احتواء عبدالله أبو سنينة

129

Upload: abdullah-abu-snaineh

Post on 05-Aug-2016

228 views

Category:

Documents


6 download

DESCRIPTION

مجموعة قصصية تحتوي على 36 قصة قصيرة. وفي هذه المجموعة يقدّم عبدالله أبو سنينة شكلًا جديدًا من القصص القصيرة وهو, كما يسميها, "النكبة ساغا" وهي قصص قصيرة جدًا تتكون من 48 كلمة تمامًا. وفي هذه القصص يعبّر الكاتب بإيجاز عن الوضع العربي بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص.

TRANSCRIPT

Page 1: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 2: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 3: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 4: احتواء عبدالله أبو سنينة

احتواء

Page 5: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 6: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 7: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 8: احتواء عبدالله أبو سنينة

1

فتساقطت حبات األرز كالثلج مثقوبةكيس األرز زاكيةلقد كانت

على رؤكس املتجمهرين حوؿ الشاحنة الصغرية. شاحنة تحمل ما

تحمل من صناديق كأكياس املؤكنة كثالثة موظفني في الصندكؽ

فبالغد سيكوف تقرير املنظمة الخلفي يوزعونها علينا. نحن األرقاـ

الجئ!" لن 044كيس أرز على 04كيس طحني ك 04"تم توزيع

لوا أسمائنا. بل عددنا ككم تصدقوا علينا. لن يذكركا حىت بأف يقو

.مثقوبناأحد أكياس األرز كاف

لكن ما يهم اآلف هو أنهم فوؽ كنحن في األسفل. نحن بحاجة

للطعاـ.. بحاجة لهم.

لم آكل منذ أياـ كاآلف عندما جاءت شاحنة مؤف ال أستطيع الحصوؿ

حجاج مكة, يتلمسوف على طعاـ. يلتف الجميع حوؿ الشاحنة ك

قضباف الشاحنة كأقداـ املوظفني الذين يوزعوف الطعاـ. إنهم

األعلوف.

يجب علي أف أقرتب أكرث ألحصل على حصة من الطعاـ. ال يمكن أف

فكلنا هزيلوف هنا. لكن ربما قرص أضع اللوـ على هزؿ جسدم

Page 9: احتواء عبدالله أبو سنينة

2

القامة هو السبب فأنا لست طويالن كفاية ألرل ماذا يجرم في

ندكؽ الخلفي كلم أستطع أف أتعني كم تبقى من املؤف.الص

خزيراف العيداف قفص من تحيط بي أعمدة برشية من كل جهة ك

طرائد أف تلك األعمدةما. لكن بقرارة نفض أعرؼ طريدة تحارص

ا مثلي . قد تتفاكت فرص نجاة كاحد عن اآلخر إال أننا نبقى أيضن

األسفلني.

؟""كيف يمكنين الصعود إلى أعلى

كاف ذلك هو الضء الوحيد الذم يدكر في رأيس.. غري القمل

بالطبع.

آملين منظر صناديق املؤكنة كأكياس الطعاـ تتناقل فوؽ رأيس دكف

استطاعيت ملسها. حاكلت القفز كمد يدم لكن دكف فائدة.

حاكلت أف أستعطف من كاف بجانيب أف يمدني بصندكؽ طعاـ.

سيدم؟! -

ها؟ -

تلتقػػهل بإمكانك أف -

لم يكمل الرجل استماعه لسؤالي عندما اقرتبت يدق من صندكؽ

طعاـ. يدق األخرل كانت مشغولة بكيس بدا عليه الثقل. رمى الرجل

Page 10: احتواء عبدالله أبو سنينة

3

ف على االكيس على األرض لريفع يدق األخرل.. أحكمت يداق الهزيلت

الصندكؽ. فرح الرجل بإنجازق فهرع خارج دائرة املتجمهرين دكف أف

يلتقط الكيس.

سيدم؟! -

لم يسمع.

سيدم! لقد نسيت الكيػ -

ال يريد أف يسمع.

ؿ أملي بالحصوؿ على يشء من املؤف, نظرت نحو الكيس ؤمع تضا

ا بسلك غري محكم. فككت السلك حديدم الذم تركه. كاف مربوطن

الحديدم باصبع لتنفتح فوهة الكيس.

ال أعلم ما الذم جعلين أظن بأنه ربما كاف هناؾ يشء يؤكل داخل

م.. لقد كاف يوجد كتب فقط.الكيس. على كل, لم يكن هناؾ يشء قي

"ما الذم أفعله بالكتب؟"

سؤاؿ ثاف أصبح يدكر برأيس.

Page 11: احتواء عبدالله أبو سنينة

4

ا لم يدر السؤاؿ الثاني كثرينا في رأيس إلدراكي بأنه ليس سؤاالن حقن

لقد كاف إجابة للسؤاؿ األكؿ. السؤاؿ املزمن. "كيف يمكنين الصعود

إلى أعلى؟"

لكتب بيدم االثنتني, كانوا سبعة كتب سميكة كثقيلة.أمسكت ا

الذم كضعت فوقه ثمقاعدة لهرـ من الكتب حملت أكربهم ككضعته

حىت ازداد طولي أكرث من قدـ. تحت قدمي يليه بالحجم كهكذا

كقفت على الكتب ألرل ما لم أرق من قبل. رأيت أكجه املوظفني على

ت يدم بأمل الحصوؿ دد. مالشاحنة, كفي أيديهم املؤكنة صندكؽ

على يشء. بدأت أصابعي تالمس الصناديق كاألكياس فشعرت

سول تناقص كمية املؤكنة باستمرار. يعكر صفوهابنشوة داخلي لم

حاكلت بجد أكرب للحصوؿ على الطعاـ.. أخرينا, حصلت على

صندكؽ كبري.

ا بالصندكؽ نزلت عن كومة الكتب كأنا مرسكر إلنجازم. كنت ممسكن

بكلتا يدم فلم أعرؼ كيف كاف بإمكاني حمل الكتب. لم أفكر بذلك

طويالن عندما تذكرت بأف لدل جارنا العجوز الذم أصبح كفيفنا الكثري

من الكتب اليت لن يحتاجها. ككل ما سيكوف علي فعله هو استعارة

كتب من عندق في املرة القادمة ألصعد عليها ألستطيع الحصوؿ على

الطعاـ.

Page 12: احتواء عبدالله أبو سنينة

5

اليوـ عيد ميالدم الثامن عرش. ذهبت إلى املدرسة ككجدت

ثالثة من أصحابي بانتظارم عند الحمامات املتسخة كاملخربش

على جدرانها. كانت قطعة من الكيك الرخيص تعلوها شمعة

ا. أخرج أحد األصحاب كالعته من جرابه يتيمة بانتظارم أيضن

كمدها لي. سحبت كأشعل الشمعة كأشعل بعدها سيجارة

سحبة أكلى كأتبعتها بثانية. لم أكتف منها, فنشوة التدخني

كانت أخاذة. لكنين لم أرتو من شفة سيجارتي فاملدير أدركنا.

ا لتلقي العقابهرب أصحابي كت ركت أنا كحيدن

املدير. ستائر مخملية.. بالط رخامي.. ذهبت ذليالن إلى مكتب

ا مكتب من خشب البلوط.. لوحة كبرية لرئيس الدكلة مصافحن

ا مدير املدرسة كاالبتسامة تعلو كجهيهما. لكن املدير كاف لئيمن

ا معي! كلماته مألتها القسوة. زأر بي بشدة "أنت رجل جدن

, لكنين محق بوصف فأنت ..مدلل.. كال, أنا مخطئ ي لست رجالن

.. التدخني فعل غري مسؤكؿ.. أنت غري مسؤكؿ.. إياؾ مدلالن

Page 13: احتواء عبدالله أبو سنينة

6

ستبعد عن املدرسة لثالثة أياـ." لقد دمرني بكلماته,

ا كما كاف يسحق عقب سيجارته تحت حذاءق !كسحقين.. تمامن

Page 14: احتواء عبدالله أبو سنينة

7

اليوـ, الثالث كالخمسوف بعد املئة للعاـ السادس كالسبعني يسجل

نحن. الفرتة هذق خالؿ -إلى اآلف -أعظم كصوؿ علمي لإلنساف

اجدن قليلة معلومات لدينا لكن. ذلك نعلم, الكوكب على برش أكؿ لسنا

لصورة كاضحة غري ملحات إال نملك ال فنحن ,لألسبقني حصل عما

.السابق العالم عن

ا إلبادة البرش كالشجر نجا قليل منا. لكننا ال نعلم ماذا حصل حقن

داخل كالحجر! أسميناهم "األكائل" كهم من بقو على قيد الحياة

باؤنا, كالجيل األكؿ من اإلنساف آمالجئ عمالقة, هم أجدادنا ك

أحد من الذين شهدكا املوت يبقاملالجئ. لم الجديد كلد داخل تلك

بعض الكتب املتعلقة بالعلوـ ا البرش. حصلنا علىالجماعي إلخوانن

قصاصة كالرياضيات من العالم السابق, لكننا لم نحصل سول على

بما يتعلق باإلجابة عن صغرية من صحيفة من العالم السابق

. كاف مكتوبنا بها "العالم كله هريكشيما!".سؤالنا عما حصل للعالم

فن تحت األرض على كانت تلك القصاصة مخبأة داخل صندكؽ د

ا إذ عمق مرتين في أحد املالجئ الضخمة. إف املالجئ كبرية جدن

Page 15: احتواء عبدالله أبو سنينة

8

كصل طوؿ كعرض بعضها إلى عرشات الكيلومرتات كحوت

الحيوانات كالطعاـ كالكثري من األمور اليت رسعت في عملية تطورنا

الحالي, بدا األمر كأف النهاية كانت متوقعة.

أحد من نهاية العالم السابق, لم يبق كاال يوجد أحد من الذين عارص

على "األكائل" ليساعدنا أك يخربنا ما حصل, كلم يدكف أحد ذلك!

ال يوجد سول تلك القصاصة اليت األقل, لم يصلنا يشء منها.

كجدناها تحت األرض.

هل "هريكشيما" هو الفايركس الذم قىض على الحياة السابقة؟ أـ

هو طاغية دمر العالم؟!

حصل للعالم السابق؟ اإلجابة سهلة: في أحد حوؿ مالم أهتم كثرينا

الصفحات اليت كجدناها داخل املالجئ قرأت عبارة "كقفت على

أكتاؼ من سبقوني من العلماء." القائل هو شخص اسمه نيوتن,

عالم في العالم السابق. كأنا بصفيت عاملنا فإنه من كاجيب املساعدة

في بناء هذا العالم.

نحن نعلم أف اإلنساف كصل إلى النجوـ إال أننا ال نعرؼ كيف, ليس

بعد. لكن نحن على الطريق الطريق الصحيح لقيادة هذا الكوكب إلى

النماء كاالزدهار, فنحن اليوـ توصلنا إلى أعظم اكتشاؼ على مر

تقويم البرش الجديد, اكتشاؼ سيقودنا إلى عالم أفضل ال محالة.

Page 16: احتواء عبدالله أبو سنينة

9

ملتخصصوف, تعب اإلنساف كثرينا للوصوؿ إلى هذا تعب العلماء كا

اإلنجاز الذم سيدفع بعاملنا درجات كبرية نحو التطور, فنحن نؤمن

بأف السيطرة على أكرب األمور تأتي بعد التحكم بأصغرها. اليوـ,

كبكل فخر كاعزتاز أقولها, استطعنا التوصل إلى طريقة نشطر فيها

الذرة.

Page 17: احتواء عبدالله أبو سنينة

11

ا لم أرغب يومها بالذهاب إلى الجامعة فالجو كاف ماطرنا كعاصفنا جدن

لكن كجب علي الذهاب لحضور محارضة في مساؽ "أنظمة الحكم"

. كاف الدرس سيكوف حوؿ ملعدلي الرتاكميكالذم كاف مسيئنا

األسباب اليت تساهم بعدـ تجاكب الشعوب مع نظاـ حكم جديد جيد

ذهبت يومها سدل فاملحارض ن طويل.جاء بعد حكم استبد شعبه لزم

سيارته كانت قد علقت بأحد الطرؽ قبل كصوله ألف لم يأت

إلى البيت مكسور الخاطر ألننا لم نأخذ املحارضة عدت .الجامعة

املهمة.

قبل كصولي املزنؿ سمعت صوتنا داخل مكب النفايات كعلمت فورنا أف

البحث عن غذاءق القط املرقط هو من أصدر الصوت فهو معتاد على

لم أكرتث كثرينا كأكملت طريقي نحو البيت. .داخل مكبات النفايات

عند فتحي لباب املزنؿ كإدخالي قدمي اليمىن الحظت الفارؽ الكبري

بني درجة الحرارة في الداخل كالخارج فأشفقت على القط املرقط

فذهبت كجلبته إلى الداخل. جففته أكالن ثم كضعت له حليبنا داخل

حن كقطعت له بعض املرتديال لكنه لم يقرتب رغم أنه كاف يحتاج ص

إلى الغذاء. ظننت أكلها أنه شعر بالحرج أف يأكل أمامي فذهبت من

Page 18: احتواء عبدالله أبو سنينة

11

لكن عندما عدت رأيت الطعاـ مرمينا كالحليب مسكوبنا على ,عندق

األرض دكف أف ينقص منهما شيئنا.

كنت تعبنا يومها فذهبت ألناـ قليالن رغم أف الساعة لم تكن قد بلغت

السادسة حىت. أخربت أخي الصغري بأنه يمكنه اللعب مع القط

كإطعامه إف قبل األخري ذلك. استيقظت من نومي بعد حوالي خمس

ساعات ككانت الساعة تقارب الحادية عرشة. لم يكن الجو العاصف

عن القط فأخربني أنه هرب. علمت أف ال مهرب قد هدأ. سألت أخي

, ذهبت ككجدته للقط سول مكب النفايات الذم كجدته به. فعالن

ا. !ينبش عن الطعاـ حملته معي كعدت به إلى املزنؿ مجددن

ا أف الدركس كاف علي التحضري لدركس اليوـ التالي ككجدت أيضن

حارضة الفائتة ستكوف أكرث من املعتاد ألف املحارض قرر تعويض امل

في اليوـ التالي. قرأت قليالن لكن دؼء الفراش أغراني للذهاب إلى

النوـ. قبل أف أذهب إلى النوـ تأكدت أف نوافذ كأبواب املزنؿ مغلقة.

كاف أخي الصغري قد ذهب إلى صباح اليوـ التالي عندما استيقظت

حث مدرسته فبحثت بنفض عن القط داخل املزنؿ فلم أجدق. لم أب

أف الطريق إلى الجامعة يأخذ كقتنا أطوؿ أياـ املطر. إلدراكيطويالن

بحثنا عن سيارة خرجت من املزنؿ كمشيت قليالن نحو الشارع الرئيض

كجدت القط مغطى باألكساخ أجرة, لكن قبل إيجادم لسيارة أجرة

Page 19: احتواء عبدالله أبو سنينة

12

كجدت القط ككجدت !داخل مكب النفايات كبفمه بقايا طعاـ فاسد

حارضة اليت عوضناها يومها.معه موضوع امل

Page 20: احتواء عبدالله أبو سنينة

13

ا عن الطبيعة بمجرد النظر إلى حوض السمك ا مهمن يمكنك تعلم درسن

ال يعكر كالصغري هذا. سمكة برتقالية صغرية تسبح آمنة بالحوض

ذلك سول سمكة ضارية كبرية تهجم عليها كتأكلها. لن تأتي صفو

أم سمكة أكرب من تلك اليت أكلت السمكة الربتقالية في هذا الحوض,

ؿ., سلسلة االفرتاس تطوؿ كتطوالخارجلكن هناؾ في

ا. هناؾ في كنت أعلم بأف الرشطة ستأتي ألخذم, كنت أنتظرهم حقن

شاطيئ مبين من خشب البلوط, البيت املنعزؿ عن املدينة. بيت

منعزؿ كهادئ حيث يبعد أقرب مركز حضارم أكرث من خمسني كيلو

.ا عنهمرتن

انتظرت قدكـ الرشطة بينما كنت انظر إلى السمكة الربتقالية

رع باب املزنؿ مع الصغرية تحاكؿ الهرب من السمكة الضارية. ق

كة اللحظة اليت كقعت السمكة الصغرية ضحية بني فكي السم

ا: الكبرية. فتحت الباب لرجلي رشطة. بدأ أحدهما الحديث رسيعن

Page 21: احتواء عبدالله أبو سنينة

14

..أنت رهن االعتقاؿ -

:الثانيالرشطي ت يدم كي يقيدهما لكنه لم يفعل. قاؿ دمد

جلوسك على اإلنرتنت..ال فائدة لهم من تقييد يديك.. دكف -

اليت ابالركوب بسيارتهمهما طلب مين الرشطي األكؿ االنصياع ألمر

جاءت العتقالي. لم أماطل بذلك فأنا لم أطلب منهما سول دقيقتني

حىت أضع بعض الطعاـ في حوض األسماؾ. اقرتبت من الحوض

ا من حبوب الغذاء للسمكة الضارية. لم يكن هناؾ أثر كرششت بعضن

.للسمكة الربتقالية

ا باملقعد الخلفي في سيارة الرشطة كركب الرجالف في ركبت كحيدن

عد السائق كاملقعد املجاكر له. فصل بني املقعدين األماميني كاملقعد مق

الخلفي شبك حديدم دقيق الفتحات. لم يكن بإمكاني خلع ذلك

ف دكاسة داس أحد الرجال .مكبلتني تكنالقفص رغم أف يدام لم

ا كنا ا ركيدن الوقود لينطلق بالسيارة كسط الطريق املنعزلة. ركيدن

.نبتعد عن الشاطئ

حاكلت تجنب االستماع إلى حديث الرشطيني إال أنين اسرتقت السمع

..لبعضه

Page 22: احتواء عبدالله أبو سنينة

15

أال تريد التدرب على قيادة السيارة؟ -

.سأؿ الرشطي في مقعد القيادة زميله

..ال.. أنت تعرؼ كيفية القيادة كهذا كاؼ -

إجازة.. قد تضطر إلى قيادة ذال.. قد أستقيل أك آخ .. -

!السيارة في يوـ من األياـ

؟!تستقيل .. -

ا.. يجب علي أف آخذ الدكاء كل ست نعم.. فأنا مريض جدن -

..ساعات... كإف لم آخذق سيغمى علي كستسوء حاليت

هل جلبت الدكاء معك؟ -

..نعم.. إنه بكيس في الصندكؽ أمامك -

ته؟ يماذا لو نس -

..ال يشء -

:فمه قبل أف يكمل ءب ملءقاؿ الرشطي الذم يقود كتثا

..لفرتةسنعلق هنا -

هل أنت نعس؟ -

كلكين شعرت زميله سأؿ الرشطي الذم كاف يجلس بجانب السائق

.اا لي. أجبت بنفض "نعم" كنمت عميقن بأف السؤاؿ كاف موجهن

Page 23: احتواء عبدالله أبو سنينة

16

لسيارة حيث ا غطاء محرؾ فوؽمن غفوتي إال كأنا مرمي لم أصح

بسبب لع القفص الفاصل بني املقعد الخلفي كاملقعدين األمامينيخ

. كيبدك أف اصطداـ السيارة بصخرة كبرية على جانب الطريق

طيني كانا على رشالقفص كذلك قد خفف الصدمة على بدني فكال ال

يدكر حولنا. في كسط مكاف بعيد عن أم كاف ملانياألرض غري كاعي

.مكاف مأهوؿ بالسكاف

. أنا

.كرشطيني على األرض

.أحدهما مريض

الربتقالية الهرب كالنجاة, لكن ذلك يعين موت بإمكاف السمكة

.السمكة الضارية

.كاف على السمكة الربتقالية الصغرية اتخاذ قرار برسعة

Page 24: احتواء عبدالله أبو سنينة

17

فجهاز مراقبة النوبات القلبية خاصة ;لدم أقل من خمسة عرش دقيقة

ابن أخي أرسل إشارة إلى هاتفي املحموؿ كيجب علي أف أرسع

ملساعدته.

ابن أخي مع كالدق ككالدته, لكن بما أف كالدق يعمل خارج يسكن

املدينة, كأمه مريضة في املستشفى, كنت أنا الخيار الثالث كاألخري

ملساعدة ابن أخي.

املشكلة في موقع املزنؿ أنه بعيد نسبينا, كليس هذا فقط, بل إف

ا سرتبكك إف لم تكن الطريق من أصعب الطرؽ, كاالتجاهات حتمن

ى هناؾ عدة مرات كحفظت الطريق.ذهبت إل

كضعت حزاـ األماف كانطلقت برسعة على األسفلت األسود.

تجاكزت رسعة السيارة املئة ميل بالساعة لكن هذا لم يمنعين من

محاكلة اإلرساع.

Page 25: احتواء عبدالله أبو سنينة

18

تبقى لي حوالي سبع دقائق كأنا لم أقطع نصف املسافة بعد,

ن أخي.كعقارب الساعة تدؽ بانتظاـ, على عكس دقات قلب اب

ا. ا ركيدن مؤرش عداد الرسعة يرتفع ركيدن

هنالك إشارة على يمني الطريق تشري إلى حد الرسعة املسموح به:

, ككنت أقود السيارة 04كم بالساعة. كذلك يساكم أقل من 34 ميالن

ضعف تلك الرسعة. كنت بحاجة إلى خرؽ ذلك القانوف.

. ال يشء أمامي سول األسفلت األسود, كدكرية رشطة

توقفت برسعة كقبل أف يبدأ الرشطي بالكالـ قلت له:

- There's an em… هناؾ حالة طارئة!! يجب أف ....

أرسع!

بالواليات حينها أخذت لحظة قبل إدراكي لحقيقة أنين لم أكن

املتحدة فبدأت الكالـ باإلنجلزيية. رد الرشطي:

الرسعة الزائدة هي ليست السبب األكؿ إليقاؼ السيارة.. -

Page 26: احتواء عبدالله أبو سنينة

19

د الرشطي أعادني إلى حقيقتني أخريني: األكلى, أنين امرأة, ر

كالثانية, أنين اآلف في السعودية.

Page 27: احتواء عبدالله أبو سنينة

21

ا كافينا! - لم نحمل متاعن

قالت زكجيت محتجة.

كافينا ملاذا؟ -

سألت بينما كنت أنظر إلى الغركب.

للرحلة! -

أدرت رأيس نحوها كسألت مستغربنا:

رحلة؟! -

نعم.. حىت نعود! -

كمىت سنعود؟! -

برأيي أف نعود عندما ينقصنا الطعاـ! -

أعدت نظرم نحو الغركب كرأيت الشمس تزنؿ كراء األفق, كمنذ ذلك

ا. الحني, لم ترشؽ مجددن

Page 28: احتواء عبدالله أبو سنينة

21

صفد, هناؾ كلدت كهناؾ سأموت كإف لم أكن سأموت هناؾ,

سأموت كأنا أحاكؿ أف أموت فيها." ظللت أقوؿ هذا لنفض بعد

أنا كعائليت من صفد. خرجنا كلم آخذ معي شيئنا, أذكر خركجي

ا إلى مزنلنا ألجلب مدية خشبية صنعتها بنفض عندما ركضت عائدن

لكن أمي أمسكتين كعنفتين صارخة "كين رايح يا محفوظ؟! أسبوع

بالكتري كراجعني." رغم النربة الغاضبة اليت قيلت بها تلك الكلمات

كينة جردته من أصغر دقة قلقة. خرجت إال أنها ألقت على قليب بس

من صفد دكف أف آخذ معي شيئنا لكن كل يشء أخذ مين

من ذلك رسينا في دمشق كهناؾ تحولت مر أسبوع كلم نعد. بدالن

األسابيع إلى شهور كالشهور إلى سنوات كالسنوات إلى معاناة. بدا

على جميع من غادر صفد أنه نسيها. بحاليت أنا كاف لدم يشء

فبعدما خرجنا من فلسطني مللمت حبيبات الرتاب القليلة ,ذكرني بهاي

اليت كانت عالقة في حذائي. ال أعرؼ إف كانت تلك الحفنة ستكوف

أكرب لو لم يكن حذائي مثقبنا أك أف تلك الثقوب هي اليت رسبت

أمر ! الرتاب إلى قدمي كلذلك لم أعلم إف كاف علي شتمها أـ شكرها

Page 29: احتواء عبدالله أبو سنينة

22

مكاف إال املكاف املستمر بعد دمشق. تنقلنا إلى كل شتمته كاف تنقلنا

دت الذهاب إليهدالوحيد الذم ك

مكثنا في لبناف لسنوات كبقي الجميع هناؾ إال أنا فأنا قطعت نصف

الكوكب كأنا في الثالثة كالعرشين نحو أمريكا الجنوبية متهربنا من

ا في سفرم ااملايض.. إال من حفنة تراب كزميالن في تخذتها رفيقن

سكين.

في أكاخر عرشينياتي كأكؿ ستينات القرف املايض تزكجت فتاة من

الجالية الفلسطينية هنا. كانت كالدتك تحلم بتأسيس صحيفة

بالحرؼ العربي هنا لكنها لم تستطع تحقيق ذلك الحلم لكنها حققت

ا أكرب من ذلك عندما عادت إلى فلسطني.. حىت كإف كانت زيارة حلمن

قدمت أكراقي كقتها ألسافر معها لكن السلطات هنا منعتين مؤقتة.

من مغادرة البالد ألسباب أمنية ظرفية كأخربكني بأنه علي املحاكلة

.الحقنا

حاكلت بعدها كلم يتغري رد السلطات. ما تغري كاف كفاة كالدتك

دكف تأسيسها للصحيفة. كانت قريبة من ذلك كثرينا فهي كانت قد

الت عن فلسطني كالعالم العربي كاتفقت مع كتاب جمعت مئات املقا

كمؤرخني عرب كثريين كجهزت أكؿ بيت سكن أهلها فيه هنا ليكوف

مكتب الصحيفة. فعلت هذا كله كهي حامل بك. نرشت كالدتك

Page 30: احتواء عبدالله أبو سنينة

23

الكثري عن فلسطني في مجالت كصحف تنرش باللغة اإلسبانية لكن

رادت أف تكوف كطنيتها كعركبتها كانت أكرب من أف تكتفي بذلك فأ

ا على سببنا في تحريك كل املغرتبني عن كطنهم. كانت مثاالن شامخن

أننا خرجنا من كطننا لكن الوطن لم يخرج منا فكانت آخر كلماتها

.ككصيتها أف أنهي ما بدأته هي

صوت هنا انترشت الصحيفة في أرجاء البالد كلها كأصبح لفلسطني

ا. أف عن حلمي األزل لكنين رغم ذلك لم أتخل ي برؤية فلسطني مجددن

تكوف الجئنا فلسطينينا يعين أنك تتمزي عن باقي مليارات الكرة

مغادرة باألرضية بحلم آخر, حلم العودة. بعد سنوات سمح لي

البالد فسافرت إلى األردف كبخاطرم أنين سأذهب بعدها لزيارة

فلسطني. كنت أعلم أنين لن أستطيع زيارة صفد لكنها ركضة في

جنة كباقي الجنة ال يقل ربانية عنها. على ما يبدك, أنا لم أكن ال

ا ألستحق دخوؿ الجنة ا أك قديسن فعلى جرس األردف أعلمت ,صالحن

أنين كنسلي لن نستطيع دخوؿ فلسطني. الحالة الوحيدة اليت كانت

.ستسمح لي أك أم أحد من سالليت بدخوؿ فلسطني هي أف تتحرر

ة السماكية كأنا أخرجت من الجنة أخرج آدـ كحواء من الجن

ا عندما خرجت منها كلم أعش األرضية. كاف عمرم ثالثة عرش عامن

يوما آخر بعد ذلك اليوـ فاإلنساف خلق من طني كطينيت مجبولة من

تراب فلسطني

Page 31: احتواء عبدالله أبو سنينة

24

نتغزؿ بفلسطني كهي بزم الحداد.. ماذا سنفعل يوـ ترتدم فستاف

الذم قدمته لم يكن كافينا. ما أصعب زفافها؟! ال أعلم, كلن أعلم فاملهر

أف تذكؽ طعم الجنة ثم تلعن منها. أنا هنا ملعوف على فراش املوت

هذا فمهدم لن يكوف قربم. سيكتبوف على شهادة كفاتي أني توفيت

عن عمر يناهز التاسعة كالسبعني, ست كستوف منها كانت مجرد

ا عن كطنه. أنا لست سنوات ال حياة فال حياة لفلسطيين بعيدن

ب د كنك حنظلة ككالدتك ليست حنظلة بل أنا كهي ككل من رش

حنظلة

يا بين, كصييت لك هي أف تعتين بحفنة الرتاب اليت أكتزنها كأف

ا قصارل ا تؤمن بأف كجه حنظلة سيباف يومن ما كأف تبذؿ أيضن

جهدؾ لتحقيق ذلك.

كالدؾ, محفوظ عقاد

0410 –أغسطس – 11

نتياغوسا

Page 32: احتواء عبدالله أبو سنينة

25

جاء رجالف إلى القايض يحتكماف في مخاصمة بينهما فاشتكى الرجل

األكؿ "لقد لكمين هذا الرجل!" فرد اآلخر "كال! لقد ككزته باصبع

ا " !فقط!" سأؿ القايض الرجل األكؿ "كهل آملك؟" فأجاب "ليس حقن

ثم سأؿ القايض الرجل الثاني "كماذا جاء بك إلى هنا؟" فأجاب

ة ضد هذا الرجل الذم كرس اصبعي!" سأؿ القايض "إنين أرفع قضي

ا؟" فرد الرجل "لقد انكرس عندما الرجل األكؿ "هل كرست اصبعه حقن

" كاف !!حه الرجل الثاني "ككزتك باصبع كاحد فقطح" فص!لكمين

ا للرجل الثاني "ملاذا ككزته؟ " فأجاب !سؤاؿ القايض التالي موجهن

" !من برد هذا الشتاء"ألنه رسؽ سرتتي الصوفية اليت تقيين

ا "تلك اليت يلبسها اآلف؟" أجاب الرجالف استفرس القايض مجددن

" ارتفع !فالسرتة ليست قضيتنا !" قاؿ القايض "جيد!سوينا "نعم

صوت الرجل الثاني بعدما لم يصدؽ كالـ القايض "كيف ذلك

" أجابه القايض "جئت لتشتكي عن كرسق الصبعك !القايض؟ حرضة

ا "كماذا عن كرسق !لصوفيةكليس السرتة ا " سأؿ الرجل الثاني مجددن

الصبعي؟" فحكم القايض "ليس ذنب الرجل أف اصبعك ضعيف.

ا أنت بدأت االعتداء كهذا ذنبك!" انخفض صوت الرجل الثاني يأسن

Page 33: احتواء عبدالله أبو سنينة

26

فكرر الرجل سؤاله "كالسرتة؟!" ,كقاؿ "كالسرتة؟!" لم يجب القايض

ا لكن الر جل الثاني بقي يسأؿ لم يجب القايض هذق املرة أيضن

"كالسرتة؟!" إلى أف كقف القايض كلبس معطفه الثقيل كذهب.

Page 34: احتواء عبدالله أبو سنينة

27

ا القلم الذم كاف يكتب بواسطته في الليلة استيقظ جربيل ممسكن

النعاس. رأل كالدته مكبلة القدمني كاليدين أف يغلبه قبلالسابقة

لكنه لم يقل شيئنا بخصوص ذلك األمر. شكرها على كجبة الفطور

كقبل يدها دكف أف يجد عناءن بإزاحة القيد املعدني عن ظاهر يدها.

اغتسل ثم تهندـ كحمل كتبه الجامعية كنزؿ إلى الشارع الرئيض

إليجاد سيارة أجرة.

كاف املقعد األمامي هو الوحيد الشاغر فركب فيه توقفت له سيارة.

ككضع الكتب في حضنه.

يدم السائق مكبلتني كهما موضوعتني نظر جربيل إلى يسارق فوجد

ا, ككانت السالسل على على عجلة القيادة ككانت قدماق مكبلتني أيضن

قدميه تصطك ببعضها البعض كلما داس السائق على دكاسة

مختلفة.

. استغرب جربيل من كاقع بقاء السائق مكبالن

نزؿ من السيارة أماـ باب الجامعة كنزؿ الركاب الثالثة من السيارة

ا مكبلني. ككانوا جميعن

Page 35: احتواء عبدالله أبو سنينة

28

ا له على باب الجامعة فسلم عليه كتبادال الحديث لرأ جربيل صديقن

طواؿ الطريق من باب الجامعة إلى ساحة كلية الرتبية حيث

يدرساف.

مكبلني, بعضهم باأليدم كبعضهم باألقداـ كاف غالبية الطلبة

كالبعض باألطراؼ األربعة.

لم ال تستخدموف املفاتيح؟! -

سأؿ صديق جربيل الطلبة املكبلني.

؟يأين ه -

.رد أحد املكبلة أقدامهم سائالن

فوقكم, بجوار الشمس. -

ضحك جميع من كاف مكبالن إال الذم استفرس عن مكاف املفاتيح. رفع

ه برسعة كيزنلهما بسبب النور نيى أعلى ليغمض عيالشاب نظرق إل

القادـ من الشمس. كضع السائل يدق على جبينه لتلقي بالظالؿ

ا. على كجهه قبل أف يرفع نظرق إلى األعلى مجددن

أبقى السائل نظرق إلى أعلى كرفع يدق نحو املفتاح. ألقى السالـ

على الشمس كأخذ املفتاح.

Page 36: احتواء عبدالله أبو سنينة

29

تت تيت تت تت تت تت تت تت تت تيت "تت تت تت تيت

تيت تت تت تيت تيت تيت تت تيت تيت تت تت تت تت تت

تيت تت تت تيت تت تت تت تت تيت"

استيقظت على صوت املنبه.

ا لك يا عمر؟! - ألم تجد غري هذا اإلزعاج منبهن

سألين أيمن, زميلي في السكن.

! ال - يوجد محارضات اليوـ! ال أذكر أنين كضعته أصالن

ا فهو مجتهد كمتفوؽ بكل يشء يخوض يقوـ أيمن من النوـ قبلي دائمن

غمارق. األكؿ على الدفعة كأفضل العب بفريق الجامعة لكرة القدـ,

كاليوـ, سيتم تكريمه بجائزة أفضل شاعر بالجامعة. قد يكوف ربط

يمن. ربطة العنق هو األمر الوحيد الذم أستطيع فعله على خالؼ أ

نهضت من الفراش بحالة أرثى لها كساعدته بربطة العنق. أحسست

بتشنجات بيدم كهما تربطاف ربطة العنق حوؿ رقبة أيمن.

سآتي أنا باألغراض. -

Page 37: احتواء عبدالله أبو سنينة

31

قلت أليمن.

يمكنين جلب ما يلزمنا أثناء عودتي إف أردت! -

رد أيمن كهو يرش العطر على بدلته.

ئزة كاليد األخرل يد لحمل الجا لن يكوف هناؾ مجاؿ بيديك -

.حتضاف أجمل فتاة من الحفلال

ا. قلت له ممازحن

احمر كجه أيمن من مجرد الفكرة, رغم شخصيته الجذابة إال أنه

يشعر بتلبك أماـ الحشود كأماـ الفتيات.

بحثت بنظرم على مكتب أيمن عن قلم ككرقة. حملت قلم حرب ككرقة

طبخ أسجل ما يلزـ اقتصصتها من أحد دفاتر أيمن كذهبت نحو امل

السكن.

من السخيف أف يجلب شخص كاحد ما يلزـ ألكرث من شخص!

ألم يكن من األفضل أف يشرتم كل شخص ما يلزمه بنفسه؟! بدأت

. كبينما كنت أكتب على الورقة دلف أيمن إلى بتسجيل ما يلزمنا

املطبخ.

منذ مىت تكتب باليد اليرسل؟! -

Page 38: احتواء عبدالله أبو سنينة

31

سأؿ أيمن مستغربنا.

نقلت القلم من اليد اليرسل إلى اليمىن.

ا إف كتبنا باليمىن أـ اليرسل أـ ا, فنحن لن اإلثنتنيال يهم حقن معن

نكتب بجودة كدقة ما يكتب ذلك الوغد فهو يكتب من رأسه.

ذهبت كعدت من السوؽ خالؿ ثالث ساعات كاشرتيت حاجيات ال

تتذكرها كأنت أذكر أنين سجلتها لكنك تفعل أمورنا ال تدركها أك

نعس.

لم يكن أيمن قد عاد من حفل التكريم لكنه جاء بعدم بدقائق قليلة.

كنت أرتب األغراض اليت اشرتيتها في الثالجة كعلى الرفوؼ كفي

خزائن املطبخ.

دخل أيمن املطبخ فسألته مداعبنا حىت قبل أف يلقي السالـ.

أين الحسناكات؟! -

في رأسك. -

األكياس اليت جلبتها ككضعتها على املجلى أخرجت دجاجة من أحد

كأخرجت سكيننا من الجرار األكؿ كبدأت أقطع الدجاجة ألغلفها

ا نيئنا. لحفظها. هذق املرة األكلى اليت نشرتم بها دجاجن

Page 39: احتواء عبدالله أبو سنينة

32

ا نيئنا؟! - من اقرتح أف نشرتم دجاجن

.مستنكرناسأؿ أيمن

إف لم يعجبك اذهب كاشرت أغراضك بنفسك! -

ا نحوم كأنا لم يرد أيمن كخطا ا قبل أف يلتف مجددن نحو الباب خارجن

أقطع الدجاجة.

لقد كانت السكني بيمينك لكنها اآلف باليسار! هل أصبحت -

؟! أشوالن

سألين أيمن متعجبنا من حقيقة استخدامي ليدم اليرسل.

إف يدم اليرسل أقول. -

كال! إنها ليست كذلك! -

اقرتب أيمن مين كنظرة الشك تعلو كجهه.

!تريلقد تغ -

قاؿ أيمن.

لم أتغري! -

أنت لم تعد عمر نفسه! -

Page 40: احتواء عبدالله أبو سنينة

33

ا؟! - حقن

سألته باستخفاؼ قبل أف أسحب السكني من الدجاجة كأغرسها بني

ضلوعه لكنه سحب شوكة معدنية من مصفاة األكعية املوجودة على

املجلى كغرسها بكتفي األيرس فسقطت السكني من يدم كسقط أيمن

كذلك على األرض.. أماـ قدمي.

أيمن على األرض فارتعبت حىت قبل أف أرل السكني, علمت أف رأيت

ا, فأنا رأيت قطرات دماء ا قد حصل أليمن, كلي أيضن أمرنا شيئن

تتساقط من كتفي األيرس.

Page 41: احتواء عبدالله أبو سنينة

34

السماء كال سبيل للضياء, كاف في في ليلة ظلماء, حيث ال قمر

أسنانه كيفرؾ بدنه سجني في زنزانة ال تتسع ألكرث من فرد, يصك

كجنني كاف السجني, رأسه إلى أسفل كركبتيه امن شدة الربد. متكورن

عند الجبني. لم يكن هناؾ إال نافذة صغرية في الحائط, لم تكن

ا كاف لوف جدراف الزنزانة, كلم كافية إلخراج رائحة الغائط. أسودن

يشعر السجني سول باملهانة.

, حيث لم يجد عطفنا كال حناف؟ما الذم أكقع به في ذلك املكاف

ربما كاف السجني نفسه! هذا إف أخطأ بأمسه!

أك لعله كاف الظلم! فأضاع العمر كالحلم!

بينما كاف يتأكق على الرسير, سمع السجني صوتنا كالرصير. تساءؿ

إف كاف ذلك رصصارنا, أك ربما كاف عصفورنا. لكن ال يعيش هناؾ

به الصوت.غري املوت, ال حركة كال يسمع

ا يشعر باالرتباؾ. سمع الرصير نهض السجني إلى الشباؾ ككاف حقن

ا باهتنا كسمع أنيننا من جديد فأمض برصق من حديد فرأل ضوءن

Page 42: احتواء عبدالله أبو سنينة

35

خافتنا. بجانب الضوء كاف مصدر األنني, جسم يتلول داخل كيس

. متني, كرأل السجني رجالن يحمل بيدق معوالن

ارتعب السجني!

عجني!فأصبحت ركبتاق كال

ا من ذكراق. أمست ذاكرته كل ما لم يكن السبب ما رآق, بل كاف مشهدن

فماضيه تعذيب كتقتيل ملئي ;يرل فتمىن أف يوارل تحت الرثل

بالرصاخ كالعويل, كحارضق أمنية بحبل طويل.

Page 43: احتواء عبدالله أبو سنينة

36

"يمكن لهذق الكتب أف تنقذؾ! إنها أفضل سالح بإمكانك الحصوؿ

تدرس؟! يموت الناس للحصوؿ على فرصة للدراسة! عليه! لم ال

الساعة الثامنة, يجب أف تكوف باملدرسة اآلف!" رصخت بي أمي

ا ألنين كنت متأخرنا عن املدرسة. لقد أعطتين محارضة عن صباحن

أهمية التعليم ملقاكمة االحتالؿ بينما كانت تشري إلى حقيبيت

رأيها رغم أنين لم أكن املدرسية. أكمأت برأيس مشرينا إلى موافقيت

ا فبطريقة ما, إف االحتالؿ من أفضل األمور اليت حصلت ;كذلك حقن

لنا فلو لم يكن هناؾ احتالؿ ملا اهتممنا كثرينا بالتعليم, أليس كذلك؟

أـ أف املسألة فقط بالكيفية اليت يعرضها علينا األجياؿ السابقة؟

لى أنه عالج ملرض فأفراد عائليت الذين يكربكنين يظهركف التعليم ع

ا باملرتبة ما لكنين أظن أف التعليم حصانة فلو كنا متعلمني حقن

األكلى, ملا كنا تحت االحتالؿ اآلف, على ما أعتقد!

أعلم أنه من الغريب ملدافع عن التعليم بأف يكوف متأخرنا عن املدرسة

لكن الحقيقة أف الحياة أهم.

أكلويات.

لحياة.كأكلوييت هي أف أبقى على قيد ا

Page 44: احتواء عبدالله أبو سنينة

37

شخصينا, عشت ببؤس طواؿ حياتي لكنها على األقل "حياة". أعلم

;أنين بائس لكن كلما ازداد بؤسك سزتيد فرصك بإيجاد السعادة

فالسعادة أمر نسيب كأم يشء غري العيش ببرئ القذارة هذق سيكوف

! إف كانت مدينيت برئ قذارة فماذا سيجعل ذلك منا؟! أفضل. لكن مهالن

ديث مع نفض عند تلك النقطة كحملت الحقيبة الثقيلة توقفت عن الح

على ظهرم. توقفت قليالن عند الباب. نظرت إلى أمي كأخيت

الرضيعة بني يديها. مزنلنا عبارة عن مقطورة حصلنا عليها بعدما

فقدنا مزنلنا في الحرب األخرية. لم أنظر إلى جدراف املقطورة فال

الجدراف رمز للذؿ. غادرت يوجد أم ذكريات معلقة عليها. تلك

املقطورة كأغلقت الباب خلفي.

ا عن ذلك, كنت بطريقي إلى لم أكن ذاهبنا إلى املدرسة, عوضن

الشاطئ حيث كانت تنتظرني عبارة ستحملين نحو املستقبل. عملت

بعد املدرسة قرابة السنة ألستطيع تأمني مبلغ سعر تذكرة العبارة

ختلفة كباألمن كبالصيد كبأعماؿ كمبلغ احتياطي. عملت بمصانع م

ا. أخرل أيضن

كاف اليوـ هو اليوـ الذم سأترؾ فيه كل يشء كرائي لكنين حرصت

ا على عدـ معرفة أم أحد برحيلي قبل أف أرحل. لم أسلك طريقن

Page 45: احتواء عبدالله أبو سنينة

38

مكتظة بالناس كي ال يتم التعرؼ علي. إف رآني أحد من معارفي

فلن يتوقف عن األسئلة:

لم أنت لست باملدرسة؟!

ا؟ هل تريد العمل معي مجددن

كيف حالك؟

إلى أين أنت ذاهب؟

توجهت شماالن نحو الحدكد كمن هناؾ نويت أف أتجه إلى الغرب نحو

الشاطئ لكن خطيت لم ترس كما أملت. بعدما كصلت الحدكد الشمالية

غريت مسارم تجاق الغرب. لم يكن هناؾ أم إشارات تدلين على

لم يكن علي سول املض بمحاذاته الطريق سول السياج املكهرب.

حىت أصل الشاطئ. كنت أعلم بأف الرحلة ستكوف شاقة كطويلة,

حىت لو لم تكن الشمس عامودية على رأيس بعد.

كانت حقيبيت ثقيلة بشكل ال يحتمل فرميتها على حض الصحراء

ا. مشيت ألربع أك خمس خطوات قبل ألمض بشكل أرسع كأقل إجهادن

ليرسل على لغم أريض. لم ينفجر اللغم برسعة فهو أف تدكس قدمي ا

من النوع الذم ينفجر عند إزالة الضغط عنه. ال يكوف انفجار هذا

ا, فأحياننا سيرتكك االنفجار مبتور اليد أك القدـ أك النوع قاتالن دائمن

Page 46: احتواء عبدالله أبو سنينة

39

ا لكن بطريقة أكرث من طرؼ, كبصحراء كهذق, هذا يعين املوت أيضن

ا. أبطأ كأكرث إيالمن

أف أركز كأف أبقي الضغط على اللغم. هذا اللغم, من منظور علي

معني, مثل الشعوب: إف أبقى الحاكم قدمه فوقهم برصامة لن

لكن إف خفف الحاكم من كطأة قدمه على ,يستطيع الشعب التحرؾ

شعبه سيثوركف كينقلبوف ضدق. كأنا حاكم هذا اللغم, يجب أف أبقي

قدمي عليه بقوة.

بة لوضعتها بحذر على اللغم بدؿ قدمي. لقد رصخت لو لم أرـ الحقي

ا, "يمكن لهذق الكتب أف تنقذؾ!" لقد كانت محقة. أمي علي صباحن

الساعة اآلف الثانية عرشة كخمسة كأربعوف دقيقة. ستنطلق أجراس

املدارس بعد قليل كسيذهب جميع الطلبة إلى منازلهم.

طئ لكن العبارة كنت أنوم أف أتصل بعائليت بعدما أبتعد عن الشا

بعيدة اآلف من دكني آخذق أحالمي بمستقبل أفضل معها.

قدمي خدرة. لم أعد أشعر بها. بدأ الصباح بحلم بمستقبل أفضل

لكين اآلف أحلم بأم مستقبل كاف.

يزداد لهيب الشمس حرارة مع كل لحظة كإف أغمي علي اآلف سأموت

ا. كفرص إغمائي ليست مطمئنة فأنا عا دة أصاب بدكار اليوـ حتمن

Page 47: احتواء عبدالله أبو سنينة

41

تحت الشمس الحارة كهذا حرمين من العديد من حصص الرتبية

الرياضية باملدرسة.

أحب الرياضة. أحب الركح التنافسية اليت تدفعك للفوز بكل

مباراة.تشبه الرياضة الحياة إال أف الحياة ليست لعبة. ال يوجد

خيار "حاكؿ مرة أخرل" بالحياة الواقعية.

لم أمت بسبب صاركخ قادـ من فوؽ رأيس لكنين قد أموت اآلف

ا كأنا الذم حاكلت سبسبب لغم من تحت أقدامي. هل ينعونين شهيدن

الهركب من هنا؟!

ا لكنهما أرل األمر غريبنا أف الحياة كاملوت هما أكرث األمور تناقضن

متالزماف! ال يوجد حياة دكف موت كلن يكوف هناؾ موت إف لم يكن

ؾ حياة باملرتبة األكلى.هنا

حارقة. ال تزاؿالف نحو الغرب لكنها ي بدأت الشمس بامل

Page 48: احتواء عبدالله أبو سنينة

41

في أم سنة حدثت النكبة؟ -

سأؿ املعلم طالب الصف الثامن.

ال أعلم! -

رد طالب.

ربما.. السنة املاضية! -

قاؿ آخر.

أال تعرفوف؟! -

استفرس املعلم متعجبنا.

لم أقرأ املعلومة على اإلنرتنت. -

فهو قد تأكد أنه تحجج طالب بربكد, فأدرؾ املعلم غلطه بالسؤاؿ

كاف من األدؽ أف يسأؿ "مىت بدأت النكبة؟"

Page 49: احتواء عبدالله أبو سنينة

42

كاهتوت إلقاء اللوـ احرتفت النوـ شعبنابل بنانحن لسنا شع

أك من كرثة لكن ليس من رائحة البصلا, فأصبحت النتانة عنواننا لن

أفراد تستيقظ بقوـ. امن هم ليسو بل بسبب أخالؽ كرذائل, الثوـ

كل صباح يسعوف جاهدين لتحقيق النجاح. كبعد عناء ككفاح, كاف

نجاحهم ال يتعدل زكجة للنكاح.

Page 50: احتواء عبدالله أبو سنينة

43

–يمتلك حمادة مزرعة دكاجن كبرية ككاف يذهب إليها كل صباح

مبكرنا حمادة يستيقظ كاف, حقيقة, حمارق على – قريبة فرتة حىت

ما طواؿ الحمار هذا على بالسوؽ يلحق كي مزرعته إلى للذهاب

ا ككاف, عقود الثالثة يقارب إف هذا – متأخرنا املزرعة إلى يصل دكمن

بطئ الحمار ككرثة كقفاته كعرثاته, كلكن بالفرتة بسبب – كصل

األخرية زادت عرثات هذا الحمار كثرينا كتسبب بسقوط حمادة أكرث

من مرة, كبعد كل هذا الوقت, فطن حمادة أنه يمكنه االستغناء عن

"خدمات" هذا الحمار.

, حبس حمادة الحمار في زريبة قريبة من املزرعة اليت كاف فعالن

وعة من الكالب. لكن بعد هذا لم يتوقف نباح الكالب يحرسها مجم

ا, كنهيق الحمار بجانب املزرعة, رغم أف الكالب لم تكن تنبح سابقن

لكن على ما يبدك كاف الحمار كالرشارة اليت اشعلت فتيل نباح

الكالب.

Page 51: احتواء عبدالله أبو سنينة

44

كاف على حمادة أف يجد كسيلة غري الحمار للذهاب إلى املزرعة كهذا

ا, فهو ا ا ليكوف كسيلته للذهاب إلى املزرعة ما فعله حقن ختار فرسن

كمن ثم السوؽ. كاف الفرس خري مثاؿ على الفرس العربي األصيل.

أصبح حمادة يذهب ملزرعة الدكاجن مبكرنا كأصبح يلحق بالسوؽ

كل يوـ بفضل رسعة كتحمل فرسه, كرغم أف بعض الكالب اليت

تحرس املزرعة قد أفلتت على املزرعة كنهشت الكثري من الصيصاف

إال أف حمادة لم يكرتث لتجاكزات الكالب هذق, فهو اآلف أصبح يبيع

بقة. لكن الفرس لم يشارؾ صاحبه كيشرتم على عكس األياـ السا

ا يصهل بحدة الزئري على ركحه التجاهلية تجاق الكالب فكاف دكمن

ا على هذق الكالب لجعلها تبتعد عن الدكاجن, ككاف يصهل أيضن

الحمار الذم ال يفعل شيئنا سول النهيق كهذا لم يعجب حمادة, ليس

نهيق الحمار أك نباح كتعديات الكالب بل صهيل الفرس.

ازدادت تعديات حراس املزرعة على املزرعة كل يوـ فلم يكن بوسع

الكالب إلبعادهم عن باقي صيصاف الفرس سول أف يركض نحو

املزرعة, لكن خالؿ ركضة اإلنقاذ هذق كاف حمادة قد سقط عن ظهر

ا الفرس, ليس ألف الفرس غدر بصاحبه بل ألف حمادة لم يكن فارسن

عتاد على حمارق القديم املتهالك. كبالفعل, أهالن لهذا الفرس فحمادة ا

عاد حمادة لحمارق القديم بعد أقل من عاـ على كجود الفرس تحت

خدمة كطاعة حمادة.

Page 52: احتواء عبدالله أبو سنينة

45

اليوـ األكؿ لحمادة مع حمارق القديم الجديد, كصل إلى املزرعة خالؿ

ا كلم يكن هناؾ مجاؿ للحاؽ بالسوؽ, لكن هذق لم تكن متأخرنا جدن

املشكلة األكرب بل كانت املشكلة بأف الكالب كانت قد قضت على

مزرعة الدكاجن كلها ككقتها فقط عاتب حمادة نفسه معرتفنا "ما

أف أفعل هذا منذ زمن طويل. كاف علي أف أغباني!! كاف يجب علي

أسمم الدكاجن فتموت الكالب, كبعدها.. سأجلب دكاجن جديدة..

ا." ككالبنا جديدة أيضن

Page 53: احتواء عبدالله أبو سنينة

46

في يوـ من األياـ كنت عند أحد معارفي فإذ بهاتفه النقاؿ يرف لريد

ا, كقد كنت قادرنا على معرفة أف عليه بصوت رفيع كمهذب جدن

ا بالنسبة لي. ;املتحدث مع الشاب كاف فتاة فالصوت كاف مسموعن

ا إلى يد الشاب ألرل خاتم عندما سمعت صوت الفتاة نظرت رسيعن

خطبة في اصبعه. بعدما انتهى الشاب من حديثه على الهاتف

بارشت حدييث:

من الجيد أف لك خطيبة تتحدث معها.. -

لريد بالصوت املهذب كحىت قبل أف أبارؾ له رف هاتفه مرة أخرل

ا. كبعد دقائق عدة من الحديث أنهى الشاب ذاته.. مع فتاة أيضن

االتصاؿ فقلت له:

ا - فهي ال ;مبارؾ الخطوبة.. كيبدك أف خطيبتك تحبك جدن

تنفك تتصل بك!

ما الذم يدفعك لقوؿ هذا؟! -

Page 54: احتواء عبدالله أبو سنينة

47

سأؿ متعجبنا قبل أف يكمل:

هذق أكؿ مرة تتصل بي اليوـ! -

حرية:فسألته كأمرم كله

لكن من الذم اتصل بك قبل قليل؟! -

ظهرت مالمح التعجب على كجه الشاب قبل أف يقوؿ لي:

ما أمرؾ؟! ألم تقل لي أنين محظوظ لوجود حبيبة أتكلم -

معها؟!

لقد قلت لك "خطيبة" -

صححت كالـ الشاب.

أككق.. لقد سمعتها "حبيبة" -

بحاجة إلى فحص سمع عاجل. بأنهلم أرد عليه لكنين أدركت

Page 55: احتواء عبدالله أبو سنينة

48

انتهيت من كتابة حل آخر مسألة على اللوح مع انطالؽ جرس

الحصة السابعة كاألخرية. نفخت على يدم ألزيل ما أقدر من أثر

باشري عنها كحملت حقيبيت على كتفي كخرجت. احتج الطلبة طال

على حاجتهم للبقاء لوقت أطوؿ في الصف لكتابة حل املسألة

الركاؽ. اجتمع رصاخ من بقو بالصف كرافقين صوت تذمرهم إلى

مع رصاخ من انتهى من دكامه من الطلبة ككاف كراء كل رصاخ سبب

ا لم أستطع حله. ا شكال لغطن يختلف عن اآلخر لكنهما معن

سجلت ساعة خركجي كتوجهت إلى مزنلي الذم ال يبعد أكرث من

مئيت مرت كحاجز عسكرم عن املدرسة. كاف قد تعرض الحاجز إلى

صغري من الطلبة الذين رمو حجارة على مشارفه كذلك أمر هجوـ

ليس بالغريب.

كاف معظم من في طابور الحاجز العسكرم من الطلبة, طلبيت.

كعندما كاف يسألهم الجندم عن بطاقة الهوية كانوا يجيبونه

العبور إلى الجهة بأنه يمكنهمبػ"كتاف" )صغري( فيشري لهم بيدق

Page 56: احتواء عبدالله أبو سنينة

49

تورطهم برمي الحجارة. يتفقد مالمحهم األخرل إال من يشتبه ب

كيتفرس أيديهم بحثنا عن آثار حجارة.

لم يكن أم طالب قد صلب عندما جاء دكرم للمسائلة قبل العبور من

خالؿ الحاجز. كقفت مقابل الجندم كال يفصلنا سول حجر كبري

مكعب الشكل.

وية!خ -

أمر الجندم.

الهوية من الجيب القابع على مؤخرتي كأريته اياها. بطاقة أخرجت

كنظر إلي أكرث من مرة بنظرات نظر الجندم إلى صورتي في الهوية

مألها الشك.

افتخ إيديك! -

أمرني مرة أخرل.

باشري إال طفتحت يدم له فرأل خيوط يدم اليمىن بيضاء بسبب ال

أنه ظنها آثار حجارة.

ككف مخلك!! -

رصخ بي.

Page 57: احتواء عبدالله أبو سنينة

51

جار؟!بتالتخ خ -

سألين مستنكرنا ذلك الفعل.

باشري! أنا أستاذ في املدرسة القريبة.ط -

أجبته بربكد.

نظر الجندم إلى حقيبيت فاقتنع بكالمي ثم أشار بيدق إلى الباب

املعدني الدكار الفاصل بني الحاجز كالجهة األخرل.

بالوقت نفسه, حينها, شعرت بأقض سعادة يمكن أف أشعر بها. ك

ا. لم يطغ شعور على آخر لكن ة لم يبدشعرت بتعاس أف لها مفرجن

االثناف كانا موجودين باللحظة ذاتها. الجسم الذم ال يمكن إيقافه

كالجسم الذم ال يمكن تحريكه تحوال إلى مشاعر داخلي. فرحة ألف

بشورة كاحدة أخطر من ألف حجر, كعزاء طالجندم لم يدرؾ أف

ا لم ندرؾ تلك الحقيقة. ألننا أيضن

Page 58: احتواء عبدالله أبو سنينة

51

ا على أريكة لم يكن هناؾ يشء لفعله بالنسبة ملحمد. كاف جالسن

مقابل التلفاز يقلب القنوات بواسطة جهاز التحكم عن بعد لكن لم

يعجبه أم من الربامج اليت كانت معركضة. كانت زكجته عند أمها

الطعاـ له. ليعدمع األبناء إال الولد البكر. فلم يكن هناؾ أحد

تحسس محمد جيوبه فلم يجد شيئنا, فأدخل يداق ليتأكد لكنه لم يجد

شيئنا كذلك فتأفف حرسة.

ملا داخل الشاشة. نيبقيت عيناق على التلفاز لكنهما لم تكن متابعت

كفي لحظة كحي سمائي, ارتفع نظر محمد سانتيمرتات قليلة فوؽ

ف الكريم فابتسم محمد كنظر خزانة التلفاز فوجد كتابنا. لقد كاف القرآ

إلى السماء بامتناف.

قاـ محمد نحو الخزانة كرفع يدق نحو املصحف كحمله. كاف املصحف

بعض مغطى بالغبار بشكل كامل, فتحسس محمد الغالؼ لزييل

قبل أف يزيل ما تبقى من الغبار بنفخة هواء لطيفة. عاد الغبار عنه

نتصف ليخرج كرقة نقدية غالؼ القرآف نظيفنا ففتحه محمد من امل

كاف قد نض أف زكجته تضع املاؿ هناؾ أحياننا. أغلق محمد

Page 59: احتواء عبدالله أبو سنينة

52

املصحف كأعادق إلى مكانه بينما كاف يرصخ على ابنه, "يا كلد!!

تعاؿ لتذهب إلى البقالة لتشرتم لي علبة سجائر!!"

Page 60: احتواء عبدالله أبو سنينة

53

Page 61: احتواء عبدالله أبو سنينة

54

لم يكن ذلك اليوـ مثل باقي األياـ بالنسبة ألحد الشباف فهو لم يكن

ا مليئنا بالفراغ. بداية ذلك اليوـ كانت مثل كل يوـ, فهو بكل يومن

صباح ينتظر الحافلة اليت تقله إلى مكاف عمله. لم تكن الحافلة

مخصصة لعمله لكنه أحب الذهاب إليه بتلك الحافلة لعشقه حكايات

ا ما يجلس الشاب على الكريس األقرب ا لسائق كبري السن. دائمن

للباب كاألنسب لسماع حكايات السائق. في ذلك اليوـ اختلف أمر ما

ا كعادته.فعندما فتح السا لكن املختلف ئق الباب له صعد مبتسمن

كاف كجود كهل نائم على الكريس. كهل بدا كأنه يحلم بماض لم

لسائق كاحتج. هز السائق كتفيه ثم يكتب له. نظر الشاب إلى ا

انطلق بالحافلة.

بحث الشاب عن كريس شاغر بينما كانت الحافلة تسري. استعاف

الشاب بالقضباف كمساند الكرايس ليحافظ على توازنه. كاف طريقه

طويل فعلى كل كريس تقريبنا كاف هناؾ شخص يتبادؿ معه السالـ

مجيئه إلى املدينة بعد كالسؤاؿ عن األحواؿ. كاف محبوبنا منذ

خركجه من األرس. هي ليست مدينته باملولد كال بالنشأة لكنه لم

يفتقد العطف بها.

Page 62: احتواء عبدالله أبو سنينة

55

كاف الكريس ما قبل األخري على يمينه شاغرنا فأراد أف يجلس هناؾ

دكف النظر إلى يسارق. لكن على الكريس ما قبل األخري على يسارق

يعها بني يديها. كانت يدا كانت تجلس فتاة كبجانبها امرأة تحمل رض

الفتاة متشبثة بقوة حوؿ ثالثة كتب جامعية. تقيأ الرضيع على

الفتاة كبردة فعل قامت عن كرسيها بينما كاف الشاب يهم بالقعود

على الكريس الذم على يمينه كلكن مع كقوؼ الفتاة املرسع ارتطم

يناها. بها. هو أسري محرر لكن ال يشء أرسق بشدة أكرب مما أرسته ع

كانت الشمس متئكة على األفق أكؿ طلوعها ككانت قادمة من خلف

الفتاة فتحدد إطار كجهها بخيط ذهيب ككانت عيناها في منتصف

اللوحة.

جلست الفتاة كجلس هو لكن قلبيهما بقيا على رقصهما. كانت تدرس

الكيمياء كشاهد كتبها. كانت الكيمياء من هواياته اليت أبدع بها لكنه

يخربها بذلك. كاف يود االعتذار منها ألنه اصطدـ بها لكنه لم لم

ا. أما هي, فمثلت بأنها تالعب الطفل كأبعدت ناظريها يفعل ذلك أيضن

عنه لكنها لم تستطع إبعاد تفكريها. كاف هناؾ القليل من القيء عند

قدمي الفتاة كلم يكن معها كمع أـ الرضيع محارـ كرقية كافية

ف معه الكثري لكنه لم يساعدهما, هو حىت لو يعرض نظيفه لكن كالت

املساعدة على األقل.

Page 63: احتواء عبدالله أبو سنينة

56

كصلت الحافلة جامعة الفتاة أبكر بكثري من كقت أكؿ محارضة

فقامت كنظرها على كتبها. لم يلتفت الشاب نحو الفتاة أكؿ قيامها

فتح لها الباب كخرجت لكنه نظر إليها عند نزكلها درجات الحافلة لي

بعدها الباب مصدرنا صوتنا عالينا ليستيقظ الشاب. كاف على قفل كأ

كرسيه الذم اعتاد الجلوس عليه, أقرب كريس إلى الباب. كقبل أف

يفتح السائق كبري السن الباب, الحظ الشاب من خالؿ نوافذ الباب

ثالثة كتب كيمياء مع الراكب الذم كاف على كشك الصعود إلى

اكب كرافقه نور جاء معه من الخارج.الحافلة. فتح الباب كصعد الر

Page 64: احتواء عبدالله أبو سنينة

57

سنة أخذ معه مفتاح البيت. 02م بيته القديم قبل عندما غادر جد

كبعد حياة طويلة خارج البيت, عاد جدم كمعه املفتاح. حاكؿ فتح

سنة لكن الباب لم يفتح. 02بيته القديم باملفتاح الذم أخذق قبل

فائدة, لكنه أكقف املحاكلة عندما رأل أف الباب قد حاكؿ مرارنا دكف

تغري.

Page 65: احتواء عبدالله أبو سنينة

58

كانت الرايات الخرضاء كالصفراء كالحمراء كالسوداء من حولي.

كانت مظاهرة كبرية ضد االحتالؿ فخرج اآلالؼ من املساجد بعد

صالة الجمعة للتظاهر ككنت أنا في الصفوؼ األكلى, ككاف من

األسماء املؤثرة في مختلف الفصائل الوطنية. لم حولي الكثري من

نتوقف عن الهتاؼ فكادت تخرج تفاحة آدـ من مكانها.

بدأت املظاهرة سلمية لكن الحاؿ تغري عندما توقفت بضع مركبات

عسكرية للعدك أمامنا, كجاءت شاحنة كبرية محملة باملياق العادمة

رة على تلك فبدأت بضخها علينا, فبدأنا بدكرنا برضب الحجا

ا. شارؾ الكثري من الشباف كاألشخاص الذين املركبات املحصنة جيدن

أعرفهم في رضب الحجارة اليت تساقطت أماـ املركبات املدرعة

كتساقط الذباب أماـ قوة املبيد الحرشم.

أخرج جندم سالحه إلطالؽ الكريات املعدنية املغلفة باملطاط,

الخلف فتعرقل الكثري منهم. فبدأت الصفوؼ األكلى بالهركب نحو

ا تعرقلت كذلك فوقعت على األرض. كاف كجهي نحو كأنا أيضن

األسفلت كظهرم إلى السماء. أمسكتين يد من عضدم بقوة كرفعتين

Page 66: احتواء عبدالله أبو سنينة

59

ين الجندياف على فإذ به جندم كمعه جندم آخر. رضب عن األرض

كجهي كعلى معدتي أكرث من مرة بأكعاب أسلحتهم. لم يتوقفا عن

قيا يركالنين كيلكمانين أثناء جرهما لي نحو جيب عسكرم.رضبي, ب

احتجت لثواف قبل أف تتضح الرؤية لحد سمح لي برؤية من كاف

بالجيب. لقد كاف الضابط املسؤكؿ الذم بدأ الكالـ:

أنت تعلم أف هناؾ قرارنا صدر بحق من يرموف الحجارة -

علينا.. خمسة كثالثوف سنة بالسجن, أليس كذلك؟

ذلك!أعلم -

كلم أنت هنا اآلف؟ -

اكتفيت بهز أكتافي.

أعتقد بأنك تعرؼ إف حاكمناهم كلم نحاكمك, سيشك -

الجميع بك, كأنت ال تريد ذلك, كلكن باليد األخرل, سيظهر

عدـ محاكمة اآلخرين حكومتنا بمظهر البلهاء, كنحن ال نريد

ذلك, أليس كذلك؟

سألين الضابط املسؤكؿ.

ب بمصلحيت.لم يكن هناؾ إجابة تص

Page 67: احتواء عبدالله أبو سنينة

61

عندما أقوؿ أنين أحب هواء بلدم فأنا ال أقصد رائحة قنابل الغاز

فهو ;املسيل للدموع, لكنين مجرب على استنشاقه في كثري من األياـ

أصبح جزءن ال يتجزأ من سمائنا. كهناؾ على األرض, كانت

االهواء في اإلطارات املشتعلة اليت كانت تطرز من ثوبنا مصنوعن

خيوط سوداء سميكة.

ا في موقع االشتباكات بني بعض كدت أختنق عندما كنت موجودن

ا كأنا أكمم الشباف كالجيش. رغم سنواتي الستني, هركلت مبتعدن

أنفي كفمي بواسطة يدم قبل أف أملح اللوف األصفر لسيارة عمومية.

عاد فهدفي كاف االبت ;ركبت في املقعد الخلفي دكف أف اسأؿ أين يتجه

عن منطقة املواجهات كليس الذهاب إلى مكاف معني.

كيف الوضع يا حاج؟! -

سألين سائق السيارة لكنين لم أستطع إجابته لعدـ كجود أكسجني

ا في املقعد املجاكر في رئيت فوج ه السؤاؿ إلى الراكب الذم كاف جالسن

له.

هؤالء الشباف! لعنهم الله!! -

Page 68: احتواء عبدالله أبو سنينة

61

رد الراكب غاضبنا.

خري؟! -

ا.سأؿ السائق مجددن

ا! - إنهم السبب في توقف عملنا! أنت محظوظ جدن

ملاذا أنا محظوظ؟! -

ألنك تسوؽ هذق السيارة.. يمكنك االبتعاد عن مناطق -

املواجهات مىت أردت!

ربما! -

هل العمل جيد في هذق األكقات؟! -

ا ما! - نوعن

هل هو أفضل من السنة الفائتة؟ -

ملاضيةال أعلم.. كنت أعمل في ارسائيل السنة ا -

ا؟! أين في ارسائيل؟ - حقن

القدس -

Page 69: احتواء عبدالله أبو سنينة

62

لقد حققنا املحاؿ كأعلنا االستقالؿ بعد دحرنا لالحتالؿ ليصبح هذا

فما بعد النكبة كالقهر ال يأتي إال الفرج موضوع كل نشيد ككل مواؿ

كالنرص. هذق هي الحقيقة كليست من نسج الخياؿ, كلهذا السبب

ا كامالن نحتفل فيه بتحررنا, كذلك اليوـ هو الثالثوف من خصصنا يومن

شباط من كل عاـ.

Page 70: احتواء عبدالله أبو سنينة

63

هل تذكؽ الدمع هي أفضل طريقة ملعرفة إف كانت الدموع دموع حزف

ا إف كانت كذلكأـ فأنا ال أستطيع تذكؽ أم ;فرح؟ سيكوف سيئن

الدموع بطريقة نزكؿ ما سببيشء.. حرفينا. كإف كنت أريد معرفة

أخرل سيجب علي التحاكر ملعرفة ذلك, كأنا لست من النوع املتكلم

ا احتياجك ألم أمر عندما تفتقدق.. ا.. حرفينا. من الغريب جدن أيضن

ص؟! شخل باحتياجك فما بالك

م لنعد إلى املوضوع األسايس: هل هي دموع حزف أـ فرح؟ كاف بود

قربه من لساني كألعق الدمع كي أف أمسك مؤخر رأسها كهي تبكي أل

أجد اإلجابة. لكن كما سبق كقلت, أنا ال أستطيع تذكؽ يشء, كألزيد

ا. كمحاكلة أف الطني بلة, ال أستطيع اإلمساؾ بضء ملموس أيضن

ا ملعرفة ما تشعر أكوف فطننا أك هي به ليس خيارنا, فأنا ليس حساسن

بل أنا هو كهي هي, كحسب نظرتي ال يمكن لهو أف يشعر كما هي.

تشعر هي, هذا إف كاف يشعر.. أك شعر في كقت ما. كال أتكلم هنا

عن شعورق للملموسات. أكق.. أتكلم! أنا أتكلم.. لكن مع نفض. على

األقل أنا أستمع لنفض!

Page 71: احتواء عبدالله أبو سنينة

64

!! لنعد إلى املوضوع األسايس! لكن! ماذا لو كانت دموع فرح؟ هل تبنا

ا بسبب يشء ا! فال أحد يبكي فرحن سأفرح ألنها فرحة كمرسكرة.. جدن

ا ألنها مرسكرة.. ربما بسبب بعدم عنها؟! بسيط! هل سأفرح حقن

ا كحرقة؟ هل سأرس ا متأملة كتبكي كجعن ألنها لكن ماذا لو كانت حقن

ا ما ذتفتقدني كأنين ك أهمية؟ أـ أنين سأحزف لحزنها؟ هذا انت يومن

ا أـ حزننا. ا ال أعلم إف كانت تبكي فرحن إف كانت حزينة, فأنا حقن

هل أالحقها ألعرؼ؟ ألم تعد محرمة علي؟ ألم يفرقنا املوت؟ أحدنا

ا إجابة على األقل! لم كل هذق األسئلة؟ كلم أسأؿ نفض متوقعن

منها؟! أليست املعرفة هي اليت تجيب؟ هل يمكن أف أتعلم أكرث؟ اآلف!

ألم يفت األكاف للتعلم؟!

؟ كال.. ييس: لم تبكأفقد تركزيم برسعة؟! السؤاؿ األسا تبنا! تبنا! لم

كال! ليس هذا السؤاؿ! لكن, لو علمت ملا تبكي لربما عرفت إف كانت

دموعها دموع فرح أـ حزف! لكن, ما الذم يضمن لي بأنين لو أجبت

على إجابة األسئلة األخرل؟ على هذا السؤاؿ لن أرص

إنها تعود إلى املطبخ اآلف! ربما سأجد اإلجػ... يا للعنة! ماذا لو

انت تقطع البصل؟ ماذا سأفعل؟ اااق.. سؤاؿ ملعوف آخر! من أين ك

تأتي هذق األسئلة؟ هل ستنتهي؟! أعتقد ذلك, لكن كيف؟

Page 72: احتواء عبدالله أبو سنينة

65

اااق.. لنعد إلى السؤاؿ األسايس! لكن ملاذا أستخدـ صيغة الجمع؟

أنا أتكلم مع نفض! هل نفض هي شخصيات متعددة؟ أكانت كل

؟ لكن.. كأشخاص بما بمكافشخصية مرتبطة بزمن معني كمحدد؟ كر

هل دموعها دموع حزف أـ فرح؟ أـ هل تقطع البصل؟ كال.. أنا لن

فلو دخلت سأعػ... أنا ال أريد! ال أريد!! لكن هل ;أدخل ذلك املطبخ

أحتاج؟! هل املعرفة حاجة؟ ربما سيقتلين ذلك! ال, ال.. لكن.. ربما,

جئت إلى ربما قتلين بالفعل! هل حصل ذلك؟ ماذا حصل؟! كيف

هنا؟! كيف شكلي؟! مظهرم؟! هل ذلك أنا؟ الذم هناؾ.. على

هي ها هي تخرج من املطبخ. الرسير! هل هو أحد شخصياتي؟ كال,

تجلب له البصل! هناؾ بصل على صينية الفطور! أنا لم أحب

البصل! هل يتكلم؟ هل تبتسم؟! هل.. هل أنا في املزنؿ الصحيح؟!

سألت نفض إف كنت لكن لم ين املطبخ! فأنا عرفت أ ;نعم, أنا كذلك

ا؟ بالنسبة لي.. أـ لها؟! أـ االثنني ا؟! هل ماتت الذكريات أيضن متأكدن

ا من يشء! بلى, متأكد من أمرين: األكؿ, أنين لست ا؟ لست متأكدن معن

من الكثري من األمور, كالثاني, أنا ال أحب البصل.. ال.. ال امتأكدن

ا.. حقيقة, لطاملا كرهته! أحبه إطالقن

Page 73: احتواء عبدالله أبو سنينة

66

كنت العب جناح عندما بدأت لعب كرة القدـ لكن مدرب فريق

الناشئني نقلين للعب بالوسط الهجومي بسبب قناعته بأف لدم رؤية

باء, كما قاؿ لي املدرب, كاسعة ملا يدكر على أرضية امللعب, كمن الغ

فهناؾ ال أكزع الكرات ;أف تضيع موهبيت تلك بوضعي على الجناح

إال إلى جهة كاحدة كنظرم ال يحتاج أف يكوف دائرينا كالعب الوسط.

, فمن األفضل أف كبما أنين أمتلك القدرة على رؤية امللعب كامالن

.ألعب في كسطه ال على طرفه

سم, كلو كضعنا ست x 04 سم 04أتعلم؟ قياس البالطة هو -

بالطات.. ثالث بالطوؿ كاثنتني بالعرض.. ستصبح

سم.. كلو فرضنا أف كل سم x 34سم 04مساحة الشكل

.. x 34مرتنا 04كاحد هو فعالن مرت.. ستصبح هذق البالطات

قياس دكلي مللعب كرة قدـ..

بينما كاف ينظر إلى بالط إحدل هكذا بدأ تامر حديثه في أحد األياـ

غرؼ املستشفى اليت كنا نتعالج بها من الرسطاف.

Page 74: احتواء عبدالله أبو سنينة

67

ككم سيكوف حجمنا لو لعبنا على هذق البالطات؟ -

سألته.

كالنمل ربما.. -

كهل يستطيع النمل لعب كرة القدـ؟! -

سألته مداعبنا.

.. فنحن مقعدكف هنا بسبب خاليا بصغار الحجمال تستخف -

ا.. صغرية جدن

ا مركاف تا أحد املرىض في املستشفى الذم تعالجت به ككاف مولعن

ليقيض كقته هي بكرة القدـ, كلكوني العبنا كجد أف أفضل طريقة

بالحديث معي, عن كرة القدـ بالطبع.

ا ا كاف يرتدم قميصن طواؿ الفرتة اليت بقينا فيها باملستشفى معن

ق األيرس رياضينا ألحد فرؽ كرة القدـ كيضع شارة قيادة على عضد

بشكل مقلوب, حيث كانت كلمة "قائد" إلى الداخل. لم يرشح تامر لي

سبب لبسه للشارة معكوسة إال قبل كفاته بدقائق.

نعم. سيخرس تامر معركته أماـ الرسطاف.

Page 75: احتواء عبدالله أبو سنينة

68

جوككككؿ!! -

رصخ تامر بينما كنا تحت العالج الكيميائي.

هل تتخيل بأنك سجلت هدفنا؟ -

سألته.

- .. .. هو ليس بكرة كال.. ليس تخيالن فهذا الهدؼ ليس تخيالن

القدـ من األصل..

لم أتكلم منتظرنا منه تفسرينا. أكمل تامر:

أخربني الطبيب يحن بأف حاليت تتحسن.. كهذا هدؼ -

بمرمى املرض..

كلكن هل تحاربه لوحدؾ؟ هل أنت الفريق بأكمله؟ -

سيكوف من الجميل أف يكوف لدم رفيق يساعدني.. يحارب -

معي..

ؿ ذلك بينما كاف ينظر إلي كظل ابتسامة يعلو كجهه. قا

أكمل كالمه كيدق تشري إلى مكاف ما في الهواء:

Page 76: احتواء عبدالله أبو سنينة

69

هناؾ.. لوحة النتائج.. أرل النتيجة تتقلص بيننا.. كلكين -

.. ال يجب أف أضيع أم لحظة.. ال أفرح طويالن

تامر.. هل لعبت مباراة كرة قدـ تنافسية؟ -

شعرت بذنب لسؤالي لكن كاف يجب أف سألته كأنا موقن من اإلجابة.

أتأكد.

أنت تؤملين أكرث من هذا.. -

: قاؿ لي كهو يشري إلى الغرفة حيث كنا نتعالج. أكمل قائالن

ا.. ليس على ملعب أخرض كأماـ مدرجات - ال.. ليس حقن

مليئة بالجماهري.. مثلما كنت تفعل أنت..

أردت أف أخفف عنه فقاطعته:

حيث ال يحرض أحد إلى لقد لعبت بفريق الناشئني -

املباريات..

لكن أف تفعل.. بنهاية اليوـ ما يهم هو أنت.. كمدل رضاؾ -

عن نفسك.. أنت الالعب كاملشجع..

كلم ذكرت املدرجات املليئة بالجمهور؟ -

لم يجب تامر. أعدت سؤالي مرة أخرل ليجيب:

Page 77: احتواء عبدالله أبو سنينة

71

الصوت.. الهزيج.. تيتو.. تيتو.. تيتوكك... كعلمي أنين -

ـ أحدهم.. بأنه يمكن تحقيق االنتصار.. تيتو.. نجحت بإلها

تيتو...

ظل يردد بصوت خافت كهو يلوح بيدق كمشجع قبل أف يفتح يداق

عالينا محتفالن كالعب سجل هدؼ الفوز لفريقه.

تيتو؟ -

سألته.

هكذا ينادكنين.. كانوا.. -

هذق املرة األكلى اليت أعرؼ ذلك.. كأنا أعرفك منذ شهور! -

توقفوا عن مناداتي بذلك اللقب..نعم.. فهم -

بسبب.. املدرب.. تيتو؟ -

لكن كيف كاف شعورق عند صعودق إلى امللعب أماـ نعم.. -

ا بأفضل العيب العالم.. مئة ألف ينادكف اسمه.. محاطن

الجميع يناديه.. كيحييه.. كيف كاف شعورق؟

ا له.. - أعتقد بأنه رأل لوحة النتائج منحنية احرتامن

ذلك!أنا أغبطك على -

قاؿ تامر بعد فرتة قصرية.

Page 78: احتواء عبدالله أبو سنينة

71

أنا؟ على ماذا؟! -

ألف لديك فرصة.. -

ا من هنا.. معافى! - عم تتكلم؟! ستخرج أنت أيضن

هل سأخرج موهوبنا بكرة القدـ؟ -

لم أجبه على الفور. قلت له بعد ثواف:

كرة القدـ ليست حوؿ رفع الكأس فقط.. هي تتعلق برفع -

ا عن أنه يمكنك فعل أمور الرأس أكرث من رفع الكأس! عوضن

فأنت تملك ..أخرل.. متعلقة بكرة القدـ.. ربما التدريب

عقلية تدريبية جيدة كلك نظرة بالالعبني! أمامك كل الوقت

لتفكر بهذا.. على كل, كم عمرؾ؟!

لم يجبين لكين علمت بأف عيد ميالدق كاف قريبنا كهدية عيد ميالدق

أف يوافق عليها. كانت برأيس, لكن كاف يجب على الطبيب املرشؼ

ذهبت إلى املرشؼ الطيب كسألته عن إمكانية أخذ تامر للعب مباراة

كرة قدـ في ملعب معشب. نظر الطبيب إلي نظرة فهمت مغزاها: لم

يعد هناؾ متسع من الوقت لتامر. قاؿ الطبيب بعدها:

نحن نملك مساحات كاسعة للعب في املستشفى لهذا -

السبب..

Page 79: احتواء عبدالله أبو سنينة

72

دق األخري!قد يكوف هذا عيد ميال -

نحن نعمل جاهدين كي ال يكوف كذلك! -

أخربني.. هل يستطيع؟ -

يعمل الطاقم الطيب بكل ما أكتي من جهد لتقديم األفضل -

ا.. للمرىض.. كما قدمناق لك.. فأنت ستخرج قريبنا جدن

ال أتكلم عن العالج.. فنظرتك كانت كاضحة.. لكنين أتكلم -

عن املباراة.. امللعب..

.. يجب أف أتكلم م - ع كالديه أكالن

تامر كلم يمانعا أمنية ابنهم اليت كانا يعرفاف متكلم الطبيب مع كالد

أنها قد تكوف أمنيته األخرية. تامر كذلك أدرؾ أف حالته لن تتحسن

عندما رأل معظم من يتعالج أك يعمل في املستشفى في امللعب, إما

العبنا أك على املدرجات. لقد كاف يعلم بأف تلك املباراة كهدية عيد

ه. لقد كاف املعزكف موجودكف ككذلك ميالدق هي تحضرينا لجنازت

املتوفى, لكن كاف لديه فرصة أخرية ملباراة أخرية.

ا له. قبلت طلبه األكؿ أرص تامر أف ألعب بفريقه كأف أكوف قائدن

كرفضت الثاني. حملت شارة القيادة كألبسته اياها على عضدق

األيرس بشكل مقلوب..

Page 80: احتواء عبدالله أبو سنينة

73

كذلك؟ ستفرس لي سبب لبسك للشارة باملقلوب, أليس -

نعم.. حينما أكوف على فراش املوت.. -

ال يمكنين االنتظار كل هذا الوقت! -

قلت متظاهرنا الغضب.

ابتسم تامر كربت على كتفي كقاؿ ساخرنا:

أتمىن أف يكوف لعبك أفضل من تمثيلك! -

كأتمىن أف يكوف لعبك مثل كالمك! -

هل كالمي جيد؟! -

ال أعلم.. لكنه رسيع.. -

الجناح..كلهذا سألعب على -

أال تريد اللعب في املنتصف؟ -

ال.. من األسهل لي أف ألعب على الجناح.. فأنا ال استطيع -

رؤية امللعب كامالن كلعيب على الجناح سيجعل موضوع

الرؤية أسهل بالنسبة لي.. فهناؾ ال يجب على سول تغطية

نصف املساحة اليت سأغطيها لو لعبت باملنتصف..

ا كمدرب انطلقت مين ضحكة قبل أف أكتمها. لقد كاف يتكلم تامر تمامن

فريق الناشئني.

Page 81: احتواء عبدالله أبو سنينة

74

بدأت املباراة رسيعة من جانب فريقنا كقد ساهم تامر بصناعة

العديد من الفرص دكف أف نستغلها بشكل جيد. كنت بمركز الدفاع

أرل كرات تامر العرضية تمر نحو منطقة الفريق اآلخر غري أف

سجيل أم هدؼ لعدـ تمكنه من مهاجمنا الطبيب يحن لم يستطع ت

أف يفلت من رقابة املدافعني. كاف لتامر رأم في ذلك خالؿ اسرتاحة

ما بني الشوطني:

دكتور يحن.. يجب أف تفلت من الدفاع أكالن ثم تنتظر -

الكرة.. ال أف تنتظر كصوؿ الكرة لك كمحاكلة مراكغة

الدفاع..

ني كنجح فعالن حاكؿ الطبيب يحن فعل ذلك مع بداية الشوط الثا

بأف يفلت من رقابة الدفاع كاستطاع االنفراد بحارس مرمى الفريق

فكراته كانت ;املنافس أكرث من مرة لكن دكف تسجيل أم هدؼ

.عشوائية

أف تفلت من الدفاع أمر جيد يا دكتور.. -

قاؿ تامر للطبيب يحن الذم شكر تامر:

شكرنا.. -

Page 82: احتواء عبدالله أبو سنينة

75

ا ليست الغاية.. لكن هذا مجرد كسيلة لتسجيل األهداؼ, إنه -

فلكي نفوز يجب أف نسجل األهداؼ, ال أف نفلت من الدفاع

فقط..

اتفقنا بعدها على أف ألعب أنا في املقدمة كلم تمر دقيقتني حىت

سجلت الهدؼ الوحيد إثر كرة عرضية من تامر. لقد استلم تامر الكرة

ا كمتجاكزنا الظهري كهو على خط التماس األيمن كركض مرسعن

ا على رأيس األصلع الدفاع ي قبل أف يرفع كرة عرضية هبطت تمامن

ألضعها قوية على يسار الحارس. احتفل فريقنا بالهدؼ كاحتفل

الجميع بعيد ميالد تامر.

لة تسمح له اكانت ليلتها آخر مرة أجتمع فيها مع تامر كهو بح

بالحديث كالحركة. في اليوـ التالي غادرت املستشفى.. معافى. ال

كار الفرحة اليت شعرت بها إال أنه لم يكن ممكننا إخفاء الخيبة يمكن إن

ملعرفيت بأف الكثري من األصدقاء الذين تعرفت اليت أحسست بها

عليهم هناؾ سيخرسكف معركتهم ضد املرض.

Page 83: احتواء عبدالله أبو سنينة

76

ا كازداد كزني عدة كيلوغرامات خالؿ أقل من بدأ شعرم بالنمو مجددن

املشفى إال بعدما شهر منذ خركجي من املستشفى. لم أذهب إلى

تلقيت اتصاالن من الطبيب يحن:

مرحبنا.. أنا الدكتور يحن.. -

مرحبنا.. -

إنه تامر.. إنه يرغب برؤيتك.. -

أغلقت سماعة الهاتف كتوجهت إلى املشفى لزيارة تامر.. لتوديعه.

كصلت غرفته كلم يكن هناؾ أم أحد عندق. أخربتين املمرضة بأف

قبل كصولي بدقائق.جميع من كانوا عندق خرجوا

ا! - أنت أقل بشاعة كأنت لست أصلعن

ا ألحد ا عندما رآني. كاف تامر مرتدينا, كعادته, قميصن قاؿ تامر ممازحن

الفرؽ الرياضية, كبالطبع شارة القيادة املقلوبة.

كيف الحاؿ؟ -

سألته.

منصوب.. -

Page 84: احتواء عبدالله أبو سنينة

77

.انتظر تامر ردة فعلي لفرتة من الوقت. ردة فعل لم تأت

بقواعد اللغة العربية! لكن على األقل أنت يبدك أنك يسء -

جيد بكرة القدـ..

ربما أنا كذلك.. -

أخربني.. ألم تعد للفريق؟ فأنا أرل أف كزنك ازداد كثرينا.. -

لم أرجع للتدرب.. إنين أحاكؿ الحصوؿ على شهادة دراسية -

ما..

"شهادة دراسية ما!" -

قاؿ تامر بسخرية قبل أف يقوؿ:

د أف تكوف!أنت ال تعرؼ ماذا تري -

يجب أف أحصل على مهنة مبكرنا.. كيجب أف أحصل على -

شهادة دراسية للحصوؿ عليها..

ككرة القدـ؟ -

اخرتت الدراسة.. -

كما املانع أف يكوف الكتاب بيد كالكرة تحت القدـ؟ ألم -

تخربني بأنك تحب اللعبة؟

نعم.. لكن هذا الواقع.. -

كال.. أنت الواقع! -

Page 85: احتواء عبدالله أبو سنينة

78

ابنا بالرسطاف!لكن ال يوجد مدرب سيرشؾ مص -

ناج.. من الرسطاف! -

نعم.. نجوت بحمد الله.. كحققت الهدؼ من العالج.. -

كال.. الخركج من هنا مثل االنفالت من رقابة خط الدفاع, -

لكن أف تكوف أنت.. هذا هو تسجيل الهدؼ.. كأنا أراؾ

ا.. العبنا كقائدن

ا ذكرني بأمر شارة القيادة املقلوبة لكنين لم حديثه عن كوني قائدن

فهو أخربني بأنه ;أرد أف أسأله عن سبب ارتدائه لها بذلك الشكل

سيكشف الرس قبل كفاته كسيكوف من الغباء أف أذكرق بأف حالته

تدهورت. لم يكن تامر جاهالن بتلك الحقيقة فسألين:

أتريد أف تعرؼ عن الشارة؟ -

ا. هززت رأيس موافقن

الداخل.. ألنه ال أحب ارتداؤها مقلوبة.. كلمة "قائد" إلى -

فائدة من رؤية الناس بأنك قائد إف لم تر أنت ذلك.. إف لم

تؤمن أنت بأنك قائد.. يبدأ اإليماف من الداخل.. منك أنت..

ثم ينتقل إلى الخارج.. الزمالء.. كاملتفرجني.. لهذا يا

صديقي.. أرتديها مقلوبة.. حىت أؤمن..

Page 86: احتواء عبدالله أبو سنينة

79

صمت تامر لثواف قبل أف يكمل:

لكن هل أنت كذلك؟ أنا مؤمن.. -

خلع تامر بعد سؤاله شارة القيادة كألبسين اياها.. مقلوبة.

ارتديتها على الشاكلة نفسها بعد ثالثة أسابيع من كفاة تامر. كانت

ثاني مباراة ألعبها بعد عودتي للفريق. انتهى الشوط األكؿ من

املباراة بتخلف فريقنا بهدفني لال يشء. كما زاد األمر صعوبة هو

ل نهاية الشوط األكؿ ليستبدله يخركج قائد فريقنا عندما أصيب قب

ا على زميل لنا في الفريق. خلع املدرب بالعب آخر. خرج القائد متئكن

القائد شارة القيادة كألبسين اياها. خلعتها برسعة فنظر قائد الفريق

نظرة ارتياب لثانية قبل أف أعيد ارتداؤها بشكل مقلوب.

انطلق الشوط الثاني. دقيقة ككصلت الكرة إلى العب الجناح األيمن

لفريقنا فصعدت إلى منطقة الجزاء انتظر الكرة. تذكرت لحظتها مركر

تامر بالكرة على خط التماس كتمريرها لي ألسجل هدؼ الفوز

ا تخيلت نفض ال أزاؿ العب جناح كلحظتها رأيت ليلتها. حينها أيضن

ب الرئيض للعبهم على الجناح هو ليس األمر بوضوح: السب

محدكدية رؤيتهم, بل على العكس, إنهم يركف األمر بشكل شامل,

Page 87: احتواء عبدالله أبو سنينة

81

يركف مصلحة الفريق. من هناؾ تأتي معظم الفرص اليت تتسبب

باألهداؼ. إنهم الخط األخري قبل خركج الكرة من امللعب. هم من

يبقوف الفرصة حية لتسجيل الهدؼ.

رضية باتجاهي. نجحت بأف أفلت من رقابة من هناؾ ارتفعت كرة ع

الدفاع, لكن هذا ليس الهدؼ, سجلت الهدؼ عندما ارتقيت فوؽ

الدفاع ككضعت الكرة باملرمى. هناؾ على اللوحة رأيت النتيجة

تتقلص. بني فريقي كالفريق املنافس. بني أحالمي كالعقبات. عقبة

أخرل أزيحت عن الطريق, لكن ليس كلها, ليس بعد.

برسعة من داخل املرمى كعدت إلى منتصف امللعب لت الكرةحم

كسط تشجيع الجمهور كتحية زمالئي. رأيت لوحة النتائج منحنية

ا بالهدؼ, لكنه لم يبالغ بالفرحة حيث لي كبجانبها تامر يلوح فرحن

فقد كاف هناؾ املزيد من العقبات اليت ;كاف يحثين على املواصلة

يجب إزاحتها.

Page 88: احتواء عبدالله أبو سنينة

81

الظالـ قد بدأ بالحلوؿ. السماء زرقاء داكنة. كالشمس ذهبت كاف

لرتتاح برسيرها بعد يوـ مضن. رغم أنها عمالقة إال أنها تتعب.

الجميع بحاجة إلى الراحة, كأنا من ضمنهم. أريد أف أرتاح من كوني

أنا, كمن حقيقة قبوعي هنا. كلكن األهم من ذلك كاف أف أرتاح من

ألم أسناني.

ن املحلوؿ امللحي في كل مكاف بالخيمة لكنين لم أجدق رغم بحثت ع

قلة األماكن اليت يمكن أف يكوف بها.

كانت أمي مستلقية على جانبها األيمن كظهرها لي. كنت متيقننا أف

أخي الصغري كاف ملتصقنا بصدرها عله يجد حليبنا يعينه على

البقاء.

غري إيقاظ أمي كنت سأرصخ من ألم أسناني فلم أجد خيارنا آخر

كسؤالها عن مكاف املحلوؿ. اقرتبت منها. لم يكن يغطيها يشء سول

ا في يوـ من األياـ. هززت كتفها األيرس مرتني فستانها الذم كاف أزرقن

لكنها لم تجب. التففت إلى الجهة املقابلة ألكاجهها. للغرابة لم يكن

ا قل يالن عنها.أخي يحاكؿ أف يمتص الحليب من ثدم أمي! كاف بعيدن

Page 89: احتواء عبدالله أبو سنينة

82

ا لعدـ استجابة أمي لي فوضعت إبهامي على رسغها األيرس كنت قلقن

كاستشعرت النبض الذم كاف من املفرتض أف يكوف هناؾ. ذهبت

أمي لرتتاح.

لهنيهة نسيت ألم أسناني كتحولت أفكارم نحو أخي الصغري.

كيف سأعينه؟!

, لكن السائل لم لحق نظرم بأفكارم تجاق أخي. كاف حوؿ فمه مبتالن

ا. لم أتسائل كثرينا عن ماهية السائل عندما كجدت علبة يكن أبيضن

ا, ككاف ميتنا. املحلوؿ امللحي بجانبه. كاف يرضع ملحن

خرجت من الخيمة ككاف الظالـ قد حل بالكامل.

Page 90: احتواء عبدالله أبو سنينة

83

كاف أحمد على موعد مع خطيبته اليت تعمل ممرضة بمشفى خاص.

هي من فرتة عملها فاضطر إلى انتظارها ذهب أحمد إليها قبل أف تنت

في الكافيترييا الخاصة باملشفى.

كانت الكافيترييا أشبه بمطعم خمس نجوـ أك على األقل, أربع. لم

تحو الكافيترييا سول على عرش طاكالت في صفني متقابلني يبعداف

نحو سبعة أمتار عن بعضهما كبينهما نافورة رخامية صغرية. أحد

على جهة باب كبري يفيض إلى خارج املشفى, كالصف الصفني كاف

اآلخر كاف مطالن على أحد جدراف الكافيترييا. كاف الجدار عبارة عن

مرتات فصلت بني كل طاكلة ةحوض أسماؾ كبري. حوالي ثالث

ف فقط عند كل طاكلة. اكاألخرل في الصف الواحد ككاف هناؾ كرسي

على طاكلة تقع على طرؼ الصف املطل على الجدار أحمدجلس

كظل ينظر إلى الناس من حوله. طار نظرق في سماء الكافيترييا قبل

يجلساف على كامرأة بدا أنهما مزتكجاف حديثناأف يهبط على رجل

طاكلة تتوسط الصف اآلخر من صفي الطاكالت. رغم املسافة غري

Page 91: احتواء عبدالله أبو سنينة

84

ا على سماع آثار لضحكاتهما فتساءؿ كاف قادرن أحمدالقريبة إال أف

في نفسه:

كيف يضحكاف؟ كيف يجرؤاف على الضحك؟ في هذا الطابق -

ناس يضحكوف كفي األعلى ناس يحترضكف! هل

سيضحكاف لو كاجه أحدهما املوت بنفسه؟ لكن بالتأكيد هما

هنا لزيارة مريض.. ال.. ال.. على األغلب هما هنا ألف قريبنا

ا لهما ر زؽ بمولود جديد.. نعم هذا هو سبب أك صديقن

مجيئهما.. كلهذا هما يضحكاف.. احتفاالن باملولود الجديد..

عن تساؤالته كتكهناته حوؿ ذلك الزكج إال مع أحمدم يتوقف دماغ ل

ا قبالة املرأة قبل أف يحمل فاتورة كقوؼ الرجل الذم كاف جالسن

.. لم الحساب بيدق كذهب. غاب لدقيقة ثم رجع إلى الطاكلة

يجلس.. لكن املرأة لم تقم. اقرتب الرجل منها كانحىن نحوها.. قبلة

شفافة على جبينها قبل أف يقف خلف كرسيها.. املرأة لم تكن قد

قامت بعد كيبدك أنها لن تقوـ بعد ذلك اليوـ. حل الرجل مكابح

كريس العجالت الذم كانت تجلس املرأة عليه كبدأ بدفع الكريس

اب الكبري الذم احتضنهما بنورق ليختفيا عن ناظرم برفق نحو الب

.أحمد

Page 92: احتواء عبدالله أبو سنينة

85

. ظل انتهاء عمل خطيبتهكاف ال يزاؿ هناؾ الكثري من الوقت حىت

ا على الطاكلة كلم يعدؿ أحمد على كرسيه ذم األربع أرجل كمتئكن

ليسأله: النادؿمن جلسته إال عندما جاءق

مرشكبك سيدم؟ -

ممم.. قهوة.. حلوة.. قهوة حلوة -

ا كلم تكن االبتسامة اللطيفة قد ألحمدحىن الشاب رأسه قليالن احرتامن

غابت عن كجهه قبل أف يغيب هو ملتابعة عمله.

على كشك أف يعمل على تفسري االبتسامة اليت اعتلت أحمدكاف عقل

لكن كقبل أف يبدأ بتفسري ضحكات كابتسامات اآلخرين, النادؿكجه

ة على الدرجة الثالثة من سلم كاقف خطيبتهابتسم هو حني رأل

الدرج الذم يزنؿ إلى الكافيترييا ملتفتة يميننا كشماالن باحثة عنه.

ا, كانت هي تبحث ككاف هو يبتسم لكن كاف عليه البحث بدكرق ايضن

كاف عليه البحث عن األسباب اليت جعلته يبتسم كهو في كافيترييا

ه. هل أصبح غري املشفى.. ناس يموتوف.. لكنه كاف يبتسم من قلب

مكرتث باآلخرين؟ غري مكرتث بالوفيات كاألمراض؟ كهو قبل ذلك

بدقائق اتهم األشخاص الذين يضحكوف باملشفى بأنهم ال إنسانيني؟

أـ أنه فقط كجد أف هناؾ أمورنا تقهر املرض كتقتل املوت؟

Page 93: احتواء عبدالله أبو سنينة

86

يا له من ظلم ذلك الذم يتعرض له الوطن العربي باعتبار الغرب

كالدكؿ "املتقدمة" له بأنه ال يهتم باألدب كالفن كاملرسح, رغم انين

ا... أرل بأف الوطن العربي كله مرسحن

مرسح حركب.. كمرسح انقالبات..

مرسح رشاكل.. كمرسح تزكير انتخابات..

مرسح اعالـ موجه..

مرسح قمع حريات..

مرسح تكميم أفواق..

مرس...

Page 94: احتواء عبدالله أبو سنينة

87

كالب! ينهشوف الصيصاف بال رحمة! كل ليلة دكف "إنهم كالب! أكالد

راحة.. يجب أف تقضو عليهم!!"

هكذا كانت أكامر صاحب مزرعة الدكاجن اليت كنت أنا كشاب آخر

نعمل فيها. اقرتحت برسعة استخداـ السم لتسميم الكالب اليت

تقرتب من املزرعة لكن الشاب اآلخر كاف لديه فكرة أخرل.

منعزلة عن مناطق السكاف ككبرية تمتد على طوؿ لقد كانت املزرعة

نفق تسعة دكاكني كبرية كتحتوم على حوالي عرشة آالؼ صوص. ي

ا للبيع يصبح البقيةمنها حوالي األلفني قبل أف ا صالحن دجاجن

الكالب اليت أيدمقتل على ي التجارم. كالكثري من هذق الصيصاف

يوـ عمل طويل كمتعب.تنهشها بينما أناـ أنا كالعامل اآلخر بعد

ماذا تقرتح أنت؟ -

سألت الشاب اآلخر.

سرتل الليلة! سرتل الليلة! -

Page 95: احتواء عبدالله أبو سنينة

88

, جلب الشاب عدة ليلتهاكقبل ذهابنا إلى النوـ على سطح املزرعة

صيصاف نافقة ككضعها أماـ املزرعة بشكل مبارش أسفل حافة

السطح فأدركت برسعة ما كاف ينوم فعله.

ب قد جلب معه عدة حجارة كبرية صعدنا إلى السطح ككاف الشا

ها على الحافة املرشفة على الصيصاف النافقة ينتظر الفريسة.كصف

ال يجب أف تقتلهم هكذا! -

قلت للشاب دكف أمل بتغيري رأيه.

كما توقعت, لم يقلق الشاب بما قلت كبقي ينتظر فريسته األكلى.

ا من الصيصاف ككانت تبط ا ركيدن ئ أكرث تلك الفريسة اقرتبت ركيدن

فأكرث كلما اقرتبت حىت كصلتها. لم ترشع الكلبة بأكل الصيصاف بل

حملت أحدها بني فكيها كقبل أف نرل ماذا كانت ستفعل به رمى

فسقط الصوص من فمها كسقطت هي على الشاب حجرنا كبرينا عليها

ها الصوت الوحيد املسموع في تلك ؤاألرض تعوم أملنا. لقد كاف عوا

مجيء صاحب املزرعة بسيارته كالذم بدأ بالرصاخ حنيإلى األنحاء

على الشاب خ"توقفا! توقفا!" فور نزكله من سيارته. كبدأ الرصا

حىت قبل صعودق إلى السطح الذم كنا نعتليه.

ا: رصخ صاحب املزرعة مجددن

Page 96: احتواء عبدالله أبو سنينة

89

حىت أجلب الكامريا! توقف! توقف عن فعل هذا! انتظر -

Page 97: احتواء عبدالله أبو سنينة

91

يا أبي!لقد عدت من املوت -

قلت له بهدكء بعد عودته إلى املزنؿ.

كال, أنت من عاد من املوت. -

لم أجادله بذلك. قاؿ كلمته كاقرتب مين كربت على كتفي كقاؿ:

أحسنت! -

االبن رس أبيه! -

ا كالثلج, كهو الحظ أنين رأيت توقعت منه االبتساـ لكنه بقي باردن

ذلك ليرشح األمر:

ي.. األمر فقط بأنك ال تقلق! لم تؤثر قمة إيفرست ب -

نجحت.. على عكض!

لكن.. نجاح االبن من نجاح األب, أليس كذلك؟! -

ألن تسأؿ عن فشلي؟ -

Page 98: احتواء عبدالله أبو سنينة

91

كال.. فهو كهم! -

ا نحو مكتبه في الطابق العلوم كلحقت لم يرد كالدم علي كاتجه رأسن

ا بعد افرتايض بأنه سيكوف به محاكالن معرفة ما باله, خصوصن

ا لتسلقه أعلى قمة في دكف أف يدير كجهه نحوم كالعالم. سعيدن

سألين:

أتظن بأنين أكؿ من اخترب ابنه في العائلة؟ -

ا: لم أجبه فهو أتبع سؤاله باإلجابة رسيعن

ال.. ال.. فأبي فعل ذلك معي! -

؟! ألم تنجح؟ ألم تحل.. اللغز, - كهل هذا ما تدعوق فشالن

ربما؟!

هههه.. ال أعلم! -

أنت.. ال تعلم!! -

أستوعب لحظتها أكن فلم ;قصد أبي من قوؿ ذلكلم أعرؼ ما كاف

كنت أظن بأف النجاح إمكانية معرفة الشخص من نجاحه أـ عدمه.

Page 99: احتواء عبدالله أبو سنينة

92

هو النقطة "ب" كالشخص يتحرؾ من النقطة "أ" للوصوؿ إليه, لكن

ا. بأفتبني لي األمر لم يكن كذلك تمامن

ما األمر؟! هل من مغامرة في األفق؟ -

سألته بإلحاح.

قبل أف يجيب:ابتسم كالدم

.. لقد عدت من املوت! - فعالن

مرت لحظات من الصمت قبل أف يكمل كالمه:

كيف تحمي نفسك؟! -

مم؟ -

ا ثميننا.. ماذا - ال أعلم! لكن.. لو قلت لك أف هناؾ درعن

سيكوف؟

هل هذا اختبار آخر؟ -

قل أنه كذلك.. -

ربما علينا أف نجد ما هو.. -

كأين هو! -

Page 100: احتواء عبدالله أبو سنينة

93

فتح أحد الجوارير كأخرج كرقة ك الخشيب توجه كالدم نحو مكتبه

يميل لونها إلى البين املصفر. فابتسمت كقلت متحدينا نفض:

لغز قديم.. كصعب! -

لغز لم يستطع كالدؾ حله! -

لكنك قلت أنك ال تعرؼ إف حللته أـ ال! -

- .. كهذا ليس حالن

لكن.. كيف تحمي نفسك؟ -

أتسألين السؤاؿ ذاته؟ -

أم سؤاؿ؟! -

يسألين السؤاؿ نفسه!سؤاؿ أبي لي.. كاآلف, ابين -

لم أعقب على كالمه. انتظرت قليالن حىت فتح الورقة اليت أخرجها من

تب عليها بخط اليد:الجرار كأعطاني اياها ألقرأ ما ك

كيف تحمي نفسك؟

بالدرع الواقي. أعلم أنه يبدو كالما صبيانيا لكنها الحقيقة.

أين هو؟

Page 101: احتواء عبدالله أبو سنينة

94

فأنت ال يمكنك قوله على المأل ففيك أمر مخالف ;لن أقول لك أين هو لهم.

لقد كانت إجابة السؤاؿ األكؿ موجودة, الدرع الواقي. لكن كاف علينا

إيجاد إجابة السؤاؿ الثاني, "أين هو؟"

ما رأيك بهذا؟! -

سألين كالدم بعدما انتهيت من قراءة الورقة.

هذا فيك أمر مخالف عن املأل.. كجدم.. كالدؾ هو طبيب.. -

سهل!

نظرت إلى كجه أبي ألرل عالمات الرتقب عليه ألكمل استنتاجي:

مخالف لػ مأل.. ألم, ككالدؾ طبيب لديه عيادة.. إلى أين -

تذهب عندما تشعر باأللم؟ إلى العيادة!

ابتسم كالدم ملا قلت فطمأنته:

ألغازؾ أصعب من ألغاز كالدؾ! -

ألم تكمل قراءة الورقة؟ -

Page 102: احتواء عبدالله أبو سنينة

95

ا كأكمل امللحوظة تحت السؤالني:سألين كالدم ألرفعها مجددن

حل هذا ولن تكون مجرد طالب

ابتسمت قليالن قبل أف أقوؿ لوالدم:

إنه يتحداؾ.. كما تحديتين! -

الفرؽ بأف أحدنا نجح كاآلخر لم يفعل. -

ا فحاكلت استثارة ركح لم أرد أف أبدأ نقاش فشله من عدمه مجددن

املغامرة لديه كأكدت:

!لم تنجح.. إلى اآلف -

إلى عيادة جدؾ؟! -

ا كقليب كله رسكر ألنين للمرة األكلى في حياتي –هززت رأيس موافقن

ا لشخص مثل كالدم – ا. فما بالك أف أكوف قائدن املغامر كنت قائدن

؟!بطبعه

ا نحو عيادة جدم مشينا على األقداـ. تلك العيادة املقفلة ذهبنا معن

جدم. فتح إال قليالن بعد كفاةمنذ سنني, فهي لم ت

Page 103: احتواء عبدالله أبو سنينة

96

كصلنا إلى هناؾ بعد عدة دقائق فقط. أخرج كالدم سلسلة املفاتيح

من جيبه, كاف مفتاح العيادة األقدـ من بني املفاتيح العديدة في

السلسلة.

لم يصدر الباب صوتنا كما توقعت أف يفعل, بل انفتح بسالسة كما لو

كاف الباب حديثنا.

على أنفي لتقيين رائحة سبقين أبي إلى داخل العيادة كلحقته كيدم

الهواء الساكن. كانت العيادة فارغة إال من إعالف توعوم معلق على

الجدار املقابل للباب الرئيس. اقرتبت من اإلعالف ككاف خرير ماء

يعلو كلما اقرتبت أكرث من الجدار.

إنها عني املاء.. في الحديقة الخلفية! -

قراءة اإلعالف. كاف رشح لي كالدم بينما كصلت إلى مسافة تخولين

الطيور, ككاف معظم ما إنفلونزاإعالننا إرشادينا لكيفية الوقاية من

كتب مهرتئنا إال أنين استطعت قراءة بعض الكلمات بوضوح...

Page 104: احتواء عبدالله أبو سنينة

97

نظرت إلى كالدم كقلت له:

سبغني.. يجب أف يكوف الحرؼ األكسط عيننا.. إنها العني.. -

بالخارج..

لم يتكلم كالدم لنصف دقيقة قبل أف يقوؿ بإيجاز:

إف حللت مسألة رياضيات بسهولة تامة.. فنسبة أف تكوف -

ا.. إجابتك خاطئة عالية جدن

ألكليني كذلك, على عكس لقد ملح كالدم إلى سهولة املرحلتني ا

املفرتض, لم يكن مطمئننا لي.

الباب الخلفي للعيادة كخرج إلى الحديقة الخلفية دكف أف فتح كالدم

أملح شعورق بالفضوؿ كاإلثارة الذم كاف يعرتيه بداية ذلك اليوـ.

كانت تنبع العني من بني صخرتني كبريتني ككاف يسري املاء منحدرنا

بطنه باتجاهنا كتحيطه الزهور الربية من إلى األسفل بشكل قوس

الجانبني كيختفي بني صخور تبعد عن املنبع قرابة الخمسة أمتار.

Page 105: احتواء عبدالله أبو سنينة

98

ا لكن ا كلم أتبني أين تصب حقن كانت هالم تكن عني املاء كبرية جدن

جميلة كباعثة للسكينة في نفض.. على األقل قبل أف يعكر قوؿ

كالدم صفوها:

هذا هو! -

الدرع؟ -

!نعم.. املاء -

ا؟! - حقن

أتجد غريق؟! -

لم يكن هناؾ يشء غري عني املاء تلك لكنين لم أفهم كيف بإمكاف

ا لنا فاستفرست من كالدم: املاء أف يكوف درعن

املاء؟! كيف ذلك؟ -

كالدم طبيب.. ككاف ينصح الجميع برشب املاء.. فالله -

جعل من املاء كل يشء حي..

أقلت أنه كاف ينصح الجميع بذلك؟! -

ا. أكملت بعدها: أكمئ كالدم موافقن

Page 106: احتواء عبدالله أبو سنينة

99

إف كاف ينصح الجميع بذلك.. لم اللغز؟! -

إلى عني املاء كيقوؿ: انظر كالدم نحوم قليالن قبل ف ينظر مجددن

يجب أف نعلم.. أف يكوف هناؾ نتيجة كاضحة.. كليست -

معلقة..

ت أـ ال؟جحألهذا ال تعرؼ إف ن -

الحل.. زأعتقد أف الوصف األدؽ لحاليت.. أنين لم أنج -

ا اليت أراق نظرت إلى كالدم لدقيقة ككانت تلك من املرات القليلة جدن

املتوفاةفيه عاجزنا. جميع املرات األخرل كانت متعلقة بوالدتي

.رحمها الله

ا نحو الزهور أماـ لم أكد أف يلحظ كالدم تحديقي به فنظرت مرسعن

قدمي. انحنيت كالتقطت زهرة صفراء كقربتها من أنفي ألشم

. لم يكن لديها عطر.عطرها.

ليس لها رائحة! -

أكد لي كالدم.

لكن بالتأكيد لها فائدة! -

Page 107: احتواء عبدالله أبو سنينة

111

بالتأكيد.. فالله ال يرتؾ ما يخلق للصدفة.. -

ا. أحسست بنربة النصح بصوته لكن خيبة أمله كانت كاضحة جدن

ا كالتقط زهرة صفراء. قربها من أنفه ليشم عطرها انحىن كالدم أيضن

ا:غري املوجود قبل أف يقوؿ بائسن

هنا ىالتقاطي لهذق الزهرة آمالن بعطرها الزكي مثل مجييئ إل -

ا إيجاد الحل.. متوقعن

رمى كالدم الزهرة إلى العني لتجرها املياق معها. الحقت عيناق

الزهرة حىت اختفائها بني الصخور نهاية القوس ثم التف كالدم نحو

ا لم نستطع الباب للمغادرة. نظرت لثواف إلى العني ألحاكؿ رؤية م

ا. أدرت نفض خائبنا مثل كالدم كمشيت خطوتني قبل أف رؤيته سابقن

أدير رأيس أللقي نظرة أخرية نحو عدكم.. لكنين كجدت حليفنا.

توقفت مكاني عندما ملحت الزهرة الصفراء تسري مع املاء قادمة من

بني الصخرتني. التفت كالدم إلى بينما عدت القرتب من العني

ا بني الصخور. انتظرت لثواف أخرل ككانت الز هرة قد اختفت مجددن

دكف أم كلمة تتبعت كلتعود الزهرة مرة أخرل. اقرتب كالدم مين

Page 108: احتواء عبدالله أبو سنينة

111

عيناق الزهرة الصفراء اليت كانت تدكر مع املاء بفرتات منتظمة.

تدكر.

لم تكن العني تصب في أم مكاف كأثبتت الزهرة الصفراء ذلك

أراقب حركة املاء قهقه كالدم فنظرت بدكرانها املنتظم. كبينما كنت

نحوق مطالبنا بتفسري ليقوؿ لي بعدما سيطر على ضحكاته:

هل حسبت رسعة دكراف املاء؟ -

هززت رأيس إيجابنا كقلت:

ثانية.. 12أك 11تخرج الزهرة من بني الصخرتني كل -

ا.. 11 - كنصف.. لتكوف دقيقن

كالدم ليفرس لي: سبب قهقهةلم أفهم

اف يصفها جدؾ رحمه الله.. بأنها أكرث جدتك.. كما ك -

أياـ.. 1ساعة في 00شخص يتكلم في العالم كأنها تتكلم

طواؿ األسبوع..

ابتسمت لقوؿ كالدم كفهمت سبب قهقهته:

Page 109: احتواء عبدالله أبو سنينة

112

دقائق.. 1دكرة كل 00 -

قلت له.

هز كالدم رأسه كهو يبتسم كأكمل:

يبدك أننا سزنكر جدتك! -

. طرؽ كالدم الباب فجاء لم تأخذ الطريق إلى بيت جدتي طويالن

حبنا:ر الصوت من الداخل م

ادخل يا ابين! -

ا لكنين كددت لو يوجه ليذلك نداء لم ذلك. حدثبحياتي أبدن

رغبيت بذلك منعتين من استيعاب الكثري مما دار بني أبي كجدتي

اليت كانت تصبغ شعرها األبيض بواسطة الحناء األحمر.

له خصائص عالجية كثرية.. -

لي.أبانت

هناؾ بعض الشعرات.. عند مقدمة رأسك! -

Page 110: احتواء عبدالله أبو سنينة

113

أرشت لها فابتسمت كحملت مرآة يدكية بيدها اليرسل كغمست

أصابع يمناها بوعاء من الحناء لتصبغ شعرات ناصية رأسها. لم

تتكلم جدتي كهذا أثار الشكوؾ بداخلي. نظرت إلى كالدم الذم قاـ

كاحتضن كالدته بحناف قبل أف تقوؿ له:

يك.. يا ابين.. أنت كابنك..ريض الله عل -

نظرت جدتي بعدها نحوم كقالت:

هذا ليس الدرع الذم تبحث عنه.. -

لم أتكلم لدقيقة ثم سألتها:

؟العائلة -

ابتسمت جدتي بينما كانت تهز رأسها يميننا كشماالن قبل أف تعطيين

املرآة الصغرية كأشارت برأسها إلى باب إحدل الغرؼ.. غرفة جدم

رحمه الله.

كاملرآة بيدم كلحقين كالدم إلى الغرفة. أشار كالدم لي قمت

بالدخوؿ قبله ففعلت. كانت الغرفة فارغة إال من صندكؽ صغري

موضوع على طاكلة خشبية قديمة.

Page 111: احتواء عبدالله أبو سنينة

114

ما بداخله, لاقرتبت من الصندكؽ كفتحته ليقرتب كالدم منه لري

.. بخط اليد كانت كرقة صغرية مكتوب عليها كلمة كاحدة فقط

. امتعض كالدم لذلك فابتعد كاتكأ على أحد الجدراف كقاؿ:"طالب"

هذق هي العالمة.. اليت تثبت فشلي.. -

نظرت إلى أبي كقلت:

؟ - هل سأبدك مثلك لو أطلت شعرم قليالن

ا! - ستبدك مثل جدؾ.. تمامن

رفعت املرآة بيدم اليرسل كالورقة باليمىن كابتسمت. علق كالدم

على ذلك:

ا.. رحمه الله..انظر إلى نفسك.. فأنت - تشبهه حقن

لكنه الحظ بعد ثواف بأنين لم أكن أنظر إلى نفض, بل إلى الدرع.

كبينما كانت الورقة بيميين كاملرآة بيسارم, ابتسم ثالثتنا, أبي كأنا

كجدتي اليت لحقت بنا.

إنه محق! -

Page 112: احتواء عبدالله أبو سنينة

115

قاؿ كالدم.

أقسم.. بالله.. أنه كذلك! -

أكدت على كالمه.

Page 113: احتواء عبدالله أبو سنينة

116

لم تكن حاؿ رشيف تختلف كثرينا عن حاؿ أغلبية الخريجني من جيله

فمعظمهم يبحث عن أمر ما: عركس, منحة إلكماؿ دراسته, كبحالة

رشيف, عمل. لم يكن البحث عن عمل صعبنا لكن إيجاد كاحد كاف

كذلك فباستخداـ اإلنرتنت يمكنك البحث عن الكثري من األعماؿ

العمل فهو أمر آخر. كجد رشيف إعالننا املتوفرة لكن أف تقبل بهذا

لعمل على اإلنرتنت ككاف كصف العمل "بائع كماليات سيارات" كاف

ا لرشيف فهو لطاملا أحب السيارات ككل ما يتعلق ذلك العمل مالئمن

بها تقريبنا.

استيقظ رشيف في اليوـ التالي بعد ليلة طويلة قضاها على

في لقاءات التوظيف. ذهب رشيف اإلنرتنت يقرأ األسئلة املتكررة

إلى الرشكة كعندما دخلها كجد أف معظم املوظفني كانوا غائبني

يومها فلم يكن هناؾ سول شخص كاحد ككاف هو املسؤكؿ عن

التوظيف. كلقلة املوظفني في الرشكة يومها اهتم املسؤكؿ بأمور

أخرل مثل البيع فكانت تلك برشل خري لرشيف فعلى ما بدا كانت

كة تحتاج إلى موظفني كرث مما يزيد فرص توظيفه.الرش

Page 114: احتواء عبدالله أبو سنينة

117

كاف هناؾ شاباف آخراف قبله ليقدما للشاغر الوظيفي فلم يفعل أم

يشء سول االستماع ملقابلتيهما. تناكؿ مسؤكؿ التوظيف ملف

السرية الذاتية للمتقدـ األكؿ كقرأ اسمه لنفسه ثم سأؿ:

كم لغة تجيد؟ -

ية كالفرنسية كقليل من األملانيةالعربية كاإلنجلزيية كالعرب -

هز مسؤكؿ التوظيف رأسه باعجاب ثم سأؿ:

ككيف تقيم خربتك بالحاسوب؟ -

حاصل على شهادة قيادة الحاسوب الدكلية -

جيد, كهل عملت باملبيعات من قبل كلم لم تبق بالعمل إف -

كاف جوابك "نعم" على السؤاؿ األكؿ؟

الذم عملت به بنسبة نعم, كازدادت نسب املبيعات بالقسم -

4 كسبب تركي للعمل كاف تبين الرشكة سياسة جديدة 00

تعطي أكلوية العمل لسكاف املدينة نفسها

بدا على مسؤكؿ التوظيف االنبهار مما سمع كبدا االنبهار على كجه

ا, كالخيبة كانت ظاهرة على كجهه كذلك. سلم املدير رشيف أيضن

Page 115: احتواء عبدالله أبو سنينة

118

ا. قاـ املتقدـ على املتقدـ األكؿ كأخربق بأف ال رشكة ستتصل به الحقن

األكؿ كجلس مكانه الشاب الثاني

بدأت املقابلة الثانية بقراءة مسؤكؿ التوظيف اسم املتقدـ ليسأؿ

ببهجة:

!كالدؾ هو الحاج اسماعيل؟ -

نعم, هو -

الحاج اسماعيل أبو سمري!! صاحب رشكة الشفافية -

للسيارات كصاحب العمارة املجاكرة لنا؟

هو بعينه -

بانت على مسؤكؿ التوظيف ابتسامة كبرية ثم سلم بحرارة على

الشاب كأعطاق رقم جواله كقاؿ له:

هاؾ رقمي, اتصل بي كقتما أحببت البدء بالعمل -

.ابتسم الشاب بدكرق كقاـ

جاء دكر رشيف املتوتر ليقابل لكن قبل أف يجلس أماـ مكتب مسؤكؿ

التوظيف, اعتذر األخري كطلب من رشيف إعطاءق خمس دقائق.

Page 116: احتواء عبدالله أبو سنينة

119

ا قبل أف خرج رشيف يتمض أماـ الرشكة كأجرل اتصاالن هاتفينا ايضن

.يعود إلى الداخل

كقبل أف يبدأ مسؤكؿ التوظيف بسؤاؿ رشيف, دخل شاب أنيق يلبس

ا أسود اللوف إلى الرشكة كألقى السالـ قبل أف يصل املكتب ثم قميصن

سأؿ:

أيوجد عندكم مشغل اسطوانات اس تي اؼ يو للسيارات؟ -

فأجاب املدير باإليجاب كهم بمساعدة الزبوف لكن رشيف أشار

للمدير بيدق أف يسرتيح مكانه كقاـ هو لتلبية طلب الزبوف مرحبنا:

, أنرت الرشكة - أهالن كسهالن

من نورؾ, أين املشغالت اليت سألت عنها؟ -

كانت املشغالت على يمني الشابني كلم يكن هناؾ سول جهازين

:رشيففقاؿ

حظك جميل! -

خفت بعدها صوتهما كلم ينب سول إشارات رشيف املوحية بجودة

املنتج للزبوف الذم ظهرت مالمح اإلعجاب على كجهه. كاف املدير

كريس مكتبه. مرسكرنا مما رأل فاسرتاح في

Page 117: احتواء عبدالله أبو سنينة

111

كأخرينا, هز الزبوف رأسه بإشارة موافقة على رشاء الجهاز كابتسم

رشيف لهذا فقاـ املدير إليهما قبل أف يسأؿ الزبوف:

ممم, ما رأيك؟ -

ا ف - ا, كأظن أف سعرق مناسب أيضن شيكل قليلة ٠44 ػرائع جدن

على جهاز بهذق الجودة كفيه مزيات لم أعلم بها من قبل أف

يخربني بها هذا املوظف اآلف

حمل الزبوف الجهاز كغادر, كابتسم كل من رشيف كمسؤكؿ التوظيف

ليقوؿ األخري لرشيف:

مكانك محفوظ بالرشكة -

رس رشيف لسماع هذا كبينما كاف يهم بالخركج من الرشكة دخل

ا مقربنا من رشيف شاب آ خر من جيل رشيف ككاف ذلك الشاب صديقن

فسلم أكالن على املدير ثم سلم على رشيف بحرارة كقاؿ:

أين أنت يا رجل؟! اتصلت عليك البارحة كلم تجب, كاتصل -

ا لكنك لم تجب. باملناسبة, رأيت عيض قبل بك عيض أيضن

ا بقميصه األسود, يبدك أنه ا جدن مغرـ! املهم, قليل كبدا أنيقن

أتعرفه؟ إنه جهاز رائع, ,كاف يحمل جهاز اس تي اؼ يو

Page 118: احتواء عبدالله أبو سنينة

111

ا أنك ٠44أخربني أنه اشرتاق تونا بػ شيكل كأخربني أيضن

ا كاف ما أخربني؟ كنت أكد االستفسار ستشرتيه منه, أحقن

! على كل حاؿ, إف كاف لك أـ له ما ..منه لكنه كاف مستعجالن

ا؟ رأيك أف نسهر هذا الخميس معن

Page 119: احتواء عبدالله أبو سنينة

112

ا قوؿ كالدم لي عندما أكرث من أربعني سنة انقضت لكنين أتذكر جيدن

كنا نقطف الزيتوف كل عاـ "كل صبح ارشب زيت زيتوف.. تكدر تهد

رفع مقطفنا ثقيالن ممتلئ بالزيتوف. كلماالباطوف!" كاف يقوؿ ذلك

فأنا أتذكرها كل صباح عندما توفي كالدم لكن بقيت كلماته حية

أرشب فنجاف قهوتي.

Page 120: احتواء عبدالله أبو سنينة

113

منذ ثالثة عرش ساعة كخرب فقداف أثر الرشطي الذم كاف بمناكبة

ذلك الطريق على لوحدق على الطريق الشمالي أثار قلقي فأنا أعمل

ا. منذ سماع ذلك الخرب لم أخرج من سيارتي إال كلوحدم أيضن

ا للبحث عن يشء قد يساعد بإ يجاد زميلي في السلك. لم يكن يومن

ا من البداية فبدايته كانت برتؾ زكجيت لي كأخذها طفلي معها جيدن

دفعين للبحث عن الرشطي رغم أف اليوـ إجازة اهذا سببنا آخرن كاف ك

لي لكين رأيت أف عملية البحث ستساعدني بتخطي أزميت العائلية.

كعرش دقائق البارحة حني فقدنا آخر أثر للرشطي الساعة الرابعة

يشري إلى تتبعه سيارة مشبوهة, لم اأرسل عرب الالسلكي نداءن

أستمع إال لتسجيل للنداء. لكن املقلق كاف نربته اليت أشارت إلى

سوء حاله. طواؿ الليل كأنا أذهب كأجيء بسيارتي على الطريق

م الشمالي ككنت أحياننا أترجل من السيارة كأيضء باملصباح اليدك

على أطراؼ الطرقات علين أجد أثرنا للرشطي لكن دكف جدكل.

كجدت أمرنا آخر أخذ انتباهي ككقيت فأثناء بحيث عن أثر للرشطي

تسري بتهور 30املفقود رأيت سيارة فورد بركنكو حمراء موديل

Page 121: احتواء عبدالله أبو سنينة

114

فرست خلفها كأطلقت البوؽ مرتني لريكن سائق السيارة جانبنا لكنه

دة إضاءة أنوار سيارتي عدة مرات فانتبه لم يلب األمر. أبدلت ش

السائق كتوقف. ترجلت من سيارتي بحذر كيدم على مسديس املعلق

على حزامي. عندما كصلت باب سائق السيارة أمرته بالزنكؿ فزنؿ

ا فلم أستطع بهدكء. كاف رجالن بأكاخر عرشينياته ككاف أخرسن

خلفي لسيارته التواصل معه بشكل جيد لكنه أشار لي إلى املقعد ال

فنظرت ككجدت امرأة بمخاضها. ككانت ماء رأس الجنني قد سالت

كانت بالفعل فتوجب علينا إيصالها إلى أقرب مستشفى برسعة.

ا فنقلت كإياق املرأة إلى سيارتي. ركن الرجل حالة الرجل رثة جدن

ا عن مسار السيارات كرافقين إلى أقرب مستشفى. سيارته بعيدن

إلى قسم التوليد باملستشفى كعدت إلى بهدكء زكجتهرافقت الرجل ك

ا. فتحت الباب كركبت السيارة ألجد ا جدن سيارتي ككنت نعسن

زجاجيت خمر عند دكاسة الوقود فاستغربت ذلك لوقت قصري,

ا. نمت لوقت لم أعلم كم طاؿ كلم استيقظ إال فالنعاس غلبين رسيعن

كل الوحدات املتوفرة على صوت نداء الالسلكي "تنبيه! تنبيه! إلى

على الطريق الشمالي, كجدنا سيارة الرشطي املفقود في حادث سري

قاتل بالواد خلف محطة الوقود الرئيسة على الطريق. السيارة

. جميع من في الحادث 30األخرل هي فورد بركنكو حمراء موديل

Page 122: احتواء عبدالله أبو سنينة

115

لقوا حتفهم. الرشطي كركاب السيارة الثانية كهم رجل أبيض بأكاخر

نياته كزكجته الحامل.. الرجاء التوجه إلى مكاف الحادث..."عرشي

Page 123: احتواء عبدالله أبو سنينة

116

ا أـ ذاكرة؟ كلها صعبة, كما ا أـ ركحن ما األصعب: أف تضيع جسدن

يزيدها صعوبة هو عدـ إدراكك لضياعك. أما معرفتك بأنك ضائع

فهذق الخطوة األكلى نحو عودتك إلى الطريق الصحيح, إف كنت

املقاـ األكؿ.عليه في

أعلم أنين ضائع, لم أفقد عقلي كله كهذا جيد إلى حد ما, فهذق

النقطة ستكوف نقطة إنطالقي إليجاد ما ضاع من ذاكرتي.

استخدمت "ما" للتخفيف من شدة الحادثة, فأنا أعلم أف "ما" يرافقها

ا, ا لكنين أعرؼ أنين افتقدت ناسن "من" في حاليت. ال أعلم "من" تمامن

هم افتقدكني! كم أنا متفائل! ال أحبذ استخداـ "فقد" فهي كربما

توحي إلي بالالعودة كأنا أحب عودة ما نحب إلينا كعودتنا إلى ما

نحب, "ما" هنا بالطبع تشمل "من".

"من" أنا؟! استيقظت بعد عدة أياـ في غرفة مستشفى خاص

. بمدينتنا ليخربكني بأني تلقيت رضبة على رأيس خالؿ مظاهرة ما

تحسست رأيس فالمست أطراؼ أصابعي مكاف الرضبة. لم يكن

هناؾ أحد من عائليت في املشفى لحظة استيقاظي. حاكلت ذكر

Page 124: احتواء عبدالله أبو سنينة

117

ا. تكلمت مع نفض لطمأنتها. سميت أسمائهم لنفض فتذكرتهم جميعن

ما رأيت في الغرفة. "ما" هنا ال تشمل "من".

املمرضة. لم يكن أحد بالغرفة سوام. لم أضغط على زر استدعاء

حاكلت تذكر السبب الذم جاء بي إلى هنا, لم أقدر. إال أنين شاهدت

صورنا متقطعة لعدد غفري من الناس, كفتاة, لوحدها. ال الناس كال

الفتاة ظهركا بصورة كاضحة. ال أعلم إف كانت تلك بواقي ذكريات

أـ مجرد تخيالت!

ا هناؾ سبب دفعين لقوؿ "بواقي ذكريات" فالطبيب أخرب ني بأف جزءن

ا من ذاكرتي قد ترضر فحاكلت تذكري نفض بكل الناس كاألمور بسيطن

كاألحداث اليت عرفتها. لكن كيف أذكر نفض بضء أك "شخص"

محي من ذاكرتي؟! األمر كأنين طلبت من نفض أف تتعرؼ على

شخص لم تقابله قط!

دنية ت عائليت بحاليت بادئ األمر, كاألطباء كذلك. صحيت البرس

ا كاستطعت أف أتعرؼ على أسماء أفراد عائليت كانت جيدة جدن

ا أكلها, إال أف ذكرهم ألسماء كأحداث لم بسهولة. رسرت بذلك جدن

أمزي منها أمرنا أثار فضولي, ثم قلقي. هونت على نفض بأنهم كانوا

يتحدثوف عن شؤكف تخصهم.

Page 125: احتواء عبدالله أبو سنينة

118

على كجهي. مالمح جهلي باملواضيع اليت تحدثوا بها ظهرت جلينا

ت يدم ددأنت ال تتذكر, أليس كذلك؟!" لو مفسألتين أخيت سماح "

نحوها الستطعت مالمسة الشفقة اليت رافقت حركفها!

لم يكن صعبنا علي مالحظة نظرات أمي الالئمة ألخيت فأدركت أف ما

ضاع كبري. "ما" هنا تعين "من".

Page 126: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 127: احتواء عبدالله أبو سنينة
Page 128: احتواء عبدالله أبو سنينة

احتواء

goodreads/Abdullah Abu Snaineh

Page 129: احتواء عبدالله أبو سنينة