بسم اهللا الرحمن الرحيم

الزواج في ظل اإلسالم

مقدمة

إن الحمد هللا نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باهللا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شـريك لـه . يهد اهللا فال مضل له، ومن يضلل فال هادي له

أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا حق تقاته وال تموتن إال وأنـتم يا{. وأشهد أن محمداً عبده ورسولهيا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبـث {، } مسلمون

يا {، } منهما رجاالً كثيراً ونساء، واتقوا اهللا الذي تساءلون به واألرحام إن اهللا كان عليكم رقيباا اهللا وقولوا قوالً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع اهللا أيها الذين آمنوا اتقو

.}ورسوله فقد فاز فوزا عظيما

وبعد فقد اطلعت على كثير من مشاكل البيوت واألسر، وأحمد اهللا سبحانه إذ حقق على يـدي .حلوالً لكثير من المشاكل التي اعترضت بعض إخواني وأصدقائي وزمالئي

أن كثيراً من هذه المشاكل هي بسبب الجهل بالقواعد واألحكام الشرعية لعقد الزواج وقد رأيتوكذلك . وأنه بمجرد العلم بهذه القواعد واألحكام وتطبيقها يستقيم نظام األسرة ويتماسك بناؤها

وجدت أن من أسباب الخالف والتفكك األسري تنقسم إلى ثالث القسمان األول والثـاني همـا تكوين النفسي وبالخصائص الذاتية لكل من الذكر واألنثى وأن الرجل عندما يتـزوج الجهل بال

المرأة دون العلم بهذه الخصائص الذاتية وبهذه المكونات النفسية فإنما يتعامل مع المجهـول، وكذلك الحال بالنسبة إلقدام المرأة على الزواج بالرجل وهي ال تعـرف خصائصـه الذاتيـة

ويعود القسم الثالث من أنواع المشاكل بين الزوجين إلى الجهل بـاألخالق ومكوناته النفسية،الواجبة التي يجب أن تسود عالقات الزوجية، ومن أعجب ما رأيت في هذا الصدد أن يكـون

وأن تكون الزوجة متزنة عاقلـة فـي . الرجل لطيفاً كريماً مع الناس جميعهم إال مع زوجته . مع الزوجتصرفاتها مع جميع من تعاشر إال

هذه الرسالة أرجـو هذه هي أصول المشاكل في األسر وقد رأيت من واجبي أن أقدم إلخواني أن يجد المتزوجون فيها ضالتهم المنشودة التي تفتح لهم آفاقاً جديدة مـن السـعادة والسـالم

ا الصدد يسـتطيعون بهـا أن واالستقرار، وأن يجد الذين لم يتزوجوا بعد دراسة كاملة في هذ .يؤسسوا بيوتاً ملؤها السعادة والحب

وكنت قد نشرت هذا الكتاب في جريدة الوطن الكويتية وقد وفق اهللا نشره اآلن في كتاب لتـتم .ئدة وهللا الحمد أوالً وأخيراً به الفا

شروط ما أمكنني أن أيسر موضوع عقد الزواج لكل قارئ حتى تفهم -بحمد اهللا-ولقد حاولت . هذا العقد ومواقعه وآثاره، وذلك أني أكتب هذا الكتاب للعامة وليس للعلماء والمتخصصـين

إني أكتب هذه الرسالة إلخواني وأخواتي رغبة في تمكينهم من أن يؤسسوا بيوتاً صالحة وأن ثاقاً وأخذنا منكم مي{: يحافظوا على هذا العهد المقدس والميثاق الغليظ كما وصفه اهللا في كتابه

وكذلك ليحافظ المسلمون على بقاء هذا العقد ألنه آخر ما بقي بأيـدينا اليـوم مـن !!. }غليظاًقوانين اإلسالم وتشريعاته، وضياع هذا العقد من مجتمع المسلمين يعني ضياع آخـر أحكـام

.الشريعة اإلسالمية من مجتمعنا المعاصر

ه والعمل بهدي اهللا الذي جاء فيه صـيانة وال شك أن معرفة العامة بهذا العقد، وصيانة أحكامعظيمة لمجتمعنا من الفساد واالنحالل الذي اجتاح دول العالم شرقاً وغرباً بعد أن فرطوا فـي

.عقد الزواج فانهدم النظام األسري وانهدمت تبعاً لذلك كافة األخالق والقيم

. وأن يجعل ثوابنا عنده الجنةواهللا أسأل أن ينفع بهذا الكتاب المبارك كل ناظر فيه ودارس له .، والحمد هللا أوالً وأخيراً}ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً{

عبدالرحمن عبدالخالق

.هـ١٣٩٩محرم ١٧الكويت في

الزواج نعمة

وهذه . احدةامتن اهللا سبحانه وتعالى علينا في كتابه أن خلقنا معشر الرجال والنساء من نفس ووالمنة في هذا أن نوع الرجال ليسوا خلقاً مستقالً وكذلك نوع النسـاء . النفس الواحدة هي آدم

ليس أصل خلقهم مستقالً فلو كان النساء خلقن في األصل بمعزل عن الرجال كأن يكون اهللا قد فر والتباعـد خلقهم من عنصر آخر غير الطين مثالً أو من الطين استقالالً لكان هناك من التنا

ما اهللا أعلم به ولكن كون حواء قد خلقت كما جاء في الحديث الصحيح من ضلع من أضـالع

آدم عليه السالم كان هذا يعني أن المرأة في األصل قطعة من الرجل، ولذلك حن الرجل إلـى .حنين الشيء إلى مادته وتجانس المادة بجنسها: المرأة وحنت المرأة إلى الرجل وتجانسا

كان من رحمة اهللا سبحانه وتعالى أن جعل التكاثر من التقاء الرجال والنساء لقاء يكون فيه ثم: اإلفضاء الكامل، وااللتصاق الكامل واللذة الكاملة وذلك ليحقق قول النبي صلى اهللا عليه وسلم

.أو شقان لشيء واحد. ، فالرجل والمرأة وجهان لعملة واحدة]النساء شقائق الرجال[

وهو الذي {: الخلق على هذا النحو من أعظم آيات اهللا سبحانه وتعالى، كما قال جل وعالوهذا .}خلقكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا اآليات لقوم يفقهون

ولذلك أمرنا اهللا سبحانه وتعالى بمراعاة هذه الوحدة في األصل عند تعامل الرجـال والنسـاء بكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبـث منهمـا يا أيها الناس اتقوا ر{: فقال

.}رجاالً كثيراً ونساء واتقوا اهللا الذي تساءلون به واألرحام إن اهللا كان عليكم رقيباً

بل أمرنا بما هو أكبر من ذلك أن نتذكر نعمته في خلقنا على هذا النحو، وبأن خلق فينا هـذا ب الحب والرحمة بين الزوجين كما قـال سـبحانه الميل من بعضنا لبعض وغرس في القلو

ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمـة {: وتعالى .}إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون

وهكذا يصبح أمام المسلم أمور يجب أن يضعها نصب عينيه وهو يبحث في العالقة بين الرجل :والمرأة

ن الرجال والنساء جنس واحد وليسوا جنسين، فأصلهم واحد وهو آدم وزوجته قطعـة أ :أوالًمنه، والرجال والنساء في األرض بعضهم من بعض ال توجد نسمة إال وفيها جزء من الرجل وجزء من المرأة وقد تحملت المرأة في الخلق والتكاثر ما لم يتحمل الرجل حيث كان رحمهـا

وقد تحمـل . ة، ومكاناً الكتمال الخلق من البويضة النطفة إلى الطفلمستقراً ومستودعاً للنطفالرجل في مقابل ما تحملت المرأة الكدح فـي سـبيل العـيش والرعايـة وبهـذا توزعـت االختصاصات وتحمل كل شق من هذا الجنس الواحد جانباً من جوانب استمرار الحياة وبقـاء

مستقراً ومستودعاً للنسل حتى يخرج إلى الحياة، تحملت المرأة وهيأها اهللا أن تكون: الحضارةوأن يكون الرجل مكافحاً وعامالً وكادحاً في سبيل الحصول على الرزق وبهذا تكتمل الصورة

.الواحدة

أن خلق الرجال والنساء على هذا النحو من أكبر آيات اهللا سبحانه وتعالى، ومن أعظـم :ثانياً سبحانه وتعالى في آيات كثيرة إلى التفكير في هذا الخلـق وقد أرشدنا اهللا. األدلة على قدرته

فلينظر اإلنسان مم خلق، خلق من ماء دافـق يخـرج مـن بـين الصـلب {: كما قال تعالى، والترائـب هـي عظـام )عند الرجل(، والصلب في لغة العرب هو فقار الظهر }والترائب

والمعنى عند ذلك أنه من ) المرأة يعني صلب الرجل وترائب(الصدر، قال الفراء في هذه اآلية وذلـك لتـتم . مجموع جسدي الرجل والمرأة بل ومن مخ عظامهما أوجدك اهللا أيها اإلنسـان

اللحمة والتعاطف والحب بين األزواج والزوجات واآلباء واألمهات واألبناء بعضهم مع بعض سبحانه وتعالى الزمـاً فمن فرق بين الذكر واألنثى لصفات الذكورة واألنوثة التي جعلها اهللا

الستمرار النوع والنسل فقد فرق بين الشيء نفسه وجنسه، ومن افتعل معركـة بـين ذكـور الجنس البشري وإناثه فإنما هو مبطل يريد هدم الكيان البشـري والوصـول إلـى اإلباحيـة والشيوعية الجنسية، ومن قال بما قال به الرب سبحانه من توزيع الحقوق والوجبـات علـى الجنسين اعتباراً بالذكورة واألنوثة فقد وافق الفطرة التي فطر اهللا الناس عليها وأراد أن يعـم

.السالم والخير بين الرجال والنساء

واهللا جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة، {: انظر إلى قوله تعالى .} هم يكفرونورزقكم من الطيبات، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اهللا

فالزوجة من النفس ألنها بضعة من الرجل، واألوالد وأوالد األوالد مـن اجتمـاع الـذكور واإلناث، والراحة النفسية ومتاع الدنيا هو في الحب الحقيقي بين الزوج وزوجته وبـين األب

تعدلها سعادة واألم وأوالدهما، وبين األبناء وآبائهم وجدودهم، فكم يسعد الجد بأحفاده سعادة ال الطعام الجيد والشراب اللذيذ، وصلة القرابة هذه وصالت النسب والتمتع بذلك ال يكون إال في ظل النكاح الشرعي، وأما في أنكحة السفاح فإن أول حرمان ألصحابها هو حرمانهم من هـذا

ـ ي لـذة الحب الشريف النقي بين األرحام إذ مع السفاح واختالط األنساب ال أرحام وإنما يبغ ..واحدة هي لذة الحيوان فهل يراد للبشر الذين كرمهم اهللا أن يكونوا كذلك؟

حكم الزواج في اإلسالم

الزواج شرعه اهللا سبحانه وتعالى لبقاء النسل، والستمرار الخالفة في األرض كمـا قـال اهللا إلنـس الـذين ، والخليفة هنا هم ا}وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة{: تعالى

أتجعل فيها {: يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه األرض وسكناها بدليل قوله تعالى بعد ذلكوهو الـذي {: ، وقال تعالى أيضا}من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك

األرض إال بنسل مستمر، ولـيس في، وال يمكن أن نكون خالئف }جعلكم خالئف في األرض

مرادا هللا سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسال طاهرا نظيفا، وال يتحقـق ذلـك إال كل نسل .بالزواج المشروع وفق حدود اهللا وهداه

ولما كان اإلسالم دين الفطرة، ودين اهللا الذي أراد عمارة األرض على هذا النحو فإن اإلسالم : على هذا أحاديث منهاقد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه ويدل

رد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم على : [حديث سعد بن أبي وقاص رضي اهللا عنه قال -١، والتبتل هو االنقطاع عن الزواج عبادة وتدينا ]عثمان بن مظعون التبتل ولو آذن له الختصينا

اج من متعـة وأشـغال وتقربا إلى اهللا سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزوبل . ابتغاء رضوان اهللا سبحانه وتعالى، ومعنى هذا أن هذه العبادة غير مشروعة في اإلسالم

:قد جاء حديث آخر يبين أنها مخالفة لسنة اإلسالم وهديه وهو الحديث اآلتي

أن ثالثة نفر من أصحاب النبي صـلى اهللا عليـه : حديث أنس بن مالك رضي اهللا عنه -٢أصوم وال : أصلي وال أنام، وقال بعضهم: ال أتزوج النساء، وقال بعضهم: ل بعضهموسلم قا

ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصـوم : [أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى اهللا عليه وسلم فقالوهـذا ). متفق عليه] (فمن رغب عن سنتي فليس مني. وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء

لشريعة أعني التبتل والرهبانية ليست من دين محمد صلى اهللا عليه وسلم صريح في أن هذه ا .في شيء

وقد جاءت األحاديث التي تحث على الزواج وتبين أن الزواج عون على طاعة اهللا ومرضاته :من ذلك

يا معشـر : [قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: حديث ابن مسعود رضي اهللا عنه قال -١اع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يسـتطع الشباب من استط

).رواه الجماعة] (فعليه بالصوم فإنه له وجاء

وفي هذا الحديث ما يدل على أن الزواج معين على العفة وصون الجوارح عن زنا الفرج كما : في الحديث

، وإن األذن تزني وزناها السمع، إن العين تزني وزناها النظر، وإن اليد تزني وزناها البطش[، وإعفاف النفس وصونها عن كل ذلك من أفضل ما تقرب به ]وإن الفرج يصدق هذا أو يكذبه

المتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى كما ال يخفى ما في ترك الزواج من اآلثار السيئة النفسية ت حيث قال تعالى في شأن المدمرة على كل من الرجل والمرأة وهو ما عبر عنه القرآن بالعن

، وهو اإلرهاق النفسي الذي يصـاحب }ذلك لمن خشي العنت منكم{: إباحة الزواج من اإلماء .الكبت الجنسي

ومن هذه األحاديث أيضاً قوله صلى اهللا عليه وسلم في معرض بيان ما يثاب بـه العبـد -٢: والمباضـعة -باضعة ، والبضع هو من الم]وفي بضع أحدكم صدقة: [وتكتب له به الحسنات

أرأيـتم إن : [قالوا يا رسول اهللا أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجـر؟ قـال -هي الجماع، وهذا الحديث ]وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حالل كان له بها أجر

من المبـاح غاية في بيان المراد في هذا الصدد وأن الزواج ليس من المباح الملهي وإنما هو .الذي يتقرب به إلى اهللا سبحانه وتعالى

دينار تنفقه على أهلك، ودينار تنفقه على مسكين، ودينار : [وفي قوله صلى اهللا عليه وسلم -٣ ).رواه مسلم] (تنفقه في سبيل اهللا،أعظمها أجراً الذي تنفقه على أهلك

راً عنـد اهللا سـبحانه وتعـالى وفي هذا بيان أن النفقة على األهل أحب النفقات وأعظمها أجوبالطبع هذا كله إذا ابتغى المسلم وجه اهللا سبحانه وتعالى لما جاء في حديث سعد بـن أبـي

واعلم أنك لن تنفق نفقة صـغيرة وال كبيـرة : [وقاص أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال له ).متفق عليه( ]تبتغي بذلك وجه اهللا إال أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك

مع القدرة عليـه من تركهوقد استدل ببعض األحاديث المتقدمة من يرى وجوب الزواج وأن فهو آثم وهذا رأي ابن حزم وقول من أقوال اإلمام ابن حنبل وعموم الفقهاء واألئمـة علـى استحباب ذلك ولكن ال يخفى مع هذا أن من تركه زهادة فيه وهو آمن على نفسه من الفتنـة

.نشغاالً بأعمال أخرى من البر والدعوة والجهاد فنرجو أن ال يكون مثل هذا آثماً بتركهوا

حكمة الزواج وأهدافه

: لماذا نتزوج

لمـاذا . سؤال ينبغي أن يسأله كل شاب وشابة لنفسه بل كل مريد للزواج قبل أن يقدم عليـه نتزوج؟ وما الحكمة من هذا الزواج؟

.اجعلها نصب عينيك قبل أن تقدم على الزواجوهناك أربعة حكم أو أهداف

: النسل -١

جعل الخالق سبحانه استمرار النوع اإلنساني على األرض منوطاً بالتزواج، واستمرار النـوع الذي أحسن كل شيء خلقه {: هدف وغاية للخالق سبحانه وتعالى كما قال جل وعال عن نفسه

، ولذلك أيضـاً جعـل اهللا }اللة من ماء مهينوبدأ خلق اإلنسان من طين، ثم جعل نسله من سومن الناس مـن {: سبحانه وتعالى اإلضرار بالنسل من أكبر الفساد في األرض كما قال تعالى

يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد اهللا على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في .}ب الفساداألرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل واهللا ال يح

والنسل الذي يصلح لعمارة األرض وخالفتها وسكناها هو النسل الذي يأتي بطريق نكـاح ال وأما نسل السفاح فهو مسخ يشوه وجه الحيـاة . بطريق سفاح، فالنسل السوي هو نسل النكاح

وال يغيب عن بال قارئ مثقف في عصرنا ما يعانيه العالم اآلن . ويشيع فيها الكراهية والمقتمن أوالد السفاح الذين خرجوا إلى األرض بأجسام بشرية وبنفوس حيوانية مريضة ملتوية، قد

.فقدت الحنان في طفولتها ولم تعرف األرحام واألقارب فغابت عنها معاني الرحمة

والنكاح بأصوله وحدوده وقواعده كما شرعه اهللا سبحانه وتعالى هو الوسيلة السليمة الستمرار : ي وبقائه وقد أمرنا سبحانه بابتغاء النسل عند معاشرة النساء حيث قال سـبحانه النوع اإلنسان

علم اهللا أنكـم كنـتم -أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن {اآليـة، } ..تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم، فاآلن باشروهن وابتغوا ما كتب اهللا لكـم

وابتغوا ما كتـب {: على وجه من وجوه التفسير لهذه اآلية(كتب اهللا هو طلب الولد وابتغاء ما أي من قيام رمضان فال تنشغلوا بالمباح في ليلة من معاشرة النساء عن قيـام ليلـة } اهللا لكم

) وخاصة في العشر األواخر كما ثبت أن الرسول صلى اهللا عليه وسلم كان يعتزل نساءه فيهنلو أن : [قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: ديث ابن عباس في الصحيح قالولذلك جاء في ح

أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم اهللا اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن ].يقدر بينهما بولد لم يضره الشيطان أبداً

:اإلمتاع النفسي والجسدي -٢

: النساء متعة من أعظم متع الدنيا وهذه المتعة تنقسم إلى قسمينيهيئ الزواج لكل من الرجال وومن آياته أن خلق لكـم مـن أنفسـكم {: قال تعالى. سكن وراحة نفسية، وإمتاع ولذة جسدية

).٢١:الروم(} أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون

س وسكن الجسم والمودة والرحمة من أجمل المشاعر التي والسكن إلى المرأة يشمل سكن النفخلقها اهللا فإذا وجد ذلك كله مع الشعور بالحل والهداية إلى الفطرة ومرضاة اهللا سبحانه وتعالى

كملت هذه المتعة ولم ينقصها شيء، وقد ساعد على ذلك بالطبع األصل األول للخلق، وغريزة كر واألنثى لآلخر وابتغاء هذا المتاع، والسـكن بـالزواج الميل التي خلقها اهللا في كل من الذ

، وهذا عن زينب رضي }فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها{: مطلوب شرعاً كما قال تعالىاهللا عنها والوطر هو حاجة اإلنسان كاألرب، واالستمتاع بالنساء ال ينافي التعبد الكامل بل هذا

حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، : [دين والمتقين يقولالنبي صلى اهللا عليه وسلم سيد العابفمحبة الطيب والنساء لم تمنعه صلوات اهللا وسالمه عليـه أن ]. وجعلت قرة عيني في الصالة

يكون رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم للعالمين وأن يكون سيد العابدين المتقين، ولذلك فقد وسع ها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الالتي آتيت أجـورهن ومـا يا أي{: اهللا عليه في ذلك، حيث قال

ملكت يمينك مما أفاء اهللا عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خاالتك الالتي هاجرن معك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من

.اآلية} ..دون المؤمنين

الى أنه ال حرج وال ضيق على النبي في هذا المباح والذي أوجب اهللا عليـه وبين سبحانه وتعفلما قضى زيد منهـا {: بعضه أحياناً كما أوجب عليه أن يتزوج بزينب وأمره بذلك حيث قال

اآلية، فاآلمر بالزواج هنا هو اهللا سبحانه وتعالى وبين أنه ال حرج عليـه } ..وطراً زوجناكهاكان على النبي من حرج فيما فرض اهللا له سنة اهللا في الذين خلوا من ما {: في هذا حيث قال

.}قبل وكان أمر اهللا قدراً مقدوراً

والشاهد من هذا كله أن متع الزواج الحسية والنفسية من خير ما خلق اهللا من متاع لعباده في مرضـاة اهللا الدنيا، وابتغاء هذا المتاع وفق تشريع اهللا وهديه من األسباب التي توصل إلـى

.سبحانه

:بلوغ الكمال اإلنساني -٣

الحكمة الثالثة من حكم الزواج هي بلوغ الكمال اإلنساني فالرجل ال يبلغ كماله اإلنساني إال في ظل الزواج الشرعي الذي يتوزع فيه الحقوق والواجبات توزيعاً ربانياً قائمـاً علـى العـدل

ئماً على األثرة وحب الذات وافتعال المعـارك بـين واإلحسان والرحمة ال توزيعاً عشوائياً قاالرجال والنساء وأخذ الحقوق والتنصل من الواجبـات بالشـد والجـذب والتصـويت فـي

).البرلمانات(

فالمتع الجسدية والنفسية تعمل عملها في نفس اإلنسان وفكره وقواه النفسية والبدنيـة فيشـعر ة حيث تتصرف طاقته وغريزته بـأنظف الطـرق بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدي

وأطهرها وحيث ينشأ بين الزوجين الوفاء والحب الحقيقـي القـائم علـى الـود والرحمـة

والمشاركة، ال ذلك الميل الحيواني القائم على تفريغ الشهوة وبلوغ اللذة دون وجـود الوفـاء زواج والزوجـات فـاألولى فمشاعر الزناة والزواني ال يمكن أن تكون كمشاعر األ. والرحمة

مشاعر حيوانية شهوانية حدها محدود بوجود هذه اللذائذ الحسية ومنته بانتهائها، وال يمكن أن يكون فيها ومعها أي شعور باالحترام والود والوفاء بل على العكس من ذلك، هنـاك شـعور

بيث، واحتقار الزانية باالحتقار واالزدراء واالمتهان احتقار الزواني لمن وافقته على عمله الخولـذلك فمشـاعر الزنـاة . لمن استغل حاجتها أو جمالها أو ضعفها األنثوي وميلها الطبيعي

والزواني متضاربة، ساقطة، ومشاعر األزواج منسجمة سامية، وتلك المشاعر تولـد العقـد فإنها النفسية واالنحالل الخلقي وضعف الوازع وهوان النفس، وأما مشاعر األزواج النظيفة

تورث الحب والرحمة وسمو النفس وحياة الضمير والقلب، وباختصار مشاعر األزواج بنـاء حيث إنـه بنـاء . ولذلك سمى الزواج في اإلسالم بناء. ومشاعر الزناة والزواني مشاعر هدم

.نفسين وبناء أسرة

ـ أن وأقـرب ولذا فأبعد الناس عن األمراض النفسية والعصبية هم أهل االستقامة في هذا الش .الناس إلى األمراض النفسية والعقد واالمتهان هم أهل االنحراف والفساد

ولذلك فالمجتمع السليم في أفراده ذكوراً وإناثاً هو مجتمع الزواج الشرعي، وبغير ذلك مجتمع .الخنا واالنحراف

اً سـامياً وتوزيع المسؤوليات في الزواج ينمي قدرة الرجل على القيام بالواجب ويجعل له هدفوبالمسئوليات يتربى . في الحياة وهو إسعاد زوجته أو حمايتها والسعي في سبيل أبنائه وذريته

وقد دلـت . الرجال وكذلك بالمسئوليات الملقاة على الزوجة نحو الزوج تكمل شخصية المرأةلمولود الثالث اإلحصائيات الحديثة على أن المرأة ال تكمل نفسياً وجسدياً وعقلياً أيضاً إال بعد ا

فإذا كانت هذه الزوجة التي رزقت بأوالد ثالثة في ظل أسرة متماسكة وفي ظل تربية سـليمة وبهذا نفسر التمـزق والطـيش . وأهداف نبيلة بلغت المرأة كمالها اإلنساني الذي قدره اهللا لها

وضعف الوازع والرغبة في الهدم التي تسيطر على العوانس ممن حـرمن نعمـة الـزواج األوالد ولذلك جاء اإلسالم بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر المسلمين أمـراً الزمـاً و

وأنكحوا األيامى منكم والصالحين مـن عبـادكم {: بتزويج العوانس واألرامل حيث قال تعالىواأليامى جمع أيم، واأليم هي التـي . اآليات} ..وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اهللا من فضله

فالعنوسة وكثرة األيامى التي ال . زوجها، واألمر هنا للمسلمين عامة وأولي األمر خاصة ماتوالشاهد أن المرأة التي حرمت نعمة الزواج أو حرمت -يتزوجن من أكبر مشكالت المجتمع

ولسـت . نعمة األوالد امرأة ناقصة خلقياً وفكرياً وعقلياً، وإن كان هذا أحياناً بظلم المجتمـع

والخالصـة أن الرجـل ال . لبحث عن أسباب ذلك، ولكننا بصدد البحث في نتائج ذلكبصدد ا .يكمل عقله وتستقر نفسه إال في ظل الزواج وكذلك الحال بالنسبة للمرأة

:التعاون على بناء هذه الحياة -٤

هذه الحياة التي نعيشها على ظهر هذه األرض تفرض علينا أن نعيش في مجتمع، والمجتمـع والوحدة األولى من وحدات هذا المجتمع هو الفرد رجالً كـان أم . بير يتكون من لبناتبناء كوالرجل والمرأة مستقالً كالً منهما عن اآلخر ال يستطيع أي منهما العيش، بل كل منهما . امرأة

محتاج لآلخر حاجة شق النواة للشق الثاني بل حاجة الشيء إلى نفسه، ولذلك ال يمكن أن نبني اً سليماً إال بتكوين لبنة سليمة، وال نستطيع أن نقول إن الرجل بنفسه لبنة واحدة ولذلك مجتمع

كانت األسرة هي اللبنة األولى لبناء المجتمع السليم، وبتعاون الزوجين تبنى الحياة، ولذلك فعقد .أعني المشاركة في بناء الحياة وتحمل أعبائها. الزواج يشابه عقود الشركة من هذا الوجه

النسل، واالستمتاع، وبلوغ الكمال اإلنساني، والمشاركة لبناء : هذه أهداف أربعة اجعلها أمامك .الحياة

!كيف تختار شريك الحياة؟

عرفنا مما سبق أنه يجب علينا أن نضع أربعة أهداف أمامنا ليكون زواجنـا كـامالً وهـذه لوغ الكمال اإلنساني، والتعـاون النسل، واإلمتاع النفسي والجسدي، وب: األهداف األربعة هي

على بناء الحياة، هذه األهداف األربعة قد نصل إليها جميعها وقد نحرم بعضها إمـا بشـيء بفـتح الخـاء (خارج عن إرادة الزوجين كالنسل وذلك أن العقم يعود غالباً إلى أسباب خلقية

التقصير في بلوغ األهداف ، وقد يعود }ويجعل من يشاء عقيماً{: كما قال تعالى) وتسكين الالمالسابقة إلى أسباب من فعلنا كسوء االختيار واالنحراف الخلقـي والجهـل بطبيعـة الحيـاة

.الخ وهذا ما نحن بصدد بيان السبل التي تساعدنا على تجنبه.. الزوجية

أعني ما الصفات التـي . أول ما يجب على كل من الرجل والمرأة معرفته هو مناط االختيارتتحلى بها المرأة حتى يرغب الرجل في الزواج بها؟ وما الصفات التـي يجـب أن يجب أن

يتحلى بها الرجل حتى ترغب المرأة في الزواج منه؟ وفيما يلي بعض صـفات هـي منـاط االختيار عند الناس جميعاً سنورد بحول اهللا كل صفة مبينين القيمة الحقيقية لها وأثرهـا فـي

.الحياة الزوجية

:صل أو المعدن أو األرومةاأل: أوالً

لو نظرت إلى مجموعة مختارة من جميع أجناس األرض وأشكالها لوجدت أنهم يختلفون فـي مظهرهم وخلقتهم اختالفاً بيناً فهناك الطويل والقصير واأللوان على اختالف درجاتهـا مـن

س هنـاك بل لـي .. وهناك اختالف األشكال والمالمح والقسمات.. األسود واألبيض واألصفرإنسان في األرض يشبه إنساناً آخر من كل وجه بل ال بد أن يكون هناك اختالف ما، ولذلك ال

.تشبه بصمة أصبع بصمة أخرى أبداً

وهذا االختالف الظاهري الشكلي يبدو تافهاً جداً وقليالً جداً إذا قارنـاه بـاالختالف النفسـي وأصدق وصـف . ختلف اختالفاً عظيماً جداًوالخلقي فنفوس الناس وصفاتهم الداخلية الخلقية ت

الناس معادن كمعادن الذهب والفضة : [الختالف الناس هو قول الرسول صلى اهللا عليه وسلمأن : ، وفي الحديث فوائد عظيمة جداً أهمها]وخيارهم في الجاهلية خيارهم في اإلسالم إذا فقهوا

فاإلنسان . ق اإلسالم والقيام بتعاليمهكرم األصل في الجاهلية يساعد على التحلي الكامل بأخالمنها النوع الجيد جداً الذي يتشكل بسهول ومن الناس خامات رديئة كالفضة المغشوشة ) خامة(

وهناك فارق عظيم بين كرم . أو المعدن المخلوط الذي ال يصلح مهما حاولت صناعته لشيء. رام وإنما المقصود المعدن البشرياألصل، ونقاوته وشهرة العائلة والقبيلة فقد يشتهر غير الك

والحق إن معرفة معادن الناس شيء عسير جداً وال يفهمه إال صيرفي ماهر، وهذا ال يستطيعه كل الناس ولكن الضابط في هذا هو اشتهار الناس بأخالق معينة وصفات معروفة، قد تكـون

يقيني، وقد تكون مبنية على هذه الشهرة مبنية على معرفة حقيقية وحوادث ووقائع تفيد العلم الفالناس يقولون هؤالء القوم كرماء شجعان، وأولئك بخـالء جبنـاء، . دعايات وإشاعات كاذبة

وهؤالء القوم تغلبهم نساؤهم، وأولئك يهينون زوجاتهم، وهـؤالء القـوم نسـاؤهم عفيفـات ائـل المهم أن أخـالق الشـعوب والقب . محصنات وأولئك نساؤهم مستهترات خليعات وهكذا

. والفصائل مختلفة متباينة ولذلك وجب علينا النظر في أصول الناس قبل اإلقدام على الـزواج وهذه القاعدة بالطبع قاعدة أغلبية وليست قاعدة كلية حتمية فقد يوجد الشجاع من القوم الجبناء،

على كل وقد توجد العفيفة المحصنة في القوم الذين ال يأبهون لميل نسائهم وانحراف رجالهم وحال فالنظر في األصول أمر دقيق جليل، وال يجوز أن نأخذه على وجه العصبية والجاهليـة وإنما يجب أن نأخذه على األمر بحسن االختيار، فبعض الشعوب وبعـض القبائـل يرفعـون أنفسهم ويتعصبون لها على وجه التعصب والجهل والجاهلية ويمنعون أنفسهم ونساءهم مـن

ى زعم أنهم خير منهم وقد يكون عند اآلخرين من الصفات النفسية والخلقية زواج اآلخرين عل .الطيبة ما ليس عند أولئك

الخامة التي تتوافر فيها : والمعدن) الخامة(فنظرنا نحو األصل يجب أن يكون هو النظر نحو ويجـب أن ) اإلنسـان (باختصار يجب أن يبحث الرجل عن المرأة . الصفات اإلنسانية الطيبة

انظر عندما خطب أبو طلحة وهو مشرك كافر امرأة من ). اإلنسان(تبحث المرأة عن الرجل يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امـرأة يا أبا طلحة واهللا ما مثلك : (المسلمين هي أم سليم قالت له

) واهللا ما مثلـك يـرد : (الفقيهة فقول هذه المرأة!!). مسلمة وال تحل لي فإن تسلم فهو مهريأن الرجل فيه الصفات اإلنسانية التي تطمح المرأة في وجودها في الرجل ولكن منعهـا معناه

.باختصار ليكون بحثنا أوالً عن اإلنسان. من الموافقة كفر

:الدين: ثانياً

الدين هو المنهاج الرباني الذي أنزل ليجعل من اإلنسان إنساناً كامالً فـي صـفاته وأخالقـه ي هذه الدنيا على أكمل الوجوه التي تحقق العدل والسعادة، وهذا وليجعل معاملته وتصرفاته ف

الدين إذا التقى مع المعدن اإلنساني الطيب ووافق القبول صنع األعاجيب ولكنـه إذا صـادف .المعدن الهش المغشوش صنع في صاحبه بالقدر الذي يحتمله ويطيقه إذا توفر القبول أيضاً

ة الدين تتعلق بالقلوب أعظم مما تعلق بـالظواهر دالالت والتدين الحقيقي شيء خفي ألن حقيقوعالمات على الدين ولكنها ليست دالالت ظنية فليس كل من أعفى لحيته، وقـص شـاربه، ووقف في صفوف الصالة مع المسلمين كان متديناً مؤمناً بل هذه ظواهر قد تدل على هذا وقد

.ال يغني قليالً أو كثيراً في حقيقة الدين والمجاراة واالعتياديكون هذا نوعاً من النفاق

وكذلك بالنسبة للمرأة أيضاً فمع أن الحجاب فريضة إسالمية وظاهره يدل على الصالح والدين والفقه إال أنه ليس دليالً قطعياً على ذلك ولكنه ظاهر فقط قد يكون نوعاً من النفاق والمجاراة

الزوج الصالح والزوجة الصالحة البحث عن الدين والذي نعنيه هنا في اختيار . والعادة أيضاًالحقيقي أو كما قلنا آنفاً الدين الحقيقي ال يعمل على وجه القطع ولكـن بغلبـة الظـن، وأداء الشعائر والحفاظ عليها قرائن ظاهرية إذ ضممنا بعضها إلى بعض قد نحصل علـى نتيجـة

الخارجية لبعض الفتيات، وال تتعثـر وهذا أقوله حتى ال يتعثر بعض الشباب بالقشرة . حقيقية .أيضاً بعض الفتيات الطيبات الصالحات بالقشور الخارجية لبعض الرجال

فقد سأل رجـالً . ولذلك كان سؤال عمر بن الخطاب عن الرجال هو التعامل بالدينار والدرهمإذن ال : لقـا . ال: هل عاملته بالدينار والدرهم؟ قـال : قال. نعم: هل تعرف فالناً؟ قال: فقال

فمعرفة الدين الحقيقي ال يكون إال بالمواقف والتعامل ومن أحرج المواقف التي تظهر . تعرفهالرجال المعاملة بالدينار والدرهم ألن النفوس مجبولة على حب المال فإذا تغلب الدين ومراقبة

بحـث عـن ولذلك يجب علينا في ال. اهللا على النفس في هذه القضية دل هذا على وجود الدين

الزواج أن نبحث عن حقيقة الدين وأن نأخذ من مجموع التصرفات والمعامالت هدايا ومرشدا .إلى معرفة دين الرجل والمرأة

:الحب: ثالثاً

ويجعلـه بعضـهم . يعلق كثير من راغبي الزواج أهمية بالغة على وجود الحب قبل الزواجوهـذا الكـالم . عقد قبل الحب، بالفشلشرطاً أساسياً للزواج الناجح ويصمون الزواج الذي ي

.يصدر عن هوى أو عن جهل بحقائق الزواج، وطبيعة الحياة بين الرجل والمرأة

علـى ميـل القلـب ويختلف مفهوم الناس لكلمة الحب اختالفاً كبيراً فبينما تصدق هذه الكلمة لرجـل الفطري والغريزي والمكتسب نحو شيء ما كحب األبناء آلبـائهم والعكـس وميـل ا

الغريزي نحو المرأة والعكس، وكذلك على ميل اإلنسان لبعض المحبوبات مـن المطعومـات وراحته إلى شيء ما أقول بينما تطلق اللفظة في اللغة على ميل القلب. والملبوسات والمرئيات

خاصة بين الرجل والمرأة وخاصـة ) الجنسية(فإن هذه اللفظة تستعمل خطأ على الممارسات لعالقات اآلثمة وهذا منتهى اإلفساد لهذه الكلمة الطيبة والتبديل لمعناهـا، فاالسـم في مجال ا

ووضع الكلمات الطاهرة الطيبـة علـى المعـاني . الصحيح للعالقات اآلثمة هو الزنا والبغاءالفاسدة يفسد اللغة والذوق وكذلك يهدم الدين واألخالق ولذلك فإننا نرى أنه ال يجوز استعمال

.إال في معناها الصحيح) الحب(ة هذه اللفظ

والذين يسعون قبل عقد العقد الشرعي، والخطبة الشرعية إلى الحصول على الحـب بمعنـاه الفاسد إنما يكتبون بأيديهم فساد حياتهم الزوجية ويهدمون أهم عامل من عوامل الحب الحقيقي

).بحث البكارةوقد تكلمنا عن هذا مفصالً في (بين الزوجين وهو الوفاء واإلخالص

.وال يتصور وجود الوفاء واإلخالص إال بالطهارة واالستقامة الخلقية قبل الزواج وبعده

بخالف ذلك فالمرأة تسعد وتحب أن تكون مأخوذة ومحبوبة والرجل يجد سعادة فائقة إذا كان يتألم وما زال ولن يزال الرجل .. عند زوجته هو الرجل الوحيد في الدنيا، وأنه ال رجل غيره

وتجرح كبرياؤه لو مدحت امرأته رجالً غيره أو حتى استظرفت غيـره أو استحسـنت منـه والمعرفة الواسعة للرجل بالمرأة التي يريد الزواج بها وكذلك معرفة الفتاة معرفة كاملة .. شيئاً

أو شبه كاملة بالرجل الذي تريد الزواج به يفقد الزواج أحلى قضية فيه وهو هذا االضطراب الخوف اللذيذ من مالقاة المجهول فبالرغم من أن اإلسالم أوجب على الرجـل النظـر إلـى و

المرأة قبل الزواج وجعل رضا المرأة شرطاً في صحة العقد فإن النظر والرضا ال يعني أكثر المطلوب، ويبقى الموضوع شيئاً آخر تمامـاً، والـذين يريـدون ) الشكل(من االطمئنان إلى

.رفة تامة قبل الزواج إنما يفرغون الزواج من معناه الحقيقيمعرفة المرأة مع

وباختصار يجب أن نفهم الحب بمعناه الحقيقي لغة وشرعاً، ويجب أن نبنـي البيـوت علـى . الحقائق ال على األوهام واألماني التي يمني كل من الراغبين في الزواج بها أحدهما اآلخـر

رأة يسمع عن صفاتها وأخالقها وشمائلها وكـذلك ال وال بأس بتاتاً أن يميل قلب رجل إلى ام. تعجب إذا أحبت امرأة رجالً شاهدت وعلمت من صفاته وشمائله ما يدعوها إلى الزواج منه

أن تكون هناك ثمة عالقة بـين رجـل -إذا أردنا زوجاً سليماً صحيحاً-ولكن ال يجوز بتاتاً يقية التي سيبني عليها الزواج، والعالقات وامرأة يريدان الزواج أكثر من معرفة الصفات الحق

.اآلثمة التي تسبق الزواج ستكون حتماً هي العامل األول في هدم السعادة الزوجية

ويحسن هنا أن نشير إلى أن عقد الزواج الشرعي وإن كان يبيح للرجل االسـتمتاع الكامـل لى هذا اإلعـالن مـن الشرعي لما يترتب ع) الدخول(بزوجته فإنه ال يحسن هذا قبل إعالن

حقوق شرعية لكل من الرجل والمرأة سيأتي تفصيلها في مكانها من هذا البحث إن شـاء اهللا .تعالى

والحب الكامل بين رجل وامرأة ال يمكن تصوره إال بعد الزواج حيث تتاح الفرصة للمنـافع وأما قبل الزواج . يالمتبادلة ولترجمة اإلخالص والوفاء والتفاني في خدمة الغير إلى واقع فعل

فإن الحب غالباً ال يكون إال مجرد الميل الغريزي بين الرجل والمرأة، وقد يزيد من إشعال هذا الحب تلك األماني الجميلة واألحالم المعسولة التي يمطر بها القادمان على الـزوج أحـدهما

لذي يقدمه كـل مـن اآلخر فأحالم اليقظة وبناء اآلمال العريضة وإظهار التفاني واإلخالص االرجل للمرأة والمرأة للرجل قبل الزواج تشعل الحب وتؤكد ميل القلب ولكن حـرارة الحيـاة

اآلمال واألحالم إذا لم يكـن األلف والعشرة تهدم هذهوجديتها ورتابة الحياة الزوجية وطول الواقع (زواج عند الزوجين المفهوم الصحيح لمعنى الحياة الزوجية، ولذلك يفاجأ كثيراً من األ

بعد دخول الحياة الزوجية ويرون تبدالً عظيماً في أخالق شريكة الحياة وقد يسأل كـل ) المروذلك أنهم بنوا حياتهم علـى ! هل هذا حقاً هو اإلنسان الذي عرفته قبل الزواج؟: منهما نفسه

اء، والمجتمـع األحالم واألماني ال على الواقع، ولذلك فالتعويل على هذه األحالم هو من الغبالمختلط قد يسر لكل من الرجل والمرأة التعرف والتقلب والصحبة والزمالة، ويسـر أيضـاً الخلوة الفاحشة، ولقد كانت ضريبة هذا هو النفور من الزواج وهدم الحياة الزوجية الحقيقيـة

ال بالمائة منهم ٩٠ففي اإلحصائيات التي أخذت على طالب بعض الجامعات ثبت أن أكثر من يفكرون بتاتاً في زواج زميلة له في الجامعة وذلك أن االختالط الكامل بين الطالب أفقد المرأة

ومهما . أخص صفاتها وأحظاها عند الرجل وهو شعور الرجل أنه قد فاز بشيء عزيز مكنونفإن . الخ.. و.. قيل عن هذا الشعور بأنه بدائي أو أنه شعور باالمتالك والمرأة ليست سلعة و

الحقيقة أن الرجل بفطرته ما زال يشترط في المرأة أن تكون متاعاً خاصاً به وحده وأن تكون .خالصة له من دون الناس

: المال والغنى: رابعاً

من الصفات التي ال غنى عنها مطلقاً، وال اختالف عليها بين الناس هو اشتراط الغنـى فـي وقد فسر العلمـاء حـديث . بواجبات الزوجية المتقدم للزواج، وأقل الغنى هو الكفاف والقيام

أن المقصود بالبـاءة . الحديث..] يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج: [الرسولواإلسالم يشترط فـي صـحة عقـد النكـاح . هو نفقات الزواج وإمكان إعاشة الرجل للمرأة

. ستمرار قدرة الرجل على اإلنفاقوا

رجل اآلن إلى كثرة المال ال مجرد الكفاف والغنى عن الناس وذلك ولكن الناس ينظرون في البعد تعاظم الحياة المادية، وانفتاح األساليب المذهلة لالستمتاع بالحياة واقتناء الزينـة التـي ال

والمسلمون فقط من يسألون عن طالب الـزواج الغنـي .. تقف عند حد في أثمانها أو أشكالها .كيف اكتسب ماله؟

د أن فسدت وسائل الكسب في العصر الراهن وأصبحت المقـامرات والريـاء وبيـع وذلك بعوال شـك أن . األعراض والذمم والرشاوي من أعظم وسائل الكسب في هذه الجاهلية الحديثة

فالرجـل . كل فتاة تريد السعادة الحقيقية يجب أن تعلم من أين اكتسب المتقدم للزواج بها مالهد هو أولى الناس بأن يؤسس بيتاً قائماً على االسـتقرار والسـعادة، الشريف العفيف نظيف الي

يتعاملون مع زوجاتهم بنفس تعاملهم مع الدينار والـدرهم واألموال القذرةوأصحاب الدخول تفقد قيمتها . باختصار تصبح المرأة عندهم كالسلعة تماماً. ويقدرونهم بقدر منافعهم المادية فقط

علـو (وبنضوب المنافع المادية وقد كان من عالمات الشرف ) الجديدوبروز الموديل (بالقدم .في الجاهلية القديمة الكسب) المكانة والمنزلة

ولذلك . وذلك أن المتكسب المكافح العامل ال يقارن مطلقاً مع العاجز الكسول العالة على غيره :كان من أقسى أنواع الذم في الجاهلية هذا السب

لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسيدع المكارم ال ترحل

وقد أتلفت الحياة الحاضرة قيمة اإلنسـان الحقيقيـة وذلـك بـالتوظيف . أي المطعوم المكسوفالوظائف الحكومية الهرمية والتي يراعي فيها كثيراً الغش والنفاق والمحسـوبية، . الحكومي

الرفعة، وأصبحت السمة الغالبـة أن رفعت أناساً يستحقون الوضع، ووضعت أناساً يستحقون

نرى كل إنسان في غير موضعه بل ال نكاد أن نرى إنساناً في موضعه الصحيح من هذا الهرم .الوظيفي المغشوش

ولذلك فالتعويل على معرفة القيمة الحقيقية لإلنسان من خالل الحسب والمال أصبحت الغيـة ظيف، ومع ذلك لن نعـدم أيضـاً التقيـيم تماماً في عصر اختلطت فيه موازين الكسب والتو .الحقيقي للرجال الذين يلتزمون بالعفاف وطهارة اليد

وليس اشتراط الغنى بالنسبة للمرأة مطلوباً على النحو الذي يطالب به الرجل وخاصـة فـي المجتمعات التي يستطيع الرجال أن يكسبوا ما يكفيهم بسهولة ويسر، ولكن فـي المجتمعـات

ث يصبح عمل المرأة وكسبها ومالها جزءاً أساسياً للمعيشة أصبحت المرأة مطالبة الفقيرة، حيوهذا من أعظم فساد الحياة ومن أعظم البالء .. بالمشاركة والمساهمة الالزمة في نفقات العيش

عـبء الحمـل : الذي وفد إلينا من الحضارة الغربية المادية، وبذلك أصبح أمام المرأة عبئانوالعجيـب . ية األوالد والعناية بشئون المنزل، وعبء الخروج للتكسب واإلنفاقوالوالدة وترب

أن الذين يؤيدون خروج المرأة للعمل خارج البيت ليسوا قطعاً من األمهات الذين لهم بيـوت آمنة مستقرة وأوالد وإنما هم في جميع بقاع العالم إما أن يكن زوجات فاشـالت أو عـوانس

الحقيقيات والزوجات الناجحات في كل بقاع العالم فيصرخن بـأعلى مغبونات، وأما األمهات) الحمل واإلرضاع والتربية(أصواتهن أنه من الظلم للمرأة أن تطالب بوظيفتين وظيفة الفطرة

المساهمة في نفقات األسرة وما يسمى ببناء المجتمع (ووظيفة المجتمع الظالم والقوانين الجائرة رجال الذين ال يتسمون باإلنصاف والخلق يجادلون في خروج المـرأة وبالطبع فال) االقتصادي

.قلوبهم وإرضاء شهواتهم ال لنفع المرأة ونهضة المجتمع للعمل لمرض

ولكن المشكلة الحقيقية في كل ذلك أن المجتمعات التي قطعت شوطاً بعيـداً وراء الحضـارة ن يريد الزواج وذلـك أن نفقـات المادية قد جعلت خروج المرأة للعمل ضرورة حتمية أمام م

السكن والمعيشة ال يكفي لها راتب الزوج في المعتاد، وبذلك أصبح الشاب في خيار أن يستمر بال زواج سنوات طويلة أو يعيش بما ال يتالءم مع وضعه االجتماعي واألخالقي ويتـزوج أو

.أن يتزوج من امرأة عاملة أو موظفة

جون من امرأة موظفة أو عاملة فهم يغـامرون بسـعادتهم والذين يغامرون أو يغرون ويتزوواستقرار أسرهم، فالمرأة التي تدفع من راتبها على زوجها وأوالدها ال يمكن أن تكون زوجة كاملة مطلقاً اللهم إال إذا تحلت بأخالق هائلة من الكرم وضبط النفس وعدم المـن بالفضـل،

كل حال ليعلم الرجال الـذين يمـدون أيـديهم وعلى . وهي صفات نادرة جداً في هذه األياملزوجاتهم أن هذا يجب أن يكون عن طيب نفس تماماً، وليحذر أن يكون هذا وسيلة من وسائل

وقد عرفت عشرات الحاالت إلخوان وأصدقاء كثيـرين فشـلت حيـاتهم . االستذالل مستقبالًتسببها امرأة عاملة منهكة هذا عدا المتاعب الهائلة التي. الزوجية بسبب عمل وكسب زوجاتهم

وال يمكـن أن . لزوجها وأسرتها وذلك بما تلقيه في بيتها من هموم العمل ومتاعبه ومشكالته .نتصور بتاتاً كيف يمكن أن يكون هناك أسرة سعيدة حقاً في ظالل امرأة عاملة منهكة

ات لكثيـر مـن وأما الغنى الوراثي أو الذي حازته بغير طريق العمل اليومي فهو من المغريوقد أخبر النبي صلى اهللا عليه وسلم أن ذلـك .. الرجال الذين يريدون الثروة السهلة الميسرة، وعد من ذلك المال فيجب أن ]تنكح المرأة ألربع: [من أسباب طمع الرجال في النساء كما قال

في يـد امـرأة نعلم أيضاً أن هذا المال ال يجوز أن يكون مسوغاً للزواج بالمرأة إال إذا كانهذا إذا كان الرجل راغباً في الزواج . عفيفة كريمة النفس تنفق منه على بيتها وال تمن بإنفاقها

أما إذا كان ال رغبة له إال المال فقط وقد عبر إلى هذا المال . بالمرأة الغنية ال ألجل مالها فقطيكون صحيحاً مشـروعاً، وما أظن أن عقد الزواج بهذه النية . بطريق الزواج فهذا شأن آخر

وتحتاج المرأة الغنية أيضاً التي تريد الزواج إلى أن تتريث . ولعل هذا أشبه بالنصب واالحتيال .طويالً في قبول المتقدم لها حتى تتحقق أنه يريد من الزواج أموراً أخرى غير ثروتها وغناها

:األخالق: خامساً

النقي لإلنسان وهذا المعدن صناعة إلهيـة ) دنالمع(عرفنا أننا يجب أن نبحث قبل الزواج عن : قال لزيد الخيـر ليست كسبية كما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى اهللا عليه وسلم

يا رسول اهللا خصلتان جبلت عليهما : ، قال]إن فيك لخصلتين يحبهما اهللا ورسوله الحلم واألناة[وهذا يعني أن هذا الصحابي قد خلق حليماً . الحديث..] بل جبلت عليهما: [أم تخلقت بهما؟ قال

ثم الـدين وعرفنـا أن . متأنياً قبل أن يكون مسلماً وهذه المعادن البشرية تتفاوت نقاوة وجودةالمقصود بالدين حقيقة الدين ال ظاهره فقط والدين عاصم من الظلم واالنحراف ومقيم للزوجين

.على سنن الخير والسعادة والصالح -إن أقاماه-

وإذا اجتمعت هاتان الصفتان في رجل أو امرأة صنعت األعاجيب فنقاوة المعدن إذا صـادفت فقه الدين وتشربت أحكامه أخرج هذا ثماراً طيبة من الخلق الكامل والعفة والطهارة واالتزان

وهذه الصفات كلها صفات . والصدق والوفاء والتفاني في خدمة اآلخرين واالعتراف بالجميلورية في الزوجين لكل زواج ناجح، وذلـك أن الشـذوذ واالنحـراف أو التقلـب الزمة ضر

واحدة من هذه الصفات في أحـد .. والتذبذب أو الجحود ونكران الجميل أو الكذب أو التعاليالزوجين كافية لهدم السعادة الزوجية ومورثة للشقاء والهموم، ونحن نكشف عن طبيعة معدن

وطبيعة دينه بمعرفة هذه األخالق؛ فاألخالق الطيبة هي نتـاج ) ةرجالً كان أو امرأ(اإلنسان

طيب للمعدن الطيب والدين الصحيح السليم، وأما األخالق الخبيثة فهي أيضـاً نتـاج خبيـث الزاني ال ينكح إال زانية أو {: ولهذا قال تعالى. للمعدن الخبيث والدين الكاذب أو الدين الباطل

فعلى تفسير النكاح هنا بالزواج يكون المعنى . }إال زان أو مشركمشركة، والزانية ال ينكحها ال يرغب في الزواج ممن اشتهرت بالزنا إال مثيلها في هذا الخلق الذميم أو مشـرك ال يقـيم وزناً لألخالق، وكذلك العكس ال ترغب المرأة في الزواج من رجل اشتهر بالفسق والفجور إال

وأعم من هذه اآلية . ركة ال دين يردعها عن مثل هذا النكاحأن تكون على شاكلته أو تكون مش. }الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبـات {: قوله تعالى

واآلية على تفسير الطيبات والخبيثات بالزوجات، وعلى تفسير الطيبين والخبيثين بـاألزواج، ق الذميمة والطيبة وهذه األخالق كما أسلفنا القول ثمـار والخبث والطيبة هنا أوصاف لألخال

. للمعدن والدين

:الجمال: سادساً

وهذه الصفة الظاهرية . الجمال هو الصفة التي يبحث عنها كل من الرجل والمرأة عند اآلخرلها أثر عجيب في دوام العشرة وبقاء األلفة وبالرغم من أن اإلنسان من حيـث هـو إنسـان

.أحسن تقويم فإن التفاضل بين البشر في هذه الصفة متفاوت لدرجة كبيرة جداًمخلوق في

ومع أن الناس أيضاً يتفقون على خطوط رئيسية للجمال إال أنهم يختلفون أيضاً في الحكم على إذا خطب أحدكم امرأة فـإن : [تفصيالته وتفريعاته ولذلك قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

وترك النبي صلوات اهللا وسـالمه عليـه ]. لى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعلاستطاع أن ينظر إ .مسألة ما يدعو الرجل إلى الزواج من امرأة متروكاً إلى الشخص

ولقد شدد النبي في هذه الناحية أعني اشتراط الجمال أو على األقل اشتراط القبول لشكل المرأة بن شعبة رضي اهللا عنه خطب امرأة مـن ووجهها فقد جاء في الحديث الصحيح أن المغيرة

اذهب فانظر : [قال. ال: قال] هل نظرت إليها؟: [األنصار فقال له النبي صلى اهللا عليه وسلموهذا أمر يقتضي الوجوب في الحديث اآلخـر إذا خطـب ]. إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما

ولـيس عيبـاً وال . ال والشكلأحدكم امرأة فلينظر إليها ومعلوم أن النظر هنا بحث عن الجممنافيا للدين والخلق واإلحسان أن يرغب رجل عن زواج امرأة ألنها دميمة فقد جاءت امـرأة

إني أهب لك نفسي فرفع إليها نظـره ثـم ألقـاه إلـى : إلى النبي صلى اهللا عليه وسلم وقالتابي بجـوار حتى أنه قام صح.. األرض وسكت ورغب النبي عن نكاحها ألنها لم تكن جميلة

فزوجه .. يا رسول اهللا إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها: النبي صلى اهللا عليه وسلم فقال لهالنبي صلى اهللا عليه وسلم إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن وكذلك ليس منافيـاً للـدين

وقد فعل واإلحسان والخلق الكامل أن يشاهد رجل امرأة جميلة فيرغب في الزواج منها لذلك، هذا سيد البشر صلوات اهللا وسالمه عليه فما تزوج جويرية بنت الحارث رضي اهللا عنهـا إال

وما . لمالحتها وجمالها بعد أن رآها في السبي وكان زواجه منها خيراً عميماً على أهلها جميعاًلوبـة ال يريده الرجل في المرآة تريده أيضاً المرأة في الرجل وإن كانت المرأة بوجه عام مط

طالبة إال أنها أيضاً تنتظر أن يتقدم إليها الوسيم الجميل وال ينافي الخلق الطيـب واالسـتقامة للمرأة المسلمة أن ترفض رجالً ليس بجميل وإن كان على دين وخلق، وقد فرق رسـول اهللا

واها صلى اهللا عليه وسلم بين قيس بن شماس وزوجته ألنها كرهته لدمامته، وكذلك ال ينافي تق .ودينها أن تطلب وترجو أن يتقدم إليها الوسيم الجميل

وهذا الذي قدمنا بأدلته نسوقه للذين يظنون أن الدين ال يقيم اعتباراً لهذه القضية التي يظنونها وهذا الفهم فهم خاطئ سخيف ألحكام الدين في . من نتاج الفكر المادي وأهل الشهوات والدنيا

.هذه القضية

علينا أن نضع قضية الجمال مكانها من حيث مجموع الصفات المثاليـة التـي ومع ذلك يجب يبحث عن توفرها في الزوج الصالح والزوجة الصالحة، فالجمال حقاً شكل وظاهر ومع ذلك فهو مراد ومطلوب ومحبوب ومرغوب ديناً وطبعاً وإن كان الجمال في ذاته صفة وهبية من

نسان غالباً فيه ولكننا أيضاً شرعاً وديناً في حرية وإباحة الخالق سبحانه وتعالى وال كسب لإلولكن المنهي عنه شرعاً أن تغلب هذا الظاهر . للتخير والمفاضلة وهذا من رحمة اهللا وتوفيقه

بل يجب علينـا أن نضـع الجمـال فـي . على الجوهر األساسي لإلنسان من األصل والدينفات العامة التي يجب علينا مراعاتها في اختيار المستوى والحد الالئق به والمتناسب مع الص

.شريك الحياة

:البكارة: سابعاً

يقال رجل بكر وامرأة بكر أي (المحببة في الزواج لدى الرجل والمرأة ) الصفات(البكارة من وقد جاء على لسان الرسول صلى اهللا . وهذه الحالة نسميها صفة تجاوزاً). لم يسبق لهما زواج

حض على زواج البكر كما في حديث جابر في الصحيحين أن الرسول صلى اهللا عليه وسلم ال) والثيب هي المرأة التي سبق لها زواج(ثيباً يا رسول اهللا : عليه وسلم سأله ماذا تزوجت قال

].هال بكراً تالعبها وتالعبك: [فقال له الرسول

كر التي لم يسبق لها زواج تتفتح وفي الحديث التعليل لزواج البكر بأنه للمالعبة والسبب أن البطاقاتها النفسية والعاطفية والجسدية على لقائها األول مع الرجل سواء كان لقـاء شـرعياً أم

فلقاء النكاح يـورث الحـب واأللفـة . سفاحاً، وشتان بين ما يخلقه لقاء النكاح ولقاء السفاح

واأللم من مواجهـة المسـتقبل والتراحم ولقاء السفاح يورث البغضاء والندم والشعور باإلثموقـد . ويعرض المرأة إلى االستذالل سواء تزوجت برجل آخر أو تزوجت بمن واقعها سفاحاً

كان فعل الرب حازماً مع المرأة إذ جعل غشاء البكارة خاتماً ودليالً على الطهارة والعفة وذلك .األرض أن رحم المرأة هو مستقر الولد، وأوالد السفاح من أعظم الفساد في

قد هون مـن شـأن ) الفرويد(والفلسفات المادية والحديثة والدراسات النفسية وخاصة المنحى العالقات الجنسية بين الرجل والمرأة زاعماً أنه ينبغي أن ينظر إليه كـالنظر إلـى الطعـام والشراب وأنه ال يجوز أن نحيطه بسياج األخالق والدين والتقاليد والعادات التي تحـدد مـن

وزاعماً أيضاً أن الجنس هي الغريزة التي يدور الوجود كلـه . إشباع اإلنسان في هذه الناحيةعليها فالسموات واألرض والبشر ما خلقوا إال لممارسة الجنس وإذا كان هذا هو غاية خلقهـم

هذه هي خالصة العقيدة الفرويدية التـي . فال يجوز أن توضع حدود وعقبات أمام هذه الغايةجه الحضارة الحديثة وكان لها أعظم األثر في الثورة الجنسية التي يعيشها العالم في صبغت و

وبالرغم من هذه الفلسفة الخائنة المغلوطة فإن االنحراف ما زال في جميع . هذا العصر الراهنالمجتمعات على السواء ينظر إليه باحتقار وازدراء حتى تلك المجتمعات المادية التي تركـت

-المسـلمين -ذ مدة طويلة؛ وذلك أن نداء الفطرة ما زال يأبى هذا االنحراف ونحـن الدين منالذين لم تتدنس نفوسنا بعد، وما زال الدين حياً في نفوسنا يدعونا إلى االستقامة والعفة، نمجد

.الفضيلة والعفاف ونزدري السقوط واالنحراف

عليها اللهم إال إذا كانت هنـاك المهم أن البكارة شيء محبب وصفة من الصفات التي يحرص : مصالح في الزواج ترجح صفة أخرى كما أقر رسول اهللا جابراً الذي تزوج ثيباً عندما قـال

إن أبي قتل شهيداً في أحد وترك تسع بنات فلم أرد أن أضيف إليهن واحدة مثلهن وإنما أحببت ]. فـنعم إذن : [عليه وسـلم فقال له الرسول صلى اهللا . أن أتزوج ثيباً تقوم عليهن وتمشطهن

والشاهد أن المرأة البكر أحظى لدى زوج يريد امرأة تبحث عن كنف ومرشد ورجـل قـوام .عليها وهذه الحاجة الفطرية في المرأة عموماً ولكنها في البكر أشد

ويبدو أن هذه القضية عكسية تماماً في الرجل البكر فهو أشد مراساً وأقسى طباعاً في معاملة وأما الرجل الثيب فإنه أطوع للمرأة وأضعف أمـام . إن كان أحلى عشرة وأبهج حياةزوجته و

رغباتها ولكنه مع ذلك أنكد عشرة وخاصة كلما تقدمت به السن وعاله الشيب وال يظنن ظان أن الضعف والطواعية للمرأة من أسباب سعادتها ولكنه في الحقيقـة مـن أسـباب شـقائها

. الفطرة الصارمة التي ال تتخلفوهذا من قوانين . وتعاستها

في مكانها الصحيح أيضـاً مـن الصـفات ) البكارة(فالواجب علينا إذن أن نضع هذه الصفة المثالية التي ننشدها في الرجل والمرأة ولتعلم الفتاة أن مستقبل حياتهـا الزوجيـة مرهـون

الشيء العزيز الذي ال وأن التفريط في هذا. بالمحافظة على الخاتم الذي وضعه الخالق البارئوإذا كان على المرأة أن تبحث عن الرجل البكـر أيضـاً . يرتق هو بمثابة خسارة ال تعوض

الذين في سن (فيجب أن يكون أيضاً بحيث يصلح مرشداً وهادياً وقواماً ولذلك فزواج األقران وقانون الفطرة أن . من أفشل الزواج ألن األسرة ال ينتظم أمرها إذا كان الزوجان ندين) واحدة

.تسعد المرأة فيمن تجد عنده مع الحب والحنان والعطف والرعاية والقوامة والرجولة

وسيأتي إن شاء اهللا تفصيل كامـل لمعنـى . (فالقوامة والرجولة صفتان أساسيتان لزواج سليم ع واالمتاعالتطبوكذلك على الذين يتزوجون امرأة ثيباً أال يتعلقوا بمستقبل وهمي من ). القوامة

النفسي والجسدي الذي يوجد لدى األبكار وأن يعلق أمله فقط بالمنافع الممكنة من هذا الزواج وكذلك يستحسن أن تنصرف الفتاة عن زواج قرنها ومساويها فـي . وليس بالمنافع المستحيلة

تحققها أنه السن ما أمكن إال أن تكون على استعداد للتنازل أحياناً عن فهمها وعلمها ورأيها مع وأما الالتي يقدمن للزواج من كبار السن مـن الرجـال . صواب حفاظاً على حياتها الزوجية

فيجب عليهن أيضاً أن تعرف الممكن الذي يستطيع الرجل أن يقدمه للمرأة من مـال ومتـاع ونحوه أو من فضائل أخروية كأن تقبل الزواج برجل كبيـر احتسـاباً هللا لخدمتـه ورحمـة

وكما يفعل من يتزوج امرأة ليرعى عيالها أو يؤنس وحـدتها ووحشـتها، فلـيس لشيخوخته،لكنه أيضاً مجال واسع للمنافع األخروية وطلب الحسنات . الزواج للمنافع المادية الدنيوية فقط

والمهم أن اإلنسان إذا عرف هدفه وغايته ولم يطالب . والثواب واألجر من اهللا سبحانه وتعالىاح وأراح وإنما إذا تعلق باألوهام وطالب بالمستحيل وأقدم على األمور بجهل بالمستحيل استر

.أمله وضل سعيه عواقبها خاب

:الشرف والحسب: ثامناً

. جاء في الحديث الصحيح أن الحسب أحد األسباب التي تغري الرجال بالزواج مـن النسـاء ـ ا يعنـي العلـو والرفعـة والحسيبة هي المرأة الشريفة ذات المكانة والمنزلة، والشرف هن

وال يلزم من وجود الحسب ) ويستعمل الشرف عرفاً اآلن بمعنى العفة وهو استعمال غير سليم(وجود المال والغنى فالشرف والحسب يعني الشهرة والرفعة والسيادة وكان الناس وخاصة في

ولهم وكريم جاهلية العرب يشتهرون ويبلغون أعظم منازل الشرف وال مال لهم وإنما لكرم أصولم يكن غنياً، وبنو هاشم كانوا في . فحاتم الطائي مثالً كان سيداً في قومه. شمائلهم وأخالقهم

القمة من أقوامهم شرفاً وحسباً ولم يكونوا أغنياء بمعنى الثراء والمال وكانت العـرب تقـدس هذه المـوازين األخالق وتعتني باألصول القبلية وال تقيس شرف الناس إال بذلك، ولقد تغيرت

في جاهليتنا الحديثة وأصبح المال والثراء والمركز الوظيفي هي مقومات الشـرف والمكانـة وأما العناية باألصول والقبائل فما زال معموالً بها في . ينسب الحسب في الوقت الراهن وإليها

هدمت هذه البوادي أو القبائل التي تحضرت حديثاً، وكلما أوغل المجتمع في التحضر الحديثوقد ناقشنا في البند السابق النظرة الصحيحة للثراء والغنى وما منزلة ذلك . األعراف والتقاليد

.في زوج سعيد مثالي وعليه فالحسب اآلن مرتبط بالنظرة إلى المال والمركز الوظيفي

لقديمة إال وأما األعراف البدوية أو المتحضرة حديثاً فبالرغم من أنها امتداد ألعراف الجاهلية اأن هناك جوانب من الحق في هذه األعراف والتقاليد ال ينبغي أن نساعد على محوها فـبعض القبائل فقدت سمتها وباءت بالعار لدى القبائل لما كانت تمارسه من دعـارة وسـقوط خلقـي وانحراف، وكان االمتناع عن الزواج والمصاهرة بهذه األصول فيها جانب من جوانب الحق،

الطوافة ال يخفى على مطلع األساليب التي كانت تتكسب بها من ) النَور والغَجر(ن قبائل كما أالدعارة والعرافة والسرقة ونحو ذلك، وكان وما زال االمتناع عن المصاهرة بهذه األصـول

في الشريعة، وإن كانت وسائل اإلعالم في بعض الدول تعمل جاهـدة اآلن علـى مقرراًشيئاً .تقاليد وهذا إلفساح المجال نهائياً أمام االنحرافمحو هذه ال

واإلسالم وإن جاء يدعو الناس إلى أن أصلهم واحد وأنه ال فضل لعربي علـى أعجمـي إال بالتقوى إال أنه أخبر أيضاً باألمر بالتنافس في الفضائل والبعد عن الرذائل والتقوى التي جاء

رافق الدين طبعاً نقياً، ونفساً صافية وخلقاً مساعداً اإلسالم باألمر بتحصيلها ال تحصل إال إذا وعلى كل حال ينبغي أن نضع األحساب في موضعها الصحيح فالحسب والشـرف بـالمعنى

) وقد ناقشنا هذا فيما سـبق (الصحيح ينبغي أن يكون هو المعدن الطيب والخلق الكريم والدين .يد به في الحسب والشرفوأما الشهرة التي انبنت على شيء آخر فهي بما ال يق

والمرأة الحسيبة إذا لم يكن لها من الدين والخلق ما يعصمها عن التعالي على زوجها فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى النشوز أو التبعية وانهيار دور الرجل في بيتـه وكالهمـا مـدمر للحيـاة

جها بأنه نـاجح أو ال يمكن أن يوصف زوا) الناشز(فالمرأة المتعالية عن زوجها . االجتماعيةوكذلك المرأة التي تملك رجالً قد تخلى عن دوره في منزله من حيـث القوامـة . أنها سعيدة

والرجولة ال يمكن أن تعيش سعيدة أيضاً وأشقى الرجال من يعيش مع امرأة متعاليـة عليـه .وغير راضي بذلك وكذلك من يعيش مع امرأة متعالية عليه وهو راض بذلك

ال شك أنه أحظى لدى المرأة وأحب إليها من رجل عاطل عن ذلك، ولكـن والرجل الحسيبهذا الحسب إذا لم يزينه الخلق الكريم والدين الصحيح فإنه ينقلب إلى إذالل للمرأة وتعاٍل عليها

والنفوس في تطبعها بطابع اإلسالم وتخلقها بأخالقه ليسـت . وذلك إذا لم تسامه شرفاً ومكانة

كيف رفضت زينب بنت حجة رضي اهللا عنها الزواج بأسـامة وتزوجتـه سواء ولذلك رأينا كارهة ثم ضايقته حتى طلقها وما ذلك إال لنفاستها عليه ونزول مكانته عندها وذلك بالرغم من كونه بكراً ولم تكن كذلك وعلى كل حال فيجب أن نراعي تلك الموازين كلها الخاصة بالحسب

واإلسالم فيه حل لكل هذه المشكالت ولكن نعيد . على الزواج والمنزلة االجتماعية عندما نقدمالقول ثانياً ليست كل النفوس سواء في التزامها بآداب اإلسالم وأخالقه، ونحن نتعامـل مـع البشر وللبشر قصورهم بآداب اإلسالم وأخالقه، ونحن نتعامل مع البشر وللبشـر قصـورهم

غم من أن الدين يجب أن يصلح كل هذه األمور وعجزهم وضعفهم وتقاليدهم وأعرافهم، وبالرفي إصالح كل النفوس في كل األحوال وكل الظـروف، وال ضربة الزب،إال أن الدين ليس

نستطيع أن ننفي الدين عن رجل يسرت له امرأة متدينة صالحة ولكنها دميمة فقيرة ال حسـب رأة تقدم لها رجل مسلم صـالح وكذلك ال نستطيع أن ننفي الدين عن ام. لها فأبى الزواج منها

ولذلك وضعنا كل هذه االعتبارات . ولكنه دميم فقير ال حسب له فقالت ال أستطيع الزواج منهفي الرجل والمرأة ليعلم إخواننا الشـباب والشـواب كيـف ) مثالية(والصفات التي أسميناها

.يختارون ألنفسهم ومتى يقبلون ومتى يرفضون

الخطبة

أحكامها وآدابها

الخطبة هي المقدمة والمدخل إلى عقد النكاح وهي في ذاتها عقد ابتـدائي إلعـالن القبـول :بالزواج بين طرفين، والخطبة المشروعة ال بد أن نتبع فيها ما يأتي

:النظرة إلى المرأة قبل الخطبة -١

يجب على من وقع في قلبه امرأة أن ينظر إليها قبل التقدم لخطبتهـا وهـذا النظـر واجـب :لألحاديث اآلتية

حديث المغيرة بن شعبة رضي اهللا عنه أنه خطب امرأة فقال له النبي صـلى اهللا عليـه -١أي أن إعجابك بها أحرى بأن تـدوم العشـرة ] انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما: [وسلم .رواه الخمسة إال أبا داود. بينكما

انظر إليها : [النبي صلى اهللا عليه وسلم خطب رجل امرأة فقال له: حديث أبي هريرة قال -٢ .رواه أحمد والنسائي] فإن في أعين األنصار شيئاً

تحديد لحدود هذا النظر وكيفيته فما يجوز للمرأة كشفه -على ما أعلم-وليس عندنا في السنة فهل النظر إلى هذا فقط أم ) على خالف بين السلف والفقهاء(أمام األجانب هو الوجه والكفان

. إلى هذا وغيره؟ تشدد بعض الفقهاء، فقال بأن النظر للخطبة ال يجوز إال للوجه والكفين فقطووسع آخرون إلى ما يبيحه العرف اإلسالمي، وال شك أن هذا إفراط وذاك تفريط، والوسـط

:من ذلك لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم. هو العدل

رواه أحمـد ]. ما يدعوه إلى نكاحها فليفعلإذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض [وأبو داود وأخرجه الشافعي وعبدالرزاق والحاكم وصححه وقال الحافظ رجاله ثقـات، قـال

فـإن صـح .. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وأعلنه ابن القطان بواقد بن عمرو.. الشوكانيأنهـم نظـروا عنـد الحديث فهو حجة ألكثر من الوجه والكفين، وقد جاء عن بعض السلف

.الخطبة ألكثر من ذلك

:الخلوة ليست من المباحات -٢

هذا وليست الخلوة باألجنبية جائزة، ولو رغب في زواجها لألحاديث الكثيـرة التـي جـاءت من كان يؤمن باهللا واليوم اآلخر فال يخلون : [بالنهي عن ذلك فمن ذلك حديث جابر عند أحمد

، وحديث عقبة بن عامر في البخاري ومسند ]الثهما الشيطانبامرأة ليس معها ذو محرم فإن ثفقال رجـل مـن ] إياكم والدخول على النساء: [أحمد أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

، ويشهد لهذين ]الحمو الموت: [يا رسول اهللا أفرأيت الحمو فقال صلى اهللا عليه وسلم: األنصارال يحل : [قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: أنه قالالحديثين حديث ابن عباس المتفق عليه

].المرأة تؤمن باهللا واليوم اآلخر أن تسافر يوماً وليلة إال مع ذي محرم

فلهذه األحاديث فإنه يجب أن يعلم أن الخلوة ليست بجائزة ولو لطالب الـزواج إال أن تكـون .الخلوة مع محرم للمرأة

:الخطبة على الخطبة -٣

تقدم رجل لخطبة امرأة أن يتقدم ثان وثالث وأكثر من ذلك ما لم توافق على واحـد يجوز إذافإن وافقت المرأة وأولياؤها على واحد من الخطاب فال يجوز ألحد التقدم إلى الخطبـة . منهم

بعد ذلك ألن هذا منهي عنه نهياً شديداً وهو من أسباب نشر العداوة والبغضاء فـي المجتمـع .المسلم

رواه ] ال يخطب الرجل على خطبة أخيه حتـى يـنكح أو يتـرك : [ى اهللا عليه وسلمقال صلال يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخطاب قبله : [البخاري وفي رواية أخرى قال

.رواه أحمد والنسائي] أو يأذن له الخاطب

وأما لو وقع هذا فما الحكم؟

وتـرد إلـى ) ذي خطب الرجل على خطبة أخيهال(قال بعض الفقهاء يفسح نكاحها من الثاني وجعلوا هذا من مبطالت عقد النكاح، وجعل البعض هذا غير مبطل للعقد ولكنه معاقب . األول

.عليه شرعاً فعند هؤالء ال يبطل العقد إن وقع وإن كان فاعل هذا يستحق التعزير والمجازاة

يدل على ترتب حقوق معينة بالفسخ ونرى أن الخطبة عقد جائز ولم يأت في الكتاب والسنة ما فإذا وقعت الخطبة على الخطبة فال نرى بطالن زواج الثاني وإن كنا نرى أنه ظالم وأنه يجب عليه الرجوع عن خطبته وأنه مستحق للعقوبة في الدنيا واآلخرة وكذلك من وافقه من المـرأة

في شروط النكاح فإننا نرى واألولياء، ولما كان األصل في عقد الزواج التراضي كما سيأتي .أنه ال يجوز أن يعقد عقده مع اإلكراه أبداً

:الخطبة في العدة -٤

:هناك أوقات وحاالت ال يجوز أن يتقدم فيها إلى خطبة النساء وهي

فال يجوز في عدة الطالق أن يتقدم رجل بخطبة هـذه .عدة المطلقة طالقاً رجعياً أو بائناً) أ(. ما زالت معلقة بحبل الزواج طالما هي في العدة) الرجعية(ها وذلك أن المرأة حتى تنتهي عدت

وأما البائن وإن كان ال يجوز أن ترجع إلى زوجها إال بعد نكاح آخر فإن هناك اتفاقاً على أنه .هذا وال يجوز أيضاً التعريض بخطبتها. ال يجوز ذلك ولم يأت في الكتاب والسنة ما يبيح ذلك

المرأة التي يتوفى عنها زوجها ال يجوز ألحد التقدم لخطبتها حتى تمر عليها .عدة الوفاة) ب(ولكن يجوز أن تشعر بالخطبة تعريضـاً . أربعة أشهر وعشر أو تضع حملها إن كانت حامالً

" إني أبحث عن امرأة فاضلة وأود لو أنني وفقت لـذلك : "كأن يقال لها.. وتلميحاً ال تصريحاًالتي تفهم الرغبة في الزواج وليست نصاً صريحاً في الخطبة كما قال ونحو هذا من العبارات

وال جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم اهللا أنكـم {: تعالىستذكرونهن، ولكن ال تواعدوهن سراً إال أن تقولوا قوالً معروفاً، وال تعزموا عقدة النكاح حتى

.. }اعلموا أن اهللا يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن اهللا غفور حلـيم يبلغ الكتاب أجله و ).البقرة(

:من بدع الخطبة في العصر الراهن: تعقيب

وأنهـا ال من األحكام السابقة يظهر لنا أن الخطبة في الشريعة اإلسالمية اتفاق على الزواج، أنه ال يترتب على فسخها شيء مـن تحل شيئاً من المخطوبة غير النظر إليها قبل الخطبة، و

الحقوق، وال يشترط لعقدها حضور شهود ولكن لو تمت بحضور شهود فال بأس بذلك وأنـه يستحسن أن يكون من األولياء أعني ولي المرأة ونائباً عن الرجل وأن هذه الخطبة تمهيد لعقد

.هالزواج الذي يتوقف على الحقوق والواجبات الخاصة بكل من الزوجين علي

والخطبة في شريعة المذاهب المحرفة غير ذلك فهم يعتبرونها عقد يبيح للخاطب كل شيء في مخطوبته إال النكاح كالنظرة والخلوة واالستمتاع بكل شيء عدا النكاح ولذلك تعقد أمام الكاهن

وألنه يقام في هذه الخطبة حفل كهنوتي خاص والحفالت من األمـور . وبشهود وبتقديم مهريقلد الناس فيه بعضهم بعضاً فإنه سرى إلى المسلمين عدوى هـذا االحتفـال بالخطبـة التي

، )الشبكة(والشراب ودفع مهر يسميه الناس ) الخواتم(والعادات والتقاليد التي تصنع فيه كتبادل ويصبح الخاطب بعد هذه الحفلة أشبه بالزوج يخلو بخطيبته ويسافر بها، بل وال يستنكر الناس

ه بها فيما عدا الجماع وذلك كالشرائع المحرفة سواء بسواء، وقد أدى هذا إلى فسـاد استمتاعكبير فكثيراً ما تفسخ الخطبة من قبل الخاطب أو المخطوبة وحيث إنه ال يترتب علـى ذلـك حقوق معروفة في الشريعة اإلسالمية فإن المشاكل تحدث حول رد الهدايا، والشبكة ومـا قـد

ه في أثناء فترة الخطبة التي قد تمتد عند بعض الناس إلى سنوات هـذا يكون الخاطب قد خسرعدا الفساد الذي كثيراً ما يحدث بالخلوة والتقاط الصور التي تكـون أحيانـاً وسـيلة إفسـاد

.وإضرار بالمرأة عند فسخ الخطوبة

اعنـا سـنن ولذلك فإننا نحذر إخواننا المسلمين من هذه العادات السيئة التي انتشرت فينا باتبالضالين في زواجهم وأن يكتفي في الخطبة باإلعالم واإلشعار فقط وإظهار الموافقة من قبـل أولياء المرأة، واالقتصار في الخطبة على ما ال يكلف الخاطب أو المخطوبة ما ال يندم بعضهم

.عليه عند الفسخ

.لألجنبي االطالع عليه وال يجوز قوالً واحداً للخاطب االطالع من خطيبته إال على ما يجوز

من شريعة غير المسلمين وإن كانت قد انتشرت في المسلمين ) الخواتم(ونرى أيضاً أن تبادل .دليالً على جوازها -فليس انتشارها أبداً

وبهذا نعلم أنه ال يترتب على فسخ الخطبة آثار معينة على الرجل أو المرأة ألن الخطبة على اتفاق مبدئي على الزواج، فإذا ألغي فال أثر يترتب عليه ألنه لـم النحو اإلسالمي تكون مجرد

.أو غير ذلك) هذا الذي يسمونه الشبكة(تحصل مخالطة أو مهر

أما إذا كان الشخص قد تورط ودفع شيئاً من هذا عند الخطبة فنرى أنه ال يجـوز للرجـل أن د في هبته كالكلب يقيء ثم يعـود العائ: [يسترده إذا كان الفسخ منه لقوله صلى اهللا عليه وسلم

، وهذه هبة المرأة كان ينوي الزواج بها فإذا صرف نظره فال يجوز له العود في هذه ]في قيئه . الهبة

وأما إذا كان الفسخ من قبل المرأة فنرى أنه يجب عليها أن ترد ما أخذته منه إذ هل يسـتحل ان اهللا قد أذن للرجل أن يأخذ المهر وإذا ك. ماالً من صاحبه بغير عوض وبغير طيب نفس منه

الذي دفعه لزوجته إذا كان طلب الطالق منها فمن باب أولى أن ترد المخطوبة ما أخذته مـن .الرجل ما دام أن الفسخ منها

شروط عقد النكاح

:مفهوم العقد

لدى العقد اتفاق ما بين طرفين يلتزم كل منهما تجاهه بواجبات معينة ولكل من الطرفين حقوق فعقد البيع مثالً يترتب علـى حصـوله اسـتمتاع . الطرف اآلخر ولكل عقد آثار تترتب عليه

.المشتري بالسلعة، وانتفاع البائع بالثمن

.اآلية.. }يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود{: قال تعالى

:مفهوم الشرط

. وده لصحة العقـد الذي ال بد من وج) الشيء(والشرط في إصطالح العقود ولغة التشريع هو وكمـا .. كما سنعلم أن التراضي مثالً بين الزوجين شرط لصحة العقـد . فإذا انتفى بطل العقد

.نقول الوضوء شرط لصحة الصالة

:مجمل شرط عقد النكاح

-والشهادة -) للمرأة فقط(الولي -التراضي : نستطيع أن نجمل شروط عقد النكاح فيما يأتيوالصيغة الدالة على النكاح وهذه شـروط سـبعة .. والكفاءة -) ناإلحصا(والعفة -والمهر

:وإليك تفصيلها وبيانها

:التراضي: أوالً

عقد الزواج اختياري وال يجوز فيه اإلكراه بوجه من الوجوه وذلك أنه يتعلق بحياة الـزوجين قـد ومستقبلهما وأوالدهما ولذلك فال يجوز أن يدخل طرف من طرفـي الع ) الرجل والمرأة(

وأما بالنسبة للمرأة فاألصل في ذلك قـول . أما بالنسبة للرجل فهذا مما ال خالف فيه. مكرهاًالثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسـها وإذنهـا : [النبي صلى اهللا عليه وسلم

ال تنكح األيـم : [وفي رواية ألبي هريرة. رواه الجماعة إال البخاري عن ابن عباس]. صماتهارواه ] أن تسكت: [يا رسول اهللا، وكيف إذنها؟ قال: قالوا]. حتى تستأمر وال البكر حتى تستأذن

.الجماعة

إن البكـر : ، قلـت ]نعم: [ر النساء في أبضاعهن، قالمتستأ: وعن عائشة قالت يا رسول اهللا ).رواه البخاري ومسلم]. (إذنها صماتها: [قال. تستأذن وتستحي

في أنه ال سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً وأن وهذه األدلة جميعها نصال تستحي من الكالم في الزواج، -عادة-الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة اإلذن فالثيب

ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بوالية عقد نكاحها ولذلك قال صـلى اهللا وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطـب مـن . ي يطلب أمرهاأ] تستأمر: [عليه وسلم

.وليها والولي يستأذنها فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإال فال

ولقد خالف في هذا الحكم بعض األئمة والفقهاء مستدلين بزواج النبي صلى اهللا عليه وسـلم، ذا اإلذن، وال دليل في ذلك الختصاص الني صلى بعائشة وهي ابنة ست سنين وال تعي مثل ه

اهللا عليه وسلم في الزواج بخصوصيات كثيرة كالزيادة على أربع، والزواج بغير ولي وشهود وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبـي {: من أي امرأة تهب نفسها له لقوله تعالى

وهذا الزواج بعائشة على هذا النحو مـن . اآلية} ..أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين .جملة خصوصياته جمعاً بين األدلة

واستدلوا كذلك بتفريق النبي صلى اهللا عليه وسلم بين البكر والثيب في اإلذن وقالوا إنه يجوز إجبار البكر على الزواج، وهذا خطأ فاحش ألن التفريق إنما هو في بيان صـورة الرضـى

خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي ويدل على . واإلذن فقط. صلى اهللا عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى اهللا عليه وسلم

).رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني(

خولة بنت حكيم بن توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من: "وكذلك ما رواه ابن عمر قالفخطب إلى قدامة . وهما خاالي: أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبداهللا

بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها لى رسـول في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إ

ابنة أخي أوصـى بهـا إلـي : فقال قدامة بن مظعون يا رسول اهللا. اهللا صلى اهللا عليه وسلمفزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصالح، وال في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى

مني بعد قال فانتزعت واهللا ]. هي يتيمة وال تنكح إال بإذنها: [فقال رسول اهللا: قال. هوى أمها ).رواه أحمد والدارقطني. (أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة

وهذه جميعها أدلة صحيحة واضحة أنه ال يجوز اإلجبار مطلقاً وخاصة مع اليتيمة التي قـال وإن خفتم أن ال تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النسـاء مثنـى {: اهللا في شأنهاإن خفتم أن ال تعدلوا عند زواج اليتيمة في المهر وغيره فاتركوها أي. اآلية} ..وثالث ورباع

وهذا حتى تنصف المرأة وتوضع حيث تريد ال حيث يشاء مـن يتـولى أمرهـا . إلى غيرها .ويتسلم واليتها

:الولي: ثانياً

، والية المرأة بنفسها عقد الزواج مستنكرة فطرة وذوقاً، ووسيلة إلى الفساد والزنا باسم النكاحأبوهـا، أو أخوهـا أو : ولذلك جاء الشرع باشتراط مباشرة عقد النكاح بواسطة ولي المـرأة

األقرب بها، فاألقرب، وال يكون ولياً للمرأة إال أقرب الناس األحياء إليها فاألب أوالً ثـم األخ ..وهكذا

أيمـا : [ولهوق] ال نكاح إال بولي: [واألصل في اشتراط الولي قول النبي صلى اهللا عليه وسلمبغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فـإن ) أي تزوجت(امرأة نكحت

رواه ] (بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ال ولي لـه فلها المهردخل بها ).الخمسة إال النسائي

الصحابة له وذهب أبو حنيفة مـن إنه ال يعلم مخالفاً من : واشتراط الولي يقول فيه ابن المنذر .الفقهاء إلى عدم اعتبار الولي في النكاح

واعتبر اإلمام مالك رحمه اهللا الولي شرطاً في الرفيقة . واألحاديث السابقة ترد على هذا القول) التي تكون من ضعفة النـاس وسـقطهم (دون الوضيعة ) ذات الشرف والمنصب(من النساء

..بل قد يكون االشتراط في الوضيعة ألزم منعاً للزنا والفساد. وهذا التفريق ال مسوغ له

:الشاهدان: ثالثاً

ال بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدالن، وقد جاء في هذا أحاديث ال يخلو واحد منها من مقال وضعف، ولكن عامة أهل العلم من المسلمين على العمل بذلك وبهذا أفتى ابن عباس

ي اهللا عنهم، ومن التابعين ابن المسيب واألوزاعي والشعبي، ومن األئمـة وعلي وعمر رضوهذا القول هو الموجب لحفظ الحقوق عند كل من الرجل . األربعة أحمد والشافعي وأبوحنيفة

والمرأة، وضبط العقود، ومن ألزم العقود بالضبط عقد النكاح ووقوعه بغيـر شـهود مـدعاة ضياع الحقوق ولذلك أصبح وكأنه معلوم من الدين بالضـرورة للفساد والتالعب أو النسيان و

..وال نرى أن يخالف في هذا أحد من أهل العلم

):الصداق(المهر : رابعاً

وال . اشتراط الشارع الحكيم لصحة عقد النكاح أن يكون هناك مهر مقدم من الرجـل للمـرأة منا الحكمة العظيمة منـه فهـو ويه. يعنينا كثيراً البحث في فلسفة المهر وأنه عوض عن ماذا

هدية للمرأة وتطييب لخاطرها، ولذلك فهو ملك لها ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو شيء منه وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلـوه {: لزوجها كما قال تعالى

دية وعطية كما نقول نحلـت وهذه اآلية قد جمعت أحكام الصداق فهو نحلة أي ه} هنيئاً مريئاًوهي نحلة واجبة لألمر الصريح بذلك في هذه اآلية وقد . فالناً كذا وكذا أي وهبته وتنازلت له

جاء في السنة ما يقصد ذلك، وهو ملك للمرأة يجوز لها أن تتنازل لزوجها عن شـيء منـه لمهر على هـذا والنظر إلى ا. ويحل لزوجها أكل ذلك دون حرج ما دام بسماح زوجته وإذنها

األساس أكرم من النظر إليه على أنه ثمن لبضع المرأة، فالزواج ليس بيعاً وشراء ولكنه رباط مقدس الستمرار الحياة وتبادل المنافع وللتراحم والتآلف والحب، والبيع والشراء محله المشادة

المهر على أنه والغش والمناورة وال يجوز أن يكون عقد الزواج كذلك ولذلك كان النظر إلى .نحلة وهدية هو الواجب ألن الهدية والعطية تكون بين األحباب بعكس البيع والشراء

ولما كان المهر هدية ونحلة لم يأت في الشرع تحديد ألقله وأكثـره وإنمـا تـرك للمقـدرة واألريحية وقد زوج الرسول رجالً وامرأة من المسلمين على تعليم آيات من القـرآن الكـريم

التمس ولو خاتماً : [ك لما لم يكن عنده شيء يصلح أن يكون مهراً حتى أن الرسول قال لهوذل .، فلم يجد فزوجه إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن]من حديد

وبالرغم من أن الشارع لم يحدد نهاية للمهور إال أنه حبب للمسلمين االقتصاد فيها ونهى عن .لعواقبالمغاالة التي تؤدي إلى أوخم ا

وقد جاوز الناس في زماننا حد المعقول في المهور وأصبح ينظر إلى المهر على أنـه ثمـن وغنيمة وصفقة يكسب من ورائها آباء البنات وبهذا عظمت المصيبة ووضع أمام الزواج عقبة

والمهم هنا بيان ) وسنناقش هذه المشكلة على حدة في مشكالت الزواج إن شاء اهللا تعالى(كأناء ن المهر شرط في صحة عقدة النكاح وأنه حق المرأة الخالص وال يجوز ألبيها أن يأخذ منه أ

إال بإذن ابنته وكذلك ال يجوز للزوج أن يسترد شيئاً من المهر إال بسماح زوجته، وأن المهر هدية ومنحة وليس ثمناً وعوضاً كما ذكر بعض الفقهاء ذلك وأن خير المهر ما كـان أيسـره

.الطوق والوسعوفي حدود

:اإلحصان: خامساً

إال العفيفـة المسـلمة، والعفيفـة ) يتزوج(اشترط اهللا سبحانه وتعالى على المسلم أن ال ينكح الزاني ال ينكح إال زانية أو مشركة، والزانية ال ينكحهـا إال زان أو {: الكتابية كما قال تعالى

:اج بدليل الحديث اآلتيوالنكاح هنا بمعنى الزو} مشرك وحرم ذلك على المؤمنين

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرتد بن أبي مرتد الغنوي كان يحمـل اآلسـاري أي فـي (وكان بمكة بغي يقال لها عتاق، وكانـت صـديقته ) أي يفر بهم إلى المدينة(بمكة

فسـكت : فجئت النبي صلى اهللا عليه وسلم فقلت يا رسول اهللا أنكح عتاقاً؟ قال: قال) الجاهلية]. ال تنكحهـا : [فدعاني فقرأها علي وقال} والزانية ال ينكحها إال زان أو مشرك{عني فنزلت

.رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه

اليوم أحل لكم الطيبـات {: كما قال اهللا تعالى) اليهودية والنصرانية(وكذلك األمر في الكتابية كم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصـنات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعام

وهذا نص في أنه ال يجوز إال المحصـنة المؤمنـة . اآلية.. }من الذين أوتوا الكتاب من قبلكموالمحصنة الكتابية، والمحصنة هنا يعني العفيفة سميت بالمحصنة كأن بينها وبـين الفاحشـة

.حصناً يمنعها عنها

باقتراف الفاحشة أو الدعوة إليها ال يجوز لمسلم الزواج بهـا وهذا يعني أن المرأة المشهورة حتى على أمل أن تهتدي أو تتحصن بالزواج وكذلك األمر بالنسبة للرجل الزانـي المشـهور

.بالفاحشة ال يجوز لمسلمة أن ترضى به زوجاً أو تسعى للزواج به

:الكفاءة: سادساً

فاءة أمور اعتمدها الشارع وجعلها أساسـاً، الكفاءة بين الزوجين شرط لصحة الزواج ومن الك .وأمور أخرى أهدرها الشارع، وأمور حسنها وأرشد إليها

فمن األمور التي جعلها الشارع شرطاً في الكفاءة اتفاق الدين بين الرجل والمـرأة وذلـك أن النظر الدين هو المعيار األساسي الذي يقدم به البشر في ميزان اهللا سبحانه وتعالى ولذلك كانوال {: األول في الكفاءة إليه وكان الشرك مانعاً إذا وجد في أحد الزوجين كمـا قـال تعـالى

تنكحوا المشركات حتى يؤمن وألمة مؤمنة خير من مشـركة ولـو أعجبـتكم، وال تنكحـوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار واهللا

.اآلية.. }الجنة والمغفرة بإذنهيدعو إلى

إال أن اهللا سبحانه وتعالى استثنى من هذا الحكم جواز نكاح الرجل المسلم بالكتابيـة يهوديـة اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم {: كانت أو نصرانية كما قال تعالى

ذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الفعلم بهذا النص المتأخر عن آية البقرة السابقة أن الكتابية مسـتثناة مـن } آتيتموهن أجورهن

كما قدمنا والحكمة من هذا هو استمالة أهل ) محصنة(جملة المشركين شريطة أن تكون عفيفة شعوب الشـام ومصـر فـي الديانتين للدخول في اإلسالم، وقد كان لها أكبر األثر في دخول

ولـيس هـذا .. اإلسالم وذلك بزواج العرب المسلمين من نسائهم ونشأة أوالدهم على اإلسالموالمهم أنه حكم ثابت بالكتاب والسنة وباق إلى يوم القيامة مع . مجال تفصيل هذا الحكم وآثاره

خصية الزوج وجوب معرفة محاذيره، وهي أن ال يتحول األبناء إلى دين األم بسبب ضعف شأو سكنه في غير بالد المسلمين وقد أصيب المسلمون من جراء هذا بشـر مسـتطير، ومـن

.األمور التي اعتبرها الشارع أيضاً في الكفاءة الحرية

ولكن اهللا استثنى من هذا أيضاً . فالعبد ال يتزوج إال أمة مثله، وكذلك الحر ال يتزوج إال حرةالحر المسلم إذا خشي العنت على نفسه ولم يستطع الـزواج زواج األمة المسلمة وهذا شرط ب

ومن لم يستطع منكم طوالً أن ينكح المحصنات المؤمنـات فممـا {: قال تعالى. بمسلمة حرةملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات واهللا أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فأنكحوهن بإذن أهلهن

ثم قال تعالى فـي } ات وال متخذات أخدانوآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحفعلم من هذه اآلية جـواز } ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم{: آخر هذه اآلية

زواج الحر المسلم باألمة المسلمة فقط في حالة اإلعسار وال يخفى أن علة هذا الحكم هو رفع ائر وكذلك كره اهللا هذا األمر لما الحرج عن بعض الذين ما كانوا يجدون ما يتزوجون به الحر

وليس هذا (فيه من اشتغال الزوجة بسيادة مالكها، واسترقاق أوالدها أيضاً ألن األوالد تبع لألم ).مجال تفصيل هذا الحكم

وأما األمة الكتابية والمجوسية فال يجوز الزواج بها قطعاً ولذلك لما قيل لإلمام أحمد إن أبـا .أي ثور) كاسمه هو: (ثور يجيز ذلك قال

وأما األمور التي أهدرها الشارع في الكفاءة فهي المال واللون والجـنس والقبيلـة والمنزلـة .االجتماعية فكل هذه االعتبارات مهدرة، وال تخدش عقد الزواج

وقد ناقشنا سابقاً في الصفات المثالية كيف يختار الرجل زوجته المناسبة وكيف تختار المـرأة ب وقد اعتمدنا في هذا على ما حسنه الشارع أو أثبتتـه التجـارب الصـحيحة زوجها المناس

.وبهذا يتضح ماذا نعني باشتراط الكفاءة في عقد النكاح. السليمة

:الصيغة: سابعاً

: اشترط بعض العلماء وجود صيغة دالة على اإليجاب والقبول في عقد النكاح ومعنى اإليجابرضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو : لزواج ومعنى القبولطلب الزوج من المرأة أو وكيلها ا

وشـط بعـض . العكس كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضي بك زوجاً فيقول الرجل وأنا قبلتوشبهتهم فـي . العلماء فجعل العربية شرط في الصيغة وأن الزواج ال يعقد إال باللغة العربية

. لزواج معاملة فيجوز عقده بالعربيـة وغيرهـا هذا أنه عبادة فاشترط ما ليس في كتاب اهللا فاوكذلك هو عقد اختياري فيجوز بكل ما تتم به العقود وما يدل على الرضا بالزواج وكل لفـظ يدل على الزواج الشرعي ويحصل به إيجاب وقبول بين طرفي العقد فإنـه يعتبـر صـيغة

.صحيحة ألن يعقد العقد بها

.مة لصيغة عقد النكاحوبهذا نكون قد أنهينا الشروط الالز

موانع صحة عقد النكاح

تكلمنا عن الشروط التي يجب توفرها عند عقد العقد، ونبدأ بحول اهللا في بيان موانع الصحة، فالشرط أمر وجودي ال بد . وقبل الشروع في ذلك ال بد من معرفة الفرق بين الشرط والمانع

وأما المانع فيجب أن يكـون أمـراً . عقدمن توفره ليكون العقد صحيحاً، ويعني عدمه عدم الواآلن مـا .. عدمياً بمعنى أن وجوده مبطل للعقد أو مفسد له وعدمه من أسباب صحة العقـد

.الموانع التي يجب الحذر من وجودها قبل عقد النكاح أو دخولها فيه

-والشـغار ) المحصـنات (وهذه الموانع بالجملة هي العقد على المحـارم أو ذوات األزواج والزيادة على أربع، والجمع بين المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها والعقد -والتأجيل -والتحليل

هذه هي جملة األمور التي يجب الحـذر . في وقت اإلحرام بالحج أو العمرة وكذلك في العدة .منها عند عقد النكاح في الشريعة اإلسالمية وإليك تفصيل ذلك

:العقد على المحارم: أوالً

حرم اهللا سبحانه على الرجال مجموعة من النساء يسمي العلماء هذه المجموعة بالمحارم وهي فبالنسب تحرم األم واألخـت والبنـت والعمـة . النسب والمصاهرة والرضاع: بأسباب ثالثة

والخالة وبنت األخ وبنت األخت، وبالمصاهرة تحرم أم الزوجة إذا عقد العقد علـى ابنتهـا، ذا دخل بأمها فقط أما بعد العقد فيجوز طالقها وزواج ابنتها وكذلك زوجة االبن وبنت الزوجة إ

وزوجة األب فهذه أربع محارم من المصاهرة ومثيلها سبعة من النسب وأما السبب الثالث فهو الرضاع فكل الذين تجمعوا على ثدي واحد فيحرم بعضهم على بعض وكذلك يحرم أنسباؤهم

فمن رضع مـن ] يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب: [عليه وسلم عليهم كما قال صلى اهللاامرأة مثالً ال يتزوج أختها وال أمها ألنهما تكونان بمنزلة خالته وجدته هذا فضالً عن بناتهـا

.ألنهن يكن إخواته من الرضاع

:حكمة التحريم

اجبـات وحقوقـاً والحكمة البليغة جداً في هذا التشريع اإللهي وذلك أن عقد الزواج يفرض وخاصة وهذه الحقوق والواجبات تتعارض وتختلف مع حقوق األمومة واألخوة والبنوة ولـذلك فال يجوز الجمع بينهما فمن تزوج أمه مثالً فكيف يلزمها بعقد الزواج وبطاعته مع العلـم أن المفروض أن يطيعها هو ألنها صاحبة حق عليه باألمومة، وكذلك من تزوج أخته كيف يؤدي

ثم البد وأن يكون هناك من مجموع . حقوق إخوتها وهو يطالبها بحقوق تتنافى مع حق األخوةالنساء ما ينظر إليه الرجل نظرة احترام وتقدير خالية من االشتهاء ال يتحقق ذلك إال في إطار

ثم ال بد وأن يسود األسرة عالقات فاضلة تقوم على الحب والنصرة والحنان الذي ال . المحارميصاحبه اختالف المصالح كما يحدث في الزوج أو اختالف الطباع فماذا يحدث لو تزوج األخ أخته ثم لم يتوافقا فطلقها وحصل بعد الطالق ما يحدث عادة من الخصام والقطيعة فهل يقاطع

.الرجل أخته وبذلك يقطع أرحامه وتتمزق األسرة فالمجتمع

ود في المصاهرة والرضاع فأم الزوجـة وبنتهـا، وإذا كان ظاهراً في النسب فهو أيضاً موجوزوجة األب وزوجة االبن أدخلن في دائرة المحارم للمعاني السابقة ففيها حفاظ علـى حـق األب وحق االبن وكذلك حفاظ على حق الزوجة التي ال يجوز طالقها بعد الدخول بها للزواج

وكذلك الرضاع وفيه هذه العلة الخفية في من ابنتها أو طالق ابنتها ولو بعد العقد للزواج بأمها وهذه الدائرة العجيبة مـن المحـارم . التحاق الشخص فيمن رضع منهم كأنه فرد من العائلة

تورث المجتمع االتزان والعفة والجو الطيب الذي ينشأ فيه النشء وتتربـى عنـده عواطـف وة والبنوة، واألخـوة كريمة وما زالت هي أسمى شيء في الوجود الدنيوي إنها عواطف األب

والرحم، هذه العواطف الكريمة التي داستها المدنية الغربية الزائفة وهي تلهـث خلـف اللـذة .والمتعة في عالم موحش مجنون

:الشغار: ثانياً

وهو المعروف بالبدل وقد جاء . الشغار هو أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه اآلخر ابنتهال شـغار فـي [كثيرة منها حديث ابن عمر في صحيح مسلم في تحريم ذلك أحاديث صحيحة

نهى رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم عـن [وحديث أبي هريرة عند أحمد ومسلم ] اإلسالمزوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجـك : والشغار أن يقول الرجل] الشغار .أختي

ير صداق فقد روى اإلمام أحمد وأبـو وهذا الزواج باطل يجب فسخه سواء كان بصداق أو بغداود عن عبدالرحمن بن هرمز األعرج أن العباس بن عبداهللا بن عباس أنكح عبدالرحمن بـن الحكيم ابنته، وأنكحه عبدالرحمن ابنته وقد كانا جعاله صداقاً فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى

الشغار الذي نهى عنه رسـول اهللا هذا: مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما وقال في كتابه .صلى اهللا عليه وسلم

وأما حديث ابن عمر الذي رواه الجماعة أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم نهى عن الشغار وفي هذا الحديث زيادة على قول نافع أن الشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنتـه

ال شـغار فـي (هي ال تخصص الحديث العـام ليس بينهما صداق فهذه الزيادة رأي تابعي وهو أن حياة المرأة تبقى معلقـة ) البدل(، ومعلوم أن الحكمة من تحريم نكاح الشغار )اإلسالم

بحياة األخرى فهي تتعرض لإلهانة إذا تعرضت بديلتها وقد تتعرض للطالق إذا طلقت بديلتها، .حقوق المرأةوفي هذا ظلم، وال شك أنه دون صداق أشد ظلماً وهضماً ل

والزواج يريد من عقد الزواج أن يكون عقداً مقدساً بعيداً عن القالقل والمساومات والظلم الذي .ينغص على الزوجين حياتهما وقد يهدد مستقبل األبناء

:نكاح التحليل: ثالثاً

ث ونكاح التحليل هو ما كان يصنعه وما زال بعض الجهلة واألغنياء والفساق الذي يوقعون ثالتطليقات بزوجاتهم ثم يستفتون أشباه العلماء فيفتونهم بأن نساءهم قد حرمت عليهم إال أن تنكح زوجاً آخر ثم تطلق منه فيعمدون عند ذلك إلى عقد نكاح مفتعل يتزوج بموجبه رجـل آخـر المرأة المطلقة ثم يفارقها بعد ليلة واحدة ليتزوجها الرجل اآلخر، وهـذا مـن أعظـم الزنـا

ر، وقد لعن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فاعل ذلك كما هو مروي في حديث ابـن والفجو

لعن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم المحلل : [مسعود الذي رواه أحمد والترمذي وصححه قال ].والمحلل له

واللعن في لغة الرسول ال يكون إال على كبيرة يستحق صاحبها الطرد من رحمة اهللا سـبحانه والمطلقة ثالثاً التي بانت من زوجها ال تحل أن ترجع لزوجها األول كما قال سبحانه . وتعالىفـإن {: ثم قال تعـالى . اآلية.. }الطالق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان{: وتعالىفال تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فإن طلقها فـال { -أي الزوج األول الطلقة الثالثة-} طلقها

.}ما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود اهللا، وتلك حدود اهللا يبينها لقوم يعلمونجناح عليه

والمهـم هنـا أن نكـاح ) عقد الطالق(وسيأتي لهذا األمر مزيد تفصيل إن شاء اهللا عند بيان بل ويتنافى مـع أقـل . التحليل يصنعه الجهلة والفساق نكاح باطل، وليس من الدين في شيء

.وءة ولذلك كان حرياً بالرسول صلى اهللا عليه وسلم أن يلعن فاعلهقواعد الشرف والمر

):التأجيل(نكاح المتعة : رابعاً

. المانع الرابع الذي يبطل عقد النكاح هو ضرب األجل النتهائه وهو ما يسمى بنكاح المتعـة ر أربع فاألصل في الزواج هو التأييد إذ هو عقد دائم ال يقع الفصل فيه بين الزوجين إال بأمو

هي الطالق والخلع والظهار واللعان، وسيأتي هذا بالتفصيل إن شاء اهللا تعالى، وأما االتفـاق بين الزوجين عند عقد العقد على إنهائه في وقت معين فهو مبطل للعقد باتفاق فقهاء اإلسالم،

.وهو ما يسمى بنكاح المتعة إال من شذ منهم

به في الجاهلية، وأباحه الرسول صلى اهللا عليه وسلم في وقد كان هذا النوع من النكاح معموالً بعض أسفاره ولكنه نهى عنه صلى اهللا عليه وسلم في غزوة خيبر وكانت سنة سبع من الهجرة ثم أباحه أياماً في فتح مكة ولم يخرج المسلمون من مكة حتى حرمه تحريماً أبدياً إلـى يـوم

:لصحيحة اآلتيةالقيامة وندلل على ما قدمناه باألحاديث ا

كنا نغزو مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : أوالً حديث ابن مسعود في الصحيحين قال -١المرأة بالثوب إلى لنا بعد أن ننكحليس معنا نساء فقلنا أال نختصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص

..لمؤقتأجل، ومعنى أن ننكح المرأة بالثوب أي أن يكون الثوب ثمناً لهذا االستمتاع ا

ثانياً حديث علي بن أبي طالب رضي اهللا عنه في الصحيحين أيضاً أن رسول اهللا صـلى -٢نهـى : اهللا عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر األهلية زمن خيبر، وفي رواية

عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر اإلنسية، وهذا دليل صريح على النهي عن هـذا .في غزوة خيبر وكانت في السنة السابعة كما قدمناالنكاح

وأما الحديث الثالث فهو حديث سبرة بن معبد الجهني الذي رواه أحمد ومسلم أنه غزا مع -٣فأقمنا بها خمسة عشر فأذن لنا في متعة ) أي سبرة: (النبي صلى اهللا عليه وسلم فتح مكة، قال

. ج حتى حرمها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم فلم أخر: وذكر الحديث إلى أن قال -النساء يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في : [وفي رواية أنه كان مع النبي صلى اهللا عليه وسلم فقال

وهـذا الحـديث حجـة ]. }وال تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً{االستمتاع من النساء فليخل سبيله، .واضحة على أن هذا النكاح حرام إلى يوم القيامة

ولكن بعض الصحابة غاب عنهم هذا التحريم المؤبد فوقع من بعضهم حوادث فردية في زمن إن رسول اهللا صـلى اهللا : عمر بن الخطاب رضي اهللا عنه ولذلك قام فخطب في الناس فقال

عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثالثاً ثم حرمها، واهللا ال أعلم أحداً تمتع وهو محصن إال رجمته وروى ابن جرير بإسناده أن عمر بن الخطاب لما ). رواه ابن ماجة بإسناد صحيح. (بالحجارة

إن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثالثـاً ثـم : ولي أمر الناس خطب فقالحرمها، واهللا ال أعلم أحداً تمتع وهو محصن إال رجمته بالحجارة إال أن يأتيني بأربعة يشهدون

صلى اهللا عليه وسلم أحلها بعد أن حرمها، وال أجد رجالً من المسلمين متمتعـاً أن رسول اهللاإال جلدته مائة جلدة إال أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أحلها بعد

.أن حرمها

وهذا القول من عمر بمحضر من الصحابة جميعاً وعدم وجود منكر عليه دليل علـى ثبـوت .ريم، وأن الذي أفتى بغير ذلك إنما كان متأوالً غير عالم بنص التحريمالتح

:حكمة التحريم

وال يخفى أن تحريم هذا النكاح فيه من المصالح العظيمة ما فيه ألن هذا النكاح إهدار لكرامة المرأة والرجل أيضاً، وإقامة للعالقة بينهما على مجرد االستمتاع دون إرادة الولد واالستقراروالسكن وأما الحكمة في إباحته أول اإلسالم فهو للحال الشديد الذي كان فيه المسلمين ولقلـة

فكان كالميتة للمضطر ثم أغنى اهللا المسلمين عن ذلك بما أغدق عليهم من نعمه وبما . ذات اليدك كان نقلهم به من عبث الجاهلية إلى نور اإلسالم، ولعل إباحته أول اإلسالم ثم تحريمه بعد ذل

. كشأن الخمر التي سمح بها أوالً ثم تدرج التشريع في تحريمها حتى حرمها حرمـة قاطعـة وخاصة عالقة الرجـل بـالمرأة حيـث . وبهذا وصلت الشريعة غاية الكمال في كل النواحي

.شرعت الزواج المؤبد الذي يقوم على الحقوق والواجبات ويحقق غاية الوجود في األرض

آثار عقد النكاح

:اآلثار المترتبة على عقد النكاح تنقسم إلى ثالثة أقسام

.القسم األول هو الحقوق والواجبات المشتركة

.القسم الثاني حقوق وواجبات تخص الرجل

.القسم الثالث حقوق وواجبات تخص المرأة

.وسنناقش كل قسم من هذه األقسام على حده

اآلثار المشتركة: أوالً

:حل المعاشرة واالستمتاع

األثر األول من آثار عقد النكاح الصحيح هو حل المعاشرة واالستمتاع، ونعنـي بالمعاشـرة الخلطة والسكنى تحت سقف واحد والحياة معاً، ونعني باالستمتاع التلذذ البدني والنفسي لكـل

وهذا حق مشترك للزوجين باآلخر، وواجب أيضاً على كل طرف نحو . من الزوجين باآلخر .اآلخر

اء اإلسالم بما يكفل سعادة الزوجين وإحسان معاشرة كل منهما لآلخر، واستمتاعه بـه وقد جفقد جاءت اآليات الكثيرة التي تأمر الرجال بإحسان معاشرة . على أكمل وجه وأحسن صورة

النساء، وإمساك المرأة التي يرى الرجل فيها ما يكرهه رجاء أن يبارك اهللا له فيهـا كقولـه ن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل اهللا فيه خيـراً وعاشروه{: تعالىوحث النبي على حسن معاشرة النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صـلى اهللا عليـه .. }كثيراًاستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت : [وقوله].. خيركم خيركم ألهله، وأنا خيركم ألهلي: [وسلم

يء في الضلع أعاله، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لـم وإن أعوج ش. من ضلع أعوجال يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره : [متفق عليه، وفي حديث آخر]. يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء

وقد كان رسـول اهللا .. ، والفرك هو الكراهية)رواه أحمد ومسلم]. (منها خلقاً رضي منها آخروجاءت األوامر الكثيـرة . المعاشرة وطيب الخلقصلى اهللا عليه وسلم خير مثال على حسن . }فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اهللا{: في القرآن والسنة أيضاً للمرأة كقوله تعالى

.والقنوت هنا فسره العلماء بطاعة الزوج

هذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في االستمتاع البدني فهدى اإلسـالم : هذا أحسن هدى، فقد جاء في األمر العام باالستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى فينساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا ألنفسكم واتقوا اهللا واعلموا أنكم مالقوه وبشر {

غير أن اهللا سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هـذا مـن . }المؤمنينويسألونك {: ألذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالىا

ولقد جاءت السنة الصحيحة بجـواز . }عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيضاالستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة واآلثار الصحيحة أيضـاً بحرمـة

.وهذا من كمال اإلسالم وطهارته. هنإتيان النساء في أدبار

كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى اهللا كما قال الرسول صلى أيأتي أحدنا شهوته ويكون لـه : قالوا يا رسول اهللا].. وفي بضع أحدكم صدقة: [اهللا عليه وسلمفيها وزر وكـذلك إذا وضـعها فـي أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه: [فيها أجر؟ قال

لو أن أحدكم إذا أتى : [معلماً ومؤدباً ولذلك قال صلى اهللا عليه وسلم]. الحالل كان له فيها أجربسم اهللا، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد : أهله قال

).ال النسائيرواه الجماعة إ] (لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً

هذا وقد نهى الرسول صلى اهللا عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا مـن إن من شر الناس عند اهللا منزلـة يـوم : [كمال األدب واألخالق كما قال صلى اهللا عليه وسلم

ـ )رواه أحمد ومسلم]. (ثم ينشر سرها: القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ر ، وأخبصلى اهللا عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسـكة

فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر فـي أمـر النكـاح ) الطريق( .كالعيان

وبهذه األخالق واآلداب يرسي اإلسالم قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقـد النكـاح .المعاشرة وحل االستمتاع وهو

وهذا مما تجدر اإلشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته وبهذا نجد أن . وال المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل

يعد سعادة واستمتاعاً، اإلسالم لم ينه في هذا إال بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما .وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها

االستمتاع والمعاشرة، وقد فصـلنا ذلـك : ومن اآلثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح .سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب األوالد هذا مقام تفصيله بحمد اهللا وتوفيقه

:التوارث -٢

ثبت الميراث فـي مـال ) الرجل أو المرأة(د طرفي العقد إذا تم عقد النكاح صحيحاً ومات أحالميت للحي وقد جعل اهللا في هذا فريضة محكمة في كتابه فجعل للزوج نصف مال زوجتـه المتوفاة إذا لم يكن لها ولد منه أو من غيره، وجعل له الربع من مالها إذا كان لها ولد منه أو

.من غيره

بع تركة زوجها إذا لم يكن له ولد منها أو من غيرها ولهـا وأما الزوجة فقد فرض اهللا لها رالثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها، غير أنها تشترك مع ضرائرها في هذا الثمن إن كان

ولكم نصـف مـا {: وهذا مفصل في قوله تعالى. لزوجها المتوفى زوجات غيرها لم يفارقهنهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعـد وصـية ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان ل

يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الـثمن مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون

.}بها أو دين

ولهـذه (ج بمجرد العقد وحتى لو لم يحصل دخـول وهذا الميراث حق في مال الزوجة والزو ).المسألة مزيد تفصيل مستقبالً إن شاء اهللا

:ثبوت النسب -٣

.عقد النكاح وثيقة تثبت صحة نسب المولود لرجل معين ولكن ذلك ال يتم إال بشرطين

. حيـاً أن يكون هذا المولود قد ولد بعد مدة كافية لتخلقه جنيناً في بطن أمـه ووالدتـه :أوالًوجمهور علماء المسلمين أن أقل مدة يثبت فيها صحة النسب هي ستة أشهر، وقد فهموا هـذا من الجمع بين النصوص الشرعية، واستقراء الحاالت التي كانت في أزمانهم فقد جـاء فـي

إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثـل : [الحديث الصحيحوهـذا يـدل . الحديث..] ون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروحذلك، ثم يك

ال تكون إال بعد مائة وعشرين يوماً أي أربعة أشـهر، ) الروح(على أن حياة الجنين اإلنسانية وأما الحياة الحيوانية فالجنين حي منذ كان حيواناً منوياً وكذلك بعد إخصابه للبويضة وانفصال

ولكن الحياة اإلنسانية أي الروح ال تكون إال بعد أربعة أشهر، ويبـدو . ناعة الجسمخالياه لصأن حاالت الوالدة قبل الشهور الستة ال يكتب لها الحياة، وعلى كل حال فعلوم الطب تسـتطيع

.اآلن الحكم على عمر الجنين وبذلك يعلم صحة النسب بكونه قبل العقد أو بعده

ني لثبوت النسب فهو الدخول بالمرأة، وهذا الشرط اشـترطه جمهـور وأما الشرط الثا :ثانياًالعلماء إال اإلمام أبو حنيفة رحمه اهللا الذي لم يعد هذا شرطاً ولذلك فصحيح في مذهبه أن يعقد رجل قرانه وهو في المشرق بامرأة في المغرب ولم يلتقيا مطلقاً بعد عقد النكاح ثم جاءت بولد

كان قائله شذوذ هذا القول ومجانبته للصواب وإنشاء أم أبى وال يخفى أن ينسب هذا الولد لهقد راعى مصلحة الولد في هذا األمر ولكن ال يجوز لكي نراعي مصلحة الولد واألم أن نهدر مصلحة األب الذي يجبر على أن ينسب له غير ولده الذي يعلم قطعاً أنه ليس ولده، وكـذلك

.جب التمييز فيه بين أوالد النكاح وأوالد السفاحمصلحة المجتمع المسلم الذي ي

والذين اشترطوا الخلوة من العلماء اكتفوا بأن يثبت خلو الرجل بزوجته أي وقت بعد العقـد، وعلى كل حال هذه مسألة اعتبارية خاضعة للعرف والظروف، والمهم في هذا الصدد أن عقد

يح ال إلى سفاح، وإلزام للرجل أن ينسب النكاح ضمان للمرأة أن ينسب مولودها إلى نكاح صح .له من ولد على فراشه من زوجته التي دخل بها

وبهذا نرى أن عقد النكاح يترتب عليه من األمور المشتركة ما ال يترتب على أي عقـد فـي الدنيا فإنه يترتب عليه المخالطة واالستمتاع والتوارث وثبوت النسب وكلها أمور فـي غايـة

اسية، ولذلك كان االحتياط في هذا العقد والميثاق الغليظ كما سماه اهللا سـبحانه األهمية والحسوتعالى واجباً وكان إيقاعه كما أمر اهللا بشروطه وانتفاء موانعه في غاية األهمية، ولهذا نقول أيضاً إن هدم القواعد التي يبني عليها عقد النكاح معناه هدم للحضارة اإلنسـانية األخالقيـة

لإلنسان إلى مرتبة الحيوان الذي يكتفي بالتناسل فقط دون هوية واسم ودون شخصية وإرجاع .مستقلة

آثار عقد الزواج على الرجل خاصة: ثانياً

قدمنا أن عقد الزواج من أعجب العقود في األرض وذلك للعالقات الخاصة والمتشابكة واآلثار عليه مسائل مالية وعاطفية وخلقية ونفسـية العظيمة التي يخلفها عقد الزواج فهذا العقد يترتب

وأمور أخرى في غاية الحساسية والتعقيد وال نستطيع أن نأتي بمسطرة وقلـم ونخـط خطـاً ونقول هنا يقع حق الزوج وواجباته وها هي حقوق الزوجة وواجباتها، ومن ظن أنه يستطيع

العقد العجيبة وآثاره في النفس أن يفعل ذلك فهو واهم تماماً وال يدرك على الحقيقة ماهية هذا وحتى في األمور الظاهرية الحسية فإن تحديد مقدار الحـق والواجـب فـي غايـة . والحياة

الصعوبة والحرج فمن يستطيع أن يقدر مقدار النفقة الواجبة للزوجة علـى زوجهـا تحديـداً ية فكيف في األمور فاصالً أيضاً وإذا كان هذا هو الشأن في هذه األمور الظاهرة الحسية الماد

المعنوية وكيف أيضاً في األمور السرية والخاصة بين الزوجين؟ ولذلك فنحن عنـدما نقـول الحق والواجب في عقد الزواج فإنما نعني الخطوط العريضة فقط والعموميات فقط لعالقـات

).الحق والواجب(من أدق عالقات األرض وال نعني المدلول لهاتين الكلمتين

أن اإلسالم في توجيهه لهذا العقد قد أرشد إلى اإلحسان والبر وهي منزلة متقدمـة ولذلك نجدفوق الحقوق والواجبات ومعنى هذا أن الرجل والمرأة كليهما يجب أن ينظرا ويجتهـدا نحـو تحقيق اإلحسان والفضل وأنهما ال ينبغي لهما أن يقفا فقط عند الحق والواجب، وباب اإلحسان

التضحية والوفاء باب واسع جداً ال تحده الحدود وال تقف أمامه السدود فكلما والفضل والبذل وكان الرجل معطاء كريماً شجاعاً متسامحاً كان أحظى عند الزوجة وأعظم مكانة وأكثر استفادة بزواجه وكلما كانت المرأة وفية مخلصة متفانية في خدمة زوجها ملغية ذاتها في ذاته كانـت

لة، وإذا وجد العكس وهو الشح ومطالبة كل منهما بما له أوالً عند الطرف سعيدة محبوبة مبج .اآلخر وتأخير سداد ما عليه نحو اآلخر كلما كان الزواج فاشالً والحياة صعبة ثقيلة متكلفة

: وعلى ضوء من هذين األمرين نناقش قضية الحق والواجب في عقد الزواج وهما

ين ما للزوج وما عليه نحو زوجته وما للزوجة وما عليها نحو نحن ال نملك حداً فاصالً ب :أوالً .زوجها ولكننا نملك خطوطاً عريضة فقط

ال يجوز بتاتاً أن يقام عقد الزواج على ما الذي لي وما الذي لك ولكن يجـب أن يقـوم :ثانياًقدمـه ما المقدار الذي أستطيع أن أبذله لك وما المدى الذي يستطيع الطرف اآلخر أن ي: على

لي وهذا هو باب اإلحسان والفضل والحب والرحمة والوداد ومن هذا المنطق نستطيع تحديـد :واجبات الرجل نحو زوجته بما يلي

:النفقة -١

وهذا يعني أن يقوم الزوج باإلنفاق على زوجته منذ عقد العقد وحتى االنفصال عنهـا بـأي قة تشمل كل لوازم الزوجة مـن طعـام وهذه النف) كما سيأتي هذا مفصال إن شاء اهللا(صورة

ومسكن وكسوة ونحو ذلك وأن ال يلزم المرأة شيئاً من هذا أصالً سواء كانت مالكة وغنيـة أم وأن العمل بقصد الكسب ليس واجباً على المرأة بحال وعلى ضوء القواعد السـابقة فـال . ال

ة من سعته ومن قـدر عليـه لينفق ذو سع{: تحديد لحجم النفقة وكيفيتها وفي هذا يقول تعالى .}رزقه فلينفق مما آتاه اهللا ال يكلف اهللا نفساً إال ما أتاها

:إحسان المعاشرة -٢

وهذه أيضاً قضية عامة ال نستطيع تحديدها في قوالب قانونية ألن قضية المعاشرة أمر أخالقي وجهـا مـثالً أن واألخالق كثيرة منها ما ال يستطيع أن يضبطه القانون فهل تطالب المرأة ز

..يبتسم إذا رآها وأن يهش للقائها؟

وهذا ال نشك أنه من حسن المعاشرة ولكن ال نستطيع أن نسن ذلك بقانون وال أن يجبر إنسان ولذلك فأمر إحسان المعاشرة أمر واسع خالصته وجوب اتباع مكارم األخالق فـي . على فعله

اب وال لعن، وإنمـا لـين جانـب، وبـذل المعاشرة وهذا يعني أن ال تقبيح للزوجة، وال سب .معروف

:القوامة -٣

ونعني بالقوامة كون الرجل مسؤوالً عن تقويم زوجته وأن له الكلمة األخيرة في شئون الحياة الزوجية، وهذا األمر قد ينظر أناس إليه أنه حق للرجل ولكن يحسن بنا أن نجعلـه واجبـاً ال

: عية استرعاها اهللا إياها كما قال صلى اهللا عليه وسلمحقاً، فالرجل مسئول عن زوجته ألنها ر ].والرجل في بيته راع وهو مسئول عن رعيته[

والقوامة ال تعني التسلط والقهر وال إنفاذ رأي الرجل صواباً كان أو خطأ وإنما تعني حسـن السياسة وإدارة دفة الحياة الزوجية على وجه الشورى واإلحسان والحرص الدائم علـى بـذل

.النصح والخير، والوقوف الحازم أمام االنحراف والنشوز

هذه هي أهم واجبات الرجل نحو زوجته وال شك أن رجالً يستطيع أن يقوم بهـذه الواجبـات .على الوجه األكمل إال أن يكون زوجاً صالحاً

آثار عقد الزواج على المرأة خاصة: ثالثاً

و واجبات على الزوجة نحو زوجها، ونستطيع يفرض عقد النكاح حقوقاً للرجل نحو زوجته أ :إيجاز هذه الواجبات في األمور الثالثة اآلتية

:الطاعة -١

بما أن القوامة على األسرة واجب من اهللا سبحانه وتعالى يسأل عنه الرجل يوم القيامة ويسأل لرجـل أن عنه الرجل في الدنيا أيضاً أمام المجتمع وولي األمر فإن من مستلزمات القوامـة ل

يطاع من قبل من جعلهم اهللا سبحانه وتعالى في كفالته ورعايته، وال نتصور أن يكون الرجل

وال يكون مطاعاً من زوجتـه وأوالده، ) زوجته وأوالده(قواماً في بيته متكفالً بشئون أسرته ولذلك فطاعة المرأة لزوجها حق يفرضه اهللا سبحانه وتعالى أوالً وتقتضيه مصـالح األسـرة

ونعني بالضرورة الخلقة والجبلة والفطـرة . ونظامها ثانياً، وتفرضه الضرورة والواجب ثالثاًوهذا ال يماري فيه إال مكابر، ونعني بالواجب االلتزام األدبي والخلقي الذي يفرضـه إنفـاق

.الرجل على زوجته وكفالته لها فال أقل من الطاعة واإلذعان ألمره

ال . االستعباد والتسلط والقهر وتبرير الخطأ ألنه صدر من الرجل والطاعة بالضرورة ال تعنيوإنما تعني الطاعة في نظام اإلسالم الطاعة في المعروف إذ ال طاعة لمخلوق فـي معصـية الخالق، وااللتزام حيث يحسن االلتزام وال نعني مطلقاً السير في الخطأ واالسـتبداد بـالرأي،

بة ال تحصرها غير أنها مقيدة كما قلنا بالمعروف واالستطاعة واإلكراه، وميادين الطاعة الواجوسنفرد لها فصالً مستقالً وإن كانت هي بذاتها فرداً من (ومن ميادين الطاعة الواجبة الخدمة

وكذلك الطاعة في الفراش وقد جاءت أحاديث بخصوص الطاعة في هذا األمر ) أفراد الطاعةا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضـبان إذا دع: [كقوله صلى اهللا عليه وسلم

، وهذا زجر شديد من الرسول صلى اهللا عليه )متفق عليه]. (عليها لعنتها المالئكة حتى تصبحواللعن هذا ال يكون إال فـي . وسلم أن تمتنع المرأة عن فراش زوجها علواً أو نشوزاً ونفوراً

.فعل حرام أو ترك واجب

:الخدمة -٢

دمة المنزلية من ميادين الطاعة وقد سبق أن هذا حق من حقوق الرجل، وواجـب علـى الخ المرأة، وليس هناك تحديد شرعي أيضاً لمواصفات الخدمة والذي يحدد هذا أيضاً هو العـرف والمعروف، وقد أبعد جداً من ظن أن الخدمة المنزلية ليست واجباً على المرأة نحو زوجها إال

وهذا الفهم إساءة بالغة لمعنى عقد النكـاح فـي اإلسـالم، وقـد كانـت طاعة الفراش فقط،الصحابيات بما فيهن فاطمة بنت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يخدمن أزواجهـن، ويلقـين العنت والتعب في هذه الخدمة ولم يقل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يوماً أن ال يجب علـى

عكس من ذلك أمر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم النسـاء امرأة أن تخدم زوجها بل على الوالخدمة أيضاً قضية فطرية جبلية من . بطاعة أزواجهن كما أمر األزواج باإلحسان إلى النساء

المرأة نحو زوجها وموافقة الفطرة هي السعادة الحقيقة وال شك أن أسعد النساء حظاً في الحياة هن وأشقاهن في حياتهن الزوجية من يتخلين عن هـذه الزوجية أكملهن طاعة وخدمة ألزواج

.المهمة الفطرية التي جاء عقد الزواج ليوجبها ويحقها

ومن فضلة القول أن هذه الخدمة واجبة على المرأة نحو زوجها فقط وليست واجبة نحو أهـل .الزوج إال أن يكون هذا تطوعاً منها وإحساناً وإرضاء للزوج وتحبباً إليه

:تالقنو -٣

والقنوت يطلق في اللغة إطالقات كثيرة ونعني به هنا حبس المرأة نفسها على زوجهـا فقـط .حيث ال يكون في قلبها ووقتها شغل بغيره

فعقد الزواج ينقل طاعة المرأة من والديها إلى الزوج رأساً ليكون هو الولي المباشر وليكـون ا أيضاً في اآلخرين فال يجوز المرأة أن وهكذ. برها وطاعتها بوالديها من بعد طاعتها لزوجها

فالمرأة أسيرة عنـد الرجـل . تجعل من نفسها نصيباً في خدمة أو تطلع لغير زوجها إال بإذنهمحبوسة عليه وحده والء وطاعة وخدمة، وهذا هو الموقف الشـرعي والموقـف الفطـري

رعاية زوجته رعاية كاملة ومن هذا الباب كان الرجل مطالباً في اإلسالم ب. واألخالقي الكاملوالعاني هو ] اتقوا اهللا في النساء فإنهن عوان عندكم: [لهذا كما قال النبي صلى اهللا عليه وسلم

.األسير أي أسيرات

فيجب أن تعلم المرأة المسلمة أن عقد الزواج يفرض عليها هذا األسر االختياري وهـو أسـر أن تراعي حقوق وواجبات هذا األسر هي والزوجة التي تستطيع. محبب وال شك عند المرأة

المرأة المثالية وال شك أن الرجل والمرأة إذا بذل كل منهما ما أسند إليه من مهمات وتفاني كل منهما في إسعاد اآلخر وإدخال السرور على نفسه فإنهما سيحققان السـالم الحـق والسـعادة

.المنزلية الكاملة

ضمانات الستقرار األسرة

:افقة الفطرةمو: أوالً

كان من رحمة اهللا سبحانه وتعالى أن جعل السعادة في األسرة واالستقرار لها منـوط بالقيـام فإذا كان الرجل رجالً وفي مكانـه الصـحيح . بالوظائف والتكاليف التي وزعها على أفرادها

ع وقائمـة قائماً بما عليه من واجبات والمرأة امرأة وفي مكانها السليم من حيث الخلق والتشريبما أوجب اهللا عليها، وكذلك األبناء أبناء حقيقيون قائمون بما أوجب اهللا علـيهم مـن طاعـة

أقول إذا كان كل واحد من هؤالء في مكانه الصـحيح اسـتقامت . لوالديهم وحب وتقدير لهمعوى فلو تأبت المرأة مثالً أن تنجب أوالداً بد. أحوال األسرة فإذا اختل شيء منها اختل اآلخر

وإذا قامـت . أن في هذا تعطيالً لمالذها وشهوتها فإنها أول من تشقى بذلك نفسـياً وروحيـاً

الزوجة بهذا الذي خلقها اهللا سبحانه من أجله فإنها مع شقائها وتعبها ووهنها تسعد أيما سعادة، وليس هناك سعادة عند المرأة تعادل إحساسها بتحرك الجنين في أحشائها، وبصـراخ الطفـل

ولكن الـرب الـرحيم . مع تعبها العظيم من كل ذلك. نحوها، وبسهرها ليلة في جوار سريرهجعل في هذه المشقات التي كتبها عليها كتابة كونية قدرية سعادة نفسية هائلة وهذا األمر نفسه

فسعادة المـرأة فـي طاعـة . متحقق في طاعة الزوجة للواجبات الشرعية التي كلفها اهللا بهاترك رأيها لرأيه وإذعانها أحياناً لرغباته وإرضائها له فليس هناك أسعد من زوجـة زوجها، و

واليوم الذي تظن فيه المرأة أنها أصـبحت -وفية مخلصة في كنف زوج بار مخلص عفيف نداً للرجل وأن رأيها يجب أن يكون قبل رأيه، وأن رأسها يجب أن تكون معادلة لرأسه أقول

.ا وتعاستهاهذا الوقت تبدأ شقاوته

نخرج من كل هذا بفائدة هامة وهي أن نعلم جميعاً أن سعادتنا رجاالً ونساء منوطة بأن نكون عند األوامر الشرعية التي وزعها اهللا علينا فالرجل السعيد في حياته الزوجية هو الرجل القائم

لمرأة السعيدة هي المرأة بالواجبات التي كلفه اهللا بها والمطالب بالحقوق التي أعطاها اهللا له، واوأي إخالل أو . القائمة بالواجبات التي كلفها اهللا بها والمطالبة بالحقوق التي منحها الرب إياها

اختالل بهذه الحقوق والواجبات الشرعية معناه الهدم للنظام األسري وبالتالي الهـدم للسـعادة .واالستقرار

:الحكمان عند الخالف: ثانياً

وهنـا . قد يختلفان ويصل الخالف إلى نقطة ال يستطيعان عالجها بمفردهماالزوج والزوجة قال . أمر اهللا سبحانه وتعالى برد هذا الخالف إلى حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة

وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريداً إصالحاً يوفق {: تعالى .} كان عليماً خبيراًاهللا بينهما إن اهللا

. وذلك أن الفرد قد يملك القدرة أحياناً على حل مشاكل اآلخرين ولكنه يعمى عن مشكلة نفسهفمهما كان الرجل حكيماً عالماً فإنه في مشاكله الخاصة يكون أقل قدرة على الحل ولذلك نجد

لكنهم قد يفشلون أحيانـاً أن كثيراً من النساء ينجحون كثيراً في الصلح والتوفيق بين الناس، وفي حل مشاكلهم أنفسهم، ولذلك كان واجب االستعانة باآلخرين وخاصة المرأة يساعدها كثيراً أن ينوب عنها في حل بعض مشاكلها المعقدة مع زوجها أن تلجأ إلى أب أو عم أو أخ يملـك

لزوج أن يصل فإذا عجز ا. القدرة على فهم أمورها والوصول إلى حلول لمشاكلها مع زوجهافإن الواجب أن يرد هذه المشكلة إلى حكم من أهله وحكم مـن . مع زوجته إلى حل لمشكلة ما

.أهلها

والحكمة في اختياره من األهل أال تنتشر أسرار البيوت، وأن ال يعير األبناء بما كـان مـن ية الخطورة أخالق في اآلباء، فاللجوء إلى المحاكم والقضاة في كل مشاكل الزواج أمر في غا

. ألن عالقة الزوج بزوجته عالقة خاصة جداً، وتنشأ المشاكل كثيراً في هذه العالقات الخاصةونشر هذه العيوب في المحاكم وأمام القضاة والشهود إنما هو فضح لألسرار، وكسر للقلـوب

ـ راراً فحتى لو تم الصلح أمام القاضي فإن المشكلة ستبقى ألنه وال بد أن يخرج إلى الناس أسكان يحب كل من الزوج والزوجة أن تظال مخفية ولذلك كان من رحمته وإرشـاده سـبحانه وتعالى أمرنا بدعوة الحكمين عند الخالف المستعصي واألمر في بعث الحكمين قـال بعـض العلماء هو خطاب للزوجين، وقال آخرون بل خطاب لولي األمر، قول ثالـث إنـه خطـاب

ى ما حدث بين الزوجين من خالف والصحيح أنه خطاب عام وذلك للمؤمنين الذي يطلعون علأن استقرار الزواج ال يهم الزوجين فقط وإنما يهم ولي األمر، ألن هذا من شئون الرعية التي استرعاه اهللا إياها، ويهم كل مسلم ألن المؤمنين كالجسد الواحد وال بد أن تفـزع إذا اشـتكى

الم والمشاكل ولذلك كان ال بد من االهتمام به وال شك أن عضو، وشقاق األزواج من أعظم اآلمشاكل الزوجين تهمهما أوالً ولذلك وجب عليهما في المقام األول أن يلجأ إلـى الحكمـين إذا تعذر عليهما الحل وبهذه الضمانة تبقى األسرة اإلسالمية في إطارها الصحيح من االسـتقرار

:فيما يأتي والثبوت ونستطيع أن نلخص هذه القواعد

أن يؤدى عقد الزواج بشروطه كما أمر اهللا سبحانه وتعالى من رضـا وشـهود، وولـي، ) أ( .ومهر، وكفاءة وغير ذلك من شروط

أن نمتنع عن كل ما يبطل هذا العقد كفقد شرط من الشروط السابقة أو نلجأ إلـى نكـاح ) ب( .محرم كنكاح الشغار والتحليل والنكاح المؤقت

من أن نضع في عقد النكاح شرطاً ليس في كتاب اهللا كاشتراط العصمة وغيـر أن نحذر ) ج(ذلك من الشروط الفاسدة التي تفسد العقد أو تمنع نفاذه وأن نوفي بالشروط التي التزمنا بها كما

].إن أحق الشروط بالوفاء ما استحللتم من الفروج: [قال صلى اهللا عليه وسلم

رأة بالحقوق والواجبات التي كلفهم اهللا بها وأن يعلم كل منهما أن يقوم كل من الرجل والم) د(أن تعديه على حق اآلخر إنما هدم لنظام رباني وهو تماماً كهدم الفطرة والخلق ألن الحكم من

لـه الخلـق {: عند اهللا والخلق من عنده فكما خلق فهو يحكم سبحانه تعالى كما قال جل وعالألمر له سبحانه وتعالى، وكل من عارض الخلق شقى وكذلك كل ، فكما أن الخلق له فا}واألمر

.من عارض أمره سبحانه وتعالى شقى وال بد

أن يعلم كل من الرجل والمرأة الفطرة التي فطرها اهللا سبحانه وتعالى عليهمـا، فـإذا ) هـ(عرف المرء نفسه عرف كيف يعالجها ويقومها وإذا جهلها جهل سبل التقـويم والعـالج بـل

صالح أيضاً، فكيف يسعد نفسه من يجهلها؟ وكذلك أن يعرف الرجل شيئاً عن طبيعة المرأة والونفسيتها، وأن تعرف المرأة شيئاً عن طبيعة الرجل الخاصة ونفسيته وكيف يحب وكيف يكره

.وهذا العلم ضروري إلحسان التعامل بين كل من المرأة والرجل

ينهما خالف إلى أقرب حكـم ناصـح مـن أهلـه أن يلجأ الزوج والزوجة إذا استشرى ب) و(ليساعدها على الخروج من خالفهما وبذلك يضمنان سعادة وحالوة لزواج إسـالمي نظيـف

.طاهر

الخالف بين الزوجين

وطرق عالجه

يندر في الواقع أن يعيش زوجان دهراً من عمرهما دون أن تطرأ فـي حياتهمـا مشـكالت .وخالفات

لخالفات الزوجية على أنه أمر ال مفر منه أو هو شر ال بـد منـه وال ولذلك فعلينا أن نتقبل ايعني ذلك أن نستسلم للخالف وأال نأبه له عند حدوثه فالخالف شر وهو يعكر النفوس ويقتـل بهجة الحياة الزوجية وعلينا أن نفر منه بكل سبيل ولكن ينبغي أيضاً أن ال نظن أن الكارثة قد

ن ويجب أن نعلم أيضاً أن لكل جرح دواء وعلينـا أن نحـاول وقعت عند أي خالف مهما كا .دائماً وال نيأس من عالج مطلقاً وفوق هذه القاعدة نستطيع أن نؤسس حياة زوجية سعيدة

وهذه مجموعة من قواعد وإرشادات ونصائح أرجو إن اتبعها الزوجان أن يسعدا ويقضيا على :كل خالف ينشأ بينهما

كم حكماً صحيحاً في أي خالف فضع نفسك موضع اآلخر، وقدر ظروفه إذا أردت أن تح :أوالً .وإمكانياته تماماً ثم احكم عليه وبهذا تعلم موقفك أنت ممن يخالفك في شيء ما

على الرجال أن يعلموا تماماً أن في المرأة، جنس المرأة عوجاً بوجه من الوجوه وهـذا :ثانياًلفطرة التي فطر اهللا المرأة عليهـا، وال يمكـن أن ليس فيه تعصب وإنما هو طبيعة الخلق وا

تكتمل المرأة من كل وجه خلقاً وطباعاً ولو أنها كانت كاملة لعبدها الرجال من دون اهللا عـز إن المرأة خلقت من ضـلع أعـوج وإن : [وجل وهذا معنى حديث النبي صلى اهللا عليه وسلم

ن استمتعتم بهن استمتعم بهن وفيهن أعوج شيء في الضلع أعاله وإن جئت تقيمه كسرته، وإ ].عوج

وأخذ هذا األمر على عالته يفيد الرجال كثيراً فافتراض الكمال في المرأة ومحاسبتها على هذا وهذا الذي ال بـد وأن . النحو يعني التغاضي عن كثير من النقص ضار بالمرأة والرجل كذلك

.نقص مطالبتها بالمستحيلالحياة الزوجية ومطالبة المرأة بإكمال هذا ال يعتور

كم من الرجال من يرزقون زوجات هن أرجح منهم عقوالً وأكثر منهم صبراً وحكمـة :ثالثاًوأكثر منهم سداد رأي وال يخرق هذا القاعدة العامة في الرجال والنساء وال يعني هذا أيضاً أن

ة ألن هـذا يعنـي تأخذ المرأة صالحيات الرجل وأن يقف الرجل من عقد الزواج مكان المرأإفساداً للفطرة، وهدماً للسعادة الزوجية وأسلوب إصالح المرأة لزوجها عند نشوزه وإعراضه

وإن امرأة خافت من بعلها نشـوزاً أو {: هو النصح واالستعانة عليه باألقربين كما قال تعالىالمرأة بتقـويم ، وأما أن تقوم }إعراضاً فال جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير

عوج زوجها ونشوزه وإعراضه بتعاليها عليه، وهجرها لفراشه أو بضربه وتأديبه فذلك هـو .غاية الفساد واإلفساد

الرجل الذي أعطى حق القوامة عليه الواجب األول في أن يكون راعـي وقوامـاً وال :رابعاً .ويم غيرهيكون راعياً وقواماً إال بأن يكون قدوة في نفسه، قادراً على تق

والرحمـة والحفظ والتربيـة والرأفـة والقوامة ال تعني البطش والتعالي وإنما تعني الرعاية وال شك أن سوء استخدام الرجل لصالحياته المعطـاة . ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً

. له يؤدي إلى النقيض

زوجـاتهم يـتلخص فـي الوسائل التي أعطاها اهللا وأرشد إليها الرجال لتقويم نشوز :خامساً :األمور األربعة اآلتية

وهو كالم رقيق يصيب القلب والوعظ نافع للزوجة إذا جاء في الوقت المناسـب :الوعظ) أ(بالقدر المناسب، وأما أن يجعل الرجل من نفسه خطيباً بالليل والنهار فـذاك فسـاد وإفسـاد

.قتل الشعور واإلحساسفالوعظ في التربية كالسم في الدواء قليله يفيد وكثيره ي

وهو ترك فراش الزوجة وقت النوم فقط وهو نافع إذا لم تفلـح :الهجران في المضاجع) ب( .الوسيلة السابقة

والمقصود به إيقاظ شعور امرأة بليدة الطبع لم تستفد شيئاً بالوسيلتين اآلنفتـين :الضرب) ج(لى اهللا عليه وسلم عندما اشتكى إليـه وهي وسيلة ال يلجأ إليها األخيار عادة كما قال النبي ص

إنه قد طاف بـآل محمـد نسـاء : [بعض النساء من ضرب أزواجهم لهم وعظ الرجال وقال .أي من يضرب زوجته] وليس أولئك بخياركم: [ثم قال..] يشتكين أزواجهن

وبالطبع فالمقصود بالضرب هو غير المبرح الذي يتقي صاحبه به الوجه وفي تحريم ضرب .أحاديث كثيرة مشهورةالوجه

وهذا آخر المطاف إذا عجز الرجل عن .االستعانة بالمصلحين من أقارب الزوج والزوجة) د(التقويم فعليه أن يستعين بحكم من أهله وحكم من أهل زوجته فيكونا أقدر على تفهم مشاكلهما

.ألن صاحب المشكلة كثيراً ما يعمى عن حلها

والالتـي تخـافون نشـوزهن {: ة جاء قول اهللا تبارك وتعالىوفي هذه األمور األربعة اآلنففعظوهن، واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فال تبغوا عليهن سـبيالً إن اهللا كان علياً كبيراً، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً مـن أهلهـا إن يريـدا

.}يماً خبيراًإصالحاً يوفق اهللا بينهما إن اهللا كان عل

كيف ينتهي عقد الزواج

-الوفـاة : ينفصل األزواج بعضهم عن بعض بواحد من األمور والحـاالت السـبعة اآلتيـة وفي كل حالـة مـن هـذه .. والردة -والفسخ -والظهار -واللعان -والفراق -والطالق

ذلك تفصيلياً الحاالت هناك قواعد وحدود وآداب شرعية يجب أن يحسن التزامها وسنبين كل .بحول اهللا وقوته

:الوفاة: أوالً

الموت سنة من سنن الحياة التي ال تتخلف وال يمكن الفرار منها وهو يصـيب األزواج كمـا والوفاة تفرق األزواج بعضهم . يصيب األطفال ويدهم الناس على اختالف أعمارهم وأحوالهم

بل األزواج المسلمون أزواج في اآلخرة عن بعض ولكنها ال تهدم عقد الزواج الشرعي نهائياً : إن ماتت على الصالح والتقوى وكان هو كذلك، كما قال تعالى حاكياً دعاء المالئكة للمؤمنين

ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنـك أنـت {ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما الذين آمنوا واتبعتهم{: ، وقال تعالى أيضاً}العزيز الحكيم

.}ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين

.ومن هنا أخذ عقد الزواج قدسيته ومكانته

:آثار الوفاة على األزواج

:نستطيع إجمال اآلثار واآلداب والحقوق التي تعقب وفاة أحد الزوجين بما يلي

ة حقاً ثابتاً للرجل في مال زوجته المتوفاة وللمرأة فـي توجب الشريعة اإلسالمي :الميراث) أ(فللرجل النصف من مال زوجته إذا توفيت ولم تترك أوالداً منه أو من .. مال زوجها المتوفى

غيره، وأما المرأة فلها ربع مال زوجها المتوفى إن مات ولم يترك أوالداً منها أو من غيرهـا .ولها الثمن إن ترك أوالداً

توجب الشريعة على المرأة أن تمكث في بيت زوجها بعد وفاته أربعة ):عدة الوفاة(دة الع) ب(أشهر وعشرة أيام ال تتزوج وال تخطب خطبة صريحة، وال تتزين، وال تخرج في غير حاجة

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن {: قال تعالى. وهذه العدة ثابتة في القرآن والسنةة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فال جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف بأنفسهن أربع

والحكمة في هذه العدة أنها استبراء كامل للـرحم، ووفـاء واجـب . }واهللا بما تعملون خبير .مفروض من المرأة وزوجها

عليه وأما الرجل فليس عليه عدة بعد وفاة زوجته لذكراها مسألة اعتبارية شخصية لم يفرض وله أن يتزوج بعد وفاة زوجته بـأي مـدة غيـر أن . الدين فيها وقتاً محدوداً وال شكالً معيناً

مراعاة شعور اآلخرين وخاصة أهل الزوجة المتوفاة مما أمر به الدين أمراً عاماً ومما يتناسب .أيضاً مع العرف الصالح واألخالق واآلداب اإلسالمية

الرجل والمرأة في خالل حياتهما الزوجية على أدق وأخـص يتطلع :حفظ الجميل والعهد) ج(أسرار بعضهما البعض، وال يعني االفتراق بالموت نشر هذه األسرار وهتك العهود السابقة بل

وال يكفي هذا .. االلتزام بالعهود وكتمان األسرار فريضة إسالمية على كل من الرجال والنساءعلى ود زوجته بعد وفاتها كما كان يفعل في حياتهـا فقط بل الرجل الصالح هو الذي يحافظ

وقد ضرب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم المثل األعلى في ذلك فتقول السيدة . والمرأة كذلكما غرت على امرأة لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، كما غرت على : "عائشة رضي اهللا عنها

وقد كـان رسـول اهللا ".. م إياها وثنائه عليهاخديجة لكثرة ذكر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلوكانت تدخل عليه امرأة . صلى اهللا عليه وسلم يذبح الشاة فيقول أعطوا صديقات خديجة أوالً

وهذا من عظم وفاء النبي صلى اهللا عليه وسلم . في المدينة فيكرمها ألنها من صديقات زوجته ..اد مكارم األخالق؟وفي هذا قدوة وأسوة لمن أر. لتلك الزوجة الصالحة

:الطالق حكمته ومشروعيته: ثانياً

مما ال شك فيه أن الطالق عملية هدم لبناء أسرة وقد يأتي هذا الهدم عند بداية الطريق وعنـد وضع أول اللبنات في األساس وقد يأتي متأخراً بعد أن يكون البناء قد فرغ وتعددت الحجرات

والذين ظنوا أن اإلسالم أباح الطالق مطلقاً بال . ألوالدووضع السقف أعني بعد النسل وكثرة اضوابط، وفتح للناس األبواب على مصراعيها في أن يتزوجوا كما يشاءون ويطلقـوا وقتمـا يشاءون فقد أخطأوا وتجنوا على هذا الدين، وكذلك الذين يريدون حجر الطالق ومنعه وتقييده

إنساني وأنه في صالح المرأة فهم أيضاً جاهلون بغير الطرق الشرعية ظناً منهم أن ذلك عمل مغرون، وسنبين إن شاء اهللا تعالى بالدليل والبرهان فساد الطريقين وأن العدل هو ما جاء بـه

.الدين الصحيح بال إفراط وال تفريط

ومع إقرارنا بأن الطالق عملية هدم إال أنه في اإلسالم هدم منظم يحافظ على اللبنة فينقلها من .ن إلى مكان آخر أكثر تالؤماً دون كسرها أو إهمالهامكا

إن الزواج عملية إنسانية وهو عمل اختياري واإلنسان رجالً كان أو امرأة صـندوق مقفـل والمظهر الخارجي ال يدل على الداخل مطلقاً بل كثيراً ما يخالف الباطن الظاهر فقـد يكـون

يتزوجون ال يتزوجون األجسام فقـط وإنمـا والذين . الظاهر جميالً حسناً والباطل بضد ذلكأيضاً الروح والنفس والطوية واألخالق وكل هذه أشياء ال تظهر إال بعد العـالج والصـحبة الطويلة واحتكاك المرأة بالرجل والرجل بالمرأة يتدخل في كل شيء في األجسـام والنفـوس

امل لكل عناصر الروح والـدم إنه امتزاج ك. واألسرار والغايات واألهداف والمستقبل والحياةوكلما كان التوافق كامالً كانت السعادة تامة كاملة وكلما اختلف الزوجان في ناحية من هـذه

وما إيماننا أن التوافق ال يكون بين . النواحي كلما تباعد الزوجان خطوة عن بعضهما البعضزوجية وحث على ذلك حتـى زوجين من كل وجه إال نادراً فإن الدين قد أمر بإبقاء العالقة ال

ال يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منهـا : [مع تحقيق أقل عناصرها كما قال صلى اهللا عليه وسلم: بـل قـال تعـالى . بفتح الفاء والراء هو الكراهية واإلبعاد) والفرك]. (خلقاً رضي منها آخر

.}خيراً كثيراًوعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل اهللا فيه {

ومع هذا الحرص من الدين والتشديد ببقاء العالقة الزوجية إال أن األمر يصـل أحيانـاً مـع االختالف وعدم إمكان اإلصالح إلى القطيعة والشر ثم الكراهية والعناد وقد يصل ذلـك إلـى

بعد ما المضارة واإلفساد وعدم قيام كل منها بما يجب عليه نحو اآلخر وبذلك يتحول الزواج فـاهللا . كان طريقاً إلى مرضاة اهللا والسعادة في الدنيا ليكون طريقاً إلى سخط اهللا والشقاوة فيها

ال يرضى عن زوجة فقط تهجر فراش زوجها ليلة واحدة معاندة له كما قال صلى اهللا عليـه

ـ : [وسلم ، ]اما من زوجة يبيت زوجها عليها غضبان إال ما كان الذي في السماء ساخطاً عليه، وكذلك ]أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فأبت عليه إال لعنتها المالئكة حتى تصبح: [وقال

.ال يرضى اهللا سبحانه وتعالى عن رجل يظلم امرأته أو يضيع من يعول

وأظن أنه ال يقول عاقل بتاتاً بأن كل زوجين تزوجاً قد توافقا طباعاً وحباً وأهدافاً في الحيـاة ولذلك شقى النصارى بذلك ثم للحس الواقع والفطـرة .. وإال فهذه مكابرة ممقوتة نفساً وروحاً

وال يصنع هذا إال جاهل أو مبطل أو مغرور، ولذلك شقى النصارى بذلك من ثم كسروا أبواب .المنع ولم يفتحوها فقط فهدموا العالقات الزوجية إلى األبد في أوساطهم

ية تحتمها الفطرة البشـرية ويقتضـيها اإلصـالح نخلص من ذلك أن الطالق ضرورة إنساناالجتماعي وذلك لزوجين ظنا أن يعيشا في سعادة فأقدما على الزواج اختياراً ثم اكتشفا أنهما

فكيف يكون االنفصال الشرعي وهـل . كانا مخطئين، وأنه يستحيل بقاؤهما إلى األبد زوجيناً أن تقرر االنفصال عن زوجها وقتمـا للرجل وحده أن يقرر االنفصال؟ أم يجوز للمرأة أيض

.تشاء؟

متى يجوز لك طالق زوجتك؟

الصورة السيئة التي تعلو أذهان كثير من النساء عن الطالق ال تمت بصلة إلى اإلسالم، وقـد تكونت هذه الصورة من المعلومات المشوهة التي فهمها سطحيون تافهون عن رسالة اإلسالم

من الجهلة الظالمين الذين يحملون اسم اإلسالم بال مضـمون، أو من ممارسات خاطئة لكثير وعندما نستعرض خطوات الطالق الشرعي كما شرعه اهللا سبحانه وكـذلك آدابـه وقواعـده

وإليك بعضاً من هذه القواعد . سنرى البون الشاسع بين هذا وتلك الممارسات واألفكار الظالمة :واآلداب

متى يجب إيقاع الطالق؟ -١

بعض الناس أن الرجل يستطيع أن يوقع الطالق على زوجته في كل وقت وإن هـذا قد يظنخطأ فاحش بل ال يجوز لرجل يؤمن بكالم اهللا وكالم رسوله أن يوقع الطالق على زوجته إال

. أو تكون حامالً حمالً قد استبان وعلم. إذا كانت طاهراً وأن ال يكون قد مسها في هذا الطهري حائض فطالقه باطل وهو غير واقع ألنه جاء في غير الوقـت الـذي فمن طلق امرأته وه

أنه طلـق .. حدده اهللا سبحانه وتعالى، ومما يدل على ذلك حديث ابن عمر الذي رواه الجماعةامرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى اهللا عليه وسلم فتغيظ فيه رسول اهللا صلى اهللا

فإن بدا له أن يطلقهـا . مسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهرليرجعها ثم ي: [عليه وسلم ثم قالوهذا الحديث نص ..] فيطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر اهللا تعالى أن يطلق لها النساء

وقد ذهب المحققون من العلماء . في عدم جواز الطالق وقت الحيض ووجوب رد هذا الطالققين ابن تيمية وابن القيم وابن حزم وغيرهم ويدل إلى أنه ال يحتسب أيضاً، ومن هؤالء المحق

.}يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن{: على ذلك القرآن الكريم حيث قال تعالى

، والتسريح هو الطـالق وال يكـون }فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان{: وكذلك قال تعالى .بإحسان إال إذا كان كما أمر اهللا

لمطلقة وقت العدة؟أين تمكث ا -٢

يظن كثير من الناس أيضاً جهالً وظلماً أن المرأة يجب أو يجوز أن تخرج من بيت زوجها إذا . أوقع الطالق وأن يمضي وقت العدة في بيت غير بيت زوجها وهذا خطأ فاحش وجهل بالدين

لطالق وكذلك تظن كثير من النساء أنه يجوز لهن الخروج من بيت الزوجية عند سماع كلمة ا.. أو يجب عليهن الخروج وهذا أيضاً خطأ فاحش ومخالفة صريحة ألمر اهللا سبحانه وتعـالى

بل ال يجوز لرجل أن يخرج امرأته من بيتها بعد أن يعلمها بـالطالق إال إذا انتهـت عـدتها وكذلك ال يجوز المرأة تؤمن باهللا واليوم اآلخر أن تفارق بيـت ) وسيأتي تفصيل لمعنى العدة(

يـا {: وذلك كله تحقيقاً لقوله تعالى. ها عندما تسمع منه كلمة الطالق إال إذا انتهت عدتهازوجأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن، وأحصوا العدة، واتقوا اهللا ربكم، ال تخرجـوهن

قـد من بيوتهن، وال يخرجن إال أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود اهللا، ومن يتعد حدود اهللا ف} ال تخرجوهن من بيـوتهن {: ، فقوله تعالى}ظلم نفسه، ال تدري لعل اهللا يحدث بعد ذلك أمراً

: دليل على عدم جواز إخراج المرأة من بيت الزوجية إال إذا أكملت العدة بدليل قولـه تعـالى ، واألجل في هذه اآلية هو نهاية }فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف{عدة، وكذلك ال يجوز للمرأة أن تخرج بنفسها مغاضبة لزوجها نافرة منه إذا طلقهـا وذلـك ال

أي بأنفسهن دون طرد ونحو ذلك فالمرأة عند سماع الطـالق مـا } وال يخرجن{: لقوله تعالىزالت ملزمة بعقد النكاح الشرعي وذلك حتى تنتهي عدتها وإرجاعها إلى الزوج ما زال ممكناً

.ومحتمالً

يجـب أن يقـع : تان خطوتان أساسيتان في سبيل إنهاء عقد الزواج الشـرعي وهمـا أوالً هاال يجوز للرجل أن يطرد : الطالق في طهر لم يمس الرجل زوجته أو حال حمل ظاهر، وثانياً

زوجته من بيتها إال بعد كمال عدتها وال يجوز للمرأة أيضاً أن تخرج مغاضبة لزوجها قبـل .بيتهاستكمال عدتها في

:ال يطلق ثالثاً في مرة واحدة إال جاهل

:ال يجوز للمسلم أن يطلق زوجته ثالثاً في مرة واحدة، والدليل على ما نحن بصدده ما يأتي

وال يكـون الطـالق } الطالق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسـان {: قال تعالى :أوالًك رجعة جائزة، بدليل قوله تعالى بعد مرتين إال إذا كان مرة بعد مرة وفي كل مرة تكون هنا

وهذه هي الطلقة الثالثة التـي إذا } فإن طلقها فال تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره{: ذلكوقعت فال يحل للزوج أن يعيد زوجته إلى عصمته إال بعد أن تتزوج بزوج آخر ثم إن طلقها

.جاز لها أن ترد إلى الزوج األول

رجعة جائزة بدليل مـا سـبق ) من هذين الطالقين األولين(كل طالق فاآلية دليل على أن معأي أن مع كل طالق إمسـاك } فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان{: وبدليل قوله تعالى أيضاً

بمعروف وذلك لمن أراد أن يعاود زوجته قبل انقضاء عدتها، أو تسريح بإحسان وذلك لمـن : حتى تخلص منه بانقضاء عدتها وقوله سبحانه وتعالىأراد أن يستمر في إنفاذ طالقه المرأته

هذا هو الوجه الشرعي لتنفيذ الطـالق : دليل على أن الطالق يكون هكذا أي} الطالق مرتان{: وإنفاذه وهذا البيان من اهللا سبحانه وتعالى واجب والمصير إليه فرض الزم، بدليل قوله تعالى

.}دود اهللا فأولئك هم الظالمونتلك حدود اهللا فال تعتدوها، ومن يتعد ح{

.}وتلك حدود اهللا ومن يتعد حدود اهللا فقد ظلم نفسه{: وقوله أيضاً في سورة الطالق

ومعنى هذا أن الذي يجمع التطليقات الثالث في كلمة واحدة أو مجلس واحد فقد هدم الحـدود الهدم ليس حقاً خاصـاً وهذا . والقواعد واآلداب الشرعية التي فرضها اهللا وبينها وأرشد إليهابل هذا هدم للقواعد والحدود . من حقوق الرجال في هذا العقد الشرعي يستعملونه كيف شاءوا

ثم إن الطالق يتعلق أيضاً من حقها أيضاً أن ال ينتهي هذا العقـد إال . الشرعية في هذا األمر .وفق الضوابط الشرعية التي حدها اهللا لذلك وقبلت على أساسه الزواج

أو بعبارة أخـرى ) أنت طالق(من المعلوم أن المرأة تطلق من زوجها بقوله مرة واحدة :انياًثونحـو ) أنت خليـة (أو ) أنت مسرحة: (كقوله) الطالق(مقصودة من الرجل تفهم هذا المراد

.ذلك

ومعلوم أيضاً أنها تبين منه وتصبح مالكة ألمرها إذا مضى على هـذه الكلمـة فتـرة العـدة .ولم يردها فيهاالشرعية

ومعنى هذا أننا ال نحتاج في الطالق إلى الفلسفة الزائدة من الرجل والتطاول السيئ بأن يقول أنت طالق ثالثاً، وأنت طالق ألفاً، أو عدد نجوم السماء أو أنت حرام علي مطلقاً فكل : لزوجته

ض أن يعزر فاعل ذلـك هذه األقوال تعد ظلماً وجهالً وإساءة بالغة وجحوداً للعشرة والمفروفااللتجاء إلى جمع التطليقات الثالث في مـرة واحـدة . بالضرب واإلهانة والسجن ونحو ذلك

جهل وغباء إذ الواحدة تكفي ثم هو إساءة وظلم يجب أن تسن القوانين لتعزيز فاعله، وحتـى

أو {: ال تعالىتصان العشرة وإذا كان ال بد من الفرقة بين الزوجين فلتكن الفرقة بإحسان كما قوال يمكن أن يكون من طلق زوجته ثالثاً دفعة واحدة، وجرحها برفض العيش } تسريح بإحسان

.مطلقاً معها محسناً في ذلك بل هو جاهل سيئ يستحق التأديب والتعزيز

ينبني على الطالق الرجعي حقوق الزوجة وهي السكنى والنفقة وأما الطالق البائن فـال :ثالثاً. لمرأة وال سكنى بل يجب على المرأة فيه أن تعتد خارج منزل الزوجية وال نفقة لهانفقة فيه ل

والذي يطلق الثالث دفعة واحدة يهدم حقوق المرأة الشرعية في جواز الرجعة وفـي النفقـة والسكنى إلى جانب اإلهانة المعنوية البليغة التي يقذف بها الرجل على ذلك النحو فـي وجـه

مع الرجل المطلق ثالثاً في دفعة واحدة بين اإلهانة المعنوية وهدم الحقـوق امرأته، وبذلك يجالشرعية المادية لزوجته وبذلك يرتكب مجموعة من اإلساءات في وقت واحد وهي على وجه

:اإلجمال

.هدم الحدود والقواعد والخطوات الشرعية لهذا العقد، والتالعب بكتاب اهللا وسنة رسوله -١

لغة للزوجة المطلقة على هذا النحو ألنه رفض سيئ للعشرة وجحود ونكـران اإلهانة البا -٢ .لحق المعاشرة

.وهذا الهدم تعد وظلم) وإن كان الزوج يلزم بهذا اآلن قضاء(هدم الحقوق المادية للزوجة -٣

أنت طـالق، فلمـاذا . الجهل والتطاول فعقد الزواج ينتهي بكلمة واحدة من الرجل للمرأة -٤ . والقول ثالثاً ومائة وألف إال أن يكون هذا سفاهة وجهالًالتطاول

:الطالق الشرعي

أنت طـالق : ذكرنا أنه ال يجوز لمسلم أن يطلق امرأته ثالثاً في مرة واحدة سواء قال المرأتهأنت طالق طالق، أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو زاد على ذلـك : ثالثاً، أو قال لهاوأن كل ذلك سفاهة يستحق قائلها العقوبة والتعزيز، وأن الطالق الذي شرعه إلى مائة أو ألف

اهللا سبحانه وتعالى هو الطالق مرة واحدة في بدء طهر المرأة إذا كانت ممـن تحـيض ثـم االنتظار مدة العدة فإما أن يرجعها إلى عصمته في أثنائها وإما أن ينتظر حتى نهاية العدة فيقع

شأن نفسها، وللرجل أن يكرر هذا العمل مرتين يحق له فيهما الرجعـة الطالق وتملك المرأةفإذا أوقع الطالق الثالث فال يجوز له بعد ارتجاعها حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح وليس

.بنكاح تحليل

ولكن ماذا لو ركب جاهل رأسه وطلق امرأته علي هذا النحو الفاسد ثالثاً في مرة واحدة هـل أم يقع طلقة واحدة فقط ليكون موافقاً للطالق الشرعي الصحيح . الثاً ويلزم بذلكيقع الطالق ث

وهذا القول الثالث واألخير قول مخالف ألقوال أهل السنة والجماعة . أم ال يقع له طالق أصالً .ولذلك فليس موضوعاً لبحثنا وإنما النظر والبحث في القولين األولين

:ثالثاًطالق الثالث يقع : القول األول

الذي أفتى به األئمة األربعة واختاره كثير من الصحابة والتابعين وكثير من السلف أن طالق الثالث وإن كان بدعياً ومحرماً إال أنه يلزم الرجل به وتطلق به المرأة من زوجها طالقاً بائناً

.ال رجعة فيه إال أن تنكح زوجاً غيره

ضي اهللا عنه أمضى طالق الثالث ثالثاً كمـا روي وقد استدلوا لذلك بأن عمر بن الخطاب رأرى أن الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه فسحة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه : عنه أنه قال

.عليهم، وفرق رضي اهللا عنه بين كل رجل طلق امرأته ثالثاً في مرة واحدة وبين امرأته

:طالق الثالث ال يقع إال واحدة: القول الثاني

هذا القول منقول عن طائفة من السلف والخلف من أصحاب النبي صلى اهللا عليه وسلم مثل والزبير بن العوام وعبدالرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وقول كثيـر مـن

وهذا القول هو الذي ذهب إليه اإلمام ابن -التابعين ومن بعدهم كطاووس ومحمد بن إسحاق يقول . حمه اهللا ونصره في فتاويه وهو الموافق للكتاب والسنة كما أسلفناتيمية شيخ اإلسالم رلم يشرع اهللا ألحد أن يطلق الثالث جميعاً، ولم يشـرع لـه أن يطلـق : (ابن تيمية في فتاويه

وليس في كتاب اهللا وال سنة رسوله في المدخول بها : (ويقول أيضاً). المدخول بها طالقاً بائناًوال نعرف أن أحداً طلق على عهد النبي صلى : (ويقول أيضاً). ن الثالثطالق بائن يحسب م

اهللا عليه وسلم وآله وسلم امرأته ثالثاً بكلمة واحدة فألزمه النبي صلى اهللا عليه وسلم بالثالث، وال روي في ذلك شيئاً بل رويت في ذلك أحاديث كلها ضعيفة باتفاق علمـاء الحـديث بـل

ح مسلم وغيره من السنن والمسانيد عن طاووس عن ابن عباس موضوعة، بل الذي في صحيكان الطالق على عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأبي بكر وسنين من خالفـة : "أنه قال

إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلـو : فقال عمر. طالق الثالث واحدة: عمر ".أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم

أتعلم أنما كانت الثالث : ية لمسلم وغيره عن طاووس أن أبا الصهباء قال البن عباسوفي رواتجعل واحدة على عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأبي بكر وثالثاً من إمارة عمر فقـال

هات من هناتك ألم يكن الطـالق : نعم وفي رواية أن أبا الصهباء قال البن عباس: ابن عباسقد كان ذلك فلما كان : رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأبي بكر واحدة؟ قال الثالث على عهد

).في زمن عمر تتابع الناس في الطالق فأجازه عليهم

وروى اإلمام أحمد في مسنده عـن ابـن : (وتابع اإلمام ابن تيمية إيضاحه لهذه المسألة قائالًامرأته ثالثاً فـي مجلـس واحـد عباس أنه قال طلق ركانة بن عبد زيد أخو بني عبدالمطلب

: قـال ] طلقتهـا؟ [فسأله رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كيـف : فحزن عليها حزناً شديداً قال: قال] فإنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت: [قال. نعم: قال] في مجلس واحد: [فقال. طلقتها ثالثاً

.انتهى). فرجعها

ه األدلة إلى أن طالق الثالث ال يقـع إال واحـدة ولهذا ذهب اإلمام ابن تيمية بعد أن ساق هذليس في الكتاب والسنة ما يوجب اإللتزام بالثالث بمن أوقعها جملة بكلمة أو كلمـات : (وقال

بدون رجعة أو عقدة بل إنما في الكتاب والسنة اإللزام بذلك من طلق الطالق الذي أباحـه اهللا .هـ.أ) ئر أصول الشرعورسوله، وعلى هذا يدل القياس واالعتبار بسا

وقد اعتذر اإلمام ابن تيمية رحمه اهللا عن األئمة المجتهدين في افتياتهم ذلك بأن ما رآه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كان داخالً في باب العقوبة حتى ال يفعل الناس ذلك كما كان يضرب

ولكن ال . في متعة الحج وقد ذهب إلى مثل ذلك أيضاً. في الخمر ثمانين ويحلق الرأس، وينفيشك في أن األولى واألحرى هو الرجوع إلى ما مضت به السنة وخاصة وأن الناس لم ترتجع بتلك العقوبة بل حدث من جراء ذلك فساد كبير في اللجوء إلى التحليل وهو عقد فاسد وغيـر

.شرعي

السلف والخلف هو الذي وهذا الذي نرجحه هنا أخذاً بالكتاب والسنة واتباعاً لمن قال بذلك من عليه العمل اآلن في معظم أمصار المسلمين ومن أفاضل مجتهديهم وأهل النظر مـنهم فـي

والعجب أن اإلمام ابن تيمية قد كفره الناس لفتواه هذه وزعموا أنه بـذلك قـد . الكتاب والسنةاد والجهـل خالف إجماع المسلمين لزعمهم أن قول األئمة األربعة إجماع وهذا غاية في الفس .ألن اتفاق األئمة األربعة على قول واحد ال يعد إجماعاً في الشرع وال اإلصطالح

واإليضاح يتضح أن الحق إن شاء اهللا فيمن طلق زوجته ثالثاً في مجلس البيانوأظن بعد هذا .واحد أن هذا يقع طالقاً واحداً ويلزم بذلك

:متى يحل للرجل إرجاع زوجته وكيف تعتد المطلقة

قدمنا أن الطالق يقع صحيحاً إذا أعلنه الرجل المرأته في بدء طهر لم يمسها فيـه أو كانـت وأنه ال يجوز لرجل أن يطلق امرأته ثالثاً في وقت واحد ) ويكره الطالق وقت الحمل(حامالً

وأنه إن فعل ذلك كان آثماً ولزمته طلقة واحدة، واآلن نأتي إلى تقرير كيفية إعـادة الرجـل .ه إلى عصمته؟ وكذلك كيفية اعتداد المطلقةزوجت

يجوز للرجل أن يطلق زوجته بعد عقد النكاح وإن لم يدخل بها وإذا حدث ذلك فال عدة :أوالًعلى المرأة ويصح لها أن تتزوج زوجاً غيره متى تشاء، وإذا أراد الرجل العودة إلى زوجتـه

ر جديد ولكنها تعود إليه وليس له عندها هذه التي طلقها قبل الدخول فال بد من عقد جديد ومهيـا {: قال تعالى. إال طالقين اثنين فقط، ألنه بالطالق األول يكون قد استنفذ واحدة من رصيده

أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة .}تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميالً

المطلقة بعد الدخول بها يجب أن تعتد في بيت زوجها وال يجوز لها الخروج منه بنفسها :اًثانيوللرجل الحق . وتظل زوجة حتى انتهاء عدتها) وقد قدمنا أدلة ذلك(وال يجوز للرجل إخراجها

.في إرجاعها إلى عصمته طالما كانت في العدة

:عدة المطلقة تحتسب على النحو التالي: ثالثاً

المرأة التي تحيض فإن عدتها تحتسب من الطهر الذي أعلن فيه الرجل لها الطالق وتنتهي )أ(طهر ثم حيض، ثم طهر ثـم : العدة بانتهاء ثالثة أطهار وبذلك ستكون العدة على النحو التالي

حيض، ثم طهر فإذا انتهى هذا الطهر الثالث وشرعت المرأة في الحيض فقد وقع الطالق وتم، .مرأة بذلك مالكة لشأن نفسهاوأصبحت ال

وأما إن كانت المرأة قد بلغت سن اليأس وأصبحت ممن ال يحيض أو كانت صغيرة لـم ) ب( .تحض بعد أن كانت ال تحيض لعذر ما غير الحمل فإن عدتها ثالثة أشهر قمرية

.وأما إن كانت المرأة حامالً فعدتها وضع الحمل سواء قل عن ثالثة أشهر أو زاد) ج(

والالئي يئسن من المحيض مـن نسـائكم إن ارتبـتم {: قال تعالى. جاء هذا في كتاب اهللا وقدفعدتهن ثالثة أشهر والالئي لم يحضن، وأوالت األحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق اهللا

).٤:الطالق(} يجعل له من أمره يسراً

ذلك يجب عليه اإلشهاد يجب على الرجل عند طالق زوجته أن يشهد رجلين عدلين، وك :رابعاًفإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو {: أيضاً عند إرجاعها إلى عصمته عمالً بقوله تعالى

فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم، وأقيموا الشهادة هللا ذلكم يوعظ به من كان يؤمن هـو األولـى هناقول به والوجوب الذي ن} باهللا واليوم اآلخر ومن يتق اهللا يجعل له مخرجاً

وال يشترط هذا اإلشهاد البدء بالطالق . واألحرى وذلك لضبط هذه األمور وحسم الخالف فيها .أو الرجعة بل يجوز حصوله بعد ذلك

ارجعتك أو راجعتك : تحصل الرجعة بأي قول أو فعل من الرجل يدل على ذلك فقوله :خامساًك الجماع وهو أعظم األدلة فـي هـذا أو نحو ذلك كل هذا تقع به الرجوع عن الطالق وكذل

الباب، بل واللمس لشهوة والنظر بشهوة، ومعلوم أن المرأة في وقت العدة تكـون فـي بيـت .الزوج

ال يملك الرجل زوجته إلى عصمته بعد طالقه لها إال مرتين فقط فإذا أوقـع عليهـا :سادساًأجنبية عنه ولكنها ال تتزوج رجـالً طالقاً ثالثاً فعند ذلك تكون قد بانت منه نهائياً، وأصبحت

وفي هذه العدة ال تمكث المرأة المطلقـة ) كما مر في تفصيل العدة(غيره إال إذا انتهت عدتها .في بيت زوجها وال نفقة وال سكنى لها

آثار عدة الطالق

قدمنا أن عقد الطالق ال يقع صحيحاً إال إذا وقع من الرجل في بدء طهر زوجته، أو في وقت وأنه يجب على المرأة البقاء في منزل الزوجية مـدة العـدة، وقـدمنا ) مع كراهية ذلك(مل ح

تفصيل العدة للحائض والحامل واليائسة، بقي أن نعرف أنه إذا انقضى وقت العدة وبقي الرجل على موقفه من العزم على الطالق فإن الطالق يعتبر نافذاً بانقضاء العدة وتصبح المرأة بعـد

ولكن ثم أمور معلقة وحقوق رتبها الشارع الحكـيم . ها حكم األجنبية بالنسبة للرجلذلك حكم :على عقد الطالق وهذه الحقوق تختلف باختالف حال المرأة وإليك تفصيل ذلك

:النفقة والسكنى مدة العدة: أوالً

، وهذا في الحقيقة حق المرأة على زوجها ألنها ما زالت في عصمته، بل ما زالت زوجة لـه ولذلك . ويجوز له أن يراجعها في أي وقت شاء، ثم هي ما زالت في بيته ال يجوز له إخراجها

أو ثالثة أشهر ) كما أسلفنا(فاإلنفاق على زوجته وأن يسكنها مدة العدة سواء كانت ثالثة قروء .فإذا انتهت العدة انتهى وجوب النفقة والسكنى. أو مدة الحمل التي قد تطول أكثر من ذلك

:متعة الطالق: ثانياً

فرض اهللا على الرجال هدية مناسبة لحالتهم المالية يجب على كل منهم أن يعطيها لزوجته إذا من إيجاب هذه الهدية وهـو جبـر خـاطر تخفى الحكمةوال . أمضى عقد طالقه من زوجته

ـ الق الزوجة المطلقة، ورأب الصدع الحاصل بالطالق، وإعطاء هذه الهدية دليل على أن الطبين رجل وامرأة أرادا أن يعيشا فما استطاعا لسبب مـا، ولـيس .. كان ضرورة وحالً وحيداً

. نزوة عارضة

أقول هدية الطالق التي أوجبها اهللا على الرجال عند الطالق جبراناً لخاطر زوجاتهم، ووصالً ـ ه ليعلمنـا كيـف نفسياً بعد أن انقطع حبل الحياة المشتركة تشريع إلهي يرشدنا اهللا تعالى إلي

نتراحم ونتعاطف ونجتمع إذا اجتمعنا في ظل التراحم والتآلف والعدل واإلحسان ونفتـرق إذا كما أسلفت القـول هديـة ) متعة الطالق(وهذه المتعة . افترقنا في ظل العدل واإلحسان كذلك

سـاء مـا لـم ال جناح عليكم إذا طلقتم الن{: واجبة أوجبها اهللا في آيتين من كتابه قال تعالىتمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتـر قـدره متاعـاً

.}بالمعروف حقاً على المحسنين

وفي هذه اآلية يبيح اهللا لنا الطالق من الزوجات ولو قبل الدخول بهن وكذلك ولو لم يكن قـد وقد يقول قائـل إن هـذه . طرهنسمينا مهراً معيناً، ويوجب علينا لهن متعة مناسبة جبراً لخا

المتعة ليست مطلقة وإنما هي للمطلقة قبل الدخول التي لم يفرض لها مهـر فتكـون المتعـة المناسبة هذه في مقابل نصف المهر المسمى الذي تستحقه المرأة، ألن اهللا فرض للمطلقة التي

لمثل هذه المرأة نصـف أقول فرض اهللا . الرجل لها مهراً معيناً) عين(لم يدخل بها وقد سمى وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضـة {: المهر وجوباً كما قال تعالى

أي فلهن نصف ما فرضتم، أي ما اتفقتم عليه من مهر أقول قد يقول قائل } فنصف ما فرضتمسمى لها إن متعة الطالق المذكور في اآلية السالفة هي في مقابل نصف المهر للمطلقة التي قد

والجواب على هذا االعتراض من وجوه كثيرة ال يتسع لها المقام هنا، والصـحيح . مهر معينإن شاء اهللا أن هذه المطلقة قبل الدخول التي لم يسم لها مهر أن لها نصف مهر مثيالتها ولها

حباباً كذلك المتعة، وكذلك التي سمى لها مهر فلها نصف المهر وجوباً، وكل المهر المسمى استوعلى كل حال لو خالف في هذه اآليات مخـالف فـإن . ثم لها المتعة أيضاً جمعاً بين اآليات

هناك نصاً عاماً آخر يشمل كل مطلقة سواء قبل الدخول أو بعده، سمى المهر أو لم يسم وهو .}وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين{: قوله تعالى

تخصيص هذا إال بمخصص وليس هناك فيما أعلم مخصصاً وهذا يشمل كل مطلقة، وال يجوز .في القرآن أو السنة يخصصه

واجب ) الهدية المناسبة(والشاهد من كل هذا االستطراد هو أن نعلم علماً يقيناً أن متعة الطالق وفرض فرضه اهللا تعالى بآية محكمة لكل مطلقة، وقد عرفنا الحكمة والغرض من هذه المتعة

فيها من ظالل نفسية وروحية جميلة تبلل الطالق الذي هو مثار للفتنة، والخالف وال يخفى ماوالشقاق، وأقول اآلن كم من المسلمين في زماننا امتثل هذا األدب القرآني الواجب؟ بل كم من الجهلة والفسقة من يعمد إلى الزوجة المطلقة فيجردها مما أعطاها، ويهين كرامتها ويخرجهـا

الرجـال قوامـون {: ة مكسورة الجناح ثم يتبجح بعد ذلك بأنه رجل وأن اهللا قالمن بيته مهين

وهذا تالعب بكالم اهللا ووضع له في ) الرجال ظالمون للنساء(فيجعل معنى اآلية } على النساء !!.غير مواضعه

:إيفاد الحقوق: ثالثاً

الية المعلقة فـي ذمـة من الحقوق المقررة في الشريعة أيضاً إعطاء المطلقة جميع حقوقها المأو وعوداً مالية لم يف لها أو هدايا أعطاهـا إياهـا وقـت . الرجل سواء كانت مهراً لم يدفعه

الزواج، وال يجوز للزوج أن يسترد من زوجته المطلقة شيئاً من هذا أصالً، وال أن يجحد شيئاً النفوس الطيبة عليها إال مما وعد به أو التزم وهذا وإن كان من األمور الفطرية التي جبل اهللا

: أنه قد جاء في الشريعة أيضاً ما يوجب ذلك ليكون دليل القرآن مؤيداً لدليل الفطرة قال تعالىوإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فال تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً {

وفي هذه } وأخذن منكم ميثاقاً غليظاًوإثماً مبيناً، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض اآلية من المعاني واألحكام واإليحاءات علوم كثيرة ال يتسع لها المقام والمهم اآلن أن ال يجوز

ولو كـان ) سواء كان مهراً أو غيره فاللفظ عام(أن يأخذ الرجل من مطلقته شيئاً مما أعطاها .قنطاراً من ذهب ولو لم يمكث معها غير ساعة واحدة

أقول إن هذا اآلن من اللي واللف والدوران وحجب الحقوق والجري في المحاكم واللهث وراء طلباً من الرجل في منع حقوق مطلقته ولهثاً من المرأة وراء حقها الضائع أو ما ليس المحامين .بحق لها

جال عنـدها وال يعني كل ما أسلفت أن الرجل هو الذي يتأتى منه الظلم مطلقاً وأن المرأة ال مللظلم واالبتزاز، وكذلك ال يعني أن يكون الرجل وحده هو الكريم المعطاء وأن المرأة ال مجال

.عندها لتكون عزيزة النفس كريمة

:لمن الحضانة

والنفقة والسكنى مدة العدة، وإنفاذ ) متعة الطالق(قدمنا أنه يترتب على عقد الطالق آثار أهمها من مـن .. ي إلى األثر الرابع واألخير للطالق وهو حضانة األوالدالحقوق المعلقة للزوجة تأت

ولبيان هذا الموضـوع إليـك . الزوجين أحق بحضانة أوالده؟ وضمهم إليه، الرجل أو المرأة :الخطوات اآلتية

فـإذا . إذا كانت المرأة حامالً وقت الطالق وجب على الرجل اإلنفاق عليها حتى تضـع :أوالًوإذا تولت المرأة حضـانة . رأة بالخيار بين حضانة ولدها أو دفعه إلى أبيهوضعت كانت الم

.ولدها وجب على الرجل أن يكفلها وولدها وأن ينفق عليها النفقة المناسبة لحاله

والوالـدات {: وقد نص اهللا سبحانه وتعالى على ذلك بقوله. والرضاع الكامل يستغرق عامينأراد أن يتم الرضاعة، وعلـى المولـود لـه رزقهـن يرضعن أوالدهن حملين كاملين لمن

ال تضار والدة بولدها وال مولود له بولـده، -ال تكلف نفس إال وسعها-وكسوتهن بالمعروف وعلى الوارث مثل ذلك، فإن أرادا فصاالً عن تراض منهما وتشاور فال جناح عليهمـا، وإن

ما آتيتم بالمعروف، واتقوا اهللا واعلموا أردتم أن تسترضعوا أوالدكم فال جناح عليكم إذا سلمتم .}أن اهللا بما تعملون بصير

وفي هذه اآلية أوجب اهللا النفقة على الرجل ألنه هو المولود له، وأوجب نفقة زوجته المرضع وأباح اهللا للرجل والمـرأة أن ينفقـا . على الوارثين إذا مات الرجل وزوجته حامل أو مرضع

وليس للرجل أن يجبر مطلقته على .. أمه إذا كان هذا برضاها على إرضاع المولود من غيرإرضاع ولده ولكن اهللا نهى المرأة أن تضار زوجها بذلك وخاصـة إذا لـم يجـد مرضـعة وحاضنة البنه مثالً، أو إذا كان الولد ال يهدأ وال يسكن إال ألمه التي ولدته، ونهى اهللا الرجل

على حنانها الفطري ورحمتها بولدها فيمنعها حقها من أيضاً أن يضار زوجته بوليدها فيعتمد ال تضـار والـدة {: وليس له ذلك بالطبع وهذا معنى قوله تعالى -النفقة أو ينزع الولد منها .}بولدها، وال مولود له بولده

فهنا يأتي دور الحضانة والكفالة وقد شرع لنـا .. إذا أتم الطفل عامين وانفصل عن أمه :ثانياًفي ذلك أكمل الطرق وأكثرها تحقيقاً للعدل والرحمة واإلحسان فجعل المـرأة أحـق اإلسالم

بكفالة أوالدها وضمهم إليها ما لم تتزوج بعد الطالق، يدل على ذلك حديث عمرو بن شـعيب يا رسول اهللا إن ابني هذا كان بطني له : أن امرأة قالت) عمرو بن العاص(عن أبيه عن جده

يي له سقاء، وزعم أبوه أن ينزعه مني، فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وحجري له حواء، وثد ).رواه اإلمام أحمد والبيهقي والحاكم وصححه] (أنت أحق به ما لم تنكحي: [وسلم

ولكن األوالد إذا كانوا مميزين يستطيعون التفريق بين أهمية البقاء في كنف األب أو األم :ثالثاًفإذا أحبوا البقاء مع األم بقوا وإن استحبوا العيش في كنف أبيـه فإنه يجوز تخييرهم في ذلك

وقد جاء في الحديث الذي رواه اإلمام أحمد وابن ماجة والترمذي وصـححه أن . كان لهم ذلك .رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم خير غالماً بين أبيه وأمه

ن يذهب بابني وقد سـقاني يا رسول اهللا إن زوجي يريد أ: أن امرأة جاءت فقالت: وفي روايةوقد نفعني فقال رسول ) أي صار كبيراً ويافعاً يأتيهما بالماء من مكان بعيد(من بئر أبي عنبة

مـن يحـاقني فـي : فقال زوجها) أي اجعال قرعة] (استهما عليه: [اهللا صلى اهللا عليه وسلم

فأخذ بيد ] أيهما شئت هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيدك: [فقال النبي صلى اهللا عليه وسلم! ولدي؟ .أمه فانطلقت به

وهذا الحديث والذي قبله هما العماد في هذا الباب وخالصتهما أن األم أحق بولـدها مـا لـم تتزوج وأحق برضاعته أيضاً، وأنه يجب التخيير إذا وصل األوالد حد التمييز سـواء كـانوا

نها أشد عناية ورحمة بولدها فطـرة ذكوراً أم إناثاً وبهذا يراعي اإلسالم مصلحة األم أوالً ألوخلقاً، ثم يراعي مصلحة الولد بعد التمييز ألنه يدرك بفطرته أيضاً وبإحساسه المكان المالئم

وهذه نهاية العدل والمرحمة وذلك بدالً من التقسيم التعسفي . لنشأته في كنف األم أو كنف األب .الذي ال يراعي الفطرة وال األولويات

وثمة أقوال كثيرة واختالفات للفقهاء في هذه المسألة أعرضنا عنها لمخالفتهـا أوالً هذا :رابعاًاألدلة الصحيحة التي قدمناها وألنها تنبني على الظن واالجتهاد وعدم االعتماد على نص في المسألة وإنما عموميات فقط كالقول أن التخيير ال يجوز، أو األم أحق باألنثى من أوالدها حتى

.ن الزواج وتتزوج، وأن الذكر حتى يصل إلى البلوغ ويستغني بنفسهتبلغ س

موقف المرأة من الطالق

بحول اهللا عن المنهج الشرعي حسب الكتاب والسنة للطالق، وحيث إن -قدمنا تفصيالً كامالً الطالق يكون من جهة الرجل فقد بينا الموقف الحق للرجل منذ أول خطوة فيـه إلـى آخـر

.خطوة

هل أعطت الشريعة المرأة مجاالً لإلحسـان عنـدما يقـع عليهـا .. ما موقف المرأة؟ واآلن .وهل يتأتى من المرأة إضرار الزوج والتضييق عليه مع أن الطالق بيده؟.. الطالق؟

والحق أن الشريعة لم تهب للمرأة فقط أن تكون في جانب العدل بل ندبتها أن تكون أيضاً في اهللا سبحانه وتعالى المرأة أن تضار زوجها المطلق وهي تستطيع مجال اإلحسان، وكذلك حذر

:ولنبدأ بجوانب اإلحسان. هذا في بعض المواقف

زوجهـا لهـا، ) عينـه (المطلقة قبل الدخول بها فرض اهللا لها نصف المهر الذي سماه :أوالًبهـا وحالـت وجعله اهللا جبراً لخاطرها، وتعويضاً لها عن فقدها للزوج الذي أراد االرتباط

الحوائل دون ذلك، ونصف المهر هذا هو العدل وهو الوسط الذي ليس بظلم للرجل وال بظلـم رجل : للمرأة ولكن اهللا دعا المرأة لإلحسان إن شاءت وهي تتنازل عن نصف المهر هذا قائلة

لم يتزوجني ولم يعش معي كيف أستحل جزءاً من ماله؟ ودعا اهللا سبحانه وتعالى الرجل أيضاً

في هذا المقام إلى اإلحسان وذلك بأن يتنازل للمرأة التي طلقها قبل الدخول عن النصف اآلخر من المهر جبراناً لخاطرها، وحمداً هللا أن جعل عقدة النكاح بيده وجعل فعل الرجل هـذا هـو

وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهـن فريضـة {: األقرب للتقوى، قال تعالىرضتم إال أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، وأن تعفوا أقرب للتقوى، وال فنصف ما ف

ومثل هذا التشريع على هذا النحو ال يقدر عليه إال عالم الغيوب سبحانه . }تنسوا الفضل بينكم .وتعالى

ى فرض اهللا سبحانه وتعالى المهر حقاً للزوجة على زوجها ولم يحدد اهللا سبحانه وتعـال :ثانياًولكنه مع ذلـك ) وقد مر بنا هذا(حداً ألقله أو أكثره وجعل ذلك شرطاً في صحة عقد النكاح

وآتوا النساء صـدقاتهن {: جعل للمرأة التنازل عن بعض المهر أو كله لزوجها كما قال تعالى، وهذا جانب من اإلحسان ومعلوم أن }نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً

وتوثيـق . نازل المرأة لزوجها عن بعض المهر أو عن كله قد يكـون السـتمرار حياتهمـا تصالتهما ولكن ليس هناك ما يمنع أيضاً أن يكون التنازل مع الطالق، مع العلـم أن الرجـل

وإن أردتم {: مفروض عليه أن ال يأخذ مما أعطى زوجته شيئاً إذا أراد طالقها كما قال تعالىن زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فال تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانـاً وإثمـاً استبدال زوج مكا

ومع ذلك فليس هناك ما يمنع أن يتسامح المرء في بعض حقه لآلخر، وال سيما إذا كان . }مبيناً .في أخذ هذا الحق ضرر بالغ بالطرف اآلخر

: لمة فكثيرة منهاوأما األحوال والمواقف التي من الممكن أن تكون بها المرأة ظا

وقـد (أن تخرج من بيت زوجها بمجرد سماعها لفظ الطالق منه أو عزمه على ذلـك :أوالً ).فصلنا هذا فيما مضى

أن تطالب بالنفقة الالزمة لها في العدة أو عند القيام بالحضانة بأكثر مما يحتمله الرجـل :ثانياًليه رزقه فلينفق مما آتاه اهللا ال يكلـف فلينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر ع{: كما قال تعالى

.}اهللا نفساً إال ما آتاها

أن تمتنع عن إرضاع طفلها وحضانته رغبة في الزواج بعد الطالق وإعنانـاً للرجـل، :ثالثاًوإرهاقاً له، ولربما لم يقبل الطفل الرضاع إال من ثدي أمه، فيتعذب الرجل بابنه، وقد تطغـى

على عاطفة األمومة فتفعل ذلك أو يدفعها أهلها إلى ذلك وهـذا مـن شهوة االنتقام عند المرأة .}ال تضار والدة بولدها، وال مولود له بولده{: اإلضرار كما قال تعالى

ـ آل أن تمنع المطلقة زوجها السابق وأبا أوالدها مـن رؤيـتهم إذا :رابعاً أمـر األوالد اإليهحجبت األوالد . امرأة طلقت فعلت ذلك وحضانتهم وفي هذا مضارة وإضرار باألب، وكم من

عن أبيهم بل غرست كرهه في نفوسهم انتقاماً لنفسها، وليس بخاف أن بعض الرجـال يفعـل .ذلك أيضاً وكل هذا من األضرار التي جاءت الشريعة بالتحذير والتنفير منه

ـ :خامساً دتها وقـد أن تمتنع المرأة من العودة إلى زوجها الذي طلقها وتركها حتى انقضت عيعود إلى رشده بعد ذلك فيتقدم لخطبتها فتمتنع، وتأبى بعد ذلك إن ملكت نفسها، وهذا إضرار . أيضاً وذلك أن عودة المطلقة إلى زوجها الذي عرفته وعرفها خير لها من الزواج برجل آخر

نية بعد نفاذ ولذلك حث اهللا أولياء المرأة على ردها لزوجها الذي طلقها إذا أراد العودة إليها ثاوإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فال تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا {: الطالق كما قال تعالى

تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باهللا واليوم اآلخر ذلكم أزكى لكم .}وأطهر واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون

.ى وال أطهر وال أنظف وال أعدل من ذلكوبعد فال نعلم شريعة في شأن الطالق أرق

:الفراق أو الخلع: ثالثاً

عرضنا في الصفحات السابقة، صورتين من صور الفرقة بـين الـزوجين وهمـا الوفـاة، وقد فصلنا قضية الطالق بحمد اهللا تفصيالً كامالً من حيث الحكمـة والمشـروعية، . والطالق

الطالق، والحقوق والواجبات على كال الزوجين بعد والخطوات الشرعية واآلثار المترتبة على وأن آثـار . وقد علمنا أن الطالق إرادة وتوجه من قبل الرجل نحو إنهاء عقد الزواج. الطالق

. هذه الفرقة تتقبلها المرأة وتلزم بها سواء كانت موافقة لرغبة الرجل في ذلك أو مخالفـة لـه للمرأة حقاً في ترك زوجها إن هي أرادت ذلـك أو ألم يجعل اإلسالم أيضاً : واآلن يسأل سائل

كرهت الحياة معه؟ أم أنه مكتوب على المرأة ومفروض عليها أن تعيش مع زوجها مكرهـة ولو كرهته وسئمت الحياة معه؟ والجواب أن اإلسالم قد أعطى المرأة هذا الحق ولكـن ذلـك

:بأصول وضوابط وإليك تفصيل ذلك

يثبت ذلك ما رواه البخاري، والنسائي عن ابن عباس رضـي اهللا : ثبوت مشروعية ذلك :أوالً: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فقالت: عنهما قال

فقال صلى . يا رسول اهللا، إني ما أعتب عليه في خلق وال دين، ولكني أكره الكفر في اإلسالماقبل : [فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم. نعم: ، قالت]تهأتردين عليه حديق: [اهللا عليه وسلم

وهذا دليل أنه يجوز للمرأة أن تطلب إنهاء عقد الزواج مع زوجهـا ]. الحديقة وطلقها تطليقة

الذي ال بأس بخلقه وال دينه وال حرمان لها معه من حق شرعي كالسكن والنفقة واالسـتمتاع .ولكنها أبغضته لسبب ما

وز للرجل في هذه الحالة أن يسترد من المرأة ما أعطاها من صداق وذلك لقوله صلى يج :ثانياًأتـردين عليـه : [اهللا عليه وسلم للمرأة التي ذكرت في الحديث اآلنف وهي جميلة بنت سلول

ولقولـه تعـالى .. وكانت هذه الحديقة هي الصداق الذي أصدقها إياه قيس بن شماس] حديقتهأن تأخذوا مما أتيتموهن شيئاً إال أن يخافا أال يقيما حدود اهللا فإن خفتم أن وال يحل لكم {: أيضاً

ال يقيما حدود اهللا فال جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود اهللا فال تعتدوها، ومن يتعد حـدود .}اهللا فأولئك هم الظالمون

أن تدفع لزوجها فـداء أي ال جناح على المرأة} فال جناح عليهما فيما افتدت به{: فقوله تعالىلنفسها وال جناح على الرجل أن يقبل ذلك ما دام أنها لن تقيم حدود اهللا معه وذلـك بطاعتهـا

فكان إخاللها بمستلزمات عقد النكاح أصبح مبرراً لوجوب . لزوجها وعيشها معه وقيامها بحقه .تنازلها عن واجبات الرجل نحوها فيكون عليها مثل مالها

فعه المرأة لزوجها لتفتدي به فيطلق سراحها يجب أن يكون هو المهـر ال زيـادة، ما تد :ثالثاًوذلك ثابت بقوله صلى اهللا عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الدارقطني بإسناد صحيح عـن

أتردين عليه حديقتـه التـي : [أبي الزبير أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال المرأة قيس] أما الزيادة فال ولكن حديقته؟: [وزيادة، فقال النبي صلى اهللا عليه وسلم. نعم: قالت]. أعطاك

وقد ذهب بعض الصحابة وكثير من الفقهاء أنه يجوز له أن يأخذ منها أكثر مـن . نعم: قالت. }فال جناح عليهما فيما افتدت به{: ذلك وأنه ال حد لهذه الكثرة واستدلوا على ذلك بقوله تعالى

ة ألنها اسم موصول بمعنى الذي، ومعلوم أن أسماء الموصول مـن صـيغ هنا عالم} ما{و :وهذا الفهم غير صحيح ألمرين. العموم فتعم المهر وغيره

أن هذا :وثانياً]. أما الزيادة فال[تخصيص هذا العموم بحديث النبي صلى اهللا عليه وسلم، : أوالًلها أنها ال تستطيع العيش معه فالعدل حكم ظالم فالمرأة التي اختارت الزواج بالرجل ثم تبين

أن تعطيه ما أصدقها، وبذلك تبرأ ذمتها، والظلم أن يطالبها بأكثر من ذلك وكأنها قـد فعلـت .جريمة

.هل يجبر الرجل على فراق زوجته؟ :رابعاً

والصحيح أيضاً أن المرأة إذا لم تستطع العيش مع زجها، وأن كراهتها له مانعة لها من القيام ه فإن الرجل يجبر على فراقها ولو كان محباً لها شغوفاً بها فضالً عن أن يكـون مريـداً بحق

على ذلك أمر الرسول لقيس بـن شـماس والدليل ضالًعوممسكاً لها إذالالً لإلضرار بها، أو

خذ الحديقـة : [فقول الرسول له.. بفراق زوجته وحكمته بذلك فحتى قبل أن يراه ويسمع منهدليل على اإللزام بذلك وأمر الرسول يقتضي الوجوب ومن هذا نعلـم أن مـا ] ةوطلقها تطليق

ذهب إليه عامة الفقهاء من وجوب إجبار المرأة على العيش مع زوجها الذي تبغضه باطل ال أساس له وأن نظرة هؤالء الفقهاء إلى الحياة الزوجية على أنها سكن ونفقة وزوج قادر علـى

وكذلك . أن هناك ما هو أهم من ذلك وهو التوافق النفسي والروحيالباءة نظرة غير صحيحة والصورة الجميلة التي من الممكن أن تكون المرأة قد وافقت على الزواج ولما تتبين الرجل كما ينبغي وهذه العلة نفسها العلة التي من أجلها فارقت جميلة بنت سلول زوجها فقد نظرت يوماً

خلقاً فكرهتـه ) أقبحهم(ة من أصدقائه وهو أقصرهم وأدمهم فوجدت زوجها راجعاً مع جماع .ومع ذلك فرق الرسول بينهما. لذلك

باختصار أقول ما ذهب إليه كثير من الفقهاء بعدم اعتبار تلك األمور اآلنفة مبـرراً للفـراق .واعتبار السكن والنفقة والباءة فقط ليس بصحيح بل هو مخالف للفطرة والعقل والواقع

فكم من امرأة كرهت زوجها بعد الزواج وإجبارها على العيش معه هو من اإلفساد في أيضاً األرض ألن الحياة الزوجية ال تقوم إال على التوافق والرضا، وال تقوم مطلقاً على اإلجبـار

لـيس -في نظري-والقصر والرجل الذي يحتاج إلى الشرطة لنقل زوجته بالقوة لتعيش معه قول بإجبار المرأة على الحياة مع زوجها الذي تمقته وتكرهه ليس قوالً جديراً إنساناً، وكذلك البل هو قول خارج عن دائرة الشرع وإن قال به بعض الفقهاء فإنما هو للتأثر . بالقبول والتقدير

.بالبيئة المحيطة ولم يستنبط أحد منهم من كتاب أو سنة

تقويم المرأة الناشـز بالموعظـة الحسـنة وإذا كان اهللا سبحانه وتعالى قد أعطى الرجل حق .والهجران في المضاجع والضرب فإن كل هذا يأتي في مقام التقويم فقط

.واإلجبار، والقهر ليس تقويماً وإنما هو انتقام وفرق هائل بين التقويم واالنتقام

اديث الخلع وهذا الذي ذهبنا إليه هو رأي المحققين من العلماء كما قال الشوكاني بعد سياق ألحوقـال ) وظاهر أحاديث الباب أن مجرد وجود الشقاق من قبل المرأة كاف في جواز الخلـع (

اقبل الحديقة هو أمـر إرشـاد : (الشوكاني أيضاً رداً على ابن حجر العسقالني الذي قال قولهولم يذكر ما يدل على صرف األمر عن : (قال الشوكاني تعقيباً على ذلك) وإصالح ال إيجاب

أي عن الوجوب وقال أيضاً رداً على الذين لم يميزوا الخلع إال بأن يقع الشقاق مـن ) يقتهحقأنه صلى اهللا عليه وسـلم لـم : (جانب الرجل أيضاً، ويؤيد عدم اعتبار ذلك من جهة الزوج

.هـ.أ) يستفسر ثابتاً عن كراهته لها عند إعالنها بالكراهة له

ذا هو مقتضى العدل الذي ذكره اهللا في حقوق كل من وال شك أن الذي ذهب إليه الشوكاني هفكما كان } ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة{: الزوجة حيث قال تعالى

للرجل الحق أن يطلق زوجته فإن للمرأة أن تفتدي من زوجها إذا لم تستطع أن تقيم حدود اهللا ومنع الخلع طائفة شاذة مـن : (ساق اآلية اآلنفة وقال ابن القيم أيضاً هذا المعنى بعد أن. معه

الناس خالفت النص واإلجماع وفي اآلية دليل مطلق على جوازه بإذن السلطان وغيره ومنعه ).زاد المعاد(هـ .أ) طائفة بدون إذنه من األئمة األربعة والجمهور على خالفه

أسماء لشيء واحد وهو إنهاء عقـد المخالعة أو المفارقة أو المفاداة وكل هذه تمتإذا :خامساًالزواج من قبل المرأة على النحو السالف فإن هذا يكون طالقاً بائناً وليس للرجل الحق في أن

ولكن له أن يعود إليها بعقد زواج جديد ومهـر . يعيد زوجته إلى عصمته في عدتها مرة ثانية .إن هي أرادت ذلك -جديد

هذه حيضة واحدة فقط وليس ثالث حيضات كعـدة الطـالق )المفارقة(عقد المختلعة : سادساًأن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أمر امرأة اختلعت : "وهذا ثابت في حديث الربيع بنت معوذ

.رواه النسائي" من زوجها أن تتربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها

فسخ عقد النكاح وبطالنه

ول هو الطالق، وهو إنهاء عقد الزواج من قبل الطريق األ: قدمنا طريقين إلنهاء عقد الزواجاآلن نأتي إلى طريق ثالث . وهو طلب إنهاء المرأة) الخلع(الرجل والطريق الثاني هو الفراق

وهذا الطريق ليس من قبل الرجل أو المرأة ولكنه . إلنهاء عقد الزواج وهو الفسخ أو البطالنا أن يكون موجوداً من األصل ولم يتفطن إله يحصل لوجود فساد في عقد النكاح وهذا الفساد إم

وكذلك يتأتى فساد العقد وبطالنه أيضاً باكتشاف عيوب في أي . وإما أن يطرأ الفساد على العقد .من الزوجين تفسد أو تلغي آثار الزواج

:وإليك تفصيل هذا اإلجمال

:أوالً

في الرضاعة علـى اكتشاف الزوجين في أحدهما كان محرماً لآلخر كأن يكونا قد اجتمعا ) أ(فإذا اكتشف الزوجان ذلك كان باطالً ألن العقد على ) أمها أو أمه، أو امرأة أخرى(ثدي واحد

المحارم باطل، وهما معذوران عند اهللا فيما سلف لجهلهما وال يعذران بعد ذلـك باالسـتمرار

كـزوج، وبالطبع يترتب على ذلك أن ال يسترد الزوج شيئاً من محرمته التي انفصل عنهـا .وأوالده ينسبون إليه

أن يكتشف الزوجان أن نكاحهما كان نكاحاً باطالً لنهي الشرع عنه كأن يكـون نكـاح ) ب(فإذا اكتشف الزوجان ذلـك كـان . تحليل أو نكاح متعة وقد قدمنا أدلة فساد هذه األنكحة سابقاً

ر ففيـه للعلمـاء خـالف لهما االستمرار بعقد جديد في نكاح المتعة والتحليل وأما نكاح الشغا .معروف

وهي صغيرة لم ) أبوها أو غيره ممن تصح منه الوالية(أن تكون الزوجة قد زوجها وليها ) ج(تبلغ ومثل هذه ال يعتد بموافقتها في عقد النكاح وحيث أن التراضي من شروط العقد كما مـر

عقد كانت صغيرة وقـد بك فإن لهذه الزوجة إذا بلغت أن تطلب فسخ عقد النكاح ألنها وقت الويلحق في هذا الشأن مـا لـو . زوجت بغير إرادتها أو أن إرادتها في ذلك الوقت ال يعتد بها

كانت الفتاة قد أجبرت على الزواج بغير رضاها فإن لها فسخ عقد النكاح، ولها أن توافق على .دوامه إن شاءت

عقد فيها جميعاً باطالً أو فاسـداً مـن وهذه األمور التي قدمناها آنفاً كلها من باب واحد ألن الأساسه ولكنه لما وقع بجهل كان هذا عذراً فإذا ارتفعت الجهالة وجـب فسـخ عقـد النكـاح

.والتفريق بين الزوجين إال فيما يمكن استئنافه كما قدمنا

القسم الثاني مما يوجب الفسخ هو اكتشاف عيب مخفي جحده أحد الزوجين أو أولياؤهما :ثانياًوقد اختلف فقهاء اإلسالم في العيوب الشرعية التي توجب الفسخ في الزوجين وما .. د العقدعن

وكون الرجل ليس ذكـراً ) الساري(يجب أن يصار إليه وال يختلف فيه هو الجنون والمرض بمفهوم الذكورة أي عنّيناً، وكون األنثى ليس أنثى بمفهوم األنوثة أي فيها ما يمنع االجتمـاع،

والحق أن مثل هذا فيه نظر في . يوب أخرى فيها مجال لالختالف كنتن الفم والمخارجوثمة ع .فسخ عقد النكاح به

:طروء ما يوجب الفسخ: ثالثاً

القسم الثالث مما يوجب الفسخ هو طروء أمر من شأنه أن يبطل عقد الـزواج ونسـتطيع أن :نحصر هذه األمور فيما يلي

أو أن . امرأة مسلمة وفي هذه الحالة ال بد من فسخ النكـاح يكفر رجل وتحته كأن: الردة) أ(ومعلوم أن } وال تمسكوا بعصم الكوافر{: تكفر المرأة وهي تحت زوج مسلم وذلك لقوله تعالى

الموضع وقد شرحناه بحمـد االمسلم ال يكفر إال بأمور محددة شرعاً وتفصيل ذلك في غير هذ ).والكفر الحد الفاصل بين اإليمان(اهللا في كتاب

أن يصبح الرجل غير قادر على كفالة زوجته والقيام باإلنفاق عليها وهو: اإلعسار بالنفقة) ب(ومعلوم أيضاً أن المرأة يحسن بها أن تصبر على عجز الرجل وإعساره في اإلنفـاق وأنهـا

ر يحسن بها أيضاً أن تساعده في ذلك إن استطاعت كما أن على الرجل أن يساعد المرأة ويصبمعها وعليها فيما تعجز عنه من حقوقه عليها كاالستمتاع والخدمة لمرضها وكبرها مثالً فـإن الزواج األصل فيه التراحم والوفاء والمشاركة وليس هو تجـارة وبيعـاً مـن كـل صـوره

ولكننا نقول هنا إن اإلعسار من موجبات الفسخ ألن المرأة قد تصـر علـى هـذا .. ونواحيهرجل ال يستطيع إعاشتي واإلنفاق علي ال أريده زوجاً وإجبارها في مثـل :وتطالب به وتقول

هذه الحالة ظلم لها ولو صبرت وأعانت كان ذلك إحساناً منهـا ومعلـوم أن اإلجبـار علـى .ألن اإلحسان والفضل األمثل فيه االختيار واألريحية والدافع الذاتي. اإلحسان والفضل ظلم

الفسخ هو اتهام الرجل زوجته بالزنا إن هذا األمر له تفصيالته األمر الثالث الذي يوجب ) ج( .ومشكالته فنرجؤه إلى الفصل اآلتي

اللعان

اتهام الرجل زوجته بالزنا

الصورة الثانية إلنهاء عقد الزواج بسبب طروء ما يفسد عقد النكاح هو اتهام الرجل زوجتـه ب اتباعها إذا حدث مثل هذا ونسـتطيع بالزنا فكيف يتم ذلك؟ وما الخطوات الشرعية التي يج

:بحول اهللا بيان هذا األمر في النقاط التالية

عفة الزوجة وحصانتها وكونها خالصة للرجل حق شرعي يوجبه عقد الـزواج فضـالً :أوالًعلى أنه واجب شرعي على كل مكلف في الشريعة اإلسالمية سواء كان ذكراً أم أنثى وهـو

ا فراشه ومن تلدهم على فراشه ينسب إليه ويشـاركونه طعامـه حق للزوج على زوجته ألنهوشرابه وحياته، وإدخال الزوجة غريباً من حملها على فراش زوجها من أعظم اإلثم ثم هـو

إذ كيف نحافظ على شـعور األب نحـو . من أعظم هدم المجتمعات وإيجاد الفرقة والبغضاءن نظافة النسل وطهارته؟ ولذلك كان من حق أوالده واألخ نحو إخوته واألبناء نحو آبائهم دو

الزوج إلزام زوجته بالعفة وقصرها عليه فقط، وإعالن فسقها وفجورها إن كان متحققـاً مـن .ذلك

من األمور المشدد عليها في الشريعة اإلسالمية اتهام شخص ما بالزنا وقد رتب اهللا على :ثانياًن بذلك وإال جلد ثمانين جلدة وأسقطت شهادته من فعل ذلك، إما أن يأتي بأربعة شهداء يشهدو

والذين يرمون المحصنات ثم لم يـأتوا بأربعـة شـهداء {: أبداً، ووصم بالفسق كما قال تعالى .}فاجلدوهم ثمانين جلدة، وال تقبلوا لهم شهادة أبداً، وألئك هم الفاسقون

ور، ثم هو ال يستطيع أن ولكن لما كان هذا متعذراً أحياناً بالنسبة لزوج يرى زوجته على فجولذلك أباح اهللا للرجل أن يعلن . يصبر على ذلك ألن األمر يعنيه من ناحية شخصية كما أسلفنا

فجور زوجته إذا تحقق من ذلك وأن ال يترتب عليه عقوبة حد القذف إذا لم يستطع إثبات ذلك ."بـ اللعان"بشهود أربعة وهذا ما نحن بصدده وهو ما يسمى في الشريعة

إذا اتهم الرجل زوجته بالزنا ولم يستطع إثبات ذلك بالشهود فإن المرأة تستدعي وتـذكر :ثالثاًباهللا سبحانه وتعالى فإما أن تقر بما ادعاه الزوج وفي هذه الحالة ينفذ عليها حكم اهللا في الزاني

.الثيب وهو الرجم، وإما أن ترفض ما ادعاه الرجل من اتهامها

كن مع الرجل شهود يثبتون اتهامه فإن دعواه على زوجته ال تقبل إال إذا حلف إذا لم ي :رابعاًباهللا أربع مرات أنه صادق فيما رمى به زوجته من الزنا، ويحلف باهللا يميناً خامساً أن لعنـة

وأما المرأة فإما أن تقر كما أسلفنا فينفذ فيها الحد وإمـا أن . اهللا عليه إن كان كاذباً في دعواهالدعوى وفي هذه الحالة ال يخلي سبيلها إال بأن تقسم أربعة أقسام باهللا أنه كاذب فيمـا ترفض

رماها به من الزنا، وتحلف يميناً خامساً أن غضب اهللا عليها إن كان صادقاً فيما قـال، وقـد والذين يرمون أزواجهم ولم يكن {: اشتملت اآلية التالية على هذه األحكام حيث يقول اهللا تعالى

هم شهداء إال أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات باهللا أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنـة لاهللا عليه إن كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شـهادات بـاهللا أنـه لمـن

.}الكاذبين، والخامسة أن غضب اهللا عليها إن كان من الصادقين

على هذا النحو أن أحد الزوجين كاذب فإما أن يكون الرجـل ال شك إذا انتهى األمر :خامساًمدعياً كاذباً أو أن تكون المرأة جاحدة كاذبة ومع ذلك فإن الحكم في اإلسالم يمضي بمقتضى الظاهر ولم يؤمر الحاكم في اإلسالم أن يفتش البيوت ويشق الصدور ويعمـد إلـى وسـائل

الفساد في األرض، ولكن إذا وقع اللعان هـذا االعتراف لتقرير أحد الزوجين إذ كل ذلك من وأكذب كل زوج صاحبه وأصر على موقفه فإن الحياة بينهما تصبح مستحيلة ولـذلك يفـرق بينهما فرقة أبدية ال رجعة فيها وال بعقد جديد أو مهر جديد فإن كان الرجل كاذباً علـى هـذا

فليست جديرة بأن يضمها بيت هذا النحو فليس جديراً بأن تعيش معه، وإن كانت المرأة كاذبة .الزوج ثانية

ال يحل وال يجوز أن يسترد الرجل شيئاً مما أعطاه لزوجته ال مهراً وال غيره ألنه إن :سادساًكان كاذباً فال يحل له، وإن كان صادقاً فقد استمتع من الزوجة واستحل منها سابقاً مـا هـو

.جزاء المهر، وما أعطاه

قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : ديث ابن عمر في البخاري ومسلم قالوالدليل على ذلك حيا رسـول ): أي الزوج(، قال ]حسابكما على اهللا أحدكما كاذب ال سبيل لك عليها[ :يننللمتالع

إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجهـا، وإن كنـت . ال مال لك: [اهللا مالي؟ قال ].منهاكذبت عليها فذلك أبعد لك

-إن كانت حامالً-ليس للمرأة التي يالعنها زوجها نفقة وال سكنى وإذا وضعت حملها :سابعاًفالولد لها وال ينسب للزوج المالعن ويدل لذلك حديث ابن عباس الذي رواه اإلمام أحمد وأبو

أن داود أن النبي صلى اهللا عليه وسلم العن بين هالل بن أمية وامرأته وفرق بينهما وقضـى .ال يدعي ولدها ألب وال يرمي ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد

وفي هذه الطائفة التي ذكرناها آنفاً من أحكام اللعان تتبدى عظمة تشريع اإلسـالم ونظافتـه . وقيامه على حفظ الحقوق، وعدم تفتيش السرائر، وتوزيـع الحقـوق والواجبـات بالعـدل

وما ضلت البشرية إال بالخروج على هـذه . ماع ومكارم األخالقوالمحافظات على نظم االجت .القيم والتعاليم

*************

*******

***