصورته ، ويكون بضع كل واحدة منهما يف مقابلة بضع أيل أمرها، وال يكون بينهما مهر أخيت أو من

.(2)خرى، وقيل له شغار الرتفاع املهر بينهمااأل :مقال ابن عاص (3).

ى - صلى اهللا عليه وسلم -الرسول أن « :جاء يف صحيح البخاري ومسلم عن ابن عمرفذهب العلماء مجيعا إىل حترمي هذا النكاح . (4) »غارعن الش.

أمجع العلماء على أن" :قال ابن عبد الرب (5)"غار ال جيوزنكاح الش . هي يف احلديث بطالن هذا النكاح؟اختلفوا هل يقتضي الن لكن

هذا العقد فاسد إىل بطالن هذا النكاح، وأن(8)واحلنابلة(7)والشافعية(6)املالكيةفذهبت . وجيب فسخه قبل الدخول وبعده

: فمن قوهلمول قبل الدخ: غار على كل حال، أييفسخ نكاح الش" :يف املدونة - رمحه اهللا–قول مالك • .(9)" وبعده

. 1/260: شرح حدود بن عرفة مع الرصاع - (1) .2/226: النهاية البن األثري - (2) .1/173: رح ميارة على التحفةش: ينظر - (3)، والبخاري يف النكاح 327ص ) 1134 (جامع ما ال جيوز من النكاح : أخرجه مالك يف موطئه يف النكاح باب - (4) . 5/318)1415(حترمي نكاح الشغار وبطالنه : ومسلم يف النكاح باب ،9/74) 5112(الشغار : باب

.9/129: نقله ابن حجر يف الفتح - (5): ، شرح ميارة على التحفة 2/57: ، بداية اتهد 237، الكايف ص 2/757: ، املعونة 99 – 2/98: املدونة - (6) . 1/285: ، وجواهر اإلكليل لآليب 1/507: والبهجة للتسويل. 1/173

. وما بعدها 3/220ج ا، ومغين احملتاج شرح املنه 347 ص الرسالة :وينظر ،5/174: األم للشافعي - (7) . 6/641: املغين - (8)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 195 -

فهو –غار الشأي –فإذا وقع النكاح على هذا ": األم"يف - رمحه اهللا –وقال الشافعي •ا فلها املهر بالوطء وي ق بينهمامفسوخ، فإن دخل(1)فر.

جه وليته على أن يزوجه اآلخر وليته، فال نكاح بينهما وإن مسوا وإذا زو" :وجاء يف املغين• .(3)قا بينهماهما فروروي عن عمر وزيد بن ثابت أن . (2)"مع ذلك مهرا

. (4)وذهب احلنفية إىل صحة هذا العقد مع وجوب مهر املثلبنته أو أخته ليكون أحد العقدين اجه اآلخر بنته على أن يزواج الرجل وإذا زو: "هلدايةقال يف ا

هذا النكاح : ، وقالوا(5)"مثلها وضا عن اآلخر، فالعقدان جائزان، ولكل واحدة منهما مهر عدخل فيه شرط فاسدد أمؤب، والشروط الفاسدة ال تبطل العقد، وإنالفاسد طلغى الشرما ي

-أي كون البضع صداقا -ح مهراهو نكاح سمي فيه ما ال يصل: كما قالوا .(6)ويصحح العقدفينعقد موجبا ملهر املثل، كالنكاح املسمى فيه مخر (7)أو خرتير .

(8).ونقل القول بعدم الفساد عن عمرو بن دينار ومكحول والزهري والثوري

وجه مراعاة اخلالف يف املسألة : بوا عليه غار بصداق املثل، فرتلكية خالف احلنفية القائلني بصحة نكاح الشاراعى بعض امل

ة من حيث الفسخ، ويثبت إنه يفسخ بطالق وينشر احلرمة وفيه العد: آثار العقد الصحيح، وقالوا . (9)به التوارث بني الزوجني، ولكنه يفسخ مطلقا

. 2/98: املدونة - (9) . 5/174: األم - (1) .6/641: ين أليب قدامةغامل - (2) .املصدر نفسه - (3) .2/332، حاشية ابن عابدين 2/276: ائعصن، بدائع ال2/449: اهلداية مع فتح القدير: ينظر مذهب احلنفية - (4) .2/449: اهلداية مع فتح القدير - (5) . 2/276ائع للكساينبدائع الصن - (6) .2/332: حاشية ابن عابدين - (7) .6/641: غينامل - (8) .1/285: جواهر اإلكليل لآليب - (9)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 196 -

يفوت بالعقد، وهو : قيل -أي صريح الشغار –وإذا وقع : " جاء يف شرح احلدود وهذه املسألة. يفسخ مطلقا بطالق ويقع فيه املرياث، وهو قول املدونة: املذهب عن مالك، وقيل

(1)"الف رعي اخل" يظهر وجهها من حد . ي لكل واحدة صداقا، مثل أن يقول وهو أن :غاروجه الشين ابنتك خبمسني زوج: يسم

.على أن أزوجك ابنيت خبمسنيليس فحيث إنه مسي لكل منهما صداقوتسميته بالوجه؛ ألنه شغار من وجه دون وجه،

امها باألخرى فهو ومن حيث إنه شرط تزوج إحد. ر ؛ لعدم خلو العقد عن الصداقبشغا . (2)شغار

يفسخ قبل البناء ال بعده، –على املشهور –أن حكمه عند املالكية : ومراعاة اخلالف فيهبناء على أن فساده من جهة صداقه فيفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق املثل؛ مراعاة ملن

. (3)قال بأنه ال يفسخ مطلقا، ال قبل وال بعد دون أخرى، مثل أن يقول :رغامركب الش ي لواحدةزوجين ابنتك خبمسني : أن يسم

.(4)على أن أزوجك ابنيت بغري شيءأنه يفسخ قبل - على املشهور –فحكم هذا النكاح املركب من صريح الشغار ووجهه

مل يسم ، ويفسخ نكاح اليت)كما يف وجه الشغار ( البناء ويثبت نكاح املسمى هلا املهر بعد البناء . (5))كما يف صريح الشغار ( هلا، وليس هلا إال صداق املثل

ها تفسخ فجميع هذه األنكحة فاسدة عند املالكية ألجل الصداق، ومقتضى املذهب أنا داخل املذهب، أو خارجه كاحلنيفة الف إماخلراعوا فيها مهأن إال: مطلقا قبل الدخول وبعدهت بعد بثها تإن: فقالوا، والشافعية واحلنابلة القائلني بتصحيح بعضها القائلني بتصحيحها كلها،

.1/261شرح احلدود مع الرصاع - (1) .2/57، بداية اتهد 2/52حاشية العدوي - (2) 2/53حاشية العدوي - (3) .2/52حاشية العدوي - (4) .نفس املرجع - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 197 -

الدخول بصداق املثل مراعاة للخالف، وتفسخ قبله، ويثبت ا التوارث بني الزوجني، ونشر (1). احلرمة، ويكون فسخها بطالق

فائدة ] :ه يفسخ قبل الدخوليف تأويل قول مالك إن .[ ه يفسخ قبل بنا يف تأويل قول مالك إناقد اختلف أصح: "وهابيقول القاضي عبد ال هم من محله على اإلجياب تغليظا وعقوبة هلما لئال يعودا إىل مثل ذلك، ومنهم من نفم: الدخول

ق قد االصد ألن ؛حتياطا وخروجا من اخلالف، فإن وقع الدخول مل يفسخامحله على االستحباب . ، بل يراعى فيه اخلالف املصحح(2)" يفسخ قبل الدخول وجب فال يؤخذ املعىن الذي ألجله

. 311 -2/310: كليل لأليبجواهر اإل - (1) . 752/ 2: املعونة - (2)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 198 -

ألجل شرط فيهابعض األنكحة الفاسدة : رع الثالثلفا .

ا بإسقاط شرط من شروط صحة النكاح تفسد إم –مبفهوم الشرع - األنكحة الفاسدة إن ، أو لتغيري حكم - يف الفرعني السابقني اوقد جعلنا هلا نصيب -املتعلقة بالعقد أو املتعلقة بالصداق

ا بزيادة تعود إىل إبطال شرط من شروط واجب بالشرع من أحكامه مما هو عن اهللا عز وجل، وإمما اختلف العلماء ها ال تفسد النكاح باتفاق وإنا الزيادات اليت تعرض من هذا املعىن فإنأم. الصحة

ىرسرط عليه أن ال يتزوج عليها أو يتتشزوم هلا مثل أن ييف لزوم الشروط اليت ذه الصفة أو ال ل . (1)أو ال ينقلها من بلدها

وإن كان ذلك عند -ه إذا شرط الرجل للمرأةاألمر عندنا أن:" رمحه اهللا -فقال مالكأن يكون بيمني طالق أو ، إالشيءذلك ليس ب ال أتسرى، إنو أن ال أنكح عليك - النكاح ةعقد

. أي يلزمه الوفاء بالشرط (2)". لك عليه ويلزمهعتاق فيجب ذأن ال مرأة علىاسئل عمن تزوج -اهللا رمحه -مام مالكااإل جاء يف البيان والتحصيل أنو

ينبغي له أن يفي هلا مبا قال، وال يقضي بذلك عليه، فإن أىب أن يدعها : "مينعها من املسجد فقال . (3)" فذلك له، وله أن مينعها

وهو مذهب علي بن أيب طالب (6)وسفيان (5)والشافعي (4)حنيفة قال أبووكذلك شرط : " ه رفع إليه رجل تزوج امرأة وشرط هلا دارها فقال عليفقد روي أن -رضي اهللا عنه -

. (7)" ، ومل ير هلا شيئا"قبل شرطها: اهللا قبل شرطهم أو قال

.2/58بداية اتهد - (1) . 324ص)1125(ما ال جيوز من الشروط يف النكاح: املوطأ كتاب النكاح باب - (2) . 4/5البيان والتحصيل - (3) . 149-2/148، وتبيني احلقائق 20/140ة القاري للعيين ، وعمد459-2/458: اهلداية مع فتح القدير - (4) . 7/264، وروضة الطالبني للنووي 4/604، معامل السنن للخطايب 227-266/ 3: ين احملتاجغ، م2/60: املهذب - (5)ف الفقهاء ختالا، واملروزي يف 20/140، والعيين يف عمدة القاري 4/604ايب يف معامل السنن طحكى عنه حنو هذا اخل - (6) . 340: ص . 231/ 6: ، مصنف عبد الرزاق16/144: كاراالستذ - (7)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 199 -

﴿: واملراد بقوله شرط اهللا قبل شرطها قوله تعاىل

﴾ ]6: الطالق[ . اده والليث تبن سريين وقاب والنخعي واحلسن وربيعة ويد بن املسوذا املذهب قال سعي

(1). وأمحد يف رواية سه بلغه أن سعيد بن املروى مالك أنل عن املرأة سئ -السبعة باملدينة ءلفقهااوهو أحد - بي

ا من بلدها، فقال سعيد بن املتشترط على زوجها أن سه ال خيرجا إن شاء:" بي أي (2)" خيرج . الشرط ال يلزمه أن

بن شهاب كان من أدركت من اربمة هلا شرطها وعليه الوفاء، وقال زاعي وابن شووقال األ . (3)ثور والعلماء يقضون ا، وكذلك قال أمحد بن حنبل وإسحاق وأب

وية بن أيب سفيان وسعد بن أيب وقاص، ومعا: روي عن عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنهوهو امل . - رضي اهللا عنهم –وعمرو بن العاص

عن رجل تزوج على أن ال خيرجها من دارها، - رضي اهللا عنه –وسئل عمر بن اخلطاب .(4)" قوق عند الشروطهلا شرطها واملسلمون عند شروطهم ومقاطع احل: " فقال عمر

ا العموم معارضة العموم للخصوص، فأم: هو -رشدبن اكما يذكره - وسبب اختالفهم : ب الناس فقال يف خطبتهخط -صلى اهللا عليه وسلم - النيب أن: رضي اهللا عنها -فحديث عائشة

. (5)»كل شرط ليس يف كتاب اهللا فهو باطل ولو كان مائة شرط«

، املبدع 227-6/229: ، ومصنف عبد الرزاق20/140: ، والعمدة4/72: ينظر اإلشراف على مسائل اخلالف - (1)

. 7/80البن مفلح احلنبلي . 16/143: االستذكار: وينظر، 325ص ما ال جيوز من الشروط يف النكاح: املوطأ كتاب باب - (2): افنصواإل 7/80، واملبدع 7/448: ، واملغين2/58اتهد ية، وبدا340روزي صمختالف الفقهاء للا: كذا يف - (3) . 5/211بن مفلح ، والفروع ال8/154-155

. 16/176: بن عبد الربالكار ذست، اال6/227: مصنف عبد الرزاق - (4) )456 (ذكر البيع والشراء على املنرب : ، والبخاري يف الصالة باب475ص)1519 (ق تأ يف العيف املوط كأخرجه مال - (5)إمنا الوالء ملن أعتق :تق بابالعسلم يف م، و 4/455)2168 (شترط شروطا يف البيع ال حتل اإذا :ويف البيوع باب 1/691) 1504(5/463.

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 200 -

أحق «: ه قالأن - صلى اهللا عليه وسلم- اخلصوص فحديث عقبة بن عامر عن النيب أما و البخاري ا، واحلديثان صحيحان خرجهم(1) »به الفروج استحللتم االشروط أن توفوا به م

وهو لزوم الشروط (3)ند األصوليني القضاء باخلصوص على العمومعاملشهور أن إال (2)ومسلم (5).وإن كان املشهور خالف ذلك .(4)العتبيةوهو ظاهر ما وقع يف

؟ )الذي ال يقتضيه العقد وال ينافيه(اجلائز هذا فيما خيص هل يلزم الوفاء بالشرط إذا وقع فمنه ما -لفساد شرط فيه -النكاح الفاسد أن حكم :وأما العقد نفسه فتحقيقه

سقاط شرط متفق على وجوب اتفق على فسخه قبل الدخول وبعده وهو ما كان منه فاسدا إل، ومنها ما اختلف فيه )فأسقط شرط احملرمية(أن ينكح حمرمة العني : صحة النكاح بوجوده مثل

. حبسب االختالف يف ضعف علة الفساد وقوا ولما يرجع من اإلخالل بشروط الصحة، يبطل )ودهكإسقاط شرط متفق على وجوب النكاح بوج(فالشرط املخالف جلوهر العقد

الشافعي وأمحد، ويبطله قبل الدخول ال بعده عند اإلمام مالك، وال : النكاح مطلقا عند اإلمامنيوعدمه )العقد والشرط(يبطله مطلقا عند اإلمام أيب حنيفة، وهذا بالنظر إىل انفكاك األصلني

إىل عدم االنفكاك أبطل يبطل العقد، ومن نظر نظر إىل االنفكاك أبطل الشرط ومل فمن. عندهم .الشرط والعقد قبل الدخول، وأبطل الشرط ومل يبطل العقد بعده

: سلم يف النكاح بابم، و5/381)2721 (ر عند عقدة النكاح الشروط يف امله: أخرجه البخاري يف الشروط باب - (1)

. 5/319)1418 (الوفاء بالشروط يف النكاح مصري الوالء ملن : ، كتاب العتاق و الوالء باب وخرج اإلمام مالك يف موطئه احلديث األول منهما: قلت - (2) . 475ص) 1519(أعتق

ن ممز، ومل خيالف يف ذلك أحد ئلفا على أن التخصيص للعمومات جاخم، سلفا وتفق أهل العلا: " وكاينشيقول اإلمام ال - (3) ."إنه ال عام إال وهو خمصوص : لييعتد به، وهو معلوم من هذه الشريعة املطهرة، ال خيفى على من له أدىن متسك ا، حىت ق

. 1/354ول ج فحإرشاد البن ابن القاسم وأشهب، وابن حبيب، وقد مجعها من مساع اهو تلميذ ، و255: ت (ية للشيخ حممد العتيب بكتاب العت - (4)

جروا الواضحة هبن القاسم، فحازت القبول عند العلماء فانافع عن اإلمام مالك، وما مسعه من أصبغ وسحنون وغريمها عن : د ، وينظر: ر خليل صشرح خمتصلألمري . مقدمة اإلكليل. ة عليهاب، واعتمدوا العتبية، وقاموا بشرحها والكتا)بن حبيبال (

. 84للمصطلحات واألمساء يف فقه مالك لعبد املنعم شليب ص دليل السالك . 59-2/58بداية اتهد - (5)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 201 -

كأن تشترط املرأة أال تسكن مع ضرا (وأما الشرط املخالف لشيء من مقتضيات العقد فيبطل، ولكنه ال يبطل العقد عند الشافعي وأمحد وأيب حنيفة، ويبطله قبل الدخول ال ) أو حنو ذلك

. (1)ده عند املالكبعهلذا النوع من ) رمحه اهللا(معاملة اإلمام مالك –فيما سبق ذكره –ومما يلفت االنتباه

األنكحة إذا تعلق ا شرط فاسد، ففي األكثر يفسخها قبل الدخول ويثبتها بعده، واألصل عنده والة األسواقسد أنه يفوت حبفيه أن ال فسخ، ولكنه حيتاط مبرتلة ما يرى يف كثري من البيع الفا

ويشبه أن تكون هذه عنده هي ) أي بقياسه على االختالف احلاصل يف البيع الفاسد(وغري ذلك وكأن هذا راجع عنده" ...األنكحة املكروهة وإال فال وجه للفرق بني الدخول وعدم الدخول

دليل عنده قويا فسخ قبله وبعده، إىل قوة دليل الفسخ وضعفه، فمىت كان ال - أي اإلمام مالك– .(2)"ومىت كان ضعيفا فسخ قبله ومل يفسخ بعده

.هو معىن مراعاة اخلالف أو املختلف فيه إذا كان دليل اخلصم قويا وهذا ألجل شرط فيها ، واليت حترم ابتداء -عند املالكية–ومن أمثلة هذه األنكحة الفاسدة

مل تفسخ مراعاة خلالف بعض املذاهب وحصل الدخول، ولكنها إن وقعت وتفسخ قبل الدخولولكن تثبت ويسقط -كاحلنفية القائلني بصحتها كلها والشافعية القائلني بصحة بعضها–األخرى

:الشرط الذي ال جيوزعلى أن ال -1:قبل الدخول وجوبا .. سخ وف:" ذكر خليل يف خمتصره مجلة منها قائال

أو على إن مل يأت بالصداق لكذا فال نكاح - 3 .يار ألحدمها أو غري خبأو – 2. تأتيه إال ارا . (3)..."كأن ال يقسم هلا، أو يؤثر عليها: وما على شرط يناقض ... - 4 .وجاء به

: وتفصيلها كاآليت

، 2/212الشرح الكبري على خمتصر خليل : ، وعند املالكية2/303عند احلنفية ، الدر املختار للحصكفي : يراجع - (1)

، كما 15-7/14املغين البن قدامة : وما بعدها، وعند احلنابلة 5/319رح النووي على صحيح مسلم ش: وعند الشافعية ، 440، 2/418، وحبوث مقارنة لفتحي الدريين 44ين شعبان صوط املقترنة بالعقد لزكي الدنظرية الشر: يراجع

.فما بعدها 80وحماضرات يف الفقه املقارن لرمضان البوطي ص(2) - 2/59: تهد بداية ا. .112ص :املختصر - (3)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 202 -

ال تأتيه إال ارا أو إ كأن يتزوجها على أال ؛يسميه املالكية نكاح النهاريةو: نكاح املسيار -1، ويثبت بعده النكاح قبل الدخول وجوبا لفساده ، فيفسخ هذاأو ال يأتيها إال كذلك ليال

.(1)بصداق املثل مراعاة للخالف ويسقط الشرطهلما معا أو لغريمها يوما أو أكثر ألحد الزوجني أو (2)إذا عقد النكاح على شرط اخليار -2

.مراعاة للخالف ، ويثبت بعده بصداق املثلالدخول وجوبا فيفسخ النكاح قبل أو اختارت املرأة إن كان اخليار هلا، ،نكاح قبل انقضاء أيام اخليار هلاوهذا إذا اختار الزوج ال

أو اختار الغري الذي له اخليار، وأما إذا مل خيتر من له اخليار حىت انقضت أيام اخليار فال نكاح .بينهما ويفسخ قبل الدخول وبعده

، كما لو قال ألجل مساه فال نكاح بني الزوجنيت بالصداق النكاح على شرط إن مل يأ -3فإن مل ما،كزوجتكها على أنك إن مل تأت بالصداق أول الشهر القادم فال نكاح بين: الويل

ويفسخ قبل الدخول نكاح بينهما، يأت بالصداق أصال أو جاء به بعد انتهاء األجل فالقبل الدخول ويثبت : بل انتهائه يفسخ النكاح، وإن جاء بالصداق لتمام األجل، أو قدهوبع

. (3)بعده بصداق املثل مراعاة خلالف من صححه يف هذه احلالة مطلقا :أن يكون يف العقد شرط ينايف مقصود النكاح، كما يف الشروط اآلتية -4

.أن يشترط أال يقسم هلا يف املبيت مع ضرا أو ضرائرها - أ .عل هلا ليلة ولضرا ليلتني أن يشترط أن يؤثر عليها غريها كأن جي - ب .ليس هلا مرياث ن أن يشترط أ - ت، أو هلا نفقة معينة كل شهر أو كل يوم، أو نفقته عليها أو على أبيهاأن يشترط - ث

وذلك للغرر بسبب اجلهل ،)الربيب(ينفق على ولدها من غريه شرطت عليه أن .، وألا تصري جزءا من املهر مبقدارها

.يه أن أمرها بيدهاأن تشترط الزوجة عل - ج

: الذخرية للقرايف : ، وينظر 2/233: الكايف البن عبد الرب : هذا مذهب ابن القاسم ، وينظر قول مالك فيها يف - (1) . 2/284كليل إل، جواهر ا 3/302، منح اجلليل 4/404

. االختيار واملشاورةنعم أقبل الزواج ولكن يل:كأن يقول أحد الزوجني أو كالمها - (2) . 3/303: ينظر منح اجلليل - (3)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 203 -

، لكنهم قالوا إن وقع ودخل الزوج بالزوجة يثبت ح يف هذه احلاالت فاسد يف املذهبفالنكاه صداق املثل ويصحح مراعاة خلالف من قال بصحته من أصحاب املذاهب األخرى، ويكون في

.(1)ويلغى الشرط

الصة هذا املبحثخ: ، وهو الذي وأصل هذا: لقاسم يف املدونةابن اويف حكم األنكحة املختلف فيها، يقول

من مسعته من قول من أرضى من أهل العلم أن كل نكاح اختلف الناس فيه ليس حبرام من الله والومما يبني ذلك ... ، مثل املرأة تتزوج بغري ويلرسوله، أجازه قوم وكرهه قوم، أن ما طلق فيه يلزمه

.أن يكون الفسخ فيه تطليقة أحب ما فيه إيل، فأن نكاح املحرم قد اختلف فيهما ذلك ق قبل الفسخ إنوأما الذي ال يكون فسخه طالقا، وال يلحق فيه الطالق إن طل

النكاح احلرام الذي ال اختالف فيه مثل املرأة تتزوج يف عدا، أو املرأة تتزوج على عمتها، أو نكاحه ال اختالف يف حترميه، ألن ؛فهذا وما أشبههعلى خالتها، أو على أمها قبل أن يدخل ا،

وال حترم فيه املرأة إذا مل يكن فيه مسيس على ولد وال على والد وال يتوارثان فيه إذا هلك أحدمها ، وإن طلق الناس فيه فالفسخ يف ذلك تطليقة وال يكونان به إن مسها فيه حمصنني ، فأما ما اختلف

على ما طلق، ومما يبين ذلك أنه لو رفع إىل قاض فرأى إجازته فأخذ به الزوج فيه فهو طالق الزم نفذه؛ ألن قاضيا قبله قد أوأجازه، مث رفع بعد ذلك إىل قاض غريه، مل يكن له أن يعرض فيه و

ا اختلف فيه،وممأجازه، وحكم به، وهو ممه لو تزوج رجل شيئا مما اختلف ا يبني ذلك أيضا أنيدلك على أن بنه وال ألبيه أن يتزوجها، فهذامل حيل الخ قبل أن يدخل ااس فيه، مث فسالن

. الطالق فيه يلزم . (2)هذا الذي قاله لرواية بلغته عن مالك : قال سحنون

، 2/238:، والشرح الكبري مع حاشية الدسوقي81ص: مواهب اجلليل للحطاب : ذه الفروع هلينظر حترير الكالم - (1)

اح إيض"، تطبيقات قواعد الفقه عند املالكية من خالل كتايب 1/275: ، والبهجة شرح التحفة2/284جواهر اإلكليل .) 51قاعدة رقم( 209ص" لعبد الرمحن الغرياين" شرح املنهج املنتخب"و " املسالك

. 2/98: املدونة - (2)

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي و عمل المجتھد و المفتي

- 204 -

أخذ به لرواية العتبية عن مالك وهذا صحيح على ما اختاره ابن القاسم : "وقال ابن رشد .(1)كاح اختلف الناس فيهمن أن الطالق واملرياث يكونا يف كل ن

: وقد نظم ابن عاصم هذه القاعدة فقال

: قال يف حكم فاسد النكاحو

(2)

وإنما ،إذ الغرض ليس هو االستقصاء ،وحسيب يف هذا الباب ما ذكرت من هذه املسائل . ...بيان أن الفقهاء قرروا مبدأ األخذ مبراعاة اخلالف وعملوا به يف اجتهادام وفتاويهم

. 6/336، 4/369: البيان والتحصيل - (1) .1/171حفة ت، وشرح ميارة على ال1/501البهجة شرح التحفة : ينظر - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 205 -

: متهيد يومنا إىلبروز مذاهب فقهية خمتلفة منها ما بقي إىل اإلسالمياالهتمام الشديد بالفقه ىأد

القواعد الفقهية املتناثرة بني و األصوليةر طويال، هذا فضال عن بعض املفاهيم منها ما مل يعمهذا و .املذاهب القائمةكتب اخلالف و اثناي

مؤسسيها بأمساءالفقهية واقترنت أو اإلسالميةيت تلك املدارس الفقهية باملدارس وقد مس ..هي مناهج يف فهم إمناو.. شرع جديد إحداثوال لإلسالموهي على كثرا ليست جتزئة

، فعمل الفقهاء يعتمد رهامن مصاد األحكاميف تفسري نصوصها وطرق استنباط أساليبالشريعة و .(1)على النص ومبناه يدور حوله

.. يقف عند عدد حيصرها أنال ينبغي اإلسالميةمتنا أفقه أن إليهنصل أنفالذي نريد ميتد لفقه الصحابة، لفقه التابعني، لفقه تابعي التابعني، وفقه أن، بل جيب أكثر أومثانية أو أربعةنستفيد من أناملعتربة، فينبغي األخرى اإلسالميةفقه املذاهب . .اآلخرين األئمةو األربعة األئمة

. .تابعيهمهذه الثروة العلمية اهلائلة واملهمة اليت جندها عند هؤالء التابعني وبعدهم تابعي املقررة يف كل األحكاميف الدارس هلذه املذاهب يالحظ بوضوح وجود خالفات أن إال

وجب أوما هو السبب الذي ! ؟د منا ما هو الدافع لكل هذا مذهب فقهي، وقد يتساءل الواحالسنة مرجعيتنا ، و القرآن أليس.. ؟ أصالوملاذا نشأت هذه املذاهب ! ؟ أوجدههذا اخلالف و ! ؟ إذافلماذا خنتلف –جزء كبري منه يف الفصل التمهيدي إىلشرنا إن كنا أو –على ذلك التساؤل اإلجابةوقبل

العملية اليت اصطلح العلماء على تسميتها األموراملذاهب الفقهية يف أن إىل شارةاإلمن البد املسلمني على خمتلف مذاهبهم نألذلك ؛تبحث موضوعات العقيدة ومسائلها أندون " الفروع "

.130مدخل لدراسة الشريعة ، لعبد الكرمي زيدان ، ص - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 206 -

بعد ما يكون العقيدة هي أؤون ظالل عقيدة واحدة هي عقيدة التوحيد اخلالص، وهذه الفقهية يتفي .تباين بني اثنني، وهي بذلك مبنأى عن شوائب اجلدل ومزالق االختالف فيها

﴿:ولعل قوله تعاىل ﴾]األمرما يوضح هذا . ]10: براهيمإ ميكن االختالف حوله ال اآليةالتساؤل الوارد يف هذه أن إذويكشف عن جوانب احلقيقة فيه،

ذلك معناه خروج نرأيني؛ أللة يف املسأ أن: يقال أن – إذن –عليه، فال يصح اإلجاباتد تعدو إطارضمن على العقيدة وجمافاة لروح التوحيد، ومن هنا كان موضوع الدراسة الفقهية منحصرا

وما ،)املعامالت ( أنفسهممجال العالقة القائمة بني البشر كة كالقضايا التعبدية ويلاألمور العم .(1)احلدود وحنو ذلك إقامةو اإلدارةيتبع ذلك من نظم

مرتكزا حول أشكالهخمتلف األحوال جبميع صوره ووعليه مل يكن اخلالف الفقهي حبال من صلى (نبوة حممد "أو" وحدانية اهللا تعاىل"إذ مل ينشأ خالف حول ين، الد أصول أوالعقيدة أسس

ين ما هو معلوم من الد أواخلمسة األركانفرضية أو، قرآينال اإلعجاز أو) " اهللا عليه و سلم دخالء لإلسالم، هم منسوبون اختلفوا فيهالذين خاضوا يف مثل هذه املسائل وا إن، بل "بالضرورة

.عليه القواعد الكلية الثابتة إىلاخلالف الفقهي مل يتطرق أن إىل أشري أنمبكان األمهيةمن ولعل

هل " عدد ركعات صالة الفجر "عرف مثال خالف بني الفقهاء حولمل ي إذ، مياإلساليف الفقه من هنا ميكننا حتديد اخلالف أنها ركعتان؛ ومجيع الفقهاء يتفقون على إن.؟ أكثرهي ركعتان أو

.هية غالبيته على الفروع الفقمقصور يف جممله و بأنهالفقهي أركاا ومل ينشر نوازع الفرقة ض ومل يقو مةاألد ضيف ع اخلالف الفقهي مل يفت إنمث

هذا النوع من أن إذمون، على عكس ما يظنه املتوه األمر إن، بل بذور الشقاق بني املسلمنيو اخلالف ال يعين مطلقا معىن الرتاع و اخلصام ؟

ف اختاللعصور واملصاحل ،ا البيئات ويف، اختالف هو تفاوت يف املدارك االستنباطية إنماوغة العربية واملراد من اختالف يف طبيعة تراكيب اللمن معىن، ألكثرمن النص احملتمل املراد يف فهم؛ لألخبارواختالف يف االطمئنان القليب ختالف يف صحة بعض نصوص احلديث النبوي،، ااأللفاظ

اخلالف الفقهي " اننيبعنو –املفيت السابق ملسلمي فلسطني احملتلة –ين يمحد العبلزهر ، حبث للشيخ أمحد عبد اهللا أجملة األ - (1)

. 354ص، م199-هـ1414حمرم –ول السنة السادسة و الستون اجلزء األ –" بني األساليب اللغوية و النظائر األصولية

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 207 -

–محه اهللا ر –مالك ماماإلال يتقبله، مثل ما جنده عند أوقلب اتهد للدليل فيتقبله يطمئن أن يعينال أن قلبه: جد له موقفا تاملدينة ف أهلالف عمل خيكان اخلرب إذاعند شروطه لقبوله اخلرب الواحد

العلم ممن هو أهلمهم جدا عندما يصدر من أمروهذا االطمئنان القليب هو . (1)يطمئن هلذا اخلربراا تصو أفقالدراسة الفقهية ووسع رىأثفهذا كله مما ..توافرت فيه شروط االجتهاد أوجمتهد

األصوليونمل يقم لو إذعما ذكرنا، أمهيةال يقل آخربعدا لألمر إنوزادها حيوية ومشولية، بل وملا الفقهية وتدوينها لعاش املسلمون يف ختبط وعدم وضوح رؤية األحكاموالفقهاء باستنباط

–فكان عملهم هذا .. إقامتهاالزمة لتطبيق الفرائض والضرورية ال األمورمعرفة كثري من أمكنهم فأضحى، األمةشعاع املعرفة بني جنبات إلضاءةوسيلة ال مناص منها –جزاهم اهللا خري اجلزاء

رسالة أداءالعلماء الذين مل يألوا جهدا ومل يدخروا وسعا يف بأولئكبذلك مبعث اعتزاز وافتخار تبصرة األمةذاك متأل جنبات إذالكتب تعلن عن ذلك و أمهاتهي العلم ابتغاء مرضاة اهللا، وها

.ونورا اخلالف الفقهي ال ضري من بقائه ما دام ال يعدو حدوده، وهي دائرة أنبعدما عرفنا

ما الذي ضخم اخلالف الفقهي وشغل الناس به على إذن: آخر إشكالبقي –الفرعية األعمال" مراعاة اخلالف" موضوع أمهيةتكمن أينو؟ األوىلرون اخلريية حنو مستهجن منكر مل تعرفه الق

-اتهد(النظر أهلبول قول املخالف واعتباره عند تعين ق أنهاو –اليت حنن بصدد دراستها –اتهد عن فضاليستنكره العامة أضحى، يف عالج هذا الداء الذي يف املسائل االجتهادية) املفيت

: اآلتينيخصصت املطلبني اإلشكاالتعن هذه لإلجابة ؟؟؟واملفيت .غري صورته الطبيعية إىلدواعي تضخيم اخلالف الفقهي -1 ".مراعاة اخلالف"املنهج املتبع يف نبذ اخلالف املذموم بقاعدة -2

املعونة على مذهب أهل املرتبة للقاضي : وينظر . 69،123صدينة حلسن فلمبان، عمل أهل امل خرب الواحد إذا خالف - (1)

.3/1746عبد الوهاب

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 208 -

: غري صورته الطبيعية إىلالفقهي دواعي تضخيم اخلالف : األول طلبامل

كان عالمة صحة شريعتنا، وخصوبة مصادرنا، وثراء فقهنا، أمره أولاخلالف الفقهي إنجنب، يف عصور االجتهاد، برغم إىلجنبا اآلراءو األقوال، فقد تعايشت هذه أئمتناوتسامح

ما قاله وأقصىالتعاون واالحترام املتبادل، إالاختالف منازعها، وتعدد مشارا، ومل يكن بينهم أصبححىت "...حيتمل الصواب رأي غريي خطأ، و اخلطأتمل صواب حي رأيي": جمتهد عن نفسه

ق يف سببا للتفر -وافتخار حمل عز أسالفناذي كان عند ال -هذا اخلالف الفقهي يف الفروع الصفات و األلقاب بأشنعين، ينعت املخالف فيه لغريه الد...

وشغل الناس به على حنو مستهجن ؟م اخلالففما الذي ضخ ، ! : يأيتنلخصها فيما أمور إىلسبب يف ذلك يرجع لا

التقليد املطلق والذي كانت بدايته من اية الدور إىلنوح الفقهاء ج : األولالسبب * هـ ، فركد الفقه واعتراه الضعف 656سنة ) عاصمة اخلالفة العباسية (سقوط بغداد إىلالرابع

التقليد والتزام مذاهب معينة ال حييدون إىلالفقهاء شيئا فشيئا، حىت جنح األولالتوقف عن سريه و إىلباب االجتهاد ودعوة الناس بسد اإلفتاءاملناداة و إىلعنها وال مييلون، حىت وصل م احلال

دالتقي ار بذلك صرح ... (1)ل عنهاباملذاهب وعدم التحواألعمالفكري االجتهادي يف اإلبداعفا وجودها يف كل عصر، وكان اإلسالماليت افترض " اإلسالميةالعلمية الشخصية "، باياراألغلب

الركود عمسادت الفوضى، و أنفتبع ذلك بداهة " األصالة " مات ضاعت مقو أنمن نتيجة ذلك عصرنا احلاضر، ما إىلذلك على االجترار واالختزال واالختصار، وامتد فكوعال أواجلمود، وبد

عدا فترات ظهر فيها ومالتجديد، ولكنها إىل، والدعوة املبدع واالجتهاد احلقمن الفكر يض "التعصب املذهيب " ساد أنذلك أعقبو –تذكر بعد ألسباب –والنتائج األثركانت حمدودة

" احلقائق"سبيل جتاهل " ب التعص" إذ، األقطار، فكان نكبة اعترت تلك اإلسالمية أقطارنابعض اإلسالميةمعامل الشخصية العلمية "، فتهافتت لألصالةومعول هدم .. نازع وداعية االنشقاق والت

األممما عند إىلت احلاجة مساجلهل والتخلف والعجز، ف إىل – األمر آخر – أدىمما " ةاحلق، وساعد على ذلك وقوعها يف براثن األقطاريف تلك األمرر من شرائع وضعية تدب األخرى

.122مدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية لعبد الكرمي زيدان ، ص - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 209 -

عهد إىل، طوعا أو كرها، وبقي معموال ا أجنبيةالسترياد شرائع وقوانني االستعمار، ففتح الباب، اإلسالم أصولسيما الغربية منها مما ينايف األجنبية والفضال عن دخول التيارات الثقافية .. قريب

.(1)ةياإلسالمقافة للث األساسيةوشرائعه، واملقومات أسباب وميكننا رد مجلة إىلالقليل النادر إال، وشيوعه فيما بينهم التقليد بني الفقهاء فشو

: منها أسبابكما األدوار، فالدولة مل تعد ضعف السلطان السياسي للخلفاء العباسيني يف تلك :أوال فما ،ثر يف حياة الفقه والفقهاءدويالت مما أ أحنائهاوقامت يف هاأجزاؤتقطعت وإنماكانت قبل

يف الفقه، ففترت مهمهم اإلنتاجتشجيع واالعتناء م واحلث هلم على عاد الفقهاء جيدون ذلك ال .(2)األسالفثروا الوقوف عند خملفات آو

ا جعل نت تدوينا كامال مع تنظيم مسائلها وتبويبها ممدو اإلسالميةاملذاهب إن :ثانيا .(3)طالستنبااالستغناء ا عن البحث واإىل هذه الثروة الفقهية اهلائلة والنفوس تستريح

هموا فقد ضعفت مهم الفقهاء وات: ب من االجتهادقة بالنفس والتهيضعف الث :ثالثا غري قادرين على تلقي أنهموا العجز عن اللحوق باتهدين السابقني، وظننفوسهم بالتقصري و

بأصولهه والتفق.. د مبذهب معروف اخلري هلم والالئق م التقي أن، واألصليةمن منابعها األحكامزمان االجتهاد املستقل بالرغم من رسوخهم يف –يف نظرهم –وعدم اخلروج عليه، فقد فات

بيسر وسهولة، بل إليهاة وحنوها يصلون من سن أيديهملديهم ووجود مادته بني أسبابهالفقه ويئ هام املعلومات فس واتولكن ضعف الثقة بالن. األولنيمياثل اتهدين أوبعضهم كان يقارب إن ذلك وحنوه جعل الفقهاء يؤثرون فيهالناس، كل ألفهخمالفة ما ب منبالعجز، والتهي اإلحساسو

(4).ويفضلون الراحة والتقليداخلطاب بن ، فهذا عمر )وأسالفهم أسالفنا(مسلكهم هذا خيالف ما درج عليه أنوالشك

نييتب رأيأن ال جيمد على -رضي اهللا عنه – األشعريموسى أيب إىليكتب –رضي اهللا عنه –

.1/68وث مقارنة يف الفقه اإلسالمي وأصوله لفتحي الدريين حب - (1) . 123صمدخل إىل الشريعة اإلسالمية لعبد الكرمي زيدان - (2) .نفسه - (3)

. 124صمدخل إىل الشريعة اإلسالمية ، - (4)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 210 -

فهديت فيه رأيكوال مينعك قضاء قضيت به اليوم فراجعت فيه " :ه فيقول لهه خطؤلخري من التمادي يف قدمي ال يبطله شيء، ومراجعة احلق احلق نتراجع فيه احلق ، فإ أنلرشدك

(1)."الباطلالذي يبتغي الصواب، وهو من –كما ترى – فهذا حث عظيم على االجتهاد الواسع الطليق

إعادةداللة على العمل بقاعدة مراعاة اخلالف؛ ألن فيه يةا على حج لنااستدلاليت األدلة أهم .االجتهاد يف املسائل الفقهية بنظر ودواع جديدة تسوغ هذا النوع من االجتهاد

رسول اهللا إالن قوله ويترك كل واحد يؤخذ م: يقول –رمحه اهللا –مالك اإلماموهذا هم رجال وحنن رجال جنتهد : حنيفة كان يقول عن التابعني أبوو ، (2))صلى اهللا عليه وسلم(

التقيد إىلالفقهاء أولئكدفعت –كما قلنا –ولكن ضعف الثقة بالنفس .... (3)جتهدواكما ا . آرائهمبذهب معني وعدم اخلروج عن

: صر عمل الفقهاء يف هذا الع* بأعمالفقد قاموا –التقليد إيثارهموبالرغم من –يف هذا العصر الفقهاء أن إال

:كمن ذل،)4(نافعةاملذاهب نقل أئمةاملنقولة عن األحكام، فليست كل أئمتهماملنقولة عن األحكامتعليل - أ

وفرعوا عللهاا واستخرجو أئمتهمتعليلها معها، وهلذا فقد عكف الفقهاء على الفروع املروية عن . أساسهاعلى األحكاماستنبطوا لفروع وا

استخالص قواعد االستنباط من فروع املذهب للتعرف على طرق االجتهاد اليت سلكها -بيف رسالته –الشافعي اإلمامه أن بدأالفقه بعد أصولذا متت قواعد علم مام املذهب وإ

. -املشهورة

. 2/311جامع بيان العلم و فضله البن عبد الرب : وينظر 1/72عالم املوقعني البن القيم إ - (1)

.6/388، املعيار املعرب 2/302جامع بيان العلم و فضله - (2) .13/368تاريخ بغداد للخطيب ج - (3)

124صمدخل إىل الشريعة اإلسالمية ، - )4(

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 211 -

ال كل مذهب، فقد يكون الناقل لقوله ناقال قو إمامن املنقولة ع األقوال نيالترجيح ب -جمراعاة أو –استحسانا لقولني قياسا واآلخرا مأخذقد يكون رجع عنه ومل يعلم برجوعه، و

القول حبمله على أدى إذا األصلن الف ، بأالعمل مبراعاة اخل منشأكما تبني لنا من ( –للخالف عقال، فهو غري جار على استقامة وال اطراد فال أوعا ما ال ميكن شر إىل أواحلرج إىلعمومه (1)). اإلطالقيستمر

ه ناملذهب وقواعده، كما أ أصولعلى ضوء ما عرفوه من األقوالفقام الفقهاء بترجيح هذه املذهب، وهذا يقتضي إمامخمتلفة مع قول أوخمتلفة لفقهائه فيما بينهم أقوالتوجد يف املذهب

(2).انووجه الرجح منها األرجحبيان بعضها جمملها وتقييد مطلقها وشرح وإيضاح أحكامهتنظيم فقه املذهب، وذلك بتنظيم - د

أوجه، وحترير األخرىوذكر املسائل اخلالفية مع املذاهب باألدلةودعمها والتعليق عليها،خدمة األعمال يف هذه أنلدعم قول املذهب وبيان رجحانه، والشك األدلةاخلالف، وذكر

(3).توسعا له و توضيحا ملبهمهكبرية للفقه و األعمىن خلفهما التقيد ااجلمود الفقهي والتعصب املذهيب اللذ :السبب الثاين *

تقوم أنالشرعية وما تضمنت من تكاليف، األحكامللمذاهب فتعطلت التكاليف وحال دون أو اجلمود الفقهي " العصبية املذهبية" كانت وإذا، الناس" مصاحل "حتقيق إىلاليت تؤول بوظائفها

وسيلة تأخذ حكم غايتها شرعا لفا –كما ترى –، وهو مآل غري شرعي "التعطيل"هذا إىلسيلة و؛ (4)"معترب مقصود شرعا األفعال مآالتالنظر يف " :–رمحه اهللا –الشاطيب اإلمامكما قال أو

.امآالدمها يف ضوء ف شرعا من حيث املشروعية وعتتكي األفعال أنأي بعدم مشروعية أوحمرما شرعا بتحرمي غايته إذن اجلمود الفقهي أو، التعصب املذهيبفكان

اء جر اإلسالميبتوازن اتمع خيل أننه ممنوع، من شأ" مآل " منهما، من كل إليهما يفضي .على السواء ) املادية و املعنوية ( تعطيل مصاحل الناس احليوية

. 1/72املوافقات للشاطيب - (1) .124ص مدخل إىل الشريعة اإلسالمية - (2) .125صنفسه - (3)

. 4/156املوافقات - (4)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 212 -

إىلالداعي "التعصب املذهيبد والتقلي"الدريين هذين السببني ص لنا الدكتور فتحي ويلخالشارع احلكيم، مل يشرع : " .. فيقول .حتويله عن غري مساره الطبيعيخيم اخلالف الفقهي وتض

إىلمفضيا –يف ظل من الظروف اجلديدة، نتيجة لتطور احلياة بالناس –ليكون تطبيقها أحكامهبان االجتهاد التطبيقي إفوجب حتما مراعاة هذه الظروف .ج حمرمة ال يقرها الشارع احلكيم نتائ، استمرار سنة تطور احلياة بالناس، للحيلولة دون مستمرايبقى قائما و أنالذي ينبغي " يلي رتالت"

صدق تعبري عن عبر أاآليل غري املستبصر الذي يق بيطاملمنوعة شرعا، ومنعا من الت آالتامل إىلاملصري قول – األصوليونوكما حدده الفقهاء –معناه األولن أل؛أو التعصب املذهيباجلمود الفقهي،

هوى جارف، أويكون التزاما بقول الغري، عن محاقة أنالتعصب الفقهي، فال يعدو أمابال دليل، و .(1)"دور مع اهلوى ال ي احلق إذ –مناكما قد –كل ذلك حمرم شرعا أو متابعة عمياء، و

ب املذهيبأضرار التعص : قاصد الشريعة مل" صب املذهيب مود الفقهي والتعمنافاة اجل : "

" مقاصد الشريعة " يتناىف بداهة مع مقتضى – إذن –التعصب املذهيب أوفاجلمود الفقهي باطل إليهاؤدي لشارع باطلة، فما يامضادة أنومضاد ملقصد الشارع من وضعها ابتداء، ومعلوم

(2).ثلهم" أوالالعلم مبقاصد الشريعة " االجتهاد أهليةيشترط يف الشاطيب، اإلمامجل هذا جند من أ

، األصوليونخالفا للشروط اليت يشترطها سائر " خادمة هلا"تعترب يف نظره " املعارف"وما عداها من .على ما سيأيت بيانه

تمع إخاللالتعصب املذهيب بتوازن ا :

القول املفيد يف أدلة ،64احلدود للباجي ص: ، ويراجع يف حقيقة اجلمود الفقهي 1/74فتحي الدريين .حبوث مقارنة للد - (1)

.101االجتهاد و التقليد للشوكاين ،ص .1/76 حبوث مقارنة - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 213 -

املادية وظائفها يف البيئة املعنوية و موارد أداءدون " احليلولة"يعين إنما؛ بالتوازن اإلخاللالواجب حتقيقها فعال يف " مقاصد الشريعة"توفري ما تقتضيه املصاحل العامة واخلاصة، وهذه هي

.لتعطيل معظمها وهو مثرة اختالل التوازن الناشئ عن ا أوهدم جزء منها، إالاتمع، و ".للعاملنينعمة "به اهللا تعاىل ليكون أوحىكرب مورد معنوي أ، يعترب اإلسالميوالتشريع

﴿:من قوله تعاىلوجاء ذلك بصريح النص،

﴾]03:املائدة[ . أحكامهاليت ال تدانيها نعمة يف هذا الوجود، فتعطيل " النعمة"هو –بال مبالغة – اإلسالمف

اجلمود الفقهي، التقليد ارد، أوجراء التعصب املذهيب، –الشاطيب اإلمامكما يقول –تكاليفه أوما تضمنت الشرعية، و األحكامهو يف جوهره حيلولة، دون " التعطيل"دليل ،هذا أوتهاد جدون ا

احليوية، املادية واملعنوية على " مصاحل الناس"حتقيق إىلتقوم بوظائفها اليت تؤول أنمن تكاليف، .السواء إىل هذا التعطيل،وهو مآلوسيلة ،"اجلمود الفقهي" أو" العصبية املذهبية"كانت إذاو

مآالتالنظر يف "و ... (1)حكم غايتها شرعا تأخذفالوسيلة –كما ترى –غري شرعي )غاية(عا من حيث املشروعية وعدمها، يف ف شرتتكي األفعال، أي "...معترب مقصود شرعا األفعال (2).امآالضوء

إذن، )ملذموماخلالف ا إىلسبب أوكوسيلة ( "اجلمود الفقهي" أو" التعصب املذهيب"فكان ممنوع، من " مآل"كل منهما، من إليهبعدم مشروعية ما يفضي أوما شرعا، بتحرمي غايته، حمر ! ماديا، و معنويا كما بينا اإلسالميبتوازن اتمع خيل أننه شأ

يف البيان أوضاع القرآنتعارض التعصب املذهيب مع :

.4/161:املوافقات - (1)

.1/48:حبوث مقارنة - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 214 -

الكرمي يف البيان الذي القران أوضاعيتعارض مع "اجلمود الفقهي" أو "التعصب املذهيب إنهاد يف كل زمن وبيئة، حلفظ التوازن يف اتمع، وعدم تعطيل استمرار االجت : من لوازمه

(3).التكاليف، وسدادا للحاجات املتكاثرة و املتنوعة : وتفسري ذلك

: على نوعني أحكامهجاءت القرآينالنظم أنجاءت أحكاماهللا خللقه نصا وجاء بصيغة قاطعة ال جمال لالجتهاد فيه، وهذه أبانهما :أوال

كآيات األمكنةو األزمنةال ختتلف باختالف أسبابة مسوا ا عن اجلدل ببنائها على تفصيليذلك من العقائد إىلوحترمي الفواحش، وما ... وجوب الصالة، والزكاة والصيام، واملواريث،

ين خذ حكم املعلوم من الدأوالرذائل مما اشتهر عند املسلمني و األخالق أمهاتوالعبادات و .بالضرورة بسنته القولية ) صلى اهللا عليه و سلم ( ن جممال وبينه الرسول آيف القر حكمهما جاء :ثانيا

مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية وتدع للمجتهدين جمال إىلاليت تشري األحكاموهي ،ليةفعواليعة الفهم و االستنباط على ضوء هذه القواعد وتلك املقاصد، وهذا املنهج من ضرورة خلود الشر

.ودوامها اخللود والبقاء والعموم لتفصيل أساستعرض شريعة جاءت على أنوليس من املعقول

مع كثرا الناشئة من كثرة التعامل فإنهااجلزئيات اليت تقع يف حاضرها ومستقبلها، أحكامد قواعواالكتفاء بال اإلمجالمن هذا إذن، فال مناص احلياة متجددة بتجدد الزمن وصور ،لوانهأو

اجلزئية اليت تعرض األحكامهذا حثت على االجتهاد واستنباط بإزاء، والعامة واملقاصد الكليةصاحلة لتنظيم مجيع الشؤون أنهاحوادثها من قواعدها الكلية ومقاصدها العامة وبذلك ظهرت حبق

(1).يوم الدين إىلاالجتماعية والفردية صلى اهللا (ة نبينا سن أنواعنا وما اتصل من اب رباليت يف كت األحكامبيان نوعلى هذا فإ

اجلزئية لألحكاماستخالصا –أهلهمن –املتواصل باالجتهادفريضة أضحىبياا ) عليه و سلم ."ما يتغير إمجالتفصيل ما ال يتغري و " من هذا يتضح معىن قول العلماء يف و لكل الوقائع الطارئة،

.1/87: حبوث مقارنة - (3)

.، بتصرف 66كتاب التشريع و الفقه يف اإلسالم تارخيا و منهاجا لفضيلة الشيخ مناع القطان ص - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 215 -

إىلاللجوء أو –كما مر –يف لتعطيل التك إىليؤدي " دالتوقف عن االجتها" أنال شك و .احملرمني شرعا "التعصب املذهيب " أو، "اجلمود الفقهي"

تباعاالالفرق بني التقليد و : من مجود فقهي أنتجهوما األعمىالتقليد –يف هذين السببني تأسهبقد نتك إنو

صورة مستهجنة مستنكرة إىلالفقهي الفروعي تضخيم اخلالف إىلاملؤديني –وتعصب مذهيب وقد خيطر ببال من يرى هذه اهلجمة الشرسة يف –نه بقي يف النفس شيء إلدى اخلاصة والعامة ، ف

ه الكثري نوقع يف براث وهو بال شك –الصفحات السابقة على التقليد وما خلفه من مجود وتعصب على –تعصب املذهيب، فوجب بيانه على حنو يزيل دوار اجلمود الفقهي والأيعيشون أوممن عاشوا

قيود اجلمود واخلواطر مما علق ا، ولعله يكون بداية للتحرر من األنفسبعض ما يف – األقل -لدى الكثري – املسائل الفرعية العلمية يلتبسالكالم على التقليد يف أن :هدمفاوالتعصب املذمومني

: اتهدين بعينه وبيان ذلك ئمةاألحد أ أواملذاهب إتباعلة مبسأالعمل بقول أو( قول ال حجة لقائله عليه إىلالرجوع : معناه –يف الشرع –التقليد -1

.ت عليه حجةبما ث تباعاالنه يف الشريعة وع، وذلك ممنوع )الغري من غري حجة لتقليد الده، وفأنت مقجيب عليك قوله لدليل يوجب ذلك أنبعت قوله من غري فكل من ات

ين يف الد تباعاال، وهمتبع فأنتقوله تباعاوجب عليك الدليل وكل من أ. يف دين اهللا غري صحيح (1).التقليد ممنوعمسوغ و

، خيرج منه العمل بقول الرسول "ةالعمل بقول الغري من غري حج":فالقول بأن التقليد ن القاضي قول املفيت ، والعمل مبمن العامي والعمل ،، والعمل باإلمجاع)صلى اهللا عليه وسلم(

صلى (العمل بقول رسول اهللا : ة يف مجيع ذلك هلا فإا قد قامت احلج بشهادة الشهود العدول،

.، عن أيب عبد اهللا بن خويز منداد املالكي 2/345نقله ابن عبد الرب ، جامع بيان العلم و فضله - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 216 -

فظاهر، وأما عمل العامي بقول املفيت فلوقوع -يتهعند القائلني حبج- ، وباإلمجاع )اهللا عليه وسلميف الكتاب بشهادة الشهود العدول، فالدليل عنه ماوأما عمل القاضي ،(2)اإلمجاع على ذلك

، وخيرج عن ذلك أيضا قبول (3)وقع اإلمجاع على ذلكاألمر بالشهادة والعمل ا قد والسنة من ا، وأي ه قد دلرواية الرواة، فإن ضا ليست يف احلقيقة قول الدليل على قبوهلا، ووجوب العمل

(1).)صلى اهللا عليه وسلم(اهللا بل قول املروي عنه وهو رسول الراوي،مذهب مجهور العلماء، وأما من أوجبوا –يف غري الصور اخلارجة عنه –واملنع من التقليد

ريهم، فإن التقليد مطلقا وحرموا النظر، فهؤالء مل يقنعوا مبا هم فيه من اجلهل حىت أوجبوه على غ (2).التقليد جهل وليس بعلم

، وهذا )صلى اهللا عليه وسلم( نزل اهللا على رسولهأتبع ما يكون العبد مهتديا حىت ي والفهو مهتد وليس )صلى اهللا عليه وسلم( املقلد املتعصب إن كان يعرف ما أنزل اهللا على رسوله

على نفسه فمن أين يعرف أنه على هدى يف تقليده ؟وكانت همبقلد وإن كان مل يعرف بإقرارهي عن تقليدهم، فمن ترك احلجة وارتكب ما وا نحلجة والا تباعاطريقة أئمة املذاهب املعروفة

من املخالفني ، بل هو عنه قبلهم فليس على طريقتهم )صلى اهللا عليه وسلم( عنه وى اهللا ورسولههلم، وإمنا يكون على طريقتهم من اتملللدليل، و دنقااوة بع احلجخذ رجال بعينه سوى يت

ة يعرضها على قوله، وذا يظهر له خمتارا على الكتاب والسنجيع) صلى اهللا عليه وسلم(الرسولوأهل العلم )صلى اهللا عليه وسلم(ورسوله اهللا، وقد فرق تباعاابطالن فهم من جعل التقليد

فاملقصر يسأل العامل اتهد عن . (3)"مبثل ما أتى به واإلتيانسلوك طريق املتبع اإلتباعبينهما، فإن ض له فريوي له النص فيها من الكتاب أو السنة، وهذا ليس من التقليد يف شيء، املسألة اليت تعر

(2) - العامة عليها ومل خيتلف العلماء أن: قال ابن عبد الربوجل تقليد علمائها و أن هم املرادون بقول اهللا عز:﴿

﴾ ] 7/488(قيطي أضواء البيان للشن: ، و ينظر 2/342جامع بيان العلم وفضله .. ]43:النحل.(

. 822األحكام ص و ابن حزم يف) 2/180(نقله ابن القيم يف أعالم املوقعني - (3) .63صاد إىل ترك التقليد و إتباع ما هو أوىل ، أليب اخلري نور احلسن ابن أيب الطيب القنوجي ، املثلى يف اإلرشالطريقة - (1) .الطيب القنوجي أيباخلري بن أليب "القول املفيد يف حكم التقليد "رسالة - (2)

. 33صاملرجع السابق - (3)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 217 -

﴿حكم اهللا سبحانه يف املسألة والسؤال عن احلجة الشرعية طلب بل هو من باب

﴾] 43:النحل[ . أن العمل - ناه وحاولنا اإلجابة عليهالذي طرح شكالاإلمن خالل –وذا يظهر جليا

.مبراعاة اخلالف من دأب اتهدين وليس للمقلد فيه نصيب األربعة عن التقليد وهي األئمةللفائدة نقلت هذه األبيات القيمة اليت تبني ي وإمتاما

سن للعالمة حممد سعيد صقر املدين نقلها عنه أيب اخلري نور احلسن بن أيب الطيب حممد صديق ح ." ما هو أوىل وإتباعالطريقة املثلى يف اإلرشاد إىل ترك التقليد " تهنوجي يف رسالقخان ال

)(

داعية اهلوى املذموم تباعا :ث من أسباب تضخيم اخلالف الفقهيوالثال

التوقف عن االجتهاد يؤدي إىل تعطيل ؛ ألن- وهلذا ذكرته هنا- ينبع هذا السبب من سابقيه، وهو هوى متبع يتناىف جوء إىل اجلمود الفقهي، أو التعصب املذهيبو اللأ -كما مر- التكليف،

لتخرج الناس إالإذ ما جاءت الشريعة ": ي أنزلت من أجله الشريعة كلهامع الغرض األصلي الذ، وعند منصوصا على حكمهاكون ال ت" نوازل"فال بد من حدوث ، (1)"عن دواعي أهوائهم

باع"وهو أيضا ، أو ينظر إليها بغري اجتهاد شرعي ،ا أن يترك الناس فيها مع أهوائهمذلك فإمإت

. 2/128قات املواف - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 218 -

، ، وهو معىن تعطيل التكليف لزوما من التوقف ال إىل غاية فال يكون بد وذلك كله فساد"للهوىاهلوى حمال أن يكون قرينا للحق وهلذا أشار القرآن ألن ؛(2)وهو مؤد إىل تكليف ماال يطاق ﴿ :الكرمي نفسه إىل هذا املعىن بقوله

﴾] 71:املؤمنون[ .

﴿ ﴾ ] 65:النساء[ رأسا للتحكيم الشرعي الذي نصت ذهيب املشوب باهلوى والعصبية إذن، مناف فالتحكم امل

ب وداعية اهلوى متاما،بأي لون من نقيض من التعصال على ، إذ جاءعليه اآلية الكرمية اليت تلونا .، ال نصرة شرع اإلسالم ما يبتغي نصرة مذهبهصاحبه ألن ألواا؛

التمسك بالنصوص اجلزئية وإغفال املقاصد الكلية :السبب الرابع.

التمسك "، يم اخلالف الفقهي إىل صورة مشينةيف تضخمن األسباب اليت ال تقل خطورة وسلمصلى اهللا عليه ( اهللاة رسول بالنصوص اجلزئية من كتاب اهللا تعاىل ومن صحيح سن( ،

من تلك اصد الكلية وعما قصده الشرعوالتشبث ا ، وفهمها فهما حرفيا مبعزل عن املق (1)."النصوص اجلزئية

ه جزئي يف فإن –خالص صاحبه يف الوقوف على النصوصوبالرغم من إ –فمثل هذا العمل قبل عامتهم، ويضخم ورته أمام خاصة الناس ه ص، ويشوبالفقه وبتطبيقه ضررا بليغا ، يضراالهتمام

، وجزئية يف االهتمام هملوة يف اعه راجع إىل ضيق يف الفهم وس، وهذا كلاخلالف بعد توليده .لنصوص با

لى اهللا ص(ه ة نبيال تغفل من كتاب ربنا وسن أن بدواليت ال –اجلزئية " املباين"فالنصوص أن تفقه النصوص ، فالبدالكلية "املعاين"ال تفهم مبعزل عن املقاصد ال تفقه و –)عليه وسلم

.بتصرف هاوما بعد 4/95نفسه - (2)

.و ما بعدها 3/3الشرعية من كتابه املوافقات األدلةينظر ما كتبه الشاطيب يف مطلع كتاب - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 219 -

، حبيث تدور اجلزيئات حول حمور الكليات قاصد الشرع الكليةالشرعية اجلزئية يف ضوء وإطار م (2).، وال تنفصل عنهاترتبط األحكام مبقاصدها احلقيقيةو

ة فالفوضى التشريعية الفردية من خالل هذا املسلك الذي يعتمد تفسري النصوص واألدلاخلالف الفقهي أهم مناشئية الثابتة كانت من بقطع النظر ومبعزل عن املوجهات الكل، اجلزئية

تعريف ":-عملية االجتهاد األصويلضبطا ل -هذا املعىن يقول اإلمام الشاطيب ويف .وتضخيمه، إما حيث جاء جزئيا فمأخذه على الكلية، وحكام الشرعية أكثره كلي ال جزئيالقرآن باأل

(1)." )صلى اهللا عليه وسلم(الدليل مثل خصائص النيب إال ما خصه األصل،عىن باالعتبار أو مب، تفاديا هلا أن تكون منافية يف االجتهاد اجلزئي آالتأي باعتبار امل" عتبار البا"ومعىن قوله

،صويل الذي يعتمد على تعليل النصفهو القياس األ" مبعىن األصل: "وعية، وأما قولهألصل املشر (2).ص، توسيعا ملنطقية النعلة حكمه اليت هي روحه، أو معىن معناه واستنباط

يف تفسري األدلة بيانا خلطورة املسلك املتبع –لشيخ الدريين ومما يدعم هذه احليثية كالم لا ، فاالجتهاد مستمرا ا كانت الظروف متغايرة أبدإذ: "مفاده –اجلزئية مبعزل عن املقاصد الكلية

مراعاة دون "اجلمود الفقهي"، أو )أو احلريف (التطبيق اآليل ة أن يؤدي، خشيأبدا ضرورةروج عن مقتضى أصل ، أو اخلإىل خمالفة الشريعة كليا" املمنوعة آالتامل"الظروف املتطورة، أو

ضمان لالجتهاد –بال ريب –وهذا . "عماد الشريعة، ومالك أمرها"ها ألن العدل واملصلحة؛، كيال يقع ال يتعداه" صل الكلي يف الشريعةاأل"يكون دائرا يف نطاق ، أن)الفقهي(الفروعي

هذا ، ..."اخلالفات املذهبية"وهذا األصل يتفادى الوقوع يف ،"التناقض بني اجلزئي والكليالشرعي اجلزئي مع األصل الكلي يف الشريعة هدم للحكم والتناقض بني احلكم االجتهادي

ه توقف عن مواجهة ألن ؛"التقليد، أو توقف أو اجلمود الفقهيال"ل، وهو يضاهي أو مياثالصحيحصادر يف الشريعة ذات وامل" تناسبها "املتطورة وعن إمدادها باألحكام الشرعية اليت األحداث

(4)."، ال يف الشريعة ، فالعجز يف العقول(3)مرونة عجيبة

-1مؤسسة الرسالة ، ط –بريوت ( قرضاوي صوص الشريعة و مقاصدها ، ليوسف الالسياسة الشرعية يف ضوء ن - (2) .212 ، ص) م2000- هـ1421

.3/274املوافقات - (1) .1/103،ويراجع حبوث مقارنة لفتحي الدريين 3/272هامش املوافقات - (2)

....من املصادر املرنة يف فقهنا اإلسالمي ، املصلحة املرسلة ، و االستحسان ، ومراعاة اخلالف ، و العرف - (3)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 220 -

ياته لقوله اقض بني جزئياته وكلعرف التنسق الذي ال يوهذا ما يستلزمه أيضا منطق التشريع املت ﴿ :تعاىل ﴾ ] 82:النساء[

عن منشئ للخالف الفقهي الفروعي وتضخيمه تصر على هذه األسباب اليت رأيتها أهمقوأ: كما يرى اإلمام الشاطيب–عة يف التحصيل ، وهذه األسباب وما يف معناها راجصورته الطبيعية

، أو تثبت معانيها بالظن من غري تخرص على، والوهو اجلهل مبقاصد الشريعة: إىل وجه واحد" (1)."العلم يف من راسخ ، وال يكون ذلك )التطبيق اآليل أو احلريف (ألول األخذ فيها بالنظر ا

على معىن –ملا سبق –تفسريا الصحابة وينقل لنا اإلمام الشاطيب مقتطفا قد وقع يف عصر ذات يوم، –رضي اهللا عنه –عمر خال: "...ا جدا أدرجته لتمام الفائدة قالما حنن فيه رأيته مفيدرضي اهللا –عباس ها واحد ؟ فأرسل إىل ابنهذه األمة ونبيكيف ختتلف : فجعل حيدث نفسه

فقال ؟ –كتاا واحد و –وقبلتها واحدة ها واحدونبي األمةكيف ختتلف هذه : فقال –عنهما ه سيكون بعدنا أقوام ن، وأ، وعلمنا فيما أنزلما أنزل القرآن فقرأناهإن: يا أمري املؤمنني: ابن عباس

م فيه رأي فإذا كان كذلك اختلفوا، فإذا ، فيكون لكل قوقرؤون القرآن وال يدرون فيما نزليرسل ، فألي، فانصرف ابن عباس، ونظر عمر فيما قال فعرفهانتهره عره عمر وفزج .اختلفوا اقتتلوا

(2)."، فعرف عمر قوله وأعجبه عليه ، فأعادما قلته أعد علي: إليه وقاله إذا عرف الرجل فيما فإن هو احلق؛ –عنهما اهللارضي –ما قاله ابن عباس : "مث يتابع قوله

ما ، وإذا جهل فيفلم يتعد ذلك فيها ،صد اف خمرجها وتأويلها وما قنزلت اآلية أو السورة عرعندهم ، وليسمذهبا، ال يذهب إليه اآلخر إنسان، فذهب كل أنزلت احتمل النظر فيها أوجها، فلم يكن دون اقتحام محى املشكالتيقف م أو، الصوابإىل من الرسوخ يف العلم ما يهديهم

( تخرصال أو، ) األولالنظر ( الرأيببادئ األخذمن بدمن غري تثبت على معانيها بالظن (انتهى كالمه رمحه اهللا ." أضلواالشريعة، فضلوا وال دليل عليه من إذ، الذي ال يغين من احلق شيئا

بع يف عرج على املنهج املتاملوجبة لتضخيم اخلالف الفقهي أل األسبابعن ي حديثي به أو –

.1/104حبوث مقارنة - (4) .طبعة دار الفكر 2/126 قسم االعتصام للشاطيب - (1)

.نفسه - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 221 -

أئمةذلك جراء اخلروج عن مسار غري حممودة و تمآالمن األسبابد عن هذه عالج ما تول .يف املطلب املوايل ك، جند ذلروعيالسلف يف تعاملهم مع االختالف الفقهي الف

" : مراعاة اخلالف " املنهج املتبع يف نبذ اخلالف املذموم بقاعدة : املطلب الثاين يف تربية الناس ،"ة اخلالفمراعا"األصل منهج هذا إبرازهذا املطلب يف أمهيةتكمن

جر على عقول الناس كذا احلوصب املذمومني عالتوذلك بنبذ اخلالف ؛ و)علمائهم و عوامهم (لعباده، جمراه الطبيعي الذي قدره اهللا تعاىل إىلاخلالف الفقهي الفروعي العمل على رد، وأرائهموهم مع اخلالف الفقهي لمني يف تعاملاملس أئمةمن تبعهم من السلف الصحابة و أئمةمسار تباعاو

اليت ميكن األسسعلى البحث عن أذهانناننسى العمل على توطني أن، دون بال تعصب وال تفرقكفاءاتنا اليت هي حمل اعتبار وتقدير، حىت حنول طاقتنا وغلبهم وأ أويتفق عليها سائر املسلمني أنهلذه القاعدة األمسىاملقصد يل وينبئ عن البعد املآ هذا كله، وعن اهلدم حنو البناء –اهللا بإذن –

.كذا العالجيذا املسار الوقائي وههذا املنهج و إتباعيف ) مراعاة اخلالف ( الذهبية من تشعيب اخلالف يف الفروع، ويدين حيد ذا املنهج الذياحللول املقترحة يف ه أهمفمن

روح العدل يف التشريع ، ومن احلق : بع يف العالج التأكد: األولاملسلكمن صالح املنهج و الطريق املت: تشعيب سلك املتبع يف عالج داء تضخيم وخطوة يف هذا العمل معرفة سالمة امل أول إن

ال صالح " ه نحد يف أهذه املهمة، فال يتردد أ اخلالف الفروعي حىت يكون كفيال بضمان نتائجهداها بعد بعد شتات، ووحدها بعد متزق، و، فهو الذي مجعها " اأوهلمبا صلح به إال األمةهلذه

، فكانت حبقأعزها بعد ذل، وبعد فقر، وعلمها بعد جهل وأغناها، الل، وقواها بعد ضعفضالضعف والوهن يف أصاااستمرت كذلك حىت ، ذات قوة وحصانة، وللناس أخرجتة مخري أ

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 222 -

ال ال ح إىلالتمزق ووصلت حىت عاد التفرق وصب املذهيب التعودوار ساد فيها اجلمود الفقهي أفقه املنهج الذي فهمه الصحابة أصول؛ له األصول، البد من وضع حتسد عليها، ولكي يعود البناء

رضي اهللا عنهم ( املسلمني أئمةا فهمه عنهم من تبعهم وتابعيهم و، مث مووحي النبوةمن دستور .) مجيعا

اخل: األول األصلالف الفروعي ال يكون سببا للتفرين ق يف الد : بعد لصاحلالسلف ا أئمةالفقهي يف الفروع قد خرج عن مسار ن االختالف ونظرا أل

لذا كان من . التمزقإىل زيادة مساحة التفرق و أدىالتعصب املذهيب مما استفحال اجلمود والفقهي يف الفروع ال الفتخاال" أنعلى هذا البناء ينص أصولمن أصلالضروري وضع أول

" . ين شيعا، وال يكون سببا للتفرق يف الدتفرق املذمومال إىليؤدي بغض –حد املسلمني مل خيتلف عليها منهم أمتفق عليها بني أصولمثة أناملعروف و

ضروري معروف أمرهو و –ومثة فروع خمتلف عليها –العلمية اليسرية النظرعن بعض اخلالفات اختلف ، والرأياالختالف يف م أقر االجتهاد والسالفالرسول عليه الصالة و –كان وسيكون

!حنن ونتعصب ؟فرق مل يتفرقوا فلماذا نتمن بعدهم والصحابة وأصولهو و –فقوا عليه فلو تعاون املسلمون على تنفيذ ما ات لكان -ين ومجهرة تعاليمهالد

(1).مصاخمصدر تراحم ال يفا ورطالف فيما وراءه شيئا لطيفا واخلالعلماء الذين خدموا األئمة وغريهم من املذاهب املشهورة و أصحاب - اتهدون واألئمة

حدهم نفسه على ال فرض أ، و، لكنهم ليسوا معصومنيرجال كبار –" اإلسالم"القضية الكربى

. 203ص، ) م 2001/ هـ1421- 2دار رحاب للنشر ، ط: اجلزائر ( د الغزايل ممائة سؤال عن اإلسالم حمل - (1)

؟ ملاذا كانت املذاهب الفقهية املعمول ا أربعة ، وماهي ضرورا: حتت عنوان

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 223 -

ى اهللا عليه صل( اهللا قول رسولحنترمهم ل إنما، واحد بعينه منهم باعبإتفنا شرعا ال كلو ،األمة (2).»ويأمر باملعروف وينهى عن املنكر كبرينايوقر و يرحم صغرينا ملا من ليس من «:) وسلم

ذيب اخلالف الفروعي: الثاين األصل التعاون عليهواستثماره و.

الذي –، ال يعين التخلي عن اخلالف الفروعي تعاون املسلمني فيما اتفقوا عليهالقول بووجب استثماره كان هذا االختالف اختالف تنوع إذابل –سيكون حلكمة قدرية كونية كان و

بني يتحقق املقصود يف التكامل وبه يتم الواجب ؛ ألنإللغائهنسعى أن حوال يص، والتعاون عليهكما نا يسع أن، فيجب احتماله وكنه سائغ مقبوللاختالف التضاد و إىلكان يرجع وإذا. املسلمني

لكن و ،ختالفال يفسد الود واحملبة بيننا لوجود هذا النوع من اال، ووسع سلفنا الصاحل من قبل (1).االجتهاد عند االختالفالعلم و أهل إىلالرجوع بذل الوسع يف حتقيقه، ويلزم ضبطه جيدا و

يف ظل وذلك –طبقا لقواعد االجتهاد املعروفة –من البحث العلمي الرتيه إذنفال مانع رع من وراء املسائل الواقعة الشمقصود إىلو؛ احلقيقة إىلالتعاون للوصول و اإلخالصاحلب و

، وترك مسار (2)والتعاون فيما اتفق عليه األصل إىلفالعودة إالو فيهاذلك مت فإذا، واملستجدة .اخلالف الفقهي يسري يف جمراه الطبيعي له

فروعي للمخالف ال اإلنصاف: الثالث األصل : فنا مع أحد مادام ال يعدو حال يف خال بأيةدق أن ال نتخلى عن جانب من الصينبغي

، ألنفسنامبا نريد ننصف املخالف يف هذه الدائرة أن، والفرعية األعمالهي دائرة حدوده، و إىل هتمام مبا يفيد ، وعدم رفع الظيناالاحلوار وسعة الصدر وتقبل النقد ود والتجر إىل باإلضافة

كتاب الرب والصلة داود وأبو طبعة دار الفكر ، من حديث عبادة بن الصامت، )6/403،281(محد يف املسند أرواه - (2)

" امع"، وذكره اهليثمي يف ) 421(رقم ) 1/122(واحلاكم يف مستدركه 4/97)1921(ما جاء يف رمحة الصبيان: باب .محد و الطرباين و إسناده حسن أدار الفكر ، وتعقبه بقوله ، رواه .ط) 12610(

. 94صفقه اخلالف بني املسلمني لياسر حسني برهامي ، - (1): شرحه) اخلالف الفقهي يف الفروع ال يكون سببا للتفرق يف الدين ( ن من أصول الفهم لإلمام حسن البنااألصل الثام - (2)

. 6، ص) م1993 هـ1413- 1.دار الدعوة ، ط: مصر (مجعة أمين عبد العزيز

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 224 -

املراء وعدم ذكر مع البعد عن اجلدل و... (3)األصول إىلالفروع ، و الكلي إىلئي القطعي واجلزليق مبقام العامة اليت ال ت األلقاب إطالقو بابكالسغريها عيوب املخالف وتوزيع االامات و

بينها الستطعنا التقريب الوجهات من النظر و استثمار هذهحاولنا ذلك و مت فإذا، فضال عن اخلاصةاقات املتبددة جراء هذه احلواجز والتشددات اليت الطو اآلراء املتنافرة والفكر املخالفاجلمع بني

من والقرون اخلريية يف أسالفناو تنفيذ املنهج الذي سطره األمانة، ولعدنا حلمل هي يف غري حملها . بإحسانتبعهم

ضخم من عالج ما استهجن و أوبع يف وقاية املنهج املتاملسلك وصحة أوا عن صورة هذ .غري صورته الطبيعية إىلاخلالف الفقهي الفروعي

؟"مراعاة اخلالف"ننبذ هذا اخلالف بقاعدة كيف : ثاين الاملسلك

منهج فهم يكون على أن، وحرصنا على ةعن املنهج املتبع يف هذه العمليبعد عرض صورة أئمةن تبعهم وتابعيهم ومث ما فهمه عنهم م - اهللا عليه و سلم صلى-الصحابة عن رسول اهللا

ائج املرجوة كفالة النتحرصنا على صحة املسلك لسالمة و-رضي اهللا عنهم مجيعا –املسلمني صالح " على ضوء يثمر اجلهد املبذولو –قريبا أمههااليت ذكرنا بأصولهيستقيم لكي يعود البناء و

" . اأوهلمبا صلح به األمةهذه معظم جوانب هذه اجلزئية يغطي أن عرض هذا املنهج بشيء من التفصيل أرجون أنبقي

متده الدراسة أن، مربزا يف ذلك ما ميكن "جمراه الطبيعي إىلاخلالف الفقهي الفروعي إرجاع" أنىل أي مدى ميكنها وإ" مراعاة اخلالف"لقاعدة –املباحث السابقة يف الفصول و –النظرية إىل وإرجاعهاخلالف يف ذيب –القواعد و األصولباملوازاة مع باقي – األخرىهي تشارك

فية كيو –يف املسألة –بعرض بعض ما نقل عنهم األخيار أسالفنااملسار الطبيعي الذي مشى عليه غريها من املزايا و... وإنصافهم للمخالفني اآلخرين آلراءنظرم تعاملهم مع اخلالف الفروعي و

بغري أواملستقى من منهج النبوة بواسطة –حذو مسلكهم أحذوجعلتين أختار منهجهم وسان احل

.نفسه - (3)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 225 -

هذا . الثمرة املرجوة إىلطمعا للوصول غري هدى، و إىلللطريق عن االحنراف صونا –واسطة اجتهادية مؤثرة يف سلوك اتهد كأداة" مراعاة اخلالف"ذكر جوانب مضيئة لقاعدة إىل باإلضافة

األنفسيف تربية أداة، فتكون حبق املستفيت إىلباملفيت بالدرجة الثانية وصوال األوىل ولدرجة با .آرائهمواحلجر على عقول الناس و للرأيهج من داء التعصب املو

النصح هللا يف العمل واالجتهاد و اإلخالص: أوال :

قبول ما كان هللا ، فاملةواحد مقبول وثالثة مردود: أربعةالرد من حيث القبول و األعمال: وتفصيل ذلك (1).أحدمها أو للسنة املطهرة موافقا، واملردود ما فقد منه الوصفانسبحانه خالصا و

ما ، وما عمل لوجههبه و أمرحيب ما إنماهو سبحانه ، ورضيهاهللا و أحبهالعمل املقبول هو ما إن، ة على ذلكت السنة الصرحيقد دل لهاأهميقت فإنه ال حيبها، بل ميقتها و األعمالعدا ذلك من الشركاء عن أغىن أنا:يقول اهللا عز وجل يوم القيامة «: -صلى اهللا عليه و سلم –كما يف قوله

ل بن عياض ييقول الفض، و(1)»غريي تركته وشركهفيه معي أشركمن عمل عمال ،ركالش ﴿ :يف قوله تعاىل –رمحه اهللا – ﴾]ص العمل خل، هو أ]02: امللك

، يكون خالصا صوابا حىتإذا كان خالصا مل يقبل العمل إن: ، فسئل عن معىن ذلك فقال وصوابه ﴿ :قوله تعاىل قرأمث : يكون على السنة أن، والصواب يكون هللا أنفاخلالص

﴾ ](2) ]110:الكهف . إىلاالجتهاد يف نبذ اخلالف الذي يؤدي أنعلما مبا ذكر يف هذا املختصر عرفنا أحطنا إذاو

.للسنة موافقا وكان هللا خالصا إذاالتدابر من العمل املقبول التشرذم والتفرق والتقاطع و

.74صلطريقة املثلى يف اإلرشاد لترك التقليد و إتباع ما هو األوىل ، أليب اخلري القنوجي ، ا - (1) .9/232)2985(من أشرك يف عمله غري اهللا برقم : أخرجه مسلم كتاب الزهد و الرقائق باب - (1) .89-2/88ينظر األثر يف مدارج السالكني البن القيم - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 226 -

العصمة أنالشك يف التناصح مهم، و األمانةااللتزام جبانب من الصدق والعدل و أنما ك أمهيةوضح ) اهللا عليه و سلمصلى (الرسول حد، ووارد من كل وا اخلطأ ن، فإاألحد منليست .عليها أصحابه، بل بايع بعض (3)»الدين النصيحة«الدين بأنها، فوصفها النصيحة

صلى اهللا عليه ( بايعت رسول اهللا : قال - رضي اهللا عنه –هللا البجلي عن جابر بن عبد ا (4).النصح لكل مسلمالزكاة و إيتاءالصالة و امقإعلى ) وسلم

(5).)اإلسالمعليه مدار و الشأنهذا حديث عظيم : (قال النووي شيئا فتذهب أخيكترى يف أنالنصيحة يحة؛الفضولكن هناك فرق بني النصيحة و

فتثين على يا أخي : تقول له تذهب وحدك، وحبب وتقدير وبعبارات طيبة و أن األوىلو... إليهاخلري يف الدنيا هك ناصح تريد لنأعا وال مفسقا وال مشهرا، ولست مبد كبأن، وتشعره جهده

﴿ :واآلخرة ﴾]53: اإلسراء[ : يف هذا املقام –رمحه اهللا –الشافعي اإلمامما قاله أحسنما و

(1)

من النصح فهي تؤلف األعظماملقصود يحة سرا تؤدي الغرض املطلوب، والنص نوذلك ألبطريقة أخطائه أوخرب بعيبه قد أن املنصوح ، وال توجد جماال للنفرة واالختالف، ذلك ألالقلوب

.ح بني الناس فض أو، ليس فيها جتريح خفيةتعلم عن زجر املي أندقائق صناعة التعليم من:( - رمحه اهللا –الغزايل اإلمامهذا وقد جعل

نفإ وبطريق الرمحة ال بطريق التوبيخ، ،وال يصرح أمكنبطريق التعريض ما األخالقسوء

، وترجم له البخاري بابا ومل خيرجه 2/115) 55(ين نصيحة برقم اإلميان ، باب بيان أن الدأخرجه مسلم ، كتاب - (3)

. 2/172...الدين النصيحة :باب قول النيب صلى اهللا عليه و سلم : مسندا لكونه على غري شرطه ، فتح الباري 1/172)57(برقم ..." الدين النصيحة " صحيح البخاري ، كتاب اإلميان ، باب قول النيب صلى اهللا عليه وسلم - (4)

.2/118) 56(ومسلم برقم .، طبعة دار ابن اهليثم 2/116شرح النووي على مسلم ، - (5)

.56صديوان اإلمام الشافعي ، - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 227 -

ج احلرص على هيث اجلرأة على اهلجوم باخلالف ويهتك حجاب اهليبة ويورالتصريح ي (2).)اإلصرار

ليه عاملسلم وحرمة البغي واالستطالة نعلم حرمة أنالعالج أسباب أهمو أعظممن فأضحىامل بشرع اهللا مع من ، فنتعالكفر إىلومل خيرج منها اإلسالم، طاملا بقي يف دائرة من كان أيا

.قي اهللا فيه تت أنق اهللا فيك مبثل ا، فما عاقبت من مل يتمع من مل يعاملنو ،عاملنا بهس لمغيبة باسم النصيحة، ومن تع يف الاملخالفني من الوقو أحوالاحلذر واجب يف تناول و

(3).طات حتت شعار بيان احلقالفرح بالسقالعثرات وة يف بذل النصيحة على وجهها عمله خالصا هللا وموافقا للسن -أيضا–وذا يكون اتهد

.صوابا أواجلمود الفقهي أصول اجتثاث: ثانيا هيب ب املذالتعص : هو اتهد املراعي اهلوى املذهيب أوالتعصب الفقهي و اجلمود أصولمن جيتث أول إن أوالنظر منه يف حكم الفعل قبل وقوعه إعادةيلوح دليل املخالف بعد نأنه مبجرد ، فإللخالف

يراعي قوله املكلف على مقتضى قول املخالف فإنه يعترب و من –على الوجه الذي فصلنا –بعده هوى مذهيب أوال تعصب احلادثة من جديد، دون مجود و يفودليله الذي ترجح عنده بعد نظره

كما –، فهي ما جاءت صده الشارع بتوجيه الشريعة نفسهاالذي يق" احلق الشرعي"مينعه حتري ماإن" احلق الشرعي"فتحري .. أهوائهملتخرج الناس عن دواعي إال –الشاطيب اإلماميقول ، مبخالفته ارعهو قصد الش" احلق الشرعي"وذلك ،مجلة وتفصيال األدلةمقتضى تباعابيكون

(1).رعضالل يف الش ورع يف شيء، بل هشمن ال ليستعصب مذهيب أوحريف مودجل أوعلى عمومه حرج يف استمرار العمل به ومحله رأى إذافاملراعي للخالف يتنازل عن دليله

الشرع رجح عنده حتقيقا ملقاصد بدليل خمالفه الذي قوي وت ليأخذ، عقال أوما ال ميكن شرعا أصله خبالف الذي جيمد على . بأصلهالقول إطالقاستمر إذااحليف عن املكلفني برفعه للحرج و

د لضعفه مدفعا حبيث ال جي إمامه مأخذوقف على ضعف نوإ ،مذهبه ورأي رأيهويتعصب ملذهب

.1/52إحياء علوم الدين للغزايل ، - (2) . 48صلياسر حسني برهامي ، ) ات اإلسالمية املعاصرة دعوة إىل عالقة أفضل بني االجتاه( فقه اخلالف بني املسلمني - (3)

.و ما يليها بتصرف 4/161:املوافقات - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 228 -

ل رمبا يتحي ، بلإمامه على تقليدالكلية مجودا اجلزئية و األدلة، ويترك مقتضى ومع هذا يقلده فيه أنحىت يظن ... نضاال عن مقلده البعيدة الباطلة بالتأويالتاوهلا نالسنة ويتلدفع ظواهر الكتاب و

: قال إمامهعجز عن متشية مذهب وإذا، من التقليد واجلمود ألفهملا إمامهاحلق منحصر يف مذهب هذا أن يعلم املسكني ، ومل إليه –اهتدي -قصد أمل عليه و أقموقف على دليل مل إمامي لعل"

التقليد أعمىفيكون ممن . ل خلصمه ما ذكره من الدليل الواضح والربهان الالمع مقابل مبثله ويفض، (2)اخلروج عنه قيد شرب، وال وزن خردلةمع ذلك ال يدع وله على مثل ما ذكره، حىت محبصره

: كما قال الشاعر

يف أصبحال يربره دليل شرعي و الرأياهلوى املذهيب حتكما يف أوالتعصب و فصار التقليدتقوم بوظائفها اليت تؤول أن -ما تضمنت من تكاليف و - الشرعية األحكام جوهره حائال دون

ههذ إىل، وسيلة اجلمود الفقهي احلريف أو" املذهبية العصبية"كانت إذاالناس، و" مصاحل"إىل حتقيق أو، حكم غايتها شرعا تأخذ ةفالوسيل –كما ترى–غري شرعي هو مآلاحليلولة وهذا التعطيل، و

؛ (3)"...معترب مقصود شرعا األفعال مآالتالنظر يف " –رمحه اهللا –الشاطيب اإلمام –كما يقول .امآال، يف ضوء املشروعية وعدمهاحيث تتكيف شرعا من األفعال أنأي

بعدم مشروعية ما أو، حمرما بتحرمي غايته إذناجلمود الفقهي أو، فكان التعصب املذهيبماديا اإلسالميخيل بتوازن اتمع أننه ، من شأممنوع" مآل"إليه كل منهما من يفضي

(1)!معنوياوحترميا ، من ذما و أشنعو شدمثال، أاصطناعه تعصبا ملذهب وعلى هذا، فافتعال االختالف و

، رأسامناقض لقصد الشارع ومناهض له ألنه ؛جمرد االختالف املذهيب املتعصب دون ريبرمحه –ال حمالة ، ويف هذا املعىن يقول الشاطيب باطل إليهاومناقضة الشارع باطلة ، فما يؤدي

قد ناقض الشريعة، ومن ناقض ري ما شرعت له فمن ابتغى يف تكاليف الشريعة ، غ" –اهللا (2)." باطل إليها، فما يؤدي الشريعة، فعمله يف املناقضة باطل

.2/104قسم : قواعد األحكام يف مصاحل األنام : ملخص مما قاله العز بن عبد السالم يف هذه املسالة ، يف كتابه - (2) .وما يليها 4/140املوافقات - (3) .1/87ة يف الفقه اإلسالمي لفتحي الدريين حبوث مقارن - (1)

.254-2/252املوافقات - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 229 -

فيما وراءه من غلو اإنه، املشكلة ليست يف اخلالف الفقهي أنفبات من الواضح لنا جليا ى طي علغالضغائن النفسية اليت تغلف وتاملشكلة يف الضحالة الفكرية و.. .وتعصب ومجود أعمى

ذه زاملتميأرضهمبني يعيشون داخل حجب مسيكة ال يرون صاملتع ن، فإالصفاتاآلفات و ...قة هذه الدائرة الضيمن خالل إالمسائهم و

قلب خاشع وفكر فاضل ،يف عناصره فخال ال، الدين الذي ين بداهة غري هذاالدو (3).يلقى ربه أن إىليرشد املرء أنمنذ ... مرعية أماناتو

فاخلطورة مل ... مثانية أو أربعة أئمةية وراء يف الفروع الفقهية العمل نإذيختلف املسلمون لف ! ... األلبابو األفئدةمن فساد نشأت إنماتنشأ من اخلالف الفروعي ، و

واحد رأيختار يو ،يحسم –رمحه اهللا –اخلالف كما يقول الشيخ حممد الغزايل أنعلى اإلدارية، وقوانينها احلاكمة يف الدماء واألموالدولة وشؤوا لبا األمرعلق حتما عندما يت

(4).األعراضو، وفقيها طالق البدعة يقع أنفقيها يرى أنلنفرض : مث يضرب لنا مثاال يف ذلك فيقول

إنهاحد االجتهاديني ؟ الدولة يف انتظار غلبة أ أجهزةطالق البدعة لغوا، فهل تقف أنيرى آخرأي الطالق من تدوينه يف سجالت ومن رعايته؛ الطالق البد إثباتو ! احلالة هذهو أبداتدار لن

! النسبيف التوارث و، وحفظ أساسهعلى األمورختتار مذهبا فقهيا لتدير أنالدولة ومن حق: ويتابع القول

..احلقوق وفق نصوصه فقهيا حيرم ختتار مذهبا أنق الدولة من ح... ال ؟ أمهل املخدرات مخر يعاقب على تناوهلا

قضايا إىلبالنسبة األمررد ويط. األخرىمل املذاهب و.. به تناول املسكرات واملخدرات مجيعا ن تترك احلكومة يتغري القانون، وأ أنميكن و. األخرى، ومع املالبسات دينالقتل مع اختالف ال

(1).ناس ملصاحلهم املتجددةهادي الفقهي ووزن ال، وذلك وفق النشاط االجتآخرمذهبا وتؤثر عليه

. 206صد الغزايل ، ممائة سؤال يف اإلسالم حمل - (3) .نفسه - (4)

.206صمائة سؤال يف اإلسالم ، - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 230 -

وضعف الوالء على الكتاب األشخاصو لألمساءعالج التعصب املذموم : السنةو

االختالف التعصب املذهيب ورم خبيث من ود الفقهي واجلم أنتجهبقي يف قائمة ما إذااملخالفني قوالأمقتضى للعمل اجلماعي املنشود يف اعتبارتدمريا أخطرهااملصطنع وهو من

يف مقابل ذلك األشخاص وو لألمساءوهو التعصب املذموم الأ، يف نظر اتهدينترجحت داء الكثري ممن حسب منهم فجعل هذا ال –السنة الضعف والتخلي عن الوالء للكتاب و

دم يقولون بع - دوار اجلمود الفقهي املتواليةعرب أ اإلسالمالرغبة يف نصرة و اإلخالصالصدق وم العمل اجلماعي مجلة واعتبار كل مجاعة غري مجاعته فرقة باطلة جيب التحذير منها وعد

من دعوى ) ه وسلم الرسول صلى اهللا علي(ولقد حذرنا (2).االنتساب هلا والعمل من خالهلا النيب صلى اهللا قالف لألنصاريا األنصارتنادى و ،تنادى املهاجرون يا للمهاجرين لماف، اجلاهلية

(3)."منتنة هافإندعوها : " عليه وسلماليت مساهم األمساء، وهي من األمساءشرف األنصار من أاسم املهاجرين و أنمع العلم ، ومع ذلك حني صارت تهيف سن) صلى اهللا عليه وسلم( ل ، ومساهم ا الرسواهللا ا يف كتابه

كثري بني لألسف، وهذا جاهليةاحملق من املبطل صارت شعارا ينتصر الناس له دون تبين لبلد معني، ينصر على أو، لعامل معني أو، يتعصب الناس جلماعة معينة املسلمني كان وال يزال

طائفته، ويعظم ما أو، يتغاضى عن املخالفات اليت تصدر من مجاعته ذلك، ويغضب على ذلك .مصاحل باقي املسلمني إىل، ويعمل على املصاحلة والنصح لطائفته دون النظر يصدر من غريهم

فارقها فقد من اليت مجاعته هي وحدها مجاعة املسلمني أن رأى إذاسوءا األمرويزداد .من عنقه اإلسالمخلع ربقة

.57صفقه اخلالف بني املسلمني ، - (2)

﴿ :اىل البخاري ، كتاب تفسري القران ، باب قوله تع - (3)

﴾] و أخرجه مسلم يف كتاب 8/577 )4907( برقم ]07 :املنافقون ، .8/190)2584(ا أو مظلوما ، برقم ملنصر األخ ظا: ب ، باب الرب و الصلة و اآلدا

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 231 -

ونصيحته هللا وكتابه إخالصهاخلطرية تؤثر على القلب و األمراضهذه نأوال شك أخرىمن جهة ، ومن جهة منيللمؤمنني ، وتفتح باب الصراع الداخلي بني املسلولرسوله و .ينفذون منه لضرب اجلميع اإلسالم ألعداءتفتح بابا

طرية يف اتمع املسلم ، االجتاهات لعالج هذه الظاهرة اخلاثف اجلهود وكتت أنوالبد االجتماع ن، فإأمسائها، وال حىت بعدم ذكر إبطاهلااجلماعات و بإلغاءليس هذا العالج حتما و

.ليت علينا من الفروض على الواجبات امجاعة ليس مبحرم يف الشرع أوعامل أوبلد إىلكاالنتساب معينة أمساء إىلاالنتساب و

ر بداية ظهوملا الحظ )صلى اهللا عليه وسلم (ن رسول اهللا فإ –على ما جاء يف احلديث –، بل ألمساءاهذه إىليعاجله بتحرمي االنتساب واألنصار ملدعوى اجلاهلية بني املهاجرين

، وهذه هي التربيةدون معرفة احلق لألمساءهي االنتصار حذيرهم من حقيقة دعوى اجلاهلية وبت .عليها مجيعا نتربى أناليت جيب الواجبة اليت تستشف من احلديث و

كاملدين، واملصري، واملغريب، واخلرساين، : بالدهم إىلوال يزال العلماء ينتسبون ، ومل واملالكي، واحلنبلي، واحلنفي، كالشافعي أئمتهممذاهب إىلووالنووي، والعسقالين، ، بل حتارب العصبية دون حترمي رموها حىت بعد ظهور داء العصبيةمل حيينكر العلماء التسمية و

.اهللا أحلهما ه البد من نبتعميق الوالء على الكتاب والسنة مع الفهم السليم وأ إالوال يتحقق ذلك

مواقف اجلماعات وحىت ن جاء به وعلمه كائنا من كان، وأن توزنمماملعاونة عليه وقبول احلق (1).أمسائهممبجرد هان ال الربمبيزان الشريعة والقوة يف احلجة و األشخاص آالتاملالتطبيق السديد للحكم الذي يضمن سالمة النتائج و : ثالثا : ومع مراعاة الظروف –باط السليمني االستنبعد الفهم و – لألحكامالتطبيق السديد إن

كل هذا يعد مسلكا –حكم الشرع عليه إنزالاالعتبارات اخلارجية اليت تالبس الفعل عند و، فيكون (2)والنتائج الواقعية آالتبامل –الشاطيب اإلمامالعربة كما يقول إذ، سالمة النتائجيضمن

.، بتصرف 59-57ص، ) دعوة إىل عالقة أفضل بني االجتاهات اإلسالمية املعاصرة (فقه اخلالف بني املسلمني : ينظر - (1)

.و ما بعدها 4/156: املوافقات - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 232 -

، ة ملا يقتضيه تطور احلياة بالناسة الشريععلى استجاب األدلة أوضحمن األصلهذا أوهذا املسلك ريعة الذي يدعم صدق قضية عموم الش األمر، نشاطهم احليوي فيها من ظروف أوجهمبا يالبس .، بال مراءوخلودها

ليكون تطبيقها يف ظل من الظروف أحكامه، مل يشرع الشارع احلكيم ن، فإ وأيضا، ال يقرها الشارع نتائج حمرمة إىلمفضيا –الناس نتيجة لتطور احلياة ب –واملالبسات اجلديدة

يبقى قائما نأالذي ينبغي احلكيم ، فوجب حتما مراعاة هذه الظروف خالل االجتهاد التطبيقي املمنوعة آالتإىل امل، حىت يكون حائال دون املصري استمرار سنة تطور احلياة بالناس ،ومستمرا

أو، أصدق تعبري عن اجلمود الفقهياملستبصر الذي يعبر غري اآليل، ومنعا من التطبيق شرعاوكل ذلك حمرم – أصوهلما باجتثاثاحلديث عن عالجهما أسلفنان االلذ (3)–التعصب املذهيب .شرعا كما قدمنا أصل إىلحيتاج –تطبيقا سديدا أفعاهلاعلى األحكامتطبيق –ن هذا املسلك ومن مثة فإ

لتبين ما ستكون ،خارج دائرته أخرىحكمه عليه يف دوائر إجراءل عند الفع آثاريكون به تتبع الفعل على الوجه الذي جيلب املنفعة إجراءوحينئذ يقع ،فسدة أومن منفعة اآلثارعليه تلك

.ويدرأ املفسدة ، وتوسع فيها حىت اخلطوة املنهجية يف التطبيق أوالشاطيب هلذا املسلك اإلمامولقد عرض

كان النظر يف إن، و(1)" األفعال مآالتالنظر يف : " ، ومساهمنهجيا يف فقه التطبيق صالأجعلها باعتباره طريقة جزئيا اهتماما ه كاننأ إال (2)األصولينيظفر باهتمام بعض األفعال مآالت

. 1/74:حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي - (3)تور كما يقول الدك –ل احلكم مآل الفعل غري مآ أن، وقد يبدو يف الظاهر " الت األحكام مبآ" عبر عنه الشاطيب أحيانا - (1)

كما هو احلال يف العمل –ل احلكم هو أثره يف الفعل ، من حتقيق مقصده فيه عند الوقوع ؛ ذلك ألن مآ -عبد ايد النجار التكشف حكم املنع يف: ارج ذاته ، ومثاله ثر الفعل نفسه يف دائرة قد متتد إىل خالفعل فهو أمآل ، و أما -مبراعاة اخلالف

ه حيقق مقصده و هو العفة ، لكن فعل االمتناع عن التكشف الذي آل فيه حكمه إىل حتقيق فإن على جسم املرأة األجنبية. حيث يؤدي يف املرأة املريضة إىل استفحال مرضها مقصد العفة ، قد يؤول إىل مفسدة كبرية يف حصوله من قبل الطبيب ؛

ال باعتبار ذاته، –وهو املنع يف هذه احلالة -جري عليه مآله باعتبار احلكم الذي أ ولكن بالتحقيق يتبني أن الفعل إمنا يؤول إىللعبد ايد النجار ، " طيب فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشا." ل احلكم يسمى مآل الفعل مبآ ومن مثة جاز أن

. 287ص

.و ما بعدها 2/879راجع أصول الفقه اإلسالمي لوهبة الزحيلي ، - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 233 -

يف كتاب االجتهاد من بأكملهوعقد له فصال يف ذلك أصاله جعله نالشاطيب فإ اأم، تطبيقيةمستقلة عنه يوظفها خلدمته األصولينيضمنه مسائل كثرية كانت تبحث عند وأدرجوافقات امل

أصالواهتمامه به األصلخلالف، وذلك من اعتنائه ذا اوسد الذرائع ومراعاة االستحسانمثل (3).تطبيقيا

يف كطريقة وأمهيته األفعال مآالتبشرح ملفهوم النظر يف األصلوقد صدر بيانه يف هذا النظر يف :"وله منه ق ان، فقال يف ذلك كالما بياملكلفني أفعالعلى األحكاماالجتهاد لتطبيق

(4)..."خمالفة أوموافقة األفعال، كانت معترب مقصود شرعا األفعال مآالتيف عالج داء التعصب وأثرها "مراعاة اخلالف"وعن اجلانب الذي له عالقة بدراسة قاعدة

أو األفعال مآالتاعتبار ( األصلاملتابعة العمياء للنصوص يف هذا أوود املذهيب اجلمالفقهي و أفعالالفعل املعين من أنمبعىن ؛األصلكون مراعاة اخلالف مسلكا من مسالك هذا ) األحكام، ترجح أحدمها لدى بعض مثال لتعارض دليلني وإباحةكان خمتلفا يف حكمه بني منع إذا ،املكلف

ولو كان حد احلكمنيمث وقع الفعل على مقتضى أ خر،اآللدى البعض اآلخر، وترجح اتهدين –جيري عليه أناحلكم الراجح الذي كان ينبغي آثارهطبق عليه يف إذاه بعد وقوعه نفإ–املرجوح

حه باحلكم الراجح، فينظر كرب من املصلحة املتوقعة من تصحيحصلت بسبب ذلك مفسدة أفربما منه من مضرة فيصرف عنه تطبيق احلكم الراجح بعد وقوعه مبا يتض إليهل الذي يؤول يف املآ إذن

.لقول املخالف يف معاجلة املفسدة ، استثمارا واعتباراذلك احلكم، ويطبق عليه احلكم املرجوحعمله أجرىما إذاسلم امل أن، هو امللحظلطيف بىن الشاطيب هذا املسلك على مبدإ وقد

يتالىف له " هإن، ولكن يف غري عناد الشارع فحىت عن عمد أوجهل أو خطأعلى خمالفة للدليل عن مل خيرج بذلك عن احلكم له اإلفسادوهكذا لو تعمد خبطئه وجهله، أفسدهحكم يصحح له به ما

ا التاليف ف مسلك وطريقة هلذومراعاة اخلال.(1)"مسلم مل يعاند الشارع هألن؛ اإلسالم بأحكامأو تدارك حكم مرجوح يصحح له الفعل لتاليف –بعد وقوعه خاصة -حيث جيري به على الفعل

.جري عليه حكمه الراجح مفسدة حتصل لو أ

.287، ص) جملة املوافقات ( فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب ، لعبد ايد النجار - (3) .4/140:املوافقات - (4)

.4/48:ات قاملواف - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 234 -

ل الفعل املعاجلة الشرعية ملآ –مبسالكه املعروفة األصليف تناوله هلذا –ومل جيعل الشاطيب ماوإن، فحسب -فوات مصلحة أول من وقوع مفسدة لتاليف املآ - على ما قبل وقوعهمقصورة

وذلك لتاليف –يف الفقرة السابقة رأيناكما – أيضاهو يبسط تلك املعاجلة على ما بعد الوقوع لفعل الفاسدة الواقعة با مآالتفاملعاجلة الشرعية لل. كرب قدر ممكنأ إىلحصره أوالفساد احلاصل

وقد . معاجلتها بالطريقة الشرعيةيلولة وتقدير ما فيها من الفساد لتقع تلك األتستلزم نظرا يف واقع الذي األعرايبمثال :منها ،األيلولة الفعليةواقع إىلهلذا املسلك يف النظر أمثلةضرب الشاطيب

البول أن فاألصل؛ وأصحابه، فتركه يتم بوله) صلى اهللا عليه وسلم( تبول يف املسجد حبضرة النيب لتعرف ل مفسدة تلويثه، وقع النظر يف واقع هذا املآ إىلل عنه، ولكن ملا وقع وآ منهيباملسجد

األعرايب، ولذلك ترك إليهالنهي املتجه أصلعلى على واقعه ال بناء حقيقته، مث معاجلته بناءمعاجلته بذلك أنه تبين منه علف لمآ عن واقأل ؛األصلعنه يف منهييسترسل يف فعل ما هو

، فترجح جانب تركه عليه من ذلك داء يف بدنه، وحلدث س ثيابهجنللو قطع بوله هألن "؛أصلح (3).ل هنا بوقوعه ، فقد عرف املآ(2)"عنه على قطعه يهنعلى ما فعل من امل

ة املصاحب األمثلةيف هذا املثال وغريه من ) أي بوقوعه ( ل باملعىن املقصود أن معرفة املآولعل ما إىل وهذا كله نظر: " بقوله أوردهااليت األمثلةتعقيب الشاطيب على إليه، هو الذي يشري له

أي النهي ( مفسدة توازي مفسدة النهي إىل إفضائهمن اإلبطالترتب احلكم بالنقض و إليهيؤول أو) - خراآلكما يف املثال –بدون ويل املرأةالنهي عن زواج أومثال عن التبول يف املسجد

يعترب يف حكم أن إالل قد وقع بالفعل حىت يعرف من وقوعه ، وحينئذ ال يكون ذلك املآ(1)"تزيد األعرايبمثال ، وهو املنع كما يفاألصلالفعل حكم على لو طبق "ليقينية وقوعه الفوري "الوقوع

(2).ل بوقوعهحال ضرب من معرفة املآ ةأي، وهذا على بال ويل املرأةنكاح أووقبل أن أختم هذا املسلك يف عالج اخلالف املصطنع وحصره للفساد الناجم عنه إىل أكرب

مآالت "ملفهوم نقصان هذا البيان : مفاده - قد يقع للناظر فيه –ه قد يرفع اعتراض فإنقدر ممكن، حكيم ذي مقصد ي ه حبكم إهلما قد يرد على الذهن من أن الفعل املوج وهو؛ وأمهيتها " األفعال

.4/148:املوافقات - (2) .289صفقه التطبيق عند اإلمام الشاطيب ، - (3) .4/148املرجع السابق ، - (1)

.290صفقه التطبيق لعبد ايد النجار ، - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 235 -

ون ذلك تناقضا يك الأ عند وقوعه ؟مقصده كن مع ذلك أن يؤول إىل ما يناقض ، كيف مينفعي يف الشريعة نفسها؟

الذي اعتىن -عليه يف هذا املوضع هذا االستشكال ويرد -رمحه اهللا–ولئن مل يورد الشاطيب الوجود الواقعة يف لافعن أن األبي يف مواضع أخرى حينمافإنه تعرض ملا يشبهه -به أكثر من غريه

ما تكون آخذة من الطرفني بغلبة إحدامها على للمصلحة أو املفسدة وإن متمحضةال تكون ما تفهم على مقتضى ما نيا إنفاملصاحل واملفاسد الراجعة إىل الد. ..:" األخرى، وذلك يف قوله

وقد ال ،مناطا لهفال يكون ن حكم نوعه قد يستثىن من أن الفعل وأيضا حينما بي ،(3)"...غلب، فهذا البيان (4)يتحقق املقصد من حكم نوعه فيه بسبب اعتبارات خارجية، ال بسبب الفعل ذاته

ملا فيه مفسدة بسبب يسري على قضية احلال فيكون الفعل وقد طبق عليه حكم الشرع آيال رمبا " املوافقات"ذا البيان املتعدد يف ظروف خارجية تالبسه ال بسبب تطبيق احلكم عليه يف ذاته فه

.(5)اعتربه الشاطيب كافيا يف هذا املوطن لرد اعتراض مفروض اإلنصاف يف علم اخلالف: املسلك الثالث. : حتى نصل إىل درجة اخلالف العايل البد أن يتميز عرض اتهد آلراء خمالفيه باإلنصاف

دا هلم يف جوانب الوفاق، متمثال يف ذكر آرائهم واستدالالة حسب فهمهم هلا، مؤيم األمانة التاممقيما احلجة عليهم، يف مواطن اخلالف، يف أسلوب حواري هادئ، ملتزما مبوضوعية البحث،

أو اتهامات مشينة، وأن يعترض أشد . دون ضغينة أو حتامل، أو استعمال لعبارات غري الئقة . (1)هون ألسنتهم بإطالق أحكام قاسية ضد خمالفيهماملعارضة على الذين ال يرت

.2/20املوافقات – (3) .123،4/76،75-122وما بعدها، 3/102،61،60،24وما بعدها ، 1/184املوافقات – (4) .288يق عند اإلمام الشاطيب صفقه التطب – (5) 73لعبد الوهاب إبراهيم سليمان ص ) تأصيل وحتليل ( منهجية اإلمام حممد بن إدريس الشافعي يف الفقه وأصوله – (1)

.بتصرف

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 236 -

: فقال.. ملا حج أبو جعفر املنصور فدعاين فدخلت عليه: ذلك قول اإلمام مالكفمن خا مث أبعث إىل كل مصر من سفتنسخ ن –يعين املوطأ –عزمت أن آمر بكتبك هذه اليت وضعتها

سوى ملوا مبا فيها ال يتعدوها إىل غريها، ويدعوا ماأمصار املسلمني منها نسخة، وآمرهم أن يعيا أمري : فقلت. املدينة وعلمهم ذلك من هذا العلم احملدث، فإين رأيت أصل هذا العلم رواية أهل

قد سبقت إليهم أقاويل و مسعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل املؤمنني ال تفعل فإن الناسصلى اهللا عليه (ودانوا به من اختالف الناس أصحاب رسول اهللا وا بهلقوم مبا سبق إليهم، وعم

وغريه، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه وما اختار كل بلد ) وسلم .(2)لعمري لو طاوعين على ذلك ألمرت به : فقال. ألنفسهم

.(3)إلنصاف ملن فهم ايفوهذا غاية : - معلقا على هذه القصة –قال ابن عبد الرب .(4)من بركة العلم وآدابه اإلنصاف فيه، ومن مل ينصف مل يفهم ومل يتفهم: وأضاف قائال

!كفرت: يقول أحدهم إذا خالفه صاحبه، قال: " ومن ذلك أيضا قول اإلمام الشافعي . (5)"والعلم إنما يقال فيه أخطأت

ا أنافعي أيضقل عن اإلمام الشما ناظرت أحدا إال قلت: " ه قالوقد ن : اللهم اجر احلق .(1)"على قلبه ولسانه، فإن كان احلق معي اتبعين وإن كان احلق معه اتبعته

ومن اإلنصاف يف علم اخلالف أيضا، إذا ظهر لبعض اتهدين املؤهلني األكفاء املعاصرين بد له من إبدائه فعليه أن يبديه برفق وأدب بصفة ترجيح قول خيالف ما عليه بعض األئمة، وكان ال

أنه احلكم الذي فهمه من نصوص الكتاب والسنة، وأن ذلك اإلمام فهم غري ذلك، وليس من املنهج العلمي أن يعرض ترجيحه مدعوما بظواهر األدلة من الكتاب والسنة، مث يعرض قول ذلك

؛ فإن هذا من احليف والظلم الظاهر وعدم إنصاف أهل الفضل اإلمام وكأنه خمالف للكتاب والسنةوالتقدم، كما ينتج عن ذلك أن أي مسلم غيور على دينه حني تعرض عليه أقوال العلماء وكأنها

.65صأسباب االختالف للدهلوي ، اإلنصاف يف بيان 1/159جامع بيان العلم وفضله البن عبد الرب - (2) .1/159العلم وفضله البن عبد الرب جامع بيان - (3) .1/158نفسه - (4) –مطبعة الساعدة : مصر( آداب الشافعي ومناقبه، أليب حممد الرازي، علق عليه عبد الغاين عبد اخلالق -(5)

.185ص) م1953/هـ1372 .2/105قواعد األحكام يف مصاحل األنام للعز بن عبد السالم، قسم - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 237 -

يف ذهنه معارضة لنصوص الكتاب والسنة فإنه سيقبل فورا على نصوص الكتاب و السنة و يرسخألقواهلم يف الوقت الذي مل يكن فيه التقابل بني اجتهاد العلماء و نصوص تانفورا من العلماء و مق

.الكتاب و السنة ؛ بل بني فهمهم و فهم املرجح املعاصر –باملعىن الذي بينا –استيعاب منهج اإلنصاف للمخالف الذي قويت حجته نإوبالتايل ف

تهد عن سفاسف األمور ، والتجنام ، وحينها يعود ي على كفيل بترفع ااملخالفني بالطعن و اال .للفقه والفقهاء دورهم و تأثريهم يف اتمع اإلسالمي كما كان هلم يف املاضي

فن االستماع لآلخر: املسلك الرابع . وهو فن أال ويقويه مسلك آخر خيدمه) إلنصاف للمخالف ا(مما يدعم املسلك السابق إن

عل صاحبه ينتبه ملا ليس عنده و يزداد تثبيتا مبا عنده و اعتقده من االستماع للمخالف فانه جي .الصواب

. (2)إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول: قالت احلكماء ص منك حرأالعلماء فكن على أن تسمع جالست يا بين إذا: " قال احلسن بن علي البنه و

.(3)..." تماع كما تتعلم حسن الصمت على أن تقول، و تعلم حسن االسجالسوا العلماء فإنكم إن أحسنتم محدوكم ، و إن أسأمت تأولوا : "قال الشعيب رمحه اهللا و

.(1)"ن شهدوا لكم نفعوكمإن جهلتم علموكم ، وإن أخطأمت مل يعنفوكم ، وإوكم ، ولكم وعذرال يكون ألحد أن يقيس و:" فادها بصمة يف هذا املسلك م كما أن لإلمام الشافعي رمحه اهللا

اختالفهم ولسان العربو أقاويل السلف وإمجاع الناس و حىت يكون عاملا مبا مضى قبله من السننيزداد به تثبيتا فيما ترك الغفلة وإىل ه ينتبه باالستماع ال ميتنع من االستماع ممن خيالفه ؛ألنو..

اإلنصاف من نفسه حىت يعلم من أين قال ما اعتقده من الصواب ، و عليه يف ذلك بلوغ جهده و .(2)" يقول ، وترك ما يترك

.2/156بيان العلم وفضله البن عبد الرب القسم جامع - (2) .نفسه - (3) . 1/156جامع بيان العلم وفضله - (1)

. 510صالرسالة للشافعي، حتقيق أمحد شاكر - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 238 -

االجتهاد على ضوء أصول األئمة ومناهجهم : املسلك اخلامس.

يف استنباطها بذلوا قد ورثت األمة اإلسالمية من لدن أئمتها املوثقون ثروة فقهية هائلة، .تركن إليه األمة و تعتز به جهودا خملصة أصبحت متثل مرياثا علميا و حضاريا

االفتراضية مة و اجلزئية وفروعها الواقعية ولقد شكلت هذه الثروة الفقهية بقواعدها العاو .(3)ملجأ آمنا تعود إليه األمة على مر العصور الستجالء حكم كل ما هو طارئ أو نازل

األمور احلديثة اليت مل بعض –نتيجة للثورة التقنية احلديثة –لئن طرأت يف عصرنا احلاضر وذلك ال نإف ، مما جعل حكمها خارجا عن تناوهلم،لئك األئمة وتالمذم يف احلسبانتكن ألو

فقههم الواقعي نيشري إىل قصور أو عدم استيعاب يف فقه أولئك األئمة الواقعي أو االفتراضي؛ ألبعض الفقهاء قد بلغوا نإلك فواالفتراضي كان يف الغالب يف حدود مشاهدام و خياهلم ، ومع ذ

يف افتراضام الفقهية أمورا مل تصل إليها التقنية احلديثة إال يف وقت متأخر ،لذا فإن االعتناء النوازل فيه مظنة إلجياد أحكام توارث، خاصة البحث يف كتب الفتاوى وواالحترام بفقه األمة امل

مناهجهم االجتهاد يف ضوء أصول األئمة و نإكثري من القضايا املعاصرة ، فإن مل يوجد فيها ف، من أمور وقضايااالستنباطية كفيل بإجياد األحكام الشرعية املناسبة لكل ما حتدثه التقنية احلديثة

الفقهاء -عن أهلهأن يكون صادرا : ينبغي أن يكون يف إطار ضوابط أمهها غري أن هذا االجتهاد فيما ال نص فيه أو يف النص –أن يكون يف حمله و –ح الصالمن أهل النظر والكفاءة العلمية و

، أو ا األقدموننفسه إذا كان ظين الثبوت أو الداللة ، ويكون قاصرا على األمور اليت مل يتناوهل .(1)قوقد تغير ذلك احلال بدليل حمق تناولوها على حال معين يليق بزمام و مكام ،

.اختالف الفقهاء ما يلزم الناظر يف: املسلك السادسالنظر يف اختالف الفقهاء، ومراعاة أقواهلم شأن اتهدين الناظرين يف األدلة من الفقهاء

واملفتني؛ ألن احلكم على دليل املخالف باالعتبار أو عدمه، مث رعايته من وجه دون وجه، ويف

. 83صاالجتهاد بني مسوغات االنقطاع وضوابط االستمرار حملمد األمني ولد الشيخ سامل - (3)االجتهاد املعاصر بني االنضباط : بتصرف، وينظر أيضا 84- 83صوابط االستمرار االنقطاع وض االجتهاد بني مسوغات - (1) .128صاالنفراط ليوسف القرضاوي و

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 239 -

وتلك واالستنباط والترجيح، هذا يؤذن بكمال التصرف يف األحكام بالنظر ...حال دون حال .درجة االجتهاد

هذا من دأب اتهدين الناظرين يف األدلة " ":مراعاة اخلالف " قال ميارة الفاسي يف .(2)" فحيث ترجح عندهم دليل الغري أعملوه، وحيث ال أمهلوه

امي ، وعمله يشمل حتى املكلف الع –أو نظر بصورة أخرى –ولكن مثة نوع من النظر ؟ وسط تنوع اخلالف وأقوال اتهدين، كما تنوعت األدلة بالنسبة للمكلف اتهد

:فاملسلك املتبع حلل اإلشكال يوجب على اإلنسان املكلف على حسب مرتبته من العلم ما ، ومجع األدلة، والنظر يف الراجح منها، فواالجتهادحث يلزمه الب: اتهد العامل .1

ترجح عنده قال به وعمل به وأفىت، وما مل يترجح عنده يف املسائل اليت تعم ا .(3)البلوى أن يشري إىل اخلالف فيها مع بيان ما يراه صوابا

يف حكم كل مسألة على " املقصد الشرعي" أن حيدد -بوجه خاص –كما يلزم اتهد * ة اندراجها يف املقاصد العامة للتشريع اليت اتجهت جملة بين صحة أو دقتحدة؛ ليتمكن من

الذي جيعل االجتهاديالتكاليف إىل حتقيقها، اعتبارا للجزئي بالكلي، وهذا لون من اجلهد العقلي على ما أشار إليه اإلمام )صلى اهللا عليه وسلم(وأ مرتلة القائم مقام النيب بصاحبه حريا أن يت

ا يف : " غريه من األصوليني احملققني بقولهطيب واالشوجل حامل الشريعة مكانا علي ئ اهللا عزيبو .(4)"الدنيا واآلخرة، فتدرج النبوة بني جنبيه، وإن مل يكن نبيا

غري " ومبا أن الوضع البياين للقرآن الكرمي من حيث إن معظم نصوصه املبينة لألحكام ظنية ، فال بد على اتهد أن يعين املراد من النص من بني معانيه احملتملة، "الداللة على معانيها قاطعة

وأن يرتله على الوقائع اجلزئية اليت يتحقق فيها مناطه، فضال عن وجوب مراعاة اتهد الظروف .(1)بالرأي ادباالجتهاحملتفة وتقديرها، لتشكيل الوقائع فقهيا، أو تكييفها شرعا

، متفهما هلا، مدركا لكلياا وجزئياا، شرطا "مبقاصد الشريعة" أن يكون اتهد عاملا * . االجتهادأساسيا الرتقائه درجة

.1/7شرح التحفة - (2) . 34صفقه اخلالف بني املسلمني، لياسر برهامي - (3) ).ة دار املنارطبع( 1/584أحكام القرآن البن العريب . 4/179،178،77املوافقات - (4)

. 1/54حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي، لفتحي الدريين - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 240 -

ملن اتصف االجتهادإنما حتصل درجة : " ويف هذا املعىن، يقول اإلمام الشاطيب ما نصه :بوصفني

.شريعة على كماهلافهم مقاصد ال: )أحدمها( –أي فهمه للمقاصد يف مراتبها الثالث -(2)على فهمه فيهاالتمكن من االستنباط، بناء :)الثاين(

...والتمكن ال يتم إال بدراسة آيات األحكام والسنة واللغة، وما يليها : ة، حيث يقولالشاطيب مسوغ أولية هذا االشتراط وجوهريته األساسي اإلماممث يعلل

نما اعتربت من حيث إوأن املصاحل " اعتبار املصاحل " فألن الشريعة مبنية على :أما األولعضاها؛ أي إدراكا حبتا، دون مراعاة تلك وارع كذلك، ال من حيث إدراك املكلف إيا الشه

.(3)احلقيقة، قطعا ملنازع األهواء " معارف " من ذلك، إنما يتم بواسطة " التمكن " ادم لألول، فإن فهو كاخل :الثاين وأما

حمتاج إليها يف فهم الشريعة أوال، ومن هنا كان خادما لألول، ويف استنباط األحكام ثانيا، لكن ال تظهر مثرة الفهم، إال يف االستنباط، وإنما كان األول هو السبب يف بلوغ هذه املرتبة؛ ألنه

.كما هو معلوم (4)وسيلة، والغاية مقدمة على الوسيلة: يناملقصود، والثا، فذاك؛ ألن هذه "أهلية اتهد" يف ، شرطا أوليا"العلم مبقاصد الشريعة " هذا، وإنما كان

للنظر أصول يقينية، ألنها ثابتة باالستقراء التام، أصوال وفروعا، فكانت منطلقات فكرية " املقاصد"اهلوى؛ وألن مغالبة اهلوى والعصبية اخلطأ أو االحنراف أو العقلي، تعصمه من الوقوع يف التقليد أو

كما أسلفنا يف –ن اهلوى ال يدور مع احلق وأل.. سد عليه منطقه السليمللعقل اإلنساين تفيل وحتكيم املقاصد وبالتايل عن دلمبا هو قول جمرد عن ال" لتقليدا"وأما –املسالك السابقة

ته اليت خلق من أجلها، يف حني أنه مأمور شرعا بأدائها، من ، فهو تعطيل للعقل عن وظيفاالجتهادفقه، ومسؤولية اإلنسان عن كل أولئك، مقررة شرعا، لقوله التعقل والتذكر والتدبر والتالتفكر و

﴿:تعاىل ﴾] إذا ]43:النحل ،

.4/76املرجع السابق - (2) .تعليق الشيخ دراز، بشيء من التصرف : وينظر. 4/76املوافقات - (3)

.77-4/76املرجع نفسه - (4)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 241 -

" املقاصد"ظر العقلي الذي يتخذ من ، والناالجتهادكان يف وسعه ذلك، لكنه مل يتجشم عبء .(1)املنطلقات الفكرية

:مضى مثرة ما *صر احلاضر، توجيها فعليا، العاحلياة يف –وليس مواجهة –وعلى هذا، فالبد من توجيه

على بساط " القضايا"سيما يف قضاياه اجلديدة املعقدة، يف سائر النواحي، وذلك بوضع هذه والببذل أقصى –دون التقيد مبذهب معين؛ ليتوصل اتهدون " مقاصد الشريعة " البحث يف ضوء

كما ينوه األستاذ حممد -منها، وليكن إىل معرفة حكم اهللا تعاىل يف كل واحدة -جهد لديهم، يف كل قطر من أقطار املسلمني، أو يف كافة "شوريا مجاعيا و االجتهاد" -سالم مدكور

أن يستعينوا بذوي اخلربة العلمية ربة بشؤون احلياة أيضا، أو خ على أقطارهم، شريطة أن يكونواخلرجوا بنتائج علمية، جتعل الفقه اإلسالمي قادرا ولو فعلوا ذلك ذا أعوزهم ذلك، إ واحلياتية

على أن يسعد البشرية، وأن يرسخ يف بيئام مقومات احلضارة اإلنسانية، فضال عما يتبع (2)"ذلك، من تبصري املسلمني حبقيقة اإلسالم يف الفكر، والتطبيق، والسلوك

على ما –هم يف أن يبينوا قول الشريعة الواحد على اتهدين أن يبذلوا قصارى جهودو* أو أن يرجحوا واحدا من اآلراء املتنازع عليه يقيموا األدلةو – (3)"املوافقات"نه الشاطيب يف بي ،

ما ختالفلال، بالدليل القوي واملرجح، ويف ضوء مقاصد الشريعة، حسما )املختلف فيها (فيها ، ليصار إىل اجلمع بني الدليلني إن ، بأن يعمل بقواعدهوالترجيح واجب على كل جمتهدأمكن ،

أن، والشريعة قول واحد ، بالدليل األقوى، ويف هذا إقرار على أنبترجيح أحدمها أمكن ، أوة، قضاء على أصل من أصول الشريع" الترجيح " أن، وله يف الشريعة االختالف احلقيقي ال أصل

فتعال االختالف تعصبا ملذهب ، فاوعلى هذا .ادئ األمرالتعارض الظاهر بظاهرة االختالف ومناقض لقصد هألن ؛االختالف املذهيب املتعصب دون شك، من جمرد ذما وحترميا شدأمثال،

.97-1/96حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي لفتحي الدريين - (1) .1/97" حبوث مقارنة" ، أخدا عن 205صكتاب االجتهاد األستاذ حممد سالم مدكور - (2)

.فما بعدها 4/85ج - (3)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 242 -

و هذا من .. ، مبقتضى ما قدم من األدلة، فيجب العمل بالدليل األقوى، ترجيحا ملقتضاهالشارع .(1)ترجيح األقوى ه يفتح باب االجتهاد و؛ ألنرمحة مهام االجتهاد، ولذا كان اختالفهم أوىل

من قصيدة له ) ابن عبد الرب ( اخترت من املنظوم بدل املنثور أبياتا نظمها أبو عمر و : من اتهدين يف اختالف الفقهاء فيقول ضمنت يف طياا خالصة لعمل الناظرت

–– (2) ، وقد تبني لنا سابقا بعض شروط (3)الفقيه املفيت هو اتهد أو :اتهد املفيت - 2

، ويشمل كل للفتوى اتهد الناظر يف األدلة حىت يكون أهالاالجتهاد اليت ينبغي توافرها يف العاملأي على ( ، ومن يلحق م من أهل الترجيح أو التخريج االستدالل واالستنباط من كان من أهل

.)املذهب أصولاالجتهاد استنباط نمن االجتهاد، فإ أخص اإلفتاء هو أن: اإلفتاء لفارق بني االجتهاد واو كانت واقعة إذا ه ال يكون إالنفإ ا اإلفتاءء أكان سؤال يف موضوعها أم مل يكن ، أم، سوااألحكام

سبق وقوع لذي يفتراضي ااالالنظر عما يسمى بالفقه وهذا بغض( وقعت ويتعرف الفقيه حكمها هي معرفة واقعة ، و الفتوى السليمة تتطلب عدا توافر شروط االجتهاد شروطا أخرى، و)احلادثة

ثر الفتوى سلبا اليت يعيش فيها ليعرف مدى أاجلماعة تفتاء، ودراسة نفسية املستفيت، واالس .(4)إجياباو

نظره يف اختالف الفقهاء يلزم فيه ناملفيت أخص من اتهد من هذا اجلانب فإ إذا قلنا أنو : أمور

.بتصرف 1/94حبوث مقارنة - (1) .2/343جامع بيان العلم وفضله قسم - (2) .2/247، إرشاد الفحول للشوكاين 2/167اإلحكام لآلمدي - (3)

.387صد أيب زهرة أصول الفقه حملم - (4)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 243 -

ىت الناس حال ينبغي ألحد أن يفيت:"فعن عطاء قال : أن يكون عاملا باختالف العلماء *من الذي يف ه إن مل يكون كذلك رد من العلم ما هو أوثقنيكون عاملا باختالف الناس ، فإ

.(1)"يديهملن علم ما اختلف ال جتوز الفتوى إال: ملن جتوز الفتوى ؟ فقال : " سئل مالك فقيل له و

اهللا صلى اهللا عليه أصحاب رسول، اختالف ال: اختالف أهل الرأي ؟ قال: قيل له ، الناس فيهكذا و - عليه الصالة والسالم -، ومن حديث الرسول نمن القرآاملنسوخ سلم، الناسخ وو(2)فيتي.

أدب " كما يلزم املفيت بعض الشروط ذكرها ابن عبد الرب نقال عن الشافعي يف كتابه * ما قال عاملا بالكتاب و يفيت حىت يكون املفيت ال جيوز له أن يقضي أوالقاضي و إن: قوله " القضاة

د، ، صحيح األوعاملا باختالف العلماء حسن النظراآلثار، و، وعاملا بالسنن و أهل التأويل يف تأويلهر فقهاء املسلمني يف كل مصر ، وهذا كله مذهب مالك وسائورعا مشاورا فيما اشتبه عليه

.(3)ت يف هذه الصفا القاضي واملفيت ال جيوز أن يكون إال طون أنيشتر " عبد الرمحن تاج " من قول احملدثني يف هذا الشأن ما أشار إليه شيخ األزهر سابقا و

رج به املعاين من وهذا االستنباط الذي تستخ: " ما نصه " السياسة الشرعية " يقول يف كتابه إذ ،الستطاعة، جهد اتشريعه به يعرف مراد الشارع من أقواله، ويوقف على أسراربواطن النصوص و

ن للفقهاء من سلف األمة اإلسالمية أن جيدوا يف شريعة اإلسالم كل ما حيتاجون إليه، هو الذي مك، ومتكني روابطها يف كل ما فيه إصالح اجلماعة اإلنسانيةا ويف احلكم ويف القضاء، ويف الفتي

الفقهاء يف كل وهو الذي جيب أن يتابعهم عليهمنه، النهوض ا من كمال إىل ما هو أكملودرء هلا أغراضها من حتصيل املصاحل و وحيقق" مقاصدها " ى للشريعة بكل وفعصر حىت ي

.(4)"املفاسديف التفهم ، أو االستنباط ، إني مقاصد الشريعةحتر ا وجوبدذلك قوله، مؤك يضيف إىلو

أغراضها، هو الذي لشريعة وبه على مقاصد اف والفقه الذي يوق ،هذا:" التطبيق فيما نصه أو

.2/264جامع بيان العلم وفضله قسم - (1) .2/365نفس املرجع - (2) .2/305نفس املرجع - (3)

.60صالسياسة الشرعية والفقه اإلسالمي للشيخ عبد الرمحن تاج - (4)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 244 -

كانت هلم يف بعض املواطن ليفتوا على خالفها " أحكام فتاوى و" لوا عن بالفقهاء أن يعدحيدو راجعا إىل –يف مجيع األحوال –ر الرأي، وعدول الفقيه عن اجتهاده األول ليس سببه تغي وأن

ه كثريا ما عليه من قبل ولكن اتبني وجه الصواب بعد اخلطأ، وال إىل ظهور دليل قوي كان خافي . (1)"يكون سببه تغاير الظروف

عن عمل ، فماذا امل واملفيت الفقيههذا عن تأثري فقه اخلالف يف سلوك كل من اتهد الع .تشعبه ؟ العامي وسط تنوع اخلالف و

: ف العامي وسط تنوع اخلالف عمل املكل - 3يسأل من يشاء من هل للعامي أن" :فية وهيلة خالد مسأيف ختيري املقلذكر األصوليون

.(2)"نظره، ويكفيه الشهرة ؟ أخذه عن الراجح منهم يفمن ترجيحه يف سؤاله و ه البدنأ أم ؟نياملفتدين فكذلك ا اختالف العلماء بالنسبة إىل املقلأمو: " يب الشاطيب عن هذه املسألة جيو

؛ فتعارض الفتويني عليه كتعارض ي املفتيصادفة العاممو ال فرق بني مصادفة اتهد الدليل أيضا،أحدمها من غري باعتا، وال باع الدليلني معاتااتهد ال جيوز يف حقه الدليلني على اتهد فكما أن

ال املفتيني معا وال أحدمها من غري اجتهاد و باعتا، كذلك ال جيوز للعامي اجتهاد وال ترجيحإن هذا : )حدمها أ( ، غري صحيح من وجهني (3)"ختير إذا تعارضا عليه" :، وقول من قالترجيح

أي من ( ما فيه آنفا ، وقد مر)أي مع احتاد احملل ( قول جبواز تعارض الدليلني يف نفس األمرفائدة وضع هو أنو) يف كتاب املقاصد ( صل الشرعي ما تقدم من األ: )والثاين(، )استحالته . (4)" لذلك األصل ختيريه بني القولني نقضملكلف عن داعية هواه، وا إخراج: الشريعة

.60السياسة الشرعية والفقه اإلسالمي ص - (1)

. 4/95هامش املوافقات - (2)أي القاضي أيب بكر ومجاعة من الفقهاء واألصوليني القائلني بالتخيري سواء أتساووا أم تفاضلوا، واستدلوا بأن الصحابة ر - (3)

قل عن أحد منهم تكليف العوام باالجتهاد يف أعيان اتهدين، ولو كان التخيري غري جائز مبا أمجع نكان فيهم العوام ومل ياإلمام أمحد بن حنبل وابن سريج والقفال : ال بأن العامي البد له من الترجيح بني املفتينيومن ق. الصحابة على عدم إنكاره

. 4/95هامش املوافقات : ينظر. من أصحاب الشافعي ومجاعة من األصوليني

.4/94املوافقات - (4)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 245 -

غريها من يكون باألعلمية والشهرة وكثرة الورع والعامي بني قويل املفتيني من الترجيحو (5)...حد الفتويني على األخرى اليت ترجح أ الصفات : لن يستطيع الشاعر أن ينشد يف وجهه و

هم املرادون بقول أنة عليها تقليد علمائها والعام مل خيتلف العلماء أنو: " قال ابن عبد الرب

وجل اهللا عز : ﴿ ﴾ ] مجعوا على أنوأ ،]43:النحل زه به ل يثقله من تقليد غريه ممن األعمى البدعليه، فكذلك من ال علم هلم القبلة إذا أشكلتيمي

ال تصل العامة ال تتبني موقع احلجة و ال بصر مبعىن ما يدينون به البد هلم من تقليد علمائهم ألنو، وهذا هو بنيل أسفلها ؛ ألن العلم درجات ال سبيل منها إىل أعالها إالعلم ذلك بعدم الفهم إىل

. (1)"اهللا أعلم عامة وبني طلب احلجة وني الاحلائل بتفكري اإلنسان فقه اخلالف يف سلوك و تكمن يف تأثري –على ما بينا – ومثرة هذا املسلك

أكان عاملا جمتهدا مستنبطا لألحكام من أدلتها ، أو مفتيا علم سواءاملكلف حبسب مرتبته من ال، أو كان ن مل يكن جمتهداإالسائلني عنها و ةتصدى إلجابالشرعية وجمتهدا أو كان يعرف األحكام

م ،يسأل من يثق يف علمه وورعه أن ظر يف األدلة إالعاميا يعجز عن النفقه " فكل هؤالء يهذجماله اخلصب الذي تتالقى فيه على منهجه العايل و هومفه إذا ،، واعتباره بقوة دليله"اخلالف

، أو حجر على عقول و آراء الناس ، وبفقهه مومتعصب مذ ، ودونحرج األفكار دون إمث أو عليها سائرلبحث عن األسس اليت ميكن أن يتفق أيضا يتم العمل على توطني األذهان على ا

، وهذا كله ينبئ عن البعد ل طاقاتنا وكفاءاتنا عن اهلدم حنو البناءأغلبهم، حىت حتو املسلمني أو .يبيل و املقصد األمسى هلذا املسلك الذهاملآ

تهد: املسلك السابعلنفسح صدورنا خلطأ ا.

.نفسه - (5)

.بتصرف 2/342جامع بيان العلم وفضله قسم - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 246 -

إذا كان العامل اتهد الناظر يف األدلة أخذ حظه من املسلك السابق ال لشيء إال ألنه هو ؛ فاحلكم على دليل املخالف باالعتبار وعدمه مث "رعي اخلالف واعتباره"سي يف الركن األسا

،دون وجه نا –هذا كله يؤذن ... حال ويف حال دون رعايته من وجهصرف -كما بيبكمال الت .االجتهاديف األحكام بالنظر واالستنباط والترجيح، وتلك درجة

أن نتوقع اخلطأ من اتهد، إذ ال عصمة لغري نيب، وأن -االجتهادلكي ينجح –والبد لنا ده، ونتهمه بالزيغ واملروق وما إىل نفسح له صدورنا، وأال نشدد النكري على من أخطأ يف اجتها

، وخييف كل ذي اجتهاد حر من االجتهادفإن شيوع هذا األسلوب يقتل روح . ذلك من النعوتتنق إىل صدره سهام االتهام، وبذلك ختإعالن رأيه خشية أن تصب عليه سياط التشنيع، وتصوب

جو اخلوف من التجديد، والرهبة من خمالفة احلرة يف صدور أصحاا، ويسود االجتهاديةاآلراء .(1)ويف هذا خسارة كبرية على الفقه وعلى الفكر، وعلى األمة مجيعا. املألوف

البد أن تتسع صدورنا ألخطاء اتهدين، كما اتسعت صدور األولني، فاتهد بشر يفكر ي األمس، وقد يسع بعضهم ويستنبط وخيطئ ويصيب، ولن يكون جمتهدو اليوم أفضل من جمتهد

وهكذا ينبغي أن يكون املوقف من اتهد إذا افترضنا أنه أخطأ، .بعضا فيما رأوا أنه أخطأ فيه :وذلك منوط بشرطني. وتبين لنا خطؤه بيقني

فليس كل من - وهي مذكورة معروفة يف أصول الفقه – االجتهادأن ميلك أدوات . 1 .و حفظ جمموعة من األحاديث يعد جمتهدااشتغل بالفقه أو ألف فيه أ

أن يكون عدال مرضي السرية، وهو ما يطلب يف قبول الشاهد يف معاملة الناس، فكيف . 2 بقبول من يفيت باجتهاده يف شريعة اهللا ؟

فهذا إن أخطأ فهو معذور، بل مأجور أجرا واحدا على اجتهاده وحتريه، ومن يدري لعل واب بعينه، كما يدل على ذلك تاريخ الرأي الذي يظناالجتهاده األكثرون اليوم خطأ هو الص

.(2)الفتوى تغيرو

.105صلقرضاوي لنفراط واال طملعاصر بني االنضبااالجتهاد ا - (1)

.106صنفسھ - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 247 -

املعاصر احلافل بشتى التقنيات االجتهادوهذا املسلك أو الضابط ضروري ينبغي أن يراعيه نة العثرات، أن متضي إىل األمام قدما مسددة اخلطى، مأمو مسريتهاحلديثة؛ لكي ينجح وتستطيع

.مرجوة الثمرات ظر ل: امنلك الثاملسجديد يف النألدلةالت.

يقوم على هذا املسلك؛ حبيث تتم إعادة النظر من اتهد يف " رعي اخلالف " فالعمل يف حكم الفعل بعد وقوعه من املكلف على مقتضى قول املخالف ملا يترتب على وقوع الفعل من آثار

.ت تستدعي نظرا جديدا يأخذ بعني االعتبار قول املخالف ودليلهوإشكاالكما ال ننسى أننا يف غري قرون من سبقنا، وأن لنا حاجاتنا ومشكالتنا اليت مل تعرض ملن

والنظر يف األدلة، وأن االجتهادقبلنا من سلف األمة وخلفها، فمجتهدونا مطالبون بأن جيددوا جيتهد لنا قوم ماتوا قبلنا بعدة قرون، ولو أنهم عاشوا عصرنا اليوم، جيتهدوا ألنفسهم ال أن

لرجعوا عن كثري من أقواهلم، وغيروا وجددوا الكثري من اجتهادام؛ ألنها قيلت لزمام وليست . (1)لزماننا

ة مبا هو ضرور – االجتهاديعلن على املأل، أن - صلى اهللا عليه وسلم –هذا، والرسول يبعث اهللا هلذه «: بقوله" حقيقة اإلسالم " لتدبري أمور األمة، على ضوء –تشريعية وحيوية

.(2)»األمة، على رأس مائة كل سنة من جيدد هلا دينها اآلنف ال يعين تغيري نصوص - صلى اهللا عليه وسلم –فالتجديد املشار إليه يف قول الرسول

وحي مرتل قد ارتبطت به الشريعة ارتباطا أبديا وإنما املقصود بيان الشريعة؛ ألن هذه النصوص

.102راط صاملعاصر بني االنضباط واالنف االجتهاد - (1)

.4/1835 )4291(برقم ما يذكر يف قرن املائة : كتاب املالحم باب احلديث رواه أبو داود - (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 248 -

وجتلية مفاهيمه األساسية اليت يقوم عليها كيانه التشريعي، والعقدي، والعبادي " حقائق اإلسالم" . (3)واخللقي *اجلماعي االجتهادإحياء مرفق : اسعاملسلك الت.

يف عصرنا هذا، فرض كفائي من أهم فرائض الدين؛ االجتهادن إن إحياء هذا املرفق اهلام مبدت قوية فعالة على جديد، لتعود سريتها األوىل اليتمن " للشخصية العلمية اإلسالمية " إنشاء

اإلسالمية، شريطة أن نتفادى األخطاء وأسباب النكبات اليت االزدهارمسرح التاريخ يف عصور كما –اإلسالمي حني ساد التعصب املذهيب، واجلمود الفقهي والتقليد األعمى حلت يف اتمع

" احلقائق " فغشى على األبصار والبصائر ففقدت نور العلم احلق، بتجاهل –ذكرنا سابقا حتى جعلها مبعزل عن ... واالجتماعيوتوريث األحقاد، والتنازع، والفرقة والتخلف الفكري

. (1)الغاشم املتسلط االستعماروقوعها يف براثن ركب احلضارة فوققصد البحث يف املسائل والشؤون " اجلماعي االجتهاد" فمست احلاجة إىل إقامة مرفق

العامة اليت ختص اتمع املسلم، والذي جيب أن ينهض به علماء متخصصون على أرقى مستوى قيق، يؤهلهم لالضطالعخصص العلمي الدالكربى، مبا متتاز به من دقة من الت ةمذه امله

وحساسية، وأن تتوافر فيهم شروط اتهد الكفء، يف ضوء مستويات ثقافة عصرنا، وال يتم ذلك بصورة جادة، " ة اامع العلمية أو الفقهي" قامة إال إذا تولت املؤسسات والتنظيمات اإلسالمية إ

على غرار اامع العلمية اليت تقيمها الدول األجنبية يف بالدها؛ ليتفرغ كما تتولى تنظيمها ومتويلها اتهدون للقيام مبهمتهم تفرغا تاما كامال، لتؤيت مثراته اليانعة، وذلك بأن تطرح قضايا الدول

.65ن عاشور صللطاهر بحتقيقات وأنظار يف القرآن والسنة، - (3)

.باختصار 1/68حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي للدكتور فتحي الدريين - (1)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 249 -

يرتل بساحة اإلسالمية اهلامة على بساط البحث يف هذه اامع املتعاونة املخلصة، بل يطرح كل ماهذه الدول من مشاكل ومستجدات، لتتناوله هذه اامع بالدراسة والتحليل، دراسة معمقة، يف

، االجتهاديف احللول الشرعية اليت يفرزها " تتبادل الرأي " وأن " تعاليم اإلسالم ومقاصده " ضوء وليس ذلك . ، وموضوعية، وشرعيةمن جدية، وعلمية، ومعقولية" احللول " مبا تتسم به هذه

يف هذه اامع، قد تأهلوا االجتهادبعسري، وال متعذر، ما دام هؤالء اتهدون الذين يتولون أمر يف أوسع معانيه وأمسى مبالغه؛ ليوجهوا احلياة توجيها االجتهادعلميا مبا يرفعهم إىل مستوى

اها املطروحة، وبتقديرات جديدة، على ضوء الظروف اجلديدة حقيقيا وواقعيا، مبشاكلها، وقضي . (1)اليت تالبسها

عامل مع : املسلك العاشرة االجتهاداتإحياء سلوكيات التالفقهي .

بعيدا عن كل أشكال النظرة " مفهوم االختالف " لقد آن األوان لنا مجيعا أن نعيد قراءة واإلسالمي فيه الكثري من االختالف الفقهي والفكري ة العريب فمرياث األم. القسريةالوحيدة

والثقايف، ال يدار بعقلية اإلقصاء والنفي؛ ألن اإلقصاء والنفي ال ينهي االختالفات وإنما يشحنها سات املتعصبة فاملمار.. االجتماعيبدالالت ورموز خطرية على مستوى العالقات والوجود

االختالفات وإنما تدخلها يف عالقة صراعية عنيفة، بدل أن تكون العالقة واالنفعالية ال تلغيإال بتقدير مساحة االختالف معه وكيف سيتم هذا " فهم اآلخر" تواصلية وتفاعلية، وال ميكن لنا

ري يف االختالف ؟ ألن االختالف يف حدوده الطبيعية واإلنسانية ليس أمرا سيئا، األمر السيئ اخلط . (2)صاحبه يف أن يكون خمتلفاوحق هذه املسألة هو عدم االعتراف بشرعية االختالف

يعا مهما اختلفوا يف مجواحدة، واملسلمون ) الكتاب والسنة(فاإلسالم واحد، ومرجعيتنا األحداث أو املكان أو الفقهية يف الفروع بسبب اختالف الزمان أو واالجتهاداتاآلراء

1/69" حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي " ، أخذا عن 98صلسالم مدكور " االجتهاد يف التشريع اإلسالمي " - (1)

.بتصرف

.نفسه – (2)

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 250 -

فقون على األصول اليت حتفظ عليهم دينهم وأمواهلمالتم عليهم وأعراضهم فسريات، متوحتر .(3)حلومهم ودماءهم

املذاهب املختلفة يف اإلسالم يزيد باعتاوكما أن التباعد وعدم اللقاء بني الفقهاء والعلماء بر تكمن يف االجتماعات املتوالية؛ الفجوة واهلوة بني املسلمني، وأن الوسيلة أو املسلك إلزالة التدا

لكي يطلع كل فريق على ما لدى اآلخرين، وعلى إحياء أخالقيات وسلوكيات التعامل مع هذه واعتباره بقوة حجته، " فقه االختالف"املختلفة؛ ليكون ذلك سببا للنهج املشترك، ج االجتهادات

. واالئتالفإىل تأسيس فقه الوحدة –ته إذا فقهنا سلوكياته وأخالقيا -الذي سيؤدي حتما ملخص الفصل الثاين :

يف مسائل " مراعاة اخلالف"ميكننا أن خنلص من املبحث األول منه أنه ثبت اعتبار قاعدة : كان على باب واحد منه هو االقتصاركثرية من أبواب خمتلفة يف الفقه اإلسالمي، غري أن

أمنوذج لتطبيق الدراسة النظرية؛ ألنه من أهم القضايا اليت استعمل فيها الفقه ك" كتاب النكاح " بتوسع كبري، وألن بناء األسرة املسلمة منطلق من " مراعاة اخلالف " - املالكي على اخلصوص –

هذا الباب، فالنكاح هو أصل األسرة، به تتكون ومنه تنمو، فمن عامل النكاح املختلف يف فساده عاملة النكاح امع عليه إنما راعى هذا األصل، وكذا االحتياط يف حتصني الفروج ملا هلا من م

حرمة خاصة بعد الفوت والوقوع، ولقد كان املبحث مقصورا على أهم مسائل النكاح؛ إذ .استقصاء مجيع مسائله يفتقر إىل رسالة مستقلة

يف " مراعاة اخلالف " منه الوصول إىل مدى تأثريكما استهدف البحث يف املبحث الثاين :واحتاج البحث فيه إىل استعراض مسلكني. سلوك اتهد واملفيت املراعيني للخالف

البحث عن دواعي تضخيم اخلالف الفقهي الفروعي إىل غري صورته )املسلك األول ( ليه من هذا املسلك أن االختالف الطبيعية حىت شغل الناس به على حنو مستهجن، والذي خنلص إ

الفقهي يف الفروع قد خرج عن مسار أئمة املسلمني، الصحابة فمن تبعهم بإحسان، وذلك لدواع : أمهها سببني

العدد ) لوطنية للمنشورات اإلسالمية، حتت وزارة الشؤون الدينية واألوقاف اجلزائريةاملؤسسة ا(جملة العصر اليت تصدرها – (3) .42ص. م 2003املوافق لشهر ديسمرب هـ 1424شوال 5سلسلة 8

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 251 -

التعصب املذهيب األعمى واحلجر على عقول الناس وآرائهم، وعدم التقبل للرأي اآلخر -1ب أو مجاعة املتعصب، فال يعدو أن يكون حىت ولو كان صوابا؛ ألنه مل يصدر عن مذه

التعصب املذهيب التزاما بقول الغري عن محاقة أو هوى جارف أو عن متابعة عمياء، أو تطبيق آيل غري مستبصر الذي يعبر أصدق تعبري عن اجلمود الفقهي املذموم الذي أخل بتوازن اتمع

تضمنت من التكاليف، أن تقوم بوظائفها اليت تؤول املسلم، وحال دون األحكام الشرعية وما .احليوية؛ املادية منها واملعنوية على السواء" مصاحل الناس"إىل حتقيق

صلى اهللا عليه –التمسك بالنصوص اجلزئية من كتاب اهللا تعاىل ومن صحيح سنة رسول -2ة وعما قصده الشرع ، والتشبث ا، وفهمها فهما حرفيا مبعزل عن املقاصد الكلي- وسلم

.من تلك النصوص اجلزئيةفإنه جزئي يف -وبالرغم من إخالص صاحبه يف الوقوف على النصوص –فهذا العمل

.االهتمام، يضر بالفقه وبتطبيقه ضررا بليغا، ويشوه صورته أمام خاصة الناس قبل عامتهممراعاة "نبذ اخلالف املذموم بقاعدة الوقوف على املنهج املتبع يف )واملسلك الثاين (

علمائهم –يف تربية الناس " مراعاة اخلالف"، والذي تكمن أمهيته يف إبراز منهج أصل"اخلالفوذلك بنبذ اخلالف والتعصب املذهيب املذمومني والعمل على رد اخلالف الفقهي –وعوامهم

ة السلف الصحابة ومن الفروعي إىل جمراه الطبيعي الذي قدره اهللا لعباده، واتباع مسار أئم .تبعهم من أئمة املسلمني يف تعاملهم مع اخلالف الفقهي بال تعصب وال تفرق

فمن أهم احللول املقترحة يف هذا املنهج وهذا املسار الوقائي وكذا العالجي للحد من :هيتشعيب اخلالف يف الفروع، والدنو أكثر من احلق وروح العدل يف التشريع

التأكد من سالمة املنهج والطريق املتبع يف عالج داء تضخيم فأول خطوة يف هذا العمل -1، والذي انبىن وتشعيب اخلالف الفروعي حىت يكون كفيال بضمان نتائج هذا املسلك

بدوره على ثالثة أصول البد من وضعها حىت يعود البناء على ما كان عليه، وهي أصول همه الصحابة من دستور الوحي والنبوة، مث ما فهمه عنهم من تبعهم فقه املنهج الذي ف

:وملخص هذه األصول - رضي اهللا عنهم أمجعني –وتابعيهم وأئمة املسلمني .أن اخلالف الفروعي ال يكون سببا للتفرق يف الدين - .البد من ذيب اخلالف الفروعي واستثماره والتعاون عليه -

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 252 -

. لف الفروعي مبا نريد ألنفسناخاماإلنصاف لل -، وإىل أي مدى "مراعاة اخلالف " احللول واملسالك اليت ننبذ ا هذا اخلالف بقاعدة -2

يف ذيب اخلالف -باملوازاة مع باقي األصول والقواعد -ميكن أن تشارك هي األخرىاحللول وإرجاعه إىل مساره الطبيعي الذي مشى عليه أسالفنا األخيار، وملخص هذه

: واملسالكاإلخالص هللا يف العمل واالجتهاد والنصح يف نبذ اخلالف الذي يؤدي إىل التشرذم والتفرق -/أ

.- صلى اهللا عليه وسلم –عند اهللا، موافقا لسنة نبيه والتقاطع والتدابر حىت يكون هذا العمل مقبوالرعي اخلالف واعتباره دون أن مينعه اجتثاث أصول اجلمود الفقهي أو التعصب املذهيب ب -/ب

. الذي يقصده الشارع " احلق الشرعي"التعصب أو اهلوى املذهيب من حتري ومع مراعاة الظروف –بعد الفهم واالستنباط السليمني -بالتطبيق السديد لألحكام -/ج

د مسلكا فكل هذا يع. واالعتبارات اخلارجية اليت تالبس الفعل عند إنزال حكم الشرع عليهيضمن سالمة النتائج واملآالت، ويكون بذلك هذا األصل من أوضح األدلة على استجابة الشريعة

.ملا يقتضيه تطور احلياة بالناس، مبا يالبس أوجه نشاطهم احليوي فيها من الظروف واملستجداتفهمه هلا، وعرض آلرائه واستدالالته بأمانة تامة حسب باإلنصاف للمخالف الفروعي -3

مؤيدا له يف جوانب الوفاق، مقيما احلجة عليه يف مواطن اخلالف، يف أسلوب حواري هادئ، هاماتأو ات ،أو حتامل، أو استعمال لعبارات غري الئقة ا مبوضوعية البحث دون ضغينةملتزم

مشينة. عنده ويزداد تثبيتا مبا عنده ، مما جيعل صاحبه ينتبه ملا ليس لآلخر االستماعبتطبيق فن -4

.واعتقده من الصوابكفيل بإجياد األحكام الشرعية االجتهاد على ضوء أصول األئمة ومناهجهم االستنباطية -5

املناسبة لكل ما تحدثه التقنية احلديثة من أمور وقضايا، بشرط أن يكون هذا االجتهاد يف الفقهاء من أهل النظر والكفاءة العلمية –ه أن يكون صادرا عن أهل: إطار ضوابط أمهها

فيما ال نص فيه أو يف النص نفسه إذا كان ظني الثبوت –، وأن يكون يف حمله -والصالح ، وأن يكون قاصرا على األمور اليت مل يتناوهلا األقدمون، أو تناولوها على -أو الداللة

. لك احلال بدليل محققحال معين يليق بزمام ومكام، وقد تغير ذ

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 253 -

وتفكري يف سلوك" فقه اخلالف " مبعرفة ما يلزم الناظر يف اختالف الفقهاء، وتأثري -6سواء أكان عاملا جمتهدا مستنبطا لألحكام من اإلنسان املكلف حبسب مرتبته من العلم

عن النظر يف األدلة إال أدلتها، أو مفتيا جمتهدا تصدى إلجابة السائلني، أو كان عاميا يعجزفكل هؤالء رأينا كيف . أن يسأل من يثق يف علمه وورعه، ويكفيه يف ذلك الشهرة

، إذا فهموه على منهجه العايل وجماله اخلصب الذي تتالقى فيه "فقه اخلالف " يهذم .األفكار دون إمث أو حرج

ن أخطأ يف اجتهاده، ونتهمه بفسح صدورنا خلطأ اتهد، وأن ال نشدد النكري على م -7بالزيغ واملروق وما إىل ذلك من النعوت، وأن تتسع صدورنا ألخطائهم، كما اتسعت

.صدور األولني. أن ميلك أدوات االجتهاد، وأن يكون عدال مرضي السرية: وذلك منوط بشرطني

. حتريهفهذا إن أخطأ فهو معذور، بل مأجور أجرا واحدا على اجتهاده ووهذا املسلك ضروري ينبغي أن يراعيه االجتهاد املعاصر احلافل بشتى التقنيات احلديثة؛

لكي ينجح وتستطيع مسريته أن متضي إىل األمام قدما مسددة اخلطا، مأمونة العثرات، مرجوة .الثمرات

" بأن العمل يف –سلك أي هذا امل –، والذي تبين لنا من خالله بتجديد النظر يف األدلة -8يقوم عليه؛ حبيث تتم إعادة النظر من اتهد يف حكم الفعل بعد وقوعه " رعي اخلالف

من املكلف على مقتضى قول املخالف ملا يترتب على وقوع الفعل من آثار وإشكاالت . جديدا يأخذ بعني االعتبار قول املخالف ودليله تستدعي نظرا

؛ إنشاء للشخصية اإلسالمية من جديد لتعود سريا االجتهاد اجلماعيبإحياء مرفق -9فإقامة هذا املرفق . األوىل اليت بدت قوية فعالة على مسرح التاريخ يف عصور اإلزدهار

بقصد البحث يف املسائل والشؤون العامة اليت ختص اتمع املسلم،على أن ينهض به علماء من التخصص العلمي الدقيق، يؤهلهم لالضطالع ذه متخصصون على أرقى مستوى

املهمة الكربى مبا متتاز به من دقة وحساسية، وأن تتوفر فيهم شروط اتهد الكفء يف .ضوء مستويات ثقافة عصرنا مبستجداته اليت مل تكن من قبل

ي ــنالفصل الثا و عمل المجتھد و المفتي اإلسالميراعاة الخالف في الفقھ أثر م

- 254 -

"االختالف مفهوم " إحياء سلوكيات التعامل مع االجتهادات الفقهية، بإعادة قراءة -10القسرية، فاملسلمون مجيعا مهما اختلفوا يف اآلراء األحاديةبعيدا عن كل أشكال النظرة

... واالجتهادات الفقهية الفروعية بسبب اختالف الزمان أو املكان أو األحداث أو التفسريات .مهم ودماءهممتفقون على األصول اليت حتفظ عليهم دينهم وأمواهلم وأعراضهم وحترم عليهم حلو

إحياء أخالقيات وسلوكيات التعامل مع هذه االجتهادات املختلفة؛ ليكون باإلضافة إىل إذا -واعتباره بقوة حجته، الذي سيؤدي حتما" فقه اخلالف " ذلك سببا للنهج املشترك، ج

. واالئتالفإىل تأسيس فقه الوحدة –فقهنا سلوكياته وأخالقياته

الخاتـــــمة

- 254 -

.

سبحانه وتعاىل يف مجيع احلاالت وأصلي هأمحد ،احلمد هللا الذي بفضله تتم الصاحلات

وأسلم على سيد اخللق رفيع الدرجات سيدنا حممد وعلى آله وأصحابه، وأسأله سبحانه أن خيتم .لنا بالباقيات الصاحلات

منته سطور ضتخالل ما أهم ما توصلت إليه من نتائج ة موجزة أضع فيهابعد، فهذه خامتو .مدة من الزمن ومالزميت هلا طوالعرب رحليت هذه املذكرة

ا وقد قسمتها إىل قسمني عترب خالصة ما سطوهي نتائج موجزة تارته يف طي: مني وما فيها من فوائد القسم األول منها نتائج عامة حول دراسة فقه اخلالف بني املسل

.عظيمة تعود على الباحث باخلري واألدب الوافر والعلم الغزير وما حواه من دراسة " مراعاة اخلالف"أما القسم الثاين منها فهي نتائج خاصة مبوضوع

.شاملة يف فروع كثرية، ومسائل متعددة من مسائل الفقه واألصول الة ـالنتائج العام: أو. :البحث هذا من النتائج العامة اليت توصلت إليها يف

فالعلم بفقه اخلالف هو العلم بوجوه نظر ؛ضرورة االهتمام بفقه اخلالف بني املسلمني -1مسألة، ومأخذ كل لديهم للحكم يف كل طاالستنبا األئمة اتهدين للمسائل والوقائع، وطرائق

. منهم يف االستدالل هلا إال إذا كان عاملا باخلالف فيما –على األصل يف معىن الفقيه –ن الرجل فقيها وال يكو

من مل :"سبقه من آراء، ونذكر مبا رواه ابن عبد الرب األندلسي بسنده عن سعيد بن أيب عروبة قال ، "أنفهالفقه ب االختالف مل يشم من مل يعرف:"، وعن قتادة قال"يسمع االختالف فال تعدوه عاملا

ه إن مل ال ينبغي ألحد أن يفيت حتى يكون عاملا باختالف الناس، فإن: "وبسنده عن عطاء قال " . يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي يف يديه

الخاتـــــمة

- 255 -

2- ض أركاقويف عضد األمة ومل ي فترقة ومل ينشر نوازع الف امث إن اخلالف الفقهي مل يمر على عكس ما يظنه املتومهون، إذ إن هذا النوع من ألااق بني املسلمني بل إن ذور الشقوب

أو كما مر معنا تسميته يف موضعه باختالف التنوع أو االختالف السائغ املقبول وهو –اخلالف فاوت فهذا النوع من اخلالف ال يعين مطلقا معىن النزاع واخلصام؛ وإنما هو ت –اختالف الفقهاء

ق تصوراا وزادها حيوية ومشولية، بل إن رى الدراسة الفقهية ووسع أفيف املدارك االستنباطية مما أثا ذكرتا آخر ال يقل أمهية عمعدإذ لو مل يقم األصوليون والفقهاء باستنباط األحكام ،لألمر ب

وملا أمكنهم معرفة كثري من األمور ،يةبط وعدم وضوح رؤهية وتدوينها لعاش املسلمون يف ختالفق، فكان عملهم هذا وسيلة ال مندوحة عنها إلضاءة ...الضرورية الالزمة لتطبيق الفرائض وإقامتها

شعاع املعرفة بني جنبات األمة، فأضحى بذلك مبعث اعتزاز وفخار بأولئك العلماء الذين مل يألوا ب تعلن عن الكت بتغاء مرضاة اهللا، وهاهي أماتأداء رسالة العلم اجهدا ومل يدخروا وسعا يف

. جنبات األمة تبصرة ونورا ذلك وإذ ذاك تمألوالتحاب والتعاطف فيما بني املختلفني يف مسائل االجتهاد، كما ظهر لنا وجه املواالة -3

قصد الشارع املستبهم يمعون على طلب وحترألنهم جمت ؛حتى مل يصريوا شيعا وال تفرقوا فرقابينهم من كل واحد من اتهدين، واتباع للدليل املرشد إىل تعرف قصده، وقد توافقوا يف هذين

إن مل نقل باألحرى مها قصد واحد، وهو الوصول إىل قصد الشارع باتباع - توافقاالقصدين كل واحد منهم خالف ما رآه لرجع إليه، ولوافق صاحبه لو ظهر معه ل –الدليل املرشد إىل تعرفه

ورأي غيري ،ي صواب يحتمل اخلطأرأي"فيه، حتى اشتهر عنهم املقولة الذهبية يف فقه اخلالف ابول الصمتحطأ يي إىل مقصود الشارع "خفليس االختالف يف احلقيقة إال يف الطريق املؤد ،

ذي هو واحد، فاختالف الطرق غري مؤثر؛ كما ال اختالف بني املتعبدين هللا بالعبادات املختلفة، الكرجل تقربه الصالة، وآخر تقربه الصيام، وآخر تقربه الصدقة، إىل غري ذلك من التعبدات، فهم

تهدون ملا كان فكذلك ا. متفقون يف أصل التوجه هللا املعبود وإن اختلفوا يف أصناف التوجها، إلا أنه ال ميكن رجوع قصدهم إصابة مقصد الشارع صارت كلمتهم واحدة وقوهلم واحد

ه أن يرجع عن اجتهاده مطلقا إاله ال يصح لألن ؛اتهد عما أداه إليه اجتهاده بغري بيان اتفاقا .رد أن غريه مصيب ببينة، ال

الخاتـــــمة

- 256 -

إن غموض ف. قضية املصطلح العلمي: بينها هذا البحث وأبرزهاومن األمور اليت -4 . املصطلح أو عدم ضبطه جيدا يسبب تشوشا يف الفهم وخلطا يف البحث فتتضارب اآلراء وختتلف

وإذا حبط معناه ظهر أن اخلالف لفظيغري حقيقي، أو أن سببه عدم توارد قق املصطلح وضكن فلي. ع إىل اضطراب معىن املصطلحسم هام من هذه الرتاعات ترجحد، وقاملتنازعني على حمل وا

.هم الباحث أوال حتقيق املصطلح وضبطهكما أكد يل هذا البحث ما سبق أن قاله بعض علمائنا قدميا وكثري من الباحثني حديثا، - 5

من القضايا يف علومنا اإلسالمية ال توجد كثري إذ. رعي وهو أمهية منهج االستقراء يف البحث الشوهذا . ميكن لنا أن نفهمها وندرسها وحنل إشكاالا دون اعتماد منهج االستقراء والتوسع فيه

وإىل بناء . املنهج هو الكفيل بالتوصل إىل اكتشاف نظريات أصولية وفقهية أو إبرازها وتوضيحها . أو على األقل ال نعرف تفاصيلهاقواعد جديدة واستخالص أحكام ال نعرفها اآلن

ة بالبحث :ثانياالنتائج اخلاص . مراعاة "وأورد هنا أهم ما توصلت إليه يف هذا البحث من النتائج اجلزئية اليت ختص موضوع

".اخلالفيها، أصل من األصول املعتربة اليت اعتمدها املالكية يف بناء األحكام عل" مراعاة اخلالف" -1

.عدت من مميزات وحماسن املذهب املالكي واشتهر العمل ا عندهم، حىتإعادة نظر من "جيد أن أدق تصوير له أنه عبارة عن " مراعاة اخلالف"إن الناظر يف أصل -2

اتهد يف حكم الفعل بعد الوقوع لما يترتب عليه من آثار وإشكاالت تستدعي نظرا ني االعتبار دليل املخالف، فيبين األمر الواقع على مقتضاه أو بعض مقتضاه، جديدا،يأخذ بع

وإن كان مرجوحا يف أصل نظره، إال أنه ملا وقع األمر على مقتضى دليله روعي جانب آثار ".الفعل وما يترتب عليه، فتجدد االجتهاد بنظر جديد وأدلة أخرى

ألنها تأيت ؛بينا ال ميكن أن تكون إال بعد وقوع الفعل الذي عىنأن مراعاة اخلالف ذا امل-3 حيده يف اخلالف الذي أراد ابن عرفة أن ملواجهة آثاره ونتائجه، وهذا هو املعىن اخلاص ملراعاة

رها مبدلول أمشل، على أناب، أما الشاطيب فقد صوالم والقبمأخذ هتعريفه، وكذلك ابن عبد السن يأخذ به املالكية يف املوازنة بني األدلة واآلراء املختلفة وما يترتب عليها من نتائج أو مسلك معي

الخاتـــــمة

- 257 -

ألقرب إىل حقيقتها وواقعها عند املالكية ملراعاة اخلالف يبدو ا من الشاطيب وآثار، وهذا التصوير .كما جاء يف ثنايا هذا البحث

اعتبار قوهو مطل لكية،ااملعىن اخلاص بامل أن ملراعاة اخلالف معنى آخر أعم من هذا -4 ها معاملة املسائل املتفق اخلالف وإعطاء دليل املخالف بعض أثره وعدم معاملة املسائل املختلف في

.عليهاكما –هو الغالب و –) أي املعىن اخلاص للقاعدة ( اخلالف بعد الوقوع عى املالكيةار -5

.احتياطا وورعا –) له املعىن األعم الذي مشو( –رعوه قبل الوقوع كون سببا يف اخللط بني شبها قد ي" من اخلالف واخلروج " مراعاة اخلالف "بني أن -6

: ، و ميكن حصر الفرق بينهما، يف أن مراعاة اخلالف قسمانالقاعدتنيف مبعناها اخلاص، اخلال؛ أي مراعاة فاي بينا آنهي باملدلول الذو :مراعاة جزئية – أ

وهذه . مبذهب نفسه من وجه آخر أخذ، واعتبار ملذهب املخالف من وجههي . أو بتعبري آخر . ال يكاد يعرفها اجلمهور و ،ة اخلالف املقصودة عند املالكيةمراعا

عدول إىل مقتضى مذهب اآلخرملذهبه بالكلية، و لوهي إمها: مراعاة كلية - ب ،هذه هي قاعدة اخلروج من اخلالف اليت يذكرها عامة الفقهاء من خمتلف املذاهبو وخروج إليه،

.اختصاصليس للمالكية فيها مزيد وف مبدلوهلا اخلاص عند املالكية قد ذكرت يف مبحث خاص فروقا أخرى بني مراعاة اخلالو

.بني مراعاة اخلالف مبعىن اخلروج من اخلالف وها؛ هي قوية ال ميكن دحضثبت اعتبارها بأدلة نقلية وعقلية و" فالمراعاة اخل" قاعدة - 7

قواعدها النصوص ومقاصد الشريعة العامة و ها توافق ظواهرألن . يف نظر –مل يسقط اعتبارها ة؛ قوهو ما كان قوي الدليل ىالذي يراعضابط اخلالف -8

هذا املراعي للخالف ودليل املخالف، و دليل ،ب دليلني، فهو توسط بني موجمجلة –اتهد كما يدعي النافون –يراعى لذاته اخلالف ال ؛ ألنالبد منه يف مراعاة قول املخالف الضابط

اإلمام مالك ألن؛ وذ ذا املأخذ ذهب التناقضخفإذا أ .لقوة دليله ما يراعىوإن –ملراعاة اخلالف .بت له مذهب بوجه ثملا ،اخلالف مطلقا يلو كان يراع –رمحه اهللا –

الخاتـــــمة

- 258 -

يف - أي اتهد -كما أن من شروط العمل مبراعاة اخلالف أن يكون صادرا من أهله - 9 ألن احلكم على دليل املخالف باالعتبار أو عدمه، مث ؛-تهادية أي يف املسائل العملية االج - حمله

ن بكمال التصرف يف األحكام بالنظر هذا يؤذ... ويف حال دون حال رعايته من وجه دون وجه، .وتلك درجة االجتهاد واالستنباط والترجيح،

، إليه الذي يظهر أن العمل مبراعاة اخلالف مبدلوهلا اخلاص عند املالكية أمر جيب املصري -10 . خبالف اخلروج من اخلالف فإنه أمر مستحب

ن هي من خصوصيات املذهب املالكي ومميزاته من يمبدلوهلا الذي ب" مراعاة اخلالف"إن - 11 جدت هلا تطبيقات يف املذاهب األخرىحيث التنظري والتأصيل، وإن و، ها ال تصل إىل حدإال أن

يؤثر يف هذه اخلصوصية، خبالف مراعاة اخلالف مبعىن اخلروج من اخلالف، فإنها قاعدة معمول مبا .عند كل املذاهب الفقهية، وليس للمالكية فيها مزيد اختصاص

وما تنتهي األفعال هو النظر يف مآل" مراعاة اخلالف"األصل واألساس الذي بنيت عليه - 12 النظر يف مآالت األفعال معترب مقصود شرعا، كانت األفعال موافقة أو "أن كمامجلتها إليه،

خمالفة، وذلك أن اتهد ال حيكم على فعل من األفعال الصادرة عن املكلفني باإلقدام أو أن األدلة املتعلقة ، وحاصله "احلكم أو الفعل باإلحجام إال بعد نظره إىل ما يؤول إليه ذلك

والفساد، فإذا رأى اتهد أن نطالباحلظر، وعن مرتباا بالب امبواقعة املنهيات تقضي احلكم عليهاالستمرار يف التمسك مبقتضى هذا الدليل إىل ما بعد الوقوع يؤدي أو يؤول إىل مناقضة قصد

كدليل يتالءم وطبيعة الوقائع " الفمراعاة اخل"الشارع يف نصب األدلة الشرعية عمل بقاعدة .اجلزئية وحاالت اخلصوصيات الفردية

شيخ -أن اإلمام الشاطيبوهناك نتيجة أخرى مبنية على اليت سبق ذكرها، وهي - 13 بىن مسلك مراعاة اخلالف على مبدإ لطيف امللحظ اعتبارا بالنظر يف مآالت األفعال –املقاصد

" مراعاة اخلالف"وتعد ،واعترب النظر فيها شرطا أساسيا يف عملية االجتهاد ،ثريااليت اهتم ا كلم هو أن املس -فاملبدأ اللطيف الذي قرره -عليها الشاطيب نظرية املآل قاعدة من القواعد اليت بىن

لدليل عن خطإ أو جهل أو حتى عن عمد، ولكن يف غري عنادإذا ما أجرى عمله على خمالفة اح له به ما أفسده خبطئه وجهله"ه لقصد الشارع فإنصحد . يتالىف له حكم يوهكذا لو تعم

مراعاة "و". اإلفساد مل خيرج بذلك عن احلكم له بأحكام اإلسالم؛ ألنه مسلم مل يعاند الشارع

الخاتـــــمة

- 259 -

طريقة هلذا التاليف حيث جيري به على الفعل بعد وقوعه حكم املرجوح لتاليف مفسدة "اخلالف .صل لو أجري عليه حكمه الراجححت

ببعض املفاهيم الكلية كنظرية املآل اليت حظيت بذكر نصيب منها املراعاة اخلالف تعلق أن -14واليت اعترب ،، وأيضا قاعدة االستحسان" أثر مراعاة اخلالف يف سلوك اتهد واملفيت "يف مبحث

كما تبين يل من خالل هذا البحث –ب ، والصوا"مراعاة اخلالف"تها البعض أن من مجلأن بينهما فرق دقيق وهو أن االستحسان –ومقارنته مبا كتب عن االستحسان يف كتب األصول

ته دمبقتضى الدليلني معا، وهو ما وج أخذ بأقوى الدليلني، خالف مراعاة اخلالف فهي األخذده ملراعاة اخلالف، وهناك مفاهيم عند ح -حممد اهلسكوري - مؤكدا من كالم الشيخ املغريب

وسد الذرائع، وحتقيق املناط كلية أخرى كقاعدة املصوبة واملخطئة، وقاعدة الورع واالحتياط،املنهج العلمي ال يقتضي هذا اإلسهاب والتفصيل ؛ ألنكثري، اكتفيت باإلشارة إليها فقطوغريها

. هتوإثقال البحث مبا ليس من ذاتييف مسائل كثرية يف أبواب خمتلفة من الفقه اإلسالمي، " راعاة اخلالفم"اعتبار ثبت كما -15

.كالعبادات، واملعامالت، والنكاح، واحلدود، واجلنايات، وغري ذلك من أبواب الفقه اإلسالميمراعاة "، العتبار أصل "منوذجا " – باب النكاح - واخترت قسم األحوال الشخصية مراعاة –على اخلصوص –نه من أهم القضايا اليت استعمل فيها املالكية شرعا؛ أل" اخلالف

اعليه مراعاة واعتباراخلالف بتوسع كبري، ومعاملتهم النكاح املختلف فيه معاملة النكاح امع .هلذا األصل

الدراسة أن ىألنه ال خيف ؛الفروع الفقهية على منط الدراسة أو قريبا منها هذه وكان بسط املقارنة وبسط أدلة كل فريق وبيان وجه املراعاة للخالف أو الترجيح للرأي املختار أو ما كان أقرب ملضمون القاعدة أفضل بكثري من الدراسة املذهبية الضيقة وهذا ما رأيناه يف فصل الدراسة

.التطبيقية لقاعدة مراعاة اخلالف، وشغل الناس به على حنو الف الفقهي الفروعيالذي ضخم اخلكما تعرفنا على أن -16

مستهجن عدة أسباب أمهها التقليد األعمى واجلمود على حرفية النصوص واألقوال دون تبصر، مبا ...يف ذلك التعصب املذهيب املذموم

الخاتـــــمة

- 260 -

ج داء وأسباب هذا التضخيم للخالف على املنهج املتبع يف عال مقابل ذلك تعرفناويف . ورده إىل جمراه الطبيعي التنوعي والتكاملي فروعي،ال

علوم أن االختالف بني العلماء مذب اخلالف بني األئمة األعالم، و" مراعاة اخلالف" -17واتهدين مظهر حضاري عظيم مادام منطلقه احلجة والبرهان، وغايته إدراك احلق ولو بالظن،

ه، وهذا خري دليل على تكرمي العقل تة لكل هذا اخلالف وتبنولقد اتسعت الشريعة اإلسالمي .البشري بفتح جمال سن القوانني الفقهية أمامه دون حجر أو تقييد

وليس اختالف تنوع شريع اإلسالمي، فكان حبق اختالفوقد أثرى هذا اخلالف الت ا، ومراعاة العلماء تضاد، يكمع خلالف بعضهمل بعضه بعضالبعض ألكرب دليل على هذا التنو

.والتكامل؛ أو باألحرى اعتبار رأي املخالف " مراعاة اخلالف" ويف األخري رأينا كيف يؤثر أصل -18

يف سلوك اتهد العامل واملفيت " بفقه اخلالف" أو ما يصطلح عليه –طبعا - حجته الذي قويت، وكيف يسري هذا التأثري حىت يف سلوك املكلف - ه خاصة بعد وقوع –اتهد املراعيني للخالف

. العامي، فكان هذا األصل حقا منهجا ومسلكا ذهبيا يف تربية الناس، كل الناس البحث قعض آفاب :

هناك قضايا مل تدرس مبا فيه الكفاية يف تارخينا العلمي، وقد كشف يل هذا البحث بعضها، .الباحثون إليهاتنبه يفأعرضها ل

، والكشف عن نظرياته حتقيقهاوكي بإخراج كتبه بالفقه املال ضرورة االهتمام -1، للفقه املالكي خصوصيات معينة أن قد كنت اعتقد قبل ييئ هذا البحثو. ومناهجه بتفصيل

–)ع منهااملطبو(إن عطاء املالكية يف أصول الفقه ف .خ عندي هذا االعتقادرسا البحث وفجاء هذال يصل إىل درجة عطاء –باحثني خمتصني ت جبارة من دور نشر ووإن كان هناك جمهودا

يه نظرات متميزة فكانت هلم ال األساسي الذي أبدعوا فيه و، لكن ا-مثال –الشافعية ا كثر شديد االرتباط بواقع احلياة ، ولذ اقد كان الفقه املالكي تارخييو، عميقة هو جمال الفقهو

ت دجالتوثيق ، وكثرت كتبهم يف الفتاوى والنوازل وهلذا ولوم القضاء وعندهم التأليف يف ع

الخاتـــــمة

- 261 -

خصبا للنمو االستحسان ومراعاة اخلالف والقرائن جماال ل املصلحة والعرف ومث أصولية نظريات . التطور يف هذا املذهب و

ي أنامل نظرية فقهية أو أصوليةالوصول إىل مع يريد صاحبه علمي ه جيب يف كل عملظن ه ينبغي له أن يتخذ ظني أن ،..أو يريد الكشف عنها وحتديدها وضبطها - ..أو قاعدة أو أصل –

، دمة هذا الفقه بالدراسة والتحقيقولذلك حنن حباجة إىل خ. ئيسا لهالفقه املالكي مرجعا رباجلهد املبذول خلدمة املذاهب ةأسو، إىل إخراج كتبه املطوالت وموسوعاته الفقهية ة أشدوحباج

. هو فقه املذاهب املعتربة أساسا –يف النهاية –الفقه اإلسالمي و جهد مشكور، فإناألخرى، وهسعة آثارها يف الفقه، وإن بالدراسة، وذلك ألمهيتها و" نظرية املآل " ينبغي أيضا إفراد -2

هو ما قام به الشيخ حسني حامد و(ليني كان النظر يف مآالت األفعال ظفر باهتمام بعض األصواعتبار " الدكتور علي مصطفى رمضان يف رسالته و، "نظرية املصلحة" يف كتابه –رمحه اهللا –

، والدكتور عبد ايد النجار يف حبث له يف جملة "املآالت يف الشريعة للحكم على األفعاله كان أن إال..) اخلروبة باجلزائر –ين ألصول الد العايل املوافقات اليت يصدرها املعهد الوطين

ه إليه هو أن يدرس النظر نبأفالشيء الذي . باعتباره طريقة تطبيقية –يف نظري –اهتماما حمدودا درج ضمنه مسالكذلك كما أراد اإلمام الشاطيب وأ يف مآالت األفعال وأن جيعل أصال يف

تقلة عنه فوظفها خلدمته مثل سد الذرائعقواعد كثرية كانت تبحث عند األصوليني مسو، وذلك من اعتنائه ذا األصل واهتمامه به ...واالستحسان ومراعاة اخلالف، وقاعدة احليل

. أصال تطبيقيا -واليت ذكرت مجلة منها يف الوصية السابقة - ينبغي أيضا حصر قواعد التنظري املآيلو -3

املقاصدي الشرعي، وهذا ليس من باب إثارة القضايا األصولية، ولكن من ودراستها يف القالب صد الشرعية، باإلضافة إىل إدراج كل جزئية حتت باب كيفية معاجلتها باستحضار فن املقا

.ي مفهومها الكلالعقل مدى إدراك: ج إىل حبوث مستقلة وموسعة، مثلوهناك قضايا أخرى حتتا هذه بال شك و(تضاء النهي الفساد قضية اقملصاحل، واملوازنة بني اوضابط الترجيح وللمصاحل،

) .حتتمل أكثر من دراسة

الخاتـــــمة

- 262 -

بعض ، وبينت أمهيتها وحماهلاسبق تقدميها يف ومعظم هذه الوصايا أثارها هذا البحث، و ها جديرة بالدراسة و رأيت –أضفت إليها قضايا أخرى و... اإشكاالقأنالتعم.

ومدى ارتباطه مبقاصد التشريع ومرونته، ،يهذا األصل التشريع وهكذا تتضح لنا أمهية وواقعيته يف إحاطته بأحوال وتصرفات املكلفني وإعطائها األحكام اليت تناسبها، كما يتأكد لنا

حلهم يف كل دائما أن الشريعة اإلسالمية وافية حباجات الناس، وأن نصوصها قادرة على حتقيق مصاواقعة تظهر، أو نازلة حتدث، فليست ترتل بأحد من أهل دين اهللا نازلة إلا يف كتاب اهللا الدليل

.على سبيل اهلدى فيها، وال غرو فهي تشريع من لدن حكيم خبريوأي حبثي هذا كما بدأته حبمد اهللا تعاىل، فأمحده جل جالله محدا كثريا على توفيقه يب وأصلي وأسلم على الن ه مسيع جميب الدعاء،أسأله أن يوفقين دائما إىل الصواب إنوعونه و

.ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين على آله وصحبهواملختار اخلامت

الفھارس

- 265 -

اتــفھرس اآلی

﴿: ]4:الفاحتة[ ﴾.....................................................................32

﴿: ]68: البقرة[ ﴾..................... 22

﴿: ]89: البقرة[ ﴾.....................................................48

﴿: ]115: البقرة[ ﴾............................................................. 40

﴿ :] 232:البقرة[

﴾.......................................................................................................170،173

﴿:]19:عمران آل[ ﴾..........................................................47

﴿:]103: آل عمران[ ﴾............................................25

﴿:] 110:مرانآل ع[ …﴾...................................................26

﴿:]03:النساء[ ...﴾.....................................................183

﴿: ]04:النساء[ ﴾..........................................................190

﴿: ]25: النساء[ ﴾.......................................190

﴿:]65: النساء [ ﴾ ..........................217

﴿ :]82 :النساء[

....﴾...................................................................................5،90،219

﴿ :]2: املائدة[ ...﴾.................................98

﴿ :]3:املائدة[

﴾.............................................................................................162،213

- 266 -

﴿:]77:املائدة[ ...﴾...............................48

﴿:]20: األنعام[ ﴾.............................48

﴿: ]145: نعاماأل[ ﴾..........................................53

﴿:]153: األنعام[ ....﴾............................................... 25

﴿:]159: األنعام[ ...﴾..............................24

﴿: ]71التوبة [ ﴾..........................................184

﴿]: 19: ونسي[ ... ﴾.............................................21

﴿:]58: يونس[ ﴾................22

﴿: ]119–118: هود[

...﴾.....................................................................................................21

﴿: ]10:ابراهيم [ ﴾................................................206

﴿ : ]13:النحل[ ﴾..............................................................................71

﴿: ]43:النحل[ ﴾ ......................................215،216

﴿:]44:النحل[

﴾........................................................................................162

﴿ :]53:اإلسراء [ ﴾.....................225

﴿:]110:اإلسراء[ ﴾.........................22

﴿:]110:الكهف[

﴾ ...............................................................................................225

﴿: ]79، 78: األنبياء[ ....﴾.......................................34

- 267 -

﴿: ]79: األنبياء[ ﴾.......................................................................37

﴿:]71: املؤمنون[ ﴾............217

﴿: ]27: القصص[ ....﴾...........................................192

﴿ :]73:القصص[ ﴾................................163

﴿ :]22: الروم[ ﴾............................................................71

﴿: ]32-31:الروم[ ...﴾................................................24

﴿: ]26: ص[ ﴾...................................................48

﴿ : ] 33: حممد [ ﴾...............................................................78

﴿: ]56: رياتاالذ[ ﴾ ..........................................56

﴿: ]27: احلديد[ ﴾.....................................................................70

﴿ : ]6: الطالق[ ﴾..........................................199

﴿: ]2: امللك[ ﴾...............................225

- 269 -

فھرس األحادیث

و قد رتبته حسب الترتيب اهلجائي للحرف األول من احلديث

229.................................»وها فإا منتنة عوى اجلاهلية و أنا بني أظهركم دعأبد« -1 200.....................................»به الفروج استحللتم اأحق الشروط أن توفوا به م «- 2

45...................................................................»اختالف أميت رمحة« -3 34،36.....................»إذا اجتهد احلاكم وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر«-4 131...............................................»أصحايب كالنجوم بأيهم اقتدمت اهتديتم« -5 185.....................................................................»أعلنوا النكاح « -67- »األيا نبنفسها من وليها والبكر تستأذ م أحقا صما174.................... »يف نفسها وإذ 8- »225....................................................................»ين النصيحة الد 103........................................................ »الولد للفراش وللعاهر احلجر« -9

225.................................................. » ... أنا أغىن الشركاء عن الشرك «-10 80،100 .............. » ...رأى أعرابيا يبول يف املسجد -صلى اهللا عليه و سلم-أن النيب «-11 «....................................194ى عن الشغار - صلى اهللا عليه وسلم - أن النيب« -12 178............................. »أن النيب صلى اهللا عليه و سلم تزوج ميمونة وهو حمرم « -13 188............................................................»بن زيدنكحي أسامة ا« -14 71........................................» ...ليؤمت به، فال ختتلفوا عليه اإلمامجعل إمنا« -15 47...................»زلة العامل، ومن حكم جائر، ومن هوى متبع أخاف عليكم من إين« -1617- »أي80،172............. » ...كحت بغري إذن وليها فنكاحها باطل ،فنكاحها باطلما امرأة ن 18...................»كتاب اهللا وسنة نبيه : تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما متسكتم ما« -18 182............ » كرهمل تأذنت، وإن أنكرت فقد تسكتفإن اليتيمة يف نفسها رمتستأ « - 19

24...................... »....تفترق أميت على نيف وسبعني فرقة، كلها يف النار إال واحدة« -20 125.........................................................» احلالل بين و احلرام بين« -21

- 270 -

157.....................................................»دع ما يريبك إىل ماال يريبك « -22 199.........................»كل شرط ليس يف كتاب اهللا فهو باطل ولو كان مائة شرط« -23 70..............................................»كم راع و كلكم مسؤول عن رعيتهلك« -24

159..................................................................»كل مسكر مخر « -25 05............................................. » كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ « -2627- »100.........................................»يقتل أصحابه الئال يتحدث الناس أن حممد 151 ...................................... »ب ال توتروا بثالث وال تشبهوا بصالة املغر « -28 75..... .........................................................» ال شغار يف اإلسالم « -29 172............................................................... »ال نكاح إال بويل « -30 187...............»طبة أخيه ، حىت يترك اخلاطب قبله أو يأذن له ال خيطب أحدكم على خ«-31 159.......................................... »ال ينصرف حىت يسمع صوتا أو جيد رحيا «-32 178..............................................»ال ينكح احملرم وال ينكح وال خيطب « -33 33،100.......» الكعبة وجلعلتها على أساس إبراهيمت نقضكفر لالقومك ب ثة عهدحدالوال « -34 222................................... »....مل يرحم صغرينا و يوقر كبرينا ليس منا من « -35 190....................................................» به عندك من شيء تصدقهاهل « -36 246......................»األمة على رأس مائة كل سنة من جيدد هلا دينها هلذه يبعث اهللا « -37 99.................. ............................................»واحتجيب منه يا سودة« -38 46....»مية ين كما ميرق السهم من الرال يتجاوز حناجرهم ، ميرقون من الد القرآنيقرؤون « -39

- 272 -

فھرس اآلثار

101.........) ...أبو بكر الصديق " .... ( إنك ستجد أقواما زعموا أم حبسوا أنفسهم هللا " -1

225...............).......جابر بن عبد اهللا ( ″ ........بايعت رسول اهللا على إقام الصالة " -2 17،45.....)..عمر بن عبد العزيز( ....".)صلى اهللا عليه و سلم(صحاب حممد ما أحب أن أ" -3 17،45....)القاسم بن حممد()....صلى اهللا عليه وسلم(ب رسول اهللاأصحا باختالفلقد نفع اهللا "-4 199 ).......................عمر بن اخلطاب..." ....( روطهمهلا شرطها واملسلمون عند ش" -5

فھرس األعالم

- 274 -

1 58 2 117 3 32 4 23 5 64 6 157 7 139 8 43 9 73

1074 1140 1229 1322 1456 15146 1638 1718 1854 1960 20562140 2228 2357 2429 2561 2654 2753 2833 2923 3047 3123

فھرس األعالم

- 275 -

3262 3323 3471 35 70 36 155 37 61 38 150 39 17 40 57 41 52 42 22 43 147 44 147 45 63 46 95 47 29 48 89 49 58 50 70 51 53 52 50 53 50 54 56 55 22 56 23 57 148 58 50 59 142 60 58

- 277 -

.

أھم المصادر والمراجع

.املوضوعات والترتيب اهلجائي فيهاو قد رتبته على حسب

دار املنار، : القاهرة(أحكام القرآن، أليب بكر حممد بن عبد اهللا املعروف بابن العريب، تعليق حممد بكر إمساعيل - 1

.)م2002/هـ1422طبعة دار املعرفة، : بريوت(العظيم، أليب الفداء بن كثري، تقدمي يوسف املرعشليتفسري القرآن -2 .)م1986/هـ1406 -1طمطبعة مصطفى : مصر(جامع البيان عن تأويل آي القرآن، أليب جعفر حممد بن جرير الطـــــربي -3

.)م1968/هـ1388- 3احلليب، طاهللا حممد بن أمحد األنصاري القرطيب، ضبط ومراجعة صدقي مجيل العطار، اجلامع ألحكام القرآن، أليب عبد -4

.)م2003/هـ1424دار الفكر: بريوت( خرج حديثه عرفان العشا .)م1961/هـ1380 مطبعة نور حممد بكراتشـي(للراغب األصفهاين مفردات غريب القرآن، -5 دار الكتب العربية، : مصر( أبو الفضل إبراهيم الربهان يف علوم القرآن، لبدر الدين الزركشي، حتقيق -6 .)م1957/هـ1376-1ط

: مصر( الينـد القسطـإرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، أليب العباس شهاب الدين أمحد بن حمم -1

.)هـ1323املطبعة األمريية ببوالق،سنة .)م1979املكتب اإلسالمي: بريوت( ين األلباينحملمد ناصر الد إرواء الغليل، -2حتقيق مصطفى بن أمحد العلوي التمهيد ملا يف املوطأ من املعاين واألسانيد، البن عبد الرب النمريي القرطيب، -3

.)هـ1402- 2وزارة األوقاف اإلسالمية ط: املغرب( وآخرون .)طبعة دار املعرفة: بريوت(تلخيص احلبري يف ختريج الرافعي الكبري، ألمحد بن حجر العسقالين -4

- 278 -

دار الفكر : بريوت(الثقات، البن حبان حامت التميمي، حتقيق السيد شرف الدين أمحد -5 .)م1975/هـ1395املعاصر

- 2مؤسسة الكتاب الثقافية،ط: بريوت( جامع بيان العلم وفضله، البن عبد الرب القرطيب -6 .)م1997/هـ1418

.)م1992دار الفكر : بريوت( رمحن بن رجبجامع العلوم واحلكم، لزين الدين عبد ال -7طبعة دار الفكر : بريوت(سبل السالم شرح بلوغ املرام،حملمد بن إمساعيل الصنعاين،حتقيق علي جت القاضي -8

.)م2003 . سليمان بن أشعث السجستاين األزدي، حتقيق السيد حممد السيد وآخرونسنن أيب داود، أليب داود -9 ). م1999/هـ1420ديث، دار احل: القاهرة(

، طبعة دار احلديث: القاهرة( شاكر محدسى حممد بن عيسى الترمذي، حتقيق أسنن الترمذي، أليب عي - 10 .)م1999/هـ1419

، حتقيق إبراهيم علي حممد علي سنن الدارمي، أليب حممد عبد اهللا بن عبد الرمحن بن الفضل الدارمي - 11 .)م2000/هـ1420 طبعة دار احلديث: القاهرة(

طبعة : بريوت( السنن الكربى، أليب بكر أمحد بن احلسني البيهقي، ويف ذيله اجلوهر النقي البن التركماين - 12 .)دار الفكر

طبعة دار : القاهرة(سنن ابن ماجه، أليب عبد اهللا حممد بن يزيد القزويين، حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي - 13 .)م1998/هـ1419، احلديث

.)م1999/هـ1419دار احلديث، : القاهرة (ب بن علي النسائي، ألمحد بن شعيسنن النسائي - 14 )هـ1399 - 1املكتب اإلسالمي،ط: دمشق ( سلسلة األحاديث الصحيحة، حملمد ناصر الدين األلباين - 15 .)هـ1348-1املكتب اإلسالمي، ط : دمشق (سلسلة األحاديث الضعيفة، حملمد ناصر الدين األلباين - 16أليب حممد احلسني بن مسعود الفراء البغوي، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه شعيب شرح السنة، - 17

.)م1983/هـ1403-2املكتب اإلسالمي،ط: بريوت(األرناؤوط وحممد زهري الشاويش .)م1990-1دار الكتب العلمية،ط:بريوت ( شرح املوطأ، حملمد بن عبد الباقي الزرقاين - 18ومعه شرح فتح الباري البن حجر العسقالين، مد بن إمساعيل البخاريصحيح البخاري، أليب عبد اهللا حم - 19

. )م2003/هـ1424-1مكتبة الصفا، ط: القاهرة(طبعة موافقة لترقيم وتبويب حممد فؤاد عبد الباقيمع شرح النووي، موافقة لترقيم وتبويب حممد فؤاد صحيح مسلم، أليب احلسني مسلم بن احلجاج القشريي - 20

.)م2003/هـ1424- 1دار ابن اهليثم،ط: القاهرة (قيق أبو عبد الرمحن عادل بن سعدعبد الباقي، حت صحيح مسلم بشرح النووي حملي الدين أيب زكريا حيي بن شرف النووي، حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي - 21

.)م 2003دار ابن اهليثم سنة: القاهرة ( ).دار الفكر: بريوت (أمحد العيين لبدرا لدين حممود بنعمدة القاري شرح صحيح البخاري، - 22

- 279 -

عون املعبود شرح سنن أيب داود، حملمد مشس احلق العظيم آبادي مع شرح ابن قيم اجلوزية، ضبط وحتقيق - 23 .)م1968/هـ1388-2نشر املكتبة السلفية، ط: املدينة املنورة(عبد الرمحن حممد عثمان

.تصوير دار الكتاب العريبغريب احلديث، أليب عبيد القاسم بن السالم البغدادي، - 24 .)م1978دار الكتب العلمية : بريوت( الفتح املبني يف شرح األربعني، ألمحد بن حجر اهليثمي - 25 .)م1972- 2دار الفكر، ط: بريوت( فيض القدير شرح اجلامع الصغري، حملمد عبد الرؤوف املناوي - 26 س، إلمساعيل بن حممد العجلوينكشف اخلفا ومزيل االلتباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة النا - 27

. )هـ1405-4مؤسسة الرسالة، ط: بريوت(دار إحياء الكتب العربية : لقاهرةا(الشيخان، حملمد فؤاد عبد الباقي املرجان يف ما اتفق عليه اللؤلؤ و - 28

).هـ1368 .)هـ1352القاهرة طبعة القدسي (جممع الزوائد و منبع الفوائد، البن حجر اهليثمي - 29- دار احلديث: القاهرة( ، شرحه محزة أمحد الزينمام أمحد بن حنبل بن هالل الشيباينلإلاملسند، - 30

.)م1995/هـ1416دار : بريوت(املستدرك على الصحيحني للحافظ أيب عبد اهللا النيسابوري وبذيله التلخيص للحافظ الذهيب - 31

).م1398-الفكر طدار الغرب : بريوت ( قيق حممد الشاذيل النيفراملعلم بفوائد مسلم، أليب عبد اهللا بن علي املازري، حت - 32

.)م1987اإلسالمي، ط .)شرح دار الكتاب العريب: بريوت (املنتقى شرح املوطأ، أليب الوليد سليمان بن خلف الباجي - 33دار الفكر، : بريوت (دقي مجيل العطار الليثي، ضبطه ص املوطأ، لإلمام مالك بن أنس برواية حيي بن حيي - 34 .)2003/ـه1422/ 3ط

صبحي سقالين، حتقيق محدي عبد ايد وموافقة اخلرب اخلرب يف ختريج أحاديث املختصر، البن حجر الع - 35 .م1992/هـ1412مكتبة الرشد : الرياض (السيد جاسم السامرائي

نيل األوطار شرح منتقى األخبار، حملمد بن علي الشوكاين، اعتىن به حممد حممد تامر، وقدم له وهبة - 36 .)م2001دار اهليثم : مصر (حيلي الز

- 280 -

.)1995طبعة دار الكتب العلمية : اإلاج شرح املنهاج، لعلي بن عبد الكايف السبكي بريوت .1مؤسسة الرسالة : أثر االختالف يف القواعد األصولية يف اختالف الفقهاء، ملصطفى سعيد اخلن بريوت .2

.م1998/هـ7/1418طبعة .)م1978دار القلم : دمشق (االجتهاد، أليب املعايل عبد املالك اجلويين، حتقيق عبد احلميد أبو زنيد .3 إحكام الفصول يف أحكام األصول، أليب الوليد سليمان بن خلف الباجي، حتقيق عبد ايد التركي .4

.)1995/هـ1415-2ط، دار الغرب اإلسالمي: بريوت (القاهرة (بتحقيق جلنة من العلماء ألحكام، أليب حممد علي بن حزم األندلسي،اإلحكام يف أصول ا .5

.)م1984/هـ1404-1طبعة دار احلديث، ط: .)طبعة دار احلديث بالقاهرة (اإلحكام يف أصول األحكام، لآلمدي سيف الدين .6 مؤسسة الرسالة، : بريوت( حقيقته، حجيته، أحكامه وضوابطه، إللياس بلكا: االحتياط .7

.)م2003/هـ1424-1ط إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول، حملمد بن علي الشوكاين، حتقيق أمحد عزو عناية .8

)م1999/هـ1419-1دار الكتاب العريب، ط: بريوت ( املطبعة التونسية،(اإلشارة إىل معرفة األصول والوجازة يف معىن الدليل، أليب الوليد الباجي .9

.)هـ1351-3ط ا، لفاتح زقالم حممد كلية الدعوة اإلسالمية، ةاألصول اليت اشتهر انفراد إمام دار اهلجر .10

.)م1996/ هـ 1424- 1ط ).مطبعة السعادة: مصر(أصول السرخسي، أليب بكر حممد بن أمحد بن أيب سهل السرخسي .11 .)ر العريب دار الفك -ط: القاهرة(أصول الفقه، أليب زهرة حممد .12 .)م1996-دار الفكر : دمشق ( أصول الفقه اإلسالمي، لوهبة الزحيلي .13 ).م2002/هـ1422دار الفكر -ط : بريوت (اإلعتصام، أليب إسحاق الشاطيب .14ط : بريوت ( تعليق طه عبد الرؤوف طهني، ال بن قيم اجلوزية، تقدمي وإعالم املوقعني عن رب العامل .15

.)م1973دار جبل –املطبعة التونسية (بن أيب كف، شرح حممد بن الطالب ال السالك يف أصول مالك، صاليإ .16

).هـ1346 .)م1994 -1دار الكتب، ط: مصر (البحر احمليط، لبدر الدين الزركشي .17 .)املطبعة األدبية مبصر (تأسيس النظر، أليب زيد الدبوسي .18

- 281 -

حتقيق حممد علي جوزي، دراسة وم حممد بن أمحد بن أليب القاس ،تقريب الوصول إىل علم األصول .19 )م1990/هـ1410 -1اجلزائر دار التراث اإلسالمي، ط (فركوس

نشر مكتبة : الرياض (ختريج الفروع على األصول، لشهاب الدين الزجناين، حتقيق حممد أديب صاحل .20 ).م1999/هـ1420 – 1العبيكان، ط

.ح مبصرالتلويح على التوضيح، لسعد الدين التفتزاين، طبع حممد صبي .21 اجلواهر الثمينة يف بيان أدلة عامل املدينة، حلسن حممد املشاط، حتقيق عبد الوهاب بن سليمان .22

.)م1990/هـ1411–2دار الغرب اإلسالمي ط: بريوت ( –اإلمارات العربية املتحدة (خرب الواحد إذا خالف عمل أهل املدينة، حلسان بن حممد حسني فلمبان .23

.)م 2000/هـ1421 -1ديب، ط .هـ1309الرسالة، حملمد بن إدريس الشافعي، حتقيق و شرح أمحد حممد شاكر طبعة .24

).م 1991 – 1دار السلفية، ط: اجلزائر( جنة املناظر، ألبن قدامة املقدسيلناظر وروضة ا .25دار الفكر : بريوت ( شرح تنقيح الفصول، لشهاب الدين القرايف، حتقيق طه عبد الرؤوف سعد .26

.)م2004/هـ1424 شرح العضد ملختصر منتهى ابن احلاجب، لعضد الدين اإلجيي، حتقيق شعبان حممد إمساعيل .27

.)م1983: مكتبة الكليات األزهرية (، دار الغرب: بريوت ( شرح اللمع، أليب إسحاق الشريازي، حتقيق عبد ايد التركي .28

.)م1988 – 1ط .املدينة، ألمحد بن تيمية، مطبعة اإلمام مبصر صحة أصول مذهب أهل .29 .)مكتبة الرشاد : اجلزائر (ضوابط املصلحة يف الشريعة اإلسالمية، حملمد سعيد رمضان البوطي .30نور احلسن بن الطيب أليب اخلري الطريقة املثلى يف اإلرشاد إىل ترك التقليد واتباع ما هو أوىل، .31

.)م2000-1دار ابن حزم،ط:بريوت ( القنوجيالعربية املتحدة تاإلمارا ( عمل أهل املدينة بني مصطلحات وآراء األصوليني، ألمحد حممد نور سيف .32

.)م2000/هـ1421-1ط ،ديب، دار البحوث للدراسات اإلسالمية وإحياء التراث – دار الكتب العلمية: بريوت(الفقيه و املتفقه أليب بكر أمحد بن علي بن ثابت اخلطيب البغدادي .33

.)م1980/هـ1400-2ط فواتح الرمحوت شرح مسلم الثبوت، لعبد العايل بن نظام الدين األنصاري، مطبوع امش املستصفى .34

.)هـ1322طبعة بوالق ( دار احلديث، : القاهرة(قه اإلسالمي، حملمود حامد عثمان قاعدة سد الذرائع و آثارها يف الف .35

.)م1996/هـ 1417 – 1ط

- 282 -

مطبعة املنار، :مصر(التقليد، البن املقدسي املكي سائل االجتهاد وبعض م قول السديد يفال .36 .)هـ1332- 1ط

املطبعة السلفية، : القاهرة(التقليد، حملمد بن علي الشوكاين القول املفيد يف أدلة االجتهاد و .37 .)هـ1394 – 1ط

د العزيز بن أمحد البخاري، ضبط كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي، لعالء الدين عب .38 .)م1991-دار الكتاب العريب، ط: بريوت(وتعليق حممد املعتصم باهللا البغدادي

اململكة العربية (احملصول يف علم األصول، حملمد بن عمر الرازي، حتقيق طه جابر فياض العلواين .39 .)هـ1399-1طبعة جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية، ط: السعودية

مؤسسة الرسالة، : بريوت (مدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية لعبد الكرمي زيدان .40 .)م 2001/هـ1421 -1ط

اإلمارات العربية (مراعاة اخلالف عند املالكية و آثره يف الفقه اإلسالمي، حملمد أمحد شقرون .41 .)م2002/هـ1423- 1دار البحوث اإلسالمية،ط: املتحدة

الف يف املذهب املالكي و عالقتها ببعض أصول املذهب، حملمد األمني و لد حممد سامل بن مراعاة اخل .42

.)م2002/هـ1423-1دار البحوث اإلسالمية،ط: اإلمارات العربية املتحدة (الشيخ .)طبعة دار الكتب العلمية: بريوت(املستصفى يف أصول الفقه أليب حامد حممد الغزايل .43 .مطبعة املداين: آلل تيمية، حتقيق حمي الدين عبد احلميد القاهرة املسودة يف أصول الفقه، .44مفتاح الوصول إىل بناء الفروع على األصول، أليب عبد اهللا الشريف التلمساين، حتقيق عبد الوهاب .45

.)م2000-1املكتبة العصرية، ط: بريوت ( عبد اللطيف .)م1978الشركة التونسية للتوزيع :تونس (مقاصد الشريعة اإلسالمية، حملمد بن طاهر بن عاشور .46دار الفكر، : دمشق(علق عليه حسن هيتو صول، أليب حامد الغزايل، حققه واملنخول من تعليقات األ .47

.)م1980-2ط .)طبعة دار الكتب العلمية: بريوت ( املوفقات يف أصول الشريعة، أليب إسحاق الشاطيب .48: دولة اإلمارات املتحدةاملغرب و(اهيم الشنقيطي نشر البنود على مراقي السعود، لعبد اهللا بن إبر .49

.)اللجنة املشتركة لنشر التراث اإلسالمي .)م1981مكتبة املتنيب : القاهرة (نظرية املصلحة يف الفقه اإلسالمي، حلسني حامد حسان .50 دار العلميةطبعة ال: الواليات املتحدة األمريكية (نظرية املقاصد عند الشاطيب، ألمحد الريسوين .51

.)م1995د العاملي للفكر اإلسالمي هاملعللكتاب اإلسالمي وشرح منهاج الوصول، جلمال الدين عبد الرحيم بن حسن اإلسنوي، مطبعة عامل اية السول يف .52

.الكتب

- 283 -

.)دار الفكر: بريوت ( ، أليب احلسن املاوردي،ةاألحكام السلطاني .1عن األحكام و تصرفات القاضي و اإلمام، لشهاب الدين القرايف، حتقيق و تعليق اإلحكام يف متييز الفتاوى .2

.)م2004/هـ1425-1دار الكتب العلمية، ط: بريوت (أمحد املزيدي .)املكتبة التجارية الكربى: مصر (إحياء علوم الدين أليب حامد الغزايل .3 .)مكتبة الرياض احلديثة: اململكة العربية السعودية (اآلداب الشرعية، البن مفلح احلنبلي .4االستذكار ملذاهب فقهاء األمصار و علماء األقطار فيما يتضمنه املوطأ من معاين الرأي و اآلثار، ال بن .5

.)مطبعة إحياء التراث اإلسالمي: مصر(عبد الرب القرطيب .)ارةمطبعة اإلد: تونس(اإلشراف يف نكت مسائل اخلالف، للقاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي، .6 .)م1977-3طبعة دار الفكر، ط: القاهرة (اإلمام مالك، أليب زهرة حممد .7 .)م1973-2دار املعرفة، ط: بريوت (األم، حملمد بن إدريس الشافعي .8مطبعة اإلمام : القاهرة(بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع، لعالء الدين أيب بكر بن مسعود الكاساين .9

.)بالقلعة .)م1977دار املعرفة : بريوت(فة أليب احلسن التسويل البهجة يف شرح التح .10الشرح و التوجيه و التعليل يف املسائل املستخلصة البن رشد أيب الوليد القرطيب، حتقيق البيان والتحصيل و .11

-1404التراث اإلسالمي، ءدار إحيا: دار الغرب اإلسالمي، قطر: بريوت ( أساتذة من علماء املغرب .) م1986- 1984/هـ1406

دار : بريوت(اإلكليل ملختصر خليل أليب عبد اهللا املواق، مطبوع امش مواهب اجلليل للحطاب التاج و .12 .)الفكر

.)دار املعارف : بريوت ( تبني احلقائق شرح كرت الدقائق جلمال الدين الزيلعي .13 .)م 1984/هـ1405-1دار الكتب العلمية، ط: بريوت(حتفة الفقهاء، لعالء الدين السمرقندي .14: القاهرة(حتفة احملتاج بشرح املنهاج، لشهاب الدين بن حجر اهليثمي مع حاشية عبد احلميد الشرواين .15

.)طبعة مصطفى حممداإلمارت (ذيب املدونة، خللف بن أيب القاسم الرباذعي، حتقيق حممد األمني ولد حممد سامل بن الشيخ .16

.)م1999دار البحوث اإلسالمية : العربية املتحدة .)بريوت طبعة دار املعرفة (جواهر اإلكليل على شرح خمتصر خليل حملمد بن اخلليفة الوشتاين اآليب .17بن عابدين، حتقيق عبد املوجود ال )أو رد احملتار على الدر املختار (حاشية ابن عابدين على الدر املختار .18 .)م1994-1بريوت دار الكتب العلمية ط(علي معوض و

- 284 -

دار إحياء الكتب العربية عيسى : مصر(الشرح الكبري حملمد بن عرفة الدسوقي حاشية الدسوقي على .19 .)احلليب

، ةاملطبعة األمريي: مصر(حاشية سيدي الطالب بن محدون على شرح ميارة الفاسي لتحفة احلكام .20 .)هـ1316-1ط21. امش اية احملتاج للرملي، مطبوع اية احملتاج إىل مطبعة : مصر(اية احملتاج حاشية الشرباملسي على

.)م1967/هـ1382احلليب حاشية العدوي على شرح أيب احلسن املسمى كفاية الطالب الرباين لرسالة ابن أيب زيد القريواين يف .22

دار الفكر، : بريوت(لعلي الصعيدي العدوي -رضي اهللا عنه - مذهب اإلمام مالك .)م1998/هـ1418-1ط .)بريوت دار الفكر (دي العدوييحاشية العدوي على اخلرشي، لعلي الصع .23 .)دار إحياء الكتب العربية: مصر(حاشية القليويب على جالل الدين احمللي على منهاج الطالبني .24حتقيق عبد الرمحن العمراين اإلدريسي شد بن أيب راشد الوليدي، دراسة واحلرام أليب الفضل رااحلالل و .25 .)م1990طبوعات وزارة األوقاف املغربية م: املغرب( .)م 1994 -15املكتب اإلسالمي ، ط: بريوت(احلرام يف اإلسالم ليوسف القرضاوي ل واحلال .26الدر املختار بشرح تنوير األبصار، حملمد بن علي احلصين الدمشقي الشهري باحلصكفي، حتقيق عادل عبد .27

.)م1994 -1ة، طدار الكتب العلمي: بريوت (املوجود و علي معوضدار الغرب اإلسالمي، : بريوت ( الذخرية يف الفقه املالكي، لشهاب الدين القرايف، حتقيق حممد حجي .28 .)م1994-1ط .)م1993دار الفكر : بريوت ( الرسالة، أليب حممد عبد اهللا بن أيب زيد القريواين .29مؤسسة الرسالة، : بريوت (السياسة الشرعية يف ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، ليوسف القرضاوي .30 .)م2000/هـ1421 -1ط . دار الفكر: شرح حتفة احلكام يف نكت العقود و األحكام، مليارة الفاسي بريوت .31 .)م1982دار الفكر :بريوت (شرح الرسالة البن ناجي التنوخي، طبع مع شرح زروق .32بريوت دار الغرب (الطاهر املعموري لرصاع، حتقيق حممد أبو األجفان وشرح حدود ابن عرفة، ل .33

.)م1993-1اإلسالمي، ط دار الكتب العلمية،: بريوت(شرح معاين اآلثار، أليب جعفر الطحاوي، حتقيق حممد زهري النجار .34 .)م1979/هـ1399 – 1طمطبعة أنصار السنة احملمدية : مصر(شرح منتهى اإلرادات، أليب منصور بن يوسف بن إدريس البهويت .35

.)م1947/هـ1360

- 285 -

حتقيق عبد الباقي عبد اهللا السجلماسي، شرح واليواقيت الثمينة فيما انتمى لعامل املدينة، أليب شرح .36 .باجلزائر –بدوي، رسالة ماجستري بكلية أصول الدين

املعهد العايل للدراسات : واقشطن(عون احملتسب، البن السالك، حتقيق حممد األمني بن حممد فال بن باه .37 .)م1995البحوث اإلسالمية و .)طبعة دار الفكر: بريوت (فتح العزيز شرح الوجيز، للرافعي، مطبوع امش اموع للنووي .38قد طبع الشرح امش فتح القدير ، وهو شرح اهلداية للمرغيناين، وفتح القدير، لكامل الدين ابن اهلمام .39 .)م1994- 1دار الكتب العلمية، ط: بريوت( دار الغرب اإلسالمي، : بريوت ( املختار بن الطاهر التليلي فتاوى ابن رشد اجلد، تقدمي و حتقيق .40 .)م1987-1ط .)م1991-3نشر دار الغد العريب، ط: بريوت ( فتاوى ابن تيمية .41 .)م2002-1دار الغرب اإلسالمي، ط :بريوت(فتاوى الربزيل، تقدمي و حتقيق حممد احلبيب اهليلة .42 .)النشرمطبعة طيباوي للطباعة و: اجلزائر ( فتاوى الشاطيب، مجعها حممد أبو األجفان .43

.)م2001/هـ1422-7مؤسسة الرسالة، ط: بريوت(فقه الزكاة، ليوسف القرضاوي .44 طبعة دار بن حزم،: بريوت ( أدلته على مذهب السادة املالكية، ألحسن زقورالعبادات وفقه .45 .)م2004/هـ1425 -1ط .)املكتبة الثقافية : بريوت(محد بن غنيم القرياوين للنفراوي أابن أيب زيد الفواكه الدواين على رسالة .46 .)م1987/هـ1409دار الكتب العلمية : بريوت ( الكايف، البن عبد الرب القرطيب .47 .)م2001/هـ1421- 2دار رحاب للنشر، ط: اجلزائر (مائة سؤال عن اإلسالم، حملمد الغزايل .48 .)مكتبة اإلرشاد : جدة (حممد جنيب املطيعي اموع شرح املهذب، للنووي شرف الدين، حتقيق .49 .)دار إحياء التراث : القاهرة(احمللى، البن حزم األندلسي الظاهري، حتقيق أمحد شاكر .50دار : بريوت(علق عليه امحد علي حركات ام مالك، خلليل بن إسحاق، ضبطه وخمتصر خليل يف فقه اإلم .51

.)م 1999/هـ1419الفكر دار إحياء العلوم، (عفر الطحاوي، حتقيق أبو الوفا األفغاين خمتصر الطحاوي، أليب ج .52 .)م1986/هـ1406-1ط . خمتصر القدوري، ألمحد القدوري البغدادي، مطبوع مع اللباب يف شرح الكتاب للميداين .53 .املدخل الفقهي، ملصطفى الزرقا، الطبعة التاسعة .54 بعة دار صادر ط: بريوت، نساملدونة الكربى ملالك بن أ .55اإلمارات العربية املتحدة (املسائل اليت بناها اإلمام مالك على عمل أهل املدينة، حملمد املداين بوساق .56

.)م 2002دار البحوث اإلسالمية : العربية

- 286 -

:بريوت(املعونة على مذهب عامل املدينة للقاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي، حتقيق عبد احلق محيش .57 .)م1999/هـ1419دار الفكر

دار :بريوت(املغرب، ليحي الونشريسي ع املغرب لفتاوى علماء إفريقيا واألندلس واجلاماملعيار املعرب و .58 .)م1995الغرب اإلسالمي

.)م1984-1دارالفكرط: بريوت(قدامة موفق الدين نالب الشرح الكبرياملغين و .59 مطبعة االستقامة، : القاهرة( مغين احملتاج إىل معرفة ألفاظ املنهاج، ألمحد الشربيين .60 .)م1955/هـ1374-1طاملقدمات املمهدات لبيان ما اقتضته رسوم املدونة من األحكام الشرعيات التحصيالت، البن رشد أيب .61

.)م1989- 1دار الغرب اإلسالمي ط: بريوت (الوليد اجلد، حتقيق حممد حجي .)م1989دار الفكر : بريوت(محد عليش د بن أخمتصر خليل، حملم منح اجلليل شرح .62املطبعة اجلديدة، : املغرب(منار السالك إىل مذهب اإلمام مالكن ألمحد الساعي الشهري بالرجراجي .63 .)م 1940-1ط .)م1995 – 1املهذب، أليب إسحاق الشريازي، ضبط زكريا عمريات بريوت دار الكتب العلمية ط .64

).طبعة دار الفكر: بريوت( للحطاب مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل، .65 ).هـ1310املطبعة احلجرية : فاس( نوازل ابن هالل السجلماسي، للشريف املهدي الوزاين .66 ).هـ1309املطبعة احلجرية : فاس( نور البصر يف شرح املختصر، ألمحد بن عبد العزيز اهلاليل .67

مكتبة أضواء السلف، :الرياض(ء، حملمد بن نصر املروزي، حتقيق حممد طه حكيم اختالف الفقها .1

).م2000/ هـ 1420-1ط ).م1993/هـ1413 -1دار الدعوة، ط: مصر (األصل الثامن من أصول الفهم لإلمام حسن البنا .2 )هـ 1391معهد األحباث اإلسالمية : باكستان (اختالف الفقهاء، أليب جعفر الطحاوي .3إلنصاف يف بيان أسباب االختالف، لويل اهللا الدهلوي، حتقيق حممد صبحي بن حسن احلالق وعامر ا .4

).هـ1420طبعة دار بن حزم : بريوت(حسني اإلنصاف يف التنبيه على األسباب اليت أوجبت االختالف بني املسلمني وآرائهم، حملمد رضوان الداية .5

).هـ1394طبعة دار الفكر : دمشق( ).م1994 – 1مؤسسة الرسالة ط: بريوت(نة يف الفقه اإلسالمي لفتح الدريين حبوث مقار .6 ).م1984/هـ 1409دار الشريفة ببوزريعة : اجلزائر(بداية اتهد و اية املقتصد، البن رشد احلفيد .7

- 287 -

).م1975 -1دار اهلدى، ط(دراسات يف االختالفات الفقهية، أليب الفتح البيانوين .8 ).هـ 1401طبعة سنة : قطر(الف األئمة، أليب عبد اهللا بن عبد الرمحن الدمشقي رمحة األمة يف اخت .9

)م1980دار مكتبة احلياة : بريوت(رفع املالم عن األئمة األعالم، البن تيمية .10 )م2000/هـ1421-2دار العقيدة، ط: القاهرة(فقه اخلالف بني املسلمني، لياسر برهاين .11مطابع دار القلم : القاهرة(ني، لعبد اجلليل عيسى ما ال جيوز فيه اخلالف بني املسلم .12

)م1962/هـ1382 )م1999-3دار الفكر، ط: دمشق(حماضرات يف الفقه املقارن لسعيد رمضان البوطي .13 )م1999- 3دار النفائس ، ط: األردن(مسائل يف الفقه املقارن، لسليمان األشقر وآخرون .14: بريوت(اإلسالمي، لزكريا عبد الرزاق املصري معرفة اخلالف الفقهي قنطرة إىل حتقيق الوفاق .15

)م1990مؤسسة الرسالة )م1991: املدينة املنورة(موقف األمة من اختالف األئمة، لعطية حممد سامل .16

).طبعة دار الفكر: بريوت(األشباه والنظائر، لعبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي .1ئر ، لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي، حتقيق عادل عبد املوجود وعلي معوض األشباه والنظا .2

)م1991-1دار الكتب العلمية، ط: بريوت(دار : بريوت(إعداد املهج لالستفادة من املنهج يف الفقه املالكي حملمد األمني بن أمحد اجلكين الشنقيطي .3

).الفكر العريبمنشورات : اليبي(ليحي الونشريسي، حتقيق الصادق عبد الرمحن الغرياين إيضاح املسالك إىل قواعد مالك، .4

)م1991/هـ1401-1كلية الدعوى اإلسالمية، طلعبد " شرح املنهج املنتخب"و" إيضاح املسالك"تطبيقات قواعد الفقه عند املالكية من خالل كتايب .5

).م2002/هـ1423-1ية، طدار البحوث اإلسالم: اإلمارات العربية املتحدة(الرمحن الغرياين ).دار الشنقيطي للنشر(شرح املنهج املنتخب على املذهب، للمنجوري، حتقيق حممد شيخن الشنقيطي .6عدة الربوق يف مجع ما يف املذهب من اجلموع والفروق، ليحي الونشريسي، دراسة وحتقيق محزة أبو .7

)م1990-1دار الغرب اإلسالمي، ط: بريوت(فارس ).م1985-1دار الكتب العلمية، ط: بريوت(ر، ألمحد بن حممد احلموي غمز عيون البصائ .8 )م1998/هـ1418- 1دار الكتب العلمية، ط: بريوت(الفروق، لشهاب الدين القرايف .9

)م1996دار الكتب العلمية : بريوت(قواعد األحكام يف مصاحل األنام، للعز بن عبد السالم السلمي .10

- 288 -

طبعة معهد البحوث : مكة املكرمة(قيق حممد بن عبد اهللا بن محيد القواعد،أليب عبد اهللا املقري، حت .11 ).العلمية إلحياء التراث

)م1991- 2دار القلم، ط: دمشق(القواعد الفقهية، لعلي الندوي .12طبعة وزارة األوقاف : الكويت( املنثور يف القواعد الفقهية ، لبدر الدين الزركشي ، حتقيق تيسر فائق .13

).م1982والشؤون الدينية ).مطبعة النجاح اجلديدة: املغرب(نظرية التقعيد الفقهي وأثرها يف اختالف الفقهاء، حملمد الروكي .14 املؤسسة اجلامعية، : بريوت(الوجيز يف إيضاح القواعد الكلية، حملمد صدقي الربنو .15

).م1983/هـ1403-1ط

دار إحياء التراث : اإلمارات العربية املتحدة(د املالكية ، حملمد إبراهيم أمحد علي اصطالح املذهب عن .1 ).م2000/ هـ 1421 -1اإلسالمي، ط

نشر : القاهرة(البحث الفقهي مع املصطلحات الفقهية يف املذاهب األربعة، إلمساعيل سامل عبد العال، .2 ).م1992/هـ1412 - 1مكتبة الزهراء، ط

).مكتبة ابن سينا: مصر(لحات واألمساء يف فقه مالك، لعبد املنعم شليب دليل السالك للمصط .3كشف النقاب احلاجب من مصطلح ابن احلاجب، البن فرحون املالكي، حتقيق محزة أبو فارس وعبد .4

).م1990 - 1دار الغرب اإلسالمي، ط: بريوت(السالم الشريف منشورات وزارة الثقافة : دمشق(مود املصري الكليات، أليب البقاء الكفوي ، حتقيق عدنان درويش وحم .5

).م1981واإلرشاد القومي مكة (، حملمد النابغة بن عمر الغالوي، حتقيق ودراسة حيي بن الرباء )بوطليحية(من نصوص الفقه املالكي .6

).م2002/هـ1422-1مكتبة املكية، ط: املكرمةنشر مكتبة لبنان، : بريوت(ي دحروج موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم، للتهانوي، حتقيق عل .7

).م1996 -1ط

- 289 -

).م2002-15دار املاليني، ط: بريوت( األعالم، خلري الدين الزركلي .1 م 1953/هـ1372 –مطبعة الساعدة : مصر(آداب الشافعي ومناقبه، أليب حممد الرازي .2 ).دار املعرفة: لبنان(التاسع، حملمد بن علي الشوكاين البدر الطالع مبحاسن من بعد القرن .3طبعة دار اقرأ، : بريوت(التاج املكلل من جواهر مآثر الطراز اآلخر واألول، أليب الطيب احلسن القنوجي .4

).م1983/هـ1404 -2ط ).دار الفكر: بريوت(تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي .5 ).م1985/هـ1395املطبعة احملمدية : مصر(ة تاريخ الفقه اإلسالمي، حملمد أنيس عباد .6 ).دار إحياء التراث العريب: بريوت(تذكرة احلفاظ ، للذهيب مشس الدين .7وزارة : املغرب( ترتيب املدارك وتقريب املسالك ملعرفة أعالم اإلمام مالك، للقاضي عياض .8

)م1984/هـ 1403األوقاف ).مطبعة دار الشباب: القاهرة(ممدوح تشنيف األمساع بشيوخ اإلجازة والسماع، لسعيد بن .9

).م1984/هـ1404دار الفكر : بريوت(ذيب التهذيب البن حجر العسقالين .10 .الديباج املذهب يف أعيان املذهب، البن فرحون املالكي ، حتقيق حممد األمحدي، طبعة دار التراث .11ن طبعة السنة احملمدية دار املعرفة، مصورة ع: بريوت(ذيل طبقات احلنابلة البن رجب احلنبلي .12

).م1952/هـ 1372 ).مؤسسة الرسالة: بريوت( سري أعالم النبالء، للذهيب مشس الدين، حتقيق شعيب األرنؤوط .13 ).هـ1349الطبعة ا لسلفية : القاهرة(شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية، حملمد بن حممد خملوف .14 ).هـ1388دار الفكر : بريوت(لي شذرات الذهب يف أخبار من ذهب، البن عماد احلنب .15 )هـ1353مكتبة القدس : القاهرة(الضوء الالمع ألهل القرن التاسع، لشمس الدين السخاوي .16 )هـ 1371دار صادر : بريوت(الطبقات الكربى البن سعد .17 ).هـ1371مطبعة السنة احملمدية : القاهرة(طبقات احلنابلة، أليب يعلى احلنبلي .18جم احلنفية، للموىل تقي الدين عبد القادر التميمي الداري، حتقيق عبد الفتاح الطبقات السنية يف ترا .19

).م1989/هـ1410-1مطبوعة دار الرفاعي للنشر والطباعة، ط: الرياض( احللو ).مطبعة دار املعرفة: بريوت(طبقات الشافعية الكربى لتقي الدين السبكي .20 .اغي، طبعة القاهرةالفتح املبني يف طبقات األصوليني لعبد اهللا املر .21 )هـ1396املكتبة العلمية : املدينة املنورة(الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي، للحجوي الثعاليب .22 )دار الغرب اإلسالمي:بريوت(فهرس الفهارس، لعبد احلي الكتاين الفاسي، حتقيق إحسان عباس .23

- 290 -

).رات عكاظمنشو: املغرب(حماضرات يف تاريخ الفقه املالكي، لعمر اجليدي .24 ).م1984-دار إحياء التراث العريب: بريوت ( معجم املؤلفني لعمر رضا كحالة .25 ).هـ1357مطبعة املعاهدة: القاهرة ( نيل االبتهاج بتطريز الديباج، ألمحد بابا التنبكيت .26 ).هـ1413دار الكتب العلمية، طبعة : بريوت(هداية العارفني، إلمساعيل كمال باشا .27 ).طبعة دار الثقافة: بريوت(البن خلكان، حتقيق إحسان عباس وفيات األعيان، .28

).هـ1306املطبعة اخلريية : مصر(تاج العروس جلواهر القاموس، أليب الفضل الزبيدي .1 ).م1983دار الفكر : بريوت( يالقاموس احمليط، د الدين حممد بن يعقوب الفريوز آباد .2 ).م 1955/هـ 1374دار صادر : بريوت( فضل بن منظور املصري لسان العرب، أليب ال .3 ).طبعة دار املعارف : بريوت(خمتار الصحاح أليب بكر الرازي .4

دار الكتب : بريوت(املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري، ألمحد بن حممد بن علي املقري الفيومي .5 ).م1978/هـ1398العلمية

).م1979دار الفكر : بريوت(حتقيق عبد السالم هارون اللغة، البن فارس، سمعجم مقايي .6 ).م1980دار املعارف : مصر(املعجم الوسيط، جممع اللغة العربية .7

دار املعارف، : بريوت(أصول كتابة البحث العلمي وحتقيق املخطوطات ليوسف املرعشلي .1

).م2003/هـ1424-1طاهر بن حممد البغدادي، حتقيق حممد حمي الدين عبد احلميد الفرق بني الفرق، لعبد القاهر بن ط .2

).طبعة دار املعرفة: بريوت( ).طبعة مصطفى احلليب: مصر( امللل والنحل، أليب الفتح الشهرستاين، حتقيق حممد سيد كيالين .3 ).هـ1364طبعة عيسى احلليب : القاهرة(الشعر والشعراء، البن قتيبة، حتقيق أمخد شاكر .4مطبعة دار : دمشق (عرفة وأصول االستدالل واملناظرة، لعبد الرمحن خنبكة امليداين ضوابط امل .5

).القلم ).مطبعة الرشاد: اجلزائر(مبادئ املنطق، لألخضر األخضاري .6

- 291 -

،انقطاع االجتهاد و استمرار بني املنكرين و املثيبتني، حملمد األمني ولد حممد سامل بن الشيخ .1 ).هـ1419سنة ) العدد الثالث(ديب، –الصادرة عن دار البحوث اإلسالمية ،لة األمحديةجم(

جملة األزهر، ( اخلالف الفقه بني األساليب اللغوية و النظائر األصولية، ألمحد عبد اهللا العبليين .2 ).هـ1414حمرم -السنة السادسة و السنون –اجلزء األول

حمرم – السنة الرابعة والستون – جملة األزهر، اجلزء األول( فقه اخلالف، حملمد حسام الدين .3 ).هـ1412

يصدرها املعهد –جملة املوفقات ( قواعد التنظري املآيل عند اإلمام الشاطيب، لعبد احلميد العلمي .4 .)هـ1413سنة ) العدد الثاين ( اخلروبة باجلزائر، –الوطين العايل ألصول الدين

فھرس المحتویات 05....................................................... دمةـقــامل

الفصل التمھیدي في الخالف الفقھي وأھم أسبابھ

وأصول المذھب المالكي ومنزلة مراعاة الخالف بینھا

ه،ــوموقف العلماء من اخلالف الفقهي، نشأته، مشروعيته :املبحث األول

17....................................هـــسبابأنواعه،أهم أ

18 ..................................................نشأة اخلالف الفقهي: املطلب األول 21 ........................................... مشروعية اخلالف الفقهي :املطلب الثاين

21 .............................................................. من الكتاب - 24 ................................................................ من السنة - 26........................................................موقف العلماء منه - 30...........................................................املذهب املختار -

32........................أنواع االختالف الواقع بني املسلمني وأسبابه: املطلب الثالث 32 ...................................................... اختالف التنوع –النوع األول 34 ....................................................... اختالف التضاد –النوع الثاين

36 ................................................. غري املذموماخلالف السائغ - أ 37 .................................................. أسباب هذا اخلالف السائغ - 40 ...................................................... غأمثلة لالختالف السائ - 40 ............................................. يف األمور االعتقادية والعلمية -1 41.................................................. ية الفقهيةلميف األمور الع -2 43 ................................................................. ابيه هام جدتن

44 .............................................. أمهية إدراك وجود هذا االختالف

45 ...................................................... هذا اخلالف رمحة معىن أن 46 ......................................... . وأسبابه االختالف غري السائغ املذموم -ب 46 ........................................................................... اجلهل -

47..................................................................... الظلم والبغي - 48........................................................ واتباع الظن اهلوى املذموم -

49............ ..........................................................اخلالصة -

50....................أصول املذهب املالكي وموقع مراعاة اخلالف بينها:املبحث الثاين

50 ............................................. أصول املذهب املالكي: املطلب األول 58 .................................................... أدق إحصاء ألصول املالكية -

59 ........................................................... ملطلبخالصة هذا ا - 60 ...................... موقع مراعاة اخلالف بني أصول املذهب املالكي: املطلب الثاين

60 ......................والقواعد والفقه مراعاة اخلالف يف كتب األصول: األمر األول - يف إغفال بعض علماء املالكية يف تعدادهم ألصول: األمر الثاين -

62 ............................... ذكر مراعاة اخلالف –رمحه اهللا -مالك : وما معىن قول بعضهم: ر الثالثاألم -

63 ................. ؟"ال يراعيه تارةيراعي اخلالف و تارة-رمحه اهللا-أن اإلمام مالك"

الفصل األول في معنى مراعاة الخالف

ومذاھب الألصولیین في حجیتھا 68............................................ معىن مراعاة اخلالف :املبحث األول

68...............................مراعاة اخلالف لغـة و اصطالحا معىن: طلب األولامل 69 ................................................... حـد املعرف لغة :الفرع األول

70 ............................................................. .معىن املراعاة: أوال 71 .............................................................. .معىن اخلالف :ثانيا

73 ................................... .حــد مراعاة اخلالف اصطالحا: الثاين الفرع 73 ............................... .تعريف ابن عبد السالم التونسي :التعريف األول

74 ................................................ تعريف ابن عرفة :التعريف الثاين 79 ................................ .تعريف أيب إسحاق الشاطيب: :التعريف الثالث

81 ............................................................. التعريف املناسب الفرق بني القواعد األصولية والقواعد الفقهية: املطلب الثاين 84 .............................. .ويف أيهما ميكن تصنيف مراعاة اخلالف

84 ..................................... لقواعد الفقهيةلفرق بني القواعد األصولية واا - 86 .... ، أيف القواعد األصولية أم يف القواعد الفقهية؟"مراعاة اخلالف"أين ميكن تصنيف - 86.................................................................... خالصة املطلب -

87 .................. الفرق بني مراعاة اخلالف و اخلروج من اخلالف: :الثالثاملطلب 88 ............................................................ جزئية مراعاة -1 88 ............................................................. مراعاة كلية -2 88..............................................................فروق أخرى -3 89....................................................................مسألة -4

مراعاة اخلالف مذاهب األصوليني يف حجية: يناملبحث الثا

93...مستندهم يف ذلكو من العمل مبراعاة اخلالفماء املالكية علموقف : املطلب األول 93.......................موقف علماء املالكية من العمل مبراعاة اخلالف :ول الفرع األ

93 .......................................... ايزون للعمل مبراعاة اخلالف :األول - 95 .................................................... النافون ملراعاة اخلالف: الثاين - 95 ....................................... عاة اخلالفونصوص املخالفني ملرا بعض أقوال

95 ...................................... اخلالف ي ابن عبد الرب يف مراعاةرأ:أوال 96 .................................. .رأي القاضي عياض يف مراعاة اخلالف: ثانيا 96 ........................................ .رأي الشاطيب يف مراعاة اخلالف: ثالثا

98 ................................................... دلة ومناقشتهااأل: الثاين الفرع 98 ............................ .ومناقشتها أدلة ايزين للعمل مبراعاة اخلالف: أوال

98 ........................................................... لنقليةاألدلة ا-أ 102 .................................... األدلة العقلية للعمل مبراعاة اخلالف -ب

106 ................................ لنافني ملراعاة اخلالف ومناقشتهاا اعتراضات: ثانيا 112 ......................................................... بيان املذهب املختار

114..............................ضوابط وشروط العمل مبراعاة اخلالف:الثاين املطلب

114 .......................................... . اعىضابط اخلالف الذي ير: األول الفرع 115............................................................................. خالصة 119 ................................... اخلالف ةقضية خالفية هامة بني القائلني مبراعا 121 ......................................... اة اخلالف قبل الوقوعوجه القول مبراع

125 .............................................. شروط مراعاة اخلالف: الثاين الفرع 125 .......................... .جمتهدا أن يكون الذي يراعي اخلالف :الشرط األول - 128 ..................................... .أن يكون الدليل املراعى قويا: الشرط الثاين - 130 ........... . أن ال تؤدي مراعاة اخلالف إىل صورة ختالف اإلمجاع: الشرط الثالث - 133 ......................... . أال يترك املراعي اخلالف مذهبه بالكلية: الشرط الرابع -

136 ............................ . جلمع بني املذاهب ممكناأن يكون ا: الشرط اخلامس -

موقف أصحاب املذاهب األخرى و عند املالكية حكم مراعاة اخلالف:الثالث ملطلبا

138...............................................................................منها

138 ................................... .حكم مراعاة اخلالف عند املالكية: األول الفرع 141 .................... موقف أصحاب املذاهب األخرى من مراعاة اخلالف: الثاين الفرع

141 ........................................... .مراعاة اخلالف عند احلنفية: النقطة األوىل- 142 ............................................... حكم مراعاة اخلالف عند احلنفية 143 ............................. ة اليت راعى فيها احلنفية اخلالفأمثلة للفروع الفقهي

145 .......................................مراعاة اخلالف عند الشافعية: النقطة الثانية- 148 ............................................... حكم مراعاة اخلالف عند الشافعية 149 ............................................. شروط مراعاة اخلالف عند الشافعية

149 ................................................... قوة املدرك: الشرط األول - 150 ............................................ انتفاء حمذور شرعي: الشرط الثاين - 152 ............................ أن يكون اجلمع بني املذاهب ممكنا: الشرط الثالث - 153 ............................ عى الشافعية فيها اخلالفاليت راأمثلة للفروع الفقهية

156 ....................................... مراعاة اخلالف عند احلنابلة: ة النقطة الثالث - 158 ........................................... م اخلروج من اخلالف عند احلنابلةحك 159 ............................... أمثلة للفروع الفقهية اليت راعى فيها احلنابلة اخلالف 161 ............................. موقف الظاهرية من مراعاة اخلالف: النقطة الرابعة -

الفصل الثاني أثر مراعاة الخالف في الفقھ االسالمي

و عمل المجتھد والمفتي 166.............................................................................متهيد

أثر اعتبار مراعاة اخلالف يف األحوال الشخصية:املبحـث األول 167..................................امنوذجأ - باب النكاح –

170 ................................. بعض األنكحة الفاسدة ألجل العقد: الفرع األول 170 ............................................. . النكاح بغري الويل: املسألة األوىل 178 ........................................ .النكاح يف حالة اإلحرام: املسألة الثانية 180 ...................................... .نكاح املريض املخوف عليه: املسألة الثالثة

182 ............................... . مةاشتراط البلوغ يف تزويج اليتي: الرابعةاملسألة 184 .................................. .نكاح الشريفة بالوالية العامة: املسألة اخلامسة

185 ..................................... .التواصي بكتمان النكاح :املسألة السادسة 187 ...................................... .نكاح املخطوبة من غريه :املسألة السابعة

190 ............................. بعض األنكحة الفاسدة من أجل الصداق: الفرع الثاين 197................................يف تأويل قول مالك إنه يفسخ قبل الدخول : فائدة

198 .......................... . بعض األنكحة الفاسدة األجل شرط فيها: الفرع الثالث 203..................................................................خالصة املبحث

205..........................ف يف عمل اتهد و املفيتأثر مراعاة اخلال:املبحـث الثاين

205............................................................................يد مته 208..............دواعي تضخيم اخلالف الفقهي إىل غري صورته الطبيعية: طلب األول امل

210..................................................عمل الفقهاء يف هذا العصر 212.....................................................املذهيب أضرار التعصب

212..................ملقاصد الشريعة" منافاة اجلمود الفقهي والتعصب املذهيب

212.....................................إخالل التعصب املذهيب بتوازن اتمع 213.......................البيان تعارض التعصب املذهيب مع أوضاع القرآن يف

216...............................................تباعاالالفرق بني التقليد و 221"مراعاة اخلالف " املنهج املتبع يف نبذ اخلالف املذموم بقاعدة : املطلب الثاين 221..........جالتأكد من صالح املنهج و الطريق املتبع يف العال: املسلك األول

222...........اخلالف الفروعي ال يكون سببا للتفرق يف الدين: األصل األول - 222..........التعاون عليهذيب اخلالف الفروعي واستثماره و: الثاين األصل- 223............................اإلنصاف للمخالف الفروعي: األصل الثالث -

224......... ؟"مراعاة اخلالف"ننبذ هذا اخلالف بقاعدة كيف : ثاين املسلك ال 224..........................اإلخالص هللا يف العمل واالجتهاد والنصح: أوال - 226..................ب املذهيباجتثاث أصول اجلمود الفقهي أو التعص: ثانيا -

الكتاب عالج التعصب املذموم لألمساء واألشخاص وضعف الوالء على 229...................................................................والسنة

231.......التطبيق السديد للحكم الذي يضمن سالمة النتائج و املآالت: ثالثا -

235..................................اإلنصاف يف علم اخلالف: املسلك الثالث 236.......................................تماع لآلخرفن االس: املسلك الرابع

237..............االجتهاد على ضوء أصول األئمة ومناهجهم: املسلك اخلامس 238........................ما يلزم الناظر يف اختالف الفقهاء: املسلك السادس 244...............................لنفسح صدورنا خلطأ اتهد: املسلك السابع

246....................................ألدلةالتجديد يف النظر ل: لك الثامناملس247.............................اجلماعي إحياء مرفق االجتهاد: اسعاملسلك الت

248............إحياء سلوكيات التعامل مع االجتهادات الفقهية: املسلك العاشر 249..............................................................الفصل الثاين ملخص

253 ................................................................... مةــاتـاخل 263........................................................................الفهارس

264...................................................................فهرس اآليـات 268.................................................................فهر س األحاديث

271......................................................................فهرس اآلثار 273..................................................................فهرس األعـالم

276......................................................أهم املصادر و املراجعفهرس 292...................................................................فهرس احملتويات