1رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.pdf

65
مال صدقوا رجا عليههدوا ال عايمونة.فتحي م كتبه أ.من الرحيملرحما ا بسم ا1

Upload: chakib

Post on 09-Dec-2015

219 views

Category:

Documents


2 download

TRANSCRIPT

Page 1: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

رجال صدقوا ما

عاهدوا ال عليه

كتبه أ.م.فتحي ميمونة

بسم ا الرحمان الرحيم

1

Page 2: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

" اللهم إني أشهدك أني أحببتهم أشد حب دون رؤيتهم أو معاشرتهم ، فهبني يوم الف��زع الك��بر لي منه��م ،فإني أحببتهم فيك" آمين.

2

Page 3: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

مـــقـــدمــــــــــة

إن الحمد ل نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بال تعالى من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا. م��ن يه��ده ا فل مضل له و من يضلل فل هادي له و أشهد أن ل إله إل ا وحده ل ش��ريك ل��ه ، و أش��هد أن محم��دا

عبده و رسوله.

.]102آل عمران[ " ي ا أنيهه ا الاذمين آنم نووا ات قووا اللاه ح ق توقناتمهم و لنا ت مووتون إللاا و أننلتومل موسللمموون "

يا أنيهه ا الن اسو ات قووا ر ب كومو الاذمي خ لنقنكو&مل مم&نل ن فس&س و احم&د ة و خ لن&ق ممنله &ا ز ولج ه &ا و ب &ث ممنلهوم &ا رلج &الاا كنثمي &ا و نمس &اء و ات قو&وا"

.]1النساء [" اللاه الاذمي ت س اء لوون بمهم و السأنرلح ام إلن اللاه كنان ع لنيلكومل ر قميب ا

ي &&ا أنيهه &&ا الا&&ذمين آنم نو&&وا ات قو&&وا اللا&&ه و قوولو&&وا قن&&وللاا س &&دميد ا ، يوصل&&لمحل لنكو&&مل أنعلم &&النكومل و ي غلفم&&رل لنكو&&مل ذونو&&وب كومل و م &&نل يوطم&&عل اللا&&ه "

.]71-70الحزاب [ " و ر سوولنهو فنقندل فناز فنولز ا ع ظميم ا

أما بعد :

(ص) وش++ر الم++ور مح++دثاتها، وك++ل محدث++ةفإن أصدق الحديث كتاب ال تعالى وأحسن الهدي هدي محمد بدعة، وكل بدعة ضللة، وكل ضللة في النار.

و بعد...

كون مهنتي التدريس بالمرحلة الثانوية ، فكثيرا ما تحدث مناقشات مع الطلبة ، خاصة منها التي تعنيأمور الدين.

كثيرا ما أستدل بحديث عن النبي (ص) أو أن أذكر صحابته الكرام ، فألمح علمات استفهام أو تعجب في وجوههم ، من إنكار للجديث أو مجرد السماع به ، أو عدم معرفة الصحابي المذكور و إن كان من كبار

الصحابة.

كم هو مؤسف ، عدم الطلع على سيرة هؤلء الذين سطروا لنا الطريق الى ا عز و جل.

و إن سألتهم عن أتفه الناس من " ممثلين " و " مغنيين" و " رياضيين" لرأيتهم يتسابقون فيمن يذكر " ...! تراجمهم ": أسمائهم ، و أعمارهم و آخر أعمالهم بتفاصيل تقشعر لها البدان

يا للهوان الذي وصلنا إليه من شدة التباع العمى للذات و الشهوات.

3

Page 4: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

يا للحسرة على الوقت الضائع الذي يستهلك في معرفة هؤلء السذج في عاداتهم و لبسهم و حتى تفكيهم. فانقلب ذلك على سلوكيات أفراد المجتمع " المسلم " بسلبيات لم نعهدها من قبل . فأصبحت المنكرات من

المسلمات...

و أصبح الفرد اليوم ل يأبه بأصول دينه و ل يخشى سوء الخاتمة بل ل يأبه أن له نهاية و حساب.

هذا ما دفعني الى شد قلمي و التذكير بمن صرنا مسلمين بسببهم. أولئك العلم الذين كابدوا الشدائد وجاهدوا بأنفسهم و أموالهم في سبيل ا.

ببعض منهم- لعل و عسى أن يهتدي بهم القوم المعاصرون.–فأردت إعادة التعريف بهم

و لما كتب العلماء و المختصون في السير حول كبار الصحابة أمثال أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب بما فيه الحظ الوفير ، ارتأيت أن أسرد سيرة الصحابة الخرين

من المهاجرين و النصار.

أولئك الذين رضي ا عنهم و رضوا عنه، لعلنا نتخذهم قدوة نقتدي بهم.

كنتم خي أمة أخرجت للناس تأمرون بالعروف و تنهونإنهم خير خلق ا على الطلق حيث قال فيهم:"

] .110 " [آل عمران عن النكر و تؤمنون بال

فمدحهم ا تعالى و أخبرهم أنهم خير من أخرج للناس، و ذلك بتكميلهم لنفسهم باليمان، المستلزم القيام بكل ما أمر ا به، و بتكميلهم لغيرهم بالمر بالمعروف و النهي عن المنكر ؛ المتضمن دعوة الناس الى ا و جهادهم على ذلك، و بذل المستطاع في ردهم عن ضللهم و غيهم و عصيانهم، فبماذا كانوا خير

الناس قاطبة ؟

ممد رسول ال و الذين معه أشداء على الكفار رحاء بينهم. تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلو قال ا تعالى:"

].29" [الفتح من ال و رضوانا ، سيماهم ف وجوههم من أثر السجود

يخبرنا ا عز و جل عن رسول ا (ص) و أصحابه من المهاجرين و النصار أنهم بأكمل الصفات و أجل الحوال و أنهم جادون و مجتهدون في عداوتهم للكفار ، و ساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا

منهم ال الغلظة و الشدة. فلذلك ذل لهم أعداؤهم و انكسروا و قهرهم المسلمون.

و كانوا رحماء بينهم ، متحابون متراحمون متعاطفون كالجسد الواحد يحب أحدهم لخيه ما يحب لنفسه.

و أما معاملتهم مع الخالق، فتراهم ركعا سجدا يبتغون بتلك العبادة الفضل و الرضوان.

و قال ا تعالى:" و السابقون الولون من المهاجرين و النصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي ا عنهم].100و رضوا عنه و أعد لهم جنات تجري تحتها النهار خالدين فيها أبدا. ذلك الفوز العظيم" [التوبة

4

Page 5: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

أولئك الذين سبقوا هذه المة، و بدروها باليمان و الهجرة و الجهاد و إقامة دين ا.

ثم الذين اتبعوهم بإحسان، بالعتقادات و القوال و العمال، هم الذين سلموا من الذم، و حصل لهم المدحو أفضل الكرامات من ا.

فرضي ا عنهم، و رضاه تعالى أكبر من نعيم الجنة.

فيا ترى كيف كان ايمانهم ؟

كيف كان اجتهادهم ؟

كيف كانت معاملتهم فيما بينهم ؟

ما كانت خاصياتهم التي أخصهم ا بها على باقي المم ؟

كيف وصلوا الى درجة الرضوان ؟

كيف وعدهم ا بخير الجزاء ؟

العبد الفقير الى عفو ا

أ.م.فتحي ميمونة

1436 محرم 1

2014 أكتوبر 24

5

Page 6: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

تمـــــهـــيــــــــــــــــد:

إن الكلم على صحابة رسول ا (ص) ، رضي ا عنهم، يستوجب الجلل و التوقير و التذكير في كل حين، و تعليمهم أولدنا و ذراري المسلمين لكي يكونوا لهم قدوة يقتدوا بهم. ذلك أنهم فعل خير من

وطىء الرض من بين المم.

من الؤمني رجال صدقوا ال ما عاهدوا عليه. فمنهم من قضى نبه و منهمكيف ل و قد قال فيهم ا تعالى:"

].23" [الحزاب من ينتظر. و ما بدلوا تبديل

! كيف ل و قد سماهم ا عز و جل : "رجال"

و قليل هم اليوم الرجال ، الذين يبقون على العهد. فقد ضيعت المانة و كثر الهرج و الجهل و بات ليفرق الصادق و الكذاب.

إن هؤلء الصحابة الجهابذة سموا بالرجال لنهم آمنوا بال و صدقوا في ايمانهم.

لقد عاهدوا ا و أعطوه من أنفسهم ذمتها و عهدها و الثبات في دينه، و الطاعة لكتابه و الطاعة لرسوله(ص) و القتداء به.

إنهم تحملوا الشدائد و الرزايا و البليا في سبيل ا ، و من أجل اعلء كلمة ا.

فكل هؤلء ممن صدقوا ا ما عاهدوه عليه، و قضوا نحبهم و عهودهم الى أن استشهدوا في سبيل ا ومنهم من بقي على عهده الى أن مات.

جاء عند البخاري و مسلم و غيرهما عن أنس بن مالك مولى رسول ا (ص) أنه قال في الية السابقة: " هذه الية ما أظن ال أنها نزلت في عمي أنس بن النضر و به سمي أنسا، فاتته معركة بدر و لم يعلم بها،

لنها لم تحدث ال اتفاقا و عندما لم يحضرها تألم في نفسه و توجع و قال: معركة يحضرها رسول ا (ص) و أغيب عنها ، فعلي عهد ا إن كانت هناك معركة و حضرها رسول ا (ص) بنفسه فسيرن ا مني ما أصنع". لم يرد أن يزكي نفسه، و يقول سأقاتل و سأفعل و إنما قال: ليرين ا ما أصنع؛ أي من

قتال و جهاد في سبيل ا . قال أنس بن مالك: " فجاءت معركة أحد فبذل من نفسه و لقي في طريقه سعدبن معاذ، فقال: واها يا سعد، إني لجد ريح الجنة دون أجد".

و إذا بابن النضر يدخل المعركة و يقاتل قتال المريد للموت و الشهادة الى أن سقط في المعركة شهيدا ، و به بضع و ثمانون ضربة بسيف و طعنة برمح و رمية بسهم، و مثلل به أعداء ا من المشركين ، حتى

قال أنس و غيره من الرواة عندما بحث عنه في الموات، لم تعرف جثة أنس بن النضر ال أخته الربيعةببنانه من كثرة الجراح.

6

Page 7: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و ورد أيضا أن هذه الية نزلت في طلحة بن عبيد ا كذلك، و قد كانت شللت يده في غزوة أجد دفاعاعن رسول ا (ص).

و منهم أيضا مصعب بن عمير القرشي الذي استشهد كذلك بأحد و لم يجدوا له ثوبا يكفلنونه به ال نمرة فكفنوه بها، فكانوا إذا غطوا رأسه تنكشف قدماه، و إذا غطوا قدميه ينكشه رأسه، فقال رسول ا (ص):

(استروا رأسه و ضعوا على رجليه الذخر).

و هذه الية و إن كانت نزلت في غزوة الحزاب أيام رسول ا (ص) و أصحابه ، ال أنها تشمل كلالمؤمنين الصادقين الذين صدقوا ا عهودهم، و بذلوا أنفسهم رخيصة في سبيل ا.

و منط أن شهدوا الشهادة أن ل اله ال ا ، عملوا بمقتضاها و بذلوا الرواح و الموال، و بذلوا كلعزيز على النفس، و لم يبدلوا و لم يغيروا، و هذا من أظم الشادة بهؤلء رضوان ا عليهم.

، لم يغيروا دين ا و لم يبتدعوا فيه، و لم يرت��دوا عن��ه، و ل��م يخرج��وا عم��ا عاه��دوا فإنهم بقوا على العهدا عليه من الثبات على دينه، و الثبات على طاعته و طاعة نبيه (ص).

و جاءت أحاديث النبي (ص) صريحة في الشادة به��ذا الجي��ل الفري��د م��ن ن��وعه، حي��ث اخت��ارهم ا ع�ز وجل أصحابا لخير رسول.

روى الشيخان في صحيحيهما، من حديث عبد ا بن مسعود، عن النبي (ص) قال: ( خير الناس قرني ث��مالذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجىء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه و يمينه شهادته).

و القرن هنا المراد منه جيل الصحابة.

و في رواية للشيخين، قال ابراهيم النخعي: و كانوا يضربوننا عل��ى الش��هادة و العه��د و نح��ن ص��غار. عل��ىأل يشهدوا و ل يحلفوا ال على الحق.

و روى الشيخان أيضا، من حديث عمران بن حص��ين ق��ال: ق��ال الن��بي (ص): ( خيرك��م قرن��ي ث��م ال��ذين يل��ونهم ث��م ال��ذين يل��ونهم). ق��ال عم��ران: ل أدري أذك��ر الن��بي (ص) بع��د قرن��ه قرني��ن أو ثلث��ة. ق��ال الن��بي (ص): ( إن بع��دكم قوم��ا يخون��ون و ل يؤتمن��ون و يش��هدون و ل يستش��هدون و ين��ذرون و ل يوف��ون، و

يظهر فيهم السمن).

و عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي (ص): ( ل تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مث��ل أح��د ذهب��ا م��ابلغ مد أحدهم و ل نصيفه).

و روى مسلم، من جديث عائشة قالت: سأل رجل النبي (ص): أي الناس خير؟ قال: ( الق��رن ال��ذي أن��ا في��هثم الثاني ثم الثالث).

بما خيلرهم ا عز و جل على سائر الخلق ؟

7

Page 8: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

وا و اهتدوا و أحسنوا التب��اع. و كاب��دوا إنهم صفوة هذه المة و خيارها لنهم آمنوا فصدقوا ايمانهم، و أبرلو جاهدوا و سهروا و لم يرتدوا.

جاءهم الحق فعرفوه، فكانوا أفقه الناس قلوبا، و أزكاهم توحيدا ل تعالى.

كان همهم منذ البداية مرضاة ا و رسوله (ص)، فبذلوا كل ما في وسعهم لعلء كلمة التوحيد و نشرها.

لم يقولوا للن�بي (ص) كم�ا ق�ال أص�حاب موس��ى لموس��ى: إذه��ب أن��ت و رب�ك، إن�ا ه�ا هن�ا قاع�دون، و لك��نقالوا: لو خضت البحر لخضناه معك.

إنهم بهذا اليم��ان الراس��خ آث��روا الخ��رة عل��ى ال��دنيا، و اش��تاقت أرواه��م ال��ى لق��اء ا و الحني��ن ال��ى الجن��ة. فعملوا و اجتهدوا و ملؤوا دعوة الحق في الفات، حتى انتشرت الهداي��ة ف��ي الع��الم و دخ��ل الن��اس ف��ي دي��ن

ا أفواجا.

فعلى كل من أراد أن يلقى ا بقلب سليم أن يشتبه بهؤلء الرج�ال ف�ي أخلقه�م و أق��والهم و أفع�الهم و ش�دةمحبتهم و اتباعهم للنبي (ص) و شدة تمسكهم بهديه و سنته (ص).

فهم الذين صحبوا النبي (ص) و آمنوا به و صدقوه و نصروه.

و لقد جاء الختيار على أربعين صحابيا، حاولت أن أصيب من خللهم كل الطياف في اليم��ان و ال��ورعو الجهاد و السخاء و الجد و الوقار...

و هؤلء جزء ضئيل من كم الصحابة الذين فتحوا مكة، يوم الفتح، و كانوا إذ ذاك ما يقارب المائة ألف.

نسأل ا عز و جل أن يجعلنا من أتباع النبي (ص) على درب الصرح الول و أن يختم لنا كما خت��م له��م،آمين و الجمد ل رب العالمين.

8

Page 9: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الفــــــهـــــــــــــرس

مقدمة-

تمهيد-

الفهرس-

خبيب بن عدي " اللهم أحصهم عددا"-

جعفر بن أبي طالب " ذو الجناحين"-

أبو عبيدة بن الجراح " أمين المة"-

الزبير بن العوام " حواري رسول ا"-

معاذ بن جبل " عالم الحلل و الحرام"-

عبد ا بن مسعود " أول صادع بالقرآن"-

أبي بن كعب " سيد القراء"-

عمار بن ياسر " صبرا آل ياسر"-

عبادة بن الصامت " نقيب النصار"-

حذيفة بن اليمان " صاحب سر رسول ا (ص)"-

أبو الدرداء " حكيم النصار"-

أبو ذر الغفاري " الزاهد الصادق الوحيد"-

طلحة بن عبيد ا " فدائي رسول ا (ص)"-

سعد بن أبي وقاص " خال رسول ا (ص)"-

صهيب بن سنان " ربح البيع أبا يحي"-

9

Page 10: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

خباب بن الرت " المبتلى في جسده"-

بلل بن رباح " أحد أحد"-

عمرو بن الجموح " أريد أن أخطر بعرجتي في الجنة"-

مصعب بن عمير " أول سفير في السلم"-

عبد الرحمان بن عوف " الغني السخي المؤمن"-

عبد ا بن عمرو " القانت الواب"-

سعيد بن زيد " مجاب الدعوة"-

أبو موسى الشعري " المخلص الحكيم"-

سلمان الفارسي " الباحث عن الحقيقة"-

عبد ا بن رواحة " يا نفس إل تقتلي تموتي"-

عمران بن حصين " كأنه ملك"-

البراء بن مالك " عاشق الموت"-

زيد بن ثابت " جامع القرآن"-

سعد بن عبادة " صاحب راية النصار"-

عبد ا بن سلم " رجل من أهل الجنة"-

عثمان بن مظعون " العابد القانت"-

سعيد بن عامر " اشترى الخرة بالدنيا"-

أسيد بن حضير " الملئكة تحضر قرآنه"-

عبد ا بن عمر " الواب المنيب"-

زيد بن حارثة " حبل النبي (ص)"-

عباد بن بشر " عباد ذو النور"-

سالم مولى أبي جذيفة " نعم حامل القرآن"-

أبو هريرة الدوسي " صاجب حديث رسول ا (ص)-

10

Page 11: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

11

Page 12: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: خبيب بن عدي " اللهم احصهم عددا"-1

هو خبيب بن عديل بن مالك بن عامر بن مجدعة بن الوس النصاري الوسي.

ى بنو الحارث عن قاتل أبيهم، فعرفوا أنه خبيبا. شهد خبيب بدرا و كان مقاتل باسل. بعد المعركة، تحرل

ون له، فاختار عشرة من أصحابه أراد الرسول (ص) أن يستطلع أموال قريش بعد هزيمتهم و ما يعدلللمهمة، من بينهم خبيب، و أملر عليهم عاصم بن ثابت.

فانطلقت الجماعة حتى إذا بلغوا مكانا بين عسفان و مكة، فشى خبرهم الى حي من هذيل يقال لهم بنوحيان. فخرجوا إليهم بمئة رجل يتعقبون آثارهم.

فطاردوا الصحابة العشرة حتى ولوا إليهم. حاصروا موقعهم و دعوهم الى الستسلم على أن ل يمسهمسوء.

فلم يقبلوا دعوة المشركين الى الستسلم و عزموا على القتال.

فقتل ذالكم سبعة، منهم أميرهم عاصم، و استسلم الثلثة الباقون بعد أخذهم العهد و الميثاق، من بينهمخبيب.

و لكن عند القتراب منهم أحسوا منهم الغدر، فحاول أحد الثلثة الفلت منهم فقتلوه.

فما بقي ال خبيبا و صاحبه زيد بن الدثنة.

أخذهما الرماة الى مكة حيث باعوهما الى جماعة من المشركين.

عندها سمع الناس خب القبض على خبيب، فسارع إليه بنو الحارث حيث اشتروه و حبسوه.

و نافسهم في ذلك الكثير من بطون مكة بغية النتقام.

كان خبيب صابرا محتسبا في محبسه، يواسي نفسه بالذكر و الصلة و الدعاء.

إلى أن حدثت المعجزة التي رأتها بنت الحارث فروتها لهلها و قالت: رأيته يحمل قطفا كبيرا من عنب يأكل منه و إنه كان موثقا في الحديد و ما بمكة كلها ثمرة عنب واحدة. و قالت: ما أظنه إل رزقا رزقه ا

! خبيبا

إن هذا ليس عجبا في صحابي أهدى نفسه في سبيل ا. كم من صحابي تلقى كرامة من العزيز القدير.

12

Page 13: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

إنه وا رزق آتاه عبده الصالح الصابر.

و بدأ المشركون في تعذيب خبيبا نفسيا حيث أخبروه بمقتل رفيقه زيد بن الدثنة. فما كان له إل الصبر والحتساب.

و كما كان يفعل المشركون مع كل مؤمن ، يساومونه على أن يكفر بدينه مقابل اطلق سرحه، فيأبى.

و بعد أن باءت كل محاولتهم بالفشل، أخذوه ليقتلوه في مكان يدعى التنعيم، فاجتمع حوله كفار قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

فما كان له إل أن طلب منهم أن يصلي ركعتين ل. فأذنوا له.

صلى خبيب ركعتين علم أنهما الخيرتين و لكن خفلف فيهما ثم قال:

" و ا لول أن تحسبوا أن بي جزعا من الموت لزددت صلة"

ثم بدأ يدعو على المشركين قائل:

" اللهم أحصهم عددا، و اقتلهم بددا و ل تغادر منهم أحدا".

ثم بدأ ينشد: و لست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في ا مصرعي

و ذلك في ذات ا و إن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع

و كان خبيبا أول من صلب في تاريخ العرب.

و قبيل قتله سئل: أتحب أن محمدا مكانك و أنت سليم معافى في أهلك؟

أجابهم بكل اطمئنان:" و ا ما أحب أني في أهلي و ولدي،في عافية الدنيا و نعيمها، و يصاب رسول ابشوكة".

فانهالت عليه رماح المشركين و سيوفهم.

و قبل أن يتلفظ أنفاسه الخيرة دعا ا العظيم:

" اللهم إنا قد بللغنا رسالة رسولك فبللغه الغداة ما يصنع بنا".

و استجاب ا دعاءه.

13

Page 14: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: جعفر بن أبي طالب " ذو الجناحين"-2

روى البخاري في صحيحه، عن ال��براء ب��ن ع��ازب ق��ال: ق��ال رس��ول ا (ص) لجعف��ر: ( أش��بعت خلق��ي ولقي ). خل

لقد أسلم جعف��ر ب��ن أب��ي ط��الب م��ع الوائل و ه��و اب��ن ع��م الن��بي (ص) و أس��لمت مع��ه زوجت��ه أس��ماء بن��تعميس.

و قد لقيا من المشركين أشد العذاب و التنكيل في بداية الدعوة.

و لما دعى النبي (ص) المستضعفين ، بعد أن لقوا الذى و الضطهاد، للهجرة الى الحبشة، كان جعفر وزوجته من بين الذين هاجروا. و مكثوا بها سنين طوال، حيث رزقا بثلثة أولد، محمد و عبدا و عوف.

و كان جعفر هو الناطق باسم الجماعة المهاجرة، بسبب نباهة عقله و طلقة لسانه.

إن هذا لم يعجب رؤوس قريش في أن المسلمين الجدد "يتنعمون" بالسلم عند النجاشي ملك الحبش��ة، خش��واأن تقوى شوكتهم و يكون لهم أثر في الدعوة.

فقرر كفار قريش أن يرسلوا إليهم مبعوثين؛ دورهم إقناع النجاشي بإرجاع هؤلء المه��اجرين ال��ى مك��ة. و كان المبعوثان: عمارة بن الوليد و عم��رو ب��ن الع��اص، و كان��ا إذ ذاك ك��افرين. إختارتهم��ا قري��ش لفص��احة

لسانهما و قوة جدالهما و كذا قربهما من صحبة النجاشي.

و كان النجاشي ملكا مسيحيا عادل، معروفة سيرته بين العرب.

و لهذا أرسل النبي (ص) أصحابه إليه و قال لهم: ( اذهبوا الى الحبشة فإن بها ملكا ل يظلم عنده أحد).

ا يشتهيه النجاشي و بطارقته. فحمل المبعوثان هدايا ثمينة من مكة و ممل

ثم أتى يوم المناظرة و تقابل المسلمون الولون و المبعوثين أمام النجاشي.

نا نزلوا أرضك، و رغبوا عنا و عن مللتنا. فقال المعوثان: إن نفرا من بني عمل

قال جعفر لقومه:" أنا خطيبكم اليوم". فاتبعوه، فسللم و لم يسجد.

فقالوا: ما لك ل تسجد للملك ؟ قال: " إنا ل نسجد إل ل عز و جل. قال: و ما ذاك ؟

14

Page 15: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

قال:" إن ا بعث إلينا رسول ثم أمرنا أن ل نسجد لحد إل ا، و أمرنا بالصلة و الزكاة ".

قال عمرو: فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم. قال: فما تقولون في عيسى بن مريم و أمه ؟

قال:" نقول كما قال ا؛ هو كلمة ا و روحه ألقاها إلى العذراء البتول، التي لم يمسها بشر و ل��م يفرض��ها ولد". قال: فرفع عودا من الرض ثم قال: يا معشر الحبشة و القسيسين و الرهبان، و ا ما يزي��دون عل��ى الذي نقول فيه ما يسوى هذا، مرحبا بكم و بمن جئتم من عنده، أش��هد أن��ه رس��ول ا، و أن��ه ال��ذي نج��د ف��ي النجيل و أنه الرسول الذي بشر به عيسى ب��ن مري��م، انزل��وا حي��ث ش��ئتم، و ا ل��ول م��ا أن��ا في��ه م��ن المل��ك

ت إليهم. لتيته حتى أكون أنا أحمل نعليه و أمر بهدايا الخرين فردل

و كان نصر من ا حقا، فقد أعطى الملك العهد على أل يسلمهم و يمسهم أحد بسوء.

فع�اش بع�د ذل�ك المس��لمون ف�ي الحبش�ة حي�ث ك��انوا ي��رددون: بخي�ر دار م�ع خي�ر ج�ار، ح�تى ي�أذن ا له�مبالعودة الى الرسول (ص).

و شاءت القدار أن يرجع جعفر و من معه الى النبي (ص) و هو يفتح خيبر.

فسرل النبي (ص) بقدوم ابن عمه جعفر و من معه. و قد حدثوا بموقعتي بدر و أحد و غيرهما م��ن المش��اهد التي خاضها الرسول (ص) و أصحابه. فتحرك فؤاد جعفر بالض��فر بالش��هادة ف��ي غ��زوة م��ن الغ��زوات ف��ي

سبيل ا.

و جاءت غزوة مؤتة، و كانت عقيدته في ذلك إما النصر لدين ا أو الشهادة.

كانت سرية غزوة مؤتة سرية زيد بن حارثة في نحو من ثلثة ألف مقاتل الى أرض البلقاء في الشام.

و قال النبي (ص): ( زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب فإن قتل جعفر فعب��د ابن رواحة، فإن قتل عبد ا بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجل فليجعلوه عليهم).

و كانت تلك الغزوة ليست كمثيلتها. فكانت ضد جيوش امبراطورية عريضة بالعد و الع��دد. و ك��ان ال��رومفي تلك الملحمة في مائتي ألف جندي.

التقى الناس فاقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول ا (ص) حتى قتل ث��م أخ��ذها جعف��ر ب��ن أب��ي ط��الب فقاتل بها حتى قتل. ثم أخذها عبد ا بن رواحة فقاتل بها حتى قتل. فأخذها سيف من سيوف ا: خال��د ب��ن

الوليد.

و كان آخر ما قال جعفر و هو يقاتل:

يا حبذا الجنة و اقترابها طيبة و باردا شرابها

و الروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها

عليل إن لقيتها ضرابها

15

Page 16: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

جاء عند ابن هاشم أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت فاحتض��نه بعض��ديه ح��تى قت��لو هو ابن ثلث و ثلثين. فأثابه ا بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء.

روى البخاري في صحيحه، أن رس��ول ا (ص) نع��ى زي��دا و جعف��را و اب��ن رواح��ة للن��اس قب��ل أن ي��أتيهم خبرهم، فقال: ( أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، حتى أخ��ذ

الراي سيف من سيوف ا حتى فتح ا عليهم).

و قال رسول ا (ص) أيضا: ( مرل عليل جعفر في الملئكة يطير كما يطيرون له جناحان).

و لكن المساكين حزنوا عليه كثيرا، إذ كان هو من يعولهم، رضي ا عنه، و لقلب ب "أبو المساكين".

يقول عنه أبو هريرة:" كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب".

و يقول فيه عبد ا بن عمر: "كنت مع جعفر في غزوة مؤتة، فالتمسناه فوج��دناه و ب��ه بض��ع و تس��عون م��ابين طعنة و رمية".

و لكن روحه الطاهرة أبت إل أن تلتحق بربها العلى و تطير بجناحين مع الملئكة في الجنة.

16

Page 17: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: أبو عبيدة عامر بن الجراح "أمين هذه المة"-3

إنه عامر بن عبد ا بن الجراح الفهري القرشي المكنى بأبي عبيدة.

كان أبو عبيدة من السابقين الولين الى السلم، فقد أسلم على يدي أبي بكر الصديق.

لقد كان من بين الثلة الولى التي آمنت ببعثة النبي (ص) و أقاموا الدين منذ الوهلة الولى، هو و أب��و بك��رو عبد الرحمان بن عوف و عثمان بن مظعون و الرقم بن أبي الرقم.

و عانى أبو عبيدة و رفاقه أشد تجربة في مكة من اضطهاد و تعذيب و قهر و تهجير.

فكان ثابتا و شامخا ل يزيغ عن الحق الذي صدع في قلبه.

و لكن أكبر محنة عاشها أبو عبيدة، محنة غزوة بدر.

ففيها، كان يقات��ل بك��ل ض��راوة بي��ن الص��فوف، و لك��ن ثمل��ت رج�ل جع��ل يبح��ث عن��ه ليلقي��ه و يقتل��ه و ه��و،رضي ا عنه، يتحاشاه و يتنحى عنه كل ما رآه.

إنه أباه عبد ا بن الجراح.

و كان أبوه كافرا يقاتل في صف مشركي قريش. فثقل على أبي عبيدة قتل أبيه.

فلما أكثر ملحقته في كل مكان، ما كان على أبي عبيدة إل أن ضربه ض��ربة فلق��ه به��ا. في�ا له�ا م��ن تجرب��ةأليمة... من يجرؤ على قتل أبيه ؟

و لكن لم يترك له الخيار...

و في هذا نزل قرآن يتلى: " ل تجد قوما يؤمن��ون ب�ال و الي��وم الخ��ر ي��وادون م��ن ح�اد ا و رس��وله و ل�وكانوا أبائهم أو أبنائهم... المفلحون".

إنه و منذ الوهلة الولى، و منذ مب��ايعته لرس��ول ا (ص) ل��م يص��رف قلب��ه و وج�دانه إل للح��ق، فق��د أح��سأنها أمانة أودعها ا فيه و واجب عليه الوفاء بها.

فلم يولي دبره أبدا إذا كان المر يخص إعلء كلمة الحق و التوحيد.

لقد كان أبو عبيدة أمينا في كل أفعاله و حركاته و أقواله، ل يحيد أبدا.

ففي غزوة أحد، كان من القلئل الذين بقوا حول النبي (ص) حينما استدارت المعركة على المسلمين و ف��رلالناس.

17

Page 18: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و علم أن المشركين ما يريدون إل قتل النبي (ص). فظل حوله يدافع عنه بكل ما يملك من إيمان و قوة.

فكان تارة يضرب بسيفه و تارة يرجع دفاعا عن النبي (ص). و من شدة الهول ما ك��ان إل أن ج��رح الن��بي ف��رآى حلق��تين (ص) فثار أبو عبيدة يقول:" كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم و هو يدعوهم الى ربهم ؟".

من حلق المغفر الذي يضعه الرسول (ص) فوق رأسه قد دخلت��ا ف��ي وجن��تي الن��بي (ص)، فل��م يص��بر عل��ى ذل��ك و راح يقب��ض بثناي��اه عل��ى حلق��ة منهم��ا ح��تى نزعه��ا م��ن وجن��ة الن��بي (ص) فس��قطت ثنيت��ه ، ث��م ن��زع

الحلقة الخرى فسقطت ثنيته الخرى.

و ما هي شهادة أبي بكر الصديق في ذلك الموقف إل زيادة توثيق أمانة الرجل، فقال فيه: لما كان يوم أحد و رمي النبي (ص) حتى دخلت في وجنتيه حلقتان من المغف�ر، أقبل�ت أس�عى إل��ى الن��بي (ص) و إنس�ان ق�د أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى إذا توافين��ا إل��ى الن��بي (ص) إذا ه��و أب��و عبيدة بن الجراح قد سبقني، فقال: " أسألك بال يا أبا بكرأن تتركني فأنزعه��ا م��ن وج��ه رس��ول ا (ص)". فتركته، فأخذ أبو عبيدة بثنيته اجدى حلقتي المغفر، فنزعها و س��قط عل��ى الرض و س��قطت ثنيت��ه مع��ه. ث��م

أحذ الحلقة الخرى بثنيته الخرى فسقطت... فكان أبو عبيدة في الناس أثرم.

و لم يكن أبو عبيدة أمينا فحسب، بل كان يجمع القوة و المانة و قد ظهر ذلك في أكثر من موطن.

ده�م جراب�ا بعث النبي (ص) يوما جماعة من أصحابه ليتلقلوا عي��را لقري��ش، و أمل��ر عليه��م أب�ا عبي��دة، و زول من تمر، لم يجد لهم غيره، فكان أبو عبيدة يعطي الرج�ل ك�ل ي�وم تم�رة، فيمص��ها الواح��د منه�م كم�ا يم�ص الصبي ضرع أمع، ثم يش��رب عليه�ا م�اء، فك�انت تكفي��ه ي�ومه إل��ى اللي��ل. لق��د مض��وا ل يب��الون بج�وع و ل

بحرمان، و ل يعنيهم إل أن ينجزوا مع أميرهم القوي المين المهمة التي أسندها رسول ا (ص) إليهم.

و قد شهد أبو عبيدة مع رسول ا (ص) كل الغزوات إلى أن توفاه ا.

و يوم جاءه وفد نجران من اليمن مسلمين، و طلبوا منه أن يبعث معهم من يعلمهم الدين قال لهم رسول ا(ص): ( لبعثن معكم رجل أمينا، حق أمين، حق أمين).

سمع الصحابة هذا الثناء من رسول ا (ص) فتمنلى كل واحد منهم أن يكون هو.

يقول عمر بن الخطاب: م��ا أحبب��ت الم��ارة ق�ط، حبل��ي إياه��ا ي��ومئذ، رج��اء أن أك��ون ص��احبها، فرح��ت إل��ىرا، فلما صلى بنا رسول ا (ص) سللم، ثم نظر ع��ن يمين��ه و يس��اره، فجعل��ت أتط��اول ليران��ي. الظهر مهجل فلم يزل ببصره حتى رآى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه، فقال: ( أخرج معهم يا أبا عبيدة). فقلت: أبس��ط ي��دك

لبايعك فإني سمعت رسول ا (ص) يقول: ( إن لكل أمة أمينا، و أنت أمين هذه المة).

ثم بويع بعد ذلك لبي بكر الصديق، فكان أبو عبيدة خير نصيح له في الحق، و أكرم معوان له في الخير.

و عندما كان خالد بن الوليد يقود جيوش السلم في إجدى المعارك الكبرى و استهل أمي��ر الم��ؤمنين عم��رعهده بتولية أبي عبيدة مكان خالد.

ا وصله كتاب أمير المؤمنين، كتمه حتى أتمل القائد خالد فتحه العظيم. فلمل

18

Page 19: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

بعدها، تقدم أبو عبيدة إلى خالد بكل وقار و تواضع بكتاب أمير المؤمنين.

فقال خالد: يرحمك ا يا أبا عبيدة، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟

فأجابه أبو عبيدة: " إني كرهت أن أكسر عليك حربك، و ما سلطان ال��دنيا نري��د و ل لل��دنيا نعم��ل، كلن�ا ف�يا إخوة".

و صار أبو عبيدة بهذا أمير أمراء الجيوش بالشام و يصير أكثر جيوش الس��لم ط��ول و عرض��ا، عت��ادا وعددا.

فلما وقع الطاعون بالشام، ما كان على أبي عبيدة إل أن يبقى مع جنده وفيلا أمينا فأصيب هو كذلك.

فلما حضره الموت أوصى جنده فقال: " إني موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير: أقيموا الص��لة، و صوموا شهر رمضان، و تصدقوا و حجوا و اعتمروا و تواصوا ، و انصحوا لمرائكم و ل تغشل��وهم و ل تلهكم الدنيا، فإن المرء لو عملر ألف حول ما كان له بدل من أن يص��ير إل��ى مص��رعي ه��ذا ال��ذي ت��رون". ثم التفت إلى معاذ بن جبل و قال: " يا معاذ، صل بالناس". ثم ما لبث أن فاضت روحه الطاهرة فقام مع��اذ و قال: أيها الناس، إنكم قد فجعتم برجل و ا ما أعلم أني رأيت رجل أبر صدرا و ل أبعد عائلة و ل أشد

حبا للعاقبة و ل أنصح للعامة منه، فترحموا عليه يرحمكم ا.

19

Page 20: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: الزبير بن العوام "حواري رسول ا (ص)"-4

هو الزبير بن العوام من بني قصي، و أمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي (ص).

فيكون ابن عمة رسول ا (ص).

كان زوج أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين.

كان إسلم الزبير مبكرا جدا، إذ يحسب الرابع أو الخامس و هو ابن ستة عشرة سنة.

و لم يتخلف عن غزوة غزاها رسول ا (ص).

كان الزبير مقاتل و فارسا منذ الصغر، و روي أن أول سيف شهر في السلم كان سيف الزبير.

و بالرغم من شرف الزبير في مكة، إل أنه ذاق مختلف الضطهاد و التعذيب من كفار قريش.

ه كان يأخذه و يلفله بالحصير و يعللقه من قدميه ثم يشعل النار م��ن ح��وله ح��تى يك��اد يختن��ق م��ن حتى إن عملشدة الدخان ثم يصرخ: ارجع الى الكفر أدرأ عنك العذاب.

فيقول الزبير:" و ا ل أكفر أبدا".

ثم هاجر الزبير رضي ا عنه الهجرتين إلى الحبشة ثم يعود ليشهد معارك رسول ا (ص) ضد الكفار.

شهد الزبير بدرا و أحدا و ثبت مع رسول ا (ص) و بايعه على الموت، و كانت مع الزبير احدى راي��اتالمهاجرين الثلث في غزوة الفتح.

ج��اء ف��ي س��ير النبلء، ع��ن ج��ابر ق��ال: ق��ال رس��ول ا (ص): ( م��ن ي��أتيني بخ��بر الق��وم ؟)، ي��وم غ��زوة الحزاب، فقال الزبير: "أنا". فقال: ( من يأتيني بخبر القوم ؟). فقال الزبير:"أنا". فقال: (م��ن ي��أتيني بخ��بر

القوم ؟). فقال الزبير: "أنا". فقال النبي (ص): ( إن لكل نبي حواريا و إن حواري الزبير).

عا بالس��يوف و و قال أحد أصحابه: صحبت الزبير بن العوام في بعض أسفاره و رأيت جسده، فرأيته مج��دل إن في صدره لمثال العيون الغائرة من الطعن و الرمي. فقلت له: و ا لقد شهدت بجسمك ما لم أره بأحد

قط. فقال لي:"أما و ا ما منها جراحة إل مع رسول ا (ص) و في سبيل ا".

بعد غزوة أح��د، و لم��ا ولل��ى جي��ش المش��ركين راجع��ا إل��ى مك��ة، انت��دب رس��ول ا (ص) س��رية م��ن س��بعين رجل على رأسهم الزبير و أبا بكر الص��ديق ليظه��روا للمش�ركين أن به�م ق�وة ح�تى أن المش��ركين ظن��وا أن

ون جيشا ورائهم ليقاتلوهم، فأسرعوا في الرجوع إلى مكة. المسلمين يعدل

20

Page 21: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و في غزوة اليرموك، و بعد أن تراجع المسلمون من المعركة، كان الزبير يع��اود الهج��وم وح��ده و يخ��ترق الصفوف و يشهر سيفه يمينا و يسارا مرددا "ا أكبر" و كأنه يريد الشهادة. فما كان ذلك إل أن تش��جع ب��ه

أصحابه و عاود الكرة وراءه و كان النصر حليفهم.

و كان رضي ا عنه شديد الولع بالشهادة في سبيل ا حتى إنه كان يسملي أولده على أسماء الشهداء م��نأصحابه:" إني لسمي بنيل بأسماء الشهداء لعللهم يستشهدون".

فسمى عبد ا، و المنذر و عروة و حمزة و جعفر و مصعب و خالد، و كلهم أسماء صحابة استشهدوا فيغزوات الرسول.

إن الزبير لم يتولل أي منصب في إمارة أو جباية أو خراج�ا، و لك��ن ك��ان دوم��ا مق��اتل ف��ي الجي��وش لعلءكلمة التوحيد.

فإنه كان إذا التحم جيشان تراه جيشا لوحده من شدة حبله للشهادة.

و في خلفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أعطي الم��ر لعم��رو ب��ن الع��اص للت��وجه نح��و مص��ر بجيش�ه لفتحها، و لكن عمرو، عند وصوله إلى أراضي المعارك أدرك أن ل بدل من مدد. فبعث إلى أمير الم��ؤمنين

أن يمده بأربعة آلف رجل.

فما كان لمير المؤمنين عمر إل أن يرس�ل إلي��ه أربع��ة رج��ال فق�ط و ه��م : الزبي��ر ب��ن الع��وام و المق��داد ب��ن عمرو و عبادة بن الصامت و مسلمة بن مخلد و قال: أرسل إليك أربعة رجال الواحد منه��م ب��ألف رج��ل، و

كان حق حيث تمل الفتح بهم.

كان هؤلء الربعة و على رأسهم الزبير إذا كبلروا ا أدخلوا في نفوس أعدائهم الرعب و اله��وان. ف��تيقلنواأن ليس لهم سبيل أمام هؤلء الذين يحبلون الموت أكثر من الحياة. فعلموا أنه يستحيل هزمهم.

ور ح�تى إن��ه ت�رك ديون�ا و مع هذا كله ك�ان الزبي�ر ت��اجرا س�خيا، إذ ك�ان يمل��ك الك��ثير م�ن الراض��ي و ال��دلطائلة بعد مماته.

كان ل يبقي درهما و ل دينار عنده. فكان ينفق كل ما يأتيه في سبيل ا.

و! و لما رأى أصحابه أمانته كانوا يودع��ون أم��والهم عن��ده و لك��ن ك��ان يق��ول اجعلوه��ا س��لفا أي دي��ن عل��يللهذا مات مدانا.

و كان يقول و يوصي ابنه عبد ا : "لذا أعجزك دين فاستعن بمولي".

و سأله عبد ا: أي مولى تعني ؟

فإجابه: " ا، نعم المولى و نعم النصير".

يقول علد ا فيما بعد: فوا ما وقعت في كربة من دينه إل قلت: يا مولى الزبير اقض دينه، فيقضيه.

21

Page 22: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

د النبي (ص) ق��اتله بالن��ار. و و لكنه، في النهاية قتل غدرا من خارجي يدعى عمرو بن جرموز، و قد توعلكان ذلك في موقعة "الجمل" المؤلمة.

و تقابل فيها الخوان لمحاولة إطفاء الفتنة و لكن فتول الفتنة ما كان لهم إل القتل و الغدر.

: بشل��ر و ذهب القاتل إلى عليل يظنل أنه يحمل إليه بشرى حين يسمعه بنبأ عدوانه على الزبير، فص��اح عل��يلقاتل ابن صفية بالنار.

و عندما أدخل��وا علي��ه س�يف الزبي��ر، قبلل��ه عل��يل و أمع��ن ف�ي البك�اء و ه��و يق��ول: س��يف طالم��ا و ا جل ب��هصاحبه الكرب عن رسول ا (ص).

22

Page 23: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: معذ بن جبل "عالم الحلل و الحرام"-5

هو معاذ بن جبل بن عدي النصاري الخزرجي. كان يكنى بأبي عبد الرحم��ان، و ه��و أح��د الس��بعين ال��ذين شهدوا بيعة العقبة من النصار و آخى رس�ول ا (ص) بين��ه و بي�ن عب��د ا ب��ن مس�عود و ك�ان عم�ره لم�ا

أسلم ثماني عشرة سنة.

و بهذا، فقد أصبح مع الولين السابقين للسلم.

كان، رضي ا عنه، شابا جميل سمحا م��ن خي��ر ش��باب ق��ومه، و ق��ال الواق��دي، ك��ان م��ن أجم��ل الرج��ال وشهد المشاهد كلها.

و روى عن النبي (ص) أحاديث كثيرة.

ج��اء عن��د أحم��د، ع��ن عب��د ا ب��ن عم��رو ق��ال: ق��ال رس��ول ا (ص): ( خ��ذوا الق��رآن م��ن أربع��ة: م��ن اب��نمسعود، و أبي بن كعب، و معاذ بن جبل و سالم مولى أبي حذيفة).

كان شديد استنارة العقل و الذكاء و القرب من رسول ا (ص).

و روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رس��ول ا (ص): ( أرح��م أم��تي ب�أمتي أب��و بك��ر) و ق��ال: ( وأعلمهم بالحلل و الحرام معاذ بن جبل).

يكفيه أنه كان، و في حياة النبي (ص) فقيها لصحابه.

و لم��ا بعث��ه رس��ول ا (ص) إل��ى اليم��ن س��أله: ( ب��م تق��ض ي��ا مع��اذ ؟). ق��ال: " بكت��اب ا". ق��ال: ( ف�إن ل��متجد ؟). قال: " أقضي بسنة رسوله. قال: ( فإن لم تجد ؟). قال: "أجتهد رأيي و ل آلوا".

فتهلل وجه النبي (ص) و قال: ( الحمد ل الذي وفلق رسول رسول ا لما يرضى رسول ا).

أنظر كيف رتب الولويات. فهي كما صنفها العلماء تماما.

و تحكيم عقله في أبصر حكمه جعله ينفرد على أقرانه بالفقه الواسع و الرشيد.

ه أنس بن مالك رضي ا عنه فيمن جمع القرآن على عهد رسول ا (ص) و هو في الصحيح. و عدل

و قال فيه نعيم في الحلية: كان إمام الفقهاء و كنز العلماء، شهد العقبة و بدرا و المشاهد ب�الرغم م��ن جداث�ةسنه، و كان من أفضل شباب النصار حلما و حياءا و سخاءا و كان جميل وسيما.

23

Page 24: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و جاء عند أحمد، عن أنس بن مالك أنه ق��ال: أت��اني مع��اذ ب��ن جب��ل م��ن عن��د رس��ول ال��ه (ص) فق��ال: " م��ن ش��هد أن ل إل��ه إل ا مخلص��ا به��ا قلب��ه دخ��ل الجن��ة". ف��ذهبت إل��ى رس��ول ا (ص) فقل��ت: ي��ا رس��ول ا،

حدثني معاذ أنك قلت، و ساق الحديث، قال: ( صدق معاذ، صدق معاذ، صدق معاذ).

و روي أن ال��ذين ك��انوا يفت��ون ف��ي الن��اس عل��ى عه��د رس��ول ا (ص) م��ن المه��اجرين: عم��ر، و عثم��ان و، و ثلثة من النصار: أبي بن كعب و معاذ بن جبل و زيد بن ثابت. عليل

و هذا كان ل بد أن يحدث في معاذ حيث كان في كل أس�فار الن��بي (ص) يلص��ق ن�اقته بناق�ة الن�بي (ص) و ينتظر بصبر و ش��وق ك�ل م�ا يح��دثه الن��بي (ص) ح��تى أن م��رة، ف��ي اح��دى أس��فاره و بع�د أن ص��لى الن��اس الصبح ثم ركبوا و نعسوا، حتى أن ناقة معاذ نخعت ناقة النبي (ص)، فرفع النبي (ص) رأسه و قال: ( ي��ا معاذ، هل تدري ما حق ا على عباده و ما حق العباد على ا ؟)، قلت: "ا و رسوله أعلم". ق�ال: ( ف�إن حق ا على العباد أن يعب��دوه و ل يش��ركوا ب�ه ش�يئا، و ح�ق العب��اد عل��ى ا أن ل يع��ذب م��ن ل يش��رك ب��ه شيئا). قال معاذ:"يا رسول ا أفل أبشر الناس ؟" قال: ( ل تبشلرهم فيتكلوا). فلم يرو معاذ هذا الحديث إل

عند مماته. حديث رواه الشيخان.

ق��ال ع��ائذ ب��ن عب��د اا أن��ه دخ��ل المس��جد يوم��ا م��ع أص��حاب رس��ول ا (ص) ف��ي أول خلف��ة عم��ر، ق��ال: فجلست مجلسا في��ه بض��ع و ثلث��ون، كله��م ي��ذكرون ح��ديثا ع��ن رس��ول ال��ه (ص) و ف��ي الحلق��ة ش��اب ش��ديدوه إلي��ه فأفت�اهم، و ل ا، ف�إذا اش��تبه عليه��م م��ن الح��ديث ش��يء ردل الدمة، حلو المنط��ق و ه��و أش��ب الق��وم س�نل يحدثهم إل حين يسألونه، و لما قضي مجلسهم دنوت منه و سألته، من أنت يا عبد ا ؟ قال: "أن��ا مع��اذ ب��ن

جبل".

و لقد كان عمر بن الخطاب يستشيره كثيرا في حديث و فقه و يقول: لول معاذ بن جبل لهلك عمر.

ثم هاجر معاذ إلى الشام و عاش فيها معلما و فقيها.

فعند وف��اة أب��ي عبي��دة ب��ن الج��راح ال��ذي ك��ان ص��ديقه المق��رب، اس��تخلفه عم��ر عل��ى الش��ام لم��ا رأى في��ه م��نالتقوى و الورع و العلم و الفطنة.

و لكن لم يمض فيها طويل حتى جاءه الموت.

فلما حضره الموت، قال:" أنظروا أأص�بحنا ؟ " فقي�ل: ل�م نص��بح. ح�تى أت�ي فقي��ل: أص��بحنا. فق�ال: " أع�وذ الله��م تعل��م أن��ي كن��ت! مرحبا بالموت، مرحبا زائر حبيب ج��اء عل��ى ف��اقه! بال من ليلة صباحها الى النار

أخافك، و أنا اليوم أرجوك، إني ل��م أك��ن أح��ب ال��دنيا و ط��ول البق��اء فيه��ا، و لك��ن لظم��أ اله��واجر، و مكاب��دةالساعات و مزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر".

و قال الحسن: لما حضر معاذا الموت جعل يبكي، فقيل له: أتبكي و أنت ص��احب رس��ول ا (ص) و أن��ت و أنت ؟ فقال: " ما أبكي جزعا من الموت، إن حل بي، و ل دنيا تركتها بعدي، و لكن إنما هي القبضتان،

فل أدري من أي القبضتين أنا".

24

Page 25: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و كان عمر بن الخطاب يقول: لو استخلفت معاذ بن جبل، فسألني ربي لما استخلفته ؟ لقلت : سمعت نبي��ك(ص) يقول: ( إن العلماء إذا حضروا ربهم عز و جل كان معاذ بين أيديهم).

قال رسول ا (ص) يوم��ا: ( ي�ا مع�اذ، و ا لحب�ك، فل تن��س أن تق�ول ف�ي عق�ب ك�ل ص��لة، الله��م أعن��يعلى ذكرك و شكرك و حسن عبادتك).

و أجاد صاحبه ابن مسعود قائل: إن معاذا كان أمة، قانتا ل حنيفا، و لقد كنلا نشبله معاذا بإبراهيم (ص).

! و جاءه رجل يوما يسأله قائل: عللمني

فق��ال مع��اذ: "ص��م و أفط��ر، و ص��ل و ن��م، ز اكتس��ب و ل ت��أثم، و ل تم��وتن إل مس��لما و إي��اك و دع��وةالمظلوم".

25

Page 26: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: سعد بن معاذ "اهتز له عرش الرحمان"-6

ر سعد بن معاذ طويل في السلم و لكن في تلك الفترة القصيرة كان له ش��أن عظي��م، إذ أس��لم و ه��و لم يعملفي الحادي و الثلثين من عمره و استشهد في السابع و الثلثين.

لقد أسلم سعد على يد مصعب بن عمير، أول سفير في الس��لم، ال��ذي بعث��ه الن��بي (ص) إل��ى المدين��ة ليعلل��مالناس الدين.

عندما أسلم سعد، قال لقبيلته: "كلم رجالكم و نسائكم عليل حرام حتى تسلموا".

فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في السلم.

و شهد بدرا و أحدا و الخندق.

لما كان وقت الخروج إلى بدر، جمع رسول ا (ص) المهاجرين و النصار ليشلورهم في المر، فقال: (أشيروا عليل أيها الناس). فقام إليه سعد بن معاذ قائل:

" لق�د آمن�ا ب�ك و ص��دقناك، و ش�هدنا أن م�ا جئت ب�ه ه�و الح��ق، و أعطين�اك عل��ى ذل��ك عهودن�ا و مواثيقن��ا. فامض يا رسول ا لما أردت فنح�ن مع��ك. و وال��ذي بعث��ك ب�الحق، ل��و استعرض��ت بن�ا ه�ذا البح��ر فخض�ته

لخضناه معك، ما تخللف منا رجل واحد، و لعل ا يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة ا".

أهلل��ت كلم��ات س��عد كالبش��رى و ت��ألق وج��ه رس��ول ا (ص) رض��ا فق��ال: ( س��يروا و أبش��روا، ف��إن ا ق��دوعدني احدى الطائفتين، و ا كأني أنظر إلى مصارع القوم).

و في غزوة أحد، و لما دارت الدائرة على المسلمين ثب��ت س��عد ب��ن مع��اذ م��ع الن��بي (ص) م��دافعا عن��ه بك��لثبات و بسالة إلى أن انتهت المعركة.

و جاءت غزوة الخندق، و فيها ظهر المنافقون على وجوههم الحقيقية و كان سعد لهم بالمرصاد.

فاتفق يهود المدينة مع كفار قريش على الطاحة بالمسلمين و على رأسهم رسول ا (ص).

و يغل��ق ال��دائرة يه��ود بن��ي قريض��ة م��ن داخ��ل– حلف��ائهم –ك��انت الخط��ة أن تهج��م قري��ش و قبيل��ة غطف��ان المدينة.

26

Page 27: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

غ ليهود الغدر من الداخل. فلهذا أمر بحفر الخندق ليحوط حول المدينة و يتفرل

– زعي��م يه�ود بن�ي قريض�ة –فأرسل رسول ا (ص) سعد بن معاذ و س�عد ب�ن عب�ادة إل��ى كع�ب ب�ن أس��د ليتبيلن حقيقة موقف هؤلء من الحرب، و كان بين رسول ا (ص) و هؤلء عهد و ميثاق.

! فما كان لهم إل أن نقضوا العهد و قالوا: ليس بيننا و بين محمد عهد و ل عقد

من جهة أخرى بدأ رسول ا (ص) في مفاوضات مع قبيل��ة غطف��ان ليكس��ر ش��وكة قري��ش و وع��دهم بثل��ثثمار المدينة على أن ينفضوا أيديهم من هذه الحرب.

فرضي قادة غطفان و انسحبوا.

ثم بقي رأي سعد بن معاذ و سعد بن عبادة، إذ هما أصحاب رأي المدينة.

فما كان لسعد بن معاذ إل أن قال لرسول ا (ص):

" ي��ا رس��ول ا، ق��د كن��ا نح��ن و ه��ؤلء عل��ى الش��رك و عب��ادة الوث��ان ل نعب��د ا و ل نعرف��ه، و ه��م ل يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة إل كرما أو بيعا. أفحين أكرمنا ا بالس��لم، و ه��دانا ا، و أعزن��ا ب��ك و ب��ه، نعطيه��م أموالن��ا ؟ و ا م��ا لن��ا به��ذا م��ن حاج��ة. و وا ل نعطيه��م إل الس��يف ح��تى يحك��م ا بينن��ا و

بينهم".

و كان حصار المشركين للمدينة شديد و طويل حتى أرهق أهلها.

و في احدى طلعات المراقبة تلقى سعد سهما في ذراعه قذفه به أحد المشركين.

ر الدم من وريده. فأمر رس��ول ا (ص) أن يحم��ل إل��ى المس��جد و أن تنص��ب ل��ه خيم��ة يس��عف فيه��ا. و تفجل فقال سعد: "اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه ل قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، و كذبوه و أخرجوه. و إن كنت ق��د وض��عت الح��رب بينن��ا و بينه��م، فاجع��ل م��ا أص��ابني الي��وم

طريقا للشهادة، و ل تمتني حتى تقر عيني من بني قريضة".

و بعد ما طال الحصار و أرهق الناس، ارتحل جيش المشركين إلى مكة...

فما بقي إل أمر بني قريضة داخل المدينة.

فأمر رسول ا (ص) بالسير إليهم و حاص��روهم م��دة طويل��ة إل��ى أن قبل��وا المفاوض��ة و الستس��لم و ك��انرجاؤهم في ذلك أن يحكم فيهم سعد بن معاذ.

ض جريجا. فقال له رسول ا (ص): ( يا سعد احكم في بني قريضة). فجيء بسعد و هو ل يزال يمرل

فقال سعد: "إني أرى أن يقتل رجالهم، و تسبى ذراريهم و تقسم أموالهم".

و هكذا لم يمت سعد حتى قضى في غدر و خيانة بني قريضة.

27

Page 28: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و لكن جرح سعد كان يتفاقم يوما بعد يوم.

فجاءه رسول ا (ص) يعوده و أبو بكر و عمر.

فاحتضنه رسول ا (ص) و جعلت الدماء تسيل على رسول ا (ص). عندها لفظ أنفاسه الخيرة شهيدا.

روي أن جبريل عليه السلم نزل إلى النبي (ص) معتجرا بعمام�ة م�ن اس��تبرق فق��ال: ي�ا ن��بي ا، م��ن ه�ذاالذي فتحت له أبواب السماء و اهتزل له العرش ؟

كان هو سعد بن معاذ.

فعن جابر بن عبد ا قال: سمعت رسول ا (ص) يقول: ( اهتز عرش الرحمان لموت سعد بن معاذ).

و عن البراء قال: أهدي لرس��ول ا (ص) ث��وب حري��ر، فجعل��وا يعجب��ون م��ن لين��ه فق��ال رس��ول ا (ص):( أتعجبون من هذا ؟ لمناديل سعد في الجنة أحسن من هذا).

و عن أنس بن مالك قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته، و ذلك لحكمه فيبني قريضة، فبلغ ذلك النبي (ص) فقال: ( إن الملئكة كانت تحمله).

و قال سعد بن أبي وقاص عن النبي (ص) أنه قال: ( لقد نزل من الملئكة في جنازة سعد بن معاذ سبعونألف ما وطئوا الرض من قبل، و بحق أعطاه ا تعالى ذلك).

فهنيئا له المنزلة الرفيعة من المؤمنين و في جنات النعيم.

28

Page 29: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: عبد ا بن مسعود "أول صادع بالقرآن"-7

كان إسلم عبد ا بن مسعود قديما أول السلم، حين أسلم سعيد بن زي��د و زوجت��ه فاطم��ة بن��ت الخط��اب،و ذلك قبل إسلم عمر بن الخطاب.

و قال عبد ا:" لقد رأيتني سادس ستة، ما على الرض مسلم غيرنا".

و لقد حمل عبد ا سبعين سورة من القرآن ما نازعه فيها أحد، و هو أول من جهر بالقرآن بمكة.

اجتمع أصحاب رسول ا (ص) ذات يوم فقالوا: من يسمع قريش هذا القرآن ؟

قال ابن مسعود:" أن�ا". فق��الوا: إن��ا نخش�اهم علي��ك، إنم��ا نري��د رجل ل�ه عش��يرة تمنع��ه م��ن الق��وم إن أرادوه.فقال:" دعوني، فإن ا سيمنعني".

فغدا عبد ا حتى أتى المقام في الضحى و قريش في أنديتها، حتى قام عند المقام فقال رافعا ص��وته:" بس��ما الرحمان الرحيم، الرحمان عللم القرآن".

فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه،! فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أم عبد ؟ إنه يتلو بعض ما جاء به محمد .! و هو يقرأ حتى بلغ منها ما شاء ا. ثم انصرف إلى أص��حابه. و ق�ال:" لئن ش�ئتم غ�اديتهم بمثله�ا غ�دا

فقالوا: حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.

و من يومها و هو مرادف لرسول ا (ص) يخدمه.

و قد هاجر ابن مسعود الهجرتين إلى الحبشة ثم إلى المدينة.

و صلى القبلتين، و شهد بدرا و أحدا و الخندق و بيعة الرضوان و كل المشاهد مع رسول ا (ص).

و شهد اليرموك بعد النبي (ص) و هو الذي أجهز على أبي جهل.

قال له رسول ا (ص) يوم كان غلما: ( إنك غلم معللم). و لقد ص��دق في��ه رس��ول ا (ص) ح��تى ص��ارفقيه المة و عميد حفظة القرآن جميعا.

29

Page 30: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

كوا بعهد ابن أم عبد). و قال فيه أيضا: ( م��ن أح��ب أن يس��مع و كثيرا ما كان النبي (ص) يردد عنه: ( تمسلالقرآن غضا كما نزل فليسمعه من ابن أم عبد).

و كثيرا ما كان النبي (ص) يحب أن يسمع القرآن من ابن مسعود و يقول: ( اقرأ عليل ي��ا عب��د ا). فيق��ول ". فيق��ول الن��بي (ص): ( إن��ي أح��ب أن أس��معه م��ن! عب��د ا:" أق��رأ علي��ك و علي��ك أن��زل ي��ا رس��ول ا

غيري).

و من شدة علمه و تغبطه بالقرآن كان عبد ا يقول: " و ا ما نزل من القرآن شيء إل و أنا أعلم ف��ي أي شيء نزل، و ما أحد أعلم بكتاب ا مني، و لو أعلم أحدا تمتطى إلي�ه الب��ل أعل��م من�ي بكت�اب ا لتيت��ه و

ما أنا بخيركم".

و قال أبو موسى الشعري: لقد قدمت أنا و أخي من اليمن، و ما نرى إل أن عبد ا بن مسعود رج��ل م��نأهل بيت النبي (ص) لما نرى من دخوله و دخول أمه على النبي (ص).

و سأل الناس مرة: من ك��ان أق��رب الن��اس م��ن رس��ول ا (ص) ه��ديا و دل فنأخ��ذ عن��ه و نس��مع من��ه. قي��ل:أقرب الناس هديا و دل و سمتا برسول ا (ص) ابن مسعود حتى يتوارى منا في بيته.

و عن عليل رضي ا عنه قال: قال رسول ا (ص): ( لو كنت مؤمرا أحدا من غير مش��ورة لم��رت اب��نأم عبد).

و بعد وف�اة الن��بي (ص) ش�هد اب��ن مس��عود المش��اهد كله��ا إل��ى أن بعث�ه عم��ر ب��ن الخط��اب، ه��و و عم��ار ب��ن ياسر، إلى الكوفة: إني قد بعثت عمار ب��ن ياس��ر أمي��را، و عب��د ا ب��ن مس��عود معلم��ا و وزي��را، و هم��ا م��ن النجباء من أصحاب رسول ا (ص) من أهل بدر، فاقتدوا بهما، و أطيعوا و اسمعوا قولهما، و ق��د آثرتك��م

بعبد ا على نفسي.

و في حادثة طريفة حصلت لعبد ا أن يوما، أمره النبي (ص) فصعد على شجرة يأتيه منها بشيء، فنظ��ر أصحابه إلى ساق عبد ا فضحكوا من حموشة ساقيه فقال رسول ا (ص): ( ما تضحكون ؟ لرج��ل عب��د

ا أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد).

و قيل عنه أيضا: ما رأينا رجل أحس��ن خلق��ا، و ل أرف��ق تعليم��ا، و ل أحس��ن مجالس��ة، ول أش��د ورع��ا م��نابن مسعود.

و ق��ال أب��و ظبي��ة: م��رض عب��د ا، فع��اده عثم��ان ب��ن عف��ان، فق��ال: م��ا تش��تكي ؟ ق��ال: "ذن��وبي". ق��ال: فم��ا تش��تهي ؟ ق��ال:" رحم��ة رب��ي". ق��ال: أل آم��ر ل��ك بط��بيب ؟ ق��ال:" الط��بيب أمرض��ني". ق��ال: آل آم��ر ل��ك بعطاء ؟ قال: "ل حاجة لي فيه". قال: يكون لبناتك. قال: "أتخش��ى عل��ى بن��اتي الفق��ر، إن��ي أم��رت بن��اتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، إني سمعت رسول ا (ص) يقول: ( من ق��رأ الوقع�ة ك�ل ليل��ة ل�م تص�به فاق�ة

أبدا).

و توفي ابن مسعود بالمدينة سنة اثنتين و ثلثين، و دفن بالبقيع و صلى عليه عثمان.

30

Page 31: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و لما مات ابن مسعود نعي إلى أبي الدرداء، فقال: ما ترك بعده مثله.

الصحابي: أبي بن كعب "سيد القراء"-8

هو أبي بن كعب بن قيس من بني النجار، كناه النبي (ص) بأبي المنذر.

شهد العقبة و بدرا.

إن أبيا له مكان�ة عظيم�ة م��ن بي��ن أص��حاب الن��بي (ص) و قص��ته م��ع الق��رآن، إذ ق�ال ل��ه رس��ول ا (ص): ( إن ا أمرني أن أقرأ عليك "لم يكن الذين كفروا"). قال أبي :"ا سماني لك ؟" قال: ( نعم). فجع��ل أب��ي

يبكي. فيا لها من مكانة عظيمة.

هم ف��ي دي��ن ا عم��ر، و و ع��ن أن��س ب��ن مال��ك أن الن��بي (ص) ق��ال: ( أرح��م أم��تي ب��أمتي أب��و بك��ر، و أش��دل أصدقهم حياءا عثمان، و أعلمهم بالحلل و الحرام معاذ بن جبل، و أفرضهم زيد بن ثابت، و أقرؤه��م أب��ي

بن كعب، و لكل أمة أمين، و أمين هذه المة أبو عبيدة بن الجراح).

فكان أبي بن كعب رضي ا عنه أقرأ الصحابة للقرآن.

و كان في مقدمة الذين يكتبون الوحي حين ينزل، و في حفظه و ترتيله إياه و فهمه لليات.

و روي عنه أيضا أنه كان من بين أصحاب القض��اء الس��تة: عم��ر، و عل��ي، و عب��د ا و أب��ي و زي��د و أب��وموسى.

و كان عمر بن الخطاب يسأله عن النوازل و يتحاكم إليه في المعضلت.

لقد ظل مستمسكا بالتقوى، معتصما بالزهد.

و قيل إنه عاش في ورعه و زهده حتى خلفة عثمان.

فعن أبي سعيد الخدري أن رجل من المسلمين قال: يا رسول ا، أرأيت هذه المراض التي تصيبنا م��ا لن��افيها ؟ قال: ( كفلارات).

31

Page 32: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

فقال أبي بن كعب:" يا رسول ا ،و إن قللت" ، قال: ( و إن شوكة فما فوقها).

فدعا أبي بن كعب أل يف�ارقه الوع��ك ح��تى يم��وت و أل يش��غله ع��ن ح��ج و ل عم��رة و ل جه��اد و ل ص��لةمكتوبة في جماعة.

ه حتى مات. قال: فما مسل إنسان جسده إل وجد حرل

و عند وفاته قيل: مات سيد المسلمين.

الصحابي: عمار بن ياسر "صبرا آل ياسر"-9

ب في سبيل ا. لقد كان عمار رضي ا عنه و والديه ياسر و سمية أول عائلة تعذل

ذب لنها ارتضت لها دينا يخالف ما كان يعبده المشركون. و أول عائلة تعل

إن عمار من السابقين الولين في السلم، و أمه سمية أول من استشهد في سبيل ا.

قال عمار:" لقيت صهيب بن سنان على باب دار الرقم، و رسول ا (ص) فيها، فقل��ت: م��ا تري��د ؟ فق��ال: و م��ا تري��د أن��ت ؟ فقل��ت: أري��د أن أدخ�ل عل��ى محم�د و أس��مع كلم��ه. فق��ال: و أن�ا أري��د ذل��ك. ف��دخلنا علي��ه،

فعرض علينا السلم، فأسلمنا".

و قال مجاهد: أول من أظهر إس��لمه س��بعة: رس��ول ا (ص)، و أب��و بك��ر، و بلل، و خب��اب و ص��هيب وعمار و أمه سمية.

ب عمار عذابا شديدا ل يقدر عليه ضعيف النفس. و لقد عذل

و قيل في الية:" من كف�ر ب�ال م��ن بع��د إيم��انه إل م��ن أك��ره و قلب��ه مطمئن باليم��ان" نزل��ت ف��ي عم��ار ب��نبوه فلم يتركوه حتى سبل النبي (ص) و ذكر آلهتهم بخير، فتركوه. ياسر. أخذه المشركون فعذل

ما تركت حتى نلت من��ك و ذك��رت! فلما أتى رسول ا (ص) قال: ( ما ورائك ؟) قال:" شر يا رسول اآلهتهم بخير". قال: ( كيف تجد قلبك ؟)، قال:" مطمئنا باليمان". قال: ( فإن عادوا لك فعد لهم).

و لما مرل رسول ا (ص) على عمار و أبويه و هم يعذبون قال: ( صبرا آل ياسر موعدكم الجنة).

و كان المشركون ليع��ذبون م��ن أس��لموا، فيض��ربون أح��دهم و يجيع��ونه و يعطش��ونه ح��تى م��ا يق��در عل��ى أن يستوي جالسا، من شدة الضر الذي به حتى إن��ه ليعطيه��م م��ا س��ألوه م��ن الفتن��ة، و ح��تى يقول��وا ل��ه: اللت و

العزى إلهك من دون ا ؟

32

Page 33: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

فيقول: نعم.

و هاجر عمار إلى المدينة، و شهد بدرا و أحدا و الخندق و بيعة الرض��وان م��ع رس��ول ا (ص). ث��م ش��هداليمامة فقطعت أذنه بها.

و عن علي قال: استأذن عم��ار عل��ى الن��بي (ص) فق��ال: ( ائذن��وا ل��ه، مرحب��ا ب��الطيب المطيل��ب). و ق��ال في��هرسول ا (ص): ( إن عمارا ملىء إيمانا إلى مشاشه).

و مرة، كان كلم غليظ بينه و بين خالد بن الوليد، فشكاه إلى رسول ا (ص).

فجاء خالد فرفع رسول ا (ص) رأسه و قال: ( من ع��ادى عم��ارا ع��اداه ا و م��ن أبغ��ض عم��ارا أبغض��ها).

و عن حذيفة، رفعه: ( اقتدوا بالذين من بعدي، أبي بكر و عمر، و اهتدوا بهدي عمار).

و عن عائشة قالت: قال رسول ا (ص): ( ما خيلر عمار بين أمرين إل اختار أيسرهما).

و عن أبي هريرة قال: قال رسول ا (ص): ( أبشر يا عمار، تقتلك الفئة الباغية).

و فعل، قتل عمار على يد الذين خرجوا عن عهد عثمان و قتلوه.

ر ف��ي بن��اء مس��جد ي��أوي رس��ول ا (ص) يس��تظل و في ذكر بناء المساجد، كان عمار بن ياسر أول من فكلفيه، و يصللي فيه.

فجمع الحجارة، فبنى مسجد قباء، فهو أول مسجد بني و عمار بناه.

و شهد عمار قتال مسيلمة الكذاب، فروى ابن عم��ر: رأي��ت عم��ار ب��ن ياس��ر ي��وم اليمام��ة عل��ى ص��خرة، ق��د".ق��ال: و أن�ا ، أنا عمار بن ياسر، هلموا إليل ون، إليل إليل أشرف يصيح: "يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرل

أنظر إلى أذنه قد قطعت، فهي تذبذب و هو يقاتل أشد القتال.

و قتل رضي ا عن�ه ف�ي حادث�ة ص��فين و ه�و يق�ول لهاش�م ب�ن عتب��ة ب�ن أب�ي وق�اص: "ي�ا هاش�م، تف�رل م�ن الجن��ة تح��ت ه��ذه الهارق��ة، الي��وم ألق��ى الحب��ة، محم��دا و حزب��ه، و ا ل��و ض��ربونا ح��تى بلغ��وا بن��ا! الجن��ة

سعفات هجر لعلمت أنلا على حق و أنهم على باطل".

فدفنه علي في ثيابه و لم يغسله.

33

Page 34: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: عبادة بن الصامت "نقيب النصار"-10

هو عبادة بن الصامت بن قيس النصاري الخزرجي.

شهد العقبة الولى و الثانية. من أوائل مسلمي المدينة.

و شهد بدرا و أحدا و الخندق و المشاهد كلها مع رسول ا (ص).

فلما جاء لبيعة النبي (ص) في العقبة الولى، كان من بين الثن�ى عش�ر مؤمن�ا ال�ذين أت�و البيع�ة رس�ول ا(ص).

و في بيعة العقبة الثانية، في موسم الحج الموالي، جاء ضمن البضع و سبعين رجل و امرأة.

فمن الذين جمعوا القرآن في زمن النبي (ص) كان عبادة بن الصامت، و كان يعللم أهل الصفة القرآن.

و لما حارب يهود بنو قينقاع بسبب ما أمرهم عبد ا بن أبي، و كانوا حلفاءه، مشى عبادة بن الصامت، وأ إلى ا و رسوله من حلفهم، فنزلت: كان له حلف مثل الذي لعبد ا بن أبي، فخلهم و تبرل

" يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود و النصارى أولياء".

و لما فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب، و أرسل معه معاذ بن جبل و أبا الدرداء ليعلموا الناسو يفقهوهم في الدين.

و ذات م��رة، وق��ع خلف بين��ه و بي��ن معاوي��ة ح��ول التب��ايع بالرب��ا. ق��ال معاوي��ة: أرى أن��ه لي��س رب��ا. فق��العبادة:"أقول لك قال رسول ا (ص) و تقول برأيك ؟ ثم قال: و ا ل أساكنك بأرض واحدة أبدا".

و رحل إلى المدينة. فقال عمر: ما أقدمك ؟ فأخبره بالذي وقع بينه و بين معاوية.

34

Page 35: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

فقال عمر: ارجع إلى مكان��ك، فقبل��ح ا أرض��ا لس��ت فيه��ا أن��ت و أمثال��ك. و كت��ب إل��ى معاوي��ة: ل إم��رة ل��كعليه.

قال الوزاعي: أول من ولي القضاء بفلسطين عبادة بن الصامت.

و لعبادة قصص متعددة مع معاوية، و إنكاره عليه أشياء، و في بعض��ها رج��وع معاوي��ة ل��ه، و ف��ي بعض��ها شكواه إلى عثمان منه، تدلل على قوته في دين ا و قيامه في المر بالمعروف و أنه كان ل يخ��اف ف��ي ا

لومة لئم.

و في حياة النبي (ص)، سمعه عبادة بن الصامت يتكل�م ع��ن مس��ؤولية الم��راء و ال�ولة و م�ا مص�ير ال�ذيط منه��م ف��ي ح��ق الرعي��ة، أو تعب��ث ذمت��ه بم��ال، فأقس��م ب��ال أل يت��وللى إم��ارة أب��دا. و لق��د ب��رل ينتظر م��ن يف��رل

قسمه.

و رضي أن يكون معللما للناس دينهم.

أجل، كان عبادة بن الصامت رجل م��ن الرعي��ل الول ال�ذي تربل�ى عل�ى ي�د رس�ول ا (ص) فع�رف الح�قه الدنيا أبدا. فاتبعه و لم تغرل

إذا بحثنا عن معارض، ل يهم��ه الحك��م أب��دا، فه��و عب��ادة ب��ن الص��امت، إذ ك��ان دائم النص��ح و التغلي��ظ عل��ىالمير حتى يتلبع كتاب ا و سنة نبيه (ص) و ل يزيغ عن الصراط القويم.

حتى توفي رضي ا عنه سنة أربع و ثلثين بالرملة.

35

Page 36: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: حذيفة بن اليمان "صاحب سرل رسول ا (ص)"-11

أسلم حذيفة بن اليمان و هو شاب يافع و لم ير النبي (ص).

كان دائم السؤال عن النبي (ص)، فسافر إليه من المدينة إلى مكة. فما أن رآه حتى سأله:" أأنصاري أن��ا أممهاجر ؟". فقال النبي (ص): ( إختر لنفسك ما تحب). فاختار أن يكون أنصاريا.

و شهد مع النبي (ص) أحدا و قتل أبوه بها.

و لم يشهد بدرا و له فيها قصة يذكرها بنفسه:" ما منعني أن أش��هد ب��درا إل أن��ي كن��ت خ��ارج المدين��ة أن��ا و أبي، فأخذنا كفار قريش و قالوا: أين تقصدون ؟ فقلنا: المدينة. فقالوا: إنك��م تري��دون محم��دا. فقلن��ا: م��ا نري��د إل المدين��ة. ف��أبزا أن يطلقون��ا إل بع��د أم أخ��ذوا العه��د علين��ا أل ننص��ر محم��دا عليه��م، و أل نقات��ل مع��ه، ث��م

أطلقوا سراحنا".

"و لم��ا ق�دمنا عل��ى رس��ول ا (ص) أخبرن��اه بم��ا قطعن��اه م��ن عه��د لقري��ش، فق�ال رس�ول ا (ص): ( نف��يبعهدهم و نستعين عليهم بال)".

و من مخالطة النبي (ص) له اكتشف فيه ذكاء فذ، و بديهة خارقة، و كتمان للسر.

و حذيفة صاحب سر رسول ا (ص) في المنافقين، لم يعلمهم أحد إل حذيفة.

اني رسول ا (ص) في المنافقين ؟ فل يجيب حذيفة. و كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يسأله: أسمل

فكان عمر يترقب حذيفة إذا مات أحد. فإذا تبع جن��ازته حذيف��ة تبع��ه عم��ر و إل فل يتبع��ه و يع��رف أن��ه م��نالمنافقين.

36

Page 37: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و روى مسلم عن حذيفة أنه قال:" لقد حدثني رسول ا (ص) م��ا ك��ان و م��ا يك��ون ح��تى تق��وم الس��اعة". وكثيرا ما كان يسأل النبي (ص) عن الشر مخافة أن يدركه. و كان يقول:

" كان أصحابي يسألون النبي (ص) عن الخير و أسأله عن الشر مخيفة أن يدركني".

و أرسله النبي (ص) ليلة الحزاب في سرية ليأتيه بخبر الكفار...

سأل رجل ذات يوم حذيفة: أي الفتن أشد ؟

قال: " أن يعرض إليك الخير و الشر ل تدري أيهما تركب".

قال حذيفة يوما: " حدثنا رسول ا (ص) حديثين، قد رأيت أح��دهما و أن��ا أنتظ��ر الخ��ر؛ ح��دثنا أن المان��ة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم ن��زل الق��رآن فعلم��وا م��ن الق��رآن و علم��وا م��ن الس��نة، ث��م ح��دثنا ع��ن رف��ع المان�ة، فق�ال: ( ين�ام الرج�ل النوم��ة، فتقب�ض المان�ة م�ن قلب�ه، فيظ�ل أثره�ا مث�ل ال��وكت، ث�م ين�ام النوم��ة، فتقبض المانة فيظل أثرها مث��ل أث��ر المج�ل كجم�ر دحرجت�ه عل��ى رجل��ك فنفط��ت ف��تراه منت��برا و لي��س في��ه شيء).ثم أخذ حص��اه ف�دحرجها عل�ى رجل�ه، فق�ال: ( فيص��بح الن��اس، فيتب��ايعون ل يك�اد أح�د ي�ؤدي المان�ة حتى يق�ال: إن ف�ي بن�ي فلن رج�ل أمي�ن و ح�تى يق�ال للرج�ل: م�ا أجل�ده و أظرف��ه و أعقل�ه، و م�ا ف�ي قلب�ه

مثقال حبة من خردل من إيمان)".

و لما نزل بحذيفة الموت فجزع جزعا شديدا و بكى بك��اءا ك��ثيرا، فقي��ل: م��ا يبكي��ك ؟ فق��ال:" م��ا أبك��ي أس��فاعلى الدنيا بل الموت أحب إلي، و لكن ل أدري علم أقدم، على رضى أم سخط".

و قيل: لما حضره الموت قال:" هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم إنك تعلم أني أحبك فبارك لي في لقائك" ثممات.

و لعل ختام الحديث عن حذيف�ة، الح�ديث ال�ذي رزي عن��ه ع�ن رس�ول ا (ص): ق�ال حذيف��ة:" ك�ان الن�اس يسألون النبي (ص) عن الخير و كنت أس�أله ع��ن الش��ر مخاف�ة أن ي�دركني، قل�ت: ي�ا رس�ول ا (ص)، إن�ا كنا في جاهلية و شر، فجاءنا ا بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : (نعم). قلت: فهل بع��د ه��ذا الخير من شر ؟ قال: ( نع��م و في�ه دخ��ن). قل��ت: و م��ا دخن�ه ؟ ق��ال: ( ق�وم يس��تنون بغي��ر س�نتي، و يهت��دون بغير هديي، تعرف منهم و تنكر). فقل��ت: و ه�ل بع�د ذل�ك الخي��ر م�ن ش�ر ؟ ق�ال: ( نع�م، دع��اة عل�ى أب��واب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها). قلت: يا رسول ا ، فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال: ( تل��زم جماع��ة المسلمين و إمامهم). قلت: فإن لم يكن لهم جماعة و ل إمام ؟ قال: ( تعتزل تلك الفرق كلها و لو أن تع��ض

على أصل شجرة حتى يدركك الموت و أنت على ذلك).

37

Page 38: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: أبو الدرداء "حكيم النصار"-12

اشتهر عويمر بن مالك النصاري الخزرجي بكنيته: أبو الدرداء.

تأخر إسلمه قليل مقارنة مع باقي أنصار المدينة، و لكن لما أسلم كان من النجباء الحكماء.

كان فقيها عاقل حكيما، آخى رسول ا (ص) بينه و بين سلمان الفارسي و قال: ( عويمر حكيم أمتي).

روى أبو الدرداء حديث أجزاء القرآن، فقال: "قال رسول ا (ص): ( أيعجز أحدكم أن يقرأ ك��ل ليل��ة ثل��ثأ الق��رآن ثلث��ة أج��زاء، الق��رآن ؟) ق��الوا: نح��ن أعج��ز م��ن ذل��ك و أض��عف. ق��ال: ( ف��إن ا ع��ز و ج��ل ج��زل

فجعل"قل هو ا أحد" جزءا من أجزاء القرآن)".

كان أبو الدرداء يقول لصحابه: "أل أخبركم بخير أعمالكم، و أزكاها عند بارئكم، و أنماه�ا ف�ي درج�اتكم،و خير من أن تغزو عدوكم، فتضربوا رقابهم و يضربوا رقابكم و خير من الدراهم و الدنانير ؟ ".

فينتظر كل من حوله الجواب، أي شيء هو يا أبا الدرداء ؟

فيقول: " ذكر ا، و لذكر ا أكبر".

إن��ه ك��ان ك��ثير التفكي��ر و التأم��ل ف��ي ملك��وت ا و س��يرورة الخل��ق و المع��املت، دائم البح��ث ع��ن الح��ق والحقيقة.

فما إن آمن بال و رسوله (ص) إيمانا وثيقا، آمن كذلك بأن هذا اليمان بم�ا يملي�ه م�ن واجب�ات و فه�م، ه�وطريقه المثل و الوحد للحقيقة.

38

Page 39: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

ات و الللهو. دها و يبعدها عن اللذل لقد كان في "حرب" دائمة مع نفسه، و كيف يرول

فجعل حياته كلها ل رب العالمين.

ه مرة، عن أفضل ما كان يحبل من عمل، فأجابت: سئلت أمل

ر و العتبار. فكثيرا ما كان يقول: "تفكلر ساعة خير من عبادة ليلة". " التفكل

قال أبو الدرداء:"أسلمت مع النبي (ص) و أنا تاجر. و أردت أن تجتمع ل��ي العب��ادة و التج��ارة فل��م يجتمع��ا.فرفضت التجارة و أقبلت على العبادة".

" و ما يسرني اليوم أن أبيع و أشتري فأربح كل يوم ثلث مئة دينار حتى لو يكون عل��ى ب�اب المس��جد. ألم ال��بيع. و لكن��ي أح��ب أن أك��ون م��ن ال��ذين ل تلهيه��م تج��ارة و ل بي��ع ع��ن ذك��ر إني ل أقول لكم: إن ا حرل

ا".

و كان أبو الدرداء حقلا من أصحاب رسول ا (ص) الذين لم تلههم تجارتهم عن ذكر ا.

و كان أبو الدرداء يدعو:"اللهم إني أعوذ بك من شتات القلب".

سئل: و ما شتات القلب ؟

قال:"أن يكون لي في كل واد مال".

و يقول أيضا:"ل تأكل إل طيبا و ل تكسب إل طيبا، و ل تدخل بيتك إل طيبا".

فكانت الدنيا كلها عند أبي الدرداء ل تساوي جناح بعوظة.

و عندما فتحت قبرص، رأوه أص��حابه يبك��ي عل��ى م��ا ي��راه م��ن غن�ائم و يخش��ى أن تمي��ل قل��وب الن��اس ع��نالحق.

و كان في ذلك محقلا، إذ كيف كانت الدول تنه��ار س��ريعا أم��ام زح��ف المس��لمين إل إذا خل��وا م��ن روحاني��اتاليمان.

و قد وقع ذلك حقا بالمسلمين بعد ما وصلوا إلى الندلس.

ه. و هو ابن أمير المؤمنين، ثم خطبها واحد من فقراء المس��لمين خطب يزيد بن معاوية ابنته "الدرداء" فردلجها إياه. فزول

فعجب الناس لهذا التصرف، فردل عليهم:"ما ظنك�م بال�درداء إذا ق�ام عل��ى رأس�ها الخ�دم و الخص�يا و بهره�ازخرف القصور. أين دينها منها يومئذ ؟

و ولي القضاء في خلفة عثمان بن عفان لما كان يملك من حكمة و رأي و بداهة و قناعة.

39

Page 40: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و خطب في الناس:"يا أهل الشام، أنتم الخوان في الدين، و الجيران ف��ي ال��دار و النص��ار ف��ي الع��داء. و لكن مالي أراكم ل تستحيون. تجمعون ما ل تأكلون، و تبنون ما ل تسكنون، و ترجون ما ل تبلغون. و ق��د كانت القرون من قبلكم يجمعون، فأصبح جمعهم ب��ورا، و أمله��م غ��رورا و بي��وتهم قب��ورا، أولئك ق��وم ع�اد

..".!! ملئوا ما بين عدن إلى عمان أموال و أولدا. فمن يشتري منلي تركة آل عاد بدرهمين ؟

و مات أبو الدرداء لسنتين بقيتا من خلفة عثمان.

الصحابي: أبو ذر الغفاري "الزاهد الصادق الوحيد"-13

قيل اسمه جندب بن جنادة من بني غفار.

و كان أبو ذر من كبار الصحابة و فضلئهم، قديم السلم.

يقال أنه أسلم بع��د أربع��ة و ك�ان خامس�ا، ث�م انص��رف إل�ى بلد ق�ومه و أق�ام به�ا ح�تى ق�دم عل�ى رس��ول ا(ص) في المدينة.

و قصة إسلمه معروفة. فلما بلغ أبا ذر مبعث النبي (ص) ق�ال لخي��ه: "ارك�ب إل�ى ه�ذا ال��وادي ف�اعلم ل�يعلم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيل يأتيه الخبر من السماء، و اسمع من قوله ثم ائتني".

ف��انطلق الخ، فس��مع م��ن الن��بي (ص) ث��م رج��ع إلي��ه. فق��ال: رأيت��ه ي��أمر بمك��ارم الخلق، و كلم��ا م��ا ه��وبالشعر. فقال أبو ذر:"ما شفيتني مما أردت".

د أبو ذر ثم انطلق إلى مكة، فأتى المسجد، فالتمس النبي (ص) و هو ل يعرف��ه، و ك��ره أن يس��أل عن��ه فتزول، فع��رف أن��ه غري��ب. فلم��ا رآه تبع��ه فل��م يس��أل واح��د منهم��ا ح��تى أدرك��ه بع��ض اللي��ل، اض��طجع ف��رآه عل��يل

صاحبه عن شيء حتى أصبح. فأعاد عليل الكرة عليه فقال: ما آن للرجل أن يعلم منزله ؟

فأقامه فذهب به معه، ل يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء.

40

Page 41: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

: أل تح��دثني م��ا أق��دمك ؟ ق��ال:" إن أعطيتن��ي عه��دا و ميثاق��ا لترش��دني فعل��ت". في اليوم الث��الث يس��أله عل��يل ففع�ل ف��أخبره. ق�ال: إن�ه ح�ق، و إن�ه رس��ول ا (ص)، ف�إذا أص��بحت ف�اتبعني، ف�إني إن رأي�ت ش�يئا أخ�اف

عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي.

ففعل، فانطلق يتبعه حتى دخل على النبي (ص) و دخل معه، فسمع من قوله، و أسلم مكانه. فقال ل��ه الن��بي(ص): ( ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري).

فقال أبو ذر:" و الذي نفسي بيده لصرخ نبها بين ظهرانيهم".

فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته:" أشهد أن ل إله إل ا و أن محمدا رسول ا".

ألس��تم تعلم��ون أن�ه م�ن! فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه، و أت��ى العب��اس ف�أكبل علي��ه و ق�ال: ويحك�مغفار، و أنه طريق تجارتكم إلى الشام ؟

فأنقذه منهم.

ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه و ثاروا إليه، فأكبل العباس إليه.

فجعل يكررها إلى أن عاد إلى غفار.

قال النبي (ص): ( أبو ذر في أمتي على زهد عيسى بن مريم).

و كان رسول ا (ص) يبتدىء أبا ذر إذا حضر و يتفقلده إذا غاب.

فعن أبي ذر قال:" سمعت رسول ا (ص) يقول: ( إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة م��ن خ�رج م��ن ال��دنياكهيئته يوم تركته فيها و إنه و ا ما منكم من أحد إل و قد نشب فيها بشيء غيري)".

و ع��ن عب��د ا ب��ن عم��رو ق��ال: س��معت رس��ول ا (ص) يق��ول: ( م��ا أقلل��ت الغ��براء و ل أظلل��ت الخض��راءأصدق لهجة من أبي ذر).

و كان رضي ا عنه يوازي ابن مسعود في العلم.

و ع��ن اب��ن مس��عود ق��ال: لم��ا س�ار رس�ول ا (ص) إل��ى تب��وك جع��ل ل ي��زال يتخلل��ف الرج��ل، فيقول��ون: ي��ا رسول ا، تخللف فلن. فيقول: ( دعوه، إن يكن فيه خير فسيلحقه ا بكم و إن ك�ان غي��ر ذل��ك أراحك��م ا

منه).

حتى قيل: يا رسول ا، تخللف أبو ذر. فق��ال رس��ول ا (ص) م��ا ك��ان يق��وله. و نظ��ر ن��اظر م��ن المس��لمينله الق��وم ق��الوا: ي��ا فقال: إن هذا الرجل يمشي على الطريق، فقال رسول ا (ص): ( ك��ن أب��ا ذر). فلم��ا ت��أمل رسول ا هو و ا أب��و ذر، فق�ال رس�ول ا (ص): ( يرح�م ا أب��ا ذر، يمش�ي وح�ده، و يم��وت وح�ده، و

يحشر وحده).

41

Page 42: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

ع��ن أب��ي ك��ثير ع��ن أبي��ه ق��ال: أتي��ت أب��ا ذر، و ه��و ج��الس عن��د الجم��رة الوس��طى و ق��د اجتم��ع الن��اس علي��ه، ل��و يستفتونه، فأتاه رجل فوقف عليه ثم قال: ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأس��ه إلي��ه فق��ال:" أرقي��ب أن��ت عل��يل

ثم ظننت أن��ي أنف��ذ كلم��ة س��معتها م��ن رس��ول ا (ص)– و أشار إلى قفاه –وضعتم الصمصامة على هذه قبل أن تجيزوا عليل لنفذتها".

و عن أبي ذر أيضا قال:" أمرن��ا رس��ول ا (ص) أن ل يغلبون��ا عل��ى ثلث: أن ن��أمر ب��المعروف، و ننه��ىعن المنكر، و نعللم الناس السنن".

إنه كان ل يسكت على الحق مهما كانت وضعيته.

و كفى به شرفا أن أسلمت قبيلته غفار و قبيلة أسلم على يديه و جاءوا النبي (ص) مسلمين ملبلين.

قال النبي (ص) فيهم: ( غفار غفر ا لها و أسلم سالمها ا).

و عاش أبو ذر، و منذ أن أسلم، صادقا مع ا في دينه و ل يخشى في ا لومة لئم.

و سأله يوما رسول ا (ص): ( يا أبا ذر، كيف أنت إذا أدركك أمراء يستأثرون ب��الفيء ؟). فأج��اب:" إذا،و الذي بعثك بالحق لضربنل بسيفي".

فقال رسول ا (ص): ( أفل أدلك على خير من ذلك ؟ اصبر حتى تلقاني).

و لقد عايش أبو ذر عصر الصرامة و العزل و العدالة بعد وفاة النبي (ص) في عهد أبي بكر و عمر.

و لكن ريث وفاة الفاروق رضي ا عنه بدأ أبو ذر يرى بوادر الخطر.

ح و البذخة ف�ي س�لوك الم�راء و ال��ولة خاص�ة بع�د الفتوح��ات الهائل�ة و لقد قام بدوره كمعارض ضد التلبجلالغنائم المتهاطلة.

فكان يردد:" بشلر الكانزين الذين يكنزون الذهب و الفضة بمكاو من نار تك��وى به��ا جب��اههم و جن��وبهم ي��ومالقيامة".

و عاش أبو ذر ما استطاع حامل لواء القدوة العظم��ى للرس��ول (ص) و ص��احبيه أمين��ا عليه��ا و ك��ان دائم��ايتحاشى مغريات المارة و الثروة.

عرضت عليه إمارة بالعراق فقال: " ل و ا، لن تميلوا عليل بدنياكم أبدا".

نول منه�م، و أن أنظ��ر إل��ى و جلس يوما يحدث قائل: " أوصاني خليل��ي بس��بع: أمرن��ي بح��ب المس��اكين و ال��دل من هو دوني و ل من ه�و ف��وقي. و أمرن�ي أل أس�أل أح��دا ش�يئا، , أن أص�ل الرح�م و أن أق�ول الح��ق و إن

ا. و أمرني أل أخاف في ا لومة لئم، و أن أكثر من: ل حول و ل قوة إل بال". كان مرل

42

Page 43: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

ب��دة أي��ن ك��ان مقيم��ا. فبك��ت علي��ه زوج��ه، و ك��ان يق��ول له��ا: " ل تبك��ي، ف��إني حض��ره الم��وت و ه��و ف��ي الرل سمعت رسول ا (ص) ذات ي��وم و أن��ا عن��ده ف��ي نف��ر م��ن أص��حابه يق��ول: ( ليم��وتن رج��ل منك��م بفلة م��ن

الرض تشهده عصابة من المؤمنين)".

و فعل، مات وحده كما أخبر النبي (ص)، و حضره جماعة من المؤمنين على رأسهم عبد ا بن مس��عود،فغسله و دفنه، و كان ذلك سنة اثنين و ثلثين.

" تمشي وحدك، و تموت وحدك، و تبعث وحدك".

الصحابي: طلحة بن عبيد ا "فدائي رسول ا (ص)"-14

هو طلحة بن عبيد ا بن عثمان من بني النضر بن كنانة، القرشي التيمي.

و هو من السابقين الولين إلى السلم، دعاه أبو بكر إلى السلم و دخل به على رسول ا (ص) فأسلم.

و آخى رسول ا (ص) بينه و بين الزبير بن العوام بمكة قبل الهجرة.

و لما جاءت الهجرة إلى المدينة آخى بينه و بين أبي أيوب النصاري.

و هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة و أحد أصحاب الشورى.

تل يوما رسول ا (ص) الية:" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ا عليه. فمنهم من قض��ى نحب��ه وه أن ينظ��ر إل��ى رج��ل يمش��ي ف��ي الرض و ق��د قض��ى منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديل". ثم قال: ( من س��رل

نحبه فلينظر إلى طلحة).

إنها شهادة من رسول ا (ص) لرجل أبلى بلءا حسنا في سبيل ا و منذ أن أسلم.43

Page 44: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و شهد أحدا و ما بعدها من مشاهد، و بايع بيعة الرضوان و أبلى يوم أحد بلءا عظيما، و وقى رس��ول ا (ص) بنفسه، و اتقى عنه الن بيده حتى شلت اصبعه، و ضرب على رأسه و حم��ل رس��ول ا (ص) عل��ى

ظهره حتى صعد الصخرة.

مرل رسول ا (ص) في غزوة ذي قرد على ماء يقال له بيسان مالح فقال: ( هو نعمان و هو طيب)، فغيلر اسمه فاشتراه طلحة ثم تصدق به فقال رسول ا (ص): ( ما أنت يا طلحة إل فيلاض). فلذلك قيل له طلحة

الفياض.

و قصة إسلم طلحة م�ا أخرج�ه اب�ن س�عد م�ن طري�ق مخرم�ة، ق�ال طلح�ة:" حض�رت س��وق بص��رى، ف�إذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم أحد من أهل الحرم ؟ قال طلحة: نعم أنا. قال: فه��ل ظهر أحمد ؟ قلت: من أحمد ؟ قال: ابن عبد ا بن عبد المطل��ب. ه��ذا ش��هره ال��ذي يخ��رج في��ه، و ه��و آخ��ر

ة و سباخ. النبياء، و مخرجه من الحرم و مهاجره إلى نخل و حرل

فإياك أن تسبق إليه، فوقع في قلبي، فخرجت سريعا حتى قدمت مكة فقلت: هل كان من حدث ؟ قالوا: نعم،محمد المين تنبأ، و قد تبعه ابن أبي قحافة ( أبو بكر).

فخرجت حتى أتيت أبا بكر، فخرج بي إليه، فأسلمت، فأخبرته بخبر الراهب".

و روي أن رسول ا (ص) قال يوم أحد: ( يومئذ أوجب طلحة حين صنع يوم أحد ما صنع).

و روي أيضا عن سعد بن عبادة، ق�ال: ب�ايع رس�ول ا (ص) عص�ابة م�ن أص�حابه عل�ى الم��وت ي�وم أح�د حين انهزم المسلمون، فصبروا و جعلوا يبذلون نفوسهم دونه حتى قتل منهم من قتل ، فعدل فيمن ب��ايع عل��ى

ذلك جماعة، منهم أبو بكر و عمر و طلحة و الزبير و سعد و سهل بن حنيف و أبو دجانة.

و أخرج الدارقطني عن طلحة أنه لما أصيبت يده مع رسول ا (ص) وقاه بها، فقال:"ح���س ح��س"، فق��ال:( لو قلت باسم ا لرأيت بناءك الذي بنى ا لك في الجنة و أنت في الدنيا).

ي طلحة باسم في كل غ��زوة، ق��ال:" س��ماني رس��ول ا (ص) ي��وم أح��د طلح��ة ثم كان رسول ا (ص) يسملالخير، و يوم العسرة طلحة الفياض و يوم حنين طلحة الجود".

و قال عليل بن أبي طالب: سمعت أذني رسول ا (ص) يقول: ( طلحة و الزبير جاراي في الجنة).

و قال أيضا: ( من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى طلحة بن عبيد ا).

قال طلحة ذات يوم:" جاء أعرابي إلى الن��بي (ص) يس��أله: م�ن ه�و ال��ذي قض��ى نحب��ه ؟ ف�أعرض عن��ه. ث�م سأله ف��أعرض عن��ه ث��م س��أله ف�أعرض عن��ه ث��م طلع��ت م��ن ب��اب المس��جد، و عل��يل ثي��اب خض��ر، فلم��ا رآن��ي رسول ا (ص) قال: ( أين السائل عمن قضى نحبه ؟) قال العرابي: أنا ي�ا رس��ول ا، ق��ال: ( ه��ذا مم��ن

قضى نحبه) يريد به طلحة".

و قتل طلحة يوم واقعة الجمل، و كان شهد ذلك اليوم محاربا لعلي بن أبي طالب.

44

Page 45: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و روي عن علي أنه قال: إني لرجو أن أكون أنا و طلحة و عثمان و الزبير ممن قال فيهم:" و نزعن��ا م��افي صدورهم من غلل إخوانا على سرر متقابلين".

و كان سبب قتل طلحة أن مروان بن الحك��م رم��اه بس��هم ف��ي ركبت��ه، فجعل��وا إذا أمس��كو ف��م الج��رح انتفخ��ترجله و إذا تركوه جرى، فقال:" دعوه فإنما هو سهم أرسله ا تعالى فمات منه.

الصحابي: سعد بن أبي وقاص "خال رسول ا (ص)"-15

هو سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف من بني كنانة القرشي الزهري، يكنى أبا اسحاق.

أسلم بعد ستة، و قيل بعد أربعة و كان عمره سبعة عشرة سنة.

روي عنه أنه قال:" أسلمت قبل أن تفرض الصلة"، و هو أحد ال��ذين ش��هد له��م رس��ول ا (ص) بالجن��ة وأحد الستة أصحاب الشورى، الذي أخبر عمر بن الخطاب أن رسول ا (ص) توفي و هو عنهم راض.

شهد بدرا و أحدا، و الخندق، و المشاهد كلها مع رسول ا (ص) و أبلى يوم أحد بلءا عظيما، و هو أولمن أراق دما في سبيل ا، و أول من رمى بسهم في سبيل ا.

ب به أتم الترحاب و يقول: ( هذا خالي فليرني ام��رؤ خ��اله). ذل��ك كان رسول ا (ص) لما يرى سعدا يرحللن سعدا كان ينتهي نسبه من جهة أمه إلى أم النبي (ص) فكان يعتبره من أخواله.

45

Page 46: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

كان سعد دائما ما يتغنى بنعمتين: أنه أول من رمى في سبيل ا و أيضا هو الوحيد ال��ذي افت��داه رس��ول ا(ص) بأبويه يوم أحد، فقال: ( ارم سعد، فداك أمي و أبي).

و ك��ان س��عد يع��دل م��ن أش��جع فرس��ان الع��رب و المس��لمين، و ك��ان ل��ه س��لحان: رمح��ه و دع��اءه، ف��إذا رم��ىأصاب و إذا دعا استجيب له، و كان مستجاب الدعاء و شهد له بذلك.

ذلك أن النبي (ص) دعا له يوما: ( اللهم سدد رميته و أجب دعوته).

و قال سعد يوما:" و ا إن كنا لنغزو مع رسول ا (ص) ما لنا طعام إل ورق الحبلة و هذا السمر، ح��تىرني عل��ى ال��دين، لق�د خب�ت إذا و ظ��ل إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة، ما له خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزل

عملي".

كان أصحاب رسول ا (ص) إذا صلوا ذهبوا إلى الشعاب فاس��تخفوا بص��لتهم م��ن ق��ومهم، فبين��ا س��عد ب��ن أبي وقاص في نفر من أصحاب النبي (ص) في شعب من شعاب مكة إذ ظه��ر عليه��م نف��ر م��ن المش��ركين، فناكروهم و عابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم، فاقتتلوا فضرب سعد رجل من المش��ركين بلح��ي جم��ل فش��جه

فكان أول دم أهريق في السلم.

و كان سعد و طلحة و الزبير و علي أقران في السن.

ذات يوم و النبي (ص) جالس مع أصحابه رفع بصره إل��ى الف��ق ف��ي اص��غاء م��ن يتلق��ى همس��ا و س��را. ث��م نظ��ر ف��ي وج��وه أص��حابه وق��ال: ( يطل��ع عليك��م الن رج��ل م��ن أه��ل الجن��ة). و أخ��ذ الص��حاب يتلفت��ون و

يلتفتون؛ من هذا الذي بشلر ؟ فطلع عليهم سعد بن أبي وقاص.

فتبعه عبد ا بن عمرو لعله يدله على ما يفعل ليقتدي به.

فق��ال س��عد:" ل ش��يء أك��ثر مم��ا نعم��ل جميع��ا و نعب��د. غي��ر أن��ي ل أحم��ل لح��د م��ن المس��لمين ض��غنا و لسوءا".

إن عمر بن الخطاب لم ينس نبأ سعد مع أمه يوم أسلم و اتبع الرسول (ص).

ه عن الدين الجديد فلم يفلح أحدهم، فراحت أمه تهدده في أنها تصوم عن الطعام حين أراد جميع أقرباءه ردلة أيام حتى أشرفت على الهلك. و الشراب حتى يعود إلى دين آبائه و قومه. و مضت في ذلك عدل

ق قلبه عليها، فقال كلمته الش��هيرة:" كل ذلك و سعد ل يبالي و ل يبيع دينه و إيمانه بشيء، بالرغم من تمزل تعلمين و ا يا أمه، لو كانت لك مئة نفس، فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء. فكلي إن شئت أة

ل تأكلي".

و عدلت أمه عن عزمها و نزل الوحي فيه يؤي��ده:" و إن جاه�داك عل�ى أن تش��رك ب�ي م�ا لي��س ل كب��ه عل�مفل تطعهما".

46

Page 47: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

قال الزبي��ر ب�ن الع��وام: ه��و ال�ذي فت�ح م��دائن كس�رى، و ك�ان مس��تجاب ال��دعوة و ه�و ال��ذي ت��وللى الكوف��ة و اعتزل الفتنة و جاءه ابن أخيه هاشم بن عتبة، فقال: ها هنا مائة ألف سيف يرونك أحق به��ذا الم��ر فق��ال:"

أريد منها سيفا واحدا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، و إذا ضربت به الكافر قطع".

و معركة القادسية غنية عن التعريف؛ فكان سعد قائدها. و كتب إليه عمر بن الخطاب و حثله على المبادرةن��ك م��ن ا إن قي��ل خ��ال رس��ول ا (ص) و إل��ى القادس��ية فإنه��ا ب��اب ف��ارس: ي��ا س��عد ب��ن أهي��ب، ل يغرل صاحبه، فإن ا ليس بينه و بين أحد نسب إل بطاعته، و الناس شريفهم و وضيعهم في ذات ا سواء، ا ربهم و هم عباده يتفاضلون بالعافية و ي��دركون م�ا عن�د ا بالطاع��ة، ف�انظر الم��ر ال��ذي رأي��ت رس��ول ا

(ص) منذ بعث إلى أن فارقنا عليه فالزمه فإنه المر.

و يكتب سعد إلى أمير المؤمنين واصفا كل مشهد من المعركة.

و يلتقي جيش سعد و جيش الفرس على رأسهم أخطر مقاتل "رستم" و ينفذ سعد وصية عم�ر، فيرس�ل إل�ىرستم نفرا من أصحابه يدعونه إلى ا و السلم.

و قال قائل منهم: إن ا اختارنا ليخرج بنا من شاء من خلق��ه م��ن الوثني��ة إل��ى التوحي��د، و م��ن ض��يق ال��دنياام إلى عدل الس�لم، فم�ن قب�ل ذل��ك من�ا قبلن�ا من�ه و رجعن��ا عن��ه، و م��ن قاتلن�ا إلى سعتها، و من جور الحكل

قاتلناه حتى نفضي إلى وعد ا.

و يسأل رستم: و ما وعد ا الذي وعدكم إياه ؟

فيقال له: الجنة لشهدائنا و الظفر لحيائنا.

فيستوي المر على الحرب و القتال.

فخاطب سعد جيشه، بالرغم من مرضه، مستهل بالية:" و لقد كتبنا في الزبور م��ن بع��د ال��ذكر أن الرضيرثها عبادي الصالحون". ثم كبلر و قال:" هيا على بركة ا".

و قاد سعد المعركة حتى النصر.

ثم تلتها موقعة المدائن و أبلى فيها سعد بلئا حسنا.

و يوم وللى عمر سعدا إمارة العراق، راح يبني للناس و يشيلد، و بنى الكوف��ة، و أرس��ى قواع��د الس��لم ف��يالبلد.

ثم لما طعن عمر، كان سعد بالمدينة حيث اختير من بين الستة للمشورة في اختيار الخليفة الجديد.

كان من بين ما قاله عمر: إن وليها سعد فذاك و إن وليها غيره فليستعن بسعد.

ثم امتدل عمر سعد إلى أن جاءت الفتنة فاعتزلها جميعا و مكث ببيته.

و فارق سعد الحياة في داره بالعقيق و قد جاوز سن الثمانين.

47

Page 48: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: صهيب بن سنان "ربح البيع أبا يحي"-16

هو صهيب بن سنان بن مالك و يكنى بأبي يحي، كنلاه بها رسول ا (ص).

كان صهيب من المبكرين في السلم إذ أسلم هو و عمار بن ياسر في يوم واحد.

بوا. و كان من المستضعفين بمكة الذين عذل

48

Page 49: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و قصته في الهجرة إلى المدينة عجيبة. فلما خرج مهاجرا تبعه المشركون حتى وصلوا إليه، فقال لهم:" ي��ا و ا ل تصلون إليل حتى أرميكم بكل سهم مع�ي،– يعني يجيد الرمي –معشر قريش تعلمون أني أرماكم

ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء. فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه".

قالوا: فدللنا على مالك و نخلي عنك، فتعاهدوا عليه، فدللهم عليه.

لقد دللهم على حقيقة مكان ماله في سبيل أن يتركوه يهاجر إلى رسول ا (ص) في المدينة.! إنه العجب

و بعدما لحق بالنبي (ص) سمع بالقصة فقال (ص): ( ربح البيع أبا يحي).

فأنزل ا عز و جل:" و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات ا و ا رؤوف بالعباد".

و شهد صهيب بدرا و أحدا و الخندق و المشاهد كلها مع رسول ا (ص).

بلاق أربع��ة: أن��ا س��ابق الع��رب، و ص��هيب س��ابق ال��روم، و بلل س��ابق و ق��ال في��ه رس��ول ا (ص): ( السل�� الحبشة، و سليمان سابق فارس). ذلك لن صهيبا أمضى تقريبا كل شبابه عند الروم حين ك��ان أب��وه أس��يرا

عندهم، ثم هرب منهم إلى مكة. و كان كثيرا ما يدعى صهيب الرومي بسبب ذلك.

ب أشد العذاب حتى صار ل يدري ما يقول. و روي عنه أنه عذل

و كان معه في التعذيب أبو فائد، و عمار بن ياسر و عامر بن فهيرة و قوم آخرون، و فيهم نزل��ت:" ث��م إنربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا".

و كان صهيب من الوائل الذين جهروا بإسلمهم و هم: النبي (ص) و أبو بكر و بلل و ص��هيب و خب�ابو عمار بن ياسر، و سمية أم عمار رضي ا عنهم أجمعين.

بوا أش�د الع��ذاب إذ ألبس��وا أدراع الحدي�د ث�م أما النبي (ص) فمنع�ه ا. و أب�و بك�ر ق��بيلته، أم�ا الخري��ن فع�ذلأصهروا في الشمس.

روى صهيب حديثا من أعظم الحاديث عن النبي (ص) إذ قال: ( إذا دخل أهل الجن��ة الجن��ة، و أه��ل الن��ار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند ا عز و جل موعدا يري��د أن ينجزكم��وه، فيقول��ون: م��ا ه��و، أل��م يثقل موازيننا و يبيلض وجوهنا و يدخلنا الجنة و يخرجنا من الن��ار ؟ فيكش��ف له��م الحج��اب، فينظ��رون إل��ى

ا تبارك و تعالى فما شيء أعطوه أحب إليهم من النظر إليه، و هي الزيادة).

فلما رآه صهيب جعل ينادي،" ين��اس، ين��اس"، و– مكان بالمدينة –و جاءه عمر يوما، في جائطه بالعالية كان في لسانه عجمة شديدة. فقال عمر: ما له ل أبا له يدعو الناس ؟

فقالوا: إنما يدعو غلما له اسمه يحنلس. فقال عمر: ما يحنس فيك شيء أعيبه يا صهيب إل ثلث خص��ال:ر لولهن ما قدمت عليك أحدا: أراك تنتسب عربي�ا و لس��انك أعجمي�ا، و تكتن�ي ب�أبي يح�ي اس�م ن��بي، و تب�ذل

مالك.

49

Page 50: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

فقال صهيب:" ا/ا تبذيري مالي فما أنفقه إل في حقه، و أما اكتنائي بأبي يحي فإن رس��ول ا (ص) كنل��اني بأبي يحي فلن أتركها، و أما انتمائي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيرا، فأخذت لسانهم، و أن��ا رج��ل م��ن

النمر بن ساقط".

و كان عمر يحبله كثيرا، و يحسن الظ��ن في��ه، ح��تى إن��ه لم��ا ض��رب أوص��ى أن يص��لي علي��ه ص��هيب، و أنيصلي بجماعة المسلمين ثلثا حتى يتفق أهل الشورى على من يستخلف.

و روي عنه أيضا أنه قال:" لم يشهد رسول ا (ص) مشهدا قط إل كنت حاض��ره و ل��م يب��ايع بيع��ة ق��ط إل كنت حاضرها و لم يسر سرية قط إل كنت حاضرها، و ل غزا غزاة إل كنت فيها عن يمينه أو ش��ماله، و ما خافوا أمامهم قط إل كنت أمامهم، و ل ما ورائهم إل كنت ورائه��م، و م��ا جعل��ت رس��ول ا (ص) بين��ي

و بين العدو قط حتى توفي".

و توفي صهيب بالمدينة سنة ثمان و ثلثين و قيل تسع و ثلثين و هو ابن ثلث و سبعين سنة و دفن بها.

الصحابي: خبلاب بن الرت "المبتلى في جسده"-17

هو خبلاب بن الرت بن جندلة من بني تميم يكنلى بأبي عبد ا.

هو من السابقين الولين الذين بايعوا رسول ا (ص) في السر.

ب على دينه أشد العذاب. و كان من الوائل الذين أظهروا إسلمهم. و أيضا مملن عذل

50

Page 51: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

ابا و صبر و لم يعط الكفار ما سألوا، فجعلوا يلزقون ظهره بالرلضف حتى ذهب لحم متنه. و عذلب خبل

و عن خباب أنه جاء رسول ا (ص) و ه�و متوس�د ب��برد ل�ه ف�ي ظ�ل الكعب�ة فق�ال ل�ه:" أل تستنص��ر لن�ا ؟ا وجهه فقال: ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الرض، ثم يجاء بالميش�ار فيجع��ل فجلس محمرل فوق رأسه، ما يصرفه عن دينه، و يمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم و عصب، ما يصرفه عن دينه،و ليتمنل ا هذا المر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حض��ر م��وت ل يخش��ى إل ا ع��ز و ج��ل و

الذئب على غنمه و لكنكم تعجلون)".

و شهد بدرا و أحدا و المشاهد كلها مع رسول ا (ص).

قال عنه علي بن أبي طالب رضي ا عنه لما كان راجعا من صفلين فمرل بقبر خباب: رحم ا خبابا، أسلمراغبا، و هاجر طائعا، و عاش مجاهدا، و ابتلي في جسمه أحوال، و لن يضيلع ا أجره.

و كان خباب صانعا ماهرا في السيوف في الجاهلية و بعد السلم.

ا لق��ي م�ن المش��ركين فق��ال:" ي��ا أمي��ر الم��ؤمنين، أنظ��ر إل��ى ظه��ري". سأله عم��ر ب��ن الخط�اب ذات ي��وم عمل� فنظر، فقال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل. قال خباب:" لقد أوق��دت ن�ار و س�حبت عليه��ا فم�ا أطفأه�ا إل ودك

ظهري".

و روى خب��اب أن رس��ول ا (ص) ص��لى ص��لة فأطاله��ا، فق��الوا: ي��ا رس��ول ا ص��لليت ص��لة ل��م تك��ن تصليها ؟ قال: ( إنها صلة رغبة و رهبة، إني سألت ا عز و جل فيه��ا ثلث، فأعط��اني اثن��تين و منعن��ي واحدة، سألته أن ل يهلك أمتي بسنة فأعطانيها، و سألته أن ل يسلط عليهم عدوا م��ن غيره��م فأعطانيه��ا، و

سألته أن ل يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها).

و لما مرض خباب مرضا شديدا طويل، عاده نفر من أصحاب رس��ول ا (ص) فق��الوا: أبش��ر أب��ا عب��د ا ترد على اخوانك الحوض. فقال: " إنكم ذكرتم لي إخوانا مضوا، و لم ينالوا من أج�ورهم ش�يئا، و إن��ا بقين��ا

بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما نخاف أن يكون ثوابا لتلك العمال".

و لم��ا اش��تد علي��ه الم��رض اكت��وى س��بع كيل��ات و ق��ال: " ل��ول أن رس��ول ا (ص) نهان��ا أن ن��دعو ب��الموتلدعوت به ".

و عاش بالكوفة و مات بها و هو أول من دفن بها من الصحابة و كان ذلك سنة سبع و ثلثين.

الصحابي: بلل بن رباح "أحد أحد"-18

هو مولى أبي بكر الصديق، حبشي الصل و عاش بمكة.

أعتقه أبو بكر ل عز و جل و كان أول مؤذن في السلم.

51

Page 52: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

كان إذا ذكر أبا بكر عند عمر بن الخطاب قال: أبو بكر سيدنا و أعتق سيدنا.

ب ما لم يعذلب غيره. فيا لها من شهادة يعتز بها بلل الحبشي السود الذي أسلم مع الولين و عذل

فكان بمثابة الثورة ضد الستبداد و الطبقية.

ب في ا عز و جل فصبر على الع��ذاب، و ك�ان أب�و جه�ل يبطح�ه لقد شهد بدرا و المشاهد كلها و مملن عذل على وجهه في الشمس، و يض��ح الرح�ا علي��ه ح��تى تص��هره الش��مس، و يق��ول: أكف��ر ب��ربل محم��د، فيق��ول:"ب و يقول: "أحد أحد"، فق��ال: ي��ا بلل، أح��د أح��د، و ا لئن م��تل أحد". فاجتاز به ورقة بن نوفل، و هو يعذل

على هذا لتلخذنا قبرك جنانا.

به، و يتابع عليه العذاب. و كان بلل مولى لبني جمح و كان أميلة بن خلف يعذل

فقدر ا سبحانه و تعالى أن بلل قتله ببدر.

و كان أميل�ة ب�ن خل�ف بال�ذات يخرج�ه إذا حمي�ت الظهي��رة فيطرح�ه عل�ى ظه��ره ف�ي بطح�اء مك�ة، ث��م ي�أمر بالصخرة الظيمة على صدره ث�م يق��ول: ل ي��زال عل��ى ذل�ك ح�تى يم��وت أو يكف��ر بمحم��د، فيق��ول و ه�و ف�ي

ذلك: " أحد أحد"، فمرل به أبو بكر فاشتراه منه.

ثم آخى رسول ا (ص) بينه و بين أبي عبيدة بن الجراح، و كان يؤذن لرسول ا (ص) ف��ي حي�اته س��فران له في السلم. و حضرا و هو أول من أذل

إن بلل كان مثال للناس جميعا بعدما كان السود يعبدون و يمتلكون من البيض.

فيا لعظمة السلم، إذ أصبح هذا العبد السود سيلدا، بعد إسلمه، من سادة المؤمنين.

و لما توفي رسول ا (ص) أراد بلل أن يخرج إلى الشام فقال ل��ه أب��و بك��ر: ب��ل تك��ون عن��دي، فق��ال:" إن كنت عتقتني لنفسك فأحبس�ني، و إن كن��ت أعتقتن��ي ل ع��ز و ج�ل ف�ذرني أذه��ب إل��ى ا ع��ز و ج�ل" فق��ال:

اذهب.

و قيل أيضا، لما توفي رسول ا (ص) جاء بلل إلى أب��ي بك��ر، فق��ال: "ي��ا خليف��ة رس��ول ا، إن��ي س��معت رسول ا (ص) يقول: ( أفضل أعم��ال الم��ؤمن الجه�اد ف�ي س�بيل ا) و ق�د أردت أن أراب��ط ف�ي س�بيل ا حتى أموت". فقال أبو بكر: أنشدتك ا يا بلل، و حرمتي و حقلي، فق�د ك�برت و اق��ترب أجل�ي، فأق�ام بلل

مع أبي بكر حتى توفي أبو بكر.

ن��ت لب��ي بك��ر ح��تى قب��ض لن��ه ك��ان ول��ي ن��ت لرس��ول ا (ص) ح��تى قب��ض، ث��م أذل و ك��ان يق��ول:" إن��ي أذلنعمتي، و قد سمعت رسول ا (ص) يقول: ( يا بلل، ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل ا)".

ثني ب��أرجى عم��ل عن أبي هريرة رضي ا عنه أن النبي (ص) قال لبلل عند صلة الفجر: ( ي��ا بلل ح��دلعملته في السلم، فإني سمعت دفل نعليك بين يدي في الجنة).

52

Page 53: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

قال:" ما عملت عمل أرجى عندي: أني لم أتطهر طهورا، في ساعة ليل أو نهار إل ص��ليت ب��ذلك الطه��ورما كتب لي أن أصلي".

ثم إن بلل رأى النبي (ص) ف�ي من�امه و ه�و يق��ول: ( م�ا ه�ذه الجف�وة ي�ا بلل ؟ م�ا آن ل�ك أن تزورن��ا ؟).غ علي��ه، فأقب��ل الحس��ن و فانتبه حزينا، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي (ص) و جع�ل يبك��ي عن��ده و يتم��رلت المدين��ة، فلم��ا ق��ال: أش��هد أن ل إل��ه الحسين، فجعل يقبلهما و يضمهما، فقال له: ا أكبر، ا أكبر، ارتجلتها، فلما قال أش��هد أن محم��دا رس��ول ا، خ��رج النس��اء م��ن خ��دورهن فم��ا رئي ي��وم أك��ثر إل ا زادت رجل

باكيا و باكية من ذلك اليوم.

و توفي بلل بدمشق و دفن بها سنة عشرين و هو ابن بضعة و ستين سنة.

الصحابي: عمرو بن الجموح "أريد أن أخطر بعرجتي في الجنة"-19

هو عمرو بن الجموح بن سلمة النصاري، من بني سلمة، و هو سيد من سادات المدينة.

53

Page 54: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

كان ابنه معاذ بن عمرو قد سبقه للسلم و الذي كا أحد السبعين من أصحاب بيعة العقبة

و كان ابنه معاذ مملن يدعون الناس للسلم بالمدينة.

و كان تأثير معاذ على أبيه أجل التأثير، إذ أسلم عمرو قلبه للسلم بعد م��ا ك��ان عب��دا للص��نام و ك��ان م��نأجود الناس.

فجعل جوده، بعد إسلمه، كله ل تعالى.

و لما سأل النبي (ص) جماعة من بني سلمة: ( من سيلدكم يا بني سلمة ؟)، قالوا: الجدل بن قي��س عل��ى بخ��لفيه. قال: ( بل سيدكم الجعد البيض، عمرو بن الجموح). و كانت شهادة غالية لبن الجموح.

كان في ساق ابن الجموح عرجا شديدا يجعله غير صالح للشتراك ف��ي أي قت��ال. و ه��و ال��ذي أراد، و من��ذإسلمه أن يسلم نفسه فداءا ل و للسلم.

و لما جاء معاد بدر أراد أن يخرج مع المسلمين فعفاه رسول ا (ص) منها لعذره.

و لم��ا ك��ان ي��وم أح��د، ق��ال لبني��ه، و ك��انوا كله��م مس��لمين، "لق��د منعتم��وني الخ��روج إل��ى ب��در، فل تمنع��ونيالخروج إلى أحد".

فق��الوا: إن ا ق��د ع��ذرك. ف��أتى رس��ول ا (ص) فق��ال:" إن بن��يل يري��دون أن يحبس��وني ع��ن ه��ذا ال��وجه و ". فق��ال رس��ول ا (ص): ( أم��ا أن��ت! الخروج معك فيه، و ا إني لرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة

فقد عذرك ا و ل جهاد عليك). و قال لبنيه: ( ل عليكم أل تمنعوه، لعل ا يرزقه الشهادة). فأخذ س��لحهني إلى أهلي خائبا". وللى و قال: " اللهم ارزقني الشهادة و ل تردل

ه جابر بن عبد ا، فحملته و حملت أخاه��ا عب��د ا ب��ن فلما قتل يوم أحد جاءت زوجه هند بنت عمرو، عملعمرو بن حرام فدفنا في قبر واحد.

فقال رسول ا (ص): ( و الذي نفسي بيده لقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته).

و قيل إن عمرو بن الجموح كان له أربعة بني�ن يق�اتلون م�ع رس�ول ا (ص)، و أن�ه حم�ل ي�وم أح�د ه�و وابنه خللد على المشركين حين انكشف المسلمون، فقتل جميعا.

قال رسول ا (ص): ( انظروا، فاجعلوا عبد ا بن عمرو بن حرام و عمرو ب�ن الجم��وح ف��ي ق��بر واح��د،فإنهما كانا في الدنيا متحابلين متصافين).

الصحابي: مصعب بن عمير "أول سفير في السلم"-20

54

Page 55: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

إذا كان ك��ثير م��ن ال��ذين أس��لموا م�ن الفق��راء و الض��عفاء، فه��ا ه��و مص��عب ب�ن عمي��ر أح��د فتي��ان مك��ة ال��ذيترعرع في النلعيم و شبل في الخير.

يقال عنه، كان أعطر أهل مكة، حيث يعرف أنه قد مرل من مكان من عطره.

ة القرشي العبدري يكنلى أبا عبد ا. إنه مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن كلب بن مرل

م فيه لما سمع برسالة الهدى، رسالة محمد (ص). لقد ترك كل ما كان يتنعل

أسلم و رسول ا (ص) في دار الرقم. و عرف النبي (ص) ما لهذا الفتى من عقل راج��ح و إيم��ان راس��خو بديهة في القناع و علم (ص) أن معه حكمة تفوق سنله و عمره.

و لكنه كتم إسلمه خوفا من أمه المتسللطة و قومه.

ا، فبصره عثمان بن طلحة العبدي يصللي. و كان يلحق برسول ا (ص) سرل

فأعلم أمه و أهله.

فأخذوه و حبسوه. و بقي في حبسه مدة طويلة.

إلى أن خرج المؤمنون مهاجرين إلى الحبشة، فلم يكن له إل أن يفرل من محبسه و لحق بالمهاجرين.

لقد ترك مصعب كل النعيم الذي كان يتنعم فيه في سبيل ا.

قال فيه رسول ا (ص): ( لقد رأيت مصعبا هذا، و ما بمكة أنعم عند أبويه منه، ثم ترك ذل��ك كل��ه حبل��ا لو رسوله).

أت منه أمه المشركة، قال لها مصعب:" يا أمل��ه، إن��ي ل��ك ناص��ح، و علي��ك ش��فوق، فاش��هدي أن ل و لما تبرل إله إل ا و أن محم��دا رس��ول ا". فأج��ابته غاض��بة: قس��ما ب��الثواقب، ل أدخ��ل ف��ي دين��ك، في��رى برأي��ي و

! يضعف عقلي

و لما تملت بيع�ة العقب��ة م�ا بي��ن الن��بي (ص) و النص��ار بع��ث رس�ول ا (ص) مص��عب معه��م ليفقهه��م ف��يالدين و يصللي بهم.

في حديث للبراء قال: أول من قدم علينا مصعب بن عمير و ابن أم مكتوم.

ل سفير في السلم. و بهذا كان مصعب أول

و عند ابن اسحاق، عن ابن حزم و عبيد ا بن المغيرة، أنهما قال:

بعث رسول ا (ص) مصعب بن عمير مع النفر الثنى عشر الذين بايعوه في العقبة الول��ى، فك��ان منزل��هعند أسعد بن زرارة، و كان يسملى بالمدينة المقرىء.

و كان أول من جمع الجمعة بالمدينة و أسلم على يده أسيد بن حضير و سعد بن معاذ.55

Page 56: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و كفى بذلك فخرا و أثرا في السلم.

و قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين: مصعب بن عمير، ثم أتانا عمرو بن أم مكت��وم، ث��م أتان��ا بع��ده عم��ار ب��ن ياس��ر و س��عد ب��ن أب��ي وق��اص، و عب��د ا ب��ن مس��عود، و بلل ث��م أتان��ا عم��ر ب��ن

الخطاب.

و شهد مصعب بدرا مع رسول ا (ص) و شهد أحدا و معه لواء رسول ا (ص) و قتل بأحد شهيدا.

قيل: كان عمره يوم قتل أربعين سنة أو أكثر قليل.

و يقال فيه نزلت و في أصحابه:" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ا عليه".

روى سعد بن أبي وقاص: كنا قوما يصيبنا ظلف العيش بمكة مع رسول ا (ص).

فلما أصابنا البلء اعترفنا و مررنا عليه فصبرنا و ك�ان مص��عب ب��ن عمي��ر أنع��م غلم بمك��ة و أج�وده حلل�ةمع أبويه، ثم لقد رأيته جهد في السلم جهدا شديدا، حتى لقد رأيت جلده يتحشف كما يتحشف جلد الحيلة.

روى عليل بن أبي طالب ذات يوم: إنا لجلوس مع رسول ا (ص) ف��ي المس��جد إذ طل��ع علين��ا مص��عب ب��ن عمير، و ما عليه إل بردة له مرقوعة بفرو، فلم��ا رآه رس��ول ا (ص) بك��ى لل��ذي ك��ان في��ه م��ن النعم��ة، و الذي هو فيه اليوم. ثم قال رسول ا (ص): ( كيف بكم إذا غدا أحدكم في حللة و راح في حللة، و وض��عت بين يديه صحفة، و رفعت صحفة أخرى، و سترتم بي��وتكم كم�ا تس��تر الكعب��ة ؟). ق��الوا: ي�ا رس�ول ا نح��ن

غ للعبادة و نكفي المؤنة. فقال رسول ا (ص): ( أنتم اليوم خير منكم يومئذ). يومئذ خير منلا اليوم، نتفرل

وا رجلي��ه وا رأس��ه خرج��ت رجله و إذا غطل�� و إن مصعب بن عمير مات و لم يترك إل ثوب��ا، ك��ان إذا غطل��خرج رأسه.

وا رأسه، و اجعلوا على رجليه الذخر). فقال رسول ا (ص): ( غطل

وقف رسول ا (ص) على مصعب بن عمير و ه��و منجع��ف عل��ى وجه��ه ي��وم أح��د ش��هيدا و ك��ان ص��احب لواء رسول ا (ص) فقال رسول ا (ص): ( "من المؤمنين رجال صدقوا ما علهدوا ا عليه. فمنهم من

قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديل").

وقال أيضا: ( إن رسول ا يشهد عليكم أنكم شهداء عند ا يوم القيامة). ثم أقبل على الناس و قال: ( أيه��اوا الناس، ائتوهم فزوروهم، و سللموا عليهم، فوالذي نفسي بي��ده ل يس��للم عليه��م أح��د إل��ى ي��وم القيام��ة إل ردل

عليه السلم).

الصحابي: عبد الرحمان بن عوف "الغني السخي المؤمن"-21

56

Page 57: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

هو عبد الرحمان بن عوف بن كلب بن مرة القرشي الزهري يكنى أبا محمد.

اه رسول ا (ص) عبد الرحمان. كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو أو عبد الكعبة فسمل

أسلم عبد الرحمان مبكرا جدا، و ذلك قبل أن يدخل الرسول (ص) دار الرقم.

عرض عليه أبو بكر السلم هو و عثمان ب�ن عف�ان و الزبي��ر ب�ن الع��وام و طلح�ة ب�ن عبي�د ا و س�عد ب�نأبي وقاص فلم يتردد بل أقبل مسرعا إلى ا و رسوله (ص).

و كان من المهاجرين الولين، هاجر إلى الحبشة و إلى المدينة.

و آخى رسول ا (ص) بينه و بين سعد بن الربيع.

و شهد بدرا و أحدا و المشاهد كلها مع رسول ا (ص).

و ك��ان أح��د العش��رة المش��هود له��م بالجن��ة، و أح��د الس��تة أص��حاب الش��ورى ال��ذين جع��ل عم��ر ب��ن الخط��ابالخلفة فيهم و أخبر أن رسول ا (ص) توفي و هو عنهم راض.

كان لعبد الرحمان بن عوف حظ كبير في التجارة إذ كان يعتبر من الغنياء ف�ي عص��ره و ه�و يق�ول:" لق��درأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحته فضة و ذهبا".

و لكنه كان كثير النفاق في سبيل ا.

و لما آخى النبي (ص) بينه و بين سعد بن الربيع، قال سعد:" إن لي مال فهو بيني و بينك ش��طران، و ل��يجها. فقال عبد الرحمان:" ل حاجة لي ف��ي أهل��ك امرأتان فانظر أيتهما أحببت حتى أخالعها، فإذا حللت فتزول

و مالك، بارك ا لك في أهلك و مالك، دللوني على السوق".

فخرج إلى السوق فباع و اشترى و ربح.

ثم صارت تجارته تعرف من القوافل التي تأتي المدينة.

روى سعيد بن زيد أن رسول ا (ص) قال: ( عشرة ف�ي الجن��ة: أب��و بك�ر ف�ي الجن�ة و عم��ر ف�ي الجن�ة، و علي و عثمان و الزبير و طلحة و عبد الرحمان بن عوف و أبو عبيدة بن الج��راح و س��عد ب��ن أب��ي وق�اص ف��ي الجن��ة). ق��ال: فع��دل ه��ؤلء التس��عة و س��كت ع��ن العاش��ر. فق��ال الق��وم: ننش��دك ا م��ن العاش��ر ؟ ق��ال:

( نشدتموني بال، أبو العور في الجنة). قال: هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.

و قال النبي (ص) أيضا: ( عبد الرحمان بن عوف أمين في السماء، أمين في الرض).

و لما توفي عمر بن الخطاب رضي ا عنه، قال عبد الرحم��ان ب��ن ع��وف لص��حاب الش��ورى ال��ذي جع��ل عمر الخلفة فيهم:" من يخرج نفسه منها و يختار المسلمين ؟" فلم يجيبوه في ذلك، فقال:" أنا أخرج نفسي

من الخلفة و أختار المسسلمين". فأجابوه إلى ذلك و أخذ مواثيقهم عليه، فاختار عثمان فبايعه.

57

Page 58: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

ه، ق��د خف��ت أن يهلكن��ي ك��ثرة م��الي". كان عبد الرحمان كثير المال، فخاف على نفسه فقال لم سلمة:" يا أملقالت: يا بني: أنفق.

ن من سبعمائة راحلة، تحمل البرل و الدقيق و الطعام، فسمع له��ل المدين��ة قيل دخلت يوما قافلة المدينة تتكولة. فقالت عائشة: ما هذه الرجة ؟ فقيل لها: عي��ر ق��دمت لعب��د الرحم��ان ب��ن ع��وف. فق��الت: س��معت الن��بي رجل (ص) يقول: ( يدخل عبد الرحمان بن عوف حبوا). فلما بلغ ذل��ك عب�د الرحم�ان ق�ال:" ي�ا أم�ه إن�ي أش�هدك

أنها بأحمالها و أحلسها و أقتابها في سبيل ا عز و جل".

نعم، لقد أنفق قافلة بأكملها في سبيل ا.

أ تي عبد الرحمان ذات يوم بطعام، و كان صائما، فقال:" قتل مصعب بن عمير، و هو خير مني فكفل��ن ف��ي بردته، إن غطي رأسه بدت رجله، و إن غطي رجله بدا رأسه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط و قد خشينا

لت لنا"، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. أن تكون حسناتنا عجل

ث�م إن م��رة أت��ى الن��بي (ص) عب��د الرحم�ان فوج�ده يص��لي بالن��اس، فلم�ا رآه عب��د الرحم��ان أراد أن يت��أخر،فأومأ إليه النبي (ص): أن مكانك، فصلى و صلى رسول ا (ص) بصلة عبد الرحمان.

و توفي سنة احدى و ثلثين بالمدينة، و هو اب��ن خم��س و س��بعين و أوص��ى بخمس��ين أل��ف دين��ار ف��ي س��بيلا.

و كان سعد بن أبي وقاص فيمن حمل جنازته و هو يقول: واجبله.

و خلف مال عظيما، من ذلك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه و ترك ألف بعي��ر، و م��ائةفرس و ثلثة آلف شاة ترعى بالبقيع.

58

Page 59: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: عبد ا بن عمرو بن العاص "القانت الواب"-22

هو عبد ا بن عمرو بن العاص بن وائل من بني كعب بن لؤي القرشي السهمي.

يكنى أبا محمد.

لقد أسلم عبد ا قبل أبي عمرو بن العاص، و كان مؤمنا فاضل.

قرأ القرآن و الكتب المتقدمة.

و لقد استأذن النبي (ص) في أن يكتب عنه، فأذن له.

و كان عبد ا من أكثر الرواة لحديث رسول ا (ص).

فعنه قال:" كنت أكتب كل شيء أس��معه م��ن رس��ول ا (ص) أري�د أحفظ�ه، فنهتن��ي قري��ش و ق��الوا: أتكت��ب كل شيء تسمعه و رسول ا (ص) بشر يتكلم في الغضب و الرض��ا. فأمس��كت ع��ن الكت��اب. ف��ذكرت ذل��ك

لرسول ا (ص) فأومأ إلى فيه و قال: ( أكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إل حق)".

و قال أبو هريرة: أنا أحفظهم لحديث رسول ا (ص)، إل أن عبد ا بن عمرو كان يكتب و ل أكتب.

و قال عبد ا يوما لرسول ا (ص):" يا رسول ا، في كم أقرأ القرآن ؟ قال: ( اختم��ه ف��ي ش��هر). قل��ت: "إني أطيق أفضل من ذلك" قال: ( اختمه في عشرين). قلت: "إني أطيق أفضل من ذلك. قال: ( اختمه ف��ي عشر). قلت:" إني أطيق أفضل من ذلك". ق�ال: ( اختم�ه ف�ي خم��س). قل��ت: "إن��ي أطي��ق أفض�ل م�ن ذل��ك".

قال: فما رخص لي.

و كان عبد ا كثير الغتباط في العبادة إذ كان يصوم النهار و يقوم الليل.

فبلغ ذلك النبي (ص) فقال له: ( إني أصوم و أفطر و أصلي و أنام و أتزوج النساء. فمن رغب عن س��نتيفليس منلي).

و شهد عبد ا مع أبيه فتح الشام، و كانت معه راية أبيه يوم اليرموك و شهد معه أيضا صفلين.

ت اليام و جاءت موقعة الجم��ل و رف��ض معاوي��ة مبايع��ة عل��ي. فخ��رج عم��رو ب��ن الع��اص ف��ي ص��ف و مرلمعاوية، و كان المراد الوصول إلى قتلة عثمان.

فأمر عمرو بن العاص ابنه عبد ا للخروج معه، لما عرف منزلة عبد ا عند الناس.

فقال عمرو: يا عبد ا، اخرج فقات��ل. فق��ال:" ي��ا أبت��اه، أت��أمرني أن أخ��رج فأقات��ل، و ق��د س��معت رس��ول ا (ص) يعهد إلي ما عهد ؟". قال: إني أنشدك يا عبد ا، ألم يكن آخر ما عهد إليك رسول ا (ص) أن أخذ بيدك فوضعها في يدي و قال: ( إفعل ما أمرتك و أطع أباك). قال:" اللهم بلى". قال: ف��إني أع��زم علي��ك أن تخرج فتقاتل. فخرج فقاتل و تقللد سيفين. فكان يقول: " ما ل��ي و ص��فلين، م��ا ل��ي و قت��ال المس��لمين، ل��وددت

أني متل قبله بعشرين سنة".

59

Page 60: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و قيل إنه شهدها بأمر أبيه له و لم يقاتل.

و عن رجاء عن أبيه قال: كنت في مسجد رسول ا (ص) في حلقة فيها أبو س��عيد الخ��دري و عب��د ا ب��ن عمرو، فمرل علينا الحس��ي ب��ن عل��ي فس��للم، ف��ردل الق��وم الس��لم، فس��كت عب��د ا ح��تى فرغ��وا، رف��ع ص��وته و قال:" و عليك السلم و رحمة ا و بركاته". ثم أقبل على القوم فقال:" أل أخبركم بأحب أهل الرض إل��ى

أهل السماء ؟" قالوا: بلى.

قال:" هو هذا الماشي، ما كللمني كلمة منذ ليالي صفين و لن يرضى عنلي أحبل إلي من أن يكون لي حمر النعم". فقال أبو سعيد: أل تعتذر إليه ؟ قال: "بلى". قال: فتواعدا أن يغدو إليه. قال: فغدوت معهما فاستأذن أبو سعيد فأذن له، فدخل. ثم اس�تأذن لعب��د ا، فل��م ي�زل ب�ه ح�تى أذن ل�ه، فلم�ا دخ�ل ق�ال أب��و س��عيد: ي�ا اب��ن رسول ا، إنك لما مررت بنا أمس، فأخبره بالذي كان من عبد ا بن عمرو فقال الحسين: أعلمت يا عب��د ا أني أحب أهل الرض إلى أهل السماء ؟ قال: " إي و رب الكعبة". قال: فم��ا حمل��ك عل��ى أن ق��اتلتني و أبي يوم صفين ؟ فوا لبي كان خيرا مني. قال:" أجل و لكن عمرو شكاني إلى رسول ا (ص) فقال: يا رسول ا، إن عبد ا يقوم الليل و يصوم النهار فقال لي رسول ا (ص): ( يا عبد ا، صلل و نم و صم

و أفطر و أطع عمرا).

قال:" فلما كان يوم صفين أقسم علي فخرجت، أما و ا م��ا اح��ترطت س��يفا و ل طعن��ت برم��ح و ل رمي��تبسهم".

ر بعد ذلك عبد ا بن عمرو طويل و قيل إنه ق��د عم��ي ف��ي آخ��ر حي��اته ث��م ت��وفي و اختل��ف ف��ي س��نه. و عملفقيل بضع و سبعين أو بضع و تسعين.

60

Page 61: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: سعيد بن زيد "مجاب الدعاء"-23

هو سعيد ب��ن زي��د ب��ن عم��رو م��ن بن��ي ع��دي ب��ن كع�ب القرش��ي الع��دوي، و ه�و اب��ن ع��م عم��ر ب��ن الخط�اب يجتمعان في نفيل و كان صهر عمر زوج أخته فاطمة بنت الخطاب. و ك�انت أخت�ه عاتك�ة بن��ت زي��د تح��ت

عمر بن الخطاب.

و كان سعيد بن زيد يكنلى أبا العور.

فما إن قام رسول ا (ص) يدعو الناس إلى السلم ح�تى ك�ان س�عيد ب�ن زي�د ف�ي طليع�ة م�ن آمن��وا ب�ال وقوا رسالة نبيه (ص). صدل

و قد نشأ سعيد في بيت يستنكر ما كانت عليه قريش من الضلل و كان أب��وه زي��د يبح��ث ط��وال حي�اته ع��نالحق.

و لم يسلم سعيد وحده بل أسلمت معه زوجته فاطمة بنت الخطاب.

و لقي سعيد ككثير من أقرانه عداءا و عذابا من كفار قريش.

و شهد سعيد المشاهد كلها مع رسول ا (ص) إل بدرا، فقد غاب عن ذلك اليوم لن��ه ك��ان ف��ي مهمل��ة كللف��هإياها رسول ا (ص).

و كان سعيد بن زيد و زوجه فاطمة سببا مباشرا في إسلم عمر بن الخطاب.

دخل عليهم يوما فسمعهم يقرؤون القرآن، فشدل عم��ر س��عيدا ش��دا غليظ��ا و ض��رب أخت��ه فاطم��ة ح��تى خ��رجالدم من أذنها...

و لكن كان "همس" القرآن الذي سمعه قد عبر موانع قلبه.

فبعد أن تجاوزه الغض��ب، أمره�ا أن يق��رآ علي�ه بع�ض الق��رآن، فم�ا ك�ان ل�ه إل أن ق�ال: خ�ذوني إل�ى محم�د(ص) و أسلم عندئذ.

فكان ذلك اليوم خير يوم بالنسبة للذين كانوا قد آمنوا، إذ بعمر بن الخطاب صاروا في عزل و أمان.

و عن عبد الرحمان بن عوف قال: قال رسول ا (ص): ( أبو بكر في الجنة، و عمر ف��ي الجن��ة و عثم��ان في الجنة و علي في الجنة، و طلحة في الجنة و الزبير في الجن�ة، و عب�د الرحم��ان ب�ن ع�وف ف�ي الجن�ة و

سعد بن أبي وقاص في الجنة و سعيد بن زيد في الجنة و أبو عبيدة بن الجراح في الجنة).

و كان سعيد مجاب الدعوة، فمن ذلك أن أروى بنت أويس شكته إلى مروان ب��ن الحك��م و ه��و أمي��ر المدين��ة لمعاوية و قالت: إنه ظلمني أرضي، فأرسل إليه مروان، فقال سعيد: " أتروني ظلمتها و قد سمعت رس��ولقه يوم القيامة م�ن س�بع أرض��ين)، الله��م إن ك��انت كاذب��ة فل ا (ص) يقول: ( من ظلم شبرا من أرض طول

تمتها حتى تعمى بصرها، و تجعل قبرها في بئرها".

61

Page 62: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

فلم تمت حتى ذهب بصرها، و جعلت تمشي في دارها فوقعت في بئرها فكانت قبرها.

ا أربعا و عشرين ألفا أو نحو ذلك، فخرجت لنا الروم بعش��رين و م��ائة قال سعيد:" لما كان يوم اليرموك كنل أل��ف، و أقبل��وا علين��ا بخط��ى ثقيل��ة ك�أنهم الجب�ال و س�ار أم��امهم الس�اقفة و البطارق��ة و القسيس��ون يحمل��ون

الصلبان. فلما رآهم المسلمون خالط قلوبهم شيء من الخوف".

فقال أبو عبيدة بن الجراح: يا عباد ا، انصروا ا ينصركم و يثبلت أقدامكم. عباد ا اصبروا فإن الصبر منج��اة م��ن الكف��ر، و مرض��اة لل��رب و مدحض��ة للع��ار و أش��رعوا الرم��اح و اس��تتروا ب��التروس و الزم��وا

الصمت إل من ذكر ا في أنفسكم حتى آمركم إن شاء ا.

قال سعيد:" عند ذلك خ��رج رج��ل م��ن ص��فوف المس��لمين و ق��ال لب��ي عبي��دة: إن��ي أزمع��ت عل��ى أن أقض��يأمري الساعة، فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول ا (ص) ؟".

فقال أبو عبيدة: نعم، تقرئه مني و من المسلمين السلم و تقول له: يا رسول ا، إن��ا وج��دنا م��ا وع��دنا ربن��احقا.

قال سعيد:" فما إن سمعت كلمه، و رأيته يمتشق حسامه، و يمضي إلى لقاء أعداء ا، حتى اقتحم��ت إل��ى الرض و جثوت على ركبتي، و أشرعت رمحي و طعنت أول فارس أقبل علين��ا، ث��م وثب��ت عل��ى الع��دو و قد انتزع ا كل ما في قلبي من الخ�وف فث�ار الن�اس ف�ي وج��وه ال��روم و م�ا زال��وا يق��اتلونهم ح�تى كت�ب ا

للمؤمنين النصر".

و شهد سعيد بعد ذلك فتح دمشق، فلما دانت للمسلمين بالطاعة جعله أبو عبي��دة والي��ا عليه��ا، فك��ان أول م��نولي إمرة دمشق من المسلمين.

و قال سعيد بن جبير: كان مقام أبي بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير و سعد و عبد الرحمانو سعيد، كانوا أمام رسول ا (ص) في القتال و وراءه في الصلة.

و توفي سعيد بن زيد سنة خمسين أو احدى و خمسين و ه��و اب�ن بض�ع و س��بعين س�نة ب�العقيق م�ن ن�واحيالمدينة.

له و حنلطه و صلى عليه. و خرج إليه عبد ا بن عمر فغسل

62

Page 63: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: أبو موسى الشعري "المخلص الحكيم"-24

هو عبد ا بن قيس بن سليم من بني الشعر، المكنى أبو موسى الشعري.

كان أبو موسى يمنيل الصل. فلما سمع بالنبي (ص) يأتيه الوحي بمكة هاجر إليه.

ين ب��دينهم. و بع�د ذل�ك رج�ع م�ع أه��ل الس��فينتين و رس�ول ا (ص) ثم هاجر مع أص�حابه إل�ى الحبش��ة ف�ارلبخيبر.

و لكن أبو موسى لم يأتي وحده، بل جاء و معه بضع و خمسون من عشيرته و أخوان ل��ه: أب��و ره��م و أب��وبردة. و كانوا جميعا يكنلون بالشعريين.

و ك��ثيرا م��ا ك��ان رس��ول ا (ص) يض��رب به��م المث��ل لص��حابه و يق��ول: ( إن الش��عريين إذا أرمل��وا ف��يغزو، أو قلل في أيديهم الطعام، جمعوا ما عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بالسوية فهم منلي و أنا منهم).

إن أبا موسى الشعري تألق في ك��ل م��ا أس��ند ل��ه م��ن أم�ر؛ فق�د ك�ان مق�اتل مغ��وارا و مس�الما طيلب��ا و فقيه�احكيما.

و لقد روي أن قضاة هذه المة أربعة: عمر و علي و أبو موسى و زيد بن ثابت.

و في المع��ارك ال��تي خاض��ها المس��لمون ض��د الف��رس ك��ان لب��ي موس��ى بلء و قت��ال عظيمي��ن. فف��ي موقع��ةن جيش هرمزان بها و جمع فيها جيوشا هائلة. تستر تحصل

و أمدل عمر بن الخطاب أبا موسى بأعداد هائلة من المسلمين يق��ودهم عمل��ار ب��ن ياس��ر و ال��براء ب��ن مال��ك وأنس بن مالك و غيرهم.

و التقى الجيشان و ك�انت ملحم�ة عظيم��ة، انته��ت بنص��ر م��ؤزرا للمس�لمين و فت�ح أب�و موس�ى تس��تر و غن�مالغنائم و أسر الكثير.

و مع أنه كان مقاتل جلدا، كان يعلوه حلما قلل في الكثير غيره. فكان يقرأ الق��رآن و يج��ود ف��ي قرائت��ه ح��تىقال فيه رسول ا (ص): ( لقد أوتي أبو موسى مزمارا من آل داود).

و كان عمر بن الخطاب كلما رأى أبا موسى دعاه إليه ليقرأ القرآن و يقول:

قنا إلى ربلنا يا أبا موسى. شول

و لم��ا ش��بل الن��زاع بي��ن عل��ي و معاوي��ة، أخ��ذ أب��و موس��ى موق��ف المص��لح الب��احث ع��ن التراض��ي و ع��دمالقتتال.

ا للتنازل مؤقتا و كذا لمعاوية. على أن يردل المر كله للمسلمين يخت��ارون بطري��ق كان أبو موسى يدعو عليلالشورى الخليفة الذي يريدون.

63

Page 64: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

و لقد ك�ان م��ن رأي عل�ي ب�ن أب��ي ط�الب حينم�ا قب�ل مب��دأ التحكي��م أن يمثل�ل جبهت�ه ف�ي التحكي��م عب�د ا ب�ن عباس أو غيره من أصحابه و لك��ن الك��ثير م�ن أص�حابه فرض��وا أب�ا موس�ى الش�عري لعلم�ه و إخلص��ه و

طيبته.

ون على توليه الخلفة، كان أبو موسى يرى أن المر يجب أن يكون ش��ورى فبينما كان أتباع معاوية يصرلبين المسلمين.

ثم خرج أبو موسى و عمرو بن العاص، المتناضرين في حوار الخلفة، إلى الناس فخطبهم قائل:

" أيها الناس قد نظرنا فيما يجمع ا به ألفة هذه المة و يصلح أمرها، فلم ن�ر ش�يئا أبل�غ م��ن خل�ع الرجلي��ن و جعلها شورى، يختار الناس لنفسهم من يرونه لها. و إني قد خلعت عليلا و معاوية،– علي و معاوية –

فاستقبلوا أمركم و وللوا عليكم من أحببتم".

و لكن عمرو بن العاص رأى أن معاوية أجدر للخلفة لما طالب بدم عثمان و قد تمل ذلك.

ثم عاد أبو موسى الشعري إلى عزلته كما كان منذ وقوع الفتنة و ارتحل إلى مكة بجوار البيت الحرام.

أما في حياة النبي (ص) فقد ولله مع معاذ بن جبل أمر اليمن، لما رأى في��ه م��ن الحكم��ة و ال��رأي الس��ديد والتريث في إصدار الحكام.

و بعد وفاة النبي (ص) عاد إلى المدينة، ليحمل مسؤولية الجهاد و الفتوحات ضد فارس و الروم.

و من الكلمات التي تركها هذا المخلص ل:

" اتبعوا القرآن و ل تطمعوا أن يتبعكم القرآن".

كان آخر ما قاله أبو موسى على فراش الموت:" اللهم أنت السلم و منك السلم".

64

Page 65: 1رجال صدقوا ما عاهدوا الله  عليه.pdf

الصحابي: سلمان الفارسي "الباحث عن الحق"-25

65