كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ...

149
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﺮﺍﻡ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻵﻣﺪﻱ ﺳﺎﱂ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﰊ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﺃﻗﻮﻯ ﺍﳌﺒﻄﻠﲔ ﺛﺒﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﺃﺑﺎﻥ ﲟﺎ ﻭﺍﺳﺘﺰﻝ ﺍﳉﺎﺣﺪﻳﻦ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﲟﺎ ﺯﻟﺰﻝ ﺍﻟﺬﻯ ﺍﳊﻤﺪ ﻟﺼﻔﻮﺗﻪ ﻭﺍﺻﻄﻔﻰ ﻭﺍﻟﱪﺍﻫﲔ ﺍﻵﻱ ﻣﻦ ﺃﺑﺪﻯ ﲟﺎ ﺍﻹﳊﺎﺩ ﺍﻟﻮﺛﻘﻰ ﺑﻌﺮﻭﺗﻪ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﻭﻭﺛﻘﻬﻢ ﺍﳌﻮﺣﺪﻳﻦ ﻋﺼﺎﺑﺔ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻣﻦ ﻓﺠﺮ ﻓﺠﺮ ﺃﻥ ﺇﱃ ﺩﺍﻣﻐﲔ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻭﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﻧﺎﺻﺮﻳﻦ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻭﷲ ﻇﺎﻫﺮﻳﻦ ﻭﺑﻪ ﻧﺎﻇﺮﻳﻦ ﻟﻠﺤﻖ ﻳﺰﺍﻟﻮﺍ ﻓﻠﻢ ﺍﳌﺘﲔ ﻭﺣﺒﻠﻪ ﻟﻪ ﺃﻻ ﺷﺊ ﻛﻞ ﺃﺗﻘﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻵﻓﻠﲔ ﻣﻦ ﻛﻮﻛﺒﻪ ﻭﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﺒﻬﺘﺎﻥ ﻗﻤﺮ ﻭﺧﺴﻒ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ ﺿﻮﺅﻩ ﻭﺃﺷﺮﻕ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺭﺏ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ ﺃﻥ ﻭﻧﺸﻬﺪ ﺍﳊﺎﺻﺮﻳﻦ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺣﺼﺮﻩ ﻋﻦ ﺗﻜﻞ ﲪﺪﺍ ﻧﻌﻤﻪ ﺟﺰﻳﻞ ﻣﻦ ﻭﺃﺳﺒﻎ ﻣﻨﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﱃ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺤﻤﺪﻩ ﺇﱃ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪﺍ ﺃﻥ ﻭﻧﺸﻬﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘﱮ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺟﻨﺔ ﻟﻘﺎﺋﻠﻬﺎ ﻣﺒﻮﺋﺔ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻟﻪ ﺷﺮﻳﻚ ﻭﺣﺪﻩ ﺃﲨﻌ ﺍﻟﻜﺎﻓﺔ ﻭﺑﻌﺪ ﺃﲨﻌﲔ ﺁﻟﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺪﺍﻳﺘﻪ ﻭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺳﺒﻞ ﺑﻨﻮﺭﻩ ﻓﺄﻭﺿﺢ ﺑﺒﺘﺮﻩ ﻭﺗﻨﺒﺘﺮ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﲢﺼﻴﻞ ﻋﻦ ﻭﻳﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺎﺕ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﻧﻴﻞ ﻋﻦ ﻳﺘﻘﺎﺻﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺃﻥ ﲢﻘﻘﺖ ﳌﺎ ﻓﺈﱐ ﻭﺍﺳﺘﺤ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﺳﺘﻴﻼﺀ ﻣﻊ ﻭﺍﻟﻌﺰﻣﺎﺕ ﺍﳍﻤﻢ ﻏﺮ ﺑﻔﻠﻪ ﻭﺗﻔﻞ ﺍﻷﻣﻨﻴﺎﺕ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻷﻣﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺭﻛﻮﻥ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻜﺎﻡ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻨﺘﻬﺎﻫﺎ ﻣﻄﻤﻊ ﻭﻻ ﺃﻗﺼﺎﻫﺎ ﺇﱃ ﻭﺻﻮﻝ ﻭﻻ ﺫﺭﺍﻫﺎ ﺫﺭﻭﺓ ﺇﱃ ﺳﺒﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻤﺖ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺇﱃ ﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺩﻫﺎ ﺃﻋﻢ ﲢﺼﻴﻠﻪ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﺎ ﲢﺼﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﺎﻷﻫﻢ ﺍﻷﻫﻢ ﻋﻦ ﻭﺍﻟﻔﺤﺺ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺗﺐ ﻭﺃﺳﲎ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﻭﺃﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﻛﻤﺎﻻ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎﺩﺓ ﳏﺼﻼ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﻛﻞ ﻣﺘﻜﺜﺮﺓ ﻭﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﳌﺎ ﺑﺎﳌﻌﻘﻮﻻﻭﺕ ﻭﺇﺣﺎﻃﺘﻬﺎ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻃﻼﻋﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺫﻱ ﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺘﻢ ﻭﺍﻟﻼﺯﻡ ﺍﳉﺰﻡ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﺗﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﻪ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻋﻠﻢ ﳌﻮﺿﻮﻉ ﻋﺎﺭﺽ ﻓﻬﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺰﻡ ﻭﺍﶈﻞ ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻷﺳﲎ ﺍﻷﺟﻞ ﺍﻷﺷﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺇﺫ ﻭﻣﺘﻌﻠﻘﺎﺗﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﺟﺐ ﺫﺍﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﳌﻠﻘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ ﺇﳕﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺃﺷﺮﻑ ﺷﺮﻑ ﺃﻥ ﳏﺎﻟﺔ ﻭﻻ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭﺿﺔ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻟﺸﺮﻑ ﺗﺎﺑﻊ ﻫﻮ ﺇﳕﺎ ﻋﻠﻢ ﻛﻞ ﺷﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻭﻣﻨﺸﺄ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻣﺒﺪﺃ ﻫﻮ ﺇﺫ ﻣﺼﻨﻮﻉ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻛﻞ ﺫﺭﺍﻩ ﺣﻠﻮﻝ ﻋﻦ ﻭﻳﺘﻘﺎﺻﺮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻛﻞ ﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻭﺍﳌﻌﻠﻮﻻﺕ ﺍﻟﻌﻠﻞ ﺇﱃ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺝ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻣﱪﺃ ﻭﺍﻟﺬﻭﺍﺕ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻐﻦ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﳊﺎﺩﺛﺎﺕ ﻭﻣﺴﺘ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻮﺍﻣﻴﺲ ﻭﻣﺮﺟﻊ ﻭﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﺃﺻﻞ ﺑﻪ ﺍﳌﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻧﻈﺎﻡ ﺻﻼﺡ ﻨﺪ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﺃﺑﻜﺎﺭ ﻭﻃﺮﻗﺖ ﻏﺎﻳﺎﺗﻪ ﻭﻣﻄﺎﺭﺡ ﺳﺎﺣﺎﺗﻪ ﻣﺴﺎﺭﺡ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺟﻮﺍﺩ ﻭﺃﻃﻠﻘﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻨﺎﻥ ﺳﺮﺣﺖ ﺟﺮﻡ ﻓﻼ ﻓﻜﻨﺖ ﺑﺮﺍﺣﻪ ﻭﺍﺗﺴﻊ ﺳﺮﺍﺣﻪ ﲤﻬﺪ ﺣﱴ ﻭﻗﺸﻌﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﻇﻠﻤﺔ ﻭﻻ ﻭﺭﻓﻌﺘﻬﺎ ﺃﻻ ﻏﻤﺔ ﺗﺒﻖ ﻓﻠﻢ ﺃﻏﻮﺍﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻪ ﻭﻭﻗﻔﺖ ﲝﻠﻮﺍﺗﻪ ﻭﺍﻟﺘﻠﺬﺫ ﲦﺮﺍﺗﻪ ﺟﲎ ﺑﺼﺪﺩ ﻋﻠ ﺃﺯﻝ ﻭﱂ ﻟﻪ ﺃﲨﻊ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﲢﺘﻤﺖ ﺇﺟﺎﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻴﻨﺖ ﻣﻦ ﺳﺄﻟﲏ ﺃﻥ ﺇﱃ ﻟﻺﺧﻮﺍﻥ ﳎﺎﻧﺒﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ ﺑﺮﻫﺔ ﺫﻟﻚ ﻓﺮﺍﺋﺪﻩ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻋﻦ ﻭﺃﻛﺸﻒ ﻓﻮﺍﺋﺪﻩ ﲟﻄﻠﻘﺎﺕ ﻭﺃﺑﻮﺡ ﻏﺮﺭﻩ ﻣﻐﻤﺼﺎﺕ ﻭﺃﺑﲔ ﺩﺭﺭﻩ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﻭﺗ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻓﺸﺮﻋﺖ ﺃﺭﺑﻪ ﻗﻀﺎﺀ ﻭﺍﺳﺘﻌﻨﺘﻪ ﺑﻄﻠﺒﻪ ﺃﺳﻌﺎﻓﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺕ ﺍﻟﻌﺠﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺮﺗﻴﺐ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﺳﺘﺎﺭ ﺑﺄﻃﺮﺍﻑ ﺭﺍﻓﻌﺎ ﺍﶈﻘﻘﲔ ﺯﻟﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺒﻬﺎ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻏﻮﺍﻣﺾ ﻭﺿﻤﻨﺘﻪ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﺑﻜﺎﺭ ﻭﺃﻭﺩﻋﺘﻪ

Upload: others

Post on 30-Aug-2019

27 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

لكالم: كتاب ملرام يف علم ا ا ية غااآلمدي: املؤلف مل علي بن حممد بن سا بن أيب علي

بسم اهللا الرمحن الرحيم احلمد هللا الذى زلزل مبا أظهر من صنعته أقدام اجلاحدين واستزل مبا أبان من حكمته ثبت املبطلني وأقوى قواعد

من عباده عصابة املوحدين ووثقهم من أسبابه بعروته الوثقى اإلحلاد مبا أبدى من اآلي والرباهني واصطفى لصفوته وحبله املتني فلم يزالوا للحق ناظرين وبه ظاهرين وهللا ولرسوله ناصرين وللباطل وأهله دامغني إىل أن فجر فجر

اإلميان وأشرق ضوؤه للعاملني وخسف قمر البهتان وأضحى كوكبه من اآلفلني ذلك صنع الذي أتقن كل شئ أال له اخللق واألمر تبارك اهللا رب العاملني

فنحمده على ما أوىل من مننه وأسبغ من جزيل نعمه محدا تكل عن حصره ألسنة احلاصرين ونشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له شهادة مبوئة لقائلها جنة الفوز والعقىب يف يوم الدين ونشهد أن حممدا عبده ورسوله أرسله إىل

ني فأوضح بنوره سبل السالكني وشاد هبدايته أركان الدين صلى اهللا عليه وعلى آله أمجعني وبعد الكافة أمجعفإين ملا حتققت أن العمر يتقاصر عن نيل املقاصد والنهايات ويضيق عن حتصيل املطالب والغايات وتنبتر ببتره

كام الغفلة وركون النفس إىل األمل أسباب األمنيات وتفل بفله غر اهلمم والعزمات مع استيالء الفترة واستحواستنادها إىل الفشل علمت أنه ال سبيل إىل ذروة ذراها وال وصول إىل أقصاها وال مطمع يف منتهاها فكان الالئق

البحث والفحص عن األهم فاألهم والنظر يف حتصيل ما الفائدة يف حتصيله أعم

علمية ما كان حمصال للسعادة األبدية وكماال للنفس الناطقة وأهم املطالب وأسىن املراتب من األمور العملية والاإلنسانية وهو اطالعها على املعلومات وإحاطتها باملعقوالوت ملا كانت املطلوبات متعددة واملعلومات متكثرة وكل

عزم منها فهو عارض ملوضوع علم يستفاد منه وتستنبط معرفته عنه كان الواجب اجلزم والالزم احلتم على كل ذي البداية بتقدمي النظر يف األشرف األجل واألسىن منها يف الرتبة واحملل

وأشرف العلوم إمنا هو العلم امللقب بعلم الكالم الباحث عن ذات واجب الوجود وصفاته وأفعاله ومتعلقاته إذ موضوع هذا شرف كل علم إمنا هو تابع لشرف موضوعه الباحث عن أحواله العارضة لذاته وال حمالة أن شرف

العلم يزيد على شرف كل موضوع ويتقاصر عن حلول ذراه كل موجود مصنوع إذ هو مبدأ الكائنات ومنشأ احلادثات وهو بذاته مستغن عن احلقائق والذوات مربأ يف وجوده عن االحتياج إىل العلل واملعلوالت كيف والعلم

ند صالح نظام املخلوقات به أصل الشرائع والديانات ومرجع النواميس الدينيات ومستفال جرم سرحت عنان النظر وأطلقت جواد الفكر يف مسارح ساحاته ومطارح غاياته وطرقت أبكار أسراره

ووقفت منه على أغواره فلم تبق غمة أال ورفعتها وال ظلمة إال وقشعتها حىت متهد سراحه واتسع براحه فكنت بصدد جىن مثراته والتلذذ حبلواته

ى ذلك برهة من الزمن جمانبا لإلخوان إىل أن سألين من تعينت على إجابته وحتتمت على تلبيته أن أمجع له ومل أزل عل مشكالت درره وأبني مغمصات غرره وأبوح مبطلقات فوائده وأكشف عن أسرار فرائده

رتيب هذا العجاب فاستخرت اهللا تعاىل يف أسعافه بطلبه واستعنته يف قضاء أربه فشرعت يف تأليف هذا الكتاب وتوأودعته أبكار األفكار وضمنته غوامض األسرار منبها على مواضع مواقع زلل احملققني رافعا بأطراف استار عورات

Page 2: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

املبطلني كاشفا لظلمات هتويالت امللحدين كاملعتزلة وغريهم من طوائف اإلهليني على وجه ال خيرجه زيادة التطويل لنقص واخللل تسهيال على طالبيه وتيسريا على راغبيه ومسيته غاية املرام يف علم إىل امللل وال فرط االختصار إىل ا

الكالم وقد جعلته مشتمال على مثانية قوانني وضمنتها عدة مسائل قواعد الدين وهو املسئول أن يعصمنا فيما حناوله الدعاء جدير من كل خلل وزلل وأن يوفقنا لكل صواب من قول وعمل إنه على ما يشاء قدير وبإجابة

القانون األول يف إثبات الواجب بذاته

طريق إثبات الواجب ذهب احملققون من اإلسالميني وغريهم من أهل الشرائع املاضيني وطوائف اإلهليني إىل القول بوجوب وجود موجود

ه ومل خنالفهم يف وجوده له لذاته غري مفتقر إىل ما يسند وجوده إليه وكل ما سواه فوجوده متوقف يف إبداعه عليذلك إال سواد ال يعرفون وطوائف جمهولون فال بد من الفحص عن مطلع نظر الفريقني والكشف عن منتهى أقدم

الطائفتني ليحق احلق ويبطل الباطل ولو كره املشركون أو لغريها ال ومبدأ النظر وجمال الفكر ينشأ من احلوادث املوجودة بعد العدم فإن وجودها إما أن يكون هلا لذاهتا

جائز أن يكون هلا لذاهتا وإال ملا كانت معدومة وإن كان لغريها فالكالم فيها وإذ ذاك فإما أن يقف األمر على موجود هو مبدأ الكائنات ومنشأ احلادثات أو يتسلسل األمر إىل غري النهاية فإن قيل بالتسلسل فهو ممتنع

نات ال هناية ألعدادها يستند بعضها إىل بعض يف وجودها وفرضنا أما على الرأي الفلسفي فألنا إذا فرضنا ممكبالتوهم نقصان عشرة منها مثال فإما أن يكون عددها مع فرض النقصان مساويا لعددها قبله أو أنقص أو أزيد ال

ا أنقص جائز أن يكون مساويا إذ الناقص ال يساوى الزائد فإن قيل أنه أزيد فهو أيضا ظاهر اإلحالة وإن قيل أهن فأحدمها

ال حمالة أزيد من اآلخر بأمر متناه وما زاد على املتناهى بأمر متناه فهو متناه إذ ال بد أن يكون للزيادة نسبة إىل النامى جبهة ما من جهات النسب على حنو زيادة املتناهى على املتناهى وحمال أن حيصل بني ما ليسا متناهيني النسبة

لكن هذا مما ال يستقيم على موجب عقائدهم وحتقيق قواعدهم حيث قضوا بأن كل ماله الواقعة بني املتناهيني الترتيب الوضعي كاألبعاد واالمتدادات أو ترتيب طبيعىو آحاده موجودة معا كالعلل واملعلوالت فالقول بأن ال

ده موجودة معا كالنفوس هناية له مستحيل وأما ما سوى ذلك فالقول بأن ال هناية له غري مستحيل وسواء كانت آحابعد مفارقة األبدان والذوات أو هي على التعاقب والتجدد كاحلركات فإن ما ذكروه وإن استمر هلم فيما قضوا

عليه بالنهاية فهو الزم هلم فيما قضوا عليه بأن ال هناية وإذ ذاك فال جيدون عن اخلالص من فساد أحد االعتقاديني فيما ذكروه يف معرض الداللة والربهان سبيال إما يف صورة اإللزام أو

وليس ملا ذكره الفيلسوف املتأخر من جهة الفرق بني القسمني قدح يف الغرض هو قوله أن ما ال ترتب له وضعا وال آحاده موجودة معا وأن كان ترتبه طبعا ال سبيل إىل فرض جواز قبوله االنطباق وفرض الزيادة والنقصان خبالف

يعلم أن االعتماد على هذا اخليال يف تناهي ذوات األوضاع وفيما له الترتيب الطبيعي وآحاده نقيضه إذ احملصلموجودة معا ليس إال من جهة إفضائه إىل وقوع الزيادة والنقصان بني ما ليسا مبتناهيني وذلك إمنا ميكن بفرض زيادة

على ما فرض الوقوف عنده من نقطة ما من البعد

Page 3: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

من العدد املفروض وعند ذلك فال خيفى إمكان فرض الوقوف على مجلة من أعداد احلركات املفروض أو وحدة ماأو النفوس اإلنسانية املفارقة ألبداهنا وجواز الزيادة عليها بالتوهم مما هو من نوعها أو فرض نقصان مجلة منها وإذ

حمل اإللزام مع احتاد الصورة القياسية ذاك فاحلدود املستعلمة يف القياس يف حمل االستدالل هي بعينها مستعلمة يف من غري فرق

مث إن فرض وقوع الزيادة والنقصان يف حمل النزاع وان كان جائزا ومع جوازه واقعا فهو إمنا يوجب النهاية يف كل منهما واحد من العددين أن لو كانت الزيادة املتناهية اليت فضل هبا أحد العددين على اآلخر هلا نسبة إىل كل واحد

نسبتها إىل ما هو متناه واخلصم وإن سلم قبول املتناهى لنسبة ما هو املتناهى إليه فقد ال يسلم قبول غري املتناهى لنسبة املتناهى إليه وال حمالة أن بيان ذلك مما ال سبيل إليه كيف وأنه منتقض على الرأيني مجعا فإنه ليس كل مجلتني

كونان متناهيني فإن عقود احلساب مثال ال هناية ألعدادها وإن كانت األوائل اكثر وقعت بينهما الزيادة بأمر متناه يمن الثواىن والثواىن اكثر من الثوالث بأمر متناه وهذه األمور وان كانت تقديرية ذهنية فال حمالة أن وضع القياس

واقع من جمرد هذا االختالف املذكور فيها على حنو وضعه يف األمور املوجودة يف الفعل فال تتومهن أن الفرق أما املتكلم فلعله قد سلك يف القول بوجوب النهاية ههنا ما سلكه الفيلسوف ولرمبا زاد عليه بقوله لو فرض أعداد ال هناية هلا مل خيل إما أن تكون شفعا أو وترا أوال هي شفع وال وتر أو شفعا ووترا معا فإن كانت شفعا فهي تصري

كذلك إن كانت وترا فهي تصري شفعا بزيادة واحد وإعواز الواحد ملا ال يتناهى حمال وال جائز وترا بزيادة واحد وأن يكون شفعا ووترا أو ال شفع وال وتر فإن ذلك ظاهر اإلحالة وهذه احملاالت كلها إمنا لزمت من فرض عدد ال

تريته إمنا ينفع مع تسليم اخلصم لقبولية يتناهى فهو أيضا حمال وهو مع أنه حمض استبعاد الشفعية ما ال يتناهى أو و ما ال يتناهى أن يكون شفعا أو وترا وذلك مما ال سبيل إليه

مث مب االعتذار عن هذا اإللزام إن ورد على ما سلم كونه غري متناه كاألعداد من مراتب احلساب وكذلك ما خيتص ومقدوراته مبذهب املتكلم من اعتقاد عدم النهاية يف معلومات اهللا تعاىل

وما قيل من أن املعىن بكون املعلومات واملقدورات غري متناهية صالحية العلم لكل ما يصح أن يعلم وصالحية القدرة لتعلقها بكل ما يصح أن يوجد وما يصح أن يوجد ويصح أن يعلم غري متناه لكنه من قبيل التقديرات

قول بالنهاية وال كونه غري متناه مستحيل بل املستحيل إمنا هو الومهية والتجويزات اخليالية وذلك مما ال جيب فيه الالقول بأن ال هناية فيما له وجود عيىن وهو يف تعينه أمر حقيقى فال أثر له يف القدح فإن من نظر بعني التحقيق وأمعن

ن فال بد هلا من حتقق يف التحديق علم أن هذه األمور وإن كانت تقديرية ومعاين جتويزية وأنه ال وجود هلا يف األعياوجود يف األذهان وال حمالة أن نسبة ما فرض استعماله يف القول بالنهاية فيما له وجود ذهىن على حنو استعماله فيما

له وجود عيىن وأن ذلك مبجرده ال أثر هلا فيما يرجع إىل االفتراق أصال من هذه األعداد حمصور بالوجود فاجلملة حمصورة ومما يلتحق هبذا النظم يف الفساد أيضا قول القائل إن كل واحد

بالوجود وكل ما حصره الوجود فالقول بأن ال هناية له حمال فإن ما ال يتناهى ال ينحصر حباصر ما وهو إمنا يلزم أن لو كان احلصر متناهيا وال حمالة أن الكالم يف تناهى الوجود كالكالم فيما حيصره الوجود هذا إن قيل بأن الوجود

زائد على املوجود وإال فال حاصر أصال ولرمبا نظر يف العلل واملعلوالت إىل طرف االستقبال فقيل ما من وقت نقدره إال والعلل واملعلوالت منتهية بالنسبة

إليه وانتهاء ما ال يتناهى حمال وهو أيضا غري مفيد فإن

Page 4: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

غري متناه من الطرف اآلخر وجمرد الدعوى فيه اخلصم قد سلم انتهاء العدد من أحد الطرفني ومع ذلك يدعي أنه غري مقبولة ال سيما مع ما قد ظهر من أن عقود احلساب ال هناية هلا ومل يلزم من تناهيها من جهة البدء أن تكون

متناهية من جهة اآلخر أو أن يوقف فيها على هناية ه إىل غري هناية فكل واحد بإعتبار ذاته ممكن فإذا الرأي احلق أن يقال لو افتقر كل موجود يف وجوب وجوده إىل غري

ال حمالة فإن ما وجب وجوده لغريه فذاته لذاته إما أن تقتضى الوجوب أو االمتناع أو اإلمكان ال جائز أن يقال بالوجوب ألن عند فرض عدم ذلك الغري إن بقي وجوب وجوده فهو واجب بنفسه وليس واجبا لغريه وإن مل يبق

س واجبا لذاته إذ الواجب لذاته ما لو فرض معدوما لزم منه احملال لذاته ال لغريه وال جائز أن وجوب وجوده فلي يقال باالمتناع وإال ملا وجد وال لغريه فبقى أن يكون لذاته ممكنا

بة وإذا كان كل واحد من املوجودات املفروضة ممكنا وهى غري متناهية فإما أن تكون متعاقبة أو معا فان كانت متعاقفما من موجود نفرده بالنظر إال وفرض وجوده متعذر وانتهاء النوبة إليه يف الوجود ممتنع فإنه مهما مل يفرض

وجوب وجود فال وجود له وكذا الكالم يف موجده بالنسبة إىل موجده وهلم جرا وما علق وجوده على وجود تناهى فإن وجوده حمال غريه قبله وذلك الغري أيضا مشروط بوجود غريه قبله إىل ما ال ي

ونظري ذلك ما لو قال القائل ال أعطيك درمها اال وقبله درمها وكذا إىل ما ال يتناهى

فإنه ال سبيل إىل إعطائه درمها ما وهو على حنو قول اخلصم يف تناهى األبعاد باستحالة وجود بعدين غري متناهيني وينفصل عنه بأخرى بناء على أن ما من نقطة إال وقبلها نقطة فرض أحدمها دائرا على اآلخر حبيث يالقيه عند نقطة

إىل ما ال يتناهى فما من نقطة يفرض التالقى عندها إال وال بد أن يكونا قد تالقيا قبلها عند نقطة أخرى إىل ما ال ة يتناهى وذلك حمال كيف وأن ما من واحد يفرض إال وهو مسبوق بالعدم فاجلملة مسبوقة بالعدم وكلى مجل

مسبوقة بالعدم ولوجودها أول تنتهى إليه فالقول بأن ال هناية ألعدادها ممتنع وما خيص مذهب القائلني باإلجياد بالعلية والذات أن كل واحد إما ان يكون موجدا ملا أوجده يف حال وجوده أو

وجودا له يف حال وجوده بعد عدمه ال جائز أن يكون موجدا له بعد العدم إذ العدم ال يستدعي الوجود وان كان مفوجود املعلول يالزم وجود علته يف الوجود ومها معا فيه وإن كان ألحدمها تقدم بالعلية على اآلخر على حنو تقدم

حركة اليد على حركة اخلامت وحنوه فإذا العلل واملعلوالت وإن تكثرت فوجودها ال يكون إال معا من غري تقدم عا فالنظر إىل اجلملة غري النظر إىل اآلحاد إذ حقيقة اجلملة غري حقيقة كل واحد من وتأخر بالزمان و أما إن كانت م

آحادها وان كان كذلك فاجلملة إما أن تكون بذاهتا واجبة أو ممكنة ال جائز ان تكون واجبة وإال ملا كانت آحادها جا عن اجلملة أو داخال فيها ال جائز ممكنة وان كانت ممكنة فهي ال حمالة تفتقر إىل مرجح فاملرجح إما أن يكون خار

أن يكون من اجلملة وإال فهو مقوم لنفسه إذ مقوم اجلملة مقوم

آلحادها وذلك يفضى إىل تقوم املمكن بذاته وهو متعذر إذ قد فرض كل واحد من آحاد اجلملة ممكنا وإن كان ن اجلملة على ما وقع به الفرض فبقى أن خارجا عن اجلملة فهو إما واجب وإما ممكن فإن كان ممكنا فليس خارجا ع

يكون واجبا بذاته ال حمالة فهو ال حمالة واجب بذاته وإال الفتقر إىل غريه وذلك الغري إن كان خارجا عن اجلملة املفروضة ففيه إبطال الفرض

فقد تنخل وإن كان داخال فيها ففيه توقف كل واحد على صاحبه وتقدمه بالذات وكل واحد من القسمني متعذر من اجلملة أنه ال بد من القول بوجوب وجود موجود وجوده لذاته ال لغريه

Page 5: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فإن قيل ما ذكرمتوه فرع إفضاء النظر إىل العلم وجعله مدركا ومب الرد على من أنكر ذلك ومل يسوغ غري احلواس فهو أنه إما أن يكون الظاهرة مدركا كيف وهو متعذر من جهة املطلوب ومن جهة املبدأ أما من جهة املطلوب

معلوما أو جمهوال فان كان معلوما فال حاجة إىل طلبه إن كان جمهوال فتمتنع معرفته عند الظفر به وأما من جهة املبدأ فهو أن كل مطلوب فال بد له عند التعريف من مبادئ معلومة سابقة مناسبة وتلك املبادئ إما

ه بديهي قطعا للتسلسل املمتنع والبديهي ال معىن له إال ما يصدق أن تكون بديهية أو مستندة إىل ما هو يف نفسالعقل به من غري توقف على أمر خارج عنه وهو ما ال حاصل له فإنه إما أن يكون حاصال لنا يف مبدأ النشوء أو

بعده ال جائز

عنها إذ هو متناقض وإن قيل أن يقال باألول فإنا كنا ال نشعر هبا يف مبدأ نشوئنا ولو كانت حاصلة ملا وقع الذهولبالثاين فإما يقال حصلت بالدليل أو بغري دليل فان كانت بالدليل فليست بديهية وإن كانت من غري دليل

فاختصاص حصوهلا بزمان دون زمان هو مما ال حاصل له كان وجوده لغريه مل وأما قولكم إن ما وجد بعد العدم ال بد وأن يكون وجوده لغريه وإال ملا كان معدوما قبل فلو

خيل إما أن يكون ذلك الغري دائما علة أوحدث كونه علة فإن كان دائما علة وجب أال يتأخر وجود معلوله عن وجوده وأن ال يكون مسبوقا بالعدم وإن حدث كونه علة فالكالم يف تلك العلة كالكالم يف معلوهلا وهلم جرا

قا بالعدم وهو حمال أو إىل علل ومعلوالت ال تتناهى ومل تقولوا به وهذا يؤدى إىل أن ال يكون معدوما وال مسبووإنه لو افتقر احلادث يف حال حدوثه إىل حمدث الفتقر املعدوم يف حال عدمه إىل معدم وهو ممتنع ألن ما اقتضى

دمه وإن العدم إما نفس ما اقتضى الوجود أو غريه ال جائز أن يكون نفسه فإن ما اقتضى وجود شئ ال يقتضى عكان غريه فذلك الغري إما واجب بذاته أو لغريه فإن كان واجبا بذاته أدى إىل اجتماع واجبني وهو حمال كما سيأيت

كيف ويلزم أن يكون الشئ الواحد موجودا ومعدوما معا لتحقق ما يقتضى كل واحد منهما وهو ممتنع وإن كان جب احلدوث أو غريه فإن كان نفسه فيستحيل أن يوجب بذاته واجبا لغريه فذلك الغري اما أن يكون هو نفس ما أو

ما يقتضى عدم ما يقتضيه وجوده بذاته وإن كان غريه فيفضى إىل اجتماع واجبني هو متعذر وأيضا فإنه لو افتقر إىل موجد مل خيل إما أن يكون موجدا له يف حال وجوده أو يف حال عدمه فإن كان موجدا له

ال إذ املوجود ال يوجد وإن كان موجدا له يف حال عدمه فهو حمال أيضا ظاهر اإلحالة ولو يف حال وجوده فهو حمسلمنا أن ما وجد بعد العدم ال بد وأن يكون وجوده بغريه لكن ال إفضاء له إىل أثبات واجب الوجود مع كون

اخلصم قائال بعلل ومعلوالت إىل غري النهاية

ت غري متناهية فكل واحد منها ممكن باعتبار ذاته فبم الرد على من إشترط يف وقولكم إنه لو كانت العلل واملعلوالممكن الوجود أن ال يكون موجودا وأن الشئ مهما اتصف بالوجود فهو ضرورى الوجود وضرورى الوجود ال يكون ممكنا فإن قيل له ممكن فباالشتراك وليس هذا تسليم املطلوب فإن كون الشئ ضرورى الوجود أعم من

الضرورة الثابتة لذاته ومع التسليم بكوهنا ممكنة فما ذكرمتوه يف أن ال هناية غري مستقيم أما ما ذكرمتوه يف طرف التعاقب فغري مطرد وذلك أنا لو فرضنا حادثا بعد العدم فإما أن يقال إن له قبال كان فيه معدوما أو ليس ال جائز

إال ملا كان له أول وهو خالف الفرض وإن كان له قبل هو فيه معدوم أن يقال انه مل يكن له قبل كان فيه معدوما وفذلك القبل إما موجود أو معدوم ال جائز أن يكون معدوما وإال ملا كان له قبل إذ ال فرق بني قولنا إنه ال قبل له

ما ال هناية له على وبني قولنا إن قبله معدوم فبقى أن يكون موجودا مث ما قبل يفرض إال وهو مسبوق بقبل آخر إىل

Page 6: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

هذا النحو فإذا قد ثبت وجودات ال هناية ألعدادها وإن كانت متعاقبة وكل واحد مسبوق بعدمه وبه تبني كذب ما ذكرمتوه من القياس وأما معتمد القائلني باإلجياد بالعلية فطريق الرد عليهم ما هو طريق لكم يف الرد عليهم كما يأيت

فيما بعده يف طرف املعية ووجوب االنتهاء فيها إىل موجود وجوده لذاته فذلك املوجود ال خيلو إما أن يكون وأما ما ذكرتوه

ممكنا أو ليس مبمكن فإن كان ممكنا فهو من اجلملة وليس بواجب وإن مل يكن ممكنا فما ليس مبمكن ليس بواجب أيضا وهبذا يندفع ما ذكرمتوه يف جانب االنتهاء إىل موجود هو مبدأ املوجودات

واجلواب أما طريق إفحام املنكر لكون النظر مدركا أن يقال نفى إفضاء النظر إىل العلم إما معلوم أو غري معلوم فإن كان معلوما فإما أن يكون حصوله متوقفا على مدرك يعلم به أو ليس فإن كان متوقفا فاملدرك إذا إما احلواس أو

غري حمسوس فتعني أن يكون مدركه النظر وإن مل يكن متوقفا على النظر ال جائز أن يكون مدركه احلواس إذ هومدرك فهو بديهي ولو كان بديهيا ملا وقع االختصاص به لطائفة دون طائفة كيف وأنه لو خلى االنسان ودواعى ن نفسه يف مبدأ نشوئه مع قطع النظر عن النظر مل جيد يف نفسه اجلزم بذلك أصال وكل ما ليس على هذه القضية مالعلوم فليس ببديهي وإن اكتفى يف ذلك مبجرد الدعوى فقد ال تؤمن املعارضة مبثله يف طرف النقيض وليس عنه

حميص وأما إن كان جمهوال غري معلوم فاجلزم بنفيه متعذر لعدم الدليل املفضى إليه وليس هذا مما ينقاس يف طرف النقيض

صور احلقة اليت يتوىل بياهنا املنطقى مل جيد يف نفسه جحد ما يلزم عنها فإن من حصلت عنده املواد الصادقة املقترنة بالوذلك كعلمنا بأن األربعة زوج لعلمنا بأهنا منقسمة مبتساويني وكل منقسم مبتساويني فهو زوج كيف وأنا جند من

مل نعلمها فال بد هلا أنفسنا العلم بأمور كلية حصلت لنا بعد ما مل تكن ولو خلينا على أصل الفطرة من غري طلب هلا من مدرك موصل

إليها فإهنا غري بديهية وليس املدرك هو احلواس إذ الكليات غري حمسوسة فتعني أن يكون النظر ولوال أنه صحيح ملا أفضى إىل املطلوب

فيه فإن قيل ما ذكرمتوه يف معرض إثبات النظر غري بديهي وإال وقع اختصاصكم به دوننا فبقى إن يكون نظريا و إثبات النظر بالنظر وهو ممتنع

فالواجب أن يقال ما ذكرمتوه يف معرض اإلبطال إما أن يكون صحيحا أو فاسدا فإن كان صحيحا فقد أبطلتم النظر بالنظر أيضا وهو ممتنع وإن كان فاسدا فال حاجة إىل اجلواب

ان جمهوال فال فائدة لطلبه لعدم الوقوف عليه وقوهلم إن املطلوب يف النظر إن كان معلوما فال حاجة إىل طلبه وإن ك عند الظفر به

قلنا الشئ قد يكون معلوما من وجه وجمهوال من وجه أعىن معلوما بالقوة وجمهوال بالفعل وذلك إمنا يكون عند كون قع بينهما مثال االنسان عاملا بقضيه كلية وهو جاهل مبا يدخل حتتها باجلزئية أو عامل به لكنه غافل عن االرتباط الوا

األول علمنا بأن كل اثنني زوج وجهلنا بزوجية ما يف يد زيد مثال جلهلنا باثنينيته لكن جهلنا به إمنا هو جهل بالفعل وإن كان معلوما بالقوة من جهة علمنا بأن كل اثنني زوج

عقيم فالعلم بكوهنا عقيما واقع ومثال الثاين ظن كون البغلة املنتفخة البطن حبلى مع العلم بأهنا بغلة وأن كل بغلة

Page 7: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

بالقوة واجلهل بذلك إمنا هو بالفعل فمستند اجلهل يف املثال األول إمنا هو عدم العلم باملقدمة اجلزئية ويف الثاين الغفلة عن االرتباط بني املقدمتني فالطلب إذا إمنا هو املثل هذا اجملهول فإنه مهما ظفر به وعرفه بالفعل

كانت معلومة بالقوة عرف أنه مطلوبه ال حمالة أما أن يكون الطلب ملا علم أو جهل مطلقا فال على الصفات اليتوأما القضايا البديهية فهي كل قضية يصدق العقل هبا عند التعقل ملفرداهتا من غري توقف على مبدأ غريها فعلى هذا

بالفعل إمنا كان لعدم حصول مفرداهتا اليت ال حصوهلا لنا يف مبدأ النشوء إمنا هو بالقوة ال بالفعل وعدم حصوهلاحتصل إال بكمال آلة اإلدراك فإذا حصلت املفردات عند كمال آلة االدراك بادر العقل إذ ذاك بالنسبة الواجبة هلا

من غري توقف اصال فعلى هذا مل يلزم من عدم حصوهلا لنا ىف مبدأ النشوء بالفعل ان تكون غري بديهية وال من أن تكون نظرية فبطل ما ختيلوه تأخرها

وأما ما ذكروه يف امتناع افتقار احلادث إىل احملدث فإمنا يلزم أن لو مل يكن مستنده القصد واإلرادة بل الطبع والعلة وليس كذلك أما على الرأي الفلسفي القائل باالجياد بالعلية فهو أن االفالك متحركة على الدوام لتحصيل ما هلا من

ملمكنة هلا على وجه التعاقب والتجدد طلبا للتشبه مبعشوقها وااللتحاق مبطلوهبا مقتضية للحركات األوضاع االدورية بإرادات قدمية ألنفس األجرام الفلكية وبتوسط احلركات وجدت التأثريات كاالمتزاجات واالعتداالت

إلنسانية فإن ما مل يوجد منها إمنا هو وغري ذلك من األمور السفليات وقبول القابليات للصور اجلوهرية واألنفس ا لعدم القابلية ال لعدم الفاعلية إذ الفاعل إمنا هو العقل الفعال املوجود مع جرم فلك القمر

وأما الرأي اإلسالمي فمصدر احلوادث بأسرها ومستندها إمنا هو صانع مريد خمتار اقتضى بإرادة قدمية وأنشأ مبشيئة قت الذي اقتضى وجوده فيه كما يأيت حتقيقه فيما بعد إن شاء اهللا تعاىل أزلية كل واحد منها يف الو

فليس املوجد للحوادث حمدثا حىت يفتقر إىل حمدث وال هو موجد هلا إجيادا بالعلية أو الطبع حىت يلزم قدم ما صدر عنه بقدمه

قلنا مهما كان الشئ يف نفسه وقوهلم لو افتقر احلادث يف حال وجوده إىل حمدث الفتقر يف حال عدمه اىل معدمممكنا فال بد له من مرجح ألحد طرفيه أعىن الوجود والعدم وإال فهو واجب أو ممتنع فكما أنه يف حال وجوده يفتقر

إىل مرجح فكذا يف جانب عدمه واملرجح للعدم هو املرجح للوجود لكن إن كان مرجحا بالذات عند القائلني به نفس وجوده وأما عند القائلني باإلرادة فيصح أن يقال عدم املعدوم يف حال عدمه فعدمه هو املرجح للعدم ال

مستند إىل عدم تعلق القدرة بإجياده واإلرادة بتخصيصه يف ذلك الوقت وال يلزم من ضرورة وجود القدرة واإلدارة يف القدم قدم ما يتخصص هبا كما سنبينه فيما بعد

قدمية اقتضت عدمه وإرادة أزليه اقتضت ختصيص عدمه بذلك الوقت كما وحيتمل أن يقال بإسناده إىل قدرة اقتضت ختصيص وجوده بوقت آخر واملرجح للطرفني واحد ال تعدد فيه وإن وقع التعدد يف متعلقة كما سيأيت بعد

إما أن وأما ما ذكروه من امتناع إحداث احملدث يف حايل الوجود والعدم فال يستقيم وذلك أن ما وجد بعد العدم يكون وجوده لذاته أو لغريه ال جائز أن يكون

وجوده لذاته وإال ملا كان معدوما فبقي أن يكون وجوده لغريه كما قررنا واإلقتضاء لوجوده ليس هو له يف حال عدمه وإال ملا كان معدوما فليس االقتضاء لوجوده إال يف حال وجوده ال مبعىن أنه أوجده بعد وجوده بل معىن اته

لوال املرجح ملا كان موجودا يف احلالة الىت فرض كونه موجودا فيها وعند ذلك فال التفات إىل من اعتاص هذا

Page 8: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

القدر على فهمه واعترضت عقله مرامى ومهه وأما اشتراط انتفاء الوجود عن ممكن الوجود فيعتذر جدا وذلك أن ممكن الوجود هو بعينه ممكن العدم فإن اشترط

أن ال يكون موجودا فليشترط يف ممكن العدم أن ال يكون معدوما فإنه كما أن اخلروج اىل الوجود يف ممكن الوجودخيرجه إىل ضرورة الوجود فاخلروج إىل العدم خيرجه إىل ضرورة العدم وذلك يفضى إىل أن ال يكون املمكن

موجودا وال معدوما وهو حمال املعىن املشروط دون املطلق فهو صحيح لكن ال منافاة بينه وبني فإن قيل إن العدم ال خيرجه إىل ضرورة الوجود ب

املمكن وأما ما ذكروه من القبليات الغري املتناهية فمندفع وذلك أهنم إن فسروا القبلية بأمر زائد على عدمه كان عدمه فيها

يتمهد ما ذكروه كيف وأنه فغري مسلم بل ال معىن لقبلية الشئ إال أنه مل يكن فكان ومع هذا التفسري للقبلية فال يستحيل القول مبا ذكروه نظرا إىل ما أشرنا إليه من الربهان وأوضحناه من البيان يف عدم حوادث ال تتناهى

وأما ما ذكروه يف بيان استحالة القول بوجوب واجب الوجود نظرا إىل ثبوت اإلمكان

مكن إذ قد يطلق على ما ليس مبمتنع وعلى ما ال ضرورة له ونفيه عنه فمنشأ الغلط فيه إمنا هو من اشتراك لفظ امليف وجوده وال يف عدمه فاالعتبار األول أعم من الواجب بذاته والثاين مباين له فعلى هذا إن قضى عليه بكونه ممكنا

ار فليس إال باالعتبار األول وال يلزم منه نفى الوجوب لكونه أعم منه وإن سلب عنه اإلمكان فليس إال باالعتبالثاىن و ال يلزم منه نفى الوجوب ايضا بل ربيما كان الوجوب هو املعترب او األمتناع ال حمالة نعم لو سلب عنه

اإلمكان باالعتبار األول أو أثبت له باالعتبار الثاين لزم أال يكون واجبا فقد تقرر كما أشرنا إليه أنه ال بد من القول ه بوجوب وجود موجود وجوده لذاته ال لغري

٢٤

وهو حسيب ونعم الوكيل

القانون الثاين يف إثبات الصفات وابطال تعطيل من ذهب إىل نفيها من أهل

املقاالت ويشتمل على قاعدتني ٢٦

القاعدة االوىل

يف مسأله األحوال

ا توصل بعض وهو أنه ملا كان النظر يف الصفات النفسية قد تعلق نوعا من التعلق بالنظر يف الصفات احلالية ولرمباملتكلمني من األصحاب واملعتزلة منها إىل إثبات الصفات النفسية فال جرم وجب أن يقدم النظر يف بيان األحوال

اوال فنقول ذهب أبو هاشم إىل القول بإثبات األحوال ووافقه على ذلك مجاعة من املعتزلة والكرامية ومجاعة من أصحابنا

Page 9: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

عايل ونفاها من عدا هؤالء من املتكلمني كالقاضى أيب بكر واإلمام أيب املوقبل النظر يف حتقيق مذهب كل فريق جيب أن نعرف احلال ومعناها ليكون التوارد بالنفى واإلثبات على حمز واحد

من جهة واحدة مث التعريف مباذا قال بعض املتكلمني ليس إال بذكر أقسامها ومراتبها ال باحلد والرسم إذ احلد

بد وأن يكون متناوال جلميع جمارى األحوال وإال فهو أخص منها واحلد والرسم جيب أن يكونا مساويني والرسم ال للمحدود ال أخص منه وال أعم وإال يفضى إىل ثبوت احلال اللحال من جهة أن احلد ال يتناوهلا إال وقد اشتركت

ملعاين فهو حال زائد عليها لكن هذا القائل كلها يف معىن واحد وكب ما وقع به االشتراك واالفتراق من الذوات واإما أن يفرق بني ما به تتفق الذوات وتفترق وبني ما به تتفق األحوال وتفترق على ما يقوله القائل باألحوال فإن

عنده الذوات هي اليت تتفق وتفترق باألحوال أما اتفاق األحوال وافتراقها ليس إال بذواهتا كما يأيت أو أنه ال بالفرق فإن اعترف فال اجتاه ملا ذكره وإن مل يعترف بالفرق فليس ما أبطله بأوىل مما عينه فإنه كما يتعذر يعترف

التعريف باحلد ملا فيه من إثبات احلال للحال كذا ميتنع التعريف مبا ذكره إذ يف ضرورة االعتراف باألنقسام وقوع دود والرسوم ما به االنقسام وإن ما أشار إليه أشعر جبهل صناعة احل

وذلك أن ما ذكروه وإن اجته يف احلدود اليت ال يستعمل فيها غري الذاتيات فهو غري متجه يف الرسوم من جهة ان املقصود من الرسم ليس إال متييز الشئ عما سواه متييزا غري ذايت والتمييز كما حيصل باخلواص والوجودية الثابتة

بالسلوب املختصة به دون غريه وإذ ذاك فال يلزم ثبوت احلال إذا ما للشئ املرسوم دون غريه كذلك قد حيصل عرفت هبا إذ احلال صفة إضافية والسلب احملض ليس بثبويت فعلى هذا إن عرفت احلال بأمر سلىب وخاص عدمى

ن كان التعريف صحيحا ومل يكن ما ذكروه متجها وذلك ممكن ال حمالة فإنه ال مانع من أن يقال احلال عبارة عصفة إثباتية ملوجود غري متصفة بالوجود وال بالعدم فإن ما ختيل كونه صفة زائدة على املرسوم ليس إال أمرا سلبيا

ومعىن عدميا وهو سلب الوجود والعدم

وأما ما سوى ذلك فليس بزائد على نفس املرسوم وال هو كالصفة له أصال وهو على حنو قولنا يف واجب الوجود ال يفتقر إىل غريه يف وجوده فإن ما به التمييز ليس إال سلب االفتقار إىل الغري ال غري وأما مدلول انه الوجود الذي

اسم الوجود فإنه ال يستدعي من جهة اخذه يف الرسم أن يكون صفة داخلة يف املرسوم و ال زائدة عليه خارجة عن لصناعة الرمسية صحيحا معناه بل لو كان هو نفس الذات املرسومه كان الرسم بالنظر اىل ا

وعند هذا فال بد من اإلشارة إىل أقسامها وهي تنقسم إىل معللة وإىل غري معللة فأما املعللة منها فهي كل حكم يثبت للذات بسب معىن قام بالذات ككون العامل عاملا والقادر قادرا وحنوه وقد زاد

على مذهبه إجياب األحوال املعللة ليس إال للصفات اليت من أبو هاشم ومن تابعه من املعتزله يف ذلك اشتراط احلياة فشرطها احلياة كالعلم والقدرة وحنوه وأما ما ال تشترط فيه احلياة من الصفات فال وذلك كالسواد والبياض وحنوه

ه عاملا وال واملستند له يف الفرق أن ما من شرطه احلياة كالعلم وحنوه أمنا يتوصل إىل معرفته من معرفة كون ما قام بكذلك السواد والبياض فإنه مشاهد مرئى فال يفتقر إىل االستدالل عليه بكون ما قام به أسود وأبيض فلهذا جعل

علة مث ومل جيعل علة ههنا واحملقق يعلم أن التوصل إىل معرفة وجود الشئ من حكمه أو ما يلزم من اآلثار إمنا هو فرع كونه مؤثرا له وملزوما

له عله من ضرورة معىن ال يتم إال بالنظر إىل عليته مث إن احلركة قد تكون طبيعية وليس من شرطها فإذا جيب جع

Page 10: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

احلياة وقد تكون إرادية من شرطها احلياة وال حمالة أن نسبة احلركة الطبيعية إىل كون احملل متحركا كنسبة احلركة ء ومع اإلرادية إىل كون احملل متحركا فيما يرجع إىل املعرفة واخلفا

هذا فقد جعلوا احلركة اإلرادية علة كون احملل متحركا وال كذلك احلركة الطبيعية فهل الفرق إال حتكم فإذا قد بان أنه ال وجه للفرق وهو الرأي احلق وإليه ذهب القائلون باألحوال من أصحابنا هذا متام الكالم يف

القسم األول وأما احلال غري املعللة

ت للذات غري معلله بصفة زائدة عليها كالوجود واللونية وحنوها فهذه أقسام األحوال فهي كل صفة ثبت وهل هي عند من أثبتها معلومة بإنفرادها أو مع غريها

قال أبو هاشم ومن تابعه من املعتزلة إهنا ال تعلم إال مع الذوات من حيث إن العلم إمنا يتعلق بطريق اإلستقالل ذات والذوات ثابتة يف العدم واألحوال متجددة عندهم مبا هو يف نفسه

وأما من قال هبا من أصحابنا فإنه مل مينع من تعلق العلم هبا على انفرادها ولعل مستند االختالف يف االشتراط وعدمه هة إمنا هو بالنظر إىل احلقيقة والثبوت فرب من وقف تعلق العلم هلا على الذوات نظر إىل جهة الثبوت واآلخر إىل ج

احلقيقة إذ هي غري إضافية وكل منهما إذ ذاك مصيب فيما يقول أما إن كان توارد النفي واإلثبات على جهة واحدة من هاتني اجلهتني فال حمالة أن املثبت هلذا االشتراط يكون مصيبا بالنظر إىل الثبوت خمطئا بالنظر إىل احلقيقة والثاين

بعكسه يجب أن نعود إىل املقصود وهو الكشف عن مأخذ الفريقني والتنبيه على معتمد وإذا عرف معىن احلال وأقسامها ف

الطائفتني وقد اعتمد مثبتو األحوال على الداللة واإللزام

أما الداللة فهو أهنم قالوا الذوات املختلفة كالسواد والبياض مثل ال حمالة أهنما متفقان يف شئ وهو اللونية وخمتلفان والبياضية وليس ما به وقع االتفاق هو ما به وقع االختالف وإال كان شيئا واحدا فإذا مها يف شئ وهو السوادية غريان وهو املقصود

وأما ما اعتمدوه إلزاما فهو أهنم قالوا القول بإنكار األحوال يفضى إىل إنكار القول باحلدود والرباهني وأن ال تعاىل إذ منشأ القول هبا ليس إال قياس الغائب على يتوصل أحد من معلوم إىل جمهول وال سيما صفات الرب

الشاهد وهذا كله حمال ومما اعتمدوا عليه وهو حمض األحوال املعللة أن قالوا حنن نعقل الذات مث نعقل كوهنا متحركة بعد ذلك وليس ذلك

ه ولو كان املتحرك وقيام إال حاال زائدا عليها وليس ذلك هو نفس احلركة فإنا نعقل املتحرك وجنهل قيام احلركة ب احلركة باحملل شيئا واحدا الستحال أن تكون معلومة جمهولة معا

واجلواب أما ما ذكروه من الشبهة االوىل فالكالم فيها على ما به االشتراك واالختالف يستدعى تفصيال فنقول لتسمية أي أنه يطلق على كل واحد قوهلم إن السواد والبياض يشتركان يف اللونية فإما أن يراد به االشتراك يف ا

منهما أنه لون أو االشتراك يف مسمى اللونيه فإن أريد به األول فهو خالف أصلهم ومع ذلك فإن االمساء ال تكون صفات للذوات مث إن اريد به الثاين فمسمى اللونية ال حمالة ينقسم إىل كلى أي صاحل أن يشترك فيه كثريون وإىل

ية أن يشترك فيه كثريون فاألول مثل اللونية املوجودة يف األذهان وتلك ال حتقق هلا يف مشخص أي ليس له صالح

Page 11: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

األعيان والثاين كهذا اللون وكذا كل ما يصح أن يشار إليه بسبب اإلشارة إىل موضوعه فعلى هذا إن أريد به اللونية املشخصة فإما

اض أو إن ما ختصص بكل واحد منهما غري اآلخر ال حائز أن أن يقال إن ما ثبت للسواد من اللونية بعينها ثابتة للبييقال باألول كما ذهب إليه مثبتو األحوال إذ يلزم منه أن يتعدد املتحد أو يتحد املتعدد وكال األمرين حمال وإن قيل

وهلذا بالثاين فليس ذلك حبال وال صفة زائدة على ذات السواد من حيث هو سواد بل هو داخل يف الذات واحلقيقةإن من أراد تعقل السواد مل ميكنه أن يتعقله ما مل يكن قد عقل اللونية أوال وما ال تتم الذات إال به وهو مقوم هلا

كيف يكون زائدا عليها مث كيف يكون ال موجودا وال معدوما وهو مقوم للموجود واملوجود ال يتقوم إال مبوجود مث ولو قدر كونه زائدا

ون متماثلة دونه أو متمايزة فإن كانت متماثلة فتماثلها إن مل يكن بأنفسها فبزائد وذلك يفضى فالذوات إما أن تكإىل التسلسل من جهة ان الكالم فيما وقع به التماثل ثانيا كما يف األول وهو ممتنع وإن كانت متمايزة فذلك أيضا

فظاهر وأما الثاين فمن جهة أن الذوات إما أن إما ألنفسها أو خبارج عنها وكالمها جير إىل إبطال احلال أما األولتكون متماثلة دونه أو متمايزة والكالم األول بعينه عائد وهو حمال وإن أريد به اللونية العقلية املطلقة فتلك ال

يتصور ان تكون صفة ملا يتشخص من الذوات ومعىن دخول مجيع الشخصيات حتتها ليس إال أن ما حصل يف الذهن للونية مطابق ملا حيصل من معىن أي لون كان من أشخاص اللون من غري زيادة وال نقصان وعند هذا إن من معىن ا

أريد باشتراك اللونية بني السواد والبياض هذا النحو من االشتراك فال إنكار بل هو الرأي احلق وال مشاحة فيه لسواد والبياض ليس إال يف جمرد التسمية فإنا وعند هذا فليس لقائل أن يقول من نفاة األحوال إن االشتراك بني ا

حنن ندرك االشتراك يف اجلملة وان قطعنا النظر عن التسميات والعبارات ونشعر باالشتراك وإن طاحت االصطالحات واإلطالقات فليس ذلك اال بالنظر إىل قضية عقلية وصورة معنوية كيف وأنا نعقل حقيقة اإلنسان

تعقلها تعقال كليا هو نفس تعقلها تعقال شخصيا وهلذا لو مات مجيع أشخاص اإلنسان مطلقة ونعقلها شخصة وليس املوجودة يف األعيان مل تبطل احلقيقة املطلقة املوجودة يف األذهان

مث لو قيل بذلك للزم منه إبطال القول باحلد والربهان وأن ال يتوصل إحد من معلوم إىل جمهول وذلك أن األشياء ما شخصية على ما عرف بالقسمة احلاصرة واحلد والربهان ليس إال لألمور الكلية دون الشخصية إما كلية وإ

وذلك ألن احلد والربهان ليسا من األمور الظنية التخمينية بل من اليقينية القطعية واالمر الشخصى ماله من أن يؤخذ منه ما هو يف نفسه الصفات ليست يقينية بل هي على التغري والتبدل على الدوام فال ميكن أن ميكن

حقيقى يقيىن وهذا خبالف األمور الكلية فعلى هذا قد بان أن من أراد بإطالق احلال على ما يقع به االشتراك النحو الذي أشرنا إليه كان حمقا لكن ال ينبغى أن يقال إهنا ليست موجودة وال معدومة بل الواجب أن يقال إهنا موجودة

األعيان وأما من أراد به غري ما ذكرناه كان زائغا عن هنج السداد حائدا عن مسلك الرشاد يف األذهان معدومة يفوأما الكالم على ما به يكون االفتراق فهو أن يقال ما به وقع االفتراق بني السواد والبياض إما أن يكون يف جمرد

االول كما ذهب إليه نفاة االحوال فإنا لو التسمية كما يف قولنا سوادية وبياضية وإما يف مدلوهلما ال سبيل إىلقطعنا النظر عن التسمية كما أشرنا إليه يف جانب االشتراك لقد كنا ندرك االفتراق ال حمالة فليس هو إذا إال يف

قضية عقلية معنوية و حاصال وإن كان االفتراق بنفس مدلول لفظ السوادية والبياضية فإما أن يكون ذلك هو نفس الذات املتميزة ا

Page 12: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فيها أو خارجا عنها فإن كان االول فالتمايز بني الذوات ليس إال ألنفسها ال ألمور زائدة عليها وكذلك إن كان القسم الثاين

أيضا وإن كان القسم الثالث فكيف يصح القول بأن كل ما وقع به االفتراق بني ذاتني فهو زائد عليها خارج عنها اق بني بعض الذوات قد يكون بأمور ال يتم تعقل تلك الذوات إال بعد تعقلها والعقل الصحيح يقضى بان االفتر

أوال وذلك كما وقع به االفتراق بني اإلنسان والفرس واجلوهر والعرض وغري ذلك من االنواع واألجناس املختلفة ذوات متمايزة دونه أو وإذ ذاك فال يكون ما وقع به االفتراق خارجا وال حاال زائدا كيف وأنه إما أن تكون تلك ال

غري متمايزة فإن كانت متمايزة فمن ضرورة متايزها وقوع ما به التميز فإن كان ذلك أيضا حاال زائدا على الذات فالكالم فيه كالكالم يف األول وذلك يفضى إىل ما ال يتناهى وهو حمال وإن مل تكن متمايزة دونه فهى ال حمالة

واالشتراك على ما عرف من اصل القائل باألحوال حال زائد على املتماثالت فعند متماثلة ومشتركة وما به التماثلهذا إما أن يكون التماثل فيما هو زائد على الذوات أو يف نفس الذوات فإن كان يف زائد على نفس الذوات فال

زائد على نفس الذوات لزم بد أن تكون ال حمالة متمايزة والكالم االول بعينه الزم إىل غري النهاية وإن كان ليس يفأن ال يكون ما به التماثل حاال أو أن تكون الذوات بأسرها أحواال وهو خروج عن املعقول وإبطال لتحقيق

األحوال أيضا إذ األحوال من الصفات اليت ال قوام هلا بأنفسها دون ذوات تضاف إليها على ما عرف من مذهب القائل باألحوال

يقع االتفاق واالفتراق بني الذوات حاال فال حمالة أن بني االحوال اتفاقا وافتراقا إذ ليس كلها مث إنه لو كان ما بهحاال واحدة وعند ذلك فما يلزم يف الذوات من االتفاق واالفتراق بعينه الزم يف االحوال وذلك يفضي إىل إثبات

احلال للحال وذلك عندهم حمال

وال من جهة أن االحوال صفات والصفات ال تثبت للصفات خبالف الذوات فإن قيل إمنا مل تثبت األحوال لألحوأيضا فإن ذلك مما يفضى إىل ثبوت احلال للحال إىل غري النهاية وهو حمال وليس يلزم من كون االتفاق واالفتراق

يف حقائق األنواع بني الذوات ال يقع إال باحلال أن يكون االتفاق واالفتراق بني االحوال باألحوال وهذا كما نقولكاإلنسان والفرس وحنوه فإهنا تشترك يف األجناس وتفترق بالفصول ومل يلزم أن تكون لألجناس وإن تعددت جنس فإن اجلوهر والكم والكيف أجناس وما وقع به االشتراك بينهما من الوجود وحنو فليس جبنس هلا وكذا مل يلزم أن

إىل التسلسل وهو حمال فكما قيل يف األجناس والفصول فلنقل مثله تكون للفصول وإن تعددت فصول واال أفضى يف االحوال كيف وإن ما ذكرمتوه من اإلشكال راجع عليكم باملناقضة واإللزام فإنكم رمتم به نفى األحوال بطريق

العموم والشمول وذلك مع قطع النظر عن معىن يعم حمال وهو بعينه اعتراف باحلال وه من امتناع قيام الصفات بالصفات فهو يرجع عليهم باإلبطال حيث أثبتوا األحوال لألعراض فاجلواب أما ما ذكر

وهي صفات ومل يتأبوا عن ذلك فإذن ما ذكروا من الفرق ال معىن له وأما منع قيام احلال باحلال قطعا للتسلسل لتحكم والتهجم مبجرد الدعوى فليس هذا بأوىل من إبطال االحوال أصال ورأسا قطعا للتسلسل وهو أوىل منعا ل

من غري دليل وقوهلم إن األجناس متاثل هبا األنواع وما تتماثل به األجناس ال يلزم أن يكون جنسا فهو غلط فإن ما متاثلت به

األنواع مل يكن جنسا من حيث عمومه هلا فقط فإن اإلنسان والفرس قد يشتركان مثال يف السواد والبياض وال يقال ما فإذا اجلنس هو ما تتماثل به االنواع ويقال عليها قوال أوليا يف جواب ما هو وذلك كاحليوان إنه جنس هل

Page 13: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

بالنسبة إىل اإلنسان والفرس فعلى هذا إمنا مل يكن ما وقع به االشتراك بني اجلوهر والعرض من الوجود وغريه جنسا هلذا يفهم كل منهما دونه ولو كان اجلنس هو ما هلما من حيث إنه مل يكن مقوال عليهما على النحو الذي ذكرناه و

تتماثل به احلقائق املختلفة يف اجلملة لقد قلنا إن ما اشترك فيه اجلوهر والعرض جنس هلما لكن مل يكن االمر هكذا وهذا خبالف االحوال فإهنا إمنا كانت احواال من حيث إنه وقع هبا االتفاق واإلفتراق وذلك بعينه متحقق يف

ل وإن كان اسم احلال ال يطلق إال على ما به االتفاق واالفتراق بني الذوات فهو نزاع يف التسمية ال يف األحوا املعىن

وأما القول بأن األنواع تتميز بالفصول ومتييز الفصول ال يكون بالفصول فنقول إذا وقع االفتراق بالفصول فإما أن ن قيل إهنا نفس االحوال اليت هبا يكون متيز األشياء بعضها عن يقال هي نفس االحوال أو األحوال زائدة عليها فإ

بعض فهو حمال إذ الفصول داخلة يف احلقائق أي ال تعقل حقائق األنواع إال بتعقلها اوال وما ال يعقل الشئ إال ب إال بتعيينه بتعقله أوال فال يكون صفة زائدة على احلقيقة على ما قررناه ومع كونه حماال فلم يتوصلوا إىل املطلو

وهو ممتنع وإن قيل إن االحوال غري الفصول وإهنا زائدة عليها فال حمالة أنه قد حصل التمييز بني األشياء بالفصول ال باألحوال

وأما ما ذكروه يف معرض اإللزام آخرا فإمنا يلزم القائل من نفاة االحوال إن التماثل بني الذوات ليس إال يف جمرد على رأينا فال وهبذا يندفع قوهلم إن إنكار االحوال يفضى إىل حسم باب القول باحلد والربهان األمساء فقط أما

وأما ما ذكروه من شبهة املتحرك واحلركة وقوهلم إنا نعلم وجود الذات مث نعلم كوهنا متحركة أو عاملة او قادرة إىل غري ذلك فهو وإن كان صحيحا فالقول بأن علمنا بكون

كة أو عاملة او قادرة غري قيام احلركة هبا العلم والقدرة هبا هو موضع اخليال وحمز اإلشكال بل ليس الذات متحركون الشئ متحركا يزيد على قيام احلركة به و ال كونه عاملا يزيد على قيام العلم به وكذلك يف سائر إحكام

يه وهو غري معقول الصفات فإذا ما ذكروه ليس إال جمرد استرسال بدعوى ما وقع اخلالف فوإذا حتقق ما ذكرناه وتقرر ما مهدناه علم منه القول بنفي االحوال إال على ما أشرنا إليه من االحتمال ولقد كثرت طرق املتكلمني ههنا يف طريف النفي واإلثبات لكن آثرنا اإلعراض عنها شحا على الزمان من التضييع فيما ال يتحقق

به كبري غرض للصواب واهللا املوفق

القاعدة الثانية

يف اثبات الصفات النفسية مذهب أهل احلق أن الواجب بذاته مريد بإرادة عامل بعلم قادر بقدرة حي حبياة مسيع بسمع بصري ببصر متكلم بكالم

وهذه كلها معان وجودية أزلية زائدة على الذات هم من مل يطلق عليه شيئا ما األمساء احلسىن ومنهم وذهبت الفالسفة والشيعة إىل نفيها مث اختلفت آراء الشيعة فمن

من مل جيوز خلوه عنها وأما املعتزلة فموافقون للنفاة وإن كان هلم تفصيل مذهب يف الصفات كما سيأيت وحنن اآلن نبتدئ مبعتمد أهل التعطيل وننبه على وجه إبطاله مث نذكر بعد ذلك مستند أهل احلق فنقول

ه صفات فهى إما ذاتية او خارجية فإن كانت ذاتية فذات واجب الوجود متقومة مببادئ زائدة قال النفاة لو قدر ل

Page 14: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

عليها وال يكون إذ ذاك والوجود بنفسه مث إن تلك املبادئ إما أن تكون كلها واجبة أو ممكنة أو البعض واجب فإنا لو قدرنا والبعض ممكن فإن كانت كلها واجبة أفضى إىل اإلشراك يف واجب الوجود وهو ممتنع

وجود واجبني فإما أن يشتركا من كل وجه او خيتلفا من كل وجه أو يشتركا من وجه وخيتلفا يف آخر فإن اشتركا من كل وجه فال تعدد يف واجب الوجود إذ التعدد والتغاير مع قطع النظر عن التميز حمال وإن اختلفا من كل وجه

ن وجه دون وجه فما به االشتراك غري ما به االفتراق ال حمالة وعند فلم يشتركا يف وجوب الوجود وان اشتركا مذلك فما به االشتراك إن مل يكن وجوب الوجود فليسا بواجبني بل أحدمها دون اآلخر وإن كان هو وجوب

بتعدد ما الوجود فإما أن يتم يف كل واحد منهما بدون ما به االفتراق او ال يتم ال سبيل إىل القول بالتمام إذ القول احتدت حقيقته من غري موجب للتغاير والتعدد ممتنع جدا وإن مل تتم حقيقة وجوب الوجود يف كل منهما إال مبا به االفتراق فليس وال واحد منهما واجبا بذاته إذ ال معىن لواجب الوجود بذاته إال ما ال يفتقر يف وجوده إىل غريه

شتراك يف وجوب الوجود واجلمع بني واجبني ال حمالة وكذا الكالم فيما وهذه احملاالت كلها إمنا لزمت من فرض االإذا كان بعضها واجبا وأما إن كانت ممكنة فهى ال حمالة مفتقرة إىل مرجح خارج وال يكون ما جعل منها واجبا

فتقر إىل لذاته واجب الوجود من مجيع جهاته وليس له فيما يتنظر فإذا كان ممكنا من جهة فهو من تلك اجلهة م مرجح وخيرج عن كونه واجبا بذاته مطلقا

وأما إن كانت الصفات خارجية غري ذاتية فإما أن تكون قائمة بذاته أو غري قائمة بذاته فإن مل تكن قائمة بذاته فليست صفات وإن مسيت بذلك فحاصل النزاع يرجع إىل حمض اإلطالقات وتلك ال مشاحة فيها وإن كانت قائمة

إما واجبة أو ممكنة فإن كانت واجبة أدى إىل اجتماع واجبني وهو حمال كما سبق مث القول بوجوهبا مع بذاته فهى افتقارها إىل ما تقوم به حمال وان كانت ممكنة فواجب الوجود ال يكون وجوبه مطلقا بل من جهة ما وهو ممتنع كما

دد ال بأجزاء كمية و ال بأجزاء حدية وال مضى فإذا البد أن يكون واجب الوجود واحدا من كل جهة من غري تع جيوز عليه

ما وجب فيه التعدد والتكثر وان كل ما وصف به واجب الوجود فليس حاصله يرجع إال إىل سلب ما كقولنا إنه واجب أي ال يفتقر إىل غريه يف وجوده أو إىل إضافة ما وكقولنا إنه أول أي إنه مبدأ كل موجود وعلى هذا النحو

ا قالت النفاة من املعتزلة إنه لو كان له صفات وجودية زائدة على وجوده مل خيل إما أن تكون هي هو أو هي ولرمبغريه فإن كانت هي هو فال صفة له وان كانت غريه فهي إما قدمية أو حادثة فإن كانت حادثة فهو ممتنع إذ البارى

أخص وصف اإلهلية وذلك يفضى إىل القول بتعدد اآلهلة تعاىل ليس حمال للحوادث كما يأيت وإن كانت قدمية فالقدم وهو ممتنع كما يأيت أيضا وأيضا فلو قامت بذاته صفات وجودية لكانت مفتقرة إليها يف وجودها وذلك سيؤدي إىل

أثبات خصائص األعراض للصفات وهو حمال أن يكون واجب الوجود لذاته فاخلبط واجلواب أما القول بأنه لو كانت له صفات ذاتية لكان متقوما هبا وخرج عن

فيه إمنا نشأ من اجلهل مبدلول لفظ الواجب بذاته فإنه إن أريد به ما ليس له صفات ذاتية وال خارجية فهو نفس املصادرة على املطلوب وإن أريد به ما ليس له علة خارجية عن ذاته وال افتقار إىل غري ذاته وسواء كان ذلك صفة

فإن الدليل مل يدل إال على ما جيب انتهاء مجيع احلادثات إليه وانقطاع تسلسل العلل واملعلوالت أم ال فهو الصواب عليه وهو غري مفتقر إىل أمر خارج عنه لكن مثل هذا الواجب ال يناىف اتصافه بالصفات الذاتية إن مل تكن مفتقرة

إىل أمور خارجية وحنن وإن قلنا إنه

Page 15: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ة إىل أمر خارج بل كل واحد منها واجب بذاته متقوم بنفسه وما ذكروه من امتناع ذو صفات ذاتية فهي غري مفتقروجود واجبني فإمنا يلزم أن لو كان ما به االشتراك بينهما معىن وجوديا وأمرا إثباتيا وليس كذلك بل ما وقع به

املوجود وأن إطالق اسم االختالف ليس عوده إال إىل نفى املاهيات والذوات بناء على أصلنا يف أن الوجود نفسالوجود والذات على املاهيات املتعدده ليس إال بطريق االشتراك يف اللفظ ال غري وما وقع به االشتراك فليس إال وجوب الوجود وحاصله يرجع إىل أمر سلىب وهو عدم االفتقار يف الوجود إىل علة خارجية وليس يف إضافة هذا

ا واجبة الوجود ما يوجب جعل الواجب مفتقرا إىل غريه ولو وجب ذلك للزم السلب إىل الذات املعرب عنها بكوهن مثله يف حق البارى تعاىل وهو حمال

مث ولو قدرنا أن الوجود الذي يضاف إليه الوجوب زائد على ما هية كل واحد منهما فإمنا يلزم منه احملال أيضا أن لزائد عليه ولو قيل هلم ما املانع من أن يكون واجبان لو كان وجوب الوجود يف كل واحد منهما لنفس الوجود ا

كل واحد منهما له ماهية ووجود مستند يف وجوبه إىل تلك املاهية ال إىل معىن خارج ويكون معىن كونه واجبا لذاته طال ذلك أن وجوده الزائد على ماهيته مستند إىل املاهية ال إىل نفسه مل جيدوا إىل دفعه سبيال بل رمبا عولوا يف إب

على نفى الصفات وانتقاؤها ال يتم إال بامتناع اجتماع واجبني وذلك دور ممتنع ولرمبا قالوا إذا جوزمت أن يكون الوجود يف واجب الوجود زائدا على ذاته وماهيته فهو ال حمالة يف وجوبه مفتقر إىل

وأذا كان ممكنا كان وجود واجب الوجود الذات القائم هبا وكل ما افتقر إىل غري نفسه يف وجوبه فهو بذاته ممكنممكنا وهو ما ال يتم إال مبرجح خارجى إذ الذات يستحيل أن تكون هي املرجحة واال ملا كانت قابلة له إال باعتبار

جهة أخرى غري جهة كوهنا فاعلة أذ تاثري العلة القابلة غري تأثري العلة الفاعلية واختالف

ؤثر إما يف نفسه أو باعتبار جهات واختالف تأثري ذات واجب الوجود يف وجوده التأثريات يستدعى اختالف املبالفاعلية والقابلية يستدعى اختالفه يف ذاته أو يف جهاته لكنه ليس خمتلفا يف ذاته فلم يبق االختالف إال باعتبار

وهو حمال جهاته والكالم يف تلك اجلهات كالكالم يف نفس الوجود وذلك يفضى إىل ما ال يتناهى قلنا ما ذكرمتوه إمنا يتم أن لو سلم أن طبيعة املمكن ما يفتقر إىل مرجح فاعل وال مانع من أن يقال إن املمكن ما ال

يتم وجوده وال عدمه إال بأمر خارج عن ذاته وهو متوقف يف كال طرفيه عليه وذلك قد يكون فاعليا وقد يكون يل بأن الوجود ممكن باعتبار انه يفتقر إىل القابل فقد وىف جبهة اإلمكان وال قابليا وهو اعم من الفاعل فعلى هذا إن ق

يلزم أن يفتقر إىل فاعل بل جيوز أن يكون وجوده لنفسه وذاته وأن توقف على القابل والقول بأن وجوده لذاته مع وهرية واالنفس الناطقه توقفه على القابل مما ال يتقاصر عنه قولكم أن العقل الفعال مؤثر يف اجياد الصور اجل

االنسانية بذاته وان كان تاثريه متوقفا على القوابل ملا تقتضيه ذاته مث إنه ما املانع من أن يكون تأثري ذات واجب الوجود بالفاعيله والقابلية ال يتوقف على صفات وجودية حقيقية

لذات واجب الوجود من غري أن يكون يلزم عنها التكثر والتسلسل بل على صفات إضافية أو سلبية تكون تابعة حمال هلا أو فاعال وهذا كما قلتم يف صدور الكثرة عن املعلول األول لذات واجب الوجود فأنكم قلتم إن الصادر

عنه نفس وعقل وجرم وذلك باعتبارات متعددة لضرورة أن الواحد ال يصدر عنه إال واحد فأن كانت هذه يقية فقد ناقضتم مذهبكم يف قولكم الواحد ال يصدر عنه اال واحد وإن االعتبارات صفات وجودية وأمور حق

كانت صفات إضافية أو سلبية ال توجب الكثرة والتعدد يف الذات وهي كما قلتم مثل كونه ممكنا ومثل كونه يعلم ذاته

Page 16: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ية ولو قيل هلم ما الفرق ومبدأه فلم ال جيوز أن يكون مما جيب فيه اختالف التأثري أيضا باعتبار صفات أضافية أو سلب بني الصورتني امليز بني احلالني مل جيدوا إىل اخلالص عن ذلك سبيال

وعلى ما ذكرناه من التحقيق ههنا يندفع ما ذكروه أيضا وإن نزل الكالم يف الصفات على جهة اإلمكان دون الوجوب

عاىل على وجه ال يشاركه غريه من وما قيل من أن القدم أخص وصف األهلية فإن أريد به أنه خاص باهللا تاملوجودات فيه فال مرية فيه وإن اريد به انه غري متصور أن يعم شيئني ولو كانا داخلني يف مدلول اسم اإلهلية فكفى

به يف اإلبطال كونه مصادرة على املطلوب وهو ال حمالة أشد مناقضة ملذهب اخلصم إن كان ممن يعترف بكون ثابتة يف القدم يف حالة العدم على ما ال خيفى املعدوم شيئا وأنه ذات

وليس ملا يتخيله بعض األصحاب يف اجلواب ههنا سداد وهو قوله لو كان القدم اخص وصف االهلية فمفهومه ال حمالة غري مفهوم كونه موجودا فالوجود إما أن يكون وصفا أعم أو أخص فان كان أعم فقد تألفت ذات البارى من

ص ولو كان أخص فيلزم أن يكون كل موجود إهلا وينقلب اإللزام فإن اخلصم قد ال يسلم وصفني أعم وأخاالشتراك يف معىن الوجود وان وقع االشتراك يف اسم الوجود وعند ذلك ال يلزم أن يكون كل ما مسى موجودا إهلا

أن يقدر نعتا وجوديا ووصفنا وليس يلزم من تعدد مفهوم امسى الوجود والقدم تكثر يف مدلول اسم البارى تعإىل إال حقيقيا وليس كذلك بل حالصه

إمنا يرجع إىل سلب األولية ال غري وهذا خيالف الصفات الوجودية اليت سلب عنها األولية وأما القول بأن قيام الصفات بالذات يفضى إىل ثبوت خصائص األعراض هلا فإمنا يستقيم أن لو كان ما قامت به

دها وتتقوم به كافتقار السواد والبياض وسائر األوضاع إىل موضوعاهتا وليس كذلك بل القيام تفتقر إليه يف وجوبالشئ أعم من االفتقار إليه فإن الشئ قد يكون قائما بالشئ وهو مفتقر إليه يف وجوده افتقار تقومي كأفتقار

وذلك كما يقوله الفيلسوف يف الصور األعراض اىل موضوعاهتا وقد يكون قئم به وهو غري مفتقر اليه افتقار تقومي اجلوهرية بالنسبة إىل املواد وهي ليست بأعراض وال هلا خصائص األعراض واملقصود من هذا ليس إال ان القيام بالشئ أعم من االفتقار إليه دفعا ملا ذكروه من اإلشكال ومن مل يتحاش عن جعل هذا القدر خاصة للعرض فال

امنا الشأن يف نفيه لذلك عن الصفات وال سبيل إليه بعد أن قلنا إن الصفات زائدة مشاحة معه يف االصطالحات وعلى الذات وإال فإن قلنا إهنا عائدة إىل معىن واحد سيأيت حتقيقه وإن االختالف إمنا هو بسبب املتعلقات فقد

اندفعت هذه اإلشكاالت وطاحت هذه اخلياالت هذا ما اعتمد عليه النفاة ثبات فقد سلك عامتهم يف اإلثبات مسلكا ضعيفا وهو أهنم تعرضوا إلثبات أحكام الصفات أوال مث وأما أهل اإل

توصلوا منها إىل إثبات العلم بالصفات ثانيا فقالوا

العامل ال حمالة على غاية من احلكمة واالتقان وهو مع ذلك جائز وجوده وجائز عدمه فما خصصه بالوجود جيب أن عليه عاملا به كما وقع به االستقراء يف الشاهد فإن من مل يكن قادرا مل يصح منه صدور شئ عنه يكون مريدا له قادر

ومن مل يكن عاملا وإن كان قادرا مل يكن ما صدر عنه على نظام احلكمة واالتقان ومن مل يكن مريدا مل يكن ختصيص ها إليه نسبة واحده قالوا بعض اجلائزات عنه باحوال وأوقات دون البعض بأوىل من العكس إذ نسبت

وإذا ثبت كونه قادرا مريدا عاملا وجب أن يكون حيا إذ احلياة شرط هذه الصفات على ما عرف يف الشاهد أيضا وما كان له يف وجوده أو يف عدمه شرط ال خيتلف شاهدا وال غائبا ويلزم من كونه حيا أن يكون مسيعا بصريا

Page 17: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ات من األشياء فإنه ال حمالة متصف بأضدادها كالعمى والطرش واخلرس على متكلما فإن من مل تثبت له هذه الصف ما عرف يف الشاهد أيضا والبارى تعاىل يتقدس عن أن يتصف مبا يوجب يف ذاته نقصا

قالوا فإذا ثبتت هذه األحكام فهي ال حمالة يف الشاهد معللة بالصفات فالعلم علة كون العامل عاملا والقدرة علة كون در قادرا إىل غري ذلك من الصفات والعلة ال ختتلف شاهدا وال غائبا أيضا القا

واعلم أن هذا املسلك ضعيف جدا فإن حاصله يرجع إىل االستقراء يف الشاهد واحلكم على الغائب مبا حكم به على الشاهد وذلك فاسد

الصادق منه والكاذب أما االستقراء فهو وقبل النظر يف حتقيقه جيب أن نقدم قاعدة يف حتقيق معىن االستقراء وبيانعبارة عن البحث والنظر يف جزئيات كلى ما عن مطلوب ما وهو ال حمالة ينقسم إىل ما يكون االستقراء فيه تاما أي

قد أتى فيه على مجيع اجلزئيات وذلك مثل معرفتنا باالستقراء أن كل حادث فهو إما مجاد أو نبات

قراء صادق يقيىن وإىل ما يكون االستقراء فيه ناقصا أي قد أتى فيه على بعض أو حيوان فحاصل هذا االستاجلزئيات دون البعض وحاصل هذا االستقراء كاذب غري يقيىن إذ من اجلائز أن يكون حكم ما استقرى على أكثر خالف ما مل يستقر وذلك كحكمنا أن كل حيوان يتحرك فكه االسفل عند االكل بناء على ما استقريناه يف

احليوانات وقد يقع االمر خبالفه مما مل يستقر وذلك كما يف التمساح فإنه إذا اكل حترك فكه األعلى فعلى هذا إن مل يكن االستقراء يف الشاهد تاما فهو كاذب

ن وإن قدر كونه تاما فإما أن يكون الغائب والشاهد مشتركني يف احلقيقة أو خمتلفني فإن قدر االختالف فال خيفى أما حكم به على احد املختلفني غري الزم أن حيكم به على اآلخر جلواز أن يكون من خصائص ما حكم به عليه دون

اآلخر وذلك كما إذا حكمنا على اإلنسان بأنه ضاحك مثال أخذا من استقراء جزئيات نوع االنسان فإنه ال يلزم مثله يف الفرس املخالف له يف حقيقته

احلقيقة فهو حمال وإال للزم االشتراك بينهما فيما ثبت لذات كل واحد منهما وإذ ذاك فيجب وإن قدر االشتراك يف أن يكون البارى والعامل واجبني أو ممكنني أو كل واحد منهما واجبا وممكنا وهو ممتنع

ع وال حاجة إىل مث لو قدر أن ذلك غري حمال فاالستقراء إما أن يتناول الغائب أو ليس فإن تناوله فهو حمل النزااستقراء غريه وان مل يتناوله بل وقع لغريه من اجلزئيات فهو ال حمالة استقراء ناقص وليس بصادق كما بيناه وهذا ال حميص عنه مث إن صح فيلزم أن يكون مشارا إليه واىل جهته وأن يكون إما جوهرا وإما عرضا كما يف الشاهد وان مل

سواها أيضا يصح يف هذه األمور مل يصح فيما

مث إن من قاس الغائب على الشاهد ههنا فهو يعترف بأنه ليس يف الشاهد فاعل موجد على احلقيقة بل املوجود يف حقه ليس إال االكتساب خبالف ما يف الغائب فإذا ما وجد يف الشاهد مل يوجد يف الغائب وما وجد يف الغائب مل

يوجد يف الشاهد فأىن يصح القياس بأنه إذا ثبت هذه األحكام فهى معلله بالصفات كما يف الشاهد فقد قيل يف إبطاله إن هذه االحكام وأما القول

واجبة للبارى وكل ما وجب فإنه ال يفتقر إىل ما يعلل به وهذا كما يف الشاهد فإن التحيز للجوهر وقبوله للعرض يف نفسه جائزا غري واجب وذلك مثل كون العامل عاملا يف ملا كان واجبا مل يفتقر إىل علة وإمنا املفتقر اىل العلة ما كان

الشاهد ومثل وجود احلادث وحنوه وهذا غري صحيح فإنه إن أريد بكوهنا واجبة للبارى تعاىل أهنا ال تفتقر إىل علة فهو عني املصادرة على املطلوب وإن

Page 18: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

صفة والقول بأن التحيز للجوهر وقبوله للعرض اريد به انه ال بد منها لواجب الوجود فذلك مما ال يناىف التعليل بالملا كان واجبا مل يفتقر إىل علة فهو مبىن على فاسد اصول املعتزلة يف قوهلم إن هذه توابع احلدوث وتوابع احلدوث مما ال يدخل حتت القدرة وال ينسب إىل فعل فاعل وليس الرأي الصحيح عند أهل احلق هكذا بل كل ما يتخيل يف

خيطر يف االوهام مما له وجود أصليا كان أو تابعا فهو مقدور له تعاىل وخملوق له ومنتسب يف وجوده إليه األذهان ووليس شئ مما يفرض يف الشاهد واجبا بنفسه اللهم إال أن يعىن بكونه واجبا أنه الزم ملا هو ثابت له على وجه ال

أن يكون معلال كما سبق تقع املفارقة له أصال لكن الواجب هبذا االعتبار غري ممتنعفإن قيل هذه االمور الالزمة وان كانت مفتقرة إىل فاعل مرجح لكنها ال تفتقر إىل صفة قائمة مبحلها تكون علة هلا

كما يف افتقار العاملية يف الشاهد إىل صفة العلم

نا وهو املقصود بلفظ العلة وإذا مل تفتقر إىل علة لكوهنا الزمة كذلك فيما حنن فيه قلتفسري عدم افتقارها إىل العلة باملعىن املذكور وإن كان صحيحا فقوهلم إهنا ال تفتقر إىل علة لكوهنا الزمة دعوى

جمردة وحتكم بارد بل ال مانع من أن تكون معللة وإن كانت الزمة وتكون علتها مالزمة أيضا والقول بأنه ال يعلل األحكام غري جائزة وال مينع القول جبوازها من حيث إنه ال ميكن إال ما كان جائزا فإمنا ينفع أن لو كانت هذه

القول بعدمها إال وقد لزم عنه احملال ألن احملال قد يلزم عند فرض عدم الشئ لنفسه فيكون واجبا لذاته وقد يكون د علته فرض احملال الزما عن أمر خارج وان كان الشئ يف نفسه ممكنا وذلك كما يف فرض عدم املعلول مع وجو

كالكسر مع االنكسار وحنوه فمهما مل يتبني أن احملال الالزم عند فرض عدم هذه االحكام الزم لنفسها ال يلزم أن تكون واجبة لنفسها فقد اندفع االشكال وبطل ما أوردوه من اخليال

وليس من صحيح اجلواب ما ذكره بعض األصحاب ههنا وهو أن قال اجلائز هو املعلل منتقض يف كال طرفيه أما انتقاض طرف اجلواز فهو أن الوجود قولكم بأن الواجب ال يعلل و

احلادث جائز وليس مبعلل وأما انتقاض طرف الوجوب فهو أن كون العامل عاملا يف الشاهد بعد أن ثبت واجب وهو الصفة اما إذا قيل ان معلل فإن قوله ان الوجود احلادث جائز وليس مبعلل إمنا يلزم أن لو قيل إن كل جائز معلل ب

التعليل بالصفة ليس إال للجائز فال يلزم من كون التعليل ال يكون اال للجائز أن ال يكون اجلائز إال معلال بالصفة إذ هو كلى موجب وال ينعكس مثل نفسه ألبتة

نقسم إىل ما وجوبه وأما القول بأن العامل بعد أن ثبت كونه عاملا يف الشاهد واجب وهو معلل فالواجب ال حمالة ي بنفسه و إىل ما وجوبه مشروط بغريه فإن أراد به أنه

واجب باملعىن االول فقد ناقض حيث جعله معلال إذ الواجب بنفسه ما ال يفتقر إىل غريه وإن اراد به االعتبار الثاين وإذا كان جائزا فلم خيرج عن كونه جائزا فإن كل ما وجوبه بغريه فهو جائز بنفسه على ما عرف فيما مضى

فتعليله ليس مبمتنع وما ميتنع تعليله ليس إال ما كان واجبا بنفسه أو ممتنعا وهذا وإن كان واجبا فليس وجوبه بنفسه فال يتجه به النقض

فإذا الصحيح أن يقال يف اإلبطال ههنا ما قيل يف ابطال االحكام اوال كيف واخلصم له أ ان يسلم بثبوت هذه تعإىل على وجه تكون النسبة بينها وبني أحكام ذواتنا على حنو النسبة الواقعة بني ذاته وذواتنا وإذ االحكام للبارى

ذاك فال يلزم من تعليل احد املختلفني ان يكون اآلخر معلال وإن وقع االشتراك بينهما يف اإلطالقات واألمساء ه الزم لك يف الشرط مع املشروط حيث إنك جعلت وال يلزم عليه أن يقال ما تذكره يف العلة مع املعلول هو بعين

Page 19: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

البارى حيا لضرورة كونه شرطا لكونه عاملا وقادرا مريدا كما يف الشاهد فما هو اعتذارك يف الشرط هو اعتذارنا يف العلة فإن للخصم إال يسلم أن طريق إثبات كونه حيا إثبات االشتراط بل غريه من الطرق كيف والبينة

رط يف الشاهد ومع ذلك ال يلتزم االطراد يف الغائب فكيف يلتزم االطراد يف غريه وما قيل من املخصوصة عنده شأن حد العامل يف الشاهد من قام به العلم وكذا القادر من قامت به القدره واحلد ال خيتلف شاهدا وغائبا فحالصه

إىل دفعه إال بأمور ظنية وقضايا ختمينية يرجع إىل حمض الدعوى وقد ال يسلم عن منع أو معارضة وإذ ذاك فال سبيل ال حاصل هلا

مث إن من رام إثبات الصفات النفسية بطريق التوصل إليها من أحكامها فهي ال حمالة عنده أعرف من الصفات وإال ملا أمكن التوصل هبا إىل معرفها وإذا كانت الصفات

املعرف أن يكون أميز مما عرف به وإال فإن كان أخفى فكيف يوجد يف حد الشئ أو رمسه ما هو أخفى منه وشرطاخفى منه أو مثله يف اخلفاء فال معىن للتعريف به وملا ختيل بعض االصحاب عوص هذه الطريقة مل يستند يف إثبات

احكام الصفات عند ظهور اإلتقان يف الكائنات وكذا يف إثبات الصفات عند ثبوت أحكامها إىل غري الضرورة خيفى ما فيه من التحكم ومسج الدعوى ومع ذلك فقد ال يسلم من املعارضة بنقيضه وهو مما يضعف والبديهة وال

التمسك به جدا وقوهلم إنه لو مل يكن متصفا هبذه الصفات لكان متصفا مبا قابلها وهو يتعاىل ويتقدس عن أن يتصف مبا يوجب يف

حقيقة املتقابلني وبيان إقسامها أما املتقابالن فهما ما ال ذاته نقصا فالكشف عن زيف هذا الكالم إمنا يتحقق ببيان جيتمعان يف شئ واحد من جهة واحدة وهذا إما أن يكون يف اللفظ أو يف املعىن فإن كان يف املعىن فإما أن يكون بني

واإلجياب وجود وعدم أو بني وجودين إذ األعدام احملضة ال تقابل بينها فإن كان القسم األول فهو تقابل السلب وذلك كقولنا اإلنسان فرس اإلنسان ليس بفرس وهو مما يستحيل اجتماع طرفيه يف الصدق أو الكذب

وإن كان من القسم الثاىن فإما أن ال يعقل كل واحد منهما إال مع تعقل اآلخر او ليس فإن كان األول فيسمى هذا التقابل ارتباط كل واحد من الطرفني باآلخر تقابل املتضايفني وذلك كما يف األبوة والبنوة وحنومها ومن خواص

يف الفهم وإن كان الثاىن فيسمى تقابل الضدين وذلك كالتقابل الواقع بني السواد والبياض وحنوه ومن خواص هذا التقابل جواز انتقال طرفيه باحلركة إىل واسطة تكون بينهما وأما إن كان من القسم الثالث فيسمى تقابل العدم

ة وامللك

واملراد بامللكة ههنا كل قوة على شئ ما مستحقة ملا قامت به إما لذاته أو لذاتى له وذلك كما يف قوة السمع والبصر وحنوه للحيوان واملراد بالعدم هو رفع هذه القوة على وجه ال تعود وسواء كان يف وقت إمكان القوى عليه

لى هذا إن اريد بالتقابل ههنا تقابل السلب واإلجياب يف او قبله وذلك كما يف العمى والطرش وحنوه للحيوان فعاللفظ حىت إذا مل يقل إن البارى ذو مسع وبصر لزم أن يقال إنه ليس بذى مسع وال بصر فهو ما يقوله اخلصم وال يلزم يقبل بعينه من غري دليل وإن أريد به ما هو من قبيل املتضايفني فهو غري متحقق ههنا ومع كونه غري متحقق فال

من نفى أحد املتضايفني وجود اآلخر ألبته بل رمبا يصح انتفاؤمها وهلذا يقال زيد ليس بأب لعمرو وال بابن له ايضا وإن أريد به ما هو من قبيل تقابل الضدين فإمنا يلزم أن لو كان واجب الوجود مما هو قابل لتوارد اإلضداد عليه

كيف وإنه ال يلزم من نفى احد الضدين وجود اآلخر بل من اجلائز أن وذلك مما ال يسلمه اخلصم وليس عليه دليل جيتمعا يف العدم والسلب وهلذا يصح أن يقال إن البارى تعاىل ليس بأسود وال أبيض ولو لزم من نفى احد الضدين

Page 20: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

يلزم أيضا من نفى وجود اآلخر ملا صدق قولنا بالنفى فيهما وأما إن أريد به ما هو من قبيل تقابل العدم وامللكة فال امللكة حتقق العدم وال من نفى العدم حتقق امللكة وهلذا يصح أن يقال احلجر ليس باعمى وال بصري نعم إمنا يلزم

العدم املذكور من ارتفاع القوة املمكنة للشئ املتسحقة له لذاته او لذايت له كما بينا والقول بارتفاع مثل هذه القوة ى حمل النزاع واملصادرة على املطلوب وهو غري معقول يف حق البارى جير إىل دعو

فإذا السبيل الذليل يف إثبات الصفات إمنا يتضح بالتفصيل وهو أن نرسم يف كل واحد منها طرفا ونذكر ما يتعلق به من البيان وخيتص به من الربهان ونكشف عما يشتمل عليه من االقاويل الصحيحة والفاسدة ولتكن البداية بتقدمي

النظر يف صفة اإلرادة أوال

الطرف االول

يف اثبات صفة االرادة مذهب أهل احلق أن البارى تعاىل مريد على احلقيقة وليس معىن كونه مريدا إال قيام اإلرادة بذاته وذهب الفالسفة

رجع إىل اال سلب او واملعتزلة والشيعة إىل كونه غري مريد على احلقيقة وإذا قيل إنه مريد فمعناه عند الفالسفة ال يإضافة ووافقهم على ذلك النجار من املعتزلة حيث أنه فسر كونه مريدا بسلب الكراهية والعلية عنه وأما النظام والكعىب فإهنما قاال إن وصف باالرادة شرعا فليس معناه إن أضيف ذلك إىل افعاله إال أنه خالقها وإن أضيف إىل

هبا وزاد اجلاحظ على هؤالء بإنكار وجود اإلرادة شاهدا وقال مهما كان اإلنسان غري افعال العباد فاملراد به أنه امر غافل وال ساه عما يفعله بل كان عاملا به فهو معىن كونه مريدا وذهب البصريون من املعتزلة إىل أنه مريد بإرادة

عن قول الزائغني قائمة ال يف حمل وذهب الكرامية إىل أنه مريد بإرادة حادثة يف ذاته تعاىل اهللاوالذي يقطع دابر أهل التعطيل أن يقال لو مل يصدق كونه ذا إرادة لصدق أنه ليس بذى ارادة ولو صدق ذلك

أنتج قلبه معدوال لضرورة وجود املوضوع وقلبه إىل

بذي املعدول جيعل حرف السلب متأخرا عن الرابطة الواقعة بني املفردين وصورة ذلك أن يقال البارى هو ليسإرادة ولو صح ذلك فلنا أن نقول وكل ما ليس بذى إرادة فهو ناقص بالنسبة إىل من له إرادة فإن من كانت له

الصفة اإلرادية فله أن خيصص الشئ وله أن ال خيصصه شاهدا فالعقل السليم يقضى أن ذلك كمال له وليس ن حاله أوال أكمل بالنسبة إىل حاله ثانيا وعند بنقصان حىت إنه لو قدر بالنظر إىل الوهم سلب ذلك األمر عنه كا

ذلك فما سلب منه هذا الكمال قدر ذلك املسلوب عنه شاهدا أو غائبا إما أن يكون بالنظر إىل ما سلب عنه ووجب لآلخر أنقص مما ثبت له هذا الكمال او أكمل أو ال أكمل وال أنقص ال جائز أن يكون أكمل وإال كان ما

من جهة ما ثبت له ناقصا وهو حمال وال جائز أن يكون ال أنقص وال أكمل وإال ملا كان وجود ثبت له ذلك االمرذلك األمر كماال ملا اتصف به بل وجوده وأن ال وجوده بالنظر إليه سيان لضرورة مساواته ما مل يتصف به من جهة

و متصف به وعند ذلك فيكون هذا عدم اتصافه به وذلك حمال فلم يبق إال أن يكون ما مل يتصف به أنقص مما هاالقتران مؤلفا من شرطية صغرى ومحلية كربى ناجتا نتيجة شرطية مقدمها مقدم الشرطية وتاليها هو حممول احلملية

وصورته أن يقال لو مل يصدق كونه ذا كونه ذا إرادة للزم أن يكون أنقص ممن هو ذو إرادة وهذا اإلنتاج إمنا يتم بقلب مقابل

معدوال وإال فمع بقائه سالبا فاملقدمة الكربى تكون كاذبة لكوهنا موجبة واملوجبة تستدعي وجود املوضوع املطلوب

Page 21: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واملوضوع يف السالب إذا كان حدا أوسط غري متحقق الوجود وإذا عرف اإلنتاج وال خيفى ما فيه من احملال فإنه والبديهة تقضى برده وإبطاله فإذا قد لزم احملال كيف يتصور أن يكون املخلوق أكمل من اخلالق واخلالق أنقص منه

عن هذا القياس وذلك إما أن يكون الزما لصورته أو ملادته الصورة صحيحة ال مراء فيها وان كان لزومه عن املادة فإما أن يكون الزما عن املقدمة الصغرى

ال يلزم عنه حمال فبقى أن يكون أو الكربى ال جائز أن يكون الزما عن الكربى إذ هي صادقة مسلمة والصادقالزما عن املقدمة الصغرى اليت هي الزم نقيض املطلوب فتكون كاذبة ومهما كان نقيض املطلوب كاذبا كان

املطلوب هو الصادق لضرورة أن القضية ال ختلو عن صدقها أو صدق نقيضها ويلزم منه ثبوت اإلرادة ت لو مل يتصف باإلرادة لكان أنقص مما اتصف هبا ملا بيناه والتاىل وإن شئت أن تلبس هذا املعىن صورة شرطية قل

باطل فاملقدم باطل فإن قيل هذا اللزوم متوقف على حتقيق اإلرادة شاهدا ومب الرد على اجلاحظ يف إنكارها قلنا كل عاقل جيد من نفسه

دة والواقع على خالفها وذلك كما يف العزم واإلرادة والقصد والتفرقة الواقعة بني الفعل الواقع على وفق اإلراحركة املرتعش واملختار كما جيد من نفسه أن له علما وقدرة وحنو ذلك وال ميكن إسناد ذلك إىل العلم فان التفرقة

قد حتصل بني الشيئني وإن كان تعلق العلم هبما على السواء وهذا مما ال ينكره عاقل إال عنادا مث ولو جاز إنكار از إنكار العلم والقدرة إذ ال فرق بينهما وبني اإلرادة فيما جيده اإلنسان يف نفسه وحيسه يف باطنه ذلك شاهدا جل

فإن قيل فلو سلم ذلك وسلم بثبوت صفة األرادة شاهدا فما اعتمدمت عليه منتقض بالشم والذوق واللمس وغري أن يكون من جنس ما يف الشاهد أو ذلك من كماالت املوجودات شاهدا كيف وأن ما تنسبونه له من الصفة إما

ليس فإن كان األول فهو حمال وإال للزم أن تكون مشاركة لإلرادة شاهدا يف جهة العرضية واإلمكان ويلزم أن يكون البارى حمال لألعراض وهو متعذر وإن كان الثاين فهو غري معقول وما ليس مبعقول

وهل ذلك كله إال خبط يف عشواء كيف نسلم كونه كماال للرب تعاىل وأن عدمه نقصانقلنا أما النقض فمندفع إذ احملصلون مل مينعوا من إثباهتا له لكن بشرط انتفاء االسباب املقترنة هبا يف الشاهد املوجبة للحدث والتجسيم وحنو ذلك مما ال جيوز على اهللا تعاىل كما جوزوا عليه اإلدراك والسمع والبصر لكن مل يتجاسر

ا يف حق البارى تعاىل لعدم ورود السمع هبا واحلاصل أنه مهما ثبت من الكماالت شاهدا فال مانع من على إطالقهالقول بإثباهتا غائبا مع هذا اإلشتراط وأما من فرق بني كمال وكمال من أهل احلق فلعله مل ير ما نفاة مما يتم إال

غري ذلك خبالف ما أثبته أو أنه مما ليس بكمال بأمور موجبة للحدث واالفتقار كاتصاالت ومماسات وتقابالت إىليف نفسه وذلك مثل ما يتخيل من معىن اللذة واألمل والشهوة وحنوه واألغوص إمنا هو األول وهو القول بأن كل ما ثبت كونه كماال يف الشاهد ومل جير القول بإثباته يف حق الغائب إىل نقص أو افتقار فالقول به واجب وإن مل يصح

قه من جهة التلفظ عليه لعدم ورود السمع به إطالوأما ما ذكروه من اجملانسة فلنا أن نقول هبا تارة وننفيها أخرى فإن قلنا باجملانسة فغاية ما يلزم منه االفتقار إىل احملل

رج عن املقوم إذ هو املعىن بكون الشئ عرضا وذلك مما ال نأباه إال أن يقول املقوم للصفة واملخصص هبا امر خا ذات واجب الوجود وليس كذلك كما حققناه هذا إن قلنا باجملانسة

وإن قلنا بنفيها فال التفات إىل من قصر فهمه عن درك ما أثبتناه وزعم أنه غري معقول فإنه وإن يكن من جنس صفات البشر فال يلزم أن ال يكون معقوال وأن ال ميكن

Page 22: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

رى تعاىل غري معلوم ولتعذر القول بإثباته فصفة اإلرادة لواجب الوجود التعرض إلثباته ونفيه وإال كان وجود الباوإن مل تكن جمانسة لصفة اإلرادة شاهدا فال حمالة أن نسبتها إىل ذات واجب الوجود كنسبة اإلرادة شاهدا إىل

بة اىل حملها كمال النفس الناطقة اإلنسانية من التعلق واملتعلقات وكل عاقل يقضى ببديهته إن اإلراده شاهدا بالنسله وان عدمها بالنسبة له نقصان و يوجب ان ما كانت نسبته إىل واجب الوجود كنسبة اإلرادة على حملها شاهدا أن يكون كماال لذات واجب الوجود وان عدمه يكون نقصانا فلو مل نقل بثبوت لذات واجب الوجود لوجب أن

رتبة املخلوق من جهة أن كمال املخلوق حاصل له وكمال اخلالق يكون واجب الوجود ناقصا يف رتبته بالنسبة إىل غري حاصل له

فإن قيل لو سلمنا بثبوت صفة اإلرادة يف حق البارى تعاىل فما املانع من ان تكون أمرا سلبيا ومعىن عدميا كما قاله الفالسفة والنجار من املعتزلة

يز والتخصيص إذ ما ليس بشئ ال يكون مستوعبا ملا هو شئ قلنا ألن السلب عدم حمض وذلك ال تأثري له يف التميوألنه ال فرق إذ ذاك بني قولنا إنه ال مميز وبني قولنا إن املميز عدم مث كيف يصح تفسري اإلرادة بعدم اإلكراه وهو

منتقض طردا وعكسا وذلك كما يف اجلماد بل أما الطرد فهو أن كثريا ما األشياء قد تنتفى عنه الكراهية وال موجب لكونه مريدا

اإلنسان يف غالب أحواله كما يف حالة النوم والغفلة فإنه ال يوصف فيها بكونه كارها وال مريدا

وأما العكس فهو أن اإلنسان قد يوصف باإلرادة ملا هو كاره له كما يف حالة شرب الدواء املسهل وحنوه من أن تكون ال موجودة وال معدومة كما يقوله مثبتو األحوال فإن قيل تفسريها بالعدم وإن كان ممتنعا فما املانع

فقد أشرنا إىل وجه إفساده فيما مضى فال حاجة إىل اعادته فإن قيل فلو سلم أهنا صفة وجودية فلم جيب أن تكون قائمة بذات الرب تعاىل وما املانع من أن تكون قائمة ال يف ذاته كما هو مذهب البصريني من املعتزلة

نا لو مل تكن قائمة بذاته مل خيل إما أن تكون قائمة يف حمل أو ال يف حمل فإن كانت قائمة يف حمل فاحملل إما قدمي أو قلحادث فإن كان حادثا فهو ال حمالة مفتقر يف وجوده إىل خمصص واملخصص إما نفس ما قام به من اإلرادة او أخرى

دور من جهة توقف كل واحد منهما على صاحبه وال جائز أن غريها ال جائز أن تكون نفسها وإال أفضى إىل اليقال بإرادة أخرى غريها وإال أفضى إىل التسلسل من جهة أن الكالم يف املخصص الثاين كالكالم يف األول مث إنه

ليس القول بنسبتها إىل البارى بكونه مريدا هلا بأوىل من نسبتها اىل حملها بل هو أوىل ذا كان قدميا أيضا وأما إن كانت قائمة ال يف حمل فقد قال وكذا الكالم فيما إ

بعض األصحاب يف رده يلزم أن تكون إرادة يف الشاهد هكذا إذ ما ثبت للحقيقة يف موضع ال يتخلف عنها أين وجدت وحقيقة اإلرادة ال ختتلف شاهدا وغائبا فإن استغنت عن احملل غائبا وجب أن تكون مستغنية عنه شاهدا

ال وهذا إمنا يستقيم أن لو سلم احتاد حقيقة اإلرادة شاهدا وغائبا ولعل اخلصم قد جيعل نسبة اإلرادة غائبا وهو حمإىل األرادة شاهدا على حنو النسبة الواقعة بني الذات الواجبة غائبا والذوات املوجودة شاهدا وإذ ذاك فاإللزام

اهدا ملا بيناه فالصحيح أن يقال لو كانت قائمة ال يف حمل مل يكون به منقطعا ال مبا قيل من إنكار وجود اإلرادة شخيل إما أن تكون حادثة أو قدمية فإن كانت حادثة فأما أن تكون باعتبار ذاهتا واجبة أو ممكنة ال جائز أن تكون

ال باالول واجبة وإال ملا كانت معدومة وإن كانت ممكنة فإما أن تفتقر إىل خمصص آخر أو ال تفتقر ال جائز أن يقوإال أفضى إىل التسلسل وهو حمال وال جائز أن يقال بالثاىن وإال ملا وجدت إذ ال مميز هلا على ما خيصص هبا من

Page 23: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

حيث هي ممكنة وما خنصص هبا إمنا كان مفتقرا إليها من حيث هو ممكن ال من حيث إنه ذات خمصوصة وحقيقة معينة

ادثا كما يف الشاهد فإن من وجد له إرادة ال تستدعي تلك فإن قيل املخصص ال يستدعي خمصصا وإن كان حاإلرادة أخرى وإال أفضى إىل التسلسل وأن ال يتم ألحد إراداة اال مع وجود إرادات ال تتناهى وذلك مما حيس من

النفس بطالنه ورمبا مهدوا ذلك بأمثلة أخرى مثل التمىن والشهوة وحنو ذلك ستدعى خمصصا فهو دعوى جمردة من غري دليل كيف وقد بينا وجه االحتياج قلنا أما القول بأن املخصص ال ي

واالفتقار مما ال سبيل إىل أنكاره وما قيل من أن اإلرادة يف الشاهد ال تفتقر إىل إرادة فغلط بل ال بد هلا من خمصص من جهة كوهنا ممكنة وحادثة

خيرج كل ما يهولونه من األمثال غري هذا املثال وإن مل يكن املخصص من جهة من له اإلرادة شاهدا وعلى هذا وأيضا فإهنا لو كانت حادثة ال يف حمل مل تكن نسبتها إىل البارى تعاىل بكونه مريدا بأوىل من نسبتها اىل غريه من

نتفاء جهة احلوادث وليس جيب القول بتغري نسبتها إليه ملا بيناه من االشتراك يف نفي احمللية عنهما فإنه مع ما فيه من االلزوم ليس هو بأوىل من نسبتها إىل غريه من احلوادث ملا بينهما من االشتراك يف احلدوث بل وهو االوىل من حيث

إن ما يتحقق بني احلوادث من االشتراك والنسب أكرب منها بني القدمي واحلادث على ما ال خيفى وجب نسبتها إىل سائر اجلواهر واألجسام إذ هي مشاركة هلا مث ولو وجب نسبتها إليه ملا اشتركا فيه من نفى احمللية ل

يف هذا املعىن كيف وإنه لو جاز أن يكون مريدا بإرادة قائمة ال يف ذاته جلاز أن يكون عاملا بعلم قائم ال يف ذاته ا عاملا وقادرا وقادرا بقدرة قائمة ال يف ذاته إىل غري ذلك من الصفات ومل يقولوا به وجلاز أيضا ان يكون الواحد من

بعلم قائم ال يف ذاته وقدرة قائمة ال يف ذاته ومل يقولوا به أيضا والتحكم بالفرق من غري دليل مما ال سبيل إليه وهبذا تبني إبطال القول بالقسم الثاين أيضا كيف وإنه مما ال قائل به فلم يبق إال أن تكون قائمة بذات الرب تعاىل

ا ان تكون قدمية أو حادثة ال جائز أن تكون حادثة كما ذهب إليه الكرامية إذ قد بينا وإذا كانت قائمة بذاته فإم وجه إبطاله وال حاجة إىل إعادته وسنبني امتناع

قيام احلوادث بذات الرب تعاىل فيما بعد إن شاء اهللا تعاىل فتعني أن يكون الرب تعاىل مريدا بإرادة قدمية قائمة بذاته وهو ما أردناه

قيل فلو كان املخصص قدميا النقلب ما ذكرتوه يف امتناع إضافة التخصيص إىل ذات واجب الوجود عليكم فإنفيما تدعونه خمصصا فإنه إذا كان قدميا فنسبة األحوال واألوقات واألضداد وكل ما يقدر باإلضافة إليه على وترية

يف ذلك املخصص الثاين كالكالم يف األول واحدة فما خصصه بزمان احلدوث إن افتقر إىل خمصص آخر فالكالم وذلك يفضى إىل التسلسل وهو ممتنع وإن مل يفتقر إىل خمصص آخر فما هو جواب لكم يف اإللزام ههنا أي يف

اإلرادة هو جواب لنا يف الذات مما ينقلب يف قلنا قد بينا أنه البد من إرادة قدمية كان هبا التخصيص وليس ما ذكرناه يف إبطال التخصيص بالذات

اإلرادة فإنه إذا قال القائل مل خصصت اإلرادة هذا احلادث بزمان حدوثه وليس هو بأوىل مما قبله أو بعده كان السؤال يف نفسه خطأ من جهة أن اإلرادة عبارة عما يتأتى به التخصيص للحادث بزمان حدوثه ال ما يالزمه

قال مل كانت اإلرادة إرادة وهو يف نفسه حمال وهذا كما لو قال التخصيص فإذا قيل مل كانت اإلرادة خمصصة فكأنه مل كان الواجب بذاته ال يفتقر إىل علة واملمكن بذاته يفتقر إىل علة يف كل واحد من طرفيه فإنه يقبل من حيث إن

Page 24: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فتقر إىل غريه سؤاله يتضمن القول بأنه مل كان الواجب واجبا ومل كان املمكن ممكنا فإن الواجب هو عبارة عما ال ي يف وجوده واملمكن بعكسه وهو مما ال خيفى وجه فساده وهو ال حمالة إن

ورد من الفلسفى أظهر يف الفساد من جهة اعترافه بإسناد مجيع احلادثات واألمور املتجددات كاحلركات وغريها إىل اإلرادات النفسية الثابتة لألجرام الفلكية وال مندوحة عنه

قيام املخصص بذات الرب تعإىل وكونه قدميا لكنه مما ميتنع تفسريه بإإلرادة لوجهني فإن قيل لو سلم الوجه األول هو أنه لو كان خمصصا باإلرادة ملا خصصه فال بد من أن يكون قاصدا ملا خصصه وطالبا له بل يتعاىل

ويتقدس عن األغراض وإمنا هي عائدة إىل املفعول

ه للغري وال عدمه نقصا ما والذي يوضح هذا هو أن ما ظهر من حكمة بعثة الرسل املرجح وذلك مما ال يوجب حتققواألنبياء وتبليغهم ليس إال إصالح اخللق وتقومي نظامهم وإن كنا نعلم أن عدم هذه احلكمة ووجودها بالنسبة إىل

د مث إن هذا مما ال يصح حال النىب سيان فيما يرجع إىل نفس كماله ونقصانه وهذا مما ال ينكره عاقل إال عن عنا إيراده ممن يعترف بكون البارى تعاىل مريدا من املعتزلة وغريهم وإن ورد من الفالسفة اإلهليني

ومن تابعهم فهو الزم عليهم أيضا فإهنم قضوا بأن الترجيح يف الوجود وغريه إمنا يستند اىل ذات واجب الوجود و مالزم له يف الوجود كمالزمة حركة اخلامت حلركة اليد كما وإن ما وجب به ال يتأخر وجوده عن وجوده بل ه

سيأيت تفصيل مذهبهم وعند ذلك فنقول مالزمة ما وجد به ووجب عنه إما أن تكون وعدمها سيان أو أن املالزمة أوىل فإن كانت املالزمة

فال حمالة أن ما هو األوىل وعدمها سيان فالقول بوجوب اللزوم يف الوجود متناقض وإن كانت املالزمة هي األوىل يف لزومه له أنه يستفيد مبالزمته كماال وبعدمه نقصانا فإذا ما هو اعتذارهم يف الذات هو اعتذارنا يف اإلرادة وال

حميص عنه وما يلزمهم أيضا يف ذلك أن تكون األنفس الفلكية املخصصة للحركات الدورية كما عرف من مذهبهم متوقفة يف

ى معلوهلا لكوهنا خمصصة له باإلرادة ويف ذلك توقف كمال األشرف على املشروف وال خالص حصول كماهلا عل هلم منه

وأما ما ذكروه من الوجه الثاين يف قوهلم لو كانت صفة نفسية قدمية ملا تعلقت ببعض املتعلقات دون البعض كما يف م قالوا إهنا صفة قدمية نفسية وال تعلق هلا بأفعال العلم فمع أهنم قد نقضوا ما أبرموه وحلوا ما عقدوه بالقدرة فإهن

العباد فهو صحيح

وسنبني فيما بعد إن شاء اهللا أنه ال خالق اال اهللا وال مبدع إال هو وأن اإلبداع واخللق جلميع احلادثات ال يكون إال كان كمال واجب الوجود عن إرادة واختيار ال عن طبع واضطرار كيف وإنه لو مل تتعلق إرادته جبميع الكائنات ل

بالنسبة إىل ما مل تتعلق به إرادته من الكائنات أنقص بالنسبة إىل حال من تعلقت به إرادته من املختارين وهو حمال وما ذكروه من احملاالت وأوردوه من اإللزامات غري متجه

ا فقد منع بعض األصحاب من أما األول وهو قوهلم يلزم أن يكون مريدا إلرادة زيد وعمرو عند اختالف مراديهمتصور اجتماع مثل هاتني اإلرادتني وقال إن ما علمه اهللا على ما هو عليه وإنه سيكون اوال يكون فهو املراد

ونقيضه تشبه غري مراد فعلى هذا تصور اإلرادتني عند تعلقهما بنقيضني ممتنع وهو مما فيه نظر فإن ما وجد من كل

Page 25: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

صاحبه فيما يرجع إىل امليل والقصد واالختالف ليس إال يف التعلق وكون أحدمها واحد منهما مماثل ملا وجد منواقعا على الوفق واآلخر على خالفه فإن كان ذلك هو املوجب تسمية البعض إرادة والبعض شهوة فحاصله يرجع

إىل االصطالح يف األمساء ال االختالف يف املعىن وهو ما يوجد يف كل واحد منهما ه وله ثبات على حمك النظر أن يقال إمنا يلزم هذا احملال أن لو لزم من تعلق إرادته بإرادهتما تعلقها فالذي يتج

مبراديهما وليس كذلك بل املدعى به متحكم مبا ال دليل عليه فالرأي احلق أن يقال إن تعلقها باإلرادتني إمنا كان يوجب تضادا وال تناقضا واجلمع بني متعلقيهما و إن بالنظر إىل حدوثها وختصصها بالوجود دون العدم وذلك مما ال

كان حماال

فإمنا يلزم أن لو لزم حتققه يف متعلقهما به أي من تعلق اإلرادة القدمية هبما وليس كذلك بل متعلق كل واحد منهما ة به إمنا يتم بتعلق اإلرادة القدمية به وذلك غري الزم من تعلقها بإحداث اإلرادة احلادثة املتعلق

وأما احملال الثاين فقد أجاب عنه بعض األصحاب بأن قال أفعال املكلفني وإن انقسمت إىل خريات وشرور لكن اإلرادة إمنا تتعلق هبا من حيث وجودها وحتققها وهي من هذا الوجه ليست بشرور بل خريات حمضة وإمنا تلحقها

قدرته وهي ما قلتم اهنا توابع احلدوث كما يأتى حتقيقه يف الشرور باعتبار الصفات اليت هي منتسبة إىل فعل العبد ومسألة خلق األفعال وهى ما قلتم اهنا توابع احلدوث كما يأتى حتقيقه يف مسألة خلق األفعال وهى من هذه اجلهة ال ليست مرادة هللا تعاىل على االصلني فإن إرادة فعل العبد من حيث إنه فعله متن وشهوة وذلك يف حق البارى حم

فإذا ما هو مراد اهللا تعاىل إمنا هو التخصيص واإلحداث وذلك هو اخلري وما هو الشر ومنه الشر فهو ما وقع مسندا إىل فعل العبد من حيث هو فعله وذلك غري مراد اهللا تعاىل

ه حمدثه وسنبني إبطال هذا املقال يف مسألة خلق األعمال وأن ما من حادث إال وهو مضاف إىل البارى تعاىل بأنومريد له وأنه ال خالق اال اهللا تعاىل وال مبدع إال هو وأنه ال جيرى يف ملكه إال ما هو مراد له ومن حيث هو مراد له ليس بشر فإن تعلق اإلرادة به إمنا هو من جهة ختصصه بالوجود دون العدم او العدم دون الوجود و باجلملة من

مما ال يوصف بكونه شرا من حيث هو كذلك نعم إن وصف بعض جهة ختصصه ببعض االحوال دون البعض وذلكاحلادثات بكونه شرا فذلك ليس هو لعينه وال أن الشر وصف ذاتى له وال هو يف نفسه معىن وجودى بل معىن نسىب

ملا وأمر إضاىف كما يأيت حتقيقه يف مسألة التحسني والتقبيح وذلك مما ال مينع من إضافته إىل اإلرادة القدمية وإال أضيف إليها ما يف عامل

الكون والفساد من التحريق والتغريق واخلسف والزالزل واهلدم وحنو ذلك من اآلفات الفادحة واألمراض املؤملة وغري ذلك مما ال يقولون به

د مث إن مستندهم فيما ذكروه ليس إال الشاهد ولو صح أن يقال الغائب باعتبار إرادته للشر شرير كما يف الشاه لصح أن يقال إذا أراد الطاعة مطيع

فإن قيل تسمية الواحد منا مطيعا إمنا كان بالنسبة إىل ما أراده وقصده مما هو مأمور به وملجأ اليه والبارى تعاىل منزه عن ذلك

عنه قلنا فما املانع من أن تكون تسمية الواحد منا أيضا شريرا أو سفيها بالنسبة إىل ما قصده من جهة أنه منهىوممنوع منه كيف وأن هذا هو احلق وأن الصىب واجملنون لو أتيا مبثل ما يأيت به املطيع والشرير فإنه ال يقال هلما مطيع

وال شرير ومل يكن ذلك إال لعدم ورود التكليف حنوه هذا إن ورد من املعتزلة

Page 26: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

اجة إىل ذكره وإن من حقق ما قررناه وأما الفالسفة فلهم تفصيل مذهب يف معىن اخلري والشر وهو ما ال متس احل أمكنه التفصى عن كل ما يتخيلونه ههنا

وأما احملال الثالث فإمنا يلزم أن لو كان املأمور واملنهى مرادا وليس كذلك بل املأمور الذي علم وقوعه واملنهى الذي علم االنتهاء عنه

هو املراد أما ما علم إنتفاؤه فليس مبراد الوجود وإن كان

مأمورا به وما علم وجوده فليس مبراد االنتفاء وإن كان منهيا عنه وإال كان فيه إبطال أخص وصف اإلرادة وهو تايت التمييز هبا وهو ممتنع وأما ما يطلق عليه اسم اإلرادة مع عدم حصول التمييز به فليس يف احلقيقة إرادة بل

توجد وال أمر واألمر أعم منها من جهة أنه قد يكون وال إرادة شهوة ومتنيا فإذا االرادة اعم من األمر من جهة أهنا وليس وال واحد منهما يلزم اآلخر لزوما معاكسا وال غري معاكس وعند ذلك فال يلزم من األمر بالوجود وإرادة

العدم ما ختيلوه من التناقض وعلى هذا القول يف النهى أيضا ل باإلميان من غري إرادة له ومبا ظهر من قصة إبراهيم يف تكليفه مث كيف ينكر ذلك مع االعتراف بتكليف أىب جه

بذبح ولده كما يأيت حتقيقه فيما بعد إن شاء اهللا تعإىل فإذا ليس مثرة األمر امتثال ما أمر به بل من اجلائز أن تكون له اب إنه لو علم من مثرة أخرى وعند ذلك فال يكون عبثا وال متناقضا كما يف هذه الصور وهلذا قال بعض األصح

أحد من االمة أنه لو كلف خبصله من خصال اخلري مل يأت هبا ولو ضوعفت عليه مل يقصر عنها فإنه إذا امر بالضعف كان امرا صحيحا وإن مل يكن ما أمر به مرادا وذلك على حنو امر النىب صلى اهللا عليه و سلم ليلة املعراج

وإال فال حاجة إىل هذا التكليف وال غرض يف هذا التعبد وما قيل من بالصلوات هذا كله إن قيل برعاية الصالح انه يفضى إىل التكليف مبا ال يطاق فذلك مما ال نأباه وسنبني وجه جوازه فيما بعد إن شاء اهللا

وما أشري إليه من الظواهر الدالة على نفى اإلرادة والرضى للقبح والفساد مما ال يسوغ التمسك هبا يف مسائل صول إذ هي مع ما يقابلها من ظواهر أخرى ممكنة التأويل جائزة التخصيص واملقطوع ال يستفاد من املظنون األ

كيف وإن القول مبوجبها متجه ههنا فإنا ال نعترف

بأن إرادته ورضاه مما يتعلق باملعاصى على اختالف أصنافها إذ هي من حيث هي شرور ومعاص امور إضافيه ال سنبني واإلرادة ال تتعلق هبا إمنا تتعلق هبا من حيث احلدوث والتجدد كما سبق ومن متسك هبذه ذوات حقيقية كما

القاعدة استغىن عن التأويل بطريق التفصيل كيف وأنا سنقرر قاعدة يف معىن احملبة والرضى و اإلرادة ميكن أن نتوصل منها إىل تأويل كل ما يرد من هذا القبيل

حق اهللا تعاىل فليس معناه إال أنه ممدوح عليه يف العاجل ومثاب عليه يف اآلجل كما أن اما احملبوب واملرضى يفاملسخوط املقابل له ليس معناه إال نقيض ما ذكرناه فعلى هذا معىن قوله ال حيب اهللا اجلهر بالسوء من القول وقوله

ليه وهكذا تأويل كل ما يرد من هذا ال حيب الفساد وقوله وال يرضى لعباده الكفر أنه غري ممدوح وال مثاب ع القبيل

وأما اإلرادة فإهنا قد تتعلق بالتكليف من األمر والنهى وقد تتعلق باملكلف به أى إجياده وإعدامه فإذا قيل إن الشئ ه فعلى مراد فقد يراد به إن التكليف به هو املراد العينه وذاته وقد يراد به أنه يف نفسه هو املراد أى إجياده أو إعدام

هذا ما وصف بكونه مرادا وال وقوع له فليس املراد به إال التكليف به فقط وما قيل إنه غري مراد وهو واقع فليس املراد به إال أنه مل يرد التكيلف به فقط

Page 27: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ة ومن حقق هذه القاعدة أمكنه التقصى عن قوله وما اهللا يريد ظلما للعباد بأن يقال املراد به إمنا هو نفى اإلرادبالتكليف به ال من حيث حدوثه وكذا قوله يريد اهللا بكم اليسر وال يريد بكم العسر معناه األمر باليسر ونفيه عن

العسر وعلى هذا خيرج قوله وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون فإنه ليس املراد به وقوع العبادة بل األمر هبا إن ما يتعلق به األمر والنهى إمنا هو أخص وصف فعل املكلف وقول بعض األصحاب يف تقرير األمر مبا ليس مبراد

وهو ما يصري به طائعا أو عاصيا وذلك األخص هو ما يتعلق بكسبه ويدخل حتت قدرته وبه يتحقق معىن التكليف وهو ما جعلته املعتزلة من توابع احلدوث ال أن التكليف متعلق بأصل الفعل إذ هو فعل اهللا تعاىل وذلك ال جيوز

التكليف به إذ هو من فعل الغري والتكليف بفعل الغري تكليف مبا ال يطاق فإذا ما يقع به التكليف إمنا هو ما ينسب إىل فعل العبد واكتسابه وليس ذلك مرادا هللا تعاىل وال داخال حتت قدرته غري صحيح على ما سيأيت تفصيل القول

فيه إن شاء اهللا وأما ما ذكروه من احملال الرابعفمبىن على فاسد قوهلم إن ما سبق من اإلرادة ال يكون إال عزما مع سبق فكر وتردد وال خيفى ما به من التحكم

وهو وإن أمكن ختيله يف الشاهد فإنه غري الزم يف حق الغائب كما سلف

ى هبا اإلجياد وال وما قيل من أنه ال حاجة إىل صفة اإلرادة مع وجود العلم والقدرة فممتنع إذ القدرة هي ما يتأتحمالة أن نسبتها إىل سائر األوقات نسبة واحدة فتخصيصها للحادث بزمان حدوثه من غري خمصص مع ان نسبة

األوقات إليها نسبة واحدة ال معىن له وهو كما قيل يف التخصيص بالذات من غري فرق وهذا ال ينعكس يف اإلرادة ن اإلرادة حلصول اإلجياد هبا ألغنت عن العلم أيضا وكيف وأن كما سلف فإذا ال بد من املخصص مث لو أغنت ع

القدرة عند اخلصم يف الشاهد ما يتأتى هبا اإلجياد كما يف قدرة املختارين بالنبسة إىل أفعاهلم ومع هذا ليست كافية هو أوىل من فإنه وان حصل اإلجياد يف حقه صح ان يقال ليس ! عن اإلرادة حىت إن من كان قادرا ومل يكن مريدا

عدمه وان فعله عبث فهال قيل مثله يف حق البارى تعاىل وليس العلم مما يصح االكتفاء به عنها أيضا وإن لزم احلدوث يف وقت احلدوث من ضرورة تعلق العلم به إذ العلم

ىل به من ال حيصل به التمييز ومع قطع النظر عما به التمييز فتخصيص احلادث بزمان حدوثه إذ ذاك ال يكون اوغريه مث إنه لو اكتفى به عن اإلرادة لضرورة وقوع احلادث على وفقه الكتفى به عن القدرة أيضا هلذا املعىن كيف وأنه من اجلائز أن حيصل العلم يف الشاهد لبعض املختارين بإخبار صادق بأنه سيفعل كذا على كذا يف وقت كذا

ن من هذا أنه ال سبيل إىل القول باإلستغناء بالعلم أو القدرة عن ومع ذلك فاإلرادة ال تكون مستغىن عنها فقد بااإلرادة أصال وال جائز أن يقال بأن معناها هو معىن العلم أو القدرة إذ مها أعم منها من حيث أن كل مراد اهللا تعاىل

حمال مقدور ومعلوم وليس كل معلوم أو مقدور مرادا والقول بأن األخص هو األعم واألعم هو األخص

فقد بان انه ال بد من صفة زائدة على ذات واجب الوجود يتأتى هبا التخصيص باحلدوث وتلك الصفة هي اإلرادة وأهنا ال بد من قدمها وأزليتها وقيامها بذات واجب الوجود وتعلقها جبميع الكائنات وهى مع ذلك متحدة ال كثرة

ا وال بالنظر إىل متعلقاهتا فيها ومع احتادها فال هناية هلا ال بالنظر إىل ذاهتأما بيان كوهنا واحدة فقد قال بعض األصحاب لو كانت متعددة لكان تعددها بتعدد متعلقاهتا وما يصح أن تتعلق

به اإلرادة غري متناه تقديرا فلو تعددت بتعدده لكانت غري متناهية اعدادها حتقيقا وقد قام الدليل على استحالة لقها ببعض املتعلقات التقديرية فذلك يستدعى خمصصا والقدمي ال ختصص له جبائز دون ذلك وإن تعددت بسبب تع

جائز

Page 28: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واعلم أن هذا غري صواب فإن ما ذكره من القسم األول فمبىن على القول بامتناع وجود أعداد ال هناية هلا وهي ره من القسم الثاين فهو مع ما فيه موجودة معا وال ترتب هلا وضعا وال طبعا وقد بينا وجه فساده فيما مضى وما ذك

من التحكم كاذب يف دعواه جبهة العموم والشمول استحالة تعلق القدمي ببعض املتعلقات اجلائزة دون البعض فإن املمكنات منها ما هو مراد عنده ومنها ما هو غري مراد واإلرادة قدمية عنده ال حمالة مع هذا التخصيص

ت متعددة ومتكثرة مل ختل تلك املتكثرات إما أن ختتلف من كل وجه او تتحد من كل فالرأي احلق أن يقال لو كانوجه أو تتحد من وجه وختتلف من آخر فإن احتدت من كل وجه فال حمالة أن اإلرادة اليت أردناها ليست إال واحدا

ورة أن حقيقة اإلرادة منها والباقي ليس إرادة وإن اختلفت من كل وجه فليس التكثر فيها يف صفة اإلرادة لضرليست إال حقيقة واحدة وإن اختلفت من وجه دون وجه فما به التكثر واالختالف حينئذ ال بد أن يكون خارجا

عن صفة اإلرادة وإال فهو القسم االول بعينه وعند ذلك فما اختص بكل واحد من املتكثرين إما أن يكون ز أن يقال باالول وإال ملا وقع االختالف فيه بني أعداد اإلرادات اختصاصه به لذاته أو باعتبار خمصص خارج ال جائ

إذ لكل حتت إرادة واحدة وال جائز أن يقال بالثاين وإال فاملخصص له بذلك إما أن يكون بالذات او اإلرادة فإن باإلرادة كان بالذات فهو أيضا حمال وإال مبا ختصص به احد املتماثلني دون اآلخر إذ ال أولوية وإن كان ذلك

فالكالم يف تلك اإلرادة وما به متيزت كالكالم يف األول وذلك يفضى إىل التسلسل وهو ممتنع فإن قيل إضافة التخصيص إىل ما يقتضيه لذاته وإن كان ممتنعا فال خيفى ان اإلرادة عبارة عما يتأتى هبا التخصص

هذا غري ممتنع أن يضاف التخصيص ملا خيصص به كل وإذ ذاك فال فرق بينها وبني ما هو قائم هبا أو بغريها فعلىواحد من أقسام اإلرادة نفسه ويكون ختصيصه له ال لذاته بل على النحو املفهوم من ختصيصه ملا هو خارج عنه وعند ذلك فليس يلزم االشتراك على ما ال خيفى بل وجيوز أن يكون ختصص كل واحد مبا خيصص به مضافا إىل

لى هذا يكون منقطعا اآلخر والتسلسل ع

قلنا أما األول فمما ال يتجه اذ شرط التخصيص باإلرادة أن تكون خمصصة بالوجود وهذا مما ال يتم بدون ما قيل إنه مميز هلا و خمصص وهو دور ممتنع وعلى هذا يظهر امتناع ما قيل به ثانيا فإنه كيف يتصور أن يكون كل واحد

إمنا يكون خمصصا لغريه بعد القول بتخصصه وهو أيضا دور حمال كيف وأن من أقسام اإلرادة خمصصا لآلخر وهوذلك يفضى إىل إثبات صفات لنفس واجب الوجود خارجة عنها ليست من الصفات النفسية من غري دليل عقلى

وال نص شرعى وهو حمال وهذه احملاالت كلها إمنا لزمت من فرض كون الصفة اإلرادية متكثرة املوصل إىل ثبوت صفة اإلرادة إمنا هو كون الكائنات وذلك إمنا يدل على أنه ال بد من إرادة كيف وأن الطريق

يكون هبا التخصيص والقول بتعددها مما يزيد على القول الواجب من غري دليل فإنه ال مانع من أن تكون اإلرادة هبا فإنه وإن كان متعددا ال يوجب واحدة واملتعلقات متعددة وذلك على حنو تعلق الشمس مبا قابلها واستضاء

تعددها يف نفسها وإن أوجب تعدد متعلقاهتا على ما ال خيفى وهذا هو األقرب إىل اإلنصاف واألبعد عن االعتساف من جهة أن العقل قد دل على وجود اصل اإلرادة فالقول بنفيها تقصري والقول بتكثرها إفراط وكل خارج عن

حوزة االحتياط ن رام نفى التكثر من صفة اإلرادة أو غريها من الصفات بغري ما سلكناه مل جيد فيه كالما حمصال ولعمري إن م

فإن قيل قولكم إن ما وقع به التعدد واالختالف إن كان خارجا عن حقيقة صفة اإلرادة فلزم إثبات صفات للذات

Page 29: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

إال باعتبار صفات وجودية وامور حقيقة وما خارجا عن اصل اإلرادة فإمنا يستقيم أن لو مل يصح التغاير بني الذوات املانع

من أن التغري بني الذوات باعتبار سلوب وإضافات ومتعلقات خارجة عن الذوات بأن يكون متعلق كل واحد غري متعلق األخرى مما نسب إليها أو سلب عنها وتلك ليست امورا وجودية وال صفات حقيقية وذلك على حنو ما

وجوب تكثر االنفس اإلنسانية عند مقارنة األبدان وبعد مفارقتها أيضا فإن السبب املوجب يقوله الفيلسوف يفللتكثر ليس إال مالبسة النفس البدن واختصاصها بالنظر اىل احواله وتدبريه ال ان اختصاصها به اختصاص الصفات

ا متغايرة بعد املفارقة فعلى هذا غري باملوصوفات وأن ما حصل هلا من النسبة من حالة املقارنه هو الذي أوجب بقاءه بعيد أن يكون التغاير بني اإلرادات املتكثرة باعتبار النسب واإلضافات وتغري املتعلقات

قلنا قد بينا أن االختالف يستدعي مميزا وما قيل من أنه جيوز أن يسند ذلك إىل السلوب واإلضافات فمندفع وذلك بينهما املشاركة فيه بأن يكون مسلوبا عن كل واحد منهما كسلب احلجر أن السلب عن أحد املتكثرين إن وقعت

عن اإلنسان والفرس فذلك ما ال يوجب االختالف وإن مل تقع املشاركة بينهما فيه بأن يكون ما سلب احدمها موجبا لآلخر ففيه إثبات صفة زائدة وهو عود إىل ما ابطلناه

فتلك اإلضافات والتعلقات أما أن توجب قيام صفات باملتعلقات أو ليس فإن وأما التغاير باعتبار اإلضافة والتعلق أوجبت قيام صفات باملتعلقات فهو وإن أوجب التغاير لكنه فيما حنن فيه متعذر ملا بينا وإن مل يوجب قيام صفات

باملتعلقات فهي غري موجبة للتغاير يف التعلق أصال بل جيوز أن يتحد الشئ إحتادا مطلقا

ن اختلفت إضافتة ونسبته إذا مل جتب له من تلك اإلضافات صفات زائدة على ذاته وهذا مما ال خفاء به وإوعلى هذا احلقيق فاإلرادة صفة واحدة ال انقسام فيها ال باحلد وال بالكم وإن وقع التعدد يف متعلقاهتا وتعلقها

ا فإنه وإن كان متعددا أو متغايرا ال يوجب وقوع وذلك على حنو ما ذكرناه من تعلق الشمس مبا قابلها واستضاء هبالتعدد يف الشمس نفسها وهو املعىن بسلب النهاية عن ذات واجب الوجود وكذا يف غري اإلرادة من صفات الذات وأما سلب النهاية عنها بالنظر إىل متعلقاهتا فليس املعىن به أيضا إال ان ما يصح ان تتعلق به اإلرادة من اجلائزات ال

هناية له بالقوة ال انه غري متناه بالفعل وهذا مما ال مراء فيه وال دليل ينافيه وهذا آخر ما أردنا ذكره ههنا واهللا املوفق للصواب

الطرف الثاين

يف اثبات صفة العلم مذهب أهل احلق أن البارى تعاىل عامل بعلم واحد قائم بذاته قدمي أزىل متعلق جبميع املتعلقات

الفالسفة فمختلفون وأما ا فمنهم من نفى عنه العلم مطلقا ومل جيوز أن يكون له علم متعلق بذاته وال بغريه

ب ومنهم من أوجب له ذلك لكن منع أن يكون متعلقا بغريه بل بذاته ج ومنهم من جوز عليه ذلك لكن بشرط كون املتعلق كليا واما اجلزئيات فإن تعلق هبا فليس ذلك إال على حنو

كلى ال أنه متعلق باجلزئى من حيث هو جزئى وأما املعتزلة فموافقون على العاملية دون العلمية كما مضى تفصيل مذهبهم

Page 30: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وأما اجلهمية فقد ذهبوا إىل أنه عامل بعلم قائم ال يف حمل وهو مع ذلك متجدد بتجدد احلادثات متعدد بتعدد الكائنات

زيف مذاهب أهل التعطيل وعند ذلك فال بد من إيضاح السبيل إىلأما على رأي اإلهليني فإنه ملا احنسم على من أثبت كونه عاملا طريق التوصل إليه بتوقف ختصيص اجلائزات عليه كما سبق وصفه من مذهبهم ومل ميكنه االسترواح إىل ما استروح إليه املتكلمون أهل احلق ملناقضات تلزمه انتهج يف ذلك

زعم أن الوجود من حيث إنه طبيعة املوجود غري ممتنع عليه أن يعلم ويعقل وإمنا يعرض له أنه منهجا غريبا وهو أنه ال يعلم ويعقل بسبب صاد ومانع راد وهو كونه يف املادة ومتعلقا بعالئق املادة وكل وجود جمرد عن املادة وعالئقها

أن طبيعة الوجود غري ممتنع عليها أن تعقل فال فغري ممتنع عليه أن يعلم وهو وإن كان متومها غري سديد وما قيل من حمالة أن إطالق لفظ الوجود على واجب الوجود وعلى غريه ليس إال بطريق االشتراك ال بالتواطؤ وإال كان

مشاركا هلا يف طبيعتها ويلزم أن تكون ذات واجب الوجود ممكنة مفتقرة إىل مرجح خارج وهو حمال فعلى هذا إن كل مدلوالته حبيث تكون ذات واجب الوجود مندرجة فيه وداخلة حتته فدعوى جمردة وإدراج أريد بلفظ الوجود

حملل النزاع يف كلية ما صادر على كونه مسلما وال خيفى ما فيه من الزيف فإنه لو سلم أنه غري ممتنع أن يعلم لوجب قا فبقى أن يكون واجبا وذلك حمل النزاع أن يكون العلم له إما واجبا وإما ممكنا واإلمكان منتف عن ذاته عنده مطل

وإن أريد به طبيعة كل موجود سوى واجب الوجود فمع بعده غري مفيد وال مؤد للمقصود إذ احلكم على القضية اجلزئية مبثل ما حكم به على الكلية إمنا يلزم أن لو كانت اجلزئية داخلة فيها وليس كذلك وإن زال املانع فغري مفيد

ية واالقتضاء معا مث ومع التقدير بكونه عاملا فال معىن للخوض يف التفصيل لعدم القبول

بني ذاته وباقى الذوات وال بني الكليات واجلزئيات كما سنبينه فاحلق ان مبدأ النظر يف مبدأ أهل احلق مستمد من التخصيص والتمييز بصفة األرادة ومع ثبوت ذلك فاملتميز إما أن

حماط به يكون حماطا به أو غريال جيائز ان يكون غري حماط به واال ملا تصور متييزه عن غريه فإذا ال بد من اإلحاطة به مث كيف ينكر ذلك والعقل

الصريح يقضى بيديه بأن صدور ما هو على غاية من اإلحكام واالتقان عمن ال إحاطة له حمال كيف وأنه لو مل يكن له العلم من خملوقاته كما سبق بيانه وهو حمال متصفا بالعلم لكان ناقصا بالنسبة إىل من

وعند لزوم هذا العلم له إما أن يكون معىن عدميا او ال وجوديا وال عدميا وإما أن يكون وصفا وجوديا ال جائز أن يقال بكونه عدميا إذ ال فرق بني قولنا إنه ال علم له وبني قولنا إن علمه معىن عدمى كيف و أن من فهم

ه اللفظة مل جيد من نفسه أن فهمه ألمر سلىب عدمى ألبته مدلول هذوال جائز أن يقال بأنه ال موجود وال معدوم إذ هو مبىن على القول باألحوال وقد أبطلناها وإذ ذاك فال بد من أن

غري يكون معىن وجوديا وهو مع ذلك قدمي أزىل قائم بذات الرب تعاىل متعلق جبميع الكائنات متحد ال كثرة فيه متناه

بالنظر إىل ذاته ومتعلقاته وبيان ذلك على حنو بيانه يف اإلرادة وقد عرف فال حاجة إىل إعادته لكن رمبا أشكل وجه استعمال ما ذكرناه يف بيان احتاد اإلرادة يف العلم والسبيل فيه أن يقال بعد إبطال االقتضاء للتخصيص بالذات

شرط هذا االقتضاء تعلق العلم باملقتضى كما سلف وإذ ذاك فإما أن يكون وتعني االقتضاء بالقدرة واالرادة فإن

Page 31: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

كل واحد من اقسام العلم هو املتعلق مبا ختصصه القدرة واألرادة او غريه فإن كان هو فهو امنا يتم تعلقه بغريه أن التسلسل او الدور لو كان متخصصا بالوجود وذلك يفضى إىل الدور كما دار يف اإلرادة وإن كان غريه لزم منه

كما حققناه يف اإلرادة وهو أيضا ممتنع والذي خيص هذا الطرف من التشكيكات ويتجه عليه من اخلياالت قوهلم لو كان له علم ملا خرج عن أن يكون ضروريا أو نظريا وأن يكون تعلقه باملعلومات على حنو تعلق علومنا هبا ويلزم إذ ذاك االشتراك بني العلم احلادث

القدمي يف احلقيقة لضرورة اشتراكهما يف أخص صفات العلم احلادث وذلك يف حق واجب الوجود حمال مث ولو وقدر كونه عاملا فما املانع من أن يكون تعلقه بذاته دون غريه ومب الرد على من زعم ذلك وقال لو علم غري ذاته مل

ن ال جائز أن يكونا واحدا إذ العقل يقضى بإبطاله وال خيل إما أن يكون علمه بذاته هو علمه بغريه أو مها متغايرا جائز أن يكونا

متغايرين وإال لزم التعدد يف علم البارى تعاىل وهو حمال مث لو قدر تعلقه بغريه فما املانع من أن يكون ذلك خمتصا اجلزئيات الكائنات بالكليات دون اجلزئيات ومب الرد على من ابطل ذلك وزعم أنه لو كان علم البارى متعلقا ب

الفاسدات مل خيل عند تعلقه هبا إما أن يكون سابقا عليها او حادثا ومتجددا بتجددها ال جائز أن يكون أوليا وإال كان ذلك جهال ال علما وإن كان حادثا فهو إما أن يكون يف ذاته او يف غري ذاته وعلى كل تقدير فهو حمال ملا سبق

م بالكائنات عبارة عن انطباع صورها يف النفس أو عبارة عن إضافة حتصل بينها وبينه وأيضا فإنه إما أن يكون العلفإن كان األول لزم أن يكون ذات واجب الوجود متجزئة النطباع املتجزئ فيها كما يأيت وإن كان الثاين فالعلم إذ

علق به قدميا لضرورة أن ذاك إما قدمي أو حادث ال جائز ان يكون قدميا وإال لوجب أن يكون احلادث الذي ت اإلضافة ال حتصل إال بني شيئني والقول بقدم احلادثات حمال وإن كان حادثا فهو حمال أيضا كما سبق

ومستند ضالل اجلهمية يف القول حبدوث علم البارى تعاىل ال يف حمل وجتدده بتجدد املعلومات وتكثره بتكثرها ليس لتمويهات والكشف عن وجه احلق فيها متوقف على االنفصال عنها فنقول إال هذه اخلياالت واالعتماد على هذه ا

قد قدمنا أنه ال بد أن يكون له علم وما قيل من إنه اما ان يكون بديهيا أو نظريا فإمنا ينفع أن لو تبني قبوله هلذا ديهي ال معىن له إال ما حصل االنقسام وإال فال وجمرد القياس على الشاهد يف ذلك مما ال يفيد كما أسلفناه مث إن الب

من غري نظر وال دليل وال تصح مفارقته أصال وهذا بعينه ما ثبت للرب تعاىل وإن مل يصح إطالق اسم البديهة عليه من جهة الشرع لعدم وروده به فاملنازعة إذا ليست اال يف إطالق اللفظ ال نفس املعىن وال حاصل له اللهم إال أن

ذكرناه يعىن بالبديهية غري ما

واالشتراك بني العلم القدمي واحلادث إمنا يلزم أن لو اشتركا فيما هو أخص صفة لكل واحد منهما أو ألحدمها وليس كذلك بل صفة العلم الرباىن وجوب تعلقه بسائر املعلومات من غري تأخر على وجه التفصيل وأخص وصف

ق وال خيفى إذ ذاك انتفاء االشتراك بينهما مث إن ذلك الزم العلم احلادث جواز تعلقه باملعلومات ال نفس وقوع التعل على املعتزىل يف العاملية أيضا إذ نسبة العاملية إىل العلمية على حنو نسبة العلم إىل العلمية

وما قيل من أنه لو تعلق علمه بذاته وبغري ذاته الحتدا أو تغايرا ومها حماالن ففاسد إذ ال مانع من أن يكون العلم يف نفسه واحدا ومتعلقاته خمتلفة ومتغايرة

وهو متعلق بكل واحد منهما على حنو تعلق الشمس مبا قابلها واستضاء هبا بل وعلى حنو ما يقوله اخلصم يف العقل الفعال لنفوسنا فإنه متحد وإن كانت متعلقاته متكثرة ومتغايرة

Page 32: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فباطل أيضا فإن تعلق العلم بالكائنات مما ال يوجب وما اعتمد عليه يف إختصاص التعلق بالكليات دون اجلزئياتجتدد العلم وال اجلهل من سبقه إذ السابق هو العلم بأن سيكون والعلم بأن سيكون الشئ هو نفس العلم بكونه يف

وقت الكون من غري جتدد وال كثرة وإمنا املتجدد هو نفس املتعلق والتعلق به وذلك مما ال يوجب جتدد

سبق العلم بوقوعه يف وقت الوقوع وفرض استمراره إىل ذلك الوقت فإنا لو رفعنا كل علم حادث من املتعلق بعدالنفس مل يكن يف حال حدوثه غري معلوم وإال كان العلم بأن سيكون يف وقت كونه مع القول بفرض استمراره

جهال وهو حمال ىن فإنه ال جيد نفسه حمتاجة إىل علم متجدد بوقوعه يف وهلذا إن من علم باجلزم بأن سيقوم زيد مثال يف الوقت الفال

ذلك الوقت اذا انتهى اليه وفرضنا بقاء علمه السابق اىل ذلك الوقت وما جيده اإلنسان من نفسه من التفرقة بني قبل الكون وبعده فإمنا هو عائد إىل إدراكات حسية وأمور خارجية عن العلم مل تكن قبل الكون أما يف نفس العلمفال بل غاية ما يقدر ان تعلق العلم به عند الكون مل يكن متحققا قبل الكون وغاية ما يلزم ذلك انتفاء تعلق العلم بوجوده يف حال عدمه وجتدد التعلق به يف حال الوجود وذلك مما ال يلزمه القول حبدث صفة العلم بل العلم قد

متجدده ومتغرية بناء على جتدد شروط التعلق وتغريها يكون قدميا وإن كان ما له من التعلقات واملتعلقات كيف وأن هذا مما ال يتجه من اخلصم سواء كان نافيا كاملعتزىل والفلسفى أو مثبتا له حادثا كاجلهمى وذلك ألن سبق العلم بوجود الشئ يف حالة عدمه إن كان جه واجلهال قبيح فال حمالة ان القول بانتفاء العلم به أيضا جهل

لزم أن يكون قبيحا وليس انتفاء العلم أصال ورأسا كما ظنه النفاة أو انتفاء قدمه كما ظنه اجلهمى لضرورة دفع ويما يتحصل من حتقق اجلهل بأوىل من إثباته والقول بقدمه دفعا ملا يلزم من اجلهل وال حميص عنه وما خيص املعتزلة من

ضوا بكون البارى تعاىل عاملا يف القدم وعند ذلك فإما ان يكون عاملا النفاة لزوم ما ألزموه عليهم يف العاملية حيث قبوجود احلادث قبل حدوثه أو جتددت له العاملية بتجدد احلادث وعلى كل تقدير فما هو جواب هلم يف حكم العلم

هو جواب لنا يف نفس العلم

علوم إما أن تفتقر إىل علوم تتعلق هبا يف حال وما خيص اجلهمية هو أن يقال ولو كانت العلوم الربانية حادثه فتلك الحدوثها او ال تفتقر ال جائز ان يقال باألول وإال أفضى إىل التسلسل وهو حمال وال جائز أن يقال بالثاىن إذ لو

استغنت عن تعلق العلم هبا مع كوهنا حادثا لكان كل حادث هكذا كيف وأن عند اخلصم ان العلم احلادث سابق بشئ يسري وكل علم سابق كان السبق متناهيا أو غري متناه فإنه علم ما سيكون ال علم بالكون إذ العلم على املعلوم

بالكون قبل وقته ميتنع وعند هذا فال فرق بني ان يكون حادثا او قدميا فيما يرجع إىل نفس ما أوردوه من اإللزام له يف نفس العامل به وإال ملا تصور القول بتعلق وليس تعلق العلم بالعلوم عبارة عن انطباع صورة املعلوم وشك

السواد والبياض معا ملا فيه من القول باجتماع الضدين يف حمل واحد وليس االستحالة يف اجتماعها منوطة باحلدث والوجود العيىن فإن ذلك مما ال يوجب التضاد لكونه قضية واحدة ال اختالف فيها فإذا ليس التضاد إال ملا أمكن

ه من معىن السواد والبياض وما يلتحق بكل واحد منهما مما يكون به االشتراك بينهما يف حالة الوجود العيىن تعلقكيف وأنه لو كان التعلق هو االنطباع ملا تصور أيضا أن يتعلق العلم مبا يزيد يف الكم على حمل االنطباع مث إن ذلك

من جهة قضائه بإدراك القوة الومهية بآلة جرمانية ملا ال إمنا يستند إىل أصل فلسفى وهو مناقض ألصله يف ذلك جتزى له يف نفسه وليس مبادى وذلك على حنو إدراك الشاة للمعىن

Page 33: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

املوجب لنفرهتا عن الذئب فلو كان التعلق هو نفس االنطباع فكما يستحيل انطباع املتجزى فيما ال جتزى له فكذا ليس التعلق إذا إال عبارة عن معىن إضاىف حيصل بني العلم واملعلوم وذلك يستحيل انطباع غري املتجزى يف املتجزي ف

مما ال يستدعي كون املعلوم معىن وجوديا وال أمرا حقيقيا وإال ملا جاز تعلق العلم باستحالة اجتماع الضدين ال خيفى مث إن ذلك وبانتفاء كون اجلسم الواحد يف آن واحد يف مكانني وال بانتفاء الشريك لواجب الوجود على ما

مما يلزم اخلصوم من املعتزلة يف اعتقادهم قدم العاملية كما سلف واهللا وىل التوفيق

الطرف الثالث

يف اثبات صفة القدرة وجيب أن يكون البارى تعاىل قادرا بقدرة لضرورة ما أسلفناه من البيان واوضحنا من الربهان يف مسألة العلم و

صفة وجودية قدمية أزلية قائمة بذات الرب تعإىل متحدة ال كثرة فيها متعلقة جبميع اإلرادة وجيب أن تكون املقدورات غري متناهية بالنسبة إىل ذاهتا وال بالنظر إىل متعلقاهتا ملا حققناه

و ما يف وليست القدرة عبارة عما يالزمه اإلجياد بل ما يتأتى به اإلجياد على تقدير هتيئه من غري استحالة ذلك على حنالتمييز والتخصيص باإلرادة وبه يتبني فساد قول من ألزم اإلجياد بالقدرة القدمية على من نفى اإلجياد بالذات حيث

ظن أن القدرة القدمية يالزمها اإلجياد ال ما يتأتى هبا اإلجياد وإن مل يالزمها ات بأسرها مقدورة هلا كما سيأتى وإذ ذاك فإن قيل كيف تدعون أن كل ممكن مقدور هللا تعاىل وأكثر أفعال احليوان

فلو كانت مقدورة هللا تعاىل للزم أن يكون مقدور بني قادرين وذلك ممتنع كما يأتى أيضا وأيضا فإن أكثر املوجودات متولدة بعضها عن بعض وهكذا ما نشاهده من تولد حركة اخلامت ضد حركة اليد وكذا يف حركة كل

ومالزم له فإنه ال ميكن أن يقال إن حركة اخلامت خملوقة هللا تعاىل وإهنا غري تابعة حلركة متحرك حبركة ما هو قائم به اليد وإال جلاز أن خيلق حركة أحدمها مع سكون األخرى وهو ال حمالة ممتنع

واجلواب أما ما ذكروه من الشبهة االوىل فسيأتى اجلواب عنها يف مسألة خلق األفعال إن شاء اهللا تعاىل ما ذكروه من الشبهة الثانية فإهنم إن أرادوا بالتولد ههنا أن احلركة اليت للخامت كامنة يف حركة اليد وهي تظهر وأما

عند حركة اليد منها كما يظهر اجلنني يف بطن أمه وكما يف كل ما يتوالد فهو الفهوم من لفظ التوالد لكنه ها هنا املتصور ليس إال لزوم حركة اخلامت حلركة اليد فإن أريد بالتولد غري مشاهد كما ادعوه وال متصور أيضا بل الشاهد

هذا فال مشاحة يف التسمية وإن كانت بالنسبة إىل االصطالح الوضعى خطأ لكنه مع ذلك مما ال يلزم أن يكون وجوده عن وجود حركة اليد بل من اجلائز أن يكون موجودان احدمها يالزم اآلخر إما عادة كمالزمة التسخنيللنار والتربيد للماء واألفيون وإما اشتراطا كمالزمة العلم لإلرادة واحلياة للعلم وليس وال احدمها مستفادا من

اآلخر بل كالمها خملوقان هللا تعاىل وهبذا يندفع ما ذكروه من أنه لو كان الالزم خملوقا هللا تعاىل جلاز خلق أحدمها مع امت على حركة اليد تتوقف حركة اليد على حركة اخلامت حىت إنه لو سكون اآلخر كيف وأنه كما تتوقف حركة اخل

فرض عدم انتقال اخلامت عن مكانه كان القول حبركة اليد مستحيال فعلى هذا ليس جعل حركة اليد علة حلركة اخلامت لتوقفها عليها بأوىل من العكس بل الواجب أهنم معلوالن لعلة واحدة وإن قدر تالزمهما يف الوجود

وعند هذا فال بد من اإلشارة إىل دقيقة وهي أن ما علمه اهللا تعاىل

Page 34: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أنه ال يكون منه ما هو ممتنع الكون لنفسه وذلك كاجتماع الضدين وكون الشئ الواحد يف آن واحد يف مكانني هذا العامل أو وحنوه ومنه ما هو ممتنع الكون ال باعتبار ذاته بل باعتبار أمر خارج وذلك مثل وجود عامل آخر وراء

قبله فما كان من القسم األول فهو ال حمالة غري مقدور من غري خالف وما كان من القسم الثاىن وهو أن يكون ممتنعا ال باعتبار ذاته بل باعتبار تعلق العلم بأنه ال يوجد أو غري ذلك فهو ال حمالة ممكن باعتبار ذاته كما سلف

علق القدرة به والقدرة من حيث هي قدرة ال يستحيل تعلقها مبا هو يف ذاته واملمكن من حيث هو ممكن ال ينبو عن تممكن إذا قطع النظر عن غريه إذ املمكن من حيث هو ممكن ال ينبو عن تعلق القدرة به والقدرة من حيث هى قدرة

ال تتقاصر عن التعلق به لقصور فيها وال ضعف حيث هو كذلك وال معىن لكونه مقدورا غري هذا وإطالق اسم فعلى هذا املمكن صاحل أن تتعلق به القدرة من

املقدور عليه بالنظر إىل العرف وإىل الوضع باعتبار هذا املعىن غري مستبعد وإن كان وجوده ممتنعا باعتبار غريه وأما مبعىن أهنا مل ختصصه إن أريد به أنه غري مقدور مبعىن أنه يلزم منه احملال باعتبار أمر خارج أو أنه مل تتعلق به القدرة

بالوجود بالفعل فهو وإن كان خمالفا لالطالق فال مشاحة فيه إذ املنازعة فيه ال تكون إال يف إطالق اللفظ ال يف نفس املعىن واهللا وىل التوفيق

الطرف الرابع

يف اثبات صفة الكالم ازىل نفساىن احدى الذات ليس حبروف ذهب أهل احلق من اإلسالميني إىل كون البارى تعاىل متكلما بكالم قدمي

وال اصوات وهو مع ذلك ينقسم بانقسام املتعلقات مغاير للعلم والقدرة واإلرادة وغري ذلك من الصفات وأما أهل األهواء املختلفون فمنهم نافون للصفة الكالمية ومنهم مثبتون

كب من احلروف واألصوات جمانس لألقوال مث املثبتون منهم من زعم ان كالم الرب تعاىل عن قول الزائغني مر الدالة والعبارات كاملعتزلة واخلوارج واإلمامية وغريهم من طوائف احلشوية

مث اختلف هؤالء فذهب احلشوية إىل أنه قدمي أزىل قائم بذات الرب تعاىل وذهب النافون إىل انه حادث موجود بعد اسم احلدث عليه مع كونه يقطع حبدثه ومنهم من مل يتحاش عن العدم قائم ال يف حمل لكن منهم من مل جيوز إطالق

ذلك

ومن املثتبني من زعم أن الكالم قد يطلق على القدرة على التكلم وقد يطلق على األقوال والعبارات وعلى كال ن باالعتبار االعتبارين فهو قائم بذات الرب تعاىل لكن إن كان باالعتبار األول فهو قدمي متحد ال كثرة فيه وإن كا

الثاين حادثا متكثرا هؤالء هم الكرامية ومنه تابعهم من اهل الضالل

وحنن اآلن نبتدئ بذكر طرق عول عليها العامة من املتكلمني يف إثبات الكالم وننبه على مواضع الزلل فيها مث نوضح بعد ذلك االجود من اجلانبني ونكشف عن مستند الطائفتني إن شاء اهللا

ة ما اعتمد عليه أن قالوا العقل الصريح يقضى بتجويز تردد اخللق بني األمر والنهى ووقوعهم حتت فمن مجلالتكليف فما وقع فيه التردد إما قدمي أو حادث فإن كان قدميا فهو املطلوب وإن كان حادثا فكل صفة حادثة البد

لك وجب أن يستند تكليفهم إىل أمر وهنى أن تكون مستندة إىل صفة قدمية للرب تعاىل قطعا للتسلسل وإذا كان ذ

Page 35: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

هو صفة قدمية للرب تعاىل وهذا ما ال يصح التعويل عليه وذلك أنه إما أن يدعى أن اخللق جائز تكليفهم وترددهم بني االمر والنهى من اخلالق

د للمقصود وال أو من املخلوق فإن كان األول فهو عني املصادرة على املطلوب وإن كان الثاين فغري مفيد وال جميلزم من كون ما وقع به التكليف من االوامر والنواهى جائزا أن يستند إىل صفة قدمية أن تكون أمرا وهنيا حىت ال يكون أمر حادث إال عن أمر وال هنى إال عن هنى فإن افتقار اجلائز يف الوجود ال يدل إال على ما جيب االنتهاء إليه

كونه أمرا أو هنيا ومن رام إثبات ذلك فقد كلف نفسه شططا والوقوف عليه وال داللة له على

مث لو وجب ذلك لكان البارى تعإىل مصنفا مبثل كل ما وجد يف عامل الكون والفساد من الكائنات وذلك حمال وهلذا انتهج بعض األصحاب يف اإلثبات طريقا اخر فقال قد ثبت كون البارى تعاىل عاملا ومن علم شيئا يستحيل أن

ال خيرب عنه بل العلم واخلرب متالزمان فال علم إال خبرب وال خرب إال بعلم وهو من النمط األول يف الفساد فإنه إن ادعى ذلك بطريق العموم والشمول يف حق اخلالق واملخلوق فهو نفسه مصادرة على املطلوب وال خيفى ما فيه من

فإنه وإن سلم مع إمكان النزاع فيه فليس حبجة يف حق الركاكة والفهاهة وإن ادعى ذلك يف حق املخلوق فقط الغائب على ما سلف

ولرمبا وقع االعتماد ههنا ايضا على الطريق املشهور وهو أن البارى تعاىل حي فلو مل يكن متصفا بالكالم لكان ما يتضمنه من متصفا بضده وهو اخلرس وذلك يف البارى تعاىل نقص وقد نبهنا على ما فيه من اخللل وأشرنا إىل

الزلل فيما سلف فال حاجة إىل إعادته وملا ختيل بعض األصحاب ما يف طى هذه املسالك من الزيف واستبان ما يف ضمنها من احليف جعل مستنده يف ذلك

مجال من األحاديث الواردة من السنة وأقاويل األمة وهى مع تقاصرها عن ذروة اليقني واحنطاطها إىل درجة الظن مني من جهة املنت والتخ

والسند فاألحتجاع هبا إمنا هو فرع إثبات الكالم إذ مستند قول األمة ليس إال قول الرسول والرسول ال معىن له إال املبلغ لكالم املرسل فإذا مل يكن للمرسل كالم مل يكن من ورد االمر والنهى على لسانه رسوال بل هو اآلمر

او لغريه على اختالف املذاهب وال يكون ذلك حجة وصار كما يف الواحد إذا والناهى وسواء كان ذلك خملوقا له أمر غريه أو هناه فإذا حاصل األستدالل على ثبوت الكالم يرجع إىل ما االحتجاج به فرع ثبوت الكالم وهو دور

ممتنع وال حاصل له عند منكرى النبوات وجاحدى الرساالت الباب إمنا هو االعتماد على ما وقع عليه االعتماد أوال من إثبات الصفات فإذا ما هو أقرب إىل الصواب يف هذا

السابقة مث كيف ال يكون له كالم وبه يتحقق معىن الطاعة والعبودية هللا تعاىل فإن من ال أمر له وال هنى له ال يوصف إال املبلغ لكالم الغري فلو مل بكونه مطاعا وال حاكما وبه أيضا يتحقق معىن التبليغ والرسالة فإنه ال معىن للرسول

يكن هللا تعاىل كالم وراء كالم الرسول املخلوق فيه إما له عندهم أو هللا تعاىل على أصلنا ملا صح أن يقال إنه مبلغ وال رسول ولكان كاذبا يف دعواه أىن رسول اهللا رب العاملني فيما امرت به وهنيت وذلك كالواحد منا إذا امر غريه

يكن مبلغا عن الغري فإنه ال يسمى رسوال وذلك الزم يف حق املعترف بالنبوات املصدق بالرساالت ال أو هناه ومل حمالة وإذا حتقق ما ذكرناه فال بد من اإلشارة إىل الكشف عما خيتص هبذا الطرف من شبه اجلاحدين ومعتمد

املعطلني كالم فإنه متوقف أما الفالسفة فإهنم قالوا ما ذكرمتوه من الطريقة يف إثبات ال

Page 36: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

على التصديق بكرباها ومب الرد على منكرها واجلاحد لصدقها يف نفسها والذي يدل على كذهبا يف نفسها أنه لو كان هللا كالم مل خيل إما أن يكون من جنس كالم البشر أو ليس فإن كان من جنس كالم البشر فهو حمال وإال لزم

كان والعرضية ويلزم أن يكوى البارى تعاىل حمال لألعراض وهو معتذر أن يكون مشاركا لكالم البشر يف جهة اإلممث ان كان من جنس كالم البشر فأما ان يكون من جنس كالم اللسان أو مما يف النفس فإن كان من جنس كالم

اللسان فإما أن يكون حبروف وأصوات أوال حبروف وال أصوات او صوت بال حرف او حرف بال صوت قال باألول إذ الصوت ال يكون إال عن اصطكاكات أجرام واحلروف هي عبارة عن تقطيع األصوات ال جائز أن ي

وذلك يستدعى أن يكون البارى جرما وهو ممتنع وال جائز أن يقال بالثاىن وإال فهو خارج عن جنس اللسان فإن نع تفسريه بالثالث والرابع كالم اللسان عبارة عن األصوات مقطعة دالة بالوضع على غرض مطلوب وعلى هذا ميت

أيضا مث كيف يكون الكالم حروفا بال أصوات وليست احلروف إال عبارة عن تقطيع األصوات أو كيف يكون الصوت كالما من غري حرف وكيف يقع االفتراق بينه وبني هبوب الرياح ودوى الرعود ونقرات الطبول وحنوه

إنه من جنس ما يف النفس فذلك ال يسمى كالما ولو مسى كالما هذا إن قيل إنه من جنس كالم اللسان وإن قيل فاملعقول من كالم النفس ليس خارجا عن القدرة واإلرادة والتمييز احلاصل للنفس احليوانية واحلواس الباطنية

وذلك كما تتصوره القوة اخليالية من شكل الفرس عن شكل احلمار وحنوه وما تتصوره القوة الومهية

املعىن الذي يوجب نفرهتا عن الذئب وحنوه أو للتمييز احلاصل للنفس والناطقة اإلنسانية بالقوة النظرية للشاة من الىت هبا إدراك األمور الكلية بالفكرة والروية وذلك كتصورنا معىن اإلنسان من حيث هو إنسان وكحكمنا عليه

بأنه حيوان وحنوه اين ملا أثبتموه أوال وإن إريد التمييز والتصور احلاصل للنفس احليوانية فإن إريد به القدرة أو األرادة فذلك غري مب

أو النفس اإلنسانية فذلك أيضا غري خارج عن قبيل العلوم كيف وأنه متعذر أن يراد به التمييز احلاصل باحلواس إحدى احلواس الباطنية فإن إدراكها لذلك ال يكون صادقا إال بأن تنطبع أوال الصورة احملسوسة اخلارجية يف

الظاهرة اخلمسة مث بتوسطها تنطبع يف احلس املشترك وهي القوة املرتبة يف مقدم التجويف األول من الدماغ على حنو انطباع الصور يف األجرام الصقيلة املقابلة مث بتوسطها يف املصورة مث يف املفكرة مث يف الومهية مث يف احلافظة

االنطباع إىل حضور املادة كما يف املصورة واملفكرة والومهية واحلافظة فهى وبعض هذه القوى وإن مل يفتقر يف بأسرها ال تنفك عن االنطباع عن عالئق املادة وأن إدراكها ال يكون إال بانطباع األشكال والصور اجلزئية القابلة

يكون متجزئا وأما إن للتجزى وانطباع ما يقبل التجزى ال يكون إال فيما هو قابل للتجزى والبارئ يستحيل أنأريد به غري هذا فهو تفسري له مبا ليس مبعقول وإن قيل إنه ليس من جنس كالم البشر فهو أيضا غري معقول وما

ليس مبعقول كيف نسلم كونه كماال للرب تعاىل وأن عدمه نقصان الرسالة فليس كذلك بل صحة ذلك وقولكم إنه لو مل يكن له أمر وال هنى ملا حتقق معىن الطاعة هللا تعاىل وملا صحت

تستند إىل التسخري على وجه الطواعية واإلذعان

على وفق اإلرادة واالختيار فإن تسخريه للمخلوقات وإبداعه للكائنات بال آالت وال أدوات وتقليب اخلالئق بني لو عرب عن تلك احلالة اطوار املرغبات واملنفرات على وجه الطواعية حالة تنزل منزلة القول باألمر والنهى حىت

بالقول كان ذلك أمرا وهنيا وإليه اإلشارة بقوله تعاىل مث استوى إىل السماء وهي دخان فقال هلا ولألرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعني وليس ذلك عبارة إال عن االنقياد واالستسخار إذ يتعذر أن يكون ذلك خطابا يف حق

Page 37: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ك قد يشتد صفاء بعض الناس حبيث يقرب اتصاهلا بالعقول الكروبية والنفوس الروحانية السماء أو قوال هلا ولذلحبيث يطلع على األشياء الغيبية من غري واسطة و ال تعلم يسمع من األصوات ويرى من الصور ما ال يراه من ليس

نزلة ما لو أوحى إليه بأن األمر من اهل منزلته من البشر على ما يراه النائم يف منامه فتكون حالته إذ ذاك نازلة م الفالىن كذا وكذا وال مشاحة يف اإلطالقات بعد انكشاف غور املعىن

واما املعتزلة فاهنم مل خيالفوا يف كون البارى تعاىل متكلما ويف أن له كالما ولكنهم قالوا معىن كونه متكلما وأن له كيف يكون متكلما مبعىن قيام الكالم به ولو كان كذلك كالما أنه فاعل للكالم وذلك صفة فعلية ال صفة نفسية مث

فالكالم ال حمالة مشتمل على أمر وهنى وخرب واستخبار وحنوه وهو إما أن يكون قدميا أو حادثا فإن كان قدميا أفضى إىل إثبات قدميني وهو ممتنع كما سلف مث إنه يفضى إىل الكذب يف

ه وقوله وإذ قال موسى لقومه وقوله كما قال عيسى ابن مرمي للحواريني وحنو اخلرب من قوله إنا أرسلنا نوحا إىل قومذلك من حيث إن اخلرب قدمي واملخرب عنه خمدث ويلزم منه أن يكون أمر وهنى وخرب واستخبار وال مأمور و ال منهى

و حمال وال مستخربا عنه وذلك كله ممتنع وإن كان حادثا لزم أن يكون الرب تعاىل حمال للحوادث وهوأيضا فإن االمة من السلف واخللف جممعة على كون القرآن معجزة الرسول والربهان القاطع على صدقه وذلك جيب أن يكون من األفعال اخلارقة للعادات املقارنه لتحدى االنبياء بالرساالت فإنه أن كان قدميا ازليا مل يكن ذلك

اختصاص له ولو جاز أن جيعل بعض الصفات القدمية معجزا جلاز خمتصا ببعض املخلوقني دون البعض إذ القدمي ال ذلك على باقى الصفات كالعلم والقدرة واإلرادة إذ الفرق حتكم ال حاصل له

ومما يدل على أنه فعل اهللا تعإىل ما ورد به التنزيل من قوله ما يأتيهم من ذكر من رهبم حمدث وقوله وكان أمر اهللا ه قرءانا عربيا إىل غري ذلك من اآليات مفعوال وقوله إنا جعلنا

وأيضا فإن األمة من السلف جممعة على أن القرآن كالم اهللا وهو منتظم من احلروف واألصوات ومؤلف وجمموع من سور وآيات ومن ذلك مسى قرآنا أخذ من قول العرب قرأت الناقة لبنها يف ضرعنا أي مجعته ومنه قوله إن علينا

مجعه وقرآنه

ذلك ملا تصور أن يسمعه موسى وهو ال حمالة قد مسعه وهو مع ذلك مقروء بألسنتنا حمفوظ يف صدورنا ولوالمسطور يف مصاحفنا ملموس بأيدينا مسموع بآذاننا منظور بأعيننا ولذلك وجب احترام املصحف وتبجيله حىت ال

ظواهر من الكتاب والسنة تدل على كونه جيوز للمحدث ملسه وال القربان إليه وال جيوز اجلنب تالوته وقد وردت المسموعا وملموسا وأنه حبرف وصوت فمن ذلك قوله سبحانه وان احد من املشركني استجارك فأجره حىت يسمع كالم اهللا وقوله ال ميسه إال املطهرون وقول النيب عليه السالم ال تسافروا بالقرآن إىل أرض العدو فتتناوله أيديهم

بالوحى مسع صوته كجر السلسلة على الصفا وقوله عليه السالم من قرأ القرآن وأعربه فله وقوله إذا تكلم اهللا بكل حرف منه عشر حسنات إىل غري ذلك من السمعيات

واجلواب أما إنكار صدق املقدمة الكربى فقد اوضحنا بطالنه وأما قوهلم إنه يستحيل أن يكون من جنس كالم لعرضية واإلمكان البشر وإال كان مشاركا له يف ا

فقد سبق اجلواب عنه مبا فيه كفاية تغىن عن إعادته وليس مرادنا من إطالق لفظ الكالم غري املعىن القائم بالنفس وهو ما جيده اإلنسان من نفسه عند قوله لعبده ايتىن بطعام أو اسقىن مباء وكذا يف سائر اقسام الكالم وهذه املعاىن

Page 38: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ت وينبه عليها باإلشارات وإنكار تسميته أو كونه كالما مما ال يستقيم نظرا إىل اإلطالق هى اليت يدل عليها بالعباراالوضعى فإنه يصح أن يقال يف نفسى كالم ويف نفس فالن كالم ومنه قوله تعاىل ويقولون يف انفسهم ومنه قول

... جعل اللسان على الفؤاد دليال ... إن الكالم لفى الفؤاد وإمنا ... الشاعر وهذا اإلطالق واالشتهار دليل صحة إطالق الكالم على ما يف النفس وال نظر إىل كونه أصليا فيه أو فيما يدل عليه

من العبارات أو فيهما كيف وإن حاصل هذا النزاع ليس إال يف قضية لغوية وإطالقات لفظية وال حرج منها بعد فهم املعىن

ولنفرض الكالم يف األمر فإهنا اما أ أن تكون اإلرادة لالمتثال أو الحداث مث ال سبيل إىل تفسري ذلك املعىن باإلرادةالصيغة أو جلعلها دالة على األمر على ما هو مذهبهم ال سبيل إىل القول باألول فإنه قد يؤمر مبا ليس مبراد أن ميتثل

سيد املتوعد من جهة السلطان وذلك كما يف تكليف أىب جهل باإلميان مع عدم إرادة وقوعه منه بل كما يف حالة العلى ضرب عبده إذا اعتذر إليه بأنه خيالف امره وامره بني يدى السلطان طالبا بسط عذره وهربا من عذاب

السلطان له فإنا نعلم أنه ال يريد االمتثال من العبد ملا يلزمه من احملذور املتوقع

يعد العبد باملتثال مطيعا وباإلعراض عاصيا وهبذا من السلطان ومع ذلك فإنه يف نظر أهل العرف والوضع آمر و يندفع قول القائل إنه متوهم باألمر وليس بأمر

مث إن من االحكام التكليفية ما هو مأمور به باإلمجاع من املعترفني بالتكاليف وذلك كالصالة واحلج وحنومها من رادة عبارة عن معىن يوجب ختصيص احلادث العبادات وقد ال يكون مرادا لكونه غري واقع ولو كان مرادا فاإل

بزمان حدوثه فلو كان املعىن الذي يوجب ختصيصه بزمان ما متحققا ملا تصور ان ال يوجد مطلقا وال ميكن أن يقال بكونه غري مأمور لعدم تعلق اإلرادة به إذ األمة جممعة على وجوب نية الفرضية يف أول الصالة مع جواز االخترام

مل يكن مأمورا هبا وإال لكان القصد اجلازم إىل الفرضية من العامل بنفيها واملتشكك يف وقوعها حماال بل يف وسطها ولوومن عزم يف اول الوقت على فعل الصالة او غريها مما فرض من العبادات فاألمة أيضا جممعة على أنه متقرب إىل

تعاىل حماال اهللا تعاىل ولو مل يكن مأمورا وإال لكان التقرب به إىل اهللاومما يدل عليه ما اشتهر من قصة إبراهيم من أمره بذبح ولده مع عدم تعلق اإلرادة بوقوعه وما قيل من أن ذلك

كان مناما ال أمرا وأن تعلق األمر مل يكن إال بالعزم على الذبح او االتكاء وإمرار السكني او أن الذبح مما وقع إىل األنبياء إمنا كان مناما ولو مل يكن ذلك بطريق الوحى وإال كان إقدام واندمل اجلرح فمندفع إذ أكثر الوحى

النىب على فعل حمرم مما ال أصل له وذلك حمال ومحل االمر على غري الذبح من العزم او االتكاء وإمرار السكني وبه يندفع القول بتحقق باطل وإال ملا صح تسميته بالء إذ ال بالء فيه وتسمية الذبح بالء لضرورة وقوع املأمور به

وقوع الذبح أيضا

كيف وأن تفسري األمر باإلرادة مع التسليم بكون البارى آمرا بأفعالنا مما يستحيل على أصل املعتزىل لضرورة كوهنا خملوقة لنا عنده وتعلق اإلرادة بفعل الغري متن وشهوة ال أهنا إرادة حقيقية وذلك على اهللا ممتنع فقد بان أن مدلول

صيغة األمر ليس هو نفس إرادة اإلمتثال وكذا ميكن إيضاح سائر أقسام الكالم وال جائز أن تكون اإلرادة إلحداث الصيغة فإنه ليس مدلوهلا مث إن مدلوالت أقسام الكالم خمتلفة وال اختالف يف

إرادة إحداث الصيغة من حيث هو كذلك األمر فإنه تصريح بأن اإلرادة وراء األمر الذي هو مدلول قوله وال جائز أن تكون اإلرادة جلعل الصيغة دالة على

Page 39: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أمرتك وأنت مأمور مث إن األلفاظ إمنا هي دالئل وتراجم عن اشياء وكل ذى عقل سليم يقضى بأن قول القائل امرتك وهنيتك ليس ترمجة عن إرادة جعلها دالة على شئ خمصص

ن كان نفس اإلرادة فقد أبطلناه وإن كان غريها فهو املقصود كيف وعند هذا فال بد من العود إىل نفس مدلوهلا فإوأن األنسان جيد من نفسه بقاء ما دلت عليه لفظة أمرتك من الطلب واالقتضاء وإن عدمت اللفظة واإلرادة جعلها

دالة على شئ ما فقد امتنع هبذا تفسريه باإلرادة أتى به اإلجياد بالنسبة إىل كل ممكن واألمر والنهى ال يتعلق بكل وال سبيل إىل تفسريه إذ بالقدرة عبارة عن معىن يت ممكن فإذا القدرة أعم من األمر والنهى من وجه

واألمر عند القائلني جبواز التكليف مبا ال يطاق أعم من القدرة من جهة أخرى وهو تعلقه باملمكن وغري املمكن مر من حيث إنه قد يتعلق مبا مل يتعلق به األمر ومبا يتعلق به األمر وال سبيل اىل تفسريه بالعلم إذ العلم أعم من األ

وكيف تكون حقيقة األعم هي حقيقة األخص كيف وإن كل انسان منصف جيد من نفسه ملا يتلفظ به من العبارت لى ما الدالة مدلوالت وراء كل ما يقدر من العلوم فإذا قدر الح احلق واستبان وظهر أنه ال بد من معىن زائد ع

ذكروه هو مدلول العبارات واإلشارات احلادثة وإن كان يف نفسه قدميا وذلك املعىن هو الذي جيده اإلنسان من نفسه عند اإلخبار عن أمور رآها أو مسع هبا و عند قوله لغريه إفعل أو ال تفعل وتوعده له ووعده إياه إىل غري ذلك

لقد كان يعد املتلكم هبذه العبارات جمنونا ومعتوها وهو الذي يعىن بالكالم القائم بالنفس ولواله وليس ذلك أيضا هو ما مسوه احاديث النفس الىت هى تقديرات العبارات اللسانية وهو حتدث النفس باللغات املختلفة كالعربية والعجمية وحنوها فإن هذه االمور ال يتصور وجودها مع عدم العبارات اللسانية كما يف حق

املعاىن الىت عربنا عنها بالكالم النفساىن تكون لديه حاضرة عتيدة وذلك كما يف الطلب واالقتضاء األبكم وتلكوحنوه وإن كان يف نفسه أبكم ال تسوغ له عبارة ما حىت لو قررنا وجود العبارات يف حقه لقد كانت مطابقة ملا يف

ت والتقديرات غري حقيقية أي ليست أمورا عقلية نفسه كما كانت مطابقة ملا يف نفس غري األبكم مث إن هذه العبارا

بل اصطالحية خمتلفة باختالف األعصار واألمم وهلذا لو وقع التواضع من أهل االصطالح على أن يكون التفاهم بنقرات وزمرات لقد كان ذلك جائزا ومدلوالت هذه العبارات والتقديرات حقيقى ال خيتلف باختالف األعصار

طالحات بل املدلول واحد وإن تغريت تلك الدالالت وتلك املدلوالت هي اليت يعرب عنها بالنطق وال باختالف االص النفساىن والكالم احلقيقى وما سواه فليس حبقيقى

هذا كله ان قلنا إنه من جنس كالم البشر وإن نزلنا الكالم على أنه غري جمانس له فقد سبق يف حتقيقه ما يغىن عن إعادته

اروا إليه من معىن الطاعة وحتقيق الرسالة فتمويه ال حاصل له واال للزم أن يكون كل تسخري بفعل شئ ما وأما ما أشامرا وتركه هنيا وأن يكون االنقياد إىل ذلك التسخري طاعة كان ذلك يف نفسه عبادة او معصية وال خيفى ما يف طى

قاد العبد إىل فعله يكون طاعة على ما ال خيفى وإذا ذلك من احملال فإنه ليس كل ما يسخر به مأمورا وال كل ما انكان االمر على هذه املثابة مل يصح معىن التبليغ والرسالة عن اهللا اللهم إال أن يكون له أمر هنى على ما حققناه

واملنهاج الذي أوضحناه لم بكالم مفيد فهو كالمه ال وأما االنفصال عن قول املعتزلة إن املتكلم من فعل الكالم فهو ان الواحد منا لو تك

Page 40: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

حمالة ولذلك يقال تكلم وهو متكلم وإذ ذاك فما جائز أن تكون جهة نسبته إليه هو كونه فاعال وإال ملا كان متكلما من خلق الكالم فيه اضطرارا وذلك كما يف حق املربسم وكما يف تسبيح احلصى وكالم الذراع املسموم وحنوه

رف منهم بأن أفعال العباد خملوقة هللا تعاىل كالنجارية أن يكون البارى تعاىل هو املتكلم بل ويلزم على سياقه ملن اعت بكالمنا ال حنن وذلك جحد للضرورة ومباهتة املعقول وهو غري مقبول

مث لو كان كذلك لوجب أن يكون البارى تعاىل مصونا لكونه فاعال للصوت إذ الكالم على ما هو معتمد اخلصم ف واألصوات والصوت اعم من الكالم وهلذا صح عنده أن يقال إن كل كالم صوت وليس كل مركب من احلر

صوت كالما ومن ضرورة فعل األخص فعل ما يندرج يف معناه من األعم ويلزم أيضا أن يكون متحركا مبا يفعله ليس له فيما من احلركات ويسمى بكل ما ينسب إليه من التكوينات والقائل بذلك منسلخ عن ربقة العقول و

يعتمده حمصول كيف وأن الصفة احلادثه هلا نسبة إىل الفاعل ونسبة إىل احملل فنسبتها إىل الفاعل بأنه حمدثها ونسبتها إىل احملل بأهنا فيه ومها ال حمالة معنيان خمتلفان وما نسب إىل الشئ بأنه فيه يقال بأنه موصوف به ال حمالة حىت أن من

متحرك وأن مل خيطر بالذهن كونه فاعال أم ال بل وحنكم عليه بذلك مع القطع بكونه غري قامت به حركة يقال إنهفاعل ملا قام به وذلك مؤكد كما يف حالة املرتعش وحنوه وعند ذلك فكيف يصح ان يقال إن ما نسبة الفعل اليه

إن ما ذكرناه من أن قيام باإلحداث يكون موصوفا به وكيف يؤثر الشيئان املختلفان يف حكم واحد من كل جهة مثالصفة باحملل يوجب اتصاف حمله به يظهر فساد ما ذكروه يف رسم املتكلم بأنه من فعل الكالم حيث أنه مل يكن

شامال جلميع جمارى احملدود واحلد والرسم جيب أن يكون شامال مطردا وإال كان احملدود أعم من احلد وهو حمال

فعل الكالم لوجب أن يكون املريد والقادر والعامل من فعل اإلرادة والقدرة والعلم وأيضا فانه لو كان املتكلم من وليس كذلك باالمجاع ولو طالبهم مطالب جبهة الفرق مل جيدوا إىل ذلك سبيال

مث انه وإن تسومح يف أن حقيقة مدلول اسم املتكلم بالنظر إىل الوضع من فعل الكالم فغري مفيد بعد التسليم ملا حناه واملوافقة ملا قررناه من أن املعىن بكونه متكلما قيام صفة نفسية به هي غري العلم والقدرة و اإلرادة و هي أوض

مدلول العبارات واملعىن باإلشارات كيف وإن ذلك مما جيب تسليمه على موجب أصوهلم فإهنم قالوا إن الكالم تكون الكلمة ومن تركب الكلمات الكالم مركب من حروف منتظمة وأصوات مقطعة تتعاقب وتتجدد منها

وحملها الذي تقوم به امنا هو اللسان واملعاىن املفهومة منها حملها إمنا هو القلب واجلنان وإن من وجدت منه األصوات واحلروف بدون أن يكون هلا عنده معىن يف فهمه كان معتوها جمنونا وإن مسى ما جيرى على لسانه كالما

تجوز واالستعارة وعند ذلك فلو خلق اهللا تعاىل كالما مرتبا من حروف منظومة وأصوات مقطعة فليس إال بطريق المل خيل إما أن يكون هلا مدلول عنده أو ليس هلا مدلول عنده ال جائز أن يقال بأنه ال مدلول هلا وإال كان ذلك جنونا

دة ملا أوضحناه وذلك هو املعىن بكالم النفس وسفها وإن كان هلا مدلوال فيجب أن يكون غري العلم والقدرة و اإلرامث نقول إذا قلتم إن الكالم فعل من أفعاله وإن معىن كونه متكلما أنه فاعل الكالم فما طريقكم يف إثبات هذه

الصفة الفعلية وما دليلكم فيها فإن قالوا دليل وقوعها كوهنا مقدورة له تعاىل فيلزم أن يكون كل مقدور واقعا وأن تأخر مقدور ما عن وجود القدرة وال خيفى ما يف طى ذلك من احملاالت ال ي

وإن قالوا طريقنا يف ذلك ليس إال قول األنبياء الذين دلت املعجزات على صدقهم وقد قالوا إن اهللا تعاىل متكلم بأمر وهنى وغريه

Page 41: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

معرفة تتعلق بالذات والصفات فكيف قلنا فلو مل يبعث اهللا رسوال فعندكم أنه جيب على العاقل معرفة اهللا تعاىل يعرف كونه متكلما وذلك ال يعرف إال بالرسول وال رسول

وهذا مما يلزمكم فيه املناقضة يف أحد أمرين إما يف القول بإجياب املعرفة بالعقل وإما يف القول بأن املعرفة مناطة ما حققناه سالفا فلو مل يكن للبارى تعاىل بالرسول كيف وأن الرسول على احلقيقة ليس إال املبلغ لكالم الغري ك

كالم غري كالم الرسول هو مدلول كالم الرسول وكالم الرسول عبارة عنه مل يكن بذلك رسوال كما تقرر وهذه احملاالت كلها إمنا لزمت من القول بأن املتكلم من فعل الكالم ال من قام به الكالم فقد بطل ما ختيلوه وانقطع

وظهر كون البارى متكلما بكالم قائم بذاته خمتصا به كاختصاصه بباقى صفاته دابر ما تومهوه ويلزم من ذلك أن يكون قدميا أزليا وإال كان البارى تعاىل حمال للحوادث وقد أبطلناه

وما قيل من أنه يلزم منه الكذب فيما يتضمنه من األخبار فحاصله يرجع إىل حمض التشنيع وجمرد التهول وعند قيق تظهر جمانبته للذوق والتحصيل ولئن سلكنا ما ذكره بعض األصحاب من ان الكالم قضية واحدة وال التح

يتصف بكونه أمرا وهنيا وخربا واستخبار إال عند وجود املخاطب واستكماله شرائط اخلطاب زال الشغب واندفع من أنه متصف فيما مل يزل بكونه امرا وهنيا اإلشكال ولئن توسعنا إىل ما سلكه اإلمام ابو احلسن األشعرى رمحه اهللا

وخربا إىل غري ذلك فغري بعيد أن يكون يف نفسه معىن واحدا

واالختالف فيه إمنا يرجع إىل التعبريات عنه بسبب تعلقه باملعلومات فإن كان املعلوم حمكوما بفعله عرب عنه باألمر ىل حالة ما بأن كان وجد بعد العدم أو عدم بعد الوجود او وإن كان بالترك عرب عنه بالنهى وأما إن كان له نسبة إ

غري ذلك عرب عنه باخلرب وعلى هذا النحو يكون انقسام الكالم القائم بالنفس فهو واحد وان كانت التعبريات عنه خمتلفة بسبب اختالف االعتبارات

أن يقوم بذات اهللا تعاىل خرب عن إرسال ومن فهم هذا التحقيق اندفع عنه اإلشكال وزال عنه اخليال فإنه غري بعيد نوح مثال ويكون التعبري عنه قبل اإلرسال إنا نرسله وبعد اإلرسال إنا أرسلنا نوحا فاملعرب عنه يكون واحدا يف نفسه

على ممر الدهور وإن اختلف املعرب به وسببه اختالف األحوال واألزمنة وذلك ال يفضى إىل الكذب بالنسبة إىل عرب عنه وهو القائم بالنفس أوليا بالنسبة إىل املعرب به أيضا فإن العرب قد تعرب بلفظ املاضى عن املستقبل إذا املعىن امل

مل يكن بد من وجوده حيث يعدونه بأنه وجد وذلك حمض جتوز واستعارة وال بعد فيه نه على تقدير وجوده وكذلك أيضا جيوز أن يقوم بذاته طلب خلع النعل من موسى على جبل الطور واقتضاؤه م

ويكون املعرب عنه قبل الوجود بصيغة إنا سنأمر وعند الوجود بصيغة اخلع الدالة على الطلب هو االقتضاء القدمي األزىل وهلذا لو قدر الواحد منا يف نفسه اقتضاء فعل من شخص معدوم واستمر ذلك االقتضاء إىل حني وجود

أو بغري واسطة وكان الطالب جيب االنقياد له واإلذغان لديه كان ذلك املقتضى منه فإنه إذا علم به إما بواسطةاالقتضاء بعينه امرا له وموجبا النقياده وطاعته من غري استئناف طلب آخر واقتضاء آخر فعلى هذا النحو هو أمر

ده ال غري ومن فهم اهللا تعاىل للمعدوم وتعلقه به واشتراط فهم املأمور إمنا يكون عند تعلق اخلطاب به يف حال وجو كالم النفس

ورفع عن ومهه األزمان املتعاقبة واالحوال املختلفة وحقق ما قررناه يف مسألىت العلم و اإلرادة وجد األمر ما ذكرناه ومل خيف عليه ما مهدناه

Page 42: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ف يصح ولقد استروح بعض األصحاب يف تقرير هذا الكالم إىل طريق أورده يف معرض املناقضة واإللزام فقال كياستبعاد تعلق األمر مبأمور معدوم وعندكم أنه ال يتناول املأمور به إال قبل حدوثه ومهما وجد خرج عن أن يكون

مأمورا به وهو أحد متعلقى األمر فإذا مل يبعد تعلق األمر بالفعل املعدوم مل يبعد تعلقه بالفاعل املعدوم وأيضا فإن ورون وعندكم ال أمر إذ االمر قد تقضى ومضى فإذا مل يبعد وجود مأمور وال األمة جممعة على أننا يف وقتنا هذا مأم

أمر فال يبعد وجود أمر بال مأمور ولو لزم من وجود األمر وجود املأمور للزم من وجود القدرة وجود املقدور وذلك يفضى إىل قدم املقدور إذ قد سلم قدم القدرة وذلك حمال على كال املذهبني

نظر وذلك أن األمر والنهى بالنسبة إىل املأمور واملنهى عند اخلصم تكليف والتكليف يستدعى مكلفا به وهذا مما فيهواملكلف به جيب أن يكون معلوما مفهوما ليصح قصده من أجل اإلتيان به واالنتهاء عنه إذ هو مقصود التكليف

خال يف دائرة التكليف كما يف اجلمادات فإذا الفهم شرط يف التكليف وهلنا خرج من ال فهم له عن أن يكون داوأنواع احليوانات والصبيان واجملانني وحنو ذلك لعدم شرط التكليف يف حقهم وإذ ذاك فال يلزم من تعلق األمر

باملأمور به مع عدم الفهم تعلقه باملأمور مع عدم اشتراط الفهم فإن تعلقه باملأمور به ليس تعلق تكليف وال كذلك ور تعلقه باملأم

وأما القول بأنه إذا جاز وجود مأمور وال أمر جاز وجود أمر ال مأمور فهذا إمنا يتحقق أن لو صح وجود مأمور وال أمر واخلصم رمبا ال يسلم ذلك بل له أن يقول كل مأمور فال بد له من امر يتعلق به لكن ذلك األمر قد يكون

البيع والنكاح بالنسبة إىل حتقيق مثراته وأحكامه أما أن يكون وجوده تقديرا بالنسة إليه كما يقدر وجود العقد يف مأمور من غري أمر فال وإذ ذاك فال يلزم من تقدير وجود األمر عند وجود املأمور وتعلقه به تقدير وجود املأمور ألن

على هذا خيرج يتعلق به األمر فإنه غري مفيد إال مع وجود شرطه وهو العلم والفهم وذلك متعذر يف حق املعدوم واإللزام بالقدرة إذ القدرة ليست عبارة إال عن معىن يتأتى به اإلجياد فيما هو ممكن أن يوجد وذلك متحقق بدون

وجود املقدور فلئن رجع يف تقديرة جواز تعلق األمر باملعدوم ومن ال فهم له إىل ما أسلفناه كان ذلك كافيا ووجب االعتناء به

آن معجزة الرسول فيمتنع أن يكون قدميا فتهويل ال حاصل له فإنا جممعون على أن القرآن وأما ما قيل من أن القراحلقيقى ليس مبعجزة الرسول وإمنا االختالف يف أمر وراءه وهو أن ذلك القرآن احلقيقى ماذا هو فنحن نقول إنه

جودها انعدمت وانقضت وأن ما املعىن القائم بالنفس واخلصم يقول إنه حروف وأصوات أوجدها اهللا تعاىل وعند وأتى به الرسول وما نتلوه حنن ليس هو ذلك وإمنا هو مثال له على حنو قراءتنا لشعر املتنىب وامرئ القيس فإنه ليس ما جيرى على ألسنتنا هو كالم امرئ القيس وإمنا هو مثله فمن الوجه الذي لزمنا القول مبخالفة اإلمجاع هو أيضا

الزم هلم فر اجلبائي إىل مذهب خرق به حجاب العقل وارتكب فيه جحد الضرورات والتزم به القول باحملاالت وألجل ذلك

فقال إن اهللا تعاىل خيلق كالمه عند قراءة

كل قارئ وكتابة كل كاتب وزعم أن الكالم إمنا هو حروف منظومة تقارن األصوات املتقطعة وليست احلروف يف ذلك من خمالفة املعقول فإن عاقال ما ال ميارى يف أن ما نسمعه من األفواه نفس األصوات املتقطعة وال خيفى ما

إمنا هو أصوات متقطعة منسقة منتظمة نوعا من االنتظام خترج من خمارج خمصوصة وأيضا فإنه ال يعقل معها مقارنة صوات املقطعة معجزة له غريها غريها أصال على ان ال تنازع يف أن ما جاء به الرسول من احلروف املنتظمة واأل

Page 43: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وأنه يسمى قرآنا وكالما وأن ذلك ليس بقدمي وإمنا النزاع يف مدلول تلك العبارات هل هو صفة قدمية أزلية أم ال وعلى التحقيق فاخلبط إمنا نشأ ألهل الضالل ههنا من جهة اشتراك لفظ القرآن فإنه قد يطلق على املقروء وقد

وأصوات ودالالت وعبارات ومنه قول النيب صلى اهللا عليه و سلم ما أذن اهللا يطلق على القراءة اليت هي حروفيقطع ... ضحوا بأمشط عنوان السجود به ... لشئ إذنه لنىب حسن الترمن بالقرآن أي القراءة ومنه قول الشاعر

... الليل تسبيحا وقراءنا رة وعلى العبارات أخرى ولذلك يقولون كالم معناه قراءة وذلك كما قد تطلق العرب اسم الكالم على املعىن تا

صحيح حسن إذا كان مستقيما وإن كانت العبارة غري مستقيمة بأن كانت ركيكة أو ملحونه أو خمبطة وقد يطلقونه على العبارة عند كوهنا معربة صحيحة وإن كان املعىن يف نفسه فاسدا ال حاصل له فلما وقع االشتراك يف

النفى واإلثبات على حمز واحد فإن ما أثبتوه معجزة ال نثبت له القدم وما أثبتنا له القدم ال االسم ارتفع التوارد ب يثبتونه معجزة

وما أوردوه من الظواهر يف معرض إثبات احلدث واألولية فظنية غري يقينية كيف وإن قوله ما يأتيهم من ذكر من عن القرآن وهو األقرب فإن القرآن مل حيدث عندهم لعبا رهبم حمدث حيتمل أن يكون معناه الوعظ والتذكري اخلارج

وضحكا بل إفحاما وإشداها مث القول مبوجب اآلية متجه ال حمالة فإهنا دلت على الضحك واللعب عند ورود الذكر احلادث وليس فيها داللة على حدث كل ما يرد من األذكار فال يلزم أن يكون القرآن حادثا مث إن املراد إمنا هو

لعبارات والدالالت دون املدلوالت كما حققناه اوأما قوله وكان امر اهللا مفعوال فيصح أن يقال املراد به فعله من الثواب والعقاب وحنوه فإن األمر قد يطلق بإزاء

الفعل كما قال تعاىل وما أمرنا إال واحدة أي فعلنا وقوله وما أمر فرعون يعىن فعله قرآنا عربيا أي مسيناه فإن اجلعل قد يطلق مبعىن التسمية ومنه قوله تعاىل الذين جعلوا القرآن واملراد بقوله إنا جعلناه

عضني أي مسوه كذبا وقوله وجعلوا املالئكة الذين هم عباد الرمحن إناثا مسوهم بذلك كيف وأنه حيتمل أنه اراد به ذه اآليات معارضة مبثلها وهو قوله تعاىل أال له القرآن مبعىن القراءة كما بيناه وذلك ال يقدح يف املقصود مث إن ه

اخللق واألمر فقد أثبت له خلقا وأمرا فلو كان األمر خملوقا لكان معىن الكالم أال له اخللق واخللق وأيضا قوله إمنا قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له

ىل التسلسل وهو حمال ومبا قررناه كن فيكون فلو كان األمر خملوقا الستدعى ذلك سابقة أمر آخر وذلك يفضى إيندفع قوهلم أيضا إن األمة من السلف جممعة على ان القرآن مؤلف من احلروف واألصوات فإن اإلمجاع إمنا انعقد

على ذلك مبعىن القراءة ال مبعىن املقروء وإليه اإلشارة بقوله إن علينا مجعه وقرآنه الدليل إمنا لزم املعطل ههنا من حيث إنه مل يفهم معىن السماع وإنه بأى وقوهلم لو مل يكن كذلك ملا مسعه موسى قلنا

اعتبار يسمى مساعا وعند حتقيقه يندفع اإلشكال فنقول السماع قد يطلق ويراد به اإلدراك كما يف اإلدراك حباسة فالنا وإن كان ذلك األذن وقد يطلق ويراد به االنقياد والطاعة وقد يطلق مبعىن الفهم واإلحاطة ومنه يقال مسعت

مبلغا على لسان غريه وال يكون املراد به غري الفهم ملا هو قائم بنفسه والذي هو مدلول عبارة ذلك املبلغ وإذا عرف ذلك فمن اجلائز أن يكون قد مسع موسى كالم اهللا تعاىل القدمي مبعىن أنه خلق له فهمه واإلحاطة به إما

االعتبار ال يستدعى صوتا وال حرفا بواسطة أو بغري واسطة والسماع هبذا

Page 44: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وما يطلق عليه من احلروف واألصوات أنه كالم اهللا تعاىل فليس معناه إال أنه دال على ما يف نفسه وذلك كما يقال نادى األمري يف البلد وإن كان املنادى غريه ويقال ملن أنشد شعر احلطيئة إنه متكلم بكالم احلطيئة وشعره ومن ذلك

كالما هللا تعاىل حىت يقال تكلم اهللا بالوحى والوحى كالمه وال ننكر أن القرآن القدمي مكتوب وحمفوظ مسى الوحىومسموع ومتلو لكن ليس معىن كونه مكتوبا او حمفوظا أنه حال يف املصاحف أو الصدور بل معناه أنه قد حصل

فيها ما هو دال عليه وهو مفهوم منه ومعلوم نه منتقل من مكان إىل مكان فإن ذلك غري متصور على كال املذهبني بل معناه أن ما فهمه وليس معىن كونه منزال أ

جربيل من كالم اهللا تعاىل فوق سبع مسوات عند سدرة املنتهى ينزل بتفهيمه لألنبياء إىل بسيط الغرباء وكذلك ليس رناه هان عليه التفضى عن كل ما معىن كونه مسموعا إال ما ذكرناه فيما مضى ومن حقق ما مهدناه واحاط مبا قر

أوردوه من الظاهر الظنية واعتمدوه من اآلثار النبوية ولعل معتمد املعطلة يف إثبات احلروف واألصوات هو ما قاد احلشوية لعدم فهمهم كالم النفس إىل إثباهتا صفة للذات فإنه ملا مل يسعهم القول بالتعطيل ومل يقدروا على التأويل

مجعوا بني الطريقتني وانتحلوا مذهبا ثالثا بني الذهبني ومل يعلموا ما يف طى ذلك من السفاهة ويف ضمنه هلذا التهويل من الفهاهة ملا فيه من اهلرب إىل التجسيم خوف الوقوع يف التعطيل إذ احلروف واألصوات إمنا تتصور مبخارج

وأدوات وتزاحم أجرام واصطكاكات وذلك يف حق البارى حمال كما سلف

فانظر إىل هاتني الطائفتني كيف التزم بعضهم التعطيل خوف التجسيم والتزم بعضهم بعضهم التجسيم خوف التعطيل ولسان احلال ينشد على لسان الفريقني ويعرب عن حال اجلمعني وقالت اليهود ليست النصارى على شئ

وقالت النصارى ليست اليهود على شئ ات ال كحروفنا وأصواتنا كما أن ذاته وصفاته ليست كذاتنا وصفاتنا كما قال نعم لو قيل إن كالمه حبروف وأصو

بعض السلف فاحلق أن ذلك غري مستبعد عقال لكنه مما مل يدل الدليل القاطع على إثباته من جهة املعقول أو من جهة املنقول فالقول به حتكم غري مقبول

لويق املتحذلق املتعمق الذي ال حتصيل لديه وال معول يف حتقيق وعند ظهور احلقائق وانكشاف الدقائق فال مباالة بت احلقائق عليه إذ هو يف حيز اجلهال وداخل يف زمرة أهل الضالل

وإذا ثبتت الصفة الكالمية فهي متحدة ال كثرة فيها وما أشرنا إليه يف إثبات وحدة اإلرادة والعلم من املزيف نه يتجه ههنا لكن رمبا زاد اخلصم ههنا تشكيكا وخياال وهو قوله ما واملختار واالعتراض واالنفصال فهو بعي

ذكرمتوه وإن دل على عدم لزوم صفات خارجة فالقول بإثبات أصل الكالم مفض إليها أيضا وذلك أن من

ضرورة وجود حقيقة الكالم أن يكون أمرا وهنيا وخربا واستخبارا وحنوه من أقسام الكالم وإال فمع قطع النظر عنهذه األقسام ال سبيل إىل تعلق وجود الكالم وإذا كان األمر على هذه املثابة فال حمالة أن هذه األقسام خمتلفة

الصفات متباينة يف اخلواص واملميزات وعند هذا فإما أن تكون هذه اخلواص املتمايزة والصفات املختلفة داخلة يف و حمال وإال كانت احلقيقة الواحدة هلا ذاتيات خمتلفة متنافرة إذ حقيقة الكالم أو خارجة عنه فإن كانت داخلة فيه فه

خاصة األمر يتعذر القول مبجامعتها خلاصة النهى وكذا يف سائر خواص أقسامه وإن كانت خارجة عن حقيقة الكالم فقد لزم القول بثبوت صفات زائدة على ما دل عليه الدليل ولزمكم احملذور

ال جائز أن تكون حلقيقة واحدة ال تعدد فيها على حنو ثبوت الضحك والبكاء لإلنسان مث إن هذه الصفات الزائدةلكوهنا متنافرة متعاندة على ما سلف فبقى أن تكون معتددة ال حمالة وسواء كان تعددها تعدد األشخاص أو

Page 45: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

د إىل ما أوردوه يف األجناس فإن ذلك يوجب نقض ما ذكرمتوه وإبطال ما سلكتموه ولرمبا استندوا يف بيان التعدنفى الكالم عن الذات من اإلمجاعات والظواهر من السنن واآليات الدالة على كون القرآن مؤلفا من حروف

وأصوات وأنه مرتب من سور وآيات وجمموع من كلمات دد يف واجلواب أنا نقول تعدد أقسام الكالم واختالف أمسائه من األمر والنهى وغري ذلك ليس هو له باعتبار تع

نفسه أو اختالف صفات يف ذاته أو لذاته

بل هو النظر إىل نفسه من حيث هو كالم واحد وذلك ليس له إال باعتبار إضافات متعددة وتعلقات متكثرة ال توجب للمتعلق يف ذاته صفة زائدة وال تعددا كما أسلفنا يف الطرف األول من التحقيق

ألول حيث قضى بوحدته وإن تكثرت أمساؤه بسبب سلوب وإضافات وهو على حنو قول الفيلسوف يف املبدأ اوأمور ال توجب صفات زائدة على الذات هذا كله إن سلكنا يف التكثر مذهب اإلمام أىب احلسن األشعرى وإال إن

رج سلكنا مذهب عبد اهللا ابن سعيد يف أن األمر والنهى وغري ذلك ال يكون إال عند حتقق املتعلقات وأن الكالم خاعنها أو ما نقل عن بعض األصحاب من أنه إثبت هللا تعاىل من الكالم مخس كلمات هي مخس صفات وهى األمر

والنهى واخلرب واإلستخبار والنداء فاإلشكال يكون مندفعا وعلى ما ذكرناه من التحقيق يتبني أن من قال من األصحاب القائلني بنفى التكثر إن األوامر والنواهى وغريها

ت خارجة عن الكالم ومل يرد به ما أشرنا إليه فقد أخطأ صفا وأما ما اعتمدوه من الظواهر الظنية واألدلة السمعية فقد سبق وجه االنفصال عنها فال حاجة إىل التطويل وبإعادة

وأمور فإن قيل عاقل ما ال متارى نفسه يف انقسام الكالم إىل أمر وهنى وغريه وأن ما انقسم إليه حقائق خمتلفة متنافرة متمايزة وأهنا من أخص أوصاف الكالم ال أن األختالف راجع إىل نفس العبارات واالعتبارات احلارجة فإنا

لو قطعنا النظر عن

االعتبارات اخلارجة واملتعلقات ورفعناها ومها مل خيرج عن كونه منقسما ومع هذا التحقيق كيف يسوغ القول القصص املاضية واألمور السالفة خمتلفة متمايزة فإن ما جرى لكل نىب من االنبياء غري باالحتاد مث ان ما اخرب عنه من

ما جرى لغريه من االنبياء وكذلك املأمورات واملنهيات املكلف هبا خمتلفة متغايرة فكيف يكون نفس اخلرب عما جرى باحلج هو نفس األمر بالصالة آلدم وإبراهيم هو نفس اخلرب عما جرى ملوسى او عيسى أم كيف يكون نفس االمر

وأن ما توجه لزيد هو نفس ما توجه لعمرو وكيف هذا التداخل أم كيف جيعل اخلرب أو ما مسى خربا هو عني األمر أو ما مسى أمرا هو عني ما مسى خربا مع أن األمر هو الطلب واالقتضاء واخلرب ال يشتمل على شئ من ذلك وما

غري مشتمل عليه فهل هذا إال حمض حتكم غري معقول وما ليس مبعقول ال سبيل إىل اشتمل عليه اخلرب فاألمر أيضا إثباته فلم يبق إال أنه أنواع متمايزة اخلواص خمتلفة الذوات مشتركة يف اجلملة والكالم كاجلنس هلا

إضافية أو سلبية مما ال والتمثيل باملبدأ األول مما ال إليه سبيل فإن احتاد الذات مع اختالف امسائها باعتبار أمور امتناع فيه أما إثبات صفات متضادة وخواص متنافرة وأقسام متعددة لذات واحدة ال تعدد فيها وال تغاير فمن أحمل

احملاالت وأشنع املقاالت وال سبيل إليه تعبريات عنه قلنا قد بينا فيما سلف أن الكالم قضية واحدة ومعلوم واحد قائم بالنفس وأن اختالف العبارات وال

إمنا هو بسبب اختالف املتعلقات والنسب واإلضافات كما حققناه فما يقع به التضاد أو االختالف أو التعدد فليس إال يف

Page 46: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

املتعلقات والتعلقات ال يف نفس املتعلق وال أن ما وقع به االختالف أو التضاد بني األمر والنهى وغريه من أخص ه صفات الكالم بل كل ذلك خارج عن

وعلى هذا نقول لو قطع النظر عن املتعلقات اخلارجة ورفعت عن الوهم فإنه ال سبيل إىل القول هبذه العبارات والتعبريات أصال وال يلزم من ذلك رفع فهم الكالم وأن تزول حقيقته عن الوجود ايضا

كون املأمور به خمتلفا واألمر به وقوهلم كيف جيوز أن يكون املخرب عنه متعددا خمتلفا واخلرب عنه واحدا أم كيف ي واحدا وكيف تكون حقيقة واحدة هى أمر وهنى وخرب مع أن هذه االمور خمتلفة

قلنا هل هذا إال حمض استبعاد وخروج عن سبيل الرشاد فإنه إذا عرف أن اختالف العبارات والتعبريات قد يكون طالقات مل ميتنع أن يكون املتعلق له حقيقة واحدة باعتبار اختالف التعلقات والنسب إىل األمور اخلارجة واإل

ووجود واحد وله متعلقات خمتلفة ويعرب عنه بسبب تعلقة بكل واحد منها بعبارة خمصوصة ولقب خمصوص وإن كان هو يف نفسه واحدا وذلك على حنو ما ذكره الفيلسوف يف املبذأ األول وعلى حنو ما ينعكس على األرض من

من زجاجات خمتلفة األلوان بسبب شروق الشمس عليها ومقابلتها هلا فإن التأثريات خمتلفة بسبب األلوان املختلفة املتعلقات ال غري وإن كان املتعلق يف نفسه واحدا وقد يعرب عنها بسبب هذا التقلق واختالف املتقلقات والتأثريت

يف نفسها واحدة فكذلك ينبغى أن يفهم بأمساء خمتلفة حىت يقال إهنا مسودة ومصفرة وغري ذلك وإن كانت الشمس مثله يف الكالم فإن اختالف هذه التعبريات عنه ليس لتعدد يف نفسه بل لتعدد املتعلقات واختالف

اإلضافات وذلك ليس حماال نعم لو عرب عنه بالنهى من جهة ما عرب عنه باألمر ومن جهة ما عرب عنه باخلرب أو بالعكس كان ذلك متناقضا

ق ما مهدناه زال عنه اخليال واندفع عنه اإلشكال كيف وأن ما ذكروه من أقسام الكالم وهى اخلرب ومن حقواالستخبار واألمر والنهى والوعد والوعيد أمكن أن ترد إىل قسمني ومها الطلب واخلرب فإن الوعيد والوعد

ى وعيدا وأما األمر والنهى داخالن يف اخلرب لكن تعلق بأحدمها ثواب فسمى وعدا وتعلق باآلخر عقاب فسمفداخالن حتت الطلب واالقتضاء لكن إن تعلق بالفعل مسى امرا وإن تعلق بالترك مسى هنيا وأما االستخبار على

احلقيقة فغري متصور يف حق اهللا تعاىل بل حاصله يرجع إىل التقرير وهو نوع من اإلخبار وذلك كما يف قوله تعاىل أمكن رد هذه األقسام إىل قسمني أمكن ردها إىل قسم واحد يف حق اهللا تعاىل حىت ألست بربكم قالوا بلى وكما

يكون على ما ذكرناه بأن يكون معىن واحدا وقضية متحدة إن تعلق مبا حكم بفعله أو تركه مسى طلبا وإن تعلق بغريه مسى خربا

منا هو يف متصور البقاء والدميومة كما يف فإذا املتعلقات متعددة واملتعلق يف نفسه واحدا ال تعدد فيه وهذا كله إكالم اهللا تعإىل وإال فالكالم يف الشاهد إعىن كالم اللسان والنطق النفساىن ليس كذلك إذ هو من قبيل األعراض

املتجددة واألغراض املتغرية وذلك مما يناىف القول باحتاده ونفى أعداده دة وأن اختالف التعبريات عنه إمنا هو بسبب املتعلقات اخلارجة فلم فإن قيل إذا قلتم بأن الكالم يف نفسه قضية واح

ال جوزمت أن تكون اإلرادة والعلم والقدرة

وباقى الصفات راجعة إىل معىن واحد ويكون اختالف التعبريات عنه بسبب اختالف متعلقاته ال بسبب اختالفه يف ن وقدرة عند تعلقه بالتخصيص يف الوجود وهكذا سائر ذاته وذلك بأن يسمى إرادة عند تعلقه بالتخصيص يف الزما

الصفات وإن كان ذلك فلم ال جيوز أن يعود ذلك كله إىل نفس الذات من غري احتياج إىل الصفات

Page 47: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

قلنا متويه هذا اإلشكال والتهويل هبذا اخليال هو ما اوقع مجاعة من األصحاب يف دائرة االضطراب وكبع حذاقهم عن حتقيق اجلواب

لذي يقطع دابره ويكشف عن احلق سرائره أن يقال إذا ثبت القول بكونه حميطا باملوجودات وعاملا هبا وخمصصا واهلا يف وجودها وحدوثها وثبت له غري ذلك من الكماالت املعرب عنها بالصفات فهو ما طلبناه وغاية ما رمناه وأما

اجعة إىل معىن واحد هو نفس الذات والتخصيص واالختالف إثبات كوهنا متغايرة الذوات متباينة الذاتيات أو أهنا رفيها إمنا هو عائد إىل املتعلقات والتغاير بالعرضيات اخلارجيات كما ذهب إليه بعض األصحاب فما مل أر يف ما

ذكروه إلفحام اخلصم كالما خملصا عن مغالطات ومصادرات وأقاويل منحرفات وما يظهر مأخذ املعتقد من اجلانبني منا ينتفع به الناظر مع نفسه ال بالنظر إىل غريه فإ

وأظهر ما قيل يف بيان االختالف أن تأثري القدرة يف اإلجياد وتأثري اإلرادة

يف التخصيص باألحوال واألقات ومع اختالف التأثريات ال بد ممن اختالف املؤثرات وإال كان صدور أحد حمال وهذا خالف الكالم فإن تعلقه مبتعلقاته ال يوجب تأثريا خمتلفا املختلفني من جهة ما صدر املخالف اآلخر وهو

وكذا كل صفة على انفرادها وهو غري سديد فإنه لو وجب القول مبخالفة القدرة لإلرادة الختالف التأثريات فذلك يوجب االختالف يف نفس

ات اإلرادة متعددة فإن ختصيص اإلرادة ونفس القدرة وكل صفة من الصفات وإمنا كان كذلك من جهة أن تأثرياحلادث يف األمس غري ختصيصه يف اليوم أو الغد وكذلك ما خيص بالقدرة فإن إجياد زيد ليس هو نفس إجياد عمرو

ال سيما إذا قلنا إن الوجود ليس بزائد على املوجود وإذا كانت التأثريات متغايرة فإما أن تتحد من كل وجه او يف وجه وختتلف يف وجه اخر فإن احتدت من كل وجه فال تعدد وقد فرضت متعددة ختتلف من كل وجه أو تتحد

فبقى أن تكون خمتلفة إما من كل وجه أو من وجه وعلى التقديرين فهى خمتلفة فيجب أن يكون املؤثر هلا خمتلفا فإن مل جيب أن يكون خمتلفا فال أقل من أن يكون معتددا

قتة ومعناه واحد يف ماهيته فإن اإلجياد من حيث هو إجياد ال خيتلف وكذلك فإن قيل تاثري القدرة واحد قي حقيختصيص اإلرادة بالوقت واحد ال خيتلف من حيث هو كذلك وما وقع به االختالف يف تأثريات القدرة او اإلرادة

أمور خارجة فليس اختالفا ذاتيا داخال يف التأثري من حيث هو تأثري تلك الصفة املخصوصة وإمنا هو عائد إىل عرضية وكذا يف كل صفة على حدة وذلك مما يوجب االختالف يف نفس التعلق أصال

وهذا أيضا مما ال حاصل له فإنه إن صدر ممن ال يعترف بكون الوجود زائدا على املوجود كان بطالنه ظاهرا وإن حلدوث متعلقا هلا أيضا أو أهنا ال كان ممن يعترف به فالذوات عنده إما أن تكون متعلق القدرة مع كون الوجود وا

تعلق للقدرة هبا فإن كان األول فقد لزمه اختالف التأثريات وإن كان الثاىن لزم أن تكون الذوات ثابتة يف القدم ومتحققة يف العدم وسيأيت إبطاله كيف وان ذلك لو صح يف القدرة واألرادة فهو مما ال يأتى يف غريمها من الصفات

اقى الكماالت بالنسبة إىل ماهلا من املتعلقات وال يتحقق يف بوإذا الحت احلقائق وظهرت الدقائق فال التفات إىل شغب املشنع املتحذلق فإن ذلك مما ال ينهض دليال وال يشفى

غليال وهو آخر ما أردناه من مسألة الكالم وهو املستعان وعليه التكالن

الطرف اخلامس

Page 48: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

يف اثبات االدراكات احلق أن البارى تعاىل مسيع بسمع بصري ببصر مذهب أهل

وذهب الكعىب إىل أن معىن كونه مسيعا بصريا أنه ال آفة به عامل باملسموعات واملبصرات ال غري ومن املعتزلة من زاد عليه وقال معىن كونه مسيعا بصريا أنه مدرك للمسمسوعات واملبصرات واإلدراك يزيد على

العلم تابعه إىل أن معىن كونه مسيعا بصريا أنه حى ال آفه به وقد استروح بعض األصحاب يف وذهب اجلبائى ومن

االستدالل على أهل الضالل إىل مسلك ضعيف وهو أن قال البارى تعاىل حى واحلى إذا قبل معىن وله ضد وال ر فلو مل يتصف بالسمع واسطة بينهما مل خيل عنه أو عن ضده وال حمالة أن كونه حيا مما يوجب قبوله للسمح والبص

والبصر ال تصف تضدها وذلك نقص يف حق البارى تعإىل

قال والدليل على أن املوجب لقبوله السمع والبصر كونه حيا ما نراه يف الشاهد فإن املوجب لقبوليه اإلنسان وغريه لكان منتقضا وإذا كان من احليوان للسمع والبصر كونه حيا إذ لو قدر أن املوجب لذلك غري احلياة من األوصاف

املوجب للقبول إمنا هو احلياة فالبارى حي فيجب أن يكون متصفا هبما وإال كان متصفا بأضدادمها وذلك نقص يف حق اهللا تعاىل فيمتنع

ومن نظر فيما أسلفناه وأحاط مبا مهدناه علم أن ذلك مما ال يقوى والذي نزيده ههنا أنا نقول س التمثيل وهو احلكم على جزئى مبا حكم به على غريه الشتراكهما يف معىن عام هلما حاصل الطريقة آيل إىل قيا

وهو إمنا يستقيم أن لو مل يتبني أن احلكم يف األصل املمثل به ثابت ملعىن ال أنه ثابت لنفسه أو خبلق اهللا له يف ذلك ال بد من حصر مجيع األوصاف وذلك ال االمر اجلزئى من غري افتقار إىل أمر خارج مث لو ثبت أنه ثبت ملعىن لكن

يتم إال بالسرب وهو غري مفيد لليقني بل حالصه اىن حبثت فلم أطلع على غري املذكور وغاية فائدة البحث الظن بانتفاء غري املعني ال العلم به

ده ذلك ظنا مث وإن أفاد علما للساير فذلك ليس حبجة على غريه إذ حبث زيد ال يؤثر علما يف حق عمرو وإن أفاوليس هذا كما يقال إن من كان بني يديه قيل وليس بينه وبينه حائل وآلة اإلدراك لديه حاضرة سليمة فإنه يستحيل أال يبصره فكذلك ههنا فإنه لو قدر وصف آخر فإنه إما معقول أو حمسوس وأي األمرين قدر فأسباب مداركه عند

ه الناظر عتيدة فيستحيل ان ال يظفر به إذا طلبوهذا وإن كان خميال لكنه مما ال يقوى فإنه لو كان األمر على ما ذكره ملا وقع ألحد يف نظره خبط وال يف فكره

تناقض وملا وقع اخلالف بني العقالء يف وجود شئ ونفيه إذ القواطع

ه وكذلك كم ال تتوارد على شئ ونقيضه وكم من وقع له التناقض يف نظره حىت انه حكم بشئ بعد ما حكم مبقابلمن شئ اختلف العقالء فيه ومل يظفر وال واحد منهم مبقصود او ظفر به واحد دون الباقني وال كذلك ما ذكروه من

املثال فإن وقوع مثل ذلك فيه مما يستحيل بالنظر إىل حكم جرى العادة به مث ولو سلم احلصر فالبد وأن يتعرض ل تأثريه يف كل رتبة حتصل له من إضافته إىل غريه وذلك مما يعز البطال تأثري كل واحد واحد على اخلصوص وابطا

ويشق ال حمالة وما وقعت اإلشارة به يف إبطال غري املستبقى فهو بعينه الزم يف املستبقى فإنه منتقض بباقى اعضاء األنسان واعضاء غريه من احليوان فإهنا حية مع انتقاء السمع والبصر وانتفاء أضدادها أيضا

نه وإن مل يكن احلكم لغري ما عني من األوصاف لكن من اجلائز أن يكون ذلك باعتبار الشئ املوصوف به ومهما مث إ

Page 49: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

مل يتبني أن املوصوف به يف حمل النزاع هو املوصوف به يف حمل الوفاق مل يلزم احلكم وهذا كله ال حميص عنه فقد بان ظنيا فاملطلوب ليس إال اليقني أن ما استروح إليه غري يقيىن وإن كنا ال ننكر كونه

ولرمبا استند بعض األصحاب ههنا إىل السمعيات دون العقليات واحملصل يعلم أن كل ما يتمحل من ذلك فغري خارج عن قبيل الظنيات والتخمنيات وذلك ال مدخل له يف اليقينيات وسيأتى إشباع القول يف ذلك إن شاء اهللا

تعاىل

نا ليس إال ما أشرنا إليه يف مسألة اإلرادة وقد عرفت وجه حتقيقه وما يلزم عليه لكن رمبا فإذا السبيل يف الدليل هه زاد اخلصم ههنا تشكيكات وخياالت البد من اإلشارة إليها والتنبيه على وجه االنفصال عنها س العلم وإال فال فمن ذلك قوله إن ما ذكرمتوه إمنا يستقيم أن لو ثبت أن السمع والبصر إدراكان زائدان على نف

نقص إدراك وال قصور لكون البارى تعاىل عاملا ومب اإلنكار على الكعىب حيث ذهب إىل ان السمع والبصر ليسا بزائدين على نفس العلم ال شاهدا وال غائبا بل

عرب عنها املدرك املسموع واملبصر هو السامع املبصر بعلمه ال حباسته الىت كان حصول هذا العلم بواسطتها وهى املبالسمع والبصر كيف وأنه لو كان املدرك مدركا بإدراك زائد على العلم جلاز أن يكون بني يدى اإلنسان سليم

البصر والسمع مرئيات وأصوات وهو ال يراها وال يسمعها جلواز أن ال خيلق له ادراكها واألمر خبالفه مث لو سلم اجلبائى يف قوله إن املدرك هو احلى الذى ال آفة به وال نقص وأنه أن اإلدراك ليس هو نفس العلم فبم االنكار على

ال معىن له إال هذا السلب مث لو سلم أنه معىن إجياىب وأمر إثباتى لكنه مما ميتنع ثبوته يف حق البارى تعاىل من حيث إنه ال خيلو أن يكون قدميا أو

دث وهو ممتنع وال جائز أن يكون قدميا وإال للزم أن حادثا ال جائز أن يكون حادثا وإال كان البارى حمال للحوايكون له مسموع ومبصر يف العدم إذ السمع والبصر من غري مسموع ومبصر حمال وذلك يفضى إىل القول العامل أو

أن يكون ما فيه مسموعا ومبصرا يف العدم وكال األمرين

ليس فإن اشترط فإثبات اإلدراك للبارى يوجب له حمال وأيضا فإنه إما أن يشترط البنية املخصوصة لإلدراك أو البنية املخصوصة وهو متعذر والقول بعدم االشتراط ممتنع أيضا إذ يلزم منه االلتباس بني اإلدراكات وأن تكون

حاسة واحدة مدركة بإدراكات خمتلفة وهو ممتنع فإن البنية املخصوصة ال بد منها فالسمع هو قوة مرئية يف العصبة طة يف السطح الباطن من صماخ األذن من شأهنا أن تدرك الصوت احملرك للهواء الراكد يف مقعر صماخ األذن املنبس

عند وصوله إليه بسبب ما والبصر هو عبارة عن قوه مرتبة يف عصبة جموفة من شأهنا أن تدرك ما ينطبع يف الرطوبة اجلليدية من أشباح صور

األجسام بتوسط املشف ن قوة مرتبة يف زائدتى مقدم الدماغ من شأهنا إدراك ما يتأدى إليها بتوسط اهلواء من األراييح والشم عبارة ع

والذوق عبارة عن قوة مرتبة يف العصبة البسيطة على السطح الظاهر من اللسان من شأهنا إدراك ما يرد عليها من الطعوم يتوسط ما فيه من الرطوبة الغذائية

ثة يف كل البدن من شأهنا إدراك ما يرد عليه من خارج من الكيفيات امللموسة وهى واللمس عبارة عن قوة منب احلرارة والربودة واليبوسة

Page 50: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وإذا مل يكن يف اإلدراك بد من اآلالت واألدوات امتنع القول بثبوهتا يف حق البارى تعاىل كيف وأن ما ذكرمتوه سلف ينتقض عليكم بباقى االدراكات وغريها من الكماالت كما

واجلواب أما ما قيل من أن السمع والبصر ليسا بزائدين على نفس العلم فقد قال بعض األصحاب يف اجلواب ههنا إنه لو مل يكن كذلك وإال ملا وقعت التفرقة بني ما علم بالربهان أو اخلرب وبني ما حصل بالعني والبصر وال حمالة أن

اب فإنكارها مما ال سبيل إليه إال عن جحد أو عناد هذه التفرقة مما يشهد بصفدقها نظر ذوى األلبلكنه مما ال ثبوت له على حمك النظر إذ اخلصم يقول وإن سلم التفرقة مبنع عودها إىل العلم واإلدراك بل ما تشعر به

ا النفس عند اخلرب اليقيىن بأن زيدا مثال على صورة كذا أو كذا ليس خيتلف عند النظر واملشاهدة بالبصر وإمناالختالف والتفرقة عائدان إىل نفس احملل الذى هو واسطة حصول العلم من البصر وغريه أو إىل اجلملة والتفصيل أو االطالق والتقييد أو العموم واخلصوص وباجلملة إىل احملل الذى هو متعلق العلم يف احلالتني وذلك بأن يكون ما

حصل بالربهان واخلرب مل يكن إال جممال أو مطلقا أو غري حصل بالبصر أو السمع مفصال أو مقيدا أو خاصا وماذلك وذلك مما ال يدل على أن ما حصل بالبصر أو السمع خارج عن جنس العلم أو نوعه وهو كما لو علم بطريق خاص إما بالدليل أو غريه أن كل منقسم مبتساويني فهو زوج واتفق أن ما يف يد زيد مثال منقسم مبتساويني فأنه من

جهة العموم معلوم

أنه زوج لضرورة العلم بأن كل منقسم مبتساويني زوج وما علم بالبصر بعد ذلك ليس هو ما كان معلوما أوال وإمنا احلاصل ثانيا هو نفس العلم خبصوصه وبكونه منقسما مبتساويني واختالف متعلقات العلم واختالف طرق حتصيلها

تعلق هبا مما ال يؤثر اختالفا يف نفس العلم املفالطريق يف األنفصال أن يقال اإلنسان قد جيد من نفسه معىن زائدا عند السمع والبصر على ما كان قد علمه بالدليل أو اخلرب وذلك مما ال مراء فيه كما سبق فاملعىن باإلدراك ليس إال هذا املعىن وسواء مسى ذلك علما أو

ليا أو معىن خاصا أو غري ذلك من املتعلقات فإن حاصل ذلك ليس إدراكا وسواء كان متعلقه أمرا تقييديا أو تفصييرجع إال إىل حمض االطالقات وجمرد العبارات فال مشاحة فيها بعد فهم معانيها فإن ذلك مما ال يقدح يف الغرض

بعد بإبطاله أو تصحيحه وعند ذلك فال مباالة مبن اعتاص على فهمه قبول هذا االعتقاد ومشخ أنفه عن أن ينقادظهور احلقائق وانكشاف غور الدقائق ومن رام يف االنفصال عن هذا اخليال غري ما أشرنا إليه فقد كلف نفسه

شططا وذلك على النبيه مما ال خيفى وما قيل من أنه لو كان اإلدراك زائدا على نفس العلم جلاز أن يكون بني يدى إنسان سليم البصر فيل ال يدركه

ه اإلدراك به وهو حمال قلنا ادعاء كونه حمال إما أن ينظر فيه إىل اإلحالة العقلية أو العادية فإن جلواز أن ال خيلق ل كان األول

فهو استرسال ملا هو غري مسلم وإن كان الثاىن فهو بعينه ال حمالة الزم يف خلق االدراك فإنه كما يستحيل عادة السليم كذا يستحيل القول بانتفاء خلق االدراك يف مثل تلك انتفاء اإلدراك للفيل عند حضوره بني يدى ذى البصر

احلالة ايضا وان نظر يف ذلك اىل جهة اجلواز العقلى فهو ايضا ما نقوله يف األدراك فإنه كما جيوز أن ال خيلق له م هو األدراك عقال جيوز أن ال يدركه عقال كيف وأن هذا الزم على اخلصم يف العلم أيضا فما هو عذره يف العل

عذرنا يف اإلدراك وأما تفسري اإلدراك بنفى اآلفة عمن له احلياة فمما ال يستقيم إذ قد بينا أن اإلنسان جيد من نفسه تفرقة بني

Page 51: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

اإلدراكات وذلك ال بد وأن يكون بأمر زائد على احلياة وانتفاء اآلفة وأال ملا وقع الفرق مث كيف يصح أن يقال فة به ويقال ملن يسمع وبصر وهو مئوف ناقص السميع والبصري هو الذي ال آ

فإن قيل ليس السميع هو من سلبت عنه اآلفة مطلقا بل من سلبت عنه اآلفة يف حمل السمع وكذا يف كل إدراك على حسبه فهو متهافت شنيع فإن من قال السمع هو نفى اآلفة يف حمل السمع فكأنه قال السميع هو من له السمع

ال السميع هو من له السمع لقد كان ذلك كافيا عن ذكر احملل وإذا كان كافيا فكأنه قال يف حمل السمع ولو قالسميع هو الذي ال آفة به إذ ذاك فرجع الكالم األول بعينه مث ان العقل السليم يقضى بوهاء قول من فسر السمع

والبصر بنفى اآلفة دون العلم والقدرة وغريها

لفرق مل جيد عنه خملصا بل كل ما ختيل من منع تفسري العلم والقدرة بانتفاء اآلفة من الصفات مع أنه لو سئل عن ا فهو بعينه يف اإلدراك حجة لنا

وأما القول بأن ذلك يفضى إىل قدم املبصرات واملسموعات فمن عرف كيفية تعلق العلم هبا يف القدم كما أشرنا سمع والبصر مبتعلقاهتما احلادثة ال يتقاصر عن تعلق العلم إليه مل خيف عليه دفع هذا اإلشكال ههنا فإن تعلق ال

مبتعلقاته احلادثة فما به دفع اإلشكال مث به دفعه ههنا وأما إشتراط البنية املخصوصة فمما ال سبيل إليه إذ القائل به معترف أن اإلدراك قائم جبزء واحد من مجلة املدرك

مبا جاوره إذ االجسام ال يؤثر بعضها يف بعض فيما يرجع إىل ما يقوم هبا وعند ذلك فال خيفى أنه ال أثر التصال حمله من األعراض بل اجلوهر الفرد يكون على صفته عند اجملاورة به لغريه يف حال انفراده وإذا جاز قيام اإلدراك جبزء

واحد يف حال انفراده واتصاله لزم أن ال تكون البنية املخصوصة شرطا رناه االجتماع وسائر األعراض اإلضافية حيث إهنا تقوم باجلوهر عند إضافته وضمه إىل غريه وال يلزم على ما ذك

وال تقوم به عند أنفراده ألنا نقول الكون القائم بكل جرم يف حالة االجتماع هو بعينه قائم يف حالة االفتراق مطلقا ى اجتماعا وبعد االفتراق ال يسمى كذلك وإن واملختلف إمنا هو األمساء فإن ما هو قائم عند ضميمة غريه إليه يسم

سلم أنه ال يبقى لكنه غري الزم وذلك أن الصفات العرضية منها ما يقتضى لذاته الضم واالجتماع بني احملال كبعض األمور اإلضافية ومنها ما ال يقتضى ذلك كما

اإلضافية على ما ذكر أن يكون غريها يف السواد والبياض وحنوها مما ليس بصفة إضافية وال يلزم من كون الصفات مثلها وال خيفى أن اإلدراك ليس من ذلك القبيل املفتقر إىل اجلمع والضم يف األجرام

ومما يدل على أن اإلدراك غري مفتقر إىل البنية وخيص البصريني القائلني بكون البارى مدركا أن يقال لو كانت البنية ذهبوا اليه واعتمدوا عليه يف االشتراط ولو كان كذلك لوجب كون البارى شرطا لوجب طردها شاهدا وغائبا كما

ذا بنية خمصوصة لضرورة األعتراف بكونه مدركا وإذا ذاك فينقلب اإللزام وتتساوى فيه األقدام هم الغى فإن قيل اشتراط البنية إمنا هو يف حق املدرك بادراك فال يلزم البنية يف حقه تعاىل فانظر إىل هؤالء كيف ساق

إىل كشف عوراهتم وإبداء زالهتم ومناقضة أصوهلم وخمالفة رسومهم وحتملهم باجلهالة فيما ال يعلمون وإصرارهم على الباطل فيما يقولون حيث إهنم جعلوا احلياة شرطا يف الشاهد لكون العامل عاملا بعلم مث طردوا ذلك يف حق

مل يكن عاملا بعلم ومل جيعلوا البنية شرطا لكون املدرك مدركا مىت مل الغائب حىت قالوا إن احلياة شرط كونه عاملا وإنيكن مدركا بإدراك لضرورة كوهنا شرطا لكون املدرك بإدراك ومل يعلموا أهنم يف ذلك متحكمون وبدعواه

متجاهلون وأهنم لو سئلوا عن الفرق مل جيدوا إليه سبيال

Page 52: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

إلدراكات غري مستقيم وذلك من جهة أن االلتباس فيها ال يكون وأما القول بأن ذلك يفضى إىل االلتباس بني ا بسبب احتاد حملها وإال ملا تصور قيام عرضني

متغايرين مبحل واحد وإال ومها متشاهبان وال خيفى أن قيام الطول مثال والسواد وغريه من الكيفيات مبحل واحد شياء إال ملا يقع بينها من التشابه يف أنفسها وال خيفى انتفاء جائز وإن قرر أنه الشتباه فعلى هذا ليس االلتباس بني األ

التشابه بني اإلدراكات يف أنفسها وأن احلاصل من كل واحد غري ما حصل من اآلخر وعلى ما أشرنا إليه من التحقيق يتبني أن ما ذكروه يف السمع والبصر وغريمها من اإلدراكات مل خيل إما أن يكون

شئ منها إليه أو بإتصال شئ منه هبا فإن قيل باألول فاخلارج اما جوهر وإما عرض ال جائز أن إدراكها لشئ خبروجيكون جوهرا وإال فهو إما متصل أو منفصل ال جائز أن يكون متصال وإال لزم أن يكون قد خرج من اجلرم الصغري

طل أيضا وإال ألحس به اخلارج منه جرم مأل نصف كرة العامل واتصل بالثوابت وهو متعذر وإن كان منفصال فهو باوللزم أال يدرك املدرك بسبب أن ما به اإلدراك خارج عنه وأن ال خيتلف الشئ املدرك أو املسموع بسبب القرب

والبعد لكون ما به اإلدراك قد أحاط هبما ه أوجب احملاالت هذا إن كان جوهرا وإن كان عرضا فهو ممتنع أيضا إذ العرض ال حترك له بنفسه وان حترك مبحل

السابق ذكرها فإن قيل إن ما بني البصر واملبصر من اهلواء املشف يستحيل آلة دراكه قلنا فيلزم أن تكون استحالته عند اجتماع املبصرين أشد وإذ ذاك فيجب أن يكون إدراك الواحد للشئ عند االجتماع

وللزم أن يضطرب الشئ املبصر عند تشويش اجلو أشد من حالة االنفراد لكون االستحالة يف اآللة الدراكة أشد واضطراب الرياح بسبب جتدد اآللة الدراكة وهو ممتنع هذا إن قيل خبروج شئ من البصر إىل املبصر

وإن قيل إن شيئا من املبصر يتصل بالبصر حبيث ينطبع فيه ويدركه فإما أن يكون ذلك على جهة االنتقال مثيل من غري انفصال شئ من املبصر وعلى كال التقديرين فهو باطل وإال للزم ان واالنفصال أو على االنطباع والت

ال يدرك الشئ املرئى إال على حنو ما انطبع منه يف البصر من غري زيادة وال نقصان ولو كان كذلك ملا رؤى احلمل كون املنطبع منتقال وال فهو أو اجلبل على هيئته بل على حنو ما ينطبع منه يف البصر وهو هوس مث إنه ال جائز أن ي

إما جوهر وإما عرض ال جائز ان يكون جوهرا ملا أسلفناه وأيضا فإنه يلزم منه أن حتترق العني عند كون املرئى نارا وهو ممتنع وإن كان عرضا فهو أيضا باطل ملا سلف فتبني من هذا أن االدراك ليس إال معىن خيلقه اهللا تعاىل للمدرك

االنتقال واالنطباع يف اآلالت واألدوات وحيث مل يكن للعني أو اليد وغري ذلك من اجلوارح قوة مع قطع النطر عن اإلدراك فليس لعدم صالحيته لإلدراك بل ألن اهللا تعإىل مل خيلق له اإلدراك وهذا األصال عظيم مطرد عند احملققني

من أهل احلق يف سائر اإلدراكات

ر اإلدراكات فقد سبق وجه االنفصال عنه فال حاجة إىل إعادته وأما ما أشري إليه من النقض بسائ وعند هذا فيجب أن يعلم أن املستند يف إثبات صفة احلياة ما هو املستند يف اإلدراكات وباقى الصفات

خامتة جامعة هلذا القانون

إن قيل فهل للبارى تعاىل أخص وصف يتميز به عن املخلوقات زائدة على ما أثبتموه من الصفات وهل جيوز أن يكون له صفة

Page 53: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وهل الصفة نفس الوصف أم غريه وإن كانت غريه فهل هى عني املوصوف أم غريه أم ال هى هو وال هى غريه

قلنا أما السؤال األول فقد قال بعض األصحاب فيه إنه ال بد من صفة وجودية إذ التمييز بني الذوات غري حاصل مبا يتخيل من األمور

النفيية كما يف قولنا إنه ال حد له وال هناية وليس جبسم وال عرض وحنو ذلك السلبيةلكن هل جيوز ان يدرك أم ال اختلفوا فقال بعضهم إن استدعاء التمييز بالوصف األخص إمنا يكون عند االشتراك

ن يشاركها يف كوهنا جواهر بني الذوات والبارى تعاىل مباين بذاته جلميع خملوقاته وأنه ليس مبجانس هلا وإال للزم أ وأعراضا وكل ذلك حمال كما سيأتى وهو األغوص

وأما السؤال الثاىن فمما اختلف فيه ايضا فقال بعضهم ال جيوز أن يكون له صفة زائدة على ما أثبتناه من جهة أن الدليل الذى دل

إما أن تكون صفة كمال أو نقصان فإن عليها مل يدل على غريها وأيضا فإنه لو جاز أن يكون له صفة أخرى مل خيل كانت صفة كمال فعدمها يف احلال نقصان وان كانت صفة نقصان فثبوهتا له ممتنع وهذا فيه نظر فإن غاية ما يلزم من انتفاء داللة الدليل على الوصف انتفاء العلم بوجوده وذلك مما ال يالزمه القو ل بنفى جتويزه وليس يلزم من

ون معدوما حىت يقال إن عدمه يكون نقصا نعم لو قيل إن له صفة جائزة له وليست يف احلال كونه جائزا أن يك ثابتة له لقد كان ذلك ممتنعا

فإذا األقرب ما ذكره بعض األصحاب وهو أن ذلك جائز عقال وان مل نقض بثبوته لعدم العلم بوقوعه عقال معال الوجود يف ذاته نقصا إال أن يكون ما هو جائز له غري ثابت وانتفاء اإلطالق به شرعا وذلك مما ال يوجب لواجب

ومن األصحاب من زاد على هذا وأثبت العلم بوجود صفات زائدة على ما أثبتناه وذلك مثل البقاء والوجه والعينني واليدين ومن احلشوية من زاد على ذلك حىت

مساء الدنيا وعند التحقيق فهذه الصفات مما ال دليل أثبت له نورا وجنبا وقدما واالستواء على العرش والنزول إىل على ثبوهتا

أما البقاء فليس زائدا على معىن استمرار الوجود فمعىن قولنا إن الشئ باق أنه مستمر الوجود وإنه ليس بباق أنه مث ولو كان غري مستمر الوجود وذلك ال يزيد على نفس الوجود فيما يعرض من األحوال املعددة واملدد املسرمدة

البقاء صفة زائدة على نفس الوجود فإما أن يكون موجودا او معدوما فإن كان معدوما فال صفة وان كان موجودا لزم ان يكون له بقاء وإال فال يكون مستمرا وذلك يف صفات البارى تعاىل حمال وإن كان له بقاء فالكالم يف ذلك

ى إىل ما ال هناية له وهو حمال البقاء كالكالم يف االول وهلم جرا وذلك يفضمث يلزم منه أن يكون البقاء قائما بالبقاء وذلك ممتنع إذ ليس قيام أحدمها باآلخر بأوىل من العكس الشتراكهما يف احلقيقة واحتادمها يف املاهية وهذا الذى ذكرناه مما ال يفرق فيه بني موجود وموجود ال شاهدا وال غائبا فإذا ليس

زائدة على نفس الباقى البقاء صفة وأما ما قيل بثبوته من باقى الصفات

فاملستند فيها ليس إال املسموع املنقول دون قضيات العقول واملستند يف الوجه

Page 54: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

قوله ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام ويف اليدين قوله تعاىل موخبا إلبليس ما منعك أن تسجد ملا خلقت بيدى فإنك بأعيننا وقوله جترى بأعيننا ويف النور قوله تعاىل نور السموات واألرض ويف اجلنب قوله ويف العينني قوله تعاىل

تعاىل يا حسرتى على ما فرطت يف جنب اهللا ويف الساق قوله تعاىل يوم يكشف عن ساق ويف القدم قوله عليه محيمهم قالت النار هل من مزيد فيضع السالم وإذا كان يوم القيامة واستقر أهل اجلنان يف نعيمهم وأهل النريان يف

اجلبار قدمه فيها فتقول قط قط أي حسىب حسىب ويف النزول قوله عليه السالم إن اهللا ينزل يف كل ليلة إىل مساء الدنيا فيقول هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له ويف االستواء قوله تعاىل مث استوى على العرش و

يات إىل غري ذلك من اآل

واعلم أن هذه الظواهر وإن وقع االغترار هبا حبيث يقال مبدلوالهتا ظاهر من جهة الوضع اللغوى والعرف االصطالحى فذلك ال حمالة اخنراط يف سلك نظام التجسيم ودخول يف طرف دائرة التشبيه وسنبني ما يف ذلك من

س كمثله شئ وهو السميع البصري الضالل ويف طيه من احملال إن شاء اهللا بل الواجب أن يقال ليفإن قيل بأن ما دلت عليه هذه الظواهر من املدلوالت وأثبتناه هبا من الصفات ليست على حنو صفاتنا وال على ما نتخيل من احوال ذواتنا بل خمالفة لصفاتنا كما ان ذاته خمالفة لذواتنا وهذا مما ال يقود إىل التشبيه وال يسوق إىل

التجسيم وإن كان يف نفسه جائزا لكن القول باثباته من مجلة الصفات يستدعى دليال قطعيا وهذه الظواهر وإن أمكن فهذا

محلها على مثل هذه املدلوالت فقد أمكن محلها على غريها أيضا ومع تعارض االحتماالت وتعدد املدلوالت فال قطع وما ال قطع عليه من الصفات ال يصح إثباته للذات

ا هذه االحتماالت الىت بتدوهنا الىت تعنوهنا قلنا فإن قيل وم

أما لفظ اليدين فإنه حيتمل القدرة وهذا يصح أن يقال فالن يف يدى فالن إذا كان متعلق قدرته وحتت حكمه وقبضته وإن مل يكن يف يديه اللتني مها مبعىن اجلارحتني أصال وعلى هذا حيمل قوله عليه السالم قلب املؤمن بني

من أصابع الرمحن إصبعنيفإن قيل يلزم من ذلك إبطال فائدة التخصيص بذكر خلق آدم باليدين من حيث إن سائر املخلوقات إمنا هى خملوقة

بالقدرة القدمية فإذا قال ما منعك أن تسجد ملا خلقت بيدى أي بقدريت مل يكن له معىن ام كما خصص املؤمنني بلفظ العباد واضافهم قلنا ال يبعد أن تكون قائدة التخصيص بالذكر التشريف واالكر

بالعبودية إىل نفسه وكما أضاف عيسى والكعبة إىل نفسه ومل تكن فائدة التخصيص بالذكر اختصاص ما أضافه إىل نفسه باإلضافة بل التشريف واالكرام ال غري مث إنا قد بينا ان للبارى تعاىل قدرة وهى معىن يتأتى به اإلجياد واليدان

ن يتأتى هبما االجياد واخللق او ليس فإن تأتى هبما االجياد فهى نفس القدرة ال زائدا عليها وإن اختلفت اما االعبارات الدالة عليها والقول بالتعدد يف صفة القدرة مما ال سبيل إليه ملا أشرنا إليه وأما إن كانت مما ال يتأتى هبا

اإلجياد واخللق

غري القدرة ما يفضى إىل الكذب يف اآلية حيث أضاف اخللق واإلجياد إليهما وال حمالة فال حمالة أن يف محل اليدين إىلأن حمذور إبطال فائدة التخصيص أدىن من احملذور الالزم من الكذب وعلى تقدير التساوى فاالحتمال قائم والقطع

منتف

Page 55: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الن مبرأى من فالن ومسمع إذا كان ممن وأما قوله جترى بأعيننا فإنه حيتمل احلفظ والرعاية وهلذا تقول العرب فحيوط به حفظه ورعايته ويشمله رفده ورعايته وقد قيل إنه حيتمل أن يراد باألعني ههنا على اخلص ما انفجر من

األرض من املياه وأضافها إىل نفسه إضافة التملك ومحله عليه أوىل من جهة أنه وقوله ويبقى وجه ربك فإنه حيتمل أن يكون املعىن بالوجه الذات وجمموع الصفات خصصه بالبقاء وذلك ال خيتص بصفة دون صفة بل هو بذاته وجمموع صفاته باق

وقوله اهللا نور السموات واألرض فإنه حيتمل أن يكون املراد به أنه هادى أهل السموات واألرض ويكون اطالق اسم النور عليه باعتبار هذا املعىن

ت يف جنب اهللا فيحتمل أن يكون املراد به أمر اهللا وهنية فيكون تقدير ذلك يا حسرتا وقوله يا حسرتى على ما فرطعلى ما فرطت يف امتثال أوامر اهللا ونواهيه وحيتمل ان يكون املراد به اجلناب ومنه يقال فالن الئذ جبنب فالن اى

جبنابه وحرمه عن ما يف القيامة من األهوال وما أعد للكفار واما قوله يوم يكشف عن ساق فيحتمل أن يكون املراد به الكشف

من السالسل واألغالل وهلذا يقال قامت احلرب على ساق عند التحامها وتصادم أبطاهلا واشتداد اهواهلا وقوله عليه السالم فيضع اجلبار قدمه ىف النار فقد قيل حيتمل أن يراد به بعض االمم املستوجبني النار وتكون إضافته

اجلبار تعاىل إضافة التمليك وقد قيل حيتمل أن يكون املراد به قدم بعض اجلبارين املستحقني للعذاب األليم القدم إىل بأن يكون قد أهلم اهللا النار االستزاده إىل حني استقرار قدمه فيها

ب استوى األمري وأما آية االستواء فإنه حيتمل أن يكون املراد التسخري والوقوع يف قبضة القدرة وهلذا تقول العرعلى مملكته عند دخول العباد حتت طوعه يف مراداته وتسخريهم يف مأموراته ومنهياته وإليه اإلشارة بقول الشاعر

من غري سيف ودم مهراق ... قد استوى بشر على العراق ...

الستعالء وتكون فائدة التخصيص بذكر العرش التنبيه باألعلى على األدىن فيما يرجع إىل االستيالء واوأما خرب النزول فانه حيتمل أن يكون املراد النزول مبعىن اللطف والرمحة وترك ما يليق بعلو الرتبة وعظم الشأن واالستغناء الكامل املطلق وهلذا تقول العرب نزل امللك مع فالن إىل أدىن الدرجات عند لطفه به وإحاطته بعنايته

ذلك انبساط اخللق على حضرة اململكة بالتضرع بالدعوات والتبتل وانبساطه يف حضرة مملكته وتكون فائدة بالعبادات وغري ذلك من الرياضات يف حتصيل املقاصد واملطلوبات وإال فلو نظر إىل ما يليق مبملكته وعلو شأنه

ىل عظمته وعظمته ملا وقع التجاسر على خدمته والوقوف بعتبته فإن العباد وعباداهتم من صومهم وصالهتم بالنسبة إوجالله دون حتريك أمنلة بعض العباد يف معرض الطاعة واخلدمة لبعض ملوك البالد ومن فعل ذلك فإنه يعد يف

العرف مستهينا ومستهزئا باململكة وخارجا عن إرادة التعظيم فما ظنك مبا هو يف دون من الرتبة إىل رتبه العلى فلذلك جعل النزول إليها مبالغة وأما التخصيص بسماء الدنيا فمن حيث إهنا أدىن الدرجات بالنسبة

يف اللطف كما يقال للواحد منا صعد إىل السماء

ونزل إىل الثرى إذ هى أدىن الدرجات بالنسبة إىل رتبته يف جانىب النزول والرفعة ملا ذكرناه و خصص النزول باللياىل خلالق الربيات وقد قيل إنه حيتمل أن يكون دون األيام من حيث إهنا مظنة اخللوات ووقت التضرع والدعوات

املراد بنزول اهللا نزول ملك هللا جتوزا واستعارة كما قال وأسأل القرية أي أهل القرية وكقوله الذين حيادون اهللا

Page 56: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ورسوله أي أولياءه ويقول على لسانه هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له وذلك كما يقال نادى لك كذا على كذا وإن كان املنادى والقائل بذلك القول غريه امللك وقال امل

وليس تأويل هذه الظواهر ومحلها على هذه احملامل مبستبعد كما محل قوله تعاىل وهو معكم أينما كنتم وقوله ما و جل يكون من جنوى ثالثة إال هو رابعهم وال مخسة إال هو سادسهم على معىن احلفظ والرعاية وكما محل قوله عز

على ما أخرب به نبيه عليه السالم من اتاىن ماشيا أتيت إليه هرولة على معىن التطول واإلنعام فإن مل يقل بالتأويل مث وجب اال يقال به ههنا وإن قيل به ههنا وجب القول به مث إذ ال فارق بني الصورتني وال فاصل بني احلالتني

وأما السؤال الثالث كلمني فيه فقد اضطربت آراء املت

فذهبت املعتزلة إىل أن الصفة هى نفس الوصف والوصف هو خرب اخلبري عمن اخرب عنه بأمر ما كقوله إنه عامل أو قادر أو أبيض أو أسود وحنوه وأنه ال مدلول للصفة والوصف إال هذا ولرمبا احتجوا يف ذلك بأنه لو خلق اهللا تعاىل

عض املخلوقات مل يصح تسميته باعبتار ذلك واصفا ولو أخرب عنه بأنه عامل العلم أو القدرة أو غريمها من الصفات لبأو قادر أو غري ذلك صح القول بتسميته واصفا والصفة جيب أن تكون ما يكون هبا الواصف واصفا وليس على

ف والصفة هذا النحو غري القول واإلخبار ولعل منهم من يستند يف ذلك إىل النقل عن أهل الوضع أهنم قالوا الوصمبعىن واحد كما يقال الوجه واجلهة والوعد والعدة وإذا كان كذلك فالوصف هو القول والصفة هى القول لكوهنا

يف معناه مث بنوا على ذلك انتفاء الصفات عن البارى تعاىل يف األزل لضرورة استحالة القول بوجود الواصف يف القدم

وصف مشتقا منها وهو دال عليها وذلك مثل العلم والقدرة وحنوه وأما معتقد أهل احلق فالصفة هى ما وقع ال فاملعىن بالصفة ليس إال هذا املعىن واملعىن بالوصف ليس

اال ما هو دال على هذا املعىن بطريق االشتقاق وال خيفى ما بينهما من التغاير يف احلقيقة والتنافر يف املاهية فاخلالف عىن صفة وحاصل النزاع يف ذلك مما ال مطمع فيه باليقني وامنا هو مستند إىل إن وقع فليس إال يف تسمية هذا امل

الظن والتخمني ويكفى يف ذلك ما نقل عن العرب واشتهر استعماله يف ألسنة أهل األدب أن الصفة منقسمة إىل ا شاع وال ذاع وعدم خلقية الزمة وغري خلقية مث فسروا اخللقية بالسواد والبياض وحنوه ولوال أن ذلك جائز وإال مل

اشتقاق اسم منه ملن أبدعه وخلقه ال يدل على امتناع تسميته صفة جلواز أن يكون اشتقاق ذلك االسم من الوصف دون الصفة مث ولو وجب اشتقاق اسم الواصف من الصفة لكونه خالقها لوجب اشتقاق اسم الزاىن واملؤذى

لكونه خالقها وهو حمال واملفسد للبارى تعإىل من الزىن والفساد واألذىوما نقل عن العرب من قوهلم إن الوصف والصفة مبنزلة الوعد والعدة ومها مبنزلة واحدة حيتمل أن يكون املراد

بذلك التسوية بينهما يف املصدرية فإنه يصح أن يقال وصفته وصفا ووصفته صفة كما يقال وعدته وعدا ووعدته ف هو الصفة للواصف املخرب فإن قيامه به ال حمالة صفة له والواجب جعل ما عدة أو أهنم أرادوا بقوهلم أن الوص

صح نقله عنهم من هذا القبيل على مثل هذه املعاىن أو عينها مجعا بني النقلني وعمال بكال الدليلني وإذا عرف أن الصفة غري الوصف فهل هى نفس املوصوف أم غريه أم ال هى هو وال هى غريه فالذى ذهب إليه

الشيخ أبو احلسن وعامة االصحاب أن من الصفات ما يصح أن يقال هى عينه وذلك كالوجود ومنها ما يقال إهنا غريه وهى كل صفة أمكن مفارقتها

Page 57: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

للموصوف جبهة ما كما يف صفات الفعال من كونه خالقا ورازقا وحنوه ومنها ما ال يقال إهنا عينه وال غريه وهى قتها بوجه ما كالعلم والقدرة وغريمها من الصفات النفسية لذات واجب الوجود بناء كل صفة امتنع القول مبفار

على أن معىن املتغايرين كل موجودين صحت مفارقة أحدمها لآلخر جبهة ما كالزمان واملكان وحنوه وهذا الكالم ىل أمر يقيىن وال إىل معىن بعينه جار يف تغاير الصفات النفسية بعضها مع بعض أيضا وهذا مما ال أرى حاصله يرجع إ

قطعى وإمنا هو راجع إىل أمر اصطالحى والواجب أن جيرد النظر إىل التحقيق ويكشف عن غور مزلة الطريق فنقول الواجب أن كل ذات قامت هبا صفات واجبة زائدة عليها فالذات غري الصفات وكذا كل واحد من الصفات غري

قيقة كل واحد واملفهوم منه عند انفراده غري مفهوم اآلخر ال حمالة نعم إن مل األخرى إن اختلفا بالذوات مبعىن أن حيصح اطالق اسم الغريين وال القول به صفة عن ذات اهللا تعاىل وصفاته مع االعتراف بكوهنا خمتلفة احلقائق

والذوات لعدم ورود السمع به فهو جواب لكنه مما ال يقدح يف املطلوب

لتنبيه لدقيقة وهو أنه وان كانت الصفات غري ما قامت به من الذات فالقول بأهنا غري مدلول وعند ذلك فال بد من ااالسم املشتق منها أو ما وضع هلا وللذات من غري اشتقاق وذلك مثل صفة العلم بالنسبة إىل مسمى العامل أو مسمى

ومعىن ما قيل إهنا ليست عينه أو غريه اإلله غري صحيح وكذلك ال يصح أن يقال بأهنا عينه أيضا فإهنا إدراك جزءفعلى هذا وإن صح القول بأن علم اهللا تعاىل غري ما قارنه من الذات ال يصح أن يقال إن علم اهللا تعاىل غري مدلول

اسم اهللا وال عينه إذ ليس هو غري جمموع الذات مع الصفات وأيضا فإنه لو قطع النظر عن الذات أو بعض الصفات قى هو مدلول اسم اإلله ولعل هذا ما أراده احلذاق من األصحاب يف أن الصفات النفسية ال هى هو وال ملا كان البا هى غريه

وهذا آخر ما أردناه ذكره من هذا القانون واهللا املستعان

القانون الثالث

يف وحدانية البارى تعإىل

رأى الفالسفة اإلهليني

ل واحد من صفات اإلهلية ما لصاحبه وبيان استحالة القول باجتماع اإلهلني لكوقد سلك الفالسفة طريقا يف التوحيد حاصله يرجع إىل امتناع وقوع الشركة يف نوع واجب الوجود واستحالة

وجود واجبني وقد أشرنا إليها يف مبدأ قانون الصفات وإىل ما يرد عليها من االعتراضات فال حاجة إىل ذكرها ثانيا سلك عامتهم يف اإلثبات مسلكني ضعيفني وأما املتكلمون فقد

املسلك األول أهنم قالوا لو قدرنا وجود اإلهلني وقدرنا أن أحدمها أراد حتريك جرم ما واألخر أراد تسكينه فإما أن تنفذ إرادة كل واحد منهما أو ال تنفذ وال لواحد منهما أو ألحدمها دون األخر فإن نفذت إرادهتما أفضى ذلك إىل

احلركة والسكون يف شئ واحد يف حالة واحدة وذلك حمال وان مل تنفذ ارادهتما أفضى إىل عجز كل واحد اجتماع منهما و إىل أن يكون اجلرم الواحد خيلو من احلركة والسكون معا وهو حمال ايضا

Page 58: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

والعجز ال وان نفذت ارادة أحدمها دون اآلخر أفضى إىل تعجيز احدمها ولو عجر أحدمها لكان عاجزا بعجز قدمي يكون اال عن معجوز عنه وذلك يفضى إىل قدم املعجوز عنه وهو ممتنع

لكن منشأ اخلبط وحمز الغلط يف هذا املسلك إمنا هو يف القول بتصور اجتماع إرادتيهما للحركة وليس ذلك مما لة االنفراد أن تتعلق يسلمه اخلصوم وال يلزم من كون احلركة والسكون ممكنني وتعلق اإلرادة بكل واحد منهما حا

هبما حالة االجتماع ووزانه ما لو قدرنا ارادة احلركة والسكون من أحدمها معا فإنه غري متصور ولو جاز تعلقها بكل واحد منهما منفردا وليس هذا إحالة ملا كان جائزا يف نفسه فان ما كان جائزا هو إرادته منفردا واحملال إرادته

يندفع قول القائل إن ما جاز تعلق االرادة به حالة االنفراد جاز تعلقها به حالة االجتماع يف حال كونه جمامعا وهبذاإذ االجتماع ال يصري اجلائز حماال وهذا الكالم بعينه يف اإلرادة هو أيضا الزم يف صفة القدرة وأما القول بأن عجز

القادر قادر بقدرة قدمية فإن استدعى العجز احدمها يستدعى عجزا قدميا و معجوزا عنه فيلزم مثله يف القدرة فإن قدم املعجوز عنه وجب أن تستدعى القدرة قدم املقدور

فإن قيل القدرة ليس معناها غري التهيؤ واالستعداد لإلجياد واإلحداث وذلك ال يستدعى قدم املقدور قيل والعجز ال ئ ما ال بل أوىل فإن وجود القدرة إذا مل معىن له إال عدم القدرة على اإلحداث وذلك أيضا ال يوجب قدم ش

يستدع مقدورا فعدمه بعدم االستدعاء أوىل

املسلك الثاىن هو أهنم قالوا الطريق املوصل إىل معرفة البارى تعاىل ليس إال وجود احلادثات لضرورة افتقارها إىل مرجح ينتهى األمر عنده وهى ال تدل على أكثر من واحد

ى فإن حاصلة يرجع إىل نفى الدليل الدال على وجود االثنني وال بد فيه من االستناد إىل البحث وهو أيضا مما ال يقووالتفتيش وذلك غري يقيىن على ما ال خيفى مث ولو قدر انتفاء كل دليل فذلك مما ال يكفى من رام نفى املدلول جلواز

وجوده يف نفسه وانتفاء دليله فالصواب يف هذا الباب

قدرنا وجود اإلهلني مل خيل اما أن يشتركا من كل وجه أو خيتلفا من كل وجه أو يشتركا من وجه دون أن يقال لووجه فإن كان االول فال تعدد وال كثرة وان كان الثاىن فال حمالة أهنما مل يشتركا يف وجوب الوجود وال فيما جيب

كون إهلا وإن كان الثالث فتخصيص ما به هللا من الكماالت ويستحيل عليه من الصفات وإذ ذاك فأدحهما ال ياالشتراك مما به االفتراق يف كل واحد منهما اما أن يستند اليه أو إىل خارج عنه فان استند اليه فإما أن يكون ذلك له بالذات أو باإلرادة ال جائز أن يكون له لذاته واال لوجب االشتراك فيه لضرورة أن املقتضى له فيهما واحد وإن

لك له باإلرادة استدعى كونه متحققا وموجودا دون ما خصصه وهو حمال وان كان ذلك مستندا إىل خارج كان ذلزم أن يستندا يف وجوهبما كل واحد على صاحبه وهو ممتنع ومع كونه ممتنعا فيلزم أن يكون كل منهما ممكنا

وجوده وهو حمال

ا أن يستند يف وجوده إليهما أو إىل أحدمها ال جائز أن وأيضا فإنا لو قدرنا وجود إهلني وقدرنا وجود حادث فإميستند إليهما فإنه إما أن يضاف حدوثه بكليته إىل كل واحد منهما جبهة االستقالل أو يكون مضافا إليهما على وجه

س ما لو قدر عدم أحدمها مل يكن موجودا فإن كان القسم األول فهو ظاهر اإلحالة مث يلزم إسقاط تأثري أحدمها ولييفرض اسقاط تأثريه بأوىل من اآلخر وذلك يفضى إىل إسقاط تأثريمها معا الستحالة اجلمع بني التأثري واستقالل

أحدمها وان كان القسم الثاىن فهو حمال أيضا فإن إجياد كل واحد منهما ليس إال باإلرادة والقصد ال بالطبع

Page 59: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ه وإذ ذاك فيمتنع قصد كل واحد منهما إىل اإلجياد لتعذر والذات لضرورة كون املوجود املفروض حادثا كما سنبيناستقالله به ويتعذر قصده أيضا إىل بعض اإلجياد لتعذر وقوعه به وعلى هذا ميتنع وقوع االجياد لتعذر وقوع

قصديهما وقد فرض وقوع اإلجياد إما للمشاركة يف نفس القدرة وال جائز أن يقال ما املانع من أن يقصد كل واحد منهما مشاركة اآلخر ألن القصد

أو يف نفس الفعل فان كان األول فمستحيل إذ القدرة اإلهلية غري خمصصة له وإال افضى إىل التسلسل فال يتصور قصد الشركة فيها وان كان الثاىن فال حمالة أن قصد الشركة غري قصد نفس املشترك فيه وقصد املشترك فيه يعىن أن

اإلحداث إىل أحدمها على وجه االستقالل من غري أن يكون لآلخر تأثري ألبته وليس القول يكون مضافا يف اإلجياد و بإضافته إىل احدمها على اخلصوص بأوىل من اآلخر لكوهنما مثلني وذلك يفضى إىل القول بانتفاء احلوادث وهو حمال

ال حمالة أن مريد الشر ال يكون مريدا فإن قيل قد صادفنا يف العامل خريا وشرا وكل واحد منهما يدل على مريد له و للخري وكذا بالعكس واختالف املرادات يدل على اختالف املريد

قلنا االستدالل على وجود اإلله إمنا هو مستند إىل اجلائزات وافتقارها إىل املرجح من حيث هى جائزة وال اختالف ن حيث هو وجود خري حمض ال شر فيه وهو ما يقع بينها فيه والفاعل هلا إمنا يريدها من حيث وجودها والوجود م

مرادا للبارى تعاىل وأما الشر من حيث هو شر فليس هو مستندا إال إىل اختالف األغراض أو إىل قول الشارع افعل أو ال تفعل كما سنبينه وذلك مما ال يوجب كونه شرا يف نفسه فإذا ليس الشر مبا هو شر ذاتا يطلب حدوثها

يقال إن ما اقتضاه جيب أن يكون غري ما اقتضى نفس اخلري مث لو قدرنا أن ذلك مما يصح قصده وال عدمها حىتوأنه ذات وأنه حقيقة لكن ال خيفى التحكم بدعوى انتسابه يف اإلجياد إىل غري ما نسب إجياد اخلري له بل ال مانع من

الح واألصلح وحتسني الفعل لذاته وتقبيحه أن يكون إجيادمها بإجياد موجد واحد إال على فاسد أصل القائل بالص وسيأتى وجه إبطاله إن شاء اهللا

وهذا آخر ما أردنا ذكره ههنا واهللا املوفق للصواب

القانون الرابع

يف إبطال التشبيه وما جيوز عليه تعاىل وما ال جيوز ويشتمل على قاعدتني أ يف بيان ما جيوز على اهللا تعاىل ب يف بيان عليه سبحانه ما ال جيوز

القاعدة األوىل

يف بيان ما جيوز على اهللا تعاىل وقد أطبقت األشاعرة وغريهم من أهل احلق على جواز رؤية البارى عقال ووقوعها شرعا وامجعت الفالسفة ومجاهري

املعتزلة على انتفاء ذلك مطلقا ومن أهل الضالل من فصل وقال إنه يرى نفسه وإمنا ميتنع ذلك على غريه

والواجب البداية بتقدمي النظر يف طرف اجلواز العقلى أوال مث يف وقوعه شرعا ثانيا وقد سلك املتكلمون يف ذلك من أهل احلق مسالك ال تقوى

املسلك األول

Page 60: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

هو ما اشتهر من قوهلم الرؤية تتعلق باملوجودات املختلفة كاجلواهر واألعراض وال حمالة أن متعلق الرؤية فيها ليس ما هو ذات ووجود وذلك ال خيتلف وان تعددت املوجودات وأما ما سوى ذلك مما يقع به االتفاق واالفتراق إال

فأحوال ال تتعلق هبا الرؤية لكوهنا ليست بذوات وال وجودات وإذا كان متعلق الرؤية ليس إال نفس الوجود وجب أن تتعلق الرؤية بالبارى لكونه ال حمالة موجودا

التحقيق علم أن املتعلق به منحرف عن سواء الطريق ومن نظر بعنيوذلك أنه وإن سلم جواز تعلق الرؤية باجلواهر واألعراض مع امكان النزاع فيه فهو ال حمالة إما أن يكون من

و املعترف باألحوال أو قائال بنفيها فإذا كان من القائل هبا فالوجود الذى هو متعلق الرؤية حينئذ ال بد وأن يكون هنفس املوجود ال زائدا عليه وإال كان حاال وخرج عن أن يكون متعلق الرؤية وإذا كان هو نفس املوجود وليس

بزائد على الذات فال بد من بيان االشتراك بني الذوات املوجودة شاهدا وغائبا واال فال يلزم من جواز تعلق الرؤية مما ال سبيل اليه واال كان البارى ممكنا ملشاركته املمكنات بأحد املختلفني جواز تعلقها باآلخر وال خيفى أن ذلك

بذواهتا يف حقائقها وهو متعذر مث ولو قيل ليس متعلق اإلدراك هو نفس الوجود بل ما وقع به االفتراق واالختالف بني الذوات كما ذهب اليه

الدعوى وليس من الصحيح ما قيل يف بعض اخلصوم من املعتزلة مل جيد يف دفع ذلك مستندا غري االستناد إىل حمض دفعه من أن اإلدراك اخص من العلم والعلم عند اخلصم مما ال يصح تعلقه باألحوال على حياهلا فيمتنع دعوى تعلق ما هو أخص هبا فإنه ال يلزم من انتفاء تعلق العلم بشئ على حياله وان كان أعم إنتفاء تعلق األخص به اللهم اال ان

ءا من معىن األخص ويكون تعلق األخص به من جهة ما اشتمل عليه من حقيقة ما ختصص به من يكون األعم جزاملعىن العام إذ هو نفس حقيقة ما منع من تعلقه وهو تناقض اما ان كان األعم كالعرض العام لألخص أو هو داخل

عىن يف معناه لكن تعلق املتعلق ليس إال من جهة خصوصه ال من جهة ما يتضمنه من امل

العام فال مانع من ان يكون تعلقه بالشئ على حياله وان كان تعلق املعىن العام به ال على حياله مث ولو قدرنا امتناع تعلق االخص بالشئ على حياله لضرورة امتناع تعلق األعم به على حياله فحاصله إمنا هو راجع

ستقالل بتحصيل املطلوب لضرورة ختطئة اخلصم فيما إىل مناقضة اخلصم يف مذهبه وهو غري كاف فيما يرجع إىل االوقع مستندا له وهو من خصائص مذهبه وهلذا لو اعترف خبطئه فيما ذهب إليه مل يك ما قيل مثمرا للمطلوب وال

الزما عليه كيف وأن ذلك وإن كان مناقضا لبعض اخلصوم كاجلبائى ومن تابعه لضرورة منعه من تعلق العلم مبا وقع اق واالفتراق على حياله فهو غري الزم يف حق غريه اللهم إال أن يكون قائال مبقالته وذلك مما ال سبيل إىل به االتف

دعوى عمومه وان كان من القائلني بنفى األحوال فما وقع به االختالف بني الذوات حينئذ ال مانع من أن يكون من مجلة املصحح

واز تعلق الرؤية بواجب الوجود إال أن يبني أن ما كان مصححا للرؤية يف للرؤية لكونه ذاتا وإذ ذاك فال يلزم منه ج باقى الذوات متحقق يف حق واجب الوجود وهو متعذر

وملا ختيل بعض األصحاب زيغ هذه الطريقة عن الصواب انتهج منهجا آخر فقال إن اجلواهر واألعراض متعلق لق الرؤية ومصححها إما ما به وقع االتفاق أو االفتراق أو مها معا ال الرؤية وال حمالة أن بينهما اتفاقا وافتراقا فمتع

جائز أن يكون املصحح

Page 61: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ما به االتفاق واالفتراق معا أو االفتراق فقط إذ املصحح يكون يف اجلملة خمتلفا واحلكم الواحد يف املعقوالت املصحح ما به اإلتفاق فقط وما ختيل يستحيل أن تكون له علل خمتلفة أو يكون املعلول أعم منه فبقى أن يكون

االشتراك فيه بني اجلواهر واألعراض ليس إال الوجود واحلدوث ال غري واحلدوث ال يصلح أن يكون هو املصحح لتعلق االدراك بالشئ فإنه قد يدرك ال يف حالة حدوثه كيف وأن بعض اجلواهر وبعض اإلعراض حادثة عند اخلصم

متنع أن يكون هو املصحح مث إن معىن احلدوث ليس إال كون الشئ موجودا بعد العدم أي و ال يتعلق هبا اإلدراك فيمل يكن فكان أو أنه ما ال يتم وجوده بنفسه وكل هذه سلوب واعدام ال سبيل إىل القول بتعلق اإلدراك هبا فبقى أن

ز تعلق اإلدراك به يكون املصحح لإلدراك إمنا هو الوجود فقط وواجب الوجود موجود فوجب القول جبواوهذا اإلسهاب أيضا مما ال يشفى غليال إذ القول بأن الرؤية ال بد هلا من مصحح إما أن يراد به الفاعل أو القابل أو

الغاية منه فال معىن حلصره فيما اختلفت فيه القوابل واتفقت بل جاز أن يكون الفاعل امرا خارجا وسواء كان دة وعند ذلك فال بد من أن يتبني حتقق مثله يف جانب تعلق الرؤية بواجب الوجود حىت تأثريه وفعله بالطبع أو االرا

يصح كيف وانه ال يصح ذلك مبجرد حتقق الفاعل مع تعذر القابل وهلذا قالت اخلصوم من اإلهليني إن العقل لنفوس االشتراك يف الفاعل من حتقق وجود العامل علة فاعلية واملعلول متوقف على اعتدال املادة وهتيئها لقبوله فال بد مع

القابل ال حمالة مث ولو قدر احنصار الفاعل فيما وقع به االختالف واالتفاق يف القوابل فال ميتنع أن يكون

ما وقع به االفتراق له مدخل يف التأثري والقول بأن احلكم الواحد العقلى ال يكون له علتان وال يكون أعم من علته العلم مبتعلقاته فإهنا خمتلفة من الواجب واجلائز واملستحيل وال حمالة أنا ال جند معىن واحدا وقضية فيلزم عليه تعلق

متحدة يقع هبا االشتراك بني هذه األقسام الثالثة فان كان البد وأن يكون الفاعل ما وقع به االتفاق واالفتراق بني دا لضرورة عدم االشتراك يف معىن واحدا كما بيناه القوابل فيلزم أن يكون الفاعل ههنا خمتلفا واملعلول متح

مث إن املعلول إمنا يكون أعم من العلة عند القول بتعددها أن لو كان املعلول يف نفسه واحدا ال تكثر فيه أما إذا كان املعلولني دون متعددا بتعدد حماله ومتعلقاته فال إذ ال مانع من ان يكون كل واحد من العلتني املختلفتني يؤثر يف أحد

اآلخر وال يترتب معلول كل واحد على العلة األخرى كيف وأن هذا القائل ممن جيوز صدور املختلفات عن الواحد فما بال الواحد مما ميتنع صدوره عن املختلفات وما الذى ميكن أن يتخيل فارقا بني الصورتني وقادحا يب احلالتني

ن الوجود هو نفس املوجود وأنه ليس بزائد على ذات املوجود فال حمالة أن مث إن هذا القائل إن كان ممن يعترف بأالذوات خمتلفة وال حميص من االعتراف بكون املخصص خمتلفا وعند ذلك فال يلزم من جواز تعلق الرؤية بأحد

مطلقة املختلفني جواز تعلقها باآلخر وان كان ممن يقول بكونه زائدا على ذات املوجود فإما أن يكون قضية مشتركة أو أن يكون له ختصيص بكل واحد من الذوات فإن كان األول فمحال أن يتعلق

به اإلدراك وان كان الثاىن فال خالف يف تغايره وإذ ذاك فال بد من االختالف بني هذه احلودث يف امر زائد على لق الرؤية أو مصححا هلا مع قطع نفس الوجود واال ملا صح القول بالتغاير وعند ذلك فإما أن يكون الوجود متع

النظر عن املخصص فهو ممتنع وإما أن ال يكون مصححا إال بالنظر إىل املخصص فال مانع من جعل املخصص من مجلة املصحح وال مهرب منه هذا ان أريد به الفاعل

تعلق العلم مبتعلقاته مث إنه وإن أريد به القابل فالقابل ملا احتدت حقيقته ال جيب أن يكون هو يف نفسه متحدا كما يفال خالف يف جواز تعدد املقبول واحتاد القابل إذ الشئ الواحد قد يكون قابال للكمية والكيفية واإلضافة وغري ذلك من األغراض مع اختالفها وإذا مل يبعد احتاد القابل مل يبعد احتاد املقبول وتعدد القابل أيضا مث إنه إما أن يكون وجود

Page 62: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الذى هو املصحح هو نفس الوجود أو زائدا عليه وعلى كال التقديرين فيلزم التعدد يف املصحح كما سلف املوجود وإن أريد باملصحح الغاية فهو إن سومح فيه فال معىن حلصره فيما وقع به االتفاق واالفتراق يف القابل أيضا مث يلزم

أريد به ما هو كالذاتى فال خيفى أن قول القائل ما وقع به عليه تعلق العلم مبتعلقاته كما أسلفناه وال حميص عنه وإناالتفاق واالفتراق بني متعلقات اإلدراك يكون ذاتيا لنفس اإلدراك تضليل وحيد عن واضح السبيل كيف ويلزم

عليه أيضا تعلق العلم مبتعلقاته كما سلف حح ال بد وأن يكون أمرا مشتركا فال بد من مث لو سلم أن ما وقع به االفتراق ال يصلح أن يكون مصححا فإن املص

بيان أنه ال مشترك إال الوجود واال فمع جواز القول باشتراكهما يف معىن آخر غري الوجود فيجوز أن يكون هو املصحح أو داخال يف املصحح

لوجود وذلك وعند ذلك فال يلزم جواز تعلق الرؤية بواجب الوجود جلواز أن يكون املصحح غري شامل له كما يف ا ال دليل عليه غري البحث والسرب وهو ما ال يرقى إىل ذروة اليقني بل لعله مما يقصر عن إفادة الظن والتخمني

كيف وأن ما سلم اخلصم تعلق الرؤية به شاهدا ليس إال األجرام أو ما قام هبا دون اجلواهر الىت عنها تكون األجرام ية بكل جرم وكل عرض بل بعضها مما ال تتعلق الرؤية عنده به كما يف بل أخص من ذلك فإنه ال يسلم تعلق الرؤ

اهلواء والطعوم واألراييح وحنوه وإذا مل تتعلق الرؤية بغري األجرام واألكوان فال حمالة أن االجرام عند أهل احلق هى والتأليف ال حمالة كل ما ائتلف من جوهرين فصاعدا ومع قطع النظر عن التأليف فالقول بتفهم معىن اجلرم حمال

عرض وبينه وبني األعراض جمانسة ما واشتراك يف معىن ما وعند ذلك فال مانع من أن يكون املصحح للرؤية هو ذلك املعىن ومع القول به فال سببيل إىل تعلق الرؤية بواجب الوجود لعدم مشاركته لغريه من املرئيات يف ذلك املعىن

الوجود فال بد من بيان أن وجود واجب الوجود جمانس للوجود الذى هو متعلق مث إنه لو قدر أنه ال مشترك إال الرؤية شاهدا حىت يلزم تعلق الرؤية به وذلك مما يعز ويشق جدا

ومما اعتمد عليه أيضا أن قيل الرؤية معىن ال يتأثر به املرئى وال يتأثر منه ال بأفعال وال بانفعال وما هذا حكمه يف من تعلقة وصار حكمه حكم العلم من غري فرق تعلقه فال مانع

واعلم أن هذه الطريقة مع احتاجها إىل تقرير معىن التأثري وحصر املوانع بأسرها ونفيها مما ال حالصل هلا وذلك أنه تعلقني ال خيفى ان تعلق الشئ بغريه ليس مما يتم بانتفاء التأثري وزوال املانع بل البد من بيان الصالحية للتعلق بني امل

ولو انتفى كل ما يقدر من املوانع وعند العود إىل بيان الصالحية والقبولية يرجع الكالم إىل الوجود وتصحيحة للتعلق وقد انتهى القول فيه

فإذا التحقيق يف إيضاح الطريق يتوقف على بيان معىن اإلدراك والكشف عن حقيقته فنقول اإلدراك عبارة عن على ما خييل يف النفس من الشئ املعلوم من جهة التعقل بالربهان أو اخلرب وهلذا جند كمال حيصل به مزيد كشف

التفرقة بني كون الصورة معلومة للنفس مع قطع النظر عن تعلق احلاسة الظاهرة هبا وبني كوهنا معلومة مع تعلق و املسمى إدراكا كما مضى احلاسة هبا فإذا هذا الكمال الزائد على ما حصل يف النفس بكل واحدة من احلواس ه

وقد بينا أن هذه اإلدراكات فيما مضى ليست خبروج شئ من اآللة الدراكة إىل الشئ املدرك وال بانطباع صورة املدرك فيها وامنا هو معىن خيلقه اهللا تعاىل يف تلك احلاسة وقد بينا أن البنية املخصوصة ليست بشرط له كما مضى

بل لو خلق

Page 63: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

يف القلب أو غريه من األعضاء لقد كنا نسمى ذلك مدركا وإذا جاز أن خيلق اهللا تعاىل يف احلاسة اهللا ذلك املعىن زيادة كشف وبيان بالنسبة إىل ما حصل يف النفس فال حمالة ان العقل ال حييل أن خيلق اهللا تعاىل للحاسة زيادة

الزيادة من الكشف إدراكا واجلاحد كشف وايضاح بالنسبة إىل ما حصل يف النفس من العلم به وأن تسمى تلك لذلك خارج عن العدل واالنصاف منتهج منهج الزيغ واإلحنراف

ومن عرف سر هذا الكالم عرف غور كالم أىب احلسن يف قوله إن اإلدراك نوع خمصوص من العلوم لكنه ال يتعلق ملبصرة بل وىف غريها زيادة كشف بذاته إال باملوجودات وإذا عرف ذلك فالعقل جيوز أن خيلق اهللا تعاىل يف احلاسة ا

وبصفاته على ما حصل منه بالعلم القائم يف النفس من غري أن يوجب حدوثا وال نقصا وذلك هو الذى مساه أهل احلق إدراكا

فاملنازعة إذا بعد حتقيق هذا املعىن وإيضاحه إما أن تستند إىل فساد يف املزاج أو إىل حمض اجلحد والعناد نقول جيوز أن يتعلق باإلدراك والطعوم واألراييح والعلوم والقدر واإلرادات وغري ذلك مما ال تتعلق به وعلى هذا

اإلدراكات يف جمارى العادات ومبا حققناه يندفع ما يهول به اخلصوم ويعتمدون عليه ويستندون يف اإللزام اليه وهو قوهلم إن الرؤية تستدعى

ة واجلهة توجب كونه جوهرا أو عرضا فإهنم مل يبنوا ذلك إال على فاسد أصوهلم يف أن املقابلة واملقابة تستدعى اجلهاألدراك بالبصر ال يكون إال بانبعاث األشعة من العني واتصاهلا باملبصر أو انطباع املبصر يف البصر بسبب املقابلة

وم خيلقه اهللا تعاىل يف البصر وذلك ال وتوسط املشف وذلك كله قد ابطلناه وبينا أنه ليس اإلدراك إىل نوعا من العليوجب يف تعلقه باملدرك مقابلة وال جهة أصال كيف وأن هذا ال يسوغ من املعترف من اخلصوم بكون البارى تعاىل

يرى نفسه وغريه واال كان البارى تعإىل يف جهة ولكان اإلزام عليه منعكسا يف املرآة وان مل يكن يف مقابلة نفسه لكن فيه نظر وهو ومن االصحاب من أورد يف دفع ذلك رؤية اإلنسان نفسه

مما ال يكاد يقوى وللخصوم على ما ذكرناه خياالن اخليال األول أهنم قالوا ما ذكرمتوه يف إدراك البصر اما تعممونه بكل اإلدراكات أو توجبون ختصيصه بالبصر فقط

سموعا ومشموما ومذاقا وملموسا وذلك مما يتحاشى عن فان قلتم بالتعميم فيلزمكم على سياقه أن يكون البارى مالقول به ارباب العقول وان قلتم بالتخصيص فال بد من وجه االفترق بينه وبني باقى اإلدراكات واال فهو حتكم غري

معقول

اخليال الثاىن الدنيا يف وقتنا هذا إذ املوانع أهنم قالوا لو جاز أن يكون مرئيا على النحو الذى حققتموه جلاز أن يكون مرئيا يف دار

من القرب املفرط والبعد املفرط واحلجب منفية فحيث مل ينفع انتفاء املوانع مل يكن ذلك إال لكونه غري مرئى يف نفسه

قلنا أما اخليال األول فقد قال بعض األصحاب إنه إمنا مل جيز تعلق باقى اإلدراكات به من جهة أن شرط حصول ال اإلجسام وحماذاة األجرام وال كذلك البصر وهو مما ال يكاد يفيد إذ الشغب فيه غري منقطع اإلدراك هبا اتص

واللجاج غري منحسم ولعل اخلصم قد يقابل مبثل ذلك يف البصر ودفعه عسري غري يسري ما فاحلق يف ذلك أن يقال إن كل اإلدراكات من جهة كوهنا كماالت حيصل هبا مزيد كشف املدرك بالنسبة إىل

تعلق به من العلم النفساىن وأهنا خملوقة هللا تعإىل يف حمال اإلدراك من غري تأثري يف املدرك واملدرك واالتصال

Page 64: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واالنفصال فغري خمتلفة وإمنا االختالف فيها من جهات أخر وذلك أن ما خيلقه اهللا من زيادة الكشف إن كان من م النفس به شرحا مسى ذلك نظرا وان تعلق العلم بكونه ذات الشئ ووجوده بالنسبة إىل ما حيصل من تعلق عل

كالما كان ذلك من الكالم النفساىن او اللساىن مما حيصل خبلق اهللا تعاىل من زيادة الكشف بكونه كالما ال من جهة كونه موجودا مسى ذلك مساعا وهبذا املعىن مسى موسى سامعا لكالم اهللا تعاىل وما حيصل خبلق اهللا

زيادة الكشف بطعم شئ على ما حصل من العلم به ال من جهة كونه موجودا أو كالما مسى ذلك اإلدراك تعاىل من ذوقا وعلى هذا النحو فيما يدرك من الكيفيات احملسوسة األربعة أو امللموسات

املوجود وال حمالة أن هذه اإلدراكات خمتلفة النوعية متمايزة باخلواص فإن ما حصل من الكشف والزيادة من كونموجودا امر يغاير بذاته ما حصل من مزيد الكشف من كونه كالما أو طعما أو رائحة أو غريه فامتناع كون البارى

مسموعا امنا كان من جهة أنه ليس هو يف نفسه كالما وال حقيقته نطقا فالعلم مل يتعلق به بكونه كالما فادراكه إذ مه يكون مسموعا لقد كان ذلك جائزا وعلى هذا النحو امتناع كونه ذاك بالسمع يكون ممتنعا بلى لو قيل إن كال

مشموما ومذوقا وملموسا وال كذلك البصر فإن البصر هو ما خيلقه اهللا من زيادة الكشف من كونه ذاتا ووجودا اك وذلك مما ال يستحيل تعلق العلم به حىت ال يسمى ما حصل من مزيد الكشف عيله بصرا ومن عرف ما نعىن بإدر

هان عليه الفرق وسهل لديه فهم معىن الرؤية واندفع عنه االشكال وزال عن ذهنه اخليال وعلى هذا حصول مثل هذه اإلدراكات هللا تعاىل واتصافه هبا غري ممتنع يف نفسه عقال وان مل جيز القول بإطالقها عليه

أما تعلق اإلدراكات املختلفة مبدرك واحد شرعا لعدم وروده هبا فإن حصول اإلدراكات املختلفة ملدرك واحد جائز من جهة واحدة فممتنع كما بينا واما انتفاء وقوع اإلدراك يف وقتنا هذا فإمنا يلزم منه انتفاء جواز تعلق اإلدراك به أن لو مل يقدر مث مانع وصاد وليس مستندهم يف حصر ما ذكروه من املوانع غري البحث والسرب وأعلى درجاته أن

ا بعدم املانع ال علما كيف وأنه من احملتمل أن يكون املانع من اإلدراك تكدر النفس بالشواغل البدنية يفيد ظنوانغماسها يف الرذائل الشهوانية وتعلقها بعامل الظالل واهنماكها يف البدن وما يتعلق به من األحوال فعند صفوها يف

الدار

عوائقها يتحقق هلا ما كانت مستعدة لقبوله ومتهيئة إلدراكه األخرى وزوال كدورهتا بانقطاع عالئقها وانفصالوال يهولنك ما جيعجع به اخلصم ويشنع وهو قوله لو جاز أن يكون مدركا ال متنع أن ال يتعلق به اإلدراك مع

سالمة آلة اإلدراك واال جاز أن يكون اإلنسان بني يديه فيل واقف أو جبل شامخ وهو ال يراه طة والتجاهل ألنه ملا وقع االشتراك يف اسم اجلواز بني اجلواز العقلى والعادى ورأى ان من حكم فذلك من السفس

بذلك كان بالنظر إىل العادة مستقيما ظن ذلك واقعا يف القطعى أيضا وليس كذلك على ما سبق حتقيقه مث وكيف عة الطاهرة والرسالة الظاهرة مما أوجب لنا ننكر ذلك مع ما قد ورد من األخبار وتواتر من اآلثار املستندة إىل الشري

العلم بان حممدا صلى اهللا عليه كان يرى جربيل ويسمع كالمه عند نزوله عليه ومن هو حاضر يف جملسه ال يدرك شيئا من ذلك مع سالمة آلة اإلدراك

ومما يلزم املعترف بالنبوات املصدق بالرساالت يف جواز تعلق اإلدراك بالبارى

ول الكليم ارىن أنظر إليك ولو كان مستحيال لكان الكليم األمني على الرسالة املصطفى للنبوة جاهال باهللا تعاىل قومما يكون لو كان عليه جلاز أن يعتقده جسما أو عرضا أو غري ذلك وذلك مما تأباه العقول ومراتب اإلمامة حيث

Page 65: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

رفته لوقوع الرؤية يف الدنيا فان الظن بذلك أو اجلهل به اعتقد باهللا ما ال يليق به وذلك كفر وال يلزم عليه عدم مع ال يعد كفرا

وقوله تبت إليك مما ال ينهض شبة يف جواز خطئه وجهله بذلك إذ التوبة قد تطلق مبعىن الرجوع ومنه قوله تاب مثل تلك املسألة عليهم ليتوبوا أى رجع عليهم بالفضل واإلنعام وعند ذلك فيحتمل أنه أراد بالتوبة أن ال يرجع إىل

ملا رأى من األهوال ال لكونه غري جائز يف نفسه وحيتمل أنه ملا رأى تلك األهوال تذكر له ذنبا فأقلع عنه بالتوبة ال ألن ما سأل عنه ليس جائزا يف نفسه وال ميكن محل السؤال على طلب مثل ذلك اجلواب ألجل دفع توقعهم يف

م باهللا واملعرفة به فانه كيف يظن بالنىب سؤال احملال ألجل قومه بل لو علم أن قوهلم أرنا اهللا جهرة وال على العل ذلك مما ال جيوز لبادر إىل دفعهم يف احلال كما قال هلم إنكم قوم جتهلون عند

قوهلم اجعل لنا إهلا كيف وقد وقع ردعهم وزجرهم عن مثل ذلك السؤال بأخذ الصاعقة هلم والعذاب األليم عقيبه ل تعاىل فأخذهتم الصاعقة وهو ينظرون وليس يف أخذ الصاعقة هلم ما يدل على امتناع ما طلبوه بل ألهنم كما قا

طلبوا ذلك يف معرض التشكيك يف نبوة موسى وقصدوا إعجازه عن ذلك فأنكر اهللا ذلك منهم كما انكر قوهلم لن السماء ال ألن ذلك مستحيل بل بالنظر إىل نؤمن لك حىت تفجر لنا من األرض ينبوعا وقوهلم أنزل علينا كتابا من

ما قصد بالسؤال ههنا مث اآلية بظاهرها تدل على أن السؤال مل يكن إال ملوسى عليه السالم بقوله أرىن وقوله تعاىل لن تراىن ولكن انظر إىل اجلبل فإن استقر مكانه فسوف تراىن ولو كان املقصود من ذلك دفع قومه عن سؤال الرؤية

هض دفع موسى عن الرؤية شبهة يف دفع قومه مل ينتوأما محل الطلب على املعرفة باهللا فأبعد من األول أيضا من جهة أن لفظ النظر إذا أطلق فاملفهوم منه ظاهرا ليس إال

النظر بالعني مث إن موسى عليه السالم مل يكن جاهال بربه وال غري عارف به وإال ملا صح كونه نبيا فحمل الرؤية التعريف ملا قد عرفه يكون من عبث الكالم ومسجه وال جيوز أن ينسب مثل ذلك إىل جاهل غىب فضال عن نىب على

صفى لكن قد يتخيل من لن تراىن ما يدرأ القول باجلواز وهو بعيد فإنا سنبني أن ذلك مل يكن منعا له إال يف الدنيا وان قيل

إن ذلك للتأبيد فليس منه ما يدل على نفى

از بل لو قيل إنه يدل على اجلواز لقد كان ذلك سائغا واقعا من جهة انه مل يقل لست مبرئ بل احال ذلك على اجلوعجز الرائى وضعفه عن اإلدراك بقوله لن تراىن ولو كان غري مرئى لكان اجلواب لست مبرئى كما لو قال أرىن أنظر

مكاىن بل لست بذى صورة وال مكان إىل صورتك ومكانك فإنه ال حيسن أن يقال لن ترى صورتى والوعلى اجلملة فلسنا نعتمد يف هذه املسألة على غري املسلك العقلى الذى اوضحناه إذ ما سواه ال خيرج عن الظواهر

السمعية واالستبصارات العقلية وهى مما يتقاصر عن إفادة القطع واليقني فال يذكر إال على سبيل التقريب اإلعتقاد احلقيقى إذ رب شخص يكون انقياده إىل ظواهر الكتاب والسنة واتفاق األمة امت واستدراج قانع هبا إىل

من انقياده اىل املسالك العقلية والطرق اليقينية خلشونة معركها وقصوره عن مدركها وإذا عرف جواز الرؤية عقال فيدل على وقوعها شرعا قوله تعاىل وجوه يومئذ ناضرة إىل رهبا ناظرة ووجه

الحتجاج منه أن النظر يف لغة العرب قد يطلق مبعىن ا

Page 66: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

... االنتظار ومنه قوله تعإىل انظرونا ان انتظرونا وقوله ما ينظرون إال صيحة واحدة أي ينتظرون ومنه قول الشاعر ... فإن غد لناظره قريب ... فإن يك صدر هذا اليوم وىل

صلة وقد يطلق ويراد به التفكر واالعتبار وإذا استعمل بإزائه أي ملنتظره وهو إذا استعمل هبذا املعىن جاء من غريوصل بفى ومنه يقال نظرت يف املعىن الفالىن أو يف الكتاب وقد يطلق ويراد به العطف والرمحة وإذا استعمل بازائه

وصل بإىل ومنه وصل بالالم ومنه تقول العرب نظر فالن لفالن وقد يطلق مبعىن اإلبصار بالبصر وإذا استعمل بإزائه ... نظر الذليل إىل العزيز القاهر ... إىن إليك ملا وعدت لناظر ... قول الشاعر

ومقال العرب نظرت إىل فالن أى أبصرته ببصرى والنظر املذكور يف اآلية موصول بإىل فوجب محله لغة على النظر بالعني فإن قيل قد يوصل النظر بإىل وال يراد به

إىل املوت من وقع السيوف نواظرا ... ويوم بذى قار رأيت وجوهم ... نه قول الشاعر اإلبصار بالعني وم

واملوت ال يتصور ان يكون مرئيا بالعني مث إنه حيتمل أن يكون املراد بقوله وجوه يومئذ ناضرة إىل رهبا ناظرة أى إىل كيف وهى معارضة بقوله تعاىل ال ثواب رهبا ناظرة ويكون ذلك جتوزا حبذف املضاف وإقامة املضاف إليه مقامه

تدركه األبصار وهو يدرك األبصار وقوله ملوسى لن تراىن وهى للتأبيد وليس العمل بأحد الظاهرين بأوىل من اآلخر بل الترجيح لنا فإنه أورد ذلك يف معرض التمدح واالستعالء فلو جاز أن يكون مدركا لزال عنه التمدح وهو حمال

إىل املوت من ... هما اتصلت إىل بالنظر فإنه ال يراد به غري النظر بالعني هو املراد من قول الشاعر قلنا قد بينا أنه م ... وقع السيوف نواظرا

لكن حيتمل أنه أراد باملوت الكر والفر والطعن والضرب معربا باسم املسبب عن السبب وحيتمل أنه أراد به أهل فليس هلارب ... أنا املوت الذى خربت عنه ... يهم وهلذا قال الشاعر احلرب الذين جيرى املوت والقتل على أيد

... مىن جناء وأما نسبة النظر إىل الثواب فمع خمالفته الظاهر فيمتنع محله عليه فإن ذلك إمنا ورد يف معرض االمتنان واإلنعام

ممتنع والنظر إىل الثواب ليس بثواب وال إنعام فيكون فيه إبطال فائدة االنعام وهو

اما قوله ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار فيحتمل أنه اراد به اإلدراك الذى يتبادر إىل األفهام ويغلب على األوهام من اإلحاطة بالغايات والتحديد بالنهايات دفعا لوهم من يتوهم أنه يرى لصورة أو شكل خمصوص وحيتمل

لك اللفظ العام املعىن اخلاص كما يف قوله اهللا خالق كل شئ وقوله أنه أراد بذلك يف دار الدينا ويكون املراد من ذما تذر من شئ أتت عليه اال جعلته كالرميم إىل غري ذلك من اآليات والظواهر السمعيات وأما وجه التمدح فليس

وجودات عند إال يف قوله يدرك األبصار ال يف قوله ال تدركه األبصار وال ميكن محله على كال القسمني فان بعض املاخلصم ال يدرك باألبصار وليست ممدوحة بذلك وامتداحه لنفسه فيما وقع به االشتراك بينه وبني ما ليس مبمدوح

حمال كما إذا قال أنا موجود أو ذات كيف ال وإن اخلصم ال ميكنه التمسك هبذه اآلية فان ما ثبت للبارى تعاىل بارى عند اخلصم ليس إال نفس العلم باألبصار ال أمرا زائدا عليه جيب أن يكون نفس ما نفى عن غريه وما ثبت لل

فاملنفى عن األبصار جيب أن يكون نفس العلم وليس ذلك حجة يف نفى اإلدراك الذى هو زائد على العلم

واب وقوله ملوسى عليه السالم لن تراىن فيحتمل أنه أراد ذلك يف دار الدنيا ال يف العقىب وهو األوىل آلن يكون اجل مطابقا للسؤال وهو مل يسأل الرؤية يف غري الدنيا

Page 67: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ولن فقد قيل املراد هبا التأكيد ال التأبيد وإذ ذاك فالتخصيص جائز كما مضى وإن قدر أن ذلك متأبد يف حق موسى اه عليه السالم فليس ذلك حجة يف نفى الرؤية بالنسبة إىل غريه مطلقا والقول بتأويل هذه الظواهر على ما ذكرن

أوىل عمال بالظاهر من اجلانبني ومجعا بني الدليلني وذلك ال ينعكس يف تأويل ما اعتمدنا عليه فإن ذلك ال يقع اال بصرفه اىل ما ال يعهد باألمجاع إطالقه عليه وبإبطال فائدة اإلنعام وكالمها بعيدان وال كذلك ما ذكرناه من التأويل

واهر الشرعية غالبا وهذا غاية ما يعتمد عليه يف طرف الوقوع ومن رام إذ قد عهد مثله يف األدلة السمعية والظ اليقني فيه إجيابا أو سلبا فقد كلف نفسه حرجا

واهللا املوفق للرشاد

القاعدة الثانية

يف ابطال التشبيه وبيان ما ال جيوز على اهللا تعاىل ه شئ من الكائنات بل هو بذاته منفرد عن مجيع معتقد اهل احلق ان البارى ال يشبه شيئا من احلادثات وال مياثل

املخلوقات وأنه ليس جبوهر وال جسم وال عرض وال حتله الكائنات وال متازجه احلادثات وال له مكان حيويه وال زمان هو فيه اول ال قبل له وآخر ال بعد له ليس كمثله شئ وهو السميع البصري

لفالسفة إنه جوهر بسيط ال تركيب فيه بوجه من الوجوه ومل يتحاشوا وأما اختالف مذهب أهل التشبيه فقد قالت امن إطالق اسم اجلوهر عليه وفسروا اجلوهر بأنه املوجود ال ىف موضوع واملوضوع هو احملل املتقوم بذاته املقوم ملا

وجدت كانت ال حيل فيه ولرمبا حتاشى بعض احلذاق منهم عن إطالق اسم اجلوهر عليه وزعم أنه الذى ما هيته إذا ىف موضوع والبارى تعاىل ليس وجوده زائدا على ماهيته بل ذاته وجوده ووجوده ذاته فلم يوجد فيه معىن اجلوهر

وأما الكرامية فمنهم من قال إنه جسم ومن أهل االهواء من بالغ وقال إنه صورة على صورة اإلنسان مث هؤالء د قطط ومنهم من قال هو على صورة شيخ أمشط الرأس واللحية اختلفوا فمنهم من قال على صورة شاب أمرد جع

ومنهم من قال إنه مركب من حلم ودم واتفقت الكرامية على أن البارى تعاىل حمل للحوادث لكنهم مل جيوزوا قيام كل حادث بذاته بل ما يفتقر إليه من

ن ومنهم من قال هو اإلرادة وخلق اإلرادة اإلجياد واخللق مث هؤالء خيتلفون يف هذا احلادث فمنهم من قال قوله كأو القول يف ذاته يستند إىل القدرة القدمية ال انه حادث بإحداث وأما خلق سائر املخلوقات فإنه مستند إىل اإلرادة أو القول على حنو اختالفهم فاملخلوق القائم بذاته يعربون عنه باحلادث واملباين لذاته يعربون عنه باحملدث وقد أطبقهؤالء على أن ما قام بذاته من الصفات احلادثة ال يتجدد له منها اسم وال يعود إليه منها حكم حىت ال يقال إنه قائل

بقول وال مريد بإرادة بل قائل بالقائلية مريد باملريدية وهى املشيئة األزلية فعلى هذا ما حدث وهو مباين لذاته فات تسمى حادثة ال بإحداث بل باملشيئة القدمية يسمى حمدثا بإحداث وما حدث يف ذاته من الص

وقد اتفتق هؤالء بأسرهم مع بعض احلشوية على أن البارى تعاىل يف جهة وخصوها جبهة فوق دون غريها من اجلهات لكن اختلفوا يف اجلهة فقالت الكرامية إن كونه يف اجلهة كون األجسام وقالت احلشوية يف اجلهة ليس

ات فهذه تفاصيل مذاهب أهل االهواء وتشعبها يف التشبيه تعاىل اهللا عما يقولون علوا كبريا ككون شئ من احلادث

وحنن اآلن مشمرون للكشف عن زيف مآخذهم وإبطال مذاهبهم وقد سلك بعض األصحاب يف الرد على هؤالء طريقا شامال فقال لو كان البارى مقدرا بقدر مصورا بصورة متناهيا

Page 68: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

جبهة متغريا بصفة حادثة يف ذاته لكان حمدثا إذ العقل الصريح يقضى بأن املقادير يف جتويز العقل حبد وهناية خمتصا متساوية فما من مقدار وشكل يقدر يف العقل إال وجيوز أن يكون خمصوصا بغريه فاختصاصه مبا اختص به من مقدار

ادثا أو شكل أو غريه يستدعى خمصصا ولو استدعى خمصصا لكان البارى تعاىل حولكن هذا املسلك مما ال يقوى وذلك أنه وإن سلم أن ما يفرض من املقادير واجلهات وغريها ممكنة يف أنفسها وأن ما وقع منها ال بد له من خمصص لكن امنا يلزم أن يكون البارى حادثا أن لو كان املخصص خارجا عن ذاته ونفسه

يلزم أن يكون البارى حادثا وال حمتاجا إىل غريه أصال ولعل صاحب هذه املقالة ال يقول به وعند ذلك فال فإن قيل إن ما اقتصاه بذاته ليس هو بأوىل من غريه لتساوى اجلميع بالنسبة إليه من جهة االقتضاء فهو حمز

التخيالت ولعل اخلصم قد ال يسلم تساوى النسبة من جهة االقتضاء إال أن يقدر انه ال اختالف بني هذه املمكنات حمالة أن بيان ذلك متعذر جدا كيف وأنه حيتمل أن ينتهج اخلصم ىف ختصيص هذه وال

الصفات الثابتة للذات منهج أهل احلق يف ختصيص سائر املمكنات وبه درء اإللزام فإذا الواجب التفصيل يف إبطال مذاهب أهل الضالل

وأول مبدوء به إبطال القول بكونه جوهرا فنقول خيل إما ان يكون واجبا بذاته أو ممكنا أو ممتنعا ال جائز أن يكون ممتنعا وإال ملا وجد وال جائز أن لو كان جوهرا مل

يكون ممكنا وإال الفتقر إىل مرجح خارج عن ذاته وهو ممتنع كما سلف وال جائز ان يكون واجبا لذاته وإال لكان وهذه احملاالت امنا لزمت من فرض كون كل جوهر واجبا لذاته إذ حقيقة اجلوهر من حيث هو جوهر ال ختتلف البارى تعاىل جوهرا فليس جبوهر فإن ما ليس ال يلزم من فرضه حمال

فإن قيل املعىن بكونه جوهرا ليس إال أن وجوده ال ىف موضوع وهذا القدر إما أن يكون ممنوعا أو مسلما فإن كان ع وإن كان مسلما فهو املقصود وأما قولكم إنه لو كان ممنوعا فقد أوجبتم افتقار واجب الوجود إىل غريه وهو ممتن

واجبا لكان كل جوهر واجبا للزوم االشتراك يف حقيقة اجلوهرية فإمنا يلزم أن لو لزم االشتراك يف حقيقة اجلوهرية رية وما املانع من أن يكون جوهرا ال كاجلواهر كما أنه ذات ال كالذوات مث وإن سلم أن االشتراك يف حقيقة اجلهو

واقع فيلزمكم مثله يف سائر املوجودات ملشاركتها له يف الوجود والذات فإن قلتم مل يكن واجبا من حيث هو موجود وال من حيث هو ذات بل من حيث هو ذات خمصوصة ووجود خمصوص فاقبلوا منا مثله ههنا وهو أنه مل

يكن واجبا من حيث هو جوهر مطلقا بل من جهة كونه جوهرا خمصوصا

اجلواب أن ما قيل من أن البارى جوهر يعىن أن وجوده ال يف موضوع فان أريد مبدلول اسم اجلوهر سلب واملوضوع عنه فقط فذلك مما ال سبيل إىل انكاره من جهة املعىن وإن كان إطالقه من جهة الشرع والوضع خطأ وامنا

وجعل البارى تعاىل جوهرا على النحو حمز اإلشكال وموضع اخليال دعوى ختصيص سلب املوضوع حبقيقة اجلوهراملوسوم من إطالق لفظ اجلوهر وال حمالة أن دعوى ذلك مما يقود إىل اإللزام الذى ذكرناه ويسوق إىل احملال الذى

أسلفناه وما قيل من أنه جوهر ال كاجلواهر فتسليم للمطلوب من جهة املعىن وانا ال ننكر كونه موجودا وحقيقة ال كاحلقائق

منا ننكر كونه مشاهبا هلا وعند ذلك فحاصر اخلالف امنا يرجع إىل جمرد إطالق األمساء وال مشاحة فيها اال من واجهة ورود التعبري هبا وأما ما ذكروه من اإللزام فإمنا يتجه أن لو كان غري البارى تعاىل مثليا من جهة ما وليس

منهما ذاتا ووجودا وجمرد االشتراك يف التسمية ال يوجب كذلك بل االشتراك ليس اال يف التسمية بكون كل واحد

Page 69: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

االشتراك بينهما فيما يثبت ألحدمها وهذا خبالف اجلواهر فإهنا من حيث هى جواهر متماثلة فما ثبت لواحد منها ثبت ملا هو مماثل له أيضا

مذهبهم وعاد اخلالف إىل جمرد فإن قيل مثله فيما حنن فيه ومل يثبتوا لواجب الوجود من احلوادث مثال فقد تركوا التسمية ومطلق العبارة واخلطب فيه يسري كما مضى

وأيضا فإنه لو كان جوهر مل يكن القول بكونه مرجحا لغريه من اجلواهر بأوىل من العكس إذ ال أولوية ألحدمها لتحقق املماثلة بينهما

ن الصفات عن غريه فإن قيل إنه مرجح ال من حيث هو جوهر بل من جهة ما اختص به مقلنا ما اختص به من الصفات اما داخلة يف ذاته او خارجة الزمة فان كانت داخلة يف ذاته فمن حيث ذاته مل خيالف غريه من اجلواهر فإذا ال اختصاص مث يلزمهم القول بتركب ذات واجب الوجود وال حميص عنه وان كانت خارجة

وجودها واملفتقر إىل الشئ ال يصلح أن يقوم ما هو من نوع ذلك الشئ عن ذاته مالزمة له فهى مفتقرة إليه يف فان قيل ما ذكرمتوه الزم على أصلكم أيضا حيث اعتقدمت أن ختصيص احلدوث بإرادته والوجود بقدرته وهذه

الصفات إما أن تكون داخلة يف ذاته فيلزم أن يكون مركبا وان كانت خارجة الزمة فهى عرضية واألعراض كيف تقوم اجلواهر يف وجودها وجنسها مفتقر إىل جنسها

قلنا انقالب هذا اإللزام مما ال يوجب على ما نعتقده مناقضة وال إفحاما فأما لو سلكنا اعتقاد كوهنا داخلة يف مدلول اسم البارى فهو نفس ما اعتقدناه وعني ما حققناه

هنا خارجة عن مدلول امسه وذاته فذلك أيضا مما ال وسواء قلنا إهنا معتددة أو متحدة كما مضى وان سلكنا كويوجب حماال على أصلنا فإنا وان قلنا إهنا مفتقرة إليه على حنو افتقار األعراض إىل ما تقوم به فال نعتقد أن ذاته

تقرا إىل ما هو واملقوم ملا قام هبا جوهر حىت يلزمنا احملال حلكمنا بافتقار اجلوهر يف إجياده إىل ما ال يتم وجوده إال مفمن جنس اجلوهر بل املعتقد أن ما قامت به هذه الصفات ليس من جنس ما هو مفتقر اليها وإذ ذاك فاإلشكال

مندفع عنا وإذا ثبت أنه ليس جبوهر لزم أال يكون جسما فإنه مهما انتفى أعم الشيئني لزم انتفاء األخص قطعا مع أن ما

وما يلزم عليها ووجوه االنفصال عنها ميكن إجراؤها بعينها ههنا ذكرناه من املسالك يف نفى اجلوهرية فإن قيل ما نشاهده من املوجودات ليس إال أجساما واعراضا وإثبات قسم ثالث مما ال نعقله وإذا كانت املوجودات

ىل شئ واال منحصرة فيما ذكرناه فال جائز أن يكون البارى عرضا ألن العرض مفتقر إىل اجلسم والبارى ال يفتقر إ كان املفتقر إليه أشرف منه وهو حمال وإذا بطل أن يكون عرضا بقى أن يكون جسما

قلنا منشأ اخلبط ههنا امنا هو من الوهم باعطاء الغائب حكم الشاهد واحلكم على غرياحملسوس مبا حكم به على احملسوس وهو كاذب غري صادق فان الوهم قد

ان بناء على الشاهد وإن شهد العقل بأن العامل ال يف مكان لكون الربهان قد دل يرمتى إىل أنه ال جسم إال يف مكعلى هنايته بل وقد يشتد وهم بعض الناس حبيث يقضى به على العقل وذلك كمن ينفر عن املبيت يف بيت فيه ميت

با ومل يتخذ غري الربهان لتومهه أنه يتحرك أو يقوم وان كان عقله يقضى بانتقاء ذلك فإذا اللبيب من ترك الوهم جانوالدليل صاحبا وإذا عرف أن مستند ذلك ليس إال جمرد الوهم فطريق كشف اخليال إمنا هو بالنظر يف الربهان فإنا

Page 70: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

قد بينا أنه ال بد من موجود هو مبدأ الكائنات وبينا أنه ال جائز أن يكون له مثل من املوجودات شاهدا وال غائبا ني يتبني أن ما يفضى به الوهم ال حاصل له مث ولو لزم أن يكون جسما كما يف الشاهد ومع تسليم هاتني القاعدت

للزم أن يكون حادثا كما يف الشاهد وهو ممتنع ملا سبق وليس هو أيضا عرضا وإال الفتقر إىل مقوم يقومه يف وجوده إذ العرض ال معىن له إال ما وجوده يف موضوع وذلك

العدم ال سابقا وال الحقا وإال كان باعتبار ذاته ممكنا ولو كان ممكنا الفتقر يف وجوده إىل أيضا حمال وال يتطرق إليه مرجح كما مضى

فإذا قد ثبت أن البارى تعاىل ليس جبوهر وال جسم وال عرض وال حمدث

ذلك مسالك بل أبدي مل يزل وسرمدى ال يزال وهو مع ذلك ال حتله احلادثات وال تقوم به الكائنات وللمتكلم يف

املسلك االول

هو اهنم قالوا لو حجز قيام احلوادث بذات البارى تعاىل الستحال خلوه عنها وما استحال خلوه عن احلوادث فهو حادث والبارى مستحيل أن يكون حادثا

واعلم أن هذا املسلك ضعيف جدا وذلك أنه وان تسومح بتسليم أن ماال خيلو عن احلوادث حادث لكن ال يلزم من كون البارى تعاىل قابال للحوادث أن ال خيلو عنها

فإن قيل إن ما قبل شيئا من احلوادث فهو قابل لضده وضد احلادث حادث ومهما كان قابال لضده فهو ال خيلو عن خيل أحدمها فلو كان البارى قابال لالرادة احلادثة مل خيل عنها أو عن ضدها ومهما مل خيل عن احدمها ومها حادثان مل

من احلوادث وكذا الكالم يف القول احلادث أيضا قلنا الغلط إمنا نشأ من اجلهل مبدلول لفظ الضد وعند الشكف عنه يتبني احلق من الباطل فنقول الضدان يف

اصطالح املتكلم عبارة عما ال جيتمعان يف شئ واحد من جهة واحدة وقد يكونان وجوديني كما يف السواد والبياض أحدمها سلبا وعدما كما يف الوجود والعدم فعلى هذا إن قيل لإلرادة ضد فليس ضدها إال عدمها وقد يكون

وسلبها وكذا يف القول أيضا والعدم احملض ال يوصف بكونه قدميا وال حادثا

وال شاهدا وال غائبا فإذا ليس كل ما هو ضد للحادث يكون حادثا مث ولو قدر أن ضد اإلرادة والقول ليس إال مرا وجوديا فال يلزم أن يكون حادثا مبعىن ان وجوده بعد العدم لكونه ضده حادثا بل جاز أن يكون قدميا مبعىن أنه أ

ال أول لوجوده ال مبعىن أن وجوده ليس مبعلول ويكون منشأ وجوده نقضا لوجوده إىل عدمه وذلك املنشأ هو منشأ شأ عدم العامل يف القدم إىل حني وجوده هو منشأ وجوده يف وجود ضده وهذا مما ال يتقاصر عن قول أهل احلق إن من

وقت وجوده

املسك الثاىن

أهنم قالوا لو قامت بذاته صفة حادثة ال تصف هبا وتعدى إليه حكمها وذلك كالعلم فإنه إذا قام مبحل وجب اتصافه حادثا إد القول بالتفرقة بينهما حمض بكونه عاملا وكذا يف سائر األعراض القائمة مبحاهلا وسواء كان احملل قدميا أو

جهالة ولبس فإنه ال فرق بني القدمي واحلادث فيما يرجع إىل كونه موصوفا قامت به صفة إال فيما يرجع إىل

Page 71: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

احلدوث والقدم وذلك مما ال أثر له وإذا لزم عود حكم الصفة إليه حبيث يصح القول بكونه مريدا بإرادة وقائال يكن له أوال وذلك تغري وتبدل وإذا جاز عليه التغري استدعى مغري وذلك يفضى إىل كون بقول فقد ثبت له ما مل

البارى مفتقرا إىل غريه وهو متعذر قالوا وال يلزم على ما ذكرناه اخللق فإنه غري قائم بذاته إذ ال فرق بينه وبني املخلوق

ن كان ممن يقول وهذا الطريق أيضا من النمط األول يف الفساد وذلك ان قائله وا

باالحوال لكنه يعترف بكوهنا زائدة على الذات وحصول أمر زائد على الذات للذات مما ال يوجب افتقار الذات إىل غريها وان كان ذلك الشئ احلاصل حادثا نعم غاية ما يقدر افتقار احلاصل إىل مرجح واملرجح ال يستدعى أن

جح إمنا هو الذات بالقدرة واملشيئة األزلية كما كانت مرجحة يكون خارجا عن لذات بل للخصم أن يقول املرالصفة املوجبة هلذا احلكم احلاصل وهذا مما ال حميص عنه إال بالتعرض إىل ابطال القول بكون الذات مرجحة بالقدرة

واملشيئة بطريق آخر وفيه خروج عن خصوص هذا الطريق إىل ما هو مستقل بإفادة املقصود لح أن تكون ذات واجب الوجود مرجحة بالقدرة واملشيئة جاز أن جتعل مرجحة لكل حمدث إذ ال فإن قيل إذا ص

فرق بني احلادث واحملدث من حيث أنه مل يكن فكان وإن افترق من حيث أن احدمها صفة واآلخر خارج وذلك مما لية فال حاجة إىل احلادث الذى هو ال يثري خياال وإذا صلح أن يكون املرجح للمحدثات القدرة القدمية واملشيئة األز

القول واإلرادة قلنا وهذا ايضا مما ال يثري غبارا على وجه الكالم وذلك أنه وإن قدر صالحيته إلحداث احملدثات فال يلزم أن ال يضاف إليه إحداث صفة يف ذاته من كونه صاحا أن حيدث احملدثات وليس هذا يف ضرب املثال اال كما لو قال

نه إذا كان صاحلا إلجياد اإلنسان ينبغى إال يكون موجدا للفرس وال خيفى ما فيه من الركاكة والشناعة القائل إوما قيل من أنه ال فائدة يف إجياده فمتهافت فم هتافت أيضا فإنه مع ما فيه من الركاكة وحمض الدعوى والقول

متقاصر يف وحوده عنها فما هو االعتذار عن بوجوب رعاية الصالح والغرض يلزم عليه سائر احملدثات فإنه غري أجياد احملدثات هو االعتذار عن إجياد احلادثات

فإن قيل ومل ال وقع االكتفاء يف إجياد احملدثات مبا استند إليه احلادث كان ذلك حمض مطالبة واسترشاد وخروجا عما ىل وقع الشروع يف الكالم بصدده وهو إبطال قيام احلوادث بذات الرب تعا

املسلك الثالث

هو أهنم قالوا إن كان قوله وارادته من نوع اقوالنا وإرادتنا فما حيصل بقوله وإرادته وجب أن حيصل بأقوالنا وإرادتنا لكون اجلميع من نوع واحد وحيث مل حيصل بأقوالنا وإرادتنا وجب أن ال حيصل بقوله وارادته

حاصلة بالقدرة القدمية واملشيئة األزلية وال كذلك أقوالنا وإرادتنا فان قالوا وال يصلح أن يفرق بأن أقواله وارادته هذا يف احلقيقة ال يصلح أن يكون فرقا إذ الفرق بني الشيئني جيب أن يكون بأمر يعود إىل نفسيهما ال إىل نسبتهما

فال حاجة إىل غريها مث مل ال وان قيل إن اإلجياد إمنا حيصل باإلرادة أو القول مع القدرة فالقدرة كافية يف اإلجيادجائز أن حتصل إرادتنا وأقوالنا مع ضميمة القدرة موجبة اإلحداث أيضا إذ ال فرق بني أن يضاف إىل القدرة قوله

أو قولنا وارادته وارادتنا لكوهنما من نوع واحد ىل إن اعترفنا بأهنا من نوع وهذا املسلك أيضا مما ال يقوى وذلك ألن ما نثبته حنن من الصفات القدمية للرب تعا

Page 72: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

صفاتنا فاإللزام خلصومنا الزم علينا أيضا وان مل نقل بكوهنا من نوع صفاتنا فقد بطل اإللزام أيضا وان قدر اشتراكهما يف احلدوث إذ ليس االشتراك يف شئ ما بني شيئني يوجب االشتراك يف احلقيقة كما ال خيفى مث ولو قدر

الصفة احلادثة فذلك ال يوجب امتناع قيام احلوادث بذات الرب تعاىل امتناع اضافة احملدثات إىل

املسلك الرابع

قالوا لو جاز قيام احلوادث بذات الرب فال بد أن يكون قاصدا حملل حدوثها وحمل حدوثها ليس إال ذاته فيجب أن م كل حادث به وهو متعذر يكون قاصدا لذاته والقصد إىل الشئ يستدعى كونه يف اجلهة وهو حمال مث وجلاز قيا

وهذا املسلك أيضا مما يلتحق مبا مضى يف الفساد وذلك أنه إن أريد بالقصد العلم فذلك مما ال يوجب كون املقصود يف اجلهة وإن أريد به غري هذا فهو مما ال يسلمه اخلصم مث انه ان افتقر القصد عند إجياد احلوادث إىل كوهنا يف جهة

د أيضا يف جهة لضرورة ان القصد إىل اجلهة ممن ليس يف جهة أيضا حمال وذلك يفضى إىل فيلزم أن يكون القاصكون البارى تعاىل يف جهة عند خلق األعراض اخلارجة عن ذاته وال حميص عنه فما به االعتذار ههنا يكون به

ن التحكم وجمرد االسترسال االعتذار للخصم مث والقول بأنه إذا قيل حادثا لزم قبوله لكل حادث ال خيفى ما فيه م مما ليس مبقبول وال معقول

وقد ذكر يف هذا الباب مسالك أخر فسادها أظهر من أن خيفى فلذا آثرنا االعراض عن ذكرها فالرأى احلق والسبيل الصدق واألقرب إىل التحقيق أن يقال لو جاز قيام احلوادث به مل خيل عند اتصافه هبا اما أن

كماال أو ال نقص وال كمال ال جائز أن يقال بكوهنا غري موجبة للكمال وال النقصان فإن وجود توجب له نقصا أو الشئ بالنسبة إىل نفسه أشرف له من عدمه فما اتصف بوجود الشئ له وهو مما ال يوجب فوات

ه أوىل من املوصوف وال فوات كمال له وباجلملة ال يوجب له نقصا فال حمالة أن اتصافه بوجود ذلك الوصف لاتصافه بعدمه لضرورة كون العدم يف نفسه مشروفا بالنسبة إىل مقابله من الوجود والوجود أشرف منه وما أتصف

بأشرف األمرين من غري أن يوجب له يف ذاته نقصا تكون نسبة الوجود إليه فيما يرجع إىل النقص والكمال على ه إىل وجود ذلك الوصف أشرف منه بالنسبة إىل عدمه وال جائز حنو نسبة مقابله من العدم وال حمالة أن كانت نسبت

أن يقال إهنا موجبة لكماله واال لوجب قدمها لضرورة ان ال يكون البارى ناقص حمتاجا إىل ناحية كمال يف حال مل عدمها فبقى أن يكون اتصافه هبا مما يوجب القول بنقصه بالنسبة إىل حاله قبل ان يتصف هبا وبالنسبة إىل ما

يتصف هبا من املوجودات وحمال أن يكون اخلالق مشروفا أو ناقصا بالنسبة إىل املخلوق وال من جهة ما كما مضى فإن قيل لو مل يكن قابال للحوادث فعند وجود املسموعات واملبصرات إما أن يسمعها ويبصرها أو ليس ال جائز أن

وإن أبصرها ومسعها فال حمالة أن حصول ذلك له بعد ما مل يقال إنه ال يسمعها وال يبصرها إذ هو خالف املذهبنييكن واال كانت املسموعات واملبصرات قدمية ال حمالة فلو مل يكن قابال للحوادث حىت خيلق يف ذاته مسعا وبصرا

يكون به اإلدراك واال ملا كان مدركا وهو حمال راد به أنه مل يكن له إدراك فصار له إدراك أو يقال بقدم قلنا دعوى إدراكه املدركات بعد ما مل يكن مدركا إما أن ي

اإلدراك وجتدد تعلقه باملدرك فإن قيل باألول فهو حمز اخلالف وموضع االعتساف فما بال اخلصم مسترسال بالدعوى من غري دليل مع

Page 73: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

املدركات إذ شرط تعلق ما قد عرف أن من أصولنا كونه مسيعا بصريا فيما مل يزل واملتجدد ليس إال تعلق اإلدراك باإلدراك باملدركات وجود املدركات فإذا وجدت تعلق هبا أما أن يكون املتجدد هو نفس اإلدراك فال خيفى أن ما

قضى بتجدده ليس صفة قائمة بذات الرب تعاىل فتجدده ال يلزم منه حمال اخلصم بأن ما حيصل به اإلدراك من وليس القول بوجود اإلدراك مع عدم املدرك مبستبعد فانه ال يتقاصر عن قول

الصفة احلادثة يف الذات يبقى وإن زالت املدركات وعدمت على ما عرف من أصله ومع االعتراف جبواز االتصاف باإلدراك وان زال املدرك ال يرد اإلشكال إذ ال فرق عند كون الشئ مدركا مع عدم املدرك بني ان يكون املدرك

ى حنو ما حققناه يف العلم قد حتقق له وجود أم ال علوإذا ثبت امتناع قيام احلوادث بذات الرب تعاىل فقد بىن بعض األصحاب على ذلك امتناع كونه يف اجلهة وصيغته

أن قال لو كان البارى يف جهة مل ختل اجلهة إما أن تكون موجودة أو معدومة فإن كانت معدومة فال جهة إذ ال فرق بني

ومة وبني قولنا إنه ال يف جهة إال يف جمرد اللفظ وال نظر إليه قولنا إنه يف جهة معد

وأما إن كانت اجلهة موجودة فهى إما قدمية او حادثة ال جائز أن تكون قدمية وإال أفضى إىل اجتماع قدميني وهو وهو حمال ومع كونه حماال فهو خالف مذهب اخلصم وال جائز ان تكون حادثة وإال كان البارى حمال للحوادث

حمال وال خيفى ما يف هذا املسلك من التهافت فإنه وإن سلم أن اجلهة موجودة واهنا ليست قدمية بل حادثة وانه يستحيل

قيام احلوادث بذات الرب تعاىل فال يلزم من كونه يف اجلهة ومن كوهنا حادثة ان تكون حالة يف ذاته وان تكون ذاته د اخلصم غري خارج عن النسبة اإلضافية واألمور التقديرية وذلك مما ال يوجب حمال هلا بل املعىن بكونه يف اجلهة عن

قيام صفة بالذات إذ ال يلزم من كون شيئني وجود أحدمها مضاف إىل وجود اآلخر من جهة ما أن يكون أحدمها قائما باآلخر أصال وهو على حنو كونه خالقا ومبدعا وغري ذلك

د هذا الطريق واحنرافه عن جادة التحقيق مر يف القول بنفى اجلهة إىل مسلك وهلذا ملا ختيل بعض األصحاب فسا آخر وقال

لو كان يف جهة مل خيل اما أن يكون يف كل جهة أو يف جهة واحدة فإن كان يف كل جهة فال جهة لنا اال والرب فيها يستحقها لذاته إذ نسبة سائر وهو حمال وإن كان يف جهة خمصوصة فإما أن يستحقها لذاته أو ملخصص ال جائز أن

اجلهات اليه على وترية واحدة فإذا ال بد من خمصص وإذ ذاك فاحملال الزم من وجهني

األول أن املخصص إما أن يكون قدميا أو حادثا فان كان قدميا لزم منه اجتماع قدميني وهو حمال وان كان حادثا هو ممتنع استدعى يف نفسه خمصصا آخر وذلك يفضى إىل التسلسل و

الوجه الثاىن هو أن االختصاص باجلهة صفة للرب تعاىل قائمة بذاته ولو افتقرت إىل خمصص لكانت يف نفسها ممكنة ألن كل ما افتقر يف وجوده إىل غريه فهو باعتبار ذاته ممكن وذلك يوجب كون البارى ممكنا بالنسبة إىل بعض جهاته

ع جهاته والواجب بذاته جيب أن يكون واجبا من مجيوال خيفى ما يف هذا املسلك من االسترسال فإنه ال يلزم من كونه يف جهة امتناع وجودنا فيها إال على رأى من

يزعم ان كونه يف اجلهة كون األجرام وأما على رأى من مل يقل بذلك فال وال يناىف وجوده يف أى جهة قدر وجود نه ال منافاة بني وجود اجلواهر واالعراض يف حيز واحد مع ان غريه بل وقول اخلصم ههنا ال يتقاصر عن القول بأ

Page 74: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الوجود هلما عيىن ومها متحيزان وان قدر أن التحيز للعرض عارض وما قيل من أنه لو كان جبهة معينة الستدعى خمصصا فذلك مما ال ينكره اخلصم ولكن القول بأنه لو كان املخصص

زم أن لو مل يكن املخصص هو نفس واجب الوجود اما إذا كان نفسه فال قدميا ألفضى إىل اجتماع قدميني فإمنا يلكما حققنا فيما مضى وال يلزم من كون املخصص قدميا أن يكون ما خصص به أيضا قدميا اال أن يكون خمصصا له

بذاته وذلك مما ال يقول به اخلصم بل ختصيصه به امنا هو على حنو ختصيص سائر

صص امنا يلزم منه كون البارى واجبا من جهة وممكنا من جهة أن لو قيل بأن االختصاص احملدثات واستدعاء املخباجلهة صفة نفسية وليس كذلك بل لقائل أن يقول إهنا صفة إضافية وكون الصفة اإلضافية تستدعى خمصصا ال

ال امنا يلزم أن لو كان يوجب أن يكون املضاف ىف نفسه ممكنا مث ولو قدر أنه باإلضافة إىل بعض صفاته ممكن فاحملاملرجح له من تلك اجلهة امرا خارجا عن ذاته وليس كذلك كما أوضحناه وال حمالة ان هذه القوادح مما يعسر

اجلواب عنها جدا فإذا الواجب أن يقال لو كان البارى يف جهة مل خيل إما أن يكون متحيزا هبا او ليس فان مل يكن متحيزا هبا وال هو

ألبعاد واالمتدادات وال هو واقع يف مسامتة الغايات والنهايات فال معىن لكونه فيها اال من جهة اللفظ مما حتيطه اوال حاصل له وان كان متحيزا هبا لزم أن يكون جوهرا فإن من نظر إىل ما هو قابل للتحيز جبهة من اجلواهر علم

على كال التقديرين جيب أن يكون البارى قابال للتحيز أن قبوله هلا اما لذواهتا ولكوهنا جواهر أو لصفة قائمة هبا وباعتبار ما قبل به غريه التحيز من اجلواهر فإنه إن قبله باعتبار أمر آخر فذلك األمر اآلخر اما ان يكون خمالفا للقابل

من كل وجه أو من وجه دون وجه فإن كان خمالفا له من كل وجه فيستحيل أن

د فإنه مهما مل يكن بني القابل واملقبول مناسبة طبيعية هبا يكون أحدمها قابال أثري واحيتفقا يف قبول حكم واحد وتواآلخر مقبوال واال ملا تصور من املبدع اقتضاء قيام أحدمها باآلخر ال باإلرادة وال بالطبع كما ال يتصور منه اقتضاء

املناسبة الطبيعية بني القابل واملقبول قيام اجلوهر بالعرض والسواد بالبياض والبياض ب بالسواد واذا مل يكن بد منفالشيئان املختلفات من كل وجه ان قامت بأحدمها أى مناسبة طبيعية استحال أن يكون اآلخر مناسبا له من تلك اجلهة واال كان مماثال له من جهة ما فيه من املناسبة وهو خالف الفرض وان كان خمالفا له من وجه وموافقا له من

أن يكون القبول باعتبار ما به االشتراك واإل لزم احملال السابق وهو ممتنع وجه فال بد ووعلى هذا فإن كان قبول ما فرض قبوله للتحيز من اجلواهر لذاهتا وجلوهرها لزم أن يكون البارى جوهرا وهو ممتنع

ة بذات الرب لضرورة ما ملا مضى وان كان باعتبار صفة قائمة به وهو قابل هلا فال بد وأن تكون تلك الصفة قائمحققناه وعند ذلك فقبول اجلوهر لتلك الصفة إما لذاته او لصفة أخرى فان كان لصفة اخرى فإما أن يتسلسل

األمر إىل غري النهاية أو ينتهى إىل صفة قبوهلا ليس اال لذات ما قامت به من اجلوهر ال جائز أن يقال باألول ملا فيه لزم تناهى ذات واجب املوجود وذلك مع ما أوجبناه من االشتراك يف القابل يوجب من االمتناع وان قيل بالثاىن

جعل ذات واجب الوجود جوهرا لكون ما انتهى إليه قبول التحيز من اجلواهر جوهرا لكن البارى ليس جبوهر كما سلف فليس يف جهة

وحنوه بني اخلالق واملخلوق مع اختالف وما خييل من االشتراك يف قبول الوجود وغريه من الصفات كالعلم والقدرة حقيقة القابل فمؤذن بقصور املتمسك به عن بلوغ كمال

Page 75: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

آالت اإلدراكات ومصوت عليه بعجزه عن االرتقاء إىل درجة النظر يف املعقوالت فإنه إن اعتقد أن الوجود نفس ون املعىن واإلشكال إذ ذاك يكون مندفعا املوجود وأنه ليس بزائد عليه فال خيفى أن االشتراك ليس إال يف التسمية د

وان قدر أنه زائد على نفس املوجود فالواجب أن يعتقد اختالفه يف نفسه عند اختالف قوابله ملا مهدناه وأن ال يلتفت إىل ما وقع به االشتراك يف االسم وكذا يف كل صفة يتخيل املشاركة فيها بني اخلالق واملخلوق وان ال يعول

فهمه وتبلد طبعه عن درك كل ما أشرنا إليه من التحقيق ونبهنا عليه من التدقيق على من قصر فإن قيل ال حمالة ان كل شيئني قاما بانفسهما حبيث ال يكون احدمها حمال لآلخر فإما ان يكونا متصلني أو منفصلني

امل كل واحد قائم بنفسه فإما وعلى كال التقديرين فال بد وان يكون كل واحد منهما جبهة من اآلخر والبارى والعأن يكونا متصلني أو منفصلني ورمبا أورد عبارة أخرى فقيل إما أن يكون قد خلق العامل يف ذاته أو خارجا عن ذاته

ال جائز أن يكون يف ذاته واال كان حماال للحوادث وان كان خارجا عن ذاته فهو يف جهة منه ورمبا قيل إنه لو كان يكون داخل العامل وخارجه وإثبات لوجود هذا حاله غري معقول وأيضا فإنا اتفقنا على أنه ذو يف غري جهة لبطل أن

صفات قائمة بذاته ومن املعلوم أن الصفات ليس حيثها اال حيث وجود الذات فإن القائم بغريه ال يكون له حيث الوجود ذ ذا حيث وجهة اال حيث ما قام به فاذا حيث الصفات امنا هو حيث الذات وذلك يوجب كون واجب

واجلواب أما االنفصال عما ذكر أوال من االشكال فقد قال بعض املنتسبني إىل التحقيق إن حاصله يرجع إىل املصادرة على املطلوب يف الدليل مع تغيري يف اللفظ

اين أو جمامع فهو نفس وذلك أن املباينة واجملامعة ال تكون اال من لوازم املتحيزات وذوات اجلهات فاذا قيل إنه مب املصادرة على املطلوب

وليس هذا عند التحقيق مصادرة ألن املصادرة على املطلوب هو أن يؤخذ املطلوب بعينه وجيعل مقدمة قياسية بلفظ مرادف مشعر باملغيارة بني املقدمة واملطلوب واملطلوب فيما عرضه إمنا هو كونه يف جهة أم ال وليس اجلهة هى نفس

ل وال نفس االنفصال بل هى قابلة لالتصال واالنفصال واالنفصال واالتصال كل واحد منهما ال يقبل اآلخر االتصاوهلذا يصح أن نعقل اجلهة مث نعقل بعد ذلك كوهنا متصلة أو منفصلة وإذا كان االتصال واإلنفصال غري اجلهة الىت

عينه فإذا كان كذلك فال معىن للقول باملصادرة ههنا هى نفس املطلوب فاملأخوذ يف الدليل إمنا هو غري املطلوب ال فالواجب أن يقال

إنه إن اريد باإلتصال واالنفصال قيام أحدمها بذات اآلخر وامتناع القيام فال حمالة أن البارى والعامل كل واحد مع امتناع قبولية منهما منفصل عن اآلخر هبذا االعتبار وهو مما ال يوجب كون كل واحد منهما يف جهة من اآلخر

كل واحد منهما هلا أو امتناع قبولية أحدمها ومع امتناع تلك القبولية فال تلزم اجلهة وان أريد باالتصال ما يالزمة االحتاد يف احليز واجلهة وباالنفصال ما يالزمه االختالف فيهما ووقوع البعد واالمتداد بينهما فذلك إمنا يلزم على

ن قابال للتحيز واجلهة واال فان مل يكن قابال فال مانع من خلوه عنهما معا فإن راموا إثبات البارى تعاىل ان لو كااجلهة باالنفصال واالتصال واخلصم ال يسلم ذلك اال فيما هو قابل للجهة أفضى ذلك إىل الدور وال حميص عنه

فيقال وليس هلذا مثال واال ما لو قال القائل وجود شئ ليس هو عامل وال جاهل حمال

امنا هو حمال فيما هو قابل هلما وكذا يف كل ما هو قابل ألخد نقيضني فان خلوه عنهما حمال أما وجود ما ال يقبل وال لواحد منهما فخلوه عنهما ليس مبحال وذلك كما يف احلجر وغريه من اجلمادات وهبذا يندفع ما ذكروه من

اخليال اآلخر ايضا

Page 76: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

اخل العامل وال خارجه على حنو ختيل الصور اجلزئية مع كونه معلوما بالربهان وواجبا وعدم التخيل ملوجود هو ال دالتصديق به غري مضر إذ ليس ما وجب التصديق به بالربهان يكون حاصال يف اخليال واال ملا صح القول بوجود

اع وقوعها يف املثال وما قيل الصفات الغري احملسوسة كالعلم والقدرة واالرادة وحنوه لعدم حصوهلا يف اخليال وامتنمن أن حيث الصفات ال يكون إال حيث الذات فذلك إمنا هو ملا كان من الصفات له حيث وجهة إذ يستحيل أن

تكون الصفات يف جهة وحيث اال وهى يف جهة ما قامت به من الذات وال يتصور وقوع اجلهة للصفات دون له وعند ذلك فلزوم اجلهة واحليث لذات واجب الوجود بالنظر إىل الذات واما ما ال حيث له من الصفات فال جهة

حيث صفاته مع امتناع قبوهلا للحيث حمال ولعل اخلصم قد يتمسك ههنا بظواهر من الكتاب والسنة وأقوال بعض األئمة وهى بأسرها ظنية وال يسوغ

مان بإيرادها استعماهلا يف املسائل القطعية فلهذا آثرنا اإلعراض عنها ومل نشغل الز واهللا وىل التوفيق

القانون اخلامس

يف أفعال واجب الوجود ويشتمل على ثالث قواعد

القاعدة االوىل

يف أنه ال خالق اال اهللا تعاىل فالذى إليه عصابة أهل احلق من اإلسالميني وغريهم من الطوائف احملققني أنه ال خالق اال اهللا تعاىل وأن وجوب

س إال عنه وجود ما سواه لي وخالفهم يف ذلك طائفة من االهليني ومجاعة من الثنوية واملعتزلة واملنجمني

فأحرى مبدوء به إمنا هو البحث عن تفصيل مذهب كل فريق واالشارة إىل إبطال مآخذهم والكشف عن زيف مسالكهم

سفة اإلسالميني أن البارى تعاىل واحد فمما ذهب اليه املعلم األول ومن تابعه من احلكماء املتقدمني وقفا أثره من فالمن كل جهة وأنه ال يلحقه االنقسام والكم بوجه ما وانه ليس لذاته مبادئ يكون عنها وال صفة زائدة عليها وبنوا

على ذلك

ان الواحد ال يصدر عنه إال واحد وأال فلو صدر عنه اثنان مل خيل إما ان يتماثال من كل وجه او خيتلفا من كل وجه أو يتماثال من وجه وخيتلف من وجه فان متاثال من كل وجه فهما شئ واحد وال تعدد وال كثرة وان اختلفا من كل

وجه أو من وجه دون وجه فهما يف اجلملة خمتلفان وإذ ذاك فصدورمها عما هو واحد من كل وجه ممتنع ألن جائز ان يقال باألول إذ االختالف مع احتاد صدورمها عنه إما أن يكون باعتبار جهة واحدة أو باعتبار جهتني ال

املوجب حمال وال جائز أن يقال بالثاىن واال فاجلهات إما خارجة عن ذاته او هى له يف ذاته فإن كانت خارجة عن ذاته فالكالم فيها كالكالم يف األول وذلك يفضى إىل التسلسل أو الدور وكالمها حماالن وان كانت لذاته ويف ذاته

إذ هو واحد من كل وجه فلم يبق وإال أن يكون الصادر عنه واحدا ال تعدد فيه وال كثرة فممتنعوال جيوز ان يكون ذلك الواحد مادة وال صورة مادة إذ كل واحدة ال وجود هلا دون األخرى فإنا لو قدرنا وجود

Page 77: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

لذاهتا وما احتد منهما لذاته كل واحدة دون األخرى مل ختل اما أن تكون متحدة أو متكثرة فان كانت متحدة فهىفالكثرة عليه مستحيلة واملواد والصور متكثرة وإن كانت متكثرة فتكثر كل واحدة مع قطع النظر عن األخرى

حمال كيف وإنه يلزم أن يكون التكثر لذاهتا ويلزم ان ال تتحد والوحدة عليها جائزة فإذا ال وجود لكل واحدة إال دامها عله لألخرى إذ العلة وان كانت مع معلوهلا يف الوجود فال بد وان تكون متقدمة باألخرى وميتنع ان تكون إح

عليه بالذات وليس وال واحدة من املادة والصورة متقدمة على األخرى بالذات وال بد ان تكونا مستندين إىل وال جائز أن يكون موجود خارج عنهما وذلك اخلارج ال جيوز ان يكون متعددا وإال أفضى إىل اجتماع اإلهلني

متحدا ملا سبق وكما ال جيوز ان يكون مادة وال صورة مادة فكذا ال جيوز أن يكون نفسا فإن النفس وان مل يكن وجودها ماديا

فليس إال مع املادة وإال فلو كان هلا وجود قبل مادة بدهنا مل خيل إما أن تكون متحدة أو متكثرة ال جائز ان تكون وجود األبدان املتعددة إما أن تنقسم وهو حمال إذ املتحد ال ينقسم واما ان تكون النفس الواحدة متحدة وإال فعند

ألبدان متعددة وهو ممتنع أيضا وإال الحتد الناس بأسرهم

يف العلم مبا يعلمه الواحد واجلهل مبا جيهله الواحد من حيث إن النفس املدركة واحدة وال جائز أن تكون متكثرة بدان إذ الكثرة والتعدد للنفس بدون النظر إىل األبدان وعالئقها حمال وإذا ثبت أنه ال وجود للنفس إال مع قبل األ

وجود مادة بدهنا امتنع أن يقال بصدورها عن املبدأ األول ملا حققناه يف املادة والصورة فإذا ال بد وأن يكون ما بالعقل األول صدر عنه ماهية جمردة عن املادة وعالئقها وعربوا عنه

وبتوسط هذا العقل يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم الفلك األقصى وبتوسط العقل الثاىن يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم فلك الكواكب وبتوسط العقل الثالث يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم فلك زحل

وبتوسط العقل اخلامس يوجد عقل آخر وبتوسط العقل الرابع يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم فلك املشترى ونفس وجرم هو جرم فلك الشمس وبتوسط العقل السادس يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم فلك املريخ

وبتوسط العقل السابع يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم فلك الزهرة وبتوسط العقل الثامن يوجد عقل آخر لتاسع يوجد عقل آخر ونفس وجرم هو جرم فلك القمر ونفس وجرم هو جرم فلك عطارد وبتوسط العقل ا

وبتوسط العقل العاشر وجدت العناصر واملركبات وغري ذلك من الكائنات والفاسدات

وأما املنجمون فقد اعتقد فريق منهم أن صدور الكائنات وحدوث احلادثات وكل ما جيرى يف عامل الكون والفساد ليس إال عن

ب السائرة وأنه ال مدبر سواها وال مكون إالها األفالك الدائرة والكواكوقد حتاشى فريق منهم عن سخف هذه احلالة وتشنيع هذه املقالة فقالوا املدبر واخلالق ليس إال اهللا تعاىل لكن بتوسط

األجرام الفلكية والكواكب السماوية وأما الثنوية

ونفع وضر ليس هو إال امتزاج النور والظلمة وأهنما فاعتقادهم ان مبدأ الكائنات وكل ما يف العامل من خري وشر أصل العلوم فما حيصل من اخلري فمضاف إىل النور وما حيصل من الشر فمضاف إىل الظلمة

لكن منهم من ذهب إىل أن النور قدمي والظلمة حادثة عن فكرة ردية حصلت لبعض أجزاء النور وعربوا عن النور بالبارى وعن الظملة بالشيطان

Page 78: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ومنهم من قال بأهنما قدميان وأما املعتزلة

فمطبقون على أن أفعال العباد املختارين خملوقة هلم وأهنا غري داخلة يف مقدورات الرب تعاىل كما أن مقدورات الرب غري داخلة يف مقدوراهتم

ثرا يف صفة زائدة على الفعل وقد نقل عن القاضى رمحه اهللا انه مل يثبت للقدرة احلادثة أثر يف الفعل بل أثبت هلا أكما سنبينه مث اختلف قوله يف األثر الزائد فقال تارة إنه ال اثر للقدرة القدمية فيه اصال وقال تارة بالتأثري وأثبت

خملوقا بني خالقني وقد نقل عن األسفراييىن أنه قال يف نفس الفعل ما قاله القاضى يف القول الثاىن يف االثر الزائد

ام احلرمني يف بعض تصانيفه إىل تأثري القدرة احلادثة يف إجياد الفعل ومل جيعل للقدرة القدمية فيه تأثريا إال وذهب إم بواسطة إجياد القدرة احلادثة عليه

وذهب من عدا هؤالء من أهل احلق إىل أن أفعال العباد مضافة إليهم باالكتساب وإىل اهللا تعاىل باخللق واالختراع للقدرة احلادثة فيها أصال وأنه ال أثر

وإذا عرف بالتحقيق مذهب كل فريق فال بد من التعرض إىل إبطال مذاهب أهل الضالل وأول مبدوء به إمنا هو الرد على طوائف اإلهليني القائلني مبنع صدور الكثرة عن واجب الوجود

ت الزائدة وهو أنا نقول عماد اعتقادكم ورأس اعتمادكم إمنا هو آيل إىل نفى الصفا

على الذات وقد بينا فيما سلف سخف هذا املعتقد وتشنيع هذا املعتمد مث إن ما أوجب لكم القول مبنع صدور الكثرة عن واجب الوجود إمنا هو كونه واحدا وأن الواحد ال يصدر عنه إال واحد وال بد لكم يف هذه الدعوى من

أنه لو لزم من كونه واحدا وحدة ما صدر عنه فيجب أن يكون العود إىل هدم ما بنيتموه ونقض ما أبرمتموه وذلك ما صدر عن معلوله ايضا واحد لكونه واحد وهكذا ال يزال احلكم بصدور الواحد دائماوهو مما يوجب امتناع

وقوع الكثرة يف املعلوالت وتناقض قولكم يف صدور الكثرة عن املعلول االول حيث قلتم إن املعلول االول يصدر قل آخر ونفس وجرم هو الفلك األقصى مث إن صدور الكثرة عن املعلول األول اما أن تكون وهو متحد أو عنه ع

متكثر فإن كان واحدا فقد ناقض قولكم إن الواحد ال يصدر عنه اال واحد فهال قلتم بصدور الكثرة عن واجب قلتم إن ما صدر عنه الكثرة متكثر الوجود وان كان واحدا كما قلتم بصدور الكثرة عما صدر عنه وهو واحد وان

فقد قلتم بصدور الكثرة عن واجب الوجود وأفسدمت ما ظننتم إحكامه وما رمتم إتقانه وذلك خسف القول والفعال

فإن قيل ال حمالة أن املعلول االول واجب الوجود بالواجب بذاته وكل ما هو واجب بغريه فهو ممكن باعبتار ذاته ائز أن تكون واجبة وإال ملا كن واجبا بغريه وال جائز أن تكون ممتنعة وإال ملا وجدت وال من حيث أن ذاته ال ج

بالغري فتعني أن يكون باعتبار ذاته ممكنا وهو ال حمالة يعلم ذاته ويعلم مبدأه وهذه اجلهات كلها ليست له عن

دئه ومبدأ صدور الكثرة إمنا هو عن عن غريه بل هى أمور الزمة تابعه لذاته ما عدا وجوب وجوده فإنه له عن مبهذه اجلهات فإنه باعتبار إضافته إىل واجب موجب لوجوده يوجب عقال وباعتبار صلته مبدئه يوجب صورة

وباعتبار كونه ممكنا يوجب مادة ترتيبا لألشرف على األشرف واألخس على األخس وهذه هى مبادئ صدور

Page 79: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الكثرة ولوالها ملا كانت الكثرة العماية واجلهالة قد تعظم نسبتها إىل الصبيان فضال عن من ينسب إىل شئ من التحقيق والغوص والتدقيق قلنا هذه

وذلك ألن اجلهات إما ان توجب التعدد والكثرة يف ذات املعلول األول أول توجب التعدد والكثرة كاألمور ن واجب الوجود وان قيل ال توجب السلبية واإلضافية فإن أوجبت التعدد والكثرة فقد قيل بصدور الكثرة ع

التعدد والكثرة فلم ال قيل بصدور الكثرة عن واجب الوجود فإن السلوب واإلضافات له أكثر من ان حتصى هذا من حيث اإلمجال

وأما التفصيل فهو أن ما ذكروه من اجلهات املوجبة للكثرة حاصلها يرجع إىل سلوب وإضافات فإن وجوبه بغريه وبذاته أمور إضافية وكونه ممكنا بذاته إن فسرنا املمكن مبا سلب عنه الضرورة يف وجوده وعدمه كان وعلمه مببدئه

أمرا سلبيا وإن فسر مبا يفتقر إىل املرجح يف كال طرفيه كان أمرا إضافيا وعند عودها إىل السلوب واإلضافات فيلزم عنها ما ذكر يف اإلمجال

م ذاته دعوى لو سئلوا عن الدليل عليها مل يزد قوهلم على أنه باعتبار ذاته ممكن كيف وأن قوهلم إنه يعلم مبدأه ويعلأن يكون عاملا واملانع من العلم إمنا هو املادة وعالئقها وهى بأسرها منتفية فإن ماهيته جمردة عن املادة وعالئقها وهو

ال يؤثر يف إجياب العلم له وإال كانت أيضا من أقبح املقاالت وأعظم الشناعات فإن إمكان كونه عاملا ال يوجب و جهة اإلمكان هى املرجحة ألحد الطرفني وهو ممتنع

ونفى املانع مما ال يوجب أيضا فإن ثبوت الشئ إمنا يستند إىل ما يقتضيه أما إىل نفى املانع واملعارض فكال مث يلزمهم املانع هو املادة وعالئقها وقد انتفت يف حقه من ذلك مناقضة قوهلم إن البارى تعاىل ال يعلم اجلزئيات من حيث إن

تعاىل مث إن كانت هذه اجلهات مما توجب الكثرة فلم قيل باحنصار ما صدر عنه يف أربعة أشياء ومل ال كانت ازيد من ذلك فإن مثل هذه اجلهات لديه أكثر من ان حتصى فإذن حاصل ما ذكروه ال يرجع إال إىل حمض حتكمات باردة

سدة ال يرضى هبا لنفسه بعض اجملانني فضال عمن يزعم انه من احملصلني وخياالت فا ب وأما املنجمون

القائلون بصنع الكواكب واألفالك وأنه ال خالق وال صانع سواها فقد أكثر األصحاب يف الرد عليهم بأسولة باردة واستفسارات جامدة وإلزامات ال ثبوت هلا على حمك النظر تليق

مة والصبيان فسادها يظهر ببديهة العقل ملن له أدىن حتصيل ال يليق أن يطول بذكرها ههنا فالسبيل احلق مبناظرة العا أن يقال ملن زعم منهم أن ال خالق إالها وال مبدأ سواها

إما أن تكون باعتبار ذواهتا واجبة أو ممكنة أو البعض منها واجب والبعض ممكن فإن كانت واجبة فقد سلك إبطال ذلك طريقة امتناع اجتماع واجبني وهى غري مرضية كما سلف فاحلق أهنا لو كانت واجبة لكان اإلهليون يف

وجودها سرمديا ولو كان

سرمديا لوجب القول بأن ال هناية حلركاهتا إن كانت متحركة يف القدم وملقادير حركاهتا إن مل تكن متحركة وذلك والت ممتنع ملا أسلفناه يف تناهى العلل واملعل

مث إن الواجب لذاته هو ما لو فرض معدوما لزم احملال عنه لذاته ال لغريه وال خيفى أن القائل لو فرض بعقله عدم شئ من الكواكب واألفالك مل يلزم يف عقله عن ذلك لذاته حمال كما ال يلزم من فرض وجود فلك آخر وكوكب

بل إن فرض واجبا فليس ذلك له إال لغريه وكل ما آخر وما هو على هذا النحو كيف يكون الوجوب له لذاته

Page 80: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وجوبه لغريه فهو بذاته ممكن كما سلف كيف وان ذلك على أصلهم غري مستقيم العتقادهم ان تأليف االجرام ليس إال من املواد والصور وقد بان أن كل واحد من املادة والصورة ليس وجوده اال بأمر خارج عنها فهما ال حمالة

مفرداته الىت منها تأليفه ممكنة كيف يكون هو لنفسه واجبا ممكنان وما مث لو كانت واجبة لوجب ان ما شاركها يف معىن اجلوهرية أن يكون واجبا إذ يستحيل أن يكون وجوب الوجود ملا تنع به ختصص جواهر األفالك ومغايرهتا لغريها من اجلواهر فإن ذلك ال قوام له بنفسه دون املتخصص به وهو دور مم

وعند ذلك فيلزم على أصله امتناع القول حبدث اجلواهر الصورية الثابتة لألجرام العنصرية وكذا يف اجلواهر االنسانية الىت لألبدان اإلنسانية على رأى من اعترف منهم حبدثها وبكوهنا جوهرا وهو ال حمالة تناقض ومبا حققناه

ض فبقى أن تكون بأسرها ممكنة ههنا يتبني إبطال كون البعض منها واجبا دون البعوإذ ذاك فال بد هلا يف وجودها من مرجح خارج عنها وبطل القول بأنه ال مبدأ هلا وأما من اعترف منهم بأن هلا مبدأ خارجا عنها لكنه أضاف اخللق إليها ووقف اإلبداع واإلحداث عليها فليس له يف دعواه مستند غري االستقراء بأنا

وجدنا التأثرات

ملختلفة واالمتزاجات املتقاربة ومجيع ما يف عام الكون والفساد من خري وشر ال يوجد إال عند حركة كوكب ا خمصوص وذلك مما يوجب إسناده إليه وإحالة وجوده عليه إذ لو كان اتفاقيا ملا دام

حته وان وقوع اآلثار احلادثة وحنن نعلم أهنم لو طولبوا بصحة هذا االستقراء مل جيدوا اىل اثباته سبيال مث لو قدرت صمالزم حلركات الكواكب واألفالك فغري الزم أن تكون هى عللها واألسباب املوجبة هلا ملا أنه ال مانع من أن يكون اخلالق والبارى هو اهللا تعاىل وقد أجرى العادة بوجود احلادثات ووقوع التأثريات عندها وإن منع بعض األصحاب

اء على أن ما من جيشني تالقيا او من نفسني ختاصما أال وقد أخذ الطالع لكل واحد من صحة هذا االطالق بنمنهما ومع ذلك فاملنصور والغالب ال يكون إال أحدمها فال معول عليه إذ ال مانع من القول خبطأ اآلخذ للطالع يف

عليه ليس إال ما أشرنا إليه احلساب او احلكم وليس هذا موضع االطناب وحمز اإلسهاب والذى جيب االعتماد ههنا ج وأما الطريق

يف الرد على الثنوية القائلني بالنور والظلمة وانه ال مبدأ للعامل سوامها أن يقال إن النور والظلمة بالنظر إىل ذاتيهما اجبا واجبان أو ممكنان أو أحدمها واجب واآلخر ممكن فإن كانا واجبني لزم أن ما شاركهما يف نوعيهما أن يكون و

وأن ال يكون موجودا بعد العدم وهو خالف ما نشاهده من األنوار والظلم وبه يتبني امتناع كون أحدمها واجبا واآلخر ممكنا فبقى أن يكونا ممكنني

وعند ذلك إما أن يستند كل واحد منهما يف وجوده إىل اآلخر أو إىل أمر خارج عنهما ال جائز أن يقال باألول إذ ومع كونه ممتنعا فغري مسلم صدور الشر عن اخلري واخلري عن الشر لكون أحدمها خريا واآلخر شرا هو دور ممتنع

وهو تناقض وإن كان املرجح هلما أمرا خارجا عنهما فقد بطل القول بأنه ال مبدا سوامها وال مرجح إال مها مث كفى تمده مل يزد على قوله باخلصم سخفا أنه لو سئل عن الداللة على ما يعتقده واإلبانة عما يع

إنا وجدنا املوجودات ال تنفك عن أن تكون ثقيلة تطلب أقصى جهة السفل أو خفيفة تطلب أقصى جهة العلو أو ذات ظل حاجبة كاألشياء الكثيفة الغليظة من احلديد واحلجارة وحنوها أو ما هو على نقيضها من األشياء الشفافة

ليواقيت وحنوها وباجلملة ال ينفك عن خريات وشرور وال بد من أن نرتب على الىت ال ظل هلا كالزجاجة الصافية واكل واحد ما يليق به ترتيبا لألشرف على األشرف واألخس على األخس وإال كان األخس صادرا عن األشرف

Page 81: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

والقبيح صادرا عن احلسن بالنور والظلمة مل يعلم أن مدلول وهو خالف املعقول فإنه مع ما يشتمل عليه من الركاكة والتحكم بتخصيص املبدأ

اسم الشر ليس اال عبارة عن عدم ذات أو عدم كمال ذات وأن احلسن والقبح ليس يستدعى اسناده اىل ما هو يف نفسه ذات ووجود حىت يلزم التثنية على ماال خيفى

م إىل ما هو خري حمض و إىل مث ولو كان الشر والقبح ذاتا واستدعى أن يكون مرجحه ذاتا فال خيفى أن العامل ينقسما هو شر حمض و إىل ما هو خري من وجه وشر من وجه وال يوصف بكونه خريا حمضا وال شرا حمضا وجيب من ذلك أن يكون من املبادئ ما هو خري من وجه وشر من وجه إذ اخلري احملض ال يصدر عنه إال خري حمض والشر

إمنا حيصل بامتزاجهما فامتزاج احملض ال يصدر عنه إال شر حمض وإن كان ذلك

كل واحد منهما باآلخر وحركته إليه إما لذاتيهما أو ملعىن زائد عليهما كما قال فريق منهم إن األصول ثالثة نور حمض وظالم حمض وأصل ثالث ليس بنور وال ظالم وهو دون النور وفوق الظالم وهو املوجب المتزاجهما واملعدل

فهو حمال وإال ملا تصور االفتراق بينهما وهو خالف ما نشاهده كيف وأن النور والظلمة بينهما فإن كان لذاتيهمالذاتيهما متباينان فكيف يكون أحدمها طالبا لآلخر وان كان ذلك باعتبار امر ثالث فإما ان يكون من نوعها او من

يتم إال به وهو ال يتم إال نوع احدمها او هو نوع ثالث غريمها فإن كان منهما فهو دور فإن امتزاجهما البامتزاجهما وإن كان من نوع أحدمها فليس بأصل ثالث غريمها وإذ ذاك فيعود القسم األول ال حمالة وإن مل يكن من

نوعهما فهو إما بسيط او مركب فإن كان بسيطا فهو إما خري حمض أو شر حمض لعدم التركيب فيه وإذ ذاك وه وقافيا أثره ويف ذلك امتناع وجود قسم آخر غري الشر احملض واخلري فالصادر عنه جيب أن يكون حاذيا حذ

احملض وهو ممتنع

د وأما الرد على املعتزلة

يف خلق األعمال فهو موضع غمرة وحمز إشكال وهو يستدعى تقدمي طرق املتكلمني وإيضاح الصحيح منها والكسب فيما بعد إن شاء اهللا تعاىل فنقول ذهب والسقيم مث اإلشارة إىل شبه املخالفني وبيان الفرق بني اخللق

املتكلمون ههنا إىل مسالك ال ظهور هلا عند من طهرت بصريته واتقدت قرحيته

املسلك األول

أهنم قالوا لو مل تكن مقدروات العباد خملوقة هللا تعاىل مل يكن إال الستحالة مقدور بني قادرين وهو غري مستقيم فإنه يكن الفعل مقدورا قبل أن يقدر عبده مل

للعبد فيجب أن يكون مقدورا للرب إذ الفعل يف نفسه ممكن واملانع من كونه قادرا بعد إقدار العبد إمنا هو استحالة اجتماع مقدور بني قادرين وهذا املانع غري موجود قبل إقدار العبد وإذا كان مقدورا للرب قبل إقدار العبد فبعد

كان مقدورا له عن كونه مقدورا فإنه لو خرج عن كونه مقدورا للرب بسبب تعلق إقداره يستحيل أن خيرج ما القدرة احلادثة به مل يكن بأوىل من امتناع تعلق القدرة احلادثة به واستبقاء تعلق القدرة القدمية به بل بقاء ما كان

يكون خالقه ومبدعه من حيث على ما كان أوىل من نفيه وإثبات ما مل يكن وإذا ثبت كونه مقدورا للرب وجب أن

Page 82: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

إنه يستحيل انفراد العبد خبلق ما هو مقدور هللا تعاىل واعلم أن هذا املسلك من ركيك القول إذ اخلصم قد مينع كونه مقدورا للرب قبل تعلق القدرة احلادثه به وكون

كن يف نفسه مقدور للرب وما الفعل يف نفسه ممكنا مما ال يوجب تعلق القدرة القدمية به أصال وال يعترف بأن كل ممقدر من زوال املانع فمتهافت أيضا فإن اخلصم مهما مل يسلم إمكان تعلق القدرة القدمية بالفعل فال يلزم من عدم ما

يتخيل يف اجلملة مانع أن يكون التعلق يف نفسه ثابتا مث ولو قدر كونه ممكنا فال يلزم التعلق من انتفاء املانع املعني ني انتفاء غريه من املوانع وذلك مما ال يتم إال بالبحث وهو بعيد عن اليقينات كيف وإنه ولو قدر مقدورا مهما مل يتب

للرب فال يلزم من حيث هو مقدور له أن تكون نسبته إليه أوىل من نسبته إىل العبد بكونه مقدورا له فإن قيل إنه سلف يكون خملوقا هلما فهو خالف املذهب ومع ذلك فهو حمال ملا

املسلك الثاىن

لو جاز تأثري القدرة احلادثة يف الفعل باإلجياد واالختراع جلاز تأثريها يف إجياد كل موجود من حيث إن الوجود قضية واحدة ال خيتلف وإن اختلفت حماله وجهاته

عال كالطعوم والقول جبواز تأثريها خلف فإهنا ال تؤثر يف إجياد األجسام وال ىف شئ من األعراض ما عدا األف واأللوان واألراييح وحنو ذلك وإن كان التاىل باطال كان املقدم باطال

وهو من الطراز األول يف اإلبطال فإن ما ألزمناه يف اخللق واإلبداع بعينه الزم لنا فيما أثبتناه من تعلق القدرة احلادثة ألزمناه بإجياد بعض األشياء دون البعض وعند ذلك فجوابنا عنه هو جواب ملا

وليس من السديد أن يقال ما ثبت تعلق القدرة احلادثة به مل يكن باعتبار معىن يشاركه فيه ما مل يكن متعلقا للقدرة احلادثة بل ما هو متعلقها إمنا هو خبصوص ذاته وجمموع صفاته وإذ ذاك فال يلزم أن تتعلق القدرة بغري تلك الذات

ت فإن القدرة وإن تعلقت بالوجود وبغريه من الصفات اخلاصة بالذات فال مما هو خمالف هلا يف احلقيقة والصفاخيرجها ذلك عن أن تكون متعلقة بالوجود وعند ذلك فاالشكال الزم من جهة تعلقها بالوجود ال من جهة تعلقها

د بغريه وإن قيل إهنا ال تتعلق إال بإجياد خمصوص هو لذات خمصوصة فلعل يوجد مثله يف اخللق واإلجياوهو ال حمالة الزم على القاضى رمحه اهللا يف قوله بتأثري القدرة يف إجياد صفة زائدة على الفعل وال حميص عنه لكن قد

يبقى ههنا مناقشة جدلية ومؤاخذة معنوية وهو أن يقال يه كونه حجرا غاية ما ذكرمتوه وأقصى ما أثبتموه أن ألزمتمونا على سياق ما ذكرناه ما ألزمناكم إياه وأدىن ما ف

على الفريقني والزم للطائفتني وذلك ما ال يوجب كونه يف نفسه باطال بل الواجب أن يقضى به على كال املذهبني

واجلواب على التحقيق عن هذه املؤاخذة إمنا يتهيأ مع من يعترف بااللزام ويقول بالكسب ويعتقد صحته كما هو الدليل مبخالفته ووقوع مناقضته وكان مع ذلك جازما باملخالفة املنقول عن أهل احلق فإنه مهما اعترف صاحب

معتقدا هلا فقد اعترف بأن ما ذكره ال يوجب االنقياد وال يصلح لإلرشاد وكفى مئونة اجلواب وأما من ال يعترف بذلك فال

قول باالشتراك هذا كله إن قلنا إن الوجود زائد على ذات املوجود وإال فإن كان هو نفس املوجود فقد بطل ال واالحتاد يف قضية الوجود وامتنع اإللزام

Page 83: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

املسلك الثالث

قالوا البارى تعاىل قادر على مثل مجيع األجناس الىت هى مقدورة للعبد وإذ ذاك فيجب أن يكون قادرا عليها فإنه لو اد فإذا حدثت وجب أن مل يكن يقدر عليها مل يكن قادرا على مثلها وهو خلف وإذا ثبت أنه قادر على أفعال العب

تكون خملوقة له وهو قريب من املسلك األول إذ اخلصم قد مينع كون الرب قادرا على مثل فعل العبد وإن سلم فأما أن يكون يف

حمل قدرة العبد أو خارجا عن حمل قدرته فإن كان يف حمل قدرة العبد فهو حمل النزاع وموضع املنع وإن كان خارجا فهو غري مقدور للعبد فإذا قيل بكون الرب قادرا على فعل العبد لكونه قادرا على مثله فيلزم عن حمل قدرة العبد

أن يكون العبد قادرا على فعل الرب لكونه قادرا على مثله وهو حمال مث ولو سلم أنه قادر على فعل العبد فال يلزم أن يكون خالقا له مل أسلفناه

الكتاب والسنة وأقوال بعض األئمة وال مطمع هلا يف القطعيات وال معول رمبا متسك بعض األصحاب ههنا بظواهر عليها يف اليقينيات فلذلك آثرنا اإلعراض عنها ومل نشغل الزمان بإيرادها

والصواب يف هذا الباب أن يقال لو مل يكن فعل العبد بل غريه من املوجودات احلادثة مقدورا للرب وداخال حتت قدرته للزم أن يكون

البارى تعاىل ناقصا بالنسبة إىل من له القدرة عليه كما مضى يف اإلرادة وهو حمال ولئن تشوفنا إىل بيان إمتناع إضافة اخللق إىل فعل العبد قلنا مل خيل إما أن يكون موجدا له بالذات أو باإلرادة ال

نشاهده ومع ذلك فهو خالف املذهبني جائز أن يكون موجدا له بالذات وإال ملا برح فاعال له وهو حمال خالف ما وال جائز أن يكون موجدا له باإلرادة وإال ملا وجد دوهنا فكم من فعل يصدر من العبد ويعتقد كونه خملوقا له من

غري إرادة وذلك كما يف حالة الغفلة والذهول وحنوه والقول بكونه مريدا يف مثل هذه احلالة عني السفسطة فإنه لو فعلت مل يكن اجلواب إال بال كيف وأن الفعل باإلرادة من العبد يستدعى القصد والقصد سئل هل أردت ما

يستدعى مقصودا واملقصود يستدعى كونه معلوما وهو غري عامل به ال حمالة وإن علمه من وجه مل يعلمه من كل وجه ومع ذلك فصدوره عنه يكون على غاية من احلكمة واإلتقان وعلى سبيل

مام فلو كان موجدا له باإلرادة لوجب كونه حميطا به عاملا بأحواله إذ القصد و اإلرادة ال يكونان إال الكمال والتمع العلم وال جائز أن يكون متعلق قدرة العبد ما هو معلوم له ومتعلق قدرة البارى منه ما ليس مبعلوم للعبد إذ

لزم من ذلك امتناع وجود الفعل يف نفسه ملا أسلفناه مقدور كل واحد منهما قد ال يتم إال مع حتقق مقدور اآلخر وييف مسألة التوحيد كيف وأن ذلك مما ال قائل به وإذا جاز صدور الفعل عن العبد يف مثل هذه األحوال وقيل انه

خملوق له من غري اراده فقد بطل أخذ اإلرادة شرطا يف اخللق وإذا مل تكن اإلرادة شرطا يف اخللق بالنسبة إىل بعض أفعاله مل تكن شرطا بالنسبة إىل سائر أفعاله وإن كان عاملا هبا مريدا هلا إذ ال أولوية ألحدمها ومع ذلك فال قائل به ويلزم من إبطال تاىل الشرطية بطالن مقدمها وهو املقصود وما أشرنا إليه الزم على كل من جعل للقدرة احلادثة

ليه تأثريا ما يف إجياد الفعل أو يف صفة زائدة عفإن قيل إنا ندرك بالضرورة وقوع األفعال على حسب الدواعى واألغراض واختالف املقاصد واإلرادات ولوال صالحية القدرة احلادثة لإلجياد وإال ملا أحس من النفس ذلك وأيضا فإن االنسان جيد من نفسه تفرقة بني احلركة

Page 84: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

لنسبة إىل احلركتني من حيث مها ذاتان أو من حيث مها االضطرارية واحلركة االختيارية وليست التفرقة واقعة با موجودان وال غري ذلك بل التفرقة إمنا هى راجعة إىل كون إحدامها مقدورة

مرادة واألخرى ليست مقدورة وال مرادة وإذا مل تكن التفرقة إال لتعلق القدرة بإحدامها دون األخرى فال خيلو إما يس هلا تأثري ال جائز أن يقال بأنه ال تأثري هلا وإال ملا حصلت التفرقة إذ ال فرق بني أن يكون لتعلق القدرة تأثري أو ل

انتفاء التعلق وبني ثبوته مع انتفاء التأثري فيما يرجع إىل التفرقة فتعني القول بالتأثري ا وقع الفرق إذ الوجود قال القاضى أبو بكر من أصحابنا رمحه اهللا وال جائز أن يكون التأثري يف إجياد الفعل وإال مل

من حيث هو وجود ال خيتلف فيجب أن يكون راجعا إىل صفة زائدة على إحداث الفعل لكنه قال تارة يف األمر الزائد إنه خملوق للرب وللعبد هربا من شنيع إفراد العبد باخللق دون الرب وقال تارة بإنفراد العبد به وهو ما بني

خلوق بني خالقني وسيأتى وجه الكالم عليه فيما بعد شنيع القول باإلنفراد والقول مبورمبا متسك اخلصم بأن أفعال العباد لو كانت خملوقة لغريهم كان التكليف يف نفسه باطال فإن حاصله يرجع إىل

املطالبة بفعل الغري والتكيلف بالفعل ملن ال يفعله وليس طلب ذلك منه إال على حنو طلب إحداث األجسام وأنواع كوان وهو حمال ولبطل أيضا معىن الثواب والعقاب على األفعال واجملازاة على األعمال من حيث إن احلكم األ

بذلك للشخص بسبب فعل غريه حارف عن مذاق العقول وما ورد به الشرع املنقول وهذه الشبهة هى الىت أوقعت إمام احلرمني واإلسفراييىن رمحهما اهللا فيما ذهب إليه واعتمدا عليه

واجلواب أما وقوع األفعال على حسب الدواعى واألغراض فذلك مما ال يدل على صالحية القدرة احلادثة لإلجياد إذ اخللل

الئح يف خالله والزلل واقع ىف أرجائه من حيث إن األشياء منها ما يقع على حسب الدواعى وال يضاف إىل القدرة كما ىف حصول الرى عند الشرب والشبع عند األكل وحصول احلادثة وال يدل على صالحيتها لإلجياد وذلك

األلوان يف صناعة الصبغ وحنو ذلك ومنها ما ال يقع على حسب الداعية والغرض وذلك كما يف أفعال النائم والغافل والساهى وحنو ذلك ومع ذلك هى مضافة إىل القدرة احلادثة على أصلهم وحيث مل يصح ما عولوا عليه

جيز االعتماد عليه أصال طردا وعكسا ملوما جنده من التفرقة بني احلركة االضطرارية واالختيارية فهو سبيلنا يف إثبات الكسب على من أنكره من اجلربية وقال إن القدرة احلادثة ال تعلق هلا بالفعل أصال ولزوم التأثري من وقوع التفرقة هو حمز اخلالف وموضع االحنراف

جرد تعلق القدرة بأحدمها دون اآلخر وإن مل يكن هلا تأثري يف إجياده وذلك على حنو وقوع بل التفرقة قد حتصل مبالتفرقة بني ما تعلق به العلم وبني غريه وبني ما تعلقت به اإلرادة وبني غريه وإذ ذاك فال يلزم أن يقال إذا جاز تعلق

قها بغريه من احلوادث كما يف العلم فإن حاصله القدرة احلادثة بالفعل من غري تأثري كما يف العلم وحنوه جاز تعل يرجع إىل دعوى جمردة يف املعقوالت وحمض استرسال يف اليقينيات وهو غري مقبول

وكون الوجود قضية واحدة مما ال يوجب تعلق القدرة به بطريق العموم وما هو اعتذارنا يف ختصيص تعلق القدرة به من غري تأثري هو أن من موجب اعتقادهم

أن الرؤية تتعلق باملوجود من غري تأثري وال تتعلق بكل موجود فما هو اعتذارهم مث هو اعتذارنا ههنا أيضا وما اعتمده القاضى أبو بكر رمحه اهللا يف منع تعليق القدرة حبدوث الفعل من حيث إن الوجود قضية عامة فإما ان

Page 85: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

كان األول فقد بطل القول بالتعميم وإن كان الثاىن فهو يعترف ان نفس الوجود هو نفس املوجود او زائد عليه فإنالزم له يف تعلقها حبدوث الصفة الزائدة أيضا اللهم إال أن جيعل التعلق حبدوث الصفة من حيث هو خمصوص هبا

وعند ذلك فيجب قبول القول بأن تعلق القدرة احلادثة ليس إال حبدوث خمصوص بفعل خمصوص وال حميص عنه مث تعلق القدرة بزائد على نفس الفعل فال يلزم أن يقال بتأثريها فيه أيضا ملا أسلفناه يف نفس الفعل وما اعتمد ولو قدر

عليه بعض األصحاب يف إبطال قول القاضى يف أن ما ثبت تعلق القدرة به جمهول غري معلوم فلست أراه مرضيا زاة على األفعال بالثواب والعقاب وأن ذلك تكليف مبا وما أشري إليه من امتناع وقوع التكليف وتعذر القول باجملا

ال يطاق فسريد وجه االنفصال عنه فيما بعد إن شاء اهللا تعاىل وما خيص اإلسفراييىن فيما ذهب إليه من إثبات خملوق بني خالقني فقد سبق وجه إحالته وظهر زيف مقالته فيما

مضى فال حاجة إىل إعادته

الكالم بذكر الكسب واخللق متييزا لكل واحد منهما عن اآلخر وعند هذا فيجب أن خنتم أما الكسب فأحسن ما قيل فيه إنه املقدور بالقدرة احلادثة وقيل هو املقدور القائم مبحل القدرة

وأما اخللق فإنه وإن أطلق باعتبارات خمتلفة كالتقدير واهلم باشئ والعزم عليه واإلخبار بالشئ على خالف ما هو فاملراد باخللق املضاف إىل القدرة القدمية إمنا هو عبارة عن املقدور بالقدرة القدمية وإن شئت قلت هو املقدور عليه

القائم بغري حمل القدرة عليه وما أشرنا إليه فكاف ملن لديه أدىن حظ من التفطن واهللا املستعان

القاعدة الثانية

يف نفى الغرض واملقصود عن أفعال واجب الوجودمذهب أهل احلق أن البارى تعاىل خلق العامل وأبدعه ال لغاية يستند اإلبداع إليها وال حلكمة يتوقف اخللق عليها بل كل ما أبدعه من خري وشر ونفع وضر مل يكن لغرض قاده إليه وال ملقصود أوجب الفعل عليه بل اخللق وأن ال خلق

له جائزان ومها بالنسبة إليه سيان ذلك طوائف اإلهليني وجهابذة احلكماء املتقدمني ووافقهم على

وذهبت طوائف املعتزلة إىل أن البارى ال خيلو فعله عن غرض وصالح للخلق إذ هو يتعاىل ويتقدس عن األغراض وعن الضرر واالنتقاع فرعاية الصالح يف فعله واجبة نفيا للعبث يف احلكم عن حكمته وابطاال للسفه عنه يف إبداعه

واما األصلح فهم فيه خمتلفون طائفة أحلقته بالصالح يف وجوب الرعاية وطائفة أحالت القول بوجوبه بناء وصنعتهعلى أن ما من صاحل إال وفوقه ما هو أصلح منه إىل غري هناية مث بنوا على وجوب رعاية الصالح واألصلح باتفاق

منهم وجوب الثواب

يف حق البهائم والصبيان ووجوب العقاب وإحباط العمل على العصيان على الطاعات واآلالم الغري املستحقة كما ووجوب قبول التوبة واإلرشاد بعد اخللق وإيصال العقل إىل وجوه املصاحل باإلقدار عليها وإقامته اآليات واحلجج

الداعية إليها جاع والنفع والضر واخلري والشر مث التزموا على فاسد أصلهم أن ما ينال العبد يف احلال أو املآل من اآلالم واألو

وحنوه فهو الصاحل له ومل يتحاشوا جحد الضرورة ومكابرة العقل يف أن خلود أهل النار يف النار هو الصاحل هلم

Page 86: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واألنفع لنفوسهم ومما فارق به البغداديون البصريني القول بوجوب ابتداء خلق اخللق وهتيئة أسباب التكليف من إكمال العقل

اآلالت للتكليف إىل غري ذلك والبصريون ال يرون أن شيئا من ذلك واجب بل ابتداؤه بفضل من اهللا واستعداد تعاىل وإنعام من غري حتقق وال حتتم وال إلزام

وحنن اآلن نبتدئ مبأخذ أهل احلق والكشف عنه مث نشري بعد ذلك إىل مأخذ أهل الضالل واإلبانة عن معرضها يف ل معرض االعتراض واالنفصا

فمما اعتمد عليه أهل التحقيق يف هذا الطريق أن قالوا لو كان إبداع البارى تعاىل ملا أبدعه يستند إىل غرض مقصود مل خيل إما ان يقال بعوده إىل اخلالق أو إىل املخلوق فإن كان عائدا إىل اخلالق مل خيل إما أن يكون بالنسبة إليه كونه أوىل من ال كونه أو ال كونه

من كونه أو أن كونه وأن ال كونه بالنسبة إليه سيان أوىل فإن قيل إن كونه أوىل من ال كونه فال حمالة أن واجب الوجود يستفيد بذلك الفعل كما ال ومتاما مل يكن له قبله ه لكونه أوىل بالنسبة إليه وتركه وأن ال يفعله نقصانا وذلك يوجب افتقار األشرف إىل األخس يف إفادة كماالته ل

وأن يكون ناقصا قبله ونعوذ باهللا من هذا الضالل بل هو الغىن املطلق وله الكمال األمت واجلمال األعظم وهو مبدأ الكماالت ومنتهى املطالب واألمنيات وإليه االفتقار يف مجيع احلاالت وليس له يف فعله مطلوب يكمله وال له قصد

لسموات واألرض وهو على كل شئ قدير إىل ثناء أو مدح حيصله بل هو الغىن له ما يف اوإن قيل إن ال كونه أرجح من كونه أو أهنما متساويان فالقول جبعل مثل هذا غرضا ومقصودا مع أنه ال فرق بني

كونه وأن ال كونه أو أن ال كونه أوىل من كونه من أحمل احملاالت

ما يف العامل من اجلمادات والعناصر واملعدنيات وإن قيل برجوعه إىل املخلوق من صالح أو نفع فأى فائدة يف خلق وغري ذلك من أنواع النباتات مع أهنا ال جتد بذلك لذة وال أملا وال فرق هلا بني كوهنا وأن ال كوهنا بل وأى فائدة

لنوع احليوان يف ذلك أو لتكليف نوع اإلنسان مع ما جيد فيه من اآلالم واألوصاب واملشاق واألوجاع وكل ما جتد النفس من حتلمه حرجا

وكل عاقل إذا راجع نفسه بني الوجود وأن ال وجود فإنه يود لو أنه مل يكن موجودا ملا أعد له يف األوىل والعقىب وهلذا نقل عن األنبياء املرسلني واألولياء الصاحلني التكره لذلك والتربم به حىت إن بعضهم قال يا ليتىن كنت نسيا

مل تلدىن أمى وقال آخر يا ليتىن مل أك شيئا منسيا وقال آخر يا ليتىنبل وأى نفع وصالح للعبد يف خلوده يف اجلحيم وإقامته يف العذاب األليم وكذا اى مصلحة يف انظار إبليس

وإضالله وإماتة األنبياء مع هدايتهم وهل من زعم ان يف ذلك صالحا أو نفعا إال خارقا حلجاب اهليبة بارتكاب جحد الضروة

الذى يقطع دابر هذا اخليال ودفع هذا اإلشكال إبداء ما وقع من أفعال اهللا تعاىل مث

مع تسليم اخلصم ضرورة أنه ال صالح فيه وال أصلحية وذلك أنا لو فرضنا ثالثة أطفال مات أحدهم وهو مسلم تدعاه التعديل ان قبل البلوغ وبلغ اآلخران ومات أحدمها مسلما واآلخر كافرا فمن مقتضى أصوهلم على ما اس

تكون رتبة املسلم البالغ فوق رتبة الصىب لكونه أطاع بالغا وختليد الكافر يف اجلحيم لكونه كان عاصيا فلو قال

Page 87: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الصىب يا رب العاملني مل اخترمتىن دون املرتبة العلية والرفعة السنية الىت أعطيتها ألخى ومل متنعه إياها و مل ال أحييتىن يعك فتحصل ىل هذه الرتبة وأى مصلحة ىل يف إماتىت قبل البلوغ وقطعى عن هذه الرتبة فال إىل حني البلوغ ألط

جواب اال ان يقول له ألىن علمت منك انك لو بلغت لعصيتىن فكان اخترامك هو األنفع لك واحنطاطك إىل هذا يبقى إلحياء ذلك الكافر الرتبة أصلح لنفسك لكن ذلك مما يوجب اخترام كل من علم اهللا كفره عند البلوغ وال

البالغ معىن وال يتجه عنه جواب فقد بان من هذه اجلملة أن الغرض يف أفعال اهللا تعاىل ووجوب رعاية الصالح واألصلح عليه مستحيل

وما خيص رعاية األصلح أن يقال وضابط ممتنع مث ولو وجب مقدورات اهللا تعاىل يف األصلح غري متناهية ورعاية ما ال سبيل إىل الوقوف فيه على حد

يف حقه رعاية الصالح واألصلح للزم أن تكون اهلبات والنوافل بالنسبة إىل أفعالنا واجبة ملا فيها من صالحنا إذ الرب تعاىل ال يندب

إىل ما صالح لنا فيه وال معىن للفرق يف ذلك بني الغائب والشاهد أصال كيف وأن أصل اخلصم فيما يرجع إىل الصالح واألصلح يف حق البارى تعاىل ليس إال بالنظر إىل الشاهد وهو ممتنع ملا حققناه يف غري موضع وجوب رعاية

كيف وقد سلم أن الواحد منا ال جيب عليه رعاية الصالح واألصلح يف حق نفسه مع متكنه من حتصيله فأىن يصح القياس على هذا األصل مع حتقق هذا الفصل وهل ذلك إال خبط يف عشواء

وإذا حتقق ما قررناه من امتناع الغرض يف أفعاله ووجوب رعاية الصالح واألصلح لزم منه هدم ما بىن عليه من وجوب الثواب والعقاب واخللق والتكليف وغري ذلك مما عددناه من مذهبهم فإهنم مل يقضوا بوجوبه إال بناء على

رعاية الصالح واألصلح ال حمالة لى الساقط ومنه يقال للشمس واحلائط إهنما واجبان عند سقوطهما وقد يطلق على ما مث إن الواجب قد يطلق ع

يلحق بتاركه ضرر وقد يطلق على ما يلزم من فرض عدمه احملال واملفهوم من إطالق اسم الوجب ليس اال ما ان أنه مستحيل يف حق ذكرناه وما سواه فليس مبفهوم وال حمالة أن الواجب باالعتبار األول غري مراد والثاىن فقد ب

اهللا تعاىل النتفاء األغراض عنه والثالث أيضا ال سبيل إىل القول به إذ اخلصوم متفقون على وجوب التمكني مما كلف به العبد وكيف ميكن محل الوجوب

واقع وال على هذا االعتبار مع االعتراف بتكليف أىب جهل باإلميان وهو ممنوع منه لعلم اهللا تعاىل أن ذلك منه غري هو إليه واصل

فإن قيل لو مل يكن فعل واجب الوجود لغرض مقصود مع ان الدليل قد دل على كونه حكيما يف أفعاله غري عابث يف إبداعه لكان عابثا والعبث قبيح والقبيح ال يصدر من احلكيم املطلق واخلري احملض وإذا ال بد له يف فعله من

نقص عنه وتنزيها له عن صدور القبيح منه وما ذكرمتوه من تعلق النقص غرض يقصده ومطلوب يعتمده نفيا للوالكمال به بالنظر إىل الغرض واملقصود فإمنا يلزم أن لو كان ذلك الغرض عائدا اليه وكماله ونقصه متوقفا عليه

وذلك مما ال وليس كذلك بل هو الغىن املطلق واستغناء كل ما سواه ليس إال به بل عوده إمنا هو اىل املخلوق يوجب كماال وال نقصانا بالنسبة إىل واجب الوجود وإذا ثبت أنه ال بد من حكمة وفائدة ففائدة خلق العناصر

واملركبات واملعدنيات وغري ذلك من اجلمادات العناية بنوع احليوان ألجل انتظام أحواله يف مهماته وأفعاله

Page 88: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

اهرات على وجود واجب الوجود ووحدانية املعبود وإليه اإلشارة واالستدالل مبا يف طيها من اآليات والدالئل الب بقوله عليه السالم كنت كنزا مل أعرف فخلقت خلقا ألعرف به

وما يلحق اإلنسان من مشقة التكليف واآلالم يف الدنيا فبالنظر إىل ما يناله على ذلك من الثواب يف العقىب قليل من بيل اهللا كمثل حبة أنبتت سبع سنابل يف كل سنبلة مائة حبة واهللا يضاعف ملن كثري مثل الذين ينفقون أمواهلم يف س

يشاء وال حمالة أن فوات اخلري الكثري دفعا للشر اليسري شر كثري والتزام الشر اليسري رعاية للخري الكثري خري كثري ولو ردوا لعادوا ملا هنوا عنه من وفائدة خلود أهل النار يف النار كفهم عن الكفر والفساد والعناد والشقاق والنفاق

ذلك فهو األصلح هلم مث ال ينكر أن العلة قد ختفى وتدق عن أن تصل إليه أفهام اخللق كما يف إماتة األنبياء وإنظار ابليس وإحياء من علم كفره إىل حيث البلوغ وحنوه فمجرد استبعاد العلة خلفائها وعدم االطالع عليها مما ال يفيد

زم من عدم االطالع عليها القول بانتفائها يف نفسها ألنه ال يلوال يلزم من وجوب رعاية الصالح يف حق اهللا تعاىل وجوب النوافل بالنسبة إىل أفعالنا لكوهنا صاحلة فإن رعاية فع ذلك بطريق الوجوب بالنسبة إىل أفعالنا مما يوجب الكد واجلهد يف حقنا وال كذلك البارى تعاىل فانه قادر على نالغري وصالحه من غري أن يلتحق به جهد وال ضرر فلذلك جاز القول بإجياب الفعل الصالح يف حق البارى دون

غريه وهلذا املعىن مل نقل بوجوب رعاية الصالح واألصلح يف حق الواحد منا مع متكنه منه رمتوه بل هو مستند إىل ما وليس القول بوجوب رعاية الصالح يف حق الغائب بالقياس على الشاهد ليلزم ما ذك

ذكرناه من إحالة صدور القبيح والعبث عن واجب الوجود كما بيناه

وما ذكرمتوه من امتناع رعاية األصلح فإمنا يلزم أن لو مل يكن ما جتب رعايته مقدرا ومضبوطا وضبط ذلك وتقديره والكفران والعناد وال حمالة أن رعاية مثل ذلك ال مما يعلم اهللا تعاىل أن الزيادة عليه مما يوجب للعبد العتو والطغيان

يفضى إىل حمال وما وقعت اإلشارة إليه من أقسام مدلوالت الواجب مما ال ننكره وال ننكر امتناع الوجوب يف حق اهللا تعاىل

ليس إال أنه يلزم من باإلعتبار األول والثاىن إمنا النزاع يف االعتبار الثالث فإن معىن كون الفعل واجبا على اهللا تعاىل فرض عدمه احملال وذلك احملال ليس هو الزما من فرض عدم الفعل لذاته بل لغريه فمعىن كون الصالح يف الفعل واجب الرعاية أنه يلزم من فرض عدمه العبث يف حق اهللا وهو حمال ومعىن كون الثواب على إيالم احليوان واجبا

تعاىل وصدور القبيح منه وهو حمال وهلذا صارت التناسخية إىل أن ذلك أنه يلزم الظلم من فرض عدمه يف حق اهللاال يقع إال جزاء منه هلا على ما فرطت واقترفت من الكبائر واجلناية حني كانت أنفسها يف قوالب أشرف وأحسن

من قوالب احليوان ومنهم من مل يسلم وجوده كالبكرية ومن الناس من جعله قبيحا لعينه وذاته مث منهم من اضافه إىل ظلمه كالتناسخية

فما ظنك به مع خلوه عن اجلزاء املقابل وعلى هذا كل ما يوصف بالوجود من أفعال اهللا تعاىل

أما قصة أىب جهل فال احتجاج هبا فإن ما كلفه به ممكن يف نفسه ومتمكن منه بكونه مقدورا له فلم يكن ما أوجبناه من التمكني غري واقع وال متصور

اجلواب وإننا ال ننكر كون البارى تعاىل حكيما وذلك بتحقق ما يتقنه من صنعته وخيلقه على وفق علمه به وبإرادته ال بأن

Page 89: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

يكون له فيما يفعله غرض ومقصود والعبث إمنا يكون الزما له بانتفاء الغرض عنه أن لو كان قابال للفوائد از هو غري ممكن كمن يصف الرياح يف هبوهبا واملياه عند واالغراض وإال فتسميته غرضا عن طريق التوسع واجمل

خريرها والنار عند زئريها بكوهنا عابثة إذ ال غرض هلا وال غاية تستند إليها وال خيفى ما يف ذلك من التحجري بوضع ما أصل له يف الوضع

الرد عليهم يف ذلك يستدعى وأما تقبيح صدوره من البارى تعاىل فمبىن على فاسد أصلهم يف التحسني والتقبيح و تقرير املذهب من اجلانبني ومتهيد القاعدة من كال الطرفني فنقول

معتقد املعتزلة أن احلسن والقبح للحسن والقبيح صفات ذاتيات ووافقهم على ذلك الفالسفة ومنكروا النبوات مث اختلف هؤالء يف مدارك اإلدراك لذلك فقالت املعتزلة

د يكون عقليا وقد يكون مسعيا فما يدرك بالعقل منه بديهى كحسن العلم واإلميان وقبح اجلهل والفالسفة املدرك قوالكفران ومنه نظرى كحسن الصدق املضر وقبح الكذب النافع وما يدرك بالسمع فكحسن الطاعات وقبح

ارتكاب املنهيات املنقول وأما منكرو النبوات فقد منعوا أن يكون إدراكها إال بالعقول دون شرع

وأما أهل احلق فليس احلسن والقبح عندهم من األوصاف الذاتية للمحال بل إن وصف الشئ بكونه حسنا أو قبيحا فليس اال لتحسني الشرع أو تقبيحه إياه باإلذن فيه او القضاء بالثواب عليه واملنع منه او القضاء بالعقاب عليه او

مفارقة من األعراض بسبب األغراض والتعلقات وذلك خيتلف بإختالف تقبيح العقل له باعتبار أمور خارجية ومعان النسب واإلضافات

فاحلسن إذا ليس إال ما أذن فيه أو مدح على فعله شرعا أو ما تعلق به غرض ما عقال وكذا القبيح يف مقابلته

رة إذ ال سبيل إىل جحد أن وإطالق األصحاب أن احلسن والقبيح ليس إال ما حسنه الشرع أو قبحه فتوسع يف العباما وافق الغرض من جهة املعقول وأن مل يرد به الشرع املنقول أنه يصح تسميته حسنا كما يسمى ما ورد الشرع

بتسميته حسنا كذلك وذلك كاستحسان ما وافق األغراض من اجلواهر واألعراض وغري ذلك وليس املراد حسنا إال ما أذن فيه أو أخرب مبدح فاعله وكذا يف جانب القبح بإطالقهم إن احلسن ما حسنه الشرع أنه ال يكون

أيضا وبعد هذا فلم يبق إال الرد على أهل الضالل وهو أن يقال

احلاكم باحلسن والقبح على ما حكم بكونه حسنا أو قبيحا إما العقل أو الشرع ال حمالة فإن كان احلاكم هو العقل لتحسني والتقبيح لو خلى ودواعى نفسه يف مبدأ نشوئه إىل حني وفاته من غري فال حمالة أن ما حكم العقل به من ا

التفات إىل الشرائع والعادات واألمور االصطالحيات واملوافقات لألغراض واملنافرات مل جيد إىل احلكم اجلزم بذلك سبيال

تلفة بالنسبة واإلضافة إذ رب شئ حكم وإذا مل يكن يف احلكم هبذه األمور بد من النظر إىل ما قدرناه فهى ال حمالة خمعليه عقل إنسان ما بكونه حسنا لكونه موافقا لغرضه أو ملا فيه من مصلحته أو دفع مفسدته أو لكونه جاريا على مقتضى عادته وعادة قومه عرفا أو شرعا وقد حيكم عليه عقل غريه بكونه قبيحا لكونه خمالفا له فيما وافق غرضه

ذبح احليوان باحلسن والقبح بالنسبة إىل أهل الشرائع املختلفة وكاحلكم باحلسن وذلك كاحلكم على

Page 90: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

والقبح على مسرة اللون مثل بالنسبة إىل من يستحسنها أو يستقبحها وكاحلكم بقبح الكذب الذى ال غرض فيه باعتباره على وحسنه إذا قصد به إحقان دم نىب أو وىل من غاشم يقصد قتله وهلم جرا يف كل ما يقضى العقل

كون الشئ حسنا أو قبيحا ولو كان ذلك ذاتيا ملا اختلف باعتبار النسب واإلضافات بل لوجب أن يكون متحققا مع حتقق الذات وان تغريت احلاالت كما يف سائر الذاتيات

لقاتل ال لغرض وان كان احلاكم به الشرع فال حمالة أنه قد حيكم بكون القتل مثال أو الكذب قبيحا يف حق العاقل اوال حيكم بقبح ذلك يف حق الصىب واجملنون بل وقد حيكم حبسن شريعة ما بالنسبة إىل قوم ويقبحها بالنسبة إىل

آخرين وهلذا صح القول بنسخ الشرائع ولو كان القضاء فيه باحلسن أو القبح على شئ ما لذاته ونفسه ال لنفس واألعصار على ما حققناه اخلطاب ملا تصور أن خيتلف ذلك باختالف األمم

فإن قيل لو كان األمر على ما ذكرمتوه لوجب أن من أراد قضاء حاجة وكان سبيله فيها إما الصدق وإما الكذب ومها بالنسبة إىل قضاء حاجته سيان أن ال يرجح الصدق على الكذب وأن من رأى شخصا يف اهلالك وهو قادر

رض وال هو متدين بدين بل رمبا أوجب ذلك عنده تعبا ونصبا أن ال على إنقاذه وخالصه وليس له يف إنقاذه غيرجح عنده اإلنقاذ على عدمه وهو مما تقضى العقول السليمة برده وإبطاله وإذا ثبت الترجيح فلو مل يكن ذلك

حلسنه يف ذاته وإال كان عبثا وسفها مث كيف ننكر ذلك والعقل الصريح

ميان وقبح اجلهل والكفران من غري توقف على أمر خارج أصال ومن أنكر ذلك يقضى ببديهته على حسن العلم واإل فهو ال حمالة معاند جماحد مع أن اتفاق العقالء على ذلك مما خيصمه

قلنا ما ذكرمتوه من اإللزامات واعتمدمتوه من اخلياالت مهما قطع النظر فيها عما ذكرناه من املقاصد واألغراض ن ممتنعا واحملتج به يكون منقطعا ومهما مل يكن بد من األغراض فيما حكم العقل حبسنه أو فالترجيح ال حمالة يكو

قبحه امتنع أن يكون ذلك له ذاتيا كما مهدناه ومن قضى بإطالق التحسني ملا حسنه أو التقبيح ملا قبحه من غري اقتصار على متعلق الغرض فليس ذلك إال لذهوله

و إما حبه لنفسه وشغفه مبا تعلق به غضه فإنه قد حيكم إذ ذاك قطعا حبسن ما وافق عن حمز الغلط ومثار الفرط وهغرضه وقبح ما خالفه من غري التفات إىل غرض الغري لكونه غري مشغوف به وذلك كمن حيكم حبسن صورة ما أو

قبحها ملا وافق من غرضه أو خالف مطلقا وإن جاز أن يكون غرض غريه خمالفا لغرضه ذلك لكون ما حيكم حبسنه أو قبحه مما يوافق األغراض غالبا وخمالفة هلا نادرا فيحكم عليه بكونه حسنا وقد يكون

أو قبيحا مطلقا خلفاء موضع املخالفة عليه وندرته يف وقوعه وذلك كمن حيكم على الكذب بأنه قبيح مطلقا فال ائه يف نفسه ومثارات الغلط يف ذلك يلتفت إىل حسنه عندما يستفاد به عصمة دم نىب أو وىل لندرته وخف

متكثرة متعددة ال حمالة وال مستند للحكم جبهة اإلطالق إالها حىت لو فرض شخص ما متنبها عند حكمه على ما حكم فيه جلميع مواضع الغلط ومواقع الزلل ملا تصور منه القضاء بذلك مطلقا

وقبح اجلهل والكفران فمن أحاط مبا ذكرناه وفهم ما وما ذكروه من ادعاء الضرورة للعلم حبسن العلم واإلميانقررناه بان له وجه فساده من غري توقف مث كيف يقنع باالسترسال يف ادعاء ذلك مع ان أكثر العقالء يف ذلك هلم

خمالفون وهم عما يدعونه مدافعون ولو كان جمرد ذلك كافيا الكتفى به من جحد الصانع وقضى بالتجسيد مما يبطل القضايا العقلية واألمور النظرية وهو ممتنع وليس اتفاق بعض العقالء عليه مما يوجب كونه والتشبيه وذلك

ضروريا وإال للزم أن ما اتفق عليه اخلصوم أيضا ضرورى لكوهنم من مجلة العقالء بل أكثرهم وذلك يفضى إىل

Page 91: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

تنع كون الشئ لواحد معلوما نفيه وإثباته يف حالة واحدة بالضرورة وهو ممكيف وكم من شئ اتفق عليه أكثر العقالء وليس بضرورى كما يف حدث العامل ووجود الصانع وحنوه بل لو قدر

اتفاق املخالف هلم حبيث وقع اإلطباق على ذلك فإنه ال ينقلب ألبتة ضروريا على معىن أنه لو خلى اإلنسان ودواعى نفسه حيكم به من غري توقف على أمر ما

هلم إن االضطرار إىل معرفة كون احلسن والقبح ذاتيا واقع ال حمالة وإمنا النزاع يف مدركه ومن تنبه ملا مل يبق إال قو أشرنا إليه علم أن ذلك غلط من قائله لوجهني

الوجه األول أن ما حكموا بتقبيحه فنحن قد حنكم بتحسينه وذلك كإيالم احليوان وتعذيب االنسان من غري ثواب فكيف يدعى املوافقة على نفس احلسن والقبح وكونه ذاتيا وال لغرض مقصود

الوجه الثاىن أنه وإن وقع االتفاق على حتسني كل ما حسنوه وتقبيح كل ما قبحوه فلم يقع االتفاق على كون احلسن والقبح ذاتيا وال يلزم من االتفاق على كون الشئ الواحد حسنا أو قبيحا أن يكون قد سلم كون احلسن

له ذا تبني والقبح وال يلزم من عدم جواز اتصاف البارى بكونه جاهال أن يكون ذلك لكون القبح للجهل وصفا لزاما وأنه لذاته قبيح

بل لكون الدليل القاطع قد دل على وجوب العلم له وكونه عاملا ولو جوزنا أن يكون جاهال جلوزنا أن ال يكون ال فلو جوزنا النظر إىل جمرد اجلهل مل يقتض ذلك كون القبح له ذاتيا عاملا وذلك خالف ما اقتضاه الدليل القاطع وا

فإنه وان صح تقبيحه بالنسبة إىل من خالف غرضه بسبب عدم اطالعه على املعلومات وإحاطته باملعقوالت فقد علم وليائه حبسنه من وافق جهل هذا اجلاهل غرضه وذلك كما حنكم على كون القتل قبيحا بالنسبة إىل املقتول وأ

وحتسينه بالنسبة إىل حساده واعدائه وهذا واضح ال خفاء به وهبذا التحقيق يقع التفصى عن كل ما يرد من هذا القبيل

وإذا بطل أن يكون احلسن والقبح ذاتيا مل يبق معىن للحسن والقبح إال ما ذكرناه ويلزم منه منع جواز إطالق القبح لسان الشرع املنقول وعدم تأثري خمالفته ألغراض أصحاب العقول على أفعال اهللا تعاىل لعدم وروده على

مث كيف السبيل إىل جحد انتفاء الغرض عن أفعاله مع وقوع ما بيناه من األفعال الىت ال غرض فيها وما قيل من أن جوده وعظم فائدة خلق احلادثات املعدنيات وغريها إمنا هو انتظام حال نوع االنسان واالستدالل هبا على وجوب و

جالله يف وحدانيته فال يصلح أن يكون غرضا وإال لوجب حصوله من كل وجه على حنو ال خيتلف من وجه ما و اال عد عاجزا عن حتصيل غرضه من ذلك الوجه

ومل كان هالكه ملا خلق ألجل صالحه وانتظام أحواله وذلك كما يف حق الغرقى واحلرقى واملسمومني واهللكى فة كما مضى فيمن هلك من األمم السالفة بل وكم من تارك النظر يف اآليات والدالئل الباهرات ومل بالرياح العاص

يلتفت إىل ما فيها من جهات االستدالالت وهلذا لو نسبنا الناظر املؤمن إىل اجلاحد الكافر مل جيده إال قليال من كثري ومعرفة وحدانيته ال سبيل إىل القول بعودها إليه إذ مث ال حمالة أن فائدة االطالع على وجوب وجود واجب الوجود

هو يتعاىل ويتقدس عن األغراض كما سبق فال بد وأن يعود إىل الناظر وتلك الفائدة عند البحث عنها ال خترج عن لم االلتذاذ بنفس املعرفة والثواب عليها وذلك كله مقدور أن حيصله اهللا تعاىل للعبد من غري واسطة بأن خيلق له الع

بديا مبعرفته وأن ينيله الثواب اجلزيل بدون النظر إىل نظره وطاعته وعلى هذا خيرج القول بوجوب التكليف أيضا وال يصح أن يقال إن الثواب على النظر واملشاق الالزمة بالفكر والتزام الطاعات بفعل املأمورات واجتناب

Page 92: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ن فإنا نلوذ جبناب اجلربوت ونستعيذ بعظمة امللكوت ممن يتجاسر املنهيات ألذ من أن يكون بديا النتفاء املنة واالمتنا على

اإلفصاح هبذا االفتضاح ويتفوه بالتكرب على اهللا تعاىل والتجنب من الدخول يف منته واإلشتمال بنعمته و كيف لق ما يصدر السبيل إىل اخلروج عن ذلك وأين املفر منه وهل أصاب إجياده مربأ من اآلفات ممكنا من اللذات أو خ

عنه من الطاعات وأنواع العبادات إال بفضل من اهللا تعاىل بديا من غري سابقة طاعة أو فعل عبادة وهل نعمه السابقة إلينا املشتملة علينا مما ميكن القول بعدها أو التعرض حلصرها

هللا تعاىل على ما أوىل من مث إن اخلصم معترف بأن ما يفعله العبد من الطاعات واجب عليه وملجأ إليه شكرا منه مننه وأسبغ من جزيل نعمه فكيف يستحق الثواب على ما أدى من الواجبات واجلزاء على ما حتم عليه من

الطاعات وانواع العبادات أم كيف السبيل إىل اجلمع بني القول بوجوب الطاعة على العبد شكرا والثواب على البارى جزاء وهل ذاك إال

أن الشكر ال جيب إال بعد سابقة الثواب املتطول به ال ما وقع بطريق الوجوب فإن ذلك ال دور ممتنع من جهة يستحق شكرا واجلزاء الواجب ال يكون إال بعد سابقة خدمة وطاعة متربع هبا ال ما وقع بطريق اإلجياب

أحسنوا باحلسىن فليس وقوله تعاىل ولتجزى كل نفس مبا كسبت وقوله ليجزى الذي أسئوا مبا عملوا وجيزى الذين املراد هبا التعليل وإمنا املراد هبا

تعريف احلال يف املآل كما يف قوله تعاىل فالتقطه ءال فرعون ليكون هلم عدوا وحزنا وقوله ومن رحتمه جعل لكم الت الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله وعلى هذا خيرج كل ما ورد يف هذا الباب من اآليات والدال

السمعيات وحنن ال ننكر أن ذلك مما يقع وامنا ننكر كونه مقصودا بالتكليفات واألمر بالطاعات حىت يقال إنه خلق لكذا أو لعلة كذا بل تعاىل اهللا عن ذلك علوا كبريا

بل ويكفى اخلصم من سخف عقله وزيف رأيه أن عادت حكمة خلق السموات واألرض والنجوم والشجر واجلبال اآليات والدالئل واملعجزات وإجياب الطاعات والعبادات وتصريف اخلالئق بني املأمورات واملنهيات إىل لذة وإظهال

جيدها بعض املخلوقني يف مقابلة طاعته تزيد على اللذة الىت جيدها بطريق االبتداء والتفضل مع أن اهللا تعاىل قادر من غري تعب وال نصب إن اهللا على كل شئ قدير على أن خيلق له أضعاف تلك اللذة يف التفضل االبتدائى

مث الذى يقطع به دابر العناد وخيمد ثائرة اإلحلاد التزام خلود أهل النار يف النار بكبرية واحدة إذا ماتوا قبل اإلقالع مفيد مع عنها والتوبة منهما وما قيل من أن ذلك هو األصلح هلم لعلمه هبم أهنم لو ردوا لعادوا ملا هنوا عنه فغري

العلم بقدرة اهللا تعاىل على منعهم منها وإماتتهم قبل الوصول إليها وإقدارهم على التوبة قبل األوبة فما الفائدة يف متكينهم من الكفران وإقدارهم على العصيان ومنعهم من التوبة ولقد كان قادرا على التجاوز واالمتنان والصفح

عنه والغفران فلو فعل ذلك لقد

يق حبكمته وأقرب إىل رأفته من أن يعذهبم بالنريان وحيرمهم نعيم اجلنان فإنا قد وجدنا املديح للغافر ال سيما كان أليف حق من ال يتضرر بالغفران وال ينتفع باالنتقام بل مها بالنسة إىل جالل عظمته وقدوس صمديته سيان فما باله

ى االمتنان استأثر باألنتقام على اإلنعام بالغفران وبالعقاب علبل ال حيسن يف العقل يف معرض اجملازاة مقابلة معصية واحدة باخللود يف العذاب املقيم األبدى السرمدى بل لو قيل

Page 93: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

إن العقل يقبح ذلك لقد كان هو األليق فانظر إىل هؤالء كيف ختبطوا يف احلقائق لقصور أفهامهم وضلوا يف ظلمات حرم منع غريك إن اهللا جيزى الشاكرين أوهامهم واشكر اهللا على ما منحك مما

وما هول به من أن انتفاء احلكمة غري الزم من عدم تعلق العلم بوجودها فصحيح لكن املدعى ههنا إمنا هو تعلق العلم بعدمها على ما شهد به العقل الصريح وفرق بني عدم تعلق العلم بوجود الشئ وبني تعلق العلم بعدم الشئ إذ

متصور ومع الثاىن ممتنع الوجود مع األولفقد حتقق من هذه اجلمل أن الغرض والصالح ووجوب رعايته ممتنع يف حق واجب الوجود والذى يشهد بذلك ويؤكده ما أسلفناه من اإللزامات وقدمناه من اإلشكاالت يف اعتبار إجياب النوافل واعتبار إجياب رعاية الصالح

فهو يرجع على قاعدهتم يف إجياب الطاعة والشكر على العبيد باإلبطال واألصلح يف الشاهد وما ذكروه من الفرقوإن نظر إىل ما يستحقه من الثواب يف مقابلته فهو باطل ملا أثبتناه ومع بطالنه فلم ال قيل به يف حمل اإللزام وما

الفرق بني الصورتني وما الفاصل

رسال ال سند له نعوذ باهللا من الشيطان والتخبط يف بني احلالني وهل ذلك إال حمض خيال ال أصل له وجمرد است األديان

وما قيل من أن مستند ذلك ليس إال نفى العبث والقبح عن أفعال واجب الوجود فمبىن على أصلهم يف التحسني والتقبيح وقد أوضحنا فساده

عرب فإنه ما من أمر يقدر أن االنسان وما قيل يف تقرير األصلح مما ال ثبوت له على حمك النظر وال مقر له يف ميدان السيطغى عنه إال والرب تعاىل قادر على أن يعصمه منه ومينعه عنه وإذ ذاك فال يطغى واعتبار األصلح يف حقه يكون

أوىل كيف وأن هذا ينقض قاعدهتم يف التكليف رعاية ملصلحة العبد مع العلم بأنه يكفر ويفجر غيان وميتنع التكليف رعاية لدفع الكفران وهو مما يعسر دفعه على اخلصوم فإذا ميتنع رعاية األصلح نفيا للط

ويصعب حله على أرباب الفهوم وإذا ثبت ما مهدناه لزم القول بانتفاء الوجوب عن مجيع أفعال واجب الوجود ملا سبق

اب على الطاعة وإيالم وال يروعنك تفسري وجوب فعل اهللا تعاىل بلزوم الظلم والعبث عليه بفرض عدمه كما يف الثواحليوان الربئ فإن ذلك يستدعى بيان قبوليته ألن يتصف بالظلم والعبث وكل ما يوجب له يف ذاته نقصا وذلك مما ال سبيل إليه بل الظلم وكل صفة منقصة مسلوبة عنه المتناع اتصافه هبا وذلك على حنو سلب الظلم والعبث عن

نباتات إذ الظلم يتصور ممن يصادف احليوانات واجلمادات وغري ذلك من ال

تصرفه ملك غريه من غري علمه أو خمالفة من هو داخل حتت تصرفه وحكمه وذلك كله منفى عن البارى تعاىل مث إن ذلك مبىن على أصوهلم يف التحسني والتقبيح وقد أبطلناه مث كيف السبيل إىل تفسري الواجب يف حقه مبا يلزم

ا أسلفناه من قصة أىب جهل وتكليف غريه ممن مات على كفره باإلميان وجمرد اإلمكان من فرض عدمه احملال مع مغري كاف يف التمكني إال مع القدرة عليه واالسترسال بكونه مقدورا له قبل الفعل مع ما عرف من أصلنا يف

وعه بالفعل متصورا ولو االستطاعة واهنا ال تكون إال مع الفعل غري مفيد مث ولو كان مقدورا فال بد وأن يكون وقتصور وقوعه بالفعل النقلب العلم السابق جهال وذلك حمال يف حق البارى تعاىل ملا سلف وامتناع وقوع احملال ال

فرق فيه بني أن يكون الزما عن الشئ باعتبار ذاته وبني أن يكون الزما عنه باعتبار غريه فيما يرجع إىل نفس فليسل اهللا تعاىل أن يرزقه عقال املقصود وهو الوقوع ومن جحد ذلك

Page 94: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ومن أنكر حلول اآلالم باحليوان وإملامه هبا فجحده لبديهيته يغىن عن مكاملته ولسانه ينادى على نفسه بفضيحته فإن ذلك غري متقاصر عن جحد كوهنا حية ومتحركة وغري ذلك مما هلا من الصفات احملسوسة ومن زعم أن ذلك قبيح

أصله يف التحسن والتقبيح مث ولو كان كذلك للزم أن من شرب دواء كرها أو احتجم أو لعينه فقد تبني فساد انفصد أمال إلزالة داء ممرض أن يعد ذلك منه قبيحا على حنو ما إذا ألقى نفسه يف هتلكة وهو خالف املعقول

ن شاء اهللا تعاىل وهو اهلادى وأما الثنوية فقد أبطلنا عليهم قواعدهم والتناسخية فسنبني فيما يأتى زيف عقائدهم إ لطرق الرشاد

القاعدة الثالثة

يف حدوث املخلوقات وقطع تسلسل الكائنات وقد اضطربت فيه اآلراء واختلف فيه األهواء

فذهبت طوائف من اإلهليني كالرواقيني واملشائيني ومن تابعهم من فالسفة اإلسالميني إىل القول بوجوب ما وجب ع وجوده وإن قيل له حادث فليس إال مبعىن أن وجوب وجوده لغريه وأن له مبدأ يستند إليه عن الواجب بذاته م

ويتقدم عليه تقدما بالذات على حنو تقدم العلل واملعلوالت ال مبعىن أن حدوثه من عدم بل هو أزىل أبدى مل يزل وال كرناه من تفصيل مذاهبهم يزال وكذلك حكم ما وجب عما وجب وجوده بالواجب بذاته وهلم جرا على ما ذ

وإيضاح قواعدهم فيما ال يقبل الفساد كاألجرام الفلكية ونفوسها والعقول الىت هى مبادئ هلا فهى قدمية أزلية مل تزل وال تزال

وما هو قابل لالستحالة كاحلركات وامتزاجات أو الفساد كالصور اجلوهرية للعناصر واملركبات فهى وإن كان كل ا لكنه ال أول هلا ينتهى إليه بل هى ال تتناهى مدة وال عدة وما من كائن فاسد إال وقبله كائن آخر واحد منها حادث

إىل مال يتناهى ومل يوجبوا التناهى على أصلهم إال فما له ترتيب وضعى كاالمتدادات أو ترتيب طبيعى وآحاده موجوده معا كالعلل واملعلوالت وأما ما سواه فاحلكم بأن

له غري مستحيل كاحلركات الدورية والنفوس اإلنسانة بعد املفارقة لألجرام البدنية كما سلف ال هناية وذهب أهل احلق من اإلسالميني وغريهم من أهل الشرائع املاضني ومجاعة من احلكماء املتقدمني إىل أن كل موجود

املعية مع الواجب األبدية والالزم سوى الواجب بذاته فموجود بعد العدم وكائن بعد أن مل يكن وأن احلكم له بللسرمدية مما ال سبيل أليه وال معول ألرباب العقول عليه بل البارى تعاىل كائن وال كائن ومتقدم بالوجود وال موجود وأن ما أبدعه مل يكن معه بل هو املنفرد باألبدية املتوحد بالسرمدية خالق اخللق بعد العدم ومعيدهم بعد

ى كل شئ قدير الرمم إن اهللا عل وعند هذا فال بد من البحث عن مطمح نظر الفريقني والكشف عن مقصد الطائفتني

ولتكن البداية بتقدمي النظر يف طرق أهل احلق أوال وإبطال شبه أهل الضالل واالنفصال عنها ثانيا والكالم يف هذه املسألة يقع يف طرفني أ طرف يف إبطال القول بلزوم القدم

يف إثبات احلدوث بعد العدم ب وطرف

أما الطرف األول

Page 95: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فقد سلك املتكلوم فيه بيان افتقار العامل إىل صانع مبدع أوال مث بيان إبطال اإلجياد بالذات ثانيا فقال بعضهم يف بيان وجه االفتقار إىل الصانع املبدع

كون ال جمتمعة و ال مفترقة وعلى كل إنا لو قدرنا قدم اجلواهر فليس ختلو عن اجتماع وافتراق إذ ال جائز أن تتقدير فنحن نعلم جواز تبدل االجتماع واالفتراق عليها وعند ذلك فال ختلو إما أن تكون مستحقة لذلك لذواهتا أو باعتبار أمر خارج ال جائز أن تكون مستحقة لذلك لذواهتا فإن ما ثبت للذات يدوم بدوام الذات وال يتصور عليه

ال بد أن يكون املخصص هلا بذلك أمرا خارجا ال حمالة التبدل أصال فإذاواعلم أن التعرض إلظهار هذا املقدار ليس مبفيد ألن اخلصم ما يدفعه أو مينعه وإمنا هو إلسناد العلم به إىل الدليل

ولدفع شغب معاند جماحد خارج عن هذا القبيل فإذا كان كذلك فالعلم بصحة مدلول هذا الدليل يتوقف على صر اجلواهر واملوجودات فيما هو قابل لالجتماع واالفتراق إذ رمبا يقول اخلصم بوجود جواهر جمردة عن املادة ح

وعالئق املواد ال تقبل االجتماع واالفتراق وال يصح القول بكوهنا جمتمعة وال متفرقة لكوهنا عقوال حمضة

اهر أو بعضها من االجتماع أو االفتراق مما ال تقتضيه وذلك أيضا مما ال يكفى بل البد من بيان أن ما حصل بني اجلوبذواهتا إذ رمبا ال يسلمه اخلصم عنادا بالنسبة إىل بعض اجلواهر كاالجتماع الكائن بني األجرام الفلكية واجلواهر

العلوية وكذلك بعض االفتراقات لبعض األجرام أيضا فمجرد الدعوى يف ذلك غري كافية وال شافية من جواز تبدل االجتماع واالفتراق على بعض اجلواهر السفلية مثله يف اجلواهر العلوية وال كذلك وليس يلزم

بالعكس ملا اشتركا فيه من اجلوهرية أو اجلسمية فإنه ال مانع من أن يكون ذلك هلا باعتبار خصوصياهتا وملا وقع به االفتراق بني ذواهتا

قيقه جدا على أرباب العقول وإن أمكن بيان ذلك فهو مما يطول ويصعب حت وهلذا انتهج إمام احلرمني هذا املنهج بعبارة أخرى فقال

نعلم قطعا أن اختصاص العامل بشكله املقدر مع جواز أن يكون أصغر من ذلك أو أكرب وفرضه يف مستقره من غري نت األفالك حميطة بالنار والنار تيامن وال تياسر واختصاص كل جزء من أجزائه مبكانه من احمليط إىل املركز حبيث كا

حميط باهلواء واهلواء باملاء واملاء بالتراب إىل غري ذلك من وجوه التخصيصات مما ال يستحيل القول بفرض وجود تلك األجرام بذواهتا مع غريها كأن يكون العامل أصغر أو أكرب مما هو عليه أو متيامنا أو متياسرا مما هو عليه من

كان ذلك مما يثبت هلا باعتبار مستقره أيضا ولو

ذواهتا ملا تصور فرض تبدله أصال فإذا اختصاصها به إمنا هو باعتبار خمصص خارج وما لزم األول يف قضيته فهو أيضا الزم هلذا القائل على طريقته مع لزوم بيان تناهى األبعاد وفرض خالء وراء العامل لضرورة صحة فرض التباين

والتياسر فر بعض احملققني يف ذلك إىل بيان جهة اإلمكان فقال القسمة العقلية حصرت املعلومات يف ثالثة أقسام وألجل ذلك

واجب لذاته وممتنع لذاته وممكن لذاته فالواجب هو املوجود الذى لو فرض معدوما لزم عنه احملال لذاته واملمتنع لو وجودا أو معدوما مل يعرض عنه حمال فرض موجودا لزم عنه لذاته احملال واملمكن هو ما لو فرض م

فالعامل إما أن يكون واجبا أو ممتنعا أو ممكنا ال جائز أن يكون واجبا ألن أجزائه متغرية عيانا وضرورى الوجود ال يتغري حبال وال جائز أن يكون ممتنعا وإال ملا وجد فتعني أن يكون لذاته ممكنا وكل ممكن فترجحه يف جانب وجوده أو

س إال بغريه وإال كان واجبا ممتنعا فترجح العامل يف جانب وجوده ليس أال بغريه عدمه لي

Page 96: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

مث نظم لذلك قياسا مركبا منفصال فقال العامل متغري ومتكثر وكل متكثر ومتغري فهو ممكن الوجود بذاته وكل ممكن ن يكون مرجحا بذاته لثالثة أوجه الوجود بذاته فوجوده بإجياد غريه فوجود العامل بإجياد غريه وذلك الغري يستحيل أ

الوجه األول أن الوجود والذات ال اختالف فيهما بني موجود وموجود ومها يف الواجب واجلائز مبعىن واحد فلو أوجب الوجود من حيث إنه ذات ووجود مل يكن إجياده لغريه بذلك االعتبار بأوىل من وجوده هو بغريه بناء على ما

عتبار اشتركا فيه من ذلك االالوجه الثاىن هو أن اجلائزات بأسرها متماثلة من حيث هى جائزة وهى مل تكن مفتقرة إىل املرجح إال من حيث ما وقع بينها من االشتراك يف جهة اإلمكان واملوجب بالذات ال خيصص مثال عن مثل إذ نسبة سائر املتماثالت إليه

على وترية واحدة اته مهما مل يكن بينه وبني املوجب مناسبة أو تعلق ما بل انفرد كل واحد حبقيقته والوجه الثالث هو أن الواجب بذ

وخاصيته مل يقض العقل بصدور أحدمها عن اآلخر أصال وال حمالة أن البارى تعاىل منفرد حبقيقته عن مجيع املناسبات والتعلقات فإجياده لغريه بالذات ال يكون معقوال

ت وتعني أن يكون بصفة زائدة هبا التخصيص وهى املعىن باإلرادة ومع ذلك فال يلزم فإذا قد امتنع اإلجياد بالذا القول بلزوم القدم

ولرمبا قرر بتقرير آخر وهو أن العامل ممكن واملمكن جائز الوجود وجائز العدم ال جائز الوجوب وجائز االمتناع للوجود وهلذا يصح أن يقال وجد فوجب وال فاستفادته من املرجح ليس إال وجوده ال وجوبه إذ الوجوب عارض

يصح أن يقال وجب فوجد وإذا كان الوجوب عارضا للوجود فاملستند إىل املرجح إمنا هو الوجود ال ما عرض له فعلى هذا إذا قيل إن املمكن وجد بإجياد غريه كان مستقيما لفظا ومعىن وإذا قيل إنه وجب باجياب بغريه كان خمتال

ا بطل أن يكون املستفاد من املرجح هو الوجوب بطل اإلجياب الذاتى للمالءمة بني وجود املفيد لفظا ومعىن وإذ واملستفيد

ولقد فر مما ال طاقة له به إىل ما ال قبل له به وذلك أنه إن أراد بالتغري التغري يف كل أجزاء عامل الكون والفساد مما ال سبيل إىل ادعائه غائبا بطريق العموم والشمول وإن والتبدل بالوجود بعد العدم والعدم وبعد الوجود فذلك

صح ذلك يف بعض اجلواهر الصورية وبعض األمور العرضية ومع امتناع إسناد ذلك إىل العيان ال بد فيه من البيان و بيان انتفاء وإن أراد به التغري يف أحوال املوجودات وما يتعلق هبا من التغريات فقد التزم يف ذلك ما فر منه أوال وه

موجود ال يقبل التغري أصال وذلك كما أثبته اخلصم من العقول الكروبية والنفوس الروحانية وبيان وجود األعراض وحدثها وانتهائها وامتناع عرو اجلواهر عنها حىت يصح القول حبدث اجلواهر بأصلها وكوهنا ممكنة الوجود يف

أن يكون ذلك الشئ يف نفسه متغريا وإذا مل يكن متغريا فقد انتفى عنه نفسها وإال فال يلزم من قيام شئ متغري بشئ ما جعله مستندا

لبيان اإلمكان أوال وعند ذلك فال يلزم أن يكون العامل جبميع أجزائه ممكنا على ما ال خيفى من العكس فمما وما قيل من أن الوجود بالذات يف الواجب واجلائز مبعىن واحد وليس إجياب أحدمها لآلخر بأوىل

ال سبيل إليه على الرأيني وذلك أنه لو كان معىن الذات والوجود فيهما معىن واحدا للزم أن تكون ذات واجب الوجود ووجوده ممكنا او أن يكون وجود اجلائز وذاته واجبا لضرورة االشتراك فيما قيل إنه واجب يف أحدمها

ا له مهما وجد وإن اختلفت اجلهات واملتعلقات وال خيفى أن وممكن يف اآلخر فإن ما ثبت لشئ لنفسه كان الزم

Page 97: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

جعل الواجب بذاته ممكنا أو املمكن واجبا من أحمل احملاالت إذ الواجب لذاته ما لو فرض معدوما عرض عنه احملال ز يف لذاته واملمكن ما ال يعرض احملال لذاته ال من فرض وجوده وال عدمه فإذا ليس االشتراك بني الوجب واجلائ

غري اسم الوجود والذات واالشترك يف االسم مع اختالف احلقيقة ال يوجب األولوية لعدم ارتباط اإلجياد واإلحداث مبا وقع به االشتراك من االسم

وما قيل من أن اجلائزات بأسرها متماثلة ومتساوية بالنسبة إىل املوجود بالذات فتوسع يف الدعوى وذلك أن اخلصم ود اجلائزات متساو بالنسبة إىل ذات املمكن حبيث لو اتصف بأى منهما كان مل يكن ذلك وإن سلم أن وج

الختصاصه مبخصص من الذات القابلة له بل هى بالنسبة اليه و إىل غريه على السواء فليس يسلم تساويهما بالنسبة صص خمصصا بالذات وكان له إىل املخصص ال سيما إن كان مقتضيا لذلك بالذات والطبع وذلك ألنه إذا كان املخ

صالحية ختصيص مجيع اجلائزات من الوجود

والعدم من غري أولوية ألحدمها فهو إما أن يكون خمصصا لكل واحد من جهة ما خصص اآلخر منهما فهو حمال إذ املخصصات املختلفة مستحيل أن تستند يف جانب خمصصها إىل شئ واحد من كل جهة وإن كان ذلك باعتبار

فال يكون االقتضاء بالذات وال يكون مستند سائر املمكنات إىل جمرد الذات قضية واحدة بل الذات ال جهات تكون مقتضية إال لشئ واحد إن اقتضت غريه فليس إال باعتبار صفات زائدة عليها فإذا لفظ اإلجياب بالذات

قول بوجوب التساوى إذ ذاك تناقض يالزمه نفى االشتراك فيه والتساوى يف نسبة املوجبات املختلفة إليه فالوالذى يوضح مأخذ هذا املنع ما اشتهر من معتقد اخلصم من أن نسبة إجياد البارى تعاىل ملا أوجده بذاته كنسبة

إجياب حركة اليد حلركة اخلامت وال خيفى أنه وإن كانت حركة اخلامت وسكوهنا بالنسبة اىل ذات اخلامت سيان فليس اخلامت وحركتها بالنسبة إىل حركة اليد سيان بل العقل يقضى باستحالة سكون اخلامت مع يلزم أن يكون سكون

حركة اليد ووجوب حركتها عند حركة اليد وأما ادعاء املناسبة ووجوب التعلق بني املوجب بالذات وما أوجبه إن أريد به أن يكون كل واحد منهما على

خر فذلك مما ال نزاع فيه وإمنا الشأن بيان أنه مل يثبت للبارى تعاىل حقيقته حبيث يلزم من وجود أحدمها وجود اآلوملا أوجبه احلقيقة الىت يكون هبا أحدمها علة واآلخر معلوال وال خيفى ما فيه من التعسف وإن أريد باملناسبة املساواة

خيل إما أن يكون اإلجياب واملشاهبة يف أمر ما فذلك أيضا حتكم غري مقبول مث كيف ميكن القول بذلك ولو وقع ملباعتباره أو باعتبار ما وقع االختالف فيه بني حقيقة املوجب واملوجب فإن كان باعتباره فليس جعل أحدمها عله

لآلخر بأوىل من العكس لضرورة التساوى بينهما يف ذلك املعىن وإن كان باعتبار ما وقع به االختالف فال حاجة إىل اواة يف شئ ما القول باملشاهبة وال املس

وما قيل من أن املستفيد ليس له من املفيد غري الوجود وأما الوجوب فعارض وتابع للوجود فال يوجب مقارنة وجود املستفيد لوجود مفيده فهو يشعر بعدم اإلحاطة مبقصود اخلصم من قوله العامل واجب الوجود للواجب بذاته

مع احتاد لفظ الوجوب فإن وجوب الوجود منه ما هو ثابت ومنشأ ذلك إمنا هو اختالف جهات حقيقة الوجوبلذات الوجود وهو غري مراد فيما حنن فيه ومنه ما هو مشروط بأمر خارج عن الذات مث ذلك منه ما هو مشروط بنفس الوجود كقولنا زيد واجب الوجود ىف حالة كونه موجودا ومنه ما هو مشروط مبا هو متعلق علة الوجود يف

ا يف قولنا بوجوب وجود املعلول بالنظر إىل علته ويكون معىن كون أنه واجب الوجود بالنظر إىل علته أنه العقل كم لو فرض معدوما عند وجود علته لزم احملال

Page 98: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وال خيفى أن الوجوب باالعتبار األول تابع للوجود وال يصح أن يقال بذلك االعتبار إنه وجب فوجب بل وجد تبار الثاىن فإنه ال حمالة متعلق علة الوجود فإنه يصح أن نقول وإن قطعنا النظر عن فوجب وأما الوجوب باإلع

املوجود إنه واجب الوجود مبعىن أنه يلزم من فرض عدمه لوجود علته احملال وعلى هذا االعتبار يصح أن يقال أنه جد فوجب إذ يلزم احملال وجب فوجد أى ملا لزم احملال من فرض عدمه عند وجود علته وجد وال يصح أن يقال و

من فرض عدمه لوجود علته وعلى هذا إن أريد مبتابعة الوجوب للوجود ما هو باالعتبار األول فال خفاء بصحته لكنه مما ال يفيد إذ هو غري مراد

عية بني للخصم وإن أريد به االعتبار الثاىن فال خفاء بفساده وال خيفى أن ذلك مما يوجب املالزمة بني الوجودين واملالذاتني إذ يستحيل أن يقال إنه يلزم احملال من فرض عدمه مهما وجدت علته مع جواز فرض تأخره عنها وليس

املعىن بكونه واجبا بالواجب بذاته إال هذا وال سبيل إىل مدافعته

وليس من السديد ما قيل يف معرض اإللزام للخصم وإبطال القول بالقدم ارى فاعال والعامل حادثا فلو كان وجود العامل مالزما لوجود البارى تعاىل مالزمة ال ميكن إنك موافق على تسمية الب

القول بدفعها كمالزمة الظل للشجرة واملعلول للعلة المتنع تسميته فاعال كما ميتنع تسمية الشجرة فاعلة للظل رادة للفعل وعلى سبيل االختيار والعلة فاعلة للملعول من جهة أن الفاعل عبارة عمن يصدر منه الفعل مع اإل

وأيضا المتنع تسمية العامل حادثا إذ احلادث هو ما له أول ووجوده بعد ما مل يكن فإن اخلصم إمنا يعىن بكون البارى فاعال للعامل أن وجوده الزم لوجوده ال غري وذلك إن مل يوافق الوضع اللغوى فال

دلة قولية وال اعتبار به وتسمية العامل حادثا إمنا هو عنده مبعىن أنه يف يرجع حاصل السؤال إال إىل مناقشة لفظية وجماجانب وجوده مفتقر إىل غريه وإن مل يكن له أول ومعىن كونه قدميا أنه ال أول لوجوده إذ القدمي قد يطلق عنده

إىل غريه كما سبق على ما ال أول لوجوده وإن كان وجوده مفتقرا إىل غريه وقد يطلق على ما ال يفتقر يف وجوده من أن تسمية العامل قدميا وحمدثا إمنا هو باعتبارين خمتلفني وال مشاحة يف اإلطالقات بعد فهم غور املعىن

وال يلزم على هذا أن يقال إذا كان العامل ال أول لوجوده امتنع القول بإجياده بغريه إذ لقول بإجياد املوجود حمال فإن جياد من حقق مواقع اإلمجاع من إ

احلادثات بعد العدم سلم أنه ال أثر يف اإلجياد لسبق العدم فإن اجياد املوجد له إما أن يتعلق به يف حال وجوده أو يف حالة عدمه أو يف احلالتني مجيعا ال جائز أن يكون متعلقا به يف حال عدمه إذ هو احملال وبه نفس فساد القسم الثالث

ال وجوده فإنه لو قطع النظر يف تلك احلالة عن املوجد ملا وجد املعلول وليس أيضا فبقى أن يكون متعلق به يف حاستناد املوجد إىل املوجد من جهة وجوده حىت يطرد ذلك يف كل موجود بل الصحيح أن إسناده إليه ليس إال من

جهة إمكانه وذلك وإن استدعى سبق اإلمكان على الوجود بالذات فهو ال يستدعى سبق العلة أصالمث ولو قيل إنه مستند إىل املوجد من حيث وجوده فإمنا يلزم القول باالطراد أن لو وقع القول باالشتراك بني

املوجودات يف مسمى الوجود ال يف جمرد التسمية كما بيناه من قبل دة وال خيفى جواز فإذا القول بإبطال لزوم القدم إمنا يلزم أن لو جاز صدور العامل عما صدر عنه جبهة القدرة واإلرا

ذلك لضرورة كون البارى قادرا مريدا كما أسلفناه كيف وسنبني اندراجه يف طرف سبق العدم بطريقة جامعة بينهما وسبيل واحد موصل إليهما من غري احتياج إىل ختصيص دليل بكل واحد منهما

Page 99: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الطرف الثاىن

يف اثبات احلدوث بعد العدم د الشهرستاىن يف ذلك طريقة ظن أنه ممن حاز هبا قصب سبق املتقدمني فقال يف ولقد سلك بعض املتأخرين هو حمم

معرض احلكاية عن القوم يف أقسام التقدم والتأخر ومعا أن التقدم قد يطلق ويراد به التقدم بالزمان كتقدم آدم على إبراهيم وقد يطلق ويراد به التقدم بالشرف كتقدم

د به التقدم بالرتبة كتقدم اإلمام على الصف يف جهة احملراب إن جعل مبدأ وقد العامل على اجلاهل وقد يطلق ويرايطلق ويراد به التقدم بالطبع كتقدم الواحد على االثنني وقد يطلق ويراد به التقدم بالعلية كتقدم الشمس على

ضوئها وتقدم حركة اليد على حركة اخلامت وحنوه ى حصرها وال ضبط لعددها حىت إنه زاد قسما سادسا وهو التقدم بالوجود مث زعم أن هذه األقسام مما ال دليل عل

من غري التفات إىل الزمان أو املكان أو الشرف أو الطبع أو العلية فقال ال يبعد تصور شيئني وجود أحدمها لذاته ذا النحو أقسام ووجود اآلخر من غريه مث ننظر بعد ذلك هل استفاد وجوده منه طبعا أو ذاتا أو غري ذلك وعلى ه

التأخر ومعا مث قال إن املعية من كل رتبة ال جتامع التقدم والتأخر

من تلك الرتبة حبيث تكون نسبة أحد الشيئني إىل اآلخر باملعية والتقدم أو التأخر بالذات وإن جاز أن تكون املعية الزمان وحنوه مث بني ذلك وحكى ما قرر من رتبتها جمامعة للتقدم والتأخر من رتبة أخرى كاملعية بالشرف والتقدم ب

من بيان إمكانه العامل باعتبار ذاته وافتقاره إىل مرجح خارج ووجوب تقدم املرجح عليه ذاتا ووجودا وامتناع حتقق املعية بكل حال بينهما فقال

ذاتا ووجودا إذ إذا ثبت أن العامل مفتقر يف جانب وجوده إىل مرجح وجب أن نفرض املفيد له متقدما على وجوده املفيد مستحيل أن يقارن وجوده وجود املستفيد من حيث مها كذلك وان قدرت املقارنة بينهما يف الوجود كما يف حركة اليد مع حركة اخلامت فليس يتصور إال أن يكونا قد أخذا وجودمها عن امر خارج عنهما ال أن يكون أحدمها

بقا عليه ذاتا ووجودا فيستحيل أن يكون معه بالوجود والذات إذ قد بان سببا واآلخر مسببا وإذا كان املفيد له ساأن املعية من كل رتبة ال جتامع التقدم وال التأخر من رتبتها بالنظر إىل جهة واحدة وال جائز أن يكون معه بالزمان

األبوة وإن كان أحد وال املكان واال كان وجود البارى زمانيا ومكانيا إذ املعية من جهة املضافات كاألخوة والشيئني مع اآلخر باألخوة كان اآلخر معه هبا وال جيوز أن يكون معه بالفضيلة والشرف إذ كيف يكون الناقص املفتقر إىل غريه يف وجوده مساويا يف الفضيلة ملا وجوده بذاته غري مفتقر إىل غريه وكذا ال جائز أن يكون معه

ه وقد فرض مقدما فإذا قد لزم القول بالتقدم وانتفاء املعية بكل حال وثبت بالطبع واال كان وجوده مقارنا لوجود أن البارى كان ومل يكن معه شئ وأن كل ما أوجده فال يكون إال عن سبق عدم عليه

ولرمبا اورد يف سياق كالمه ما يشعر بزيادة تقرير هلذا املعىن وهو أن العامل إذا كان ممكنا باعتبار ذاته فالوجود له عرض مأخوذ من الغري والعدم له ذاتى مأخوذ من ذاته وما هو ذاتى للشئ يكون سابقا على ما هو عرضى بالنسبة اليه فالعامل إذا يف وجوده مسبوق مبوجود هو واجب الوجود بذاته وتقدمه هو ثابت لذاته وما له أول والعدم سابق

لوجوده وال عدم يسبقه على وجوده سبقا ذاتيا كيف يكون وجوده مع وجود ما ال أول

Page 100: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وهذا مجلة ما أورده متفرقا يف غضون كالمه لكنا كسوناه ترتيبا وزدناه إىل الفهم تقريبا وهو عند التحقيق سراب غري حقيق

وذلك أن ما ذكره من القسم السادس الزائد على أقسام التقدم والتأخر ومعا وان كان احلق على مذهب أهل احلق مبجرد املقال وحمض االسترسال إذ رمبا يقول اخلصم إن ذلك ليس بزائد على األقسام املذكروة لكنه مما ال نفع فيه

واملراتب احملصورة بل هو داخل فيها وذلك أن ما فرض متقدما بوجوده إما أن يكون بينه وبني املتأخر عنه مدة ملدة فإما أن يفتقر إليه املتأخر يف وجوده أم ميكن وجود ثالث بينهما فهو املتقدم بالزمان وان مل تكن بينهما مثل هذه ا

ال يفتقر فإن مل يفتقر فالتقدم والتأخر بينهما اما بنسبة اىل امر يرجع اليهما او بالنسبة اىل امر خارج عنهما فإن كان ليه يف األول فهو التقدم بالفضيلة والشرف وان كان الثاىن فهو التقدم بالرتبة واملكان وان كان املتأخر مفتقرا إ

وجوده فإما أن يصح أن يفرض بينهما مدة أو ال يصح فإن كان األول فاملتقدم متقدم بالطبع وان كان الثاىن فهو املتقدم بالعلية

وما فرض متقدما بالوجود وبينه وبني املتأخر عنه مدة كاملدة املفروضة وإن افتقر اخلصم إىل بيان كونه متقدما مسة األقسام فال بد من بيان نفيه أيضا عند من زاد قسما سادسا وهو التقدم بالوجود بالزمان لضرورة احلصر يف اخل

لضرورة صحته وإال فكل واحد من الفريقني يتحكم بالدعوى مث ولو قدر تسليم اخلصم جبواز وقوع هذا القسم السادس مع تسليم افتقار العامل إىل مرجح لوجوده على عدمه

ب التقدم يف الوجود وإن سلم أنه ال بد من وجوب التقدم بأحد األحناء املذكورة فليس يلزم من ذلك تسليم وجوبل له أن يقول إذا فرض شيئان أحدمها مستفاد من اآلخر فالواجب أن يفرض وجوب التقدم ألحدمها على اآلخر

من غري ختصيص

حدمها عن اآلخر قيل تقدم بالوجود بالوجود والزمان أو الذات مث ننظر بعد ذلك فإن كان بينهما مدة وجاز تأخر أوالزمان وان مل يكن بينهما مدة وال جيوز تأخر أحدمها عن اآلخر قيل إنه متقدم بالعلة فقط ومها معا بالوجود وذلك كما يف حركة اخلامت مع حركة اليد وحنوها وعند ذلك فال يلزم من كون العامل مفتقرا يف وجوده إىل غريه أن يكون

بالوجود وال أولوية إلحدى الدعويني على األخرى الغري متقدما وعند ذلك فال يلزم التناقض من القول بوجوب تقدم البارى تعاىل على العامل بالعلية ومن كونه معه يف الوجود إذ ة مها من مرتبتني خمتلفتني وإمنا يلزم التناقض أن لو قيل إنه سابق عليه بالوجود ومعه بالوجود وليس كذلك بل املعي عند اخلصم بني العامل والبارى تعاىل إمنا هى يف رتبة الوجود دون غريه والتقدم إمنا هو يف رتبة العلية دونه غريها وما قيل من أن اخللق مستحق العدم باعتبار ذاته فغلط من قائله إذ لو استحق العدم لذاته لكان ممتنعا وملا تصور

كما أن الوجود ليس له لذاته كذلك العدم وال يكون أحدمها سابقا وجوده وال بغريه وخلرج عن كونه ممكنا بل لكن قد يكون ما هو علة ومرجح للوجود بوجوده هو علة ومرجح للعدم بعدمه فإن حتقق وجوده لزم الوجود وان

حتقق عدمه لزم العدم ال حمالة مني املسلك املشهور والطريق املذكور وهو ومما اعتمد عليه أيضا يف هذا الباب اجلهابذة من املتكلمني وفضالء املقتد

أهنم حصروا العامل يف اجلواهر واألعراض مث قصدوا

إلثبات احلركة والسكون أوال مث لبيان حدثها ثانيا مث لبيان تناهيها ثالثا مث لبيان امتناع عرو اجلواهر عنها رابعا مث وادث حادث بنوا على ذلك أن العامل ال يسبق احلوادث وكل ما ال يسبق احل

Page 101: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وهذه الطريقة وإن أمكن فيها بيان وجود األعراض وكوهنا زائدة على اجلواهر وإبطال القول بالكمون واالنتقال فقد يصعب بيان امتناع عرو جوهر عنها بل وقد يصعب بيان حدث كل ما ال يعرى اجلوهر عنه يف وجوده من

لزم منه حدث ما بطل به من السكون بل من اجلائز احلركات والسكنات وحدوث احلركة وان كان مسلما فليس ي أن يقول اخلصم بقدمه وأنه ال أول له وفواته ال يدل على حدثه وان دل على انه مل يكن له ذلك لذاته

وقول القائل إن ما يثبت قدمه لو بطل ال فتقر إىل سبب إذ يستحيل أن يكون ذلك له لذاته واال ملا بطل وإذا افتقر سبب إما فاعل للعدم بالقدرة أو ضد أو انقطاع ال جائز أن يكون بالقدرة إذ الفعل بالقدرة يستدعى إىل سبب فال

مقدورا والعدم ليس معىن فيستحيل أن يكون مقدورا وال جائز أن يكون السبب هو مانع فإنه إما قدمي وإما حادث ادثا فليس ابطال ما كان بكونه أوىل من فإن كان قدميا استحال أن يعدم يف اآلن وال يعدم يف القدم وإن كان ح

إبطال كونه عما كان وال جائز أن يكون السبب هو فوات شرط فإنه إما حادث أو قدمي ال جائز أن يكون حادثا إذ احلادث ال يصلح شرطا للقدمي وإن كان قدميا فالكالم يف ذلك القدمي كالكالم يف األول وهو يسلم للمحال وهو

كون اإلعدام ليس مبقدور مع صحة النزاع فيه وان سومح يف قوله ب

فمن اجلائز أن يكون دوام السكون إىل حني وغاية يستند إىل إرادة قدمية اقتضت دوامه إىل ذلك احلني وعند انقطاع تعلق اإلرادة به انقطع دوامه وذل على حنو انقطاع سائر املوجودات وإذ ذاك فال تسلسل وليس يلزم من كونه

دة ومقتضى القدرة أن يكون حادثا كما ال يلزم أن يكون قدميا بل القدم واحلدث إمنا يعرض ملا هو متعلق اإلرا متعلق اإلرادة والقدرة بأمر خارج عنهما هذا كله إن سلم كون السكون أمرا وجوديا ومعىن حقيقيا

ركة وال يلزم من القول بإبطاله وإال فإن سلك القول بكونه أمرا سلبيا ومعلوما عدميا فإنه ال معىن له إال عدم احلبوجود احلركة أن يكون هو حادثا مبعىن أن له أوال إذ األولية ال تتحقق إال بعد الوجود وإن سلك ذلك لزم منه القول بسبق العدم على الوجود والوجود على العدم إىل ما ال يتناهى وفيه القول بقدم احلادث قطعا وعند ذلك

قيض املأخوذ فالطريقة تكون منصوبة لنوإن قيل بالوقوف على عدم ال يلزم ثبوت األولية له بسبب إبطاله بالوجود بعده مل يلزم القول بأن احلركة احلادثة دالة على حدث السكون وليس املقصود غري اإلنصاف وجتنب طرق االعتساف وإال ملا اهتممنا بالكشف عن هذه

ا يعرفه الفطن الثبت الواعى ال اجلاهل العنيد املتعامى العورات وال اإلبانة عن هذه الغمرات وهو إمنفإذا الواجب فرض الداللة يف إثبات حدث الكائنات الفاسدات وما جنده على سبيل االستحالة كاألزمنة واحلركات

وغري ذلك من األمور املتعاقبات والطريقة الرشيقة يف

ع تسلسل العلل واملعلوالت وقد سبق وجه حتقيقه فال إثبات حدثها وبيان وجودها بعد عدمها ما سلكناه يف قطحاجة إىل إعادته والالزم عن ذلك على معتقد اخلصم حدث األفالك لضرورة احلدث واالنتهاء ملا قام هبا من

احلركات وامتناع خلوها عنها عنده ويلزم من ذلك حدوث العقول الىت هى مبادئ األفالك عندهم وحدث املعلول عن واجب الوجود لكون ما وجد عنه وعنها حادثا وأن إجيادها ملا وجد عنها ليس إال بالذات وأن األول الصادر

التقدم والتأخر بينهما بغري هذه الرتبة من املمتنعات كما عرفنا من تفصيل مذهبهم وأوضحناه من زيف معتقدهم واجبا إذ لو استند ذلك إىل ذات ويلزم من ذلك أن يكون وجود ما صدر عن واجب الوجود اختياريا وإبداعيا ال

املرجح له ملا تأخر عن وجوده لتساوى أوقات احلدوث بالنسبة إليه وال يلزم على هذا أن يقال ولو كان وجوده إراديا ملا تأخر وجوده عن وجود اإلرادة املخصصة له لتساوى أوقات

Page 102: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ألرادة على ما وقع عليه االتفاق ليست إال عبارة احلدوث بالنسبة إليها أيضا إذ هو يتضمن إبطال معىن اإلرادة إذ اعن معىن خيصص احلادث بزمان حدوثه فإن قيل إن نسبة سائر أوقات احلدوث إىل اإلرادة على وترية واحدة فلم

خصصته بالبعض دون البعض كان معناه مل كانت اإلرادة إرادة وال خيفى ما فيه من الغباوة واحلمق واجلهالة وليس ا لو قيل اإلنسان هو إال كم

مثال حيوان ناطق فقيل ومل إذ ليس حاصله غري القول مل كان اإلنسان إنسانا وهو هو معىن وهذا ما أردنا ذكره يف إبطال القول بالقدم وإثبات سبق العدم

وعند ذلك فال بد من اإلشارة إىل شبه أهل التعطيل واإلبانه عن معتمداهتم بطريق التفصيل

الشبهة االوىل

أهنم قالوا لو كان العامل حادثا مل خيل قبل احلدوث من أن يكون ممتنعا أو ممكنا ال جائز أن يكون ممتنعا وإال ملا وجد وال بغريه وان كان ممكنا فحدوثه بعد ما مل يكن إما ملرجح أو ال ملرجح ال جائز أن يكون ال ملرج واال كان بذاته

رض معدوما وذلك حمال وان كان له مرجح فإما أن يكون قدميا او حادثا واجبا وملا كان معدوما يف وقت ما وقد ففان كان قدميا فإما أن يكون عند احلدوث كهو قبل احلدوث أو أنه حيدث له أمر مل يكن فإن كان عند احلدوث فيما كهو قبله وجب أن يستمر العدم على ما كان وإن حدث له أمر مل يكن فالكالم يف حدوث ذلك الغري كالكالموقع الكالم فيه أوال وعند هذا فإما ان يتسلسل إىل غري النهاية أو يقف األمر عند مرجح قدمي من كل وجه مل

حيدث له أمر ال جائز أن يقال بالتسلسل وان قيل بالثاىن فيجب ان يستمر العدم أيضا وال يقع به الترجيح كما مل كان املرجح برمته حادثا وهذه احملاالت كلها امنا لزمت من فرض يقع به الترجيح اوال وهذا التقسيم بعينه الزم ان

العامل حادثا فال حدوث

الشبهة الثانية

أنه لو كان العامل حادثا مل خيل إما أن يكون بينه وبني البارى تعإىل مدة مفروضة أو ال مدة بينهما فإن مل يكن بينهما مدة لزمت مقارنة وجود العامل لوجود

ومع ذلك يستحيل ان يكون حادثا واال كان البارى تعاىل حادثا لضرورة مقارنته للحادث وان كان البارى تعاىلبينهما مدة فإما أن تكون متناهية أو غري متناهية فإن مكانت متناهية لزم أن يكون وجود البارى تعاىل متناهيا أيضا

تناهى يلزم جواز وقوع عدة ال تتناهى وهو ممتنع وإن كانت غري متناهية فكما يلزم جواز وقوع مدة ال ت

الشبهة الثالثة

هو أن الوجود صفة كمال وعدمه نقصان فلو كان العامل قدميا لكا البارى تعاىل فيما مل يزل جوادا ولو كان حادثا ملا مل حادثا ملا كان البارى تعإىل فيما مل يزل جوادا وذلك نقص يف حقه ولرمبا قرروا هذا بتقرير آخر وقالوا لو كان العا

كان وجوده إال باإلرادة وكل موجد باإلرادة فإنه ال بد وأن يكون الوجود عنده أوىل من أن ال وجود وإال كان

Page 103: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فعله للوجود عبثا وكل ما فعله بالفاعل أوىل من أن ال فعله فإنه يستفيد بفعله كماال وبتركه نقصانا والبارى اليه يف وجوده أو أن يكون البارى تعاىل قبل حدوث العامل ناقصا يستحيل أن يستفيد كماله مما هو ناقص مفتقر

الشبهة الرابعة

أنه لو كان العامل موجودا بعد أن مل يكن فكل موجود بعد ما مل يكن ال بد له من زمان ومادة متقدمني عليه أما وجه ملا كان له أول مث ذلك القبل إما أن تقدم الزمان فهو أن ما وجد بعد العدم فله قبل كان معدوما فيه ال حمالة وإال

يكون موجودا أو معدوما

ال جائز أن يكون معدوما واال ملا كان له قبل هو فيه معدوم فان كان موجودا فليس هو مع وال بعد إذ القبلية ال رض اال وهو يف جتامع املعية وال البعدية حبال وإذا فذلك القبل قد تقضى ومضى وهو املعىن بالزمان مث ما من قبل يف

جتويز العقل مسبوق بقبل آخر إىل ما ال يتناهى وىف القول بانتهائه إثبات العجز وإبطال التجويز وهو حمال واما وجه االفتقار إىل سبق املادة فمن وجهني احدمها أنه إذا ثبت سبق الزمان فذلك مما ال يتم وجوده إال مبوضوع

اىن فهو أن كل حادث بعد ما مل يكون إما أن يكن واجبا أو ممتنعا أو ممكنا يقومه إذ هو معىن عرضى وأما الوجه الثال جائز ان يكون واجبا واال ملا زال موجودا وال جائز ان يكون ممتنعا وإال ملا وجد وال بغريه فبقى أن يكون باعتبار

يكون معدوما واال ملا كان ذاته ممكنا وإذ ذاك فاما أن يكون إمكان كونه معىن موجودا او معدوما ال جائز ان اإلمكان على وجوده سابقا إذ ال فرق بني قولنا إن اإلمكان معدوم وبني قولنا إنه ال إمكان فبقى أن يكون موجودا وإذا كان موجودا فهو مما ال سبيل إىل قيامه بنفسه فتعني افتقاره إىل مادة يقوم هبا ويضاف إليها وهكذا يف كل ما

ما ال يتناهى لكن منهم من أثبت هلا وجودا جمردا عن الصورة نظرا إىل أن ما صورة تفرض يفرض من احلوادث إىلاال وميكن القول بفسادها وكون غريها وما جاز عروه عن كل واحد واحد من آحاد الصور جاز عروه عن اجلميع

مل خيل إما أن تكون متحدة ومنهم من مل يثبت هلا وجودا دون الصورة بناء على أنه لو كان هلا وجود دون الصورةاو متكثرة ال جائز أن تكون متحدة واال كان ذلك هلا لذاهتا وملا تصور عليها نقيض االحتاد وال جائز أن تكون

متكثرة إذ التكثر هلا مع قطع النظر عن الصور ومها يوجب التغاير والتمييز ممتنع

واحدة من آحاد الصور جواز عروها عن مجيع الصور قالوا وليس يلزم من جواز عروها يف حالة الوجود عن كل جلواز أن يكون الشرط يف حتقق وجودها ليس إال واحدة من الصور على البدل كيف وأن القول جبواز عروها عن كل ما يقدر من الصور يف حالة الوجود غري مسلم فإن ما وقع به االشتراك من الصورة اجلسمية وهى األبعاد الىت

جسام فيما بينها من حيث هى اجسام ال جيوز تبدهلا أصال وإن جاز القول بتبدل غريها من الصور تشترك هبا األ واتساع القول يف ذلك الئق بالقانون احلكمى وحقيق باملنهج الفلسفى

ن وهذه الشبهة يف إثبات املادة هى ما أوجبت للجمهور من املعتزلة اعتقاد كون املعدوم شيئا وذاتا معينة من غري أيصفوه بالوجود لكن منهم من أثبت له خصائص الوجود بأسرها حىت التحيز للجوهر والقيام باحملل إن كان عرضا

ومنهم من أثبت له خصائص الوجود غري هذين ومنهم من مل يطلق عليه اسم الشيئية إال لفظا وعبارة فقط هل الضالل إن شاء اهللا تعاىل وسنستقصى الكالم يف الرد عليهم إذا انتهينا من االنفصال عن شبه أ

واجلواب

Page 104: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أما الشبهة االوىل فمندفعة من جهة أنه ال مانع من أن يكون حدوث العامل مستندا إىل إرادة قدمية اقتضت حدوثه يف الوقت الذى حدث فيه واقتضت استمرار عدمه إىل ذلك الوقت أيضا فعند ذلك ال يكون احلدوث والتجدد لتجدد شئ وال

يلزم من وجوده أن يكون مقتضاه موجودا مع وجوده وال يلزم على هذا إال ما ذكروه يف إبطال القول لعدمه وال بالصفات أو استبعاد صالحية االرادة للتخصيص بناء على أن نسبة مجيع األوقات إليها نسبة واحدة

واال ملا ساغ له االعتراف وقد تكلمنا على ذلك مبا فيه مقنع وكفاية كيف وان ذلك ما يصح استبعاده من اخلصم بوجود حادث ما واال فما ذكره من الشبهة تكون إذ ذاك الزمة له من غري حميص

واما الشبهة الثانية

فإهنم ان أرادوا باملدة معىن زمانيا وامرا وجوديا حقيقا فالتقسيم بذلك امنا يصح على ما هو قابل للتقدم والتأخر س بقابل فال والبارى تعاىل ليس بقابل للتقدم والتأخر بالزمان لكون وجوده غري زماىن واملعية الزمانية وأما على ما لي

كما أنه غري قابل للتقدم والتأخر املكاىن لكون وجوده غري مكاىن فإذا قيل إن تقدمه على العامل مبدة زمانية كان حماال املدة والتقدم الزماىن القول باملعية بينهما كما ال كما أنه حمال أن يتقدم على العامل باملكان وعلى ذلك فال يلزم بنفى

يلزم القول بنفى املكان والتقدم به املعية أيضا فإذا املعىن بكون البارى تعاىل متقدما انه كان ومل يكن معه شئ واملعىن خر به بكون العامل حادثا أو متأخرا أنه كان بعد ما مل يكن وذلك ال يستوجب التقدم بالزمان وال وال التأ

نعم ال ينكر أن األوهام قد تنقطع عن الوقوف على مدة ال يرمتى الوهم إىل تقدير مدة قبلها و إىل تقدير مدة بني وجود الواجب بذاته ووجود العامل لكن ذلك كله من تقديرات االوهام وختييالهتا فال يقضى هبا على العقليات

ى تقديراهتا ومنها تقدير أن العامل إما خالء أو مالء إىل غري واألمور اليقينيات بل جيب أن يقضى بكل منهما عل النهاية كيف وأنه ملا أريد بلفظ املدة الزمان كان التقسيم خطأ إذ الزمان من العامل والكالم أيضا

ف فيه واقع فيه فإذا قيل إما أن يكون بني البارى تعاىل وبني العامل زمان او ليس فهو حمال إذ الزمان الذى وقع اخلالال يكون متقدما على نفسه حبيث يفرض أنه بني نفسه وبني البارى تعاىل اللهم إال أن يفرض الكالم يف بعض األزمنة

وهو غري مقصود باخلالف إذ ليس هو كل العامل وامنا هو بعضه

واما الشبهة الثالثة

أو فاعال ال لغرض يعود إليه وال لنفع فحاصل لفظ اجلود فيها يرجع إىل الداللة على صفة فعلية وهو كونه موجدا يتوجه عليه وعند ذلك فادعاء كونه صفة كمالية ليس هو بأوىل من ادعاء كونه ليس بكمال إذا ليس هو من

الضروريات وال من املعاىن البديهيات كيف وأنه لو كان من الكماالت لقد كان كمال واجب الوجود متوقفا على بة إليه ومتوقف يف وجوده عليه وحمال أن يستفيد األشرف من مشروفه كماله كما النظر إىل ما هو مشروف بالنس

يف كونه موجدا باإلرادة مث ولو فرض ذلك فإمنا يكون عدمه نقصا أن لو قدر جواز وجود الكائنات أزال إذ كون الشئ واقعا فرع كونه

ما هو ممتنع وهذا على حنو قوهلم يف نفى النقص جائزا و إذ قد بينا أن ذلك ممتنع مبا سلف فإذا ال نقص بعدم إجياد

Page 105: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

عنه مبنع اجياده للحوادث املركبات بناء على امتناع صدورها ووقوعا به من غري واسطة وال يلزم من عدم جوازه يف القدم أن يكون ممتنعا حبيث ال يتصور وجوده وال يف وقت ما وان كان يلزم من ذلك أن يكون يف األزل ممتنعا

ا قضى بامتناع وجوده يف األزل هو ما ال يتناهى وما قضى جبواز وجوده ما هو متناه وليس يلزم من وذلك أن م امتناع ما ال يتناهى امتناع ما هو متناه

مث ولو قدر أن وجوده يف األزل جائز لكن جيب القول بتناهيه كما جيب القول بتناهى أبعاد العامل وإن كانت بالنظر تتناهى إىل اجلواز العقلى ال

وأما مالزمة النقص لالجياد باالرادة واالختيار فمبىن على رعاية الصالح واألصلح ووجوب النظر إىل األوىل وقد بينا وجه إبطاله فيما سلف وبينا أن الفعل وأن ال فعل بالنظر إىل واجب الوجود سيان ومها بالنسبة اليه متساويان

ل وأن ال يفعل من غري أن يكون املفعول أو املتروك نفسه حسنا وال قبيحا وأنه ال اولوية وال ترجيح وان له ان يفع وعلى هذا فهو ال يستفيد بالفعل كماال وال بالترك نقصانا

مث كيف يصح هذا اإللزام من اخلصم مع اعترافه بأن ما يف عامل الكون والفساد من احلركات واالمتزاجات وسائر رية وهى بأسرها تستند إىل ارادة قدمية نفسية ثابتة لألجرام الفلكية وال حمالة أن احلادثات مستندة إىل احلركات الدو

اجلوهر النفساىن أشرف مما وجب به فإن كان اإلجياد باالرادة مما يوجب توقف كمال املريد على املراد فكيف قال بعاده من اجلملة فما بذلك يف النفس وهى أشرف مما وجد هبا وان كان ذلك مما ال يوجب التوقف فكيف صح إ

يتحقق جوابا للخصم عن االلزام عن إجياد األنفس الفلكية للحركات الدوريه فهو بعينه جواب لنا ههنا وهذا كله مما قد نبهنا عليه فيما سلف

وأما الشبهة الرابعة

أمرا وجوديا فأما دعوى لزوم سبق الزمان على كل ما حدوثه بعد العدم بناء على قياسه فمبىن على كون القبلومعىن حقيقيا وليس كذلك بل املعىن بكون احلادث ذا قبل أنه مل يكن فكان وذلك إمنا هو أمر سلىب ال معىن

وجودى ومهما قيل إنه ذو قبل موجود فال يعىن به إال هذا ومهما ورد السلب على القبلية فهو وارد على السلب وذلك ال جيوز إذ سلب

حمال ملا أسلفناه لكن غاية ما يقدر وجود مدة سابقة بناء على تقدير ومهى وجتويز خياىل السلب اجياب اإلجياب وهو وذلك مما ال يقضى به على العقول ملا عرف

ومبا حققناه ههنا يبطل ما ذكروه من بيان سبق املادة يف الوجه األول ايضا وأما ما ذكروه يف الوجه الثاىن ممكنا أنه مقدور عليه وذلك مما ال يستدعى وجود مادة تقوم املقدورية هبا وهو فقد قيل يف دفعه إن معىن كون الشئ

غري صواب فإنا لو جهلنا كون الشئ مقدورا عليه أو ليس مقدورا مل ميكنا التوصل إىل معرفته إال بكونه ممكنا أو ة كونه جمهوال وهو حمال ليس مبمكن فلو كان معىن كونه ممكنا أنه مقدور لقد كان ذلك تعريف الشئ بنفسه يف حال

فإذا الصواب أن يقال إن اإلمكان أيضا ليس هو يف نفسه حقيقة وجودية وال ذاتا حقيقية وامنا حاصله يرجع إىل نفى لزوم احملال من فرض وجود الشئ وعدمه وذلك ال يستدعى مادة يضاف اليها وال يقوم هبا إذ هو يف املعىن

إلجيابية كيف وان ذلك مما ال يصح ادعاؤه من اخلصم واال كان واجبا لذاته أو ليس اال من القضايا السلبية دون الغريه فإن كان واجبا لذاته فقد لزم اجتماع واجبني وهو خالف ما مهدت قاعدته وان كان وجوبه لغريه لزم أن

Page 106: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

كان كل ممكن هكذا يكون لذاته ممكنا مث ولو استدعى االمكان مادة يضاف اليها سابقة على كون ما قيل له ممكن ل وذلك مما خيرم قاعدة احملققني من االهليني يف النفوس

اإلنسانية واجلواهر الصورية فإهنا يف أنفسها ليست مادية وان كانت ممكنة وجودها بعد ما مل تكن فإذا الواجب أن هر الصورية وغري يتصور من إمكان كل موجود بعد العدم ما يتصوره اخلصم من إمكان النفوس االنسانية واجلوا

ذلك من األمور البسيطة الغري املادية فان قيل اإلمكان وان رجع حاصله إىل سلب احملال عن طرف الوجود والعدم فهو ال حمالة يستدعى ما يصح أن يضاف إليه الوجود والعدم الذين سلب احملال عن فرضهما وذلك الذى يصح اتصافه بالوجود والعدم هو الذى

سابقا وهو املعىن باملادة وعلى هذا القول فاإلمكان السابق على النفوس اإلنسانية واجلواهر الصورية جيب أن يكون إمنا هو عائد إىل املواد فيقال إهنا ممكن أن تدبرها النفس الناطقة وممكن أن حتل هبا الصورة أما ان يكون عائدا إىل

نفس الصورة والنفس فال فرض الوجود والعدم مادة يضاف إليها الوجود والعدم الستدعى االمتناع وهو قلنا ولو استدعى سلب احملال عن

لزوم احملال من فرض الوجود مادة يضاف إليها الوجود ولو كان كذلك للزم من فرض القول بامتناع إهلني ووجود واجب الوجود عن مبدأين حتقق املادة وهو حمال ومن رام تفسري امتناع وجود الشريك أو مبدأ آخر بوجوب انفراد

النظري إذ هو الزم امتناع وجود النظري حىت ترجع اإلضافة إىل ذات البارى تعاىل فهو مع تعسفه وإمهال النظر فيما يستحقه الشريك املمتنع لذاته قد ال يسلم عن املعارضة بنفس اإلمكان السابق على الوجود بعد العدم مبا يوجب

ن يقال املعىن بكون احلادث ممكنا قبل وجوده جواز وجود البارى تعاىل مع رده إىل ذات واجب الوجود أيضا وهو أ وجوده إذ هو الزم قولنا ليس بواجب االنفراد وال ممتنع وال حميص عنه وأما رد اإلمكان يف النفوس

إعتبار ذواهتا والصور إىل املواد وكوهنا ممكنة أن حتل فيها الصور أو تدبرها النفوس فال يستقيم فإن الصور والنفوس بال خترج عن أن تستحق الوجوب أو االمتناع أو اإلمكان وقد بان أن اإلجياب واالمتناع عليهما ممتنعان فتعني

اإلمكان واالمكان الثابت للشئ باعتبار ذاته ال يتصور أن يعود إىل غريه مث وإن صح ذلك فقد ال يبعد أيضا أن املوجد له وعند ذلك فتكون اضافة اإلمكان إىل املوجد ال إىل املوجد وبه يفسر غريه االمكان يف احلادث جبواز إجياد

يندفع ما ذكروه فإذا قد ثبت ان الكائنات موجودة بعد ما مل تكن ومسبوقة بالعدم من غري سبق مادة وال زمان واندفع ما يف ذلك

من اخلياالت وبطل ما فيه من اإلشكاالت

وأما الرد على املعتزلة

هم كون املعدوم شيئا يف اعتقادفقد سلك بعض املتكلمني يف ذلك منهاجا ضعيفا فقال تقرر يف أوائل العقول أن النفى واإلثبات متقابالن تقابل

التناقض وكذلك املنفى واملثبت وهلذا ان من نفى شيئا معينا يف حال خمصوص جبهة مل ميكنه القول بإثباته من حيث على أصل من يقول بكون املعدوم شيئا فقد رفع هذه القضية مث نظم لذلك عبارة فقال نفاه قال فإذا كان املنفى ثابتا

كل معدوم منفى وكل منفى ليس بثابت فيترتب عليه أن كل معدوم ليس بثابت

Page 107: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واعلم أن هذا املسلك مما ال يقوى وذلك أن اخلصم وان سلم أن التقابل واقع بني النفى واإلثبات والوجود والعدم يسلم ترادف النفى والعدم وال الوجود والثبوت حىت يلزم من تقابل اإلثبات والنفى أو من تقابل الوجود فهو ال

والعدم تقابل اإلثبات والعدم بل مدلول لفظ الثبوت عنده أعم من مدلول لفظ الوجود فكل موجود ثابت وليس قضاء عليه باإلثبات لكنه قد وجه بعد ذلك كل ثابت موجود وعند ذلك فال يلزم من العدم النفى وال التقابل من ال

خياال رام به دفع هذا االشكال فقال إذا كان االثبات أعم من الوجود وهو عام له وللعدم فهال قيل مثله يف مقابله وهو النفى فيكون النفى أعم من العدم حىت يكون بصفة عمومه حاال ووجها ثابتا للمنفى كما كانت صفة خصوص

ها ثابتا للمعدوم وذلك يفضى إىل حتقق اإلثبات للنفى يف احلال وان قلتم بأنه ال فرق بني املنفى العدم حاال ووج واملعدوم فيلزم من القضاء على كون املعدوم شيئا ومعىن ثابتا رفع التقابل بني النفى واإلثبات وهو حمال

ثبوت بالنسبة إىل املوجود واملعدوم مما يشعر ومل يعلم أن ادعاء عموم النفى بالنسبة إىل املعدوم بعد تسليم عموم البعدم اطالعه على معىن التقابل وأحكامه وذلك أن من أحكام التقابل أن يكون كل واحد من املتقابلني عند صدقه أخص من مقابل ما هو أخص من مقابله وال جيوز أن يكون مساويا له وال اعم منه صدقا وان كان اعم منه كذبا و

ان يكون مساويا له و ال أخص منه من جهة الكذب وذلك ألنه مهما صدق أحد املتقابلني كذب ال جيوز ايضااآلخر بالضرورة فإذا كان الكاذب أعم من غريه لزم كذب ذلك الغري ألنه مهما كذب األعم كذب األخص

قابل املفروض ضرورة من غري عكس ومهما كذب ذلك األخص فمقابله صادق ال حمالة وعند ذلك فلو كان هذا امل صدقه ثانيا مساويا للمفروض صدقه أوال يف الصدق والكذب للزم منه مساواة نقيضه يف الصدق والكذب ملا

فرض أعم منه أوال لضرورة كوهنما نقيضني ملتالزمني يف الصدق وأنه مهما صدق أحد املتالزمني املتعاكسني صدق ة التالزم وكان قد فرض أحدمها أعم من اآلخر وحمال ان اآلخر ويلزم من فرض صدقهما كذب نقيضهما أيضا جبه

يكون األخص مساويا ملا هو أعم منه وكذا لو فرض أخص منه وإذا عرف ذلك يف حالة الصدق أمكن نقله إىل حالة الكذب بعينه أيضا ومن اعتاص عليه فهم هذا الفصل ههنا

سليم بكون الثبوت اعم من الوجود املقابل للعدم فمهما فعليه مبراجعة كتبنا املختصة هبذه الصناعة فمهما وقع التصدق الثبوت لزم أن يكون مقابله وهو النفى أخص من العدم الذى هو مقابل الوجود لضرورة كونه أخص من

الثبوت حىت يكون كل منفى معدوما وال يلزم أن يكون كل معدوم منفيا وإال للزم منه مساواة األعم لألخص كما ال مث إنه وإن صدق كون النفى عاما او خاصا فليس يلزم عند اخلصم أن يكون كل ما خص أو عم بيناه وهو حم

حاال ثابتة حىت يلزم الثبوت للمنفى بل االشتراك قد يقع عنده يف السلوب وليست السلوب عنده أحواال بل هى الفتراق بالسلوب كما أعدام حمضة واحلال ال يوصف عنده بالعدم كما ال يوصف بالوجود وكذلك قد يكون ا

يكون باألحوال وذلك بأن يكون ما ثبت ألحد الشيئني مسلوبا عن اآلخر فيكون التمييز بينهما بثبوت احلال يف أحدمها ونفيها عن اآلخر وذلك كما يف التمييز بني املوجود يف حال وجوده وبينه يف حال عدمه فليس العدم عنده

الثبوت أيضا حاال ثابتة للمعدوم حىت يقاس عليها ولقد سلك بعض املتأخرين يف ذلك طريقا آخر فقال نفرض الكالم يف السواد والبياض مثال فإنه عند اخلصم ذات

ثابتة وحقيقة معنية فنقول ذات السواد يف حال العدم ال ختلو إما أن تكون لذاهتا متحدة أو متكثرة فإن كانت متحدة مل تقبل التكثر

Page 108: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

حدة باعتبار ذاته استحال عليه التكثر يف نفسه وان كانت متكثرة فهو أيضا باطل من ثالثة فإن ما كان مستحقا للو أوجه

الوجه األول هو أن التكثر اما باعتبار صفات ذاتية أو باعتبار صفات عرضيه ال جائز أن يكون التكثر باعتبار فيه من حيث هو سواد وإن كان صفات ذاتية إذ الكالم واقع يف نوع السواد من حيث هو سواد وال اختالف

االختالف باعتبار امور عرضية واألمور العرضية خيصصها قيامها بكل واحد من اآلحاد النوع وهو فرع حتقق ذلك الواحد مبا خصصته من األمور الذاتية وذلك يفضى إىل ان تكون العرضيات سبب تكثر ما ال يتصور قيامها به إال

بعد تكثر وهو دور ىن هو ان املميزات املعلومة بأسرها ممتنعة يف حال العدم وهى الزمان واملكان واجلهة وغري ذلك فالتكثر الوجه الثا

يكون غري معقول الوجه الثالث هو أهنا لو كانت متكثرة مل ختل إما أن تكون متناهية أو غري متناهية فإن كانت متناهية فليس القول

اجلائزات غري متناهية وان كانت غري متناهية فاذا أخذت مع ما خرج بثبوت بعض اجلائزات بأوىل من البعض إذ منها إىل األعيان أمكن فيها فرض الزيادة والنقصان بأمر متناه ووقوع ذلك بني ما ليسا متناهني حمال

وذلك أيضا غري مرضى وهو أن ما ذكره نفسه الزم له يف الذوات املوجودة فإنه يصح أن يقال اما أن تكون قة لذواهتا الكثرة أو التوحد ال جائز أن تكون مستحقة للوحدة وال ملا تكثرت وان كانت متكثرة فالتكثر اما مستح

بأمور ذاتية أو بأمور عرضية وهلم جرا إىل أخر االلزام وال حميص عنه فما هو جواب له ههنا هو جواب اخلصم أيضا

رة بأسرها ممتنعة يف حالة وما ذكره يف الوجه الثاىن من أن األسباب املوجبة للكث

العدم فإنه إن أريد به انتقاء الوجود فصحيح وان أريد به انتفاء اإلثبات فذلك مما ال يسلمه اخلصم بل ما وقع موجبا للتكثر يف حالة الوجود بوجوده فهو بعينه موجب للتكثر يف حالة العدم بثبوته كيف وأنه مع ما فيه من

ن جهة أنه يتضمن القول جبواز التمييز باألمور العرضية والوجه األول مينعه الركاكة مناقض للوجه األول موما ذكره يف الوجه الثالث من امتناع ثبوت ذوات ال هناية هلا بناء على فرض وقوع الزيادة والنقصان بأمر متناه

فقد سبق وجه إفساده فيما مضى ت ثابتة يف العدم فعند وجودها إما أن يتجدد هلا أمر مل فإذا الرأى احلق والسبيل الصدق أن يقال لو كانت الذوا

يكن هلا يف حال عدمها أو ليس فإن قيل باألول فهو أيضا إما جوهرا وإما عرضا وإما حاال زائدا عليهما ال جائز أن يكون جوهرا وال عرضا إذ قد فرضت ذواهتما ثابتة بديا إذ ال فرق يف ذلك بني جوهر وجوهر وال بني عرض

ض وان كان حاال زائدة فهو مبىن على القول باألحوال وقد سبق إبطاهلا وعروإن قيل بالثاىن مل يكن فرق بني الوجود والعدم وهو حمال والقول إذا باحلدوث والوجود حمال وهذا احملال إمنا لزم

إمنا هو لنفس الذوات من فرض الذوات ثابتة يف العدم ومتحققة يف القدم فال ثبوت هلا والتحقق باحلدوث والثبوت اجلوهرية والعرضية ال غري

وأيضا فإنا نفرض الكالم يف السواد والبياض فنقول لو كانت ذواهتا ثابتة يف العدم فإما أن تكون مفتقرة إىل حمال فتقار تقوم به أو غري مفتقرة ال جائز أن تكون غري مفتقرة وإال فعند وجودها إما أن تفتقر أو ال تفتقر القول بعدم اال

حمال واال ملا وقع الفرق بني اجلواهر واألعراض وان افتقرت فإما ان تفتقر إىل احملل بإعتبار ذواهتا

Page 109: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أو باعتبار أمر وجودها وال جائز أن تكون مفتقرة من حيث وجودها إذ الوجود من حيث هو وجود عند اخلصم ن حيث وجوده الفتقر اجلوهر أيضا وهو ممتنع قضية واحدة شاملة للجوهر والعرض فلو افتقر العرض إىل احملل م

فبقى أن يكون األفتقار إىل احملل من حيث ذواهتا وإذ ذاك فال فرق بني أن تكون موجودة أو معدومة فان ما هو املفتقر يف حالة الوجود هو بعينه الثابت يف حالة العدم

اقبني على حمل واحد يف طرف الوجود فإما أن وإذا كانت مفتقرة إىل حمل تقوم به فإذا فرضنا سوادا وبياضا متعيكونا قبل وجودمها قائمني بذلك احملل أو أحدمها قائم به واآلخر قائم بغريه ال جائز أن يكون أحدمها قائما به

واآلخر قائما بغريه وإال فعند وجوده فيه يلزم عليه االنتقال واالنتقال على األعراض حمال فبقى أن يكونا ثابتني فيه صفة االجتماع يف حالة العدم ولو كان كذلك ملا استحال القول باجتماعهما فيه يف حالة الوجود إذ االستحالة إما ب

ان تكون باعتبار ذاتيهما أو باعتبار وجوديهما ال جائز أن تكون االستحالة بينهما والتنافر باعتبار وجوديهما إذ تكون االستحالة باعتبار ذاتيهما فإذا مل يكن بينهما تنافر يف العدم الوجود فيهما مبعىن واحد ال اختالف فيه فتعني أن

مل يكن بينهما تنافر يف الوجود أيضا لكن االستحالة والتنافر ثابت يف الوجود فيكون ثابتا يف العدم فيلزم من كوهنه الة االنتقال عند فرض ثابتا يف حالة العدم امتناع قيامهما مبحل واحد لضرورة التنافر أو مبحلني لضرورة استح

التعاقب ويلزم من امتناع قيامهما باحملل امتناع ثبوهتما يف نفسيهما لضرورة أن ال قوام هلا وال ثبوت إال باملعدوم وهو املطلوب

فإن قيل تعلق العلم واالخبار عنه بكونه مقدورا أو ممكنا وصحة التصرف فيه بالعموم واخلصوص حىت انقسم إىل حيل يستدعى متعلقا هلذه العالقات وصحة هذه التصرفات وذلك ال يتم اال أن يكون املتعلق شيئا ثابتا اجلائز واملست

وذاتا متعينة وإال فإضافة العلم واإلمكان والقدرة والعموم واخلصوص وغري ذلك من األحكام ال إىل شئ وهو حمال لقدم ملا تصور من الفاعل إجيادها وال القصد إىل كيف وأنه لو مل تكن الذوات ثابتة يف العدم متميزة بذواهتا يف ا إحداثها من جهة أن التخصيص بالوجود والقصد له فرع متيزه

عند الفاعل وال كان اإلجياد ملوجود ال تعرف عينه وهويته يف نفسه ولعله يقع جوهرا ولعله يقع عرضا ليس يرجع إال إىل حكم النفس بانتفاء ما وقع وكل ذلك خبط يف عشواء واجلواب هو أنا نقول تعلق العلم باملعدوم

متصورا للنفس من الذوات وسواء كان وجود ذلك املتصور من الذوات حقيقيا أو تقديريا وذلك ال يستدعى ثبوت ذاته لتعلق العلم بانتفائه واال كان املعلوم نفيه ثابتا وهو حمال بل تعلق العلم بالعدم وان كانت ذاته غري ثابتة

تعلقه مبا هو متعلق بالقدرة كالوجود الزائد على الذات وبتوابعه كاجلهات واحلركات وغري ذلك من على حنو الصفات عند اخلصم فإن ذات الوجود وتوابعه غري ثابتة أزال لضرورة القول حبدثه وبكونه مقدورا والعلم متعلق

بثبوت ذاته أصال بانتفائه قبل احلدوث ال حمالة وما لزم من تعلق العلم بانتفائه القولوعلى ما حققناه يتضح اجلواب عن كونه مقدورا وممكنا أيضا وما وقع به االتفاق واالفتراق بني املعدومات أيضا فإن ما وقع به االشتراك بني اجلائز واملستحيل امنا هو نفس لنفى والعدم وقد بان أن ذلك ال يستدعى ثبوت ذات

ا ابني االستحالة واجلواز غري مفتقر لذلك أيضا أما االستحالة فظاهر ال حمالة يضاف اليها وما وقع به االفتراق أيضوكذا اجلواز ملا أسلفناه يف الرد على شبهة معلم املشائني أيضا مث كيف ميكن دعوى مع اعترافه جبواز تعلق القدرة

م جبوازه قبل حدوثه مع الوجود لضرورة انتفاء الوجوب واالمتناع عنه ومع ذلك فال ثبوت لذاته عند احلك

Page 110: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وأما ما ذكروه من فصل التمييز بني اجلوهر والعرض فغايته استبعاد العلم مبا قصد إىل إجياده وتصور حقيقته على وجه يتميز خبصوص وصفه عن غريه وذلك ال يلزم منه حتقق الذات يف نفسها أو ثبوهتا قبل احلدوث ملا سبق مث ولو

از أن ما كان منها مشارا إىل جهته بعد احلدوث أن يكون مشارا إىل جهته قبل استدعى ذلك ثبوهتا قبل احلدوث جلاحلدوث أيضا وذلك أن ما له اجلهة وهو الواقع يف امتداد اإلشارة اما أن يكون نفس الوجود الذى هو متعلق

وان كان ذلك القدرة فهو حمال فإنه ذات معقولة وليس مبحسوس حبيث يكون يف اجلهة ويقع يف امتداد اإلشارة ثابتا للذات والذات ثابتة قبل احلدوث فوجب أن يكون او جاز أن يكون يف اجلهة وهو حمال

ومثار اجلهل ومنشأ اخليال ههنا ألهل الضالل يف اعتقاد كون املعدوم شيئا إمنا هو من تطفلهم سلوك مسلك يقينيات وانه ال منافرة بينه وبني القول حبدث اهليوالنني ونسجهم على منوال الفالسفة االهليني وظنهم أن ذلك من ال

الكائنات وهلذا ملا ختيل بعضهم ما فيه من اجلهالة وشحذ راية الضالل قال إمنا نطلق عليه اسم الشئ والذات من جهة األلفاظ والعبارات ورمبا متسك يف ذلك بالسمع وظواهر واردة يف الشرع مثل قوله تعاىل وال تقولن لشئ إىن

ك غدا وكذلك قوله إن زلزلة الساعة شئ عظيم فإنه قد مسى الساعة والفعل قبل كوهنما شيئا وهذا وإن فاعل ذلكان نزاعا يف اللفظ دون املعىن وأنه أقل طغاوة من األول لكنه مما ال عليه معول ومعىن قوله وال تقولن لشئ إىن

اعة شيئا إمنا هو يف وقت كوهنما وهذا على رأى فاعل أى فاعل غدا شيئ إال أن يشاء اهللا وكذا تسميته زلزلة الس من ال يعترف منهم بكون املعدوم متحركا أوىل وأحرى من جهة

أن الزلزلة حركة على ما ال خيفى مث إن هذه الظواهر قد ال تسلم عن املعارضة مبثلها وذلك مثل قوله تعاىل وقد خلقتك من قبل ومل تك شيئا لقانون اخلامس وهذا آخر ما أردنا ذكره من ا

واهللا وىل التوفيق

القانون السادس

ىف املعادن وبيان ما يتعلق حبشر األنفس واألجساد

رأى الفالسفة اإلهليني

والذى ذهبت إليه الفالسفة أن األنفس اإلنسانية باقية بعد األبدان وال يلزم فواهتا من فواهتا وال لسبب خارج فألن كل شيئني لزم فوات أحدمها من فوات اآلخر ال بد وأن يكون له به نوع تعلق أما أنه ال يلزم فواهتا من فواهتا

والتعلق إما بالتقدم أو بالتأخر او املعية والتكاىف فلو فاتت النفس بفوات البدن للزم أن يكون هلا أحد هذه األقسام من التعلق

من التقدم بالزمان أو املكان او الشرف أو الطبع فإن تعلقت به تعلق املتقدم عليه فال حمالة أنه إن كان ذلك النوعأنه ال يلزم من فوات املتأخر عنه يف تلك الرتبة فواته وان كان التقدم بالذات وهو أن يلزم من وجوده وجود ما هو

بل متأخر عنه فال حمالة أنه يلزم عند فرض عدم املتأخر عدم املتقدم لكن ال ألنه لزم من عدم املتأخر عدم املتقدم ألنه ال يكون إال بعارض يف جوهره وعدم املتأخر يكون بسبب عدمه إذ هو املرجح له

Page 111: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وان كان التعلق باملكافأة يف الوجود فهما متطابقان فإن كانا حقيقيني فال حمالة أن ما وقع بينهما من التكاىف امنا هو ته ال يوجب فساد اآلخر يف ذاته وان لزم بسبب عارض هلما كما يف األب واالبن وال خيفى أن فساد أحدمها يف ذا

من ذلك فساد العارض الذى أوجب اإلضافة بينهما وان كان تعلقها تعلق املتأخر يف الوجود فال حمالة أنه ال يلزم من فواته فواهتا اال أن يفرض تقدمه بالذات كما بيناه ولو كان متقدما عليها بالذات لكان علة هلا والعلل أربعة إما

ة أو مادية أو صورية أو غائية ال جائز أن يكون فاعال هلا فإنه إما أن يكون فاعال بنفسه أو بقواه ال جائز أن فاعلييكون فاعال بنفسه وإال كان كل جسم كذا وال جائز أن يكون فاعال بقواه واال كان املوجود يف املوضوع مقوما ملا

كاملادة فإن النفس ليست منطبعة يف اجلسم كما يلى وال وجوده ال ىف موضوع وهذا حمال وال جائز أن يكون هلا جائز أن يكون كالصورة أو الغاية إذ األوىل أن يكون بالعكس وإذ ذاك فال يلزم فوات النفس من فوات البدن وال يتصور فواهتا بسبب خارج ايضا وإال كانت قبل الفساد هلا قوة قابلة للفساد وقد كان هلا إذ ذاك قوة قابلة

بقاء بالفعل فهاتان القوتان خمتلفتان اإلضافة ال حمالة فيستحيل اجتماعهما يف شئ واحد ال تركيب فيه والنفس للبسيطة ال تركيب فيها وال انقسام بوجه ما واال فإدراكها ملا ال انقسام له يف ذاته من االمور الكلية واملعاىن العقلية

زء واحد واال كان باقى النفس معطال إما جبزء واحد أو بكل جزء ال جائز أن يكون جب

وال جائز أن يكون بكل واحد من األجزاء واال فما أدرك بكل واحد إما نفس ما وقع مدركا لآلخر أو غريه فأن كان هو أفضى إىل أن يكون الشئ الواحد معلوما كرات متعددة يف حال واحدة وهو حمال وان كان ما أدرك بكل

لزم أن يكون املدرك يف نفسه متحيزا وقد فرض غري متحيز فإذا ليست النفس جرما وال واحد غري ما أدرك باآلخر قائما يف جرم إذ اجلرم متجرئ إىل غري النهاية وإال كان ما فرض منه غري منحاز إىل جهة ليس هو ما هو منه منحاز

ة أال يكون حماذيا لبعض كل إىل جهة اخرى ولكان ما فرض منه على ملتقى مثليه حماذيا هلما أو ألحدمها لضرور واحد منهما وذلك كله حمال فإذا اجتماع القوى املختلفة اإلضافة فيها ممتنع

ولرمبا قالوا أن ما قبل البقاء والفساد فال بد له عند حتقق كل واحد من األمرين من وجود القوة القابلة له وعند عدم كما ان ما كان قابال للوجود فال بد فيه من أن يكون حتقق العدم ال بد من حتقق احلمل للقوة القابلة واال فال

احلامل للقوة القابلة للوجود متحققا وإال فال وجود وان يكون ما طرأ غري ما فقد وما فقد هو غري ما طرأ وذلك فوات يف غري املادة حمال فلو قبلت النفس الفساد للزم أن تكون مادية ومركبة وهو ممتنع ملا مضى فإذا النفس ال

فيها بعد فوات البدن

مث زعموا أن سعادة كل شئ إمنا هو حبصول ماله من الكماالت املختلفة له وذلك كما يف البصر بالنسبة إىل العني والسمع بالنسبة إىل األذن وحنوه وكذلك شقاوته إمنا هو بعدم ظفره مبا له من تلك الكماالت فسعادة النفس

من الكمال املمكن هلا وهو مصريها عاملا عقليا متصلة باجلواهر الروحانية ومطلعة على الناطقة امنا هى حبصول ما هلااملعقوالت حميطة باملعلومات وكذلك أيضا شقاوهتا إمنا هى بعدم ظفرها هبذا الكمال املمكن هلا فحاهلا بعد املفارقة

عليها فلها حالتان احلال األول أن للبدن ان كانت قد استعدت لقبول كماهلا واستكملت بإشراف العقل الفاعلى تكون يف حال املفارقة قد عقلت شيئا من كماهلا ومطلوهبا بالبحث عنه واالهتمام به فإن حصول ذلك هلا ليس

بطبعها واال كان ذلك موجودا معها بالفعل حيث وجدت فحصول ذلك هلا مع اشتغاهلا به عن الرذائل و العوائق ا بعد املفارقة وفوزها باللذة الدائمة يف جوار رب العاملني وال حمالة أن على قدر البدنية على الدوام هو نعيمه

حتصيلها تكون زيادة سعادهتا يف األخرى

Page 112: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

قالوا وليس ما حيصل هلا من اللذة حيصل مثل املطلوب مما شاكل اللذة احلاصلة من غريه من املطاعم واملشارب وغري ذ االلتذاذ وزيادته إمنا هو على حسب مجال الشئ املدرك وقوة اإلدراك له ذلك من الكماالت احلاصلة للحيوانات إ

ودوامه وال خيفى أن شرف كمال النفس بالنسبة إىل غريه من الكماالت كنسبة شرف جوهر النفس بالنسبة إىل ها لألمور غريه من اجلواهر وكذا أيضا إدراك النفس ملا تدركه ليس مثل إدراك غريها من القوى من حيث إن إدراك

الكليات واحلقائق واملاهيات وال كذلك غريها وكذا أيضا كماهلا أدوم من كمال غريها فالتذاذها به ليس من التذاذ غريها بكماله وليس التذاذها به أيضا بعد املفارقة على حنو التذاذها به قبل املفارقة إذ النفس قبل املفارقة مشغولة

وية وقد زالت هذه املوانع بعد املفارقة وغري خاف أن االلتذاذ بالشئ عند زوال املانع بالعوائق البدنية واملوانع الدنييكون أشد منه عند وجوده واللذة احلاصلة منه أعظم وأمت وليس نسبة هذه اللذة إىل تلك اللذة إال على حنو نسبة

لذة األكل إىل لذى شم رائحة املأكول أو أشد هى عليه وال نتشوقها غاية الشوق لكوننا مشغولني بالعوائق والعالئق فإنا ال حمالة وهى وإن كنا ال نعرفها على ما

نقطع بوجودها كما يقطع العنني بلذة اجلماع أو األكمه بتخيل بعض الصور وإن كان ال يتشوقها وال يعرفها على الدائم الذى ال يشبهه شئ من حنو معرفة غريه هبا وتشوقه إليها ممن ليس بعنني وال أكمه فهذه هى اللذة والنعيم

أنواع املالذ

وإن كانت النفس مع ما حصل هلا مشتغلة عنه بالفجور واالنغماس يف الرذائل فهذه النفس تسمى املؤمنة الفاجرة فما استقر فيها من تلك اهليئات والشهوات والقبيحات جيذهبا إىل أسفل وما حصل هلا يف جوها من الكماالت جيذهبا

األعلى فقد حيدث ذلك التجاذب والتضاد أملا عظيما وعذابا أليما وعلى حسب رسوخ تلك اهليئات إىل املإل القبيحة يف النفس يكون دوام هذه اآلالم لكنها مما ال يتسرمد لكون املوجب هلا عارضا والعارض قد يزول على

تطاول الزمان احلال الثاىن

بشئ من مطلوهبا فهى إن كانت مع ذلك زكية طاهرة مشتغلة أال تكون قد حصلت شيئا من كماهلا وال اشتغلتبالرياضات وأنواع النسك والعبادات عن الرذائل والشهوات فال يبعد أن تتصل بعد املفارقة لألبدان ببعض األجرام

ون لذة الفلكية فتتخيل به على حنو ختيل يقظاننا ما كان قد استغرقها من صور املالذ من املطعومات واملشروبات وتكذلك بالنسبة إليها تزيد على ما كانت جتده من لذته يف دار الدنيا على حنو ما جيد النائم يف منامه يف زيادة لذة

املنكوح أو املأكول بالنسبة إىل ما جيده من اللذة يف حالة كونه يقظان منتبها وية حبيث اشتدت إليه قوهتا الرغبية وإن كانت يف ذلك منغمسة يف الشهوات البهيمية منهمكة على الرذائل الدنيا

فبعد املفارقة جتد من العذاب األليم على حسب ما جتده النفس

الزكية من لذة النعيم املقيم وذلك بسبب تنبهها لفوات مطلبها واجنذاهبا إىل العامل السفلى مبا استقر فيها من تلك الرذائل واستحكم فيها من صور تلك القبائح

كله مستقرة على اجملاحدة منكبة على اعتقادات فاسدة فإهنا جتد األمل ما يزيد ويرىب على حاهلا وإن كانت مع ذلكأوال الستحكام صورة نقيض احلق يف جوهرها وتكون حاهلا بالنسبة إىل هذا األمل كحالة من يرجح لفساد مزاجه

مستمر على أكل ذلك الشئ املستكره األشياء الكريهة على املستلذة فإنه إذا صلح مزاجه وزال عنه املرض وهو فإنه جيد من نفسه تأملا ال جيده من مل تكن حاله كحاله

Page 113: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

قالوا ويشبه ان تتصل هذه األنفس الفاجرة بعد املفارقة ببعض األجرام الفلكية فتتصور به نقيض ما تتصور األنفس اهلة الزكية من االلتذاذ والنعيم الزكية اجلاهلة فيحصل هلا من االمل إذ ذاك حسب ما حيصل لتلك النفوس اجل

هذا كله إن كانت النفس الناطقة قد استعدت لقبول كماهلا قبل املفارقة وتنبهت ملعشوقها وإن مل تكن قد استعدت له فهى ال جتد بعد املفارقة شيئا مما ذكرناه وذلك كما يف األنفس الساذجة كأنفس الصبيان واجملانني وحنومها بل

ارقة وإن كانت حالة حصول االلتذاذ كحاهلا قبل املفارقة فهى كمن خلق أكمه أو عنينا فإنه حاهلا بعد املف

عند بلوغ وقت االلتذاذ ال جيد لفواته أملا وال حيس من نفسه لذلك أثرا هذا حكم معاد األنفس اد وامتدادات ال تتناهى وأما األبدان فإهنم قضوا باستحالة إعادهتا وزعموا أن ذلك مما يفضى إىل القول بوجود أبع

لضرورة وجود أجسام ال تتناهى وبنوا على ذلك فاسد أصلهم يف القول بالقدم واستحالة سبق ما جتدد من األبدان بالعدم وما ورد به السمع من حشرها وأحكام معادها فإمنا كان ذلك ألجل الترغيب والترهيب مب يفهمونه ويعقلونه

من تأويل على حنو تأويل أخبار الصفات وما ورد فيها من اآليات مجعا بني قضيات ألجل صالح نظامهم وإال فال بد العقول وما ورد به الشرع املنقول

وأما التناسخية

فإهنم وافقوا الفالسفة يف القول بوجوب بقاء األنفس بعد مفارقة األبدان لكنهم زعموا أنه ال قوام هلا بعد مفارقة ال وجود هلا قبل البدن فاألبدان تتناسخها أبدا سرمدا وعلى حسب عملها يكون ما بدهنا إال ببدن آخر كما أنه

تنتقل إليه فإهنا إن عملت على مقتضى جوهر النفس الناطقة انتقلت إىل بدن نىب أو وىل وإن عملت على مقتضى يف االنتقال واالرتفاع جوهر النفس احليوانية انتقلت إىل بدن حيوان آخر من فرس أو محار أو غريه وهكذا ال تزال

واالخنفاض وليس مث حشر وال معاد وال جنة وال نار وال غري ذلك مما ورد به الرسول

ومذهب أهل احلق من اإلسالميني القول باحلشر والنشر وعذاب القرب ومساءلة مكنر ونكري ونصب الصراط ل جيب تقدمي النظر يف إبطال مذاهب أهل وامليزان واجلنة والنار والثواب والعقاب وقبل اخلوض يف ذلك بالتفصي

التعطيل

أما الفالسفة االهليون

فاخلواص منهم متفقون على امتناع وجود االنفس قبل األبدان وأنه ال وجود هلا إال عند وجود األبدان وسلكوا يف خيل إما أن تكون ذلك طريقا شددوا به النكري على من قال منهم بقدمها قالوا لو فرض قدم النفس على البدن مل

متكثرة أو متحدة ال جائز أن تكون متكثرة إذ التكثر من غري مميز حال وكل ما يفرض من الفواصل واملميزات قبل وجود األبدان حمال وال جائز أن تكون متحدة وإال فعند بدء األبدان ووجودها بالفعل إما أن تبقى متحدة أو تتكثر

وإال فنسبتها إىل بدن واحد أو كل االبدان ال جائز أن تكون نسبتها إىل بدن ال جائز أن يقال بأهنا تبقى متحدة واحد دون غريه من األبدان إذ ال أولوية مث وإن ذلك يفضى إىل تعطيل باقى األبدان عن األنفس وهو حمال

Page 114: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ا أو جهلته أن يشترك فإن قيل نسبتها إىل كل األبدان مع كوهنا متحدة فهو أيضا ممتنع وإال فيلزم أهنا إذا علمت شيئالناس بأسرهم فيه الشتراكهم يف نفس واحدة وال جائز أن يقال بتكثرها عند وجود األبدان ألن تكثر ما ال يقبل

التكثر واالنقسام أيضا حمال وهذه احملاالت كلها إمنا هى الزمة من فرض وجود األنفس قبل وجود األبدان فال وجود هلا قبلها

يف امتناع لزوم فوات النفس من فوات البدن لو قلب عليهم يف طرف لزوم وجودها من فعلى هذا ما ذكروه وجوده مل جيدوا إىل االنفصال عنه سبيال وذلك أن يقال كل شيئني لزم وجود أحدمها من وجود اآلخر ال بد وأن

على سبيل التكافؤ يف يكون بينهما عالقة وارتباط وذلك التعلق إما على سبيل لزوم تقدم أحدمها على اآلخر أو الوجود فلو لزم وجود النفس من وجود البدن لكان بينهما تعلق على النحو املذكور وما ذكروه من احملاالت

الالزمة من فرض فوات النفس بفوات البدن تكون إذ ذاك بعينها الزمة ههنا فما هو اجلواب عنها يف لزوم الوجود هو جوابنا يف لزوم الفوات من الفوات

إذا ال استبعاد يف لزوم فوات النفس من فوات البدن وال مانع من أن يكون وجود البدن يف كل حني شرطا فلوحودها كما كان وجوده ابتداء شرطا يف ابتداء وجودها وما حصل هلا من املميزات واملخصصات عند وجود

ت بفوات ما أوجبها ولو جاز القول األبدان حىت قيل بتكثرها ووجودها بناء عليها فال حمالة أهنا بأسرها تفو بوجودها وتكثرها بعد

األبدان ملا كان هلا من النسب إليها جلاز القول بتكثرها ووجودها قبل وجود األبدان ملا ستنسب إليها مث ولو قدر عند أن فواهتا غري الزم من فوات البدن لكن ال مانع من أن يكون فواهتا مستندا إىل إرادة قدمية اقتضت عدمها

فوات البدن كما اقتضت وجودها عند وجوده إذ قد بينا أن كل كائن فاسد فإسناده إمنا هو إىل إرادة قدمية ال إىل طبع وعله

وما ذكر من امتناع قيام قوى القبول للكون والفساد بالنفس فإهنم إن فسروا القوة القابلة للكون بإمكان الكون د وفال حمالة ان معىن كون الشئ ممكنا أن يكون وممكنا أن يفسد ليس إال أنه ال والقوة القابلة للفساد بإمكان الفسا

يلزم عنه ىف ذلك كله حمال فحاصل اإلمكان يعود إىل سلب حمض وذلك وان تعدد فال ميتنع اجتماع كثري منه ىف شئ واحد ال تعدد فيه إذ هو غري موجب للكثرة

فمع كونه غري مسلم هو الزم هلم يف الصور اجلوهرية من التواىل فإهنا وإن فسرت القوة القابلة بأمر موجب للتكثر قابلة للكون والفساد وذلك ال يكون بقابل فلو كان القابل للكون والفساد مما يوجب التكثر أوجب يف الصور

ا يفرض من اجلوهرية وهو ممتنع بل هو أيضا الزم يف النفس يف جانب قبوهلا لالتصال بالبدن واالنفصال عنه فكل ماجلواب فهو بعينه جواب لنا يف حمل النزاع كيف وأن ما ذكروه فمبىن على امتناع قبول النفس للتجزى وهو وإن

كان ممكنا ومقدورا هللا تعاىل فهو مما ال يدل على وقوعه عقل وال أشار إليه نقل

كه من املعىن الذى يوجب نفره الشاة من وما اشاروا إليه ىف ذلك فهو يناقض مذهبهم يف إدراك القوة الومهية ملا تدرالذئب فإنه ال حمالة غري متجزئ وإن كانت ال تدركه إال إدراكا جزئيا أى حبسب شكل شكل وصورة صورة ومع ذلك فهى نفسها ال تدرك اال بآلة جرمانية وهلذا قضى بفواهتا عند فوات البدن فما هو االعتذار هلم ايضا يف إدراك

لة اجلرمانية ملا ليس مبتجزئ هو اعتذارنا يف إدراك ما ندركه مما ليس مبتجزئ القوة الومهية باآلمث كيف ينكر كون النفس مادية ممكنة مع ما عرف من أصلهم أن جهة االمكان ال تقوم إال مبادة والنفس ممكنة

Page 115: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الوجود وال حمالة فإذا قد ظهر امتناع داللة العقل على بقاء النفس بعد فوات البدن ولو قدر بقاؤها بعد فوات البدن عقال كما ثبت ذلك مسعا بقوله وال حتسنب الذين قتلوا األية وقوله عليه السالم مث

إن أرواح املؤمنني يف حواصل طيور خضر معلقة حتت العرش وقد بان هلا من النعيم واألمل بعد املفارقة حنو ما ختيلوه عقلى وال حمذور شرعى واألمر فيه قريب واخلطب فيه يسري وإمنا فليس مبستبعد عقال وال شرعا إذ ليس فيه تناقض

الداهية الدهياء واملصيبة الطخياء استنهاك جانب الشرع املنقول والرد ملا جاء به الرسول من حشر األجساد وما أعد هلا من النعيم واألمل يف املعاد

دليل عقلى وال نقل مسعى استند اليه من أنكر بعث وإنكار اجلمع يف الشقاء والنعيم بني اجلسمية والروحانية من غري األجساد وأحكامها يف املعاد فمبىن على فاسد اصلهم يف القول بالقدم وقد أبطلناه مبا فيه كفاية

وأما التناسخية

ه فقد سلكت الفالسفة يف الرد عليهم مسلكا وهو اهنم قالوا كل بدن فإنه مستحق لذاته نفسا تدبره وتنظر ىف أحوالوتوجد عند وجوده بشوق جبلى وميل طبيعى على حنو ميل احلديد إىل املغناطيس فلو صح التناسخ وانتقال نفس من بدن إىل بدن ألدى إىل اجتماع نفسني يف بدن واحد وهى النفس الىت يستحقها لذاته والنفس الىت انتقلت إليه

واحدة وهى املدبرة له فلو كان لنا نفسان لقد كنا من غريه وذلك حمال فإن الواحد منا ال يشعر بأن له أكثر مننشعر هبما وبتدبري كل واحدة منهما فإنه ال معىن لوجود النفس يف البدن إال أهنا مدبرة له ومشغولة بالنظر يف أحواله

ال مبعىن أهنا فيه منطبعة على حنو انطباع األعراض يف األجسام نفسا فاجتماع نفسني فيه إمنا يلزم أن لو كان ما يستحقه جيب أن وهو غري سديد فإن البدن وإن استحق لذاته

يكون بدء وجوده مع وجوده غري منتقل إليه من بدن آخر وذلك مما ال يسلمه اخلصم بل له أن يقول البدن وان استحق لذاته نفسا تدبره فال مانع

ماع نفسني أصال وال خالص منه من أن تكون هى ما انتقلت إليه من البدن اآلخر وذلك ال يفضى إىل اجتفإذا الطريق العقلى الالئق باملنهج الفسلفى أن يقال لو قيل بانتقال النفس من بدن إىل بدن فال بد وأن تكون

موجودة فيما انتقلت عنه أوال وإال فوجودها ال حمالة مع وجود ما قيل إهنا منتقلة إليه وإذا كانت موجودة يف البدن ن اختصاصها به ملخصص أو ال ملخصص فإن كان ال ملخصص فليس هو بنا أوىل من غريه وإن األول فإما أن يكو

كان ملخصص فال بد وان يكون ختصصها مبا انتقلت إليه أيضا مبخصص كما كان اختصاصها باألول ملخصص وعند فى أن فرض وجود هذا فاملخصص هلا بكل واحد من البدنني إما أن يكون واحدا أو خمتلفا فإن كان واحدا فال خي

البدنني معا جائز وإن استحال وجودمها معا بالفعل من حيث إن أحدمها متقدم واآلخر متأخر وعند فرض اجتماعهما إما أن توجد تلك النفس هلما أو ألحدمها ال جائز أن تكون هلما ملا سبق وال جائز أن تكون ألحدمها

لعدم األولوية خمتلفا فإنه إذا فرض وجود البدنني معا فإما أن تكون النفس هلما أو ألحدمها وعلى هذا التقسيم إن كان املخصص

ال جائز أن تكون هلما ملا سبق وإن كانت ألحدمها فالذى أوجب ختصصها ليس ذلك له أوىل من إجيابه لتخصصها ة إليها وأن ال بالبدن اآلخر مع احتاد النفس وفرض تساوى البدنني يف مجيع احواهلما لضرورة تساويهما بالنسب

اولوية ألحدمها على اآلخر مث إنه إما أن يكون مساويا ملا يوجب ختصصها بالبدن اآلخر أو أرجح منه يف االقتضاء

Page 116: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

والتخصيص فإن كان مساويا فال أولوية وإن كان راجحا فالبدن اآلخر إما أن يبقى عريا عن النفس وهو حمال وإن ه بذلك املخصص املرجوح أو مبخصص آخر فإنه يلزم أن يكون تنتقل وجد له نفس أخرى فسواء كان اختصاصها ب

إليه نفس البدن اآلخر عند فرض عدمه وذلك مفض

إىل اجتماع نفسني يف بدن واحد وهو مما ال يشعر به أحد وحصول نفس اإلنسان وهو ال يشعر هبا حمال كما سبق وهذه احملاالت كلها إمنا لزمت من فرض التناسخ

لك الالئق باملنهاج االسالمىوأما املس

فهو أن ذلك إن وقع مسلسال إىل غري النهاية أفضى إىل القول بقدم الكائنات الفاسدات وقد عرف ما فيه وإن وقف األمر يف االبتداء على وجود نفس لبدن ما خسيس أو نفيس مل تستحقه بناء على فعل هلا سابق ووقف األمر

ده غريه بناء على ما تفعله عند مفارقتها له فهو وان كان مقدورا هللا تعاىل وجائزا يف االنتهاء على بدن ال تستحق بعيف العقل فالقول به خمالف ملا اعتقدوه وجمانب ملا أصلوه مع أنه مل يدل عليه عقل وال أجلأ اليه نقل بل هو خمالف ملا

جساد فال سبيل اليه جاء به السمع ومضاد ملا ورد به الشرع من أحكام املعاد وحشر األنفس واألوعند ذلك فال بد من اإلشارة إىل حتقيق مذهب أهل احلق يف أحكام املعاد من احلشر والنشر ومساءلة منكر ونكري

وعذاب القرب والصراط وامليزان واجلنة والنار وغري ذلك

فأما احلشر

إلسالميون فهو عبارة عن إعادة اخللق بعد العدم ونشئاهتم بعد الرمم وقد اختلف فيه ا

فذهبت املعتزلة على موجب أصلهم يف إنقسام األعراض إىل باقية وغري باقية إىل منع جواز إعادة األعراض الغري الباقية كاحلركات واألصوات وحنوها وزعموا أنه لو تصور وجودها يف وقتني يفصلهما عدم جلاز القول بوجودمها

اقية حمال ومن األصحاب من زاد على هؤالء حليث منع من جواز يف وقتني متتاليني وذلك يف األعراض الغري الب إعادة األعراض مطلقا وزعم أن اإلعادة ملعىن فلو جاز إعادة األعراض للزم أن يقوم املعىن باملعىن وهو ممتنع

بني ومذهب أهل احلق من اإلسالميني أن إعادة كل ما عدم من احلادثات فجائز عقال وواقع مسعا وال فرق يف ذلك أن يكون جوهرا أو عرضا فإنه ال إحالة يف القول بقبوله للوجود وإال ملا وجد بل ما قبل الوجود يف وقت كان قابال

له يف غري ذلك الوقت أيضا ومن أنشأه يف األوىل قادر على أن ينشئه يف األخرى كما قال تعاىل يف كتابه املبني ى أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم وقوله وهو الذى أحياكم مث الوارد على لسان الصادق األمني قل حيييها الذ

مييتكم مث حيييكم إن اإلنسان لكفور وما قيل من استحالة إعادة األعراض املتجددة شاهدا فمأخوذ من القول باستحالة استمرارها وهو غري مسلم مث ال

دها يلزم من جواز وجودها يف زمنني منفصلني بينهما عدم أن يقال بوجو

فيهما من غري انفصال بعدم بل من اجلائز أن يكون وجودها مشروطا بوقت مقدر كما كانت مشروطة باحملل إمجاعا وسبق العدم على أصلهم مطلقا ومن قضى باستحالة إعادة األعراض ملا فيه من قيام املعىن باملعىن فإمنا لزمه ذلك من

Page 117: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

يس املعىن به غري اخللق ثانيا كما يف اخللق األول وتسميته إعادة إمنا اجلهل مبعىن اإلعادة والغفلة عن معىن البعث ولكان باإلضافة إىل النشأة األوىل وذلك مما ال يوجب قيام املعىن باملعىن وإال للزم القول باستحالة وجودها أوال وهو

ممتنع فإذا قد ثبت مذهب أهل احلق وفاز أهل السبق نه هل هو للجواهر واألعراض أم لألعراض دون اجلواهر ومل يبق إال القول يف العدم وهو أ

واجلواب أن ذلك كله ممكن من جهة العقل وليس تعيني ذلك واقعا من ضرورة عقلية وال نقلية فتعيني شئ من ذلك يكون غباء

هذا حكم احلشر والنشر وعذاب القرب ومساءلته ونصب الصراط وامليزان وخلق النريان واجلنان واحلوض فاعة للمؤمن والعاصى والثواب والعقاب فكل ذلك ممكن يف نفسه أيضا وقد وردت به القواطع السمعية والش

واألدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإمجاع األمة من السلف ومن تابعهم من اخللف مما اشتهاره مغن عن ذكره فوجب التصديق به

فق ما اشتهر عن النىب صلى اهللا عليه و سلم وصحابته والعلماء واإلذعان لقبوله واالنقياد إليه والتعويل عليه على و من أمته

فإن قال قائل من املعتزلة املقرين بالدين اخلارقني لقواعد املسلمني كيف ميكن القول بعذاب القرب ومساءلته مع أنا ال نعيما وال نرى امليت ونشاهده وال حنس عند وضعه يف اللحد بصوت سؤال وال جواب وال نشاهد يف حاله

عذابا ال سيما إذا افترست حلمه الوحوش والسباع وأكلته طيور اهلواء أو مسك املاء أم كيف ميكن القول بوضع الصراط وامليزان وخلق اجلنة والنار يف اآلن فإنه إما أن يكون ذلك كله لفائدة أو ال

لك متعذر جدا بالنسبة إىل الطائع والعاص معا لفائدة فالفائدة املطلوبة من نصب الصراط ليست إال العبور عليه وذلكونه كما قيل أحد من السيف وأدق من الشعرة والفائدة من نصب امليزان ليست إال وزن األعمال وذلك أيضا

متعذر ألهنا إما أن توزن ىف حال عدمها أو بعد إعدامها القسم األول حمال جدا والقسم الثاىن حمال ملا بيناه فيما و قدر إعادة األعراض املتجددة فوزهنا ال حمالة أيضا متعذر وحركة امليزان هبا ممتنعة وإن كانت حركة مضى مث ول

امليزان بسبب ثقل ما خلقت منه احلركة فليس ذلك وزن احلركة وأما الفائدة يف خلق اجلنة والنار فليس إال ألجل الثواب والعقاب وذلك قبل يوم احلشر واحلساب متعذر ال حمالة

بل وكيف ميكن القول بقبول الشفاعة وإثبات العفو للعاصى ومن اقترف شيئا من املعاصى ومب اإلنكار على اجلبائى حيث زعم أن من زادت زالته على طاعاته يف املقدار واخترم على اإلصرار من غري توبة كان مسلوب اإلميان خملدا

باقتراف كبرية واحدة كانت ناقصة عن الطاعة أو زائدة يف النار ومب الرد على غريه من املعتزلة حيث أوجب ذلكأم مب اإلنكار على اخلوارج حيث أوجبوا التكفري بإرتكاب ذنب واحد مستندين يف ذلك إىل ما عرف من قضية

إبليس وما ورد يف القرآن من اآليات الدالة على ختليد العاصى مثل قوله تعاىل من كسب سيئة وأحطت هبا خطيئته صحاب النار هم فيها خالدون وقوله ومن يعص اهللا ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وقوله فألئك أ

ومن يقتل مؤمنا متعمدا إىل غري ذلك من اآليات والدالالت الواضحات ومن استحق اخللود يف النار وكان مغضوبا عليه كيف يستحق الغفران

ن حال النىب صلى اهللا عليه و سلم والصحابة من االستعاذة منه واخلوف قلنا أما إنكار عذاب القرب مع ما اشتهر م واحلذر وقول النىب عليه السالم حيث عرب على قربين

Page 118: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

فقال إهنما يعذبان وقول اهللا تعاىل وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم ل إليه وال معول ألرباب العقول عليه واستبعاد ذلك على أنه غري الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب فال سبي

حمسوس من امليت فمن أدرك بعقله حال النائم يف منامه و ما يناله من اللذات والتأملات بسبب ما يشاهده من حسن ه مل وقبيح مع ما هو عليه من سكون ظاهر جسمه ومخود جوارحه بل وكذا حال احملموم واملريض يف حالة انغمار

يتقاصر فهمه عن درك عذاب القرب ونعيمه وال فرق يف ذلك بني أن تكون أجزاء البدن جمتمعة أو مفرقة فإن من أسكنه األمل يف حالة االجتماع قادر أن يسكنه ذلك يف حالة االفتراق وذلك ال يستدعى أن يكون حمسوسا وال

مشاهدا وعلى هذا خيرج استبعاد سؤاله وجوابه أيضا

يؤكد رفع هذا االستبعاد ما علم من حال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم يف حالة الوحى وخماطبة جربيل له ومما والناس حوله ال يسمعون وإمنا كان كذلك ألن األجزاء املستقلة بالفهم واجلواب من اإلنسان إمنا هى أجزاء باطنة

اة والفهم واجلواب وإن كان باقى اجلسم معطال ال يشعر به يعلمها اهللا تعاىل يف القلب فيجوز أن خيلق اهللا هلا احليصاحبه وذلك كما نشاهده ونعلمه من حال النائم واملغمى عليه لصرع أو مرض أو غريه عند خماطبته او حماورته ملن

يتخيل له فيما هو عليه من حالته ة بوجود وليس اخلطاب والسؤال جملرد الروح املفارقة الىت أجرى اهللا تعاىل العاد

حياة البدن عند مقارنتها والفوات عند فواهتا إذ هو خمالف للظواهر الواردة به وال هو للبدن على هيئته إذ هو خمالف للحس والعيان وذلك حمال

وإنكار الصراط وامليزان وخلق اجلنة والنار يف اآلن بناء على إنكار حصول الفائدة فمأخوذ من أصوهلم الفاسدة يف ض يف أفعال اهللا تعاىل وقد أبطلناه مث ولو قدر ذلك فلعل له فيه لطفا وصالحا ال تقف العقول عليه وال وجوب الغر

هتتدى األذهان إليه بل البارى تعاىل هو املستأثر بعلمه وحده ال يعلم تأويله غريه مث كيف ينكر جواز العبور على تعاىل وخلق السموات واألرض وما فيهن واملشى يف الصراط واملشى عليه مع أن ذلك بالنسبة إىل مقدورات اهللا

اهلواء والوقوف على املاء وشق البحر وقلب العصا حية وغري ذلك من املعجزات واألمور اخلارقة للعادات أيسر وأسهل فغري بعيد أن خيلق اهللا تعاىل القدرة على ذلك ملا أطاعه وال خيلقها ملن عصاه

أن يكون للصحف املشتملة على احلسنات والسيئات املكتوب فيها أفعال العبد من وأما الوزن بامليزان فإنه حيتمل خريه وشره ونفعه وضره وخيلق اهللا تعاىل فيها ثقال

وخفة على حسب التفاوت الذى يعلمه تعاىل يف حسناته وسيئاته وحيتمل أن يكون ميزان األفعال عند اهللا تعاىل مبا ه وحده ال على حنو امليزان الالئق بالكميات من املدخرات واملعدودات وغريها من يليق باألفعال وهواملستأثر بعلم

املوزونات شاهدا وأما إنكار الشفاعة للمذنبني والعصاة من املسلمني فذلك إمنا هو فرع مذهب أهل الضالل يف القول بوجوب

نا ما فيه من الزلل فإن الثواب من اهللا الثواب ولزوم العقاب على اهللا تعاىل وقد بينا ما يف ذلك من اخللل وأوضحتعاىل ليس إال بفضله والعقاب ليس إال بعدله وهو املتحكم مبا يشاء يف خلقه أال له اخللق واألمر تبارك اهللا رب

العاملني وما ذكروه من اآليات والظواهر السمعيات فمحمول على الكافرين املستحلني ملا يأتونه املستوجبني ملا يقترفونه

Page 119: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

دون العصاة من املؤمنني ومن أذنب ذنبا من املسلمني ودليل التخصيص يف ذلك قوله تعاىل إن اهللا ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء ومع قيام الدليل املخصص هلا ميتنع القول بتعميمها

خالف الظاهر لكن جيب القول فإن قيل إن هذه اآلية حممولة على حالة التوبة وخمصوصة هبا وهذا وإن كان على به حمافظة على ما ذكرناه من الظواهر إذ ليس ختصيص ما ذكرناه حمافظة على الظاهر بأوىل من العكس بل هو

االوىل ملا فيه من ختصيص ظاهر واحد بظواهر متعددة مث إن يف اآلية ما يدل على أن املغفرة والشفاعة ال حتصل إال ال ملا كان لتخصيص املغفرة حبالة املشيئة معىن وذلك مما يوجب خلود بعض املذنبني وهو أن تتعلق املشيئة مبفغرته وإ

خالف ما تعتقده قلنا أما ما ذكروه من جهة التخصيص فحمل داللة اآلية عليها ممتنع وذلك أن العفو والغفران حالة التوبة عندهم

نه فرق يف اآلية بني املعصية بالكفر وغريه يف حالة التوبة واجب جزم والزم حتم وهو مما مينع تعليقه باملشيئة وأيضا فإفالفرق غري متحقق ال حمالة فلو صح ما ذكروه من جهة التخصيص مل يلزم ختصيص عموم اآلية مبا دون الكفر من

املعاصى وتأويل الظواهر ملا ذكروه من الظواهر كيف وأن ما ذكروه من الظواهر فمنهم من قيدها بفعل الكبائر ون الصغائر ومنهم من زادها تقييدا حىت اشترط يف ذلك زيادة مقدار الكبرية على ما له من احلسنات وباجلملة فال د

ريب يف ختصيصها مبا بعد التوبة وليس شئ من ذلك متحققا فيما ذكرنا من الظواهر فاحملافظة عليه يكون أوىل ال ى ختصيصه مبا نذكره فإن خمالفة مجيع احلدود وتعديها وإحاطة سيما وأن ما من ظاهر أبدوه إال وقد اقترن مبا يدل عل

اخلطيئة من كل وجه إمنا يتحقق يف حق الكافر

دون املسلم وكذلك اللعنة والغضب يف حق من قتل إمنا يتحقق يف حق من كان لذلك مسحال معتقدا لغفران ملا دون الكفران باملشيئة ما ومبا حققناه يقع التقصى عن كل ما يهول به من هذا القبيل وليس يف تعليق ا

يوجب امتناع وقوع الغفران بالنسبة إىل مجلة املذنبني مبا دون الشرك وال يلزم منه خمالفة شئ من اآلية أصال جلواز تعلق املشيئة باملغفرة للجميع

من التخصيصات فكيف فإن قيل فإن استمر لكم يف هذه الظواهر ما ذكرمتوه من التأويالت واستقام ما أشرمت إليه حيمل قوله عليه السالم ال ينال شفاعىت أهل الكبائر من أمىت على معصية الكفر مع أنه قد أدرجهم يف أمته وأدخلهم

يف ملته قلنا هذا احلديث مع ضعفه يف سنده فليس يف إضافتهم إىل ملته ما يناىف كون الكبرية الصادرة منهم هى الكفران

نه قد يسمىالشئ باسم ما كان عليه جتوزا وتوسعا وهو األوىل فإنه قد روى عن النىب صلى والشرك بعد اإلميان فإ اهللا عليه و سلم بالرواية الصحيحة املشهورة أنه قال ادخرت شفاعىت ألهل الكبائر من أمىت فلو مل يكن

قا وال خيفى أن التعطيل أبعد احلديث األول حمموال على كبرية الكفر للزم منه تعطيل أحد احلديثني عن العمل به مطلمن التأويل على ما ال خيفى كيف وأن األدلة الواردة يف باب الشفاعة مع اختالف ألفاظها أكثر من أن حتصى فهى إىل التمسك هبا أقرب وأوىل فمن ذلك ما روى عن النىب صلى اهللا عليه و سلم يف أثناء حديث مطول مشهور أنه

ساجدا بني يدى رىب فيقول ىل يا حممد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا قال إذا كان يوم القيامة أخررب أمىت أمىت فيقال انطلق من كان يف قلبه مثقال شعرية من إميان فأخرجه وأنطلق وأخرجه مث أسجد ثانية وثالثة

ألخرجن منها كل من قال فإذا كان الرابعة قلت رب ائذن ىل فيمن قال ال إله إال اهللا فيقول الرب وعزتى وجالىل

Page 120: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ال إله إال اهللا وهو حديث مروى يف الصحاح وأما القضاء بانتفاء إميان من اخترم عاصيا قبل التوبة والقول بتكفريه فاالنفصال عنه يستدعى حتقيق معىن اإلميان

والكفران والكشف عن معىن التوبة وحتقيق األوبة صديق ومنه قول بىن يعقوب وما أنت مبؤمن لنا أى مبصدق ويف عرف وأما اإلميان فهو يف اللغة عبارة عن الت

استعمال أهل احلق من املتكلمني عبارة عن التصديق باهللا وصفاته وما جاءت به أنبياؤه ورساالته وإليه اإلشارة بقوله عليه السالم اإلميان هو التصديق

وأرشده إىل هذا التحقيق فهو املؤمن احلق عند اهللا وعند باهللا وباليوم اآلخر كأنك تراه فمن وفقه اهللا هلذا التصديقاخللق وإال فقد شقى الشقاوة الكربى وحكم بكفره يف الدنيا واألخرى ألن الكفر وإن كان يف اللغة عبارة عن ال التغطية والستر فهو ىف عرف أهل احلق من املتكلمني عبارة عن الستر والتغطية للقدر الذى يصري به املؤمن مؤمنا

غري وليس اإلميان هو اإلقرار باللسان فقط كما زعمت الكرامية وال إقامة العبادات والتمسك بالطاعات كما زعمت اخلارجية فإنا نعلم من حال النىب صلى اهللا عليه و سلم عند إظهار الدعوة انه مل يكتف من الناس مبجرد

كان يسمى من كانت حاله كذلك كاذبا ومنافقا ومنه اإلقرار باللسان وال العمل باألركان مع تكذيب اجلنان بلقوله تعاىل تكذيبا للمنافقني عند قوهلم نشهد إنك لرسول اهللا واهللا يشهد إن املنافقني لكاذبون ومنه أيضا شهادة

ورد يف الكتاب العزيز بكذبه وسلب إميانه يف قوله ومن الناس من يقول ءامنا باهللا وباليوم اآلخر وما هم مبؤمنني وما الكتاب والسنة وأقوال األمة يف ذلك أكثر من أن حيصى

مث ال خيفى قبح القول بأن اإلميان جمرد اإلقرار باللسان من حيث إفضائه إىل تكفري من مل يظهر ما أبطنه من التصديق والطاعة وامتناع استحقاقه للشفاعة واحلكم

ورسوله والطغاوة يف الدين والعداوة للمسلمني بل أشد قبحا منه بنقيضه ملن أظهر ضد ما أبطن من الكفر باهللا تعاىل جعل اإلميان جمرد اإلتيان بالطاعات والتمسك بالعبادات ملا فيه من اإلفضاء إىل هدم القواعد السمعية وحل نظام

العبادات األحكام الشرعية وإبطال ما ورد يف الكتاب والسنة من جواز خطاب العاصى مبا دون الشرك قبل التوبة بالبدنية وسائر األحكام الشرعية وصحتها منه أن لو أتى هبا وبإدخاله يف زمرة املؤمنني وإدراجه يف مجلة املسلمني حىت

إنه لو مات فإنه يغسل ويصلى عليه ويدفن يف مقابر املسلمني ولو مل يكن مؤمنا ملا جاز القول بصحة ما أتى به من العبادات وال غري ذلك مما عددناه

وهبذا يتبني أيضا فساد قول احلشوية إن اإلميان هو التصديق باجلنان واإلقرار باللسان والعمل باألركان نعم ال ننكر جواز إطالق اسم اإلميان على هذه األفعال وعلى اإلقرار باللسان كما قال تعاىل وما كان اهللا ليضيع إميانكم أى

ن بابا أوهلا شهادة أن ال إله إال اهللا وآخرها إماطة األذى عن الطريق صالتكم وقوله عليه السالم اإلميان بضع وسبعو لكن إمنا كان ذلك هلا من جهة أهنا دالة على التصديق باجلنان

ظاهرا والعرب قد تستعري اسم املدلول لدليله جبهة التجور التوسع كما تستعري اسم السبب ملسببه فعلى هذا مهما الذى ذكرناه وإن أخل بشئ من األركان فهو مؤمن حقا وانتفاء الكفر عنه واجب كان مصدقا باجلنان على الوجه

وإن صح تسميته فاسقا بالنسبة إىل ما أخل به من الطاعات وارتكب من املنهيات ولذلك صح إدراجه يف خطاب اآليات املؤمنني وإدخاله يف مجلة تكليفات املسلمني بقوله وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة وحنو ذلك من

Page 121: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وقوله عليه السالم ال يسرق السارق حني يسرق وهو مؤمن وال يزىن حني يزىن وهو مؤمن فإنه وإن صح مل يصح محله على نفى اإلميان مبعىن الطاعة واإلذعان لتعذر االشتقاق من اسم أميان فيحتمل أنه أراد حالة االستحالل

وهو وإن كان خالف الظاهر لكنه أوىل ملا فيه من اجلمع بينه وحيتمل أنه أورده يف معرض املبالغة يف الزجر والردعوبني ما ذكرناه من األدلة الدالة على كونه مؤمنا وإبطال التعطيل ملا ذكرناه مطلقا نعم ال ننكر إمكان دخول الشك

ك كان بعض والريبة ملا حيصل من التصديق باجلنان ثابتا بالنسبة إىل من ليس مبعصوم بناء على شبهة وخيال ولذلالسلف يقول أنا مؤمن إن شاء اهللا وليس املراد مبا علقه على املشيئة إال استمرار ما هو حاصل عنده عند اهللا من

التصديق والطمأنينة ال نفس التصديق احلاصلة فإن تعليق

العتبار ايضا يصح ما حصل باملشيئة حمال وال بد من هذا التأويل وإن فسر اإلميان بالطاعة أو القول أيضا وهبذا االقول بزيادة إميان النىب املعصوم على إميان غريه أى من جهة تطرق الشك إىل غري املعصوم دون املعصوم أما أن

يكون من جهة تطرق الزيادة والنقصان إليه من حيث هو تصديق فال كما ال يصح ذلك بني علم وعلم أصال وأما التوبة

الرجوع فهى يف عرف استعمال املتكلمني عبارة عن الندم على ما وقع به فهى وإن كانت يف اللغة عبارة عنالتفريط من احلقوق من جهة كونه حقا ومنه قوله عليه السالم الندم توبة فعلى هذا من ترك املعصية من غري عزم

ه ذلك مستحقا مل على ترك معاودهتا عند كونه لذلك أهال والندم والتأمل على ما اقترف أوال من جهة أنه مل يكن ليكن إطالق اسم التوبة يف حقه بالنظر إىل عرف املتكلمني مما جيوز لكن ذلك مما ال جيب على العبد استدامته يف

سائر أوقاته وتذكره يف مجيع حاالته وإال لزم منه اختالل الصلوات أو ال يكون تائبا يف بعض األوقات وهو خالف

توبة واإلقالع عن ذنب يف زمن من األزمان أال يعاوده يف زمن آخر إذ إمجاع املسلمني وليس من شرط صحة ال التوبة مهما وجدت فهى عبادة ومأمور هبا وليس من شرط صحة العبادة املأتى هبا يف زمن أال يتركها يف زمن آخر

ال كان وليس من شرط صحة التوبة أيضا واالقالع عن ذنب اإلقالع عن غريه من الذنوب كما زعم أبو هاشم وإمن أسلم بعد كفره وآمن بعد شقائه ونفاقه إذا استدام زلة من الزالت وهفوة من اهلفوات أال يكون مقلعا عما التزمه من أوزار كفره وأال يترقى على من هو على غيه وجحوده وذلك مما خيالف إمجاع املسلمني وما ورد به

الشرع املنقول واتفق عليه أرباب العقول قول القائل إن ما وجبت التوبة عنه فإمنا كان لقبحه وذلك ال خيتلف فيه ذنب وذنب فال يصح الندم وهبذا يندفع

على قبيح مع اإلصرار على قبيح غريه واهللا اهلادى إىل الرشاد

القانون السابع

ىف النبوات واألفعال اخلارقة للعادات ويشتمل على طرفني

متهيد بيان جوازها يف العقل الطرف األول من هذا القانون يف

Page 122: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

والثاىن يف بيان وقوعها بالفعل وقبل اخلوض ىف ذلك ال بد من تفسري معىن النبوة لكى يكون التوارد بالنفى واالثبات على حمز واحد فنقول

ليست النبوة هى معىن يعود إىل ذاتى من ذاتيات النىب وال إىل عرض من أعراضه استحقها بكسبه وعمله وال إىل م بربه فإن ذلك مما يثبت قبل النبوة وال إىل علمه بنبوته إذ العلم بالشئ غري الشئ ولكن اهللا مين على من يشاء العل

من عباده فليست إال موهبة من اهللا تعاىل ونعمة منه على عبده وهو قوله ملن اصطفاه واجتباه إنك رسوىل ونبىي وإذا عرف حمز اخلالف فنعود إىل بيان األطراف

الطرف االول يف بيان اجلواز العقلى - ١مذهب أهل احلق أن النبوات ليست واجبة أن تكون وال ممتنعة أن تكون بل الكون وأن ال كون بالنسبة إىل ذاهتا و

إىل مرجحها سيان ومها بالنظر إليه سيان وأما أهل الطعان فحزبان حزب انتمى إىل القول بالوجوب عقال كالفالسفة واملتعزلة

ب انتمى إىل القول باألمتناع كالربامهة والصابئة والتناسخية إال أن من الربامهة من اعترف برسالة آدم دون وحزغريه ومنهم من مل يعترف بغري ابراهيم وأما الصابئة فإهنم اعترفوا برسالة شيث وإدريس دون غريمها وال بد من

التفصيل يف الرد على أهل التضليل زلة فأما الفالسفة واملعت

فإهنم قالوا ملا كان نوع اإلنسان أشرف موجود ىف عامل الكون لكونه مستعدا لقبول

النفس الناطقة القريبة النسبة من اجلواهر الكروبية واجلواهر الروحانية مل يكن يف العقل بد من حصول لطف املبدأ ألخرى وكل واحد من الناس قلما يستقل األول وإضافة اجلود منه عليهم لتتم هلم النعمة يف الدنيا والسعادة يف ا

بنفسه وفكرته وحوله وقوته ىف حتصيل أغراضه الدنياوية ومقاصده اآلخروية إال مبعني ومساعد له من نوعه وإذ ذاك فال بد من أن تكون بينهم معامالت من عقود بياعات وإجارات ومناكحات إىل غري ذلك مما تتعلق به احلاجات

نقياد واالستسخار من البعض للبعض و قلما حيصل االخنضاع واالنقياد من املرء لصاحبه بنفسه وذلك ال يتم إال باإلمع قطع النظر عن خموفات ومرغبات دينية وأخروية وسنن يتبعوهنا وآثر يقتدون هبا وذلك كله إمنا يتم ببيان

ومشرع خياطبهم ويفهمهم من نوعهم وفاء مبوجب عناية املبدأ األول هبم أن يكون البيان مؤيدا من عند اهللا تعاىل باملعجزات واألفعال اخلارقة للعادات الىت تتقاصر عنها قوى غريه مث جيب

من نوعه حبيث يكون ذلك موجبا لقبول قوله واالنقياد له فيما يسنه ويشرعه ويدعو به إىل اهللا تعاىل وإىل عبادته ما يليق به وما ال يليق به وأحكام املعاد وأحكام املعاش ليتم واالنقياد لطاعته وما اهللا عليه من وجوب الوجود له و

هلم النظام ويتكامل هلم اللطف واإلنعام وذلك كله فالعقل يوجبه لكونه حسنا وحيرم انتفاءه لكونه قبيحا

وأعلم ان مبىن هذا الكالم إمنا هو على فاسد أصول اخلصوم يف احلسن والقبح ورعاية الصالح واألصلح ووجوبه وقد سبق إبطاله مبا فيه مقنع وكفاية

وأما الغالة من النفاة اجلاحدين لوجوب الوجود فإهنم قالوا النبوة ليست من صفة راجعة إىل نفس النىب بل ال معىن هلا اال التنزيل من عند

ينزل عليه أو رب العاملني وعند ذلك فالرسول ال بد له أن يعلم أنه من عند اهللا تعاىل وذلك ال يكون اال بكالم

Page 123: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

بكتاب يلقى إليه إذ املرسل ليس مبحسوس وال ملموس وما الذى يؤمنه من أن يكون املخاطب له ملكا او جنيا وما ألقى إليه ليس هو من عند اهللا تعاىل ومع هذه االحتماالت فقد وقع شكه يف رسالته وامتنع القول اجلزم بنبوته

جرمانيا أو روحانيا فإن كان جرمانيا وجب أن يكون مشاهدا مرئيا وإن مث إن ما يكلمه وينزل عليه إما أن يكون كان روحانيا فذلك منه مستحيل كيف وأن ما جاء به مل خيل إما أن يكون مدركا بالعقول أو غري مدرك هبا فإن كان

يأتى ال يكون األول فال حاجة إىل الرسول بل البعثة تكون عبثا وسفها وهو قبيح يف الشرع وإن كان الثاىن فما مقبوال لكونه غري معقول فالبعثة على كل حال ال تفيد

وأيضا فإن النفوس اإلنسانية كلها من نوع واحد فوجب أن يستقل كل منها بدرك ما أدركته األخرى وال تتوقف على من حيكم عليها فيما هتتدى إليه وما ال هتتدى إليه فإن ذلك مما يقبح من احلكيم عقال

على العبث يف بعثته تعذر الوقوف على صدق مقالته فإن وجوب التصديق له بنفس دعواه مع ان اخلرب ما ومما يدل يصح دخول الصدق والكذب فيه مستحيل وإن كان بأمر خارج إما بأن تقع املشافهة من اهللا تعاىل بتصديقه أو

تعاىل باخلطاب متعذرة ولو مل تكن باقتران أمر ما بقوله يدل على صدقه فهو أيضا مستحيل إذ املشافهة من اهللامتعذرة الستغىن عن الرسول وما يقترن بقوله إما أن يكون مقدورا له أو هللا تعاىل فإن كان مقدورا له فهو أيضا

مقدور لنا فال حجة له يف صدقه وان كان مقدورا هللا تعإىل فإما أن يكون معتادا أو غري معتاد فإن كان معتاد فال وإن كان غري معتاد بأن يكون خارقا للعادات فليس يف ذلك ما يدل على صدقه يف دعوته إذ هو حجة فيه أيضا

فعل اهللا تعاىل وهو مشروط مبشيئته وختصصه منوط بإرادته ورمبا ال يتصور يف مجيع احلاالت وال يساعد يف سائر له فإذا كان كذلك فلعل اقتراهنا األوقات وكم من نىب سأل إظهار املعجزات يف بعض األوقات فلم يتفق له ما سأ

بدعوته يف بعض االوقات كان من قبيل االتفاقات ال بقصد التصديق له فيما يقوله والتحقيق له مث إن كان ظهور هذه اآليات و اقتراهنا بقوله يف بعض األوقات دليال على

من اآلخر والذى يدل على ذلك أنا فعدم اقتراهنا به ىف بعض األوقات دليل على كذبه وليس أحد األمرين بأوىل ألفينا كل مدع قد اباح ما حتظره العقول مثل ذبح احليوان وإيالمه وتسخريه ومثل السعى بني الصفا واملروة

والطواف بالبيت وتقبيل احلجر والعطش ىف أيام الصيام واملنع من املالذ الىت هبا صالح األبدان وذلك كله قبيح يم فهم فيما ادعوه كاذبون وفيما انتحوه متخرصون والقبيح ال يأمر به احلك

مث وإن قارنت لدعواه يف مجيع األوقات ومل توجد ىف غريها من احلاالت فهى مما ال متييز فيها عن الكرامات والسحر ا والطلسمات وغري ذلك من العلوم كالسحر والتنجيم من األفعال العجيبة واألمور املعجزة الغريبة الىت ال وقوع هلىف مجيع االوقات وال سبيل إليها يف سائر احلاالت بل هى على منط املعجزات واألمور اخلارقة للعادات ومع جواز

أن يكون ما أتى به من هذا القبيل فليس على القول بصدقه تعويل العوائد مث وان متيز ما أتى به عن هذه األحوال وجترد عن هذه األفعال فال حمالة أن من أصلكم جواز انقالب

واطراد ما مل يعهد وعند اطرادها فال خيفى أهنا خترج عن أن تكون معجزة لكوهنا ال اختصاص هلا به وإذا كان كذلك فما الذى يؤمننا من اطراد معجزته وعموم وقوعها بعد حتديه بنبوته

ارى تعاىل مريد لضاللنا مث ولو قدر عدم اطرادها فذلك أيضا مما ال يدل على صدقة بل لعله كاذب يف دعوته والب برسالته وأن ما يدعو اليه من اخلري هو عني الشر وما ينهى

Page 124: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

عنه من الشر هو عني اخلري فإنه ال إحالة فيه على أصلكم حيث أحلتم كون احلسن والقبح ذاتيا لى معرفة وجود مث وإن استحال ذلك ىف حق اهللا تعاىل فال حمالة أن العلم برسالة الرسول والقول بتصديقه يتوقف ع

املرسل وصفاته وما جيوز عليه وما ال جيوز بتوسط احلادثات والكائنات واملمكنات وذلك كله ليس هو مما يقع بديهة فإنه لو خلى االنسان ودواعى نفسه يف مبدأ نشوئه من غري التفات إىل أمر آخر مل حيصل له العلم بشئ من

مرسل اليه النظر واالبتهال بالفكر واالعتبار بالعرب أو ال جيوز له ذلك ذلك أصال فعند إرسال الرسول إما أن جيوز للفإن قيل باجلواز فال خيفى أن زمان النظر غري مقدر بقدر بل هو خمتلف باختالف االحوال واالشخاص وتقلب

ه يف دعوته أحواهلم واالشتداد والضعف يف أفهامهم وذلك مما يفضى إىل تعطيل النىب عن التبليغ لرساالته وافحاموال فائدة إذ ذاك ىف بعثته وإن مل ميهل ىف النظر فذلك قبيح ال حمالة من جهة أنه كلفه التصديق مبا ال يطيق أوجب

عليه التقليد واالنقياد من غري دليل إىل االعتقاد وذلك قبيح ال تستحسنه العقول ون مرسال إليه فإن كان مرسال إليه فالعقاب على مث إنه إما أن يكون مرسال إىل من علم اهللا أنه ال يؤمن أو ال يك

خمالفته ظلم وهو قبيح من احلكم العدل وزادت التناسخية على هؤالء فقالوا

األفعال االنسانية إن كانت على منهاج قومي وسنن مستقيم ارتفعت نفس فاعلها إىل امللكوت حبيث تصري نبيا أو ملكا وإن كانت أفعاله على منهاج أفعال

حليوانات والتشبه بالسفليات واالنغماس يف الرذائل والشهوات احنطت نفسه إىل درجة احليوانات أو أسفل منها اوهكذا على الدوام كلما انقضى عصر ودور وليس مث عامل جزاء وال حساب وال كتاب وال حشر وال عقاب وذلك

مثله حيسن له فعال أو يقبح له فعال إذ ال كله مما عرف بالعقول على طول الدهر فال حاجة باإلنسان إىل من هو يزال ىف فعل جيزى أو ىف جزاء على فعل وهكذا على الدوام

والطريق يف االنفصال عن كلمات أهل الضالل أن يقال أما ما أشاروا إليه من تعذر علمه مبرسله فبعيد إذ ال مانع من أن

على ذلك آيات ودالئل ومعجزات حبيث تتقاصر عنها قوى يعلمه املرسل له أنه هو اهللا تعاىل وذلك بأن جيعل لهسائر احليوانات املخلوقات أو بأن يكون ما أنزل إليه وألقى عليه يتضمن اإلخبار عن الغائبات واألمور اخلفيات الىت

ال ميكن معرفتها إال خلالق الربيات أو بأن خيلق له العلم الضروري بذلك إن اهللا على كل شئ قدير ملطلوب هلذا الشخص من قبل اهللا تعاىل مبستحيل وال نزول الوحى وليس ا

إليه مع األمني جربيل فإنه غري بعيد أن تشمله العناية من املبدأ األول بتكميل فطرته وتصفية جوهر نفسه وتنقيته وحيها وحدة حبيث يتهيأ لقبول هذه األسرار ويستعد لدرك هذه األنوار فريى مالئكة اهللا على صور خمتلفة ويسمع

دون غريه من احلاضرين وخيتص به دوهنم أمجعني إن اهللا تعاىل يصطفى من امللئكة رسال ومن الناس وليس ما يراه النىب من اختالف صور امللك لتبدل حقيقته أو لتبدل صورته وشكله بل الذى يظهر أهنا أنوار

ل ويكون تعلقها به ىف ضرب املثال على حنو تعلق روحانية وجواهر عقلية تظهر ىف اخليال على اختالف تلك األشكااألنفس الناطقة باألبدان فإذا اشتد صفاء نفسه حبيث صارت متصلة بعامل الغيب انطبعت تلك األشكال يف القوة اخليالية وارتقمت فيها تلك الكماالت الالهوتية مث انطبع ما حصل ىف اخليال من اإلدراكات الظاهرة يف احلواس

إذا ذاك يرى من األشخاص والصور ويسمع من األصوات ما تتقاصر عن اإلحاطة به قوى البشر فما يراه الباطنة ف

Page 125: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

من الصور هى مالئكة اهللا وما يسمعه من الكالم هو كالم اهللا ووحيه املوحى به إليه بدنية وينصرف وأقرب مثال يقربه اىل الذهن ويصوره ىف الوهم ما نشاهده ىف بعض الناس فإنه قد يقل شواغله ال

عن اشتغاله مبتعلقات حواسه الظاهرة بسبب يبوسة تغلب على مزاجه أو ألمر ما حبيث يصري كاملبهوت وحينئذ قد يرى من الصور ويسمع من األصوات حسب ما يراه النائم ىف منامه وإن كان مستيقظا بل ومثل هذا قد وجد

هذا إمنا هو التقريب باملثال وإال فهذه صفة نقص واألوىل لبعض املرضى واملصروعني وبعض املتكهنني واملقصود من صفة متام وكمال

وما أشري إليه من الشبهة الثانية فمندفعة وذلك أنه ال مانع من أن يرد النىب مبا هو يف نفسه معقول ويكون حتذيره وترغيبه تأكيدا ويكون ذلك مبثابة إقامة أدلة متعددة

ا كيف وإنا قد بينا ان العبث والقبح منفى عن واجب الوجود يف مجيع افعاله املدلول واحد وهو ال يسمى عبثمث نقول إن الرسول ال يأتى إال مبا ال تستقل به العقول بل هى متوقفة فيه على املنقول وذلك كما يف مسالك

به السعادة والشقاوة ىف العبادات ومناهج الديانات واخلفى مما يضر وينفع من األقوال واألفعال وغري ذلك مما تتعلق األوىل واألخرى وتكون نسبة النىب إىل تعريف هذه األحوال كنسبة الطبيب إىل تعريف خواص االدوية والعقاقري الىت يتعلق هبا ضرر األبدان ونفعها فإن عقول العوام قد ال تستقل بدركها وإن عقلتها عندما ينبه الطبيب عليها

بيب يف تعريف هذه األمور مع أنه قد ميكن الوقوف عليها والتوصل بطول التجارب وكما ال ميكن االستغناء عن الطإليها ملا يفضى إليه من الوقوع يف اهلالك واألضرار خلفاء املسالك فكذلك النىب وهبذا التحقيق يندفع ما وقعت

اإلشارة إليه من الشبهة الثالثة أيضا ه من نوعه ميل إليه وحيف على غريه وهو قبيح قلنا فعلى هذا فإن قيل إن ختصيص هذا الشخص بالتعريف دون غري

يلزم التسوية بني اخلالئق ىف أحواهلم وأال تفاوت بني أفعاهلم حبيث ال يكون هذا عاملا وهذا جاهال وال هذا زمنا ات وهذا ماشيا وال هذا أعمى وهذا بصري إىل غري ذلك من أنواع التفاوت يف الكماالت وحصول املالذ والشهو

وإال عد

ذلك منه قبيحا وهو حمال لكنه واقع فإذا ما هو االعتذار ههنا للخصم هو االعتذار بعينه لنا يف حمز اخلالف وأما ما ذكروه من تعذر الوقوف بالعقول على صدق الرسول فتصريح بتعجيز اهللا تعاىل عن تصديق من اصطفاه

د إىل السبيل احلق كربت كلمة خترج من أفواههم إن يقولون إال ونبأه واختذه وسيلة إىل إصالح نظام اخللق باإلرشاكذبا بل من له اخللق واألمر وله التصرف ىف عباده بالبذل واملنع والشطر واجلمع كما كان قادرا على تعريف

خيلق هلم اخلالئق بنفس ربوبيته والتصديق بإهليته قادر على أن يعرفهم صدق من اصطفاه واجتباه حلمل أمانته إما بأن علما ضروريا بذلك أو باإلخبار عن كونه رسوال كما قال تعاىل ىف حق آدم للمالئكة إىن جاعل ىف األرض خليفة وال يلزم من تصور اخلطاب من املرسل االستغناء عن الرسول فإن ذلك حجر وحتكم على احلاكم ىف مملكته وهو

صطفى من املالئكة رسال ومن الناس خالف املعقول بل هللا تعاىل أن يصطفى من عباده اهللا يوقد يكون التعريف للصدق بإظهار املعجزات على يد مدعى النبوات على وجه تدين له العقول السليمة باإلذعان

والقبول وذلك أنه إذا قال أنا رسول وآية صدقى يف قوىل إتياىن مبا ال تستطيعون اإلتيان مبثله ولو كان بعضكم ملوتى وإبراء األكمه واألبرص وشق البحر وقلب العصا حية وغري ذلك من اآليات فإذا ما لبعض ظهريا من إحياء ا

ظهر ذلك على يده مقارنا لدعوته قطع كل عقل سليم ولب مستقيم بتصدقيه ىف قوله وحتقيقه وأذعن إىل اتباعه

Page 126: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ن معارضته مع توفر وتقليده إذ العقل الصريح يقضى بأن ظهور اخلارق للعادة مقارنا لدعوته وعجز الناس ع دواعيهم على

مقابلته وإفحامه ىف رسالته ينهض دليال قاطعا على صدق مقالته وإظهار البارى تعاىل ذلك على يده مقارنا لدعوته ينزل منزلة اخلطاب إنه رسول وإنه صادق فيما يقوله إذ لو كان ذلك اتفاقا ملا وقع على وفق إخباره وعلى حسب

و ممتنع بالنظر إىل االستحالة العادية وال سيما إن وقع ذلك منه متكررا إيثاره واختياره إذ هوليس ذلك ىف ضرب املثال إال كما لو كان بعض امللوك جالسا ىف رتبته قاعدا على سرير مملكته والناس جمتمعون

بكذا وكذا وآية خلدمته قياما ىف طاعته فقام واحد من عرض الناس وقال يأيها الناس إىن رسول هذا امللك إليكمصدقى على ذلك أىن إذا طلبت منه أن يقوم ثالث مرات أو حيرك كفه أو يده مثال فعل ولو أراد واحد منكم مل جيد إليه سبيال فإنه إذا أتى له بذلك مل يتمار أحد من احلضور وال يداخله شك أو فتور أنه صادق فيما ادعاه حقيق فيما

أتاه قه إىل متوقف على مشيئة البارى تعاىل وإرادته دون مشيئته هو إرادته سرعة اقتراهنا والذى يؤكد ذلك إسناد تصدي

بدعوته وإال فلو كانت املعجزة مستندة إىل حوله وقوته مل ينتهض من ذلك دليل على كونه رسول رب العاملني فإنه املعجزة من خلق اهللا وفعله وداخلة مل ينزل اقتران املعجزة بدعواه منزلة التصديق له من اهللا تعاىل كما إذا كانت

حتت مشيئته وحوله واملكابر لذلك جاحد ملا أنعم اهللا عليه من العقل السىن والنطق النفساىن وبعد ما تقترن املعجزة بدعواه على سبيل ما جيريه اهللا ويثبت صدقه ىف ذلك بطريق العلم بناء على ما احتفت به من

رة فال ينتهض عدمها بعد ذلك دليال على كذبه وإبطاله رسالته وإال لوجب أن القرائن الظاهرة والدالئل الباه ينقلب العلم جهال

وذلك حمال وليس انتفاء دليل اإلثبات ىف بعض األوقات دليال على إجياب النفى خبالف داللته ىف حالة اإلثبات فال تعارض وعليك مبراعاة هذه الدقيقة واإلشارة إىل هذه احلقيقة

يل تعلق العلم بتصديق مثل هذا يف الشاهد ينبىن على قرائن األحوال كاألفعال واألقوال من املرسل وذلك مما فإن قيتعذر الوقوف عليه يف حق الغائب فال يصح التمثيل مث وإن صح ذلك ىف حق الغائب وأن ذلك نازل منه منزلة

ىف حكم اهللا تعاىل وذلك إما أن يدرك بالعقل التصديق بالقول لكن ذلك إمنا يدل على صدقه أن لو استحال الكذبأو السمع ال سبيل إىل القول باستحالته عقال إذ قد منعتم أن يكون احلسن والقبح ذاتيا وال سبيل إىل إدراكه

بالسمع إذ السمع متوقف على صحة النبوة متوقفة على استحالة الكذب ىف حكم اهللا فلو توقف ذلك على السمع كان دورا ممتنعا

قلنا املقصود من ضرب املثال ليس إال تقريب الصور من اخليال وإال فالعلم بصدق املتحدى بالنبوة عند اقتران املعجز اخلارق للعادة بدعواه واقع لكل عاقل بالضرورة فإنه إذا قال أنا رسول خالق اخللق إليكم ويعضد ذلك مبا

يتمكن من إحداثه شئ ما احلادثات علم أن مبدعه وصانعه ليس يعلم أنه ال يقدر على إجياده أحد من املخلوقني وال إال مبدع العامل وصانعه وذلك عند كل لبيب أريب منزل منزلة التصديق له بالقول على حنو ما ضربناه من املثال ومن جرد نظره إىل هذا القدر من االستدالل يف الشاهد أيضا وجد من نفسه أن املدعى صادق ىف املقال وإن قطع

النظر عن قرائن األحوال

Page 127: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وهلذا فإن من كان غائبا من جملس امللك ومل يشاهد عرشه وال حالة من األحوال لو نظر إىل جمرد هذا أوجب ذلك عنده التصديق والتحقيق من غري التفات إىل شئ غريه

اب من قال ىف اجلواب وأما ما ذكروه ىف تطرق الكذب إىل حكم اهللا تعاىل فتهويل ليس عليه تعويل لكن من االصحإن إثبات الرسالة مما ال يفتقر إىل نفى الكذب عن اهللا تعاىل ىف حالة اإلرسال فإنه ال يتوقف تصحيح الرسالة على اإلخبار بأنه رسول ىف املاضى حىت يصح أن يدخله الصدق والكذب بل إظهاراملعجزة على يده واقتراهنا بدعوته

به وجعله رسوال ىف احلال وهو كقول القائل وكلتك ىف أمرى واستنبتك ىف أشغاىل ينزل منزلة اإلنشاء لذلك واألمر وذلك مما ال يستدعى تصديقا وال تكذيبا

وهو غري مرضى فإن املعجزة لو ظهرت على يد شخص مل يسبق منه التحدى مل تكن آية يف النبوة وال دليال له ىف نزل منزلة اإلنشاء للرسالة واألمر بالبعثة لوجب أن يكون مثل هذا الرسالة إمجاعا فلو كان ظهور املعجزة على يده ي

هنا وليس كذلك وإذا مل يكن بد من القول بالتحدى علم أن ذلك ليس ينزل منزلة االنشاء املطلق بل ال بد فيه من مع قطع اخلرب لتصديقه فيما أخرب به أنه نىب ورسول لضرورة اشتراط التحدى سابقا والتصديق بذلك والعلم به

النطر عن بيان استحالة الكذب يف حق اهللا تعاىل حمال والذى خيمد تأثره هذا اإلشكال ويقطع دابر هذا اخليال وإن كان عند اإلنصاف ىف التحقيق عويصا هو أن يقال إن

ك ذلك يف القول باستحالة الكذب ىف حق اهللا تعاىل مما ال يستند إىل مسع وال إىل التحسني والتقبيح وإن حصر مدر هذين باطل بل املدرك ىف ذلك أن يقال قد ثبت كون البارى تعاىل عاملا متكلما

وأن كالمه ىف نفسه واحد وذلك ال يقبل الصدق والكذب وإمنا يقبل ذلك من جهة كونه خربا واخلربية له من جهة ذلك ىف حالة الغفلة والذهول أو متعلقه ال غري فلو تعلق خربه بشئ ما على خالف ما هو عليه مل خيل إما أن يكون

مع العلم به فإن كان مع الغفلة فيلزم منه إبطال الدليل القاطع على كونه عاملا وإن كان ذلك مع العلم به على ما هو عليه فال حمالة ان تعلق اخلرب مبا هو معلوم غري مستحيل بل واجب على حنو تعلق اإلرادة والقدرة مبتعلقاهتا كما

لك فلو تعلق اخلرب باملعلوم على خالف ما هو عليه مل خيل إما أن يصح تعلق اخلرب به على ما هو عليه أو بيناه وعند ذال يصح فإن مل يصح فهو حمال وإن صح لزم منه جواز تعلق اخلرب بشئ واحد على ما هو به وعلى خالف ما هو به

ذا استدعى خمربا فالواجب أن يكون متصورا ىف نفسه وهو حمال إذ اخلرب يستدعى خمربا عنه إذ اخلرب وال خمرب حمال وإفإن تعلق اخلرب مبخرب غري متصور نازل منزلة اخلرب وال خمرب وعند ذلك فال خيفى أن املخرب عنه ههنا غري متصور إذ لى اجلمع بني الشئ ونقيضه حمال فال يتصور أن يقوم بنفس القائل اإلخبار عنه فلو تعلق خرب البارى تعاىل بالشئ ع

خالف ما هو عليه للزم منه هذا احملال وهو ممتنع وهذا ظاهر ال مراء فيه وال شبهة أو ظن يعتريه وإذا ثبت امتناع قيام اخلرب الكاذب بنفس البارى وأن إظهار املعجزة على يد النىب نازل منزلة اإلخبار بالتصديق فلو مل تكن دالة على

ملا كانت نازلة منزلة التصديق وهو ممتنع ملا سبق وفق ما قام بالنفس من اخلرب الصادق وإالوأما ما ذكروه من جواز اطرادها وإظهارها على يد غريه أو يده فذلك مما ال يقدح ىف داللتها على صدقه وأن

اقتراهنا بدعوته وهى من قبيل اخلوارق للعادات نازل منزلة التصديق له فيما يقوله ويتحدى به حبيث تركن النفوس وتطمئن القلوب مبا دعا إليه من غري مداخلة شك وال ريب فإنه مل يتحد بأن معجزته مما ال تطرد إليه

وال مما ال تظهر على يد غريه وإمنا حتدى مبا هو اخلارق واقترانه بدعوته ووقوعه على وفق مقالته وإرادته وذلك كما غيم وال تصاعد أخبرة وال عالمة دالة على نزول إذا قال أنا رسول وآية صدقى نزول املطر ىف هذه احلالة وليس مث

Page 128: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

املطر فإنه إذا نزل املطر كان ذلك آية صدقه من حيث وقوعه على وفق مقالته وعدم دخوله حتت قدرته وإن كان نزول املطر ىف نفسه ليس خبارق وال نادر وكذلك الكالم ىف حق كل من ظهر هذا اخلارق على يديه مقترنا

القول بتصديقه يف قوله واألجابة لدعوته نعم ان تصور منه التحدى واإلخبار بأن آية صدقه أن بالتحدى فإنه جيب ما ظهر على يده ال يظهر على يد غريه فإن معجزته ال تتم إال بعدم ظهور ذلك إال على يده إذ اإلعجاز ليس إال

به ىف مقالته فيه فإن ظهر على يد غريه فإن ذلكم ال يكون آية على صدقه بل يتبني به كذوأما اإلشارة إىل عدم متييز املعجزة عن الكرامات والسحر والطلسمات وغري ذلك من االمور العجيبات فاجلواب اإلمجاىل فيه هو أن ادعاء أن كل مقدور هللا تعاىل مما ميكن تأتيه هبذه األمور مما يعلم بطالنه بالضرورة فإن أحدا من

لطلسم وغريه من الصنائع إىل فلق البحر وإحياء امليت وإبراء االكمه واألبرص العقالء ال جيوز انتهاء السحر واوإن قيل بالتفاوت فقد جوز من جهة العقل تصور تصديق للرسول مبا ال يتأتى من السحر وال بغريه وهو ما وقع

صها الىت ال مقصودنا ههنا وليس تشوفنا إال للفرق من جهة التفصيل فيسدعى ذلك حتقيق املعجزة وبيان خوا يشاركها فيها غريها فنقول

املعجز ىف الوضع مأخوذ من العجز وهو ىف احلقيقة ال يطلق على غري البارى تعاىل لكونه خالق العجز وإن مسينا غريه معجزا كما ىف فلق البحر وإحياء املوتى فذلك إمنا هو بطريق التجوز والتوسع من كونه سبب ظهور اإلعجاز وهو

امتناع املعارضة ال االنباء عن العجز عن اإلتيان مبثل تلك املعجزة كما يتومهه بعض الناس فإن ذلك مما ال اإلنباء عن يتصور العجز عنه حقيقة فإن دخلت حتت قدرته فالعجز عما ال يدخل حتت القدرة ايضا ممتنع فإن قيل إنه معجوز

عنه فليس إال بطريق التوسع ال غري كل ما قصد به ظهار صدق املتحدى بالنبوة املدعى للرسالة فعلى هذا ال جيوز أن تكذب وأما حقيقة املعجزة فهى

الرسول كما إذا قال أنا رسول وآية صدقى أن ينطق اهللا يدى فلو نطقت يده قائلة إنه كاذب فيما يدعيه مل يكن من املثال وأما إن كان ذلك آية على صدقه لكن شرط ذلك أن املكذب مما يقع ىف جنسه خرق العادة كما ذكرناه

غري خارق للعادة فال وذلك كما إذا قال آية صدقى إحياء هذا امليت فأحياه اهللا وهو ينطق بتكذيبه فإنه ال يكون ذلك تكذيبا بل الواجب تصديقه من جهة أن اإلحياء خارق وكالم مثل ذلك إذا كان حيا غري خارق خبالف اليد

ورتني من األصحاب وبه يتبني ضعف من مل يفرق بني الصوال جيوز أن تكون صفة قدمية وال خملوقة للرسول وال عامة الوقوع حبيث يستوى فيها الرب والفاجر وال أن تكون

متقدمة على دعواه بأىن رسول وآيىت ما ظهر على يدى

الفالىن ىف وقت سابقا وال متأخرا عنها اال أن تكون واقعة على ما خيرب به عنها بأن يقول آية صدقى ظهور الشئكذا على صفة كذا فإن املعجزة إمنا تدل على الصدق من حيث إهنا تنزل منزلة اخلطاب بالتصديق وذلك ال يتم

عند حتقق هذه االمور كما ال خيفى بل ال بد وأن تكون خارقة للعادة مقترنه بالتحدى غري مكذبة له وال متقدمة عليه و ال متأخرة عنه إال كما حققناه

يشكك ىف منع تقدم املعجزة على التحدى أن يقول آية صدقى أن ىف هذا الصندوق املغلق كذا على كذا مع والسبق علمنا خبلوه عما اخرب به فانه إذا ظهر وإن جاز أن يكون خملوقا هللا قبل التحدى فليس اإلعجاز ىف وجوده وإمنا

هو ىف إخباره بالغيب ود شرائطها فما سواها من األفعال إن مل يكن خارقا للعادة فال إشكال وإن وإذا عرفت ما حققناه من املعجزة ووج

Page 129: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

كان خارقا للعادة فإما أن يكون ذلك على يدى نىب أو غري نىب فإن كان نبيا فال إشكال أيضا وإن كان غري نىب بأن يكون وليا أو ساحرا أو كاهنا أو غري ذلك فد اختلفت أجوبة املتكلمني ههنا

زلة وبعض األصحاب إىل منع جواز ذلك على يدى من ليس بنىب وقالوا لو جاز ظهور مثل ذلك على فذهبت املعتيدى من ليس بنىب أفضى ذلك إىل تكذيب النىب وافترائه وأال نعرف النىب من غريه وجلوزنا ىف وقتنا هذا وقوع ما

ر منفلقا وانقالب املوتى أحياء جرى على أيدى االنبياء من قبلنا وذلك يوجب لنا التشكك األن ىف كون البح وذلك مما ال يستريب ىف إبطاله عاقل

وأما أهل التحقيق فلم مينعوا من جواز إجراء مثل ذلك على يدى من ليس بنىب لكن منهم من قال إن ذلك ال يقع اخلارقة وغري اخلارقة إال من غري إيثار واختيار خبالف اجملزة وذلك كله مما ال نرتضيه فإنه ما من أمر يقدر من األفعال

إال وهو مقدور هللا تعاىل أن يظهره على يدى من شاء من عباده على حسب إيثارة واختيارة وإنكار ذلك جير إىل التعجيز وإبطال كون الفعل مقدور هللا تعاىل وهو مستحيل

ا مت هلما من موسى وعيسى وم! مث كيف ينكر وقوع مثل ذلك مع اشتهار ما جرى من قصة أصحاب الكهف وأمى اآليات الغريبة واألمور العجيبة الىت مل جتر العادة مبثلها ومل يكونوا أنبياء إمجاعا بل وما جرى للسحرة يف أيام

جرجيس وموسى عليهما السالم وليس ذلك مما يفضى إىل تكذيب النىب إذ ليس شرط املعجزة إال يؤتى مبثلها وإال ول وهو خالف املذهبني بل شرطها أن تقع موقع التصديق له فيما يدعيه كما ملا جاز أن يأتى النىب مبا أتى به األ

سلف وما ذكروه من جتويز اخنراق العادات ىف زمننا فهو إمنا يستحيل بالنظر إىل العادات ال بالنظر إىل العقليات كما سبق

ريها من األفعال وال افتراق بينهما حتقيقه فإذا الفرق املرضى ليس إال ىف أن املعجزة واقعة على وفق الدعوى دون غ ىف اجلواز العقلى او ىف غري ذلك

مل يبق إال قوهلم إن االضالل على اهللا تعاىل جائز وإظهار املعجزة على يد الكاذب جائز أيضا وذلك أيضا موضع اصد إشكال وقد أجاب عنه بعض األصحاب فقال لو توقف العلم بتصديقه على العلم بكون املصدق له غري ق

لإلغواء وعلى كونه غري كاذب لوجب أن من حضر جملس امللك وقد قام فيه واحد من عرض الناس فادعى الرسالة ووقعت املعجزة له من امللك على النحو املفروض أال حيصل له العلم بصدقه مع قطع النظر عن كون امللك غري

قاصد لإلغواء وذلك خمالف للضرورة ومكابر للبديهة وفيه نظر فإذا السبيل ىف االنفصال عن هذا اخليال أن يقال قد بينا أن إظهار املعجزة على يده ىف مقرن دعواه وحصوهلا على وفق مقالته ينزل منزلة التصديق بالقول إنك صادق فيما تقول فلو كان الرسول كاذبا لكان املصدق له كاذبا وقد

لقول بأن مقصوده إمنا هو اإلغواء وإلقاء الناس ىف املضال بينا استحالة ذلك ىف حق اهللا تعاىل فهذا مع تقرير اواألهواء مجع بني النقيضني وذلك أنه إذا ثبت استحالة الكذب ىف حق اهللا تعاىل وأن إظهار املعجزة على يده دليل

برسول على تصديقه ىف رسالته استحال كونه كاذبا مما ال معىن له إال أنه رسول واجلمع بني كونه كاذبا أى ليس وبني ما يدل على انه رسول مستحيل قطعا

وهبذا يتبني ضعف قول بعض األصحاب جبواز ظهور املعجزة على يد الكذاب بل لو قدر كذب من ظهرت املعجزة على يده من غري ما دلت املعجزة منه على صدقه لقد كان ذلك بالنظر إىل العقل جائزا وملا كان وقوعه بالنظر إليه

Page 130: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ممتنعا هذا فال بد من التنيبه لدقيقة شدت عن مطوالت الكتب وجهابذة املتكلمني وهى أنه لو قال النىب آية صدقى وعند

ظهور مجل او ناقة ىف هذا الصندوق أو هذه الصخرة وذكر من نعته وصفته مع سبق علمنا بعدم ذلك مث ظهر على نىب جيوز ان يكون قد أوتى مبخرب خربه قبل وفق قوله ودعواه فعلى قولنا جبواز ظهور اخلارق على يد من ليس ب

التحدى وعند ذلك فاخلارق إمنا هو علمه بذلك واطالعه عليه ال نفس خربه عند التحدى وبعد العلم به فإن ذلك ليس مبعجز وإال كان كل من أخرب عن ذلك بعد ما حصل له العلم به أن يكون خربه معجزا وهو هوس

ما قضى جبواز سبقه على التحدى فقد سبق إىل فهم بعض اجملوزين لذلك القاصرين وإذا مل يكن اخلارق املعجز إالعن اإلحاطة بقواعد خواص املتكلمني أن ذلك ال يكون آية وال دليال على الصدق وال يعلم أن ذلك جير إىل إبطال

املعجزات جلواز أن يكون أ مصدقا لتحقق هذا املعىن فيه بل ويلزم منه ابطال سائر١٢٩اعجاز القرآن وجعله دليال قد أعلم اهللا ذلك الشخص بأنه سيشق البحر ىف وقت كذا وسيقلب العصا حية إىل غري ذلك وأىن يكون ذلك واهللا

تعاىل مبا منحه من هذا الطالع اخلارق واإلحاطة باملعجزة مع عمله بأنه سيتحدى ويستند ىف االستدالل واإلعجاز صديق له بالقول وإن تأخرت معرفة ذلك إىل حني وهل بني ذلك وبني ما لو كان إىل ما أظفره به ينزل منزلة الت

حصوله مقارنا للدعوى فرق ىف هذا املعىن نعم شرط ذلك أال يكون هذا اخلارق قبل التحدى قد ظهر للناس منه واشتهر عنه

ذ مل يكن ظهوره هلم على يده إال فإن إظهاره هلم عند دعوته ال ينزل ىف نظر العقالء منزلة التصديق وهذا خبالفه إمقارنا لدعوته ومن نظر فيما قررناه بالتحقيق اندفع عنه خيال اشتراط عدم سبق املعجزة مطلقا ىف تنزيله منزلة

التصديق وما أشري اليه من إلزام إفحام الرسل فإمنا يلزم أن لو قيل بوجوب اإلمهال ىف النظر واالعتبار بالعرب وهو إمنا يلزم

عتزلة حيث اعترفوا بوجوب االمهال عند االستمهال وال حميص هلم عنه فأما على رأى أهل احلق فال وأىن جيب املذلك على من ظهر صدقه ىف مقالته بالدالالت الواضحة واملعجزات االئحة ال سيما وهو متصد للدعوة الشاخمة

يل احلق الذى به يكون معاشهم ىف الدنيا والكلمة الباذخة وما فيها من صالح نظام اخللق واإلرشاد إىل السبوحصول سعادهتم ىف األخرى وإمنا ذلك مبىن على فاسد أصول اخلصوم ىف التحسني والتقبيح وقد أبطلناه بل ولو

وقع اإللزام على أصلهم بقبح التأخر واإلمهال ىف النظر حيث مل يرشدهم إىل املصاحل وحيذرهم من املهالك ويعرفهم يسلكوها ومفاوز املخافة لريهبوها بعد ما ظهر صدقه واتضحت كلمته باملعجزات القاطعة والرباهني طريق السعادة ل

الساطعة مل جيدوا إىل دفع ذلك سبيال كيف وأن ما جيب النظر ألجله فالنىب قائم بصدده ومتكفل بأوده من تعريف ذات البارى وصفاته وما يتعلق بأحكام

عن أحوال األنبياء واملرسلني وجدناهم ىف الدعوة إىل اهللا تعاىل و إىل معرفة الدنيا واألخرى وهلذا إذا فحص وحدانيته سابقني ولذلك على دعوى النبوة مقدمني

وعند ذلك فليس طلب اإلمهال مع ما ظهر من صدق الرسول ودعوته إىل ما فيه صالح نظام املدعو مع إمكان الوالد لولده مع ما عرف من شفقته وحنوه ورأفته إن بني يديك ىف وقوع اهللكة على تقدير التأخر إال كما لو قال

هذا الطريق سبعا

Page 131: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أو مهلكة وإياك وسلوكه وكان ذلك ىف نفسه ممكنا فقال الولد ال أمتنع من ذلك ما مل أعرف السبع أو املهلكة لقد كان ملوما مذموما غري معذور كان ذلك مه ىف نظر أهل املعرفة يعد مستقبحا وخمالفا للواجب ولو مل ينته فهلك

وأما ما ذكروه من قبح البعثة إىل من علم اهللا أنه ال يؤمن فهو أيضا مبىن على أصلهم ىف التلكيف ملا ال يطاق والقبح واحلسن وقد أفسدناه

لة تصديق مث يلزم الصابئة امللتزمني لتصديق شيث وإدريس ومن التزم من الربامهة بتصديق آدم وابراهيم املنع من إحاغريهم من املرسلني فإنه مهما وجد دليل يدل على صدق بعض املخربين بطريق اليقني مل ميتنع وجود مثل ذلك ىف

حق غريه أيضا وما انفردت به التناسخية فهو فرع أصلهم ىف التناسخ وقد أبطلناه وعند ذلك فال بد من معرف يعرف بالطرق

ا صالح اخللق ىف مآهلم فإن ذلك مما ال يعرف العقل إذ االفعال مما ال تقبح اجليدة واألحوال السديدة الىت يتعلق هبوال حتسن لذواهتا حىت يسبق العقل بدرك الصاحل والفاسد منها بل لعل العقل قد يقبح مع النفس بغض األفعال الىت

حتصل هبا املالذ وتتعلق هبا األغراض إذا قطع النظر عما يتعلق هبا من املالذ بد إذا انتهى إىل العامل العلوى أو السفلى جزاء على فعله فما يفعله ىف حالة خسته او يف حالة رفعته مما يوجب مث الع

اقتضاء زيادة ىف حاله يبقى مما ال مقابل له النتهائه ىف درجة الثواب إىل ما ال درجة للثواب بعدها وكذلك ىف درجة العقاب أيضا وهو مما يفضى إىل

هو ىف الدرجة العليا عن الثواب ومعصية من هو ىف الدرجة السفلى عن العقاب وهو مما يقبح على تعطيل طاعة من موجب اعتقاداهتم وال حميص عنه

وال يتخيلن أن إنكار الرسالة مما يستدعى اإلقرار هبا من جهة اخلرب عن اهللا تعاىل بأن ال إرسال وال رسول كما ظن إمنا يستند عندهم إىل الدليل العقلى ال إىل التوقيف السمعى وذلك ال يلزم منه بعض األصحاب إذ اخلري بذلك ونفيه

االعتراف بالرسالة أصال إىل غري ذلك من قضايا العقول فإذا قد تنخل من جمموع ما ذكرناه عند النظر اللبيب والفهم األريب جواز االرسال وامتناع لزوم احملال وسيتضح

ا بالفعل إن شاء اهللا تعاىل ذلك زيادة إيضاح ببيان وقوعه

٢ -

الطرف الثاىن

ىف بيان وقوعها بالفعل واثبات معرفتها بالنقل ومن ثبتت نبوته واشتهرت رسالته باملعجزات والدالالت القطعيات أكثر من أن حيصى ولنقتصر من ذلك على

آله امجعني إذ الطوائف على إنكار بعثته إثبات نبوة سيد األولني واآلخرين وخامت املرسلني حممد صلى اهللا عليه وعلى متفقون وىف مآخذهم خمتلفون

فرب من أنكر رسالته مبجرد القدح يف معجزاته والطعن ىف آياته كالنصارى وغريهم من املعترفني جبواز نسخ الشرائع وبعثة الرسل

كن منهم من أحال ذلك عقال ورب من أنكر رسالته العتقاده إحالة نسخ الشرائع وتبدل الذرائع كبعض اليهود لكالشمعنية ومنهم من أحاله مسعا كالعنانية ومل يوافق أهل اإلسالم على كونه نبيا غري العيسوية فإهنم معترفون

Page 132: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

برسالته لكن إىل العرب خاصة ال إىل األمم كافة ت والذى يدل على صحة رسالته وصدقه ىف دعوته ما ظهر على يده من املعجزات واآليات الباهرا

فمن مجلتها القرآن اجمليد الذى ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم محيد فإن من نظر بعني االعتبار وله قدم راسخ ىف االختبار اعلم أن القرآن من أظهر املعجزات وأبلغ ما خترق به العادات وأن ذلك مما ال

نظر ملا اشتمل من النظم الغريب واألسلوب املخالف ملا استنبطه يدخل حتت طوق البشر وال ميكن حتصيله بفكر والالبلغاء من االوزان واألساليب مع اجلزالة والبالغة ومجع الكثري من املعاىن السديدة يف األلفاظ الوجيزة الرشيقة

على وحدانيته وإليه االشارة بقوله عليه السالم أوتيت جوامع الكلم واختصرت ىل احلكمة اختصارا وذلك كما دل وعظم صمديته واإلرشاد ملن ضل إىل معرفته بقوله يسقى مباء واحد ونفصل بعضها على بعض ىف األكل فانه بينة

على أن ذلك كله ليس إال مبشيئته وإرادته وأنه مقدور بقدرته وإال فلو كان ذلك باملاء والتراب والفاعل له الطبيعة ملا وقع االختالف قل لفظه على أمت بالغة وأحسن فصاحة قوله تعاىل خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن اجلهلني ومما كثرت معانيه و

فإنه مع قلة ألفاظه ورطوبتها قد دل على العفو عن املذنبني وصلة القاطعني وإعطاء املانعني وتقوى اهللا وصلة األرحام وحبس اللسان وغض الطرف وغري ذلك من املعاىن

بار فعليه باالعتبار والنظر ىف جممله ومفصله وحمكمه ومتشاهبه ومن أراد زيادة االخت

فإنه جيد ىف طى ذلك العجب العجاب وحيقق مبا أمكنه من إدراكه إعجازه لذوى العقول واأللباب وان أبلغ وأحسن مبا ما نطقت به بلغاء العرب من ذوى األحساب والرتب املختصني من بني األمم املميزين عن سائر أصناف العجم

منحهم اهللا تعال به من اللسان العرىب املبني إذا نسبه إىل الكالم الرباىن واللفظ الالهوتى وجد النسبة بينهما على حنو ما بني اللسان العرىب واألعجمى ولعلم من نفسه ما اشتمل عليه من اإلعجاز والبالغة واالجياز وإن ذلك مما تتقاصر

كل عن معارضته االنس واجلان قل لئن اجتمعت اإلنس واجلن على أن يأتوا مبثل عن االتيان مبثله أرباب اللسان وت هذا القرءان ال يأتون مبثله ولو كان بعضهم لبعض ظهريا

فإنك أال ترى إىل فصيح قول العرب ىف معىن ارتداع سافك الدم بالقتل القتل أنفى للقتل وىف قوله تعاىل ىف اجلزالة والبالغة والتفاوت ىف احلروف الدالة على املعىن ومن كان أشد تدربا القصاص حياة وما بينهما من الفرق ىف

ومعرفة بأوزان العرب ومذاهبها ىف اللغات وأساليبها يف العبارات كان أشد معرفة بإعجاز القرآن وأسبق إىل ن موسى والطب ىف التصديق واإلميان كما أن من كانت معرفته بعلم الطبيعة ىف زمن إبراهيم وعلم السحر ىف زم

زمن عيسى أشد كان أشد معرفة باإلعجاز وأسبق للتصديق والقبول ملا جاء به الرسول كيف والعرب مع شدة بأسها وعظم مراسها ومنعتهم عن أن يدخلوا ىف حكم حاكم ونبوهتم عن أن يقبلوا رسم

بالقبائل واألصحاب ومل يرض راسم منهم من أجاب بالقبول وأذعن بالدخول ومنهم من نكل عن اجلواب واعتضد غري القيل والقال واحلرب والنزال فاستنزل بالعنف عن رتبته وأخذ بالقهر مع نبوته فلو أن ذلك مما هلم سبيل إىل

معارضته أو إبداء سورة ىف مقابلته مع أهنم أهل اللسان وفصحاء الزمان لقد كانوا يبالغون ىف ذلك ما جيدون إليه عى كونه نبيا أو رسوال إذ هو أقرب بالطرق إىل إفحامه وأبلغها ىف دحره واحنسامه وادراء ملا سبيال إلفحام من يد

يناهلم ىف طاعته وخمالفته من األوصاب وكفا ملا يلحقهم ىف ذلك من األنصاب وخراب البالد وهنب األموال

Page 133: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واسترقاق األوالد ل فأتوا بكتاب مثله بل بعشر سور من مثله بل سورة ال سيما وقد حتدى بذلك حتدى التعجيز عن االتيان مبثله فقا

واحدة فلم جيدوا إىل ذلك سبيال إال أن منهم من وقف على معجزته وعرف وجه داللته فواحد مل يسعه إال الدخول ىف اإلميان واملبادرة إىل االذعان وواحد غلبت عليه الشقاوة واستحكمت منه الطغاوة فخذل بذنبه ونكص على

أبشرا منا واحدا نتبعه إن هذا إال سحر مبني عقبه وقال ومنهم من محله فرط جهله وقصور عقله على املعارضة واإلتيات مبثله كما نقل من ترهات مسيلمة ىف قوله الفيل والفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب طويل وخرطوم وثيل وقوله والزارعات زراعا فاحلاصدات حصدا والطاحنات

من كالمه وال خيفى ما ىف ذلك من الركاكة والفهاهة وما فيه من الداللة على جهل قائله طحنا إىل غري ذلكوضعف عقله وسخف رأيه حيث ظن أن هذا الكالم الغث الرث الذى هو مضحكة العقالء ومستهزأ األدباء

معارض ملا أعجزت الفصحاء معارضته واعيه األلباء مناقضته من حني البعثة إىل زماننا هذا

ل لو نقر العاقل على ما فيه من اإلخبار بقصص املاضني وأحوال األولني على حنو ما وردت به الكتب السالفة بوالتواريخ املاضية مع ما عرف من حال النىب صلى اهللا عليه و سلم من األمية وعدم االشتغال بالعلوم والدراسات

بات كما ىف قوله تعاىل قل لئن اجتمعت اإلنس واجلن على بل وما فيه من اإلخبار عما حتقق بعد ما أخرب به من الغائأن يأتوا مبثل هذا القرءان ال يأتون مبثله ولو كان بعضهم لبعض ظهريا وقوله لتدخلن املسجد احلرام وقوله وعدكم

افيا له اهللا مغامن كثرية تأخذوهنا وقوله آمل غلبت الروم ىف أدىن األرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون لقد كان ذلك ك ىف معرفة إعجاز القرآن وصادا له عن املكابرة والبهتان

ومن مجلة آياته ومعجزاته الظاهرة حنني اجلذع اليابس إليه وسالم الغزالة عليه وكالم الذراع املسموم له وتسبيح ات وانه احلصى ىف يده وال حمالة أن هذه كلها من اخلوارق للعادات وليست مما يدخل حتت وسع شئ من املخلوق

نىب ال ينطق عن اهلوى إن هو إال وحى يوحى

وللخصوم على ما ذكرناه أسئلة السؤال األول

أهنم قالوا ما ذكرمتوه من كون القرآن معجزا ال بد من أن تثبتوا بطريق قطعى يقيىن أنه مما ظهر على يده واقترن و خترصات املتأخرين بدعوته اقتران التصديق واال فال نأمن أن ذلك من خلق األولني أ

مث إن ذلك ولو كان مسلما فال بد أن تبينوا وجه اإلعجاز فيه وذلك يتعذر من جهة أن القرآن قد يطلق مبعىن املقروء وقد يطلق مبعىن القراءة فإن كان املقروء هو املعجز فذلك عندكم صفة قدمية قائمة بذات الرب تعاىل

ذ ال اختصاص هلا حبادث دون حادث وإن كان املعجز هو القراءة الىت والصفة القدمية يستحيل أن تكون معجزا إ هى فعله وكسبه فليست معجزة فاهنا ال تنزل منزلة التصديق له فيما يقوله كما سلف

وأما ما ذكرمتوه من وجه إعجازه ىف النظم والبالغة والفصاحة فأنتم ىف ذلك خمتلفون فقائل إن املعجز هو النظم ائل الفصاحة دون النظم وقائل إن املعجز فيه صرف الدواعى عن اإلتيان مبثله وقائل إن املعجز فيه دون الفصاحة وق

هو اجملموع وهذا االختالف مما يوجب خفاء االعجاز فيه واملعجز جيب أن يكون وجه إعجازه ظاهرا بالنسبة إىل بة جل من هو معجزة بالنظر إليه ودليل عليه ظهورا ال يكون فيه شك وال ري

وما ذكرمتوه من عجز بلغاء العرب عن مقابلته وكالهلم عن معارضته فإمنا يتحقق

Page 134: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أن لو ثبت أنه حتدى عليهم به ومنعهم من اإلتيان مبثله وذلك غري معلوم فال بد من إثباته مث ولو ثبت أنه حتداهم به أو صرف اهللا دواعى اخللق عن نقلها فما الذى يؤمننا من أن املعارضة وقعت واتفقت األهواء على دفعها وإبطاهلا

وأنساهم إياها أو أن خوف السيف منعهم من إظهارها أو أهنم مل يتعرضوا باملعارضة إلعراضهم عن النظر ىف أن ذلك مما يوجب إفحامه وإبطال دعوته أو أن إعراضهم كان قصدا إلهانته وإمخاله بترك معارضته أو العتقادهم أن

إمخاد ثائرته وإطفاء مجرته من االتيان مبعارضته والتطويل ىف حماورته وإال فكيف يعجزون السيف والسنان أقرب إىل عن االتيان مبثله وهو غري خارج عن حروف املعجم الىت يتكلم هبا العرب والعجم واألمكن واأللسن

من كان قادرا على ذلك كيف وإنه ما من أحد إال وهو قادر على أن يأتى منه بالكلمة والكلمات واآلية واآليات وكان قادرا على كله لكن غاية ما يقدر أنه يتميز عليهم بنوع فصاحة وجزالة وذلك غري مستحيل إذ التفاوت فيما بني الناس يف ذلك واقع ال حمالة وليس له حد يوقف عنده إذ ما من فصيح إال ولعل مث من هو أفصح منه فغري ممتنع

حد يعجز عن اإلتيان مبثله وذلك ال يوجب جعله نبيا وإال للزم أن من كان أن تنتهى الفصاحة ىف حق شخص إىلدونه ىف الدرجة أن يكون نبيا وكالمه معجزا بالنسبة إىل من هو دونه وأن يكون هو متبوعا بالنسبة إىل من هو دونه

وتابعا بالنسبة إىل من هو أفصح منه

ل أنه من اجلائز أن يكون ذلك قد حصل له قبل التحدى بالنبوة مث إنه ميتنع أن يكون معجزا من وجهني الوجه األووادعاء الرسالة ومل يظهر عليه فإنه ال مانع على أصلكم من إجراء اخلوارق على يد من ليس بنىب وعلى تقدير جواز

نزلة تقدمه على التحدى خيرج عن أن يكون داال على صدقه من حيث إن املعجزة مل تدل إال من جهة أهنا نازلة مالتصديق بالقول وذلك ال يكون إال مع وجودها عند الدعوى ال قبلها كما سبق وليس إظهار ذلك عند الدعوى

خارقا كما ىف اإلحياء وشق البحر وحنوه بل هو حمض تالوة وتكرار وال افتراق فيه بني إنسان وإنسان وإمنا اخلارق ون داال على صدقه إظهاره إليه وإطالعه عليه ومع جواز سبقه ميتنع أن يك

والوجه الثاىن أن من حفظه ومضى به إىل أهل بلد مل تبلغهم الدعوة ومل يسمعوا مبثله وال مبن ورد على يده فتحدى به عليهم فال بد من أن يوجب التصديق أو التكذيب فإن أوجب التصديق فهو معلوم كذبه وأن أوجب التكذيب

ىل إفحام الرسل وإبطال اجملزات وظهور اآليات ولذلك ال سبيل إىل مع ما ظهر هلم على يده من اخلارق أفضى إالقول مبثل ما ينقل وحيفظ أن يكون معجزا داال على صدق الرسالة بل املعجزات جيب ان تكون كشق البحر

وإحياء املوتى وقلب العصا حية إىل غري ذلك مما ال سبيل إىل ظهوره على يد غري نىب از يف القرآن مث ولو كان معجزا بناء على كونه خارقا لوجب أن يكون ما ظهر من العلوم فإذا قد ثبت انه ال إعج

الرياضية كاهلندسية واحلسابية معجزا وأن جيب التصديق ملن أتى به عند حتديه بالرسالة ودعواه للنبوة وهو حمال

و ذلك فآحاد هذه االمور غري وما ذكرمتوه من تسبيح احلصى وانشقاق القمر وتكليم الغزالة وحنني اجلذع وحنمعلومة وال منقولة بطريق التواتر وإمنا هى مستندة إىل اآلحاد وهى مما ال سبيل إىل التمسك هبا ىف القطعيات و

إثبات النبوات وزادت العنانية على هؤالء فقالوا قد ثبت أن موسى الكليم كان نبيا صادقا مبا ظهر على يده من شق البحر وقلب

ة وبياض يده إىل غري ذلك وقد نقل عنه بالتواتر خلق عن سلف أنه قال لقومه هذه الشريعة مؤبدة عليكم العصا حيالزمة لكم ما دامت السموات واألرض فقد كذب كل من أدعى نسخ شريعته وتبديل ملته فلو قلنا إن حممدا كان

كاذبا وهو حمال نبيا وإن شرعه ناسخ بطريق الصدق للزم أن يكون موسى الكليم فيما قاله

Page 135: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وزادت الشمعنية على العنانية بأن قالوا لو جاز أن يكون حممد نبيا جلاز القول بنسخ الشرائع والنسخ ىف نفسه حمال فإنه اذا أمر بشئ فذلك يدل على حسنه وكونه مرادا وأن فيه مصلحة فلو هنى عنه انقلب احلسن قبيحا واملصلحة

زم من ذلك البداء والندم بعد األمر والطلب وهو ممتنع ىف حق اهللا تعاىل مث إن مفسدة وما كان مرادا غري مراد ويلمدلول النسخ ىف الوضع ليس إال الرفع وذلك ال سبيل إىل حتققه فيما أمر به وهنى عنه فإنه أما أن يكون الرفع ملا

ع حمال أيضا كما وقع ىف الواقع وقع أو ملا مل يقع فإن كان ملا وقع فهو حمال وإن كان ملا مل يقع فرفع غري الواق

وأما العيسوية منهم فإهنم قالوا سلمنا ظهور املعجزات على يده واقتراهنا بدعوته لكنه إمنا ادعى الرسالة للعرب خاصة ال إىل األمم كافة فال بد لبيان عموم دعواه من دليل قاطع وال سبيل إليه

واجلواب عن كلمات أهل الزيغ عن الصواب ار ظهور القرآن على يده واقترانه بدعوته فمما ال سبيل إليه إال ىف حق من رفع نقاب احلياء عن وجهه أما إنك

وارتكب جحد الضرورة احلاصلة من أخبار التواتر بذلك فإن ما من عصر من األعصار وال قطر من األقطار إال ظهر إال على يده وال صدر إال من جهته والناس فيه بأسرهم مطبقون املوافقون واملخالفون على أن ذلك مما مل ي

واستقر ذلك ىف األنفس على حنو استقرار العلم بامللوك املاضية واألمم السالفة والبالد النائية فمن تفوه بإنكاره فقد ظهرت خمازيه وسقطت مكاملته وكان كمن أنكر وجود مكة وبغداد ووجود من اشتهر من هؤالء العباد وحنو ذلك

يك من شكك على نفى العلم احلاصل باألخبار الواردة على لسان اجلمع الكثري واجلم الغفري بأن ما وبه يندفع تشكمن واحد إال والكذب ىف حقه ممكن وحصول العلم خبربه ممتنع وذلك ال ينتفى عنه بسبب انظمامه إىل من هو مثله

ىف الرتبة وال حاجة إىل اإلطناب واملقروء فتهويل ال حاصل له فإنا ال نقول وأما جواز اإلعجاز من جهة القراءة

إن املعجز هو الصفة القدمية القائمة بذات الرب تعاىل وال ما يتعلق من القراءة بكسب القارئ بل وجه اإلعجاز فيه قد يتقرر من وجهني

عبارات الدالة عليه فتارة نقول إن املعجز هو إظهار ذلك املقروء القائم بالنفس على لسان الرسول مبا خلق اهللا من الفال يكون كالمه الدال هو املعجز وال املدلول بل إظهار ذلك املدلول بكالمه عند حتديه بنبوته وال حمالة أن ذلك مما

يتقاصر عن حتصيله أرباب الفكر ويكل دونه حذاق أهل النظر وذلك كما ذكرناه ىف قضية املتحدى باظهار ما ىف الصندوق وحنوه املعجز هو هذه العبارات وهذه الكلمات من جهة ما اشتملت عليه من الفصاحة والبالغة والنظم وتارة نقول إن

املخصوص وذلك مما ال يدخل حتت قدرة النىب وال هو متوقف على إرادته بل هو مقدور وخملوق هللا تعاىل وما هو ا نعلم من أنفسنا عند قراءته والشروع مقدور له ومتعلق كسبه فليس إال حفظه وتالوته ونسبته إليه كنسبته إلينا فإن

ىف تالوته أن ما هو متعلق كسبنا منه ليس إال القراءة والتالوة دون النظم والبالغة وما اشتمل عليه من الفصاحة لكن ملا اختص بإظهار ذلك على لسانه بطريق الوحى عن ربه مقارنا لدعوته وكان ممن تكل عن اإلتيان مبثله قوى

معارضته ذوو القدر كان ذلك دليال على صدقه كما سلف البشر ويعجز عنومن صفت فطرته واشتدت قرحيته وكان ناظرا أريبا علم أن ما من آية من القرآن إال وهى ملا اشتملت عليه من النظم البديع والترتيب البليغ واملعىن معجزة وأنه من عند رب العاملني وعلى قدر سالمة الفطر وصحة النظر يقع

فاوت الت

Page 136: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

بني الناظرين ىف إعجاز القرآن العظيم فرب شخص يكون عنده بالنظر إىل نظمه وحده معجزة و بالنظر إىل بالغته معجزة ورب شخص يكون اإلعجاز عنده من األمرين وعلى هذا التفاوت يكون االختالف بني اآلية والسورة

إىل نظمه أو بالغته أو بالنظر إىل آيه وسوره فال خفاء والكتاب برمته ىف االعجاز فاخلفاء إن وقع ىف إعجازه بالنسبة بأن جمموع ذلك يكون خارقا معجزا وال اختالف فيه عند القائلني به

وأما إنكار حتديه بالقرآن للعرب وإفحامه ذوى األدب فهو أيضا مما علم بالضرورة والنقل املتواتر كما علم وجوده ه كيف والقرآن مشحون بقوارع من اآليات دالة على التحدى ونعى وظهور القرآن على يده وال حجة إلنكار

العرب مثل قوله فأتوا بكتاب من عند اهللا فأتوا بعشر سور فأتوا بسورة من مثله وقوله لئن اجتمعت اإلنس واجلن على أن يأتوا مبثل هذا القرآن ال يأتون مبثله إىل غري ذلك من اآليات فكيف يقال بإنكار وقوع التحدى

مث ما من آية من هذه اآليات اال وهى منقولة على لسان التواتر وهو سواء ىف سائر اآليات وذلك مما ميتنع معه القول بكوهنا مؤلفة بعد النىب عليه السالم أو أهنا جممعة لغريه من األنام فإذا ثبت حتديه به العرب وأرباب الفضل

ولتوفرت الدواعى على نقله كما توفرت على نقل غريه إما منهم واألدب فلو وقعت املعارضة منهم الشتهر ذلك على لسان املوافق أو املخالف إذ السكوت عن مثل هذا والتواطؤ على تركه مما تقضى العادة اجلارية

بإحالته واملدعى لذلك ليس هو ىف ضرب املثال إال كمن يدعى ظهور نىب آخر بعد النىب عليه السالم أو وجود إمام مة األربعة أو أن البحر نشف ىف بعض األوقات أو الدجلة او الفرات وال خيفى ما ىف ذلك من اإلبطال قبل األئ

وال ميكن أن يكون خوف السيف مانع من نقل ذلك وإظهاره ىف العادة كما مل مينع دعوى املعارضة ىف كل زمان باع النقل ملثل ما هو من هذا القبيل ولو وإن كان ذلك ملا ىف القرآن بل الواجب بالنظر إىل العادات ومقتضى الط

على سبيل اإلسرار كما قد جرت به عادة الناس يف التحدث مبساوئ ملوكهم وإظهار معايبهم وإن كان خوف السيف قائما ىف حقهم ال سيما وبالد الكفار متسعة وكلمة الكفر ىف غري موضع شائعة فلو كان ذلك مما له وقوع

ا ليس مبوافق للدين وال يتقبله أحد من املسلمني قد أشيع كما أشيع غريه مموال جائز أن يقال إن ترك املعارضة حممول على اإلمهال أو على الغفلة عن كون املعارضة موجبة لإلفحام أو على

اعتقاد ان السيف أبلغ ىف دحره وردعه وإبطال جعوته فإن النىب صلى اهللا عليه و سلم قد كان يقرعهم بالعى ويردد يهم تعجيزهم ىف األحياء ويقول قأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اهللا مع أن العرب قد كانت ىف عل

حمافلها تتفاخر مبعارضة الركيك من الشعر وتتناظر ىف جمالسها مبقابلة السخيف من النثر وال حمالة أن القرآن ىف نظر دبية ال يتقاصر عن فصيح أقوال العرب وبديع فصوهلم ىف من له أدىن ذوق من العربية وأقل نصاب من األمور األ

النظم

والنثر بل واخلطب فكيف خيطر بعقل عاقل أو يتوهم واهم أن العرب مع ما أتوه من العقل الغزير ومن حسن التصرف والتدبري تتاركوا معارضة القرآن إخساسا به وإمهاال أو لغفلتهم أن ذلك مما يدفع الضرر عنهم او ألن

لسيف أجنع واوقع هلم مع ما كان املسلمون عليه من شدة البأس وعظم املراس والقوة الباهرة والعزمة احلاضرة ا والنصرة احلاصرة وهم ميكنهم دفع ذلك كله بفصل أو سورة يقوهلا واحد منهم إن هذا هلو اخلسران املبني

ل و إىل ذواهتا ممكنات لكنها كما اوضحناه بالنظر وال ننكر أن هذه املثالت ووقوع هذه االحتماالت بالنظر إىل العقإىل العادة من املستحيالت وال يلزم أن ما كان ممكنا باعتبار ذاته أن ال يلزم احملال من فرض وجوده أو عدمه باعتبار

ه غريه كما حققناه ىف غري موضع من هذا الكتاب مث إن هذه االحتماالت إن كان اخلصم كتابيا فهى أيضا الزمة ل

Page 137: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ىف إثبات نبوة من انتمى إليه والقول بتصحيح رسالة من اعتمد عليه وذلك كالنصارى واليهود وغريهم من أهل اجلحود فما هو اعتذاره عنها هو اعتذارنا عنها ههنا

وال يلزم من كون القرآن مركبا من احلروف واألصوات أن ال يكون خارقا وال معجزا ملا بيناه من اشتماله على البديع والكالم البليغ الذى عجزت عنه بلغاء العرب وفصحاؤهم وقدرة بعض الناس على اإلتيان مبا شابه منه النظم

كلمة أو كلمات ال توجب القدرة على ما وقع به اإلعجاز وإال كان لكل من أمكنه اإلتيان

ن واأللسن وال خيفى ما ىف ذلك بكلمة أو كلمتني من نظم أو نثر أن يكون شاعرا ناثرا وأو ال يقع الفرق بني األلكمن العبث والزلل فإنا حنس من أنفسنا العجز عن بعض ما نقل عن فصحاء العرب من نظم أو نثر وإن كنا ال جند

أنفسنا وقدرنا قاصرة عن اإلتيان منه بكلمة او كلمات بل وليس هذا إال نظري ما لو قيل بوجوب كون اجلبل بعضه مقدورا إذ هو زيف وسفسطة مث ولو كان ذلك مقدورا هلم لقد بادروا إىل مقدورا محله بالنسبة إلينا لكون

اإلتيان به وسارعوا إىل دفع ما حتدى به على ما سلف لكن ال ننكر أن من مقدورات اهللا تعاىل أن يظهر على يد غريه ما يعجز عن اإلتيان مبثله وتكون نسبته إىل هذا

ن الكالم وأن ذلك لو ظهر لكان مبطال لرسالته أن لو كان التحدى بأنه ال املعجز كنسبة هذا املعجز إىل غريه مسبيل إىل اإلتيان مبثله ال أن يكون التحدى بإظهار ما هو خارق للعادة على يده فقط أى مل يعهد له ىف العادة قبل

ذلك مثال كما سبق حتقيقه وكذا الكالم فيما هو دونه بالنسبة إليه أيضا داللته على الصدق بناء على جواز تقدمه على الدعوى فقد سبق وجه إبطاله فيما مضى فال حاجة وأما منع جواز

إىل إعادته وأما ما فرض من جواز حتدى من حفظه على أهل بلد مل تبلغهم الدعوة فمجرد ظهوره على يده غري كاف مهما مل

باب أهنم لو علموا ظهور ذلك على يد غريه يعلم بطريق قطعى أن ذلك مما مل يظهر على يد غريه وغاية ما ىف الفذلك ال يوجب العلم بعدم ظهوره على يده هو لكن لعله لو تاله عليهم لقد علم أنه مما مل يظهر على يده من جهة

اشتماله على شرح أحوال وأمور وأحكام اختصت بأسباب ووقائع حدثت ىف زمن النىب صلى اهللا عليه و سلم

غريه لقد كان يف نفسه يعد لغوا من القول وسفها من الكالم وال كذلك ىف حق النىب عليه لو ذكرت بالنسبة إىل السالم فإنه قد علم من جهة القطع أن ذلك مما مل يظهر على يد غريه بناء على ما احتف به من القرائن القطعية

صة براءة عائشة وذم أىب هلب وما واألمور اليقينية من نزوله على وفق أحواهلم ومطابقته ألقواهلم وذلك كما قى قورد من اآليات يف يوم بدر وأحد إىل غري ذلك مما ميتنع تصوره عند كونه كاذبا ىف دعواه بل البارى تعاىل يطبع

على قلبه وعقله وخيتم على لسانه حبيث ال يتمكن من إبيانه والتحدى به أصال اضيات واهلندسيات واحلسابيات واألمور الىت ال ميكن اإلتيان وأما غريه من الكتب الغريبة واألمور العجيبة من الري

مبثلها فقد قيل إن مستند إظهارها وسبب اشتهارها ليس إال من النبيني واملرسلني وغاية ما زيد فيها تتميم وترتيب قة جيب القول ولو قدر أهنا مما مل يظهر على يدى نىب فال إحالة ىف ذلك ملا سلف وعند التحدى هبا وثبوت كوهنا خار

بالتصديق والقبول بالتحقيق لكون ما ظهر على يده نازال منزلة التصديق له خبلق اهللا تعاىل له ذلك على يده واقترانه بدعوته كما سبق

مث إن ذلك الزم للخصم إن كان كتابيا بالنسبة إىل ما ظهر على يد نبيه من املعجزات واآليات وال خملص له منه املعجزات الىت أشرنا إليها من انشقاق القمر وتسبيح وما قيل من آحاد

Page 138: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

احلصى وحنوه مل يثبت بطريق متواتر فبعيد فإنا نعلم ضرورة أن ما من عصر من األعصار إال وأصحاب األخبار وأرباب اآلثار وأهل السري والتواريخ قوم ال يتصور منهم التواطؤ على الكذب عادة وهم بأسرهم متفقون على نقل

هذه األعالم وكذا يف كل عصر إىل الصدر األول آحاد مث ولو سلم ذلك ىف اآلحاد فال حمالة أن عموم ورودها يوجب العلم بصدور املعجزات عنه وظهور اخلوارق عنه

مجلة كما نعلم بالضرورة شجاعة عنتر وكرم حامت لكثرة ما رواه النقلة عنهما من أحوال خمتلفة تدل على كرم هذا وإن كان نقل كل حالة منهما نقل آحاد ال نقل تواتر وشجاعة هذا

وأما الرد على العنانية فيما تقولوه وإبطاهلم فيما خترصوه فهو أهنم مع عجزهم عن صحة السند ىف منت احلديث خمتلفون فإن منهم من قال احلديث هو قوله إن أطعتموىن ملا أمرتكم به وهنيتكم عنه ثبت ملككم كما ثبتت

ألرض وليس ىف ذلك ما يدل على دوام امللك فليس ذلك يناىف النسخ مث هو مشروط بطاعته واالئتمار السموات وامبأموراته واإلنتهاء عن منهياته وذلك مما ال يتحقق ىف حقهم بعده مث وإن قدر أن املنقول هو قوله هذه الشريعة الزمة

لكم خامتة عليكم

نىب آخر ويكون هو املراد باللفظ ومع تصور هذا االحتمال فال فال مانع من أن يكون ذلك مشروطا بعدم ظهور يقني

وأما استبعاد أن يكون الشئ الواحد حسنا قبيحا طاعة معصية مصلحة مفسدة مرادا غري مراد فقد أشرنا إىل إبطال وداللة مستند هذه األصول ونبهنا على زيف مجيع هذه الفصول من التحسني والتقبيح ورعاية الصالح واألصلح

األمر على اإلرادة مبا فيه مقنع وكفاية مث إنه ال يبعد صدور األمر من اهللا تعاىل حنو املكلفني بفعل شئ مطلقا ىف وقت ويكون ذلك ممدودا ىف علم اهللا إىل حني ما علم أنه ينسخه عنده لعلمه بأن مصلحة املكلف ىف ذلك األمر العتقاده ملوجبه وكف نفسه عما يغويه مث

ع عنه التكليف ىف الوقت الذى علم أنه سينسخه عنده لعلمه مبا فيه من املصلحة وكف املفسدة ميحوا اهللا ما يقطيشاء ويثبت ويكون ذلك الفعل نفسه باإلضافة إىل وقت متعلق املصلحة واحلسن و اإلرادة و باإلضافة إىل غريه

وهنى عنه ليال وحنو ذلك متعلق القبح واملفسدة والكراهة وذلك كما أمر بالصيام هنارا

وعلى هذا يندفع ما ذكروه من البداء والندم فإن ذلك إمنا يكون أن لو انكشف له ىف ثاىن احلال ما أوجب له املنع عن الفعل والنهى عنه ومل يكن قد حصل ذلك له أوال ومن استعمل من األصحاب لفظ الرفع ىف النسخ فليس املعىن

ه من القوة واالستحكام وأن يبقى لوال الناسخ وذلك على وزان قطع حكم عقد البيع به غري قطع استمرار ما كان لاملطلق املستحكم بالنسبة إىل الفسخ وهذا ليس برفع ملا وجد وال ملا مل يوجد وال معىن للنسخ عند اإلطالق به إال

هذا فقد بطل إذا ما ختيلوه وفسد ما تومهوه الكالم الذى هو صفة الرب الكرمي فإن العدم عليه مستحيل بل املراد إمنا هو وال يتومهن إضافة قطع االستمرار إىل

قطع تعلقه باملكلف وكف اخلطاب عنه وذلك غري مستحيل وأما العيسوية فيمتنع عليهم بعد التسليم بصحة رسالته وصدقه ىف دعوته إال اإلذعان لكلمته إذ ال سبيل إىل القول

غريها من األمم مع ما اشتهر عنه وعلم بالضرورة والنقل املتواتر من دعوته إىل بتخصيص بعثته إىل العرب دون كلمته طوائف اجلبابرة وغريهم من االكاسرة وتنفيذه إىل أقاصى البالد وملوك العباد وقتال من عانده ونزال من

جاحده مث ذلك معتمد على سند الصدر األول من املسلمني

Page 139: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

واجلمع الكثري ممن ال يتصور عليهم التواطؤ على الباطل عادة ال سيما ملا كانوا عليه مع علمنا بأن ذلك اجلم الغفريمن شدة اليقني ومراعاة الدين فلو مل يعلموا منه ضرورة أنه مبعوث إىل الناس كافة و إىل األمم عامة من األسود

اء من بعدهم على سنتهم وهلم جرا واألبيض وإال ملا نقلوا ذلك رعاية للدين مع أنه ترك الدين وكذلك أيضا من جإىل زمننا هذا ولو مل يكن نبيا على العموم لزم أن يكون قد كذب ىف دعواه وأبطل فيما أتاه وذلك حمال ىف حق

األنبياء وحق من ثبت عصمتهم باملعجزات وقواطع اآليات وتنزل الكتاب العزيز مبصداق وعلى هذا النحو ثبوت كونه خامت النبيني وآخر املرسلني حيث قال ال نىب بعدى

ذلك تشريفا له وتكرميا فقال وخامت النبيني وعلم ذلك فيما مضى من أهل عصره ومل يزل تتناقلة األمم واألعصار ىف سائر األقطار ومن ال يتصور عليهم التواطؤ على الكذب واللهو واللعب وعلم ذلك ضرورة من قوله وكتابته فال

ن ذلك جائزا عقال سبيل إىل جحده مسعا وإن كا وهذا آخر ما أردنا ذكره من النبوات واألفعال اخلارقة للعادات

والتوكل على رب اخلريات

القانون الثامن

ىف اإلمامة ويشتمل على طرفني

متهيد واعلم أن الكالم ىف اإلمامة ليس من أصول الديانات وال من األمور الال بديات حبيث ال يسمع املكلف اإلعراض

نها واجلهل هبا بل لعمرى إن املعرض عنها ألرجى حاال من الواغل فيها فإهنا قلما تنفك عن التعصب واألهواء عوإثارة الفنت والشحناء والرجم بالغيب ىف حق االئمة والسلف باإلزراء وهذا مع كون اخلائض فيها سالكا سبيل

التحقيق فكيف إذا كان خارجا عن سواء الطريق لعادة بذكرها ىف أواخر كتب املتكلمني واإلبانة عن حتقيقها ىف عامة مصنفات األصوليني مل نر من لكن ملا جرت ا

الصواب خرق العادة بترك ذكرها ىف هذا الكتاب موافقة للمألوف من الصفات وجريا على مقتضى العادات لكننا نشري إىل حتقيق أصوهلا على وجه اإلجياز وتنقيح فصوهلا من غري احتياز

والكالم فيها يشتمل على طرفني أطرف يف وجوب اإلمامة وشرائطها وبيان ما يتعلق هبا

ب وطرف يف بيان معتقد أهل السنة ىف إمامة اخللفاء الراشدين واألئمة املهديني الذين قضوا باحلق وبه كانوا يعدلون

الطرف األول ىف وجوب اإلماكة وما يتعلق هبا

ني أن إقامة اإلمام واتباعه فرض على املسلمني شرعا ال عقال وذهب أكثر طوائف مذهب أهل احلق من اإلسالمي الشيعة إىل وجوب ذلك عقال ال شرعا وذهب بعض القدرية واخلوارج إىل أن ذلك ليس واجبا ال عقال وال شرعا

وإىل وجه إبطاهلا عند وحنن اآلن نبتدئ بتقدمي مذهب أهل احلق أوال مث نشري إىل شبه املخالفني ىف معرض اإلعتراض االنفصال ثانيا

Page 140: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

قال أهل احلق الدليل القاطع على وجوب قيام اإلمام واتبعاه شرعا ما ثبت بالتواتر من إمجاع املسلمني ىف الصدر األول بعد وفاة رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم على امتناع خلو الوقت عن خليفة وإمام حىت قال أبو بكر ىف

بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم أال إن حممدا قد مات وال بد هلذا الدين ممن يقوم به فبادر خطبته املشهورة الكل إىل تصديقه واإلذغان إىل قبول قوله ومل خيالف ىف ذلك

أحد من املسلمني وال تقاصر عنه أحد من أرباب الدين بل كانوا مطبقني على الوفاق ومصرين على قتال اخلوارج ع والشقاق ومل ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك وإن اختلفوا ىف التعيني وأهل الزي

ومل يزالوا على ذلك مع ما كانوا عليه من اخلشونة ىف الدين والصالبة يف اليقني وتأسيس القواقد وتصحيح العقائد خوات كل ذلك حمافظة من غري أن يرهبوا ىف اهللا لومة الئم حىت بادر بعضهم إىل قتل اآلباء واألمهات واإلخوة واأل

على الدين وذبا عن حوزة املسلمني والعقل من حيث العادة حييل االتفاق من مثل هؤالء القوم على وجوب ما ليس بواجب ال سيما مع ما ورد به الكتاب العزيز من مدحهم والسنة الشريفة ىف عصمتهم فقال تعاىل كنتم خري أمة

جتتمع على اخلطإ ال جتتمع امىت على ضاللة مل يكن اهللا بالذى جيمع أمىت أخرجت للناس وقال عليه السالم أمىت ال على الضاللة وسألت اهللا أال جيمع أمىت على الضاللة فأعطانيها إىل غري ذلك من األحاديث وهى وإن كانت آحادها

جهة العادة قطعا آحادا فهى مع اختالف ألفاظها وكثرهتا تنزل منزلة التواتر ىف حصول العلم مبا دلت عليه من وذلك على حنو علمنا بكرم حامت وشجاعة عنترة كما بينا فيما سلف مث كذلك العصر الثاىن والثالث وهلم جرا إىل

زماننا هذا مل يزل الناس ينسجون على منوال أهل الصدر األول ويتبعون آثارهم ويقتفون أخبارهم على اخلط القومي واملهج املستقيم

االعتبار وحلى حنره باألخبار وسلك طريق الرشاد وجانب اهلوى والعناد مل جيد من نفسه ولذلك من نظر بعني االختالج مبخالفة شئ من ذلك أصال

مث والذى يؤكد ذلك النظر إىل مستند اإلمجاع فإنا نعلم أن مقصود الشارع من أوامره ونواهيه ىف مجيع موارده رع من املعامالت واملناكحات وأحكام اجلهاد وإظهار شعائر ومصادره من شرح احلدود واملقاصات وشرع ما ش

اإلسالم ىف أيام اجلمع واألعياد إمنا هو الصالح اخللق معاشا ومعادا وذلك كله ال يتم إال بإمام مطاع من قبل الشرع حبيث يفوضون أزمتهم ىف مجيع أمورهم إليه ويعتمدون ىف سائر أحواهلم عليه فأنفسهم مع ما هم عليه مناختالف االهواء وتشتت اآلراء وما بينهم من العداوة والشحناء قلما تنقاد بعضهم لبعض ولرمبا أدى ذلك إىل

هالكهم مجيعا والذى يشهد لذلك وقوع الفنت واختباط األمم عند موت والة األمر من األئمة والسالطني إىل حني نصب مطاع

ات وعظم الفساد ىف العباد وصار كل مشغوال حبفظ نفسه آخر وأن ذلك لو دام لزادت اهلوشات وبطلت املعيشحتت قائم سيفه وذلك مما يفضى إىل رفع الدين وهالك الناس أمجعني ومنه قيل الدين أس والسلطان حارس الدين

والسلطان توأمان صود فإذا نصب اإلمام من أهم مصاحل املسلمني وأعظم عمد الدين فيكون واجبا حيث عرف بالسمع أن ذلك مق

للشرع وليس مما ميكن القول بوجوبه عقال

Page 141: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

كما بيناه اللهم إال أن يعىن بكونه واجبا عقليا أن ىف فعله فائدة وىف تركه مضرة لذلك ما ال سبيل إىل إنكاره أصال فإن قيل االحتجاج بإمجاع األمة فرع تصور اإلمجاع وكما زعمتم أن العادة حتيل اجتماع األمة على اخلطإ فكذلك

يضا بالنظر إىل العلماء حتيل اجتماع الكل على حكم واحد مع ما هم عليه من اختالف الطباع وتفاوت األزمان أوالسهولة والصعوبة ىف االنقياد كما يستحيل من حيث العادة اتفاقهم كافة على القيام أو القعود ىف حلظة واحدة ىف

يوم واحد أهل العصر مع انقسام اجملتهدين إىل معروف و إىل غري معروف مث وإن تصور ذلك فاالطالع عليه لكل واحد من

وتنائى البلدان وتباعد العمران أيضا متعذر مث وإن قدر أن ذلك كله متصور لكن ما من واحد نفرضه منهم إال وجيوز عند تقديره منفردا أن يكون ىف ذلك

من أعداد اجملتهدين ما ال حيصى والذى يدل احلكم خمطئا وذلك اجلواز ال ينتقض وإن انضاف إليه ىف ذلك احلكمعلى جواز ذلك ورود النهى بصفة العموم وهو قوله وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وأن تقولوا على اهللا ما ال

تعلمون ومل مل يكن ذلك منهم جائزا وإال ملا هنوا عنه

حجة ىف العقليات وهو خالف اإلمجاع ولو كان ذلك حجة قطعية ىف الشرعيات ملا ذكر للزم أن يكون ذلك وما ذكرمتوه من األحاديث فجملتها آحاد ال معترب هبا ىف القطعيات واألمور اليقينات وإن استدل على صحتها

بإمجاع الكافة عليها يلزم الدور وامتنع االستدالل مث وإن كانت يقينية فمدلول اسم األمة كل من آمن به من حني امة وذلك غري متصور فيما حنن فيه ومع محله على أهل احلل والعقد من أهل كل عصر فيحتمل أنه البعثة إىل يوم القي

أراد بالضالل أو اخلطأ الكفر أو ما يوجب االعتقاد اخلبيث أو نوعا آخر من أنواع اخلطأ إذ تناوله لكل ضالل وخطأ إن كان فليس إال بطريق الظن والتخمني دون القطع واليقني

ر أن املراد به العصمة من كل خطأ واحلفظ من كل زلل فال بد أن يبني وجود اإلمجاع فيما حنن فيه وما مث وإن قداملانع من أن يكون مث نكري وأنه مل تتحقق املوافقة إال من آحاد املسلمني والذى يدل على ذلك قول عمر رضى اهللا

ىل مثلها فاقتلوه أى إن بيعة أىب بكر من غري مشورة عنه أال إن بيعة أىب بكر كانت فلتة وقى اهللا شرها فمن عاد إ وقد وقى اهللا شرها فال نعود إىل مثلها

مث إن اإلمجاع ال بد وأن يعود إىل مستند من الكتاب والسنة ولو كان لإلمجاع مستند لقد كانت العادة حتيل أن ال واقع ىف نفسه ينقل مع توفر الدواعى إىل نقله فحيث مل ينقل له مستند علم أنه غري

وأيضا فإن تعاون الناس على أشغاهلم وتوفرهم على إصالح أحواهلم وأخذهم على أيدى السفهاء منهم والقيام مبا جيب عليهم ىف دينهم ودنياهم مما حتدوهم إليه طباعهم وأدياهنم ويدل على ذلك انتظام حال العربان وأهل البوادى

ا قاموا بذلك فيما بينهم مل يكن إلقامة واحد منهم حيكم عليهم فيما والقفار اخلارجني عن أحكام السلطان فإذ يفعلونه ويتأمر عليهم فيما يصنعونه تعني

ال سيما وما من مسئلة اجتهادية إال وجيوز لكل واحد من اجملتهدين أن خيالفه فيها مبا يؤدى إليه اجتهاده وكيف نصبه نعم إن أدى اجتهادهم إىل أن يقيموا أمريا ورئيسا يكون واجب الطاعة مع جواز املخالفة وما الفائدة ىف

عليهم يتكلف أمورهم ويرتب جيوشهم وحيمى حوزهتم ويقوم بذلك على وجه العدل واإلنصاف فلهم ذلك من غري أن يلزمهم من تركه حرج ىف الشرع أصال مث إن ذلك يستدعى كون الطريق متواترا وقد عرف ما فيه فيما

مضى

Page 142: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

أن وقوع االتفاق من األمة على وجوب الصلوات اخلمس وصوم رمضان وغري ذلك من األحكام يكر واجلواب هو على مقالتهم ىف منع تصوره باإلبطال وما يتخيل من امتناع االتفاق عليه كما فرض من القيام والقعود واألكل

إىل ذلك مل يكن بالنظر إىل والشرب وغري ذلك فليس إال لعدم الصارف والباعث له وإال فلو حتقق الصارف هلم العادة ممتنعا وال حمالة أن األمة متعبدون باتباع النصوص واألدلة الورادة من الكتاب والسنة ومعرضون للعقاب على

تركها وإمهال النظر إليها فغري بعيد أن جيدوا أهنا تصرف دواعيهم إىل احلكم مبدلوله وتبعثهم على العمل مبقتضاه شافهة أو نقل متواتر كما عرف أن مذهب مجيع الفالسفة اإلهليني نفى الصفات وكما عرف ويعرف ذلك منهم مب

التثليث من مذهب النصارى والتثنية من مذهب مجيع اجملوس إىل غري ذلك من األمور املتفق عليها من أصحاب وإن اتفق أن كان ذلك مستندا إىل قول واحد والكل ىف اتفاقهم له مقلدون وعليه معتمدون كما علم

الشافعى االتفاق على منع قتل املسلم بالذمى واحلر بالعبد وحنوه وكما علم من اتفاقهم ان ذلك هو مذهب إمامهم فكذلك نعرف من اتفاق األمة أن ذلك مستند إىل قول نبيهم بل ومعرفة ذلك من إمجاع الصدر األول يكون أقرب

د وال تناءت هبم األبعاد ومل يكن عددهم مما خيرج عن احلصر ال سيما وأوىل فإهنم مل يكونوا بعد قد انتشروا ىف البال أهل احلل والعقد منهم

وختيل الرجوع من األمة عما اتفقوا عليه متعذر لضرورة اخلطأ ىف أحد اإلمجاعني وقد دل السمع والعقل على م من اإلمجاع السابق الذى دل امتناعه ورجوع بعضهم وإن كان جائزا فغري قادح لكونه خمصوما وحمجوجا مبا تقد

العقل والسمع على

تصويبه ومع جواز االتفاق ووقوع اإلمجاع ميتنع أن يكون على احلطأ وإن كان ذلك جائزا على كل واحد أن لو قدر منفردا ملا تقرر من قبل

ت وال معىن للتطويل وأقرب شاهد خيصم هذا القائل ما أشرنا إليه ىف جانب حصول العلم بالتواتر ىف مسألة النبوا بإعادته

وما أشري إليه من األخبار الدلة على جواز اخلطأ على األمة فليست ناهية عن اإلمجاع ليلزم ما ذكروه وإمنا النهى فيها متوجه على اآلحاد مث ولو قدر ذلك فليس النهى يستدعى وقوع املنهى عنه وال جوازه ىف نفسه فإنه تعاىل قال

اجلاهلني وقال لئن أشركت ليحبطن عملك مع علمه بعصمته وأن ذلك ال يقع منه وال جيوز لنبيه فال تكونن من عليه

وال شك أن العادة كما حتيل اتفاق األمة على اخلطأ ىف السمعيات كذلك ىف العقليات أيضا لكننا ال حنيل جتويز دليل عقلى أو أمر يقيىن آخر ومل نتعبد العقل لنقيض املتفق عليه من جهة العقل وأن ذلك ال تعرف استحالته إال من

بإزاحه ذلك االحتمال الواهى بالنظر إىل الدليل العقلى وإال فاالمجاع حجة ىف العقليات بسبب كونه ىف الشرعيات وعليكم مبراعاة هذا املعىن فإنه كثريا ما يغلط فيه ويدل على االحتجاج به ما أشرنا إليه من األخبار واآلثار وهى

ت آحادا فال شك أن مجلتها تنزل منزلة التواتر كما أسلفناه وإن كان

وأما محل لفظ األمة على من تابعه إىل يوم القيامة فهو وإن كان مقتضى اللفظ من حيث الصيغة قد خولف إمجاعا يل بإخراج اجملانني والصبيان ومن ال تفهم له عنه ومع صرف اللفظ عن ظاهره جيب أن ينزل على ما دل عليه الدل

وقد دلت السمعيات والقواطع من الشرعيات على هتديد خمالف اجلماعة اخلارج عن السمع هلم والطاعة بإخراجه من زمرة املوحدين وسلبه ثوب الدين مثل قوله عليه السالم من خرج عن اجلماعة قيد شرب فقد خلع ربقه اإلسالم

Page 143: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

إىل غري ذلك من اآلثار وقواطع األخبار واملوافقة من عنقه وقوله من فارق اجلماعة ومات فقد مات ميتة جاهليةواملخالفة والتهديد مبثل هذا األمر العظيم واخلطب اجلسيم إمنا تتحقق أن لو كان املخالف معصوما فيما اتاه مصيبا م فيما رآه وان تكون مم وجد دون من مل يوجد فوجب محل اللفظ عليه وإال فاملوافقة واملخالفة إمنا تتصور ىف يو

القيامة وهو حمال وأما ختصيص اخلطأ والبطالن بالكفران أو غريه من أنواع العصيان مع ما فيه من خمالفة ظاهر اللفظ فهو خمالف لظاهر اإلطالق بالتهديد ملخالف اإلمجاع من غري تفصيل ومبطل لفائدة التخصيص بالتنصيص على األمة وإيراد

ن جهة أن الواحد قد يشارك األمة ىف ترك كل ما تقدم محل الضالل ذلك ىف معرض اإلكرم واإلنعام والتفضل مواخلطأ عليه من أنواع العصيان وإن مل يوافقهم ىف أن كل ما ذهبوا إليه واتفقوا عليه يكون صوابا وحسنا فال سبيل

إذا إليه

ر إىل العقل جائزا لكنه بالنظر وأما منع وقوع اإلمجاع فيما حنن فيه فبعيد ملا أسلفناه والنكري وإن كان وقوعه بالنظإىل العادة مستحيل من جهة امتناع وقوع التواطؤ على ترك نقله مع توفر الدواعى والصوارف إليه وليس ىف قول عمر ما يدل على انتفاء وقوع اإلمجاع على وجوب اإلمامة كما هو مقصدنا بل وليس فيه أيضا داللة على انتفاء

بكر أيضا فإنه ال مانع من وقوع اإلمجاع على ذلك بعينه وإن قدر االختالف ىف التعيني وقوع اإلمجاع على تعيني أىبوعدم االطالع على مستند اإلمجاع فإمنا يكون قادحا أن لو كان ذلك مما تدعوا احلاجة إليه وتتوفر الدواعى على

عه وقع االكتفاء به عن مستنده نقله وليس كذلك فإنه مهما حتقق االتفاق واستقر الوفاق وظهر دليل وجوب اتباومل يبق نظر إال ىف موافقته وخمالفته ومع عدم احلاجة إىل النظر ىف املستند لكون الوفاق قد صار واجبا حتما والزما جزما مل تنصرف الدواعى إىل نقله ومل تتوفر البواعث على اتباعه فال يكون عدم اإلطالع عليه إذ ذاك قادحا كيف

يكون مما ال ميكن نقله بل يعلمه من كان ىف زمن النىب عليه السالم ومشاهدا له بقرائن أحوال وإنه ال يبعد أن وإشارات مث أقوال وأفعال إىل غري ذلك من األمور الىت ال ميكن معرفتها إال باملشاهدة والعيان

ر ملا ال تقبله العادة اجلارية وأما اتفاق الناس على ما ألجله نصب اإلمام وإن كان ذلك جائزا ىف العقل لكنه بالنظوالسنة املطردة فممتنع بدليل ما ذكرناه من أوقات الفترات وموت امللوك والسالطني وغري ذلك مما ذكرناه وهلذا

نرى العربان واخلارجني عن حكم السلطان كالذئاب الشاردة واألسود الكاسرة ال يبقى بعضهم على بعض وال فرض ومل تك دواعيهم إىل صالح أمورهم وتشوفهم إىل العمل مبوجب دينهم مبغن حيافظون ىف الغالب على سنة وال

عن السلطان إذ السيف والسنان قد يفعل ما ال يفعله الربهان ومن نظر إىل ما قررناه من الفائدة املطلوبة من نصب اإلمام والغاية املقصودة من إقامته لإلسالم علم أنه ال أثر جلواز

ا يقع من مسائل االجتهاد وأن ذلك غري مقصود فيه االنقياد املخالفة له فيموإذا ثبت وجوب اإلمامة بالسمع فهل التعيني فيها مستند إىل النص أو االختيار فذهبت اإلمامية إىل أن مستند التعيني إمنا هو النص وزعموا أن خالفة على منصوص علها من قبل النىب صلى اهللا عليه و سلم بقوله أنت مىن

كهارون من موسى وقوله عليه السالم بعد ما وجبت طاعة املؤمنني له وثبت أنه أحق هبم من أنفسهم

من كنت مواله فعلى مواله وقوله أنت أخى وخليفىت من بعدى على أهلى ومنجز عداتى إىل غري ذلك من اآلثار واألخبار

Page 144: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

ن يكون عاملا باحتياج اخللق إىل من يقوم مبهماهتم ولرمبا قرروا ذلك بطريق معنوى وهو أن النىب عليه السالم إما أوحيفظ بيضتهم وحيمى حوزهتم ويقبض على أيدى السفهاء منهم ويقيم فيهم األحكام الشرعية على وفق ما وردت

به األدلة السمعية على ما تقرر أو مل يكن عاملا ال جائز أن يقال بكونه غري عامل إذ هو إساءة ظن بالنبوة وقدح ىف الرسالة وكذلك أيضا إن كان عاملا ومل ينص ال سيما والتنصيص ههنا آكد من التنصيص وإجياب التعريف ملا سر

يتعلق بباب االستنجاء والتيمم على ماال خيفى وهذا وإن لزم منه صدور اخلطأ من األمة تبع ما عينه وسومح من ن صيانة األمة الىت عصمتها مل تثبت إال بقوله وبعصمته ادعاء انتفاء النكري فال خيفى أن صيانة النىب عن اخلطأ أوىل م

فإذا ال بد من التنصيص واإلشارة إىل التخصيص وال جائز أن يقال إنه ترك األمر شورى فيما بني الصحابة وفوض األمر إىل اجتهاداهتم وآرائهم ليعلم القاصر من

الفاضل واجملتهد من العىي وأال جلاز للصحابة

اما أيضا ليعلم الطائع من العاصى واملنقاد لألوامر والنواهى من غريه بل وجلاز إمهال بعثة الرسل أال ينصبوا إموتفويض األمر إىل أرباب العقول ليتميز أيضا اجملتهد ومن له النظر ىف املدارك واستنباط املسالك ممن ليس كذلك

ب اإلمامة الزم ال حمالة فهو إما أن يستند إىل وذلك مما ال خيفى فساده كيف وأن التعيني بعد ما ثبت القول بوجوالنص أو اإلختبار واالمجاع على التعيني ال مستند له مث كيف جيب على الناس طاعته وهو إمنا صار إماما باقإمتهم له فإذا البد وان يكون التعيني واردا من قبل الشرق وصادرا من جهة السمع وهو إمنا يثبت ىف حق من يدعيه دون من

نفيه هذا معتقد الشيعة وطوائف اإلمامية يوأما معتقد أهل احلق من أهل السنة وأصحاب احلديث فهو أن التعيني غري ثابت بالنص بل باالختيار ألنه لو ورد

نصا فهو إما أن يكون نصا قطعيا أو ظنيا ال جائز أن يكون قطعيا إذ العادة حتيل االتفاق من األمة على تركه وإمهال وجبه ملا سبق وإن كان ظنيا بالنظر إىل املنت والسند أو بالنظر إىل أحدمها فادعاء العلم بالتنصيص إذ ذاك النظر مل

يكون حماال واالكتفاء مبحض الظن أيضا مما ال سبيل إليه ههنا ملا فيه من خمالفة اإلمجاع القاطع من جهة العادة ن اآلثار على لسان الثقات كيف وأنه مل يرد ىف ذلك شئ من األخبار وال نقل شئ م

واملعتمد عليهم من الرواة ال متواترا و ال آحادا غري ما نقل على لسان اخلصوم وهم فيه مدعون وفيما نقلوه متهمون ال سيما مع ما ظهر من كذهبم وفسقهم وبدعتهم وسلوكهم طرق الضالل والبهت بادعاء احملال وخمالفة

مما اشتهاره يغىن عن تعداده وإظهاره العقول وسب أصحاب الرسول وغري ذلك ومما يؤكد القول بانتفاء التنصيص إنكاره من اكثر املعتقدين لتفضيل على عليه السالم على غريه كالزيدية ومعتزله البغداديني وغريهم مع زوال التهمة عنهم والشك ىف قوهلم وقوله عليه السالم حني خرج إىل غزوة تبوك لعلى وقد

قومه أنت مىن كهارون من موسى معناه ىف االستخالف على عشريتى وقوى كما كان هارون استخلفه على مستخلفا على قوم موسى من بعده وليس ىف ذلك داللة على استخالفه بعد موته فإن ذلك مما ال يثبت هلارون املشبه

نىب بعدى ليس املعىن به بعد به بعد موسى ألنه مات قبله ىف التيه وما ورد ىف مساق احلديث من قوله إال أنه الموتى حىت يكون ما ذكرهنا خمالفا لظاهر احلديث بل معناه بعد نبوتى ال معى وال بعدى وذلك كما يقال ال ناصر

لك بعد فالن أى بعد نصرته ال معه وال قبله وهو وإن افتقر إىل إضمار النبوة فما ذكروه أيضا ال بد فيه من إضمار ىل من إضماره بل ما ذكرناه أوىل نفيا إلبطال فائدة التخصيص مبا بعد املوت فإنه كما قد املوت وليس إضماره بأو

Page 145: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

عرف امتناع وجود نىب آخر بعد وفاته عرف امتناع وجوده ىف حياته واالستخالف ىف حالة احلياة مما ال ينتهض من توىل شيئا من أمر املسلمني دليال على االستخالف بعد املوت وإال كان ذلك دليال ىف حق الوالة والقضاة وكل

ىف حالة حياة النىب عليه السالم وكل عذر ينقدح ههنا فهو بعينه منقدح ىف قوله عليه السالم مث الذى يؤكد ما قلناه أنه لو صدرت هذا العبارة عن خليفة الوقت إىل واحد من املسلمني مل يكن ذلك عهدا له باخلالفة بعد املوت إمجاعا

ا يدل على فضله وعلو رتبته وعلى هذا خيرج قوله عليه السالم أنت أخى وخليفىت على أهلى وإن كان ذلك مموقاضى ديىن ومنجز عداتى وكذا قوله من كنت مواله فعلى مواله مث إن لفظ املوىل قد يطلق مبعىن احملب وقد يطلق

نه قوله تعاىل فإن اهللا هو موالها وجربيل مبعىن املعتق ومبعىن الظهر واخللف ومبعىن املكان واملقر ومبعىن الناصر وموأحرى قريش أن يهاب ... فأصبحت مواله من الناس كلهم ... وصاحل املؤمنني أى ناصره ومنه قول األخطل

... وحيمدا أى ناصرها فيحتمل أن يكون كالم النىب عليه السالم منزال على هذا املعىن وهو أظهر ىف لفط املوىل

املوىل على األوىل فإن ذلك مما ال يرد ىف اللغة أصال وقوله مأواكم النار هى موالكم ليس املعىن وال ميكن محل لفظ به أوىل بكم بل مستقركم ومكانكم مث

وإن كان ذلك حمتمال فهو مما ميتنع محل كالم النىب عليه ملا فيه من مراغمة اإلمجاع وخمالفة اتفاق املسلمني وهدم قواعد الدين

صح االعتماد على مثل هذه اآلثار ىف التولية لقد كان ذلك بطريق األوىل فيما متسك به القائلون مث إنه لو بالتنصيص على خالفة أىب بكر رضى اهللا عنه فإهنا مع ما واتاها من إمجاع املسلمني أشهر وأوىل وذلك مثل قوله يأىب

قوله ال ينبغى لقوم يكون فيهم أبو بكر أن يقدم عليه اهللا إال أبا بكر وقوله اقتدوا باللذين من بعدى أىب بكر وعمر وغريه وقال ايتوىن بدواة وكتف أكتب إىل أىب بكر كتابا وهو ال خيتلف عليه اثنان وقوله إن تولوها أبا بكر جتدوه

ضعيفا ىف بدنه قويا ىف دينه وذلك مع ما قد ورد ىف حقه من األخبار الدالة على فضله واآلثار املشعرة بعلو

رتبته مثل قوله عليه السالم خري أمىت أبو بكر مث عمر وقوله من أفضل من أىب بكر زوجىن ابنته وجهزىن مباله وجاهد معى ىف ساعة اخلوف وما روى عن على كرم اهللا وجهه أنه قال خري الناس بعد النىب أبو بكر مث عمر مث اهللا اعلم

قل من أن تكون معارضة ومساوية ومع التعارض جيب التساقط وهذه النصوص كلها إن مل يتخيل كوهنا راجحة فال أ والعمل بإمجاع املسلمني واالستناد إىل اتفاق اجملتهدين

وكون النىب عليه السالم مل ينص على التعيني مما ال يشعر بعدم علمه حباجة املسلمني إىل من خيلفه بعده ويقوم مقامه مر دنياهم ومع علمه فترك التنصيص عليه إمنا يكون حمذورا أن لو كان به ىف إلزام الناس مبا يستمر به أمر دينهم وأ

مكلفا ومأمورا وإال فكم من حكم ىف واقعة تدعوا حاجة الناس إىل بيانه مات النىب عليه السالم ومل يبينه من السالم مما ال الفرائض واملعامالت واملناكحات وغري ذلك من أحكام العبادات فإذا ترك التنصيص من النىب عليه

يستحيل شرعا و ال عقال وال عادة خبالف اتفاق األمة على اخلطأ كما بيناه وليس التنصيص على من عقدت له اإلمامة باالختيار شرطا ىف طاعته فإن طاعته بعد ذلك إمنا صارت واجبة

باإلمجاع املستند إىل الكتاب او قول الرسول

Page 146: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

تراط استناد االختيار إىل التنصيص إمنا يلزم أن لو كان وجوب الطاعة مستند ال إىل نفس االختيار له أوال فإذا اشإليه ومعتمدا عليه وليس كذلك وهبذا يندفع ما ذكروه من اخليال اآلخر أيضا كيف وأنه لو قدر استناد الطاعة إىل

ار إال به وال جيب إال بالنظر إليه االختيار فامتناعه واستبعاده إمنا يستقيم أن لو كان ما يثبت باالختيار ال يتم االختيملا فيه من الدور املمتنع أما إذا كان ما جيب طاعة اإلمام فيه هو غري ما يتوقف وجوب الطاعة عليه فال امتناع وال

استبعاد وقد حتقق مبا قررناه إبطال النص وإثبات االختيار قر إىل إمجاعه أهل احلل والعقد فإن ذلك ما مل يقم عليه وإذا ثبت أن مستند التعيني ليس إال االختبار فذلك مما ال يفت

دليل عقلى وال مسعى نقلى بل الواحد من أهل احلل والعقد واالثنان كاف ىف االنعقاد ووجوب الطاعة واالنقياد لعلمنا بأن السلف من الصحابة رضوان اهللا عليهم مع ما كانوا عليه من الصالبة ىف الدين واحملافظة على قواعد

املسلمني اكتفوا ىف عقد اإلمامة بالواحد واإلثنني من اهل احلل والعقد كعقد عمر ألىب بكر وعبد الرمحن بن عوف لعثمان ومل يشترطوا إمجاع من ىف املدينة من اهل احلل والعقد فضال عن إمجاع األمصار واتفاق من ىف سائر األقطار

غري خمالفة وال نكري وعلى ذلك انطوت األعصار ىف عقد اإلمامة وكانون على ذلك من املتفقني وله من املتبعني من ىف كل حني وعليه اتفاق كافة املسلمني

قال بعض األصحاب وجيب أن يكون ذلك مبحضر من الشهود وبينة عادلة كفا للخصام ووقوع اخلالف بني األنام وهو ال حمالة واقع ىف حمل االجتهاد فعلى وادعاء مدع عقد اإلمامة له سرا متقدما على عقد من كان له جهرا عيانا

هذا لو اتفق عقد اإلمامة ألكثر من واحد ىف بلدان متعددة أو ىف بلد واحد من غري أن يشعر كل فريق من العاقدين بعقد الفريق اآلخر فالواجب أن نتصفح العقود فما كان منها متقدما وجب إقراره وامر الباقون بالنزول عن االمر

ا وإال قوتلوا وقتلوا وكانوا خوارج بغاة وإن مل يعلم السابق وجب إبطال اجلميع واستأنف عقد ملن يقع فإن أجابو عليه االختيار كما إذا زوج أحد الوليني موليته من شخص وجهل العقد السابق منهما

ر ملا فيه من وال خالف ىف أنه ال جيوز عقد اإلمامة لشخصني ىف صقع واحد متضايق األقطار ومتقارب األمصاالضراء ووقوع الفنت والشحناء وأما إن تباعدت األقطار وتناءت الديار حبيث ال يستقل إمام واحد بتدبريها والنظر

ىف أحواهلا فقد قال بعض األصحاب إن إقامة إمام آخر ىف حمل االجتهاد

لمعقود له صفات وخصوصيات وهى وليس االختيار لعقد األمامة جائزا على التشهى واإليثار بل ال بد وأن يكون لأن يكون من العلم مبنزلة قاض من قضاة املسلمني وأن يكون له من قوة البأس وشدة املراس قدر ما ال يهوله إقامة احلدود وضرب الرقاب وإنصاف املظلوم من الظامل وأن يكون بصريا بأمور احلرب وترتيب اجليوش وحفظ الثغور

ا يقول التفاق األمة على ذلك وحمافظة على ما ألجله نصب األمام ذكرا حرا مسلما عدال ثقة فيمومما دل السمع على اشتراطه أن يكون قرشيا وذلك حنو قوله عليه السالم األئمة من قريش وقوله قدموا قريشا وال

تقدموا عليها وقوله إمنا الناس

األئمة من السلف مطبقون على ان اإلمامة ال تبع لقريش فرب الناس تابع لربهم وفاجرهم تابع لفاجرهم وأيضا فإنتصلح إال لقريش وتلقيهم هلذه األخبار بالقبول واحتجاج بعضهم على بعض هبا وقول عمر رضى اهللا عنه عن سامل موىل أىب حذيفة لو كان حيا ملا ختاجلىن فيه شك فإمنا كان ألنه قد قيل إنه كان ينتسب إىل قريش ولعمرى إن مثل

واقع ىف حمال االجتهاد هذا الشرط

Page 147: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

وقد زادت الشيعة شروطا أخر وهو أن يكون من بىن هاشم معصوما عاملا بالغيب ألنا نأمن مببايعتهم من النريان وغضب الرمحن وهذه الشروط مما مل يدل عليها عقل وال نقل مث إن اشتراط اهلامشية مما خيالف ظاهر النص وإمجاع

وعمر وبه يبطل اشتراط العصمة والعلم بالغيب أيضا مث ولو اشترطت العصمة ىف األمة على عقد االمامة ألىب بكراإلمام ألمن متبعيه لوجب اشتراطها ىف حق القضاة والوالة ايضا فإنه ليس يلى ببيعته أشياء أكثر مما يلى خلفاؤه

وأولياؤه اء مث كيف يدعى اشتراط العصمة ىف اإلمامة مع االتفاق على عقد اإلمامة للخلف

الراشدين واعترافهم بأهنم ليسوا مبعصومني حىت إن كل واحد منهم قد كان يرى الرأى مث يرجع فيه ويطلب اآلثار واألخبار كطلب آحاد الناس وبعضهم خيالفه البعض وذلك كما نقل عن على عليه السالم أنه قال ىف حق أمهات

أيت بيعهن وبالضرورة عند اختالفهما ال بد من وقوع األوالد اتفق رأىي ورأى عمر على أن ال يبعن واآلن فقد ر اخلطأ ىف حق أحدمها وخيرج عن أن يكون معصوما

بل وىف ذلك داللة على انتفاء العصمة عن على أيضا فإنه ال بد وأن يكون مصيبا ىف إحدى احلالتني خمطئا ىف األخرى ومع تطرق اخلطأ إليه ال يكون معصوما

ه ليس مبتعني ىف الشرع وال وارد ىف السمع بل مهما ظهر باإلشارات والعالمات والبيان من فإذا قد بان أن ما ذكرواألفعال واألقوال ما يدل ظاهرا على استجماع ما شرطناه ىف شخص ما جاز عقد اإلمامة له ملا أشرنا إليه ونبهنا

أمرا من أمور املسلمني عليه من قبل ويكون حكمه ىف معرفة ذلك منه حكم القضاة والوالة وكل من يتوىلوهلم أن خيلعوه وإن شرط غري ذلك إذا وجد منه ما يوجب االختالل ىف أمور الدين وأحوال املسلمني وما ألجله يقام األمام وان مل يقدروا على خلعه وإقامة غريه لقوة شوكته وعظم تأهبه وكان ذلك مما يفضى إىل فساد العامل

وهالك النفوس

ىف مقابله آكد من املفسدة الالزمة من طاعته أمكن ارتكاب أدىن احملذورين دفعا ألعالمها وكانت املفسدة وإن كان ما طرأ عليه هو الكفر بعد اإلسالم والردة بعد اإلميان فحاهلم ىف طاعته واالنقياد إىل متابعته ال تتقاصر عن

حال املكره على الردة أو القتل بالنسبة إىل املكره مل يوجد ىف العامل مستجمع جلميع شروط اإلمامة بل من فقد ىف حقه شئ كالعلم أو العدالة وحنوها وعلى هذا إن

فالواجب أن ينظر إىل املفسدة الالزمة من إقامته وعدم إقامته ويدفع أعالمها بارتكاب أدنامها إذ الضرورات تبيح وه هذا متام الطرف األول احملظورات وذلك كما ىف أكل امليتة بالنسبة إىل حالة اإلضطرار وحن

الطرف الثاىن

ىف معتقد أهل السنة ىف الصحابة وإمامة اخللفاء الراشدين واألئمة املهديني وال خالف فيما بني أهل احلق أن أبا بكر كان إماما حقا وذلك باتفاق املسلمني على إقامته واجتماع اهل احلق

اته وموافقة الصحابة له ىف غزواته ونصبه للوال واحلكام وتنفيذ أوامره والعقد على إمامته واتباع الناس له ىف أيام حيونواهيه ىف البلدان وذلك مما ال قبل مبدافعته وال سبيل إىل جماحدته وأن من ختلف عن بيعته ىف مبدأ األمر مثل على

وج عن الوفاق ألمر وغريه مل يكن عن شقاق ونفاق وإمنا كان لعذر وطروء أمر واإل فلو كان ذلك للشقاق واخلريكرهونه وال يرتضونه لقد كان ذلك مما يسارعونه إىل إنكاره ويبالغون ىف إظهاره ال سيما ىف حق الصحابة الذين

Page 148: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل وكانوا مع ما هم عليه من قوة اليقني والصالبة ىف الدين ال يراقبون ىف األمر لالئمني وال خوف املخوفني ولو كان ذلك مما باملعروف والنهى عن املنكر لومة ا

ظهر لقد كانت العادة مما حتيل تطابق األمة على ترك نقله مع توفر الدواعى عليه وصرف اهلمم إليه واتفاق األمة على ذلك مما يدل ضرورة على كونه أهال لإلمامة ومستجمعا لشرائطها أيضا

وعمله وشجاعته وتصرفه ىف البالد وإصالح نظام العباد باآلثار مث كيف ينكر ذلك مع ما عرف من نسبه وعدالته الدالة عليها والعالمات الواضحة املشرية اليها على ما تواترت به األخبار وتتالت به اآلثار على ألسنة الثقات

األخيار وغري ذلك مما يكل عنه اللسان ويتقاصر عن تسطريه البيان فوجب االكتفاء بشهرهتا عن ذكرها لكن قد يشكك بعض أهل الضالل ومن مل يثبت له قدم راسخ ىف االستنباط واالستدالل باستقالة أىب بكر من و

االمامة وبقوله وليتكم ولست خبريكم وقول عمر إن بيعة أىب مبكر كانت فلتة وقى اهللا شرها فمن عاد إىل مثلها اإلمامية اخلارجني عن ربقة الدين فاقتلوه هذا وأمثاله مما يتمسك به من ال خالق له من الروافض و

وليس ذلك عند من له أدىن حظ من التفطن مما يؤثر خياال وال إشكاال فإن االستقالة ال تدل على عدم االستحقاق ال سيما مع اتفاق األمة على كونه مستحقا بل لعل ذلك مل يكن

تقليد لتدبري أمور الدين أو االمتحان لتعرف إال للفرار من محل أعباء أمور املسلمني واخلوف من شدة التكليف والاملوافق من املخالف أو غري ذلك من االحتماالت ومع ذلك فال ينهض االقتيال شبهة ىف درء االستحقاق وكذلك قوله وليتكم ولست خبريكم فإنه حيتمل أنه أراد التولية ىف الصالة على عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم ومن

مل يكن إذ ذاك أخري من قوم فيهم الرسول ويكون فائدة ذكر ذلك االحتجاج على جواز توليته بعد املعلوم أنه الرسول بطريق التنبيه باألدىن على األعلى وحيتمل أنه أرد بقوله ولست خبريكم أى ىف العشرية والقبيلة إذ اهلامشى

قبل التولية وىف اجلملة ليس يلزم من نفى أفضل من القرشى وإن مل يكن شرطا ىف اإلمامة وحيتمل انه أراد ذلك األفضلية أن يكون مفضوال بل من اجلائز أن يكون مساويا ومع ذلك فعقد اإلمامة له يكون جائزا باالتفاق

وقول عمر رضى اهللا عنه مع ما كان حيتج على الناس بإمامته ويدعوهم إىل طاعته ومتسكه ىف ذلك بعهد أىب بكر مل على أن خالفته كانت باطلة وإال فان ذلك مما يوجب اخلبط ىف قوله واهلجر فيه وال خيفى وواليته ال جيوز أن حي

على أحد ما كان عمر عليه من األمانة والديانة والعقل الكامل والرزانة فمعىن قوله كانت فلتة أى عن غري مشورة وه أى إىل مثل خمالفة األنصار ىف نصبهم وقوله وقى اهللا شرها أى شر اخلالف فيها وقوله فمن عاد إىل مثلها فاقتل

إمامني وقوهلم منا أمري ومنكم امري ومع هذه االحتماالت وانقداح هذه اخلياالت خيرج ما ذكروه

عن أن يكون قادحا ويلزم القول بإمامته واالعتراف بصحته توليته على ما وقع عليه اتفاق األمة ومعتقد أهل السنة دين كعمر وعثمان وعلى رضى اهللا عنهم أمجعني فالسبيل إىل إثبات إمامتهم وصحة توليتهم وأما باقى اخللفاء الراش

واستجماعهم لشرائط اإلمامة كإثبات ذلك ىف حق أىب بكر رضى اهللا عنه وصحة عهد أىب بكر إىل عمر والشورى ة عثمان ومقاتلى على بكوهنم وعقد عبد الرمحن ابن عوف لعثمان فإهنا تستند إىل اإلمجاع أيضا وكذا احلكم على قتل

بغاة فإن أسباب حل القتل وجواز قتال اإلمام حمصورة ومل يوجد شئ منها قى حق عثمان وال على عليه السالم ومع هذا كله فالواجب أن حيسن الظن بأصحاب الرسول وأن يكف عما جرا بينهم وأال حيمل شئ مما فعلوه أو

وسالمة االعتقاد وانه مستند إىل االجتهاد ملا استقر ىف األمساع ومتهد ىف قالوه إال على وجهة اخلري وحسن القصد

Page 149: كتاب : غاية المرام في علم الكلام · ﺕﺎﻛﺮﳊﺍ ﺩﺍﺪﻋﺃ ﻦﻣ ﺔﻠﲨ ﻰﻠﻋ ﻑﻮﻗﻮﻟﺍ ﺽﺮﻓ ﻥﺎﻜﻣﺇ ﻰﻔﳜ ﻼﻓ

الطباع ووردت به األخبار واآلثار متواترة وآحاد من غرر الكتاب والسنة واتفاق األمة على مدحهم والثناء عليهم ة واألمور اخلارجة عن بفضلهم مما هو ىف اشتهاره يغىن عن إظهاره وأن أكثر ما ورد ىف حقهم من األفعال الشنيع

حكم الشريعة فال أصل هلا إال خترصات أهل األهواء وتصنعات األعداء كالروافض واخلوارج وغريهم من السفساف ومن ال خالق له من األطراف وما ثبت نقله وال سبيل إىل الطعن فيه فما كان يسوغ فيه االحتمال

ماالت وأن ينزل على أشرف التنزيالت وإال فالواجب والتأويل فيه حبال فالواجب أن حيمل على أحسن االحت

الكف عنه واالنقباض منه وان يعتقد أن له تأويال مل يوصل إليه ومل يوقف عليه إذ هو األليق بأرباب الديانات وأصحاب املروءات وأسلم من الوقوع ىف الزالت ولكون سكوت اإلنسان عما ال يلزمه الكالم فيه أرجى له من أن

ما ال يعنيه ال سيما إذا احتمل ذلك الزلل والوقوع بالظن والرجم بالغيب ىف اخلطل خيوض فيوجيب مع ذلك أن يعتقد أن أبا بكر أفضل من عمر وأن عمر أفضل من عثمان وان عثمان أفضل من على وأن

ممن بعدهم األربعة أفضل من باقى العشرة والعشرة أفضل ممن عداهم من أهل عصرهم وأن اهل ذلك العصر أفضلوكذلك من بعدهم أفضل من يليهم وأن مستند ذلك ليس إال الظن وما ورد ىف ذلك من اآلثار وأخبار اآلحاد

وامليل من األمة إىل ذلك بطريق االجتهاد وفيما ذكرناه غنية للمبتدئني وشفاء للمنتهني عند من نظر بعني االعتبار وله قدم راسخ ىف االختبار

النسم ومعيد الرمم أن ينيلنا فائدته ويعقبنا عائدته حني الفقر والفاقة وضعف الطاقة ىف يوم واملسئول من بارئالقصاص حيث الت حني مناص وأن يصلى على صفوته من الرسل حممد وآله وأصحابه إنه أرجى مسئول وأعطف

مأمول

خرين حممد خامت النبيني وعلى آله واحلمد هللا رب العاملني وبه نستعني والصالة والسالم على سيد األولني واآلوصحبه أمجعني وكان الفراغ من نسخه اخلامس عشر من شهر رجب سنة ثالث وستمائة وذلك بثغر اإلسكندرية

باملدرسة العادلية والسالم وحسبنا اهللا ونعم الوكيل

ISLAM ICBOOK.WS اح| ٢٠١٠ مت ق لحقو ع ا ينجمي م لمسل ة لجميع ا