scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ...

38
٩٩ ﺗﻌﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ واﻟﺒﻨـﺎء اﻟﺜﻘـﺎﰲ ﻣـﻦ اﳌﻜﻮﻧـﺎت اﻷﺳﺎﺳـﻴﺔ ﰲ أي ﳎﺘﻤـﻊ، ﺣﻴـﺚ ﻳﻈﻬـﺮ اﻟﻔـﺮق ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ ﺑﲔ ﺗﻘ ﺪم أي ﺷﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب وآﺧﺮ ﰲ ﻣﺪى رﻗـﻲ وﺗﻄـﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴـﺔ وﻗﺪرﲥﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣـﻊ اﻟﺘﻄـﻮر اﻟـﺬي ﻳﻠﺤـﻖ ﺑﻔﺮوع اﳊﻴﺎة اﳌﺨﺘﻠﻔـﺔ، ﻋـﲆ أﺳـﺎس أن اﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ اﳋﱪة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ أي ﳎﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت، وﻳﻌﻨﻲ ﲠﺎ أﺳﻠﻮب اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ اﳊﻴﺎة ﺑﺘﻔﺮﻳﻌﺎﲥﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔ. وﻳﻌﺎﲏ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﳎﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺎﱂ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﳘﻮم ﻋﺪة، وإﻧﻜﺎر واﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق ﳊﻘـﻪ ﰲ ﺣﻴــﺎة ﻳــﺼﻨﻌﻬﺎ ﻟﻨﻔــﺴﻪ، وﺛﻘﺎﻓــﺔ ﳛــﺪد ﻫــﻮ ﻋﻨﺎﴏﻫـﺎ وأﻫـﺪاﻓﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒـﺎر ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﺗﻌﻨﻴـﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ اﻹﻧـﺴﺎﻧﻴﺔ رﻏـﻢ ﻛـﻞ ﻗﻮىِ اﳌﻌﻮﻗﺎت اﳌﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻪ، وﻛﺄﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻒ اﻟﻘﻬﺮ ﻣﺎ ﲤﺎرﺳ ﻪ ﻣﻦ ﺻﻮر اﻻﺳـﺘﻐﻼل اﳌﺤـﲇ واﻟﻌــﺎﳌﻲ، واﳌﻤﺜﻠــﺔ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮﻫــﺎ اﻟــﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، ﻣﻦ ﻧﻈﺎم دوﱄ ﻏـﲑ دﻳﻤﻘﺮاﻃـﻲ إﱃ أزﻣــﺎت اﻟﺘــﻀﺨﻢ واﻟــﺪوران اﻟﻴــﻮﻣﻲ ﰲ داﺋﺮة اﻻﺳﺘﻬﻼك اﳉﻬﻨﻤﻴﺔ، وإﻧﲈ راﺣﺖ ﻫـﺬه ﺎ ﺑﻮﻋﻲ ﻣﻘﺼﻮد ﺗﺼﺎدر ﺣـﻖ ﻫـﺬاً اﻟﻘﻮى أﻳﻀ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ آﻻﻣﻪ، أو اﻟﺘﻄﻠﻊ ﻹﻧﻘﺎذ ﺛﻘﺎﻓﺘــﻪ وﺿــﲈن دﻳﻨﺎﻣﻴــﺔ ﺟــﺪﳍﺎ اﳋــﺎص ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺠﻤﻴﺪ واﳌﺼﺎدرة ﻋﻠﻴﻬـﺎ أو اﻟﻨﻔﻲ اﳌﻔﺮوض ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻣـﻦ اﳋـﺎرج. ﻓﻘـﺪ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ اﳌﺴﺘﻤﺮ ﰲ دول اﻟﻌـــﺎﱂ اﻷول، وﺑـــﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻـــﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴــﺔ ﰲ ﳎــﺎﻻت اﻷﻗﲈر اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻟﻼﺗﺼ ﺎل اﳉﲈﻫﲑي ـ ﰲ ﻇﻞ ﻋﴫ اﻟﻌﻮﳌﺔ أو اﻟﻜﻮﻛﺒﺔ- ﺗﻜـﻮﻳﻦ رأي ﻋـﺎم ﻳﺘﻔــﻖ ﻣــﻊ اﻟﺘﻮﺟﻬــﺎت اﻟــﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳــﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟـﺪول اﳌـﺼﺪر اﳌﺎﻟﻜـﺔ ﻟﻠﻘـﺪرة اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﰲ ﳎﺎﻻت اﻹﻋﻼم واﳌﻌﻠﻮﻣـﺎت واﻟﻘـﺪرة ﻋـﲆ ﻗﻮﻟﺒـﺔ وﺻـﻨﺎﻋﺔ اﻟـﺮأي اﻟﻌـﺎم واﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ أﻫﺪاﻓﻬﺎ وﻣﺼﺎﳊﻬﺎ. ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﰲ ﻋﴫ اﻟﻌﻮﳌﺔ وأﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻼﻣﺢ اﳍﻮﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ، اﳌﺠﻠـﺪ اﻟﺜـﺎﲏ ، اﻟﻌـﺪد١ ، ﻳﻨـﺎﻳﺮ٢٠١٣ ، ص٩٩ ١٣٦ .

Upload: others

Post on 20-Oct-2019

9 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

٩٩

���������� �

تعد الثقافـة والبنـاء الثقـايف مـن املكونـات األساســية يف أي جمتمــع، حيــث يظهــر الفــرق

دم أي شعب من الشعوب بشكل أسايس بني تقوآخر يف مدى رقـي وتطـور الثقافـة املجتمعيـة وقدرهتا عىل التفاعل مـع التطـور الـذي يلحـق

أن الثقافـة أسـاس بفروع احلياة املختلفـة، عـىل املجتمعية تعرب عن اخلربة اإلنسانية يف أي جمتمع من املجتمعات، ويعني هبا أسلوب التعامل مـع

. ةبتفريعاهتا املختلف احلياةويعاين اإلنسان يف جمتمعات العامل الثالث من مهوم عدة، وإنكار واسع النطاق حلقـه يف ــو ــدد ه ــة حي ــسه، وثقاف ــصنعها لنف ــاة ي حيعنارصهــا وأهــدافها باعتبــار كــل مــا تعنيــه الثقافة من حتقيق للهوية اإلنـسانية رغـم كـل املعوقات املفروضة عليه، وكأنه مل يكف قوى

ه من صور االسـتغالل املحـيل القهر ما متارســسياسية ــا ال ــة يف مظاهره ــاملي، واملمثل والع

واالقتصادية، من نظام دويل غـري ديمقراطـي ــومي يف ــدوران الي ــضخم وال ــات الت إىل أزمدائرة االستهالك اجلهنمية، وإنام راحت هـذه القوى أيضا بوعي مقصود تصادر حـق هـذا

إلنقاذ اإلنسان يف التعبري عن آالمه، أو التطلع ــاص يف ــدهلا اخل ــة ج ــامن دينامي ــه وض ثقافتمواجهة عوامل التجميد واملصادرة عليهـا أو

فقـد . النفي املفروض عليهـا مـن اخلـارجاستطاع التقدم التكنولوجي والعلمي املستمر ـــة يف ـــصفة خاص ـــامل األول، وب يف دول العــاالت ــة يف جم ــدة األمريكي ــات املتح الوالي

ال اجلامهريي ـ يف ظل األقامر الصناعية لالتص تكـوين رأي عـام -عرص العوملة أو الكوكبة

ــة ــسياسية والفكري ــات ال ــع التوجه ــق م يتفواالقتصادية لـدول املـصدر املالكـة للقـدرة التكنولوجية يف جماالت اإلعالم واملعلومـات والقــدرة عــىل قولبــة وصــناعة الــرأي العــام

. والفكر الذي يتفق مع أهدافها ومصاحلها

، ينـاير ١، العـدد الثـاين يف تغيري مالمح اهلوية الثقافية ، املجلـد صناعة الثقافة يف عرص العوملة وأثرها .١٣٦ – ٩٩، ص ٢٠١٣

Page 2: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٠

ك أن هــذا النــوع اجلديــد مــن القهــر ذلــأصبحت إحدى أدواته األساسية هي التغريب الثقايف وحماولة سلخ الفرد من أمته، أو جتريده من الشعور باالنتامء إليها، حتى يسهل إخضاع

، حيـث هذه األمة ملختلـف صـور التبعيـةــر ــن القه ــوع م ــذا الن ــب ه ــع أن يلع -يتوق

ــايف ــرتاق الثق ــق أدوارا ج-االخ ــدة يف أف دي .الرصاع االسرتاتيجي الدائر اليوم يف العامل

إنه إذا ما تعرضت ثقافـة : وهنا يمكن القولاملجتمع لالهنيار أو االخرتاق، فإن ذلك سـوف يعنـي أن املجتمـع يـصبح عـشوائي�ا يف حركتــه، مفتقدا لبوصلة التوجيـه، إضـافة إىل أنـه يطلـق

ــز ــال الغرائ ــدة احليو- عق ــي القاع ــة يف وه اني من غري ضابط يتوىل السيطرة عليهـا، - اإلنسان

ــة ــسان موجه ــلوكيات اإلن ــصبح س ــث ت بحيبمنطق غريزي عارية من أية قيم أو معايري، مثلام

، األمر الـذي هي خالية من أي رشد أو منطقــة، ــة الثقاف ــتامم بدراس ــدعو إىل رضورة االه ي

رمــزا للهويــة واخلــصوصية يف أي بوصــفهالــك يف ظــل الكوكبــة احلاليــة التــي جمتمــع، وذ

ليست إال امتدادا لالسـتعامر اجلديـد، وليـست إال هيمنة للرأساملية األوربيـة واألمريكيـة عـىل

. بقية دول العامل��� �

شهد العـامل يف احلقبـة األخـرية مـن القـرن لنظـام عـاملي جديـد، اتـضحت املايض تشكال

ي�ا حتـى وصـلت جتلياهتـا معامله وآلياتـه تـدرجيالعليا إىل ما يطلق عليه العوملة، التـي أصـبحت اإلطار الذي يفرتض أن تتحرك فيـه وتتـأثر بـه كـل الظـواهر املجتمعيـة عـىل املـستوى املحــيل

آلياهتــا هــي عــدتواإلقليمــي والــدويل، كــام احلاكمة لكل ما سبقها مـن إنجـازات املجتمـع

الثقافية، بحيـث الدويل االقتصادية والسياسية وأصبحت هذه اإلنجازات مسخرة إىل حد كبـري

.خلدمة أهداف العوملة سلبية كانت أو إجيابيةوال أحـد ينكــر تــأثري العوملــة عــىل شــتى جوانب احلياة، وال سيام الثقافة؛ حيث تواجه حتديات ال حرص هلا، تدفعها ملراجعة قـدرهتا

ومـن . عىل التحرك يف عامل ليس من صناعتهاهنا تتعرض الثقافة العربية ملخاطر عدة بفعـل ظاهرة العوملة؛ نظـرا ملـا متتلكـه العوملـة مـن أدوات وآليات تغريبية، تـستهدف يف النهايـة حتويل املجتمعات العربية إىل جمرد جمتمعـات

. استهالكية عبثية مستلبة اهلوية واإلرادة فعلي�ـا الثقايف فقد متكنت العوملة يف احلقل

وتـرويج وصناعة الثقافية احلدود اقاخرت من واهلويـة الغـريب الطـابع ذات الثقافية النامذج

وذلك من منطلق صـناعة الثقافـة، املؤمركة،ذلك املصطلح الذي متت صـياغته مـن قبـل ــة ــارة إىل عملي ــورت لإلش ــة فرانكف مدرسحتويل اإلنتاج الثقايف إىل سلع، أي إهنا عملية

للثقافة يف السوق ختترص متاما الطابع السلعي

Page 3: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠١

حتويــل -الرأسـاميل، وقـد ترتـب عـىل ذلـك إتاحـة الفرصـة للقـوى -الثقافة إىل صـناعة

املهيمنة عىل الثروة من إنتاج وصـياغة ونـرش املعـاين، وتـسويق اخلـضوع هلـا، وذلـك مـن خالل االمتثال للعوملـة اإلعالميـة، وهـو مـا

كخيار التثاقف أدى بالتايل إىل إلغاء إمكانياتــيي ــاح عن ــوعي االنفت ــىل الط ــات ع املنظوم

والتـأثري التـأثر آليـات عـرب الثقافية املختلفـةالكاملة االستباحة لصالح املتبادل، والتفاعل الغالــب، قــيم يعــزز الــذي الثقــايف للفــضاء

واكتساح دفاعاته املغلوب استتباع إىل ويؤدي خيـارات من أمامه ترتك ال وبالتايل التقليدية،

سـوى أو الـذوبان، نعـزالاال حـدود خارجــوامش ــة يف حمــدودة ه تكنولوجيــا مواجه اإلدراك العقول وهندسـة وصناعة اإلخضاع

ــة ــرض الغلب ــضارية لغ ــرس احل ــة وك املامنع إىل والتحـول إىل االنكـامش ودفعها الثقافية،

ــوس ــة طق ــكال فولكلوري ــسجنها وأش يف ت والتـــاريخ، األســـطورة والـــرتاث مـــشاهد مـن واخلـروج ضاريةاحلـ الغربة إىل وتدفعهاومــن ثــم حيــدث التغلغــل الثقــايف . التــاريخ

ــود ــث وج ــة، حي ــات العربي داخــل املجتمعصدى لألفكار الغربيـة، وذلـك دون تقـديم النقد املوضوعي هلذه األفكار، وبالتايل تصبح ــة ــار املرتبط ــأة لألفك ــة مهي ــساحة العربي ال

.بتحقيق مصالح املجتمعات الغربية

يف - حممود الـذوادي يشري ويف هذا اإلطار، عوملة اهلوية الثقافية لبلدان العامل الثالـث: مؤلفه

ــوع- آخــر مــن التخلــف غــري التخلــف إىل ناالقتصادي والتكنولوجي الـذي يـتم احلـديث

إنـه التخلـف الثقـايف واللغـوي ،عنه يف العـادةسكوت ذلك النمط مـن التخلـف املـ ،والنفيس

.والبحثعنه وال خيضع للتحليل والنقاش ذات التوجـه -حيث تقوم صناعة الثقافة

بتغيري مالمح املجتمع الذي نعيش -العوملي فيه، حيث تبدأ بإفراغ اهلوية الثقافية مـن كـل حمتــوى، وحتويــل املجتمــع إىل عــامل مـــن املؤسسات والشبكات العاملية، ويتحول معـه ــاألحرى إىل ــابعني أو ب ــع إىل ت ــراد املجتم أف

والصور واملعلومات التـي مستهلكني للسلع ــوطن ــصبح ال ــم ي ــن ث ــيهم، وم ــرض عل تفاحلقيقي هو الفضاء املعلومايت الـذي تـصنعه

.شبكات االتصال والعوملةوهلذا أصـبح التخطـيط لثقافـة املـستقبل أو

ــة ــستقبل الثقاف ــناعة - مل ــوم ص ــوء مفه يف ض اآلن من القضايا األساسية التي حتظى - الثقافة

كافـة، ) املتحـرض(اء العـامل باهتامم زائد يف أنحـالعامل املنخرط هبذه الدرجة أو تلك يف مسلـسل

الـذي ) التكنولـوجي( التطور العلمي والتقـاين ). ١٠(يطبع احلضارة املعارصة

ومن ثم فإن القلق عىل الثقافة يتـأتى أوال وثانيا من حالة اجلمود وعقلية ما قبل العلـم،

Page 4: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٢

وغيــاب العقالنيــة والعجــز عــن اإلصــالح والتهرب من التطوير واالتكال عـىل القـديم بسبب قدمه، وإعـادة إنتـاج املقولـة نفـسها، والتــي مل تعــد قــادرة عــىل تلبيــة احتياجــات

.احلارض، أو رؤية متطلبات املستقبلوتأسيسا عىل ذلك تنطلق الورقة البحثيـة

أن عملية صـناعة : من فرضية أساسية مؤداهارت بشكل أو بـآخر الثقافة يف عرص العوملة أث

ويف ضوء هذه . يف تغيري مالمح اهلوية الثقافية: الفرضية تأيت فرضيات فرعيـة تـدور حـول

اختـزال الرمــوز واملعـاين الثقافيــة األصــيلة، تفتيت اهلوية وطمـسها، تغيـري شـكل ونمـط

.االنتامء، تعزيز النزعات االستهالكية

ومتت صياغته من صناعة الثقافة هوم ظهر مفقبل مدرسة فرانكفورت، حيـث ابتدعـه املنظـر

Theodor Adorno ثيـودور أدورنـوالنقـدي Max وماكس هوركهايمر) ١٩٦٩ - ١٩٠٣(

Horkheimer) ــه ،)١٩٧٣- ١٨٩٥ ــم تناول ت "جـدل التنـوير" هيف الفصل األخـري مـن كتابـ

Dialectic of Enlightenment ، " صــناعة ."التنوير واخلداع الشامل: الثقافة

ويشري مصطلح صناعة الثقافة بـصفة عامـة عمليـة إىل درسـة فرانكفـورت وفقا لتعريـف م

تصنيع ثقافة اإلنتاج الواسع والقواعد التجاريـة للـصناعات ، حيـث يـصبح التي حتـرك النظـام

ــددة ــة حم ــة مهم ــرشعية و ،الثقافي ــنح ال ــي م هالرأسـاملية القائمـة، األيديولوجية للمجتمعات

، وذلـك عـن ودمج األفـراد يف طريقـة حياهتـااملتمثلــة يف الـصناعات الثقافيـة طريـق عنـارص

ــ ــسينام اإلذاع ــالن وال ــاء واإلع ــامل األزي ة وع .ثقافة اإلعالملواألشكال األخرى

يف ثنايـا حديثـه عـن "أدورنـو"ولقد ميز ــة فكــرة صــناعة الثقافــة بــني صــناعة الثقافوالثقافة اجلامهريية، التي تفرتض أن اجلامهـري تتحمــل بعــض املــسئولية عــن الثقافــة التــي يــستهلكوهنا، وهــذا يتحــدد مــن خــالل

ــ ــسهمتف ــري أنف ــب . ضيالت اجلامه ــد ذه وقأدورنو إىل أكثر مما ذهب إليـه منظـرو الثقافـة اجلامهريية، حيث اعترب هذه الثقافة شيئا فرض عىل اجلامهري فرضا، مما هيأهم للرتحيب هبـا،

. دون أن يدركوا أهنا مفروضة عليهم قرساأو بمعنى آخر وفقـا لرؤيـة أدورنـو أن هنـاك

نع مـن أجـل اجلامهـري مـن خـالل ثقافة تـصمنظومة عاملية هلا أهداف واضحة حتتكر مجيع

.قنوات نرش الثقافة وخاصة اإلعالميةــدد ــو"وقــد ح ــه "أدورن ــذي يعني ــا ال م

ــاب ــة يف كت ــناعة الثقاف ــوم ص ــدل "بمفه جيف كـل جمـاالت الثقافـة ": فـيام يـيل"التنوير

توجد منتجات تـصنع لتـستهلكها اجلامهـري،

Page 5: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٣

حتــدد إىل حــد كبــري طبيعــة ذلــك وهــي مــاــات ــك املنتج ــروف أن تل ــتهالك، واملع االس

- بدرجــة أو بــأخرى -ختــضع يف تــصنيعها فالفروق الفردية تتشابه يف بنيتها . خلطة معينة

أو عىل األقل يناسب كل منها اآلخر، بحكـم أهنم خيضعون لنظام، فال حتـدث فيـه فجـوة،

؛ وقد صار ذلك ميـسورا يف الوقـت احلـارضــة ــارات الفني ــدرات وامله ــوافر الق ــرا لت نظاملعارصة، بنفس قدر تـوافر الرتكيـز اإلداري واالقتصادي، وهكذا تتكامل صناعة الثقافـة

. يف اهتاممها مع مستهلكيها مفهـوم "معن خليـل العمـر"ولقد أورد

صناعة الثقافة يف معجمه، مؤكدا أنه يشري إىل : افة شعبية مثـلحتديد التنظيامت التي تنتج ثق

ــب واملجــالت ــون، الراديــو، الكت التليفزيوالصحف، املوسيقى الشعبية، وقد تأخذ بعدا أوسع من هـذا فتـشمل املتـاحف ووكـاالت ــك ــية، وذل ــيامت الرياض ــات والتنظ اإلعالناســتنادا إىل مدرســة فرانكفــورت، وال ســيام أدورنو الذي عني بصناعات الثقافة واإلنتاج

. زوج مع الثقافة الشعبيةالرأساميل املم يالثقافـة الـشعبية هـمن ثم تصبح هذه و

ــة ــسلع الثقافي ــاج ال ــصنع إلنت ــرب إىل م أق - ذاعة وسينام وجمالتإ من خالل -املوحدة

، وبـث اجلامهريبـالتالعـب التي تعمـل عـىل امللــذات والــدعوة إىل إشــباع الــسلبية، روح

مثـلاسـتهالك بشكل مبالغ فيه، وبالتايل فإن

يفرض عىل األفراد االنصياع دون الثقافة هذه ــر ال ــيهم،نظ ــدم إل ــوى املق ــدى و إىل املحت م

. صعوبة ظروفهم االقتصاديةرأى أدورنـــو وبـــصفة عامـــة، فقـــد

ــاج أن وهوركهــايمر هــذه الثقافــة ذات اإلنتــضخم ــال ــر ت ــريا ا شكل خط ــىل اآلداب كب ع

يف احتياجات كاذبـة، حيث إهنا ختلق الساميةــرا ــوس أف ــعنف ــل ، د املجتم ــك يف مقاب وذل

احلريـة واإلبـداع : االحتياجات احلقيقية مثلفقد رأى أدورنو وهبذا. ومها السعادة احلقيقية

قافة الشعبية هي صـناعة ثقافـة واحـدة أن الثضــامن اســتمرار طاعــة الوحيــد هــو هــدفها

ومن ثـم يمكـن . اجلامهري ملصالح السوقة املنطقية النتيجإن صناعة الثقافة هي : القول

.لإلنتاج الصناعي الرأساميليتضح مما سـبق، أن صـناعة الثقافـة هـي ظاهرة شاملة تستهدف حتويل اإلنتاج الثقـايف إىل سلع، أي حتويله إىل قيمـة ماديـة تبادليـة، وبالتايل نحصل عىل ثقافة مجاهريية مكونة من سلسلة من السلع واخلدمات موجهـة لتلبيـة

كــرب عــدد ممكــن مــن طلبــات واحتياجــات أاملستهلكني ذوي الدخول املنخفـضة، حيـث تقــوم الــصناعات الثقافيــة بإنتــاج وتوصــيل بضائعها املتامثلة إىل كل مكان، ملبية حاجات كثرية ومتنوعة، معتمدة يف ذلك عـىل معـايري إنتاجية موحدة من خـالل نمـط صـناعي يف

Page 6: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٤

اإلنتاج يركز عىل إنتاج كثيف وغزيـر ولكـن .فضة، أي بتكاليف منخفضةبنوعية منخ

يعد مفهوم اهلوية الثقافية مفهوما حـديثا، تطور يف رحم الرأساملية نفسها، حـني بـدأت متارس عامليتها، وال شك أنـه أحـد منتجـات العنف اإلمربيايل للرأساملية يف توسعها املادي

ثقـايف باالمتداد اجلغرايف واملـايل، وتوسـعها ال . حني فرضت سيادهتا عىل العامل

وجدير بالـذكر أن حماولـة حتديـد ماهيـة التعرف اهلوية الثقافية أو معرفتها تقتيض أوال

عىل عالقـة الثقافـة باهلويـة، حيـث إن هنـاك خالفا يف حتديد موقع الثقافة من اهلوية، ففـي الوقت الـذي ينظـر فيـه الـبعض إىل الثقافـة

نـات اهلويـة، ينظـر إليهـا أحـد مكوبوصفهاالبعض اآلخـر بوصـفها العامـل احلاسـم يف مفهوم اهلوية، وهكذا، فإذا كانت اهلويـة هـي مركب السامت أو القسامت أو األحاسيس، أو أي يشء يكسب املجتمع أو اجلامعـة أو الفـرد أو أي يشء آخر خصوصيته وكيانه املنفـرد يف

ز مواجهة اآلخر، فإن الذي يساعد عىل إنجـا الثقافة، ومن ثـم فـإن موقـع هوهذه العملية

. الثقافة هو موقع أسايس بالنسبة للهويةوعىل هذا األساس، تعرف اهلوية الثقافيـة

جمموعة اخلصائص أو النظم الـسلوكية : بأهنا

والفكرية التي متيز فريقا من الناس عن آخـر، وال جدال مطلقا يف أن هذه اخلصائص املميزة

لدى الفرد واملجتمع يف أنامط سـلوكه يف تربز . احلياة ومواقفه من مظاهرها وظواهرها معـا

ــالنظر إىل ــا هلــذا التعريــف، وب والثقافــة وفقجدلية عالقتها مع اهلوية، تعترب هـي اإلطـار العام الـذي تتـشكل فيـه هـذه اهلويـة، فلـب

يتمركـز - كام تذهب فوزية خملـوف -اهلوية . يف ثقافة كل أمة

اهلوية الثقافيـة "حممد اجلوهري"ويعرف . توحد الذات مع تراث ثقايف معـني: بأهنا

"مـاهر الـضبع"ومن زاويـة أخـرى يعـرف الـسامت اخلاصـة التـي : اهلوية الثقافيـة بأهنـا

وفقــا لتعريــف -جتعــل املركــب الثقــايف خيتلف من جمتمع إىل آخـر، إهنـا -اليونسكو

والـــسياسية جممــل الظـــروف االقتــصاديةوالتارخيية واالجتامعية والنفسية التـي تعطـي هلذا املركب الثقايف خصوصيته، وتشكل نظرة ــر، دون أن يعنــي ذلــك أصــحابه إىل اآلخاالنغـــالق أو التقوقـــع أو يعنـــي االنفتـــاح والذوبان، ولكـن يعنـي اخلـصوصية القابلـة دائام لتطوير نفسها من خـالل تفاعلهـا احلـي

جدات العــرص يف عالقــة واخلـالق مــع مــستجدلية ال تأخذ فيها فقط، بل تأخذ وتعطي يف تفاعل مثمر حيفظ هلـا خـصوصيتها وحيميهـا

. من املوت

Page 7: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٥

حممد عابد "واهلوية الثقافية وفقا لتعريف كيان يـصري ويتطـور، ولـيس : هي"اجلابري

جاهزا وهنائيا، فهي قابلة للتطور، إمـا معطىوهـي . يف اجتاه االنتشاريف اجتاه االنكامش أو

تغتني بتجارب أهلها ومعاناهتم، انتـصاراهتم وتطلعاهتم، وأيضا باحتكاكهـا سـلبا وإجيابـا مع اهلويات الثقافية األخرى التي تدخل معها

: كام تعرف اهلوية بأهنا. يف تغاير من نوع ماما يتفرد به اإلنسان أو املجتمـع مـن صـفات

ة التارخيية التـي هـي مميزة من خالل الصريورــة تفاعــل حــي إرادي عقــالين يف بيئــة طبيعيجغرافية من خالل الوجود اإلنـساين املتمثـل

. يف املجتمع بإجيابياته وسلبياته وفقـا -وبصفة عامة، فإن اهلوية الثقافيـة

ــوين -للجــابري ــة يف تك هــي حجــر الزاوياألمم؛ ألهنا نتيجة تراكم تارخيي طويل، وهي

ــذلك ــستوياتب ــة م ــسم إىل ثالث ــة : تنق هوي، )قوميـة(، هويـة وطنيـة مجعيـةفردية، هوية

والعالقة بني هذه املـستويات تتحـدد أساسـا وتتحـدد تلـك بنوع اآلخـر الـذي تواجهـه،

: املستويات كالتايلالفرد داخل اجلامعة الواحدة هـو عبـارة -١

عن هوية متميزة ومـستقلة، فهـو عبـارة .ل اجلامعة نفسهاعن أنا هلا آخر داخ

ــراد -٢ ــات داخــل األمــة، هــي األف اجلامعداخــل اجلامعــة، لكــل منهــا مــا يميزهــا

.داخل اهلوية الثقافية املشرتكة

أيضا عن هويـة متفـردة وهي تعرباألمة -٣ إزاء األمم األخـرى، غـري أهنـا أكثـر هلا

جتريدا وأوسع نطاقا وأكثر قابلية للتعـدد .والتنوع واالختالف

� استحوذ البعد الثقايف لظاهرة العوملة عـىل جانب كبري من اهتامم الدراسات التي عنيـت بتحليل الظاهرة بكيفية ال نجـدها يف األبعـاد األخرى، حتـى االقتـصادي منهـا، ويمكـن تربير ذلك بـالنظر إىل الثقافـة كـام أوضـحها

أبــرز ســتكون واحــدة مــن ) الــسيد ياســني(اآلليات الفاعلة يف املجتمع الكوين، فالثقافـة ستــصبح مــن أهــم مــصادر القــوة يف عــرص املعلومات، حيث إن الثقافـة بفـضل التطـور الرأساميل القائم عىل التطـور املـستمر خـارج

أصبحت سلعة ينطبـق عليهـا مـن - احلدوداألحكام واإلجراءات ما ينطبق عـىل سـواها

.من السلع املاديةهتــدف العوملــة يف بعــدها الثقــايف إىل و

ــىل ــسيطرة ع ــث ال ــايف، حي ــرتاق الثق االخــة، ــة الثقافي ــوعي واهليمن ــلب ال اإلدراك وس

أن التمــدد "مايــك فذرســتون"وهنــا يؤكــد والتداخل الثقايف العاملي يؤدي إىل نشأة كيـان

نطاق من التفاعل والتبادل "عاملي يعرف بأنه سلـسلة مـن فهو عملية تقـوم فيهـا"الثقايف،

ــايف ــانس ثق ــراز جت ــة إلف ــدفقات الثقافي الت

Page 8: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٦

ــث ردود ــد، حي ــة يف آن واح ــوىض ثقافي وفأفعال داعمة للقوميات وإفراز ثقافات عـابرة للقوميات، ويف هذا تتشكل ثقافة تتجه إىل ما وراء احلــدود القوميــة، والتــي أطلــق عليهــا

. "ثقافة ثالثة"فذرستون وة إىل مـا ويف هذا السياق، ظهـرت الـدع

عرف يف هنايـة تـسعينيات القـرن املـايض بــ Value Free International Citizen

العاملي املتحرر من أية قيم خاصة أي املواطن أو معامل ثقافيـة وحـضارية متيـزه عـن غـريه،

ــ ــذا أن يكــون مهي ــل اواملقــصود مــن ه لتقبواعتناق قـيم العوملـة الثقافيـة املؤمركـة، كـام

اطن العـاملي الـذي يتبنـى ظهرت فكـرة املـوثقافة واحدة وقيام حضارية واحدة وشخصية عاملية واحدة، هلا سامت حمددة، غالبا ما تكون

.روافدها غربية الطابعــايف ــام تكــوين ثق ــد أنفــسنا أم ــا نج وهنمغرتب، وهو ما يعايشه املجتمع العـريب اآلن بصفة خاصة، حيـث يـشكل بـدوره خليطـا

ناك يقرب بني أيديولوجيات غريبا من هنا وهمستوردة جتمع بـني املحافظـة والراديكاليـة، تشوه الرتاث وتطمس معامل الوعي التارخيي، وتتشكل لدى املفكرين رؤية غري حمددة اهلوية واملعامل تفتقد األصـالة لكنهـا سـلفية، تفتقـد املعــارصة لكنهــا اســتهالكية، تطــرح قــضايا

تفـسريات الواقع بمنحى راديكـايل وتنتهـي ب

الهوتية أو قدريـة، تطلـق شـعارات التغيـري ــة ــث يف اهلوي ــائم، تبح ــام الق ــدعيم النظ لتوالرتاث، وتتغافل احلارض، تنقل عن الغـرب

. وتتحدث عن املوروثونتيجــة لــذلك يــصبح اإلنــسان العــريب املعارص منفصام عن ذاته، مغرتبا يف ثقافته، ال

ة وإشـكالية يعرف كيف يواجه جتليات العوملاخلصوصية، فيعيش عاملا مـن الـوهم ونـسقا من اخليال يصنعه لنفسه، إما هربا مـن واقعـه أو عجزا عن الفكاك منه، فال جيـد خمرجـا إال أن ينكص إىل ماضيه يتباكى عليه، ومع ذلـك قــد يــسعى للعــرصنة واملظهريــة املــصطنعة، فيصبح ممسوخ الشخصية، فاقد اهلويـة، غـري

التكيف مع الواقع، أو التصالح مـع قادر عىلاألنا، أو التعايش احلر مـع اآلخـر مـن أجـل

. إعادة إنتاج الذاتومـن ثـم فــإن تلـك الثنائيــة التـي تطبــع الثقافــة العربيــة بمختلــف مــستوياهتا املاديــة والروحية، ثنائية التقليدي والعرصي، تعمـل عىل تكريس االزدواجيـة واالنـشطار داخـل

ــة ــة اهلوي ــة بمــستوياهتا الثالث ــة العربي الثقافي، وهـو مـا )الفردي واجلمعي والـوطني(

يعد نتيجة مبارشة لعمليات االخرتاق الثقايف الذي يقف وراءه ذلك التطـور اهلائـل الـذي عرفته وسائل االتـصال الـسمعية والبـرصية التي أصبحت اآلن تغطي العامل كله بواسـطة

Page 9: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٧

التي ختـرتق مجيـع البث عرب األقامر الصناعية البيوت، ومتارس اهليمنة الثقافيـة عـىل بلـدان

. العامل الثالث وبلدان أوربا أيضاويعرب الصدام ما بني الثقافات الناجم عن عمليات االخرتاق الثقايف عن أزمـة حقيقيـة تلم باهلوية الثقافية لبعض البلدان، وانعدام يف

والتـأثر، التوازن بني األخذ والعطاء والتـأثريإذ جتد فيها أمم نفسها متخلفة ومـستغلة مـن أمم قـد سـبقتها يف ميـادين العلـم والتقنيـة، حيث إهنا حتتكر لنفسها مـا تظـن أنـه سـبب تفوقها وتقدمها، ومتنعـه عـن غريهـا إلطالـة

.أمد هيمنتها وسيطرهتاــصدق عــىل تلــك احلقيقــة صــمويل "وي

فكـرة يف نظريته التي تتلخص يف"هانتنجتونأن الرصاعات املقبلة بـني الكيانـات الدوليـة املختلفة، سوف تكون رصاعات ثقافيـة قبـل

إنه يف العـامل : كل يشء، وهو ما يظهر يف قولهاجلديد لن تكون الـرصاعات املهمـة وامللحـة واخلطرية بـني الطبقـات االجتامعيـة، أو بـني الغني والفقري، أو بني مجاعات أخـرى حمـددة

ــصادي� ــني اقت ــتكون ب ــرصاعات س ــام ال ا، وإن .شعوب تنتمي إىل كيانات ثقافية خمتلفة

وجدير بالذكر أن ذلك االخرتاق الثقـايف الـذي متارســه العوملــة ال يقــف عنــد حــدود ــام ــه ع ــضاري بوج ــتتباع احل ــريس االس تكفحـسب، بــل إنــه يـسعى أيــضا إىل تكــريس الثنائية واالنشطار يف اهلوية الثقافيـة والعمـل

تفتيتهــا وطمــسها عــىل مــدى األجيــال عــىل، ومن ثـم تواجـه الصاعدة والقادمة أيضا

ــه، ــسد علي ــا ال حت ــدول مأزق ــن ال ــري م الكثوخصوصا يف سيادهتا الفعلية عـىل أراضـيها، ــة وال ســيام بعــد أن حطمــت العوملــة الكونيوالنظام الدويل اجلديد أطواق سـيادات تلـك

قها الـــدول وقوانينهـــا وحـــدودها وأســـواوجهازها اإلعالمي، من أجل سيادة وانتشار ــل ــدود ب ــيس للح ــة ل ــة خمرتق ــة عوملي ثقافللفضاءات، ورشكات عابرة ليس للمجاالت بـــل للقـــارات، وعليـــه فـــسوف يتالشـــى

.اإلحساس باهلوية واخلصوصية الثقافيةــدها ــة يف بع ــه العومل ــا خلفت ــان مل فقــد كالعلمي والتكنولوجي مـن تطـورات واسـعة

استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصال يف عىل مستوى العامل، وعىل املـستوى اإلقليمـي العريب الذي أخذ يقفز بمعدالت كبـرية منـذ أواخـر الثامنينيـات وأوائـل التـسعينيات مــن

آثـار عظيمـة عـىل النـسق القرن العرشينالثقايف يف تلك البلـدان، حيـث تـم توظيـف

هليمنة عىل الثقافات العلم لالخرتاق الثقايف واالتقليدية هبدف طمس هوية الشعوب، وهـذا وإن تعددت آليات هذه اهليمنة كام� وكيفا بـني

. ثقافة قومية وأخرىــد "وقــد أشــار يف هــذا الــصدد فتحــي عب

إىل الدور اجلديد للثقافة يف ظـل الثـورة "الفتاحــة ــة والتكنولوجي ــامر (املعلوماتي ــدش، األق ال

Page 10: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٨

ـــوتر، الفيـــديو كاســـيت، الـــصناعية، ال كمبي، وهل هي جمرد آليات جديدة تساعد )اإلنرتنت

عىل نرش الثقافة واإلنتاج الثقايف، أم أهنـا يمكـن أن جترى تغيـريات جوهريـة يف مفهـوم الثقافـة بمفهومها القومي والعاملي، وال سـيام يف عـرص العوملة التي حولـت العـامل إىل مـا يـشبه القريـة

ــة، وأدت إىل ــات الكوني ــض املنطلق ــع بع تراجـــة ـــة الثقافي ـــل اهلوي ـــة مث ـــة التقليدي الثقافيواالســتقاللية الفكريــة لــصالح املنــتج الثقــايف السائد عاملي�ا، الذي استطاع أن يغزو العـامل مـن ــورة ــىل أدوات الث ــيطرته ع ــه وس ــالل متلك خ

.العلمية والتكنولوجية اإلعالم يف هذا السياق من املتغـريات ويعد

ضخت قيام متناقضة ومنحرفـة، فأشـاعت التي الفوىض يف ثقافة املجتمـع، حيـث إنـه يبـث يف أحيــان كثــرية مــضامني إعالميــة تتنــاقض مــع احتياجات الواقع، فقد يعمل اإلعالم بوسـائله املختلفة عىل نقل تيارات وأفكار وصور لـنامذج ال تتالءم ونظائرها يف الثقافة القومية، ومـن ثـم

عــدم تكامــل يف بنيــة هــذه يتخلــق تنــاقض أو، وهو ما يظهـر بوضـوح يف الـربامج الثقافة

التي تبثها اإلذاعات املختلفة حتى العربية منهـا، حيث يالحـظ إظهـار تفـوق احلـضارة الغربيـة وتغلغل قيم الرأسـاملية يف املؤسـسات الوطنيـة ذات الــصلة بالثقافــة، وكلهــا تــصب يف إطــار

اه من اجلنـسيات ترسيخ تفوق الغريب عىل ما عد

، وهـذه هـي املـشكلة التـي يثريهـا األخرىالكثري من الباحثني يف العامل الثالـث، حيـث إن تدفق هذه الرسائل اإلعالمية والثقافية يأيت مـن املراكز الرأساملية بكل قوهتا ونفوذها وعنفواهنـا وقـــدراهتا التكنولوجيـــة، ويـــصب يف دول

ــث، ــات العــامل الثال ــراف كمجتمع ــي األط التتصبح يف الواقع جمـرد مـستقبلة هلـذه الرسـائل اإلعالمية والثقافية بكل ما فيها من قـيم سـلبية وأحيانا مدمرة، وهي يف مجيـع احلـاالت حتمـل أخطار الغـزو الثقـايف ممـا هيـدد اخلـصوصيات

. الثقافية هلذه املجتمعاتفقد أضحت املعلومات يف الوقت احلـايل

الحتكار من قبل القلـة رصيعة ا- بال شك -التي ال تدخر جهدا يف سبيل إحكام سيطرهتا ــصري ــصال، وم ــالم واالت ــوق اإلع ــىل س ع

، وهو ما يظهر مشاهديه ومنتجيه ومبدعيه فهناك العاملية، اإلعالمية اخلريطةبوضوح يف

األربعـة باسـم معروفة عاملية أنباء وكاالت ٤ املعلومـات، فـيض مـن % ٨٠ حتتكر الكبار، %٨٠يف تتحكم إعالنية جمموعات ١٠ وهناك

الواليــات يف اإلعــالين إمجــايل اإلنفــاق مــنــذي املتحــدة ــار ٢٥٠ إىل يــصل ال دوالر ملي

ا، و تـتحكم رئيـسية إعالم جمموعات ٤ سنوي�ــن %٩٠ يف ــصحف م ــة، ال ــل الربيطاني إن ب

يـستويل حيـث اإلنرتنـت، شـبكة طال األمر بيـنام وار،إمجـايل الـز من% ٨٠ عىل موقع مائة

Page 11: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٠٩

.البـاقي اخلمـس عـىل املواقع ماليني تتنافس هـو االحتكـار، أخطر أنواع أن يف جدال وال

اإلعالمـي، املحتـوى باحتكـار اخلاص ذلك ومـن الثقافة، صناعة أهم مقومات واملحتوى

اللعبة اإلعالمية زمام عىل يقبض عليه يسيطر .بال منازع

ن ويف هذا املجال جيب تأكيد مـا يمكـن أيامرس من خالل أجهزة ومؤسسات اإلعالم الفـــضائي والعالقـــات العامـــة التابعـــة ــددة ــربى متع ــرشكات الك ــسات وال للمؤساجلنسيات واإلشارة إليه، والتي يمكنها التأثري ــا ــرى وتوجيهه ــعوب البلــدان األخ عــىل شبطريقــة ختــدم الــسياسات العامــة واخلاصــة

ة للدول الكربى مالكة هذه اآلليات اإلعالميوالفكرية اجلبارة عابرة القارات واملجتمعـات

، ذلك يف الوقت الذي تقع فيه والقومياتالشعوب األقل تقدما يف العلوم والتكنولوجيا والصناعة واإلنتـاج الغزيـر يف جمـال املعرفـة واالتصال واملعلومات حتت تأثري ووطأة هذه اآللة الـضخمة لإلنتـاج اإلعالمـي والثقـايف

وحتت السيطرة الكاملة لصناعة املعرفة الغريب، التــي تــسعى إىل صــياغة املفــاهيم والتــاريخ والقيم وصناعة الرأي العـام يف تلـك الـدول التـــــي يعـــــزز مـــــصاحلها وأهـــــدافها

، ومــن ثــم ظهــرت بــذلك االســرتاتيجيةصناعة عاملية جديدة غري مرئية تعـرف باسـم

، أو كام "صناعة الوعي" أو "صناعة العقول"هندسة الثقافة وتغيري العقول : "سكينر"ول يق

فقد أضحت صـناعة . وخلق االعتقاداتالــوعي أو تــصنيع العقــل وصــياغة ثقافــات الشعوب فنا دوليا أو تقنية متلك زمامها الدول الغربية الرأسـاملية بـصفة عامـة، والواليـات املتحدة األمريكيـة بـصفة خاصـة متمثلـة يف

، حيث تطرح اتالرشكات متعددة القوميالثقافة األمريكية نفسها كنموذج وحيد جيـب أن ختضع لـه مجيـع الثقافـات، بـل عليهـا أن تتمثله وتعيد صياغة مفاهيمها باالستناد إليه، ــا ــضع ملنظومته ــة ال خت ــل ثقاف ــصور ك وتت

االسـتهالكي ومعايريهـا األخالقية وهنجهـاالقيمية عدوا جيب مواجهته وقمعه حتى يعلن

ه ويكف عن التحدي والتميز، ويمكننـا طاعتأن نلمس هـذا بوضـوح يف نظريـة فوكويامـا

، ويف نظريـة صـمويل " هناية التـاريخ"حول . "صدام احلضارات"هانتنجتون حول

ويف هذا الصدد، يركز منتقـدو التـأثريات السلبية للعوملة عىل األمركة، وذلك بوصـفها

يف التأثري عىل الواجهة الواقعية ملساعي العوملة الثقافــات الوطنيـــة، حيـــث إنـــه يف إطـــار التطورات الدولية الراهنـة متكنـت املنظومـة

من - خاصة عرب النهج األمريكي -الليربالية بسط هيمنتها عىل خمتلف النظريات الـسائدة،

وقـد . خاصة بعد تداعي املنظومة االشرتاكية

Page 12: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٠

حرصت الواليات املتحدة عىل نرش منظومتها ة عىل سبيل إرساء دعـائم الديمقراطيـة القيمي

الليربالية، لتصبح املرجعية األساسية للتغيري، سواء يف الدول االشرتاكية السابقة أو يف دول العامل الثالث، ويرجـع الـبعض تلـك القـدرة الواضحة للنظام األمريكي إىل اتساع سيطرته عـىل النظــام اإلعالمـي العــاملي، فالواليــات

مـن املـادة % ٦٥حـدها يف املتحدة تـتحكم واإلعالميــة يف العــامل، وهــو مــا يعنــي تفــاقم

.اهليمنة األمريكية يف معظم مناطق العاملوجتدر اإلشارة هنا إىل مـا نبـه إليـه وزيـر

يف حديثـه عـن "فـولكنر"اخلارجية الكندي أحد أبعاد اهليمنة املتفردة للواليـات املتحـدة

كان االحتكـار أنه إذا ": عىل العامل، حيث قالأمرا سيئا يف صناعة استهالكية، فإنه أسـوأ إىل ــث ال ــناعة الثقافــة، حي أقــىص درجــة يف صيقترص األمر عىل تثبيت األسعار، وإنام تثبيت

، حيث يقوم الفكر األمريكـي "األفكار أيضا وفقـا ملـا جـاء يف -الذي يقود احلضارة اليوم

اع رص: البيان اخلتامي لنـدوة القـاهرة حـولــات؟ ــوار الثقاف ــضارات أم ح ــغ -احل بتفري

اإلنسان من الشعور، ذلـك يف الوقـت الـذي ــه الغــرب إرســاء نفــسه ال ســيام (حيــاول في

بصفته احلضارة ) الواليات املتحدة األمريكيةالوحيدة، حيث خيتزل التنـوع الثقـايف وينظـر

. إىل جتاربه باعتبارها جتارب كونية

قوى العامليـة وهكذا فقد أضحت ثقافة الــسيطرة ــديولوجيات -امل ــه أي ــامل حتكم يف ع

مناسبة الخرتاق الدفاعات الثقافيـة -العوملة للمجتمعات النامية، ونتيجة لـذلك تفـرض ثقافة الغالـب وطرائقـه يف العـيش عـرب آليـة التقليد واملحاكاة يف البداية عىل ما يذهب إليه

بأن املغلوب مولـع أبـدا بثقافـة : ابن خلدونلغالب يف زيه وشعائره وسائر عوائده، وهـي ا

الثقافة التي يتم يف النهايـة اسـتيعاهبا لتـصبح عنارص يف منظومة القيم القوميـة التـي تـنظم

وهنا أصبح من الصعب . التفاعل االجتامعياحلفاظ عىل اهلوية الثقافيـة يف مواجهـة ثـورة االتــصاالت والــضخ اإلعالمــي املتواصــل،

القيم الغربية حـارضة وهو األمر الذي جعليف ثقافتنا وتؤدي دورها يف توجيه سـلوكيات

.البرش وبخاصة رشحية الشباب يف هـذا الـصدد إىل "إبراهيم بدران"ويشري

أن عوملة الثقافة إنام هي ناجتة عـن تغيـري أدوات صنع الثقافة التقليدية، ونـشوء أدوات ووسـائل

ة تتـيح ومن هنا فإن العوملـ. أخرى لصنع الثقافةــداع ــىل اإلب ــادرة ع ــات الق ــة للمجتمع الفرصواالبتكــار واملنافــسة، والتــي تــستطيع جــذب اآلخــر، اســتنادا إىل خلفيــة قويــة لكــي ترســل مفرداهتا الثقافية أو تعومل هذه املفردات، وبالتايل فال يتوقع أن تكون الدول األضعف هـي التـي ــن ــام لــدهيا م ــضاء العــوملي ب ــىل الف تــسيطر ع

Page 13: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١١

متواضعة ال ترقى إىل مستوى التنافس منتجات مع الدول الصناعية الكربى كالواليات املتحدة

وهبـذا . إلـخ...األمريكية أو اليابان أو فرنساتــصبح الثقافــة أداة غــري رشيفــة يف يــد بعــض الــدول، تــستغلها خلدمــة مــصاحلها والــرتويج

بل إهنا أصبحت ،لسياساهتا وأيديولوجياهتا مــن أســلحة التــدمري - غــة اليــوم بل- ســالحا

. الشامل التي جيب أن حيذر استعامهلا����� �

أو ما يسمى "الوعي الغائب"تعد ظاهرة باالستالب الفكري هي نقطة البدء يف معظم االجتاهات النقدية احلديثة، كام أهنا كانت حمور

نتـرشت يف حتليل احلركات الراديكالية التـي ااملجتمع الرأساميل الغريب، تلك احلركات التي

أمثــال -لعــب فيهــا رجــال الفكــر النقــدي -هربـرت مـاركيوز، أريـك فـروم وغـريهم

ــــري ــــستوى التنظ ــــىل م ــــة ع أدورا مهمــق ــذا املنطل ــن ه ــام م ــديولوجيا، ورب واألي

عــىل -اســتطاعت احلركــات الراديكاليــة ــسياسية ــة ال ــستوى املامرس ــشا-م ر يف االنت

املجتمــع األورويب الغــريب كنتــاج للــدعم الفكري واأليديولوجي الـذي قدمـه رجـال

). ٥٩(الفكر السوسيولوجي هلـذه احلركـاتوكان من أهم تلك احلركات النقدية ما يعرف بمدرسة فرانكفورت األملانية، وعىل الرغم من دور شخصيات بارزة كثرية يف تلـك املدرسـة

وك، ليوقتال، كارل فريدريك بول: النقدية مثلأوجــست قيتفوجــل، إال أن أعــامل كــل مــن هوركهايمر وماركيوز وأدورنـو وفـروم هـي التـي تـشكل جوهريـا أسـاس األطروحـات

. النظرية ملدرسة فرانكفورتوعىل ذلك، فـإن اإلملـام بـالفكر النقـدي يستدعي دراسة أفكار هؤالء ممن أسـهموا يف

وتطورهـا، فهـي نشأة النظرية النقدية احلديثةمتثل تيارا فلسفي�ا معارصا مجع جوانب معرفية خمتلفة لواقع اجتامعي واحـد، فقـد بـدأ هـذا ــع ــة الواق ــن أزم ــربا ع ــا مع ــار يف أملاني التياالقتصادي والسيايس وانترش يف أجزاء كثـرية من العامل متخذا من التوظيف السيايس حمورا

.أساسي�ا للتطور الفكــر النقــدي البنــاء وقــد مــنح رجــال

الثقايف الفوقي قدرا كبـريا مـن االسـتقاللية، ومنه ينطلقون ملامرسة نقد النقد؛ هبدف إبـراز دور الوعي اإلنساين يف سبيل التحرر، أو كـام أوضح هابرماس أن العلم االجتامعي النقدي ــك ــن تل ــرد م ــر الف ــىل حتري ــادر ع ــو الق ه

السيطرة التصورات الدخيلة عليه واهلادفة إىل عام أشـار إليـه عىل عقول األفراد، هذا فضال

هوركهايمر بأن غياب الـوعي أو تنويمـه هـو ، حيـث ينـتج لب أزمة املجتمع الرأسـاميل

قيم التـشيؤ، - وفقا لرأي لوكاش -املجتمع التي تعني حتويل البـرش إىل أشـياء عـىل مجيـع

Page 14: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٢

مستويات احلياة االجتامعية يف عمليـة العمـل نتاج الثقايف، وحتـى العالقـات احلميمـة واإل

التي تم اخرتاقهـا بالـرضورات االقتـصادية، ــصادية، ــوانني االقت ــوعا للق ــارت موض وص

. كالرأسـاملية االحتكاريــة عـىل ســبيل املثــالوهلذا فقد قامت مدرسة فرانكفورت بصياغة نقدها للتطويع الثقايف يف قالب هجـوم لـيس

إىل يشء يف وكأنـه موجـه (فقط عىل الفاشـية يف قالـب هجـوم عـىل - أساسـا -بـل ) ذاته

. الرأساملية االحتكارية بمجملهاــإن حتليــل قــضية ثقافــة ومــن هنــا ف

كمظهــر مــن مظــاهر صــناعة -االســتهالك يف إطار أعامل مدرسـة فرانكفـورت -الثقافة

يتــأتى مــن خــالل حتلــيالت تلــك املدرســة ي تقـوم واتباعها لظاهرة السيولة الثقافيـة التـ

عىل املنطق السلعي والقيم االستهالكية التـي تغري اجلامهري وجتذهبم نحو الرشاء، وبـصفة ــاملية يف ــل للرأس ــتخدام األمث ــة االس خاصاخرتاق األدب والفن واألزياء للتقريـب بـني الثقافة الراقية وثقافة اجلامهري، وهو ما يسمى

. بصناعة الثقافة االستهالكية��� �

يقرتن اسم أدورنو بمدرسـة فرانكفـورت األملانية، حيث بات معروفـا بـشكل واضـح كعـامل اجــتامع يف نقـده للثقافــة اجلامهرييــة يف

هذا، وقـد صـاغ . العامل العرصي املتمدنأدورنو مصطلح صـناعة الثقافـة ليحـل حمـل الثقافــة اجلامهرييــة، مؤكــدا عــىل أن صــناعة

ــة ــالس الثقافــة هــي عالم واضــحة عــىل إففالتـسليع "الثقافة، أي سـقوطها يف الـسلعنة

يعني حتويل الفعل الثقـايف إىل قيمـة تبادليـة، يقيض عىل قوته النقدية، وحيرمه من أن يكـون أثرا لتجربة إنسانية أصيلة، ومـن ثـم تـصبح صـناعة الثقافــة هــي العالمــة الفاصــلة عــىل

.تراجع الدور الفلسفي الوجودي للثقافةــة ــة النقدي ويرجــع فــضل تطبيــق النظريللمجتمع عىل الثقافة الشعبية أو اجلامهريية إىل حد بعيد إىل أدورنو، وقد بدأ عـرض أدورنـو إلنتـاج الثقافــة الـشعبية بظــاهرة التنمــيط أو

، وهـي Standardizationالتوحيد القيايس عملية تفرض احتكارات صناعة الثقافة عـن

ناجحـة، واألنـامط طريقها تعـرف األعـامل ال، واألمزجة عىل املادة التي ينبغي تشجيعها

- عىل نحـو تلقـائي -وهو ما يفرز يف النهاية . عددا من الصور واألفكار النمطية

ــدا ــد نق ــو األش ــان أدورن ــد ك ــذا فق وهكوتــشاؤما مــن ناحيــة املــصري املأســاوي الــذي أصاب الثقافة جراء انتشار الـنمط االقتـصادي

إذ باتت املنتجات الثقافية ،ستهالكي وتسيدهاالسلعة موجودة يف التداول مثلها مثـل أي سـلعة

: بقولـهعرب عن ذلك بدقة شـديدة، وقد أخرى

Page 15: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٣

، "مل تعد سلعا أيـضا، بـل سـلع متامـاإن الثقافة صـناعة "برز معه إىل الوجـود مـصطلح وهلذا أ

ــا الطــابع الــسلعي "الثقافــة الــذي خيتــرص متامومن أهم سامته بذر . افة يف السوق الرأساميلللثق

ــراد ــني األف ــل ب ــشابه والتامث ــيم الت ويف ذات ،قالوقت خلق وهـم الفردانيـة الزائـف، وتـصبح استجابة املتلقي للمنتج الثقايف حمصورة يف إطـار توسل ما هو شائع ومألوف مبتعـدا بأقـىص مـا

مـن "املـستقل"يستطيع عن كل ما يميـز الفـن .ومغايرة للقيم السائدةثورية

كام يعد أدورنو واحدا من الـذين اهتمـوا بالتغري الثقايف، يف ظل املجتمعات الرأساملية، مستخدما يف ذلـك مفهـوم صـناعة الثقافـة، وكذلك مفهوم إعادة اإلنتاج الثقايف ليوضـح الدور الذي تلعبه املامرسات والنظم الثقافيـة

ــسيادة ــأمني ال ــة، يف ت ــصادية، املختلف االقتوالسياسية للرأساملية احلديثـة، فمـن خـالل عمليات صـناعة الثقافـة تـسيطر قـيم إعـادة ـــىل ـــاملية ع ـــات الرأس ـــاج يف املجتمع اإلنتاملنتجات الثقافية، وال يقترص األمر هنـا عـىل السيطرة فحسب، بل يمتد ليـشمل عمليـات ــادة ــة وإع ــات الثقافي ــوير املنتج ــري وحت تغي

مــع القــيم تــتالءم كـي مــن جديــدتنظيمهـا .النفعية للسوق

ــرص ــة ح ــا مالحظ ــذكر هن ــدير بال وجأدورنو عىل حتويل أعامله النقديـة إىل مـصادر

يقابـل هبـا الثقافـة املـصنعة، التـي ال معرفية

نـام إتشبع يف احلقيقة حاجـات املـستهلكني، وىل االنــدماج يف النـسق االجتامعــي إتـدفعهم

الـسائدة، والتـي العام، الذي يرتبط بالثقافـةــام ــسق الع ــدمج بالن ــتمرار وتن ،تتجــدد باس

ي أثر يـذكر، أبحيث ال ترتك لعفوية اجلامهري وجتعلهم يتحركون يف فضاء ال يستطيعون فيه

ن الثقافة اجلامهرييـة أكام . حتقيق استقالليتهمالتــي تطــورت بــصورة عفويــة هــي مــشكلة

من ونتكونيبذاهتا، ألن اجلامهري يف الواقع ال نــام مـن أفــراد مــدفوعني إأفـراد مــستقلني، و

بتبعيتهم االقتصادية وبرشوط العمل السائدة ىل الـركض وراء إيف املجتمعات االستهالكية

التيــار اجلــارف، مــثلام حيــدث مــع موســيقى .التسلية املخادعة

) ١٩٦٩-١٩٠٣(حيــث يعــرف أدورنــو الفن بـصفته انعتاقـا مـن املامرسـات اليوميـة

وطريقـا للخــالص يكــاد ،ووسـيلة للتحــرريكون متفردا من طريق نموذج حيدد العالقـة

فالفن األصيل له . احلسية بني اإلنسان والعامل ألنه حيمل إمكان هـدم مـا ؛وظيفة نقد ثورية

،هو قـائم وإعـادة إنتـاج الـوعي االجتامعـيومنحــه طاقــة رفــض يتجــاوز هبــا املجتمــع

فهـو يـرفض . االستهالكي وثقافتـه املـصنعة ألهنا متطرفة وتعكس ؛عامل الفنية احلديثةاأل

وتنتج ، وتعرب عن الصفوة،التشيؤ يف الوجودعن قمـع تـسلطي كـام يف األعـامل املوسـيقية احلديثة التي تساهم يف تفتيت وحدة اإلنسان،

Page 16: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٤

ن تظل وفية وقادرة عـىل أيف وقت يفرتض هبا . احلقيقة الربيئةالصدق يف قول

طـرأت عـىل لتحوالت التيوهكذا تصبح اوظيفة املوسيقى املعارصة هي تغـريات داخليـة ترتبط باإلنتـاج التجـاري الواسـع للموسـيقى املصنعة، الـذي طـاول بنيـة الـذوق واالسـتامع

فالفن عموما واملوسيقى خصوصا . ليهاإاجلاميل بدأت ختضع لتلك التغـريات ولـيس العكـس،

.ولذلك فهي تقف اليوم عىل حافة اهلاوية ثم فقد تناول أدورنو إشـكالية تغـري ومن

صــناعة املوســيقى بوصــفها أحــد األشــكال الثقافية، وخلص منها إىل بعض النتائج التـي استطاع أن يعممها عىل الكثري مـن املنتجـات الثقافية األخرى، وال سيام الفنيـة منهـا، فقـد فرق بني كل من املوسيقى التقليدية أو الرتاثية

فاملوسيقى التقليدية تقوم واملوسيقى احلديثة، التأسـيس الفـردي : عىل حمورين أساسيني مها

والتأسيس املتوارث، كام أهنا تتطلب االهـتامم بتفاصيل العمل الفنـي ككـل، ووظيفـة كـل

ويتمثل التأسيس . قطعة موسيقية داخل الكلالفردي هنا يف اعتقاد الفـرد أنـه يـسمع شـيئا

ــا، فــضال كل عــن وعيــه بــشجديــدا وخمتلفخمتلف عن وعي اآلخـر، ممـا يعطـي للقطعـة

ويف مقابل ذلـك . الفنية مجاهلا الفردي اخلالقــدعو الســتخدام اآلالت ظهــر اجتــاه آخــر يوالتقنيــة احلديثــة يف جمــال املوســيقى، األمــر الذي أدى إىل وجود أعـامل موسـيقية حديثـة

مأخوذة من بعـض القطـع التقليديـة بـشكل ظيفة، وهيـتم فقـط متناثر، يفتقر للمعنى والو

بكيفية اسـتخدام التكنولوجيـا املتطـورة دون ــع ــذوقي للقط ــاميل وال ــاحلس اجل ــتامم ب االه

.املوسيقية التقليدية مقوالته بتحليل ما أسامه "أدورنو"ويعزز

بالطابع املزدوج للمامرسات الرتاثية، كالفنون الرتاثية عىل سبيل املثال، أو الوظيفة املزدوجة

ــكال ا ــر إىل لألش ــد نظ ــة، فق ــة التقليدي لفنيمنتجات الصناعة الثقافية بام يندرج حتتها من أشكال فنية، عىل أهنا انعكـاس هليمنـة بعـض املؤسسات الـسياسية واالقتـصادية يف العـامل املعارص، أكثر من كوهنا وظيفـة مجاليـة فنيـة،

عن كوهنا وسيلة للتبـادل االقتـصادى فضال حتياجات حقيقية، أو أكثر من كوهنا إشباعا ال

استجابة ملعان عاطفية ووجدانية، وأحيانا نجد يشدد عىل عملية اختزال الكثري من "أدورنو"

الرموز واملعاين اجلاملية واالجتامعية لألعـامل الفنية املتوارثـة وتـشوهها وكـذلك افتقارهـا

ال ": للمعاين اإلبداعية، ويقول يف هذا الصددذلــك األســاليب تنكــر احلداثــة مــثلام تفعــل

واملامرسات الفنية السابقة، وإنام تنكر التقليـد بوصفه تقليدا، وهي يف ذلك ال تفعـل سـوى تأييد املبادئ الربجوازية والتي ترتبط بالطابع البضائعى للمجتمـع الربجـوازي، كـام تؤيـد وترسخ النموذج الغـريب كأسـلوب يف احليـاة القائمة عـىل العـرصية، واملتمتعـة بمنجـزات

Page 17: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٥

التكنولوجيا داخل العمـل الفنـي التقليـدي، األمر الذي أدى إىل وجود أعامل فنيـة حديثـة مأخوذة من األساليب السابقة عليها وتنطوي عــىل أجــزاء غــري مرتابطــة ختلــو مــن املعنــى والوظيفة، نظـرا لالهـتامم الزائـد بالتفاصـيل

."التقنية عىل حساب القيمة الفنية حتليـل مـا يـسمى إىل"أدورنـو"كام دعـا

بمامرسـات املجتمعــات الــصناعية املتقدمــة، والتي حتاول نرش وسائل اجتامعية وممارسات

. حديثة للسيطرة هبـا عـىل الـدول األضـعفوبنــاء عليــه، فمــن الــرضوري أن نبحــث يف تنظري التأثريات الثقافية للتكنولوجيا احلديثـة عىل األعـامل الفنيـة، فقـد أفـرزت لنـا تلـك

ت الصناعية أخالقا برمجاتية تنظر إىل املجتمعاالفن والفنون الرتاثية بصفة خاصـة عـىل أهنـا

.وسيلة للسيطرة السياسية��� �

ــة ــن رواد مدرس ــدا م ــاركيوز رائ ــد م يعفرانكفورت النقدية، وقد كان اهتاممـه الرئيـيس موجها نحو احتامل حقيقة الوجود يف الرأساملية

ية، ودلل عىل ذلك بفكرته عن اإلنـسان الصناع، حيـث نـاقش مـن )١٩٦٤(ذي البعد الواحد

ــورت ــي بل ــارصة الت ــات املع ــا املجتمع خالهلحاجــات مــصطنعة وأعطــت الطبقــة العاملــة مشاعر سطحية، معتقـدا يف ذلـك أن املاركـسية

. فشلت يف طرح مفاهيم حول الفرد

- حلـل مـاركيوز املجتمـع الرأســاميل وقـد حمـاوال - أثرا بمشاهداته للمجتمع األمريكيمت

استكشاف احللقة اجلديدة يف استغالل اإلنسان، فأسس ملفهوم اهليمنة لتوضـيح كيفيـة اسـتعباد اإلنسان يف جمتمـع التقنيـة والعقالنيـة األداتيـة، حيث اإلنسان مستلب لـصالح فـيض إنتـاجي

ومستعبد من قبل الشعور) ماركس(استهالكي اخر بأمراض جمتمـع التقنيـة األدايت، ز) فرويد(

ــايف ــسق الثق ــىل الن ــه ع ــاركيوز حتليل ــز م فركواإلعالمي لتوضيح كيفية السيطرة عىل اإلنسان

.بحيث تغدو الديمقراطية قمعا مموهارؤيتــه ويف هــذا الــسياق طــرح مــاركيوز

الرئيسية للسلطة اهلائلة للتكنولوجيا وخاصة ىف كتابــه عــالمواإل تكنولوجيــا االتــصال

وضـح أحيـث "دنسان ذو البعـد الواحـاإل"التفاقم اهلائل لسلطة اآللـة والتكنولوجيـا ىف

نتاج إاملجتمعات الصناعية املتقدمة ودورها ىف نمط من العالقات بني الفرد واملؤسسات التى

ــ ــود االجتامع ــتحكم ىف الوج ــام . يت ــد ق فقسيس نظريته النقديـة مـن خـالل أماركيوز بت

اء وسـائل الـسيطرة واهليمنـة رصد واستقـصــات ــل املجتمع ــة داخ ــة والثقافي التكنولوجي

ــا ــة تكنولوجي ــاملية املتقدم ــرى أن . الرأس ويواجلنس يتم اسـتيعاهبا ىف هـذه األدب والفن

املجتمعات داخل املوجة العاتية لالسـتهالك ىل إوالنزعة التجارية، األمر الذى حيول الثقافة

Page 18: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٦

وهنا . عد أحادى البيومي استهالكيغذاء وز عن الطريقة التـي تنـتج هبـا يكريتحدث ما

شـباع حلاجـات زائفـة، إصناعة الثقافة، بأهنا فاحلاجة احلقيقية هي التـي تنبـع مـن القـوى

ا كائنـات هـاملبدعة والعقالنية التـي جتعـل من .برشية أو تعرب عنها

ىل مــاركيوز يف هــذا الــسياق إشــار حيــث أأهنا الـصناعة التـي عىل مصطلح صناعة الثقافة

تقوم بتلبيـة مجيـع حاجـات املـشاهدين، تلـك ا، بحيث حتديدها مسبق صال أاحلاجات التى يتم

ا لـصناعة الثقافـة يرى املشاهد نفـسه مـستهلك وبـذلك فمـن . هنا تشبع احتياجاتهأالتى تومهه ب

تـم ) الـسلع الثقافيـة(عـالم والثقافـة إل الخاللـة هيمنتهـا وبـسطت الدو،السيطرة عىل الفرد

عن طريق تعزيز الوعى الزائـف وتقييـد الفكـر نـسان الـذى إلاملعارض والنقدى مـن جانـب ا

. البعد الواحداحتول ليكون ذماركيوز عن املجتمـع املعـارص وهنا عرب

باالنغالق واهليمنة عـىل املـستوى واصفا إياه األمر الذي الفكرى والسياسى واالجتامعى،

بعد ينسان ذإىل إسان فيه نإلل ايوحت أدى إىلىل إا بـالتطلع بـد أال يسمح لـه حيث ب،واحد

ويتكيـف ،ا ىف جمتمعـهينـدمج كلي�ـو ،التغيريىل مـا وراء إ وال يتطلـع ،ا مع ما هو قـائمكلي

عـامل "واحلصيلة الناجتة عن ذلك قيـام . ذلك من الفكر والسلوك تتالشـى "ذي بعد واحد

النقــدي فيـه اجلــدارة والقـدرة عــىل التفكـريفالرأساملية مل تدمج فقـط . والسلوك املخالف

الطبقة العاملـة التـي هـي مـصدر املعارضـة ــة، بــل ــة جديــدة إالثوري ــا طــورت آلي هن

ــة، لال ــات الدول ــالل سياس ــن خ ــتقرار م سلـذلك . جتامعـيالوأنواعا جديدة للـضبط ا

تني مـن يني أساسـمت سل� مـماركيوز وضع قد فــ ــسية التقليسل� م ــةامت املارك ــة أو املحافظ دي

الربوليتاريـا الثوريـة : وضع التساؤل، ومهـام مـن حـرص فبـدال . وحتمية األزمة الرأساملية

كـام (قوى التغيري الثوري يف الطبقـة العاملـة وز ي، بـرش مـارك)ترتأي املاركـسية التقليديـة

نــدماج لألقليــات، بــالقوى غــري القابلــة لالـــسيا ـــام، لألنتلجن ـــن النظ ـــارجني ع : للخ

جتــاه احــاول تنميــة هــو هبــذا يكاليــة، والرادضـدي يف الفكـر والــسلوك بـالرتويج لفكــر

."الرفض الكبري"نقدي معارض أسامه ��� �

فرانكفورتينتسب هوركهايمر إىل مدرسة روادها، ولـه العديـد من النقدية، ويعترب رائدا

من األفكار والرؤى فيام يتعلق بصناعة الثقافـة، فقـد . التي تتفق يف الغالب مع أفكـار أدورنـوو

و "التسلية الـشعبية"وضع هوركهايمر مقولتي جنبـا إىل جنـب، حيـث "الصناعات الثقافيـة"

"التطويـع"تكون املقولة الوسـيطة هـي مقولـة عىل وجه التحديـد، ويف هـذا الـسياق يعـرض

Page 19: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٧

- متفقا يف ذلك مع أدورنو - هوركهايمر بإجياز ت قمعية للثقافة الشعبية، وهو ما ما يراه من سام

يصبح الفـن اخلفيـف الظـل " يظهر يف قولهــه ــه، إن ــائم بذات ــن الق ــي االالف دراك االجتامع

ــاد ــن اجل ــرديء للف ــة يف ...ال ــل احلقيق ، وتتمثاالنقسام ذاته، فهو يعرب عىل األقـل عـن سـلبية الثقافــة التــي يــشكلها العاملــان املختلفــان، وال

ألحـوال إهنـاء التـضاد عـن يمكن بحال مـن اطريق امتصاص الفن اخلفيف اجلاد أو العكس، غري أن هذا هو ما حتاول صناعة الثقافة أن تقـوم بــه، وهبــذا يتــضح أن مــا هتامجــه مدرســة فرانكفورت بصفة عامـة، وهوركهـايمر بـصفة خاصة، ليس تطور الثقافة اجلامهرييـة بوصـفها

دد الذي ثقافة مجاهريية، بل الشكل القمعي املح عليهـاترتديه الثقافة اجلامهرييـة أو يـتم فرضـه

ــاري ــال االحتك ــة رأس امل ــرب . برعاي ــذا ع وهلهوركهايمر عـن رأيـه يف صـناعة الثقافـة بأهنـا صــناعة ختــدم دور األيــديولوجيا إلدامــة روح الرأساملية، التي تتفـق مـع الطـابع االحتكـاري

. لصناعة الثقافةثـرة االبتـذال وقد أكد هوركهايمر عـىل ك

والتفاهة واخلـواء والوعـود الـشعبية الزائفـة التي متأل املنتجات الثقافيـة، وال سـيام الفنيـة ــك منهــا املقدمــة للجامهــري، حيــث تعــد تلاملنتجات هي منتجات صناعة الثقافة، والتـي ــاص، ــق خــط جتميــع خ تكــون مــصنعة وف

ونتيجة لذلك تصبح هذه املنتجـات الثقافيـة وتتناسـب "التشابه الثابت املستمر"نوعا من

مع األنامط الدورية الثابتـة املعـاودة الظهـور ، موضحا يف ذلك دائام واجلامدة غري املرنة

ــال ــأن ك ــة ب ــالم واإلذاع ــسينام واألف ــن ال موالصحافة هي عبارة عن منتجات ثقافية متثل نسقا متسقا أدى إىل فوىض ثقافيـة تطبـع كـل

. نمطي واحد يف حياتنا اليوميةاألشياء بطابع ومن ثـم فقـد سـعى هوركهـايمر إىل فـضح ــروات ــل للث ــاج املتامث ــادة اإلنت ــات إع عمليالثقافية، الـذي مـن شـأنه تعـريض اإلبـداع

. الفني ملخاطر كبريةــايمر أن ــد رأى هوركه ــة، فق ــصفة عام وبــي إال أداة ــا ه ــديث م ــالم احل ــسة اإلع مؤس

ــادة ــة وإع ــع للــسيطرة االجتامعي ــاج املجتم إنت إىل "هابرمـاس"بأنامطه السائدة، وهو مـا دفـع

اهتام التليفزيـون بإفـساد سـاحة الـرأي العـام، األمــر الــذي يــستوجب خلــق ســاحة جديــدة يامرس فيها الـرأي العـام فعاليتـه بـشكل أكثـر

، وذلك من خالل تكنولوجيـا شفافية وتواصال "كـارل بـوبر"املعلومات، ويتفق ذلك مع رأي

ي خلص إىل اعتبار اإلعالم احلـديث مـرضا الذ. بالديمقراطية وال يعمل عىل نـرشها وتعميقهـا

اإلمربياليـة "وقد تبلورت يف هذا السياق نظرية ، "هربــرت شــيللر" التــي أســسها "اإلعالميــة

والتي يقصد هبا استخدام قوة امليـديا مـن أجـل

Page 20: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٨

فرض القيم والعادات والنزعـات االسـتهالكية عىل حساب الثقافة املحلية، والتـي كثقافة وافدة

يلعب فيها دور أداة القهر التي تسعى النخبة من تضليل عقول البرش خالهلا إىل تطويـع اجلامهـري

. ألهدافها اخلاصةــعية ــذه الوض ــة -وه ــا آلراء مدرس وفق

ليـست نتيجـة قـانون طبيعـي -فرانكفورت خيضع له التطور التكنولوجي، بل مردهـا إىل

التكنولوجيا يف االقتصاد احلايل، حيث وظيفة ــة ــي عقالني ــا ه ــة حالي ــة التقني إن العقالنيالسيطرة، فامليـدان الـذي تتمتـع فيـه التقنيـة بسلطة كبرية عىل املجتمع، يكون حتت سـلطة

.أولئك الذين يسيطرون اقتصاديا����������

���� �قد أصبح من املؤكد أن الثقافة أصـبحت ل

ــة ــة واالجتامعي ــات التارخيي ــب الرهان يف قلــسهل ــن ال ــان م ــد أن ك ــة، بع واأليديولوجيتغييبها باسـم الكونيـة أو باسـم االخـتالف، واستبدلت النظرة إىل الثقافة كجهاز أو نظـام

، ومل يعـد الفـرد )إنتاج أو اتصال وفعل(بأهنا ، صـبح صـانعهانتاجا لثقافتـه بقـدر مـا أ

وحتول الثقافة إىل صناعة أتاح للقوى املهيمنة عىل الثروة اهليمنة عىل إنتـاج وصـياغة ونـرش املعاين وتـسويق اخلـضوع وتـرويج االمتثـال

عىل عربة اإلمتاع واملؤانسة، ومن ثـم تنقلـب ىل إصناعة الثقافة اخلاضعة لـسلطان الثـروة،

ــة ــناعة هيمن ــر إىلص ــة األم ، أدت يف حقيق .اختزال الرموز واملعاين الثقافية األصيلة

ففي خضم الثـورات العلميـة والتكنولوجيـة واالقتصادية، ضاع املعنى وتغريت بـشكل عميـق حقيقة وجـوهر العالقـة بـني اإلنـسان والطبيعـة، وبني الفكـر وموضـوعه، وبـني العقـل واألدوات ــضمون ــستخدمها، وم ــي ي ــواد الت ــاهج وامل واملن

إبداعيـة، لـرتجح كفـة العنـارص التجربة كعمليـة كـام - املادية، فقد حتول العقل الكيل إىل عقل أدايت

واإلنسان إىل ممارسـة - عرفته مدرسة فرانكفورت ـثلام حـدده مادية لإلنتاج والتكنولوجيا احلديثـة، م

يف فلـسفته عـن اإلنـسان ذي "هربرت ماركيوز"البعد الواحد، فاهلدف الـذي هـو اإلنتـاج املـادي

قدم االقتصادي حليازة القـوة والـسلطة جعـل والتالثقافة ختتزل فعاليـة الفـرد إىل نمـط سـلبي يتـسم بالطاعة والتكيف واالنصياع ملا متليه عليـه رشوط

. العمل االجتامعي التي حتددها التقنيـات احلديثـة يف حفرياتـه املعرفيـة "ميـشيل فوكـو"وقد كشف

فـة عـن مـضمون هـذه الثقا"أركيولوجيا املعرفة"وأنظمتها الفكرية املجسدة للعقل والعقالنيـة التـي تصب يف بحار االغرتاب والتشيؤ مـدمرة إنـسانية

.اإلنسان ومعلنة عن موتهومن ثم حتولت الثقافة وتم اختزاهلا يف معناهـا العام كأسـلوب للحيـاة إىل سـلعة قابلـة للتـداول

Page 21: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١١٩

والتسوق، ووسيلة إعالنية فعالـة ختـرتق العقـول القــيم االجتامعيــة وتقــيض عــىل اهلويــة وهتمــش

ــصوصية التارخييــة لــشعوب العــامل، كــام واخلأصبحت ثقافة السلعة ورموزها املعلن عنهـا أهـم من جودة السلعة ذاهتا، وحتولت سلوكيات البـرش من العقالنيـة والرشـد إىل سـلوكيات متيـل نحـو الوجدانية والعاطفة غـري املدروسـة، حيـث ينـزع

ــي ــست(املتلق ــتالك ) هلكامل ــة يف االم ــو الرغب نحواالرتباط العاطفي بالـسلعة دون وعـي أو إدراك، وهــو يف احلقيقــة قــد ال حيتــاج إىل هــذه الــسلعة، ـتهالكية، وبذلك حتولت قـيم اإلنتـاج إىل قـيم اسوأصبح امتالك السلعة يعني احلصول عـىل مكانـة متميزة بني أعضاء مجاعته، ومن ثم حتـول التـسوق

. ىل هدف يف ذاتهواالستهالك إومن هنا تغلبت القيم املادية عـىل عالقـات األفراد، فأصبحت املصالح هي التي حتدد شكل العالقات اإلنسانية، وأضـحت قيمـة الكـسب الرسيع هي اإلطـار احلـاكم يف املجتمـع، وأدى ــل ــد العم ــة جتوي ــتخفاف بأمهي ــك إىل االس ذل

س والالمباالة واالسـتهتار حتـى يف أرواح النـااهنيارات العامرات، سلوكيات احلرفيني يف كافة (

، وكان من نتاج ذلك عىل األرسة، ما )املجاالتهو عظيم، حيث توارت قـيم األصـالة واملحبـة واإلخالص واملودة والتعاون بني أفـراد األرسة وحتول كل عضو داخل األرسة إىل يشء مـادي، حيث اختفت لديه املشاعر الوجدانية، وأثر ذلك

سلوكياته ورد فعله يف مواقف احلياة املختلفـة يف

يف اختيـار رشيـك احليــاة، يتـضح ذلـك مـثال (وغياب التعاون بني األفراد، واالهتامم باملصالح

. إلخ...الفردية عن ذلك، ويف ضوء ما يطرح مـن وفضال

منتجات ثقافية حتـول العـامل إىل عـامل رقمـي ة خيلقهـا حيتوي عىل ثقافة رقمية وبيئـة حركيـ

ــة يف ــرباجمهم املتنوع ــت ب ــستخدمو اإلنرتن مــل ــدث التفاع ــث حي ــت، حي ــضاء اإلنرتن فالسايربي االفـرتايض، وحيـدث معـه تـشكل ثقافة جديدة هـي الثقافـة الـسايربية اآلليـة، وهبذا يصنع األفـراد املـستخدمون لإلنرتنـت ــاهتم ــا مــن خلفي جمتمعــاهتم اخلاصــة انطالق

ــ ــو م ــة، وه ــة الطبيعي ــه الثقافي ــرب عن "ا ع يف أوائل التسعينيات بأن هذا يعـد "راينغولد

ــيل بواســطة ــشكيل املجتمــع املح ــادة ت إعــا ــسد لن ــذا يتج ــة، وهب ــا املتاح التكنولوجياإلنسان الرقمي يف جمتمعه اآليل اإللكـرتوين، ذاتا خيالية حقيقية، وكـأن احلاسـوب عبـارة عن امتـداد لإلنـسان كطـرف أو حاسـة مـن

ومن ثم يتولـد لنـا جمتمـع حواسه لالتصال،ــرد ذات ــه اإلنــسان إىل جم ــد يتحــول في جدي

. افرتاضية يف عامل فضائي واسع ومفتوحوباإلضافة إىل ما سـبق مـن صـور اختـزال ــاين ــري مــن الرمــوز واملع صــناعة الثقافــة للكثالثقافية األصيلة يف جمتمعاتنا، نجد أيـضا التغـري

ــة لغ ــة وأمهي ــىل قيم ــرأ ع ــذي ط ــة ال ــا العربي تن

Page 22: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٠

األصيلة، التي تعترب من أهـم مقومـات هويتنـا الثقافية وتراثنا الثقايف، حيث إن تقبل الـشعوب لإلبداعات واالخرتاعات اجلديدة جيلـب معـه مفــردات لغويــة جديــدة للتعبــري عــن أدواهتــا وحمتوياهتا، يتم استخدامها كام هـي، كمفـردات

يف لغويــة أجنبيــة مقبولــة اجتامعيــا، وتــستخدم اللهجــة الدارجــة وليــست الفــصحى، حيــث ــلوكهم ــن س ــري ع ــراد للتعب ــستخدمها األف ي

أو املتــأمرك، وأنــه يمتلــك ) الغــريب(املتغـورب . )دراسة أو تأثرا(الثقافة الغربية

سعت العوملة بآلياهتا املختلفـة ... وهكذا للقـضاء عـىل الثقافـة واللغـة القوميـة كرمـز

رض اللغــة اآلن أصــيل للثقافــة، حيــث تتعــهلجوم شـامل ومـن اجتاهـات عديـدة، وأول ــة ــل يف أن اللغ ــوم يتمث ــذا اهلج ــاليب ه أســا االتــصال اإلنجليزيــة هــي لغــة تكنولوجيواإلعالم واملعلومات، فاللغـة املـستخدمة يف اإلنرتنت هي اللغة اإلنجليزية، إضـافة إىل أن ــشبكة ــىل ال ــواردة ع ــات ال ــب املعلوم أغل

مــن الواليــات املتحــدة املعلوماتيــة واردةاألمريكية، مما جعـل هلـا وضـع األفـضلية يف

وهذا مـن شـأنه أن . جمتمع املعلومات العامليــن ــة، وم ــة العربي ــاط باللغ ــضعف االرتب يالطبيعي أن يؤدي هجر اللغة إىل هجر الثقافة والقيم املرتبطـة هبـا، وبـذلك يتأسـس فـراغ

، وهـو مـا يمكـن أن نطلـق لغوي وثقايف

أفـول الثقافـة العربيـة واهلويـة الثقافيـة عليهنتيجة لضمور أهم ركائزها أال وهـي اللغـة، ويظهر ذلك بوضوح شديد يف اللغة املتداولـة ــت ــشباب يف الوق ــني ال ــا ب ــارف عليه واملتعاحلارض وما يطغـى عليهـا مـن مـصطلحات أجنبية وألفاظ غريبة وخمتلفة يلتفـون حوهلـا،

قـافتهم، وهـو األمر الذي يسلبهم هويتهم وث . ما هتدف إليه العوملة يف النهاية

وإىل جانب ما أحلقته صناعة الثقافة باللغة كمكون أسايس مـن مكونـات الثقافـة، فقـد أثرت صناعة الثقافة أيضا عىل الفـن، والـذي

يف الثقافة والرتاث املجتمعي، يعد جزءا أصيال بـصفة عامـة والفـن حتويل الثقافـة حيث إن

إىل صناعة أدى إىل تسطيح الفنبصفة خاصةهتميش قيمته من خالل التكنولوجيا وثـورة و

ــصال وا ــائل االت ــريىإلوس ــالم اجلامه " ،عفموسـيقى بـاخ تـستخدم كموسـيقى ناعمـة

ل وبودلري جللمطبخ، ومؤلفات أفالطون وهيوشيللر ومـاركس وفرويـد تبـاع يف املخـازن

وبصفة عامة فقد حتول الفن يف عـرص العامة، توجهه . أحادي البعدعة الثقافة إىل فن صنا

عـىل -قيم استهالكية تافهة، وهـو مـا يظهـر فيام حـدث مـن حتـول يف ذوق -سبيل املثال

استامع املواطن لألغنية التي يتم إنتاجها، حيث تفرغت األغاين مـن أي حمتـوى نبيـل يمكـن بتكـراره أن يرسـخ شــعورا أو يفـتح صــفحة

Page 23: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢١

ة أو يـصيغ مفهومـا، للتساؤالت أو يثري فكـروعىل مستوى املوسيقى فقـد حتـول االسـتامع اهلادئ إىل صخب عارم يف البيوت والشوارع

وال يلتفـت إىل . والنوادي واألعراس وغريهااجلامليات بقدر ما يلتفـت إىل جـذب االنتبـاه املؤقت إىل إيقاعات وافتعاالت موسيقية بعيدة

دئ عن علوم اجلامل والتذوق املوسيقي ومبـا . الذوق اإلنسانية األولية

ويف إطار العامل اإللكرتوين الفسيح الـذي حييا فيه األفراد، ظهرت ثقافة جديـدة كانـت هلا الصدارة والتقدم املستمر والرسيع، وهـي ثقافة الصورة، حيث أصبح املجتمع اإلنساين جمتمعا تتخلله الصور بشكل خاطف ورسيـع

ثقافة الـصورة ، بحيث حلت وهتيمن عليهومـن هنـا . حمل ثقافة الكلمة بشكل كبـري

ونظرا لألمهيـة التـي تتبوأهـا ثقافـة الـصورة والبث التليفزيوين الذي أضعف العمل بنظام ــب ــرب الكت ــة ع ــة التقليدي ــة الثقافي املخاطب

إىل املـدارس والصحف واملجـالت وصـوال يف واجلامعات، فإن املـرشوع الثقـايف الغـريب

ملـــة قـــد أصـــبح يف عهـــدة عـــرص العو السمعية البرصية، بـام متلكـه اإلمرباطوريات

من نفوذ وإمكانات وسيلة متكنها مـن تقـديم مادهتا اإلعالميـة للمتلقـي يف قالـب مـشوق ــرب تكنولوجيــا اإلثــارة ــذب االنتبــاه ع جيوالتشويق، ويقارب عتبة املتعة، ومعهـا يبلـغ

.خطابه األيديولوجي أهدافه االستهالكية

ومن ثم تصبح ثقافة الصورة هي املفتـاح السحري للنظام الثقايف اجلديد، فقد أصبحت الــصورة بحــد ذاهتــا خطابــا نــاجزا مكــتمال

ــال يف ــأثري الفع ــدمات الت ــائر مق ــك س يمتلمستقبله، وهي بذلك عكس الكلمـة، حيـث باتــت الــصورة قــادرة عــىل حتطــيم احلــاجز اللغــوي لكــي تــصل إىل أي إنــسان يف عقــر

ــة داره ــذلك فقــد طغــت ثقاف ، ونتيجــة لاملظهـــر والـــشكل واإلهبـــار واللمعـــان واالستعراض واملهرجان عىل حـساب ثقافـة ــق، كــام ــضمون والقيمــة والعم اجلــوهر واملهيمنت ثقافة صناعة النجـوم التـي يـتم مـن

وهبـذا فقـد . خالهلا حتويل البرش إىل سلعأصــبحنا نعــيش يف جمتمــع أصــبح مــصطلح

داقية فيه مفهومـا يعـاد إنتاجـه ويغلـف املصـــألوف أو ـــو م ـــىل نح ـــشرتى ع ـــاع وي ويب

ــي ــناعة روتين ــتطاعت ص ــذا اس ، وهكالثقافة أن تعمل عىل تشويه واختـزال العديـد ــيلة يف ــة األص ــاين الثقافي ــوز واملع ــن الرم مجمتمعاتنا العربية بوجه عام وجمتمعنا املـرصي بوجه خاص، وذلـك لـصالح ثقافـة أخـرى

نية تنخرط فيها وتتـداخل مجيـع الثقافـات كوالقومية األخرى، وهي بـالطبع تكـون ثقافـة األقوى وملن له الغلبة واهليمنة يف ظـل عـرص

. العوملة الرأساملية االحتكارية

Page 24: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٢

� لقــد خلقــت صــناعة الثقافــة ضــمن مــا

ــكال ــت ش ــسمى خلق ــتامء ي ــدا لالن ـــ جدي ب، حيث إنه إذا كانت العوملة "االنتامء الرمزي"

تشكل جتاوزا للحدود القومية، فإهنـا يف ذات الوقت نفسه تـشكل مقدمـة للقريـة الكونيـة التي توحدها وسائل االتـصال واملعلومـات، ــستوعب ــذي ي ــسان ال ــول اإلن ــث يتح بحيمفرداهتا إىل إنسان جديـد يأخـذ مالحمـه مـن

املسيطر، وبالتـايل عرص جديد، ولغته من لغةيغدو انتامؤه للقرية الكونية أقوى من االنـتامء ألمته أو قوميتـه، واسـتنادا إىل ذلـك يتحـول أفراد املجتمع، وال سيام رشحية الشباب الذين ــامليني ــاس ع ــيم، إىل أن ــذه الق ــستوعبون ه يمتحررين مـن االنـتامءات اللغويـة والقوميـة

. ةوالثقافية والدينية وحتى اجلغرافيويف إطار الكوننة املسيطرة عىل العـامل أمجـع، غدت الرشكات املتنافـسة اآلن عـىل الـسوق ال تبيع املنتجات بل تبيع وتروج الرموز، بحيـث مل تعد املنافسة قائمة عىل أسـاس نوعيـة البـضاعة ومتانتها ومجاهلا وجدهتا، بـل أصـبحت املـسألة

الكـرة فيام يتعلق باحلرب التجارية عىل مـستوىاألرضية مرتبطـة بالـصورة واالنـتامء الرمـزي،

وال سيام الشباب يف العـامل - فقد أصبح األفراد يقتنون األحذية األمريكيـة ويرتـادون - الثالث

مطاعم ماكدونالـد بغـض النظـر عـن الـسعر،

حيث يمنحهم هذا شعورا باالنتامء إىل الغـرب، ن وهم هبذا يعربون أمـام األقربـاء والغربـاء عـ

اندماجهم ومهيا ضمن مجاعة أو فئـة أرقـى مـن اء األفـراد فئات جمتمعـاهتم، وهكـذا يعـرب اقتنـ

هلويات تتفوق عـىل ومهي لسلع معينة عن انتامءالقيمة بحد ذاهتا، وهو مـا يفـرس رمزيـة إنفـاق املبالغ اخليالية عىل اإلعالن الـذي هيـدف لـيس فقــط إىل التنــافس عــىل الــسوق، بــل أيــضا إىل

تالعب بـالرموز وتوظيـف األوهـام واخليـال الواإلغـراء باالسـتهالك بـام يمحـو التمييـز بــني

. الصورة والواقعومن ثم تتأسس الثقافة االستهالكية عـىل

والرمـوز Signsاإلنتاج املـستمر للعالمـات Symbols حيث تتسم الثقافة االسـتهالكية ،

بأهنا ثقافـة رمزيـة، فاملـستهلكون عـىل وعـي أهنم يتحـــدثون مـــن خـــالل مظهـــرهم بـــ

ومالبسهم والـسلع واملامرسـات التـي حتـيط هبم، وينسحب ذلك عـىل الـسلوك يف املنـزل مثلام ينسحب عىل السلوك يف األماكن العامة، كــسلوكنا يف األســواق واملطــارات وحمطــات ــراغ، ــت الف ــضاء وق ــاكن ق ــارات وأم القطفالثقافة االسـتهالكية ختلـق مـن الرمـوز مـا

نا نفهم ذواتنا وذوات اآلخرين عىل نحـو جيعلمعني، كام متتـد رمزيـة ثقافـة االسـتهالك إىل ذلـك اجلانـب التـذوقي واجلـاميل يف الثقافـة، حيـث ختتلــف الرمــوز واملعــاين والعالمــات

Page 25: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٣

املرتبطة بالسلع باختالف األفراد واجلامعـات يف املجتمع ويتحوالن إىل نضال مستمر حول

دف خلـق معـان جمموعة مـن الرمـوز تـسته .معينة وتثبيتها يف األذهان

يف هذا الصدد "جان بودريارد"وقد أشار إىل تلك احلقيقـة مؤكـدا عـىل أن االسـتهالك اآلن أصبح يتمركـز حـول صـناعة الرمـوز، حيث تنتج سلعا تتحول من دالالهتـا املاديـة إىل دالالت رمزية معنوية، مما يؤدي إىل تغيـري

ديمة، فتتولد معان جديـدة ذات يف املعاين الق .دالالت رمزية يرتبط هبا املستهلكون

وتظهر الرمزية يف االنتامء أيضا فيام تتـسم ــابع ــفائها الط ــتهالكية بإض ــة االس ــه الثقاف باألسلويب عىل السلع، بحيـث يكـون للـسلعة تأثري أسلويب يعرب عن فردية أو تفرد مالكهـا،

ستهالكية عـن ذلـك وغالبا ما تعرب الثقافة االبربط السلع بشخصيات معينة أو بأنامط معينة ــاول ــدما حت ــك عن ــدث ذل ــصية، وحي للشخ

- وهى أهم قنوات نقل الثقافـة -اإلعالنات كنوع معني من العطـور (أن تربط سلعة معينة

بشخـصية ) أو أدوات التجميل أو قطعـة زيمشهورة يعرفها النـاس، أو عنـدما حتـاول أن

مط رجـل األعـامل النـاجح أو تربط السلع بنالــسيدة الراقيــة التــى يكــون منزهلــا وأثاثهــا ومالبسها وأسلوهبا يف قـضاء وقـت فراغهـا عاكسا ألسلوب حياة متميز، وهبذه الطريقـة

ال حتاول الثقافة االستهالكية أن ختلق املعـاين والصور يف أذهان الناس فحسب، بل حتـاول

و معني، وأن أيضا أن تنفذ هذه املعانى عىل نح متـايزات اجتامعيـة معينـة، - بـذلك -تدعم

ــذه ــه ه ــدعم في ــذى ت ــت ال ــا يف الوق ولكنهــة ــاس كاف ــدى الن ــق ل ــا ختل التاميــزات، فإهن

، الرغبــات اجلاحمــة يف التملــك والــرشاءوهو مـا يمكـن أن يفـرس لنـا رمزيـة التفـاف النــاس حــول ســلعة أو منــتج بعينــه حماكــاة

ــوز ــصيات والرم ــبعض الشخ ــة ل االجتامعياملهمة، حيث يـشعره ذلـك بـاالنتامء إلـيهم، وأنه أصبح مثلهم حتى وإن كان ذلك بـشكل

. رمزى وليس حقيقيا وهنا جتدر اإلشارة إىل أنه مل يعد االقتصاد وحــده هــو املــدخل احلقيقــي لفهــم ســلوك املـستهلك وزيـادة النزعــة االسـتهالكية بــني

التحليـل البرش يف عاملنا املعارص، وإنام أصبح سيكولوجى هو األقدر عـىل فهـم -السوسيو

شخصية املستهلك وشخصية السلعة، ويعنى أوهلام البعـد : ذلك رضورة الرتكيز عىل بعدين

الثقايف للعمليـة االقتـصادية والتجاريـة، أى عملية إضفاء معان رمزية عىل الـسلع املاديـة واستخدامها كوسائط للتواصل، وليس فقـط

ــة، و ــافع مادي ــركمن ــصاديات : اآلخ ــو اقت هــة ــسوق اخلاص ــسفة ال ــة وفل ــسلع الثقافي الـــاميل ـــرتاكم الرأس ـــب وال ـــداد والطل باإلم

Page 26: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٤

والتنافس االحتكـاري، وهـى فلـسفة فعالـة ومؤثرة يف جمال أنامط احلياة وأسلوب املعيـشة ــة يف ــرشائح االجتامعي ــات وال ــدى اجلامع ل

. خمتلف املجتمعات والثقافات

يوصف عاملنا املعارص بأنه عامل اسـتهالكي، إذ حتول االستهالك فيه إىل جزء متكامل من كل يشء، فكل جانب من جوانـب احليـاة لـه بعـده االستهالكي، كام خلق االستهالك ثقافته اخلاصة التى تقوم عليها مؤسسات متخصصة يف إنتاجها

ففي ظـل عوملـة اليـوم وحتـدياهتا .وتداوهلاالثقافية تزايـدت النزعـة االسـتهالكية بـصورة واضحة، وحتول االستهالك إىل سلوك مـريض،

حيـاة الـشعوب، كـام يف وإىل ظاهرة سلبية تؤثرحتول من عملية ترتبط باإلنتاج ومكملة إىل حالة تشبه اإلدمان، حيث تعرب عن ثقافة مفروضة عىل

افـة اختياريـة ختـضع ملعـايري مـن ثقالبرش بدال عقالنية من أجـل إعـادة اإلنتـاج واسـتمراريته

املجتمع، وأصبح الفـن االسـتهالكي، ملصلحةأي صناعة ثقافة االستهالك، هو اإلطار احلـاكم

. الخرتاق الشعوبسـلعنة "فاهلدف مـن العوملـة اليـوم هـو

وحتويل األفراد إىل مستهلكني للـسلع "العاملات التي تروج هلا عـىل نطـاق عـاملي، واخلدم

ويستند الرتاكم الرأساميل املعومل عـىل أسـاس

ــايت ــايل واملعلوم ــوجي امل ــار التكنول االحتكواخلدمي من قبل عدد قليـل مـن الـرشكات عابرة القوميـات، ومـن ثـم تتحـول الثقافـة االستهالكية يف ظـل اهليمنـة العامليـة إىل آليـة

ية وحتول اإلنـسان فعالة لتشويه البنى التقليدإىل مستهلك غري منتج، ينتظر ما جتود به مراكز العامل من سلع تتطور يومي�ا من أجل زيادة حدة

. االستهالك عىل املستوى العامليوتؤكد البحوث والدراسـات اإلعالميـة يف ــة ــرتويج لثقاف ــة ال ــىل أن عملي ــصدد ع هــذا الاالستهالك يف عرص العوملـة أصـبحت صـناعة

ية يف الدقة وغاية يف السهولة يف نفس الوقت، غاحيث تعتمد يف ذلك عـىل وسـائل تكنولوجيـة معقدة لتفتح املجال أمام التدفق احلـر للمعرفـة وحتويل إنتاج املعلومات إىل صناعة تنتج سـلعا، وتدعو إىل االنفتاح احلـر، وطـرح كـل مـا هـو

.سهل وبسيط ورسيع االنتشارع الفكـري للرأسـاملية ومن ثم فـإن املـرشو

العوملية يتلخص يف إقناع الناس بـأن يـستهلكوا أكثر من حاجاهتم البيولوجية الطبيعيـة، وذلـك ــة ــراكم رأس املــال بغاي ــة ت للمــسامهة يف عمليــة فكــر ــن ثقاف ــاص، حيــث تعل ــربح اخل الاالستهالك يف هذا حرفيا، أن معنى احلياة يوجد

اسـتهالكنا يف األشياء التي متلكها، وبذلك فـإن يعني أننا أحياء متاما، ولكـي نبقـى أحيـاء متامـا

. جيب أن نستهلك باستمرار

Page 27: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٥

وهكذا فقد أدت العوملة إىل صبغ الثقافـة ، فأصبح جمتمعنا بالطابع االستهالكيالعربية

العريب تستهويه الثقافة االسـتهالكية، لـذلك فهو حريص عىل أن تتحول حياته إىل رحلة ال

ها كتابا وال ورقة، بقدر ما حيرص عىل يأخذ فيتعبئة عقله ووجدانه بنزعة استهالكية مدمرة، كي يصبح جممل حديثه عن آخر مـا طـرح يف األسواق من اهلواتف النقالة والوسـيلة التـي متكنه من اقتناء سيارة حديثة وجهاز كمبيـوتر متطور، أو أنه يقيض معظم حياته وهـو يلعـن

ح له الفرصة يف أن يكون كائنا الفقر الذي مل يتاستهالكيا يقتني أحدث املاركات املعتمـدة يف عــــامل الــــساعات والعطــــور واملالبــــس

، وهو ما جيعلنا ندرك زيف احلرية اجلاهزةالرأساملية املالزمة للمجتمع املعارص، حيـث

اة لكنهـا حاجـات ملبـإنه دوما يكون هنـاك مفروضـة حاجات خملوقة من خارج اإلنسان

، "عليه، وهذه العمليـة تـدور بـدون توقـفهنـا أن توصـف بأوبالتاىل فمن غـري املنطقـى

فاحلريـة ،اشياء مفروضة سلف حرية اختيار أل ،املتاح للفرد اإلنسانية ال تقاس تبعا لالختيار

إنام العامل احلاسم الوحيد يف حتديدها هو ما ورء يستطيع الفرد اختياره وما خيتاره، فقدرة امل

عىل اختيار سادته بحرية ال تلغي حقيقة وجود .السادة ووجود العبيد

وقد اعترب البعض يف ظل طغيـان الثقافـة ــة أو ــة العاملي ــار اهليمن ــتهالكية، ويف إط االسالعوملة، أن الثقافة االسـتهالكية تعـد إحـدى

آليات اهليمنة املفروضة عىل الشعوب واألمـم ومتواصـل مـع التقليدية، وهو جمـال مكمـل

ــال ــاج وامل ــدويل اإلنت ــن ت ــرى م ــامط أخ أنــرصيف ــسات لت ــشكلت مؤس ــة، وت والتقنيمنتجاهتا وتوزيعها عامليا عـىل أوسـع نطـاق، وهنا لعبت الرشكات متعددة اجلنسيات دورا مؤثرا يف ذلك، واهتمت بإنتاج رمـوز وبنـود ثقافة استهالكية لتتكامـل مـع الـسلع املاديـة

ثم يف ضوء مثل هذه البيئـة ومن. املنتجةاملعوملة خيتفـي دور املـصمم أو املبـدع ليحـل حمله مروج السلعة وبائعها، تلك السلع التـي تنتجها الرشكات متعددة القوميات وفق نظام اإلنتاج عن بعـد، التـي تلعـب فيهـا وسـائل اإلعالم الدور املحوري يف تشكيل طموحات

.املستهلكني للثقافة املعوملةوهنا تصبح القدرة العلميـة والتكنولوجيـة واستخدامها بشكل جيد يف جمـاالت االتـصال ــة ــة للهيمن ــوة وآلي ــات ق ــالم واملعلوم واإلعوالتحكم، تعمل عىل تكوين رأي داخـيل ينقـاد ــــاملية ــــة للرأس ــــة البديل ــــطة الثقاف بواس

، وهلذا فقد قامت فلسفة التأثري االستهالكيةحمركـا دة مفهـوم املنافـسة يف املستهلك عىل سيا

للعوملة االستهالكية، فاملنافسة يف السوق حمورياالعاملي تتطلب التكيف مع ثقافـة هـذا الـسوق، تلك الثقافة القائمـة عـىل مبـدأ حريـة اإلعـالم

، حيـث يعمـل وأساليب الدعاية اإلعالنيةالنظام اإلعالمي يف عرص العوملة عـىل توظيـف

Page 28: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٦

تكنولوجية املعارصة وبخاصة كافة اإلمكانيات التكنولوجيــا االتــصال واملعلومــات يف إحــداث اخرتاق ثقايف من أجل ترويج ثقافة االسـتهالك ــات ــرشائح والفئ ــم ال ــشعوب وملعظ ــة ال لكافاالجتامعية خاصة يف العامل الثالث، والرتغيب يف اقتناء منتوجات السوق العاملية، ومـن ثـم فقـد

ملعـايري معرفيـة أصبحت عملية التأثري خاضعة ــالم ــائل اإلع ــك وس ــن يمتل ــا م ــتحكم فيه ي

.وتكنولوجيا االتصال مـا - عىل سبيل املثال- ويؤكد تلك احلقيقة

عكسه مـضمون اإلعـالم املـرصي منـذ حقبـة الــسبعينيات مــن ثقافــة اســتهالكية طفيليــة، إذ احتلت املادة اإلعالمية املستوردة مساحة كبـرية

، وركزت هذه املادة عىل من اإلرسال التليفزيوينــراء ــي اإلغ ــستوردة، الت ــضائع امل ــسلع والب بال

ــدة ــة جدي ــات اجتامعي اســتهدفت خلــق حاجوحتويل القيم إىل أشياء مادية سـلعية، وازدادت

سلوكية سلبية، وحتول أنامطاالتطلعات ونرشت ــه ــيطرت علي ــوين س ــرشوع ك ــالن إىل م اإلعــدمتها ــسيات، ويف مق ــددة اجلن ــرشكات متع ال

مريكا، كـام حتـول إىل دعايـة للقـوة الرأسـاملية أالعاملية، وأداة فعالة خللق أسواق جديدة، وبالتايل

.إفساح املجال أمام نمط االستهالك الرتيفوبــصفة عامــة، يتــضح ممــا ســبق كيــف ــيلة ــة ووس ــلعة متداول ــة س ــبحت الثقاف أصإعالنية متحكمة يف تسويق ما ينـتج، وكيـف

ثقافة مفروضة وغازية أو حتول االستهالك إىلمــصنعة مــن أجــل الرتغيــب والتــشويق ــاة ــامط احلي ــريت أن ــف تغ ــسويق، وكي والتــت يف ــلوكيات متثل ــات وس ــرت ممارس وظه

ــة" ــلع "اهلرول ــو س ــه نح ــالغ في ــشكل مب باستهالكية دون احلاجة إليهـا، وتزايـدت مـع صناعة الثقافة وقنواهتـا املوجهـة نحـو سـلع

ا، فـزادت النزعـة استهالكية دون احلاجة إليهاالستهالكية لدى معظـم الـرشائح والفئـات والطبقات االجتامعية يف املجتمعـات الغربيـة

. الصناعية واملجتمعات النامية عىل السواءوهبذا فقد أصبح االسـتهالك عبـارة عـن أسلوب حياة، حيث يتضمن الرموز واملعـاين ــور ــل ص ــتهالك، ويف ظ ــن االس ــربة ع املع

ــتهالك ا ــن االس ــة يمك ــتها العومل ــي فرض لتــناع أو ــد ص ــث يوج ــة، حي ــناعة الثقاف صحمرتفون من أصحاب اإلنتـاج واإلعالنيـني، الــذين هيــدفون إىل تغليــف املعنــى وتكــوين ــا ــالل م ــن خ ــاولون م ــذين حي ــدف، وال اهليطرحونه تغيري املفـاهيم والـسلوك، وغـرس رموز ومعان جديـدة، والعمـل عـىل تـوارى

القديمــة مــن أجــل بعــض الرمــوز واملعــاينإفساح املجال للرموز واملعاين املرتبطـة بتلـك املنــشآت، لتــدخل يف نــسيج الثقافــة ونــسج ممارسات ترتبط هبا لتدخل يف نـسيج الثقافـة التقليدية، أو تعيد صـياغتها أو إنتـاج بعـض

Page 29: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٧

رموزها من أجل إفساح جمال للرموز واملعاين للسلع املستوردة، واملنـشآت اجلديـدة، حتـى

صل إىل املتلقي وتـشكل وجدانـه، وتـصبح تجزءا مـن تكوينـه، وتتـشكل نوعيـة خاصـة باملنشآت اجلديدة تعمل عىل مزيد مـن هيمنـة املنشآت أي الرشكات العاملية لإلنتاج وبالتايل

. هيمنة العوملةومما سبق يف ضوء مـا طـرأ عـىل املنظومـة الثقافية من تغيريات وما أصاهبا مـن ضـعف

شاشة نتيجــة العوملــة بآلياهتــا ومنتجاهتــا وهــ، تطفو عىل الـسطح )صناعة الثقافة(املختلفة

قضية غاية يف األمهية واخلطورة أال وهي قضية ففي ظل مـا متـر بـه املنطقـة ). األمن الثقايف(

العربية بصفة خاصة من زلزال ثقايف مل تـشهد من قبل، هناك من العرب من ينتفض له مثيال

وفـا عـىل الشخـصية أو اهلويـة أو غضبا أو خالثقافة العربية بوجه عام مـن أن تنـدثر حتـت وطأة اجتياح الثقافات األخرى هلا، وهـو مـا

. يمثل هتديدا قويا لألمن الثقايفرضورة ) العــريب(ويمثــل األمــن الثقــايف

األمـة (اسرتاتيجية ملحة لضامن بقـاء األمـم ين منـه الـوطن مستقلة قوية، وما يعا) العربية

العريب اآلن من أزمة أمن ثقايف، فإنه ناتج عن ما يتعرض له من هتديدات عديدة مـن قـوى متنوعة هتدف إىل عزله عن ثقافتـه األصـلية، وبث ثقافة مضادة تنتزعه من جذوره وتلقـي به عىل مفرتق الطـرق، إضـافة إىل ذلـك فـإن

البناء الثقايف يعاين الضعف والقصور يف كـل ه، األمر الـذي حييلنـا إىل أخطـر أنـواع جماالت

ــن ــة النامجــة ع ــة الثقافي ــة وهــي التبعي التبعياالستعامر الثقايف الـذي يغـري جلـده ويطـور ــا، ــر مكــرا وقــوة وفتك وســائله لتــصبح أكثونتيجة لذلك فقد اإلنسان العـريب االرتبـاط بأصوله التي كان مشدودا إليها دوما، وصـار

الغربـة يف وطنـه يسبح يف فراغ حتـى أحـس بوبني أهله، مفتقدا ملربراتـه التـي كـان يـستند

. إليها من تراث عريب عريقوعىل الرغم من أن األمن الثقايف يعد أحد جوانب األمـن القـومي الـذي يـشمل أيـضا ــسيايس ــسكري وال ــي والع ــن االجتامع األمواالقتصادي، إال أنه ـ األمن الثقـايف ـ يمثـل

ــل أهــم جوانــب األمــن ــه يمث القــومي؛ ألناحلفــاظ عــىل الذاتيــة اهلويــة يف مواجهــة حماوالت االحتواء واهليمنـة عـىل الشخـصية القوميــة، وال شــك أن الــدفاع عــن الوجــود

. يكون قبل الدفاع عن احلدودوهناك العديد مـن األمثلـة التـي توضـح األزمة التي يمر هبا األمن الثقايف يف جمتمعاتنا،

يل املثال ال احلرص النظام اجلديـد منها عىل سبلإلعالم واالتصال القـومي والـدويل، الـذي أصبح يفيض بموضوعات سـطحية ال تنمـي ـــشكالت ـــضايا وامل ـــومي بالق ـــوعي الق الاملطروحة، هذا من جانب، ومن جانـب آخـر انعكاســات النظــام الفــضائي الــدويل الــذي

Page 30: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٨

تتحكم يف توجهـه القـوى والـدول الكـربى ضخمة متعددة اجلنـسيات وبواسطة رشكات

وآثاره السلبية، التي قد هتـدد األمـن الثقـايف واإلعالمي والفكري داخل احلـدود الوطنيـة لعدة أسباب، أمههـا تفـيش األميـة وتزايـدها ــي ــصحي والتعليم ــستوى ال ــاض امل وانخفـــة، ـــة والثقافي ـــة التعليمي واملعيـــيش واألميوالفوارق اهلائلة التـي تتنـامى بـني الطبقـات

جتامعية، هذا باإلضافة إىل التبعية الثقافيـة االوالتكنولوجية للغرب، وهو ما يعني اخلضوع ــم ــه مــؤمتر األم ــف الــذي قدم ــا للتعري وفق

.املتحدة للتجارة والتنميةواملثال اآلخر عىل أزمة األمـن الثقـايف يف جمتمعاتنا يظهر يف ما يمثله االخـرتاق الثقـايف

القيم ونظام إنتاج من خطورة يف تعرضه لنسق الرموز يف املجتمـع العـريب، حيـث ضـعفت مؤسسات االجتامع والثقافة التقليديـة، ومهـا األرسة واملدرسة، حيث إهنام مل تعودا قادرتني

عىل محاية األمن - وفق صيغ أدائهام احلالية -الثقايف للمجتمع، واإليفاء بحاجات أفراده من

يـات التــي القـيم والرمـوز واملعــايري واملرجعــا ــدود اجلغرافي ــارج ح ــصاغ خ ــبحت ت أصواالجتامع والثقافة الوطنية، وهـذا مـا رتـب ــايف ــن الثق ــس األم ــافية مت ــتحقاقات إض اسومكونــات اهلويــة، وال تــستطيع املؤســسات الرتبوية والتعليمية واإلعالمية مواجهتها ما مل

تتخل عن نظم عملها العنيفـة، وتتحـرر مـن إلنتاج الرمـزي ألهنـا مل الذهنية الرقابية عىل ا

تعد جمدية من جهة، وألهنا عاجزة عن إشباع حاجـات النـاس الثقافيـة واجلامليـة املتزايـدة

. والقادرة عىل املنافسة والتميز وال دول -ولـسنا نحــن العــرب وحــدنا

مــن نخــاف -العـامل الثالــث املتخلفــة مثلنـا االخرتاق الثقايف، فقد أصـبح ظـاهرة عامليـة

تشكو منه الدول األوروبيـة املتقدمـة أيـضا، األمر الذي دفع أحد وزراء الثقافة األوروبيـة إىل املناداة بحرب مقدسة ضد هذه اإلمربيالية الفكريـة التـي تغـزو العقـول ومتتلـك أنـامط التفكــري وأســـاليب احليـــاة، ومنـــذ بدايـــة التسعينيات صدرت كتب عديـدة يف الـدول

وة الثقافـة األمريكيـة األوروبية حتذر من سطعىل ثقافات هذه الدول الوطنية، ففـي فرنـسا

هنــري " نجـد كتـاب - عـىل سـبيل املثــال -، وكتـاب "احلـرب الثقافيـة" بعنوان "جوبار

، "فرنــسا املــستعمرة" بعنــوان "جــاك تيبــو"وحيذر الكتابان من خمـاطر االخـرتاق الثقـايف لفرنسا والدول األوروبية األخـرى وهتديـده

. ها الثقافيةهلويتومن مظاهر ختوف الغـرب مـن االخـرتاق الثقايف أيضا تلك املعركة الثقافية التي دارت بني فرنـــسا ومـــن ورائهـــا غالبيـــة دول االحتـــاد األورويب، وبني الواليات املتحدة حول اتفاقيـة

Page 31: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٢٩

اجلات وخاصة ما يتعلق فيهـا باإلنتـاج الثقـايف ت أمريكـا وحقوق امللكية الفكرية، حيـنام أرص

عىل فتح الـسوق العـاملي وبـشكل مطلـق أمـام ــاج ــة خاصــة يف جمــال اإلنت الــصناعات الثقافي

، ...تالـسينامئي والتليفزيــوين والفيــديو كاســيوهو ما علق عليه وزير الثقافـة الفرنـيس آنـذاك

.بالغزو الثقايف األمريكي ألوروباوقد عقد يف هذا الصدد مؤمتر للخـرباء مـن

مــراقبني مــن عــدة مــنظامت دوليــة دولـة و١٨نظمته السكرتارية العامة لليونـسكو يف بـاريس ملناقشة القـضايا املتعلقـة بتـأثري العوملـة وحتريـر التجارة العاملية، وسـيادة قـوانني الـسوق احلـرة عىل كل من التجارة العاملية يف السلع واخلدمات الثقافية، وتطوير الـصناعات الثقافيـة بوصـفها

اسي�ا يف عرصنا من أركان حتقيق التنميـة ركنا أساملستدامة أو املتواصلة، وتأثري العوملة يف احلفـاظ عىل التعدد الثقايف أو التنوع احلضاري اخلـالق، سواء داخـل املجتمعـات أو الـدول فـيام بينهـا، ــة أو ــدة الزاهي ــة العدي ــات املحلي ــة للثقاف محاي

هيـدد الذي) الثقافية(املضمحلة من تيار العوملة البرشية بصبغها بصبغة ثقافيـة واحـدة وفـرض

من الوحـدة - سطحي بالرضورة - نوع قهري الثقافية احلضارية، ممـا يـؤدي حـتام إىل حرمـان ــة ــدة متنوع ــة عدي ــروات ثقافي ــن ث ــرشية م البوهائلة، وإىل حتويل كل أو معظـم مـا يمكـن أن تنتجه صناعات العامل الثقافية من ثروات ماديـة

رشكات الدوليـة متعـددة اجلنـسيات لصالح الـ

وقوميــة - ، ولكنهــا العــابرة للقوميــات شــكال . يف احلقيقة- متعصبة للغاية

وقد صك يف هـذا الـسياق بعـض املثقفـني ملواجهة "االستثناء الثقايف"الفرنسيني مصطلح

اتفاقيــة اجلــات، خاصــة فــيام يتعلــق باجلانــب يني الثقايف، حيث تنامى إحساس لـدى الفرنـس

بخطورة اهليمنة املتزايـدة التـي متارسـها الثقافـة ــتج ــتثناء املن ــدعوا إىل رضورة اس ــة، ف األمريكيــتح ــي تف ــة الت ــود االتفاقي ــق بن ــايف يف تطبي الثق

.األسواق للمنافسة احلرة يف كل يشء--------

� �عزمــي عاشــور، التحــديث، املوســـوعة -١

قـاهرة، السياسية للشباب، هنـضة مـرص، ال .٥٣، ص ٢٠٠٧

حلمي شعراوي، يف ثقافة التحرر الـوطني، -٢ .٢٢٧، ص ٢٠٠١مكتبة مدبويل، القاهرة،

ــول - ٣ ــناعة العق ــالم وص ــق، اإلع ــسمة البطري : نالتليفزيون نموذجا، املوسوعة السياسية للشباب،

. ٢٦، ص ٢٠٠٧هنضة مرص، القاهرة،

: حممد اجلوهري، الرتاث والتغـري االجتامعـي - ٤تقـارير بحـث الـرتاث : ار نظـري، يفنحو إط

والتغــري االجتامعــي، الكتــاب األول، اإلطــار النظري وقراءات تأسيسية، حممـد اجلـوهري،

، مطبوعــات مركــز )حمــرران(حــسن حنفــي البحـــوث والدراســـات االجتامعيـــة، كليـــة

. ١١٥، ص ٢٠٠٢اآلداب، جامعة القاهرة،

Page 32: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣٠

ــة -٥ ــة والعومل ــسدي، العومل ــسالم امل ــد ال عب .٣٢٦، ص ١٩٩٩ن، .، داملضادة

مظـاهر االهنيـار : عيل ليلة، ثقافـة الـشباب -٦ــة، يف ــات الفرعي ــشأة الثقاف ــات : ون دراس

مرصية يف علـم االجـتامع، مركـز البحـوث والدراســـات االجتامعيـــة، كليـــة اآلداب،

. ٢٨٤، ص ٢٠٠٢جامعة القاهرة،

سيد البحراوي، احلداثة التابعـة يف الثقافـة -٧ــة، ــسلة اهلوي ــاب األول، املــرصية، سل الكت

مرييـــت للنـــرش واملعلومـــات، القـــاهرة، . ١٣، ص ١٩٩٩

أيمن سليامن الـسعد، العوملـة وتـصورات -٨دراسـة يف حتليــل بعـض نــصوص : اهلويـة

اخلطابـــات العربيـــة املعـــارصة، رســـالة ماجـستري، قـسم العلـوم الـسياسية، كليــة ــسياسية، جامعــة ــصاد والعلــوم ال االقت

. ١، ص ٢٠١٠القاهرة، : جمدي حجازي، علم اجتامع األزمـةأمحد -٩

حتليـــل نقـــدي للنظريـــة االجتامعيـــة يف مرحلتي احلداثة وما بعد احلداثة، دار قبـاء للطباعــة والنــرش والتوزيــع، القــاهرة،

.٢٤٥، ص ١٩٩٨حممد عابد اجلابري، املسألة الثقافية يف الوطن -١٠

، قـضايا )٢٥(العريب، سلسلة الثقافة القومية ، مركـز دراسـات الوحـدة )١(الفكر العريب

.٤١، ص ١٩٩٩العربية، بريوت،

حوار : زهري توفيق، خطاب العلم والتقدم -١١ــراهيم بــدران، دار نقــدي مــع الــدكتور إب

. ١٢٠، ص ٢٠٠٦الرشوق، عامن، 12- See: Theodor Adorno, Max

Horkheimer Dialectic of

Enlightenment, Social Studies

Association, Inc, New York, 1944.

، ترمجـة املاركـسية الغربيـة، دوغالس كلنر -١٣كامل شياع، جملة الثقافة اجلديدة، العـددان

.٥، ص ٢٠٠٩ العراق، ،٣٣٠-٣٢٩

ــة -١٤ ــات النظري ــاوي، االجتاه ــد املك ــيل حمم عــة، يف ــة الثقاف ــة يف دراس ــوث يف : احلديث بح

د أمحد أبـو .األنثروبولوجيا العربية مهداة إىل أناهد صـالح، مطبوعـات مركـز : زيد، حترير

ــة ــة، كلي ــات االجتامعي ــوث والدراس البح .٣١١، ص ٢٠٠٢اآلداب، جامعة القاهرة،

15- Saladdin Said Ahmed, mass

mentality, culture industry, fascism,

kritke vol 2, n. 1,june, 2008, p.80.

.٣١١املرجع السابق، ص -١٦ـارص، - ١٧ معن خليل العمر، معجم علم االجتامع املع

.١٧٨، ص ٢٠٠١دار الرشوق، عامن، 18- Theodor Adorno and Max

Horkneimer, The Culture Industry:

Enlightenment as Mass Deception,

Page 33: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣١

New York: Continuum,1993, p.p.2-

3. Originally published as Dialektik

der Aufklarung, 1944.

19- Brian Grant, The Com modification

Of Culture and Its Implications for the

Television Industry: An Examination

of the Culture Industry Thesis, http:

//barneygrant.tripod.com/

cultureindustry.htm,4-1-2011.

20- See: Meenalshi Gigi Durhm and

Douglasm, Media and Culture

Studies, Black Well Publishing

LTd,2006.

.٢٥٠حلمي شعراوي، مرجع سابق، ص -٢١ماهر الضبع، العوملة وقضايا اهلويـة الثقافيـة، -٢٢

ــاب األول، امل ــة، الكت ــىل للثقاف ــس األع جل .١٣٧- ١٣٦، ص ص ٢٠٠٦القاهرة،

. ١٣٨-١٣٧املرجع السابق، ص ص -٢٣

ــة، يف -٢٤ ــة واهلوي ــوهري، العومل ــد اجل : حممتقارير بحث الرتاث والتغـري االجتامعـي،

اإلطار النظـري وقـراءات : الكتاب األولتأسيسية، حممد اجلـوهري، حـسن حنفـي

ــرران( ــوث )حم ــز البح ــات مرك ، مطبوعــة اآلداب، والدرا ــة، كلي ــات االجتامعي س

. ٣٧١، ص ٢٠٠٢جامعة القاهرة،

. ١٥٤ماهر الضبع، مرجع سابق، ص -٢٥

هانس بيرت مارتن، هارولـد شـومان، فـخ -٢٦ـــة : العوملـــة االعتـــداء عـــىل الديمقراطي

عــدنان عبــاس عــيل، : والرفاهيــة، ترمجــة، املجلـس ٢٣٨سلسلة عامل املعرفة، العدد

اآلداب، الـــوطني للثقافـــة والعلـــوم و . ٢٠، ص ٢٠٠٢الكويت،

شوقي جالل، الفكر العريب وسوسيولوجيا -٢٧، ٢٠٠٢الفشل، مكتبة مـدبويل، القـاهرة،

. ١٢٧ص

.٩٦أيمن سليامن السعد، مرجع سابق، ص -٢٨ .٥٢ماهر الضبع، مرجع سابق، ص -٢٩

آمــال عبــد احلميــد، العوملــة والثقافــة -٣٠ــتهالكية ــات، يف: االس ــكال واآللي : األش

االستهالكي ومـستقبل الثقافـة يف املجتمعمرص، أعامل الندوة السنوية الثامنـة لقـسم االجتامع بكلية اآلداب، جامعـة القـاهرة، مطبوعــات مركــز البحــوث والدراســات االجتامعية، كلية اآلداب، جامعة القـاهرة،

. ١٤٢-١٤١، ص ص ٢٠٠١

بشري عبـد الفتـاح، اخلـصوصية الثقافيـة، -٣١، هنـضة )٢٠(لـشباب املوسوعة الثقافيـة ل

. ٦٣، ص ٢٠٠٧مرص، القاهرة،

أمحد جمدي حجـازي، مرجـع سـابق، ص -٣٢ . ٢٤٢-٢٤١ص

أمحــد جمــدي حجــازي، اخلطــاب الثقــايف -٣٣ن، .اإلشــكاالت والتحــديات، د: للعوملـة .١٥، ص ٢٠٠٩

Page 34: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣٢

. ١٠٠أيمن سليامن السعد، مرجع سابق، ص -٣٤

ــع ســابق، -٣٥ ــابري، مرج ــد اجل ــد عاب حمم . ١٨٢ص

ــورة -٣٦ ــة املقه ــب، الثقاف ــعيد طال ــد س حمموالثقافة املنترصة، الدار الوطنيـة اجلديـدة،

. ٧، ص ٢٠٠٠دمشق،

. ١٥٢ماهر الضبع، مرجع سابق، ص -٣٧

.٨٣أيمن سليامن السعد، مرجع سابق، ص -٣٨

اسرتاتيجية : سيار اجلميل، العوملة واملستقبل -٣٩تفكري من أجل العرب واملسلمني يف القرن

ـــ ـــرش احل ـــة للن ـــرشين، األهلي ادي والع . ٤٩، ص ٢٠٠٠والتوزيع، عامن،

شـجون : حممد عيل حوات، العرب والعوملة -٤٠احلارض وغموض املستقبل، مكتبة مدبويل،

.١٧٥، ص ٢٠٠٢القاهرة،

أمحــد جمــدي حجــازي، اخلطــاب الثقــايف -٤١ . ٣٥للعوملة، مرجع سابق، ص

م فتحــي عبــد الفتــاح، صــناعة الغــد بــني العلــ - ٤٢واخلرافة، سلسلة األعامل اخلاصة، اهليئة املرصية

. ٣٤، ص ٢٠٠١العامة للكتاب، القاهرة، . ٢٩٠عىل ليلة، مرجع سابق، ص -٤٣

أمحــد جمــدي حجــازي، اخلطــاب الثقــايف -٤٤ .٣٥للعوملة، مرجع سابق، ص

.٤١السيد يسني، مرجع سابق، ص -٤٥

ـــة وعـــرص ، نبيـــل عـــيل -٤٦ الثقافـــة العربيملستقبل اخلطاب الثقـايف املعلومات، رؤية

العـريب، سلــسلة عــامل املعرفــة، الكويــت، ٣٥٦ص ، ٢٠٠١، يناير ٢٦٥العدد

والتقانـة، والعوملة ، الثقافةعبد الغني عامد -٤٧ :متاح عىل املوقع اإللكرتوين اآليت

www.tourathtripoli.com/.../diras

set_fi.../al3awlama%20w%20als

sakafa.pdf

.٥٥جع سابق، صنسمة البطريق، مر -٤٨ .٧٧املرجع السابق، ص -٤٩من : شوقي جالل، العقل األمريكي يفكر -٥٠

احلرية الفردية إىل مسخ الكائنـات، مكتبـة .٢٣١، ص ٢٠٠٠مدبويل، القاهرة،

.٢٣٨املرجع السابق، ص -٥١ .٢٢٨حممد سعيد طالب، مرجع سابق، ص - ٥٢ .٥٥- ٥٤ماهر الضبع، مرجع سابق، ص ص - ٥٣ .٢٩٣- ٢٩٢عىل ليلة، مرجع سابق، ص ص - ٥٤ .٢٨٣املرجع السابق، ص -٥٥ . ١٢٤زهري توفيق، مرجع سابق، ص -٥٦حممـود حممـود النيجــريي، األمـن الثقــايف -٥٧

التحديات وآفاق املستقبل، املركـز : العريبــدريب، ــة والت ــات األمني ــريب للدراس الع

.١٨، ص ١٩٩١الرياض، حممد اجلوهري، العوملـة واهلويـة، مرجـع -٥٨

. ٣٧٣سابق، ص

Page 35: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣٣

علم اجتامع األزمـة، أمحد جمدي حجازي، -٥٩ .١٥٦مرجع سابق، ص

نـشأهتا : فيل سيلرت، مدرسـة فرانكفـورت -٦٠وجهــة نظــر ماركــسية، ترمجــة : ومغزاهــا

خليـل كلفـت، املجلـس األعـىل للثقافـة، .١٣، ص ٢٠٠٠القاهرة،

أمحد جمدي حجازي، علم اجتامع األزمـة، -٦١ .١٥٨مرجع سابق، ص

. ١٦٢-١٦١املرجع السابق، ص ص -٦٢ .١٦٦مرجع سابق، ص فيلر سيلرت، -٦٣أمحد جمدي حجازي، ثقافة االستهالك والتنمية - ٦٤

االجتامعية، أعامل الندوة السنوية الثامنة لقسم املجتمـع االسـتهالكي ومـستقبل : االجتامع

التنمية يف مرص، حترير أمحد جمدي حجـازي، ــات ــوث والدراس ــز البح ــات مرك مطبوعاالجتامعية، كليـة اآلداب، جامعـة القـاهرة،

.١٢٥- ١٢٤، ص ص ٢٠٠١ . ١٠٤معن خليل عمر، مرجع سابق، ص -٦٥

66- See: Berstein, J. M., Introduction to

The Culture Industry: Selected

Essays on Mass Culture, Routledge,

London, 2001, p.p. 2-4..

.١٦٨فيلر سيلرت، مرجع سابق، ص -٦٧ــد، عــرص الــصورة -٦٨ ــاكر عبــد احلمي : ش

ت، سلــسلة عــامل الــسلبيات واإلجيابيــاــدد ــة، الع ــوطني ٣١١املعرف ــس ال ، املجل

ـــت، ـــون واآلداب، الكوي للثقافـــة والفن .٤٢٦، ص ٢٠٠٥

مدرســـة : النظريـــة النقديـــة، آالن هـــاو - ٦٩لسلة آفـاق ، سثائر ديب: ترمجة،نكفورتافر

.٢٠٠٦، دمشق، إصدار وزارة الثقافة،ثقافية

احلداثة والتقاليد املبتدعة أسامء أمحد فريد، -٧٠ــات والتغــري وإعــادة رؤيــ: ة لقــضايا الثب

، ١٣، جملــة التــسامح، العــدد التــشكلمؤسسة عامن للـصحافة، وزارة األوقـاف

.٣٦، ص ٢٠٠٦والشئون الدينية، عامن،

ـــناعة -٧١ ـــو وص ـــدري، أدورن ـــراهيم احلي إب :املوسيقى، متاح عىل املوقع اإللكرتوين اآليت

http://ibrahimalhaidari.wordpres

s.com/author/ibrahimalhaidari,4

-1-2011. .٣٦أسامء أمحد فريد، مرجع سابق، ص -٧٢ .٣٦املرجع السابق، -٧٣

.٣٧املرجع السابق، ص -٧٤

.٢٨٧معن خليل العمر، مرجع سابق، ص - ٧٥

عامر عكاش، قراءة يف كتـاب اإلنـسان ذو -٧٦من القمـع :البعد الواحد هلربرت ماركيوز

السافر إىل اهليمنة، احلوار املتـدمن، العـدد .٢٠٠٧-١٠-٨بتاريخ ٢٠٦٢

عواطف عبد الـرمحن، : راجع يف هذا الصدد -٧٧ــصال ــوث االت ــة ىف بح ــة النقدي دار ،النظري

. ٢٠٠٢الفكر العربى، القاهرة،

Page 36: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣٤

78- See: Deborah Cook, The Culture

Industry Revisited: Theodor W.

Adorno on Mass Culture,

Copyright by Rowman,Inc, 1996.

مخيس، النظريـة هاين: الصددراجع يف هذا -٧٩دراسة حتليلية : زمة علم االجتامعأالنقدية و

ــالة ــورت، رس ــة فرانكف ــات مدرس لكتابماجستري غري منشورة، قسم االجتامع، كلية

.٢٠٠٢سكندرية، اإلاآلداب، جامعة

.٦-٥، مرجع سابق، ص دوغالس كلنر -٨٠

.١٦٧فيلر سليرت، مرجع سابق، ص -٨١82- See: Horkheimer, Max, and Theodor

Adorno, Dialectic of Enlightenment:

Philosophical Fragments, trans. by

Edmund Jephcott, Stanford, California:

Stanford University Press, 2002.

ــد، -٨٣ ــكر عبــد احلمي مرجــع ســابق، ش . ٤٢٨ ص

ـئلة - ٨٤ ــة وأسـ ــة الثقاف ـارنيي، عومل ــري فـ ـان بي جـليـل األزدي، الـدار عبد اجل: الديمقراطية، ترمجة

. ٢٢، ص ٢٠٠٣املرصية اللبنانية، القاهرة، .١١، مرجع سابق، ص عبد الغني عامد -٨٥ـــة -٨٦ ـــساي، الرتبي ـــد اهللا بريت ـــارتني عب م

ــت ــة جورجي ــايف، ترمج ــداخل الثق والتاحلــداد، عويــدات للنــرش والطباعــة،

.٦-٥، ص ص ٢٠٠٣بريوت،

حممد سـعيد طالـب، مرجـع سـابق، ص -٨٧ .٢٢٧-٢٢٦ص

د جمدي حجازي، ثقافـة االسـتهالك، أمح -٨٨ .١١٥مرجع سابق، ص

أمحد جمـدي حجـازي، اخلطـاب الثقـايف -٨٩ .١١٥للعوملة، مرجع سابق، ص

: عيل حممد رحومة، علـم االجـتامع اآليل -٩٠مقاربة يف علم االجتامع العريب واالتصال ــة، عــرب احلاســوب، سلــسلة عــامل املعرف

، املجلــس الــوطني للثقافــة ٣٤٧العــدد ، ٢٠٠٨نـــون واآلداب، الكويـــت، والف

.١٣١-١٢٩ص ص معن خليل العمر، التغري االجتامعي، دار -٩١

، ٢٠٠٤الرشوق للنرش والتوزيع، عـامن، .٢٧٦ص

.٢٩٨عيل ليلة، مرجع سابق، ص -٩٢ .٣، مرجع سابق، ص عامر عكاش -٩٣

ـتهالك األغنيـة يف - ٩٤ عيل عفيفي، تغري أنـامط اسية مرص واستهالك الوعي، أعامل الندوة الـسنو

ـتهالكي : الثامنة لقسم االجتامع املجتمـع االسومستقبل التنمية يف مرص، حتريـر أمحـد جمـدي ـــوث ـــز البح ـــات مرك ـــازي، مطبوع حجوالدراسات االجتامعية، كلية اآلداب، جامعـة

.١١٢، ص ٢٠٠١القاهرة،

.١١شاكر عبد احلميد، مرجع سابق، ص -٩٥ .٣٦٠املرجع السابق، ص -٩٦

Page 37: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣٥

: ء كانت الثقافـةعبد اإلله بلقزيز، يف البد -٩٧نحو وعي عريب متجدد باملسألة الثقافيـة،

. ١٢١، ص ١٩٩٨دار أفريقيا الرشق،

.٣٠٠عيل ليلة، مرجع سابق، ص -٩٨

شاكر عبد احلميد، مرجع سابق، ص ص -٩٩٤٣٠-٤٢٩.

.٣٦ املرجع السابق، ص -١٠٠101- See: Adorno, Theodor W., “Art,

Autonomy and Mass Culture,” in

Art in Modern Culture: An

Anthology of Critical Texts, ed.

by Francis Frascina and Jonathan

Harris, New York: Icon Editions,

1992, p.p 74-78.

.٢٩٩عيل ليلة، مرجع سابق، ص -١٠٢ . ٢عبد الغني عامد، مرجع سابق، ص -١٠٣ــة -١٠٤ ــتامع ودراس ــم االج ــد، عل ــد زاي أمح

ت، .املجتمع، مكتبـة النـرص، القـاهرة، د .١٨٨ص

.١١٣ آمال عبد احلميد، مرجع سابق، ص - ١٠٥ .١٨٧- ١٨٦ أمحد زايد، مرجع سابق، ص ص - ١٠٦

أمحد جمدى حجازى، ثقافـة االسـتهالك -١٠٧والتنمية االجتامعية، مرجـع سـابق، ص

. ١٣٠ -١٢٩ص آمــال عبــد احلميــد، االســتهالك والثقافــة -١٠٨

دراســة ميدانيــة بمجتمــع حمــيل : التقليديــة

رتاث والتغـري حرضي، يف تقارير بحـث الـاإلطار النظري : االجتامعي، الكتاب األول

وقراءات تأسيسية، حممد اجلوهري، حـسن مركز البحوث والدراسات ) حمرران(حنفي

االجتامعية، كلية االداب، جامعـة القـاهرة، . ٣٤٥، ص ٢٠٠٢

أمحد جمدي حجازي، ثقافة االسـتهالك، -١٠٩ .١١٧-١١٦مرجع سابق، ص ص

ــد -١١٠ ــد احلمي ــال عب ــة آم ــة والثقاف ، العوملاالســتهالكية، مرجــع ســابق، ص ص

١٣٢-١٣١.

ــة االســتهالك - ١١١ ــازي، ثقاف ــدي حج ــد جم أمح .١٢٢والتنمية االجتامعية، مرجع سابق، ص

تيمونز روبـريتس، أيمـي هايـت، مـن . ج -١١٢رؤى ووجهات نظـر يف : احلداثة إىل العوملة

قضية التطـور والتغـري االجتامعـي، اجلـزء ر الشيشكيل، سلسلة عـامل سم: الثاين، ترمجة

ــدد ــة، الع ــوطني ٣١٠املعرف ــس ال ، املجلـــت، ـــون واآلداب، الكوي ـــة والفن للثقاف

.٢٤٠- ٢٣٩، ص ص ٢٠٠٤

حممد صايل نرصهللا الزيود، تأثري العوملة -١١٣عىل الثقافة العربية، كلية العلوم الرتبوية،

. ٤، ص ٢٠٠٧اجلامعة األردنية، عامن،

.٣، مرجع سابق، ص عامر عكاش -١١٤

ــة -١١٥ ــة والثقاف ــد، العومل ــد احلمي ــال عب آم . ١٣٤االستهالكية، مرجع سابق، ص

Page 38: scholar.cu.edu.eg ١٠٣ ﻚــﻟذ ﺔــﻌﻴﺒﻃ ﲑــﺒﻛ ﺪــﺣ ﱃإ دﺪــﲢ ﺎــﻣ ﻲــﻫو تﺎــﺠﺘﻨﳌا ﻚــﻠﺗ نأ فوﺮــﻌﳌاو

١٣٦

أمحد جمدي حجـازي، اخلطـاب الثقـايف -١١٦ . ٢٣للعوملة، مرجع سابق، ص

.٩٨ نسمة البطريق، مرجع سابق، ص -١١٧

أمحــد جمــدي حجــازي، ثقافــة االســتهالك - ١١٨ .١٢٢والتنمية االجتامعية، مرجع سابق، ص

طـاب الثقـايف أمحد جمدي حجـازي، اخل -١١٩ .٢٢١للعوملة، مرجع سابق، ص

آمال عبد احلميـد، االسـتهالك والثقافـة -١٢٠ .٣٥٢التقليدية، مرجع سابق، ص

أمحد جمـدي حجـازي، اخلطـاب الثقـايف -١٢١ .٢٠٧للعوملة، مرجع سابق، ص

ــة -١٢٢ ــة والثقاف ــد، العومل ــد احلمي ــال عب آم .١٧١االستهالكية، مرجع سابق، ص

بية، دار غريـب نبيل راتب، الغيبوبة العر -١٢٣ـــاهرة، ـــرش، الق ـــة والن ، ٢٠٠٧للطباع

.١٨٢-١٨١ص ص

حممود حممود النيجريي، مرجـع سـابق، -١٢٤ .١٢-١١ص ص

.١٥ املرجع السابق، ص -١٢٥

.٣٧ نسمة البطريق، مرجع سابق، ص -١٢٦

.٧- ٦ عبد الغني عامد، مرجع سابق، ص ص - ١٢٧

.١٧٦ حممد عيل حوات، مرجع سابق، ص -١٢٨

.٣٥، مرجع سابق، ص فتحي عبد الفتاح -١٢٩

سامي خـشبة، حـوار الثقافـات، اهليئـة -١٣٠املـــرصية العامـــة للكتـــاب، القـــاهرة،

. ٣٧-٣٦، ص ص ٢٠٠٢

.٥٦ ماهر الضبع، مرجع سابق، ص -١٣١* * * *