٢

א

:א

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

٣

א( )א

٤

سفهر

٥.....!؟..ماذا في طفولة نهد م١٩٤٨ ..!طفولة نهد : )٢(

٩٢.......؟..هل عنى سامبا، أم رقصها ١٩٤٩ ..!سامبا )٣(

٩٦........؟..ن هل هي له، أم هو له ١٩٥٠ ..!أنت لي )٤(

٥

)٢(

!.. ١٩٤٨

*

!؟..ماذا في طفولة نهد

٦

القصائد .. " طفولة نهد " تتضمن مجموعة * :التالية

بيت - وشوشة - على الغيم - بالدي - أزرار -مني - الضفائر السود -لدرب على ا- على البيادر - لوالك -

شمعة - من كوة المقهى - شرق - سؤال -دورنا القمر إلى رداء - لو - العين الخضراء -.. إلى ساق -ونهد

- اسمها -.. إلى مضطجعة - الشفه - رسالة -.. أصفر القبلة األولى - إلى وشاح أحمر - طفلتها - الموعد -غرفة

طائشة - نار - امرأة من دخان -بة ذئ- همجية الشفتين - . مصلوبة النهدين - عند امرأة - المستحمة -الضفائر

*

٧

بعد أن وصلها ، صدر ت هذه المجموعة في القاهرة وكان عمره كما يقول نزار ،دبلوماسيا في السفارة السورية

.هرة في ذروة نشاطها األدبي وكانت القا،سنة/ ٢٢/يقول األستاذ أحمد الشهاوي في حوار أجراه مع نزار

ونشره في جريدة الرأي في ١٩٩٢قباني سنة ( إن نزار قباني قدم مجموعته الثانية : يقول،٢٠/١٢/١٩٩٢

،توفيق الحكيم" لثالثة أدباء من مصر هم ) طفولة نهد :لى لسان نزار يقول وع،" وأنور المعداوي ،وكامل الشناوي

وقدمتني اإلذاعة المصرية في ،فسمعت منهم كالما جميال واقتربت في هذه الفترة من عالم الغناء ،قراءات شعرية

أحمد - أم كلثوم -محمد عبد الوهاب ( والمسرح والصحافة ).رامي

كنت أتنفس تحت سماء يملؤها طه حسين والعقاد وتعودت مصر ،مصر وبعد ذلك تعودت على ،والماذني

وصارت تعتبرني واحدا من شعرائها أو من أوالدها ،علي . ) طفولة نهر (إلى ) طفولة نهد (أما قصة تحويل ديواني

إنها دليل ،فال يمكن أن أتذكرها دون أن أموت إيظا أو قهراعلى أن الفكر السلفي ال يمكن أن يتطور أو يتحضر أو يغير

٨

غرور أقول إنني معجب جدا بعنوان وبغير،مواقعه الحجرية ولكن األستاذ ،هذا الديوان بالذات واعتبره لقطة اللقطات

قال لصديقي الناقد أنور ،أحمد حسن الزيات رحمه اهللاالمعداوي عندما ألقى نظرة على مقاله النقدي المعد للنشر في

:لؤلؤة المجالت الثقافية في األربعينات) الرسالة ( مجلة ؟ عنوان ديوان صديقك الشاعر نزارما هو طفولة نهد يا سيدي األستاذ:فأجاب

ال حول وال قوة إال ! ؟"كده حتة واحدة " طفولة نهد وخرج الناقد المعداوي من مكتب الزيات وهو ال يعرف ،باهللا

أن األستاذ قرر بينه وبين نفسه أن يغير كلمة نهد بكلمة لكبير الزيات أجمل عناويني وهكذا اغتال أستاذنا ا) .. نهر(

وعندما صدرت ،حفاظا على تقاليد مجلة الرسالة ووقارها ال ،ن الناس أنني أصدرت أطلسا للجغرافيا؟الرسالة بعد أيام

.. وأنني أتغزل بنهر المسيسبي ال بنهد امرأة ،ديوان شعر *

٩

؟..د نزار قبانيما هو الشعر عنكتب الشاعر في هذه ) طفولة نهد (في مقدمة مجموعة :يقول) في الشعر ( المجموعة تحت عنوان

حكاية الشعر كحكاية الوردة التي ترتجف على الرابية " .مخدة من العبير وقميصا من الدم

إنك تحبها هذه الكتلة الملتهبة من الحرير التي تغمر وقلبك دون أن يدور في خلدك أن ،إصبعك وأنفك وخيالك

لتقف على سر هذا الجهاز ،تمزقها وتقطع قميصها األحمر وهذه الحالة ،الجميل الذي يحدث لك هذه الهزة العجيبة

.…السمحة القريرة التي تغرق فيها وفي القصيدة كما في الوردة ، كما في الطبيعة،وفي الفن

،ى تقطيع القصيدة يجب أال نعمد إل،وكما في اللوحة البارعةهذا الشريط الباهر الندي من المعاني واألصباغ والصور

.والدندنة المنغومة المعاني التي ) كمية ( حرام أن نمزق القصيدة لنحصي وخفي زحافاتها ونقف ،تنضم عليها ونحصر عدد تفاعيلها

.بحرها) لون ( على

١٠

فلنقرأ القصيدة كما ننظر إلى القمر بطفولة وعفوية .واستغراق

،تصدم عصبك) كهربة جميلة ( الشعر ليس أكثر من .وتنقلك إلى واحات مضيئة مزروعة على أجفان السحاب

هذه تضع على فم .. مهمة القصيدة كمهمة الفراشة منتقلة ،الزهرة دفعة واحدة جميع ما جنته من عطر ورحيق

تفرغ في -أي القصيدة -وتلك .. بين الجبل والحقل والسياج لب القارئ شحنة من الطاقة الروحية تحتوي على جميع ق

.أجزاء النفس وتنظيم الحياة كلها

…الشعر زينة وتحفة يجب أن ال نطلب من الشعر أكثر :ويتابع نزار قائال

من هذا ويتجنى على الشعر الذين يريدون منه أن يغل غلة كآنية الورد.. فهو زينة وتحفة باذخة فحسب ،وينتج ريعا

التي تستريح على منضدتي لست أرجو منها أكثر من صحبة .األناقة وصداقة العطر

لذلك نشأت على كره عنيد للشعر الذي يراد من نظمه أو حصر قواعد اللغة العربية … أو بناء تكية …إقامة ملجأ

١١

أو تعداد مآثر الميت على رخامة ،أو تأريخ ميالد صبي .قبره

ثم ماذا . ألنه يهزأ بالحدود…ر ال أجرؤ على تحديد الشع !؟يضير الشعر إذا لم نجد له تعريفا ال ، إن الشعر كهربة جميلة:لنتواضع إذن على القول .تعمر طويال مسربلة بالموسيقا

، كان الشعر،ومتى اكتست الهنيهة الشعرية ريش النغم ) .النفس الملحنة ( فهو بتعبير موجز

لشاعرة موسما وال موعدا ال تعرف هذه الهنيهة ا وأنا ال أعرف مهنة ، فكأنها فوق المواسم والمواعيد،مضروبا

..يجهل صاحبها ماهيتها أكثر من هذه المهنة التي تغزل النار وينسج ثوبه ، أن الشعر يصنع نفسه بنفسه،والذي أقره

حتى إذا تمت له أسباب الوجود ،بيديه وراء ستائر النفس .م ارتجف أحرفا تلهث على الورق واكتسى رداء النغ

، وينطلق في كل االتجاهات،والشعر يحيط بالوجود كله وتتناول المترف والمبتذل ،فترسم ريشته المليح والقبيح

.والرفيع والوضيع

١٢

ألن الدعوة ،ويخطئ الذين يظنون أنه خط صاعد دائماإلى الفضيلة ليست مهمة الفن بل مهمة األديان وعلم

وطهارة اإلثم ، ولذة األلم، وأنا أؤمن بجمال القبح،األخالق .فهي كلها أشياء صحيحة في نظر الفنان

، وارد في منطق الفن ومعقول،تصوير مخدع مومس أما المومس ،وهو من أسخى مواضيع الفن وأعزرها ألوانا

، وخطأ من أخطاء المجتمع،من حيث كونها إناء من اإلثمجه المذاهب االجتماعية وعلم فهذا موضوع آخر تعال

" .األخالق ح أنأعود إلى دراسة القصائد في طفولة نهد ألوضالقارئ منذ القراءة األولى يالحظ تكرار الشاعر للكلمات التي

، مثل الورد،سبق له وكررها في مجموعته السابقة ، والصفصافة، والفراشات، والثغر، والنهد،والعصفور وهذا بدوره يؤكد ما ذهبت ،دالت السابقة بنفس المع،والنجوم

باإلضافة إلى أنه وظفها نفس ،إليه في حديثي من قبل وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ،التوظيف تقريبا

.الحالة التي الزمته في المجموعتين هي واحدة

١٣

:يقول في مطلعها) ٩٣ص" (أزرار " في قصيدة لقد كبرت.. وتلك بضعة أزرار

فبيتي كله عبـق.. على جواري فيا فرحي ، تعانقت عند شباكي والطرقبالورد غدا تسد الربى

ولماذا فتحت مع .. ويتابع فيسأل عن العلب الحمراء كما أن للشاعر غرفة في ! ؟ فسال منها الوهج واأللق،الصباح

إلى أن ، عائمة على شريط ندى تطفو وتنزلقدروب الغيم :يقول

مبنيـة من غييمـات منتفـة والشفقالعصفور لي صاحبان بها

مكومـةنجمــان.. أمام بابي ثم تنطلـق.. فتستريح لدينـا

وفي جوار ،ويتابع قوله أن للصباح مرور تحت نافذته :إلى أن يقول.. سريره يرتمي األفق أمسكتها بيدي.. حرة نجمة كم

وللتـطلع غيـري مـا له عنـق

١٤

يقصر الشعر من عمري ويتلفني إذا سعيت سعى بي العظم والخرق

شته وري، وفي رئته،ويتابع القول أن النار في جبهته ، يعذبه، وهناك نهر من النار في صدغه،بسعال اللون تختنقومع ذلك .. وطعامه الحبر والورق ؟ويسأل إلى متى

وإن احترق فإن ،فالشاعر ال يعتب على النار وهي تأكله.. ما دام قد أضاء .. وال غريب في هذا ،الشهب تحترق

وكأنهم لم يخلقوا في حساب ،وكم من خلق أتوا ومضوا : إلى أن يقول،ألرضا

غـدا ستحتشد الدنيـا لتقرأني د والعرقالور ونخب شعري يدور

ستعقبها، اليـوم بضعـة أزرار وفي كل عام يطلع الورق، أخرى

حيث تنتهي القصيدةيعود من جديد ليكرر ) ٩٥ص" (بالدي " وفي قصيدة

.. والصفصاف ، والعصافير،والنجوم،)أكثر من مرة (الورد

١٥

يكرر ذكر الورد ) ٩٨ص" (على الغيم " وفي قصيدة بيتا / ١٣/ وخالل ، والعصفور أيضا،)أكثر من مرة(والنجوم

..فقط أكثر (يذكر الورد ) ١٠٠ص" (وشوشة " وفي قصيدة

: ونجد ذلك في قوله، والثغر،)من مرة زرعت -د في طريقنا تالل فالور - ابتهال ثغرهافي

.وردةألف يكرر ذكر العصفور في ) ١٠٣ص" (بيت " وفي قصيدة

كمنزل العصفور أرضى بـه: قوله فيه الطعام السمح والصمت

، وهي قصيدة تفعيلة،)١٠٤ص" (لوالك " وفي قصيدة :ر الورد بقولهيكرر ذك

بالورد هل ضج ؟.. درب يكرر ذكر ) ١٠٦ص" (على البيادر " وقي قصيدة

" الضفائر السود " وفي قصيدة .. والورد ،العصافير .. والنجم ،يكرر النهد) ١١٠ص(

١٦

..!الضفائر السود

على يدي..شعرها ..ل ضوء أسود شال

سنابال...ألمه .. لم تحصد ،سنابال

واجعلي..ال تربطيه ..على المساء مقعدي

على مخدات،من عمرنا ..لم نرقد .الشذا

رتهمن شريط..وحر ..مغرد .. أصفر

واستغرقت أصابعي ندي..حر ..في ملعب

تمة..وفرع نهر ..على الرخام األجعد

١٧

قلني أرجوحة سوداءت ..حيرى المقصد

توزع الليل على ..صباح جيد أجيد

طاشت خصلة.هناك ..كثيرة التمرد

أشواق صدر..تسر لي ..أهوج التنهد

ونبضة النهد الصغير ..المغرد ...الصاعد

تستقطر النبيذ من ..لون فم لم يعقد

وترضع الضياء من ..هد صبي المولد ن

* قد نلتقي في نجمة

١٨

ماذا يكون العمر..زرقاء !؟..لو لم توجدي يذكر الفراشات ،)١١٣ص" (دورنا القمر "وفي قصيدة

، والثغر،)أكثر من مرة ( والورد ، والنهد،)أكثر من مرة( يكرر ،)١١٧ص" (سؤال " دة وفي قصي.. والنجوم أيضا

.. والعصافير أيضا ،)أكثر من مرة( الورد ،الشاعر ويتكرر استخدام نفس الكلمات في ،وهكذا تتالى القصائد

:)١٢٥ص" (شمعة ونهد " في قصيدة .. أكثر القصائد

١٩

..!شمعة ونهد

يا صاحبي في الدفءالشمعه إني أختك

والهوى..وأنت ..أنا ..عهفي هذه البق

أنا..أوزع الضوء وأنت للمتعه..

في غرفة فتانة تلفها الروعه

يسكن فيها شاعر عهأفكاره بد

وينحني.. يرمقنا قعهيخط في ر..

فيا..صنعته الحرف لهذه الصنعه..

٢٠

إني شمعة.. يا نهد ليسمعه..عذراء نحن هنا؟إلى متى

؟..يا أشقر الطلعه لم..لعطور يا دورق ا

رعهبه ج يترك.. هذا ..أحلمة حمراء

؟أم دمعه..الشيء يا نهد قلبي..أطعمته

قطعة قطعه.. *

تلفت النهد لها .! يا شمعه:وقال

ال تبخلي عليه من ؟..يعطي المرى ضلعه!

*

٢١

حوار أو حديث بين ،نجد في القصيدة بعد قراءتها يتم فيه ذكر ، أو أخوين، صاحبينبين.. الشمعة والنهد

..الفوائد لكل منهما ، يتكرر ذكر العصفور،)١٢٩"(حلمة " وفي قصيدة

.. كما سنرى ، والنجم، والفراشة،والنهد

٢٢

..!حلمة

وثوري..تهزهزي يا خصلة الحرير

يا..يا مبسم العصفور ..ارجوحة العبير سابحا..يا حرف نار

تي عطورفي برك يا كلمة مهموسة

..مكتوبة بنور بل..زبل حمراء .سمراء

لونها شعوري دميعة حافية

..في ملعب غمير أم قبلة تجمدت

في نهدك الصغير

٢٣

وارتسمت شرارة ..مخيفة الهدير فوق..مظلة شقراء ..قسوة الهجير

زمضمومة.ملومة ..فضية السرير

عالق.. وهجس إبريق بهضبتي سرور

أم أنتش شباك هوى ..مطرز الستور مزروعة قلع دم ..ملون المرور

زمغوطة .فراشة ..الجناح في غدير

ونجمة مكسورة الريش ..على الصخور

٢٤

كأنها..دافئة مرت على ضميري

* جني..يا حبة الرمان

..دوري و..والعبي قي الحريريا..ومز .حبيبة الحرير

* يتكرر ذكر ،)١٣٢ص" (العين الخضراء " في قصيدة

: كما سنرى أيضا، والنجم، والفراشة، والنهد،الصفصافة

٢٥

..!العين الخضراء

؟تكتب في محجري أال :قالت جرثري..وانشق لي ح ودرب إنهض ألقالمك..ال تعتذر

..يكفر..من يعص قلب امرأة زأن أرى.يلذ لي ..يلذ لي

زعلى دفتري.خضرة عيني وارتعشت جزيرة في مدى

أنور..زمعطر .مزغردس خضراء بين الغيم مزروعة ..في خاطر العبير لم تخطر

ن لي أخبار صفصافةيروو ..تغسل رجليها على األنهر ال تسبلي ستارة غضة

لشباك هوى أخضر..دمي

٢٦

زعلى طولها.خلي مسافاتي .. ال تحطمي منظري ،باهللا

جاءت مع الصباح لي غابة من نتف لي مئزري؟:تقول

حشدت أوراق الربى كلها أشقر..بارع .. ضمن إطار

زيا .يا عين يا واحة..خضراء ..خضراء ترتاح على المرمر أفدي اندفاق الصيف من مقلة

زكالموسم الخير.خيرة تي..يا صحومن صح أطعمتك

..ال يوجد الشتاء في أشهري زلون مشاويرنا.في عينها

نشرد بين الكرم والبيدر والمنحنى..والحصادث ..والشمس

..ر إذ نهدك الصبي لم ينف

٢٧

أي صباح لبالدي غفا .. مطمئن طري ،وراء هدب

يا دنيا بال آخر..عيناك دنيا بال آخر..حدودها

كسرت آالف النجوم على ..فكري ..درب ستجتازينه

* هناك تكرار لكلمة ،)١٥٠ص" (الموعد " في قصيدة

يدة غريزة الجسد واضحة وتبرز في القص، والنجوم،الفراشة :حيث يقول

.. واحتشد الزمان وموضع .. حول امرأة

فرغبة تنبج بي ورغبة لم تشبع

يكاد أن يطفو على ..مخدعي النجوم دم

٢٨

تتكرر فيها كلمة ) ١٥٦ص"(القبلة األولى " وفي قصيدة :)ن مرة أكثر م(الثغر

..!القبلة األولى مرا عليها يا مقبلتي..عامان

وعطرها لم يزل يجري على شفتي لم تذهب حالوتها..كأنها اآلن

وال يزال شذاها ملء صومعتي إذ كان شعرك في كفي زوبعة

وموقدتي..وكان ثغرك أحطابي أأفرغت في ثغري الجحيم وهل. قولي

محرقتيمن الهوى أن تكوني أنت لما تصالب ثغرانا بدافئة

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية

بت معصيتي..حمراءإنك قد حب ويزعم الناس أن الثغر ملعبها

٢٩

فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟ يرف بها..يا طيب قبلتك األولى

وأوديتي..وغاباتي..شذا جبالي إذا..ية الثغر الصبي ويا نبيذ

ذكرته غرقت بالماء حنجرتي وهل..ماذا على شفتي السفلى تركت

أم رئتي؟..طبعتها في فمي الملهوب إال خيط رائحة..لم يبق لي منك

سيدتي..يدعوك أن ترجعي للوكر وهي باقية..ذهبت أنت لغيري

ولم يمت..لم ينشف..نبعا من الوهج منفردا..ع األعصاب تركتني جائ

.فالتفتي ..أنا على نهم الميعاد

*

٣٠

يكرر الشاعر كلمة ،)١٥٩ص" (ذئبة" في قصيدة ) الوصف( كما يتجلى في القصيدة الرسم ، والثغر،النجم

:للشاعر حيث يقول .. وداست على أذرع الضـوء

عذبـــه،ميداء .. ترقص تطـوي المدى.. كقافلة العطر

ـر ســحبة ..ســحبة إث تلـوب خـالل المصـابيح

أضـاع مصبــه.. نهـرا ..!امرأة من دخان

رة؟ قوليكيف فكرت في الزيابعد أن أطفأت هوانا السنين

يخيف..إجمعي شعرك الطويل هذا المبعثر المجنون..الليل

وظلي بعمري..ال تدقي بابي الظنون مستحيال ما عانقته خجلى،أنت أحلى ممنوعة الطيف

٣١

الياسمين..يتمنى مسرورك كوني وشاحا..ال أريد الوضوح

ال يحينوموعدا..من دخان ولتعيشي تخيال في جبينيولتكوني خرافة ال تكون

وصدرا..إتركيني أبنيك شعرا طين..أنت لوالي يا ضعيفة

تلوين عينيك إني..ودعي ليوهمي العيون تتمنى ألوان

واتركيني..ال تجيئي لموعدي في ضالل يبكي عليه اليقين واحرقيني إذا أردت فإني

أطيق الجمال حين يلين..ال أنا ما دمت في عروقي همسا

فإذا كنت واقعا ال أكون! *

٣٢

وصدرا.. اتركيني أبنيك شعرا :وإذا عدنا للبيتين طين.. أنت لوالي يا ضعيفـة

تلـوين عينيك إني.. ودعي لي تتمنى ألوان وهمـي العيـون

،يجسد خياله في هذه القصيدة" القباني " نجد الشاعر يريد أن ، أو حتى الحلم،الوهم) لعلها(ليرسم امرأة من دخان

، فهي لواله لكانت من طين، وصدرا،تتركه يبنيها شعرا.. فالعيون تتمنى ألوان وهمه ،ويريد أن تتركه يلون عينيها

عروقي همسا أنا ما دمت في :إلى أن يقولفإذا كنت واقعا ال أكــون

،يرد أن يقول أنه موجود ما دامت في عروقه همسا أي يصبح هو الخيال ،وإذا تحولت إلى واقع فهو لن يكون

) ..تناص ما بين الواقع والخيال ( أكثر من (، يكرر النجوم،)١٦٣ص" (نار " في قصيدة

) .مرة *

٣٣

..!طائشة الضفائر

جميل:تقولين الهوى شيء ألم تقرأ قديما شعر قيس

تصطنعين حبا..أجئت اآلن به المساء ي..أحسولم تحس غادريني..أطائشة الضفائر

فما أنا عبد سيدة وكأس أنيحين ظننت..لقد أخطأت

وأضيع رأسي..أبيع رجولتي فأكبر من جمالك كبريائي

..وأعنف من لظىشفتيك بأسي وألف ثوب..خذي علب العطور

تعيش بمخدعي أشباح بؤس وصورتك المعلقة احمليها

فمن خلف اإلطار يطل أمسي

٣٤

لقد طرزت دربك ياسمينا وقطعت غرسي..فدست براعمي جوم على يمينيحملت لك الن

وصغت لك الصباح وشاح عرس إلي ردي..أتافهة الوصال وجحيم حسي..عويل زوابعي

لقد شوهت أيامي وعمري وانبح همسي..فجفت ريشتي

أعيديني إلى أصلي جميال ..أجمل منك نفسي .فمهما كنت

* :ث يقول الشاعرنالحظ منذ البيت األول حي

الهوى شيء جميــل: تقولين ألم تقرأ قديمـا شـعر قيـس

تصطنعين حبــا.. أجئت اآلن أحـس به المســاء ولم تحسي

٣٥

وفي ،.. تقولين :بدأ صدر البيت األول بمخاطبتها بقوله فلكي ،)المخاطب ثم الغائب .. ( ألم تقرأ قديما :لالعجز قا

أجئت :وعاد في البيت الثاني ليقول.. يستقيم الوزن فعل ذلك ) ..المخاطب.. (اآلن

ولعله (،وفي القصيدة توبيخ وعتاب المرأة تدعي الحبما أنا عبد سيدة " : لذلك نجده يقول،)حب الكأس والطاس

.. ويضيع رأسه في سكر ،جولتههو ال يبيع ر".. وكأس .. ويأسه أعظم من لظى شفتيها ،كبرياءه أكبر من جمالها

، لقد طرزت دربك بالياسمين:ويتابع مخاطبتها بقولهحمل لها النجوم على .. وقطعت غرسي ،فدست براعمي

لكنها غير ما ظنها ، ووضع لها الصباح وشاح عرس،يمينه ويطلب منها أن ،"افهة الوصال أت " :لذا يخاطبها بقوله..

، فقد شوهت أيامه، وجحيم حسه،ترد له عويل زوابعه ويطلب منها آخر ، وانبح همسه، حتى جفت ريشته،وعمره

فنفسه ، ألنها مهما كانت،األمر أن تعيده إلى أصله جميال أمام ، وعزة نفسه،تحس الشاعر يتغنى بكبريائه(أجمل منها

ا ال يناسبهامرأة تبحث عم..( *

٣٦

..!المستحمة

ال تربطيه..مرهقة النهد فقد أبدعت ريشة اهللا رسمه

زوبعة من عبير..وخليهتهل على األرض رزقا ونعمه

ال تذعري إن رأيت.هو الدفء يزهو بأروع قمه..قميصك

فما عدت يا طفلتي طفلة غيمة بعد غيمه..سيهمي الشتا

ويخرج من فجوة الثوب نهد نجمه..ليأكل من مسبح الضوء

فحوض اغتسالك جن..كبرت هدة المستحمالمجر بتلك

وصدرك مزرعة الياسمين ..بعد حلمه..تفتق عن حلمة

٣٧

بات الحرير.أشقراءحيا س ..اشتهاء وغلمه..زرعت الرمال

إصبع طفل..تمدين للماء البحر فينسحب.. حبا ورحمه..

تالشي على مضجع أزرقوكوني ألمواجه الهوج لقمه أخاف على البحر أن تحرقيهلمهفال تجرحي يا جميلة ح

إني احتراق كئيب..صبية نسمه ي بدفء جروحيفمر

ال تطمئن..أنا دخنة منك .فحمه ..ديك فال تطعميني لنه

* وكيف أبدعت ريشة ،هنا يصف الشاعر مراهقة النهد

، فهو الدفء يزهو بأروع قمة، زوبعة من عبير،اهللا رسمه ويتابع وصف ، ال تخافي فأنت لم تعودي طفلة:ويقول لها

سبح ليأكل من م، على أنه يخرج من فجوة الثوب،النهد

٣٨

لقد كبرت وأصبح حوض ،)صورة بديعة (الضوء نجمة وصدرك مزرعة ،اغتسالك يجن وأنت تستحمين عارية

سحبات ،لونها األشقر.. حلمة ، يفتق حلمة،الياسمين ، إنها تمد للبحر إصبع طفل، ويتابع الوصف،الحرير

) ذوبي( تالشي : ويقول أيضا،فيسحب البحر حبا ورحمة.. لتكوني ألمواجه الهوج قمة ) كالفراشة (على صفحة زرقاء

،صورة جميلة لفتاة عارية مستلقية على سطح البحر( واألمواج تدفعها وكأنها قمة شاهقة فوق األمواج في البحر

، إنه يخاف على البحر أن يحترق وال يتحمل ما يجري،..) يا صبية : إلى أن يقول،..ويسألها أن ال تجرح حلمه الجميل

فابعثي إلى جروحي نسمة منك كي .. إني احتراق حزين .. فال تطعميني ) من احتراقك(فما أنا إال دخان منك .. تطفئني

.حيث تنتهي القصيدة .. لنهديك فحمة يكرر ذكر النهد ) ١٦٩ص" (عند امرأة " في قصيدة

وتبرز في القصيدة غريزة الجسد واضحة لدى ،أيضا :قول أما رؤية جسدها في،الشاعر

والعقد فوق ناهديها سـابح ..دمعـر

٣٩

كعقدهـا غريزتي ثم تصعد.. تنهار

ثم ،إن غريزته أمام جمال المرأة ومفاتن جسدها تنهاروما أكثر القصائد المعنونة .. وكأنها في غليان ،تصعد ،وما أكثر النهود والحديث عنها.. نرى وس، كما رأينا،بالنهد

في ، وصدرها، وشفايفها، وثغرها،باإلضافة إلى شهر المرأة ، وال عن الروح،الوقت الذي ال نقرأ إال ما ندر عن العيون

وال غريب في األمر فالشاعر .. بل الجسد ومفاتن الجسد وعاطفته الجياشة ، والهيجان الجنسي،يكتب في سن المراهقة

بعيدا عن ، وفتنة جسدها،يكتب عن الفتلة المراهقة.. قة صادلكنه منذ البدايات .. وهو أمر طبيعي ،العقل والروح معا

غنائي ، صادق العاطفة،كان واسع الخيال في التصوير ويموسق ، يرسم بريشته، يمتلك لغة شعرية بديعة،اإليقاع

ومن .. تتناسب والقصيدة التي يكتبها ،أشعاره بألحان عذبة حيث ،هنا يبرز واضحا تأثير الرسم والموسيقى في قصائده

وفق باختياره الشعر مركبا ألنه يشمل الرسم والموسيقى .معه

*

٤٠

..!مصلوبة النهدين

بالي منهما..مصلوبة النهدين وتسلقا أضالعي..تركا الردا

أنت صغيرة..ني بي الظن ال تحس ..والليل يلهب أحمر األطماع

واربطي..ردي مآزرك التريكة ..متمردا متبذل األوضاع

ال تتركي المصلوب يخفق رأسه ..فهي كئيبة اإليقاع ..في الريح

ال تتهوري..يا طفلة الشفتين طبع الزوابع فيه بعض طباعي

ن..أبحثت عن ماضيعن متلو ..شار بأسواق الهوى بياع

تفرجي:قلت؟ فما ماضيك:قالت وبئر أفاعي..وأمراض ..جثث

٤١

المبوء ة كذبة..أضميرأي تلقين في أسماعي..مسمومة

عوذت نهدك وهو كوم أناقة ومتاعي..أن ترهنيه للذتي

ما أنا بحمامة..عودي ألمك عيفغريزة الحيوان تحت قنا

غال لعبة، حين أريد،ما أنت تحت فمي وضغط ذراعي ..بلهاء.

* هنا أيضا تتجلى غريزة الجسد عند الشاعر من جديد

ما أنا بحمامة.. عودي ألمك :حيث يقول فغريزة الحيوان تحت قناعي

* قالت لي ( د الشاعر في المجموعتين السابقتين وهكذا نج

،يركز الشاعر على المرأة الفاتنة) طفولة نهد -السمراء على ، والتي تحمل فتنتها على كفها، التي من جيله،المراهقة صدرها ، ثغرها، نهديها، شعرها،قوامها( بما فيه ،جسدها

٤٢

،والروح بعيدا عن العقل ، بغريزة الشاب المراهق،)الخ .. حيث معجمه ،مع تكرار العديد من الكلمات التي سبق ذكرها

وجعبته فارغة من الكثير بحكم ،اللغوي لم يزل في بداياتهمقياسا بسنه كما رأينا .. تجربته المتواضعة في بادئ األمر

أو لنقل ،والمجموعتان تسيران في خطين متوازيين.. ، وينوع، ويبدل،لونفالشاعر ي.. تكمالن بعضهما البعض

، في لغة شعرية بالغية، ويوقع بالموسيقى، ويصور،ويرسملكن هاجسه .. وخيال واسع ، وعاطفة صادقة،وصور بديعة ، بعيدا عن الروحانيات، والجمال، والفتنة،المرأة الجسد

كما أن أكثر قصائده جاءت عمودية .. وبعيدا عن العقل عدا بعض القصائد التي ،جزأة أو من البحور الم،مشطورة

، وهي بالتالي أقل جودة من غيرها،جاءت من إيقاع التفعيلةوسيكون .. وخاصة وأن القافية تالزم إيقاعاته بشكل ملحوظ

واإليقاعات التي ،لي حديث في مكان آخر عن البحور ..يعتمدها الشاعر في قصائده الشعرية

* أعود إلى كتاب رحلة شوق مع نزار قباني للناقد علي

والذي يتحدث فيهما عن ،)٢٧-٢٦(المصري في الصفحة

٤٣

حيث ، ومطالعاته األدبية،ثقافة الشاعر نزار قباني المبكرةليس من قبيل المصادفة أن يحصل نزار قباني الشاب " :يقول

ن مبكرة وبطريقة على ثقافة عربية واسعة وعميقة في س ، إذ تابع تحصيله في مدارس دمشق الوطنية،منهجية منتظمة

حتى أنهاها وتخرج من جامعتها قسم الحقوق ولم يتجاوز واكب هذه الدراسة تحصيل جاد .العشرين ربيعا من عمره

لكتب األدب القديم وقراءات شعرية غزيرة لمنتخبات عباسية واألندلسية العصور الجاهلية واإلسالمية واألموية وال

ثم رافق ذلك تعمق في .. وأدب الدول المتتابعة من جهة رفد ذلك .. دراسة األدب في العصر الحديث من جهة أخرى

ودعمه استغراق في سبر كنه اآلداب األوربية خاصة وكلل ذلك القراءات الشعرية .. الفرنسية بلغتها األصيلة األم

فقد تجول بين مفكرات أمين نخله ،عيناتاللبنانية في األرب.. والياس أبي شبـكه .. وبساتين بشارة الخوري .. الريفية

.. ويوسف غضوب .. وسعيد عقل .. وصالح لبكي ..وخزفيات الياس خليل زكريا ..فولكلوريات ميشال طراد و

وبذلك تعلم نزار الخروج من البر الشعري الذي ال بكل احتماالته .. لكبير الكبير إلى البحر ا.. يتحرك

٤٤

ويعب من ،ومجاهيله التي راح الشاعر يهيم في زرقتهاإذا أضفنا إلى ذلك استغراق الشاعر سنتين .. آفاقها القصية

..أو ثالث في دنيا األصباغ واأللوان وعانى الشاعر طيلة .. تنفسيا عما كان يحسه ويقلقه

.. ومرة بالزيت ، ومرة بالفحم،تلك الفترة الرسم مرة بالماء ، وغابات، ومراكب، وبحارا، وثمارا،ورسم أزهارا

وكذلك تجربته الموسيقية .. ونساء عاريات ،وشواطئوعزوفه بعد ذلك .. ودراسته لمعرفة المدرج الموسيقي

تكون قد .. وتذوق األلحان ،الصطياده األنغام الشاردةبد منها في تشكيل بنية الفنان اكتملت دائرة المعارف التي ال .األصيل لعملية الخلق واإلبداع

كل العوامل السابقة وطات لجعل الكلمة بين يدي نزار تحب وتعشق ،تتنفس على بياض.. أكثر من كائن حي وتكبر وترجع للعشق ،وتنمو وتتوالد.. وتفرخ بين السطور

بل تظل تتوالد من ..لكنها ال تهرم وال تشيب .. من جديد وتنسل من بين أنامله السحرية فإذا بها تغتلم بين ،شق ريشته

.يديه رافلة بأثواب رشيقة زاهية أخاذة

٤٥

إن اللفظة عند نزار غدت أشبه بنيزك من مرمر السماء وتبهج ،فتنير األرجاء.. وتؤجج سديمها .. تثقب ظالم الحياة

.. تتحرك في الخواطر و، وتضحك في القلوب،النفوس ،وتبقى ساطعة متألقة..وتفرخ في الفكر ..وتتسلق الروح وتمور ، وتعبق بالظالل، وتفور بالضوء،تغلي باللون

ال أول ،وتغمر الكون بشالل من الفيروز.. بالرطوبة والندى .. "فتغرق الدنيا بألف لون ولون وتغرقنا معها .. له وال آخر

* ولو تقصينا اللبنات األولى " :وليق ) ٢٨ص ( وفي

التي عمر منها نزار هرمه الشعري الذي يزحم شهب السماء ،وتتبعنا دروب غدواته األولى إلى المدرسة.. بمنكبه

لوجدناها دروبا ضبابية مفروشة بالآلليء .. ورواحه مسربلة بديمة من األلق .. والضوء والعطر والظالل

الجمال والعبير من كل حدب وصوب يحف بها .. المضيء وأية دروب تلك ،فأيه مدرسة هذه الكلية العلمية الوطنية..

البزورية حيث تقوم مملكة العطارين التي درج على مرابعها .. "؟نزار فزودته بكل هذه الروائح والعطور واأللوان

*

٤٦

نضيف هنا نقطة لها " :يقول أيضا ) ٣٠ص ( وفي .. ا تجعلنا ندرجها في مكونات الشعر القباني من األهمية م

أال وهي انطباعات الشاعر األولى عن المدرسة التي تتركز والتي يجب .. في عملية التلقي والعطاء بين التلميذ والمعلم

،أن تقوم في أساسها على الحب والبذل بين المعطي والمتلقي المقدرة يدعم ذلك.. للحصول على القسط األكبر من الفائدة

وهذا .وإال كان الكره واالرتداد.. على االنتقاء ووسائل األداء يبين لنا القيمة األساسية الكبيرة الختيار المدرسين الذين

مهنة بناء األجيال -يشغلون مهنة من أخطر المهن في الدنيا والتي يجب أن تراعى بدقة .. وخاصة أساتذة اللغات -

ة على االنتخاب الدقيق واالصطفاء وأن تكون مبين.. وعناية .وأن تعطى من األهمية أكثر مما هي عليه اآلن .. الرفيع

وقد كان لمدرس اللغة العربية األول أعمق األثر في وإنه لمن نعمة : " فقد قال،تفجير النبعة الشعرية عند نزار

الذي ،أن معلم األدب األول.. اهللا علي وعلى شعري معا .. كان شاعرا من أرق وأعذب شعراء الشام .. ليه تتلمذت ع

هذا الرجل ربطني بالشعر .. وهو األستاذ خليل مردم بك حين أملى علينا في أول درس من .. منذ اللحظة األولى

: مثل هذا الكالم المصقول كسبيكة من الذهب،دروس األدب

٤٧

إن التي زعـمت فـؤادك ملهـا كما خلقت هوى لها،واك خلقت ه

فقلت لصاحبي.. منعـت تحيتـها وأقلهـا.. لنا .. مـا كان أكثرها

يقطف لنا من شجرة الشعر .. وأستمر خليل مردم .. العربي عشر زهرات جديدة في كل درس من دروسه

حتى صارت ذاكرتنا الشعرية في نهاية العام بستانا يموج .ر واألصفر واألحمر باألخض

.. بذوقه المترف .. لقد جنبنا هذا الشاعر الكبير السير على حجارة أكثر الشعر الجاهلي .. واحساسه المرهف

ودلنا على طرقات ظليلة .. ونباتاته الصحراوية الشائكة .. .أنستنا متاعب الرحلة .. وواحات في الشعر العربي ..

إن مدرسي اللغة العربية :وال بد لي هنا من القوليلعبون دورا خطيرا في فتح شهية الطالب األدبية .. وآدابها

ساعة تعذيب ..فمدرس يجعل ساعة األدب .. أو سدها .. ويحول .. ومدرس يجعل المادة حقل جلنار .. واحتضار

.النصوص الجامدة إلى نزهة في ضوء القمر

٤٨

ن التالميذ الذين ومن حسن حظي أنني كنت من بيوأخذهم .. تعهدهم هذا الشاعر المفرط في حساسيته الشعرية

ودلهم على الغابات المسحورة .. معه في نزهاته القمرية .التي يسكن فيها الشعر

إنني أدين لخليل مردم بك بهذا المخزون الشعري وإذا كان .. الذي تركه على طبقات عقلي الباطن .. الراقي

ونقرؤه في ، ونسمعه،ري عجينة تتشكل بما نراهالذوق الشعفإن خليل مردم كان له الفضل العظيم في زرع .. طفولتنا

وفي تهيئة الخمائر التي كونت .. وردة الشعر تحت جلدي .." .خالياي وأنسجتي الشعرية

* " قصتي مع الشعر "يقول مستندا إلى ) ٤٢ص(في

لقد كانت أول بعثة دملوماسية " :وعلى لسان الشاعر نزاروذلك سنة خمس وأربعين .. سافر إليها الشاعر هي القاهرة

أي حتى ، حيث قضى قيها ثالث سنوات،وتسعماية وألفوكان يومها شابا في .. عام ثمانية وأربعين وتسعماية وألف

وكان ، من عمره،والعشرينمقتبل العمر لم يتجاوز الثانية فضل الربيع .. على حد قوله .. للقاهرة فضل على الشاعر

٤٩

وبصمات القاهرة تبدو واضحة على .. على الشجر التي طبعت في القاهرة ،)طفولة نهد ( مجموعته الثانية

١٩٤٨.. كانت نقلة حضارية هامة بالنسبة ) ..وطفولة نهد (

رة أحاسيسه وعينيه ولغته فلقد صقلت القاه،لشعر نزار وحررته من الغبار الصحراوي المتراكم فوق جلده ،الشعرية

.. فقد كانت القاهرة آنذاك وال زالت زهرة المدائن .. وكانت بستانا للفكر والفن عز ،وعاصمة العواصم العربية

..نظيره اللغة الشامية مع اللغة .. وتتفاعل على أرض الكنانة

يج شبعت منه رائحة الحرائق والتوابل في مز،المصرية.. وعطور الفل والياسمين وأدواح دمشق وربوتها .. والمنغا

.. ".في قصائد ترشح عطرا ورطوبة وسمرة واشقرار ومن قبله ،وبكل الحب أقول لألستاذ علي المصري

قالت " لم أجد فارقا يذكر بين مجموعة :للشاعر نزار قباني إال ما ،شيء يذكر" عة طفولة نهد ومجمو "،"لي السمراء

يتباين بين مجموعة والمجموعة التي تليها ألي شاعر في ، أو المضامين، لم أر اختالفا في اللغة،بداية تجربته الشعرية

٥٠

طفولة (فأي بصمات واضحة للقاهرة تبدو في .. أو الصور وما ؟ وأي نقلة حضارية هامة حصلت بالنسبة للشاعر؟)نهد

وأي ؟قاهرة في صقل أحاسيسه وعينيه ولغته الشعريةدور ال وما ؟ حررته القاهرة منه،غبار صحراوي متراكم فوق جلده

أو عاصمة العواصم ،عالقة أن تكون القاهرة زهرة المدائنما عالقة كل هذا .. والفن عز نظيره ، وبستانا للفكر،العربية

ة على أرض وكيف تفاعلت اللغة الشامي! ؟..بإبداع الشاعر وأي مزيج انبعثت منه رائحة ؟الكنانة مع اللغة المصرية وعطور الفل والياسمين وأدواح ،الحرائق والتوابل والمنغا

وأين القصائد التي ترشح عطرا ورطوبة .. دمشق وربوتها ولغة مصرية ،وهل هناك لغة شامية! ؟..وسمرة واشقرار

الشاعر قصائده وسواء غزل! ؟..في اللغة العربية الفصحى أما كون .. أبدا ، ال فرق في هذا،في دمشق أو القاهرة

قد ساعده ، وعمله في السلك الدبلوماسي،وجوده في القاهرة فهذا أمر ، ونشر العديد من القصائد،على طبع المجموعة

وبرز صوته أكثر ،أو أنه اشتهر.. آخر ال اعتراض عليه فهذا ، األدباء في القاهرةوضوحا نتيجة احتكاكه بالعديد من

..ال اختالف عليه أيضا

٥١

* يوم ولدت " : حيث يقول،عودة لقصة نزار مع الشعر

في بيت من بيوت دمشق ١٩٢٣) مارس(آذار ٢١في وكان ، كانت األرض هي األخرى في حالة والدة،القديمة

األرض وأمي حملتا .. تح حقائبه الخضراء الربيع يستعد لفكان أبي يصنع الحلوى " :وبقول أيضا." .. في وقت واحد وكنت أعجب ،)إشارة لدور والده النضالي ( ويصنع الثورة

كيف يستطيع أن يوفق بين ، وأدهش،لهذه االزدواجية فيه إن االزدواجية في ،أذكر هذا ألقول.. الحالوة والضراوة

فشعر ، أبي انتقلت إلي وإلى شعري بشكل واضحشخصية لم يكن في ،الحب الذي أصبح جواز سفري إلى الناس

.. " .الحقيقة إال واحدا من مجموعة جوازات أستعملها كنت الولد الثاني ،في التشكيل العائلي " :ويقول أيضا

.. هم المعتز ورشيد وصباح وهيفاء،بين أربعة صبيان وبنت لم يكن أبي ،ن األسر الدمشقية المتوسطة الحالأسرتنا م

كل مدخول معمل الحلويات الذي كان ،غنيا ولم يجمع ثروة وتمويل حركات ، وتعليمنا، كان ينفق على إعاشتنا،يملكه

.المقاومة الشعبي ضد الفرنسيين

٥٢

أصنفه دون تردد بين ،وإذا أردت تصنيف أبي يستنشق روائح ،ن عمره ألنه أنفق خمسين عاما م،الكادحين

وألواح خشب ، ويتوسد أكياس السكر،الفحم الحجري) معاوية(وكان يعود إلينا من معمله في زقاق .. السحاحير تحت مياه المزاريب الشتائية، كأنه سقينة مثقوبة ،كل مساء

وثيابه ،وإني ألتذكر وجه أبي المطلي بهباب الفحم.. ا قرأت كالم من يتهمونني كلم،الملطخة بالبقع والحروق

والسالالت ذات ،بالبورجوازية واالنتماء إلى الطبقة المرفهة ..الدم األزرق

؟هذا الذي يتحدثون عنه.. وأي دم أزرق .. أي طبقة وإنما هو دم عادي كدم ، وال شاهانيا،إن دمي ليس ملكيا

آالف األسر الدمشقية الطيبة التي كانت تكسب رزقها .." رف واالستقامة والخوف من اهللابالش

ال بد من " :ويقول في مكن آخر عن داره الدمشقيةألنها ) مئذنة الشحم ( العودة مرة أخرى إلى الحديث عن دار

وبغير الحديث ، والمدخل الصحيح إليه،المفتاح إلى شعري ومنتزعة من ،عن هذه الدار تبقى الصورة غير مكتملة

.إطارها

٥٣

؟معنى أن يسكن اإلنسان في قارورة عطرهل تعرفون .بيتنا كان تلك القارورة

ولكن ثقوا أنني بهذا ،إنني ال أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ .وإنما أظلم دارنا.. التشبيه ال أظلم قارورة العطر

وتغلغلوا في حاراتها وزواريبها ،والذين سكنوا دمشق من حيث ال يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها،الضيقة

…ينتظرون ويبدأ اإلسراء على .بوابة صغيرة من الخشب تنفتح

وتبدأ سمفونية الضوء والظل ، والليلكي،األخضر، واألحمر .والرخام

، والدالية حامل،شجرة النارنج تحتضن ثمرهاوالياسمينة ولدت ألف قمر أبيض وعلقتهم على قضبان النوافذ

أسود الرخام .. عندنا وأسراب السنونو ال تصطاف إال.. وتستمر .. وتنفخه .. حول البركة الوسطى تمأل فمها بالماء

وال ماء دمشق .. ال النوافير تتعب .. اللعبة المائية ليال نهارا .ينتهي

والليلكة .. الورد البلدي سجاد أحمر ممدود تحت أقدامك والشاب ، والخبيزة، الشمشير،تمشط شعرها البنفسجي

٥٤

وألوف النباتات .. واألضاليا ، والريحان، والمنثور،ريفالظال تزال .. الدمشقية التي أتذكر ألوانها وال أتذكر أسماءها

..تتسلق على أصابعي كلما أردت أن أكتب القطط الشامية النظيفة الممتلئة صحة ونضارة تصعد إلى مملكة الشمس لتمارس غزلها ورومانتيكيتها بحرية

حين تعود بعد هجر الحبيب ومعها قطيع من و،مطلقة.. صعارها ستجد من يستقبلها ويطعمها ويكفكف دموعها

.. على كيفها .. وتصعد .. األدراج الرخامية تصعد وال أحد يسألها ماذا .. والحمائم تهاجر وترجع على كيفها

وال أحد يسأله إلى .. والسمك األحمر يسبح على كيفه ؟تفعل ؟أين

ن صفيحة فل في صحن الدار هي كل ثروة وعشرولذلك كلما .. كل زر فل عندها يساوي صبيا من أوالدها .أمي

.. بكــت .. غافلنـاها وسـرقنا ولدا من أوالدها . .وشكتنـا إلى اهللا

* ، وحبوت،ولدت.. ضمن نطاق هذا الحزام األخضر

قدرا كان اصطدامي بالجمال .. ونطقت كلماتي األولى

٥٥

وإذا سقطت .. كنت إذا تعثرت أتعثر بجناح حمامة .يومياهذا البيت الدمشقي الجميل .. أسقط على حضن وردة

استحوذ على كل مشاعري وأفقدني شهية الخروج إلى الزقاق ومن هنا نشأ .. كما يفعل كل الصبيان في كل الحارات ..

عندي هذا الحس ) ي في كل مراحل الذي رافقن) البيتوتي .حياتي

يجعل ،إنني أشعر حتى اليوم بنوع من اإلكتفاء الذاتي واصطياد الذباب في المقاهي ،التسكع على أرصفة الشوارع

. عمال ترفضه طبيعتي ،المكتظة بالرجالوإذا كان نصف أدباء العالم قد تخرج من أكاديمية

. فإنني لم أكن من متخرجيها ،المقاهي اؤمن دائما أن العمل األدبي عمل من أعمال لقد كنت

وكان من الصعب ، له طقوسه ومراسيمه وطهارته،العبادةعلي أن أفهم كيف يمكن أن يخرج األدب الجاد من نرابيش

.. وطقطقة أحجار النرد ،النراجيل

*

٥٦

التي ) مظلة الفيء والرطوبة ( طفولتي قضيتها تحت ) .لشحم مئذنة ا( هي بيتنا العتيق في

كان ،كان هذا البيت هو نهاية حدود العالم عندي .. والمصيف ، والمشتى، والواحة،الصديق

، أن أغمض عيني وأعد مسامير أبوابه،أستطيع اآلن .وأستعيد آيات القرآن المحفورة على خشب قاعاته.. واحدة .. أستطيع اآلن أن أعد بالطاته واحدة

وساللمه الرخامية درجة .. حدة وا.. وأسماك بركته واحدة .درجة..

بعد ثالثين سنة ، وأستعيد،أستطيع أن أغمض عيني ، ومنفله، وأمامه فنجان قهوته،مجلس أبي في صحن الدار

وعلى صفحات الجريدة تتساقط كل .. وجريدته ،وعلبة تبغهكأنها رسالة حب قادمة .. خمس دقائق زهرة ياسمين بيضاء

.. من السماء على السجادة الفارسية الممدودة على بالط الدار ذاكرت

، وحفظت قصائد عمرو بن كلثوم،دروسي، وكتبت فروضي .. وطرفة بن العبد ، والنابغة الذبياني،وزهير

٥٧

* في ) الكلية العلمية الوطنية ( هي ،مدرستي األولى

وخرجت في ،دخلت إليها في السابعة من عمري.دمشق) القسم األدبي ( ل شهادة البكالوريا األولى الثامنة عشر أحم

ومنها انتقلت إلى مدرسة التجهيز حيث حصلت على شهادة ) .قسم الفلسفة ( البكالوريا الثانية

فلقد كانت .موقع المدرسة كان موقعا بمنتهى األهمية ومن ، حيث كنا نسكن،مزروعة في قلب مدينة دمشق القديمة

ويتألق قصر العظم ،األموي وقبابهحولها ترتفع مآذن الجامع ، وبركته الزرقاء، وأحواض زرعه، ومرمره،برخامه

وأبوابه وسقوفه الخشبية التي تركت أصابع النجارين لم ، واآليات القرآنية،الدمشقيين عليها ثروة من النقوش

.يعرف تاريخ الخشب أروع منها وحول مدرستنا كانت تلتف كاألساور الذهبية أسواق

وسوق ، وسوق مدحت باشا، سوق الحميدية:دمشق الظليلة ، وسوق الخياطين، وسوق البزورية، وسوق الحرير،الصاغة

… وسوق النسوان ،وسوق القطن

٥٨

أي أنها ،كانت المدرسة على بعد خطوات من بيتنا.. وحجرة أخرى من حجراته ،كانت امتدادا طبيعيا للبيتلمدرسة كان طريقا فولكلوريا مغرقا وبالتالي فإن طريقنا إلى ا

، وهو سوق البهارات،سوق البزورية.. في شاميته كان أكثر أسواق دمشق تأثيرا ، ومملكة العطارين،والتوابل

في أنفي وفي نفسي، وال تزال تعبق في ثيابي منه حتى ، والمسك، والعصفر، روائح الفلفل، والقرفة والورد،اليوم

، وألوف النباتات، واليانسون،بونج والبا،والزعفران . وال أتذكر أسماءها ،واألعشاب الطيبة التي أتذكر ألوانها

كان المرور من سوق البذورية في الذهاب واإلياب إلى وكان ، نوعا من اإلسراء على غيمة من العطر،المدرسة

جزءا من ،المرور على معمل أبي المالصق لسوق البزورية وملء محافظنا ، ومناسبة لتقبيل يده،يخط رجوعنا اليوم

وراحة ،بما لذ وطاب من الملبس.. وجيوبنا ،المدرسيةإذن فالطريق إلى .. وأقراص المشبك بالفستق ،الحلقوم

ومع مغرب .. المدرسة كان مثيرا لألنف واللسان معا وكنا ،الشمس كنا نعود إلى البيت حيث كانت أمي الملكة

.. اها أغلى رعاي

٥٩

التي لعبت دورا رئيسيا في ) الكلية العلمية الوطنية ( كانت مؤسسة وطنية خاصة يقصدها أوالد ،تشكيلي الثقافي

، ومزارعين، من تجار،البورجوازية الدمشقية الصغيرة . وأصحاب حرف،وموظفين

تحتل مكانا وسطا بين ) الكلية العلمية الوطنية ( كانت التي كانت تتبنى خط الثقافة الفرنسية تبنيا المدارس التبشيرية

وبين مدرسة ، كمدرسة الفرير ومدرسة الالييك،كامال .التجهيز الرسمية التي كانت تتبنى الثقافة العربية تبنيا كامال

* وقد لعبت مشاعر أبي القومية واإلسالمية دورها في

.قراره الحكيم بإرسالنا إلى مدرسة تجمع الثقافتين ورغبته في أن ،إن التزام أبي بالخط الوطني من جهة

،تكون ثقافتنا مطعمة ومنفتحة على العالم من جهة أخرى ويتصرف تصرفا ،أمليا عليه أن يمسك بالعصا من وسطها

.وطنيا وحضاريا في نفس الوقت إلى ، معتز ورشيد وصباح وهيفاء وأنا،وهكذا دخلنا

.ينا على مقاعدها أجمل أيام العمرضالكلية العلمية الوطنية وق

٦٠

ألن نظام التعليم في .كانت اللغة الفرنسية لغتي الثانيةزمن االنتداب كان يعطي اللغة الفرنسية مركزا متفوقا

وهكذا كان أساتذتنا يأتون .ويجبرنا على إتقانها كالما وكتابة ، والشعر، وكانت كتب القراءة والنصوص،من فرنسا

والتاريخ كلها كتبا فرنسية ومؤلفة ،ياضيات والر،والعلوم .وفق المنهاج الفرنسي

نتحاور في ساحة ،ونشأنا في ظالل الثقافة الفرنسيةاللعب بالفرنسية تحت طائلة العقوبة التي كانت عبارة عن

تعطى لمن Signalقطعة صغيرة من الخشب يسمونها الـ هذه تمر وكانت قطعة الخشب.. يتفوه بكلمة عربية واحدة

ومن تبقى معه في آخر النهار كان عليه أن ،من يد إلى يديبقى بعد انصراف الطالب ليحفظ عن ظهر قلب خمسين بيتا

،وبرغم كراهيتي للظلم بشتى أنواعه.. من الشعر الفرنسي فإنني أعتبر هذه العقوبة من أجمل العقوبات التي تعرضت

.. لها في طفولتي نقرأ راسين وموليير وكورناي ،شأتفي هذا المناخ ن

وبودلير، ، والكساندر دوماس، وهوغو، ودوفيني،وموسيه

٦١

وأندره موروا في لغتهم األصلية ونتذوق ،وبول فاليري .األدب الفرنسي من منابعه

هذا التأسس الفرنسي أعطانا بطاقة دخول إلى الفكر وأتاح لنا أن نجلس في مقصورة من مقاصير ،األوربي

.ميدي فرانسيز قبل أن نرى باريسالكو ، أو عنعنة قبلية،وبعيدا عن كل تعصب قومي

أقول إن ،واعتراضا على كل تفكير يربط المستعمر ولغته ليس لها انتماءات - كإفراز حضاري وإنساني -اللغة وبالتالي فإن رينوار غير ، وال مطامح بوليسية،سياسية

عيون الجنرال غورو كما أن ،مسؤول عن حماقات نابليون .أراغون ) عيون إلزا ( هي غير .. فاتح سورية

ذات ) الكلية العلمية الوطنية ( كانت الهيئة التعليمية في ، وكان مدرسونا من صفوة رجال المعرفة،مستوى رفيع

.ومن كبار الشعراء والمفكرين *

في السنة العاشرة من عمري كنت أبحث عن دور ت أشعر بأصوات داخلية تدفعني ألن أقول كن.. مناسب ألعبه

..أو أكسر شيئا .. أو أفعل شيئا ،شيئا

٦٢

.شهوة كسر األشياء هذه أتعبتني وأتعبت أهلي :كانت األصوات في داخلي تتساءل

؟لماذا يبقى الشيء على حاله ؟لماذا ال يغير حجمه ؟لماذا ال يغير اسمه

والطاولة ،مستقيمةوالشجر .. لماذا يبقى المقعد قاعدا ؟بأربعة أرجل

.طفولتي كانت مليئة باألشياء الغريبة .. مرة أشعلت النار في ثيابي متعمدا ألعرف سر النار

ومرة رميت نفسي من فوق سطح المنزل ألكتشف الشـعور ، ومرة قصصت طربوش أبي األحمـر بـالمقص ،بالسقوط

كسـرت ظهـر ومـرة .ألنني تضايقت من شكله األسطواني ..ألعرف أين تخفي رأسها.. سلحفاة المنزل بالمطرقة

الحقيقة أنني ما .دم السحلفاة القتيل ال يزال على راحتي قشرة األشياء السـميكة . ولكنني أردت قتل السر ،أردت قتلها

كنت أبحث عن شكل وراء الشكل، ولون وراء .كانت تعذبني انت كلهـا هشـة ك.كانت األشياء ال عمر لها بين يدي .اللون

٦٣

قطـرات الطفولـة ال .الـدمى ال تقـاوم .. وسريعة العطب الدفاتر ، الكتب الملونة ، األقالم ،كراسات رسوم األطفال .تقاوم

حتى كأن حجرة طفولتي هي مقبـرة .. ال تقاوم ،المدرسية ،ومن خالل سخط األهل وثورتهم علي .. األشياء المستهلكة

قول لهم بصـوت عميـق ت ،كانت لي عمة حكيمة وفيلسوفة :تجمعت فيه كل حكمة الدهور

فمـن رمـاد األشـياء .. دعوه يحطم .. دعوه يحطم " .."المحطمة تخرج النباتات الغريبة

في الثانية عشر من عمري اجتاحتني حيرة ال شبيه ؟ كيف أبدأ؟من أين أبدأ.لها

، أرفع يدي في الظالم،كنت إذا اضطجعت في سريريوأشكاال ال .. خطوطا ليس لها نهايات وأرسم في الفراغ

.. ربما كان هو قدري !الرسم.. تعني شيئا وغرقت سنتين أو ثالثا في قوارير اللون والصـباغات

رسـمت .. وبالزيـت ، وبـالفحم ،رسمت بالماء .واألقمشة.. وغابـات .. ومراكـب .. وبحـارا .. وثمارا .. أزهارا

..ونساء عاريات .. وشواطئ ..ولكنني لم أكن أيضا رساما جيدا .لم أكن رساما رديئا

٦٤

ولم تستطع لوحاتي أن تمتص .إذن فقد كان الرسم نزوة .ذبذبات نفسي

كنـت أشـعر أن .. واستمر البلبال يحفرني من الداخل .. وأنه طفل جميل لكنه أخرس .. اللون ال صوت له

أن ظننـت . سكنني هاجس الموسيقى ،وفي الرابعة عشر بخالف عالم الخطـوط - وأنه ،عالم األصوات أرحب وأغنى

. يستطيع أن يكون باب الخالص-وبدأت أتعلم المدرج الموسيقي .إتفقت مع معلم للموسيقى

) السـولفيج ( وفي الدرس الثاني شـعرت أن .)السولفيج ( يستند إلـى المعـادالت .. كجدول الجمع والطرح علم أبله

فقـد .. لما كان علم الحساب يروعنـي و.واألرقام الحسابية ورميت آلتي وقطعت .. قررت أن أوقف الرحلة من بدايتها

. وسقطت في حيرتي من جديد،أوتاريوإذا كانت تجربتا الرسم والموسيقى قد فشـلتا وانتهتـا

، فإنهما لعبتا بعد ذلك دورا أساسيا في تكويني الفني ،بالخيبة .وفي تشكيل لغتي الشعرية

*

٦٥

قصـة ( زل نزار الشعر وهو في سن السادسة عشر غ والسمك الملون الذي ،السفينة المبحرة من بيروت إلى إيطاليا

وللمرة األولـى وبعـد " : حيث يقول ،)قفز من فمه شعرا ..".نمت شاعرا.. رحلة طويلة في البحث عن نفسي

،أنهيت دراستي الثانوية والعالية " :ويتابع القول من الجامعة السورية في دمشق على ١٩٤٥وحصلت عام

.الليسانس في الحقوق وإنما درسته ألنه ،لم أقبل على دراسة القانون مختارا

.مفتاح عملي إلى المستقبل واالقتصاد ، والدستوري، والدولي،كتب الفقه الروماني

،السياسي كانت تجلس على صدري كجدران من الرصاصة كمن يبتلع برشامة ال بد من وكنت أحفظ المواد القانوني

.ابتالعها وخالل .. ما يفتح شهيتي ،لم يكن في كل ما أقرؤه

المحاضرات كنت أكتب بالقلم الرصاص أوائل أشعاري على ..هوامش وحواشي كتب القانون

٦٦

كتبتها على هامش .. مثال ) نهداك (قصيدتي الشهيرة ة العام كانت وحين دخلت االمتحان في نهاي.. كتاب الشريعة

..عالمتي في مادة الشريعة من أردأ العالمات ولم أترافع في قضية قانونية واحدة ،لم أمارس المحاماة

القضية الوحيدة التي ترافعت عنها وال أزال هـي قضـية .. .والبريء الوحيد الذي دافعت عنه هو الشعر.. الجمال

فتـرة الحـرب ( إذن جاءني الشعر في زمن الحرب إذا كان للحروب ،ومن حسنات الحروب ) .. لعالمية الثانية ا

.. وفي أفكاره ، أنها تحدث اختالجة في قشرة العالم ،حسنات لم تتعـرض ألي هجـوم ،وإذا كانت دمشق في األربعينات

، فإنها بكل تأكيد تعرضت كأكثر المدن العربية ،مباشر عليها . هجوم على عقلها وفكرها ،لهجوم من نوع آخر

، لم تعد مطمئنة ،المآذن التي ظلت مطمئنة خمسمئة سنة وأنهر دمشق السبعة التي كانت مستريحة على وسائد العشب

..األخضر لم تعد مستريحة قانعـة ،كانت دمشق قانعة بآالف األشياء التي ورثتهـا

قانعة ، قانعة بمزاراتها وأوليائها ، ونقائها ، وعذريتها ،ببراءتها

٦٧

قانعـة بمنابرهـا .. وسماوراتها ، ومقاهيها ،بيةبأمثالها الشع .. وشعرها وشعرائها ،وخطبائها

وتحركها منذ ،وباستثناء هموم دمشق القومية المستمرة فإن وجه دمشق ،أن خلقها اهللا نحو العرب والعروبة

.االجتماعي واألدبي ظل وجها صارما ومحافظا ال تهضم ال تقبل البدع و،كانت دمشق كافية مكتفية

..المبدعين ،األدب في مفهومها يكون أدب األوائل أو ال يكون

وعبد ، وابن المقفع،والنثر في رأيها يكون نثر الجاحظوالشعر في تصورها يكون .. أو ال يكون ،الحميد الكاتب

..أو ال يكون .. شعر لبيد واألعشى والنابغة البيان ( و) العقد الفريد (و ) األغاني ( كل خروج على

.تعتبره خروجا على الصراط المستقيم ) والتبيين والصراط المستقيم هو جميع ما تركه أجدادنا من

، والصرف، والنحو، وكتب البالغة،دواوين الشعر .. وتخريجات الكوفيين ،واجتهادات البصريين

ضريحا من الرخام ال ،كان التراث في مفهوم مدينتنا وسكة حديدية تمتد باتجاه واحد من ،يسمح بتجميله أو ترميمه

٦٨

طبعا كل ما ( حتى محطة القرن العشرين .. محطة الجاهلية ..) .يقوله تهكما

وأسماء .. والوقفات هي هي .. المحطات هي هي ..المسافرين هي هي والركاب محبوسون في مقاصيرهم .. خمسمئة سنة

.. نزوال ال يملكون صعودا وال .. الخشبية غير المريحة وجزءا من رحلته .. حتى أصبحوا جزءا من القطار

..المضجرة

* يقول الشاعر نزار قباني ، وفيما يتعلق بالحب،وأخيرا

.. أنا من أسرة تمتهن العشق ": " قصتي مع الشعر " في . السكر في التفاحة كما يولد،والحب يولد مع أطفال األسرة

وفي الثانية ،في الحادي عشر من عمرنا نصبح عاشقين وفـي ،وفي الثالثة عشرة نعشق مـن جديـد .. عشرة نسأم

وفي الخامسة عشـرة مـن ،الرابعة عشرة نسأم من جديد وصاحب طريقة في .. العمر يصبح الطفل في أسرتنا شيخا

..العشق

٦٩

وأخـوتي كلهـم .. وأبي كان هكذا .. جدي كان هكذا يسقطون بسهولة .. يسقطون في أول عينين كبيرتين يرونهما

..ويخرجون من الماء بسهولة .. وفـي تـاريخ .. كل أفراد األسرة يحبون حتى الـذبح ..األسرة حادثة استشهاد مثيرة سببها العشق قتلت نفسها بكل .. الشهيدة هي أختي الكبرى وصال

ألنها لم تستطع أن .. ظير بساطة وبشاعرية منقطعة الن ..تتزوج حبيبها

محفورة في .. صورة أختي وهي تموت من أجل الحب ، وقسماتها النورانية،ال أزال أذكر وجهها المالئكي.لحمي

.. وابتسامتها الجميلة وهي تموت وأروع من .. كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدوية

..كليوبترا المصرية وأنا في الخامسة عشرة .. ة أختي حين مشيت في جناز

ويشد ، كان الحب يمشي إلى جانبي في الجنازة،من عمري ..على ذراعي ويبكي

وعدنا في اليوم التالي .. وحين زرعوا أختي في التراب .. وإنما وجدنا في مكانه وردة،لم نجد القبر.. لنزورها

٧٠

* ل كان موت أختي في سبيل الحب أحد العوامل ه

وأهبه ،النفسية التي جعلتني أتوفر لشعر الحب بكل طاقاتي ؟أجمل كلماتي

تعويضا لما حرمت منه ،هل كانت كتاباتي عن الحب ويطارده ، وانتقاما لها من مجتمع يرفض الحب،أختي

؟بالفؤوس والبنادق ولكنني ، أنفيه وال،إنني ال أؤكد هذا العامل النفسي

.. كسر شيئا في داخلي ،متأكد أن مصرع أختي العاشقةوأكثر من .. وترك على سطح بحيرة طفولتي أكثر من دائرة

.إشارة استفهام .قلت إنني أنتمي ألسرة على استعداد دائم للحب

.مفرطة للوقوع في الحب ) حساسية ( أسرة لديها أو ،ها األلوان منشؤ،وإذا كانت حساسيات بعض الناس

فحساسية العائلة ، أو تغير الفصول، أو الغبار،الروائح ..منشؤها القلب

..كلنا نعاني هذه الحساسية المفرطة أمام أشياء الجمال

٧١

ينـتفض ،كان أبي إذا مر بـه قـوام امـرأة فارعـة .. وينكسر كلوح من الزجاج ،كالعصفور

،مـرأة أو ضـحكة ا ، أو بكاء طفل ،كانت قراءة رسالة ..تدمره تدميرا كامال

ولكنه أمام وجه حسن ،كان جبارا أمام األحداث الجسام .. يتحول إلى كوم رماد ،التكوين

، عيناه الزرقاوان صافيتين كمياه بحيرة سويسرية وقلبه كان إناء من ،وقامته مستقيمة كرمح محارب روماني

..الكريستال يتسع للدنيا كلها لم يكن يريد .. حب الناس ،تي يفاخر بهاكانت ثروته ال

ويوم مات خرجت دمشق كلها تحمله على ذراعيها .. أكثر ..وترد له بعض ما أعطاها من حب ..

.أما أمي فكانت ينبوع عاطفة يعطي بغير حساب وتخصـني دون سـائر ،كانت تعتبرني ولدها المفضل

شـكوى وال وتلبي مطالبي الطفولية بـال ،أخوتي بالطيبات ..تذمر

٧٢

ولقد كبرت وظللت في عينيها دائما طفلهـا الضـعيف وتطعمني بيـدها ، ظلت ترضعني حتى سن السابعة ،القاصر

..حتى الثالثة عشرة وظلت ،وسافرت بعد ذلك إلى جميع أقطار الدنيا

،مشغولة البال على طعامي وشرابي ونظافة سريري " : الطعام في دمشقوتتساءل كلما جلست األسرة على مائدة

والولد .. ؟في بالد الغربة من يطعمه) الولد(ترى هل يجد ..هو أنا بالطبع

إلـى ،ويا طالما طارت طـرود األطعمـة الدمشـقية ألن أمي لم تكن تصدق أن .. السفارات التي كنت أعمل بها

أما علـى الصـعيد .. هناك شيئا يؤكل خارج مدينة دمشق فلقـد كانـت ،ي وبين أمي نقاط التقـاء الفكري فلم يكن بين تسـعى .. وسجادة صالتها ، وصومها ،مشغولة في عبادتها

وتطـبخ ، وتقدم النـذور لألوليـاء ،إلى المقابر في المواسم وتمتنع عن زيـارة المرضـى يـوم ،الحبوب في عاشوراء

وتنهانا عن قص أظافرنا ، وعن الغسيل يوم اإلثنين ،األربعاءوال تسكب الماء المغلي في البالوعة خوفا من ،إذا هبط الليل

٧٣

وتعلق أحجار الفيروز األزرق في رقبة كل واحد ،الشياطين ..منا خوفا علينا من عيون الحاسدين

نشأت أنا ، وتفكير أمي السلفي،بين تفكير أبي الثائر .على أرض من النار والماء

ي ماءتركيبي وكنت بطبيعة ، وكان أبي نارا،كانت أم ..أفضل نار أبي على ماء أمي

كان .. لم يكن أبي متدينا بالمعنى الكالسيكي للكلمة في - ويصلي الجمعة في مسجد الحي ،يصوم خوفا من أمي

.. خوفا على سمعته الشعبية -بعض المناسبات وشد اهللا أنه كان ،كان الدين عنده سلوكا وتعامال وخلقا

..ظيم على خلق ع ودائما كان ،دائما كان في ماله حق للسائل والمحروم

.في قلبه مكان للمعذبين في األرض نصفه األول ،والرغيف في منزلنا كان دائما نصفين

.. والنصف الثاني لنا ،لغيرنا لذلك كان ،لم يكن أبي يفصل الدين عن إطاره الجماليى صوت يقضي الساعات منصتا بخشوع واستغراق إل

٧٤

كان يعتبر صوته نافذة .. المقرئ العظيم الشيخ محمد رفعت ..وواحة من واحات اإليمان .. مفتوحة على نور اهللا

ولست أنسى أبدا ذلك اليوم الذي هدد فيه ببارودة صيد ألن ، جاؤوا به إلى المسجد اللصيق بيتنا،مؤذنا قبيح الصوت

سلمين واإلسالم كان مؤامرة على الم_ برأي أبي -صوته ولم يعد يجرؤ على الصعود إلى ،واختفى المؤذن نهائيا..

..المئذنة وكنت أعتبره نموزجا .. كان تفكير أبي الثوري يعجبني

ويفكر بأسلوبه ،رائعا للرجل الذي يرفض األشياء المسلم بها .الخاص

فقد ،باإلضافة إلى شبهي الكبير له بالمالمح الخارجية .هي له في المالمح النفسية أكبر كان شب

وإذا كان كل طفل يبحث خالل مرحلة طفولته عن .. فقد كان أبي فارسي وبطلي .. وبطل ، ونموذج،فارس

... "ومنه تعلمت سرقة النار *

٧٥

قصتي مع " ومما لمم أذكر من ،ومن كثير مما ذكرت ،أجد أن الشاعر نزار قباني قد كتب سيرته الذاتية" شعر ال

، أكثر من كون هذه القصة نقدا لتجربته الشعرية،وسيرة أهله لم يكن يريد أن يدخل غرفة ،كما ذكر في بداية الكتاب

لكنه برغم ما ، ويسلم جسده إلى مباضع الناقدين،العملياتمن التشريح لكل من فال بد ،فعل لم ينج من النقاد ومباضعهم

ألن اعترافاته ستكون غير كافية ، مهما اعترف،كتب اإلبداعولذلك يعترف منذ البداية أن الكتاب نوع من السيرة .. أبدا ، ورأيه به، إال أن الشاعر تحدث كثيرا عن الشعر،الذاتية

.. فأغنانا إلى درجة فتح الورد في أغصاننا *

يجدر بي الحديث " سامبا " وقبل الدخول في مجموعة وخاصة في بدايات تجربته ،عن المرأة في شعر نزار

نزار " يقول الكاتب ديب علي حسن في كتاب .. الشعرية :)٦٣ص" ( رحلة الشعر والحياة ،قباني

،عر المرأةال يذكر اسم نزار قباني إال مقرونا بأنه شا" قالوا ،أو الرجل الذي دخل مخدع المرأة ولم يخرج منه بعد

٧٦

ونخلة ، رآها شفة وناهدا،إنه أساء للمرأة ورآها جسدا يتلظى ..يتساقط من بين فخذيها البلح األشقر

بعضهم قال إن نزار انطلق نحو قضية كبرى التزم بها ن بين وعالجها وآثر على نفسه أن يحرر المرأة العربية م

أقسم أن يجعل منها الزهرة التي ال ،يدي الوحوش الكاسرة ال رفيقة ، يريدها حياة دائمة وربيعا أخضر،يعيب عطرها

..فراش ينتهي دورها بعد دقائق معدودة وجواري هارون ، ومأساة شهريار،إقطاعية النساء

اآلراء كثيرة ،الرشيد كلها تطالعك في شعر نزار قباني وكل يدلي برأيه ويتخذ موقفا يرى أنه هو ،ثروالدراسات أك

وهو الذي استطاع أن يسبر أعماق شعر نزار ،الصحيحقباني ويضع يده على المعالم األساسية التي أراد نزار أن

..يقودنا إليها ونزار يعترف أنه أسس جمهورية شعرية معظم مواطنيها من النساء وهذا من دون شك صحيح ولكن ليس

،كثيرات هن النساء اللواتي أعلن غضبهن من نزار ف،دائما بينما رأت ، إنه مراهق لم يفطم بعد:بل إن إحداهن قالت

٧٧

امرأة ثانية أن نزار يعبر عما في داخلها وكأنه يكتب لها ..ومن أجلها

نزار قباني ليس هو الشاعر األول الذي يقترب من العربي األول إنما هو الشاعر ،المرأة ويتناولها في شعره

دون الغوص نحو ،الذي يجعل من المرأة موضوعا لشعرهاألعماق وتحديد المشاكل إال مشكلة الجنس والتي عالجها

.بشكل غريزي يدعو لإلثارة أكثر مما يدعو للعقالنية ومن المعروف أن نزار قباني يعبر في أشعاره عن آالم

يشر أن نزار مع العلم أن أحدا ما لم ،عاشق متيم محرومقباني قد عاش تجربة حب تجعله يقع تحت وطأة البوح

) عيون إليزا ( أو تدفعه ألن يكتب كما كتب أراغون ،األليم ) .مجنون إليزا ( أو

إن معركة الحياة " :لقد قال أحمد حسن الزيات يوما ما المـرأة ،من بدئها إلى انتهائها إنمـا تـدور علـى شـيئين

" .بقاء النوع والرغيف لبقاء الذات المرأة ل،والرغيف بل لم ،دون شك المرأة لم تعد مجرد وسيلة لبقاء النوع القول ( تكن في يوم من األيام كذلك إال في عقول المتحجرين

ومن هنا فإننا ال نوافق الزيات على رأيه ) لديب علي حسن

٧٨

هذا إال إذا كان المعنى يحمل ويشمل الوجود بكامله وجماليتة " :ما أراغون الشاعر الذي عاش قصة حب عالمية فقد قال أ

" المرأة هي مستقبل العالم ال الرجل " فقد خاطبت الفنان " ماريا تيريز " أما الدوقة اإلسبانية

، ما أغربكم أيها الفنانون،أما زلت تخاف مني " :قائلة" غويا كنكم ول، وأمام الحياة، وأمام البؤس،إنكم شجعان أمام الفكر

".مستضعفون جبناء أمام المرأة لماذا يضعف األدباء ؟ترى هل كانت تقول الحقيقة

هل ضعف نزار ، وبصيغة أخرى؟ورجال الفكر أمام المرأة اإلجابة عند نزار قباني وال أحد ؟أمام المرأة قوال وعمال ولكننا سنحاول أن نتلمس خطوطا ،قادر على اإلجابة غيره

سنحاول أن نقوم بجولة ،عن هذا السؤالعريضة لإلجابة شبه استعراضية تعرض آلراء النقاد حول المرأة في شعر

وال سيما أنه ال يترك ، ثم نعود إلى رأي نزار،نزار قبانيمناسبة إال ويتحدث فيها عن هذا الموضوع بل نكاد نجزم أن

ترى ،من آرائه ومقابالته كانت تصب في هذا االتجاه/. ٩٠نت المرأة في شعر نزار قضية وهمية يسعى لتثويره هل كا

وتغييره أم هي مجرد موضوع للتسلية والتجريد ولقبض

٧٩

األرباح أم أنها متاجرة بالجنس على أساس الثورة والتغيير وهذا الفصل ال يحاول اإلجابة ،؟ اآلراء كثيرة ومتضاربة..

بقدر ما يحاول رسم خطوط عريضة ال تتبنى وجهة نظر وتدع للقارئ حرية ، إنما تعرض لآلراء كلها احتمالية،دةمحد

.المتابعة والحكم بنفسه ديب علي ( فيقول ،أما فيما يتعلق بنزار الشاعر المجدد

( عل لسان األستاذ جالل فاروق الشريف في كتابه ) حسنالمرأة " :)الرومانتيكية في الشعر المعاصر في سورية

وبالمرأة يريد أن يتحدى التقاليد ،موضوعه األول واألخير نزار قباني كان ثورة في ،الشعرية واالجتماعية والسياسية

الموضوع وحسب وفي كل ما يفرضه تثوير الموضوع من تجديد في الشكل الفني وإن المرأة وحدها كانت هي هذا الموضوع الذي جعل نزار قباني قد أجرا محاولة لتحديث

.." .يرها الكالسيكية الجديدة وتطوكان الشعراء قبل نزار قباني عندما يتحدثون عن المرأة

قل ،يسرحون ويمرحون في خيال مغلق ضمن جدران أربعةكانت .أن يعرف شيئا حقيقيا عن المرأة وعن مفاتنها خاصة

ومصطنعة ،إحساساتهم خيالية حينا وتقليدية حينا آخر

٨٠

بة وزنها اصطناعا في معظم األحيان لم تعطها التجرأما إحساسات نزار قباني فهي واقعية بكل ما في .وثقلها

على الرغم من الصور الرمزية المبتكرة التي ،الواقع من قوة .حاول أن يصور بها تلك االحساسات

كانوا في ألف قصيدة يتغنون بقصة غرام واحدة فجاء نزار قباني ليغوص وراء األحاسيس الكامنة في كل نفس

وفي هذا أيضا كان مخلصا . ألف قصيدةليخرج الجسد .ومجددا حقا

إن نظرة عابرة إلى امرأة مضطجعة تكفي عنده لتكون هذه الواقعيـة ،موضوعا شعريا إلحساسات وصور خصاب

فـي ابتكـار ) خيال مجـنح ( في األحاسيس المقرونة بـ .الصور هي سر نزار قباني ومصدر جدارته كشاعر مجدد

وقد اكثر نزار الحديث :ن عباس فإنه يقول إحسا. أما د معتبرا إياه عالما ذا أبعاد متميـزة تكفـل لـه -عن الحب

شاعر الحب " الوجود المستقل في شعره حين أسماه بعضهم أو غير ذك من تسـميات ) شاعر المرأة ( وسماه آخرون "

وكان بعضهم يرى أنه يرسم بهذه التسميات المعلم الذي يميز كما كان البعض اآلخر يـرى أن ،ه الشعري عند نزار االتجا

٨١

نزارا شغل الحب حتى ألهته عن القضايا الكبرى في العـالم وكال األمرين ال يعنيان شيئا لهذا الفصل الذي يمثـل .العرب

؟نظرة مستأنفة في شعر الحب عند نزارغالي . أما الدكتور محيي الدين صبحي فإنه كما يقول د

عل من عالقة نزار بالمرأة محورا شكري حاول أن يجاكتشاف المرأة " فكانت المرحلة األولى هي ،لتطوره الشعري

والمرحلة الثالثة هي " عبادة الجمال " والمرحلة الثانية هي " " الدمية المحطمة " والمرحلة الرابعة هي " صداقة الجمال "

محيي الدين صبحي إن المرأة عند الشاعر . ويقول أيضا د بداياته كانت جسدا فقط لكنه استطاع بعد ذلك أن يتفلت في

من االنفعال الشهوي حين أضحت المرأة تبريرا لوجودهوهو يتبناها كحل وهروب يمكن أن تبنى عليهما في " "حياته

:أي أنه جعل منها سببا وجيها من أسباب الحياة انطالق.. وأنت بفكري

وخصب وأنك قوة خلقي الجديد

ن نحقق أسمى وجودفنح

٨٢

ألنا .. ونحن نعيش .نحب

محيي الدين صبحي . إذن فقد تمكن الشاعر كما يقول دأنا " شعاره ، من إيجاد مفهوم يوحد بين الحب والجنس-

" .أحب فأنا إذن أعيش إن نزار قباني " :غالي شكري قائال. ويعلق على ذلك د

حن ال نستشف فن،في الشعر" الرؤيا " لم يصل إلى مرتبة من تحويمه حول المرأة أنه يتخذ منها ركيزة فنية لمناقشة

أخشى أن يصدق عليه قول محيي الدين صبحي ،قضايا أكبرمراهق يتخذ من الجمال األنثوي مثال أعلى يعبده " من أنه

فسيفساء " أو أن شعره " ويقدسه ويلهو به كطفل عابث ي الذي غنى للمرأة إن نزار قبان."بيزنطية صافية األلوان

مئات القصائد لم يتجاوز قط السطح الخارجي لمشكالتها لم ."الحكمة والفستان والعيون والقميص " يتجاوز

*

٨٣

مرحلة الكبت في -بلغ الغرور بنزار قباني حدا جعله يقول للمرأة

وإذا ،إحسان عباس. كما يقول د، إنه خلقها-لحظة غضب مرأة فكيف بدت صورته في كان نزار هو خالق هذه ال

كثيرة هي الدراسات التي تناولت هذا ،محراب مخلوقته فالدكتور محيي الدين صبحي أشار إلى ذلك في ،الموضوع

نزار قباني شاعرا وإنسانا والكون الشعري عند نزار " كتابيه وأما الدكتور إحسان عباس فقد تناول الموضوع نفسه " قباني

وفي هذا " لشعر العربي المعاصر اتجاهات ا" في كتابه ومن درس شعر نزار دراسة متدرجة وجد أن " :يقول

استغرابه الشعري بدا أوال بتناول أشياء المرأة واأللوان التي مع تركيز خاص على النهد منذ ( تربط بينها وبين الطبيعة

وقد سمى هذه ،)البداية واستمر ذلك في شعره حتى النهاية النرجسية في " ر خر يستو نجم في كتابه القيم المرحلة الدكتو

" مرحلة المراهقة والفيتشية :سماها" أدب نزار قباني ويقول ،وتأتي هذه في المرحلة العطش والجوع والكبت

إلى ١٩٤٤إن شعر نزار قباني منذ ديوانه الصادر عام تدور أغلب قصائده حول المرأة من ١٩٥٠ديوانه الرابع عام

٨٤

هم الشاعر فيها أن . تتغلغل إلى المرأة من الداخلالخارج واليصم النهد والشفة والساق وأن يشبع غريزته في تذوق أطايب امرأة عن طريق حواسه الخمس وبخاصة عن طريق

سمراء صبي نهداك األسمر في دنيا فمي " :الفم .. "… نهداك ما خلقا للثم الثوب لكن للفم

للثم للشعراء فير محرم " يه أن وحجة ذلك في رأ :ويطيب له أن يتذوق الثغر كما يحسو شراب السكر."

" .وأشرب الفم الصغير سكرا حالل " :ولكنه شراب يخلف خدر السكران ونشوة المخمور

طاش به ثغري شقراء يا يوما على المنحنى تفضي ،والمراهق طائش في أكثر األحيان …وثغرك طاش

:ه إلى تصرف صبياني كما في قولهبه نزوات " واخطف القبلة من ثغر بريء مختصر. "

والحق أن نزارا هنا من :خر يستو نجم قائال. ويتابع د ولذا ، ونرسيس في األسطورة مراهق،المتفرسين المراهقين

سيان ، غير مكترث إال للذته،ينقل فؤاده حيث شاء من الهوىا أن الفراشة تنتقل من زهرة إلى إن جناها هنا أو هناك كم

فما دامت المرأة .أخرى ال يهمها من كل زهره إال رحيقها

٨٥

فال جناح عليه أن ينتقل في ،عنده ساقا وثغرا ونهدا وحلمةحبه من هذه إلى تلك من الفتيات شرط أن تؤمن له األنوثة

تلك المغازلة حيث العالقات .التي تثير فضوله وتوقظ نشوته تأخذ اآلخر وسيلة لقضاء حاجة أو بلوغ ، عابرةالغرامية وإال فكيف استطاع نزار أن يدعي أن له تاريخا من ،إثارة

:السوابق وهو ما تجاوز آنذاك سنة العشرين فما زال عندي رغم كل سوابقي "

".بقية أخالق وشيء من التقوى هكذا تصبح المرأة عند نزار مجرد ثغر ونهد وردف

لفم يرشح بالجنى ويغري باستدارته ونقاط فهناك ا،وساق .دمه

التي تحررت من شريطها األسود " الضفائر السود " والتي " الساق " لتتيح للشاعر أن يغرق أصابعه في نداها و

تعوي عليها شراهته والحلمة التي لونها بشعوره فأضحت والمضطجعة التي ال يرى فيها إال .كحبة الرمان تلعب وتدور

ركبة والنهدين المصلوبين اللذين أتعبا الفتى الساق وال ، والشفة التي شقها اهللا كما تشق الفستقة،بتمردهما وتبدلهما

٨٦

فكأنه أمام وليمة شهية تدعوه إلى مختلف األطعمة والنفس :جائعة إلى كل محسوس

"يحن اليدا بتركيب جسمي جوع يمد آلخر جوع"

: الحمرةمرحلة المايوه األزرق وقلمإي ( غير أن أبسط شيء لديها :إحسان عباس. يقول د

قد يكون قصيدة جميلة فبعد جسدها أخذ التنبه يحرك ) المرأة ،وهي تمشط شعرها( نظراته نحو حاالت المرأة وحركاتها

، وهي مضطجعة، وهي تنزل السيارة،وهي تمر في المقهى ،لم الحمرةق( وهي ترقص مع اإللحاح على مزيد من أشيائها

ثوب النوم ، المايوه األزرق، المانيكور، الجورب،المشطمما يصح معه أن .. التنورة ، الكم، الصليب الذهبي،الوردي

المرأة وال يلمها في خلق سوي كان " يبعثر " نقول إنه كان . ويركز نظره على المفردات،يجزئ

مفردات :إحسان عباس هذه المرحلة بقوله. ويفسر د إذا كان يجد فيه ،ة كانت تحميه من المرأة مكتملةالمرأ

، إلى قصيدة جميلة- دون ريب -صورة قصيدة ثم يحوله كان يرى الجمال الطبيعي والمصنوع ويفتنه فيدخل في كونه

٨٧

دخول ) كم الداننيل ، الظفر المصبوغ، االسم، الشفة،الفم( ن ويعود جذالن ألنه استطاع أ،الطفل الذي تفتنه الفراشة

ال " شعريا " وأقول ،على تلك الفراشة" شعريا " يقبض ، بل ألؤكد جانب التعبير والتصوير،ألنفي المتعة الجسدية

لم يكن مما يعني الشاعر ،فإن الدخول إلى هذه الجزئيات كما أن ابتكار الصور المالئمة لهذه ،كثيرا قبل نزار

ا هما أقوى المجاالت الصغيرة والجرأة في اللغة والصورة مع ."ما يميز هذا المنـزع الشعري الجمالي

فما الذي ،هذا التفسير التعبيري يطلقه ناقد أدبي مشهوريقوله ناقد أدبي آخر من المنهج النفسي مدخال إلى شعر

" خر يستو نجم اسم . يطلق على هذه المرحلة د،نزار "الفيتشية

ي تحيط المحظورات والتحريمات الكثيرة الت( ويرى أن بالجنس تدفع بعضهم إلى أن يمارسه في خياله أو يستبدل

أو ،بجسد المرأة شيئا آخر مثل مالبسها الداخلية أو جواربهايصبح جزء من جسد المرأة كالذراع أو الثدي مبعثا للذة أكثر

أو تصبح حركة من حركات ،من أعضاء المرأة الجنسيةرجال يثارون جنسيا هناك ،المرأة أكثر إثارة له في جسدها

٨٨

أو التقطت آذانهم ،إذا سمعوا حفيف ثوب امرأة وهي تمشي إن مثل هذه الحركات أو ،صوت كعب عال على الرصيف

األصوات أو األشياء تصبح مبعثا لإلثارة الجنسية أكثر من بل أن الجسد يفقد قدرته على إثارتهم وتصبح ،الشخص نفسه

وحيد وربما كان النرجسي هذه األشياء هي مصدر اإلثارة المهيئا أكثر من سواه لتجزيء المرأة إلى شرائح ألنه ينظر

ذلك أن الفيتشية حماية .إليها من زاوية إشباع حاجاته فهي أشبه بالمتعة ،لصاحبها ووقاية له من العالم الخارجي

الذاتية ألنها ال تقوم على المشاركة قدر اعتمادها على العزلة شية ظاهرة فنية في شعر صاحبنا بلغ بها إلى والفيت.واالنطواء

وربما كان في هذا النوع ،درجة عالية من التوفيق واإلجادة إذا يكاد يتنفس الشعر كما ،من القصائد شاعرا ليس له مثيل

ونزار في هذه المرحلة - ال ألنه شاعر عفوي ،يتنفس الهواءبهذه شديد على نفسه في الزخرفة والتطريز بل ألنه يوهمنا

.العفوية التي اختفت وراءها الصنعة اختفاء تاما وكما يصح كالمنا في تركيز شاعرنا على أجزاء الجسد

يصح كذلك في تركيزه على فيتشية األشياء األنثوية ،األنثوي

٨٩

من أثواب وأقراص وقوارير أو مقص ومبرد وشريط، .وقميص ورباط وفرشاة أو عروة ومنامة وأحمر شفاه

وقف نزار مليا عند أثواب المرأة الخارجية هكذا يت وإذا ،والداخلية فيثيره القميص األحمر بنيرانه التي ال تقاوم

هو حائر بين الثوب الفاقع والثوب القاتم تغويه رافعة النهد الزاهية ويغريه كم القميص المغتلم ويسبيه الوشاح المطيب

إسقاط كما يستوقفه الرداء األصفر وقفة فيها ،المخمور فإذا الرداء منتش بمعصم صاحبته وذراعيها ،الرغبة الجامحة

ونهديها يلتف بالخصر والردف التفافا يجعله يشهق وينهار حتى ليندمج الشاعر بالرداء اندماجا كليا فيوحد معه بالخيط

:واللون والعطور لحظة يا معطر الخيط جاعـت بي للطيب شهـوة شهـاء

يطك لوني وعطوري عطورك السوداءأنت نفسي ولون خ

وقل مثل ذلك في الوشاح األحمر الذي يحط على كتفيها فيفتديه الشاعر بحياته ،مغازال نهديها متلويا كنهر من لهيب

وال ينسى المنامة الصفراء التي تمعن في إثارته بما ،وصحته -وللغريزة لفتات مهيجة " :تبعثه من أنفاس طيبة معطرة

" منحسر أو نصف محسور لكل

٩٠

والطرة المقطبة ،وكذلك ثوب النوم الوردي ذو التطاريز :والذيل والرسوم والزركشة المحببة

"واألحمر الرعاد أشهى من ورود المأدبة " وال يفوت الشاعر أن ينظم في رافعة النهد الخمرية كاملة فيصفها كيف تزلق فوق ربوتي لذة وكيف تدور ناعمة

ذا جرفه االنفعال الشديد أسقط كل شهوته عليها كما في حتى إ :قوله

"وتسدل الستر على النائم تداعب الواحد إما صحا" ،وطبيعي أن يكون للمايوه األزرق الشفيف قصيدة

ولقارورة المانيكور التي تتوهج كالكرز مع فرشاة الطالء وألحمر الشفاه الذي يجري على قوس ،األنيقة قصيدة

ولألقراص الطويلة في جوار العنق قصيدة ،زورد قصيدةال :ولوقع ساقي المرأة على الرصيف قصيدة

سيري ففي ساقيك نهرا أغـاني أطرى من الحجاز واألصبهاني

حلــوة ….. بكاء سمفونية يغزلها هنـاك قوسا كمــان

٩١

ال تقطعي اإليقاع ال تقطعـي حدود الثوانيودمري حـولي

* ..طفولة نهد " إلى هنا تنتهي مجموعة

٩٢

)٣(

!.. ١٩٤٩

؟.. أم رقصها ،هل عنى سامبا

٩٣

صدرت في القاهرة ،قصيدة واحدة" سامبا " مجموعة والتباين واضح فيها ، قفزة نوعية في شعر نزار،١٩٤٩عام

، الفنية من حيث،إذا ما قيست بالمجموعتين السابقتين ، راقصة،فهي قصيدة غنائية.. وحتى القافية ،واإليقاع

ابتعد فيها الشاعر عن ،تختلف كل االختالف عن سابقاتها .. والعارمة ،والعواطف الجياشة،وعن المراهقة،الجسد وفتنته

وعلى الرغم من استخدامه الكلمات التي سبق له ، والنهد،د الور: مثل،واستخدمها في المجموعتين السابقتين

إال أن استخدامه بدا اقل ، والنجوم، والفراشات،والعصافير ..نسبيا مما سبق

فإن سامبا تبرز فيها ،وكما قلت من قبلإننا " : ولكن نزار قال عنها، والصور،والموسيقى،الكلمات

وال ..." ال يبقى منها شيء ،إذا ما جردنا سامبا من موسيقيتها ..!أدري لم قال عنها هذا

٩٤

وصور جميلة ،لغة شعرية" سامبا "أنا أجد في قصيدة وال أدري كيف أطلق .. باإلضافة إلى الموسيقى ،وبديعة

..! نزار عليها هذا وعودة سريعة إلى بعض مقاطع القصيدة لنرى الفرق

يقول في :الشاسع ما بينها وبين قصائد مجموعتيه السابقتين غط قوسه:مطلع القصيدة في شرايين الشفق

خشب القوس احترق هحين مس

إذا ،يصور الشاعر شرايين الشفق وكأنها بركة أو نهر ، يحتـرق خشـب القـوس ،غط القوس فيها من قبل الفارس

،قال شرايين الشفق ( عندما يمس الدم الموجود في الشرايين وهذا انزياح ، تركيب شرايين الشفق وكذلك ( ،)ولم يقل الدم

) ..لغوي يحمل دالالت جديدة وفي كل مقطع ،وهكذا تتوالى باقي المقاطع في القصيدة

وبنفس الوقت تتصل بباقي ،تجد قصيدة ومضة مستقلة بذاتها .. المقاطع بخيط حريري شفاف جدا

أي مغزل:وفي مقطع آخر يقول

٩٥

حاك أكتافا عرايا .. هي في الليل مرايا

.تتنقل هذه األكتـاف ، أي مغزل غزل أو نسج :يسأل الشاعر ، وتلمـع ، إنها تبدو في الليل وهي تهتـز ؟العارية من الثياب

صور صورة بل .. ( كالمرايا تضيء وهي تتنقل هنا وهناك ...! ) وال أجمل ، ال أروع،جميلة

وإذا كان لتكرار القافية في المقاطع مـن تـأثير علـى فقد اعتمدها الشاعر أداة مكملة للموسيقى الشـعرية ،اإليقاع

ولكن هكذا ارتآها ، مع أنها جاءت ثقيلة بكثرتها ،في القصيدة .. الشاعر

وهكذا يصف الشاعر نزار الراقصة وهي تهتز وتغـنج مع أن ..! ال أدري ؟فأي عيب فيها .. لى إيقاعات راقصة ع

وشاسع بينها وبين ما قاله الشاعر في قصائده ،الفارق واضح خاصة من حيث .. السابقة فيما يتعلق بالجسد ولغته الفاضحة

.. كما ذكرت من قبل، والفنية،األسلوب*

٩٦

)٤(

!.. ١٩٥٠

*

؟.. أم هو لهن ،هل هي له

٩٧

القصائد " أنت لي " تتضمن المجموعة الشعرية الرابعة :التالية

؟ كيف كان- الشقيقتان - تطريز - معجبة -أنت لي - حكاية - سر - شباك - الموعد المزور - عند الجدار -

أحبك - ضحكة - الفم المطيب - مانيكور - تلفون -أثواب ثوب النوم -ق المايوه األزر- وردة - الصليب الذهبي -

- أنامل - وشاية - هي - خصر - نحت -الوردي - نار - حبيبتي - إلى لئيمة - ألحمر الشفاه -هرة

.. الكر أكون -إلى ضفيرتي ماس *

سامبا " بعد عام واحد من إصدار الشاعر نزار مجموعة وفيها يعود ألسلوبه السابق من " ت لي أن" جاءت مجموعة "

وطفولة ،كما في قالت لي السمراء( والبحور ،حيث الوزن يتبين لنا ،وقراءتنا األولية لها،من عناوين القصائد) .. نهد

٩٨

أن الشاعر عاد كما ذكرت ألسلوبه السبق من حيث اللغة واستخدام نفس الكلمات التي استخدمها منقبل ،والمضامين

والورد ، والثغر، والنهد، والفراشات، والعصافير،جوممثل الن والتي تحمل عنوان ،)١٩٥ص" (أنت لي " في قصيدة .الخ..

: المجموعة

..!أنت لي يروون في ضيعتناحأنت التي أرج

أنا لها..شائعة مسبح،وصفق

وأدعيها بفمحقه التبجمز

يا سعدها رواية وأمرح،ألهو بها

فللسفوح..يحكونها والترنح السكر

٩٩

لو صدقت قولتهم مسرح فلي النجوم

ففي طنوني..أو كذبت مسحعبق ال ي

أروقة الفجر..لو أنت لي األفسح مداي

ومن عيوننا..منا صبحهذا الصباح ي

مهما صنف..لي أنت مهما جرحوا..الواشون أجل وحدي ولن..وحدي ك مطمحيرقى إلي

لي ميسة الزناروالخاصرة الموشح

والشال لي..والخال لي حالمسر واألسود

١٠٠

فتح في الصدر..وكل ما فتحوكل ما ي..

ويكفيني أنا..أنت حوالتبج الغرور.

* يريد أن يقول الشاعر أن بعض اإلشاعات ،في القصيدة

شائعة عالقة بينه وبين مثل.. في الريف تكون محببة أحيانا .. ولو كانت رواية ، ويسبح، إنه يصفق لهل،فتاة من الضيعة

وإذا ،فمثل هذه الشائعة تجعل النجوم مسرحه إذا صدقت مهما قال ، إنها له وحده،كذبت ففي ظنونه عبق ال يمسح

، والشال، والخال، والخاصرة، له ميسة الزنار،الواشونوما يفتح ، وله ما فتح في الصدر،حوالشعر األسود المسر

: إلى أن يقول في آخر القصيدة،في المستقبل ويكفيني أنا.. أنت

والتبجـح ، الغرور ، إنه يكفيه الغرور :لقد جاءت الخاتمة لتقول على لسانه

أو ، هذا الذي يكمن في داخلـه شخصـيا ،والتبجح كما رأينا

١٠١

إنـه .. أو حتى إنسان ما في العـالم ،داخل كل رجل شرقي الذي يحـب الغـرور ولـو علـى حسـاب ) الذكر(الرجل

..األخرياتيقـول علـى لسـان ) ١٩٧ص" ( معجبة " في قصيدة

حيـث ، وهذا ما سنراه في كثير من قصائد الشـاعر ،معجبة وهذا األمـر قـد ، منها صوت المرأة ،يتحدث بعدة أصوات

، له بعض المشاكل التي ال مجال للحديث عنهـا هنـا جلب ..وسأتعرض لها فيما بعد

*

١٠٢

..!معجبة

أغانيك عندي:تقول تعيش بصدري كعقدي

وشعرك هذا الطليق األنيق بكبدي..لصيق أكحل عيني..فمنه

ومنه أعطر نهدي فبيت بلون عيوني وبيت بحمرة خدي

يدثرني حين يقسو الشتاء فيذهب بردي

وأحفظ منه الكثير..الكثير وأجهل قصدي

كأنك رشة طيب هريق تفشت ببردي

١٠٣

وحبك أنك في كل بيت ..كسلة ورد

* تسبيح..كفاني من المجد

..!ثغر جميل بحمدي *

يحس القارئ بصوت المعجبة تبجل ، قراءة القصيدةبعد ، وتصف شعره الطليق األنيق، وكأنها عقد بصدرها،أغانيه

ومنه تعطر ، منه تكحل عينيها،كيف هو لصيق بكبدها وبيت ، بيت من القصيدة يلون عينيها: وتقول أيضا،نهدها

ا ليذهب برده، وبيت يدثرها حين يأتي الشتاء،بحمرة خدها.. إنها لشدة إعجابها به تحفظ منه الكثير ،وتتابع قولها..

كأن الشاعر رشه : وقول أيضا، وتجهل لماذا تحفظه،الكثيركسلة .. ويكفيه أنه في كل بيت ،طيب هريق تفشت ببردها

إلى أن ينهي القصيدة بمقطع جديد يتضمن بيتا .. ورد : ليقول، يأتي بصوته،واحدا

١٠٤

تسبيح.. كفاني من المجـد ثغر جميـل بحمـــدي

.. تسبيح ثغر جميل من أنثى ،أي يكفي الشاعر مجدا فالشاعر هو صاحب ، وندرك،وكما نعلم.. وتعشقه ،تمدحه

لجمال وجهه ، إعجاب النساء به، ويصور، يتخيل،الصوتين ، وروحه،لجمال نفسه لكنها لم تتعرض ،)وهو كذلك فعال(

فيما ،)النرجسية ( هو يجد الجمال في الشكل .. وأحاسيسه هو يريد من األنثى أن ،)الجسد(يتعلق بشخصه المادي

كما هو يفعل في وصف ،تصف جماله المادي ال أكثر فهي بعيدة كل ، والمشاعر، واألحاسيس، أما الروح،المرأة

،أن يشبع غريزتهوكأنه يريد ..البعد عن رؤية الشاعر وعله فقد جاء البيت األخير ليتوج .. ورغباته الجنسية فقط

..نرجسيته ويجدد ، يغير الشاعر ،)١٩٩ص" (تطريز " في قصيدة

بعـد ، حيث يالحظ تبديل القافية ، فيستخدم القافية ،في أسلوبه الفنية ،أي أنه يفكر في البنية ( في القصيدة ، أو أكثر ،كل بيت

هـذا التجديـد الفنـي فـي .. أن يفكر في المضمون قبل ) كما .. يبدو أنه قد بدأ يأخذ حيزا في تفكير الشاعر ،األسلوب

١٠٥

أنه من المالحظ أيضا أن الشـاعر ال زال يسـتخدم نفـس ويوظفهـا فـي أشـعاره ،الكلمات التي سبق ذكرها من قبل

ة نقرأ القصيد ، ومن أجل كل ما ذكرت ،)بالالشعور طبعا ( ونرى الشاعر وهو ال يزال يلبس ثيابـه ،لنتبين ما قلته فيها

بعيدا عن المراحل التي صنفه ، حلته الشعرية نفسها ،القديمة ،ليس المهم أين كتب الشاعر قصـيدته .. بعض الشعراء بها : وأسلوبه الفني فيها،إنما ماذا تضمنت

..! تطريز /ن نهوند أم رجز

رز؟أم من جراحات الك من انهدال المخمل

وعزة التخيل :وقال اهللا لي..كنت

معولي..أدميت فيها من شاطئ مزركش أم من حفيف الريش

ومن جبين عود

١٠٦

وزرقة الوعود وغنة المطارق ومرمر مراهق

هومت شماال أزرقا يرش عمري رونقا

وناهدا يدور من الحرير نوى

قود فكرأم أنت عنالقمر اكألقاه شب فوشح الهضابا

"العتابا " وكانت والغصون والريح والضوء والسنونو

في األرض السنا..وكان .. أنا - من بعدث -وكنت

*

١٠٧

، الريش، إذن تتبدل القافية من الكرز إلى التخيل ،و السنون، العتابا، القمر، الحرير، رونقا، المراهق،الوعود وقد جاءت القافية في نهاية الصدر والعجز معا في ،)السنا

وأظن ،وهذا ما قصدت به التجديد في الفنية.. كل بيت شعر ومن الجدير ذكره أيضا الصورة ،أنه قد وفق فيما ذهب إليه

،الجميلة والبديعة في بيت الشعر الذي يصورها عنقود فكر : حيث يقول،ألقاه شباك القمر

أم أنت عنقود فكر اك القمـرألقاه شب

تصور لنا بلغة دالالية، وشباك القمر،فجملة عنقود فكرصورة أو تركيبا جديدا ذو دالالت ليست ) انزياحية ( لكنه هنا يأخذ ،) والشباك أيضا ،نعرف العنقود مادة(حسية

.. كل منهما معنى مختلفا تماما تأتي بصوت إحدى ،)٢١٠" (الشقيقتان " في قصيدة

، وتطلب منها أن تزينها،الشقيقات تخاطب أختها كما سنرىوتعترف لها أن قلبها يكاد .. ألنها على موعد مع من تحب

وهي ال تريد أن تسميه ،يطير من موضعه شوقا وحنينا للقائه الخ ..،مزرعة وبوح ال،على الرغم من أن اسمه نقرة العود

١٠٨

..!الشقيقتان

ففي..أختاه ..قلم الحمرة شرفات الظن،هميعادي مع ؟والحلى..زومشطي .أين أصباغي

د الزوبعهدا كوججبي و إن ناوليني الثوب من مشجهومن الديباج هاتي أروعه

لوني..جمليني ..سرحيني سرعهإني م الشاحب ظفري

تي نارر؟فهل أنقذته..جو من يد موشكة أن تقطعه

فيما أدعي..ما كذبت اهللا كاد أن يهجر قلبي موضعه

يا هند هل أمضي له..رحمة ..ممتقعه ..وأنا مبهورة

١٠٩

إلى موعدنا..إنه اآلن مرتفعه..بازخة ..جبهة جوى..حصد الشمس ورداء ي

الفصول األربعه لون وفم وإن كان اسمه..ال أسميه

وبوح المزرعه..نقرة العود لو سألت الريش من أجفانه

ألقتلعه..أتقي البرد به فعلى..ركزي يا هند شالي

د ميعادي معهبات الرصسح. *

ث عنه ولو قليال في القصيدة نعود إلى بيت يجدر التحد :هو

جوى.. ورداء يحصد الشمس لون الفصول األربعـة، وفم

والفم لون الفصول ،الداء هنا يحصد الشمس جوى .. والبالغة ، فيها كل الجدة، وبديعة،صورة جميلة.. األربعة

١١٠

يكرر " ( كيف كان " :وتتالى القصائد في المجموعةعند " وفي قصيدة ،) والورد ،فيها الشاعر كلمة النجوم

الموعد المزور " ثم قصيدة ،)يكرر فيها كلمة النجوم " (الجدار، وهذه القصائد ال تختلف عن مثيالتها من قبل في أن "

، والجزئية دائما،سدية ويركز على األمور الج،الشاعر يكتب ، والروحانيات، والعواطف، والمشاعر،بعيدا عن األحاسيس وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن ،حال أكثر الشعراء

ال زالت تلبسه حتى هذه ، وعشق الجسد،حالة المراهقةنأتي إلى قصيدة .. عاما) ٢٧( مع أنه بلغ من العمر ،اللحظة

كما ،ي من روائع قصائد الشاعر وه،)٢٠٩ص" (شباك " ..سنرى

١١١

..!شباك

يا شباكها..حييت الملفوف بالبنفسج

أصبحت ديرا للشحارير ومأوى العوسج لسورك الرحيم

أسراب السنونو تلتجي يا جنة على السحاب

غضةض التأرج تاريا ضاحك األس

ذات اللين والترجرجلم تخطر يا راية للحب

..ببال منسج ؟أنا لديك هل تعي

وحده وهودجي،همسي

١١٢

بي لهفة تحصد خيطان الستار األهوج

؟أال انفتحت لي فإن الشمس في توهج

البللور هل أقرع ؟دون حلمها المموج

إلى..أم أسبق الشمس ؟غطائها المضرج

رده على ذراعأ طفلة التبرج

وأجمع الشعر الذي مات من التموج

* العبير يا..يحرسك

..شباكها البنفسجي *

١١٣

.. الملفوف بالبنفسج ،يصف الشاعر شبكها في القصيدةويتابع وصف .. العوسج ومأوى،أصبح ديرا للشحارير

يا جناحك ، يا جنة على السحاب:شباك من يحب ن ويخاطبه وحد ، ويسألها هل تعي همسه، يا راية للحب،األستار

، )صورة بدوية مأخوذة من حياة البادية قديما( وهودجه ويسأل .. فالشمس في توهج ، هال انفتح له،ويسأل الشباك

في :إلى أن يقول.. الشمس نفسه هل يقرع البلورة أم يسبق :مقطع خاص في آخر القصيدة

العبير كيا.. يحرس يجشباكها البنفس

) من حلب ( وهذه القصيدة تذكرني بالشاعر محمد كمال :في قصيدة له يقول في مطلعها

تموجي.. تموجي بثوبك البنفسجي

والشاعر محمد كمال ،فالشاعر نزار يخاطب شباكها) .. نفس الوزن والقافية ( وبثوبها البنفسجي يتغزل بها

وبالطبع فإن الشاعر نزار قباني كتب هذه القصيدة قبل ..والتأثر هنا واضحا تماما .. الشاعر محمد كمال

١١٤

يكرر الشاعر كلمة ،٢١٣ص " حكاية " في قصيدة ويصف نفسه على لسان فتاة تخاطب أمها وتحكي لها ،ورد

:للوز حيث تقولما قال لها في غابة ا إن في صوته قرارا رخيما

بريق النبوه.. وبأحداقه كما انسرح الثور.. جبهة حرة

وهوقس فيه اعتداد وثغر وأرضى.. يغصب القبلة اغتصابا

عنوه ؤخذ الثغروجميل أن ي ،إنه صوت الشاعر تجلى من خالل صوت األنثى

..ر من قبل وقلما فعلها شاع،يصف نفسه ، يكرر كلمة العصافير،٢١٥ص " أثواب " في قصيدة

يكرر كلمة ٢٢١ص " الفم المطيب " وفي قصيدة ،والنهد ، يكرر كلمة الورد٢٢٣ص " ضحكة " وفي قصيدة ،الورد

أي أنه أنهى ،)موسيقا ( ويكرر القافية بعد خمسة أبيات لقصيدة سبعة ا( القصيدة بنفس القافية التي بدأ بها القصيدة

١١٥

٢٢٦ص " الصليب الذهبي " وفي قصيدة ) .. أبيات فقط :يقول في مطلعها بين نهديك ترجف.. أنقطة نور زينة أم تصوف.. صليبك هذا ومن له.. ترهبت في عمر الورود :إلى أن يقول

؟هل يتقشف.. براءة هذا الوجه أكثر يكرر ذكر الورد٢٢٨ص " وردة " وفي قصيدة

وفي ،"وردة " وكما رأينا يعون القصيدة بكلمة ،من مرة وهي من قصائده ،٢٣٠ص " المايوه األزرق " قصيدة

:الشفافة يقول فيها ..ماردة البحر .. مرحبا

على األشواق طوفــي ..غمسي في الماء ساقين

..كتسبيح السيوف حرفا من النار.. وانبضي

الرصيــفعلى ضلع واشردي أغنية في الرمـل

١١٦

شقراء الحـروف دروبك األحـداق فانسابي على الشوق المخيف بدنا كالشمعة البيضاء ..عاجي الـرفيف

ربمـا كـان،زنبقيا على ورد خفيـف

لمنقـارراعش ا.. ونهيدا كالثلج النديـفالشاحب المغرب تلبسين في برد شفيف

..مغرورق الخبط .. أزرق ..سماوي الحفيف

لقد.. يا أنت .. أنت ..وشحت بالدفء خريفي

١١٧

،سبح في البحر وهي ت،يصف فتاة يسميها ماردة البحر ،)صورة بديعة ( يرحب بها وهي تطوف على األشواق

كتسبيح السيوف .. غمسي في الماء ساقين :ويتابع قولهحرفا من النار على ضلع .. وانبضي ،)صورة جديدة (

، واشردي أغنية في الرمل،)صورة مهزوزة ( الرصيف انسابي دربك األحداق ف،)صورة مهزوزة ( شقراء الحروف

بدنا كالشمعة ،..! )الشوق المخيف ( على الشوق المخيف زئبقيا ربما كان ،)صورة جميلة ( عاجي الرفيف ،البيضاء

ونهيدا راعش المنقار ،)صورة ضعيفة ( على ورد خفيف ، تلبسين المغرب الشاحب،)صورة ضعيفة ( كالثلج النديف ي المساء وكأنها صورة جميلة وهي تسبح ف( في برد شفيف

ويتابع وصف المايوه .. الشفيف ،تلبس المغرب الشاحبلقد .. يا أنت .. أنت : حيث ينهي القصيدة بقوله،األزرق

نالحظ اهتمام الشاعر في أول .. ( وشحت بالدفء خريفي ويكون آخر بيت أحيانا هو ) بيت في القصيدة وآخر بيت

قد ال يوفق :دت أن أقولوفي هذه القصيدة أر.. بيت القصيد وهذه القصيدة لم يوفق ،الشاعر أحيانا في بعض قصائده

،الشاعر في وصف ماردة البحر وهي تلبس المايوه األزرق

١١٨

وكان عليه أن يأتي بالوصف على جسدها كما يفعل في أكثر ..لكنه لم يفعل ..قصائده

يكرر ،٢٣٢ص " ثوب النوم الوردي " وفي قصيدة والشاعر لم يوفق في القصيدة ألنه يصف .. ضا كلمة ورد أي

وأي ،وينسى صاحبته التي تلبس الثوب.. الثوب الوردي كما كان في .. وهو هنا يبدو خجوال .. إنه ثوب النوم ،ثوب

.. القصيدة السابقة ،، يكرر ذكر النهد)٢٣٤ص " (نحت " في قصيدة

يصف ،)٢٣٦ص "( خصر " وفي قصيدة .. والنجمات .. صر امرأة خ

،يذكر الشاعر النهد) ٢٣٨ص " (هي " وفي قصيدة وهي من ، والوردة،)أكثر من مرة ( ، والنجوم،والثغر

التي يلمحها ،روائع قصائده حيث توشوشه النسمة الحافية وشاحها ، كأحلى ما يكون الصبا، على الرابية،وهي تعدو

ن عزة ولونها م، ومقلتها هدباء سورية،الشباب والعافية :حيث يقول.. البادية

١١٩

..!هي ..ووشوشتني النسمة الحافيه:

لمحتها تعدو على الرابيه كانت كأحلى ما يكون الصبا

والعافيه وشاحها الشباب هدباء سورية..مقلتها

ة الباديهولونها من عز فلقة تفاحة..ونهدها

الخابيه وثغرها تنفس الغروب شاهدتها:وتمتم

تبعثر النجوم في الساقيه لنا عابر وقال عصفور: فراشها من ورق الداليه

مرت هنا:وباحت الغابةوانطلقت من هذه الناحيه

١٢٠

كانت معي:وقالت الوردةوقطعت غاللتي القانيه

واستقطرت من سائلي دمعةلمتها الناميهنت حولو

سألت عنها الطيب في بيته والريح..والغمامة الباكيه والمنحنى، والضياء،والسفح والراعيه، والنجمة،زالليل

في الكوى..بحثت عنها في الذرى وفي دموع الليلة الشاتيه

حتى إذا عدت إلى مخدعي أجر أقداميه،محطما

سمعت قلبي من خالل الدجىيضحك مني ضحكة عاليه

تبيأن رأيتها تخ..وكان .في الزاويه ..من جنبي األيسر

١٢١

والنجوم ،يكرر الشاعر كعادته في استخدام كلمة النهد .. والوردة ، والعصفور،)أكثر من مرة (

،)ما ضر لو قال نصف تفاحة (يصف نهدها بفلقة تفاحةقد تكون للقافية تأثير على هذا (وثغرها تنفس الخابية

،ما رأينا إلى تمتمة الغروب وينتقل بنا الشاعر ك،)التنفسصورة (وهو يقول أنه شاهدها تبعثر النجوم في الساقية

فراشها من : ويصور لنا عصفور عابر وهو يقول،)جميلة ثم يتابع تصوير بوح الغابة ،)صورة جميلة(ورق الدالية كما تقول ، مرت وانطلقت من هذه الناحية:وهي تقول

وأنها استقطرت ،ي القانية كانت معي وقطعت غاللت:الوردةكيف .. (دمعة ولمعت حلمتها النامية ) الوردة(من سائلها

، )؟لسائل الورد أن يلمع حلمتها النامية وهي تعدو في الغابة ، والريح، يسأل الشاعر الطيب؟فهل كانت وهي عارية

، والنجمة، والليل، والمنحنى، والضياء، والسفح،والغمامة وفي الكوى ،)القمم(عنها في الذرى يبحث .. والراعية

)صورة موفقة( وفي دموع الليلة الشاتية ،)المخابئ( سمع ، يجر أقدامه،ولما عاد إلى مخدعه تعبا.. لم يفلح

ويقول ،قلبه من خالل الليل وهو يضحك منه ضحكة عالية

١٢٢

ولعله يقصد (في الزاوية .. إنه رآها تختبئ من جنبه األيسر فالقصيدة مليئة بالصور الناطقة، ،ما قلتوك) .. القلب ،)يتمتم( يأنسن الشاعر فيها الغروب ، والمتنوعة،والملونة

وقد وفق في البيتين األخيرين ، والوردة، والغابة،والعصفوروفيهما نحس بالدهشة .. في القصيدة ألنهما بيت القصيد

:حيث يقول فثأري.. ال تجرحيني

ي زع.. ثأرـاف وسم :إلى أن يقول

ديــ هذي وثائق حقـ دافـــ وكلــها أهـ :ويبرء نفسه من اتهاماتها بقوله ـانــ جب: وتصرخين

زافـوقول ج.. زور وادي ــ س، أن جبـان

وعهري عفاف.. ثلج لن ينولك غيري . ال

١٢٣

رافـاعت.. وفي يدي وينهيها ،)اعتراف ( نالحظ الشاعر يبدأ القصيدة يقافية

كما يكشف عن دواعي نفسه بجرأة وبدون ،بنفس القافية .. وف خ

وقد اختارت منها ،)٢٥٠ص" (حبيتبي " في قصيدة مثلها مثل ، وغنتها،العديد من األبيات) فيروز(المطربة

العديد من قصائد الشاعر التي غناها العديد من المطربين وهناك جدول للقصائد جاء في الجزء ،والمطربات

للقصائد التي غنيت من قبل بعض ) ٣٠-٢٩ص(األول .. والمطربات العربالمطربين

،والتي غنتها فيروز" حبيبتي " أما ما يتعلق بقصيدة ومن روعتها أن الجميع ،واعتبرت من أغانيها الرائعة

خشية ، ولم يسألها أحد عن اسم حبيبها،استجابوا لطلبها ،ولم تضطر للبوح بأي حرف من اسمه.. ضيعة الطيوب

والبحث ، في صدرها ألنه مخبئ،ولم تحجهم أن يبحثوا عنه ..عنه لن يجدي أبدا

وكما قلت من قبل فهناك بعض األبيات لم تستخدمهم ..المطربة في األغنية

١٢٤

وقد سبق وعنون العديد ،)٢٥٢ص" (نار " في قصيدة وهناك قصيدة عنونها الشاعر ،من القصائد بهذا العنوان

، الكراكون،) A LA GARCONNE (باللغة اإلنكليزية يذكر فيها ، وهي آخر قصيدة في المجموعة،)٢٥٥ص(

وتكاد تكون المفارقات طفيفة بينها .. أيضا ، والنهد،الوردمن " ومجموعة طفولة نهد ،قالت لي السمراء"وبين مجموعة

وكذلك في تكرار العديد ، واألسلوب، والمضامين،حيث اللغة دل وهذا إن،من الكلمات التي استخدمها الشاعر في قصائده

، هي،على شيء فإنما يدل على أن تجربة الشاعر ظلت هي .. ال يذكر ،لم تتبدل إال تبدال جزئيا

أعود ألقول إن الشاعر يلون وينوع في قصائده لكنها يدور ، وما يجري حولها من جزئيات،تدور في محور المرأة

بعيدا عن .. وما يحيط بها ،في محور المرأة الجسد ويالحظ تطور في تجربة ، والفضاءات األخرى،نياتالروحا ، وخصوبة الخيال، في بعض الصور الشعرية،الشاعر

كما يالحظ ، وخاصة صوت المرأة،والكتابة بأكثر من صوتالنرجسية في شعره والتي تبدو من خالل تغني وتغزل بعض

،)وهو الشاعر الذي أوجد هذا الصوت ( الشاعرات بجماله باإلضافة ، وثأره ورجولته،إظهار غضبه وثورتهوكذلك في

١٢٥

وفيما يتعلق ، وطباعه الخاصة،إلى إظهار وإبراز غرائزه .. بعيدا عن الروح والمشاعر ،بجماله المادي فقط

فقد استمر في ولوج ،أما فيما يتعلق باألوزان والبحورمثل .. البحور الخليلية بعيدا عن إيقاع التفعيلة إال ما ندر

" وقصيدة ،في مجموعة قالت لي السمراء" اندفاع " قصيدة " هذا باستثناء مجموعة ،"طفولة نهد"في مجموعة " لوالك .. التي تحدثت عنها من قبل " سامبا

ونأتي على ،"قصائد " وقبل أن نأتي إلى مجموعة ال بد من جولة قصيرة في فضاءات ،"أنت لي " مجموعة

..ي فيما يتعلق بالمرأة واإلثارة في شعره الشاعر نزار قبانالكون (يقول الدكتور محيي الدين صبحي في كتابه

وال ،جمال المرأة كل الجمال " :)الشعري عند نزار قباني يحس اإلنسان الحديث جمال الغابة والنهر والصحو والسماء

رحلة الشعر ،عن كتاب نزار قباني( إال عبر جمال المرأة غير أن الجمال األنثوي ،)للكاتب ديب علي حسن ،والحياة

والعالقة ، بل هو أيضا إغراء وإثارة في أساسه،ليس فنا كلهبين ما هو جميل وما هو مثير ما تزال بعيدة عن الدقة في

يحدد الشعور " نقد الحكم " في كتابه ) كنت( إن ،التجديد

١٢٦

أن الفن يقصد بذلك،)هدفية دون هدف(الجمالي في الفن بأنه ويقترب من ذلك ،يحررنا من ضيق رغباتنا وشهواتنا العاجلة

ما تعارف عليه النقاد من أن المثير يتطلب استجابة ، فما هو الجميل، والجميل يثير فينا الرغبة بالتعامل،مباشرة

؟وما هو المثير في المرأةونه وما المنبه إال عارض يتغير ل،المتلقي هو كل شيء

،فالمرأة ذاتها.. وأهميته وشكله بحسب حالة المتلقي النفسية مرة تثير ، وخصرها، وساقاها، وشعرها، عيناها،جسمها ذاته

لدى شخص واحد بحسب موقفه ، ومرة تثير القرف،الشغفعندئذ يصح .. بخاصة إذا كان فنانا .. ونظرته إليها ،منها

،ن عن حالته وأوهامهالقول إن الصورة التي يقدمها هي بياوتخيالته أكثر منها تقريرا واقعيا عن حقائق محسوسة عينيه

الترائي أهم من ،ففي الفن.. قائمة في العالم الخارجي فكيف يتراءى الجمال األنثوي لعيني فنان شاعر ،الموجود

، وانضفار الساق، كيف يرى ألوان العين؟كننزار قباني؟ هل يقوى ، وارتعاف الشفة،شعر وانسدال ال،وجماح النهد

كتلة ذات ،على التحديق بها وتصويرها كما هي في واقعها

١٢٧

أم ينكفئ إلى داخله ليتوارى وراء مبهمة ،حجم ولون وغاية ؟غائمة

يقول نزار ردا :ويضيف الكاتب ديب علي حسن قائال) رياض نعسان آغا ( على سؤال وجه إليه من قبل األستاذ

المرأة هي الريحانة واللؤلؤة " : مع الشاعرفي حوار أجراه وليس معقوال أن الشاعر ال ينتبه إلى ،والقمر في حياتنا

والمرأة مصدر لشتى أنواع ،األشياء الجميلة في المرأة النحاتون اإلغريق صنعوا تماثيل تمثل أجسام ،الفنون فجسد المرأة قصيدة ، ولكن أكدوا على جسد المرأة،الرجالوعمل ،ومطاردة جمال المرأة حق من حقوق اإلنسانية ،شعر

:حضاري كم من دمشقية باعت أساورها

حتى أغازلها والشعر مفتاح أنا أالحق ،أنا ال أمتهن مهنة غريبة " :ويتابع نزار قوله

في البدايات كنت أحوم على .. أنا صياد صور ،الجمال ولكن كنت بفترة ، وهذا أعترف به، للمرأةالقشرة الخارجية

ولكن ابتداء من ، حيث أنا منبهر بالعالم النسائي،المرهقة ، تحولت المرأة إلى حوار،الخمسينات حيث ذهبت إلى لندن

١٢٨

تحدثت في ،لم تعد تعني لي األساور واألقراط.. إلى صديقة وعن ،كثير من قصائدي عن جماليات المرأة الصغيرة

، والحمراء، والخضراء، الركبة البيضاء،صغيرةشؤونها ال "..؟كيف أميز األلوان

" : يقول،يرد الدكتور محيي الدين صبحي عن تساؤالتهفالحلمة عند .. إن شاعرنا يغطي انفعاله بعشرات الصور

حرف نار سابح في ، أرجوحة عيد،المداعبة خصلة حريرقبلة تجمدت و، وهي عند النظر دمعة حافية،بركتي عطور

وهي حبة رمان أو ، وارتسمت شرارة هادرة،على النهد .. " .توت

ويتابع الكاتب ديب علي حسن في كتابه حديث الدكتور ، والساق وغيرهما،فيما يتعلق بوصف نزار للحلمة) صبحي(

ليشير إلى أن نزار ال يبقى على رأي جمالي واحد فهو تارة بل أن ، يحبه قصيرا وتارة،يحب الشعر الطويل المسدل

محبوبته تقص شعرها ألنه يحبه قصيرا ) مزاجي(الحقيقة التي يجب األخذ بها هي أن الشاعر

إذا التقى أو تعرف على طويلة .. يجري كما تجري الرياح وإذا كانت ، قال في شعره أنه يحب الشعر الطويل،شعر

١٢٩

وإذا التقى ، كتب أنه يحب الشعر القصير،قصيرة الشعرفقد يكون الشعر .. وهكذا ،السمراء قال أنه يحب السمراء

وإال فما معنى ما .. عنده وسيلة لغاية يريد أن يصل إليها ! ؟..يقول

وال ندري إلى أي مدى " :بقوله) ديب(ويسأل الكاتب تؤثر عملية الفطام الباكر أو المتأخر في حياة الرجل

ثار النهود في أن إك) فؤاد دوارة( ففي حين يرى ،الجنسية يؤكد لنا نزار نفسه أن ،سببه الفطام الباكر" القباني " لوحات

ومعنى ذلك أن الفطام ،أمه ظلت ترضعه حتى سن السابعةالمتأخر ال الباكر قد يكون وراء اكتساب عادة الرضاع أو

والحقيقة .. إدمانه إدمانا يظهر في نتاج الشاعر بعد البلوغ فسر هذا التوق الشديد إلى أيام أن مرحلة الرضاع قد ت

لما كان الطفل ينعم بمجرى الحليب كما يقول ،الطفولة .. " .الشاعر

والحقيقة األكثر واقعية هي أن نزار كان في صغره وهذه ،عند والدته استنادا لكونه لم يفطم حتى السابعة) مدلل(

عن فيقال ،الحالة كثيرا ما نجدها عندنا في الريف والمدية

١٣٠

لم .. وهذه حال الشاعر نزار ،بعض األشخاص إنه ابن دالل .. بكل ما فيه ، وفتنته،يتغزل بالنهد فقط بل تغزل بالجسد

.. وقد ظل الشاعر نزار قباني طفال حتى وافته المنية وقد بقيت األيام تضحك له .. بل ألنه ابن دالل ،ال ألي سبب

..حتى الرمق األخير / ٩٩/ وإلى الصفحة ،)ة الشعر والحياة أعود لكتاب رحل ،ما من شيء في المرأة يتعلق بجسدها " :حيث يقول الكاتب

:"مارون عبود " هنا قال عنه ،أو أشياءها إال وقد وصفه لقد امتألت دواوين نزار بالجمل ،إنه شاعر الساق والجورب"

، إنه شاعر فتنة ووصف،التي تصف وتعري كل شيءات يوم إنه بعد تجربة لندن انتقل إلى مرحلة صحيح أنه قال ذ

،واالبتعاد عنها،جديدة من التعامل مع المرأة ال سيما المفاتنال سيما بعد أن شكل مفهومه الخاص نحو المرأة والحب

، ولكن الصحيح أن هذا التحول ليس تحوال جوهريا،والجنس ولغته ،ري وأسلوبه الشع،إنما كان تجديدا في أدواته الشعرية

، أعاد القديم بأسلوب جديد،لقد كان تحوله تمويها ليس إال.. ،قديمه هو جديده لكن في زمان ومكان مختلفين كل االختالف

١٣١

ومع المزيد من اإلبهار واإلقناع والتحوير واالستفادة من ".الخ..فورات المجتمع

كان نزار طوال حياته يبحث :وأعود ألقول من جديد؟ . ولكن أي طفل ،ة التي يريد منها أن تعامله كطفلعن المرأ

ومن باب أنه يجب أن .. وال شيء غير ذلك .. الطفل المدلل وهاكم الدليل على لسان .. يحصل منها على كل ما يريده

تعاملت ،أمي أعطتني نوعا من الحنان ال يوصف " :نزار وكم انكسر الكثير ،معي كطفل إلى أن صرت في الجامعة

،ن عالقاتي مع النساء ألن التي قبلت أن تكون حبيبتيم رفضت ، والتي قبلت أن تكون أمي،رفضت أن تكون أمي

.. " .أن تكون حبيبتي ال أحد يفهم طفولتي فيتعامل معي " :ويتابع القول

.. وما من أحد يفهم شؤوني الصغيرة ،كطفل وهي التي ملكتني آالف الشؤون ،أمي تالحقني دائما

وأنا شاعر ، فصرت أبحث عنها في حبيباتي،غيرةالص من هذه التفاصيل أن تزرر لك امرأة ،التفاصيل الصغيرة

وأن تمسح ،ياقة معطفك وأنت تقف معها على الرصيف

١٣٢

، أو تأخذ رماد سيجارتك،عرق جبينك وأنت تقود سيارتك ."..هذه حركات صغيرة لكنها تذبحني عشقا

انتهى الجزء الثاني