القرن السابعهناية حتى و الثا�ي اهلجريمنتصف القرنمن

/א

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

-٩-

....إىل سبب وجودي ، و نبع حناين ، أمي و أيب ....إىل قرة عيين ، و فيض موديت ، زوجيت وأبنائي إىل من كانا يل نعم األخوين ، ببرهما يل ، وجودهما معي ، حممد

...و أمحد ....إىل كل من كان له فضل علي .به أهدي هذا العمل ، راجيا من اهللا أن ينفع

الـموضـــوع

التمهيد مصطلحات الدراسة

ألقاب العلماء ألقاب املتعلمني

املقدمة آداب العامل واملتعلم يف الفكر اإلسالمي: الباب األول

العلم والعلماء يف الفكر اإلسالمي : الفصل األول مكانته ومفهومه ودوره يف الفكر اإلسالمي: العلم

العلم يف القرآن والسنة مكانة العامل واملتعلم يف الفكر اإلسالمي

مرتلة أهل العلم بعد األنبياء والرسل عليهم الصالة والسالم تفاضل الناس على بعضهم بالعلم

احلث على طلب العلم يف الفكر اإلسالمي ودوافعه دوافع طلب العلم

لمالدافع الديين لطلب الع اإلخالص– ١ وجوب العمل بالعلم– ٢ االستمرار يف طلب العلم وحماربة اجلهل– ٣

الدافع العلمي لطلب العلم

الدافع االجتماعي لطلب العلم الدافع االقتصادي لطلب العلم

اخلالصة يمكانة آداب العامل واملتعلم يف الفكر اإلسالم: الفصل الثاين

أسباب االهتمام بآداب العلم واملتعلم السبب الديين: أوال السبب التربوي: ثانيا ظهور منشأة املدارس العلمية، واملذاهب الفكرية: ثالثا ظهور بعض املظاهر السلبية يف البيئة العلمية: رابعا تقرب العلماء للحكام وأصحاب املال: خامساالتعصب املذهيب: اسادس

مظاهر االهتمام بآداب العامل واملتعلم االلتفات املبكر للموضوع-١ غزارة التأليف والتصنيف-٢ الشمول والتكامل يف تناول املوضوع-٣

أهم املصنفات اليت تناولت احلديث عن آداب العامل واملتعلم القسم اخلاص: أوال

متخصصة: ولالنوع األ احملدثون

املفسرون وعلماء القرآن الفقهاء الصوفية

املعلمون ومؤدبو الصبيان

غري متخصصة: النوع الثاين القسم العام: ثانيا

مصادر التخريج عن آداب العامل واملتعلم القرآن الكرمي السنة النبوية

السلف الصاحلآثار الصحابة و )املصدر األجنيب(أقوال احلكماء والفالسفة

أقوال أهل الكتاب االجتهاد

حكم االجتهاد العرف

خصائص آداب العامل واملتعلم يف الفكر اإلسالمي االعتماد على الوحي مصدرا

مسو اهلدف الوحدة والشمول

توازن الدقيقالتكامل وال الواقعية واملثالية )املرونة(التطور والثبات االجتاهات الفكرية اليت اهتمت بآداب العامل واملتعلم:الفصل الثالث

اجتاه الفقهاء واحملدثني ملدرسة األثر خصائص ومسات هذا االجتاه

الغاية الدينية-١ ابتغاء الدار اآلخرة-٢

السعي حنو حتقيق القيم العليا يف التربية-٣ اقتران العلم بالعمل أو النظرية بالتطبيق-٤

منهج الفقهاء واحملدثني يف تناول املوضوع أبرز شخصيات اجتاه الفقهاء واحملدثني

أبو حنيفة اهتمام اإلمام أيب حنيفة بآداب العامل واملتعلم

احلرص على التعليم واإلفادة ابتغاء مرضاة اهللا – ١ التفرغ لتحصيل العلم أوال-٢ احلرص على الزمن-٣ اإلخالص يف العلم واحلرص على ظهور احلق-٤ تكرمي العلم ومعرفة قدره-٥ حسن جمالسة أصحابه ومواسام-٦ لب العلم مواساته طالبه وإعانته هلم على ط-٧ مالطفته الطلبة ومنحهم حرية الكالم يف جمالس العلم-٨ ثناؤه على طالبه ونصحه هلم-٩ البد من أستاذ مشرف لكل درس-١٠ االستعانة على حفظ العلوم ومجع اهلم، وحذف العالئق-١١ احلض على طلب العلم، ألنه رأس العبادة-١٢ عم من أدب واحترام البد لل-١٣ التحذير من غضب اهللا تعاىل على القول بغري علم-١٤

ابن سحنون مؤلفاته

آداب العامل واملتعلم يف رسالة ابن سحنون

األجر على تعليم غري القرآن اآلجري

ابن عبد الرب أهم مؤلفاته

مي كتمانه مبدأ وجوب نشر العلم وحتر-١ مبدأ وجوب طلب العلم-٢ مبدأ العمل بالعلم-٣ مبدأ اإلخالص هللا يف طلب العلم وإرادة اخلري به-٤ مبدأ جمانية التعليم-٥ مبدأ نشر العلم وتبليغه-٦ مبدأ األمانة العلمية والصدق يف نقل العلم وإصالح اللحن -٧

واخلطأ

داب العامل واملتعلم آ-٨ التواضع وترك الدعوى والفخر–أ الترحيب باألحداث وتعليمهم والتلطف م-ب احترام العامل والتأدب حبضرته-ج ومن آداب العامل واملتعلم-د

اخلطيب البغدادي إنتاجه الفكري

تعلم والتعليماهتمام اخلطيب البغدادي بآداب العامل وامل مكانة العلم أمهية العلماء

التعليم يف الصغر

الفهم وليس احلفظ وحده تدوين العلم

اقتران العلم بالعمل االستمرار يف طلب العلم

)التعليم احلر(حرية اختيار الشيخ، واملنهج جمانية التعليم

الفردية واستعدادات الطالبمراعاة الفروق مراعاة املعلم ملظهره

أخالق الشيوخ والطالب مسألة التفرغ للدراسة إيثار العزوبة للطالب

التعاون بني الطلبة يف حتصيل العلم اقتران العلم بالسلوك

مسئولية العلم إعارة الكتب

الزرنوجي برهان الدين حمتويات الكتاب

ابن مجاعة الغاية من تأليف الكتاب

أقسام الكتاب منهج ابن مجاعة يف تأليف الكتاب

اجتاه الفالسفة املدرسة العقلية خصائص ومسات املدرسة العقلية

منهج املدرسة العقلية يف تناول املوضوع ابن مسكويه: أبرز شخصيات االجتاه

من أهم مؤلفاته ابن سينا

إخوان الصفا إخوان الصفا ورؤيتهم العقالنية يف التعلم والتعليم

أهداف التعليم والتربية عند إخوان الصفا خطوات التعليم والتربية عند إخوان الصفا

املعلم دوره عند إخوان الصفا اخلالصة

)املدرسة الذوقية(جتاه الصوفية ا خصائص ومسات االجتاه الصويف الغزايل: أبرز شخصيات االجتاه الصويف

وظائف املعلم واجبات املتعلم اجتاه الشعية

خصائص مسات اجتاه الشيعة نصري الدين الطوسي: أبرز شخصيات االجتاه

أهم مؤلفاته آداب العامل يف الفكر اإلسالمي: الباب الثاين

آداب العامل حنو ربه ونفسه: الفصل األول اإلميان العميق والشامل باهللا تعاىل

اإلخالص والصدق وإصالح السريرة

اخللوة االستقامة على طريق اإلميان

شكر اهللا على النعم التحقيق بتقوى اهللا

شوع واخلشيةاخل حمبة اهللا

االجتهاد يف عبادة اهللا االشتغال بالتدبر والتفكر واالعتبار

عدم تزكية النفس التواضع وجمانبة العجب بذل العلم وعدم البخل به

التخلق بالزهد والترته عن شبه املكاسب ودنيئها السكينة والوقار

اقبة اهللادوام مر ترتيه العلم عن املطامع واجتناب مواضع التهم

احملافظة على شعائر اإلسالم احملافظة على صحته النفسية والترته عن األخالق الرديئة

العناية باملظهر العام واحلفاظ عليه آداب العامل حنو تالميذه: الفصل الثاين يفهالرفق باملتعلم وعدم تعن الرفق باملتعلم وصوره

النصح واإلرشاد والتوجيه صور وأشكال النصيحة املطلوبة

-٦١٧-

إثابة اتهدين ومكافأم معاقبة املقصرين وحثهم على االجتهاد

التحذير يف استخدام العقوبات الشديدة أو العنيفة العدل واملساواة بني الطلبة

اضعالتو احلرص على تعليمهم

فهم طبيعة املتعلم وأهدافه من التعلم وحثه على إخالص النية موقف العلم من النوع األول موقف العامل من النوع الثاين موقف العامل من النوع الثالث

مراعاة الفروق الفردية )افعيةإثارة الد(ترغيب املتعلم يف طلب العلم

)الرغبة(مبدأ الدافعية طرق إثارة وتنحية الرغبة يف التعلم

الدافعية واملنافسة التحذير من سوء استخدام املنافسة

استخدام التعاون والتفاعل االجتماعي بديال عن املنافسة عدم تقبيح العلوم األخرى يف نفس الطالب

على التعليمعدم أخذ األجرة االعتناء مبصاحل الطلبة ومساعدم

مساعدة املتعلمني على اختيار ما يناسبهم من علوم ومعارف إرشاد املتعلمني إىل أفضل طرق التحصيل واملذاكرة

االهتمام بصحة املتعلمني اجلسمية

-٦١٨-

مساعدة املتعلمني على حل مشاكلهم االجتماعية لية العامل جتاه صحة املتعلم النفسيةمسئو

طرح األسئلة على الطلبة جتنيب إيقاع الطالب يف الكذب موقع العامل يف إجابات الطالب موقف العامل يف أسئلة الطلبة له

احلرص على معرفة أمساء الطلبة وأنسام وبلدام السؤال عن الغائبني وعيادة املرضى

االهتمام بأهل املسافرين والسؤال عن أحواهلم آداب العامل مع أقرانه: الفصل الثالث

االحترام املتبادل التناصح مع األقران

التواضع مساعدة األقران وقضاء حوائجهم

حسن خماطبة األقران احلرص على إكرام أهل العلم من األقران

آداب العامل حنو جمتمعه:ل الرابعالفص الصدق يف القول واملعاملة

الوفاء بالوعد والعهد األمانة

إفشاء السالم التودد إىل األطفال ومالطفتهم

العفو عن املسيئني

-٦١٩-

القصد يف احلديث وطيب الكالم وحفظ اللسان مداراة الناس بر الوالدينصلة الرحم و

نشر العلم وتبسيطه للناس عالقة العلماء باحلكام ووالة األمر

آداب العامل العلمية واملهنية: الفصل اخلامس غزارة املعلومات والتمكن العلمي

الثقافة العامة الواسعة للعامل منهج للتثقيف العام

العامةحاجة التخصص العلمي إىل الثقافة اتساع مفهوم التعليم وعالقته بالثقافة العامة أثر الثقافة العامة يف الدور االجتماعي للعامل مسئولية العامل جتاه املنهج الذي يقوم بتدريسه

اشتراك املتعلم يف وضع املنهج حرية العامل يف اختيار طريقة التعليم املناسبة لكل متعلم

)الفراسة(ملوهبة أو ا األمانة العلمية

االستمرار يف طلب العلم املواظبة على االشتغال باملطالعة والتأليف

ضوابط التأليف التحذير من التقاعس عن التأليف بعد امتالك مقوماته

العمل بالعلم توقري العلم وصيانته

-٦٢٠-

التواضع واحلياداإلنصاف

عدم كتمان العلم منع العلم عن غري أهله احملافظة على الوقت

آداب جملس العلم وطريقة التدريس حتديد موعد الدرس وااللتزام يف احلضور مبكرا ومراعاة –أ

مصلحة املتعلمني

التهيؤ للدرس–ب ئقة التطهر والتطيب ولبس الثياب الال-ج السالم على احلاضرين–د اجللوس يف مكان بارز بوقار وسكينة وتواضع-هـ عدم القيام بأعمال أو حركات مكروهة أو غري الئقة -و

تسقط اهليبة

احلذر من التدريس يف حال اجلوع أو القلق-ز حتضري الدرس واإلملام مبادته-ح س للمتعلمني الترتيب املتجان-ط االلتفات للحاضرين-ي احلفاظ على الس من اللغط-ك الطريقة املثلى إللقاء الدرس-ل استخدام األمثلة التوضيحية–م استخدام اإلمكانيات الصوتية–ن مراعاة ذوي االحتياجات اخلاصة–س

-٦٢١-

التوقف عن الشرح بعد كل فكرة-ع استخدام التعبريات واألساليب املناسبة-ف احلذر من تأجيل الردود على الشبهات-ص االلتزام مبوضوع الدرس-ق عدم إطالة وقت الدرس-ر التأكد من فهم املتعلمني-ش ختام الدرس-ت البقاء بعد انتهاء الدرس-ث الدعاء عند االنتهاء-خ

آداب املتعلم يف الفكر اإلسالمي: الباب الثالث آداب املتعلم حنو ربه ونفسه: الفصل األول مثالية آداب املتعلم

إخالص النية : أوال املقصود بالنية

التحذير من املراءاة يف طلب العلم الرغبة يف طلب العلم: ثانيا لشواغلالتفرغ وترك ا: ثالثا

اآلثار السلبية لعدم التفرغ األسباب املساعدة على التفرغ

التوكل: رابعا التحلي مبكارم األخالق: خامسا

صيانة النفس أو طهارة النفس-١ االلتزام بفضيلة احلكمة-٢

-٦٢٢-

التزام املتعلم بفضيلة العفة-٣ الورع-أ الصمت-ب احلياء-ج اجتناب املعاصي-د

تطهري القلب-هـ التحلي باألدب واحللم-٤ التواضع وترك العجب-٥

احملافظة على الصحة اجلسمية والعقلية: سادسا الصحة اجلسمية وآداب احملافظة عليها

االعتدال يف تناول الطعام-أ الكايف من النوم والراحة أخذ القدر -ب االعتدال يف املباشرة إذا كان متزوجا-ج ممارسة الرياضة-د

الصحة العقلية األخذ باألسباب الصحية العقلية-أ

اجلد واالجتهاد يف طلب العلم علو اهلمة

مداومة القراءة والبحث كيفية اختيار الكتب

ركيز والبعد عن اخلالفاتالت التدرج يف طلب العلم

االعتدال وعدم إجهاد النفس-ب

-٦٢٣-

املظهر اخلارجي للمتعلم: سابعا احلفاظ على نظافة الثياب

البدء باليمني عند لبس النعل اخلالصة

آداب املتعلم مع أساتذته: الفصل الثاين ر املتعلم ألستاذهآداب اختيا: أوال احلاجة إىل وجود أستاذ-أ

التحذير من االقتصار على أخذ العلم من بطون الكتب أسس اختيار األستاذ-ب التفكري والتأمل واالستخارة-١ املشاورة-٢ الصفات اليت جيب توافرها يف األستاذ-ج

الدين وحسن العقيدة اخللقحسن

وفرة العلم والكفاءة الشهرة العلمية وموثوقية املصدر-د آداب املتعلم مع أستاذه داخل جملس الدرس: ثانيا التبكري يف احلضور إىل جملس الدرس-١

مساوئ التأخر يف احلضور احترام املتعلم ألستاذه-٢ تقبيل املتعلم يد أستاذه-ب طريقة جلوس املتعلم يف جملس الدرس-ج احلفاظ على اهلدوء والنظام-د

-٦٢٤-

حسن االستماع واإلصغاء-هـ تفاعل املتعلم مع أستاذه-٣ األسئلة-أ

التلطف يف السؤال وعدم تركه حياء احلذر من التعنت يف السؤال

عدم تكرار األسئلة قت السؤالختري و

صدق املتعلم مع أستاذه عدم إظهار املتعلم استغناءه عن أستاذه

القراءة على األستاذ-ب مراعاة املتعلم حال األستاذ-١ الصرب على خلق األستاذ-٢ الرفق باألستاذ-٣

تنبيه األستاذ للخطأ الطريقة األوىل انيةالطريقة الث

الطريقة الثالثة الطريقة الرابعة

الكتابة والعناية باخلط-ج االبتداء بالبسملة يف سطر خاص ا

محد اهللا والصالة على النيب إبراز األبواب والفصول والفقرات

االهتمام بالقواعد باإلمالئية

-٦٢٥-

مراجعة الكتابة وضبطها ثناء الدرسآداب أ آداب زيارة املتعلم ألستاذه: ثالثا مراعاة نظافة الثوب والبدن-أ حسن اختيار املتعلم لوقت الزيارة-ب طرق الباب بلطف واالستئذان-ج خلع النعل قبل الدخول-د

تنظيم عملية الدخول على األستاذ-هـ ظروفه مراعاة حال األستاذ و-و

آداب عامة: رابعا آداب املتعلم مع أستاذه يف الطريق-١

املبادرة بإلقاء السالم محاية األستاذ من الضرر مؤانسة األستاذ أثناء السري

عدم مزامحة األستاذ ومضايقته آداب تعامل املتعلم مع أستاذه يف االس العامة-٢ شاء السالم إف-أ ختصيص األستاذ مبزيد من التحية-ب التوسيع لألستاذ يف الس-ج حسن خماطبة املتعلم ألستاذه-د

استخدام األلفاظ الدالة على فضل ومكانة األستاذ-هـ عدم خماطبة األستاذ من بعد أو مبا ال يليق-و ه عدم قطع املتعلم حديث أستاذ-ز

-٦٢٦-

االحتراز من أن يتضمن كالمه ما فيه إساءة-ح عدم الرد على األستاذ فجأة-ط تعظيم املتعلم ألستاذه وتوقريه-٣

االعتراف حبق األستاذ وفضله التواضع لألستاذ تبجيل األستاذ

خدمة املتعلم ألستاذه-٤ ترك غيبة األستاذ-٥ الصةاخل

آداب املتعلم مع زمالئه: الفصل الثالث اختيار املتعلم زمالءه: أوال

التدين وحسن اخللق حسن السلوك

الشكر هللا على نعمه االجتهاد وعلو اهلمة

الزهد يف الدنيا جتنب أصحاب األخالق السيئة

احترام املتعلم لزمالئه: ثانيا أن يعرف حق من هو أكرب منه عدم التفريق بني املتصاحبني

تعظيم املتعلم لزمالئه: ثالثا تواضع املتعلم لزمالئه: رابعا آداب استعارة وإعارة الكتب: خامسا

-٦٢٧-

إعارة الكتب والندب إليها كراهية البعض إعارة الكتب وأسباا

ت الكتابةاصطحاب أدوا شكر املعري تفاعل املتعلم مع زمالئه: سادسا

املناظرة-١ شروط وضوابط املناظرة

مواطن ميتنع فيها من املناظرة مفاسد وأضرار قد تنشأ عن املناظرة

املذاكرة-٣ احلرص على الزمن

ترك التحاسد: سابعا نصح لزمالئه وإرشادهمال: ثامنا العالقة مع زمالئه يف قاعة الدرس: تاسعا

عدم ختطي الزمالء التوسعة يف الس للقادمني

التزام الدور عند العرض على األستاذ اخلالصة

آداب املتعلم حنو جمتمعه: الفصل الرابع املسئولة االجتماعية للمتعلم حنو جمتمعه

نشر العلم وتوعية أفراد اتمع التصدي لالحنرافات

مراعاة حاجات اتمع

-٦٢٨-

اخلالصة آداب املتعلم حنو مؤسسته التعليمية: الفصل اخلامس

آداب استخدام املكتبة العامة: أوال صيانة الكتب من العبث

الطريقة املثلى لوضع الكتاب السلوكيات املرفوضةبعض

طريقة ترتيب الكتب آداب تعامل املتعلم مع مكان الدرس: ثانيا

احلفاظ على نظافة مكان الدرس السكن الداخلي وآدابه: ثالثا

اختيار اجلريان وصفام مراعاة حقوق اجلريان

إفشاء السالم-أ ترك إيذاء اجلريان-ب الصرب على اجلريان-ج جتنب إزعاج اجلريان-د

عدم اجللوس أمام باب املدرسة أو يف الطرقات-هـ االبتعاد عن كل ما فيه ريبة-ز السماح بسكىن املدرسة واملبيت خارجها-ح

اخلالصة

-٦٠٣-

الـموضـــوع

إذا مسعتم اإلقامة إذا مات ابن آدم إذا مات ابن آدم آفة العلم النسيان

أكمل املؤمنني إميانا أال أخربكم بأحبكم

أما وجد هذا إن التواضع

إن اهللا مل إن اهللا ومالئكته

إن اهللا يرفع يرفع ذاإن اهللا

إن املنبت إن اهلدي الصاحل أن تذكر أخاك إن حق املسلم إن يف اجلسد إن يف اجلنة إن هللا أهلني

-٦٠٤-

إمنا أنا لكم إمنا األعمال بالنيات

إمنا بعثت ألمتم إمنا بعثت ألمتم

أول الناس يقضى ىأول الناس يقض

إياكم واجللوس يف الطرقات ادرءوا احلدود بالشبهات

ازهد يف الدنيا استاكوا ال تأتوين الربكة مع أكابركم

بلغوا عين تركت فيكم أمرين

تسمعون ويسمع منكم تصدقوا على أخيكم تصدقوا على أخيكم

تعلموا العلم ا وعلمواتعلمو

ثالث من كن فيه حدثوا عن بين إسرائيل

احلياء من اإلميان الدين النصيحة

رحم اهللا من تعلم

-٦٠٥-

الرحم معلقة بالعرش ستفتح لكم األرض طلب العلم فريضة طلب العلم فريضة طلب العلم فريضة علم ال يقال به

ذه األمةعلماء ه علموا وال تعنفوا عليكم بالصدق فرب حامل فقه فرب مبلغ أوعى

فضل العامل على العابد فواهللا لئن يهدي اهللا

قتلوه قتلهم اهللا قل آمنت باهللا

ال إميان ال تعلموا العلم ال تقوم الساعة

اللهم علمين اللهم هل بلغت لو منع الناس

ليس املؤمن بالطعان ليس من أخالق املؤمن

-٦٠٦-

ما أحد حيدث ما زال جربيل يوصيين

ما من شيء ما من قوم مثل ما بعثين

مداراة الناس املسلمون عند شروطهم

من أكل من من تعلم علما

علم علمامن ت من تواضع هللا من خرج يف من روى عين من سئل علما

من سئل عن علم من سلك طريقا من سلك طريقا من سلك طريقا من سلك طريقا من طلب علما من كان يؤمن

من نفس عن مؤمن من يرد اهللا به خريا

-٦٠٧-

رد اهللا به خريامن ي منهومان ال يشبعان

الناس اثنان الناس معادن

حنن معاشر األنبياء نضر اهللا امرأ

نعم املال الصاحل وجعلت يل األرض وقت لنا رسول اهللا وقروا من تتعلمون

يا أخا ثقيف حيمل هذا العلم يسرا وال تعسرا يطلع عليكم اآلن

يقال لصاحب القرآن

-٣-

-٥-

إن احلمد هللا تعاىل حنمده ، ونستعني به ونستغفره ، ونعوذ باهللا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده اهللا فال مضل له ، ومن يضلل فال

. هادي له ، وأشهد أن حممدا عبده ورسوله أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا حق تقاته وال متوتن إال وأنتم يا . مسلمون أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق يا

منها زوجها وبث منهما رجاال كثريا ونساء واتقوا اهللا الذي تساءلون به . واألرحام إن اهللا كان عليكم رقيبا

أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا وقولوا قوال سديدا يصلح لكم يا . طع اهللا فقد فاز فوزا عظيماأعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن ي

بعد فإن أصدق احلديث كتاب اهللا تعاىل ، وخري اهلدي ؛ أما مث وكل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة ، وشر األمور حمدثاا ، هدي حممد

.وكل ضاللة يف النار …أما بعد

-٧-

إن قضية املصطلح يف البحث العلمي قضية حية وضرورية وليست من فضول احلديث ، وإن كانت املساحة اليت تشغلها بسيطة إال أا حتقق أهدافا أساسية يف نسيج العمل العلمي ، إذ إن كثريا من اخلالفات العلمية ميكن أن

ومن مث فإن تعود يف أحد وجوهها إىل عدم وضوح املصطلح وحتديده ،الباحث حني يقوم بعرض مصطلحات حبثه وحتديدها فإمنا يوفر على نفسه واآلخرين مغبة النـزاع الناجم عن اخللط وعدم الوضوح وعدم االتفاق على

إن كثريا من : (أساسيات البحث ، وأوهلا قضية املصطلح ، يقول ابن تيمية شاة ، حىت جتد الرجلني نزاع الناس سببه ألفاظ جمملة مبتدعة ، ومعان مت

يتخاصمان ويتعاديان على إطالق ألفاظ ونفيها ، ولو سئل كل منهما عن معىن ما قاله مل يتصوره ، فضال عن أن يعرف دليله ، ولو عرف دليله مل يلزم أن من خالفه يكون خمطئا ، بل يكون يف قوله نوع من الصواب ، وقد يكون

.)١()الصواب يف قول ثالثهذا مصيبا من وجه ، وقد يكون

:אא : األدب

مصطلح األدب من األلفاظ اللغوية الواسعة جدا يف دالالا ؛ مما هيأ له

، )ط.د(جمموع الفتاوى، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، : شيخ اإلسالم ابن تيمية) ١( .١١٤، ص١٢، ج)ت.د(

-٨-

أن تتجاذبه فنون عديدة ، كل يأخذ منه حبظ وافر من معانيه ، ومما بوأه هذه . املكانة أنه تتآلف يف مادته الدالالت املعنوية واملادية معا

.)١(الظرف وحسن التعامل: يعرف األدب بـ- مثال-فالقاموس احمليطوالظرف قد يدل على املعنوي كـ حالوة الكالم وبالغته ، وذكاء

.)٢(القلب وفطنته ، وقد يدل عل املادي ، كجمال الوجه وهيئتهمن شعر ونثر وإذا كان األدب يطلق ويراد منه ذلك الفن اللغوي،

. )٣(أدب الرجل فهو أديب: ؛ حىت يقولون .وقصصفاملعىن األخالقي ال ينفك عن دالالت هذه الكلمة ، فنجد ابن منظور

األدب يف األصل هو الذي يتأدب به األديب من الناس ، : (يقول يف لسانه . )٤()ومسى أدبا ألنه يأدب الناس إىل احملامد ، وينهاهم عن املقابح

ارزا يف دالالت هذا املادة ، واألخالق وملا كان هذا املعىن األخالقي ببطبيعتها تنشد املثال مما تعتاد النفس خالفه ،مل نعجب إذا وجدنا بعض كتب

،علمته رياضة ..أدبته أدبا: (اللغة تقرنه بالرياضة ؛ فنجد الفيومي يقول األدب : (وينقل عن أىب زيد األنصاري قوله . )٥()النفس وحماسن األخالق

، ١، مج)ت.د(، )ط.د(موس احمليط، دار اجليل، بريوت، القا: الفريوزآبادي) ١( .٣٧ص

١، ج)ت.د(، )ط.د(النهاية يف غريب احلديث، دار املعرفة، بريوت، : ابن األثري) ٢( ١٠، ص)ت.د(، )ط.د(وخمتار الصحاح، دار احلديث، القاهرة، . ٣١-٣٠ص

مصر، ،)ت.د(تاج اللغة وصحاح العربية، دار الكتاب العريب، : اجلوهري) ٣( .٤٣، ص١ج، )ط.د(

.٤٣، ص١ج: املصدر السابق) ٤( .١٢-١١، ص١، ج)ت.د(، )ط.د(املصباح املنري، دار القلم، بريوت، : الفيومي)٥(

-٩-

. )١()ياضة حممودة يتخرج هلا اإلنسان يف فضيلة من الفضائليقع على كل رعبارة عن معرفة ما حيترز به : (ويتسع املصطلح لدى اجلرجاين ليكون

.)٢()من مجيع أنواع اخلطأ :وفصل املعجم الوسيط تعريف األدب فقال

)براض نفسه على احملاسن: فالن أدبا ) : أد.. ...سن األخالقراضه على حما) : أدبه(تأدب بأدب القرآن ، أو أدب : تعلم األدب ، ويقال ) : تأدب(

.الرسول احتذاه ومجلة ما . رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي ) : األدب (

ينبغي لذي الصناعة أو الفن أن يتمسك به ، مثل أدب القاضي ، وأدب .)٣(الكاتب

ريعة اإلسالمية حتت مسمى اآلداب ، وتدخل األحكام الفقهية يف الشتنقسم الشريعة اإلسالمية إىل ثالثة : (يقول الدكتور حممود الطنطاوي

) آداب(واألحكام التهذيبية ) اعتقادات(األحكام االعتقادية :أقسام .)٤()عقوبات عبادات،معامالت،(واألحكام العملية

: األحكام اخلمسةواألدب يف الفقه يقع على : (ويقول العالمة املناوي أدب ، : وهي واجب ومندوب ومباح ومكروه وحرام ، فيقال للواجب

.١٢-١١، ص١ج: املصدر السابق) ١(، )ت.د(، )ط.د(التعريفات، دار الريان للتراث، القاهرة، : الشريف اجلرجاين) ٢(

.٢٩ص .١٠-٩م، ص١٩٨٥، )ط.د(املعجم الوسيط، القاهرة، : جممع اللغة العربية) ٣(املدخل إىل الفقه اإلسالمي، مكتبة وهبة، القاهرة، : حممود حممد الطنطاوي.د) ٤(

.١٢م، ص١٩٨٧، ١ط

-١٠-

وكذلك بقية األحكام ، ولذلك صح تفسري األصحاب بباب آداب قضاء احلاجة ، مث عدهم من تلك اآلداب حمرمات كاستقبال القبلة واستدبارها

. )١() إخل …وكشف الزائد على احلاجة من العورة ه اموعة من التعريفات نصل إىل أن اآلداب ، هي من خالل هذ

جمموعة األخالق والسلوكيات اليت يتصف ا الشخص يف نفسه وعالقاته .ومعامالته مع غريه

فمن اآلداب ما هو من األخالق النفسية ، كالتواضع، واحللم، .إخل .. ؟والصرب

اعية ، ومنها ما هو من قبيل التصرفات الشخصية والسلوكيات االجتمكالنظافة ، وطهارة الثوب ، والبدن ، وطريقة اللبس واملشي ، ومعاملة

ورمبا تكون هذه اآلداب أثرا من آثار . اآلخرين ، واحترامهم ، وتكرميهم .خلق يف النفس

ومن اآلداب ما هو استجابة لغريزة من غرائز اجلسد أو النفس ؛ ضمن باح عند جوع ، وشرب املباح من حدود احلاجات الطبيعية هلا ، كاألكل امل

ظمأ ، والنوم عند احلاجة إليه ، والسعي يف اكتساب الرزق تلبية لداعي الفطرة ، واالستمتاع املباح باجلمال تلبية لطلب النفس ، والترويح عنها من

.مباحات اللهو واللعب ، وأمثال ذلك ية ، فقد تكون ومنها ما هو طاعة لألوامر والتكاليف اإلهلية أو غري اإلهل

هذه األوامر والتكاليف ملزمة لسلوك أخالقي ، أو ملزمة بأعمال من قبيل ومن هذا . العبادات احملضة أو ملزمة بأعمال حتقق املصاحل واملنافع للناس

، ١النزهة الزكية، الدار املصرية اللبنانية، القاهرة، ط: عبدالرءوف املناوي) ١( .٢٩م، ص١٩٨٧

-١١-

النوع أوامر الشرائع و نواهيها ، و أوامر السلطات احلاكمة و نواهيها ، و .حنو ذلك من األوامر والنواهي

ما هو من قبيل العادات اليت تتأصل يف -أيضا-ذه اآلداب ومن هالسلوك ، وقد ترجع هذه العادات إىل موجه أخالقي أو موجه غريزي ، أو

.أو حنو ذلك .. موجه تكليفي ، أو موجه اجتماعي مصطلح واسع وشامل ملا هو ) اآلداب(ومن هذا نتبني أن مصطلح .أخالقي باطين أو سلوكي ظاهري

يضاف مصطلح اآلداب إىل العامل واملتعلم يأخذ معىن حمددا وعندماجمموعة القواعد اليت تنظم طرق التعليم ، وتبحث يف شروط وصفات : هو

العامل واملتعلم النفسية واالجتماعية والعملية املهنية وقبل ذلك كله الصفات .األخالقية الدينية

ومعيار لشخص العامل وبكلمة خمتصرة فآداب العامل واملتعلم هي مقياس .واملتعلم ، وللدور املنوط ما يف أداء العلم ومحله

:אمن الالفت للنظر أن تاريخ الفكر اإلسالمي مل يقتصر على مصطلح العامل ليدل على صاحب العلم واملعلم ، وإمنا وجدنا مصطلحات عديدة

لى نوع ختصص ، أو لشيوعه تطلق على العامل لزيادة يف معناه ، أو لداللة ع؛ أو غري ذلك ، والباحث سوف ..بني طائفة بعينها من طوائف العلماء

.يعرض ألهم هذه األلقاب מ :א

هذا املصطلح شائع االستخدام يف الفكر اإلسالمي ، وقد وردت به نصوص القرآن والسنة ، ومع كثرة استخدامه وشيوعه، إال أن داللته واسعة،

للتحديد الدقيق، ولذلك فقد أطلق ليشمل طوائف العلماء يف شىت ومل ختضع

-١٢-

التخصصات ، مل تستأثر به طائفة دون أخرى ، ومن جهة أخرى تداخلت فلم جند فارقا بني العامل وبني الذي يقوم " املعلم" داللته مع داللة مصطلح

اخل بني بعملية التدريس من املعلمني يف إطار املصطلح ، وإمنا مرد هذا التدالوظيفتني يعود إىل أن الفكر اإلسالمي ال يعرف ذلك الفصام بني وظيفة العامل واملعلم، فكما أنه قد حذر يف نصوصه من اإلقدام على عملية التعليم من غري علم، ومن مث فهو ال يعترف مبعلم إال عاملا ، فهو من جهة أخرى قد

ال يعرف العلماء إال معلمني حذر العلماء من كتمان العلم عن الناس ، فهو .)١( ناشرين ملا أملوا به من علم

وهذا التداخل بني مفهوم العامل ومفهوم املعلم نلمسه بوضوح عند ابن حيث " جامع بيان العلم وفضله"، يف كتابة ) هـ٤٦٣ت(عبد الرب األندلسي

هو لكن استعماله لألوىل (جنده يستعمل كلميت العامل واملعلم مبعىن واحد ، الغالب عنده ، ويبدو أن كلمة العامل أكثر ارتباطا بالعلم حبثا وتعليما ونشرا،

. )٢()وأن كلمة املعلم أقرب إىل اجلو التعليمي من األوىلكذلك جند دالئل هذا التداخل يف معظم املؤلفات اليت وردت إلينا يف

عنوان كتابه هو ابن مجاعة جيعل(آداب العامل واملتعلم ، ومن ذلك أن فالعامل هنا قصد به املعلم ، " تذكرة السامع واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم"

، واستمر التداخل يف استخدام املصطلحني حىت بدأت ..على وجه العموم .)٣()اتمعات اإلسالمية تأخذ بنظام التخصص املهين

.٧٣-٧٢ية اإلسالمية، مرجع سابق، صعمر التومي، من أسس الترب. د) ١(، ٢الكر التربوي يف األندلس، دار الفكر العريب، القاهرة، ط: عبدالبديع اخلويل. د) ٢(

.٩٥م، ص١٩٨٥ .٧٣-٧٢عمر التومي، من أسس التربية اإلسالمية، مرجع سابق، ص. د)٣(

-١٣-

نفسه ومن أجل ذلك التداخل كان احلديث عن آداب العامل هو .احلديث عن آداب املعلم

وال يفوتنا أن نشري إىل أنه وإن كان جل اهتمام املؤلفني يف التراث الفكري اإلسالمي قد أنصب على احلديث عن علماء الشريعة ، وذلك ألم حيملون مرياث النبوة ، وهم أحق الطوائف بالتخلق برفيع اآلداب ، لكن

تحدثوا عن بقية طوائف العلماء يف ذلك مل يكن حائال بينهم وبني أن يالفروع األخرى ، وخباصة أن مصطلح العامل كان مفهومه متسعا حبيث أنه مشل كل التخصصات العلمية كما سبقت اإلشارة إىل ذلك ، فقد جاءت مؤلفات خاصة بعلماء املهن األخرى ، مثل ، آداب الطبيب واملتطبب ،

.، وغريها من املؤلفات وأدب الكاتب ، وأدب املريض والتمريض מ :א

شاع استخدام هذا اللقب منذ أيام اإلسالم األوىل ، فقد روى جابر إن اهللا مل يبعثين معنتا وال متعنتا ((: أنه قال بن عبد اهللا عن رسول اهللا ا

))وإمنا بعثين معلما ميسرا)١(.

يم ، وأطلق علم ، يعلم ، تعل: وقد كثر يف الكتاب والسنة ألفاظ مثل لفظ معلم على كل ماهر خبري يف صنعته ، سواء أكانت صنعة علمية تعليمية

وهلذا كان السند يف التعليم يف كل علم أو : (أم حرفية ، يقول ابن خلدون .)٢()صناعة إىل املعلمني فيها معتربا

ومع تكاثر طوائف الشيوخ املدرسني ، ومتايز بعضهم على بعض يف على كل مدرس ) معلم(علمية واملراكز األدبية ، اقتصر لفظ املستويات ال

.ختصص يف تعليم الصغار

.احلديث صحيح، رواه مسلم) ١( .٤٣٠، ص)ط.د(م، ١٩٨٦هلالل، بريوت، املقدمة، دار مكتبة ا: ابن خلدون) ٢(

-١٤-

على ) معلم(ومع ذلك فلم يكن هناك قيد مينع الناس من إطالق كلمة . أي عامل :א

من ألقاب العلماء و الصلحاء وأصله يف (ذكر القلقشندي أن الشيخ م والصالح توقريا هلم كما يوقر اللغة الطاعن يف السن ، ولقب به أهل العل

.)١()الشيخ الكبريويف هذا البحث فإنه ال يرتبط بسن العامل ، وإمنا يطلق ويراد به أولئك العلماء الذين شاخوا يف حتصيل العلم واملعرفة وبلغوا أعلى املراتب العلمية ، فشيخ املادة هو أستاذها األكرب ، واملرجع األول فيها واملعتمد عليه يفمسائلها وأمورها ، ذكر اخلطيب البغدادي أن احلسن بن عرفة كان يشار

، بل امتد هذا املصطلح ليطلق على الرئيس يف كل مهنة )٢()بالشيخ املعلم(إليه ، فكل من وصل إىل مرتبة عالية يف مهنة أو فن من الفنون مسى )٣(وصنعةخ النحاة ، ولعله قد توسع شيخ احملدثني ، وشيخ املقرئني ، وشي: ، فقالوا شيخا

.يف داللته ليطلق على أهل الصالح والورع وإن مل يكونوا مربزين يف العلم ولقد كان الشيخ يتمتع مبكانة علمية كبرية ، ومكانة اجتماعية أكرب خاصة عند الصوفية ؛ الذين شاع عندهم هذا اللقب أكثر من غريهم ، وقد

.الشيخ واملريد آداب : محلته عناوين كتبهم مثل

صبح األعشى يف صناعة اإلنشاء، اهليئة املصرية العامة للكتاب، : القلقشندي) ١( .١٧، ص٦م، مج١٩٨٤، )ط.د(القاهرة،

، )ط.د(، )ت.د(تاريخ بغداد، دار الكتاب العريب، بريوت، : اخلطيب البغدادي) ٢( .٣٩٥، ص٦مج

مية لقضايا تربوية، دار الفكر العريب، القاهرة، رؤية إسال: سعيد إمساعيل. د) ٣( .٢٨٤، ص١م، ط١٩٩٣

-١٥-

:אوهذا اللقب من أقدم ألقاب العلماء يف تاريخ الفكر اإلسالمي ؛ حيث ارتبط هذا اللقب بالتعمق يف العلوم الشرعية وخاصة الفقه ، وقد أطلق على

، خاصة بعد أن حل ) الفقيه(القائم مبهمة تعليم الناس أمور دينهم لقب ، )١(صدون إلقراء املسلمني القرآن الكرميالفقهاء حمل القراء الذين كانوا يت

" .الفقيه واملتفقه"كتابا له بعنوان ) هـ٤٦٣ت(وقد عنون اخلطيب البغدادي:א

، إال أنه مل يكن )٢()املعلم(ويعد هذا اللقب من األلقاب اليت رادفت املاهر بالشيء ، وقد أطلق : شائعا مثل غريه ، واألستاذ كلمة فارسية تعين

وال على أصحاب الصناعات ، مث أطلق بعد ذلك على من أظهر مهارة يف أتعليم املتعلم طريق "يف كتابه ) هـ٥٩٣ت(التعليم ، وجند عند الزرنوجي

.)٣()اختيار العلم واألستاذ والشريك والثبات عليه: (عنوانا حيمل " التعلمه األستاذ أكمل من الشيخ يف األحوال وأعلى من(وعند الصوفية

، وكثريا ما كان يطلق على أفاضل املعلمني لقب )٤()باألنوال باملعارفأستاذ : (، فيقول حممد بن شاكر الكتيب عن حمي الدين بن اجلوزي ) األستاذ(

.)٥()دار أمري املؤمنني املستعصم باهللا

.٢٨٣ص: املصدر السابق) ١( .٢٨٥، ٢٨٤رؤية إسالمية لقضايا تربوية، مرجع سابق، ص: سعيد إمساعيل. د) ٢(تعليم املتعلم طريق التعلم، مكتبة القرآن، القاهرة، : برهان الدين الزرنوجي) ٣(

.٤٥م، ص١٩٨٩، )ط.د(نعت البدايات وتوصيف النهايات، دار الفكر العريب، بـريوت، : حممد بن فاضل ) ٤(

.٦٩، ص)ت.د(، )ط.د(، ٢م، ج١٩٦٦، ١فوات الوفيات، مكتبة املعارف، بريوت، ط: ابن شاكر الكتيب) ٥(

.٢٦ص

-١٦-

أستاذ األستاذين وسيد : (وكان مسلم يلقب البخاري بقوله .)١()احملدثني:א

استخدام هذا اللقب متأخرا بعد ظهور املدرسة يف أواخر القرن شاعالرابع اهلجري ، وال يعرف على وجه الدقة ما إذا كان مستخدما قبل هذا

.مدرسني ومعيدين : التاريخ أم ال ؟ ، وكان املدرسون منقسمني إىل فئتني وكان املدرس يقوم بالتدريس يف املوضوعات املختلفة ، ويذكر

هو من يتصدى لتدريس العلوم الشرعية من : (لقشندي أن املدرس القالتفسري واحلديث والفقه والنحو والتصريف وحنو ذلك ، وهو مأخوذ من

.)٢()درست الكتاب دراسة ؛ إذا كررته للحفظويعترب املدرس أرقى درجة من املعلم ، ومل يكن يسمح للمدرس بالقيام

.جازة بالتدريس من أساتذته ومعلميه مبهمته تلك إال بعد احلصول على إ:א

وكان هذا اللقب يطلق على كل من مارس التدريس للكبار أو للصغار، فمعلمو املكاتب كان يطلق عليهم أحيانا مؤدبو املكاتب ، يقول

جيب أال ينفرد املؤدب الواحد بصيب واحد ألن ذلك ) : (هـ٣٧٠(ابن سينا إن وجود أوالد كثار مع املؤدب أدعى إىل حيملهم كليهما على الضجر ، مث

.)٣()منافستهم يف اخلالل احلميدة

، ١١م، ج ١٩٦٦، ١، مكتبة املعـارف، بـريوت، ط :البداية والنهاية : ابن كثري ) ١( .٢٦ص

.٤٦٤، ص٥صبح األعشى، مرجع سابق، ج: ديالقلقشن) ٢(ت، .، د"التربية اإلسالمية وفالسفتها، دار الفكر العريب، القاهرة: حممد اإلبراشي) ٣(

.١١٨-١١٧، ص٣ط

-١٧-

كما أطلق لفظ املؤدبني كذلك على طائفة من الشيوخ األفاضل الذين اشتهروا بالعلم والكفاءة ، وقاموا بالتدريس ألوالد الكبار من اخلاصة يف

: ة بقوله بيوم نظري أجر معلوم ، وقد أشار اجلاحظ إىل هذه الطائفواملعلمون عندي على ضربني ، منهم رجال ارتفعوا عن تعليم أوالد العامة (

إىل تعليم أوالد اخلاصة ، ومنهم رجال ارتفعوا عن تعليم أوالد اخلاصة إىل ومنهم أبو ) وهم املؤدبون(…تعليم أوالد امللوك أنفسهم املرشحني للخالفة

)١()سعيد املؤدب ، وهو غري أيب سعيد املعلم:א

وهو اسم فاعل من اإلفادة، وهي إنالة الشخص ما مل يكن حاصال وعليه (، واملفيد من الطالب القدامى الذين اوا برناجمهم الدراسي ، )٢(عليه

أن يعتمد ماحيصل به يف الدرس فائدة من حبث زائد على حبث اجلماعة وحنو .)٣()ذلك

قدمها لنفسه ، ولغريه من وقد مسي مفيدا خلصوصية الفائدة اليت ي . الطلبة، أو املدرسني الذين قد يكلفونه بأحباث أو أعمال حتضريية

، مبعىن العامل ، أو املفيت ، فقد ) هـ٩٨١ت(واستخدمه العلموي فهذه رسالة خمتصرة : (ما يلي " أدب املفيد واملستفيد"جاء يف مقدمة كتابه . )٤()ملفيت واملستفيتواملتعلم ، وا يف فضيلة العلم والعامل

، ١م، ج١٩٧٥، )ط.د(البيان والتبيني، مكتبة اخلاجني، القاهرة، : اجلاحظ) ١(٢٥٠،٢٥١.

.١٢، ص٦صبح األعشى، مرجع سابق، ج: القلقشندي)٢(، )ط.د(هـ، ١٣٦٧معيد النعم ومبيد النقم، مكتبة اخلاجني، القاهرة، : السبكي) ٣(

.١٠٥صاملعيد يف أدب املفيد واملستفيد، حتقيق شفيق حممد زيعور،دار اقرأ، : العلموي) ٤(

=

-١٨-

:אوهو العامل احملدث أو اللغوي ، أو غريمها ، الذي جيلس إلمالء علمه على الطلبة ، حيث كانت تعقد جمالس خاصة لإلمالء والتحديث ، وقد

أدب اململي "هذا اللقب عنوانا لكتابه ) هـ٥٦٢ت(استخدم السمعاين .)١("واملستملي:א

من صلحاء الفضالء ، : (املعيد بقوله ) هـ٧٣٣ت(ة يعرف ابن مجاعوفضالء الصلحاء ، صبورا على أخالق الطلبة حريصا على فائدم وانتفاعهم

.)٢()به ، قائما على وظيفة إشغاهلم و يلي املعيد املدرس يف مكانته العلمية ، واألصل فيه أنه إذا ألقى

، )٣(لطلبة ما ألقاه املدرس إليهموانصرف ، أعاد املعيد ل املدرس الدرسووضح ما مل يتضح منه للطلبة ، وكان املعيد حيضر درس الشيخ أو املدرس ؛

. فيجلس إىل جانبه ميينا أو يسارا لقد كان املعيد معينا للشيخ أو املدرس على نشر علمه ، وتثبيت

يف إعادة ما خطاباته وإمالئه يف أذهان الطلبة ، وكان املعيد يعاون الطلبة .حيفظونه ، ويراجعهم يف املذكرات

وتعترب وظيفة املعيد فكرة إسالميا أصيال ، وقد تأثرت اجلامعات

=

.٥٣، ص١٩٨٦، ٢بريوت، ط، ٢طأدب اإلمالء واالستمالء، حتقيق حممد زيعور، دار اقرأ، بريوت، : السمعاين) ١(

١٩٨٦. ، )ت.د(تذكرة السامع واملتكلم، دار الكتب العلمية، بريوت، : ابن مجاعة) ٢(

.٢٠١، ص)ط.د( .٢٨٥رؤية إسالمية لقضايا تربوية، مرجع سابق، ص: سعيد إمساعيل. د) ٣(

-١٩-

األجنبية فيما بعد ذا النظام ، فأخذت يف تعيني املعيدين يف اجلامعات بعد خترجهم فيها لتمرينهم على مهنة التدريس وتشجيعهم على االستمرار يف

.)١(حث العلميالدراسة والب :א

املفيت يف حقيقته معلم ، فهو يعلم كل من يسأله ما جيهله ، ولذلك .فهو خيضع لآلداب والقواعد األخالقية الواجبة االتباع

واخلالصة اليت تؤخذ من هذه التعريفات كلها أن العامل هو كل من غري الديين من جلس جملس العلم للناس يف أي فرع من فروع العلم الديين أو

.العلوم الدنيوية :א

كما رأينا التعدد يف ألقاب العلماء ، سنجد أيضا شيئا من هذا التعدد يف ألقاب املتعلم ، حيث شاع العديد من األلقاب اليت أطلقت على طالب

.العلم ،وهي كلها مترادفات قد يكون لكل منها معىن خاص ال يفيده غريه :מא

وكلمة متعلم كلمة واسعة تطال الصغري والكبري ، فاملتعلم هو الولد ، وهو الطالب يف احللقات ، وهو الباحث عن العلم الديين وزيادة الفقه يف

.الدين وأمور احلياة كما تطلق أيضا على كل إنسان راغب يف اكتساب العلم واالستمرار

.)٢(يف التحصيلد إلينا هلذا اللقب ما جاء يف احلديث املشهور ولعل أقدم استخدام ور

.٣٨التربية اإلسالمية وفالسفتها، مرجع سابق، ص: حممد عطية اإلبراشي) ١(الفكر التربوي عند ابن سحنون، دار اقرأ، : عبد األمري مشس الدين. د) ٢(

.١٩٥م، ص١٩٨٥، ١بريوت،ط

-٢٠-

))الناس اثنان عامل ومتعلم وما بينهما مهج رعاع(()١(. :ومن األلقاب اليت أطلقت على املتعلم ما يلي

:אليس عربيا يف األصل ، وإمنا هو ) أستاذ(مثل لقب ) تلميذ(إن لقب

، وهو يف )٢( زال يتدربمنقول عن السريانية ، ويطلق على املوظف الذي ما، مث شاع يف العربية مبعىن املتعلم )٣(العربية واحلبشية مبعىن طالب علم أو دارس

.للعلم أو املهنة :א

وهذا اللقب من أكثر األلقاب استعماال وورودا يف املصادر ، مما يدل ، إما )٤(على شيوع استعماله ، ويعىن به املتعلم الذي يطلب العلم ويشتغل به

جبهده الذايت ، أو على يد أستاذ أو شيخ يعلمه ، وكثريا ما يأيت هذا اللقب طالب العلم ، وأحيانا حيذف املضاف إليه : مضافا إىل كلمة العلم فيقال

، لشهرة الداللة وبروز معناها مما يغنيه ) طالب(ويكتفى باملضاف ) العلم( .عن التعريف باإلضافة

الناس رجالن عامل ومتعلم، ((: رواه الطرباين يف األوسط بلفظ: احلديث ضعيف) ١( .))وال خري فيما سوامها

، )ط.د(نوادر املخطوطات، مطبعة السعادة، القاهرة، : عبدالسالم هارون) ٢( .١١٣، ص٢م، مج١٩٥١

التربية اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري، دار الفكر العريب، : حسن عبدالعال. د)٣( . بتصرف١٢٩م، ص١٩٧٨، ١القاهرة،ط

، ٣، ج١م، ط١٩٨٥دراسات تراثية يف التربية، دار الثقافة، قطر، : حممود قنرب) ٤( .١٢-١١ص

-٢١-

الت اللغوية هلذا اللقب ما ورد يف احلديث الشريف ومن أقدم االستعما))يشبعان طالب علم وطالب دنيا منهومان ال((

)١(. :א

وهو لقب نادر االستعمال لطالب العلم ، وكان يطلق على وجه ويتضح هذا جليا يف استعمال اخلطيب ... اخلصوص على طالب علم الفقه

؛ الذي يتحدث فيه عن " الفقيه واملتفقه"البغدادي هلذا اللقب يف عنوان كتابه .شروط وآداب عامل الفقه وطالبه

א :אولقب الدارس من املرادفات القليلة اليت استخدمت للداللة على طالب

" .أدب الدارس واملدارس"العلم ، وقد وضعه النووي يف عنوان كتابه :א

فهو مبثابة اجلسر الذي يربط بني ويقوم بدور قريب من دور املعيد ، اململي يف جملس اإلمالء ، وطلبة العلم ، حيث يعيد عليهم ما ميليه الشيخ يف حلقة اإلمالء ، وهذا الدور فرضه كثرة الطالب يف حلقة اإلمالء ، وضرورة أن يكون صوت اململي مسموعا يبلغ اجلميع ، وكذلك لكي يكون مساعدا

بحث املشكالت واألمور األخرى كالتصحيح واملراجعة له يتوىل عنه القيام ب .)٢(وتوضيح الغامض ، وما إىل ذلك من أمور

:אهو اسم أطلقه الصوفية على الطالب أو املبتدئ يف أول الطريق

ارد عن (تعريف آخر للمريد فهو عنده ) هـ٨١٦ت(الصويف، وللجرجاين

.رواه ابن عدي يف الكامل: احلديث ضعيف) ١( .٣٤ء واالستمالء، مصدر سابق، صأدب اإلمال: السمعاين) ٢(

-٢٢-

ب أن تتوفر يف املريد الصويف أن فكأن من أهم الصفات اليت جي)١()اإلرادةيتخلى عن إرادته واختياره ؛ إزاء إرادة شيخه واختياره ، فال فالح وال جناح إال باالتباع املطلق للشيخ ، بغري إنكار وال اعتراض ، يقول القشريي

وأن تكون موافقة الشيخ بالقلب واجلوارح فال إنكار وال ) : (هـ٤٦٥ت( .)٢()مطلقا ، وال اعترض عليه بلسان أو قلبخمالفة لشيء مما يقوله

:אمبعىن طلب الفتوى ، وهي احلكم الشرعي يف " استفىت"اسم فاعل من

مسألة معينة ، ويعد املستفيت ، طالب علم ؛ لكونه جاهال باألحكام الشرعية ويسعى ملعرفتها من خالل سؤاله عنها العلماء وأهل الفقه ، فهم له معلمون ،

.هو هلم تلميذ و:א

وهو طلب اإلفادة ، وهو من املرادفات القليلة " استفاد"اسم فاعل من ) هـ٦٤٦ت(االستخدام ، ذكر ابن كثري يف ترمجة أبو العماد بن احلليب

هـ فأقام ا مدرسا للمالكية وشيخا ٦١٧قدم دمشق يف عام : (قال .)٣()للمستفيدين عليه يف علمي القراءات والعربية

: وخرجت العديد من الكتب حتمل يف عناوينها هذا اللقب منها ، ) هـ٦٩٦ت(سراج املستفيد وغنية املفيد ، لسعيد بن حممد الفرغاين

واستخدمه العلموي ، مبعىن طالب العلم ، أو املستفيت ، فقد جاء يف مقدمة يف . . . .فهذه رسالة خمتصرة : (ما يلي " أدب املفيد واملستفيد"كتابه

.٢٦٨التعريفات، مرجع سابق، ص: اجلرجاين) ١(، )ت.د(، )ط.د(لرسالة القشريية، دار الكتاب العريب، بريوت، : القشريي) ٢(

.١٨٢ص .١٦٧، ص١٣البداية والنهاية، مرجع سابق، ج: ابن كثري) ٣(

-٢٣-

، ومل أجد أحدا استخدمه )١()فضيلة العلم والعامل واملتعلم ، واملفيت واملستفيت . ذا املعىن غريه

:אاستخدم هذا اللقب كمرادف للطالب أو املتعلم ، وكان له داللة خاصة يف عرف بعض النظم التعليمية ، حيث كان يقصد به الطالب الذي

. )٢( اخلارج وال يكون من ساكنيهايدرس باملدرسة يأتيها منوخالصة هذه التعريفات أن املقصود باملتعلم هو كل من جلس يف

.جمالس التعلم من الراشدين لتلقي العلم

.٥٣ق، صاملعيد يف أدب املفيد واملستفيد، مصدر ساب: العلموي) ١(، )ط.د(الشقائق النعمانية، دار الكتاب العريب، بريوت، : طاش كربى زادة) ٢(

.٥٧-٥٥م، ص١٩٧٥

-٢٥-

يف حياة األجواء العلمية السلوكية دورا مهما اآلدابتؤدي األخالق ويف كل زمان، وعلى وجه اخلصوص يف زماننا الراهن ، وما يكتنفه من أزمات أخالقية باتت دد النشاطات البشرية باهلالك بعد أن استشرفت آفاقا

. بعيدة من التطور قام بهدير للدور الكبري الذي إعجاب وتقبه من شعر أ توبقدر ما كن

بقدر ما - دراسة اله ا هذة يف الفترة املنوط-أسالفنا من املفكرين املسلمني يف القليل النادر ، فضال إال ، اللهم اضر فتور هذا االهتمام يف عصرنا احلينآمل

على أن هذا القليل النادر ال يقتفى يف معظمه آفاق اآلداب اإلسالمية الرفيعة، ما أنتجته قرائح مفكرينا املسلمني يف عصور ازدهار احلضارة اإلسالمية و

السالفة ، وإمنا جاءت كثري من تلك احملاوالت تستشرف مناهج الغرب بكل ما قد حتتويه هذا املناهج من زوايا اختالف يف الرؤية والتطبيق ، ولذلك فإن

األوساط العلمية مثل هذه املناهج مل تسطع أن حتد من اآلفات املستشرية يف اليت تتناىف مع سلبية بل ما نزال نلمس من الظواهر ال– علماء وطلبة علم –

.)١( يف بناء أمتنا -كذلك-الدور الكبري الذي يتحمله العلماء وطلبة العلم

على سبيل املثال ال احلصر، ما يتردد على األمساع كل فترة من لبياتسمن هذه ال)١(أحاديث مثرية حول سرقة األحباث العلمية، وإذا كانت هذه أحداث فردية تطفح على السطح من آن آلخر ، فما أبشعها من ظاهرة تلك اليت ال يكف احلديث

ة التعليمية اليوم، عنها بل باتت من الشيوع الذي جيعلها من امللموسات يف احلياأال وهى ظاهرة الغش اجلماعي، فأي أمة تصبو إىل مواكبة الركب احلضاري =

-٢٦-

وإذا كان املتتبع ألحوالنا املعاصرة يعلم بالضرورة أننا نعاجل أسباب رورة كذلك أن صحوة األمم اإلسالمية الصحوة والنهوض ؛ فإنه يعلم بالض

يف هذا العصر حتتاج إىل هوية ، وإىل تأصيل ؛ ألن كل أمة تريد أن تنهض أو تتقدم فال بد أن تغرس فيتربتها ، وتزرع يف أرضها ، وتسقى من مائها ؛ حىت تكون النبتة آمنة باسقة تؤتى أكلها كل حني ألهلها وذويها ، وحتمل

بلوم ، وما ينبغي ألمة تريد أن تبىن عزا وتبعث يف نكهتهم ، وتصطبغ كياا احلياة الكرمية ، أن تبدأ أوىل خطواا للنماء بلبان اآلخرين ، وما ينبغي هلا وهى تصوغ شخصيتها أن تتزود بفتات غريها ، وتنهل من ثقافتها دون

، فإن فقدت متييز ملا يف هذا الثقافة من نافع فتستطعمه ، أو تالف فتستقصيه قدرا على االختيار البد وأن تعيش حياة الذلة والتقليد ، فاقدة ملقومات

، وحياا )١(شخصيتها ، وحقيقة استقالليتها ، وتظل راسفة يف أغالل التبعية .مهددة دائما بالزوال

واملتمعن يف دراسة أحوال اتمعات اإلسالمية على اختالف أمكنتها ما تعانيه هذه اتمعات من مشاكل ثقافية واقتصادية وأقطارها سوف يلحظ

واجتماعية وسياسية عديدة ، وإذا ما أطال التمعن والتفكري يف هذه املشاكل ترجع إىل أسباب أولية - على الرغم من تعددها وتنوعها -فسوف جيد أا

ختلى املسلمني عن - من وجهة نظر الباحث -رئيسة ، يأيت يف مقدمتها يق الكامل لتعاليم دينهم وأحكامه يف كافة شئون احلياة ، وختلفهم التطب

.الفكري والتربوي يف حاضر حيام

=

زغلول راغب النجار أزمة .د: ، يراجع! وهذا الواقع املؤمل يهدد كياا بالبوار ؟ .٥٦ – ٤٩: م،ص١،١٩٨٠التعليم املعاصر، مكتبة الفالح،الكويت،ط

سالمية مقارنة باحلضارة الغربية، دار الوفاء، احلضارة اإل: توفيق يوسف الواعي. د) ١( .، بتصرف ٧م، ص١٩٨٩، ١مصر، ط

-٢٧-

فهم ما وقعوا فيما وقعوا فيه من مشاكل وتأخر إال بعد انسالخهم عن تلك التعاليم ، وإمهاهلم ما فيها من معاين القوة والعزة ، ومن دعوة إىل العلم

.واجلهاد يف سبيل اهللا النافع والعمل الصاحل ، وحينما ختلفوا فكريا وعلميا ، وباتوا على التقليد يقتاتون من فتات مناهج الغري ونظمه مهما كانت متناقضة متنافرة مع طبيعة األمة وطبيعة كياا العقدي واالجتماعي والثقايف يف شىت ااالت ، تعليمية وسياسية

متيعت بني احلضارات مسات انطمست معامل هويتهم ، و… وتشريعيةشخصيتهم ، تلك اليت كانت شاخمة متميزة يف عصور ازدهار حضارم

.السالفة إن من واجب املسلمني إذا ما أرادوا أن يتخلصوا من ربقة التخلف ، وأن يستعيدوا سالف جمدهم الذي متتعت البشرية بالنهل من معينه الصايف

ن يعملوا جاهدين لصياغة حيام وفق حينا من الدهر ، من الواجب عليهم أال يصلح آخر هذه (تعاليم اإلسالم ، وذلك قدرنا الذي ال فكاك منه فـ

. )١()األمة إال مبا صلح ا أ وهلااألنظمة : ومن أهم تلك النواحي اليت ينبغي أن نعيد دراستها بأدواتنا

صناعة ثقيلة ، بل التعليمية والتربوية ، إن التعليم يف حياة األمة ، ومع كونههو من أهم الصناعات االستراتيجية يف حياة األمة ، ومع كونه صناعة ثقيلة إال أنه يف ذات الوقت صناعة دقيقة وحساسة ، إذ إا ال تتعامل مع اجلمادات كسائر الصناعات األخرى ، وإمنا موادها األولية هم البشر بكل

من استعدادات ، وطاقات ، وغرائز ، مكونام اإلنسانية املعقدة واملتفاوتة ،ومواريث ، ودوافع ، وتطلعات ، فضال عن خضوعهم لشىت العوامل املؤثرة

من أسس التربية اإلسالمية، املنشأة العامة للنشر والتوزيع، : عمر حممد التومي. د)١( .، بتصرف ١٧م، ص١٩٨٢، ٢طرابلس، ليبيا، ط

-٢٨-

.يف بناء الفرد إا صناعة يف غاية اخلطورة يف مدخالها وخمرجاا ، وما بالنا من صناعة تكون اخلامة األوىل فيها النموذج البشرى ، ويكون من خمرجاا

إا : ، وبكلمة خمتصرة .. والزعماء والعلماء واألدباء واملفكرينأولئك القادةصناعة اإلنسان الصاحل للتعامل مع احلياة يف شىت مناحيها ، والقادر على

. إعمارها وحتقيق حسن االستخالف فالتعليم إذن يناط به أعقد املهام وأدقها ، وأبعدها أثرا ، ومن مث فإن

و تقصري يف صياغة مناهجه وأسسه ، سوف أي خطأ أو خلل ، أو عجز أيكون له آثاره السيئة واملزمنة ، فتتعقد نتائجه املشكلة ، وتتراكب يف

.مستوياا العديدة على مر األجيال والدهور لقد وصفت صناعة التعليم بأا صناعة استراتيجية ملا تقوم به هذه

لثقايف والعلمي ، الصناعة من دور هام يف صياغة األفراد ، وتشكيلهم اوالتأثري بعيد املدى ؛ حيث تزرع يف معاهد التعليم بذور املستقبل يف حياة اإلنسان العقلية والسلوكية فإذا مل حنسن بناء املقدمات بشكل سليم ،

.فسوف ننتهي إىل نتائج متلكنا وال منلك إزاءها أي إمكانية للتغيري ال خترج عن كوا أعراضا إن مظاهر التخلف والتراجع : وميكن القول

لإلصابة واخللل يف العملية التعليمية ؛ فالتعليم سبب لنهوض األمم ، وسر ، ولذلك حني نبحث يف حياة األمم عن سر تقدمها جند )١(لتخلفها وتراجعها

أن هذا التقدم مل يأت من فراغ البتة ، كما مل يأت من دعاوى وأمنيات ، لعملية التعليمية يف النهوض واالرتقاء ، بل جاء عن إدراك خلطورة دور ا

، من حني آلخر )٢(ومدى أمهية املداومة على مراجعة تلك النظم التعليمية

.نفس الصفحة : املرجع السابق)١( م،١٩٨٦، ١طرضة للخطر،دار الصحوة، القاهرة، أمة مع: يوسف عبد املعطي. د) ٢(

=

-٢٩-

ومدى قدرا على صياغة األجيال اليت متلك التفوق يف السباق احلضاري .)١( الراهن

فإذا كنا نسعى بالفعل إىل النهوض احلضاري ، وقيادة العامل إىل طريق :اب القرآينـ لنا يف ذلك اخلط–ل ـ عز وج–الفالح كما أراد اهللا اخلري و كنتم خري أمة أخرجت للناس تأمرون باملعروف وتنهون عن املنكر

فالبد أن نعتصم بأسباب هذا النهوض ، وعلى رأس هذه )٢(باهللا وتؤمنونإصالح حال التعليم شكال ومضمونا ، وال ميكن أن يصلح حال : األسباب

عليم وال املوقف التعليمي إال إذا صلح حال املعلم ذاته ؛ دينا وخلقا وعلما الت على -إن مل يكن أمهها–، إن املعلم من أهم عناصر العملية التعليمية ..وثقافة

اإلطالق ، ولن نستطيع أن نضع خطة إلصالح العملية التعليمية إال بإصالح . أهم عناصرها ، أال وهو املعلم

م حني يكون يف حالة صاحلة فإننا بكل تأكيد نكون قد اجتزنا إن املعل: أوىل خطوات اإلصالح يف املوقف التعليمي ، يقول الدكتور حامد طاهر

.. تكوين العامل تكوينا أخالقيا باإلضافة إىل تكوينه العلمي.. وال شك يف أن(ا على يسد ثغرة هائلة يف مناهج البحث احلديثة ، اليت قصرت كل اهتمامه

ويكفى أن نشري .. األسلوب العلمي يف البحث ، ومل تعط أية عناية لإلنسانإىل األضرار اخلطرية اليت ترتبت على هذه الثغرة ، ومنها على سبيل املثال أن العلماء الغربيني قد وجهوا قدرام الفكرية العظيمة إىل تطوير وسائل تدمري

=

.، وما بعدها٩-٨صم، ١٩٩٣، ١النظم التعليمية عن احملدثني، كتاب األمة، قطر، ط: املكي أقالنية) ١(

. ، بتصرف ١١ص .١١٠آية : آل عمرانسورة) ٢(

-٣٠-

.)١()اجلنس البشرىية يكون تكوين املتعلم التكوين األخالقي ، وبنفس القدر من األمه

جبانب التكوين العلمي له أبلغ األثر يف حتقيق رسالة اإلنسان يف هذه احلياة ، وفقا للمعايري اإلسالمية ، و الغايات اليت خلقه اهللا عز وجل من أجلها ، بغية

.الوصول إىل مرضاته سبحانه ، والفوز بالنعيم والسعادة يف الدارين نظريا وعمليا كان على رأس " آداب العامل واملتعلم"ن االهتمام بـإ

اليت اهتم ا علماء اإلسالم و مفكروه ، فلقد أدركوا ) القضايا(املوضوعات أمهية العنصر األخالقي واآلدايب يف بناء احلضارات واألمم ، ومن مث أفردوا هلا

م من إشارة إىل املؤلفات العديدة ، بل مل يكد خيلو مؤلف من مؤلفااألخالق ، والتذكري بأمهيتها ، والندب إىل االلتزام ا ؛ حيث كانوا يعتقدون أن فقدان هذا العنصر يقوض احلضارة من أصوهلا ، ويفقدها اجلانب اإلنساين ، وحني تفقد احلضارة شقها اإلنساين كان ذلك مؤذنا

اط ، ولكنها ال ترتد حني بزواهلا وارتدادها للبداوة وحياة اهلمجية واالحنط .)٢(ترتد إال بإنسانية حمطمة ، وركام بائس من التيه واخلراب

وملا كان لألخالق واآلداب هذه األمهية واملكانة ، فقد اعتىن اإلسالم بأا من أساسيات بعثته ، وذلك حني ا أميا عناية ، بل وصفها الرسول

. )٣()) مكارم األخالق إمنا بعثت ألمتم (( : قال وإذا كان ديننا يدعو الناس مجيعا إىل التحلي مبكارم األخالق ، فإن

اخلطاب األخالقي يف احلضارة اإلسالمية، مكتبة الزهراء، : حامد طاهر. د) ١( .١٢٣، ص١٩٩٢، القاهرة

احلضارة اإلسالمية مقارنة باحلضارة الغربية، مرجع : توفيق يوسف الواعي. د) ٢( .٨-٧سابق، ص

.احلديث رواه البخاري يف األدب املفرد ) ٣(

-٣١-

العلماء واملتعلمني هم أوىل الناس بالتمسك ا ، وإذا كانت مكانتهم اليت بوأهم اهللا إياها يف كتابه حتتم عليهم أن يكونوا يف مقدمة الناس حتليا ذه

هم يعلى من قدرهم عن الناس ، الفضائل ، فإن مراعام هلذا اجلانب املويسبغ عليهم جالال ووقارا ، وجيعل ملا ميتلكونه من علم مصداقية تؤهلهم ألن يكونوا منوذجا يقتدى به ، ومصابيح هداية لألنام ، ولذلك استحقوا أن

.)١()ورثة األنبياء(بأم : يصفهم الرسول صلى كان حريا ما أن تظهر والعامل واملتعلم شريكان يف ذلك الفضل ، ف

عليهما أمارات اخلضوع التام ألوامر الدين ونواهيه ، والتخلق بآدابه . وأخالقه

ال تنفك عنهما أبدا ، أو هكذا ينبغي " فآداب العامل واملتعلم"وعلى هذاأن تكون ، ولذلك فقد دلت نصوص الشريعة على ذلك ، وأرشدت إليه ،

واعد الشاملة يف الدين ، ال يسع أحد أن خيرج ونادت ا الكليات العامة والق .عليها ، أو أال ينظر إليها إال بعني االعتبار

اي يف هذا املوضوع ؛ عسالكتابةومن أجل ذلك وجدتين مدفوعا إىل أن أساهم يف إبراز هذا اجلانب املشرق من تراث املسلمني قبل أن يطويه

ة منه يف تـأصيل األخالق العلمية النسيان أوال ، و ثانيا حماولة االستفادلألجيال احلاضرة ، وربطهم بتلك األجيال من العلماء الصاحلني من أسالفنا ، الذين استطاعوا بفضل متثلهم لتلك اآلداب يف حيام أن يسودوا حضارات

. العامل ويقعوا من األمم مكان األستاذية الراشدة يف الفكر " عامل واملتعلم آداب ال" توفر هذا البحث على دراسة وقد

اإلسالمي خالل الفترة من منتصف القرن الثاين اهلجري ، وحىت اية القرن السابع ، مستعينا بكل ما يف هذا التراث من مؤلفات سواء اختصت هذه

.احلديث رواه أبو داود، والترمذي، واحلاكم، وابن حبان، وهو حديث صحيح ) ١(

-٣٢-

املؤلفات باحلديث عن هذا املوضوع على حدة ، أو كان احلديث عنه يف .غضون احلديث عن موضوعات أخرى

هذه الفترة الزمنية بعينها ألا متثل مرحلة االزدهار تخترولقد االفكري واحلضاري لألمة اإلسالمية ، حيث كان اتمع اإلسالمي أنضج ما

.يكون يف كل جوانب احلياة ؛ سعيا وراء الرقى والكمال اية القرن السابع ، فقد جاء ذلك توقفت بالدراسة عند اأما ملاذ

تناول هذا املوضوع بشيء من اجلدة ات تصلنا من مؤلفليتسق مع آخر ما ولبدر الدين " تذكرة السامع واملتكلم" واالبتكار والشمول ، أال وهو كتاب

بن مجاعة ، إذ إن ما جاء بعده من مؤلفات ، ال يعدو أن يكون تكرارا ملا افتور أو غري ذلك مما يدل على .. سبقه ، أو اختصارا له ، أو شرحا أو تعليقا

. امللكة ، وضعف اهلمة :إىل حتقيق أهداف عديدة ، من أمهها دف هذه الدراسة و إبراز مدى اهتمام املفكرين املسلمني باجلانب األخالقي -١

والسلوكي للعامل واملتعلم ، وبيان عناصر نسق آداب العامل واملتعلم يف الفكر ينكرون وجود نسق أو اإلسالمي ، إذ رأى الباحث أن بعضا من الباحثني

يف الفكر اإلسالمي ، – على النمط احلديث –نظرية إسالمية متكاملة ولعلهم قالوا ذلك متأثرين مبقوالت املستشرقني الذين حياولون أن جيردوا

.الفكر اإلسالمي من أي سبق إىل كل ما هو أصيل وجديد سهام يف إبراز اجلوانب املشرقة يف تاريخ الفكر اإلسالمي ، واإل-٢

جتديد احلديث عن هذا املوضوع ملا له من تأثريات إجيابية يف احلقبة املعاصرة إن : (من حياة األمة اإلسالمية ، وكما يقول الدكتور مصطفى حلمي

اإلسهام يف عمل مثمر يبدأ من مواصلة بيان أوجه إعجاز اإلسالم يف كافة . )يم، والفضائل األخالقيةالعقيدة والعبادات ، والنظم، والق: أركانه ونظمه

-٣٣-

يف الفكر اإلسالمي ، مما " آداب العامل واملتعلم" الكشف عن أبعاد -٣ .يفيد يف توضيح وجتلية بعد من أبعاد هذا الفكر األصيل

حماولة الوقوف على أبعاد هذه القضية املتفرقة يف بطون أمهات -٤ .خالقي املعاصر الكتب والرسائل واألحباث عسى أن تفيد تأصيل الفكر األ

الكشف عن بعض األفكار التربوية املتعلقة بالعامل والتعلم اليت -٥ميكن أن تفيد يف واقع العملية التربوية والتعليمية املعاصرة ، كالصحبة ،

.إخل ..واختيار األستاذ توضيح بعض اجلوانب األخالقية اإلسالمية من خالل دراسة واقع -٦

.فترة املنوط ا هذا البحث العلماء واملتعلمني يف الرجو أن أسئلة جمموعة من األطرح ت يف إطار هذا األهداف دراسة وال

:هذه األسئلة من يكون اجلواب عنها حمققا هلذه األهداف ، و ما هي مكانة العلم والعلماء واملتعلمني يف الفكر اإلسالمي ؟ وما -١

.؟" أدب العامل واملتعلم" أثر هذه املكانة على عند املفكرين املسلمني؟ " آداب العامل واملتعلم"مىت بدأ االهتمام بـ-٢

.وما مظاهر هذا االهتمام ؟ ما هي األسباب اليت دفعت املفكرين املسلمني إىل االهتمام ذا -٣

.املوضوع ، حىت أفردوه مبؤلفات كاملة ؟ دم يف ما املصادر املرجعية اليت استقى منها املفكرون املسلمون ما-٤

.احلديث عن آداب العامل واملتعلم ؟ ما أبرز املدارس واالجتاهات اليت اهتمت بدراسة هذا املوضوع -٥

والكتابة فيه من وجهة نظرها ؟ ، ومن هم أبرز علماء هذه االجتاهات اليت .عاجلت هذا املوضوع ؟

هل يفتقد الفكر اإلسالمي إىل نظرية أو نسق نظري يف هذا -٦ .اال؟

-٣٤-

ما هي أهم اآلداب اليت ينبغي أن يتحلى ا كل من العامل وطالب -٧ .العلم ؟ .يف الفكر اإلسالمي ؟ " آداب العامل واملتعلم" ما هي خصائص -٨

هذه التساؤالت وغريها ؛ اليت تطرح نفسها على مثل هذا املوضوع اهلام ، .إن شاء اهللا حياول البحث أن جييب عنها ، وأن يردها إىل أصوهلا الصحيحة

ين قد أفدت يف هذه الدراسة ف بأناعترالبد يل من االويف اخلتام وال ، مبجموعة كبرية من الدراسات و املؤلفات اليت سبقت هذه الدراسة

أزعم أنين جئت باجلديد اخلالص ، ولكن حسيب أنين اجتهدت ، وأردت هد حيتاج إىل ولذا فإن ما قمت به من جإضافة لبنة جديدة يف هذا اال ،

إكمال وتأييد ، وما توصلت إليه من نتائج حيتاج إىل تقومي وتسديد ، فإن كنت أصبت ووصلت إىل الغاية فذلك فضل من اهللا ونعمة ، وإن أكن

.. فأسأل اهللا املغفرة والعفو ... قصرت أو أخللت فذلك مين ومن الشيطان .واحلمد هللا رب العاملني

אא

אא

٢١

מ− א:א :אالعلم عنصر له مكانته ودوره يف الفكر اإلسالمي ، وهو حيمل بني طياته

كل ما فيه صالح البشر مجيعا ، بل إن البشر فضلهم اهللا سبحانه وتعاىل على .املالئكة وسائر املخلوقات بالعلم ، وبه استحقوا خالفة اهللا يف األرض

وقد قامت دعوة اإلسالم لبناء نظام جديد للحياة اإلنسانية على دعامتني :رئيسيتني ، كانتا األساس للنجاح

.عقيدة التوحيد : األوىل، على كل مسلم ومسلمة ، وذلك للنظر الواجب فريضة العلم : الثانية

على كل مسلم بنص القرآن الكرمي فيما قد حوته السماوات واألرض عمال ، فالدعوة ) ١( قل انظروا ماذا يف السموات واألرض : قوله تعاىل ب

إلصالح نظام احلياة البشرية متفرعة عن إميان املسلم أوال ، مث متفرعة ثانيا عن .فريضة اإلسالم للعلم على كل مسلم ومسلمة

وملا كان اإلسالم فاحتة لعهد الرشد البشري ، فإن اهتمامه بالعلم كان اقرأ : بالغا وكبريا ، فقد بدأ الوحي باألمر بالقراءة واإلشادة بالعلم اهتماما

باسم ربك الذي خلق ، خلق اإلنسان من علق ، اقرأ وربك األكرم الذي ن والقلم وما : ، وقال تعاىل ) ٢( اإلنسان ما مل يعلم علم بالقلم ، علم

وما له من مكانة يف ، وهو قسم يدل على ما للعلم من قيمة) ٣( يسطرون .رسالة اإلسالم ودعوته

واإلسالم يعترب العلم عنصرا من عناصر تكوين اإلنسان ، وسرا من أسرار وعلم آدم األمساء كلها مث تكرميه ، ومن أجله أسجد اهللا آلدم املالئكة

عرضهم على املالئكة فقال أنبؤين بأمساء هؤالء إن كنتم صادقني ، قالوا ك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم احلكيم ، قال يا آدم سبحان

أنبئهم بأمسائهم فلما أنبأهم بأمسائهم قال أمل أقل لكم إين أعلم غيب .) ٤( السموات واألرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون

١٠١آية :سورة يونس) ١( ٥-١آية:سورة العلق) ٢( ٢-١آية:سورة القلم) ٣( ٣٣-٣١آية:سورة البقرة) ٤(

٢٢

ولعل السر يف البعث اجلديد ألمة العرب ، ذلك البعث الذي نقلهم من قيادم اجلديدة بعد جاهليتهم األوىل يف م إىل قيادة األمم ، وكانوارعاية الغن

: خري أمة أخرجت للناس يكمن يف أمرين الذي اختاره اهللا سبحانه وتعاىل لدعوة يف شخصية النيب : األول

.الناس أمجعني إىل اإلسالم ، وأعده بفضل منه هلذا االختيار نفسه على وضع خاص به لدى قومه، مل يقم بدعوته كرد فعل يففإنه

يشكو منه ويثور من أجله ، فقد منحه قومه قبل دعوته لقب الصادق األمني ، .وعلى هذا فإن دعوته كانت استجابة لدعوة إهلية من أجل خري البشرية

يف إقامة اهللا عز وجل دعوة اإلسالم على إجياب العلم على كل : الثاين عقل والفكر يف مجيع نواحي دعوة اإلسالم ، ويف مسلم ومسلمة ، وخماطبة ال

هذا تكمن عظمة اإلسالم ، ألنه وحده الذي انفرد بني سائر النظم واألديان بإجياب العلم على اإلنسان ، وذلك لتحريره من مذلة اجلهل واهلوان ، ولينشئ اإلسالم جمتمعا بشريا جديدا متقدما وكرميا يليق مبا جيب أن يكون عليه

.اإلنسان ، اقرأ ولذا مل يكن من العجيب أن يكون أول ما نـزل من القرآن

وهكذا بدأ اإلسالم إصالحاته مبكرا ومن أول حلظة مبعاجلة األمية يف أول ما بدأه من معاجلة شؤون املسلمني ، وقد اعترب األمية منكرا جيب إزالته ، ونادى

جيعل فداء األسري فهذا هو رسول اهللا بإجياب العلم إلصالح اتمع اجلديد ،من أسرى بدر تعليمه عشرة من املسلمني القراءة والكتابة ، وذلك من أجل

. إعداد اإلنسان عن طريق العلم أوال ليكون نواة تمع جديد مبدع ومتقدم :العلم يف القرآن والسنة -

مثانني موضعا ، واملتأمل يف القرآن الكرمي جيد أن لفظة العلم قد وردت يفكما وردت ألفاظ أخرى مثل احلكمة والرأي والنظر والعربة والبصر كلها حتمل معىن العلم يف عشرات اآليات ، مما يدلنا على احتفاء القرآن الكرمي بالعلم ،

. ومدى أمهيته للفرد املسلم ، وكذلك للمجتمع بأسره من العلم توضيحا وتفصيال؛ وتزيد السنة النبوية الشريفة املوقف القرآين

وجعلت فضيلة العلم خري من ، ) ١() طلب العلم فريضة على كل مسلم(فتعترب

. صحيح ، رواه البخاري يف كتاب العلم احلديث ) ١(

٢٣

على -أي الرسول-فضل العامل على العابد كفضلى (فضيلة العبادة ، فـوذلك أن العبادة تقتصر فائدا على صاحبها ، أما العلم فيتعدى ، ) ١() أدناكم

د أثره وأجره لصاحبه بعد وفاته ؛ كما أخرب رسول اهللا نفعه لآلخرين ، بل وميت ٢( )إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث( يف احلديث املشهور (.

وألجل هذه املكانة العظيمة للعلم كان أجره وثوابه على قدره قال )٣( )طريقا يلتمس فيه علما سهل اهللا له طريقا إىل اجلنة من سلك (.

: ومفهوم العلم عند املفكرين املسلمني يعين العلم الشامل بشقيه الوحي على الشرعي ، والكوين ، أما الشق الشرعي فهو العلوم اليت تعتمد

مصدرا لالستمداد واالستنباط واالستدالل ، وهذه العلوم تعىن -قرآنا وسنة–يم ، والتصور العام للوجود بأمور العقيدة والعبادة واملعاملة واألخالق والق

والنفس اإلنسانية ، ونظام اتمع ، وغري ذلك من أمور مفصلة يف كتب .الشريعة والفقه والعقائد

وأما الشق الكوين فهو علوم البحث يف ظواهر الكون واحلياة ، ة، ويعتمد اإلنسان فيها على امللكة العقلية ، واملالحظة البصرية ، والتجربة العملي

ليصل من خالل ذلك كله إىل املعرفة الصحيحة بطبائع األشياء وخواصها ، وغري ذلك ، على أن تظل هذه العلوم الكونية دنيوية لعالقتها مع األشياء ،

.وتعبدية يف الوقت نفسه لصلتها باهللا اخلالق الواحد سبحانه وتعاىل على نوع معني وليس العلم الذي يشيد به القرآن الكرمي مقصورا

من العلم ، وليس التفكري الذي يدعو إليه القرآن الكرمي حمصورا يف نطاق من املعرقة حمدد ، فالعلم الذي ينوه به القرآن الكرمي علم يشمل العلوم كلها ، والتفكري الذي يدعو إليه القرآن يتسع أللوان التفكري كله ، وال غرابة يف أن

والتفكري هذا االهتمام ، ألن العقل هبة من اهللا ينميها يهتم القرآن الكرمي بالعلم التفكري ، ويغذيها العلم ، ويرقيها استخدامها فيما خلقت له ؛ لتهتدي إىل احلق واخلري ، ولتقر بوحدانية اهللا وقدرته وحكمته ، ولتمكن الناس من االنتفاع مبا

.صحيح ، رواه الترمذي احلديث ) ١( . حيح ، رواه مسلم يف كتاب العلم صاحلديث ) ٢( . صحيح ، رواه البخاري يف كتاب العلم احلديث ) ٣(

٢٤

.)١(خلقه اهللا هلم يف السماوات واألرض يعتقد أن العلم يف القرآن يقتصر على املعىن املراد بالعلوم وهلذا خيطئ من

مجلة املعارف اليت يدركها اإلنسان بالنظر يف (الشرعية ، وإمنا هو يشمل كذلك ملكوت السماوات واألرض ، وما خلق من شيء ، ويشمل اخللق هنا كل

.)٢() موجود يف هذا الكون ذي حياة أو غري ذي حياة يف هذا املقام أن نشري إىل أن مفهوم العلم يف الفكر ولعل من املناسب

الغريب املعاصر خيتلف اختالفا كليا عن مفهوم العلم يف اإلسالم ، فكلمة العلم يف اللغة اإلجنليزية تعين العلم القائم على ) Science(اليت يقابلها لفظ

المي هو دائرة التجربة؛ الذي هو املعرفة العلمية ، بينما العلم يف الفكر اإلسأوسع من ذلك تضم بداخلها املعرفة ، من داخلها املعرفة العلمية اليت هي

)Science ()٣ (. العلم اإلسالمي (وإذا رجعنا إىل عصور االزدهار اإلسالمي وجدنا أن

كان ينطوي على جانيب الدنيوية واألزلية يف آن واحد ، ويستهدف خدمة احلياة األرضي ، يف إطار ترتكز أصوله على النظر يف عامل اإلنسانية يف هذا العامل

.)٤() السماء واألرض ، واستخالص العربة من نظامه احملكم ، وقوانينه األزليةفالعلم الذي يمكن اإلنسان املسلم من القيام مبهام االستخالف يف األرض

تصر على هو العلم مبفهومه الشامل الذي ينظم كل ما يتصل باحلياة ، وال يق(علم الشريعة أو العلم الديين كما يتبادر يف بعض األذهان ، أو ما ذاع يف عهود

.)٥() التخلف عن القرآن

القرآن والتفكري،الس األعلى للشئون :أمحد احلويف.د) ١(

.١٠،ص١٩٧٥،)ط.د(اإلسالمية،القاهرة،التفكري فريضة إسالمية،دار :عباس حممود العقاد) ٢(

.٨٥،ص)ت.د(،)ط.د(النهضة،القاهرة،حنو فلسفة إسالمية للعلوم،من منشورات املعهد العاملي للفكر : عدنان حممد زرزور)٣(

.٤٠م،ص١٩٨٧،)ط.د(اإلسالمي،القاهرة، .١م،ص١،١٩٨٧،الكويت،ط)٣(التفكري العلمي،سلسلة عامل املعرفة:فؤاد زكريا.د) ٤( .١١٥م،ص١،١٩٨٢منهج القرآن يف التربية،مؤسسة الرسالة،بريوت،ط:حممد شديد) ٥(

٢٥

א− א מ א מ :א للعامل واملتعلم مكانة ومنـزلة خاصة يف اإلسالم ، تقرر هذا من

شرية آدم عليه السالم عندما كرمه اهللا سبحانه املكانة واملنـزلة اليت ناهلا أبو البوتعاىل من يوم أن خلقه ، وأمر املالئكة بالسجود له سجود تكرمي وتعظيم ، ال

قال : قال اهللا تعاىل . سجود عبادة ، إذ صرف العبادة هللا وحده دون سواه غيب يا آدم أنبئهم بأمسائهم فلما أنبأهم بأمسائهم قال أمل أقل لكم إين أعلم

وإذ قلنا للمالئكة * السموات واألرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون .)١( اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس أىب واستكرب وكان من الكافرين

فهذا الشرف الذي ناله آدم إمنا كان بفضل ما آتاه اهللا من علم ، دم ومتيزه وفضله ، ميزه إنه سبحانه ملا أراد إظهار تفضيل آ: (قال ابن القيم

األمساء كلها مث عرضهم على املالئكة فقال أنبئوين : عليهم بالعلم ، فعلمه .)٢( بأمساء هؤالء إن كنتم صادقنيلن خيلق ربنا خلقا هو أكرم : ( قالوا -أي املالئكة- جاء يف التفسري أم

عله اهللا يف األرض ، فلما ، فظنوا أم خري وأفضل من اخلليفة الذي جي عليه منا : امتحنهم بعلم ما علمه هلذا اخلليفة أقروا بالعجز وجهل مامل يعلموه ، فقالوا

سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم احلكيم )٣(. ياءادم : فحينئذ أظهر هلم فضل آدم مبا خصه من العلم ، فقال

.) ٥( ) أقروا له بالفضل)٤( م بأمسائهمأنبئهم بأمسائهم فلما أنبأه ويظهر فضل العلم وشرف حامله من كون العلم من صفات اهللا

العليم ، وكل من اتصف بالعلم ارتفعت منـزلته ورتبته عند اهللا سبحانه فهووتعاىل ، ولذلك عد العلم من صفات الكمال ، فلوال العلم لكان اإلنسان

وشرف العلم ال : ( ت يف كثري من الصفات ، يقول الزرنوجي كسائر املخلوقا

.٣٤-٣٣آية :سورة البقرة) ١( .٣١آية :سورة البقرة) ٢( .٣٢آية :سورة البقرة )٣(

.٣٣آية: سورة البقرة ) ٤(مفتاح دار السعادة ومنشور والية العلم واإلرادة،مكتبة :ابن قيم اجلوزية) ٥(

.٥٧م،ص٣،١٩٧٩محيدو،اإلسكندرية،ط

٢٦

خيفى على أحد ، إذا هو املختص باإلنسانية ، ألن مجيع اخلصال سوى العلم يشترك فيها اإلنسان ، وسائر احليوانات كالشجاعة ، واجلرأة ، والقوة ،

يه وبه أظهر اهللا تعاىل فضل آدم عل. واجلود، والشفقة وغريها ، سوى العلم .) ١() السالم على املالئكة ، وأمرهم بالسجود له ، وإمنا شرف بالعلم

لكونه وسيلة ( والعلم شرف ألهله ، ألنه الوسيلة إىل السعادة يف الدنيا، . ) ٢() إىل الرب والتقوى ، والذي به يستحق الكرامة عند اهللا ، والسعادة األبدية

ان شهادة أهل العلم بشهادة اهللا سبحانه وتعاىل شرف هذا واقتربدأ بنفسه ، وثىن (وتعظيم ، وبيان لرفعة منـزلتهم ، ذلك أن اهللا تعاىل

، ) ٣() مبالئكته، وثلث بأهل العلم ، وكفاهم ذلك شرفا و فضال وجاللة ونباللم قائما شهد اهللا أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولو الع : ويف قوله تعاىل

تزكيتهم (واستشهاد اهللا بتلك الفئة من خلقه تتضمن ، )٤( بالقسط وتعديلهم، فإن اهللا ال يستشهد من خلقه إال العدول ، ومنه احلديث املعروف

حيمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه حتريف : (عن النيب . )٦( ) )٥( )الغالني ، وانتحال املبطلني ، وتأويل اجلاهلني

كما تتضمن اآلية حفز املتعلم على طلب مزيد من العلم ، ألن مقتضى الشهادة أداؤها قوال وعمال ، وهذا ال يتم إال بطلب العلم لتقومي سلوك وتصرفات املتعلم حىت تكون موافقة للنهج الصحيح ، ومىت ما اقتدى به

.اآلخرون نال من األجر والثواب العظيم والرفعة وذا فإن سلوك أهل العلم وتصرفام حجة على غريهم ، فإذا أدوا

فقد أدوا احلق املشهود به ، فثبت احلق املشهود به ، فوجب على (الشهادة اخللق اإلقرار به وكان ذلك آية سعادم يف معاشهم و معادهم ، وكل من نال

.٢٩م،ص١،١٩٨٥ري،دمشق،طتعليم املتعلم طريق التعلم،دار ابن كث: الزرنوجي) ١( .٢٩ ص:املصدر نفسه) ٢( .٥تذكرة السامع واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣( .١٨آية :سورة آل عمران) ٤(سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها : احلديث صحيح، حممد ناصر الدين األلباين) ٥(

.٤٨٥، ص١م ج١٩٨٥، ٤ت، دمشق، طاملكتب اإلسالمي، بريو. وفوائدها .٥٢مفتاح دار السعادة ، مرجع سابق، ص: ابن القيم اجلوزية) ٦(

٢٧

ن األجر مثل أجره ، اهلدى بشهادم ، وأقر ذا احلق ، بسبب شهادم فلهم موهذا فضل عظيم ال يدري قدره إال اهللا ، وكذلك كل من شهد ا عن

.) ١() شهادم ، فلهم من األجر مثل أجره ولشرف العلم وفضله ، وشرف حامله وفضله ، وجه اهللا سبحانه

وقل رب زدين : أن يطلب مزيدا من العلم ، فقال تعاىلوتعاىل نبينا حممد اللهم : ( لتوجيه ربه ، فكان من دعائه فاستجاب الرسول ، ) ٢ (ما عل

) . زدين علما اخلري ألمته رغب يف طلب العلم وأكد على ذلك لينالوا وحملبته

الشرف والفضل، وليفوزوا باملكانة اليت أعدت ألهل العلم عند اهللا سبحانه ئكته ، وأهل السموات واألرض ، وتعاىل ، ذلك أن اهللا سبحانه وتعاىل ومال

واحليوانات يف الرب والبحر يدعون ملعلم الناس اخلري ، فأعظم ا من منـزلة يدعو فيها اخلالق ، وخملوقاته ، خللق من خلق اهللا سبحانه وتعاىل ، وهو طالب

إن اهللا : (عن أيب أمامة رضي اهللا عنه قال، قال رسول اهللا . العلم جحرها وحىت احلوت يف يف سموات واألرض حىت النملةومالئكته وأهل ال

الصالة ههنا : ( ، قال أبو عمر)٣() البحر ليصلون على معلم الناس اخلري .)٤() الدعاء واالستغفار

من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك به طريقا من طرق : (وقال نه ، وإن العامل وإن املالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم لرضى اهللا ع. اجلنة

.)٥() ليستغفر له من يف السموات ومن يف األرض حىت احليتان يف جوف املاء ما من قوم جيتمعون يف بيت من بيوت اهللا يتعلمون : ( قالوعنه

القرآن ويتدارسونه بينهم إال حفتهم املالئكة وغشيتهم الرمحة ونـزلت

.٥٣ص:املرجع السابق) ١( .١١٤آية : سورة طه) ٢(جامع بيان العلم وفضله،دار الباز،مكة :ابن عبد الرب )٣(

.٤٥٧-٤٥٦،ص٢م،ج١٩٧٨،)ط.د(املكرمة، .٣٨ص١له،مصدر سابق،ججامع بيان العلم وفض:ابن عبد الرب) ٤(واحلديث ،٨-٦تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٥(

.صحيح،رواه أبو داود

٢٨

ن رجل يسلك طريقا عليهم السكينة ، وذكرهم اهللا فيمن عنده ، وما ميلتمس فيها علما إال سهل اهللا له طريقا إىل اجلنة ، من أبطأ به عمله مل يسرع

.)١( )به نسبه ومنـزلة طالب العلم ترتفع ليكون من أهل اهللا وخاصته ؛ عن

إن هللا أهلني من : (قال رسول اهللا : أنس بن مالك رضي اهللا عنه قالهم محلة القرآن ، هم أهل اهللا : (م يا رسول اهللا ؟ قالقيل من ه) الناس

. )٢( )وخاصته ومنـزلة طالب العلم تعادل منـزلة ااهد يف سبيل اهللا ، ألنه هو جماهد

عن أنس بن مالك رضي اهللا – وال يسقط طلب العلم اجلهاد بالسيف –أيضا ) يف سبيل اهللا حىت يرجعمن خرج يف طلب العلم فهو : ( قالعنه عن النيب

)٣(. ومن علو املنـزلة أيضا أن يكون املتعلم ممن اختارهم اهللا واصطفاهم من

مث : بني خلقه ، فعن عثمان بن عفان رضي اهللا عنه يف قول اهللا تبارك وتعاىل كل من تعلم القرآن : (قال ، ) ٤( أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا

.)٥ ()اصطفاه اهللا من بين آدموعلمه فهو ممن قال رسول اهللا : وعن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما ، قال

اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل يف الدنيا، فإن : يقال لصاحب القرآن : (أرفع الناس : (ويقول سفيان بن عيينة ، )٦() منـزلتك عند آخر آية تقرأها

، واحلديث ١٤-١٣،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .صحيح،رواه ابن ماجة

م، ١٩٨٣اد األهواين، دار املعارف، القاهرة، أمحد فؤ/ ، حتقيقآداب املعلمني: ابن سحنون) ٢(صحيح اجلامع الصغري وزيادته،املكتب :واحلديث صحيح،حممد ناصر الدين األلباين.٣٥١ص

.٤٣٢،ص١م،ج٢،١٩٨٦اإلسالمي،بريوت،ط،واحلديث صحيح،رواه ٥٥،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ٣(

.الترمذي .٣٢آية:سورة فاطر) ٤( .٥٣٢آداب املتعلمني،مصدر سابق،ص:ابن سحنون) ٥( .احلديث حسن صحيح،رواه الترمذي يف سننه) ٦(

٢٩

. )١() بني اهللا وبني عباده ، وهم األنبياء والعلماءعند اهللا منـزلة من كان وقد استحق أهل العلم تلك املرتبة باعتبارهم من أولياء اهللا ، يقول

.) ٢() إن مل يكن الفقهاء العاملون أولياء اهللا فليس هللا ويل: (الشافعي رمحه اهللا : السالم منـزلة أهل العلم بعد األنبياء والرسل عليهم الصالة و-

األنبياء عليهم الصالة والسالم أفضل اخللق منـزلة عند اهللا عز وجل، و يليهم يف ذلك أهل العلم ؛ ذلك ألن أهل العلم يأخذون مبرياث النبوة، واألنبياء مل يورثوا دينارا وال درمها ، وإمنا ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ باحلظ

من سلك : (قال رسول اهللا : رضي اهللا عنه قال الوافر ، عن أيب الدرداء طريقا لعلم يتعلمه سهل اهللا له طريقا إىل اجلنة ، ووضعت له املالئكة أجنحتها وصلت عليه حيتان البحر ومالئكة السماء وللعامل على العابد من الفضل كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب والعلماء ورثة األنبياء ،

نبياء مل يورثوا درمها وال دينارا فمن أخذ به أخذ باحلظ الوافر ، وموت إن األالعامل مصيبة ال جترب، وثلمة ال تسد وجنم طمس وموت قبيلة أيسر من موت

وحسبك هذه الدرجة جمدا وفخرا ، وذه الرتبة : (، ويقول ابن مجاعة ) ٣() عاملال شرف فوق شرف وارث تلك شرفا وذكرا فكما ال رتبة فوق رتبة النبوة ف

.) ٤() الرتبةوقد أثبت القرآن الكرمي تلك الرتبة للعلماء ليكون ذلك حافزا للمتعلم

ولو ردوه إىل : لطلب مزيد من العلم لنيل تلك الرتبة واملكانة ، قال اهللا تعاىل .) ٥( الرسول وإىل أوىل األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم

حكمه يف الوقائع رد: (يف اآلية السابقة ) هـ٥٠٥ت(الغزايل يقول ، ويقول ) ٦() إىل استنباطهم وأحلق رتبتهم برتبة األنبياء يف كشف حكم اهللا

. ١١تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١١ص:املصدر نفسه) ٢( .١٠٧٩، ٢احلديث صحيح،صححه األلباين يف صحيح اجلامع الصغري،مرجع سابق،ج )٣( .٦تذكرة السامع واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .٨٣آية :سورة النساء ) ٥( .٥،ص١إحياء علوم الدين، دار الريان،القاهرة،ج: الغزايل) ٦(

٣٠

مل يعط أحد يف الدنيا شيئا أفضل من النبوة ، وما بعد النبوة : (سفيان بن عيينة تلك الرتبة ألم يقومون ، والعلماء ينالون) ١() شيء أفضل من العلم والفقه

من أراد النظر إىل جمالس األنبياء فلينظر : (قال سهل. مقام األنبياء من بعدهم .) ٢() إىل جمالس العلماء فاعرفوا هلم ذلك

: تفاضل الناس على بعضهم بالعلم -

األنبياء عليهم الصالة والسالم هم أفضل اخللق وأرفع املخلوقني عند : ، والعامل خري من اجلاهل ، وقد انتفت املساواة بينهما بقول اهللا تعاىل اهللا تعاىل أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما حيذر اآلخرة ويرجوا رمحة ربه قل

، )٣( هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون إمنا يتذكر أولوا األلباب .)٤( ا يعقلها إال العاملون وتلك األمثال نضرا للناس وم : وقال تعاىل

يرفع : واملؤمن العامل خري من املؤمن اجلاهل ويف كل خري، قال تعاىل .)٥( اهللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات

تفاضل الناس ، وأم يتفاضلون بالعلم وقد أثبت رسول اهللا : ة ، فعن أيب هريرة رضي اهللا عنه قالحيث عد أهل العلم بأم خيار هذه األم

ليس هذا : قالوا )أتقاهم: ( من أكرم الناس ؟ قال سئل رسول اهللا يعين )فأكرم الناس نيب اهللا بن نيب اهللا بن نيب اهللا بن خليل اهللا: (نسألك، قال

ليس عن : قالوا . يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات اهللا عليهم إن خياركم يف اجلاهلية : فعن معادن العرب تسألوين : ( ، قال هذا نسألك

.)٦() خياركم يف اإلسالم إذا فقهواالناس : ( وعن أيب هريرة رضي اهللا عنه يف حديث رفعه قال

. ١١تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١١ص:املصدر نفسه) ٢( .٩آية: سورة الزمر) ٣( .٤٣آية: سورة العنكبوت) ٤( .١١آية: سورة اادلة) ٥(واحلديث صحيح،رواه .١٨،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب )٦(

.البخاري

٣١

معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم يف اجلاهلية خيارهم يف اإلسالم إذا . )١( )فقهوا

مؤمن عامل : أي الناس أفضل ؟ قال : (سئل لقمان احلكيم وملا جدو عنده اخلري غيت٢() إن اب ( .

א− א א מ א :א رغب اإلسالم يف طلب العلم ، وذلك ألثره اإلجيايب على املتعلم

من احلظوة والرفعة واملكانة يف واتمع الذي يعيش فيه ، فاملتعلم ينال الكثرياتمع الذي يعيش فيه ، كما ينال من الثواب واألجر عند اهللا سبحانه وتعاىل ، وسلوك املتعلم يف طريق طلب العلم داللة على فالحه بإذن اهللا تعاىل ، قال

وعن زيد بن . ) ٣() من يرد اهللا به خريا يفقهه يف الدين : (رسول اهللا نضر اهللا امرءا مسع منا حديثا فحفظه : ( قال اهللا عنه أن النيب ثابت رضي

فواهللا ألن يهدي : (وقال ، )٤ ()وبلغه غريه ، فرب حامل فقه ليس بفقيه .) ٥( )اهللا بك رجال واحدا خري لك من محر النعم

وأما تأثري طلب العلم على اتمع فيعود إىل أن إمجاع األمة على أن تركت فيكم أمرين لن : ( أنه قال فيه هالكها فقد جاء عن النيب تركه

) هـ٤٠٣ت(، ويعلق القابسي )٦( )كتاب اهللا وسنيت: تضلوا ما متسكتم مافهو شيء البد من تعلمه ، ولكن من قام به فله أجره ، : (على ما سبق بقوله

ترك القيام به، ومن مل يقم به ترك حظه ، وأعوذ باهللا أن يتفق املسلمون على . )٧() ولو كان كذلك لكانت اهللكة املبرية

. ١٩،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب)١( . ٦٢،ص١ج:املصدر نفسه) ٢( . يف سننهيح،رواه ابن ماجةاحلديث صح) ٣( . يف سننهاحلديث صحيح، رواه أبو داود) ٤( . يف سننهاحلديث صحيح، رواه أبو داود) ٥(، )ط.د(م،١٩٨٣الرسالة املفصلة ألحوال املتعلمني،دار املعارف،القاهرة،:القابسي) ٦( .٥٦٠، ص١واحلديث صحيح،صحيح اجلامع الصغري،مرجع سابق،ج.٢٩١ص

.٢٩١سالة املفصلة ألحوال املتعلمني وأحكام املعلمني،مصدر سابق، صالر:القابسي) ٧(

٣٢

: دوافع طلب العلم -

إن هناك الكثري من العوامل اليت متثل باعثا قويا لطلب العلم لدى املسلم فمنها الدافع الديين ، الذي يؤكد على إخالص النية ، و احلض على طلب العلم

بة اجلهل ، ومنها ما يكون لدوافع اجتماعية للعمل به ، واالستمرار يف طلبه حملار .أو اقتصادية أو علمية

: الدافع الديين لطلب العلم -

أن يطلب العلم بنية خالصة هللا وحده، فيجب علي املتعلم:اإلخالص -١

وما أمروا إال ليعبدوا اهللا : صادقة يف توجهها وقصدها ، قال اهللا تعاىل . )١( خملصني له الدين حنفاء

وينبغي أن يهدف املتعلم بطلب العلم رضا اهللا والدار اآلخرة ، أما فإن التعلم لغري اهللا حرام باطل ، (طلب العلم ألغراض الدنيا البحتة فمنهي عنه

واعلم أن مجيع ما : (، ويقول ابن مجاعة ) ٢() وطلب العلم ال للعمل به ضائعيف حق العلماء العاملني األبرار املتقني ذكر من فضيلة العلم والعلماء إمنا هو

الذين قصدوا به وجه اهللا الكرمي والزلفى لديه يف جنات النعيم ال من طلبه بسوء نية ، أو خبث طوية ، أو ألغراض دنيوية من جاه ، أو مال ، أو مكاثرة يف

. )٣() األتباع والطالبله يف الدنيا من وفساد النية جيعل حظ املتعلم من طلب العلم ما ينا

من : عائد ، أما يف اآلخرة فما له من نصيب ، حيث فسر قول اهللا تعاىل كان يريد حرث اآلخرة نـزد له يف حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته

) حرث اآلخرة(بعمله ) من كان يريد( )٤ (منها وما له يف اآلخرة من نصيب

.٥آية : سورة البينة) ١(م،ج، ١٩٨٥مفتاح السعادة ومصباح السيادة،دار الكتب العلمية،بريوت،ط،:طاش كربى) ٢( .١٨ص

.١٣تذكرة السامع واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .٢٠آية:لشورىسورة ا) ٤(

٣٣

بالتضعيف فيه احلسنة إىل العشرة ) حرثهنـزد له يف (أي كسبها وهو الثواب وما له (بال تضعيف ما قسم له ) ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها(وأكثر

. ) ١() يف اآلخرة من نصيبمن كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء ملن : وقال اهللا تعاىل

د اآلخرة وسعى هلا نريد مث جعلنا له جهنم يصالها مذموما مدحورا ومن أراسعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا كال مند هؤالء وهؤالء من

.) ٢( عطاء ربك وما كان عطاء ربك حمظوراأول الناس : (وقد ورد فيمن مل يرد بعلمه وجه اهللا تعاىل قول النيب

فعرفه يقضى فيه يوم القيامة ثالثة ، رجل استشهد يف سبيل اهللا فأيت به ربه : قاتلت حىت قتلت ، قال : قال : فما عملت فيها : فعرفها ، فقال همعن

كذبت ، ولكن قاتلت ليقال هو جرئ ، وقد قيل ، مث أمر فسحب على ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن فأيت به . وجهه حىت ألقي يف النار

تعلمت فيك العلم : فما عملت فيها ؟ قال : فعرفها ، فقالهفعرفه نعمهو قارئ ، فقد قيل : كذبت ، ولكن ليقال : وعلمته ، وقرأت القرآن ، قال

، مث أمر فسحب على وجهه حىت ألقي يف النار ، و رجل أوسع اهللا عليه ، فما عملت فيها : فعرفها ، قال هوأعطاه من أصناف املال ، فأيت به فعرفه نعم

: فيها إال أنفقت فيها ، قال ما تركت من سبيل حتب أن أنفق: ؟ قال كذبت ، ولكن ليقال هو جواد ، فقد قيل ، مث أمر فسحب على وجهه حىت

.)٣( )ألقي يف الناروهذا احلديث فيمن مل يرد بعلمه وال عمله وجه : ( قال ابن عبد الرب

. )٤() اهللا ، وقد قيل يف الرياء إنه الشرك األصغر ، وال يزكو معه عمل من تعلم علما لغري اهللا، أو أراد به غري وجه اهللا فليتبوأ مقعده من :(وقال .)٥() النار

.٦٤١، ص)ت.د. (تفسري اجلاللني، دار املعرفة، بريوت: السيوطي) ١( . ٢٠-١٨آية:سورة اإلسراء) ٢( .احلديث صحيح،رواه مسلم) ٣( .٣،ص٢جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤( . يف سننهاحلديث صحيح رواه الترمذي) ٥(

٣٤

وملا كان مدار احلكم على املقاصد والنيات ؛ ال ظاهر األعمال ، و )١() إمنا األعمال بالنيات وإمنا لكل امرئ ما نوى : (واألقوال ؛ لقوله

عمل يتصور بصورة أعمال الدنيا ، ويصري حبساب الدين من كم من: (قيل أعمال اآلخرة ، وكم من عمل يتصور بصورة أعمال اآلخرة ، مث يصري من

فقد حث املفكرون املسلمون املتعلمني على حسن )٢() أعمال الدنيا بسوء النية العلمي ، النية يف طلب العلم ، وأرشدوهم إىل ضرورة مراعاة ذلك يف سلوكهم

بل هناك ما يشري إىل أم أدركوا أن طلب العلم واملثابرة عليه واالندفاع يف طلبه قد يؤدي إىل تصحيح النية ، ألن العلم يف الغالب يقود صاحبه إىل رضا اهللا

) ٣() كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إىل اآلخرة: (والدار اآلخرة ، قال احلسن ليطلب العلم لغري اهللا ، فيأىب عليه العلم ، حىت إن الرجل: (وعن معمر قال

لقد طلب أقوام هذا العلم ما أرادوا به اهللا وما : ( ، وقال احلسن )٤() يكون هللا .) ٥() عنده فما زال م حىت أرادوا به اهللا وما عنده

و الطالب عندما يطلب العلم ابتغاء رضا اهللا ، سوف يشعر بسعادة و حيصل العلم ؛ وهي سعادة تذلل الصعاب أمام الطالب ، روحية كربى وه

وجتعله قادرا على بذل اجلهد والوقت يف رضا وجة ، ولعل ذلك يفسر قوة احتمال علماء السلف للكثري من املصاعب يف سبيل حتصيل العلم ، كما يفسر

.من ناحية أخرى هذا احملصول العلمي الضخم الذي حصلوه أثناء الطلب يقتضي أن " العلم" إن الدافع الديين لطلب :وجوب العمل بالعلم -٢

يكون هذا الطلب مقترنا بنية العمل به ، إذ حث اإلسالم على الربط بينهما ، واعترب العلم هو املوجه للسلوك وفق املنهج الصحيح ، كما دعا إىل التطبيق

أن يعمل (على املتعلم العملي للعلم مبا يعود بالنفع عليه وعلى اآلخرين ، فوجب بعلمه هللا تعاىل واليوم اآلخر ، وأن يعلم اجلاهل ويوقظ الغافل ويرشد الغوي ،

.احلديث صحيح،رواه البخاري) ١( .٣٦تعليم املتعلم طريق التعليم،مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٢( .٣٦ص:املصدر نفسه) ٣( .٢٣ص:املصدر نفسه) ٤( .٢٣ص:املصدر نفسه) ٥(

٣٥

ويؤيد من ليس بالقوي ، فإن التعلم لغري اهللا حرام باطل ، وطلب العلم ال للعمل .) ١() به ضائع

وهلذا فإن من ال يعمل بعلمه ال يكون مستعدا لرمحة اهللا تعاىل ، يقول ولو قرأت العلم مائة سنة ومجعت ألف كتاب ال تكون مستعدا لرمحة : (الغزايل

، ) ٣( وأن ليس لإلنسان إال ما سعى : ، قال تعاىل) ٢() اهللا تعاىل إال بالعملفمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صاحلا وال يشرك : سبحانه وقال

.) ٥( جزاء مبا كانوا يكسبون : ، وقال عز وجل ) ٤ ( أحدا بعبادة ربهحسن ( والعمل الصاحل داللة االنتفاع بالعلم ، ويظهر النفع بالعلم يف

االهتداء يف العبادة ، فمن مل يزدد بالعلم ورعا وزهدا مل يزدد من اهللا إال مقتا .) ٦() وبعدا

زكاة ويظهر االنتفاع بالعلم من خالل بذله لآلخرين ، وبذل العلم علم ال يقال : (قال رسول اهللا : له ، فعن ابن عمر رضي اهللا عنهما قال

. ) ٧() ال ينفق منه به ككنـز ومن مل ينتفع بعلمه مل ينتفع به اآلخرون ، إذ املطلب األول تقومي

ومن مل يعمل بعلمه زلت موعظته عن : (سلوك املتعلم نفسه ، ولذلك قيل .) ٨() عن الصفاالقلوب كما يزل القطر

وينبغي للمتعلم أن يطلب العلم الرتباطه بالعمل ، ألن العلم مقوم للعمل ومصحح له ، ولذلك كان تفضيل طلب العلم على العبادة والزهد يف

باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من : (الدنيا ، فعن أيب ذر رضي اهللا عنه قال

.١٨، ص١مفتاح السعادة ومصباح السيادة ،مرجع سابق، ج: طاش كربى زادة ) ١( .٩٩، ص١،١٩٨٣أيها الولد،دار االعتصام،حتقيق علي حمي الدين،القاهرة،ط: الغزايل) ٢( .٣٩آية:سورة النجم) ٣( .١١٠آية:سورة الكهف) ٤( .٢٨آية:سورة التوبة) ٥( .١٩، ص١مفتاح السعادة ومصباح السيادة ،مرجع سابق، ج: طاش كربى زادة) ٦(واحلديث .١٢٢،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٧(

.٧٤٤، ص٢ته،مرجع سابق، جصحيح اجلامع الصغري وزياد: صحيح،األلباين .٨، ص٢جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٨(

٣٦

نعلمه عمل به أو مل يعمل أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا ، وباب من العلمالعامل أفضل : (، وعن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه ) ١() مائة ركعة تطوعا

العامل خري من الزاهد : (، وقال احلسن البصري ) ٢() من الصائم القائم ااهد .)٣() يف الدنيا ؛ اتهد يف العبادة

عبادة يف اإلسالم يرجع إىل امتداد وسبب تفضيل طلب العلم على الأثر األول على اتمع ، واقتصار أثر العبادة على الفرد نفسه ، يقول ابن مجاعة

وقد ظهر أن االشتغال بالعلم هللا أفضل من نوافل العبادات البدنية ، من صالة : (وصيام وتسبيح ودعاء وحنو ذلك ؛ ألن نفع العلم يعم صاحبه والناس ، والنوافل البدنية مقصورة على صاحبها ، وألن العلم مصحح غريه من العبادات ، فهي تفتقر إليه وتتوقف عليه وال يتوقف هو عليها ، وألن العلماء ورثة األنبياء عليهم الصالة والتسليم ، وليس ذلك للمتعبدين ، وألن طاعة العامل واجبة على غريه

، وغريه من النوافل تنقطع مبوت فيه ، وألن العلم يبقى أثره بعد موت صاحبه .)٤() صاحبها ، وألن يف بقاء العامل إحياء الشريعة وحفظ معامل امللة

وذلك لكون املتعلم : االستمرار يف طلب العلم و حماربة اجلهل -٣

حمتاجا إىل العلم يف عباداته ، وعاداته ، ومجيع شؤون احلياة ، ملعاجلة القضايا ثبات مبادئ اإلسالم وتعاليمه مع ما يقابله (جدة ، حيث إن واملشكالت املست

من تطور ظروف احلياة والتعامل مع الناس ، كل ذلك يدعو إىل معاجلة هذه .) ٥() التطورات ، ومعاجلة النفس اإلنسانية باستمرار يف ضوء تعاليم اإلسالم

ر يف من هنا حرص اإلسالم على توجيه أتباعه إىل أمهية االستمراطلب العلم من املهد إىل اللحد ، كما حرص أيضا على توجيه أتباعه إىل االستمرار يف طلب العلم ، سواء أدركه املتعلم أم مل يدركه ؛ فإن أدركه فله

.١٢،١٣تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٦٣-٦٢املعيد يف أدب املفيد واملستفيد،مصدر سابق، ص: العلموي) ٢( .٢٤علم وفضله،مصدر سابق، صجامع بيان ال: ابن عبد الرب) ٣( .١٣تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(التربية اإلسالمية واملشكالت املعاصرة ،املكتب :عبد الرمحن النحالوي) ٥(

.٦٧م، ص١٩٨٢، ١اإلسالمي،بريوت،ط

٣٧

من طلب علما فأدركه : (أجران ، وإن مل يدركه كان له أجر واحد ، قال يدركه كتب اهللا له كفال كتب اهللا له كفلني من األجر، ومن طلب علما فلم

، ويف ذلك حث على طلب العلم مهما كانت الصعاب ، ومهما ) ١( )من األجر .كانت النتائج الدراسية غري مرضية

ولعلنا نفهم من ذلك أال حنرم أحدا من العلم حىت ولو كان أقل نيسره من املتوسط يف حتصيله الدراسي ؛ بل يظل من األفضل أن نبذل العلم و

للمتفوقني واملتخلفني دراسيا يف نفس الوقت ، على أن نقدم لكل ما يناسبه من تعليم ، فكل تعليم هو كسب ألفراد ؛ سواء كان كسبا كامال أو كسبا حمدودا

. يف حدود قدرات الطالب وإمكانام أن لقد أمر اإلسالم بطلب العلم مدى احلياة ؛ لكون املتعلم ال ميكن

لو كان أحد : (يكتفي من العلم مهما طال حتصيله له ويف ذلك يقول قتادة هل أتبعك : يكتفي من العلم بشيء الكتفي موسى عليه السالم ، ولكنه قال

. ) ٣( ) )٢( على أن تعلمن مما علمت رشدا لعل : (إىل كم تكتب احلديث فقال : وهذا ابن املبارك ملا سئل

.) ٤() انتفع ا مل أمسعها بعدالكلمة اليت كما أن ملوقف اإلسالم من اجلهل ، والتنفري منه ما ميثل باعثا قويا حنو االستمرار يف طلب العلم ، ذلك أن فرائض اإلسالم ال ميكن أن تؤدى على

طلب العلم فريضة على : ( قال جهل ، فعن أنس رضي اهللا عنه أن النيب . ) ٥() كل مسلم

والعلم خري لصاحبه ينظم حياته ويرتب أموره ، واجلهل بضده ، ينبغي أن ينوي املتعلم بطلب العلم رضا اهللا والدار اآلخرة وإزالة اجلهل (ولذلك

واحلديث حسن،رواه .٤٥ص، ١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج:ابن عبد الرب) ١(

.الطرباين يف املعجم الكبري .٦٦آية: سورة الكهف) ٢( .١٠٠، ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣( .٩٦، ص١املصدر نفسه،ج) ٤(صحيح اجلامع الصغري وزيادته،مرجع : واحلديث صحيح، األلباين. ٨، ص١ج:املصدر نفسه) ٥(

.٧٢٧، ص٢سابق،ج

٣٨

عن نفسه وعن سائر اجلهال وإحياء الدين وإبقاء اإلسالم فإن بقاء اإلسالم .) ١() بالعلم

واجلهل سبب يف هالك األمة ومتزقها ، من خالل ما ميارسه اجلهالء من سلوك وتصرفات تضر باإلسالم ، وبالتايل تؤثر تلك احلال على اتمع ، وكثريا ما شقت فئة عصا الطاعة على األمة بسبب تصرفاا وتزمتها ، وأساس

لم كالسالك على غري طريق ، العامل على غري ع: (ذلك اجلهل ، قال احلسن والعامل على غري علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح ، فاطلبوا العلم طلبا ال تضروا بالعبادة ، واطلبوا العبادة طلبا ال تضروا بالعلم ، فإن قوما طلبوا العبادة

ولو طلبوا العلم مل يدهلم وتركوا العلم حىت خرجوا بأسيافهم على أمة حممد . ) ٢() فعلواعلى ما

والذي يتابع تلك التعاليم ال ميكنه أن يغفل أا حتث حثا على إزالة اجلهل ، وتعميم العلم بني أفراد اتمع ، ودفعهم دفعا إىل استمرار التعليم مدى احلياة ، مما يؤكد أن حلم اتمع املتعلم املعلم الذي فوا إليه النظم التعليمية

هو إال عودة إىل تعاليم إسالمنا ، فالعلم واستمرار التعلم ال يأيت املعاصرة ، ما .إال خبري ، واجلهل واستمراره ال ميكن أن يأيت إال بشر

: الدافع العلمي لطلب العلم -

إن التطور الذي يشهده العامل اليوم يف شىت ااالت املعرفية ، فمنها ما يتعلق مبتطلبات العمل ، إخل أفرز العديد من املشكالت... والتقنية

واحلاجة إىل السيطرة على البيئة ، واحلاجة إىل السيطرة على النفس ، األمر الذي جعل املربني يتنادون إىل ضرورة تربية الفكر العلمي لدى املتعلم ، وذلك من خالل غرس الروح العلمية ، وممارسة األساليب العلمية والتغلب على السلوك

ي املعتمد على اجلمود والركود ، وإحالل روح طلب العلم للعلم حبيث النمطأن كل مرحلة نقطعها يف طلب العلم إمنا هي نقطة انطالق ملزيد (يدرك املتعلم ، مما يزود املتعلم بالقدرة على التصدي للمواقف العلمية )٣() من البحث

.٣٦تعليم املتعلم طريق التعلم،مصدر سابق ، ص: الزرنوجي)١( .١٣٦، ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق ، ج: ابن عبد الرب) ٢(حنفي بن عيسى، اليونسكو، الشركة الوطنية للنشر / تعلم لتكون،ترمجة:إدجارفور وآخرون) ٣(

=

٣٩

بالتايل فإن أحكامه والعملية عقب تسلح باإلرادة القوية يف القول والعمل ، و .وقراراته ال تصدر إال بعد التحقق من كافة جوانب أي موقف أو مشكلة

جيد توجيها ومن يطالع آيات القرآن الكرمي وأحاديث الرسول قويا لتكوين تلك العقلية العلمية ؛ اليت تؤمن باألسباب وتنحي اخلرافة جانبا ،

ابقني ، وحتث املتعلم حثا قويا على إعمال وتزدري االتباع األعمى لسلطة السالعقل ، واعتماد اليقني بدال من الظن ، والنظر ، والتأمل والتدبر يف خلق

ليكشف )١(السماوات واألرض ، والتفكري يف عامل النفس ، ويف آفاق الكون قل انظروا ماذا يف : املتعلم جماهله ، ويتعرف على حقائقه ، قال تعاىل

أمل تر أن اهللا أنـزل من :وقال عز وجل ، )٢( ت واألرض السموابيض ومحر السماء ماء فأخرجنا به مثرات خمتلفا ألواهنا ومن اجلبال جدد

ومن الناس والدواب واألنعام خمتلف ألوانه خمتلف ألواهنا وغرابيب سود .) ٣ (كذلك إمنا خيشى اهللا من عباده العلماء إن اهللا عزيز غفور

وتتعدد اآليات اليت ختاطب العقل وتدعو إىل التفكري والبحث إخل ، واليت حتارب التبعية وإصدار األحكام .. واستخدام احلواس من مسع وبصر

أفال ينظرون إىل : على مستجدات األمور قبل حتري احلقيقة، قال تعاىلىل وإ*وإىل اجلبال كيف نصبت*وإىل السماء كيف رفعت*اإلبل كيف خلقت

وهو الذي جعل لكم النجوم : وجل وقال عز، )٤( األرض كيف سطحت وقال ، )٥( لتهتدوا ا يف ظلمات الرب والبحر قد فصلنا اآليات لقوم يعلمون

وإذا قيل هلم اتبعوا ما أنـزل اهللا قالوا بل نتبع ما ألفينا :سبحانه وتعاىل

= .٢١١م، ص١٩٧٦، ٢والتوزيع، اجلزائر، ط

. م٣،١٩٧٩ات يف الثقافة اإلسالمية،مؤسسة الرسالة،بريوت ،طحمل:عمر عودة اخلطيب) ١( .٢١٨ص

.١٠١آية: سورة يونس) ٢( .٢٧،٢٨آية: سورة فاطر) ٣( .٢٠-١٧آية : سورة الغاشية) ٤( .٩٧آية: سورة األنعام) ٥(

٤٠

.)١( وال يهتدون عليه آباءنا أولو كان ءاباؤهم ال يعقلون شيئا ولذلك فإن كل من عطل القوى واملواهب اليت منحه اهللا إياها فقد

خري املواهب : (عرض نفسه للجهل ومل يؤد شكر النعمة ، قال بعض السلف -ينوي به ( وأوصى الزرنوجي املتعلم بأن )٢() العقل ، وشر املصائب اجلهل

.)٣() البدن الشكر على نعمة العقل وصحة-طلب العلم وقد أدرك الصحابة رضي اهللا عنهم قيمة العلم ، وأن طلبه فيه شكر هللا تعاىل على ما أعطى اإلنسان من قدرات ، فهذا معاذ بن جبل رضي اهللا عنه يضرب املثل فيمن يطلب العلم لذاته ، وذلك عندما حضرته الوفاة إذا قال

انظري ؟ : ، مث تركها ساعة مث قال ال: وحيك هل أصبحنا ؟ قالت : (جلاريته مرحبا باملوت ، : أعوذ باهللا من صباح إىل النار ، مث قال : نعم ، فقال : فقالت

مرحبا بزائر جاء على فاقة ، ال أفلح من ندم ، اللهم إنك تعلم أين مل أكن أحب البقاء يف الدنيا جلري األار وال لغرس األشجار ، ولكن كنت أحب البقاء

كابدة الليل الطويل ، و لظمأ اهلواجر يف احلر الشديد ، وملزامحة العلماء مل، وتلك صفة النفس اإلنسانية الفاضلة ، اليت تشتاق ) ٤() بالركب يف حلق الذكر

إىل العلوم واملعارف ، وجتد فيها لذة ومتعة ال تعادهلا أي لذة أو متعة من متع ه ، وحبسب عناية اإلنسان بنفسه ، الدنيا ، فالعلم هو فضيلة اإلنسان وكمال

.) ٥(وحرصه على طلب العلم ، وانصرافه عن األمور العائقة يزداد كماال فطلب العلم هو السبيل لبلوغ الكمال اإلنساين ، وحتقيق هذا الكمال ال يتأتى لكل متعلم بسبب التفاوت يف الدافع ونوعه ، ونوع العلوم

وهكذا ) : (هـ٤٢١ت(تمرار فيه ، يقول ابن مسكويه املطلوبة ، والصرب واالساهلمم املتفاوتة اليت ينصرف بعضها إىل العلوم الدنيئة ، وبعضها إىل العلوم

.١٧٠آية: سورة البقرة) ١( .١٠سابق، صتذكرة السامع واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم،مصدر : ابن مجاعة) ٢( .٣٧تعليم املتعلم طريق التعلم،مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٣( .٥١، ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤( م،١٩٧٨ ذيب األخالق وتطهري األعراق،دار الكتب العلمية،بريوت،: ابن مسكويه) ٥( .٩،ص١ط

٤١

. )١() الشريفة فإذا ما عرف طالب العلم ذلك ؛ كان عليه أن يبذل جهده وطاقته

من طلبه ، يقول أبو هالل يف سبيل طلب العلم وحتصيله ، فلم يعد عندئذ يشبع من عرف العلم وفضله مل يقض مته منه ، ومل ) : (هــ٣٩٥ت(العسكري

.)٢() يشبع من مجعه طول عمره والذي يطالع الكثري من تراجم علماء اإلسالم ، وما ورد يف سري حيام من إقبال شديد على طلب العلم قراءة وحبثا وتأليفا ال ميكن أن يتجاهل تلك الروح العلمية اليت حركت هؤالء العلماء إىل طلب العلم واملثابرة عليه

.بدون ملل أو كلل وبتلك الروح تبىن احلضارات اإلنسانية ، ولقد جنح اإلسالم بتعاليمه الراسخة يف غرس تلك الروح بني علمائه ومتعلميه ، فكانت احلضارة اإلسالمية

،لك الروح ووهنت العزائم يف طلب الكمال العلميالزاهرة ، حىت إذا ضعفت توخفتت أضواء احلكمة ، وتوقف االجتهاد ، وأوصدت أبواب التقدم العلمي ، جتمد اتمع اإلسالمي ، واارت دعائم عمرانه ، على حنو ما هو معروف

.يف تارخينا احلضاري : الدافع االجتماعي لطلب العلم -

ألن ينال منـزلة اجتماعية حمترمة ، -وما يزال- كان حب اإلنسانمن الدوافع القوية لدى األفراد لطلب العلم واإلقبال عليه ، جند ذلك منذ

يتمتع مبنـزلة عالية يف مصر " الكاتب"أو " املتعلم"العصور القدمية ، إذ كان جند أن ، كما جنده يف عصورنا احلديثة ، فمثال )٣(الفرعونية على سبيل املثال

الطالب اليابانيني يبذلون قصارى جهدهم يف حتصيل أعلى املستويات لاللتحاق من رؤساء ومديري الشركات الضخمة % ٢٠جبامعة طوكيو ، حيث إن

من موظفي % ٦٠العاملة يف جمال املال كلهم من خرجيي جامعة طوكيو ، وأن

.١٣ص:املصدر نفسه) ١(، املكتب اإلسالمي، واالجتهاد يف مجعهحلث على طلب العلما:أبو هالل العسكري) ٢(

.٩٥م،ص١٩٨٦ببريوت،تاريخ التربية والتعليم يف مصر، اهليئة العامة للكتاب، :أمحد بدوي و حممد مجال الدين خمتار) ٣(

.٥٥-٤٧، ص١، ج١٩٧٤القاهرة،

٤٢

من خرجييها " رئيس قسم" يعملون يف مراتب أعلى من مرتبة ناحلكومة الذيمن األعضاء املنتخبني يف الس التشريعي من خرجيي % ٢٠أيضا ، وأكثر من

.)١(جامعة طوكيو فالعلم هو السبيل لعلو الصيت ، وبقاء الذكر بني الناس ، يقول أبو

فإذا كنت أيها األخ ترغب مسو القدر ، ونباهة الذكر ، : (هالل العسكري اخللق ، وتلتمس عزا ال تـثلمه الليايل واأليام ، وال وارتفاع املنـزلة بني

تتحيفه الدهور واألعوام ، وهبة بغري سلطان وغىن بال مال ومنعة بغري سالح ، وعالء من غري عشرية ، وأعوانا بغري أجر ، وجندا بال ديوان وفرض ، فعليك

ا صفوا ، واجتهد يف بالعلم فاطلبه يف مظانه تأتك املنافع عفوا وتلق ما يعتمد منهحتصيله ليال قالئل مث تذوق حالوة الكرامة مدة عمرك ، ومتتع بلذة الشرف فيه

.)٢() بقية أيامك واستبق لنفسك الذكر به عند وفاتك كما أن العلم هو الطريق إىل املنـزلة االجتماعية احملترمة إذ

لعز وأن كان مهينا ، يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه دنيا ، وا( )٣() والقرب وإن كان قصيا ، والغىن وإن كان فقريا ، واملهابة وإن كان وضيعا

، )٤() الفقه ، واألمانة ، واألدب: ثالثة البد لصاحبها أن يسود : (وقيل أيضا إن احلكمة تزيد : قرأت يف بعض كتب اهللا : (وعن مالك بن دينار قال

، وقال لقمان )٥() ع اململوك حىت جتلسه جمالس امللوكالشريف شرفا ، وترف .)٦() إن احلكمة أجلست املساكني جمالس امللوك: (البنه يا بين

واألمثلة كثرية تثبت أن العلم ساهم يف حتقيق املكانة االجتماعية املميزة : يقول-رمحه اهللا-لطالب العلم مهما كان انتماؤه وطبقته ، فهذا احلسن

عليم مرسي، مكتب التربية حممد عبد ال/ التربية يف اليابان املعاصرة،ترمجة: إدوارد بوشامب) ١(

.٥٧م، ص١٩٨٥العريب لدول اخلليج، الرياض، .٤٣احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه،مصدر سابق، ص: أبو هالل العسكري) ٢( .١١، ١٠تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .٦٢، ص١ه،مصدر سابق، ججامع بيان العلم وفضل: ابن عبد الرب) ٤( .٥٠احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه،مصدر سابق، ص: أبو هالل العسكري) ٥( .١٠٧جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ص: ابن عبد الرب) ٦(

٤٣

.)١() م اهللا لقمان لقد كان عبدا حبشيا فجعل اهللا كالمه قرآنايرح( ويف األثر ما روي عن عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه يف حديث

، و روي أن )٢() إن اهللا يرفع بالقرآن أقواما ويضع آخرين : (عن رسول ى أهل الوادي من استخلفت عل: سأل أحد والته قائال (-رضي اهللا عنه-عمر

: استخلفت ابن أبزي ، رجل من موالينا ، فقال عمر : ؟ قال ) يريد مكة(يا أمري املؤمنني إنه قارئ لكتاب اهللا ، عامل : استخلفت عليهم موىل ؟ فقال

اهللا يرفع ذا : ( قد قال أما إن نبيكم : فقال عمر ! ضبالفرائض قايف رفع العلم موىل من موايل ، فلينظر ك)٣() آخرين الكتاب قوما ويضع

العرب إىل مقام عليتهم وأشرافهم ، وجعله واليا عليهم ، وحاكما فيهم يدينون .)٤() له بالطاعة ، ويعترفون له بالفضل والوالء

وقد أدرك كثري من العقالء الفوائد االجتماعية لطلب العلم مما جعلهم حيث ) هـ١٥٤ت (نهم ابن املقفع يوجهون املتعلمني إىل مزيد من الطلب، وم

، )٥() اطلبوا العلم فإن كنـتم ملوكا برزمت ، وإن كنتم سوقة عشتم: (يقولولعمري إن شيئا ينـزل اململوك منـزلة امللوك : (ويقول أبو هالل العسكري

، وجيعل التابع حمل املتبوع ، وحيكم به السوقة على امللك العظيم حلقيق أن ويحسد صاحبه عليه ويجتهد يف طلبه أشد االجتهاد ، وإن أمرا خيدم ينافس فيه

وعبد اهللا – وجماهد هو ابن جرب أحد مماليك مكة –فيه عبد اهللا بن عمر جماهدا يف فضله وزهده وورعه وشهرة امسه ، وأبوه يف شرف ومكانة من وهو من هو

رقا وغربا ، وطاعة أهل اإلسالم الصحبة ، مث من رتبة اخلالفة وملكه األرض ش . )٦() والكفر له طوعا وكرها حلري أن يرغب فيه العاقل ، وحيافظ عليه اللبيب

-٥٠احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه،مصدر سابق، ص: أبو هالل العسكري) ١(

٥١. .بن ماجةاحلديث صحيح، رواه ا) ٢( .٦٢، ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣(العلم والعلماء،دار الكتب السلفية، :أبو بكر جابر اجلزائري )٤(

.١٨، ١٧ط،ص.هـ،د١٤٠٤القاهرة، .٦٢، ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٥( -٥٣م واالجتهاد يف مجعه،مصدر سابق،صاحلث على طلب العل: أبو هالل العسكري) ٦(

=

٤٤

وقد ختوف بعض املفكرين املسلمني من أن يكون الباعث لطلب العلم جمرد احلرص على حتقيق مكانة اجتماعية كالرغبة يف إقبال الناس على

؛ ملا يترتب )١() طام الدنيا والكرامة عند السلطان وغريهاستجالب ح( املتعلم أوعلى ذلك من تغري اهلدف األمسى لطلب العلم وهو إحياء الشريعة ، وتعديل

كم ليلة أحييتها بتكرار : (السلوك وتقوميه إىل اهلدف املادي ، يقول الغزايل لباعث العلم ومطالعة الكتب ، وحرمت على نفسك النوم ، ال أعلم ما كان ا

فيه ؟ إن كانت نيتك نيل عرض الدنيا ، وجذب حطامها ، وحتصيل مناصبها ، واملباهاة على األقران واألمثال ، فويل لك مث ويل لك ، وإن كان قصدك فيه

وذيب أخالقك وكسر النفس األمارة بالسوء فطوىب لك أحياء شريعة النيب .)٢() مث طوىب لك

لشديد عمن قصر هدفه على أغراض الدنيا فعن وقد ورد الوعيد امن تعلم علما لغري اهللا أو أراد به غري وجه اهللا فليتبوأ : (رسول اهللا

ال يتعلم العلم : (وعن عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه ، )٣() مقعده من النار به ، وال ال يتعلم ليماري به وال يباهي به وال يراءي: لثالث ، وال يترك لثالث

، كما روي أن ) ٤() حياء من طلبه ، وال زهادة فيه وال رضا باجلهل منه: يترك من تعلم علما مما يبتغي به وجه اهللا تعاىل ال يتعلمه إال ليصيب به غرضا من (

يا بين ال : ( ، وأوصى لقمان ابنه قائال )٥() الدنيا مل جيد عرف اجلنة يوم القيامة وال تدعه لثالث ، ال تتعلمه لتماري به وال لتباهي به وال تتعلم العلم لثالث

.) ٦() لترائي به ، وال تدعه زهادة فيه ، وال حياء من الناس ، وال رضا باجلهالة = ٥٤.

.٣٧تعليم املتعلم طريق التعلم،مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ١( .١٠٦ -١٠٥أيها الولد،مصدر سابق، ص: الغزايل) ٢( .احلديث صحيح، رواه ابن ماجة) ٣( .٨٣، ص١م،ط١٩٨٦الصمت وحفظ اللسان،دار االعتصام،القاهرة،: ابن أيب الدنيا) ٤(واحلديث . ١٤تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم،مصدر سابق، ص: اعةابن مج) ٥(

.صحيح، رواه أبو داود .١٠٧، ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٦(

٤٥

وطبيعي أن ما ورد من التحذير يف طلب العلم ابتغاء السلطة أو اجلاه إنه ال يتعارض مع ، ال ينفي أن البعض قد طلبه من أجل ذلك اهلدف ، كذلك ف

أصحاب " أهل العلم"املتعارف عليه يف النظام االجتماعي العام الذي جيعل منـزلة اجتماعية حمترمة يف الغالب األعم ، ولعل علماء املسلمني قصدوا بذلك التحذير خوفهم من استخدام العلم ملصلحة السلطة املنحرفة وخدمة أهدافها ،

للناس وما يترتب على ذلك من التنافس بني وإن تعارضت مع املصلحة العامة ونشر ،العلماء لبلوغ املناصب ، وحتقيق املكاسب ، وإذالل أهل العلم

.اخلصومات بينهم ويصف لنا الغزايل أحوال العلماء يف عصره وقد طغى عليهم طلب

فرأى أهل تلك األعصار عز : (العلم لتحقيق مكانة اجتماعية متميزة بقوله ماء ، وإقبال األئمة والوالة عليهم مع إعراضهم عنهم ، فاشرأبوا لطلب العل

العلم توصال إىل نيل العز ودرك اجلاه من قبل الوالة ، فأكبوا على علم الفتاوى، وعرضوا أنفسهم على الوالة ، وتعرفوا إليهم ، وطلبوا الواليات والصالت

ح مل يخل من ذل الطلب ومهانة منهم، فمنهم من حرم ومنهم من أجنح ، واملنجاالبتذال ، فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبني صاروا طالبني ، وبعد أن كانوا أعزة باإلعراض عن السالطني أصبحوا أذلة باإلقبال عليهم ، إال من وفقه

.)١() اهللا تعاىل : الدافع االقتصادي لطلب العلم -

العلم ابتغاء منـزلة اجتماعية حمترمة إذا كان البعض قد يطلبداخل اتمع ، فإن البعض اآلخر قد يطلبه من أجل مزيد من الكسب والثروة،

إن : ولعل ذلك الدافع أكثر بروزا يف عصرنا احلديث ، حبيث ميكن أن نقول الكثري مما نشهده اليوم من إقبال على التعليم يف مجيع مراحله ، وسعى املتعلمني

حتقيق أعلى املؤهالت ، وتدافعهم على بعض التخصصات إمنا يعود بدرجة إىل كبرية إىل الرغبة يف حتقيق حياة كرمية من خالل املردود االقتصادي لذلك

التنمية االقتصادية سوف (التخصص ، يف ظل االجتاه الذي يساور اجلميع بأن طلوبة سوف تسارع ، وأن جماالت التشغيل سوف تتضاعف ، وأن املؤهالت امل

.٤٢، ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق، ج: الغزايل) ١(

٤٦

.)١() تكون أعلى مما كانت عليه وقد أقر اإلسالم بأمهية املال يف حياة الفرد املسلم فهو زينة احلياة ، قال

املال والبنون زينة احلياة الدنيا والباقيات الصاحلات خري عند : تعاىل .)٢( أمال ربك ثوابا وخري

حياته وبعد مماته إذا صرفه على الوجه واملال مما ينفع اإلنسان يف )٣( )نعم املال الصاحل للرجل الصاحل : (الشرعي، فقد ورد يف احلديث الشريف

صدقة أمضاها جيري له أجرها، : ثالث تتبع املسلم بعد موته : (وقال .) ٤( ) وعلم أفشاه فعمل به وولد صاحل يدعو له

احلياة الكرمية ، ومن القوى الفاعلة وملا كان املال احلالل من وسائل يف حياة الفرد ، تعالت األصوات باحلصول عليه بالطرق املشروعة ومنها العلم

فإذا كنت أيها األخ ترغب يف مسو القدر : (، فهذا أبو هالل العسكري يقول فعليك بالعلم فاطلبه يف مظانه تأتك ... ونباهة الذكر وارتفاع املنـزلة بني اخللق

تعلموا : كان يقال : ( ، ويقول املربد )٥() نافع عفوا وتلق ما يعتمد منها صفوااملالعلم ، فإنه سبب إىل الدين ، ومنبه الرجل ومؤنس يف الوحشة ، وصاحب يف

.) ٦() الغربة ووصلة يف االس وجالب للمال ، وذريعة يف طلب احلاجةال ، من خالل تنظيمه وطلب العلم يعني املتعلم على حصوله على امل

حلياته تنظيما سليما ، ولذلك حرص املسلمون على حث أبنائهم على طلب تعلم العلم فإن : (العلم كوسيلة لكسب الرزق ، فهذا الزبري يوصي ابنه قائال

، ) ٧() يكن لك مال ، كان لك مجاال ، وإن مل يكن لك مال ، كان لك مااليا بين تعلموا العلم فإن استغنيتم كان لكم : (بنيه وقال عبد امللك بن مروان ل

.٧٧تعلم لتكون،مرجع سابق، ص: إدجار فور، وآخرون) ١( .٤٦آية: سورة الكهف) ٢( .للمرء : احلديث صحيح ، رواه أمحد والطرباين يف الكبري واألوسط، بلفظ نعما ، وقال ) ٣( .احلديث صحيح،رواه ابن ماجة ) ٤( .٤٣احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه،مصدر سابق،ص: أبو هالل العسكري) ٥( .٦٢،ص١در سابق، ججامع بيان العلم وفضله،مص: ابن عبد الرب) ٦( .٤١م،ص٤،١٩٧٨أدب الدنيا والدين،دار الكتب العلمية،بريوت،ط: املاوردي) ٧(

٤٧

.) ١() كماال ، وإن افتقرمت كان لكم ماال وقد سامهت عطايا احلكام والوالة يف اإلقبال على طلب العلم

للعطاء السخي الذي يناله (ودراسة العلوم واملعارف ، ومنها مهنة الطب إذ كان ، األثر اإلجيايب لتعلم مهنة الطب ، وعلى )٢() الطبيب يف صورة أجور وهدايا

نفس النهج أقبل املتعلمون على دراسة الفقه والكالم واجلدل واملناظرة فقد فاشرأبوا لطلب العلم توصال إىل نيل العز : (وصف الغزايل هذه الفئة بقوله

.)٣() ودرك اجلاه من قبل الوالة وتشترى ، أو قنطرة للسلطة وحىت ال يتحول العلم إىل سلعة تباع

والثروة ال مير عليه إال أصحاب اهلوى ، فقد ذم بعض املفكرين املسلمني طلب العلم رد األسباب االقتصادية فقط ، ملا يف ذلك من فساد النية ، وإذالل أهل

.العلم ، ومن مث تسخريهم ألهواء احلكام والوالة ية العلم البد أن تظل أغلى وأكد املفكرون املسلمون على أن ن

وأقدس من نية املال ، وأال يرخص العامل نفسه وعلمه ، فعن علي بن أيب طالب العلم خري من املال ، ألن املال حترسه ، والعلم : ( قال - رضي اهللا عنه-

حيرسك ، واملال تفنيه النفقة ، والعلم يزكو على اإلنفاق ، والعلم حاكم ، مات خزان املال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي واملال حمكوم عليه ،

، ويرى الزرنوجي )٤() الدهر ، أعيام مفقودة ، وآثارهم يف القلوب موجودةوال : (أن يرتفع املتعلم بنيته يف طلبه العلم عن طلب حطام الدنيا ، حيث يقول

عند السلطان ينوي إقبال الناس عليه ، وال استجالب حطام الدنيا ، والكرامة ، )٦() كما ترك امللوك لكم احلكمة فاتركوا هلم الدنيا: ( ، وقيل )٥() وغريه

املال املذموم : (كما ورد الذم يف طلبه من غري وجهه املباح ، يقول ابن عبد الرب

.٥٧،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١(اإلعداد التربوي املهين للطبيب عند املسلمني،دار الفكر : عبد الرمحن عبد الرمحن النقيب) ٢(

.١٠٥م،ص١٩٨٤،)ط.د(العريب،القاهرة، . ٤٢،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ٣( .٥٧،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤( .٣٧تعليم املتعلم طريق التعلم،مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٥( .١٠٧،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٦(

٤٨

.)١() عند أهل العلم هو املطلوب من غري وجه ، املأخوذ من غري حلهبه املتعلم لتحقيق كفايته حيث كان ويستثىن من ذلك ما يطل

يدخر مما أفاء اهللا عليه من صفاياه من فدك وغريها قوت سنة ، (رسول اهللا ، وقد عهد ذلك األسلوب )٢() وجيعل الباقي يف الكراع والسالح يف سبيل اهللا

عن السلف ، وهلذا يذهب ابن عبد الرب إىل أن طلب املال من وجهه للكفاف الناس ال يعد طلبا للدنيا املكروه املمنوع منه املتعلم ، مستشهدا واالستغناء عن

، وقوله ) من فقه الرجل املسلم استصالحه معيشته: (يف ذلك بقول أيب الدرداء .)٣() صالح املعيشة من صالح الدين ، وصالح الدين من صالح العقل: (أيضا

أن يتحول الدافع وواضح أن املفكرين املسلمني عندما حذروا من االقتصادي إىل الدافع األقوى يف طلب العلم ، كانت هلم رؤيتهم االجتماعية

إذا حتول إىل سلعة ذات مردود اقتصادي فقط ، فقد ) العلم(الصحيحة ، ألن قيمته كأداة لإلصالح احلضاري ، ووسيلة للكمال اإلنساين ، وحتول اإلنسان

سم االقتصاد إىل أي غاية طاملا كانت ذات إىل سلعة اقتصادية يسهل تسخريها بامردود اقتصادي ، ومثل هذا التعليم ميكن أن يبين حضارة اآللة ، ولكنه ال ميكن

.أن يبين حضارة اإلنسان

א

العلم ، من كل من سبق يتضح أن املتعلم املسلم قد توفرت له دوافع متعددة لطلب افز عدة لإلقبال على العلم والتعلم ، فقد كان هناك الدافع الديين القوي وتكونت لديه حو

الذي يعود إىل طبيعة اإلسالم ، وما اشتمل عليه من مبادئ وتعاليم حتث اتباعه حثا علـى طلب العلم مدى احلياة ، جبوار الدوافع األخرى اليت جندها يف القدمي واحلـديث لطلـب

و طلب العلم لذات العلم ، والدافع االجتمـاعي ، والـدافع الدافع العلمي، أ : العلم وهي .االقتصادي

ولذا كان املتعلم املسلم يشارك غريه يف تلك الدوافع الثالثة األخرية ؛ إال أن املفكرين املسلمني قد وضعوا لتلك الدوافع ضوابطها وحدودها حىت ال تنحرف بصاحبها بعيدا عن

ا ، وبذلك استقامت تلك الدوافع لدى املتعلم املسـلم فأقبـل أهداف اإلسالم ومثله العلي على طلب العلم والتعلم يف صورة مشرفة ميكن أن نلتمس الكثري منها يف سرية حياة الكثري

. من أعالمنا العلماء واملتعلمني

אא

מ− א מ א א מ .א الشك أن معرفة أسباب ودوافع نشوء أي ظاهرة أو حركة فكرية يف تاريخ أي أمة من األمور املهمة اليت تعمل على استيعاب التراث الفكري واالستفادة منه ، والبناء

ريهـا الضـعف يف عليه ، فاألمة اليت تتصل جبذورها وأصوهلا تظل حية أبدا ، قد يعت بعض الفترات ، لكنها ال متوت ، فجذورها الضاربة يف أعماق التاريخ ، حتـول دون

.ذلك

حمـل ) الظـاهرة ( كذلك فمعرفة األسباب والدوافع تيسر على الباحث دراسة البحث ؛ حيث يطلع على نشأا منذ البداية ، ويتعرف على املؤثرات والعوامل الـيت

راحل التطور اليت مرت ا ، والتغريات اليت حـدثت يف كـل أدت إىل نشوئها ، وم .مرحلة مرت ا

مثرة موعـة " آداب العامل واملتعلم " ولقد كان اهتمام املفكرين املسلمني بـ هذه األسـباب .. كبرية من األسباب املتنوعة ، بعضها إجيايب ، وبعضها اآلخر سليب

ة دافعة حفزت عددا كبريا مـن املفكـرين التقت مجيعا يف نقطة واحدة وشكلت قو املسلمني على إفراد املصنفات العديدة كتبا ، ورسائل ، وأبوابـا ، وفصـوال هلـذا

.املوضوع بالغ األمهية

وأشار كثري منهم هلذه األسباب والدوافع يف مقدمات كتبهم أو يف ثناياهـا ، :وميكن إمجال هذه األسباب على النحو التايل

:السبب الديين : أوال

- إن جوهر رسالة اإلسالم وغايتها أخالقي يف املقام األول ، فعن أيب هريـرة )١(..)إمنا بعثت ألمتم صاحل األخـالق : (قال رسول اهللا : قال -رضي اهللا عنه

.) حماسن األخالق (ويف رواية أخرى

احلديث صحيح،رواه اإلمام أمحد يف املسند ، وأخرجه مالك يف املوطأ،يف كتاب حسن اخللـق ؛ ) ١(

األدب املفرد، واحلـاكم يف املسـتدرك، ، ورواه البخاري يف "بعثت ألمتم حسن األخالق "بلفظ .والبيهقي يف شعب اإلميان

وك أميا اهتمام ، وحث باجلانب األخالقي وآداب السل ولقد اهتم رسول اهللا ما من شيء : ( عظيم األجر على ذلك فقال على التحلي حبسن اخللق ، وبين أال أخـربكم بـأحبكم إيل : ( ، وقـال )١( )يف امليزان أثقل من حسن اخللق

وأقربكم مين جملسا يوم القيامة ؟ فسكت القوم ، فأعادها مرتني أو ثالثا ، قـال أكمـل : (، وقال أيضا ) ٢( )أحسنكم خلقا : ا رسول اهللا ، قال نعم ي : القوم

.)٣( )املؤمنني إميانا أحسنهم خلقا

وإذا كان ديننا يدعوا الناس مجيعا إىل التحلي مبكارم األخـالق ، فـإن أول الناس ، وأوالهم ذا هم العلماء ، بل كان لزاما عليهم أن يكونوا على أعلى درجـة

، وصفوة اخللق ، فكمـا ال )ورثة األنبياء (-كما جاء يف احلديث -فهم ... نهامرتبة فوق رتبة األنبياء ، فال شرف فوق شرف وارث هذه الرتبة ، وأحرى مبن نصب

أن يظهر عليه أثر توحيد اهللا وعبادته ، -معلما أو متعلما -نفسه للعلم ، وتصدى له .واخلضوع الكامل للدين

من طلب هذا احلديث : مسعت أبا عاصم يقول : (حممد بن عيسى الزجاج قال .)٤() فقد طلب أعلى أمور الدنيا ، فيجب أن يكون خري الناس

والواجب أن يكون طلبة احلديث أكمـل النـاس : ( ويقول اخلطيب البغدادي ضبا ، لـدوام أدبا ، وأشد اخللق تواضعا ، وأعظمهم نزاهة وتدينا ، وأقلهم طيشا وغ

وآدابه ، وسـرية قرع أمساعهم باألخبار املشتملة على حماسن أخالق رسول اهللا السلف األخيار من أهل بيته وأصحابه ، وطرائق احملدثني ، ومآثر املاضيني ، فيأخذوا

.)٥() يصدفوا عن أرذهلا وأدوا بأمجلها وأحسنها ، و

اء يقومون يف اتمع مقام األنبياء من حيث املهمة املنوطة م ، من هداية فالعلم

".حسن اخللق"احلديث صحيح ، رواه البخاري يف األدب املفرد، باب ) ١( .نفس الصفحة : املرجع السابق ) ٢( .رواه اإلمام أمحد يف املسند احلديث صحيح ، ) ٣(حممـود الطحان،مكتبـة .سـامع،حتقيق د اجلامع ألخالق الـراوي وآداب ال :اخلطيب البغدادي ) ٤(

.٧٨م،ص١،١٩٨٣املعارف،الرياض،ط .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥(

الناس إىل الطريق املستقيم ، وتعليمهم ما ينفعهم يف الدنيا واآلخرة ، وال ميكن للعامل .أن يكون له تأثري قوي وإجيايب إال إذا كان منوذجا صاحلا يقتدى به

ق ويقومها على الصدق ويغذيها بـالورع ؛ فالبد للعامل من أن يأخذ نفسه باحل ليكون عمله داعيا إىل احلق قبل قوله ، ولئال يكون يف خمالفته للحق حجة عليه ، فريد

.)١(لو كان كالمه صدقا ألخذ نفسه به : الناس كالمه ، ألم يقولون

.)٢() يقتدى من قول العامل ما يقتدى من فعله: ( وقد قال سلم اخلواص

أبدا ، أو -العلماء واملتعلمني -ال تنفك عنهم " فآداب العامل واملتعلم "وعلى ذلك هكذا ينبغي أن تكون ، ألا مما دلت عليه نصوص الشريعة ، وأرشدت إليـه ، وألن منها ما هو من الكليات العامة ، والقواعد الشاملة يف الدين ، ال يسع أحد أن خيـرج

.ر إليها بعني االعتبار عليها ، أو أال ينظ

فالسبب الديين كان من أبرز األسباب اليت دفعت املفكرين املسلمني لالهتمام بـ " .آداب العامل واملتعلم"

:السبب التربوي : ثانيا

ويعد هذا السبب من أهم األسباب اليت دفعت مفكرين املسلمني لالهتمام بــ هو القدوة واألسوة للمتعلم ، ومنه يتشـرب ، وذلك أن العامل " آداب العامل واملتعلم "

األخالق واآلداب ، ويقتدي به يف السلوك واألفعال ، قبل أن يأخـذ منـه العلـوم لـيكن أول : (ولذا نرى عمرو بن عتبة ينصـح مـؤدب أوالده بقولـه .. واملعارف

إصالحك لولدي إصالحك لنفسك ، فإن عيوم معقودة بعينك ، فاحلسن عندهم ما .) ٣() القبيح ما تركتفعلت ، و

فإن العلماء هم القـدوة ، وإلـيهم : ( ويقول ابن مجاعة مؤكدا على هذا املعىن املرجع يف األحكام ، وهم حجة اهللا تعاىل على العوام ، وقد يراقبهم لألخذ عنهم من

أبعد عـن ال ينظرون ويقتدي ديهم من ال يعلمون ، وإذا مل ينتفع العامل بعلمه فغريه

ــري.د) ١( ــياء العم ــرم ض ــاب : أك ــالمي،وزارة األوقاف،قطر،كت ــع اإلس ــيم اتم ق .١٤٧، ص١م،ج١،١٩٩٤،ط)٣٩(األمة

.٢٢٨م،ص١،١٩٧٠اإلملاع،دار التراث،القاهرة،حتقيق السيد أمحد صقر،ط:القاضي عياض) ٢( . ١٠،ص١،١٩٩١فتح اخلالق يف مكارم األخالق،مكتبة دار احملبة،دمشق،ط:أمحد سعيد الدجوي) ٣(

.)١() االنتفاع به

فالعامل له دور كبري ومهم يف بناء شخصية املتعلم ؛ حىت إن السمات الشخصـية لدى العامل هلا تأثري قوي عليه ، فمنظره ومسته ، وطريقته يف التعليم تثري انتباهه ، ومن

نفعاليـة ، هنا يأيت تقليده أو رفضه ، كما أنه يؤثر يف حالته النفسية واسـتعداداته اال واعلم أن املتلـبس : (قال ) ـه١٤٨ ت(وطرائقه يف السلوك ، فعن جعفر الصادق

بالعلم منظور إليه ، ومتأس بفعله وقوله وهيئته ، فإذا أحسن مسته ، وصلحت أحواله ، وتواضعت نفسه ، واخلص هللا تعاىل عمله ، انتقلت أوصافه إىل غريه مـن الرعيـة ،

. ) ٢() نتظمت أحواهلمونشأ اخلري فيهم ، وا

وهذا يشري إىل فهم السلف لدور القدوة يف التربية ، والشك أن العـامل يـؤثر يف طالبه وتالميذه على قدر صالحه وتقواه ، فاملعلم يعد األب الروحي لتالميذه ، حيث يقوم معه بأجل رسالة ، وهي بناء شخصيته اإلنسانية باملعرفة واألخـالق واآلداب ،

هي املميزات األساسية للبشر ، فضال عن أا هي الطريق مقرونة بالتطبيق إىل اهللا اليت . )٣(تعاىل

وملا كان للقدوة مكانة هامة يف حياة طالب العلم ، كان من الضروري التركيز عليها ، والتنبيه على وجوب اتصاف العامل بكل خلق حسن ، وسلوك كـل طريـق

.)٤(تالميذه وطالبه يف كل ما يأيت ويذر قومي ، وأن يكون قدوة ل

:ظهور ونشأة املدارس العلمية ، واملذاهب الفكرية : ثالثا

، وانتشار اإلسالم يف ربوع املعمورة ، على يد الصحابة بعد وفاة الرسول يف األمصار ، وقاموا ومن تبعهم ، تفرق أصحاب رسول اهللا _ رضي اهللا عنهم _

نشر العلم وتفقيه الناس ، ومل يكد ينتهي عصر هؤالء الصحابة الكرام جبهود جبارة يف

.٢١تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١(ــيين ) ٢( ــاحب احلس ــد الص ــي :عب ــة األعلم ــول وأصحابه،مؤسس ــد الرس ــالق عن األخ

.٩٣م،ص١٩٦٩،)ط.د(للمطبوعات،بريوت، .١٨٦رؤية إسالمية لقضايا تربوية، مرجع سابق، ص: إمساعيل عليسعيد . د) ٣(فـن التعلـيم عنـد بـدر الـدين بـن مجاعـة،مكتب :حسن إبراهيم عبـد العـال .د) ٤(

.١٤٢-١٢٣،ص)ط.د(م،١٩٨٥التربية،الرياض،

هـ ، إال وقد ترتب على جهودهم يف ميدان التعليم ظهـور ١٠٠هـ إىل ٩٠ما بني ، )١(تالميذ هلم تسنموا مركز التوجيه يف اتمع ، ودفعوا احلركة العلمية إىل األمـام

انا بظهور املدارس العلمية ، فلم يكـد حيث بدأت حلقات العلم تزدهر ، وكانت إيذ القرن الثاين اهلجري ينتصف ، حىت ظهرت املدارس اللغوية والفقهية ، ففـي املدينـة املنورة ظهرت مدرسة احلديث والفقه يقودها حممد الباقر بـن علـي بـن احلسـني

وولده جعفر الصادق ، ويف مصر ظهرت مدرسة أخرى يف الفقه بقيادة ) هـ١١٧ت(، ويف العراق ظهرت مدرسـة أيب ) هـ١٧٠ت(بن عبد اهللا ، والليث بن سعد مرثد

، كما ظهرت مدرسة الشافعي يف العراق مث يف مصر ، وظهـر ) هـ١٥٠ت(حنيفة .مالك يف املدينة ، واألوزاعي يف الشام

وإىل جانب مدارس الفقه واحلديث ظهرت مدارس لغوية اشتهر منـها مدرسـتا .)٢(عراق البصرة والكوفة يف ال

والشك أن ظهور هذه املدارس العلمية كان حباجة إىل قوانني وآداب سلوكية حتكم وتنظم حركتها من الداخل ، فكان أن رأينا علماء هذه املدارس يشرعون يف بيان مـا

.ينبغي أن يتصف به كل من العامل واملتعلم من آداب وأخالق ، يف إطار البيئة العلمية

هذه املدارس بعد ذلك يف القرن الرابع اهلجري والقرن اخلـامس ، وملا تطورت وأخذت شكلها املتعارف عليه ، وقامت على شئوا الدولة اإلسالمية ، كان البد من تطور الفكر األخالقي وحركة التنظري ؛ لتواكب هذا الشكل اجلديـد املـنظم مـن

األخالقي التربوي ، وإضافات املدارس النظامية ، اليت حتتاج إىل نوع جديد من الفكر جديدة تتفق مع املستجدات احلضارية ، وقد أنشئت أوىل هذه املدارس وهي مـدرس

نشئت بعدها أ ، مث )٣(يف صدر القرن الرابع اهلجري ، ) هـ٣٤٥ت(أيب حامت البسيت املدرسة النظامية اليت أنشأها نظام امللك وزير امللك ألـب أرسـالن ، مث املدرسـة

.رية ، اليت أنشأها اخلليقة املسنتصر باهللا املستنص

ــيالين . د) ١( ــان الك ــد عرس ــن :ماج ــة اب ــة التربوية،مكتب ــوم النظري ــور مفه تط .٨٥،ص٢م،ط١٩٨٥كثري،دمشق،

.٨٦،٨٧ص:ملرجع السابق ا)٢(ــع، ) ٣( ــدارس يراج ــأة امل ــول نش ــاد ح ــد ج ــد أمح ــالمية،دار : حمم ــة اإلس التربي

.وما بعدها٢٨٥،ص١م،ج١،١٩٩٣اجليل،بريوت،ط

وبازدياد نشاط احلركة العلمية يف القرون التالية ظهرت اجتاهات هلا مفاهيمهـا اخلاصة يف املنهاج والتعليم واألساليب ، فظهر اجتاه احملدثني والفقهاء الـذي بلـور

ي بلور مفاهيم التربية النفسـية ، واالجتاه الصويف الذ ) اآلثارية(مفاهيم التربية النقلية ، واجتاه الفالسفة وعلماء الكالم الذي بلور مفاهيم التربيـة العقليـة ، و ) الذوقية(

غريهم ، وكل اجتاه من هذه االجتاهات أجنب علماء خصوا التربية واألخالق بأحباث ـ ٢٤٣ت(احلـارث احملاسـيب : ومن أمثاهلم .. خاصة ، وابـن سـحنون ) هـ

، والقابسـي ، و ) هـ٣٦٠(، والرامهزمزي ) هـ٣٦٠(واآلجري ، ) هـ٣٥٦ت( .الغزايل ، وابن مسكويه ، والزرنوجي ، وابن مجاعة

:ظهور بعض املظاهر السلبية يف البيئة العلمية : رابعا

كانت تظهر يف البيئة العلمية ، وأوساط العلماء واملتعلمني بني احلني و اآلخر العلماء وطلبة العلم ، وصور من األخـالق والسـلوكيات بعض النماذج السيئة من

الرديئة ، والصفات املرذولة اليت ال تليق بأهل العلـم ، حيـث شـاعت اخلالفـات والعصبيات املذهبية ، وعدم احترام العلماء ، وأصبح كثري من طاليب العلـم يطلبـون

.ل إليه العلم للمماراة واجلدال ، وأصبح بعض العلماء حيب أن ينسب الفض

ولقد وصف املفكرون املسلمون احلالة اليت وصلت إليها البيئـة العلميـة يف فهذا أبو بكر اآلجري يصف صنفا من علماء عصره ، ويـبني أخالقهـم .. عصرهم

إن مات أحد العلماء سره موته ، وإن سئل العلمـاء : (يقول .. وأحواهلم مع قرنائهم يسأل كما سئل غريه ، وكان أوىل به أن حيمد ربه عن مسألة فلم يسأل هو أحب أن

إذ مل يسأل ، وإذ كان غريه كفاه ، وإن كثر العلماء يف عصره فذكروه بالعلم أحب أن يذكر منهم ، وإن علم أن غريه أنفع للمسلمني كره حياته ، ومل يرشد الناس إليه ،

.)١() خبطأ غريهوإن بلغه أن أحدا من العلماء أخطأ وأصاب هو فرح

ومل يكن اآلجري وحده هو الذي الحظ شيوع هـذه املظـاهر السـلبية ، إىل اهللا : (أيضا بث شكواه من ذلـك فقـال ) هـ٣٩٩ت (فأبو حيان التوحيدي

أشكو عصرنا وعلماءنا ، وطاليب العلم منا ، فإنه قد دب فيهم داء احلمية واسـتوىل

.٨١م، ص٢،١٩٨٤أخالق العلماء،حتقيق فاروق محادة،دار الثقافة،الدار البيضاء،ط:اآلجري) ١(

وكذلك وصف هذه الظاهرة أبـو سـليمان اخلطـايب ، )١() عليهم فساد العصبية .) ٢(" العزلة"يف كتاب ) هـ٣٨٨ت(

وقد استمرت هذه املظاهر السلبية بعد ذلك ، ففي القرن السادس اهلجري جند يصف حال أهل العلم ، وما حلق بعضهم مـن صـفات ) هـ٥٩٧ت(ابن اجلوزي

ماء واملتعلمني فرأيت القليل مـن مث تأملت العل : (دنية ، وأخالق غري مرضية فيقول املتعلمني من عليه أمارة النجابة ، ألن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به ، ومجهورهم يطلب ما يصيره شبكة للكسب ؛ إما ليأخذ عليه قضاء مكان ، أو ليصري قاضي بلد ،

.)٣() أو قدر ما يتميز به عن أبناء جنسه

ضة عما لقيه من عيوب ومآخذ يف علماء عصره ويتحدث ابن اجلوزي باستفا حيث ، يرى أن كثريا منهم مل يكن على اجلادة ، فمقصودهم صورة العلم ال العمـل

فالقارئ مشغول بالروايـات ()٤(به واالشتغال بصورته دون فهم حقيقته ومقصوده زجر عاكف على الشواذ يرى أن املقصود نفس الصورة وال يتلمح عظمة املتكلم وال

.. القرآن ووعده ورمبا ظن أن حفظ القرآن يدفع عنه فتـراه يتـرخص يف الـذنوب واحملدث جيمع الطرق وحيفظ األسانيد ، وال يتأمل مقصود املنقول ، ويرى أنـه قـد حفظ على الناس األحاديث ؛ فهو يرجو بذلك السالمة ، ورمبا ترخص يف اخلطايا ظنا

، والفقيه قد وقع له مبا قد عرف من اجلدال الذي منه أن ما فعل يف الشريعة يدفع عنه يقوي به خصامه ، واملسائل اليت قد عرف فيها املذهب قد حصل مبا يفيت به الناس ما

.)٥() يرفع قدره وميحو ذنبه ، فرمبا هجم على اخلطايا ظنا منه أن ذلك يدفع عنه

خصون يف الغيبة وخيرجوا ويقص علينا أنه قد لقي مجاعة من أهل احلديث يتر خمرج اجلرح والتعديل ، كما أم يأخذون على قراءة احلديث أجرة ، ويسارعون يف

.٤٠٥،ص١، ج)ت.د(،١،ط)ن.د(البصائر والذخائر،: أبو حيان التوحيدي) ١(. ١٠٨م،ص١٩٨٧،)ط.د(العزلة،مكتبة الزهراء،حتقيق عادل عبد املوجود،:اخلطايب) ٢(م ٢،١٩٨٨يد اخلاطر،دار الكتب اإلسالمية،القاهرة،حتقيق حممد الغـزايل،ط ص:ابن اجلوزي ) ٣(

.٤٩ص .٢٩٧،٣٩١ص:املصدر السابق) ٤( .٣٩١ص :املصدر السابق) ٥(

.)١(اجلواب والفتوى لئال ينكسر جاههم وإن وقع خطأ

ومل يكن املفكرون املسلمون يتحدثون عن هذه السلبيات من فراغ ، بل كانت .مام هذه السلبيات واضحة وبارزة يف علماء ز

فهذا ابن مجاعة بعد أن ينصح العلماء بتطهري بواطنهم وظواهرهم من األخـالق فاحلـذر : ( يعدد هذه الصفات وتلك فيقـول ئة ويعمرومها باألخالق املرضية ، الردي

احلذر من هذه الصفات اخلبيثة واألخالق الرذيلة فإا باب كل شر بل هي الشر كله اخلبيثة من فقهاء الزمان بكثري من هذه الصـفات إال وقد بلي بعض أصحاب النفوس

)٢() من عصم اهللا تعاىل وال سيما احلسد والعجب والرئاء واحتقار الناس

بل كان هناك علماء أجـالء ، ... وبالطبع مل يكن مجيع العلماء ذه الصورة غايـة يف وختلقوا بأحسن األخالق وأرفعها ، وكانوا ... طلبوا العلم من أجل اآلخرة

وهؤالء العلماء يعجز املرء عن حصرهم ، وإمنا يكفي الرجوع إىل ... األدب والسلوك كتب التراجم والتاريخ لنتعرف على أحواهلم وصفام ، وعلى كثرم اليت ال تقـع

.حتت احلصر واإلحصاء

:تقرب العلماء للحكام وأصحاب املال : خامسا

رت بني العلماء يف هذه احلقبة الزمنية ، ظـاهرة ومن املظاهر السلبية اليت انتش التقرب إىل السالطني وأرباب احلكم وأصحاب األموال ، يقول ابـن اجلـوزي يف

حضرنا بعض أغذية أرباب األموال فرأيت العلماء : (وصف حال بعض علماء عصره ال أذل الناس عندهم ، فالعلماء يتواضعون هلم ، ويذلون ملوضع طمعهم فيهم ، وهم

حيفلون م ملا يعلمونه من احتياجهم إليهم ، فرأيت هذا عيبا يف الفريقني ، وإمنا أعود .)٣() باللوم على العلماء

وقد حتدث اآلجري عن العلماء غري العاملني ، الذين أذلو العلم طلبـا للعـزة والشرف واملال ، ووصفهم بأقبح األوصاف ، كتحقري الفقـراء ، وتعظـيم أبنـاء

.١٢٢صيد اخلاطر،مصدر سابق، ص:ابن اجلوزي) ١( .٢٤تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( .١٨١ صيد اخلاطر،مصدر سابق، ص:ابن اجلوزي) ٣(

.)١(السالطني ، واخلضوع واخلنوع هلم لينالوا منهم ماال أو جاها

و ذكر املؤرخون مناذج عديدة هلؤالء العلماء ، الذي أذلو العلم وأهانوه طمعا يف القرىب إىل أهل احلكم والسلطان ، أو الغنيمة من أموال األغنياء ؛ فابن كثري يذكر يف

سن بن أيب الشوارب ، أنه كـان قاضـيا عن حممد بن احل ) هـ٣٤٧(حوادث سنة ببغداد ، وكان حسن األخالق ، إال أنه نسب إليـه أخـذ الرشـوة يف األحكـام

وكان أحد املتصـوفة، ) هـ٣٠٣ت(، كما يذكر أن رومي بن أمحد ) ٢(والواليات وعاملا بالقرآن ومعانيه ، وفقيها على مذهب داود الظاهري ، تصوف أربعني سـنة ،

ملا وىل إمساعيل بن إسحق القضاء ببغداد جعله وكيال يف بابه ، فتـرك التصـوف مث .)٣(ولبس اخلز ، وركب اخليل ، وأكل الطيبات ، وبىن الدور

وحذر املفكرون املسلمون من إتيان أبواب السالطني وأهل احلكم ، والتذلل إىل ، كما أن ذلك قد يكون سـببا األغنياء ، ملا يف ذلك من إذالل وإهانة للعلم والعلماء

يف ظلم الناس ، وأكل أمواهلم بالباطل ، والركون إىل الـدنيا وملـذاا ، ونسـيان اآلخرة ، واالنزالق يف املهالك ، مما يتناىف مع رسالة العلماء ودورهم الذي ينبغي أن

لسـالطني فإياك وأبواب ا : (يقول وهب بن منبه حمذرا العلماء ... يقوموا به خري قيام فإن عند أبوام فتنا كمبارك اإلبل ، ال تصيب من دنياهم شيئا إال أصابوا من دينـك

.) ٤() مثله

: واإلمام العزايل ينصح أحد تالميذه ، وحيذره من جمالسة أهل احلكم والسلطان ال ختالطهم وال ترهم وجهك ، وال تثين عليهم ، ألن الثناء على الفاسق والظامل آفة (

عظيمة ، إضافة إىل عدم أخذ هداياهم وعطاياهم ألن ذلك يفسد على املـرء دينـه .)٥() وقلبه

وابن اجلوزي يصرخ يف علماء عصره ، وحيثهم على صيانة أنفسـهم الـيت ينبغي لكم أن تصونوا أنفسكم : (شرفت بالعلم عن الذل ألهل الدنيا ، والطلب منهم

.٩٩أخالق العلماء،مصدر سابق،ص: اآلجري) ١( .٢٣٣، ص١١البداية والنهاية،مرجع سابق،ج: ابن كثري) ٢( .١٢٥، ص١١ج:املرجع السابق) ٣( .١٠٨أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٤( .١١٤أيها الولد،مصدر سابق،ص: العزايل) ٥(

لألنذال ، وإن كنتم يف غىن عنهم كـان الـذل هلـم ، اليت شرفت بالعلم عن الذل .)١() والطلب منهم حرام عليكم

وابن جماعة ينصح طالب العلم بأن يرته العلم عن جعله وسيلة للوصـول إىل .)٢(األغراض الدنيوية واملطامع املادية ، واملكانة االجتماعية

هلا آثار أخالقية سـلبية ، وال شك أن ظاهرة التقرب إىل احلكام وأهل األموال حيث إا قد تفضي إىل انعزال العلماء عن اتمع ، مما تنعدم معـه فائـدة العلمـاء للمجتمع ، كما أا تؤدي إىل فساد احلالة العلمية واالجتماعية ، حيث ينشغل العامل

علمهـم عن تعليم العلم وإفادة الناس ، كما أا قد تنبت النفاق يف قلوب العلماء ، وت .املداهنة والرياء ، ومتحي بركة العلم

:التعصب املذهيب : سادسا

ومن املظاهر السلبية اليت ظهرت يف البيئة العلمية أيضـا ؛ ظـاهرة التعصـب املذهيب ، والتقليد ، فبعد ظهور املدارس العلمية واملذاهب الفقهية ، والفرق الكالمية

بينها ، فشـاعت اخلالفـات والعصـبيات والصوفية وغريها ، حدث صراع عنيف ملذهبية ، مما أدى إىل تفشي الفوضى األخالقية ، وسوء األدب ، وصارت الـدروس تلقى ، واملؤلفات تكتب ، نصرة للمذاهب املتبعة ، وتفنيدا للمخالفة ، وكـثريا مـا

. انتهت هذه اخلصومات اجلدلية إىل فنت ومناوشات

ات متعددة بني أنصار املذاهب املختلفة ، كما حدث بـني وقد وقعت مشاحن احلنابلة والشيعة يف بغداد ، وكان احلنابلة يستخدمون العميـان لضـرب املخـالفني

. ) ٣(ملذهبهم كالشافعية وغريهم

ولقد رافق هذا التعصب املذهيب تعزيز للتقليد اجلامد ؛ إذ صار كل لـون مـن ، وانعكست آثار )٤(طار املذهب ينسب إىل االعتزال ألوان التفكري الذي خيرج عن إ

.١٨١صيد اخلاطر،مصدر سابق،ص: ابن اجلوزي) ١( .١٢٥فن التعليم عند بدر الدين بن مجاعةمرجع سابق،ص: حسن عبد العال.د) ٢(حممد عبد اهلادي أبو ريدة،جلنة .احلضارة اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري،ترمجة د : آدم متز ) ٣(

.٣٧٦، ص١م،ج٣،١٩٥٧التأليف والترمجة والنشر،القاهرة،ط .١٢٨،ص١٠،ج)ط.د(،)ت.د(املنتظم،دار الكتب العلمية،بريوت،:ابن اجلوزي) ٤(

التقليد على عالقات املذاهب الفكرية بعضها ببعض ، فحل التعصب حمل التسـامح ، هـ دفع األحناف طغـرل بـك ٤٤٥ونشط كل فريق لإليقاع باآلخر ، ففي عام

السلجوقي إىل اضطهاد من أمسوهم بأهل البدع ، فنال األشاعرة مـن هـذه الفتنـة ما ناهلم ، وقد امتدت آثار هذه الفتنة إىل الشام والعراق واحلجاز ، وأدت إىل هجرة إمام احلرمني اجلويين ، واضطهاد القشريي والفرايت ، فانربى األشاعرة للـرد علـى

اليت كتبـها " شكاية أهل السنة "خصومهم ، وألفوا الرسائل والكتب ، ومنها رسالة .القشريي

بت عالقات احلنابلة واألشاعرة طابعا سلبيا ، فعندما وفد القشريي كذلك اكتس اعتدى احلنابلة على سوق (هـ إىل نظامية بغداد ، ونصر مذهب األشعري ٤٦٩عام

املدرسة النظامية ، فتصدى هلم أنصار القشريي ، وسقط من الفريقني ما يقرب مـن .) ١() تواطؤ مع احلنابلةعشرين قتيال ، وام األشاعرة الوزير ابن جهري بال

بل لقد وجه التعصب املذهيب مؤسسات التعليم اليت انتشرت يف هـذه الفتـرة ، فانقسمت إىل مدارس للشافعية ، وأخرى للحنفية ، وأخرى للمالكيـة ، وأخـرى للحنابلة ، واستقلت األربطة والزوايا ، بل إن هذه الظاهرة حدثت أحيانا يف املدرسة

حدث يف املدرسة املستنصرية اليت أنشأها اخلليفـة املستنصـر عـام الواحدة ، كما .)٢(هـ ، حيث قسمت بني املذاهب األربعة ، واختص كل مذهب بناحية منها ٦٣١

وظهرت أقوال شاذة لبعض الفقهاء حترم التزاوج بني احلنفـي والشـافعية ، .وفتاوى حترم الصالة خلف إمام املذهب املخالف

ت (عصبية املذهبية والتحزب كان منتشـرا يف زمـن ابـن تيميـة ويبدو أن ال ليس للمعلمني أن حيزبوا النـاس ، : (فوجه نداء للعلماء واملتعلمني فقال ) هـ٧٢٨

.)٣() ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء

ومن املؤسف حقا أنه يف الوقت الذي كانت فيه املدارس اإلسالمية وعلمـاء ملسلمني ينشرون التعصب املذهيب ؛ كانت اجلامعات األوروبية قد بدأت يف تعلـيم ا

. بتصرف٣٠٦-٣٠٥،ص٨ج:املرجع السابق) ١( .١٨٨، ١٨٧تطور مفهوم النظرية التربويةمرجع سابق،ص: ماجد عرسان الكيالين. د) ٢( .١٥،١٦، ص٢٨جمموع الفتاوى،مرجع سابق،مج: ابن تيمية) ٣(

أحسن ما أنتجه علماء اإلسالم يف عصور اإلبداع واالبتكار ؛ اليت سـبقت عصـور .املذهبية واجلمود

ونظرا لتفشي هذه املظاهر السلبية وغريها يف بيئة العلماء وطلبة العلم ، انـربى ن للتحذير من هذه السلبيات ، والتنبيه عليها ، ووصـفوا العـالج املفكرون املسلمو

الناجع هلا ، وقد جاءت نظرم هذه استجابة للمشكالت اخللقية واالجتماعية ، اليت .يعاين منها الناس بصفة عامة ، والعلماء وطلبة العلم بصفة خاصة

מ − א מ א א מ אملفكرون املسلمون على وعي كامل مبـدى أمهيـة العنصـر لقد كان ا

األخالقي يف احلياة العلمية واالجتماعية للعامل واملتعلم ، لذا اهتموا ـذا األمـر :اهتماما كبريا ، واختذ هذا االهتمام مظاهر كثرية ، من أبرزها

:االلتفات املبكر للموضوع -١

يف وقت مبكر جـدا ) آداب العامل واملتعلم ( فقد بدأ االهتمام بالتأليف يف من حياة احلضارة اإلسالمية ، حيث جند يف النصف األول مـن القـرن الثـاين

.) ١(اهلجري رسالة لإلمام أيب حنيفة النعمان إىل تلميذه أيب يوسف

جند رسالة أخرى للفقيه املالكي املغريب اإلمام -أيضا– ويف اية هذا القرن .)٢() آداب املعلمني(حنون بعنوان ابن س

ومن اجلدير باملالحظة أن عدم عثورنا على مؤلفات قبل هذه التـواريخ ال يدل على أنه مل يكن هناك اهتمام ذا األمر قبلها ؛ بل كان االهتمام موجودا ،

إال لكنه مل يكن مكتوبا ومدونا ، شأن الكثري من العلوم اإلسالمية اليت مل تـدون يف القرن الثاين اهلجري ، حيث كانت آداب العامل واملتعلم تلقن باملشافهة أو من خالل السلوك العملي ، وقد احتوت املصنفات وكتب اآلداب على كـثري مـن

.املرويات اليت تؤكد على هذا االهتمام املبكر السابق على التدوين والتأليف

: غزارة التأليف والتصنيف -٢

رد إلينا كم كبري من الكتب واملصنفات اليت خصصت للحديث عن حيث و آداب العامل واملتعلم فقط ، بل وجدنا كل طائفة حريصة على ختصيص مؤلفـات خاصة ا تبني فيها ما ينبغي أن يتأدب به اتباعها من املعلمني واملتعلمني ، فنجد

للمحـدثني ، ) ٤( )آداب طالـب احلـديث (للفقهاء ، و ) ٣() الفقيه واملتفقه (

.مطبوعة بتحقيق األستاذ عبد الرمحن حسن حممود ) ١(ودراسة الدكتور األهواين ، وحتقيق ثان لألستاذ حممد العروسي املطوي، وثالث مطبوعة بتحقيق ) ٢(

.للدكتور عبد األمري مشس الدين .للخطيب البغدادي ، بتحقيق الدكتور حممود الطحان ) ٣( .١٩٣٦أليب حامد الغزايل، مطبوع، نشره الدكتور امحد فريد ، دار املأمون ،مصر، ) ٤(

للصـوفية ، ) ٢() آداب املريـدين ( حلملة القرآن ، و ) ١() أخالق أهل القرآن (و .وغريهم

أم كانوا خيصصون كثريا من مقدمات كتبـهم ، ويف -كذلك– كما جند بعض األحيان يفردون فصال أو أكثر للحديث عن آداب العامل واملتعلم ، كما يف

) عوارف املعارف (للغزايل ، و ) إحياء علوم الدين (، و ) موع للنووي ا(مقدمة أليب الليث السـمرقندي ، واللمـع للسـراج ) تنبيه الغافلني (للسهروردي ، و

الطوسي ، والرسالة القشريية للقشريي ، ومقدمة ابن الصالح يف علوم احلديث ، .واملدخل البن احلاج ، وغريها

ئل من الكتب والرسائل والفصول إن دل على شيء فإمنا يدل فهذا الزخم اهلا .على مدى االهتمام الكبري الذى أواله علماء األمة آلداب العامل واملتعلم

:الشمول والتكامل يف تناول املوضوع -٣

تناول املفكرون املسلمون آداب العامل واملتعلم بشكل فريـد مـن أشـكال م بني ما هو روحي نفسي ، وما هـو سـلوكي التناول ؛ حيث تكاملت نظر

عملي ، وما هو مادي حسي ، وما هو باطين أو ظاهري ، ومـا هـو فـردي .واجتماعي ، خاص أو عام

فنجدهم قد تناولوا عالقة العامل واملتعلم باهللا عز وجل ، وما جيب عليهما حنوه .م يف التوكل سبحانه من إخالص يف النية ، واجتهاد يف العبادة ، وعز

وحتدثوا عما جيب أن يتصفا به من حسن يف اخللق ، وصـدق يف القـول ، .وتواضع مع اخللق ، وعلو يف اهلمة إخل

ومل يغفلوا احلديث عن طريقة الكالم ، وتناول األشياء ومناولتها ، وطريقـة . ارة ، إخل املشي يف الطريق ، والدخول على االس واجللوس فيها ، وآداب الزي

كما أم اهتموا بآداب بالعالقة مع اآلخرين سواء كانوا من األقران ، أو مـن

مطبوع بتحقيق الدكتور عبد العزيز عبد الفتاح القارئ،مكتبة الدار،املدينـة أليب بكر اآلجري ، ) ١(

.١،١٩٨٧املنورة،ط .أليب عبد اهللا حممد بن خفيف الشريازي ) ٢(

أفراد اتمع ، فتحدثوا عن آداب احلـوار واملناقشـة والسـؤال ، وآداب اجلـوار والسكىن ، بل ذهبوا إىل أبعد من ذلك فتحدثوا عن آداب االستعارة واإلعارة ، ومـا

.و مدرسته أو معهده جيب على املتعلم حن

كل ذلك يدل داللة كبرية على مدى املعاجلة املتكاملة ، والرؤية الشـاملة ، والتناول الدقيق آلداب العامل واملتعلم ، مما يؤكد على السبق والتفوق احلضاري لعلماء

تئ املسلمني يف جمال األخالق وآداب السلوك ، على احلضارة الغربية احلديثة الىت ما ف املفتونون ا يرددون مقولة السبق الغرىب ، ويروجون لبضاعتهم املستوردة يف كلياتنـا ومعاهدنا ومدارسنا ، مولون ظهورهم لتراث آبائهم وأجدادهم الذي فيـه الكفايـة

.واهلداية

מ− א מ א א א א א :מراث اإلسالمي يف جمال األخالق وآداب السلوك ميثل ثروة ضخمة ، ال إن الت

تقدر بثمن ، وينبغي تكريس اجلهود البحثية لدراسة هذا الكم اهلائل ، والعمل علـى إظهاره إىل النور يف أى صورة ، واالستفادة منه ، يف جمال التربية والتعليم ، وبنـاء

من هذا التراث الذي تركه لنـا علمـاء منهج أخالقي وتربوي أصيل يستمد مادته .املسلمني

، واختذت "آداب العامل واملتعلم " وقد تنوعت املصنفات واملؤلفات اخلاصة بـ أشكاال وصورا كثرية ، مما دفع الباحث إىل تصنيفها إىل عدة أقسام تسهيال وتيسـريا

.ملن أراد البحث فيها ، أو االطالع عليها

.قسم خاص ، وقسم عام : ذا التراث قسمني كبريين و ميكن تقسيم ه

א: מ :א ويقصد به جمموعة الكتب والرسائل اليت أفردت للحديث عن آداب العـامل واملتعلم بصفة خاصة ، وال تتناول أي موضوعات أخرى ، وهذا القسم حيوي عـددا

مل ير النور بعد ، والبعض الثالـث ضخما ، بعضها مطبوع ، واآلخر مايزال خمطوطا فقد مع ما فقد من كنوز التراث ، اليت نهبت وسرقت ، وأحرقت ودمرت على مدار

. التاريخ

: وميكن متييز هذا القسم إىل نوعني منفصلني

: "متخصصة" :النوع األول

وهو ما كتبه علماء كل علم وفن فيما جيب أن يتحلـى بـه مـن اآلداب .واألخالق كل من أراد الدخول يف هذا العلم عاملا أو متعلما

بوضـع -خاصة بعد متيز العلوم وانفصاهلا - حيث اهتم أهل العلوم واملعارف .اآلداب واملسلكيات اليت ينبغي على كل منتسب هلذا العلم أو ذاك أن يتقيد ويلتزم ا

احملدثون -

الكثرية ، والرسائل العديدة ، وكانوا مـن أكثـر فنجد احملدثني ألفوا الكتب االجتاهات اليت أنتجت يف هذا اجلانب ، ومن البديهي أن يهتم رجال احلديث ـذا

وأفعاله للعامل واملتعلم ، فاحلديث هو تسجيل ألقوال النيب آداباجلانب اخللقي و بطبيعة كونه احلامل واملبلـغ هو املثل األعلى يف األسوة احلسنة وتقريراته ، والنيب

لقد كان لكم يف رسول اهللا أسوة حسنة ملـن : هلدي اهللا ، وبشهادة اهللا يف كتابه وإنك لعلـى : ، وقوله تعاىل ) ١( واليوم اآلخر وذكر اهللا كثريا هللاكان يرجو ا

.) ٢( عظيم خلق

الب احلديث من آداب وقد تناولوا يف مؤلفام ما جيب أن يتحلى به احملدث ، وط خالق ، وما ينبغي أن يلتزما به من سلوكيات ، أثناء عملية التحـديث ، وطلـب أو

:احلديث ، ومن أهم هذه املوضوعات اليت عرضوها وتناولوها ، ما يلي

.النية يف طلب احلديث -

.ما ينبغي للراوي والسامع أن يتميز به من األخالق الشريفة -

.خ القول يف ختري الشيو-

.آداب االستئذان على احملدث -

. آداب الدخول على احملدث -

.تعظيم احملدث وتبجيله -

.أدب السماع -

.أدب السؤال للمحدث -

.ذكر أخالق الراوي وآدابه وما ينبغي له -

.كراهة التحديث ملن ال يبتغيه ، وأن من ضياعه بذله لغري أهله -

.توقري احملدث للطلبة -

.للمحدث أن يصون نفسه عنه ما ينبغي -

.٢١آية: سورة األحزاب) ١( . ٤آية: سورة نون) ٢(

.إصالح هيئة احملدث ، وأخذه لرواية احلديث زينته -

.إمالء احلديث وعقد الس له -

.الرحلة لطلب احلديث -

.وغري ذلك من املوضوعات واملسائل اليت جندها يف مؤلفام

: ومن أبرز ما ورد إلينا من مؤلفات أهل احلديث ما يلي

أليب حممد احلسن بن عبد الـرمحن )١(لفاصل بني الراوي الواعي احملدث ا "كتاب -١ ) .هـ٣٦٠(الرامهرمزي

).هـ٤٦٣ت(،اخلطيب البغدادي) ٢( اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع -٢

). هـ٤٦٣ت( ، اخلطيب البغدادي )٣( خمتصر نصيحة أهل احلديث -٣

) .هـ٥٠٥ت (، أليب حامد الغزايل ) ٤(آداب طالب احلديث -٤

، للقاضـي عيـاض ) ٥(اإلملاع إىل معرفة أصـول الروايـة وتقييـد السـماع -٥ ). هـ٥٤٤ت(

) .هـ٦٩٦ت ()٦( آداب احملدثني لعبد الغين بن سعيد األزدي -٦

ألبواب اليت جندها يف كثري من كتـب هذا باإلضافة إىل العديد من الفصول وا علوم احلديث ومصطلحه ، تدور كلها حول أخـالق وآداب احملـدثني والـرواة ،

إىل والشروط اليت ينبغي أن تتوافر فيهم للقيام بدورهم املهم يف نقل سـنة الـنيب .الناس

املفسرون وعلماء القرآن-

.١٩٧١ – ١ط. مطبوع، بتحقيق الدكتور حممد عجاج اخلطيب، دار الفكر، بريوت)١( .١،١٩٨٤بوع، بتحقيق الدكتور حممود الطحان،مكتبة املعارف،الرياض،طمط) ٢( .١،١٩٨٨مطبوع، بتحقيق الدكتور يوسف حممد صديق،دار األصالة،اخلرطوم،ط) ٣( .١٩٣٦مطبوع، نشره الدكتور امحد فريد ، دار املأمون ،مصر، ) ٤( م١٩٧٠ –هـ ١٣٧٩مطبوع، بتحقيق السيد أمحد صقر، درا التراث، مصر، ط أوىل، ) ٥( .٤٣،ص١،ج)ت.د(،)ط.د(كشف الظنون،دار الفكر،بريوت،:مفقود، ذكره حاجي خليفة) ٦(

م كبري يف هذا املضمار ، حيث ألفوا واملفسرون وعلماء القرآن كان هلم إسها يف هذا املوضوع كتبا كثرية ، كما أفردوا له الكثري من مقدمام ، وفصول كتبهم ، ومن أهم ما تناولوه من مسائل يف مؤلفام فيما يتعلق بآداب املفسـرين ، وعلمـاء

:القرآن

.فضل محلة القرآن -

.فضل من تعلم القرآن وعلمه -

.معلم القرآن ومتعلمه آداب وأخالق -

.آداب املقرئ إذا جلس يقرأ ، ويلقن -

.آداب من يقرأ على املقرئ -

. آداب قراءة القرآن -

: وأهم ما وصل إلينا من مؤلفات آلداب املفسرين وآهل القرآن ، ما يلي

). هـ٣٦٠ت( أليب بكر اآلجري )١( أخالق أهل القرآن ، -١

).هـ٦٧٦ت( لإلمام النووي )٢(القرآن ، التبيان يف آداب محلة -٢

الفقهاء-

والفقهاء كان هلم اهتمام ذا اجلانب من جوانب شخصية الفقيه ،حيـث ، لذا اهتمـوا )٣(إن صناعة الفقه كما يقول ابن رشد تقتضي بالذات الفضيلة العلمية

الفقيـه "ا ، يف آداب بالتصنيف والتأليف ، فهذا اخلطيب البغدادي يؤلف كتابا ضخم

م،ص ١،١٩٨٢ذكره ابن خري اإلشبيلي يف فهرسة ما رواه عن شيوخه،دار اآلفاق،بريوت،ط ) ١(

،وكذلك طبع بتقدمي الشيخ حممد عمـرو عبـد اللطيـف،دار الكتـب السـلفية، ٢٨٥، حيـث ) أخالق العلماء (عد هذا الكتاب مبثابة تكملة لكتاب وي). ط.د(،)ت.د(القاهرة،

وصف فيه أخالق محلة القرآن مع اهللا تعاىل،وأخالقهم يف الدرس،ومع اخللـق، وأخالقـا .اجتماعية متعددة

.م١،١٩٨٣مطبوع،مكتبة دار البيان،حتقيق عبد القادر األرناؤط،دمشق،ط) ٢(حممد عمـارة، دار . ة الشريعة من االتصال، حتقيق د فصل املقال فيما بني احلكم : ابن رشد ) ٣(

.٣٠، ص١٩٨٣، ٢املعارف،ط

، يتناول فيه خلق وسلوك كل من يريد أن يسلك طريـق الفقـه عاملـا أو "واملتفقه . متعلما

) ١() الفقيـه واملتفقـه : ( هو كتـاب -ولعله الوحيد – وأهم مؤلف ورد إلينا

) .هـ٤٦٣ت(للخطيب البغدادي

الصوفية-

ا كبريا مشـل كـل جوانـب والصوفية اهتموا باألخالق واآلداب اهتمام التصوف ، وبرز يف كل خطوة من خطواته ، ويف كل عمل من أعماله ، فهـو

. )٢(واضح يف وصفهم للطريق الذي يسلكه الصويف بقصد الوصول إىل اهللا

وميكن مالحظة هذا االهتمام الشديد باجلانب األخالقي والسلوكي أيضا من ث أدركوا أن اجلانب األخالقي ميثـل العنصـر خالل تعريفهم للتصوف ، حي

: األساسي يف التصوف ، ومن بني هذه التعريفات قول أيب حممـد احلريـري ، وقول " التصوف هو الدخول يف كل خلق سين ، واخلروج من كل خلق دين "

التصوف خلق ، فمن زاد عليك يف اخللق فقد زاد عليك يف : "أيب بكر الكتاين . )٣(" الصفاء

هذه التعريفات وغريها تؤكد على وعي املتصوفة األوائل بأمهية األخالق ف . واآلداب يف حياة الصويف

ولذا كان شغفهم كبريا بآداب السلوك عموما ، وآداب العامل واملتعلم أو خصوصا ، فهم يعتربون التصـوف خلقـا -يف اصطالحهم -) الشيخ واملريد (

ا مل يكن مستغربا أن جند هلم كتبا ورسائل عديدة وسلوكا يف املقام األول ، ولذ :يف هذا املوضوع ، ومن أبرزها ما يلي

مطبوع، بتحقيـق وتعليـق الشـيخ إمساعيـل األنصـاري، دار الكتـب العلميـة ) ١(

). ت.د(،)ط.د(بريوت،م، ٢،١٩٩١عبد احلميد مدكور، دراسة يف علم األخالق،مكتبـة الشـباب،القاهرة،ط . د) ٢(

.١٣٩ص .١٢٦،١٢٧الة القشريية، مصدر سابق،صالرس:القشريي) ٣(

. )١()هـ٣٧١ت(آداب املريدين ، للشيخ أيب عبد اهللا حممد بن خفيف الشريازي -١آداب الصوفية ، أليب عبد الرمحن حسـني بـن حممـد السـلمي النيسـابورى -٢ .)٢() هـ٤١٢ت (

) .هـ٥٦٣ت(أليب النجيب السهروردي ) ٣(ريدين آداب امل-٣

) . هـ٦٣٨ت ( حملي ابن عريب )٤(آداب املريدين -٤

حملمد بن سـليمان الشـاطيب األندلسـي )٥(املنهج املفيد فيما يلزم الشيخ واملريد - ) . هـ٦٧٢ت(

:املعلمون ومؤدبو الصبيان -

راث الفكري يف هـذا وطوائف املعلمني ومؤديب الصبيان كان هلم نصيب من الت -:اال ، فمما وصل إلينا

" لإلمــام حممــد بــن ســحنون " )٦(آداب املعلمــني واملــتعلمني "رســالة -١

، اليت نالت من الشهرة واملكانة عند بعض الباحثني ، وعـدوها أول ) هـ٣٥٦ت( .وثيقة تربوية إسالمية تصل إلينا

) .هـ٢٥٥ت( للجاحظ )٧(رسالة املعلمني -٢

) . هـ٣١٧ت( أليب عبد اهللا الزبري )١(رياضة املتعلم -٣

املوســوعة الذهبيــة للعلــوم اإلســالمية،دار الغــد :فاطمــة حمجــوب .د)١( . ٣٦٨،ص ١م،مج١،١٩٩٣العريب،القاهرة،ط

. ٤٢،ص١كشف الظنون،مرجع سابق،مج:حاجي خليفة) ٢( . ١٤٢م،ص١٩٨٨،)ط.د(املخطوطات املصورة،معهد املخطوطات العربية،القاهرة،:فؤاد سيد)٣( . ٢٦حممود قنرب يف كتابه دراسات تراثية،مرجع سابق،ص.ذكره د) ٤( . نفس الصفحة،نقال عن إيضاح املكنون:املرجع السابق) ٥( للدكتور " التربية والتعليم يف اإلسالم"طبع هذا الكتاب ألول مرة حمققا مع رسالة الدكتوراة ) ٦(

ة بكتاب الفكر التربوي عند ابن سحنون أمحد فؤاد األهواين،مث نشرت مرة أخرى ملحق . والقابسي للدكتور عبد األمري مشس الدين

.م١،١٩٦٦مطبوعة بتحقيق عبد السالم هارون،مكتبة اخلاجني،القاهرة،ط) ٧(

) . هـ٣٨٨ت(أليب عبادة إبراهيم بن حممد ) ٢(تلقني املتعلم -٤

) .هـ٤٠٣ت(، للقابسي ) ٣( الرسالة املفصلة ألحوال املتعلمني وأحكام املعلمني -٥

لطوسـي أليب جعفر حممـد بـن احلسـن نصـري الـدين ا ) ٤( آداب املتعلمني -٦ ). هـ٤٦٠ت(

، أليب عمرو أمحد بن حممد بن عفيـف بـن عبـد اهللا بـن ) ٥( آداب املعلمني -٧ ). هـ٤٢٠ت (مريول القرطيب

) . هـ٣٨٧ت( ، أليب حممد بن أيب زيد القريواين )٦( يف أحكام املعلمني واملتعلمني -٨ :عددة من أهل العلم ، من هذه الكتب وجند بعد ذلك كتبا أخرى كثرية لطوائف مت

.) ٧() ٥٦٢ت( أدب اإلمالء واالستمالء، لعبد الكرمي بن حممد بن منصور -١

) .هـ٦١٨ت (، ابن الصالح ) ٨(أدب املفيت واملستفيت -٢ ) . هـ٦٧٦ت(، للنووي ) ٩( أدب الفتوى واملفيت واملستفيت -٣

"غري متخصصة: "النوع الثاين

على وجـه " آداب العامل واملتعلم " ا تلك املؤلفات اليت تتناول واملقصود

. ١٧حممود قنرب يف كتابه دراسات تراثية،مرجع سابق،ص.ذكره د) ١( . ١٨ص:املرجع السابق) ٢(" التربية والتعلـيم يف اإلسـالم "ا ألول مرة حمققا مع رسالة الدكتوراة طبع هذا الكتاب أيض ) ٢(

.٢،١٩٨٢للدكتور أمحد فؤاد األهواين، دار املعارف، القاهرة،ط . ١٨حممود قنرب يف كتابه دراسات تراثية،مرجع سابق،ص.ذكره د) ٤( . ٤،ص١ح،والبغدادي يف إيضاح املكنون،٣٩،ص١ذكره ابن بشكوال يف كتابه الصلة،ج) ٥(ــود،د) ٦( ــان. مفق ــد عثم ــيد أمح ــة :س ــالم الزرنوجي،مكتب ــان اإلس ــد بره ــتعلم عن ال

. ٨٧،ص٢م،ط١٩٨٨األجنلو،القاهرة، . مطبوع، بتحقيق شفيق حممد زيعور، وملحق بكتاب الفكر التربوي عند السمعاين) ٧(مطبوع بتحقيق عبد املعطـي أمـني قلعجي،مـع كتـاب فتـاوى ابـن الصـالح، دار ) ٨(

. م١،١٩٨٦عرفة،بريوت،طامل .مطبوع ، دار الفكر،بريوت) ٩(

العموم ، من غري أن تتجه باخلطاب إىل فئة معينة من أهل العلم دون األخـرى بغض النظر عن ختصصه العلمي " العامل واملتعلم"وإمنا يكون اخلطاب موجها إىل

ينا منها ما يلي وهذا النوع كثرت مؤلفاته ، وتنوعت ، وأهم ما وصل إل

لإلمام أيب حنيفـة النعمـان ، )١(وصية اإلمام أيب حنيفة إىل تلميذه أيب يوسف ، -١تصل إلينا ، ومل " أدب العامل واملتعلم "وتعترب هذه الوصية أول وثيقة مدونة يف موضوع

من أن )٢(يعرف حىت اآلن مؤلفا أقدم تارخيا منها ، خالفا ملا ذهب إليه أحد الباحثني حملمد بن سحنون هو أول ما وصلنا يف املوضوع ، وبالتـايل " آداب املعلمني "كتاب

هو -رضي اهللا عنه –اعترب ابن سحنون رائد هذا امليدان ، واحلقيقة أن اإلمام أبا حنيفة ، وهذا ال ينقص من قدر …السابق والرائد فيه حسبما تشري إىل ذلك احلقائق واألدلة

بن سحنون ، لكن احلقيقة العلمية ينبغي أن تعلن بغض النظر عن ومكانة اإلمام حممد .أي شيء آخر

) .ت؟(، حملمد بن مسعود العياشي ، من علماء القرن الثالث ) ٣(العامل واملتعلم -٢

).هـ٢٩٤ت ( ، لعبد اهللا بن حممد أبو علي البلخي )٤(العامل واملتعلم -٣ ) ـه٣٥٤ت( للبسيت )٥(العامل واملتعلم -٤

، ويعد هذا الكتاب مـن أهـم ) ٣٦٠ت(أليب بكر اآلجري ) ٦( أخالق العلماء -٥الكتب يف املوضوع ، حيث يعد بداية للتأليف املنهجي املنظم ، وهو كتاب نفـيس حتدث فيه اآلجري عن أخالق العلماء العاملني وغري العاملني ، ومشل عدة موضوعات

أثناء جمالس العلم ، وطلبـه ، وآداب املنـاظرة كأخالق العلماء مع اهللا ، وأخالقهم

.م١،١٩٨٥عبد الرمحن حسن حممود، الناشر مكتبة اآلداب،مصر،ط/ مطبوعة بتحقيق) ١(هو علي حمي الدين القره داغـي ، يف مقدمـة حتقيـق رسـالة أيهـا والولـد للغـزايل ،دار ) ٢(

.٣١م،ص١٩٨٣االعتصام،القاهرة، . ٢٢٨،ص)ط.د(،)ت.د(،دار املعرفة،بريوت،الفهرست:ابن الندمي) ٣( . م١٩٣٩طبع هذا الكتاب يف مصر عام ) ٤( . ١٧حممود قنرب يف كتابه دراسات تراثية،مرجع سابق،ص.ذكره د) ٥( . م١٩٨٤-هـ١٤٠٤فاروق محادة،دار الثقافة، الدار البيضاء . طبع الكتاب بتحقيق د) ٦(

.وغريها ، ويعد الكتاب مدرسة تربوية ، وهديا قوميا للعلماء يف كل زمان ومكان ) .هـ٣٨٢ت( ألمحد بن أبان األندلسي )١(العامل واملتعلم -٦

) .هـ٤٥٨ت( ، أليب احلسن املرسي بن سيده املرسي )٢( العامل واملتعلمني -٧

يان العلم وفضله وما ينبغي يف روايته ومحله ، أليب عمرو ويوسف بن عبد جامع ب -٨، وقد طبع الكتاب ألول مرة يف املطبعة املنريية يف مصـر ) هـ٤٦٣ت(الرب القرطيب

م ، وطبـع ١٩٧٨ –هـ ١٣٩٨، مث أعيد تصويره يف بريوت عام ) م١٩٣٣(عام .)٣(أخريا طبعة حمققة ، يف جزأين كبريين

.، البن عبد الرب أيضا ، ذكره حاجي خليفة يف كشف الظنون ) ٤( العلم آداب-٩ ) .هـ٥٠٥ت (، أليب حامد الغزايل ) ٥(أيها الولد -١٠ ) .هـ٥٠٥ت(، أليب حامد الغزايل ) ٦( األدب يف الدين -١١

) .هـ٥٩١ت(، لربهان الدين الزرنوجي ) ٧( تعليم املتعلم طريق التعلم -١٢ ) .هـ٥٦٢ت(، لعبد الكرمي السمعاين ) ٨( أدب الطلب طراز الذهب يف-١٣ ).هـ٦٧٢( ، لإلمام شرف الدين النووي )١( أدب الدارس واملدارس -١٤

. ١٧اثية،مرجع سابق،صحممود قنرب يف كتابه دراسات تر.ذكره د) ١( .١٧حممود قنرب يف كتابه دراسات تراثية،مرجع سابق،ص.ذكره د)٢(، ١حققها أبو األشبال الزهريي، ونشرا دار ابن اجلوزي ، اململكة العربيـة السـعودية ط ) ٣(

. م١٩٩٤ –هـ ١٤١٤ .٤٣،ص١كشف الظنون،مرجع سابق،ج:حاجي خليفة) ٤(علي حميـي الـدين، دار االعتصـام القـاهرة، / قيق األستاذ طبع اكثر من مرة، آخرها بتح ) ٥(

. م١٩٨٣ . ، ملحقا بكتاب الغزايل للدكتور أمحد فريد رفاعي ١٩٣٦طبع عام ) ٦(م، املكتـب ١٩٨١طبع أكثر من مرة ، منـها واحـدة بتحقيـق مـروان قبـاين عـام ) ٧(

ــالمي،بريوت،ط ــور،مكتبة دا ١،١٩٨٦اإلس ــطفى عاش ــق مص ــة بتحقي ر م، والثاني . م١،١٩٨٦القرآن،القاهرة،ط

، وذكره السـمعاين كـثريا يف ٢٦٠، ص ٤مفقود ، أورده السبكي يف طبقات الشافعية ج ) ٨( .كتاب أدب اإلمالء واالستمالء

، لبدر الدين بن أيب إسـحاق ) ٢( تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم -١٥ ) .هـ٧٣٣ت(إبراهيم بن أيب الفضل سعد اهللا بن مجاعة

). هـ٦٠٦ت (،أليب بكر حممد بن عمر الرازي )٣( العامل واملتعلم خمتصر كتاب-١٦מ: א מ :א

أن الكتب والرسائل يف هذا القسم مل ختصص يف األصل ) العام(واملقصود بوصف بالذات ، إمنا هي كتب عامة أو متخصصـة يف " آداب العامل واملتعلم "للحديث عن

كبرية تتناول موضوعات شىت ، وحدد فيها فصل أو فرع من العلوم ، أو موسوعات " .آداب العامل واملتعلم"باب أو جزء خاص بـ

وهذا القسم كبري جدا ، ال ميكن حصره ، ولكن الباحث حاول قدر طاقته مجع …أكرب عدد ممكن منها

:فنجد ألهل احلديث كتبا كثرية خصصت جزءا هلدا املوضوع نذكر منها

)٤() هـ٢٥٥ت (املقدمة ، لإلمام عبد اهللا بن عبد الرمحن الدارمي / ميسنن الدار-١

.)٥() هـ٦١٨ت(مقدمة ابن الصالح يف مصطلح احلديث ، لإلمام ابن الصالح -٢

.) ٦() هـ٤٦٣ت( اقتضاء العلم العمل ، للخطيب البغدادي ، -٣

.) ٧( تقييد العلم ، للخطيب البغدادي -٤

: لوجند للفقهاء كتبا مث

.مل أعثر عليه مطبوعا ) ١( .مطبوع بتحقيق وتعليق،حممد هاشم الندوي،دار الكتب العلمية،بريوت ) ٢( .ت مكتبة اإلسكندرية خمطوط ، فهرس خمطوطا) ٣( .م ١٩٨٨،) ط.د(مطبوع ، دار الريان للتراث ، القاهرة ، ) ٤( ) . ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، مكتبة املتنيب ، القاهرة ، ) ٥(

. م ١٩٨٤ ، ٥مطبوع ، بتحقيق الشيخ األلباين ، املكتب اإلسالمي ، بريوت ، ط) ٦( .١٩٧٥ ، ٣، طمطبوع ، بتحقيق يوسف العش ، دار الوعي ، حلب ) ٧(

.)١() هـ٣٧٥ت (تنبيه الغافلني ، للفقيه أيب الليث حممد بن نصر السمرقندي -١

.)٢(بستان الواعظني ، للفقيه أيب الليث السمرقندي -٢

.)٣() هـ٦٧٢ت(مقدمة اموع يف الفقه الشافعي ، لإلمام النووي -٣

.) ٤() هـ٥٩٧( احلث على حفظ العلم ، البن اجلوزي -٤

.) ٥(ر ، البن اجلوزي صيد اخلاط-٥

.) ٦( تلبيس إبليس ، البن اجلوزي -٦

.) ٧() هـ٧٣٧( املدخل ، البن احلاج -٧

) .٨( ميزان العمل ، للغزايل -٨

) .هـ٥٠٢ت ()٩( الذريعة إىل مكارم الشريعة ، للراغب األصفهاين -٩

ريد ، ومن شارة عن آداب الشيخ واملاإل منأما الصوفية فلم خيل كتاب من كتبهم :أهم هذه الكتب

.)١٠() هـ٣٧٨ت(اللمع ، للسراج الطوسي -١

) .١١() هـ٥٠٥ت ( إحياء علوم الدين ، للغزايل -٢

.)١() هـ٤٦٥ت(الرسالة القشريية ، لإلمام القشريي -٣

) . ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، ) ١( ) . ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، ) ٢( . ١٩٨٧ ، ١مطبوعة ، مكتبة الصحابة ، طنطا ، ط) ٣( . ١٩٨٦ ، ٢مطبوع ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، ط) ٤( . ١٩٨٨ ، ٢ع ، بتحقيق حممد الغزايل، دار الكتب اإلسالمية ، طمطبو) ٥( ) . ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، مكتبة الدعوة اإلسالمية ، القاهرة ، ) ٦( ) . ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، دار التراث ، القاهرة ، ) ٧( . هـ٢،١٣٤٢مطبوع ، دار إحياء التراث ، البايب احلليب،مصر،ط) ٨(

.١٩٨٧ ، ٢أبو اليزيد العجمي ، دار الصحوة ، القاهرة ، ط. ، بتحقيق دمطبوع)٩ ( .١٩٦٠، ) ط.د(عبد احلليم حممود ، دار الكتب احلديثة ، القاهرة ، . مطبوع ، بتحقيق د)١٠( ) .ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، دار الريان للتراث ، القاهرة ، )١١(

.) ٢() هـ٦٣٢ت (عوارف املعارف ، لعبد القاهر عمر بن حممد السهروردي -٤

:سفة نصيب يف التأليف والكتابة يف املوضوع كما يف وكان للفال

.) ٣(رسائل إخوان الصفا ، إلخوان الصفا -١

.) ٤() هـ٤٢١ت( ذيب األخالق وتطهري األعراق ، البن مسكويه -٢

.)٥() هـ٤٢٨ت (كتاب السياسة ، البن سينا أبو علي احلسني بن عبد اهللا -٣

) .٦() هـ١٤٥ت (بد اهللا بن املقفع األدب الصغري ، واألدب الكبري ، لع-٤

: و كتب األدب اهتمت بعضها ذا املوضوع ، فنجد كتاب

.)٧() هـ٢٧٦ت(عيون األخبار ، البن قتيبة -١

. )٨() هـ٣٢٨ت ( العقد الفريد ، ألمحد بن حممد بن عبد ربه -٢

מ− א מ א א .אليت استقى منها واعتمد عليها املفكرون املسلمون عند حـديثهم تعددت املصادر ا

عن آداب العامل واملتعلم ، فمنها ما هو أصيل وأصل يف هذا الباب وهو القرآن الكرمي والسنة النبوية الشريفة ، ومنها ما هو ضروري كاالجتهاد ، ومنها ما كان لالستئناس

.وال الفالسفة واحلكماء واالستشهاد ال غري كمرويات أهل الكتاب ، وأق

: القرآن الكرمي -

حجة ( ، بألفاظه ومعانيه ، ليكون هو كتاب اهللا الذي أنزله على النيب

) .ت.د(، ) ط.د(مطبوعة ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، )١( . ١٩٨٣، ) ط.د٠مطبوع ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، )٢( .١٩٩٦، ) ط.د(مطبوعة، اهليئة العامة لقصور الثقافة ، القاهرة ، )٣( . ١٩٨١ ، ١مطبوع ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، ط)٤( .م ١،١٩٠٦مطبوعة، جملة املشرق ، بريوت ،ط)٥( ) .ت .د(، ) ط.د(ت ، مطبوع ، مكتبة احلياة ، بريو)٦( ) .ت .د(، ) ط.د(مطبوع ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، )٧( ) .ت.د(، ) ط.د(مطبوع ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، )٨(

للرسول على أنه رسول اهللا ، ودستورا للناس يهتدون داه ، وقربة يتعبـدون بتالوته ، وهو املدون بني دفيت املصحف ، املبدوء بسورة الفاحتـة ، املختـوم

ة الناس ، املنقول إلينا بالتواتر كتابة ومشافهة جيال عن جيل ، حمفوظا من بسور .) ١() أي تغيري أو تبديل

وحيتوي القرآن الكرمي على آيات تتصل بأحكـام العقيـدة واألخـالق ، واألعمال الصادرة عن املكلف ، وتسمى هذه األحكام باألحكـام العمليـة ،

.ملعامالت العبادات وا: وتنتظم على نوعني

وميكن القول إن القرآن الكرمي هو املصدر األساسي للقيم واآلداب ، الـيت حرص املفكرون املسلمون على استقائها واستخراجها من آياتـه ، وجعلوهـا

آداب العـامل (املنطلق األول ، والركيزة األساسية لبناء املنظومة األخالقية لـ عن أدب معني ، أوسلوك ما أن يوردوا ، فكانوا يهتمون عند احلديث ) واملتعلم

.اآليات اليت وردت يف القرآن الكرمي املتعلقة ذا األدب أو ذاك السلوك

املتعلم مع املعلم ، من التسـليم والصـمت ، (واستمدوا كثريا من آداب -وهو نيب -والصرب من قصة موسى واخلضر عليهما السالم ، فقد رحل موسى

الم ، يف طلب العلم إىل شاطئ البحر ؛ تاركا قومـه يف من أنبياء اهللا عليهم الس سبيل التعلم من عبد من عباد اهللا تعاىل ، مث ملا رآه استأذنه يف أن يصاحبه للعلم

.)٢() غري أن خضر عليه السالم اشترط عليه شروطا ، وقبلها موسى

مليئـا وكذلك لو فتشنا عن آداب العامل واملعلم يف القرآن الكرمي لوجدناه .ا من خالل قصص األنبياء عليهم السالم مع أقوامهم

: السنة النبوية -

من قول أو فعل أو كل ما صدر عن رسول اهللا ( السنة النبوية هي

.) ٣() تقرير

.٢٠٦،٢٠٧،ص)ت.د(،)ط.د(أصول الفقه،مكتبة الدعوة اإلسالمية،القاهرة،:عبد الوهاب خالف)١( .٢٧مصدر سابق،صمقدمة حتقيق أيها الولد،:علي حمي الدين) ٢( . ٣٦أصول الفقه،مرجع سابق،ص:عبد الوهاب خالف) ٣(

من ما صدر عن رسول اهللا ( وقد أمجع املسلمون على مر العصور على أن ا به التشريع واالقتداء ، ونقل إلينا بسـند قول أو فعل أو تقرير ، وكان مقصود

صحيح يفيد القطع أو الظن الراجح بصدقه يكون حجـة علـى املسـلمني ، ومصدرا تشريعيا يستنبط منه اتهدون األحكام الشرعية ، ألفعال املكلفـني ، أي أن األحكام الواردة يف هذه السنن تكون مع األحكام الـواردة يف القـرآن

.) ١() واجب االتباعقانونا

، وقد أمرنا اهللا عز وجل ) ٢() مع ذلك أصل يف االستنباط قائم بذاته ( والسنة بـالغ -أي السنة–يف كثري من آيات القرآن الكرمي ، ألا باتباع الرسول

عن اهللا تعاىل ، وهي معاونة للقرآن يف بيان األحكام الشـرعية ، فهـي تـبني وتبني ناسخه ومنسوخه ، وتزيـد له ، وختصص عمومه ، مبهمه ، وتفصل جمم

فرائض ثبت أصلها يف القرآن بالنص ، بأن تأيت بأحكام زائـدة مكملـة يهعل .)٣(لألصول ، مث إا تأيت بأحكام ليست يف القرآن

لذلك مثلت السنة النبوية الشريفة مصدرا كبريا وثريا من مصادر اسـتنباط مفكرين املسلمني ، حيث وجدوها مليئة بـالقيم واملثـل األخالق واآلداب لل

من أقـوال وأفعـال وتقريـرات ، العليا ، ممثال فيما صدر عن رسول اهللا واعتربوها حجة واجبة االتباع ؛ حيث كانت صادرة منه بوصفه رسول اهللا

.وكان مقصودا ا التشريع

هو امليزان األكـرب ، فعليـه إن رسول اهللا : (فعن سفيان بن عيينة قال تعرض األشياء ، على خلقه وسريته وهديه ، فما وافقها فهو احلق ، وما خالفها فهو

.)٤() الباطل

وضع األسس العامة للتعليم ، من الرمحة والرفـق ، وال شك يف أن الرسول اليمن قائال أبا موسى ومعاذ بن جبل ملا بعثهما إىل والتيسري والتبشري ، فقد أوصى

. ٣٧ص:املرجع السابق) ١( .٨٤،ص)ت.د(،)ط.د(أصول الفقه،دار الفكر العريب،القاهرة،:حممد أبو زهرة) ٢( .٧٧،٧٨ص:املرجع السابق) ٣( .٧٩اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ص:اخلطيب البغدادي) ٤(

علموا وال تعنفـوا فـإن : ( ، وقال )١() يسرا وال تعسرا ، وعلما وال تنفرا : ( .)٢() املعلم خري من املعنف

ويكفي أن نلفت النظر إىل أن كتب السنة املطهرة مليئة باألحاديث واآلثار الـيت بـواب اخلاصـة ترشد إىل طرق التربية والتزكية ، فقد أفردت الكتب والفصول واأل

. بالعلم وفضله ، وفضل تعلمه وتعليمه ، وأدب ذلك

: آثار الصحابة والسلف الصاحل -

كانت آثار الصحابة ، والسلف الصاحل ، وقصص العلماء العـاملني ، والنبـهاء الصاحلني مصدرا ثريا من مصادر االستمداد واالستشهاد عند املفكرين املسـلمني ،

امل واملتعلم ، ذلك أم رأوا فيها تطبقا عمليـا وواقعيـا لتلـك فيما يتعلق بآداب الع احلكايات عن العلماء وحماسنهم أحـب إيل مـن : (اآلداب ، يقول اإلمام أبو حنيفة

.)٣() كثري من الفقه ؛ ألا آداب القوم وأخالقهم

) :املصدر األجنيب( أقوال احلكماء والفالسفة -

اء والفالسفة كمصدر من مصادر آداب العامل واملتعلم ، فيما يتعلق بأقوال احلكم فإا مل تكن من املصادر األساسية للمفكرين املسلمني ، وإمنا كانت ترد يف أغلـب

.األحوال رد االستئناس ال غري

ال : إين وجدت يف بعض احلكمـة : (ومن ذلك ما أورده اخلطيب البغدادي قال تعمل مبا قد علمت ، فإن مثل ذلـك مثـل رجـل خري لك أن تعلم ما مل تعلم ومل

. )٤() احتطب حطبا ، فحزم حزمة ذهب حيملها فعجز عنها فضم إليها أخرى

وأيضا أكثر ابن عبد الرب من النقل عن الفالسفة اليونانيني ، واحلكماء ، فنحد له .)٥(نقوال عن بزر مجهر ، وجالينيوس ، وأفالطون

جتاه العقلي من الفالسفة األكثر اقتباسـا واستشـهادا بـأقوال ويعد أصحاب اال

.لبخاري يف كتاب األدباحلديث رواه ا) ١( .احلديث رواه الطيالسي يف مسنده) ٢( .٣٤٩،ص)ت.د(،)ط.د(مناقب أيب حنيفة،دار الكتاب العريب،بريوت،:املوفق املكي)٤( .احلديث رواه الطيالسي يف مسنده) ٤( .٢٥٧،٤٢٩جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ص:ابن عبد الرب) ٥(

احلكماء والفالسفة ، فمثال جند ابن مسكويه يكثر من النقل عن الفالسفة واحلكمـاء ، والرواقيـون ، )٢( ، وبروسـن )١(أرسطوطاليس ، وجـالنيوس : اليونانيني أمثال

. ن سينا ، والفارايب وغريهم ، ونفس األمر جنده لدى إخوان الصفا ، واب

) :اإلسرائيليات(أقوال أهل الكتاب

ومن املصادر اليت استعان ا املفكرون املسلمون يف مؤلفام أقوال أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، أو من النصوص التوراتية واإلجنيلية ، وهم مل جيدوا حرجا يف النقل

يف ئناس بأخبارهم ، لورود اخلرب عن النيب عنهم ، واالستشهاد بأقواهلم ، أو االستعدم احلرج يف التحديث والرواية عنهم ، ما مل يتعارض ذلك مع نصوص الشـريعة

.)٣() وحدثوا عن بين إسرائيل وال حرج: ( أنه قال اإلسالمية ، فعن النيب

ـ : ( ويف هذا املعىن يقول الدكتور حممد حممد أبو شهبة ل الصـدق وأما ما حيتم وليس فيه ما يصدم نقـال صـحيحا ، أو عقـال -أي اإلسرائيليات –والكذب منها

وحدثوا عن بين : (سليما ، فذكروه ملا فهموه من اإلذن هلم يف روايتها من قوله .) ٤() إسرائيل والحرج

: ومن األمثلة على ذلك ما أورده ابن عبد الرب يف احلث على طلب العلم قـال مـا حسـنت : إىل مىت حيسن التعلم ؟ قال : وروي عن املسيح عليه السالم قيل له (

.)٦( ، كذلك جند له نقوال أخرى عن داوود ، وموسى ، عليهما السالم ) ٥() احلياة

و من ذلك أيضا ما أورده اخلطيب البغدادي يف باب التغليظ على من ترك العمل مـا مينعـك أن : يف بين إسرائيل ، فقال العامل للعابد كان عامل وعابد : (بالعلم قال

تعلمت شيئا فأنا أعمل بـه : تأتيين وتأخذ مين وأنت ترى الناس يأتوين ، فقال العابد

.٤٢،٤٣،٥٤،٨٤،٨٧،٨٨،٩٠در سابق،صذيب األخالق،مص:ابن مسكويه) ١( . وما بعدها٦٦ص:املصدر السابق) ٢( .احلديث صحيح،رواه البخاري) ٣(ــهبة .د) ٤( ــو ش ــد أب ــري،مكتبة :حمم ــب التفس ــوعات يف كت ــرائيليات واملوض اإلس

.٩٥هـ،ص٤،١٤٠٨السنة،القاهرة،ط املسـيح عليـه ، وهناك نص آخر عن ٤٠٦،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج :ابن عبد الرب ) ٥(

.٤٤٧السالم ص .،٢٤٦،٢٦٢جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ص:ابن عبد الرب) ٦(

.) ١() فإذا فين أتيتك

ومن املالحظ أن املفكرين املسلمني مل يعتمدوا علـى اإلسـرائليات كمصـدر س فقط ، وليس لالستدالل أو االسـتنباط ، وذلـك أساسي ، وإمنا هو رد االستئنا

.لكفاية املصادر اإلسالمية األصيلة يف ذلك

:االجتهاد -

االجتهاد يف اللغة بذل اجلهد ، واستفراغ الوسع يف فعـل مـن األفعـال ، وال إال ملن بذل غاية وسعه ، " اجتهد: "، وال يقال ) ٢(يستعمل إال فيما فيه كلفة وجهد

.ه ، حبيث مل يبق من طاقته ما ميكن أن يضيفه واية طاقت

كما أن استعمال الكلمة يدل على أا تطلق على اجلهد يف األمور احلسية ، مثلما اجتهد الرجل يف محل الثقل ، كما تطلق أيضا يف األمور املعنويـة ، مثلمـا : نقول بد وأن يبلغ الغايـة أجتهد رأيي ، و أجتهد يف املذاكرة ، ويف كال احلالني ال : نقول

.اجتهد يف محل القشة أو النواة : والنهاية ، فال يقال

وألهل كل علم وفن تصورهم اخلاص م للطاقة العادية يف علمهـم أو فنـهم ، وتصور ملا حيتاج إىل أكثر من اجلهد املعتاد ، فإذا جاوز اجلهد املبذول احلـد املعتـاد

.ألمر جهد نفسه ، أو أجهدها يف ا: قالوا

.) ٣() بذل اتهد وسعه يف طلب العلم بأحكام الشريعة(واالجتهاد عند األصوليني

:حكم االجتهاد -

قد فرض االجتهاد على خلقه ، وابتلى طاعتهم فيه ، كما ابتلـى -تعاىل–إن اهللا ولنبلونكم حـىت نعلـم : طاعتهم يف فرائض أخرى افترضها عليهم ، قال تعاىل

.)٤( منكم ونبلوا أخباركمااهدين

لعباده من األحكام ما يـنظم كـل -تعاىل– لقد كان من املمكن أن يشرع اهللا

.٥٧اقتضاء العلم العمل،مصدر سابق،ص:اخلطيب البغدادي) ١( . بتصرف٤٢٢،ص)ت.د(،)ط.د(أصول الفقه،دار احلديث،القاهرة،:حممد اخلضري) ٢( .٣٥٠،ص٢،ج)ت.د(،)ط.د(املستصفى،البايب احلليب،القاهرة،:الغزايل) ٣( .٣١آية:سورة حممد) ٤(

أراد أن -سبحانه–شئون حيام ، دون حاجة إىل اجتهاد منهم يف معرفتها ، ولكنه مين على عباده بفرض االجتهاد ليكون عبادة تؤديها عقوهلم ، وزكاة هلا ، كما فرض

هاد ليتخذ من صاحلي عباده شهداء ، وإذ فضل ااهدين مبا بذلوا من دماء ، فإنه اجلفضل اتهدين مبا بذلوا من جهد يف االستنباط لتعلوا كلمة اهللا ، ولـتحكم شـريعته

. ) ١(تصرفات الناس كلها

لعمليـة ومن املعلوم أن مجيع وجوه نشاط املسلم ؛ الفكرية والعقلية والقلبيـة وا السلوكية ، املتعلقة باجلوارح ، جيب أن تكون حمكومة بأحكام اإلسالم ، فاإلسالم ما

.هو إال االنقياد واالستسالم الكامل ألحكام اهللا تعاىل ، ورسوله

وهذا ال يتم إال بطريق النص ، واإلمجاع املستند إليه ، وملـا كانـت النصـوص .)٢(ية ، كان البد من االجتهاد يف طلب إصابة احلق متناهية ، واحلوادث غري متناه

واجتهاد العلماء يكون فيما ال نص فيه ، على التفصيل املبني يف مباحث االجتهاد .)٣(يف كتب األصول

ولقد كان االجتهاد أحد األدوات اليت استعان ا املفكرون املسلمون السـتمداد اب العامل واملتعلم ، خاصة يف املوضوعات املستحدثة ، الكثري من األحكام املتعلقة بآد

اليت مل يرد فيها نصوص ، أو اليت ورد فيها نصوص غري قطعية الداللة أو الثبوت ، أو .بينها تعارض ظاهري

ومن أهم املوضوعات اليت كانت حمل اجتهادهم ، كل ما يتعلق بتنظـيم العمليـة ، وطرق التدريس ، وتنظيم املدارس واملكتبـات ، وآداب التعليمية ، ووضع املناهج

أخذ األجرة على التعليم ، القيـام لألسـتاذ ، : سكىن املدارس ، ومسائل مهمة مثل ، وغريها من املسائل واملوضوعات اليت سنناقشها يف موضعها مـن )٤(وتقبيل يده

.٥١٥،ص١،ج)ت.د(،)ط.د(أدب القاضي،دار الكتب العلمية،بريوت،:املاوردي) ١( .٤٧٩،ص)ت.د(،)ط.د(الرسالة،دار الكتب العلمية،:الشافعي) ٢(أصـول الفقـه للخضـري،مرجع :ملزيد من التفصيل حول أقسام مـا جيتهـد فيـه يراجـع ) ٣(

ومـا بعـدها،أدب القاضـي ٤٧٩،الرسالة للشافعي،مرجع سـابق،ص وما بعدها ٤٢٢سابق،ص .وما بعدها٥١٥للماوردي،مرجع سابق،ص

من البـاب ) هآداب املتعلم حنو أستاذ (ملعرفة التفاصيل حول هاتني املسألتني ، يراجع الفصل الثاين ) ٤( .ما بعدهاو،٤٠٢الثالث من البحث،ص

. البحث

تنظمها ، وتبني أحكامهـا ، فمعظم هذه املوضوعات مل يرد فيها نصوص شرعية .فكان البد هلم من االجتهاد والبحث فيها ؛ ووضعها يف إطارها الصحيح

: العرف -

.) ١() ما ألفه اتمع ، وسار عليه الناس من قول أو فعل أو ترك( وهو

.صحيح وفاسد : ويوجد من العرف نوعان

معتـربة ، وال أما الصحيح فهو ما ال خيالف نصا ، وال يفوت مصـلحة .جيلب فسادا

. وأما الفاسد فهو ما خيالف الشرع ، أو جيلب ضررا ، أو يفوت املصلحة

ويعتربه العلماء أصال من أصول االستنباط اليت تنبين عليها األحكام ، ومن العادة : (أقواهلم املشهورة يف هذا اال ؛ واليت هي من القواعد الفقهية املعتربة

.) ٢() املعروف عرفا كاملشروط شرطا(و ) حمكمة

ولذا اعتربه املفكرون املسلمون مصدرا مـن مصـادر األخـالق واآلداب اإلسالمية ، ولكن بشروط معينة ، وهي الشروط اليت اشترطها علماء األصـول

:العتبار العرف ، وهي

. أن ال يكون العرف خمالفا للنص ، بأن يكون عرفا صحيحا -١(

أن يكون مطردا وغالبا ، أي أن يكون العرف مستفيضا وشائعا بني أهله ، -٢

. معروفا عندهم ، معموال به من قبلهم ، وأن يكون العاملون به أكثرية

أن يكون العرف الذي يحمل عليه التصرف موجودا وقت إنشائه -٣

.)٣() عكس مضمونه أن ال يوجد قول أو عمل يفيد-٤

وعلى الرغم من اعتمادهم العرف أصال مصدرا ، إال أم مل جيعلوه مصـدرا

. ٢٣٧م،ص١٩٨٧،)ط.د( الرسالة،بريوت،الوجيز يف أصول الفقه،مؤسسة:عبد الكرمي زيدان) ١( . ٥٤الوجيز يف أصول الفقه،مرجع سابق،ص:عبد الكرمي زيدان) ٢( .٢٥٦،٢٥٧املرجع السابق،ص) ٣(

مستقال بذاته ، بل يرجع إىل أدلة التشريع املعتربة ، فالبد أن تستند األعـراف إىل .نص من كتاب أو سنة ، أو إىل إمجاع أو قياس أو استحسان

اعتماد العرف أحـد املصـادر املهمـة آلداب العـامل ومن أبرز األمثلة على واملتعلم ، موضوع األطعمة اليت نصحوا املتعلم بتناوهلا لكي تساعده على احلفظ ، وتقوي ذاكرته ، وكذا األطعمة اليت تورث النسيان ، وتضعف الذاكرة ، والـيت

على ما كان جيب عليه أن يتجنبها ، فهذا املوضوع اعتمد فيه املفكرون املسلمون متعارفا عليه يف أزمام ، من أن هناك بعض األطعمة تقوي احلفـظ ، وبعضـها

أكل إحدى وعشرين زبيبة كل يوم علـى الريـق (اآلخر يضعفه ، فمثال قالوا إن أكل الكزبرة الرطبة ، والتفاح احلـامض ، والنظـر إىل (، وإن ) ١() يورث احلفظ

ملرور بني قطار اجلمال ، وإلقاء القمل احلـي املصلوب ، وقراءة ألواح القبور ، وا . ، مما يورث النسيان )٢() على األرض ، واحلجامة على نقرة القفا

وهذا كله مل يقم على صحته دليل علمي ، أو جتربة صحيحة ، وإمنـا هـي أعراف وتقاليد متوارثة ، تناقلها اخللف عن السلف دون متحيص ودراسة ، وكان

أحد املآخذ والسلبيات اليت " تعليم املتعلم " املعلومات يف كتاب الرزنوجي إيراد هذه أخذها الدكتور أمحد فؤاد األهواين عليه ، واعتربها أوهاما ال تسـتند إىل دليـل

. )٣(علمي

א− א מ א מ א :אر اإلسالمي خبصائص ومسات مميزة ، اتسمت آداب العامل واملتعلم يف الفك

جتعلها من الشواهد الدالة على سبق الفكر اإلسالمي يف هذا اال احليوي ؛ الذي منه ، دول العامل املعاصر حتقيق بعض حتاول النظم التعليمية والتربوية يف كثري من

. ١٢٨تعليم املتعلم طريق التعلم،مصدر سابق،ص:الزرنوجي) ١( . ١٣٠ص:املصدر السابق) ٢( .١٧٠-١١٦٩زيد من التفصيل انظر البحث ،صمل) ٣(

قيـق وتنفق األموال الطائلة إلجراء الدراسات والبحوث اليت ميكن من خالهلا حت هذا األمل املنشود ، هذا يف الوقت الذي كانت احلضارة اإلسالمية قد أرسـت

والتربـوي ، مـي اب السلوكية لنظامها التعلي الدعائم واألسس األخالقية واآلد :وتطبيق ذلك يف الواقع العملي بالفعل ، ومن أبرز هذه اخلصائص

: االعتماد على الوحي مصدرا -

ملفكرون املسلمون كثريا من اآلداب واألخـالق مـن مصـدرين استمد ا أساسني مها القرآن الكرمي والسنة النبوية املشرفة ، وكانوا حريصني كل احلـرص على تدعيم وتوثيق كالمهم عن آداب العامل واملتعلم بآيات القرآن الكـرمي ، أو

من بني يديـه و ال احلديث الشريف ، فهما الدستور الرباين الذي ال يأتيه الباطل من خلفه ، وهذا يعطي هلا ميزة كربى تتميز ا عن سائر اآلداب واألخالقيـات يف احلضارات والثقافات األخرى ، أال وهي العصمة واهلدى ، فالذي قرر هـذه

اآلداب واألخالقيات هو اهللا عز وجل ، والذي بلغها وطبقها هـو رسـول اهللا قص ، والتحيز واهلوى ، تلك العيوب اليت ال خيلو ، فهي مربأة من العيب والن

.منها فكر البشر الذي جيهل حقيقة نفسه ، فضال عن جهله حبقيقة غريه

فمهما حاول اإلنسان أن يضع منهجا للتربية من دون أن يقتبس مـن نـور ، املنهج الرباين لتأثر جبهله وهوى نفسه ، مما جيعله بعيدا عن الصواب وعن احلق

وجيعله متحيزا ، وغري مالئم لإلنسان يف جوانبه املختلفـة ، وإذن فمـن اخلـري لإلنسان أن يستمد املنهج التربوي واخللقي من الكتاب الذي نـزل هلدايتـهم ،

أال يعلم من خلـق والذي وضعه العليم ببواطن النفوس ، اخلبري مبا يصلحهم يه املفكرون املسـلمون واحلضـارة ، وهذا ما سبق إل ) ١( اخلبري وهو اللطيف

اإلسالمية سائر حضارات الدنيا ، فاعتمدوا القرآن والسنة مصدرا أساسيا آلداب . العامل واملتعلم

: مسو اهلدف -

إذا كانت النظم التعليمية املعاصرة دف إىل تكوين املواطن الصاحل ، فـإن دف إىل بناء اإلنسان الصاحل ؛ ليـبين يف الفكر اإلسالمي ) آداب العامل واملتعلم (

.١٤يةآ:سورة امللك) ١(

اتمع الصاحل ؛ الذي يعينه على حتقيق رسالته يف هذه احليـاة ، وشـتان بـني اهلدفني ، فبينما األول يقتصر دوره يف إطار القومية الضيق ، فإن الثاين ينطلق إىل

. )١(جمال اإلنسانية الرحب ، ويؤكد على األخوة اإلنسانية

املفكرون املسلمون يعتربون التعليم والتعلم مـن الطاعـات و القربـات والعظيمة ؛ اليت دف إىل حتقيق أعظم الغايات يف احلياة ، أال وهـي عبـادة اهللا

صورة من أمسى صور العبادة يف -وهذه احلالة –بأوسع معانيها ، فالتعليم والتعلم : ، وهدفه احلياة املؤمنة ، قال تعـاىل اإلسالم ، ميدانه الكون ، وحموره اإلنسان

واإلنس إال ليعبدون وما خلقت اجلن )ومن اجلدير باإلشارة أن مفهوم ) ٢ ،العبادة يف اإلسالم مفهوم واسع من حيث املضمون و من حيث الزمان ومن حيث

.املكان

اهللا عز فمن حيث املضمون فإن احلاكم الذي يعدل بني الناس هو يف عبادة وجل ، وااهد يف سبيل اهللا هو يف عبادة اهللا عز وجل ، وهكذا فإن كل عمـل

قل إن صـاليت : يقوم به املؤمن وهو يقصد به وجه اهللا فهو عبادة يقول تعاىل ، و يدخل يف هذا بالطبع عمليـة ) ٣( ونسكي وحميياي وممايت هللا رب العاملني

يعلم الناس اخلري يعبد اهللا بتعليمه للناس ، واملـتعلم التعليم والتعلم ، فاملعلم الذي يرفع اهللا الذين آمنوا منكم :الذي يسري وراء احلقيقة فهو يف عبادة اهللا تعاىل

من سلك طريقا يلتمس فيه علما (، وقال ) ٤( والذين أوتوا العلم درجات ميداا -إن جاز التعبري –لية ، فهذه العبادة العم )٥( ) سهل اهللا له طريقا إىل اجلنة

الكون كله بسمائه وأرضه ، مبا فيه من حيوان ونبات ومجاد ، وكلها تسـتدعي النظر والتأمل لتقود املخلوق ملعرفة اخلالق واإلميان به وعبادته ، فاإلنسان هو سيد

وعلـم آدم األمسـاء هذا الكون ؛ وهو حمور العملية التعليميـة والتربويـة

.،بتصرف١١٥أزمة التعليم املعاصر،مرجع سابق،ص:زغلول راغب النجار.د) ١( .٥٦آية :سورة الذاريات) ٢( .١٦٢آية:سورة األنعام) ٣( .١١آية:سورة اادلة ) ٤( .احلديث صحيح ، رواه مسلم ) ٥(

.واهلدف من ذلك كله هو معرفة اخلالق سبحانه وعبادته ) ١( كلها

وإن كان للفروض منها أوقات معلومـة – وأما من حيث الزمان فإن العبادة إال أا مبعناها الواسع وملن أراد النافلة فتجوز يف كل وقت يف هـذه -مقصودة

لم ، فإن كانت مرحلـة احلياة الدنيا من املهد إىل اللحد ، وكذلك التعليم والتع الصبا والشباب هي الوقت الذهيب للتعلم ، إال أن الفكر اإلسالمي أكد على مبدأ

.) ٢( وقل ريب زدين علما استمرارية التعلم من املهد إىل اللحد

فأينمـا : ومن حيث املكان ، فالعبادة يف اإلسالم جائزة يف أي مكـان ، ) وجعلت يل األرض مسجدا وطهورا : (، وقال ) ٣( فثم وجه اهللا تولوا

وكذا التعليم والتعلم كأحد صور العبادة فإا انبثقت من املسـجد ، وجيـوز أن تكون يف مدارس أو مؤسسات خاصة ، كما ميكن طلب العلم يف أي بقعة مـن

. بقاع األرض

: الوحدة والشمول -

سالمي ينعكس بوضوح على عملية إن مبدأ الوحدة والشمول يف الفكر اإل التعليم والتعلم ، من حيث ضرورة النمو املتكامل للفرد املسلم يف إطار اتمـع والعامل ، ومن حيث النظرة إىل وحدة اإلنسانية ؛ وبالتايل مسة العامليـة للفكـر

. اإلسالمي ، وأخريا وحدة املعرفة ومشوهلا يف جماالت العلوم والفنون على السواء

فأما عن وحدة اإلنسانية ، فإن البشرية كلها خملوقة هللا عز وجل ، وهي كلها موجودة للتعارف فيما بينها ، وللتعاون على اخلري ، ولألمر باملعروف والنهي عن

يا أيها الناس إنـا خلقنـاكم املنكر ، وحتقيق مبدأ العدالة واملساواة بني البشر .) ٤( إن أكرمكم عند اهللا أتقاكمشعوبا وقبائل لتعارفوا

وقد حرص الفكر اإلسالمي على أن يوجد الوعي الصحيح عند أتباعه مبـا ـ احلكمة ضالة املؤمن (جيري يف العامل ، وحيثهم على أخذ احلكمة حيث كانت ف

.٣١آية:سورة البقرة) ١( .١١٤آية:سورة طه) ٢( .١١٥آية:سورة البقرة) ٣( .١٣آية:سورة احلجرات) ٤(

اطلبوا العلم ولو يف (، وطلب العلم من أي مكان ) ١() أىن وجدها فهو أحق ا .) ٢() الصني

وأما عن وحدة املعرفة ومشوهلا يف جمال العلوم والفنـون ، فـإن الفكـر اإلسالمي نظر إىل مجيع حقول املعرفة املفيدة للفرد واتمع نظرة واحدة ، وهـي تؤكد على مجيع أنواع املعرفة وال تفرق بني العلوم الدينية والدنيوية إال بقدار مـا

ة ألداء عبادته ، وما يكفي اتمع مـن العلـوم يكفي كل فرد من العلوم الديني فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهـوا يف الـدين : الدينية والدنيوية

، ويف هـذا إشـارة إىل ) ٣( قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم حيذرون ولينذرواـ : (ضرورة التفقه يف الدين والعلوم الشرعية ، يقول الرسول همن يرد اهللا ب

، كما أشار القرآن الكرمي إشارت عابرة لكنها قويـة ) ٤() خريا يفقهه يف الدين ومعربة إىل آفاق العلم واملعرفة اليت جيدر بالعقل البشري أن يتحراها ويتقصـاها وينظر فيها من علوم فلكية ، وجغرافية ، وتارخيية ، وجيولوجيـة ، وطبيعيـة ،

ن العلوم اليت تعزز اإلميان باهللا وتزيد مـن وعلوم احليوان والنبات ، وغري ذلك م خشية اإلنسان لربه ، وتفيد البشرية يف واقع حيام ، وتطوير جمتمعام يف طريق

.)٥(التقدم والفالح يف الدنيا واآلخرة

: التكامل والتوازن الدقيق -

لدقيق ، يف الفكر اإلسالمي بالتكامل والتوازن ا " آداب العامل واملتعلم " متيزت .حيث مل يطغ جانب منها على بقية اجلوانب األخرى

فأما من جهة التكامل ، فقد عاجلت اجلوانب املتعددة يف اإلنسان ؛ اجلسدية والعقلية والروحية ، مبنهج دقيق وفريد ، ونرى ذلك جليا يف تنـاول املفكـرين

جــزء مــن حــديث ضــعيف،رواه العســكري والقضــاعي،ورواه العجلــوين يف كشــف ) ١(

) .احلكمة ضالة كل حكيم:(اخلفاء،بلفظ .٤١٦ال أصل له،سلسلة األحاديث الضعيف،حديث رقم:احلديث ضعيف، قال ابن حبان) ٢( .١٢٢آية:سورة التوبة) ٣( .مذي ، وابن ماجة ، وابن حبان احلديث رواه أبو داوود ، والتر) ٤(التوراة :موريس بوكاي .د:رف الكونية يراجع العلوم واملع ملزيد عن هذه اإلشارت القرآنية ل ملعرفة ا ) ٥(

. ١م،ط١٩٨٣واإلجنيل والقرآن يف ضوء املعارف العلمية احلديثة،دار املعارف،مصر،

فكانوا ذا املنهج متوافقني مع ، ) ١(املسلمني آلداب العامل واملتعلم حنو اهللا والنفس . التصور اإلسالمي لإلنسان ، فهو روح وجسد وعقل وغرائز

فاليونان قدميا يف إسربطة ضحوا بالتربية الروحية يف سبيل اجلسد ، إذ كانت القوة اجلسدية والقدرة القتالية هي الصفات احملببة واملفضلة لـديهم ، إذ كـان

.األبطال واجلنود هدفهم األمسى تكوين

كذلك كانت التربية اجلسدية موضع العناية يف أول عهد اجلمهورية األثينية ، .) ٢(كذلك فعل الرومان من بعدهم ، فغلبت عليهم الناحية املادية العملية

وملا سيطرت الكنيسة على أوروبا يف العصور الوسطى أولت الناحية الروحية ، وغلبت الناحية املثالية اخللقية على تربيتها ، فلم يعد للجسـد واخللقية اهتماما

قيمة ، ومل يبق مثة جمال للبحث يف أمر تقوميه والعناية به ، " جريوم"عند القديس ليكون أداة صاحلة لنفس مجيلة ، بل غدا عدوا جيب قهره بالصوم واالمتناع عـن

تأكل أمام مجع ، وأال حتضـر احرص على أال : (الطعام ، ومما قاله هذا القديس ن تصبو إىل ما يقدم فيها من صنوف اللحـم ، ااملوائد واحلفالت العائلية خشية

ولتعتد االمتناع عن اخلمرة ، فهي مصدر كل دنس ، ولتتغـذ بـالبقول غالبـا ، وذهب يف احتقاره للجسـد ) ٣() وبالسمك نادرا ولتحاول إذا أكلت أال تشبع

.)٤()الفتاة من االغتسال منعا باتالو أن الرأي يل ملنعت : (ال إىل أبعد من ذلك فق

وهكذا كانت التربية املدرسية قبل عصر النهضة األوروبية تدور حول أمور معنوية حبتة ، بينما متيل التربية احلديثة إىل نبذ املعنويات ، واالهتمام باحملسوسات

اد للحياة العملية ، وتعـتين بالناحيـة واملاديات ، وأصبحت تم باجلسم واإلعد . )٥(اجلمالية

. ٤٠١ص،تعلم حنو ربه ونفسه، وآداب امل٢٢٧ص،آداب العامل حنو ربه ونفسه: لبحثانظر ا) ١(عمـر أمحـد عمر،منـهج التربيـة يف القـرآن والسـنة،دار : ملزيد مـن التفصـيل يراجـع ) ٢(

. ٢٩٨،ص١،١٩٩٦املعرفة،دمشق،طيخ التربية،املطبعــة اجلديــدة عبــد اهللا عبــد الــدامي،تار.د:ملزيــد مــن التفصــيل يراجــع) ٣(

. ٢٣،ص٢،١٩٨٣دمشق،ط . ٧٢ص:املرجع السابق) ٤(ــرو .د)٥( ــول من ــة النهضــة :ب ــد العزيز،مكتب ــاريخ التربية،ترمجــة صــاحل عب املرجــع يف ت

عاملـا أو - أما يف اإلسالم فقد اهتم املفكرون املسلمون بتربية اإلنسـان من مجيع نواحيه البدنية والعقلية والروحية والعاطفية ، دون أن يطغـى –متعلما

مـن العنايـة جانب منها على اجلانب اآلخر ، وأعطى كل منها ما يسـتحقه .)١(واالهتمام

وهذا املنهج ال جيعل اإلنسان يعمل لدنياه ويهمل آخرته ، أو يعمل آلخرتـه ويهمل دنياه ، كما هو شأن غريه من املناهج اليت تغلب عليها الرتعة املاديـة او الروحية ، وبذلك يكون هذا املنهج مالئما للفطرة وملبيـا حلاجـات اإلنسـان

.املختلفة

ومبثل ما اهتموا بآداب بالعامل واملتعلم النفسية ، اهتموا بآداب العامل واملتعلم االجتماعية ، أو تلك اليت هلا عالقة بالتعامل مع اآلخرين سواء كانوا من األقران

. ) ٢(أو الزمالء أو من أفراد اتمع كاألهل واجلريان

أي آداب العـامل – جليـا يف أـا وأما من حيث التوازن ، فيظهر ذلك مجعت بني النظرية والتطبيق ، والقول والعمل ، وما جيـب أن يكـون -واملتعلم

.فرض عني ، وما ميكن أن يكون فرض كفاية

فقد أكدت آداب العامل واملتعلم على ضرورة التطبيق العملي للمعرفة والعلم ة العودة بالفائدة على الفرد واتمع ، فال ، وضرور ) ٣(" العمل بالعلم "أو ما أمسوه

يكفي التعلم وحتصيل العلم واملعرفة ، بل البد من العمل والتطبيق تطبيقا لقولـه كرب مقتـا عنـد اهللا أن * يا أيها الذين آمنوا مل تقولون ما ال تفعلون تعاىل م بـال عمـل العل: (، ويف هذا الصدد يقول الغزايل ) ٤( ما ال تفعلون تقولوا

. ٣٠٥،ص١،ج١٩٥٨،)ط.د(املصرية،القاهرة،

.٣٩التربية اإلسالمية وفالسفتها،مرجع سابق،ص:حممد عطية األبراشي) ١(ـ ٣٢٣عدها،آداب العامل حنو جمتمعـه،ص وما ب ٣١٣آداب العامل مع أقرانه،ص : بحث انظر ال ) ٢( اوم

. ٥٢٥ آداب املتعلم حنو جمتمعه،ص،٥٠١زمالئه،صمع بعدها، آداب املتعلم . ١٤٧والعمل بالعلم ، ص ، ١٢١-١٢٠اقتران العمل بالعلم ، ص: بحث انظر ال) ٣( .٣-٢آية:سورة الصف) ٤(

.) ١() جنون ، والعمل بال علم ال يكون

رضي اهللا - يقول ابن مسعود ولقد كان هذا املبدأ أساسيا زمن رسول اهللا كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات مل يتجاوزهن حىت يعمل ، يعـرف : (-عنه

.)٢() معانيهن والعمل ن

لناحية الوظيفية و النفعيـة للعلـوم كما أكدت آداب العامل واملتعلم على ا عن تعلم واملعارف ، وأا ليست للتباهي أو الترف ؛ ولذلك ى رسول اهللا

اللهم علمـين مـا يـنفعين ، (ما ال ينفع كالسحر والعرافة ، وكان دعاؤه .) ٣() علما وانفعين مبا علمتين ، وزدين

: الواقعية واملثالية -

سلمون يف تناوهلم آلداب العـامل واملـتعلم بـني املثاليـة مزج املفكرون امل والواقعية ، وبني ما هو كائن وما ينبغي أن يكون ، وهذا اتسـاقا مـع السـمة

، وقد رسم املفكرون املسلمون صورة شديدة املثالية -التكامل والتوازن –السابقة كل عامل أو متعلم ، قد يصعب حتقيقها يف الواقع العملي على )٤(للعامل واملتعلم

لكنهم أرادوا من وراء تقدميهم هلذه الصورة شديدة املثالية ، حفز مهم العلمـاء واملتعلمني على الوصول إىل أعلى مستوى ممكن منها ، فالبد أن تظهر عليهم آثار

. هذه اآلداب واألخالق ، فهم هداة البشرية ومعلموها

جمرد أفكار نظرية ، سطرها ) العامل واملتعلم آداب ( و بالرغم من ذلك مل تكن املفكرون املسلمون يف كتبهم ؛ بل طبقت يف الواقع العملـي ، ومورسـت يف مراحل التعليم املختلفة ، وسجل لنا التاريخ مناذج كثرية لعلماء ومتعلمني ، بلغوا

. الدرجة العالية من األخالق الرفيعة ، والسلوكيات الراقية

) :املرونة ( بات التطور والث-

.٢١٧،ص)ط.د(م،١٩٧٨ميزان العمل،األهلية للنشر،بريوت،:الغزايل) ١( .٣،املقدمة،ص١،ج)ط.د(،)ت.د(تانبول،تفسري القرآن العظيم،دار الدعوة،إس:ابن كثري) ٢( .احلديث صحيح ، رواه ابن ماجة ) ٣(ــدين .د) ٤( ــس ال ــري مش ــد األم ــة،دار :عب ــن مجاع ــد اب ــوي عن ــذهب الترب امل

.٤٧-٤٦م،ص١،١٩٨٤اقرأ،بريوت،ط

متيزت آداب العامل واملتعلم يف الفكر اإلسالمي باجلمع بني ما هو ثابـت ، .وما هو متطور متغري

فأما اجلانب الثابت فيها فيتمثل يف األسس العامة من األخالق واآلداب اليت تزام أوامره ، ال تتغري وال تتطور مبرور الوقت ، من إميان باهللا ، وإخالص له ، وال

واجتناب نواهيه ، كما تتضح أيضا يف التخلق باألخالق الفاضلة ، مـن صـدق وأمانة ، وعفة وورع ، وحياء وحلم ، إخل ، ففيما يتعلق بآداب العامل واملتعلم حنو

.اهللا والنفس فهو ثابت ال يتغري وال يتطور

ليب التـدريس وطرقـه وأما التطور والتغري فيظهر جليا فيما يتعلق بأسـا ومناهجه ، كما يظهر يف العادات االجتماعية ، و غريها مما هو خاضع للتغري وفقا

، ووفقا لدرجة الرقي واملستوى احلضـاري الـذي ) ١(للزمان واملكان واملصلحة ، مما يعين أن هذه اآلداب صاحلة لكل زمان ومكان ، وأـا ال تصل إليه البشرية االستفادة من منجزات العصـر ، وال مـن عـادات وتقاليـد ترى حرجا من

. وممارسات الشعوب ، بشرط أال تتعارض مع الثوابت والضوابط العامة لإلسالم

٣٤٤وما بعدها، وآداب العامل العلميـة،ص ٢٦٠آداب العامل مع تالميذه،ص :لبحثانظر ا ) ١(

،وآداب املـتعلم ٥٠١،وآداب املتعلم مـع زمالئـه،ص ٤٤٩،صوآداب املتعلم مع أستاذه . ٥٣٨ املتعلم حنو مؤسسته التعليمية،ص،وآداب٥٢٥االجتماعية،ص

١١١

אא

١١٢

بعد ما حدثت طفرة علمية ومعرفية ، وتطورت كثري من العلوم وتبلورت وأخذت شكال متميزا ، كان من البديهي أن تظهر يف حميط الفكر اإلسالمي اجتاهات ومدارس

.فكرية خمتلفة ، تعرب عن آرائها ومذاهبها الفكرية والعلمية

بيعية ، اقتضاها منـو الفكـر ونشأة املدارس واالجتاهات الفكرية كان ظاهرة ط .اإلسالمي ، وتطور ظروف اتمع اإلسالمي يف القرون الثالثة اهلجرية األوىل

والذي ميعن النظر يف تاريخ الفكر اإلسالمي يرى ثراء كـبريا يف االجتاهـات مل يشهد التاريخ مثله من قبل ، وبغض النظر عن األسباب اليت -رمبا–الفكرية ، الذي

ظهور اجتاهات منحرفة وضالة عن النهج اإلسالمي القومي ؛ إال أن يف ذلـك أدت إىل دليال على ما وصلت إليه احلضارة اإلسالمية من رقي وازدهار ، وحرية فكرية اتسعت

.هلذا الكم الكبري واملتناقض يف بعض صورة

امل وبازدياد نشاط احلركة العلمية يف القرنني الثالث والرابع ، تبلورت بشكل ك هذه املدارس واالجتاهات ، فظهرت مدرسة الفقهاء واحملدثني ، ومدرسة الفالسـفة

.واملتكلمني ، ومدرسة الصوفية ، ومدرسة الشيعة

وكان لكل مدرسة أو اجتاه منطلقاته ، وغايته ، وأساليبه ، ومناهجه ، وخصائصه وأجنبت هذه املدارس علماء الفكرية ، اليت متيزها عن غريها من املدارس واالجتاهات ،

. ومفكرين أسهموا جبهدهم يف البحث والتأليف

غري أن أول ما ينبغي للباحث احملقق يف الفكر األخالقي اإلسالمي أن يدركـه ويتخذ منه مفتاحا لفهم روح هذا الفكر ، هو حقيقة أن اإلسالم وحده كـان هـو

سلمني ، وأن اإلسالم وحده هو املسئول القوة املنسقة واملقاربة بني أفكار املفكرين امل يف األهداف اليت توخوها ، ويف طرق التعليم الـيت -يف بعض األحيان -عن التشابه

، إىل إخوان الصفا يف العراق ) هـ٢٥٦ت(مارسوها ، فمن ابن سحنون يف املغرب إىل ابـن مسـكويه ) هـ٤٠٣ت ( ، إىل القابسي القريواين) القرن الرابع اهلجري(، إىل ) هـ٦٧٢(، ونصري الدين الطوسي ) هـ٥٠٥ت(، إىل الغزايل ) هـ٣٢١ت(

١١٣

) .هـ٧٣٣ت(ابن مجاعة

وسنجد أنفسنا أمام مفكرين مسلمني ينظرون إىل ذوام يف ضوء اإلسـالم ، ويزنون أنفسهم مبيزانه ، يستلهمون مبادئه ومثله ، وخيلصون لغاياته ، ففـي الدولـة

يف وجودها حتررت عقوهلم من االعتبارات العرضية لتتقيد العاملية اليت تسبب اإلسالم باعتبار واحد هو اإلسالم ، و ذا جتانست وتكاملت من أرض طـوس ونيسـابور

وقابس والقريوان مرورا ببغداد ودمشق والقاهرة وغريهـا مـن حواضـر الدولـة كري األخالقـي اإلسالمية ، لقد أملى هذا االشتقاق من اإلسالم وااللتزام به على التف

عند املفكرين املسلمني طبيعته ، وأعطاه وجهته ؛ وهي وجهة دينية يف الغالـب ، ومل .يكن هذا غريبا وال مستغربا ؛ بل الغريب واملستغرب كان يف اختيار وجهة أخرى

فعندما يستمد اإلنسان تفسريه للكون والوجود من الدين ، فمن املنطق إذن أن ، وأن جيعل من التربية وسيلته املشروعة إىل تلك الغاية ، وإذن فقد يتغيا الدين يف ذاته

كان املفكرون املسلمون منسجمني مع أنفسهم كل االنسجام حني جعلوا األهـداف . الدينية غاية جياهدون لتوجيه العقول الناشئة والضمائر الشابة حنوها

ى حصر غاية املـتعلم يف ومن هنا كان طبيعيا جدا أن جند الغزايل مثال يؤكد عل العلوم اليت يقـل ( ، مع اجتناب )١() حتصيل العلم النافع يف اآلخرة املرغب يف الطاعة (

، والتشديد على وجوب تقوية اليقني الذي )٢() نفعها ويكثر فيها اجلدال والقيل والقال ) .رأس املال(هو

ل الضـرورات كذلك كان طبيعيا أن ال يرى الغزايل معىن للعلم إال من خـال أن يعمل لدنياه بقدر مقامة فيها ، وأن يعمل آلخرتـه بقـدر (الدينية فينصح املتعلم

مقامه فيها ، وأن يعمل للجنة بقدر حاجته إليها ، وأن يعمل للنـار بقـدر صـربه ، مث يذكره أنه إذا عمل ذه للقاعدة فلن تكون به حاجة إىل العلم الكثري ، )٣() عليها

. ٣١،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( . ٣٥،ص١املصدر السابق،ج) ٢( . ١٥أيها الولد،مصدر سابق،ص:الغزايل) ٣(

١١٤

حلس الديين عند الغزايل حدا جعله يف بعض األحيان ، ينهي جهرة عن تعلم ولقد بلغ ا أي شيء حاصل لك من حتصيل علم الكالم واخلالف : (العلوم غري الدينية حىت قال

واملنطق والطب والدواوين واألشعار والنجوم والنحـو والتصـريف غـري تضـييع .)١() العمر؟

د الطوسي فأوجب على املتعلم أن ينـوي ولقد وضحت هذه الغاية الدينية عن رضا اهللا وإزالة اجلهل عن نفسه وعن سائر اجلهال وإحياء الدين وإبقاء (بطلب العلم

اإلسالم باألمر املعروف والنهي عن املنكر من نفسه و متعلقاته ومـن الغـري بقـدر م والعلماء أما ابن مجاعة فيذكرنا بأن مجيع ما ورد يف ذكر فضيلة للعل . )٢() اإلمكان

إمنا هو يف حق العلماء العاملني األبرار الذين قصدوا به وجه اهللا (يف القرآن واحلديث الكرمي والزلفى لديه يف جنات النعيم ، ال من طلبه بسوء نيـة أو خبـث طويـة أو

.)٣() ألغراض دنيوية من جاه أو مال أو مكاثرة يف االتباع والطالب

يين من العلم والتعلم والتعليم نتائج خطرية كان لقد ترتب على هذا املوقف الد هلا أثر بعيد يف تقرير شكل عملية التعليم والتربية اإلسالمية وتعيني حمتواها ، ولعل أول

اليت جاءت مطلقة يف القرآن واحلـديث ) علم(ما يستوقف الباحث هنا هو أن كلمة ، إذا ما استثنينا إخوان الصفا أصبحت مقيدة بالعلم باهللا عند مجهرة املفكرين املسلمني

.وابن مسكويه وأمثاهلم

النتيجة الثانية املترتبة على هذا املوقف جتسدت يف حقيقـة أن الـتعطش إىل التسامي الروحي واخللقي دفع بالفكر األخالقي والتربوي اإلسالمي إىل احتقار الدنيا

واألعمال ؛ هذا األمور اليت وما يشتق منها من املنافع واللذات املباحة ، ومن احلرف يعتمد عليها قدر غري يسري من صالح العيش اإلنساين ، وتتعلق ا سعادة اإلنسـان على هذه األرض ؛ حىت إنه مل يتحرج بعض كبار املفكرين املسـلمني مـن وصـم

. ٢٠أيها الولد،مصدر سابق،ص:الغزايل) ١( . ٣٣،ص)ط.د(،)ت.د(آداب املعلمني،دار الكتب العلمي،بريوت،:الطوسي) ٢( . ١٣تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣(

١١٥

األعمال اليدوية ؛ وهي مصدر اإلنتاج يف املعاش اإلنساين بنعوت قاسـية ، يقـول الفضـيلة نسـبية ، (رض قياسه فضل العلم الديين باملعرفة العمليـة إن الغزايل يف مع

و استحقارنا للصيارفة عند قياسهم بامللوك ال يـدل علـى حقـارم إذا قيسـوا بالكناسني ، فال تظنن أن ما نزل عن الرتبة القصوى ساقط القدر ، بل املرتبة العليـا

سـخني يف العلـم مث للصـاحلني علـى تفاوتـت لألنبياء مث األولياء مث العلماء الرا ، وذهب ابن مجاعة خطوة أبعد وراء ما ذهب الغزايل إليه ، فطلب إىل ) ١() درجام

دينء املكاسب ورذيلها طبعا وعـن مكروههـا عـادة (املتعلمني أن يتنـزهوا عن نة باألعمـال ، ومل يقلل من هذه االستها )٢() وشرعا ، كاحلجامة والدباغة والصياغة

اليدوية أن الغزايل أدخل احلجامة يف باب العلوم املفروضة فرض كفاية ، واليت إذا خال .منها بلد أمث أهل ذلك البلد

ولقد ارتفع التعليم عند املفكرين املسلمني إىل مرتبة املسئولية األخالقية العالية ، ؛ تنم عن بالغ حرصـهم مسئولية تثقل ضمائرهم ، وحترك عقوهلم بعديد من األسئلة

.على ممارسة وظائفهم التعليمية مبا يرضى اهللا ، ويقرب العامل من مثوبته

ويعد هذا تسام بالتعليم عن احلرفة واالرتزاق إىل مرتبة الواجب الديين ، ونورد هنا مثال واضحا كل الوضوح يف الداللة على نوعية تقدير املفكرين املسلمني لواجبهم

، وجعله أساسـا ) حترير املقال (لتربوي أورده ابن حجر اهليثمي يف رسالته التعليمي وا لكتابة الرسالة ذاا ، فهذا معلم ميارس التعليم للوهلة األوىل يف حياته فيما يبدو ، وهو

وطريقـة ( ومعاملة التالميذ فيهـا -مكتب-جمابه جبملة قضايا تتعلق بإدارة املدرسة وهو ينظر إىل األمور نظرة دينية صرفة ، و يريـد أن ) هاتعليمهم وتفريق أعطيام في

يتثبت من كل نقطة فيها حذر الوقوع يف معصية غري مقصودة ، وخمافة ارتكاب خطأ وما قولكم رضي اهللا عنكم : (تعاقب عليه الشريعة ، فيكتب إىل ابن حجر مستفسرا

أيتـام ، قـرر وأرضاكم وجعل اجلنة متقلبكم ومثواكم يف مكتب موقوف على عدة

. ٦٧،مصدر سابق،ص١إحياء علوم الدين،ج:الغزايل) ١( . ١٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢(

١١٦

ناظره فقيها لقراءم وتأديبهم ، فهل يلزمه أن يرسل خلف من غاب منهم أو ال ؟ ، فإن قلتم نعم ، فهل يلزمه ذلك من ماله بأن يستأجر من حيضر غائبهم ، أو من مـال الوقف ؟ ، وهل له أن يرسل بعضهم خلف بعض إلحضار من تغيب وهرب منهم أو

ه اإلرسال ، فهل يلزمه إعالم الناظر عن الغائب منهم ؟ ، وإن ال ؟ ، وإذا قلتم ال يلزم علم أن إعالمه بذلك ال حيمله على إحضارهم بل على إخراجهم وتقرير غريهم فهل خيربه أم ال ؟ ، وهل له ضرب من شرد منهم وأخذ شيئا للغري أو سبه وعلم الفقيـه

يضربه عليه كما ضـربه علـى ذلك منه أو ظنه فيه بقولة مقبول الرواية ، فهل له أن تعليمه وتأديبه ؛ وال سيما إن نطق بفحش من القول ؟ ، أو ال يضربه إال على جمـرد التعليم ؟ ، وهل يفترق احلال يف ذلك بني املميز وغريه واملراهق للبلوغ وغريه ممـن مل

ار يراهق أو ال ؟ ، وهل للضرب اجلائز له مقدار ، أو يرجع إىل اجتهاده فيجب االقتص على ما ظنه كافيا يف األمر الذي ضرب ألجله ، ويتقيد ذلك بعدد وهو بلـوغ أدىن حدوده لو بلغ ؟ ، وهل لألم دخل يف اإلذن للفقيه يف استخدامهم لقضاء حاجة تتعلق بالفقيه أو ببعض األيتام ؟ أم أن القاضي هو الذي يأذن يف ذلك ؟ ، وهل لـه إلـزام

هم ؛ ألن يف ذلك مصلحة للحاذق بترسيخ ما حفظه عنده حاذقهم بإقراء أو تعليم بليد الشاردين للفقيه ؟ فيصرفه حىت )١(فيأمن من تشتته أو ال ؟ ، وهل التصرف يف معلوم

لنفسه ؟ أو للناظر فيصرفه يف البقية ؟ أو يعيده إىل أصل الوقف ؟ ، ولو أذن النـاظر فقيه ذا اإلذن أو ال ؟ ، وهل للفقيه يف معلوم من غاب أن يأخذه لنفسه فهل يعمل ال

إذا أعطى أهل اليتيم لليتيم شيئا من طيب أنفسهم عند ختم سورة مثال جيوز قبوله أم ال ؟ ، وهل للفقيه أن يقرئ بأجرة يف الكتاب املذكور زائدا على عدد األيتام يتيما أو

للفقيه جعال ليسـعى أكثر بإذن الناظر وعدمه أم ال ؟ ، وإذا جعل ويل يتيم غري مقرر يف تكميل عدد األيتام به إذا نقصوا ، أو استأجره بأجرة معلومة ليقرأ به شيئا معينا من القرآن ، والقصد بذلك مالزمة اليتيم للكتاب حىت يكمل به نقص العدد فهل ذلـك

.جائز أم ال ؟

.املقصود باملعلوم هو املخصصات املفروضة للطلبة و أعطيام) ١(

١١٧

عـادة وغرض هذه املسألة أن الواقف مل يعرف شرطه يف ذلك ، وال مضـت للفقهاء يستقضى ا ؛ بل هو وقف جديد أبهم أمره ، والغرض اخلالص من ورطته ، السيما وهو متعلق بأيتام ؛ غالبهم ال ويل له من حنو وصي ، وقد أشكل األمر يف هذه

.)١() األحوال فتفضلوا ببسط بياا

الب ، تثور أربعة عشر سؤاال عن أربع عشرة قضية تدور كلها حول مركز الط يف ضمري معلم خيشى اهللا فيستفيت فيها أهل الذكر حتسبا من غضـب اهللا ، األمـور الصغرية اليت مير ا معلم اليوم دون تفكري أو تدبر أو تقدير كانت عند املعلم املسـلم تتضخم حتت نور العقيدة املخلصة لتنقلب إىل إشكال ديين يتطلب التثبت والتأكد من

واب فيه ؛ ضرب تلميذ هارب من املدرسة جيوز أم ال جيـوز ؟ وإذا وجه الشك والص جاز فما هو عدد الضربات املأذون ا ؟ ، وهل يضرب بعلم وليه أم بدونه ؟ ، وهل يضرب الطالب اهلارب أو املنقطع ؟ حقا إن النور يدل على مصدر الضوء كما يقال ،

عمله من التزام خملص بالدين يتحـول إىل وعندما يشتق سلوك العامل واملعلم وتقديره ل جمموعة من املثل العليا ، لقد كان هذا اإلحساس الديين باملسئولية األخالقية للعلمـاء واملعلمني يترجم عن توتر خالق ودافع يف أفكار املفكرين املسلمني حىت أخذوا العلم

. هذا االعتبار األخالقي مأخذا أخالقيا مثاليا حمضا ، فلم يغلبوا أي اعتبار آخر على

א− א :א(א ( كان أول االجتاهات ظهورا يف الفكر اإلسالمي هو اجتاه الفقهاء واحملدثني ، ونظرا للتداخل الشديد والصلة القوية بني الفقهاء واحملدثني ، حيث إن كـثريا مـن

يح ، ومع وجود بعض أوجـه اخلـالف احملدثني هم من أهل الفقه ، والعكس صح بينهما ، فسوف يتناوهلما البحث كاجتاه واحد ملا بينهما من أوجه اشتراك كـثرية يف

.السمات واخلصائص

. ٦٩-٦٨،،ص٢م،ط١٩٨٧املقال،دار ابن كثري،بريوت،حترير :ابن حجر اهليثمي) ١(

١١٨

آداب العامل (أوىل الفقهاء واحملدثون عنايتهم الشديدة باألخالق عموما ، و بـ م محلـة الشـريعة ، خصوصا ، وقد صدروا يف هذا االهتمام من منطلق أ ) واملتعلم

ومبلغوها ، وورثة األنبياء ، وتابعوهم ، وأم معلمو الناس اخلري ، وهـدام إىل مـا .ينفعهم يف الدنيا واآلخرة

والذي ال شك فيه أن هذا االجتاه يعد أكثر االجتاهات شيوعا وانتشارا ، نفوذا .اختالطهم م وتأثريا نظرا لقرب الفقهاء واحملدثني من الناس ، وشدة

و من هنا مل يكن غريبا أن هذه املدرسة كانت أكثر املدارس انغماسا يف أمور التربية والتعليم حبكم طبيعتها ، وأهدافها ، وحبكم موقعها ، وتأثريهـا يف أمـور احلكـم

. )١(واحملكومني

: خصائص ومسات هذا االجتاه -

يف جمال التربية األخالقية عامة ، اتسم هذا االجتاه ببعض اخلصائص والصفات :وآداب العامل واملتعلم خاصة ، وسنحاول أن نقف على أمهها فيما يلي

: الغاية الدينية -١

اتسم الفكر األخالقي لدى هذا االجتاه بالغاية الدينية ، حيث كانت النظـرة يم الدين اإلسـالمي الفقهية يف التربية والتأديب دف إىل صياغة اإلنسان وفق مفاه

احلنيف وتعاليمه ، فالدين هو أساس كل تربية ، واملوجه الرئيسي لكل نشاط إنساين فرأوا أن عمل العامل املريب و املعلم يدور كله يف طار الدين والشرع ، ويستلهمه مـن أجل غرس معتقداته وقيمه يف نفس املتعلم ، ويف سلوكه ، ويف فكره ، ليكـون هـو

.رك له الدافع واحمل

إذن فمقصود الفقهاء واحملدثني وغايتهم األوىل هي إجياد اإلنسان الذي حيفـظ الدين ويغار عليه ، وميتثل ألوامره ونواهيه ، ذلك اإلنسان الذي يأمر باملعروف وينهى عن املنكر ، ويلتزم مبا ورد يف الكتاب والسنة ، ويقتدي بالسلف الصاحل ، وباختصار

. ٩٤-٩١التربية يف اإلسالم،مرجع سابق،ص:أمحد فؤاد األهواين. د: يراجع) ١(

١١٩

واحملدثني للتربية األخالقية والسلوكية نظرة ذات صـبغة دينيـة كانت نظرة الفقهاء .حمافظة

كما تعامل هذا االجتاه مع العلم والتعلم تعامال دينيا صرفا ، ويضيق عنده معىن .)١() العلم احملتاج إليه يف احلال ، املوصل إىل النفع يف املآل(العلم حىت ليتحدد بـ

ن يبتدئ أوال بكتاب اهللا العزيز فيتقنه حفظا وجيتهد أ(وذا يتوجب على املتعلم يف إتقان تفسريه وسائر علومه ؛ فإنه أصل العلوم وأمها وأمهها ، مث حيفظ من كل فن

.)٢() خمتصرا جيمع بني طرفيه من احلديث وعلومه واألصول والنحو والتصريف

عبـد الـرب ، ، والقابسي ، وابن و ميثل املذهب كل من ابن سحنون والغزايل واخلطيب البغدادي ، وابن مجاعة ، وغريهم ، وهم عموما يقومون العلوم تقوميا دينيا حمضا ، ويزنون صالحها للحياة وشرعية وضعها بني أيدي املتعلمني مبيـزان الـدين وحده ، وقد قسمت العلوم عند أصحاب هذا املذهب إىل علوم مفروضة فرض عني ،

فمن علـم العلـم ) العلم بكيفية العمل بالواجب وقت وجوبه (د ا وقالوا إن املرا . الواجب وقت وجوبه فقد علم العلم الذي هو فرض عني

علوم الفرائض الدينيـة ، مث ) العلم الواجب وقت وجوبه (وواضح أن املراد بـ ، هناك العلوم املفروضة فرض كفاية ، وهي اليت ال يستغين عنها يف قوام أمور الـدنيا

كالطب الذي هو ضروري يف حاله بقاء األبـدان علـى ا لصـحة ، وكاحلجامـة واحلساب ، وغري ذلك من العلم الذي لو خال منه البلد أمث أهله ، وفرض الكفاية هو ما إذا قام به فرد أو أفراد من اجلماعة كفى وسقط الفرض على اآلخرين ، وقد شـبه

طعام الذي ال يستغين عنه ، والثـاين منـها الطوسي النوع األول من هذه العلوم بال .بالدواء الذي يؤخذ عند الضرورة وحسب

مث هناك من العلم ما هو فضيلة وليس بفريضة ، كالتعمق يف دقائق احلسـاب

.٤٤آداب املتعلمني،مصدر سابق،ص:الطوسي) ١( . ١١٣-١١٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢(

١٢٠

وحقائق الطب ، مث هناك املمدوح واملذموم من العلوم ، وهي كما يقول عنها الغزايل يت هي ليست علما برأسها بل هـي أربعـة فروع وآالت ومتممات ومنها الفلسفة ال

أجزاء ، أحدها اهلندسة واحلساب ومها مباحان ، وال مينع منهما إال من خيف عليه أن يتجاوز إىل علوم مذمومة ، والثاين منها هو املنطق وهو حبث يف وجه الدليل وشروطه

وهو حبث ووجه احلدوث وشروطه ومها داخالن يف علم الكالم ، و الثالث اإلهليات يف ذات اهللا سبحانه وتعاىل ، والرابع الطبيعيات ، وبعضها خمالف للشـرع والـدين

. )١(واحلق ، فهو جهل وليس بعلم

لقد قاد هذا املوقف إىل تصور سلم من القيم ترتب العلوم مبوجبه ترتيبا أفقيـا األمهية اليت أسندها حسب ما نسبوا إىل كل منها من شرف ، وسلم القيم يكشف عن

وهي فقه طريق اآلخرة إمنـا تـدرك (إىل كل منها ، فالغزايل يقرر أن العلوم الدينية بكمال العقل وصفاء الذكاء ، والعقل أشرف صفات اإلنسان إذ به تقبل أمانة اهللا وبه

.)٢() يتوصل إىل جوار اهللا

تعددت الـدروس (أما ابن مجاعة فقد كانت املسألة لديه أكثر وضوحا ، فإذا قدم األشرف فاألشراف واألهم فاألهم ؛ فيقدم تفسري القرآن مث احلديث مث أصـول

.)٣() الفقه مث املذهب مث اخلالف أو النحو أو اجلدال

: ابتغاء الدار اآلخرة -٢

ابتغى الفكر األخالقي الجتاه الفقهاء واحملدثني حتقيق ونيل السعادة لإلنسـان يف آلخرة ، فليست احلياة يف نظرهم إال ممر يؤدي إىل اآلخرة ، واالنغماس فيهـا الدنيا وا

قد يؤدي إىل االحنراف عن الصراط املستقيم الذي رمسه اهللا سبحانه وتعاىل لعبـاده ، واملؤدي إىل حتقيق سعادة اإلنسان يف الدنيا واآلخرة ، فاحلياة اجلسدية والتسـاهل يف

ي إىل التمادي فيها واإلمعان يف طلب املزيد باسـتمرار، تلبية متطلبات اجلسد قد يؤد

. ٣٤-٣٣ص،١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( . ٤٣،ص١ج:املصدر السابق) ٢( . ٣٦-٣٥تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣(

١٢١

، "اآلخرة"ويف هذا ما فيه من الشرور واملفاسد ، واالنصراف عن الغرض األمسى وهو لذا كان التوجه حنو دعوة العامل واملتعلم إىل الزهد يف احلياة ، واالنصراف عن االماك

طلبة العلم منذ البدء على الزهـد يف فيها بالكلية ، وحث العلماء على توجيه وتنشئة .الدنيا ليصبح عدة وحياة وسلوكا

: السعي حنو حتقيق القيم العليا يف التربية -٣

قدم الفقهاء واحملدثون صورة مثالية للعامل واملتعلم ، وقد استمدوا هذه الصـورة امله مع روحه واستلهموها من الدين احلنيف وتعاليمه ، فجعلوا منه كائنا مثاليا يف تع

ونفسه ، مع ربه وخالقه ، مع أبناء جنسه ، وقد حاولوا من خالل التربية والتعلـيم حتقيق هذا الكائن املثايل وإجياده يف الواقع ، وأدركوا أن التربية والتعليم مها السبيل إىل

طلبـة "حتقيق ذلك ، فالعامل املعلم هو القادر على حتقيق ذلك الغرض عند املـتعلمني " .علمال

، حىت ليكـاد " للعامل واملتعلم "وقد وضعوا صفات مجة ، وصاغوا آدابا كثرية ، " غدا أندر من الكربيت األمحـر "ينتمي إىل عامل غري عامله ، وقال عنه اإلمام الغزايل

.عند ابن مجاعة وغريه " إال من عصم اهللا"و

كن الغرض منـها وصـف واحلقيقة أن هذه الصورة املثالية للعامل واملتعلم مل ي صورة مستحيلة التحقق يف الواقع ، ولكنهم ابتغوا من وراء ذلك أن حياول العلمـاء وطلبة العلم االجتهاد يف االقتراب من هذا النموذج الذي جتتمع فيه كـل الفضـائل األخالقية واآلداب السلوكية ، فالشك أن خلو اإلنسان من النقائص واملثالـب مـن

العلماء واملتعلمني عليهم أن يتخلصـوا منـها ، أو جيتهـدوا يف املستحيالت ، لكن .التخلص من كثري منها ، والتحلي بأعلى وأكمل األخالق واآلداب

) :النظرية بالتطبيق( اقتران العلم بالعمل أو -٤

مما يتميز به الفكر األخالقي عند الفقهاء واحملدثني ، ويعد من مآثره ربـط فـالعلم إمـام ، "ا ظاهرة أخالقية تربوية شديدة الربوز عنـدهم ، العلم بالعمل ، إ

١٢٢

، والعامل واملعلم قدوة ، ومثال حيتذى به ، واألنظار متوجهـة إليـه ، " والعمل تابعه واملتعلم سوف يتهيأ ويستعد ألخذ مكانه وموقعه يف اتمع ، وعليه أن ينشأ ويعـود

تقع مسئولية جذب عامة الناس -العامل واملتعلم –ما على العمل املطابق للعلم ، وعليه حنومها ، بل حنو الدين احلنيف ، لكوما النموذج والرمز الذي حيتذى و يقتدى به ،

، وصالح البـاطن ، " حسن النية "ويسري اآلخرون على جهما ، فالعمل هو مقياس الغرض من غرس الشجر هو والعمل بالنسبة للعلم كالثمرة بالنسبة للشجرة ، فكما أن

إن (حتصيل مثره ، أيضا العمل بالنسبة للعلم هو الثمرة املتوخاة من التعلم والتعلـيم ، .)١() الغرض الذايت من العلم مطلقا هو العمل

حىت " كاحلمار حيمل أسفارا "ومل يرد الفقهاء واحملدثون للعامل واملتعلم أن يكونا فالعلم يهتف بالعمل فـإن "دين كان مقياسها العمل ، إن درجة اإلخالص للعلم وال

كما قال علماء السلف ، والسلوك الصادر عن أهل العلم وطلبتـه " أجابه وإال ارحتل جيب أن يكون متطابقا مع علمهم ، فمطابقة األقوال لألفعال هي مقيـاس الصـدق

وبالعمـل واإلخالص ، وحسن النية ، وكيف ال يكون العمل هو الغاية والغـرض ، العمل بالعلم الذي هـو : (وحده يدخل املرء ملكوت السماوات ، كما قال الغزايل

خالص اإلنسان ، ألن العمل هو الزاد الوحيد يف طريق اخلالص وكلما كـان الـزاد .)٢() أكرب كان اخلالص أضمن

: منهج الفقهاء واحملدثني يف تناول املوضوع -

مبنهج ذي ركائز " آداب العامل واملتعلم "وضوع اتسم تناول الفقهاء واحملدثني مل :وأسس مل تتغري ، على مدار تارخيهم الفكري ، وأهم مالمح هذا املنهج ما يلي

االعتماد على القرآن واحلديث الشريف كمصدرين أساسيني من مصـادر آداب -١ .عالم العامل واملتعلم ، مث آثار السلف الصاحل من الصحابة والتابعني واألئمة األ

. ٢٠٥ -٢٠٤الفكر التربوي عند ابن سحنون،مرجع سابق،ص :عبد األمري مشس الدين.د) ١( .٢١٧ميزان العمل،مرجع سابق،ص:الغزايل) ٢(

١٢٣

اهتم الفقهاء حبشد أكرب كمية من النصوص يف كل مسألة أو فكرة يتعرضون هلا ، -٢ويف الغالب ، ال يكون هناك اهتمام بالتحليل أو النقد ، مما دفع أحـد البـاحثني إىل القول بأن الفكر األخالقي التربوي عند الفقهاء ، يكثر من التكديس والتوصـيف ،

.)١(والنقد ويقل اهتمامه بالتحليل

. يتسم املنهج الفقهي بالصبغة الوعظية اإلرشادية-٣

النمطية ، حيث اختذت طريقة التأليف شكال يكاد يكون واحدا ، عند أصـحاب -٤هذا االجتاه ، مع اختالفات يسرية بينهم ، يف طريقة التبويب والعرض ، لكن يف كثري

احملتوى العلمـي ، بـل والشـواهد من األحيان جند تطابقا واضحا يف العناوين ، و املتضمنة ، فتبدأ أغلب مؤلفام باحلديث عن فضل العلم وشرفه ، ومكانة العلمـاء وطلبة العلم ، مث احلديث عن اإلخالص يف طلب العلم ، مث يبدأ احلديث عـن آداب

. العامل واملتعلم املتعددة

، لنتبني منـها إىل أي مـدي ويف هذا اجلدول مقارنة بني حمتويات أربعة من الكتب تظهر هذه النمطية يف مؤلفات أصحاب هذا االجتاه

حمتويات كتاب أخالق العلماء لآلجري

حمتويات كتاب تـذكرة السامع واملتكلم البـن

مجاعة

حمتويات كتاب جـامع بيان العلم البن عبد الرب

حمتويات كتاب اجلـامع ألخالق الراوي وآداب

السامع للبغدادي

جـاءت بـه باب ما السنن واآلثـار مـن فضل العلماء يف الدنيا

واآلخرة

الباب األول يف فضل ــاء ، ــم والعلم العل وفضل تعليمه وتعلمه

األبواب االثين عشـر األوىل يف فضل العلم وشرفه ، وفضل العامل

واملتعلم

باب النية يف طلـب احلديث

باب أوصاف العلماءــم اهللا ــذين نفعه ال

ــدن ــالعلم يف ال يا ب

الفصـل (الباب الثاين يف أدب العامل ) األول

يف نفسه ، وما علـى

باب جامع يف آداب العامل واملتعلم

باب ما ينبغي للراوي والسامع أن يتميزا به من األخالق الشريفة

. ٢٠،ص١،ط١٩٨٥لعلموي،دار اقرأ،بريوت،الفكر التربوي عند ا:عبد األمري مشس الدين. د) ١(

١٢٤

العامل من دوام مراقبة واآلخرةاهللا تعاىل ، وصـيانة ــق ــم ، والتخل العلبالزهــد والقناعــة ، وترتيه العلـم عـن املطامع ، واحلافظـة على شعائر اإلسالم ، ــارم ــي مبك والتحلاألخالق ، والترته عن خل األخالق الرديئة ، إ

باب صفة طالب العلم يف طلب العلم

الفصل الثاين يف آداب العامل يف درسه

فصل فيما ينبغـي أن يتحلى به العامل

باب آداب الطلب

صفته يف مشـيه إىل العلماء

الفصــل الثالــث يف آداب العامل مع طلبته

فصل جيمـع بعـض املتفرقات عن مسـات

العامل و املتعلم

باب االستئذان علـى ــاب ــدث ، وب احمل الدخول على احملدث

الفصـل (الباب الثاين صفة جمالسته للعلماءيف آداب املتعلم )األول

يف نفسه

باب ذم الفاجر مـن العلماء ، وذم طلـب العلم للمباهاة والدنيا

ظيم احملدث ، باب تع وباب أدب السماع ، وباب أدب السـؤال

للمحدث

الفصل الثاين يف آداب صفته إذا عرف بالعلم املتعلم مع شيخه

باب جامع القول يف العلم بالعمل

باب أدب االستعارة

صفة منـاظرة هـذا العامل

الفصــل الثالــث يف آداب املـــتعلم يف دروسه ، ومع زمالئه

ا باب ما يلزم العامل إذ سئل عما ال يدره من

وجوه العلم

باب أخالق الـراوي وما ينبغي له استعماله مع أتباعه وأصحابه

أخالق هـذا العـامل ومعاشرته للخلق

الباب الرابـع اآلداب مع الكتب

ــاظرة ــاب يف املن ب واجلدال

باب توقري احملـدث طلبة العلم

١٢٥

أخالقه وأوصافه فيما بينه وبني ربه

الباب اخلامس آداب سكىن املدارس

بــاب آداب جملــس احلديث

أخالق العامل اجلاهل املفنت بعلمه

باب املـذاكرة مـع األقران واألتراب

وصف من مل ينفعهم اهللا بالعلم

:أبرز شخصيات اجتاه الفقهاء واحملدثني -

لقد برز من مدرسة الفقهاء واحملدثني جمموعة كبرية من الشخصيات الفذة ، اليت متيزت بالعمق الفكري ، والتجديد واالجتهاد ، الذي أثرى املكتبة اإلسالمية مبجموعة ضخمة من املؤلفات ؛ حوت من األفكار و النظريات ما سبقوا به كثري من احلضارات

:، ومن أشهر وأبرز هذه الشخصيات ) ١(القدمية و اجلديدة

) :هـ١٥٠ت(أبو حنيفة ≈

يه العراق وأحد األئمة األربعة ، أصـحاب املـذاهب ، فق هو النعمان بن ثابت . هـ ٨٠املشهورة ، ولد يف العراق عام

نشأ بالكوفة ، وأخذ العلم عن كبار التابعني ، برع يف الفقه ، واشـتهر بـالرأي ) .مدرسة الرأي(والقياس ، حىت مسيت مدرسته بـ

كثري من العلماء املشـاهري ، قرأ عليه عظماء الكوفة وبغداد ، وخترج على يديه ال .منهم أبو يوسف ، وزفر ، وحممد بن احلسن

من أكثر اخللق ذكاء ، ورمحة بالناس ، وجـدا ، وورعـا ، -رمحه اهللا – كان يتـاجر -رمحه اهللا –و عبادة ، وقراءة للقرآن ، وتوخيا للكسب احلالل ، حيث كان

. ٤٥،ص١٩٨٦الفكر التربوي عند ابن تيمية،دار التراث،األردن،ط،:ماجد عرسان الكيالين.د)١(

١٢٦

واألمراء واخللفاء ، عرض عليه القضاء من قبل يف اخلز ، و رغب عن وظائف امللوك .بين أمية ، مث من املنصور إال أنه رفض

.هـ ١٥٠ ببغداد سنة -رمحه اهللا–تويف

مل يترك اإلمام أبو حنيفة مصنفات مكتوبة كثرية ، حيث انصب جهده واهتمامـه عة كبرية بتأسيس مدرسة كبرية يف الفقه ، ذات منهج وأسس فريدة ، كما ترك جممو

من التالميذ الذين أكملوا املسرية ، وقدموا للفقـه اإلسـالمي عصـارة جهـدهم :واجتهادهم ، ومن أهم ما خلفه أبو حنيفة من مصنفات مدونة ما يلي

)١(رسالة الفقه األكرب -١

)٢(الفقه األبسط -٢

)٣(رسالة العامل واملتعلم -٢

)٤(مسند أيب حنيفة -٣

)٥(ة إىل تلميذه أيب يوسف وصية اإلمام أيب حنيف-٤

)٦(وصية اإلمام أيب حنيفة إىل أيب عثمان البيت -٥

)٧(وصية اإلمام أيب حنيفة إىل أصحابه حال وفاته -٦

. وتعد وصيته إىل تلميذه أيب يوسف أول ما وصل إلينا مكتوبا يف موضع حبثنا

. مطبوعة بتعليق العالمة حممد زاهد الكوثري ، املكتبة األزهرية للتراث ، القاهرة ) ١( . األزهرية للتراث ، القاهرة مطبوعة بتعليق العالمة حممد زاهد الكوثري ، املكتبة) ٢( . مطبوعة بتعليق العالمة حممد زاهد الكوثري ، املكتبة األزهرية للتراث ، القاهرة ) ٣( . م ١،١٩٨٤مطبوع ، دار الكتب العلمية،بريوت،ط) ٤( . مطبوعة بتعليق عبد الرمحن حسن حممود ، مكتبة اآلداب ، القاهرة ) ٥( .حسن حممود ، مكتبة اآلداب ، القاهرة مطبوعة بتعليق عبد الرمحن )٦( .مطبوعة بتعليق عبد الرمحن حسن حممود ، مكتبة اآلداب ، القاهرة )٧(

١٢٧

: اهتمام اإلمام أبو حنيفة بآداب العامل واملتعلم -

على الدين ، راغبا يف التفقه فيـه ، -رمحه اهللا تعاىل - نشأ اإلمام أبو حنيفة لقد .حريصا على تبليغه إىل الناس

ولقد اهتم بآداب العامل واملتعلم كرجل خبري عاش التربية والتعليم منذ نعومـة يف أظافره ، وعاشه بعد ذلك تعليما وإرشادا وتوجيها وإفادة ، حىت قبضه اهللا تعـاىل

السبعني من عمره وهو يعلم الناس أن املوت على احلق خري من احلياة على شفا جرف .هار

ويظهر هذا االهتمام من خالل سريته ومسريته ، وتبلورت أفكاره اخلاصة بآداب العامل واملتعلم يف جمموعة من املبادئ اخللقية العالية ، وميكن تلخيصها علـى النحـو

:التايل

:رص على التعليم واإلفادة ابتغاء مرضات اهللا تعاىل احل-١

اتـق اهللا ، : كان اإلمام يناظر رجال فقـال الرجـل : (قال يزيد بن الكميت يا أخي جزاك اهللا خريا ، مـا أحـوج : فانقبض اإلمام وارتعد وطأطأ رأسه ، مث قال

تهم من العلم حـىت الناس إىل من يذكرهم اهللا تعاىل وقت إعجام مبا يظهر على ألسن يريدوا اهللا بأعماهلم ، اعلم أين ما نطقت بالعلم إال وأنا أعلم أن اهللا تعاىل يسألين عن

.)١() اجلواب ، ولقد حرصت على طلب السالمة

: كنت أجتر فقال يل اإلمـام : (-أحد شيوخ البخاري – وقال مكي بن إبراهيم لة ، فما زال يب حىت تعلمت ، فما زلت كلما التجارة بال علم رمبا تورث فساد املعام

مناقـب أيب حنيفـة،دار إحيـاء :اإلمام حافظ الدين بـن حممـد املعـروف بـالكردي ) ١( .١٦١،ص)ت.د(،)ط.د(التراث،القاهرة،

.٣٥١ص

١٢٨

ذكرته وذكرت كالمه وصليت أدعوا له باخلري ، ألنه فتح علـي بربكتـه أبـواب .)١() العلم

من تعلم العلم للدنيا حـرم : مسعت أبا حنيفة يقول : (وقال أبو شهاب اخلياط مه للدين ، بورك له يف بركته ، ومل يرسخ يف قلبه ، ومل ينفع به كثري أحد ، ومن تعل

.)٢() علمه ، ورسخ يف قلبه ، وانتفع املقتبسون منه بعلمه

: التفرغ لتحصيل العلم أوال -٢

واطلب العلم ، مث امجع : ( لتلميذه أيب يوسف -رمحه اهللا تعاىل -قال أبو حنيفة لـتعلم املال من احلالل ، مث اشتغل بالتزوج ، فإنك إن اشتغلت بطلب املال يف وقت ا

عجزت عن طلب العلم ، ودعاك املال إىل شراء اجلواري والغلمان وتشتغل بالـدنيا ، فإذ مجعت املال فاشتغل بالتزوج وعاشر امرأتك على ما بينت لك ، وعليك : مث قال

بتقوى اهللا تعاىل ، وأداء األمانة والنصيحة جلميع العامة ، وال تسـتخف بالنـاس إال بعد أن يعاشروك ، وقابل معاشرم بذكر املسـائل ؛ ووقرهم وال تكثر معاشرم

حىت إن كان من كان من أهله اشتغل بالعلم ، ومن مل يكن من أهله جيتنبك وال جيد .)٣() عليك ؛ بل ال حيوم حولك

:احلرص على الزمن -٣

فيقول -رمحه اهللا تعاىل -رمبا دخل رجل على أيب حنيفة : (قال بكر بن جعفر دع ما أنت فيه ، ما تقول يف كذا وكذا فيقطـع : وكيت ، فإذا أكثر قال كيت : له

، عفا اهللا -أي من حديث الناس -عليه كالمه ، ويقول إياكم ونقل ما ال حيبه الناس عمن قال فينا مكروها ، ورحم اهللا من قال فينا مجيال ، تفقهـوا يف ديـن اهللا وذروا

.)٤() يكمالناس وما صنعوا ألنفسهم فيحوجهم إل

.١٣٨مناقب أيب حنيفة،ص:الكردي) ١( .٣٤٩مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:ق املكياملوف) ٢( .٣٧٣مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:املوفق املكي) ٣( .٣٥٤ص:املرجع السابق) ٤(

١٢٩

: اإلخالص يف العلم واحلرص على ظهور احلق -٤

وقد رأى بعـض -رمحه اهللا تعاىل -قال أبو حنيفة : (قال حيىي بن شيبان قال رأينـاك : تالمذته وفيهم ولده محاد يناظرون يف الكالم فنهاهم عنه ، فلما قالوا لـه

الطـري خمافـة أن يـزل كنا نناظر وكأن على رؤوسنا : تناظر فيه وتنهانا عنه ، قال صاحبنا ، وأنتم تناظرون وتريدون زلة صاحبكم ، ومن أراد أن يزل صاحبه فقد أراد

.)١() أن يكفر صاحبه

: تكرمي العلم ومعرفة قدره -٥

إن أبا حنيفة ملا حذق ولده الفاحتة وهب : (قال إمساعيل بن محاد بن أيب حنيفة أي –، وحضره ! ا صنعت حىت أنفذ إيل هذا ؟ م: للمعلم مخسمائة درهم ، فقال املعلم

يا هذا ال تستحقر ما علمت ولـدي : واعتذر له ، فقال -جاء أبو حنيفة إىل املعلم .)٢() واهللا لو كان معنا أكثر من ذلك لدفعناه تعظيما للقرآن

: حسن جمالسة أصحابه ومواسام -٦

اخلزاز حسن التفقـد ألمـور كان النعمان بن ثابت : (قال الوليد بن القاسم أصحابه ، يسأل عن أحواهلم سرا ، فمن عرف به حاجة واساه ، ومن مات منهم أو قريبا له شيع جنازم ، أو نابته نائبة أو أحدا من أصدقائه سعى يف حوائجهم ، وكان

.)٣() كرمي الطبع حسن املعاشرة

به رجل فيجلس إليـه كان أبو حنيفة رمبا مر : (وقال حفص بن محزة القرشي بغري قصد ، وال جمالسة فإذا قام سأل عنه ، فإن كان به فاقة وصله ، وإن مرض عاده

.)٤() حىت جيره إىل مواصلته ، وكان أكرم الناس جمالسة

.١٣٨مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:الكردي) ١( .٢٣٥مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:املوفق املكي) ٢( .٢٣٦ص:املرجع السابق) ٣( .ةنفس الصفح:املرجع السابق) ٤(

١٣٠

: مواساته طالبه وإعانته هلم على طلب العلم -٧

أصـحابه يواسي -رمحه اهللا تعاىل -كان أبو حنيفة : (قال اسحاق بن إسرائيل . ويربهم ، وكان يبعث إىل كل واحد منهم على قدر مرتلته يف األعياد

كان جوادا ، ما رأيت مثله ، كان أجـرى علـى : وقال احلسن بن سليمان .)١() أصحابه وظيفة كل شهر ، ومع ذلك فكان يواسيهم يف عامة األيام

فقه وأنا مقـل كنت أطلب احلديث وال : (-رمحه اهللا تعاىل -وقال أبو يوسف يا بين ال متد رجلك : رث ، فجاء أيب يوما وأنا عند أيب حنيفة فانصرفت معه ، فقال

مع أيب حنيفة فإن أبا حنيفة خبزه مشوي ؛ وأنت حتتاج إىل املعاش ، فقصرت عـن وسـأل عـين ، -رمحه اهللا –كثري من الطلب وآثرت طاعة أيب ، فتفقدين أبو حنيفة

مـا : فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخريي عنه ، فقـال يل فجعلت أتعاهد جملسه ، الشغل باملعاش وطاعة والدي ، وجلست فلما أردت االنصراف : خلفك عنا ؟ قلت

استعن ذه ، فنظرت فإذا : أومأ إيل فجلست فلما رجع الناس دفع إيل بصرة ، فقال مين ، فلزمت احللقة ، فلما الزم احللقة ، فإذا نفذت هذه فأعل: فيها مائة درهم ، وقال

مضت مدة يسرية دفع إيل مائة أخرى ، مث كان يتعاهدين ، وما أعلمته خبلة وال أخربته بنفاد شيء وكأنه كان يخبر بنفادها ، حىت استغنيت ومتولت فلزمت جملسـه حـىت بلغت حاجيت وفتح اهللا تعاىل يل بربكة وحسن نيته ما فتح من العلم واملال ، فأحسن

.)٢() اهللا عين مكافأته وغفر له

: مالطفته الطلبة ومنحهم حرية الكالم يف جمالس العلم -٨

يعـين -كان أبو حنيفة سهل اهللا له هذا الشـأن : (قال أبو سليمان اجلوزاين ، وتبني له ، وكان يتكلم أصحابه يف مسألة من املسائل ويكثر كالمهم وترتفع -الفقه

فن وأبو حنيفة ساكت ، فإذا أخذ أبو حنيفة يف شرح ما أصوام ، ويأخذون يف كل

.٢٦٦مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:الكردي) ١( .٣٦٩مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:املوفق املكي) ٢(

١٣١

من أهل الفقه -الرؤساء–كانوا فيه سكتوا كأن ليس يف الس أحد ، وفيهم الرتوت واملعرفة ، وكان أبو حنيفة يتكلم يوما وهم سكوت فلما فرغ أبو حنيفة من كالمـه

.)١() سبحان اهللا أنصت اجلميع لك: قال واحد منهم

مر ابن عيينة يوما بأيب حنيفة وهو مع أصحابه يف املسجد ، قد ارتفعت وحني(: يا أبا حنيفة هذا املسجد وهذا الصوت ال ينبغي أن يرفع فيه ، قال : أصوام ، قال

.)٢() دعهم فإم ال يفقهون إال ذا

وطريقة أيب حنيفة يف درسه تشـبه أن تكـون : (يقول الشيخ حممد أبو زهرة ال إلقاء الدروس على التالميذ ، فاملسألة من املسائل تعرض له ، فيلقيها علـى دراسة

تالميذه ويتجادل معهم يف حكمها ، وكل يديل برأيه ، وقد ينتفعون منه يف املقاييس ، كما روي عن اإلمام حممد ، ويعارضونه يف اجتهاده ، وقد يتصاحيون حـىت يعلـو

كل نواحيه ، يديل هو بالرأي الذي تنتجـه وبعد أن يقلبوا النظر يف ……ضجيجهم ، .هذه الدراسة ويكون صفوها فيقر اجلميع به ، ويرضونه

والدراسة على هذا النحو هي تثقيف للمعلم واملتعلم معا وفائدا للمعلم ال تقل عن فائدا للتلميذ ، وإن استمرار أيب حنيفة على ذلك النحو جعله طالبا للعلم حـىت

علمه يف منو متواصل وفكره يف تقدم مستمر ، وكان إذا عـرض لـه مات ، فكان احلديث تعرف أوجه العلة لألحكام اليت يشتمل عليها وناقشهم ، مث يفرغ من املسائل

مثل من يطلب : ما يراه متفقا مع األصل يف العلة ويعد ذاك هو الفقه ، وكان يقول ية وال يدري ألي داء هي حىت جيـيء احلديث وال يتفقه مثل الصيدالين ، جيمع األدو

.الطبيب ، وهكذا طالب احلديث ال يعرف وجه حديثه ، حىت جييء الفقيه

.)٣() ونرى من هذا أنه كان جيعل من تالميذه مناظرين ال متلقني متوقفني

.٤١٨مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:املوفق املكي) ١( .٣٤٥ص:املرجع السابق) ٢( .٨٧،ص)ت.د(،)ط.د(أبو حنيفة،دار الفكر العريب،القاهرة،:حممد أبو زهرة) ٣(

١٣٢

: ثناؤه على طالبه ونصحه هلم -٩

وم مطري يف نفر اجتمعنا عند أيب حنيفة يف ي : (-رمحه اهللا تعاىل -قال أبو يوسف من أصحابه منهم داود الطائي ، وعافية األودي ، والقاسم بن معـن املسـعودي ، وحفص بن غياث النخلي ، ووكيع بن اجلراح ، ومالك بن مغول ، وزفر بن اهلذيل ،

أنتم مسار قليب وجالء حزين ، قد أسرجت لكم الفقـه : وغريهم ، فأقبل علينا فقال ركبوا ، وقد تركت لكم الناس يطؤون أعقابكم ويتلمسـون وأجلمته ، فإذا شئتم فا

ألفاظكم ، وذللت لكم الرقاب ، وما منكم أحد إال وهو يصلح للقضـاء ، وفـيكم عشرة يصلحون أن يكونوا مؤديب القضاة ، فسألتكم باهللا وبقدر ما وهب اهللا لكم من

ول يف القضاء فعلم جاللة العلم ملا صنتموه عن ذل االستثمار ، فإن بلي أحدكم بالدخ من نفسه خربة سترها اهللا عن العباد مل جيز قضاؤه ، ومل يطب له رزقه ، وإن كانت سريرته مثل عالنيته جاز قضاؤه ، وطاب رزقه ، فإن دفعته ضرورة إىل الدخول فيـه فال جيعلن بينه وبني الناس حجابا ، وليصل الصلوات اخلمس يف اجلامع ، وليناد عنـد

من : له حاجة ، فإن صلى صالة العشاء اآلخرة ، نادى ثالثة أصوات كل صالة من له حاجة ؟ مث دخل إىل مرتله ، فإن مرض مرضا ال يستطيع اجللوس معه أسقط مـن

.)١() رزقه بقدر مرضه

: إعطاء العلم من حيرص عليه -١٠

هك ال حتدث بفق : (-رمحه اهللا تعاىل -قال أبو حنيفة : قال مساور بن الوراق من ال يشتهيه فيؤذيه ويؤذي جليسك ، ومن قطع عليك حديثك فال تعده فإنه قليـل

.)٢() احملبة واألدب

.٣٥٩ناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،صم:املوفق املكي) ١( .٣٥٣مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:الكردي) ٢(

١٣٣

: البد من أستاذ مشرف لكل درس -١٢

قيـل ( فالطالب ال يعلم بعضهم بعضا ، وال يريب فيهم أخالق العلم إال العلماء ، أهلـم : جد حلقة ينظرون يف الفقه ، قال يف هذا املس : -رمحه اهللا تعاىل -أليب حنيفة

.)١() ال يفقه هؤالء أبدا: رأس ؟ قالوا ال ، قال

: االستعانة على حفظ العلوم جبمع اهلم ، وحذف العالئق -١٣

مسعت رجال يسأل أبا حنيفة مب يستعان على الفقه حىت : (قال ابن وكيع اجلراح حبـذف : ستعان على مجع اهلم ؟ قـال قلت ومب ي : جيمع اهلم ، قال : حيفظ ؟ قال

تأخذ الشـيء عنـد : مب يستعان على حذف العالئق ؟ قال : قلت : العالئق ، قال .)٢() احلاجة وال تزد

: احلض على طلب العلم ألنه رأس العبادة -١٤

يا إبـراهيم إنـك : قال أبو حنيفة إلبراهيم بن أدهم : (قال شقيق بن إبراهيم ئا صاحلا فليكن العلم من بالك ، فإنـه رأس العبـادة وقـوام رزقت من العبادة شي

سئل أبو حنيفة عن مسـائل بعـد : -رمحه اهللا تعاىل -وقال أبو يوسف . )٣() األمركانوا يكرهون الكالم يف هذا الوقت إال خبـري ، : صالة الصبح فأجاب ، فقال قائل

ا حرام ، ينـزه النـاس عـن أي خري أبكر من هذا ، فيقال هذا حالل وهذ : فقال .)٤() املعصية ، إن اجلراب إذا فرغ منه الزاد جاع صاحبه

: البد للعلم من أدب واحترام -١٥

ال حيدث حىت يغتسل ويتطيب ويلـبس -رمحه اهللا تعاىل -لقد كان أبو حنيفة أحسن ثيابه ، وكان ال يفيت يف الطريق صيانة للعلم وأدبا مع احلديث ، وكان كـثري

.١٧٩مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:الكردي) ١( .٨١-١،)ت.د(،)ط.د(ذيب التهذيب،دار الكتب العلمية،بريوت،:ابن حجر العسقالين) ٢( .٣٥٢مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:املوفق املكي) ٣( .٣٥٢ص:لسابقاملرجع ا) ٤(

١٣٤

من احملدثني ال حيدثون يف جمالس العلم ، ويطردون عن جمالسهم من يسيء األدب يف .جمالسهم

مبىن وسـلمت -رمحه اهللا تعاىل -لقيت أبا حنيفة : ( قال عبد العزيز بن مسلم سبحان اهللا حيملهم احلرص على تـرك : عليه ، وسألته عن حديث ألبان البقر ، فقال

وله جاللة ، وصاحبه ينبغي أن يكون له وقار وخضـوع األدب ، إن للعلم فضيلة ، وسكون ، ادخر حاجتك إىل غد ، فتباكرت فلم حيدثين ، واشتغلت عنـه ، ففـاتين

.)١() احلديث

: التحذير من غضب اهللا تعاىل على القول بغري علم -١٦

من تكلم يف شيء من : (قال .…مسعت أبا حنيفة : -رمحه اهللا – قال أبو يوسف العلم وهو يظن أن اهللا تعاىل ال يسأله عنه كيف أفتيت يف دين اهللا ؟ فقد سهلت عليه

. )٢() نفسه ودينه

)هـ٢٥٦ت (ابن سحنون ≈

اشتهر حممـد بـابن سـحنون ، ، هوحممد بن عبد السالم بن سعيد بن حبيب وسحنون لقب أطلق على والده أيب سعيد عبد السالم ، ومسي بذلك حلدة ذهنـه ،

.)٣(وشدة ذكائه ، وسحنون يف األصل طائر يف املغرب حديد النظر

هـ ، وقد اهتم والده بتربيته ، ٢٠٢ ولد ابن سحنون يف مدينة غدت باملغرب عام ال تؤدبه إال بالكالم الطيب ، واملدح ، فليس هـو ممـن : (حيث كان يقول ملؤدبه .) ٤() يؤدب بالتعنيف والضرب

.٤١٧مناقب أيب حنيفة،مرجع سابق،ص:املوفق املكي) ١( .٣٥١ص:املرجع السابق) ٢( .٧٦،ص٧،ج)ت.د(،٣،ط)ن.د(األعالم،:خري الدين الزركلي)٣(ترتيب املدارك وتقريب املسالك ملعرفة أعالم مذهب مالك،دار مكتبـة احليـاة، :القاضي عياض ) ٤(

.١١٧-١١٦،ص٣،ج)ت.د(،)ط.د(بريوت،

١٣٥

لورع والتواضع والزهد ، فقد كان منصرفا عن الـدنيا رغـم عرف ابن سحنون با …كان ابن سـحنون : (مكانته عند احلكام وعامة الناس ، يقول عنه القاضي عياض

مسحا مباله ، كرميا يف معاشرته ، نفاعا للناس ، مطاعا ، جوادا مباله وجاهه ، وجيهـا . ) ١( )عند امللوك والعامة ، جيد النظر يف امللمات

كما عرف ابن سحنون باحللم ، جبانب كونه جماهدا بقلمه ، فهو يأمر باملعروف وينهى عن املنكر ، وينصح األمراء ، وجياهد بسيفه ، فهو يشارك يف اجلهاد واملرابطة على الثغور ، وشارك يف صد عدوان الروم على تونس ، ضاربا بذلك املثل والقـدوة

.)٢(مه للعامل العامل بعل

وكانت للبيئة اليت نشأ فيها ابن سحنون األثر الفعال يف إقباله على طلب العلـم ، فقد عهد به أبوه سحنون إىل مؤدب منذ صباه ، واهتم كذلك بتعليم ابنـه الفقـه ، فتلقى العلم على يديه ، كما أخذ ابن سحنون العلم عن علماء عصـره املشـهورين

ي ، وابن حمي املـدين ، و ابـن أيب حسـن اليحصـيب ، الصمادح: بأفريقيا ، مثل وغريهم ، مث رحل بعد ذلك إىل مصر واحلجاز ، فتزود بالعلم من علمائها ، منهم أيب مصعب الزهري وغريه ، مث عاد إىل القريوان وقد أدرك من مجيع العلوم ما مل يدركـه

يف الفقه ، ثقة ، وكـان وكان إماما : (قال عنه أبو العرب . )٣(غريه من أهل زمانه عاملا بالذب عن مذهب أهل املدينة ، عاملا باآلثار ، صحيح الكتـاب ، مل يكـن يف

.)٤() عصره أحذق بفنون العلم منه

وما كان ابن سحنون يبلغ هذه املكانة ، وذاك الشرف بالراحة واخلمول والكسل ؛ حتمل املشقة يف سبيل حتصيل العلـم ، بل ناله باجلد واالجتهاد ، واملثابرة و الصرب ، و

فقد روي أنه كانت له سرية ، فطلب منها ذات يوم أن تعد لـه طعامـا ، وشـغل

.١٠٥،ص٣ج:مرجع سابقترتيب املدارك وتقريب املسالك،:القاضي عياض) ١( .٧٦،ص٣ج:املرجع السابق) ٢( .١٠٤،ص٣ج:املرجع السابق) ٣( .١٠٤،ص٣ج:املرجع السابق) ٤(

١٣٦

بالتأليف والرد على املخالفني ، وأحضرت الطعام ، وبعد طول انتظار أخذت تطعمه حىت أتى عليه ، ومتادى يف عمله حىت الفجر ، مث سأهلا أن حتضـر الطعـام ) تلقمه(

. )١(ته بأنه أتى عليه دون أن يشعر فأخرب

:مؤلفاته -

ترك ابن سحنون عددا كبريا من الكتب والرسائل يف خمتلف فروع العلم املوجودة يف عصره ، كالفقه والتفسري واحلديث والعقيدة والتراجم والسري والتـاريخ واألنسـاب

الكثري من تلك العلـوم إخل ، وجاء بعضها على شكل املوسوعات العملية اليت مشلت واملعارف ، ويقال إن مؤلفاته بلغت املائيت كتاب ورسالة ومصنف ، من أبرزها آداب

املتناظرين ، والسري ، واجلامع ، وغريها ممـا اليـزال خمطوطـا ، مثـل الرسـالة .)٢(السحنونية

أدب (وقيـل ) آداب املعلمني (وأهم ما ألف يف جمال التعليم هو رسالته املعنونة ، وهي رسالة صغرية نسبيا ال يتجاوز عدد صفحاا ستا وعشرين ) املعلمني واملتعلمني

صفحة من القطع الصغري ، ولكنها على صغر حجمها حتمل دالالت على جانب كبري من األمهية ، فهي أول ما كتب خاصا بتعليم األوالد تقريبا ، وما كتب قبلها كـان

الرسالة "ماء الذي أتوا بعده يف هذا املنهج ، فالقابسي يف كتابه متفرقا ، وقد تبعه العل تأثر إىل حد كبري برسالة ابـن " املفصلة ألحوال املتعلمني وأحكام املعلمني واملتعلمني

سحنون ، رغم فارق الزمان بينهما ، وتعترب رسالة القابسي تفصيال وتطويال لرسـالة ص كتاب أو رسالة يف هذا املوضوع البن ابن سحنون ، ويبقى فضل السبق يف ختصي

.سحنون

وتدل هذه الرسالة كذلك على اهتمام املسلمني بتعليم النشء وتنظيمه وتفصيل أحواله يف هذه املرحلة املبكرة من تعليمهم ويف هذا الوقت املبكـر مـن الزمـان ،

اإلسالم ، واملطبقة وتتضمن الكثري من القيم اإلنسانية واملبادئ النبيلة املشتقة من تعاليم

.١١٥-١١٤،ص٣ج:مرجع سابقترتيب املدارك وتقريب املسالك،:القاضي عياض) ١( .٧٦،ص٧األعالم،مرجع سابق،ج:الزركلي) ٢(

١٣٧

يف جمال التربية والتعليم ، كاحترام اإلنسان حىت ولو كان طفال صغريا ، واملساواة بني املسلمني يف حق التعليم ، ال فرق بني غنيهم و فقريهم فيه ، ووجوب تعلـيم األوالد

ـ ور على آبائهم أو أوليائهم ، واالهتمام بالدين وخاصة القرآن الكرمي الذي اعترب حمالتعليم ومنطلقه األول ، والعناية بتدريس العلوم األخرى اليت كانـت موجـودة يف ذلك العصر ، األمر الذي يدل على تفتح املسلمني ورغبتهم يف املعرفة والعناية بالتربية

.اخللقية ، واحملافظة على حقوق اإلنسان وكرامته

لفقهية يف كثري من املواقف ، غري أن ابن سحنون تناول أمور التعليم من الزاوية ا وتصور أن هناك عقدا مربما بني املعلم من ناحية وبني آباء املتعلمني من ناحية أخرى ، ونص على ما لكل طرف يف هذا العقد من حقوق وواجبات ، وفصل الكالم يف ذلك

آلباء له كما يفعل الفقهاء يف أمور املعامالت األخرى ، بل إنه اعترب املعلم أجريا عند ا احلق يف األجر املتفق عليه ، وعليه أن يقوم بتعليم األوالد على خري وجه ، حىت أننـا

، مثل فقه املواريث ، وفقه الوصية ) فقه التربية (نستطيع أن نسمي رسالة ابن سحنون مثال ، هذا باإلضافة إىل أنه تناول موضوعات التعليم انطالقا من مذهب مالك ، ومن

.السنة اليت تؤثر االتباع على االبتداع عقيدة أهل

:وقد تناول ابن سحنون يف رسالته املوضوعات التالية

.ما جاء يف تعليم القرآن الكرمي -١

.ما جاء يف العدل بني الصبيان -٢

.باب ما يكره حموه من ذكر اهللا -٣

.ما جاء يف األدب وما جيوز يف ذلك وما ال جيوز -٤

. هدية العيد ما جاء يف القضاء يف-٥

.ما جيب على املعلم من لزوم الصبيان -٦

.ما جاء يف إجازة املعلم ومىت جتب -٧

١٣٨

.ما جاء يف إجازة املصحف وكتب الفقه -٨

:آداب العامل واملتعلم يف رسالة ابن سحنون -

ابن سحنون من املربني املسلمني األوائل ، وقبل ذلك هو من فقهـاء املالكيـة ، وجهة نظـر الفقهـاء ) آداب املعلمني (قية ، وقد عكس يف رسالته البارزين يف إفري

، كما أنه خطا ) ١(املالكية ، وكان له فضل السبق يف وضع منهج حمدد لتعليم الصغار . يف هذا الطريق خطوة عملية فألف كتابه واضعا فيه عناصر منهجه

ختص تعلـيم وقد عرض ابن سحنون لكثري من األمور املسائل والتصرفات اليت الصبيان يف الكتاب ، مبينا حكمها من الناحية الفقهية ، أحالل هي أم حرام ؟ أجائزة

.هي أم غري جائزة ؟ ، وحديث ابن سحنون عن هذه املسائل مبعثر يف رسالته

وحتت عنوان واجبات املعلم ، وحقوق املعلم ، تناول ابن سحنون الكثري مـن ال تعين دائما األشياء املفروضة -عنده–، غري أن الواجبات األمور املتعلقة بآداب املعلم

عليه ، بل تشمل كذلك ما جيوز له أن يقوم به ، وكذلك ال تعين حقوقه قبل الصـيب أو أبيه أو ما جيب عليهما أداؤها له ، بل تعين كذلك ما ينبغي أن يقوما به قبلـه ،

تعترب حقوقا للمـتعلم والعكـس وكذلك ينبغي أن يكون مفهوما أن واجبات املعلم .بالعكس

: ومن أهم هذه الواجبات أو اآلداب

أن يلزم املعلم االجتهاد ، وأن يتفرغ لتعليم الصبيان وأال حيضر الصـالة علـى -١ألنه أجري ال يدع : (اجلنائر وال يتبعها وال يعود املرضى، ويعلل ابن سحنون ذلك بقوله

، إال أن يكون يف وقـت ال ) ١() أن يشتغل عن الصبيان وال حيل للمعلم (، ) ٢() عمله .يعرضهم فيه فال بأس أن يتحدث ، وهو يف ذلك ينظر إليهم ويتفقدهم

.٣٦٩التربية اإلسالمية،مرجع سابق،ص:مد أمحد جادحم) ١(ــحنون) ٢( ــن س ــب :اب ــوي،دار الكت ــي املوط ــق العروس ــالة آداب املعلمني،حتقي رس

. ١٠٠م،ص١٩٧٢،)ط.د(الشرقية،تونس،

١٣٩

إال أن يأذن لـه آبـاؤهم أو (وعليه أال يرسل الصبيان بعضهم يف طلب بعض ، -٢ر أولياؤهم ، أو تكون املواضع قريبة ، وعليه أن يتعهد حضورهم للكتاب آخر النـها

.) ٢() وخيرب أولياء من مل جيئ أنه مل جيئ

وعلى املعلم أال جيعل التالميذ يصرفون أوقام يف شيء غري التعلم ، فال جيوز لـه -٣وال : (مثال أن يرسل بعضهم يف قضاء حوائجه ، بل عليه أن يقوم بذلك بنفسه ، قال

وهذا )٣() ن يكفيه بأس للمعلم أن يشتري لنفسه ما يصلحه من حوائجه إذا مل جيد م .يدل على االلتزام وحتمل األمانة وأدائها على خري وجه

ومن واجبه كذلك أال يشغل نفسه بشيء يصرفه عن متابعتهم وهم يتعلمـون ، -٤وال بأس أن ينظر يف العلـم : (حىت ولو كان هذا الشيء القراءة يف كتب العلم ، قال

وإمـالء ) الكتابة(ل أن يصريوا إىل الكتب يف األوقات اليت يستغين الصبيان عنه ، مث بعضهم على بعض إذا كان ذلك منفعة هلم ، فإن هـذا قـد سـهل فيـه بعـض

.)٤() أصحابنا

ومن واجبه أن يسوي يف التعليم بني األغنياء والفقراء ، وال يفرق يف املعاملة بـني -٥علهم بالسواء يف التعلـيم ؛ وليج: (هؤالء وأولئك ، وهذا تطبيق ملبدأ املساواة ، قال

أميا مـؤدب ( ، وروى يف ذلك قول النيب )٥() الشريف والوضيع ، وإال كان خائنا ويل ثالثة صبية من هذه األمة فلم يعلمهم بالسوية فقريهم مع غنيهم ، وغنيهم مـع

إذا قوطـع ( ، كما روى عن احلسن قولـه )٦() فقريهم حشر يوم القيامة مع اخلائنني .) ٧() كتب من الظلمة-أي الصبيان– على األجرة فلم يعدل بينهم املعلم

. ٩٨ص:رسالة آداب املعلمني،مصدر سابق:ابن سحنون) ١( . ٩٧ص:املصدر السابق) ٢( . ١٣٣ص:املصدر السابق) ٣( . ١٢٢ص:سابقاملصدر ال) ٤( . ١١٣ص:املصدر السابق) ٥( . ٨٤ص:املصدر السابق) ٦( . ٨٥ص:املصدر السابق) ٧(

١٤٠

ومن واجب املعلم بصفة عامة أن يقوم بواجبه يف تعليم الصبيان ، وأن يرعى اهللا يف -٦ذلك ، وإال كان من حق آباء الصبيان أو احلاكم أن يؤدبوه ومينعه من مزاولة مهنـة

.التعليم

أن يأخذ املعلم أجرا على تعليم الصـبيان القـرآن أجاز ابن سحنون : أجر املعلم -٧وقال مالك ال بأس مبا يأخذ املعلم على تعليم القرآن ، وإن اشـترط : (الكرمي ، قال

، ووالد الصيب يدفع هـذا )١() شيئا كان حالال جائزا ، وال بأس باالشتراط يف ذلك ما يلزم هذا الصيب من األجر للمعلم ، فإن كان للصيب مال فإن ابن سحنون يرى أن

)٢(مؤونة العلم يكون يف ماله وذلك مبرتلة كسوته ونفقته

ويف هذا دليل على إدراك املسلمني ألمهية التعليم وعلى عنايتهم بتربيـة األوالد .وذلك قبل أن تتوىل احلكومات ذلك عن اآلباء بوقت طويل

ل جعلوا له أجـرا وليس من حق املعلم أخذ األجر على تعليم القرآن فقط ، ب وحق اخلتمة له واجـب ، : (آخر عندما خيتم الصيب القرآن الكرمي ، قال ابن سحنون

.)٣() اشترطها أو مل يشترطها ، وعلى ذلك أهل العلم ببلدنا يف املعلمني

وينبغي أن نالحظ حرص ابن سحنون هنا على اقتفاء أثر السابقني وعلى أخذه تداع ، وله أحكام كثرية يف موضوعات تفريعية خاصة بالعرف ، وعدم رغبته يف االب

.باخلتم

وإذا كان من اجلائز ملعلم القرآن أن يأخذ األجر فإنه ال جيوز له أن يقبل اهلدية وما أهدى الصيب للمعلم أو أعطاه شـيئا : (إال بشروط ، قال ابن سحنون ملن سأله

: تم اليوم وحنوه ويف األعياد ، قال ال ، إمنا اإلذن يف اخل : فيأذن له يف ذلك ؟ ، فقال

. ٨٣رسالة آداب املعلمني، مصدر سابق،ص:ابن سحنون) ١( . ١٠٧-١٠٦ص:املصدر السابق) ٢( . ٨٣ص:املصدر السابق) ٣(

١٤١

من هنا سقطت شهادة أكثر املعلمني ألم غري مؤدين ملا جيب عليهم إال من عصـم .)١() اهللا

وأما إن (وعدم أخذ اهلدية إذا كان املعلم يعمل بأجر معلوم كل شهر أو سنة ، وال : (و يقول ، )٢() كان على غري شرط فما أعطي قبل ، وما مل يعط مل يسأل شيئا

حيل للمعلم أن يكلف الصبيان فوق أجرته شيئا من هدية وغري ذلك ، وال يسأهلم يف ذلك ، فإن أهدوا إليه على غري ذلك فهو حرام ، إال أن يهدوا إليه من غري مسـألة ، إال أن تكون املسألة فيه على وجه املعروف ، فإن مل يفعلوا مل يضرم يف ذلك ، وأما

ددهم يف ذلك فال حيل له ذلك ، أو خيليهم إذا أهدوا له فال حيل له ذلك ، إن كان يه . ) ٣() ألن التخلية داعية اهلدية وهو مكروه

:األجر على تعليم غري القرآن -

ال يرى ابن سحنون أن يأخذ املعلم أجرا على تعليم غري القرآن من فقه وشـعر روى بعض أهل األندلس : ( ، قال اخل ، وإن كان أهل األندلس حيبذون ذلك .. وحنو

أنه ال بأس باإلجارة على تعليم الفقه والفرائض والشعر والنحو ، وهو مثل القـرآن ، كره ذلك مالك وأصحابنا ، وكيف يشبه القرآن ؟ والقرآن له غايـة ينتـهي : فقال

فيه ، إليها ، وما ذكر ليس له غاية ينتهي إليها ، فهذا جمهول والفقه والعلم قد اختلف والقرآن هو احلق الذي ال شك فيه ، والفقه ال يستظهر مثل القرآن ، فهو ال يشـبهه

. ) ٤() وال غاية له وال أمد ينتهي إليه

والبن سحنون يف موضوع أجر املعلم آراء تفصيلية كثرية ال داعي إليرادها هنا ، ن التعفف والـورع ، ويبدو من رأيه يف عدم جواز أخذ األجرة على تعليم غري القرآ

وإن كان يف مكان آخر من رسالته أجاز أخذ األجر على تعليم اخلط واهلجاء ، وقال

. ٩٥رسالة آداب املعلمني، مصدر سابق،ص:ابن سحنون) ١( .نفس الصفحة:قاملصدر الساب) ٢( . نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( . ١٣٦ص:املصدر السابق) ٤(

١٤٢

، ومعىن ذلك أنه مل يقس الفقـه )١() يفادي بالرجل يعلم اخلط وقد كان النيب : (وغريه على اخلط ، ملا يف تعليم كل منهما من اجلهد الذي يبذله املعلم ، وإمنـا آثـر

. القياس االتباع يف

على الرغم من أن ابن سحنون أجاز للمعلم أن يضرب الصـبيان : ضرب األوالد -٨إذا أساءوا املعاملة أو قصروا يف التعلم فإنه وضع هلذا الضرب شروطا جيعل ممارسـة

:املعلم هلذا احلق حمدودة جدا أو يف أضيق احلدود ، ومن تلك الشروط

.أن يستعمل الرمحة والشفقة -أ

.أال يضرم وهو غاضب -ب

.أن يكون الضرب ملنفعتهم هم ، ال انتقاما أو شهوة منه يف الضرب -ج

أال يتجاوز ثالث ضربات ، إال إذا أذن له اآلباء يف الزيادة عليها فإنه جيـوز لـه -دذلك ، وعلى كل حال ال يتجاوز عشر ضربات ، ألنه ال يتجاوز ذلك إال يف حد من

.حدود اهللا

. يكون الضرب بأداة ال تؤذي وال جترح كالدرة أن-هـ

.أال تؤذيه يف جسمه وإال كان عليه القصاص -و

وهذه الشروط ميكن استخالصها من حديثه عن الضرب يف أماكن متعددة من .رسالته

وألن ابن سحنون فقيه يف املقام األول اهتم بتفصيل األحكام الفقهية اليت تترتب جبسمه بسبب الضرب كأن يفقأ عينه أو ميرض بسبب الضرب على إحلاق املعلم أذى

.أو ميوت

ومهما يكن من أمر فإننا نالحظ من معاجلة ابن سحنون ملوضوع ضرب األوالد :ما يلي

. ١٣١رسالة آداب املعلمني، مصدر سابق،ص:ابن سحنون) ١(

١٤٣

عناية املعلم بأخالق املتعلم ، فلم يكن الضرب قاصرا علـى تقصـري املـتعلم يف -أ غريه أو يأخذ شيئا منه ، وهذا ما التعليم ، بل على سوء خلقه كأن يكذب أو يؤذي

.يؤكد أن من أهم أهداف التعليم األساسية اكتساب األخالق احلميدة

احترام إنسانية املتعلم حىت ولو كان صغريا ، ذلك أنه وضعت شروط لعقابه ومن -بأمهها أال يؤذي يف بدنه أو يشوه جسده ، ومنها أن يكون العقاب بقدر الـذنب ،

املعلم وهو غضبان ، فمن شأن الغضب أن حيمل على جتاوز احلد وإحلاق وأال يضربه .اخل .. األذى مبن يعاقب

إن ابن سحنون تغلب عليه فقهيته ، فيفصل األحكام يف حاالت يبدو أا كانـت -ج .منتشرة يف وقته

)هـ٣٦٠ت(اآلجري ≈

أثىن عليـه ، ينسب إىل آجر وهي قرية من قرى بغداد ، وقد هو حممد بن احلسني اخلطيب البغدادي ، وذكر له تصانيف كثرية ، وأنه حدث ببغداد قبل سنة ثالمثائـة

. ) ١(هـ ٣٦٠وثالثني ، مث انتقل إىل مكة فسكنها حىت تويف ا عام

وقد عاش اآلجري يف عصر االزدهار العلمـي اإلسـالمي ، يف القـرن الرابـع مدارس العلم ومعاهده ، ومل يقتصر االزدهـار اهلجري ، الذي انتشرت فيه وتعددت

. )٢(العلمي على ميدان دون آخر بل مشل ميادين العلم املختلفة

ويعد اآلجري من أبرز العلماء يف مدرسة الفقهاء واحملدثني ، وتتلمذ على يديـه ه كثري من العلماء، كما ألف أكثر من أربعني كتابا يف خمتلف العلوم ، كاحلديث والفق

واألخالق ، ويعترب اآلجري من دعاة اإلصالح الـديين واالجتمـاعي والتربـوي يف

. ٢٤٣،ص٢تاريخ بغداد،مرجع سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .٢٨التربية اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري،مرجع سابق،ص:حسن عبد العال.د) ٢(

١٤٤

، وعلى يديه خترج عدد من مشاهري العلماء أمثال أيب نعيم صاحب حليـة ) ١(عصره .األولياء ، وأيب احلسن احلمامي شيخ العراق ومسند عصره ، وغريمها

االختالفات املذهبية ، وظهـور ويعد عصر اآلجري من العصور اليت كثرت فيها الفرق املختلفة ، وساءت معامالم فيما بينهم ، وكثرت املناظرات ، وهاجم العلماء

ذيبا لسلوك " أخالق العلماء "، من أجل ذلك ألف اآلجري كتابه ) ٢(بعضهم بعضا ج علمـاء العلماء ، وتغيريا لالجتاه السائد بينهم ، وذلك بالدعوة إىل العودة إىل منـه

وأخالق أصحابه ، حيث عقد اآلجري يف كتابه السلف ، واالقتداء بأخالق النيب فصال يف آداب العلماء بعضهم مع بعض ، ومع أنفسهم ، ويف دروسهم ، مبينا طريقة السلف من العلماء ، وعقد فصال يف آداب املناظرة الصحيحة ، وبني أن الغرض منها

ل ، وفصال آخر يف طرق التدريس ،ويعد كتابه هذا من أهم إظهار احلق وإبطال الباط الكتب يف بابه ، واحتوى كتابه أخالق أهل القرآن فصال يف آداب محلة القرآن ، وما ينبغي له القيام به ، واالبتعاد عنه ، وفصال يف آداب القراءة و اإلقراء ، وآخر يف آداب

.املقرئ مع نفسه ومع معلم وأقرانه

)هـ٤٦٣ت(بد الرب ابن ع ≈

هو أبو عمر يوسف بن عبد اهللا بن حممد بن عبد الرب بـن عاصـم النمـري .هـ ٣٦٨ولد يف اخلامس والعشرين من ربيع اآلخر عام ، )٣( القرطيب

بدأ طلبه العلم يف قرطبة مسقط رأسه ، وتفقه على أيب عمر أمحد بن عبد امللـك ، وقـد )٤(احلديث عن أيب الوليد ابن الفرضي وغريه اإلشبيلي وغريه ،كما أنه أخذ

مقدمة حتقيق كتاب حترمي النرد والشطرنج واملالهي لآلجري،إدارة البحوث :مد سعيد عمر حم) ١( .٢٤م،ص١،١٩٨١العلمية،الرياض،ط

يف األصـول الفلسـفية للتربيـة عنـد مفكـري اإلسالم،منشـأة دار :عبد الفتاح فـؤاد ) ٢( .٤٦م،ص١،١٩٨٣املعارف،اإلسكندرية،ط

.٨٠٨،ص٤سالك،مرجع سابق،جترتيب املدارك وتقريب امل:القاضي عياض) ٣( .٨٠٩-٨٠٨،ص٤ج:املصدر السابق) ٤(

١٤٥

اجتهد ابن عبد الرب يف طلبه للعلم مما جعله يربع ويتقدم على أقرانه ، قال عنه أبو علي وصرب أبو عمر على الطلب ، ودأب فيه ، ودرس وبرع براعة فاق فيها من : (اجلباين

وعال ذكره يف األقطـار ، تقدمه من رجال األندلس ، وعظم شأن أيب عمر باألندلس .) ١() ورحل إليه الناس ومسعوا منه

وذه اهلمة العالية واجلهد الوافر صار أبو عمر من كبار العلماء واحلفـاظ ، ومل يقتصر طلبه على علم احلديث ؛ بل اشتغل بالتاريخ واألدب ، فهـو مـؤرخ حباثـة

.)٢(علم ومالقاة العلماء أديب ، وارحتل إىل غرب األندلس وشرقها ، طلبا لل

: أهم مؤلفاته -

جامع بيان العلم وفضله -١

االستيعاب-٢

التمهيد ملا يف املوطأ من املعاين واألسانيد-٣

جة االس وأنس االس-٤

وغريها الكثري مما ال يزال خمطوطا ، وتويف ابن عبد الرب يف يوم اجلمعة يف آخر يوم .هـ ٤٦٣من ربيع اآلخر عام

وقد قدم ابن عبد الرب خالصة جتربته ، وحصيلة علمه ، فيما يتعلـق بـآداب العـامل ، وميكن أن نلخص أهم املبادئ ) جامع بيان العلم وفضله (واملتعلم يف كتابه املوسوعي

: واآلداب اليت أوردها يف كتابه على النحو التايل

:مبدأ وجوب نشر العلم وحترمي كتمانه -١

وسارعت فيما طلبت رجاء عظيم الثـواب ، وطمعـا يف : (بد الرب قال ابن ع الزلفى يوم املآب ، وملا أخذه اهللا عز وجل على املسؤول العامل ، مبا سئل عنـه

.٨٠٩،ص٤ترتيب املدارك وتقريب املسالك،مرجع سابق،ج:القاضي عياض) ١( .٨٠٩-٨٠٨،ص٤ج:املصدر السابق) ٢(

١٤٦

وإذ أخـذ من بيان ما طلب منه ، وترك الكتمان ملا علمه ، قال اهللا عز وجل : ، وقـال )١( هاهللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمون

.)٣( )) ٢() من سئل علما علمه ، فكتمه جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار(

دخلنا فاغتممنا ، و خرجنا فلم نزدد إال غما ، اللهم إليك : ( وقال احلسن نشكوا هذا الغثاء الذي كنا حندث عنه ، إن أجبناهم مل يفقهوا ، و إن سـكتنا

عي شديد ، و اهللا لوال ما أخذ اهللا علي العلماء يف علمهم ما عنهم وكلناهم إىل . ) ٤() أنبأناهم بشيء أبدا

لوال آيتان يف كتاب اهللا ما حدثتكم شـيئا : ( وعن أيب هريرة أنه كان يقول إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و اهلدى من بعـد مابينـاه أن اهللا يقول

يلعنهم الالعنون ، إال الذين تابوا و أصلحوا و بينـوا ، للناس يف الكتاب أولئك ، مث قال إن الناس يقولون أكثر أبو )٥( فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم

ما من رجل حفظ علما فسئل عنه فكتمـه إال جـاء يـوم ( هريرة وذكر احلديث لذي ساد العمل بـه يف ، وهذا املبدأ التربوي هو ا ) ٦() القيامة ملجما بلجام من نار

. العامل اإلسالمي يف عصور ضته وازدهاره

: مبدأ وجوب طلب العلم – ٢

) . طلب العلم فريضة علي كل مسلم : (باب قوله : قال ابن عبد الرب

طلـب العلـم : ( مث ذكر ، تعليقا علي احلديث ال سحق بن راهوية يقـول مه طلب علم ما حيتاج إليه من وضوئه و صالته واجب ، ومل يصح فيه اخلرب إال أنه يلز

.١٨٧آية :سورة آل عمران) ١( .احلديث صحيح ، رواة الترمذي ) ٢( .٤-٣م،ص١٩٧٨،)ط.د(ية،القاهرة،جامع بيان العلم،املطبعة املنري:ابن عبد الرب) ٣( .٦ – ٥ص :املصدر السابق) ٤( .١٥٩آية :سورة البقرة) ٥( .احلديث صحيح ، رواه الترمذي ) ٦(

١٤٧

وزكاته إن كان له مال وكذلك احلج وغريه ، وما وجب عليه من ذلك مل يسـتأذن .)١() أبويه يف اخلروج إليه

قد أمجع العلماء علي أن من العلم ما هو فرض متعني على : ( مث ذكر رأيه فقال اإلنسان جهله من مجلة الفـرائض من ذلك ما ال يسع .. كل امرئ يف خاصة بنفسه

املفترضة عليه حنو الشهادة باللسان و اإلقرار بالقلب بأن اهللا وحده ال شـريك لـه ، و الشهادة بأن حممدا عبده ورسوله و خامت أنبيائه حق وأن البعث بعد املوت للمجازاة

ة ، وألهل الشقاوة باألعمال واخللود يف اآلخرة ألهل السعادة باإلميان و الطاعة يف اجلن والكفر و اجلحود يف السعري ، وإن القرآن كالم اهللا وما فيه حق من عند اهللا ، جيـب اإلميان جبميعه ، واستعمال حمكمه ، وأن الصلوات اخلمس فرض ، ويلزمه علـم مـا يفسد صومه وماال يتم إال به ، وإن كان ذا مال وقدرة على احلج لزمـه فرضـا أن

الزكاة ومىت جتب ويف كم جتب ، ويلزمه أن يعلم بأن احلج عليـه يعرف ما جتب فيه إىل أشياء يلزمه معرفة جمملها وال .. فرض مرة واحدة يف دهره إن استطاع إليه سبيال

يعذر جبهلها ، حنو حترمي الزنا و الربا و حترمي اخلمر و اخلرتير ، وأكل امليتة ، و األجناس كم و الشهادة بالزور وأكل أموال الناس بالباطل كلها ، و الغصب و الرشوة على احل

وحترمي قتل . وحترمي الظلم كله وحترمي نكاح األمهات و األخوات ومن ذكر معهن .. .) ٢() النفس

، ومن أقوال )٣(وقد ساق العديد من األحاديث يف وجوب طلب العلم وفضله . السلف يف مواطن من كتابه

، وهو ما حتاول التربيـة ) إلزامية التعليم ( مبدأ وهكذا سبق علماؤنا إىل حتقيق احلديثة حتقيقه اليوم ، لكن علماؤنا قرروا مبدأهم على كل املستويات و األعمـار ، فلم خيل مسلم وال مسلمة من تعلم مبادئ اإلسالم وبعض آيات القرآن و احلقـوق و

.٩-٧،ص١جامع بيان العلم،مصدر السابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١١-١٠،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .٧،٥٤،٥٨،ص١ج:املصدر السابق) ٣(

١٤٨

سالم ، وأصبح كل فرد الواجبات و اآلداب اإلسالمية و العقيدة وأركان اإلميان واإل . يف األمة على جانب من الثقافة

: مبدأ العمل بالعلم – ٣

عقد اإلمام ابن عبد الرب أكثر من باب هلذا املبدأ إال أنه صرح به يف آخر بـاب قد ذم اهللا يف كتابه قوما ، ما : (حيث قال ) ذم العامل على مداخلة السلطان الظامل (

ماله الرب وال يعملون ا ذما ، ووخبهم اهللا به توبيخا يتلى على كانوا يأمرون الناس بأع أتأمرون الناس بالرب وتنسون أنفسكم وأنـتم : طول الدهر إىل يوم القيامة فقال

.) ٢() )١( تتلون الكتاب أفال تعقلون

وقد عقد أبوابا لبيان هذا املبدأ ، نذكر بعض عناوينها ، ألن علماء احلـديث نوا يستنبطون الفقه من احلديث كانوا يضعون فقههم يف عنـاوين أبـواب أول ما كا

كتبهم ، كما فعل البخاري ، وهكذا ضمن عاملنا آراءه حول هذا املبدأ يف عنـاوين : مثل

باب ما جاء يف مساءلة اهللا عز وجل العلماء يوم القيامة عما عملـوا فيمـا (ورجل تعلـم .. ضي فيه يوم القيامة ثالثة أول الناس يق (، مث ذكر حديث ) علموا

.. العلم وعلمه وقرأ القرآن ، فآتى به ، فعرفه نعمه ، فعرفها فقال عملت فيهـا . )٣() احلديث

، ذكر فيها أحاديث ) باب جامع القول يف العمل بالعلم (مث عقد بابا آخر مساه كعمر و احلسـن البصـري نبوية وأقواال لكبار الصحابة و العلماء واخللفاء والتابعني

وإبراهيم بن أهم ، وسفيان الثوري وغريهم ، كلها تؤيد هذا املبدأ وتـبني وجـوب حنن إىل أن نوعظ باألعمال أحوج منا أن نـوعظ : ( العمل بالعلم ، كقول املأمون

.٤٤آية :سورة البقرة) ١( .١٩٤،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب)٢( .،واحلديث صحيح،رواه مسلم٢،ص٢ج:املصدر السابق) ٣(

١٤٩

تعلموا ما شئتم أن تعلموا فإن اهللا ال يـأجركم : ( ، وقول أنس بن مالك ) باألقوال . )١() ىت تعملوا به ، إن العلماء مهتهم الوعاية وإن السفهاء مهتهم الروايةعلى العلم ح

كما ساق حوادث واقعية وأخبارا مؤثرة ، كلها تدل على أن هذا املبدأ راسخ إىل يف نفوس مجهور علماء األمة وعامتها وأمرائها وحكامها منذ عهد الرسـول

ا املبدأ ، ويذكره يف كتابه ليعمل الناس بـه زمن اإلمام ابن عبد الرب ، وإنه يأخذ ذ . وإن سعادة األمة يف الدنيا و اآلخرة ال تتحقق إال بتحقيق هذا املبدأ .. ويتعظوا

وهذا يثبت لنا سبق املفكرين املسلمني إىل هذا املبدأ قبل أن يأخذ به الغربيـون ـ ) االنقالب الصناعي ( ويقيموا على أساسه تخدام قـوانني الذي قام على أساس اس

. العلم يف الصناعة ، أي العمل ا وهو أساس مبدأ التقنية

: مبدأ اإلخالص هللا يف طلب العلم وإرادة اخلري به -٤

باب (مساه ) جامع بيان العلم وفضله (عقد ابن عبد الرب هلذا املبدأ بابا من كتاب ، مث روى حـديث عـن ) ٢() ذم الفاجر من العلماء وذم طلب العلم للمباهاة والدنيا

ال تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ، وال لتماروا به ( : قال رسول اهللا : جابر قال : ، مث قـال )٣() السفهاء وال لتحتازوا به االس ، فمن فعل ذلك فالنـار النـار

: ، مث روى عن رجل من أهل العراق ) وهذا الوعيد ملن مل يرد بعلمه شيئا من اخلري ( تعلمون أن هذه األحاديـث : أم مروا على أيب ذر فسألوه أن حيدثهم ، فقال هلم (

) اليت يبتغي ا وجه اهللا ، ال يتعلمها أحد يريد ا عرض الدنيا فيجد عرف اجلنة أبدا )٤( .

فهذا الباب وما فيه من ذم من ال يريد اخلري بعلمه ، وال يقصد إال الدنيا ، ومن اإلخالص : بأن هذه األحاديث يبتغى ا وجه اهللا دليل على هذا املبدأ تصريح أيب ذر

.٤،ص٢جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١٨٦،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .،واحلديث صحيح،رواه ابن ماجة١٨٧،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .١٨٧،ص١ج:املصدر السابق) ٤(

١٥٠

.هللا يف طلب العلم وإرادة اخلري به

مث روى بعد ذلك عشرات من اآلثار وأقوال التابعني ذا املعىن ، من ذلك قول إمنا يطلب احلديث ليتقي به اهللا عز وجل فذلك فضله على غريه من : (سفيان الثوري

، وعن ) ٢() من طلب احلديث لغري اهللا مكر به : ( ، وقول محاد بن سلمة )١( )العلوم .)٣() من طلب العلم هللا عز وجل آتاه اهللا منه ما يكفيه: (إبراهيم التيمي قال

ولقد جعل علماؤنا أول مراتب العلم النية ، ذكره ابن عبد الرب عن بعضـهم يف ، وإذا أطلقـت )٤() أول العلم النية : (قوله باب منازل العلم ، فروى عن ابن املبارك

.النية يف طلب العلم أرادوا ا النية اخلالصة هللا تعاىل ، وإال مل يكن علمه صحيحا

:مبدأ جمانية التعليم -٥

ابن : مكتوب عندهم يف الكتاب األول : (روى ابن عبد الرب عن أيب العالية قال كما مل تغـرم : وقال ابن عبد الرب معناه عندهم ، ) آدم علم جمانا كما علمت جمانا

، مث أيد هذا املعىن حبديث )٥() مثنا ، فال تأخذ مثنا ، واان عندهم الذي ال يأخذ مثنا من تعلم علما مما يبتغى به وجـه اهللا ال يتعلمـه إال (قال : عن أيب هريرة قال

، وعن )٦() ، مبعىن رحيها ) القيامةليصيب به عرضا من الدنيا مل جيد عرف اجلنة يوم رجل أعطـاه اهللا : علماء هذه األمة رجالن : ( قال رسول اهللا : ابن عباس قال

علما فبذله للناس ومل يأخذ عليه صفرا ، ومل يشتر به مثنا أولئك يصلي عليه طـري ا السماء وحيتان البحر ودواب األرض ، والكرام الكاتبون ، ورجل آتاه اهللا علم

فضربه عن عباده وأخذ به صفرا واشترى به مثنا فذلك يأيت يوم القيامـة ملجمـا

.١٩١،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١٩١،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .١٩١،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .١١٨،ص ١ج:املصدر السابق) ٤( .١٨٩،ص١ج:املصدر السابق)٥( .،واحلديث صحيح،رواه أبو داوود،وابن ماجة٩٠،ص١ج:املصدر السابق) ٦(

١٥١

.) ١() بلجام من نار

: مبدأ نشر العلم وتبليغه -٦

ملستمع العلم وحافظـه دعاء رسول اهللا (عقد ابن عبد الرب هلذا املبدأ باب زيد بن ثابت وابن ، وذكر يف هذا الباب روايات وألفاظا عديدة حلديث )٢() ومبلغه

نضر اهللا امرأ مسع منا حديثا فحفظه حىت يبلغـه غـريه : (قال مسعود أن النيب .)٣() فرب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إىل من هو أفقه منه

تسمعون : (قال رسول اهللا : مث روى يف آخر الباب حديث ابن عباس قال ويف هذا احلديث أيضا دليل : ، مث قال )٤() ويسمع منكم ، ويسمع ممن يسمع منكم

، فدل قوله هذا على أنه عقد الباب لتثبيت هذا املعـىن ، )٥(على تبليغ العلم ونشره وهو نشر العمل وتبليغه ، وإن كان فيه داللة على معان أخرى ، أيضا يدل على هذا

فـرب (لفـظ ، ويف ) فرب حامل فقه ليس بفقيه : (يف هذا احلديث املبدأ قوله ؛ فـدلت ) ورب حامل فقه إىل من هو أفقه منه (، ويف لفظ ) مبلغ أوعى من سامع

هذه األلفاظ على أن النقل والنشر والتبليغ مقصد نبوي قائم بذاته غري مقصد الفهـم ، )٦() بلغوا عين ولو آيـة (والعمل والتفقه مبعىن احلديث ، ويدل عليه أيضا حديث

رحم اهللا من تعلم فريضة أو فريضتني يعمـل (، وحديث ) وليبلغ الشاهد الغائب ( . ) ٧( )ما أو علمهما من يعمل ما

،واحلديث ضعيف،رواه الطرباين يف ٣٨،ص١مصدر سابق،ج جامع بيان العلم، :ابن عبد الرب ) ١( .األوسط

.٤٣،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .احلديث صحيح رواه الترمذي) ٣( .احلديث صحيح،رواه أبو داوود) ٤( .٤٣،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ٥( .احلديث صحيح،رواه البخاري ) ٦( .،واحلديث رواه ابن الشيخ٤٢،ص١م،مصدر سابق،ججامع بيان العل:ابن عبد الرب) ٧(

١٥٢

: مبدأ األمانة العلمية والصدق يف نقل العلم وإصالح اللحن واخلطأ-٨

، حيث ) ١() باب آفة العلم وغائلته وإضاعته ( ضمن ابن عبد الرب هذا املبدأ يف ومن غوائله : ( ... عني والعلماء ، كالزهري الذي قال ذكر عددا من اآلثار عن التاب

: ، و أورد املؤلف أثرا عن حممد بن سـريين قـال )٢() الكذب فيه وهو شر غوائله أو كما قال : حديثا ففرغ منه قال كان أنس بن مالك إذا حدث عن رسول اهللا (

ا على حرص السـلف ، وأورد هذا األثر يف باب كأمنا عقده ليدلن )٣() رسول اهللا باب األمر بإصالح اللحـن و : (على األمانة يف نقل العلم و احلديث فقال يف عنوانه

أعربـوا : ( ، مث نقل عن األوزاعي قولـه ) ٤() اخلطأ يف احلديث وتتبع ألفاظه ومعانيه أن : (؛ أي حركوا أواخر ألفاظه ، وعن ربيعة بن زيد ) احلديث فإن القوم كانوا عربا

اللهم إن مل يكن هذا : مث فرغ منه قال درداء كان إذا حدث عن رسول اهللا أبا ال .)٥() فشكله

سألت أبا الوليد عن الرجـل يصـيب يف كتابـة : (وعن حممد بن املثين قال املعجم غري معجم ، أو جيد احلرف املعجم تغري بعجمة ، حنو التاء ثـاء و : احلروف

يرجـع إىل : ، والناس يقولون الصواب ؟ ، قال الباء ياء ، وعنده يف ذلك التصحيف . )٦() قول الناس ، فإن األصل الصحة

ومن كـذب علـي ( : وأصل هذا املبدأ وما تفرغ عنه حديث رسول اهللا . )٧() فليتبوأ مقعده من النار

.١٠٨-١٠٧،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١٠٨-١٠٧،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .٧٩-٧٨،ص ١ج:املصدر السابق) ٣( .٧٩-١،٧٨ج:املصدر السابق) ٤( .٧٩-٧٨،ص ١ج:املصدر السابق) ٥( .٨٠،ص١ج:املصدر السابق) ٦( .سن،رواه أبو داووداحلديث ح) ٧(

١٥٣

: آداب العامل واملتعلم -٩

: نذكر منها ذكر ابن عبد الرب آدابا للعامل واملتعلم يف أبواب من كتابه

: التواضع وترك الدعوى و الفخر -أ

ومن أدب العامل ترك الدعوى ملا ال حيسنه ، وترك الفخر مبا : (قال ابن عبد الرب : حيسنه ، إال أن يضطر إىل ذلك ، كما اضطر يوسف عليه السـالم حـني قـال

على خزائن األرض إين حفيظ عليم اجعلين وذلك أنه مل يكن حبضـرته مـن ، يعرف حقه فيثين عليه مبا هو فيه ، ويعطيه بقسطه ، ورأى أنه ذلك املقعد ال يقعـده غريه من أهل وقته إال قصر عما جيب هللا من القيام به من حقوقه ، فلـم يسـعه إال السعي يف ظهور احلق مبا أمكنه ، فإذا كان ذلك فجائز للعامل حينئذ الثناء على نفسه

. يكون حينئذ حيدث بنعمة ربه عنده على وجه الشكر هلا والتنبيه على موضعه ، ف

وأفضح ما يكون للمرء دعواه مبا ال يقوم به ، وقد عاب العلماء ذلـك قـدميا .) ١() وحديثا

: فهذان أدبان من آداب طلب العلم يتوهلما أدب ثالث عند الضرورة فتكون ثالثة

فتضح أمره ، ويرتكـب مـا عابـه أن يترك العامل الدعوى ملا ال حيسنه ، لئال ي -١ . العلماء

أن يترك الفخر مبا حيسنه ؛ ألن ذلك ينقص من قدره ، فالتواضع خري له وأبقـى -٢ .ملكانته وهيبته

جيوز للعامل الثناء على نفسه مبا هو فيه عند االضطرار ، إذا مل يوجد مـن يقـوم -٣ .يع حقوق املتعلمني مقامه فيما يثين به على نفسه من أمر التعليم ؛ لئال تض

فصـل يف مـدح التواضـع وذم (وقد أفرد ابن عبد الرب للتواضع فصال بعنوان

.١٤٥،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١(

١٥٤

، )٢() وما تواضع أحد إال رفعه اهللا ( ، ذكر فيه حديث )١() العجب وطلب الرياسة ينبغي للعامل أن يضع التراب على رأسه تواضـعا : (مث أورد كالم أيوب السختياين

.)٣() هللا

:حيب باألحداث وتعليمهم والتلطف م التر-ب

وقد أفرد فصال هلذا األدب من آداب العلماء ، فدل على اهتمام ابن عبد الرب به ، كنا إذا أتينا أبا سعيد اخلدري : وروينا عن أيب هارون وشهر بن حوشب قاال : (قال

األرض سـتفتح لكـم ( :، قال رسول اهللا مرحبا بوصية رسول اهللا : يقول ويأتيكم قوم أو قال غلمان حديثة أسنام يطلبون العلـم ويتفقهـون يف الـدين ويتعلمون منكم ، فإذا جاءوكم فعلموهم والطفوا م ، ووسعوا هلم يف الـس ،

مرحبا بوصية رسـول اهللا : فكان أبو سعيد يقول لنا : قاال ) ٤() وأفهموهم احلديث أمرنا رسول اهللالس ، وأن نفهمكم احلديث أن نوسع ل٥() كم يف ا (.

: ويستنبط من هذا

. بذل عناية خاصة باألحداث ، والتلطف م إذا طلبوا العلم -١

. الترحيب بالوافدين من البالد األخرى لطلب العلم ، وتعليمهم -٢

. التوسيع يف الس لطالب العلم وللوافدين الراحلني لطلب العلم-٣

علم ما يريد تعلمه ، وعدم االقتصار على االستحفاظ ، بـدليل لفظـه إفهام املت -٤ ) .وأفهموهم احلديث(

.١٤١،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .احلديث صحيح،رواه مسلم واإلمام أمحد والترمذي ) ٢( .١٤٢،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ٣( .بن ماجة احلديث حسن ، واه الترمذي وا) ٤( .١٤٦-١٤٥،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ٥(

١٥٥

:احترام العامل والتأدب حبضرته -ج

من حق العامل : ويروى عن علي بن أيب طالب أنه قال : ( قال ابن عبد الرب

: عليك

.لى القوم عامة إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة ، وع-١

.، ال تغمز بعينيك ، وال تشر بيديك وجتلس قدامه بأدب-٢

. وال تأخذ بثوبه ، وال تلح عليه يف السؤال -٣

. وال تقل فالن قال خالف قولك -٤

.) ١() وأن جتله-٥

: ومن آداب العامل واملتعلم -د

:من متام آلة العامل : وقالوا : (قال ابن عبد الرب

.يكون مهيبا ، وقورا ، بطيء االلتفات ، قليل اإلشارة ، ال يصخب أن -١

. وال يلعب ، وال جيفو ، وال يلغو -٢

بلغين أن إمساعيل بـن … ويكفيه أن يتأدب بأدب اإلسالم ، مث يفعل ما يشاء ، -٣وهل للقاضي أدب غـري : لو ألفت كتابا يف آداب القضاء ، فقال : إسحاق قيل له

.؟ اإلسالم

والواجب على العامل أال يناظر جاهال وال جلوجا ، فإنه جيعل املناظرة ذريعـة إىل -٤ .)٢() التعلم بغري شكر

وأحسن ما : ( ومن آداب العامل حسن السمت ، وقلة الكالم ، قال ابن عبد الرب -٥رأيت يف آداب التعلم والتفقه من النظم ما ينسب إىل اللؤلؤ من الرجـز ، وبعضـهم

.١٤٦-١٤٥،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١٤٦،ص١ج:املصدر السابق) ٢(

١٥٦

:ينسبه إىل املأمون ، مث ذكر األرجوزة ومنها

ويف كثري القول بعض املقت واألدب النافع حسن السمت

.) ١() والسكوت عما ال يعلم وعد االستعجال باإلجابة-٦

واالعتراف جبهل مسألة إذا سئل عنها وكان ال يعرفها ، وقد عقد ابن عبد الـرب -٧ ، بدأه )٢() عامل إذا سئل عما ال يدريه من وجوه العلم باب ما يلزم ال (بابا هلذا بعنوان

أي البقاع خري؟ فقـال ال أدري ، حـىت : ( حبديث ابن عمر سئل فيه الرسول .)٣() إن خري البقاع املساجد: أخربه جربيل عن اهللا

أوصي حيىي بـن : ( وأال جييب حىت يفهم جيدا سؤال السائل ، قال ابن عبد الرب -٨ال ترد على أحد جوابا حىت تفهم كالمه ، فإن ذلك يصرفك : جعفرا فقال خالد ابنه

عن جواب كالمه إىل غريه ، ويؤكد اجلهل عليك ، ولكن أفهم عنه ، فـإذا فهمتـه فأجبه ، وال تعجل باجلواب قبل االستفهام ، وال تستح أن تستفهم إذا مل تفهم ؛ فإن

.)٤() اجلواب قبل الفهم محق

:مه حيث يعلم أنه ينفع أن يضع عل-٩

وحيك : رآين األعمش وأنا أحدث قوما فقال : (ويف هذا يروي عن شعبة قال ، وروى عن خالد بن يزيد بن عبـد ) ٥() يا شعبة ، وتعلق اللؤلؤ يف أعناق اخلنازير ؟

نكر احلديث الكذب فيه ، وآفته النسيان ، وإضاعته أن حتدث : (اهللا بن املختار قال .)٦() من أهلهبه من ليس

لعلك من قوم أنا : أتيت النسابة البكري ، قال يل : (وعن رؤبة بن العجاج قال

.١٤٧ – ١٤٦،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١٤٨،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .بن حبان ، والبيهقي يف سننهاحلديث صحيح،رواه ا) ٣( .٥٠ – ٤٩ ص٢ج:املصدر السابق) ٤( .١٠٨،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .١٠٨،ص١ج:املصدر السابق) ٦(

١٥٧

بني أظهرهم إن سكت مل يسألوين وإن تكلمت مل يعوا عين ؟ ، قلت أرجو أال أكون إن للعلم آفة وهجنة ونكرا ، فآفته نسـيانه ، وهجنتـه أن : منهم مث قال يل يا رؤبة

.) ١() ه ، ونكره الكذب فيهتضعه عند غري أهل

قال رسول : وقد روى جزءا من هذا األثر مرفوعا بسنده حدثنا األعمش قال .) ٢() آفة العلم النسيان ، وإضاعته أن حتدث به غري أهله: ( اهللا

إن هلذا العلم مثنا ، قيل وما : (قال عكرمة : وروى عن احلجاج بن أرطأة قال .) ٣() ند من حيفظه وال يضيعهأن تضعه ع: مثنه ؟ قال

)هـ٤٦٣ت(اخلطيب البغدادي ≈

، واشتهر باخلطيب البغـدادي ، ولـد يف هو أمحد بن علي بن ثابت بن أمحد .) ٤(هـ ٣٩٢مجادى اآلخرة عام

نشأ اخلطيب البغدادي يف رعاية والده فعلمه القرآن ، مث دفعه إىل مؤدب ليعلمـه ملا بلغ احلادية عشر من عمره بدأ يف مسـاع احلـديث ، مث درس القراءة والكتابة ، و

الفقه ، وملا بلغ العشرين من عمره رحل إىل البصرة لسماع احلديث ، و مر بالكوفة مث رجع إىل بغداد ، و يف الثالثة والعشرين من عمره رحل إىل نيسـابور و أصـبهان و

. صار حمدثا و راويا كبريا مهذان واجلبال و دينور ، مث عاد إىل بغداد ، و قد

مكث اخلطيب البغدادي يف بغداد إىل أن بلغ الثانية واخلمسني مـن عمـره ، و عندها خرج إىل احلج ودخل إىل دمشق وصور ليسمع من حمدثيها ، مث عاد بعد احلج إىل بغداد ، و ملا وقعت فتنة البساسريي املشهورة خرج مهاجرا إىل دمشق ، و استقر

ا حىت بلغ التاسعة والستني ، فقصد صور وبقي فيها عاما ، وعـزم بعـدها علـى

.١٠٩،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .،واحلديث ضعيف، رواه الدارمي١٠٨،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .١٠٩،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .٧٦،ص١،ج١م،ط١٩٤٨وفيات األعيان،مكتبة النهضة املصرية،القاهرة،:كانابن خل) ٤(

١٥٨

الرجوع إىل بغداد فرجع إليها مارا بطرابلس وحلب ، و بقي يف بغداد حىت تويف فيها .هـ ، و له من العمر واحد وسبعون سنة ٤٦٣عام

:إنتاجه الفكري -

ثون مصنفا يف احلـديث و ألف اخلطيب ستة ومثانني مصنفا ، منها سبعة و ثال مصنفات يف ٣ مصنفا يف الفقه و أصوله ، و ١٤ مصنفا يف التاريخ ، و ٢٥علومه و

مصنفات يف األدب ، ومصنفان أحدمها جمهـول ٣الرقائق و مصنفان يف العقائد ، و .املوضوع واآلخر قد ال تصح نسبته إليه وهو يف الرقائق

ة املتعلقة بالعلم وطلبه فألف كتابا يف حديث لقد اهتم اخلطيب باألحاديث النبوي طلب العلم فريضة على كل مسلم ، وألف كتابا يف ثالثة أجزاء يف حـديث قبض العلم ، باإلضافة إىل كتب وأجزاء أخرى يف احلـديث ، وال شـك أن مؤلفاته يف مصطلح احلديث وآداب الرواية تويل عناية خاصة باجلانب األخالقي

وقد صنف اخلطيب البغدادي جمموعة كتب يف آداب احملدث وطلبة والتعليمي، :احلديث منها

.الكفاية يف علم الرواية -١

.اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع -٢

.اقتضاء العلم العمل -٣

.شرف أصحاب احلديث -٤

.نصيحة أهل احلديث -٥

.الرحلة يف طلب احلديث -٦

.تقييد العلم -٧

يف قوانني الرواية وآداا ، وآداب احملدثني ومكانتهم هي مظنـة وهذه املؤلفات وجود اآلراء واألفكار التربوية والتعليمية اليت اهتم ا اخلطيب البغدادي ، وعالجهـا

١٥٩

من وجهة نظر احملدثني ، وهي وجهة ختتلف عن مناهج األخـرى مـن الفالسـفة .والصوفية ، وغريهم

ينوه به هو كتاب الفقيه واملتفقه الذي ألفه ومثة كتاب مهم للخطيب البد أن .يف موضوع أصول الفقه ، وآداب الفقيه واملتفقه

وهذه املؤلفات مل تكتب يف األخالق أو نظرية املعرفة كما هـي يف مباحـث الفالسفة ، وإمنا ألفت مجيعا على طريقة احملدثني باالعتماد علـى سـرد الروايـات

، أو أحد الصـحابة أو التـابعني ، يف أعالها إىل النيب بأسانيدها اليت تنتهي عادة واملقصود بيان السنة أو منهج السـلف أو رأي علمـائهم يف اجلزئيـات العلميـة

املطروحة ، وأحيانا يكتفي اخلطيب بسرد أقوال السلف أو األحاديث النبوية حتـت يتدخل السـتخالص عناوين دالة دون أن يتدخل بالشرح والتحليل ، وأحيانا أخرى

.قاعدة عادة أو استنباط بعرض املفاهيم

:اهتمام اخلطيب البغدادي بآداب العامل واملتعلم والتعليم

مل يؤلف اخلطيب كتابا متخصصا وشامال لكل هذه املوضوعات ، لكنه تناول ني املوضوعات املتعلقة بآداب العامل واملتعلم والتعليم يف بعض مؤلفاته بأسلوب احملـدث

يف عصره ، فهو يسعى حلشد الشواهد واألدلة لكل مبدأ أو قاعدة أو توجيه فكري أو أخالقي أو تعليمي ، ليبني أن السنة النبوية تقر تلك املبادئ والتوجيهات ، وأن السلف الصاحل عملوا مبقتضاها ، واألصل عنده التأكيد على مناهج السلف اليت يريد من أبناء

.قها عصره أن يعملوا وف

:وميكن إجياز أهم املسائل املتعلقة بآداب العامل واملتعلم والتعليم فيما يلي

:مكانة العلم -

اهتم اخلطيب ببيان مكانة العلم ، وأنه فريضة دينية على كل مسلم ، كما تكلم عن األحاديث اليت حتـث علـى تبليـغ العلـم ) شرف أصحاب احلديث (يف كتابه

١٦٠

عن أمهية بذلك اهـود يف ) الرحلة يف طلب احلديث ( كتابه ، وتكلم يف )١(ونشره عن استحضار النية ) اجلامع( ، واهتم باحلديث يف كتابه )٢(طلب العلم ولقاء العلماء

.)٣(يف طلب العلم ، ليكون طلب العلم عبادة هللا تعاىل

:أمهية العلماء -

هو ينقص مبوت العلماء ، العلم يف نظر اخلطيب يرتبط ارتباطا وثيقا حبملته ، و شرف (، وقد سجل يف كتابه ) طرق حديث قبض العلم (ومن هنا اهتم بتأليف كتاب

ما روي عن الصحابة والتابعني ومن بعدهم من العلماء يف شـرف ) أصحاب احلديث أصحاب احلديث وفضلهم وعلو مرتبتهم ونبلهم وحماسـنهم املـذكورة ومعـاملهم

.)٤(يف الثناء عليهم املأثورة ، وسرد األشعار

:التعليم يف الصغر -

على أمهية طلب العلم يف الصغر ؛ ) نصيحة أهل احلديث (أكد اخلطيب يف كتابه .)٥(ألنه حسب رأيه أثبت ، وألن املرء إذا كرب استحيا أن يأخذ العلم عن األصاغر

، ولكـن ) ٦(ورجح اخلطيب أن مساع العلم يصح ملن سنه دون ثالثة عشـرة رواية وأداء العلم ال يكون إال بعد البلوغ وأن يكون الراوي وقـت أدائـه عـاقال ال

.)٧(مميزا

.٧،ص ١م،ط١٩٧٨شرف أصحاب احلديث،دار الوعي،حلب،:اخلطيب البغدادي) ١(

.١٩ط،ص .ت،د.الرحلة يف طلب احلديث،دار الكتب العلمية،بريوت،د:اخلطيب البغدادي)٢( .٨١ق،ص اجلامع ألخالق الراوي،مصدر ساب:اخلطيب البغدادي) ٣( . وما بعدها٢٠شرف أصحاب احلديث،مصدر سابق،ص :اخلطيب البغدادي) ٤( .٣٥،ص ١م،ط١٩٨٨خمتصر نصيحة أهل احلديث،دار األصالة،اخلرطوم،:اخلطيب البغدادي) ٥( .٥٤ط،ص.ت،د.الكفاية يف علم الرواية،دار الكتب العلمية،بريوت،د:اخلطيب البغدادي) ٦( .٧٦ص:املصدر السابق) ٧(

١٦١

:الفهم وليس احلفظ وحده -

نصح اخلطيب أهل احلديث بأن يتفقهوا يف احلديث وأال يكتفوا حبفظه وروايته ؛ فيه ، وبـني أن مبينا أن التفقه يكون مبعرفة واستنباط معاين احلديث ، وإمعان النظر

الطعن على احملدثني يأيت من جهلهم بأصول الفقه وأدلته ، فإذا عرف صاحب احلديث . )١(بالتفقه خرست عنه األلسن

وذا تناول اخلطيب موضوعا خطريا ميس التعليم ، حيث كان احلفظ يطغـى علـى على التفكري والفهم والتحليل ، وقد يؤدي إىل تعطيل ملكة الفهـم والقـدرة

التحليل والتركيب ، وهذه املشكلة مازالت تواجه الثقافة اإلسالمية والتعليم اإلسالمي املعاصر ، ولكن احلفظ يبقى ضروريا لبعض جوانب الثقافة اإلسالمية ؛ مثل حفـظ

.) ٢(القرآن الكرمي واألحاديث النبوية

:تدوين العلم -

، ومتنع احتكاره من قبل فئات حمدودة ، الشك أن كتابة العلم حتفظه من الضياع وتؤدي إىل منوه املنظم وتراكمه وحتديده كما ونوعا ومتكن من اإلضافة عليه بوضوح

جنح فيه إىل رفع التناقض بـني ) تقييد العلم (ودقة ، وقد صنف اخلطيب كتابا مساه نتـهى إىل بيـان األحاديث النبوية اليت تسمح بالكتابة واألحاديث اليت متنع منها ، وا

الرخصة بالكتابة ، مستدال باألحاديث وبعمل الصحابة والتابعني ومن بعدهم ؛ مبينا ، وقد بني يف كتابـه )٣(فضل الكتب وبيان منافعها ، مستشهدا بأقوال أئمة األدب

أنواع الكتب وآالت النسخ وما يستحب من ) اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع (

.٤٢خمتصر نصيحة أهل احلديث،مصدر سابق،ص :اخلطيب البغدادي) ١( .٢٥٢-٢٥٠،ص٢اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق،ج: اخلطيب البغدادي) ٢( . وما بعدها٢٤،ص ٣م،ط١٩٧٥تقييد العلم،دار الوعي،حلب،:اخلطيب البغدادي) ٣(

١٦٢

، وقد حدد آالت النسخ باحملربة ، والقلم ، والسكني ، )١(ظيم الكتابة اخلط وكيفية تن . )٢(واحلرب والكاغد

، إال إذا كان الطالب فقريا ال جيد من )٣( ويوصي اخلطيب بتحسني اخلط وجودته ، وينصح بإبانة )٤(الكاغد سعة ، أو أن يكون مسافرا فيدقق خطة ليخفف محل كتابه

. عدم املشق والتعليق ، و)٥(اخلط

، مث )٦(وينبغي أن يبتدأ ببسم اهللا الرمحن الرحيم يف كل كتاب من كتب العلم ، ويـتم تقييـد األمسـاء )٧(يكتب اسم الشيخ الذي مسع منه الكتاب وكنيته ونسبه

، وجيعل بني كل حـديثني دارة )٨(بالشكل واإلعجام حذرا من التصحيف واإلام ويستحب أن تكون الدارات خلية من النقط يف وسـطها ، فـإذا )٩(تفصل بينهما

عورض احلديث نقط يف الدارة اليت تليه نقطة أو خط يف وسطها خطا وقد كان بعض .)١٠(أهل العلم ال يعتد من مساعه إال مبا كان كذلك أو يف معناه

صل ، وجيب على من كتب نسخة من أصل بعض الشيوخ أن يعارض نسخته باأل . )١١(فإن ذلك شرط يف صحة الرواية من الكتاب املسموع

.٢٥٠-٢٤٩،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .٢٥٤،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .٢٦٠،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .٢٦١،ص١ج:املصدر السابق) ٤( .٢٦٢،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .٢٦٣،ص١ج:املصدر السابق) ٦( .٢٦٨،ص١ج:املصدر السابق) ٧( .٢٦٩،ص١ج:املصدر السابق) ٨( .٢٧٢،ص١ج:املصدر السابق) ٩( .٢٧٣،ص١ج:املصدر السابق) ١٠( .٢٧٥،ص١ج:السابقاملصدر ) ١١(

١٦٣

ويرى اخلطيب رواية احلديث على الصواب ، وترك اللحن فيه وإن كان قد مسع ملحونا ، ألن من اللحن ما حييل األحكام ويصري احلرام حالال واحلالل حراما ، فـال

.)١(يلزم اتباع السماع يف هذه

مبراجعة أصل كتابه للتثبيت من صحة معلوماتـه الـيت ويلزم اخلطيب الراوي . )٣(، ويلزمه الرجوع عن اخلطأ ) ٢(حفظها

:اقتران العلم بالعمل -

أكد اخلطيب البغدادي على أمهية اقتران العلم بالعمل يف كتابه اقتضـاء العلـم ماء يف العمل ، فسرد األحاديث النبوية وأقوال الصحابة والتابعني ومن بعدهم من العل

، مث عقد بابا يف ذم طلب العلم للمباهاة بـه واملمـاراة ) ٤(ضرورة عمل العامل بعلمه ، مث خصص أبوابا يف وعيد مـن قـرأ ) ٥(فيه ، ونيل األغراض وأخذ األعواض عليه

، أو تفقـه لغـري ) ٦(القرآن للصيت وليس للعلم به ، أو حفظ حروفه وضيع حدوده ، مث ) ٩(، أو تعلم النحو للخيالء والزهـو ) ٨(احلديث للمفاخرة ، أو طلب ) ٧(العبادة

، )١٠(عقد بابا يف التوثق لآلخرة

، وبابا يف اغتنام الشباب والصحة والفراغ يف ) ١١(وبابا يف التزود بالعمل الصاحل

.٢٣،ص٢اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .٣٩-٣٨،ص٢ج:املصدر السابق) ٢( .٤٠،ص٢ج:املصدر السابق) ٣( .٦٣-١٦،ص٥م،ط١٩٨٤اقتضاء العلم العمل،املكتب اإلسالمي،بريوت،:اخلطيب البغدادي) ٤( .٦٧-٦٤ص:املصدر السابق) ٥( .٧١-٦٩ص:املصدر السابق) ٦( .٨٠-٧٨ص:املصدر السابق) ٧( .٩٠-٨١ص:املصدر السابق) ٨( .٩٣-٩١ص:املصدر السابق) ٩( .٩٥ص:املصدر السابق) ١٠( .٩٩-٩٧ص:املصدر السابق) ١١(

١٦٤

.) ٢(، وأخريا يف ذم التسويف ) ١(العمل الصاحل

القية للعلم ، كما أوضح بقـوة وبذلك أوضح اخلطيب األهداف واألطر األخ مبدأ اقتران العلم بالعمل ، فال يطلب العلم لذاته وإمنا لالنتفاع به يف ارتقـاء احليـاة وسعادة األحياء ، وهو يعاجل مشكلة فكرية ما زالت مطروحة على صـعيد الثقافـة اإلنسانية ، حيث حاول أصحاب نظريات شىت اإلجابة على التساؤل عن العالقة بني

لعلم أو الفن أو األدب وبني احلياة ، ومن خالل اإلطار الذي رمسه اخلطيب البغدادي اووثقه بالنصوص يبدو أن نظرية الفن للفن واألدب لألدب والعلم للعلـم ال حتظـى باهتمام من وجهة النظر ، اليت تقرن العلم بالعمل ، والذي أكد عليه اإلسالم ووضحه

، وجتدر اإلشارة إىل أن بعض الفلسـفات الوصـفية اخلطيب البغدادي يف مؤلفه هذا انتهت إىل هذه النتيجة كالربامجاتية اليت تسود احلياة األمريكية املعاصـرة ، ولكـن

الربامجاتية مل تتخط املادية والنفعية ، يف حني جيعل اإلسالم العلم عبـادة ، ويقرنـه . شريعة بالنية ، وحيكمه بالقيم اخللقية املطلقة ، وينظمه بال

وقد أكد اخلطيب على املسؤولية الدينية عن العلم ، فالعبد يسأل عن علمه يوم .) ٣(القيامة فيم فعل فيه

: االستمرار يف طلب العلم -

، )٤(يؤكد اخلطيب يف كتابه الفقيه واملتفقه على طلب العلم يف الشباب والشيبة ه وصحفه ، لئال يعرض له من حيدثه ينبغي أن ال تفارقه حمربت (ويقول عن طالب العلم

.)٥() مبا حيتاج إىل كتابته

.١١١-١٠٠اقتضاء العلم العمل،مصدر سابق،ص:اخلطيب البغدادي) ١( .١١٤-١١٣ص:املصدر السابق) ٢( .٨١،ص١اجلامع،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٣( .٨٩الفقيه واملتفقه،مصدر سابق،ص:اخلطيب البغدادي) ٤( .١٨٤،ص٢ج:املصدر السابق) ٥(

١٦٥

) :التعليم احلر(حرية اختيار الشيخ ، واملنهج -

مييل اخلطيب البغدادي إىل حرية الطالـب يف اختيـار شـيوخه ، واختيـار املوضوعات اليت يدرسها ، وقد أكد على حسن اختيار الشيوخ وصفام يف كتابيـه

.)٢(، واجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع ) ١( الفقيه واملتفقه

:جمانية التعليم -

. )٣() كراهة أخذ األجر على التحديث(عقد اخلطيب بابا يف كتابه الكفاية يف

:مراعاة الفروق الفردية واستعدادات الطالب -

.)٤(يرى اخلطيب أن يتجنب احملدث يف أماليه رواية ما ال حتتمله عقول العوام

فإذا رأى احملدث بعض .. ويرى اخلطيب أن حق الفائدة ال تساق إال إىل مبتغيها . )٦( ، كذلك يكره االمتناع من بذل العلم ألهله )٥(الفتور يف املستمع فليسكت

باب كراهة التحديث (وقد عقد اخلطيب البغدادي يف كتابه اجلامع بابا بعنوان ، و يرى أن ال يأخذ الطالب نفسـه ) ٧() ري أهله ملن ال يبتغيه وأن من ضياعه بذله لغ

، ويقترح ) ٨(مبا ال يطيقه ، بل يقتصر على اليسري الذي يضبطه وحيكم حفظه و يتقنه .)٩(التوسط يف مدة الدرس كراهة ملل الطالب

.٩٧-٩٦،ص٢م،ط١٩٨٠الفقيه واملتفقه،دار الكتب العلمية،بريوت،:اخلطيب البغدادي) ١( .١٢٦،ص١اجلامع،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٢( .١٥٣الكفاية،مصدر سابق،ص:اخلطيب البغدادي) ٣( .١٠٧،ص٢اجلامع،مصدر سابق،ج: اخلطيب البغدادي)٤( .٣٣٠،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .٣٤١،ص١ج:املصدر السابق) ٦( .٣٢٧،ص١ج:املصدر السابق) ٧( .٢٣١،ص١ج:املصدر السابق)٨( .١٢٧،ص٢،ج١،٢٣٣ج:املصدر السابق) ٩(

١٦٦

:مراعاة املعلم ملظهره -

من وقد عقد اخلطيب عدة أبواب تتعلق جبملة أحوال الشيخ ومظهره اخلارجي ، .) ١(حسن الثياب والوقار ، والزينة وإصالح اهليئة

:أخالق الشيوخ والطالب -

ذكر ما ينبغي للراوي والسامع أن يتميزا (بابا بعنوان ) اجلامع(عقد اخلطيب يف .)٢(به من األخالق الشريفة

وإذا كان يوصي األستاذ حبسن املظهر والوقار ؛ فإنه يوصي طالـب العلـم أن لعب والعبث والتبذل يف االس بالسخف والضحك والقهقهـة وكـثرية يتجنب ال

التنادر ، وإدمان املزاح واإلكثار منه ، فإمنا يستجاز من املزاح يسريه ونادره وطريفـه الذي ال خيرج عن حد األدب وطريقة العلم ، فأما متصله وفاحشه وسخيفه وما أوغر

املزاح والضحك يضع من القدر ويزيل منه الصدور وجلب الشر فإنه مذموم ، وكثرة .)٣(املروءة

:مسألة التفرغ للدراسة -

إذا كان للطالب عيال ال كاسب هلم غريه ، فيكـره لـه أن : (يقول اخلطيب ، و األدلة اليت سـاقها )٤() ينقطع عن معيشته ، ويشتغل باحلديث عن االحتراف هلم

، ويرى ) ٥(يش منها لئال يتعيش بدينه تفيد أن طالب العلم ينبغي أن يكون ذا حرفة يع اخلطيب أن طالب احلديث إذا كان عزبا وآثر طلب العلم على االحتراف ، فإن اهللا

.)٦(تعاىل يعوضه ، ويأتيه بالرزق من حيث ال حيتسب

.٣٧٣،ص١اجلامع،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .٩١،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .١٥٦،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .٩٧،ص١ج:املصدر السابق) ٤( .٩٨،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .١٠٤،ص١ج:املصدر السابق) ٦(

١٦٧

:إيثار العزوبة للطالب -

وقد استحب اخلطيب لطالب العلم أن يكون عزبا ما أمكنه ذلك ، لئال يقتطعه ، وقد عاش اخلطيب دون ) ١(االشتغال حبقوق الزوجة واالهتمام باملعيشة عن الطلب

.عيال ، ولعله مل يتزوج أصال ، بل انقطع للعلم

:التعاون بني الطلبة يف حتصيل العلم -

وجوب املناصحة فيما يروي ، وذكر إفادة الطلبـة بعضـهم (حيث عقد باب .)٣(األقران عن بعضهم ، وقد تكلم عن كتابة )٢() بعضا

:اقتران العلم بالسلوك -

يري اخلطيب أن طالب العلم ينبغي أن ال يقتصر على حشـد املعلومـات يف رأسه ، بل ال بد أن تترك أثرها على سلوكه ، وأن تتفاعل عمليتا التعليم و التربية إذ

ل آثار رسول اهللا ينبغي لطالب احلديث أن يتميز يف عامة أموره عن العوام ، باستعما (٤() ما أمكنه وتوظيف السنن على نفسه(.

:مسئولية العلم -

عقد اخلطيب فصوال طويلة للكالم عن شروط الراوي ، وعدالة العامل ، مما يبني خطورة العلم وعظيم مسؤوليته ، وأنه يؤخذ عن الثقات العدول ، وال يؤخـذ عـن

.الضعفاء واملتروكني

.١٠١،ص١اجلامع،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .١٤٩،ص٢ج:املصدر السابق) ٢( .٢١٦،ص٢ج:املصدر السابق) ٣( .١٤٢،ص١ج:املصدر السابق) ٤(

١٦٨

:إعارة الكتب -

، )١() يف الترغيب يف إعارة الكتب وذم من ميتنع عن إعارته (عقد اخلطيب بابا فإذا كان لرجل كتاب مسموع من بعض الشيوخ األحياء ، فطلب منه ليسمع مـن ذلك الشيخ ، فيستحب أن ال ميتنع من إعارته ملا يف ذلك من الرب واكتساب املثوبـة

بعض الطلبة من شيخ قد مـات ، فـابتغى واألجر ، وهكذا إذا كان يف كتابه مساع ل .)٢(الطالب نسخة ، استحب له إعارته إياه ، وكره له أن مينعه منه

، ألن تأخريهـا )٣(ولكن املستعري للكتب عليه أن يعجل بردها إىل أصـحاا ، )٤(يؤدي إىل امتناع البعض من إعارا ، ورمبا أخذوا الرهون عليها من األصـدقاء

.)٥(ري أن يشكر املعري وعلى املستع

)هـ٦٢٠-هـ٥٩٣ت(الزرنوجي برهان الدين ≈

ينتسب إىل زرنوج مـن بـالد ، الزرنوجي النعمان بن إبراهيم بن اخلليل هو الترك فيما وراء النهر ، وال يعرف على وجه التحديد تاريخ ميالده ، أما وفاته فقـد

هـ ، ومن املالحظ ٦٢٠هـ و ٥٩٣رجح املؤرخون أا كانت على األرجح ما بني .ندرة ما كتب عن حياته ونشاطه

: واشتهر الزرنوجي بأنه أديب ، ومن أهم مؤلفاته

. املوضح يف شرح املقامات احلريرية -١

.) ٦( كتاب تعليم املتعلم طريق التعلم -٢

.٢٤٠،ص١امع،مصدر سابق،جاجل:اخلطيب البغدادي) ١( .٢٤٠،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .٢٤٢،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .٢٤٢،ص١ج:املصدر السابق) ٤( .٢٤٧،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .٣،ص٩وفيات األعيان،مرجع سابق،ج:ابن خلكان) ٦(

١٦٩

وأوائل يف أواخر القرن السادس اهلجري " تعليم املتعلم " وقد ألف الزرنوجي كتابه .هـ ٥٩٩القرن السابع ، وقد حدد آبل و جرينباوم تاريخ تأليف الكتاب بعام

ولكتاب الزرنوجي تاريخ حياة طويل ، يدل على مدى العناية واالهتمام الذي ناله هذا الكتاب ، فقد ترجم إىل الالتينية ضمن ما ترجم إبان احتكاك الثقافة األوروبيـة

م ترجم األستاذ إبراهيم ١٩٣٨ ، و يف عام )١( احلروب الصليبية بالثقافة اإلسالمية فترة سالمة عناوين فصول الكتاب ، مث عرض بعض آرائه يف إجياز ، وكان ذلك يف دراسة

.له منشورة باللغة الفرنسية

.)٢( كما أن الكتاب ترجم حديثا إىل اللغة اإلجنليزية امها يف القاهرة بتحقيق األستاذ مصطفى وأخريا طبع الكتاب طبعتني حمققتني ، إحد

.عاشور ، والثانية يف دمشق بتحقيق األستاذ نذير محدان و حممد اخليمي هذا التاريخ الطويل من حياة الكتاب ، يف الشرق والغرب ؛ يـدل علـى حيويـة كبرية ، واحتفاء شديد من الفكر العلمي احلديث ، إىل جانـب اهتمـام العلمـاء

. املسلمني به منذ ظهوره يف القرن السادس اهلجري واملتعلمني :حمتويات الكتاب -

حيتوي الكتاب على ثالثة عشر فصال بعد املقدمة ، أو خطبة الكتاب ، وهذه الفصول :)٣(حسب ترتيبها هي

ماهية العلم والفقه وفضله-١

وطبعـت هـذه . ٨٨التعلم عند برهان اإلسالم الزرنوجي،مرجع سابق،ص :سيد أمحد عثمان .د) ١(م،بعناية املسيو ١٨٣٨مث طبع يف ليبزج عام .م،بعناية املسيو ريلندوس ١٧٠٩الترمجة يف أملانيا عام

م ، ١٨٩٨م،وطبع يف قازان يف عـام ١٨٥٢–هـ ١٢٦٥كاسباري،وطبع يف مرشد آباد يف عام م،كما طبع يف اآلستانة عن الطبعة التونسية يف أعـوام ١٨٦٩م،وطبع يف تونس عام ١٩٠١وعام

م ١٨٨٣:م،مث طبع يف مصر عـدة طبعـات متعـددة يف أعـوام ١٩١٤م،و١٨٨٩،وم١٨٧٥: . م ١٩٣١م،و١٩٠١م،و١٨٩٤م،و١٨٨٩و

.٨٩-٨٨التعلم عند برهان اإلسالم الزرنوجي،مرجع سابق،ص:سيد أمحد عثمان.د) ٢( .٢٣تعليم املتعلم طريق التعلم،مصدر سابق،ص:الزرنوجي) ٣(

١٧٠

النية -٢ اختيار العلم واألستاذ والشريك والثبات-٣ لهتعظيم العلم وأه-٤ اجلد واملواظبة واهلمة-٥ بداية السبق وقدره وترتيبه-٦ التوكل-٧ وقت التحصيل-٨ الشفقة والنصيحة-٩ االستفادة واالكتساب واألدب-١٠ الورع يف حال التعلم-١١ فيما يورث احلفظ وما يورث النسيان-١٢ . فيما جيلب الرزق وما مينعه وما يزيد يف العمر وما ينقص -١٣

:لدكتور أمحد فؤاد األهواين للكتاب عدة انتقادات ، من أمهها وقد وجه اال يكاد يبلغ فصال من الفصول املؤلفـة يف (ضآلة شأن الكتاب ، وصغر حجمه و -أ

.) ١() التربية يف كتب الفقهعدم احتوائه على أي شئ جديد فيما يتعلق بآداب العامل واملتعلم ، يقول الدكتور -ب

مل يأت جبديد ، وإمنا ذكر مـا : (إن صاحب كتاب تعليم املتعلم أمحد فؤاد األهواين .) ٢() هو معروف ومتداول ، ومزج اآلراء باحلكايات وبعض األشعار واألمثال

اجلمود ، حيث عاب الدكتور األهواين على الزرنوجي بعض األمور ، مثل نصح -جإن هـذا : ( ذلك بقوله املتعلم بتجنب استعمال املداد األمحر يف الكتابة ، ويعلق على .)٣() منتهى الغاية يف اجلمود ، و التعسف يف الرأي دون علة معقولة

.٢٣٩،ص)ط.د(م،١٩٨٣ اإلسالم،دار املعارف،القاهرة،التربية يف:أمحد فؤاد األهواين.د) ١( .٢٣٨ص:املرجع السابق) ٢( .٢٣٩ص:املرجع السابق) ٣(

١٧١

العامية والالعلمية ، ففي بعض األحيان ينـزل الزرنوجي يف كالمه إىل مسـتوى -دالعامة فيذكر أمورا غري علمية ، وأوهاما ال تستند إىل أساس علمي أو دليل شرعي ،

كثريا ما يرتل إىل مستوى العامة يف االعتقـاد (واين إن الزرنوجي يقول الدكتور األه بأوهام ال تستند إىل أساس علمي ، قال فيما ينفع الرزق كالما ال ينبغـي أن يقولـه

كنس البيت يف الليل ، وحرق قشر البصل والثوم ، واالمتشاط مبشط : العلماء ، منه . )١( )منكسر ، والتعمم قاعدا ، والتسرول قائما

: وميكن الرد على هذه املالحظات واالنتقادات مبا يلي

فيما يتعلق بصغر حجم الكتاب ، فاحلق أن صغر حجمه بالنسبة إىل غريه مـن : أوال املصنفات املماثلة يف جماله حيسب للكتاب وليس عليه ، ذلك أن صاحبه لـو أراد أن

سر عليه ، ولكنه أفرد حديثه كلـه يزيد من حجم الكتاب لكان ذلك أمرا غاية يف الي ملوضوع التعلم وطرائقه وشرائطه ، ومل يرد أن تتشعب بالقارئ أو طالب العلم السبل يف مواضيع تشتت انتباهه ، وتبدد اهتمامه باملوضوع ، وكان من حرص الزرنـوجي

صل على االلتزام ذا النهج يف الكتابة ، أنه كان عندما مير يف حديثه بفرع متصل باأل .فإنه يلفت إليه منوها به ، مشريا إىل املصادر اليت ميكن لقارئه أن يستزيد منها

وعلى أي األحوال فإن االختصار يف الكتابة العلمية ال يالم عليه إال إذا كـان مثـة إخالل أو غموض ، أما االختصار مع االستيفاء والوضوح فهو فضيلة حتسب للمؤلف

.ال عليه

زعم بأن الزرنوجي مل يأت جبديد ، فالواقع أن تاريخ العلم يشري إىل أن كافة ال: ثانيا العلوم وفروعها يف تطورها ومنوها قدميا وحديثا ، حتتاج يف كل مرحلة من مراحلـها إىل عامل منظم ومنسق ، عامل يستوعب ما يف عصره من معارف وحقائق ، ومسـائل

يتمثلها ، مث ينظمهـا ، ويعيـد بناءهـا ، ومشكالت ، يف فرع من فروع العلم اليت ويضعها يف بنية متماسكة ، جامعا لشتاا ، رابطا بني متشاها ، موضحا لغامضها ،

.٢٣٩-٢٣٨ص:التربية يف اإلسالم،مرجع سابق:أمحد فؤاد األهواين.د) ١(

١٧٢

إخل ، مثل هذا العامل يبدو وكأنه مل يأت جبديد ، وإن كان تارخ العلم يرجـع إليـه .معظم الفضل فيما يكتشف من جديد يف ذلك الفرع من العلم

الزرنوجي فضال أنه قدم خالصة مركزة ، ومستوعبة ومنظمة ملا سبقه مـن ويكفي الفكر العلمي اإلسالمي فيما يتعلق بالتعلم ، تلك اخلالصة اليت جعلت من السهل على الدارس املعاصر أن يبين منها نسقا للتعلم عند الزرنوجي ، ميكن اعتباره مـن أرقـى

.سالمي القدمي التصورات العلمية للتعلم يف الفكر اإل

فيما يتعلق باجلمود ، فقد علل الزرنوجي نصحه للمتعلم بعدم استخدام املـداد : ثالثا األمحر يف الكتابة ، ألن استعماله كان من صنيع الفالسفة ال مـن صـنيع السـلف والفقهاء ، فالزرنوجي رجل سين يريد أن حيفظ لطالب العلم نقاء دراسته الفقهيـة ،

عه املميز له ، وال بأس ذا يف مراحل التعليم األوىل ، مث له أن خيتـار وأن حيتفظ بطاب بعد ذلك ما يشاء من منحى ، وال ينبغي أن نغفل أن الزرنوجي كان حنفي املذهب ،

.وأن اجتاهه بعيد عن الفالسفة واملتكلمني

ن الزرنوجي وأما فيما يتعلق باملأخذ األخري وهو العامية والالعلمية ، فقد يكو : رابعا متأثرا فيما ذكر من هذه األمور باألعراف والتقاليد والعادات االجتماعية اليت كانت شائعة يف ذلك الوقت ، أو قد تكون هذه املسائل موضوعة ومضافة إىل الكتاب مـن

:قبل النساخ ، ومما يربر هذا االفتراض عدة أمور

الفصل األخري منه ، بينما خيلو باقي أن هذه املسائل الغريبة يف الكتاب ، مركزة يف -١الكتاب من مثل هذه املسائل ، مما يزيد من احتمال الوضع واإلضافة يف هذا اجلـزء خاصة ، ومما يغري باإلضافة أن هذا الفصل يعاجل موضوعات متصلة بزيادة الـرزق

.ونقصه ، وطول العمر ونقصانه

ال وأسلوبا ، ال يتفق مع ذكر بعض مستوى الكتابة يف سائر الكتاب ، فكرا وحتلي -٢ .األمور غري املقبولة عقال يف أواخره

١٧٣

من املستبعد جدا أن يقع الزرنوجي وهو فقيه حنفي ، درس على أعالم املـذهب -٣يف زمانه يف أمور تبدو جمافية ألصول اإلسالم وتعاليمه ، أو تبعد دارس كتابـه عـن

ما هو أقرب إىل اخلرافات الشائعة يف زمانه ، التركيز على ما هو من صميم الدين إىل وما الذي يلجئ الزرنوجي يف احلث على الصحيح من اآلداب إىل مصدر آخر غـري

! .مصدر الدين احلنيف ، الذي البد من أن جيد فيه غنية عما سواه ؟

رمبا كان ذيوع الكتاب وانتشاره بني الدارسني مما يغري الدارس ذاته عند قراءتـه -٤يضيف يف هوامشه أو بني سطوره ما يراه هو مما يزيد فائدته ، أو قد يفعل بعض بأن

النساخ هذا ، مما يشكك يف أن النسخ اليت طبع منها الكتاب فيما بعد فيهـا بعـض .اإلضافات

ومما يؤكد احتمال اإلضافة أن عنوان الكتاب نفسه ، رغم ذيوعه وانتشاره ، قـد -٥ هو معروف ومشهور قد تعددت صوره ، ودخل التغيري تعرض للتغيري ، فإذا كان ما

. عليه ، فليس من املستبعد أن يتعرض شيء من احملتوى لبعض هذا التغيري

)هـ٧٣٣ت(ابن مجاعة ≈

ولد يف محـاة عـام هو أبو عبد اهللا بدر الدين حممد بن إبراهيم بن سعد اهللا ، .) ١(هـ ٦٣٩

، وقد ساعد ذلك يف انصرافه للعلم منذ الصغر ، نشأ ابن مجاعة يف بيت علم وزهد هـ حبماة ، ومن غريه ، كما درس ٦٥٠حيث مسع من شيخ الشيوخ األنصاري عام

.، حىت صار إماما مصنفا ) ٢(احلديث والفقه واألصول والتفسري

توىل مشيخة الشيوخ ، إضافة إىل عمله يف التدريس ، كما ولي العديد من املناصب .) ٣( القضاء ، يف مصر والشام ، وظل كذلك حىت شاخ و أصابه العمى يف

.١٠٥،ص٦،ج)ط.د(،)ت.د(شذرات الذهب،دار اآلفاق،بريوت،:ابن العماد احلنبلي) ١( .٢٩٧مرجع سابق،صفوات الوفيات،:الكتيب) ٢( .١٠٥،ص٥شذرات الذهب،مرجع سابق،ج:ابن العماد احلنبلي) ٣(

١٧٤

قاضي القضاة شيخ اإلسالم اخلطيب املفسر ، : ( قال عنه الذهيب يف معجم شيوخه له تعاليق يف الفقه واحلديث واألصول والتواريخ ، وغري ذلك ، وله مشاركة حسنة يف

اف محيدة ، وأحكام حممودة ، ولـه علوم اإلسالم ، مع دين وتعبد وتصوف ، وأوص .)١() من النظم والنثر واخلطب والتالمذة واجلاللة الوافرة

وفيما سبق داللة على الدور االجتماعي الذي مارسه ابن مجاعة من خالل اخلطابة والتدريس ، وقد ساعده على حتقيق تلك السمعة علمه الواسع ، وجتربته الطويلة حيث

.سعني عاما عمر أكثر من ت

: من أهم مؤلفاته

تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم-١

املنهل الروي يف احلديث النبوي-٢

كشف املعاين يف املتشابه من املثاين-٣

خمتصر السرية-٤

رسالة يف اإلسطرالب-٥

.هـ ٧٣٣ وغري ذلك مما ال يزال خمطوطا ، تويف ابن مجاعة يف عام

أهم كتبه وأشهرها ، " تذكرة السامع واملتكلم يف آداب العامل واملتعلم "عد كتابه ويحيث وضع فيه عصارة فكره ، وخالصة جتاربه يف جمال التربية األخالقية ، والتعليم ، وتنظيم املدارس وآداا ، واعتربه كثري من الباحثني أحد املصادر املهمة للفكر التربوي

.)٢(لم وآداب العامل واملتع

.١٠٦،ص٣شذرات الذهب،مرجع سابق،ج:ابن العماد احلنبلي) ١( .عبد األمري مشس الدين،وغريهم.عبداهللا عبد الدامي،د.أمحد شليب،د.خليل طوطح،د:من هؤالء) ٢(

١٧٥

:الغاية من تأليف الكتاب

وقد كانت غاية ابن مجاعة من تأليف للكتاب ، وضع منهج أخالقـي وسـلوكي شامل ، ومنظم ، للعامل واملتعلم ، البد من االلتزام ا ، والسري على جها ، إذا مـا

تبة األدب وملا بلغت ر : (أردوا النجاح والفالح يف الدنيا واآلخرة ، يقول ابن مجاعة هذه املزية ، وكانت مدارك مفضالته خفية ، دعاين ما رأيت من احتياج الطلبة إليه ، وعسر تكرار توقفهم عليه ، إما حلياء فيمنعهم احلضور ، أو جلفاء فيورثهم النفـور ،

. )١() إىل مجع هذا املختصر مذكرا للعامل ما جعل إليه ، ومنبها للطالب ما يتعني عليه

: الكتاب أقسام

وقد رتب ابن مجاعة كتابه على مخسة أبواب ، خصص الباب األول للحديث عن فضل العلم وأهله ، وشرف العامل ونسله ، والباب الثاين خصصـه آلداب العـام يف نفسه ، ومراعاة طالبه ، ودرسه ، أما الباب الثالث ، فقد جعله للحديث عـن آداب

رفقته ، ودرسه ، وجعل الباب الرابع لتنـاول عالقـة املتعلم يف نفسه ، ومع شيخه و الطالب بالكتاب وما يتعلق به من أدب ، وأخريا الباب اخلامس خصصه آلداب سكىن

.املدارس ، وما يتعلق ا

:منهج ابن مجاعة يف تأليف الكتاب

اب وكان منهج ابن مجاعة يف كتابه هو جتميع خالصة اآلراء واألقوال املتعلقة بـآد وسلوكيات العامل واملتعلم ، سواء ما مسعه مشافهة ، أو حصله مذاكرة واطالعـا ، مث حذف األسانيد ، وترتيب املادة وفقا لألبواب املوضوعة ، يقول ابن مجاعة شـارحا

ومجعت ذلك مما اتفق من املسموعات ، أو اسـتفدته يف : (منهجه يف تأليف الكتاب ألسانيد ، كيال يطول على مطالعه أو ميله ، وقد مجعت املذاكرات ، وذكرته حمذوف ا

.٣،صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق:ابن مجاعة) ١(

١٧٦

فيه حبمد اهللا من تفاريق آداب هذه األبواب مامل أره جمموعا يف كتاب ، وقدمت على .)١() ذلك بابا خمتصرا يف فضل العلم والعلماء

وأول ما نلحظه يف منهج ابن مجاعة ، هو إفراده مقدمة الكتاب للحديث عن أمهية ب ، ويئة النفس ، والتحلي به أوال قبل التعليم والتعلم ، ويف هذا إشارة واضحة األد

إىل أنه لكي تنجح عملية التعليم والتعلم ، وتؤيت مثارها والغرض املطلوب منها ، فالبد للعامل واملتعلم من التخلق بأحسن اآلداب ، والتزام أرفع السلوكيات ، وكانت وسيلته

أن العلماء ورثة األنبياء ، والعلم مرياثهم ، ووسيلتهم لتحصيله هو إىل ذلك التذكري ب . ، ألنه ال فائدة للعلم بدون أدب )٢(حسن اخللق

وباإلضافة إىل تلك املقدمة يف توضيح أمهية األدب ، خصص بابا كامال للحديث ورد العديد من عن فضل العلم والعلماء ، واعتربه مدخال إىل آداب العامل واملتعلم ، وأ

اآليات واألحاديث وآثار السلف ، للتدليل على هذا الفضل واملكانة ، وكان يف بعض األحيان يستعمل االستنتاج العقلي ، والقياس املنطقي من سلسـلة إيـراد اآليـات

ذلك إىل قوله أولئك هم خري الربية وقال تعاىل : (القرآنية ، يقول ابن مجاعة فاقتضت اآليتان أن العلماء هم الذين خيشون اهللا تعاىل ، وأن الذين ملن خشي ربه

. )٣() خيشون اهللا هم خري الربية ، فينتج أن العلماء هم خري الربية

وقد انتهج ابن مجاعة منهجا تفصيليا دقيقا يف بيان آداب العامل واملتعلم ، حيـيط أبواب الكتاب إىل فصول ، وكل باملوضوع والغرض منه ، حيث قسم كل باب من

فصل حتته أنواع ، حتدث عن كل نوع منها على حدة ، وطريقته يف ذلك أن حيـدد الفصل ، ويذكر أنواعه إمجاال ، مث يتحدث عن كل نوع منـها ، مـدعما باألدلـة واألسانيد من القرآن الكرمي ، والسنة النبوية ، وأقوال السلف من العلماء ، فعلى سبيل

يف آداب العامل يف درسه ، وفيه اثنا عشر نوعا ، األول إذا عزم علـى : (ثال يقول امل

.٤-٣تذكرة السامع واملتكلم،ص:ابن مجاعة) ١( .٥ص:املصدر السابق) ٢( .٦-٥ص:املصدر السابق) ٣(

١٧٧

، الثاين إذا خرج من بيته .…جملس التدريس تطهر من احلدث واخلبث وتنظف وتطيب ، الثالـث أن جيلـس بـارزا جلميـع ……دعا بالدعاء الصحيح عـن الـنيب

. )١() …احلاضرين

من هذه األنواع يستشهد له مبا أمكن من القـرآن واحلـديث ، وهو يف كل نوع .واملأثور

وقد تفرد ابن مجاعة يف كتابه عن السابقني باحلديث عن آداب التعامل مع الكتاب واملكتبة ، وآداب سكىن املدارس ، ولذا اعتربه بعض الباحثني أكمل املؤلفني يف بيـان

وال ندعي أن ابن مجاعـة أنشـأ نظريـة (آداب العامل واملتعلم ، وأكثرهم إحاطة ا ، وإمنا حسبه أنه كان جامعا لآلداب واخلصائص اليت ينبغي حديثة يف التربية والتعليم

.)٢() للهيئة التعليمية أن تتحلى ا كمنهج وسلوك

وقد اعتمد ابن مجاعة على خربته ، وطول مترسه يف احلديث عـن آداب سـكىن .املدارس ، حيث عمل بالتدريس يف مدارس دمشق والقاهرة

.٣٣-٣٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٢٣٨،ص٥،ط١٩٨٤التربية عرب التاريخ،دار العلم للماليني،بريوت،:عبد اهللا عبد الدامي.د)٢(

١٧٨

א− :אא(א ( يعد اجتاه الفالسفة يف هذا املوضوع أقل االجتاهات تـأثريا ونتاجـا مـن االجتاهات األخرى ، ولعل ذلك يرجع إىل طبيعة نظـرة اتمـع اإلسـالمي

، ولقد كانت هناك جمموعة من العوامل جعلت الفكـر ) ١(للفلسفة والفالسفة إلسالمي ، أو مبعىن أدق فكرا انعزاليا حمدود الفلسفي فكرا غريبا على اجلمهور ا

:التأثري ، من أهم هذه العوامل

أن الذين نقلوا أصول هذا الفكر الفلسفي إىل العامل اإلسالمي يف البداية هم -١يف الغالب من العناصر غري اإلسالمية ، أمثال آل خبتشيوع وهم من السـريان

ة ، وقسطا ابن لوقا البعلبكي مـن النساطرة ، وآل حنني وهم من نصارى احلري نصارى الشام ، وآل ماسرجويه وهو يهودي املذهب سرياين اللغة ، وهلذا فقد نقلوه دون مراعاة لروح اإلسالم ، فكان من الطبيعي أن يصبح هـذا الفكـر دخيال يشتغل به الدخالء غري العرب ، ولقد ظل اشتغال غري املسلمني بـالفكر

الكندي هو أول فيلسوف عريب اشتغل بنقل الفلسـفة إىل الفلسفي ، حىت كان .اللغة العربية والتأليف فيها

أن الفالسفة املسلمني تعصبوا يف الغالب للفكر اليوناين وقدروه أكثر مـن -٢ ، حىت قدموه على النص أحيانا ، وأولوا النصوص حىت تتوافق مـع ) ٢(الالزم

أرسطو ، وال أدل على ذلك التعصـب بعض اآلراء اليونانية ، وخاصة آراء فقد بلينـا : ( من هؤالء املتعصبة بقوله -وهو فيلسوف –من شكوى ابن سينا

ــد ) ١( ــد ايـ ــراهيم عبـ ــالمي،مكتبة ال:إبـ ــع اإلسـ ــفة واتمـ فلسـ .١٧٦م،ص١٩٥٤،)ط.د(النهضةاملصرية،

منــاهج علمــاء املســلمني يف البحــث العلمي،ترمجــة أنــيس فرحيــة،دار :روزنتــال) ٢( .١٥٦-١٥٥م،ص١٩٦١،)ط.د(الثقافة،بريوت،

١٧٩

عاري الفهم كأم خشب مسندة ، يرون التعمق ) طالب الفلسفة (برفقة منهم . )١() يف النظر بدعة ، وخمالفة املشهور ضاللة

يتافيزيقة أكثر من اشتغاهلم بالعلم أن الفالسفة اشتغلوا بالبحث يف املسائل امل -٣العملي التطبيقي ، خمالفني روح اإلسالم اليت دف إىل التطبيق العلمي للعلـم

، ومن مث فقد رفض املسلمون هذا التفلسـف )٢(واملعرفة يف سائر شئون احلياة .امليتافيزيقي البحت

الفالسـفة أن الفلسفة مبعناها عند املسلمني كانت من علـوم اخلاصـة ، و -٤أنفسهم مجيعا أصروا على ذلك ، ووا العوام عن االشتغال ا ، وكتبوا شروطا

، وكانـت )٣(للمشتغل ا ، وما جيب عليه أن يدرسه قبل أن يتعلم الفلسفة لغتها صعبة وغامضة يف بعض األحيان ، رمبا لطبيعة موضوعاا ، ورمبا بقصـد

علل الفارايب تعمد هـذا الغمـوض يف من الفالسفة ألسباب خاصة م ، وقد أحدها استرباء طبيعة املتعلم ، هل يصلح للتعليم : (كتب الفلسفة بثالثة أسباب

أم ال ، والثاين لئال تبذل الفلسفة جلميع الناس ، بل ملن يستحقها فقط ، والثالث .)٤() لريوض الفكر بالتعب يف الطلب

واالعتماد على تشجيعهم ، وهذا كان ارتباط الفالسفة باخللفاء واألمراء ، -٥يهيئ هلم الفرصة للدراسة والبحث ، طاملا كان هؤالء احلكام واألمراء أحـرار الفكر ، وذوي قوة وسلطان ، ولكنه يف نفس الوقت عرضهم لسلطان هـؤالء

.)٥(احلكام وبطشهم ، واقتصار دائرة تأثريهم يف حاالت أخرى كثرية

.٤-٣هـ،ص١٣٢٨،)ط.د(مقدمة منطق املشرقيني،مطبعة املؤيد،القاهرة،:ابن سينا) ١( .٣٦-٣٥،ص١م،ج١٩٦٢،)ط.د(نشأة الفكر الفلسفي،دار املعارف،القاهرة،:النشار. د) ٢(ــارايب) ٣( ــفة،املكتبة :الفـ ــم الفلسـ ــل تعلـ ــدم قبـ ــي أن يقـ ــا ينبغـ مـ

.٢هـ،ص١٣٢٨،)ط.د(السلفية،القاهرة، .١٤ص:ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة،مرجع سابق:الفارايب) ٤( .٣٧م،ص١٩٦٤،)ط.د(ن،املنوفية،يف بناء البشر،مركز سرس الليا:حامد عمار.د) ٥(

١٨٠

اء االجتاه الفلسفي ، ورموا رجاله بالكفر والزندقـة يف حماربة العلماء والفقه -٦بعض األحيان ، كما فعل الغزايل ، وابن تيمية ، حىت أنه أحرقت كتب ابن سينا

م ، وعدت هذه الكتب هرطقة وخروجـا ١١٥٠وإخوان الصفا يف بغداد عام .)١(عن الدين احلنيف

حمدود التـأثري ، أرسـتقراطي هلذه األسباب ولغريها كان االجتاه الفلسفي الفكر ، ميثل اجتاه اخلاصة ، أو مدرسة القلة ، ويستثين الدكتور أمحـد فـؤاد

، ويرى ) ٢() الذين تقربوا إىل اجلمهور برسائلهم املعروفة (األهواين إخوان الصفا دوائر منفصلة عن تيار الفكـر (البعض أن أفكار الفالسفة وكتبهم كانت متثل

، قليلة التأثري على حياة اتمع العقلية واخللقيـة ، وهـذا )٣() عاماإلسالمي ال الرأي على جانب كبري من الصحة ؛ إذا قيس بتأثري االجتاه الفقهي أو الصويف ،

.يف تاريخ الفكر اإلسالمي

وبالرغم مما سبق ، فال ميكن بأي حال جتاهل هذه املدرسـة ، إذ لـيس يف فكرية يف العصور اإلسالمية الزاهية أن يتجاهل هذا مقدور أي باحث للحركة ال

التيار الفلسفي ، أو أن يقلل من شأنه ، خصوصا وأنه تيار خصب ومبـدع يف . بعض نواحيه

: خصائص ومسات املدرسة العقلية -

اتسمت املدرسة العقلية مبجموعة من اخلصائص الفريدة ، اليت أعطت هلا اصة ، جعلتها تبدو خمتلفة إىل حد كبري عن غريها مـن شكال مميزا ، وطبيعة خ

املدارس واالجتاهات األخرى يف الفكر اإلسالمي ، ومن أبرز هذه اخلصائص ما :يلي

.٤٢م،ص١٩٤٨،)ط.د(،القاهرة،)ن.د(أهداف الفلسفة اإلسالمية،:عبد الدامي أبو العطا) ١( .٩٣التربية اإلسالمية،مرجع سابق،ص:أمحد فؤاد األهواين.د) ٢(مناهج البحث عند مفكري اإلسالم ونقد املسلمني للمنطق األرسطي،دار :علي سامي النشار ) ٣(

.٣هـ،ص١٣٦٧،)ط.د(لعريب،القاهرة،الفكر ا

١٨١

اهتمت املدرسة العقلية بالقضايا الفيزيقية و امليتافيزيقية ، أكثر من اهتمامهـا -أ، والكـون والفسـاد ، بالقضايا العملية الواقعية ، فبحثت يف الوجود والعدم

واخللق واخلالق ، والعقل والنفس ، واحلركة والثبات ، إخل ، ويبدو أن ذلـك كان بسبب كوا أجنبية املصدر ، حيث نقلت موضوعاا وقضـاياها مـن الفلسفة اليونانية ، اليت كانت مهتمة مبثل تتلك القضايا العقلية اردة ، مما جعل

عن أرض الواقع ، بعيدا عن معاجلة مشكالت اتمـع فكر هذه املدرسة بعيدا املتجددة واملتطورة ، وبالتايل انعزال هذا الفكر عن الناس واتمع ، واقتصـار

.نفعه على أصحابه املشتغلني به

االعتماد الكامل على العقل ، واالستعانة باملنطق األرسطي للوصـول إىل -ب قدمات ، فال جمال هنا للنصوص أو النقل ،احلقائق ، واستخالص النتائج من امل

املنطق لتقومي العقل وتسديد اإلنسان حنو الصواب يف كل مـا : (يقول الفارايب .)١() ميكن أن يغلط فيه من املعقوالت

فإذا كان الفقهاء واحملدثون يعتربون الكتاب والسنة ، واإلمجاع والقياس ، فية يعتربون الرياضة واحلدس أساس إجالء أساس النقل والعقل ، وإذا كان الصو

القلب لتلقى الفيض ، فإن املدرسة العقلية اعتربت املنطق األداة واألسـلوب ، يكفيين من لغة العرب االسم والفعل واحلرف ، : (ويف هذا يقول مىت بن يونس

فاملنطق آلة مـن آالت . …وبذلك القدر أتبلغ إىل أغراض قد هذبتها يل يونان يعرف ا صحيح الكالم من سقيمه ، وفاسد املعـىن مـن صـاحله ، الكالم

. )٢() كامليزان ، فإين أعرف به الرجحان من النقصان ، والشائل من اجلانح

.٦٧م،ص١٩٦٨،)ط.د(إحصاء العلوم،حتقيق عثمان أمني،مكتبة األجنلو،القاهرة،:الفارايب) ١( .١١٥،ص)ط.،د)ت.د(اإلمتاع واملؤانسة،املكتبة العصرية،بريوت،:أبو حيان التوحيدي) ٢(

١٨٢

: منهج املدرسة العقلية يف تناول املوضوع -

مل يبتعد أصحاب املدرسة العقلية من املفكرين املسلمني عن نظرائهم أصـحاب ي يف ربط العلم والتعلم والتعليم بالغاية الدينية ، فقد سلم إخوان الصـفا االجتاه الفقه

كل علم وأدب ال يؤدي صاحبه إىل طلب اآلخرة وال يعينه على الوصول إليهـا (بأن ، ولكنهم خـالفوهم قطعـا يف )١() فهو وبال على صاحبه وحجه عليه يوم القيامة

عقالنيا فلسفيا ، وهذه الرتعة العقالنيـة التعامل مع الفكر األخالقي والتربوي تعامال الفلسفية هي أول ما يواجه الباحث يف أسلوم أو منهجهم ، وهي تظهر يف تعريفهم للعلم والتعلم مبا يبعدهم بعدا يكاد يكون تاما عن اجتاه الفقهاء واحملـدثني ، يقـول

ورة املعلوم يف نفـس واعلم يا أخي بأن العلم يف ص : (إخوان الصفا يف تعريف العلم العامل ، وضده اجلهل وهو عدم تلك الصورة من النفس ، واعلم بأن أنفس العلمـاء عالمة بالفعل وأنفس املتعلمني عالمة بالقوة ، وإن التعلم والتعليم ليسا شـيئا سـوى إخراج ما يف القوة ، يعين اإلمكان ، إىل الفعل ، يعين الوجود ، فإذا نسب ذلـك إىل

. )٢() مسي تعليما ، وأن نسب إىل الثاين مسي تعلماالعامل

يف هذا التعريف اجلامع املانع تطرح أركان النظرية التعليمية مرة واحدة ، فأنفس ، أي قادرة على الـتعلم أو مسـتعدة لـه أو أـا " القوة"املتعلمني هي عالمة بـ

عليم ما هي إال التحول ذا ، وعملية الت " قابلة للتعليم "باالصطالح التربوي املعاصر االستعداد للتعلم إىل تعلم فعلى ، أي إمكانية التحول بنفس املتعلم من نفس عالمـة

هو فن التحـول -بالتبعية–بالقوة إىل نفس عالمة بالفعل ، وإن روح العملية التعليمية مـن بالقدرات اإلنسانية إىل قوى أو مكتسبات سلوكية ، ولقد كان هذا شأوا بعيدا

. مفهوم املعرفة الدينية اليت مال إليها اجتاه الفقهاء واحملدثني

. ٢١٣،ص١،ج١م،ط١٩٥٧الرسائل،دار صادر،بريوت،:إخوان الصفا) ١( . ٤١١،ص١ج:صدر السابقامل) ٢(

١٨٣

ولقد كان اجتاه الفالسفة يسترفد كثريا من مفاهيمه مـن الفكـر الفلسـفي اإلغريقي ، الذي انفتح عليه وحاول أن يالئم بينه وبني املقوالت األساسية يف املوقف

.الديين

الفارايب وابن سينا وابن مسـكويه ، وإن لقد مثل هذا املذهب إخوان الصفا و يكن اإلخوان هم الذين محلوا لواءه وتكلموا بامسه كالما موسوعيا مقننا مـن هنـا

.استحقوا اهتماما خاصا

إن أول ما يستوقف املتأمل يف تعاليم اإلخوان هو تفاعلهم بعيد الغور مع العقل غرس احلكمـة اليونانيـة يف بـالد اإلغريقي يف أحسن جوانبه ، تفاعال نسب إليهم

الشرق ، وأعطاهم أول أساس مذهبهم التعليمي واألخالقي ، فقرروا أن مرجع كـل النـزعة (شيء إىل النفس وما هلا من القوى ، على حنو شبيه جدا مبا كانت تقول به

، وعلى ضوء وجهتهم هذه بلوروا مواقفهم األساسية مـن اإلنسـان ) ١() الغنوصية .رفة والتربية واملع

لقد كان إخوان الصفا تعليميني منذ البداية ، وكانت النـزعة التعليمية مصدر تفكريهم التربوي ، ومنذ البداية أيضا أدرك اإلخوان أن املعلم هـو عمـاد العمليـة

واعلـم أيهـا األخ أن (التعليمية ، وهلذا فقد أثبتوا له مكانه يف الدعوة واتمع معا تفق لك معلم ذكي جيد الطبع حسن اخللق صايف الذهن حمـب للعلـم سعادتك أن ي

، كذلك حـددوا مفهـومهم يف )٢() طالب للحق غري متعصب الرأي من املذاهب

عقيدة مذهب املعرفة عند اليونان يرتقي (يقول األستاذ فيليب يف تعريف الغنوصية إا ) ١(إليها السالك مبا أوتيه من النور الباطين ، وهي غري العلم باهللا الذي يتيسـر بواسـطة

ت ـذا التسليم للتقاليد املرعية عن طريق العقل ، وهو يرى أن الصوفية أيضا تـأثر املذهب منذ القرن الثاين للهجرة وأصبحت الطريقة املتصوفية تعترب عند أصحاا سبيال عاطفيا لتطهري النفس البشرية ، حبيث نتعرف إىل اهللا وتتوصل إىل حمبته واالحتاد به رد

تـاريخ : فيليب حىت .) احملبة واالحتاد وليس الكتساب الرضوان أو الثواب يف اآلخرة . ٥٢٣،ص٢م،ج١،١٩٦١،املكتبة العصرية،بريوت،طالعرب

.١١٥-١١٤،ص٤الرسائل،مصدر سابق،جـ :إخوان الصفا) ٢(

١٨٤

واعلم أن مثل أفكار النفوس قبل أن حيصل فيها علم من العلوم (التعليم بوضوح كبري .)١() كان أم باطالواعتقاد من اآلراء كمثل ورق أبيض نقي مل يكتب فيه شيء حقا

مث أثبتوا اجلهة اليت جيب أن ينصرف إليها اجلهد التعليمي فأكدوا إا األطفـال ينبغي لك أيها األخ (والشباب ، فهم وحدهم امتداد اليوم يف الغد ، وعناصر تكوينه

أن ال تشغل بإصالح املشايخ اهلرمة الذين اعتقدوا من الصبا آراء فاسدة وعادات رديئة خالقا وحشة فأم يتعبونك وال ينصلحون وإن صلحوا قليال فال يفلحون ، ولكن وأ

عليك بالشباب الساملي الصدور الراغبني يف اآلداب املبتدئني بالنظر يف العلوم املريدين . )٢() طرق احلق والدار اآلخرة

عملية إن التأكيد على العناية بالشباب وإغفال املتقدمني يف السن ينم عن نزعة قوية يف تفكري اإلخوان ، و يبدوا أم اجتهدوا يف أن جيعلوا من منهجهم هذا صـورة لثقافة عصرهم وما كان ميور به من العلوم واملعارف ، خصوصا اإلغريقية منها الـيت حاولوا أن يالئموا بينها وبني الوجهة اإلسالمية يف املعرفة ، فوفقوا أحيانـا وفـام

. أخرى التوفيق أحيانا

: أبرز شخصيات االجتاه -

)هـ٤٢١ت(ابن مسكويه ≈

ال يعرف على وجه التحديد تاريخ ، هو أبو علي أمحد بن يعقوب مسكويه ميالده ، وكان ابن مسكويه طبيبا ولغويا ومؤرخا وباحثا ، اشتغل بالفلسـفة

قيما على خزانة والكيمياء واملنطق ، مث أولع بالتاريخ واألدب واإلنشاء ، وكان كتب ابن العميد ، مث عضد الدولة ابن بويه ، ولذلك لقب باخلازن ، وقد ألف يف التربية والنفس ، وكان متأثرا يف تناوله للموضوعات اليت يعاجلهـا بـالفكر

لطيف األلفـاظ ، : ( ، قال عنه أبو حيان يف مجلة وصفه )٣(والفلسفة اليونانية

.١١٥-١١٤،ص٤الرسائل،مصدر سابق،جـ :إخوان الصفا) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٢٠٤،ص١األعالم،مرجع سابق،ج:خري الدين الزركلي) ٣(

١٨٥

املعاين ، شديد التوقي ، ضعيف الترقي ، يتطاول جهده سهل املأخذ ، مشهور وهو حائل العقـل لشـغفه -كذا–مث يقصر ، وله مآخذ وغرائب من الكذب

.) ١() بالكيمياء

: من أهم مؤلفاته

ذيب األخالق وتطهري األعراق-١

جتارب األمم وتعاقب اهلمم-٢

ترتيب العادات-٣

طهارة النفس-٤

فرسكتاب أدب العرب وال-٥

.هـ ٤٢١ وغريها ، تويف ابن مسكويه يف مدينة أصفهان عام

ـذيب "وقد وضع ابن مسكويه آراءه املتعلقة باألدب والسـلوك يف كتابـه :، وأهم آرائه اليت تناوهلا يف كتابه هي " األخالق وتطهري األعراق

ميـذ إن الغاية من التربية هي األخالق ؛ اليت تتحول إىل سلوك ، فتطبع التل -١ .بطابع احلق واخلري واجلمال

نفس املتعلم صفحة بيضاء ، وأوىل وأول ما ينقش عليها آداب السـلوك ؛ -٢ .لتستقر فيها

.اية العلم بالشريعة السلوك املستقيم -٣

. يتأكد هذا السلوك باالطالع والقراءة يف كتب األخالق -٤

ســـالمي،وكالة الفكـــر التربـــوي العـــريب اإل :حممـــد ناصـــر ) ١( .١١٩،ص١،١٩٧٧املطبوعات،الكويت،ط

١٨٦

)هـ٤٢٨ت(ابن سينا ≈

اهللا بن احلسن بن علي بن سينا ، ولد بقرية أفشنة هو أبو علي احلسني بن عبد هـ ، وحفظ القرآن الكرمي ، وكثريا من الشعر ، ٣٧٠بالقرب من خبارى عام

وهو دون العاشرة من عمره ، مث درس الفقه ، والرياضة ، واملنطق ، واهلندسة ، ة والفلك ، والطب علما وعمال ، وهو يف السادسة من عمره ، مث أعـاد قـراء

املنطق والفلسفة ، وأمت الرياضيات والطبيعيات ، وهـو يف الثامنـة عشـرة ، وأتيحت له فرصة االطالع على مكتبة نوح بن منصور الساماين ؛ الذي دعـاه لعالجه ، وكانت مكتبته عامرة بكتب العلوم والفنون املختلفة ؛ فازداد بكتبها

.علما ومعرفة

من أمثـال ابـن مسـكويه الفيلسـوف ، اتصل ابن سينا بعلماء عصره ، وأبو الرحيان البريوين الرياضي اللغوي األديب ، وأبو الفرج بن طيف الطبيب ، وكان هلذه االتصاالت أثرها يف إثراء فكره وختصيب معارفه ، يقول ابن سـينا

الزمت العلم ، وكلما أحار يف مسـألة : (واصفا حاله وشغفه بالعلم وحتصيله على اجلامع ، وصليت ، واجتهت إىل مبدع الكون ، حىت يفتح املغلـق ترددت

ويتيسر املتعسر ، وكنت أشتغل ليال يف داري بالكتابة والقراءة ، فإن غلبين النوم ، حلمت باملسائل اليت كنت أعاجل حلها ، حىت إن كثريا منـها اتضـح يل يف

.)١() املنام

: من أمهها ألف ابن سينا الكثري من املؤلفات

القانون يف الطب-١

الشفاء يف الفلسفة-٢

اإلشارات والتنبيهات-٣

رسالة السياسة-٤

. ٢٢٠،ص )ط.د(،)ت.د(عيون األنباء يف طبقات األطباء،دار الكتب العلمية،بريوت،:القفطي) ١(

١٨٧

هدية األمري يف القوى اإلنسانية-٥

لسان العرب-٦

وغري ذلك من املؤلفات ،

وقد تناول ابن سينا يف رسالة السياسة ما يتعلق بالعامل واملتعلم ، ومن أهم ما :شأن ذهب إليه يف هذا ال

يفضل التعليم يف املدرسة ، عن التعليم يف البيت ؛ ألن التالميذ يف املدرسة يترافقون -١وينبغي أن (ويتبادلون الزيارة ، فتحسن عادام ، وتتهذب أخالقهم ، يقول ابن سينا

يكون مع الصيب يف مكتبه صبية من أوالد اجللة ، حسنة آدام ، مرضية عادام ، فإن مث إم يترافقون ويتعاوضون الزيارة ..الصيب ألقن ، وهو عنه آخذ وبه آنس الصيب عن

وكل ذلك من أسباب املباراة واملباهاة واملساجلة واحملاكمـة ، ويف ذلـك ـذيب . )١() ألخالقهم وحتريك هلممهم ومترين لعادام

يف تعلمه ، إذا فرغ الصيب من تعلم القرآن ، وأصول اللغة ، يتم النظر يف ما يرغب -٢ .ويف هذا مراعاة ملا يسمى بامليول ، واالستعداد العقلي

ليس كل صناعة (جيب على املعلم مراعاة استعداد املتعلم ، وميوله ، وقدراته ، ألنه -٣ .)٢() يرومها ممكنة له مواتية ، لكن ما شاكل طبعه وناسبه

ر الذي يلعبه املعلم يتجـاوز أدرك ابن سينا دور القدوة يف حياة املتعلم ، وأن الدو -٤عـاقال ذا (حدود عرض املعلومات على املتعلم ، ولذا رأى أنه ينبغي أن يكون املعلم

وقورا ، رزينا ، بعيدا عن اخلفة والسخف ، .. دين ، بصريا برياضة األخالق ، حاذقا .)٣() قليل التبذل

. ٣٤،ص١م،ط١٩٠٦رسالة السياسة،جملة اآلداب،بريوت،:ابن سينا) ١( . ١٥ص:املصدر السابق) ٢( . ٣٢ص:املصدر السابق) ٣(

١٨٨

ـ -٥ يتأمل كل وقت ما يشتهيه وحين "جيب على املعلم مراعاة احلالة النفسية للمتعلم فإليه ، فيقرب منه ، ومن الذي يكرهه ، فينحى عن وجهه ، ال استجابة ألمره ، ولكن

.)١(" تيسريا عليه .التوازن الدقيق يف استخدام أساليب الترغيب والترهيب ، دون شطط أو إخالل -٦

:إخوان الصفا ≈

ب اإلمساعيلي الشـيعي ، ظهـروا يف هم مجاعة من الفالسفة ، ينتسبون إىل املذه منتصف القرن الرابع اهلجري ، وعاشوا يف مدينـة البصـرة بـالعراق ، مل تعـرف شخصيام على وجه التحديد ، وال عددهم كأفراد ، و ضمنوا آراءهم وأفكـارهم

.وطريقتهم يف اثنتني ومخسني رسالة ، وهي يف أربعة أجزاء

.والصناعة ، واملنطق ، وفيه أكثر آرائهم يف التربية يف الرياضة ، : اجلزء األول -

يف الطبيعيات ، والسماوات ، واألفـالك ، واملعـادن ، والنبـات ، : اجلزء الثاين - .واحليوان ، واإلنسان

يف النفس ، ومعىن احلياة واملـوت ، واللـذة واألمل ، ويف النشـوء : اجلزء الثالث - .واالرتقاء ، والبحوث ، واللغات

.) ٢(يف اإلهليات ، والديانات ، والشرائع ، والتصوف : اجلزء الرابع -

:إخوان الصفا ورؤيتهم العقالنية يف التعلم والتعليم -

مل تـثر فئة فكرية إسالمية من اجلدل حوهلا ما آثاره إخوان الصفا ، كمـا أن تـأثري يف احليـاة أحدا مل يكن له مثل عطائهم الفكري وفرة ومشوال ، وال بلغ من ال

العقلية اإلسالمية مبلغهم ، وقد أثاروا لذلك كله كثريا من اإلعجاب م ومن اخلوف

. ١٦ص:السياسة،مصدر سابقرسالة :ابن سينا) ١(فلسفة التربية عنـد إخـوان :نادية مجال الدين .ملعرفة املزيد حول مجاعة إخوان الصفا ، يراجع ،د ) ٢(

. وما بعدها٨٣م،ص١،١٩٨٣الصفا،املركز العريب للصحافة،القاهرة،ط

١٨٩

ردحا من الزمن – باصطالح اجلاحظ –منهم ، حىت ظلت رسائلهم من الكتب املتهمة .طويال

وقد عادوا يثريون جدال عنيفا حوهلم مرة أخرى يف الزمن احلاضـر منـذ أن .م ١٩٢٨هم جمددا عام نشرت رسائل

إخـوان أصـدقاء (لقد قدم إخوان الصفا أنفسهم إىل أهل عصرهم على أم ، مث دعوا النـاس إىل ) ١() أصفياء ، وادون حمبون علماء أخيار فضالء كرام متعاونون

إىل صحبة إخوان لك فضـالء (مشاطرم الدخول يف هذه الرابطة األخوية واالنتماء هم حكمية وآدام نبوية وسريم ملكية ولذام روحانية ومهمهم وأصدقاء كرام علوم

إهلية ، ولنترك صحبة إخوان الشياطني الذين ال يريدونك إال جلر منفعة األجسـاد أو لدفع املضرة عنها ، وكن يا أخي من املؤمنني الذين بعضهم أولياء بعـض يـأمرون

.)٢() باملعروف وينهون عن املنكر

كـانوا مجاعـة مـن (ؤرخني املعاصرين أن إخوان الصفا ويستخلص بعض امل املتفلسفني األخالقيني الذين رأوا النـزاع االجتماعي والسياسي والديين راجعـا إىل

يف اخلالفة العباسية ؛ فـأحبوا أن -القومية–تعدد األديان واملذاهب الدينية واجلنسية على أشياء مأخوذة من مجيع يذيبوا مجيع تلك اخلالفات يف مذهب واحد جامع مبىن

.)٣() األديان واملذاهب

وما يعنينا عنهم يف هذا املقام أم كانوا فعال مجاعة ذات مقاصد سياسة أرادت عنـد ) طريقة التفكري (تغيري اتمع ؛ ال عن طريق الثورة العنيفة وإمنا عن طريق تغيري

الستبداد والتفسخ السياسـي ال سواد الناس ؛ ألم يتفقون على ما يبدو أن الظلم وا يقيض هلما الوجود واالستمرار إال مع جهل اجلماهري وغفلتها ، ومىت نفي عن هـذه

.٨٥،ص٤،ج١٣١،ص١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١( .١٩،ص٢املصدر السابق،ج) ٢( . ٣٧٩،ص١م،ط١٩٦٥تاريخ الفكر العريب،دار العلم للماليني،بريوت،:عمر فروخ) ٣(

١٩٠

اجلماهري اجلهل والغفلة تعذر استغالهلا أو استعبادها ، ومن هنا تفردوا يف تاريخ الفكر .اإلسالمي ذه النـزعة التعليمية التربوية واختصوا ا

يف مزاولة نشاطهم العلمي والسياسي ، وتتجلـى ) تعليميني(نوا وهلذا أيضا كا هذه النـزعة التعليمية يف العمل السياسي عندهم يف نوعية العالقات الـيت كانـت تنتظمهم وحتدد منازل بعضهم من بعض يف مراتب الدعوة ، اليت كانت هي األخرى

صفوف إخوان الصـفا تعليمية يف ذات الوقت ، وكان التدرج يف الدعوة والعمل يف سنة ، تنشـأ ٣٠ – ١٥الطبقة األوىل شبان يتراوح عمرهم بني .. مرتبا على طبقات

نفوسهم على الفطرة ، ونظرا ألم تالميذ فواجب عليهم أن ينقادوا ألستاذم انقياد يـة تاما ، أما الطبقة الثانية فرجال بني الثالثني واألربعني تفتح هلم أبواب احلكم الدنيو

ويتلقون املعرفة باألشياء بطريق الرمز ، والطبقة الثالثة أفراد أعمارهم بـني األربعـني واخلمسني ، وهم يعرفون الناموس اإلهلي معرفة كاملة مطابقة لدرجتهم ، وهذه هـي طبيعة األنبياء ، فإذا نيف الرجل على اخلمسني فقد ارتقى إىل الطبقة العليا ، وقيض

. األشياء على ما هي عليه مثل املالئكة املقربني له أن يشهد حقائق

:ويف تصنيف آخر ملراتب الدعوة عند اإلخوان ينقسم األعضاء إىل

وهم من بلغوا اخلامسة عشرة ، وميتازون بصفاء اجلوهر وسخاء : األبرار الرمحاء -١ .النفس وجودة القول وسرعة التصور

ني ، وميتازون مبراعاة اإلخـوان وسـخاء وهم من بلغوا الثالث : األخيار الفضالء -٢ .النفس وإعطاء الفيض والشفقة والرمحة والتحنن على اإلخوان

وهم من بلغوا األربعني ، وميتازون بالسلطان واألمـر والنـهي : الفضالء الكرام -٣والنصر والقيام بدافع العناد واخلالف عند ظهور للمعاند املخالف هلذا األمر بـالرفق

.ملداراة يف إصالحه واللطف وا

١٩١

وهم من بلغوا اخلمسني ، وميتازون بالتسليم وقبول التأييد : البالغون ملكوت اهللا -٤ .)١(ومشاهدة احلق عيانا

وصفة أخرى إلخوان الصفا تتمثل يف تيسريهم على أنفسهم يف مصادر املعرفة ، ىل مصادر املعرفة فلم يقيدوا أنفسهم مبصدر واحد ، ومن هنا كانت نظرم الشمولية إ

:اإلنسانية فجعلوها يف أربع جهات

.الكتب املرتلة مثل التوراة واإلجنيل والقرآن -١

الكتب املصنفة على ألسنة احلكماء والفالسفة ، مـن الرياضـيات والطبيعيـات -٢ .واآلداب والفلسفة

.الطبيعة ، أي صور أشكال املوجودات مبا هي عليه -٣

جوهر النفوس وأجناسها وأنواعها (امه الطبيعي أو ما يسمونه التأمل يف الكون ونظ -٤ .)٢(وجزئياا وتصاريفها لألجسام

مث هناك مسة لعلها أن تكون من أبرز مسام الفكرية ، وهي رفضهم التعصب ، أال يعادوا (والتزامهم حبرية الفكر كقاعدة ملزمة لطلب احلقيقة ، فطالبوا أشياعهم بـ

أو يهجروا كتابا من الكتب و أال يتعصـبوا علـى مـذهب مـن علما من العلوم ، ومن هذا الرفض املطلق للتعصب ، ومن هذا التسليم باالنفتاح العقلي )٣() املذاهب

استطاعوا أن يستبقوا عصرهم إىل معرفة أمهية اخلالف العقلي وتنوع املذاهب الفكرية . لي واالجتماعي قوة وتدفقا يف تنمية احلركة العلمية وزيادة نبض التقدم العق

يف اختالف العلماء واآلراء واملذاهب فوائد كثرية ختفى على كثري من (وقد رأوا العقالء فمن أجل ذلك جتد العقول بتفاوا اختالفات كثرية ال حيصي عـددها إال اهللا

وخصلة أخرى من الفوائد يف اختالف العلماء وذلك أنه ملـا كـان …الواحد القهار

.٥٨- ٧،ص٤رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١( .٢٦،ص٤ج:املصدر السابق) ٢( .٤٢-٤١،ص٤ج:املصدر السابق) ٣(

١٩٢

سان ال خيلو من حماسن وفضائل وال ينفك عن مساوئ ورذائل أيضا يف أخالقـه اإلنوسريته ومذهبه وأفعاله ، وكان أكثر الناس جتدهم يتزينون مبحاسـنهم ويفتخـرون بفضائلهم ويغفلون عن رذائلهم وينسون عيوم ومساوئهم ، مث يدعوهم اختالفهم يف

وذكر مسـاوئ بعضـهم لـبعض اآلراء واملذاهب إىل كشف عيوب بعضهم لبعض ويكون ذلك تنبيها للجميع عن ترك الرذائل وحثا هلم على اكتساب الفضائل ويكون يف ذلك إصالح الكل إذا فعلوا ما يؤمرون به وتركوا ما يعابون عليه ، ومن أجل هذا قيل اختالف العلماء رمحة ، وخصلة أخرى من فوائد العلماء يف االختالف يف أحكام

وشرائعه وفنون املذاهب وهو أن ال يكون الدين ضيقا حرجا ال رخصة فيه وال الدين : وقال عليه السـالم ما جعل عليكم يف الدين من حرج تأويل كما قال تعاىل

فبهذا الوجه أيضا اختالف العلماء رمحة واختالف أهـل ) ادرأوا احلدود بالشبهات ( جليلـة ال يعرفهـا إال احملققـون الديانات يف أمر الدين وسنن أحكامـه حكمـة

.)١() املستبصرون

:ذه املزايا األربع

تطبيق العلم على مشاكل اتمع من خالل نظام حمكم للتربية يسـتهدف قلـب -١ .املوازين العقلية واألخالقية وحترير الطاقة العقلية للجماهري

.الطبيعة التعليمية لتنظيمهم السياسي -٢

.عرفة تنويع مصادر امل-٣

رفض التعصب ، واإلميان باحلرية ومعرفة أمهية اخلالف الفكـري املوضـوعي يف -٤ .التقدم االجتماعي والفكري

استطاع إخوان الصفا أن يتبوءوا مكانتهم الرفيعة يف تاريخ الفكر اإلسـالمي ، ة يف وأن يبلغوا من التأثري اإلجيايب فيه شأوا عز على غريهم بلوغه ، وتركوا آثارا بارز

:تطور حركة الفكر اإلسالمي ، منها

.٤٩١- ٤٩٠،ص٣رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١(

١٩٣

.استيعام للحياة العقلية يف القرن الرابع للهجري -١

.وضعهم أول موسوعة فكرية فلسفية إسالمية هي رسائلهم املشهورة -٢

.)١(بفنون العلم والفلسفة ) العامة(حماولتهم تثقيف اجلماهري -٣

:أهداف التعليم والتربية عند إخوان الصفا -

كان طبيعيا أن تنعكس خصائص إخوان الصفا الفكرية على رؤيتهم التعليمية و التربوية ، وكان أول ما عناهم هو رسم الغايات الفردية واالجتماعية اليت جيـب أن يسعى التعليم و التربية إىل حتقيقها ، وقد غلبوا اهلدف االجتماعي على اهلدف الفردي

، ) اآلراء الفاسدة ( ومربر ، فقد أقلق إخوان الصفا انتشار تغليبا شديدا ، وهذا مفهوم وأن أضرهم على العلماء من إذا سئلوا عن أشـياء هـي (وكثرة أهلها يف عصرهم ،

موجودة مقدرة بني الناس ومعروفة مشهودة عند احلكماء ال حيسنون أن جييبوا عليها ، ملقاالت املزخرفة يعارضون ا بل خيوضون يف طغيام وجهاالم ويكتبون يف إبطاهلا ا

العلماء واحلكماء ويشنعون عليهم ، مثل قوهلم أن علم املنطق والطبيعيات كفر وزندقة وأن أهلها ملحدون ، ويوردون تلك االعتقادات الفاسدة بفصيح العبارات ويكتبوا

. ) ٢() بأصح اخلطوط وأجود ورق

كما كان - يصبح العلم عندهم ومن هذا املنطلق يف مكافحة اآلراء الفاسدة مل -أو جيب أن توظف - غاية يف ذاته ، وإمنا هم اقتنعوا بأن العلوم موظفة -عند غريهم

فاعلم يا أخي أيدك اهللا وإيانا بـروح (خلدمة غرض تربوي جليل هو معرفة املرء لذاته مذم منه ، بأن غرض الفالسفة واحلكماء من النظر يف العلوم الرياضية ، وخترجيهم تال

ا ، إمنا هو السلوك والتطرق منها إىل علوم الطبيعيات ، وأما غرضهم من النظـر يف الطبيعيات فهو الصعود منها والترقي إىل العلوم اإلهلية الذي هو أقصى غرض احلكماء والنهاية اليت إليها يرتقي باملعارف احلقيقية ، وملا كان أول درجة من النظر يف العلـوم

.٣٨٤تاريخ الفكر العريب،مرجع سابق،ص:فروخعمر ) ١( .٧٥،ص١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ٢(

١٩٤

معرفة جوهر النفس ، والبحث عن مبدئها من أين كـان قبـل تعلقهـا اإلهلية هو باجلسد ، والفحص عن معادها إىل أين تكون بعد فراق اجلسد الذي يسمى املوت ، وعن كيفية ثواب احملسنني كيف يكون يف دار اآلخرة ، وخصلة أخرى أيضـا ، ملـا

إىل معرفته إال بعـد معرفـة كان اإلنسان مندوبا إىل معرفة ربه ، ومل يكن له طريق أي إبراهيم إال من سفه نفسـه ومن يرغب عن ملة : نفسه ، كما قال اهللا تعاىل أعرفكم : من عرف نفسه فقد عرف ربه ، وقد قيل أيضا : جهل النفس ، وكما قيل

بنفسه أعرفكم بربه ، فوجب على كل عاقل طلب علم النفس ومعرفـة جوهرهـا فجورها وتقواها قد أفلح ونفس وما سواها فأهلمها : اهللا تعاىل وذيبها ، وقد قال

.) ١() من زكاها وقد خاب من دساها

على أن هذا االلتزام مبعرفة اإلنسان لذاته مل يكن هو اآلخر غاية يف نفسه ، وإمنا كان وسيلة إىل التسامي باإلنسان عموما ، ألن اهلدف األعلى للتربية هـو االرتقـاء

ان إىل مراتب املالئكة األطهار ليبلغ بذلك مرضاة اهللا ، وال يكون ذلك إال إذا باإلنسيبلغ به اية اإلنسانية مما يلي رتبة املالئكة ويقربه من باريه عز (سلك مسلكا أخالقيا

: وجل ، وجيازى بأحسن اجلزاء مما يقصر الوصف عنه كما وصفه اهللا عز وجل فقال هلم من قرة أعني جزاء مبا كانوا يعملونفال تعلم نفس ما أخفي ()٢(.

:خطوات التعليم والتربية عند إخوان الصفا -

تبدأ عملية التربية عند اإلخوان قبل الوالدة ، ذلك أن مزاج الطفل ومنوه يتأثران بظروف احلمل وصحة األم احلامل ، وعلى هذا فإن العناية بتربية اإلنسان تبدأ به جنينا

وقد ... اجلنني يف الرحم تسعة أشهر إمنا لكي تتم البنية وتستكمل الصورة ألن مكث (يعرف كل عاقل أن من يولد غري تام البنية وال كامل الصورة ال ينتفع يف هذه الـدنيا

وقد أوصى األطباء احلوامل من النساء بالرفق بأنفسهن يف حركتهن وتصـرفان ...

.٧٥،ص١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١( .٤٤٨،ص١ج:املصدر السابق) ٢(

١٩٥

، كي يسلم اجلنني من اآلفات العارضة هناك باعتدال وبوسائط وبال إفراط وال تقصري .)١() وخيرج الطفل ساملا إىل هذه الدنيا

وأول ما ينبغي احلرص عليه يف تنشئة الطفل هو التأكد من سالمة منوه احلسـي ومحايته مما يعوق منو حواسه ؛ ألا منافذ تواصله مع الكون اخلارجي وتفاعله معـه ،

ملربني واملعلمني أن يعلموا طبيعة منو هذه احلواس وتدرجها ولذا أوجبوا على اآلباء وا واعلم أن فهم القراءة والكتابة ومعرفتها متأخرة عن الكالم واألقاويـل ، (يف النمو ،

وذلـك أن .. كما أن فهم الكالم واألقاويل ومعرفتها متأخرة عن فهم احملسوسـات تدرك حواسه حمسوسـاا ، الطفل إذا خرج من الرحم فإنه يف الوقت نفسه والساعة

فيحس بالقوة الذائقة طعم اللنب ، وبالقوة السامعة األصـوات ، وبـالقوة الشـامة الروائح ، ولكنه ال يعلم معاين الكالم واألصوات إال بعد حني ، فأول شـيء حيـس باللمس فيتأمل ألن حاسة اللمس أعم احلواس ، مث حيس بالطعم فيميز لنب أمه من غريه

مث مييز بني الصوت الشديد اجلهر وبني الصـوت الضـعيف . …مييز بني الروائح مث .. مث شيئا بعد شيء على التدرج ، وعلى هـذا املثـال .. اخلفيف ، مث يفرق بني الصور

فهمه ومعرفته بسائر احلواس ، إىل أن تتم سن التربية ويغلق باب الرضـاع ويفـتح تابـة والقـراءة واآلداب والصـنائع الكالم والنطق ، مث بعد ذلك جتـيء أيـام الك

.)٢() والرياضيات

لقد قادهم هذا الوعي الشديد ألمهية احلواس يف اكتساب املعرفة واستقرارها يف عموما للسعادة اإلنسـانية ، ) اجلسد(الكيان اإلنسان احلسي والعقلي إىل تقدير أمهية

فصـل السياسـة (لهم مسـوه واستواء حياة اإلنسان ، فأفردوا له بابا بارزا يف رسائ وأكدوا فيه على ضرورة العناية باجلسم والرفق به ووقايته من اإلسـراف ) اجلسمانية

.٤٤٢،ص١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١( .٤١٤،ص٣ج:املصدر السابق) ٢(

١٩٦

فإذا مل حتمل على جسمك من املآكل واملشـارب (عليه باألكل أو غريه من اللذات .)١() والباءة واحلركة إال معتدال الزمتك العافية وعدمت األسقام

ر أمهية احلواس اإلنسانية يف تنظيم إدراك اإلنسان للعـامل أن هذا التوجه إىل تقري اخلارجي وتكوين مفاهيم عنه ، وحيوية سالمة اجلسم اإلنساين لسعادة اإلنسان فردية كانت أم مجاعية ، كل هذا مل يصرف إخوان الصفا عن حقيقة أن الغاية العليا للتعليم

السياسـة (القي ، وهذا ما أمسوه هي غاية أخالقية ، وأن التعليم مبجمله هو عمل أخ فبكون أخالقك رضية وعادتك مجيلة وأفعالك مستقيمة تؤدي األمانة إىل (، ) النفسية

أهلها كائنا من كان من ويل وعدو ، وتأخذ نفسك حبفظها وتراعي حق من استرعاك حقها ، وحتسن جماورة جارك وتصفي مودة صديقك وختلص احملبة حملبك ، مع قلـة

إزالة الفزع يف مستعجل زائل وحادث نازل ، وتريد للغري ما تريد لنفسك ، الطمع و وسبيلك أن تعود نفسك عمل اخلري ألنه خري ، ال تريد بفعلك عوضا وال حيملك على فعله خوف ، فما فعلت لطلب املكافأة مل يكن خريا ، وإن مل تطلب املكافأة وأردت

يكن خريا ، واملنافق ال يستأهل أن يكـون يف الذكر واالسم كنت أيضا منافقا ، ومل .)٢() جوار الروحانيني

-وهو لديهم رمز لكل الشذوذ السـلوكي -وجتنيبا للناشئ من عواقب النفاق : أكد إخوان الصفا على أمهية البيئة اليت ينشأ يف ظلها الفرد ، فقالوا منبهني وحمذرين

األخالق املشاكلة هلا ، كما أن النظـر يف إن العادات اجلارية باملداومة عليها تقوى (العلوم واملداومة على البحث عنها والدرس هلا واملذاكرة فيها يقـوي احلـذق ـا والرسوخ فيها ، وهكذا املداومة على استعمال الصنائع والتدريب فيها يقوي احلـذق

مـن ا واألستاذية فيها ، وهكذا حكم األخالق والسجايا ، مثال ذلك أن كـثريا الصبيان إذا نشأوا مع الشجعان والفرسان وأصحاب السالح وتربوا معهـم طبعـوا بأخالقهم وصاروا أمثاهلم ، وهكذا أيضا كثري من الصبيان إذا نشأوا مـع النسـوان

.٢٥٦،ص٤،ج١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:خوان الصفاإ) ١( .٢٥٨،ص٣ج:املصدر السابق) ٢(

١٩٧

واملخانيث وتربوا معهم تطبعوا بأخالقهم ، إن مل يكن يف كل اخللق ففي الـبعض ، خالق والسجايا اليت ينطبع عليها الصبيان من وعلى هذا القياس جيري حكم سائر األ

الصغر ، إما بأخالق اآلباء واألمهات أو اإلخوة أو األتراب واألصـدقاء واملعلمـني واألستاذين املخالطني هلم يف تصاريف أحواهلم ، وعلى هذا القيـاس حكـم اآلراء

.)١() واملذاهب والديانات مجيعا

:املعلم ودوره عند إخوان الصفا -

سند إخوان الصفا للمعلم دورا مركزيا يف العملية التربوية ، ولذا اشترطوا فيـه أالرشد واهلداية والسداد والذكاء وجودة الطبع وحسن اخللق وصفاء الـذهن وحـب

، وذلك ألم اعتربوا التعليم نوعا من األبوة الثانية )٢(العلم طلبا للحق ونبذ التعصب لنفسك وسبب لنشوئها وعلة حياا كما أن والدك أعطـاك املعلم واألستاذ أب (ألن

صورة جسدانية ومعلمك أعطاك صورة روحانية ، وذلك أن املعلم يغذي روحـك بالعلوم ويربيها باملعارف ويهديها طريق النعيم واللذة والسرور واألبديـة والراحـة

ومرشدك إىل السرمدية ، كما أن أباك كان سببا لكون جسدك يف دار الدنيا ومربيك طلب املعاش فيها اليت هي دار الفناء والتغيري والسيالن ساعة بساعة ، فسل يا أخـي

.)٣() ربك أن يوفق لك معلما رشيدا هاديا سديدا

:اخلالصة -

تلك هي نظرية إخوان الصفا يف التعليم والتربية وأهدافها االجتماعية والعقلية ، القي رفيع ، من وجوب اختاذ العلـم سـبيال إىل وقد توجوا نظريتهم هذه مبوقف أخ

التسامي الذايت ، وجعلوا ذلك مسئولية أساسية على الفرد حنو نفسه ومنو جمتمعه وحنو اهللا جل ثناؤه قد فرض على املؤمنني أشـياء (اهللا ، منطلقني إىل ذلك من إقرارهم بأن

ليس من فريضة من مجيع ولكن..كثرية يفعلوا ، واهم عن أشياء كثرية يتركوا ،

.٣٠٨- ٣٠٧،ص٤،ج١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١( .٥٠،ص٤ج:املصدر السابق) ٢( .٥٠،ص٤ج:املصدر السابق) ٣(

١٩٨

مفروضات الشريعة وأحكام الناموس أوجب وال أفضل وال أجل وال أشرف وال أنفع لعبد ، وال أقرب إىل ربه بعد اإلقرار به ، والتصديق ألنبيائه ورسله فيما جـاءوا بـه وخربوا عنه ، من العلم وطلبه وتعليمه ، وبيان ذكر شرف العلم ، على ما ذكرناه من

اللته وفضل طلبه وتعليمه ، ما روي عن النيب صلى اهللا عليه وعلى آله وسلم فضله وج تعلموا العلم فإن يف تعلمه هللا خشية وطلبه عبادة، ومذاكرته تسـبيح ، : (أنه قال

وتعليمه ملن ال يعلمونه صدقه ، وبذله ألهله قربة ، ألنه معـامل ) والبحث عنه جهاد ، واملؤنس يف الوحدة والوحشة ، والصـاحب يف احلالل واحلرام ، ومنار سبل اجلنة

الغربة ، والدليل على السراء والضراء ، والسالح على األعـداء ، واملقـرب عنـد الغرباء ، والزين عند األخالء ، يرفع اهللا به أقواما فيجعلهم يف اخلري قادة يهتدي م ،

آرائهم ، وترغب املالئكـة وأئمة يف اخلري تقتفي آثارهم ، ويوثق بأعماهلم وينتهى إىل يف خلقهم ، وبأجنحتها متسحهم ، ويف صالا تستغفر هلم ويستغفر هلم كل رطـب ويابس ، حىت احليتان يف البحر وهوامه ، وسباع الرب وأنعامه ، والسماء وجنومهـا ، ألن العلم حياة القلب من اجلهل ، ومصابيح األبصار من الظلم ، وقوة األبدان مـن

يبلغ به العبد منازل األحرار وجمالس امللوك ، والدرجات العلى يف الـدنيا الضعف ، واآلخرة ، والفكر فيه يعدل بالصيام ومدارسته بالقيام ، به يطاع اهللا ، وبه يعبد ، وبه يعلم اخلري ، وبه يتورع ، وبه يؤجر وبه توصل األرحام ، وبه يعرف احلالل واحلرام ،

.)١() عمل تابعه ، ويلهمه اهللا السعداء وحيرمه األشقياءواعلم أن العلم أمام و ال

ومل يفتهم وهم يف هذا املقام من تعظيم اهلدف األخالقي للعلم أن حيذروا مـن علماء السوء الذين هلم آفات وعيوب وأخالق ردية ؛ جيب جتنبها واحلـذر منـها ،

ب الرياسـة بـه ، كالكرب والعجب واالفتخار ، ومنها اخلالف واملنازعة فيه ، وطل . والتعصب والعداوة والبغضاء فيما بينهم

ومن آفات العلماء اخلوض يف املشكالت ، والترخيص يف الشبهات ، وتـرك (العمل مبوجبات العلم ، ومن آفات العلماء كثرة الرغبة يف الدنيا وشـدة احلـرص يف

.٢٤٧- ٢٤٦،ص١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:إخوان الصفا) ١(

١٩٩

يف طلبها مرض إن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، واحلرص : طلبها ، وقد قيل يف املثل للنفوس وسقام هلا ، وعلماء أحكام الناموس هم أطباء النفوس ومداووها ، فمثل العامل الراغب يف الدنيا ، احلريص على طلب شهواا ، كمثل الطبيب املداوي غريه وهـو

إن عاملا زاهـدا : مريض ال يرجى صالحه ، فكيف يشفي املريض بعالجه ؟ وقد قيل عاملا بدين اهللا ، وبصريا بطريق اآلخرة ، خري من ألف عامل راغـب يف الدنيا ، يكون

أيها العلماء والفقهاء قعدمت على طريق اآلخرة فـال : فيها ، وقال املسيح عليه السالم أنتم تسريون إليها فتدخلون اجلنة ، وال تتركون أحدا جيوزكم فيصل إليهـا ، وغـن

.)١() ما عذراجلاهل أعذر من العامل وليس لواحد منه

.٢٤٨-٢٤٧،ص٤،ج١رسائل إخوان الصفا،مصدر سابق،ج:ان الصفاإخو) ٢(

٢٠٠

א− א(א :א ( يعد التصوف جتربة خاصة وفريدة يف تاريخ الفكـر اإلسـالمي ، علـى املستوى الفردي واجلماعي ، واملستوى السلوكي والروحي ، من هنا كانـت

.حتكمها كثري من ااهدات والشطحات ، والرموز واألسرار

عمق التصوف ، وسرب أغواره حيتاج إىل تذوق وجتربة ومعاناة ، ولـيس وت .ذلك متاحا لكل دارس أو باحث

فالتصوف شأن أي جتربة روحية حيتاج إىل تصديق واقتنـاع ، اسـتهواء واستحسان ، أما العقل والربهان ، أو احلجة والدليل ، فيزهد فيهـا ، ويـريب

كتفاء بالقلب والكشف والذوق والفـيض ، أي مريديه على الزهد فيها ، واال .بالعاطفة والوجدان

والصوفية هلم نظرة خاصة يف طبيعة اإلنسان ، واملعرفة ، العلـم والعـامل، .إخل .. …الروح والنفس ، البصر والبصرية ، األخالق واآلداب ، العقل واهلوى

اهات واملدارس الفكرية ومثل هذه النظرة اخلاصة متيزهم عن غريهم من االجت واألخالقية األخرى ، فهم من أكثر االجتاهـات متيـزا واسـتقاللية ، تفـردا

) .املتعلم(وخصوصية يف إعداد املريد

ولقد تبلور االجتاه الصويف كمدرسة متميزة يف اية القرن الثاين وأوائل القرن الفضيل بن عيـاض ، : ل الثالث اهلجري ، متمثلة يف طالئع الزهاد األوائل أمثا

.وعبد اهللا بن املبارك ، وإبراهيم بن أدهم ، وبشر احلايف ، واحلارث احملاسيب

وكان على املدرسة الصوفية أن تبين كياا على أصول واضحة ، وتتخـذ منهجا حمددا ، فأدى ذلك إىل تدوين مفاهيمها ، وظهرت املصنفات واملؤلفات،

تمع مبؤسسات تعليمية تعبدية ، من أهم هذه املؤسساتوخرج الصوفية إىل ا :

٢٠١

اخلوانق ، واخلوانق كلمة فارسية معناها البيت أو الدير أو املعبد ، واملقصود -١ا تلك الدور اليت يسكنها الصوفية وجتري عليها األرزاق ، ويشـرف عليهـا

.عليم العلماء والشيوخ ، ويتم فيها التفرغ للعبادة والذكر والعلم والت

ومن أشهر اخلوانق يف مصر ، خانقاه سعيد السعداء ، وخانقاه ركن الدين ، واالصطالح املشهور يف مصر لوصف اخلوانق هو )١(بيربس ، وخانقاه شيخو

.الزاوية والزوايا ، أو التكية والتكايا

الربط ، وهي مجع رباط ، ومتثل عند الصوفية بيوت العلم واجلهـاد ، ويف -٢ملغرب اإلسالمي اختذ الرباط شكال خاصا ، إذ هو عبارة عن ثكنة عسـكرية ا

.حمصنة ذات صحن تعلوه مئذنة لألذان ومراقبة السواحل اتقاء لغارات األعداء

والرباط أخذ تسميته من املرابطة يف سبيل اهللا ، حيث ااهدون برابطون يف العلماء والشيوخ يرابطون بالربط فترة سبيل اهللا للجهاد والعبادة والعمل ، وكان

.كل عام للجهاد وتدريس العلم احتسابا لوجه اهللا تعاىل

ومسألة التطوع وخدمة الغري احتسابا مسألة أساسية لدى الصوفية ، فمـن أن يقضي عاما يف خدمة الناس تطوعا بغري أجـر ، ) املتعلم(أهم واجبات املريد

. اخلري ، ومساعدة املرضى والفقراء سوى رياضة النفس على حب

من هنا جاءت فكرة ااهدة وصلتها باجلهاد ، والتطوع وصلته بتطويع النفس ، .واملرابطة وصلتها بالرباط

وباإلضافة إىل اخلوانق والربط فهناك اخلالوي ، اليت مـاتزال تلعـب دورا ية وخاصـة السـودان ودول تعليميا وتربويا هاما يف العديد من الدول اإلسالم

.)٢(جنوب الصحراء

،مكتبـة الكليـات )عصـره ومنهجـه (ابن القـيم اجلوزيـة :عبد العظيم شرف الدين ) ١( .٥٥-٥٤م،الطبعة الثانية،ص١٩٦٧األزهرية،

.٢٠٧-٢٠٣،القاهرة،ص)ن.د(السودان أرضه وتارخيه،:حسن جوهر) ٢(

٢٠٢

ويف اخلوانق والربط يأخذ الصويف نفسه مبنـهج متكامـل مـن العبـادات ، والرياضات ) كخشونة األكل وامللبس (، والسلوكيات ) كاألدعية والألوراد (

، ومثل هذا املنهج وضع بعناية ودقة حبث يسهم ) كالتواضع واخلشية (النفسية س ، ومسو النفس ، وإرهاف القلب ، وبذلك يتكامل املنهج ويؤدي يف ترقية احل

.إىل الوصول للنتيجة املرجوة منه وهي إجياد اإلنسان الصاحل

:خصائص ومسات االجتاه الصويف

امتاز االجتاه الصويف خبصائص ومسات فريدة يف املنهج والوسائل واألهـداف :ومن أهم هذه اخلصائص ما يلي ميزته عن سائر االجتاهات الفكرية ،

: التركيز على تزكية النفس وذيب الروح واملغاالة يف ذلك -١

فاهلدف األمسى عند الصوفية هو الوصول إىل احملبوب ، واألنس بقربـه ، وال يكون ذلك إال بتزكية النفس ، وتطهري القلب من الصفات املرذولـة ، والوسـاوس

، اليت حتول دون حتقق اهلدف ، وللوصول إىل هذا اختذ الصوفية واخلطرات الشيطانية الزهد والتقشف ، والبعد عن امللذات وشهوات النفس ، وكثـرة : عدة وسائل منها

ـ ال يـتم قـرب (الذكر والدعاء والعبادة ، واخللوة واالنقطاع عن اخللق واعتزاهلم ف .) ١() العبد من احلق إال ببعده عن اخللق

:اللتزام بشيخ واحد ضرورة ا-٢

فال يكتمل الطريق من غري شيخ يهتدى به ويتعلم منه ، فهو أسـاس الطريـق ومبدؤه ، فالشيخ يأخذ بيد املريد ، ويساعده على التدرج يف الطريق ، واملريد حباجة إليه ليقتدي به ، وليهديه سواء السبيل ، فسبيل الدين غامض وسبل الشيطان كثرية ،

.) ٢(فمن مل يكن له شيخ يهديه قاده الشيطان إىل طرقه ال حمالة

.٥١بق،ص الرسالة القشريية،مصدر سا:القشريي) ١( .٦٥،ص٣إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ٢(

٢٠٣

والشيخ عند الصوفية معىن جيب على املريد أن يتمثله ويطبع نفسه عليه ، وبـدون ذلك ال يكون املريد صادقا يف سلوكه ، وال خملصا يف طريقه ، ولن يظفر بالوصـول

.)١(الطاعات مهما أفرغ جهده يف العبادات ، وبذل وسعه يف

فالتعلم الذايت ، وعدم االعتماد على موجه أو دليل مرفوض يف الفكر الصـويف ، فيجب على املريد أن يتخذ شيخا ال حييد عنه ، وال يلتفت إىل غريه ، بل وال جيوز له

. )٢(أن يطلب العلم من غريه

: املغاالة يف توقري الشيخ واتباعه -٣

الشروط اليت أوجبوها على املريد حنو شيخه ، بصورة جعلـت غاىل املتصوفة يف ، و يبدو أن ) املتعلم(من هذه الشروط قيودا وأغالال ، على حرية وعقل وفكر املريد

اإلفراط يف طاعة املريد للشيخ طاعة يطرح معها عقله وتفكريه ، والتسليم له ظـاهرا تأصيل مفهوم عصمة الشيخ ، فهم وباطنا ؛ إمنا ينبع من حرص أشياخ التصوف على

النيب معصوم ، والويل حمفوظ ، وال يثبتون فرقا بني العصمة واحلفـظ إال يف : يقولون : ، ومن هذه الشروط اليت أوجبوها على املريد )٢(اللفظ

عدم خمالفة الشيخ مطلقا فيما يأمر به ، وأن تكـون موافقـة الشـيخ بالقلـب -أكن بـني ( وال خمالفة لشيء مما يقوله مطلقا ، وشعارهم دائما واجلوارح ، فال إنكار

وأن ال خيالف شـيخه يف : (، يقول القشريي ) يدي شيخك كامليت بني يدي مغسله ، ويقول ) ٣() كل ما يشري عليه ألن خالف املريد يف ابتداء حاله دليل على مجيع عمره

. )٤() ومن شروطه أن ال يكون بقلبه اعتراض على شيخه: (

١٨٠م،ص١،١٩٩٢التصوف عقيدة وسلوكا،مكتبة الزهراء،القاهرة،ط:عبد الفتاح الفاوي.د)١(الفكـر الصـويف يف ضـوء الكتـاب والسـنة،مكتبة ابـن :عبد الرمحن عبـد اخلـالق ) ٢(

.٣١٤م،ص٣،١٩٨٦تيمية،الكويت،ط .٥٣م،ص١،١٩٩٤ادر التلقي عند الصوفية،مكتبة الرشد،الرياض،طمص:صادق سليم صادق)٣( .١٨٢الرسالة القشريية،مصدر سابق،ص:القشريي) ٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥(

٢٠٤

وهذا الشرط مل يقل به أحد على هذا اإلطالق ، بل املعلوم من سرية السلف أم كانوا ال يقبلون إال ما وافق الشرع والعقل والعرف الصحيح ، أما املوافقـة الدائمـة وعدم االعتراض أو اإلنكار مطلقا فلم يقل به أحد غريهم ، ألن يف ذلك إماتة للعقل

يكون فيه قبوال ملنكر أو مستهجن ، فليس أحـد بعـد األنبيـاء والقلب معا ، وقد معصوما من اخلطأ أو الزلل ، فواجب على املريد أو املتعلم إذا ما رأى شـيخه علـى

.شيء من ذلك أن يلفت نظره إىل ذلك ؛ مراعيا األدب واحلكمة يف ذلك

ن معه دليـل ، فـال ال جيوز للمريد أن ينكر شيئا على الشيخ أبدا ، حىت لو كا _بحرج على الشيخ أن يفعل ما يشاء ، وال جيوز أن يظن املريد خالف اخلري واحلـق يف

ومن شروط املريد أن يعتقد يف شيخه أنه على شريعة من : (شيخه ، يقول ابن عريب ربه ونبيه ، وال يزن أحواله مبسريته ، فقد تصدر من الشيخ صورة مذمومة يف الظاهر

الباطن ، واحلقيقة جيب التسليم ، وكم من رجل كأس مخـر بيـده وهي حممودة يف ورفعه إىل فيه وقلبه اهللا يف فيه عسال ، والناظر يراه يشرب مخرا ، وهو ما شـرب إال

.)١() عسال ، ومثل هذا كثري

فقد جعلوا من آداب : ال جيوز للمريد أن يتحرك أو يسكن إال بأمر الشيخ وإذنه -جشيخه أنه ال جيوز له أن يتحرك أو يسكن ، أو يتصرف يف نفسه أو ماله أو املريد مع

. أعلم حبال املريد من نفسه -يف اعتقادهم–؛ ألنه ) ٢(زوجه ، إال بإذن شيخه

الكشف و الوجد و الـذوق ، ( حطهم من قيمة الدليل العقلي والنقلي يف مقابل -٤ .)٣() ذا الطريق أساسا للمعرفة ، واعتربوا حقائق األمور تنال

.٢٠٢،ص)ت.د(،)ط.د(اإلبريز،البايب احلليب،القاهرة،:أمحد بن مبارك السلجماسي) ١( . بتصرف٣٣٢صالفكر الصويف،مرجع سابق،:عبد الرمحن عبد اخلالق) ٢(ــادق ) ٣( ــليم ص ــادق س ــوفية،مكتبة :ص ــد الص ــي عن ــة للتلق ــادر العام املص

.٥،ص١م،ط١٩٩٤الرشد،الرياض،

٢٠٥

:أبرز شخصيات االجتاه الصويف

)هـ٥٠٥ت(الغزايل ≈

كانت حياة أيب حامد الغزايل قصرية بقدر ما كانت عاصفة ، فهومل يعمـر إال هـ ، مث فقد أباه صـغريا ، ٤٥٠مخسا ومخسني سنة فقط ، فقد ولد يف طوس سنة على كبار علماء عصره مثل على وكرس حياته لطلب العلم والتفقه يف الدين متتلمذا

بن أمحد الرادكاين وابن نصر اإلمساعيلي الذي أخذ عنه الفقه و الكالم واجلدل واملنطق وشيئا من الفلسفة ، وكان آخر من درس على يديه قبل أن يلمع جنمه ، واختلف إىل

ر مـن أيب املعايل اجلويين ، وجد يف التعلم على يديه حىت خترج يف وقت قصري وصـا األعيان ، بعد أن برع يف املذهب الشافعي واخلالف واجلـدل واملنطـق واحلكمـة

، وبعد موت اجلويين خرج الغـزايل )١(والفلسفة وغريها ، حىت لقب حبجة اإلسالم إىل الوزير السلجوقي نظام امللك الذي لقيه باحلفاوة وأقبـل -وقد استوثق من نفسه –

يف حضرة الوزير مجاعة من األفاضل ؛ فجرت بني الغـزايل عليه إقباال محيما ، وكان وبينهم عدة مناقشات ومناظرات ظهر فيها عليهم ؛ فأعجب به نظام امللك ، مث رأى أن يستعني به يف الدفاع عن عقيدة أهل السنة والرد على الباطنية ؛ فـواله منصـب

الب عليه إقباال منقطع هـ ؛ فأقبل الط ٤٨٤التدريس يف املدرسة النظامية ببغداد سنة النظري ، واتسعت حلقاته وذاع صيته ، حىت لقب بإمام العـراق ؛ فكلفـه اخلليفـة العباسي املستظهر باهللا بالرد على الباطنية الذين اشتد أزرهم ؛ فصنف يف الرد علـيهم

املستظهر ، وحجة احلق ، ومفصل اخلالف ، والـدرج املرقـوم ، : عدة كتب منها .) ٢(ستقيم ، وغريها والقسطاس امل

وهكذا أصبح الغزايل لسان السلطة السياسية يف الرد على خمالفيها يف األفكـار واالعتقادات ، ويبدو أن اء اد قد أخذ عليه لبه ؛ فاندفع يوظف ذكاءه وعلمه يف مقارعة املذاهب الدينية والفلسفية اليت ال ترضى عنها اخلالفـة العثمانيـة ؛ غـري أن

كمـا يـذهب الـدكتور عمـر –اعه ذا اد مل يطل أكثر من أربع سنوات استمتهـ أزمة نفسية خطرية أفسدت عليه حياته العاطفيـة ٤٤٨؛ فانتابته سنة ) ٣( -فروخ

.١١،ص٤شذرات الذهب،مرجع سابق،ج:ابن العماد احلنبلي) ١( .٣٣٤،ص١م،ط١٩٧٠تاريخ الفلسفة العربية،دار الكتاب اللبناين،بريوت،: مجيل صليبا ) ٢( .٤٨٦فكر العريب،مرجع سابق،صتاريخ ال: عمر فروخ .د) ٣(

٢٠٦

واستقراره النفسي إذ تبني له أن اندفاعه يف خدمة السلطة السياسية مل يكن مما يرضي ؛ وأنه بعمله هذا إمنا صار طالب دنيا ال طالب اهللا أو يتفق مع ضمريه الديين احلقيقي

" املنقذ من الضالل "دين ، فاعتورته معاناة روحية قاسية وصفها وصفا مؤثرا يف كتابه الذي كتبه بعد جتاوزه لتلك األزمة وجناته منها بأربعة عشر عاما ، يقول الغـزايل يف

مـنغمس يف العالئـق وقـد مث الحظت أحوايل فإذا أنا : (وصفه أزمته النفسية هذه أحدقت يب من اجلوانب ، والحظت أعمايل وأحسنها التدريس والتعليم فإذا أنا مقبل فيها على علوم غري مهمة وال نافعة يف طريق اآلخرة ، مث فكرت يف نييت يف التـدريس فإذا هي غري خالصة لوجه اهللا تعاىل بل باعثها وحمركها طلب اجلاه وانتشار الصـيت

أين على شفا جرف هار ، وأين قد أشفيت على النار إن مل أشـتغل بـتاليف فتيقنت فصارت شهوات الدنيا جتاذبين بسالسلها إىل املقام ومنادي اإلميان يقـول …األحوال

الرحيل فلم يبق من العمر إال القليل وبني يديك السفر الطويل ومجيع ما أنت فيه من هذه حال عارضـة إيـاك أن : الشيطان ويقول العلم والعمل رياء وختييل ، مث يعود

تطاوعها فإا سريعة الزوال ، فلم أزل أتردد بني جتاذب شهوات الـدنيا ودواعـي اآلخرة قريبا من ستة أشهر أوهلا رجب سنة مثان ومثانني وأربعمائة ويف هـذا الشـهر

عـن جاوز األمر حد االختيار إىل االضطرار إذ أقفل اهللا على لساين حـىت اعتقـل التدريس ، وأورثت هذه العقلة يف اللسان حزنا يف القلب بطلت معه قـوة اهلضـم ومراءاة الطعام والشراب فكان ال ينساغ يل ثريد وال تنهضم يل لقمـة وتعـدى إىل

هذا أمر نزل بالقلب ومنه : ضعف القوى حىت قطع األطباء طمعهم يف العالج وقالوا ج إال بأن يتروح السر عن اهلـم امللـم ، مث ملـا سرى إىل املزاج فال سبيل إىل العال

أحسست بعجزي وسقط بالكلية اختياري التجأت إىل اهللا تعاىل التجاء املضطر الذي ال حيلة له ، فأجابين الذي جييب املضطر إذا دعاه وسهل على قليب اإلعراض عن اجلاه

أنا أدبر يف نفسي واملال واألهل والولد واألصحاب ، وأظهرت عزم اخلروج إىل مكة و سفر الشام حذرا من أن يطلع اخلليفة ومجلة األصحاب على عزمي علـى املقـام يف

.) ١() الشام فتلطفت بلطائف احليل يف اخلروج من بغداد على عزم أن ال أعاودها أبداويذهب الدكتور عمر فروخ إىل أن الغزايل تعرض يف هذه الفترة من حياته إىل

وهو قريب على ما يبدو من " الفنظ"أو " الكنظ"عرب تسميه مرض حقيقي كانت ال

.١٠٤-١٠٣م،ص١،١٩٦٧املنقذ من الضالل،دار األندلس،بريوت،ط: الغزايل ) ١(

٢٠٧

املعروف يف زماننا احلاضر والذي غالبا ما تقود إليه عوامـل نفسـيه " الكآبة"مرض هبوط : (بأنه " الكنظ"وضمريية شبيهة بتلك اليت أملت بالغزايل ، ويصف عمر فروخ

وهو يظهـر .. م صاحبه بالقلق يف القوى اجلسمانية والعقلية ينتج اضطرابا نفسيا يتس عادة بعد اخلامسة والثالثني وميتد من ثالثة إىل ستة أشهر وهو قابل للشفاء ، وتتألف مدة املرض من فترات يتعرض املريض أثناءها ألزمات خفيفة أو حـادة متقاربـة أو متباعدة ، ويرافق املرض ضعف يف الذاكرة وتشتت الفكر مع احلزن والتشاؤم واهلرب

تبعات احلياة ، واملريض بالكنظ يقل أكله ونومه ويستويل عليه خشوغ من التقوى من .) ١() والورع

خرج الغزايل من بغداد متوجها إىل الشام فبيت املقدس فمدينة اخلليل لزيارة قرب إبراهيم مث احلجاز لتأدية فريضة احلج مث إىل مصر للسفر منها إىل املغرب ملالقاة األمري

تاشفني ، غري أن ابن تاشفني تويف قبل توجه الغزايل إليه ، فظل يضرب يف يوسف بن يهيم على وجهه يف الرباري والقفار البسا املرقعة ومعه املزود وبيده العصـا (اآلفاق

.) ٢() حىت لقيه بعض أصحابه فعذله على هذه احلال والتمس منه الرجوع إىل بغدادتفرغ إىل علمه وتعبده ، إال أنه استدعى فخرج ولكن إىل طوس ، عازفا على ال

هــ ، ٤٩٩للتدريس يف نظامية نيسابور بطلب من فخر امللك ابن نظام امللك عام ولكن عمله يف نيسابور مل يزد عن سنتني ؛ إذ قتل فخر امللك فعاد الغزايل إىل طـوس

مـن وكرس بقية حياته خلدمة العلم وخمالطة الصوفية وأهل احلديث ويف الرابع عشر )٣(هـ انتقل إىل جوار ربه ٥٠٥مجادى اآلخرة سنة

. بعد عوته الغزايل األخرية إىل طوس تفرغ ملراجعة نفسه بعد أن تطهـرت مـن

إحيـاء "عالئقها الدنيوية وخلص يقينها هللا تعاىل ، ويف هذه احلقبة كتب أخلد كتبه " .أيها الولد"ورسالته " علوم الدين

هذه السرية املقتضبة للغزايل هو تعريـف الظـروف إن ما يعنينا من استعراض النفسية اليت نتجت عنها أفكاره فيما يتعلق بآداب العامل واملتعلم ، وأفكاره األخالقية

. على وجه العموم

.٤٨٦تاريخ الفكر العريب،مرجع السابق،ص: عمر فروخ ) ١( .٣٣٧تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق،ص: مجيل صليبا ) ٢( .٣،٢١٨وفيات األعيان،مرجع سابق،ج:ابن خلكان) ٣(

٢٠٨

إحيـاء علـوم "يتعامل الغزايل تعامال مباشرا مع آداب العامل واملتعلم يف كتابه ملهم أن نالحظ أن الكتابني مها من إنتاجه بعـد ، ومن ا " أيها الولد "ورسالته " الدين

شفائه من أزمته النفسية ، ويتضح هنا أن هذه احلقيقة هي اليت حصرت تفكري الغزايل تقدمي طهارة النفس على رذائـل األخـالق ومـذموم (يف األخالق والتربية لكوا

.) ١() اىلاألوصاف إذ العلم عبادة القلب وصالة السر وقربة الباطن إىل اهللا تعإحياء "لقد وضع الغزايل خالصة آرئه فيما يتعلق بآداب العامل واملتعلم يف كتابه

، ويتركز حديث الغزايل عـن آداب العـامل " أيها الولد "، ويف رسالته " علوم الدين :حول ثالث قضايا أساسية هي " اإلحياء"واملتعلم يف

. إظهار فضيلة العلم على اجلهل -١ .علوم وما ينبغي حتصيله منها ، أو املنهج يف اصطالحاتنا احلديثة تصنيف ال-٢ . اآلداب املتوقعة من املتعلم واملعلم على حد سواء -٣

فيما يتعلق بالقضية األول يورد جمموعة من الشواهد النقلية والعقلية ، وشواهده ة فهي اليت متيزه النقلية مأخوذة من الكتاب والسنة وأقوال احلكماء ، أما شواهده العقلي

ألن : (عن سواه فهو يوجهها حنو غاية ائية واحدة هي توجيه الفرد إىل اهللا تعاىل الدنيا مزرعة اآلخرة وهي اآللة املوصلة إىل اهللا عز وجل ملن يتخذها آلة ومرتال ومل

أعلم أن املطلوب من هذا الباب معرفة : (، يقول الغزايل ) ٢() يتخذها مستقرا ووطنافضيلة العلم ونفاسته ، وما مل تفهم الفضيلة يف نفسها ومل يتحقق املراد منهامل يكن أن

تعلم وجودها صفة للعلم أو لغريه من اخلصال ، فلقد ضل عن الطريق من طمع أن يعرف أن زيدا حكيما أم ال وهو بعد مل يفهم معىن احلكمة وحقيقتها ، والفضيلة

، فإذا تشارك شيئان يف أمر واختص أحدمها مبزيد مأخوذة من الفضل وهي الزيادة والعلم . …يقال فضله وله الفضل عليه مهما كانت زيادته فيما هو كمال ذلك الشيء

فضيلة يف ذاته وعلى اإلطالق من غري إضافة ، فإنه وصف كمال اهللا سبحانه وبه .…شرف املالئكة واألنبياء

.٦٢،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:غزايلال) ١( .٢٣،ص١ج:املصدر السابق) ٢(

٢٠٩

سم إىل ما يطلب لغريه وإىل ما يطلب واعلم أن الشيء النفيس املرغوب فيه ينقلذاته وإىل ما يطلب لغريه ولذاته مجيعا ، فما يطلب لذاته أشرف وأفضل مما يطلب

الدراهم والدنانري فإا حجران ال منفعة هلما ، ولوال أن اهللا : لغريه ، واملطلوب لغريه ة ، والذي يطلب سبحانه وتعاىل يسر قضاء احلاجات ما كانا واحلصباء مبثابة واحد

لذاته فالسعادة يف اآلخرة ، ولذة النظر لوجه اهللا تعاىل ، والذي يطلب لذاته ولغريه فكسالمة البدن ، وذا االعتبار إذا نظرت إىل العلم رأيته لذيذا يف نفسه فيكون

مطلوبا لذاته ووجدته وسيلة إىل دار اآلخرة وسعاا ، وذريعة إىل القرب من اهللا ، وال يتوصل إليه إال به ، وأعظم األشياء رتبة يف حق اآلدمي السعادة األبدية ، تعاىل

وأفضل األشياء ما هو وسيلة إليها ، ولن يتوصل إليها إال بالعمل ، وال يتوصل إىل العمل إال بالعلم بكيفية العمل ، فأصل السعادة يف الدنيا واآلخرة هو العلم ؛ فهو إذا

ال وقد تعرف فضيلة الشيء أيضا بشرف مثرته ، وقد عرفت أفضل األعمال ، وكيفأن مثرة العلم القرب من رب العاملني وااللتحاق بأفق املالئكة ومقاربة املأل األعلى هذا

يف اآلخرة ، وأما يف الدنيا فالعز والوقار ونفوذ احلكم على امللوك ولزوم االحترام يف رب يصادفون طباعهم جمبولة على التوقري الطباع حىت إن أغنياء الترك وأجالف الع

لشيوخهم الختصاصهم مبزيد علم مستفاد من التجربة ؛ بل البهيمة بطبعها توقر اإلنسان لشعورها بتميز اإلنسان بكمال جماوزة لدرجتها ، هذه فضيلة العلم مطلقا مث

.) ١() ختتلف العلوم كما سيأيت بياته وتتفاوت ال حمالة فضائلها بتفاوا

فأشرف هذه الصناعات بعد النبوة إفادة العلم وذيب نفـوس النـاس عـن (األخالق املذمومة املهلكة ، وإرشادهم إىل األخالق احملمودة املسعدة وهـي املـراد بالتعليم ، وإمنا قلنا إن هذا أفضل من سائر احلرف والصناعات ، ألن شرف الصناعة

لغريزة اليت ا يتوصل إىل معرفتها ، كفضـل إما بااللتفات إىل ا : يعرف بثالثة أمور العلوم العقلية على اللغوية إذ تدرك احلكمة بالعقل ، واللغة بالسمع ، والعقل أشـرف

.من السمع وإما بالنظر إىل عموم النفع كفضل الزراعة على الصياغة ، وإما مبالحظة احملـل

.٢٣،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١(

٢١٠

ا الذهب وحمل اآلخـر الذي فيه التصرف كفضل الصياغة على الدباغة إذ حمل أحدمه .جلد امليتة

وليس خيفى أن العلوم الدينية وهي فقه طريق اآلخرة إذ ما تدرك بكمال العقل إذ به تقبل أمانة اهللا ، وبه يتوصـل …وصفاء الذكاء والعقل أشرف صفات اإلنسان

.)١() إىل جوار اهللا سبحانه :أما القضية الثانية ، فإن العلوم تنقسم عند الغزايل

. العلم الذي هو فرض عني -١ .) ٢( العلم املفروض فرض كفاية -٢

: أما املفروض فرض عني فينقسم إىل . علم املعاملة -أ . علم املكاشفة -ب

.اعتقاد ، وفعل ، وترك : واملعاملة املكلف ا العبد العاقل البالغ ثالثة أشياء يف قوام أمور الدنيا كالطب إذ هو وأما فرض الكفاية فهو علم ال يستغىن عنه (

ضروري يف حاجة بقاء األبدان ، وكاحلساب فإنه ضروري يف املعـامالت وقسـمة الوصايا واملورايث وغريمها ، وهذه هي العلوم اليت لو خال البلد ممن يقوم ا حـرج أهل البلد ، وإذا قام ا واحد كفى ، وسقط الفرض عن اآلخرين ، فال يتعجب مـن

أن الطب واحلساب من فروض الكفايات كالفالحة واحلياكة والسياسـة بـل قولنااحلجامة واخلياطة ، فإنه لو خال البالد من احلجام تسارع اهلـالك إلـيهم وحرجـوا

.بتعريضهم أنفسهم للهالك وأما ما يعد فضيلة ال فريضة فالتعمق يف دقائق احلساب وحقائق الطب وغـري

.يفيد زيادة قوة يف القدر احملتاج إليه ذلك مما يستغىن عنه ولكنه .وأما املذموم منه فعلم السحر والطلسمات وعلم الشعبذة والتلبيسات

وأما املباح منه ، فالعلم باألشعار اليت ال سخف فيها وتواريخ األخبار وما جيري .جمراه

تبس وأما العلوم الشرعية وهي املقصودة بالبيان فهي حممودة كلها ، ولكن قد يل

.٢٤،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١(فرض العني هو الفرض الواجب على كل مسلم ومسلمة كالصالة والصوم، أمـا فـرض ) ٢(

. إذا قام به البعض سقط عن الباقني مثل الطب والتجارة وما إليهاالكفاية فهو الفرض الذي

٢١١

.)١ ()ا ما يظن أا شرعية وتكون مذمومة ، فتنقسم إىل احملمودة واملذمومةوفيما يتعلق بالقضية الثالثة وهي اليت منا يف هذا البحث فقد عـاجل الغـزايل

:على النحو التايل " وظائف املعلم واملتعلم"حتت اسم " آداب العامل واملتعلم" :وظائف املعلـم -

علم وعمل وعلم فهو ( عمل املعلم نظرة مثالية مطلقة ، فمن نظر الغزايل إىل ، ومن هنا أكد على قيمة اقتران العلم )٢() الذي يدعى عظيما يف ملكوت السماوات

بالعمل وشبه املعلم احلق بالشمس اليت تضيء لغريها وهي مضيئة يف نفسها واملسك فهو كالدفتر الذي يفيد غريه (مبا علم الذي يطيب غريه وهو طيب ، أما من مل يعمل

وهو خال عن العلم ، وكاملسن الذي يشحذ غريه وال يقطع ، واإلبرة اليت تكسو .)٣() غريها وهي عارية ، وذبالة املصباح اليت تضيء لغريها وهي حتترق

أن من اشتغل (ومن منظور هذه الرؤية املثالية املطلقة إىل عمل املعلم قرر الغزايل .)٤() عليم فقد تقلد أمرا عظيما وخطرا جسيما فليحفظ آدابه ووظائفهبالت

:اليت أوجبها على املعلم فهي مثان ) الوظائف(أو ) اآلداب(أما الشفقة على املتعلمني وأن جيريهم جمرى بنيه ، قال رسول اهللا (:الوظيفة األوىل -

إنقاذهم من نار اآلخرة وهو أهـم ، بأن يقصد )٥() إمنا أنا لكم مثل الوالد لولده : (من إنقاذ الوالدين ولدمها من نار الدنيا ، ولذلك صار حق املعلم أعظـم مـن حـق الوالدين ؛ فإن الوالد سبب الوجود واحلاضر واحلياة الفانية ، واملعلم سـبب احليـاة

ملعلـم الباقية ، ولوال املعلم النساق ما حصل من جهة األب إىل اهلالك الدائم ، وإمنا ا هو املفيد للحياة األخروية الدائمة ، أعين لعلم علوم اآلخرة ، أو علوم الدنيا على قصد اآلخرة ال على قصد الدنيا ، فأما التعليم على قصد الدنيا فهو هالك وإهالك نعوذ باهللا

.)٦() منه

.٢٧،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( .٦٩،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤( .احلديث صحيح ، رواه أبو داوود ، والنسائي ) ٥( .٦٩،ص١اء علوم الدين،مصدر سابق،جإحي:الغزايل) ٦(

٢١٢

أن يقتدي بصاحب الشرع صلوات اهللا عليه وسالمه ، فال يطلب (:الوظيفة الثانية -على إفادة العلم أجرا وال يقصد به جزاء وال شكرا ، بل يعلم لوجه اهللا تعاىل وطلبـا للتقرب إليه ، وال يرى لنفسه منة عليهم ، وإن كانت املنة الزمة عليهم ، بل يـرى الفضل هلم إذ هذبوا قلوم ألن تتقرب إىل اهللا تعاىل بزراعة العلوم فيها كالذي يعريك

ض فكيف تقلده منة وثوابك يف التعليم أكثر من ثواب املتعلم عند األرض لتزرع األر اهللا تعاىل ، ولوال املتعلم ما نلت هذا الثواب ، فال تطلب األجر إال من اهللا تعاىل كما

فإن املـال )١( يا قوم ال أسألكم عليه ماال إن أجري إال على اهللا : قال عز وجل النفس ومطيتها واملخدوم هو العلم إذ به شرف وما يف الدنيا خادم البدن ، ومركب

.)٢() النفسأال يدع من نصح املتعلم شيئا ، وذلك بأن مينعه مـن التصـدي (:الوظيفة الثالثة -

لرتبة قبل استحقاقها والتشاغل بعلم خفي قبل الفراغ من اجللي ، مث ينبهه علـى أن ة واملباهاة واملنافسـة ، ويقـدم الغرض بطلب العلوم القرب إىل اهللا تعاىل دون الرياس

.)٣() تقبيح ذلك يف نفسه بأقصى ما ميكنوهي من دقائق صناعة التعليم ، أن يزجر املـتعلم عـن سـوء : (الوظيفة الرابعة -

األخالق بطريق التعرض ما أمكن وال يصرح ، وبطريق الرمحة ال بطريق التوبيخ ؛ فإن على اهلجـوم ويهـيج احلـرص علـى التصريح يهتك حجاب اهليبة ويورث اجلرأة

لو منع الناس عن فت البعـر لفتـوه : ( وهو مرشد كل معلم اإلصرار ؛ إذ قال وينبهك على هذا قصة آدم وحواء عليهمـا )٤() ما ينا عنه إال وفيه شيء : وقالوا

السالم وما يا عنه ، فما ذكرت القصة معك لتكون سمرا بل لتتنبه ا على سـبيل ربة ، وألن التعريض أيضا مييل النفوس الفاضلة واألذهان الذكية إىل استنباط معانية الع

.)٥() فيفيد فرح التفطن ملعناه رغبة يف العلم به ليعلم أن ذلك مما ال يعزب عن فطنتهأن املتكفل ببعض العلوم ينبغي أال يقبح يف نفس املتعلم العلوم (:الوظيفة اخلامسة -

لم اللغة إذ عادته تقبيح علم الفقه ، ومعلم الفقه عادته تقبـيح علـم اليت وراءه كمع

.٢٩آية :سورة هود) ١( .٧٠،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .هذا احلديث ليس له أصل يف كتب السنة ) ٤( .٧١،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ٥(

٢١٣

احلديث والتفسري وأن ذلك نقل حمض ومساع وهو شأن العجائز وال نظر للعقل فيه ، ذلك فروع وهو كالم يف حيض النسوان فـأين : ومعلم الكالم ينفر عن الفقه ويقول

.ذلك من الكالم يف صفة الرمحن ذمومة للمعلمني ينبغي أن جتتنب ، بل املتكفل بعلم واحد ينبغي أن فهذه أخالق م

يوسع على املتعلم طريق التعليم يف غريه وإن كان متكفال بعلوم فينبغـي أن يراعـى .)١() التدريج يف ترقية املتعلم من رتبة إىل رتبة

يبلغه عقله أن يقتصر باملتعلم على قدر فهمه فال يلقى إليه ماال (:الوظيفة السادسة -حنن معاشـر : ( حيث قال فينفره أو خيبط عليه عقله اقتداء يف ذلك بسيد البشر

فليبث إليـه ؤ) األنبياء أمرنا أن ننـزل الناس منازهلم ، ونكلمهم على قدر عقوهلم ما أحد حيدث قوما حبديث ال تبلغه : (احلقيقة إذا علم أنه يستقل بفهمها ، وقال

: ، وقال علي رضي اهللا عنه ، وأشار إىل صدره ) تنة على بعضهم عقوهلم إال كان ف ، وصدق رضي اهللا عنه فقلوب األبرار قبور ) إن ههنا لعلوما مجة لو وجدت هلا محلة (

.)٢() األسرارأن املتعلم ينبغي أن يلقي إليه اجللي الالئق به ، وال يذكر له أن (:الوظيفة السابعة -

يدخر عنه ، فإن ذلك يفتر رغبته يف اجللي ويشـوش عليـه وراء هذا تدقيقا ، وهو .)٣() قلبهأن يكون املعلم عامال بعمله ، فال يكذب قوله فعله ، ألن العلم (:الوظيفة الثامنة -

يدرك بالبصائر والعمل يدرك باألبصار ، وأرباب األبصار أكثر ، فإذا خالف العمـل .)٤() العلم منع الرشد

:تعلـم واجبـات امل-

: باصطالح الغزايل هي" وظائف"أما املتعلم فيجب عليه عشرة واجبات أو تقدمي طهارة النفس على رذائل األخالق ومذموم األوصاف ، إذ (:الوظيفة األوىل -

العلم عبادة القلب وصالة السر وقربة الباطن إىل اهللا تعاىل ، وكما ال تصح الصـالة

.٧١،ص١،جإحياء علوم الدين،مصدر سابق:الغزايل) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٧٢ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤(

٢١٤

ة إال بتطهري الظاهر عن األحداث واألخباث ، فكذلك اليت هي وظيفة اجلوارح الظاهر ال تصح عبادة الباطن وعمارة القلب إال بعد طهارته عن خبائث األخالق وأجنـاس

، وهو كذلك باطنا أو ظـاهرا ، ) ١() بين الدين على النظافة : (األوصاف ، قال أن الطهارة والنجاسـة تنبيها للعقول على )٢( إمنا املشركون جنس : قال اهللا تعاىل

غري مقصورة على الظواهر املدركة باحلس ، فاملشرك قد يكون نظيف الثوب مغسول باطنه ملطخ باخلبائث ، والنجاسة عبارة عما يتجنب : البدن ولكنه جنس اجلوهر أي

ويطلب البعد منه ، وخبائث صفات الباطن أهم باالجتناب ؛ فإا مع خبثها يف احلال والقلـب )٣() ال تدخل املالئكة بيتا فيه كلب : (ملآل ؛ ولذلك قال مهلكات يف ا

بيت هو منـزل املالئكة ومهبط أثرهم وحمل استقرارهم ، والصفات الرديئـة مثـل الغضب والشهوة واحلقد واحلسد والكرب والعجب وإخواا ، كالب ناحبة فأىن تدخله

فه اهللا تعاىل يف القلب إال بواسطة املالئكة وهو مشحون بالكالب ، ونور العلم ال يقذ وما كان لبشر أن يكلمه اهللا إال وحيا ، أو من وراء حجاب أو يرسل : املالئكة

، وهكذا ما يرسل من رمحة العلوم إىل القلـوب ، )٤( رسوال فيوحي بإذنه ما يشاء لصـفات إمنا تتوالها املالئكة املوكلون ا وهم املقدسون املطهرون املـربءون عـن ا

املذمومات فال يالحظون إال طيبا وال يعمرون مبا عندهم من خزائن رمحة اهللا إال طيبا طاهرا ، ولست أقول املراد بلفظ البيت هو القلب وبالكلب هو الغضب والصـفات

.)٥() املذمومة ولكين أقول هو تنبيه عليهيبعد عن األهل والـوطن ؛ أن يقلل عالئقه من االشتغال بالدنيا و (:الوظيفة الثانية -

فإن العالئق شاغلة وصارفة وما جعل اهللا لرجل من قلبني يف جوفه ، ومهما توزعـت العلم ال يعطيك بعضه حىت تعطيـه : الفكرة قصرت عن درك احلقائق ، ولذلك قيل

كلك ، فإذا أعطيته كلك فأنت من عطائه إياك بعضه على خطر ، والفكرة املتوزعـة كجدول تفرق ماؤه ، فنشفت األرض بعضه ، واختطـف اهلـواء على أمور متفرقة

) تنظفوا فإن اإلسالم نظيف(احلديث ليس له أصل يف كتب السنة ، ويف الضعفاء البن حبان ) ١( .٢٨آية:سورة التوبة) ٢( .احلديث متفق عليه) ٣( .٥١آية:سورة الشورى) ٤( .٦٢،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ٥(

٢١٥

.)١() بعضه فال يبقى منه ما جيتمع ويبلغ املزدرعأال يتكرب على العامل بل يلقي إليه زمام أمـره بالكليـة يف كـل (:الوظيفة الثالثة -

تفصيل ، ويذعن لنصيحته إذعان املريض اجلاهل للطبيب املشفق احلاذق ، وينبغي أن صلى زيد بن ثابـت : تواضع ملعلمه ويطلب الثواب والشرف خبدمته ، قال الشعيب ي

خل عنك يا ابـن : فقربت إليه بلغته لريكبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال زيد هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكرباء ، فقبـل : ، فقال ابن عباس عم رسول اهللا

ليس : ( ، وقال رنا أن نفعل بأهل بيت نبينا هكذا أم : زيد بن ثابت يده وقال فال ينبغي لطالب العلم أن يتكـرب )٢() من أخالق املؤمن التملق إال يف طلب العلم

على املعلم ، ومن تكربه على املعلم أن يستنكف االستفادة إال من املرموقني املشهورين .)٣() وهو عني احلماقة ، فإن العلم سبب النجاة والسعادة

أن حيترز اخلائض يف العلم يف مبدأ األمر عن اإلصغاء إىل اختالف (:الوظيفة الرابعة -الناس ، وسواء كان ما خاض فيه من علوم الدنيا أو من علوم اآلخرة فإن ذلك يدهش عقله وحيري ذهنه ويفتر رأيه وييئسه عن اإلدراك واالطالع ، بل ينبغي أن يـتقن أوال

دة املرضية عند أستاذه مث بعد ذلك يصغي إىل املذاهب والشـبه ، الطريقة اجليدة الواح وإن مل يكن أستاذه مستقال باختيار رأي واحد وإمنا عادته نقل املذاهب وما قيل فيها فليحذر منه فإن إضالله أكثر من إرشاده ، فال يصـلح األعمـى لقيـادة العميـان

.)٤() اجلهلوإرشادهم ، ومن هذا حاله يعد يف عمى احلرية وتيه أال يدع طالب العلم فنا من العلوم احملمودة ، وال نوعـا مـن (:الوظيفة اخلامسة -

أنواعه إال وينظر فيه نظرا يطلع به على مقصده وغايته ، مث إن ساعده العمر طلـب التبحر فيه وإال اشتغل باألهم منه واستوفاه وتطرف من البقية فإن العلـوم متعاونـة

ببعض ، ويستفيد منه يف احلال االنفكاك عن عداوة ذلك العلم بسبب وبعضها مرتبط وإذا مل يهتدوا به فسيقولون هذا : جهله فإن الناس أعداء ما جهلوا ، قال اهللا تعاىل

: ، وقال الشاعر )٥( أفك قدمي

.٦٣،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( .احلديث ضعيف،أخرجه ابن عدي) ٢( .٦٣،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل)٣( .٦٤ص:املصدر السابق) ٤( .١١آية:سورة األحقاف) ٥(

٢١٦

جيد مرا به املاء الزالال ومن يك ذا فم مر مريض

على درجاا إما سالكة بالعبد إىل اهللا تعاىل أو معينة على السلوك نوعا فالعلوم من اإلعانة ، وهلا منازل مرتبة القرب والبعد من املقصود والقوام ا حفظه كحفـظ الرباطات والثغور ، ولكل واحد رتبة وله حبسب درجته أجر يف اآلخرة إذا قصد بـه

.) ١() وجه اهللا تعاىلأال خيوض يف فن من فنون العلم دفعة بل يراعي فيه الترتيب ، (:دسة والوظيفة السا -

ويبتدئ باألهم ؛ فإن العمر إذا كان ال يتسع جلميع العلوم غالبا فاحلزم أن يأخذ مـن كل شيء أحسنه ويكتفي منه بشمه ، ويصرف مجام قوته يف امليسور من عملـه إىل

اآلخرة ؛ أعـين قسـمي املعاملـة استكمال العلم الذي هو أشرف العلوم وهو علم واملكاشفة ؛ فغاية املعاملة املكاشفة وغاية املكاشفة معرفة اهللا تعاىل ، ولست أعين بـه االعتقاد الذي يتلقفه وراثة أو تلقفا وال طريق حترير الكالم واادلة يف حتصني الكالم

ة نور يقذفه اهللا من مراوغات اخلصوم كما هو غاية التكلم بل ذلك نوع يقني هو مثر .)٢() تعاىل يف قلب عبد طهر بااهدة باطنه عن اخلبائث

أال خيوض يف فن حىت يستويف الفن الذي قبله ؛ فإن العلوم مرتبة (:الوظيفة السابعة -ترتيبا ضروريا ، وبعضها طريق إىل بعض ، واملوفق من راعي ذلك الترتيب والتدريج ،

ال جياوزون فنا حىت : أي )٣( الكتاب يتلونه حق تالوته الذين آتيناهم : قال تعاىل .)٤() حيكموه علما وعمال

أن يعرف السبب الذي به يدرك أشرف العلوم ، وأن ذلك يراد (:الوظيفة الثامنة -به شيئان أحدمها شرف الثمرة ، والثاين وثاقة الدليل وقوته ؛ وذلك كعلم الدين وعلم

ا احلياة األبدية ، ومثرة اآلخر احلياة الفانية ، فيكون علم الدين الطب ؛ فإن مثرة أحدمه أشرف ، ومثل علم احلساب وعلم النجوم ؛ فإن علم احلساب أشرف لوثاقة أدلتـه

وقوا ، وإن نسب احلساب إىل الطب كان الطب أشرف باعتبار مثرته ، واحلسـاب كان أشرف ؛ وإن كـان أكثـره أشرف باعتبار أدلته ومالحظة الثمرة أوىل ولذلك

.٦٥،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .١٢١آية:سورة البقرة) ٣( .٦٦،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ٤(

٢١٧

بالتخمني ، وذا تبني أن أشرف العلوم العلم باهللا عز وجل ومالئكته وكتبه ورسله ، والعلم بالطريق املوصل إىل هذه العلوم ، فإيـاك وأن ترغـب إال فيـه وأن حتـرص

.) ١() إال عليهلية باطنه وجتميله بالفضـيلة ، أن يكون قصد املتعلم يف احلال حت (:الوظيفة التاسعة -

ويف املآل القرب من اهللا سبحانه والترقي إىل جوار املأل األعلى من املالئكة واملقربني ، وال يقصد به الرياسة واملال واجلاه ومماراة السفهاء ومباهاة األقران ، وإذا كان هـذا

فال ينبغي له مقصده طلب ال حمالة األقرب إىل مقصوده وهو علم اآلخرة ؛ ومع هذا أن ينظر بعني احلقارة إىل سائر العلوم أعين علم الفتاوى وعلم النحو واللغة واملتعلقني بالكتاب والسنة وغري ذلك مما أوردناه يف املقدمات واملتممات من ضروب العلم اليت

هي فرض كفاية ، وال تفهمن من غلونا يف الثناء على علم اآلخـرة جـني هـذه .)٢() العلوم

أن يعلم نسبة العلوم إىل املقصد كما يؤثر الرفيع القريب علـى (:الوظيفة العاشرة -البعيد واملهم على غريه ، ومعىن املهم ما يهمك ؛ وال يهمك إال شـأنك يف الـدنيا واآلخرة ، وإذا مل ميكنك اجلمع بني مالذ الدنيا ونعيم اآلخرة كما نطق بـه القـرآن

ما جيري جمرى العيان فاألهم ما يبقى أبد اآلباد وعند ذلك وشهد له من نور البصائر تصري الدنيا منـزال والبدن مركبا واألعمال سعيا إىل املقصد وال مقصد إال لقـاء اهللا

.)٣() تعاىل ففيه النعيم كله وإن كان ال يعرف يف هذا العامل قدره إال األقلونالوظائف العشر ، تقوم مؤشـرا وميكننا استخالص بعض النتائج املهمة يف هذه

:على الطبيعة العامة لتفكري الغزايل فيما يتعلق بآداب العامل واملتعلم أو ينبغـي أن - أن طلب العلم ال يربره إال مرضاة اهللا تعاىل ، ولذا فإن العلم هو -١

طهارة للنفس اإلنسانية من رخيص املطامع والغايات ، وهذه وال ريب دعوة -يكون .فعة النفسية والتسامي الروحي إىل الر؛ اليت جعلها الغـزايل أساسـا ) املعرفة اإلهلامية ( تؤكد هذه الوظائف على نظرية -٢

لنظريته التربوية واألخالقية ، وقد أكد يف أكثر من مكان على أن العلم نور يقذفه اهللا .تعاىل يف القلب

.٦٦،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٦٧ص:املصدر السابق) ٣(

أن أشـرف (لعليا منه بتقريره تأكيد اهلدف الديين من طلب العلم وجعله الغاية ا -٣ .)١() العلم باهللا عز وجل ومالئكته وكتبه ورسله

ـ -٤ العلم فضيلة يف ذاتـه : (وحده ، يقول الغزايل ) العلم باهللا ( حصر كلمة العلم بعلى اإلطالق من غري إضافة فإنه وصف كمال اهللا سبحانه ، وبه شـرف املالئكـة

. )٢() واألنبياءإحياء علوم "عامة اليت وضعها الغزايل آلداب العامل واملتعلم يف تلك هي املبادئ ال

، وهي مبجملها تكون رؤية متكاملة يف العملية التربوية وشروطها ، غري أنـه " الديناليت كتبـها بعـد " أيها الوالد "أودع فلسفته النهائية آلداب العامل واملتعلم يف رسالته

" .اإلحياء" : من مقدمة وستة أقسام -اعلى صغره-وتتألف الرسالة

أما املقدمة فهي ديباجة للرسالة مدارها النصيحة وجمادلة الفالسفة يف الغايـة مـن -العلم ، والعالقة بني العلم والعمل به ، وأن العلم هو الطاعة ، وأن العبادة هي متابعة

.الشرع صام يف العلـم ، ويتناول القسم األول معىن صحة االعتقاد ، والتوبة ، واجتاب اخل -

. وحتصيل العلوم الشرعية ويدور القسم الثاين حول العمل الصاحل ، وجماهدة النفس ، واحتقار الدنيا بالعبادة ، -

.وتنـزيه النفس عن الطمع ، واحلث على معاداة الشيطان أما القسم الثالث فيتعامل مع التربية من حيث هي استئصال األخالق السـيئة مـن -

.رس األخالق احلسنة مكاا النفس ، وغ " . اإلحياء"ويتناول القسم الرابع آداب املتعلم وهي قريبة مما قرره الغزايل يف -

أما القسم اخلامس فموضوعه خصال املتصوف احلق ، وشروط االسـتقامة مـع اهللا . والسكون مع اخللق

يها على قرن العلم ويف القسم السادس يتوجه الغزايل جبملة نصائح للمتعلمني ؛ حيثهم ف بالعمل ، وينهاهم عن املناظرة إال إلظهار احلق ، وعن خمالطة أصـحاب السـلطان وقبول عطاياهم ؛ ألن التعامل الصحيح جيب أن يكون مع اهللا ، امللـك القـدوس ،

.٣١،ص١إحياء علوم الدين،مصدر سابق،ج:الغزايل) ١( .٢٣ص:ر السابقاملصد) ٢(

٢١٩

وفيما يرضي اهللا من السعي يف اخلريات

٢٢٠

א− :אختالفا جوهريا عن سائر االجتاهات الفكريـة واملذهبيـة يف ختتلف الشيعة ا

اإلسالم ، فالشيعة مذهب أقيمت عليه دول وممالك كبرية يف العامل اإلسالمي ، .ونظر الشيعة إىل أنفسهم على أم أصحاب حركة فكرية عاملية

يعتربون أنفسهم خلفـاء األرض ، -وهم شيعة إمساعيلية – فالفاطميون مثال ويقسمون املعمورة إىل اثين عشرة إقليما ، ويعتـربون األرض كلـها مـداهم

.ومنطقة حكمهم ونفوذهم

ومن املؤكد أن الشيعة اختلفت فكرا ومنهجا ومسلكا يف التعليم والتربية ، واستخدمت مناهج ، وتوسلت بوسائل نفسية وعقلية ، تعليميـة وتربويـة ؛

.)١(اتبهم املختلفة ، وملهامهم املتنوعة إلعداد احلجج والدعاة يف مر

وقد كان للشيعة مؤسسام التعليمية اخلاصة م ؛ إلعداد التالميذ ليكونوا دعاة وحججا ، وكانت أشبه ما تكون مبعاهد للدراسات العالية ، ومن أهـم

:هذه املؤسسات على سبيل املثال

هـ بأمر احلاكم بـأمر ٣٩٥ام دار احلكمة اليت أنشأها الفاطميون يف مصر ع -اهللا ، حيث توفر فيها فرص التفرغ واالنقطاع للعلمـاء والطلبـة ، للـدرس واالستيعاب ، وقد أحلق ا مكتبة كبرية مسيت بدار العلـم ، وحمـل إليهـا املصنفات واملراجع من القصور ودور الكتب ، وأوقف هلا أوقافا خاصة للنفقـة

.لعلماء والطلبة عليها وعلى من فيها من ا

وكانت هذه الدار أشبه ما تكون باألكادميية أو اجلامعة ، خلدمة أغـراض املذهب اإلمساعيلي ، حيث يتفرغ هلا املدرسون والطالب ، ويتقاضون الرواتب

ــدين )١( ــال ال ــعيد مج ــد الس ــجل :حمم ــة س ــة يف إيران،مؤسس ــة اإلمساعيلي دول .٤٠-٣٩،ص)ط.د(م،القاهرة،١٩٧٥العرب،

٢٢١

واملنح ، وتتوافر هلم اإلقامة والتغذية والكسوة والعالج واملراجع جمانـا ، بـل .)١(احملابر واألوراق أيضا وكانت تصرف هلم األقالم و

الشـاعر واألديـب اإلمـامي ) هـ٤٠٦ت( كذلك اختذ الشريف الرضي املشهور دارا ، مساها دار العلم ، وفتحها لطالب العلم ، وعني هلم مجيـع مـا

ويدل جمرد اسم هذه املؤسسات على الفرق بينـها وبـني دور (حيتاجون إليه تسمى قدميا خزانة احلكمة ، وهي خزانـة الكتب القدمية ، فكانت دار الكتب

كتب ليس غري ، أما املؤسسات اجلديدة فتسمى دور العلم ، وخزانة الكتـب . ) ٢() جزء منها

وإىل جانب دور العلم ، كان كثري من أئمة الشيعة يقومـون بالـدعوة إىل وهي املسـاجد –مذهبهم ، ونشر عقائدهم يف بيوم اخلاصة ، أو يف مشاهدهم

فقـد -اليت دفن فيها أئمتهم ، واليت عرفت فيما بعد عندهم بالعتبات املقدسة جملس (يعقد ) هـ٤١٣ت(كان الشيخ املفيد حممد بن النعمان ، شيخ اإلمامية

نظر بداره حيضره كافة العلماء ، وكانت له مرتلة عند أمراء األطراف مييلهم إىل .) ٣() مذهبه

:خصائص ومسات اجتاه الشيعة

بذل الشيعة وأئمتهم جهدا كبريا يف الدعوة إىل مذاهبهم ، وذيب نفـوس -١أتباعهم ، وبناء شخصيام عن طريق التربية ، فكانوا يبذلون قصارى جهودهم مع كل من يواليهم وتعليمه ، وكانوا ال يعتربون الرجل تابعا وشيعة هلم إال إذا

.أخذ بتعاليمهم وإرشادام

ــي ) ١( ــة عل ــاب عطي ــر :خط ــاطمي،دار الفك ــر الف ــر يف العص ــيم يف مص التعل .١٥٤-١٥٠م،ص١٩٤٧،)ط.د(العريب،القاهرة،

.٣٣٠،ص٢جري،مرجع سابق،جاحلضارة اإلسالمية يف القرن الرابع اهل:آدم متز) ٢( .١١،ص٨املنتظم،مرجع سابق،ج:ابن اجلوزي) ٣(

٢٢٢

كلفهم بتبليغ أن أئمتهم حميطون بالعلوم اإلهلية ، وأن النيب يعتقد الشيعة -٢تلك العلوم ، فنتج عن ذلك أن ما أخذ عنهم كان مبثابـة مـا أخـذ عـن

. )١( النيب

رغم اعتقادهم أن القرآن املوجود بني أيدينا -اإلمامية بوجه خاص –الشيعة -٣ ، وأن السنة تفسر وتكمل القـرآن ، هو كتاب املسلمني كافة مبا فيهم فرقتهم

مل ينقلـوا املصـدرين -ويقصدون أهل السنة –يرون أن غريهم من املسلمني ، ونتج عـن هـذا االخـتالف يف -يعين أهل البيت -املذكورين من منابعهما

أن : االعتقاد بني اإلمامية وغريهم من املسلمني نتائج ذات شأن ، من أمههـا خاصة يف عصر األئمة اختذت طابعا مييزها عن الرحلة الرحلة يف طلب العلم ، و

عند غريهم من املسلمني ، فهي عندهم حتقق غرضا دينيا يف طابعه ، باإلضـافة إىل الغرض العلمي ، فالطالب الشيعي يرحل للقاء اإلمام ليأخـذ العلـم مـن مصدره الذي ال شك فيه ، يف حني أن الطالب غري الشيعي يرحل لتلقي العلـم

.) ٢(من أناس ليسوا معصومني حسب اعتقاد الشيعة

:أبرز شخصيات االجتاه

)هـ٦٧٢ت(نصري الدين الطوسي ≈

، ولد الطوسي يف احلادي عشر من )٣( هو أبو جعفر حممد بن حممد بن احلسن هـ ، مبشهد طوس ، ونشأ يف أحضـان أبيـه ، ٥٩٧شهر مجادى األوىل عام

كيم فاضل بابا أفضل الكاشي ، الفيلسوف ، الشيعي االثنا عشري ، وخاله احل وبذلك نشأ الطوسي يف أجواء الفلسفة ، وظهر انطباعها يف شخصيته إىل حـد

ــزويين ) ١( ــدين الق ــالء ال ــة،دار :ع ــيعة اإلمامي ــد الش ــوي عن ــر الترب الفك . بتصرف٤٦٤-٤٦٣م،ص١٩٨٥،)ط.د(الثقافة،القاهرة،

.نفس الصفحة:املرجع السابق) ٢( . ٢٣٩،ص٥سابق،جشذرات الذهب يف أخبار من ذهب،مرجع :ابن العماد احلنبلي) ٣(

٢٢٣

، وتعد الفتـرة الـيت )١(بعيد ، ويأت له فرصة الدراسة املنظمة يف نيسابور قضاها هناك من أخصب فترات حياته العلمية ، حيث درس على يد معني الدين

فريد الدين الداماد ، وكمال الدين املوصلي ، وتركزت دراسته يف املصري ، و . )٢(تلك املرحلة على احلكمة والفقه والرياضيات

هـ ، انتقل الطوسي مـرة ٦١٩ وبعد سقوط نيسابور يف أيدي املغول عام أخرى إىل طوس ، وعاش منعزال بنفسه ، وكتبه ، وعقله ، فكان ميارس تثقيفا

لسفيا ، حىت صار عاملا بالفلسفة ، متخصصا فيهـا ، فاشـتهرت آراؤه ذاتيا ف ، مما أدى ألن يكـون ) ٣(وأفكاره يف امليتافيزيقا والطبيعة ، واألخالق والسياسة

الطوسي موضع اهتمام اإلمساعيليني ، فقد التحق الطوسي بالقالع اإلمساعيليـة ة فيما كتب ، وحبث هـ ، وهي الفترة اخلصب ٦٥٣هـ إىل عام ٦٢٥من عام

.يف الفلسفة والرياضة والعلوم العقلية

" أملـوت " وكانت للطوسي عالقة قوية باملغول ، ذلك أنه عندما سقطت قلعة اإلمساعيلية يف أيدي املغول ، بدأت فترة جديدة يف حياة الطوسي ، إذ انضم إىل

نه شيعي اثنا حاشية هوالكو ، الذي أمنه على حياته ، بعدما أعلمه الطوسي بأ عشري املذهب ، وليس سنيا على مذهب اخلالفة العباسية ، كما أعلمه أنه على علم بالفلك والتنجيم ، األمر الذي سيتيح هلوالكو معرفة األحداث اليت سـيمر ا مقدما ، ومن مث فإن هوالكو اختذ من الطوسي مستشارا خاصا ، وكاتبـا

.)٤(ملراسالته

هـ ، وكان الطوسي شاهدا ٦٥٦بغداد يف أيدي املغول عام وبعد سقوط وكان معه يف واقعة بغداد ، ومن الناس من يزعم (الواقعة وهو يف معية هوالكو

. ٢٦م،ص٢،١٩٨٠الفيلسوف نصري الدين الطوسي،دار األندلس،بريوت،ط:عبد األمري األعسم.د) ١( . ٢٩-٢٨ص:املرجع السابق) ٢( . ٣٠ص:املرجع السابق) ٣( . ٤٣ص:املرجع السابق) ٤(

٢٢٤

، سلمه هوالكو األوقـاف والتفتـيش )١() أنه أشار على هوالكو بقتل اخلليفة .على شئون البالد ، فتفقد الطوسي أحوال البالد وحاول إصالحها

وأمت الطوسي اإلصالح األكرب عندما أقنع هوالكو ببناء مرصد فلكي مبراغة ، واجتهد كثريا يف مجع الكتب من أحناء العراق ، حىت استطاع تأسيس مكتبـة

.)٢(ضخمة احتوت على شىت العلوم واملعارف ، وخاصة الفلسفة

هـ ، وتـوىل ٦٦٣ واستمر احلال على هذا الوضع حىت مات هوالكو عام الزعامة بعده ولده أبا قاخان ، الذي استمع كثريا إىل نصائح الطوسي بتحسني

.هـ ٦٧٢الوضع العام يف العراق ، حىت وافق عليها يف سنة

فأقام الطوسي يف بغداد وتصفح أحوال األوقاف ، وقرر قواعدها ونظمهـا صـوفية ، وأصلحها بعد اختالهلا ، وأشرف على أحوال الفقهاء واملدرسني وال

. واستمر احلال على هذا الوضع إىل أن يئس الطوسي من عجزه عن إنقاذ بغداد

هــ ، ٦٧٢ تويف الطوسي يف بغداد يف الثامن عشر من ذي احلجة عـام ، وكان له من العمر مخسة وسـبعون ) ٣(" غدير الشيعة "ووافق يوم وفاته يوم

. عاما

:أهم مؤلفاته

هليئة التذكرة يف علم ا-١

حترير اسطي-٢

شرح كتاب الثمرة يف أحكام النجوم-٣

زبدة اإلدراك يف هيئة األفالك-٤

. ٢٣٨،ص١٣البداية والنهاية،مرجع سابق،ج:ابن كثري) ١( . ٥٠ف نصري الدين الطوسي،مرجع سابق،صالفيلسو:عبد األمري األعسم.د) ٢( . ٥٥ص:املرجع السابق) ٣(

٢٢٥

الرسالة املعينية-٥

نزهة النظر-٦

رسالة آداب املعلمني-٧

.وغري ذلك من املؤلفات الكثرية

وتعد رسالته آداب املعلمني األثر الوحيد الباقي من تراث االجتاه الشيعي يف وضوع ، ومل يأت الطوسي فيها جبديد خيتلف عما جـاء يف املؤلفـات هذا امل

األخرى ، اللهم إال يف االعتماد على املصادر الشيعية يف استقاء النصوص ، وقد اتبع فيها نفس النهج واألسلوب الذي جه الفقهاء يف التقسـيم ، فخصـص

العلماء ، والباب الباب األول لفضل العلم والعلماء ، والباب الثاين ، يف آداب .الثالث يف آداب املتعلمني

٢٢٧

אא

אא

٢٢٨

للعامل املعلم رسالة هامة جدا يف حياته ، عليه أن يؤديها ، وهي تتلخص يف نقل املعرفة ، وتشكيل اجتاهات األفراد ، وتوجيههم وإرشادهم وعالج مشكالم ، وعليه أن يؤدي

.هذه الرسالة ، قدوة واقتداء ، وتوجيها وإرشادا وتعليما من تكرمي اهللا لـه ، ويرتبط هذا بعملـه وأفضلية العامل املعلم وكرامته نابعة أصال

.وبعلمه ، وإخالصه والتزامه ، وترمجته لعلمه يف سلوك واقعي و إن فعالية عمل العامل ال يقف عند جمرد التدريس فقط ، بل يتعداه إىل كثري مـن

، األعمال و األنشطة املرتبطة برسالته ودوره ، خاصة فيما يتصل باعتباره فردا يف مجاعة فعليه واجب جتاه ربه ونفسه ، وجتاه أقرانه من العلماء ، وجتاه تالميذه واملستفيدين منه ،

.)١(وجتاه أمته واتمع اإلنساين العام ولقد رأى املفكرون املسلمون أن هناك آدابا جيب أن يكتسبها العلماء ، ويلزمـوا

لتزام يؤدي به إىل إنتـاج تعلـيم أنفسهم ا إذا شاءوا أن ينجحوا يف تعليمهم ، فهذا اال هادف ومنظم ومؤثر ، وال أدل على ذلك من مجعهم لطائفة من اآلداب بعد أن وقفـوا

.على احلاجة امللحة هلذه اآلداب

وعلى الرغم من اعتقادهم بأن التحلي باآلداب الفاضلة ، واألخالق احلميدة ، ينبغي ، فإن العلماء هم أحق النـاس بكـرم أن يكون غاية كل إنسان ال حييله عن ذلك حائل

إن أهم ما يبادر به اللبيب شرخ شبابه ، ويـدئب نفسـه يف (األدب ، وحسن اخللق ، حتصيله واكتسابه ، حسن األدب الذي شهد الشرع والعقل بفضـله ، واتفقـت اآلراء واأللسنة على شكر أهله ، وإن أحق الناس ذه اخلصلة اجلميلة ، وأوالهم حبيازة هـذه املرتبة اجلليلة أهل العلم الذين حلوا به ذروة اد والسناء ، وأحرزوا به قصبات السبق إىل

.)٢() وراثة األنبياء

يف أن عيـون -عند املفكرين املسلمني–وتكمن أمهية التزام العامل بآداب تعليم العلم ختطئه ، فإن قـال الناس مجيعا ؛ ال عيون طالبه وحدهم ترمقه ، وأبصارهم تتجه إليه فال

ما ال يفعل ، أو ناقض سلوكه ما دعا الناس إليه ، سقط من أعني الناس ، واستخف بـه

.٢١٦-٢١٥ة اإلسالمية،مرجع سابق،صمن أسس التربي:عمر حممد التومي) ١( .٢-١تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ٢(

٢٢٩

طالبه والناس أمجعون ؛ ومن هنا كان حرصهم على أن يلتزم العـامل بـاآلداب احلسـنة يأخذ نفسه بأحسنها وأكملها ؛ ألن العلماء هـم القـدوة ، (واألخالق املرضية ، وأن

ع يف األحكام ، وهم حجة اهللا تعاىل على العوام ، وقد يراقبهم لألخذ عنـهم وإليهم املرج .)١() من ال ينظرون ، ويقتدي ديهم من ال يعلمون

فالقدوة تعترب من أعظم وسائل التربية ، وأكثرها فعالية ، فالتلميذ سريع التأثر مبعلمه العلم والـدين عاداتـه يسلك يف السمت واهلدى مسلكه ، ويراعي يف (الذي حيبه فهو

الناس لديهم حاجـة ( ، وقد ثبت أن )٢() وعباداته ، ويتأدب بآدابه ، وال يدع االقتداء به ، هذا إىل جانب أن مهنة )٣() نفسية إىل أن يتشبهوا باألشخاص الذين حيبوم ويقدروم

إىل التعليم يف حد ذاا تستدعي أن يكون العامل على أكمل حـال ، إذ تنتقـل صـفاته تالميذه ؛ وذلك ألمهيته هلم ، وهم يتشربون بقصد أو بغري قصد مبادئه وقيمه ، ويتأثرون

. دائما بشخصيته ، ومبجمل سلوكه

ومن هنا كان املفكرون املسلمون حمقني يف دعوم ألن يكون العلماء أكمل الناس سعيا وراء السـواء ، مهنة التعليم من أكثر املهن (وأحقهم جبميل اخلصال ، ولقد ثبت أن

والبعد عن املرض باملفهوم النفسي ؛ حيث أن سـلوك املعلـم يمـتص مـن جانـب . )٤() التالميذ

وأكدوا على أن احلاجة إىل اكتساب األدب ال تقل عن احلاجة إىل اكتساب العلـم ل إكسام واملعرفة ، وأن واجب املعلم ليس تزويد تالميذه باملعارف املختلفة فحسب ، ب

حسن اخللق وكرمي األدب ، ولن يستطيع املعلم ذلك ما مل يكن أهال لكل خصلة محيدة ، كانوا يتعلمون اهلدى كمـا : (وكما هو معروف فاقد الشيء ال يعطيه ، قال ابن سريين

.٢١تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .٩٠ص:املصدر السابق) ٢(علم الـنفس االجتمـاعي،دار النهضـة :أمحد عبد العزيز سالمة،وحيد عبد السالم عبد الغفار ) ٣(

.٢٠٠م، ص١٩٧٠،)ط.د(العربية،دراسات يف علم النفس،مكتبـة النهضـة العربيـة،القاهرة : عزيز حنا داود،وزكريا أثناسيوسي ) ٤(

.٤٧، ص١٩٧٢،)ط.د(

٢٣٠

؛ بل وذهب بعضهم إىل أن احلاجة إىل األدب أشد مـن احلاجـة إىل )١() يتعلمون العلم يا بـين : قال حبيب بن الشهيد البنه (م بغري األدب يضيع أثره ويفقد قيمته العلم ؛ فالعل

اصحب الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من أدم ، فإن ذلك أحب إيل من كثري مـن يا بين ألن تتعلم بابا من األدب أحب إيل من أن تـتعلم : احلديث ، وقال بعضهم البنه

حنن إىل كثري من األدب : ال خملد بن احلسني البن املبارك سبعني بابا من أبواب العلم ، وق .)٢() أحوج منا إىل كثري من احلديث

و جيب على العامل أن يكون دائم السعي يف اكتساب األدب ومحيد الصفات ؛ مـع كيف شهوتك لألدب ؟ : (-رضي اهللا عنه –فضله وسبقه يف حتصيل العلم ، قيل للشافعي

وكيف : نه مما مل أمسعه ، فتود أعضائي أن هلا أمساعا فتنعم به ، قيل أمسع باحلرف م : فقال .)٣() طلب املرأة املضلة ولدها وليس هلا غريه: طلبك له ؟ قال

وال يكتفي العامل علمه حبميد اخلصال ، ومجيل اخلالل ، ومعرفته ـا ، وتلقينـها عند –وك يعرب عنه ، فقيمة األدب لتالميذه ، دون أن يتحول هذا العلم وتلك املعرفة إىل سل

أن يربز لألبصار من خالل املواقف املختلفة ، فالعامل إن مل يستفد مبا -املفكرين املسلمني ـ ، وهلذا عظمت ) ٤() ليس العلم ما حفظ ، العلم ما نفع (يعلم ؛ كان أبعد عن اإلفادة ، ف

. به زلة العامل ملا يترتب عليها من املفاسد ، القتداء الناس

وقد نص املفكرون املسلمون على جمموعة من اآلداب اليت جيب أن يتحلى ا العامل :حنو ربه و نفسه ، وهي الئقة به الزمة له ، وأمهها ما يلي

א− א :אإن العلم من غري إميان وثيق يف صحة مصدره ، وصدق قائله ؛ علـم ال ميكـن أن

أنه علم نافع ؛ لـه من الثمرات الواضحة والصحيحة على العامل به ، وعلى من يوصف ب يتعدى إليه علمه ، بل هو يف صور عديدة قد خيرج من دائرة العلم النافع ليستقر الوصف

.٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( . ٣-٢ص:املصدر السابق) ٢( .٣ص:املصدر السابق) ٣( .٢١ص:املصدر السابق) ٤(

٢٣١

.عليه بأنه علم ضار ، أو على األقل ال طائل من حتصيله تدعو املـؤمنني كافـة إىل ومن مث فال غرابة حينئذ حينما جند آيات القرآن الكرمي

مجيع شرائع اإلميان وشعبه وأركانه ودعائمه ، وتعد من خرج عن هذا اإلميان (الدخول يف ه : كما يف قوله تعاىل )١() قد أبعد يف طريق الضالل يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالل

ن ورسوله والكتاب الذي نزل على رسو ل وم ن قب زل م ذي أن له والكتاب ال .) ٢ (ا يكفر بالله ومالئكته وآتبه ورسله واليوم اآلخر فقد ضل ضالال بعيد

وإذا كان اإلميان مطلبا ضروريا لكل مؤمن أن يتحقق به ، فإنه يف حـق العلمـاء ، وإذا كان لكـل )٣(لب ال مناص من العمل على حتقيقه ورعايته على الدوام املعلمني مط

، فإن اإلميان باهللا يستلزم من العامل عددا كبريا مـن ) ٤( شيء حقيقة ؛ كما قال النيب اآلداب حنو ربه ونفسه ، وقد جاءت هذه اآلداب يف الكتاب والسنة ، ونص عليها العلماء

.) ٥(راستها يف الفترة اليت نعىن بدوهذا اإلميان الذي ال ينفك عن العامل املعلم ال يكتفى فيه مبا يكتفى به يف حق العوام من مجلة املسلمني املؤمنني ، إذ ال بد أن يقوم على معرفة عميقة وشاملة بـاهللا تعـاىل ،

رفة اليت وقضايا اإلميان مجلة وتفصيال وحتققا ا يف كل شاردة وواردة من حياته ، تلك املع إذا قويت يف قلب العارف واستحكمت ، الح لـه من ربه اللطف اخلفي والنور اجللي ، (

.) ٦() واستوىل على قلبه حب ربه

. ٥٦٦،ص١ري،تفسري القرآن العظيم،مرجع سابق،جابن كث:راجع) ١( .١٣٦آية:سورة النساء) ٢( .٢١٦من أسس التربية اإلسالمية،مرجع سابق،ص:عمر التومي.د) ٣(لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة اإلميان :( جاءت هذه العبارة البليغة يف حديث أيب الدرداء )٤(

،كما جاء يف حديث احلارث )طأه مل يكن ليصيبه حىت يعلم أن ما أصابه مل يكن ليخطئه وما أخ أصبحت : كيف أصبحت يا حارث؟ قال:فقال له بن مالك األنصاري أنه مر برسول الله

عزفت نفسي : انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إميانك؟ فقال : مؤمنا حقا، قال . الصغري يف اجلامعرواه أمحد والطرباين وحسنه السيوطي،)اعن الدني

.١١٧-١١٦صمرجع سابق،من أسس التربية اإلسالمية،:عمر التومي.د) ٥( .١١٧ص:سابقالرجع امل)٦(

٢٣٢

א− א ، :א وذلك مقام ال يقدره حق قدره إال العلماء العاملون ، فقد رهن اهللا جل جالله حقيقة

فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمـل عملـا لعمل ، واإلخالص فقال ا: اإلميان بسببني .) ١( صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا

وأحاديث النية واإلخالص ليس يف شهرا أحاديث ، ولذلك كان اهتمام العلمـاء بإخفـاء أعمـاهلم الصـاحلة ، ويرشـدون ذا املقام كبريا ، إىل احلد الذي يبالغون فيه

من اإلخالص أن : (تالميذهم إىل ذلك ، فهذا احلسن يسأل عن اإلخالص والرياء فيقول .) ٢() حتب أن تكتم حسناتك وال حتب أن تكتم سيئاتك

ومن جانب آخر فقد كانوا ينفرون مما يناقض اإلخالص ، ويستخفون بصـاحبه ، وقد يقضي الرياء بصـاحبه إىل : -رضي اهللا تعاىل عنهم -ل علماؤنا قا: (يقول القرطيب

منذ كـم : استهزاء الناس به ؛ كما حيكى أن طاهر بن احلسني قال أليب عبد اهللا املروزي دخلت العراق منذ عشرين سنة ، وأنا منذ ثالثني : صرت إىل العراق يا أبا عبد اهللا ؟ قال

. ) ٣(!!) سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتني سنة صائم ؛ فقال يا أبا عبد اهللاولذلك كانت دعوة القرآن الكرمي صرحية للمؤمنني يف أن يكونوا مع الصـادقني ،

.) ٤( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآونوا مع الصادقين : يقول تعاىل قـال ابـن . ن استوت ظواهرهم و بواطنهم هم الذي : (قيل : يقول اإلمام القرطيب

وهذا القول هو احلقيقة والغاية اليت إليها املنتهى ، فإن هذه الصفة يرتفع ا النفاق : العريب .) ٥() يف العقيدة واملخالفة يف الفعل

وقد جاءت وصايا املفكرين املسلمني مبا يعلي من هذا األدب ويؤكده ، يقول اإلمام يف سرك كما أنت لـه يف عالنيتك ، وال يصلح أمر العلم إال بعد أن وكن: (أبو حنيفة

. ١١٠آية:سورة الكهف) ١( . ٧١،ص١١اجلامع ألحكام القرآن،مرجع سابق،ج:القرطيب) ٢( .نفس الصفحة: املرجع السابق)٣( . ١١٩آية:سورة التوبة) ٤( .٢٨٩،ص٨،مرجع سابق،جاجلامع ألحكام القرآن: القرطيب)٥(

٢٣٣

كان الفقهاء يتواصون بـثالث ، : (، وعن عون بن عبد اهللا قال ) ١() جيعل سره كعالنيته أنه من أصلح سريرته أصلح اهللا عالنيته ، ومن أصلح ما بينه : ويكتب بعضهم إىل بعض

.) ٢() ناسوبني اهللا أصلح اهللا ما بينه وبني ال:א−

ومن آداب العامل حنو ربه ، أن جيعل لنفسه خلوة بينه وبني اهللا ، فذلك أدعى لتحقق الصفات اإلميانية ، وقيامه على التدبر والتفكر من غري شاغل ينتج عن املخالطة ، كما أنه

، يقـول يكون أدعى لكمال اإلخالص ، حيث ال يطلع على عبادته حينئذ غري اهللا ومن أدب الشيخ أن تكون له خلوة خاصة ، ووقت خاص ال يسعه فيـه : (السهروردي .) ٣() معاناة اخللق

א− :א: االستقامة ضد االعوجاج ، وهي صفة ضرورية تأيت بعد اإلميان كما يف قوله تعاىل

إن الذين قالوا ربنا اهللا مث استقاموا... )احلسن يقول يف دعائـه ، ولذلك كان ) ٤ : . )٥() االستقامةاللهم أنت ربنا فارزقنا (

قـل : ( وقد جاء احلديث النبوي الشريف ليؤيد مضمون هذه اآلية ، يف قوله .)٦( ) آمنت باهللا مث استقم

وهذا يعين أن تكون الصفة اإلميانية راسخة يف حياة العامل ؛ غري مذبذبة ، كما يقول ، )٧() استقاموا والله لله بطاعته ، ومل يروغوا روغان الثعالب : (اب عمر بن اخلط

.١٧وصية أيب حنيفة،مصدر سابق،ص:أبو حنيفة) ١( .٢٢٢:اإلملاع،مصدر سابق،ص:القاضي عياض) ٢(، )ط.د(م،١٩٨٣عبد القاهر السهروردي، عوارف املعـارف،دار الكتـاب العـريب،بريوت، ) ٣(

.٤١٧، ٤١٦ص .٣٢آية: فصلتسورة) ٤( .٣٥٨،ص١٦،ج)ط.د(،)ت،د(ع ألحكام القرآن،دار التراث،بريوت،اجلام:القرطيب) ٥( .احلديث رواه مسلم ) ٦( .٩٨،ص٤تفسري القرآن العظيم،مرجع سابق،ج:ابن كثري) ٧(

٢٣٤

وألو استقاموا على الطريقة لأسـقيناهم مـاء : وقد جاء هذا املعىن يف قوله تعاىل . ) ١( غدقاמא− :א

تعد وال حتصى ، فإن نعمته على العامل تفـوق وإذا كانت نعم اهللا على اإلنسان ال ، وإذا كان كـثري ...شىت النعم ، ومنته عليه تفوق جليل املنن ، إذ شرفه بالعلم واإلميان

من الناس يتناسون نعم اهللا الكثرية عليهم ؛ مبا ألفوه من دوامها ، فإن العامل ال ينبغي له أن له من اآلفات النفسـية الكـثري ، أقلـها داء يتغافل عن نعم اهللا عليه ؛ وإال هلك ، ودخ

.العجب بالنفس ، واإلحساس بأن ما أوتيه من علم هو من عند نفسه وهلذا جاءت آيات القرآن الكرمي لتقرر مبدأ مهما ؛ أال وهو أنه ما من نعمة يرفل ا

.) ٢( فمن اللهوما بكم من نعمة : اإلنسان فهي من عند اهللا ، يقول اهللا ومن مث جاءت توجيهات املفكرين املسلمني حتمل هـذا املعـىن ، يقـول اإلمـام

واختذ لنفسك وردا خلف الصلوات ، تقرأ القرآن ، وتـذكر اهللا : (أبو حنيفة يف وصيته .) ٣() تعاىل ، وتشكره على ما أودعك من الصرب ، وأوالك من النعم

א− :א التقوى مطلب إمياين ، دعت إليه آيات القرآن الكرمي بقوة يف العديد منها ، يقول اهللا

يا أيها الـذين آمنـوا : ، ويقول تعاىل ) ٤( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله : تعاىل .) ٥( إال وأنتم مسلموناتقوا الله حق تقاته وال تموتن

ال يبلـغ العبـد أن : ( قد عرف التقوى يف احلديث الصحيح بقوله والرسول .)٦( ) من املتقني حىت يدع ما ال بأس به حذرا مما به بأس يكون

: وإذا كان هذا املطلب يدعى إليه املؤمنون ؛ بل الناس عامة كمـا يف قولـه تعـاىل

.١٦آية:سورة اجلن) ١( .٥٣آية:سورة النحل) ٢( .١٧وصية أيب حنيفة،مصدر سابق،ص:أبو حنيفة) ٣( .٢٧٨آية:سورة البقرة) ٤( .١٠٢آية:ن سورة آل عمرا)٥( ١٤٠،ص٢كتاب الزهد،باب الورع والتقوى،مرجع سابق،جيف ابن ماجة، احلديث رواه)٦(

٢٣٥

بكماتقوا ر ا الناسها أيي )فإن العلماء هم أوىل الناس مجيعا بالتحقق من هـذا )١ ، .) ٢() من أميز ما جيب أن يتصف به املريب(األدب ، بل كان ذلك األدب

، عن ابـن )٣( ونسوا حظا مما ذكروا به : ولذلك جاء يف تفسري قوله تعاىل . ) ٤() ألحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه باخلطيئة يعملهاإين : ( قال مسعود

فالعلم والتقوى ـذا (ونسيان العلم باملعصية أمر قد رصده العلماء وحتدثوا عنه ، .)٥() ، فالعلم نبل وشرف ، واخلطيئة خسة ، وال جيتمعان يف قلب واحد...قرينان

ما ينبغي لـه أن يسـتعمل وأول: (يقول اآلجري يف وصف العلماء ومحلة القرآن .) ٦() تقوى اهللا يف السر والعلن ، باستعمال الورع يف مطعمه ومشربه وملبسه ومكسبه

لقد كان تركيز العلماء على هذا األدب إدراكا منهم لكثري مـن اآلثـار التربويـة ، وتطمئن نفسه ، وتيسر له الكثري من للتقوى على العامل ، حيث ينال ا رضى اهللا

أموره الدنيوية واألخروية ، كما أا يف أهم وأعظم آثارها تعد سببا رئيسا يف صحة الفهم . واملعرفة ودوام الذكر له

א− :אمن أعظم اآلداب اليت يتحلى ا العامل ، وقد ورد القرآن مبا يعظم من هذه الصـفة

الناس والدواب والأنعام مختلـف ومن يف حق العلماء ، حىت غدا العلم هو اخلشية غفور زيزع اء إن اللهلماده الععب من ى اللهشخا يإنم كذلك هانألو )٧(.

:א−ا هللا تعاىل ، ومن أهم اآلداب اليت يتحلى ا العامل بينه وبني ربه ، أن يكون حمبا صادق

تلك الصفة اليت تدفعه ملزيد من املعرفة ، والعمل ، والثبات على التقوى ، واالستقامة على اإلميان ، وقد وردت هذه الصفة يف حق املؤمنني يف القرآن الكرمي ، فهي يف حق العلمـاء

.١آية:سورة النساء) ١( .٢٩٦رؤية إسالمية لقضايا تربوية،مرجع سابق،ص:سعيد إمساعيل علي.د) ٢( .١٣آية:سورة املائدة) ٣( . ورجاله موثقون،الكبرياملعجم رواه الطرباين يف )٤( .٨٨-٨٧،ص١أعالم التربية العربية اإلسالمية،مرجع سابق،ج:الغين الدقرعبد ) ٥( .٢٥أخالق محلة القرآن ،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٦( .٢٨آية:سورة فاطر) ٧(

٢٣٦

والذين آمنوا أشـد حبـا : أوجب ، وأكثر ضرورة وطلبا للتحقق ، يقول اهللا تعاىل قل إن كنتم حتبون اهللا فاتبعوين حيبـبكم اهللا ويغفـر لكـم : ، وقوله تعاىل ) ١( هللا

.، وغريها من اآليات ) ٢( ذنوبكم واهللا غفور رحيمومن مث فإن من يتحقق ذه الصفة يكون قريبا من التحقق بصفة اإلميان ، وحيـس

يه وجد بهن حالوة اإلميان ، من كان اهللا ثالث من كن ف : (لذته يف قلبه ، كما قال .) ٣() ورسوله أحب إليه مما سواهما

وال شك أن هلذا األدب مع اهللا من اآلثار اإلجيابية يف حياة العامل وعلمه ، حيـث . )٤() ويتابع سريه إىل الكمال ليحظى حبب اهللا ويفوز برضاه... ينشط للبذل (א− :א

ركز املفكرون املسلمون على ضرورة توثيق العالقة بني العامل وربه ، برباط مـتني قومي ، قائم على العبودية هللا جل وعال ، فالعلماء ورثة األنبياء ، وحـري ـم التخلـق

الزمة يف حق باألخالق احلميدة فيما بينهم وبني رم ، وقد اعتبرت هذه األخالق صفة إم شـاكرون هللا ، وذاكـرون لــه : (العلماء العاملني ، فقد وصفهم اآلجري بقوله

. )٣() دائما ، مع شعورهم حبالوة حب املذكور ، مع لذة مناجاتهوعلى هؤالء العلماء أن يعتربوا أنفسهم بعيدين عن اهللا تعاىل إذا فترت قلـوم عـن

.)٤(م املصائب ذكرهم له ، بل يعدونه من أعظ

.١٦٥آية:سورة البقرة) ١( .٣١آية:سورة آل عمران) ٢( .احلديث رواه البخاري ومسلم يف صحيحيهما) ٣( .١١٨إلسالمية،مرجع سابق،صمن أسس التربية ا:عمر التومي.د) ٤( .٨٤أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٥( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٦(

٢٣٧

واهتم املفكرون املسلمون ذا األدب إلدراكهم آثاره التربوية واخللقية على العملية التعليمية ، من توجيه سلوك العامل ، وتعويده على الصدق واإلخالص ومراقبة اهللا تعاىل ،

.كما أا حتقق له السعادة األبدية ، وتبعث فيه روح االجتهاد واجلد واملثابرة وقد كانت كثرة العبادة منتشرة بني العلماء العاملني ، فكان حممـد بـن املسـيب

، القانتني املوصوفني باالجتـهاد ) ٥(من العباد واتهدين والزهاد والبكائني ) هـ٣١٤ت(يف العبادة وقيام الليل ، وكان ال ينام يف اليوم والليلة إال ساعتني وخيـتم القرآن يف كـل

ـ ٣١١ت (ا عبد اهللا بن زيدان الكويف ، وأيض )١(يوم وكـان أكثـر كالمـه يف ) هوغريهم مـن . )٢(جملسه ، يا مقلب القلوب ثبت قليب على طاعتك ، وكان صاحب ليل

.العلماء الكثري أن جتعل معاملتـك مـع اهللا : (وذكر الغزايل العالقة بني العامل وربه يف رسالته بقوله

ترضى ا منه ، وال يضيق خاطرك عليه وال يغضب ، والذي ال حبيث لو عاملك ا عبدك .)٣() ترضى به لنفسك من عبدك اازي ؛ فال ترضاه أيضا هللا تعاىل وهو سيدك احلقيقي

أن حيـافظ علـى املنـدوبات : (كما أشار احلسني بن أمري املؤمنني إىل ذلك بقوله يتضمن إجالل صاحب الشريعة النبوية واتباعه الشرعية ؛ القولية والفعلية ، ويبالغ يف ما

٤() ، فيالزم تالوة القرآن وذكر اهللا تعاىل بالقلب واللسان(. א− א :א

هو النظر يف عواقب األمور ، أو التفكري يف دبر األمور ، والتـدبر مبعـىن : التدبر .)٥( أفال يتدبرون القرآن : التأمل والتبصر كما يف قوله تعاىل

.٢٧١،ص٢ابن العماد، شذرات الذهب،مرجع سابق،ج )١( .٢،٢٦٦ج:املرجع السابق) ٢( .١٤٥أيها الولد،مرجع سابق،ص:الغزايل) ٣( .٢٧ص) ١٩٨٥،بريوت، الدار اليمنية، ١آداب العلماء واملتعلمني، ط:سني بن أمري املؤمننياحل) ٤( .٨٢آية:سورة النساء) ٥(

٢٣٨

فكلمة فيها معىن النظر والتفهم ، وقد عرف الراغب األصفهاين التفكري : أما التفكر بأنه جوالن قوة الفكر حبسب نظر العقل ، ويستعمل الفكر يف املعاين ، وهو فحص األمور

هو إعمـال النظـر يف إن الفكر : وحبثها طلبا للوصول إىل حقيقتها ، ولذلك تقول اللغة . )١(الشيء ، ولكن على وجه العربة والعظة

.فهو نتيجة للتفكر : أما االعتبار ومن اآلداب اخللقية بني العامل وربه اليت قررها املفكرون املسـلمون االشـتغال بالفهم واالعتبار ، واالنشغال مبعرفة ما أوجب اهللا ، ومعرفة حقوقه وما جيب عليه مـن

دائما مشـتغال بـالفهم : ( يف حق اهللا تعاىل ، يقول اآلجري واصفا حال العامل األعمال .)٢(...) واالعتبار ، عامل بداء نفسه ، متهم هلا يف كل حال

قل انظروا مـاذا يف : وقد دلت اآليات القرآنية على هذه األدب يف قوله تعاىل لـق السـموات واألرض إن يف خ : ، و يف قوله تعـاىل )٣ ( السموات واألرض

.)٤( الليل والنهار آليات ألويل األلباب واختالفوقد اهتم املفكرون املسلمون ذا األدب ؛ إلدراكهم آثاره النفسية اليت تنتج عنـه

والقليـل : (لدى العامل ، حيث وضعوا بعض القواعد املتعلقة ذا األدب ، يقول اآلجري أحب إيل من قراءة الكثري من القرآن بغـري تـدبر وال من الدرس مع الفكر فيه وتدبره ،

ومل يكن مراده مىت أختم السورة ؟ ، وإمنا مراده مىت أعقل : ( ، ويقول أيضا )٥() تفكر فيه .)٦() من اهللا اخلطاب ؟ ، مىت أزدجر ؟ ، مىت أعترب ؟

.٢٢٢-٢٢٠،ص١م،ج١،١٩٨١موسوعة أخالق القرآن،دار الرائد،بريوت،ط:أمحد الشرباصي )١( .٨٥أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٢( .١٠١آية :سورة يونس )٣( .١٩٠آية:سورة آل عمران) ٤( .١٦٩أخالق أهل القرآن،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٥( .٣٦ص :املصدر السابق) ٦(

٢٣٩

مىت : (مل ، يقول ومن آثار التفكر والتدبر واحملاسبة أا تؤدي إىل التربية الذاتية للعا مىت أقصر أملي ؟ ، ومىت أتأهب ليـوم .. أكون من املتقني ؟ ، مىت أكون من احملسنني ؟ ،

.)١(..) موتى وقد غيب عىن أجلي ؟ ، مىت أعمر قربي ؟ ، )٢( كما بينوا أن للتفكري والتدبر آثارا سلوكية كاخلشوع والتقوى واحلزن والبكاء

اهللا نزل أحسن احلديث كتابا متشاا مثاين تقشعر منه جلـود قوله تعاىل إذ استدلوا ب .) ١( الذين خيشون رم مث تلني جلودهم وقلوم إىل ذكر اهللا

:وللتدبر والتفكر آثار تربوية يف شخصية العامل ميكن إمجاهلا فيما يلي . تصون العامل من التقليد واملتابعة العمياء -١ .عامل اليقظة القلبية والفكرية تورث ال-٢

.٩٠-٨٠أخالق أهل القرآن،مصدر سابق،ص: اآلجري)١( .١٦٧ص: املصدر السابق)٢( .٢٣آية : سورة الزمر) ٣(

٢٤٠

. تورث العامل العربة والعظة -٣ . تبعد العامل عن القبائح وأعمال السوء -٤ . تؤدي إىل اإلقبال على كل ما هو مجيل ومقبول -٥ . حتث العامل على االجتهاد يف طلب العلم والعبادة -٦. مور تنجب العامل من الغرور ، وتورثه احلزم واملثابرة يف األ-٧א− :מ

نتيجة للبيئة الثقافية اليت ملئت بالفرق واملذاهب املختلفة ، كثرت الفئات اليت تزكي نفسها ، وتطعن يف غريها ، لذا فقد ركز املفكرون املسلمون على ذلك ، وأوجبوا علـى

عمل وشـدة العلماء العاملني أن يعدوا أنفسهم خاطئني مذنبني ؛ مع شدة اجتهادهم يف ال ، )٢( فال تزكوا أنفسكم هو أعلم مبن اتقـى : ، فقد قال تعاىل )١(خوفهم من اهللا

، وقد )٣( والذين يؤتون ما آتوا وقلوم وجلة إم إىل رم راجعون : وقال تعاىل أي الذين يعطون العطاء وهم خـائفون وجلـون أال يتقبـل : (جاء يف تفسري هذه اآلية

، وهي درجة من )٤() خوفهم أن يكونوا قد قصروا يف القيام بالواجبات الشرعية منهم ، ف درجات أهل الصدق واإلخالص ، وأما املغرورون فإم يرون أنفسهم يف عليني على أدىن

.األعمال واألفعال وهلذه السمة الطيبة بني العبد وربه آثار جليلة ؛ إذ تورث العامل التواضع واخلضـوع

عاملني وللناس أمجعني ، ويدرك أن اهللا هو الذي وهبه العلم ، ومن مث حيترم آراء هللا رب ال .اآلخرين يف ااالت العلمية والثقافية واالجتماعية

.٨٥أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ١( .٣٢آية:سورة النجم) ٢( .٦٠آية:سورة املؤمنني) ٣( .٧،٥٦٨م،ج١،١٩٨١خمتصر تفسري ابن كثري،بريوت،دار القرآن،ط:حممد علي الصابوين) ٤(

٢٤١

א− א :אومها مضادان للكرب والعجب بالنفس ، ومها ميثالن احنرافا خلقيا ، جينح باإلنسـان

طر العوامل اليت تؤدي إىل االحنراف الفكري ، وغمط احلـق ، عن سبيل احلق ، ومن أخ وطمس معامله ، وهذا إذا وجد يف العلماء فإنه يكون خطريا ، ألنـه يفقـدهم صـفتهم كقدوة ، والناس يقتدون م ، لذا وجب عليهم أن يتجنبوا الكرب والعجـب بـالنفس ،

العجب منفر ، وهو بكل أحـد التواضع عطوف ، و (وعليهم أن يلتزموا بالتواضع ، ألن .)١() قبيح ، وبالعلماء أقبح

علة إعجام انصراف نظرهم (ويدخل العجب العلماء ، من باب تفردهم بالعلم ، و إىل كثرة من دوم من اجلهال ، وانصراف نظرهم عمن فوقهم من العلماء ، فإنه لـيس

. ) ٢() كثر من أن حييط به بشرمتناه يف العلم ، إال وسيجد من هو أعلم منه ، إذ العلم أوأوىل م أن ال يعجبوا مما عندهم ألم لو نظروا حق النظر ، وعملـوا مبوجـب (

العلم لكان التواضع م أوىل و جمانبة العجب م أحرى ، ألن العجـب نقـص ينـايف .)٣() فال يفي ما أدركوه من فضيلة العلم ، مبا حلقهم من نقص العجب. …الفضل ،

وعالج العجب أن ينظر العامل إىل نفسه بتقصري ما قصر فيه ؛ ليسلم من العجب مبا أدرك من العلم ، أما ذلك املعجب بنفسه لعلمه ، فال جتده إال مقصرا ومقال يف العلـم ،

ومتحكم فيه داء العجب ، ويقترن بشعور جاهل ، وغرور باالستغناء الذايت عـن كـل جانب طموح متزايد جامح لالمتياز على اآلخرين ، و رغبـة علم ، وعن كل أحد ، إىل

يف احتالل املرتبة املتفوقة ولو بغري حق ، ولذا نرى من تتحكم فيه هذه الصفة حمتقرا لعلم غريه ، متكلفا ما ال حيسنه ، وهذا ليس له غاية ينتهي عندها ، وال حد يقـف عنـده ،

. )٤() يضل ويضلومن كان تكلفه غري حمدود ، فأخلق به أن (

.٨٠أدب الدنيا والدين،مصدر سابق، ص:املاوردي) ١( .٨١ص:املصدر السابق) ٢( .٨٠ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤(

٢٤٢

و من اآلثار السلبية واخلطرية للكرب والعجب ؛ أنه قد يرتع بالعامل إىل اخلوض فيما ليس يعلمه وال يعرفه ، وهو ال يدري أن العلم ال يحاط به ، ألنه ليست له اية ، وحىت

اإلحاطـة فإذا مل يكن إىل : (ال يقع العامل يف هذا املزلق اخلطري ، ينصحه املاوردي قائال بالعلم سبيل فال عار أن جيهل بعضه ، وإذا مل يكن يف جهل بعضه عار ، مل يقبح بـه أن

. )١() يقول ال أعلم فيما ليس يعلمال ينبغي للرجل وإن صار يف طبقة (وعلى مثل هذا أن يتعلم ويستزيد من العلم ، إذ

. ) ٢() ن التكلف لهالعلماء األفاضل أن يستنكف من تعلم ما ليس عنده ، ليسلم مإذن جيب على العامل أن يتجنب الكرب والعجب بالنفس ، إذ فيهما مقاتل العلمـاء وما ينصرف العامل عن طلبه وهو االستزادة من العلـم ، طلبـه الـدائم ، واملطلـوب

. استمراره ، ويف نفس الوقت يفقد قوة القدوة املطلوبة للتربية والتعليم أال يقنع من العلم مبا أدرك ؛ ألن القناعة فيه زهد ، والزهد فيه ( وجيب على العامل .)٣() ترك ، والترك له جهل

وقد جعل املفكرون املسلمون من قضية االستكثار من العلم واسـتمرارية الـتعلم التزاما خلقيا على العامل ، فال ينبغي له أن جيهل من نفسه مبلغ علمها ، وال يتجاوز قـدر

إذا أحس يف نفسه التقصري فإن هذا أفضل من جتاوز حقهـا ، ألنـه سـيذعن حقها ، ف باالنقياد لالزدياد ، أما إذا جتاوز حقها فإنه سيكف عن االزدياد ، فالبد أن يقف علـى حال نفسه وعلمه ، ليعرف حاجتها ، ألن من جهل نفسه كان لغريها أجهل ، وبالتـايل

عليك بـالعلم : (يم والتربية ، قال بعض احلكماء فإن من حاله هذه ال يصلح لوظيفة التعل واإلكثار منه ، فإن قليله أشبه شيء بقليل اخلري ، وكثريه أشبه بكثريه ، ولن يعيب اخلـري

من فضل علمـك ، اسـتقاللك : إال القلة ، فأما كثرته فإا أمنية ، وقال بعض البلغاء . )٤() لعلمك ، ومن كمال عقلك استظهارك على عقلك

.٨٢أدب الدنيا والدين،مصدر سابق، ص:املاوردي) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٨٤ص: املصدر السابق) ٣( .٨٤-٨٣ص:املصدر السابق) ٤(

٢٤٣

א− מ ، מ :א والعلم البد لـه أن يبذل ، وهذا هو جو اإلسالم الصحيح ، فاإلسالم واملسـلم واتمع اإلسالمي كله يقوم على العلم ، ويفرض العلم وطلبه على اجلميـع ، وعنايـة

يرفـع اهللا لم اإلسالم ذا بالغة ، فهو يقرر يف آيات القرآن الكرمي رفعة الذين أوتوا الع أن يطلب ، وأمر اهللا تعاىل نبيه )١( الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات

.)٢( وقل رب زدين علما : املزيد من العلم فقال ونشر العلم على أيدي العلماء أمر مهم ، وقد وعى علماء املسلمني هذا فعملوا على

إدراكا منهم خلطورة دور العلم يف حيـاة األفـراد نشر العلم كل على قدر استطاعته ، .واتمعات

أن ال (وإدراكا من املفكرين املسلمني خلطورة العلم ؛ يرون أن من آداب العلمـاء يبخلوا بتعليم ما حيسنون ، وال ميتنعوا من إفادة ما يعلمون ، فإن البخل به لؤم وظلـم ،

بخل مبا منحوه جودا من غري خبل ، وأتوه عفوا واملنع منه حسد وإمث ، وكيف يسوغ هلم ال ، أم كيف جيوز هلم الشح مبا إذا بذلوه زاد ، وإن كتموه تناقص ووهى ، ! من غري بذل ؟

ولو اسنت بذلك من تقدمهم ، ملا وصل العلم إليهم ، وال نقرض عنـهم بانقراضـهم ، .)٣() ا أرذاالولصاروا على مرور األيام جهاال ، وبتقلب األحوال وتناقصه

إن الذين يكتمون : ويستدلون على ذلك بنصوص كثرية ، من ذلك ، قوله تعاىل يلعنـهم اهللا ما أنزلنا من البينات واهلدى من بعد ما بيناه للناس يف الكتـاب أولئـك

من كتم علما حيسـنه ، : ( أنه قال ، وما روى عن النيب ) ٤( ويلعنهم الالعنون .)٥( ) م القيامة بلجام من نارأجلمه اهللا يو

وال جدال أن هناك العديد من الفوائد تنتج عن بذل العلم وتعليمه ، فالعلم ال يتقدم إال بتراكمه ، وانتقاله من جيل إىل جيل ، مع اإلضافة واالبتكار ، فواجب على العلماء أن

.١١آية:سورة اادلة) ١( .١١٤آية:سورة طه) ٢( .٨٧أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ٣( .١٥٩آية:البقرة سورة) ٤( .٨٧أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ٥(

٢٤٤

، وهذا واجب يلقيـه ينقلوه وال يبخلوا به ، ويبذلوه وال يستروه ، ويشيعوه وال يسروه :العلم على أهله وبذلك تتحقق هلم فائدتان

التعليم صدقة ، نوال ما يرجوه العامل من ثواب اهللا تعاىل ، فقد جعل النيب : األوىل -، وروى ابن مسـعود ) تصدقوا على أخيكم بعلم يرشده ، ورأى يسدده : ( فقال

وما أجرمها؟: أجر العامل واملتعلم سواء قيل تعلموا وعلموا، فإن : ( أنه قال عن النيب .)١( ) مائة مغفرة ، ومائة درجة يف اجلنة: قال

زيادة العلم ، وإتقان احلفظ ، والعلم ال ينقصه ما أخذ منه ولكن فقد احلاملني : الثانية - .له سبب عدمه ، ومن مث فالبخل به هو سبب فنائه ، ولذا وجب عدم البخل به

ل املفكرون املسلمون من نشر العلم التزاما أخالقيا ، وأدبا للعامل ، فإنـه وحني جيع يهدف إىل جعل العلم اجتاها عاما يف الطلب والسلوك والبذل ، وال غـرو إذا علمنـا أن

. اتمع املعلم املتعلم هو هدف من أعظم األهداف يف اإلسالم ، وهي عمل األنبياء والرسـل ، قـال وتعد ظاهرة نشر املعرفة من األعمال اجلليلة

، كما أن هلـا )١( قل هذه سبيلي أدعو إىل اهللا على بصرية أنا ومن اتبعين : تعاىل فائدة عظيمة على اإلنسانية مجعاء ، إضافة إىل الفائدة احملتمة يف اآلخرة ، فقـد جـاء يف

جاريـة ، أو علـم صدقة : إذا مات ابن آدم ، انقطع عمله إال من ثالث : ( احلديث إن مما : ( ، ويقول يف هذا املعىن ابن حجر اهليتمي )٢() ينتفع به ، أو ولد صاحل يدعوا له

. )٣() يلحق املؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره :ويترتب على عدم االهتمام بنشر العلم آثار سلبية وهي

. انتشار اجلهل بني الناس -١ .خالق الذميمة واجلرائم الشنيعة نتيجة للجهل انتشار األ-٢ . ظهور األنانية والبغضاء بني العلماء وعامة اخللق -٣ . ضعف النشاط العلمي يف أقطار العامل -٤

.٨٨أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .١٠٨آية : سورة يوسف)٢( .ما يلحق اإلنسان من الثواب بعد وفاته: احلديث صحيح،رواه مسلم يف كتاب الوصية باب)٣( .٩٦م،مج ا،ص١٩٨٣،)ط.د(الزواجر عن اقتراف الكبائر،دار الفكر،بريوت،: ابن حجر اهليتمي)٤(

٢٤٥

. عدم تبادل الثقافات املختلفة بني الشعوب املتنوعة -٥א− א :א

احث بشدة أن القرآن الكرمي مع ما فيه من اآليـات الكرميـات مما يلفت نظر الب الكثريات اليت تزهد يف الدنيا وترغب يف اآلخرة فإن كلمة الزهد مل تأت فيـه إال مـرة

شروه بثمن بخس و : واحدة يف وصف إخوة يوسف حني باعوه للسيارة يف قوله تعاىل ة دوددعم اهمروا فيه وكان الزاهدين من )أما يف احلديث النبوي الشريف فأكثر ما )١ ،

: إال حديثا واحدا مشهورا وهو حديث ؛ يف كتب احلديث حكم عليه العلماء بالضعف ولكن مع هذه ، )٢() يما عند الناس يحبك الناس فازهد يف الدنيا يحبك الله، و زهدا(

رة يف استخدام مصطلح الزهد يف القرآن والسنة فإنه قد شغل حيزا كبريا يف الفكـر الند، ، وألسنة العلماء من بعدهم ، وقد دار على ألسنة الصحابة رضوان اهللا عليهم اإلسالمي

وقد عد ابن مجاعة الزهد من اآلداب املهمة اليت ينبغي للعامل أن يتحلى ا ومـن ذلـك بالزهد يف الدنيا و التقلل منها بقدر اإلمكان الذي ال يضر بنفسـه أو أن يتخلق (: قوله

بعياله فإن ما حيتاج إليه لذلك على الوجه املعتدل من القناعة ليس يعد من الـدنيا وأقـل درجات العامل أن يستقذر التعلق بالدنيا ألنه أعلم الناس خبستها وفتنتها وسـرعة زواهلـا

.)٣() بعدم االلتفات إليها واالشتغال مومهاوكثرة تعبها ونصبها فهو أحقومثل دعوة ابن مجاعة هذه تعين أن من آداب العامل أنه ال يستكثر من الـدنيا وأن

، واحلق أنه مع كثرة دوران هذا املصطلح يف الفكر اإلسـالمي فـإن يعيش حد الكفاف ، فلم يكـن ذاهبهمحقيقته أمر قد تباينت فيه ألفاظ الناس على اختالف م على التعرف

، مما جيعل تطبيق العلماء هلذا األدب حمل اختالف إىل يومنا مفهومه حمل اتفاق بني العلماء . هذا

وقد أكثر الناس من الكـالم (: وقد أشار اإلمام ابن القيم رمحه اهللا إىل ذلك قائال القـوم عـن ، فإن غالب عبارات ، ونطق حاله وشاهده كل أشار إىل ذوقه ويف الزهد

.٢٠آية:سورة يوسف) ١( . رواه ابن ماجه يف سننه،والطرباين يف الكبرياحلديث صحيح،) ٢( .١٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة )٣(

٢٤٦

. )١( )...أذواقهم وأحواهلملكن الالفت للنظر حبق أن القرآن مع دعوته احلارة إىل توجيه نظر اإلنسـان إىل

، فإنه مل يدع إىل التزهيد فيها بلفـظ الزهـد ؛ الدنيا ومدى حقارا بالنظر إىل اآلخرة ، ت ومـن الزينـة ولكنه أيضا دعا إىل البعد عن حترمي ما خلقه اهللا لإلنسان من الطيبـا

لتـي ازينة الله ل من حرم ق : واالستمتاع ا بشرط عدم اإلسراف فيها يقول تعاىل ي الحياة الدنيا خالصة يـوم فأخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا

ن ة كذلكامات القيل اآليون لفصلمعم يقو )ويقول سبحانه )٢ ، : ا وغ فيمتاب اكآت نسلا تة والآخر الدار اللهن كإلي الله نسا أحسن كمأحا وينالد من كصيبـغ وبلا ت

. )٣( ب المفسدينالفساد في الأرض إن الله لا يحالزهـد يف الـدينار (:ومن مث فإذا كان بعض العلماء قد عرف الزهـد بأنـه

، ليس بأكل الغليظ وال لـبس قصر األملباجتاها آخر قد عرفه هناك فإن ، )٤() والدرهم كما يقول - ، ولعل من أمجع ما قيل يف تعريف الزهد )٥( الثوري سفيانكما يقول ، ةالعباء

.) ٦( وهو من تعريفات اإلمام ابن تيمية)ترك ما ال ينفع يف اآلخرة(: ابن القيم فإن من الواجب حينئذ أن ، ويف احلق أن الزهد إذا كان ترك ما ال ينفع يف اآلخرة

، بل ينظر إىل جممـوع النصـوص ث وأثار يال يقتصر على ما يروى يف الزهد من أحاد ك العبارات اآلسرة اليت قـد رنب من زلل الوقوع يف ش ، إذ من شأن ذلك أن جي الشرعية

، فيقع يف هوان العيش ويضـيع تقضي على العامل أن يعيش فقريا كي يتحلى ذه الصفة . )٧( من يعول وهذا ما تأباه النصوص اإلسالمية يف جمملها

.١٠،ص٢م،ج١،١٩٨٨دار التراث العريب،القاهرة،طمدارج السالكني،: ابن القيم)١( .٣٢آية:سورة األعراف) ٢( .٧٧آية:ص سورة القص)٣( .١٢،ص٢مرجع سابق،جمدارج السالكني،:ابن القيم) ٤( .١١ص:السابقاملرجع )٥( .١٠ص:السابقاملرجع )٦(دار األخــالق اإلســالمية وأسســها، :عبــد الــرمحن حســن حبنكــة امليــداين ) ٧(

. وما بعدها٥٢٥،ص٢،ج٢م،ط١٩٩٢الفكر،سوريا،

٢٤٧

عامل فرد فمما ال شك فيه أن احلالة املادية واملعيشة للعامل شيء هام ومهم ، إذ إن ال من الناس ، له حاجاته اليت جيب أن تشبع ، وله احتياجاته اليت البد أن حيصل عليها ، ألن فقد هذه احلاجات يؤدي إىل ضعف النفس واجلسد ، بل وضعف الدنيا كلها ، وهذا ال

.جيوز يف حق اإلنسان ككل ، فضال عن ذلك العامل باعتباره إنسانا حياة كرمية لسد حاجاته عند الضرورة ، ولكن البد من ترك وهلذا فإنه البد له من

الفضول وما زاد على قدر الكفاية ، و ينصح املفكرون املسلمون أن يتنـزه العامل عن شبه والقناعة بامليسور من كد املطالب ، فإن شبه املكاسب إمث ، وكد املطالـب (املكاسب ،

.)١() به من الذلذل ، واألجر أجدر به من اإلمث ، والعز أليق وهم ذا مل خيرجوا عن اجلو اإلسالمي العام إطالقا ، فقد أمجع علماء املسلمني ، على أمهية الزهد والورع يف حياة اإلنسان عامة ، والعلماء خاصة ، وهذا الزهد ال يعـين

بل هو عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إىل مـا (االنصراف عن الدنيا دفعة واحدة ، هو خري منه ، ففي املطعم يكون هدف العامل منه ما يدفع اجلوع مما يوافق البدن ، أما يف امللبس ، فاالقتصار فيه على ما يدفع احلر والربد ويستر العورة ، ويكون فيه من التجمل مما

.)٢() ال خيرجه إىل الشهرة ، وهكذاملكاسـب ، وأن يقنـع العـامل فالزهد والتنـزه هنا عن الفضول ، وما أمسوه شبه ا

بامليسور من املطالب ، يف املطعم واملشرب وامللبس ، وهذا ضـروري للعـامل ، ألن ال ينشغل عن العلم بشيء من فضول الدنيا ومكاسبها ، فلذة العلم فوق كل لذة ، إذ هـي

أن يتخلق بالزهد يف الدنيا و (عوض عن كل لذة ، ومغنية عن كل شهوة ، فوجب عليه قلل منها بقدر اإلمكان الذي ال يضر بنفسه أو بعياله فإن ما حيتاج إليه لـذلك علـى الت

الوجه املعتدل من القناعة ليس يعد من الدنيا وأقل درجات العامل أن يستقذر التعلق بالدنيا ألنه أعلم الناس خبستها وفتنتها وسرعة زواهلا وكثرة تعبها ونصبها فهـو أحـق بعـدم

)٣() الشتغال مومهاااللتفات إليها وا

.٩٢، ٩١صأدب الدنيا والدين،مصدر سابق،:املاوردي) ١( .٢٨٧-٢٨٣خمتصر منهاج القاصدين،مرجع سابق،ص:ملقدسيابن قدامة ا) ٢( .١٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣(

٢٤٨

يتحرى احلالل يف طعامه ، بل يف كل شـأنه ، فـذلك أوىل إىل ومتام هذا أيضا أن أن يأخذ نفسه بالورع يف مجيع شـأنه ، (إفادته من العلم وحتقيق مثرة اخلري منه ، فالبد

، ويتحرى احلالل يف طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه ، ويف مجيع ما حيتاج إليه هو وعياله .)١() ليستنري قلبه ، ويصلح لقبول العلم ونوره والنفع به

א− :אهاتان اللفظتان وإن كان لكل منهما ما خيتص به من املعاين والصفات فإما مـا

، وكثريا ما يفسـر أحـدمها بـاآلخر يف كـالم يزاالن يقترنان حىت بدا أما مترادفان ـ : بأنه قرآن الكرمي قد وصف املوىل ، وإذا كان ال ) ٢( العلماء ل هالـذي أنـز و، وفسرت السكينة يف بعض )٣( لمؤمنني ليزدادوا إميانا مع إميانهم افي قلوب السكينة

؛ فإن السكينة والوقـار قـد اجتمعـت يف )٤(تفسرياا كما جاء يف قول قتادة بالوقار إذا مسعـتم اإلقامـة ( ، منها حديث مسلم عن عن أيب هريرة بوية شريفة أحاديث ن

فامشوا إىل الصالة، وعليكم بالسكينة والوقار، وال تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما . وما يزال العلماء يفسرون الوقار بالسكينة، )٥( )فاتكم فأمتوا

كما ،) الوقار(خصيصة ناقلتها كتب السري والسنة اليت ت ومن خصائص النيب ذلـك األدب ؛ورد أن النيب كان جيلس مع أصحابه كأن على رؤوسهم الطري من الوقار

ففي سنن ، الذي حرص العلماء املسلمون على أن جيعلوا لـه بابا مفردا يف كتب احلديث هدي إن ال ( جاء فيه حديث النيب ، )باب يف الوقار (: أيب داود مثال يف كتاب األدب

.)٦( )الصالح والسمت الصالح واالقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة

.٧٥تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة )١( اض والقرطيب ي قال ع )الوقار(و: قول املباركفوري يف حتفة األحوذي يف باب املشي إىل املساجد ي) ٢(

التـأين يف ) :السـكينة (الظاهر أن بينهما فرقـا وأن : ال النووي وق. ..هو مبعىن السكينة : )يف اهليئة كغض البصر وخفض الصوت وعدم اإللتفات: )الوقار(، و احلركات واجتناب العبث

.٤آية:سورة الفتح) ٣( .١٨٤،ص٤،مرجع سابق،ج تفسري ابن كثري:ابن كثري) ٤( .مسلم ، رواه صحيح احلديث ) ٥( .، رواه أبو داوودحيح صاحلديث ) ٦(

٢٤٩

احتل هذا األدب مكانة يف الفكر اولعل ما أوردناه اآلن من القرآن والسنة يبني ملاذ ، بل ويداوم على ى ا اإلسالمي ليصري أحد اخلصائص واآلداب اليت ينبغي للعامل أن يتحل

: يقول فيـه ويروي يف ذلك أثرا لعمر ، )١( التخلق ا كما ينص اإلمام ابن مجاعة .) ٢() ه السكينة والوقارـتعلموا العلم وتعلموا ل(

، وقـد جعـل ، وكان الوقار جزءا من النبوة الوقار وملا كان من مست النيب وعبـاد ات عباد الرمحن الواردة يف آيات سورة الفرقان صفصفة من العلماء من الوقار

فقد )٣( الرمحن الذين ميشون على األرض هونا، وإذا خاطبهم اجلاهلون قالوا سالما إىل هذا اخللق الرفيع وأحد اآلداب املهمة يف الفكر اإلسالمي اليت املفكرون املسلمون دعا

. ينبغي للعامل أن يتحلى ا، فهي دعوة إىل ذا اخللق وإن كانت الدعوة إليه جاءت غري مفصلة ويف احلق أن ه

، فإن العلماء قد ذهبوا يف تفسريام للنصوص اإلسالمية يعددون بعـض الوقار فحسب ، وإن كنت أرى أن العرف آنئذ قـد لعـب دورا هذه الصفات اليت تنبثق من هذا اخللق

ذا األدب قد مشل كثريا من الصـفات ، وكذلك فإن ه بارزا يف بيان مفهوم هذا األدب فمـن ، كما دل على العديد من الصفات املادية والنفسية والعقليـة ، الظاهرة والباطنة

، )٤( الصفات الظاهرية مثال حتسني اهليئة بلبس العمامة وإرخاء العذبـة بـني الكـتفني مـن الصـفات ، و ويالحظ يف هذا املثال كيف لعب العرف دورا بارزا يف هذا األدب

،) احللـم والرزانـة (، ما جاء أن من الوقار الذي يتحلى به العلمـاء النفسية والعقلية : أنه -رمحه اهللا -ويستشهد املناوي على ذلك مبا رواه اإلمام ابن املبارك عن اإلمام مالك

، فلما فرغ سـألته لدغته عقرب ست عشرة لدغة فتغري لونه وتصرب ومل يقطع احلديث (وهذه خصلة نفسية نفيسة رمبا محلـت ، )٥() صربت إجالال حلديث املصطفى : فقال

ورمبا كان ختلق العلمـاء ، البعض على املبالغة يف هذه القصة املروية عن مالك رمحه اهللا

.١٥تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .١٦ص:سابقالصدر ملا) ٢( .٦٣آية:سورة الفرقان) ٣( .١١٤٢ رقم حديث،١ح)ت.د(،)ط.د(،دار احلديث،القاهرة،فيض القدير:املناوي )٤( .٣٣٢١حديث:املرجع السابق) ٥(

٢٥٠

، وذلك بأخالق النيب وسعيهم ألن يتسموا ببعض من صفات النبوة كما جاء يف احلديث -دعا اإلمام مالك ، ل األخالقي املتمثل يف أشرف اخللق يعين سعيا إىل املثال والكما

إذا علمت علما فلري عليك (: إىل خلق الوقار فكتب إليه قائال هارون الرشيد -رمحه اهللا . )١() أثره وسكينته ومسته ووقاره خلرب العلماء ورثة األنبياء

فة أن قدح بعضـهم يف ورمبا كان من مبالغة العلماء يف أمهية ختلق العامل ذه الص ، وإن كانت بعض مفرداته مبنية على العـرف بعض ألنه مل يلتزم مبقتضيات هذا األدب

. وغري ذلك وليس على الدين كعدم ارتداء العمامة أو األكل ماشياא− א :אמ

هذا املصطلح مع دورانه على ألسنة العلماء منذ العصور اإلسالمية األوىل، فإنه مل ت بلفظه يف كل من القرآن الكرمي والسنة النبوية املشرفة وإن كان من أمسـاء اهللا يأ

ولكن آيات القرآن و كذلك السنة النبوية املشرفة قد جاء فيهما ما حيض ويؤكد . الرقيب، الذي يدل على أن املتمسك به هو من العاملني بـرب على مضمون ذلك األدب الرفيع

، ولذلك كان العامل هو من أوىل الناس ختلقـا لتحصيل يف العلوم العاملني وإن كان قليل ا : ، إذ إن املراقبة يف مفهومهـا تعـين ذا األدب وإال صار إىل النقيض من ذلك بفقدانه

، فاستدامته هلـذا دوام علم العبد وتيقنه باطالع احلق سبحانه وتعاىل على ظاهره وباطنه ( كمـا يف ، )٢() ...مثرة علمه بأن اهللا سبحانه رقيب عليه ، وهي العلم واليقني هي املراقبة

. )٣( لم يعلم بأن الله يرىأ : قوله تعاىلولذلك فإن العامل ال بد وأن يتخلق ذا اخللق الذي سوف جيعل منه عاملا ربانيـا

هللا تعـاىل يف ةم املراقب دوا(: كما يقول ابن مجاعة ، أمينا على ما استودعه اهللا من العلوم السر والعلن ، واحملافظة على خوفه يف مجيع حركاته و سكناته ، وأقواله وأفعاله ، فإنـه

.) ٤() أمني على ما أودع من العلوم وما منح من احلواس و الفهوم ومما جاء يوضح ذلك أن العامل الذي يراقب اهللا كان من شأنه أنـه ال يقـول إال

. ٣٣٢١حديث مرجع سابق،،فيض القدير:وياملنا )١( .٦٨-٦٧،ص٢مرجع سابق،جمدارج السالكني،: ابن القيم)٢( .١٤آية :سورة العلق) ٣( .١٥تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٤(

٢٥١

، ولكن املراقبة حتمله علـى أن فال حيمله الكرب على التمادي يف خطئه ، فإن أخطأ احلق أليب ، وقد جاء يف كتاب أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب يعاود ما أخطأ فيه بالتصويب

وال مينعك قضاء قضيته باألمس راجعت فيه نفسـك وهـديت : ( موسى األشعري . )١( )احلق خري من التمادي يف الباطل، فإن احلق قدمي ومراجعة لرشدك أن تراجع احلق

وفيه دليل أنه إذا تبني للقاضـي (: يقول السرخسي ويف كلمات سيدنا عمر اخلطأ يف قضائه بأن خالف قضاؤه النص أو اإلمجاع فعليه أن ينقضه وال ينبغي أن مينعـه

. )٢()تعاىل يف ذلك خري له راقبة اهللام، فإن االستحياء من الناس من ذلكومراقبـة ، ولذلك كان من وصايا العلماء بعضهم لبعض خبلوص نيام يف السر

إذا (: كما أوصى أبو حفص أبا عثمـان النيسـابوري بقولـه ، اهللا ال مراقبة املخلوقني ، فـإم عهم عليـك ا، وال يغرنك اجتم جلست إىل الناس فكن واعظا لقبك ونفسك

. )٣() يراقبون ظاهرك واهللا يراقب باطنكמ− א א א א מ :א

إن من أهم الصفات الواجب توافرها يف العامل ، وما جيب أن يتميز به عن غـريه ، هو تنـزيه العلم عن جعله وسيلة للحصول على أغراض ومطامع دنيوية ، فالعلم أجل من

مبا يستحقه من العزة والشرف أن يستخدم يف هذا الشأن ؛ ومن واجب العامل أن يقوم له ينـزه علمه عن جعله سلما يتوصل به إىل األغراض الدنيوية من جاه أو (والصيانة ، وأن

عن الطمع يف رفق من ( ، كما ينـزه العلم )٤() مال أو مسعة أو شهرة أو تقدم على أقرانه يصون العلـم ( بل ؛ )٥() طلبته مبال أو خدمة أو غريها بسبب اشتغاهلم عليه وترددهم إليه

) ٦() كما صانه علماء السلف ويقوم له مبا جعله اهللا تعاىل له من العزة والشرف

.٢١٧،ص٥،ج)ت.د(،)ط،د(دار الكتب العلمية،بريوت،املبسوط،:لسرخسيا) ١( .نفس الصفحة:املرجع السابق) ٢( .٦٨،ص٢مرجع سابق،جمدارج السالكني،:ابن القيم ) ٣( .١٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ٤( .١٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ٥( .١٩ص:املصدر السابق) ٦(

٢٥٢

إن من أعظم اخلطأ أن يستعني العامل بعلمه للحصـول علـى فضـول األغـراض .الدنيوية ؛ ألن يف ذلك إذالال للعلم ، وامتهانا له ، وهو ما جيب أن حيترز منه العامل

عن دينء (ينـزه العلم ما مل يتنـزه هو يف نفسه ، فينأى بنفسه مترفعا والعامل لن ، ويسلك سلوك األخيـار )١() املكاسب و رذيلها طبعا ، و عن مكروهها عادة وشرعا

الفضالء ، فليست النـزاهة يف أن يسلك العامل سلوكا يقره عليه الناس فحسـب ؛ بـل ه للتهم ، وإن كان فعله طيبا ومسـلكه محيـدا ؛ تتحقق النـزاهة له حني ال يعرض نفس

فذلك كمال النـزاهة واملروءة ، فإذا صادف وفعل ما ظنه خروجا عن األدب ، سـارع فبني وجه فعله حىت ال ينفر الناس منه ؛ فيحذرون أخذ العلم على يديه ، ومتتنع الفائـدة

وال يفعل شيئا يتضمن نقص يتجنب مواضع التهم و إن بعدت ، : (منه ، يقول ابن مجاعة مروءته ، أو ما يستنكر ظاهرا وإن كان جائزا باطنيا ، فإنه يعرض نفسه للتهمة ، وعرضه للوقيعة ، ويوقع الناس يف الظنون املكروهة ، وتأثيم الوقيعة ، فإن اتفق وقوع شيء مـن

يأمث بسببه ذلك حلاجة أو حنوها ، أخرب من شاهده حبكمه ، وبعذره و مقصوده ؛ كي ال .)٢() أو ينفر عنه فال ينتفع بعلمه

מ− א :אأن حيافظ على القيام بشعائر اإلسالم وظواهر (أوجب املفكرون املسلمون على العامل

األحكام كإقامـة الصـالة يف املسـاجد للجماعـات وإفشـاء السـالم للخـواص هم القدوة وإلـيهم املرجـع يف ( لماء أم والسر يف وجوب ذلك على الع ، )٣( )والعوام

ينظرون ويقتدي األحكام وهم حجة اهللا تعاىل على العوام وقد يراقبهم لألخذ عنهم من ال وهلـذا (؛ )٤() نتفاع به يعلمون وإذا مل ينتفع العامل بعلمه فغريه أبعد عن اال ديهم من ال

. )٥() عظمت زلة العامل ملا يترتب عليها من املفاسد القتداء الناس به

.١٩،٢٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .٢٣ص:املصدر السابق) ٢( .٢٠ص:سابقالصدر امل) ٣( .٢١ص:سابقالصدر امل) ٤( .٢١ص:املصدر السابق) ٥(

٢٥٣

א− א א א :אوقد جعل املفكرون املسلمون من مسئولية العامل أن يهتم بصحته النفسية ، وضرورة

ات الصحة النفسية وأهم عناصرها هو رضاه عن أن يتمتع باالتزان االنفعايل ، وأول عالم عمله ، فال شك أن اقتناع العامل بقيمة العمل الذي يؤديه يكسبه شعورا باألمن ويبعـث يف نفسه الطمأنينة ، ويبعد عنه االضطراب والقلق وسيطرة األفكار البغيضة ، والعامل إن

بوجه عام ، وعلى عالقاتـه اقتنع بعمله ، وبأنه ذو قيمة كبرية انعكس ذلك على سلوكه بتالميذه بوجه خاص ، وقد حرص املفكرون املسلمون على تأكيد هذا املعىن ، فنـراهم يذكرون العامل بقيمة عمله ، ومسو رسالته ، وليس أدل على ذلك مـن اعتبـارهم أن

. )١() تعليم العلم من أهم أمور الدين وأعلى درجات املؤمنني(

ليم ميارس عبادة يستحق ا رضاء اهللا والناس أمجعني ، فقد قال والعامل باشتغاله بالتع إن اهللا مالئكه وأهل السموات واألرض حىت النملـة يف جحرهـا : (رسول اهللا

لعمرك ما هذا إال منصب جسيم ، وإن نيلـه لفـوز ( ، و )٢() يصلون على معلم اخلري .)٣() عظيم

دوئه واتزانه االنفعايل يف عالج حاالت وتتجلى الصحة النفسية للعامل يف احتفاظهسوء أدب تالميذه ، والصرب يف معاجلة خروجهم عن حدود اللياقة والتماس األعذار هلم ،

الصرب على جفاء رمبا وقع منه ، ونقص ال يكاد خيلو اإلنسـان (فمن واجبه حنو تلميذه وقفه مع ذلـك عنه ، وسوء أدب يف بعض األحيان ، ويبسط عذره حبسب اإلمكان ، وي

على ما صدر منه بنصح وتلطف ، ال بتعنيف وتعسف ، قاصدا بذلك حسـن تربيتـه .) ٤() وحتسني خلقه

كما تتجلى صحته النفسية أوضح ما تكون يف تقدميه قدوة صاحلة ومنوذجا طيبـا لتالميذه بسلوكه العام ، وتصرفاته يف املواقف املختلفة ، وهو بتقدميه هذا النموذج الطيب

.٤٧صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة) ١( .٤٧ص:املصدر السابق )٢( . ٤٧ص:املصدر السابق) ٣( .٤٩،٥٠ص:املصدر السابق )٤(

٢٥٤

يدفع تالميذه إىل التحلي بكرمي الصفات ومجيل األخالق ؛ اقتداء به والتزاما مبنهجه ، وال .شك أن للقدوة يف هذا اال أثرا ال ينكر

وقد عرض املفكرون املسلمون لعدد من األدواء النفسية اليت تصيب بعض العلماء مما ألخالق الرديئة ، وطالبوا العامل أن له أخطر األثر على عالقتهم بتالميذهم ، وقد أمسوها ا

يبادر إىل التخلص منها إذا ابتلي ا ؛ ألا يف رأيهم أصل كل شر وسبب كل مفسدة ، أن يطهر باطنه وظاهره من األخـالق الرديئـة ، ويعمـره بـاألخالق (وقد نصحوه

ـ : ( ، وعددوا هذه األدواء النفسية ، فذكروا منها )١() املرضية د والبغـي الغـل واحلسوالغضب لغري اهللا تعاىل ، والغش والكرب والرئاء والعجب والسمعة والبخـل واخلبـث

والبطر والطمع والفخر واخليالء والتنافس يف الدنيا واملباهاة ـا ، واملداهنـة والتـزين للناس ، وحب املدح مبا مل يفعل ، والعمى عن عيوب النفس واالشتغال عنـها بعيـوب

ية والعصبية لغري اهللا ، والرغبة والرهبة لغري اهللا ، والغيبة والنميمة والبـهتان اخللق ، واحلم والكذب والفحش يف القول ، واحتقار الناس ولو كانوا دونه ، فاحلذر احلذر من هـذه الصفات اخلبيثة واألخالق الرذيلة ، فإا باب كل شر ، بل هي الشركة كله ، وقد بلى

ة من فقهاء الزمان بكثري من هذه الصفات ؛ إال من عصـم بعض أصحاب النفوس اخلبيث .)٢() اهللا

وأخالق اإلنسان وسلوكه قابالن للتعديل والتغيري ، ومن مث فعلى العامل إن اعتـراه وال سيما احلسد والعجـب والرئـاء واحتقـار (مرض من هذه األمراض النفسية عامة

ل سلوكه وتغيري خلقه ، ومل يذهب املفكرون أن يبادر إىل التخلص منه بتعدي )٣() الناس -عند أصـحاب الـرأي -املسلمون إىل الرأي القائل بأن األخالق ال تتغري ، ألن اخللق

صورة الباطن ، كما أن اخللق صورة الظاهر ، وكما أن الباطن ال يتغري فكذلك اخللق ، .وإمنا رأوا إمكانية تعديل األخالق والسلوك بااهدة

: أما كيف يتم تعديل األخالق وتغيريها ؛ فإن املفكرين املسلمني جعلوا ذلك مراحل

.٢٣صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .٢٣،٢٤ص:املصدر السابق) ٢( .٢٤ص:املصدر السابق )٣(

٢٥٥

الوقوف على تلك األخالق املرذولة ، وهذه األدواء النفسية اخلبيثة ، : أوال -

تأيت مرحلة العالج ، وقد طرح املفكرون املسلمون وسائل عامة لعالج كل هذه : ثانيا -ا يف ذكر وسائل العالج ، وإمنا أحالوا إىل كتب الرقائق اليت كانـت األدواء ، ومل يفصلو

وأدوية هذه البلية مستوفاة يف كتب الرقائق ، : (مشهورة يف عصرهم ، يقول ابن مجاعة .)١() فمن أراد تطهري نفسه منها فعليه بتلك الكتب

جع لكل هذه األدواء ومع هذه اإلحالة لكتب الرقائق ، ذكروا أن العالج العام والنا دوام التوبة واإلخالص واليقني والتقوى والصرب والرضا والقناعـة ورؤيـة : (يكمن يف

اإلحسان ، وشكر النعمة ، والشفقة على خلق اهللا تعاىل ، واحلياء من اهللا تعـاىل ومـن . ) ٢() الناس ، وحمبة اهللا تعاىل هي اخلصلة اجلامعة

ن وسائل عالج لكل داء من هذه األدواء النفسية الـيت طرح املفكرون املسلمو : ثالثا -تصيب العلماء على حدة ، وليس ما يصلح لعالج بعضها يصلح لعالج البعض اآلخـر ،

الفكر بأنه اعتراض على اهللا سـبحانه وتعـاىل يف : (هو -يف نظرهم –فعالج احلسد مثال وتعب للقلب وتعذيبه مبا حكمته املقتضية ختصيص احملسود بالنعمة ، مع ما فيه من غم ،

.)٣() ال ضرر فيه على احملسود

يذكر أن علمه وفهمه وجودة ذهنه وفصاحته وغري ذلك من (وعالج العجب هو أن النعم فضل اهللا عليه ، وأمانة عنده لريعاها حق رعايتها ، وأن معطيه إياها قـادر علـى

.)٤() سلبها منه يف طرفة العني

ن اخللق كلهم ال يقدرون على نفعه مبا مل يقضه اهللا تعـاىل الفكر بأ (وعالج الرياء له ، وال على ضره مبا مل يقدره اهللا تعاىل عليه ، فلم يحبط عمله ، ويغري دينه ، ويشـغل

.٢٤ص سابق،تذكرة السامع واملتكلم،مصدر:ابن مجاعة )١( .٢٦ص:املصدر السابق) ٢( .٢٥ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق )٤(

٢٥٦

نفسه مبراعاة من ال ميلك له يف احلقيقة نفعا وال ضرا ، مع أن اهللا تعاىل يطلعهم على نيته .)١() وقبح سريرته

ال يسخر قوم من قـوم عسـى أن : تدبر قوله تعاىل (ن أدوية احتقار الناس وم إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شـعوبا : وقوله تعاىل )٢( يكونوا خريا منهم

فال تزكوا أنفسكم هو : وقوله تعاىل )٣ (وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اهللا أتقاكم كان املحتقر أطهـر عنـد اهللا قلبـا وأزكـى عمـال ، ورمبا (، )٤ (اتقى أعلم مبن

.)٥() وأخلص نية

وهكذا عرض املفكرون املسلمون لكل مرض من هذه األمراض النفسية ، وبينـوا للعامل ما يترتب عليه من نتائج سلبية وآثار وخيمة ، وال شك أن ذلك يتطلـب معرفـة

ية ، مث طرحوا العالج معتمدين يف ذلك علـى جيدة بالسلوك اإلنساين ، والظواهر النفس إثارة اجلانب التفكريي و اإلدراكي للعامل ، وإيقاظ باعث الدين يف نفسه على أساس أنه الضابط املنظم للسلوك ، مث عرضوا بعد ذلك وسائل أخرى للعالج ، وهـي التمـرس

اته ؛ وذلك حيتاج إىل باألخالق الطيبة املرضية ، واالبتعاد عن أسباب اخللق املذموم ومثري جماهدة النفس ، وبذل غاية اجلهد لتغيري األخالق املذمومة ، وعـالج هـذه األمـراض النفسية ، وتكون ااهدة حبمل النفس على األعمال اليت تكسـب نقـيض الصـفات

. املرذولة ، واملواظبة على هذه األعمال وتكرارها ليتعودها

االزدياد مبالزمة اجلد واالجتهاد ، واملواظبة علـى دوام احلرص على (وعلى العامل حيافظ علـى املنـدوبات ( ، كذلك عليه أن )٦() وظائف األوراد من العبادة واالشتغال

الشرعية القولية والفعلية ، فيالزم تالوة القرآن ، وذكر اهللا تعاىل بالقلـب واللسـان ، النهار، ومن نوافل العبادات مـن وكذلك ما ورد من الدعوات واألذكار يف آناء الليل و

.٢٥رة السامع واملتكلم،مصدر سابق،صتذك:ابن مجاعة )١( .١١آية رقم : سورة احلجرات) ٢( .١٣آية رقم : سورة احلجرات) ٣( .٣٢آية رقم : سورة النجم) ٤( .٢٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٥( .٢٦ص:السابقصدر ملا) ٦(

٢٥٧

، وذه ااهدة يقاوم العامل األمراض النفسية قبل وقوعهـا ؛ )١() اخل.. الصالة والصيام .وبذلك تسلم له صحته النفسية

א− מ א :אعنه ، وتلـك متيل النفس اإلنسانية إىل اجلمال وتقبل عليه ، وتنفر من القبح وتعزف

سجيتها منذ األزل ، وملا كان املظهر اخلـارجي لألشـخاص واألشـياء يرسـل أول االنطباعات إىل النفوس عن طريق العني ، فيستهويها حني يكون مقبوال ، ويثري امشئزازها

حني يكون بشعا أو ممجوجا ، لذا اعتين املفكرون املسلمون مبسـألة املظهـر اخلـارجي ب االعتناء به ، واحلرص على الظهور بشكل ال يشوبه نقـص وال عيـب للعامل ، ووجو

. وال تشويه فاملظهر العام له أمهية كبرية يف حياة العامل واملتعلم على السواء ، فبالنسـبة للعـامل يعطيه املظهر اخلارجي من املهابة واملكانة ما يعظمه يف عيون الناس ، كما يدل على تعظيم

علم ، وبالنسبة للمتعلم يلعب املظهر اخلارجي دورا حيويا ، ذلك أن املتعلم يقلد أستاذه ال .) ٢() ويتأدب بآدابه ، وال يدع االقتداء به.…ويسلك يف السمت واهلدي مسلكه (

وما دام املعلم قدوة لتالميذه ، والتلميذ ال يدع االقتداء به يف كل شيء ، لذا وجب لتالميذه دائما يف صورة طيبة ، دون مغاالة أو إسراف ، وأن يظهر هلـم عليه أن يظهر

باملظهر املناسب ، من حيث نظافته ، ونظافة ثيابه ، فاألنظار ترمقه ، ونفوس طالبه متيل .إىل تقليده وحماكاته

وقد وضع املفكرون املسلمون جمموعة من اآلداب ، اليت جيب على العامل أن يلتزمها حياته اليومية ، وعند ذهابه إىل درسه ، إجالال للعلم ومكانته ، وحفاظا علـى هيبـة يف

…على أكمل هيئته ، وأفضل زينته ، ويتعاهد نفسـه (العامل و قدوته ، فالبد أن يكون : ، وأهم هذه اآلداب )٣() بإصالح أموره اليت جتمله عند احلاضرين

: ، يقـول اخلطيـب البغـدادي ، وتطييبه استعمال السواك ، وحنوه لتنظيف الفم -أ

.٢١صة السامع واملتكلم،مصدر سابق،تذكر:ابن مجاعة )١( .٩٠ص:املصدر السابق) ٢( .٣٧٣،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٣(

٢٥٨

استاكوا ، ال تأتوين : ( قال رسول اهللا : عن ابن عباس قال .…وليبتدئ بالسواك ( .)١( ) )قلحا ، لوال أن أشق على أميت ألمرهتم بالسواك عند كل صالة

، الذي وال شك أن رائحة الفم الكريهة تنفر الناس من صاحبها ، وهذا ال يليق بالعامل .يعاشر الناس ، ويعلمهم ، فالبد أن يكون زكي الرائحة ، طيب الفم

ومما يساعد على طيب رائحة الفم جتنب األطعمة ذات الرائحة الكريهـة ، كالبصـل عن أكل البصل والكراث والثـوم ، كراهـة والثوم وحنومها ، فلقد ى رسول اهللا

شجرة اخلبيثة ، فال يقربن مسـجدنا ، فـإن من أكل من هذه ال : ( لرائحته وقال .)٢() املالئكة تتأذى مبا يتأذى منه اإلنس

، أو األخـذ منـه ،فعـن ، وقص الشارب )٣(تقليم األظافر ، وقصها إذا طالت -ب حلق وقت لنا رسول اهللا : ( قال رسول اهللا : أنس بن مالك رضي اهللا عنه قال

.) ٤() ص الشارب ، ونتف اإلبط ، أربعني يوماالعانة ، وتقليم الظافر ، وقفمن مجال اهليئة أن يكون املـرء : هتذيب الشعر ، وتسكني شعثه ،وتسريح اللحية -ج

أما وجد : (رجال شعث الرأس يقول إذا رأى غري ثائر الشعر ، فقد كان رسول اهللا .)٥() هذا شيئا يسكن به شعره ؟

، فعـن احلكـم أن باملشط كان يفعل رسول اهللا كما يستحب له أن يسرح حليته كان مالك بن أنس إذا أراد أن خيـرج ( ، و )٦( كان يسرح حليته باملشط رسول اهللا

ومشط حليته ، فقيل له يف ذلك ، …حيدث ، توضأ وضوءه للصالة ، ولبس أحسن ثيابه .) ٧() فقال أوقر به حديث رسول اهللا

،واحلديث رواه أمحـد يف ٣٧٣،ص١جاجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق، :اخلطيب البغدادي ) ١( .املسند مبعناه

.احلديث صحيح ، رواه مسلم،مرجع سابق،كتاب املساجد ) ٢( .٣٧٥-٣٧٤،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٣( .،واحلديث صحيح ،رواه مسلم،كتاب الطهارة٣٧٥،ص١ج:املصدر السابق) ٤( .،واحلديث صحيح، رواه أبو داود،كتاب اللباس٣٧٥،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .٣٨٧،ص١ج:املصدر السابق) ٦( .٣٨٨،ص١ج:املصدر السابق) ٧(

٢٥٩

. )١( سك وحنوهالتطيب بالطيب ، أو امل-دوذلك لالطمئنان على حسن اهليئة واهلندام ، فقـد قـال بعـض : النظر يف املرآة -هـ

ينبغي للعاقل أن ينظر كل يوم إىل وجهه يف املرآة ، فإن كان حسنا مل يشـنه : (احلكماء . )٢() بفعل القبيح ، وإن كان قبيحا مل جيمع بني قبيحني

يكره له أن يلبس الثوب اخللق ، وهو يقدر علـى (و : ارتداء أحسن الثياب وأمجلها -ووكما يكره له أن يلبس أدون الثياب ، فكذلك يكره له لبس أرفعها خوفا ( ، )٣() اجلديد

.)٤() من االشتهار ا ، وأن تسموا إليه األبصار فيهاشـخص ، بـل ومل يشترط اإلسالم لباسا معينا للعلماء ، واللباس عنوان على انتماء ال

حتديد له ، فهو وسيلة من وسائل التعبري عن الذات ، فالبد أن يكون لباس العامل عنوانـا على شخصيته ، من حيث الوقار والرصانة ، فيلبس من اللباس ما يزينه وال يشـينه ، وال

.جيعل فيه مقاال لقائل ، وال ملزا لالمز ية العامل مبظهره العام ، وبني قيمة واملفكرون املسلمون يف كل ذلك يربطون بني عنا

حيرص اإلسالم عليها وهي تعظيم العلم ، وهم بذلك ينفون أية شبهة للعجب بالنفس ، أو للخيالء بالثياب وما أشبه ذلك ، هذا باإلضافة إىل ما سبق ذكره من أن العـامل منـوذج

.حيتذى ، و قدوة يقتفى أثرها

.٣٨٩،ص١جاجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،:اخلطيب البغدادي) ١( .٣٩٠،ص١ج:صدر السابقامل) ٢( .٣٨١،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .٣٨٢،ص١ج:املصدر السابق) ٤(

אא

عالقة العامل مع تالميذه مكانا بارزا لدى املفكرين املسلمني ، إذ هي احملور احتلت األساسي والفعال يف عملية التعليم والتعلم ، وبدون وضوح هذه العالقة ، وقيامها على أسس متينة وقوية ، عمادها االحترام واجلدية من قبل املتعلم ، والعطف والرعاية من قبل

ميكن لعملية التعليم والتعلم أن تؤيت مثارها املرجوة ؛ لذا كان االهتمام العامل ، فالوالتركيز على هذه العالقة ، ووضع اآلداب والضوابط اليت جيب على كل طرف االلتزام

.ا

وميكن إبراز تلك اآلداب والضوابط اليت حظيت باهتمـام املفكـرين املسـلمني ، :ة عملية التعليم كما يلي واعتربوها أساسيات يف ممارس

מ− מ :אيرى املفكرون املسلمون أن املتعلمني ال يؤثر فيهم إال العامل الـذي يرفـق ـم ، ويشفق عليهم وحيبهم ، ويفرح بتعليمهم ، ويكلف نفسه كل مشقة يف سـبيل رعايـة

لني والرمحة ، وذلك كله من مصاحلهم ، وذيب أخالقهم ، وإرشادهم إىل ما ينفعهم بال دالئل حب العامل للتعليم ، وعنوان جناحه فيه ، وقدرته عليه ، ومن فقد القـدرة علـى معاملة التالميذ برفق وشفقة ، فقد القدرة على التأثري فيهم ؛ ولذا كان من أهم صـفات

ويكـره لـه مـا يكـره –كما جاء يف احلديث –أن حيب لطالبه ما حيب لنفسه (العامل ، وأن يعتين مبصاحل الطالب ، ويعاملهم مبا يعامل به أعز أوالده ، من احلنـو )١() لنفسه

، فأجنح املعلمني هم أشـدهم حبـا لتالميـذهم ، )٢(والشفقة عليهم واإلحسان إليهم : -رضـي اهللا عنـهما –وأكثرهم رعاية هلم ، وشفقة عليهم ، ورفقا م ، عن ابن عباس

جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إيل ، لو استطعت أال يقع الـذباب أكرم الناس علي ( ، ومما يـروى مـن سـرية )٣() إن الذباب ليقع عليه فيؤذيين (، ويف رواية ) عليه لفعلت

صاحب اإلمام الشافعي ، الذي قام مقامه يف التدريس والفتوى بعد وفاته ، أنه ) ٤(البويطي

.٤٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣(هو أبو يعقوب يوسف بن حيىي املصري البويطي صاحب الشافعي، كان واسطة عقـد مجاعتـه ) ٤(

مقامه يف التدريس والفتوى بعد وفاته ، كان قد محل يف أيام الواثق باهللا من وأظهرهم جنابة ، قام

: كان الشافعي يأمر بذلك ويقـول : ويقول … العلم كان يدين القراء ويقرم إذا طلبوا (وكان أبو حنيفة أكرم الناس جمالسة وأشـدهم (، ) ١() أصبر الغرباء وغريهم من التالميذ

.) ٢() إكراما ألصحابه

والرفق باملتعلمني أمر نادى به كل علماء املسلمني ، ومفتاح هذا يف اإلقبال علـى ، إن احلبـور روح … بـدون حبـور -كما قيل –وم تربية فال تق (املتعلمني باحلبور ،

. التربية ، ألنه يعين الشباب الدائم للوعي ، وهذا ما حيدد موقف املربني حيال طالم

إن ضخامة مهمة العامل ال ينبغي أن تلقى عليه ثوبا من اجلالل العاجز عن االبتسام ، باهليئة القاسية دوما ، وليس عليه أن يـثري وال ينبغي أن توحي إليه بالتحرج املفرط ، أو

.)٣ ()اخلوف ؛ بل احملبة ، وال أن يثري االنكماش بل انطالق النفوس

ومـن آداـم أن : (و املفكرون املسلمون أدركوا هذا جيدا ، يقول املـاوردي هم ، وأحث ال يعنفوا متعلما وال يستصغروا مبتدئا ، فإن ذلك أدعى إليهم ، وأعطف علي

علموا وال تعنفوا ، فإن املعلـم (: أنه قال على الرغبة فيما لديهم ، وروى عن النيب وقروا من تتعلمون منه ، ووقروا من (: أنه قال ، وروي عن النيب )خري من املعنف

.)٤( )تعلمونه

طيئة ، إن التعليم والتربية ليست قصاصا نفرضه على املتعلمني ، وليس عقابا على خ

على القول خبلق القرآن الكرمي فامتنع من اإلجابة إىل ذلك، جربمصر إىل بغداد يف مدة احملنة ، وأ ما رأيت أحدا أنزع حبجة من : قال الربيع . فحبس ببغداد ومل يزل يف السجن والقيد حىت مات

إذا قرأت : (كتب إىل أبو يعقوب من السجن : اهللا تعاىل من أيب يعقوب البويطي ، وقال كتاب سنة -رمحه اهللا -تويف ) . كتايب فأحسن خلقك مع أهل حلقتك ، واستوص بالغرباء خاصة خريا

وفيـات األعيـان مرجـع :انظر ابن خلكان . إحدى وثالثني ومائتني يف القيد والسجن ببغداد ٦٤-٦١،ص٧سابق،جـ

.٦٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .٦٧ص:املصدر السابق) ٢( .٧٩٢-٧٩١،ص٤م،ط١٩٧٩التربية العامة،دار العلم للماليني،بريوت،:رونيه أوبري) ٣( .٩٣أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ٤(

أو فساد أصيل يف طبيعة املتعلم ، وأىن للتعليم أن يثمر مثره إذا كان جو التعليم والتربية هو .جو القسوة ، والقلق

:مظاهر الرفق باملتعلم وصوره -

ويرسم املفكرون املسلمون صورة للمعلم الرفيق بتالميذه ، الشفيق عليهم ، احملـب يتواضع مع الطالب وكل مسترشد سـائل ( ، فهو هلم ، تبدو من خالهلا خصائصه ومساته

حق الصـحبة ، (؛ ذلك ألن للطالب على معلمه ) ١() وخيفض جناحه ، ويلني له جانبه ..لينوا ملن تعلمون ، وملن : وحرمة التردد ، وصدق التودد ، وشرف الطلب ، ويف احلديث

م عليـه ، ويكـرمهم إذا يرحب بالطلبة إذا لقيهم ، وعند إقباهل (، وهو ) ٢() تتعلمون منه .) ٣() جلسوا إليه ، ويؤانسهم بسؤاله عن أحواهلم ، وأحوال من يتعلق م

ويعاملهم بطالقة الوجه ، وظهور البشر ، وحسن املودة ، وإعالم احملبة ، وإظهـار ، وهو يهذب أخالق تالميذه باللني ، ويرشدهم إىل الصـواب إذا أخطـأوا ) ٤(الشفقة

صرب على خطئهم ويعاجله حبكمة ، فمن أهم صفات املعلـم اجليـد بأسلوب رحيم ، وي الصرب على جفاء رمبا وقع منه ، ونقص ال يكاد خيلو منه إنسان ، وسوء أدب يف بعـض (

األحيان ، ويبسط عذره حبسب اإلمكان ، ويوقفه مع ذلك على ما صدر منـه بنصـح أو حتسني خلقه ، وإصالح وتلطف ، ال بتعنيف وال تعسف ، قاصدا بذلك حسن تربيته ،

.) ٥() شأنه

خياطب كـال منـهم بكنيتـه (وهو يشيع جوا من األلفة والود يف ساعة الدرس و ، وهلذه التكنية ، أو تسـمية ) ٦() وحنوها من أحب األمساء إليه ، وما فيه تعظيم له وتوقري

.٦٤تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .٦٥ص: املصدر السابق)٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤( .٥٠-٤٩ص:املصدر السابق) ٥( .٦٥ص:املصدر السابق )٦(

تمـاعي ، وتنميـة التلميذ بأحب األمساء إليه أثر طيب يف إشباع حاجته إىل التقدير االج .شعور االحترام فيه ، ودعم ثقته يف نفسه ، إىل جانب مالطفته وإدخال السرور عليه

غفاهلا يف هذا املقام ، أال وهي أن الرفـق بـاملتعلم إوهناك مسألة مهمة ينبغي عدم وعدم اجلهر بالنصيحة حفاظا على تلك العالقة السامية بني طريف العمليـة التعليميـة ؛

يعين أن يترك الطالب وفق هواه أو على سجيته يفعل ما يشاء ، أو أنـه ال يعنـف يف البعض املواضع ، فاألمر غري ذلك والضرورة تقدر بقدرها ، فأحيانا يكون الزجر بالنصيحة

. اجلهراء أرفق وأوفق

א− א :אو املواد املدروسة ، وحشو األذهان ا ، ال يقتصر أمر التعليم على جمرد تعليم املادة أ

بل إن األمر يقتضي نصح املتعلمني وإرشادهم إىل أحسن الطـرق للـتعلم ، ووسـائله .الصحيحة اجليدة ، حىت يتيسر له طلب العلم

: و ال يغيب عن املفكرين املسلمني أثر هذا فينصحون العامل به ، يقول املـاوردي والرفق م ، وتسهيل السبيل عليهم ، وبذل اهـود يف ومن آدام نصح من علموه ، (

رفدهم ومعونتهم ، فإن ذلك أعظم ألجرهم ، و أسىن لذكرهم ، وأنشـر لعلـومهم ، .)١() وأرسخ ملعلومهم

والفكر اإلسالمي مل يكن يف مسريته ضعيف األفق ليقصر أمر النصيحة على أمـور حلفظ العلوم ، و إفراغها وقتما شاء ، فالعلم العلم ، ومل يكن املعلم يف تصوره جمرد وعاء

له غاية وهدف ، وليس علما جمردا ، ولذلك أدرك املفكرون املسلمون أن أمر النصـيحة بعيد الشأن ، ال يقتصر على أمور العلم ؛ بل يتعدى ذلك إىل ذيب النفوس ، وتقـومي

زجره عن األخالق الرديـة نصح املتعلم ، و (األخالق ، و يعد الغزايل من وظائف املعلم .) ٢() …بالتعريض والتصريح

:صور وأشكال النصيحة املطلوبة -

.٩٣ص:أدب الدنيا والدين،مصدر سابق:املاوردي) ١( .٢١٥ميزان العمل،مصدر سابق،ص:الغزايل) ٢(

واحلديث عن نصيحة املعلم لتالميذه تطرقت عند الغزايل إىل دراسة الصـورة الـيت خترج النصيحة يف إطاره ، وليس ملا يتمتع به العامل من مكانة ونفوذ لدى تالميذه احلق يف

ابتداء ، فذلك قد يكون مضرا ومفسدا للعالقة بينـهما ؛ وهلـذا أن جياهرهم بالنصيحة يهتـك (يذهب الغزايل إىل أمهية أن تكون النصيحة بالتعريض ، فذلك يف رأيه أدعى أال

، ومن مث فإن الراغب األصفهاين وإن كان يعترب النصيحة ) ١() …حجاب اهليبة والتصريح ، فإنه يرى أن تكون هذه النصيحة عـن وإصالح املتعلم واجب وحق من حقوق املعلم

.) ٢() أبلغ من التصريح(طريق التعريض فهو عنده

وابن مجاعة يوجه هذا األدب من آداب العامل توجيها أعمق ، حيث ال يكتفي بأن تكون النصيحة من حق املعلم ، أو أن من واجبه أن ينصح هلم ، وإمنا عليـه أن يراقـب

يبني مدى اهتمام املفكرين املسلمني بالدور التربوي الذي يلعبه أحوال الطلبة كلها ، وهذا املعلم ، وأكثر من هذا فابن مجاعة يرى أن املراقبة ال تقف عند حد املظاهر اخلارجية ؛ بل

يراقب أحوال الطلبة يف هديهم وأخالقهم (إا تشمل البواطن وحركات النفوس أيضا فهو ..) ٣() باطنا وظاهرا

باب النصيحة واإلرشاد يف حق املعلم ليتسع أكثر عن ابن مجاعة ليشمل أمـور إن الدنيا كذلك ، وهذا إن دل فإمنا يدل على ما يتمتع به الفكر اإلسالمي والعقلية اإلسالمية من استيعاب اجلوانب اإلنسانية يف العملية التعليمية ، وتقدمه املرن يف هذا اال ، يقـول

جلملة فكما يعلمهم مصاحل دينهم ملعاملة اهللا تعاىل ، فـيعلمهم مصـاحل وبا: (ابن مجاعة .)٤() دنياهم ملعاملة الناس ليكمل هلم فضيلة احلالتني

نقص ال يكـاد ( فإذا وقع من املتعلم شيء يستوجب النصح أو التأديب كأن يقع يف اإلمكـان ، خيلو اإلنسان عنه ، وسوء أدب يف بعض األحيان ، ويبسط عذره حبسـب

ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف ال بتعنيف وتعسف ، قاصـدا بـذلك

.٢١٥،ص١م،ط١٩٧٨الدار األهلية،بريوت،الفكر األخالقي العريب،:خريماجد ف.د) ١( .٢٤٥،ص٢م،ط١٩٨٧،القاهرة،وفاءدار الريعة إىل مكارم الشريعة،الذ:الراغب األصفهاين) ٢( .٦٠تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣( .٦١ص:املصدر السابق) ٤(

فإن عرف ذلك لذكائه باإلشارة فال حاجـة حسن تربيته وحتسني خلقه وإصالح شأنه ، )١() إىل صريح العبارة وإن مل يفهم ذلك إال بصرحيها أتى ا وراعى التدريج يف التلطف

أن يكون هناك عقاب مقرر كنوع من الردع ؛ لتفادي تكرار وأحيانا يتطلب األمر ظهر منه لدد يف حبثه ، أو سوء أدب أو ترك اإلنصاف بعـد ظهـور (اخلطأ ، وذلك إذا

. ) ٢() بشرط أال يترتب على ذلك مفسدة تربو عليه…احلق ، أو أكثر الصياح بغري فائدة

فعلى العامل أن يتدرج يف العقوبة ؛ مبا وحىت ال يفرط املعلم يف تفسري مقدار العقوبة يتناسب معها من جهة ، ومع صاحبها من ناحية أخرى ، وكما أن أقلها قد يكون باجلهر

.) ٣(أو تغليظ القول ، فإن أقصاها ال يتعدى الطرد واإلعراض وبذلك دعا املفكرون املسلمون إىل أن يقرن املعلم الشدة بالرمحة ، والعزم بالصرب ،

.الميذ يف الواقع ال يضبطهم إال معلم رحيم صبور قوي فالت

ومثة مالحظة مهمة وهي كما أن املعلم يتوجه بالنصيحة إىل املـتعلمني ، ويتعهـدهم بالرعاية واملراقبة لتزكية نفوسهم من كثري من األخالق والسلوكيات السيئة ، وقد يؤدي

أيضا أن يبدي اهتمامـا بأولئـك ذلك يف بعض األحايني أن يعاقب بعضهم ، فإن عليه املتفوقني يف ذلك ويكافئهم على حسن األخالق وذلك تشجيعا لنشر اآلداب الرفيعة بني

.) ٤(طلبته األمر يتعلق بإرشاد املتعلمني إىل أيسر السبل للتعلم ، وهذا يتطلب منـه اإلقبـال إن

يذلل هلم الصعوبات ، ويشاركهم عليهم ؛ إقبال احملب الشفيق املشفق ، احلريص عليهم ، .يف آالمهم وآماهلم ؛ فإن فعل كان ذلك أدعى لعظم أجره ، وأكرب عامل على نشر العلم

מ− :א

.٥٠تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٤١ص:املصدر السابق) ٢( .٢٤:املذهب التربوي عند ابن مجاعة،مرجع سابق،ص: الدينعبد األمري مشس.د) ٣( .٢٤ص:املرجع السابق) ٤(

إن يف استخدام الثواب واملكافأة باعث كبري على التعلم ، وهناك عالقة بني كل من ملفكرون املسلمون اإلثابة اهتماما كبريا باعتبـار الثواب وبني احلفظ واألداء ، وقد أوىل ا

أن أثرها أقوى يف حتسني التعلم ، فطالبوا العامل أن يثيب طالبه ؛ إذا قاموا مبا يسـتحقون إذا فرغ الشيخ من شرح درس فال بأس بطرح مسائل تتعلق (عليه اإلثابة أو املكافأة ، فـ

فمن ظهر استحكام فهمه له بتكرر اإلصابة به ؛ ميتحن ا فهمهم وضبطهم ملا شرح هلم ، ، )١() يف جوابه شكره

وبينوا أن أثر هذه اإلثابة بالشكر والثناء سيدفع املتعلم إىل مزيـد مـن اإلصـابة والنجاح ، وتقوية رغبته يف التحصيل ، كما بينوا أثرها يف جمتمع الطالب ، إذ تبعثهم على

يطالـب الطلبـة يف (علم ورضائه ، فعلى املعلم أن االجتهاد سعيا للحصول على تقدير امل بعض األوقات بإعادة احملفوظات ، وميتحن ضبطهم ملا قدم هلم من القواعد املهمة واملسائل الغريبة ، وخيتربهم مبسائل تبىن على أصل قرره أو دليل ذكـره ، فمـن رآه مصـيبا يف

بني أصحابه ليبعثه وإياهم على اجلواب ، ومل خيف عليه شدة اإلعجاب وشره ، أثىن عليه .)٢() االجتهاد يف طلب االزدياد

وبذلك يكون اإلعجاب والثناء دافعا للتعلم ؛ ال للطالب ايد وحده ؛ بل لغريه من .الطالب

ولعل يف استخدام الشكر والثناء من بني ألوان املكافأة املختلفة ما يفيد أنه ليس من و اإلثابة شيئا ماديا ملموسا ؛ كإعطاء هدية أو ما أشـبه ، الضروري أن تكون املكافأة أ

أفضل أنواع املعززات اليت ميكن للمعلمني اسـتعماهلا عنـد (ولقد ثبت لدى البعض أن ، وأيا كانت اإلثابة فإن املفكـرين املسـلمني )٣() هي القبول واالستحسان .. تعاملهم

إلجناز التلميذ ، وهو ما عناه ابن مجاعـة كانوا حريصني على أن يعرب العامل عن سروره .؛ لتحقق هذه اإلثابة أهدافها ) شكره وأثىن عليه بني أصحابه: (بقوله

.٥٣تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٥٤ص:املصدر السابق) ٢(، ٢م،ط١٩٧٤دار الفكر،بريوت، ا التربية من علم النفس، الدروس اليت تتعلمه :برسيفال سيموندز ) ٣(

.٣٨ص

وحىت ال يظن بعض الطالب أن إثابة املعلم لزمالئهم ادين ، وإكرامه هلم ليسـت أن هـذا نوعا من احملاباة من جانب العامل هلم ، فالبد له أن يبني للتالميذ ويوضح هلـم

اإلكرام مرده اجتهادهم ، وحسن أدم ، وليس شيئا آخر ، ولذا ألزموا العامل إن رأى أن بعضهم أكثر حتصيال وأشد اجتهادا ، أو أبلغ اجتهادا ، أو أحسن أدبا ، فأظهر إكرامـه (

وتفضيله ، وبني أن زيادة إكرامه لتلك األسباب ، فال بأس بذلك ألنه ينشط ويبعث على .)١() تصاف بتلك الصفاتاال

ولقد جاءت أحباث علم النفس احلديث لتؤكد ما ذهب إليه املفكرون املسـلمون استحسان املعلم مصدر أساسي للتدعيم بالنسبة لتالميذه يف مراحل التعلـيم (فأثبتت أن

أن الشخص عادة ما يستجيب بصورة أحسن ( ، كما أثبتت )٢() املختلفة ، وبصفة عامة .)٣() د تشجيعا ، أما إذا وجد تثبيطا هلمته فعادة ما ينهار أداؤهإذا ما وج

א− מ :א الستخدام العقاب باعثا للتعلم ، إضافة إىل أنـه -أيضا–ودعا املفكرون املسلمون

للتعلم وسيلة من وسائل الضبط االجتماعي ، غري أم يف إقرارهم الستخدام العقاب باعثا يؤكدون على استخدام النوع اخلفيف من العقوبة ، ذلك النوع الذي ال يتسـبب يف األمل واألذى الشديدين ، أي العقاب الذي يدعو املتعلم إىل أخذ احليطة واحلذر ، ويكفه عـن السلوك غري املرغوب فيه ، دون أن جيرح كربياءه أو يلحق به اإلهانة ، ولذا مل ينصـحوا

مقصرا ومل خيف نفوره ، عنفه على (قوبات صارمة ، فإذا رأى العامل تلميذه باستخدام ع ، وهذا العقاب أو اللوم على التقصري الذي أشـار )٤() قصوره ، وحرضه على علو اهلمة

العقاب الذي جيرح كربياء (أكثر فائدة من ) ومل خيف نفوره (إليه ابن مجاعة وأعقبه بقوله

.٥٩تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١(دافعيـــة اإلجنـــاز وقياســـها،مكتبة :إبـــراهيم قشـــقوش وطلعـــت منصـــور) ٢(

. ٢١٥م،ص١،١٩٧٢األجنلو،القاهرة،ط .٢١٥م،ص١،١٩٧٢أسس علم النفس العام،مكتبة سعيد رأفت،القاهرة،ط:حممود الزيادي) ٣( .٥٤تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٤(

م من العقاب ، تزيد أضراره على فوائده ؛ إذ إنه قد يولـد فذلك نوع ضار عقي ... الفرد .)١() يف نفس املعاقب الكراهية ، أو الشعور بالنقص أو فقد الثقة بالنفس

:التحذير من استخدام العقوبات الشديدة أو العنيفة-وقد حذر املفكرون املسلمون من التعنيف الذي يعد ، درجة متوسطة يف العقوبـة ،

للتعنيف تأثريا على شخصية املتعلمني ، ألن هذه الطريقة سيئة من الوجهـة ووضحوا أن التربوية ؛ ذلك ألا تشعر املتعلم باملهانة واحلقارة ، وتفقده الثقة يف نفسه ، وحتولـه إىل مستهتر ال يبايل بأي عقاب ، كما تؤدي إىل تكوين العقد النفسية ، اليت يصعب حلها ،

تعلم من التعلم ، ومن املمكن أن تورثه اخلجل ، الذي مينعـه مـن باإلضافة إىل نفور امل .)١(السؤال واملناقشة ، لذا نصحوا باللطف واللني

إلسالمية ، فخالفـه فريـق وأيـده وقد ظل هذا الرأي خمتلفا فيه على مر العصور ا باإلعراض عن آخرون ، فمثال اخلطيب البغدادي نراه مؤيدا ملبدأ العقوبة املعتدلة ، وذلك

.املتعلم إذا أخطأ باللني والرفق من غري تعنيف وال غلظة إىل أن وصل الرأي يف التربية احلديثة إىل أن الضرب من العوامل اليت تؤدي إىل نتائج

، إذ اعتربت الضرب لـه تأثري سليب على شخصية املتعلم ، مع تقريرها بعض )٢(عكسية درجيي ؛ يبدأ املعلم من أسفله وينتقل من درجة ألخـرى العقوبات ، إذا جعلتها يف سلم ت

.)٣(حبذر شديد ، ألن أقصى درجات الشدة ال فائدة منها عند تكرار العقوبة ويعد دوركامي من املؤيدين للعقوبة ، إذ يرى استخدام التأنيب الفردي للطالب ، ومن

، أو النظـرة الشـزرة ، أو مث اجلماعي والعلين أمام الفصل ، مث العقاب مع وقف التنفيذ .)٤(حركة امتعاض ، أو قطع الكالم بالسكوت

ومن املعروف أن قسوة املعلمني يف عقاب التالميذ تترك آثارا سيئة ، تظهر أحيانا يف وقد تظهر يف صورة مستترة أو ظاهرة حنو املدرس وأمثاله ، أو مـا (ردود أفعاهلم املباشرة

.٢٢٧صأصول علم النفس،مرجع سابق،:أمحد عزت راجح) ١( .٧٢أخالق العلماء،مصدر سابق،ص: اآلجري)١( .٨٤املذهب التربوي عند ابن سحنون،ص: عبد الرمحن حجازي)٢( .١٩٧ - ١٩٤التربية األخالقية،مرجع سابق،ص: إميل دور كامي)٣( .نفس الصفحة:سابقالرجع امل )٤(

مبا يظهر أثر القسوة يف الثورة العاجلة أو اآلجلة حنو املعلم أو ما مياثله من قوانني ونظم ، فر يشاه ، أو يكون هلا أثر االنكماش الذي يسمى الطاعة أحيانا ، والقسوة من جانب املعلم وما يترتب عليها من اخلوف أو الكراهية من جانب املتعلم تؤدي كلـها علـى عكـس

.)١() املقصود من غاية التعليم

كراهية املفكرين املسلمني للعقاب الشديد واملهني من دعوم للمعلـم إىل وتتضحوالصرب على جفاء رمبا وقع منه ونقص ال يكاد (التحلي باحللم يف معاجلة أخطاء تلميذه ،

خيلو اإلنسان عنه ، وسوء أدب يف بعض األحيان ، ويبسط عذره حبسـب اإلمكـان ، وتلطف ، ال بتعنيف وال تعسف ، قاصدا بذلك ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح

، بل إم يذهبون يف التلطف يف معاجلة أخطاء التالميذ إىل احلد الـذي )٢() حسن تربيته يدعون فيه املعلم إىل مراعاة طبيعة املتعلمني وما بينهم من فروق ، فليسوا مجيعا سـواء يف

لها تبعا لطبيعة كل منـهم ، فبعضـهم درجة التأثر بالعقوبة ، ولذا ينبغي أن تتنوع وسائ تكفيه إشارة من معلمه تكون كفيلة بتوجيه سلوكه وردعه عن غـري املرغـوب فيـه ، والبعض اآلخر ال تكفيه اإلشارة وحدها ، بل ال ينفع معه إال التصريح بلفظ التأنيـب أو

إذا أراد عقـاب عبارة اللوم ، على أن يراعي املعلم التدرج يف استخدام العقاب ، فاملعلم فإن عرف ذلـك لذكائـه (تلميذه على خطأ ارتكبه ، أو أظهر عدم رضاه عن سلوكه

باإلشارة فال حاجة إىل صريح العبارة ، وإن ملن يفهم إال بصرحيها أتى ا وراعى التدريج .)٣() يف التلطف

ويؤكد املفكرون املسلمون على ضرورة أن يرشد املعلم الطالب املخطئ وينصـحه ، ذلـك ألن التعلـيم )٤() ويوقفه على ما صدر منه بنصح وتلطف ال بتعنيف وتعسف (

عندهم يعىن باإلرشاد ، وتوجيه السلوك وتعديله ، أكثر من عنايته بإنزال العقوبـة علـى املتعلمني ، أو كبت سلوكهم ، ومن هنا كان على املعلم أال يكتفي بتوقيع عقوبة اللـوم

.٢٤١م، ص٨،١٩٧٠،دار القلم،الكويت،طأسس الصحة النفسية:عبد العزيز القوصي) ١( .٤٩،٥٠تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( .٥٠ص:املصدر السابق )٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤(

، بأن ينبهه إىل تقصريه ويرشده إىل خطئه فحسب ، وإمنا يساعده أو التأنيب على تلميذه على إدراك االستجابة احملققة للهدف املنشود ، وأن يرشده إىل ما ينبغـي عليـه عملـه

ويؤدبه باآلداب السنية ، وحيرضه على األخالق املرضية ، ويوصيه باألمور املعرفية ، على ( .)٢ () التلطف يف تفهيمهحسن ( ، مراعيا )١() األوضاع الشرعية

على شعور املعاقب عند -جزئيا-وأدرك املفكرون املسلمون أن آثار العقاب تعتمد إنزاله العقوبة ، فبادروا إىل بيان أن الدافع للعقاب عند املعلم ، ينبغي أن يكون إصـالح

عليـه ، شأن التلميذ املعاقب وحسن تربيته ، وليس دافع العقاب االنتقام منه ، والسخط ويوفقه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف ، ال بتعنيف وتعسف ، (والكراهية له ،

. )٣() قاصدا بذلك حسن تربيته وحتسني خلقه وإصالح شأنه

وعلى املتعلم أن يتفهم ذلك ويدرك مقصود معلمه من عقابه باللوم أو التقريـع أو اك االستجابة الصـحيحة ، وبعـد أن غريها ، خصوصا بعد أن يساعده املعلم على إدر

إذا أوقفه الشيخ على (يرشده إىل ما جيب عليه عمله تصحيحا خلطئه ، ولذا جيدر باملتعلم يشكر الشيخ على إفادته ذلك واعتنائـه ) أن.. (دقيقة من أدب ، أو نقيصة صدرت منه

، كمـا )٤() هبأمره ، فإن كان له يف ذلك عذر ، وكان إعالم الشيخ به أصلح فال بأس ب أن يشكر الشيخ على توقيفه على ما فيه فضيلة ، وعلى توبيخـه عمـا فيـه ( أن عليه

نقيصة ، أو على كسل يضر به ، أو على قصور يعانيه ، أو غري ذلك مما يف إيقافه عليـه وتوبيخه إرشاده وصالحه ، ويعد ذلك من الشيخ من نعم اهللا عليه ، باعتناء الشـيخ بـه

.)٥() إليهونظره

إىل احترام -حىت يف عقاب التالميذ -وحيرص املفكرون املسلمون على إرشاد املعلم ذوام ، وهم بذلك يضفون االحترام على العملية التعليمية نفسها ، ويساعدون املعلمني

.٥٠تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٥١ص:املصدر السابق) ٢( .٥٠ص:املصدر السابق) ٣( .٩٣ص:املصدر السابق )٤( .٩٢،٩٣ص:املصدر السابق) ٥(

على معرفة الطريق ملعاجلة أخطاء التالميذ ، وكيفية التعامل مع املعاندين أو سيئي األدب ، على أساس أن التعامل مع هؤالء ينطوي على صعوبات كبرية ، وهم يرفضون أن يواجـه املعلم أخطاءهم مواجهة تتسم بالعداء أو نفاد الصرب ، فهؤالء من الطالب الذين حيتاجون إىل صربه واهتمامه ورعايته ، أكثر من حاجة زمالئهم األسوياء ، ولذا نراهم يوجهـون

يعامله مبا يعامل به أعز أوالده من احلنـو (احد من هذه الفئة بأن املعلم إىل معاملة كل و والشفقة عليه ، واإلحسان إليه ، والصرب على جفاء رمبا وقع منه ، ونقص ال يكاد خيلـو

. )١() اإلنسان عنه ، وسوء األدب يف بعض األحيان ، ويبسط عذره حبسب اإلمكان

جة ملعاجلة إساءات الطالب بطريقة ورسم املفكرون املسلمون للمعلم خطوات متدر جتعلهم يكفون عن االستجابات السيئة ، ويقلعـون عـن سـوء األدب دون مسـاس بكرامتهم ، ومتكن املعلم من حل املشاكل التربوية بروح املريب السـمحة ، ال بصـورة

أن يراقب أحـوال الطلبـة يف آداـم وهـديهم (االنفعال الشديد ، فينصحون املعلم فمن صدر منه من ذلك ما ال يليق من ارتكاب حمرم أو مكروه ، أو ما يؤدي .. هموأخالق

إىل فساد حال ، أو ترك اشتغال أو إساءة أدب يف حق الشيخ أو غريه ، أو كثرة كـالم بغري توجيه وال فائدة ، أو حرص على كثرة الكالم ، أو معاشرة من ال تليق عشرته ، أو

عن ذلك حبضور من صدر منه ، غري معرض به وال معني عرض الشيخ بالنهي .. غري ذلك له ، فإن مل ينته اه عن ذلك سرا ، ويكتفي باإلشارة مع من يكتفي ا ، فإن مل ينته اه عن ذلك جهرا ، أو يغلظ القول عليه إن اقتضاه احلال ليزدجر هو وغريه ، ويتأدب به كل

. )٢() سامع

يض ا دون التعريض بصاحبها ، إىل العتاب سرا ، وهكذا تتدرج العقوبة من التعر إىل اجلهر باللوم وإغالظ القول ، و يف اللجوء إىل إغالظ القول له أمام زمالئه لينـزجر هو وغريه ممن مسع التقريع استغالل للخوف األديب عند املتعلم ، وخشيته من فقدان شيء

هلـذه (املتعلمون من زمالئه املشـاهدين من احترامهم له نتيجة لذلك الزجر العلين ، أما العقوبة فالتأثري فيهم ال يقل عن األثر الذي يلحق املذنب ، ذلك أن األمل ينتقل إىل الناس

.٥٠تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٦١، ٦٠ص:املصدر السابق) ٢(

كالعدوى بدافع املشاركة الوجدانية ، أو التعاطف ، وهو من النــزعات الفطريـة يف لة ، ذلك أن مشاهد العذاب اإلنسان ، ويلعب التصور أو اخليال دورا كبريا يف هذه املسأ

يتصور يف خياله ما يرتل به إذا كان هو الواقع حتت العذاب ، فهو يتأمل كما لو كان التأثر وذلـك . )١() حقيقيا ال ومهيا ، وهو خيشى العقاب ويرهبه خشية املذنب ورهبة املعاقب

.)لينـزجر هو وغريه ، ويتأدب به كل سامع(واضح يف قول ابن مجاعة

ومع أن املفكرين املسلمني يرون يف العقاب باعثا على التعلم ؛ بالتفصيل والشروط اليت عرضناها من خالل توجيهام ، فمما هو جدير بالذكر أن العقاب ما زال موضـوع خالف بني التربويني املعاصرين من حيث آثاره على التعلم ، بل ال يكاد يثري أي جانـب

ات يف الرأي ويف التطبيق أكثر مما يثريه موضوع العقاب ، يقـول من جوانب التربية خالف من احملتمل أال يوجد يف أي موضوع تربوي خالفات ملحوظـة ، بـل : (هوريس مان

وعداء يف الرأي كتلك اخلالفات الناشبة يف موضوع العقـاب ، كمـا مل يظهـر يف أي اء اليت تكونت مثلما ظهر يف يف التمسك باآلر –إن مل يكن عنادا –موضوع آخر إصرارا

هذا املوضوع ، فمن جهة حيبذ العقاب كباعث للتعلم ، ويشجب مـن جهـة أخـرى باعتباره شيئا بغيضا ، وإن مسألة مثرية للجدل كهذه البد أن تستفيد من احلقـائق الـيت

تستفيد ، كما )٢() يوفرها هلا علم النفس ، واملتعلقة بالنتائج املترتبة على استعمال العقاب .من جتارب أسالفنا العلماء وآرائهم

א− א א :אمن املسلم به أن العامل يف معاملته مع تالمذته إمنا يتحقق باملنهج القـرآين واهلـدي النبوي يف سلوكياته ، وانطالقا من أمر القرآن العظيم بأن اهللا يأمر بالعدل ، يسوي العامل

ليس هناك ما ميكن أن يكون حائال بني العامل وبعض طلبته من مسـتوى بني تالمذته ، ف بات يف وعينا التربوي التارخيي اجتناب (اجتماعي أو عامل جنسي أو غري ذلك ، ومن مث

.١٣٧التربية يف اإلسالم،مرجع سابق،ص:أمحد فؤاد األهواين) ١( .٤٥الدروس اليت تتعلمعله التربية من علم النفس،مرجع سابق،ص:برسيفال سيموندز) ٢(

إظهار تفضيل الطلبة بعضهم على بعض ، إذ اإلنصاف فرض هنـا ، واملسـاواة نافعـة .)١() وواجبة

العدل بني التالميذ ، والبعد عن اهلوى يف احلكم علـيهم إن من أهم صفات وآداب املعلم طالب يتوقـف علـى نـوع والتعامل معهم ، ذلك ألن قدرا كبريا من الصحة النفسية لل

يتلقاها من املعلم ، وكلما خلت معاملة املعلم من تفضيل تلميذ علـى آخـر املعاملة اليت .منوا سليما كانت فرصة هذا التلميذ مواتية لكي ينمو -بغري حق–

ولقد أدرك املفكرون املسلمون هذه احلقيقة ، فدعوا إىل أن حيكم العدل سلوك املعلم يف تعامله مع التالميذ ، وكرهوا له أن مييز البعض أو حيابيهم ، وبينوا أن فقـدان صـفة

مـن العدل يف املعلم يعوق عملية التعليم ، نتيجة ملا يسببه ذلك يف قلوب ونفوس الطالب نفور ووحشة وكراهية للمعلم والتعليم مجلة ، فإذا شاء املعلم أن ينجح يف تعليمه فإن عليه

أن ال يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده يف مودة أو اعتناء ، مع تسـاويهم يف ( .)٢() الصفات من سن وديانة أو فضيلة ، فإن ذلك رمبا يوحش منه الصدر ، وينفر القلب

يقدم أحدا يف نوبة غريه ، أو يؤخره عن نوبته ، إال إذا رأى يف ذلك (أن ال وعليه كذلك .) ٣() مصلحة تزيد على مصلحة مراعاة النوبة

إن املساواة بني التالميذ مطلب ملح عند املفكرين املسلمني ، وعلى املعلم أن يربأ بعض ، فال يعدل بينهم بنفسه من أن جيعل الغىن واجلاه سبيال لتفضيل بعض املتعلمني على

يف التعليم ، وضربوا العديد من األمثلة الطيبة للمساواة بني التالميـذ ، وعـدم تفضـيل وقد أحل املفكرون املسلمون على هذا األدب ، وأوجبوا بعضهم لغىن أو جاه أو حسب ،

استمساك العلماء ذه الفضيلة ، حىت ولو أدى م اإلنصاف إىل مواجهـة مـع أعلـى لطات ، أو عرضهم للوم ، غري أن العدل فضيلة ال ميكن لعامل أن يتخلى عنها ، فقـد الس

حضر بعض أوالد اخلليفة املهدي عند شريك ، فاستند أحدهم إىل احلائط وسـأله عـن (

.٢٨الفكر التربوي عند العلموي،مرجع سابق،ص:عبد األمري مشس الدين.د )٣( .٥٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ٢( .٦٠-٥٩ص:سابقالصدر امل)٣(

ال ، ولكـن : قال ! قال تستخف بأوالد اخللفاء ؟ …حديث ، فلم يلتفت إليه شريك .) ١() العلم أجل عند اهللا من أن أضيعه

وجيب أن يظهر العدل يف كل حاالت املعلم ، حىت يف التفاته إىل التالميذ ونظره إليهم أثناء شرح الدرس ، وجيب أال خيص بعضهم بكثرة التفات دون بعض ، بـل جيـب أن

.) ٢() يكون نظر الشيخ إليهم مجيعا عند الشرح ، وال خيص بعضهم يف ذلك دون بعض(

مون يف حرصهم على اتصاف املعلم بالعدل بني تالميذه وطالبه ، إمنا واملفكرون املسل ، وهم يربزون حقيقة إسالمية نابعة من أمر اهللا سبحانه وتعاىل ، وأقوال رسوله الكرمي

ذا يبينون أن كل فضيلة وأدب ينبغي أن يتحلى به العامل إمنا تنبع أساسا مـن اإلسـالم . الكرمي ، والسنة النبوية إىل هذه الفضيلة أو ذلك األدب العظيم ، وهي من توجيه القرآن

ويتصل بالعدل اتصاال وثيقا التزام املعلم باملوضوعية يف احلكم على التالميذ ، واملعلـم اجليد هو الذي ال حيايب أحدا من طالبه ، أو يؤثره بغري حق على زمالئه ، بل يتمسـك

نه ذا يهيئ بيئة صاحلة للتعليم ، خالية من كـل باإلنصاف ويعطي كل ذي حق حقه ، إ يـالزم اإلنصـاف يف حبثـه (أسباب احلقد والضغينة ، فأصلح العلماء املعلمني هو الذي

، وهو الذي يكسب تالميذه املوضوعية يف احلكم على األشياء ، وذلك بأن ) ٣() وخطابه، وأن يكـون ) ٤() ظهور احلـق مبا جاء يف كراهية املماراة وال سيما بعد (يذكرهم دائما

.) ٥() ظهور احلق ، ومخول الباطل(هدفهم دائما من كل حبث ومناقشة ودراسة

א− :אالتواضع خلق إسالمي رفيع ، عمل اإلسالم على التمكني لـه يف نفوس املسلمني ،

السـنة هو املثل األعلى للمسلمني يف هذا اخللق الكرمي ، وقد توفرت وقد كان النيب .النبوية املشرفة لتؤكد أمهية تلك الصفة عند اهللا وعند الناس

.٨٩-٨٨ص:سابقالصدر امل) ٣( .١٦١صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .٤٢ص:املصدر السابق) ٣( .٤٧ص:املصدر السابق) ٥(

وحقيق بالعامل أن يكون من أوىل الناس متسكا ا يف حياته كلها ، ومع طلبته بوجه . )١() من تواضع هللا رفعه(خاص ، فهو أعلم الناس بأن

أن يتواضع مـع (:فابن مجاعة حني يؤكد على أمهية هذا اخللق يف حق العامل يقول مـن أن ، ويستشهد مبا أوصى به اهللا نبيه حممدا )٢() الطالب ، وكل مسترشد سائل

يبني لصـحابته ، والنيب ) ٣( واخفض جناحك للمؤمنني خيفض جناحه للمؤمنني حـد تواضعوا حتى ال يبغي أحد على أحد، وال يفخر أ أوحى إىل أن تواضعوا (أن اهللا

.) ٤() على أحدوكما أن السنة قد بينت أن اهللا قد وعد املتواضع بأن يرفع مكانته ، فإن السلف قد فهموا أن رفع مكانة العامل عند اهللا بأن يزداد علما ، ولذلك يروي ابن مجاعة عن الفضيل

.) ٥() من تواضع هللا ورثه احلكمة: (أنه قال مي وتلك العالقة السامية بني العـامل وطلبتـه ألفينـا إننا إذا تفقدنا ذلك اخللق الكر

علماءنا قد حتققوا بنصيب وافر منه ، مما محل تالميذهم علـى احتـرامهم والتمسـك كان من تواضعه مع طلبته أنـه يالطفهـم يف -رمحه اهللا -فاإلمام أبو حنيفة ... مبآثرهم

وحينما كانوا يصولون وجيولون يف جملسه ، ويعطيهم من احلرية الكاملة يف إبداء آرائهم ، بينهم خافض اجلناح ، ساكنا ، ال يتكلم حىت يقتضي األمر -رمحه اهللا -شىت الفنون كان

.) ٦(فيشرع يف احلديث ، فكأن ليس يف الس غريه

.احلديث رواه مسلم) ٥( .١٠٧تذكرة السامع و املتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة) ١( .٢١٥آية:سورة الشعراء) ٢( . احلديث رواه مسلم)٣( .١٠٧تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٤( .١٤٨-١٤٧،ص١أعالم التربية العربية اإلسالمية،مرجع سابق،ج: الدقرعبد الغين) ٥(

بل إن التواضع قد أخذ مأخذه من علماء املسلمني ؛ حىت إم كـانوا يتفقـدون ، وال خيفى ما يف ذلك اخللق اجلم من ! ا إليهم الطعام بأنفسهم طلبتهم الفقراء ، ورمبا محلو

مجيل األثر يف نفوس التالميذ ، ويف احلياة العلمية بعامة بل يف اتمع بأسره ، فهل كـان . هؤالء التالميذ إال جانبا مهما يف اتمع مؤثرا ومتأثرا

מ− :א

فاوت كبري ، وقد حرص املفكرون املسلمون علـى إن درجات أفهام املتعلمني يف ت أن يهتم املعلم برصد هذا التفاوت ، والعمل مبقتضاه يف العملية التعليمية ؛ حرصا علـى

. العدل بني تالمذته ، والوصول م مجيعا إىل أعلى مراتب الفهم واإلجادة ، كما حتتاج منـه وال شك أن هذه املسألة حتتاج من املعلم استفراغ الطاقة واجلهد

إىل كثري من الصرب على معاناة هذا األمر ، ومن مث فقد اهتم املفكرون املسلمون بالتنبيـه على أدب جم ينبغي للمعلم أن يأخذ به نفسه حنو تالمذته أال وهو احلرص علـى تعلـيم تالميذه ، ذلك احلرص الذي حيمله على تذوق مرارة الصرب ، واحتمال تفاوت العقـول

قد يؤدي به إىل التكرار والتبسيط ، أو ختصيص وقـت إضـايف ألولئـك الـذين الذي ال متكنهم قدرام العقلية من متابعة بقية زمالئهم ، بل وأكثر مـن ذلـك أن العلمـاء

، ) ١(املسلمني نبهوا العامل إىل ضرورة عدم اإلكثار على تالمذتـه ، اتقـاء املاللـة أوال .هلم أكثر مما تستطيع محله ثانيا ومراعاة أن حيمل عقو

وال شك أن مراعاة التفاوت العقلي يف هذه النقطة ضروري جدا ، وإرادة العـامل .وحرصه على التعليم والتفهيم سوف يعينه على ذلك

أن حيرص على تعليمه وتفهيمه ، ببذل جهده : (يتحدث ابن مجاعة عن ذلك فيقول ار ال حيتمله ذهنه ، أو بسط ال يضبط حفظه ، ويوضح وتقريب املعىن لـه ، من غري إكث

.) ٢() ملتوقف الذهن العبارة ، وحيتسب إعادة الشرح له وتكراره

.٢٣١ـ٢٣٠من أسس التربية اإلسالمية،مرجع سابق،:عمر التومي.د )١( .٥٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢(

א− מ א א מ א :מيعترب فهم طبيعة املتعلم وأهدافه من التعلم العماد األساسي لنجاح عملية التعلـيم ،

الناجح هو ذلك الذي يستطيع أن يفهم بعمق نفوس طالبه ، ويكون لديهم الرغبة والعامل اجلادة يف مساعدم على النمو ، وإذا ما تواجد هذا لدى العامل ، فإنـه سـيتوفر لديـه جمموعة من الصفات األساسية الالزمة ، مثل حب املتعلم ، واحترامه ، واحتـرام القـيم

.تربية وتعليم جيدين لك ، مما يسهم يف إحداث عملية االجتماعية واألخالقية وغري ذ

واملفكرون املسلمون يوجهون العامل إىل هذا ، ويشرحون لـه أحوال املـتعلمني ، . مسامهة منهم يف توضيح وفهم طبيعتهم

: نوعان – يف رأي املاودري –واملتعلمون

ملا ظهر له من جودة ذكائه وقوة مستدعى ، وهو من استدعاه العامل إىل التعلم ، :األول خاطره ، فإذا وافق استدعاء العامل هلذا الطالب شهوته ورغبته يف التعلم ، كانت النتيجة ،

، وذلك الجتماع رغبة املتعلم وحبه للتعلم ، وتوفر العامل ) ١(درك النجباء وظفر السعداء . على التعليم ، مع ذكاء املتعلم ورغبته لالستكثار من العلم

وظاهر هنا أن العامل هو الذي يستدعى املتعلم ملا يفهمه من طبيعته ، وفهم لذكائـه وقدراته ، وقوة رغبته للتعلم ، وألن العامل يفهم هذا من املتعلم جيدا ، فإنـه يسـتدعيه للتعلم عليه ، والتلقي منه ، وهذا يؤدي إىل جودة التعلم ، لتوفر العامل على التعليم مـن

.الناجحهذا أجود أنواع التعلم توفر الرغبة من املتعلم من ناحية أخرى ، ويعترب ناحية ، و

الطالب الذي تتوفر لديـه : ، أي )٢() لداع يدعوه ، وباعث حيدوه ( طالب علم :الثاين الرغبة والباعث للتعلم ، ولكن العامل ال يستدعيه ، وهذا النوع جيب أن ينظـر العـامل يف

:بواعث اليت تبعثه إىل التعلم ، واليت ال خترج حبال عن ثالث أمره ، يف ضوء ال

. باعث ديين -أ

. باعث غري ديين مباح -ب

.٨٨أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .نفس الصفحة:سابقالصدر امل) ٢(

. باعث حمظور أو ممنوع -جـ

ء كل نوع مـن هـذه األنـواع وعلى العامل ، أن يتخذ املوقف املناسب الذي يقفه إزا :الثالث

: النوع األول أما موقفه من

فإذا كان الداعي دينيا ، وكان املتعلم : (هم طبيعته وحالته فيجب على العامل أن يف فطنا ذكيا ، وجب على العامل أن يكون عليه مقبال ، وعلى تعليمه متوافرا ، ال خيفى عنه

.مكنونا ، وال يطوي عنه خمزونا

حيمل بليدا بعيد الفطنة ، فينبغي أال مينع من اليسري فيحرم ، وال (أما إذا كان املتعلم عليه بالكثري فيظلم ، وال جيعل بالدته ذريعة حلرمانه ، فإن الشـهوة باعثـة ، والصـرب

.)١() مؤثر

ومن هنا نرى أمهية فهم طبيعة املتعلم ، مع ضرورة مراعـاة حاالتـه ، وبواعثـه ليد ، وأهدافه ، حبيث ال يساوي بني الطالب الذكي النجيب ، وبني الطالب بعيد الفطنة الب

فواجبه حنو األول إعطاؤه ما يوازي قدرته ، وما يسـتطيعه ، وال خيفـي عنـه شـيئا ، أما الثاين ، فلبالدته وبعد فطنته وقلة ذكائه ، فينبغي عليه أال حيرمه اليسري ، ما دام الباعث

يقبل علـى متوفرا ، والرغبة قوية ، والصرب على هذا النوع البد وأن يؤيت مثاره ، وجيعله التعلم واملعلم ، ولكن على قدره ، حىت ال حيرم نعمة العلم ، وال يظلم بالكثرة عليه ، فإن كثرة ما يلقي عليه تنفره ومتله وتسئمه من التعليم ، وال حتدث لديه االسـتجابة الالزمـة

. للتعلم

:واملوقف من النوع الثاين

لباعث مباحا ؛ كرجل دعاه إىل طلب فإذا كان ا (يتلخص يف النظر يف أمر صاحبه ، ، قبلـه نالرياسة ، فالقول فيه يقارب القول األول يف تعليم م النباهة ، وطلب العلم حبألن العلم يعطفه إىل الدين يف ثاين احلال ، وإن مل يكن مبتدئا به يف أول حال ، وقد حكي

تعاىل ، فأىب أن يكـون إال هللا ، وقـال تعلمنا العلم لغري اهللا : عن سفيان الثوري أنه قال

.٨٩-٨٨أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١(

.)١() طلبنا العلم للدنيا فدلنا على ترك الدنيا: عبد اهللا بن املبارك

إن الشهوة باعثة ، والصرب مؤثر ، والعامل بفهمه للمتعلم يسـتطيع : وقال املاوردي ـ ل املعلـم أن يؤثر فيه ، وأن يعطفه على أغراضه وأهدافه ؛ ما دام الفهم موجودا من قب

.والرغبة موجودة من قبل املتعلم

وليس املقصود بالدين هنا عالقة اإلنسان بربه فقط ؛ كما حيب البعض أن يفسـر معىن كلمة الدين ، ولكن املعىن هنا هو املعىن الشامل ، أي قصد وجـه اهللا تعـاىل مـن

بة منه ، وهنا تدخل كافـة العلم ، وبالتايل معرفة اإلنسان باهللا ، ورضا اهللا ، وتلقي املثو .العلوم ، ال العلوم الدينية والفقهية وحدها

: أما موقف العامل من النوع الثالث

رجل دعاه إىل طلب العلـم شـر وهو طلب العلم لباعث وهدف حمظور ، ومثله مثل العـامل كامن ، ومكر باطن ، يريد أن يستعملهما يف شبه دينية ، وحيل فقهية ، فموقف

مينعه من طلبته ، ويصرفه عن بغيته ، وال يعينه علـى (هنا أن حيول بني هذا وهدفه ، بأن ـ ، بل يرشده إىل ضرورة )٢() إمضاء مكره ، وإكمال شره …حسن النية (التمسك ب

قوال وفعال ، ويعلمه بعد أنسه به ، أنه بربكة حسن النية ينال الرتبة العلية من العلم والعمل وانشراح الصدر وتوفيق العزم وإصابة احلق وحسن احلال والتسديد من املقال وعلـو .…

.)٣() الدرجات يوم القيامة

ومن خالل ما سبق نرى أن املفكرين املسلمني ال يوصون العامل بفهم املتعلم فقط ، ـ ه وال يوصون بالفهم العميق للطبيعة اإلنسانية فقط ، بل بفهمه من حيث بواعثه وأهداف

:وحاالت ذكائه وقدراته ، وميكننا تلخيص ما سبق فيما يلي

واجب على العامل أن يفهم طبيعة املتعلم جيدا ، ويفهم البواعث واألهداف اليت دفعت -أ .به إىل التعلم ، ففي هذا ما يساعده على إحداث تعليم ناجح ومرغوب فيه

.٨٩ص:سابقالصدر امل) ٢( .٨٩أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .٤٨تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢(

ا بعثه على التعليم ، فإذا كـان وجيب على العامل أن يعطي كل متعلم ما يطلبه ، وم -بالباعث مما يرضي اهللا ويوافق أهداف الدين من حتقيق نفع الدنيا واآلخرة ، أو هو مباح ، فإن عليه أن يتوافر عليه ، ويزكيه ويكربه ، ويأخذ صاحبه مبا يوافقه إن كان ذكيا أو بليدا

.تيجة املرغوب فيهابعيد الفطنة قليل الذكاء ، وعليه بالصرب معه حىت حيدث الن

وواجب عليه إزاء من يطلب العلم للمراء أو اجلدال ، وال حيقـق نفعـا للـدنيا -جـواآلخرة ، أن يصرفه عنه ؛ ألنه لن حيقق إال شرا ، ويضل الناس ، ويفسد اتمع ، ولـذا

.واجب عليه أن يصرفه عن هذا اهلدف

ة عند املفكرين املسلمني إىل احلـد إن معرفة العامل بتالميذه تتعدى املعرفة السطحي .الذي يوصون العامل فيه إىل أن حييط بتالميذه أمساء وأنسابا وبلدانا بل وأحواال

لقد أوقفنا املفكرون املسلمون على حقيقة أن كل متعلم فريـد يف نوعـه ، وأن أمهية أن بل وأكثر من ذلك حيث أشاروا إىل التعليم ينبغي أن يكيف وفق قدرات املتعلم ،

بتلميذه من نفسه ؛ حبكم علمه وخربته الواسعة ، ومن املستحسن أن أعرف يكون العامل يقوم باختبار ذهنه ، وقدرته العقلية قبل بدء الدراسة ، ومن مث يستطيع العامل أن يوجهـه إىل ما ميكن أن ينفعه إذا مل حيسن االختيار ، وهذا ما تقوم به اآلن املؤسسات التعليميـة

فإن استشار الشيخ : (والتربوية احلديثة ، فيما يعرف باختبار القدرات ، يقول ابن مجاعة من ال يعرف حاله يف الفهم واحلفظ يف قراءة فن أو كتاب ، مل يشر عليه بشـيء حـىت

.)١() جيرب ذهنه ، ويعلم حاله

لتعلم ليؤكد إن تركيز علمائنا ومفكرينا على فهم طبيعة املتعلم ، ومعرفة أهدافه من ا على مدى سبق املسلمني والفكر اإلسالمي لكثري من األفكار التربوية اليت يعتنقها الغرب يف ضته احلديثة ، مما يؤكد لنا ريادة الفكر اإلسالمي يف هذا اال الذي يعد من العلوم

ـ ة مل التربوية والنفسية احلديثة ؛ اليت تدرس يف جامعات الغرب على أا اكتشافات حديث.يكن هلا أثر يف املاضي

א− א :א

.٥٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١(

تلك الصفات اليت يتميز ا اإلنسان عن : ( يعرف علماء النفس الفروق الفردية بأا غريه من األفراد سواء كانت تلك الصفات جسمية أم عقلية أم مزاجيـة ، يف سـلوكه

.)٢() النفسي أو االجتماعي

فروق الفردية ذات أمهية كبرية يف العملية التعليمية ، فاملتعلمون خيتلفـون ومراعاة ال أن يكون على دراية مبا بـني (فيما بينهم يف عديد من القدرات والصفات ، ويهم العامل

املتعلمني من فروق ليتعرف على نواحي القوة ونواحي الضعف فيهم ، فيوجه التعليم مبـا . ) ١() لدراسة كل حسب قدراته واستعداداتهيساعد التالميذ على مواصلة ا

ويعين هذا أن يبذل العامل قصارى جهده ملساعدة مجيع املتعلمني على التعلم ؛ ليبلغوا مستوى عاليا ، وعليه أيضا أن يفهم ويعي أم سوف خيتلفون مـن حيـث القـدرة ،

.فبعضهم قدراته أفضل من بعض

جيدا عند تناوهلم ألمناط املتعلمني ، وأوضحوا ولقد وعى املفكرون املسلمون هذا أن العامل إذا مل يراع ما بني املتعلمني من فروق فردية كان هو واملتعلمون يف تعـب ، ألن فيهم الذكي احملتاج إىل زيادة العلم ، وفيهم البليد الذي يكتفي بالقليل منه ، وإذا مل يراع

، أعجز الذكي والبليد على السواء ، وإذا كـان هذا ، ويعطي كال قدره وحقه من العلم األمر كذلك فإن النتيجة تكون واضحة ، امللل والسأم من جانب املعلم ومـن جانـب املتعلمني على السواء ، ومن مث وجب على املعلم أن يراعي تلك الفروق بني املتعلمني أثناء

.تعليمهم إذا أراد أن ينجح يف عمله

جيرب ذهنـه حىت( أمهية أال يبدأ املعلم يف تعليم أحد تالمذته وهلذا فقد أشاروا إىل . ) ٢() ويعلم حاله

فإذا أوقفه التجريب والعلم حبال املتعلم على حدود قدراته كان مـن الطبيعـي أن

ــامشي )٢( ــد اهل ــد احلمي ــر : عب ــأليف والنش ــة للت ــة،دار التربي ــروق الفردي الف .٧،ص)ت.د(،)ط.د(والتوزيع،دمشق،

.٢١٨املعلم يف الفكر التربوي عند اإلمام النووي،مرجع سابق،ص:حسن إبراهيم عبد العال.د) ١( .٥٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة )٢(

.) ١() ال يلقي إليه ما مل يتأهل لـه ، ألن ذلك يبدد ذهنه ويفرق فهمه(

عامل لعوام الناس يف دروسه ، فإن ذلـك أمـر مل ولعل جانبا آخر ميتد إىل خماطبة ال يتجنب احملدث يف أماليـه مـا ال (يغفله العلماء املسلمون ،حيث أشاروا إىل وجوب أن

.) ٢() حتتمله عقول العوام ، ملا ال يؤمن عليهم فيه من دخول اخلطأ واألوهام

املـتعلمني هلـم وإذا كان العوام يتجنب العامل يف حقهم ما ال حتتمله عقوهلم ، فإن فال يرقيهم إىل الدقيق من اجللي ، (شأن ، حيث ينهج العامل معهم منهج التدرج والترقي

.) ٣() وإىل اخلفي من الظاهر هجوما ويف أول رتبة ، ولكن على قدر االستعداد

والغزايل بإحساسه املرهف يشري إىل أدب دقيق املأخذ يف سنة الترقـي ، ومراعـاة بعد ظهور الفوارق اجللية بينهم ، فريى أن العامل حينما يقتصر بـاملتعلم أحوال املتعلمني

حتقيقا وتـدقيقا ... ال يذكر له أن ما وراء ما ذكرت (القاصر على ما حيتمله ذهنه ، فإنه ، وذلك مراعاة ملا قد ينشأ لدى املتعلم من حالة اإلحباط ، اليت قد حترمه )٤() أدخره عنك

يلقيه العامل عليه ، والغزايل يرى أن على العامل أن خييل لتلميذه أنه كـل من االستفادة مما .)٥() حىت إذا استقل به رقي إىل غريه بالتدريج(املقصود

هذا وقد ورد عن الصحابة ما يرشد إىل هذه السنة التعليمية احلسنة ، فمن ذلك ما دث قوما حديثا ال تبلغه عقولهم، ما أنت بمح: (-رضي اهللا عنه–قاله عبد اهللا بن مسعود .) ٦() إال كان لبعضهم فتنة

وغريه ما يشري إىل أن مثل هـذا -رضي اهللا عنه -وال شك أن يف كالم ابن مسعود العلم ال مينع تداوله ائيا ، وإمنا مينع منه الذي ال حيتمل عقله أن يستوعبه ، أما أهل العلم

طلبة األذكياء فليس ذلك مبمنوع عنهم أن يتدارسوه ، ومما يؤيد ذلك ما يروى عن ابن وال

.١٠٠ص:سابقالصدر امل) ٣( .١٠٨ـ١٠٧،صصدر سابقامع ألخالق الراوي،ماجل:اخلطيب البغدادي) ٤( .٢١٦ميزان العمل،مصدر سابق،ص:الغزايل) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق )٣( ..رواه مسلماحلديث صحيح ، )٤(

، وقد روي مثل ) ١() خيفي أشياء من حديثه ، ويفشيها إىل أهل العلم ( أنه كان عباس ، ويروي اخلطيب البغدادي عن وهب بن منبه ) ٢( وغريه ذلك عن علي بن أيب طالب

بالطباخ لآلكلني ، ويا له من تشبيه يبني مدى فقه علماء املسـلمني تشبيه العامل وتالمذته : هلذه املسالك الدقيقة اليت تقتضي أن يراعي العامل أحوال مستمعيه ، يقول وهب بن منبه

ينبغي للعامل أن يكون مبرتلة الطباخ احلاذق ، يعمل لكل قوم ما يشتهون من الطعـام ، ( .) ٣() وم مبا حتتمله قلوم وعقوهلم من العلموكذلك ينبغي للعامل أن حيدث كل ق

: ومراعاة هلذا اجلانب نظر املفكرون املسلمون إىل الفروق الفردية من جانبني فقد تفشت ظاهرة التكسب بالعلم ، واالهتمـام بأبنـاء : اجلانب األول االجتماعي -

ينبغي على العـامل أن : (األغنياء واألمراء ، وحتقري أبناء الفقراء ، لذا نرى اآلجري يقول يويف كل ذي حق حقه ؛ إن كان يريد بتلقينه القرآن وجه اهللا تعاىل ، وال ينبغي لـه أن يقرب الغىن ويبعد الفقري ، فإن فعل ذلك فقد جار يف فعله ، وينبغي لـه تلقني الصـغري

عطفا عليـه ، والكبري واحلدث ، والغين والفقري ، مع التواضع للفقري وتقريبه من جملسه مت .)٢() متقربا إىل اهللا بذلك

ومراعاة هذا اجلانب له أثر يف احلياة االجتماعية الفكرية ، إذا يؤثر يف مستوى التالميذ .يف مجيع الطبقات االجتماعية

فقد راعوا فيه القدرات الفكرية والعقلية املتباينة بـني التالميـذ ، :أما اجلانب الثاين -تالفات املتباينة يف مستويات الذكاء ، والقدرات واملواهب واالستعدادات وأشاروا إىل االخ

العقلية ، فأرشدوا العامل بالصرب على أصحاب العقول بطيئة الفهم ، مع الرفق م حـىت . )٣(يستطيعوا أن يفهموا ما يصعب عليهم باستخدام أسلوب احلكمة واملوعظة احلسـنة

ثة نالحظ أا انتهت ملثل هذه النتائج أيضا ، ممثلة يف دراسـات وباملقارنة مع التربية احلدي .ثورنديك ، وسبريمان

.فاء للعجلوينرواه الديلمي كما يف كشف اخل) ٥( .١٠٨ص،١جاجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،:اخلطيب البغدادي) ٦( .١١٠ص،١جاجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،:اخلطيب البغدادي) ١( .١١١أخالق أهل القرآن،مصدر سابق،ص: اآلجري)٢( .٧١ص:املصدر السابق )٣(

ويؤكد املفكرون املسلمون على أن كل متعلم ال ميكن فهمه إال فـردا يف مجاعـة ف عنـهم يف وجـوه أخـرى تتكون من أفراد آخرين يشاهم يف بعض الوجوه ، وخيتل

ته اخلاصة ، وقدراته املتميزة عن باقي املتعلمني ، وحيتاج ن لكل متعلم استعدادا كثرية ، أل املعلم إىل الوقوف على استعدادات وإمكانات كل متعلم على حدا ، ليكون تعليمـه لـه حسب ما تؤهله قدراته ومتكنه استعداداته ، ومن هنا كان توجيههم للمعلم أن ال يبدأ يف

؛ فإذا أوقفه التجريب والعلـم )١() حالهحىت جيرب ذهنه ويعلم (تعليم أحد من التالميذ ال يلقي إليه مـا (حبال املتعلم على حدود قدراته ومدى استعداده ؛ كان من الطبيعي أن

، مث يكسبه ما حيتاجه من معـارف )٢() مل يتأهل له ، ألن ذلك يبدد ذهنه ويفرق فهمه .)٣() ه حفظهمن غري إكثار ال حيتمله ذهنه أو بسط ال يضبط(وخربات ومهارات

وفـق فكيفاحلقيقة إذن هي أن كل متعلم فريد يف نوعه ، وأن التعليم ينبغي أن يال ميكن أن (قدرات املتعلمني ؛ وذلك قبل أن تثبت لنا عمليات قياس الفروق الفردية أنه

متاما يتشابه فردان أبدا ، وال يوجد أي حبث علمي ميكن أن يبني أن هناك فردين يتماثالن يف التكوين أو السلوك ، وإذا كانت احلاجة تدعو يف بعض األحيان إىل مقارنـة الفـرد بغريه ، إال أن االهتمام جيب أن يوجه إىل الفرد على أساس أنه خيتلف عـن غـريه مـن

.)٤() األفراد

ويذهب املفكرون املسلمون إىل أن معرفة املعلم بتالميذه معرفة تامة ؛ متكنـه مـن عدم على بلوغ أهدافهم ، فقد خيطئ املتعلم يف تقدير إمكاناته ، وتقومي قدراتـه ، مسا

وحياول جاهدا بلوغ أهداف تقصر دوا استعداداته ، ويضع لنفسه مستوى من الطموح .يفوق ما عنده من قدرات

وهنا تبدو أمهية معرفة املعلم التامة بتلميذه ، فيسارع إىل إرشاده وتوجيهه إىل مـا

.٦٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ٤( .٥٦صتذكرة السامع واملتكلم،: ابن مجاعة ) ١( .٥١ص:املصدر السابق) ٢(التوجيـــه النفســـي والتربـــوي واملهين،مكتبـــة النهضـــة :ســـعد جـــالل) ٤(

.٢٢١م،ص١٩٥٧،)ط.د(املصرية،القاهرة،

يتالءم مع قدراته ، وإىل ما ال يعجز عن حتقيقه وبلوغه من غايـات وأهـداف ، يقـول إذا سلك الطالب يف التحصيل فوق ما يقتضيه حاله ، أو حتمله طاقته وخاف : (ابن مجاعة

إن املنبت ال أرضا قطـع (الشيخ ضجره ، أوصاه بالرفق بنفسه ، وذكره بقول النيب .)١() وحنو ذلك مما حيمله على األناة واالقتصاد،) وال ظهرا أبقى

لعدم معرفتهم التامة بأنفسهم وتقديرهم غري -ولقد أثبت بعض الباحثني أن الطالب أضعف الناس تقديرا لقابليتهم وملزاياهم الشخصية ، فبعضهم يغايل يف -الصحيح لقدرام

ن من املغالني ، ويستدلون على تقدير نفسه ، وبعضهم اآلخر يقلل منها ، واألغلب يكونو .)٢() ذلك بنتائج اختبارات واسعة أجريت على جمموعات خمتلفة من الطالب

فإذا وضع الطالب لنفسه مستوى من الطموح يعجز عن بلوغه ؛ تبعا لتقومي غـري يعرفه أن ذلـك يضـره وال (صحيح لقدراته ، أوجب املفكرون املسلمون على املعلم أن

، ويساعده على بلوغ أهداف تناسب إمكاناته ، مبينا له أن ثنيه عن مواصـلة )٣() ينفعهلشفقته عليه ، ولطف به ، ال خبال عليه ، مث يرغبـه (العمل لتحقيق طموحه األول إمنا هو

، ومادام كل متعلم فريد مـن )٤() عند ذلك يف االجتهاد والتحصيل ليتأهل لذلك وغريه مساته وقدراته عن كل من سواه ، فإن املعلم خيطئ إن مل يعلمه تعليمـا نوعه ، خمتلف يف

يناسب حالته ، وخيتلف عن تعليم غريه ، فاملتعلم الذكي النابه ينبغـي علـى املعلـم أن ال يدخر عنه من أنواع العلوم ما يسأله عنه وهو أهل له ، ألن ذلك رمبا يوحش الصـدر (

على حـد –) متوقف الذهن ( ، واملتعلم قليل الذكاء أو )٥() وينفر القلب ويورث الوحشة أن حيرص على تعليمه وتفهيمه ؛ ببذل جهده وتقريـب ( ينبغي للمعلم -تعبري ابن مجاعة

ويوضح ملتوقف الذهن العبارة ، وحيتسب إعادة الشرح له وتكراره ، ويبـدأ .. املعىن له

.٥٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة )١(ــز )٢( ــوران،وجيمس دي ــورد ص ــر كليف ــة :انظ ــؤاد مجيل،مكتب ــة،ترمجة ف ــن الدراس ف

.٣١،٣٢،ص)ت.د(،)ط.د(احلياة، .٥١ تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة ) ٢( .٥١،٥٢ص:املصدر السابق) ٤( .٥١ص:املصدر السابق) ٥(

املعاين إىل ذهنه ، أما املـتعلم عـادي ؛ ليقرب )١() بتصوير املسائل مث يوضحها باألمثلة .)٢() ال يلقي إليه مامل يتأهل له ، ألن ذلك يبدد ذهنه(الذكاء فينبغي للمعلم أن

أال يقدم لتالميذه تعليما -فيما يرى املفكرون املسلمون –وهكذا فيجب على املعلم ـ د أوقفتنـا واحد ، وبطريقة تدريس واحدة ؛ ذلك ألن كل فرد خيتلف عن غريه ، وق

الدراسات احلديثة على صحة ما ذهبوا إليه ، حني أثبتوا أن لكل فـرد عاملـه اخلـاص الفريد ، وشخصيته املتميزة عن باقي األفراد ، وله حاجاته وقدراته وميوله ، وهو خيتلف

.عن كل من سواه بسبب مساته املوروثة ، وخصائصه املكتسبة

−، מ א מ א(א :א (قبل أن يوقفنا علم النفس التعليمي حديثا على مبادئ الـتعلم وقوانينـه ، كـان للمفكرين املسلمني حماوالت جادة لسرب العالقة بني طبيعة املتعلم وعملية التعليم ، كمـا كان هلم اهتمام بالغ بالتعرف على العوامل اليت تؤثر يف التعلم ويمن عليه ، والوقـوف على األسس اليت يتحدد ا التعلم املنتج ، ويتحقق ا التعليم اجليد ، ومـن أهـم هـذه

:العوامل

):الرغبة( مبدأ الدافعية

فيما كتبه املفكرون املسلمون ، وإمنا عربوا عن الدافعية مبـا ) الدافعية(مل ترد كلمة )٥(" الرغبـة " و )٤(" اهلمـة " و )٣(" النيـة : "حيمل معناها من املفردات العربيـة مثـل

.) ٨(" مجع اهلم" و)٧(" مجع القلب" و)٦(" املبادرة"و

.٥٢ص:املصدر السابق )١( ٥١ص:املصدر السابق) ٢( .٤٨صتذكرة السامع،مصدر سابق،:ابن مجاعة) ١( .١٣٣ص:املصدر السابق) ٢( .٤٩ص:املصدر السابق) ٣( .٧٠ص:ملصدر السابقا) ٤( .٧١ص:املصدر السابق) ٥( .٧٢ص:املصدر السابق) ٦(

وقد أدركوا أن الطالب يتعلمون بصورة أفضل إذا ما اشتدت رغبتهم يف الـتعلم ، وحسنت نيتهم له ، وتأهبوا لتلقي العلم ، حينئذ حيقق التعليم هدفه يف احلصول على تعلم

، فإذا قويت الرغبة يف حتصيل العلم ، وصدقت النية ومجع جيد ، تظهر آثاره على املتعلم ظهرت بركته ، ومنا كـاألرض (القلب ، أو بتعبري آخر قويت دوافع الطالب لتعلم العلم

وإن خلصت فيه النية قبل ، وزكـا ومنـت ( ، )١() إذا طيـبت للزرع منا زرعها وزكا مة أو الرغبة أو املباردة أو الدوافع إىل الـتعلم ، أما إذا افتقد املتعلم النية أو اهل )٢() بركته

.)٣() فيخيب قصده ويضيع سعيه.. حبط وضاع وخسرت صفقته(

الدوافع املساعدة على التعلم والتقدم من أهم (وعلى الرغم من أن معاجلة موضوع ، على الرغم من هذه الصعوبة ، فقـد كـان )٤() مشكالت سيكلوجية التعلم وأعقدها

املسلمني رأي ذو قيمة يف تنمية دوافع الطالب للتعلم ، لقد أدركـوا صـعوبة للمفكرينما عاجلت شيئا أشد علـى : (معاجلة الدوافع أو النيات والرغبات ، يقول سفيان الثوري

. ، يقصد تعديل ميلها ، وتكوين اجتاهات مرغوبة فيها )٥() من نييت

:طرق إثارة وتنمية الرغبة يف التعلم -

ا جتاه تنمية دوافـع تالميـذه ومل ياملفكرون املسلمون للعامل أن يقف موقفا سلبي ردللتعلم ، فبينوا للعامل كيفية إثارة دوافع الطالب ، وتنمية ميوهلم واجتاهام حنـو تعلـم العلم ، وحتفيزهم ، و إثارة شهيتهم العقلية للتحصيل ، بترغيبهم يف طلب العلـم بشـىت

أن يرغبه يف العلم وطلبه يف أكثر (، وجعلوا من أهم واجباته جتاه تلميذه الوسائل والسبل األوقات بذكر ما أعد اهللا تعاىل للعلماء من منازل الكرامات ، وأم ورثة األنبياء ، وعلى منابر من نور يغبطهم األنبياء والشهداء ، أو حنو ذلك مما ورد يف فضل العلم والعلماء من

ألخبار واألشعار ، ويرغبه مع ذلك بتدريج علـى مـا يعـني علـى اآليات واآلثار وا

.٦٧ص:املصدر السابق )١( .٦٩صسامع،مصدر سابق،تذكرة ال:ابن مجاعة )٢( .٧٠ص:املصدر السابق) ٣( .٥٠٥م،ص٥،١٩٧٥التعلم دراسة نفسية تفسريية توجيهية،مكتبة األجنلو،ط: رمزية الغريب) ٤( .٦٨سامع،مصدر سابق،صتذكرة ال:ابن مجاعة) ٥(

، إن العامل بذلك حيرك نشاط تالميذه ويشجعهم ، ويولد اهتمامهم بتحصيل )١() حتصيلهما يفيد حرصهم علـى ) يرغبه يف العلم وطلبه يف أكثر األوقات : (العلم ، ولعل يف قوهلم

واإلبقاء على دوافعهم للتعلم ، حيث ال يتم التعلم استمرارية نشاط التالميذ واهتمامام ، ألن التعلم هو تغري يف السـلوك (بغري دافع ، وذلك ما يؤكد عليه اآلن علم نفس التعلم

.)٢() ينجم عن نشاط يقوم به الفرد ، والفرد ال يقوم بنشاط من غري دافع

أشـد حاجـة إىل ويذهب املفكرون املسلمون إىل أن املتعلم يف بداية تعلمه يكون الترغيب والتشجيع ، وإثارة دوافعه للتعلم ، وعربوا عن تلك اإلثارة وذلـك التشـجيع

على التعلم ، وذلك بتذكريه )٣() الشيخ حيرض املبتدئ : (، يقول ابن مجاعة " بالتحريض" ينال الرتبة العلية من العلم والعمل ، وفيض اللطائف وأنواع احلكم ، وتنـوير (أنه بالتعلم

القلب وانشراح الصدر ، وتوفيق العزم ، وإصابة احلق ، وحسن احلـال ، والتسـديد يف وخاصة – ، وتلك كلها مرغبات وغايات حتفز طالب العلم )٤() املقال ، وعلو الدرجات

أن االعتماد على احلـوافز ( على التعلم ، وهي قوية التأثري فيهم وقد ثبت -املبتدئني منهم علم يف بدء تعلمه أمر له قيمته ؛ إذا كان قيامه ذا النشاط الضـروري اليت تثري نشاط املت

.)٥() يكسبه شيئا يرغب فيه ، أو جينبه شيئا يكرهه

و البد لتكوين امليول واالجتاهات املرغوب فيها ، وإثارة دوافع الطـالب لـتعلم ميوهلم حنـوه ، من أن تزداد خربة التالميذ املعرفية باملوضوع املراد تكوين (موضوع ما

فالبد أن يزودهم باملعلومـات واملعرفـة .. فلو فرض مثال أن أراد املعلم تكوين اجتاه ديين الضرورية إليضاح اهلدف يف أذهام ، وإال كان نشاطهم غري موجـه ، قليـل القيمـة

.٤٨ص:املصدر السابق )١(أصــول علــم النفس،املكتــب املصــري احلديث،اإلســكندرية :أمحــد عــزت راجــح.د) ٢(

.٢٢٤م،ص٩،١٩٧٣ط .٤٧تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣( .٤٨ص:املصدر السابق) ٤(ــان) ٥( ــن ري ــري حس ــاليبه،ت:فك ــه،عامل التدريس،أهدافه،أسسه،أس ــه وتطبيقات قومي نتائج

.٧٩م،ص٢،١٩٧١الكتب،القاهرة،ط

ه ذه ، ولذا فإن املفكرين املسلمني أكدوا على ضرورة تزويد املعلم لتالميذ )١() التربوية ى من تعلم الفقه مثاال لذلك حيتذ اخلربة املعرفية ؛ لتكوين امليول وإثارة الدوافع ، واختذوا

يف بقية املوضوعات والعلوم ؛ فلكي يقبل الطالب على تعلم الفقه برغبة قوية ، فإن على رتبة على املعلم أن يوقفهم على أمهية علم الفقه ، ويعرفهم اهلدف من تعلمه ، والنتائج املت

حتصيله ، والفرق بني صرف اهلمة فيه وتعلم غريه من العلوم ، وعلى املعلم أن يصبغ هذه اخلربة املعرفية بصبغة انفعالية ، تقوي رغبة التالميذ يف التعلم ، وتثري دوافعهم للتحصيل ،

البدنية ؛ بعقد مقارنة هلم بني قيمة تعلم ذلك العلم وبني االشتغال بغريه من نوافل العبادات فتكون نتيجة هذه املقارنة تفضيل تعلم العلم وأولويته ؛ ألن اهلدف من تعلمه أمسى ، يقول

وقد ظهر مبا ذكرناه أن االشتغال بالعلم هللا أفضل من نوافل العبادات البدنية : (ابن مجاعة افل من صالة وصيام وتسبيح ودعاء وحنو ذلك ، ألن نفع العلم يعم صاحبه والناس ، والنو

البدنية مقصورة على صاحبها ، وألن العلم مصحح لغريه من العبادات فهي تفتقـر إليـه وتتوقف عليه وال يتوقف هو عليها ، وألن العلماء ورثة األنبياء عليهم الصالة والتسليم ، وليس ذلك للمتعبدين ، وألن طاعة العامل واجبة على غريه فيه ، وألن العلم يبقى أثره بعد

.)٢() صاحبهاوغريه من النوافل تنقطع مبوت به ، موت صاح

وذه اخلربة املعرفية تتضح للتالميذ أمهية العلم ومعناه ، أو املوضوع املـراد هلـم تعلمه ، ومن مث يندفعون إىل تعلمه ، ويسهل عليهم حتصيله بعد بيان مقاصـده ومعانيـه

مـن (افع استخداما ناجحا إذ إن وقيمته ، وذلك شرط أساسي يف استخدام املعلم للدو واجب املدرس أن جيعل املادة اليت يعلمها للتلميذ ليست جذابة شائقة فحسب ، بل ذات

.)٣() معىن وأمهية بالنسبة له كذلك

:الدافعية واملنافسة -

.٥٠٧التعلم،مرجع سابق،ص:رمزية الغريب) ١( .١٣تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:بن مجاعة) ٢(ميادين علم الـنفس النظريـة والتطبيقية،أشـرف علـى ترمجتـه يوسـف : جيلفورد.ب.ج)٣(

.١٩٨م،ص١٩٧٥، ٤عارف،القاهرة،ط،دار امل)منشورات مجاعة علم النفس التكاملي(مراد،

تعد املنافسة من أكثر الوسائل انتشارا ، إلثارة األفراد لنـواحي النشـاط الـالزم الذين ال يبذلون اجلهد الالزم لـتعلمهم ميكـن ( ومن احملقق أن صغار املتعلمني للتعلم ،

.)١() استثارم باملنافسة واملسابقة لكي يبذلوا نشاطا كبريا

وقد أباح املفكرون املسلمون للمعلم استخدام املنافسة مثريا لدوافع التالميذ للتعلم ، وأشاروا بصريح العبارة إىل أن املنافسة تكون قوية وباعثا هلم على بذلك اجلهد والنشاط ،

كان بعضهم أكثـر (األثر يف زيادة النشاط ، فاملعلم إن أثار روح التنافس بني التالميذ و فأظهر إكرامه وتفضيله ، وبني أن زيادة إكرامه لتلك األسباب .. حتصيالت وأشد اجتهادا

.)٢() لك الصفاتفال باس بذلك ، ألنه ينشط ويبعث على االتصاف بت

:طريقة إثارة روح املنافسة الشريفة بني املتعلمني -

وذهب املفكرون املسلمون أنه من املمكن للمعلم أن يثري روح املنافسة بني املتعلمني يطالب الطلبة يف بعض األوقات بإعادة احملفوظات ، ومتحيص ضبطهم ملا قدم هلم من (بأن

ة ، وخيتربهم مبسائل تبىن على أصل قرره أو دليل ذكـره ، القواعد املهمة واملسائل الغريب فمن رآه مصيبا يف اجلواب وال خيف عليه شده اإلعجاب شكره ، وأثىن عليه بني أصحابه

.)٣() ليبعثه وإياهم على االجتهاد يف طلب االزدياد

تثارة واملعلم بإظهاره اإلعجاب باملتفوقني وشكرهم والثناء عليهم إمنا يلجأ إىل االس ، وبـذلك ) االجتهاد يف طلب االزديـاد (الدافعة للنشاط ، اليت عرب عنها ابن مجاعة بـ

.يتمكن املتعلم من إحداث تعلم جيد

:التحذير من سوء استخدام املنافسة -

ومع اعتقاد املفكرين املسلمني بقيمة املنافسة كوسيلة من وسائل االستثارة الدافعة ، يف يد املعلم القدير ، إال أم حذروا من سوء استخدامها ، أو وهي بال شك وسيلة نافعة

اإلفراط يف استعماهلا ؛ على أساس أا مشجع للتالميذ على التقدم ، فطلبوا مـن املعلـم

.٢٠٠ص:السابقرجع امل) ١( .٥٩تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( .٥٤ص:املصدر السابق) ٣(

احلذر يف استخدامها ؛ ملا قد يسببه سوء االستخدام من إثارة الشحناء والبغضاء والعداوة . مقصود االجتماع للتعلم والدرس -يف رأيهم–بني التالميذ ؛ وليس هذا

فإن أدى استخدام املعلم للمنافسة إىل إثارة احلسد والكراهية والضغينة بني التالميذ ؛ ال يليق بأهل العلم تعاطي (أوقفها املعلم بكل السبل وامتنع عن استخدامها ، وذلك ألنه

ن يكون االجتماع ومقصوده املنافسة والشحناء ، ألا سبب العداوة والبغضاء ، بل جيب أ .)١() خالصا هللا

إذا مل تستخدم مبهارة ، وإذا مل يوجهها املعلـم الوجهـة (وواقع األمر أن املنافسة السليمة ، قد تكون مثرية للحسد واحلقد بينهم ؛ فيتنازعون الكتب واملراجع ، ويـتحني

م املنافسة ال لتشـجيع كل منهم الفرصة لإلضرار بزميله ، وبذلك يكون املعلم قد استخد ، هـذا إىل جانـب أن )٢() التقدم إمنا هلدم العالقات السليمة بني أعضاء اتمع املدرسي

االهتمام (املنافسة إذا مل توجه توجيها سليما عطلت التعلم ومل تشجع عليه ، إذ إن زيادة حتصـيل العلـم ، ويصبح )٣() باملنافسة قد يؤدي أوال إىل أن يتعلم الفرد كيف ينافس

والتعليم وسيلة للعلو والتعايل على األقران ، وسبيال للفوز عليهم ، وهو ما حذروا منـه يا قوم أريدوا بعلمكم اهللا تعـاىل : ( إذ يقول -رمحه اهللا – )٤(فيما حيكونه عن أيب يوسف

لسا فإين مل أجلس جملسا قط أنوي فيه أن أتواضع إال مل أقم حىت أعلوهم ، ومل أجلس جم ، )٥() قط أنوي فيه أن أعلوهم حىت أفتضح ، والعلم عبادة من العبادات وقربة من القرب

.فال ينبغي أن يؤدي إىل الشحناء والعداوة

.٤٠تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٥٠٤التعلم،مرجع سابق،ص:رمزية الغريب) ٢( .٢٠٠ميادين علم النفس،مرجع سابق،ص:جيلفورد) ٣(القاضي يعقوب بن إبراهيم صاحب أيب حنيفة ، كان فقيها عاملا حافظا ، وكانت والدته سـنة ) ٤(

ثالثة عشرة ومائة وتويف يوم اخلميس أول وقت الظهر خلمس خلون من شهر ربيع األول سـنة ني ومائـة،واألول أصـح،انظر ابـن اثنني ومثانني ومائة ببغداد ، وقيل تويف سنة اثنني وسـبع

.٣٨٨ ، ص٦وفيات األعيان مرجع سابق،جـ :خلكان .٦٩تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٥(

وحذر املفكرون املسلمون املعلم من اآلثار اخلطرية لنوع من املنافسة أشد خطـورة ، وقد يعمد إىل هذه املنافسـة من منافسة التالميذ بعضهم لبعض ، وهو منافسته لتالميذه

بعض املعلمني من أصحاب النفوس الضعيفة ، حني حيملهم احلسد على الوقـوف مـن تالمذم موقف املنافس ، وبينوا أن ذلك ال يليق باملعلم وال يصح منه ؛ ألن فضل تالميذه

ن تربيتهم يعود إليه بالدرجة األوىل باعتباره السبب يف هذا الفضل ، باإلضافة إىل أن حس وليحذر كل احلذر من منافسـة بعضـهم لكثـرة (يعود عليه باخلري يف الدنيا واآلخرة ،

حتصيله ، أو زيادة فضائله ، ألن ثواب فضائلهم عائد إليه ، وحسن تربيتـهم حمسـوب ، )١() عليه ، وله من جهتهم يف الدنيا الدعاء والثناء اجلميل ، ويف اآلخرة الثواب اجلزيل

أن الطالب الصاحل أعود على العامل خبري الدنيا واآلخرة من أعز الناس (ذكروه كما ولو مل يكن للعامل إال طالب واحد ينتفع الناس بعلمـه وعملـه .. عليه وأقرب أهله إليه

وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند اهللا تعاىل ، فإنه ال يصل شيء من علمه إىل أحد ، ومن هنا كان حتذيرهم للمعلم من منافسـة )٢() ب من األجر فينتفع به إال كان له نصي

.بعض تالميذه لكثرة حتصيله ، أو سعة علمه ، أو زيادة فضله

وقد تفسر كراهية املفكرين املسلمني للمنافسة غري املوجهة واملفضـية إىل العـداوة ، مع أخذ املنافسـة واحلسد اهتمامهم بالتفاعل والتعاون بني التالميذ بديال هلذه املنافسة

مثريا للدوافع يف احلسبان ، إذا استطاع املعلم أن يستخدمها مبهارة ويوجههـا الوجهـة بالرغم من أنه كان من املعتقد أن سلوك التنافس غريزي ويفوق امليول التعاونية (السليمة

ن كال املكتسبة ، فإن البحوث يف ميدان النمو االجتماعي لألطفال والبالغني قد أظهرت أ السلوكني التنافسي والتعاوين ينموان من املطالب اليت يفرضها اتمع على الفرد ، ومـن

، ومن اجلدير باملالحظة أن املفكرين املسلمني قـد )٣() موافقة اجلماعة على أعمال معينة .حثوا املعلم على تنمية السلوك التعاوين بني تالميذه ، وتشجيع التفاعل االجتماعي بينهم

.٥٩تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٦٣ص:املصدر السابق) ٢( بد العزيز التعلم ومقاييسه،ترمجة إبراهيم حافظ وآخرين،إشراف وتقدمي ع:آرثر جيتس وآخرون) ٣(

.٣م،ص٣،١٩٦٠ التوحي،مكتبة النهضة املصرية،القاهرة،ط

:استخدام التعاون والتفاعل االجتماعي بديال عن املنافسة-

أصبح من املتعارف عليه اآلن أن إدخال التعاون و التفاعل االجتماعي يف الـدرس وسيلة من وسائل االستثارة الدافعة ، ويعد أحد الوسائل النافعة املمتعـة ، وقـد دلـت

صحب الـتعلم قـدر مـن النشـاط التجارب العلمية على أن اإلنتاج يزيد كثريا إذا (االجتماعي ، وقد وجد بعض علماء النفس األملان منذ بداية هذا القرن أن التعلم يتحسن يف الظروف االجتماعية ، كما وجدوا أن الواجبات املدرسية اليت يقوم ا التلميذ يف مرتله

وف االجتماعية اليت تكون أقل دقة وأكثر بطئا من األعمال اليت يقوم ا يف مثل هذه الظر )١() يئها قاعة الدراسة

وقد نصح املفكرون املسلمون بالتفاعل بني املتعلمني يف حلقة الدرس ، وطلبوا مـن وينبغي للشيخ أن يأمر الطلبـة (املعلم أن جيعل هذا التفاعل نصب عينيه ، ملا له من فائدة

ينهم ليثبت يف أذهام ويرسخ يف وبإعادة الشرح بعد فراغه فيما ب …باملرافقة يف الدروس ، يتعاهد ما يعامل ( ، كما طلبوا منه أن يهتم بوجود التعاون فيما بينهم ، وأن )٢() أفهامهم

، )٣() التحابب والتعاون على الرب والتقوى ، وعلى ما هم بصدده .. به بعضهم بعضا من فـإن اهللا ( أمهية التعـاون ، وأن يذكر هلم )٤() وأن يسعى يف مصاحل الطلبة ومجع قلوم (

تعاىل يف عون العبد ما دام العبد يف عون أخيه ، ومن كان يف حاجة أخيـه كـان اهللا يف .)٥() حاجته

ورغب املفكرون املسلمون املتعلم يف مشاركة زمالئه ، والتعاون معهم ومساعدم رغبته يف الفـوز ما استطاع إىل ذلك سبيال ، وال ينبغي أن يدفعه حرصه على التفوق ، و

.واملنافسة ، من عدم مشاركة أقرانه والتعاون معهم

.١٩٨ميادين علم النفس،مرجع سابق،ص:جيلفورد) ١( .٥٤تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( .٦١ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥(

أعظم أثرا يف منـو شخصـية -عند املفكرين املسلمني – فاملوقف التعاوين يف التعلم املتعلم من وسائل التحصيل والتعلم الفردية ، وقد صبغ املفكرون املسـلمون تـوجيههم

أن يرغب بقيـة (نبغي له أن تعميه املنافسة عن للمتعلم بصبغة أخالقية ، فذكروا أنه ال ي الطلبة يف التحصيل ، ويدهلم على مظانه ، ويصرف عنهم اهلموم املشغلة عنـه ، ويهـون عنهم مؤونته ، ويذاكرهم مبا حصله من الفوائد والغرائب ، وينصحهم بالدين ، فبـذلك

.)١() ثبت مل يثمريستنري قلبه ، ويزكو عمله ، ومن خبل عليهم مل يثبت علمه ، وإن

ذلك ألن املشاركة للغري يف األداء والتعلم بصفة عامة أعظم أثـرا مـن املنافسـة الشخصية ؛ ألن ما يتعلمه الفرد بالتعاون مع غري من األفراد ومشاركتهم أنفع وأعلى قيمة

لم مما يتعلمه نتيجة للنشاط الذي حتدثه املنافسة ، ومما هو جدير بالذكر أن الفـرد يـتع وتشجع التربية التعـاون (مبشاركة زمالئه كيف يتعاون ، باإلضافة إىل تعلم مواد الدراسة

أكثر من تشجيعها التنافس ؛ ال ألن ذلك يؤدي إىل زيادة فعالية التعليم ، بـل ألن هـذا .)٢() يؤدي إىل نتائج اجتماعية مرغوب فيها

يتوقف (ة يف علمية التعلم ، و إذن الرغبة والدافعية والباعث هي من الشروط األساسي عليها حتقيق اهلدف من عملية التعليم يف أي جمال من جماالته املتعددة ، سـواء يف تعلـيم أساليب وطرق التفكري ، أو تكوين االجتاهات والقيم ، أو تعديل بعضـها ، أو حتصـيل

. ) ٣() املعلومات واملعارف

على هدف ما ، فـإن احلصـول لدى اإلنسان دافع قوي للحصول (وحينما يتوافر على هذا اهلدف الذي يشبع دافعه يعترب ثوابا أو مكافأة تسبب الشعور باللذة أو السـرور والرضا ، والفشل يف احلصول على هذا اهلدف يعترب نوعا من العقاب الذي يسـبب لـه

.)٤ () الشعور باألمل ، أو الضيق أو الكدر

.١٦٢،١٦٣السامع،مصدر سابق،صتذكرة :ابن مجاعة) ١( .٣٧،صمرجع سابقفس،الدروس اليت تتعلمها التربية من علم الن:برسيفال سيموند) ٢( ــرون . د) ٣( ــان وآخـ ــد عثمـ ــيد أمحـ ــة :سـ ــه،دار الثقافـ ــتعلم وتطبيقاتـ الـ

.١٣٥،ص٢،١٩٧٨هرة،طللطباعة،القا .١٥٢م،ص١،١٩٨٨التعلم،دار الشروق،القاهرة،ط:عثمان جنايت. د) ٤(

ثارة الدافعية ، وأدركوا أيضا أمهية ترغيب املتعلم واملفكرون املسلمون أدركوا أمهية إ ومن آدام أال مينعوا طالبا ، وال ينفروا راغبـا ، وال : (يف طلب العلم ، يقول املاوردي

ييئسوا متعلما ، ملا يف ذلك من قطع الرغبة فيهم ، والزهد فيما لديهم ، واستمرار ذلـك يرغبه يف العلم وطلبـه يف : (، ويقول ابن مجاعة )١ () مفض إىل انقراض العلم بانقراضهم

)٢() أكثر األوقات

إن احترام الدافعية وزيادة إثارا احترام املتعلم ورغبته يف التعلم ، والعامل احلق هـو ذلك الذي ال يطفئ االستجابة وال يكف املتعلم عن بغيته ، فهو ال مينع طالبا للعلم من أن

ييئسه ؛ بل حيفظ لـه دافعيته وكرامته وحبه للعلم ورغبتـه يف يطلب ، وال ينفره ، وال . التعلم

א− א מ א :מ

قد يغايل بعض العلماء املتخصصني يف بعض فروع العلم فيما يتقنـون مـن هـذه العلوم ، وحرصا منهم على اهتمام التالميذ ذا الفرع وإدراك مـدى أمهيتـه يقومـون بالتوهني من العلوم األخرى ومدى أمهيتها ، مما قد حيمل التالميذ على االسـتهانة ـذه الفروع أو إمهاهلا بالكلية ، ولذلك فقد نالت هذه املسألة جزءا من االهتمـام يف الفكـر اإلسالمي ، حيث رصد تلك املواقف ، اليت قد تكون بني معلمي اللغة العربية والفقهاء ،

أن املتكفل ببعض العلوم ال ينبغي لـه أن يقـبح يف نفـس (تنبهوا إىل أمهية ومن مث فقد املتعلم العلوم اليت وراءه ، كمعلم اللغة إذ عادته تقبيح علم الفقه ، ومعلم الفقـه عادتـه

.) ٣() فهذه أخالق مذمومة للمعلمني ينبغي أن جتتنب…تقبيح علم احلديث والتفسريא− א :ממ

ذهب كثري من املفكرين املسلمني إىل عدم جواز أخذ األجرة على تعليم القرآن إن من أخالق العلماء العاملني ، أم : (وعلى التعليم بصفة عامة ، إذا بينوا بصريح القول

أن يقتدي بصاحب الشرع صلوات اهللا عليه ( ، وأنه ينبغي )٤() ال يأخذون على العلم مثنا

.٩٣أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .٤٨تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( . ٧١،مصدر سابق،ص ١إحياء علوم الدين،ج:غزايلال) ٣( .٧١-٧٠بق،صأخالق العلماء،مصدر سا:اآلجري )٤(

، واسـتدلوا )٥() ه ، فال يطلب على إفادة العلم أجرا وال يقصد به جزاء وشكرا وسالمالناس جاء يوم القيامة ووجه عظـم لـيس من قرأ القرآن يتأكل به ( حبديث النيب

، ونظرم هذه قد تكون رد فعل للواقع الثقايف ، إذا وجدوا مـن يركـز )١() عليه حلم قرآن والنحو ، فمثال كان املربد يأخذ أجرا من الزجاج مبقدار على األجرة مقابل تعليم ال

.)٢(درهم يوميا ولقد تنازع العلماء يف مسألة أخذ األجرة على تعلـيم القـرآن الكـرمي واحلـديث الشريف ، فذهب طائفة من الفقهاء كاحلنفية وأمحد بن حنبل وسفيان الثوري وابن القيم

، وأيضا الغـزايل ، وذهـب آخـرون إىل جـوازه )٣( ومالك وغريهم إىل عدم جوازه ال بأس أن يستأجر الرجل املعلم على أن يعلم : ( ، وابن سحنون الذي قال )٤(استحسانا

، )٥() أوالده القرآن بأجرة معلومة إىل أجل معلوم أو كل شهر نصف القـرآن أو ربعـه م الناجح ومكافأته ماديا ، وقد وأضاف إىل ذلك تنظيم الدخل املادي للمعلم وتكرمي املعل

مسح للمعلم بأن يطلب أجرا يتوقف مع أوضاع العائلة ، وميز بني الغين والفقري يف مقدار عن ابن جريج قال : (املال املدفوع للمعلم ، ويدعم ابن سحنون رأيه بأمثلة تارخيية منها

. ال : هه ؟ قال آخذ أجرا على تعليم الكتاب ؟ أعلمت أحدا كر: قلت العطاء : أن سعد بن أيب وقاص قدم برجل من العراق يعلم أبناءهم الكتاب (وعن ابن شهاب بط مبدأ أخذ األجرة على التعليم ، ووافقه القابسي الذي ر)٦() باملدينة ويعطونه األجر

.)٧(مبشكالت عصره االقتصادية

.٧٠،مصدر سابق،ص١إحياء علوم الدين،ج:الغزايل) ٥( .احلديث موضوع،رواه ابن حبان يف الضعفاء واملتروكني ) ١( .١٤٨،ص١١البداية والنهاية،مرجع سابق،مج: ابن كثري)٢( .٣٢٥،ص١احلضارة اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري،مرجع سابق،ج: آدم متز)٣(الدليل والربهان على حترمي أخذ األجرة على تالوة القرآن،الرئاسة العامة : ز املانع حممد عبد العزي )٤(

.١٤م،ص١٩٨٤)ط.د(إلدارات البحوث العلمية،الرياض،دار املــذهب التربــوي عنــد ابــن ســحنون، :عبــد الــرمحن ححــازي )٥(

.١٢٦ص،١م،ط١٩٨٨املعرفة،بريوت، .٩٧ص:سابقالرجع امل )٦(

ع القائم يف عصرنا خمتلف والواقع أن هذه القضية مرتبطة بظروف العصر ؛ إذ إن الوض متاما عن الزمن املاضي ، فقد أنشئت حاليا مؤسسات تعليمية ترعاها احلكومـة جبميـع احتياجاا املادية ، ويتقاضى املعلم أجرا على تدريسه من الدولة وليس من األفراد ، وهذا

ألفـراد بصـورة جائز ألن التعليم ضروري جلميع أفراد اتمع ، وال يتسىن تعليم هؤالء ا منظمة وشاملة إال حتت رعاية مؤسسات ومدارس متعـددة ؛ يقـوم عليهـا معلمـون

. ومتخصصون متفرغون هلذا العمل ، ألجل هذا ال مانع من أخذ األجرة على التعليم باملقابل فإن كثرة التخصصات ، وإعداد الطلبة ، وإشراف احلكومة علـى التعلـيم

جرة على التعليم ، إذ هو يصرف وقتا كبريا فيه ، بل ويقوم يف يفرض على العامل أخذ األ .كثري من األحيان بأعمال إدارية إضافية

מ א :א أن يقدم العون لكل تلميـذ -يف رأي املفكرين املسلمني –إن من مسؤوليات العامل

أهدافه املعرفية فحسب ، وإمنا واجبه وأن يعتين مبصاحل الطالب ؛ ال مبساعدته على حتقيق كما يعلمهم مصاحل دينهم ملعاملة اهللا تعاىل ، يعلمهم مصاحل دنياهم ملعاملة (جتاه طالبه أنه

؛ أو مبعىن آخر يكسبهم املعارف ليمكن كال منهم )١() الناس ؛ لتكتمل هلم فضيلة احلالتني على التعامل معهـم ، وفـق آداب من التوافق مع نفسه ومع اآلخرين ، بتعليمه وتدريبه

.اتمع وقيمه ومعايريه االجتماعية ، وقواعد الضبط االجتماعي املتعارف عليها

يتعهد ما يعامل به بعضهم بعضا مـن ( وقد حث املفكرون املسلمون العامل على أن وعلى إفشاء السالم وحسن التخاطب يف الكالم ، والتحابب والتعاون على الرب والتقوى

املنافسة ( ، وعليه أن مينع كل أسباب التنافر والتباغض بني املتعلمني من )٢() ما هم بصدده .)٣() والشحناء ألا سبب العداوة والبغضاء

:مساعدة املتعلمني على اختيار ما يناسبهم من علوم ومعارف -

.١٥١،ص٢االنطالقة التعليمية يف اململكة العربية السعودية،مرجع سابق،ج: عبد اهللا بغدادي)٧( .٦١تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٤٠ص:املصدر السابق) ٣(

ي ، وذلـك هذا إىل جانب مسئوليته يف مساعدة املتعلمني على حتقيق التوافق العلم مبساعدم على اختيار ما يناسبهم من اخلربات واملعارف والعلوم اليت يسعون لتعلمهـا ، وإرشادهم إىل ما يصلح هلم منها ، فإذا اختار املتعلم فنا من الفنون ليدرسه ، واختار لـه

ىل مواد ومنهاج وكتبا وأدوات ، وأخطأ يف تقدير استعداداته ، فإن على العامل أن يوجهه إ ما يناسبه ، وما يستطيع فيه استخدام إمكاناته استخداما فعاال ، يقول ابن مجاعة إن العامل

ال يفلح يف فن أشار عليه بتركه ، واالنتقال ) أي املتعلم (إذا علم أو غلب على ظنه أنه : ( ؛ وذلك يتم نتيجة لعملية واعية قائمة علـى معرفـة )١() إىل غريه مما يرجى فيه خالصه

.املة باملتعلم ؛ لكي يستغل قدراته استغالال صحيحا يف حتقيق أهداف مناسبة ك

:إرشاد املتعلمني إىل أفضل طرق التحصيل واملذاكرة -

وكذلك فإن من مسئوليته توجيه تالميذه إىل أفضل طرق املـذاكرة والتحصـيل ، م مسـئولياته فليس عمله جمرد حشو أذهان تالميذه باحلقائق واملفاهيم ، بل مـن صـمي

إرشادهم إىل خري طرق التعلم ، وتوجيههم إىل كيفية اكتساب عادات صاحلة للتحصيل ، مثل تركيز االنتباه ، وحصر الذهن أثناء املذاكرة ، وذلك يتم بتخصيص وقـت معـني

أجود األوقات للحفظ األسحار ، وللبحـث (لالستذكار ، واعترب املفكرون املسلمون أن ، ومن األمور املعينة على )٢() بة وسط النهار ، واملطالعة واملذاكرة الليل األبكار ، وللكتا

أجود أمـاكن احلفـظ ( واعتربوا أن -أيضا–التحصيل واالستذكار ختصيص مكان معني .)٣() الغرف ، وكل موضع بعيد عن امللهيات

كما أن من واجبات املعلم أن يرشد تلميذه إىل أمهية تقسيم أوقاتـه ، وحسـن يقسم أوقات ليله واره ، ويغتنم ما بقي من (استغالهلا ، حىت ال تضيع سدا ، وذلك بأن

.)٤ ()عمره

:االهتمام بصحة املتعلمني اجلسمية -

.٥٧صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .٧٢،٧٣ص:املصدر السابق) ٢( .٧٣ص:املصدر السابق) ٣( .٧٢ص:املصدر السابق )٤(

وتشمل مسؤولية العامل تقدمي العون لتالميذه ، فيما يتعلق حبل مشكالم الصحية ، ه وكميتـه ، ويـرى املفكـرون وإرشادهم إىل ما يصلح هلم من الغذاء ، من حيث نوع

من أعظم األسباب املعينة على االشتغال والفهم وعدم املالل أكل القـدر (املسلمون أن أن كثرة األكل جالبة كثرية الشرب ، وكثرته جالبة للنوم ( واعتربوا )١() اليسري من احلالل

مـن والبالدة وقصور الذهن ، وفتور احلواس ، وكسل اجلسم ، كل هذا مع مـا فيـه .)٢() الكراهية الشرعية والتعرض خلطر األسقام البدنية

كذلك من مسؤولياته أن يرشد تلميذه إىل أمهية الراحة إذا متلكـه التعـب أثنـاء تعلمه ، أو أصابه النصب بسبب التحصيل ، وإىل قيمة الرياضة البدنية حلفـظ الصـحة

أن يريح نفسه وقلبه وذهنـه ( إىل وحتقيق تعلم جيد ، فواجب على العامل أن يوجه تلميذه وبصره ، إذا كل شيء من ذلك أو ضعف بتنـزه وتفريج يف املستنـزهات ، حبيث يعود إىل حاله ، وال يضيع عليه زمانه ، وال بأس مبعاناة املشي ورياضة البدن ، فقد قيـل إنـه

.)٣() ينغض احلرارة ، ويذيب فضول األخالق وينشط البدن

:عدة املتعلمني على حل مشاكلهم االجتماعية مسا-

وكما يقدم العامل لتالميذه ما يعينهم على حل مشكالم الصحية ، فعليه أن يقـدم يسعى يف مصاحل الطلبـة ، (هلم العون واملساعدة حلل مشكالم االجتماعية ، فواجبه أن

ه على ذلك ، وسـالمة ومجع قلوم ، ومساعدم مبا تيسري عليه من جاه ومال عند قدرت .)٤() دينه وعدم ضرورته

א− מ א מ :אجعل املفكرون املسلمون العامل مسئوال بدرجة كبرية عن صحة املتعلم النفسـية ، واتزان شخصيته ، ورأوا أن يئة اجلو التعليمي اخلايل من االنفعاالت اهلائجة الضـارة ،

ملة ، من أهم عوامل منو الشخصية ، فدعوا املعلم إىل نبذ القسوة يف معاملـة واملواقف املؤ

.٧٣،٧٤صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .٧٣،٧٤ص:املصدر السابق) ٢( .٧٩،٨٠ص:املصدر السابق) ٣( .٦١ص: السابقاملصدر )٤(

مبكارم األخـالق مـن (، وضرورة معاملتهم )١() الرفق بالطلبة (تالميذه ، وأكدوا على .)٢ ()وكظم الغيظ وكف األذى.. طالقة الوجه ، وإفشاء السالم

ي تلك احلالة اليت يشـعر وه–ونبهوه أنه سينجح يف حتقيق الصحة النفسية لتلميذه إذا شعر التلميذ حنوه مبا يشعر به حنو أبيه ، -فيها التلميذ بالسعادة مع نفسه ومع اآلخرين

يعنى مبصاحل الطالب ، ويعامله مبا يعامل به أعز أوالده مـن (وذلك لن يتحقق إال حني .) ٣() احلنو والشفقة عليه واإلحسان إليه

يق الصحة النفسية لتلميذه إال إذا نظم املواقف التعليمية وكذلك فإنه لن يستطيع حتق تنظيما يسمح للتلميذ باستغالل قدراته وإمكاناته ، إىل أقصى حد ممكن ، دون أن يشعر بالعجز والنقص ، ودون أن يفقد ثقته يف نفسه ، ويكون ذلك حني ال يتطلب املوقـف

يفوق استعداداته ، ومن هنـا كـان التعليمي من املتعلم أن يصل إىل مستوى من التعلم يلقى إليه ما مل يتأهل له ، (حتذيرهم للمعلم من تكليف التلميذ ما ال يستطيع أداءه أو أن

.) ٤() ألن ذلك يبدد يف ذهنه ويفرق فهمه

ومن مسئولياته كذلك أن يراقب دائما أداء تالميذه فرمبا تطلع بعضهم إىل الوصول ه ، فيصاب باالختناق وينعكس ذلك على صحته النفسـية إىل أهداف تقف دوا قدرات

سلك الطالب يف التحصيل فوق ما يقتضيه حاله أو حتمله (ويولد إحساسه بالعجز ، فإذا .)٥ ()وال يشري على الطالب بتعلم ما ال حيتمله.. أوصاه بالرفق بنفسه .. طاقته

ضارة غري املوجهـة توجيهـا ونبه املفكرون املسلمون إىل أن اجلو املفعم باملنافسة ال صحيحا من العامل يترك آثاره الضارة على صحة املتعلم النفسية ، إذ تخـرج املنافسـة الضارة سلوكه عن طبيعته العادية ، ملا تـثريه من أحقاد وأضغان ، ومبا تفجـره مـن

املنافسة انفعاالت الغضب والرغبة يف إحلاق الضرر باآلخرين ، وقد حذروه من استخدام

.٢٣صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .فحةنفس الص:املصدر السابق) ٢( .٤٩ص:املصدر السابق) ٣( .٥١ص:املصدر السابق) ٤( .٥٥ص: السابقاملصدر )٥(

ال يليق بأهل العلم تعاطي املناقشة (الضارة وسيلة من وسائل إثارة احلوافز للمتعلم ، فـ .)١() والشحناء ، ألا سبب العداوة والبغضاء

وآلثار االنفعاالت الضارة على املتعلم حث املفكرون املسـلمون العـامل علـى أن إن كان يف غم خفض (الت ؛ فاملتعلم يضطلع مبسئوليته يف التخفيف من تأثري هذه االنفعا

.)٣() وإن كان فيما حيتاج إليه فيه أعانه( ، )٢() عليه

א− :אيرى علماء النفس أن معرفة املتعلم ملدى تقدمه من أقوى دوافع التعلم ، وأن معرفة

ناء عنها ، فهي النتائج تساعد على حتقيق تعلم جيد ، بل قد تكون وسيلة ال ميكن االستغ تعني املتعلم على تصحيح استجاباته اخلاطئة ، وعلى تكرار االستجابات الناجحة وحدها ، كما أا جتعل العملية التعليمية أكثر تشويقا ؛ ألن امليل إىل أداء عمل يأخـذ يف الفتـور

جانب مبرور الزمن عادة ، ومعرفة مدى التقدم تنشط امليل إن كان قد أخذ يفتر ، هذا إىل أن معرفة املتعلم مبدى تقدمه حتمله على منافسة نفسه وغريه ، بأن يعمل على أن ينبه نفسه أو غريه ، أما اجلهل بنتائج التعلم فقد يلقي يف روع املتعلم أنه قد وصل إىل الذروة فـال

.)٤(يبذل جهدا يف سبيل التقدم والتحسن ، أو يلقي يف روعه أنه ال يتقدم فتفتر محاسته

ولقد سبق املفكرون املسلمون يف التأكيد على ضرورة أن يقف املتعلم على نتـائج تعلمه بصورة مستمرة ؛ ألن ذلك حيمله على زيادة حتصيله واستمرار محاسه ، وما سـبق ـرفسبيانه من آرائهم املتعلقة ببيان أثر املرح أو التأنيب أو الثواب أو العقاب ميكـن أن ت

.ارات ملعرفة أثر إخطار املتعلم بنتيجة تعلمه على أا اختب

وقد عرضوا للوسائل اليت ميكن ا التعرف على ما تعلمه التالميذ ، واملدى الـذي وصلوا إليه يف تقدمهم وتعلمهم ، ومن مث ميكن للمعلم إرشـادهم ، وتوجيـه العمليـة

.التعليمية توجيها سليما

.٤٠صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .٦٢ص:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .٢٣٠،٢٣١،ص٢ط،م١٩٧٠،القاهرة،املكتب املصري علم النفس،أصول:تأمحد عز.د )٤(

واالمتحانات اليت يقوم ا العامل بـني احلـني االختبارات : ومن أهم هذه الوسائل يطالب الطلبة يف بعض األوقات بإعادة احملفوظات ، وميتحن ضبطهم ملا قدم (واآلخر كأن

يطرح مسائل على الطلبة ميتحن ا فهمهم ( ، أو )١() وخيتربهم مبسائل .. هلم من القواعد ة للوقوف على مدى تقـدمهم ، أو أية وسيلة أخرى يراها مناسب )٢() وضبطهم ملا شرح

فمـن رآه (وحتصيلهم ، مث خيطر املتعلمني بنتائج التعلم ، وجيعل ذلك نوعا من املكافـأة شكره وأثىن عليه بني أصحابه ليبعثـه -ومل خيف عليه شدة اإلعجاب –مصيبا يف اجلواب

علـى عنفه -ومل خيف نفوره –وإياهم على االجتهاد يف طلب ازدياد ، ومن رآه مقصرا قصوره ، وحرضه على علو اهلمة ونيل املنـزلة يف طلب العلم ، وال سيما إن كان ممـن

، وبذلك يكتشف يف الوقت املناسب مـدى )٣() يزيده التعنيف نشاطا والشكر انبساطا تقدم تالميذه يف التعلم ، ومدى حتقيق التعلم ألهدافه أو أغراضه ، ويف نفس الوقت يدفع

دلـت التجـارب ( إىل مزيد من العمل واالجتهاد ، وقد -م لنتائجهم مبعرفته-تالميذه تأثريا كبريا ... الكثرية على أن ملعرفة الشخص لنتيجة عمله وللدرجات اليت حيصل عليها

يف سرعة التعلم واكتساب املهارة ، أما إذا مترن الشخص على شيء دون أن يكون له علم مصيبا أم خمطئا فإنه ال يظهر بعد مدة طويلة مـن نتيجة عمله ودون أن يعرف ما إذا كان

.)٤() التمرين أي حتسن ملموس ، ويصبح التمرين كأنه جمهود ضائع ال جدوى منه

ومن الالفت للنظر يف العبارة السالفة ، أن أثر معرفة النتائج تسهل عملية الـتعلم ، ، بأن يقف كل تلميذ على نتيجة وجتعلها أفضل ، يف حالة كوا إخطارا نوعيا للمتعلمني

عمله ، ويراعي العامل يف إخطار التالميذ بنتائجهم نوعيام وطبائعهم ، فلـيس ملعرفـة النتائج يف كل احلاالت أثرها اإلجيايب يف حتسني عملية التعلم ، ولكن يكـون اإلخطـار

. ٥٤سامع،مصدر سابق،صتذكرة ال:ابن مجاعة) ١( .٥٣ص:املصدر السابق) ٢( .٥٤،٥٥ص:املصدر السابق) ٣( .١٧٦، ١٧٥م، ص٧،١٩٧٧،دار القلم،الكويت،طعلم النفس يف حياتنا:ايتحممد عثمان جن.د )٤(

والشـكر من يزيـده التعنيـف نشـاطا (بنتيجة التعلم جيد األثر ، طيب النتيجة عند .)١() انبساطا

ولقد أوضح املفكرون املسلمون أن االختبارات واالمتحانات اليت جيريها املعلمـون مبا تسفر عنه من –ليست هدفا يف حد ذاا ، بل هي يف الواقع وسائل توجه عملية التعليم

اته خاطئـة وجهتها الصحيحة ، فيما خيترب املعلم حالة تلميذه ، فإن كانت استجاب -نتائجفيهيبون باملعلم أن يعيد تقومي العملية التعليمية بأبعادها املختلفة ، فإن كانت اسـتجابات

سـهولة (املتعلم خاطئة بسبب طريقة التعليم اليت يستخدمها املعلم فعليه أن يعتمد علـى اإللقاء يف تعليمه ، وحسن التلطف يف تفهيمه ، السيما إذا كان أهال لذلك حلسن أدبـه

.) ٢() وجودة طلبه

وإذا كانت استجابات املتعلم اخلاطئة بسبب تقدير غري صحيح إلمكاناته وقدراته ، وحتميل نفسه فوق طاقتها لبلوغ أهداف تقصر دوا استعداداته ، فعلى املعلم أن خيـربه بنتائج تعلمه ، مث يرشده إىل وسائل تصحيح أخطائه وحتديد مستوى للطموح يتناسـب

إذا سلك الطالب يف التحصيل فوق ما يقتضـيه حالـه أو : ( يقول ابن مجاعة وقدراته ، وال .. مما حيمله على األناة ، واالقتصاد يف االجتهاد .. أوصاه بالرفق بنفسه .. حتتمله طاقته

يشري على الطالب بتعلم ما ال حيتمله فهمه أو سنه ، وال بكتـاب يقصـر ذهنـه عنـد علم إذا أوقفته نتائج االختبارات واالمتحانات علـى قصـور ، بل إن على امل ) ٣ () فهمه

استعداد املتعلم عن حتقيق تقدم ملموس يف علم من العلوم ، أو فن من الفنون اليت أراد أن يتخصص فيها أن يبادر بإرشاد املتعلم إىل ما يصلح لتعلمه ، مما يتالءم مع قدراتـه ، وإىل

تعدا هلا ، فذلك من أهم واجباته ، فإذا علم املعلم أن نوع اخلربات التعليمية اليت يكون مس .)٤() ال يفلح يف فن أشار عليه بتركه ، واالنتقال إىل غريه مما يرجى فيه فالح(التلميذ

.٥٤،٥٥تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٥١ص:املصدر السابق) ٢( .٥٥،٥٦ص:املصدر السابق )٣( .٥٧ص:املصدر السابق) ٤(

وعلى الرغم من أن املفكرين املسلمني يوجبون على العامل أن يقف بوسائله املختلفة -يف نفس الوقت -نتائج ، فإم دعوا املتعلم على مدى تقدم تلميذه يف تعلمه مث خيطره بال

أيضا على نتائج تعلمه ، ومقدار ما وصل إليه مـن -ال بطريق معلمه –إىل أن يقف بنفسه تقدم بعملية تقومي ذايت ، فذلك يف رأيهم جيعل املتعلم يكيف تعلمه مبا يتفق وقدراته ، ومن

أن يصحح ما ( ولكي حيقق املتعلم هذا فعليه مث حيقق التعليم بالنسبة له أهدافه املنشودة ، يقرؤه قبل حفظه تصحيحا متقنا إما على الشيخ أو على غريه ممن يعينه ، مث حيفظه بعـد ذلك حفظا حمكما ، مث يكرر عليه بعد حفظه جيدا ، مث يتعاهده يف أوقات يقررها لتكرار

وظاته وتفهمه هلا ، فإن غاب عنـه ، وهو ذه املعاهدة يتأكد من ثبات حمف )١() مواضيعهفله أن يسأل الشيخ إعادته وتفهيمه ، بعد (شيء أعاد حفظه ، وإن التبس عليه شيء منها

.)٢() بيان عذره بسؤال لطيف

وإن ثبت لديه أنه مل حيقق بتعليمه ما كان يأمله من نتائج ، قـوم بنفسـه عمليـة حتقيق أهدافه ، فإن رأى السـبب يف سـوء تعلمه ، وحبث عن األسباب اليت حالت دون

يأخذ من احلفظ والشـرح مـا (تقديره الستعداداته وقدراته ؛ عدل من مسار تعلمه بأن ، وإن كـان )٣() ميكنه ويطيقه حاله ، من غري إكثار ميل وال تقصري خيل جبودة التحصيل

؛ كان عليـه أن السبب هو عدم اهتمامه وانشغاله أثناء تعلمه وانصراف ذهنه عن معلمه ، وإن كان السـبب )٤() يصغي إىل الشيخ ، ناظرا إليه ، ويقبل بكليته عليه منفعال لقوله (

هو عدم حصر ذهنه وتركيز انتباهه أثناء مذاكرته ومراجعاته لدروسه ؛ فـإن عليـه أن ، إىل غري ذلـك )٥() يعطي الكتاب الذي يقرؤه ، أو الفن الذي يأخذه كليته حىت يتقنه ( .ن أسباب يتعرف عليها مث يعاجلها يف حينها م

وهكذا يؤدي وقوف املتعلم على نتائج تعلمه ، وعلمه مبدى تقدمـه إىل املبـادرة .بتصحيح أخطائه أو اإلقالل منها ، واإلفادة قدر املستطاع

.١٢٢صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،: مجاعةابن )١( .١٠٦ص:املصدر السابق) ٢( .١١٧،١١٨ص:املصدر السابق) ٣( .٩٧ص:املصدر السابق )٤( .١١٧،١١٨ص:املصدر السابق) ٥(

א− :א على الشـيخ أو لضـيق إن الطالب رمبا استحيا من قوله مل أفهم إما لرفع اإلعادة (

)١() الوقت أو حياء من احلاضرين أو كي ال تتأخر قراءم بسببه

ولذا فعلى العامل أن يسأل الطالب عقب شرح كل فكرة حىت يتأكد بفراسته وخربته ـ فإن سأله الشيخ عن فهمه فقال نعـم …يطرح عليه مسائل (من فهم التالميذ هلا ، فد ذلك إال أن يستدعي الطالب ذلك الحتمال خجله بظهـور فال يطرح عليه املسائل بع

.) ٢() خالف ما أجاب بهويرى املفكرون املسلمون أن طرح العامل لألسئلة بني آن وآخر خالل عرضه يعـد

املعىن بطـرح (مؤشرا جيدا للتأكد من متابعة الطالب ومدى فهمهم للدرس ، ذلك ألن له مل أفهم إما لرفع كلفة اإلعادة علـى الشـيخ أو السؤال أن الطالب رمبا استحيا من قو

، ومن هنا كان على )٣() لضيق الوقت أو حياء من احلاضرين أو كيال تتأخر قراءم بسببه .املعلم أن يسأل تالميذه أثناء عرضه للدرس

هل فهموا أم ال ؟ فرمبا أجابوا بأم : وال يكفي للتعرف على فهم التالميذ سؤاهلم ال ينبغي للشـيخ (موا حياء أو خوفا ، وهم يف احلقيقة مل يفهموا ، ومع ذلك قد فه

هل فهمت إال إذا أمن من قوله نعم قبل أن يفهم ، فإن مل يأمن : أن يقول للطالب . )٤() من كذبه حلياء أو غريه فال يسأله عن فهمه ألنه رمبا وقع يف الكذب بقوله نعم

א מ :אإذا كان جناح الدرس يتوقف إىل حد كبري على مشاركة التالميذ اإلجيابية يف الدرس عن طريق األسئلة واملناقشة واملباحثة واالستفسار ، فكذلك يتوقف جناحه إىل حد كـبري

.أيضا على حسن استقبال املعلم إلجابات التالميذ على أسئلته اليت يوجهها إليهم

:مل عند تلقيه ألجوبة تالميذه على أسئلته ومن املستحسن من العا

.٥٣صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة) ١( .٥٤ص:املصدر السابق) ٢( .٥٣ص:قاملصدر الساب) ٣( .٥٣،٥٤ص:قاملصدر الساب )٤(

أن يبادر فيظهر استحسانه للطالب املصيب يف إجابته ، وقد سبق أن ذكرنـا يف -١احلديث عن مبدأ املكافأة أن استحسان املعلم إلجابة تلميذه وثنائه عليه ، يدفعه إىل

يبعث هذا مزيد من النجاح ، ويقوي رغبته يف التحصيل ، ويثبت ما تعلمه ، كما االستحسان جمتمع الطالب على االجتهاد سعيا للحصول على تقدير املعلم الذي هو

فمن رآه مصيبا يف اجلواب ، ومل خيـف عليـه شـدة (، مصدر أساسي للتدعيم . )١() اإلعجاب شكره وأثىن عليه بني أصحابه ليبعثه وإياهم على االجتهاد

عن أسئلته أو لومه أو عقابه ، بل عليـه أن ال يسارع بتعنيف املخطئ يف إجابته -٢مل يسمع كـالم (أن يتساءل أوال عن أسباب خطئه ، فرمبا كان السبب أن الطالب

أي (تلطـف يف إعادتـه ( ، فإن كان األمر كذلك )٢() الشيخ لبعده أو مل يفهمه .) ٣() له) السؤال

لم نبهه املعلـم وإن كان السبب هو انشغال الطالب عن الدرس وعدم متابعة املع يصـغي إىل ( ؛ مبينا له أمهية أن )٤() بنصح وتلطف ال بتعنيف وتعسف (إىل خطئه

ذهنه ( ، وضرورة أن يكون )٥() الشيخ ، ناظرا إليه ، ويقبل بكليته عليه متعقال قوله حاضرا يف كل وقت ، حبيث إذا أمره بشيء أو سأله عن شيء أو أشـار إليـه مل

.)٦() انيا ، بل يبادر إليه مسرعاحيوجه إىل إعادته ث

أن يتيح العامل لتلميذه فرصة مناقشة آراء زمالئه ، واإلجابة عن ما يعرف مـن -٣أن ال يسـبق (أسئلتهم ، فعلى الرغم من أن املفكرين املسلمني استحبوا من الطالب

، فإم استحسنوا مـن املعلـم أن )٧() الشيخ إىل شرح مسألة ، و جواب سؤال

.٥٤صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .١٠٦ص:املصدر السابق) ٢( .٥٣ص:املصدر السابق) ٤( .٥٠ص:املصدر السابق) ٤( .٩٧ص:املصدر السابق )٥( .١٠٧ص:املصدر السابق) ٦( .١٠٦ص:املصدر السابق) ٧(

فإن عرض الشيخ عليه ذلك (لب من التلميذ اإلجابة عن أسئلة غريه ومناقشتها ، يط .)١() ابتداء والتمسه منه بال بأس

א− מ :א حتمل أسئلة التالميذ للمعلم أمهية خاصة عند املفكرين املسلمني ، فهي بقدر ما تدل

يف الدرس ، فهي ضرورية أيضا لفهم التالميذ عن طريق على إجيابية التالميذ ومشاركتهم :استفسارام عما ال يفهمون ، وللمعلم موقف من هذه األسئلة ميكن توضيحه يف اآليت

البد أن يتيح املعلم الفرصة يف درسه ليوجه الطالب أسئلتهم إليه ، ويشجعهم علـى -١لطالب على املناقشة وتوجيـه ذلك ، ويرى املفكرون املسلمون أن خري وسيلة لتشجيع ا

األسئلة هي تواضع املعلمني هلم ، وحسن معاملتهم ، وإظهار املودة هلم ، فإن الطالب إذا أشرح لصدره ، وأطلق لوجهـه، وأبسـط (استشعر حب معلمه وشفقته عليه كان ذلك

.)٣() أن يتواضع مع الطالب وكل مسترشد سائل( ، ولذا دعوا املعلم إىل )٢() لسؤاله

أن ال يستحي من سؤال مـا (وعلى العامل أن يعود تلميذه بكافة الوسائل والطرق ، وتلك قاعدة هامة ، أكدوا عليها كثريا ، يقـول )٤() أشكل عليه وتفهم ما مل يتعقله

من رق وجهه رق علمه ، وقد قيل من رق وجهه : (-رضي اهللا عنه -عمر بن اخلطاب .)٥() ال يتعلم العلم مستحي: الرجال ، وقال جماهد عند السؤال ظهر نقصه عند اجتماع

على العامل أن يسمع السؤال من أي أحد من تالميذه ؛ دون أن يفرق بينهم يف ذلك ، -٢يسمع السؤال من مورده على وجهه (وال مينع أحدا منهم من مناقشته ، فواجب املعلم أن

، وعليه أن خيص من يكلمه أو )٦() ئدةوإن كان صغريا ، وال يترفع عن مساعه فيحرم الفا

.١٠٦صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة )١( .٦٥ص:املصدر السابق) ٢( .٦٢ص:املصدر السابق) ٣( .١٥٦ص:املصدر السابق )٤( .١٥٧ص:املصدر السابق) ٥( .٤٢ص:املصدر السابق) ٦(

مبزيد من التفات إليه وإقبال عليه وإن كان صغريا ، فإن ترك ذلك .. يسأله أو يبحث معه .)١() من أفعال املتجربين املتكربين

وعلى العامل أن يؤكد على األسئلة ذات األمهية للدرس وللتالميذ ، فكثريا ما يسـأل -٣ عن موضوع الدرس ؛ األمر الذي يؤدي إىل تفريق أذهان الطالب التلميذ عن أشياء خترج

ال يسأل عن شيء يف غري موضعه (وتشتيت انتباههم ؛ لذا ينبغي عليه أن يعود تالميذه أن .)٢() إال حلاجة

وكثريا أيضا ما يسأل بعض التالميذ عن أمور أو أشياء مل ينضجوا أن يتأهلوا ملعرفة إن سأله طالب شيئا من ذلـك مل جيبـه ، (مينها ، ولذا فعلى العامل حقائقها أو فهم مضا

ويعرفه أن ذلك يضره وال ينفعه ، وأن منعه إياه لشفقة عليه ، ولطف به ، ال خبال عليه ، .)٣() مث يرغبه عند ذلك يف االجتهاد والتحصيل ليتأهل لذلك

اعة للوقت ، وينبغي أن وقد يسأل بعض التالميذ أسئلة يعرفون اإلجابة عليها ، إض ـ ال (يكون العامل قادرا على معرفة ذلك ، وقد حذروا العامل من هذا النوع من األسئلة ، ف

ينبغي للطالب أن يكرر سؤال ما يعلمه ، وال استفهام ما يفهمه ، فإنه يضيع الزمـان ، ذه األسئلة ، و إذا أدرك العامل أن قصد الطالب يف ضياع الوقت ) ٤() ورمبا أضجر الشيخ

كان بعض املشايخ ال يعيد ملثل هذا إذا استعاده (فال جييبه ، بل رمبا عاقبه على ذلك ، وقد .)٥() ويزيد عقوبة له

وقد يلجأ بعض التالميذ إىل املماراة واجلدل بعد بيان احلقيقة ، وهنـا ينبغـي أن يـذكر (منـها ومـن مث يتعرف العامل على مثل هذه األسئلة ، ويقف على مراد التالميذ

.٣٤صرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،تذك:ابن مجاعة )١( .١٥٧ص:املصدر السابق) ٢( .٥١،٥٢ص:املصدر السابق) ٣( .١٠٦ص:املصدر السابق )٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥(

يزجر من ( ، وعليه أن )١() احلاضرين مبا جاء يف كراهية املماراة والسيما بعد ظهور احلق .)٢() أو ظهر منه لدد.. تعدى

ينبغي للعامل أن يعني الطالب على صياغة سؤاله بطريقة صحيحه إن عجز الطالب عن -٤ضاح مراده ، فبمجرد أن يقف املعلـم ذلك ، ويساعده على التعبري عما يريد بسؤاله وإي

على مقصود الطالب بالسؤال ، ويظهر له عجزه عن التعبري عنـه بـادر إىل مسـاعدته إذا عجز السائل عن تقرير ما أورده ، أو حترير العبارة فيه حليـاء أو قصـور ، (وإعانته ،

جييب مبا عنـده أو مث.. على املعىن ، عرب عن مراده ، وبني وجه إرادته ) أي املعلم (ووقع .)٣() يطلب ذلك من غريه

والبد للعامل من إتاحة الفرصة الكاملة لتالميذه كي يناقشوه ويباحثوه ، وعليه أن يلتزم -٥يالزم اإلنصاف يف حبثـه (العدل يف مناقشتهم ، واإلنصاف يف مباحثتهم ، وحري به أن

وجد الصـواب مـع تلميـذه ، ، وال بأس أن يتراجع عن قوله ورأيه ، إذا ) ٤() وخطابهفـإن .. على قول أو دليل مل يظهر له ، أو على خالف الصواب (وسيكون خمطئا إذا أصر

كان مجاعة مـن السـلف ( ، ولقد )٥() العصمة يف البشر لألنبياء صلى اهللا عليهم وسلم .)٦() يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم

تطاعته اإلجابة على بعض أسئلة تالميذه فإن وينبغي أن ال يترفع عن االعتراف بعدم اس -٦إذا سئل عن ما مل يعلمه ، قال (ذلك أوىل وأحق من أن جييب تالميذه بغري علم ، فالعامل

ال أدري نصف العلم : ال أعلمه ، وال أدري ، فمن العلم أن يقول ال أعلم وعن بعضهم : .)٧() أصيبت مقاتله" أدريال "إذا أخطأ العامل : -رضي اهللا عنهما-وعن ابن عباس

.٤٠صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:مجاعة ابن )١( .٤١ص:املصدر السابق) ٢( .٤٢ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤( .١٠١،١٠٢ص:املصدر السابق )٥( .٢٩ص:املصدر السابق) ٦( .٤٢ص:املصدر السابق) ٧(

وهو إذا خدع طالبه بإجابات خاطئة خشية أن يتهم بقلة العلـم ، أو يوصـف يشتهر خطؤه بني الناس فيقع فيما فـر (عندهم باجلهل ، يوقع نفسه يف أشد احلرج فقد

، إن اعتراف العامل بعدم استطاعته إجابة بعض )١() منه ، و يتصف عندهم مبا احترز عنه ال أدري ال يضع من قدره كما يظنه بعض اجلهلة ، بل يرفعه ألنـه (لة تالميذه وقوله أسئ

دليل على عظم حمله ، وقوة دينه ، وتقوى ربه وطهارة قلبه ، وكمال معرفتـه وحسـن .)٢() تثبته

على العامل أن يعود تالميذه أدب السؤال ، وقد رأى املفكرون املسلمون أن من ذلك -٧يتحفظ من خماطبة الشيخ ( ، وأن )٣() ب خطابه مع الشيخ بقدر اإلمكان أن حيسن الطال (

مبا يعتاده بعض الناس يف خطابه ، وال يليق خطابه مبثل إيش بك ، وفهمت ، ومسعـت ، وتدري يا إنسان ، وحنو ذلك ، وكذلك ال حيكي له ما خوطب به غـريه ممـا ال يليـق

أنت قليل الرب ، أو مـا : ل فالن لفالن خطاب الشيخ به ، وإن كان حاكيا ، مثل ما قا فله أن يسأل الشـيخ ( ، وإذا مل يفهم الطالب شيئا يف الدرس )٤() عندك خرب وشبه ذلك

وينبغي أن ال خياطب شيخه بتاء ( ، )٥ () إعادته ، وتفهيمه ، بعد بيان عذره بسؤال لطيف .) ٦() تاذييا سيدي ويا أس: اخلطاب وكاف ، وال يناديه من بعد ، بل يقول

يكون مستفهما للجـواب سـائال حبسـن أدب ولطيـف (كما ينبغي للطالب أن -٨ينبغي أن ال يقصر يف اإلصغاء والتفهم ، أو يشـغل ( ، فإذا أجاب املعلم سؤاله )٧() عبارة

ذهنه بفكر أو حديث مث يستعيد الشيخ ما قاله ألن ذلك إساءة أدب ، بل يكون مصـغيا .)٨() لذهن ملا يسمعه من أول مرةلكالمه حاضر ا

.٤٣ص،در سابقتذكرة السامع واملتكلم،مص:ابن مجاعة) ١( .٤٢،٤٣ص:املصدر السابق) ٢( .١٠١ص:املصدر السابق) ٣( .١٠٢ص:املصدر السابق) ٤( .١٠٦ص:املصدر السابق )٥( .٨٩ص:املصدر السابق) ٦( .١٩٤ص:املصدر السابق) ٧( .١٠٦ص:املصدر السابق) ٨(

كذلك فإن من األدب إذا سئل أحد التالميذ من زمالئه سؤاال أو طلب شرح أمـر وال .. أن ال يسبق الشيخ إىل شرح مسألة أو جـواب سـؤال (غمض عليه فيجب عليه

يساوقه فيه ، وال يظهر معرفته به أو إدراكه له قبل الشيخ ، فإن عرض الشيخ عليه ذلـك بل يصرب حىت يفـرغ .. تداء والتمسه فال بأس ، وينبغي أن ال يقطع على الشيخ كالمه اب

الشيخ من كالمه مث يتكلم ، وال يتحدث مع غريه والشيخ يتحدث ، أو يتحدث معه ، أو ، وإذا سأل الطالب معلمه سؤاال وأجاب املعلم إجابـة مل تقنـع )١() مع مجاعة الس

ال يقول ملا رآه الشيخ وكان خطأ هذا خطأ ، وال هذا لـيس (الطالب ، أو رآها خاطئة برأي ، بل حيسن خطابه يف الرد إىل الصواب ، كقوله يظهر يل أن املصلحة يف كذا ، وال

.)٢() يقول الرأي عندي يف كذا وشبه ذلك

إن مثل هذه اآلداب املتعلقة باملخاطبة يف السؤال ضرورية لنجاح الدرس ، بـل ويف .يلزم فيها استخدام السؤال كل جمال

מ א מ א :אيرى املفكرون املسلمون أن معرفة العامل بتالميذه من أهم عومل جناحه يف عملـه ، وتوفيقه يف أداء رسالته ، فقد رأوا أنه من الضروري له أن يعـرف تالميـذه ، يعـرفهم

ويعرف أنسام وبلدام وأسرهم ، وباجلملة يعرف مجيع بوجوههم ويسميهم بأمسائهم ، ينبغي أن يستعلم أمساءهم وأنسـام ومواطنـهم : (أحواهلم ، ويف ذلك يقول ابن مجاعة

. ؛ إذ ذه املعرفة ميكنه أن يوجه عملية التعليم وجهتها الصحيحة )٣() وأحواهلم

اءهم وأنسام وبلدام قد ال لكنه إذا عرف تالميذه على هذا النحو ، أي عرف أمس يكون من السهل عليه أن يعاملهم فردا فردا حبسب ما يالئم كال منهم ، وتلك حجة غري كافية عند املفكرين املسلمني ، إم يرجون من العامل أن يقترب من تالميذه وأن خيـربهم

كل متعلم فريـد يف (فردا فردا ، ويضعون أمامه حقيقة مل تعد اآلن موضع شك وهي أن ) .نوعه

.١٠٦،١٠٧صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،: ابن مجاعة )١( .١١٢ص:املصدر السابق) ٢( .٢٠١-١٩٨ص:املصدر السابق )٣(

א− א א :אويضرب املفكرون املسلمون مثال رائعا التصال العامل باحلياة االجتماعيـة اتصـاال مباشرا ، مما يدل على إميان بدور العامل االجتماعي ، وذلك بعقد أمنت الروابط وأقـوى

، وذلك بزيارم يف منازهلم ، والتعرف على أهليهم الصالت االجتماعية بينه وبني تالميذه : وأسرهم ، وعيادم يف مرضهم ، وقضاء مصاحلهم حني حيتاجون إليه ، يقول ابن مجاعة

وإذا غاب بعض الطلبة ، أو مالزمو احللقة زائدا عن العادة ، سأل عنه وعن أحوالـه ، (ه ، أو قصد منـزله بنفسه ، وهـو وعن من يتعلق به ، فإن مل خيرب عنه بشيء ، أرسل إلي

.) ١() أفضل ، فإن كان مريضا عاده ، وإن كان يف غم خفض عليه

מ− א א א א מ :אوإن كان الطالب مسافرا فيستحب للعامل أن يتفقد أهله ، ومن يتعلق به ، ويسـأل

وإن : (أمكن له ذلك ، يقول ابن مجاعة عنهم وعما حيتاجون إليه ، وقضائه حلوائجهم إن كان مسافرا تفقد أهله ومن يتعلق به ، وسأل عنهم وتعرض حلوائجهم ، ووصـلهم مبـا أمكن ، وإن كان فيما حيتاج إليه فيه أعانه ، وإن مل يكن شيء من ذلك تودد إليه ودعـا

فعاليـة يف إصـالح ، وبذلك وغريه يشارك العامل يف احلياة االجتماعية ، ويسهم ب )٢() له .حياة الناس وأحوال جمتمعهم

.٦٣-٦٢صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،: ابن مجاعة ) ١( .٦٣-٦٢ص:صدر سابقامل) ٢(

אא

إن العامل املعلم عضو يعمل مع فريق من الزمالء ، يف مؤسسة تعليمية وتربوية ، قد تكون جامعة ، أو معهدا ، أو مدرسة ، أو غريها ، ويتحملون معا مسؤولية تعليم وتربية الطالب والتالميذ ، ويتم خالل ذلك التعامل واالحتكاك بني زمالء العمل ، والبد أن حياط هذا

ك ، وذلك التعامل بسياج من اآلداب والشروط والقيود ، اليت جتعله ال خيرج عن االحتكاالسلوك املقبول واملستحب ، وهلذا فقد أوىل املفكرون املسلمون عالقة العامل مع أقرانه

وزمالئه اهتماما خاصا ، ملا هلا من تأثري كبري على جناح عملية التعليم ، وشيوع روح احملبة . الزمالء يف العمل والتعاون بني

:وقد تناول املفكرون املسلمون بالبحث العديد من هذه اآلداب ، كان من أمهها

א− אמ :א فمن املهم جدا أن حيترم العامل زمالءه وأقرانه ، وحيترم آراءهم ويقدرها ، وال ينـتقص

م ، وقـد ضـرب علمـاء من قدرهم ، ويعطي كل ذي قدر قدره ، وينـزل الناس منازهل صلى زيد بن ثابـت علـى : (السلف أروع األمثلة هلذا األدب الرفيع ، فهذا الشعيب يقول

جنازة ، مث قربت له بغلة لريكبها ، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه ، توقريا وتعظيمـا لعلمـه هكذا نفعل : ، فقال ابن عباس خل عنك يا ابن عم رسول اهللا : وفضله ، فقال له زيد

، فهذا منوذج ملا ينبغي أن يكون عليه الزمالء من االحتـرام واملـودة )١() بالعلماء والكرباء واهللا ما اجترأت أن أشرب املاء والشافعي ينظـر إيل : (والتقدير ، يقول الربيع بن سليمان

.)٢() هيبة له

بينهم ، ويشـيع فـيهم روح وال شك أن االحترام املتبادل بني الزمالء يقوي الروابط . التعاون ، والعكس صحيح

א− א א

. ٥٥،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( . ٦٦،ص١،ج١م،ط١٩٨٧مقدمةاموع،مكتبة الصحابة،طنطا،:النووي) ٢(

، ، جاءت الشريعة باألمر به واالهتمـام بشـأنه النصيحة أدب عظيم من آداب الدين وكان من أهم الصفات اليت أضفاها القرآن الكرمي على أنبياء اهللا ورسله أـم ألقـوامهم

بلغتكم رساالت أا قوم لقد ي : ، ويف ذلك قوله تعاىل به ناصحون مبلغون ما أرسلهم اهللا ، وقد وعى الصحابة رضي اهللا عنهم أن من أهم وظائف الرسالة )١( لكم نصحتوربي

أيها النـاس إنكـم (: بذلك يف خطبة الوداع فقال ، فلما استنطقهم وأعظمها النصح ، )٢() نصـحت وشهد أنك قد بلغت وأديت ن: قالوا نتم قائلون؟ ، فما أ مسؤولون عين

ا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك مـن ربـك وإن مل ي: وقد كان هذا مقتضى أمره تعاىل أمته على ذلك اخللق العايل الرفيـع يف ، وقد حض الرسول )٣( تفعل فما بلغت رسالته

، هللا : لنصـيحة االدين (: ا عليه فقال وجعل قوام الدين وعموده مبني ، مواطن عديدة ، وجـاء يف بعـض الروايـات أن )٤() ، وعامتهم ، ولرسوله، وألئمة املسلمني ولكتابه

مـن وهلذا يرى اإلمام النووي أن هذا احلديث العظيم شـأنه ، )٥( )النصيحة رأس الدين ( . )٦( مدار اإلسالماعليهاألحاديث اليت

، وقد لكل املسلمني )النصح(عليه يف الصدر األول من اإلسالم ولقد كان مما يبايع بايعـت (: اقترنت البيعة على النصح بالصالة والزكاة كما يف حديث جرير بن عبد اهللا قال

النيب لم علىسح لكل مصالة وإيتاء الزكاة والنوهذا إن دل على شيء ، )٧() إقام الص ، وإذا األمهية الكربى اليت يتمتع ا هذا األدب ضمن اآلداب اإلسالمية الكـثرية فعلى مدى

كانت النصيحة واجبة يف حق كل مسلم فإن من أعظم احلاالت وجوبا ما يكون بني العلماء ، وهلـذا فقـد ياة العلمية علما وعلمـاء احل، فمن شأن ذلك أن تستقيم من تناصح يف اهللا

أن نصيحة العلماء بعضهم لبعض مبا ال يدع جماال للشك يف أن هذا اخللق تواترت اآلثار يف ش فشملت النصيحة كـل ، وأساسيات التعامل فيما بينهم ، قد صار من لوازم احلياة العلمية

.١٦٢آية :سورة األعراف) ١( .رواه اإلمام مسلم، صحيحاحلديث) ٢( .٦٧آية :سورة املائدة) ٣( . مسلم وأبو داود والنسائي،رواهصحيحاحلديث )٤( .رواه الطرباين يف األوسطاحلديث صحيح،) ٥( .١١٢،ص٤،مرجع سابق،ج مسلم صحيحشرح:النووي) ٦( .رواه مسلم صحيح، احلديث)٧(

: أنه قـال فمما يرويه احلافظ ابن حبان البسيت عن اإلمام علي ، جوانب الدين والدنيا ومن النصائح اليت تدل على معرفة أيب ، )١() انت أو قبيحة حسنة ك ؛ احمض أخاك النصيحة (

وإذا دخلت بلدة فيها أهـل علـم فـال تتخـذها (: حنيفة بواقع الناس أنه قال يف وصيته . )٢() ، ليعلموا أنك ال تقصد جاههم ، بل كن كواحد من أهلها لنفسك

فقد رأى العلمـاء أن ، )٣( وملا كانت النصيحة حماطة بالتهمة كما يقول ابن حبان ، وقد عاب ابن املبارك على أهل زمانه أم أصبحوا يهتكون ستر بعض إبداءها يكون سرا

فأمـا ... ، ، واه يف سـتره كان الرجل إذا رأى من أخيه ما يكره أمره يف ستره (: فقال . )٤() ، وهتك ستره اليوم فإذا رأى أحد من أحد ما يكره استغضب أخاه

العلماء املسلمون إىل أن النصيحة إذا وجهت يف صورة حسنة وأدت حق األخوة ولقد تنبه٥( تقيم بني األقران األلفة واحملبةافإ( .

א− :א مـن بحث ال ا، وقد عرض لـه هذ التواضع باب عظيم من أبواب اآلداب اإلسالمية الرائعة

، فهـم بينهم من أوجب الواجبات ، وهو يف حق العلماء فيما يكون قبل يف غري ما موضع ويف ذلك دليل على رسوخ علم هذا ، )٦( )أحد هللا إال رفعه اهللا واضعتا م (أعلم اخللق بأنه

، وال شك أن التواضع بني العلماء لـه من اآلثار ، وأن علمه قد آتى مثراته يف حياته العامل . العلمية واالجتماعية والتربوية الكثري

نأإن اللـه تعـاىل أوحـى إيل (: وهو القائل ، من أعظم املتواضعني النيب كان و ، وعنه أخذ الصحابة ) ٧() حتى ال يبغي أحد على أحد، وال يفخر أحد على أحد تواضعوا

.١٩٤،ص)ت.د(،)ط.د(القاهرة،روضة العقالء،مكتبة السنة احملمدية،:ابن حبان )١( .١٦،صمصدر سابقوصية أيب حنيفة،: أبو حنيفة)٢( .نفس الصفحة:السابقاملصدر )٣( .١٩٧ص:السابقاملصدر )٤( . الصفحةنفس :السابقاملصدر ) ٥( .، وأمحد مسلم والترمذي ،رواهصحيح احلديث) ٦( .حيح،رواه مسلماحلديث ص )١(

إن أبا بكر سيدنا ، ومما يؤثر يف تواضع الصحابة قول عمر بن اخلطاب هذا األدب اجلم . تواضعا ، وقد نص العلماء على أن ذلك يف حق عمر يعين بالال ، )١ ()وأعتق سيدنا

وقد كان هذا األدب أحد اآلداب املهمة اليت نصوا على ضرورة ختلق العامل ـا مـع حسن خلقه مع أهـل اإلرادة : ومن وظيفة الشيخ (: ، يقول عبد القاهر السهروردي أقرانه

واسـتعماله ، ، والتعظيم للمشـايخ زول من حقه فيما جيب من التبجيل ـالن، و والطلبوالشـواهد ، وقد كان هذا اخللق دأب كثري من املفكرين والعلماء املسلمني ، )٢() التواضع

أن ابن املبارك حضر عند محاد (: ، ومن هذه األمثلة ما رواه القاضي عياض على ذلك كثرية بن زيد مل أبا عبـد أيا أبا إمساعيل تس : فقال أصحاب احلديث حلماد بن زيد ، ما عليه لس

، بـا إمساعيـل أ سبحان اهللا يا :، فقال يا أبا عبد الرمحن حدثهم : ؟ فقال الرمحن حيدثنا أخربنـا : ، فقال ابـن املبـارك خـذوا أقسمت لتفعلن : قال ، ! ؟ أحدث وأنت حاضر

. )٣() ، أدبا حدث إال حبرف إال عن محاد، فما أبو إمساعيل محاد بن زيد

ولذلك يرى اخلطيب البغدادي أن من تواضع العامل أن يدل على من كان يف بلده أو بغـريه إن دل على مدى حبه لطلبته ونشره للعلم فإنه يـدل و، وهذا على من هو أعلى إسنادا منه

وممـا يرويـه ، الفوائد والعلوم داللة قاطعة على مدى تواضعه واعترافه مبا عند األقران من ذهبنا إىل أمحد بن حنبل سـنة ثـالث (: اخلطيب يف ذلك عن محدان بن علي الوراق قال

؟ اخرجـوا تسمعون مين ومثل أيب عاصـم يف احليـاة : ، فقال لناه أن حيدثنا أ، فس عشرة . )٤() إليه

واد يف احلياة العلمية ما يرويه ومن صور هذا التواضع بني األقران الذي يشيع احلب والت ، فقـالوا ، فأخذ املزين يد الرجل فقبلها سهأ أن املزين جاءه رجل فقبل ر -أيضا-اخلطيب

. )٥() ، إياكم والتطفيف هذا من التطفيف: فقال! سبحان اهللا يا إبراهيم

מ− א ، א :א

.احلديث صحيح،رواه البخاري )٢( .٤١٨-٤١٧صمصدر سابق،عوارف املعارف،:السهروردي) ٣( .٢٣٠ص،مصدر سابق،اإلملاع: القاضي عياض)٤( .٣١٧ص ،١ج،مصدر سابقاجلامع ألخالق الراوي،اخلطيب البغدادي،) ٥( .٣٥١ص ،١ج،مصدر سابقاجلامع ألخالق الراوي،اخلطيب البغدادي،) ١(

، فممـا رواه اء حوائج الناس وتفـريج مهـومهم من أعظم القربات عند اهللا قض إن من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفـس (: أنه قال أبو هريرة عن رسول اهللا

فـي الـدنيا ومن يسر على معسر، يسر الله عليه ، الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان ، ، ستره الله في الدنيا واالخرة ومن ستر مسلما ، خرةواآل

.) ١( )العبد في عون أخيه

تظر العبد من وملا كان العلماء هم أعلم الناس حبقيقة الدين وحقيقة احلياة الدنيا وما ين ، كانوا هم أحرص الناس على قضاء حوائج الناس وفك كربـاهتم جزيل العطاء يف اآلخرة

، وهذا أدب عظيم حيفظ على العلماء مصداقية وخباصة حوائج وكربات أقرام من العلماء ، كما أنه يصون كرامـة ، وجيعلهم قدوة لبقية املسلمني يف فعل اخلريات إميام مبا يقولونه

، وقد نص املفكرون املسلمون على هذا األدب العلم والعلماء وحيفظ من تعوزه احلاجة منهم وحتروا يف كثري من تراجم علماء املسلمني أن يوردوا ما يؤكد هذا اخللق ويدعمه من األمثلة

ا ، وعن هذا األدب حيدثن العظيمة اليت جتعل العامل املسلم حيتل مكانة ممتازة يف تاريخ اإلسالم ومن آداب الشيوخ التعطف علـى األصـحاب وقضـاء (: عبد القاهر السهروردي قائال

حقوقهم يف الصحة واملرض ، وال يترك حقوقهم اعتمادا على إرادهتـم وصـدقهم ، قـال : يقـول ، وكان احلسـن ) ٢() املودة منال تضيع حق أخيك مبا بينك وبينه : بعضهم

. )٣() عتكاف شهرينقضاء حاجة أخ مسلم أحب إيل من ا(

ما يكفي للداللة على ما كان يتمتع به العـامل ولعل ما يروى يف سرية اإلمام ابن املبارك ابن اجلوزي أن اإلمام ابـن م، فيحدثنا اإلما ، وسخاء يف كرمه املسلم من رحابة يف نفسه

إين (: ، فقـال املبارك عوتب فيما يقري من املال يف البلدان وال يفعل يف أهل بلده كذلك ، فـإن ، فاحتـاجوا ، طلبوا احلديث وأحسنوا الطلب أعرف مكان قوم هلم فضل وصدق

وال أعلم بعد النبوة من بث ، ، وإن أعناهم بثوا العلم ألمة حممد تركناهم ضاع علمهم . )٤() العلم

.احلديث صحيح،رواه البخاري )٢( . ٤١٨عوارف املعارف،مصدر سابق،ص:عبد القاهر السهروردي) ٢( .٢٤٧،صرجع سابقروضة العقالء ونزهة الفضالء، م: ابن حبان)٤( .٣٣٤-٣٣٣هـ،ص١،١٤١١ط،القاهرة،صفة الصفوة،دار الصفا:ابن اجلوزي) ١(

א− :אإالنـة (احلضاري لألخالق اإلسالمية من اآلداب اإلسالمية الراقية اليت تشي عن احلس

، ومما ورد يف الكتاب الكرمي من احلض على هذا اخللق قولـه )١() الكالم والبعد عن اجلفاء لني الكـالم مـن قد جعل رسول اهللا ، و)٢( واخفض جناحك للمؤمنني : تعاىل

اجلنة غرفة يرى ظاهرها من إن يف ( كما يف احلديث صفات الصاحلني الذين حيبهم اهللا ملن : ؟ قال ملن هي يا رسول اهللا : فقال أبو موسى األشعري ، باطنها وباطنها من ظاهرها

وقد وصف ضد ذلك بأنـه ، )٣() وبات هللا قائما والناس نيام ، وأطعم الطعام الن الكالم أ ، ان، واإلميان في الجنـة الحياء من اإلمي (من صفات أهل النار فجاء يف احلديث الشريف

ذاء منالبفاءاولج، فاء وارفالج٥( والبذاء هو الفحش يف القول وسوء اخللق، )٤() ي الن( . ومن مث فقد حرص العلماء املسلمون على التنبيه على أن ذلك السلوك السوي الـذي

وليسـتعمل (: ، ومن ذلك ما يقوله السـمعاين يدل على حسن أخالق صاحبه من العلماء منها أن خياطبهم ؛ ، وقد تفرع على هذا األدب عدة آداب ) ٦() لطيف اخلطاب مع أصحابه

، )٧() واملستحب أن خياطب من خاطب منهم بكنيته دون امسه (: ، يقول البغدادي بكناهم . )٨()أصحابه إكراما هلم يكين كان (:ويروي يف ذلك حديث عائشة رضي اهللا عنها قالت

א− א מ א אמ :א، إكرام العلماء قائم على معرفة أقدارهم اليت أنزهلم اهللا إياها مبا حيملونـه مـن العلـم

وال ، ، وتقديرا ألمهية الدور الذي يلعبونه يف حياة األمـة وإنزاهلم من املكانة ما يستحقون مراعاة ذلك األدب الكرمي بني األقران من العلماء له من اآلثار احلميدة على العلماء شك أن

.بن عمروأمحد يف املسند عن عبد اهللا احلديث صحيح،رواه ) ٢( .٨٨آية:سورة احلجر)٣( .كتاب الرب والصلة،١١٦،ص٥مرجع سابق،جحتفة األحوزي،:املباركفوري) ٤( .رواه الترمذي واحلاكم والبخاري يف األدب املفرداحلديث صحيح،) ٥( .كتاب الرب والصلة،١٢٢،ص٥مرجع سابق،جحتفة األحوزي،:املباركفوري) ٦( . ٩٩الء،مصدر سابق،صأدب اإلمالء واالستم:السمعاين) ٧( .١١٩،ص٢ج،مصدر سابقالفقيه واملتفقه،: اخلطيب البغدادي)١( .١١٩،ص٢ج:املصدر السابق )٢(

، ولقد انتبه العلماء املسلمون إىل أمهية هذا اخللق وحتريـه بـني واتمع ما ال حيصى ذكره قال الشيخ اإلمام احلافظ أبو بكر صـان (: ، ومن ذلك ما يرويه اخلطيب البغدادي األقران . )١() ، ويلقي يف قلوم احملبة وخدمة الفقيه أصحابه بنفسه مما يصفي منهم املودة: رهاهللا قد

، يستشهد البغدادي على هـذا واملثل األعلى هلم يف ذلك ة هو القدو وقد كان النيب صـحابه أ، فلما أراد إذ قام خيدمهم بنفسه ، من وفد النجاشي اخللق الكرمي مبوقف النيب

.)٢() إم كانوا ألصحابنا مكرمني وإين أحب أكافئهم(: هلم قال أن يكفوه ذلك

وال أدل على ختلق العلماء ذا اخللق الكرمي بعضهم مع بعض مما كان يصـنعه اإلمـام كان ابن املبارك إذا كان وقت احلج اجتمع إليه إخوانه من أهل (فـ عبد اهللا بن املبارك

فيأخذ نفقـاهتم ، هاتوا نفقاتكم : فيقول هلم ، بد الرمحن نصحبك يا أبا ع : نومرو فيقول ـ وال يزال ينفق عليهم حىت يصريوا إىل مـرو …فيجعلها يف صندوق ويقفل عليها ذا إ، ف

، فإذا كان بعد ثالثة أيـام صـنع هلـم وليمـة وصلوا إىل مرو جصص أبوام ودورهم إىل كل رجل منهم صرته بعد أن ، فإذا أكلوا وشربوا دعا بالصندوق ففتحه ودفع وكساهم

. )٣() كتب عليها امسه

رمحه -وال شك أنه ليس مبقدور كل عامل أن يقوم مبثل هذا الدور الذي لعبه ابن املبارك وخباصة علـى طلبـة العلـم ، ، وكان ينفقه حبقه فقد كان اهللا قد وسع له يف رزقه -اهللا

ثري من العلماء مل يكن حظهـم مـن املـال ، وك واألقران واإلخوان احملتاجني من املسلمني ، فممـا ، ال يكلف اهللا نفسا إال ما آتاهـا ، وكرم كل على حسب قدرته وطاقته كحظه

: ، ما يرويه األعمش يقـول يروى عن كرم العلماء بعضهم مع بعض على قدر استطاعتهم إين : ، فيقول خبيص، فأتناوهلا وفيها ثمة فيقول تناول السلة من حتت السرير يكنا نأيت خ (

. )٤() لست آكله ولكن أصنعه لكم

.١١٨،ص٢ج:املصدر السابق )٣( .١١٨،ص٢ج: املصدر السابق)٤( .باختصار وتصرف يسري،٣٣٤،ص٢ج،مرجع سابقصفة الصفوة،: ابن اجلوزي)٥( .١١٨،ص٢مصدر سابق،جالفقيه واملتفقه،: اخلطيب البغدادي)١(

لو كنت أطيق املشـي : (ويروي البغدادي عن جماهد أنه كان يقول لألعمش حني يأتيه . )١() جلئتك

.١١٩،ص٢ج: السابقاملصدر) ٢(

אא א

اهتم املفكرون املسلمون بآداب العامل اليت تتعلق بالسلوك االجتماعي ، الذي له عالقة مباشرة باملعامالت االجتماعية ، فالعامل كما ينبغي أن يكون صاحلا يف عالقته مع ربه

وخالقه ، ومع أقرانه وتالميذه ، يتعامل معهم على أساس من اإلميان والصدق ، والتمسك ينه ، وامتثال أوامره و نواهيه ، وااللتزام بتطبيقها يف واقع حياته ، فإنه جيب عليه بتعاليم د

أيضا أن يكون صاحلا يف سلوكه ، وأخالقه ، وعاداته مع الناس يف جمتمعه ، ويف كل .وسط يتفاعل ويتعامل معه

زال النـاس ، ويتميز العامل اجليد بقدرته على االتصال باحلياة االجتماعية ، وعدم اعت واملشاركة يف األعمال االجتماعية بصفة دائمة ، ذلك أن دور العامل املنوط به ال يقتصـر على التعليم فقط ، بل يتسع ليشمل كثريا من اجلوانب اإلنسانية واالجتماعيـة ، ولـذا استحب املفكرون املسلمون للعامل أن ينغمس يف حياة الناس ، وأن خيالطهم ، بكل مـا

معاملة الناس مبكارم األخالق ، من طالقة الوجـه ، وإفشـاء ( ذلك االختالط من يتطلبهوالسعي يف قضاء احلاجات ، وبذل اجلـاه يف الشـفاعات ، .…السالم ، وإطعام الطعام

، وبكل ما تتطلبه معاملة النـاس )١() والتلطف بالفقراء ، والتحبب إىل اجلريان واألقرباء يثار وترك االستيثار ، واإلنصاف وترك االستنصاف ، وشكر اإل(ومشاركتهم أعماهلم من

.)٢() التفضل

لذا وضعوا القواعد األخالقية اليت جيب على العلماء أن يتصفوا ا جتاه اتمع ، على :النحو التايل

א− א :אملكارم ، وأس الفضائل ، إن من أهم معامل الشخصية املسلمة الصدق ، فهو منبت ا

ويف ظالله حتيا احلقيقة ، وتشرق العدالة ، وتطمئن احلياة ، فاإلنسان الصادق شخصـية حمبوبة ، وحديثه مرغوب ، وكلمته هلا وزا واحترامها عند الناس ، ولشهادته مكانتـها

.وقبوهلا عند احلكم والقضاء

. ٢٣تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( . ٢٣ص:املصدر السابق) ٢(

ال إذا استكمل كل مراتبه ، مـن وال يصف القرآن الكرمي شخصية اإلنسان بالصدق إ القول والفعل والنية ، وحقق اإلميان الصادق الذي ال ارتياب معه ، واجلهاد الصادق الذي

إمنا املؤمنون الذين ءامنـوا بـاهللا : ال يضن فيه باملال أو النفس ، يقول اهللا عز وجل لئـك هـم ورسوله مث مل يرتابوا وجاهـدوا بـأمواهلم وأنفسـهم يف سـبيل اهللا أو

.) ١( الصادقون

ومن أوىل الصفات واآلداب السلوكية اليت جيب أن يتحلى ا العامل يف معاملته مـع الناس واتمع عامة ، هي صفة الصدق يف القول ، تلك الصفة اليت جتعله يتحرى احلقيقة

احلق عند من خيافه ، أو يف أقواله وأعماله ، ويفي بوعوده ، ويلتزم مبواعيده ، وجيهر بقول عند من يرجوه على السواء ، كما جتعله هذه الصفة حيدث الناس ويفتيهم فيما يسـتفتونه

.فيه مبا يعتقد أنه احلق ، وحيرص على أن تكون أقواله وأعماله مطابقة ملعتقداته وأفكاره

وشهادة ويتجنب الكذب والنفاق ، وتلبيس احلق بالباطل ، وخلط الصدق بالكذب ، الزور ، واملبالغة يف املدح ، حىت ولو كان املمدوح جديرا بالثناء ؛ ألن املبالغة يف اإلطراء ضرب من الكذب ، ويتجنب الكذب يف املزاح ، والقول مبا ال يعلم ، إىل غري ذلك مـن

.األمور اليت تترتب على متسك العامل بصفة الصدق

وية املطهر على التمسك ذا اخللق الرفيع ، يقـول وقد حث القرآن الكرمي والسنة النب ، فهذه دعوة من )٢( يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا وكونوا مع الصادقني : اهللا تعاىل

يدعو اهللا عز وجل لالستمساك بالصدق ، واالحنياز إىل الصادقني ، وهذا رسول اهللا لصدق ، فإن الصـدق يهـدي إىل عليكم با : (إىل الصدق ، وحيذر من الكذب فيقول

الرب ، والرب يهدي إىل اجلنة ، وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حىت يكتب عند صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إىل الفجور ، وإن الفجور يهـدي اهللا

.)٣() إىل النار ، وما زال العبد يكذب ويتحرى الكذب حىت يكتب عند اهللا كذابا

ومن أهم مثار الصدق الطمأنينة ، فاإلنسان الصادق يطمئن لنفسه وإىل الناس ، كما أن الناس يطمئنون إليه ، وإىل ما يلقيه من خرب ، أو ما يشهد به من شهادة ، أو يعد بـه

. ١٥آية:ة احلجراتسور) ١( . ١١آية:سورة التوبة) ٢( . احلديث صحيح ، رواه البخاري ومسلم) ٣(

غريه ، وال شك أن متسك العامل ذا األدب ، واتصافه ذه الصفة ، من شأنه أن يكسبه واتمع ، وكل املتعاملني معه ، ويؤدي به إىل النجاح يف عالقاته االجتماعية احترام الناس

.)١(والعلمية ، ويرفع من شأنه ، إضافة إىل ما له من أجر عند ربه

א− :א قرر اإلسالم مبدأ الوفاء ، وأكد عليه ، فعلى ضوئه يثق األفراد واجلماعات بعضهم

-عـز وجـل -ري العالقات بينهم بروح من احملبة واألخوة ، وحث اهللا يف بعض ، وجت ، )٢( وأوفوا بعهـد اهللا إذا عاهـدمت : املؤمنني مجيعا على الوفاء بالوعود والعهود

ذه الصـفة العظيمـة يف -عليه السالم - نبيه ورسوله إمساعيل -عز وجل -وامتدح اهللا إمساعيل إنه كان صادق الوعد وكـان رسـوال واذكر يف الكتاب : القرآن الكرمي

املسـلمون عنـد ( حيث على الوفـاء وااللتـزام بـه ، والرسول الكرمي ) ٣( نبيا .)٤() شروطهم

فكان من أهم ما جيب أن يتحلى به العامل من صفات ، ويتأدب به من آداب ، الوفاء شروط ، سـواء بالنسـبة لتالميـذه مبا يعطيه وما يأخذه على نفسه من وعود وعهود و

.وزمالئه والعاملني معه ، أو بالنسبة ملن يتعامل معهم من أفراد اتمع كافة

وعليه التمسك ذا اخللق ، غري مبال باملشاق أو التضحيات اليت قد تترتب عليـه ، ته احلقيقية يف غري منقاد ملا قد يعتريه من هوى أو طمع بعدم الوفاء ؛ ألنه يؤمن بأن مصلح

الدنيا واآلخرة يف وفائه بوعوده وعهوده ، فبذلك يقوي دعائم كرامته وشهامته و رجولته وحيافظ على مسعته بني الناس ، ويؤكد قوة عزميته ، وقدرته على كبح مجـاح شـهواته

.ونزواته

:א−

. ،بتصرف١٢٩من أسس التربية اإلسالمية،مرجع سابق،ص:عمر التومي.د) ١( . ٩١آية:سورة النحل) ٢( . ٥٤آية:سورة مرمي) ٣( . احلديث صحيح ، رواه البخاري) ٤(

وفيما ينصح به ، ويوكل ومما يلزم العامل من آداب ، األمانة يف معامالته مع الناس ، .إليه من أمور ومسؤوليات ، ويف كل ما يكلف حبفظه والقيام به ، واإلشراف عليه

ومفهوم األمانة يف الفكر اإلسالمي واسع الداللة ، ويرمز إىل معان كـثرية ، مناطهـا مجيعا احملافظة على حقوق اهللا وحقوق العباد ، ووضع كل شيء يف املكان اجلـدير بـه والالئق له ، وفق شعور املرء بتبعته يف كل أمر يوكل إليه ، وإدراكه اجلازم بأنه مسـؤول

.عنه أمام ربه

إن اهللا يأمركم أن تـؤدوا : والقرآن الكرمي يربز هذا األدب واخللق ، ويدعو إليه ، ) ٢( والذين هم ألمانتهم وعهدهم راعـون : ، ويقول ) ١( األمانات إىل أهلها

ال إميان ملـن ال : ( ينفي اإلميان عن الشخص غري األمني فيقول والرسول الكرمي .)٣() أمانة له

فاألمانة ذا املفهوم الواسع فضيلة ضخمة ، ال يقدر على محلها إال أقويـاء النفـوس ل كاهـل العامرة قلوم باإلميان ، وقد ضرب اهللا املثل باألمانة لضخامتها ، فأبان أا تثق

إنا : الوجود كله ؛ فال ينبغي لإلنسان أن يستهني ا ، أو يفرط يف حقها ، قال تعاىل عرضنا األمانة على السموات واألرض فأبني أن حيملنها وأشفقن منها ومحلها اإلنسان

.)٤( إنه كان ظلوما جهوال

)٥() وأداء األمانة-ىلتعا-وعليك بتقوى اهللا: ( وهذا أبو حنيفة يوصي أبا يوسف بقوله

ومن معاين األمانة الداخلة يف املعىن العام حفظ حقوق االس الـيت يشـارك فيهـا وال يفشي سـر : (العامل ، فال ينبغي أن يفشي أسرارها ويسرد أخبارها ، يقول اآلجري

. ٥٨آية:سورة النساء) ١( . ٨آية: املؤمنونسورة) ٢( . احلديث رواه اإلمام أمحد ) ٣( . ٧٢آية:سورة األحزاب) ٤( . ١٥وصية أيب حنيفة،مصدر سابق،ص:أبو حنيفة) ٥(

ره وما رأيت على جـارك فاسـت : (، ويوصي أبو حنيفة أبا يوسف قائال ) ١() من عاداه )٢() عليه ؛ فإنه أمانة ، وال تظهر أسرار الناس

מ− :א إن إفشاء السالم يعد من أبرز آداب اإلسالم االجتماعية ، وقد عده رسـول اهللا

إذا لقيه فسلم : حق املسلم على املسلم ست : (من حقوق املسلم على املسلم ، فقال طالب بأن يسلم على من عـرف ومـن مل يعـرف ، ، فاملسلم م ) ٣(احلديث ..) عليه

ومكلف بأن يرد التحية مبثلها أو بأحسن منها ، وهلذا جند املفكرين املسلمني يلفتون النظر ، وال شك )٤() وليبتدئ بالسالم ملن لقيه من املسلمني: (إىل هذا األدب ، يقول السمعاين

بني املسلمني مجيعا ، ومتكن املودة يف أن هذا السلوك يؤدي إىل توثيق الروابط االجتماعية قلوم ، وهي من مظاهر التواد والرمحة و العطف ، كما يؤكد هذا السلوك على تواضع

.العامل ، وعدم جمافاته للناس

ويلفت املفكرون املسلمون النظر إىل ضرورة أال خيص العامل أحدا بالسالم دون أحـد . ) ٥() سلمني حىت الصبيان غري البالغنييعم بالسالم كافة امل(بل عليه أن

מ− א :א إن اقتراب العامل من أفراد جمتمعه ، والتودد إليهم ومالطفتهم مـن السـلوكيات املرغوبة واآلداب اليت تسهم يف جناح مهمة العامل االجتماعية ، والتأثري اإلجيايب على أفراد

مظهر من مظاهر التواضع ، وخفض اجلناح للنـاس علـى اخـتالف جمتمعه ، كما أنه مستويام وأعمارهم ، وقد حث املفكرون املسلمون العامل على أن يتودد ألفراد جمتمعه ،

وال بأس أن تكلـم األطفـال ، ومتسـح : (مبا فيهم األطفال الصغار ، يقول ابن مجاعة يهم نفسيا مبا حيتاجون إليه مـن حنـان ، فتقبيل الصغار واحلنو عليهم يغذ )٦() رؤوسهم

. ٨٢آخالق العلماء ،مصدر سابق،ص:اآلجري) ١( . ٢٠وصية أيب حنيفة،مصدر سابق،ص:أبو حنيفة) ٢( . احلديث صحيح ، رواه مسلم) ٣( . ٩٦الء واالستمالء،مصدر سابق،صأدب اإلم:السمعاين) ٤( . ٩٧ص:سابقالصدر امل) ٥( . ١٢وصية أيب حنيفة،مصدر سابق،ص:أبو حنيفة) ٦(

، الذي كـان وعطف ، ولقد كان هذا احلرص نابعا من التأسي واالقتداء برسول اهللا .يقبل الصبيان ويعطف عليهم

א− :א إن اهللا تعاىل وصف عباده املتقني الذين أعد هلم اجلنة بأم كاظمون الغيظ وعـافون

وسارعوا إىل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السـموات : ناس ، يقول اهللا تعاىل عن ال الذين ينفقون يف الشراء والضراء والكاظمني الغيظ والعافني * واألرض أعدت للمتقني

، والعفو عن املسيئني وستر سـيئام ، ومقابلتـهم )١ (عن الناس واهللا حيب احملسنني اهر خلق الرمحة ، من هنا حث املفكرون املسلمون العامل باملغفرة ، وكظم الغيظ من مظ

على ضرورة التخلق والتحلي ذا األدب الرفيع ، واخللق القومي ، ملا يف ذلك من حتبـب للناس ، واستمالة لقلوم ؛ ومن مث يكون العامل أكثر تأثريا يف نفوسهم ، فالناس جمبولون

والنفور ممن يعاملهم بقسوة أو غلظة ، وقد أشـار على حمبة من يعاملهم بالرفق واللني ، فبما رمحة من اهللا لنت هلم ولـو : حني قال القرآن الكرمي إىل ذلك يف خطابه للنيب

من هنـا ، )٢( كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر هلم كاظم للغـيظ …، يعفو ويصفح (كان من الضروري للعامل أن يتصف ذا اخللق ، فهو

.) ٣() عمن آذاه

מא− א :אא بـالقول يف لسانهق لالقصد يف احلديث ، فال ينط إن من أهم مسات الشخصية املتزنة

اإلسالم من قيمة هـذا األدب ، علىأوقد ناس ، أي جمال ، وال يقحم نفسه يف حديث ال قـال : قـال -رضي اهللا عنه هريرة يبأ ، فعن اآلخر مميان باهللا واليو وجعله آية على اإل

.)٦() أو ليصمت اآلخر فليقل خريا من كان يؤمن باهللا واليوم( ل اهللا رسو

.١٣٤-١٣٣آية:سورة آل عمران) ٢( .١٥٩آية:سورة آل عمران) ٣( . ٨٣آخالق العلماء ،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٣( .٢٦٣آية : سورة البقرة ) ١( . احلديث صحيح،رواه البخاري)٢(

احلديث ، وطيب الكالم ، وحفظ اللسـان ، القصدجعل املفكرون املسلمون وقد وعدم اخلوض فيما ال يعنيه ، واخلوف من هفوات اللسان ، من آداب العامل ، واسـتندوا

قول معروف ومغفرة خـري مـن : إىل اآليات القرآنية واألحاديث النبوية ، قال تعاىل يا معاذ ثكلتك أمك، وهل يكب الناس علـى (: الوق، )٥( يتبعها أذى صدقة

، حصائد ألسنتهم ، فمن كان يؤمن باهللا عز وجل واليوم اآلخر مناخرهم يف جهنم إال .)٣() فليقل خريا أو ليسكت عن شر، قولوا خريا تغنموا ، واسكتوا عن شر تسلموا

احلديث من األخالق اليت تفرق بني اإلنسان واملهـذب القصد يف وحفظ اللسان و وغري املهذب ، فالذي يستطيع ضبط لسانه وعدم اخلوض يف أعراض الناس ، وأن ميسك

: بقوله حلق وبالباطل يكون ممن عناهم رسول اهللا عن هتك أسرارهم والتشهري م با ، فالعلماء ال ينهشـون )٤() ليس املؤمن بالطعان وال باللعان وال بالفاحش وال البذيء (

أعراض الناس ، فضال عن أم يبتعدون عن فضول الكالم الذي ال فائدة فيه وال تعويـل وضوعية اليت تؤول إىل الصياح واملهـاترة عليه ، وخوفا من اجلدال واملراء واملناقشة غري امل

وال شك أن اإلنسان إذا وطـن ء حسن احلديث ، ؛ لذا أوجبوا على العلما )١( والشتيمةه حمبوبا بني والقصد فيه سيقل خطؤه ، وحيسن قوله ، وهذا جيل نفسه على حسن احلديث

. رأيه أو حديثهتثقلونالناس ، ال يتربمون منه ، وال يس

א− א :א ركز املفكرون املسلمون على األخالق االجتماعية املتصلة بعالقة العامل بالناس ، من

رقق قلوم لتلقي النصيحة ، على أال يكون هنا أوجبوا على العامل أن يداري الناس حىت ي ذلك من باب النفاق واملداهنة ، والفرق بني املدارة واملداهنة كـبري ، فاملـدارة سياسـة حكيمة وعمل نافع من أجل هداية العاصني إىل دين اهللا مع احلذر يف الوقوع واالنـزالق

ما املداهنة فهي مـن أجـل يف ضاللتهم أو الرضى عن فعلهم املخالف ألمر اهللا تعاىل ، أ ااملة واحلصول على الفوائد الدنيوية ، وهذا ما حصل لبىن إسرائيل كما جاء يف احلديث

يا هذا اتق اهللا ودع ما تصنع ، فإنه ال حيـل : فإنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول : (

.احلديث صحيح،أخرجه احلاكم يف املستدرك) ٣( . احلديث صحيح،رواه الترمذي يف الرب والصلة )٤( .٤٨،ص)ط.د(،)ت.د(فن احلديث،القاهرة،دار الفكر العريب،: عز الدين فرج)٥(

) وقعيدهيلقاه من الغد وهو على حاله ، فال مينعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه لك ، مث . ، واملداهنة ختلو من األمر باملعروف والنهي عن املنكر )١(

يداري جهل عن عامله برفقه ، إذا تعجب من : ( يقول اآلجري واصفا حال العامل جهل غريه ذكر أن جهله أكثر فيما بينه وبني ربه عز وجل ، والناس منـه يف راحـة ،

.)٢() مدارة الناس صدقة: (ث ، وورد يف احلدي)١() ونفسه من يف جهد

إال أن هناك أمورا ال ميكن املدارة فيها وخاصة ممن ينتسبون إىل العلم والفضـل ، وأن أحكم بينهم مبا أنـزل اهللا : ؛ لقوله تعاىل )٣(كموضوع احلكم بغري ما أنزل اهللا

فإن تولوا فـاعلم وال تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل هللا إليك ، .)٤( أمنا يريد اهللا أن يصيبهم ببعض ذنوم ، وإن كثريا من الناس لفاسقون

فالعامل ال يداهن الناس على حساب دينه ، بزعم أن مراده جلبهم إىل طريق اهلداية قل إين يت أن أعبـد : وإبعادهم عن طريق الغواية ، وهي خديعة شيطانية قال تعاىل

ذين تدعون من دون اهللا ، قل ال أتبـع أهـواءكم ، قـد ضـللت إذا ومـا أنـا ال .)٥( من املهتدين

وقد يترتب على املداهنة مفاسد اجتماعية ، وأخرى ثقافية ، فقد يظلم الضعيف ، مى ، وقد تـؤثر وقد يقدم الغىن والقوى ويقصى الفقري والضعيف ، وقد تؤكل أموال اليتا

على سري العملية التعليمية ، وذلك بتفضيل الضعفاء على ادين من أجل احلصول علـى .مآرب دنيوية

א− א מ :אيف رأي املفكـرين - إن من اآلداب االجتماعية اليت جيب أن يتصف ـا العـامل

اآلداب يف حياة العلماء واملسـلمني صلة األرحام ، وهي من أهم األخالق و -املسلمني

.٨٣أخالق العلماء،مصدر سابق،ص: اآلجري)١( .احلديث صحيح،رواه ابن حبان) ٢( .١٣٧،ص٢األخالق اإلسالمية وأسسها،مرجع سابق،ج: عبد الرمحن حبنكة)٣( .٤٩آية : سورة املائدة)٤( .٥٦آية : سورة األنعام)٥(

مجيعا ، ولقد اهتموا ا وعدوها من اآلداب األخالقية اليت متيز العلماء العـاملني عـن غريهم ، يقول اآلجري مبينا أن العلماء العاملني يربون آباءهم وال يقطعون أرحامهم ،

.)١() ويكره القطيعةيصل الرحم : (وحمذرا من الوقوع يف هذه املشكلة األخالقية

وكما اهتموا بصلة األرحام واألقارب بصفة عامة ، فقد ركزوا على الوالدين بصفة خاصة ، ألما أقرب األرحام ، لذا أوضحوا الصورة اليت ينبغي أن تكون جتاه الوالدين ،

واخفض هلما جنـاح الـذل مـن : من خفض اجلناح هلما مستندين إىل قوله تعاىل يلزم نفسه بر والديه فيخفض هلما جناحه ، وخيفض لصوا (: يقول اآلجري )٢( الرمحة

صوته ، ويبذل هلما من ماله ، وينظر إليهما بعني الوقار والرمحة ، يدعو هلمـا بالبقـاء ، ويشكر هلما عند الكرب ، ال يضجر ما ، وال حيقرمها ، إن استعانا به على طاعة أعاما ،

تعانا به على معصية مل يعنهما ، ورفق ما من معصـيته إيامهـا حبسـن األدب وإن اس . )٣() لريجعهما عن قبيح ما أرادا ما ال حيسن ما فعله

وخفض الصوت ، وهذا من باب توقري الوالدين ، واحترامهما وقت شباما ، ووقت ألن الوالدين إذا ) أف (ضعفهما عند الكرب ، وال يؤذيهما بأي قول كان حىت ولو بكلمة

ومنكم من يرد إىل أرذل العمـر : كربا ضاق صدرمها ، وقل علمهما ، لقوله تعاىل ، لذا أوجبوا طاعة الوالدين يف هذا السن ، وخاصة )٤( ال يعلم من بعد علم شيئا لكي

رهم حبسـن يف األمور اليت فيها طاعة هللا ، أما يف األمور اليت فيها معصية اهللا ، فإنه يـأم وإن جاهداك على أن تشـرك : األدب لريجعهما عن قبيح فعلهما ، عمال بقوله تعاىل

، إضـافة إىل )١( لك به علم ، فال تطعهما ، وصاحبهما يف الدنيا معروفا يب ما ليس االهتمام ما يف اجلوانب املادية ، فضال عن التوقري واالحترام ، ألن طاعة الوالدين مقرونة

واعبدوا اهللا وال تشـركوا بـه شـيئا وبالوالـدين : طاعة اهللا تعاىل ، لقوله تعاىل برغم : ( وأوجب اهللا العقوبة على العاق لوالديه يف الدنيا واآلخرة لقوله )٢( إحسانا

.٧٩، ٧٨أخالق أهل القرآن،مصدر سابق،ص: اآلجري)١( .٢٤آية : سورة اإلسراء)٢( .٧٩، ٧٨أخالق أهل القرآن،مصدر سابق،ص: اآلجري)٣( .٧٠آية : سورة النحل)٤( .١٥آية : سورة لقمان)١( .٣٦آية : سورة النساء)٢(

من أدرك والديه عنـد : من يا رسول اهللا ؟ قال : أنفه ، رغم أنفه ، قيل أنفه ، رغم ، ورغم أنفه برغام األرض كنايـة عـن )٣( ) كالمها مث مل يدخل اجلنة أوالكرب أحدمها

.الذلة واملهانة واخليبة

على بر الوالدين ملا له من األمهية ، فقد يضيق احلال بالولـدين وركز الرسول مـن % ٧٠حىت تصل إىل درجة االنتحار ، فقد بينت إحصائيات هيئة األمم املتحدة أن

سنة ، ومن ٥٩ – ٥٠ن يف دول أوربا هم من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بني املنتحري سنة ، وأهم أسـباب االنتحـار الوحـدة ٦٠ – ٥٥النساء الاليت تتراوح أعمارهن بني

.)٤(واألدمان

فهؤالء اآلباء واألمهات كانوا ضحية عقوق أبنائهم ألم مل يتربـوا علـى بـر .)٥( م األمر إىل هذه الفاجعة الوالدين ، فانتهي

على العكس من ذلك عند املسلمني ، فقد حدث أبو بكر بـن أيب النضـر عـن استسقت أم مسعر منه ماء يف الليل ، فقام فجاءها به ، وقـد نامـت : (األشجعي قال

وكره أن يذهب فتطلبه وال جتده ، وكره أن يوقظها ، فلم يزل قائما واإلناء معـه حـىت .)٦ ()أصبح

هذا بالنسبة للوالدين ، أما األقارب فقد أوجبوا على العامل صلة أقاربه ، مستندين فهـل عسـيتم إن تـوليتم أن : إىل اآليات واألحاديث الواردة يف ذلك ، قال تعاىل

الذين لعنـهم اهللا فأصـمهم وأعمـى أولئك* تفسدوا يف األرض وتقطعوا أرحامكم الـرحم معلقـة : ( قـال ، وعن عائشة رضي اهللا عنها عن النيب )١( أبصارهم

.)٢() من وصلين وصله اهللا ، ومن قطعين قطعه اهللا: بالعرش ، تقول

.١٤٧،ص١م،ط١٩٨٩الفضائل اخللقية يف اإلسالم،دار الوفاء،القاهرة،:أمحد عبد الرمحن. د)٣( .نفس الصفحة : املرجع السابق)٤(ــدنيا)٥( ــن أيب الــ ــة : ابــ ــق جيمزبلمي،املطبعــ ــارم األخالق،حتقيــ مكــ

.٥٦م،ص١٩٧٣،)ط.د(الكاثولية،بريوت، .حلديث صحيح ، رواه مسلم يف الرب والصلةا) ٦( .٢٣ – ٢٢اآليتان :سورة حممد) ١( . احلديث صحيح ، رواه مسلم يف اآلداب والصلة )٢(

:ويترتب على صلة األرحام وبر الوالدين آثار اجتماعية عظيمة

ويزاد مرهمن أحب أن يمد يف ع : ( الزيادة يف الرزق ، والربكة يف العمر ، لقوله -١ .)٣( ) يف رزقه فليرب والديه ، وليصل رمحه

. توثيق عرى احملبة واملودة بني األقارب واألنساب -٢

.الشعور باملسؤولية امللقاة على عاتقه اليت ال يستطيع الفرد أن يتخلى عنها -٣

.إدخال السرور على األرحام -٤

يف احلديث مشهور ، فقد ... الثالثاستجابة الدعاء ، وحصل ذلك مع أصحاب الغار -٥اللهم كان يل والدان شيخان كبريان ، ويل صـغار كنـت أرعـى : ( قالت أحدهم

عليهم ، فإذا رحت عليهم حبليب بدأت بوالدي أسقيهما مثل ولدي ، وإنه قد نأي يب الشجر ، فما أتيت حىت أمسيت ، فوجدما قد ناما ، فحلبت كما كنـت أحلـب ،

الب ، فقمت عند رؤوسهما ومل أوقظهمـا ، وأكـره أن أبـدأ بالصـبية فجئت باحل قبلهما ، والصبية يتضاغون عند قدمي ، فلم يزل ذلك دأيب ودأم حىت طلع الفجر ،

نرى منـها السـماء فإن كنت تعلم أين فعلت ذلك ابتغاء وجهك ، فافرج لنا فرجة . )٤( ) ففرج اهللا هلم يرون السماء

الرحم : ( ومن آثار قطع الرحم السلبية أن القاطع مينع الرمحة من اهللا، لقوله .)١() من وصلين وصله اهللا، ومن قطعين قطعه اهللا: معلقة بالعرش، تقول

فهل عسـيتم إن : وقطيعة الرحم يترتب عليها مفاسد اجتماعية لقوله تعاىل أرحامكم ، أولئك الذين لعنهم اهللا ، فأصـمهم توليتم أن تفسدوا يف األرض وتقطعوا

.)٢( وأعمى أبصارهم

و جيب على العامل غرس ذلك يف نفوس تالميذه ؛ وذلك بلفت انتبـاههم إىل مشقة احلمل والوالدة ، وإىل اهودات اليت يبذهلا الوالدان يف تربيته حـىت يبلـغ أشـده

.)٣(بة املترتبة على عقوق الوالدين وقطيعة الرحم ويصبح رجال ، ومن مث تذكريه بالعقو

.احلديث صحيح، رواه أبو داوود) ٣( .احلديث صحيح رواه البخاري ، ومسلم يف كتاب اإلجارة ) ٤( . احلديث صحيح رواه مسلم )١(

−، מ :א والعلم البد لـه أن ينشر ، وهذا هو جو اإلسالم الصحيح ، فاإلسالم واملسـلم واتمع اإلسالمي كله يقوم على العلم ، ويفرض العلم وطلبه على اجلميـع ، وعنايـة

يرفـع اهللا اإلسالم ذا بالغة ، فهو يقرر يف آيات القرآن الكرمي رفعة الذين أوتوا العلم أن يطلب ، وأمر اهللا تعاىل نبيه )١( والذين أوتوا العلم درجات الذين آمنوا منكم

.)٢( وقل رب زدين علما : املزيد من العلم فقال ونشر العلم على أيدي العلماء أمر مهم ، وقد وعى علماء املسلمني هذا فعملوا على

حيـاة األفـراد نشر العلم كل على قدر استطاعته ، إدراكا منهم خلطورة دور العلم يف .واتمعات

أن ال (وإدراكا من املفكرين املسلمني خلطورة العلم ؛ يرون أن من آداب العلمـاء يبخلوا بتعليم ما حيسنون ، وال ميتنعوا من إفادة ما يعلمون ، فإن البخل به لؤم وظلـم ،

، وأتوه عفوا واملنع منه حسد وإمث ، وكيف يسوغ هلم البخل مبا منحوه جودا من غري خبل ، أم كيف جيوز هلم الشح مبا إذا بذلوه زاد ، وإن كتموه تناقص ووهى ، ! من غري بذل ؟

ولو اسنت بذلك من تقدمهم ، ملا وصل العلم إليهم ، وال نقرض عنـهم بانقراضـهم ، .)٣() ولصاروا على مرور األيام جهاال ، وبتقلب األحوال وتناقصها أرذاال

إن الذين يكتمون : لك بنصوص كثرية ، من ذلك ، قوله تعاىل ويستدلون على ذ يلعنـهم اهللا ما أنزلنا من البينات واهلدى من بعد ما بيناه للناس يف الكتـاب أولئـك

من كتم علما حيسـنه ، : ( أنه قال ، وما روى عن النيب ) ٤( ويلعنهم الالعنون .)٥( ) أجلمه اهللا يوم القيامة بلجام من نار

.٢٣ – ٢٢اآليتان : سورة حممد) ٢(تدريس القيم اخللقية،مركز البحوث النفسـية والتربوية،جامعـة أم القـرى، :بشري حاج التوم ) ٣(

.٢٢هـ،ص١،١٤٠٣ط .١١آية:سورة اادلة) ٤( .١١٤آية:سورة طه) ٥( .٨٧أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .١٥٩آية:ورة البقرةس) ٢( .٨٧أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ٣(

وال جدال أن هناك العديد من الفوائد تنتج عن بذل العلم وتعليمه ، فالعلم ال يتقدم إال بتراكمه ، وانتقاله من جيل إىل جيل ، مع اإلضافة واالبتكار ، فواجب على العلماء أن ينقلوه وال يبخلوا به ، ويبذلوه وال يستروه ، ويشيعوه وال يسروه ، وهذا واجب يلقيـه

:ه وبذلك تتحقق هلم فائدتان العلم على أهل التعليم صدقة ، نوال ما يرجوه العامل من ثواب اهللا تعاىل ، فقد جعل النيب : األوىل -

، وروى ابن مسـعود ) تصدقوا على أخيكم بعلم يرشده ، ورأى يسدده : ( فقال وما أجرمها؟: تعلموا وعلموا، فإن أجر العامل واملتعلم سواء قيل : ( أنه قال عن النيب

.)١( ) مائة مغفرة ، ومائة درجة يف اجلنة: قال

اجعل تعليمك دراسة لعلمك ، (زيادة العلم ، وإتقان احلفظ ، وجاء يف احلكمة : الثانية - ، والعلم ال ينقصه ما أخذ منه ولكن )٢() واجعل مناظرة املتعلم تنبيها على ما ليس عندك

ن مث فالبخل به هو سبب فنائه ، ولذا وجب عدم البخل فقد احلاملني له سبب عدمه ، وم .به

وحني جيعل املفكرون املسلمون من نشر العلم التزاما أخالقيا ، وأدبا للعامل ، فإنـه يهدف إىل جعل العلم اجتاها عاما يف الطلب والسلوك والبذل ، وال غـرو إذا علمنـا أن

. ألهداف يف اإلسالم اتمع املعلم املتعلم هو هدف من أعظم اوتعد ظاهرة نشر املعرفة من األعمال اجلليلة ، وهي عمل األنبياء والرسـل ، قـال

، كما أن هلـا )٢( قل هذه سبيلي أدعو إىل اهللا على بصرية أنا ومن اتبعين : تعاىل يف فائدة عظيمة على اإلنسانية مجعاء ، إضافة إىل الفائدة احملتمة يف اآلخرة ، فقـد جـاء

صدقة جاريـة ، أو علـم : إذا مات ابن آدم ، انقطع عمله إال من ثالث : ( احلديث إن مما : ( ، ويقول يف هذا املعىن ابن حجر اهليتمي )٣() ينتفع به ، أو ولد صاحل يدعوا له

. )٤() يلحق املؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره

.٨٨ص:املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥( .١٠٨آية : سورة يوسف)١( . احلديث صحيح ، رواه مسلم يف كتاب الوصية )٢( .٩٦الزواجر عن اقتراف الكبائر،مرجع سابق،مج ا،ص: ابن حجر اهليتمي)٣(

ف الناس على حديثه ، ابتغاء املثوبة يف نشره ، ويـرى وكان من علماء السلف من يتأل كان عـروة يتـألف النـاس علـى : ( ، فعن الزهري قال )١(أن ذلك من واجب حقه

)٢() حديثه :ويترتب على عدم االهتمام بنشر العلم آثار سلبية كثرية من أمهها

. انتشار اجلهل بني الناس -١ .ئم الشنيعة نتيجة للجهل انتشار األخالق الذميمة واجلرا-٢ . ظهور األنانية والبغضاء بني العلماء وعامة اخللق -٣ . ضعف النشاط العلمي يف أقطار العامل -٤. عدم تبادل الثقافات املختلفة بني الشعوب املتنوعة -٥

א מ :א وجه العموم باهتمام كـبري مـن احتلت مسألة عالقة العلماء باحلكام والسلطة على

املفكرين املسلمني ؛ ذلك ألن للعامل يف اتمع اإلسالمي دور سياسي هام ، فهو ميثل عني وصوت اتمع يف رقابة احلكم ، وإيصال شكواه إليه ، كما أن احلكام يعلمون مدى تأثري

.العلماء على اتمع كقدوة ، وقوة يف التوجيه واإلرشاد

ا قضية مازالت مثارة ، على صعيد الفكر العام ، والفكـر التربـوي احلـديث إواملعاصر ، وطاملا شغلت بال املفكرين ، واختلف الناس يف شـأا ، إن اتصـال العلـم بالسياسة ضروري ، ولكن إىل أي حد ؟ ، ونالحظ هذا يف استخدام عبقريات العلماء يف

ضاء على اخلصوم ، بقدر ما كانت تستخدم يف فهم زيادة قدرة اإلنسان على القتال والق . ومنذ القدم نالحظ أن العلم يستخدم يف خدمة األغراض السياسية . قوانني الطبيعة

وعلى سبيل املثال ملدى أثر العالقة القائمة بني العلماء واحلكام ، فقد كان اخللفـاء مع اإلسالمي ، ومدركني ملكانتهم ، خاصة األمويون على وعي كبري ألثر الفقهاء يف ات

يف املدينة ، بسبب مكانتهم الدينية واالجتماعية ، وكثرة الفقهاء فيها ، وحسـن تقـدير الناس هلم ، ورحلة أهل األمصار إليهم لطلب العلم ، مما جيعل أثرهم يتعدى املدينـة إىل

.٣٤٠،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج: اخلطيب البغدادي)٤( .٣٤٠،ص١ج:سابقالصدر امل) ٥(

إىل تقريبهم إىل صـفها بكـل بقية أحناء العامل اإلسالمي ، فال غرابة إذا ما سعت الدولة الوسائل املتاحة ، من وصلهم بالعطايا واهلبات ، ومكاتبتهم طلبا للنصح ، أو استفسـارا عن حكم شرعي ، أو طلبا صرحيا للمساندة السياسية والبيعة ، واالهتمام بالظهور أمـام

يع موتاهم ، والثناء الرأي العام وإىل جوارهم عدد من العلماء والفقهاء ، واملشاركة يف تشي . )١(عليهم ، وإظهار حاجة الدولة إىل علمهم وفتاويهم

ومثة أسئلة مثارة ، فهل يقوم العامل بأداء ما متليه عليه السلطة ، سـواء بـاحلق أو بالباطل ؟ ، أم ماذا يفعل ؟ ؛ إا بالرغم من خطورا وأمهيتها ، فإا حساسة يف جانب

.ع أوامر السلطة ، أم يناقضها ؟ وما حد املتابعة ؟ العامل ، هل يتب

من هنا كانت أمهية هذه القضية الشائكة ، وقد تباينت فيها اآلراء تباينا شـديدا ، فبينما ذهب البعض على عدم جواز الدخول على احلاكم والسلطان ، حبجة أن الـداخل

عليه ، أو يهمل اإلنكار علـيهم مـع عليهم إما أن يلتفت إىل تنعمهم فيزدري نعمة اهللا وجوبه ، فيفسق فتضيق صدورهم بإظهار ظلمهم وبقبيح فعلهم ، وإمـا أن يطمـع يف

، ويف سبيل ذلك يروون كثريا من اآلثار اليت حتذر وتنفر من االقتـراب مـن )٢(دنياهم عين ثالث يا أيوب احفظ (قال أبو قالبة : احلكام ، وأبوام ، فعن أيوب السختياين قال

إياك وأبواب السلطان ، وإياك وجمالسة أصحاب األهواء ، والزم سوقك فـإن : خصال يف جهنم واد ال يسـكنه إال القـراء : ( ، وهذا سفيان الثوري يقول )٣() الغىن من العافية .)٤() الزوارون للملوك

هذه الوجهـة ، والشك أن هذا االجتاه كانت له أسبابه ودوافعه ، اليت دفعته لتبين حيث رأوا استغالل احلكام وامللوك للعلماء ، يف تربير ظلمهم وجـورهم ، أو تسـويغ أفعاهلم جلمهور الناس ، وباملقابل رأوا مسايرة من قبل بعض العلماء هلوى احلكام ، إمـا

.،وما بعدها،بتصرف٦٢قيم اتمع اإلسالمي،مرجع سابق،ص:أكرم ضياء العمري.د) ١( .٦٣٣،هامش ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .٦٣٥،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .٦٣٦،ص١ج:املصدر السابق) ٣(

رغبة يف العطايا واملنح واألموال ، وإما رهبة من البطش والطغيان ، كما حدث يف فتنـة .القرآن زمن املأمون ومن خلفه من األمراء خلق

وذهب ابن عبد الرب إىل أن هذه النصوص والروايات الواردة يف التحذير من االقتراب السلطان اجلائر الفاسق ، فأما العدل منهم ، (من احلكام وغشيان أبوام ، إمنا هي يف حق

.)١() أعمال الربالفاضل ، فمداخلته ورؤيته وعونه على الصالح من أفضل

فهذا عمر بن عبد العزيز كان يصحبه جلة من العلماء منهم ، عروة بن الزبري ، وابن شهاب ، وغريمها ، كما كان الشعيب ، ومالك واألوزاعي والشافعي ممن يدخلون علـى

.)٢(احلكام والوالة

دخول على احلاكم ، بل ويرى ابن عبد الرب أن العامل ال جيب أن يستمرئ الذهاب وال قـال خـريا ، ونطـق (، وإذا تكلم عنده ) غبا فيما فيه احلاجة (جيب أال يذهب إليه إال

، وإن مل تكن هناك حاجة وال غرض فاألوىل واألفضل عدم الذهاب ألا على )٣() بعلم .)٤() جمالس الفتنة فيها أغلب ، والسالمة منها ترك ما فيها(حسب تعبريه

يف حني ذهب فريق ثان إىل أنه ال بأس بالـدخول علـى احلكـام ووالة األمـور وال تواصـل أوليـاء (وخمالطتهم ، وقبول أعماهلم ، فأبو حنيفة يوصي تلميذه أبا يوسف

السلطان وحاشيته ؛ بل تقرب إليه فقط ، وتباعد عن حاشيته ؛ ليكون جمدك وجاهـك إال بعد أن تعلم أنه إمنـا يوليـك ذلـك (أي عمل ، كما ينصحه بعدم قبول )٥() باقيا

. ) ٦() لعلمك

وال شك أن تأثري العلماء يتعاظم بتويل األعمال ، حيث يتصلون بالناس بصورة وثيقة، لكن ذلك قد يشوش على صورة العلم لدى البعض ، ولقد توىل العديد من الفقهاء الكبار

.٦٤٤،ص١ج:املصدر السابق) ٤( .٦٤٤،ص١ج:املصدر السابق) ٥( .٦٤٤،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .٦٤٤،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .١٢وصية أيب حنيفة،مصدر سابق، ص:أبو حنيفة) ٣( .١٧ص:املصدر السابق) ٤(

عمر بن خلدة قاضي املدينة يف عهـد : مية مثل مناصب القضاء واحلسبة ، يف خالفة بين أ ، )١() ومل يرتزق على القضاء شيئا ، بل باع أرضا له وأنفق مثنها (عبد امللك بن مروان ،

وكذلك مسلم بن جندب اهلذيل قاضي املدينة يف خالفة عمر بن العزيز ، ووصل بعـض قبيصة بن ذؤيب علـى خـاتم فقهاء املدينة إىل وظائف كبرية يف الدولة األموية ، فكان

عبد امللك ، وكان الربيد إليه ، فكان يقرأ الكتب إذا وردت مث يدخلها على عبد امللـك . )٢(فيخربه مبا فيها

كما توىل عبد الرمحن بن زيد بن اخلطاب والية مكة ليزيد بن معاوية ، كما توىل ابنه .)٣(ن عبد العزيز عبد احلميد بن عبد الرمحن والية الكوفة لعمر ب

وهكذا فقد كان كثري من فقهاء املدينة يتولون أعماال يف الدولة ، بل شكل بعضهم هيئة إين : (استشارية لعمر بن عبد العزيز عندما توىل والية املدينة ، فقد دعاهم وقـال هلـم

أمـرا إال دعوتكم ألمر تؤجرون عليه ، وتكونون فيه أعوانا على احلق ، ما أريد أن أقطع برأيكم أو برأي من حضر منكم ، فإن رأيتم أحدا يتعدى أو بلغكم عن عامـل ظالمـة

.)٤() فأحرج على أحد بلغه ذلك إال أبلغين ، فجزوه خريا وافترقوا

فليس هناك من بأس أن يقبل العامل منصبا أو وظيفة من احلاكم ؛ شريطة أال يتـابع انب الدين ويضاد احلق ، ويتبع فيه هواه وشهوته ، من أجل رأي احلاكم ، احلاكم فيما جي

أو رغبة ، أو رهبة ؛ ألن العامل يف هذه احلالة ميكن أن يضل ويضلل الناس املتبعني لـه ، .والواثقني فيه ، وهذا يؤدي إىل سوء العاقبة ، ووقوع اخللل يف اتمع

وغريه ، إال أنه ال ينبغي أن تزل قدم العـامل صحيح أن الواجب األدب مع احلاكم . مع السلطان فيما خيالف الدين ، أو خيالف احلق ، ويتبعه موافقة لرأيه ألنه رأي السلطان

إن األمر يف النهاية يتعلق بقيادة العلم والعلماء للمجتمع ، فمن الواجب عليهم أن ال د أن يتعاملوا معها بأسلوب العلم ، فإذا مـا مـس جياوا السلطة وال يواجهها ، بل الب

.٢٨٠-٢٧٩،ص٥،ج)ت.د(،)ط.د(الطبقات،دار صادر،بريوت،:ابن سعد) ٥( .١٧٦،ص٥ج:املصدر السابق) ٦( .٥٠،ص٥ج:املصدر السابق) ٧( .٣٣٤،ص٥الطبقات،مرجع سابق،ج:ابن سعد) ١(

احلاكم أمرا من أمور الدين أو الصاحل العام ، فإن واجب العلماء يلقـي علـى عـاتقهم . مسئولية عدم االتباع ، بل يلزمهم بالنصح واإلرشاد

وعلى اجلانب اآلخر أوصى املفكرون املسلمون احلاكم أن يعـرف فضـل العلـم يستبطن أهله ، ألنه للدين أركان وللشرع أعـوان ، والـدين أس امللـك (شدوه أن وأر

ونظامه ، وقد قاموا فيه حبقه ، ونابوا عن امللك يف حفظه ، ولوالهم ملا عرف حق أمر من باطله ، وال صحة حكم من فاسده ، فليحفظ امللك نظام ملكه مبراعـام ، وليسـتظهر

. ) ١() ون بالعلم موسوما ، وإليه منسوبالدينه وملكه باستبطام ، ليك

وال يقتصر األمر على الشريعة وعلمائها فقط ، أو الدين فقط ، بل متتد إىل الـدنيا وليصر مبكاثرم مستظهرا ، ومبذاكرم مستبصرا ، وهم أنفـع : (أيضا ، يقول املاوردي

لدنيا هداة ، مع ما ينشر من الفساد بإمهال له يف دينه ودنياه ، ألم يف الدين دعاة ، ويف ا العلماء ، وترك مراعام ، وذلك أم رمبا بعث بعضهم قلة املادة وضعف احلـال علـى

. )٢() مساحمة النفس و التبذل وارتكاب الشبهة

. ٢٧٤تسهيل النظر،مرجع سابق،ص: املاوردي) ١( . ٢٧٥تسهيل النظر،مرجع سابق،ص: املاوردي) ٢(

אא

إن العامل ال ميكن أن يؤدي دوره يف عملية التعليم بنجاح واقتدار إال إذا توافرت لديه جمموعة من السمات واخلصائص واآلداب ، اليت متكنه من أداء هذا الدور ، وخاصة ما

يتعلق منها باجلانب العلمي والثقايف ، ولذا فقد حرص املفكرون املسلمون على إبراز هذه ائص واآلداب ، وإعطائها ما تستحقه من اهتمام ، لدورها اهلام والفعال السمات واخلص

.يف حياة العامل واملتعلم على السواء ، بل وعلى جناح عملية التعليم بالكلية : ومن أهم ما جيب أن يتصف به العامل يف هذا الشأن ما يلي

א− א א :אمون أنه جيب على العامل قبل كل شيء أن يكون غزير املـادة رأى املفكرون املسل

العلمية ، وأن يعرف ما يعلمه أمت معرفة وأعمقها ، ويتحقق فيه متام االطالع ، وله مع من ، وليس له أن يقوم بتعليم علوم )١(يوثق به من علماء عصره كثرية حبث وطول اجتماع

عارفا بتلك الفنون ، وإال فال (لك الفنون إال إذا كان أو فنون ، أيا كانت هذه العلوم وت ، إن املعلم ال يوصف بالكفاءة ، وال يوصـف )٢() يتعرض هلا ، بل يقتصر على ما يتقنه

يلم بطبيعتها من (تعليمه باجلودة حىت تكتمل له معرفة مادته اليت يقوم بتدريسها ، وحىت روع ، وحىت يكون مستوعبا هلا ، متفهما حيث حمتواها ، وما تشتمل عليه من تفاصيل وف

.)٣() ألصوهلا

وهذا اجلانب مهم جدا ، ألنه ال يكفي فقط اإلملام بأساسيات املادة ، بل البـد مـن .االطالع على اآلفاق العليا ليلم ا ، ال ليكون أستاذا فيها فقط

املوضوع الذي يعلمه ، والعامل إذا أراد أن يكون ناجحا فال مفر لـه من أن ميتلئ ب حىت يتسىن لـه أن يتحدث فيه ، وأن جيعل الروح تسري يف كيانه كلما حتدث فيـه إىل تالميذه ، وأن يعرض عليهم اجلوانب املشرقة اليت مل يردها من قبل ؛ حىت جيعله عنـدهم

.٨٦تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة ) ١ ( املعلم والتربية دراسة حتليلية مقارنة لطبيعة املهنة،مكتبة األجنلو : عرفات عبد العزيز سليمان) ٢ (

.١١٩م،ص١،١٩٧٧ املصرية ، القاهرة،ط .٢٦،٢٧تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣ (

.)١(طريفا شائقا ، فال ينصرفون عنه مالال وسأما

جيب على العامل أال يكتفي مبا تعلمه ، بل البد له أن واملفكرون املسلمون يرون أنه نرفـع : يستكثر من طلب العلم ؛ إذ العلم أكثر من أن حييط به بشر ، قال اهللا تعـاىل

: يعين يف العلم ، قال أهل التأويـل )٢( درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم .)٣ () لك إىل اهللا تعاىليعين فوق كل ذي علم من هو أعلم منه ، حىت ينتهي ذ(

وألن املفكرين املسلمني يدركون أن اإلحاطة بالعلم مستحيلة ، فهم ينبهون إىل أمر فإذا مل يكن إىل اإلحاطة بـالعلم : (مهم وهو عدم اخلوض فيما ال يعلم ، يقول املاوردي

أن يقـول سبيل ، فال عار أن جيهل بعضه ، وإذا مل يكن يف جهل بعضه عار ، مل يقبح به وما : ( ، وتروى حكمة عن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه )٤ ()ال أعلم فيما ليس يعلم

أبردها على القلب إذا سئل أحدكم فيما ال يعلم ، أن يقول اهللا أعلم ، وإن العـامل مـن . ) ٥ () عرف أن ما يعلم فيما ال يعلم قليل

فليس ملن تكلف ما ال ( ما ال حيسنه ومن هذا املنطلق ينبغي على العامل أن ال يتكلف حيسن غاية ينتهي إليها وال حد يقف عنده ، ومن كان تكلفة غري حمدود ، فأخلق بـه أن

من العلم أن ال تتكلم فيما ال تعلم ، بكالم من يعلم ، فحسبك جهـال (و ) يضل ويضل .)٦() من عقلك ، أن تنطق مبا ال تفهم

يستنكف من تعلم ما ال يعلم ، ألن هذا إذا مل حيـدث فإنـه وعلى هذا فإن العامل ال سيورث العامل جهال ، أما إذا تعلم واستمر يف تعلمه ، فإن هذا كفيـل بزيـادة العلـم

.والتمكن من املادة اليت يدرسها ويعلمها للناس

.٣١م،ص١٩٥٦،)ط.د(فن التعليم،ترمجة حممد فريد أبو حديد،األجنلو،القاهرة،:جلربت هايت) ١( .٢٠٨املعلم يف الفكر التربوي عند اإلمام النووي،مرجع سابق،ص:حسن إبراهيم عبد العال.و أيضا،د

. ٨٣آية:سورةاألنعام) ٢( .٨١لدنيا و الدين،مصدر سابق،صأدب ا:املاوردي) ٣( .٨٢ص:املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٦(

إن معىن كل هذا وفحواه أن من أهم صفات العامل يف هذا اال اليت تؤهله دومـا :للقيام مبهمة التعليم

القابلية الفكرية الالزمة هلضم ومتثل األشياء يف غري عسر ، لكي يسيطر علـى مجلـة -املعلومات الالزمة ملمارسة وظيفته ، املعلومات العامة ، واملعلومات اخلاصـة ، إذا كـان

.تعليمه يقتصر على مادة بعينها

ل لآلخرين بسهولة ؛ إال ما أحسـن هضـمه النظام والوضوح يف الفهم ، فاملرء ال ينق -ومتثله ، وهضم معرفة من املعارف يعين وضعها يف موضـعها ، وإدراك مجيـع عالئقهـا باملعارف األخرى من نوعها ، وتقدير شأا ، وإمكان التمييز بني ما هو أساسي وما هو

.ثانوي فيها

، إذ اهلدف هـو اسـتقامة وهذه الصفات يف حد ذاا صفات خلقية مبعىن من املعاين - الفكر ، فأفكارنا ال ميكن أن تكون متسقة ومنطقيـة إال إذا حتـررت مـن العواطـف

.)١(والنـزاعات األهواء מ− א א א :א

يراد بالثقافة العامة ؛ الثقافة اإلنسانية الواسعة اليت يئ للعامل أسباب مؤالفة الطبيعة ، فإذا حرم العامل من هذه الثقافة العامـة ، ..اة االجتماعية ، ومؤالفة القيم و مؤالفة احلي

.)٢(عاش يف كهف مظلم ال تطل نوافذه على العامل

وحيتاج العامل إىل قدر من الثقافة العامة ، إىل جانب إملامه التام بفروع املعرفة الـيت علومات إىل الطالب واملـتعلمني ، يقوم بتدريسها ، ذلك ألن التعليم ال يعين جمرد نقل امل

فهو أمشل من ذلك ، حيث يتضمن تثقيف عقـوهلم ، وتزويـدهم بالعـادات العقليـة الصحيحة ، واملعلومات واملفاهيم واملهارات املختلفة ، وذيب نفوسهم ، ومسـاعدم على تكوين قيم ومثل عليا ، وتكوين عادات اجتماعية ، واجتاهات وأذواق ، إىل جانب

.٧٩٣ – ٧٩٧التربية العامة،مرجع سابق،ص:رونيه أوبري) ١( فلسفة تربوية متجددة وإعداد املعلمني،دائرة التربية يف اجلامعة األمريكية : مجيل صليبا )٢(

.،بتصرف١٣٥م،ص١٩٥٦،)ط.د( بريوت،

تنمية استعدادام ، وقد حث املفكرون املسلمون العامل على أال يدع فنا من الفنـون أو إال نظر فيه ، فإن ساعده القدر وطول العمر على التبحر فيه فذاك ، وإال (علما من العلوم

فقد استفاد منه ما خيرج به من عداوة اجلهل بذلك العلم ، ويعتين من كل علم بـاألهم .)١() فاألهم

تقدمي التلميذ تمعه ، وتقـدمي ثقافـة اتمـع (وإن من أهم وظائف العامل املعلم ، )٢() للتلميذ ، وهذا التقدمي يتطلب من املعلم أن يعرف الثقافة ، بقدر ما يعرف التلميذ

واحلد األدىن للمعرفة ذه الثقافة هو إدراك العامل من كل علم ما ينفي عنه مسة اجلهـل ، عارفا بأصوله أو باملبادئ األكثر أمهية فيه ، فإن متكن العامل من اإلملام بدقائق هذه وجيعله

العلوم ، واتسع لذلك وقته ، وساعدته إمكاناته فذلك أمر مستحب ، ملا هلذه املعرفة مـن . أثر يف اتساع آفاق معرفته ، وتقدميه لتعليم جيد

ن على يقني بأن العامل املعلم يف حاجة ولقد أصبح املعنيون بشئون العلم والتعليم اآل إىل معرفة عامة ؛ تتمثل يف أساليب ومبادئ العلوم املختلفة ، وهذه املعرفة تضفي علـى أسلوب املعلم مرونة يف التعليم ، وتنوعا يف املعلومات اليت ميكن أن يقـدمها لتالميـذه ؛

ة العامة هي ما قصدها ابن مجاعـة ، وهذه املعرف )٣(حسب ما متليه عليه املناسبة التعليمية ويعتين من كل علـم بـاألهم .. إال نظر فيه .. األوىل أن ال يدع فنا من العلوم : (بقوله

. ١١٩،١٢٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١(، )ط.د(املـدرس يف املدرسـة واتمع،مكتبـة األجنلو،القـاهرة، :أبو الفتوح رضوان وآخرون ) ٢(

. ١٥م، ص١٩٧٣ــدان )٣( ــاد مح ــود زي ــت،ط :حمم ــة دار الكتب،الكوي ــدريس احلديث،مؤسس ، ١الت

.١٥٠م،ص١٩٨٢

. ) ١() فاألهم

:منهج للتثقيف العام -

ومل يكتف املفكرون املسلمون بالتنويه بقيمة الثقافة العامة ؛ تلك الـيت تتمثـل يف ة ، بل بادروا بعرض منهج للتثقيف العام ، يشتمل على عـدد اإلملام مببادئ العلوم املختلف

.من اخلطوات اإلجرائية ، مستفيدا من جتاربه وجتارب السلف من العلماء

، وليس احلفظ )٢() حيفظ من كل فن خمتصرا (وتبدأ عملية التثقيف العام للعامل بأن فن وإدراك خصائصه ، ومن هدفا يف حد ذاته ، إمنا اهلدف هو التعرف على طبيعة هذا ال

هنا كان عليه مباحثة املختصني فيه ، ومناقشة علمائه فذلك أجدى للعـامل يف املراحـل األوىل ، وذلك إليضاح ما قد يشكل عليه من مفاهيمه ومصطلحاته ، وما قد يتعذر عليه

تمد حيذر من االعتماد يف ذلك على الكتب ابتداء ، بل يع : (فهمه ، ولذا فيجب عليه أن . ) ٣() يف كل فن من هو أحسن تعليما له وأكثر حتقيقا فيه

ومن املعلوم أن لكل فن أو علم أصوله اخلاصة ، كما أن لـه بنـاءه وتنظيماتـه ومصطلحاته اليت ال تتشابه مع غريه من العلوم أو الفنون ، فإذا اشتغل اإلنسان بتعلم ذلك

وعجـز عـن إدراك أصـوله ، وفهـم الفن من الكتب وحدها ؛ فرمبا شق عليه األمر خصائصه ، ولذا كانت النصيحة يف ابتداء تعلم ذلك الفن أو العلم باالعتماد على علمـاء

. )أحسن تعليما له وأكثر حتقيقا فيه(ذلك الفن واملختصني به ، فهم

ولعل هذه العبارة تنبه األذهان إىل أن مقصود الثقافة العامة ليس هو حشو الـذهن عة من نصوص الكتب ، بل فهم ما فيها واستيعاب حقائقها ، ومن هنـا كانـت مبجمو

.الدعوة إىل ضرورة مباحثة العلماء يف كل علم وفن

:حاجة التخصص العلمي إىل الثقافة العامة-

لقد أصبحت الثقافة العامة اآلن بعدا هاما من األبعاد األساسية إلعداد العامل املعلم ،

.١١٩،١٢٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .١١٣ص:املصدر السابق) ٢( .١١٤-١١٣ص:املصدر السابق) ٣(

قبـل كـل -وإمنا تعـين (ال يعين جمموعة من املواد حتشد يف األذهان وأصبحت مفهوما سعة وتعمقا يف الفهم ، وميوال عقلية تدفع صاحبها إىل البحث واالستزادة مـن -شيء

.)١() العلم ، وقدرة على متابعة اجلديد ، وتفسري االجتاهات وتفهمها

وأمهيته للعامل إىل احلد الذي وقد يعترض البعض على االهتمام ببعد الثقافة العامة ، جعل املفكرين املسلمني أن يقترحوا برناجما خاصا للتثقيف العام ، ووجه اعتراضـهم أن العامل حباجة إىل إتقان مواد ختصصه أكثر من حاجته إىل الثقافة العامة ، فهـو يسـتطيع

ح يف تعليمه ؛ بتعمقه يف مواد ختصصه أن يؤدي عمله بصورة مرضية ؛ جتعلنا نصفه بالنجا التخصص العلمي الدقيق يشتمل يف أوائله واياته علـى ثقافـة (غري أن ذلك مردود بأن

عامة تفوح منه وتزينه ؛ بل إن التخصص املصحوب بثقافة عامة يرتقي بالعامل من معرفـة ، فـإذا )٢() الظواهر اخلاصة اليت يدرسها إىل آفاق عالية يطل منها على امليادين األخرى

فنا إىل ذلك أنه ليس للعامل من سبيل لإلحاطة جبميع العلوم ؛ فإن حاجة العلمـاء إىل أضال تقل عن حاجتهم إىل التبحر يف موضوعات علـومهم ، ألـم مجيعـا (الثقافة العامة

مكلفون بتعليم فريق واحد من الطالب ، فإذا مل جتمع بينهم ثقافة عامة واحدة مل يكن إىل .)٣() هؤالء الطالب سبيلتعاوم يف تربية

:اتساع مفهوم التعليم وعالقته بالثقافة العامة -

لقد أدرك املفكرون املسلمون أن العامل ال يستطيع أداء رسالته على حنو جيد بغـري هذه الثقافة العامة ، فالتعليم أكثر من كونه عملية تزويد عقول الطالب بعدد من حقـائق

ت املتعلم ومراعاة مصاحله ، ومن مث أوجبوا على العـامل العلم ، فهو يتسع ليشمل حاجا ، كما يتسع ليشمل تنمية عقول املتعلمني ، فمسؤولية العامل )٤() أن يعتين مبصاحل الطالب (

تعليمه و تفهيمه ببذل جهده ، وتقريب املعىن له من غـري إكثـار ال (حنو تلميذه تشمل

ــي ) ١( ــعد مرس ــي وس ــادي عفيف ــد اهل ــرة،عامل : حمم ــة املعاص ــراءات يف التربي ق .٩٩،ص)ط.د(م،١٩٧٣الكتب،القاهرة،

. ٣٧٠،ص٢م،ط١٩٦٧ التربية يف العامل العريب،مكتبة الفكر اجلامعي،بريوت،مستقبل:مجيل صليبا) ٢( . املرجع السابق، نفس الصفحة) ٣( .٤٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ٤(

ح ملتوقف الذهن العبارة ، وحيتسب إعادة حيتمله ذهنه ، أو بسط ال يضبطه حفظه ، ويوض ليشمل ذيب املتعلم ورعاية اجلانـب -أيضا- ، كما يتسع مفهوم التعليم )١() الشرح له

، وإذا كان هذا املعـىن )٢() حسن تربيته وحتسني خلقه وإصالح شأنه (اخللقي من أجل يتسىن للعامل أن يؤديـه الفسيح الواسع هو معىن التعليم عند املفكرين املسلمني ، فكيف

على وجه مرض ، قائما بكل التزاماته ، إذا مل ميتلك إىل جانب ختصصه قدرا من الثقافـة .العامة ، يعينه على أداء رسالة التعليم بأبعادها املختلفة

: أثر الثقافة العامة يف الدور االجتماعي للعامل -

نب الثقافة العامة للعامل ، هو النظر إىل ورمبا كان مبعث عناية املفكرين املسلمني جبا دور العامل االجتماعي ، والوظائف املنوطة به يف اتمع غري التعليمي ، وذلك مما يقتضيه األخذ حبظ وافر من الثقافة العامة ، فهو الذي يفصل بني الناس يف خصومام ، و حيـل

هم عبء التفكري يف كثري مـن مشكالم ، ويفتيهم يف أمور دينهم ودنياهم ، وحيمل عن السعي يف قضـاء : (شئوم ، وقد عرب ابن مجاعة عن هذا الدور االجتماعي للعامل بقوله

، فذلك كله يدفعه إىل االستزادة من خمتلف العلوم واملعارف ، أو مبعىن آخر )٣() احلاجات .التزود بقدر ال بأس من الثقافة العامة

التدريس جليلة القدر بالغة األمهية ، وأن الناس كانوا فإذا أضفنا إىل ذلك أن وظيفة أن يكون املدرس ذا رياسة وفضل ، وديانة ومهابة ، وجاللـة ونـاموس (يرغبون دائما

وعدالة ، وحمبة يف الفضالء ، وعطف على الضعفاء ، يقرب احملصلني ، ويرغب املشتغلني ، إذا )٤() نفع ، مواظبا على اإلفـادة ويبعد اللغائني ، وينصف البحاثني ، حريصا على ال

علمنا ذلك أدركنا إىل أي حد تصبح الثقافة العامة شيئا ضروريا للعـامل وأن املفكـرين املسلمني كانوا حمقني يف اهتمامهم البالغ ا ، إذا لو حرم العامل منها لتعطلت كثري مـن

.وظائف التعليم عنده

.٥٣تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١( .٦٠ص:املصدر السابق) ٢( .٢٣ص:املصدر السابق) ٣( .٢٠١-١٩٨ص:املصدر السابق) ٤(

א− א מ :מאذهب املفكرون املسلمون إىل ضرورة توفر احلرية الكاملة للعامل يف حتديد املنـهج ، وأوجه النشاط التعليمي املختلفة ، واخلربات التعليمية اليت يقوم بتدريسها ، وما حيتاج إليه

لشأن كبرية ، املتعلم واستعداده العام وقدراته اخلاصة ، واعتربوا أن مسئولية العامل يف هذا ا وحريته يف وضع املنهج الذي يتبعه وتعيني حمتواه وكتبه جيب أال تنتقص ، وأن من اخلطـأ أن يفرض عليه تدريس منهج بعينه ، يقدمه لكل التالميذ ، رغم ما بينهم من فروق وأوجه

.خالف

حىت ( يضع لكل متعلم منهجا مناسبا له ، لكنه ال يضع هذا املنهج -عندهم– فالعامل أشار عليه (، فإن جرب ذهنه وعلم حاله ووقف على قدراته ) ١() جيرب ذهنه ويعلم حاله

بكتاب يف الفن املطلوب ، فإن رأى ذهنه قابال وفهمه جيـدا نقلـه إىل كتـاب يليـق ، فإن سأل الطالب معلمه معرفة مل يتأهل هلا ، وخربة ال تالئم استعداده وتقف )٢() بذهنه

مل جيبه ، ويعرفه أن ذلك يضره وال ينفعه ، وأن منعه إياه لشفقة عليـه ، (اته دوا قدر .)٣() ولطف به ال خبال عليه ، مث يرغبه بعد ذلك يف االجتهاد والتحصيل ليتأهل لذلك

:اشتراك املتعلم يف وضع املنهج -

برية عن تعيني غري أن املفكرين املسلمني مل جيعلوا املتعلم وحده هو املسئول بدرجة ك املنهج واخلربات والكتب واألدوات اليت يراها ضرورية لدراسته ، ولكن لقلة خربته ونقص علمه ال ينبغي أن يستقل بذلك وحده ، بل يتم له ذلك مبشاركة معلمه ، وعلى املعلم إذا استشاره الطالب أن ال يشري على الطالب بتعلم ما ال يتحمله فهمه أو سنه ، وال بكتاب

، وحذروا الطالب من استقالله دون معلمه املتخصص يف حتديد )٤(يقصر ذهنه عن فهمه املنهج املناسب له ، وتعيني اخلربات واملهارات اليت يريد اكتساا واملعارف الـيت يبغـي

.٥٦ابن مجاعة تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص) ١( .٥٦ص:املصدر السابق) ٢( .٥١،٥٢ص:املصدر السابق) ٣( .٥٥ص:املصدر السابق) ٤(

بل يعتمد يف كل فن من (دراستها ؛ حىت ال يضل طريقه ، ويضيع وقته فيما ال يصلح له .)١ ()كثر حتقيقا فيههو أحسن تعليما وأ

:حرية العامل يف اختيار طريقة التعليم املناسبة لكل متعلم -

إىل جانب حريته يف حتديد املنـهج واختيـاره -يف رأي املفكرين املسلمني -والعامل دون أن يفرض عليه ، يتمتع حبرية كاملة يف اختيار طريقة التعليم اليت تناسب كل متعلم ،

واحدة تفرض عليه فيلتزمها دون أن حييد عنها ، وإمنا يـتعلم كـل وليست هناك طريقة ، وقد يرضى املعلم بطريقة خاصـة ملـتعلم ) ٢() طريقة يرتضيها له شيخه (طالب بواسطة

ويرضى لغريه طريقة أخرى ، كل حسب استعداده ، وهكذا تتعدد الطرائق وتتنوع بتنوع . األنسب من كل الطرق املتعلمني واختالفهم ، واملعلم حر يف اختيار

وعلى الرغم من أن الكتاب كان يقوم بدور هام يف عملية التعليم أكثر مما تقوم بـه أية وسيلة أخرى من وسائل التعليم يف الزمن املاضي ، وقد وضح ذلك من حثهم الـدائم

ليها ينبغي لطالب العلم أن يعتين بتحصيل الكتب احملتاج إ (لطالب العلم على اقتناء الكتب ، على الرغم من ذلك فإن )٣() ما أمكنه شراء ، وإال فإجارة أو عارية ألا آلة التحصيل

املعلم كان حرا يف حتديد الكيفية اليت يدرس ا املتعلم الكتاب ، وليس مثة طريقة واحـدة علم ، لدراسته ، وإمنا ختتلف كيفية الدراسة من متعلم إىل آخر تبعا لفهم املعلم لطبيعة املـت

كما ختتلف من كتاب إىل كتاب حسب طبيعة املادة العملية اليت حيتويها كل كتـاب ، ولذا أعطى املفكرون املسلمون املعلم احلرية يف اختيار كيفية دراسة الكتب ، فقد يشـري

، ويشري على تلميذ آخر )٤() يتقن أوال كتابا واحدا يف فن واحد (على أحد تالميذه بأن .)٥() كتبا يف فنون ، إن كان حيتمل ذلك(بأن يتقن

.١١٤ص:تذكرة السامع واملتكلم،مصدر السابق:ابن مجاعة) ١( .١١٦ص:املصدر السابق) ٢( .١٦٤ص:املصدر السابق) ٣( .١١٦ص:صدر السابقامل) ٤( .١١٦ص:املصدر السابق) ٥(

وهكذا فحرية املعلم مكفولة جتاه املادة أو املواد اليت يقوم بتدريسها ، وجتاه الطـرق والوسائل اليت يتم ا التدريس ، وجتاه الكتب واملراجع الالزمة للتعليم ، غـري أن هـذه

ها دينه وضمريه ، ذلـك ألن احلرية تقابلها مسؤوليات جسام يفرضها عليه ، وحيمله إيا .)١() تعليم العلم من أهم أمور الدين ، وأعلى درجات املؤمنني(

א(א− :א (إنه ال يكفي فقط غزارة العلم واملعرفة والثقافة الواسعة ؛ بل على العامل أن يكـون

مة التعليم والتربية ، وهذه لن موهوبا ، مبعىن أن ميتلك املوهبة ، اليت تعين أنه أهل للقيام مبه تتأتى عفوا ، ولكن بالتدريب اجليد الطويل املتواصل ، لتعطي العامل قوة على أداء مهمته ،

واملوهبة تثبت ونظر تنتجها . وهي ال ختتلف كثريا عن الفراسة ، فالفراسة تـثبت ونظر .)٢ (أسباب اقتصادية واجتماعية وغري ذلك

ن املسلمني على أمهية الفراسة للعامل ، وتبدو يف توسم املتعلم ـا ، و يركز املفكرو ، وقدر استحقاقه ، ليعطيه مـا يتحملـه ) املتعلم(ليعرف مبلغ طاقته : (يقول املاوردي

. ) ٣() بذكائه ، أو يضعف عنه ببالدته ، فإنه أروح للعامل ، وأجنح للمتعلم

جمع كلها يف الفراسة ، هذا مع إشـارة إن هذه العبارة توضح أن عناصر املوهبة تت إىل ضرورة توجيه وإرشاد املتعلم لطريق العلم الصحيح ، ويف هذا توفري للجهد التعليمي ،

.سواء للعامل أو املتعلم ، وبالتايل تصل العملية التعليمية إىل أقصى كفاءة هلا

األخالقي والتعليمي ، وهذه الفراسة مع توفريها جلهد العامل واملتعلم تفيد يف التوجيه وإذا كان العامل يف توسم املتعلمني ـذه الصـفة ، : (يدل على ذلك ما يقوله املاوردي

، ) ٤ ()وكان بقدر استحقاقهم خبريا ، مل يضع لـه عناء ومل خيب على يديـه صـاحب وإن مل يتومسهم وخفيت عليه أحواهلم ، ومبلغ اسـتحقاقهم ، : (والعكس صحيح أيضا

ا وإياه يف عناء مكد ، وتعب غري جمد ، ألنه ال يعدم أن يكون فيهم ذكي حمتاج إىل كانو

.٤٧ص:تذكرة السامع واملتكلم،مصدر السابق:ابن مجاعة) ١( .٧٨١-٧٧٩التربية العامة،مرجع سابق،ص:رونيه أوبري) ٢( .٩٠أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ٣( .٩٠ص:املصدر السابق) ٤(

الزيادة ، وبليد يكتفي بالقليل ، فيضجر الذكي منه ، ويعجز البليد عنه ، ومـن تـردد كل علم كثر علـى : ( ، ولذا كانت احلكمة ) ١() أصحابه بني عجز وضجر ملوه وملهم

اوعه الفهم ، ازداد القلب به عمى ، وإمنا ينفع مسع اآلذان إذا قوي فهم املستمع ، ومل يط .)٢() القلوب يف األبدان

إذن فالقضية هي قضية مراعاة استعدادات وقدرات املتعلم ، وتقدير قـدر العلـم الواجب على العامل أن يعطيه للمتعلم ، وذلك راجع إىل فراسته وموهبته اليت يتوسم ـا

يتفهمهم ، فيعطي كال قدره وحقه ووسعه وطاقته ، وال خيفـى أن إعطـاء املتعلمني و الذكي الفطن أقل مما يستحقه من العلم يضجره وميله ، وإعطاء البليد قليل الفطنة أكثر مما يستحقه يعجزه ، ويف كال احلالتني فإن هذا ينقص كفاءة العملية التعليمية ، بل ويؤدي إىل

ن ، ومن أجل هذا فإن املفكرين املسلمني يركزون على أمهيـة فشلها يف كثري من األحيا .الفراسة واملوهبة بالنسبة للعامل

من خماطبـة النـاس ويستشهد السهروردي هلذه املسألة مبا كان عليه الرسول يأمر كل شخص مبا يصلح لـه ، فمنهم من كان يـأمره (على قدر عقوهلم ، وأنه كان

ه باإلمساك ، ومنهم من أمره بالكسب ، ومنهم من قرره علـى باإلنفاق ، ومنهم من أمر يعرف أوضاع الناس وما يصـلح ترك الكسب كأصحاب الصفة ، فكان رسول اهللا

.) ٣() …لكل واحد

وهذا اجلانب ال ينفصل عن النقطة السابقة ، ففهم املتعلم يتصل بفراسة املعلم بطريق .ال التعليم أو بآخر ، وهذا يدعم أمهية الفراسة يف جم

א− :א

حتتل األمانة مكانة عالية يف النصوص اإلسالمية ، ويف الفكر اإلسالمي ، ويف القرآن إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن : الكرمي يقول اهللا تعاىل

.٩٠أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٤١٦عوارف املعارف،مصدر سابق،ص:عبد القاهر السهروردي) ٣(

فقنأشا وهملنحولايها جكان ظلوم هان إنا الإنسلهمحا وهمن )١ (.

وأيا كان االختالف الواقع يف تفسريات العلماء حول املراد ذه األمانة ، فإن األمانة أصل اخليانة أن : (، يقول القتيب ) ٢(مصدر سمي به الشيء الذي يف الذمة ، وضدها اخليانة

. )٣() لى شيء فال يؤدي األمانة فيهيؤمتن الرجل ع

إن اهللا يأمركم أن تؤدوا : وقد أمر اهللا تعاىل عباده أن يؤدوا األمانات فقال تعاىل ، فقد كانت هذه اآلية من أمهات آيات األحكام اليت تضمنت مجيع الدين ) ٤( األمانات . والشرع

ق الرب والفاجر ، وأال نكافئ حق تأدية األمانة واجبا يف ح وقد جعل رسول اهللا ما شيء كان يف اجلاهلية إال وهو حتت قدمي إال األمانة : ( اخلائن خبيانة مثلها فقال

أد األمانة إىل من ائتمنك وال ختن مـن : ( ، وقال ) ٥() فإا مؤداة إىل الرب والفاجر .) ٦() خانك

كـل أمـور الـدين وإذا كانت األمانة عامة يف كل الناس ، فهي كذلك عامة يف والدنيا ، ومن أعظم األمانات أمانة تبليغ العلم إىل الناس ، والصدق وعدم كتمان شـيء

يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن مل تفعل : منه ، قال اهللا تعاىل لنبيه . )٧( فما بلغت رسالته

تبليغ على أكمـل وجـه ، هو املثل األعظم يف تأدية أمانة ال وقد كان الرسول لو كان ( الذي استشهدت به السيدة عائشة رضي اهللا عنها أنه وكان من دالئل صدقه

.٧٢آية:سورة األحزاب) ١( .٣٥املفردات يف غريب القرآن،مرجع سابق،ص:الراغب األصفهاين) ٢( .٢٩٤،ص٢تفسري القرطيب،مرجع سابق،مج:القرطيب) ٣( .٥٨آية:سورة النساء) ٤( .ح،رواه أبو داوود ، والترمذي ، والدارمياحلديث صحي )٥( .احلديث صحيح،رواه مسلم) ٦( .٦٧آية:سورة املائدة) ٧(

وختفي يف نفسك مـا اللـه مبديـه : كامتا شيئا من القرآن لكتم هذه اآلية حممد . ) ١( ) الناس واهللا أحق أن ختشاه وختشى

وشهدوا بـه ، فحـني من الرسول وقد وعى الصحابة رضوان اهللا عليهم ذلك ، فجعل ) نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت: (استنطقهم يف حجة الوداع بذلك قالوا

٢() اللهم هل بلغت: ( يرفع إصبعه إىل السماء وينكسها إليهم ، ويقول(.

هذا احلرص الشديد يف النصوص اإلسالمية على األمانة قد ألقى بظالله على الفكر كله يف كل العصور ، وقد أخذ مظاهر شىت حناول أن نرصد بعض أبعـاده يف اإلسالمي

.هذه السطور

يف قلـوب الصـحابة ، ويف لقد كانت البذور الصادقة اليت بذرها رسول اهللا وعيهم من أهم العوامل اليت أنبتت شجرة األمانة يف نقل العلم وحتري الصدق ، ومن تلك

النضرة ملن مسع احلديث فأداه كما مسعه ، وهـو حـديث ب البذرات الطيبة دعاء النيب فأداها كما مسعها فرب نضر اهللا امرأ مسع مقاليت فوعاها : (متواتر ، قال رسول اهللا .) ٣() مبلغ أوعى من سامع

وصية محلت الصحابة ، ومن بعدهم على حتـري " كما هي"فتأدية املقالة املسموعة دون أي نقـص ، بقا يف ألفاظه ما سمع من النيب أن يكون ما يروون من أحاديث مطا

. أو زيادة ، أو حتريف

من روى عين حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحـد : (كما محلهم قول النيب . ، على أن ال يرووا ما يشكون يف صحته عن النيب ) ٤() الكاذبني

.٣٧آية:سورة األحزاب) ١( .احلديث رواه البخاري ومسلم) ٢( .احلديث رواه أهل السنن بطرق كثرية وألفاظ متعددة عن ابن مسعود) ٣( .احلديث رواه مسلم) ٤(

يا أيها الـذين آمنـوا إن : اىل ولعل الدستور األعظم يف النقل كان متمثال يف قوله تع ملـتـا فعلـى موا عـبحصالـة فتهـا بجموا قوصيبوا أن تنيبأ فتببن فاسق اءكمج

ادمنين )١ (.

للمحدثني فضل السـبق يف الضـبط واألمانـة : (ولذلك مل يكن غريبا أن يقال ، فهذه حقيقة تؤكدها الروايات الصحيحة عن علماء هذا الشأن ، كما نرى ) ٢() العلمية

:هذا يف اآلثار اليت سوف نستعرض من خالهلا مظاهر هذه األمانة

فمن آداب احملدث كما يقول : اإلمساك عن املشكوك فيه واالقتصار على ما يتقنه -أ وما شك يف حفظـه لزمـه أن حيدث مبا ال يداخله فيه الشك ، (اخلطيب البغدادي أن

.) ٣() ميسك عنهبل يقتصر علـى مـا يتقنـه (ومن ذلك أيضا أال يتعرض العامل لعلم ال يتقنه أو يعرفه

.) ٤() منها

فقد ذهب بعض الرواة األعالم إىل ضرورة األمانـة يف النقـل ؛ : الرواية باللحن -بربية ، فإن األمانة حينئذ تقتضـي حىت وإن كان ذلك خمالفا ملا هو معروف يف قواعد الع

أن تبلغ الرواية كما هي ، وإن كانت ملحونة ، وقد أفرد اخلطيب البغدادي فصـال يف هلذه املسألة ، اليت أورد فيها كثريا مـن " اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع "كتابه

رد نافعـا عـن كنا ن : (أقوال أهل العلم ، فعن سفيان الثوري عن إمساعيل بن أمية قال . ) ٥() إال الذي مسعته: اللحن ، فيأىب ، ويقول

ولعل تلك املأثرة تبني مدى ما توصل إليه الفكر اإلسالمي من تشدد يف التمسك بأمانة .النقل ، وذلك سبق رمبا مل يعهد إال يف هذه األمة

.٦آية:سورة احلجرات) ١( .٧٣النظم التعليمية عند احملدثني،مرجع سابق،ص:املكي أقالنية) ٢( .١٤،ص٢اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٣( .٥٨تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٤( .٨١،ص١جامع بيان العلم،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ٥(

نه على املعلـم أال كان يرى أ -رمحه اهللا -فإن السمعاين : عدم تفسري ما ال يعرفه -ج .) ١() يفسر إال ما عرف معناه ، وأما ما مل يعرف فيلزمه السكوت عنه(

وذلك من اآلداب املهمة والضرورية اليت يؤكـد عليهـا : ضرورة معارضة الكتب -دعلماء احلديث يف حق احملدثني ، أم ال بد هلم من معارضة كتبهم ، فاألوزاعي يشـبه

. ) ٢() يدخل اخلالء وال يستنجي(ذي الذي يكتب وال يعارض بال

وال شك أن يف هذا األدب ما يدفع األوهام واألغاليط عن كتب العلماء ، وجيعلـها .أمينة فيما تنقله من أخبار

ـ وحرصا على جتنب األخطاء ، والبعد عن الزلل حتدثوا عن : الرواية من الكتب -هـاالحتياط للمحـدث : (ب البغدادي أمهية أن يكون التحديث من كتاب ، يقول اخلطي

واألوىل به أن يروي من كتاب ؛ ليسلم من الوهم والغلط ، ويكون جديرا بالبعد عـن ، وقد روى يف ذلك آثارا كثرية ؛ توضح أم كانوا يعتربون من حيدث مـن ) ٣() الزلل

.) ٤(كتاب هو أقل العلماء سقطا ، وأكثرهم حظوة عندهم وقبوال

وذلك من أعظم األمانات أال يروي إال عن : رواية الضعفاء وأهل البدع البعد عن -وثقة مأمون ، وينأى عن التحديث عن الضعفاء والكذابني ، وأهل البدع الداعني إليها ، تلك الدقة املتناهية اليت ألفيناها عند احملدثني الذين عنوا مبسألة التوثيق عنايـة فائقـة ،

علـم : يقا ، برز عنهم يف ذلك العلم اجلليل الذي أمسـوه واختطوا ألنفسهم منهجا دق اجلرح والتعديل ، وذلك كي يصلوا إىل التأكد من صحة ما ينقلون ، يقول اخلطيـب

. ) ٥() أما من ثبت فسقه ، وظهر كذبه فال تصلح الرواية عنه: (البغدادي

وضـوعة ؛ إال ببيـان ومن أمانة العلم أم حذروا من رواية الروايات الضعيفة وامل

.٢٩ند السمعاين،مرجع سابق،صاملذهب التربوي ع:شفيق زيعور) ١( .٢٢١،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ٢( .١٠،ص٢اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٣( . ١١٣مصدر سابق،ص:،والسمعاين١١-١٠،ص٢ج:املصدر السابق) ٤( .٩٠،ص٢اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٥(

. ) ١(درجتها ، من غري تدليس ؛ لتربأ الذمة ، أو أم يرووا على سبيل التحذير

ومن مث كان من باب الدقة عندهم حني يروون اآلثار أن يبينوا درجتـها بألفـاظ ، وغري ذلك من الصيغ اليت يطلقون عليهـا " روي"، و " قيل"يعرفها أهل الشأن ، مثل

.تمريض صيغ ال

ذلك أدب إسالمي رفيع يتمتع به الفكر اإلسالمي ، لقنـه : عدم الفتوى بغري علم -ز لألمة ؛ فتعلموه منه ، ذلك أنه ال جيوز ملن ال يعلم أن يفيت ، وإمنا وجـب الرسول

فال يستنكف أن يقول ال أعلـم إذا : (عليه السؤال ، أو قول ال أعلم ، يقول اآلجري ا طريق أئمة املسلمني من الصحابة ، ومن بعدهم من أئمة املسلمني كان ال يعلم ، وهذ

؛ ألنه كان إذا سئل عن الشيء مبا مل يتقدم لـه فيه علم الوحي اتبعوا يف ذلك نبيهم ال أدري ، وهكذا جيب على كل من سئل عن شيء مل يتقدم : من اهللا عز وجل فيقول

يل به ، وال يتكلف ما ال يعلمه ، فهو أعـذر فيه العلم أن يقول اهللا أعلم به ، وال علم ، وقد رووا يف ذلك حديث الرجل الذي سأل )٢() لـه عند اهللا ، وعند ذوي األلباب

، )٣(بـال أدري ، أو سكت : أي البقاع خري ؟ ، فأجابه رسول اهللا رسول اهللا فتواه أنـه على من أفىت بغري علم ؛ فكان موت املستفيت يف هذا وقد حكم الرسول قتلوه قتلهم اهللا أال سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي : (مشارك يف قتله ، فقال

. ؛ فقد أحلق م الوعيد بأن دعا عليهم ، وجعلهم يف اإلمث قتلة له ) ٤() السؤال

من آداب العامل يف الفكـر ولذلك فقد توارث العلماء فيما بينهم قول ال أعلم ، وكان اإلسالمي جتنب اللجاجة واالدعاء بعلم ما ليس يعلمه ، فإذا سئل عن علم ال يعلمـه ،

.ال أعلم : قال

، أنه خرج يوما على أصحابه ، وهـو يروي اآلجري عن علي بن أيب طالب أعلم ، ال: يا بردها على الكبد ، سئلت عما ال أعلم ، فقلت : (ميسح بطنه ، وهو يقول

.٩٨-٩١،ص٢اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .١٢٨أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٢( . احلديث صحيح رواه الطرباين ، وابن حبان ، واحلاكم ، وصححاه عن ابن عمر) ٣( .احلديث صحيح رواه أبو داود ، وغريه) ٤(

فيما تروى عنهم -رضوان اهللا عليهم أمجعني - ، وهكذا كان الصحابة )١() واهللا ال أعلم من آثار ، وقد كانوا حيسون مبدى جسامة املسؤولية اليت على أعناقهم ؛ إن هم أجـابوا

أنه أجاب بال -رضي اهللا عنهما –بغري علم ، ولذلك فعندما تعجب البعض من ابن عمر إين ألعظم أن يكون مثلك ابن إمام هدى يسأل عن شيء ال يكون : (ل لـه أعلم ، فقا

أعظم واهللا من ذلك عند اهللا ، وعند من عقل عن : ، فقال ابن عمر له ! عندك منه علم ؟ .) ٢() اهللا عز وجل أن أقول بغري علم ، أو أحدث عن غري ثقة

مل ؛ أنه ال يقول يف بعـض بل أكثر من ذلك أم كانوا يعتربون أن من مقاتل العا : يقـول -رضي اهللا عنهم أمجعني –فتاواه ال أعلم ، يروى ذلك عن ابن عباس ، وغريه

. ) ٣() إذا أخطأ العامل أن يقول ال أدري ، فقد أصيبت مقاتله(

عـن حني سأل الرسول -عليه السالم -يقول النووي يف شرحه حلديث جربيل عن أشراط الساعة ؛ فأجاب الرسول بأنه مـا املسـئول اإلسالم واإلميان واإلحسان ، مث

فيه أنه ينبغي للعامل واملفيت وغريمها إذا سئل عمـا ال يعلـم أن : (عنها بأعلم من السائل .) ٤() يقول ال أعلم ، وأن ذلك ال ينقصه ، بل يستدل به على ورعه وتقواه ووفور علمه

جيدوا بدا من الفتوى ، وإال فإن ومن مث ال نتعجب عندما جندهم ال يفتون حىت ال بعضهم يكتفي ببعض ، وحييل عليه تورعا من الوقوع يف الفتيا بغري علم ، واكتفاء مبن هم

أدركـت عشـرين : (أهل للفتوى من العلماء ، يروي اآلجري عن ابن أيب ليلى أنه قال فيـه من األنصار إذا سئل أحدهم عن الشـيء أحـب أن يك ومئة من أصحاب النيب

. )٥() صاحبه

وقد كانت هذه الصفة مالزمة للعلماء ، والفقهاء ، حىت إن سفيان الثوري فيمـا أدركت الناس ممن أدركت من العلماء والفقهـاء ، وهـم : (يرويه اآلجري أيضا يقول

.١٢٨أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ١( .١٣٢ص:املرجع السابق) ٢( .١٣٣ص:املرجع السابق) ٣( . ٢١٣،ص٣،ج)ت.د(،)ط.د(شرح صحيح مسلم،دار الكتب العلمية،بريوت،:النووي) ٤( .١١٧أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ٥(

. ) ١() يترادون املسائل ، يكرهون أن جييبوا فيها ، فإذا أعفوا منها ، كان ذلك أحب إليهم

، ويعترب اإلمام ابن ) ٢(فلقد كانوا يعتربون أن أجرأ الناس على الفتيا هم أقلهم علما إذا (اجلوزي أن مقدرة العامل على قول ال أعلم راجع إىل صحة قصده ، وإخالصه ، فإنه

صح قصد العامل استراح من كلف التكليف ، فإن كثريا من العلماء يأنفون من قـول ال وإن كانوا على غري يقني مما قـالوا ، ... لفتوى جاههم عند الناس أدري ، فيحفظون با .) ٣() وهذا اية اخلذالن

وقيل ينبغي (نصف العلم ، " ال أدري : " وابن مجاعة يروي عن بعض السلف قوهلم ، ويعترب ابن مجاعة أن من يأنف ) ٤() للعامل أن يورث أصحابه ال أدري ؛ لكثرة ما يقوهلا

. ) ٥(عيف الديانة ، قليل املعرفة عن قوهلا فهو ض

ولذلك كان احلامل للعامل أن يقول ال أدري هو اخلوف أن يتقول على اهللا ، وعلى العلم بغري علم فيهلك ، يروي ابن عبد الرب عن ابن عمر أنه أجاب قوما بـال أدري ، مث

.) ٦() ىل جهنميريدون أن جيعلوا ظهورنا جسرا هلم إ: (التفت إىل عقبة بن مسلم قائال

ولقد بدا هذا واضحا يف سلوكيام حني كانوا يتورعون عن الرواية خوفـا مـن إين ألحدث باحلـديث : (وقوع اخلطأ ، يروي اخلطيب البغدادي عن ابن معني أنه قال

.) ٧() فأسهر له خمافة أن أكون قد أخطأت فيه أن يقول قوال مث يرجع عنه على العامل أال يأنف من :الرجوع إىل احلق عند ظهوره -ح

هو مطلبه وبغيتـه ، وقـد -دون سواء –إىل غريه ؛ مىت بدا له وجه الصواب فيه ، فاحلق

.١١٨ـ١١٧أخالق العلماء،مصدر سابق،ص:اآلجري) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .١٧٨،١٧٩د اخلاطر،مصدر سابق،صصي:ابن اجلوزي) ٣( .٩٣تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥( ومـا بعـدها،وابن ٨٢٦،وص٨٤١،ص٢جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج :ابن عبد الرب ) ٦(

ر أدب الـدنيا والدين،مصـد :،واملـاوردي ١٣٥،ص٢عيون األخبـار،مرجع سـابق،ج :قتيبة .٤٢،والنووي،آداب العامل واملتعلم،مقدمة اموع،مصدر سابق،ص٨٦-٨٥سابق،ص

.١٠،ص٢اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٧(

أوجب املفكرون املسلمون على ضرورة تنبيه العامل إىل احلق إذا جانبه الصواب ، والتلطف خطأ الشيخ يف إذا حتقق ( ، و )١() حيسن خطابه يف الرد إىل الصواب (يف رده إىل احلق بأن

تعني تنبيه الشيخ على ذلك يف احلال بإشارة أو تصريح ، فإن ترك ذلك .. جواب مسألة .)٢() خيانة للشيخ ، فيجب نصحه بإيقاظه لذلك مبا أمكن من تلطف أو غريه

وجيب على العامل أال جيد حرجا يف العودة يف قوله ورأيه إذا وجد الصواب يف خالفه ، بل من مورده على ( ، وأن يقبل الصواب )٣() يالزم اإلنصاف يف حبثه وخطابه أن(جيب عليه

.)٤() وجهه وإن كان صغريا ، وال يترفع عن مساعه فيحرم الفائدة

جيب على العامل أال يكون مستعدا لإلجابـة : التوقف عن اإلجابة على كل سؤال -طفهناك حاالت جيب أن يتوقف فيها دائما ، سواء بالنفي أو اإلجياب على أسئلة تالميذه ،

العامل عن اإلجابة وإصدار األحكام ؛ حىت يتأكد من صحة أحكامه وسـالمة إجاباتـه ، ال أعرف أو ال أدري ، أو ال أحتقـق منـه ، وال : وينبغي أن جييب عما ال يعرف بقوله

ـ ام يتحرج من ذلك ، فاحلرج يف أن يسرع باجلواب من غري تثبت ، ويبادر بإصدار أحكعلى غري علم ، مث يتقاعس بعد ذلك عن البحث والدراسة وصوال إىل الـيقني اجلـازم ،

ال أعلمـه ، أو ال أدري ، فمـن : واحلكم الصحيح ، فالعامل إذا سئل عما مل يعلمه قال رضي –نصف العلم ، وعن ابن عباس ) ال أدري (وعن بعضهم (العلم أن يقول ال أعلم ،

، يروى عن حممود بن عبـد )٥() أصيبت مقاتله ) ال أدري ( العامل إذا أخطأ : -اهللا عنهما

.١١٢صتذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،:ابن مجاعة) ١( .١٢٥ص:املصدر السابق) ٢( .٤٢ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:سابقاملصدر ال) ٤( .٤٢ص:املصدر السابق) ٥(

أكان فيها طالق أو مرياث أو : سألت الشافعي رضي اهللا عنه عن املتعة : ( قال )١(احلكم .)٢() واهللا ما ندري: نفقة جتب أو شهادة ؟ فقال

م ، ملـا ولعله قد يكون من الصعب على بعض العلماء قول ال أدري ، أو ال أعلم لطال خيشونه من االام باجلهل والعجز ، وقصور املعرفة ، وقلة العلم ؛ لكن املفكرين املسلمني

ال أعلم أو ال أدري يف بعض احلاالت ليس دليل جهـل ، أو : أكدوا على أن قول العامل واعلم أن قول املسئول ال أدري ال يضع مـن (عالمة قصور ؛ بل هو كمال املعرفة بعينه

ه ، كما يظنه بعض اجلهلة ، بل يرفعه ، ألنه دليل عظيم على عظم حمله ، وقوة دينه ، قدروإمنا يأنف من قول ال أردي .. وتقوى ربه ، وطهارة قلبه ، وكمال معرفته ، وحسن نيته

من ضعفت ديانته ، وقلت معرفته ، ألنه خياف من سقوطه من أعني احلاضرين ، وهـذه شتهر خطؤه بني الناس ، فيقع فيما فر منه ، ويتصف عندهم مبا جهالة ورقة دين ، ورمبا ي

.)٣() احترز عنه

وهذا األصل من أصول البحث مبدأ من أعز ما يقدمه اإلسالم إىل املنهج العلمـي ، أن يقوهلا إذا سئل عما ال يـدري ، -أي عامل –، ففرض على العامل ) ال أدري (وهو مبدأ

ا على أصل من صريح النص يف القرآن الكرمي ، والسـنة النبويـة ويقوم هذا املبدأ أساساملطهرة ، حيث يتقرر مبدأ يعد أصال من أصول العقيدة يف استحالة أن حييط اإلنسان بكل

، وقال أحاط بكل شيء علما الذي -سبحانه-شيء علما ، وأن ذلك هللا وحده أعلم ، فإن من علم املرء أن يقول ملا ال اهللا: من علم منكم شيئا فليقل ملا ال يعلم : (

.)٤ ()اهللا أعلم: يعلم

هو أبو عبد اهللا حممد بن عبد اهللا بن احلكم بن أمين املصري، الفقيه الشافعي،كانت والدته سنة ) ١(اثنني ومثانني ومائة، وتويف يوم األربعاء لليلة خلت من ذي القعدة،وقبل منتصفه سنة مثان وستني

.١٩٣،ص٤يان،مرجع سابق،جـوفيات األع:ومائتني،انظر ابن خلكان .٤٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( .٤٣ص:املصدر السابق) ٣( ٤٣٨-٤٣٣م،ص١٩٧٥القرآن وقضايا اإلنسان،دار العلم للماليني،بريوت،:عائشة عبد الرمحن.د)٤ (

ولقد أدرك املفكرون املسلمون قيمة أن يظل العامل مترقبا لإلجابة ، غري قـادر علـى التصريح ا فترة من الزمن حىت يبحث ويدرس ، ويزيد نصيبه من املعرفة ، ومن مث حيصل

هذا االجتاه حيتاج تكوينه إىل جمهود شاق ، ذلك (وال شك أن على إجابة يطمئن هلا قلبه ، أن جتنب الوصول إىل نتائج سريعة فجة ، واحلذر من إقامة أحكام على غري أساس كاف من الشواهد والواقعية ، وجتنب عمل التفسريات اليت هي يف الواقع ابتداع من خيال ، كل

. )١() ذلك حيتاج إىل تدريب طويل وإعداد خاص

والعلم ال حد له ، فيجب على العامل أن يستزيد منه يف كل ساعة ، وقد أوجز ابـن : مجاعة هذه احلقيقة الرائعة يف حثه للعامل على االستزادة من العلم الذي ال ينضب بقوله

: وقولـه ) ٢() وليطالب نفسه كل يوم باستفادة علم جديد، وحياسبها على ما حصـله ( . )٣() أبرك األيام عليه يوم يزداد فيه فضيلة وعلماوالعاقل يعلم أن (

ومن املعروف أن العلم ال يثبت على حال ، بل يضاف إليه يف كل يوم جديد ، ولـذا ال يؤخر فائدة متكن منها ، أو يشـغله األمـل (حث املفكرون املسلمون العامل على أن

ها يف الزمن احلاضر ، حصـل يف والتسويف عنها ، فإن يف التأخري آفات ، وألنه إذا حصل .) ٤ ()الزمن الثاين غريها ، فالعلم ال يتناهى

מ− א א :אفال ( ومما جيب على العامل أن يتأدب به ، احلرص على العلم واستمرار طلبه ، وزيادته ،

نده فهو أجهل يزال الرجل عاملا ما تعلم ، فإذا ترك العلم ، وظن أنه استغىن واكتفى مبا ع .)٥() ما يكون

ة املنهج العلمي وتفسري السلوك،مكتبة النهض: حممد عماد الدين إمساعيل) ١( .٨١م، ص١،١٩٧٠ املصرية،القاهرة،ط

.٢٢٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢( .٢٢٠،٢٢١ص:املصدر السابق) ٣( .١٣٤ص:املصدر السابق) ٤( .٢٣٤من أسس التربية اإلسالمية،مرجع سابق،ص:عمر التومي.د) ٥( .٢٨تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١(

فينبغي أن اليزال جمتهدا ( فاالستمرار يف طلب العلم ضروري لتجديد املعرفة وإمنائها ، . )١() يف االشتغال بالعلم قراءة وإقراء ومطالعة وتعليقا ، ومباحثة ومذاكرة وتصنيفا

العلمـاء والعامل ال ينبغي له أن يسكت عن طلب العلـم ، وإن صـار يف طبقـة األفاضل ، فليس له أن يستنكف من تعلم ما ليس عنده ، ليسلم من التكلـف ، وعليـه أيضا ، أن ال يقنع من العلم مبا أدرك ، ألن القناعة يف العلم زهد ، والزهد فيه تـرك ، مث

.يكون اجلهل ، وهذا ال يصح من العامل

رارية التعلم بالنسبة للعامل ، بشـرط أن و يلفت املفكرون املسلمون النظر إىل أمهية استم يفهم نفسه حق فهمها ، وال يتجاوز ا قدر حقها ، وال يذعن لالنقياد هلا حىت ال يكف

.عن طلب العلم

وقد رأى املفكرون املسلمون ضرورة أال يشغل العامل نفسه بشيء آخر سوى العلـم ، .) ٢() حتصيل وظيفته من العلمفإن اضطر إىل غريه يف وقت ، فعل ذلك الغري بعد(

واالستمرار يف طلب العلم كان دأب العلماء من السلف ، فمما يذكر عن ابـن رشد الفقيه الفيلسوف ، أنه مل يترك القراءة طيلة حياته ، إال ليلة بىن بامرأته ، وليلة ماتت

أحيسن : ( بن املهدي والدته ، ويروي حمي الدين بن عريب عن املأمون ، أنه قال له منصور واهللا ألن أموت طالبا للعلم ، خري من أن أعـيش قانعـا : بنا طلب العلم واألدب ، قال

. )٣() ما حسنت بك احلياة: وإىل مىت حيسن يب ذلك ؟ ، قال : باجلهل ، قال

-يف رأيهم –و بذلك فاملفكرون املسلمون ال يفصلون التعليم عن التعلم ، فكل معلم يطالب نفسه يف كل يوم باستفادة (ن يزداد علما مبا يعلمه يف كل وقت ، وعليه أن ينبغي أ

، والعامل إذا أراد أن ينجح يف مهمته ، فال مفر )٤() علم جديد ، وحياسبها على ما حصله

.٢٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر السابق،ص:ابن مجاعة) ١( .١٣٤-١٣٣ص:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .٧٠ص:املصدر السابق) ٤(

ولتكن مهته يف طلب العلم (له من أن يقبل على االستزادة من العلم مبادته ، وعلم ختصصه وعليه أن يبـادر أوقـات عمـره إىل ( ، )١() فال يكتفي بالقليل مع إمكان الكثري عالية ،

التحصيل ، وال يغتر خبدع التسويف والتأميل ، فإن كل ساعة متضي من عمره ال بدل هلا العلم ال يعطيك بعضه حىت تعطيه ( ، وعليه أن يتمثل احلكمة القائلة )٢() وال عوض عنها

ائدة يسمعها ، أو يتهاون بقاعدة يضبطها ، بـل يبـادر إىل وال يستقل بف ( ، )٣() كلكوال يؤخر حتصيل فائدة متكن منها ، أو يشغله األمل والتسـويف ( ، )٤() تعليقها وحفظها

عنها ، فإن يف التأخري آفات ، وألنه إذا حصلها يف الـزمن احلاضر،حصـل يف الـزمن .)٥() الثاين غريها

وغريها مما حيث العامل علـى -ون االنتباه ذه النصوص إن املفكرين املسلمني يلفت إىل حقيقة مل تعد اآلن موضع شك ، وهي تداخل -مداومة التعلم واستمرارية طلب العلم

، بـل ) التعلم والتعليم (عملييت التعلم والتعليم ، ال من حيث الشبه املوجود بني اللفظني لتعلم إذا مل يكن التعلـيم مـؤثرا ، العتماد كل منهما على األخرى ، حيث ال حيدث ا

واملتعلم عادة ال يعطي انتباهه إىل املعلم القاصر يف تعليمه ، العاجز عن اإلحاطـة بأبعـاد .مادته ، فالتعلم اجليد يف النهاية البد أن يؤدي إىل تعليم

وقد نتساءل هل من الضروري للعامل املعلم ما ذهب إليه املفكرون املسلمون مـن

.٧١تذكرة السامع واملتكلم،مصدر السابق،ص:ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة : املصدر السابق ) ٢( .١٣٣ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة : السابق املصدر) ٤( .١٣٤ص: املصدر السابق ) ٥(

داومة التعلم ، واستمرارية طلب العلم ، واجلد واالجتهاد يف اإلملام بفروع املعرفة ضرورة م ال يضيع شيئا من (اليت يقوم بتدريسها ، وبذلك اجلهد والوقت يف سبيل ذلك إىل حد أنه

أوقات عمره يف غري ما هو بصدده من العلم إال بقدر الضرورة من أكل وشرب أو نوم أو اء حلق زوجة أو زائر أو حتصيل قوت ، وغريها مما حيتاج إليه ، أو ألمل استراحة مللل أو أد

أال يكفي العامل اإلحاطة بأولويـات املـادة الـيت يعلمهـا ! ؟ )١() يتعذر معه االشتغال وأساسياا ، ألن ما حيتاج إليه يف تعليمه هو أن يلم بتلك األوليـات ويتقنـها ، وهـي

! . التغري ، وال يتطرق إليه الشك ؟معارف حمددة ال يعتريها

إنه ال يكفيه معرفة بأوليات املادة اليت يعلمهـا لتالميـذه : واجلواب على ذلك هو لكي ينجح يف عمله ، ذلك ألن اإلنسان ال ميكن أن يدرك حقيقة علم من العلوم ؛ حـىت

على األقـل ، ال ليكـون املبادئ األولية منه إال إذا اطلع على آفاقه العليا ، ليلم به إملاما أستاذا فيه ، هذا إىل جانب أن املعارف الضئيلة قلما تثري أذهـان التالميـذ ، أو حتـرك أخيلتهم ، فإذا اقتصر العامل على تلقني ما عنده من املعارف القليلة ،مل يفد التلميذ منها إال

، وال شك أن )٢(ري أن حيفظها عن ظهر قلب ، وقلما يفهمها فهما جيدا باعثا على التفك العامل إذا دأب على البحث يف مادته ، وحرص على حتصيل مهاراا ، أمكنـه أن جيعـل درسه ممتعا ، واستطاع أن يقدم موضوعات علمه لطالبه بطريقة شائقة ، تنفـي عنـهم

وكلما كانت إحاطة املعلم مبادته أوسع ، كان ميل تالميذه (السأم ، وتدفع عنهم امللل ، ه أعظم ، فيحبونه ويعجبون به ، ويقبلون عليه ملا جيدون عنده من غزارة املادة وحسن إلي

. )٣() التصرف يف أطراف البحث

و إقبال العامل مة عالية على البحث يف آفاق مادة ختصصـه ، واالطـالع علـى أحـب دقائقها لن يتحقق إال إذا آمن بقيمة هذه املادة ، وأحبها وشغف ا ، فالعامل إذا

عن جعله سلما يتوصل به إىل األغراض الدنيوية من (علمه أقبل عليه بكليته وصانه ونزهه

.١٣٤تذكرة السامع واملتكلم،مصدر السابق،ص:ابن مجاعة) ١ ( .٢٧ص:املصدر السابق) ٢ ( .٤٣،٤٤فن التعليم،مرجع سابق،ص:جيلربت هايت) ٣ (

، ووجد عظيم لذتـه ، )١() جاه أو مال أو مسعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه عـن (وغاية بغيته يف تعلم ذلك العلم وتعليمه ، ووجد يف متعة التعلم والتعليم ما يغنيـه

.)٢() رفق من طلبته مبال أو خدمة أو غريمها بسبب اشتغاهلم عليه وترددهم إليهالطمع يف

بل إن العامل إذا أحب العلم الذي يعلمه لتالميذه ، وعشق مادة ختصصه ،مل يصرفه عن ذلك العلم صارف ؛ حىت وإن عرض له مرض أو اعتراه أمل ، بل لعله جيد يف االشتغال

أي (كان بعضهم ال يتـرك االشـتغال (، ودواء أمله ، فلقد بالعلم الذي أحبه شفاء دائه ، ولقد صـح )٣() لعروض مرض خفيف أو أمل لطيف ، بل كان يستشفى بالعلم ) بالعلم

أن حب املعلم ملادته العلمية ، يؤثر يف طريقة تدريسه ، فإذا كان كارها للمادة (بالتجربة .)٤() االيت يدرسها فترت مهته ، ونفر الطالب من دراسته

א− א א :אإن املطالعة يف الكتب ، واالشتغال بالتأليف والتصنيف من أهم عوامـل حتصـيل العلم ، واالستمرار يف التعلم ، فإذا تأهل العامل للبحث والتأليف ، وامتلـك املهـارات

يف ختصصه ، أو أكثرها شـهرة الالزمة لذلك ، وبعد أن يطلع على أكثر الكتب املؤلفة إذا كملت أهليته ، وظهرت فضيلته ، ومر على أكثر كتب الفن أو املشهور منه حبثـا (و

.)٥() ومراجعة ومطالعة ، اشتغل بالتصنيف

مل أر الشافعي رضي اهللا : ( وكان هذا هو سلوك العلماء البارزين ادين ، قال الربيع . )٦() ئما بليل الشتغاله بالتصنيفعنه آكال بنهار وال نا

ويعقد املفكرون املسلمون أمهية كبرية على اشتغال العامل بالتـأليف والتصـنيف يف

.٣٧٨مستقبل التربية يف العامل العريب،مرجع سابق،ص:مجيل صليبا) ١( .٩٩مصدر السابق،ص:تذكرة السامع واملتكلم:ابن مجاعة) ٢ (

. ٢٧ص:املصدر السابق) ٣ ( . نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤ ( .١٣دور التربية العملية يف إعداد املعلمني،مرجع سابق،ص:عبد الرمحن صاحل) ٥ ( .١٣٦-١٣٥مصدر السابق،ص:تكلمتذكرة السامع وامل:ابن مجاعة) ٦ (

زيادة حصيلته من املعارف والعلوم ، واخلربات واملهارات املتصلة مبادته العلميـة ، فهـم الفنون ، ودقائق العلوم يطلع على حقائق (يرون أن العامل إذا اشتغل بالتأليف اضطر إىل أن

، هذا إىل جانب أن التأليف )١() لالحتياج إىل كثرة التفتيش واملطالعة والتنقيب واملراجعة .)٢() يثبت احلفظ ، ويذكي القلب ، ويشحذ الطبع ، وجيود البيان(

:ضوابط التأليف -

قق ـا ويضع املفكرون املسلمون ضوابط للتأليف ؛ تتعمق ا خربة العامل ، وتتح الفائدة ، من ذلك أن يتوجه البحث إىل امليادين اجلديدة اليت مل تسبق دراستها والتـأليف فيها ، وإىل اخلربات واملهارات واملعارف اليت تشتد احلاجة إليها ، وأن يبـذل العـامل يف البحث كل جهده ، ويفرغ يف جتويده طاقته ، فال خيرج من بني يديه إال علـى أكمـل

اها ، بعد أن يهذبه ويرتبه ويعيد النظر فيه مرات ، كل ذلك مع االلتزام حبسن صورة وأوف البيان ، وإيضاح العبارة ، والبعد عن التطويل بغري حاجة ، أو اإلجياز املخل باملعىن ، يقول

واألوىل أن يعتين مبا يعم نفعه ، وتكثر احلاجة إليه ، ولـيكن اعتنـاؤه مبـا : (ابن مجاعة بق إىل تصنيفه ، متحريا إيضاح العبارة يف تأليفه ، معرضا عن التطويل اململ واإلجياز مل يس

املخل ، مع إعطاء كل مصنف ما يليق به ، وال خيرج تصنيفه من بني يديه قبـل ذيبـه .)٣() وتكرير النظر فيه وترتيبه

اسـام وتعد هذه الضوابط من أهم ما ينبغي أن يتوخـاه البـاحثون اآلن يف در وحبوثهم ، فالبحث اجليد هو الذي يتعقب اجلديد يف كل علم ، وخيوض غمار امليـادين اليت مل يتناوهلا البحث من قبل ، وهو الذي يهدف إىل خدمة الناس وحتقيق مصـاحلهم ،

. وتعضيد ما تشتد حاجتهم إليه ، ويلتزم الباحث فيه أصول البحث العلمي

.٢٨مصدر السابق،ص:تذكرة السامع واملتكلم:ابن مجاعة) ١ ( .٢٩ص:املصدر السابق) ٢ ( .٣٠ص:املصدر السابق) ٣ (

:أليف بعد امتالك مقوماته التحذير من التقاعس عن الت-

وأدرك املفكرون املسلمون أن البعض قد يتهيب اإلقدام على التأليف ، رغم امتالك مهارات البحث ، والقدرة على التنقيب ، والدأب يف تعقب احلقائق ، والصرب على إدراك

وعـدم الدقائق ، خشية انتقاد اآلخرين ملا يكتب ، وجترحيهم ملا يتوصل إليه من نتائج ، التزام املوضوعية واإلنصاف يف النقد ، فنبهوه إىل أنه خيطئ يف أن يتقـاعس ويتخـاذل ، ويقعد عن البحث والتأليف ، ألنه بذلك يضر نفسه ، ومينع اآلخرين من اإلفادة بعلمـه ، عالوة على أن ذلك حق مشروع له ؛ ما دام قادرا عليه ، وقد يكون إنكار اآلخرين عليه

سبب التنافس ، وتزكية العداوة ، وحتاسد من بعض أهل العلم الواحد ، مع أن هذا احلق ب ومن الناس من ينكر التصنيف والتأليف يف : (ذلك ال يليق بأهل العلم ، يقول ابن مجاعة

هذا الزمان على من ظهرت أهليته ، وعرفت معرفته ، وال وجه هلذا اإلنكار ، إال التنافس ال يليق بأهل العلم تعاطي املنافسة والشحناء ، ألا سبب (مع أنه ، )١() بني أهل األعصار ظهور احلق وطلب ( ، واألصل يف أهل العلم أن يكون هدفهم مجيعا )٢() العداوة والبغضاء

.)٣() الفائدة

مث بينوا تناقض هذا الفريق من الناس ، كاشفني عن سوء طويتهم يف تثبيط الباحثني م املوضوعية والعدل يف نقد أعماهلم ، ألنه إذا اجته الباحث إىل الكتابة ادين ، وعدم التزا

فيما ال فائدة منه على علمه ، سكتت عنه ألسنة أولئك ، وغاب عن انتقادهم وجترحيهم ، أما إذا اجته بإمكاناته وقدراته وإفراغ طاقته يف حبث قضايا علمه ومسائله مما حيتاجه طالبه

وإال فمـن إذا : ( حداد مستهجنني مستنكرين ، يقول ابن مجاعة وجمتمعه سلقوه بألسنة تصرف يف مداده وورقه بكتابة ما شاء من أشعار وحكايات مباحة أو غري ذلك ال ينكـر

.٣٠مصدر السابق،ص:تذكرة السامع واملتكلم:ابن مجاعة) ١( .٤٠ص:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:ملصدر السابقا) ٣(

.)١() ينكر ويستهجن.. عليه ، فلم إذا تصرف فيه بتسويد ما ينتفع به من علوم

والتأليف مرهون بامتالك الباحث مث يعودون إىل التأكيد على أن خوض جمال البحث ملهاراته وأدواته ، فإذا ألف وصنف بغري أهلية ، وتعرض لنقد اآلخرين وهجومهم عليه ، فال يلومن إال نفسه ، ويكون التهجم عليه وانتقاده بعنف نتيجة طبيعية لعدم قدرته علـى

ضيع وقته ، وينفـق البحث وافتقاد مهاراته ، وعدم إتقانه ملا يعمل ، هذا فضال عن أنه ي أما من مل يتأهل لذلك ، فاإلنكار عليه نتيجة ملا يتضـمنه مـن (جهده فيما ال فائدة منه

. ) ٢() ولكونه يضيع زمانه فيما مل يتقنه ، فليدع اإلتقان للذي هو أحرى به منه.. اجلهل מ− :א

العمل للعلم ضـروري وهـام ، فال بركة وال نفع يف علم ال يعمل به ، إن مواكبة وليكن من شيمته العمل بعلمه ، وحث النفس على أن تأمتر مبا يـأمر (خاصة من العلماء

مثل الذين محلوا التوراة مث مل حيملوها كمثـل : به ، وال يكن ممن قال اهللا تعاىل فيهم ) ٤( ملا علمناه وإنه لذو علم : ، وقال قتادة يف قوله تعاىل ) ٣( احلمار حيمل أسفارا

:إنه العامل مبا علم ، وتأيت أمهية وضرورة العمل بالعلم ملا يلي . أن علم العامل حجة على من أخذ عنه واقتبسه منه -١ . إذا مل يواكب العلم العمل فال فائدة منه -٢ . جتنب قول ما ال يفعل -٣

يظهر ، وال جيعل حجته نفع القـول ، وال يأمر مبا ال يأمتر به ، وأن ال يسر غري ما (وإن قصر يف العمل ، فإن إصرار النفس يغريها ، وحيسن هلا مساويها ، فإن من قال ما ال

.٣٠تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص: ابن مجاعة ) ١(

.نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢(

.٥آية:سورة اجلمعة) ٣( .٦٨آية:سورة يوسف) ٤(

يفعل فقد مكر ، ومن أمر مبا ال يأمتر فقد خدع ، ومن أسر غري ما يظهر فقد نافق ، على تقبح ، بل رمبا كان ذلـك أن أمره مبا ال يأمتر مطرح ، وإنكاره ما ال ينكر من نفسه مس

.)١() سببا إلغراء املأمور بترك ما أمر به عنادا ، وارتكاب ما ى عنه كيادافالعمل بالعلم التزام مهم للعامل ، باعتباره قدوة ، والناس دائمـا ينظـرون للعـامل

ح قادرا على باعتباره متحققا بقوله وفاعال له ، فإذا مل يكن قد حتقق بالفعل ، فإنه ال يصب يحكي أن أعرابيا ذهب إىل ابن أيب ذئب الفقيه احملدث ، وسأله عـن مسـألة ( التأثري ،

، وقد بانت منك ، !! نظرت : ، قال !! انظر حسنا : طالق فأفتاه بطالق امرأته ، فقال :فوىل األعرايب وهو يقول

أناملهفطلق حىت البت تبت أتيت ابن ذئب أبتغي الفقه عنده وعند ابن ذئب أهله وحالئله أطلق يف فتوى ابن ذئب حليليت

فظن جبهله، أنه ال يلزمه الطالق بقول من مل يلتزم الطالق ، فما ظنك بقول جيب فيه اشتراك اآلمر واملأمور ، كيف يكون مقبوال منه ، وهو غري عامل به ، وال قابل لـه ؟

. )٢() كالن علقوا أمهية كربى على جتنب القول الذي ال يعمل ، بل جيب فاملفكرون املسلمو

.أن يكون قول العامل مطابقا لعمله

מ− :א كان علماء السلف يوقرون العلم ، توقريا بالغا ؛ فكان أحدهم ال جيلس يف جملـس

حب أن ال يقرأ أحاديث ، وكان يست ) ٣(العلم حىت يغتسل ، ويتطيب ، ويلبس أحس ثيابه إال على وضوء ، ومالك والليث بن سعد كانا ال يكتبـان احلـديث إال ومهـا النيب

، وبلغ م توقري العلم حدا مل يعرف من قبل وال من بعد ، يروي مالك انـه ) ٤(طاهران

.٨٦أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ١( .املصدر السابق،نفس الصفحة) ٢( .٥٤-٥٣نظم التعليمية عند احملدثني،مرجع سابق،صال:املكي أقالينة) ٣( .املرجع السابق،نفس الصفحة) ٤(

جاء رجل إىل سعيد بن املسيب ، وهو مريض ، فسأله عن حديث ، وهو مضـطجع ، (إين كرهت أن أحـدثك : وددت أنك مل تتعن ، فقال : ه ، فقال له الرجل فجلس وحدث

.)١() وأنا مضطجععن رسول اهللا

ومن توقريهم للعلم أم كانوا ال حيدثون يف حاليت املشي والقيام ، يقول عبد الـرمحن هـذا : سألت مالك بن أنس عن حديث ، وأنا أصحبه يف الطريق ، فقال : (بن مهدي

.) ٢() ، وأكره أن أحدثك وحنن نستطرق الطريقث رسول اهللا حدي

كراهة مـن كـره التحـديث يف : ( ويعلق اخلطيب البغدادي على هذه املواقف قائال األحوال اليت ذكرناها ، من املشي ، والقيام واالضطجاع ، على غري طهارة ؛ إمنا هي على

، ولو حدث يف هذه األحـوال مل يكـن سبيل التوقري للحديث ، والتعظيم والتنـزيه له مأثوما ، وال فعل أمرا حمظورا ، وأجل الكتب كتاب اهللا ، وقراءته يف هـذه األحـوال

.)٣() جائزة ، فقراءة احلديث فيها أوىل

ومن توقري العلم صيانته ، وعدم بذله إىل غري مستحقيه ، من الطلبة ادين احملـبني أن يصون العلم كما صانه علماء السلف ، ويقوم (لطلبه ، فيجب على العامل له ، الساعني

له مبا جعله اهللا تعاىل له من العزة والشرف ، فال يذله بذهابه ومشيه إىل غري أهله من أبناء ، فمن ) ٤() الدنيا من غري ضرورة أو حاجة ، أو من يتعلمه منه وإن عظم شأنه وكرب قدره

أهله أال يذهب العامل إىل بيت املتعلم ، حامال إليه العلم ، ففي هـذا صيانة العلم ، وعزة هوان بالعلم أن حيملـه العـامل إىل بيـت : (وين من شأن العلم وأهله ، قال الزهري

.٤٠٨،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .،نفس الصفحة١ج:املصدر السابق) ٢( .٤١٠،ص١ج:املصدر السابق) ٣( .،نفس الصفحة١ج:املصدر السابق) ٤(

.) ١() املتعلم

ومل يرخصوا للعامل أن يذهب إىل بيت املتعلم إال إذا دعت الضرورة ، أو املصـلحة فإن دعت حاجة إىل ذلك أو ضرورة أو اقتضت مصلحة دينية راجحة : (ة يقول ابن مجاع

وكذلك إذا كان املأيت إليه . …على مفسدة بدت له وحسنت فيه نية صاحلة فال بأس به .) ٢() من العلم والزهد يف املرتلة العلية واحملل الرفيع فال بأس بالتردد إليه

א− :אسجايا والصفات ، خلق التواضع ، فهو مسـة املـؤمنني من مكارم األخالق ، وحمامد ال

املخلصني ، وعالمة واضحة للصفوة من عباد الرمحن الذين أضافهم رب العزة إليه ، وذكر وعباد الرمحن الـذين ميشـون علـى : أول أخالقهم ، وعالمام ، يف قوله سبحانه

.)٣( األرض هونا وإذا خاطبهم اجلاهلون قالوا سالما

بأن خيفض جناحه ملن اتبعه ، وأن يلـني هلـم جانبـه ، وقد أمر اهللا تعاىل رسوله املثل األعلى يف التواضع ولني اجلانـب ، وخفـض اجلنـاح ، ويتواضع هلم ، فكان .)٤( واخفض جناحك ملن اتبعك من املؤمنني : مصداقا لقوله تعاىل له

ضع ، تلك الصفة اليت جتعلـه ، يقـر بـاحلق فكان من أهم آداب العامل صفة التوا واحلقيقة ، وال يتكرب عليها ، واليت جتعله رجاعا للحق ، فال يتكرب إذا أخطـأ ، ويقبـل

. النصيحة من غريه

ومن التواضع الواجب على العامل أال يأنف من االستفادة ممن هو أقل منه يف املكانة أو و غري ذلك ، فالعلم واحلكمة ضـالة املـؤمن يأخـذها أىن الدرجة العلمية ، أو السن ، أ

أن ال يستنكف أن يستفيد ما ال يعلمه ممن هو دونه منصبا أو : (جيدها ، يقول ابن مجاعة

.١٦سامع واملتكلم،مصدر سابق،صتذكرة ال:ابن مجاعة) ١( ١٨-١٧ص:املصدر السابق) ٢( .٦٣آية:سورة الفرقان) ٣( .٢١٥آية:سورة الشعراء) ٤(

نسبا أو سنا ، بل يكون حريصا على الفائدة حيث كانت واحلكمة ضالة املؤمن يلتقطهـا .)١() حيث وجدها

يعتقد أنه ميكنه االستغناء عن اآلخرين واالستفادة منهم مهمـا وال جيب على العامل أن ـ اليزال الرجل عاملا ما تعلم فإذا ترك العلم ظن أنه استغىن واكتفى مبا عنده (كان شأم ف

.)٢() فهو أجهل ما يكون ومما يؤثر عن السلف أم كانوا يستفيدون من طلبتهم ، فهذا احلميدي وهو من

صحبت الشافعي من مكة إىل مصر فكنت أستفيد منه املسـائل : ( يقول تالميذ الشافعي أنتم أعلم باحلديث : قال لنا الشافعي : وقال أمحد بن حنبل وكان يستفيد مين احلديث ،

.)٣() مين ، فإذا صح احلديث فقولوا لنا حىت آخذ به

ل ذلـك مـن ويتوقف بلوغ املعلم غايته يف التمكن من مادته على ما يبذله يف سبي أن ال يستنكف أن يستفيد ما ال يعلمه ممن هو دونه منصبا (وقت وجهد ، لذا ينبغي عليه

، وكيف يأنف املعلم )٤() أو نسبا أو سنا ، بل يكون حريصا على الفائدة حيث كانت أربعة ال يأنف الشريف منـهن ، وإن : (من اإلفادة عما ال يعلم من أي أحد ، وقد قيل

. ) ٥() منها السؤال عما ال يعلم.. ريا كان أم

فعلى العامل أن يكون أحسن متعلم ، وليس مطلوبا أن يكون عاملا بكل شيء حـىت . يستغين عن التعلم ، فإنه حيتاج أبدا إىل العلم وطلب الفائدة

א− :אحلياد أن يثبت العامل واإلنصاف واحلياد صفتان الزمتان للعامل يف حبثه ودرسه ، ومن ا

احلق ألصحابه ، املخالف منهم قبل املوايل ، فال يغمط حقا على حسـاب حـق ، وال ـ ليس من عامل وال شريف وال ذي فضـل إال (ينتقص من قدر رأي ال يتفق مع رأيه ، ف

.٢٨تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٢٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣( ٣٢موع،مصدر سابق،صمقدمة ا:النووي) ٤( .٣٢-٣١ص:املصدر السابق) ٥ (

وفيه عيب ؛ ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ؛ ذهب نقصه لفضله ، كمـا أن مـن . )١() فضلهغلب نقصانه ذهب

מ− א :מفكامت العلم يف حكم القرآن الكرمي آمث إمثا كبريا ؛ يستحق عليه اللعن من اهللا ومـن

:الالعنني ، يقول اهللا تعاىل النا أنزون ممكتي اس إن الذينللن اهنيا بد معى من بدالهات وينالب ـاب منفي الكت

.)٢ (أولـئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون

املراد كل من كتم احلق ، فهي عامة يف كل مـن : قيل: (يقول القرطيب رمحه اهللا .) ٣() كتم علما من دين اهللا حيتاج إىل بثه

ن حمتاج إليه ، فقـال وقد جاءت السنة النبوية املشرفة بوعيد شديد ملن كتم علما ع .) ٤() من سئل عن علم علمه مث كتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار : (رسول اهللا

والسنة النبوية ال تكتفي ببيان جرم الكتمان ؛ لكنها أيضا تبني مدى ما يف كتمـان روءة ، وجتاوز حلد املعقول ، حيث جيـيء العلم من داللة على سفه يف العقل ، وقلة يف امل

احلديث النبوي الشريف الذي يرويه ابن عبد الرب بتصوير كامت العلم بالبخيل الذي ميتلك مثل الذي يتعلم العلم وال يتحدث : (املال ؛ لكنه ال ينتفع به ، وال ينفع به غريه ، يقول

.) ٥() به كمثل الذي يكرت الذهب وال ينفق منه

العلماء عن السلف آثارا كثرية تبني إمث من يكتم العلم ، وحتـض علـى وقد روى وال متنع : (نشره ، ومن هؤالء ابن عبد الرب ، الذي يروي عن كثري بن مرة احلضرمي قوله

.٨٢١،ص٢جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .١٥٩آية:سورة البقرة) ٢( . ١٦٩،ص٢اجلامع ألحكام القرآن،مرجع سابق،مج:القرطيب) ٣( .حديث حسن:احلديث رواه الترمذي يف سننه ، وقال) ٤(واحلديث حسن،رواه الطرباين .٤٨٩،ص١ بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج جامع:ابن عبد الرب ) ٥(

.يف األوسط، واإلمام أمحد يف املسند

.) ١() العلم أهله فتأمث

بل إن هذا قد أخذ صورة الوصايا ، فهذا ابن القاسم يروي عن مالك رضي اهللا عنه .) ٢() اتقوا اهللا وانشروا هذا العلم ، وعلموه وال تكتموه: (عهم بقوله أنه كان يود

وحديث املفكرين املسلمني عن آفة كتم العلم ، ووصف صاحبها بدينء الصفات ، حديث طويل وجاد ، ينب لنا مدى وعيهم بالدوافع النفسية اليت قد حتمل الـبعض علـى

ي يعتد بفضيلة نشر العلم كأحد دعائم كتمه ، كما تدلنا على مدى الوعي احلضاري الذ احلضارة اإلسالمية ؛ اليت ترى أن اجلهل مؤذن باندحار احلضارات واألمم ، وهذا احلسن

ومن آداب العلماء أن ال يبخلوا بتعليم ما حيسنون ، وال : ( يقول -رمحه اهللا –البصري وكيف … منه حسد وإمث ميتنعوا من إفادة ما يعلمون ، فإن البخل به لؤم وظلم ، واملنع

جيوز هلم الشح مبا إن بذلوه زاد ومنا ، وإن كتموه تناقص ووهن ، ولو اسنت بذلك مـن تقدمهم ملا وصل العلم إليهم والنقرض عنهم بانقراضهم ، ولصاروا على مـرور األيـام

. ) ٣() جهاال ، وبتقلب األحوال وتناقصها أرذاال

ينتبه إىل أمر يف غاية األمهية أال وهو أن هـذا اإلمث -رمحه اهللا -واإلمام ابن املبارك وإن كانت له عقوبة يف اآلخرة ؛ فإن العقوبة الزمة ملانع العلم يف الدنيا أيضا ، و يعـدد عقوبات فورية يعاقب اهللا ا كامت العلم ، و يستعني يف ذلك مبا ورد من أخبار وآثـار ،

بعض العلماء كان عامال مساعدا يف إدراك هذه ولكن عامل التجربة ، وآثار الكتمان على ومن خبل بـالعلم ابتلـي : (العقوبات ، يقول ابن املبارك فيما يرويه عنه القاضي عياض

، فمما ال أشك فيه )٤() إما أن ميوت فيذهب علمه ، أو ينساه ، أو يتبع سلطانا : بثالث . سري العلماء والتجربة أن عقوبة النسيان ، واتباع السلطان هي مما يستفاد من

.٤٥٣ـ٤٥٢،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( .٤٩٢،ص١ج:املصدر السابق) ٢( .٩١-٩٠أدب الدنيا والدين،مصدر سابق،ص:املاوردي) ٣( .٢٥٠اع،مصدر سابق،صاإلمل:القاضي عياض) ٤(

מ− :א

ليس يف اإلسالم أي نوع من الكهنوتية اليت حتتفل باحتكار العلم ، وتناقله يف إطار اخلواص ، فليس يف اإلسالم أسرار ، كما أنه ال يعتد بالطبقية العلمية ، فليس فيه ما ميكن

ه علماء أعطوا العلم كلهم فأعطاهم العلـم أن يطلق عليهم أم رجال دين ، وإن كان في أنه رأى يف عدم إفشاء العلم هالكـا شيئا كثريا ، ومن فقه اإلمام عمر بن عبد العزيز

ولتفشوا العلم ، ولتجلسوا حىت يعلم من ال يعلـم ، (: له ، يقول فيما رواه البخاري عنه .) ١( )فإن العلم ال يهلك حىت يكون سرا

ما يفيد منع العلـم أحـدا مـن يرد يف كتاب اهللا أو يف سنة النيب واحلق أنه مل الناس ، سواء طلبه هو ، أو نشره العلماء ابتداء ، ولكن جاء من فقه الصحابة عن علي بن

ما يفيد مراعاة تفاوت الناس يف عقوهلم وأفهامهم ، ، وعن ابن مسعود أيب طالب حدثوا الناس مبـا : (وا ذلك ، فقد روي عن علي موقوفا مما يفرض على العلماء أن يراع

ما أنـت (: ، وحنوه عن ابن مسعود قال )٢( ) يعرفون ، أحتبون أن يكذب اهللا ورسوله . )٣() مبحدث قوما حديثا ال تبلغه عقوهلم إال كان لبعضهم فتنة

.، وخصه قوما دون قوم فإن ذلك يفهم منه مراعاة األفهام مبا يناسبها ، ال كتم العلم

لكن يبدو أن بعض علماء السلف قد توسعوا يف هذا املفهوم ، فرأوا أن العلم ينبغي أن يصان عمن هو ليس من أهله ، كما يبدو أم مل يكتفوا مبا ورد من ذلك عن الصـحابة

لكن ، و -رضي اهللا عنهما -رضوان اهللا عليهم كالذي ذكرناه آنفا عن علي وابن مسعود توسعوا يف هذا األمر لريووا مأثورات أهل الكتاب عن عيسى عليه السالم ، أو حكما هي من املأثورات عن احلكماء القدامى ، وال خيفى ما يف ذلك من التجوز الذي قد جيـر إىل التكلف والشطط أحيانا ، فالراغب األصفهاين ال يكتفي بأن يكون ملانع العلم عقوبـات

وقد . ٢٣٠،ص٢م،ط١٩٨٥األخالق يف اإلسالم،مكتبة دار العلوم،القاهرة، :عبد اللطيف العبد .د) ١( ولكنه يف الواقع من كالم اإلمام عمر بن عبد العزيـر رواه أستاذنا على أنه من كالم النيب

.واهللا أعلم .احلديث صحيح،رواه البخاري) ٢( .سلماحلديث صحيح،رواه م) ٣(

.) ١(!!) باذل العلم ملن ال يستحقه يستوجب عقوبة(ىت جيعل يستحقها ، ح

قدم األعمش بعض السواد ، : (ويروي اخلطيب البغدادي عن سفيان بن حسني قال من يعلق الدر : يا أبا حممد لو حدثتهم ، فقال : فاجتمعوا إليه فأىب أن حيدثهم ، فقيل له

.) ٢() على اخلنازير؟

وحيك أو ويلك يا : (مش قد رآه وهو حيدث قوما ، فقال وهذا شعبة حيدثنا أن األع .) ٣() شعبة ، تعلق اللؤلؤة يف أعناق اخلنازير

طارح العلم عنـد : (وهذا الذي قاله شعبة يروى عن مالك بن أنس ، الذي يقول .) ٤() غري أهله كطارح الزبرجد للخنازير

اللؤلؤة يف عنق اخلنــزير واحلق أن تشبيه وضع العلم عند غري أهله بوضع الدر أو ليس من نتاج النصوص اإلسالمية يف شيء ، وإمنا هو اقتفاء تام ملا ينقل عن املسيح عليـه

ال تلقوا اجلوهرة للخنـزير ، فالعلم أفضل مـن اللؤلـؤة ، ومـن ال : (السالم أنه قال .) ٥() يستحقه شر من اخلنـزير

هما هي عينها ألفاظ ما ورد عن فألفاظ شعبة ومالك بن أنس إن صحت الرواية عن ، وعلى فرض صحة ذلك كله فلـيس ! املسيح عليه السالم إن صحت الرواية عنه أيضا

ذلك حبجة على الفكر اإلسالمي يف شيء ، ذلك الفكر الذي يستمد مسلماته وآدابه من .القرآن الكرمي والسنة النبوية الصحيحة ، وليس ذلك مما يدور فيما ورثناه منهما

ولألسف الشديد ال منلك نصوصا واضحة تبني لنا مسات هؤالء اخلنازير الذين امتنع .عن حتديثهم شعبة رمحه اهللا

.٢٤٩الذريعة إىل مكارم الشريعة،مصدر سابق،ص:الراغب األصفهاين) ١( .٢٠٥،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق )٣( .٣٢٩،ص١ج:املصدر السابق) ٤(جامع بيان العلم ،و٩٣أدب الدنيا والدين ص :راجع هذه الرواية مع اختالف ألفاظها يف كل من ) ٥(

.١٤٠ـ١٣٩،ص٢،وعيون األخبار،ج٤٤٧،ص١وفضله،ج

ولكن الذي أراه قد يدور يف فلك النصوص اإلسالمية ، وقد يعرب عن طرائق التفكري ن اإلسالمي يف آداب العامل يف هذا الشأن ، أن العامل يتفرس فيمن يطلب العلم أن يكـو

أهال حلفظه وصيانته والعمل به ، حيث يضع عنده أمانة النقل الصحيح للعلم ، ومما يوضح ، أن تضعه عند من ...إن هلذا العلم مثنا : (ذلك ما يرويه ابن عبد الرب عن عكرمة أنه قال

.) ١() حيفظه وال يضيعه

اجلـد أو أنه يصون العلم عن أولئك الذين يستخفون بقدره ، وال يبـذلون فيـه والعرق ، بل قد يزهدون يف تعاطيه ، فليس للعامل حينئذ أن حيملهم عليه محال ، فإن ذلك قد يكون مضرا للعلم وأهله ، فمنعه عنهم حينئذ صونا لكرامة العلم والعلماء ، ال منعـا

: أنه قـال -رمحه اهللا -للعلم عن الناس ، ولعل مما يؤيد هذا الرأي ما يروى عن مسروق ، وهـذا ) ٢() يعين احلـديث : قال أيب : تنشر بزك إال عند من يبغيه ، قال عبد اهللا ال(

. متعلق بأمور الرواية وضوابطها اليت تعني على التوثق من صحة ما يروى

ال حتدث بفقهك من ال : (ويؤيد ذلك الفهم ما يروى عن اإلمام أيب حنيفة أنه قال .) ٣() يشتهيه ؛ فيؤذيه ويؤذي جليسك

وهناك مسألة أخرى قد ال تكون داخلة فيما حنن فيه بصورة مباشرة ، ولكنها تضع األمور يف نصاا احلقيقي ، وهي أن بعض السلف قد فطن إىل أمهية اجتناب حتديث مـن

: فترت همته ، وأصابه الكسل بغباره ، فمما ينقله اخلطيب البغدادي عن عبـد اهللا قـال ، ويف رواية أخرى ) ٤() وك بأبصارهم ، فإذا رأيت منهم فترة فانزع حدث القوم ما رمق (

وضع لذلك عالمات جيدها العامل يف مستمعيه تدله على الفتور والتراخي ؛ مثل التثـاؤب ، وحينئـذ ) ٥(واتكاء بعضهم على بعض ، فإن ذلك عنده داللة على انصراف قلوم عنه

.فائدة ترجى من ورائه ينبغي عليه أن يسكت عن التحديث ؛ إذ ال

. ٣٢٧،ص١جامع بيان العلم وفضله،مصدر سابق،ج:ابن عبد الرب) ١( . ٣٢٧،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي)٢( .١٥٠،ص١مرجع سابق،ج:أعالم التربية العربية اإلسالمية) ٣( .٣٣٠،ص١مع ألخالق الراوي،جاجلا:اخلطيب البغدادي) ٤( .٣٣٠،ص١ج:املصدر السابق )٥(

واحلق أن هذا يدل على فقه عظيم ؛ لكنه ال يدل على أن امتناع التحديث سـوف يظل مستمرا ، ألن هؤالء التالميذ ال يستحقون أن ينشر العامل عليهم علمه ، وإمنا هـو مرهون بتلك احلالة يف ذلك الس ، مث يعود املعلم يف آن آخر لتعليم طلبته ، ويف ذلـك

راعاة حلال املتعلم ، والعملية التعليمية ؛ كي يكون األداء صحيحا ، والرسالة يف أمت مـا م .تكون من التأثري ، وأصح ما تكون من التلقي

ومثة قضية أخرى يف هذا الباب ، وهي امتناع بعض السلف عن تعليم أهل البـدع طيب البغدادي يف ذلك مجلة واألهواء ؛ ملا يرون يف ذلك من فتنة هلم ولغريهم ، فريوي اخل

إذا جاءه من ال يعرفـه (أنه كان : من الروايات عن بعض العلماء ، منهم سليمان التيمي أتشهد أن الشقي من شقي يف بطن أمه ، وأن السعيد من وعـظ : من أهل البصرة ، قال

.) ١() بغريه ؟ فإن أقر ، وإال مل حيدثه

.) ٢( عن القدري واملرجئ ويروي عن ابن عون أنه كان يصرف بوجهه

بل تعدى األمر عند بعضهم أم يوصون تالميذهم بعدم حتديث أصحاب االجتاهات البدعية ، و يأخذون عليهم املواثيق املغلظة ، كما يروي اخلطيب البغدادي ذلـك عـن

.) ٣(زائدة

ديـة ، ولعلهم كانوا يعتربون ذلك نوعا من العقاب الذي يرتلوه بأهل البـدع العق وردعا ملن قد تسول له نفسه اقتفاء أثرهم ، وإال فإن العلم والرواية إن مل يكونا متـاحني شفاهة ؛ فبإمكان أي إنسان أن يأخذمها من كتاب ، أو عن طريق آخر غري طريق هـذا

. العامل أو ذاك

قـد ومع ذلك فامتناع التعليم رمبا كان مقتصرا على إجازة األسانيد والرواية ؛ اليت ميتلك مفاتيح روايتها أئمة هذا الشأن ، وهم إمنا يؤدوا إىل اجلم الغفـري مـن طـالب احلديث والرواية ، فليس املنع يف حق هؤالء املبتدعة منهجا خيص طائفة من النـاس دون

.٣٣١،ص١اجلامع ألخالق الراوي،مصدر سابق،ج:اخلطيب البغدادي) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٣٣٣،ص١ج:املصدر السابق) ٣(

غريهم ، وإمنا هو يف حكم االستثناء الضيق ، ولرمبا كان هذا االجتـاه خيـتص بـبعض ، وليس عاما لدى علمائنا ، كما أنه خيتص ببعض طلبة احلديث الـذين العلماء والشيوخ

كانوا متشيعني لبعض البدع الداعني هلا ، خبالف ما إذا كان هؤالء يعتنقوا وال يـدعون . إليها

وهناك وجهة نظر أخرى جديرة بأن يلتفت إليها ، وأن يوقف عندها ، ذلـك أن على الناس ، وإن أعرضوا عنه ، فليس يف ذلك مثـة بعض العلماء يرى ضرورة نشر العلم

ئذ رفع ملكانة العلماء ، ومتكنيانتقاص للعلم وأهله ، بل على النقيض متاما ، فإن نشره حين : للحق يف اتمع املسلم ، وهو املراد من وجوب نشر العلم يف اإلسالم ، يقول ابن احلاج

ناس قد أعرضوا عن العلم أن يعرض نفسه عليهم ؛ ينبغي للعامل أو يتعني عليه إذا رأى ال ( . ) ١() لتعليمهم وإرشادهم ، وإن كانوا معرضني

ينبغي أن ال ميتنع ( حيث يرى أنه -رمحه اهللا -بل أكثر من ذلك عند اإلمام النووي من تعليم أحد لكونه غري صحيح النية ، فإنه يرجى لـه حسن النية ، ورمبا عسر يف كثري

فاالمتناع من تعليمهم يؤدي إىل … االشتغال بتصحيح النية لضعف نفوسهم من املبتدئني . ) ٢() تفويت كثري من العلم ، مع أنه يرجى بربكة العلم تصحيحها إذا أنس بالعلم

وتلك نظرة رفيقة واعية بضرورة العملية التعليمية ، ونشر العلم ، دون النظـر إىل . األخذ ا أكثر ضررا من كل هذه االعتبارات اعتبارات أخرى خارجة عنها ، قد يكون

ولذلك فإننا ننحاز إىل ضرورة أن ال يكون ما يروى عن بعض السـلف يف آداب العامل من االمتناع عن تعليم البعض لالعتبارات السابق ذكرها عائقا ، قد يتخذه الـبعض

وف التارخيية واحلضارية ، تكأة يف غري موضعها ، هذا مع ضرورة األخذ يف االعتبار الظر . اليت كانت هذه النصوص تعيش يف إطارها ، أو دعتهم لقوهلا

.٨٨،ص٢،ج)ط.د(،)ت.د(املدخل،دار التراث،القاهرة،:ابن احلاج) ١( .٣٥تعلم،مقدمة اموع،مصدر سابق،صآداب العامل وامل:النووي) ٢(

א− :א الوقت رأس مال اإلنسان يف احلياة ، وهو أمثن من كل شيء ، وأعظم مـن أن يفرط فيه العاقل ، ويتركه مير دون أن يغتنمه ويستفيد منه ، والعامل أحـق النـاس

تأدب ذا األدب ، ألنه يعلم حقيقة ذلك كله ، ومن هنـا حـرص املفكـرون بالال يضيع شيئا من أوقات عمره يف غري مـا هـو (املسلمون التنبيه على العامل بأن

بصدده من العلم والعمل ، إال بقدر الضرورة من أكـل أو شـرب ، أو نـوم أو قوت ، أو غريه مما حيتـاج استراحة مللل ، أو أداء حق زوجة ، أو زائر أو حتصيل

إليه ، أو ألمل أو غري ذلك ، مما يتعذر معه االشتغال ، فإن بقية عمر املؤمن ال قيمة ، وما دامت احلقيقة بنت البحث فإن على )١() له ، ومن استوى يوماه فهو مغبون

يغتنم فرصة فراغه ونشاطه ، وزمن عافيته وشرخ شبابه ، ونباهة خاطره ، (العامل أن . ، اليت متنعه من مواصلة البحث عن احلقيقة)٢() وقلة شواغله ؛ قبل عوارض البطالة

א− מ א :א لس العلم آداب وضوابط كثرية ، وضعها املفكرون املسلمون ، وجعلوها من

قريها ، كما أن أوجب ما جيب على العامل أن يلتزم به ، ملا للعلم من مكانة عظيمة جيب تو للعامل هيبة ومنـزلة جيب أال يتهاون أو يفرط فيها ، كما أنه من الضروري لكل من يقوم بالتعليم من أن يلم بطرائق التدريس وأساليبه ، إذ إن إملامه ذه الطرق ، وإدراكه هلـذه

.األساليب جيعل تعليمه مؤثرا وفعاال

س ، وهم وإن مل يكتبوا فيهـا كتابـة وقد اهتم املفكرون املسلمون بطرق التدري قاصدة ، فإن الباحث فيما كتب عن آداب العامل ، يستطيع الوقوف علـى آرائهـم يف أساليب التدريس ، اليت من شأا أن تيسر عملية التعليم ، وحتقـق أهدافـه ، وتسـاعد

م ، املتعلمني على اكتساب اخلربات واملهارات املختلفة ، وتنمي قـدرام واسـتعدادا .وتوجهها حبيث تصبح منتجة وذات فعالية

.٢٧تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .١٣٤ص:املصدر السابق) ٢(

وينبغي اإلشارة إىل حقيقة مل تعد اآلن موضع جدل بني املهتمني بشئون التعلـيم ، وهي أن أساليب التدريس وطرائقه ليست واحدة يف كل عصر ، ويف كل جمتمع ؛ بل هي

تغـريت وليدة ظروف وحاجات ومطالب اجتماعية معينة ، ومن مث فهي تـتغري كلمـا األهداف التعليمية ، واالهتمامات التربوية ، ملواجهة متطلبات اتمع وحاجاته ، كمـا يشملها التعديل والتبديل كلما تعددت وتنوعت مصادر املعرفة ، وكلما لفحـت ريـاح

.التغيري ثقافة اتمع ، أو مشلت توقعات أفرادهم وآماهلم

التدريس وأسـاليبه عنـد املفكـرين ومن هنا ينبغي أن حنكم على صالحية طرق املسلمني يف ضوء متطلبات العصر الذي عاشوا فيه ، ويف إطار املـؤثرات الثقافيـة الـيت أحاطت م يف حدود الفترة الزمنية حمل البحث ، واملفكر كما نعلم ابن بيئتـه ونتـاج

ببصـره عصره ، نعم قد تسمح له قدراته ومواهبه بأن يسبق بفكره عصره ، وأن يتجاوز آماده وحدوده ، ولكنه مع ذلك يظل مشدودا إىل ذلك العصر ، مرتبطا بثقافتـه علـى

.حنو ما ، رغم ومضات التجديد واإلبداع اليت تنبض ا أفكاره وآراؤه

ولذا فمن غري املنطقي أن نتساءل عن رأي املفكرين املسلمني حول ما جد من طرق عصرنا وخصائصه ، وقد كان للمفكرين املسـلمني وأساليب للتدريس فرضتها ظروف

آراء ذات قيمة كبرية فيما يتعلق بطرق التدريس ؛ بل لعلنا ال نتجاوز احلقيقة إن قلنا إم قد سبقوا بآرائهم الكثري مما كتب عن التعليم يف الشرق والغرب املعاصر ، ومن العجيـب

.ن املسلمون أن يكشف لنا العلم كثريا مما نادى به املفكرو

:حتديد موعد الدرس ، وااللتزام يف احلضور مبكرا ، ومراعاة مصلحة املتعلمني -أ

وعلى العامل أن حيسن تقدير الوقت الالزم إللقاء درسه ، وعرض ما فيه من معلومـات فال يتجاوز الوقت احملدد للمحاضرة وال يقصر عنه ، وينبغي عليه أن ينبه إىل أن حتديـد

اضرة واإللقاء ، حبيث ال يتعارض مع مصلحة التالميذ مـن حيـث تقدميـه أو موعد احمل ـ ينبغي مراعاة مصـلحة (تأخريه ، ذلك ألم املعنيون بالعملية التعليمية بالدرجة األوىل ف

. )١() اجلماعة يف تقدمي وقت احلضور وتأخريه إذا مل يكن عليه فيه ضرورة وال مزيد كلفة

.٤٤تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١(

ن بعضهم لديه عمال مهما أو شغال ما ، فال يضطر إىل االنقطاع عنه ذلك ألنه قد يكو )١() أن يعني ألصحابه يوم الس لئال ينقطعوا عن أشغاهلم…وينبغي (

وإذا ( وإذا مت حتديد موعد احملاضرة أو الدرس ، فال ينبغي اإلخالل به ، إال لعذر قاهر بغي له إخالف موعده إال أن يقتطعه عن ذلـك عني هلم اليوم ووعدهم باإلمالء فيه فال ين

.) ٢() أمر يقوم عذره به

:التهيؤ للدرس -بعلى العامل أن يتهيأ إللقاء درسه ، وتبدأ هذه التهيئة بعملية إعداد نفسي للمحاضرة

وإظهار الصـواب .. ينوي نشر العلم وتعليمه وبث الفوائد (من جانبه ، وذلك بأن وينبغي أن يكون ذلك أهم أغراضه مـن إلقـاء درسـه ، )٣() والرجوع إىل احلق

. وعرضه على طالبه ، وعليه أن يترجم ذلك إىل سلوك يف تعليمه للتالميذ

يقول بسم اهللا ، حسيب اهللا ، توكلت على اهللا ، ال حول ( ويؤكد العامل هذه النية بأن مث يدعو ( ، )٤() على لساين وال قوة إال باهللا العلي العظيم ، اللهم ثبت جناين ، وأدر احلق

، إن مثل هذا اإلعداد النفسي مبا اشتمل عليه من )٥() اهللا تعاىل بالتوفيق واإلعانة والعصمة حسن النية وصدق الدافع يف التعليم ، واالستناد إىل حول اهللا واالعتماد علـى قوتـه ،

لعامل يستشعر قيمـة وطلب التثبيت والتوفيق واإلعانة والعصمة منه ، من شأنه أن جيعل ا عمله وحيس باملتعة يف ممارسته ، ويزداد ثقته يف نفسه واطمئنانا إىل قدراته ، فـال ميثـل التدريس حينئذ عمال يتكسب منه ، وإمنا هو عبادة هللا يثاب عليها طاملا كانت تلك نيتـه

.وهذه دوافعه

تعليم العلم من أهـم (ن فاملفكرون املسلمون كانوا دائما حريصني على تذكري املعلم بأ

. ١٠١أدب اإلمالء واالستمالء،مصدر سابق،ص:السمعاين) ١( . ١٠٢ص:املصدر السابق) ٢( .٣١رة السامع واملتكلم،مصدر سابق،صتذك:ابن مجاعة) ٣( .٣٢ص:املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٥(

. )١() أمور الدين وأعلى درجات املؤمنني

:التطهر والتطيب ولبس الثياب الالئقة -ج

ومن متام التهيؤ للدرس احلرص على طهارة البدن ، باالغتسال ، أو الوضوء ، مث مـس الطيب ، وارتداء ثياب حسنة الئقة مبجلس العلم ، وبشخص العامل ، ففي ذلك حفـاظ

إذا عزم على (ى هيبته ومكانته يف نفوس التالميذ ، وتوقري للعلم ومكانته ، فعلى العامل علجملس التدريس تطهر من احلدث واخلبث وتنظف وتطيب ولبس أحسن ثيابه الالئقة بـه

.) ٢() بني أهل زمانه قاصدا بذلك تعظيم العلم

اغتسل ( جيلس للتدريس إال وقد وقد أثر عن اإلمام مالك وغريه من العلماء أنه كان ال وقال أحب ان .…وتطيب ولبس ثيابا جددا ووضع رداءه على رأسه مث جيلس على منصة

)٣() أعظم حديث رسول اهللا

:السالم على احلاضرين -د

ومن اآلداب الالزمة للعامل عند دخوله جملس الدرس أن يلقي السالم على احلاضرين .)٤() سلم على من حضر.. فإذا وصل(مجيعا

:اجللوس يف مكان بارز بوقار وسكينة وتواضع -هـمث جيلس العامل بعد ذلك يف قاعة الدرس حبيث يراه كل التالميذ ، ومن مث يستطيعون متابعته وال يغيبون عن بصره ، وعليه أن يشيع جوا من األلفـة وروح الـود بـني

ل هذا اجلو الودود يساعد التلميذ علـى التالميذ قبل أن يشرع يف إلقاء درسه ، فمث اخلروج من سلبيته ، ويفسح له طريق التجاوب مع معلمه الذي يألفه وحيبه ، لـذا

أن جيلس بارزا جلميع احلاضرين ، ويوقر أفاضلهم بالعلم والسـن (كان على املعلم

.٤٧تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٣١-٣٠ص:املصدر السابق) ٢( .٣١ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة :املصدر السابق) ٤(

عامل ، إن ال ) ١() ويتلطف بالباقني ويكرمهم حبسن السالم وطالقة الوجه ... والصالح .مبا يشيع يف جملس الدرس من روح املودة يهيئ أفضل بيئة لتعليم التالميذ

جيلس مستقبل القبلة إن أمكن بوقار وسـكينة وتواضـع ( ومن املستحب له أن )٢() وخشوع متربعا أو غري ذلك مما مل يكره من اجللسات

جيلـس مقعيـا وال (علم ، فال وعليه أن حيذر من اجللوس بطريقة غري الئقة بأهل ال مستوفزا وال رافعا إحدى رجليه على األخرى وال مادا رجليه أو إحدامها من غري عذر وال

.) ٣() متكئا على يده إىل جنبه وال وراء ظهره

:عدم القيام بأعمال أوحركات مكروهة أو غري الئقة تسقط اهليبة-و

عمال أو حركات مكروهة أو غري الئقة ، حىت ال والبد للعامل أن حيترز من اإلتيان بأ يصون بدنه عن الزحـف والتنقـل عـن (تسقط هيبته من أعني تالميذه ، ولذا عليه أن

مكانه ، ويديه من العبث والتشبيك ا ، وعينيه من تفريق النظر من غري حاجة ، ويتقـي يل من مزح استخف به املزاح وكثرة الضحك ، فإنه يقلل اهليبة ويسقط احلشمة ، كما ق

.، فكل هذه األعمال مما ال يليق بالعامل اإلتيان به ) ٤() ومن أكثر من شيء عرف به

:احلذر من التدريس يف حال اجلوع أو القلق -زويصاحب اإلعداد النفسي للعامل يئة بدنية جسمية ، إذ إن حالته اجلسمية تؤثر يف

فاجلوع والتعب وغلبة النعاس واإلحسـاس قدرته على إلقاء درسه وإفادة تالميذه ، بالربد الشديد أو احلر املؤمل كلها عوامل حتول دون إجادة العـامل لعـرض درسـه

. وشرح حمتوى مادته

واملفكرون املسلمون تناولوا تأثري الغذاء وتأثري العوامل الفسيولوجية على العـامل ، ثري ال ينكر يف حتقيـق التعلـيم على أنه أحد عناصر هذا املوقف التعليمي ، وصاحب تأ

.٣٢در سابق،صتذكرة السامع واملتكلم،مص:ابن مجاعة) ١( .٣٣ص:املصدر السابق) ٢( .٣٣تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣( .٣٢ص:املصدر السابق) ٤(

ألهدافه ، فحذروا العامل من التدريس يف حالة شدة جوعه أو عطشه أو غلبة النعاس ، أو إحساسه بقسوة الربد ووطأة احلر ولفحته ، فذلك كله يعوقه عن أداء رسـالته وقيامـه

. بالتعليم على وجه طيب

مل ، كما تعطل الفهم والتفكري ويف رأيهم أن هذه العوامل تشوه اإلدراك لدى العا يدرس يف وقت جوعه أو عطشه أو (القائم على األناة والتبصر وعلى هذا فال ينبغي له أن

نعاسه أو قلقه ، وال يف حالة برده املؤمل وحره املزعج ، فرمبا أجاب وأفىت بغري الصواب ، .)١() وألنه ال يتمكن مع ذلك من استيفاء النظر

:س واإلملام مبادته جيدا حتضري الدر-ح وينبغي للعامل قبل إلقاء درسه وعرض حماضرته أن يتأكد من متام معرفته مبـادة الدرس ، وكمال إدراكه ملا فيها من معارف وحقائق وإتقانه ملا فيها من مهارات ، ويراجع نفسه يف ذلك ليطمئن إىل علمه ، فالعامل إذا شاء أن ينجح يف تدرسيه فعليه

، وإذا كانت احملاضرة تتناول موضوعات )٢() ال يذكر الدرس من علم ال يعرفه (أنفال يتعرض هلا بل يقتصر على ما (ال يلم ا جيدا ، أو يعرف بعضها وجيهل بعضا

، وجيب عليه أن يفكر مليا قبل أن يتصدى لتدريس موضوع مـا ، )٣() يتقنه منها قان احلديث فيه وعرض حقـائق وعناصـره فال ينتصب لتدريسه قبل التأكد من إت

عرضا جيدا ، وقبل التأكد من مقدرته على اإلجابـة عـن استفسـارات طالبـه واللبيب من صان (وأسئلتهم ، وإال عرض درسه لإلخفاق ، وأوقع نفسه يف احلرج

.)٤() نفسه عن تعريضها ملا يعد فيه ناقصا

العامل إىل التفكري اجليد يف هذا األمر قبـل أن واملفكرون املسلمون يف دعوم خيطو خطوات التنفيذ بالتدريس ، يلفتون انتباهه إىل أن تصديه لتدريس ما ال يتقنه يترتب

أقل مفاسد ذلك أن احلاضرين يفقدون اإلنصاف لعدم من يرجعون (عليه مفاسد كثرية و

.٣٣تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٤٥ص:املصدر السابق) ٢( .٥٨ص:املصدر السابق) ٣( .٤٥ص:املصدر السابق) ٤(

)١() ره ، أو املخطئ فيزجرهإليه عند االختالف ، ألن رب الصدر ال يعرف املصيب فينص :الترتيب املتجانس للمتعلمني حسب القدرات -ط

وردت نصوص عديدة يف ترتيب جلوس املتعلمني يف حلقة التعلـيم ، فقـد أدرك املفكرون املسلمون أن هناك نظاما جيب أن يتبع يف جتميع املـتعلمني داخـل احللقـة ،

استعدادام ، فاألذكياء الناون جيلسون معا وجلوسهم يف فئات متجانسة وفقا لقدرام و يف جهة واحدة من احللقة معروفة لدى اجلميع ، وهي اجلهة اليت تقع أمام الشيخ املعلـم ،

وقد جرت العادة يف جمالس التدريس جبلوس املتميزين قبالـة : (ويف ذلك يقول ابن مجاعة مـع ... عند الشيخ علما وفضـال املتميزون من الطلبة ( ، واملبجلون )٢() وجه املدرس

.)٣() احلائط أو مع طرفها قبالته

وإذا كان على املتعلم أن جيلس حيث انتهى به الس فال يتخطى رقاب زمالئـه ، وإن كانوا قد أباحوا للتلميذ املربز أن يتقدم الصفوف إن حضر متأخرا ، فيجلس يف مكانه

إذا سلم فال يتخطى رقاب احلاضرين (ني ، فاملتعلم املعروف من احللقة مع أترابه من النا ، وجيلـس املتعلمـون ذوو القـدرات )٤() إىل قرب الشيخ ، إن مل تكن مرتلته كذلك

املتساوية ممن يترافقون يف الدرس معا يف جهة ، حبيث تقع عليهم عني العامل ، فال ختطـئ معوا يف جهة واحدة ؛ ليكون وينبغي للرفقاء يف درس واحد أو دروس أن جيت (أحدا منهم

.)٥() نظر الشيخ إليهم مجيعا عند الشرح وال خيص بعضهم يف ذلك دون بعض

أما املعيدون والزائرون من غري الطالب إذا حضروا درس الشيخ فهؤالء جيلسـون املبجلني مـن معيـد أو زائـر عـن ميينـه أو (على ميني الشيخ أو يساره ، فإن جملس

. )٦() يساره

.٤٦ع واملتكلم،مصدر سابق،صتذكرة السام:ابن مجاعة) ١( .٦٠ص:املصدر السابق) ٢( .١٤٩ص:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٤( .١٤٦ص:املصدر السابق) ٥( .١٥٠،١٥١تذكرة السامع،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٦(

ويبدو أن يف تقسيم الطالب على هذا النحو ، حيث للمتميـزين مـن األذكيـاء والناني مكان ، ولغريهم مكان آخر ، وللمعيدين أو الزائرين مكان ثالث يف احللقـة ، ومراعاة هذا التقسيم سيجعل كل متعلم يستفيد من الدرس والشرح ، ويتيح للعـامل أن

.يراعي قدرام أثناء التعليم

بتقسيمهم يف تعليمهم إىل مجاعات مـن –وبالرغم من أن التجمع املتجانس للتالميذ يثري اعتراضات كثرية بني التربويني اآلن ، من أمههـا أن هـذا -قدرات متساوية تقريبا

التقسيم يتعارض بشدة مع دميقراطية التعليم ، واملساواة ، بالرغم من ذلك فإن املفكـرين دركوا ما قد يثريه هذا التقسيم يف نفوس املتعلمني أنفسهم ، فطـالبوا املسلمني كانوا قد أ

.. ال يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض يف مودة أو اعتنـاء (املعلم أن يعاجل ذلك بأن وكذلك ال يقدم أحدا يف نوبة غـريه ، .. فإن ذلك رمبا يوحش منه الصدر ، وينفر القلب

.)١() يف ذلك مصلحة تزيد على مصلحة مراعاة النوبةأو يؤخره عن نوبته ، إال إذا رأى

غري أن املفكرين املسلمني مل يعتمدوا الذكاء وحده معيارا لترتيب جلوس التالميذ يف احللقة وتقسيمهم على النحو السابق ، فلقد اعتمدوا أسسـا أخـرى لـذلك الترتيـب

مـاعي ، والفضـيلة والتقسيم ، ومن هذا األسس ، عامـل السـن ، والنضـج االجت ، فليس الذكاء أو القدرة التحصيلية وحدمها أساس الترتيـب والتقسـيم يف ) ٢(والصالح

احللقة ، بل قد يكون أساس ذلك مميزات شخصية املتعلم كلها مبا يف ذلك عمره ومركزه االجتماعي ، أو نضجه االجتماعي ، وحسن أدبه وصالحه ، مث علمه واجتهاده ، وقدرته

مباحثة املعلم يف كثري من أمور الدرس ، وقد حرص املفكرون املسـلمون علـى أن علىيكون جلوس من يتمتع بتلك الصفات قريبا من الشيخ املعلم ؛ حتقيقا للفائدة له وللطالب

يف ذلك مصلحة يعرفها القوم وينتفعون ا من حبثه مع الشيخ لقربه منه ، (من زمالئه فإن .)٣() ، أو كثري الفضيلة والصالحأو لكونه كبري السن

.٥٩،٦٠ص:املصدر السابق) ١( .١٤٦ص:املصدر السابق) ٢( .١٤٧كلم،مصدر سابق،صتذكرة السامع واملت:ابن مجاعة) ٣(

وال شك أن مراعاة املميزات الشخصية يف تقسيم التالميذ ، وترتيب جلوسـهم يف حلقة التعليم سيجعل املتعلم أسلم وأكثر توافقا ، وسوف يساعده على تكوين العديد من

.االجتاهات الطيبة

: االلتفات للحاضرين واالعتدال يف ذلك -ي

داب اليت جيب على العامل مراعاا أن يوزع نظره والتفاته علـى احلاضـرين ومن اآل مجيعا ، وال يشعر أحدا منهم باحلرج بدوام النظر إليه ، إال أن خيصه حبديث أو سؤال فهنا

ويلتفـت (يستحب النظر إليه ، واإلقبال عليه ؛ ليشعر باهتمام أستاذه باحلـديث معـه سب احلاجة ، وخيص من يكلمه أو يسأله أو يبحث معه علـى للحاضرين التفاتا قصدا حب

) ١() الوجه عند ذلك مبزيد التفات إليه وإقبال عليه وإن كان صغريا أو وضيعا

) ٢() ترك ذلك من أفعال املتجربين املتكربين(ويعلل ابن مجاعة هذه السلوكيات الواجبة بأن

:زجر املشاغبني احلفاظ على اجمللس من اللغط أو رفع الصوت ، و-كوعلى العامل احلرص على أن يسود احملاضرة هدوء يسمح له باإللقاء والشرح والتفسـري ،

ال يقتصر يف (فمع أن املفكرين املسلمني دعوا إىل إجيابية الطالب أثناء إلقاء الدرس ، وأن ح احللقة على مساع درسه فقط إذا أمكنه ذلك ؛ فإن ذلك عالمة قصور اهلمة وعدم الفال

يصون جملسه عن اللغط ، ( ، على الرغم من ذلك فإم طالبوا العامل بأن )٣() وبطء التنبه ويتلطف يف دفع .. فإن الغلط حتت اللغط ، وعن رفع األصوات واختالف جهات البحث

أن يزجر من تعدى يف حبثه أو ظهر منـه ( ، كما طالبوه )٤() ذلك من مباديه قبل انتشاره أو كثرة الصياح بغري فائدة أو أساء أدبه علـى غـريه مـن .. وء أدبه لدد يف حبثه أو س

احلاضرين أو الغائبني أو ترفع يف الس على من هو أوىل منه أو نام أو حتدث مع غريه أو . )٥() ضحك أو استهزأ بأحد من احلاضرين أو فعل ما خيل بأدب الطالب يف احللقة

.٣٤ص:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .١٤٢ص:املصدر السابق) ٣( .٤٠ص:املصدر السابق) ٤( .٤١تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٥(

: الطريقة املثلى إللقاء الدرس -لى املفكرون املسلمون أن اإللقاء اجليد للدرس حيقق نتـائج طيبـة يف إكسـاب ير

التالميذ معلومات ومعارف وخربات كثرية ، وهو أكثر فعالية من القـراءة يف الكتـب وحدها ، ولذا فهم يكثرون من حتذير املتعلم من االستقالل بأخذ املعلومات واحلقائق من

من معلم جيد ، جييد إلقاء الـدروس ، وحيسـن صحائف الكتب وحدها ، بغري التلقي ـ ، والبد من االستعانة )١() من تفقه من بطون الكتب ضيع األحكام (عرضها وشرحها ف

وكـان .. ممن كملت أهليته (مبعلم يعرض عليه هذه األحكام بشرط أن يكون هذا املعلم ة للوقوع يف اخلطـأ ، ، فبغري املعلم يكون املتعلم عرض )٢() أحسن تعليما وأجود تفهيما

وبغري التلقي عن املعلم جيد اإللقاء حسن التعليم والتفهيم تضيع على املتعلم غالبا فرصـة االستفهام عما ال يفهم ، ورمبا افتقد كثريا من احلقائق اليت ال ميكن التعـرف عليهـا إال

أن يضـيف إىل بواسطة اإلخبار من معلمه ، هذا إىل جانب أن املعلم جيد اإللقاء ميكنه كان بعضهم يقول من أعظم البلية (معارف الكتاب ما ينقصها إن كان فيها مثة نقص ، و

. وحدها )٣() تشيخ الصحيفة ، أي الذين تعلموا من الصحف

بل لقد ذهب املفكرون املسلمون يف تقديرهم لقيمة اإللقاء اجليد وقدرته على حتقيق إىل تلقي العلم على معلم يكون هو نفسه قـد أخـذ نتائج طيبة للتعلم إىل دعوة املتعلم

معارفه بطريق العرض والتلقي عن معلم جيد ، ومل يكن قد استقل بأخذ معارفه ومعلوماته وليجتهد على أن يكون الشيخ ممن له على العلـوم الشـرعية متـام (من الكتب وحدها

تماع ، ال ممن أخذ االطالع ، وله مع من يوثق به من مشايخ عصره كثرة حبث وطول اج .)٤() من بطونه األوراق ، ومل يعرف بصحبة املشايخ احلذاق

إن اإللقاء اجليد يتيح للمتعلم فرصة استيضاح ما عرض عليه من معارف الكتـاب وحقائقه ، وميكنه من تنظيم املوضوعات واحلقائق اليت يصعب عليه اسـتيعاا بـالتنظيم

.٨٧ص:املصدر السابق) ١( .٨٥ص:املصدر السابق) ٢( .٨٧ص:املصدر السابق) ٣( .٨٧كرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،صتذ:ابن مجاعة) ٤(

عرضه حملتوى مادة الكتاب ، وجودة شـرحه لـه ، الذي طرحه الكتاب ، والعامل حبسن وكمال ترتيبه حلقائقه ، وتنظيمه لعناصره وفق إمكانات املتعلم وقدراته جيعل الـدرس يف متناول فهم تالميذه ، ويف ضوء ذلك نستطيع أن ندرك سبب إحلاح املفكرين املسـلمني

العـرض واحملاضـرة على املتعلم بضرورة أن يأخذ علمه على معلم جيد اإللقاء حسـن وليحذر من االعتماد يف ذلك على الكتب أبدا ، بل يعتمد يف كل فن من هـو أحسـن (

.) ١() تعليما ، وأكثر حتقيقا فيه ، وحتصيال منه ، وأخربهم بالكتاب الذي قرأه

:استخدام األمثلة التوضيحية يف الشرح -م

يكون أكثر فائدة وأعم نفعـا ، إذا ويؤكد املفكرون املسلمون على أن اإللقاء اجليد صاحبه الشرح والتوضيح ، وحسن التلطف يف تفهيم التالميذ ، فالعامل ينجح يف درسه إذا

، وتكون الطريقة جيدة إذا )٢() يبدأ بتصوير املسائل مث يوضحها باألمثلة (حرص على أن تخدام ما يعينه على أتاحت للمعلم فرص استخدام وسائل التمثيل والتشبيه ، وباجلملة اس

إيضاح مقصوده ، و تبسيط اخلربات للدارسني ؛ حبيث يسهل عليه حتصـيلها واإلفـادة تصوير املسائل مث يوضحها باألمثلـة (منها ، ومن الضروري أن متكن الطريقة العامل من

ملن تصوير املسائل ومتثيلها ( ، وال متنعه خطوات الطريقة وإجراءاا من )٣() وذكر الدالئل .)٤() مل يتأهل لفهم مأخذها ودليلها

على تعليمه وتفهيمه ببـذل ( وإذا حرص يف كل خطوة من خطوات تدريسه لتلميذه يف أذهام ) تعليمه(فيثبت .. مبادة الشرح ( ، وإذا اهتم دائما )٥() جهده وتقريب املعىن له

تعليمه وحسن التلطـف يف سهولة اإللقاء يف ( ، مع حمافظته على )٦() ويرسخ يف أفهامهم .)٧() تفهيمه

.١١٣،١١٤ص:املصدر السابق) ١( .٥٢ص:املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤( .٥٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة)٥( . ٥٤ص: املصدر السابق) ٦( .٥١ص:املصدر السابق) ٧(

وخاصة إذا كـان (ولقد ثبت أن اإللقاء اجليد أكثر فعالية من التوجيهات املكتوبة اإللقاء يصاحب بالتوضيح العملي ، هذا إىل أن اإللقاء وسيلة فعالة يف تنمية االجتاهـات

احلديث قوي التـأثري ، واملثل فهو أكثر فعالية من الصفحة املطبوعة ، إذ كثريا ما يكون .)١() على حني جنده ضعيف األثر إذا ما قرئ من صفحة مطبوعة

ولقد جلأ املفكرون املسلمون إىل أسلوب اإللقاء والعرض لتوجيه الطالب وإثـارة مشاعرهم ، وتنمية عديد من املثل واالجتاهات الطيبة لديهم ، وتعديل ميوهلم ، و دعـوا

بتدريج على ما يعني على حتصيله ، من االقتصار على امليسـور (املعلم إىل ترغيب تلميذه وقدر الكفاية من الدنيا والقناعة بذلك عن شغل القلب بالتعلق ا ، وغلبة الفكر وتفريق اهلم بسببها ، فإن انصراف القلب عن تعلق األطماع بالدنيا واإلكثار منها والتأسف على

شرف لنفسه ، وأعلى ملكانته ، وأقـل حلسـاده ، فائتها أمجع لقلبه ، وأروح لبدنه ، وأ واإللقاء والعرض هنا لتكوين مثـل هـذه االجتاهـات )٢() وأجدر حبفظ العلم وازدياده

الفاضلة ، وتعديل ميول املتعلمني وتوجيهها حنو ما يعود عليهم بالفائدة العاجلة واآلجلـة عرض احلسن أقـدر علـى إثـارة أكثر فائدة من النصائح املكتوبة ، إذا اإللقاء اجليد وال

عواطف املتعلمني وحفزهم على التمسك جبميل األخالق ، وذلك بالتأثري على مشاعرهم .بنربات الصوت وتعبريات الوجه ، وما يصحب ذلك من إمياءات وإشارات

:استخدام اإلمكانيات الصوتية إليصال العلم -ن

كالم الصحيحة أثناء اإللقاء ، على العامل أن حيسن استخدام الصوت وعادات ال وأن يتأىن يف إلقائه ، ليتمكن الطالب املستمع من متابعته وإعمال فكره فيما يقول ، وفيما يلقى إليه من معارف ، وليتمكن الطالب من تسجيل ما يراه مهما أو التعليق عليه ، وذلك

أن ال يرفع صوته زائـدا (من لن يتوفر له إال إذا متهل املعلم وتأىن يف إلقائه ، فكان البد على قدر احلاجة ، وال خيفضه خفضا ال حيصل معه كمال الفائدة ، واألوىل أن ال جيـاوز

.١٧٣، ص٢م،ط١٩٧١التدريس،عامل الكتب،القاهرة،:ن ريانفكري حس) ١( .٤٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٢(

وال يسرد الكالم سردا بل يرتله ويرتبه ، .. صوته جملسه ، وال يقصر عن مساع احلاضرين خلصـائص ، ويف هذه العبارة املوجزة إيضـاح )١() ويتمهل فيه ليفكر فيه هو وسامعه

.الصوت اجليد ، من حيث الدرجة والسرعة والرتابة وغريها

كما جيب عليه أن يكيف سرعة عرضه وإلقائه وفق ما يتطلبه املوضوع ، فعليه أن .)٢() يصل يف درسه ما ينبغي وصله ، ويقف يف مواضع الوقف ومنقطع الكالم(

صوت فـوق احلاجـة ، كما جيب أن يكون طبيعيا غري متكلف يف احلديث برفع ال ما مسعت أيب يناظر أحدا قط فرفع صـوته ، قـال : قال أبو عثمان حممد بن الشافعي (

.) ٣() البيهقي أراد واهللا أعلم فوق عادته

، ) ٤() بسهولة اإللقاء ( وأكد املفكرون املسلمون على الطالقة يف العرض وعربوا عنها ويف استخدام املعلم لطريقة اإللقاء على وجـه وهي شيء ذو أمهية يف التدريس عموما ،

، أن تعلـم ١٩٦٤وزمالؤه عام ) سولومون(وقد أكدت الدراسة اليت قام ا (اخلصوص ، ويتفق مع هـذه ) الطالقة(التالميذ للحقائق واملعلومات يرتبط ارتباطا داال ذه القدرة

وجب دال بـني طالقـة من وجود معامل ارتباط م ١٩٥٣عام ) نول(النتيجة ما أكده .)٥() األفكار وتقديرات كفاية التدريس

) :ضعاف السمع(مراعاة ذوي االحتياجات اخلاصة -سأدرك املفكرون املسلمون أن هناك عالقة وثيقة بني النمو اجلسمي ومظاهر النمـو

إىل حالة املتعلم ثقيل السمع ، وتوقعوا أن يـؤدي -يف هذه العالقة -األخرى ، وأشاروا ثقل مسعه إىل تأخره يف دراسته عن بقية الطالب من أقرانه ، بعجزه عن مساع كل ما يقوله املعلم يف درسه ، وبينوا أن هذا الطالب يعاين صعوبات بسبب ذلك العجز أو الـنقص ، وأنه لن يستطيع ختطيها دون مساعدة من معلمه ، ومن هنا أوجبوا على العامل أن يبادر إىل

..٣٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .٣٨ص:املصدر السابق) ٢( .٣٩ص:املصدر السابق) ٣( .٥١ص:املصدر السابق) ٤( .١٢٦م، ص٢،١٩٨٠نفس التربوي،األجنلو،القاهرة،طعلم ال:فؤاد أبو حطب وآمال صادق) ٥(

ببه هذا النقص احلسي للمتعلم من أضرار ، فريفع صوته إىل احلـد الـذي تاليف ما قد يس يستطيع معه ثقيل السمع أن يسمعه ، والبد للعامل من أن يتأكد من أن ثقيـل السـمع

وال يقصر عن مسع احلاضر ، فإن حضر فيهم ثقيل السمع فال بأس (يسمعه ويتابع شرحه .)١() بعلو صوته بقدر ما يسمعه

:عن الشرح بعد كل فكرة أو عنصر التوقف -ع

من املستحب للعامل أن ينتظر بعد عرض كل عنصر أو شرح كل فكرة ، فترة مـن الزمن ، ويقف وقفة تسمح لتالميذه بالسؤال أو النقاش واالستفسار ، ويرى املفكـرون

إذا (فـ. املسلمون أنه إن مل يقف هذه الوقفة ، فإن طالبه يفقدون كثريا من فوائد حديثه فإذا مل يسـكت هـذه .. فرغ من مسألة أو فصل سكت قليال حىت يتكلم من يف نفسه

.)٢() السكتة رمبا فاتت الفائدة

:استخدام التعبريات واألساليب املناسبة إليضاح األفكار -ف وعليه أن يفكر قبل إلقاء درسه يف مواضع الدرس الـيت حتتـاج إىل اسـتخدام

معينة إليضاح فكرة ما ، أو شرح عبارة ال يتضح معناها تعبريات وأساليب كالمية إال باستعمال هذه التعبريات ، وحتديد العامل هلذه املواضع مينع عنه التردد خصوصـا إذا كان اإليضاح ال يتم إال بتعبريات كالمية ال تستخدم كثريا ، أو مينـع احليـاء

وفكر يف األساليب والتعبريات أحيانا من استخدامها ، وهو إذا حدد هذه املواضع ، ال (واأللفاظ اليت توضحها مضي يف الطريق الصحيح لتفهيم التالميذ ، وعليـه أن

ميتنع من ذكر لفظة يستحيي من ذكرها عادة ، إذا احتيج إليها ومل يتم التوضيح إال ، ألن فهم التالميذ للدرس هدف ينبغي أال )٣() بذكرها ، بل يكتفي بالكناية عنها

.ول دونه شيء حي

:احلذر من تأجيل الردود على الشبهات أو املسائل املشكلة -ص

.٣٩تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢( .٥٢تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ٣(

إن املفكرين املسلمني يلفتون انتباه العامل إىل أنه إذا ذكر لتالميـذه شـبهة يف درسه ، فإنه من املستحسن أن ال يؤخر اجلواب عليها ، حـىت ال يبلبـل أفكـار

وهو إما أن يذكر جواب الشـبهة معهـا ، أو التالميذ ، ويتركهم فريسة للحرية ، يؤخر الشبهة واجلواب إىل درس آخر ، فذلك آمن لتالميذه ، خصوصا إذا تعلقت

يف درس ويؤخر اجلواب عنها إىل درس .. ال يذكر شبهة (الشبهة بالدين فيجب أن خري آخر بل يذكرمها مجيعا أو يدعهما مجيعا ، وال يتقيد يف ذلك مبصنف يلزم منه تأ

ال سيما إذا كان الدرس جيمـع اخلـواص …جواب الشبهة عنها ملا فيه من املفسدة )١() والعوام

:االلتزام مبوضوع الدرس أو احملاضرة -ق

جيب على العامل أن حيرص على عدم اخلروج عن موضوع احملاضرة ، أو االستطراد ، ويدعوهم إىل االنصـراف عـن كثريا يف مواضيع جانبية ؛ فذلك يشتت انتباه التالميذ

ال يبحث يف مقام أو يتكلم على فائدة إال يف موضع ذلك ، فال (درسه ، فينبغي عليه أن .) ٢() يقدمه عليه وال يؤخره عنه إال ملصلحة تقتضي ذلك وترجحه

:عدم إطالة وقت الدرس أو تقصريه -رف وفق الزمن احملـدد للتـدريس طريقة التدريس اجليدة هي اليت متتاز بقابليتها للتكي

وطبيعة الدارسني ، فتأخذ يف حسباا استيفاء الدرس من جهة ، ومصلحة الدارسني مـن جهة أخرى ، وحتدث التوازن املطلوب بينهما ، فال ينبغي أن ميتد زمن الدرس ويطـول

يصـرف تطويال يدفع الدارسني إىل امللل والسأم ، ويفقدهم االهتمام مبتابعة العـامل ، و أذهام عن شرحه ، أو يقصر زمن الدرس حبيث ال يتمكن العامل من اسـتيفاء احملتـوى

بالدرجـة –التعليمي للمادة الدراسية فتضيع بذلك الفائدة ، ويعتمد إحداث ذلك التوازن وينبغي أن ال يطيل الدرس تطويال ميـل ، وال يقصـره ( على خربة العامل وجتربته -األوىل

ويراعي يف ذلك مصلحة احلاضرين يف الفائدة يف التطويل ، وال يبحـث يف تقصريا خيل ،

.٣٨ص:املصدر السابق) ١( .٣٩-٣٨ص:املصدر السابق) ٢(

مقام أو يتكلم على فائدة إىل يف موضع ذلك ، فال يقدمه عليـه ، وال يـؤخره عنـه إال .)١() ملصلحة تقتضي ذلك وترجحه

:التأكد من فهم املتعلمني واستيعام للدرس -شتحسن أن يتأكد العامل من أن طالبـه قـد ويف اية الدرس أو احملاضرة من املس

إذا (فهموا درسه ، وحصلوا ما ألقاه عليهم وذلك عن طريق اختبارهم باألسـئلة ، فرغ الشيخ من شرح درس فال بأس بطرح مسائل تتعلق به ليمتحن ـا فهمهـم

.)٢() وضبطهم ملا شرح هلم

:ختام الدرس -ت

جرت العادة أن يقول املدرس عند ختم (اضرة فقد وإشعارا للمتعلم بانتهاء الدرس أو احمل .) ٣() كل درس واهللا أعلم

لكن األوىل أن يقال قبل ذلك كالم يشعر خبتم الس ، كقوله وهذا آخره أو ما بعـده ( .) ٤() يأيت إن شاء اهللا تعاىل

:البقاء بعد انتهاء الدرس لفترة وجيزة -ثتظار العامل يف درسه فترة من الوقـت بـني رأى املفكرون املسلمون أنه ال يكفي ان

احلني واآلخر ليتكلم طالبه مناقشني أو مستفسرين ، بل عليه أن ميكث قليال بعـد انتهاء درسه ، فرمبا كان من بني تالميذه من مل يتمكن من سؤاله أثناء الدرس ، أو

كث قلـيال واألوىل للمدرس أن مي (لعل عند بعضهم بقايا أسئلة مل يتلق عنها جوابا

.٣٨،٣٩تكلم،مصدر سابق،صتذكرة السامع وامل:ابن مجاعة) ١( .٥٣ص:املصدر السابق) ٢( .٤٤ص:املصدر السابق) ٣( .٤٤ص:املصدر السابق) ٤(

بعد قيام اجلماعة ، فإن فيه فوائد وآدابا له وهلم ؛ منها عدم مزامحتهم ومنها إن كان .)١() يف نفس أحد سؤال سأله

:الدعاء عند االنتهاء والفراغ -خ

ويستحب إذا قام أن يدعو مبا ورد به احلديث سبحانك اللهم وحبمدك ال إله إال أنـت ( .) ٢() استغفرك وأتوب إليك

.٤٥تذكرة السامع واملتكلم،مصدر سابق،ص:ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة:املصدر السابق) ٢(

אא

אא

لقد أدرك املفكرون املسلمون أن املتعلم يف أثناء طلبه للعلم، قد ينحرف يف حبه للعلم حبيث يقصر يف حق نفسه، باملبالغة يف طلبه العلم دون االهتمام بالنواحي الصحية والنفسية، مما يؤثر تأثريا سيئا على عملية العلم

. والتعلمل باألخالق الفاضلة كذلك أدركوا بوضوح أن طالب العلم إن مل يتح

حنو ربه ونفسه ؛ فإن قدرته على طلب العلم ستكون أقل، فضال على .خطورة استخدام العلم عندما يوضع يف يد األشرار من البشر

عن كافة حواسه من مسع مسئولواملتعلم شأنه يف ذلك شأن أي مسلم : قال تعاىل،وبصر وفؤاد البصر والفؤاد كل وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع و

.)١(أولئك كان عنه مسئوال عن نفسه، وصحتها، فإما أن يقودها إىل اخلري مسئول كما أنه

، وينعكس ذلك على عالقته مع ربه ونفسه، ومع أساتذته فتزكووالفالح وزمالئه، ومع جمتمعه، فيكون متزن السلوك، وإما أن يقودها إىل الشر

مراض النفسية فيفقد االعتدال يف تصرفاته، فيضطرب سلوكه وتظهر عليه األقد أفلح من * فأهلمها فجورها وتقواها * ونفس وما سواها : قال تعاىل

. )٢( خاب من دساها وقد* زكاها ين املفكرون املسلمون كل العناية ببث األخالق الكرمية، وغرس لذا ع

يلة، وجتنب الفضائل يف نفوس املتعلمني، وتعويدهم على التمسك بالفضالرذيلة، والتفكري يف اجلوانب الروحية واإلنسانية، والتفرغ للدراسة من غري نظر إىل أي شيء آخر، فإن خري زاد يتزود به املتعلم يف طريق العلم هو

.٣٦آية : اإلسراءسورة) ١( .١٠-٧آية : الشمسسورة) ٢(

االلتزام باآلداب الواجبة حنو ربه ونفسه وحنو أساتذته وأقرانه، وحنو جمتمعه .جهد يف سبيل العلمومعهده، فال استخفاف وال استكثار لل

: مثالية آداب املتعلم-واآلداب اليت أوردوها يف هذا املضمار متثل الصورة املثالية ؛ اليت جيب

أن تتوافر مجيعا يف شخص واحد، وأيا لأن يكون عليه املتعلم املسلم، وهي قكان املوجود منها فإنه ال يصل إىل درجة الكمال فيها، اللهم إال الكمال

وستظل جماال واسعا للفروق الفردية بني الناس فيما يغلب على كل . نسيبال .منهم من صفات وخواص، ويف درجات حظوظهم من كل منها

ومىت ما رغب املتعلم الفالح والسداد والتوفيق يف طلبه العلم ويف حياته : وجب عليه أن يلزم نفسه اآلداب اليت تعينه على حتقيق ذلك مبا يلي

מ− א :אلقد نالت النية الكثري من العناية واألمهية عند املفكرين املسلمني، فقد جعلوها شرطا جوهريا لوجود قيمة خلقية ألي فعل، كما أا عنصر أصيل

العمل بغري نية عناء، : (ي يقول ابن قدامة املقدس،مييز األخالق اإلسالمية .)١() واإلخالص من غري حتقيق هباءوالنية بغري إخالص رياء،

فالنية، واإلخالص، والعمل، تترابط وتتكامل وتشكل شروطا للفضيلة اخللقية، ومبدأ استناد القيمة أو الفعل إىل النية ليس حمدودا بالعبادة أو العمل

املقاصد : (اخللقي، ولكنه حيكم كل نشاط املسلم، يقول ابن القيملتصرفات والعربات، كما هي معتربة يف التقربات واالعتقادات معتربة يف ا

والعبادات، فالقصد والنية واالعتقاد جيعل الشيء حالال أو حراما، وصحيحا

، )ط.د(خمتصر منهاج القاصدين، دار التراث العريب، القاهرة، : سيابن قدامة املقد) ١(

.١٠٦م، ص١٩٨١

.)١()أو فاسدا، وطاعة أو معصية : املقصود بالنية-

ولكن ما املقصود بالنية اليت هلا كل هذا االعتبار يف اإلسالم ؟ إا مره، فالنية موقف باطن انعقد على إتيان سلوك أمر به مرضاة اهللا واالمتثال أل

اهللا عز وجل، إا ليست نية جمردة، أو النية إطالقا، وإمنا هي مقيدة بقيد مهم .)٢(هو إخالص النية هللا عز وجل

فالنية توجه، والعمل يصح أو يكون دون ذلك بالنية، والتوجه شرط وقف ما أو مشكلة أو موضوع حيتاج يضمن توجه العقل واالنفعال ملواجهة م

إىل جهد اإلنسان، و يضمن تأهبا، ذلك التأهب الذي يهتم به علم النفس .)٣()يف اإلدراك والتفكري والتعلم(احلديث

واعترب املفكرون املسلمون النية أصال من أصول التعلم، وشرطا حيفز نبغي على طالب املتعلم، ويوفر جهده لصرفه يف التعلم، وهم يقررون أنه ي

واثقا بتيسري اهللا، قاصدا وجه اهللا (العلم أن يعقد النية على طلب العلم، ، فالنية هي روح الفعل، فإذا جترد منها )٤() خالصة، وعزمية صادقةبنيةتعاىل،

حسن النية يف طلب العلم، بأن يقصد به وجه : (كان ميتا، يقول ابن مجاعةلشريعة، وتنوير قلبه وحتلية باطنه، والقرب من اهللا تعاىل والعمل به وإحياء ا

.)٥()اهللا تعاىل يوم لقائه

٣/١٠٨، ج)ت.د(، )ط.د(إعالم املوقعني، دار الفكر، بريوت، : ابن قيم اجلوزية) ١( ٤٦-٤٥-٤٤صالفضائل اخللقية يف اإلسالم، مرجع سابق، : أمحد عبد الرمحن. د)٢( .١٠١ان اإلسالم الزرنوجي، مرجع سابق، صالتعلم بره: سيد أمحد عثمان. د) ٣( .٥٤أدب الدنيا والدين، مصدر سابق، ص : املاوردي) ٤( .٦٨تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٥(

وجيب على طالب العلم أن يتجنب أشياء يف نيته حىت تكون : خالصة . أن ال يطلب العلم للمراء أو اجلدال الذي ليس من ورائه طائل-أ . أن ال يطلب العلم جملرد كسب مال أو الشهرة-ب . لكسب مرتلة أو كرامة عند احلاكم أن ال يطلب العلم-ج

و هم يف ذلك متجاوبون متاما مع النظرة اإلسالمية الصحيحة، اليت تطلب من اإلنسان أن يقصد من كل أعماله رضا اهللا تعاىل وحبه، يقول اهللا

قل إن صاليت ونسكي وحمياي وممايت هللا رب العاملني ال شريك له : تعاىل .)١( منيوبذلك أمرت وأنا أول املسل

وإذا كان التعليم والتعلم غاية يف األمهية للفرد واجلماعة، فإن قصدوجه اهللا تعاىل به، وقصد رضاه والعمل به، يؤدي إىل إجادته وإخالصه، ووجه ذلك، أن هذا يفرغ قلب طالب العلم من الشواغل الرديئة، ومن مث

.يكون التوجه كامال، فالشواغل والعالئق صارفة ينصحون املتعلم باإلقبال على العلم -إذن–املفكرون املسلمون ف

والتعلم بصدق وإخالص، ومة وعزمية ونية خالصة، وال يطلبه للمراء أو الرياء أو الشهرة وإمنا يتحرك لطلبه من أجل احلق، وشهود احلقيقة، ولكي ال

ونظرا ألمهية يقع اإلنسان املتعلم يف سوء فهم، أو خيلط بني املراء واملناظرة،وليس : (املناظرة يف التعلم، فإم يفرقون بني املناظرة واملراء، يقول املاوردي

املماري به هو املناظر فيه، طالبا للصواب منه، ولكن القاصد لدفع ما يرد : أنه قال عليه من فاسد أو صحيح، وفيهم جاءت السنة عن رسول اهللا

إذا أراد اهللا بقوم شرا : قال األوزاعي، و)ال جيادل إال منافق أو مرتاب(

.١٦٣، ١٦٢آية : األنعامسورة) ١(

.)١()أعطاهم اجلدل ومنعهم العملوحىت ال يقع طالب العلم يف رهبة هذا التحذير فال ينبغي أن يكون احلذر من الرياء باعثا على ترك املناظرة، فاملناظرة من طرق التعليم، يقول

ماري هو الذي ال ال مينعك حذر املراء من حسن املناظرة، فإن امل: (املاوردي .)٢()يريد أن يتعلم منه أحد وال يرجو أن يتعلم من أحد

إن النية حتدد الغاية، واهلمة توجه عملي حنو الغاية ومها أساسان يف طلب العلم، خاصة وأا حترر اإلنسان من العالئق والشواغل، وهذا كفيل

ه مبا يطلب، وهذا بدفع املتعلم حنو غايته وهو رضا اهللا سبحانه وتعاىل وإرضائبدوره كفيل بأن حيول بني املتعلم واخلداع واملراء والغش، ألنه على يقني دائم أن اهللا سيحاسبه على كل ما يأيت به، ويف هذا موضوعية ونزاهة مطلوبتني للتقدم العلمي والبحث العلمي الصحيح، وهذا يضمن التقدم

والعلميالتقدم احلضاري العلمي يف اجملتمع اإلسالمي، ألن أعظم ما يؤخر للمجتمع، عدم إتقان العلم، وترك التعلم، واالحنياز والتخلي عن املوضوعية، وما يصحب هذا من غش وخداع، وإمهال وترك اإلخالص يف النية،

.وباجلملة خيانة أمانة العلم والتعلم فعلى املتعلم إذن أن يسعى لطلب العلم، ويبذل من نفسه ووقته

عوض من كل لذة، ومغن عن كل شهوة، ومن (ه، فالعلم وجهده من أجلمن : قال بعض البلغاء. كان صادق النية فيه، مل يكن له مهة فيما جيد بدا منه

تفرد بالعلم مل توحشه خلوة، ومن تسلى بالكتب مل تفته سلوة، ومن آنس .)٣()قراءة القرآن، مل توحشه مفارقة اإلخوان

.٥٤أدب الدنيا والدين، مصدر سابق، ص : املاوردي) ١( .٥٤ص: املصدر السابق) ٢( .٩٢أدب الدنيا والدين، مصدر سابق، ص : وردياملا) ٣(

: العلمالتحذير من املراءاة يف طلب - وارتبط احلديث بإخالص النية باحلديث عن التحذير من املراءاة يف طلب العلم، فتعلم العلم لغري وجه اهللا تعاىل، ابتغاء لشهرة فارغة، وطلبا لشهوة عاجلة، وسعيا وراء تقدير يصري إىل عدم، وعدوا خلف فرح يؤول

مي الشديد، يقول القاضي إىل ندم، كل ذلك مما يدخل يف دائرة الوعيد والتحرقد يكون العلم هالكا على صاحبه إذا طلبه لغري وجه : (أبو بكر بن العريب

.)١()اهللا وقد ذم اهللا تعاىل من راءى بعمله غري وجهه الكرمي، وبني أنه ال ثواب

يا أيها له عنده، وأن يكله إىل الذي أشرك به، فاهللا طيب ال يقبل إال طيبا اتكم باملن واألذى كالذي ينفق ماله رئاء ـ تبطلوا صدقمنوا الآ الذين .)٢(الناس

من الرياء حتذيرا شديدا، فعن أيب هريرة رضي اهللا عنه وحذر النيب أنا أغىن الشركاء عن : قال اهللا تعاىل((: يقولمسعت رسول اهللا : قال

))أشرك معه غريي، تركته وشركهالشرك، من عمل عمال : وقال .)٣(

))من مسع مسع اهللا به ومن يرائي، يرائي اهللا به(()٤(. عن تعلم العلم لغري اهللا ويف حديث صريح ينهى رسول اهللا

علما مما يبتغى به وجه اهللا ال يتعلمه إال ليصيب به غرضا من تعلم((: فيقول

، )ط.د(عارضة األحوذي، دار الكتب العلمية، بريوت، : أبو بكر بن العريب) ١(

.١٢١، ص١٠ج .٢٦٤آية : البقرةسورة) ٢( .رواه مسلم: احلديث صحيح) ٣( .احلديث صحيح رواه البخاري ومسلم) ٤(

من طلب : ( وعن احلسن البصري قال،)١()) من الدنيا مل جيد عرف اجلنة .)٢()م ابتغاء اآلخرة أدركها، ومن طلب العلم ابتغاء الدنيا فهو حظه منهاالعل

מ− א :אتعد الرغبة الصادقة يف طلب العلم لدى املتعلم من أهم عوامل جناحه، وال جيب أن تعوقه عن االستمرار يف الطلب أية مغريات، ويرى املفكرون

ثا ؛ والباعث على املطلوب دائما إما أن يكون املسلمون أن لكل مطلوب باع .)٣(رغبة أو رهبة، لكن طالب العلم عليه أن يكون راغبا

والشك أننا هنا أمام حقيقة تربوية تعليمية أقرا التربية احلديثة، ؛ فالوصايا واإلرشادات ) امليول(وأخذت ا نظريات التعلم فيما يعرف بـ

حده ال جتدي إذا مل يقابلها من الطرف اآلخر والنصائح من طرف املعلم و وهذه احلقيقة )٤(ةواجلهد واحلرص واالهتمام والعناي) امليل(الرغبة ) املتعلم(

: كانت مما التفت إليه املفكرون املسلمون فهذا ابن املقفع يوصي ولده قائالأي بين، إن أول شيء من آدايب و قبول قويل، وحفظ وصييت، ينبغي أن (

وادخاره عناية بغري ريبة، ورغبة -أي العلم-لك يف اكتسابه يكون .)٥()صادقة

فعلى الراغب يف العلم وحتصيله أن يبدي من نفسه امليل و الرغبة

.، وغريمها٣/٤٣٩ داود يف سننه ، وأبو٢/٣٣٨احلديث رواه أمحد يف املسند ) ١( .٦٦اقتضاء العلم العمل، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ٢( .١٢٣الفكر األخالقي العريب، مرجع سابق، ص: ماجد فخري. د) ٣(، ١الفكر التربوي عند ابن املقفع، دار اقرأ، بريوت،ط: عبد األمري مشس الدين. د)٤(

.١٤٨صعبد األمري مشس الدين، دار اقرأ، . جيز، حتقيق داألدب الو: ابن املقفع) ٥(

.٢٠، ص١بريوت،ط

اخلالصة ؛ إىل جانب االهتمام واحلرص والعناية ؛ حىت يستحق أن يطلق عليه صف فمن رام أن جيعل نفسه لذلك االسم والو(اسم طالب علم، أو متعلم

أصال، فليأخذ له عتاده، وليعد له طول أيامه، وليؤثره على أهوائه، فإنه قد .)١()يصلح على الغفلة، وال يدرك باملعجزة رام أمرا جسيما الא− א א :א

إن االنقطاع إىل طلب العلم، واالنصراف عن مشاغل الدنيا، يف ومطلب أساسي للنجاح وحتصيل العلم، فالبد مرحلة الطلب أمر ضروري،

للمتعلم من االنصراف كلية إىل هدف واحد هو طلب العلم والنجاح والتفوق فيه، ولن يتحقق هذا اهلدف إال بالتفرغ التام، والبعد عن كل ما

.يصرفه أو يشغله : اآلثار السلبية لعدم التفرغ لطلب العلم-

التفرغ لطلب العلم ؛ لعلمهم أحل املفكرون املسلمون على ضرورة : باآلثار السيئة لعدم التفرغ واالنشغال بأمور الدنيا، ومن هذه اآلثار

الفكرة مىت توزعت (فـ : وعدم التركيز، تشتت الفكر والذهن-١تكون كجدول تفرق ماؤه، فيتنشفه اجلو وتشربه األرض، فال يقع به نفع،

ف يأيت كيف أن التركيز يف التعلم ، وسو)٢()وإن مجع بلغ املزدرع فانتفع به .أساس من أسس احلفاظ على الصحة العقلية

وذلك نتيجة : ضعف اهلمة، وقلة اجملهود املبذول يف التحصيل -٢ . منطقية لتوزع الطاقة بني أكثر من هدف

ويقطع ما يقدر عليه من العالئق الشاغلة، والعوائق : (يقول ابن مجاعةل االجتهاد، وقوة اجلد يف التحصيل، فإا كقواطع املانعة عن متام الطلب وبذ

.٩ص: املصدر السابق)١( .٢٤٠الذريعة إىل مكارم الشريعة، مصدر سابق، ص: األصبهاين) ٢(

.)١()الطريق : األسباب املساعدة على التفرغ-

ولتحقيق هذا اهلدف قدم املفكرون املسلمون جمموعة نصائح : وتوجيهات تعني املتعلم يف حتقيق التفرغ والبعد عن الشواغل، منها

ي منها، والصرب ، والرضا باليسري الضرورالتخفف من مطالب احلياة-أأن يقنع من القوت مبا تيسر وإن كان يسريا، ومن (على ضيق العيش و

اللباس مبا يستر مثله وإن كان خلقا، فبالصرب على ضيق العيش ينال سعة .)٢()العلم، وجيمع مشل القلب عن متفرقات اآلمال فيتفجر منه ينابيع احلكم

ح يف العلم مرتبط بالفقر وقد شاع يف الفكر اإلسالمي مقولة أن النجاال يصلح العلم إال : (كما أن الذكاء قرين ضيق احلال، فنجد مقوالت مثل

ال يبلغ من هذا العلم ما يريد حىت يضر به الفقر ويؤثره على كل (و ) ملفلس وهذه فكرة ليست صحيحة على إطالقها، وقد رد ابن اجلوزي )٣()شيء

ال ونبالئهم، وتأمل صحاح ولو أنه نظر يف سري الرج: (عليها فقالاألحاديث عن رؤسائهم لعلم أن اخلليل عليه الصالة والسالم كان كثري املال ؛ حىت ضاقت بلدته مبواشيه، وكذلك لوط عليه الصالة والسالم، وكثري من األنبياء عليهم الصالة والسالم، واجلم الغفري من الصحابة، وإمنا صربوا عند

ب ما يصلحهم وال من تناول املباح عند العدم، ومل ميتنعوا من كس .)٤()الوجود

والشك أن شيوع هذه الفكرة مما يسيء كثريا إىل قيمة العلم كمعوق

.٧٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٧١ص: املصدر السابق) ٢( .٤٤بق، صمقدمة اجملموع، مصدر سا: النووي) ٣( .٢٢صيد اخلاطر، مصدر سابق، ص: ابن اجلوزي)٤(

ذلك إىل انصراف الناس عنه، ونفورهم فيؤديعن احلياة الرغدة الكرمية، .منه

بل يرى ابن اجلوزي أن الركون إىل الفقر واحلاجة قد يؤدي باملتعلم وإين تأملت أكثر أهل الدين والعلم : (دين وذهابه، وذل النفسإىل تلف ال

على هذه احلال، فوجدت العلم شغلهم عن املكاسب يف بدايام فلما احتاجوا إىل نفوسهم ذلوا ؛ وهم أحق بالعز، وقد كانوا قدميا يكفيهم من بيت املال فضالت اإلخوان فلما عدمت يف هذا األوان مل يقدر متدين على

إال ببذل شيء من دينه، وليته قدر فرمبا تلف الدين ومل حيصل له شيء .)١()شيء

ولذلك فيجب على املتعلم مىت ما وجد من يغنيه، وحتصل على ما يكفيه من ضروريات احلياة أال يشغل نفسه بشيء سوى العلم وحتصيله، أما

أن يتكسب ما-بل جيب-إذا مل جيد ذلك، أو كان صاحب عيال فال بأس يسد حاجاته ؛ ويقتصر على الضروري منها، ويفرغ ما بقي من وقته لطلب

كنا عند سفيان الثوري، : فعن عبد الرحيم بن سليمان الرازي قال(العلم، هل لك وجه معيشة ؟ فإن أخربه أنه : فكان إذا أتاه الرجل يطلب العلم سأله

)٢() بطلب املعاشيف كفاية، أمره بطلب العلم، وإن مل يكن يف كفاية أمرهذكر ما جيب على (وقد أفرد اخلطيب البغدادي يف بعض كتبه بابا بعنوان .)٣()طالب احلديث من االحتراف للعيال واكتساب احلالل

وهذا هو املوقف الوسط املقبول يف كل زمان وعلى كل حال، فال . إفراط وال تفريط

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( .٩٨اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ٢( .٩٧ص: املصدر السابق) ٣(

الرحلة يف طلب (، أو ما أمساه بعضهم البعد عن األهل واألوطان -باستحب السلف التغرب عن األهل والبعد عن : (، يقول ابن مجاعة)١()العلم وذلك ملا يف السفر واالرحتال من فوائد مثل االلتقاء بالعلماء ،)٢()الوطن

املشهورين يف أحناء الدنيا، وكذلك قطع العالئق الشاغلة والبعد عن املعاشرة فإن العالئق صارفة (بالكلية للعلم امللهية، ومجع شتات الذهن والتفرغ

وألن الفكرة ،، وما جعل اهللا لرجل من قلبني يف جوفه…وشاغلة للقلوب .)٣(إذا توزعت قصرت عن درك احلقائق

وكانت الرحلة يف طلب العلم إىل األساتذة والعلماء املشهورين أمرا ي مل يكن يعرف شائعا ومعروفا بني طلبة العلم يف حميط العامل اإلسالمي، الذ

فكان الطالب ينتقل من بلد إىل بلد (حدودا وحواجز بني أقاليمه ودوله، آخر حبثا عن أستاذ ينهل على يديه العلم، مما أدى إىل سرعة انتقال العلم

.)٤()واملؤلفات العلمية يف أرجاء األمة اإلسالمية وكان احلرص على لقاء الشيوخ واألساتذة املشهورين هو الغرض

.)٥(األول من الرحلة يف طلب العلم وروت لنا كتب التراجم والسري أن املئات من طالب العلم يف القرون األوىل ارحتلوا وطوفوا يف أرجاء العامل اإلسالمي من أجل التتلمذ على يد

. العلماء، وذلك ملا له من أعباء وتبعات، إيثار العزوبة وترك الزواج-ج

.اخلطيب البغدادي كتبا حيمل هذا العنوان ) ١( .٧١-٧٠ابق، صتذكرة السامع واملتكلم، مصدر س: ابن مجاعة) ٢( .٧١ص: املصدر السابق) ٣( .٣٤٩فلسفة التربية عند إخوان الصفا، مرجع سابق، ص: نادية مجال الدين. د) ٤(التربية اإلسالمية يف املغرب أصوهلا الشرقية وتأثرياا : حممد عادل عبدالعزيز) ٥(

.٢٠٧، ص)ت.د(، )ط.د(األندلسية، اهليئة املصرية العامة للكتاب،

من تزوج : (ف املتعلم عن العلم فقد قالوا قدمياوحقوق للزوجة والولد تصر .)١()فقد ركب البحر، ومن ولد له ولد فقد كسر به

: وهذا ال يستحب إال ملن قدر عليه وصرب، يقول اخلطيب البغداديويستحب لطالب احلديث أن يكون عزبا ما أمكنه، لئال يقطعه االشتغال (

.)٢()عن الطلبحبقوق الزوجة، واالهتمام باملعيشة نفسه، فذلك وإعفاف أما من ال يستطيع فيجب عليه التزوج،

ة عن الكبت، أو ئواجب، لئال يقع املتعلم فريسة للضغوط النفسية الناشوباجلملة فترك التزويج لغري احملتاج إليه : (السقوط يف اخلطيئة يقول ابن مجاعة

ماله مجع اخلاطر وإمجام أو غري القادر عليه أوىل، والسيما للطالب الذي رأس .)٣()القلب واشتغال الفكر

:א−א الثقة مبا عند اهللا تعاىل، واليأس عما يف أيدي ( التوكل يف حقيقته هو

والتوكل حمله القلب، وال تنايف بينه وبني العمل، بعد أن يتحقق )٤()الناس كفاية اهللا تعاىل لعبده العبد أن التقدير من قبل اهللا تعاىل، والتوكل يفضي إىل

، هذا القول لسفيان ٧٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ن مجاعةاب) ١(

لعله قصد به املزاح واملداعبة، فنقله بعض أصحابه، وصار فيما رمحه االثوري بعد قوال يستشهد به على التنفري من الزواج ووالدة األوالد، وسنة نبينا

املرسلني، وكان رسول اهللا واضحة يف ذلك ال لبس فيها، فالزواج سنة من سنن ،ا، فأين هذا من ركوب البحرا شديدي يأمر بالزواج وينهى عن التبتل

!وكسر املركب به؟ .١٠١، ص١اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ج: اخلطيب البغدادي) ٢( .٧٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .٩٧جع سابق، صالتعريفات، مر: اجلرجاين) ٤(

على اهللا فهو حسبه ومن يتوكل )وتركه له خطورته على اإلميان ،)١ الصحيح، والعمل واجب قبل التوكل ؛ فقد روي أن رجال جاء على ناقة

.)٢( )اعقلها وتوكل: ( يا رسول اهللا، أدعها وأتوكل، فقال : له، فقالعلى أمهية أن يتصف ذه من هنا حث املفكرون املسلمون املتعلم

الصفة احلميدة، وخيلص فيها ؛ ألن يف صدق التوكل يف طلب العلم حتررا من العالئق الدنيوية و الشواغل املعيشية ؛ مما يساعد املتعلم على أن تكون نيته

البد : (خالصة للتعلم، وأن يكون العلم مهه واهتمامه، يقول الزرنوجيب العلم وال يهتم ألمر الرزق وال يشغل قلبه لطالب العلم من التوكل يف طل

بذلك، فإن من اشتغل قلبه بأمر الرزق من القوت والكسوة قلما يتفرغ وكما يؤدي صدق التوكل إىل ،)٣()لتحصيل مكارم األخالق ومعايل األمور

خلوص النية ؛ فإنه يؤدي إىل توفري اجلهد االنفعايل والعقلي والبدين املبذول والتعلقات املتفرقة، مث توجيه هذا اجلهد يف التعلم الذي حيتاج يف االهتمامات

السري يف طريقه ومتابعته واالستمرار فيه مثل هذا التركيز يف اجلهد والطاقة والقوة، كما أن هذا الصدق واخللوص يعلي اهلمة ويزيد استعداد املتعلم لبذل

.اجلهدא− מ :אالدين والطبع والسجية، (ع خلق، ومعناها يف اللغة مج: األخالق اإلنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها املختصة صورةوحقيقته أنه

ا مبرتلة اخللق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها وهلما أوصاف حسنة

.٣آية : الطالقسورة) ١(، وما بعدها ١٦١عبد اللطيف العبد، األخالق يف اإلسالم، مرجع سابق، ص. د) ٢(

). بتصرف( .٩٩تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق،: الزرنوجي) ٣(

.)١()وقبيحة تلك املبادئ والقواعد املنظمة للسلوك اإلنساين اليت(واألخالق هي

حيددها الوحي لتنظيم حياة اإلنسان تنظيما خريا على حنو تحقق الغاية من : ، كما عرفها ابن مسكويه بأا)٢()وجوده يف هذا العامل على أكمل وجه

حال للنفس داعية هلا إىل أفعاهلا من غري فكر وال روية، وهذه احلال تقسم (ج كاإلنسان الذي حيركه منها ما يكون طبيعيا من أصل املزا: إىل قسمني

ومنها ما يكون مستفادا بالعادة .. أدىن شيء حنو غضب ويهيج من أقل سببوالتدرب ورمبا كان مبدؤه بالروية والفكر مث يستمر عليه أوال فأول حىت

.)٣()يصري ملكة وخلقا واألخالق املكتسبة ليست ممارسة للسلوك األمثل يف مناسبة معينة ؛

ا السلوك الفاضل، واإلتيان به يف كل مناسبة من املناسبات تعود هذ(بل هو مثال ذلك أننا ال نستطيع أن نطلق على إنسان صفة الصدق إال إذا كانت عادته أن يصدق يف أقواله، وهكذا سائر األخالق الفاضلة، وحنن أيضا ال نطلق صفة الكذب على إنسان إال إذا كانت عادته أن يكذب يف أقواله،

.)٤()سائر األخالق املرذولةوهكذا وينبغي للمتعلم أن يكون يف سلوكه وتصرفاته وصفاته الظاهر منها

م، ١٩٨٨لسان العرب، دار إحياء التراث العريب، بريوت، ط األوىل : ابن منظور) ١(

.١٩٤ج، صجوانب التربية اإلسالمية، موسوعة التربية اإلسالمية، دار الرحياين : مقداد ياجلن) ٢(

.٢٨٧، ص٢م، ج١٩٨٦، ١للطباعة، بريوت، ط .٢٦-٢٥ابن مسكويه، ذيب األخالق، وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص) ٣( سابق، فلسفة التربية عند ابن سينا، مرجع: عبد الرمحن عبد الرمحن النقيب. د) ٤(

.٩٢ص

والباطن مطابقا ألوامر اإلسالم ؛ الذي يأمر بالفضائل وينهى عن الرذائل ما أمكنه وتوظيف آثار رسول اهللا (والقبائح، ولكي حيقق ذلك عليه تتبع

هو امليزان األكرب وعليه تعرض (ل ؛ ذلك ألن الرسو)١()السنن على نفسهاألشياء على خلقه وسريته وهديه فما وافقها فهو احلق وما خالفها فهو

، وقد سئلت عائشة رضي اهللا عنها عن خلق رسول اهللا )٢()الباطل، والطريق لتحقيق ما سبق يتم من عدة )٣()كان خلقه القرآن(: فقالت : أوجه

:א(א−١ (وتأيت هذه الصيانة كشرط أول، ملا هلا من أمهية يف توجه املتعلم لطلب العلم توجها صحيحا وسليما، ومعىن صيانة النفس، جتنب الرذائل والقبائح واملساوئ، لكي ييسر إىل طلب العلم من ناحية، ولكي حيفظ دوره املسئول

.عنه كقدوة يف الناس من ناحية أخرىت صيانة النفس أصل الفضائل لكل الناس، فإا للعامل واملتعلم وإذا كان

ولعمري، إن صيانة النفس أصل الفضائل، ألن : (أكثر إلزاما، يقول املاورديمن أمهل نفسه، ثقة مبا منحه العلم من فضيلته، وتوكال على ما يلزم الناس

ا أعطاه العلم من صيانته، سلبوه فضيلة علمه، وومسوه بقبيح تبذله، فلم يف م .)٤()مبا سلبه التبذل، ألن القبيح أمن من اجلميل، والرذيلة أشهر من الفضيلة

والناس ملا يف طبائعهم من البغض واحلسد ونزاع املنافسة، تنصرف

.١٠٨أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢(

.١٨٠، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: وابن عبد الرب .٤٠٢تفسري القرآن العظيم، مرجع سابق، ص: ابن كثري ) ٣( .٤٦والدين، مصدر سابق، ص أدب الدنيا : املاوردي) ٤(

وال حيابون مسيئا، ال (عيوم عن احملاسن إىل املساوئ، فال ينصفون حمسنا، سوبا، وهلذا فإن من مل يصن نفسه من سيما من كان بالعلم موسوما، وإليه من

أهل العلم ال تقال زلته، وهفوته ال تعذر، إما لقبح أثرها، واغترار كثري من زلة العامل كالسفينة تغرق، ويغرق معها :الناس ا، وقد قيل يف منثور احلكم

خلق كثري، وإما ألن اجلهالة بذمه أغرى، عنادا ملا جهلوه، ومقتا ملا باينوه، ن اجلاهل يرى العلم تكلفا ولوما، كما أن العامل يرى اجلهل ختلفا أل

وإذا صان ذو العلم نفسه حق الصيانة، والزم فعل ما يلزمها، صار . )١()وذما .))العلماء ورثة األنبياء((: باملنـزلة اليت يستحقها، ومتثل قول الرسول

واستقباح (ئل ويف العموم فإن من استدل بفطنته على استحسان الفضاالرذائل، أن ينفي عن نفسه رذائل اجلهل بفضائل العلم، وغفلة اإلمهال

.)٢()باستيقاظ املعاناة، ويرغب يف العلم رغبة متحقق لفضائله، واثق مبنافعهومن صيانة النفس أيضا يف هذا اجملال أن ال يلهي اإلنسان عن طلب

لة، فإن من نفذ أمره فهو إىل العلم مال وجدة، وال نفوذ أمر وعلو مرت"العلم . أحوج، ومن علت مرتلته فهو بالعلم أحق

ويؤكد املفكرون املسلمون على صفة صيانة النفس ونزاهتها ؛ واشترطوا حتققها يف طالب العلم والعلماء على السواء، فكالمها البد أن يترك

ويدرك كيف انفعاالته وتفضيالته الشخصية جانبا، وكذلك ميوله وأهواءه،ينظر إىل األمور نظرة مرتهة عن كل غرض، ومن هنا يصطبغ العلم بالصبغة

.األخالقية، ويكون له تأثريه األخالقي الذي ال ميكن إنكاره : التنـزه عن استغالل العلم للحصول على املال

ويف احلديث عن صيانة النفس وطهارا ونزاهتها، حبث املفكرون

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( .٤٦أدب الدنيا والدين، مصدر سابق، ص : املاوردي) ٢(

ملال وصلته بطلب العلم، فصيانة النفس والنـزاهة املسلمون املوقف من اتقتضي حتما جتردا للحقيقة، ولذا فإنه جيب أن ال يشغل اإلنسان عن طلب العلم املال، أو النفوذ أو علو املنـزلة، ومبعىن آخر عدم استغالل العلم أو

ا إىل وليحذر أن جيعله سبيال إىل نيل األعراض وطريق(البحث استغالال ماديا، أخذ األعواض، فقد جاء الوعيد ملن ابتغى ذلك بعلمه، فعن سعيد بن يسار

من تعلم علما مما يبتغى به وجه ((: قال رسول اهللا : عن أيب هريرة قالمل جيد عرف اجلنة يوم اهللا، ال يتعلمه إال ليصيب به عرض الدنيا ؛

))القيامة)١(. א−٢ אמ :א

لمتعلم أن حيرص على أن ينال احلكمة ؛ ألن من أويت احلكمة ينبغي ل كمالشيطان يعدكم الفقر ويأمر : فقد أويت خريا كثريا، قال تعاىل

يؤيت احلكمة * بالفحشاء واهللا يعدكم مغفرة منه وفضال واهللا واسع عليم من يشاء ومن يؤت احلكمة فقد أويت خريا كثريا وما يذكر إال أولو

.)٢( باأللباالعلوم النافعة : (يقول السعدي يف تفسريه للحكمة يف اآلية السابقة بأا

واملعارف الصائبة والعقول املسددة واأللباب الرزينة وإصابة الصواب يف .)٣()األقوال واألفعال

فضيلة النفس الناطقة املميزة، (أما ابن مسكويه فيذهب إىل أن احلكمة ا من حيث هي موجودة، وإن شيءت فقل أن وهي أن تعلم املوجودات كله

.٨٤-٨٣اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ١( .٢٦٩-٢٦٨سورة البقرة، آية ) ٢(طبوعات اجلامعة تيسري الرمحن يف تفسري كالم املنان، م: عبدالرمحن السعدي) ٣(

.١٦٠هـ، ص١٣٨٩، )ط.د(اإلسالمية، املدينة املنورة،

تعلم األمور اإلهلية واألمور اإلنسانية، ويثمر علمها بذلك أن تعرف .)١()املعقوالت، أيها جيب أن يفعل وأيها جيب أن يغفل

א−٣ מ א אמ :אوهي أن يصرف شهواته حبسب الرأي، وهو موافقة التمييز الصحيح

تبعدا لشهواته، وذلك من خالل إعطاء البدن ما حيتاج إليه حىت ال يصري مسمن اللذات اليت رخصها الشرع، والعقل، قدر الضرورة دومنا إفراط أو

.)٢(تفريطيكون املرء معتدال يف شهوات البدن من (والعفة كما يراها ابن سينا أن

ف مأكل ومشرب ومنكح، وال ينقاد إىل تلك الشهوات، بل يقهرها، ويتصر .)٣()فيها حبسب الرأي الصحيح

: وحىت حيقق املتعلم ذلك التوازن فالبد أن يؤدب نفسه مبا يلي : الورع- أ

وهو جماهدة النفس عما حرمه اهللا أو ما فيه شبه، مسوا بالنفس وصيانة ، عرف ابن )٤()الورع اجتناب احملارم: (قال الفضيل بن عياض. للعمل

، )٥()م األعمال اجلميلة اليت فيها كمال النفسلزو (:مسكويه الورع بأنهأن يأخذ (والورع سبب لقبول العلم وصالح القلب، فوجب على املتعلم

نفسه بالورع يف مجيع شأنه، ويتحرى احلالل يف طعامه، وشرابه ولباسه،

.١٦-١٥ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ١( .١٧-١٦ص: املصدر السابق) ٢(فلسفة التربية عند ابن سينا، مرجع سابق، : عبد الرمحن عبد الرمحن النقيب) ٣(

.٩٢ص .١٠٣، ص١ بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ججامع: ابن عبد الرب)٤( .١٨ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ٥(

ومسكنه، ويف مجيع ما حيتاج إليه هو وعياله، ليستنري قلبه، ويصلح لقبول .)١()ع بهالعلم ونوره والنف

وحىت يفلح املتعلم فعليه تدريب نفسه على معايل األمور اليت فيها وال (كمال النفس، وهذا الكمال يكون باختيار األعلى واألرفع من األمور،

يقنع لنفسه بظاهر احلل شرعا مهما أمكنه التورع، ومل تلجئه حاجة أو جيعل يكون إال بسمو النفس فمىت ، وهذا ال)٢()حظه اجلواز بل يطلب الرتبة العالية

يتحرز عن الشبع وكثرة النوم، وكثرة الكالم فيما (ما مست جعلت صاحبها ال ينفع، وأن يتحرز من أن يأكل حراما أو ما فيه شبهة حرام، أو يسرف يف طعامه الذي قد يراه اآلخرون وال يقدرون على شراء مثله فيتأذون بذلك

.)٣()وتذهب بركتهقتدى به يف الورع رسول اهللا وخري من ي حيث روي أنه ) مل

يأكل التمرة اليت وجدها يف الطريق خشية أن تكون من الصدقة مع بعد .)٤()كوا منها

كلما كان طالب العلم أورع كان (ومن مثار الورع االنتفاع بالعلم إذا .)٥()علمه أنفع، والتعلم له أيسر وفوائده أكثر

: الصمت وقلة الكالم- بو التحرز من كثرة الكالم من الورع، فعلى املتعلم أال يكثر الكالم إال

من كان يؤمن باهللا واليوم اآلخر فليقل خريا أو : (فيما فيه غنيمة لقوله

.٧٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .٧٦تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٣( .٧٦تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ةابن مجاع) ٤( .٩٢تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٥(

ويف ذلك محد للصمت ملا فيه من السالمة وحفظ الوقت، ، )١()ليسكت: م يقول، ويف وصية لطالب عل)٢()من صمت جنا(: وإراحة الفكر قال

إن من يكثر الكالم : عليك أن تتحرز عن الغيبة، وعن جمالسة املكثار، وقال( .)٣()يسرق عمرك ويضيع أوقاتك إتاحة الفرصة للمتعلم لالستماع واإلفادة، قال أبو :ومن مزايا الصمت

فإن ،تعلم الصمت كما تتعلم الكالم، فإن يكن الكالم يهديك: (الذيالخصلة تأخذ ا من علم من هو : صمت خصلتانالصمت يقيك، ولك يف ال

وقال احلسن بن علي .)٤()أعلم منك، وتدفع ا جهل من هو أجهل منك إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك أن ،يا بين: (البنه

تقول، وتعلم حسن االستماع كما تتعلم حسن الصمت، وال تقطع على .)٥()أحد حديثا وإن طال حىت يمسك

و الصمت ال حيمد على اإلطالق خاصة إذا ترتب عليه جهل املتعلم الكالم باخلري غنيمة، وهو أفضل من السكوت، (مبا ال يسعه جهله حيث عد

من : ألن أرفع ما يف السكوت السالمة، والكالم باخلري غنيمة، وقد قالواوهو تكلم خبري غنم، ومن سكت سلم، و الكالم يف العلم من أفضل األعمال

جيري عندهم جمرى الذكر والتالوة إذا أريد به نفي اجلهل ووجه اهللا عز

، واحلديث ٥٤٧، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ١( .١١٠٨، ص٢صحيح، صحيح اجلامع الصغري، مرجع سابق، ج

، واحلديث ٥٤٨، ص١ مصدر سابق،ججامع بيان العلم وفضله،: ابن عبد الرب) ٢( .١٠٨٩، ص٢الصحيح، صحيح اجلامع الصغري، مرجع سابق، ج

.٩٣تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٣( .٥٥٠، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ٤( .١٣٠ص: املصدر السابق) ٥(

.)١()وجل والوقوف على حقيقة املعاين : احلياء- ج

إذا كان الصمت غري حممود إذا تولد عنه اجلهل، فكذلك احلياء إذا ترتب عليه احنسار النفس عن طلب العلم فهو مذموم، ألنه يورث صاحبه

ألبسه اجلهل سرباله، و من رق من ترك العلم حياء: (سناجلهل، قال احلمنـزلة اجلهل بني احلياء : (، وقال اخلليل بن أمحد)٢()وجهه رق علمه

، )٤()أال يسأل فينتفع وينفع جلساءه: (، وقال علي رضي اهللا عنه)٣()واألنفة .)٥() وال مستكربال يتعلم العلم مستح: (وروي عن جماهد قوله

ال مينع ( مل يقف عائقا دون معرفة احلق، فهو حممود حيث واحلياء إذاقالت عائشة . )٦()املرء من معرفة ما جيب عليه وما يهمه من األمور الشرعية

رحم اهللا نساء األنصار مل مينعهن احلياء أن يسألن عن أمر : (رضي اهللا عنها .)٧()دينهن

و يعرف ابن د احلياء ألنه رفع صاحبه عن إتيان القبائح، موقد حاحنصار النفس خوف إتيان القبائح واحلذر من (:مسكويه احلياء احملمود بأنه

يرتدع املتعلم عن (:، كما يعرفه ابن سينا بأن)٨()الذم والسب الصادق

.١٣٨، ص١وفضله، مصدر سابق،ججامع بيان العلم : ابن عبد الرب) ١(احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، : أبو هالل العسكري) ٢(

.٨٤-٨٣ص .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .١١٤، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤(م، ١٩٨٧، ١ة، جدة،طالعلم وفضل الطلبة، دار املطبوعات احلديث: األمني احلاج) ٥(

.١٧٢ص .١٧٢العلم وفضل طلبه، مرجع سابق، ص: األمني احلاج) ٦( .٨٧، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ٧( .١٧ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ٨(

، )١()األمور اليت يقبح تعاطيها واإلقدام عليها ملا ينتج عنها من قبح األحدوثةخلق سني يبعث على (:ا بأنهء شرعويذهب أحد املعاصرين إىل تعريف احليا

ترك األمور القبيحة، فيحول بني اإلنسان وارتكاب املعاصي، ومينعه من .)٢()التقصري يف حق ذي احلق

: اجتناب املعاصي- دينبغي للمتعلم أن جيتنب املعاصي، ألا مؤثرة يف طلب العلم، إذ تورث

إين : (، قال ابن مسعود رضي اهللا عنهالظلمة وتطفئ نور العلم، ومتحق بركته، وقال الشافعي )٣()ألحسب أن الرجل ينسى العلم قد علمه بالذنب يعمله

: يف هذا املعىن فأرشدين إىل ترك املعاصي شكوت إىل وكيع سوء حفظي

)٤(ونور اهللا ال يهدى لعاصي وأخربين بأن العلــم نــور يه، أعجبه ما رأى من وفور وملا جلس الشافعي بني يدي مالك وقرأ عل

إين أرى اهللا قد ألقى على قلبك : (فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه، فقال .)٥()نورا ؛ فال تطفئه بظلمة املعصيةإنك قد أوتيت علما فال تطفئ نور علمك : (وكتب رجل إىل أخ له

بظلمات الذنوب، فتبقى يف ظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم إىل

٩٣، مرجع سابق، ص فلسفة التربية عند ابن سينا: عبدالرمحن عبدالرمحن النقيب) ١(احلياء يف ضوء القرآن الكرمي، واألحاديث الصحيحة، مكتبة ابن : سليم اهلاليل) ٢(

.٩م، ص١٩٨٨/هـ١٤٠٨اجلوزي، اإلحساء، الصبعة األوىل، .١٩٦، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ٣(، ١ار الفكر، بريوت، طديوان اإلمام الشافعي، د: الشافعي حممد بن إدريس) ٤(

.٧٦م، ص١٩٨٦ .٥٤، ص)ت.د٠، )ط.د(اجلواب الكايف، مطبعة املدين، القاهرة، : ابن القيم) ٥(

. )١()ةاجلنفوجب لذلك على املتعلم أن حيذر من املعاصي، وما يؤدي إليها، وسبيله إىل ذلك معرفة أسباا، ومن أسباا انقياد اإلنسان لقوى النفس

القوة : األمارة بالسوء، ويقسم ابن مسكويه قوى النفس إىل ثالثة قوىان للمعاصي حيث العاملة، مث القوتان البهيمية والغضبية، وهاتان تقودان اإلنس

أما الكرمية األدبية بالطبع فالنفس الناطقة، وأما العادمة لألدب ؛ : (يقولوهي مع ذلك غري قابلة له فهي النفس البهيمية، وأما اليت عدمت األدب ولكنها تقبله وتنقاد له فهي النفس الغضبية، وإمنا وهب اهللا تعاىل لنا هذه

.)٢()لبهيمية اليت ال تقبل األدبالنفس خاصة لنستعني ا على تقومي ا : تطهري القلب-هـ

ومن أسباب املعاصي فساد القلب ؛ لذا يوصي ابن مجاعة املتعلم بأن يطهر قلبه من كل غش ودنس وغل، وحسد، وسوء عقيدة، وخلق، ليصلح (

بذلك لقبول العلم وحفظه واالطالع على دقائق معانيه، وحقائق غوامضه، صالة السر وعبادة القلب وقربة الباطن وكما ال : ضهمفإن العلم كما قال بع

تصح الصالة اليت هي عبادة اجلوارح الظاهرة إال بطهارة الظاهر من احلدث واخلبث فكذلك ال يصح العلم الذي هو عبادة القلب إال بطهارته عن خبث الصفات وحدث ومساوئ األخالق ورديئها، وإذا طيب القلب للعلم ظهرت

إن (: ويف احلديث. ا كاألرض إذا طيبت للزرع منا زرعها وزكابركته، ومنيف اجلسد مضغة إذا صلحت صلح اجلسد كله وإذا فسدت فسد اجلسد

.)٣()كله أال وهي القلب

.٦١، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ١( .٤٤ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ٢(، واحلديث صحيح، ٦٧املتكلم، مصدر سابق، صتذكرة السامع و: ابن مجاعة) ٣(

=

حق املترشح لتعلم احلقائق أن يراعي (والراغب األصبهاين يرى أنه األرض األخالق تطهريرديءأن يطهر نفسه من : األول: ثالثة من األمور

.)١()للبذر من خبائث النبات، وقد تقدم أن الطاهر ال يسكن إال طاهرا ومن بني األسباب اليت تؤدي إىل املعاصي، الصحبة واجملاورة، فكم من

ومن الورع أن جيتنب من : (صحيح صادق عليال فتعرض لعلته، ولذلك قيل .)٢()الةأهل الفساد واملعاصي والتعطيل، فإن اجملاورة مؤثرة ال حم

מ−٤ א :אعلى املتعلم أن يتعلم األدب، وأن ميارسه يف حياته اليومية والعملية،

كما اهلديكانوا يتعلمون (فالعلم بغري أدب وبال على صاحبه، ولذلك واألدب جيعل سلوك املتعلم متزنا مع نفسه ومع غريه، قال . )٣()يتعلمون العلم

تعلموا العلم فإذا تعلمتموه فاكظموا عليه، وال ختلطوه : (علي رضي اهللا عنهبضحك وال بلعب، فتمجه القلوب، فإن العامل إذا ضحك ضحكة مج من

.)٤()العلم جمةولكون األدب سببا يف احلصول واالستزادة من العلم أوصي بعضهم

سبعني يا بين ألن تتعلم بابا من األدب أحب إيل من أن تتعلم : (ابنه قائال

= ، ٦ختريج أحاديث إحياء علوم الدين، مصدر سابق، ج: أبو عبداهللا احلداد

.٢٣٩٣ص .٢٤٠الذريعة إىل مكارم الشريعة، مصدر سابق، ص: الراغب األصفهاين) ١( .١٤١تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق،: الزرنوجي) ٢( .٢لسامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذكرة ا: ابن مجاعة) ٣( .١٤١، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ٤(

حنن إىل كثري : (، وقال خملد بن احلسني البن املبارك)١()بابا من أبواب العلم .)٢()من األدب أحوج منا إىل كثري من احلديث

ألن يف احللم خصلة وهي ضبط النفس، ؛وال يتم األدب إال باحللمما أوى : (ومن كظم غيظه أمكنه معاجلة األمور املثرية، قال عطاء بن يسار

ما من : (، وقال إبراهيم بن أدهم)٣() شيء أزين من حلم إىل علمشيء إىلشيء أشد على الشيطان من عامل حليم، إذا تكلم تكلم بعلم، وإن سكت

؛ )٤()انظروا إليه، كالمه أشد علي من سكوته: سكت حبلم، يقول الشيطان تعلموا العلم وتزينوا معه بالوقار: (وهلذا أوصى علي رضي اهللا عنه بقوله

واحللم، وتواضعوا ملن تتعلموا منه وملن تعلمونه، وال تكونوا جبابرة العلماء .)٥()فيذهب باطلكم حقكم

ومدار االستفادة والعمل باألدب والعلم على ما كان عليه رسول اهللا لقوله تعاىل : لقد كان لكم يف رسول اهللا أسوة حسنة ملن كان يرجو

.)٦(هللا كثريا اهللا واليوم اآلخر وذكر اوقد أخذ السلف بذلك التوجيه وطبقوه يف حيام وحرصوا عليه كل

: كيف شهوتك لألدب ؟ فقال: (احلرص، فهذا الشافعي جييب عندما سئلأمسع باحلرف مما مل أمسعه، فتود أعضائي أن هلا أمساعا فتنغم به، قيل وكيف

.٣-٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .١٤١أيها الولد، مصدر سابق، ص: الغزايل) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤( .١٤١، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: بن عبد الربا) ٥( .٢١آية : األحزابسورة) ٦(

.)١() غريهطلب املرأة املضلة ولدها وليس هلا: طلبك له ؟ قال

.٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١(

א–٥ א :אالعجب آفة النفس، ومعول هدم لصاحبه، كما أنه عائق من التحصيل واالستفادة يف الطلب، وعالجه التواضع، فبالتواضع ينال املتعلم حظه من

املتواضع من طالب العلم : (العلم ويأمن كثريا من الشرور واألذى ؛ لذا قالواما : (، وقيل لبزرمجهر)١()ا كما أن املكان املنخفض أكثر البقاع ماءأكثر علم

فما البالء الذي : التواضع، قيل له: النعمة اليت ال حيسد عليها صاحبها ؟ قال، وكفى بالء بالعجب أن حيمد )٢()العجب: ال يرحم عليه صاحبه ؟ قال

ل أمحد من التواضع مع السخافة والبخ: (التواضع مع السخافة والبخل، قيلفأعظم حبسنة عفت عن سيئتني، وأفظع بعيب . الكرب مع السخاء واألدب .)٣()أفسد من صاحبه حسنـتني

كلما توقر العامل وارتفع كان العجب إليه أسرع إال : (قال ابن عبدوسوسعة العلم مع . )٤()من عصمه اهللا بتوفيقه وطرح حب الرياسة عن نفسه

ن كعب أنه قال لرجل رآه تتبع العجب هالك ووبال على صاحبه، عاتق اهللا وارض بالدون من اجمللس، وال تؤذ أحدا فإنه لو مأل : (األحاديث

علمك ما بني السماء واألرض مع العجب ما زادك اهللا به إال سفاال .)٥()ونقصانا

والعجب داللة على اجلهل، ألن العلم ال حد له واملتعلم مهما أويت من كفي باملرء علما أن خيشى اهللا : (لكثري، عن مسروق قالعلم فقد خفي عليه ا

.١٤٢، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق،ج: ابن عبد الرب) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .١٤٢، ص١لعلم وفضله، مصدر سابق،ججامع بيان ا: ابن عبد الرب) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(

.)١()وكفى باملرء جهال أن يعجب بعلمهא: א א :א

أصبح من املتعارف عليه اليوم أنه مثة عوامل فسيولوجية تؤثر يف نوع فالتعب يؤثر (التعلم وكميته كالتعب أو اجلوع أو املرض أو ضعف احلواس

يف دقة التمييز واطراد اجلهد، واضطراب مفرزات الغدد الصماء يؤثر يف القدرة على التحصيل، ويف درجة تركيز االنتباه، وقد يؤدي إىل البالدة واخلمول، وألمراض اجلهازين اهلضمي والتنفسي بوجه خاص أثر ملحوظ يف

.)٢()إضعاف املقاومة العامة ودرجة التركيزح معروفا اليوم تأثري احلالة اجلسمية يف التطور العقلي للفرد، كما أصب

إذ العالقة قوية بينهما فيؤثر اجلسم يف احلياة العقلية عن طريق الفعل املباشر للدم، فالتغريات الطارئة على حالة ما يصل إىل املخ من الدم، أو ما حيمل

تأثريا واضحا، بل لقد الدم من مركبات، كلها تؤثر يف احلياة العقلية لألفرادثبت أن احلالة اجلسمية للفرد ال تؤثر يف حياته العقلية فحسب، بل ميتد تأثريها ليشمل الشخصية كلها، ذلك ألن كل أجهزة اجلسم وعاؤها اجلسد، وهي ليست مبعزل عن هذا الوعاء، وال تستطيع أن تقوم مبعزل عنه، والكيان

ذي تقوم عليه الشخصية، وهو أساس اجلسدي أو البيولوجي هو األساس الاليوم أن التعلم ال (منوها يف كافة النواحي طوال احلياة، ومل يعد مثار شك

ميكن أن يوجه توجيها فعاال دون العناية باحلاجات العضوية والظروف .)٣()اجلسمية

. ١٤٣ص: املصدر السابق) ١( .١٦٨م، ص١٩٧٠، )ط.د(علم النفس، مطبعة العاين، بغداد، : أميمة على خان) ٢(لنهضة العربية، حممد لبيب النجيحي، دار ا. فلسفة التربية، ترمجة د: فيليب فينكس) ٣(

.٧٠٩م، ص١٩٦٥، )ط.د(القاهرة،

فهناك ارتباط وثيق بني القوى اجلسمية والعقلية، نتيجة للتأثري املتبادل أن التغريات اليت حتدث يف اجلسم، تصحبها تغريات مناظرة (حيث جند بينهما

أو موازية يف العقل، وعلى العكس من ذلك فإن التغريات العقلية تصحبها .)١()تغريات جسمية مصاحبة

إفرازات الغدد –أن الظروف اجلسمية (فليب فينكس على . ويؤكد د -ن العوامل الفسيولوجيةووظائف اهلضم، والدورة الدموية، وكثري غريها م

.)٢()تؤثر تأثريا عميقا يف النظرة العقليةولقد حظيت حالة املتعلم اجلسمية وتأثري العوامل الفسيولوجية يف التعلم باهتمام املفكرين املسلمني، فنبهوا إىل أن لبعض هذه العوامل تأثريا يف

قوف دون اكتسابه عرقلة التعلم، وإضعاف انتباه املتعلم وإعاقة فهمه، والو .لعديد من املهارات

א− א ، א :א وملا كانت العالقة قوية بني صحة اجلسم وسالمة العقل، فقد اهتم

الرياضة، : املفكرون املسلمون بالعوامل املؤثرة على صحة اجلسم، ومنها : عوا املتعلم إىلونوع الغذاء، وعدم إجهاد اجلسم، فبالنسبة للغذاء، فقد د

: االعتدال يف تناول الطعام-أ .)٣(وكلوا واشربوا وال تسرفوا إنه ال حيب املسرفني : يقول تعاىل

ا من بطنه، حبسب ابن آدم اء شرما مأل ابن آدم وع :))ويقول لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ال حمالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه،

.٧٠٥فلسفة التربية، مرجع سابق، ص: فيليب فينكس)١( .٧٠٩فلسفة التربية، مرجع سابق، ص: فيليب فينكس)٢( .٣١آية : سورة األعراف) ٣(

))وثلث لنفسه يقول ابن ، االعتدال إسراف خارج عن السنة، وجتاوز)١(

واملسرف ،)٢ ()فإن زاد على ذلك فالزيادة إسراف خارج عن السنة: (مجاعة : وهو من يتصف بكثرة األكل، يقول -بغيض عند اهللا–هو األكولة

جوع، والنوم من غري األكل من غري: ثالثة يستوجبون املقت من اهللا((، واإلفراط يف تناول األكل صفة )٣()) سهر، والضحك من غري عجب

وإمنا حيمد كثرة األكل من الدواب : (احليوانات املعدة للعمل الشاق ولذا قيل .)٤()اليت ال تعقل، بل هي مرصدة للعمل

وإذا كان للجوع الشديد أضراره يف إصابة اإلنسان بالضعف واهلزال، البالدة والتراخي، وما ينتج عنهما من اتصاف الفرد بالكسل واخلمول أو

ذلك أن كثرة (فإم كما حذروا منه حذروا أيضا من كثرة األكل والتخمة األكل جالبة لكثرة الشرب، وكثرته جالبة للنوم والبالدة، وقصور الذهن، وفتور احلواس، وكسل اجلسم، هذا مع ما فيه من الكراهية الشرعية،

.)٥()والتعرض خلطر األسقام البدنيةحثوا املتعلم على أكل القدر املعتدل من الطعام، ونفروا من ولذا فقد

ومل ير أحد األولياء، واألئمة العلماء (كثرة األكل وإختام املعدة بالطعام يوصف بكثرة الطعام، وال محد به، وإمنا حيمد كثرة األكل من الدواب اليت

ألكل ومن رام الفالح يف العلم وحتصيل البغية منه مع كثرة ا.. ال تعقل

.رواه ابن ماجه: واحلديث صحيح. ٧٥ص: املصدر السابق) ١(واحلديث صحيح . ٧٤م، مصدر سابق، صتذكرة السامع واملتكل: ابن مجاعة) ٢(

.رواه ابن ماجه .٤٩١، ص١مجع اجلوامع، مرجع سابق، ج: السيوطي) ٣( .٧٤تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .٧٤ص: املصدر السابق) ٥(

وذلك ملحوظ لنا فنحن )١()والشرب والنوم فقد رام مستحيال يف العادةحسحبالة من الكسل واالسترخاء تصيبنا إذا امتألت أمعاؤنا بالطعام، ن

.ونشعر برغبة شديد يف النوم بعد تناول الوجبات الثقيلةوما دام اجلوع الشديد غري حممود العواقب، وكثرة األكل تلحق

م ما أشاروا إليه من األضرار اليت تفوت ا الفائدة من التعلم، فإن من باملتعلاخلري أن يتناول املتعلم قدرا من الطعام مينع عنه الضعف واهلزال، وال يلحق به

واألوىل أن يكون أكثر ما يأخذ من الطعام ما ورد (مخول التخمة وتراخيها من بطنه، حبسب ابن اء شراما مأل ابن آدم وع :))يف احلديث عن النيب

هآدم لقيمات يقمن صلبه، فإذا كان ال حمالة فثلث لطعامه وثلث لشراب فإن زاد على ذلك فالزيادة إسراف خارج عن السنة، وقد ،)٢()وثلث لنفسه مجع اهللا :، قال بعض العلماء وكلوا واشربوا وال تسرفوا :قال تعاىل

.)٣()ذه الكلمات الطب كله تأثري الغذاء يف التعلم على كميته فحسب، وإمنا على نوعية وال يقف

الغذاء وجودته أيضا، ولقد اجتهد املفكرون املسلمون يف ضوء ما وفرته هلم ثقافة عصرهم يف حتديد أنواع الغذاء اجليد املعني على الفهم والتعلم، ودعوا

بالدة وضعف أن يقلل من استعمال الطعام اليت هي من أسباب ال(املتعلم إىل .)٤()احلواس، وينبغي أن يستعمل ما جعل اهللا جلودة الذهن

وإن كان هناك اعتراض على حتديد املفكرين املسلمني أنواع األطعمة ...) كالتفاح احلامض والباقال وشرب اخلل(اليت رأوا أا جالبة للبالدة

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( .رواه الترمذي: احلديث صحيح) ٢( .٧٥-٧٤لسامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذكرة ا: ابن مجاعة) ٣( .٧٧-٧٩ص: املصدر السابق) ٤(

أكل و.. كمضغ اللبان واملصطكي(وأنواع األطعمة املسببة جلودة الذهن ، فال يسعنا إال أن نقول إن ذلك )١()الزبيب بكثرة واجلالب وحنو ذلك

.اجتهاد حيمد هلم يف ضوء معطيات ثقافة العصر الذي عاشوا فيه فهذا التحديد ألنواع األغذية اجلالبة للبالدة أو املسببة جلودة للفهم، يدخل ضمن مفاهيم العرف وثقافة العصر اليت أسهمت يف تشكيل فكرهم،

يف ضوء ما وفرته لنا ثقافة عصرنا -يف هذا الشأن–ولنا أن نرفض اجتهادهم الذي نعيش فيه، وما وضعه العلم حتت أيدينا من حقائق، غاية القول أم أدركوا بغري شك أن لنوعية الغذاء آثارا هامة على سري النمو العقلي للمتعلم،

أو رفضه، وإن كنا وعلى تعلمه بوجه عام، وهو ما ال نستطيع إنكاره .نعترض على حتديدهم ألنواع األطعمة املؤثرة يف ذلك

وبعض تلك التوجيهات واالجتهادات ال تستند إىل جتارب عملية، النبيذ ( من تعاليم الدين اإلسالمي، كالنهي عن تناول مستقىوبعضها

وأصناف األشربة املسكرة، فإياه وإياها، فإا تضر يف بدنه ونفسه، وحتمله لغضب والتهور واإلقدام على القبائح والقحة وسائر اخلالل اعلى سرعة

. )٢()املذمومةومن اجلدير بالذكر أن املفكرين املسلمني رأوا أن اإلنسان يف حالة اجلوع غري الشديد يكون أكثر نشاطا وحتصيال منه يف حال امتالء معدته

فعي يف هذا الصدد دليال على بالطعام، وقدموا إىل املتعلمني جتربة اإلمام الشا ما شبعت منذ ست -رضي اهللا عنه-قال الشافعي (صحة ما ذهبوا إليه

ولو مل يكن من آفات كثرة الطعام إال احلاجة إىل كثرة (، )٣()عشرة سنة

.٧٧ص: املصدر السابق) ١( .٥١ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ٢( .٧٤تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(

دخول اخلالء لكان ينبغي للعاقل اللبيب أن يصون نفسه عنه، ومن رام فقد رام .. ثرة األكل والشربالفالح يف العلم وحتصيل البغية منه مع ك

دلت التجارب على أن اإلنسان يكون أكثر (، ولقد )١()مستحيال يف العادةنشاطا وحيوية يف حالة اجلوع عنه يف حالة الشبع، ولكن بطبيعة احلال عندما ال يكون احلرمان من الطعام طويال جدا ؛ حيث ينقلب الوضع إىل حالة من

اجلوع ال يضعف النشاط البدين (دلت التجارب أن ، كما )٢()الضعف واهلزالأو العقلي كما يظن أغلب الناس، وميكننا أن نستنتج من هذه النتائج أن الصيام ال يسبب اخلمول البدين أو العقلي كما يتوهم البعض، بل إنه على العكس يبعث على النشاط البدين والعقلي، ولكن ال شك أيضا يف أن هذا

ر إال لفترة معينة، فإذا استمر اجلوع مدة طويلة، فإن القوة النشاط ال يستم .)٣()البدنية والعقلية تأخذان يف التدهور تدرجييا

وربط املفكرون املسلمون يف تأثري الغذاء على التعلم بني كميته ونوعه من جهة، وبني مصدر كسبه من جهة أخرى، ولذا فقد نبهوا على املتعلم أن

امه، بل يف كل شأنه، فذلك أوىل إىل إفادته من العلم يتحرى احلالل يف طعأن يأخذ نفسه بالورع يف مجيع شأنه، (وحتقيق مثرة اخلري منه، فعلى املتعلم

ويتحرى احلالل يف طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه، ويف مجيع ما حيتاج إليه .)٤()هو وعياله، ليستنري قلبه، ويصلح لقبول العلم ونوره والنفع به

.٧٤ص: املصدر السابق) ١(س الفسيولوجي، دراسة يف تفسري السلوك علم النف: عبد الرمحن عيسوي) ٢(

٤٠٩م، ص١٩٧٤، )ط.د(اإلنساين، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بريوت، .٦٢علم النفس يف حياتنا اليومية، مرجع سابق، ص: حممد عثمان جنايت. د) ٣( .٧٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

: أخذ القدر الكايف من النوم والراحة-ب أدرك املفكرون املسلمون أن التعلم ينقص يف حالة التعب، وأن إرهاق اجلسم والعقل واإلقالل من الراحة عوائق حتول دون استفادة املتعلم مما يتعلمه، وبالرغم من حثهم املتعلم على اجلد واالجتهاد وبذل اجلهد يف

ال حيمل نفسه من ذلك فوق طاقتها ؛ كيال (ن التحصيل فإنه جيب عليه أتسأم ومتل فرمبا نفر نفرة ال ميكن تداركها، بل يكون أمره يف ذلك قصدا،

.)١()وكل إنسان أبصر بنفسه إذا كان الفرد متعبا، بل -فيما رأوه-إن التعلم ال حيقق أفضل نتائجه

لبتة، وتركه سأما و أقد يؤدي اإلرهاق واإلجهاد إىل نفور املتعلم من التعلم مالال، ورمبا ال تفلح الوسائل املختلفة بعد ذلك يف إصالح ما أفسده التعب، فال يعود املتعلم إىل التعلم، وال نستطيع إلزامه بالتحصيل، أو إذكاء رغبته يف

إذا سلك الطالب يف التحصيل فوق ما (التعلم، ولذا أوجبوا على املعلم ، ..ته، وخاف الشيخ ضجره، أوصاه بالرفق بنفسهيقتضيه حاله أو حتمله طاق

.)٢()وكذلك إذا ظهر له منه نوع سآمة أو ضجر أو مبادئ ذلك، أمره بالراحةالتعطيل (وفترة الراحة هذه متنع ما يطلق عليه علماء النفس اآلن ظاهرة

ويقصد ذه الظاهرة تداخل التعلم الالحق يف التعلم السابق، مبا ) الرجعييؤدي إىل نسيان بعض ما تعلمه، لذا يتعني على الطالب أال يبادر بتحصيل

، وللراحة )٣(موضوع بعد آخر إال بعد أن يأخذ فترة من االستجمام الكايفبعد التعب على املتعلم أن يأخذ قسطا كافيا من النوم، ليزيل عنه آثار التعب

ري أنه عليه أن حيذر من واإلرهاق، وميسح عنه آثار عناء التعلم والتحصيل، غ

.٢٨ص: املصدر السابق) ١( .٥٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .٢٥١أصول علم النفس، مرجع سابق، ص: أمحد عزت راجح) ٣(

كثرة النوم بغري ضرورة، ملا يف ذلك من ضياع الوقت، وما قد ينتج عنه من هو ما -كما دلت عليه التجارب-تراخ وكسل، والقدر املستحق من النوم

يدفع عن اإلنسان النصب والتعب، فينام املتعلم بقدر ما يزيل عنه إجهاد ليوم والليلة على مثاين ساعات وهو ثلث بدنه وذهنه، وال يزيد يف نومه يف ا(

وتلك املدة يستحسنها الطب اآلن حدا معقوال للراحة من ،)١()الزمانفإن (األشغال، وإن كان ذلك غري مطرد لدى كل الناس ويف كل األعمار

من النوم حسب كاف، املهم أن يتمتع بقسط)٢()احتمل حاله أقل منها فعل .سان أبصر بنفسهما تقتضيه حالته، وكل إن

ولقد أثبتت التجارب العلمية أن من آثار حرمان اإلنسان من النوم شعور الفرد بالتعب العام واإلرهاق وثقل جفون العني ومجودها، أما إذا (

استمر يف حالة من اليقظة ملدة اثنتني وسبعني ساعة فإن مناشطه واستجاباته تبدو األشياء كما لو كانت تصبح ضعيفة، فيزداد النسيان ويقل التركيز، و

.)٣()مزدوجةكما أثبتت الدراسات الطبية احلديثة صحة ما ذهب إليه املفكرون املسلمون من أن اإلنسان العادي حيتاج إىل أن ينام يف اليوم مدة تتراوح من

ساعات يوميا، وإال تعرض جسمه للتوترات العصبية، واختالل يف ٨-٦ .)٤(عمل الكثري من أعضاء اجلسم

وقد ال يكون التعب املعطل للتعلم بسبب قلة النوم، وعدم أخذ املتعلم

.٧٨-٧٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٧٨ص: املصدر السابق) ٢( .٤٢١علم النفس الفسيولوجي، مرجع سابق، ص: عبدالرمحن عيسوي) ٣(أمحد . أسرار النوم، ترمجة د: من التفصيل يراجع، الكسندر بوريلملزيد ) ٤(

.م١٩٩٢، ١، الكويت، ط)١٦٣(عبدالعزبز، سلسلة عامل املعرفة،

قسطا كافيا منه، بل قد يكون بسبب ما بذله املتعلم من جهد عقلي يف التحصيل، ونتيجة لشدة تركيزه وقوة انتباهه، وحصر ذهنه فيما يتعلم ملدة

ولذا حذروا طويلة، فينتج عن ذلك إصابة العقل واحلواس بالكالل والتعب،املتعلم من االستمرار يف تعلمه، وأوصوه بأن يتوقف عن التعلم إذا شعر بشيء من ذلك، مث يريح نفسه، واقترحوا لراحته أن يستجم بالتنـزه يف احلدائق واملتنـزهات، ومشتبك الرياض، مستنشقا هواءها العليل، متمتعا

، مث يعود بعدها إىل تعلمه مبناظرها اخلالبة اليت تلحق بنفسه الراحة والدعةوقد زال عنه التعب، وفارقه السأم، فذلك أدعى إىل زيادة حتصيله، وإىل

أن يريح نفسه وقلبه وذهنه (لذا كان على املتعلم . حتقيق تعلم جيد يفيد منهوبصره إذا كل شيء من ذلك أو ضعف بترته أو تفرج يف املستنـزهات،

.)١()انهحبيث يعود إىل حاله وال يضيع زمباجلملة فال بأس أن يريح نفسه إذا خاف ملال، وكان بعض أكابر (و

العلماء جيمع أصحابه يف بعض أماكن التنـزه يف بعض أيام السنة، ، وال شك أن يف هذا )٢()ويتمازحون مبا ال ضرر عليهم يف دين وال عرض

والعقلية، جتديدا لنشاط املتعلم البدين والذهين، وحمافظة على صحته اجلسمية . حىت يستطيع االستمرار يف طلب العلم، واالجتهاد يف حتصيله

): إذا كان متزوجا( االعتدال يف املباشرة -ج بالوطء احلالل إذا ( ألن كثرته توهن الذهن وتضعف القوى، فعليه

احتاج إليه، فقد قال األطباء بأنه خيفف الفضول وينشط ويصفي الذهن ؛ إذا ماء : ة باعتدال، وحيذر من كثرته حذر العدو، فإنه كما قيلكان عند احلاج

احلياة يصب يف األرحام ؛ يضعف السمع والبصر والعصب واحلرارة واهلضم

.٨٠-٧٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٨٢ص: املصدر السابق) ٢(

.)١()وغري ذلك من األمراض الرديئة : ممارسة الرياضة-د

سبق الفكر اإلسالمي ومفكروه الدعوات احلديثة ملمارسة الرياضة، ب العلم إىل ممارسة الرياضة، واملداومة عليها ؛ ملا فقد حرصوا على دعوة طال

هلا من آثار إجيابية يف تنشيط الدورة الدموية، وتقوية البدن، والترويح عن النفس، ومن مثة تعود هذه اآلثار على القدرة الذهنية والنفسية هلم، وبالتايل

. نتؤدي إىل استمرارهم يف طلب العلم جبد و اجتهاد، بال كسل وال تواو ذهب املفكرون املسلمون إىل أن أفضل أنواع الرياضات املشي، فقد

إنه ينعش احلرارة، : وال بأس مبعاناة املشي، ورياضة البدن، فقد قيل: (قيل وهذا بالفعل ما ينادي به الطب )٢()ويذيب فضول األخالط، وينشط البدن

تخلص من الدهون احلديث، من أن املشي يفيد يف تنشيط الدورة الدموية، والالزائدة يف اجلسم، كما أنه يقلل من نسبة احتمال اإلصابة بأمراض القلب،

. واجلهاز التنفسيوبذلك يصبح املتعلم أقدر على التحصيل والتعلم، ومن مث يصبح تعلمه

.أكثر حتقيقا للفائدةא− :א

تعلم أن قد تقدم أن اجلسم والعقل يؤثران يف بعضهما، وأن على املبد من حيافظ على صحته اجلسمية والعقلية، وللمحافظة على صحة اجلسم ال

حسن اختيار الغذاء، وكما أن للجسم غذاء فإن للعقل غذاء أيضا، وغذاؤه العلم، فبالعلم حيسن اختيار الغذاء الالزم لصحة اجلسم والعقل، وجيتنب ما

اخلطأ والصواب، واحلق يضر، كما أن العلم يعني صاحبه على التمييز بني

.٨١ص: املصدر السابق) ١( .٨٠لم، مصدر سابق، صتذكرة السامع واملتك: ابن مجاعة) ٢(

والباطل، بل ويعينه على حتقيق أهدافه، وأن يصل إىل ما ترنو إليه نفسه، وهذا ال يتم إال باحملافظة على الصحة العقلية، ولكي حيقق املتعلم ذلك رأى

: املفكرون املسلمون أنه البد من االلتزام مبا يلي−، א א :א : العلم وحفظهطالباالجتهاد يف اجلد و-

حث املفكرون املسلمون طلب العلم على اجلد واالجتهاد واملواظبة وينبغي أن يكون حريصا على التعلم واملواظبة عليه يف مجيع : (يف التعلم

أوقاته ليال وارا، حضرا وسفرا، وال يذهب من أوقاته شيئا يف غري العلم إال ).١() يس بعاقل من أمكنه درجة ورثة األنبياء مث فوابقدر الضرورة ، ولنعم املعلم الدرس، ونعم املعني السهر، ونعم الدليل : ( و قالوا قدميا

، ولقد أدركوا فضل )١()السراج، ونعم القائد الليل، ونعم املذكر الكتابكان خيرج من (تلك األسباب وأثرها يف غذاء العقل، فهذا اخلليل بن أمحد

.)٢ ()له، فال يشعر إال وهو يف الصحراء، ومل يردها من شغله بالفكرمرتوهناك غريه من صرفه العلم حىت مل يعد يشعر مبن حوله، ومنهم أبو

يدخل الداخل إىل أيب متام الشاعر، وهو يعمل الشعر فال يشعر (متام إذ . )٣()به

املشقة واحلصول على العلم ال ميكن أن ينال بالراحة بل البد منال يستطاع العلم (، كما )٤ ()ال ينال العلم براحة البدن: (والتعب، فقد قيل

.٤٩النووي مقدمة اجملموع، مصدر سابق، ص ) ١(احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، : أبو هالل العسكري) ٢(

.٨٦ص .٨٧ص : املصدر السابق ) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤(

.)١ ()براحة اجلسمهذا وكل مشقة يف سبيل العلم ون بسبب ما جيده املتعلم من سعادة

.نفسية ال يدركها الكثريون وقد بذل طالب العلم األوائل الكثري من اجلهد يف سبيل بلوغ غايام

ضاقت بنا : وذكر يل عن أيب حامت أنه قال: (ة، فهذا أبو هالل يقولالعلمي فكنت أخرج الليل إىل )*(احلال أيام طلب العلم فعجزت عن شراء البزر

الدرب الذي أنزله، وأرتق بسراج احلارس، وكان رمبا ينام احلارس، فكنت احلرص واالجتهاد، وال جرم أنه صار أحد أعيان-وأبيك–أنوب عنه، هذا

الدنيا املشار إليه يف العلم، والفضل والرباعة، واجلاه العريض الباقي على .)٢ ()أعقاب الليايل واأليام، ومن طلب وجد إال ما قل وشذ

: وقد سلك السلف كثرة اإلعادة إلحكام احملفوظ يقول ابن اجلوزي: كثرة اإلعادة، والناس يتفاوتون يف ذلك-احملفوظ–الطريق يف إحكامه (

م من يثبت معه احملفوظ مع قلة التكرار، ومنهم من ال حيفظ إال بعد فمنه .)٣ ()التكرار الكثري فينبغي لإلنسان أن يعيد بعد احلفظ ليثبت معه احملفوظ

كما أورد ابن اجلوزي مناذج ملن بذل جهده يف سبيل إحكام احملفوظ الكيا وكان أبو إسحاق الشريازي يعيد الدرس مائة مرة وكان : (حيث يقول

ال حيصل : يعيد سبعني مرة، وقال لنا احلسن بن أيب بكر النيسابوري الفقيه .)٤ ()احلفظ حىت يعاد مخسني مرة

.٩١ص/١جامع بيان العلم وفضله، ج: ابن عبد الرب) ١(، ٤٤٥لقاموس احمليط، مرجع سابق، ص: الفريوزآبادي. زيت حب الكتان: البزر)*(

٤٤٦. .٩١ص/١جامع بيان العلم وفضله، ج: ابن عبد الرب) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤(

: علو اهلمة-اهلمة العالية يف طلب العلم أمر ضروري، ولن يستطيع املتعلم ضبط

اهلمة باعث على احلركة ؛ بل (العلم وحتصيله ما مل تتوفر له مهة عالية ؛ إذ يف ذاا حركة داخلية تؤدي إىل حركة خارجية أو سلوك يتميز باإلقبال هي

.)١ ()واحلماسةوقد ربط املفكرون املسلمون بني اهلمة والعمل، ومل يقفوا عند كوا

أن تقترن اهلمة (حالة استعداد، أو باعث داخلي للعمل، وأكدوا على ضرورة . )٢ () وعدم التهاون يف األمورالعالية باجلد واملواظبة، كما ترتبط باالهتمام

: هذا وعلو اهلمة من صفات اإلنسان الكامل، إذ يقول أبو هاللوعند احلكماء أن من تربم بالعلم والعلماء، ومن يقدر على حفظ العلم (

واألدب، وهو مقصر فيه فليس بإنسان كامل، والكامل من الناس من عرف . )٣ ()فضل العلم مث إن قدر عليه طلبه

د بالغ البعض يف طلبهم العلم حىت إن أحدهم يعرض جسده للربد وقيكشف عن ظهره يف الليل (لطرد النوم، روى أن الشيخ أبو علي ؟ كان

رمحه –، وقد حكى الربيع عن فاطمة بنت الشافعي )٤ ()الباردة يطرد به النوم، وقيل لدغفل )٥ ()أسرجت أليب يف ليلة سبعني مرة: (، أا قالت-اهللا، وقلب سئولبلسان : مبا أدركت ما أدركت من العلم ؟ قال: (نسابةال

، وعن سعيد بن )٦ ()عقول، وكنت إذا لقيت عاملا أخذت منه وأعطيته

.التعلم عند برهان اإلسالم الزرنوجي، مرجع: سيد أمحد عثمان . د) ١( .نفس الصفحة: سابق املرجع ال) ٢( .٨٢احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، ص : أبو هالل ) ٣( .٧٣ص : املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(م، ١٩٦٣عيون األخبار ، املؤسسة املصرية العامة للتآليف، القاهرة : ابن قتيبة ) ٦(

=

إين كنت ألسري ثالثا يف احلديث الواحد، وعن عبد اهللا بن : (املسيب قال ) . ٥()يستطاع العلم براحة اجلسم ال: حيىي بن أيب كثري عن أبيه قال

ما من قصرت مهمهم، وآثروا راحة البدن، وإمهال غذاء العقل أما : أن رجال قال خلالد بن صفوانيرو(فهيهات هلم أن ينالوا العلم، فقد

يل إذا رأيتكم تذاكرون األخبار، وتدارسون اآلثار، وتناشدون األشعار، وقع .)١ ()ألنك محار يف مسالخ إنسان: النوم ؟ فقاليعل

: قراءة والبحث مداومة ال-ومن أسباب الصحة العقلية أيضا شغل الوقت باملطالعة والقراءة، رغبة يف االستزادة من العلم، حيث كان السلف يصرفون أوقام يف النظر يف

كنت عند : (الكتب، ومطالعتها، من ذلك ما حدث به أمحد بن عمران، قالله، فبعث غالما من أيب أيوب أمحد بن حممد بن شجاع، وقد ختلف يف مرت

غلمانه إىل أيب عبد اهللا بن األعرايب صاحب الغريب يسأله اجمليء إليه، فعاد عندي قوم من األعراب، فإذا قضيت : قد سألته ذلك، فقال: الغالم، فقال

وما رأيت عنده أحدا إال أن بني يديه كتبا : قال الغالم. إريب معهم أتيتيف هذا مرة، مث ما شعرنا حىت جاء، فقال له ينظر فيها، فينظر يف هذا مرة، و

يا أبا عبد اهللا سبحان اهللا العظيم ختلفت عنا وحرمتنا األنس بك : أبو أيوبمعي قوم من : إنه ما رأى عندك أحدا، وقلت أنت: ولقد قال يل الغالم

: األعراب، فإذا قضيت إريب معهم أتيت، فقال ابن األعرايب ون غيبا ومشهداـ مأمون)*(ألباء مديثهـاء ما منل حــلنا جلس

= .١١٨ص /٢ج/١مج

.٢٣٤إلملاع مصدر سابع ، ص ا: القاضي عياش ) ١( ١لسان العرب، مرجع سابق، ج: ألب فالن مع فالن أي صفوه معه، ابن منظور)*(

.١٧٨ص

دداـوعقال وتأديـبا ورأيا مس يفيدوننا من علمهم علم ما مضى داـانا وال يـوال نتقي منهم لس وء عشرةـبال فتنة ختشى وال س

)١(داـوإن قلت أحياء فلست مفن فإن قلت أموات فما أنت كاذبامني بالكتب والنظر فيها مطالعة وقراءة أن وقد بلغ من عناية املسل

عدوها آنس جليس وأوىف صديق، ومسلية عن اهلموم ؛ بسبب ما جينونه أن عبد اهللا بن عبد اهللا بن عبد العزيز بن يمنها من فوائد، فمن ذلك ما رو

ال جيالس الناس، ونزل املقربة، فكان ال يكاد يرى إال : (عمر بن عبد العزيزمل أر قط أوعظ من قرب، وال أمتع من : ، فسئل عن ذلك، فقاليف يده دفتر

وسئل عبد اهللا بن حممد بن إمساعيل البخاري )٢ ()دفتر، وال أسلم من وحدة .)٣ ()إدمان النظر يف الكتب: عن دواء للحفظ، فقال(

: كيفية اختيار الكتب- يف حياة وإذا كان الفكر اإلسالمي قد أعطى القراءة الذاتية أمهية بالغة

املتعلم، فقد احتوى الكثري من التوجيهات اليت تتعلق حبسن اختيار املقروء، وخاصة عند اقتناء الطالب ما حيتاج إليه من كتب، إذ وضعوا لذلك ضوابط

: يأخذ ا املتعلم منها ضرورة تفقد الكتاب للتأكد من عدم وجود سقط أو نقص فيه -١

كتابا -املتعلم–وإذا اشترى : ( ابن مجاعةوذلك مبالحظة ترتيب أبوابه، يقول .)٤ ()تعهد أوله وآخره ووسطه وترتيب أبوابه وكراريسه ويصفح أوراقه

احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق : أبو هالل العسكري ) ١(

.٨٢ص .٢٠٤، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب ) ٢( .٢٠٤ص /٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: لربابن عبد ا) ٣( .١٧٢ابن مجاعة تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق ص ) ٤(

ضرورة التأكد من اشتمال الكتاب على املعلومات الصحيحة، -٢وذلك من خالل مالحظة االستدراكات على معلومات الكتاب، يقول ابن

الظن صحته إذا ضاق الزمان عن واعترب صحته، ومما يغلب على: (مجاعةإذا رأيت الكتاب فيه إحلاق : تفتيشه، ما قاله الشافعي رضي اهللا عنه، قالال يضيء الكتاب حىت يظلم، : وإصالح فاشهد له بالصحة، وقال بعضهم

.)١ () إصالحه:يريدوتربز عملية التأكد من صحة املعلومات يف عصرنا احلاضر مبا يالحظه

تاب من إعادة الطبعة، ذلك أن الطبعة األوىل يف األعم حتتوي املتعلم على الكعلى بعض األخطاء، أما الطبعات التالية فكثريا ما تستدرك تلك األخطاء مع

.إضافة بعض املعلومات اجلديدةكما يشري ذلك أيضا إىل مدى اهتمام املفكرين املسلمني حبسن اختيار

ب يف دراسته، إذا أراد أن يكون نفسه الكتب واملراجع اليت يعود إليها الطال .علميا تكوينا سليما عميقا غري سطحي

: التركيز والبعد عن اخلالفات-اهتم املفكرون املسلمون بكل ما يكون الطالب تكوينا سليما، فدعوا

من االشتغال يف االختالفات بني العلماء أو بني (املتعلم يف أول أمره أن حيذر ن االشتغال باألمور اخلالفية يلحق به الضرر ؛ إذ يشوش فكره، أو ؛ أل)الناس

: يصيبه بامللل، ويفوت عليه حتصيل أساليب ومبادئ العلوم، يقول ابن مجاعةفإنه حيري …حيذر يف ابتداء أمره من االشتغال يف االختالف بني العلماء (

)٢() الذهن ويدهش العقل العلماء، حذروه كذلك من ومبثل ما حذروه من االشتغال خبالفات

.١٧٣ ، ١٧٢املصدر السابق ص ) ١(

التنقل يف املطالعة والقراءة من كتاب إىل آخر يف نفس العلم، قبل أن يتقن دراسة الكتاب األول واالستفادة منه، ألن ذلك مضيعة للوقت بغري منفعة،

حيذر يف ابتداء طلبه من املطالعات يف تفاريق املصنفات : (يقول ابن مجاعةودعوا املتعلم أن يقتصر يف أول أمره على ، ) فإنه يضيع زمانه ويفرق ذهنه

كتاب واحد يف فن واحد، حىت إذا ما حتققت أهليته وجه املتعلم للتبحر يف أما إذا حتققت أهليته وتأكدت معرفته فاألوىل أن : (العلوم، يقول ابن مجاعة

ال يدع فنا من العلوم الشرعية إال نظر فيه ؛ فإن ساعده القدر وطول العمرعلى التبحر فيه، فذلك، وإال فقد استفاد منه ما خيرج به من عداوة اجلهل

.)١ ()بذلك العلمهذا وقد ارتبطت دعوة املتعلم للتبحر يف العلوم بتحديد أهم الكتب يف كل ختصص، كما وضعت ضوابط لتحديد العلوم وأولويات طلبها، من ذلك

ن خيتار من كل علم أحسنه، ينبغي لطالب العلم أ(ما يورده الزرنوجي بأنه .)٢ ()وما حيتاج إليه يف أمر دينه يف احلال، مث ما حيتاج إليه يف املآل

:وعلى ذلك فأصل العلوم القرآن الكرمي كتاب اهللا لقول النيب ))خريكم من تعلم القرآن وعلمه((

ما زال املسلمون (ولفضل القرآن الكرمي )٣(رآن، وعلى ذلك يربوم، وبه يتبدوم وهم يرغبون يف تعليم أوالدهم الق

.)٤ ()وهم أطفال ال ميلكون ألنفسهم نفعا وال ضرا متمثلة يف األحاديث النبوية كما يرتبط بكتاب اهللا سنة نبيه حممد ويعتين .. يبكر بسماع احلديث(الشريفة، حيث يوصي ابن مجاعة املتعلم بأن

.١١٧ص : املصدر السابق ) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق ) ٢( .١١٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص : ابن مجاعة) ٣( .٤٠ص : تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق: رنوجيالز) ٤(

رتبط بكتاب اهللا وسنة نبيه ، كما ي)١()…أوال بصحيحي البخاري ومسلم علم :العلم علمان: ( علم الفقه، حكي عن الشافعي رمحه اهللا أنه قال

، وقال )٢ ()الفقه لألديان، وعلم الطب لألبدان، وما وراء ذلك بلغة جمالس .)٣ ()والفقه عمدة العلوم: (ابن اجلوزي

إىل ويطول بنا احلديث لو مضينا يف سرد تصنيف العلوم عند املسلمنيما هو فرض عني وفرض كفاية، وبيان ملراتب تلك العلوم، وألهم ما كتب

.يف كل ختصص ولذلك مراجعه ومصادره املطولةوما يهمنا هنا هو أن نلفت النظر إىل اهتمام املفكرين املسلمني بالتوجيه األكادميي للطالب، حبيث يكونوا على دراية بأمهية علوم عصرهم،

ل ختصص، حبيث يسري طالب العلم على هدى وبينة وأهم املؤلفات يف كخالل رحلته العلمية، ويف ذلك حفظ له من التشتت العلمي، وضياع الوقت

.والعمر يف قراءة ما ال جيدي أو تقدمي معرفة املهم على األهم : التدرج يف طلب العلم-

ويرتبط مبا سبق يف سبيل حفاظ املتعلم على تركيزه وعدم تشتته يف العلم ؛ التدرج يف طلب العلم، وعدم التسرع يف حتصيله مجلة واحدة، طلب

وال يتجاوز علما من العلوم حىت يتقنه، فإنه إن تسرع يف حتصيله مجلة ؛ ذهب منه مجلة، ومل يبق يف ذهنه منه شيء ؛ وذلك نتيجة لعدم الدقة

ن العلم الخيوض يف فنو: (واإلتقان يف فهمه واستيعابه وحفظه، يقول الغزايلدفعة، بل يراعي الترتيب، فيبدأ باألهم فاألهم، وال خيوض يف فن حىت

واحلديث صحيح رواه ٣٥١آداب املتعلمني، مصدر سابق ص : ابن سحنون) ١(

.البخاري .٢٨٣الرسالة املفصلة ألحوال املتعلمني ، مصدر سابق ص : القابسي ) ٢( .١٢٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق ، ص : ابن مجاعة) ٣(

يستويف الفن الذي قبله، فإن العلوم مرتبة ترتيبا ضروريا وبعضها طريق إىل )٢() واملوفق مراع ذلك الترتيب والتدريج،بعض

يشري يف بعض نصائحه لطالب العلم إىل علة -رمحه اهللا- والزهريمن طلب العلم مجلة فاته مجلة، وإمنا يدرك العلم : ( طلبه فيقولالتدرج يف

.)٣() حديثا وحديثنيא− מ א :א

إذا كان طلب العلم حممودا، وتركه مذموما، والسبيل إىل نيل العلم هو علو اهلمة، واالجتهاد وبذل النفس والروح، فإن املبالغة مضرة بصاحبها

بد لطالب العلم من االعتدال يف الطلب حىت ال خيسر نفسه ياته، فالمتلفة حلرأى معلم حممد بن داود بن اجلراح على دفتر له دما فسأله (فقد روى أنه

إمنا : إين كنت على السراج أدرس يف الليايل احلارة فأرعف، فقال: عنه، فقال قال عمر تطلب العلم لنفسك، فإذا أتلفت نفسك فما ينفعك علمك، وقد

.)١ ()إن نفسي مطييت فإذا محلت عليها خسرا: بن عبد العزيزاأال ((: واألوىل باملتعلم أن يرفق بنفسه، وال حيملها فوق طاقتها لقوله

))إن هذا الدين متني فأوغل فيه برفق) ٢(.

–أراد ذا احلديث أن ال يكلف : (ويوضح الغزايل معىن احلديث بقوله أعماله الدينية ما خيالف العادة، بل يكون بتلطف وتدرج نفسه يف-اإلنسان

وال . فال ينتقل دفعة واحدة إىل الطرف األقصى من التبدل فإن الطبع نفورميكن نقله عن أخالقه الرديئة إال شيئا فشيئا حىت تنفصم تلك الصفات املذمومة الراسخة فيه، ومن مل يراع التدرج وتوغل دفعة واحدة ترقى إىل

لة تشق عليه، فتنعكس أموره فيصري ما كان حمبوبا عنده ممقوتا، وما كان حا

.٣٤تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق ص : نوجي الزر) ١( ٢٣احلث على حفظ العلم، وذكر كبار احلفاظ، مصدر سابق، ص : ابن اجلوزي) ٢(

مكروها عنده مشربا هنيئا ال ينفر عنه وهذا ال يعرف إال بالتجربة والذوق قهرا فيشق عليه وله نظري يف العادات فإن الصيب حيمل على التعليم ابتداء

ه وأنس بالعلم انقلب األمر الصرب عن اللعب مع العلم حىت إذا انفتحت بصريت .)١ ()فصار يشق عليه الصرب عن العلم

واالعتدال هو السبيل األمثل لتحقيق األهداف مع شرط املواصلة، يا يونس ال : قال يل ابن شهاب: عن يونس بن يزيد، قال(وعدم االنقطاع،

تكابر العلم فإن العلم أودية فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أن تبلغه، ولكن ذه مع األيام والليايل، وال تأخذ العلم مجلة، فإن من رام أخذه مجلة، ذهب خ

: ، وتقول العرب)٢ ()عنه مجلة، ولكن الشيء بعد الشيء مع األيام والليايل .)٣ ()شر السري احلقحقة وهي شدة السري(

يريح نفسه من احلفظ يوما أو (هذا ويوصي ابن اجلوزي املتعلم بأن ، وهلذا حيسن باملتعلم أن )٤ ()البناء الذي يراح ليستقريومني ليكون ذلك ك

مع زمالئه ألن النفس تكل ومتل الربئيروح عن نفسه بالنـزهة واالجتماع وال بأس أن يريح نفسه وقلبه وذهنه : (كما متل األبدان، يقول ابن مجاعة

وبصره، إذا كل شيء من ذلك أو ضعف، بتنـزه وتفرج يف املستنـزهات ، ويف ذلك حتقيق للصحة )٥ ()ث يعود إىل حاله وال يضيع عليه زمانهحبي

.اجلسمية والعقلية

.٢٩ميزان العمل، مصدر سابق ، ص : الغزايل) ١( .١١٤جامع بيان العلم ، مصدر سابق ص : ابن عبد الرب ) ٢(لم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، احلث على طلب الع: أبو هالل العسكري) ٣(

.٨٧ص .٥٤٤ص/فيض القدير، مرجع سابق ، ج: احلديث صحيح، املناوي) ٤( .٢١٦ميزان العمل، مصدر سابق ص : الغزايل ) ٥(

מ: א :אذهب كثري من املفكرين املسلمني إىل أنه ينبغي للمتعلم أن يقلد رسول

يتميز يف ( يف ملبسه، ومأكله، ومشربه، وحياته كلها، وذلك بأن اهللا ما أمكنه توظيف عن طرائق العوام، باستعمال آثار رسول اهللا عامة أموره

. )١ ()السنن على نفسه فأكتب اذهب: قلت ألمي: ( أن اإلمام مالك بن أنس قالرويفقد

).٦() تعال فالبس ثياب العلماء مث اذهب فاكتب: العلم ؟ فقالت يل أمي

א− :אاس ما يستر مثله، وأن يكون نظيفا، فقد ومن ذلك أن خيتار من اللب

. )٢(كانوا خيتارون البياضإن : (وعلى املتعلم أن يصون مالبسه من األوساخ واحلرب، فقد قيل

، فقد روي أن أبا )٣ ()حفظ ثوبه عن املداد وصانه عن السواد كان أوىل تعلمت الكتاب والقرآن، وما سعى يل أهلي وما رؤي يف ثويب: (العالية قال، وعليه أن يتعاهد مالبسه بالنظافة باستمرار بغسلها، فقد )٤ ()مداد قط

تسابق السلف يف وصف املواد املستخدمة إلزالة األوساخ عن املالبس، سأل أحد التالميذ معلمه بأي شيء غسل قميصيه اللذين أصاما احلرب يف جملس

.)٥ ()أمرت أن يغسال حبماضة األترج: (سابق، فقال

.١٠٤ص /١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق ج: ابن عبد الرب) ١( مجعه، مصدر سابق احلث على طلب العلم واالجتهاد يف: أبو هالل العسكري ) ٢(

.٨٨ص .٢٢احلث على حفظ العلم وذكر كبار احلفاظ، مصدر سابق ، ص: ابن اجلوزي) ٣( .٨٠ - ٧٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص : ابن مجاعة) ٤( .٢٠٨أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق ، ص : السمعاين) ٥(

:אא−إذا انتعل ((: قال أن رسول اهللا -رضي اهللا عنه- فعن أيب هريرة

أحدكم فليبدأ باليمني، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمىن أوهلما ))تنتعل، وأخرامها تنـزع

)١(.

:א من كل ما سبق نرى كيف اهتم املفكرون املسلمون بشخصية املتعلممن حيث األخالق اليت ينبغي أن يتحلى ا، إذ تعترب األخالق عامال مساعدا على حتصيل العلم، كما تعترب أيضا سياجا حيمي املتعلم من أن يقع يف يد األشرار ليسيئوا استخدامه، كما اهتموا بالصحة اجلسمية والعقلية للمتعلم،

فيه دون مشكالت تؤثر حبيث يصبح قادرا على حتصيل العلم واالستمرار .على حتصيله العلمي

ومل يكتف املفكرون املسلمون بتلك األبعاد من شخصية املتعلم، بل لفتوا النظر إىل أمهية االهتمام مبظهره اخلارجي مبا يتناسب مع كرامة العلم

.والعلماء

.٤٦اإلملاع، مصدر سابق ، ص : القاضي عياض ) ١(

אא

ا بني نوع العالقة القائمة بني املتعلم، وأستاذه، ا وثيقإن هناك ارتباطودرجة استفادة املتعلم من حتصيله الدراسي، واستمراريته يف طلب العلم،

يف جناح عملية يولقد أدرك املفكرون املسلمون أن األستاذ عامل أساس، و عناصر التعليم التعليم، وأنه من أهم عناصرها، فالتعليم ال يتم بغري معلم

تفتقد أمهيتها إذا مل يتوفر األستاذ الصاحل الذي ينفث فيها من روحه، فتصبح ذات أثر وقيمة، يقول ابن مجاعة مستشهدا على أمهية األستاذ يف حدوث

يف املسجد حلقة ينظرون يف : -رمحه اهللا-قيل أليب حنيفة : (تعلم جيد .)١()ال يفقه هؤالء أبدا: ، قال ال: أهلم رأس؟، قالوا : الفقه، فقال

وصلة املتعلم باألستاذ أساسية وضرورية يف إحداث عملية تعلم سليمةألن األستاذ هو حجر الزاوية يف عملية التعليم، وهو املتويل للقيادة التعليمية والتربوية، ولذا فإن صلة املتعلم به جيب أن تكون على مثال طيب؛ األمر

علم أن يتعرف على اآلداب السلوكية، اليت ينبغي أن الذي يفرض على املت :ميارسها جتاه أستاذه لتقوية تلك العالقة، اليت ميكن إجيازها فيما يلي

מ:− א א :א اهتم املفكرون املسلمون بعملية اختيار األستاذ، وحتديد عناصر كفايته

جب توافرها فيه، وبيان أهم وظائفه، ولياته، وأهم الصفات الواسئوتعيني ماملتمثلة يف تنمية عقول املتعلمني، وخلقهم ومهارام، وإكسام املعارف

ينبغي للطالب أن يقدم النظر ويستخري اهللا فيمن (واآلداب املختلفة، فـ يأخذ العلم عنه، ويكتسب حسن األخالق واآلداب منه، وليكن إن أمكن

ققت شفقته، وظهرت مروءته، وعرفت عفته، ممن كملت أهليته، وحت .)٢()مايواشتهرت صيانته، وكان أحسن تعليما وأجود تفه

.٤٦تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٨٥سابق، صتذكرة السامع واملتكلم، مصدر : ابن مجاعة) ٢(

كما كانوا على وعي كامل بأن حتقيق أهداف التعليم منوطة حبسن إذا سربت أحوال السلف واخللف،مل جتد النفع حيصل (اختيار األستاذ، فـ

لشيخ من التقوى نصيب وافر، غالبا، والفالح يدرك طالبا، إال إذا كان ل . )١()وعلى شفقته ونصحه للطلبة دليل ظاهر

فاملتعلم إذا أراد أن يبلغ مراده من طلب العلم، وحيقق هدفه؛ فإن عليه .. يعتمد يف كل فن من هو أحسن تعليما له، وأكثر حتقيقا فيه وحتصيال(أن

. )٢()فقة وغريهاوذلك بعد مراعاة الصفات املقدمة من الدين والصالح والشواعترب املفكرون املسلمون األستاذ من أكثر الناس تأثريا يف تلميذه، وصفاته أسرع انتقاال إليه من صفات غريه، فإذا أحب التلميذ أستاذه، أصبحت أهداف األستاذ أهدافه، وأصبح اخلضوع لرغبته، وإذعانه لتوجيهاته

يسلك يف السمت ( وصار ال متس كرامته، وال جترده من صفاته الشخصية مسلكه، ويرعى يف العلم والدين عادته ويتقيد حبركاته وسكناته، يف يواهلد

.)٣()عاداته وعباداته، ويتأدب بآدابه، وال يدع االقتداء به وتلعب عملية اختيار األستاذ دورا هاما يف حتديد نوع العالقة القائمة

فكرون املسلمون حاجة املتعلم إىل بني املتعلم واألستاذ، هلذا فقد تناول املأستاذ يأخذ بيده يف طريق العلم، كما ناقشوا األسس اليت يتم مبوجبها اختيار األستاذ من قبل املتعلم، والشروط الواجب توفرها يف األستاذ، على النحو

: التايل :א−

لقا وأساليب تعلم، حيتاج املتعلم إىل األستاذ ليكتسب منه عمال وخ

.٨٧-٨٦ص: املصدر السابق) ١( .١١٥-١١٤ص: املصدر السابق) ٢( .٩٠ص: املصدر السابق) ٣(

فقد أوضح ابن خلدون يف الفصل الثالث والثالثني من مقدمته احلاجة لألستاذ إن البشر يأخذون معارفهم، وأخالقهم، وما ينتحلون به من : (حيث قال

املذاهب والفضائل تارة علما وتعلما وإلقاء، وتارة حماكاة وتلقينا باملباشرة، باشرة والتلقني أشد استحكاما وأقوى رسوخا، إال أن حصول امللكات عن امل

فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول امللكات ورسوخها، واالصطالحات أيضا يف تعليم العلوم خملطة على املتعلم حىت ال يظن كثري منهم أا جزء من العلم، وال يدفع عنه ذلك إال مباشرته الختالف الطرق فيها من املعلمني،

.)١()تعلوم وتعدد املشايخ يفيده متييز االصطالحافلقاء أهل اليفيد طالب العلم مبا (وال يقف األمر عند هذا احلد؛ بل إن األستاذ

يلقيه عليهم من دروس علمية، وتوجيهات تربوية، كما أنه ينفع الناس وحيل .)٢()مشاكلهم، وجييب على مسائلهم، ويعلم اجلاهل منهم

يهتدي إىل الطريق السليم يف حياته العلمية واملتعلم يف أول أمره قد الوالتعليمية، فيأيت دور األساتذة كموجهني ومرشدين لطالم حيث

يرسخون القيم والعادات والنظم والتقاليد، ويـبنون األمة ببنائهم ألبنائهم، (، كما يربز دورهم أيضا عن طريق )٣()وبأيديهم يشكلون رجاالت املستقبل

واملبادئ اخللقية والدينية واالجتماعية والوطنية والصحية بث أحسن العادات( .)٤()يف نفوس تالمذم

.٣٣٦املقدمة، مرجع سابق، ص: ابن خلدون) ١(، ١الفكر التربوي عند ابن القيم، دار حافظ للنشر، جدة، ط: حسن علي حسن) ٢(

.٤٤٩م، ص١٩٨٨ .١٠٣سابق، صمقدمة يف التربية مرجع : إبراهيم ناصر) ٣(روح التربية والتعليم، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، : حممد عطية اإلبراشي) ٤(

.١٦٣م، ص١٩٥٠، )ط.د(

ويوضح القابسي احلاجة املاسة للمعلمني وذلك من خالل إكسام وقد أمر املسلمون أن يعلموا : (إخل حيث يقول .. املهارات والقيم واملعارف

بوهم ا ليسكنوا إليها، أوالدهم الصالة والوضوء هلا، ويدربوهم عليها، ويؤدويألفوها فتخفف عليهم إذا انتهوا إىل وجوا عليهم، وهم البد هلم إذا

ونه فيها، وقد مضى أمر املسلمني ءعلموهم الصالة أن يعلموهم القرآن ما يقر .)١()أم يعلمون أوالدهم القرآن، ويأتون باملعلمني

بالعلم واملعرفة واملهارة وال يقتصر عطاء األساتذة على تزويد املتعلمني األمر الذي حيتم ،)٢(وباخلربة املربية داخل الفصول، بل ميتد خارجها أيضا

مالزمة شيخ واالستفادة منه، ألن العلم سنة متبعة يؤخذ من (على املتعلم أفواه الرجال، ومن أخذه من بطون الكتب أخذ ما ال ينجيه غدا يوم القيامة،

.)٣()كتابه فخطؤه أكثر من صوابهمن كان دليله : ويقال : التحذير من االقتصار على أخذ العلم من بطون الكتب -

وبسبب املفاسد واألضرار املترتبة عن أخذ العلم من بطون الكتب؛ حذروا من أخذ العلم من الكتب فقط، دون التلقي من األستاذ، أو العرض

وكان ،)٤()ألحكاممن تفقه من بطون الكتب ضيع ا: (عليه، قال الشافعي من أعظم البلية تشييخ الصحيفة، أي الذين تعلموا من : (بعضهم يقول

.)٥()الصحف

.٢٨٧الرسالة املفصلة ألحوال املعلمني، مصدر سابق، ص: القابسي) ١(، ٢يف اجتماعيات التربية، مكتبة األجنلو، القاهرة، ط: منري املرسي سرحان) ٢(

.٢١٢م، ص١٩٧٨ .٤٦٤الفكر التربوي عند ابن القيم، مرجع سابق، ص: حسن علي حسن) ٣( .٨٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(

فموثوقية مصدر العلم من األمور املهمة للمتعلم، فمن مل يأخذ علمه .إال من الكتب يقع يف التصحيف ويكثر منه الغلط والتحريف

اشئني والشباب جيلو أفكار الن( كما تتأكد احلاجة لألستاذ يف كونه ويوقظ مشاعرهم، وحييي عقوهلم، ويرقى إدراكهم، إنه يسلحهم باحلق أمام الباطل، وبالفضيلة لقتل الرذيلة، وبالعلم ليفتكوا باجلهل، إنه ميأل النفوس اخلامدة حياة، والعقول النائمة يقظة، واملشاعر الضعيفة قوة، إنه يشعل

ينبت األرض املوات، ويثمر الشجر املصباح املنطفئ ويضئ الطريق املظلم، و .)١()العقيم

وملا كان الفرد بطبيعته غري متعلم، كانت احلاجة لألستاذ للتعليم وإزالة ثالثة : (األمية، يقول الصحايب اجلليل ابن مسعود رضى اهللا عنه يف ذلك

البد للناس منهم، البد للناس من أمري حيكم بينهم، ولوال ذلك ألكل بعضهم بد للناس من معلم يعلم أوالدهم ويأخذ على ذلك أجرا، ولوال بعضا، وال

.)٢()ذلك لكان الناس أمينيواملعلم مىت ما قضى على األمية عند املتعلم فقد أحيا قلبه، هذا ما

يا بين : (أدركه لقمان احلكيم حني وجه ابنه إىل ضرورة جمالسة العلماء قائال ييا بين إنه بق: ا ال يعنيين، قال ال أتكلف م: ما بلغت من حكمتك ؟ قال

شيء آخر، جالس العلماء وزامحهم بركبتك، فإن اهللا حييي القلوب امليتة .)٣()باحلكمة كما حييي األرض امليتة بوابل السماء

وطبيعي أن يكون لألستاذ دور هام يف تلك العصور اإلسالمية اليت مل ملخطوط أكثر عرضة للخطأ تعرف الكتاب املطبوع، فمن املعلوم أن الكتاب ا

.١٦٥روح التربية والتعليم، مرجع سابق، ص: حممد عطية اإلبراشي) ١( .٣٥٢ صآداب املعلمني، مصدر سابق،: ابن سحنون) ٢( .١٠٦، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣(

والتصحيف والتحريف، فكانت احلاجة أشد يف أخذ العلم عن أستاذ يضبط .)١(النصوص، ويصحح أخطاءها

و إذا أضفنا إىل ذلك ما يناله الطالب من أستاذه من قدوة يف طلب العلم واحلرص عليه، ومن أخالق وجتارب يف احلياة العلمية؛ لفهمنا ملاذا

ملسلمون على حث املتعلم على أن يأخذ العلم من العلماء حرص املفكرون ا .وليس من جمرد الكتب

ولعل حاجة املتعلم إىل أستاذ إمنا تكون يف بداية طلبه للعلم، حىت إذا متكن واستقام له طريق البحث والدراسة، انطلق إىل القراءة اخلاصة، والتزود

على ذاته، بعد أن أتقن من املعرفة بقدر ما يسعه أن يقرأ ويطلع معتمدا .مهارات البحث واملعرفة على يد أساتذته ومشاخيه

א− :אحدد املفكرون املسلمون جمموعة من األسس يتم يف ضوئها، وعلى

:هديها اختيار املتعلم ألستاذه، ويف مقدمة هذه األسس ما يلي : التفكري، والتأمل، واالستخارة -١

ب على املتعلم عند اختيار األستاذ أن ميعن التفكري والتأمل فأول ما جيإنه : (يف شخصية األستاذ الذي سيتلقى العلم على يديه، يقول ابن مجاعة

ينبغي للطالب أن يقدم النظر ويستخري اهللا فيمن يأخذ العلم عنه، ويكتسب ، كما يورد الزرنوجي حادثة تؤكد ممارسة هذا)٢()حسن األخالق واآلداب

اهللا عنه، يواختار أبو حنيفة رمحه اهللا محاد بن سليمان رض: (النهج، فيقول

، و ابن ١٢١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: يراجع، ابن مجاعة) ١(، و ٨١-٧٧، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: الرب عبد

.٧٩-٧٧أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين .٨٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: مجاعةابن ) ٢(

.)١()بعد التأمل والتفكر وقد أخذت اجلامعات األوروبية واألمريكية ذا النظام؛ حيث تتيح الفرصة أمام الطالب الختيار املواد الدراسية اليت يرغبوا، واألساتذة الذين

ن احلضارة اإلسالمية قد سبقت النظم التعليمية يتلقوا منهم، وذا تكو . احلديثة يف هذا اال

: املشاورة -٢ كما وجه املفكرون املسلمون، املتعلم إىل أن ميارس املشورة يف عملية اختيار األستاذ، ألا مبدأ إسالمي أصيل، حيث أمر اهللا سبحانه وتعاىل نبيه

، وقال )٢(األمر يف وشاورهم : مبمارسة املشورة، قال تعاىلحممد .)٣(..وأمرهم شورى بينهم..: تعاىل

واعتماد املتعلم مبدأ املشورة يف اختيار أساتذته جينبه الكثري من املآزق، وطلب العلم من أعلى األمور : (ويبعده عن التخبط، يقول الزرنوجى

هل من شاور أ: ( وقيل،)٤()وأصعبها، فكانت املشاورة فيه أهم وأوجب .)٥()النصيحة سلم من الفضيحة

واملشورة ال تدل على نقص يف القدرة العقلية ملمارسها، أو تشكك يف مقدرته، بقدر ما فيها من توطني للنفس، وراحة للبال، وكشف للغموض،

، )٦()ما هلك أمرؤ من مشورة: (يقول على بن أىب طالب رضى اهللا عنه

.٤١تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ١( .١٥٩آية : آل عمرانسورة) ٢( .٣٨آية : الشورىسورة) ٣( .٤٣تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٤( حماضرات األدباء وحماورات الشعراء :الراغب األصبهاين، أبو القاسم حسني حممد) ٥(

.٢٨، ص١، ج)ت.د(، )ط.د(البلغاء، مكتبة احلياة، بريوت، .٤٧تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي)٦(

اس للمشورة، بل البد من اختيار من وليعلم املتعلم أنه ال يصلح مجيع النخيشى اهللا تعاىل يف كل األمور، غري متبع هواه، وال صاحب غرض، قال

.)١()شاور يف أمرك الذين خيشون اهللا تعاىل: (جعفر الصادق لسفيان الثوري وقد مارس السلف املشورة عند طلبهم العلم، وعند اختيارهم األستاذ،

واحدا من طلبة العلم شاور معي يف طلب إن: (يقول احلكيم السمرقندي ، مث يقول )٢()العلم، وكان قد عزم على الذهاب إىل خبارى، لطلب العلم

إذا ذهبت إىل خبارى فال تعجل يف االختالف إىل : (احلكيم مشريا ومرشدا األئمة، وامكث شهرين حىت تتأمل وختتار أستاذا فإنك إن ذهبت إىل عامل

رمبا ال يعجبك درسه، فتتركه وتذهب إىل اآلخر، فال وبدأت بالسبق عندهيبارك لك يف التعلم، فتأمل يف شهرين يف اختيار األستاذ، وشاور حىت ال حتتاج إىل تركه، واإلعراض عنه، فتثبت عنده حىت يكون تعلمك مباركا،

.)٣()وتنتفع بعلمك كثريا

א− א א :אرون املسلمون أنه ال يصلح للتعليم كل أحد، إمنا يصلح من يرى املفك

تأهل له وأعد لذلك إعدادا طيبا، فمن اخلطأ أن ينتصب إنسان للتدريس، أو يتصدى له قبل أن تكتمل أهليته لذلك، وقبل أن حييط بفروع املعرفة اليت

ا ال حتمد يعلمها لتالميذه إحاطة خبري؛ ألنه إن فعل ذلك عرض نفسه إىل مال ينتصب للتدريس إذا مل يكن أهال (عقباه من الفشل واهلوان، فالشخص فإن ذلك لعب يف الدين وازدراء .. له، وال يذكر الدرس من علم ال يعرفه

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( .٤٦تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٢( .٤٨تعلم طريق التعلم، مصدر سابق، صتعليم امل: الزرنوجي) ٣(

. )١()املتشبع مبا مل يعط كالبس ثويب زور : بني الناس، قال النيب .)٣()من تصدر قبل أوانه فقد تصدى هلوانه: )٢(وعن الشبلي

وهلذا فقد قدم املفكرون املسلمون جمموعة من الصفات اليت ينبغي أن تتوفر يف العامل الذي خيتاره املتعلم ليتلقى العلم على يديه، وهى صفات يضعها املتعلم أمام عينيه عند اختيار أساتذته ومعلميه، ومن أهم تلك

:الصفات : الدين وحسن العقيدة -

ح العقيدة، كان األخذ عنه أضمن، فعن فمن كان صاحل الدين، صحي ، وروى )٤()هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم: (بعض السلف

كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا : عن إبراهيم قال : (اخلطيب البغدادي قال .)٥()عنه نظروا إىل مسته، وإىل صالته، وإىل حاله، مث يأخذون عنه

لقي العلم ممن ثبت فسقه وسفهه، أو ويف هذا اإلطار حذروا من ت

.احلديث صحيح، أخرجه أبو داود) ١(وقيل جعفر بن يونس املعروف بالشبلي، الصاحل : هو أبو بكر دلف ابن جحدر) ٢(

املشهور، اخلرساين األصل، البغدادي املولد واملنشأ، كان جليل القدر، مالكي ره من الصلحاء، وكانت املذهب، وصحب الشيخ أبا القاسم اجلنيد ومن يف عص

وفاته يوم اجلمعة لليلتني بقيتا من ذي احلجة سنة أربع وثالثني وثالمثائة ببغداد أبو العباس : وعمره سبع ومثانون سنة، يقال إن مولده بسر من رأى، انظر ترمجته

وفيات األعيان وأنباء الزمان، : مشس الدين أمحد بن حممد بن أيب بكر بن خلكان .٢٧٦-٢٧٣، ص٢م، ج١٩٦٩ان عباس، دار إصدار، بريوت، إحس. حتقيق د

.٤٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع، مصدر سابق، ص : اخلطيب البغدادي) ٤(

١٢٨ .٨٥ص: املصدر السابق)٥(

ال يؤخذ العلم من : كان مالك بن أنس يقول (كان صاحب هوى أو بدعة، أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك، ال تأخذ من سفيه معلن بالسفه، وإن كان أروى الناس، وال تأخذ من كذاب يكذب يف أحاديث الناس، إذا جرب

ى رسول اهللا، وال من صاحب ذلك عليه، وإن كان ال يتهم أن يكذب عل، فمن كانت فيه خصلة من هذه اخلصال فهو )١()هوى يدعو الناس إىل هواه

غري أمني وال مأمون علي العلم وتعليمه، وال يكون جديرا بأن جيلس جملس .العلماء، ليأخذ منه الناس العلم واخللق

: حسن اخللق -حنيفة يف أستاذه واشترطوا حسن اخللق يف األستاذ، كما قال أبو

. )٢()وجدته شيخا وقورا حليما صبورا (:الذي اختاره ) :األهلية( وفرة العلم والكفاءة -

واشترطوا جبانب العقيدة وفرة العلم والكفاءة، وأن يكون األستاذ على دراية تامة مبا يعلم، وأن ميتلك أيضا القدرة على إيصال املادة العلمية

، )٣() واألسنواألورعفينبغي أن خيتار األعلم : (نوجى للمتعلم، يقول الزرولعل اختيار األسن إمنا يعود إىل طول ممارسته للعلم والتعلم وطول خربته العلمية والتدريسية، مما يؤثر بدون شك على كفايته العلمية واملهنية، يقول

وليكن إن أمكن ممن كملت أهليته، وحتققت شفقته، وظهرت : (ابن مجاعة روءته، وعرفت عفته، واشتهرت صيانته، وكان أحسن تعليما وأجود م

.)٤( )تفهيما

.١٣٨ص: املصدر السابق) ١( .٤١ق التعلم، مصدر سابق، صتعليم املتعلم طري: الزرنوجي) ٢( .٤١تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٣( .٨٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

وهناك إمجاع من املفكرين املسلمني على عدم جواز أخذ العلم من وال يؤخذ العلم إال ممن كملت : قالوا (ناقص األهلية، ويف هذا صيانة للعلم،

.)١() وسيادتهأهليته، وظهرت ديانته، وحتققت معرفته، واشتهرت صيانته : الشهرة العلمية، وموثوقية املصدر -د

كما اشترطوا الشهرة العلمية، واالتصال بأهل العلم، يقول ابن وليجتهد على أن يكون الشيخ ممن له على العلوم الشرعية متام : (مجاعة

، وله مع من يوثق به من مشايخ عصره كثرة حبث وطول اجتماع، االطالع .)٢() األوراق ومل يعرف بصحبة املشائخ احلذاقال ممن أخذ عن بطون

وميتاز الفكر اإلسالمي بتقديره للعالقات العلمية والتواصل العلمي بني أن يأخذ العامل علمه من بطون الكتب، وأن يعيش يف يكفيالعلماء ، فال

دائرة مغلقة من قراءاته دون االحتكاك باآلخرين العاملني باال، فاحتكاك وتبادل اآلراء واحلوار والنقاش هي وسائل النضج العلمي احلقيقي، العلماء

وا تظهر من بني العلماء من له مع مشائخ عصره كثرة حبث وطول .اجتماع

ويصل الفكر اإلسالمي درجة كبرية من النـزاهة واخلربة العلمية وليس جمرد شهرته فقط، إذ إن عدم الشهرة "نوعية األستاذ"عندما يركز على

ال يقدح يف اختيار األستاذ واألخذ عنه، فيلفت املفكرون املسلمون النظر إىل أن معيار الصالح ليس -يف دعوم الختيار أصلح املعلمني للتعليم–

ذيوع الشهرة وبعد الصيت، فقد يتوفر الصالح فيمن مل ينل حظه من ختيار الشهرة، ومل تتطاير مسعته عرب اآلفاق، ويف هذا الصدد حيذرون من ا

املعلمني اعتمادا على ذيوع شهرم، دومنا تفكري يف قدرم على التدريس،

.٤٥مقدمة اموع، مصدر سابق ص: النووي)١( .٨٦تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢(

من التقيد باملشهورين، وترك األخذ حيذر(وإفادة طالم فعلى الطالب أن عن اخلاملني، فقد عد الغزاىل وغريه ذلك من الكرب على العلم، وجعله عني

وجدها، ويغتنمها حيث احلماقة، ألن احلكمة ضالة املؤمن يلتقطها حيث ظفر ا، ويتقلد املنة ملن ساقها إليه، فإنه يهرب من خمافة اجلهل كما يهرب من األسد، واهلارب من األسد ال يأنف من داللة من يدله على اخلالص

فإذا كان اخلامل ممن ترجى بركته كان النفع به أعم، . كائنا من كان .)١()والتحصيل من جهته أمت االختالف يف الدين أو املذهب حائال دون أخذ العلم كذلك ال يقف

العلم ضالة : ( قال عنه اهللايعن أصحابه إذا اقتضت الضرورة، فعن علي رضاملؤمن، فخذوه ولو من أيدي املشركني، وال يأنف أحدكم أن يأخذ احلكمة

احلكمة ضالة املؤمن يطلبها ولو يف أيدي: (، وعنه أيضا قال ) ممن مسعها منه .)٢()الشرط

لقد كان املفكرون املسلمون على حق يف اهتمامهم بنوعية األستاذ، وضرورة حتري الدقة يف اختياره للقيام بعملية التعليم، فلم يعد هناك أدىن شك يف أمهية الدور الذي يقوم به األستاذ، حىت أولئك الذين شككوا يوما

تقدون أن التعلم ال يتم إال عن يف أمهيته، وهم دعاة التعليم الذايت؛ الذين يعطريق املرء نفسه دومنا حاجة إىل أستاذ، أو أولئك الذين حتمسوا لآلالت التعليمية، وظنوا أن اآللة املعلمة تستطيع أن حتل حمل املدرس، فلقد ثبت تطرف هؤالء وأولئك فيما يتعلق بدور األستاذ، نعم إن جزءا من عملية

دث إال إذا رتبت البيئة اخلارجية بصورة معينة، التعلم ذاتية، لكنها ال حتواألستاذ هو الذي يقوم بذلك، واآللة املعلمة وإن كانت تتميز بسرعتها يف

.١٠١، ص١يان العلم وفضله، مصدر سابق، ججامع ب: ابن عبد الرب) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢(

إثابة املتعلم، وإصرارها على عدم انتقاله للخطوة التالية إال إذا فهم اخلطوة املختلفة تساعد احلالية، إال أا ال تغين عن األستاذ، وهي كالوسائل التعليمية

.)١(األستاذ على أداء عمله، وال تستطيع أن تكون بديال عنهمهما استحدثنا يف التعليم من طرق (ولقد أثبتت التجارب أننا

، مناهجهووسائل، ومهما أضفنا إليه من موضوعات جديدة، وطورنا يف ورصدنا له من مال، وأقمنا له أفخم املباين، وزودناها بأحدث األجهزة

الوسائل التعليمية، واألثاث املناسب، ومهما وضعنا من فلسفات وتصورات وعن املواطن، فإن كل ذلك ال ميكن أن حيقق نفسه، وال نستطيع أن تترمجه

وخصائص سلوكية، إال عن إىل مواقف موضوعية، وعالقات وتفاعالتى ، ويف ضوء ذلك تبدو أمهية اختيار املعلم، والتأكيد عل)٢()طريق املعلم

.نوعيته وخصائصهא: א מ א :א

א−١ א :אعادة ما يتضجر األستاذ من وصول املتعلمني إىل الدرس متأخرين، وهذا السلوك من قبل املتعلم يتناىف مع آداب السلوك جتاه األستاذ، اليت

.، وأن يكون يف قاعة الدرس قبل أستاذهتفرض على املتعلم التبكريوقد أكد السلف على ضرورة التبكري يف كل األمور، وبالنسبة للتعليم

اللهم (( : فهو أخص، مستوحني ذلك من توجيهات اإلسالم، فعن النيب

دور التربية العلمية يف إعداد املعلمني، دار الفكر للطباعة : عبدالرمحن صاحل عبداهللا) ١( .٢٦-٢٥م، ص١٩٧٩، ٢والنشر والتوزيع، بريوت، ط

ة، مرجع سابق، قراءات يف التربية املعاصـر: حممد اهلادي عفيفي وسعد مرسي) ٢( .٧٠ص

))بكورها بارك ألميت يفسألت ابن عمر رضى اهللا : (، و عن نافع قال )١(

يف طلب : فقال ))للهم بارك ألميت يف بكورهاا((: عنهما عن قول النيب .)٢()العلم، والصف األول

أن يتقدم على املدرس يف حضور موضع (وهلذا ينبغي على املتعلم الدرس وال يتأخر إىل بعد جلوسه وجلوس اجلماعة فيكلفهم املعتاد من القيام

س أن من األدب مع املدر: ورد السالم ورمبا فيهم معذور، وقد قال السلف .)٣()ينتظره الفقهاء، وال ينتظرهم

: مساوئ التأخر يف احلضور -وقد ذم من اعتاد احلضور متأخرا ملا يسببه ذلك من مضايقات

كنا نسمع احلديث من عبد الصمد بن الفضل : (لألستاذ، قال الفرغاينببلخ، وكان الباب مغلقا دوننا فجاء إنسان فقرع الباب وأعنف القرع

قم فانظر إن كان هذا من أصحاب : قال عبد الصمد لواحد منا والدق، ف: الرأي فافتح له الباب، وإن كان من أصحاب احلديث، فال تفتح له، فقال

ال، أصحاب الرأي أوىل؛ ألن هذا عمل أصحاب احلديث، فلم مل يـبكر ؟ . )٤()وليس هو من عمل أصحاب الرأي فيعذرونضور إىل قاعة الدرس أيضا تكليف ومن مساوئ اعتياد التأخر يف احل

األستاذ اإلعادة، والتشويش على اآلخرين، بل ورمبا خسر املتعلم االستفادة وينبغي ملن أراد مساع : (السمعاينبسبب تعذر اإلعادة على األستاذ، يقول

واحلديث صحيح، . ١١١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١(

.٢٧٨، ص١صحيح اجلامع الصغري وزيادته، مرجع سابق، ج: األلباين .١١١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .٢٣٥-٢٣٤تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .١١٢أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٤(

اإلمالء، البكور خوفا من فوات الس بتأخري احلضور، وأن يتعذر عليه مع ل شيخ، لعل التمنع عادته، مستعمال يف فعله ما يأثره ذلك إعادته من قب

الراوون عن سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، ومجاعة ممن كان قبلهما . )١()وبعدمها رمحة اهللا عليهم وعليهما

وعلى املتعلم أن حيذر ج املقصرين يف احلضور، بسبب ما قد يفوته طريق النابغني واحلريصني؛ لينال من الفائدة والعلم الكثري، وعليه أن يلزم

إمنا أدركت ما أدركت من العلم : (العلم، ويرزق الفهم، قال بزرمجهر ، )٢()ببكور كبكور الغراب، وصرب كصرب احلمار، وحرص كحرص اخلرتير

كنا نأخذ الس يف جملس على بن املديىن وقت : (وقال جعفر بن درستويه الليل خمافة أن ال نلحق من الغد موضعا العصر اليوم لس غد، فنقعد طول،

.)٣()نسمع فيه وعلى املتعلم أن يالحظ أن عادة التبكري ختضع لظروف اجلو وحالة املناخ، إذ التبكري يف فصل الصيف قد يكون أكثر مناسبة للطالب واألستاذ معا، بينما االنتظار حىت تشرق الشمس قد يكون أكثر مالءمة يف فصل

التبكري إمنا يستعمله يف الصيف، فأما األوىل يف : ( السمعاين الشتاء، يقول .)٤()الشتاء أن يصرب حىت يرتفع النهار

מ−٢ א אמ :אينبغي للمتعلم أن يبادر إىل السلوك الذي يظهر من خالله احترامه

: لألستاذ وتقديره إياه، ومن ذلك

.٨١ص: املصدر السابق) ١( .١١٢ص: املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .١١٣ص: املصدر السابق) ٤(

:ه جملس الدرس القيام لألستاذ عند دخول-أ من أحب أن (( :قال : لقد ى اإلسالم عن القيام لغري اهللا تعاىل

))الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار يتمثل له، باعتبار أن من صرف )١(

عمال أو فعال من أفعاله لغري اهللا فقد أشرك باهللا تعاىل، والشرك من أعظم .الذنوب

األعمال اليت يعظم فيها املعبود عز وجل والقيام باعتباره عمال منيدخل حتت إطار النهي، إال ما استثىن منه، كقيام املتعلم ألستاذه على وجهي

إىل جواز يناالحترام والرب، وتعظيم اللقاء فال بأس، وهلذا يذهب السمعا، والدليل على ذلك ما روي عن أيب أمامة عن أىب سعيد )٢(القيام لألستاذ

ملا نزلت بنو قريظة على حكم سعد، : ( قال - اهللا عنهمارضى-اخلدري : إليه وكان قريبا، فجاء على محار فلما دنا قال النيب بعث رسول اهللا

))قوموا إىل سيدكم((، وقد اعترب هذا القيام على وجه الرب، ال على وجه )٣(

ل حديثا ال أعلم يف قيام الرجل للرج: التعظيم، قال اإلمام مسلم بن احلجاج أصح من هذا، وهذا القيام على وجه الرب، ال على وجه التعظيم، أمر النيب

إمنا كره القيام : (، وقال أبو نصر بشر بن احلارث )٤()أن يقوموا إىل سيدهم .)٥()على طريق الكرب، فأما على طريق املودة فال

النضر أليبفهو قيام املتعلم ألستاذه لتعظيم اللقاء، و: أما الوجه الثاين :العتيب

اءـفلم ينهض لتعظيم، اللق رـعجبت من الكرمي أتاه ح

.احلديث صحيح، رواه أبو داود) ١( .١٣٧أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .واحلديث صحيح، رواه أبو داود. ١٣٧ص: املصدر السابق )٣( .١٣٨أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٤( .١٣٨أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٥(

)١(وقام بعقب ذاك إىل اخلالء ه وكربـــتقاعد عن سف : تقبيل املتعلم يد أستاذه -ب

األمر يف تقبيل يد األستاذ مختلف فيه، فهناك من كره تقبيل اليد تقبيل يد املسلم هي مصافحته، مطلقا لورود بعض األحاديث اليت اعتربت

ولفعل بعض الصاحلني، وهناك من كره تقبيل اليد لسبب عارض، كأن يكون للدنيا، أو لظامل أو مبتدع وكافر، أو لشهوة الرجل يف نفسه تقبيل

اخل، وهناك …يده، أو أن يكون عادة ممارسة، أو أن يكون على سبيل التربكنتفاء تلك األسباب العارضة كما من رخص يف تقبيل اليد بشروط، وهى ا

:)٢(يلي . أن ال يكون الفعل للدنيا-١ . أن ال يكون لظامل أو مبتدع وكافر-٢ : أن ال يكون لشهوة لدى الرجل، وداللة الشهوة ما يلي -٣ . مد اليد ليقبلها الناس-أ . استحسان من قبل يده باالبتسام واإلكرام-ب . تقبيح فعل من مل يقبل-ج .ال يكون عادة أن -د

. أن ال يكون الفعل على سبيل التربك-هـ . أن ال يكون مظنة شهوة كصبية أو امرأة-و .ا بغري الصاحلني أن ال يكون تشبيه-ز

ويدخل يف ذلك اإلطار تقبيل املتعلم يد األستاذ، كما ذهب إليه

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( حممد احلداد، دار بلوغ األماين من األجزاء واألمايل، حتقيق حممود بن: ابن املقرئ) ٢(

.٢٨-٢٠هـ، مقدمة احملقق، ص ١٤٠٨، ١العاصمة الرياض، ط

ي ، والدليل على ذلك ما رو)١( من جواز تقبيل املتعلم يد األستاذالسمعاينملا : (، قال -رضى اهللا عنه-عن عبد الرمحن بن كعب بن مالك عن أبيه

، وعن مجيلة موالة أنس )٢() فقبلت يديه وركبتهنزلت توبيت أتيت النيب يا : كان ثابت إذا جاء أنس، قال : (، قالت - اهللا عنهرضي-بن مالك ا

ىت يقبل مجيلة ناوليين طيـبا أمس به يدي، فإن ابن أىب ثابت ال يرضى ح .)٣()يد مست يد رسول اهللا: يدي، يقول

وقد مارس السلف هذين السلوكني يف حيام العلمية واليومية، وهذه وكنت إذا دخلت على شيخنا أىب بكر : (يقول السمعاين : بعض األمثلة

حممد عبد الباقي األنصاري ببغداد أقبل يده كل نوبة، وأالطفه يف الكالم؛ ، ويروي أبو زرعة )٤ ()اءة، فحصل يل منه ما مل حيصل لغرييليمكننا من القر

خرسان ملا وايلأخبرت أن إمساعيل بن أمحد (حممد بن إبراهيم االستراباذي واىف استراباذ استقبله مشائخ استراباذ، فلما بصروا به نزلوا عن دوام،

تقبيل يد : جدي حممد بن بندار العطار، فأخذ بيده وقبلها، وقال فتقدمهماألمري عندنا سنة، فطاملا عرفت بإمساك أعنة اخليل يف سبيل اهللا، فاستحسن

. )٥ ()ذلك إمساعيل وسرهكنت عند املربد فمر به إمساعيل بن إسحاق القاضي : (وقال نفطويه

: فوثب إليه، و قبل يده وأنشد

.١٣٨أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق ص : السمعاين) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .١٣٩ص : املصدر السابق) ٣( .١٣٩ص : املصدر السابق )٤( .١٤٠ص : املصدر السابق )٥(

ياماوابتدرنا الق)١(حللنا احلىب ال ــــفلما بصرنا به مقب )٢(راماــفإن الكرمي جيل الك امي لهــــفال تنكرن قي

ويبدو أن الطالب قد غالوا يف هذا السلوك، أو أن بعض العلماء قد ، مما جعل هذا السلوك ال يصدر عن حب واحترام، طالماستحبوا ذلك من

وإمنا عن تكلف وقهر وإلزام يف معظم األحوال، و جعله أقرب إىل التكلف .إىل احترام العلم و العلماءمنه

: طريقة جلوس املتعلم يف جملس الدرس - جينبغي للمتعلم أن جيلس يئة طالب العلم أمام أستاذه، مراعيا يف ذلك

وال منكفئ، غري متكئا ظهره غري أن يكون ناصبياجللسة الصحيحة، وه حنو اخل ، وأن يكون مقبال بكليته.. مشغول حبركات يديه وال رجليهأتيت : (مسعت أسامة بن شريك يقول : األستاذ، فعن زياد بن عالقة قال

.)٣ ()سهم الطريءو، فإذا أصحابه عنده كأن على ررسول اهللا كنت عند شريك فأتاه بعض ولد : (وقال محدان بن علي األصبهاين

املهدي، واستند إىل احلائط، وسأله عن حديث، فلم يلتفت إليه، فأعاد عليه ال، : كأنك تستخف بأوالد اخللفاء، فقال : سألة، فلم يعبأ به، فقال امل

فجثا على ركبته، مث سأله، : ولكن العلم أجل عند أهله أن يضيعوه، قال .)٤() هكذا يطلب العلم: فقال

رمحه مالك بن أنسوهذه حادثة ألمري املؤمنني مع أحد العلماء، قال

لسان : مجع ظهره وساقيه بعمامته، وقد حيتيب بيديه، ابن منظورإذا : احتىب الرجل)١( .٣/٣٦ج: مرجع سابق : العرب

.١٣٨أدب اإلمالء واالستمالء ، مصدر سابق ، ص : السمعاين)٢( .١٢٥ص : املصدر السابق )٣(احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق : أبو هالل العسكري )٤(

.٨٤ص

يا أمري املؤمنني، : يسألين أن أحدثه، فقلتوجه إىل هارون الرشيد: (اهللا :فصار إىل مرتيل، فاستند معي إىل اجلدار، فقلت: العلم يؤتى وال يأيت، قال

فجلس : يا أمري املؤمنني إن من إجالل اهللا، إجالل ذي الشيبة املسلم، قال يا أبا عبد اهللا تواضعنا لعلمك فانتفعنا : فقال يل بعد مدة : بني يدي، قال

. )١ ()فلم تنتفع به…به، وتواضع لنا علم سفيانمتأدبا، (ومن آداب املتعلم يف قاعة الدرس أن جيلس بني يدي األستاذ

بسكون، وإطراق رأس، وخضوع، وتواضع، وخشوع وجلوس االفتراش، أو التورك، وحيسن هنا اإلقعاء املستحب على بطوا، ويتعاهد تغطية أقدامه،

ستند حبضرة الشيخ إىل حائط أو خمدة، وال يعطي الشيخ وإرخاء ثيابه، وال ي .)٢()جنبه وال ظهره، وال جيعل يديه ماسكة وراء ظهره

أن جيلس بني يدي الشيخ جلسة : (ويؤكد ابن مجاعة على ذلك بقوله ا بتواضع وخضوع أو متربع ،األدب كما جيلس الصيب بني يدي املقرئا إليه، ويقبل بكليته عليه متعقال وسكون وخشوع، ويصغي إىل الشيخ ناظر

لقوله، حبيث ال حيوجه إىل إعادة الكالم مرة ثانية، وال يلتفت من غري ضرورة، وال ينظر إىل ميينه أو مشاله أو فوقه أو قدماه بغري حاجة وال سيما

.)٣()عند حبثه له أو كالمه معهستاذ،يقول ومن متام األدب مع األستاذ أن يكون املتعلم يف مواجهة األ

وقد جرت العادة يف جمالس التدريس جبلوس املتميزين قبالة : (ابن مجاعة ، أما إذا )٤()وجه املدرس، أو املبجلني، من معيد، أو زائر عن ميينه أو يساره

احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، : الل العسكريهو ه) ١(

.٨٤ص .١٣٧املعيد يف أدب املفيد واملستفيد، مصدر سابق، ص: العلموي) ٢( .٩٨-٩٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .١٥٠-١٤٩ص: املصدر السابق) ٤(

: اختار األستاذ للمتعلم مكانا وخصص له مقعدا فال يرفضه، يقول السمعاين ، وعن أنس بن مالك )١()ليجلس عليهاوإن أكرمه اململي مبخدة فال يردها و(دخل سلمان على عمر رضى اهللا عنهما، وهو : ( قال - اهللا عنهيرض-

وهو متكئ دخلت على رسول اهللا : متكئ على وسادة فألقاها له، قال يا سلمان ما من مسلم يدخل على أخيه : على وسادة فألقاها يل، مث قال

دخل : (، وعن جعفر قال )٢()هللا لهفيلقي له وسادة إكراما له إال غفر ارجالن على علي رضى اهللا عنه فألقى هلما وسادة فقعد أحدمها عليها، وقعد

.)٣()قعد عليها ال يأىب الكرامة إال محارا: ( على األرض، فقال اآلخر : احلفاظ على اهلدوء والنظام - د

ذ، غري كثريا ما تتعاىل أصوات الطالب يف قاعة الدرس حبضرة األستامبالني، وال مكترثني به، مما يضطره إىل التنبيه عليهم بالتزام اهلدوء والصمت، وممارسة هذا اللون من السلوك يعد سوء أدب من املتعلم، وسلوكا مذموما،

؛ إذ من توقري جملس األستاذ واحترامه )٤(بل ويتناىف مع توقري جملس األستاذ: اهللا عنه، قال يبن شريك الثعليب رضالتزام اهلدوء والسكينة، فعن أسامة

.)٥()وسهم الطريء وأصحابه كأمنا على رأتيت رسول اهللا ( ومنشأ الضوضاء والصخب يف األعم الغالب من عدم استعداد املتعلم بأدواته ولوازمه، مما يضطره إىل حمادثة زمالئه، وكثرة احلديث خترج املتعلم

ح، الذي يتناىف مع األدب الواجب جه عن الطور األمثل، إىل السلوك القبي

.١٢٥ر سابق، صأدب اإلمالء واالستمالء، مصد: السمعاين) ١( .١٢٥ص: املصدر السابق) ٢( .١٢٦-١٢٥ص: املصدر السابق) ٣( .١٤٠ص: املصدر السابق) ٤( .واحلديث رواه الطرباين، ورجاله رجال الصحيح. ١٤٠ص: املصدر السابق) ٥(

: جتاه األستاذ، وبالتايل يثري غضب األستاذ عليه، قال أمحد بن سنان القطان كان عبد الرمحن بن مهدي ال يتحدث يف جملسه، وال يربى فيه قلم، وال (

قلم، صاح ولبس نعليه ودخل، فكذا كان بري أو تحدثيبتسم أحد، فإن ن من أشد الناس يف هذا، وكان وكيع أيضا، يكونون يف يفعل ابن منري، وكا

جملسه كأم يف صالة، فإن أنكر من أمرهم شيئا أنتعل ودخل، وكان ابن وقال ابن ،)١()منري يغضب ويصيح، إذا رأى من يربي قلما تغري وجهه غاضبا

كنا عند وكيع، فسمع أصحاب احلديث وحركتهم، : (متيم بن املنـتصر .)٢() بالوقارفعليكم أصحاب احلديث ما هذا احلركة ؟ أنتم الناس يا: فقال

ومن احلركات اليت تتناىف مع اهلدوء، العبث باليدين والرجلني، وكثر فال ينبغي أن ينظر إال إليه، وال : (اخل، يقول ابن مجاعة .. االلتفات والتنحنح

ينفض يضطرب لضجة يسمعها، أو يلتفت إليها ال سيما عند حبث له، والكمه، وال حيسر عن ذراعيه وال يعبث بيديه أو رجليه، أو غريمها من أعضائه، وال يضع يده على حليته، أو فمه، أو يعبث يف أنفه، أو يستخرج

وال يكثر كالمه من غري حاجة، ،منها شيئا، وال يفتح فاه، أو يعبث بإزارهخماطبة، أو سوء ما يضحك منه، أو ما فيه بذاءة أو يتضمن سوء حيكيوال

.)٣()أدب، وال يضحك لغري عجب : حسن االستماع واإلصغاء - هـ

عليه بكافة يومن أدب املتعلم مع أستاذه أن يلزم نفسه االنتباه ملا يلقوينبغي أن جيتهد يف الفهم من األستاذ بالتأمل : (حواسه، يقول الزرنوجي

.١٤١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .٩٨تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: اعةابن مج) ٣(

ه وقت اإلمالء أخص، ، واالنتباه مطلوب طوال الوقت، إال أن)١()والتفكري .)٢()وحيسن االستماع واإلصغاء عند اإلمالء: (يقول السمعاىن

ومن لزم نفسه هذا النهج، فقد كملت مروءته، فقد حدث بشر أبو أن عبد امللك بن مروان دخل على معاوية وعنده عمرو بن العاص، (النضر

هذا الفىت ما أكمل مروءة : فسلم وجلس، مث مل يلبث أن ض، فقال معاوية يا أمري املؤمنني إنه أخذ بأخالق أربعة، وترك أخالقا ثالثة، إنه : فقال عمرو

أخذ بأحسن البشر إذا لقي، وبأحسن احلديث إذا حدث، وبأحسن االستماع إذا حدث، وبأيسر املؤونة إذا خولف، وترك مزاح من ال يثق بعقله

.)٤() منه)٣(من الكالم كل ما تغندروال دينه، وترك جمالسة لئام الناس، وترك ومن متام االنتباه واإلصغاء استقبال األستاذ بالوجه، فعن ابن مسعود

إذا صعد املنرب يوم اجلمعة استقبلناه كان رسول اهللا : ( اهللا عنه قال يرض .)٥()بوجوهنا

ومما يصرف املتعلم عن االنتباه واإلصغاء احلالة النفسية له؛ األمر الذي وجب أن يراعيه املتعلم دوما، وهو أن يكون متهيئا نفسيا، فارغ القلب، ال يت

وينبغي أن يدخل على الشيخ، أو جيلس : (يشعر بالنوم، يقول ابن مجاعة عنده وقلبه فارغ من الشواغل له، وذهنه صاف، ال يف حال نعاس أو غضب، أو جوع شديد، أو عطش أو حنو ذلك لينشرح صدره ملا يقال،

.٧٠تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي)١( .١٤٣أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .٥٨١يا غندر، القاموس احمليط، مرجع سابق، ص : يقال للمربم امللح : تغندر) ٣( .١٤٣ء واالستمالء، مصدر سابق، صأدب اإلمال: السمعاين) ٤( .١٤٣ص: املصدر السابق) ٥(

.)١()يعي ما يسمعهووالنوم من احلاجات اليت تفقد املتعلم القدرة على التركيز، وهلذا ورد

وال ينام يف جملس : (النهي عن النوم يف قاعة الدرس، يقول السمعاىن إذا رأيت الرجل ينام عند احلديث فاعلم أنه ال : (الدراين وقال ،)٢()اإلمالء

ما: (، وقال رجل خلالد بن صفوان )٣()يشتهيه، فإن كان يشتهيه لطار نعاسهيل إذا رأيتكم تتذاكرون األخبار، وتتناشدون األشعار، وتتدارسون اآلثار،

.)٤()ألنك محار يف مسالخ إنسان: النوم، قال عليوقع מ−٣ :א

التعليم هو مثرة من مثرات التفاعل بني األستاذ واملتعلم، ويتم من خالل من العالقات املتداخلة، األمر الذي يلزم املتعلم بأن يأخذ نفسه بآداب كثري

ولعل من أهم مالمح هذا التفاعل بني الطالب . سلوكية خالل هذا التفاعل :واألستاذ ما يلي

:א−واألسئلة إما أن تكون من املتعلم أو من األستاذ، فإذا كانت من املتعلم

:فعليه :سؤال، وعدم تركه حياء التلطف يف ال-

فيجب على املتعلم أن يتلطف يف سؤاله عما أشكل عليه، وما مل يفهمه؛ ألن السؤال مفتاح العلم، ومن ترك السؤال حياء أو كربا فمصريه

أن ال يستحي من سؤال ما أشكل عليه، وتفهم : (اجلهل، يقول ابن مجاعة

.٩٦تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٤٢أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .١٤٢أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣( .١٤٢ ، مصدر سابق، ص أدب اإلمالء واالستمالء: السمعاين) ٤(

قالت عائشة رضي و..ما مل يتعقد، بتلطف وحسن خطاب وأدب وسؤالرحم اهللا نساء األنصار مل يكن احلياء مينعهن أن يتفقهن يف : (اهللا عنها

إن اهللا ال يستحي : ، وقالت أم سليم رضي اهللا عنها لرسول اهللا )الدين : ولبعض العرب من احلق هل على امرأة من الغسل إذا احتلمت؟

كوت على وإمنا متام العمى طول الس، طول السؤالىوليس العم . )٢ ()العلم قفل، ومفتاحه السؤال: ( اهللا عنه ي رضيوعن عل، )١(اجلهل

: احلذر من التعنت يف السؤال - يف سؤاله طلب الفائدة، ال تعنيت األستاذ يوجيب على املتعلم أن يراع

اهللا رضيوإحراجه أمام اآلخرين، أو وضعه يف مأزق ما، وىف حديث لعلي ويلك سل تفقها وال تسل : فقال (أله ابن الكواء، سلوين ؟ فس: عنه قالإنك لذهاب : (، ويف موضع آخر قال علي رضي اهللا عنه البن الكواء ) تعنتا

.)٣()إمنا نسأل عما ال نعلم: يف التيه، سل عما ينفعك أو يعنيك، قال وال يسأل عن شيء يف غري موضعه إال حلاجة، أو : (ويقول ابن مجاعة

لشيخ ذلك، وإذا سكت الشيخ عن اجلواب مل يلح عليه، وإن علم بإيثار اال : (، وكان أبو هشام يقول )٤()أخطأ يف اجلواب فال يرد يف احلال عليه .)٥()تغشوين مع الناس، وإذا خلوت فسلوين

.)٦()) تعلموا وال تعنتوا، فإن املتعلم خري من املعنت (( :وىف احلديث

.١٥٧ - ١٥٦ ابن مجاعة تذكرة السامع واملتكلم ، مصدر سابق، ص )١( .٢٥ص/١مفتاح السعادة، مرجع سابق، ج: طاش كربى زادة)٢( .١١٦-١١٤، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣( .١٥٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .١١٧، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٥( .١١٧، ص١ج: املصدر السابق) ٦(

أن : اذج من املسائل العويصة، منها هذا وقد أورد ابن عبد ربه منعن حمرم نزع نايب ثعلب، فلم يرد عليه (عمرو بن قيس سأل مالك بن أنس

أين ربنا قبل أن خيلق : ( كما ذكر أن عليا رضى اهللا عنه سئل .)١()شيئاأين توجب املكان، وكان اهللا عز وجل وال : السماء واألرض ؟ فقال

عن معاوية ( قد بدأ ذلك حبديث رسول اهللا ، وكان ابن عبد ربه)٢()مكان: األوزاعي : قال ) األغلوطات( عن ى رسول اهللا : بن أىب سفيان قال .)٣()يعىن صعاب املسائل

و أمثال تلك املسائل مما يؤدي إىل ضجر األستاذ ونفوره، بل ويعترب ه خرج هذا اللون من السلوك نوعا من املماراة، ومىت مارى املتعلم أستاذ

إن : (املتعلم عن الوقار، وخزن األستاذ علمه عنه، قال علي رضى اهللا عنه من حق العامل أال تكثر عليه السؤال، وال تعنته يف اجلواب، وأن ال تلح عليه

وال تفشني له سرا، وال تغتابن عنده ،إذا كسل، وال تأخذ بثوبه إذا ض، وعليك أن توقره وتعظمه هللا أحدا وال تطلنب عثرته، وإن زل قبلت معذرته

ما دام حيفظ أمر اهللا، وال جتلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إىل ال متار عاملا وال جاهال ، فإنك إذا ماريت : ( وعن ميمون قال )٤()خدمته

.)٥() خشن بصدركوإن ماريت جاهال عاملا خزن عنك علمه، : عدم تكرار األسئلة -

، ٢، ج)ت.د(، )ط.د(العقد الفريد، دار الكتب العلمية، بريوت، : ابن عبد ربه) ١(

.٩١ص .٩٢، ص٢ج: املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .١٢٩، ص١ان العلم وفضله، مصدر سابق، ججامع بي: ابن عبد الرب) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(

ليت تسيء إىل العالقة القائمة بني املتعلم وأستاذه، األسئلة ومن األسئلة ااملعروفة واملكررة واملعادة، ملا يترتب عليها من ضياع الوقت يقول ابن

وال ينبغي للطالب أن يكرر سؤال ما يعلمه، وال استفهام ما يفهمه، : (مجاعة أشد من إعادة احلديث: فإنه يضيع الزمان، ورمبا أضجر الشيخ، قال الزهري

.)١()نقل الصخر : ختري وقت السؤال -

ومن هيبة املتعلم ألستاذه أن يتخري وقت السؤال ومكانه حىت يستفيد، وأال يستعجل املتعلم يف طلبه العلم، ولكن يأخذ نفسه باأليام والليايل، عن

مكثت سنة وأنا أشك يف ثنتني، وأنا أريد : ( اهللا عنهما قال يابن عباس رض عن املتظاهرتني على رسول اهللا اهللا عنهيعمر بن اخلطاب رضأن أسأل

وصحبته، حىت إذا كنا مبر حاجاوما أجد له موضعا أساله فيه، حىت خرج داوة من ماء، فلما قضى حاجته إأدركين ب: الظهران ذهب حلاجته، وقال

ؤمنني من يا أمري امل: داوة أصبها عليه فرأيت موضعا، فقلت ورجع، أتيته باإل: ؟ فما قضيت كالمي حىت قال املرأتان املتظاهرتان على رسول اهللا

مل مينع ابن عباس رضى اهللا عنهما من : ( قال أبو عمر،)٢()عائشة وحفصة .)٣() اهللا عنه عن ذلك إال هيبتهيسؤال عمر رض

ولعل طبيعة السؤال هي اليت حتدد الوقت واملكان املناسبني، وهلذا جاز : ألستاذ يف األمر اخلفيف قائما كان أم ماشيا، يقول ابن عبد الرب سؤال ا

وال بأس أن تسأل العامل قائما وماشيا يف األمر اخلفيف، حلديث ابن مسعود ( يف خرب املدينة وهو بينا أنا أمشي مع رسول اهللا : رضى اهللا عنه قال –

.١٠٦تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١١٢، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣(

سلوه : م لبعض ، فقال بعضهخيربمعه مر بنفر من يهود يتوكأ على عسيب .)١() احلديث..يا أبا القاسم ما الروح؟ : عن الروح، فقال رجل منهم

: صدق املتعلم مع أستاذه -وأما إذا كان السؤال من قبل األستاذ عن فهم الدرس فعلى املتعلم أن

: يلزم نفسه الصدق مع أستاذه، فإن مل يفهم طلب إفهامه ، قال ابن شهاب نعم قبل : حه املسألة، وإذا قال الشيخ أفهمت ؟ فال يقل العلم خزائن ومفتا(

أن يتضح له املقصود من املسألة إيضاحا جليا لئال يكذب، وال يستحي من وكما : (، ويقول ابن مجاعة )٢()مل أفهم؛ ألن استثباته حيدث له مصاحل: قوله

هم ال ينبغي للطالب أن يستحي من السؤال فكذلك ال يستحي من قوله مل أفإذا سأله الشيخ، ألن ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة واآلجلة، أما العاجلة، فحفظ املسألة ومعرفتها، واعتقاد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة، و أما

.)٣()اآلجلة، فسالمته من الكذب والنفاق، واعتياده التحقيق : عدم إظهار املتعلم استغناءه عن أستاذه -

عن املتعلم يعرف الدرس، فعليه أال يظهر استغناءوأما إذا كان فإن سأله الشيخ عند الشروع يف ذلك عن : (األستاذ، يقول ابن مجاعة

ال، : حفظه له فال جييب بنعم، ملا فيه من االستغناء عن الشيخ فيه، وال يقل أحب أن أمسعه من الشيخ، أو أن أستفيده : ملا فيه من الكذب، بل يقول

عهدي، أو هو من جهتكم أصح، فإن علم من حال الشيخ أنه منه، أو ب دعيؤثر العلم حبفظه له مسرة به، أو أشار إليه بإمتامه امتحانا لضبطه وحفظه أو إلظهار حتصيله فال بأس باتباعه غرض الشيخ ابتغاء مرضاته وازدياد الرغبة

.اه البخاري ومسلمواحلديث صحيح رو. ١٤٠ص: املصدر السابق) ١( .١٤١املعيد يف أدب املفيد واملستفيد، مصدر سابق، ص: العلموي) ٢( .١٥٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(

.)١()فيهא− א :א

آداب ال بد أن يراعيها املتعلم، ومن تلك وللقراءة على األستاذ :اآلداب : مراعاة املتعلم حال األستاذ -١

ومطلوب من املتعلم أن يكون على درجة كبرية من دقة املالحظة فرياعي حالة األستاذ النفسية، فال يسأله، وال يقرأ عليه عند ملله، أو غضبه

ليم وفقا ملا جيب أن يكون من وحنو ذلك، مما حيول بينه وبني الوفاء مبهمة التعوال يقرأ عند شغل قلب الشيخ : (كمال النشاط وعلو اهلمة يقول ابن مجاعة

أو ملله، أو غمه، أو غضبه، أو جوعه، أو عطشه، أو نعاسه، أو استيقاظه، أو وال يسأله وهو قائم، أو مستوفز، و على : (، ويقول ابن الصالح )٢()تعبه

.)٣() أو غري ذلك مما يشغل القلبحالة ضجر، أو هم به،وعلى املتعلم أن ال حيمل األستاذ فوق طاقته، فإذا علم رغبته يف

وإذا رأى الشيخ قد آثر الوقوف، : (االقتصار، أخذ ا، يقول ابن مجاعة اقتصر حيث أمره، وال يستزيده، وإذا عني له قدرا فال يتعداه، وال يقول

، ويؤكد أبو )٤()لشيخ، وظهور إيثاره ذلكطالب لغريه اقتصر، إال بإذن ا .)٥()وال يلح عليه إذا كل: (هالل على هذا املعىن بقوله

.١٠٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٦١ص: املصدر السابق) ٢(يق موفق بن عبداهللا بن عبدالقادر، مكتبة أدب املفيت واملستفيت، حتق: ابن الصالح) ٣(

.١٦٩هـ، ص١٤٧، ١العلوم واحلكم، املدينة املنورة، ط .١٦٢-١٦١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، : أبو هالل العسكري) ٥(

=

: الصرب على خلق األستاذ، وحتمل جفوته -٢ ويرتبط مبراعاة حالة األستاذ النفسية صرب املتعلم على خلق األستاذ،

التأويل، حبيث ال وحتمل جفوته، ويلتمس له العذر، ويتأول لتصرفاته أحسن تصده هذه اجلفوة عن تقبل ما يلقيه عليه من علم، وإال كان اجلهل مصريه،

أن يصرب على جفوة تصدر من شيخه، أو سوء اخللق، : (يقول ابن مجاعة وال يصده ذلك عن مالزمته، وحسن عقيدته، ويتأول أفعاله اليت يظهر أن

جفوة الشيخ باالعتذار الصواب خالفها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند والتوبة مما وقع واالستغفار، وينسب املوجب إليه، وجيعل العتب عليه، فإن

.)١() ملودة شيخه، وأحفظ لقلبه، وأنفع للطالب يف دنياه و آخرتهىذلك أبقومن مل يصرب على األستاذ خسر وضل سعيه يف طلبه العلم، وبقي يف

يف ذلك اجلهل يلتعلم ساعة بقمن مل حيتمل ذل ا: ( يقول األصمعي ،جهلمن مل يصرب على ذل التعليم بقي عمره يف : (، وعن بعض السلف )٢()اأبد

ىف وقال معا،)٣()عماية اجلهالة، ومن صرب عليه آل أمره إىل عز الدنيا واآلخرةمثل الذي يغضب على العامل مثل الذي يغضب على أساطني : (بن عمران ا

. )٤()اجلامعأحد نال العلم إال بالصرب على أستاذه، والتودد إليه والرفق وهلذا ما من

مل استخرج الذي استخرجت من عطاء إال برفقي : ( عن ابن جريج قال ،به

= .٨٤ص

.٩١كلم، مصدر سابق، صتذكرة السامع واملت: ابن مجاعة) ١( .١٤٥أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين)٢( .٩١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .٩١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

ذللت طالبا فعززت : (، وعن ابن عباس رضي اهللا عنهما قال )١()بهلقد كان ابن عباس رضى اهللا عنهما : (، وقال سعيد بن جبري )٢()مطلوبا . )٣()احلديث لو يأذن يل أن أقوم فأقبل رأسه لفعلتحيدثين ب : )٤( الرفق باألستاذ ومتلقه-٣

ومتلق املتعلم ليس من التملق املكروه، بل هو من التوقري، وإظهار والتملق : ( لألستاذ، وما عنده من العلم، يقول الزرنوجي احلقيقيةاحلاجة

.)٥()ه ليستفيد منهمءركامذموم إال يف طلب العلم فإنه ينبغي أن يتملق وشولقد كان ج كبار العلماء أثناء طلبهم الصرب على األستاذ وحتمله،

إن قوما : (قيل لسفيان بن عيينة : والتملق إليه والرفق به، يقول الشافعي ، يوشك أن يذهبوا، أو !!يأتونك من أقطار األرض وتغضب عليهم

إن تركوا ما ينفعهم لسوء هم محقى إذا مثلك : يتركوك، فقال للقائل مخسة جيب على اإلنسان مدارام، وعد : (، وقال أبو يوسف )٦()!!خلقي

ويداري اململي، : (، ويقول السمعاين )٧()منهم العامل؛ ليقتبس من علمه

.١٠١ص: املصدر السابق) ١( .٩١ق، صتذكرة السامع واملتكلم، مصدر ساب: ابن مجاعة) ٢( .١٠٢، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣(: الود واللطف الشديد، وأصله اللني، وقيل امللق شدة لطف الود، وقيل: امللق) ٤(

: وهو بالتحريك)) ليس من خلق املؤمن امللق: (( الترفق واملداراة، ويف احلديثما ينبغي، ورجل ملق يعطي بلسانه ما الزيادة يف التودد والدعاء والتضرع فوق

ليس بقلبه ، وامللق أيضا الذي يعدك وخيلفك فال يفي ويتزين مبا ليس عنده، ابن .١٣/١٨١لسان العرب، مرجع سابق، ج: منظور

.٥٣تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٥( .٩٢-٩١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٦( .٩٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٧(

قال : ، وعن جابر بن عبد اهللا رضى اهللا عنهما قال )١()ويرفق به وحيتمله .)٢()دقةمدارة الناس ص( : رسول اهللا

كان خيتلف إىل األعمش رجالن، أحدمها : (وقال الشافعي رمحة اهللاكان احلديث من شأنه، واآلخر مل يكن احلديث من شأنه، فغضب األعمش

كما غضب ي لو غضب عل:يوما على الذي من شأنه احلديث، فقال اآلخرنفعه ، يترك ما ي!!ا هو أمحق مثلك إذ: عليك مل أعد إليه، فقال األعمش

.)٣()لسوء خلقيومن مواعظ لقمان يف الصرب أثناء الطلب، دف االستفادة، يقول

ال جتادل العلماء فتهون عليهم ويرفضوك، وال جتادل السفهاء فيجهلوا : (البنهعليك ويشتموك، لكن اصرب نفسك ملن هو فوقك يف العلم، وملن هو دونك،

، )٤()قتبس من علمهم يف رفقفإمنا يلحق بالعلماء من صرب هلم ولزمهم، وااملتواضع يف : (وبالصرب والتواضع ينال املتعلم النفع، قال عبد اهللا ابن املعتز

.)٥()طلب العلم أكثرهم علما، كما أن املكان املنخفض أكثر البقاع ماء : تنبيه األستاذ خلطأ -٤

لم األستاذ بطبيعته البشرية عرضة ألن يقع يف خطأ غري مقصود، فإذا عاملتعلم به فيحسن به أن يتلطف يف الرد على أستاذه، سالكا يف ذلك عدة

: طرق א* :א

.١٤٥أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .٥١٩فيض القدير، مرجع سابق، ص: املناوي) ٢( .١٤٥أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣( .١٠٦، ص١ر سابق، ججامع بيان العلم وفضله، مصد: ابن عبد الرب) ٤( .١٤٤، ص١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ج: السمعاين) ٥(

تنبيه األستاذ إىل اخلطأ، وذلك بتكرار اللفظ الذي يسبقه؛ لرياعيه وإذا رد الشيخ عليه لفظه، وظن أن : (األستاذ عند اإلعادة، يقول ابن مجاعة

.)١() كرر اللفظة مع ما قبلها؛ لينتبه هلا الشيخرده خالف الصواب، أو علمه،: أما من جتاسر باإلنكار على األستاذ فقلما يفلح ، فعن بعض السلف

: وال يقول له : (، ويقول ابن مجاعة أيضا )٢()مل ؟ مل يفلح: من قال لشيخه ( .)٣() أين موضعه ؟: من نقل هذا ؟، وال: ؟ وال نسلم، والمل

א* :אإذا مل ينتبه األستاذ، وكرر اخلطأ، أتى املتعلم بالصواب على سبيل

أو يأيت بلفظ الصواب على سبيل االستفهام، : (االستفهام، يقول ابن مجاعة بل هي كذا، بل : فرمبا وقع ذلك سهوا أو سبق لسان لغفلة، وال يقل

.)٤() كذافهل جيوز فيها: يتلطف يف تنبيه الشيخ هلا، فإن مل ينتبه قال א* :א

يف حالة إصرار األستاذ على قوله فعلى املتعلم أن يؤجل مناقشتها : للدرس املقبل، وليتحقق هو منها؛ لعل الصواب مع أستاذه، يقول ابن مجاعة

فإن رجع الشيخ إىل الصواب فال كالم، وإال ترك حتقيقها إىل جملس آخر (.)٥() مع الشيخبتلطف، الحتمال أن يكون الصواب

א* א :אإذا كان اخلطأ يف جواب مسألة ال حتتمل التأخري، أو يترتب عليها أضرار ومفاسد، تعني علي املتعلم أن يصارح أستاذه، وإال اعترب خائنا له،

.١٢٤تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٠١ص: املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .١٢٤ص: املصدر السابق) ٤( .١٢٥ص: املصدر السابق) ٥(

وكذلك إذا حتقق خطأ الشيخ يف جواب مسألة ال يفوت : (يقول ابن مجاعة إن كان كذلك كالكتابة يف رقاع االستفتاء، حتقيقه، وال يعسر تداركه، ف

وكون السائل غريبا، أو بعيد الدار ، أو مشنعا، تعني تنبيه الشيخ على ذلك يف احلال بإشارة أو تصريح، فإن ترك ذلك خيانة للشيخ، فيجب نصحه

.)١()بتلفظ لذلك مبا أمكن من تلطف أو غريهא− :א

كثريا ما نسمع شكوى بعض املعلمني من رداءة خطوط بعض كتابام، وعدم ضبطها، وكثرة األخطاء اإلمالئية الطالب، وضعف

إخل، مما يترتب عليه صعوبة معرفة املضمون، أو تغري املعىن أحيانا، ..والنحويةبأن باإلضافة إىل ما يسببه ذلك لألستاذ من ضيق وتربم، لذلك ينصح املتعلم

ال ترض : (، قال أبو القاسم احملسن بن عبد اهللا التنوخيالردئيتجنب اخلط ، كما أن الطالب )٢()برداءة اخلط، فإن فعلت فأجد احلبور وقوم السطور

اخلط احلسن " ألن ؛)٣()حتسني اخلط وجتويده(مطالب على الدوام باملبالغة يف بعثون بأوالدهم إىل املكتب ، وهذا ما جعل السلف ي)٤()يزيد احلق وضوحا

وللقوم يف التعليم سرية بديعة، وهى أن : (ليتعلموا اخلط، يقول ابن العريب الصغري منهم إذا عقل بعثوه إىل املكتب فإذا عرب املكتب أخذه بتعليم اخلط واحلساب والعربية، فإذا حذقه كله، أو حذق ما قدر له خرج إىل املقرئ

.)٥()فلقنه كتاب اهللا

.١٢٥رة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص تذك: ابن مجاعة) ١( .١٦٦أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .١٦٥ص: املصدر السابق) ٣( .١٦٦ص: املصدر السابق) ٤(، )ط.د(الفكر التربوي عند العـرب، الدار التونسية للنشر، : البشري الزرييب) ٥(

=

سني اخلط ليس هدفا، وإمنا اهلدف صحة الكتابة ووضوحها، وحتواحلد الذي ال ينبغي أن يقتصر : (وإمكانية قراءا بسهولة، يقول ابن حزم

املعلم على أقل منه أن يكون اخلط قائم احلروف، بينا صحيح التأليف الذي لتزيد هو اهلجاء، فإن اخلط إن مل يكن هكذا مل يقرأ إال بتعب شديد، وأما ا

وال يهتم املشتغل : (، ويقول ابن مجاعة )١()يف حسن اخلط فليس هو فضيلة .)٢()باملبالغة يف حتسني اخلط، وإمنا يهتم بصحيحه وتصحيحه

: هذا وأنسب اخلطوط لتحقيق ذلك اهلدف هو اخلط الغليظ، ولذا قيل، ولعل التحذير من )٣()ويستحب أن يكتب خطا غليظا وجيتنب الدقيق منه(

. سببه من إيذاء وأمل للعينني؛ بسبب التحديق أثناء قراءتهياخلط الدقيق ملا الكتابة الدقيقة يف النسخ، فإن جيتنبينبغي أن : (ويقول ابن مجاعة

: دقيقا، قال خطااخلط عالمة، فأبينه أحسنه، وكان بعض السلف إذا رأى كتب ما ينفعك ا : هذا خط من ال يوقن باخللف من اهللا تعاىل، وقال بعضهم

وقت حاجتك إليه، وال تكتب ما ال تنتفع به وقت احلاجة، واملراد وقت .)٤()الكرب وضعف البصرما كان للضرورة _ الكتابة باخلط الدقيق _ من ذلك وقد استثين

وقد يقصد بعض : ( إخل، يقول ابن مجاعة ..لفقر أو رغبة ىف ختفيف محلوال ينبغي : (، ويقول السمعاين )٥()حململالسفارة بالكتابة الدقيقة خفة ا

= . بكر بن العريب، نقال عن أحكام القرآن، أليب١٦٦م، ص١٩٨٥

.نقال عن ابن حزم، رسالة مراتب العلوم. ١٣٦-١٣٥ص: املصدر السابق) ١( .١٦٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .١٦٦أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣( .١٧٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .١٧٨ص: در السابقاملص) ٥(

للطالب أن يكتب خطا دقيقا إال يف حال العذر، مثل أن يكون فقريا ال جيد .)١()عه، أو يكون مسافرا؛ فيدق خطه ليخف محل كتابه عليهيبتا الكاغدمن

ومل تقتصر عناية السلف جبودة اخلط، بل تعدى ذلك لوضع قواعد : يث الشكل واملضمون من أبرزها تنظيمية للكتابة من ح

: االبتداء بالبسملة يف سطر خاص هبا -بسم اهللا الرمحن "فأول ما يكتب الطالب يف اإلمالء : (يقول السمعاين

بسم اهللا "ويبتدئ كل كتاب بكتابة : (، ويقول ابن مجاعة )٢(")الرحيم .)٣(")الرمحن الرحيم

: محد اهللا تعاىل والصالة على النيب-ذا كان الكتاب مبدوءا خبطبة، فإن مل يكن، كتب ما جرت به العادة إ

منه املعلومات، يقول يبذكرها، وبيانات عن اململي أو املرجع الذي يستقفإن كان الكتاب مبدوءا فيه خبطبة تتضمن محد اهللا تعاىل : (ابن مجاعة

كتبها بعد البسملة، وإال كتب هو ذلك --والصالة على رسوله مث يكتب بعد التسمية يف السطر اسم الشيخ : (، ويقول السمعاين )٤()هابعد

الذي يسمع منه اإلمالء و يكتب عنه وكنيته ونسبته، مث يتبع لفظ اململي، .)٥()ويكتب ما ميليه

: إبراز األبواب والفصول والفقرات - لقد أدرك املفكرون املسلمون قيمة إبراز األبواب والفصول، ومتييز

.١٦٨أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .١٦٩ص: املصدر السابق) ٢( .١٧٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤( .١٧١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٥(

ات وفصلها عن بعضها، يف تيسري استخراج املقصود من املادة املكتوبة، الفقرال بأس بكتابة األبواب والتراجم والفصول باحلمرة؛ فإنه : (يقول ابن مجاعة

أظهر يف البيان ويف فواصل الكالم، وكذلك ال بأس به على أمساء ومذاهب، ك، ومىت فعل أو أقوال، أو طرق، أو أنواع، أو لغات، أو أعداد وحنو ذل

فإن مل ،ذلك بين اصطالحه يف فاحتة الكتاب؛ ليفهم اخلصائص يف معانيهايكن ما ذكرناه من األبواب والفصول والتراجم باحلمرة أتى مبا مييزه عن غريه، من تغليظ القلم، وطول املشق واحتاده يف السطر وحنو ذلك ليسهل

المني بدائرة، أو ترمجة، أو الوقوف عليه عند قصده، وينبغي أن يفصل بني كقلم غليظ، وال يوصل الكتابة كلها على طريق واحدة ملا فيه من عسر

.)١()استخراج املقصودوإذا فرغ من كتابة احلديث جيعل بينه : (ويقول السمعاين يف ذلك

.)٢()وبني حديث آخر دارة يفصل بينهما، ومييز أحدمها من اآلخر :ية والنحوية االهتمام بالقواعد اإلمالئ-

وقد مر بنا أن من األخطاء اإلمالئية والنحوية ما يفسد املعىن، وحيول واألحسن أن يكتب لفظ اململي، : ( اخل، يقول السمعاين ..دون فهم النص

وإىل أن يذكر املستملي يقيد األمساء واحلروف بالشكل واإلعجام؛ حذرا من يف صنعة احلديث تصحيف التصحيف واإلام، فال يؤمن على من ال يتمهر

بسر وبشر مثال، وعباس وعياش وعبيد وعبيدة، وحتريفه إىل أن ينقط ، وعن )٣()ويشكل فيؤمن من دخول الوهم، ويسلم من ذلك حاملها وراويها

: حدثين أىب، قال : حممد بن عبيد بن أوس الغساين كاتب معاوية، قال

.١٩٢-١٩١رة السامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذك: ابن مجاعة) ١( .١٧٣أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .١٧١ص: املصدر السابق) ٣(

يد أرقش كتابك فإين كتبت يا عب: كتبت بني يدي معاوية كتابا، فقال يل (وما رقشه يا أمري : قلت : كتابا رقشته، قال بني يدي رسول اهللا

.)١()أعط كل حرف ما تنويه من النقط: قال ؟املؤمننيأوىل األشياء : ( وقال أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اهللا النجريمي

يدل عليه، يء ال يدخله القياس، وال قبله ششيءبالضبط أمساء الناس؛ ألنه .)٢()وال بعده شيء يدل عليه

: مراجعة الكتابة وضبطها وتدقيقها -لو عورض الكتاب مائة مرة، ما كاد يسلم من أن : (قال عبد الرزاق

وإذا فرغوا من الكتابة : ( ويقول السمعاين ،)٣()يكون فيه سقط أو قال خطأ: عن هشام بن عروة ، و)٤() والطلبة يعارضون كتام،يقرأ املستملي اإلمالء

مل : ال، قال : عارضت ؟ قال : نعم قال : كتبت ؟ قال : أن أباه قال له ( إذا صحح الكتاب باملقابلة على أصله : (، ويقول ابن مجاعة )٥()تكتب

الصحيح أو على شيخ، فينبغي له أن يشكل املشكل، ويعجم املستعجم، .)٦()ويضبط امللتبس، ويتفقد مواضع الصحيح

:ب أثناء الكتابة آدا-كتب اسم اهللا تعاىل (على املتعلم أن يعظم اسم اهللا عز وجل، فكلما

أتبعه بالتعظيم، مثل تعاىل، أو سبحانه، أو عز وجل، أو تقديس أو حنو

.١٧٢أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .٧٨، ص١ق، ججامع بيان العلم وفضله، مصدر ساب: ابن عبد الرب) ٣( .١٧٤أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٤( .١٧٤جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ص: ابن عبد الرب) ٥( .١٨١-١٨٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٦(

كتب بعده الصالة عليه كتب اسم النيب ( فكلما ، أما الرسول )١()ذلكألمر اهللا يف الكتاب العزيز يف موافقة ؛ والسالم عليه، ويصلي هو عليه بلسانه

وال ،)٢( امنوا صلوا عليه وسلموا تسليمآيأيها الذين : قوله تعاىل ختتصر الصالة يف الكتاب لو وقعت يف السطر مرارا، كما يفعل بعض احملررين واملتخلفني، فيكتب صلع أو صلم، أو صلعم، وكل ذلك غري الئق

.)٣()حبقه بذكر (م خري الناس من بعده فإذا مر املتعلم هوصحابة رسول اهللا

اهللا عنه، وال يكتب الصالة رضيالصحايب ال سيما األكابر منهم كتب ، أما السلف األعالم )٤()والسالم ألحد غري األنبياء واملالئكة إال تبعا هلم

، أو -يقصد الترضي عنهم-مر بذكر أحد من السلف فعل ذلك (فكلما .)٥() سيما األئمة األعالم وهداة اإلسالم، وال-رمحه اهللا-كتب

מ: א :א اهتم املفكرون املسلمون اهتماما خاصا بنوع العالقة بني املتعلم وأستاذه، وناقشوا كل ما ميكن أن يضعف تلك العالقة من أسباب، متناولني

الصحيحة بني املتعلم " ميةالعالقة العل"كل ما جيعلها أكثر قوة، حبيث تنشأ وأستاذه، واليت تيسر حسن استفادة الطالب من أستاذه إىل أقصى درجة

. ممكنة ومن ذلك أن العالقة بني املتعلم وأستاذه، عادة ما تفتر، بسبب جهل

.١٧٥ص: املصدر السابق) ١( .٥٦آية : األحزابسورة) ٢( .١٧٦السامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذكرة : ابن مجاعة) ٣( .١٧٧ص: املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(

املتعلم للقواعد املتبعة لزيارة األستاذ، وبالتايل خيسر املتعلم أستاذه، وتقل فمن تأذى منه أستاذه، حيرم بركة العلم، : (زرنوجى استفادته منه، يقول ال .)١()وال ينتفع بالعلم إال قليال

מ א א :מ : مراعاة نظافة الثوب والبدن -أ

من املتفق عليه أن النفس تأنس إىل الروائح الزكية، وتنقبض من كره القذارة، فعلى املتعلم أن الروائح الكريهة، فاإلنسان حيب النظافة، وي

يوطن نفسه بأن يكون طيبا يف رائحته، حسنا يف مظهره، وينصح ابن مجاعة أن يدخل على الشيخ كامل اهليئة، متطهر ( املتعلم بذلك، ويرى ضرورة

البدن والثياب، نظيفهما، بعدما حيتاج إليه من أخذ ظفر، وشعر، وقطع جملس العلم، فإنه جملس ذكر واجتماع رائحة كريهة، السيما إن كان يقصد

وإذا دخل على الشيخ فليدخل : ( وىف هذا يقول العلموي أيضا ،)٢()يف عبادة .)٣()الكريهة متطهرا نظيفا متسوكا، مزيال روائحه ،كامل اهليئة

أن يتأدب يف حضور الدرس، بأن حيضره على (كما جيب عليه أيضا وكان الشيخ أبو عمر يقطع من حيضر من أحسن اهليئات وأكمل الطهارات،

.)٤()الفقهاء الدرس خمففا بغري عمامة أو مفكك أزرار الفرجية : حسن اختيار املتعلم لوقت الزيارة - ب

وال شك أن هذا أدب رفيع، حيسن أن يلتفت إليه الطالب عند ذهام علم إذا إىل أماكن العلم السة األساتذة وزمالء الدراسة، كذلك على املت

.٥٠تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ١( .٩٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .١٣٦ صاملعيد يف أدب املفيد واملستفيد، مصدر سابق،: العلموي) ٣( .٢٣٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

يراعي الوقت، وال يدق الباب، بل (قصد األستاذ يف مرتله ملسألة علمية أن ومن احترام املعلم : (ويقول طاش كربى زاده أيضا . )١()يصرب حىت خيرج

ولو : قال تعاىل )٢()وإجالله أن ال يقرع عليه باب داره، بل ينتظر خروجه، وقد )٣( غفور رحيمأم صربوا حىت خترج إليهم لكان خري هلم واهللا

: ورد يف تفسري ابن عباس هلذه اآلية وما قبلها أن السبب يف نزول اآليتني ا حممد أخرج إلينا ـي : أن مجاعة دخلوا املدينة عند القيلولة فنادوا النيب ( فذمهم اهللا بذلك الفعل لكوم مل يفهموا أمر اهللا وتوحيده - وكان نائما -

، وكان األجدر م أن ينتظروا حىت خروج الرسول وال حرمة رسول اهللا .)٤()إىل الصالة لينظر يف مطلبهم

ومن آداب الطالب أنه إذا علم أن األستاذ نائم فعليه أن ينتظر أمام وال يطرق عليه ليخرج إليه، وإن كان : (الباب أو ينصرف، يقول ابن مجاعة

رب خري له، فقد روي عن نائما صرب حىت يستيقظ أو ينصرف، مث يعود، والص كان جيلس يف طلب العلم على باب زيد بن أنهابن عباس رضى اهللا عنهما

ال، : أال نوقظه لك ؟ فيقول : اهللا عنه حىت يستيقظ، فيقال له يثابت رضال : (، وقيل )٥()ورمبا طال مقامه وقرعته الشمس وكذلك السلف يفعلون

ا انبسطت الشمس، فلو كان الشيخ الشيخ يف الشتاء بالغداة، ولكن إذتأت .)٦()يف جحر خلرج إليهم

.٤٧تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ١( .٢٥، ص١مفتاح دار السعادة، مصر سابق، ج: طاش كربى زادة) ٢( .٥آية: احلجراتسورة) ٣(، )ت.د(، )ط.د(بريوت، تنوير املقباس من تفسري ابن عباس، دار الكتب العلمية، ) ٤(

.٤٣٥ص .٩٦تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٥( .١١٣أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٦(

: طرق الباب بلطف، واالستئذان قبل الدخول -جفعليه أن يطرق الباب طرقا : أما إذا قصد املتعلم أستاذه يف مكتبه

أن ال يدخل على الشيخ : (خفيفا، فإن مل يؤذن له عاد، يقول ابن مجاعة ة إال باستئذان، سواء كان الشيخ وحده أو كان املتعلم يف غري االس العام

معه غريه، فإن استأذن حبيث يعلم الشيخ، ومل يأذن له انصرف، وال يكرر االستئذان، وإن شك يف علم الشيخ به فال يزيد يف االستئذان فوق ثالث مرات، أو ثالث طرقات بالباب أو احللقة، وليكن طرق الباب خفيفا بأدب؛

مث األصابع، مث احللقة قليال قليال، فإن كان املوضع بعيدا عن بأظفار األصابع، .)١()الباب واحللقة فال بأس يرفع ذلك بقدر ما يسمع ال غري

: خلع النعل قبل الدخول -دأما إذا أذن للمتعلم بالدخول، فال يدخل بنعليه، أو بكل ما يسبب

فإن كان : ( األستاذ مفسدة، يقول السمعاين موصيا املتعلم عند الدخول على .)٢()عليه نعالن فليخلعهما قبل دخوله عليه

رسول دبينما حنن جلوس عن: وعن أنس بن مالك رضى اهللا عنه قال فاطلع رجل من ، ))يطلع عليكم اآلن رجل من أهل اجلنة((: قال اهللا

، )٣(احلديث ..األنصار، ينظف رأسه من وضوئه، معلق نعليه يف يده الشمالدعوت أبا هريرة رضي اهللا عنه إىل مرتيل، وىف مرتيل مبسوط : (قبة وقال ع

.)٤()نعليهفلم جيلس عليه حىت خلع

.٩٤-٩٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٢٢أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .مصدر سابق، نفس الصفحة، واحلديث صحيح رواه أمحد: در السابقاملص) ٣( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤(

: تنظيم عملية الدخول على األستاذ -هـكانوا مجاعة يقدم (ويستحب تنظيم عملية الدخول على األستاذ إذا

أفضلهم، وأسنهم بالدخول، والسالم عليه، مث يسلم عليه األفضل .)١()فضلفاأل

: مراعاة حال األستاذ وظروفه -ووينبغي للمتعلم أن يقدر حالة األستاذ و ظروفه، فإذا دخل عليه ووجد

: معه غريه، أو وجده يكتب أو يطالع، فال يثقل عليه، يقول ابن مجاعة ومىت دخل على الشيخ يف غري الس العام، وعنده من يتحدث معه فسكتوا (

أو يذكر أو يكتب أو يطالع يصليلشيخ وحده عن احلديث، أو دخل وافترك ذلك أو سكت ومل يبدأه بكالم أو بسط حديث، فليسلم، وليخرج سريعا، إال أن حيثه الشيخ على املكث، وإذا مكث فال يطيل إال أن يأمره

.)٢()بذلكملسلمني على تنظيم العالقة بني وتعكس تلك اآلداب حرص املفكرين ا

املتعلم الوقت املناسب للزيارة العلمية، يراعي حبيث املتعلم واألستاذوالظروف النفسية املناسبة لألستاذ، ويف ذلك احترام للعلماء من ناحية، ومتكني للمتعلمني من حسن االستفادة بعلم العلماء يف ظروف مناسبة، حبيث

.ينالون منهم أقصى استفادة علمية ممكنة:א:א

ب السابقة، اليت ينبغي أن يتحلى ا املتعلم يف سلوكه مع جبوار اآلداأستاذه أثناء حضوره لدروس أستاذه، وعند زيارته يف مرتله، أو مكتبه، هناك آداب أخرى حيسن باملتعلم أن يلتزم ا مع أساتذته يف جمال احلياة العامة،

.٩٤تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٩٦-٩٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة)٢(

: ومن أهم تلك اآلداب א−١ מ א :א : املبادرة بإلقاء السالم، وتقدمي العون لألستاذ -

ال تقتصر العالقة بني املتعلم وأستاذه داخل املؤسسة التعليمية، بل متتد إىل احلياة العامة، فإذا صادف املتعلم أستاذه يف الطريق فليبادره السالم، وليعمل جهده على خدمته ومساعدته، ويلزم نفسه اآلداب احلميدة يف تعامله

إذا صادف الشيخ يف طريقه بدأه بالسالم، ويقصده : (معه، يقول ابن مجاعة إن كان بعيدا، وال يناديه وال يسلم عليه من بعيد وال من ورائه، بل يقرب

.)١()منه ويتقدم عليه مث يسلم : محاية األستاذ من الضرر واألذى -

إذا مشى (م واألستاذ أحق باحلماية من األضرار واملفاسد، فعلى املتعلمع الشيخ فليكن أمامه بالليل، وخلفه بالنهار إال أن يقتضي احلال خالف ذلك، لزمحة أو غريها، ويتقدم عليه يف املواطئ جمهولة احلال كوحل أو حوض أو املواطئ اخلطرة، وحيترز من ترشيش ثياب الشيخ، وإذا كان يف

وقد عد الزرنوجي ،)٢()زمحة صانه عنها بيديه إما من قدامه أو من ورائهومن توقري املعلم أال ميشي : (ذلك السلوك من توقري األستاذ حيث قال

.)٣()أمامه : مؤانسة األستاذ أثناء السري -

ومن األدب أن حيرص املتعلم على مؤانسة أستاذه يف الطريق أثناء وإذا مشى أمامه التفت: (السري فيما ال قبح فيه من الكالم، يقول ابن مجاعة

.١١٢-١١١ص: املصدر السابق) ١( .١١٠ع واملتكلم، مصدر سابق، صتذكرة السام: ابن مجاعة) ٢( .٤٧تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٣(

إليه بعد كل قليل، فإن كان وحده والشيخ يكلمه حالة املشي ومها يف ظل فليكن يف ميينه، وقيل عن يساره متقدما عليه قليال ملتفتا إليه، ويعرف الشيخ

. )١()مبن قرب منه أو قصده من األعيان إن مل يعلم الشيخ به : عدم السري بني األستاذ ومرافقه -

فق يتحدث معه، فعلى املتعلم أن يتأخر عنهما وإن كان مع األستاذ مراوال ميشي بني : (لئال يستمع حلديثهما إال أن يدخاله، يقول ابن مجاعة

الشيخ وبني من حيدثه، ويتأخر عنهما إذا حتدثا أو يتقدم، وال يقرب وال يستمع وال يلتفت، فإن أدخله يف احلديث فليأت من جانب آخر، وال يشق

مع الشيخ اثنان فاكتنفاه، فقد رجح بعضهم أن يكون بينهما، وإذا مشى .)٢()أكربمها عن ميينه، وإن مل يكتنفاه تقدم أكربمها وتأخر أصغرمها

: عدم مزامحة األستاذ أو مضايقته -ومن متام أدب املتعلم مع أستاذه يف الطريق أن يؤثره مبا فيه النفع، فال

وال ميشي جلانب الشيخ إال حلاجة أو : (يزامحه وال يضايقه، يقول ابن مجاعة إشارة منه، وحيترز من مزامحته بكتفه، أو بركابه إن كانا راكبني، أو مالصقة ثيابه، ويؤثره جبهة الظل يف الصيف وجبهة الشمس يف الشتاء، وجبهة اجلدار

وباجلهة اليت ال تقرع الشمس فيها وجهه إذا التفت ،وحنوها )٣(يف الرصافات .)٤()إليه

.١١٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١١١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢(تمع فيها ماء هي احلجارة اليت يوصف بعضها إىل بعض يف سبيل فيج: الرصافات) ٣(

.٢٢٧لسان العرب، مرجع سابق، ص : املطر، ابن منظور .١١١-١١٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

א−٢ א מ א :אينبغي للمتعلم أن حيرص على جمالسة أساتذته يف حيام العامة، ليقتدي

جالس الكرباء، : ( جحيفة، قال أيبم، وليأخذ عنهم فضائل األخالق، عن السوا من ج: (، وقال عيسى عليه السالم )١()وخالل العلماء وخالط احلكماء

يذكركم باهللا رؤيته، ومن يزيد يف علمكم منطقه، ومن يرغبكم يف اآلخرة فاعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب : (، ويقول الغزايل )٢()عمله

ليخرج األخالق السيئة منه بتربيته، وجيعل مكاا خلقا حسنا، ومعىن التربية ات األجنبية من بني الزرع يشبه فعل الفالح الذي يقلع الشوك وخيرج النبات

ليحسن نباته ويكمل ريعه، وال بد للسالك من شيخ يربيه ويرشده إىل سبيل احلكايات عن العلماء : (، وعن أيب حنيفة رمحه اهللا تعاىل قال )٣()اهللا تعاىل

، )٤() من كثري من الفقه، ألا آداب القوم وأخالقهمإيلوجمالستهم أحب .)٥() نأيت مسروقا فنتعلم من هديه ودلهكنا: (وعن إبراهيم قال

وألمهية جمالسة العلماء وأثرها على املتعلم فعليه أن يتحلى باآلداب :التالية : إفشاء السالم - أ

إذا دخل املتعلم الس فيه مجاعة ومن بينهم أستاذه فعليه أن يعمهم عنده مجاعة إذا دخل الطالب على اململي فوجد : (بالسالم، يقول السمعاين

.١٢٦، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق)٢( .١٢٨أيها الولد، مصدر سابق، ص: الغزايل) ٣( .١٢٧، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب)٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق)٥(

لقي ابن مسعود أعرايب : (، وعن علقمة قال )١()فيستحب أن يعمهم بالسالمصدق : وحنن معه قال السالم عليكم يا أبا عبد الرمحن، فضحك، فقال

ال تقوم الساعة حىت يكون ((: يقول رسول اهللا، مسعت رسول اهللا وحىت يتخذ (( : وإن هذا عرفين من بينكم فسلم علي))السالم على املعرفة

))املساجد طرقا)٢(.

ثالث من مجعهن فقد مجع : ( اهللا عنه قال يوعن عمار بن ياسر رضاإلنفاق من اإلقتار، وإنصاف الناس من نفسه، وبذل السالم : اإلميان اهللا يأن رجال سلم على أىب بكر رض: (، وعن ميمون بن مهران )٣()للعامل

من بني هؤالء : سول اهللا، قالالسالم عليكم يا خليفة ر: عنه فقال .)٤(!)أمجعني؟ : ختصيص األستاذ مبزيد من التحية -ب

وللمتعلم بعد أن يعم احلاضرين بالسالم أن خيص األستاذ مبزيد من فقالوا من أدب الداخل على العامل أن يسلم : (التحية لفضله، يقول أبو هالل

: قال - اهللا عنهرضي- وعن علي ،) على أصحابه عامة، وخيصه بالتحية .)٥()من حق العامل عليك أن تسلم على القوم عامة وختصه بالتحية(

.١٢١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١(، واحلديث من ١٢١أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص : السمعاين) ٢(

.حديث رواه يف أمحد يف مسنده .١٢١ص : سابق املصدر ال) ٣( املصدر السابق نفس الصفحة) ٤(احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه، مصدر سابق، : أبو هالل العسكري) ٥(

.٨٤ص

: التوسعة لألستاذ يف اجمللس عند دخوله -جوأما إذا كان املتعلم يف الس، مث دخل األستاذ فينبغي أن يوسع له،

، )وإن كان الس خاصا ودخل عليهم اململي أوسعوا له: (يقول السمعاىن وال يوسع اجملالس (( : قال رسول اهللا : اهللا عنه قال ين أىب هريرة رضوع

، ))لذي سن لسنه، ولذي علم لعلمه، ولذي سلطان لسلطانه :إال لثالث ثالث جند يف الكتاب حيق علينا أن نكرمهم وأن : (وعن كعب األحبار، قال

لسطانه، ذو السن، وذو السلطان : نشرفهم، وأن نوسع عليهم يف االس ) .وحامل الكتاب

: حسن خماطبة املتعلم ألستاذه -دو ينبغي للمتعلم إذا رغب يف خماطبة أستاذه أال يناديه بامسه، بل يكنيه،

، وعن صهيب بن سفيان ) ويكنيه يف خطابه وال يسميه: (يقول السمعاين ان ، وعن سفي"يا أبا حيىي": قال له أن رسول اهللا : ( اهللا عنه يرض

.)٣() كنياه أبا مرة: ، قال فقوال له قوال لينا: الثوري يف قوله عز وجل : استخدام األلفاظ الدالة على فضل ومكانة األستاذ -هـ

و ينبغي للمتعلم أن يستخدم يف خماطبة األستاذ األلفاظ الدالة على أيها املعلم، أو أيها احلافظ وحنو: يقول (مكانته،و فضله وعلو قدره،

عظمه يف خطابه، شيءوإذا خاطب الطالب اململي أو راجعه يف (، )١()ذلك .)٢()أيها األستاذ، أو أيها املعلم، أو أيها احلافظ وحنو ذلك: مثل أن يقول له

: عدم خماطبة األستاذ من بعد، أو مبا ال يليق من القول -ون ال وينبغي أ(وعلى املتعلم أن حيذر من خماطبة أستاذه من بعد،

يا سيدي : خياطب شيخه بتاء اخلطاب وكافه، وال يناديه من بعيد، بل يقول

.١٨٣، ص١اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ج: اخلطيب البغدادي) ١( .١٣٦أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢(

.)١()ويا أستاذي: وليحذر أيضا من خماطبته مبا ال يليق من اخلطاب، يقول ابن مجاعة

وليتحفظ من خماطبة الشيخ مبا يعتاده بعض الناس يف كالمه، وال يليق (ومسعت ،وتدري، ويا إنسان، وحنو خطابه به، مثل إيش بك ؟، وفهمت ،

ذلك، وكذلك ال حيكي له ما خوطب به غريه مما ال يليق خطاب الشيخ به، وإن كان حاكيا، مثل قال فالن لفالن أنت قليل الرب، أو ما عندك خري،

قال : وشبه ذلك، بل يقول إذا أراد احلكاية ما جرت العادة بالكناية، مثل .)٢() عند البعيد خري وشبه ذلكفالن لفالن األبعد قليل الرب، وما

: عدم قطع املتعلم حديث أستاذه، أو مسابقته يف الكالم - زينبغي للمتعلم عند حمادثة األستاذ أال يقطع عليه كالمه، وال يسابق،

وينبغي أن ال يقطع على الشيخ كالمه، أي كالم (وال ينشغل عنه باآلخرين، يصرب حىت يفرغ الشيخ من كالمه، مث كان، وال يسابقه فيه، وال يساوقه، بل

.)٣()يتكلم، وال يتحدث مع غريه والشيخ يتحدث معه، أو مع مجاعة الس :االحتراز من أن يتضمن كالمه ما فيه إساءة أو بذاءة -ح

وليحترز املتعلم من أن يتضمن حديثه ما فيه إساءة أو بذاءة يقول ابن وال حيكي ما يضحك منه، أو ما وال يكثر كالمه من غري حاجة، : (مجاعة

فيه بذاءة أو يتضمن سوء خماطبة، أو سوء أدب، وال يضحك لغري عجب، . )٤()وال يعجب دون الشيخ، فإن غلبه تبسم بغري صوت ألبتة

.٨٩كرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذ: ابن مجاعة) ١( .١٢٢ص: املصدر السابق) ٢( .١٠٧ص: املصدر السابق) ٣( .٩٨تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

: عدم الرد على األستاذ فجأة -ط وليتحفظ أيضا من مفاجأة األستاذ بالرد عليه أثناء احملادثة، يقول ابن

وليتحفظ من مفاجأة الشيخ بصورة رد عليه، فإنه يقع ممن ال حيسن : (مجاعة .)١()األدب من الناس كثريا

מ−٣ א :מ ال بد للمتعلم من تعظيم أستاذه وتوقريه، لينتفع مبا يتعلم، يقول

:الزرنوجي م العلم أعلم بأن طالب العلم ال ينال العلم، وال ينتفع به، إال بتعظي(

إن : (، وعن أبان بن طاوس عن أبيه قال )٢()وأهله، وتعظيم األستاذ وتوقريه .)٣()من السنة أن توقر العامل

: االعتراف حبق األستاذ وفضله -أنا : (-رضي اهللا عنه-ومن تعظيم األستاذ االعتراف حبقه، قال على

إن شاء عبد من علمين حرفا واحدا، إن شاء باع، وإن شاء استرق، وأن يعرف له حقه، وال ينسى له فضله، (، ومن تعظيم حرمة األستاذ )٤()أعتق

: كنت إذا مسعت من الرجل احلديث كنت له عبدا ما حييا، وقال: قال شعبة .)٥()ما مسعت من أحد شيئا إال واختلفت إليه أكثر مما مسعت منه

: شكر األستاذ -صنيعه، وما قدمه إليه من ومن االعتراف حبق األستاذ أن يشكر له

.١٠٧ص: املصدر السابق) ١( .٤٦تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٢( .١١٣، ص١ وفضله، مصدر سابق، ججامع بيان العلم: ابن عبد الرب) ٣( .٤٧تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٤( .٩٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٥(

أن يشكر الشيخ على توفيقه على ما فيه : (نصح أو توجيه، يقول ابن مجاعة من فضيلة، وعلى توبيخه على ما فيه من نقيصة، أو على كسل يعتريه، أو قصور يعانيه، أو غري ذلك مما يف إيقافه عليه، وتوبيخه وإرشاده وصالحه،

تعاىل عليه، باعتناء الشيخ به، ونظره إليه، ويعد ذلك من الشيخ من نعم اهللا .)١()فإن ذلك أمثل إىل قلب الشيخ، وأبعث على االعتناء مبصاحله

: التواضع لألستاذ - : ومن تعظيم األستاذ التواضع له أنشد البحتري

ـأكثر الناس علما ونفع تواضع إذا ما طلبت العلم تكن اـــ )٢(يرى أكثر األرض ماء ومرعي اضاــاخنف وكل مكان أشد

: تبجيل األستاذ -ويبالغ يف تعظيم : (، يقول السمعاين تبجيلهومن تعظيم األستاذ أيضا

خطب زياد ذات يوم على : (، ويقول أبو احلسن املدايين)٣()اململي وتبجيلهأيها الناس إين بت ليليت هذه مهتما خبالل ثالث، رأيت : منرب الكوفة، فقال

أتقدم إليكم فيهن بالنصيحة، رأيت إعظام ذوي الشرف، وإجالل ذوي أن العلم، وتوقري ذوي األسنان، واهللا ال أوتى برجل رد على ذي علم ليضع بذلك منه، إال عاقبته، وال أوتى برجل رد على ذي شرف ليضع بذلك منه شرفه، إال عاقبته، وال أوتى برجل رد على ذي شيبة ليضعه بذلك، إال

، وعن أنس بن )٤()ته، إمنا الناس بأعالمهم وعلمائهم وذوي أسنامعاقبجبلوا املشائخ، فإن تبجيل املشائخ من إجالل اهللا : (مالك رضي اهللا عنه قال

.٩٣-٩٢ص: املصدر السابق) ١( .١٤٤أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٢( .١٣٤ص: املصدر السابق) ٣( .٥٣، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: بد الربابن ع) ٤(

. )١()عز وجلא−٤ מ :א

إىل وإن كانت له حاجة سبقت القوم : ( يقول علي رضي اهللا عنه وإذا قام الشيخ بادر القوم إىل أخذ السجادة، : (ويقول ابن مجاعة ،)٢()خدمته

وإىل األخذ بيده أو عضده إن احتاج، وإىل تقدمي نعله، إن مل يشق ذلك على :الشيخ، ويقصد بذلك كله التقرب إىل اهللا تعاىل وإىل قلب الشيخ، وقيل

امه من جملسه ألبيه، قي: كان أمريا وإنأربعة ال يأنف الشريف منهن .)٣() ال يعلم، وخدمته للضيفعماوخدمته للعامل يتعلم منه، والسؤال

وعلى املتعلم أثناء خدمته األستاذ أن يلزم نفسه بأدب املناولة، يقول وإذا ناوله الشيخ شيئا تناوله باليمني، وإن ناوله شيئا ناوله : (ابن مجاعة

.)٤()نيباليم :א−٥

منوا اجتنبوا كثريا من الظن إن بعض آيأيها الذين : قال تعاىل يغتب بعضكم بعضا أحيب أحدكم أن يأكل حلم الظن إمث وال جتسسوا وال

.)٥(أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا اهللا إن اهللا تواب رحيم: عن الغيبة، فقال ذكر السوء يف الغيبة، سئل رسول اهللا : (والغيبة

كر أخاك مبا يكره، فإن كان فيه فقد اغتبته، وإن مل يكن فيه فقد أن تذ((الغيبة إدام كالب الناس، أحيب : اهللا عنهما يوعن ابن عباس رض. ))هبته

.١٣٦أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .١٢٩، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٢( .١٠٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .١٠٨ص: املصدر السابق) ٤( .١٢آية : احلجراتةسور) ٥(

أحدكم متثيل وتصوير ملا يناله املغتاب من عرض املغتاب على أفظع وجه .)١()…وأفحشه

هات باالنتهاء ولقبح الغيبة وخطورا على املتعلم، فقد وردت التوجيحلوم : (عنها حنو األفراد مجيعا، وحنو العلماء خصوصا، عن اإلمام أمحد قال

، وقال احلافظ بن )٢()العلماء مسمومة من مشها مرض، ومن أكلها ماتاعلم أن حلوم العلماء مسمومة، وعادة اهللا يف هتك أستار : (عساكر

بالثلب باله اهللا قبل موته من أطلق لسانه يف العلماء نمنتقصهم معلومة، وأ.)٣()مبوت القلب

:אمما سبق يتضح كيف اهتم الفكر اإلسالمي حبسن اختيار املعلم كما اهتم بوضع العديد من اآلداب والسلوكيات اليت ينبغي أن يلتزم ا املتعلم يف عالقته مع أستاذه، سواء كانت تلك العالقة داخل حلقات العلم أو خارجها

وهي آداب تعكس احترام العلم والعلماء من . احلياة اليومية بصفة عامةأو يفناحية، كما أا توفر اجلو النفسي والعلمي املالئم الذي يتيح للطالب حسن

.االستفادة من أستاذه

.١٥، ص٤، ج)ت.د(، )ت.د(الكشاف، دار املعرفة، بريوت، : الزخمشري) ١( .٧١املعيد يف أدب املفيد واملستفيد، مصدر سابق، ص: العلموي) ٢( .٧٢ص: املصدر السابق) ٣(

אא

-٥٤٩-

الفرد كائن اجتماعي ال ميكنه العيش مبفرده، بل ال بد من التفاعل مع املتعلم أن حيسن ىاآلخرين، وهؤالء منهم اخلري، ومنهم الشرير، وهلذا فعل

اختيار زمالئه، وذلك لتأثري الرفقة علي اإلنسان علي أن تقوم العالقة بينه .التعاون بينهموبني زمالئه علي أساس من املودة واالحترام، وأن يسود

מ: א :א املرء علي دين خليله، فلينظر أحدكم من خيالل، فكما أن العرق

ا، والناس جمبولون على تشبه بعضهم دساس؛ فإن سوء األدب دساس أيضببعض، و إن مما ييسر على املتعلم الطريق للتعلم أن حيسن اختيار زمالئه،

لي املتعلم يف استمراريته يف طلبه العلم، كما أن الزميل وذلك ألثر الزمالة عالفاضل يساعد زميله على اكتساب الفضائل النفسية واخللقية، ويف هذا السبيل قدم املفكرون املسلمون جمموعة من اإلرشادات والتوجيهات تعني

الصداقة بني األخيار، تكون ألجل : (املتعلم على ذلك، يقول ابن مسكويه، وأبرز الصفات اليت حددوها ليكون علي أساسها )١()وسببها اخلرياخلري،

: اختيار الزمالء هيא ، :א

والسبيل إىل معرفة ذلك بالسؤال عن نشأة الفرد منذ صباه بني والديه، إخوته، و عشريته، فإن عرف بالصالح فذلك، وإال فالبعد عنه أنفع وأحفظ و

خذناه عن سقراطيس، إذا أردنا أن نستفيد صديقا مما أ: (يقول ابن مسكويهأن نسأل عنه، كيف كان يف صباه مع والديه، ومع إخوته، وعشريته؟ فإن

وقد ،)٢() الصالح منه، وإال فالبعد منه وإياك وإياهكان صاحلا معهم فارج أن احمليط األسري للفرد له أثر كبري يف نشأته وتكوينه، بني رسول اهللا

.١١٥ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ١( .١٣٢ص: املصدر السابق )٢(

كل مولود يولد علي فطرة اإلسالم إال أن أبويه يهودانه، أو (:يقول .)١()ميجسانه ينصرانه، أو

فليكن صاحبا صاحلا دينا تقيا ورعا ذكيا، كثري : (ويقول ابن مجاعة .)٢()اخلري قليل الشر :א

واملعيار الثاين يف حتديد سرية الزمالء، أن يتعرف علي عالقتهم مبن مث اعرف بعد ذلك سريته : (أو مع املخالطني هلم، يقول ابن مسكويهسبق،

فإذا كان الزميل ،)٣()مع أصدقائه قبلك، فأضفها إىل سريته مع إخوته وآبائهحسن السرية مع والديه وإخوته، ومن عاشره من قبل كان ذلك أدعي

.لتوسم اخلري فيهא א א ، :מא

مث تتبع أمره يف شكر من جيب عليه شكره، أو : ( يقول ابن مسكويه، وداللة شكر اإلنسان للخالق القيام مبا افترض عليه قوال )٤()كفره النعمة

. عنه مقالة وسلوكاىوعمال، واإلمساك عما א :אلطبع فينبغي أن خيتار اد الورع، وصاحب ا: ( يقول الزرنوجي

املستقيم، واملتفهم، ويفر من الكسالن واملعطل، واملكثار، واملفسد، مث انظر إىل ميله إىل الراحات، وتباطئه عن : (ويقول ابن مسكويه، )٥()والفتان

.رواه البخاري: احلديث صحيح) ١( .٨٤-٨٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .١٣٢ق وتطهري األعراق، مصدر سابق، صذيب األخال: ابن مسكويه) ٣( .١٣٣ص: املصدر السابق) ٤( .٤٤تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٥(

-٥٥١-

والسبب يف ذلك أن الطباع تأخذ عن ، )١()احلركة اليت فيها أدىن نصب .بعضها بفعل األيام والليايل

א :אد اإلنسان املنقطع عن اتمع ومشكالته زاهدا، بل الزاهد هو ال يع

الفرد الذي يشارك اآلخرين أفراحهم وأتراحهم، ولكنه مالك لتصرفاته فليكن صاحبا صاحلا، دينا، تقيا، ورعا، : (وضابط لشهواته يقول ابن مجاعة

ذا نسي ذكره، ، قليل املماراة، إاملداراةذكيا، كثري اخلري، قليل الشر، حسن .)٢()وإذا ذكر أعانه وإن احتاج واساه، وإن ضجر صربه

א :אوحيترز عن جمالسة صاحب السوء، ليقصي والية : (يقول الغزايل

، ويقول )٣()شياطني اجلن واإلنس من صحن قلبه فيصفي عن لوثة الشيطنةء، أو اللحون، وضروب اللهو، مث انظر هل هو ممن يبايل بالغنا: (ابن مسكويه

واللعب، ومساع اون واملضاحيك، فإن كان كذلك فما أشغله عن مساعدات إخوانه، ومواسام، وما أشد هربه عن مكافأة بإحسان، واحتمال النصب، ودخول حتت مجيل، فإن وجدته بريئا من هذه اخلالل فلتحفظ عليه

.)٤()ولترغب فيهא: אמ :מא

: من احترام املتعلم لزمالئه، أن يعرف ملن هو أكرب منه سنا، أو أكثر

.١٣٣ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ١( .٨٤-٨٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .١٣٠لولد، مصدر سابق، صأيها ا: الغزايل) ٣( .١٣٤-١٣٣ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ٤(

علما حقه، ومن ذلك عند الدخول علي األستاذ أن يقدم األكرب سنا، يقول إذا حضر مجاعة من الطلبة وأذن هلم يف الدخول علي اململي، : (السمعاين

عن ابن ،يقدموا أسنهم، ويدخلوه أمامهم، فإن ذلك من السنةفينبغي أن )أمرين جربائيل أن أكبر(: قالعمر رضي اهللا عنهما عن رسول اهللا

وتقدمي الكبري فيه الكثري من النفع، واخلري، ، )١()الكرب أن قدموا: (وقالقال :وتوثيق عرى الصلة بني املتعلمني، عن ابن عباس رضي اهللا عنهما قال

.)٢()أكابركم الربكة مع( :رسول اهللا ومن مل حيترم الكبري فقد أساء األدب، وخالف النهج السليم، يقول

مالك مل : قلت أليب: -رمحه اهللا-قال عبد اهللا بن أمحد بن حنبل : (السمعايناعلم يا بين : تسمع من إبراهيم بن سعد، وقد نزل بغداد يف جوارك ؟ فقال

علينا، فلما كان بعد ذلك خرج، وقد اجتمع وأملىواحدا، أنه جلس جملسا ما أسوأ أدبكم : الناس، فرأى الشباب تقدموا بني يدي املشائخ، فقال

.)٣()تتقدمون بني يدي املشائخ ؟ال أحدثكم سنة، فمات ومل حيدث: وجيوز للمتعلم أن يقدم من هو أصغر منه، لعلمه، يقول السمعاين

من كان أعلم منه علي نفسه، جاز ذلك، وكان وإن قدم األكرب سنا(، وإسحاق بن بن حيىيكنت مع حيىي: قال احلسني بن منصور... مستحسنا: نعود مريضا، فلما حاذينا الباب تأخر إسحاق، وقال ليحىييوماراهويه

أنت أكرب مين، ،كريازيا أبا : تقدم أنت، فقال: إلسحاقتقدم، فقال حيىي .)٤()كرب منك، وأنت أعلم مين، فتقدم إسحاقنعم، أنا أ: قال

.١١٩أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .١٥ص: املصدر السابق) ٢( .١٢٠أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣( .١٥ص: املصدر السابق) ٤(

-٥٥٣-

א א :מومن احترام املتعلم لزمالئه، عدم التفريق بني متصاحبني، يقول ابن

أن يتأدب مع حاضري جملس الشيخ، فإنه أدب معه، واحترام : (مجاعةلس وسط لسه، وهم رفقاؤه، فيوقر أصحابه، وحيترم كرباءهم وأقرانه، ال جي

وال يفرق بني – كما يف جملس التحديث –احللقة وال قدام أحد إال لضرورة .)١()رفيقني، وال بني متصاحبني إال بإذما معا

מ: א :מ إن تعظيم املتعلم لزمالئه له أثر كبري يف استمرار املودة بينهم، وتقوية

ومن تعظيم : (زمالئه، يقول الزرنوجيى علالعالقة اليت تعود بالنفع عليه والعلم، تعظيم الشركاء يف طلب العلم، والدرس، ومن يتعلم منه، والتملق مذموم إال يف طلب العلم، فإنه ينبغي أن يتملق ألستاذه وشركائه ليستفيد

.)٢()منهم : التوسعة للزمالء يف الس والتحفظ عما يؤذيهم-

ه التوسعة هلم يف الس، وأن يتحفظ عما ومن تعظيم املتعلم لزمالئوينبغي للحاضرين إذا جاء القادم أن يرحبوا به، : (بن مجاعةايؤذيهم، يقول

ويوسعوا له، ويكرموه مبا يكرم مثله، وإذا فسح له يف الس وكان حرجا ضم نفسه، وال يتوسع وال يعطي أحدا منهم جنبه، وال ظهره، ويتحفظ من

جاره، أو جيعل مرفقه علىند حبث الشيخ له، وال جينح ذلك، ويتعهده ع .)٣()قائما يف جنبه، أو خيرج عن نسق احللقة بتقدم أو تأخر

وعلي املتعلم أن يداوم علي تعظيم زمالئه مهما طال عهده م، يقول

.١٥٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: مجاعةابن ) ١( .٥٣تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق،ص: الزرنوجي) ٢( .١٥٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(

من مل يكن تعظيمه بعد ألف مرة، كتعظيمه يف أول مرة، : قيل: (الزرنوجي أال يقطع عليهم :ومن تعظيم املتعلم لزمالئه أيضا ،)١()فليس بأهل العلم

وال يتكلم يف أثناء درس غريه، أو : (حديثهم أثناء درسهم، يقول ابن مجاعةدرسه مبا ال يتعلق به، أو مبا يقطع عليه حبثه، وإذا شرع بعضهم يف درس فال يتكلم بكالم يتعلق بدرس فرغ، وال بغريه مما ال تفوت فائدة إال بإذن من

.)٢()الشيخ، وصاحب الدرسومراعاة تلك اآلداب إمنا قصد ا حتقيق العالقة العلمية بني الزمالء أثناء الدرس، وإجياد نوع من التوافق واالنسجام، ويسر التعامل، وجتنب كل ما من شأنه أن يثري سوء التفاهم بني زمالء الدراسة، حبيث ال تكون بينهم

.املصلحة العلمية العامة للجميعإال املودة، والتعظيم، وحفظ

מ:א א :א ينبغي للمتعلم أن يتواضع لزمالئه، فال يفخر عليهم مبوهبته وتفوقه،

وال يفخر عليهم، أو يعجب جبودة ذهنه، بل حيمد اهللا : (يقول ابن مجاعةيل ، ومثرة التواضع حتص)٣()تعاىل علي ذلك، ويستزيده منه بدوام شكره

أن ال يستنكف أن يستفيد ما ال : (العلم، واالنتفاع به، يقول ابن مجاعةيعلمه ممن هو دونه منصبا، أو نسبا، بل يكون حريصا علي الفائدة حيث

، وقال أمحد بن )٤()كانت، واحلكمة ضالة املؤمن يلتقطها حيث وجدهادكم احلديث، علم باحلديث مين، فإذا صح عنأأنتم : ( قال لنا الشافعي:حنبل

.٥٣تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ١( .١٥٣ر سابق، صتذكرة السامع واملتكلم، مصد: ابن مجاعة) ٢( .١٦٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .٢٨ص: املصدر السابق) ٤(

-٥٥٥-

.)١()فقولوا لنا حىت آخذ به أنه واملتواضع يزداد رفعه عند اهللا، مث عند زمالئه، روي عن النيب

))إن التواضع ال يزيد العبد إال رفعة، فتواضعوا يرفعكم اهللا((: قالوعن ، )٢(

ما نقصت صدقة من مال، ((: قالأيب هريرة رضي اهللا عنه أن رسول اهللا ))أحد هللا إال رفعه اهللا عبدا بعفو إال عزا، وما تواضعاهللا وما زاد

وعن ، )٣(العبد إذا تواضع هللا رفعه : ( أنه كان يقول-رضي اهللا عنه-عمر بن اخلطاب

نعشك اهللا، فهو يف نفسه حقري، ويف أعني )٤(انتعش: اهللا حبكمته، وقيل لها، كما أن املكان ر علماملتواضع من طالب العلم أكث: (، وقالوا)٥()الناس كبري

.)٦()املنخفض أكثر البقاع ماءא: א א א :א

ميثل الكتاب ركيزة أساسية يف العملية التعليمية، أو يف دنيا التعليم، .وخباصة يف العهود اليت سبقت املطبعة

أول ما فالكتاب هو وعاء العلم ومصدره، وهو أول ما جيب اقتناؤه، و .)٧(حيتاج املتعلم إليه

وينبغي للمتعلم أن يبذل جهده يف توفري الكتب واملراجع اليت حيتاج : إليها أثناء طلبه عن طريق شرائها وذلك القتنائها، ويف ذلك يقول ابن مجاعة

.٢٩ص: املصدر السابق) ١( .١٤١، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣(: ض من عثرته، ونعشة تنعيشا، قال لهرفعه، انتعش العاثر، انته: نعشة اهللا، كمنعه) ٤(

.٧٨٤القاموس احمليط، مرجع سابق، ص: أنعشك اهللا، الفريوزآبادي .١٤١، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٥( .١٤٢ص: املصدر السابق) ٦( .٤٣مرجع سابق، صاملذهب التربوي عند ابن مجاعة، : عبد األمري مشس الدين. د) ٧(

،)١()ينبغي لطالب العلم أن يعتين بتحصيل الكتب احملتاج إليها ما أمكنه شراء( املتعلم فعلىا الرتفاع مثنها وقلة موارده املالية، أو لندرا فإن تعذر ذلك، إم

أن يلجأ حىت إىل اإلجارة واإلعارة، وعندئذ يقوم بإعطائها ملن ينسخها له نظري أجر معني، وذلك حىت ال يضيع وقته يف النسخ بنفسه، إال إذا كان

يشتغل وال ينبغي أن : ( النسخ لضيق ذات يده، يقول ابن مجاعةمضطرا إىل .)٢() استنساخهةبدوام النسخ إال فيما يتعذر عليه حتصيله، لعدم مثنه، أو أجر

א ، :אحث املفكرون املسلمون املتعلم على إعارة الكتب، وهذا املوضوع رمبا يبدو لنا اليوم بسيطا، أو نافال، والواقع أنه كان آنذاك جماال لألخذ والرد

.اك من يؤيد، وهناك من يكره أو ينكربينهم، فهنوقد شجعوا علي إعارة الكتب كي يسود التعاون والتعاطف بني

املتعلم أن يعري زمالئه كتبه ومراجعه، ويستعري منهم، وذلك ملا ىالزمالء، فعل شيءوإن فات لبعض الطلبة : (يناله املعري من الثواب واألجر، يقول السمعاين

من حضر كتابه حىت ينسخه منه، ويغتنم الثواب يف من الس فيعريه بعض يستحب إعارة الكتب ملن ال ضرر عليه فيها : (، ويقول ابن مجاعة)٣()ذلك

ممن ال ضرر منه ا، وكره قوم عاريتها واألول أوىل، ملا فيه من اإلعانة علي ، وقال ابن وهب حممد )٤()العلم، مع ما يف مطلق العارية من الفضل واألجر

إعارة الكتب عدت، كما )٥()الكتب أول بركة العلم إعارة: (مزاحمبن اللزمالء من متام مكارم أخالق املتعلم، حيث يروى أن أبا العتاهية أتى بعض

.١٤٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .١٧٤أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣( .١٤٨-١٤٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .١٧٥أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٥(

-٥٥٧-

أما : إين أكره ذاك فقال له: أعرين دفتر كذا وكذا، فقال: ( إخوانه فقال له .)١()علمت أن املكارم موصولة باملكاره، فدفع إليه الدفتر

وأفرد اخلطيب البغدادي يف بعض كتبه بابا خاصا يف الترغيب يف إعارة .)٢(الكتب؛ ملا يف ذلك من الرب واكتساب األجر واملثوبة

، א א :אخوف : أما الذين كرهوا إعارة الكتب، فقد كان ذلك ألسباب منها

فال – كتابا –وإذا أعاره : (اينحبسها وتأخريها عن أصحاا، يقول السمعيا : (قال يل الزهري: ، وعن يونس بن يزيد قال)٣()حيبسه عنده ويرده عاجال

حبسها : وما غلول الكتب ؟ قال: قلت: يونس إياك و غلول الكتب، قالليس من فعال أهل الورع، وال من فعال : (وقال الفضيل، )٤()أصحااعن

تابه فتحبسه عليه، ومن فعل ذلك فقد ظلم العلماء أن تأخذ مساع رجل وك إىل العالقة يسيءويعد حبس الكتب وتأخريها عن أصحاا مما ، )٥()نفسه

القائمة بني املتعلم وزمالئه، بل وميتد أثر ذلك إىل اإلساءة إىل اآلخرين، مما وألجل حبس الكتب املستعارة ( :جيعلهم ميتنعون عن اإلعارة يقول السمعاين

ال تأمن قارئا علي : واحد من إعارا، وعن حسن الزيات قالامتنع غري . )٦()علي حبلمحاال دفتر، وال

ومن األسباب اليت جعلت البعض يكره إعارة الكتب، أن الكتب يف

.١٧٤ص: املصدر السابق) ١( ٣٤٤، ص١اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ج: اخلطيب البغدادي) ٢(

.ومابعدها .٢٢٤اإلملاع، مصدر سابق، ص: القاضي عياض) ٣( .٢٤٣اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥( .١٧٤ واالستمالء، مصدر سابق، صأدب اإلمالء: السمعاين) ٦(

ذلك العصر كانت نادرة، حبيث إذا فقد أحدهم كتابا مل جيد بديله، قال كتبك فإنه إن ذهب لك كتب إيل البويطي، احفظ : (الربيع بن سليمانبل بلغ من احلرص علي الكتب لندرا أن ال تودع ، )١()كتاب مل جتد بديله

وال يعريه غريه، وال يودعه لغري : (عند أحد لغري ضرورة يقول ابن مجاعةيف وقت مل تعرف فيه وسائل -، وقد سامهت ندرة الكتب )٢()ضرورة .)٣()الوراقني( علي ظهور مهنة النساخني -الطباعة

كما كره البعض إعارة الكتب لسوء استخدامها، وعدم صيانتها واحملافظة عليها من التلف واإلفساد بأي شكل من األشكال، وبلغ حرصهم علي سالمة الكتب املعارة أم مل جييزوا تناوهلا باحلذف أو اإلضافة أو

إذن وال جيوز أن يصلحه بغري: (التصحيح إال برضا صحاا، يقول ابن مجاعةصحابه، وال حيشيه، وال يكتب شيئا يف بياض فواحته وخوامته إال إذا علم

.)٤()رضا صاحبهא א א א :א

وينبغي للمتعلم أن يأيت إىل مدرسته وهو يصحب معه ما يلزمه من اآلخرين، أدوات ولوازم ملا يف عدم توفريها من إرباك لزمالئه، وتشويش علي

وال حيضر جملس اإلمالء إال مع احملربة، عن الزهري : (وهلذا يقول السمعاين قال علي بن ،)من خرج من بيته بال حمربة فقد نوى الصدقة من نيته: قال

تدرون من الطفيلي يف أصحاب احلديث الذي يكتب من حمابر : ( املديينة كان كمن حضر من حضر جملس العلم بال حمرب: (قال الشافعي ، الناس

.٢٤٤اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ١( .١٦٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .١٦٤التربية اإلسالمية، مرجع سابق، ص: أمحد شليب. د) ٣( .١٧٩-١٦٨تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

-٥٥٩-

، ولذلك ورد النهي عن إعارة أدوات الدراسة، حىت ال )١()الطاحونة بال طعاميتعود الطالب التهاون والتقصري يف إعداد ما حيتاجون من أدوات وقراطيس

.)٢()وال يستعري كتابا مع إمكانية شرائه أو إجارته: (وكتب، يقول ابن مجاعة اخلطأ والنسيان، أبيح للمتعلم أن وحبكم طبيعة اإلنسان الذي يعتريه

يستعري من زمالئه، وأن يستخدم أدوام مىت ما قصر يف توفري األدوات واللوازم اليت حيتاجها يف درسه، خاصة إذا كان األمر ال حيتمل التأخري ملا فيه من ضياع الوقت، وتعذر استدراك ما يفوت، ولكون السماح واإلعارة من

.زمالء، ومما يوطد العالقة العلمية بينهممظاهر التعاون بني الولو مل يكن معه احملربة، وحضر جملس اإلمالء، : ( يقول السمعاين

وكتب من حمربة الغري جاز، فإن السلف فعلوا ذلك،قال أمحد بن بشر بن وساديت ومل فقعد علىكنت مع ابن املبارك يف سفينة، : زكريا بن عدي

: قال اهللا تعاىل: يستأذن، مث التفت إيل، فقاليستأذن، واستمد من حمربيت ومل أوصديقكم)٤())٣(.

كنت : ( وبني الزمالء ترفع الكلفة، قال حممد بن طارق البغداديمل : أستمد من حمربتك ؟ فقال: فقلت له– رمحه اهللا –جبنب أمحد بن حنبل

ند كنت ع: (، وقال حممد بن إبراهيم)٥()يبلغ ورعي ورعك هذا، وتبسم وبني يديه حمربة، فذكر أبو عبد اهللا حديثا، – رمحه اهللا –أمحد بن حنبل

.١٥٦-١٥٥أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ١( .١٦٧تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .٦١آية : النورسورة) ٣( .١٥٦أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٤( .١٥٧أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٥(

، )١()أكتب يا هذا، فهذا ورع مظلم: فاستأذنته بأن أكتبه من حمربته، فقال يلكان ببغداد رجل أراد أن يستمد من : (وقال حممد بن إبراهيم القرامقاين

وما أصنع :شن واشربه، فقالحمربة غريه، فاستأذنه، فقال خذ شيئا من اجلوار، )٢()تشربه لكي ال تأخذك التخمة من هذا الورع اليابس: باجلوارشن؟ فقال

.)٣()احلديث إذن ليس علي حمابر أصحاب: (وعن ابن املبارك قال:א

وإذا استعار املتعلم كتابا من زمالئه، أو استخدم أداة من أدوام حيسن وينبغي للمستعري أن يشكر املعري ذلك، : (بن مجاعةبه أن يشكرهم، يقول ا

ال ((: قال رسول اهللا : ، وعن أيب هريرة رضي اهللا عنه قال)٤()وجيزيه خريا))اهللا من ال يشكر الناس يشكر

إن أشكر الناس هللا أشكرهم ((: ، وقال )٥())للناس

من ((: قال رسول اهللا : ، وعن ابن عمر رضي اهللا عنهما قال)٦(إليكم معروفا فجازوه، فإن عجزمت عن جمازاته فادعوا له، حىت نعاصط

))شكرمت، فإن اهللا شاكر حيب الشاكرين يعلم أنكم قد)٧(.

מ: :אإن من مظاهر العالقة اجليدة بني الزمالء ما يتم بينهم من تفاعل علمي

.١٥٦ص: صدر السابقامل) ١( .١٥٧ص: املصدر السابق) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .١٤٨تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(، واحلديث ٢٤٧اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ٥(

.٧٠٢، مرجع سابق، ص١سلسلة األحاديث الصحيحة، مج: األلباين: صحيح .٧٠٢اجلامع ألخالق الراوي، مصدر سابق، ص: اخلطيب البغدادي) ٦(، واحلديث صحيح، ختريج أحاديث إحياء علوم الدين، ٢٤٨ص: املصدر السابق) ٧(

.٥٨٤، ص٢مرجع سابق، ج

-٥٦١-

، وقد تناول املفكرون واجتماعي، داخل املؤسسة التعليمية، أوخارجهااملسلمون أشكال هذا التفاعل، وحددوا ما جيب أن يلتزم به بعضهم جتاه بعض خالل هذا التفاعل، ومن أهم أشكال التفاعل الذي جيري بني

: املتعلمني:א−١

عندما يتلقى املتعلم العلم مع زمالئه، حيتاج إىل استخدام إحدى املناظرة واملذاكرة، فأما املناظرة فقد حث :ومهاوسيلتني لتثبيت املعلومات،

استخدامها وذلك لوردها يف القرآن الكرمي والسنة النبوية وملمارسة ىعلأمل تر إىل الذي حاج : قال اهللا تعايل )١(الصحابة رضوان اهللا عليهم هلا

ومييت قالحييي امللك إذ قال إبراهيم ريب الذي اهللاآتاهإبراهيم يف ربه أن أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن اهللا يأيت بالشمس من املشرق فأت ا من

.)٢(القوم الظاملني املغرب فبهت الذي كفر واهللا ال يهدي وتقرروا وتدافعوا يوم السقيفة جتادل أصحاب رسول اهللا ( وقد

وتناظروا حىت صار احلق يف أهله، وتناظروا بعد مبايعة أيب بكر يف أهل .)٣()الردة

وال بد للطالب من املذاكرة واملناظرة واملطارحة، :(يقول الزرنوجيوحق املناظرة : (ويقول املزين، )٤()فينبغي أن يكون باإلنصاف والتأين والتأمل

، كما جند الغزايل جيوز )٥()أن يراد ا اهللا عز وجل وأن يقبل ما يتبني

.١٠٨-٩٩، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١( .٢٥٨آية : البقرةسورة) ٢( .١٠٢، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: د الربابن عب) ٣( .٧٢تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٤( .١٠٨، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٥(

: لذلك عالمتان حيث قالاستخدام املناظرة إذا قصد ا إظهار احلق، وحدد لو وقع مسألة بينك وبني شخص أو قوم، وكانت إرادتك فيها أن تظهر (

أال : إحدامها: احلق وال يضيع جاز البحث، ولكن لتلك اإلرادة عالمتانأن : تفرق بني أن يتكشف احلق علي لسانك أو علي لسان غريك، الثانية

ويؤكد ، )١() املأليكون البحث يف اخلالء أحب إليك من أن يكون يففإن كانت نيته إلزام اخلصم : (الزرنوجي علي اجلانب نفسه حيث يقول

.)٢()وقهره فال حيل ذلك وإمنا حيل ذلك إلظهار احلقكما جيوز ممارسة املناظرة الستخراج املعلومات، وللتأكد من صحة ما

ظرة فإن املنا: ( املناظر، ولتثبيت ما تعلمه املتعلم، يقول الزرنوجيىلد: ، وقال املازين)٣()واملذاكرة مشاورة واملشاورة إمنا تكون الستخراج الصواب

إما تثبيت ملا يف يديه، أو انتقال من خطأ : ال تعدو املناظرة إحدى ثالث(: ، ويقول الزرنوجي)٤()كان عليه، أو ارتياب فال يقدم من الدين علي شك

تكرارا التكرار، ألن فيه وفائدة املطارحة واملناظرة أقوى من فائدة جمرد( وقال عمر بن عبد ،)٥()مطارحة ساعة خري من تكرار شهر: وزيادة، وقيل

: ، وقال أيضا)٦()رأيت مالحاة الرجال تلقيحا أللبام: (-رمحه اهللا-العزيز ، وقال حييي بن )٧() الرجال إال أخذ جبوامع الكلمالحىما رأيت أحدا (

املخاوضة واملراجعة علي وجه التعليم والفهم يريد باملالحاة هنا : (مزين

.١٣٦أيها الولد، مصدر سابق، ص: الغزايل) ١( .٧٢در سابق، صتعليم املتعلم طريق التعلم، مص: الزرنوجي) ٢( .٧٢ص: املصدر السابق) ٣( .١٠٨، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤( .٧٣-٧٢تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٥( .١٠٨، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٦( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٧(

-٥٦٣-

.)١()واملدارسة

א :אوحدد املفكرون املسلمون ضوابط وشروط الستخدام املناظرة، وقد أورد الغزايل تلك الضوابط و الشروط اليت ينبغي مراعاا ملمارسة املناظرة

: وهي من مل يفرغ من –فاية وهو من فروض الك– أن ال يشغل باملناظرة -

. فروض األعيان أن ال يرى فرض كفاية أهم من املناظرة، فإن رأى ما هو أهم وفعل -

.غريه عصي بفعله . أن يكون املناظر جمتهدا يفيت برأيه ال ملذهب- أن تكون املناظرة يف اخللوة أحب إليه وأهم من احملافل وبني أظهر -

.األكابر والسالطني طلبه للحق كناشد ضالته ال يفرق بني أن تظهر الضالة أن يكون-

.علي يده أو من يناظره، بل ويشكره إذا عرف الصواب أن ال مينع معينه يف النظر من االنتقال من دليل إىل دليل ومن إشكال -

.إىل إشكال .)٢( أن يناظر من يتوقع االستفادة منه ممن يشتغل بالعلم-

א :א : وقد ورد النهي عن املناظرة يف األمور التالية

أن : اجلدال واملراء يف القرآن الكرمي، واملراء يف القرآن الكرمي-١

.نفس الصفحة: املصدر السابق )١( .٤٥-٤٢، ص١إحياء علوم الدين، مصدر سابق، ج: الغزايل) ٢(

ى اثنان يف آية جيحدها أحدمها ويدفعها، أو يصري فيها إىل الشك، ريتما التنازع يف أحكام القرآن: فذلك هو املراء املمنوع، والذي جيوز يف كتاب اهللا

. يف كثري من ذلكومعانية، فقد تنازع أصحاب رسول اهللا عن -رمحهم اهللا- السلف ىاجلدال يف اهللا سبحانه وتعاىل، فقد -٢

وقد ينا عن : يقول ابن عبد الرب،اجلدال يف اهللا جل ثناؤه يف صفاته وأمسائه .)١(التفكر يف اهللا وأمرنا بالتفكر يف خلقه الدال عليه

الناظر يف القدر كالناظر يف : ( القدر، قال جعفر بن حممداملناظرة يف-٣رواها السلف : (، وقال أبو عمر)٢()حريةازداد عني الشمس كلما ازداد نظرا

وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علما وأوسعهم – أحاديث القدر –فمن مل يسعه ما وسعهم فقد فهم م عن عيا وأقلهم تكلفا ومل يكن سكو

.)٣()خاب وخسرא :א

ورد ذم استخدام املناظرة ملا قد يترتب عليها أحيانا من خصومات أال تناظر أحدا يف مسألة ما استطعت ألن : (ومفاسد وأضرار، يقول الغزايل

فيها آفات كثرية فإمثها أكرب من نفعها، إذ هي منبع كل خلق ذميم كالرياء ، وقد وعظ لقمان ابنه )٤()والكرب و احلقد والعداوة واملباهاة وغريهاواحلسد جتادل العلماء فتهون عليهم ويرفضوك وال جتادل السفهاء فيجهلوا ال: (قائال

عليك ويشتموك، ولكن اصرب نفسك ملن هو فوقك يف العلم، وملن هو دونك، فإمنا يلحق العلماء من صرب هلم ولزمهم واقتبس من علمهم يف

.٩٢، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١( .٩٢، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣( .٤١-٤٠لد، مصدر سابق، صأيها الو: الغزايل) ٤(

-٥٦٥-

.)١()رفقوإياك أن تشتغل ذا اجلدال الذي ظهر بعد انقراض : (وقال الزرنوجي

األكابر من العلماء، فإنه يبعد عن الفقه، ويضيع العمل، ويورث الوحشة .)٢()والعداوة

املراء يفسد الصداقة القدمية وحيل العقدة : ( وقال عبد اهللا بن حسني .)٣() واملغالبة أمنت أسباب القطيعةالوثيقة وأقل ما فيه أن تكون املغالبة،

الواجب علي العامل أن ال يناظر جاهال وال جلوجا، فإنه جيعل : (وقالوا وبيان الذم فيما سبق لكون املناظرة ،)٤()املناظرة ذريعة إىل التعلم بغري شكر

علىحترم املتعلم من االستفادة من العلماء، ولكوا أيضا تعني السفهاء .يه بسبب جهلهمالتطاول عل

كما ذمت املناظرة لكوا وسيلة إىل الشغب والغضب، يقول وحيترز عن الشغب والغضب، فإن املناظرة واملذاكرة مشاورة، : (الزرنوجي

واملشاورة إمنا تكون الستخراج الصواب، وذلك إمنا حيصل بالتأمل والتأين .)٥()واإلنصاف، وال حيصل ذلك بالغضب والشغب

زايل عن آفات املناظرة، وما يتولد منها من مهلكات وقد حتدث الغ: األخالق، مستشهدا ملا يقول باآليات واألحاديث، ومن تلك اآلفات ما يلي

احلسد، التكرب، احلقد، الغيبة، تزكية النفس، التجسس، الفرح ملساءة الناس والغم ملسارهم، النفاق، االستكبار عن احلق، الرياء، مث ذكر أنه يتشعب من

.١٠٧، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١( .٤١-٤٠تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٢( .٩٩، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣( .١٤٦، ص١، ججامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق: ابن عبد الرب) ٤( .٤٨-٤٥تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٥(

تلك اخلصال خصال أخرى كاألنفة، والغضب والبغضاء وحب طلب املال، .)١( إخل.. والطمع واجلاه للتمكن من الغلبة

א−٢ :א فيتحقق من ؛أما املذاكرة فقد تكون مبفرده وقد تكون مع زمالئه

: خالهلا األهداف اليت يسعى إىل حتقيقها عن طريق املناظرة يقول ابن مجاعةن يتذاكر مواظبو جملس الشيخ ما وقع فيه من الفوائد، والضوابط وينبغي أ(

والقواعد وغري ذلك، وأن يعيدوا كالم الشيخ فيما بينهم، فإن يف املذاكرة فيه ىيوم أخرج فألق: أيامي أربعة: (، ويقول اخلليل بن أمحد)٢()نفعا عظيما

وم أخرج فألقى من هو أعلم مين، فأتعلم منه، فذلك يوم فائديت وغنيميت، وي فيه من هو مثلي ىفيه من أنا أعلم منه فذلك يوم أجري، ويوم أخرج فألق

فيه من هو دوين وهو يرى ىفأذاكره، فذلك يوم درسي، ويوم أخرج فألق .)٣()يوم راحيت أنه فوقي، فال أكلمه وأجعله

، الطبيعةوليختر املتعلم من زمالئه للمذاكرة معه من عرفوا بسالمة وإياك واملذاكرة مع متعنت، غري : (للعلم والبحث، يقول الزرنوجيوحبهم

مستقيم الطبع، فإن الطبيعة متسرقة متغرية، واألخالق متعدية، وااورة .)٤()مؤثرة

א א א :אحث املفكرون املسلمون املتعلم على احلرص على الزمن فهو نعمة

نعمتان (( حق قدرها؛ مصداقا لقول الرسول عظيمة قل من يقدرها

.٤١-٤٠أيها الولد، مصدر سابق، ص: الغزايل) ١( .١٤٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .١٣٣، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣( .٧٣تعلم طريق التعلم، مصدر سابق، صتعليم امل: الزرنوجي) ٤(

-٥٦٧-

))الناس الصحة والفراغ مغبون فيهما كثري منوهو رأس مال اإلنسان، )١(

فيجب على املتعلم اغتنام زمن شبابه يف حتصيل العلم، فالعمر قصري والعلم .يضيع وقته وساعات عمره فيما ال ينفعه كثري، وال

اكرة، فأفضلها ما كان عقب وقد حددوا األوقات املناسبة للمذوينبغي املذاكرة يف ذلك عند : (الدرس وقبل انشغال الفكر، يقول ابن مجاعة

القيام من جملسه قبل تفرق أذهام، وتشتت خواطرهم، وشذوذ بعض ما .)٢()مسعوه عن أفهامهم

ويلي ذلك الوقت يف الفضل الليل، حيث اهلدوء والسكون، قال ون يف ءة الليل، وكان مجاعة من السلف يبدوأفضل املذاكر: (اخلطيب

فإن – الفجر -املذاكرة من العشاء، فرمبا مل يقوموا حىت يسمعوا أذان الصبحمل جيد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه، وكرر معىن ما مسعه، ولفظه

القلب كتكرار على خاطره، فإن تكرار املعىن على قلبه، ليعلق ذلك على أن يفلح من يقتصر علي الفكر، وقلن سواء بسواء، اللفظ علي اللسا

.)٣()والعقل، حبضرة الشيخ خاصة، مث يتركه ويقوم وال يعاوده:א:

ال حيقر من : ال يكون الرجل عاملا حىت تكون فيه ثالث خصال: ( قيل، )٤() علمه مثناعلىدونه يف العلم، وال حيسد من فوقه يف العلم وال يأخذ

فحري باملتعلم أن يأخذ ذا التوجيه يف عالقته مع زمالئه، وليعترف عندئذ

.رواه البخاري ومسلم: احلديث) ١( .١٤٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣(واحلديث . ١٣١، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤(

.٢٨٤، ص٦بق، جفيض القدير، مرجع سا: املناوي: صحيح

أن هناك فروقا فردية بني املتعلمني، ويؤمن أن هذه الفروق، بسبب ما وهبه اهللا لكل فرد، فال حيسد املتعلم زمالءه، لتفوق بعضهم عليه، أو تقدمهم، بل

.الل التنافس الشريف، ويعمل جهده يف سبيل اللحاق م من خيرضىنضر ((: الفروق حيث قال هذه وجود وقد أثبت رسول اهللا

اهللا أمرءا مسع منا حديثا فحفظه حىت يبلغه غريه، فرب حامل فقه ليس )) من هو أفقه منهإىل بفقيه، ورب حامل فقه

: ، وعن حممد بن سريين قال)١(أال فليبلغ ((: ىن، فقال مبخطبنا رسول اهللا : نبئت أن أبا بكرة حدث قال(

أن يبلغه من هو أوعى له منه، أو من هو الشاهد منكم الغائب، فإنه لعله))أحفظ له

أيها الناس (: وكان معاوية بن أيب سفيان خيطب باملدينة، يقول،)٢(إنه ال مانع ملا أعطى اهللا وال معطي ملا منع اهللا، ال ينفع ذا اجلد منه اجلد،

، مسعت هذه الكلمات من رسول اهللا ))ريا يفقهه يف الدينمن يرد اهللا به خ((٣() على هذه األعواد(.

واحلسد كما ظهر مضرة على صاحبه، مضيعة جلهده ووقته، يقول وينبغي أن يكون صاحب العلم مشفقا ناصحا، غري حاسد، : (الزرنوجي

وال وينبغي أال ينازع أحدا: ( ويقول أيضا،)٤()فاحلسد يضره وال ينفعه.)٥()خياصمهم، وال يعجب بفهمه

מ: :א

، ٤١-٤٠، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١( .واحلديث صحيح، رواه ابن ماجه

.٤١-٤٠، ص١ج: املصدر السابق) ٢( .٢٠، ص١ج: املصدر السابق) ٣( .٨٦-٨٥تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(

-٥٦٩-

)) لنفسهحيبال يؤمن أحدكم حىت حيب ألخيه ما ((: يقول )١(،

ومن هنا ينبغي للمتعلم أن ينصح زمالءه مبا يعود بالنفع عليهم فيما يتعلق ن أساء وإ: (بأسلوب احلياة، والتعامل أثناء الدرس وغريه، يقول ابن مجاعة

غريه، مل ينهره غري الشيخ، إال بإشارته، أو سرا بينهما علىبعض الطلبة أدبا .)٢()علي سبيل النصيحة

أن يرشد رفقته وغريهم من الطلبة إىل (ويذكر النووي أنه ينبغي جهة النصيحة، علىمواطن االشتغال، والفائدة، ويذكر هلم ما استفاده

يف علمه، ويستنري قلبه، وتتأكد املسائل معه، واملذاكرة بإرشادهم، يبارك له مع جزيل ثواب اهللا عز وجل، ومن خبل بذلك كان بضده، فال يثبت معه،

أن يرغب بقية الطلبة يف التحصيل، : ( ويقول ابن مجاعة.)٣()وإن ثبت مل يثمر مظانه، ويصرف عنهم اهلموم املشغلة عنه، ويهون عليهم مؤنته، علىويدهلم مبا حصله من الفوائد، والقواعد، والغرائب، وينصحهم بالدين، ويذكرهم

فبذلك يستنري قلبه، ويزكو عمله، ومن خبل عليهم مل يثبت علمه، وإن ثبت .)٤()مل يثمر

א: :א : إلقاء السالم عند حضور الدرس-

ضور قبل األستاذ يف سبق احلديث أن من آداب املتعلم مع أساتذته احل حضر املتعلم إىل قاعة الدرس ووجد زمالءه قد سبقوه ومىتقاعة الدرس،

وجيلس : (فليسلم عليهم، وليجلس حيث ينتهي به الس، يقول السمعاين

.احلديث صحيح، رواه مسلم) ١( .١٥٤-١٥٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .٥٢آداب العامل واملتعلم، مصدر سابق، ص: مقدمة اموع: النووي) ٣( .١٦٣-١٦٢تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

كنا إذا أتينا : عن جابر بن مسرة رضي اهللا عنه قال، حيث ينتهي به الس ذلك ال يتخطى رقاب ، وهو يف)١() جلس أحدنا حيث ينتهيالنيب

وإن : ( يقول السمعاين أيضا،اآلخرين الختيار املكان القريب من األستاذ .)٢()كان الس غاصا بأهله، ال يتخطى الرقاب

א :מ من التعايل علي ا نوع ذلكوقد ي عن التخطي لتصدر الس، ألن يف

كان لس يف صدر السويكره للطالب أن جي: (يقول السمعاين زمالئه،ما رأيت سفيان : (، قال علي بن ثابت)٣()ال يتصدر إال فائق أو مائق: يقال

الثوري يف صدر جملسه قط، إمنا كان يقعد إىل جانب احلائط، وجيمع بني من رأس التواضع : كان يقال: عن عبد العزيز بن أيب رواد قال، وركبتيه

اجتهد علي أن : الكاتبو حيىيقال أب، والرضا بالدون من شرف السال : قال عبد اهللا بن املعتز،تصلح الصدر وال جتتهد يف أن تقعد يف الصدر

تسرع إىل أرفع موضع يف الس فاملوضع الذي ترفع إليه من املوضع الذي .)٤(")حتط عنه

وجيوز للمتعلم أن يتخطى زمالءه، إذا استدناه األستاذ، أو املصلحة فإن استدناه اململي جاز له حينئذ ختطي : (، يقول السمعاينتعود علي زمالئه

كان لرجل منا حاجة إىل رسول اهللا : الرقاب، عن جابر رضي اهللا عنه، قالأين طالب احلاجة ؟ فجاء يتخطى رقاب : ، فلما فرغ من صالته، قال

.١٢٣ابق، صأدب اإلمالء واالستمالء، مصدر س: السمعاين) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢(لسان العرب، : مصدر أماق، وهو من املوق مبعىن احلمق، ابن منظور: األماق) ٣(

.٦، ص١٣مرجع سابق، ج .١٢٩-١٢٧أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٤(

-٥٧١-

وإذا سلم فال يتخطى رقاب احلاضرين إىل قرب : (، ويقول العلموي)١()الناسيخ إن مل تكن مرتلته، بل جيلس حيث انتهي به الس، كما ورد يف الش

احلديث، فإن قسمه الشيخ واحلاضرون، فليتقدم النتفاع احلاضرين مبذاكرته .)٢()مع الشيخ، أو لكرب سنه، أو لصالح

א א א :מفرق بني اثنني، أو جيلس له أال يفينبغي عزم املتعلم علي اجللوس، ومىت

بغري إذما عن أسامة بن زيد، حدثين عمرو بن شعيب عن أبيه عند جده ال حيل لرجل أن يفرق بني اثنني ((: قالرضي اهللا عنهم، أن رسول اهللا

))إال بإذما .- يف الس:يعين– )٣(

א :אم أحد زمالئه، ورغب يف أما إذا كان املتعلم يف قاعة الدرس، وقد

ويستحب ملن كان جالسا يف : (اجللوس، فليوسع لزميله، يقول السمعايناحللقة أن يوسع للداخل، ويتزحزح له عن مكانه، عن وائلة بن اخلطاب

جالس دخل رجل املسجد، ورسول اهللا : القرشي رضي اهللا عنه، قاليا رسول اهللا، املكان : ل تزحزح له فقاوحده، فأقبل إليه، فلما رآه النيب

))حق املسلم علي املسلم إذا رآه أن يتزحزح له إن(( :واسع، فقال )٤( ،

جلليسي علي ثالث، إذا دنا رحبت به، وإذا جلس : (وقال سعيد بن العاص

.١٢٤ص: املصدر السابق) ١( .١٤٧ستفيد، مصدر سابق، صاملعيد يف أدب املفيد وامل: العلموي) ٢(واحلديث حسن، . ١٢٩أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣(

.٢١٣، ص٦فيض القدير، مرجع سابق، ج: املناوي .١٢٩أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٤(

.)١()وسعت له، وإذا حدث أقبلت عليهא א א אמ :א األستاذ، علىصلحة عرض ما يتعلم ومىت بدأ الدرس، واقتضت امل

زمالئه، ويوصي ابن علىفينبغي للمتعلم أن يلتزم دوره أو نوبته فال يتقدم بغري رضا من هي – زميله –مراعاة نوبته، فال يتقدم عليه : (مجاعة املتعلم

يسأله، وجاء رجل من ثقيف، فقال له، روي أن أنصاريا جاء إىل النيب األنصاري قد سبقك باملسألة، فاجلس كيما ا ثقيف، إنيا أخ(( :النيب

))نبدأ حباجة األنصاري قبل حاجتك)٢(.

وجيوز للمتعلم أن يقدم زميله عليه حلاجة، أو مصلحة تقتضي ذلك، نفسه من ىيستحب للسابق أن يقدم عل: قال اخلطيب: (يقول ابن مجاعة

ن للمتأخر حاجة كان غريبا لتأكيد حرمته ووجوب ذمته، وكذلك إذا كاضرورية وعلمها املتقدم، أو أشار الشيخ بتقدمه، فيستحب إيثاره، فإن مل يكن شيء من ذلك حنوه، فقد كره قوم اإليثار بالنوبة، ألن قراءة العلم

.)٣()واملسارعة إليه قربة، واإليثار بالقرب مكروه ابن وحتديد النوبة حسب األسبقية يف احلضور إىل قاعة الدرس، يقول

،)٤()وحيصل تقدم النوبة بتقدم احلضور يف جملس الشيخ أو إىل مكانه: (مجاعةوقد يضطر املتعلم إيل اخلروج من قاعة الدرس حلاجة، فال يسقط حقه

وال يسقط حقه : (يقول ابن مجاعة. باخلروج، بل يعود إىل مكانه عند عودته

.١٥٩-١٥٨تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٦٠-١٥٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: مجاعةابن ) ٢( .١٦٠-١٥٩ص: املصدر السابق) ٣( .١٦٠ص: املصدر السابق) ٤(

-٥٧٣-

،)١()إذا عاد بعدهبذهابه إىل ما يضطر إليه من قضاء حاجة وجتديد وضوء، وإذا : ( املتعلم إذا نازعه زميله يف الدور أن يتربع له، يقول ابن مجاعةىوعل

.)٢()تساوق اثنان وتنازعا أقرع بينهما أو يقدم الشيخ أحدمها إن كان متربعا

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( .١٦٠-١٥٩ص: املصدر السابق) ٢(

:א حسن اختيار ى مما سبق يتضح كيف حرص الفكر اإلسالمي عل

على ممن جيمعون بني اخللق والدين واحلرص املتعلم لزمالئه ورفاق دراسته، جمموعة من اآلداب اليت علىالعلم والتعلم، كما اشتمل الفكر اإلسالمي

بني الزمالء واليت تتركز يف ضرورة االحترام املتبادل، ىينبغي أن تراعوالتواضع للزمالء، وعدم التحاسد، والتعاون يف طلب العلم، والنصح،

. ارة الكتب واألدوات يف حدود املنفعة العامةوتبادل استعارة وإعكذلك حدد هذا الفكر آداب اجللوس يف الدرس ومن له حق األولوية يف الس، ويف العرض علي األستاذ، وكلها آداب ترمي إىل إجياد املناخ العلمي املناسب ليستفيد اجلميع، ويتعاونوا علي مزيد من العلم والتعلم يف

.يسودها احلب والتعاون والتفاهم واالحترام املتبادلظل أجواء دراسية

אא א

מא− :אاإلنسان كائن اجتماعي بطبيعته، فمنذ والدته حيتاج إىل من يهتم به، ويشرف على تنشئته، وكذا يف شبابه ويف شيخوخته حيتاج إىل أن يعيش يف

اإلنسان من بني مجيع احليوان ال يكتفي بنفسه : (مجاعة، يقول ابن مسكويهبد له من معاونة قوم كثريي العدد حىت يتمم به حياته واليف تكميل ذاته،

إن اإلنسان مدين : طيبة، وجيري أمره علي السداد، وهلذا قال احلكماءبالطبع، أي هو حمتاج إىل مدينة فيها خلق كثري، لتتم له السعادة

.)١()اإلنسانيةق واإلنسان يف اتمع يرتبط باألفراد بصالت قوية ؛ تكفل له حتقي

جمموعة من األفراد (السعادة اإلنسانية اليت ينشدها، وهلذا عرف اتمع بأنه يعيشون معا فوق بقعة معينة بتعاون وتضامن، ويرتبطون بتراث ثقايف معني، ولديهم اإلحساس باالنتماء بعضهم لبعض، والوالء تمعهم، ويكونون

يف حاضرهم، جمموعة من املؤسسات اليت تؤدي هلم اخلدمات الالزمة .)٢()وتضمن هلم مستقبال مشرقا يف شيخوختهم، وتنظيم العالقات فيما بينهم

وملا كانت سعادة املتعلم وعكسها ترتبط باآلخرين ؛ كان ال بد له من السعي لنيل وإدراك الفضائل من خالل اتمع الذي يعيش فيه، إذ بدون

مصافاة اآلخرين وحمبتهم جمتمع ال ميكن أن تظهر له فضائل، فهو مضطر إىل .وتوجيههم، من خالل خمالطتهم ومساكنتهم، ومن خالل معاملتهم

بالطبع وبالضرورة حيتاج إيل غريه، فهو فكل: ( يقول ابن مسكويهلذلك مضطر إىل مصافاة الناس ومعاشرم العشرة اجلميلة، وحمبتهم احملبة

.٢٤ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ١(م، ١٩٨٣، ١التربية وثقافة اتمع، مؤسسة الرسالة، بريوت، ط: إبراهيم ناصر) ٢(

.٥١ص

وهو أيضا يفعل م مثل الصادقة، ألم يكملون ذاته، ويتممون إنسانيته،ذلك، فإذا كان كذلك بالطبع وبالضرورة، فكيف يؤثر اإلنسان العاقل والعارف بنفسه التفرد والتخلي، وال يتعاطى ما يرى الفضيلة يف غريه، فإذا القوم الذين رأوا الفضيلة يف الزهد، وترك خمالطة الناس، وتفردوا عنهم

ببناء الصوامع يف املفاوز، وإما بالسياحة يف مبالزمة املغارات يف اجلبال، وإما ذلك أن من مل خيالط …البلدان ال حيصل هلم شيء يف الفضائل اإلنسانية

الناس ومل يساكنهم يف املدن ال تظهر فيه العفة وال النجدة وال السخاء وال فيه باطلة ألا ال تتوجه ال إىل ركبتالعدالة، بل تصري قواه وملكاته اليت

خلري وال إىل الشر، فإذا بطلت ومل تظهر أفعاهلا اخلاصة ا صاروا مبرتلة ااجلمادات واملوتى من الناس، ولذلك يظنون ويظن م أم أعفاء وليسوا أعفاء، وأم عدول وليسوا بعدول، وكذلك سائر الفضائل، أعين إذا مل

أفاضل، وليست يظهر منهم أضداد هذه اليت هي شرور؛ ظن م الناس أم الفضائل أعداما بل هي أفعال وأعمال تظهر عند مشاركة الناس،

.)١()ومساكنتهم، ويف املعامالت، وضروب االجتماعات ومبقتضى ما سبق فاإلنسان ال يكتسب اخللق الفاضل إال من خالل

املتعلم تعلم الفضائل حىت ميكنه ممارسة دوره يف علىاحلياة يف مجاعة، وأن وحنن إمنا نتعلم الفضائل : ( الذي يعيش فيه، يقول ابن مسكويهاتمع

اإلنسانية اليت نساكن ا الناس وخنالطهم ونصرب علي أذاهم ؛ لنصل منها وا إىل سعادات أخرى، إذا صرنا إىل حال أخرى، وتلك احلال غري

.)٢()موجودة لنا اآلنإال من خالل وال ميكن للمتعلم أن ميارس دوره يف اتمع بنجاح

.٢٥-٢٤ذيب األخالق وتطهري األعراق، مصدر سابق، ص: ابن مسكويه) ١( .٢٥ص: بقاملصدر السا) ٢(

ول عن ئكلكم راع وكلكم مس((: االجتماعية، يقول باملسئوليةشعوره ول عن ئول عن رعيته، والرجل راع يف أهله ومسئرعيته، اإلمام راع ومس

))ولة عن رعيتهائزوجها ومس رعيته، واملرأة راعية يف بيت تلك الدعوة ،)١(

على –املتعلمني خاصة –متثل حرص اإلسالم علي تربية أفراد اتمع ولية يف خمتلف املرافق، وهلذا فقد قرر املفكرون املسلمون ئالشعور باملس

جمموعة من املسؤوليات والواجبات جتب على املتعلم حنو جمتمعه، وهي ما : يلي

א– א מ :א يعترب أفراد اتمع املسلم وحدة واحدة، حيث ورد يف حديث لرسول

))املؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا((أن هللا امثل ((: وقال ،)٢(

منه ىاملؤمنني يف توادهم وترامحهم وتعاطفهم مثل اجلسد الواحد إذا اشتك))واحلمىبالسهر له سائر األعضاءىعضو تداع

ولية ئ، لذلك عظمت مس)٣(احلق واإلرشاد العلماء واملتعلمني جتاه اتمع من حيث نشر العلم، وقول

.إليه، وتبليغ للناس وقد وردت األخبار واآلثار اليت حتث على نشر العلم، واملسامهة يف

مثل ما بعثين اهللا به من اهلدى ((: توعية أفراد اتمع، قال رسول اهللا الكثري، أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت املاء، والعلم كمثل الغيث

، وكانت منها أجادب أمسكت املاء فنفع والعشب الكثريفأنبتت الكأل إمنا ، وأصابت منها طائفة أخرى،وزرعوا ، فشربوا وسقوا،اهللا ا الناس

ختريج أحاديث إحياء علوم الدين، مرجع : أبو عبداهللا احلداد: احلديث صحيح) ١( .١٢٦٠-١٢٥٩، ص٤سابق، ج

ختريج أحاديث إحياء علوم الدين، مرجع : أبو عبداهللا احلداد: احلديث صحيح)٢( .١١٥٤، ص٤سابق، ج

.٧١األلباين، سلسلة األحاديث الصحيحة، مرجع سابق، ص: احلديث صحيح) ٣(

هي قيعان ال متسك ماء وال تنبت كأل، فذلك مثل من فقه يف دين اهللا ونفعه اهللا به فعلم وعلم، ومثل من مل يرفع بذلك رأسا ومل يقبل هدى اهللا

))ت بهالذي أرسل)١(.

ا، أينما كان، فيجب على طالب العلم أن يطرح العلم على الناس طرحمبختلف األساليب، مراعيا ما حيتاجه الناس يف أزمام وأماكنهم ومستويام املختلفة، وجييب على األسئلة إذا سئل وهو يعرف إجابتها؛ حىت ال يقع يف

من الذنوب العظام اليت وقع الكتمان، وعليه أن حيذر الفتوى بغري علم فهذه .فيها بعض طلبة العلم

اهللا أعلم، فلقد كان : فليس من العيب إذا سئل عما ال يعلم أن يقول .اهللا أعلم: كبار السلف إذا سئلوا ومل يعرفوا قالوا

كما عد نشر العلم من األعمال اليت تنفع املتعلم، قال حممد بن إمساعيل غفر : ما فعل اهللا بك ؟ قال: ن يف النوم فقلترأيت يزيد بن هارو: ( الصايغ

وعن ،)٢() ذا احلديث الذي نشرته يف الناس: ؟ قالشيءيل، قلت بأي تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة، وطلبه عبادة، : (معاذ رضي اهللا عنه

ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد وبذله قربة، وتعليمه من ال يعلمه .)٣()صدقة

نضر اهللا امرءا مسع(( : لنشر العلم، قال ل اهللا وقد دعا رسو))مسع منا حديثا فوعاه مث بلغه غريه مقاليت، أو

، وتعلو مكانة املتعلم عندما )٤(

.رواه البخاري: احلديث صحيح) ١( .١٢٤، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٢( .١١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(، واحلديث ١٢٤، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٤(

.صحيح، رواه أبو داود

من علم وعمل وعلم، : (ينشر علمه، روي عن علي رضي اهللا عنه أنه قال -همارضي اهللا عن- وعن ابن عباس ،)١()دعي يف ملكوت السماوات عظيما

.)٢()معلم اخلري يستغفر له كل شيء حىت احلوت يف البحر: (قالأول العلم الصمت، مث االستماع له، : ( وقال حممد بن النضر احلارثي

.)٣()مث العمل به، مث حفظه، مث نشره كما ورد الذم والتوبيخ ملن كتم العلم، ورفض نشره، وتعليمه لغريه

ق الذين أوتوا الكتب لتبيننه للناس ايثوإذ أخذ اهللا م: قال اهللا عز وجل .)٤(وال تكتمونه

وداللة اآلية الوعيد الشديد ملن كتم العلم، واألمر ببيانه، وتوعية أفراد كنا إذا ودعنا مالكا، يقول : (اتمع ملا فيه اخلري هلم، وعن ابن القاسم قال

.)٥()اتقوا اهللا، وانشروا هذا العلم وعلموه، وال تكتموه: لنا العلماء تبليغ على ولقد كانت تلك املبادئ اإلسالمية هي اليت أوجبت

العلم، وحالت دون كتمه، بل وسامهت يف شيوعه بني الناس، وفارق كبري أن يصبح اتمع كله أو جله متعلما، أو متفقها، وبني أن يتحول العلم إىل

.الناسامتياز للقلة، أو بضاعة غالية ال يناهلا إال الصفوة من ومن املعروف أن تعليم وتثقيف وتوعية أفراد اتمع ليس باألمر اليسري السهل، بل يتطلب من العلماء واملتعلمني الكثري من الصرب والتحمل،

، اللهم إليك نشكو غمادخلنا فاغتممنا وخرجنا فلم نزدد إال : (قال احلسن

.١٢٤جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ص: الربابن عبد ) ١( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٢( .١٤٤أدب اإلمالء واالستمالء، مصدر سابق، ص: السمعاين) ٣( .١٨٧آية : آل عمرانسورة) ٤( .١٢٣جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ص: ابن عبد الرب) ٥(

وا، وإن سكتنا عنهم هذا الغثاء الذي كنا حندث عنه، إن أجبناهم مل يفقهوكلناهم إىل عي شديد، واهللا لوال ما أخذ اهللا على العلماء يف علمهم ما

ولية العلماء أن يفقهوا ئ، ولكنها أمانة العلم ومس)١()أنبأناهم بشيء أبداالناس، كل الناس، وأن ينشروا العلم، كل العلم، وإال حاسبهم اهللا على

ييع العلم، وسكوت العلماء عن نشر العلم ذلك، هل تضيع اتمعات إال بتض . بني الناس ؟א− א(א א ):א

من الطبيعي أن جيد املتعلم بعض االحنرافات يف اتمع الذي يعيش : فيه، األمر الذي يتطلب تدخله، آمرا باملعروف وناهيا عن املنكر، قال تعاىل

أمة أخرجت للناس تأمرون باملعروف وتنهون عن املنكر كنتم خري .)٢( باهللا وتؤمنون

وينبغي للمتعلم أن يكون أمره باملعروف ويه عن املنكر قوال وعمال، فأما ما يتعلق باألفعال، فعليه أن يكون أمنوذجا ألفراد اتمع يف تعامله مع

.اآلخرين، كاحترامه للكبري ورمحته الصغري ينبغي أن تكون تصرفاته وفق ما تعلم، وأن يقرن املتعلم العلم كما

بالعمل ؛ ملا لذلك من وقع نفوس اآلخرين، وهلذا ينصح ابن مجاعة املتعلم بأن حيافظ على القيام بشعائر اإلسالم، وظواهر األحكام، كإقامة الصالة يف (

صح الغزايل كما ين،)٣()املساجد للجماعات، وإفشاء السالم للخواص والعوامبأن حيترز عن جمالسة صاحب السوء ليقصي والية شياطني اجلن (املتعلم

.٦-٥ضله، مصدر سابق، صجامع بيان العلم وف: ابن عبد الرب) ١( .١١٠آية : آل عمرانسورة) ٢( .٩١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(

.)١() عن لوثة الشيطنة فيصفىواإلنس من صحن قلبه ؛ وملا كان املتعلم أمنوذجا يف سلوكه وعمله وتصرفاته ألفراد اتمع، ، فقد ورد الوعيد ملن مل يعمل بعلمه ألنه من خالل ذلك يضلل األفراد

ويل ملن ال يعلم وال يعمل : (ويشجع علي نشر االحنرافات، قال أبو الدرداءإن : (، وقال مالك بن دينار)٢()مرة، وويل ملن يعلم وال يعمل سبع مرات

.)٣()العامل إذا مل يعمل زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفاهي عن املنكر وأما ما يتعلق باألقوال، فينبغي األمر باملعروف والن

حسب االستطاعة باليد واللسان أو القلب، وال يؤيت الفعل أو القول مثاره ما كالم القلب يقرع القلب، وكالم : (مل يكن صادرا عن القلب، قال سوار

إذا خرج : (وقال زياد بن أيب سفيان. )٤()اللسان مير علي القلب صفحا .)٥()للسان مل جياوز اآلذانالكالم من القلب وقع يف القلب، وإذا خرج من ا

وجيب أن يكون األمر باملعروف والنهي عن املنكر وفق طاقة املتعلم، إزالة على قدر علمه، ومبا يتيح له حماربة االحنرافات من خالل العمل ىوعل

اجلهل عن نفسه وعن سائر اجلهال، و إحياء الدين، وإبقاء اإلسالم، فإن (حذر املتعلم من خالل نشاطه التكلم بغري علم ؛ ، ولي)٦()بقاء اإلسالم بالعلم

مىت جيوز أن يعلم ( يفسد أكثر مما يصلح، سئل التستري رمحه اهللا ألنه عندئذ

.١١٠أيها الولد، مصدر سابق، ص: الغزايل ) ١( .٤، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٢( .٨ص: املصدر السابق) ٣( .صفحةنفس ال: املصدر السابق)٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥( .٣٧تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٦(

.)١()إذا عرف احملكمات من املتشاات: الناس ؟ قال وليعلم املتعلم أنه ال ميكن حتقيق ما يهدف إليه من إصالح وتوجيه إال

اخللق مع اآلخرين، وعرف الغزايل حسن اخللق إذا كان يتمتع ذاته حبسن مراد نفسك، بل حتمل على وحسن اخللق من الناس أال حتمل الناس : (بقوله

.)٢()مرادهم ما مل خيالفوا الشرععلى نفسك ومىت سادت تلك الروح ؛ روح األخوة واحملبة بني املتعلم وأفراد

معوجا منهم، يقول ابن مجاعة اتمع ؛ أمكنه التأثري فيهم، وتقومي ما يراهمبينا مكارم األخالق اليت ينبغي أن يتحلى ا املتعلم ؛ حىت يقبل اآلخرين

معاملة الناس مبكارم األخالق، من طالقة : (نصحه وإرشاده، بأن عليهالوجه، وإفشاء السالم، وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف األذى عن

وترك االستيثار، واإلنصاف، وترك الناس، واحتماله منهم، واإليثاراالستنصاف، وشكر التفضل، وإجياد الراحة، والسعي يف قضاء احلاجات، وبذل اجلاه يف الشفاعة، والتلطف بالفقراء، والتحبب إىل اجلريان،

.)٣()واألقرباء ومبثل تلك السلوكيات الرفيعة يستطيع املتعلم أن يكون قريبا من

فيهم والتصدي ملا جيده فيهم على التأثريكون قادرا قلوب الناس، وبالتايل ي .من احنرافات

: أن يتحلى بأمرين– لكي يتصدى لالحنرافات –كما ينبغي للمتعلم ، وهو يف مثل احلالة أن يكون جمتهدا يطلب الدليل واحلجة: أوهلما -

هو أن تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله (يكون متبعا، واالتباع

.١٢٤، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب)١( .١٣١أيها الولد، مصدر سابق، ص: الغزايل) ٢( .٢٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣(

.)١()صحة مذهبهو ؛ ألنه مذموم يف الدين لقول أن يبتعد املتعلم عن التقليد: وثانيهما - .)٢(اختذوا أحبارهم ورهبام أربابا من دون اهللا : اهللا تعاىل

أما إم لو أمروهم أن : ( وعن أيب البحتري يف تفسري اآلية قالوا حالل اهللا يعبدوهم من دون اهللا، ما أطاعوهم، ولكنهم أمروهم فجعل

.)٣()حرامه، وحرامه حالله، فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية ومن هنا ظهرت خطورة التقليد ؛ ألنه يفقد املتعلم ملكة التفكري، : ويصبح جمرد متلق، وتلك صفة اإلمعة ؛ الذي ال رأي له، يقول ابن عبد الرب

وال معناه، وتأىب والتقليد أن تقول بقوله وأنت ال تعرفه، وال وجه لقوله(سواه، أو أن يتبني لك خطؤه فتتبعه ؛ مهابة خالفه، وأنت قد بان لك فساد

.)٤()وتعاىلقوله، وهذا حمرم يف دين اهللا سبحانه ويظهر الفرق بني التقليد واالتباع، يف كون األول ال يعتمد علي دليل

هللا البصري يف أو حجة، بينما االتباع يستند إىل حجة ودليل، يقول أبو عبد اوالتقليد معناه يف الشرع الرجوع إىل قول ال حجة لقائله عليه، : (بيان ذلك

، كما يزيد أبو )٥()وذلك ممنوع منه يف الشريعة، واالتباع ما ثبت عليه احلجةكل من اتبعت قوله من غري أن يوجب : (عبد اهللا تعريفه السابق بيانا إذ يقول والتقليد يف دين اهللا غري صحيح، وكل من عليك الدليل ذلك فأنت مقلده،

أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، واالتباع يف الدين مسوغ

.٣٦، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب )١( .٣١آية : التوبةسورة) ٢( .١٩٠، ص٢جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣( .٣٧ص: املصدر السابق) ٤( .١١٧ص: املصدر السابق) ٥(

.)١()والتقليد ممنوع وقد ورد التحذير من التقليد أيضا ملا يترتب عليه من أضرار ومفاسد، ال تقتصر على املتعلم وحده، بل ميتد أثرها إىل اتمع الذي يعيش فيه

الفروج، وإراقة الدماء واسترقاق الرقاب، وإزالة األمالك وتصيريها (إباحة ك، بدون رجوع إىل كتاب أو سنة حمكمة، )٢()إىل غري من كانت يف يديه

. جماالت احلياةفضال عما يسببه كل ذلك من مجود وختلف يف شىتא− :א

ده يف عبادته، ومعامالته، املتعلم أن يطلب العلم الذي يرشعلى جيب حياته، وعلى ذلك بني فرض طلب العلم، شئونوأحوال قلبه، وسائر

وإمنا يفترض طلب علم احلال، كما : (واحلث على حتصيله يقول الزرنوجي، ومن بعد يتجه )٣()أفضل العلم علم احلال وأفضل العمل حفظ احلال: يقال

باعتبار أن حاجة اتمع إىل ختصص املتعلم لطلب العلم الذي يفيد اتمع، وأما حفظ ما يقع : (ما جتعله يف مرتبة الفرض على املتعلم، يقول الزرنوجي

يف األحايني ففرض على سبيل الكفاية، إذا قام به البعض يف بلدة سقط عن ، ويقول )٤()الباقني، فإن مل يكن يف البلدة من يقوم به اشتركوا مجيعا يف املأمث

قد أمجع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعني على كل : (ربابن عبد ال يف خاصته بنفسه ، ومنه ما هو فرض على الكفاية، إذا قام به قائم امرئ

.)٥()سقط فرضه على أهل ذلك املوضع

.نفس الصفحة: املصدر السابق) ١( .١١٨ص: املصدر السابق) ٢( .٢٩تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي )٣( .٣٢ص: املصدر السابق) ٤( .١٠، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٥(

وهذا ما دفع املفكرين املسلمني إىل تقسيم العلوم إىل ما هو فرض مثال (إجباري، وما هو اختياري، وعني، وفرض كفاية، ومن العلوم ما هو

خل، إ .االختياري الذي على سبيل الكفاية علوم احلساب واهلندسة والطبفهي كلها من قبيل فرض الكفاية ؛ ذلك أن األخذ ا يتوقف على ميول

وإمكاناته، وكذا حاجة اتمع إىل هذا العلم أو ومواهبهالفرد واستعداداته، .)١()ذاك

حتدد حاجة اتمع إىل ختصص ما فهي الدولة، أما اجلهة اليت عن حتقيق السعادة ألبنائها، يقول ابن مسكويه يف حتديد مسئولةباعتبارها مدير املدن أن يسوق كل إنسان حنو ىجيب عل: ( احلاكمىالواجب عل

أحدمها يف : سعادته اليت ختصه، مث يقسم عنايته بالناس ونظره هلم بقسمنيميهم بالعلوم الفكرية، واآلخر يف تسديدهم حنو الصناعات تسديد الناس وتقو .)٢()واألعمال احلسية

وقد تقتضي حاجة اتمع إىل إجبار املتعلمني على طلب العلم يف - املتعلمني-وعلى اإلمام أن يأمرهم: (ختصص معني، يقول الزرنوجي

لذي حيتاج واملتعلم يف طلبه العلم ا،)٣()بذلك، وجيرب أهل البلدة على ذلك .إليه اتمع يستجيب لدعوة اإلسالم بطلب العلم النافع لنفسه ولآلخرين

وقد عد املتعلم ضمن قوى خط الدفاع األول عما يواجه اتمع اإلسالمي من مشكالت بأنواعها، وتكمن أمهية املتعلم وفعاليته يف قدرته

قدرته على التمييز على التصدي للمشكالت بأنواعها اليت تواجه اتمع، ويف

الفكر التربوي العريب اإلسالمي، مرجع سابق، : حممود أمحد السيد وآخرون) ١( .٣٠٦ص

.٦٢ألعراق، مصدر سابق، صذيب األخالق وتطهري ا: ابن مسكويه) ٢( .٣٢تعليم املتعلم طريق التعلم، مصدر سابق، ص: الزرنوجي) ٣(

بني الصحيح والسقيم، مبا أويت من قوة بصرية، وهلذا قال عمر بن اخلطاب ملوت ألف عابد قائم الليل صائم النهار، أهون من موت : (رضي اهللا عنه

.)١()العاقل البصري حبالل اهللا وحرامهيف وتلعب عالقة التفاعل القائمة بني املتعلم وأفراد اتمع دورا فاعال

رضي اهللا -التصدي للتيارات املنحرفة، ومثال ذلك ما روي عن ابن عباس إن الشياطني قالوا إلبليس يا سيدي ما لنا نراك تفرح : ( أنه قال-عنهما

انطلقوا، فانطلقوا إىل عابد : فقال! مبوت العامل ما ال تفرح مبوت العابد ؟هل : قال له إبليسإنا نريد أن نسألك، فانصرف، ف: قائم يصلى، فقالوا له

أترونه كفر يف : ال، فقال: فقال! يقدر ربك أن جيعل الدنيا يف جوف بيضة ؟، مث جاء إىل عامل يف حلقة يضاحك أصحابه، وحيدثهم، فقال، إنا !ساعة ؟

هل يقدر ربك أن جيعل الدنيا يف جوف : سل، فقال: نريد أن نسألك، فقالل لذلك إذا أراده كن فيكون، قال يقو: وكيف ؟ قال: نعم، قال: فقال! بيضة ؟ .)٢()، ذاك ال يعدو عن نفسه، وهذا يفسد علي عاملا كثريا!أترون ؟: إبليس

يف أمثال تلك االس العلمية اليت تفيد اتمع رغب رسول اهللا : إقامتها، عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنهما أن رسول اهللا

، أحد السني يدعون اهللا ويرغبون إليه، واآلخر مر مبجلسني يف مسجده((كال السني على خري، وأحدمها : يتعلمون الفقه ويعلمونه، فقال

أفضل من اآلخر، أما هؤالء فيدعون اهللا ويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤالء فيتعلمون ويعلمون اجلاهل، وإمنا بعثت معلما

))معهممث أقبل فجلس )٣(.

.٢٦، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ١( .٢٦، ص١ج: املصدر السابق) ٢( .٥٠، ص١جامع بيان العلم وفضله، مصدر سابق، ج: ابن عبد الرب) ٣(

ومقتضى ذلك أن يطلب املتعلم من العلم ما حيتاج إليه اتمع لبناء ذاته، وتطوير قدراته، آخذا باحلذر من التصدي لكل مشكلة، ألن ذلك قد يوقعه يف اخلطأ، فال يتصدى ملا ال يعرفه، ومل يطلع عليه بشكل كاف، قال

علم، كان ما يفسد من عمل يف غري: (-رمحه اهللا-عمر بن عبد العزيز ولكن له أن ميارس دوره ونشاطه يف خدمة اتمع حتت ،)١()أكثر مما يصلح

.إشراف معلم حاذق باحث، ومن هنا قالوا جبواز فتوى املتعلم مبوافقة العامل:א

مما سبق يتضح كيف أكد املفكرون املسلمون على واجبات املتعلم ته االجتماعية عن توعية أفراد اتمع، ونشر حنو جمتمعه بصفة عامة، ومسئولي

ما لديه من علم، والتصدي لألمر باملعروف والنهي عن املنكر يف حدود ما يعلم ، وأن يراعي يف اختياره لتخصصه العلمي قدراته اخلاصة من ناحية، وحاجات اتمع إىل ختصصات معينة من ناحية أخرى، حبيث ال حيرم اتمع

.صص معني، ويلجأ إىل غري املسلمنياملسلم من خت

.٢٧ص: املصدر السابق) ١(

אא

) املعاهد- الكليات -املدارس(ا ما تشهد املؤسسات التعليمية كثريالتصرفات هذه بعض التصرفات غري السوية من قبل بعض املتعلمني، وتتمثل

يف عمليات اإلتالف واإلفساد والتخريب لبعض التجهيزات واملرافق، وهذا ملتعلم نفسه السلوك يتناىف مع قواعد السلوك السوي ؛ الذي يفترض أن يلزم ا

به جتاه مؤسسته ؛ مبا يعود بالنفع عليه، وعلي زمالئه، ولقد أدرك املفكرون املسلمون أمهية ذلك، لذا أرشدوا املتعلم إىل جمموعة من اآلداب والسلوكيات، اليت جيب أن يلتزم ا جتاه مدرسته أو معهده، علي النحو

: التايل−، א א אמ א אא:

أن ختلو مدرسة من املدارس اإلسالمية اليت انتشرت يف العامل قل اإلسالمي من مكتبة مزودة بالكتب اليت ختتلف يف أعدادها كثرة أو قلة، تبعا ملكانة املدرسة واألوقاف املرصودة هلا، هذا باإلضافة إىل املكتبات امللحقة

اوات والبيمارستانات، واملكتبات العامة، ودور باملساجد والزوايا واخلانق .الكتب اليت زخر ا العامل اإلسالمي

أداة ( وال خيفى على أحد أمهية املكتبة يف حتصيل العلم واملعرفة، فهي فهي جزء هام ال ميكن االستغناء عنه يف أي ،)١()تربوية حية خلدمة النشء .مدرسة أو مؤسسة تعليميةت من الوسائل اليت تساعد املتعلم على الدرس وملا كانت املكتبا

والبحث، لذا أكثر مؤسسو املدارس من إيقاف الكتب عليها، وأعدوا هلا البناء املناسب، ووفروا هلا العناصر البشرية الالزمة، من خزان، ومشرفني،

ودورها يف التربية، ترمجة مصطفى اجلويين، مؤسسة املكتبة: رالف. ج. ر) ١( ٣، ص)ت.د(، )ط.د(املطبوعات احلديثة، القاهرة،

.ومناولني، ونظار مؤشرا والشك أن كثرة املكتبات العام واخلاصة واملدرسية آنذاك يعد

هاما على تلك املكانة اليت متتع ا الكتاب يف ذلك العصر، وعلى مدى عناية .املسلمني بالعلم، ورعايتهم للعلماء واملتعلمني

ولقد تنافس احلكام والعلماء يف إهداء كتبهم، وإيقافها على مكتبات ، املدارس، مما جعل بعض احلكام يعتربها ثروة وطنية ال جيوز التفريط فيها

.والسماح بنقلها من بلد إىل آخرفها هو ابن الفوطي حيدث عن غىن املكتبة املستنصرية يف بغداد، وأنه

من الربعات الشريفة والكتب النفيسة احملتوية (نقل إليها يوم تكامل بناؤها على العلوم الدينية واألدبية ما محله مائة وستني مجال، جعلت يف خزانة

.)١()الكتبإىل أن الكتب مل تكن منتشرة، ومل يكن ( أمهية املكتبات آنذاك وترجع

باستطاعة الكثريين شراؤها ؛ نظرا الرتفاع مثنها وقلة عدد املوجود منها، ألن مجيع الكتب كانت خمطوطات مرتفعة الثمن، باهظة التكاليف، الرتفاع أمثان

ارتفاع أجرة اليد مواد الكتابة من األوراق واألقالم واملواد، باإلضافة إىل ، وهلذا كان للمكتبات دور كبري )٢()العاملة يف النسخ، وندرة هذه الطائفة

.وأثر بارز يف النهضة العلمية، ويف نشاط حركة التأليف والنسخوعادة ما يرتاد املتعلم تلك املكتبات لينهل من كتبها املتعددة، ولكوا

رض علي املتعلم حسن استخدام تضم الكتب النادرة واملتنوعة، األمر الذي يف

احلوادث اجلامعة والتجارب النافعة يف املائة السابعة، تصحيح وتعليق : ابن الفوطي) ١( .٥٩هـ، ص١٣٥١، )ط.د(مصطفى جواد، مطبعة الفرات، بغداد،

وحبوث جديدة يف تاريخ التربية اإلسالمية، دار دراسات: جماهد توفيق اجلندي) ٢( .١٥٠م، ص١٩٨٤، ١الوفاء، املنصورة، ط

كتب املكتبة، ملا لبقائها وطول مدا من أثر فعال يف إمكانية االستفادة منها . من قبل اآلخرين

: صيانة الكتب من العبث والتمزق- وهلذا فحري باملتعلم أن يصون تلك الكتب من العبث والتمزق، يقول

فع به غري معني، فال بأس فإن كان الكتاب وقفا على من ينت: (ابن مجاعةبالنسخ منه مع االحتياط، وال بإصالحه ممن هو أهل لذلك، وحسن أن يستأذن الناظر فيه، وإذا نسخ منه بإذن صاحبه، أو ناظره، فال يكتب منه والقرطاس يف بطنه، أو على كتابته، وال يضع احملربة عليه، وال مير بالقلم

.)١()املمدود فوق كتابته : املثلى لوضع الكتاب عند املطالعة الطريقة -

حدد املفكرون املسلمون الطريقة املثلى لوضع الكتاب عند املطالعة، إذا نسخ من الكتاب أو طالعه فال يضعه على األرض : (يقول ابن مجاعة

مفروشا منشورا، بل جيعله بني كتابني، أو شيئني، أو كرسي الكتب إذا وضعها يف مكان مصفوفة فلتكن املعروف، كي ال يسرع تقطيع حبله، و

على كرسي، أو على خشبة، أو حنوه، واألوىل أن يكون بينه وبني األرض .)٢()خلوة، وال يضعها على األرض كيال تندى أو تبلى

: بعض السلوكيات املرفوضة - أما ما يصدر من قبل بعض املتعلمني من تصرفات تشمل رمي وإلقاء

يات القرآنية واألحاديث النبوية يف صناديق بعض صفحات الكتب، وفيها اآلالنفايات، أو يف الطرقات فإنه يتناىف مع الطبع السليم، واخللق الفاضل، وعن

تنـزيل من :إذا حمت صبية الكتاب: (أنس بن مالك رضي اهللا عنه قال

.١٦٩تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٧٠ص: املصدر السابق) ٢(

من ألواحهم بأرجلهم، نبذ املعلم إسالمه خلف ظهره، مث ،)١(رب العاملني كيف كان املؤدبون : اهللا على ما يلقاه عليه، قيل ألنسيلقىيبال حني مل

على عهد األئمة أيب بكر وعمر وعثمان وعلي رضي اهللا عنه وعنهم ؟ قال كان املؤدب له أجانة، وكل صيب يأيت كل يوم بنوبته ماء طاهرا، : أنس

يصبون مث حيفرون يف األرض ف: فيصبونه فيها فيمحون به ألواحهم، قال أنس .)٢()ذلك املاء فينشف

: طريقة ترتيب الكتب- أرشد املفكرون املسلمون املتعلم إىل الطريقة املثلى لوضع الكتب، : وذلك مبراعاة الترتيب باعتبار علومها، أو باعتبار شرفها، يقول ابن مجاعة

ويراعي األدب يف وضع الكتب ؛ باعتبار علومها أو شرفها، ومصنفها (يضع األشرف أعلى الكل، مث يراعي التدريج، فإن كان فيها وجاللتهم، ف

املصحف الكرمي جعله أعلى الكل ، مث كتب احلديث، مث تفسري القرآن، مث .)٣()تفسري احلديثא− מ א :א

حيسن باملتعلم أن حيافظ على األثاث والتجهيزات يف مدرسته، هلا ؛ ملا يف ذلك السلوك من النفع له ولآلخرين ممن وخاصة عند استخدامه

معه ومن يأيت بعده، فحسن استخدام النوافذ واألبواب فيه داللة على وعي املتعلم، ومتام خلقه، وهلذا ي عن العنف يف إغالق األبواب ؛ وذلك بأن يتحفظ من الشدة والعنف يف إغالق الباب، أما إذا دعت الضرورة لطرق

يكن طرقا خفيفا، وأما من طرق الباب بشدة ال حيتاج إليها فقد الباب فل .)٤(أساء األدب

.٨٠آية : الواقعةسورة) ١( .٣٥٣آداب املعلمني، مصدر سابق، ص: ابن سحنون) ٢( .١٧١-١٧٠سامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذكرة ال: ابن مجاعة) ٣( .٢٣٣ص: املرجع السابق) ٤(

: احلفاظ على نظافة مكان الدرس- به مسجد، – إن مل يكن على الدوام – ومكان الدرس غالبا ما يكون

أو قاعة للدرس، وهذه عادة ما تكون مفروشة، األمر الذي يتطلب من ها وغريها بالتحفظ من السري على البسط بالنعل ؛ املتعلم أن حيافظ على نظافت

وإذا كان مسكنه يف مسجد : (ملا حتمله من أتربة وأوساخ، يقول ابن مجاعةاملدرسة أو يف مكان االجتماع ومروره علي حصرية وفرشه فليتحفظ عند

بل جيعل أسفل أحدمها إىل أسفل …صعوده إليه من سقوط شيء من نعليه إىل األرض بعنف وال يتركهما يف مظنة يلقيهما وال األخرى بعد نفضهما،

جمالس الناس والواردين إليها غالبا كطرقي الصفة، بل يتركهما إذا تركهما يف أسفل الوسط وحنوه وال يضعهما حتت احلصري يف املسجد حبيث

.)١()تنكسر : عدم تلويث احلوائط واجلدران بكتابة أو حنوها -

حيرص علي عدم تلويث جدران املدرسة وعلي املتعلم أيضا أن بالكتابة عليها باألقالم، أو استخدام أي مادة أخرى تؤدي إىل اتساخها

وال : (وقذارا، ويوصي ابن مجاعة املتعلم عند استخدم دورات املياه مبا يلييدخل يف ميضأا العامة عند الزحام من العامة إال لضرورة ملا فيه من التبذل،

، ويطرق الباب إذا كان مردودا طرقا خفيفا ثالثا، مث يفتحه ويتأىن عنده .)٢()نجسة، وال ميسح يده املتنجسة باحلائط أيضاب، وال يستجمر بتأن

א− א א :א إن من مفاخر احلضارة اإلسالمية ختصيص مساكن للطلبة لالنقطاع

إقامة الشعائر الدينية، ومراعاة للعلم، والتفرغ للتحصيل والدرس والبحث، و

.٢٣٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٢٣٢ص: املصدر السابق) ٢(

. املناخ العلمي والسلوكي اجليد، وتوفري الكثري من اخلدمات األخرى وأخذت ظاهرة سكن الطالب واملتعلمني يف املدارس تتبلور بعد شيوع التعليم وإقبال املتعلمني الواسع عليه، قاصدين مراكزه، والضالعني فيه،

رك أسرهم وأهليهم، واللجوء إىل مساكن وهذا هو ما دعا طالب العلم إىل تخصصت هلم، فكانت هذه الظاهرة إحدى املعطيات االجتماعية واحلضارية

.للمجتمع اإلسالمياجلامعات ( ويف عصرنا احلاضر عادة ما ختصص املؤسسات التعليمية

سكنا داخليا للمتعلمني، ال سيما الوافدين من أماكن بعيدة، ) املدارس– يئة البيئة اليت تعينهم علي مزيد من البحث والتحصيلرغبة يف.

ولقد وضعت قواعد تنظيم السكن يف تلك املساكن املدرسية بشكل حالة الساكن الصحية، واختيار املكان املالئم له، كما تراعيحبيث (دقيق

روعي املستوى األخالقي للطلبة عند اختيار سكناهم باملدرسة، مما يضمن .)١()ني مجيع الساكننيحسن العالقة ب

املسكن املناسب كي جيد الطلبة الغرباء ( ووفر واقفو املدارس للطلبة والفقراء راحتهم وأمنهم واستقرارهم، مما يساعد على االنقطاع للعبادة وطلب العلم، فكان من مكمالت املدرسة إنشاء بيوت خاصة للطلبة ملحقة

اليوم، مع الفارق الكبري يف وفرة ببناء املدرسة وهي شبيهة باملدن اجلامعيةاخلدمات اليت تقدمها للطلبة الساكنني ا، بتوفري جو من اهلدوء والراحة

.)٢()والنظامحيث اعتمد يف ( فكانت املدرسة مساكن للطلبة، وأماكن للتعليم

التعليم يف مصر زمن األيوبيني واملماليك، دار املعارف، القاهرة، : عبدالغين حممود) ١( .٣٠٥م، ص١٩٨٤، ١ط

نظام التربية اإلسالمية يف عصر دولة املماليك يف مصر، دار : باهنيعلى سامل الن) ٢( .٣١٦م، ص١٩٨١، ١الفكر العريب، القاهرة، ط

تصميمها املعماري على قاعة كبرية للدرس، اصطفت على جوانبها غرف وم يف بعض األحيان من طابقني، يتوسطهما صحن الطلبة، أو قاعة للن

لتؤدى فيه الصلوات، وكانت هذه صغريامكشوف، وقد تضمنت مصلى املدارس تقدم للطلبة الغرباء غرفة لكل طالب، وكان يف بعض هذه املدارس

.)١()ما يزيد على املائة غرفة وكانت مساكن الطلبة آية من آيات الفن املعماري، تبدو على

ا الزخارف بالنقش العريب اهلندسي والبنائي، وتوفرت يف هذه املساكن جدراكل أسباب الراحة والصحة، حىت ينصرف الطالب إىل حضور الدروس، واملطالعة يف املكتبة، وإعداد الدروس بغرفته، وال يتكلف الطالب نظري ذلك

.)٢(شيئاية، فلم كما توفرت يف السكن الداخلي الوسائل التروحيية الضرور

ختل احلياة داخل املدرسة من بعض االحتفاالت اليت تقام للترفيه والتوسعة (على العاملني يف املدرسة، سواء من املدرسني أو الطلبة وغريهم، يف املواسم

ا يف الدينية، فتفرق عليهم اللحوم والسكر واملأكوالت واحللوى، خصوص .)٣()األعياد وشهر رمضان، ويومي تاسوعاء وعاشوراء

وكان يقدم للطالب الطعام الذي يعد يف مطبخ خاص باملدرسة، ويقوم به طباخ خاص، وله مساعدون، يقومون بإعداد الطعام وتوزيعه

.)٤(عليهموالثياب طيلة ( وكذلك كانت تقدم هلم املعاليم أو الرواتب الشهرية

مدة إقامتهم فيها، وكانت األوقاف اخلريية هي اليت تتحمل تلك

.٥٢التربية اإلسالمية يف املغرب، مرجع سابق، ص: حممد عادل عبدالعزيز) ١( .٥٣-٥٢ص: مرجع سابق) ٢(ك، مرجـع سابق، التعليم يف مصـر زمـن األيوبيني واملمالي: عبدالغين حممود) ٣(

.٣٠٣ص .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٤(

.)١()نفقاتال ومل يهمل مؤسسو املدارس الرعاية الطبية الشاملة للمدرسني والطلبة ومن معهم من أصحاب الوظائف باملدرسة، سواء كانوا من املقيمني فيها، أو يف خارجها، فالطبيب ال يقصر مداواته على املوظفني والطلبة املقيمني ا

الوظائف ممن ليس هلم فقط، بل كان يداوي من حيضر من الطلبة وأرباب .سكن فيها

فهذه املدرسة املستنصرية كان من شروط وقفها أن يكون هناك يطبب من يعرض له مرض من أرباب هذا الوقف، ويعطي املريض ما (طبيب

.)٢()يوصف له من أدوية وأشربة وغري ذلك ووضع للسكن يف املدرسة نظام دقيق للدخول واخلروج، فكان هناك

واب، ومهمته مالزمة باب املدرسة لصيانتها وحفظ ما فيها من احلارس البمتاع، وعدم السماح ملن ال يقيمون فيها بالدخول، أو غري املرغوب فيهم ممن

.هم متهمون بالفساد وسوء اخللق وكان هناك الفراشون الذين يقومون بعملية تنظيف املدرسة

ضها، وكثريا ما ومساكنها الداخلية، من كنس ورش وتنظيف الفرش ونف . توزع األعمال بينهم بالتناوب

وكان هناك أيضا القومة الذين يتولون اإلشراف على إنارة املدرسة ومساكنها الداخلية، وتعمري القناديل للطلبة، وعمل الصيانة الالزمة هلا من

. املسح والتنظيفدث وكثريا ما نسمع يف عصرنا احلاضر عن بعض املشكالت اليت حت

.٥٣التربية اإلسالمية يف املغرب، مرجع سابق، ص: حممد عادل عبدالعزيز) ١(احلوادث اجلامعة والتجارب النافعة يف املائة السابعة، مرجع سابق، : ابن الفوطي) ٢(

.٥٩ص

بني الطالب يف تلك املساكن، أو مع األهايل ؛ خاصة إذا كانت مساكن الطالب تقع يف املناطق السكنية، ويعود ذلك إىل عدم معرفة واطالع

.املتعلمني على آداب اإلقامة يف تلك املساكنوقد حدد املفكرون املسلمون اآلداب والسلوكيات اليت جيب على

زمالئه و جريانه، واحملافظة على مبناها وصيانته، املتعلم أن يلزم نفسه ا مع وعلى مسعة املدرسة ؛ ليجين الفائدة املرجوة من اإلقامة يف مثل تلك املساكن؛ وليتمكن من احلياة يف بيئة علمية صحيحة، وأهم تلك اآلداب ما

: يلي : اختيار اجلريان وصفام-

اجلار وأمهيته، وملا اجلار قبل الدار، ومقتضى ذلك عظم منـزلة : قيل، ولكون املتعلم يف حاجة إىل وإجياباللجريان من تأثري على حياة جريام سلبا

االستقرار النفسي كان البد من حسن اختيار املتعلم جلريانه، ممن عرفوا بالصالح وحبهم االشتغال يف العلم، باإلضافة إىل صوم ألعراضهم، وأن

واهللا ال ((: طبق عليه تلك املواصفات قال يكون املتعلم يف ذاته ممن تنمن ال : من يا رسول اهللا ؟ قال: يؤمن، واهللا ال يؤمن، واهللا ال يؤمن، قيل

)) بوائقهجارهيأمن . شروره:؛ أي)١(

أن خيتار جلواره إن أمكن : (يقول ابن مجاعة يف اختيار اجلريانم عرضا، ليكون أصلحهم حاال، وأكثرهم اشتغاال، وأجودهم طبعا، وأصو

اجلار قبل الدار، والرفيق قبل : معينا له علي ما هو بصدده، ومن األمثال .)٢()الطريق، والطباع سراقة، ومن دأب اجلنس التشبه جبنسه

.رواه البخاري: احلديث صحيح) ١( .٢٢٣رة السامع واملتكلم، مصدر سابق، صتذك: ابن مجاعة) ٢(

: مراعاة حقوق اجلريان - تتجلى عظمة اجلار وأمهيته ومكانته أنه ذكر يف كتاب اهللا، قال اهللا

وبذي القرىب نا وبالولدين إحسا شيئا بها تشركوواعبدوا اهللا وال: تعاىلكني واجلار ذي القرىب واجلار اجلنب والصاحب باجلنب ا واملسواليتامى

.)١(نكم إن اهللا ال حيب من كان خمتاال فخورااوابن السبيل وما ملكت أمياجلار واره وـ الذي قرب جذي القرىب: ( قال الزخمشري يف

يد، وقيل اجلار القريب النسيب، واجلار اجلنب الذي جواره بعاجلنب .)٢()األجنيب

ما زال جربيل يوصيين باجلار ((: أنه قالويف حديث رسول اهللا ))أنه سيورثه حىت ظننت

، وتتجلى مظاهر مراعاة حقوق اجلار يف عدة )٣( : أمور، منها : إفشاء السالم وإظهار املودة واالحترام- أ

يلزم أهل املدرسة اليت يسكنها بإفشاء السالم، أن : (يقول ابن مجاعةوإظهار املودة واالحترام، ويراعي هلم حق اجلرية والصحبة واألخوة يف الدين

فينبغي للجار : (، ويقول السعدي)٤()واحلرفة، ألم أهل العلم ومحلته وطالبهأن يتعاهد جاره باهلدية والصدقة والدعوة، و اللطافة باألقوال واألفعال،

.)٥()وعدم أذيتهأفشوا ((: قالأن رسول اهللا : وعن ابن عمر رضي اهللا عنهما

.٣٦آية : النساءسورة) ١( .٢٦٧، ص١الكشاف، مرجع سابق، ج: الزخمشري) ٢( .رواه ابن ماجه: احلديث صحيح) ٣( .٢٢١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤( .٣١، ص٢تيسري الكرمي الرمحن، مرجع سابق، ج: عبدالرمحن بن السعدي) ٥(

))السالم، وأطعموا الطعام، وكونوا إخوانا كما أمركم اهللا عز وجل)١(.

: ترك إيذاء اجلريان، واإلحسان إليهم- ب: ومن كمال إميان املسلم تركه إيذاء جاره، واإلحسان إليه، يقول

)) فليحسن إيل جارهاآلخرباهللا واليوم ومن كان يؤمن (()٢(.

ويذكر ابن مجاعة أنواع األذى اليت قد يتعرض هلا بعض اجلريان، أن (كاالطالع علي عورام من خالل الشقوق والنوافذ، فيدعو املتعلم إىل

ال ينظر يف بيت أحد يف مروره من شقوق الباب وحنوه، وال يلتفت إليه إذا لم سلم وهو مار، من غري التفات، وال يكثر من كان مفتوحا، وإن س

.)٣()اإلشارة إىل الطاقات، ال سيما إذا كان فيهن النساء : الصرب علي اجلريان والتجاوز عن إساءم- ج

من املتوقع أن يواجه املتعلم خالل تعامله مع جريانه بعض األذى، سواء ؛ بل من األفضل أن بقصد أو بغري قصد، مما يتطلب منه أن يتحلى بالصرب

يتغافل عن تقصريهم، ويغفر زللهم، ويستر عورام، ويشكر حمسنهم، ( .)٤()ويتجاوز عن مسيئهم

أما إذا اشتد أذى اجلريان، وظهر منهم ما ال يحتمل، فاألوىل أن يترك فإن مل يستقر خاطره لسوء جريم، وخبث : (املكان يقول ابن مجاعة

ساعيا يف مجع قلبه – مكان السكن –ل عنها صفام، أو لغري ذلك فلريحتواستقرار خاطره، وإذا اجتمع قلبه، فال ينتقل من غري حاجة، فإن ذلك

.)٥()مكروه للمبتدئني جدا

.رواه ابن ماجه: احلديث صحيح) ١( .رواه ابن ماجه: احلديث صحيح) ٢( .٢٣٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .٢٢١ص: املصدر السابق) ٤( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٥(

: جتنب إزعاج اجلريان والزمالء- د ينبغي للمتعلم أن يراعي أحوال جريانه، فال يسبب ما يزعجهم، سواء

أصوات مزعجة من خالل املشي، أو كان ذلك برفع صوته، أو إحداث إىل يءاخل، وأمثال تلك التصرفات، مما يس ..إغالق األبواب، أو النداء

وال يرفع صوته جدا : (العالقة بني املتعلم وجريانه وزمالئه، يقول ابن مجاعة يشوش علي غريه، بل خيفضه ما كي اليف تكرار، أو نداء أحد، أو حبث ؛

حبضور املصلني أو حضور أهل الدرس، ويتحفظ من أمكن مطلقا، ال سيما شدة وقع القبقاب، والعنف يف إغالق الباب، وإزعاج املشي يف الدخول واخلروج والصعود والرتول، وطرق باب املدرسة بشدة ال حيتاج إليها، أو نداء من بأعلى املدرسة من أسفلها، إال أن يكون بصوت معتدل عند

: ان البنه قوله تعايلـلقرآن الكرمي علي لسان لقم، وقد ورد يف ا)١()احلاجةد يف مشيك واغضض من صوتك إن أنكر األصوات لصوت ـواقص

.)٢(احلمريوإذا سكن البيوت العليا خفف املشي (: ويقول ابن مجاعة أيضا

.)٣()واالستلقاء عليها ووضع ما يثقل، كي ال يؤذي من حتته : يف الطرقاتعدم اجللوس أمام باب املدرسة أو -هـ

ومما يزعج اجلريان والزمالء اختاذ املدخل العام جملسا، ويعد هذا من اجللوس يف الطرقات املنهي عنه ؛ ملا يترتب عليه من مضايقات للمارة رجاال

إياكم واجللوس يف (( : ما معناهكانوا أم نساء، ويف حديث لرسول اهللافغض البصر وكف : قال ف،ما لنا بد فيها جمالسنا:الطرقات قالوا

))األذى)٤(.

.٢٣٣تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .١٩آية : لقمانسورة) ٢( .٢٣٠تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٣( .١٢١، ص٣املناوي، فيض القدير، مرجع سابق، ج: احلديث صحيح) ٤(

ال يتخذ باب املدرسة جملسا، بل ال جيلس إذا : ( يقول ابن مجاعةأمكن إال حلاجة، أو يف ندرة، لقبض أو ضيق صدر، وال يف دهليزها املهتوك إىل الطريق، فقد ي عن اجللوس يف الطرقات، وهذا منها، أو يف معناها، ال

، أو ممن هو يف حمل مة أو لعب، وألا يف منهيستحىيسيما إن كان ممن من اجلالس، أو يكلف استحىيمظنة دخول فقيه بطعامه وحاجته، فرمبا

سالمه عليهم، ويف مظنة دخول نساء من يتعلق باملدرسة، ويشق عليه ذلك ، واستخدام الساحة العامة يف غري ما )١()ويؤذيه، وألن يف ذلك بطالة وتبذال

يف غري الوقت، مما يسبب اإلزعاج للجريان والزمالء ؛ هو خمصص هلا، أووال يكثر التمشي يف ساحة املدرسة بطاال : ( يقول ابن مجاعة،لكثرة التمشي

.)٢()من غري حاجة إىل راحة، أو رياضة، أو انتظار أحد : وااللتزام باألدب والسلوك احلسن

جريانه وزمالئه، ينبغي للمتعلم أن يلتزم السلوك األمثل يف تصرفاته معفمثال إذا التقى بأحد جريانه عند الدرج ورغبا يف الرتول فليقدم أصغرمها،

وإذا : (والعكس يف الصعود، مراعيا يف ذلك عدم املزامحة، يقول ابن مجاعةاجتمع اثنان من سكان العلو أو غريهم يف أعلى الدرجة بدأ بأصغرمها

ن يلبث وال يسرع يف الرتول إىل أن بالرتول قبل الكبري، واألدب للمتأخر أينتهي املتقدم آخر الدرجة من أسفل، مث يرتل، فإن كان كبريا تأكد ذلك،

.)٣()وإن اجتمعا يف أسفل الدرجة للطلوع تأخر أصغرمها ليصعد أكربمها قبله : االبتعاد عن كل ما فيه ريبة وسوء -ز

عيب فيه واغتيابه، كما ينبغي للمتعلم أن يبتعد عن كل ما يؤدي إىل ال

.٢٣١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ١( .٢٣١تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٢( .نفس الصفحة: املصدر السابق) ٣(

ويتجنب ما يعاب كاألكل ماشيا وكالم اهلزل غالبا، : (يقول ابن مجاعةوالبسط بالنعل، وفرط التخطي، والتمايل علي اجلنب والقفا، والضحك

املشرف من غري – السكن –الفاحش بالقهقهة، وال يصعد إىل سطحها .)١()حاجة أو ضرورة

التجرد من الثياب، يقول ابن املتعلم أيضا أن يتحفظ عنوعلى وإذا كانت املدرسة مكشوفة إىل الطريق السالك من باب أو شباك : (مجاعة

.)٢()حتفظ فيها عن التجرد، وكشف الرأس من غري حاجة : السماح بسكىن املدرسة واملبيت خارجها -ح

ميسرا لكل راغب، بل وضع ( مل يكن االلتحاق باملساكن املدرسية ن يكون الطالب أعزب أس قواعد معينة حتكم نظام املدرسة، كواقفو املدار

أو متزوجا، وكان جو املدرسة وسطا بني احلرية والتضييق، ويوفر فيه للطالب شعور باالطمئنان كالشعور الذي حيسون به يف بيوم، وقد مسح هلم باملبيت خارج املدرسة ؛ ليتمكن الطالب من زيارة أهله، أو قضاء حاجتهورعاية مصاحله، أو للرتهة والترويح عن النفس، حىت ال تصبح اإلقامة يف املدرسة منفرة ومقيدة حلريتهم، أما إذا مل تستوعب البيوت كل الطلبة فيسمح ملن ليس له مسكن باملبيت خارج املدرسة حلني ترتيب مكان له أو

.)٣()خلو أحد البيوت من ساكنيه فيرتل مكانهوسيم الوجه، أو صيب ( يسكن املدرسة من هو كذلك ال يسمح أن

ليس له فيها ويل فطن، وأن ال يسكنها نساء يف أمكنة متر على أبواا .)٤()هلا كوى تشرف على ساحة املدرسة الرجال، أو

.٢٣٤ص: املصدر السابق) ١( .٢٣٣ص: املصدر السابق) ٢(التعليم يف مصـر زمن األيوبيني واملماليك، مرجـع سابق، : عبدالغين حممـود) ٣(

.٣٠٢ص .٢٥٥تذكرة السامع واملتكلم، مصدر سابق، ص: ابن مجاعة) ٤(

:אمما سبق يتضح كيف حرص املفكرون املسلمون على أن حيددوا

ن حيث احملافظة على مرافقها للمتعلم واجباته حنو مؤسسته التعليمية ؛ موجتهيزاا، وما تشمله مكتبتها العامة من كتب، وكذلك احلفاظ على نظام سكنها الداخلي، وما ينبغي أن يتوافر فيه من هدوء وسكينة، وعدم إيذاء

.للزمالء أو اجلريان القريبني لسكىن الطالبلألدب وهم ذا قد سدوا ثغرة ميكن أن يتسرب من خالهلا اإلساءة

والدين، أو تكون سببا الكتساب بعض العادات املذمومة والسلوك املشني للعلم وطلبته ؛ فعاجلوا ما قد يؤدي إىل االحنراف ونبهوا إىل تصرفات غري الئقة جيب إصالحها عن طريق التربية املستمرة، اليت تالحق املتعلم يف قاعات

. )١(الدرس وخارجها

ق، املـذهب التربوي عند ابن مجاعـة، مرجـع ساب: عبداألمري مشس الدين. د) ١( .٤٢،٤٣ص

٥٦٩

א* א :א . مت وضع هذا الفهرس وفقا للترتيب األجبدي ألمساء املؤلفني -١ مت ترتيب أمساء املؤلفني وفقا لالسم املشتهر به صاحبه يف األوساط العلمية ،سواء -٢

وضع حممد بن حممد بن حممد بن أمحد الغزايل ،: باللقب أو الكنية أو االسم ، فمثال ، وكذا أبو بكر حممد بن احلسني ) الغزايل(يف حرف الغني ؛ ألن األشهر هو لقبه

.وهكذا) اآلجري(اآلجري ، وضع يف حرف األلف ؛ ألنه مشهور بلقبه ) .ال(أو ) ابن(أو ) أب( مل يؤخذ يف احلسبان عند الترتيب كلمة -٣ . اسم كل منهم بعد ) األعالم( مت وضع تاريخ وفاة املؤلفني القدماء -٤ القرآن الكرمي ، وكتب السن الشريفة ، وضعت يف مقدمة الفهرس ؛ نظرا -٥

.لشرفها وخصوصيتها مت استخدام جمموعة من االختصارات لبعض العبارات اليت تتكرر كثريا يف الفهرس -٦

:واهلوامش كالتايل א–)(א−)(.א−)().(−..מ−).().(−.)(–

٥٧٠

א: א א מ א .א القرآن الكرمي *

صحيح البخاري*

صحيح ابن حبان*

صحيح مسلم*

سنن الترمذي*

سنن أيب داود*

سنن النسائي*

سنن ابن ماجة*

رميسنن الدا*

مسند اإلمام أمحد *

موطأ اإلمام مالك*

٥٧١

.א: ) :هـ٣٦٠ت (أبو بكر حممد بن احلسني : اآلجري

عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ ، مكتبة الدار، املدينة . أخالق محلة القرآن ، حتقيق د - .م ، الطبعة األوىل١٩٨٧ -١٤٠٨املنورة ،

فاروق محادة ، دار الثقافة ، الـدار البيضـاء ، املغـرب ، . د أخالق العلماء ، حتقيق - .م ، الطبعة الثانية١٩٨٤ –هـ ١٤٠٤

).ط. د(م ، ١٩٨٥ –هـ ١٤٠٥أخالق العلماء ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، -

:إخوان الصفا

) .ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٦ رسائل إخوان الصفا ، اهليئة العامة لقصور الثقافة ، -

)ط.د(م ، ١٩٥٧ائل إخوان الصفا ، دار صادر ، بريوت ، رس-

ضـمن جمموعـة (رسالة املعلمني ) : هـ٢٥٥ت(اجلاحظ ، عمرو بن حبر بن حمبوب . ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩، مكتبة اخلاجني ، ) رسائل اجلاحظ

ابن مجاعة ، بدر الدين بن أيب اسحق إبراهيم بن أيب الفضل بـن سـعد اهللا الكنـاين تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم ، حتقيـق السـيد -) : هـ٧٣٣ت(

).ط.د(، بريوت، ) ت.د(حممد هاشم الندوي ، دار الكتب العلمية ،

) :هـ٥٩٧ت(ابن اجلوزي ، أبو الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممد

–هــ ١٤٠٨زهـر ، احلسن البصري ، حتقيق حممد زين العابدين العزازي ، جملة األ - ).ط.د(م ، ١٩٨٨

م ، ١٩٨٨ –هــ ١٤٠٨ صيد اخلاطر ، حتقيق حممد الغزايل ، دار الكتب اإلسالمية ، - .القاهرة ، الطبعة الثانية

).ط.د(، القاهرة ، ) ت. د( تلبيس إبليس ، مكتبة الدعوة اإلسالمية ، -

سن التركي ، مكتبة اخلاجني عبد اهللا بن عبد احمل. مناقب اإلمام أمحد بن حنبل ، حتقيق د- .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٧٩

٥٧٢

م ، بريوت ، ١٩٨٦ احلث على حفظ العلم وذكر كبار احلفاظ ، دار الكتب العلمية ، - .الطبعة ، الثانية

املـدخل ، دار ) :هــ ٧٣٧ت(أبو عبد اهللا بن حممد بن حممد بن حممد : ابن احلاج ).ط.د( ، ، القاهرة) ت.د(التراث ،

) :هـ٩٧٣ت (ابن حجر اهليثمي ، شهاب الدين أبو العباس أمحد بن حممد بن علي حترير املقال يف أدب وأحكام وفوائد حيتاج إليها مؤدبو األطفال ، حتقيق حممـد سـهيل

م ، بريوت ، الطبعـة ١٩٨٧ –هـ ١٤٠٧الدبس و حممود األرناؤوط ، دار ابن كثري ، .الثانية

) :١٥٠ت(عمان بن ثابت الن: أبو حنيفة

رسالة العامل واملتعلم ، تعليق العالمة حممد زاهد الكوثري ، املكتبة األزهرية للتـراث ، - .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ٢٠٠١

وصية اإلمام أيب حنيفة إىل تلميذه أيب يوسف حتقيق عبد الرمحن حسن حممود ، مكتبة - ).ط.د(، م ، القاهرة ١٩٨٨ –هـ ١٤٠٩آلداب ،

) : هـ ٤٦٣ت(اخلطيب البغدادي ، أمحد بن علي بن ثابت بن أمحد

يوسف حممد صديق ، دار األصـالة ، . خمتصر نصيحة أهل احلديث ، شرح وتعليق د - .م ، اخلرطوم ، الطبعة األوىل١٩٨٨ –هـ ١٤٠٨

ف ، حممود الطحان ، مكتبة املعـار . اجلامع ألخالق الراوي وآداب السامع ، حتقيق د - ).ط.د(م ، الرياض ، ١٩٨٣هـ، ١٤٠٣

هــ ١٤٠٠ الفقيه واملتفقه ، تعليق الشيخ إمساعيل األنصاري ، دار الكتب العلمية ، - .م ، بريوت ، الطبعة الثانية ١٩٨٠

اقتضاء العلم والعمل ، حتقيق حممد ناصر الدين األلباين ، املكتبة اإلسالمية ، بـريوت ، - . اخلامسةم ، الطبعة١٩٨٤ –هـ ١٤٠٤

٥٧٣

م ، ١٩٧٥ –هــ ١٣٩٥ تقييد العلم ، حتقيق يوسف العش ، دار الوعي ، حلـب ، - .الطبعة الثالثة

.م ، الطبعة األوىل ١٩٧٨ شرف أصحاب احلديث ، دار الوعي ، حلب ، -

) .ط.د(، ) ت.د( الرحلة يف طلب العلم ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، -

) . ط.د(، ) ت.د( الكتب العلمية ، بريوت ، الكفاية يف علم الرواية ، دار-

الذريعة ) :هـ٥٠٢ت (الراغب األصفهاين ، أبو القاسم احلسني بن حممد بن املفضل دار الوفـاء ، –أبو اليزيـد العجمـي ، دار الصـحوة . إىل مكارم الشريعة ، حتقيق د

.م ، القاهرة ، الطبعة الثانية١٩٨٧ –هـ ١٤٠٨

) :هـ٥٩٣ت(ن الزرنوجي ، برهان الدي

م ، القاهرة ١٩٨٩ تعليم املتعلم طريق التعلم ، حتقيق مصطفى عاشور ، مكتبة القرآن ، - ).ط.د(

تعليم املتعلم طريق التعلم ، حتقيق صالح حممد اخليمي و نذير محدان ، دار ابن كثري ، - ,م ، دمشق ، الطبعة األوىل ١٩٨٥

:)هـ٣٥٦ت(ابن سحنون ، حممد بن عبد السالم

ملحقـة بكتـاب التربيـة يف (أمحد فؤاد األهـواين . رسالة آداب املعلمني ، حتقيق د - ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٣، دار املعارف ، )اإلسالم

رسالة آداب املعلمني ، حتقيق العروسي املوطوي ، دار الكتـب الشـرقية ، تـونس ، - ) . ط.د(م ، ١٩٧٢

) : هـ٥٦٢ت (صور التميمي السمعاين ، عبد الكرمي بن حممد بن من

م ١٩٨٦هـ، ١٤٠٦ أدب اإلمالء واالستمالء ، حتقيق شفيق حممد زيعور ، دار اقرأ ، - .بريوت ، الطبعة الثانية

.م ، بريوت ، الطبعة األوىل ١٩٨١ أدب اإلمالء واالستمالء ، دار الكتب العلمية ، -

) :هـ ٣٧٣ت(هيم السمرقندي ، أبو الليث نصر بن حممد بن أمحد بن إبرا

٥٧٤

تنبيه الغافلني يف املوعظة بأحاديث سيد األنبياء واملرسلني ، دار إحياء الكتب العربيـة ، - ).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( بستان العارفني ، دار إحياء الكتب العربية ، -

، دار الكتاب العريب ، عوارف املعارف ) : ت (السهروردي ، عبد القاهر بن عبد اهللا ).ط.د(م ، بريوت ، ١٩٨٣ –هـ ١٤٠٣

ابن الصالح ، تقي الدين أبو عمر عثمان بن صالح الدين عبد الرمحن بـن عثمـان ) :هـ٦١٨ت(الشهرزوري الشافعي

–هـ ١٤٠٦عبد املعطي أمني قلعجي ، دار املعرفة ، . أدب املفيت واملستفيت ، حتقيق د - .عة األوىلم ، بريوت ، الطب١٩٨٦

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( املقدمة يف علوم احلديث ، مكتبة املتنيب ، -

ـ ٣٧٨ت (الطوسي ، أبو نصر عبد اهللا بن علي السراج . اللمـع ، حتقيـق د ) : هم ١٩٦٠ –هـ ١٣٨٠عبد احلليم حممود ، و طه عبد الباقي سرور ، دار الكتب احلديثة ،

).ط.د(مصر ،

ـ ٩٨١ت(عبد الباسط بن موسى بن حممد العلموي ، املعيـد يف أدب املفيـد ) :هـم ، بـريوت ، ١٩٨٦ –هــ ١٤٠٦واملستفيد ، حتقيق شفيق حممد زيعور ، دار اقرأ ،

.الطبعة األوىل

) :هـ٤٦٣ت(ابن عبد الرب ، أبو عمر يوسف

هـ ١٣٩٨ة ، جامع بيان العلم وفضله ، وما ينبغي يف روايته ومحله ، دار الكتب العلمي - ).ط.د(م ، بريوت ، ١٩٧٨

م ، ١٩٧٨ جامع بيان العلم وفضله ، وما ينبغي يف روايته ومحله ، املطبعـة املنرييـة ، - ).ط.د(القاهرة ،

جامع بيان العلم وفضله ، وما ينبغي يف روايته ومحله ، حتقيق أبو األشبال الـزهريي ، - .العربية السعودية ، الطبعة األوىلم ، اململكة ١٩٩٤ –هـ ١٤١٤دار ابن اجلوزي ،

٥٧٥

، ) ت.د( االنتقاء يف فضائل الثالثة األئمة الفقهاء ، دار الكتب العلميـة ، بـريوت ، - ).ط.د(

) :هـ٥٤٤ت (عياض بن موسى اليحصيب

اإلملاع إىل معرفة أصول الرواية وتقيد السماع ، حتقيق السيد أمحد صقر ، دار التراث ، - . القاهرة ، الطبعة األوىلم ،١٩٧٠ –هـ ١٣٨٩

) :هـ٥٠٥ت(الغزايل ، أبو حامد حممد بن حممد بن حممد بن أمحد

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( إحياء علوم الدين ، دار الريان للتراث ، -

م ، القـاهرة ، ١٩٨٣ أيها الولد ، حتقيق علي حمي الدين القرة داغي ، دار االعتصام ، - .الطبعة األوىل

م ، مصر ، الطبعة األوىل ، الرسـالة ملحـق ١٩٣٦يف الدين ، دار املأمون ، األدب - .، للدكتور أمحد فريد رفاعي" الغزايل"بكتاب

م ، مصر، الطبعة األوىل ، الرسالة ملحقة ١٩٣٦ آداب طالب احلديث ، دار املأمون ، - .للدكتور أمحد فريد الرفاعي" الغزايل"بكتاب

الفكر األخالقي العريب ، األهلية للنشر "ماجد فخري يف كتاب . ميزان العمل ، نشره د - ).ط.د(م ، ١٩٧٨والتوزيع ، بريوت ،

الرسالة املفصلة ألحوال املعلمني ، ) :هـ٤٠٣ت (القابسي ، أبو احلسن علي بن حممد م ، ١٩٨٣، دار املعارف ، )ملحقة بكتاب التربية يف اإلسالم (أمحد فؤاد األهواين . حتقيق د ). ط.د(هرة ، القا

الرسالة القشريية يف علـم ) :هـ٤٦٥(القشريي ، أبو القاسم عبد الكرمي بن هوازن ).ط.د(،بريوت،)ت.د(التصوف،دار الكتاب العريب،

) :هـ٤٥٠ت (املاوردي أبو احلسن علي بن حممد

حممـد كـرمي راجـح ، دار أوىل األلبـاب ، : أدب الدنيا والدين ، مراجعة وتعليق - .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨١ –هـ ١٤٠١

٥٧٦

م ، بـريوت ١٩٧٨مصطفى السقا ، دار الكتب العلمية / أدب الدنيا والدين ، حتقيق - .الطبعة الرابعة

ذيب األخالق وتطهري األعراق ) :هـ٤٢١ت(ابن مسكويه ، أبو علي أمحد بن حممد .م ، بريوت ، الطبعة األوىل ١٩٨١دار الكتب العلمية ،

اآلداب الشرعية واملنح املرعية،مكتبـة : ابن مفلح ، أبو عبد اهللا حممد بن مفلح املقدسي ).ط.د(،القاهرة،)ت.د(ابن تيمية،

م ، بريوت ، ١٩٨٦ آثار ابن املقفع ، دار مكتبة احلياة ، ) :ت (ابن املقفع ، عبد اهللا ).ط.د(

):هـ٦٧٢ت(النووي ، شرف الدين أبو زكريا حيىي بن شرف الدين

، مراجعة إبراهيم حممد ، مكتبة " مقدمة اجملموع " آداب العامل واملتعلم واملفيت واملستفيت - . مصر ، الطبعة األوىل–م ، طنطا ١٩٨٧ –هـ ١٤٠٨الصحابة ،

). ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( التبيان يف آداب محلة القرآن ، مكتبة الزهراء ، -

- ):هـ٣٩٥ت(سن بن عبد اهللا بن سهل بن سعيد بن حيىي أبو هالل العسكري ، احل م ، بـريوت ، ١٩٨٦ احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه ، املكتب اإلسالمي ، - ) .ط.د(

).ط.د(م ، القاهرة ،١٩٩٨ احلث على طلب العلم واالجتهاد يف مجعه ، دار الفضيلة ، -

٥٧٧

א: .א

)أ (

، جممع البحوث " مذهبه يف التصوف – آثاره –سريته " اإلمام القشريي :يم بسيوين إبراه ). ط. د(، القاهرة ، ١٩٧٢ –هـ ١٣٩٢اإلسالمية ،

الفلسفة واجملتمع اإلسالمي ، مكتبة النهضة املصـرية ، القـاهرة ، :إبراهيم عبد ايد ) .ط.د(م ، ١٩٥٤

اإلجناز وقياسها ، مكتبة األجنلو ، القاهرة ، دافعية :إبراهيم قشقوش ، وطلعت منصور .م ، الطبعة األوىل ١٩٧٢

: إبراهيم ناصر

.م ، بريوت ، الطبعة األوىل ١٩٨٣ التربية وثقافة اجملتمع ، دار الفرقان ، -

. م ، األردن ، الطبعة اخلامسة ١٩٨٣ مقدمة يف التربية ، املطابع التعاونية ، –

) .ط.د(م ، ١٩٨٥ر التربوي عند العرب ، الدار التونسية للنشر ، الفك:إبراهيم النجار

املستطرف مـن كـل فـن ) :هـ٨٥٠ت(اإلبشيهي ، شهاب الدين حممد بن أمحد ) .ط.د(م ، بريوت ، ١٩٨٢مستظرف ، حتقيق عبد اهللا أنيس الطباع ، دار التعلم ،

عيون األنباء ):هـ ٦٦٨ت(ابن أيب أصيبعة ، موفق الدين أبو العباس أمحد بن القاسم ) .ط.د(م ، بريوت ، ١٩٨٥يف طبقات األطباء ، حتقيق نزار رضا ، دار مكتبة احلياة ،

٥٧٨

).ط. د(هـ ،القاهرة ،١٤٠٤ العلم والعلماء ، دار الكتب السلفية ، :أبو بكر اجلزائري

م ١٩٨٨ تاريخ احلضارة اإلسالمية والفكر اإلسالمي ، مكتبة وهبة ، :أبو زيد شليب . د .القاهرة ، الطبعة السادسة

النهاية ) :هـ٦٠٦ت(ابن األثري ، جمد الدين أبو السعادات املبارك بن حممد اجلزري يف غريب احلديث واألثر ، حتقيق طاهر أمحد الزاوي ، حممود الطنـاحي ، دار املعرفـة ،

) .ط.د(، بريوت ، ) ت.د(

).ط.د(، بريوت ، ) ت.د( األخالق ، دار الكتاب العريب ، :أمحد أمني

م ، ١٩٧٤ تاريخ التربية والتعليم يف مصر ، اهليئة املصرية العامة للكتـاب ، :أمحد بدوي .القاهرة ، الطبعة األوىل

م ١٩٧٥ القرآن والتفكري ، اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية ، القاهرة ، :أمحد احلويف .د ) .ط.د(

كارم األخالق ، حتقيق عبد الـرحيم مـارديين ، فتح اخلالق يف م :أمحد سعيد الدجوي .م ، دمشق ، الطبعة األوىل١٩٩١هـ ١٤١١مكتبة دار احملبة ،

م ، القاهرة ، ١٩٩١ الدليل إىل منهج البحث العلمي ، دار املعارف ، :أمحد سيد حممد . د .الطبعة الثانية

م ، الطبعـة ١٩٨١ موسوعة أخالق القرآن ، دار الرائد ، بـريوت ، :أمحد الشرباصي .األوىل

.،القاهرة،الطبعة الرابعة١٩٨٧ تاريخ التربية اإلسالمية،دارالنهضة املصرية،:أمحد شليب . د

الشخصية اإلنسانية يف ضوء القرآن الكرمي ، اهليئة املصـرية :أمحد عبد احلميد غراب . د ).ط.د(، القاهرة ، ١٩٨٥العامة للكتاب ،

:أمحد عبد الرمحن إبراهيم . د

م ، املنصورة ، الطبعـة ١٩٨٩ –هـ ١٤٠٩ الفضائل اخللقية يف اإلسالم ، دار الوفاء ، - .األوىل

٥٧٩

.م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨٦،) ن. د(، " املبادئ واملعوقات" خلق القرآن -

علم النفس االجتماعي ، دار :أمحد عبد العزيز سالمة ، وحيد عبد السالم عبد الغفار ) .ط.د(م ، ١٩٧٠ية ، القاهرة ، النهضة العرب

الفكر التربوي عند املتكلمني املسلمني ، اهليئة املصرية العامـة : أمحد عرفات القاضي .د ) .ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٦للكتاب ،

م ، القاهرة ١٩٧٠ أصول علم النفس ، املكتب املصري احلديث ، :أمحد عزت راجح . د .الطبعة الثانية

).ط.د(، القاهرة ، ١٩٨٣ التربية يف اإلسالم ، دار املعارف ، :ألهواين أمحد فؤاد ا. د

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٣٦ –هـ ١٣٥٥ الغزايل ، دار املأمون ، :أمحد فريد رفاعي . د

) .ط.د(، ) ت.د( اإلبريز ، البايب احلليب ، القاهرة ، :أمحد بن مبارك السلجماسي

م ، القاهرة ١٩٨٥خالقية يف اإلسالم ، دار املعارف ، الفلسفة األ :أمحد حممود صبحي . د .الطبعة الثانية

حممد عبـد اهلـادي . احلضارة اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري ، ترمجة د :آدم متـز .م ، القاهرة ، الطبعة الثالثة١٩٥٧أبو ريدة ، جلنة التأليف والترمجة والنشر ،

اييسه ، ترمجة إبراهيم حافظ ، مكتبة النهضة املصرية ، التعلم ومق :آرثر جيتس وآخرون .م ، الطبعة الثالثة ١٩٦٠

التربية يف اليابان املعاصرة ، ترمجة حممد عبد العليم مرسي ، مكتـب : إدوارد بو شامب .م ، الرياض ، الطبعة األوىل ١٩٨٥التربية العريب لدول اخلليج ،

ة حنفي بن عيسى ، الشركة الـوطين للنشـر تعلم لتكون ، ترمج : إدجار فور وآخرون .م ، اجلزائر ، الطبعة األوىل ١٩٧٦والتوزيع ،

التربية اإلسالمية بني األصالة واملعاصرة ، دار الفرقـان للنشـر :اسحق أمحد فرحان . د .م ، األردن ، الطبعة أوىل١٩٨٢هـ، ١٤٠٢والتوزيع ،

٥٨٠

ن منظور تـارخيي ، وزارة األوقـاف قيم اجملتمع اإلسالمي م :أكرم ضياء العمري . دم ، قطـر ، الطبعـة ١٩٩٤ –هــ ١٤١٤، ) سلسلة كتاب األمة (والشؤون اإلسالمية

.األوىل

م ، الطبعـة ١٩٩٢، الكويـت ، ) ١٦٣( أسرار النوم ، عامل املعرفة :ألكسندر بوريل . األوىل

. دهـ ١٤٠٥لتوزيع ، النظرية التربوية اإلسالمية ، امة للنشر وا:آمال محزة املرزوقي

) .ط.د(م ، ١٩٧٠ علم النفس ، مطبعة العاين ، بغداد ، :أميمة علي خان

أبو الفرج بن اجلوزي وآراؤه الكالمية و األخالقية ، دار الشروق ، :آمنة حممد نصري . د .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨٧ –هـ ١٤٠٧

م ، الطبعـة ١٩٨٧ات احلديثة ، جدة ، العلم وفضل طلبه ، دار املطبوع :األمني احلاج .األوىل

تبسيط كتابة البحث العلمـي ، املركـز السـعودي للدراسـات :أمني الساعايت . د .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٩١ –هـ ١٤١١االستراتيجية ،

، دار نظرية التربية يف القرآن وتطبيقاا يف عهـد الرسـول :أمينة أمحد حسن . د . ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨٥ املعارف ،

األطروحة والكتاب ، ترمجة واثق عباس الـدايين ، دار :آيان مونتني و إيليا نورهارمن ).ط.د(م ، بغداد ، ١٩٨٨الشؤون الثقافية العامة ،

تعلم لتكون ، ترمجة حنفي بن عيسى ، الشركة الوطنية للنشر :إيدجار فور ، وآخرون .م ، الطبعة الثانية ١٩٧٦ ، والتوزيع ، اجلزائر

إيلي واريلن ، دار اآلفـاق / املعلم أمة يف واحد ، تعريب :إيرل بولياس و جيمس يونج ).ط.د(، )ت.د(اجلديدة ، بريوت ،

)ب (

٥٨١

النظام التربـوي يف اإلسـالم ، دار التعـارف للمطبوعـات ، :باقر شريف القرشي ).ط.د(م ، بريوت ، ١٩٨٨ –هـ ١٣٩٩

الدروس اليت تتعلمها التربية من علم النفس ، ترمجة عبد الرمحن صاحل :سيموند برسيفال .م ، الطبعة الثانية ١٩٧٤دار الفكر ، بريوت ،

عبد احلليم النجار وآخـرين ، دار . تاريخ األدب العريب ، ترمجة د :بروكلمان ، كارل .م ، القاهرة ، الطبعة الثالثة١٩٨٣املعارف ،

تدريس القيم اخللقية ، مركز البحوث النفسية والتربويـة ، جامعـة أم :بشري حاج توم .هـ ، الطبعة األوىل ١٤٠٣القرى ، مكة املكرمة ،

:بطرس البستاين

).ط.د(م ، بريوت ، ١٩٨٧ حميط احمليط ، مكتبة لبنان ، -

).ط.د(، بريوت ، ) ت.د( دائرة معارف بطرس البستاين ، دار املعرفة ، -

:عبد اهللا أبو زيد بكر بن

، الدمام،اململكة العربية السعودية، الطبعة )ت.د٠ حلية طالب العلم ، دار ابن اجلوزي ، - .الثانية

.هـ ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٤٠٨، ) ن.د( التعامل وأثره على الفكر والكتاب ، -

بة النهضة املصرية ، املرجع يف تاريخ التربية ، ترمجة صاحل عبد العزيز ، مكت : بول منرو .د ) .ط.د(م ، ١٩٨٥القاهرة ،

)ت (

ـ (التهانوي ، حممد على الفاروقي . كشاف اصطالحات الفنون ، حتقيق د ) :١١ت هم ، القـاهرة ، ١٩٦٩عبد النعيم حسنني ، دار الكاتب العريب ، . لطفي عبد البديع ، د

). ط.د(

باحلضـارة الغربيـة ، دار الوفـاء احلضارة اإلسالمية مقارنة :توفيق يوسف الواعي .د .م ، املنصورة ، الطبعة األوىل ١٩٨٩

٥٨٢

) : هـ٧٢٨ت(ابن تيمية ، حممد عبد احلليم بن عبد السالم احلراين

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(جمموع الفتاوى ، مكتبة ابن تيمية ، -

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( الرد على املنطقيني ، دار املعرفة ، -

، القـاهرة ، ) ت.د(حممد رشاد سامل ، مطبعـة املـدين ، . ع الرسائل ، حتقيق د جام - ).ط.د(

)ج (

العلم بني يدي العـامل واملـتعلم ، دار الوفـاء ، :جاسم بن حممد بن مهلهل الياسني .م ، القاهرة ، الطبعة اخلامسة١٩٩٢ –هـ ١٤١٢

) :هـ٨١٦ت( اجلرجاين ، أبو احلسن علي بن حممد بن علي

).ط.د(، بغداد ، ) ت.د(التعريفات ، دار الشؤون الثقافية العامة ، -

).ط.د(، ) ت.د(التعريفات ، دار الريان للتراث، القاهرة ، -

م ، ١٩٥٦ فن التعليم ، ترمجة حممد فريد أبو حديد ، األجنلو املصـرية ، :جلربت هايت ) .ط.د(القاهرة ،

ة يوسف مراد ، دار املعـارف ، القـاهرة ، ميادين علم النفس ، ترمج : جليفورد . ج .م ، الطبعة الرابعة ١٩٧٥

هـ، ١٤١٢ وجوب لزوم اجلماعة وترك التفرق ، دار الوطن ، :مجال بن أمحد بن بشري .الرياض ، الطبعة األوىل

تربية علماء الطبيعيات والكونيات املسلمني ، دار الوفـاء ، :مجال حممد حممد اهلنيدي .د .اهرة ، الطبعة األوىل م ، الق٢٠٠

:مجيل صليـبا .د

م ، بريوت ، الطبعـة ١٩٦٧ مستقبل التربية يف العامل العريب ، مكتبة الفكر اجلامعي ، - .الثانية

٥٨٣

) .ط.د(م ، ١٩٥٦ فلسفة تربوية متجددة ، اجلامعة األمريكية ، بريوت ، -

).ط.د(هرة ، ،القا) ت.د( تاريخ األدب العريب ، دار اهلالل ،:جورجي زيدان

:ابن اجلوزي

) .ط.د(، ) ت.د( املنتظم يف تاريخ األمم ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، -

.هـ ، الطبعة األوىل ١٤١١صفة الصفوة ، دار الصفا ، القاهرة ، -

تاج اللغة وصحاح العربية ، حتقيق أمحـد ):هـ٣٩٣ت(اجلوهري ، إمساعيل بن محاد ).ط. د(، مصر ، ) ت.د(كتاب العريب ، عبد الغفور عطار ، دار ال

م ، الطبعـة ١٩٨٦ الفتح الرباين ، دار الريان للتراث ، القاهرة ، :اجليالين ، عبد القادر .األوىل

)ح (

) .ط.د(، ) ت.د( روضة العقالء ، مكتبة السنة احملمدية ، القاهرة ، :ابن حبان البسيت

كشف الظنـون ، دار الفكـر ، :)هـ١٠٦٧ت(حاجي خليفة ، مصطفى عبد اهللا ).ط.د(، بريوت ، ) ت.د(

) .ط.د(م ، ١٩٦٤ يف بناء البشر ، مركز سرس الليان ، املنوفية ، :حامد عمار .د

، مكتبة الزهراء " مناذج حتليلية " اخلطاب األخالقي يف احلضارة اإلسالمية :حامد طاهر .د ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٢

): هـ٨٥٢ت(بو الفضل شهاب الدين أمحد بن علي بن حممد ابن حجر العسقالين ، أ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، حتقيق طه عبد الرؤوف سعد ، دار الغد العريب ، -

.م ، القاهرة، الطبعة األوىل١٩٩٣ –هـ ١٤١٣

) .ط.د(، ) ت.د( ذيب التهذيب ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، -

: )هـ٩٧٣(لدين أمحد بن حممد بن علي ابن حجر اهليتمي ، شهاب ا

٥٨٤

حترير املقال يف آداب وأحكام وفوائد حيتاج إليها مؤدبو األطفال ، دار ابـن كـثري ، - .م ، الطبعة الثانية ١٩٨٧بريوت

) ط.د(م ، ١٩٨٣ الزواجر عن اقتراف الكبائر ، دار الفكر ، بريوت ، -

) :هـ٤٥٥ت(ابن حزم ، أبو حممد علي بن حزم األندلسي

الطاهر أمحد مكـي ، دار املعـارف ، . األخالق والسري يف مداواة النفوس ، حتقيق د - .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨١

م ، القـاهرة ، ١٩٨٨إحسان عباس ، مكتبة اخلـاجني ، . رسائل ابن حزم ، حتقيق د - .الطبعة الثانية

:حسان حممد حسان . د

، ) ت. د(جه وفكره التربوي ، دار الفكـر العـريب ، عصره ومنه "ابن حزم األندلسي ).ط.د(القاهرة ،

: حسن إبراهيم عبد العال . د

م ، القـاهرة ، ١٩٧٨ التربية والتعليم يف القرن الرابع اهلجري ، دار الفكر العـريب ، - .الطبعة األوىل

–هـ ١٤٠٥يج ، فن التعليم عند بدر الدين بن مجاعة ، مكتبة التربية العريب لدول اخلل - ). ط.د(م ، الرياض ، ١٩٨٥

) .ط.د(، ) ت.د(، القاهرة ، ) ن.د(السودان أرضه وتارخيه ، : حسن جوهر

الفكر التربوي عند ابن القيم ، دار حافظ للنشر والتوزيع ، : حسن علي حسن احلجاجي .م ، جدة ، الطبعة األوىل ١٩٨٨

م، ١٩٨٧تمع اإلسـالمي ، دار عمـار ، الغيبة وأثرها السيء يف اجمل : حسن العوايشة .األردن الطبعة الثانية

٥٨٥

م ، ١٩٨٥ آداب العلماء واملتعلمني ، الدار اليمنية ، بريوت ، :احلسني بن أمري املؤمنني .الطبعة األوىل

التربية وتنمية االجتاهات العلمية من املنظور اإلسالمي ، دار محدي أبو الفتوح عطيفة ، .د .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٩٥الوفاء ،

) :ت (أبو حيان التوحيدي ، علي بن حممد بن العباس

، ) ت.د( أمحد الـزين، املكتبـة العصـرية ، – اإلمتاع واملؤانسة ، حتقيق أمحد أمني - ).ط.د(بريوت ،

) .ط.د(، ) ت.د(، ) ن.د( البصائر والذخائر ، -

)خ (

مصر يف العصر الفاطمي ، دار الفكر العريب ، القـاهرة ، التعليم يف :خطاب عطية علي ) .ط.د(م ، ١٩٤٧

العزلـة ، حتقيـق عـادل ) :هـ٣٨٨ت(اخلطايب ، أبو سليمان محد بن حممد البسيت ).ط.د(م ، ١٩٨٧عبد املوجود ، مكتبة الزهراء ، القاهرة ،

) .ط.د(، ) ت.د(، تاريخ بغداد ، دار الكتاب العريب ، بريوت :اخلطيب البغدادي

) .ط.د(م ، ١٩٨٦املقدمة ، دار مكتبة اهلالل ، بريوت ، : ابن خلدون

: ابن خلكان

.م ، الطبعة األوىل ١٩٤٨ وفيات األعيان ، مكتبة النهضة املصرية ، -

) .ط.د(م ، ١٩٦٩ وفيات األعيان ، حتقيق إحسان عباس ، دار صادر ، بريوت ، -

: اإلسالمية يف األندلس أصوهلا املشرقية وتأثرياا الغربية ، ترمجـة التربية :خوليان ريبريا ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨١الطاهر أمحد مكي ، دار املعارف ، . د

.، بغداد ، الطبعة األوىل١٩٨٢ األخالق أوال ، دار احلرية ، :خري اهللا طلفاح

)د (

٥٨٦

) :ـه٢٨١ت(ابن أيب الدنيا ، أبو بكر عبد اهللا بن حممد

هــ ١٤١٠بلمي ، مكتبة ابـن تيميـة ، .أ. مكارم األخالق ، حتقيق و تعليق مجنيز - ) .ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٠–

م ، ١٩٨٦ الصمت وحفظ اللسان ، حتقيق حممد أمحد عاشـور ، دار االعتصـام ، - .القاهرة ، الطبعة األوىل

)ر (

م ، بغـداد ، ١٩٨٥ون الثقافية ، كتاب الزينة ، دائرة الشؤ ) :ت (الرازي ، أبو حامت .الطبعة األوىل

خمتار الصحاح ، عين بترتيبه السـيد ) :ت (الرازي ، حممد بن أيب بكر بن عبد القادر ).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(حممود خاطر ، دار احلديث ،

:الراغب األصفهاين

) .ط.د (،) ت.د( املفردات يف غريب القرآن ، مكتبة املعرفة ، بريوت ، -

) .ط.د(، ) ت.د( حماضرات األدباء ، مكتبة احلياة ، بريوت ، -

املكتبة ودورها يف التربية ، ترمجة مصطفى اجلويين ، مؤسسـة املطبوعـات : رالف . ر ) .ط.د(، ) ت.د(احلديثة ، القاهرة ،

فضـل علـم ) :هـ٧٩٥ت(ابن رجب ، أبو الفرج زين الدين عبد الرمحن بن أمحد ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٩ى اخللف ، دار احلديث ، السلف عل

فصل املقال فيما بني احلكمة والشـريعة ) :ت(ابن رشد ، أبو الوليد بن أمحد بن حممد ، القـاهرة ، الطبعـة ١٩٨٣حممد عمـارة ، دار املعـارف ، . من االتصال ، حتقيق د

.الثانية

م ، ١٩٧٥ة ، مكتبة األجنلـو ، القـاهرة ، التعلم دراسة نفسية تفسريي : رمزية الغريب .الطبعة اخلامسة

٥٨٧

عبد اهللا عبد الدامي ، دار العلم للماليني ، بريوت ، . التربية العامة ، ترمجة د : رونيه أوبري .م ١٩٧٩ ، ٤ط

مناهج علماء املسلمني يف البحث العلمي ، ترمجة أنيس فرحية ، دار الثقافـة ، : روزنتال ) .ط.د(م ، ١٩٦١بريوت ،

علي عبد املعطي . ، ترمجة د " حماولة فلسفية " منهج جديد للدراسات اإلنسانية :ريكمان .م ، بريوت ، الطبعة األوىل١٩٧٩حممد علي حممد ، مكتبة مكاوي ، . حممد ، د

)ز (

.م ، الطبعة األوىل ١٩٩٠األعالم ، مكتبة لبنان ، بريوت ، : الزركلي

هــ، ١٤٠٠ أزمة التعليم املعاصر ، مكتبة الفـالح ، :زغلول راغب حممد النجار . د .م ، الكويت ، الطبعة األوىل١٩٨٠

التصوف اإلسالمي يف األدب واألخالق ، املكتبة التجارية الكـربى ، :زكي مبارك . د .م ، القاهرة ، الطبعة الثانية١٩٥٤ –هـ ١٣٩٣

حقائق الترتيل وعيـون الكشاف عن : الزخمشري ، أبو القاسم جار اهللا حممود بن عمر ) .ط.د(، بريوت ، ) ت.د(األقاويل ، دار املعرفة ،

)س (

حممد عماد الدين إمساعيل ، دار الشروق ، بريوت ، . التعلم ، ترمجة د : سارنوف مدنيك .م ١٩٨١ط ، .د

معيد النعم ومبيد النقم ، مؤسسـة ) :هـ٧٧١ت(السبكي ، تاج الدين عبد الوهاب .م ، بريوت ، الطبعة األوىل١٩٨٦ –هـ ١٤٠٧ ، الكتب الثقافية

) .ط.د(، ) ت.د(املبسوط ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، : السرخسي

) .ط.د(، ) ت.د(الطبقات ، دار صادر ، بريوت ، : ابن سعد

٥٨٨

التوجيه النفسي والتربوي واملهين ، مكتبة النهضـة املصـرية ، القـاهرة ، : سعد جالل ) .ط.د(م ، ١٩٥٧

، مكتبـة " رؤية إسالمية " البحث العلمي ومناهجه النظرية :سعد الدين السيد صاحل . د .م ، جدة ، الطبعة الثانية١٩٩٣ –هـ ١٤١٤الصحابة ،

تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان ، اجلامعة اإلسالمية ، : السعدي ، عبد الرمحن ) .ط.د(هـ ، ١٣٩٧املدينة املنورة ،

:مساعيل علي سعيد إ. د

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٣هـ، ١٤١٣ أصول التربية اإلسالمية ، دار الفكر العريب ، -

م ، القـاهرة ، ١٩٩٢ –هــ ١٤١٢ األصول اإلسالمية للتربية ، دار الفكر العريب ، - . الطبعة الثالثة

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٦ معاهد التربية اإلسالمية ، دار الفكر العريب ، -

م ، القـاهرة ، ١٩٩٣ –هـ ١٤١٣ رؤية إسالمية لقضايا تربوية ، دار الفكر العريب ، - .الطبعة األوىل

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( أوضاع املربني العرب ، دار الثقافة ، -

:سليم اهلاليل

–هــ ١٤١٢التواضع يف ضوء القرآن الكرمي والسنة الصحيحة ، دار ابـن القـيم، - . اململكة العربية السعودية ، الطبعة الثانية–م م ، الدما١٩٩٢

احلياء يف ضوء القرآن الكرمي واألحاديث الصحيحة ، مكتبة ابن اجلوزي ، اإلحسـاء ، - .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٨

عـوارف املعـارف ،دار الكتـاب :السهروردي ، عبـد القـاهر بـن عبـد اهللا .م،بريوت،الطبعة الثانية١٩٨٣العريب،

دراسات يف تاريخ الفكر التربـوي ، وكالـة املطبوعـات ، :راهيم اجليار سيد إب . د .م ، الكويت ، الطبعة األوىل١٩٧٤ –هـ ١٣٩٤

٥٨٩

التعلم عند برهان اإلسالم الزرنوجي ، مكتبة األجنلـو املصـرية ، :سيد أمحد عثمان . د .م ، القاهرة ، الطبعة الثانية١٩٨٨٩ –هـ ١٤٠٩

التعلم وتطبيقاته ، دار الثقافة للطباعة : ر حممد الشرقاوي أنو. سيد أمحد عثمان و د . د .م ، القاهرة ، الطبعة الثانية١٩٧٨والنشر ،

أمـني . أزمة التعليم اإلسالمي ، ترمجة د :سيد علي أشرف . سيد سجاد حسني ، د . دم، ١٩٨٣ -١٤٠٣حسني الرباط ، شركة مكتبات عكاظ ، وجامعة امللك عبد العزيز ،

.السعودية ، الطبعة األوىل –الرياض

:ابن سينا

) .ط.د(هـ ، ١٣٢٨منطق املشرقيني ، مطبعة املؤيد ، القاهرة ، -

رسالة السياسة ، -

) :هـ٩١١ت (السيوطي ، جالل الدين عبد الرمحن بن الكمال

–هــ ١٤٠٥ اإلتقان يف علوم القرآن حتقيق حممد أبو الفضل إبراهيم ، دار التراث ، - . القاهرة ، الطبعة الثالثةم ،١٩٨٥

–هــ ١٤٠٦فتحي عبد القادر فريد ، دار املنار ، . التحبري يف علم التفسري ، حتقيق د - .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٨٦

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( املزهر يف علوم اللغة ، دار التراث ، -

) .ط.د(، ) ت.د( تفسري اجلاللني ، دار املعرفة ، بريوت ، -

)ش (

. م ، الطبعة األوىل١٩٦٦ فوات الوفيات ، مكتبة املعارف ، بريوت ، :ابن شاكر الكتيب

: الشافعي ، حممد بن إدريس

).ط.د(، ) ت.د( الرسالة ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، -

.م ، الطبعة األوىل ١٩٨٦ ديوان اإلمام الشافعي ، دار الفكر ، بريوت ، -

٥٩٠

:عور شفيق حممد زي

م ، بـريوت ، الطبعـة ١٩٨٦ –هـ ١٤٠٦ الفكر التربوي عند العلموي ، دار اقرأ ، - .األوىل

م ، بريوت ، الطبعة ١٩٨٦ –هـ ١٤٠٦املذهب التربوي عند السمعاين ، دار اقرأ ، - .الثانية

م ، القاهرة ١٩٨٥ ملاذا تأخر املسلمون وتقدم غريهم ؟ ، دار البشري ، :شكيب أرسالن .) ط.د(

أدب الطلب ومنتـهى األرب ، ) :هـ١٢٥٠ت(الشوكاين ، حممد بن علي بن حممد ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٨حتقيق حممد عثمان اخلشت ، مكتبة القرآن ،

)ص (

–هـ ١٤١٥ املصادر العامة للتلقي عند الصوفية ، مكتبة الرشد ، :صادق سليم صادق .م ، الرياض ، الطبعة األوىل١٩٩٤

)ط (

) :هـ٩٦٢ت(طاش كربى زادة ، أمحد بن مصطفى

) .ط.د(م ، ١٩٨٥مفتاح السعادة ومصباح السيادة ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، -

مفتاح السعادة ومصباح السيادة ، حتقيق كامل كامـل بكـري ، وعبـد الوهـاب - ).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(أبو النور ، دار الكتب احلديثة ،

) .ط.د(م ، ١٩٧٥ائق النعمانية ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، الشق-

:طه جابر فياض العلواين . د

) سلسلة كتاب األمة (أدب االختالف يف اإلسالم ، وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية - .م ، قطر ، الطبعة الثانية١٩٨٥–هـ ١٤٠٦

. ، القاهرة ، الطبعة األوىل م١٩٧٩االجتهاد والتقليد يف اإلسالم ، دار األنصار ، -

٥٩١

)ع (

م ، ١٩٧٥ القرآن وقضايا اإلنسان ، دار العلم للماليني ، بريوت ، :عائشة عبد الرمحن .الطبعة الثانية

مدخل إىل التصور اإلسالمي لإلنسـان واحليـاة ، دار الفرقـان ، :عابد توفيق اهلامشي . األردن ، الطبعة األوىل–م ، عمان ١٩٨٢ –هـ ١٤٠٢

اإلعالم مبناقب ) :هـ٣٨١ت(أبو احلسن حممد بن أيب ذر يوسف العامري : العامري أمحد عبد احلميد غراب ، مؤسسـة دار األصـالة للثقافـة والنشـر . اإلسالم حتقيق د

.م ، الرياض ، الطبعة األوىل١٩٨٨ –هـ ١٤٠٨واإلعالم ،

م ، الطبعة ١٩٨٠دلس ، بريوت ، نصري الدين الطوسي ، دار األن : عبد األمري األعسم .د .الثانية

:عبد األمري مشس الدين . د

م ، ١٩٨٤ –هــ ١٤٠٤ الفكر التربوي عند ابن خلدون وابن األزرق ، دار اقـرأ ، - .بريوت ، الطبعة األوىل

م ، بريوت ، الطبعـة ١٩٨٤ –هـ ١٤٠٤ الفكر التربوي عند ابن طفيل ، دار اقرأ ، - .األوىل

م ، بريوت ، الطبعة ١٩٨٤ –هـ ١٤٠٤بوي عند ابن مجاعة ، دار اقرأ ، املذهب التر - .األوىل

هـ ١٤٠٥ الفكر التربوي عند ابن القفع ، اجلاحظ ، عبد احلميد الكاتب ، دار اقرأ ، - .م ، بريوت ، الطبعة األوىل١٩٨٥ –

، ) هـ٤٧٨ –هـ ٤٠٣( الفكر التربوي يف األندلس :عبد البديع عبد العزيز اخلويل . د .م ، القاهرة ، الطبعة الثانية١٩٨٥دار الفكر العريب ،

، جامعة الدراسات ) حياته وآثاره ( القاضي بدر الدين بن مجاعة :عبد اجلواد خلف . د ).ط.د( باكستان ، –م ، كراتشي ١٩٨٨ –هـ ١٤٠٨اإلسالمية ،

٥٩٢

يـويب املدارس يف بيت املقـدس يف العصـرين األ :عبد اجلليل حسن عبد املهدي . د األردن ، –م ، عمـان ١٩٨١واململوكي ودورها يف احلركة الفكرية ، مكتبة األقصى ،

).ط.د(

فلسفة التربية اإلسالمية يف احلديث الشـريف ، دار الفكـر :عبد اجلواد سيد بكر . د ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٣العريب ،

م ، القاهرة ، ١٩٩٠ب ، دراسة يف علم األخالق ، مكتبة الشبا :عبد احلميد مدكور . د ).ط.د(

) .ط.د(، ) ت.د(الفروق الفردية ، دار التربية ، دمشق ، : عبد احلميد اهلامشي

م ، ١٩٨٩املذاهب الصوفية ومدارسها ، مكتبة مدبويل ، : عبد احلكيم عبد الغين قاسم ) .ط.د(القاهرة ،

) .ط.د(، ) ت.د (،) ن.د(أهداف الفلسفة اإلسالمية ، : عبد الدامي أبو العطا

األخالق اإلسالمية وأسسـها ، دار الفكـر ، سـوريا ، :عبد الرمحن حبنكة امليداين .م ، الطبعة الثالثة١٩٩٢هـ ، ١٤١٣

املذهب التربوي عند ابن سـحنون ، دار املعرفـة ، بـريوت ، : عبد الرمحن حجازي .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٨

م ١٩٧٩ية يف إعداد املعلمني ، دار الفكر ، بريوت ، دور التربية العمل: عبد الرمحن صاحل .الطبعة الثانية

مناهج وآداب الصحابة يف التعلم والتعليم ، دار اليقني ، مصر ، : عبد الرمحن عبد الرب . د .م ١٩٩٩ ، ١ط

:عبد الرمحن النقيب . د

).ط.د(لقاهرة ، م ، ا١٩٨٤فلسفة التربية عند ابن سينا ، دار الثقافة للطباعة والنشر ، -

م ، ١٩٨٤اإلعداد التربوي املهين للطبيب عند املسلمني ، دار الفكر العريب ، القاهرة ، - ) .ط.د(

٥٩٣

م ١٩٧٤ علم النفس الفسيولوجي ، دار النهضة العربية ، بريوت ، :عبد الرمحن عيسوي ) .ط.د(

بة ابـن تيميـة ، الفكر الصويف يف ضوء الكتاب والسنة ، مكت :عبد الرمحن عبد اخلالق .م ، الكويت ، الطبعة الثالثة١٩٨٦ –هـ ١٤٠٦

:عبد الرمحن النحالوي

م ، ١٩٨٣ –هــ ١٤٠٣ أصول التربية اإلسالمية وأساليبها ، دار الفكر ، دمشـق ، - .الطبعة الثانية

، دار الفكـر ، ) يوسف بن عبـد الـرب القـرطيب ( أعالم التربية يف تاريخ اإلسالم - . م ، سوريا ، الطبعة األوىل ١٩٨٦ -هـ١٤٠٦

م ، الطبعة ١٩٨٢ التربية اإلسالمية واملشكالت املعاصرة ، املكتب اإلسالمي ، بريوت ، - .األوىل

م ، ١٩٨٥ مبادئ البحث األولية ، دار الثقافة العربيـة ، :عبد الرحيم صدقي حممد . د ).ط.د(القاهرة ،

: عبد الرؤوف املناوي

.م ، الطبعة األوىل ١٩٨٧لدار املصرية اللبنانية ، القاهرة ، الرتهة الزكية ، ا-

) .ط.د(، ) ت.د( فيض القدير ، دار احلديث ، القاهرة ، -

). ط.د(م ، ١٩٥١ نوادر املخطوطات ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، :عبد السالم هارون

لمطبوعات األخالق عند الرسول وأصحابه ، مؤسسة األعلمي ل :عبد الصاحب احلسيين ) .ط.د(م ، ١٩٦٩بريوت ،

، مكتبة الكليات األزهرية ) عصره ومنهجه ( ابن القيم اجلوزية :عبد العظيم شرف الدين .م ، الطبعة الثانية ١٩٦٧القاهرة ،

، املدينـة ) ت.د( اإلسالم بني العلماء واحلكماء ، املكتبة العلمية ، :عبد العزيز البدري ).ط.د(املنورة ،

٥٩٤

م ، الطبعـة ١٩٧٠ أسس الصحة النفسية ، دار القلم ، الكويت ، : العزيز القوصي عبد .الثامنة

:عبد الغين عبود . د

، دار الفكـر العـريب ، " كما يبدو من رسالته أيها الولد " الفكر التربوي عند الغزايل - .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨٢

.م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٩١ريب ، يف التربية اإلسالمية ، دار الفكر الع-

. ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٧٨ دراسة مقارنة لتاريخ التربية ، دار الفكر العريب ، -

التعليم يف مصر زمن األيوبيني واملماليك ، دار املعارف ، القاهرة ، : عبد الغين حممود .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٤

–هـ ١٤١٢ التصوف عقيدة وسلوكا ، مكتبة الزهراء ، :عبد الفتاح أمحد الفاوي . د .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٩٢

صفحات من صرب العلماء على شدائد العلم والتحصيل ، مكتبـة :عبد الفتاح أبو غدة . م ، حلب ، الطبعة الثالثة ١٩٩٤ –هـ ١٤١٤املطبوعات اإلسالمية ،

تربية عند مفكري اإلسالم ، منشـأة املعـارف ، األصول الفلسفية لل : عبد الفتاح فؤاد .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٣اإلسكندرية ،

التصوف اإلسالمي بني األصالة واالقتباس يف عصر النابلسي ، دار : عبد القادر أمحد عطا .م ، بريوت ، الطبعة األوىل ١٩٨٧اجليل ،

م ، ١٩٨٧ ، بـريوت ، الوجيز يف أصول الفقه ، مؤسسة الرسـالة : عبد الكرمي زيدان ) .ط.د(

مطالب الطالب ومثالـب الناكـب ، دار احلميضـي ، : عبد الكرمي بن صاحل احلميد .م ، الرياض ، الطبعة األوىل ١٩٩٣

–هــ ١٤٠٥األخالق يف اإلسالم ، مكتبة دار العلـوم ، : عبد اللطيف حممد العبد .د .م ، القاهرة ، الطبعة الثانية ١٩٨٥

٥٩٥

م ، ١٩٨٣ تاريخ التربية عند اإلمامية ، الدار املتحدة للنشر ، : فياض عبد اهللا دخيل . د .بريوت ، الطبعة الثانية

:عبد اهللا عبد الدامي . د

.م ، بريوت ، الطبعة اخلامسة ١٩٨٤ التربية عرب التاريخ ، دار العلم للماليني ، -

.ثانية م ، الطبعة ال١٩٨٣ تاريخ التربية ، املطبعة اجلديدة ، دمشق ، -

م ، القـاهرة ، ١٩٨٣ تربية األوالد يف اإلسالم ، دار السالم ، :عبد اهللا ناصح علوان .الطبعة األوىل

م ، بريوت ، الطبعـة ١٩٨٨ مشاهري القضاة ، دار ابن كثري ، :عبد املنعم عبد الراضي .األوىل

ب حتصـيله ، العلم ، فضله ، أسـبا :عبد الواحد بن عبد اهللا بن عبد احملسن املهيدب .هـ ، الرياض ، الطبعة األوىل١٤١٠آداب طالبه ، دار العاصمة ،

، ) ت.د( أصول الفقه ، مكتبة الدعوة اإلسالمية ، القـاهرة ، :عبد الوهاب خالف - ) .ط.د(

حنو فلسفة إسالمية للعلوم ، املعد العاملي للفكر اإلسالمي ، القاهرة :عدنان حممد زرزور ) .ط.د(م ، ١٩٨٧

عارضـة األحـوذي ) :هـ٥٤٣ت(ابن العريب ، أبو بكر حممد بن عبد اهللا اإلشبيلي ).ط.د(، بريوت ، ) ت.د(بشرح صحيح الترمذي ، دار الكتب العلمية ،

. م ، الطبعة األوىل١٩٧٧املعلم والتربية ، مكتبة األجنلو ، القاهرة ، : عرفات عبد العزيز

) .ط.د(، ) ت.د(لفكرالعريب ، القاهرة ، فن احلديث ، دار ا: عز الدين فرج

دراسات يف علم النفس ، مكتبة النهضة العربية :عزيز حنا داوود ، وزكريا أثنا سيوسي ) .ط.د(م ، ١٩٧٢القاهرة ،

:العقاد ، عباس حممود

.م ، القاهرة ، الطبعة الثالثة١٩٨٣أشتات جمتمعات يف اللغة واألدب ، دار املعارف ، -

٥٩٦

) .ط.د(، ) ت.د(ري فريضة إسالمية ، دار النهضة ، القاهرة ، التفك-

: عالء أمري حممد مهدي القزويين . د

م ، القـاهرة ، ١٩٨٦ الشيعة اإلمامية ونشأة العلوم اإلسالمية ،دار النهضة العربيـة ، - . الطبعة األوىل

جامعة عني –ية التربية مكتبة كل – املعتزلة وآراؤهم يف التربية والتعليم ، رسالة ماجستري - . م١٩٨مشس ،

) .ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٥ الفكر التربوي عند الشيعة اإلمامية ، دار الثقافة العربية ، -

:علي جريشة . د

م ، القاهرة ، الطبعة ١٩٨٤ شريعة اهللا احلاكمة ، ليس باحلدود وحدها ، مكتبة وهبة ، - .األوىل

.م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨٦ ، مكتبة وهبة ، حنو نظرية للتربية اإلسالمية-

:علي خليل مصطفى أبو العنني . د

–هــ ١٤٠٨ فلسفة التربية اإلسالمية يف القرآن الكرمي ، مكتبة إبـراهيم حلـيب ، - .م ، املدينة املنورة ، الطبعة الثالثة١٩٨٨

م ، املدينة املنورة ١٩٨٨ –هـ ١٤٠٨ القيم اإلسالمية والتربية ، مكتبة إبراهيم حليب ، - .الطبعة األوىل

نظام التربية اإلسالمية يف عصر دولة املماليك يف مصر ، دار الفكـر :علي سامل النباهني .، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٨١العريب ،

: علي سامي النشار . د

) .ط.د(م ، ١٩٦٢ نشأة الفكر الفلسفي ، دار املعارف ، القاهرة ، -

هــ ، ١٣٦٧ البحث عند مفكري اإلسالم ، دار الفكر العريب ، القـاهرة ، مناهج - ) .ط.د(

٥٩٧

.م ، بغداد ، الطبعة الثالثة١٩٦٤ صفات املريب ، مكتبة املثىن ، :علي الشوبكي

شذرات ) :هـ١٠٨٩ت(ابن العماد احلنبلي ، أبو الفالح عبد احلي بن أمحد بن حممد ).ط.د(، بريوت ، ) ت.د(ق ، الذهب يف أخبار من ذهب ، دار اآلفا

.م،دمشق،الطبعة األوىل١٩٩٦منهج التربية يف القرآن والسنة،دار املعرفة،: عمر أمحد عمر

دراسات اجتماعية يف العصـور الوسـطى ، املطبعـة التعاونيـة ، :عمر رضا كحالة ).ط.د(م ، دمشق ، ١٩٧٣ –هـ ١٣٩٣

: عمر فروخ .د

.م ، الطبعة األوىل ١٩٦٥لم للماليني ، بريوت ، تاريخ الفكر العريب ، دار الع-

م بريوت ، ١٩٨٠ –هـ ١٤٠٠ عبقرية العرب يف العلم والفلسفة ، املكتبة العصرية ، - .الطبعة الرابعة

:عمر حممد التومي الشيباين . د

م ، ١٩٨٢من أسس التربية اإلسالمية ، املنشأة العامة للنشـر والتوزيـع واإلعـالن ، - .اجلماهريية الليبية ، الطبعة الثانية –طرابلس

–م ، طرابلس ١٩٨٣فلسفة التربية اإلسالمية ، املنشأة العامة للنشر والتوزيع واإلعالن ، - .اجلماهريية الليبية ، الطبعة الرابعة

م ، ١٩٧٩ حملات يف الثقافة اإلسالمية ، مؤسسة الرسالة ، بريوت ، :عمر عودة اخلطيب .الطبعة الثالثة

التطور الداليل بني لغة الشعر ولغة القـرآن ، مكتبـة املنـار ، :ودة خليل أبو عودة ع .م ، األردن ، الطبعة األوىل١٩٨٥ –هـ ١٤٠٥

: )هـ٥٤٤ت (عياض بن موسى اليحصيب

).ط.د(، بريوت ، ) ت.د( الشفا ، دار الكتب العلمية ، -

مالك ، دار مكتبة احلياة ، بريوت ترتيب املدارك وتقريب املسالك ملعرفة أعالم مذهب - ) .ط.د(، ) ت.د(

٥٩٨

)غ(

) .ط.د(، ) ت.د( املستصفى ، البايب احلليب ، القاهرة ، :الغزايل ، أبو حامد

)ف (

:الفارايب

هــ ، ١٣٢٨ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة ، املكتبة السلفية ، القـاهرة ، - ) .ط.د(

) .ط.د(م ، ١٩٦٨مني ، مكتبة األجنلو ، القاهرة ، إحصاء العلوم ، حتقيق عثمان أ-

م ، ١٩٧٣ املدرس يف املدرسة واجملتمـع ، األجنلـو ، القـاهرة ، :أبو الفتوح رضوان ). ط.د(

هــ ١٤١٣ املوسوعة الذهبية للعلوم اإلسالمية ، دار الغد العريب ، :فاطمة حمجوب . د .م ، القاهرة ، الطبعة األوىل١٩٩٣

م ، ١٩٨٣تاريخ احلضارة اإلسالمية ، ترمجة محزة طاهر ، دار املعارف ، :بارتولد . ف .مصر ، الطبعة اخلامسة

التدريس أهدافه ، أسسه ، أساليبه ، عـامل الكتـب ، القـاهرة ، :فكري حسن ريان .م ، الطبعة الثانية ١٩٧١

.ىل م ، الطبعة األو١٩٦١تاريخ العرب ، املكتبة العصرية ، بريوت ، : فليب حىت

فلسفة التربية ، ترمجة حممد لبيب النجيحي ، دار النهضة العربية ، القاهرة :فليب فينكس ) .ط.د(م ، ١٩٦٥

مفتاح كنوز السنة ، ترمجة حممد فؤاد عبد الباقي ، دار احلـديث ، :ي . أ. د: فنسنك ).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(

م ، ١٩٨٠ألجنلو ، القـاهرة ، علم النفس التربوي ، ا :فؤاد أبو حطب وآمال صادق .الطبعة الثانية

٥٩٩

م ١٩٧٨ ، ١التفكري العلمي ، سلسلة عامل املعرفة ، الكويت ، ط : فؤاد زكريا. د

م ، القاهرة ١٩٨٨ فهرس املخطوطات املصورة ، معهد املخطوطات العربية ، :فؤاد سيد ).ط.د(

ائة السابعة ، مطبعة الفرات ، بغداد احلوادث اجلامعة والتجارب النافعة يف امل : ابن الفوطي ) .ط.د(هـ ، ١٣٥١

القاموس احمليط ، دار اجليـل ، ) :ت (الفريوز آبادي ، حمب الدين حممد بن يعقوب ).ط.د(، بريوت ، ) ت.د(

املصباح املنري ، دار القلم ، ) :هـ٧٧٠ت (الفيومي ، أمحد بن حممد بن علي املقري ، ).ط.د(، بريوت ، ) ت.د(

)ق (

م ١٩٧٨ قضايا علم األخالق ، اهليئة املصرية العامة للكتاب ، :قباري حممد إمساعيل . د .اإلسكندرية ، الطبعة الثانية

عيون األخبار ، ضبط وتعليـق ) :هـ٢٧٦ت(ابن قتيبة ، أبو حممد عبد اهللا بن مسلم وت ، الطبعة م ، بري ١٩٨٦ –هـ ١٤٠٦يوسف علي الطويل ، دار الكتب العلمية ، . د

.األوىل

خمتصر منـهاج القاصـدين ، دار ):هـ٦٠٧ت(ابن قدامة ، أمحد بن قدامة املقدسي ) . ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨١التراث العريب ،

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٧٩ العلوم عند العرب ، مكتبة مصر ، :قدري حافظ طوقان

) .ط.د(، ) ت.د( بريوت ، ، دار التراث ،٠٠ اجلامع ألحكام القرآن:القرطيب

لطـائف اإلشـارات ، - ) :هـ٤٦٥(القشريي ، أبو القاسم عبد الكرمي بن هوازن م ، القـاهرة ، الطبعـة ١٩٨١إبراهيم بسيوين ، اهليئة املصرية العامة للكتاب ، . حتقيق د .الثانية

٦٠٠

، ) ت.د(عيون األنباء يف طبقات األطباء ، دار الكتب العلميـة ، بـريوت ، : القفطي ) .ط.د(

) :هـ٧٥١ت(ابن القيم ، مشس الدين حممد بن أيب بكر الزرعي الدمشقي

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( الوابل الصيب من الكلم الطيب ، مكتبة املتنيب ، -

م ، ١٩٧٩ مفتاح السعادة ومنشور والية العلم واإلرادة،مكتبة محيدو ، اإلسكندرية ، - .الطبعة الثالثة

.م ، الطبعة األوىل ١٩٨٨سالكني ، دار التراث العريب ، القاهرة ، مدارج ال-

) .ط.د(، ) ت.د( إعالم املوقعني ، دار الفكر ، بريوت ، -

) .ط.د(م ، ١٩٨٨ اجلواب الكايف ، مطبعة املدين ، القاهرة ، -

)ك (

) :هـ٧٧٤ت (ابن كثري ، أبو الفداء عماد الدين إمساعيل بن عمر

) .ط.د(م ، ١٩٨٧آن العظيم ، دار الدعوة ، استانبول ، تفسري القر-

).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(البداية والنهاية ، دار الريان للتراث ، -

.م ، الطبعة األوىل ١٩٦٦البداية والنهاية ، مكتبة املعارف ، بريوت ، -

هرة ، مناقب أيب حنيفة ، دار إحياء التـراث ، القـا :الكردي ، حافظ الدين بن حممد ) .ط.د(، ) ت.د(

فن الدراسة ، ترمجة فؤاد مجيل ، مكتبـة احليـاة ، :كليفورد صوران ، وجيمس ديز ) .ط.د) (ت.د(

)ل (

الدليل إىل كتابة البحوث اجلامعية والرسائل املاجستري :بيكفورد . ج. مسيث ، ل . و. ل –هــ ١٤٠٤ للنشر ، عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان ، امة . والدكتوراة ، ترمجة د

.م ، جدة ، الطبعة الثالثة١٩٨٤

٦٠١

)م (

:ماجد عرسان الكيالين . د

إخراج األمة املسلمة وعوامل صحتها ومرضها ، وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ، - . هـ ، قطر ، الطبعة األوىل ١٤١٢، ) سلسلة كتاب األمة(

زارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ، مقومات الشخصية املسلمة أو اإلنسان الصاحل ، و - . هـ ، قطر ، الطبعة األوىل ١٤١١، ) سلسلة كتاب األمة(

م ، املدينة املنورة ، الطبعـة ١٩٨٦ الفكر التربوي عند ابن تيمية ، مكتبة دار التراث ، - . الثانية

ت ، م ، بريو ١٩٧٨ الفكر األخالقي العريب ، األهلية للنشر والتوزيع ، :ماجد فخري . د .الطبعة األوىل

) .ط.د(، ) ت.د( أدب القاضي ، دار الكتب العلمية ، بريوت ، :املاوردي

حتفة األحوذي شرح صحيح الترمذي ، دار الكتب العلمية ، بـريوت ، :املباركفوري ) .ط.د(، ) ت.د(

، دراسات وحبوث جديدة يف تاريخ التربية اإلسالمية ، دار الوفاء :جماهد توفيق اجلندي .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٤القاهرة ،

م ، ١٩٨٥ –هــ ١٤٠٥ املعجم الوسيط ، جممع اللغة العربيـة ، :جممع اللغة العربية .القاهرة ، الطبعة الثالثة

الفهـارس : مـآب "امع امللكي لبحوث احلضارة اإلسالمية ، مؤسسة آل البيـت –م ، عمـان ١٩٨٦ –هــ ١٤٠٦لكي ، التحليلية للتربية العربية اإلسالمية ، اجملمع امل

.األردن ، الطبعة األوىل

) .ط.د(، القاهرة ) ت.د( دائرة املعارف اإلسالمية ، دار الشعب ، :جمموعة مؤلفني

، مقال الدكتور بشار عواد التربية والتعليم ، دار ٨ حضارة العراق ، ج :جمموعة مؤلفني ).ط.د(م ، بغداد ، ١٩٨٥احلرية للطباعة ،

٦٠٢

م ، ١٩٨٨ من أعالم التربية اإلسالمية ، مكتب التربية لدول اخللـيج ، :موعة مؤلفني جم .الرياض ، الطبعة األوىل

دراسات يف احلضارة اإلسالمية ، اهليئة املصـرية العامـة للكتـاب ، :جمموعة مؤلفني ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٥

–هــ ١٤٠٤شؤون الدينية ، املوسوعة الفقهية ، وزارة األوقاف وال :جمموعة مؤلفني .م ، الكويت ، الطبعة الثانية١٩٨٣

عبـد احللـيم . الرعاية حلقوق اهللا ، د ) :ت (احملاسيب ، أبو عبد اهللا احلارث بن أسد ). ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٤حممود ، دار املعارف ،

اإلمــام ســفيان الثــوري،دار الســالم للطباعــة : حممــد أبــو الفــتح البيــانوين .م،القاهرة،الطبعة الثانية١٩٨٣شر،والن

م ، بريوت ، ١٩٩٣التربية اإلسالمية دراسة مقارنة ، دار اجليل ، : حممد أمحد جاد صبح .الطبعة األوىل

م ، ١٩٥٧ التربية والتعليم يف اإلسالم ، دار العلـم للماليـني ، :حممد أسعد طلس .د .بريوت ، الطبعة األوىل

) . ت .د(، ) ت.د( دار احلديث ، القاهرة ، أصول الفقه ،: حممد اخلضري

فهرسة ما رواه عن شيوخه ، ) :هـ٥٧٥ت(حممد بن خري بن عمر بن خليفة األموي .م ، بريوت ، الطبعة الثانية١٩٧٩ –هـ ١٣٩٩دار اآلفاق ،

).ط.د(،املدينة املنورة،)ت.د(العلم واملعرفة ،مكتبة القدس،: حممد رزق ساطور

:حممد أبو زهرة

) .ط.د(، ) ت.د( أصول الفقه ، دار الفكر العريب ، القاهرة ، -

) .ط.د(، ) ت.د( أبو حنيفة ، دار الفكر العريب ، القاهرة ، -

دولة اإلمساعلية يف إيران ، مؤسسة سجل العرب ، القاهرة ، :حممد السعيد مجال الدين ) .ط.د(م ، ١٩٧٥

٦٠٣

:حممد سعيد رسالن . د

م ، القـاهرة ، الطبعـة ١٩٩٠ –هـ ١٤١٠لعلوم اإلسالمية ، آفات العلم ، دار ا - .األوىل

م ، اإلسـكندرية ، الطبعـة ١٩٩٠ –هـ ١٤١١ آداب طالب العلم ، مكتبة اإلميان ، - .الثانية

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٨ ذم اجلهل وبيان قبيح أثره ، دار العلوم اإلسالمية ، -

النرد والشطرنج واملالهي لآلجـري ، إدارة مقدمة حتقيق كتاب حترمي :حممد سعيد عمر .م ، الطبعة األوىل ١٩٨١البحوث العلمية ، الرياض ،

، القـاهرة ، ) ت.د( من أخالق العلماء ، جممع البحوث اإلسـالمية ، :حممد سليمان ).ط.د(

م ، ١٩٨٩أسباب الضعف يف األمة اإلسالمية ، دار األرقـم ، : حممد السيد الوكيل .د .ق ، الطبعة األوىل الزقازي

).ط.د(م ، بريوت ، ١٩٨٢ منهج القرآن يف التربية ، مؤسسة الرسالة ، :حممد شديد

اإلسرائيليات واملوضوعات يف كتب التفسري ، مكتبة السنة ، القاهرة :حممد أبو شهبة .د .هـ ، الطبعة الرابعة ١٤٠٨

اهليئة املصرية للكتاب ، القاهرة ، التربية اإلسالمية يف املغرب ، : حممد عادل عبد العزيز ) .ط.د(، ) ت.د(

:حممد عثمان جنايت

.م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٨٢ القرآن وعلم النفس ، دار الشروق ، -

.م ، الطبعة األوىل ١٩٨٨ التعلم ، دار الشروق ، القاهرة ، -

.، الطبعة السابعة م ١٩٧٧ علم النفس يف حياتنا اليومية ، دار القلم ، الكويت ، -

م ، ١٩٨٢ تاريخ التعليم يف األندلس ، دار الفكر العريب ، :حممد عبد احلميد عيسى . د .القاهرة ، الطبعة األوىل

٦٠٤

الدليل والربهان على حترمي أخذ األجرة على تـالوة القـرآن ، :حممد عبد العزيز املانع .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٤الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية ، الرياض ،

هــ ، ١٤١٢ العلم ، أصوله ومصـادره ، دار الـوطن ، :حممد بن عبد اهللا اخلرعان .الرياض ، الطبعة األوىل

النظرية اخللقية عند ابن تيمية ، مركز امللك فيصل للبحـوث :حممد عبد اهللا عفيفي . د .وىلم ، الرياض ، الطبعة األ١٩٨٨ –هـ ١٤٠٨والدراسات اإلسالمية ،

، القـاهرة ، ) ت. د(الفكر التربوي اإلسالمي ، دار الفكر العـريب، : حممد جواد رضا ).ط.د(

االجتاهات احلديثة يف دراسة التصوف اإلسالمي ، دار الفكر :حممد عبد اهللا الشرقاوي ).ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(العريب ،

عبد الصـبور شـاهني ، .رمجة د دستور األخالق يف القرآن ، ت :حممد عبد اهللا دراز . د .م ، بريوت ، الطبعة الثامنة١٩٩١ –هـ ١٤١٢مؤسسة الرسالة ،

فن كتابة البحوث العلمية وإعداد الرسائل اجلامعية ، مكتبة ابـن :حممد عثمان اخلشت ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٠سينا ،

:حممد عطية األبراشي

–هــ ١٣٦٩ عيسـى احللـيب ، –لعربية روح التربية والتعليم ، دار إحياء الكتب ا - .م ، القاهرة ، الطبعة الرابعة١٩٥٠

.، القاهرة ، الطبعة الثالثة) ت.د( التربية اإلسالمية وفالسفتها ، دار الفكر العريب ، -

م ، الطبعة ١٩٨١ خمتصر تفسري ابن كثري ، دار القرآن ، بريوت ، :حممد علي الصابوين .األوىل

املنهج العلمي وتفسري السلوك ، مكتبة النهضـة املصـرية ، :مساعيل حممد عماد الدين إ .م ، الطبعة األوىل ١٩٧٠القاهرة ،

٦٠٥

، مصر ، ) ت.د( بدعة التعصب املذهيب ، مكتبة التوعية اإلسالمية ، :حممد عيد عباسي ).ط.د(

ربية املعجم الشامل للتراث العريب املطبوع ، معهد املخطوطات الع :حممد عيسى صاحلية ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٢

) .ط.د(، القاهرة ، ) ت.د( مع اهللا ، دار الكتب اإلسالمية ، :حممد الغزايل

م ١٩٩٣خربات وآراء يف الدراسة اجلامعية ، دار سعد الصباح ، : حممد فاضل اجلمايل .د .القاهرة ، الطبعة األوىل

، ) ت.د(دار الفكر ، بـريوت ، نعت البدايات وتوصيف النهايات ، :حممد بن فاضل ) .ط.د(

، بريوت ، ) ت.د( دائرة معارف القرن العشرين ، مكتبة املعارف ، :حممد فريد وجدي ).ط.د(

املعجم املفهرس أللفـاظ القـرآن الكـرمي ، دار احلـديث ، :حممد فؤاد عبد الباقي .م ، القاهرة ، الطبعة الثانية١٩٨٨ –هـ ١٤٠٨

م ، ١٩٨٠ ورثة الكتاب ، أو رسالة العلماء ، دار االعتصام ، :ب حممد فهمي عبد الوها ).ط.د(القاهرة ،

موقف اإلسالم من العلم وأثر الرسالة اإلسالمية يف احلضارة :حممد معروف الدوالييب . د .م ، بريوت ، الطبعة األوىل١٩٨٠اإلنسانية ، دار الكتاب اللبناين ، مكتبة املدرسة ،

املدرسة اإلسالمية يف العصور اإلسالمية ، املكتبة العصـرية ، : الدين حممد منري سعد . د .م ، بريوت ، الطبعة األوىل ١٩٩٥

:حممد منري مرسي . د

م ١٩٧٧ التربية اإلسالمية ، أصوهلا وتطورها يف البالد العربية ، عامل الكتب القاهرة ، - ) .ط.د(

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٢ تاريخ التربية والتعليم ، عامل الكتب ، -

٦٠٦

م ، ١٩٧٧ الفكر التربوي العريب اإلسالمي ، وكالة املطبوعات ، الكويت ، :حممد ناصر .الطبعة األوىل

:حممد ناصر الدين األلباين

م ، بريوت ، ١٩٨٥ –هـ ١٤٠٥ سلسلة األحاديث الصحيحة ، املكتب اإلسالمي ، - .الطبعة الرابعة

م ، ١٩٩٢ –هــ ١٤١٢واملوضوعة ، مكتبة املعـارف ، سلسلة األحاديث الضعيفة - .الرياض ، الطبعة األوىل

التعليم اإلسالمي أهدافه ومقاصده ، ترمجة عبد احلميد حممـد :حممد النقيب العطاس .دم ، ١٩٨٤ –هـ ١٤٠٤احلزيـيب ، شركة مكتبات عكاظ ، جامعة امللك عبد العزيز ،

).ط.د(الرياض ،

م ، ١٩٧٣قراءات يف التربية املعاصرة ، عامل الكتب ، القـاهرة ، : حممد اهلادي عفيفي ) .ط.د(

م ، الطبعـة ١٩٧٢ أسس علم النفس ، مكتبة سعيد رأفت ، القاهرة ، :حممود الزيادي .األوىل

التدريس احلديث أصوله وتطبيقاته ، مؤسسة دار الكتـب ، الكويـت ، : حممود زيدان .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٢

:ود السيد سلطان حمم. د

األهداف التربوية يف إطار النظرية التربوية يف اإلسالم ، دار احلسام للنشـر والطباعـة - ).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨١ –هـ ١٤٠١والتوزيع ،

).ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٧٩ مسرية الفكر التربوي عرب التاريخ ، دار املعارف ، -

.م ، القاهرة ، الطبعة الرابعة ١٩٩٦ام ، مفاهيم تربوية يف اإلسالم ، دار احلس-

) .ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٩٦ حبوث يف التربية اإلسالمية ، دار احلسام ، -

٦٠٧

الكشف عن حقيقـة الصـوفية ، املكتبـة اإلسـالمية ، :حممود عبد الرؤوف القاسم . األردن ، الطبعة الثانية–هـ ، عمان ١٤١٣

م ، قطـر ، ١٩٨٥ربية اإلسالمية ، دار الثقافـة ، دراسات تراثية يف الت :حممود قنرب .د .الطبعة األوىل

املدخل إىل الفقه اإلسالمي ، مكتبـة وهبـة ، القـاهرة ، : حممود حممد الطنطاوي . د .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٧

م ، القـاهرة ، الطبعـة ١٩٧٩ املعجم الفلسفي ، دار الثقافة اجلديدة ، :مراد وهبة . د .الثالثة

األخالق بني الفالسفة وحكماء اإلسالم ، دار الثقافـة العربيـة ، :ى حلمي مصطف. د ). ط.د(م ، القاهرة ، ١٩٨٦ –هـ ١٤٠٧

فقه األخالق واملعامالت مع املؤمنني ، دار ماجد عسريي للنشـر ، :مصطفى العدوي .م ، جدة ، الطبعة األوىل ١٩٩٨

:مقداد ياجلن . د

م ، مصر ، الطبعـة ١٩٧٧ –هـ ١٣٩٧، مكتبة اخلاجني ، التربية األخالقية اإلسالمية - .األوىل

–هــ ١٤١٦ األخالقيات اإلسالمية الفعالة للمعلم واملتعلم ، دار عـامل الكتـب ، - .م الرياض ، الطبعة األوىل١٩٩٦

.م ، الطبعة األوىل ١٩٨٦ جوانب التربية اإلسالمية ، مؤسسة الرحياين ، بريوت ، -

هـ ، ١٤٠٨األماين من األجزاء واألمايل ، دار العاصمة ، الرياض ، بلوغ : ابن املقري .الطبعة األوىل

النظم التعليمية عند احملدثني يف القرون الثالثـة األوىل ، وزارة األوقـاف :املكي أقالينة م ، قطـر ، الطبعـة ١٩٩٣ –هــ ١٤١٣، ) سلسلة كتاب األمة (والشؤون اإلسالمية

.األوىل

٦٠٨

) :هـ٧١١ت(ل الدين أبو الفضل حممد بن مكرم بن علي بن أمحد ابن منظور ، مجا ) . ط.د(، القاهرة ، ) ت.د(لسان العرب ، دار املعارف ،

تاريخ التعليم عند املسلمني واملكانة االجتماعية لعلمائهم حىت القرن :منري الدين أمحد . دـ ١٤٠١سامي الصـقار ، دار املـريخ ، . اخلامس اهلجري ، ترمجة د م ، ١٩٨١ – هـ

).ط.د(الرياض،

التوراة واإلجنيل والقرآن يف ضوء املعارف العلمية احلديثة ، دار املعارف :موريس بوكاي .م ، الطبعة األوىل ١٩٨٣مصر ،

) .ط.د(، ) ت.د( مناقب أيب حنيفة ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، :املوفق املكي

)ن (

:نادية مجال الدين . د

م ، ١٩٨٧تربية وتاريخ التعليم يف مصر ، كلية التربية جامعة عـني مشـس ، تاريخ ال - ).ط.د(القاهرة ،

م ، القـاهرة ، ١٩٨٣ فلسفة التربية عند إخوان الصفا ، املركز العـريب للصـحافة ، - ).ط.د(

:ناصر بن سليمان العمر .د

.هـ ، الرياض ، الطبعة األوىل١٤١٢العلم ضرورة شرعية ، دار الوطن ، -

. هـ ، الرياض ، الطبعة األوىل ١٤١٢ احلكمة ، دار الوطن ، -

شرح صحيح مسلم ، دار ) :ت(النووي ، شرف الدين أبو زكريا حيىي بن شرف الدين ) . ط.د(، بريوت ، ) ت.د(الكتب العلمية ،

)و(

هـ ، جدة ، الطبعـة ١٤١٢ علماء وأمراء ، مكتبة الصحابة ، :وحيد عبد السالم بايل .ألوىلا

٦٠٩

)ي(

مكارم األخالق يف القرآن الكـرمي ، دار عكـاظ للنشـر والتوزيـع ، :حيىي املعلمي .م ، جدة ، الطبعة الثالثة١٩٨٠ –هـ ١٤٠٠

: يوسف القرضاوي.د

.م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٩٦ العقل والعلم يف القرآن الكرمي ، مكتبة وهبة ، -

.م ، القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٩٩ مكتبة وهبة ، ،) ١( تيسري الفقه للمسلم املعاصر-

.م ،القاهرة ، الطبعة األوىل ١٩٨٦أمة يف خطر ، دار الصحوة ، : يوسف عبد املعطي.د

٦١٠

دوريات ، وجمالت حمكمة

م ، الناشر اجلمعية ١٩٩٥ ، اجمللد األول ، العدد الثاين ، مارس جملة طب األسرة واتمع الضـوابط األخالقيـة : عبد اهللا حممد منحود . واجملتمع ، مقال د السعودية لطب األسرة

والشرعية للبحث والتأليف يف اجملال الطيب ،

م ، الناشر اللجنة الوطنية ١٩٨٣ –هـ ١٤٠٣ ، العدد الثالث ، دراسات عربية وإسالمية ـ –لالحتفال مبطلع القرن اخلامس عشر اهلجري ، اجلمهورية العراقية ي بغداد ، مقال عل

.دراسة حتليلية ملنهج املعرفة والتعلم عند اجلاحظ والكندي: حسني اجلابري

أمحد حقـي . م ، مقال د ١٩٨٢ –هـ ١٤٠٢ ، العدد الثاين ، دراسات عربية وإسالمية .التربية والتعليم يف احلضارة اإلسالمية: احللي

. د: هـ ، الناشـر ١٤٠٩ ، العدد األول ، السنة األوىل ، جملة البحوث الفقهية املعاصرة .فضل العلم وشرف أهله: عبد الرمحن بن حسن النفيسة ، مقال الشيخ عبد العزيز بن باز

: هـ ، مقال الشيخ عبد العزيز بـن بـاز ١٤١٠ ، العدد الثاين ، جملة البحوث الفقهية .أخالق أهل العلم

هـ ١٤٠٤ ، ، العدد الثاين جملة مركز البحوث جبامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية ,املعلم يف الفكر التربوي عند اإلمام النووي : مقال الدكتور حسن إبراهيم عبد العال