ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش...

غزةؤون �لـمر�أةشـــ� مركـــز �Women’s Affairs Center - Gaza 2013 - غزة مواجهة لنساء اص قص منتارة وعة 2012 - نو قطاع غزة عائي العدوان ا

Upload: others

Post on 21-Feb-2020

1 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة

Women’s Affairs Center - Gaza

غزة - 2013

مواجهة يف النساء قصص من خمتارة مجموعة العدوان اإلرسائييل عىل قطاع غزة يف نومفرب - 2012

Page 2: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة

Women’s Affairs Center - Gaza

�ص ب : 1281 فل�سطني - غزة

الرمال - �سارع خليل الوزير - عمارة ال�سعيد.

هاتف:2877311 8 972+ - 2877312 8 972+

فاك�س: 2877313 8 972+

[email protected] - [email protected] :بريد الكرتوين

الإ�رشاف العام:

آمال صيام

متابعة وتن�سيق:

مسر الدرمييلرمي البحييص

فريق العمل ال�سحفي:

حنان أبو دغميسلوى جحاج

حماسن أرصفمرفت أبو جامع

مرفت عوفجنوى مشعون

هدية الغوليامسني ساق اهلل

تدقيق لغوي:

دمحم السويريك

ترجمة:

رنا عبد اهللإيناس محدان

�سور فوتوغرافية:

مسر أبو العوفرشيف رسحان

دمحم البابادمحم الزعنون

واكالت انباء

ت�سميم واإخراج

رشيف رسحان

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة2

Page 3: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

مقدمة

“ن�ساء يف مواجهة الحتالل”“ن�ساء يف نقول: ما فغالبا العامل، هذا ن�ساء من فئة حمددة مي�س نوعه، من فريدا يبدو عنوان

اأما “ن�ساء يف مواجهة مواجهة الفقر”.. “ن�ساء يف مواجهة الظلم”.. “ن�ساء يف مواجهة العنف”

االحتالل”..! فهو عنوان خم�س�س للفل�سطينيات وحدهن، باعتبارهن الوحيدات اللواتي الزلن يع�سن

حتت االحتالل.

االأ�سلحة واملعدات باأعتى فيها دك القطاع امل�ستمر على قطاع غزة، مت العدوان اأيام من ثمانية

الع�سكرية، خيث خلفت تلك االأيام وراءها اآالف الق�س�س واملاآ�سي التي روتها الن�ساء، ورواها الرجال

وال�سيوخ وحتى االأطفال، فيما روى تلك املاآ�سي تراب االأر�س وحجارة الطريق بطريقة �سامتة عجز

العامل عن اأن ي�سمعها..!

هذه الروايات يجمع بينها �سيء واحد على اختالف راويها واأماكن وقوعها، اأنها جميعا تعك�س الوجه

القبيح لالحتالل، وكما عرفناه؛ فاإن لالحتالل األف وجه ووجه.. كلها قبيح..!

اإن هذا الكتيب ما هو اإال حماولة متوا�سعة من “مركز �سوؤون املراأة- غزة” لتوثيق بع�س من ق�س�س

الن�ساء وجتاربهن اأثناء عدوان 2012، ويحكي اآيات ال�سمود على تراب هذا الوطن العزيز يف مواجهة

احتالل عرف بوجهه الالاإن�ساين، وقد جاءت هذه املحاولة من اأجل تر�سيخ ذاكرة االأجيال وحت�سينها

�سد الن�سيان، كذلك جاءت من اأجل اأن تكون مرجعا للباحثني/ات عن احلقيقة يف كل زمان ومكان.

للجميع؛ من ذوي ال�سمائر احلية، نقدم هذا العمل، من اأجل االطالع والتعرف على حقيقة ما اقرتفه

اأيام العدوان الثمانية، حيث �ستبقى هذه الق�س�س �ساهدة على االحتالل من جرائم حرب خالل

جرائم ارتكبت �سد اإن�سانية االإن�سان.

ريد به اأن يكون �ساهدا على ما دفعه ال�سعب الفل�سطيني من و�سيخلد الزمان هذا اجلهد؛ الذي اأ

معاناة م�ستمرة لن تنتهي اإال باإنهاء االحتالل.

�آمال �صيام

مديرة مركز �سوؤون املراأة- غزة

3

Page 4: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

ما إن تغيب مشس الهنار مصطحبة معها آخر شعاع يدفئ هنار ساكن قطاع غزة؛ حىت يسدل الليل ثوب اخلوف والرعب ووحشة

األصوات.الدوران عن تقف ال اليت املروحيات وأزيز االنفجارات أصوات املناطق تطلق يف اليت االرجتاجية والقنابل القطاع، يف مساء الزراعية والساكنية؛ فتنخلع معها قلوب الناس، فهي لوسر املوت

الذي ميكن أن يصل يف أي وقت.“رهيام الباز” )28عاما( إمرأة متعملة عاملة، حتب احلياة وألواهنا امجليلة، تبتسم دامئا، رمغ ما خربت يف حياهتا، تقول: “ لدي ولدان وبنت أحهبام جدا وأشتاق إلهيام عند غيايب لساعات طويلة يف معيل كأخصائية أشعة يف مستشىف اهلالل االمحر الفلسطيين للعودة أسارع دوايم حىت ينهتي إن وما يونس، خان مبدينة

للبيت من أجلهم، فهم ما يزالون صغارا..”.ثاين( )ترشين نومفرب من عرش الرابع طبوله يف العدوان دق من العام 2012، وخمي عىل األجواء قلق اإلصابة، وشبح املوت، أطفاهلا عىل وخوفها “رهيام” هواجس ومنت البارود.. وراحئة وزوجها؛ خصوصا أن زوجها يعمل أيضا حكميا يف املستشىف

األورويب.

“..رمغ قسوة ظروف العدوان؛ إال أننا كنا نذهب تقول “رهيام”: إىل معلنا يوميا، وكنت أحاول أن أستجمع لك ما لدي من قوة ويف ومزنيل، العطاء يف معيل يف واالسمترار للثبات وإرادة وإصابات أوجاع من زويج يعاينه ما قسوة ختفيف حماولة مقطعة أو هشيدة والصوارخي القذائف محم قذفهتا وجثامني

األوصال إىل املستشىف حيث يعمل..”.تواجد خالل األمان من “رهيام” تعيهشا قصرية حلظات يه زوجها بالقرب مهنا وأبناهئا يف املزنل، لتبدأ معاناهتا عند مغادرة زوجها إىل معله اللييل ليومني متتاليني، فتحاول أن تململ خوفها، معهم فتشاهد أطفاهلا، مع احلرب عن بعيدة حياة وتصطنع

الرسوم املتحركة، أو أناشيد األطفال.“اكن الليل أصعب األوقات، فكنت أحاول تلطيف أجواء أطفايل من أصوات القصف والتفجري، بالهتليل والتكبري، وكأهنا أصوات

احتفاالت؛ يك ال يعانوا اخلوف يف معرمه الصغري هذا..”.قلهبا لكن آثارها.. جتاوز يف “رهيام” وحجنت احلرب انهتت يظل خيفق بشدة خوفا من عدوان جديد قد ال جتدي معه حيلها يف مطأنة أطفاهلا، أو رمبا أفقدهتا أحدمه، وهو ما ال تقوى عىل

مواجهته.

“ريهام”.. وعدوان األيام الثمانية

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة4

Page 5: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

هبذه “القصف يالحقنا من مزنل إىل آخر..لك حرب لنا فهيا حاكية جديدة مع الترشد..” حاكيهتا مع العدوان. اللكامت وصفت “أم دمحم سالمة”

قبل مثاين سنوات قتلت قوات االحتالل محاة “أم دمحم” مث عادت لتدمر مزنل العائلة بطبقاته املتعددة يف العدوان األول عىل قطاع غزة يف هناية العام 2008 مطلع العام 2009، مث تدك

مزنهلم اجلديد يف عدوان األيام المثانية يف العام 2012.املطلوب من تقول “أم دمحم”: “..قتلوا محايت بيمنا اكنت حتاول الدفاع عن ابهنا )زويج( قبل جيش االحتالل؛ الذي طارده بلك السبل، وجنا من املوت أو االعتقال بعناية اهلل وحده..”.وتستذكر كيف حاولت أم زوجها إغالق املزنل يف وجه القوات اخلاصة اإلرسائيلية إلعطاء وقت البهنا “رفيع” ملغادرته، فاطلقوا الرصاص علهيا من خلف الباب املغلق، فأردوها هشيدة.عدوان2008 جاء حىت احلادثة؛ هذه عىل سنوات مضت “..لقد دمحم”: “أم وتواصل فأوقعت بأمكله، القطاع أراكن هزت هادئ برضبات شديدة يوم فاجأتنا يف هنار واليت مائت الهشداء يف ساعات قالئل، وقصفت منازل ومنشآت كثرية، اكن مزنل العائلة الكبري

إحداها..”.“..كنا يف املزنل حيمنا جاءنا اتصال من جيش االحتالل يأمرنا مبغادرة املزنل خالل مخس دقائق فقط، فهرعنا خارجه، واخلوف ميأل عقولنا، فاالحتالل ليس له أمان، وميكن أن يقصف

قالت “أم دمحم”. املزنل يف أية حلظة..” وتضيف: “..خفت عىل أطفايل وزويج وأهله، فاملزنل ميلء باألطفال، حىت أن ساكن احلي عن بعيدا ويركض أطفاله واحد مهنم حيمل وبدأ لك وخوف شديدين، هبلع أصيبوا لكه

املاكن؛ الذي قصفته مروحية إرسائيلية من نوع اف 16 بعدة صوارخي..”.وبعد فقد بيت العائلة الذي اكن جيمعهم مجيعا، إخوة، وسلفات، وأبناء معومة حول طاولة مرة أخرى، وقصفت مزنهلم واحدة.. الحقت مروحيات االحتالل هدوء بال عائلة “سالمة”

اجلديد.كيف أطفايل، هو المثانية األيام عدوان فيه يف أفكر كنت ما “..لك “أم دمحم”: تقول أحتضهنم؟ وأخفف عهنم، خماوف كثرية وتساؤالت اعرتت أطفايل؛ خاصة بعد ما تعرضوا و”جحازي” “الدلو” لعائليت ملا حدث رؤييت بعد وتضاعف خويف األوىل، احلرب له يف

وأطفاهلام..”.لذا؛ فإهنا محدت اهلل أهنا وأطفاهلا خبري، بعد أن تلق زوجها اتصالا هاتفيا من االحتالل يفيدمه بقصف مزنهلم خالل دقائق، عىل رمغ خسارهتا يف مزنهلا اجلديد، واحرتاق لك

حاجيات وكتب أطفاهلا الدراسية.“..لن حديهثا عن جتربهتا خالل احلربني اللتني عاشهتام، قائلة: وأهنت “أم دمحم سالمة” أهلنا وأحبائنا، ممتسكني بقرب ولن نستسمل وسنمكل حياتنا ونعيهشا بطبيعهتا نضعف

حبقنا وعودتنا مهام حاول العدو إرهابنا..”.

القصف يالحقها لكنها.. ال تستسلم..!

5

Page 6: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

ومش صدري إىل لضمه الحتضانه، له، اشتقت مك اهلل.. “يا راحئته..” هشقت بضع أنفاس من اهلواء مكن ينفث زفرات املوت..

الوحيد االبن معره من العامني ذا نعمي” الرحمي “عبد يكن مل الطبيب عاما، )48( “جمدي” ووالده عاما )43( “نور” لوالدته املعروف يف قطاع غزة، لكنه اكن االبن املدلل واألقرب لقلبهيام،

خصوصا أن اهلل رزقهام به بعد طول معر.“..كنت أنظر لـ “عبود” وهو يلعب مع ابن ابنيت باملكعبات الصغرية أنا النامعتني، وحضكت يدهيام عن جحم يزيد جحمها ال اليت وخاله طفلها سيكرب كيف ونتحدث الطعام نعد وحنن وابنيت

ويلعبان معا..”.ما يه إال دقائق معدودة حىت حتولت حضاكت أبناهئا وبناهتا السبعة إىل رصخات مفزعة بعد صوت هز أرجاء املزنل، تساقط

عىل أثره زجاج الشبابيك.

صاحت شقيقته “نور”: “..إحلقوا “سايم”.. أجت شظية بقلبه”.عىل ذراعيه، لكن هرع الوالد الطبيب ومحل ابن أخيه “سايم”

قلب األم حبث عن طفلها “عبود”: “..أين أنت يا ماما”.حتت أو باب وراء واختبأ خائفا، الصغري يكون “..قد فكرت: ورصخت: األرض عىل وارمتت قوة بلك اندفعت مث رسير..”

“جمدي.. احلقين.. عبود تصاوب..”.إصابته أن ظانا طفله، مع يهتاون جعلته وأمانته الطبيب مهنة بشظية يف أصيب الذي “سايم” حال وليست خبطورة طفيفة

قلبه.الطفلني إىل املستشىف، بيمنا بقيت محل الدكتور “جمدي نعمي” األم تتكئ عىل باب املزنل تنتظر عودة من مهس هلا قلهبا أنه “لن

يعود”.“عبود”.. حقا مل يعد؛ ولن يعود، استهشد الصغري، وظل “أنس”

يف األخري الشوكوالتة ولوح باملكعبات، وحيدا يلعب أخته ابن برشاهة مكا املعتاد. الثالجة بانتظار أن يلهتمه “عبود”

أطفأ اجلريان النار اليت اكنت األم قد وضعت علهيا قدر طعام الغداء، لكهنم مل يستطيعوا التخفيف من نار شوقها وحرقة قلهبا

عىل فلذة كبدها.العدوان خالل “نعمي” تارخي عائلة الزمن غريت عرش دقائق من 21 القريب من مزنهلا يف نعمة” “برج بعدما قصف عىل غزة؛

من العام 2012. نومفرب )ترشين ثاين( “..يف ليلته األخرية؛ اكنت قبل أن يرحل “عبود”.. تقول والدته: الرضبات احلربية اإلرسائيلية كثيفة، ففزع “عبود” من نومه وهرع مذعورا إىل حضن أخته “نور” وقال هلا: “نمييين حبضنك”.. فنام

ليلته ومل تكن تدري أهنا “األخرية”.

ذات 20 عاما من معرها ال ال تقولوا هلا “عبود مات”.. فـ “نور” تصدق أن شقيقها الذي مأل املزنل فرحا وحبورا.. رحل..!

وتؤنب نفهسا عىل ما فات وتقول: “ليتين مل أكن أرصخ يف وجهه لكام عبث يف أغرايض وغرفيت، يا ليهتا قصفت وأحرق لك ما

فهيا ومل يذهب عبود..”.الشعيب املثل يقول مكا لوالديه؛ العنقود آخر “عبود” اكن يف الهشداء آخر أيضا واكن األخري( الطفل )أي الفلسطيين نومفرب 14 يف اندلعت اليت الرضوس المثانية األيام عدوان التوصل عن أعلن أن بعد منه؛ 21 وانهتت يف ثاين( )ترشين برعاية احملتل والكيان الفلسطينية املقاومة فصائل بني لهتدئة

مرصية.كعصفور جبناحني غري مرئيني، لكنه لن يكون آخر رحل “عبود”

العصافري الراحلة؛ طاملا بيق االحتالل يرتصد العصافري..!

آخر العصافير..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة6

Page 7: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“مكال.. احلقين ميا، القصف جنبنا عىل اجلوازات..”.مسع األم لكنه مل يستطع رؤيهتا، فقد امتأل )22 عاما( “مكال”

املزنل بالدخان، فأخذ ينادهيا ويسأهلا عن حاهلا.الكرمي: القرآن من بآية تمتمت عاما( 52( عزام” “بامسة اكنت }وجعلنا من بني أيدهيم سدا ومن خلفهم سدا فأغشينامه فهم ال عىس أن يمسع اهلل دعواها فيبعد شبح يبرصون{)سورة يس(

املوت عن أوالدها السبعة..

عاما 22 )مكال أوالدها وحاجيات أغراضها “عزام” ململت وأبلغهتم قرارها بالزنوح عن مزنهلم املجاور ومصطىف 21 عاما( ابنهتا مزنل يف واملبيت غزة، مبدينة األمين اجلوازات ملربع “إيناس” ظانة أن مزنل ابنهتا سيكون أكرث أمنا وبعدا عن طائرات االحتالل اليت قصفت منازل وأماكن ومنشآت ومركبات يف أماكن

شىت من القطاع.“الرسايا” العائلة إىل مزنل االبنة اليت تقطن يف مربع وصلت العدوان االحتالل يف أمين سابق قصفته طائرات )وهو مجمع

السابق عىل القطاع يف هناية العام 2008، بداية العام 2009(.هتاوت األم عىل أقرب أريكة، ال تقوى عىل الوقوف من شدة خوفها

عىل نفهسا وأوالدها.

الشاي يف مزنل العائلة حول طاولة مستديرة حيتسون مجتعت اكد أن يفتقد رغيف اخلزب؛ يف ظل رفض األم مغادرة أي مهنم

املزنل لرشاء اخلزب وأغراضا متوينية أخرى.“سكر.. سكر.. بالش يشوفوك” رصخت “بامسة” يف “مهند” زوج عاما، الذي وقف أمام شباك مزنله يستطلع )17( ابنهتا “مرمي”

ماكن سقوط الصوارخي اليت هزت أراكن املنطقة.حتت األرض اهزتت حىت حديهثا تهني “بامسة” اكدت وما قدمهيا، بعد أن أطلقت طائرة صهيونية من نوع أف 16 مجموعة

من الصوارخي باجتاه املبىن الوحيد املتبيق من مجمع الرسايا.

مل تعد “بامسة” ترى شيائ من شدة كثافة الدخان الذي مأل املزنل.وصل أبناؤها إلهيا وسط الظالم والدخان الكثيف، حماولني هتدئة روعها؛ فميا اسمترت يه تمتمت باآلية الكرمية “..فأغشينامه فهم

ال يبرصون”.

عىل امجليع استفاق جديد؛ حىت هنار أرشقت مشس إن وما ولسان “يال يا أوالد؛ بدنا نرجع دارنا” صوت األم ويه تنادي: حاهلا يقول “ما دام اخلطر يالحقنا أيمنا ذهبنا؛ فلمنت يف بيتنا

عىل األقل”.مزنهلا وصوت مروحيات املوت الزال جامثا عىل وصلت “بامسة”

صدر غزة وساكهنا.افرتشت األم جسادة الصالة وأخذت تدعو اهلل أن تنهتي احلرب سدا خلفهم ومن سدا أيدهيم بني من “وجعلنا وتمتمت: بسالم،

فأغشينامه فهم ال يبرصون”.

من مكان إلى مكان.. والخوف واحد..!

7

Page 8: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

بعد عامني من الزواج؛ دق قلهبا فرحا لمساعها خرب محلها.ورشعت “جود” بطفلهتا اهلل فرزقها رسيعا، األيام ومضت يف اإلعداد حلفلة مرور أسبوع عىل ميالد طفلهتا مكا “إيناس”

جرت العادة الفلسطينية.من قوية برضبات فإذا استعداداهتا؛ يف غارقة يه وبيمنا قائد وتغتال غزة، قطاع أراكن هتز إرسائيلية حربية مروحيات

كتائب عز الدين القسام “أمحد اجلعربي”.طفلهتا، وشكت خوفها هلا: “يا ليتك احتضنت “إيناس” )24عاما( بقيت يف أحشايئ يا ابنيت، أين أخفيك اآلن؟ أين أذهب بك بعيدا

عن هذا املوت؟”.أيام من اخلوف عىل نفهسا وعىل زوجها وبيهتا، مثانية مثانية الباكء، هكذا الرعب عىل الصغرية اليت ال متلك سوى أيام من مروحيات شنته الذي األخري العدوان فصول “إيناس” أمضت نومفرب من عرش الرابع يف غزة قطاع عىل إرسائيلية حربية

)ترشين ثاين( من العام 2012.يف مزنهلا الذي يطل عىل ساحة “الرسايا” مبدينة ظلت “إيناس” غزة، اليت دكت مرارا وتكرارا بصوارخي االحتالل. ومع لك انفجار تتكئ عىل احلائط، ويتجمد الدم يف عروقها، فال اكنت “إيناس” عىل طفلهتا- إلجناب قيرصية لعملية -اليت خضعت األم تقوى “كيف سأهرب، وأنا ال أقوى احلركة، ولك ما يتبادر إىل ذههنا: عىل امليش؟ من سيحمل ابنيت لو قصف مزنلنا؟ أين سأذهب هبا

يف هذا الربد؟”.حىت رن جرس الباب، أسئلة كثرية عصفت برأس األم “النفساء” ارمتت يف مث الباب “إيناس” فتحت تساؤالهتا، طوفان فأوقف عندها ومتكث حاهلا، عىل تمطنئ جاءت اليت والدهتا، حضن

يومني.حىت حتتضهنا أمها بيمنا صغريهتا؛ حتتضن “إيناس” ظلت

ذهبت يف نوم معيق، لتصحو عىل أصوات سبعة صوارخي اهنالت عىل أرض الرسايا يف اليوم الرابع من العدوان.

رصخت أرضا، واجلدة األم وارمتت الشابيك، زجاج هتش تنادي طفلهتا ويه ال تقوى عىل احلركة “جود.. جود” “إيناس” لكن العناية اإلهلية فقط من أنقذت الصغرية النامئة عىل رسيرها

جبوار أحد الشبابيك املهشة.أخذت األم الصغرية بالباكء اهلستريي جمددا “واهلل أنا تعبت،

مش قادرة، يا رب ختلص احلرب”.ليلة جديدة حلت عىل العائلة الصغرية من ليايل العدوان، فامق من

صعوبهتا انقطاع التيار الكهربايئ.الليل عىل رصاخ طفلهتا اجلائعة، منتصف “إيناس” استيقظت حتسست األم بقلهبا مف طفلهتا إلرضاعها، وجفأة وجدت نفهسا جبوار الرسير عىل وقع رضبات جوية جديدة تدك أرض الرسايا.والربد الظملة حالكة، “يا اهلل.. لوحدهتا: مهها “إيناس” شكت

شديد، والقصف مسمتر”.أخذت تنادي زوجها بشفتني مرتعشتني: “مهند.. احلقين”.

وطفلهتا إىل “إيناس” اخلليوي.. عادت “مهند” نور هاتف عىل جف فقد ههيات، لكن؛ أخرى، مرة إرضاعها حماولة الرسير،

احلليب خوفا مكا تقول “إيناس”.تناولت الصغرية رضعهتا الصناعية ونامت، لكن أن للنوم واخلوف

اليت قضت ليلة أخرى مرعبة. أن يلتقيا، وينام جفن “إيناس” انهتى العدوان عىل غزة،ـ وخرجت منه “إيناس” حبمل اهلدوء وأمل الالعودة للحرب املوجعة اليت ظلت ختمي عىل عالقهتا بطفلهتا بعد

أن حرمهتا من إرضاعها من صدرها.مىت “إىل وتتساءل: جمددا، والوالدة امحلل ختىش “إيناس” ستظل غزة عىل هذا احلال؛ لك ثالث أو أربع سنوات حرب جديدة

وعدوان جديد؟ مىت سنعيش هبدوء ونلتفت حلياتنا؟”.

ليلة مرعبة..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة8

Page 9: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

تقتىف أثر الرضبات اإلرسائيلية، )28عاما( طبوهلا، وهرع املسعفون واملصورون، وهرعت أيضا “صابرين الطرطور” قرعت )احلرب( وتنكش عن وجع امللكومني؛ لتوثق املعاناة واألمل، وحتفظ أمساء الضحايا يف جسالت للتارخي.

من احلضانة، وبدأت “صابرين” و”سارة” الرابع عرش من نومفرب 2012، اكنت الساعة الثالثة والنصف ظهرا، حيمنا وصلت “صبا” يف إعداد الطعام هلام، رن هاتفها احملمول حفملت أوراقها وقملها وهرعت تاركة الطفلتني مع أبهيام.

أن عدوانا قادم ال حمالة. فأدركت “صابرين” اغتالت طائرة حربية ارسائيلية القائد العام لكتائب عز الدين القسام “أمحد اجلعربي” يبدأ فور وقوع انهتاك حلق من حقوق اإلنسان الفلسطيين، فاكنت تركض طوال أيام العدوان اليت شنته دولة اكن معل “صابرين” الفلسطيين حلقوق “املركز لصاحل وانهتااكته االحتالل جرامئ وتوثق متواصلة، أيام لمثانية غزة قطاع عىل اإلرسائييل االحتالل

اإلنسان”.إال أهنا واصلت حاملا بطفلهتا “صبا” يف العدوان األول عىل القطاع يف أواخر العام 2008 ومع بداية العام 2009، اكنت “صابرين”

معلها؛ رمغ ما أحاط هبا وجبنيهنا من خطر.بدأتا تفهامن وختافان من صوت القصف وتسأالن لك حني عن و”سارة” “..هذا العدوان اكن أصعب، فـ “صبا” تقول “صابرين”:

أمهن؛ اليت تغيب عهنن من الثامنة صباحا إىل ما بعد السادسة يف بعض األحيان؛ فميا تظل الطفلتان إىل جوار جدهتام وأبهيام”.مل يكن معل “صابرين” هسلا، خصوصا مع إحساهسا الدامئ باخلوف عىل طفلتهيا، فوصفت إحساهسا بذلك قائلة: “جمسي يف امليدان

وعقيل وقليب مع بنايت”.يف لك صباح من أيام العدوان المثانية؛ تتوسل صابرين إىل رهبا أن يكون هذا الهنار آخر أيامه، تقبل طفلتهيا وتودعهام عىل أمل

اللقاء.“عندما ذهبت لتوثيق ما حدث من جمزرة حبق عائلة “الدلو” ورأيت األطفال مرضجني بدماهئم، وبعضهم أشالء، ختيلت ابنيت “صبا”

تقول “صابرين”. فأمغي عيل فورا..” و”سارة”

مل تعد األم حتمتل املزيد من الصور؛ لكهنا جمربة عىل التقاطها بعدسهتا وتوثيقها بقملها، فرتى ما ال عني رأت وتمسع ما ال أذن مسعت، تعيش اكمل التفاصيل املميتة واملؤملة مع لك املسهتدفني وأهايل الضحايا.

“يف إحدى املرات مسعت أن قصفا وقع جبوار مزنيل قرب “أنصار” بدأت باالتصال عىل زويج ألمطنئ علهيم؛ لكن الشبكة ظلت مشغولة، ومل أستطع التواصل معهم إال بعد ساعات كنت خالهلا قد فقدت أعصايب، وبدأت بالباكء والصالة رسا أن حيمهيم اهلل..”.

“يال ماما تعايل رويح علشان نلعب، أنا خايفة من القصف”.. حفاولت “صابرين” بني أمل وأمل، اكن األكرث تأثريا حديث صبا ألمها: ما بتسيبينا وتزنيل..”. مطأنة ابنهتا إىل أهنا لن تتأخر، جفاءها رد ابنهتا الصعب: “إنيت ما بتحبيين.. لو بتحبيين أنا و”سارة”

هسلا، وال غادرها حديث ابنهتا، لكهنا تابعت أداء واجهبا ومعلها عىل أمكل وجه، فاكنت متد املركز احلقويق مل يكن معل “صابرين” األكرث فاعلية يف قطاع غزة ببيانات ومعلومات موثقة عن جرامئ االحتالل، فيهسم يف نرشها عرب العامل، وفضح االحتالل وممارساته.

“إنه الواجب املهين والوطين” تقول “صابرين”.. فميا تدعو األم اليت تسكن يف داخلها أن يبعد شبح )احلرب( والقتل والدمار عن أطفاهلا وعن غزة وأهلها إىل األبد.

صابرين..!

9

Page 10: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

يدها عىل بطهنا وعادت بذاكرهتا إىل الوراء.. إىل ما مع ارتفاع وترية القصف؛ وضعت “منال” من العام 2008. قبل أربع سنوات، وحتديدا يف 27 ديمسرب )اكنون أول(

تزوجت “منال عبد اجلواد” )30 عاما( قبل سبعة أعوام، وعانت قسوة تأخر امحلل منذ ذلك الوقت؛ ال ترمح املتأخرات يف امحلل أمثاهلا، ويه سابقة عهد بتطليق خصوصا مع أم زوج )محاة(

بسبب تأخر محلها مخلسة أعوام متواصلة. إحدى زوجات أبناهئا )كنهتا( ختىش أن تقع فريسة سطوة امحلاة، وتاليق املصري نفسه، حىت أخربهتا طبيبهتا اكنت “منال” يوما أهنا حامل يف هشرها الثالث، فعادت إىل املزنل ولكها أمل باملولود القادم أن يكون ذكرا

لرتوي مظأ محاهتا لـ “خلفة األوالد”.ومع نعيق العدوان؛ اهزتت جدران املزنل الاكئن مقابل املجلس الترشييع وسط مدينة غزة..

دب الرعب يف قلب “منال”.. نزلت مرسعة من الطابق اخلامس إىل الطابق الثاين حيث محاهتا، أرضا، واختبأ خوفا يف رسواهلا، فهرعوا الباب حىت سقط حمل “منال” وما إن فتح هلا “سلفها” عن الويع؛ واستفاقت عىل صوت هبا إىل املستشىف؛ لتواجه حقيقة موت اجلنني. غابت “منال”

زوجها: “..ربنا يعوض علينا..”.وعوضها اهلل بـ “جود” بعد عام من عدوان عام 2009، فاكنت الطفلة قرة عني أمها وحبيبة جدهتا؛ اليت الزالت حتمل بطفل ذكر ألي من أبناهئا حيمل امس زوجها املتوف منذ أن اكن ابهنا األصغر

يف “اللفة”.

ظلت األم الصغرية تنشد من اهلل طفلا جديدا، فمسع من ال يرد الدعاء ونفخ يف روحها روحا تمينا بامس جده. قالت ستمسيه “جماهد”

حىت عاودت غربان احلرب نعقهيا يف مساء غزة مرة أخرى، فأدركت األم احلامل يف هشرها السادس أن خطرا قادما.

“مهام حدث؛ ال ختاف.. وال جتر.. قائلة: القادم، وأمرهتا الذكر احتضنهتا محاهتا خوفا عىل نايم عىل األرض حتسبا من أن تقيع عن رسيرك من قوة الرضبات، وال تقيف إىل جوار شبابيك

املزنل، وضيع هذا املصحف الصغري يف صدرك طوال الوقت سيحميك”.خوفا وأملا.. أطاعت احلامل لك األوامر، وظلت تدعو اهلل أن حيفظها وجنيهنا، الذي حدثها رسا يف ثالث ليايل العدوان: “أين يا أيم ذاهب” حيث حملت “منال” بطائر صغري يطري من بني يدهيا

إىل المساء، فأدركت أن جنيهنا لن يعيش طويال.

تقف خلف باب املزنل السفيل املوارب تنتظر من بعد ثالثة أيام من حملها املشوئم؛ اكنت “منال” صاحب بقالة جماورة أن ميدها ببعض احلاجيات، وإذ برضبات قوية من طائرة حربية من نوع

“اف 16” تدمر مزنلا مقابلا ملزنهلا، التصقت “منال” باحلائط فارتد الباب إىل بطهنا..!فقد أصبح وزوجها ومحاهتا لطبيبهتا.. وبعد ساعتني؛ عادوا من دون “جماهد” هرعت “منال”

جنيهنا يف عداد الهشداء، وظلت روحها معلقة بني جنينني اغتيال يف حربني..!

بين )حربين(..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة10

Page 11: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

رحاهلا يف مدينة عرشة هشور منذ حطت عائلة “أم معر برزق” غزة، مل تكن اكفية لنسيان أمل سوريا؛ اليت احتضنهتم ألكرث من عرش سنوات، حىت اشتعل فتيل البارود يف غزة بعدوان رضوس

شنته دولة إرسائيل.جن جنون “أم معر” )43عاما( اليت هربت من جمازر سوريا حىت

ترى بأم عينهيا جمازر االحتالل يف غزة.يف مزنل أخ زوجها مقابل مقر جملس الوزراء مبدينة غزة؛ استقرت العائلة أملا يف أن جتد األمان املفقود يف لك جنبات املدينة؛ اليت

اكنت هذه املرة أكرث من غريها تعرضا للرضبات اجلوية.كرسيا يف منتصف أحد ممرات املزنل املكون وضعت “أم معر” من ثالث طبقات، وبدأت تدعو اهلل أن ينجهيا وعائلهتا من هذا

العدوان الذي تهشده ألول مرة يف حياهتا.يف ليلة من ليايل القصف الدايم؛ اهزت مزنل العائلة، وبدأ امجليع بالرصاخ والركض مينة ويرسة. جفعت املرأة “السورية” )عىل حد ورصخت: “والدي.. والدي.. شو صار.. البيت وصف العائلة هلا(

راح يوقع”.امتأل املزنل بالغبار، وتناثرت شظايا زجاج الشبابيك؛ فوقعت “أم

أرضا.. معر” استفاقت عىل صوت سلفهتا تنادهيا: “يا أم معر؛ ما ختايف البيت

سلمي، ووالدك كويسني.. القصف اسهتدف جملس الوزراء..”.يف صباح اليوم التايل؛ تمسرت “أم معر” أمام ما تبق من شباك املزنل املطل عىل مبىن جملس الوزراء، وفتحت مفها لدقائق، ويه

ال تاكد تصدق أن ذلك املبىن المخض أصبح راكما.تشاهد مثل هذه الفظائع عىل شاشات التلفزة، اكنت “أم معر” تعيهشا وجها لوجه، وتكون يه وأطفاهلا عىل لكهنا -وألول مرة-

مقربة من املوت.من صدمهتا إال ودمعها يغيط وجهها، ويه مل تصح “أم معر” فإذا املوت، من خوفا من سوريا “هربنا لزوجها: وجعها تشكو

املوت يالحقنا يف غزة.. إىل أين الرحيل؟!”.

هربت من مجازر سوريا.. لتعيشها في غزة..!

11

Page 12: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

وشت عن وجع كبري يف داخلها، رسعان )23 سنة( عيون “رمي” ما تكشف ما إن بدأت يف ذكر ما حدث..

“جبوار حبل الغسيل املربوط بني جشرتني؛ بدأت مأسايت..” تقول “رمي” ويه تشري إىل مزنل حديث البناء قريب مهنا يف يح “مرياج”

برحف جنوب قطاع غزة.مين؛ بالقرب صاروخ قصف صوت مسعت “..عندما وتضيف: مل أعتقد أنه اكن بيت عائليت، فأنا مزتوجة وأعيش بالقرب مهنم،

لكين كنت خمطئة..”.“..مل تعد حياتنا مكا اكنت، لك يشء تابعت “رمي النصارصة”: تغري، البيت دمر، ولهشور؛ بقيت عائليت يف مزنل مستأجر حىت فقدت برصها بسبب إصابهتا بشظايا وزوجة أيب بناءه، أعدنا الصاروخ وتشوه وجهها، أما أخيت “رنا” )21عاما( فمل تعد تتذكر موهتم، تصدق ال لكهنا الهشداء؛ إخويت تتذكر وبالاكد شيائ،

وترص عىل أهنم.. عائدون..”.اكنت “..أخيت “رباب” هنا، فتمكل قائلة: ومل ينته مصاب “رمي” حاملا يف الهشر السابع عندما قصف مزنلنا، وعندما أخذوها إىل

املستشىف وجدوا اجلنني قد مات يف بطهنا..”.قالت: “يف اليوم اخلامس للعدوان زوجة األب “أماين” )37 عاما( اكنت نيام، وحنن مزنلنا إرسائيلية مروحية قصفت غزة؛ عىل الساعة قد جتاوزت العارشة مساء، وكنت أنا آخر من نام، بعد أن امطأننت عىل امجليع، وأقفلت األبواب،غطيت زويج واستندت عىل الرسير، ألفيق إىل نفيس وأنا يف املستشىف، مل أفهم ما الذي حدث؟ وملاذا؟ كنت يف املستشىف، مل أكن أرى شيائ أمايم،

أحسست بأحدمه يقطب يل جرحا يف رأيس..”.وقال عىل ليمطنئ زويج جاء التايل؛ اليوم “..يف وتضيف: إين خبري، وبيتنا قصف بالاكمل، والولدان استهشدا، وأن ابين

“خصر” والبنات أصيبوا جبروح متفاوتة. كنت أستيقظ وأعود إىل الغيبوبة، ومل أكن أتذكر أي يشء وقهتا، ثالث ليال يف األورويب نقلت بعدها إىل مستشىف نارص لعالج احلروق اليت أصابتين، لكهنم أعادوين مرة أخرى إىل األورويب بسبب وجود نزيف داخل الوجه، العني، ومشالك كثرية، وحروق يف عيين، ومتزق شبكية احملتلة.. الفلسطينية األرض داخل مستشىف إىل حولوين مث ما زلت أعاين مهنا حىت اآلن، لكن امحلد هلل؛ أستطيع أن أرى

أفضل اآلن..”.مل يعد برص “أماين”.. اليت متنت فقط أن يعود هلا بعض برصها لرتى أطفاهلا، وتعتين بأمورمه مكا اكنت تفعل، لكهنا عىل األقل وبناهتا الوحيد بولدها تعتين يه وها متنت، ما عىل حصلت

الصغار بعد أن فقدت ولدهيا الكبريين.أما “خصر”.. مفا زالت حالته النفسية واجلسدية غري مستقرة، له األطباء واستأصل ورجله، حوضه بكرس يف أصيب أن بعد حطاله؛ بسبب شظية اخرتقت بطنه فعطلت حطاله، وأصابت كبده.ويرفض يبيك، حدث؛ ما “خصر” تذكر “..لكام “رمي”: تقول احلديث حول ما يبكيه ألحد، وما يؤمله أكرث أنه ال يستطيع التحرك،

وأيب حيمله لقضاء حواجئه..”.الذنب الذي اقرتفه إخواهنا الهشداء وأهلها عن “رمي” وتتساءل الذين اكن جل معلهم يف زراعة أرضهم باخلضار، فاكنوا خيرجون يف رزقهم عن حبثا املساء حىت للصباح األوىل الساعات من

أرضهم.“..ما الذي فعلوه ليقصفوا ومه نيام يف مزنهلم بصاروخ وتقول: بالاكمل، وحتول إىل حفرة املزنل ابتلعت األرض 16؛ حىت اف

يزيد معقها عن عرشة أمتار؟!”.

“النصاصرة”.. وجع الحي..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة12

Page 13: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“اكن جيلس مرعوبا، تهنشه اهلواجس، ماذا تراه فاعلا لو مت قصف مزنلنا؟” تقول “هدى قشطة” )46عاما( اليت اكنت ترقب زوجها املشلول بأىس طوال أيام العدوان المثانية؛ اليت شنهتا دولة االحتالل اإلرسائييل هناية

العام 2012.“..كنت قلقة عىل نفيس وعىل أوالدي وأقاريب، لكن وكنت وخوفه، زويج حال هو يؤملين اكن ما أكرث كيف سأمحيه فميا لو طالتنا صوارخي دامئة التفكري:

املروحيات العسكرية اإلرسائيلية..”.يف خشصا 30 من أكرث “..كنا “هدى”: وتضيف لكنا مجتعنا طبقات، ثالث من مكونة سكنية معارة يف غرفة واحدة من شدة القصف الذي طال منطقتنا

احلدودية رشق رحف..”.ويف آخر يومني من العدوان؛ اضطرت “هدى” وعائلهتا وعوائل أسالفها إىل الرحيل عن منازهلم؛ نظرا لشدة هلم أقارب إىل فلجأوا حياهتم، هدد الذي القصف من شارعهم، احلدود عن بعدا أكرث آخر يف شارع حىت لدهيم فارغة شقة يف قطنوا احلظ؛ وحلسن

انهتى العدوان.“..معاناتنا من العدوان مل تنته، فابين ذي العامني من معره اكن يصاب بتشنج لكام مسع صوت الرضبات الصاروخية، ورمغ انهتاء القصف إال أن اخلوف ظل يسكنه، ويصاب بتشنج ويبيك عند مساع أي صوت

قوي حوله..”.يكن مل زوجها إن “هدى” تقول ذلك؛ عىل وعالوة أفضل حالا من طفلها، فالزال مهموما، حزينا، تتناوشه مدمرا، مزنهلم فهيا يرى اليت املزجعة الكوابيس خصوصا أهنم يقطنون يف منطقة حدودية ويتعرضون إلطالق النار يف أوقات غري متوقعة، ومزنهلم سيكون أي االحتالل يف دبابات الذي ستعربه األول اجلرس

اجتياح قادم.. لكهنا لن ترتكه عىل حاله.

انتهى العدوان.. واستمرت مخاوفه..!

13

Page 14: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“طائرات االحتالل تالحقين سواء أأمغضت عيين أو فتحهتام..” هذا ما قالته الطفلة “أروى احلشاش” اليت أصيب يف األيام المثانية يف الرابع عرش من نومفرب )ترشين ثاين( 2012.

“يف أول أيام العدوان قصفوا منطقة جماورة لنا؛ اليت تقطن وعائلهتا يف منطقة مشايل مدينة رحف: تقول والدهتا “أمرية” )54عاما( اليت تغيط مزنلنا، وهبطت أجزاء فوق بنايت النامئات يف الغرفة..”. فسقطت شظية كبرية فوق ألواح “الزينكو”

بكرس يف ساقها، وحروق يف ساقهيا االثنتني..”. وتضيف: “..أصيبت “أروى” أروى أصيبت.. أروى “..أصبنا مجيعا بالفزع، حصوت من نويم عىل أصوات طفاليت يرصخن: ما حدث فتقول: وتتذكر “أمرية” أصيبت.. فهرعنا حنوها فورا، فوجدت وجهها مصفرا من شدة اخلوف واألمل، وظلت تبيك حىت حرضت سيارة اإلسعاف؛ حيث نقلها

إلهيا شقيقها..”.ملفوفة أن ختيف جزعها عىل ابنهتا، وتبدأ يف تنظيف مزنهلا، وترتيب أمور بناهتا وأوالدها؛ حىت عادت “أروى” واكن عىل “أمرية”

الساق بالشاش والقطن واجلبس، وبدأت رحلة معاناهتا.د معها لك أنواع املسكنات اليت وصفوها هلا يف املستشىف.. تقطعت تبيك وجعا، ومل جت “طوال الليل ظلت “أروى” تقول “أمرية”:

نياط قليب علهيا، ووقفت عاجزة عن التخفيف من وجعها، وهلع شقيقاهتا..”.حتول ليل “أروى” إىل وجع وباكء أثناء استيقاظها، وإىل كوابيس يف نومها، فتقول والدهتا: “..صارت “أروى” ترى يف منامها أحداثا

خميفة، لك يوم تقص علينا ما رأت من قصف وقتل ودماء، وكأهنا تعيش حرهبا اخلاصة..”.اليت امتنعت عن الذهاب إىل مدرسهتا إجراء معلية جراحية هلا يف ساقها؛ يك تمتكن من السري بشلك طبييع مكا وتنتظر “أروى”

وعدها األطباء.

فميا ال تزال شقيقاهتا وأشقاؤها يتجرعون صدمهتم، وخوفهم مما رأوا خالل احلرب األخرية، وما أصاب شقيقهتم ومزنهلم من دمار نفيس ومادي.

ويستمر العدوان في عقل “أروى”..

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة14

Page 15: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“أصبت يف رأيس، وغرز بمثاين غرز، وابنيت “رنني” الشظايا اخرتقت فميا وظهرها، أصيبت يف رأهسا جانب بطن ابنيت “هديل” وجرحت قدماها، مكا جرحت ابين وجه بعض وتشوه أيضا، “غدير” ابنيت رجل

“إبراهمي” واكد زويج يفقد عينه..”. 44( احلشاش” “فايزة مهوم منهتى هذا يكن ومل الطريق؛ قارعة عىل وعائلهتا أحضت فقد عاما( مزنهلم إرسائيلية عسكرية مروحية قصفت أن بعد

بصاروخ من نوع إف 16، وحولته إىل راكم.امس محتل منطقة يف تقطن )اليت “فايزة” تقول “بيتنا قصف وهدم بأمكله، مل يبق عائلهتا يف رحف( منه أثر، حفرة كبرية ابتلعت لك يشء يف حلظة، حىت األوراق الرمسية مل نستطيع انتشاهلا من بني الراكم،

خرجنا بأوجاعنا ومهومنا اليت ال تنهتي..”.بنا لطف ربنا جديد، عدوان من “أخاف وتضيف: أو املوت من مجيعا وجنونا بالاكمل، البيت وفقدنا

اإلعاقة، واآلن؛ ال منلك إال حياتنا..”.)اليت اضطر زوجها الستئجار مزنل وتشكو “فايزة” احلياة مقومات لك غياب من فيه( ليسكنوا مؤقت لك أوالدي.. كتب صورنا، أغراضنا، “..مالبسنا،

يشء.. لك يشء.. نبدأ حياتنا من الصفر..”.وإجنازمه أطفاهلا مصري عىل اخلوف ويمتلكها املدريس؛ يف ظل هذا التغيري الكبري الذي طرأ عىل

حياهتم.عدوانا شنت قد اإلرسائييل االحتالل قوات واكنت رضوسا عىل ساكن قطاع غزة يف الرابع عرش من اسمترت ،2012 العام من ثاين( )ترشين نومفرب فصائل مع توصلت حىت متواصلة، أيام مثانية متبادل نار إطالق وقف إىل الفلسطينية املقاومة

برعاية مرصية.

أول أيام العدوان..

15

Page 16: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

حسبوها بصعوبة من حتت أطنان الراكم املتكومة بعد قصف مزنهلا ونقلوا غزة، قطاع جنوب “رحف” مبدينة احلشاش” “منطقة يف

جمثاهنا إىل ثالجة املوىت يف املستشىف هناك.ويف وقت بدأ ابهنا )40 عاما( املصاب يف رأسه بتليق العزاء بوالدته من أقاربه وأصدقائه املتجمعني حوله يف املستشىف بعد نقله من حتت راكم مزنله إلهيا؛ اكنت احلياة تدب يف أوصال والدته ستينية العمر.

للعدوان؛ الرابع اليوم “يف عاما(: 65 ( احلشاش” “صبحة تقول قصفت طائرة حربية إرسائيلية مزنلنا بصاروخني، ومل أدر بنفيس

إال بعد أربعة أيام؛ ألجد أنين يف مستشىف مرصي..”.حتت من انتشلوين أهنم بعد فميا “..عملت “صبحة”: وتضيف األنقاض، أنا وابين الذي اكن يقطن ميع يف املزنل؛ بعد أن غادرته

زوجته وأطفاله خوفا من العدوان إىل مزنل ذوهيا..”.موت حمقق. من بنجاهتا جديدا معرا وهبت أهنا “صبحة” وتؤمن تقول: “..قالوا يل أين كنت هشيدة عندما انتشلوين من حتت الراكم،

وأعلنوا خرب استهشادي يف التلفاز..”.املسمترة: وافرتاضاهتا خماوفها تكبح أن “صبحة” تستطيع وال يلتفت مل لو ماذا احلياة؟ قيد عىل وأنا دفنوين أهنم لو “..ماذا يضعونين يف ومه اخلافتة البطيئة أنفايس ليمسع صوت أحدمه

ثالجة املوىت؟ ماذا لو أهالوا عيل الرتاب وأنا حية؟..”.وتزداد خماوفها لكام مسعت صوت طائرة أو أي جضيج فتستعيد لك ما حدث يف خميلهتا مكا تقول: “..أختيل لك ما حدث “صبحة” املوت اقرتاب من والفزع اخلوف مشاعر نفس يل تعيد والذاكرة ليالمس جسدي وحييله جلثة هامدة أو يرتك فهيا بعض األنفاس اليت

ال يلتفت هلا أحد..”.ت بصرب وجع ظهرها الذي تكرس وبعد نعمة احلياة؛ تتحمل “صبحة” بعض فقراته، ورجلها اليت مت دمع عظامها املهشة بالبالتني، األمر

الذي منعها من اجللوس أو احلركة بتاتا.بدأت حىت هيلع، استلقاهئا اسمترار بسبب ظهرها؛ تقيح وتشكو متابعهتا هذه آالمها من ينقذها ومل فيه، االنتشار يف الدمامل وال القطاع، جنوب األورويب املستشىف يف أطباء مع املسمترة القطاع ومرص األيام اليت قضهتا عىل أرسة مستشفيات عرشات أملا يف الشفاء الذي يبتعد عهنا رويدا رويدا، لتعود هلا خماوفها من

حرب جديدة جتردها من احلياة..

صبحة.. الشهيدة الحية..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة16

Page 17: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

للهدوء طعام.. خوف تعرف وال احلياة..! تعرف ال حياة احلدود؛ قرب دامئ من القادم..

أي ترقبان وأذناها تطرف، عاما( 46( عويضة” “ابتسام عني تكن مل صوت، خمافة أن يطاهلم القصف اجلنوين ملروحيات االحتالل؛ اليت مل ترتك ماكنا يف قطاع غزة إال وقصفته منذ اغتالت قائد “كتائب القسام” يف اجلعربي” “أمحد القطاع يف “محاس” حلركة العسكرية الذراع

الرابع عرش من نومفرب )ترشين ثاين( 2012.“ابتسام” وزوجها وأوالدها العرشة؛ يقطنون بالقرب من األسالك الشائكة للحدود الفلسطينية مع مرص، وسط اخلطر احملدق هبم برا وجوا جنوب

القطاع.بعينه رأى أن بعد الصغري يرجتف خوفا ابين “صار “ابتسام”: تقول اثنني من جرياننا يقصفان بصاروخ إرسائييل، وهو ما دعاين إلرساله

إىل بيت خالته اليت تبعد قليلا عن املنطقة احلدودية..”.وتضيف: “.. يف األيام األوىل للعدوان؛ كنا مضطرين للبقاء يف منازلنا، فبالاكد لك مزنل يكفيه ما فيه من األطفال، إضافة إىل أن احلال “عىل

فال نريد أن نكون عبائ إضافيا عىل أحد..”. اهلل” “..لكننا يف األيام الثالثة األخرية مل نستطع البقاء يف مزنلنا وتواصل: من شدة قصف الصوارخي؛ اليت اهنالت عىل األرايض الزراعية احمليطة الذي منلكه، فهرعنا بنا، وخفنا أن نستقل التكتك )مركبة بثالث جعالت(

إىل مزنل شقيقيت مشيا عىل األقدام..”..وما إن هدأ عن ابتسام خوف الطريق؛ حىت رشعت يف القلق عىل مزنهلا، بقائه عىل تمطنئ يك جارهتا إىل النصية الرسائل إرسال فواصلت

صامدا وسط القصف املتواصل.نقول هذا مزنلنا باألرض؛ يرتطم “..لكام مسعنا صوت صاروخ تقول: دمر، فتهنار نفسييت معه، حىت إذا مطأنتين جاريت عىل سالمته؛ عدت

إىل تربيص..”.مثانية أيام من الرعب املتواصل، انهتت بإعالن هتدئة بني فصائل املقاومة نومفرب من 23 ليلة مرصية برعاية اإلرسائييل واالحتالل الفلسطينية

)ترشين ثاين(.أغراضها، وعادت وزوجها وأبناؤها ملزنهلم، تتفقد ما مجعت “ابتسام” خرسته من أبواب ختلخلت أراكهنا، وشبابيك تناثر زجاجها، يعاجل زوجها هذا، ومجتع يه وبناهتا شظايا ذاك.. تنظف أكوام األتربة اليت ترامكت يف مزنهلا؛ ولسان حاهلا يقول: “..املهم أنه الزال لدينا سقف يؤوينا..”.

على الحدود.. عيون ال تنام..!

17

Page 18: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

تعترص الميىن يدها وأصابع “فامطة” بعقل يذهب القلق اكد أصابعها اليرسى؛ لكام تذكرت العدوان أو ذكرت سريته.

عرفت لك معاين اخلوف خالل عدوان )32عاما( “فامطة شعت” آليات االحتالل اإلرسائييل العسكرية األيام المثانية الذي شنته جوا وبرا وحبريا عىل ساكن قطاع غزة يف الرابع عرش من نومفرب

)ترشين ثاين( من العام 2012.تقول “فامطة” )اليت تسكن مع زوجها محمود العبادلة يف منطقة مرياج مشال مدينة رحف جنوب قطاع غزة(: “الدبابات اكنت قريبة من بيتنا جدا، مل نكن نعرف للنوم سبيلا، طوال الوقت كنا خائفني، نتشاهد عىل أرواحنا ونقرأ القرآن حىت هندأ دون فائدة، حىت أنين أصبت بضيق يف التنفس، خصوصا مع اقرتاب الصوارخي؛ من الزراعية األرايض يف االحتالل قوات تطلقها اكنت اليت

بيتنا..”.برتحيل قرارا اختذت إهنا “فامطة” تقول الثالث اليوم ويف ابنهتا وبالفعل؛ حرض زوج بناهتا امخلس إىل مزنل شقيقهتن،

واصطحهبن إىل بيته يف قرية القرارة.“ظللت قلقة علهيم طوال رحلهتم إىل وتصف تلك اللحظات قائلة: هناك من أن تقصفهم طائرة أو دبابة ال مسح اهلل، وبقيت عىل

تواصل مع زوج ابنيت حىت امطأننت إىل وصوهلن، وبعد أن تيقنت من أن مزنلنا سيقصف يف أية حلظة غادرت أنا وزويج

املزنل والتحقنا بالبنات”.وتتحدث فامطة عن بعض ما عاشته وبناهتا وزوجها داخل مزنهلم بالطاولة الكبرية تلتصق “اكنت ابنيت واخلوف يطل من عينهيا: وترصخ “ميا رضبوا”.. ولكام مسعت صوت تفجر صاروخ جديد، ورمغ أننا كنا نشعر باألمان أكرث حيمنا يكون زويج جبوارنا؛ إال

أنه قال يل إنين أرعبه من شدة خويف”.حرصت “فامطة” وعائلهتا عىل متابعة األخبار حلظة بلحظة، طاملا توفر التيار الكهربايئ، وتابعوا بشغف أخبار التوصل إىل وقف

إطالق النار.“صار عيد ملا حكوا فيه هدنة، ما اكدت الساعة تصل 9 مساء لندخل حي الهتدئة؛ حىت رجعت إىل بييت، فميا تواصل القصف، وسقط املزيد من الهشداء واملصابني، وما يه إال دقائق حىت بدأنا نشعر

باألمان يعود إلينا..”.انهتى العدوان، لكن مطأنينة “فامطة” مل تعد هلا، وبقيت تعاين من

ضيق يف تنفهسا؛ رمغ األدوية اليت وصفت هلا يف املستشىف.

رحل الموت.. وبقي الخوف..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة18

Page 19: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

جعن أقراص اخلزب، وأطفأت النار حتت الطعام، وبدأت بتقطيع اخلزب متهيدا خلزبه عىل الفرن الكهربايئ؛ إال أن قطع أهنت “أمل” التيار الكهربايئ )الذي لن يعود قبل مثاين ساعات حسب جدول القطع املعروف يف قطاع غزة منذ العام 2006( حال دون ذلك، فلجأت

إىل فرن الطني؛ الذي شيدته يف حديقة مزنهلا.يلح علهيا لإلرساع يف النار، وتصاعد الدخان من الفرن، وألقت أرغفة اخلزب داخله، فميا اكن طفلها “دمحم” )6 أعوام( أوقدت “أمل”

منحه رغيفا من اخلزب يسد به بعض جوعه.وال طفلها ملا ختطط له طائرات االحتالل؛ اليت مألت مساء قطاع غزة جضيجا منذ بدأ العدوان عىل ساكن القطاع مل تنتبه “أمل”

باغتيال قائد كتائب الهشيد عز الدين القسام “أمحد اجلعربي”.بال ويع منه أذنيه يك حيمهيام من شدة وطفلها، فأغلق “دمحم” اهنالت صوارخي املروحية احلربية عىل األرض اخلالية جبوار “أمل”

الرضبات، ورصخ وأمه يستغيثان بزوجها.

اهزتت األرض حتت أقدامهام، وبلل الدمع عيوهنام خوفا، وغسلا لألتربة اليت مألهتا، وأزمكت أنوفهام.جفأة؛ مصت الصغري بفعل صاروخ آخر سقط هيلع وأمه؛ فأصاهبام وحول املاكن من حوهلام إىل ظالم دامس.

“أبو دمحم” زوج “أمل” اكن يف طريقه إلهيا، لريى ما صنعت، وحيملها عىل الدخول إىل املزنل وطفلها، لكن سبعة أمتار فقط اكنت بيهنام حيمنا اخرتق الصاروخ األول األرض الزراعية، فألقته شدة االنفجار بعيدا، وخلع اهلواء كتفه، وضعضع ارتطامه باألرض جسده.

قوته، وهرع إىل زوجته وابنه الوحيد فوجدمها غارقني يف دماهئام والراكم يغيط وجههيام. حلظات فقط؛ استعاد خالهلا “أبو دمحم” إىل املستشىف. و”دمحم” سيارات اإلسعاف وصلت إىل املاكن رسيعا، ونقلت “أمل”

من شلل أصاب نصفها األسفل، بشلك طفيف، وجنيا من املوت بأجعوبة، لكن مل تنج “أمل” يف ظهرها وكذلك “دمحم” أصيبت “أمل” ومل يشفها منه نقلها إىل املستشفيات املرصية، وما تبعه من عالج طبييع.

حتتار “أمل”.. فال تدري أي مصري يف انتظارها، فيف “مستشىف السالم جراء إصابهتا، أو “عدم قطعه” بني “قطع النخاع الشويك” مبرص أخربوها أن سبب جعزها عن احلركة هو كدمات معيقة أحدثهتا شظايا متطايرة من االنفجار أسفل ظهرها، سببت احلكويم”

هلا الهتابات شديدة. مؤكدين أن العالج سيحسن حالهتا بعد حني.رسعان ما توارى حيمنا عاد األطباء يف غزة للتأكيد عىل أن سبب جعزها عن احلركة التخشيص الذي بعث أملا يف نفس “أم دمحم”

-رمغ خضوعها لفرتة للعالج الفييايئ مبستشىف الوفاء بغزة- هو حدوث قطع يف النخاع الشويك أثناء اإلصابة.وبني التخشيصني يتأرحج قلب “أمل”..

وتشتاق واالقتصاد، اإلدارة تعمل طالباهتا ماديت الكبرية، حيث بعبسان “مدرسة اخلنساء” لغرفة صفها يف بالعودة “أمل” حتمل ألسئلهتن الكثرية وشكواهن املسمترة من صعوبة املهنج.

ويبدو أن احلمل سيطول انتظار حتقيقه، فوفقا لتقرير األطباء املرصيني -الذي حيلو ألمل أن تعيش عىل أمله- فإن عودهتا للحركة بهسولة ويرس عىل قدمهيا حتتاج من العالج الطبييع والفييايئ عاما ونصف، انهتى مهنا هشران فقط، والبقية ال تأيت عىل جناح الرحي؛ بل

مثقلة باألمل اجلسدي والنفيس معا.

“أمل”.. على أمل العودة لطالباتها..!

19

Page 20: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

أيمنا مددت برصك جتد أجشارا وارفة الظل، برتقالا ولميونا وخنلا وزيتونا؛ يأرسك عطرها لكام مررت بشارع أو طرقت باب بيت يف بلدة عبسان الكبرية؛ رشق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

اعتاد الناس هنا الفالحة ليقيهنم أن األرض معطاءة، إذا ما منحهتا عرقا وهبتك جنة من مثار وأزهار.مل يفقد ثقته باألرض يوما، منحها حبات عرقه حىت استهشد عىل رمغ بلوغه المثانني من معره؛ إال أن احلاج “إبراهمي أبو نرص” تراهبا، واختلط دمه بزيتوهنا، بيمنا اكن وبعض أبنائه يقطفون حمصول الزيتون يف احلادي والعرشين من نومفرب )ترشين ثاين( 2012.

قبل أن يأخذا اسرتاحة ألداء صالة الظهر، وبيمنا ما استطاع من حبات الزيتون مبساعدة ولده “دمحم” قطف احلاج “أبو إبراهمي” اكن يصيل هامجته مروحيات حربية إرسائيلية بصوارخيها دون سابق إنذار؛ فاستهشد وحفيدته الطفلة “أمرية” )15 عاما( اليت جاءت

جبروح متوسطة. تدعوه لتناول طعام الغداء؛ تنفيذا لطلب جدهتا، بيمنا أصيب ابنه “دمحم”

“أهنيت طعام الغداء، وأشفقت عىل زويج الذي يعمل منذ طلوع الفجر يف قطف تقول اجلدة اليت فقدت أنيهسا يف خريف العمر: ليسرتحيا قليلا ويألكا بعض الطعام، لكن ما من أحد أىت أو تذوق أن تذهب إليه وتناديه ومعها “دمحم” الزيتون، فطلبت من “أمرية”

الطعام..”.يعجزها الباكء عن استمكال الرواية اليت توقفت عندها برحيل رفيق درهبا.. يقول ولدها “دمحم”: “..رفع والدي يديه مكربا ودخل يف ؛ حىت وجدت أيب أشالء، وابنة شقييق عىل مقربة منه الصالة، وبيمنا كنت أنزل عن سمل طويل؛ مسعت صوت انفجار، وما إن تلفت

أيضا..”.جبروح بالغة اخلطورة، وما إن وصلت مستشىف غزة األورويب حىت أعلن عن استهشادها، مل تعمل الصغرية أن يف أصيبت “أمرية” وصوهلا إىل جدها هنايهتا اليت جنت مهنا بفضل اهلل قبل عرشة أيام فقط، حني أهدت جزء من خناعها الشويك لشقيقها “محمود”

)9 سنوات( لمتنحه بعضا من سنوات العمر؛ ليحياها بعد أن دامهه املرض.وتعاود اجلدة احلديث عن الغالية حبيبة القلب والروح “أمرية” فتقول: “..مازالت روح “أمرية” حية يف جسد شقيقها؛ رمغ ذحب االحتالل

لرباءهتا دون ذنب أو جريرة..”.

مل يكن الوجع األول للعائلة بسبب االحتالل، فقد أضناها -يف عدوان الرصاص املصبوب- وحفيدته “أمرية” غياب احلاج “إبراهمي” مع أمرية “عبد النارص” )34 عاما( استهشاد جنل احلاج “إبراهمي”

وتهشد آثار اجلرمية من أغصان الزيتون امللون بالدم وفتات الشظايا اليت انترشت عىل بعد مائت األمتار أن االحتالل أراد القتل للحاج “إبراهمي” وحفيدته وأي اكئن يتحرك يف األرايض الزراعية.

واحلاج “إبراهمي”.. ليلتقيا بـ “عبد النارص”.. لكن ما تراكه من حرسة وأمل يف قلوب أحباهئم اكن أقوى من أن يغادر رحلت “أمرية” ذاكرهتم؛ رمغ مرور هشرين ونيف.

رحلت “أمرية” دون أن حتقق حملها باستمكال الدراسة الثانوية؛ لتؤهلها للدراسة اجلامعية، ومن مث؛ العمل ملساعدة والدها املعاق حركيا وأشقاهئا الذين يعانون من مرض الثالسمييا.

اكنت “أمرية” االبنة الوحيدة اليت مل تصب بالثالسميا، ورمغ ذلك؛ شاركت أشقاءها معاناهتم، إىل حد تربعها جبزء من خناعها لشقيقها “محمود” علها متنحه بعض حياة حرم مهنا شقيق آخر هلا يدىع “إبراهمي” عام 2009، لكهنا رحلت..!

“أميرة”.. براءة مذبوحة وروح في جسد آخر..

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة20

Page 21: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

لك يشء تبدل يف املاكن، المساء غصت بغربان حربية، واسودت بدخان كثيف، فميا اتحشت األرض بلون الدم، وتعالت رصخات

“هدى” و”خالد”.إىل “شيالة” ترفع عىل عاما( 20( “هدى” فقط؛ اكنت حلظات

حتت راكم مزنهلا. سيارة إسعاف، بيمنا رقدت “حنني” قوة الصاروخ؛ الذي أوقع جزء من املزنل، وجحم الراكم الذي غط فرشهتا الصغرية؛ ومل يأذن حلنني االسمتتاع بغفوة للحظات قليلة

خال مهنا صوت االنفجارات.

يقول والدها “خالد طافش”: “اكنت “حنني” يف الغرفة اليت طاهلا عىل باب الغرفة؛ بعد أن أحرضت القصف، وأنا وزوجيت “هدى”

هلا بعض البيض، وجفأة؛ حدث القصف وتغري لك يشء..!قتلها والدهتا ال تاكد تصدق أن بكرها -اليت مل تمت عامها األول- شعرها هلا سترسح كيف ومازالت حتمل الصارويخ، القصف حني تكرب، وأية روضة ومدرسة ستدخلها، مازالت حتمل بأن تطرب مع بداية لكام “حنني”، لكن يف عدوان األيام أذهنا بلكمة “ماما”

ماتت لك األحالم. المثانية املمساة “معود الحساب”

يف البقاء العائلة متلك مل الرثى؛ ومواراهتا “حنني” وداع بعد املزنل الذي دمر وبات خطرا إذا ما أعاد االحتالل قصفه جمددا.

ألعاب ابنهتا؛ وانتقلت مع زوجها إىل بيت بعض محلت “هدى” معهم، محال معهام باقة حزن ودمعات أىس مل جتف، وكسورا يف

ها العالج حىت اآلن. رب ظهرها مل جيابنهتا فراق أمل من مرة ألف أهون الكسور أمل “إن تقول: الوحيدة..” وتتساءل حبرقة: كيف للحياة أن تسمتر بعد أن خطفت وال لملزنل أعود أن كيف يل فؤادي؟! ومهجة رويح الطائرات أمسع رصخاهتا وحضاكهتا تدوي فيه؛ فأركض إلهيا أهدهدها

بني ثنايا قليب وضلوع صدري؟!”

تعلقت الرابع هشرها يف حوهلا ما تيع “حنني” بدأت ومنذ مالبسه حىت ترى طرف أو إن تمسع صوته ما فهي بوالدها، تبيك، تطلب منه اصطحاهبا، ضاربة بعرض احلائط جوعها أو

حاجهتا للنوم، وكذلك تعلق هبا كثريا؛ فهي تشهبه يف املالحم.اكن يسابق زوجته يف احتضاهنا ومداعبهتا وإرضاعها احلليب، وأكرث حلظات سعادته حني تغفو مكالك بريء عىل صدره ويه

بامسة.

أما جدهتا “أم خالد”.. فال تزال تفتقد صوهتا وراحئهتا العطرة، “حنني وتدعو لولدها وزوجته بالعوض القريب بنات وبنني. تقول: امجليع، عىل يشع الذي ونوره البيت زهرة يل، حفيدة أول

حضكهتا الربيئة اكنت تدغدغ مشاعرنا..”.مفا زال ال يكف عن أما الصغري “دمحم حسام” )عامان ونصف( السؤال عن “حنني” يدور يف أرجاء املزنل عله جيدها، وتفشل معه

لك حماوالت إفهامه معىن الرحيل.

ورحلت حنين..

21

Page 22: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

ابن السنوات المثانية ليلهو قليلا مع أبناء معه أمام كعادته؛ خرج “دمحم إبراهمي رزق عاشور” مزنل العائلة.

سيشاركهم اليت األخرية املرة أهنا يعمل وكأنه وهلوا، فرحا وأكرثمه سنا أصغرمه اكن األرض الفلسطينيني أحصاب بني الرصاع )لعبة جتسد وعرب” “هيود املفضلة بلعبته اللهو واإلرسائيليني احملتلني( واليت تعمل لعهبا مع ابن معه عبد الرمحن )6 سنوات( منذ وصوله إىل

قطاع غزة قادما من اإلمارات قبل ثالثة أهشر فقط. والدته مازالت تبيك فراقه، فهو االبن الوحيد بني شقيقاته األربع، ناهيك عن أنه آخر العنقود “دمحم حبييب، ونور املدلل احملبب لدهيا. قالت ودموعها ال تكف عن االهنامر لكام دنا ذكره: قليب، سندي يف ظل غياب والده يف اإلمارات ليهني معله، لكن اهلل اختاره إىل جواره، امحلد

هلل عىل لك حال”.أما والده؛ فرمغ صدمته مبا حدث لفلذة كبده إال أنه بدا صابرا راضيا بقضاء اهلل، فور مساع من العام 2012 قطع رحلة معله يف العرشين من نومفرب )ترشين ثاين( نبأ استهشاد “دمحم”

وعاد إىل قطاع غزة ليف ابنه إىل اجلنان.“ثالثة هشور فقط يه اليت قضهتا عائليت يف قطاع غزة؛ عىل أمل أن أهني أمعايل يقول:

وألتحق هبم لالستقرار، لكن يبدو أن االحتالل ال يروقه قرارنا بالعودة ألرضنا”.جياهد الرجل للبقاء ممتاساك، ويؤكد أن غياب “دمحم” اكن مفجعا، وطريقة اسهتدافه وحشية.

لن يعود ليشاركه اللعب جمددا، فعبد الرمحن؛ رمغ أنه أن “دمحم” مل يتصور “عبد الرمحن” بعامني؛ إال أنه تعلق به كثريا، واكن يقتدي به، ورمغ ما أمل هبذا الصغري من يصغر “دمحما” صوت صاروخ حذرنا منه، “كنا نلعب، فمسع “دمحم” رضوض؛ إال أهنا مل تنسه ما حدث: ومجيعنا حاولنا الفرار، لكن صاروخا آخر سقط باجتاهنا، وأصبت بيمنا استهشد دمحم..”

يبيك وال يلبث أن ميسح دموعه.مل فالصاروخ واألىس، بالدموع “دمحم” اسهتداف يستعدن مهشد زلن ال األربع شقيقاته حيرق جسده فقط؛ بل مزقه أمامهن أشالء، وبقايا الشظايا املتطايرة يف املاكن ودماؤه اليت جفت عىل اجلدران تصعب علهيم النسيان، يف لك حني يتخيلنه عائدا من البقالة حيمل يف جعبته احللويات واملسليات، ليقدمها هلن، فال ميلكن إال الباكء، وما ميلك أبوهن إال أن حيملهن

عىل الصرب واجللد.اللك هنا يفتقد ذلك املالك الربيء؛ الذي أثار يف نفس لك من رآه مشاعر احلب جتاهه؛ مجلال

خلقه وخلقته وحسن تعامله.أحد مدرسيه جاء معزيا لوالده باكيا فراق أكرث األطفال متيا يف فصله، مؤكدا أنه اكن فطنا نبهيا، ال يبخل عىل أصدقائه باملساعدة؛ إن قصدوه يف رشح مسألة رياضية أو معىن لكمة

باللغة اإلجنليية مل يفهموها من املدرس.دون أن حيقق حمله بدراسة الطب، فهل اكن ميثل خطرا بلهوه مع أبناء معه لقد رحل “دمحم”

عىل أمن االحتالل؟!

محمد عاشور.. وصواريخ تقتل أحالم األطفال..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة22

Page 23: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“محمود؛ رجاء أحرض يل علبة من معجون اجليل من البقالة”.. “تأمرين يا أخيت؛ سأعود حالا”.

رشق حمافظة إىل البقالة املجاورة ملجسد عبد اهلل بن رواحة يف منطقة سكنامه بقرية “معن” بصحبة ابنه “أنس” خرج “محمود” خانيونس، وما إن خرج من البقالة حىت أرسلت الطائرات اإلرسائيلية صاروخا سقط عىل دراجة نارية اكنت متر بالقرب من “محمود”.

وصفت حالته باخلطرية، مكا يف مقتل، فاستهشد عىل الفور، بيمنا ابنه “أنس” الشظايا اليت انترشت يف لك ماكن أصابت “محمود” استهشد أيضا سائق الدراجة “عبد اهلل حرب خاطر”.

يف احلديقة مع أيب وجديت ومعيت “كنا نألك حبات “اللكمنتينا” احلديث قائلا: )ذي السنوات األربع( ابن “محمود” يتجاذب “معاذ” أصيب وحالته خطرية، اكنت الدماء تغيط وجوههم..”. وشقييق “أنس” قبل دقائق من قتل أيب، ماذا فعل هلم؟!

بالدموع والزغاريد ودعت األم ابهنا األكرب “محمود”، تتذكر مواقف بره هبا فتبيك تارة حرسة أنه لن يعود، مث يلهج لساهنا بدعاء خملص بأن تكون اجلنة مأواه، وتارة أخرى تنفرج أساريرها ألن املقاومة الفلسطينية استطاعت يف األيام المثانية أن تكبد االحتالل خسائر كبرية، وأفشلت خمططات االحتالل يف ردع املقاومة. تقول: “دك املقاومة لملدن الفلسطينية احملتلة عام 48، ووصول الصوارخي

إىل القدس وتل أبيب شىف صدورنا حنن أمهات الهشداء”.

والتزال مشاعر الذنب تهنش شقيقته، فلوال أهنا طلبت إليه أن يأيت هلا ببعض احلاجيات من البقالة السمتر يف جلسته معهم ومل ينل فال يتجرعون جمددا أمل الفراق. منه القصف، تبيك وتسمتر يف الدعاء بأن يكون مستقره يف جنة الفردوس، وأن ينجو ابنه “أنس”

“اكن محمود حنونا، ودودا، طيبا، مسح الوجه، واملعاملة، نيق القلب” كذلك وصفته زوجته، رمغ انشغاهلا مع “أنس” ذي العامني بفعل إصابته اخلطرية، إال أن دمعها مل جيف عىل شقيق الروح مهنا ورفيق الدرب، أملها كبري ومعيق؛ فأنس ما زال يعاين جراء إصابته،

رحل إىل األبد. وحالته تتحسن ببطء، بيمنا زوجها “محمود” ويلعبا سويا، وأال تكون عىل موعد مع فراق آخر. رسيعا ليعود ويؤنس وحدة شقيقه “معاذ” األمل الكبري لدهيا أن يتحسن “أنس”

ذهب ولم يعد..!

23

Page 24: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

االحتالل جيش نفذها اليت الحساب” “معود معلية أيام طيلة اإلرسائييل يف قطاع غزة يف الرابع عرش من نومفرب )ترشين من العام 2012 مل تغادر الطائرات احلربية مساء القطاع، ثاين( لتفجري وتعطهشا رغبهتا معلنة ومساء، صباحا حتلق فاكنت

شالالت جديدة من الدم.برباءهتم الطائرات، مآرب جهلوا األطفال وحدمه األرض؛ عىل اليت تسيطر عىل أفعاهلم، اكنوا خيرجون للعب واللهو؛ لكهنم ال يبتعدون كثريا، أمتارا فقط أمام منازهلم؛ استجابة خلوف أباهئم

وأمهاهتم علهيم.العبادلة” “وليد استيقظ نومفرب؛ من عرش اخلامس يف صباح عادهتام؛ غري عىل سنوات( )ثالث “مالك” التوأم وشقيقته طعام الطفالن فهيا أهنى قليلة ساعات واملرح، للهو متشوقني اإلفطار، واحندرا برفقة أبهيام أمام مزنهلام، وما يه إال دقائق؛ وبعض أبناء جرياهنم؛ وبدأوا يلعبون حىت جاء ابن معهم “هيمث”

ويلهون..تأكدت فقد شيائ، ألمهام يعن مل المساء يف الطائرات أزيز أهنام برفقة والدمها أمام املزنل ولن يبتعدا، مما جيعلهام عرضة لالسهتداف، لكن خاب ظهنا؛ مل يعد طفالها لتناول طعام الغداء اإلرسائيلية فالطائرات القيلولة، ساعات يف للراحة واخللود فأمعلت أو خوف، كدر بال يلهون األطفال ومه استفزها مهشد قبل طفولهتم سنوات وتغتال براءهتم من لتنال صوارخيها؛ اكمتاهلا، رضبة أوىل؛ فثانية.. أفزعت امجليع ودبت الرعب يف

قلوب األطفال.حلظات؛ وسقط صاروخ أقرب كثريا من ماكن هلومه؛ مفأل المساء

بدخانه، وأوقع العديد من األطفال بني هشيد وجرحي.أمام تواجدا اللذين طفليه إىل الطفلني والد وسمي” “أبو هرع

تزنف والدماء عينيه أمام الذي متدد “وليد” ولده املزنل، ومحل من مفه.

“يف البداية محلته إىل البيت، ورحت وأمه نوقظه ظنا منا يقول: أنه قد أغيش هيلع من اخلوف وصوت القصف، لكنه مل يستيقظ، خطرية، حالته أن األطباء ليخربين املستشىف؛ إىل به فهرعت وأن الدماء النازفة من مفه بسبب تمخض يف الرئة وانفجار بعض

األوردة والرشايني يف جسده الصغري”.يف املستشىف؛ أجرى األطباء معلية عاجلة إلنقاذ حياة الصغري، وأخرب األطباء “أبا وسمي” أن حتسنا طرأ عىل حالة الصغري؛ لكنه

سيبق حتت املراقبة يف غرفة العناية املكثفة.

مرت الساعات األوىل بعد العملية ثقيلة جدا عىل قلب أم وسمي، اكن اهلل قدر أن غري والدعاء، بالصرب علهيا استعانت لكهنا

بعد ثالث ساعات من العملية هشيدا. حمتوما؛ فارتق “وليد” مازالت تنتظر توأمها لتستمكل معه اللعب، لكنه ال شقيقته “مالك” صعد إىل المساء؛ يرص عىل أن “وليد” يعود، وابن معه “هيمث” أن فقد شاهد الصاروخ وهو حيمل جسده عاليا، ال يدرك “هيمث”

الصاروخ أعاده إىل األرض دون أنفاس احلياة.

والدته اكنت قد تنبأت له مبستقبل مجيل، لذاكئه وفطنته وإرصاره عىل التعمل، فقد اكن ميارس دور املعمل مع شقيقته “مالك” وتبادله يفرتقان، حىت ياكدان وال وجههيام السعادة اكنت متأل الدور،

ساعات النوم ال حيلو هلام إال أن يفرتشا الفراش سويا.اآلن؛ بقيت “مالك” وحيدة، ال تفهم رس غياب توأمها، فال تكف عن

اإلحلاح عىل والدهتا: “مىت بدنا نروح عند وليد؟!”.

“مالك”: متى سنذهب إلى “وليد”؟!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة24

Page 25: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

كيف خترب ابنهتا أن توأم روحها وفلذة كبدها، مل تعمل والدة “أم دمحم الشوا” واليت اكدت تزف إىل عريهسا قبل أهشر.. قد استهشدت!!.

يقول “أبو دمحم”: “استجمعت محايت قوهتا وأقبلت عىل زوجيت، حني سألهتا عن “يرسى” قالت إهنا خبري، مث ما لبثت أن بكت معلنة أهنا رحلت هشيدة.

الوحيدة وابنهتا اليت مجعهتا اهلادئة اجللسة كيف حتولت “أم دمحم” تعمل مل وأشقاهئا الثالثة يف غرفة املعيشة ليشاهدوا ما فعلت احلرب بأهل غزة “يرسى” ترشين ثاين( 2012 إىل اكبوس يأىب أن ينهتي. العزل يف العرشين من نومفرب)

إذ بصاروخ يسقط عىل مزنهلم يف يح فبيمنا مه عىل حاهلم -تقول أم دمحم- الجشاعية رشق مدينة غزة، فسقطت “يرسى” هشيدة، فميا أصيبت األم يف ظهرها.

“اكنت يرسى تبيك ملهشد األطفال ومه مرضجني بدماهئم، وال تكف عن الصالة تقول والدهتا.. اليت مل تكن تعمل أهنا ستبكهيا ملا تبق من العمر.. والدعاء هلم..”

“أبو دمحم” الذي عمل بنبأ قصف مزنله وإصابة زوجته وابنته وهو يف معله بصحبة ، خاليا من ليفاجأ جبسد ابنته مجس أحد أبنائه، هرع إىل “مستشىف الشفاء” تركيا خارجية ووزير الوفد أعضاء قلوب أحرق باكء وبىك فاحتضهنا احلياة،

“داوود أوغلو” الذي اكن يعود جرىح احلرب آنذاك.بيهتا اكلرباكن، انفجرت يف اليت والشظايا “يرسى” أغرقت جسد اليت الدماء ويه ترصخ “ماما.. ماما” وأصوات سيارات اإلسعاف، وصوت ابنهتا “يرسى” الزالت تالحق ذاكرة “أم دمحم” فتدور لك يوم يف أرجاء ما تبق من مزنهلا، تبحث يف املطبخ لتساعدها يف إعداد الطعام، ويف غرفهتا لتستذكر مع عن “يرسى”

أشقاهئا بعض ما صعب علهيم من دروس.يف كتهبا اليت جهزهتا لتحسني معدهلا يف الثانوية العامة.. تبرص صورهتا ولك متنحها وظيفة عىل واحلصول السياسية، والعلوم االقتصاد تدرس أن أحالمها

ماكنة اجمتاعية مرموقة. تقول والدهتا: “لك ذلك قىض هيلع االحتالل”.“يرسى” عملت عرب رؤيا صادقة بأن مصريها الهشادة، فأبت أن تمت خطبهتا عىل أحد أقارهبا، متعللة بأهنا تود استمكال دراسهتا، ورمغ إرصار والدهتا علهيا ورغبهتا

أن تفرح هبا؛ إال أهنا مل متلك أن تعاند رغبهتا باالنفصال.“احرتمت رغبهتا، وجشعهتا ووالدها عىل استمكال رحلة تعلميها؛ ففرحت تقول:

جدا..”.اكنت “أم يرسى” تعاتهبا: “بدي أفرح فييك” فرتد الفتاة: “..ال تقليق يا أيم، فقد

رأيت رؤيا خري، وستعملني عندما تتحقق إن شاء اهلل..”.“بأي ذنب تهنمر الدموع من مقليت األم، وال متلك مواصلة احلديث، فقط تتساءل: مشوار لتبدأ طفولهتا من تبق ما تململ مزنهلا يف آمنة ويه “يرسى” قتلت

املستقبل؟!”.

“يسرى”.. الفرحة المسروقة من عائلة الشوا..

25

Page 26: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“عشنا أياما قاسية من اخلوف والرعب، جمسي لكه يرجتف مكن مسه سلك كهربايئ؛ خاصة أنين أعاين من مشلكة يف اجلهاز العصيب، أو هكذا خشصه األطباء، وردوه إىل ضغوط نفسية؛ زاد العدوان من حدهتا..”

عىل قطاع غزة يف 14 من نومفرب )ترشين حاهلا يف عدوان األيام المثانية الذي شنته “إرسائيل” هبذه اللكامت خلصت “أم وسمي” ثاين( 2012.

تسكن “أم وسمي” (45 عاما) يف عبسان اجلديدة رشق مدينة خان يونس جنوب القطاع، لكن هذا ليس مصدر قلقها؛ بل تصادف وجود مزنهلا جبوار مركز للرشطة التابعة حلكومة غزة.

عىل أعصاهبا طوال أيام العدوان، ختوفا من أن تقصف مروحيات االحتالل مركز الرشطة، خصوصا أهنا دأبت عىل اكنت “أم وسمي” قصف وتدمري املنشآت احلكومية والرشطية يف أي عدوان هلا عىل القطاع.

“..لكام مسعت صوت انفجارات قريبة تشاهدت عىل رويح..” تقول “أم وسمي” اليت أرص زوجها عىل مغادرة البيت، فاضطرت إىل املكوث املجاورة، تاركة زوجها وأطفاهلا يف مزنل شقيقه. يف مزنل أهلها يف قرية “بين هسيال”

تضيف: “..قبيل صالة املغرب من لك يوم؛ أترك بييت وأتوجه إىل بيت أهيل؛ حيث يقمي شقييق وشقيقيت، حيث اكنت تشتد الرضبات اجلوية يف ساعات الليل.. وما يه إال ساعات حىت وصل شقييق اآلخر وزوجته وأطفاله فارين من اخلطر احملدق هبم يف منطقة حدودية قريبة، جفمعنا خوفنا مجيعا وجلسنا ندعو اهلل، ونقرأ قرآنه احلكمي حينا، ونتابع األخبار عرب الراديو أحيانا أخرى حىت ننام

رمغا عن أنفسنا..”.إال أهنا شعرت بالراحة الجمتاعها مع أشقاهئا، معتربة أهنا اكنت فرصة إجبارية هلم ورمغ اخلوف والقلق الذي ألك قلب “أم وسمي”

ليجمتعوا ويتذكروا املايض..!تقول: “..كنا حنو عرشة أخشاص ننام مجيعا يف غرفة واحدة، لكام غفت عيوننا بدأت أصوات القصف تتصاعد، وصوت الطائرة الزنانة

)طائرة استطالع( مل تغادر آذاننا بتاتا، فنبدأ يف التخمني: أين وقع الصاروخ؟ وماذا مت قصفه؟ حسب مدى قرب صوت االنفجار..”.تغادر مزنل أهلها، لتتفقد أوالدها ومزنهلا. ويف ساعات الصباح الباكر؛ اكنت “أم وسمي”

تقول: “..كنت أسري يف طريق مهجورة، وحركة السيارات واملارة اكنت خفيفة جدا، ويف إحدى املرات؛ مت قصف أرض زراعية جماورة وأنا يف الطريق، ارتعبت كثريا وظللت أقرأ القرآن والسور القصرية حىت وصلت البيت..”.

رمغ مرارة العدوان؛ واخلوف من فقدان األحبة؛ إال أهنا مل تكن ختلو من بعض املرح، فيف إحدى الليايل؛ تقول “أم وسمي”: “..رن جوال شقيقيت، واكن الرمق غريبا؛ وكأنه من خارج فلسطني، خفافت الرد هيلع، خصوصا أننا كنا قد مسعنا عن اخرتاقات جليش االحتالل الفلسطينية، وأهنم اكنوا يتصلون بالناس ويطالبوهنم بإخالء منازهلم لقصفها، وبعد تكرار االتصال عدة مرات؛ أغلقت لشبكة “جوال”

شقيقيت جواهلا وأخرجت البطارية منه خوفا من أن يطلب املتصل مهنا إخالء املزنل فورا..”.

وتتابع: “..بقينا لساعات عىل أعصابنا، وجفأة؛ اكنت شقيقيت تتابع رسائلها اإللكرتونية عىل شبكة اإلنرتنت لتفاجأ بأن صديقهتا اليت تقطن يف بريطانيا ختربها بأهنا حتاول االتصال هبا لالمطئنان عىل سالمهتا، فتحول خوفنا إىل حضك..”.

اليت تستعيدها عند لك اعتداء جديد انهتى العدوان يف 23 من الهشر نفسه، لكن ذكريات اخلوف والتاليق ال تغادر عقل “أم وسمي” أو حتليق ملروحيات االحتالل املسمتر يف مساء غزة.

“أم وسيم”.. ورحلة البحث عن األمان..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة26

Page 27: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

)أم عامر( )42 عاما(البقاء يف مزنهلا، بيمنا هناك من حيتاج إىل خربهتا يف تقطيب جراحهم والتخفيف مل تستطع “وداد أبو سامل” من مصاهبم.

اكنت تنتقل لك يوم من منطقة سكهنا يف الجشاعية رشق مدينة غزة إىل “مستشىف الشفاء” غرهبا؛ لرتى جرىح العدوان اإلرسائييل هناك ينطقون الهشادة، وأمهات وأباء وإخوة يبحثون عن أشالء أبناهئم، وأطفالا يبكون أملا وهلعا ونعاسا طريه قصف اسهتدف نومهم

اآلمن.من العام خالل العدوان األخري عىل قطاع غزة يف نومفرب )ترشين ثاين( لكام جض قسم االستقبال يف املستشىف -وما أكرث ذلك-

2012، ترتك “أم عامر” معلها يف قسم اجلراحة، وهتب ملساعدة زميالهتا وزمالهئا يف قسم االستقبال.محمولا عىل ناقلة إسعاف طبية بعد إصابته بشظايا آخر العنقود )11 عاما( بابهنا “دمحم” يف إحدى املرات؛ تفاجأت “أم عامر”

متطايرة من مركز الرشطة املقصوف يف يح الجشاعية.

قفز قلهبا من صدرها -مكا قالت- وهدأت من روعه، وقطبت له جرح ساقه، ولفته بشاش طيب أبيض، مث طلبت سيارة اإلسعاف إليصاله إىل مزنله، وعادت إىل معلها يف متابعة مرضاها.

حتت القصف واخلوف، وترتك خلفها عائلة مكونة من 5 أفراد، إال أن قلهبا يبق لك يوم إىل “مستشىف الشفاء” تتوجه “أم عامر” الذي ترعاه بعد عودهتا من معلها. معلقا يف البيت، وقد تركت جرحيها “دمحم”

“..تعرضت خلطر مسمتر خالل معيل، يف لك مرة أخرج فهيا من البيت أحس أهنا املرة األخرية يل عىل قيد احلياة، أودع تقول: أبنايئ وأوصهيم باالهمتام بأنفهسم.. كنت أسمتع إىل األخبار من اإلذاعات احمللية، ولكام مسعت عن قصف قريب من املزنل، أتصل

بأرسيت عرب اجلوال لالمطئنان علهيم. تقول “وداد”: “..لكام شعرت أن أحدا ال حيتاجين يف قسم اجلراحة؛ توجهت إىل االستقبال ملشاركهتم يف عالج اجلرىح الذين اكنوا

يتوافدون إىل القسم، وقد تقطعت أوصاهلم، وتناثرت أشالؤمه، يغطهيم الدم والغبار..”عائلهتا، فيؤملها قلهبا، أال أهنا تستعني هيلع بالصرب والدعاء حبفظ اهلل وسالمهتم، وتستمكل تطبيب يف لك موقف تتذكر “أم عامر”

جراح املصابني ويف عيوهنا دمع، جتهتد يف إخفائه.“..ما أكرث ما أباكين..” تقول “وداد” اليت ذرفت الكثري من الدمع ويه ترى الهشداء يرتقون، واألطفال يرصخون أملا.. لكهنا ما توقفت

حلظة عن أداء واجهبا اإلنساين والوطين واملهين.

“وداد”.. تقطب جراح طفلها وتواصل..

27

Page 28: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

سناء تودع أطفالها.. خوفا من أال تعود..!رمغ حهبا ملهنة المتريض اليت اختارهتا مبحض إرادهتا؛ إال أهنا أحيانا تشعر بأن هذه املهنة من أصعب املهن، بل أخطرها، كيف

ال ويه تعمل يف ظروف عدوان رشس ال حمرمات فيه..؟!احلديث؛ طيلة هبدوهئا عاما( 31( ثابت” “سناء احتفاظ ورمغ إال أن مثة خوف اكنت ختبئه يف صدرها، وتتظاهر بعكسه أمام “مستشىف إىل أذهب كنت العدوان؛ أيام أول “..يف أطفاهلا: شديدة بصعوبة الشديد، اخلوف حتت معيل ملواصلة الشفاء” املارة، من خالية الشوارع هناك، إىل تقلين سيارة أجد كنت وحركة السيارات ضعيفة، ال يشء سوى أصوات القصف وراحئة

الدخان..”.“ثابت” )اليت معلت يف مستشىف مكال عدوان يف عدوان )-2008

2009( مل تشعر باخلوف والرعب وخطورة املهنة اليت تعمل فهيا، مكا شعرت هبا يف عدوان األيام المثاين أواخر العام 2012؛ بعد أن انتقلت لإلقامة يف وسط القطاع. تقول: “..يف العدوان السابق؛ اكن معيل قريبا من البيت؛ وبني أهيل وأقاريب، لكن يف العدوان احدي تنقيل، فيف مرة خالل أكرث من للخطر تعرضت األخري؛ املرات اضطررت أن أختبئ يف بيت خال جهره أحصابه، هربا من قذائف املدفعية. كنت أخرج من البيت وأودع أبنايئ وزويج وأوصهيم، ألين أشعر أنين لن أعود إليه، وسوف أستهشد، أو مرة آرامه ولن اإلرسائيلية؛ للصوارخي يتعرضون –رمبا- أهنم

أخرى..”. غري ترابية وطرقها املواصالت عن بعيدة منطقة “ثابت” تسكن ممهدة، وتضطر للسري مسافة ربع ساعة للوصول للشارع العام

طفلة يف هشرها خلفها تاركة ملنطقة معلها، سيارة تنقلها يك الرابع، ناهيك عن أن املنطقة اليت تسكهنا تتعرض كثريا للقصف

من قبل الزوارق احلربية اإلرسائيلية.“..بعد أربعة أيام من العدوان؛ طلبنا من إدارة املستشىف تقول: أن تؤمن يل ولزماليئ سيارة إسعاف تقلنا ذهابا وإيابا، لكن حىت هذه مل تكن آمنة، فكثريا ما تعرضت سيارات اإلسعاف للقصف

املبارش..”.سيارة يف نتكدس طبيا اكدرا 50 حوايل “..كنا وتضيف: احملافظة؛ وسط نتجمع ماكن، من أكرث من قادمني اإلسعاف، لتقلنا السيارة إىل املستشىف، اكن سائق اإلسعاف حيرص عىل السري يف الطرق الرئيسة، إال أن أصوات القذائف اكنت تالحقنا أيمنا رسنا، اكنت أياما من الرعب املتواصل، كنا نرجتف خوفا طوال الطريق حىت نصل املستشىف أو منازلنا؛ غري مصدقني أننا

الزلنا عىل قيد احلياة..!”.“..بني واجيب ممكرضة وعائليت املكونة من زويج وأربع بنات وولد، كنت أمتزق، مفع لك خرب يتعلق مبنطقة سكناي يف النصريات؛ اكن قليب يقفز من بني ضلويع، وكنت أرسع باالتصال عىل زويج ألمطنئ أهنم خبري، ومه كذلك طيلة الوقت، نتواصل عىل التلفون

لالمطئنان..”.تتهند: “..آه..! أيام صعبة جدا مرت علينا، كنت أقبل بنايت وأودع زويج يف لك يوم أخرج منه للعمل؛ خوفا من أال أعود إلهيم مرة

أخرى..”.

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة28

Page 29: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“ثالثة أماكن اكنت تشلك خطرا علينا يف املنطقة: األرايض الزراعية اخلالية، ودخان خبي الطابون، والطوابق العلوية من البيت..”..

قصهتا )من ساكن عبسان الكبرية رشق خانيونس جنوب قطاع غزة( تلخص “هنى قدحي” مع عدوان األيام المثانية عىل غزة يف نومفرب )ترشين ثاين( 2012.

“هنى” الثالثينية واألم لـ 5 أطفال ترسد احلاكية: “..يف أول يومني للعدوان؛ مل نكن نشعر بقرب “..اكن اليوم مير اخلطر منا، كنا نتابع بقلق القصف الذي يطال حمافظيت غزة والشال: علينا كعام، كنا أجسادا متيش عىل األرض، لكن عقولنا منتهبة ألصوات مروحيات االحتالل نهنمك اليت حتوم يف مسائنا، ومع أصوات القصف واالنفجارات، وكنت -ونساء العائلة- يف أمعالنا املزنلية؛ اليت زادها العدوان بسبب مجتع العائلة واستضافة األقارب اهلاربني من املوت، وأصوات القصف واإلقامة اجلربية يف املزنل، مل نكن خنرج إال للرضورة، كنت حاملا بطفيل األخري، ورمغ أن أهيل يسكنون بالقرب مين؛ إال أنين كنت أمطنئ علهيم فقط

باالتصال عرب اهلاتف؛ خوفا من التنقل يف املنطقة..”.“..سابقا؛ مل أكن أهمت كثريا مبوقع التواصل االجمتايع “الفيس بوك” وتضيف “هنى”: قدرته عىل حتوييل من أم حيث اكن يل حساب لكنه مهمل، لكين اكتشفت -خالل العدوان- عادية إىل ناشطة سياسية. اشرتكت يف صفحات عدة تنقل أخبار غزة وصور ما حيدث

فهيا، وكنت أتواصل مع امجليع داخل فلسطني وخارجها..”.آليات والعبث من قبل للتجريف مرارا وعائلهتا يف منطقة زراعية تعرضت “هنى” تعيش

االحتالل اإلرسائييل؛ اليت اكنت جتتاح حدود غزة الرشقية والشالية وقمتا تشاء.ويف العدوان األخري؛ أرسلت مروحيات االحتالل صوارخيها باجتاه األرايض الزراعية دون

أي سبب.“..عشنا يف حالة رعب دامئ، ألهنم اكنوا يقصفون املناطق الزراعية، وقتلوا تقول “هنى”: أحد الساكن وحفيدته يف منطقة قريبة منا، خفنا كثريا ألننا حماطون بأراض من لك اجتاه، أن معيت اكنت خترج إلطعام اضطرارا، حىت إال منه ومل خنرج البيت مجيعا فالزتمنا وأخيه لك الربق حتت حراسة زويج أرض جماورة ملزنلنا برسعة وأغنامها يف طيورها

يوم..”.ومعظم نساء املنطقة عادهتن الدامئة خبزب أرغفة اخلزب يف الفرن الطيين؛ وجهرت “هنى” بعد أن قصفت مروحية إرسائيلية سيدتني اكنتا تشعالن النار للخبي يف األيام األوىل من العدوان، وكن ينتظرن عودة التيار الكهربايئ؛ الذي اسمتر انقطاعه ألكرث من عرش ساعات

يوميا؛ ليخزبن خزبهن عىل خباز كهربايئ.القلقة، اليت جهرها النوم؛ شأهنا شأن معظم الفلسطينيني اكن الوقت وفريا أمام “هنى” تبث عربه خوفها، وتستطلع أخبار وطهنا، يف القطاع، فوجدت متنفسا هلا يف “فيس بوك”

ومدى التفاعل العريب والدويل مع ما حيدث حبق القطاع.وتواصل: تقول “هنى” “..ما أقىس تلك األيام؛ كأن املوت يزورنا، يقمي حولنا مث يغادر..” “..اكنت رسائيل اإللكرتونية تركز عىل أمنييت الوحيدة أثناء العدوان: نريد أن نريب أطفالنا

بسالم..”.

إقامة جبرية.. وفيس بوك..!

29

Page 30: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

حيمنا وصلها ترضع طفلها الصغري -الذي وضعته قبل مخسة أيام- اكنت “ناهد أبو دقة” خرب بدء العدوان اإلرسائييل عىل قطاع غزة يف 14 نومفرب )ترشين ثاين( من العام 2012.“اكن بيين وبني املوت دقائق عدة..” تقول “أبو دقة”.. وترشح أكرث: “..كنت أقمي يف مزنل محايت “جنوى أبو دقة” )50 عاما( حىت أتعاف من آالم الوالدة، فإذا بإقاميت تسمتر حىت

هذه اللحظة بعد إصابة محايت..”.تضيف “ناهد”: “..بييت يقع يف منطقة الفراحني عىل احلدود الرشقية حملافظة خان يونس نرتك فكنا بشلك مسمتر، اإلرسائييل والقصف لالجتياح تتعرض اليت القطاع؛ جنوب مزنلنا بدافع اخلوف والقلق ونقطن عند أحد أقاربنا؛ يك نبتعد قليلا عن املناطق غري اآلمنة،

ـ لكن؛ يبدو أال أمان باملطلق ألي ماكن، فلك األماكن مسهتدفة..” ما حدث مل يكن يف البال؛ تقول “ناهد” )عرشينية العمر( “..يف صبيحة يوم األحد 18 من نومفرب، أرسلت يل محايت حفيدهتا، تستعجلين ملساعدهتا يف إعداد العجني، قبل أيام اكنت تنام يف املستشىف عند ابنهتا املريضة، وعادت يوم السبت، اسمتهلت محايت قليلا حىت أرضع طفليت وأنهتي من ترتيب البيت، مث أحلق هبا ملساعدهتا يف العجني. اكنت الساعة السادسة والنصف صباحا، ومحايت يف املخزن الصغري الذي نستخدمه مكطبخ خاريج وخنزن فيه املواد الغذائية ومعدات اخلزب، وبيمنا يه هناك؛ جفأة مسعت صوت

انفجار قوي هز البيت لكه وغطاه بالدخان والغبار..”. تضيف: “..نزلنا مجيعا إىل أسفل البيت املكون من طبقتني، وبدأ زويج ومعي يف البحث عن محايت وسط الدخان الكثيف، ليجدوها مصابة بشلك بليغ، فبدأوا بالرصاخ طالبني النجدة، فوصل بقية أفراد العائلة واجلريان وأخذوها يف سيارة أجرة إىل مستشىف غزة األورويب يف خان يونس، والذي يبعد عن مزنهلم يف بلدة عبسان اجلديدة حنو 15 كيلو

مرتا..”. أصيبت “جنوى” بشلك بالغ يف قولوهنا، ونزفت دماؤها بغزارة، عالوة عىل كرس يف الفخذ األيرس ويف الساعدين األمين واأليرس، وآخر يف العضد األمين، مع حالة صدمة يف الرئة أدت إىل عدم القدرة عىل التنفس، فأجريت هلا معليات عدة يف املستشىف األورويب قبل

أن يمت حتويلها للعالج يف مستشىف املقاصد مبدينة القدس.يف املستشىف تتلق العالج؛ تاركة خلفها البيت تقول “ناهد”: “..ال تزال محايت “جنوى” بنا واهمتامها حضورها جضيج عىل اعتدنا أن بعد غياهبا، يف الصمت سكنه الذي

وباملزروعات والطيور..”.ولميون برتقال هناك أجشار “..أنظري؛ اكنت وتقول: الشاسعة، املزنل باحة إىل تشري وورود اكنت ترعاها محايت، لكها حل هبا الدمار والغبار واملواد السامة نتيجة القصف

الصارويخ، واضطررنا إىل خلعها خوفا عىل حصة األطفال..”.وتهني “ناهد” )اليت تلزتم بيت محاهتا حىت عودهتا( حديهثا قائلة: “..لوال إرادة اهلل لكنت

معها اآلن مصابة.. أو رمبا هشيدة..!”.

“ناهد”: تغيرت حياتي، ولوال إرادة اهلل لكنت مصابة أو شهيدة..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة30

Page 31: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

أراد أطفال عائلة النحال أن خيلصوا أجسادمه من برد الشتاء، فالتحفوا الشس متكئني عىل قضبان حديدية تفصل بني شاطئ

البحر ومنازهلم.عىل بيهتا من وخرجت اخلوف مشاعر قاومت أيضا “تسنمي” جعالة لتقيض بعض احلاجيات ألمها وأشقاهئا؛ الذين أجعزمه العدوان يف يومه الثالث املوافق 18 نومفرب )ترشين ثاين( 2012

عن اخلروج.اكنت غزة، قطاع ألجواء امللغمة اإلرسائيلية االحتالل طائرات جهامهتا تنفذ هلا حيلو وحني األرض؛ عىل حركة لك ترصد

العشوائية موقعة الهشداء واجلرىح.“اكنت تسنمي النحال )10 أعوام( تلون صفحة دفرت املادة املدرسية لكين طلبت إلهيا أن خترج لتقيض يل بعض “حقوق اإلنسان” احلاجيات من داكن صغري يتوسط حينا، ويا ليتين مل أطلب..”..

هبذه اللكامت فتحت أم تسنمي جرحها، وعرضت أملها مما القت.وانتشل روحها منه، مع قريهبا “أمحد الحق القدر جسد “تسنمي” مع دماؤمها لتختلط معها؛ استهشد الذي عاما( 26( النحال” الشظايا وفتات حبات احللوى والشيبس اليت ابتاعهتا “تسنمي”

لنفهسا مع أغراض أخرى ألمها. تقول “أم أمحد النحال” )38 عاما(: “ما إن مسعت صوت القصف حىت هرعت إىل الشارع ألتفقد ابنيت؛ فوجدهتا بني أكف شاب فقد أهنا هشيدة، لكين عملت فقط، أهنا مصابة حاول مطأنيت

اكنت احلروق تغيط جسدها الغض”.

وتضيف: “..كنت أرقب عودهتا من النافذة، وجفأة؛ سقط الصاروخ الدخان، ومل ب جبوارها، تطايرت الشظايا واألشالء، وعلت حسأعد أعرف ماذا حدث؛ حىت رأيهتا محمولة بني يدي أحد الشبان؛

فتيقنت أهنا رحلت”.جل تقيض اكنت شاطئه وعىل البحر، هدير “تسنمي” أحبت وقهتا يف الصيف، وبني القضبان احلديدية اليت تفصل بيهتا عن الشاطئ، اكنت حتيك بعض أحالم راودهتا بدراسة احلقوق مكا

تقول أمها.رحلت “تسنمي” وتركت صدمة يف نفوس أشقاهئا امخلسة، وفراغا الشاطئ مدرسة مدرساهتا يف وقلوب والدهتا؛ قلب كبريا يف “د”، تقول والدهتا ويه تقبل دفرتها الفارغ إال من صفحة معنونة سهنا، من أكرب ولكامهتا بأفعاهلا “اكنت اإلنسان”: “حقوق بـ

خشصيهتا قوية، معطاءة، ودودة..”.“تسنمي” أن تصدق تاكد فال عاما( 14( “إسالم” أما شقيقهتا رحلت بال عودة؛ تاركة أحالمها اليت خطهتا خلسة بقمل رصاص وبعض طباشري عىل جدار وباب الغرفة. “إسالم” ما زالت حتتفظ بأمها، عىل جهاز احملمول اخلاص “تسنمي” بأناشيد الصغرية وتتذكر كيف اكنت تنشد بصوهتا العذب بعض أناشيد قناة “طيور

لألطفال، وآيات من القرآن الكرمي. اجلنة” أكرث فبات أعوام( 4( “رائد” األصغر شقيقها املوت غري فميا مصتا؛ بعد أن دأب عىل مشاكسة الهشيدة أثناء ذهاهبا به إىل الروضة وعند الرجوع، وأيقن أهنا لن تعود ليلهوا معا بعد اليوم.

“تسنيم”.. رحلت تاركة دفتر حقوق اإلنسان فارغا..!!

31

Page 32: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

إنذارات بأن )يف بداية العقد الرابع من معرها( أصوات الطائرات يف المساء اكنت تبعث يف نفس الطبيبة اجلراحة “مىن كسكني” معلية حربية ستبدأ، فأعدت نفهسا جيدا الستقباهلا، وودعت طفالهتا الثالث وزوجها، واستقلت أول مركبة أوصلهتا إىل حيث معلها يف

قلعة املخ واألعصاب مبستشىف دار الشفاء.وما يه إال دقائق؛ حىت حتقق حدهسا؛ ونفذت مروحيات االحتالل اإلرسائييل أوىل أهداف معليهتا؛ باغتيال القائد يف كتائب عز الدين

القسام “أمحد اجلعربي”.حاول زمالؤها األطباء إقناعها بالعودة إىل أطفاهلا لكهنا رفضت؛ فواجب مهنهتا وإنسانيهتا أبقياها لتعاجل آالمهم مبرشطها.

لتوها من غرفة العمليات، وحبات من العرق تتساقط عىل وجهها؛ بيمنا رمست ابتسامة النرص عىل ثغرها؛ بعد أن خرجت “كسكني” سامهت وفريق طيب بإعادة احلياة ألحد املرىض.

بيمنا روت تفاصيلها يف تساؤالت: “كيف يكون احلال اخترصت الطبيبة اجلراحة جتربهتا وقت احلرب بتعبري “ملحمة إنسانية ومهنية” بالطبيب وهو يتعامل مع إصابات حرجة يف الرأس واكمل اجلسد؛ بعضها برت والبعض اآلخر مفتت؟”.

اكنت الطبيبة الوحيدة بني زمالهئا يف قسم اجلراحة، واملتخصصة يف جراحة املخ واألعصاب، مما دفعها إىل التعامل مع د. “مىن” اإلصابات اخلطرة؛ وخاصة يف الرأس ومراكز األعصاب يف اجلزء العلوي من اجلسم.

تقول: “خطورة معيل وأمهيته تزداد وقت العدوان الذي ميارسه االحتالل عىل شعبنا، إال أنين ال أتوان عن مغادرة بييت وترك طفاليت ألصل إىل معيل حتت هتديد املروحيات ووقع أصوات االنفجارات..”.

وترى “كسكني” أن مهمهتا أحضت مضاعفة يف العدوان األخري يف العام 2012 عهنا يف عدوان 2009-2008، خصوصا بعد أن رزقت بطفلتني توأمتني مل تتجاوزا عامهام األول، إضافة إىل ابنهتا األوىل.

أن أقىس ما مرت به يف هذا العدوان هو مهشد األطفال بأجسادمه احملرتقة ودماهئم اجلافة بفعل دفهنم حتت وتعترب د. “كسكني” راكم منازهلم.

تقول: “..كنت أشعر جتاه هؤالء األطفال مكا لو اكنوا أطفايل؛ فأبيك حزنا وخوفا..”.الخشصية، املهنية وجشاعهتا ولقدرهتا “مىن” للدكتورة الطيب( الشفاء اجلراحة مبجمع قسم )مدير “صيحب سكيك” د. ويهشد

مستذكرا كيف اكنت ختاطر بنفهسا من أجل إنقاذ حياة بعض املرىض.

ويقول: “نظرا لضعف اإلماكنات؛ اكنت األطقم الطبية تضطر للخروج باملصاب -خاصة إصابات الرأس واجلزء العلوي من اجلسم- إىل “مستشىف اهلالل األمحر” أو “مستشىف القدس” لعمل صور مقطعية وتخشيص احلالة قبل البدء بالعالج والتدخل اجلرايح..”.

كثريا ما حاول األطباء -حبسب رواية د. “سكيك”- إقناع د. “مىن” بعدم اخلروج مع املصابني إلجراء الفحص والتصوير جبهاز األشعة املقطعية؛ خلوفهم علهيا، لكهنا مل تفعل أبدا؛ ألن املريض ذا احلالة احلرجة ال ميكن أن يرتك وحده مع طبيب غري خمتص، فأية حركة

أو تأخر قد تودي حبياته؛ وهو ما ال تقبل به؛ طاملا أقمست عىل أداء املهنة بأمانة.

“كسكين”.. واجهت عامود السحاب بمبضع..

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة32

Page 33: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

حىت دب اخلوف يف قلوب لك فرد ما إن نعقت مروحيات االحتالل اإلرسائييل يف مساء قطاع غزة معلنة بدء معلية “معود الحساب” قبل أربع سنوات ونيف.. هشد تفاصيل حرب “الرصاص املصبوب” من عائلة “المسوين”

التلفزة.. مجيعها املتتابعة بال هوادة، ورصخات األطفال والنساء عىل شاشات األزيز اهلستريي لملروحيات، وأصوات االنفجارات أعادهتم إىل مشاهد املوت السابقة؛ واليت جنوا مهنا.

“مسعودة المسوين” )30 عاما( أحرقت قلهبا العدوان السابق خبطف زوجها “دمحم إبراهمي المسوين” وطفلها “املعتصم باهلل” وعدد آخر من أشقاهئا وأقارهبا هشداء، آنذاك؛ يف اخلامس من يناير 2009؛ ما إن أطلت قوات االحتالل بدباباهتا عىل اخلط الرشيق –شارع “الدبابات اكنت القاطنة هناك، وأمعلت حبقهم معلية إبادة مجاعية. تقول “مسعودة”: حىت حارصت عائلة “المسوين” صالح الدين- وأمطرتنا بعدها بوابل من القذائف، حفاولنا اهلرب فوهاهتا موجهة ألبواب بيوتنا، وحرشتنا قوات االحتالل يف بيت “وائل المسوين” مع أمه وثالث من أشقائه إىل الشارع الرئييس؛ لكن وقهتا ليق العديدون مرصعهم يف جمزرة بشعة، استهشد فهيا زويج “دمحم”

وابننا املعتصم باهلل”.القابعة عىل اخلط من العام 2009 حارصت قوات االحتالل بدباباهتا منازل عائلة “المسوين” فيف اخلامس من يناير )اكنون ثاين(

الرشيق من شارع صالح الدين، وارتكبت حبقهم معلية إبادة مجاعية هشد العامل فظاعهتا.نفهسا ألن تفقد املزيد؛ فقد فطنت إىل جمهية االحتالل اإلرسائييل، قالت لنا والدمع هيأت “مسعودة” يف معلية “معود الحساب” يسبق لكامهتا، بعد أن توارد إىل خاطرها رشيط العدوان األول مبآسهيا: “..مشاهد املوت والدمار مل تكن خمتلفة، واسهتداف األطفال

والنساء أيضا؛ لكنه أكرث بشاعة..”.السابقة جعلهتا توقن بأن جمرد اخلروج من املزنل يعين القنص واالسهتداف بصاروخ طائرة أو قذيفة زورق حبري، خربة “مسعودة” خاصة وأن بيهتا حماطا باألرايض الزراعية اخلالية؛ واليت تكون هدفا لالحتالل؛ ظنا منه أن املقاومة تستخدمها إلطالق الصوارخي

وأمعال املقاومة.كيف عاشت ليال طوالا من األمل مل تغمض هلا عني ومل هيدأ هلا قلب، وكيف هلا ذلك وأخبار املوت تتواىل وأصوات تروي “مسعودة”

القصف تتعاىل، ومع لك دوي انفجار هيزت بيهتا حىت تصدعت جدرانه.وتضيف: “بقيت يف بييت أربعة أيام مل أستطع خالهلا اخلروج لبيت أهيل من شدة الرعب واخلوف، ومع إرشاقة صباح اليوم اخلامس للعملية فوجئت بأيب يطرق بايب ليستضيفين وأبنايئ يف كنفه؛ فمل أملك رد طلبه، حزمت بعض أمتعتنا وأحمكت وثاق يدي بأيدي

أطفايل ومشينا يف رسب واحد، حىت إذا ما دامهتنا غارة أو صاروخ قضينا حنبنا مجيعا..”.هناك يف بيت أبهيا اكن األمل يراود من حوهلا بأن تشعر ببعض األمن والمطأنينة، لكن حالة اخلوف مل تغادرها، تعرب عهنا بباكء

هستريي وأحيانا بضحك غري منقطع، ال تدرك سببا له، وال ترى منه لون السعادة.حترص عىل ململة صغارها يف حضهنا، مل تشأ تركهم ولو للحظة تغفو فهيا أو هتدئ من يف رحاب بيت أبهيا؛ أيمنا تنقلت “مسعودة”

روعها، أرادت إن اكن قدر اهلل نافذا بقصف صارويخ أن ترحل مع أطفاهلا وال ترتكهم فرادى مع األمل وحزن الفقد الذي عاشته.فأرواح للنوم سبيلا، ويف لك حني ترص عىل العودة إىل مزنهلا يف “الربص” عىل مدار أيام العدوان المثانية؛ مل تعرف “مسعودة” وهو غارق يف دمه عىل كتيف، “لكام حاولت أن أغفو تدامهين صور استهشاد “املعتصم باهلل” الغائبني حتلق يف مساهئا. تقول:

وأحيانا أخرى رصخات شقيقيت وزويج ولك أهيل؛ الذي قضوا يف املجزرة أثناء عدوان الرصاص املصبوب..”.من حالة نكء اجلراح واسرتجاع ذكرى الهشداء؛ حىت لكامت األمان اليت فشلت لك حماوالت أبهيا وأشقاهئا إلخراج “مسعودة”

ذي العرشة أعوام؛ الذي نالته شظايا قصف والده حني قال: “ال ختايف يا أيم”. تلعمثت عىل لسان صغريها “موىس” أما صغريها الذي وضعته بعد العدوان بثالثة أهشر؛ ومل يستطع أن يفهم ملاذا غادره والده؟ وملاذا تركه يف وقت العدوان وحيدا مع أمه وأشقائه يواجهون الرعب؟ حفطم زجاج صورة علقهتا والدته عىل صدر حائط مدخل املزنل فور عودهتم إليه، وحني سألته والدته

وتركين للهيود، أنا ال أحبه”..!. عن السبب قال باكيا: “أيب ال حيبين، أخذ “املعتصم”

مسعودة السموني.. ووجع يعود من جديد..

33

Page 34: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

2012، خرجت “سعدية دمحم عايدي وحتديدا يف الثامن عرش من نومفرب )ترشين ثاين( يف أحد صباحات معلية “معود الحساب” كعادهتا تتفقد بضع دجاجات ميرحن يف أمتار خلف مزنهلا يف شارع املنصورة حبي الجشاعية، لكهنا ما عادت )65 عاما( الديب”

إليه بعد ذلك اليوم.بني يدهيا محلت السيدة بعض احلبوب وما فاض من طعام املزنل وقارورة ماء صغرية، واجتهت حنو كوخ طيورها يف طرف احلديقة،

بصوت خافت اكنت تنادهيم ليقبلوا إىل الطعام، وما إن أقبلوا؛ حىت أنست هبم، وزادت هلم يف أوعية الطعام لتمطنئ أهنم شبعوا.بعد ليلة قاسية من القصف وبيمنا السيدة عىل حال السعادة مع طيورها؛ أقبل إلهيا شقيقها ليمطنئ عىل أحواهلا وشقيقهتا “نرصة” والتدمري اإلرسائييل، حديث قصري دار بيهنام ال يتجاوز التحية والسؤال عن احلال؛ حىت باغتهتا طائرة إرسائيلية بصاروخ أوقعها

أرضا غارقة يف دماهئا.إال أن يرصخ بعلو صوته عىل لك من يف املزنل؛ لهيبوا لنجدة الشقيقة، بطلب إسعاف أو إخالهئا إىل أقرب مستشىف، مل ميلك “رزق”

لكهنم صدموا هبا تلفظ أنفاهسا األخرية.الدماء اختلطت بعشب األرض، وزاد صياح الطيور؛ وكأهنا فطنت إىل أن أمها وراعيهتا قد رحلت.

شقيقها “رزق” مل يزل يتساءل عن سبب اسهتداف شقيقته يف مزنهلا؟! مل هيتد إىل إجابة حىت اآلن، يقول: “مل تكن املنطقة اليت نقطهنا حماطة باألرايض الزراعية اليت يتذرع االحتالل باستخدام املقاومة هلا يف أمعال قصفهم لملناطق احملتلة عام 48”. وتابع حبرسة: “..ذرائع االحتالل واهية، وعدد الهشداء من األطفال والنساء؛ واملجازر اليت ارتكهبا حبق عائالت بأمكلها دليل عىل أنه يسهتدف

هل إطعام الطيور جرمية تعاقب علهيا مروحيات االحتالل بالقصف؟!”. وتساءل: املدنيني بشلك عشوايئ..” وبرمغ ميض أكرث من هشرين عىل استهشاد يف غرفة بدت مظملة إال من شعاع وحيد تسلل من نافذهتا؛ جلست شقيقهتا “نرصة”

شقيقهتا “سعدية”.. إال أن قسوة الفقد مل تربح قلب “نرصة”.أنفاهسا تدب يف صدرها بقيت الصاروخ أرضا أوقعها أن فبعد املعهودة، بابتسامهتا “غادرتين يتدفق من مقلتهيا: والدمع تقول

بشلك خاص..”. للحظات مجتع فهيا األهل حوهلا، فابتمست يل “سعدية” مل تكن معقدة، بل بسيطة قامئة عىل العطاء الال حمدود ملن حوهلا من األشقاء وأبناهئم واجلريان واألقارب. يقول حياة “سعدية” “شاهر” ابن أحد أشقاهئا إن عالقة صداقة محمية مجعته بعمته الهشيدة، فلكام مر بالتاكيس بالقرب مهنا توقف سويعات قالئل يشكو

هلا ضيق العيش وحيتيس كوبا من الشاي أو القهوة من صنع يدهيا.ويفتقد “شاهر” نصاحئها له، ويقول إهنا اكنت متعملة وخربهتا يف احلياة كبرية، ومكهنا معلها يف جمال اخلياطة والتفصيل من اإلنفاق

عىل نفهسا وشقيقهتا، وتغدق ما يفيض عىل من حيتاج؛ دون أن تسأل عن وقت استعادة ما تنفقه علهيم.فقد أمتت قبل سنوات فريضة احلج، وأملت أن تعيدها مرارا؛ لكن الهشادة اكنت إلهيا بـ “احلاجة” لك من يف احلي ينادي “سعدية”

أرسع.

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة34

Page 35: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

اختلط الصياح والعويل بأصوات تكبري املساجد بانفجارات الصوارخي، الساعة اكنت تشري إىل التاسعة ومثان وثالثني دقيقة من ليل السبت السابع عرش من نومفرب؛ ثالث أيام معلية “معود الحساب” العدوانية

عىل قطاع غزة من العام 2012.األصوات مجيعها أيقظت “مساهر” وزوجها “نايج” وصغريهتم “ميار” )59 يوما( من غفوة نوم اختلسوها من أجواء احلرب القاتلة، حديث مل تتجاوز لكامته السطر الواحد دار بني الزوجني مفاده أن خيرجوا من بيهتم إىل بيت جماور ال يبعد سوى أمتار؛ كون األول من الزينكو، وقد تصدعت أراكنه من القصف.

وكأن “مساهر” )29 عاما( اكنت ترى هناية معرها مبجرد اخلروج من املزنل، ألقت بصغريهتا بني ذرايع زوجها ليستعجل هبا قبل اندالع غارة أخرى؛ بيمنا تلحق به بعد أن حتمك إغالق الباب.

محل “نايج” الصغرية ومه أن يدخل هبا مزنل زوجته األوىل “مها قدحي” وبيمنا “مساهر” الزوجة الثانية تسري خلفه عىل بعد ثالثة أمتار؛ عاجلها صاروخ أصاهبا جبروح خطرية.

يف بيته الصغري اكن نايج قدحي )49 عاما( جيلس برفقة “ميار” هيدهدها حينا لتغفو عىل صدره، وحينا قلبه ومهشد اسهتدافها مازال أضعف “مساهر” إدراك، فغياب تتساقط دمعاته عىل جبيهنا بال آخر

حارضا.يف الزوايا هنا بطانية احرتقت وهو حياول أن يطفئ نار جسدها املشتعل بفعل الصاروخ، وغري بعيد عند الباب بقايا دم نزف مهنا، وعىل ألواح الزينكو قطع من النايلون أحرقهتا الشظايا، يؤكد أن رحيلها مؤمل

خيفف عنه قليلا كوهنا تشبه مالحم أمها. لكن وجود “ميار” أيام قضهتا بني أنفاس احلياة عرشة بل اسمترت تطارد القصف؛ بفعل حالا “مساهر” مل تستهشد مستشفيات القطاع ومرص الشقيقة، حىت أعلن عن استهشادها يف السادس والعرشين من نومفرب؛ بعد

إعالن تطبيق اتفاق الهتدئة بأيام قليلة.ويؤكد زوجها أن القصف مل ينل مهنا وحدها؛ بل من ابنه “نضال” الذي اكن يتابع األخبار عىل مقربة من القصف، يقول: “بعد أن أدخلت الصغرية إىل البيت؛ نظرت خليف ألجد الدخان الكثيف قد غط المساء،

تصارع املوت..”. ينئ و”مساهر” وصوت “نضال” تصارع موهتا حىت “مساهر” وأبقت “نضال” قدرة اهلل أجنت لكن ينجو؛ لن أحدا أن الزوج اعتقد

استهشدت.الرشيكة “مها” اكن حزهنا معيقا، فمل تكن “مساهر” يوما بالنسبة هلا “رضة” بل –ابنة- فهي مل تتجاوز واستباحة دماهئا وابهنا أهنا جفعت باسهتداف “مساهر” معر أكرب أبناهئا إال بعام واحد. وتؤكد “مها”

“نضال” بوحشية.جبروح وإصابة ابنه “نضال” عند اسهتداف زوجته الثانية “مساهر” مل تنته معاناة عائلة “نايج قدحي” خطرية استدعت نقله مع زوجة أبيه إىل مرص؛ بل اسمترت بترشدمه من البيت املقصوف خشية أن يعاد قصفه جمددا يف ظل عدم مبارحة طائرات االستطالع ماكهنا، وازدادت مع وجوب التنقل مع املصابني

بني مستشفيات القطاع ومرص.اليت احتضنهتا كأم، بيمنا اكن حرسة اكن سلوى ألبهيا وزوجته “مها” وجود الطفلة الرضيعة “ميار” األم لصدر احتياجها يليب أن امجليع حياول جريرة.. أو ذنب بال الطفلة يمتت فقد “مساهر” ألهل ليس ليشء إال ألن األم التحفت وحناهنا؛ لكن أحدا لن يفقه معاناهتا حني تشب ال ينطق لساهنا “ماما”

القرب بال عودة.

سماهر قديح.. خشيت الموت فزفت إليه..!

35

Page 36: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

مع شقشقة الصباح؛ تعالت أصوات العصافري، وخرج األطفال مستبرشين حاملني بيوم ميألونه سعادة وفرحا .. “رنان عرفات”.. بأعوامها امخلسة؛ اكنت واحدة من عرشات األطفال الذين خرجوا لتليق دروهسم يف روضة

“دار اهلدى” يف يح الزيتون رشق مدينة غزة..تعملت مبا املزنل أرجاء يف لتصدح عادت حىت يومها أهنت إن وما وحفظت، وأضافت علهيا أناشيد قناة األطفال املعروفة “طيور اجلنة” اليت

. أحبهتا وشاركت إنشادها مع شقيقهتا “ماريا” )11عاما( نومفرب 14 املوافق األربعاء يوم والنصف من عرص يف متام اخلامسة إرسائيلية حربية مروحيات عصفت 2012؛ العام من ثاين( )ترشين بمساء قطاع غزة، واغتالت القيادي يف “كتائب عز الدين القسام” “أمحد

معلنة حربا ال هوادة فهيا عىل ساكن القطاع اآلمنني. اجلعربي” وتنشد ما حفظ عقلها “رنان” –كعادهتا- اكنت تلهو مع شقيقهتا “ماريا” من أناشيد “طيور اجلنة” بيمنا أرسهتا ترىع األرض الزراعية حول مزنهلم الصغري يف يح الزيتون، وما إن مسعت الصغرية زعيق القصف؛ حىت ارتعدت فرائصها، والتصقت بشقيقهتا مكا يلتصق احملار بصخر البحار.بالدعاء تبدآ بأن علهيا فأشارت شقيقهتا، روع هتدئة “ماريا” حاولت وقراءة ما حتفظان من آيات القرآن، وبيمنا مها عىل ذات احلال؛ فاجأمها صاروخ هوى عىل بعد مرت واحد بني بيهتام وبيت معهام، وانهتى مهشد

احلياة.حلظات فقط؛ وابتلع الصاروخ املزنل، ومطر من فيه حتت راكمه، إال أن

لطف الرمحن اكن حيفهم؛ فسملوا مجيعا إال “رنان”..ذكريات ومواقف يأىب قلهبا إال )30 عاما( وتستعيد والدهتا “أم جالل” “..اكنت برقة الزهرة يف مالحمها، وبصوت البالبل أن يتذكرها، فتقول:

يف إنشادها أنشودة األطفال “ماما جابت بييب”.أمجل ما ميي “رنان” رمغ سنوات معرها القليلة، تقول والدهتا إهنا اكنت حتب اجمتاع العائلة وتعرف معناه عىل صغر سهنا، فقد دأبت عىل ادخار

مرصوفها اليويم ورشاء بعض املسليات؛ ليتناوهلا امجليع وقت املساء.اليت مل تستطع أن “ماريا” هسلا عىل شقيقهتا “رنان” يكن فقدان مل

تتحدث عن توأم روحها بأكرث من الباكء.الذي أفقدته اإلصابة قدرته عىل السري؛ )8 أعوام( أما شقيقها “جالل” فمل يستطع أن يتفهم أن ينقذه املسعفون وشقيقته “ماريا” ويرتكوا “رنان”

ترحل.. مرددا تساؤالته وعتابه: “ملاذا مل خيرجوها حية؟”.

“رنان عرفات”.. براءة ندية.. أحرقها صاروخ غادر..

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة36

Page 37: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

عىل جعالة من أمرها؛ أوقفت سيارة أجرة بغية أن تقلها إىل عيادة التجاري عىل طريق الصخرة بالقرب من مجمع الغوث” “واكلة أهنك جسدها، قد األمل يكن مل غزة، مدينة الدين رشق صالح وال اعتل رأهسا بالصداع؛ فقط أرادت أن تليب حاجة معهتا )أم زوجها( لعالج األمراض املزمنة اليت تعانهيا بعد أن مر هبا العمر

وأحمك وهنه جبسدها.أم لتسعة أفراد، أصغرمه “فارس” “صباح ساكيف” )38 عاما( )10 أعوام( مل تعهنا كثريا حالة االضطراب اليت شلت قطاع غزة من جنوبه إىل مشاله؛ ليقيهنا أن قدر اهلل مكتوب وأمره نافذ يف الوقت واملاكن الذي خيتاره ويدبره، ورمغ حماوالت “العمة” منعها من اخلروج ومطأنهتا بأهنا قادرة عىل احمتال عدم تناول الدواء ألمراض الضغط والسكر بامحلية الغذائية؛ إال أهنا أرصت عىل

اخلروج طواعية، وخوفا عىل معهتا.واألمل يعترص قلبه ويفجر يف يقول زوجها “أبو رايم” )47 عاما( “حني مهت زوجيت بالعودة إىل املزنل بعد أن عينيه دمع الفراق: وهناك الجشاعية، مت قصف يح لوالديت؛ العالج حصلت عىل

أصيبت بشظايا يف الرأس عىل بعد 350 مرت ا من القصف”.عرف “أبو رايم” امللكوم ما حدث مع زوجته من الصيديل املناوب تقلها أن قبل الدين صالح طريق عىل “احلداد” صيدلية يف

سيارات اإلسعاف إىل مجمع الشفاء الطيب.“بعد أن تلقيت اتصالا من الصيديل؛ ذهبت برسعة الربق ويقول: إىل “الشفاء” فوجدهتا قد أدخلت العناية املكثفة، ولصعوبة حالهتا؛ الستمكال املرصية املستشفيات إىل التايل اليوم يف حولت

العالج”.ثاين( )ترشين نومفرب من 19 اإلصابة يف يوم من أيام سبعة قضهتا ذاته، الهشر من 26 يف االستهشاد يوم إىل 2012غريبة واللك يف غزة ينايج اهلل أن يردها إلهيم؛ لكن “صباح”

أمره اكن حمتوما.الرفيقة واألم الطبيبة أن يستوعب مل “فارس” الصغري الطفل بعض له لتجلب سافرت أهنا يظن عودة.. بال تركته والشقيقة “وين صباح؟! احللوى والدواء، يف لك حني يباغت أباه بسؤال: وال ميلك األب إال أن يواري الدمع بطلت حتبين؟!” ليش طولت؟!

يف عينيه عن طفله املقعد.يعاين “فارس” من إعاقة يف النطق واحلركة، سبهبا مياه زائدة يف الدماغ منذ الوالدة، فال ياكد الفىت أن يقوم عىل تلبية احتياجاته فطعامه اخلاصة إال مبساعدة خشص آخر، اكن هو “أمه صباح” تبديل مالبسه واالعتناء يقبله من أحد غريها، وكذلك ورشابه ال بنظافته الخشصية كونه يعاين من تبول ال إرادي نتيجة إعاقته، باإلضافة إىل رعايته الصحية؛ حيث أنه منذ الصغر خضع لعملية عىل السليب وتأثريها تضخمها بعد لكيتيه إحدى استئصال “اكنت أم رايم له األم حصته العامة. يقول والده “أبو رايم”: والطبيبة”، ويهشد الرجل أن الطفل كثريا ما تعرض ألزمات حصية نتيجة معلية استئصال اللكية وعيشه بلكية واحدة؛ إال أن والدته اكنت تفطن للك عرض يصيبه وتعاجله مبا يصفه هلا الطبيب من فهم عىل األقدر “صباح” “..اكنت ويضيف: والعقاقري األدوية احتياجات فارس، فإذا ما توعك جتهتد يف تطبيب أوجاع جسده، بعد أن فقهت جيدا احتياجاته من األدوية، وحفظت عن ظهر قلب

مواعيدها، وأيقنت حاجته لألمان؛ مفنحته إياه حبنان قلهبا.يف متأصلة والعطاء احلسن واخللق الطيبة اخلصال اكنت فقد اعتاد لك من ضاقت به الدنيا من األهل خشصية “صباح” واجلريان أن يلجأ إلهيا، يفيض مبا يف قلبه من حزن لتستوعبه،

ومن مث؛ جتهتد يف تبديده بنصيحة أم وأخت.الدرجة من دم صلة هبا ربطهتا اليت عاما( 60( زوجها والدة “صباح” أطاعهتا فقد معها، مواقفها من أيا تنىس ال األوىل؛ يف لك أمر، ليس إجبارا؛ ولكن حبا وإرضاء هلل الكرمي؛ ليجزهيا ويعوضها بأبناهئا، فريزقها برمه بعد أن مييض هبا العمر. تقول: ردت طلبا، لساهنا أو أمرا، قد عصت يل “صباح” أعهد “..مل رطب جبميل اللكام، ومعلها معاده اخللق والسلوك القومي، راحت

وجزاها جنة عرض األرض والمساوات!!”. لرهبا -رمحها اهلل- أما زوجها “أبو رايم”.. فبعد أن فقد الرشيكة واحلكمية فيقول: بسبب االقتصادية أوضايع سوء من اليأس هزمين “..لكام احلصار وتقلص معل الورشة.. اكنت متدين جبرعة من التفاؤل، من نفقات، لن تعوضها دموع القلب الذي وتقلص -ما استطاعت-

ما زال جمروحا بغياهبا..!”.

ال صباح بعد اليوم..!

37

Page 38: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

متواضع بيت عىل رسير يف عاما( 38( “أم دمحم جحازي” ترقد بشلك يرافقها مشلول، وصداع ونصف جسدها جباليا، معسكر يف

متواصل.“كنا جممتعني حول التلفاز نتابع أحداث العدوان عىل قطاع غزة يف يومه السادس، وجفأة؛ مسعت صوت انفجار قوي هيز املاكن، ومل أعرف إحدى مستشفيات ذلك، حصوت ألجد نفيس يف بعد الذي حدث ما

العريش؛ بعد غيبوبة دامت 10 أيام..”.فقتلت طائرة حربية إرسائيلية قصفت مزنال جماورا ملزنل “أم دمحم” زوجها واثنني من أطفاهلا، ونقل من تبق مهنم إىل املستشىف لتليق العالج من جروح متفاوتة، اكن آخرها كرس يف العمود الفقري البنهتا

“نور” ذات التسع عرشة ربيعا.ارتكبت حبقها املجزرة الثانية؛ اليت استدعت اهمتام عائلة “جحازي” اإلنقاذ وطوامق العامل رآمها واللتان “الدلو” عائلة بعد جمزرة العامل تنتشلها من حتت الراكم والرتاب، بعضهم ارتق هشيدا، وآخرون كتب

اهلل هلم معرا جديدا، حىت لو اكن مصحوبا بإعاقات دامئة.الغزية تقول األم؛ اليت خضعت لسلسلة عالج طويلة يف املستشفيات “..مل حيذرنا أحد أن واملرصية قبل أن تعود إىل من بيق من أطفاهلا: املزنل املجاور لنا سيقصف، لذلك؛ قضينا ذلك اليوم كأي يوم من أيام

احلرب.. وجفأة؛ وبدون سابق إنذار.. اهنار املزنل علينا..”.“..رأيت دمحم وصهيب وزويج حتت الردم عرب شاشات التلفزيون؛ بعدما

استيقظت من غيبوبيت، فمل أصدق أن ما جرى اكن لعائليت..”.بعد، قبل أن تصبح سبعة فميا أفراد؛ العائلة مكونة من عرشة اكنت تدق أن قبل قدرمه لكهنا حمتا اكنت اختيارمه؛ من تكن مل بفاجعة الساعة السابعة والنصف مساء، حتول املزنل إىل راكم، اكنت “أم دمحم

من حضاياه. وابنهتا “نور” جحازي” من تبق مبن االعتناء عىل قادرة غري مازالت جحازي” دمحم “أم أبناهئا؛ ألهنا حبيسة فراش املرض؛ تقول: “..منذ أن حصوت من الغيبوبة يصاحبين صداع مسمتر، وها أنذا عدت والزلت أعاين من الوجع ذاته،

وال أجد سوى املسكنات ألملي..”.إن اكن هذا هو املصري الذي سينتظرها ملا تبق وتتساءل “أم دمحم” أعيقت، وابنيت أطفايل، من واثنان استهشد، “..زويج معرها: من من وحيرمين رأيس يفتت الصداع وهذا راكما.. أصبح ومزنلنا

االهمتام مبصطىف، وأرشف، وأسامة، ونور، وسندس، وصهيب..”.

عائلة حجازي.. مأساة بدأت من تحت التراب..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة38

Page 39: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

من النوم طوال األيام المثانية للعدوان عىل غزة، حمذرة إياها بأن أمرا ما عىل وشك احلاسة السادسة لألم منعت “أم أنس ريان” احلدوث.

أم أنس وزوجها ر” فبعد أكرث من عرشين عاما قضهتا مع زوجها يف بناء بيت األرسة؛ قضت طائرة حربية إرسائيلية عىل “شقا معوزلزل أراكن مزنهلا الذي تساقط إىل جواره. بصاروخ اسهتدف مزنل جارمه من عائلة “أبو فول”

“أم أنس” )42عاما( واليت ظلت مستيقظة –كعادهتا- يف ليل 18 من نومفرب )ترشين ثاين( من العام 2012، مسعت صدى صاروخ طائرة االستطالع التحذيري عىل مزنل جارمه، فهرعت محلل أبناهئا إىل خارج املزنل.

)18 عاما( مجتع شتات عائلهتا، فتعدمه عىل يدهيا بعد أن فرقهم اخلوف لكا يف اجتاه، لتفاجأ بأن ابهنا “أنس” صارت “أم أنس” وجهها ورصخت: “..نسيت ابين يف الدار”..! ظل يف البيت، صكت “أم أنس”

تصف “أم أنس” حلظة انتشال ابهنا قبل ثوان معدودات من القصف وتقول إهنا عندما هربت خالل فرتة أقصاها مخس دقائق يه مدة الرجال ابين من إجريه ورموه برا وصارت الرضبة..” “..قبل القصف بثوان “حشطوا” التحذير اإلرسائييل بإخالء مزنل جرياهنم :

وبعد مخس دقائق فقط اكن مزنهلا يهتاوى أمامها أكواما من احلجارة، ليدفن حتته لك ما يف داخله.“..موقف ال ينىس وال حىت األطفال سينسونه، لك تعب معري ومعر زويج ذهب يف مغضة ذلك اليوم وتقول: تصف يل “أم أنس”

عني..”.اليوم وأوالدها العرشة يف بيت جماور لبيهتا املدمر بأجرة هشرية ال تقل عن 200 دوالر، ختىش ظالم الليل، لكام تعيش “أم أنس”

حلقت طائرة إرسائيلية يف مساء قطاع غزة يغادرها النوم حىت تنحسب الطائرة، فرتقد إىل النوم غري ممطئنة.يذكر أن طفلني استهشدا وأصيب أكرث من 12 فلسطيين جراء قصف مزنل عائلة “أبو الفول” يف مرشوع بيت الهيا مشال قطاع غزة.

الحاسة السادسة تنقذ عائلة “ريان” من الموت

39

Page 40: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة40

Page 41: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

وزوجها وأطفاهلا الثالثة عن املوت. مخس دقائق فقط، اكنت تفصل “هساد أبو فول” )23 عاما( مشال خممي جباليا خوفا من قصف مزنهلم يف مرشوع بيت الهيا من قبل مروحيات وأطفاهلا إىل منطقة “الفاخورة” هرعت “هساد”

االحتالل؛ الذي هددمه بقصف البيت بعد انهتاء الدقائق امخلس.محتل ابهنا الذي أمت عامه األول حديثا، بيمنا جتر اثنني آخرين خلفها، وتارة تحسهبم أمامها، وترصخ علهيم بأعىل اكنت “هساد”

صوهتا: “إجروا ميا.. الهيود رح يقصفونا..”.وزعت نظراهتا مينة ويرسة، تتفقد طفلهيا خوفا من أن يضال الطريق عهنا، مكا حدث مع زوجها الذي مل تعرف إن اكن حيا أو ميتا؛

يف دقائق اهللع اليت تسبب هبا التحذير اإلرسائييل بقصف مزنهلم.يف من العام 2012 اليوم الرابع للعدوان اإلرسائييل عىل قطاع غزة، تلق زوج “هساد” يف الثامن عرش من نومفرب )ترشين الثاين(

متام الساعة الثانية بعد منتصف الليل اتصالا من جيش االحتالل اإلرسائييل برضورة إخالء املزنل لقصفه.أزجعنا “..كنا نامئني يف غرفة واحدة انا وزويج وأطفالنا الثالثة )أنس”5سنوات”، خالد “4 سنوات”ودمحم سنتان( تقول “هساد”:

قال زويج..!”. صوت اجلوال؛ فإذا به جيش االحتالل إرسائييل يطلب منا إخالء املزنل.. أيه مزحة؟! وقد دب الفزع والرعب يف قلهبا، وأخذت ترصخ بأعىل صوهتا لعلها تنقذ من يقطن معها يف ال ميكن أن تكون مزحة. تقول “هساد”

العامرة املكونة من أربعة طوابق، وتؤوي أكرث من 25 إنسانا معمظهم من األطفال، وخرجت جتري فزعة حىت نسيت غطاء رأهسا.“..نزلنا جنري يف الشارع ما حلقنا نطلع أغراضنا، وصارت الدنيا غربة حويل والزجاج تلك اللحظات املرعبة وتقول: تتذكر “هساد”

يتطاير كأنه برد..”.أطلقت مروحية االحتالل ما يمسى بـ “الصاروخ التحذيري” عىل مزنل عائلة “أبو فول” اخرتق منتصفه ومه حياولون إخالء املزنل؛ مفأل

املاكن باحلجارة واألتربة والدخان، ونرثات الزجاج املتفجر.الذين جنوا من املوت دفنا حتت راكم مزنهلم مل تتوقف بانهتاء العدوان، فها مه يستأجرون مزنلا ال يليق لكن معاناة “آل أبو فول”

بسكىن البرش..!“..نعاين من كوابيس ليلية” هكذا تصف “هساد” حاهلا وأطفاهلا؛ الذين خضعوا لعالج نفيس ملساعدهتم عىل نسيان ما حل هبم.

أهنا الزالت وزوجها وأطفاهلا عىل قيد احلياة؛ اليت رسقهتا من املوت يف مخس دقائق..! عزاء “هساد”

خمس دقائق..!

41

Page 42: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“كأننا نعيش يف الشارع” هبذه اللكامت وصفت احلاجة “مسرية البحطييط” حياهتا.

الشارع، يف أعيش وكأنين “أشعر )55عاما(: “مسرية” احلاجة تقول فاجلدران ال تسرت من يف داخل املزنل، والعامل يتحركون داخل املزنل ذهابا

وإيابا..”.يف اليوم الثالث للعدوان اإلرسائييل عىل غزة، والذي بدأ يف الرابع عرش من العام 2012 واسمتر مثانية أيام متواصلة.. من نومفرب )ترشين ثاين( يف منطقة تل اهلوا وسط مدينة غزة عىل وقع اهزت مزنل عائلة “البحطييط”

صاروخ اسهتدف مبىن لوزارة الداخلية. 13 -مهنم فردا 27 من املكونة عائليت “..متكنت “مسرية”: احلاجة تقول من اهلرب من مزنلنا قبل ساعة واحدة من تدمري الطائرات احلربية طفلا-

اإلرسائيلية لملاكن املسهتدف.“احلاجة” واحدة من عرشات النساء اللوايت كن يقطن ذلك املزنل، لكهنا رفضت اخلروج منه، وأمام إرصار زوجة أخهيا؛ وجدت نفهسا مضطرة للرحيل؛ لتعود

وجتد املزنل وكأن زلزالا أصابه.

بعد دمار املزنل؛ أمىس من الصعب علهيا التواصل مع أبناهئا وأحفادها، بعد أن فرق العدوان اإلرسائييل العائلة إىل مجموعات صغرية، واحدة عند األقارب، وثانية عند األصدقاء، وثالثة حبثت عن ماكن أكرث أمنا هلا.. دون

جدوى.“..ذهب بعض أبنايئ وزوجاهتم وأطفاهلم إىل وتضيف احلاجة “مسرية”:

منازل أهل زوجاهتم..”.وما إن توقف العدوان؛ حىت عادت احلاجة “مسرية” إىل مزنهلا تتفقده غرفة

غرفة، ويه ال تصدق ما حل جبدرانه وأبوابه وأثاثه من دمار.تقول: “..عرش سنوات فقط هو معر مزنلنا، بنيناه أنا وزويج وأوالدي جحرا جحرا؛ لنجمتع سويا فيه.. لكن الصوارخي اإورسائيلية رشدهتم يف أماكن

متعددة وبعيدة عين..”.وجدت احلاجة “مسرية” وزوجها مزنهلم اجلديد يف غرفة ال تتجاوز الـخمسة الغرفة هذه يف وينامان ويرشبان يألكان الثالثة، الطبقة يف مرتا عرش

الوحيدة املتبقية من املزنل بطبقاته املتعددة..!متابعة العامل الذي يعكفون عىل إصالح ما ميكن حتاول احلاجة “مسرية” إصالحه من مزنهلا، بيمنا يعود زوجها إىل ورشته اليت تعرضت للقصف

أكرث من ثالث مرات؛ عساه يستطيع أن يعيدها للحياة والعمل.

يعيدان بناء منزلهمامن الصفر.. إن أسعفهما ما بقي من العمر..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة42

Page 43: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

أن تفرح ببيهتا الذي انهتت من بنائه قبل )30 عاما( مل يتسن لـ “مىن احللو” من العدوان اإلرسائييل عىل غزة يف الرابع عرش من نومفرب )ترشين ثاين(

العام 2012 بأسبوعني.بصاروخ فإذا وزراعهتا؛ احلديقة لرتتيب وزوجها يه تستعد اكنت وبيمنا

إرسائييل يسهتدف أحد املقرات األمنية املالصقة هلا.يف اليوم الثاين للعدوان عىل غزة؛ قصفت مروحيات عسكرية إرسائيلية مبىن الذي انتقلت إليه بعد أربع سنوات قضهتا وزارة الداخلية املجاور ملزنل “مىن” يف بيت مستأجر يف منطقة الشعف يف يح الجشاعية رشق مدينة غزة، بعد العام أواخر األوىل احلرب الرشيق يف اخلط األول عىل أن قصف مزنهلم

2008، ويستهشد فيه سلفها.“شفت املوت بعيوين ثالث مرات؛ لكن اهلل يكتب يل معرا جديدا يف لك مرة، هذه ليست املرة األوىل اليت يتعرض فهيا مزنلنا للدمار، ونعيش أياما مروعة، فقد

سبق أن قصفت إرسائيل مزنلنا..”.السنوات ذات “النا” ابنهتا االنصياع إلرصار “مىن” رفضت الليلة تلك يف الداخلية حبي وزارة نوافذها عىل مبىن تطل اليت بالنوم يف غرفهتا الست

“تل اهلوا”.“خفت كثريا عىل أوالدي، ورفضت أن يناموا يف غرفهتم، فانتقلنا مجيعا إىل

قالت “مىن”. غرفيت..” حول التلفاز اجمتعوا يسمتعون إىل األخبار، بيمنا لعب األطفال عىل األرض،

وإذا بصاروخ إرسائييل هيز املنطقة.“محلت ابين الصغري، وأمسكت “النا” من يدها، وركضت هبام إىل بيت الدرج،

حيث اجمتعت العائلة فميا ال يقل عن عرشة أفراد..”.وتضيف “مىن”: “..ما يزيد عن ستة صوارخي من طائرات حربية إرسائيلية بدأت تهنار عىل الوزارة املجاورة ملزنلنا، وانقطع التيار الكهربايئ، وتطاير الزجاج من لك حدب وصوب، فميا مأل الغبار املاكن، فأصبحت الغرفة رمادية اللون،

وطفق األطفال يرصخون والدماء تسيل من عىل وجوه الكبار والصغار..”.انهتى القصف يف تلك الليلة؛ لكن مل ينته اجرتار تلك املشاهد من ذاكرة “مىن” وأطفاهلا، فهي مل تتوقع أن ينهتي، أو أن تتوقف الصوارخي، وتيقنت يف ذلك

اليوم أن املوت اكن قدرها، فتلفظت بالهشادتني استعدادا لملوت.حياهتا الطبيعية بعد، واضطرت ألخذ إجازة من العمل )تعمل مل تستعد “مىن” املدمر وتقيض تعيد ترممي مزنهلا حىت باحثة يف الشوئن االجمتاعية بغزة( بعض الوقت مع أطفاهلا الذين يروون قصة ذلك اليوم للك من يلتقون به، ولسان

حاهلا يقول: “جنونا يف احلربني.. ما الذي ينتظرنا يف قادم األيام؟”.

“منى”: نجونا من )حربين(.. فما الذي ينتظرنا في قادم األيام؟!

43

Page 44: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

عال وعائلتها.. على حافة الموت..!وعائلهتا لتناول وجبة العشاء، لتشتت مشلهم صوارخي مروحيات االحتالل احلريب )34عاما( عىل مائدة الطعام؛ اجمتعت “عال برزق” يف الرابع عرش من اإلرسائييل؛ اليت كثفت حتليقها يف مساء غزة منذ اغتيال قائد كتائب الهشيد عز الدين القسام “أمحد اجلعربي”

من العام 2012. نومفرب )ترشين ثاين( شدة االنفجارات اليت دوت يف منطقة جماورة ملزنل عال أدت إىل تطاير كتل من احلجارة إىل حيث يتواجدون؛ بيمنا سقطت إحدى

اجلدران علهيم، وارتطم زوجها بالباب احلديدي.تقول: “شعرت بشيئ بارد يسيل من رأيس، حتسسته بيدي، فرأيت الدم األمحر يغطهيا، فتيقنت أين قد أصبت..”.

“..مل نكن نستوعب ما حيدث حولنا، وما الذي يتطاير علينا، فالدخان الكثيف اكن يعبق يف املاكن، والنريان اشتعلت وتضيف “عال”: يف املاكن املسهتدف؛ فشعرت وكأهنا ستلهتمنا مجيعا. خفت كثريا وسعيت مجلع األطفال بشق األنفس حىت خنرج من املاكن إىل

ماكن أكرث أمنا..”.رمغ اخلوف الذي متلكها يف تلك اللحظة؛ إال أهنا حاولت أن تكون قوية أمام أطفاهلا حىت يمطئنوا، وهذا ما فشلت به، إذ أن منظر

حاولت هتدئهتم أهنا خبري. الدماء ويه تسيل من رأهسا جعلهم يف حالة هستريية: “..ماما.. دم عىل ثيابك..” وهرعت مرسعة حنو أحد املمرات يف من استطاعت من أطفاهلا الثالثة )عبد اهلل 12 عام-باسل 9أعوام-توليت 7أعوام( مجعت “عال”

اليت اكنت تغط يف النوم يف إحدى الغرف القريبة من املاكن املسهتدف. مزنهلا، بيمنا هرعت اجلدة إلحضار ابنة “عال” )توليت( وبعد أن تأكدوا أن طفلهتم خبري؛ خرجوا من املزنل إىل مزنل سلفها الذي يبعد حوايل عرشين مرتا عن القصف.

ألقت عارصت احلربني يف قطاع غزة؛ إال أن األيام المثانية -الذي اسمتر خالله العدوان األخري عىل القطاع- بالرمغ من أن “عال” وشعرت بأهنا مثانون يوما: “..اكنت أصعب من العرشين يوما اليت مضت يف العدوان األول”. بظالهلا عىل “عال”

أن خترق إرسائيل الهتدئة فتعود وعائلهتا إىل اكبوس عداون جديد عىل غزة؛ ال تعمل إذا اكنوا سينجون مهنا مرة أخرى ختاف “عال” أم ال..؟!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة44

Page 45: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

واحتياجات مالبس من استطاعت ما اخلالدي” “أمينة محلت املزنل خلفهم -تاركني وزوجها وأطفاهلا وهرعت أطفاهلا،

إىل يح الرمال وسط مدينة غزة. واملمتلاكت- اليت عرفت معىن اخلوف، ورأت املوت بأم “اخلالدي” )48 عاما( دولة اكنت واليت غزة، قطاع عىل السابق العدوان عينهيا يف العام بداية ،2008 العام أواخر شنته قد اإلرسائييل االحتالل حبر شاطئ عىل الواقع مزنهلا يف انتظارها تطل مل ،2009

السودانية غرب خممي جباليا.االحتالل مروحيات بدأته والذي اجلديد؛ العدوان اسمترار مفع باغتيال قائد “كتائب الهشيد عز الدين القسام” “أمحد اجلعربي” “أمينة” 2012، مجعت العام من )ترشين ثاين( 14 نومفرب يف أطفاهلا، وحسبت للعدوان، الثالث اليوم يف جشاعهتا شتات وغادرت وزوجها املزنل إىل منطقة حسبت أهنا ستكون أكرث أمنا

داخل املدينة.

من العديد “جبوارنا أطفال: لتسعة األم ويه “اخلالدي” تقول مراكز الرشطة واألمن املهددة بالقصف، ومنذ اليوم األول للعدوان نقرر اخلروج من ذلك؛ مل توالت الرضبات من لك ماكن، ورمغ شدة رمغ يومني؛ املزنل فبقينا يف الكبري، لعددنا نظرا البيت؛

وصعوبة الوضع حيهنا..”.عن لتحيك ذكرياهتا، رشيط تستعيد ويه حديهثا وتواصل للعدوان الثالث اليوم “..يف واأليام: اللحظات تلك معاناهتم يف اشتد القصف، حيث مل تكن متيض ساعة من دون قصف ماكن جديد، تدوي بعده أصوات سيارات اإلسعاف، فميا نشاهد عىل واخلراب، والدمار اإلصابات الكهرباء- توفرت ما -إذا التلفاز

حيهنا قرر زويج أن نغادر إىل مزنل عائليت يف منطقة الرمال..”.“..غادرنا يف مساء ذلك اليوم، ولساين ال تفارقه آيات وتضيف: الذكر احلكمي طوال طريق خروجنا، لعل اهلل حيمينا من الغربان

اليت متأل المساء موتا ورعبا”.

معها بعضا من الطحني والسكر والشاي، واصطحبت “اخلالدي” عالوة عىل مالبهسا وأطفاهلا، فميا سكنوا مجيعا يف مزنل يعود يف الدور األريض من مزنهلا. لشقيقهتا -مل يكن جاهزا للسكن-

“..رمغ صعوبة الوضع؛ إال أننا اضطررنا للتأقمل تقول “أمينة”: معه بشلك متدرج..”.

“..كنت دامئة التفكري يف بييت الذي تركته دون وتضيف بوجع: ترتيب مسبق؛ كون الظروف مل تكن تحمس بأن نبيق أحدا بداخله؛ يك أمطنئ إىل ما قد حيدث له، لدرجة أنين قررت وزويج الذهاب مدمرة، والستائر الشبابيك فوجدت أيام، ثالثة بعد البيت اىل صدقا.. املال يعادل الروح، وهذا شقاء معري وزويج، تركناه يف

مهب الرحي..”.

مل تكن املرشدة الوحيدة، اليت وزعت قلقها وخوفها بني “أمينة” اضطررن األخريات النسوة مفائت والبنون، املال احلياة زينة لرتك منازهلن يف مناطق كثرية من القطاع اكنت معرضة للقصف عىل عالوة اهلوا، وتل والجشاعية الزيتون أحياء مثل املتوايل، لك القرى احملاذية للرشيط احلدودي، وحىت تلك اليت تطل عىل البحر، حيث اكنت بوارج االحتالل احلربية تقصف منازل املواطنني

من دون حسيب وال رقيب.

“أمينة”.. بين خوفين وقصف مستمر..!

45

Page 46: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

أيام قليلة فصلت “جهاد” و”حضى حلس” عن أن جيمعهام مزنل واحد، أسساه بلهفة احملبني، ليبدآ حياهتام الزوجية شنته الذي المثانية؛ األيام عدوان تعاجلهام أن قبل مروحيات االحتالل اإلرسائييل عىل قطاع غزة يف الرابع

من العام 2012. عرش من نومفرب )ترشين ثاين( طائرة من نوع اف 16 ترصدت ألحالمهام، وقصفت مزنل عائلة حلس املكون من طبقات عدة يف يح الجشاعية رشق مدينة غزة، اكنت شقة “جهاد” حتتل إحدى طبقاته، فدمرته

متاما.العريس “جهاد” )23 عاما( جهز مزنله -الذي أمىس راكما- بلك ما يلزمه وعروسه لبدء عيهشام املشرتك، وحددا موعدا لعرهسام، أجلته احلرب وصوارخيها إىل أجل غري معلوم.

قالت: بعد؛ “حضى” مالحم تفارق مل صدمة بعالمات بالاكمل، تدمريه مت فبييت قليب، من الفرحة “انزتعت

ومالبيس اجلديدة أحرقت لكها..”.العدوان، بداية مع عرهسا لتأجيل بكت كيف وتستذكر لكن صدمهتا الكربى اكنت عندما هدم البيت، حىت أهنا ال

تستطيع استيعاب ما حدث حىت اللحظة. مكا قالت.واكنت مروحيات االحتالل اإلرسائييل أطلقت أكرث من ثالثة آالف قذيفة بأنواعها املختلفة خالل مثانية أيام من القصف املسمتر ملناطق خمتلفة يف قطاع غزة املكتظ بالساكن من

مروحياهتا ودباباهتا وبارجاهتا احلربية.نامئا يف املزنل حيمنا مت “..اكن “جهاد” تقول “حضى”: قصفه بصاروخ حتذيري واحد من طائرة استطالع حربية هرع من فوره ولك أهله إىل الشارع، تعرف بامس “زنانة” ليتواىل القصف عىل املزنل بصوارخي من طائرة حربية من

نوع اف 16 دمرت املزنل بالاكمل..”.حملها، حتقيق انتظارها طول من “حضى” وختىش اهلندسة لكية من خترج الذي خطيهبا أن خصوصا جديد مزنل تأسيس مهمة تكون ولن يعمل، ال املعامرية

هسلة هيلع.تكوين من “جهاد” وخطيهبا تمتكن أن تمتناه ما وجل

أرسهتام وإعادة فرحهتام ببعضهام من جديد.

صاروخ يغتال فرح “ضحى”..

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة46

Page 47: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

)30عاما( القطايط” “رشا اكنت األسود؛ ووشاحها بلباهسا جتلس وحيدة يف باحة مزنهلا يف يح الزيتون رشق غزة، ويه

محتل يف بطهنا جنينا يف هشره السادس.تقول األم لستة أطفال آخرين، اليت أحضت أمهم وأبامه: “عندما قبل الثالثة جفرا الساعة يف متام “أبو زور” عائلة رضب مزنل اليوم األخري من انهتاء العدوان عىل قطاع غزة يف العام 2012؛ ليشاهد ما الذي حدث، وأثناء حماولته إنقاذ خرج زويج “عاهد” أطفال ونساء العائلة املنكوبة؛ سقطت هيلع طبقة من الباطون يف

املزنل املقصوف؛ فاستهشد عىل الفور..”.إىل حياهتا تغريت كيف وقليلة بسيطة بلكامت “رشا” وحتيك استهشد، “..مل يكن أحد يعمل بأن زويج “عاهد” األبد، فتقول: وبعد انهتاء الرضبات الصاروخية؛ بقينا ساعات نبحث عنه؛ لنجده حتت الراكم، وعندما شاهدت هذا املنظر رصخت وبكيت كثريا،

فهو زويج ووالد أبنايئ، وليس لنا يف الدنيا غريه..”.وترقرقت الدموع من عينهيا اللتني تأبيان النسيان: “..اكن “عاهد” ليلا من يوم الثانية والنصف يصيل قيام الليل يف متام الساعة القصف، واكن يدعو عىل إرسائيل، وحيهنا مت قصف مزنل عائلة

“أبو زور” خفرج إلنقاذمه ومل يعد..”.

وداخلها، خارجها يف بالسواد اتحشت اليت “رشا” وتضيف “..ال يشء يعوضين عن غياب حدادا وحزنا عىل رشيك حياهتا: حنانه وعن عنه تعوضين لن لكه العامل فأموال “عاهد” زويج

ألطفاله، لكن اهلل يريد ذلك له، فامحلداهلل عىل لك يش..”.فتقول: يزالون- -وما أطفاهلا عاناه ما “رشا” يوجع ما وأكرث “..يف تلك الليلة؛ أصيبت ابنيت “أمرية” -ذات االثين عرش ربيعا- العالج شاهدت لتليق املستشىف إىل نقلت وعندما رأهسا، يف أباها مجس عىل األرض جبانب الهشداء، فبكت كثريا هيلع، ومن

يومها وحالهتا النفسية سيئة جدا..”.أما طفلها الصغري “عبد اهلل” )عامان وسبعة هشور( فال يكف عن الباكء لفراق والده، ويظل يناديه، ليضيف مزيدا من احلزن إىل

قلب والدته وأشقائه.و”اكن عبد اهلل متعلقا بوالده كثريا، فعاهد اكن يكرث من مالعبته،

ويأخذه إىل السوق، ويشرتي له األلعاب دامئا..”.وما أبيه؟ أن حيرم من الطفل ذنب هذا “..ما “رشا”: وتتساءل ذنب هذا اجلنني الذي يمنو يف أحشايئ أن يأيت إىل هذه الدنيا

يتميا؟..”.

“رشا القطاطي”.. زوجة شهيد

47

Page 48: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

لفت شاهلا األبيض حول وجهها القيحم احلزين، ويه حتاول موازنة نفهسا، واختيار موضع قدمهيا فوق أطنان الراكم اليت اكنت يوما مزنلا مجعها بلك من حتب..

الذي عكر الذي مت هدم مزنله بالاكمل، حاولت استذاكر ليلة وصفهتا بـ “الاكبوس” زوجة “فؤاد أبو زور” )48 عاما( حاولت “هناء” صفو حياهتا وفرق مشل عائلهتا.

املالصق ملزنلنا مبارشة يف 19/11/2012، وبعد “كنا نامئني حيمنا مسعنا صوت قصف قوي عىل مزنل عائلة “عزام” تقول “هناء”: حلظات مت رضب مزنلنا بصوارخي حتذيرية، حيهنا مل نستطع الترصف من شدة الرصاخ والباكء من قبل األطفال والنساء..”.

“..ابنيت هنادي )13عاما( أصيبت بمثاين شظايا يف بطهنا، مت نقلها إىل مستشىف مرصي نظرا لصعوبة وضعها؛ دون أن أراها، ومت يف معودها وأصيبت زوجة ابين “هيمث” استئصال لكية ابين؛ والزال يرقد يف املستشىف، فميا استهشد حفيدي “دمحم” )3 أعوام(

الفقري، والزالت تتلق العالج يف املستشىف..”.أن تعتين بأطفاهلا األحصاء، فتقول إهنا تقيض يومها يف متابعة أخبار ابنهتا، وزيارة ابهنا )األم لعرشة أبناء( وال تستطيع “هناء”

من جهة، وزوجة ابهنا من جهة ثانية يف املستشىف، والدعوة هلام بالشفاء..”.عزاءها فميا تبق من وقت يومها يف زيارة مزنهلا املدمر من وقت آلخر، لتتحدث مع جاراهتا حول ما حل هبا وبأبناهئا؛ وجتد “هناء”

لعلها تغادر صدمهتا، وتصدق ما حل هبا وبعائلهتا.وبعيدا عن مهشد املعاناة اليت تالزم “هناء” ورمغ اجلراح؛ إال أن أطفال عائلة “أبو زور” توسطوا الشارع للعب، تاركني خلفهم آالمهم،

يف حماولة لنسيان عدوان حصد األرواح وأعاق األجساد، فاكن هلم نصيب من االثنني.يذكر أن العدوان الذي شنته دولة االحتالل اإلرسائييل عىل قطاع غزة يف الرابع عرش من نومفرب )ترشين ثاين( واسمترت مثانية أيام

متتالية؛ قتلت أكرث من 178 فلسطينيا، وأصابت آالفا آخرين جلهم من النساء واألطفال.

“هناء”.. ودعت حفيدها وتنتظر عودة ابنتها

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة48

Page 49: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

“أم ماهر” )65 عاما( أم أخرى أضعفهتا الشيخوخة، وفتحت علهيا أبواب اخلوف عىل أبناهئا وأحفادها.

العدوانيني عارصوا شباهبم، ريعان يف شبان تسعة أبناؤها اللذين انهتيا مكسلسل درايم يتابعه املجمتع الدويل، اكنت حلقته والثانية يف نومفرب ،2009 العام بداية ،2008 األوىل يف هناية

)ترشين ثاين( من العام 2012.بأداء صالة قيام الليل؛ مسعت دوي بيمنا اكنت هتم “أم ماهر” صاروخ حتذيري يسقط عىل سطح أحد املنازل املجاورة هلا يف بلدة بيت الهيا مشال قطاع غزة، وذلك يف اليوم الرابع للعدوان

عىل غزة.“كأنه يف بيتنا” هكذا وصفت احلاجة “أم ماهر” اللحظات األوىل

ملواجههتم العدوان عن قرب.هرع اثنان من أبناهئا ملعرفة اجلهة اليت سقط علهيا الصاروخ، أمهام، من الشابان أفلت العائلة حظ وحلسن منعهم؛ حاولت “علهيم إخالء املزنل وإال مت دفهنم وبرجوعهام اكن النبأ العاجل:

مجيعا حتت أنقاضه..”.من اخلروج خوفا علهيام و”ماهر” منع “عالء” حاولت “أم ماهر” من أن يصابا بأذى، إال أهنام اكنا السبب يف إنقاذ مجيع أفراد

العائلة مكا أدركت الحقا..!تتفقد أحفادها وأبناءها من طابق آلخر؛ تنقلت احلاجة “أم ماهر” وتتأكد من خلو املزنل من أي فرد، رافضة رفضا باتا اخلروج إال “..أنا بعد أن تمطنئ إىل أن مجيع أوالدها خرجوا قبلها وتقول:

إن مت فال ضري، لكن أوالدي تعبت يف تربيهتم..”.يف وتبعرثوا والدهتم، برفقة األبناء خرج األم؛ إرصار حتت

الشوارع.إىل مزنل جار هلا، لكهنا أحست باملسافة اليت وصلت “أم ماهر”

قطعهتا وكأهنا من أول القطاع إىل آخره..!ملزنهلم العودة يتوقعون أبناهئا من أي أو ماهر” “أم تكن مل اجلدران وهتاوت املزنل، حريق يف شب القصف فعند ساملني، نتيجة شدة بعد أن انفجر خط التيار الكهربايئ )الضغط العايل(

االنفجار.“أم ماهر” وعائلهتا يعيشون قصة ما بعد العدوان؛ اليت أصبحت نظام حياة لدى الكثريين من الغزيني الذين دمرت طائرات االحتالل ودباباته وبارجاته البحرية منازهلم، فيلتحفون ما تبق من طبقات امسنتية يف مزنهلم، تظلهم من أشعة الشس، وتقهيم مطر الشتاء

وبرده يف انتظار إعادة إمعار منازهلم.نصبح أن األيام من يوم يف نتصور “..مل ماهر”: “أم تقول مرشدين بال مأوى، خاصة يف ظل هذه األجواء الباردة، الرياح املتصدعة واألبواب وضعها، حاولنا اليت الستائر عىل تبق مل

أصبحت آيلة للسقوط من شدة الرياح..”.املدمرة؛ للعامرة الثالث الطابق تعيش يف ماهر” “أم واكنت وهو الطابق الذي بقيت جدرانه ساملة من آثار القصف، بيمنا بيته األريض دمر لكيا وال يصلح للعيش، لكهنا تقيض بعض الوقت

فيه تشعل احلطب للتدفئة مكا رأيهتا.

“أم ماهر”.. أضعفتها الشيخوخة وقوتها الحرب..!

49

Page 50: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

ما الوجع من غزة مدينة رشق الزيتون يف يح تقطن اليت “عزام” عائلة نالت نالته معظم عائالت هذا احلي؛ الذي كثفت مروحيات االحتالل اإلرسائييل رضباهتا الصاروخية عىل بيوته وشوارعه طوال مثانية أيام من املوت وراحئة البارود اليت

زمكت أنوف الفلسطينيني يف قطاع غزة.أنقاض تفتش بني الستني عاما من معرها ذات )أم أرشف( “هسام عزام” اكنت

مزنهلا املدمر؛ لعلها جتد بعضا من أغراضها وأبناهئا األربعة.“مزنيل مكون من طبقتني، مقمسة إىل أربع شقق، مت تدمريه “أم أرشف”: تقول 2012، مل نأخذ أي يشء منه، ال بطاقات متاما يف 20 من نومفرب )ترشين ثاين(

اهلوية، وال هشادات ميالد أوالدي، وال حىت مالبهسم وأجهزة حاسوهبم”.املزنل االحتالل طائرات قصفت “عندما معرها: شقاء يف املنكوبة األم وتروي بصوارخي حتذيرية؛ خرجنا مرسعني لننجو بأنفسنا، وأثناء نزولنا من املزنل سقط أرضا، حفملته يف ثانية، ال أدري كيف وقفت وفعلت ابين الصغري هيمث )8 سنوات( ذلك، وأرسعت إىل ماكن أحيمت فيه؛ رمغ شدة القصف املتوايل يف تلك اللحظة..” منوهة إىل أن أبناءها اآلخرين اكنوا خلفها يركضون يف الشارع حبثا عن أي ماكن

حيمتون به.“عند وصويل للشارع؛ وجدت ابين الصغري مصابا يف وتتابع حديهثا بوجع دفني: رأسه نتيجة سقوطه، مقت بعمل إسعافات أولية كوين أملك خربة قليلة سابقة؛ من خالل وضع قطعة مقاش نظيفة عىل رأسه وشدها بقوة لوقف تدفق الدم من رأسه..”.وأسعفت “أم أرشف” عددا من أفراد عائلهتا الذين مجتعوا يف غرفة يف أسفل أحد منازل اجلريان، ليداووا جراحهم اليت أصيبوا هبا خالل حماولهتم الفرار من املزنل

املقصوف.وتقول: “أسعفت ما يقارب أحد عرش خشصا مصابني جبروح طفيفة، وحاالت اختناق بسبب الدخان والغبار الذي أحدثته الصوارخي املتساقطة، وبدأت يف رش املاء عىل لإلمغاء، ورضهبن عىل خدودهن خبفة تعرضن اللوايت الكبري بنات سليف وجوه إلعادهتن إىل وعهين، وامحلد هلل؛ حجنت يف معل الالزم قبل أن يأيت اإلسعاف

ويقلهم إىل املستشىف”.بعض عىل اتصلت حيث مبساعديت، قامت “أمينة” “..سلفيت حديهثا: وتواصل اجلريان من أجل جلب بعض الشاش والقطن واليود، من أجل استخدامها يف معل

االسعافات الالزمة..”.ورمغ معق مصاهبا خبسارهتا لبيهتا؛ إال أهنا خفورة أهنا استطاعت النجاة بنفهسا بناء مزنهلا، تعيد أن مداواة جراحهم، ممتنية اآلخرين عىل وبأوالدها، ومساعدة وتعود وأبناؤها الستمكال حياهتم فيه؛ بعيدا عن حال الترشد الذي حتياه وإيامه

اآلن..

أم أشرف.. مسعفة رغم مصابها الكبير..

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة50

Page 51: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

بعيدا عن مشاهد الدمار واخلراب اليت خلفها عدوان األيام المثانية اإلرسائييل عىل ساكن قطاع غزة، استطاعت “حنان الكيالين” الفلسطينيني؛ اليت النابضة يف قلوب للحياة لوحة مغايرة رمس

ترتصدها مروحيات االحتالل يف لك ماكن وزمان.“حنان” )48عاما( ويه أم وجدة لسبعة أبناء وحفيدة؛ يه أيضا تقطن يف شارع اجلالء يف مدينة غزة، كغريها من السيدات الغزيات اللوايت فتحن أبواب بيوهتن ألقارهبن النازحني من املناطق األكرث

خطرا عىل حدود القطاع.أربع عائالت من أهل زوجها استقرت يف مزنهلا -الذي ال تتجاوز مساحته 180 مرتا مربعا- طوال أيام احلرب اليت شنهتا مروحيات حربية إرسائيلية يف العام 2012، لتبدد مشاعر اخلوف والوحدة

وحتل حملها مشاعر األلفة واحملبة.ابتمست “الكيالين” ويه تتذكر تلك األيام، قائلة: “رمغ أهنا اكنت أياما صعبة بلك معىن اللكمة، فالرضبات مل تتوقف ليلا أو هنارا، الذي عددنا كرثة رمغ البعض؛ بعضنا مع جنلس كنا أننا إال جتاوز امخلسني فردا، نساء وأطفالا، نساء ورجالا؛ أمام شاشة

كثريا الضحك واكن التطورات، وآخر األخبار نتابع التلفزيون، ما جيمعنا يف حلظة واحدة عندما حيدث موقف ما من قبل أحد

األطفال”.وتفتقد “الكيالين” مشاعر الرتابط األرسى اليت أحست هبا طوال الطعام معا، رمغ تناوهلم وجبات أثناء العدوان، خصوصا فرتة ما تكبدته يه خشصيا من متاعب، فتقول: “مل يكن لدي أي وقت فراغ طوال األيام المثانية، اكن املطبخ مزاري الدامئ أنا وسلفايت وبمكيات احملدد، وقته يف الطعام نعد يك زويج؛ وشقيقات تكيف العدد الكبري، خصوصا أن معدل األلك ارتفع لدى امجليع

نتيجة الزتامهم املزنل طوال الوقت”.إىل أن أغلب العائالت اليت تركت منازهلا طيلة ولفتت “الكيالين” العدوان وذهبت لمتكث عند أقارهبا؛ جعلتنا نلتيق ونعيش سويا

اللحظات امجليلة والصعبة..”.أن يعم األمن والسالم عىل الشعب الفلسطيين وتمتىن “حنان” وأال تعود مشاهد الدمار والدماء اليت تركت آثارها بشلك واحض

عىل لك ساكن قطاع غزة.

تحت القصف.. عائالت تلتقي وتضحك..!

51

Page 52: ةزغ ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرمsite.wac.ps/ar/wp-content/uploads/2016/03/book-Stories.pdf · ةزغ– ةأ رمـل نوؤ ـــش زـــكرم Women’s Affairs

جفأة؛ وجدت “أم أسامة اخلويل” نفهسا وعائلهتا -املكونة من 40 يف الشارع؛ بعد منتصف الليلة الرابعة من أيام العدوان فردا- قطاع عىل اإلرسائييل االحتالل مروحيات شنته الذي المثاين العام من ثاين( )ترشين نومفرب 14 يف بالساكن، املكتظ غزة

.2012متام “يف أبناء لستة األم ويه عاما( 60( أسامة” “أم تقول اتصالا من جهاز الساعة الثالثة جفرا؛ تلق ابين الكبري “أمين” من سبع املكون مزنلنا بإخالء فيه يطالبه اإلرسائييل، الشاباك شقق؛ خالل مخس دقائق، وحيمنا حاول ابين االعرتاض؛ قال له:

ال تكرث من اللكام، وأقفل مساعة اهلاتف يف وجهه..”.

ويه تبتسم يف حتد واحض أمام كومة الدمار وتتابع “أم أسامة” “..قدمنا ضد اهلائل اليت خلفهتا صوارخي االحتالل يف مزنهلا: االحتالل طلبا مبحامكته لقصفه مزنلنا وترشيد لك من فيه، ووثقنا ما وقع حبقنا يف لك مراكز حقوق اإلنسان، وزويج مممص عىل

استمكال متابعته احملامكة حىت الرمق األخري..”.

وتستذكر اللحظات األخرية من ليلة الرعب اليت عاشهتا وعائلهتا إقفاله وبعد ما مسعه، “أمين” البداية؛ مل يصدق “..يف فتقول: اهلاتف بثوان؛ أدرك خطورة ما تتضمنه هذه املاكملة، فبدأ بالرصاخ عىل أشقائه الذين اكنوا نامئني يف شققهم مه وأطفاهلم، فمسعناه “أخرجوا من املزنل عىل الفور، سيمت قصفه” وهو جيري ويقول: وحيهنا مل ندر كيف خرجنا من البيت برسعة الربق، مل نأخذ سوى أطفالنا، خفالل مخس دقائق أصبحنا يف الشارع؛ نقف بعيدا

رمغ قسوة الربد..”.

“..كنا بوضوح: وجهها عىل جتاعيده يرمس والوجع وتمكل؛ ماذا سيحدث يف ننتظر وقفنا وطفلا، وامرأة رجلا 40 حوايل الزيتون وشارع صالح الدامس، الذي اكن يغلف منطقة الظالم من دقائق مخس ميض وبعد سعته، يف احمتينا الذي الدين

إخالئنا املزنل؛ مت إطالق صارويخ زنانة عىل مزنلنا..”.

من تنطلق ويه الصوارخي عيين بأم “..شاهدت وتضيف: الطائرات وتدك مزنيل، وبعد مخس دقائق أخرى من هذا القصف؛ جاء التدمري األكرب ملزنيل خبمسة صوارخي من نوع أف 16، حولت

تعبنا وشقاء معرنا وملجأنا الوحيد إىل كومة راكم..”.وبعد هذا املهشد؛ تقول “اخلويل”: “..بقينا يف الشارع ملدة ثالث ساعات نقف جبانب جدران منازل الناس، برفقة بعض العائالت الساعة ويف لقوته، نتيجة القصف صوت عىل خرجت اليت السادسة جفرا عادت مروحيات االحتالل وقصفت املزنل جمددا

بصاروخ أف 16 آخر..”.

هلم استأجرته بيت إىل وأحفادها بأبناهئا أسامة” “أم انتقلت احلكومة، بعد أن خرست البيت واملال ولك ما مجعت طوال معرها.حمامكة حماولهتام يف وجداه وزوجها أسامة” “أم عزاء لكن النار؛ إطالق وقف إلعالن التايل اليوم “..يف فتقول: االحتالل، توجه زويج إىل حمايم وطلب منه رفع قضية عىل دولة االحتالل مت توكيل حماميني؛ وبالفعل؛ من أجل حمامكهتا عىل جرامئها، واحد يف األرايض احملتلة عام 1948، وآخر داخل “إرسائيل”

وما زلنا ننتظر النتاجئ..”.

“أم أسامة”.. وشقاء العمر الضائع..!

مركـــز �شـــ�ؤون �لـمر�أة –غزة52