سيد حممود القمينسيد حممود القمين

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

٣

٤...................................................................................................................مقوالت تمهيدية

٥.........................................................................................................................)١(تأسيس

٧.........................................................................................................................)٢(تأسيس

٩.........................................................................................................................)٣(تأسيس

١٣.....................................................................................................ميثولوجيا الخلق والتكوين

٢٠..............................................................................................................ميثولوجيا الطوفان

٢٥..................................................................................................................) إيل(ميثولوجيا

٢٩........................................................................................................ميثولوجيا المسيح الملك

٣٧.....................................................................................................................مقولة ختامية

٤

::مقوالت تمهيديةمقوالت تمهيدية

لنسلك أعطي هذه األرض، من نهر : ميثاقا قائال أبرام في ذلك اليوم، قطع الرب مع -١

.مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات

)١٨ – ١٥: سفر التكوين(

.ال تظنوا أني جئت ألنقض الناموس أو األنبياء، ما جئت ألنقض بل ألكمل -٢

)١٧ – ٥: انجيل متى: المسيح(

.اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، وأني فضلتكم على العالمين: يا بني إسرائيل -٣

)٤٧ –البقرة : قرآن(

.ولسنا ننقل من االسرائيليات، إال ما أذن الشارع في نقله -٤

))١(البداية والنهاية : رابن كثي(

أنه ليس من شيء يستطيع أن يبقى الحركة الصهيونية حية وفاعلة، إال باإليمـان -٥

يجب أن يرتكز على فلسطين وحدها، وأن أي انحراف اإليمانوأن هذا ... الراسخ

.اإليمانعن فلسطين، يكون بمثابة الكفر بهذا

))٢(المذكرات : حاييم ويزمان(

ونية، تناضل من أجل فكرة عظيمة، وتمثل تراثا عظيما يكن لـه أن الحركة الصهي -٦

.الغرب المسيحي، أعظم تقدير

))٣(المذكرات : لويد جورج(

.والخضوع الروحي ألمة أخرى، هو شر أنواع االستعمار -٧

))٤(المفصل : جواد علي. د(

٥

):):١١ ( (تأسيستأسيس

إلى دولة عظمى على الكوكب حوالي منتصف األلف الثانية قبل الميالد، وقت كانت مصر قد تحولت

األرضي، منذ ما يزيد على خمسة عشر قرنا من الزمان، ووقت كانت فيه بالد العراق القديم قد انتقلت مـن

نظام الدولة المدينية المتعددة، إلى دولة مركزية كبرى، تتالت على الحكم فيها عـدة دول تركـت بصـماتها

إلى األكاديين إلى البابليين إلى األشوريين، ووقت بدأ الكنعانيون الحضارية في وادي الرافدين، من السومريين

في فلسطين يتحولون عن نظام المشتركات المعبدية إلى نظام الدول المدينية علـى شـكل ممالـك صـغيرة

متجاورة، بينما شرع فرعهم الشمالي على الساحل اللبناني، والمعروف بالفينيقي، يشرع أشرعته على البحـر

لمه المجهول، ويقيم مستعمرات متفرقة على سواحله حتى األطلسي غربا، في هذا الوقت من الزمن، ليغزو عا

تتدافع متالطمة على صفحة المنطقة فيما ،)٥(الشام موجات بدوية متبررة من البوادي البعيدة وفدت إلى بادية

دفق ترسل قرون استشعارها مـن وحين كانت الموجات اآلرامية لم تزل في طور الت . عرف بالقبائل اآلرامية

بادية الشام، تتحسس ما حولها في بالد الخصب، برز من رغاء بطونهم وأفخاذهم تلك القبيلة التـي حطـت

رحلها، عطشى جوعى، شرقي فلسطين، وحلي لها تعدد األسماء، فعرفها التاريخ باسـم العبـريين، وبنـي

موح في الطموح، لالسـتيالء علـى منـاطق الخصـب إسرائيل، وشعب اهللا المختار، يدفعهم الطمع إلى الج

.الشاسعة من حولهم

ـلب وعلى العادة البدوية، تصوروا أن باإلمكان اإلغارة كرا وفرا، وفق التقاليد البدوية العتيدة، وأخالقيات الس

رات كبـرى، ذات وجدوا أنفسهم هذه المرة إزاء نوع جديد من النظم لم يألفوه، أمام دول وممالك وحضا والنهب، لكنهم

جيوش منظمة وحكومات مركزية، تتحرك كل أطرافها للعمل بمجرد أن يجذب الملك طرف الخيط داخل قصره، ممـا

. جعل الجوعى القادمين يتوقفون للتفكير مليا في الوسائل المناسبة الختراق هذه األسوار المنيعة، واألنظمـة الصـارمة

تعاملوا كمحطات إنذار مبكر لهذه الممالك إزاء أي تحركات متبررة حولهـا فاستكانوا على حدود الممالك المجاورة، و

.من بني جنسهم، مقابل ما تفيض به عليهم هذه الممالك من خيرات

أن ومع االحتكاك بهذه الحضارات المنتظمة في سلك المركزية، اهتدى القادمون وأدركوا، مبكـرين

، فقيـام )وهم ال يملكون أيا من مقوماتها (ت أو جذور ضارة ال تخرج فجأة من األرض بال مناب حصروح ال

الكيانات المركزية يحتاج تماسكا ال يتيسر للنظام االجتماعي البدوي بفرقته، ويحتاج إلى تكاتف لجهود العمل

استلهامه أو حتى استيهامه، إضـافة البشري المتسق في خطط منظمة يصعب على الطبع البدوي، في تفرقه،

ومن ثم كان البد من أرض أوال، . م من كل هذا، وأول مقومات الكيان المتماسك، وهو األرض إلى ما هو أه

إال أن االستيالء على أرض متكاملة البنيان الحضاري، جاهزة التسليم، أمر غير ميسور تقف دونه هممهـم،

لثغرات الممكنـة لذلك توجه هممهم نحو خطة طويلة النفس، تعتمد على التسلل الهادئ والبطيء من أضعف ا

في المنطقة، ولم يكن هناك أمثل من مجموعة الممالك الكنعانية المتفرقـة لتحقيـق الغـرض، فمصـر دون

الجموح ولو في الخيال، وبابل وأشور ممالك تفرض هيبتها باقتدار، وبالفعل بدأ التسرب البطيء والهادئ إلى

٦

الثانية، وكعصابات مأجورة على الحدود أحيانا، وآنها كمواطنين من الدرجة الممالك الكنعانية، ليستقروا فيها

والكيان ليس فقـط أرضـا . بدأت األرض تتماسك من تحتهم وتلتئم وتتكون، وفق الخطة اللئيمة لقيام الكيان

تجود بشبع البطون، وتؤوي الجسد المنهك من ارتحاله وراء الكأل، إنما هو أيضا تراث وراسـب لخبـرات

وناتج جدل زمني طويل بين اإلنسان وبين هذه األرض، فهو م باألرض وطبعها وطبيعتها، قديمة وعالقات أقد

الشعث أنهم كـانوا األصـدق وهنا ال مندوحة من االعتراف لهؤالء الغبر . أيضا تاريخ، ووعي بهذا التاريخ

المنطقة في طريقهـا إلـى وعيا بالتاريخ في المنطقة، وظلوا مفتحي األعين واألذهان دائما عليه، بينما كانت

.غفوات متالحقة انتهت بسباتها الطويل الحالي

ومن هنا أخذ هؤالء في تمثل تراث المنطقة، والتراث الكنعاني بشكل خاص، وهضموه بجودة عالية،

ثم بدأوا أعادة صياغته بشكل جديد، بما يخدم مصالحهم اآلنية أوانها، والمستقبلية أيضا، بـوعي نفـاذ لهـذا

".الدين"يخ ودوره، مستثمرين في ذلك العملة صادقة الرنين، أقصد التار

وبالدين كانت بداية تاريخهم، الذي لم يكن تاريخهم أصال، وبالدين كانت بداية تواجدهم كشعب يحمل

ن تحولوا على حد تعبير لويد جورج، وبالدين كانت بداية لغتهم بعد أ " يكن له الغرب أعظم تقدير "تراثا عريقا

راميتهم األصلية إلى اللغة الكنعانية، امعانا في المصداقية مع الوعي بتمثل التراث والـتالحم بالتـاريخ، آعن

وهو ما اعترف به الكتاب المقدس، حيث أوضح، بال التواء، برغم التواءاته ومنحنياته الخطيـرة، أن اللغـة

، وبالدين وتفهمهم لدوره، وإمكانياتـه التـي ال )١٨ – ١٩أشعياء (، أو لسان كنعان "شفة كنعان "العبرية هي

تنفد، كانت بدايتهم كأصل للتدين، فاحتكروا النبوات جميعا في نسلهم وأصالبهم، وليس هنـاك شـهادة لهـم

، لكن بعد – كما سنرى –بالتفوق األكيد سوى التسليم لهم بهذا االحتكار، برغم أنهم بدأوا من ديانات المنطقة

ا عليها دبلجة وبرمجة ذكية، فتحولت إلى دين يجمع من المتنافرات هجينا عجيبا، يزداد عجبه عندما أن أدخلو

.نجد العقول تقبله أحسن القبول، ليصبح صاحب السيادة على عقل المنطقة بال منازع

العبريون وقد تمكن وقديما، وحديثا، وربما ألمد مقبل، كان الدين هو األسلوب األكثر فعالية وعملية،

من التضلع في فنونه، واستثمروه وفق برامج جدوى عالية الكفاءة والجودة، مع انتهاز لماح لكل ما يطرأ في

المنطقة من تغيرات على مختلف األصعدة، لنشر القناعات المطلوبة بين أهلها، ومن هنا نفهم لماذا كانوا فـي

شدا من كل ما وقع تحت أيديهم مـن ميثولوجيـا ، جمعوا له ح (Bible)عجلة من أمرهم لوضع كتاب مقدس

المنطقة وتراثها، مع التدخل بما يلزم وقتما لزم األمر، فكان هذا الكتاب مأثرتهم الوحيدة، لكنه كان األوحـد

الثابت، بعد اندثار الحضارات األصلية، وانقطاع أهلها عن تاريخها، بينما كانـت للمقـدس العبـري مـنهال

.ت صالبة ال تبارى، ال نجد لها سببا سوى الوعي بالتاريخ والتواصل معهومنبعا، بحيث أثب

٧

):):٢٢ ( (تأسيستأسيس

وهكذا؛ وبعد أن تمكن العبريون من تهويد تراث المنطقة، وجعلوا جماعتهم وأسالفهم قطب الـدائرة

الميثولوجيا القديمة في كتابهم، فنسبوا بطوالت المالحم القديمة إلى آبائهم األوائل أحيانا، وأدرجوا األبطال في

للمنطقة ضمن النسل العبراني أحيانا أخرى، أو غالبا ما كانوا يختارون البطل أيا كان جنسه، ثم يصوغون له

شجرة نسب تولده من أسالفهم، فكان أن تالقحت على صفحات الكتاب ثقافات شتى، أولدت هجينا تعشقت فيه

. البطولة المطلقةرواسب شعوب المنطقة، ولعب فيها اليهود دور

ولعله من نافلة القول، وتكرار المعروف، أن هذا الكتاب ال يعد بحال مصداقا لمـا اصـطلح علـى

، ولدينا، وبين أيدينا، في مقدمة الطبعة الكاثوليكية للكتاب المقدس، الصادرة سـنة "كلمة اهللا الثابتة "تسميته بـ

عصرنا، يعتقد أن موسى ذاته كتب كل التـوراة منـذ ما من عالم كاثوليكي في : " إقرار واضح يقول ١٩٦٠

إن ازديادا تدريجيا حدث، : بعده، بل يجب القول كتبه عديدون الخليقة، أو أنه أشرف على وضع النص الذي

".والدينيةاالجتماعية سببته مناسبات العصور التالية،

حول ضبط جمع مـادة هـذا الكتـاب ومعلوم أيضا، أن الباحثين التوارتيين، قد اختلفوا فيما بينهم،

وتوقيتها، وانه لم يكتب بيد مؤلف واحد في عصر واحد لجمهور واحد، بل قام بهذه المهمة مؤلفون كثيرون،

في عصور متباينة، لجماهير تتباين مزيجا ومزاجا، حتى امتدت هذه التفانين إلى أكثر من ألف عـام، وقـدر

.)٧(، وربما في تقدير آخر، حتى القرن األول قبل الميالد)٦(م. ق٤٤٠البعض تاريخ االنتهاء منها حوالي

، التـي أكـدت أن "Willhawsenفلهـاوزن "ولعل أشهر المدارس البحثية في التوراة، وهي مدرسة

تصانيف التوراة قد بدأ جمعها بعد عهد موسى بقرون، وأن الجماع والمصنفين كانوا مختلفين مزاجا ومشربا،

ى ذلك بأدلة هامة، لعل أخطرها وال يقبل جدال، أن اسم اإلله وطبيعته وعالقته باليهود، يختلف مـا ودللت عل

بين سفر وآخر، إضافة إلى تكرار القصص في األسفار، مما يشير إلى أن المصنفين لم يلتقوا معا، ليصفوا ما

التنافر التام في اللغة واألسلوب بينهم من خالفات حادة في التفاصيل، هذا مع فروق واضحة وعميقة إلى حد

قد ترجم عن اللغات األصلية، وهي العبرانية " فتؤكد على غالفها أنه أما النسخة العربية، . )٨(بين هذه األسفار

وما حملته من علوم (، واللغة اليونانية )وما تحمله من تراث رافدي طويل (، واللغة الكلدانية )أصال الكنعانية (

)".وتراثها المصري العريق جامعة اإلسكندرية

ساعد اليهود على االحاطة بشكل واسع بتراث المنطقة وتحميله للتوراة، أن هناك ظـروف أدت وقد

إلى ارتحالهم في مناسبات مختلفة إلى الرافدين وإلى مصر، مما أدى إلى زيادات وتراكمات اصطبغت مع كل

إلى االعتراف بـاحتواء التـوراة علـى " إيغار لسنر "ارتحال بلون جديد، مما أدى بباحث متحيز لليهود مثل

المتنقلة، وآثـار النيل أن تابوت العهد، يعود بنا إلى مساكن آلهة : "متنافرات عديمة االتساق والتمازج، وقوله

، ويصير اإلله البابلي جلجامش ببابل، كلما تذكرنا قصة الطوفان واألرقام الغامضة مصرالسحر ترجع بنا إلى

٨

المجنحة كروبيم العبريين، كما أن أسطورة الجنة، وشخصية الشيطان أهريمـان أشورتصبح ثيران نمرود، و

الفينيقيـين ، ونتعرف على البعـل فـي إلـه الفرسوعالم المالئكة ورؤساء المالئكة، تعيد إلى أذهاننا بالد

وا أصـال مـن كريـت، لقد كان الفلسطينيون الذين يحتمل أنهم وفـد . في أسماء إشبعل ومربعل والكنعانيين

.)٩(ينظرون إلى اليمامة أصال كإله، أما السمكة التي عبدت في عسقالن، فتظهر في قصة يونان

هنا كالم شديد العمومية والتسطيح، إال أنه يشير إلى المعنى المقصود، ويؤكـد وراثـة " لسنر"وكالم

إال . وهو المعروف بتحزبه لبني إسـرائيل ، "لسنر"، تراث اآلخرين بشكل فاضح وضح لدى اليهود، أو سلبهم

دراسات أخرى أكثر علمية وتدقيقا وتوثيقا، قدمها جلة من العلماء األجالء، لعل أهمهـا وأنشـرها أن هناك

حول تأثير الحضارة المصرية "J.H. Breastedجيمس هنري برستد "وأحوزها للثقة، دراسات المصرولوجي

.S.Nصـموئيل نـوح كريمـر "توراتي، ودراسات عالم اآلثاريات السومرية، وثقافتها القديمة في التراث ال

Kramer " ،عن طريق بابـل –حول تأثير السومريين المباشر، وغير المباشر أحد أعالم أركيولوجيا الرافدين

". في التوراة–وأشور

كانوا قد اجتازوا مرحلة ن الكنعانيين، الذين كانوا يسكنون هذه البالد قبل العبرانيين، ": "برستد"ويقول

، حينما غزا العبرانييون البالد، وقد عرفنا من النقـوش التاريخيـة، أكثر من ألف سنة النمو المتحضر، تبلغ

البابلية والمصرية القديمة، وكذلك من الحفائر اآلثارية، شيئا كثيرا عن المدن الفلسـطينية الراقيـة الناميـة،

أثر هام خالد في فلسطين الكنعانية، وعن طريق الكنعانيين، .. ان للثقافة البابلية السابقة لعهد العبرانيين، كما ك

بوجه خاص، وصل أثر البابليين في الفن واألدب والدين إلى العبرانيين، يضاف إلى ذلك أن هذا اإلقليم كان،

سـيطرتهم علـى يبسـطون منذ زمن بعيد، واقعا تحت نفوذ الحضارة المصرية القديمة، فقد بدأ المصريون

، إذ اقتحمت الجيوش المصرية فلسـطين بأكثر من ألفي سنة الساحل الفينيقي قبل أن يطأ العبرانيون فلسطين

خالل القرن ولما فتح المصريون آسيا الغربية، ووصلوا في فتحهم إلى نهر الفرات في . م. ق ٢٥٠٠قبل سنة

، والواقع انهم حكموا فلسـطين ن أربعة قرون أكثر م ، بقيت فلسطين مستعمرة في أيديهم .م.قالسادس عشر

وبذلك بلغت المدنية الكنعانية مرتبة سامية في القرون التي احتلتهـا بعد دخول العبرانيين فيها، مدة قرنين

".)١٠(فلما غزاها العبرانيون، كانت قد اصطبغت مرارا وتكرارا بالعناصر المصريةفيها مصر،

إن العناصر الثقافية الكنعانية حتى، التي أثرت في : ضوح، هو القول هنا، بو " برستد"وغاية ما يريده

وكان من نتائج ذلك، أن العبـرانيين "اليهود الغزاة، تعود بدورها إلى أصول مصرية ورافدية، لذلك يستطرد

حينما غزوا فلسطين، صاروا على اتصال مباشر بتلك الحضارة الكنعانية المركبة، التي أنشئ معظمها مـن

أما من الناحية الثقافية، فإنها كما أوضحنا كانت داخلة ضمن اإلقلـيم . العناصر البابلية والمصرية القديمة معا

التجاري الذي طالما كانت المعامالت البابلية تسيطر عليه، كما كانت في الوقت نفسه تقع مباشرة فـي ظـل

".)١١(صرح المدنية المصرية العظيمة

٩

مقارنات عديدة وهامة، بين ما عثر عليه من نصـوص مصـرية، وبـين بعقد" برستد"قام ومن ثم

نصائح إلـى مـري "فة بـ وأن حكمة الملك المصري األهناسي المعر : النصوص التوراتية، كان أهم نتائجها

، كما أثـر تصـور المصـرين )١٢(قد وجدت طريقها إلى سفر صموئيل وسفر األمثال" Mare Ka Raكارع

لة اا من تخافون اسمي، تشرق شمس العد يإليكم : " ال يقبل شكا في سفر مالخي وهو يقول لمفهوم العدالة تأثيرا

بنـت " ماعـت "، ويعقب بأن العدالة في المفهوم المصري مثلتها اآللهة "٤ مالخي ص –بالشفاء في أجنحتها

ـ وأن شمس العدالة وصفتها التوراة بأن لها أجنحة، الشمس، " رع" ورة ولم يوجد في أي تصور عبـري ص

.)١٣(ولم يوجد ذلك إال في النقوش المصرية وحدها. إللههم يهوه تمثله بأجنحة

كانوا على علم بأنشودة أخناتون العظيمة إلله الشمس، بعد أن قارنهـا – ال شك –ثم يؤكد أن اليهود

ينهـا ، بعد أن عقد ب"Amen Mu Beآمن موبي "وكذلك كانوا على علم بحكم الحكيم المصري بسفر المزامير،

وبين أسفار أرميا والمزامير واألمثال مقابلة نصية كادت تكون حرفية، استغرقت حـوالي خمـس وثالثـين

اكتفينـا منـه بهـذه " برسـتد "هذا ناهيك عن العدد الكثيف والجم الغفير مما قدمه . صفحة من القطع الكبير

.اللمحات، مع اإلحالة إلى المصدر لمن ابتغى المزيد

فقد قدم جهدا مشابها في مقارنات مدهشة حقا ما بين التراث السـومري " كريمر"ات أما عالم السومري

وبين التوراة، حتى كاد يجزم أن كل آراء السومريين في الكون والدين قد انتقلت بتفاصيلها إلى التوراة، وذلك

الرجوع في ذلك تفصيال عبر البابليين الذين سبق وورثوا التراث السومري وشذبوه وقدموه إلى الدنيا، ويمكن

، )١٥( السومرية راألساطي"، ")١٤(خهم وحضارتهم وخصائصهم يالسومريون تار : "ترجمة، وهي مإلى أهم كتبه ال

.)١٦("من ألواح سومر"

أما نحن، فما نقصده حقيقة، ونصر عليه، هو أن هذه المآثر التي جمعها علمـاء أجـالء وقارنوهـا

أو بالتأثير الطبيعي لجماعة بال حضارة بالحضارات الكبرى في مصـر وعدوها قد دخلت التوراة بالصدفة، (

لم تدخل التوراة بالصدفة وحدها، وال بالتأثير المنطقي الذي يصب األعلى في األسفل، إنمـا مـا ) والرافدين

ـ ة نراه، ونحاول إيضاحه في هذه الدراسة، هو وجود العمد والقصد من أهل التوراة، ليس مجرد الفائدة العلمي

.والحضارية، إنما لتحقيق أغراض ومقاصد عظمى، ستتضح في حينه

):):٣٣((تأسيس تأسيس

إذن؛ فقد تسلل بنو عابر إلى الممالك الكنعانية تدريجا وعلى دفعات، ويتضح ذلك في قصة التـوراة

ك عن هبوط النبي إبراهيم ضيفا على مملكة شاليم، التي كانت قائمة قبل زمنه بزمان، وكان يحكمها كاهن مل

، مما يشير إلى أن ممالك كنعان كانت تعيش مرحلة المشترك المعبدي "الملك صادق "، أو "ملكى صادق "هو

.حتى هذا الوقت

١٠

وقد ظل هؤالء األغراب من العبريين يعيشون زمنا طويال على هامش الحياة الكنعانيـة المسـتقرة،

عانية، لكن الفرصة الحقيقة للسـيطرة الكاملـة علـى ، وعبدوا اآللهة الكن "الكنعانية" لغة أهل البالد وتكلموا

األرض، أو التحول على األقل إلى مواطنين من الدرجة األولى، لم تتح لهم طوال هذه الحقبة، وظلوا مجـرد

جد جديد تمثل في جدب حل بأرض كنعان، دفع بالعصـابات العبريـة حتىعصابات مأجورة لملوك كنعان،

، برفقـة أبنائـه "يعقوب بن اسـحق بـن إبـراهيم "ون القوت، في عهد النبي إلى هبوط أرض مصر يستجد

حظوظا عظيمـة، – فيما تزعم التوراة –، حيث نالوا هناك "يوسف"المعروفين باالسباط، وعلى رأسهم النبي

، برغم انه لم يوجد نص مصري واحد فيما اكتشف حتى اآلن يشير !)؟(انتهت بهم وزراء لخزانة المصريين

النبي مع الفرعون المصري، عندما " يوسف" على هذه الرتبة بعد صداقة عقدها حصلوا هذا المعنى، وقد إلى

إال أنه ما أن أنقضى زمن الفرعون الحلوم، أبهرته قدرة يوسف على تفسير األحالم والتبصير وقراءة الطالع،

استخدامهم كعمالة رخيصة في حتى ضاق بهم حلم الفرعون الجديد، وقلب حظوظهم رأسا على عقب، فأمر ب

ودخل بنو عابر عهد مذلة مريرة تستشعر مرارتها في كل سفر من أسفار التوراة، مصحوبة األعمال الشاقة،

ومرة أخرى تحين الفرصة لبني عابر، فتطـرأ . باللعنات المرتجاة استنزاال على المصريين من رب العالمين

رفها عن القبيلة الهامشية، وعن شؤون إمبراطوريتها في الخارج، في مصر الفتن الداخلية، التي تشغلها وتص

مما يخفف من هيمنتها بعض الشيء على مستعمراتها اآلسيوية، في وقت انشغل فيـه أهـل الرافـدين فـي

صراعات انقسمت فيها البالد على نفسها، مما يعطي الضوء األخضر لبني عابر للهروب من مصـر إلـى

لة الخروج أو الهروب، وفي ضوء انشغال اليد العليا عنهم بشواغلها الخاصة في وفي رح . أخرىكنعان مرة

الداخل، يسجل اليهود في توراتهم أبشع صور الوحشية، فيأتون على كل ما يقابلهم في الطريق ذبحا وتحريقا،

عة الربانيـة ولم يسلم من أذاهم ال اإلنسان وال الحيوان، وال حتى نبات األرض، بعد أن قررته لهـم الشـري

الـرب رجـل "وأباحته بإباحية مطلقة، وأسفر الرب العبراني آنذاك عن هويته بوضوح، فأعلن أنه من اآلن

وقود، رائحة "، وأن رائحة دخان المحروقات أحب المشهيات إلى نفسه الملتاثة )"٣ – ١٥ – خروج –حرب

ولم يكتف بذلك، بـل قـرر أن ". خال .. ١٧، ١٣، ٩، ١سرور للرب، متكررات في سفر الالوين، اصحاح

وأجعـل "يمارس لذة الذبح واإلحراق، فترك عرشه السماوي وهبط يتخبط كرها وفظاظة ليمـارس رغباتـه

، وأخذ ينفـث أوامـره "١١ – ٢٦ – الويين –مسكني في وسطكم، وأكون لكم إلها، وانتم تكونون لي شعبا

:المتكررة

).١٠ – ٣١عدد . (صونهم بالناروجميع حبمساكنهم، احرقوا جميع مدنهم، -

).١٧ – ٣١عدد (. امرأةوكل األطفال، اقتلوا كل ذكر من -

).٣١ – ١٢تثنية . (للنارهم وبناتهم يبناحرقوا حتى -

بحد السيف، تجمع مع بهائمها فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرقها بكل ما فيها، -

.للـرب ألهـك ر المدينـة، وكـل أمتعتهـا، كاملـة كل أمتعتها إلى وسط ساحتها، وتحرق بالنـا

).١٦، ١٥ – ١٣تثنية (

١١

أما شريعة الحرب، وفق الخطة المثلى، التي كتبها رب اليهود بإصبعه على األلواح، والتـي نفـذها

خليفة موسى على القيادة، بدقة وإخالص تحسده عليهما الضواري من كواسر الوحش، فهي مرصودة " يشوع"

:وتوجيهاتهفي أوامر الرب

فإن أجابتك إلى الصلح، وفتحت لـك، فكـل فستدعها للصلح، حين تقترب من مدينة لكي تحاربها،

، وأن لم تسـألك وعملـت )وما أشبه الليلة بالبارحة ! ؟(الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك

بحد السيف، وأمـا النسـاء معك حربا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها

التي أعطاك الـرب واألطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها تغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك،

.ألهك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا، التي ليست من مدن هؤالء األمم هنا

):شرعة أخرى، فهو يأمر قائالأما مدن كنعان الفلسطينية، فلها في موعظة الرب الحسنة (

. منهـا نسـمة مـا فـال تسـتبق نصـيبا، ألهـك وأما مدن هؤالء الشعوب، التي يعطيك الـرب

).١٦: ١٠ – ٢٠تثنية (

وهكذا وجد بنو عابر فرصتهم للتعبير عن طبائعهم وسليقتهم المفطورة بصدق نادر المثال، مـدهش،

" قرطاجنـة "ضـمن آثـار " نوميديا"ر الذي اكتشف أخيرا في وقد أكد صدق هذه المفاخر التوراتية ذلك الحج

قاطع الطريق يشوع بـن إننا خرجنا من ديارنا لننجو بأنفسنا من : "القديمة، شمال أفريقيا، وعليه كتابة تقول

".)١٧(، بعد أن قتل منا في عشية واحدة عشرة آالف إنساننون

وتخرج تلملم شتات مستعمراتها الخارجية، وأن تهدأ وكان من طبائع األمور أن تستقر أمور مصر الداخلية،

آشور وتتماسك بابل، ليبدأ هؤالء وأولئك يبسطون حمايتهم على المنطقة، وأن اتفقت األغراض السياسـية لكليهمـا

على أن تظل دولة سليمان بن داود على حالها، كحائل بين الدول العظمى، لكن مع تناوب السـيادة عليهـا حسـب

حة، وال يجد بنو عابر من يحرقونه ليكون رائحة سرور للرب، فيحرقون بعضهم بعضا، وتنقسم مملكة الفرص المتا

، ويكتشف المصريون أن طبع بني عابر اللئـيم غـالب، السامرة في الشمال، ويهوذا في الجنوب : سليمان مملكتين

ون، ومن بعدهم البابليون، ليستاقوهم فيجرد الفرعون شيشنق عليهم حملة تجردهم مما يستر عوراتهم، ليأتي اآلشوري

.أسرى وسبايا على شاطئ الفرات، ليعيشوا هناك في األسر زمانا

وتتغير األحوال، وتجد تغيرات عالمية جديدة مع بروز القوة الفارسية الطالعة، فيتحالف المأسـورون

ون له أبوابها، فيرد صنيعهم عظيم الفرس، ويسربون له أخبار بابل أوال بأول، حتى يفتح " قورش"في بابل مع

ويسمح لهم بإعادة بناء الهيكل السـليماني، ويقيمـون دولـة بأحسن منه، ويعيدهم على دفعات إلى فلسطين،

خاضعة للفرس، لكن األحداث تتالحق على صفحة المنطقة، مع قوة اإلغريق الصاعدة، فيصطدم االسـكندر

ونانية، ثم تقع بعد موته في قرعة قواده الرومان، لتتحول المقدوني بالفرس، ويحتل فلسطين لتصبح مستعمرة ي

ليكسب في التـاريخ " طيطس"إلى مستعمرة رومانية، ويثور اليهود ثورات متكررة ضد الرومان، فيأتي القائد

لكن . شرف إنهاء الوجود اليهودي هناك، ويدمر الهيكل، ويشتت أصحابه، ليبدأ عصر الشتات لليهودي التائه

١٢

بداية بعث جديد، واحتالل عالمي للعقول وتهويدها، مع ظهور المسيحية وانتشارها، إضافة إلـى ليكون ذلك

فرصة أخرى حانت في مكان بعيد في عمق البوادي، مع ظهور الدعوة اإلسالمية، وهو ما سنلمسـه لمسـا

.رفيقا إبان استمرارنا في بحثنا هذا

١٣

ميثولوجيا الخلق والتكوينميثولوجيا الخلق والتكوين

كما تشق الصدفة إلى قسمين وثبت نصفا وشقها ...

...جعله سقفا سماء

.واألسفل ثبته في األرض، خلق منه األرض

)إينوما إيليش(من ملحمة الخلق البابلية

تقول قصة الخلق التوراتية إن الرب العبراني، بعد أن قضى على فوضى الماء أو الغمر البدائي الذي

" لوياثان" أزليا مظلما، مثلته التوراة في وحش خرافي عظيم أسمته كان أول موجودات الوجود، وكان محيطا

هو التنين ذو الرؤوس المتعددة، قام الرب بشقه نصفين، صنع منهما السماء واألرض، وقد اسـتغرقت هـذه

وأليـك . العملية التصنيعية ستة من األيام، استراح بعدها اإلله من عناء عمله على عرشه، في اليوم السـابع

:لنصوصا

. لوياثـان على المياه، أنـت رضضـت رؤوس التنانين بقوتك، كسرت رؤوس أنت شققت البحر -

).٧٤مزمور (

ألسـت أنـت الست أنت القاطعة رهب، الطاعنة التنـين، ... استيقظي، ألبسي قوة يا ذراع الرب، -

).١٠، ٩ – ٥١أشعيا . (المنشفة البحر مياه الغمر العظيم

ان، الحية الهاربة، لوياثان الحية الملتوية، ويقتل التنـين الـذي فـي ستقتل لوياث في ذلك الوقت -

).١ – ٢٧أشعيا . (البحر

وقال ... ، وروح اله يرف على وجه المياه وكانت األرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، -

مياه التي اهللا ليكن جلد في وسط المياه، وليكن فاصال بين مياه ومياه، فعمل اهللا الجلد، وفصل بين ال

).٨ : ٢ – ١تكوين . (تحت الجلد والتي فوق الجلد، وكان كذلك، ودعا اهللا الجلد سماء

، وقد اتسم اإلله "جنة عدن "بعد ذلك، تخير الرب التوراتي مكانا على يابسة األرض، أسمته التوراة ثم

األبدية، كما اتسـم بالمعرفـة، بصفة الخلد ألنه كان يتعاطى في هذه الجنة من شجرة الحياة التي تمنح الحياة

، ثم "آدم"خلق اإلنسان المدعو ويوما قرر الرب . ألنه كان يتغذى من شجرة أخرى هناك، هي شجرة المعرفة

زوجته، ووضعهما مها في الجنة، لكنه حرم عليهما ثمرة شجرة المعرفة، " حواء"خلق له من ضلعه أنيسا هو

: وتشرح التوراة القول.ففضل أن يكون رب جاهلين ال رب عارفين

ثم كان ضباب يطلع من األرض، ويسقي كل وجه االرض، وجبل الرب اإلله آدما ترابا من األرض،

ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفسا حية، وغرس الرب اإلله جنة في عدن شرقا، ووضـع هنـاك آدم

في وسـط الجنـة، وشجرة الحياة لألكل، الذي جبله، وأنبت الرب من األرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة

وأخذ الرب اإلله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب ... الخير والشر وشجر معرفة

١٤

من جميع شجر الجنة تأكل أكال، وأما شجرة معرفة الخير والشر فال تأكل منها، ألنك يـوم تأكـل : آدم قائال

فأوقع الرب اإلله .. ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره منها موتا تموت، وقال الرب اإلله

سباتا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضالعه ومأل مكانها لحما، وبنى الرب اإلله الضلع التي أخذها مـن آدم

نها مـن امرأة، وأحضرها إلى آدم، فقال آدم هذه اآلن عظم من عظامي ولحم من لحمي، هذه تدعى امرأة أل

أحقا قـال اهللا : فقالت للمرأة وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب اإلله، .. امرئ أخذت

من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما الشجرة التي في وسط الجنـة، : ال تأكال من شجر الجنة، فقالت المرأة للحية

لن تموتا، بل اهللا عالم أنه يوم تـأكالن منـه : ت الحية للمرأة ال تأكال منه وال تمساه لئال تموتا، فقال : فقال اهللا

–تكـوين (ودعا آدم اسم امرأته حواء ألنها أم كل حـي .. تفتح أعينكما وتكونان كاهللا عارفين الخير والشر

).٣، ٢إصحاحات

جان العلـم وبرغم محاولة الرب إيهام الزوجين أن ثمرة المعرفة ثمرة سامة وقاتلة، فقد فضل الزو وهكذا،

بالشيء على الجهل به، فغضب الرب لفضولهما المعرفي، وخشي أن يدفعهما الفضول إلى ما هو أكثـر ترويعـا،

:وربما يأكال من ثمرة الخلد فيكسبا األلوهية، مما قد يؤدي إلى منافسة غير مضمونة النتائج، ومن هنا

، واآلن لعله يمد يده ويأخذ من شـجرة هوذا اإلنسان صار كواحد منا عارفا الخير والشر : قال الرب

األرض التـي أخـذ منهـا، فطـرد رالحياة أيضا، ويحيا إلى األبد، فأخرجه الرب اإلله من جنة عدن، ليعم

!) ؟(اإلنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيـب سـيف متقلـب لحراسـة طريـق شـجرة الحيـاة

).٢٤، ٢٣ – ٣تكوين (

قريب، أن الكاتب التوراتي هو الناظم األولى لمثولوجيا الخلـق بهـذا وقد كان المظنون، حتى عهد

الشكل، الذي اكتسب ثباتا عجيبا، وانتقل إلى ديانات أخرى مع بعض التهذيب هنا والتشذيب هناك، حتى بدأت

ـ ة الكشوف األركيولوجية المعاصرة في آثاريات المنطقة تأتي بثمارها، وتم فك رمـوز الكتابـة الهيروغليفي

المصرية، والمسمارية والرافدية، واالوغاريتية الكنعانية، مما أثبت أن هذه الملحمة ليست إال تهجينا مستهجنا

لمجموعة من المالحم القديمة، التي عرفها بنو عابر مبكرين، وأعادوا صياغتها في توراتهم، بينما انـدثرت

.يرته، وبدأ نفض غبار األيام الغبراء عنهاتلك الحضارات القديمة، ونسي تراثها، حتى أعاد الزمان س

وبرغم عدم تناسق الدراما التوراتية في التكوين، وتنافرها بعضها مع بعض، ومع أبسـط البـداهات

العقلية، كنتيجة لسلب التراث دون إدراك لمرامي تركيباته األصلية، ولنزعه مـن سـياقه البيئـي اجتماعيـا

لى األصول األولى لمنابته، تضع بين أيدينا األسس الحقيقية، والظروف التـي وجغرافيا وزمانيا، فإن العودة إ

بنى عليها األقدمون تصوراتهم الكونية، كناتج طبيعي لمشاهدات اإلنسان وتراكم خبـرات تفاعلـه البيئـي،

لى ولنعد معا إ . ومحاولته تفسير ما يجري من جدل بين عناصر الطبيعة، ودوره ككائن متميز في هذا الجدل

.البداية نستطلع أحوال هذا اإلنسان في ضوء ما سنطرحه من تصورات

١٥

في مناطق الخصب، التي بدأ االقدمون يستقرون فيها، بدأ صراع إنساني رفيع القدرات، بين اإلنسان

والطبيعة، من أجل أن يثبت أقدامه في مقرها، رافضا التراجع إلى طور البداية والبداوة، تطلعا إلى حياة أقدر

السيطرة عليها على تحدي مزاج الطبيعة المتقلب، وتحديها المستمر لهذا الكائن الذي نشأ من رحمها، ويحاول

.وكبح جماحها لصالح وجوده واستمراره

وفي مناطق الخصب تنتاب الطبيعة تقلباتها المزاجية، ما بين جذب يزهق األرواح جوعا، ويقضـي

في السخاء فتدمر الفيضانات جهود سنين مضنية وشاقة من عمـل بجفافه على الزرع والضرع، وبين إفراط

البحر الذي يداوم محاوالته فـي عـدم تـرك اإلنسان الدؤوب، أما اآلفة الكبرى، والوحش الجبار، فكان ماء

اليابس، واستمرار طغيانه على دلتا األنهار، مما أدخل اإلنسان المزارع في ملحمة رائعة البطولة مـع هـذا

: ي األمواج المتطاولة بألسنتها من الماء المالح، تلفح زرعته وتربته كل حين، وكان على كل منهما الوحش، ذ

. اإلنسـان، والبحـر، أن يثبت قدرته أكثر من اآلخر على التمسك بالطمي الذي كانت تلقيه األنهار في دلتاها

وتشيع في مستقراته الويل والدمار، وكثيرا ما أطل البحر بأعاصيره رؤوسا وألسنة تنهش من الفالح زرعه،

ولعل أروع هذه المالحم بطولة ما سجله المصريون وهم يضمون إلى اليـابس مزيـدا، يومـا وراء يـوم،

ويدفعون البحر إلى الوراء خلف حدوده، حتى تمكنت الدلتا من قوامها العظيم، وهو األمر ذاتـه الـذي جـد

.السومريون لتحقيقه في العراق القديم

وأنه كي يقيم الفالح يابسا لزرعه وقـراه، . من هنا كان البحر دائما رمزا للفوضى والدمار والظالم و

فال بد أن يفرضه على شواطئ البحر فرضا، أو ينتزعه من البحر بجبروته، ومن هنا نفهـم لمـاذا تصـور

تعـدد الـرؤوس ال تقـوم الحيـاة اإلنسان بداية الكون بحرا أزليا فوضويا معربدا، ولماذا تصوروه وحشا م

يحـاول الفهـم ولذلك تصور العقل، وهو في بدئه . واليابسة، بوجه خاص، دون التغلب عليه وقهره المستقرة

والتفسير، أن البحر هو األساس في الكوزموسية، ورمز للشر والظالم، بينما أصبح اليابس بطميه، الذي تأتي

الشمس التي كانت تساعد على مزيد من التجفيف وزيـادة المسـاحات به األنهار، رمزا للخير والضياء، أما

.عة، فقد أصبحت أعظم اآللهة طرا في جميع البلدان الزراعية، والوديان النهرية، بال استثناءرالمنز

ومن هنا فقد تصور المصريون األقدمون، وهم بسبيل الفهم، إنشاء عالقات جدلية مـع الطبيعـة، إن

بقدرتــه " رع"خرج إله الشـمس " نون"، وأن من "نون"يما هائال مظلما، أطلقوا عليه اسم الكون بدأ غمرا و

، من أجل ظهور اليابس، وتكون التربة الصـالحة للزراعـة، وحـده، لينشر الضياء والحرارة على األرض

: ية التوراتية يقـول ، أو ما جاء في الروا "نون"قبل الخلق كان في األزلية والبدء على سطح " رع"وعلية فإن

، وأن التعبيـر "وكانت األرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح اهللا يرف على وجـه الميـاه "

يستدعي معنى الطيران على وجه المياه، واإلله الذي عرفه الشرق القديم، في المصورات طائرا، هو " يرف"

، "نون" مجنحا، وهو الذي خرج من الغمر األول المصري، الذي كان يمثل دائما في شكل قرص الشمس " رع"

الذي فتق األرض قسمين عظيمين، بعد أن كانتا رتقا، ورفع القسم األعلـى " شو"وهو الذي أنجب إله الهواء

١٦

أو تفاعلت ظواهرهما فأنجبا أول البشـر ، ثم تزوجت السماء واألرض، )١٨("نوت"سماء أصبحت هي اآللهة

بزيادة المساحة المنزرعة زرعا وتفليحا، تسجيال للوعي بدور ومهمة كـل مـن على األرض، إلتمام المهمة

وفي قصة أخرى روى المصريون أن وحشا أول رمـزوا لـه . الطبيعة واإلنسان في تحقيق الغرض األسمى

، وكانت آلهة أنثى، قد انطلقت تـدمر بـال تمييـز، "هاروت"، أو بالقلب اللغوي "هاتور"، أو "حاتمور"باالسم

وال ريب أن الشمس هنا كانـت . الشمس إلنقاذ البشرية، وتغلب عليها بعد ملحمة بطولية كبرى " رع"وتدخل

تقوم بدورها المعروف ضد ماء البحر الطاغي على اليابس، وهو ما رددته التوراة بوضوح، لكـن بعـد أن

ألست أنت المنشـفة البحـر، "نسبت دور البطولة للرب العبري الذي قضى على البحر البدائي، ونشف البحر

)".١٠ – ٥١ أشعيا –مياه الغمر األولى

وكما أشرنا، فقد تكررت الملحمة البطولية بين اإلنسان والبحر، في دلتا دجلة والفـرات علـى رأس

ر الطبيعة بعضها اهالخليج العربي، وسجلها السومريون، ومن بعدهم البابليون، ليؤكدوا أنهم عرفوا عالقة ظو

الذي ويعبر عنه بالمقطع الصوري " Namuنمو "أدركوا دور اإلنسان فيها، فهذا اإلله ببعض، و

إلـه ، ثم تنجب السـماء واألرض )١٩(يصور البحر، يوصف بأنه المحيط األول الذي أنجب السماء واألرض

لفأس، تلـك ، حتى أن خلق ا )٢٠(، الذي تكفل بمهام هامة، أولها خلق الفأس أداة العمل الزراعي "إنليل"الهواء

األداة البسيطة، قد أعطى أهمية كبرى تليق بمقامه آنذاك، فأفردت له ملحمة كاملة مقدسة، تتحدث في الوقـت

:ذاته قائلة

الرب الذي يملك حقا، هو الذي أظهر للعيان

الرب الذي ال يتبدل في أحكامه؛ إنليل

الرب الذي يجلب البذور إلى األرض ليزرعها

سماء عن األرض تولى برعايته فصل ال

)٢١(تولى برعايته فصل األرض عن السماء

وردت " KAr 4 – Methos"وفي ملحمة أخرى لم يعرف عنوانها األصلي، واصطلح على تسـميتها

:أبيات تقول

عندما فصلت السماء عن األرض

بعدما كانتا متصلتين

وبعدما نظمت اآللهة الجداول والقنوات...

وثبتت شواطئ دجلة والفرات

)٢٢()تستريح( اآللهة لستج

١٧

، ويعني اسـمه "آنكي"، جاء االبن اإللهي "Dilmonدلمون "وفي جنة اآللهة السومرية المعروفة باسم

، ممثال لبداية البشرية على األرض، لكنه أصيب بمرض في ضلعه، "اليابس المنزرع "، وبالتحديد "أله األرض "

نن تي "، فخلقت اآللهة إلهة أنثى تحمل اسم "Nin Hursagاج ننهور س"بد أن أكل من ثمار حرمتها عليه اآللهة

Nin Ti " تي "، والضلع بالسومرية ينطق "آنكي"لعالج وتمريضTi" نن تـي "، لذلك سميت اآللهة الممرضة" ،

".سيدة الضلع"تعني سيدة، فهي إذن " نن"و

ع آدم التي وردت في على ذلك بما يوعز لنا بحل أحجية خلق حواء من ضل " كريمر"ويعقب اآلثاري

التوراة حتى يكاد يقنعنا أن التوراة قد أخذت األصل السومري بشكل شائه، بعد مرور زمان نسى معـه هـذا

األصل العتيد، ولم يبق سوى سيدة الضلع أو السيدة الضلع، فخال كتاب التوراة أن األنثى األولى مخلوقة من

التوراة في الشرك السومري، ففسر حواء التي تـدل علـى ضلع اإلنسان األول، وسقط كاتب هذا الجزء من

تلك السيدة التي تحيي، أو تسبب الحيـاة، أو أم "األنثى األولى في اللغات السامية جميعا، بأنها مأخوذة من

عندما تكون أسما، لكنها عندما تدل على الضلع " تي"، ألن "تي"، وهو ما تعنيه أيضا الكلمة السومرية "كل حي

.)٢٣(!؟)جعله يحيا(، أو "أحيا"كون فعال فهي تعني ت

أما الختم الذي عثر عليه مؤخرا في آثار سومر، ففيه فصل الخطاب، ألنه يمثل ذكرا وأنثى يجلسـان

متقابلين بينهما نخلة، وخلف األنثى تدلت حية، رأسها بجوار رأس األنثى، بينما تمد هذه األنثى يدها في شكل

س قبالتها، ليتناول من ثمار النخلة، ولنتذكر االرتباط اللغوي بين الحية والحياة، وبين الحيـة دعوة للذكر الجال

، أما ما ال يغيب على فطـن "التي تحيي "وحيا األنثى، أو فرجها كمفرز للمواليد والحياة، وبين التسمية حواء

.لعمرفهو الحية المصرية المقدسة على تيجان الفراعنة تمنحهم الحياة وطول ا

ثم تكتشف أروع المالحم البابلية، لتقطع ما بقى من شك بيقينها، تلك التي أصبحت من أشهر المـآثر

، "في العلـى عنـدما "، أو "Enuma Elishإينوما إيليش "الدينية في الدوائر العلمية إلى اليوم، والمعروفة باسم

، يتطوع إله الدولة "Tiamatتيامات "عى وتحدثنا عن بحر أول فوضوي، ترمز له إلهة أنثى شريرة مرعبة تد

لمنازلتها وتخليص البشر من نوباتها الهستيرية، فيقضي عليها، ثم يشطر جسـدها " Markukمردوخ "البابلية

:أو كما في النص. )٢٤(شطرين، يصنع منهما السماء واألرضالمائي

شقها كما تشق الدفة قسمين

)٢٥(وثبت نصفا جعله سقف سماء

:ا شطرينشطر جسده

أعالهما ثبته في السماء

خلق منه السماء

واألسفل ثبته في األرض

١٨

)٢٦(خلق منه األرض

ولنلحظ أن األقدمين قد وضعوا بذلك تفسيرا مريحا لظاهرة سقوط الماء من األعلـى، فـي هيئـة (

!!).مطر، بحسبان السماء أحد قسمي البحر األول

وللمصداقية كـان "كان هو صاحب فلسفة الخلق بالكلمة " مردوخ"أن اإلله " االينوما ايليش "ثم توضح

وقد قررت الملحمة البابلية ذلك منسـوبا إلـى )٢٧(اإلله فتاح المصري، صاحب فلسفة مدينة منف هو األسبق

رب المملكة البابلية، بعد أن تطور الشكل المجتمعي في الرافدين من مشتركات مدينية إلى مملكـة مركزيـة

ال ترد كلمته، وحتى تكون كلمة الملك نافذة ال تقبل اإلرجاء، فقد صيغت الملحمة تعبر عن يحكمها حاكم فرد

هذا المعنى الرئاسي الجديد في عالم السماء، كما هو في عالم األرض، بحسبان الملك ممثال جسديا لمـردوخ

.على عرش بابل

، تم العثور على ثروة ال تقدر بثمن )تل شمرا حاليا (الكنعانية القديمة، " أوغاريت"وفي أنقاض مدينة

من المدونات الكنعانية، التي ألقت ضوءا مباشرا على أصل ميثولوجيا الخلق التوراتية، وكان أهم ما ورد فيها

ويقترب أبـو "، أي "أب أدم ويقرب "بلفظه ورسمه، وهو كما ورد " آدم"تطابق األحداث، حتى اسم أبو البشر

لتي وجدت متماسكة بعض الشيء، ذلك النص الذي تطابقه الروايـة التوراتيـة ، ومن النصوص ا ")٢٨(البشر

: رسما ونطقا ومعنى، حول قضاء اإلله على اليم أو الغمر، أو البحر األول ممثال في تنين هو باالسـم ذاتـه

:أنظر النص الكنعاني يقول. ، مما يثير الدهشة لشدة التطابق"لوياثان"

في ذلك اليوم

ب بسيفه القاسي العظيم، الشديد لوياثانيعاقب الر

ويضع نهاية للحية الملتوية الهاربة

.)٢٩(شالياط ذات الرؤوس السبع

:ونص آخر يقول

ألست أنت التي محقت يم؟

ألست أنت التي أفنت التنين؟

وسحق الحية

)٣٠(!ذات الرؤوس السبع؟

عوب زارعيها، تعبـر عـن مشـكالت أما العجيب في أمر هذه القصة كلها، التي تعود إلى مفاهيم ش

المزارع وهمومه، ووضعت لتفسر ظواهر ترتبط تماما بعالقة البحر بالطمي بالنهر بالخصب بالفالح نفسـه،

العجيب أن تنتقل بقضها وقضيضها إلى التوراة، كتاب شعب رعوي بدوي ال عالقة له بكل هذا، ويحل فيهـا

١٩

ة، ليقوم بكافة األدوار، في مختلف مالحم قصص البطولة بـين الرب العبراني محل كل آلهة المنطقة الزراعي

المزارع والبحر، دونما مبرر منطقي واحد، سوى استيالء الرب التوراتي على تراث المنطقة، الذي أصـبح

في مصـر تراثا مقدسا، ينحشر داخل كتاب مقدس، وال شك أن الكاتب التوراتي كان يعلم أن الجميع سيقبلها،

و الرافدين، ألنها إنما تردد تراثهم هم، ومفاهيمهم هم، وذكرياتهم هم، أيام كانت األنهار تحفر فـي أو كنعان أ

الرمل طريقا لها، وال يوجد من أرض تصلح للزراعة إال في الدلتا حيث يفرش النهر طميه، فيهاجمه البحر،

.إلله البطل الجديد، هو الشعب العبريلكن التوراة ألبسته ثوبا جديدا، وبطولة جديدة، وشعبا يختص بشؤون ا

إلى هنا والخطورة محدودة فيما حدث، لكن اإلضافات التي لحقت هذا التـراث، وعشـقها الكاتـب

التوراتي في قصة الخلق القديمة، تشير إلى المنحى الخطير، والسم المدسوس في العسل، الذي التهمه الجميع

د البدوي على المزارع، فينضح واضحا ويفصح عـن نفسـه فيمـا شاكرين حامدين، أما الغل اليهودي والحق

أردف بالروايات األصلية، ممثال في صراع بين الراعي والمزارع، يجسد األهداف المطلوبـة داخـل عقـل

المنطقة وروحها وقلبها المطمئن باأليمان، فتروي التوراة ما لم يقله األصل البـابلي والكنعـاني، أو تعكـس

ن في أصل الرواية المصرية، حول أول بشر على األرض، فينما نجد أول البشر في مصـر الوضع الذي كا

رمز البوادي والبداوة إلها للشر، تقول روايـة " ست"رمزا لألرض المنزرعة، إلها للخير، وأخاه " أوزيريس"

:التوراة

عامال ، وكان قايين يا للغنم راعوكان هابيل "، "قايين"و" هابيل"، قد أنجب أخوين هما "آدم"أن أبا البشر ، وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار األرض قربانا للرب، وقدم هابيل أيضا مـن أبكـار في األرض

غتـاظ قـايين جـدا، اغنمه ومن سمانها، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر، ف ".٨ : ٢ – ٤ تكوين – قام على هابيل أخيه وقتله نحقل، أن قاييوحدث، إذا كانا في ال... وسقط وجهه

المصري، والكنعاني، "على " عبرانيال"وهكـذا وضـح أن الـرب قد ميز الراعي على المزارع، أو منذ بداية الخليقة، دونما سبب واضح سوى أن الفالح اجتهد، وعرق، وزرع، وحصد، وقدم ثومه، " والرافدي

قربانا مرويا بعرق جهده البطولي، فآذى أنف الرب الذي كان يتـوق إلـى رائحـة اللحـم وبصله، وكراثه، والسبب األوضح أن قايين . المحروق كبابا، ويلح دائما في طلبه، وهو ما قدمه له الراعي لتهدأ نفسه وتستريح

بة الراعـي السـمح فالح من أهل الخصب والزرع، ومن ثم كان البد من أبراز الشر الكامن فيه، مقابل طي الذكي، الذي لم يبذل جهدا، إنما اكتفى باالسترخاء إلى جوار قطعانه وهي تتالقح، ثم أخذ من منتوجها قربانا،

شرير أخاه الراعي الطيب غيرة وحسدا، وال يبقى للمزارع ميزة بكـل جهـوده وحضـارته فيقتل المزارع ال ني لهابيل العبراني، وما عليه إال أن يتـرك األرض وتاريخـه ومنشآته وتراثه وبطوالته، إزاء التفضيل الربا

.فيها للراعي الطيب، وما شاء اهللا قدر

٢٠

ميثولوجيا الطوفانميثولوجيا الطوفان

...ادة وتهلك ذرية البشر بع سيهلك مراكز الأن طوفانا

ه اآللهة في مجمعهمرإن هذا هو القرار الذي أصد

قم فابن فلكا

)٣١(من ملحمة جلجامش

:تقول التوراة

فها أنا مهلكهم مع نهاية كل بشر قد أتت أمامي، ألن األرض امتألت ظلما منهم، : فقال اهللا لنوح .. .

كل ما في األرض ... ، فها أنا آتي بطوفان الماء على األرض ... أصنع لنفسك فلكا من خشب ... األرض

مـن كـل ومن كل حي، ولكن أقيم عهدي معك، فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك، يموت،

وتكاثرت المياه ورفعت الفلك، فتغطـت جميـع ... وكان الطوفان ... تكون ذكرا وأنثى ... ذي جسد أثنين

ثـم ذكـر اهللا وتعاظمت المياه على األرض مئة وخمسين يوما، ... فمات كل ذي جسد ... الجبال الشامخة

واسـتقر ... ه، وانسدت ينابيع الغمر وطاقات السماء فهدأت الميا وأجاز اهللا ريحا على األرض، ... !! نوحا؟

... وحدث من بعد أربعين يوما أن نوح فتح طاقـة الفلـك ... على جبل أراراط ... الفلك في الشهر السابع

خر أفلبث سبعة أيام ... فلم تجد الحمامة مقرا لرجلها ... ثم أرسل الحمامة ... وأرسل الغراب فخرج مترددا

، وإذا بورقة زيتون خضراء في فمها، فعلم ءفأتت إليه الحمامة عند المسا ... الحمامة من الفلك وعاد فأرسل

فخرج نوح ... نوح أن المياه قد قلت على األرض، فلبث سبعة أيام آخر وأرسل الحمامة فلم تعد ترجع إليه،

الطاهرة، ومن من كل البهائم وبنى نوحا مذبحا للرب، وأخذ وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه وكل الحيوانات،

، وقـال !)كباب مرة أخـرى؟ (اصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا كل الطيور الطاهرة،

هذه عالمـة : وكلم اهللا نوحا وبنيه معه قائال ... ال أعود ألعن األرض أيضا من أجل اإلنسان : في قلبه الرب

فتكون عالمة ميثاقي بيني وبينكم، وبين ضعت قوسي في السحاب، و... ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم

ث مئة وخمسـين وعاش نوح بعد الطوفان ثال ... كل نفس حية، فال تكون المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد،

".٩ : ٦اإلصحاحات "سنة، وكانت كل أيام نوح تسع مئة وخمسين سنة، تكوين،

قصة الطوفان، وكان مظنونا أنها بـدورها إبـداع خـاص هذا ما جاء بالكتاب العبري المقدس حول

البابلية، مما دفع باآلثـاري " جلجامش"بالمؤلف التوراتي، حتى تم حل رموز اللوح الحادي عشر من ملحمة

أن قصة الطوفان التي دونها كتـاب التـوراة : "، بعد ذلك بربع قرن، تقريبا، إلى اإلعالن بثقة تامة "كريمر"

لم تكن أصيلة، وإنما هي من المبتكرات السومرية، التي اقتبسها البابليون، ووضعوها في صـيغة العبرانيون

.)٣٢("الطوفان البابلي

٢١

، نطالع أنه )١٩١٤نشره آرنو بوبل سنة (وباستقراء الثلث األسفل من لوح سومري ذي ستة حقول

لم يحقق الغاية من خلقه، وأنه أفسد في بعد فترة قصيرة من خلق العالم، اكتشفت اآللهة السومرية أن اإلنسان

هذا، بينما يؤكد الباحـث . األرض وسفك الدماء، لذلك قررت أفناء الحياة على األرض وغسلها بماء الطوفان

أن الطوفان يعتبر من الظواهر الطبيعية المألوفة في وادي الرافدين، فمنذ قـديم "، "فاضل عبد الواحد "العراقي

معاصر، ما زالت مياه دجلة والفرات وروافدهما، تغمر مساحات واسـعة كـل عـام األزمان حتى تارخنا ال

تقريبا، خاصة في الجزء الجنوبي من القطر، وأن هذه الظاهرة الطبيعية المروعة، التي لم يستطع اإلنسان في

اهر الطبيعية كانت في نظر الفرد مثل غيرها من الظو وادي الرافدين السيطرة عليها بوسائله المتوفرة آنذاك،

األخرى، سرا من أسرار اآللهة، وسالحا من اسلحتها، ولهذا فقد احتل الطوفان حيزا مهما في معتقدات سكان

وادي الرافدين وتآليفهم، ولنا أن نفترض أن واحدا من تلك الفيضانات العظيمة في بالد سومر بقى صداه في

البالد من دمار، بحيث أتخذ منه المؤرخون القدامى نقطة ذاكرة األجيال لشدة هوله، وبسبب ما لحق بالناس و

".)٣٣(لتأريخ الحوادث

أما ما يؤكد فرضية الباحث العراقي، بشدة، فهو أن التنقيبات اآلثارية التي كشفت الطبقـات السـفلى

للمدن السومرية القديمة، قد أظهرت تحتها طبقة من الطمي يتراوح سمكها ما بين نصـف المتـر والثالثـة

.، مما يشير إلى حدوث الفيضان الكبير بدليل آركيولوجي واضح البيان)٣٤(متارأ

، الذي كـان يـؤدي النـذور "Ziusudraزيوسودرا "أن الملك الورع التقي : أما ألواح سومر فتطالعنا

عظـيم بانتظام لكهان اآللهة، اختارته اآللهة لتخبره بقرار إفناء الحياة األرضية بالطوفان، ونصحته ببناء فلك

يجمع له من كل كائنات األرض، من كل زوجين أثنين، وهو ما يوضح لنـا أن السـومريين قـد تصـوروا

فيضانهم حدثا كونيا عم األرض بأسرها، فسجلوه بهذا المعنى، وتمضي القصة في تصوير هـول الفيضـان

لهـة بـالخلود األلفـي فـي حيواناته، فتكافئه اآل " زيوسودرا"وجبروته، إلى أن يهدأ وترسو السفينة، ويطلق

".دلمون"

أوتنابشـتيم "وتأتي الدولة البابلية، فتتناول الملحمة وتعيد سردها، لكن البطل هذه المرة يحمل اسم

Utnabeshtem"الذي ناداه اآلله قائال ،:

...أوتنابشتيم، يا رجل شوربياك

إهدم الدار، وابن سفينة

دع أمالكك، وأنقذ حياتك

ذرة كل حيأرحل بها، وخذ ب

٢٢

وأكملت السفينة في اليوم السابع، وحملتهـا بكـل : " ... وينفذ العبد الصالح أوامر ربه، ويروي قائال

صنوف األحياء، واستمرت أعاصير الطوفان ستة أيام وستة ليال، واكتسحت األرض كما تكتسحها صـنوف

ض كما تكتسحها عاصفة الجنـوب، األحياء، واستمرت أعاصير الطوفان ستة أيام وست ليال، واكتسحت األر

عليه، وأرسلت سنونو ط أطلقت حمامة، فذهبت وعادت، وعز عليها أن تجد مكانا ظاهرا تح عوفي اليوم الساب

فذهب وعاد ولم يجد موضعا ظاهرا يحط عليه، فأرسلت غرابا فذهب ورأى الماء يتناقص، فأكل وعب ودار

".)٣٥(ت، وسكبت قربانا فوق قمة الجبلولم يعد، وحينذاك واجهت الجهات األربع، وضحي

لقد حمل المذنب ذنبه، واآلثم أثمه، أمهله كي ال يفنـى، وال : "على الطوفان بقوله " أنليل"اإلله وعقب

هو تطهير األرض من القتلة وسفاكي الدماء، فسـفك هـو " أنليل"، وهكذا كان غرض ")٣٦(تهمله كي ال يفسد

وباقي اآلهلة، ندموا على " أنليل"ق دون تمييز بين صالح وطالح، لكن ومزقهم شر ممز دماء البشر والحيوان،

بتعليق عقدها الثمين الملون فـي باحـة السـماء، " عشتار"ما ألحقوه باإلنسان من ويل، وعندها قامت اإللهة

كما أننـي ال أنسـى عقـد : "ليصبح قوس قزح، رمزا لميثاق مع البشر بعدم تكرار الطوفان، وعقبت بالقول

".)٣٧(الزورد الذي كان يزين عنقي، فأنني لن أنسى هذه األيام قط، سأذكرها دوماال

األمر واضح، فقد سجل الكاتب التوراتي الملحمة الرافدية بكل دقائقها، ولكن إذا كان الرافـديون قـد

لـه بـاألمر، سجلوها تذكر بحدث يتعلق بطبيعة بيئتهم ونسقهم الفكري، فأن الكاتب التوراتي، وهو ال عالقة

يتناول الملحمة ليحقق منها أغراضا أخرى، فينسب األمر كله للرب العبراني، ثم ينسب بطولة الملحمة للرجل

، ألن من نوح سيأتي بنو عابر، ثم يضيف الكاتب التوراتي ما لم يكـن "نوح"الذي نسبوا إليه النسل الميمون،

اء، تلك الرؤية التي تزعم أن بني عابر قـد اسـتلبوا في األصل الرافدي، بما يصادق على رؤيتنا بشكل وض

.التراث وحشوه بما يلزم، ثم أعادوا تصديره إلينا مرة أخرى، ملحقا بما يحقق األغراض المرصودة

. ، ومن نسلهم تأتي شعوب األرض )سام، وحام، يافث (فهذا نوح يهبط من سفينته ومعه أوالده الثالثة

–نسـلون بنـي عـابر يام سيخلف ذرية من أهل البوادي الرعاة، الذي س وحسب التصنيف التوراتي، فإن س

أبو المصريين، وأهل السـودان " مصرايم"الشعب المبارك، أما حام فسينجب ولدين ينسالن شعبين، األول هو

، )١٠ –تكوين (أبو الكنعانيين سكان فلسطين " كنعان"وكل سود البشرة حتى الكوشيين األحباش، والثاني هو

، وحط بأهل "سام"ولعل من الواضح أن الرجل، وهو يكتب، قد اتخذ لجده البعيد أسما من جذر الرفعة والسمو

، فهو من جذر الحمو والحمأ، وربما ربط الكاتـب بـين "حام"وادي النيل وفلسطين في طين األرض وحمئها

.لحارة الخصبةاالحمو واسوداد الطين واسوداد البشرة، كما أن الحمأ هو طين األرض

: التوراتية إلى هدفها حين تقولاإلضافاتوتصل

وغرس كرما، وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبأئه، فأبصر حام أبو فالحا وابتدأ نوح يكون كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجا، فأخذ سام ويافث الرداء، ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الـوراء،

هما ووجهاهما إلى الوراء، فلم يبصرا عورة أبيهما، فلما استيقظ نوح من خمره علم بما فعله وسترا عورة أبي

٢٣

مبارك الرب إله سام، وليكن كنعـان : وقالملعون كنعان، عبد العبيد يكون الخوتـه، : به ابنه الصغير، فقال ".٢٢ : ٢٠ – ٩تكوين "عبدا لهم

، لعنة أبدية، مع قرار سماوي ونبوءة مقدسة، تؤكـد وهكذا، ومرة أخرى، تحيق اللعنة بكنعان الفالح دونما ذنب جناه، سوى أن أبيه وليس هـو، أبصـر أن كنعان سيكون عبدا لذرية الراعي سام أبو العبريين،

!؟"ابتدأ يكون فالحا"عورة نوح، بل أن نوحا نفسه لم يصب بداء الثمل من السكر، إال عندما

أو التعليق، فأرض كنعان هي المطمع والمشـتهى، الن مصـر والمغزى أوضح من الحاجة للشرح

والرافدين أكبر من الطموح، ومع ذلك لم يكن هناك بأس من طرح الفكرة ابتدائيا، فمن يعلم؟ فيقـول الـرب

".١٨ – ١٥ –تكوين "لنسلك أعطي هذه األرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات : إلبراهيم

الذي حققته مثل هذه اإلضافات المصدرة ألينا مع تراثنا، فهو أنها وجدت طريقها إلـى أما النجاح الحقيقي

ار ك، بحسبانهم محال الحت إسرائيلكتب التراث اإلسالمية، مع محلقات وزيادات أخرى، واحيانا مجامالت لطيفة لبني

نبوات التـي سـبقت الرسـالة النبوات السابقة، كما أن صحيح اإلسالم يضع من شروط األيمان شرط األيمان بـال

األنبياء السابقين فـي بنـي القرآنية قد أعادت التاريخ كله دورة كاملة، وأكدت أن كل اإلسالمية، خاصة أن اآليات

التراث واألخبار حرجا إسرائيل إنما كانوا مسلمين، ومن هنا، ومع قلة التفاصيل في العموميات القرآنية، لم يجد كتبة

ع إلى المنمنمات الدقيقة لتاريخ هؤالء األنبياء المسلمين، في كتاب اليهود المقصد، حتـى أصـبح أو بأسا من الرجو

التراث، وال غضاضة في األمر مع إعالن النبي أنه هو ذاته إنما فرع مـن هـذه منهال ال ينضب للمشتغلين بعلوم

هذا مع التصريح الواضح فـي . م ذكرا الشجرة المباركة، عبر إسماعيل بن إبراهيم، أهم أرومات العبريين وأنشره

وهو الحديث الذي استند ..." بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل وال حرج ) "عن البخاري (الحديث النبوي

إليه طبقة كتاب السير والتاريخ المسلمين، وعلى رأسهم ابن كثير الذي أورد الحديث في مقدمته، معلنا أنه سـيجعل

فهو محمول علـى اإلسـرائيليات : "الكتاب مصدرا ال غنى عنه، ويعقب على حديث النبي بالقول من روايات أهل

".)٣٨(المسكوت عنها عندنا، فليس عندنا ما يصدقها وال ما يكذبها، فيجوز روايتها لالعتبار

قتادة راويا عن "المزارع، فيقول " حام"يصب جام غضبه على " النيسابوري الثعلبي "وإعماال لذلك، قام

، )٣٩("فتغيرت نطفته فجاء بالسـودان : فأصاب حام امرأته في السفينة، فدعا نوح ربه، قال : منسوبا إلى النبي فاألسود هنا أدنى درجة من األبيض، سر سواده مضمر بالحديث، وربما كان ذلك سـر أن العبيـد يغلـبهم

وحيثما كان ولـده شعر ولده آذانهم، ودعا نوح على حام أن ال يعدو "السواد، ثم يضيف عن عطاء الحديث

ولمـا حضـرته الوفـاة : "، ثم يزيد مجامال مؤكدا ألهل التوراة فضلهم، فيقـول )٤٠(يكونون عبيدا لولد سام

.)٤١("وجعله ولي عهدهأوصى إلى أبنه سام، ) يقصد نوح(

ومن مواليد بلدة من أبناء فلسطين، – زيادة في النكاية –أما زعيم طبقة كتاب السير ابن كثير، وهو

: وتوفي بها، فيجعل كنعان هو األبن الكافر من بني نوح، والـذي قـال " مجدل"، وعاش حياته في "شركوين"

أن حاما واقع امرأته في السفينة، فـدعا عليـه : "، ويكرر الثعلبي قائال )٤٢(سآوي إلى جبل يعصمني من الماء

٢٤

وقيل بل رأى أباه نائما وقد بـدت عورتـه، فلـم ... ن نوح أن تشوه خلقة نطفته، فولد له ولد اسود هو كنعا

".)٤٣(وأن يكون أوالده عبيدا ألخوتهيسترها وسترها أخواه، فلهذا دعا عليه أن تغير نطفته

ملعـون : ودعا على ولده حام، ألمر كان منه مع أبيه قد اشتهر، فقـال " فأسعده أن يردد أما المسعودي

أما نعمة اهللا الجزائري فينعم علـى سـام بمزيـد مـن . )٤٤("مبارك سام قال عبد العبيد يكون الخوته، ثم حام،

يا نوح انه قـد : عن أبي عبد اهللا أن جبريل أتى نوحا فقال له : "النياشين والتبريكات، فيقول في قصص األنبياء

ع عليه السـالم فدف... أنقضت نبوتك واستكملت أيامك، فأنظر االسم األكبر وميراث العلم فادفعها إلى أبنك سام

مسلمات مصـدقة، وسبب ذلك )٤٥("آثار النبوة إلى أبنه سام، فأما حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به

أن نوح كان يوما في السفينة نائما، فهبت ريـح : "وهو يقول " علل الشرائع "في كتابه " الصدوق القمي "صدق بها

ونهاهما عن الضحك، وكان كلما غطى سام شـيئا تكشـفه فكشفت عورته، فضحك حام ويافث، فزجرهما سام

ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع نوح يديه إلـى : الريح، كشفه حام ويافث، فانتبه نوح فرآهم يضحكون فقال

وجميع البـيض سـواهم مـن ... اللهم غير ماء صلب حام حتى ال يولد له إال السودان : السماء يدعو ويقول

.)٤٦("جعلت ذريتكما خوال أي ضد ما لذرية سام إلى يوم القيامة: ه السالم لحام ويافثوقال نوح عليسام،

على ذلك كثير، ولن تجد كتابا تراثيا واحدا يخلو من ذكر القصة التوراتية الملغومـة، مـع واألمثلة

بادية على إضافات وشروحات اجتهادية إلنصاف سام على حام أو إلنصاف الراعي على المزراع، أو أهل ال

أهل الوديان الخصبة، ومن هنا نفهم لماذا أصبح كل الفراعين في نظر أحفادهم المسـلمين كفـارا مالعـين،

الـذي ) جوليات(اإلسرائيلي، ويلعن جده جالوت أو ) شاؤول(ولماذا يترحم الفلسطيني اليوم على طالوت أو

عن الجبين، من أفاعيل األجداد المالعين، استشهد وهو يدافع عن أرضه، وما على االثنين مسح عرق الحياء

مع بني عابر الطيبين، وإذا كان ابن كثير قد صب نقمته على جده كنعان، فال غرابة إذا وجدنا العـرف فـي

، ويعدون أنفسـهم "العرب"القرية المصرية يستمد أصوله من كتب التراث اإلسالمية فيجعل من ينتحلون أسم

أصحاب حق مشروع في السيادة والسلب والنهب دون استهجان، بينما ) بمن جزيرة العر (من أصل رعوي

يصبح االنتساب للفالحين سبة وعارا وضعفا ومذلة وهوانا، مما جعل أصحاب األصـول المصـرية القحـة

للجولـة بـين الراعـي يتنافسون في استكشاف أصول بدوية عربية ألروماتهم، مما يسجل النتيجة الواضحة

بين أبناء حام وأبناء سام، على المستوى الديني، ثم بالتبعية على المستوى االجتماعي والنفسي، والمزارع، أو

.بل السياسي، وهو أمر ال مندوحة منه االعتراف به، وال عزاء للفالحين

٢٥

))إيلإيل((ميثولوجيا ميثولوجيا

في جبل إيل، جبل اهللا، سكناي

في األماكن الهانئة سكناي

)من ملحمة البعل الكنعانية(

لبنـي عـابر، ) تسليم مفتـاح (عد إلى ما قبل الوعد اإللهي بما بين النيل والفرات أرضا خالصة ولن

والقبيلة تحط رحالها في أرض كنعان بهدوء الضيفان ولطف المستجير طالبا اإلجـارة والجـوار، وتسـجل

:التوارة هذه اللحظات التاريخية العتيدة، فتقول

وكل مقتنياتهما التي اقتنيا والنفوس التـي امتلكـا فـي بن أخيه، ساراي امرأته، ولوطا أ أبرام فأخذ

في األرض إلى مكان شكيم أبرام ، واجتاز فأتو إلى أرض كنعان حاران، وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان،

ك أعطي هذه األرض، للنس: وقالبرام وظهر الرب أل ان الكنعانيون حينئذ في األرض، وكإلى بلوطة مورة،

ونصب خيمته، وله بيـت بيت إيل، ثم نقل من هناك إلى الجبل شرقي للرب الذي ظهر له، ذبحا فبنى هناك م

).٨: ٥ – ١٢تكوين . (إيل من المغرب وعاي من المشرق

القبيلة العبرية هنا مختصرة، مرموز لها بقيادتها من األسرة اإلبراهيمية، تخرج من حـاران تريـد

ثـم، . الهجرة اآلرامية، وضمنها القبيلة العبرية والفخذ اإلبراهيمي أرض كنعان، بإيجاز سريع يشير إلى خط

أن الكنعانيين كانوا أهل هذه األرض وأصحابها، لكن حلقها : وبالسرعة ذاتها، وفي إشارة خاطفة تقول التوراة

وكـان الكنعـانيون حينئـذ : "يغص بذلك فتلتوي في تعبيرها، وال تفصح بـالتعبير المباشـر، إنمـا تقـول

!؟"في األرض

ليهبه األرض الكنعانية، مسجلة ومشهرة وممهـورة برام ودون مقدمات وال ممهدات، يظهر الرب أل

بالضمانات لولده من بعده، فهو ليس مجرد انتفاع مؤقت أبان حياته تؤول بعده الصـحابها، إنمـا لنسـله،

.فا، وألمد بعيد مقبلفالخطط معده سل! لنسله؟ولنلحظ أنه لم يقل حتى البنائه، إنما

وهذا أنما يعنـي وجـود ! ؟"فبنى مذبحا للرب الذي ظهر له "أما العجيب في الرواية هنا هو التعبير

الذي ظهر "أرباب لم تظهر له، وظهر أحدها، أو أن القبيلة كانت قبل نزول كنعان تعرف ربا محددا غير هذا

هو قول يتسق مع واقع األحوال آنذاك، فقد كان لكل شـعب ، ويظهر هذا الجديد فجأة في كنعان بالذات، و "له

منذ البدء، أم أنه رب كنعاني حيـث برام ربا أل " الذي ظهر له "واألرض، فهل كان هذا أرض، ورب للشعب

إيـل آلـه "حطت القبيلة رحالها؟ اإلجابة يمكن استنتاجها من باقي الرواية التوراتية، وهي تقرر بوضوح أن

وهنا يجدر بنا الوقوف قليال لتسجيل بعض الملحوظات الهامة التي يمكنهـا ". ٢٠ – ٣٣ –ن تكوي –إسرائيل

.أن تجيب على السؤال المطروح

٢٦

أن اإلله طوال القصص التوراتي السابق على نزول أرض كنعان، منذ بدء الخليقة إلـى -١

لهذه القبيلة فـي معروفا ظهور ابرام، لم يذكر أبدا باالسم إيل، مما يشير إلى أنه لم يكن

.مواطنها األصلية

. كان هذا اإلله معروفا هناك حين وصول القبيلة أرض كنعان، وله بيت مقدس يعبد فيه -٢

ثم نقل من هنـاك إلـى ". "بيت إيل"وأصبحت المدينة المقام فيها حرما كامال له وسميت

، "شـرق الجبل، شرقي بيت إيل، ونصب خيمته، وله بيت إيل في المغرب وعاي من الم

).عاي(ومدينة " بيت إيل"أي أنه سكن بين المدينة المقدسة

أن هذا اإلله الكنعاني قد أصبح ألها إلسرائيل، أو أنهم اختاروه ألها، وأعلنوا أنـه هـو -٣

يرتبط بهـا بالمواطنـة الذي اختارهم، والغرض الذي يمكن فهمه أن لكل شعب أرضا

بال وطن، تمـتهن الرعـي، " قبائل"وجد والوطنية، وال توجد شعوب دون وطن، لكن ت

وترتبط ببدئية البداوة، وتنفر من عاطفة الوطنية واالستقرار، لذلك عندما قرر هؤالء أن

، قاموا يمنحون أنفسـهم "شعب اهللا المختار "يتحولوا من قبيلة إلى شعب، وحال لهم اسم

ـ ليتألـه ى بـالده أرضا، منحها لهم رب األرض ذاتها، فهو الذي اختارهم وأتي بهم إل

عليهم، بعد أن ضاقت به السبل وانقطعت الوظائف، فاختارهم شعبا خاصا لـه يمـارس

وحتى ال يكون هناك تناقض، فإن الرب نفسه، بحسبانه المالك الشرعي، ! معهم الربوبية؟

هو الذي منحهم أرضه الكنعانية، لذلك ما فتئت التوراة تكرر هذا المـنح مـن الـرب

وأعطي لك ولنسلك من بعدك "ب أرض كنعان بكافة الصيغ، التي أبرزها الكنعاني صاح

".٨ ٠ ١٧تكوين . أرض غربتك كل أرض كنعان، ملكا أبديا وأكون لهم ألها

كنعانيا قديما في البالد، له بيته ومدينته المقدسة، فقد كان له األه" إيل"وإضافة إلى كون -٤فهذا كبير الكهنة يستضيف أبرام وأهلـه . لعبرية عليه كهانته المنظمة، قبل هبوط القبيلة ا

بعد معركة ناجحة مع أعداء للمنطقة الكنعانية، ثم يبارك أبرام بإسم إيل، فيسـبغ عليـه وكان كاهنـا وملكي صادق ملك شاليم، أخرج خبزا وخمرا، "المواطنة لدفاعه عن البالد

–الذي أسلم أعداءك في يـدك ... لي مبارك أبرام من اهللا الع : هللا العلي، وباركه وقال وفي المقابل تقرر أن ينال الكاهن من أبرام ورجاله الذي أخذوا ". ٢٠: ١٨ – ١٤تكوين

فأعطاه عشرا من كل شيء "يصولوا في المنطقة ويجولوا، العشر من الغنائم التي يغنمها نصـيبه ، وتمت الصفقة بمباركة من ملك في الجوار كـان لـه "٢٠ – ١٤ – تكوين –

، وأما األمالك فخـذها أعطني النفوس : وقال ملك سدوم البرام "أيضا، فحضر االتفاقية ، لكن ابرام يترك لهم كل شيء من الغنائم الزائلـة بإبـاء "٢١ – ١٤تكوين ... لنفسك

فـال ال آخذن ال خيطا وال شراك نعل، وال من كل ما هولـك، : "وشمم، ويقول للملك إيـل "، أو "إل عليون "ويتوجه للرب ". ٢٤، ٢٣ – ١٤: تكوين –م أنا أغنيت إبرا : تقول

٢٧

، فيجيبه "٢ – ١٥ تكوين –ماذا تعطيني : أيها السيد الرب : "بندائه" اهللا العلي "أو " العالي" إل"، ثم ال يلبث "ليعطيك هذه األرض لترثها أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين "

أعطي هذه األرض من نهر مصر إلى النهر الكبيـر لنسلك "أن يوسع على خليله، فيزيد ".نهر الفرات

، يستمر على عهده وتصميمه في اختيار "بيت إيل "، إله المدينة الكنعانية المقدسة "إيل"أن -٥

بني عابر شعبا بديال لشعبه الكنعاني، فيظهر ليعقوب حفيد ابرام ليؤكـد لـه اسـتمرار

".١٣ – ٣١ – تكوين –بيت إيل أنا إله : "الحلف، ويعرفه بنفسه قائال

وحتى تثبت التوراة جدارة بني عابر باألرض، ورب األرض، تجعل اإلله الكنعـاني يمـر بتجربـة

: الشديدة للعصابة العبرية، فترويمريرة، يستشعر بعدها مدى حاجته

إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنـه ال يقـدر عليـه، بقى يعقوب وحده وحده، وصارعه ....

...رب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه، ض

قد انخلع في هذه الجولة الصراعية، فأنه يستمر ويضغط على خصـمه " حق فخذ يعقوب "وبرغم أن

، وهنا، وفي هذه اللحظة التاريخية، يكشف يعقوب "، ألنه قد طلع الفجر أطلقني: وقال"مما يضطره إلى ترجيه

ن إإله كنعان، فيرفض يعقوب إطالقـه " إل"لتي تخشى النور والنهار، ويعرف فيه شخصية خصمه الحقيقية، ا

:لم يباركه، بما تحمل هذه البركات من أعطيات

ال أطلقك أن لم تباركني، فقال له ما أسمك؟ فقال يعقـوب، : أطلقني ألنه قد طلع الفجر، فقال : وقال"

، وسـأل يعقـوب نك جاهدت مع اهللا والناس وقـدرت ألال يدعى اسمك فيما بعد يعقوب، بل إسرائيل، : فقال

لماذا تسأل عن أسمي؟ وباركه هناك، فدعا يعقوب اسم المكان فينيئيل، قائال : أخبرني عن أسمك، فقال : وقال

".٣٠ : ٢٤ – ٣٣- تكوين –جيت نفسي نألني نظرت اهللا وجها لوجه و

، والكلمة "بني إسرائيل "عده يحملون اسم ، ليصبح أوالده من ب "إسرائيل"ومن هنا تغير اسم يعقوب إلى

، وهكـذا أثبـت "صارع الرب "، أو "مصارع الرب "، وتعنى " إيل –صرع "هي في األصل العبري " إسرائيل"

قدراته، ومن ثم استحقاق هذا الرب للحماية، وفرض األتـاوة، وسـلب األرض، ونهـب يعقوب لرب كنعان

، أي )جندي الرب : (تعني أيضا ) إسرائيل(ة لتؤكد أن الكلمة العرض، وال بأس أن تتدخل الشروحات المتفذلك

!حامي الرب والمدافع عن حياضه ودماره؟

، فقد كشفت لنا في مالمحهـا )مدينة أوغاريت الكنعانية القديمة (أما المكتشفات اآلثارية في تل شمر

على نطـاق واسـع فـي هـذه كسيد لآللهة، وخالق للبشر، وأنه كان معروفا " إيل"المتعددة عن عبادة اإلله

المنطقة، وتصفه ملحمة البعل بأنه خالق الكائنات، رفيع المقام، مقامه عند نبع النهرين قرب أفقا، أبي الـزمن

.)٤٧(الخ" ... أي كثير اللطف"والسنين، لطفان

٢٨

لكن، كما سبق وأشرنا، جدت ظروف أدت إلى مستجدات في جوهر االعتقاد اليهودي، فحل الجـدب

، حيـث "يوسـف " كنعان، مما أضطر القبيلة العبرية أن تهبط مصر، مع واحد من بني إسرائيل هو بأرض

جديـد، النبي، وتحت راية إلـه " موسى"عاشوا أو عاثوا هناك زمنا، خرجوا بعده بقيادة سليل إسرائيل العتيد

عيـة خصـيبة لـم ، وأن ظلـت فيـه عالمـات زرا "جاهوفاه"أو " يهوه"غلبت عليه العناصر الرعوية هو

هو إله اليهـود القـومي طـوال " يهوه"وقد أصبح . يستطع التخلص منها بحكم تأثير الوسط البيئي في اليهود

تاريخهم بعد ذلك، ويبدو أنه جاء كرد فعل لالضطهاد المصري، وقد وضحت بدويته في مجموعـة سـمات

" إل"إلى انتهـاء " يهوه"وقد أدى ظهور . اه من شرائع الحرب ، وكان أبرزها ما أوردن )ال مجال لسردها هنا (

نهائيا، إضافة إلى أن بني عابر لم يعودوا في هذا الطـور " يهوه"تماما، وتحوله إلى رمز وعلم قديم أدمج في

بحاجة لمماألة آلهة المنطقة، بعدما تيسر لهم جهاز الردع وتحولوا بكاملهم إلى مؤسسه عسكرية متحركة إلى

إن موسى قـد التقـى : متسقا مع طبيعة المرحلة والعنصر، مع مالحظة أن التوراة تقول " يهوه"نعان، فجأء ك

".مديان"بهذا اإلله خارج مصر، وفي منطقة من البوادي أسمتها

٢٩

ميثولوجيا المسيح الملكميثولوجيا المسيح الملك

أنهم يقولون عنك يا أوزيريس

ولو أنك ترحل إال أنك تستيقظ ثانية

ال أنك تبعث مرة أخرى إت ولو أنك تمو

!!أن إيزيس تحبك قف، أنهض،

)متون األهرام(

ما أسلفناه من نصوص توراتية، يضمه كتاب مقدس واحد مع األناجيل المسـيحية، يـؤمن بـه وكل ال تظنوا أني جئت ألنقض : "المسيحيون كمقدس واحد على ذات الدرجة من القدسية، تأسيسا على قول المسيح

، مقررا بذلك أنه جاء مصـدقا للتـوراة "١٧ – ٥ – متى –ألنبياء، ما جئت ألنقض بل ألكمل الناموس أو ا وسيرة األنبياء اليهود فيها، وأنه أنما متمم فقط، وهو أمر كان له دوره الخطير في دخول اإلسرائيليات كعمد

يق، حول قصص الخلق، أو أساسية لإليمان المسيحي، حتى أن المسيح نفسه لم يتعرض، ال بالشرح وال التعل الطوفان، أو غيرها من قصص التوراة، بحسبانها مقررات صادقة مسلم بها، وطلب من المـؤمنين الرجـوع أليها في التوراة، لذلك ظلت األناجيل جميعا قصة حياة وموت وقيام المسـيح، ومعنـى الخطيئـة والفـداء

ظل حيا وقائما إلـى الثقافة القديمة للمنطقة، بدورها تراثا من وما ارتبط بها من عقائد وطقوس، وقد كانت زمن المسيح، حتى وقع في يد اليهود فاقتنصوه، وأنهالوا عليـه تهويـدا، حتـى صـار تراثـا لبيـت داود

طـون وال نعلم لماذا يبحث المسيحيون في التراث اليهودي، أو المهود، عن النبوءات بقدوم المسـيح، ويرب (التوراة باإلنجيل لما فيها من هذه النبوءات، بينما كان عليهم أن يبحثوا عن ذلك في المصادر األصـيلة فـي تراث المنطقة، والتي انتهت وصبت جميعا عند المسيح؟ أو لماذا التقليد ولدينا األصل؟ أو لماذا المهود ولدينا

ري جميل المنطق، صادق المقدمات والنتائج بذاتـه الوطني األصيل؟ بينما األمور كلها تسير وفق نظام تطو يتسق مع ظروف المنطقة وبيئتها، وجدل اإلنسان مع الطبيعة فيها، بعيدا عن بني عابر وأساليبهم في العبـور

).إلى العقول؟

أن واقع األمر قد سبب إرباكا شديدا للمهتمين بالبحث الجـاد، بـين المسـيحيين الشـرقيين، ويبدو من جانب بوطنهم وما يلزم عن هذا االرتباط من معان تستلزمها الوطنية، وارتباطهم من جانـب الرتباطهم

آخر بمقدس مفروض عليهم فرضا في العهد القديم، ويناقض تماما هذه الوطنية ومصـالح الـوطن ومعنـى ي مـا وصـل إليـه فهذا المرحوم الصديق أنيس فاخوري ينشغل بالقضية زمنا إلى أن يهدين . المواطنة الحقة

منشورا في كتاب، حاول فيه نزع ما لحق بالعقل المسيحي من تهويد، بعد أن وضع يده على نقطـة التقينـا عندما نستغرب، نحن في الشرق األوسط أو في العالم العربي، كيـف أن الغـرب "عندها، وهي بنص كالمه

الدعم وننسبه فقط إلـى حث عن أسباب ذلك المسيحي ال يأبه لحقنا، بل يدعم حق عدونا المغتصب، وعندما نب قوة اليهود المالية واالقتصادية واإلعالمية المسيطرة في العالم الغربي، نكون قد وضعنا أيدينا علـى نصـف

٣٠

أن الـذهن الغربـي الجواب الصحيح، أما النصف اآلخر الذي ما زلنا نجهله أو نتجاهله، فهو كـامن فـي

".)٤٨(وتبنى مطالب الصهيونية وكأنها أمل كل مسيحينين سنة، منذ أكثر من ثماالمسيحي قد تهود

عبر الرجل عن معايشته أرقا ظل مهموما به إلى يوم وفاته، ما بين إيمانـه وبـين وطنيتـه وهكذا

الصادقة، وما يتعرض له هذا الوطن، في ضوء ما رسمته المقدسات في العقل بما يناقض تماما مصالح هـذا

فاخوري كان مؤمنا ويرفض التخلي عن هذا األيمان، لذلك حاول باستمرار أن يرجع هذا لكن األستاذ الوطن،

التهويد إلى العصر الراهن مع ظهور الدعوة الصهيونية، برغم إشارات في كتابه تتحدث عن أسـباب تبنـي

ائمة بـين الوشائج الدينية الغامضة الق " ...، بـ حالغرب المسيحي لمطالب الصهاينة، وما أسماه دون تصري

والعالقة غير الواضحة تماما، ما بين العهد القديم والعهد الجديد في الكتـاب المقـدس المسيحية واليهودية،

للكنيسة المسيحية، وهي األمور التي جعل منها التضليل اليهودي ركائز دينية وأدبية قوية، متأصلة في ذهـن

لمدة ني السياسي كان قائما في ذهن الغرب المسيحي، الكيان اإلسرائيلي الدي الغرب المسيحي، لذلك نرى أن

". )٤٩(، تمهيدا لقيام إسرائيل في السـنة التاليـة ١٩٤٧طويلة، سبقت إعالن األمم المتحدة قرارها بالتقسيم سنة

الـذين اندسـوا بـين اليهود المتنصـرين بواسطة " ... وما أشار إليه من أسباب ساعدت على هذا التهويد

سهل اختالط األمـر الذي ... وأخذوا يغذونهم بالتفاسير والنظرات والتعاليم المضللة، السنين، المسيحيين عبر

، لكن دون أن يشير بالطبع إلى أن كل تالميذ المسيح بال استثناء أنما كانوا يهودا، وهـم )٥٠("على المسيحيين

أسـماه الوشـائج الدينيـة الغامضـة واكتفى بالتنبيه إلى ما ! حواريوه، وكتبة أناجيله، ورسله إلى العالمين؟

بين الكتابين والديانتين، وهو األمر الذي نراه غير غامض، ولم يعد يحتمل مجامالت أو محـاذير، ) بغموض(

.بل هو األمر الذي كتب للمبادئ اليهودية النصر الحقيقي على نصف عقل العالم اليوم

خية، ودونما رابطـة مواطنـة أو وطنيـة، ودونما عالقة خاصة بقضيتنا وروافدها السياسية والتاري

يكتشف بعض المسيحيين في الغرب تناقض العهدين القـديم والجديـد، ويؤسسـون مـذهب الثيوزوفيريـة

واالزوتيرية السرية الجديد، يحاولون فيه تخليص المسيح الروحاني والمسيحية العالمية من المفاهيم الناموسية

هم إلى رفض العهد القديم، بأنبيائه ومفاهيمه وشرائعه، ويلجأون إلى المؤسسة على عمد توراتية، مما يصل ب

تفسير األناجيل وما لحقها من مفاهيم ناموسية يهودية تفسيرا جديدا ال عالقة له بالقديم، يقوم علـى التأويـل

فـي إبقاء إليمان روحي بالمسيح، ورفضا إليمان ناموسي بالشرع والالمعقول، وهو مـا نجـده والترميز،

، الذي وضح أنه وجد خالصه الروحـي، )ندرة اليازيج (مؤلفات واحد من المبشرين بهذا المذهب من العرب

يخطئ المسيحيون إذ يبقون على : "وحسه الوطني معا في هذا المذهب، فيصرح دون مواربة وال وجل بالقول

أنهم داية عصر التبشير المسيحي، منذ ب الصلة بين المسيحية واليهودية، فقد استغل اليهود نقطة الضعف هذه

المسيحيين، وأرادوا أن يجمعوا بين ما ال يجمع إطالقا، وقد حذر بولس وغيـره مـن المـؤمنين تغلغلوا بين

باليهودية وأنذرهم كي ال يستمعوا إلى أكاذيبهم، وظلت المسيحية قرونا عديدة تخضع لهذه األقاويل، وتقترن

٣١

وإذا لم تعمل المسيحية علـى تخلـيص ض المسيحية وتعيد لليهودية كيانها، تقوهذه البدعة التي المسيحية،

".)٥١(ذاتها من اليهودية، فأن كالم بولس وتحذيراته تظل صحيحة إلى األبد

وهكذا فإن يازجي، ممثال للثيوزوفيرية، يطلب شطب التوراة من تاريخ المسيحية ومقدسـاتها، وقـد

، عامدا أبان ذلك إلى إبراز الفروق الجوهريـة بـين إلـه موسـى )٥٢(عمد إلى ذلك بطول كتابين بين أيدينا

لكن يازجي يؤكد، بذلك، على جانـب . التوراتي المرعب الدراكولي، وبين إله المحبة والسالم مسيح األناجيل

واحد من صورة مسيح األناجيل، وهو الجانب المتأثر بثقافة المنطقة، وتتضح صبغته الزراعية واضحة فـي

الروحاني السماوي، وصاحب الملكوت األخروي، مهمال في الصورة ذاتها المسيح الممسوح بالصبغة المسيح

كان ممكنا البدوية والفكر اليهودي، والتي صبغته بصورة أبن داود صاحب الملكوت األرضي إلسرائيل، وما

تين من المقدس المسـيحي له كمؤمن المطالبة برفض آخر لجزء من األناجيل، نظرا للتعشق التام بين الصبغ

اإلنجيلي، مما اضطره إلى اللجوء إلى التفسيرات الرمزية والتأويليـة للجانـب المطبـوع بوجهـة النظـر

اإلسرائيلية من المسيح كملك لليهود من نسل داود، فجاء مبتسرا ومتكلفا وغير مقنع، ال للمؤمن المسيحي وال

بالمسيحية، بينما األمر الواضح لدينا هو مـا أوضـحناه، أن للباحث المحايد الموضوعي، وال لغير المؤمنين

المسيح اإلنجيلي قد جمع ثقافتين متنافرتين تماما وجذريا، تم دمجهما في عصر الدمج اإلمبراطـوري أبـان

السيطرة الرومانية وفي العصر الهلليني بالتحديد؛ ثقافة الراعي وثقافة المـزارع، أو و الراسـب اليهـودي،

الوطني للمنطقة، ذلك التراث الذي تمثل أبان ظهور المسيح وقبله، في مجموعـة ديانـات الفـداء والتراث

الزراعية، التي تدين جميعا في كثير من تفاصيلها إلى أهم العقائد المصرية القديمة، هـي عقيـدة الثـالوث

سبق وأفردنا لها كتابـا ، والتي)Hourus، حوريس االبن Isis، إيزيس األم Osirisأوزيريس االب (األوزيري

وهي عقيدة تحتـاج ". أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة : "فكر مؤخرا بعنوان الخاصا صدر عن دار

وإضافة إلى هذا العـرض السـريع يمكـن . منا وقفة حية متعجلة، بما يتفق والمساحة المتاحة في هذا العدد

سبق وفصلنا فيها القول عن ديانات الخصب الفدائية، ورصدنا االستعانة بالكتاب المشار إليه، مع أربع بحوث

.)٥٣(بياناتها في الهامش

وبالعودة إلى العصر الهلليني الروماني، نجد أنه قد انتشر على صفحة الخصب، شـرقي المتوسـط،

من مجموعة من العقائد المتشابهة، تأسست على نتاج الخبرات القديمة للمزارع مع الطبيعة، وكونت مجموعة

المفاهيم عن آلهة للخير وأخرى للشر، وعبدت عادة ثالوثا ألهيا مثل فيه دور األب، اإلله المختص بالخصـب

ريا ومياها طامية، وتصوروه إذا كان نهرا في البالد التي تعتمد في ريها علـى األنهـار، أو فـي السـماء

األرض دوما بلقاحه المائي، لذلك تصـوروا الممطرة في البالد التي تعتمد على األمطار، كإله ذكر يخصب

إلها يقوم بتمثيله اإلله االبن في الثالوث المقدس " الزرع"األرض ألهة أنثى، تعطي مولودها زرعا، هو بدوره

للعائلة اإللهية، وغالبا ما اندمج األب في االبن بحيث أصبحا اقنوما واحدا، يمثله إله واحد، هو إله الماء، وفي

.ت ذاته إله النباتالوق

٣٢

وكما يموت الزرع ويجف ثم يعود إلى الحياة، فقد تصورا إله الخصب تجري أموره علـى الـوتيرة

ذاتها، فهو قد مات ثم قام في صيرورة خالدة أبدا، فموته مؤقت وخلوده هو الحقيقة المطلقة، وهي تصـورات

عالقة اإلنسان بالزرع الذي تتوقـف عليـه تتسق وتفكير اإلنسان آوانذاك، وتعبر بصورة شعرية دينية عن

حياته واستقراره المجتمعي، لذلك كان البد من العمل الجاد في األرض لمساعدة هذا اإلله المحب العطـوف

على العودة إلى الحياة مرة أخرى، فأضفت على العمل في األرض صبغة القداسة، وربطت المواطنة والعمل

ولم يزل العرف في مصـر يعتبـر (ل في حق األرض ورب الزرع كفرا مبينا باإليمان، بحيث يعد أي إهما

تفريط المزارع في األرض الزراعية بالـذات، دون غيرهـا، سـبة وعـارا ال يمحوانـه أيـة محـاوالت

ط المستقر ، وهكذا كانت العقيدة القديمة ضامنة للمجتمع سالمته واستمراره مترابطا، كناتج الرتبا )تكفير بديلة

.باألرض، مادامت تعطي، وهي ال تعطي إال بالعمل، وباإليمان بها وبهذا العمل

وقد دخلت عقائد الفداء مختلفة المواطن الخصيبة، بتطورات وتغيرات حذفت منها وأضافت، كنـاتج

ية، وراع طبيعي للجدل االجتماعي وما يفرزه من تغيرات على مستوى النظم االجتماعية واالقتصادية والسياس

" أوزيـر "طبقي حاضر دوما في هذا الجدل، حتى بلغت كمال نضجها في انضوائها تحت راية اإلله المصري

المصري، ورمز النيل والغلة في آن واحد، بل اندمجت فيه تماما، وذلك في العصـر الهللينـي رب الثالوث

عصر اآلالم، كنـاتج : الجماهير آنذاك الروماني، الذي اصطلح المؤرخون على تسميته بما أسماه لسان حال

وواضح لدينا أن هذا االنضواء قد بدأ تفاعال ثوريا اندمجت فيه مختلف . لسيطرة السلطان العسكري الروماني

ديانات الفداء في منظومة واحدة، تحت راية أوزير المصري، كقيادة لشكل أيديولوجي موحد فـي مواجهـة

ذا اإلله مجموعة من العوامل جعلت منه قيادة روحية وايديولوجيا ثوريـة، القمع الروماني، بعد أن أتيحت له

كما أدت إلى انتشار عالمي لعقيدته مع زوجته أيزي وأبنه حور، حتى فرض وجوده على إيمـان الرومـان

، وبينما كانت جامعة اإلسكندرية مركز اإلشـعاع الفكـري "Sirapisسيرابيس "أنفسهم فعبدوه مع أسرته باسم

.عقدي آنها، تواصل تصديره مع كل طالب علم، مصحوبا بكثير من اإلضافات التفسيرية والفلسفيةوال

وقد أنتهينا في كتابنا المذكور إلى أن عبادة أوزير في مصر القديمة قد ترافقت مع ثورة عظمـى ض

لديانة بمثابة االيديولوجيا النبالء والملكية والدين الرسمي القائم، وذلك قرب نهاية الدولة القديمة، وكانت هذه ا

التي حددت للثورة طريقها وأهدافها، بعد أن جمعنا لذلك عددا من القرائن والبراهين، انتهت إلى حسبانه اإلله

الذي رمز النتصار العدل على الظلم، وأن موته في أسطورته، على يد الظالمين، وما عاناه مـن آالم أثنـاء

الجماهير، ثم موته، ثم قيامته من الموت، إعالم عن عـودة الـوعي، أو عن آالم – ومشاركة –ذلك تعبيرا

، "ست"وهو يقود الجيوش ضد الملك الشرير الظالم " حور"عودة الجماهير إلى الصحو، كما كان أبنه اإللهي

لهيبا يؤجج صدور الجماهير ويشعلها حماسة، ومن هنا كان اإليمان بأوزير يعني ضرورة القيامـة والثـورة

والتجدد الدائم، كالزارع المتجدد دوما، الذي يكافح تحت التربة بعد الموت الظاهري، للعود إلى الحياة مـرة

وقد ساعد على انتشار هذه . فأوزير قد تعذب ومات شهيدا من أجل المتألمين، ومشاركة لهم في اآلالم . أخرى

٣٣

التي مثلت الوفاء بأجلى معانيه لزوجها الثـائر، ،"إيزي"العقيدة في بقاع اإلمبراطورية الرومانية دور اآللهة

على زوجها بالموت، وقامت تجمع أشالءه بعد مقتله، " رع"ورفضت أي استسالم للقدر الذي قرره رب الدولة

من أجل القيامة المجيدة، ومثلت دور األنثى الثائرة، التي تقوم بدورها من أجل إقامة العدل، ودور الزوجـة

لكنها الحرة، والتي يحرر حبها من يؤمن بها وبحبها، ومن هنا وجدت لهـا مـن اإلنـاث المخلصة الوفية،

عابدات مخلصات في كل صقع، في ضوء مقررات االستعباد الروماني للمرأة، التي أصـبحت فـي عصـر

اآلالم مجرد متاع رخيص مبتذل، مع وعد بعالم آخر بال ألم وال ظلم قرب عش أوزيـر، ألن أوزيـر لـم

إال عن قصد منه ورغبة، لكي يثبت أن من يموت يقوم، ومن يعاني اآلالم البد أن يعوض عنها عالما يستشهد

سعيدا خالدا، ومن هنا قرر أن يكسر حاجز الخوف عن الجماهير، فهبط من مجده السماوي، ومات، وقام في

عذراء، بال مالمسـة جسـدية، اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، بعد أن التقى بروحه بحبيبته أيزي وهي بعد

كان اإليمان بأوزير هو بمثابة بنوه له، ألنه التقاء أرواح، ويصبح المؤمنـون بـه ، وعليه "حور"فأنجبت منه

أبناء له، يدخل اإليمان إلى قلوبهم مصحوبا بصفته اآللهية، فيخلدون مثله في عالمه اآلخر، لذلك كان األيمان

إلى قيامة أخرى للمؤمنين في عالمه السعيد، ومـن يمـوت شـهيدا فسـوف بأوزير وبموته وقيامته، سبيال

وال عجب إذا وجدنا هذا اإلله يفعل فعله االيديولوجي في عقر الدولة الرومانية، فتتخذ ثورة العمال فـي .يقوم

تفريغ هذه برغم كل محاوالت الحكام المتتالية ل . )٥٤(عصر اآلالم من الديانة المصرية أيديولوجيا دافعة للثورة

األجهـزة ومع اإلجهـاض المتتـابع مـن . سواء في مصر أو خارجها األيديولوجيا من مضمونها الثوري،

الحاكمة للثورات التي كان دافعها ومحركها األيديولوجيا األوزيرية، وعلى مر السنين، بـدأت تتكـون لـدى

تحقق بعودته مرة أخـرى مـن السـماء الجماهير قناعات أن النجاح األعظم للثورة الكبرى على الظلم إنما ي

ومن هنا بدأ االنتظار للمخلص أوزير، وبدأت الشـائعات . ليخلص الناس من اآلالم، بخاصة في عصر اآلالم

إن أوزير قبل صعوده إلى السماء أكد أنـه سـوف : المعبرة عن رغبة الجماهير تتحول إلى لون قدسي يؤكد

.واإلخاءالمساواة يعود مرة أخرى ليقيم دولة للعدل ومملكة

فـي اإلمبراطوريـة وكان تفريغ هذه األيديولوجيا من محتواها الثوري مهمة أولى وأساسية جابهت

عودة المخلـص بهـدوء، أو الخـالص انتظارالبداية، بحيث ال يبقى منها سوى جانبها السلبي المتمثل في

، أو "أوزيـريس "عيش هناك إلى جـوار الروحي بانتظار الموت ليذهب المؤمن إلى عالم العدل السماوي، لي

وجاء التحقيق ببساطة في اعتناق الطبقات الراقية، والمترفـة، ). التسمية الرومانية لإلله المصري (سيرابيس

والمثقفة، ورجال الجيش، لهذه العقيدة، بعد أن كانوا يشكلون تيارا تابعا للمدرسة الفلسـفية الرواقيـة، تلـك

التدخل المباشر عندما تحولت من فلسفة مادية إلى فلسفة روحيـة، لتقـوم بـدورها الفلسفة التي أتضح فيها

التخلفي الرجعي فتمتزج بالعقيدة األوزيرية، وتشكالن فلسفة إشراقية صوفية، تفي بالغرض االمثل للمؤسسـة

حات العسكرية الحاكمة، كي يعطى ما لقيصر لقيصر، وما هللا هللا، ومن هنا دخلت على األوزيريـة مصـطل

فلسفية ال تعني الجماهير في قليل أو كثير، أو ربما لم تكن مفهومة لهم أصال، بينمـا انتشـر بيـنهم منهـا

٣٤

فقط الجانب االشراقي المتمثل في انتظـار المـوت ) مع دور الكهان وما يمثلونه من قيمة لإلنسان العادي (

لعقيدة والفلسفة انتشارا هائال، بعد أن تم إفراغها من الطبقة أما الطبقة المثقفة فقد انتشرت بينها هذه ا . خالصا

صاحبة المصلحة في الجانب التثويري، لتصبح العقيدة الجديدة ترفا روحيا ألناس أوجعهم الشبع، يبحثون عن

.كل الغرابة ويذهبون وراء األغراب، في بالد الشرق واالستشراق

فلسـفة الكلمـة نجاز المهمة الموكلة إليها، تحولـت ة من أ وبعد أن انتهت المدرسة الرواقية المسيس

Logos التي كانت تعني من قبل قانون الوجود، إلى أن تصبح هي سر الوجود، أي أصبحت فلسـفة حلوليـة

، وباإلخاء اإلنساني، فقادت الحركة الروحية بزعامة ) بالطبع اإلمبراطوريةتحت راية (تنادي بالوحدة العالمية

logosجامعة اإلسكندرية إلى مرتع فلسفي للـرواقيين، دمجـت الكلمـة ، وبعد أن تحولت )٥٥("بوسيديونيوس"

. )٥٦(، استنادا إلى تماثيله التي تصوره واضعا سبابته على فمه، عالمة على أنه الكلمـة "حور"باالبن اإللهي

لمخلصـون الحقيقيـون ممثال ألبيه على األرض، فقد أصبح األباطرة الرومان كذلك هـم ا " حور"ولما كان

، ومـن "نـوميروأتيكس "، الذي ارتفع بعد موته جسدا حيا إلى السماء، بقسم مغلظ من "نيرون"لرعاياهم، مثل

قررت الئحة مجلس الشيوخ بشأنه أنه كان صورة تجسـديه الذي " أوغسطس"؟، ومثل )٥٧("نوميرو"يشك في

، حتى أصبحت ديانة أوزير بعد فلسـفتها )٥٨( المخلص يعطيه لقب " سنكا"لإلله على األرض، وقام الفيلسوف

ومعروف أن اإلمبراطور هادريان كان أهم المتحمسـين لجعلهـا ديانـة . )٥٩(رواقيا ديانة البطالمة الرسمية

أن هذه العبادة انتشرت في كل األرجاء، ألنها " أدولف إرمان "، ومن ثم قرر اآلثاري )٦٠(رسمية لإلمبراطورية

ألتباعها عزاء أخيرا في كافة المصائب، وكانت تمنحهم اإليمان بحياة أخرى أفضل، يقضونها تقدم "... كانت

وأصـبحت معبـودا ، حتى أن الكلمة الرواقية تحولت إلى ضلع مقدس في الثالوث، )٦١("في مملكة أوزيريس

" ولد توينبي انتشر في حوض المتوسط يعزي المسحوقين ويرفه عن المترفين، بعد أن صارت فيما يقول ارن

العقل الخالق السرمدي، الذي عرف فيه المفكرون الهللينيون الحقيقـة المطلقـة الكامنـة وراء مظـاهر ...

.ولم تكن الكلمة سوى األب ممثال في االبن، واالبن كان حور، وأصبح هو اإلمبراطور. )٦٢("الكون

فـي اإلمبراطوريـة " ... يعـد ونتيجة لكل هذا التسارع استطاع اآلثاري أرمان أن يؤكد، أنه لـم

إن : الرومانية الواسعة األرجاء، مقاطعة واحدة ال تعبد فيها اآللهة المصرية، حتى استطاع ترتوليان أن يقول

أما ما أكده عبـاس العقـاد، فهـو وأن أكثـر هـذه . )٦٣("األرض بأسرها تعقد اإليمان اليوم باسم سيرابيس

، مما حدا بـاليهود الناموسـيين أو )٦٤(الجليل، حيث ولد السيد المسيح المقاطعات تأثرا بهذا المذهب هي بالد

.)٦٥("إنه ألخير يأتي من الجليل: "المتمسكين بحرفية التوراة، إلى طرح مثل سار على ألسنتهم يقول

٣٥

" ... قد استقطبت كل األساطير األخرى مثل تلك التي كانت تنسب إلـى أن العقيدة األوزيرية المهم

ين يجففون البحيرات بكلمة ينطقون بها، أو يجعلون األطراف المقطوعة تقفـز إلـى أماكنهـا، أو السحرة الذ

، اإللـه اإليرانـي "أوزير"، وابتلع )٦٧("قصص الشفاء "، ومن هنا استولى أوزير على كل )٦٦("يحيون الموتى

أصبح بدال من اإللـه و" )٦٨(العشاء الرباني المصنوع على هيئة الصليب "، وأصبح بدال منه صاحب "ميثهرا"

صاحب القلب المقدس وابن اإلله األوحد، الذي قتله البشر فحملوا إثم خطيئة عالمية، ال يغفرهـا " "ديونزيوس"

فتسري فيه الروح ،"إال اإلخالص، باإليمان به، وبالتعميد، وبتعاطي جرعات من النبيذ تمثل روح ابن العذراء

، وأصبح "البوذيستافي"عند الجماهير المطحونة، بعد أن ابتلع عقيدة )٦٩(الخالدة، وأصبح هو المخلص المنتظر

وتحـت ". )٧٠(منقذا ضحى بنفسه، وراعيا أمينا للقطيـع البشـري الضـال ... اله االبن " ... هو وبدال منه

ـ : االحتالل الروماني، قام اليهود بعدة ثورات فاشلة، فقسمهم الفشل فرقا، لعل أشهرها . يةالصدوقية والفريس

وبرغم الفشل أمام جيوش الرومان التي بلغت حد االكتمال، فقد ظل الصدوقيون مخلصـين لتـوراة موسـى

وقصص األنبياء السوالف، بل ازدادوا سلفية وتمسكا بحرفية التقليد، إضافة لكونهم كانوا هم كهنـة الهيكـل

ن بمملكة داود الغـابرة، ثـم وسدنته، مما حدا بهم على رفض منطق العصر وتغيرات الزمن، فظلوا يحلمو

أن تقوم مرة أخرى على يد واحد من نسل داود ضمانا لنقاء الدم الملكي، وهذا تصوروا أن هذه المملكة البد

الشخص الملك موجود، ولكنه مفقود ضائع بين بيوت إسرائيل، وفي حال إعالنه عن نفسه سيقود شعبه بقـوة

القديمـة بمـنهج ة موسى، ومن هنا قاموا يفسرون بعض اآليات السالح، ليجتاح قالع الرومان ويطبق شريع

الملك العظيم عندما تشتد المحنة بالشعب، وسيأتي جبارا مثل شـاؤول، التأويل، على أنها نبوءات بظهور هذا

وفعال بدأ العصر يرهص بالنبوءة الصـدوقية، ينتظـر يهوديـا يعلـن . مقاتال مثل داود، حكيما مثل سليمان

أنه حفيد داود، وعندئذ سوف يمسح الصدوقيون بالزيت المقدس مسيحا، حسب الشـرعة التوراتيـة لصـحة

.التتويج الملكي

وفلسفتها الرواقيـة وعقيـدتها هذا، بينما كانت مقاطعة الجليل في واد آخر، يموج بفلسفة اإلسكندرية

ن انكسرت الثورات على رماح الرومان واحدة أثـر االوزيرية، بحيث رفض أهلها منطق الصدوقيين، بعد أ

أخرى، وأصبحت القناعة أنه ال يقدر على الرومان إال الرب، ولم يعد مجديا إال أن يهبط الرب بنفسـه كمـا

هبط لموسى من قبل، ولكن في صورة روحانية بروح قدس تحل في بذرة بشرية في أحشاء عذراء تنجبه أو

وسيكون هو الكلمة والقانون، فكلمة اهللا نافذة، فـال يحـارب وال يقـود .الموعودتنجب منه أبنا هو المخلص

.جيوشا، إنما يتكلم بالسالم، ويقيم دولة المحبة التي أرادها فالسفة الرواقية

، من أعلن أنه قـد تـوافرت فيـه "الناصرة"وحدث أن ظهر، في الجليل، وفي قرية من أعمالها هي

:مسيح المنتظر، وهو ما سجلته األناجيل كما سنرىالمواصفات المطلوبة في ال

٣٦

الكلمـة، في البدء كان : " إنجيله بقوله – وهو احد تالمذة المدرسة الرواقية –" يوحنا"يستهل اإلنجيلي

أما كيف حدث ". ١٤ – ١ –وحل بيننا اهللا صار جسدا "وأن " ١ –١ –والكلمة كان عند اهللا، وكان الكلمة اهللا

الجليـل، أرسل جبريل المالك من عند اهللا إلى مدينة في " شرحه اإلنجيلي لوقا في إنجيله بالقول ذلك، فهو ما ي

عليهـا واسم العذراء مـريم، فـدخل عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، اسمها ناصرة، إلى

القدوس المولـود منـك .. .ها أنت تحبلين وتلدين أبنا، هذا يكون عظيما، وابن اهللا يدعى : ... وقالالمالك

أي شك وهو ينادي ورجع الصدى منه " بولس الرسول "ومن هنا لم يراود ". ٣٥ : ٢٦ – ١ –يدعى ابن اهللا

يسوع المسـيح أنه ربنا "، "١٨ – ١ الرسالة إلى رومية –يسوع المسيح إنه إلهي : "يردد في أرجاء المتوسط

بـأي " أبن اهللا "قد أخذ على عاتقه نفي أي عالقة للمسيح أما بطرس الرسول ف ". ٢٣ – ٤ الرسالة إلى فيلبي –

ربنـا إننا لم نتبع خرافات مصطنعة، إذ عرفناكم بقوة : "فقام يؤكد القول أبناء آلهة آخرين في تراث المنطقة،

هذا هو : ألنه أخذ من اهللا كرامة ومجدا، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد االسنى يسوع المسيح ومجيئه،

–ونحن سمعنا هذا الصوت مقبال من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس لحبيب الذي أنا سررت به، ابني ا

أما ". ٦٩ – ٦ –المسيح ابن اهللا الحي "... وإعماال لذلك أكد يوحنا أن ". ١٨ : ١٦ – ١رسالة بطرس الثانية

المسيح ألجلنا، وقد صولحنا مع اهللا اهللا بين محبته لنا ونحن بعد خطاة، مات "سبب مجيئه عند بولس فهو أن

وأنه دفن وأنه قام فـي اليـوم ... مات من أجل خطايانا "وأنه قد ". ٨ – ٥ الرسالة إلى رومية –بموت ابنه

وأن من يؤمن بذلك فإن يوحنا يؤكد له أنه سيصبح أبنـا ". ٤، ٣ – ١٥ الرسالة األولى لكورنثوس –الثالث

– ١ –ذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أوالد اإلله، أي المؤمنون باسـمه كل ال "...للمسيح خالدا مثله،

هذه ، وسبب "١١ – ٣ – الرسالة إلى تسالونيكى –اهللا نفسه أبونا وربنا : "، وأكد ذات المعنى بولس بقوله "١٢

بهـا شـركاء لكي تصيروا : "... األبوة عند بطرس هو الحصول على الطبيعة اإللهية الخالدة، أو وكما قال

–والذي يؤمن باالبن له حياة أبدية : "وهو ما أوضحه بالقول ". ٤، ٣ – ١ – الرسالة الثانية –الطبيعة اإللهية

".٣٥ – ٣الرسالة الثانية

ومع هذا االعتقاد الجازم في ألوهية المسيح، أو بنوته لإلله، وأنه ولد من عذراء، وأنه هـبط فـداء

عالم آخر عوضا عن عالم اآلالم الدنيوي، فقد تالزم مع هذا االعتقاد اعتقاد آخـر فيللبشر وتخليدا للمؤمنين

ويعطيـه "، يردف القول مباشرة "وأبن اهللا يدعى هكذا يكون عظيما "عجيب، فهذا لوقا بعد تأكيده عن المسيح

هو مسـيح "نه ثم ال يني يردد أ " ٣٣، ٣٢ - ١ -كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى األبد الرب

".٣٨ - ١٩ -اآلتي باسم الرب الملك تبارك "، وينادي "٢٢ - ٢٣ -ملك

آخر النسل في شجرة نسب بيت الملك داود، ليهبط بهذه الشجرة –أما اإلنجيلي متى، فيرصد المسيح

التي ولد منها يسوع، الذي يدعى المسيحيوسف رجل مـريم، " ... من الفروع إلى األغصان حتى يصل إلى

: ، ولتأكيد أنه حفيد داود الملك، وأنه الملك المنتظر للجلوس على عرش إسرائيل، فأن مرقس يقول "١٦- ١ –

ثم هذا يوحنـا يحكـي أن ". ١٠، ٩ – ١١ مرقس –مبارك اآلتي باسم الرب، مباركة هي مملكة أبينا داود "

٣٧

يسوع بن يسوف الذي من : ألنبياءوجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس وا : فيليبس وجد نثنائيل وقال له "

هو فعال الذي سبق : "لذلك اضطر بولس لمحاولة شرح توفيقي يقول عن المسيح ". ٤٦، ٤٥ – ٥ –الناصرة

من جهة روح القيامة من ابن اهللا من جهة الجسد، وتعين من نسل داود فوعد به بأنبيائه عن ابنه، الذي صار

". الرسالة إلى رومية–األموات

::تاميةتاميةمقولة خمقولة خ

ليست هناك ثقافة، أيا كانت، يمكن فرضها على شعب من خارجه، إن لم تجد لهـا أرضـا خصـبة

تناسبها، فما بالنا ومنابت هذه الثقافة تضرب بجذورها في أعماق تاريخنا القديم، وأن كل ما حـدث هـو أن

هم الغرباء، مـن أجـل السـيطرة العبريين قد تمكنوا من استخدام هذه الثقافة كأداة للوعي بتاريخ المنطقة، و

عليها، بدأ بالسيطرة الروحية، وتوجيهها وفق المخططات المطلوبة، بينما نحن اليوم نرفع شـعارات الثقافـة

سوى جزء مـن تراثنـا، هـو – في األغلب الساحق –والمهول في األمر أننا ال نعني بهذه الثقافة . القومية

بينما الـوعي . صديره ألينا، مما أدى بنا إلى وعي مزيف بحقيقة تراثنا بالتحديد الجزء الذي تم تهويده وأعيد ت

الصادق بأصالتنا يعني، في رأيي، الوعي بتاريخنا كله وعيا ناقدا، وأال يقتصر على فترة محـددة مـن هـذا

وأن غياب الوعي الصادق بالتراث الصادق بالتاريخ الصادق، لغياب العقلية النقديـة، هـو الخطـر . التاريخ

".شر أنواع االستعمار: "جواد علي كان يعنيه بالتعبير. الحقيقي الذي تتعرض له هذه األمة، وهو ما أتصور د : إشارات

هوامش

.٥، ص١، مج١٩٨٨، ٤دار الكتب العلمية، لبنان، طالبداية والنهاية، : ابن كثير– ١2 -Trail and Error, The Autobiography of chaim Weizmann, Harper and Bros, New York, 1948, P.110. 3 - Ibid, P. 158.

.٥٨، ص٦، ج.ت.مطبوعات المجمع العلمي العراقي، بغداد، دالمفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم، : جواد علي. د-٤

، القـاهرة، ٧مكتبة النهضة المصـرية، ط الديني والثقافي واالجتماعي، تاريخ اإلسالم السياسي و : حسن إبراهيم حسن . د -٥

. ٨، ص١، ج١٩٦٤

:، أنظر أيضا١٩٨، ص ١٩٨٠دار النهار، بيروت، دراسات في التاريخ، : أنيس فريحة. د-٦

، ١٩٨١ ،٢في هوامشه على ترجمة كتاب اسبينوزا رسالة في الالهوت والسياسة، دار الطليعـة، بيـروت، ط : حسن حنفي . د

.٢٨ص

.١٠٨، ص١٩٧٩، ٢دار الكلمة، بيروت، طمغامرة العقل األولى، : فراس السواح-٧

يعقوب السيد بكر، دار الكتاب . ترجمة د ، "الحضارات السامية القديمة "من عرض آلراء فلهاوزون بكتابة : سبتينو موسكاتي -٨

.١٥٧، ص١٩٥٧العربي للطباعة، القاهرة،

.١٤٢، ص١٩٨١ترجمة شاكر إبراهيم سعيد، الهيئة المصرية العاملة للكتاب، القاهرة، حي، الماضي ال: ايفار لسنر-٩

.٣٧٢ص . ت.ترجمة سليم حسن، مكتبة مصر، دفجر الضمير، : جيمس هنري برستد-١٠

٣٨

.٣٧٣، ٣٧٢ص : نفسه – ١١

.٣٨٢ص : نفسه – ١٢

.٣٨٥ص: نفسه – ١٣

فيصل الوائلي، وكالـة المطبوعـات، . ترجمة د رتهم وخصائصهم، تاريخهم وحضا السومريون، : صموئيل نوح كريمر -١٤

.الكويت

.١٩٧١ترجمة يوسف عبد القادر داود، مطبعة المعارف، بغداد، األساطير السومرية، : صموئيل نوح كريمر-١٥

.١٩٧١، ترجمة طه باقر، مكتبة المثنى، بغداد، ومؤسسه الخانجي بالقاهرةمن ألواح سومر، : صموئيل نوح كريمر-١٦

.Chamber’s Papers تجدها في الفصل الرابع من المجلد الثالث من -١٧

، ١٩٨٨دار الفكر للدراسات والنشـر، القـاهرة، ط أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة، : سيد محمود القمني . د -١٨

.٨٠ص

.١٤٤ص. ت.دار النهضة العربية، القاهرة، دالشرق الخالد، : عبد الحميد زايد. د-١٩

، ١دار الحرية للطباعة، بغـداد، ج ) مع آخرين (ضمن سلسلة تاريخ العراق، الديانة، المعتقدات الدينية، : فوزي رشيد . د -٢٠

.١٥٤، ص١٥٢ص

.٦٦، ٦٥سبق ذكره، ص األساطير السومرية، ... : كريمر -٢١

.١٧، ص ١٩٨١، بغداد، آيار آفاق عربيةخلق اإلنسان في المالحم السومرية والبابلية، : فوزي رشيد. د-٢٢

.٢٤٤، ٢٤٣سبق ذكره، صمن ألواح سومر، ... : كريم -٢٣

.٩٨، ٩٧، ص١٩٧٠ترجمة وليد الجادر، طبع جامعة بغداد، الديانة عند البابليين، : جان بوتيرون-٢٤

.٣٠٤، ص٦، ج١٩٦١، دار المعارف، القاهرةمصر والشرق األدنى القديم، حضارة العراق القديم، : نجيب ميخائيل. د-٢٥

.١٠٦، ص ١٩٧٩، ٢دار النهار، بيروت، طمالحم وأساطير من األدب السامي، : أنيس فريحة. د-٢٦

.٨٦ص سبق ذكره، ... أوزريس : سيد محمود القمني. د-٢٧

.٨٨صسبق ذكره، : فراس السواح-٢٨

.١٨٥ص: نفسه -٢٩

.١٨٦، ١٨٥ص: نفسه -٣٠

.٥٢٧، ص سبق ذكره... من ألواح : صموئيل نوح كريمر-٣١

.٩٤٨ص سبق ذكره، ... األساطير ...: كريمر -٣٢

: أنظر أيضـا ١١، ١١٠، ص ١٩٧٥أوفست االخالص، بغداد، الطوفان في المراجع المسمارية، : فاضل عبد الواحد . د -٣٣

.٤٤:٦٠، ص ١٩٨٣آفاق عربية، بغداد، آيار من الطوفان السومري إلى الطوفان النوحي، : سيد محمود القمني. د

.٤٠٠، ص١، ج١٩٦٧الهيئة العامة لشؤون المطابع األميرية، القاهرة، الشرق األدنى القديم، : عبد العزيز صالح. د-٣٤

.٤٧٦، ٤٧٥ص : نفسه -٣٥

.١٥٤ص سبق ذكره، : السواح-٣٦

Epic of Gilgamesh by Sanders (N.K.) Penguinيمكن الرجوع إلى قصه الطوفان كاملة فـي الموضع نفسه، -٣٧

books.

.٥، ص١جسبق ذكره، : ابن كثير-٣٨

٣٩

.٧٥، ص .ت.المكتبة الثقافية، بيروت، دعرائس المجالس، : الثعلبي النيسابوري-٣٩

.الموضوع نفسه -٤٠

.٦٠ص : نفسه -٤١

.١٠٥، ص١جسبق ذكره، : ابن كثير-٤٢

.١٠٨ص : نفسه -٤٣

، ١حقيق محمد محي الدين عبد الحميـد، المكتبـة اإلسـالمية، بيـروت، ج تمروج الذهب ومعادن الجوهر، : المسعودي -٤٤

.٤١ص

، ٨٠، ص ١٩٧٨منشورات مؤسسة االعلمي، بيروت، النور المبين في قصص األنبياء والمرسلين، : نعمة اهللا الجزائري -٤٥

٨١.

.٣٢، ص١، ج١٩٦٦، ٢المكتبة الحيدرية، النجف، طعلل الشرائع، : الصدوق القمي-٤٦

أنـيس فريحـة، دار النهـار . ، د مالحم وأساطير من األدب السامي (مكنك الرجوع إلى ترجمة كاملة لملحمة البعل في ي -٤٧

.١٦١، ١١٣، من ص٢للنشر، بيروت، ط

.٢٩، ص١٩٧٤أوفست مؤسسة فاخروي، بيروت، نسف األضاليل مرحلة أساسية في إزالة إسرائيل، : أنيس فاخوري-٤٨

.٧ص: نفسه -٤٩

.٢٣ ص :نفسه -٥٠

، ١٩٨٤، ٢دار طالس للدراسات والترجمة والنشـر، دمشـق، ط رد على اليهودية واليهودية المسيحية، : ندرة اليازجي -٥١

.٤٠، ٣٩ص

.١٩٨٤، ٢دار طالس، دمشق، طرد على التوراة، : كتابه) ٥١إضافة للكتاب المذكور في : ( ندرة اليازجي-٥٢

.٤٧ : ٣٨، من ص١٩٨٢، ٩آفاق عربية، بغداد، عددالزهرة، إلهة الجنس أو : سيد محمود القمني. د-٥٣

١١٩، من ص ١٠فكر للدراسات واألبحاث، القاهرة، عدد البعد األسطوري للشيطان في التراث الشرقي، : سيد محمود القمني . د

.١٢٥ ص–

١٩٨٨ ، ينـاير ١١اهرة، عدد فكر للدراسات واألبحاث، الق الجذور االجتماعية، –واألضاحي والقرابين : سيد محمود القمني . د

.١٠٦ص : ٨٣من ص

: ٣٩، مـن ص ١٩٨٧، ٢٦الكرمل، نيقوسيا، قبرص، عـدد القمر األب، أو الضلع األكبر من الثالوث، : سيد محمود القمني . د

.٦٥ص

.٢٠٢ص سبق ذكره، .... أوزيريس : سيد محمود القمني. د-٥٤

.٢٤٠، ص١٩٦٣النجلو المصرية، القاهرة، مكتبة اتاريخ الحضارة الهللينية، : ارنولد توينبي-٥٥

.٩٥٢، ص٢، ج.ت.االنجلو المصرية، القاهرة، دنحو آفاق أوسع، : أبكار السقاف-٥٦

.٩٤٧ص: نفسه -٥٧

.٩٧٣ص: نفسه -٥٨

ترجمة محمد عبد المنعم أبو بكر، ومحمد أنور شكري، نشر مصطفى البابي الحلبي، ديانة مصر القديمة، : ادولف إرمان -٥٩

.٤٦٥، ص .ت.اهرة، دالق

.٤٦٩ص: نفسه -٦٠

٤٠

.٤٨٦ص : نفسه -٦١

.٢٤٧صسبق ذكره، : توينبي-٦٢

.٤٨٦صسبق ذكره، : إرمان-٦٣

.٧٧، القاهرة، ص١٩٨٨كتاب الهالل، عدد يناير حياة المسيح، : عباس العقاد-٦٤

.٩٣ص: نفسه -٦٥

، ٢، ج ١، مـج ١٩٦١، ٣ بالجامعة العربية، القاهرة، ط ترجمة محمد بدران، اإلدارة الثقافية قصة الحضارة، : ول ديورنت -٦٦

.١٦٦ص

.٤٧٧صسبق ذكره، : إرمان-٦٧

.١٥٣، ص٢دار المعارف، القاهرة، طاهللا، : العقاد-٦٨

.٤٩ص: نفسه -٦٩

.٢٤٦صسبق ذكره، : توينبي-٧٠