جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء the human rights ... · web view15...

193
از ج ت حلا ا ن ي ز ج ت ح م ل وا ى ف ر مص2003 اع وض# ا ن ي ز ج ت ح م ل ا ن ك ما# وا از ج ت حلا ا ى ف ر مصر يز) ق) ت ل ا وي ن س ل اادس س ل ا) ة ي ع م ج ل) وق) ق ح سان ن? لا ا) ساعدة@ م ل اء ن ح س ل ا

Upload: others

Post on 10-Jul-2020

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء The Human Rights Center for (HRCAP)The Assistance of Prisoners

الاحتجاز والمحتجزين فى مصر 2003 التقرير السنوي السادس

الاحتجاز والمحتجزين فى مصر 2003

أوضاع المحتجزين وأماكن الاحتجاز في مصر

التقرير السنوي السادس لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

The Human Rights Association for

(HRAAP)The Assistance of Prisoners

الاحتجاز والمحتجزين فى مصر 2003

أوضاع المحتجزين وأماكن الاحتجاز في مصر

التقرير السنوي السادس لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

رقم الإيداع :

الناشر : جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

العنوان : 9 شارع الحرية – ترعة السواحل – امبابة – جيزة تليفون: 7121656 (202 ) فاكس 7127077 (202 )

البريد الإلكتروني : [email protected]

Website: www.hrcap.org

الفهــــرس

4تصدير…………………..…...

8المقدمة……………………………………………………………………………...…………

16الفصل الأول : الأسباب التى تؤدي إلى الاحتجاز – انتهاك حقوق الإنسان بالقانون…………….……………

17المبحث الأول : الاعتقال وفقا لقانون الطوارئ…………………………...…………….……..…

22المبحث الثاني : الاعتقال المتكرر……………………………...…………………………..……

25المبحث الثالث : الاختفاء قسرا…………………………...…………………………………...

28المبحث الرابع : احتجاز الأحداث الجانحين كتدبير احترازي…………………………...…………….

36المبحث الخامس : الحبس الاحتياطي…………………………...………………………………..

38المبحث السادس : العقوبة سالبة الحرية قصيرة المدة…………………………...…………………...

40الفصل الثاني : الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز…………………………...…………………………..

43المبحث الأول : الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز المؤقتة…………………………...……………….

49المبحث الثاني : الأوضاع داخل دور الرعاية الاجتماعية……………………………...…………….

52المبحث الثالث : الأوضاع داخل السجون والمعتقلات المصرية………………………….……………

56المطلب الأول : إهدار حق السجناء والمعتقلين في الزيارة والتراسل………………………….……

61المطلب الثاني : الحق في الرعاية الصحية…………………………...………………………...

65المطلب الثالث : الحق في مواصلة التعليم…………………………...………………………..

69المطلب الرابع : التكدس وسوء الأحوال المعيشية ………………………………………

71المطلب الخامس : تأديب ……………………………………………………….

74المطلب السادس : سجون النساء ………………………………………………….

77الفصل الثالث : آليات الحماية القانونية لحماية المحتجزون ……………………………………...…

89الفصل الرابع : المستخلصات النهائية والتوصيات ……………………………………………..

95المرفقات : …………………………………………………………………………

تصدير

الاحتجاز والمحتجزون في مصر ….الوضع علي ما هو عليه

هذا هو التقرير السنوي السادس لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء والذي يتناول أوضاع الاحتجاز والمحتجزين في مصر خلال العام 2003 . ويشعر كل متابع لحقوق الإنسان في مصر بالقلق نتيجة جمود العوامل التي تؤثر فيها، بما يمكن القول معه إن حقوق الإنسان في مصر لا تتطور إلى الأمام بشكل كامل علي أي مستوى من المستويات التي يمكن قياس هذا التطور وفق مقتضاها، بقدر ما تتراجع إلى الخلف علي أصعدة متعددة .

فعلي صعيد البنية التشريعية ليس هناك ثمة تطورات ملموسة لتحسين القوانين التي هي في مجملها معادية لحقوق الإنسان وتضفي بشكل أو بآخر حماية قانونية علي منتهكيها ، فمازالت القوانين المصرية تعتبر الإضراب والتظاهر السلميين جرائم جنائية يعاقب عليها ، ومازال الحق في إصدار الصحف والدوريات وفي تملك وسائل الإعلام المسموعة والمسموعة -المرئية يخضع لقيود شديدة من جانب السلطات ، فيما تظل كثير من النصوص القانونية التي تكبل حرية الرأي والتعبير والاعتقاد كما هي سواء في قانون العقوبات أو في قوانين أخرى مكملة له ، ويظل التعذيب في مصر جريمة لا توجد لها عقوبات رادعة ، وعلي الرغم من الانتقادات المتكررة التي توجه إلى مسلك قانون العقوبات في هذا الشأن فإنه لا الحكومة ولا البرلمان في مصر قد أبديا قدرا من التعاطف أو التجاوب مع تلك الانتقادات ، وقبل ذلك كله وبعده تظل حالة الطوارئ سارية ومعلنة في مصر وتجدد مرة كل ثلاث سنوات منذ أكتوبر 1981 وحتى الآن لتكمل في ربيع العام الحالي 2004 ثلاثة وعشرين عاما مما يعني أن جيلاً كاملاً من المصريين قد شب في ظل بيئة قانونية ذات طبيعة استثنائية تعطي رجال الضبط سلطات واسعة وغير مسبوقة.

وعلي صعيد الممارسات الفعلية وكما كان الحال في عام 2002 ، فإن عام 2003 شهد إساءة استخدام النيابة العامة لسلطتها في حبس المتهمين احتياطيا ، حيث لم يعد الحبس الاحتياطي تدبيراً لصالح التحقيق ولكنه بالأساس تحول إلى نوع من العقوبة يمكن أن تمتد لمدة تزيد أو تقترب من الستة أشهر ، كما انتقلت عدوي حبس المتهمين احتياطيا إلى المحاكم التي باتت – خاصة في القضايا مثار الاهتمام الإعلامي - تفضل حبس المتهمين احتياطيا أكثر من الإفراج عنهم بكفالة مالية أو وضعهم تحت مراقبة الشرطة أو غير ذلك من وسائل التحفظ علي المتهمين ، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تكدس السجون -المتكدسة بالفعل- وإلى نقص وفي بعض الأحيان انعدام الرعاية التي يتعين تقديمها للمحتجزين.

وكما كان الحال في العام 2002 ، فإن الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز الدائمة والمؤقتة ظلت في عام 2003 تتسم بالقسوة المتعمدة حيث مازال التعذيب وإساءة المعاملة من وسائل التحقيق المعتمدة في أقسام الشرطة ، كما تستخدم السلطات الأوضاع المعيشية والإنسانية المتردية كنوع من العقوبة الإضافية تجاه المحتجزين ، فريثما يوقع المحتجزون ما يطلق عليه شهادات التوبة ، تتحسن الأوضاع في السجن سواء علي مستوي الطعام أو الزيارة أو الرعاية الصحية ، وحين يمتنع المحتجزون عن الإقرار بتوبتهم تسوء الأوضاع المعيشية وتعاني الأماكن التي يحتجزون فيها من تدهور متعمد حيث تقل كميات الطعام وتسوء الرعاية الصحية وتتكدس عنابر الاحتجاز ويمنع اتصال المحتجزين بذويهم كما يمنعون من الحصول علي حقهم في التعليم.

ولا يزال عدد المعتقلين وفقا لقانون الطوارئ غير معروف بشكل محدد أو رسمي ، وتعمد الحكومة المصرية إلى التعتيم القصدي علي عدد المعتقلين في سجونها إلى الدرجة التي دفعت أحد مساعدي السيد وزير الداخلية إلى أن يعلن أمام لجنة مناهضة التعذيب في خريف عام 2002 إلى أنه لا يمكن معرفة أعداد المعتقلين في السجون المصرية لأن العشرات يدخلون السجون كل يوم ويفرج أيضا عن العشرات كل يوم!!.

وعلي الصعيد ذاته مازالت الأوضاع داخل مراكز احتجاز الأحداث تتسم بالتدهور وانعدام الرعاية بما يحولها إلى بؤر إجرامية أكثر من كونها أماكن لإعادة تأهيل الأحداث وإدماجهم في المجتمع فضلا عن عدم تمكنها من استيعاب كل الأحداث الجانحين ، كما ظلت أماكن الاحتجاز الخاصة بالنساء تعاني المشاكل نفسها التي تعانيها أماكن الاحتجاز الأخرى فضلا عن المشكلات الخاصة بطبيعة تلك السجون نفسها والتي يأتي علي رأسها الكيفية التي يجري بها احتجاز الأطفال مع أمهاتهم ، ونوع الرعاية الصحية والاجتماعية الواجب تقديمها لهؤلاء المحتجزين الصغار .

وعلي صعيد حالات الاختفاء القسري فإن عام 2003 وإن لم يشهد حالات اختفاء جديدة إلا إن الحالات القديمة والتي يرجع تاريخ بعضها إلى عام 1989 لم يتم إجلاء مصيرها بعد ، ولكن عام 2002 شهد أول حكم قضائي يلزم وزارة الداخلية بدفع مائه ألف جنيه لوالدي مواطن مصري يدعى مصطفى محمد عبد الحميد عثمان كان قد اختفي قسريا عقب إلقاء القبض عليه من قبل قوات الأمن بتاريخ 17/12/1989 في أعقاب محاولة اغتيال اللواء زكى بدر وزير الداخلية ولم تتمكن وزارة الداخلية من تحديد مصيره .

وعلي الرغم من أهمية هذا الحكم الشديد وإقراره مبدأ مسئولية الوزارة عن تعويض أهالي المختفي بما يعنيه ذلك من مسئوليتها عن اختفائه، فإن الحاجة أصبحت ملحة أكثر لكي تقوم النيابة العامة بواجبها في التحقيق في ظروف اختفاء هؤلاء المواطنين وإعلان نتيجة تلك التحقيقات علي الرأي العام ، ثم تقديم المتورطين في تلك الجرائم إلى المحاكمة ، فإن كان التعويض المالي لأسرة المختفي قد يواسيهم إلا أن منع تكرار مأساة الاختفاء القسري يحتم علي المجتمع أن يسعى للقصاص من مرتكبي تلك الجريمة حتى لو ثبت أنهم يتسترون خلف مناصب رسمية .

وعلى صعيد عمل مؤسسات حقوق الإنسان فقد شهد هذا العام بداية العمل الفعلى لقانون الجمعيات الأهلية الجديد و امتثالا لنص المادة الرابعة من القانون 84لسنة2002 ، سع مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء – بعد الإشهار تحول اسمه إلى جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء – إلى توفيق أوضاعه كجمعية أهلية بعد أن كان شركة مدنية غير ربحية تأسست بهدف مساعدة السجناء وأسرهم ، وعلي الرغم من نصائح تلقيناها من ضرورة الامتناع عن توفيق الأوضاع إلا أن رغبتنا في المضي قدما في العمل في الميدان الذي اخترناه ونجاحنا فيه جعلنا نقدم علي تلك الخطوة على أما إلا تكون خطوة في الاتجاه الخطأ .

ولقد كان من الخطوات الضرورية لتوفيق الأوضاع أن يحيل مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء جميع الأموال التي تلقاها كتمويل لأنشطته إلى جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء لتستكمل تنفيذ العقود التي أبرمها والتي تستمر لعام 2004 باعتبارها خلفا خاصا له يتعين عليها أن تلتزم بما التزم به وان تتقاضى ماله قبل الغير ، وعلي ذلك قام المركز بتحويل المبالغ الموجودة بحسابه تحت حساب تنفيذ العقود المبرمة مع جهات تمويل لا غبار عليها وهى الاتحاد الأوربي والمعونة الدنمركية إلى حساب الجمعية التي اجتمع مجلس إدارتها وقبل هذه الأموال باعتبار أن الكيانين هما في حقيقة الأمر كيان واحد وفق أوضاعه وفقا للقانون ، ولا يترتب علي هذا التوفيق إغفال تلك الحقيقة ، أو الانتقاص منها.

وعلي الرغم من نصائح مستشارينا القانونيين بأننا لا نحتاج إلى موافقة وزير الشئون الاجتماعية علي استكمال تلك العقود ، باعتبار إنها ليست تعاقدات جديده وانما هي تعاقدت قديمة قبل دخول القانون 84لسنة2002حيز النفاذ ، إلا أن مجلس الإدارة رأي استئذان الوزارة في قبول هذه المبالغ واستكمال تنفيذ العقود والتي لا تخرج عن تقديم مساعدة قانونية للسجناء واسرهم ، وطباعة بعض الكتب في ميدان حقوق الإنسان وتقصي الحقائق حول الأوضاع داخل السجون .

وفي 6/8/2003 تقدمنا بطلب الموافقة ، وظللنا طيلة ثلاثة اشهر نحاول أن نعرف مصير طلبنا دون جدوى ، ونتلقي من الوزارة الأخطار تلو الأخطار تحذرنا فيه من صرف أبه مبالغ دون أذن ، وكانت النتيجة إن توقفت المؤسسة عن العمل منذ إن وفقت أوضاعها ، واستغنت عن نصف العاملين ، واصبح النصف الأخر يعملون دون تقاضي مرتبات ، طوال هذه الفترة إلا أن أعلنت الجمعية إنها يتعقد مؤتمرا صحفيا تعلن فيه إعادة أموال المنحة المقدمة من الاتحاد الأوربي لعدم استطاعتها استخدامه نتيجة المعوقات الإدارية والأمنية ، واستمر هذا الوضع إلى أن صدرت الموافقة فى أوائل شهر ديسمبر من عام 2003 وبعد شبه أتقاطع للعمل طيلة ثلاثة اشهر .

وعلى صعيد المؤسسات الأخرى فلم تفلت من هذه الضغوط الأمر الذى وصل إلى رفض توفيق أوضاع بعض المؤسسات ولاسباب لم تندرج تحت أسباب الرفض الواردة فى قانون الجمعيات الأهلية ذاته فقد كان اغلبها مرفوضة لاسباب أمنية غير موضحة وهو الأمر الذى دفع هذه المؤسسات إلى إقامة دعاوى قضائية للإلغاء هذه القرارات

إن ذلك التقرير السنوي – مثله مثل غيره من التقارير السنوية التي تصدر عن المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان – يهدف إلى إلقاء نظرة كلية علي واقع مراكز الاحتجاز والمحتجزين فيها بشكل أساسي لحفز الجهود الدولية والإقليمية علي العمل مع الحكومة المصرية – إن رغبت – والضغط عليها – إن أبت- لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فيها ، ولفت انتباه الرأي العام المحلي وصناعه – الصحفيين وقادة الرأي - علي سبيل المثال - إلى الاهتمام بالمحتجزين وأماكن الاحتجاز و إلقاء الضوء علي ما يحدث فيها ، بيد أنه وعلي الرغم من أهمية هذا الموضوع فإن الصحف المصرية وقادة الرأي العام لا يبدون اهتماما بتطوير أوضاع المحتجزين وأماكن الاحتجاز في مصر .

إن هذا التقرير يعرض وجهة نظر جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في واقع حقوق أوضاع الاحتجاز والمحتجزين في مصر لعام 2003 ، وهو يقرر أن النتائج التي توصل إليها إنما هي نتيجة المعلومات التي حصل عليها فريق العمل التابع له والتي قام بتحليلها علي ضوء القوانين واللوائح التي تحكم الاحتجاز والمحتجزين في مصر سواء تعلقت بهم بشكل مباشر أو غير مباشر . وهو يرجو أن يساعد هذا التقرير -والذي هو في حقيقته تتويج للتقارير النوعية والشاملة التي أصدرتها الجمعية خلال العام 2003 – علي لفت الانتباه إلى حقيقة مهمة تخلص إلى أن التنمية المستدامة عمادها الإنسان ، وبغير احترام لهذا الإنسان ولكرامته ، وبغير ضمان تمتعه بحقوقه – وبصفة خاصة وهو محتجز – فإنه لا قيمة ولا معني للحديث عن أي نوع من أنواع التنمية.

جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

مقدمة

البيئة التي يجري في إطارها احتجاز الأشخاص

نظرة عامة

تتسم البيئة القانونية التي يجري فيها ومن خلالها احتجاز الأشخاص في مصر بالثبات وعدم التغيير علي الرغم من الانتقادات التي وجهت إليها علي الصعيدين الوطني والدولي منذ أكثر من عشرين عاما ، فهناك إسراف تشريعي في استخدام العقوبات قصيرة المدة السالبة للحرية في التشريع المصري والتي تمثل عقوبة الحبس وحدها الأدنى أربع وعشرون ساعة أكثر من 49% من العقوبات في قانون العقوبات المصري – وهو إسراف يعود إلى عام 1937 تاريخ صدور قانون العقوبات – الأمر الذي يؤدي إلى حالة من حالات التكدس داخل السجون ويساعد علي انتهاك حقوق المحتجزين فيها ، فضلا عن ذلك فإن كثيراً من الأفعال لا يمكن اعتبارها جرائم في الأساس ورغم ذلك يعاقب عليها قانون العقوبات المصري بعقوبات مغلظة أقلها السجن؛ الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من تكدس السجون وانتهاك حقوق الأفراد. ومثال ذلك ما تنص عليه المادة 98 أ مكرر من قانون العقوبات والمضافة بالقانون 34 لسنة 1970 والتي تعاقب " بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه كل من أنشأ أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الاشتراكي في الدولة أو الحض على كراهيتها أو الازدراء بها أو الدعوى ضد تحالف قوى الشعب العاملة أو التحريض على مقاومة السلطات العامة أو ترويج أو تحبيذ شئ من ذلك، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تتجاوز خمسمائة جنيه كل من انضم إلى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه أو اشترك فيها بأي صورة من الصور ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة كل من روج بأية طريقة لمناهضة المبادئ الأساسية آلتي يقوم عليها النظام الاشتراكي في الدولة أو حرض على كراهية هذه المبادئ والازدراء بها أو جند الدعوة ضد تحالف قوى الشعب العاملة أو حرض على مقاومة السلطات العامة وكذلك كل من حاز بالذات أو الوساطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن ترويجا وتحبيذا لشيء مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو إطلاع الغير عليها وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شئ مما ذكر " .

وفضلا عن ذلك فإن الكثير من المخالفات ذات الطابع المدني البحت قد تصدي لها المشرع المصري بعقوبات سالبة للحرية قصيرة المدة ولا يوجد قانون ذو طابع مدني أو تجاري إلا ويتضمن فصلا مستقلا تحت اسم العقوبات ، وهي في مجملها عقوبات قصيرة المدة سالبة للحرية ، وتتضمن تلك المواد في الغالب عبارة شهيرة تقول " مع عدم الإخلال بأية عقوبات أخرى يكون منصوصا عليها في قانون آخر …."

فعلي سبيل المثال يعاقب القانون 84لسنة2002 بشأن الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة علي مخالفة أحكامه بعقوبات متعددة تشمل توقيع عقوبة الحبس علي مخالفات ذات طبيعة إدارية مثل إنشاء جمعية دون ترخيص أو مباشرة أي نشاط من أنشطة الجمعيات دون ترخيص ، أو إنشاء أي كيان تحت أي مسمى يقوم بنشاط من أنشطة الجمعيات أو المؤسسات الأهلية دون أن يتبع الأحكام المقررة في هذا القانون ، أو يباشر نشاطا من أنشطة الجمعيات أو المؤسسات الأهلية رغم صدور حكم أو قرار بوقف نشاطها أو بحلها أو تلقى بصفته رئيسا أو عضوا في جمعية أو مؤسسة أهلية - سواء كانت هذه الصفة صحيحة أو مزعومة - أموالا من الخارج أو أرسل للخارج شيئا منها أو قام بجمع التبرعات دون موافقة الجهة الإدارية ، فضلا عن عقاب كل من يباشر أي نشاط من أنشطة الجمعيات قبل تمام شهرها بالحبس أيضا .وعلي الرغم من أن المشرع حاول في بعض الأحوال التخفيف من الآثار السلبية لهذا النوع من العقوبات علاجا للتكدس من ناحية ومراعاة للخطورة الإجرامية للفاعل من ناحية أخري ، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة للقضاة في توقيع عقوبة الغرامة بدلا من عقوبة الحبس؛ فإن القضاء المصري ما زال يفضل الحبس كعقوبة أكثر من عقوبة الغرامة علي أساس أن أحد أهداف العقوبات – من وجهة نظرهم – هو الإيلام، الأمر الذي قد لا تحققه الغرامات المالية ّ! .

ومن ناحية أخرى مازال قانون الإجراءات الجنائية في المواد من 134إلى 143 يتيح لوكلاء النائب العام سلطة واسعة لحبس المتهمين احتياطيا علي ذمة التحقيقات دون أن تكون هناك رقابة كافية عليهم في اتخاذ تلك القرارات التي لا يفرض عليهم القانون تسبيبها من ناحية ، ولا يسمح للمضرور منها باستئنافها ، فى حين يسمح بذلك فقط للنيابة العامة فيما لو أمر قاضي المعارضات بالإفراج عن المتهم وفقا لنص المادة 164 من قانون الإجراءات الجنائية ، الأمر الذي يفتح الباب أمام استخدام تلك الرخصة كأداة للانتقام من المتهمين ، والتنكيل بهم ويؤدي إلى إعاقة التحقيقات حيث يمتنع المتهمون عن المثول أمام النيابة العامة ويلجئون إلى الهرب إن استطاعوا ذلك ، خشية أن يتم حبسهم احتياطيا بما يغل أيديهم عن تجهيز أدلة براءتهم ويطلق يد سلطات الاتهام في ترتيب أدلة الإدانة ، كما يؤكد علي أن القانون المصري لا ينظر نظرة تتسم بالمساواة لكل من الادعاء والدفاع ويميز الادعاء عن الدفاع في أوجه كثيرة ، ويتمم ذلك ويؤكده أن القانون لم يلزم النيابة العامة بإنهاء التحقيق في مدي زمني محدد وكل ما أوجبه هو عرض الأمر علي النائب العام لاتخاذ ما يراه إذا لم ينتهى التحقيق خلال ثلاثة أشهر والمتهم محبوس ، أما إن كان المتهم محبوساً احتياطيا في جناية فيمكن أن يظل في محبسه حيث أباح القانون في المادة 143إجراءات جنائية تجديد هذا الحبس بإذن من محكمة الجنايات مرة كل خمسة و أربعين يوما ، الأمر الذي يمكن معه أن يظل المتهم محبوسا علي ذمة تحقيق لا يعرف علي وجه التحديد متي ينتهي .

وكما هو الحال منذ عام 1992 يمنح القانون المصري لرجال الشرطة في أنواع معينة من الجرائم احتجاز المتهم لأكثر من ستة أيام دون عرضه علي النيابة العامة ،مثال ذلك ما أوردته الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة السابعة مكرر من القانون رقم 97 لسنة 1992 بشأن مكافحة الإرهاب والتي تنص على: "يكون لمأمور الضبط القضائي إذا توافرت لديه دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة وأن يطلب من النيابة العامة خلال أربع وعشرين ساعة على الأكثر أن تأذن له بالقبض على المتهم"، …… "وللنيابة العامة في هذه الحالة ولأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع أن تأذن بالقبض على المتهم لمدة لا تجاوز سبعة أيام ويجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع أقوال المتهم المقبوض عليه ويرسله إلى النيابة العامة المختصة بعد انتهاء المدة المشار إليها في الفقرة السابقة". ويعد هذا التعديل -فضلا عن كونه استثناء وخرقاً لقواعد قانون الإجراءات الجنائية التي تقضى بأن يرسل مأمور الضبط القضائي المتهم في خلال أربع وعشرين ساعة إلى النيابة العامة المختصة وفق نص المادة 36 إجراءات جنائية – سببا من أسباب تكدس أماكن الاحتجاز المؤقتة في الأقسام والمراكز من ناحية ويطلق يد رجال الشرطة في تعذيب المتهمين ثم حجزهم حتى تخف أو تزول آثار هذا التعذيب فيما يعد وسيلة جديدة لمساعدة ضباط الشرطة علي الإفلات بجرائمهم من عقاب القانون.

ومازال قانون الطوارئ ساريا في مصر وهو القانون الذي يمنح لرجال الشرطة الحق في اعتقال المواطنين إداريا فيما إذ شكلوا – من وجهة نظر الإدارة – خطورة علي أمن المجتمع ، وعلي الرغم من أن المشرع حاول التخفيف من غلو هذا الأمر عندما منح محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لقانون الطوارئ الحق في مراقبة أسباب الاعتقال سواء عند تظلم المعتقل من قرارا اعتقاله أو حال اعتراض وزير الداخلية علي قرار المحكمة بإطلاق سراح المعتقل ، إلا أن وزارة الداخلية تعمد إلى الالتفاف حول قرارات القضاء بالإفراج عن المعتقلين ، وذلك بإعادة اعتقالهم بقرارات اعتقال جديدة – بعد توقيفهم لفترة قصيرة في أحد العنابر داخل السجون أو في بعض أقسام الشرطة وفي بعض الأحيان في سيارات نقل الجنود – الأمر الذي أدي إلى تكدس غير مسبوق في السجون المصرية .

ولا يلزم قانون الطوارئ المصري رقم 162لسنة1958 وتعديلاته وزارة الداخلية بإعلان أعداد المعتقلين أو أسمائهم وأماكن احتجازهم ، وتتعمد وزارة الداخلية إضفاء الغموض والسرية علي أعداد المعتقلين ، الذين تقدرهم جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء بحوالي خمسة عشر ألف معتقل علي الأقل بعد الإفراج عن حوالي ألف معتقل خلال العام 2003، وهو التقدير الذي تكاد تتفق حوله المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان في مصر . ونتيجة الاعتقال المتكرر والتعتيم علي المعتقلين و أعدادهم وأماكن احتجازهم فقد المعتقلون و أسرهم الثقة في آليات القضاء المصري بل وحتى في فاعلية مؤسسات المجتمع المدني وأصبحوا فريسة للإحباط والانكسار؛ الأمر الذي سوف يؤدي إلى أوخم العواقب في المستقبل .

ويظل القانون رقم 396 لسنة 1956 الخاص بتنظيم السجون كما هو ، وتظل بالتالي جميع الملاحظات التي أبديت عليه وعلي الطريقة التي صدر بها وعلي المواد غير الدستورية التي يحتويها– والتي أوردتها مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في تقريره السنوي الرابع - قابلة للتكرار، حيث صدر بموجب قرار من رئيس الجمهورية آنذاك ودون عرضه علي البرلمان ورغم عدم توافر حالة من حالات الضرورة التي تبيح لرئيس الجمهورية إصدار قرارات لها قوة القانون ، وألغي المعاملة الخاصة للمحبوسين في قضايا الرأي والصحافة والتي كان يمنحها لهم المرسوم بقانون رقم 21لسنة1936 والمعدل بالقانون رقم 636لسنة 1954 حيث كانوا يعاملون في ظل ذلك المرسوم معاملة المحبوسين احتياطيا مما يمنحهم العديد من المزايا، منها الحق في شراء الصحف والمجلات من خارج السجن ، وحقهم في مقابلة محاميهم منفردين في أي وقت، والحق في الحصول علي العلاج داخل السجن أو في أي مستشفي يتوافر فيه العلاج والحق في جلب ملابسهم وأدواتهم الشخصية من الخارج ، وغير ذلك من المزايا التي تتفق مع كون مرتكبي جرائم الرأي يتعين إخضاعهم لمعاملة عقابية مختلفة عن غيرهم من مرتكبي الجرائم العادية ، كما يتيح هذا القانون لرئيس الجمهورية إنشاء سجون خاصة يعين في قرار إنشائها فئات السجناء الذين يودعون بها وكيفية معاملتهم وشروط الإفراج عنهم ، الأمر الذي يمنح رئيس الجمهورية سلطات استثنائية في خصوص إنشاء السجون واحتجاز أفراد بعينهم فيها ، فضلا عن أن القانون يمنح لوزير الداخلية ذاته الحق في أن يصدر قرارا بتحديد بعض الأماكن التي يمكن حجز أو اعتقال المواطنين فيها – كمعسكر أو عقار أو مبني وزارة الداخلية أو مقار مباحث أمن الدولة ، علي أن يكون حق الدخول إليها والتفتيش عليها للنائب العام أو من ينيبه بدرجة رئيس نيابة علي الأقل ، وهو استثناء خطير – علي ما سبق أن أوضحناه في التقرير السنوي الرابع – حيث يعطي وزير الداخلية الحق في تحديد أماكن يراها كسجون خاصة يودع فيها أشخاصا بعينهم دون أن يضع القانون ضوابط لهذه الأماكن أو وصفا لها أو تحديدا للفئات التي يجري إيداعهم فيها ، والأخطر أن القانون يمنع التفتيش علي هذه الأمكنة إلا للنائب العام أو أحد معاونيه من درجة رئيس نيابة علي الأقل؛ الأمر الذي يضفي مسحة مظهرية علي هذا التفتيش، فمن غير المتصور أن يقوم النائب العام علي تعدد مهامه بالتفتيش علي تلك الأمكنة ، كما أن إجراءات ندب رؤساء النيابة تتسم بالتعقيد ، وهو الأمر الذي ينـزع من قصد الإشراف القضائي أهم مزاياه وهو السرعة والمباغتة في عملية التفتيش؛ الأمر الذي يجعل المعتقل في تلك الأمكنة أكثر تعرضا للتعذيب والتنكيل ممن يعتقل في أحد السجون العمومية المنصوص عليها في القانون.

كما تضمن هذا القانون معاملة تمييزية خاصة لضباط الشرطة، إذ صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1346لسنة1960 في 18يوليو1960 متضمنا: "تخصيص غرفة أو أكثر في فرق الأمن بالمحافظات والمديريات لإيداع المحبوسين احتياطيا من ضباط الشرطة بها"، ففي حين يتم احتجاز المحبوسين احتياطيا في جرائم رأي وفكر ذات طبيعة سياسية في السجون العمومية يتمتع الضباط الذين يحبسون احتياطيا -وأغلبهم متهم في جرائم تعذيب أو غيرها من الجرائم المخلة بالشرف- بالحبس في غرف مخصصة لهم في مقار أعمالهم في فرق الأمن بالمحافظات المختلفة

وفضلا عن كل ذلك فإن نصوص قانون تنظيم السجون تكرس الكثير من العقوبات المهينة والحاطة بالكرامة فتجيز المادة الثانية من القانون سالف الذكر وضع قدمي المحكوم عليه فى داخل الليمان أو خارجه إذا خيف هربه وكان هذا الخوف لأسباب معقولة !!.

وتجدر الإشارة إلى أن عام 2002 – وكما رصدنا فى التقرير السابق - قد شهد تعديلا إيجابيا في قانون السجون المشار إليه ، وذلك بصدور القانون رقم 152 الصادر في 14/2/2002 بإلغاء عقوبة الجلد كعقوبة تأديبية في السجون المصرية ، حيث قام قسم التشريع بمجلس الدولة بإعداد مشروع قانون بإلغائها وافق عليه البرلمان بعدما تبين له - بعد أكثر من ثلاثين عاما من صدور الدستور المصري الدائم - مخالفة هذه العقوبة للمادة 42 من الدستور والتي تنص على " أن كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا " ، فضلا عن مخالفتها للمادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص علي أنه "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب وللمعاملة المهينة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة " ، و المادة السابعة من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية التي تنص علي أنه:" لا يجوز إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة وعلى وجه الخصوص فإنه لا يجوز إخضاع أي فرد دون رضائه الحر للتجارب الطبية أو العلمية " واللتين تعتبران في قوة القانون الداخلي وفقا لنص المادة 151 من الدستور.

وتعتبر تلك الحالة من الحالات القليلة بل النادرة التي يناقش فيها مجلس الشعب في جلساته العامة موضوعا يتعلق بالسجون المصرية والأوضاع فيها، ويلفت النظر أيضا إلى أن المشروع بقانون لإلغاء عقوبة الجلد قدم من الحكومة وليس من أعضاء البرلمان ،

وبنفس الأسلوب تقدمت الحكومة بمشروعين لقانونين إحداهما بإنشاء مجلس قومي لحقوق الإنسان والآخر بشأن إلغاء قانون رقم 105 لسنة 1980 الخاص بإنشاء محاكم امن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات وبالفعل اصدر البرلمان القانون رقم 94 لسنة 2003 بشان إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان والقانون رقم 95 لسنة 2003 بشان المشروع الثاني والذي بمقتضاه تم إلغاء محاكم أمن الدولة وإلغاء الإشعال الشاقة داخل السجون المصرية

ومن ناحية أخرى وفى غضون شهر مايو 2003 وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب على اقتراح بمشروع قانون تقدم به النائب كمال احمد لتخصيص مقار احتجاز خاصة للأطفال داخل أقسام الشرطة ، وقد قررت اللجنة إعداد تقرير لعرضه على المجلس وأوصت بإحالة المشروع إلي اللجان التشريعية والدينية والصحة والأمن القومي لإقراره من الناحية الموضوعية .

وعلي الرغم من توافر المعلومات حول الانتهاكات التي تحدث في السجون ومراكز الاحتجاز المؤقتة فإن مجلس الشعب المصري لم يناقش طوال أدوار الانعقاد الثلاثة من هذا الفصل التشريعي – أي موضوع يمكن اعتباره متعلقا بشكل أساسي بتحسين أحوال حقوق الإنسان – كما لم يستجب المجلس لمطالبات جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أو غيرها من مؤسسات حقوق الإنسان لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات التي تحدث داخل مراكز الاحتجاز المصرية أو حول انتهاك الحكومة المصرية لنصوص ومواد قانون الطوارئ ذاته – علي كثرة لجان التقصي التي يشكلها المجلس - مما أعطى السلطة التنفيذية شعورا بأنها باتت في مأمن من المساءلة القانونية – نتيجة قصور البنيان التشريعي – أو المساءلة السياسية – نتيجة عدم اهتمام البرلمان بأوضاع حقوق الإنسان بشكل كاف - ، ولم يبق إلا المساءلة الدولية وهي لا تشكل إلا ضغطا معنويا علي الحكومة المصرية تستطيع التعامل معه بحجة الاشتراك في الحرب العالمية ضد الإرهاب ، وهي الحجة التي حاولت الحكومة – بغير نجاح كبير - أن تسوقها كسبب لتدهور سجلها في هذا المجال أثناء مناقشات لجنة حقوق الإنسان ، ولجنة مناهضة التعذيب في جنيف خريف عام 2002 .

علي أن عدم اهتمام صناع الرأي العام وقادته بقضايا حقوق الإنسان يثير الكثير من الاندهاش ويعطي إحساسا إضافيا بالأمان للسلطة التنفيذية وهي تنتهك حقوق المواطنين ،

ولا يمكن لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء إلا أن تنظر بالتقدير للدور الذي يحاول القضاء أن يلعبه للدفاع عن حقوق الإنسان وإلزام الدولة وموظفيها المكلفين بإنفاذ القوانين باحترامها ، ولكن هذا الدور يحد من فاعليته أمران، الأول: قصور النصوص التشريعية التي تعاقب علي انتهاك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين لحقوق الإنسان ، الثاني: رفض الحكومة تنفيذ أحكام القضاء فيما خلا الأحكام التي تتضمن تعويضات مدنية للضحايا ، فأحكام القضاء بفتح السجون أو إلغاء قرارات وزير الداخلية بمنع بعض المحتجزين من تلقي العلم أو بالإفراج عن المعتقلين وغير ذلك لا يجري تنفيذها تنفيذا عينيا أمينا ووفق ما ينص عليه منطوقها، أما أحكام التعويض التي تصدر ضد الحكومة نتيجة الامتناع عن تنفيذ هذه الأحكام فهي فقط التي تنفذ بشكل ما، وعلي الرغم من أن المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية تعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عن تنفيذ أحكام القضاء، فإن عام2003 ومن قبله 2002 لم يشهدا صدور حكم جنائي نهائي بحبس وعزل موظف عمومي امتنع عن تنفيذ أحكام القضاء ويرجع ذلك إلى أمرين:-

الأمر الأول: أن الحكومة المصرية تمنح عضوية مجلس الشورى بواسطة التعيين – فيما لو لم يكونوا منتخبين بمجلسي الشعب أو الشورى - إلى الوزراء والموظفين العموميين الذين تتصور أنهم يمكن أن يكونوا موضع مساءلة قضائية حال امتناعهم عن تنفيذ الأحكام وعلي رأس هؤلاء السيد وزير الداخلية ، ويكسب هذا التعيين الموظف حصانة برلمانية ضد إجراءات المساءلة القضائية ما لم يأذن المجلس الذي ينتمي إليه برفعها عنه.

الأمر الثاني: أن بعض الموظفين العموميين يقومون بتنفيذ الأحكام تنفيذا شكليا لا يفي بالمقصود منها، ويلجأون إلى الكثير من الحيل القانونية التي تعيق التنفيذ ، تساعدهم علي ذلك سلطات وظائفهم ، وفي هذا المقام يمكن الاستدلال بما تقوم به وزارة الداخلية تجاه الأحكام الصادرة لصالح بعض أسر المعتقلين والسجناء بتمكينهم من زيارة هؤلاء المعتقلين في السجون التي صدر بشأنها قرار من وزير الداخلية بإغلاقها، حيث تماطل وزارة الداخلية في تنفيذها وبأشكال متعددة، منها أن تستشكل في تنفيذ الحكم أمام محكمة غير مختصة، الأمر الذي يستهلك بعض الوقت ،كما تقوم بالطعن في الحكم الصادر و لأسباب غير جدية وعندما يصبح الحكم نهائيا يتم السماح لأسرة المعتقل بالزيارة لمرة واحدة فقط ، ويكون عليها أن تلجأ إلى القضاء من جديد فيما لو رغبت بزيارة المسجون مرة أخري !!. وهكذا فإنه يمكن القول إن حقوق الإنسان في مصر تنمو في بيئة غريبة عنها ، فالتشريعات لا تضمن احترام حقوق الإنسان بشكل كاف، والسلطة التنفيذية لا تؤمن بأهمية احترامها ، والبرلمان والصحافة وقادة الرأي العام وصناعه لا يولونها ما هي جديرة به من اهتمام ، وجهات التحقيق تكون في كثير من الأحوال أداة للانتهاك أكثر منها أدوات للحماية، والقضاء المصري يحاول أن يقوم بدوره في الحماية ولكن القوانين لا تساعده والحكومة تناوئه، وأحكامه لا تجد من ينفذها، أو علي الأقل لا تجد من ينفذها علي النحو الذي يجري به منطوقها وبحسن نية.

الفصل الأول

الأسباب التي تؤدي إلى الاحتجاز - انتهاك حقوق الإنسان بالقانون

تتعدد الأسباب المؤدية إلى الاحتجاز في مصر ، والذي يعتبر عقوبة في بعض الأحيان وتدبيرا احترازيا في أحيان أخرى ، والعقوبة كما هو معروف تواجه إرادة إجرامية، وهي لذلك تنطوي علي معني اللوم الأخلاقي لمن توقع عليه، أما التدبير الاحترازي فالهدف منه وقاية المجتمع من الخطورة الإجرامية الكامنة في شخص الجاني ، ولذلك يحدد القانون المدة التي يجب أن يقضيها الشخص كعقوبة فى حين لا يحدد تلك المدة في التدبير الاحترازي . وتعتبر العقوبات السالبة للحرية بأنواعها القصيرة والمتوسطة والطويلة من الأسباب الرئيسية لاحتجاز الأشخاص في مصر علي أن هناك تدابير احترازية تؤدي إلى احتجاز الأشخاص أيضا ويأتي علي رأسها الاعتقال الإداري وفقا لقانون الطوارئ ، واحتجاز الأحداث الجانحين .

ولا يؤدي التطبيق القانوني السليم للعقوبات المنصوص عليها إلى مشكلات كبيرة بقدر ما يؤدي إليه نظام العقوبات قصيرة المدة من تكدس السجون المصرية - المتكدسة أصلا - بما يمنع أو يقلل من حجم الرعاية التي يتعين أن يحصل عليها المحتجزون بشكل عام ، بينما تؤدي كثير من التدابير الاحترازية إلى انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ويأتي علي رأس تلك التدابير انتهاك الحق في الحرية والأمان الشخصي الذي يتم نتيجة سوء استخدام نظام الاعتقال الإداري أثناء إعلان حالة الطوارئ فضلا عن عدم الاهتمام بالأحداث الجانحين بشكل عام، الأمر الذي يجعل مقصود المشرع من احتجازهم في دور الرعاية الاجتماعية يأتي في الغالب بعكس المقصود منه .

ويعالج التقرير في هذا الفصل أسباب الاحتجاز والتي في مجملها تؤدي إلى تكدس في السجون وانخفاض في مستوي رعاية المحتجزين ، حيث يناقش أولا الانتهاكات المصاحبة لحالة الطوارئ المطبقة في مصر منذ نيف وعشرين عاما بشكل مستمر والتي من المقرر أن تنتهي في خريف 2006 ، ما لم تطلب الحكومة من مجلس الشعب مدها لثلاث سنوات أخرى ، والتي من نتائجها تزايد حالات الاعتقال الإداري بشكله البسيط أو المتكرر ، كما يعالج التقرير حالات الاختفاء القسري كعرض من أعراض الاعتقال المتكرر باعتبار أن -ووفقا للمعلومات المتوافرة لدي الجمعية - هؤلاء المختفين قد ألقي القبض عليهم وجري احتجازهم بواسطة الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التابعين للحكومة المصرية ، فضلا عن ذلك يناقش التقرير ظاهرة احتجاز الأحداث الجانحين و أثرها في ضبط سلوكهم أو انفلاتها ، ثم ظاهرة الحبس الاحتياطي والتي تري الجمعية أنها تتزايد عاما إثر عام، حتى أصبحت هي بذاتها عقوبة خاصة يجري استخدامها دون ضوابط معقولة ، وأخيرا العقوبات سالبة الحرية قصيرة المدة والتي يزخر بها القانون المصري . وتري جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أن الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى الاحتجاز يجري إساءة استخدامها بشكل عمدي أو باستخفاف من قبل السلطات المخول لها استخدامها؛ الأمر الذي يعين، ويمهد الطريق إلى انتهاك حقوق الإنسان بالقانون .

المبحث الأول

الاعتقال وفقا لقانون الطوارئ

ثلاثة وعشرون عاما – ومازالت الطوارئ مستمرة

أعلنت حالة الطوارئ في مصر منذ اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، ومازالت مستمرة دون انقطاع، وتجدد كل ثلاث سنوات وقد تم تجدديها لمدة ثلاث سنوات إضافية.

ويمنح قانون الطوارئ – المادة الثالثة منه - السلطة التنفيذية سلطات واسعة لوضع القيود علي حرية الأفراد وحقوقهم الدستورية فمنها سلطة وضع القيود علي حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والقبض علي المشتبه فيهم أو الخطرين علي الأمن واعتقالهم وتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق والضمانات التي حرص الدستور المصري علي تأكيدها في المادة "41" الخاصة بالحرية الشخصية والمادة "42" الخاصة بحرمة المساكن والمادة "50" الخاصة بحرية الإقامة والتنقل والمادة "54" الخاصة بحرية الاجتماع ، كما يهدر الحقوق والضمانات المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومنها المادة "9" الخاصة بالحرية الشخصية والمادة "12" الخاصة بحرية التنقل والمادة"21" الخاصة بحق التجمع السلمي().

كما تعطي المادة السادسة من القانون ذاته للسلطة التنفيذية الحق في عدم التقيد بالأحوال والضمانات والخطوات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية للقبض على المتهمين ، إذ يجوز القبض في الحال علي المخالفين للأوامر التي تصدر طبقاً لأحكام قانون الطوارئ والجرائم المحددة في هذه الأوامر، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

وبموجب البندين الأول والرابع - المادة السابعة -من القانون تنشأ محاكم استثنائية للنظر في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وهي محكمتا أمن الدولة الجزئية والعليا، والترخيص بأن يدخل العنصر العسكري في تشكيل ذلك النوع من المحاكم ،إذ يجوز لرئيس الجمهورية أن يأمر بتشكيل دائرة أمن الدولة الجزئية من قاض أو اثنين من ضباط القوات المسلحة وبتشكيل دائرة أمن الدولة العليا من ثلاثة مستشارين ومن ضابطين من الضباط القادة ، وهو ما يعد انتهاكاً جسيماً للمعايير الدستورية والدولية الخاصة بالفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحصانة القضاة والتي تنص عليها المواد من "165 إلى 173" من الدستور، والمادة "14" من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

كما يجوز لرئيس الجمهورية وفقاً للمادة "9" من قانون الطوارئ أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجزئية الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام وهو ما يعد مخالفة واضحة لنص المادة "40بند 9" من الدستور التي تقر مبدأ " المساواة بين المواطنين" وما ينبثق عنه من حق كل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي الذي أكدته المادة 68 من الدستور، كما يعد انتهاكاً جسيماً لنص المادة "14" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . و قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ هو من أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء أن ينظر أية دعاوى لإلغائها، حيث تنص المادة 11 من القانون رقم 47لسنة1972 بشأن مجلس الدولة علي أنه " لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة".

ويعتبر استمرار حالة الطوارئ حتى الآن مخالفة صارخة لكل من المادة الرابعة من العهد الدولي لا للحقوق المدنية والسياسية ونص المادة 148 من الدستور المصري بل و أحكام المادة الأولي من قانون الطوارئ رقم 162لسنة1958 وتعديلاته ، فوفقا لتلك النصوص فإن حالة الطوارئ لا يجوز إعلانها إلا في الحالات الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة ، ووفقا لنص المادة الأولي من قانون الطوارئ فإن حالة الطوارئ لا يجوز إعلانها إلا إذا تعرض الأمن والنظام العام للخطر سواء بسبب وقوع أو قيام حالة تنذر بوقوع أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء. وتقول المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 5/2/1977 في الطعن رقم 22 لسنة 6 ق عليا "إن نظام الطوارئ لا يكون دستوريا إلا إذا تحققت أسبابه ودواعيه وأولها تعرض الوطن لخطر يهدد سلامته وأمنه أو نشوب حرب أو التهديد بنشوبها أو اضطراب الأمن وذلك لمواجهة هذا الخطر بتدابير استثنائية حددها قانون الطوارئ ".

وعلي الرغم من التعهدات التي تقطعها الحكومة المصرية علي نفسها أمام مجلس الشعب عند التقدم بطلب إقرار تجديد حالة الطوارئ من أنها لن تستخدم الصلاحيات والسلطات الواسعة التي يمنحها لها ذلك القانون إلا في مكافحة الإرهاب ، فإن الواقع يشير إلى أنه بعد انتهاء الإرهاب ، فإن هناك إساءة لاستخدام حق الاعتقال الإداري وفقا لقانون الطوارئ من جانب وزارة الداخلية التي عمدت إلى استخدامه في مكافحة جرائم يشكل القانون العادي غطاء مناسبا لمكافحتها أو لا يجرمها القانون العادي أصلا ، الأمر الذي أدى إلى اعتقال العديد بزعم أنهم يتاجرون في الدولار خلال أزمة العملة الأجنبية ونقص المعروض منها والتي بدأت مع نهاية عام 2001 واستمرت طوال 2002 ومازالت قائمة حتى عام 2003 ، أو بدعوى الاتجار في المخدرات، أو القيام بأعمال البلطجة ، وقد ساهم إصدار وزير الداخلية أوامر اعتقال علي بياض وتوزيعها علي أقسام الشرطة، في استخدم هذا الحق لتصفية خلافات شخصية بين الضباط والمواطنين أو حتى في أعمال الابتزاز، أو لتغطية احتجاز المواطن بشكل غير قانوني بعد انتهاء المدة التي يرخص فيها القانون للضابط احتجازه دون عرضه علي النيابة المختصة . وقد حاول وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أن ينفي ذلك في حوار صحفي أجري معه في جريدة الأهرام اليومية عدد الجمعة 4/1/2002 ص13 ردا علي سؤال حول صدور قرارات اعتقال بطريقة عشوائية حيث قال إن قرارات الاعتقال تصدر منه شخصيا!!.

وتري جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أن ما يقول به الوزير لا يمكن عقلا أن يصدق ولكن المعقول فقط أن قرارات الاعتقال تصدر باسم الوزير وهو أمر معروف ، ولكن أن يصدر الوزير كل قرار اعتقال بنفسه بما يستتبعه ذلك من دراسة حالة كل معتقل فهو أمر غير ممكن حتى لو لم يقم الوزير بعمل آخر غير ذلك .

وترفض وزارة الداخلية المصرية إعلان أعداد المعتقلين بالسجون المصرية ، وتقدر جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أعدادهم بما يتراوح بين أربعة عشر ألف معتقل إلى خمسة عشر ألفاً ، علي أنه يجب التنبيه إلى أنه يصعب تقدير الأعداد الفعلية للمعتقلين بشكل دقيق بسبب إحجام وزارة الداخلية الدائم عن الإدلاء بأية بيانات أو معلومات تفصيلية حول أعداد المعتقلين السياسيين وتوزيعهم على السجون المصرية.

وتري جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أن هذا المسلك من جانب الحكومة المصرية يعتبر مخالفة صارخة لمجموعة القواعد الدولية التفصيلية التي تمثل الحد الأدنى من الضمانات الواجب كفالتها للأشخاص في أحوال الاعتقال الإداري أثناء وجود حالات الطوارئ ، التي أقرها المؤتمر الدولي لمجمع القانون الدولي في باريس عام 1984 والتي تلزم الدول بـ " وجوب نشر أسماء الأشخاص الذين يتم اعتقالهم في الجريدة الرسمية، مقرونة بالتاريخ الذي تم فيه الاعتقال ، ويتعين اتباع الإجراء ذاته عند الإفراج عن أي معتقل".

وقد أعربت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة عقب انتهاء مداولاتها في الجلسة التاسعة والعشرين 11-12/11/2002 والتي خصصت لمناقشة تقرير الحكومة المصرية حول التزامها باتفاقية مناهضة التعذيب "عن قلقها من استمرار حالة الطوارئ وما يترتب عليها من اعتقال إداري منذ عام 1981 مؤكدة علي أن ذلك يعتبر انتهاكا كاملا لسيادة القانون"، وكانت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد أعلنت في 1/11/2002 عقب انتهاء دورتها 76 والتي خصصت لمناقشة تقريري الحكومة المصرية الثالث والرابع حول مدي التزامها بتطبيق نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن " اللجنة تعرب عن قلقها من حقيقة استمرار قانون الطوارئ في مصر منذ عام 1981 ، وتؤكد أن ذلك يعتبر مخالفة للمادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ".

ويؤسف جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أن تقرر أنه رغم انتهاء الصراع بين الحكومة المصرية والجماعة الإسلامية المسلحة فإن الاعتقال الإداري مازال سياسة متبعة في مصر بل ويجري استخدامه كعقوبات لكثير من الجرائم التي يمكن أن يتصدي لها قانون العقوبات نفسه ، علي أن عدم اضطرار رجال الشرطة إلى إثبات التهمة ضد المتهم فيما لو استخدموا سلطات الاعتقال الإداري يجعلهم يلجأون إليه باعتباره وسيلة أكثر يسرا في احتجاز الأشخاص الذين – يقدرون هم لأسباب موضوعية أو حتى شخصية خطورتهم.

وفضلا عن ذلك فإن كل ما أتى به قانون الطوارئ من ضمانات هي في حقيقتها ضمانات غير جدية ، فالقول إن هناك رقابة قضائية علي القرارات الصادرة من وزير الداخلية باعتقال المواطنين هو أمر صحيح جزئيا، ولكن يجب ملاحظة أن علي المعتقل أن ينتظر 30 يوما داخل السجن قبل أن يستطيع التظلم للقضاء من قرار اعتقاله ، وتفصل المحكمة في تظلمه في خلال 15 يوما من تاريخ تقديم تظلم ومن حق وزير الداخلية أن يعترض علي قرار القضاء بإلغاء أمر الاعتقال خلال 15 يوما من صدوره يظل خلالها الشخص مسجونا حتى يبت في اعتراض الوزير !!!، مما يعني أن المعتقل يمكن أن يمضي ستين يوما داخل السجن قبل أن يصير حرا ، وذلك وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الطوارئ رقم 50 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشان حالة الطوارئ .

كما تصدر قرارات الاعتقال وهي تحمل سببا واحدا هو " الخطورة علي أمن المجتمع " مما يجعل القول إن قرارات الاعتقال تصدر مسببة قولاً لا يتفق كليا مع الحقيقة ، حيث تكشف قرارات محاكم أمن الدولة العليا طوارئ التي تنظر طلبات تظلم المعتقلين من أوامر اعتقالهم عن بطلان 75% من أوامر الاعتقال إما لخلوها من الأسباب الموجبة للاعتقال أو افتقادها للجدية ومن مئات الحالات التي حققها جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء يمكن الاستدلال بحالة السيد سلطان بركات صميدة حيث صدر فى حقه قرار اعتقال بتاريخ 1/2/2002 ، وتقدمت الجمعية بتظلم من هذا الاعتقال وقيد برقم 954347/2003 وحددت له جلسة 2/3/2003 قررت المحكمة فيها الإفراج عنه لعدم جدية مبررات الاعتقال ولكن اعترضت وزارة الداخلية على هذا القرار وأيضا قررت فيها المحكمة تأييد قرار الإفراج . ويتضح هذا أيضا في التظلمات أرقام 4882 لسنة 2003 و 10361 لسنة2003 و 30398لسنة2003 والتى انتهت فيها المحكمة إلى الإفراج إما استنادا إلى عدم وجود أسباب موجبة لقرارات الاعتقال أو لعدم جدية الأسباب التي بنيت عليها تلك القرارات .

وبالرغم من قيام وزارة الداخلية وفى مناسبات مختلفة بإخلاء سبيل بعض المعتقلين والذين لا نعرف أعدادهم علي وجه الدقة فإنه تجدر الإشارة إلى استمرار ظاهرة الاعتقال وفقا لقانون الطوارئ خلال عام 2003 بل يمكن أن نشير إلى اتساعها لتضم فئات أخرى من المعتقلين من غير المنتمين إلى التيارات السياسية بدعوى خطورتهم الجنائية مثلما حدث مع عصام محمد عبد الناصر سليمان – فلاح – 36 عام - من ناحية المعابدة – التابعة لمركز شرطة ابنوب حيث اعتقل بتاريخ 1/3/2003 بدعوى انه سبق اتهامه فى القضية رقم 11623 جنايات مركز طما لسنة 2000 حيازة بندقية آلية " وحكم فيها غيابيا بالسجن 3 سنوات مع الشغل " إلا انه أفرج عنه عقب إعادة الإجراءات .

وقد جاء بمذكرة اعتقال المذكور انه من كبار تجار الأسلحة و الذخائر بدائرة مركز أبنوب ويزاول نشاطه الإجرامي على نطاق واسع بمحافظات الوجه القبلي .. فى إطار من الحيطة و الحذر الأمر الذى أدي إلى عدم ضبطه سوى فى القضية المشار إليها .

كما أشارت التحريات إلى المذكور فى حالة وجوده حرا طليقا سيستمر فى ممارسة نشاطه الإجرامي الأمر الذى سوف يخل بحالة الأمن العام .. كما يعتذر ضبطه لاحقا لقيامه بممارسة نشاطه فى حذر شديد لذا فقد رأت وحدة مباحث مركز ابنوب اعتقال المذكور للحد من نشاطه الإجرامي ولدواعي الأمن العام .

وهناك العديد من حالات الاعتقال الجنائي والتى تمت خلال عام 2003 نذكر منها ما يلي :-

المعتقل/ رمضان عبد الفتاح بدوي محمود- المقيم بورسعيد- مساكن الأمية- 144 شارع 1? وهو مودع بسجن وادى النطرون (430) وقد تم اعتقاله فى غضون شهر يناير من عام 2003

المعتقل/ سيد ربيع جابر عبد الجواد- المقيم إمبابة- شارع المسبك- عزبة المفتى، وهو مودع بسجن وادى النطرون (430) وقد تم اعتقاله فى غضون شهر يناير من عام 2003

المعتقل/ هشام إبراهيم مصطفى أحمد عياد- المقيم 13 شارع محمود عز من شارع العشرين- عين شمس، وهو مودع بسجن الغربانيات، وقد تم اعتقاله بتاريخ 2/11/2003 وهو طالب بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق- جامعة حلوان .

كما لا تزال ظاهرة اعتقال بعض المنتمين إلى التيارات الدينية مستمرة بدعوى اقتلاع جذور الإرهاب، حتى رغم عدم إقدامهم علي القيام بأية عمليات عنف أو غيره ، ويمكن الاستدلال بحالة المعتقل/ محمود صابر محمد إمام- طالب بمعهد الدراسات العليا بالهرم ، ففى منتصف ليلة 10/12/2003 حضر إلى منزله قوة من مباحث أمن الدولة ومعهم الأسلحة والرشاشات وفتشوا منزله الكائن بشارع عبد الحكم حجاب 24 مدينة السعيد- المرج الغربية ولم يكن المذكور متواجدا بالمنزل أثناء هذا الوقت فقامت القوة باقتياد شقيقه أحمد صابر محمد- مدرس ثانوي ، وفى اليوم التالي وعندما علم محمود بذلك ذهب إلى أمن الدولة بالخصوص فصدر ضده قرار باعتقاله بدعوى انضمامه إلى تيارات إسلامية غير شرعية

وهناك أيضا حالة المواطن /سليم عبد الله سليم والمقيم بمحافظة شمال سيناء ويبلغ من العمر 33 عام، ويعمل تاجر سيارات حيث تم اعتقاله فى فبراير 2003 القيام بتهريب أسلحة إلى الفلسطينيين وتم إيداعه بسجن الغربنيات بالإسكندرية.

وكذلك حالة المعتقل/ محمد عبد الحليم محمد مرجان والذي اعتقل بتاريخ 27/9/2003 بعد ان تم القبض عليه فى مطار القاهرة أثناء عودته من دولة إيطاليا .

المبحث الثاني

الاعتقال المتكرر

الالتفاف حتى علي أحكام الطوارئ

نصت المادة 3 مكرر من قانون الطوارئ المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 علي أن "يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله ويكون له الحق في الاتصال بمن يري إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا وللمعتقل ولكل ذي شأن أن يتظلم من القبض أو الاعتقال إذا انقضي ثلاثون يوما من تاريخ صدوره دون أن يفرج عنه" .

والمستفاد من هذه المادة أن القانون قد أقر حق المعتقل أو ذويه في أن يتظلموا من قرار الاعتقال الصادر ، وقد حددت المادة السابقة الميعاد المحدد للتظلم وهو 30 يوما من تاريخ صدور قرار الاعتقال وأن هذا الحق مكفول سواء للمعتقل نفسه أو أحد أفراد أسرته دون تفرقة في ذلك .

ومن ناحية أخري لا يجوز لمتظلم من هذا القرار الاعتراض على الحكم الصادر بشأن هذا التظلم ولكن حق الاعتراض مكفول لوزير الداخلية بالتفويض من رئيس الجمهورية في ذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم، فقد نصت المادة الثالثة مكرر من قانون الطوارئ ، على أنه يجب على المحكمة أن تفصل في التظلم بقرار مسبب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم التظلم ، وإلا تعين الإفراج عن المعتقل فورا، ويكون قرار المحكمة بالإفراج نافذا ما لم يعترض عليه رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره . فإذا اعترض على قرار الإفراج أحيل الاعتراض إلى دائرة أخرى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الاعتراض على أن يفصل فيه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة ، وإلا وجب الإفراج عن المعتقل فورا . ويكون قرار المحكمة في هذه الحالة نافذا.

وقد سجلت التقارير السنوية الخمسة التي صدرت عن الجمعية منذ عام 1998 التفاف أجهزة الأمن حول أحكام القضاء الصادرة بالإفراج عن المعتقلين ، حيث تقوم وزارة الداخلية بتجديد قرارات الاعتقال الصادرة بحق المعتقلين، رغم حصولهم علي قرارات نهائية بالإفراج عنهم من محكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لقانون الطوارئ .

ويتم هذا الالتفاف عبر تنفيذ قرارات الإفراج عن المعتقل دفتريا ، حيث يتم تخزينه في أحد عنابر السجن المحتجز فيه، أو نقله خارجه إلى أحد أقسام الشرطة أو مقار مباحث أمن الدولة لمدة يوم أو يومين ريثما يصدر له قرار اعتقال جديد من وزارة الداخلية بحجة أن المعتقل قد تم الإفراج عنه وعاود مرة أخرى إلى مزاولة نشاطه الإجرامي أو الإرهابي ولذلك تم اعتقاله مرة أخرى ، في حين أنه لم يخرج من حالة الاعتقال مطلقا.

ويطلق رجال الأمن على تلك الإجراءات المعيبة لفظ " التسكين " ومعناه إيداع المعتقل المفرج عنه في مكان بعيد خارج نطاق التفتيش لفترة زمنية قصيرة ريثما يصدر قرار باعتقاله من جديد.

وقد سجلت لجنة حقوق الإنسان في الأم المتحدة استنكارها لعمليات الاعتقال المتكرر وطالبت الحكومة المصرية في تقريرها الذي أصدرته في نوفمبر من عام 2002 بأن تعلن أسماء الأشخاص الذين أطلق سراحهم وعددهم وأعداد المعتقلين في سجونها ، وهو ما يشكل استمرارا للإدانة الدولية لمسلك الحكومة المصرية في هذا الأمر.

وتستطيع الجمعية أن تقرر أن مائة بالمائة من الحالات المسجلة لديها خلال عام 2003 قد اعتقلت بشكل متكرر ، وأنه لم يصل إلى علمها أن أحكاما صدرت من محاكم أمن الدولة بإلغاء قرارات الاعتقال قد جري تنفيذها فور صدورها دون اعتراض من وزير الداخلية عليها ، حيث يقوم سيادته بالاعتراض آليا علي أي حكم يصدر بإلغاء قرار الاعتقال ، كما يقوم في حالة رفض اعتراضه ، بإعادة إصدار قرار باعتقال المعتقل مرة أخرى بعد أقل من يومين في بعض الحالات من صيرورة قرار الإفراج عنه نهائيا ودون أن يطلق سراحه من محبسه.

وتري جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أن التفاف وزارة الداخلية -بواسطة استخدام أسلوب الاعتقال المتكرر- علي أحكام القضاء بالإفراج عن المعتقلين إنما يسقط قيمة القضاء في نفوس المواطنين ، ويدفعهم إلى انتهاج أساليب غير قانونية للحصول علي حقوقهم وهو ما يمكن أن يكون بداية لانفلات المجتمع من عقال القانون ، باعتبار أن سلوك الحكومة مثل هذا المسلك المعيب هو في حقيقة أمره دعوة للأفراد لسلوك المسلك ذاته في علاقتهم بعضهم ببعض أو علاقتهم بالدولة ذاتها ، وتتوافر لدي وحدتي العمل الميداني والمساعدة القانونية ب جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء مئات الحالات لمواطنين مصريين انتهكت حقوقهم عبر الاعتقال المتكرر، فقد اعتقل المواطن سامي أمين محمد مرزوق بتاريخ 20/3/02003 وتم ايداعه بسجن شديد الحراسة بابو زعبل ، ورغم حصوله عبر المساعدة القانونية للجمعية علي العديد من القرارات القضائية بإلغاء أمر الاعتقال فإنه ما زال بالسجن حيث تعيد وزارة الداخلية اعتقاله من جديد في كل مرة يحصل فيها علي قرار قضائي بالإفراج عنه . ومثله السيد شعبان إسماعيل إمام والذي قررت المحكمة الإفراج عنه فى جلسة 23/3/2003 فى التظلم رقم 7476/ ?8? ألا انه صدر بحقه قرار اعتقال جديد فتظلم مرة أخرى وحكمت المحكمة أيضا بالإفراج عنه بجلسة 12/6/2003 وفى التظلم رقم 16440/ ?17 وكان مصير الحكم ما سبق فتظلم مرة أخرى بالتظلم رقم 28840 وبجلسة 23/9/2003 حكم القاضي بالإفراج عنه إلا انه أعيد اعتقاله مرة أخرى .

ويتعرض لهذا الانتهاك مواطنون معتقلون منذ ما يقرب من عشر سنوات ومنهم حالة المعتقل/ صميدة بركات صميدة والذي اعتقل بتاريخ 19/9/1993 والمودع سجن أبى زعبل، فقد صدر لصالحه العديد من الإفراجات إلا أنها لا تنفذ ويعاد اعتقاله مرة أخرى وعلى سبيل المثال أفرج عنه بجلسة 25/1/2003 تظلم رقم 13199 / ?20? ثم أفرج عنه فى جلسة 7/4/2003 تظلم رقم 8356/ ?9? ثم أفرج عنه فى جلسة 14/4/2003 تظلم رقم 9478/ ?18? ثم أفرج عنه فى جلسة 20/4/2003 تظلم رقم 10360/ ?7? وأخيراً فى جلسة 14/12/2003 تظلم رقم 37089/ ?16? ورغم كل هذه الإفراجات إلا أنه يعاد اعتقاله مرة أخرى.

وهناك حالات يعانى أصحابها من ظروف مرضية سيئة، بيد أن وزارة الداخلية تصر على استمرار اعتقالهم اعتقالا متكررا، ومن هذه الحالات حالة - المعتقل/ خالد صبحي حسن عثمان- اعتقل بتاريخ 23/4/1997 والمودع سجن وادى النطرون (2)? وحالته الصحية متدهورة حيث عانى من حساسية على الصدر وروماتيزم وارتفاع فى ضغط الدم وقد صدر فى حقه العديد من الإفراجات وعلى سبيل المثال قررت المحكمة الإفراج عنه فى جلسة 2/3/2003 تظلم رقم 4376/ ?13? ثم فى جلسة 6/3/2003 تظلم رقم 4705/ د5 ثم فى جلسة 29/9/2003 تظلم رقم 29565/ 2002 وفى جلسة 7/10/2003 تظلم رقم 30198/ 2002وأخيراً فى جلسة 20/10/2003 تظلم رقم 3225/ د 11 إلا أنه يعاد اعتقاله مرة أخرى رغم كل هذه الإفراجات.

، وأيضا - المعتقل/ سلطان بركات صميدة- اعتقل بتاريخ 8/9/1996 والمودع سجن أبى زعبل شديد الحراسة، وحالته الصحية متدهورة حيث أصيب بعدة أمراض ربو شعبي حاد والتهابات بالجيوب الأنفية واضطرابات حادة بالمعدة.

وقد صدر فى حقه العديد من الإفراجات إلا أنها لم تنفذ ويعاد اعتقاله مرة أخرى وعلى سبيل المثال بجلسة 2/3/2003 تظلم رقم 954347 / د 9 ثم أفرج عنه فى جلسة 6/3/2003 تظلم رقم 4882/ د9 ثم أفرج عنه فى جلسة 20/4/2003 تظلم رقم 10361/ د9 ثم أفرج عنه فى جلسة 7/10/2003 تظلم رقم 30398/ د17 ورغم هذا يعاد اعتقاله مرة أخرى.

.

ولا تقتصر ظاهرة الاعتقال المتكرر على السياسيين أو المنتمين إلى التيارات الإسلامية فحسب بل إنها تمتد أيضا لتشمل ما تطلق عليه وزارة الداخلية "المعتقلين الجنائيين" فالمواطن محمد أحمد محمد أبو الديار- المقيم المحلة الكبرى- أبو شاهين- شارع حسن قنديل، والمودع بسجن وادى النطرون (430) قد تم اعتقاله فى غضون شهر يناير 2003 والجدير بالذكر أن المعتقل يعانى من خلل فى قواه العقلية طبقاً لتقرير طبي حيث يعانى من خلط فى الأقوال والفعال وهياج وسلوك شاذ، كما أنه أدمن الحبوب وأدوية الكحة وقد سبق دخوله مستشفى الأمراض العقلية منذ حوالي ثلاث سنوات. وبالرغم من حصول المعتقل على حكم المحكمة بالإفراج عنه فى التظلم رقم 17988/د1 والذي نظرته المحكمة بجلسة 5/1/2004 إلا انه قد صدر ضده قرار اعتقال جديد .

وتجدر الأشرة إلى أن الوسيلة الرئيسية لحصر عدد مرات الاعتقال كانت تتم من خلال شهادة الاعتقال التى يتحصل عليها المعتقل أو من ينوب عنه من مكتب شئون المعتقلين بمحكمة الجلاء وكانت تحتوي على تاريخ كل قرار اعتقال صدر ضده وتاريخ الإفراج وهى تمثل أهمية أساسية ؛ حيث يستخدمها المعتقل كمستند رئيسي عند إقامة دعوي قضائية بالتعويض عن قرارات الاعتقال الصادر ضده وعن كل قرار اعتقال على حدا ولكن صدرت تعليمات مؤخرا بإصدار هذه الشهادات غير مفصله بمعني ان تحتوي فقط على تاريخ أول اعتقال وتاريخ صدور الشهادة مع ذكر عبارة " قد تم اعتقاله لفترات متكررة " وهو الأمر الذى اثر تأثيرا واضحا على المعتقلين أو أسرهم فى اقتضاء التعويض عن كل قرار اعتقال على حدا .

المبحث الثالث

الاختفاء قسراً

حالات لا جديد فيها إلا قليلاً

لم تسجل لدي جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في عام 2003 حالات اختفاء قسري جديدة يمكن الخلوص منها إلى أن هناك ظاهرة مقلقة أو أنها تشكل تهديدا جسيما لحقوق الإنسان في مصر ، علي أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم تحرك السلطات المصرية لإجلاء مصير أكثر من 29 حالة اختفاء يرجع أقدمها إلى 17/12/1989 وهي الحالة المسجلة باسم السيد مصطفي عبد الحميد من محافظة قنا؛ فى حين أن أحدثها مسجل في 20/6/2000 باسم السيد محمود إسماعيل أمين من محافظة القليوبية رغم النداءات المتكررة التي وجهتها جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء إلى السلطات المصرية – بما فيها النيابة العامة للتحرك نحو إجلاء مصير المختفين .

ووفقا للمادة الأولي من الإعلان العالمي المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 47/133 المعتمد في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1992 والذي تلتزم الحكومة المصرية بأحكامه - حال كونها عضوا في منظمة الأمم المتحدة فإن " كل عمل من أعمال الاختفاء القسري – يعتبر - جريمة ضد الكرامة الإنسانية ، ويدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " ، كما تؤكد أن " إحداث الاختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له من حماية القانون، وينـزل به وبأسرته عذابا شديدا ، وهو ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل – ضمن جملة أمور- حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون وحقه في ا