هوية الفكر العربي المعاصر

564
1

Upload: nizar-yousuf

Post on 07-Aug-2015

40 views

Category:

Data & Analytics


4 download

TRANSCRIPT

1

2

فقد تغیرت بعض مواضع الفواصل و النقط ( pdf )نظرا للتحویل إلى صیغة فعذرا ... عن اإلرادة إلى بدایة األسطر ، بطریقة خارجة

3

، ٢٤/٢/٢٠٠٧/ تاريخ ٣٦رقم / قرار بعدم قبويل لعضوية احتاد الكتاب العرب ... اهللا العليم ؟؟؟!!! و السبب . أصدره رئيسه

4

nizar.elaphblog.com الكاتب يف موقع إيالف على الرابط مدونة

www.facebook.com/nizary3 فيسبوك صفحة الكاتب على ال

5

6

7

8

و النظر و ألول .. يف بداية األلفية الثالثة ، إىل إعادة النظر يف أنفسنا ما أحوجنا

. لقد كان آخر ما متخضت عنه بداية األلفية الثالثة يف املنطقة مرة يف عقولنا ية العراقية ، اليت أناخت القضحداث ، هو املوضوع أو ، من وقائع و أالعربية أماملتضعه و ألول مرة و وطأة على كاهل اإلنسان العريب فيها من ثقل بكل ما

. قل و الفكر إىل جانب امتحان القوة الذي طاملا أخفق فيه العرب امتحان العق ) و إننا لن نذكر ما اشتهر التداول به من مسمى ما عرف بـ ( حرب العرا

العاملي ، يقابله السياسي التداولهو مصطلح ارتفعت أسهمه يف بورصة سوق أال و هو ما عرف من الطرف اآلخر ما أنتج من آثاره و كان مفرزا من مفرزاته

بـ ( أحداث العراق ) اليت رافقت حربه و غزوه و تالزمت معها و انضوت ا تبدى أمام ذهن هو م وحتت جناحها حبيث بدت و كأا هي نفسها ،

. غري أننا منيل بشدة إىل االعتقاد بكوما مفردتني خمتلفتني اإلنسان العريب املشتركة قواسم الالظروف و عوامل التشكل و التكوين ، و حيثمتمايزتني من

. . و لو أن االستفاضة يف هذا املنحى ليس من اختصاص مقدمتنا هذه ة للنظر ، لرمبا مل تشكلت ظاهرة فريدة ملفحالة ثانية باغتت العامل العريب و

ذه الصورة و الكيفية و حتدث من قبل يف تاريخ البشرية أو نادرا ما حصلت كذلك األهداف املرافقة هلا و الشعارات املنطلقة منها و املعربة عنها املعطيات

اليتاليت كانت تنادي ا ، أال و هي ظاهرة ما عرف بـ ( الثورات العربية ) و اليت أيضا قد أناخت بكل ما فيها من ثقل و ميالدي ٢٠١١تفجرت يف عام

وطأة على كاهل اإلنسان العريب لتضعه مرة أخرى أمام امتحان العقل و الفكر . يف الشرق األوسط و باألخص يضاف إىل ذلك األحداث السياسية العربية

9

من أحداث احلادي القضية الفلسطينية و الوضع يف لبنان و ما سبق ذلك كلهارتباطها بالعنصر العريب و ما و األمريكيةعشر من أيلول يف الواليات املتحدة

تبعها من أحداث يف أفغانستان و العامل ، مست الدين اإلسالمي بشكل أساس . بقوة يضاف إىل ذلك أيضا ، بروز مفاهيم و مصطلحات سياسية و اجتماعية ،

و املمارسة اليومية ، و منها التداول جمال على الساحة العربية من حيث . حقوق اإلنسان .... اخل ) –املرأة –التحرر –اتمع املدين –(الدميقراطية

يضاف إىل هذه البنود جمتمعة ، التطور التقين لوسائل اإلعالم ، و النقلة النوعية ت حواجز يف هذا املضمار املتمثلة بظهر القنوات الفضائية العربية اليت كسركل ذلك .تابوية يف الفكر العريب بامتداداته الدينية و السياسية و االجتماعية

، ما فتح آفاقا اإلنترنتمع ثورة املعلوماتية متمثلة بعامل الكمبيوتر و بالتزامنواسعة هائلة للتواصل الثقايف و العلمي ، و التقارب بني أفراد العائلة اإلنسانية .

لى املعلومة ( أيا كانت ) بسرعة كبرية جدا . عو أتاح احلصول ، هي حتما كافية للتساؤل حول ماهية الفكر إن العوامل و البنود املذكورة آنفا

الذي يتمثله إنسان هذه املنطقة و تطوراته و آفاقه . و باملوضع األهم ، كيفية قبل هذا الفكر مع ما سلف من هذه األحداث . كيف كان هذا الفكرتعامل

هذه األحداث بكل عمومياته و توابعه ، و كيف أضحى بعدها . إن السوآل الذي يطرح نفسه هنا بشدة ، هو كيف تعامل اإلنسان العريب مع كل هذه

مها ؟؟!! و يف أية خانة وضعها ؟؟ . املعطيات ؟؟!! و كيف نظر إليها و قي نظر اإلنسان يوجد هنالك أيضا سوآل آخر يطرح نفسه بشدة ، و هو كيف

؟ و يف أية و كيف تعامل معها ؟ اآلخر غري اإلنسان العريب إىل هذه املعطيات خانة ووضعها و صنفها ؟؟ .

إن املقارنة املتمثلة باإلجابة على السوآلني األخريين ، قد تعطي فكرة واضحة ا عن طبيعة تفكري و فكر اإلنسان العريب املعاصر . و لكننا هنا يف هذ نوعا ما

املدخل إىل عقل و فكر اإلنسان العريب ، أو ثغرة و املبحث ننظر إليها على أا

10

بوابة يتم عربها و بواسطتها الولوج إىل دراسة الفكر العريب املعاصر اآلن ، أو . مقدمة و منصة انطالق لذلك

ه إذا أ عيد النظر يف املوضوع برمته و مت استخالص الوقائع و النتائج منه باعتباراملنطقية هلا ، فإننا نصل إىل نتيجة مرعبة تدعونا إل التساؤل إحدى املقدمات

. كيف يفكر اإلنسان العريب الذي يتعاطى مع عن ماهية الفكر العريب و طبيعته و ما يسمى ( الثورات و باخلصوص منها القضية العراقية األحداث اآلنفة الذكر

العارف املدرك املرءدرجة جتعل ، بطريقة مبكية خمجلة تصل إىلالعربية )، كي يكون جاهال غبيا يتمىن أنللثقافة و الوعي العقالين التحليلي ، املتحصل

و الفشل ، و يعيها كنتيجة ائية أو اإلحباطال يدرك معاين اخليبة و املرارة و كي ال نظرية ثابتة هلا براهينها و أصوهلا . يتمىن أن يكون جلفا متخلفا متبلدا ،

يشعر بالقهر و التذلل و الضيق . ، بإعادة فتح ملفات الفكر العريب إننا مطالبون اليوم أكثر من أي يوم مضى

جدية و موضوعية بأشكاله و توابعه و ملحقاته كافة ، و إعادة النظر فيه بطريقة أدىنتالمس الشارع العريب ، بل متس الزقاق العريب و حترك التساؤل يف

الذين ال يقرأون األميونم اوعأي أولئك ال، القاعدة اجلماهريية العربية مستويات. إننا مطالبون اليوم أكثر من و ال يكتبون ، أو أشباههم األعلى منهم بدرجة

أي وقت مضى بإعادة صياغة عقالنية منطقية للفكر العريب نفسه .. إعادة الربج العاجي الذي يقبع الفكر ، من أعاله حيث هلذا منهجيةصياغة تنظريية و

العربية ، إىل أدناه حيث التعابري العفوية فيه ما يسمى بأفراد النخبة الفكرية البسيطة و الكلمات الشائعة املتداولة لدى اإلنسان العريب البسيط ، و بكافة

أم العلمانية أم القومية أم الوطنية أم العلمية توجهات هذا الفكر ، سواء الدينية دراجه ضمن أي مصطلح فكري إمما ميكن ية أم األدبية أم الفنية أم غريها التطبيق

مقبول .

11

إن البحث و التقصي املندرج ضمن خانة االختراع و االبتكار أو االكتشاف ، ينطلق دائما من مقدمات معينة ختضع لظروف االختبار و التجربة ، سواء

عادة ما يتم خالهلا اإلبقاء على و طقية . التطبيقية أم النظرية التحليلية املن امليدانيةليتم هذه املقدمات أو تبديلها إذا مل تثبت صحتها يف مضمار التجربة و االختبار

خترج إىل حيز االستخدام و التداول . التوصل يف اية املطاف إىل نتيجة حمددة عكسي يف وضعية التساؤل أو االستفهام نتيجة هذا املنهج خيتلف بأسلوب

حيث يكون املنطلق و احلالة ، أو وضع ناشز غري طبعي خاطئة مقدمات ود وجو هذه هو النتائج األخرية و باألخص منها تلك اليت تكون يف وضعية التخريج

التطبيق و التداول ، فيكون لزاما على الباحث أو املراقب أن يعتمد هذه النتائج العودة منها بالتسلسل بعض منها كمقدمات حبثية حتليلية ، و ، كلها أو

العكسي ، حملاولة الوصول إىل أسباب اخلطأ و مواطن اخللل فيها . يف هذا اال ، هي ردود فعل و تصرفات اإلنسان و لعل نتائج مبحثنا هذا

العريب أزاء ما حييط به من أحداث و عوامل خارجية تقنية و غريها ، تتجه صوبه يف ظل فترة مصريية حرجة ال له املنطقة العربية بفعل التأثري العوملي الذي تتعرض

، يف منطقة الشرق األوسط فقط بل يف العامل ككل حيث كل أمة و دولة تتمثل و حتصيل التقانة العلمية و تطوير نفسها من الداخل و تلهث وراء التكنولوجيا

من فطلق حتصني هيكليتها التنظيمية و الدفاعية ، إن مل يكن من أجل التفوق املأجل اخلروج بأقل خسارة ممكنة يف مواجهة التغريات العاملية و التطور البشري

املتسارعني . هنالك شيء مل مل يعد ك ما ميكن إخفاؤه أو التالعب به .اليوم .. مل يعد هنال

إجياد مفاهيم و اصطالحات وافدة يقال .. لقد قيل كل شيء و مل يعد باإلمكان مبا خيتص بالعلوم التكنولوجية و ما شاها . و مع ذلك ة جديدة اللهم إال املتعلق

و بالرغم من هذه التخمة الفكرية املكتظة باملفاهيم و املصطلحات الطافحة من إناء الفكر العاملي و تابعه الفكر العريب ، و كل واحد منها مشبع بنظريات

12

النخاس قدميا و تؤطر له ، متاما كما يفعل مسهبة خمتلفة تعر ف به و تشرح عنه عندما يعر ي اجلارية السبية و يشرح ميزاا للمتجمهرين حوله . لذلك فإن النظر

الفكري العريب العقيم الذي يقابل جسامة و هول األحداث إىل حالة اخلواء . معا ي التساؤل و املساءلة عد، هلو أمر يستالوافدة إىل الساحة العربية املتسارعة

مقفر ال يلبث أن يتالشى يه مساءلة ، هو صرخة يف واد لو إن أي تساؤل ال ت. و إذا كانت املساءلة رمبا ليست يف متناول أيدينا صداها بعد هنيهة قصرية

لسنا يف وارد طرحها اآلن ، فإن التساؤل ميكن و معنوية مادية نظرا لظروف باب املعيار ن على األقل من وأن تكحىت املساءلة ميكن .و رفع العقرية به طرحه

" من رأى منكم منكرا فليغريه بيده ، النظري على مبدأ احلديث النبوي القائل رمبا . فبلسانه ، فإن مل يستطع فبقلبه و هذا أضعف اإلميان "فإن مل يستطع

و خطري جدا يقع يف صلب موضوعنا قد تطرق إىل منحى يكون هذا احلديث و ثقافة أو وعيا ما ، يتيح لنا تعريف املنكر هو ، هل أصبحنا منتلك فكرا معينا أ

غري منكر الفاقدين مليزة التعريف ما بني املنكر و و حتديد هويته ؟ أم أننا أصبحنا . املساءلة ؟؟ ما بني الغث و السمني ؟؟ الصواب املقبول و اخلطأ املرفوض ؟؟ ضامينه ، و رمبا قد تطرح نفسها تلقائيا بعد طرح التساؤل و طرح حيثياته و م

العريب . سبيال إىل ضمري اإلنسان جتد هلا ال نريد يف دراستنا هذه أن جنعل التعقيد مسة هلا ، بل سنحاول قدر اإلمكان

الثقيلة .. بساطة األسلوب و اخللو من االصطالحات الفكرية اعتماد أمرين اثنني له و عدم متلمله وصوال إىل بلوغ ذهن القارئ العام و قبوو املعقدة . ذلك كله

الفكر . و يهمنا أن نوضح يف هذا اال أن اخلطاب و النقاش حول مفهوم ي ميثل ذعلى املواطن العريب العادي ال مل أساسا تالعريب و الثقافة العربية ، يش

بعض النسبة الطاغية املقتربة من نسبة املائة يف املائة من العامل العريب ، و ليس باعتبارها هي نفسها حالة خاصة يف ة اليت هلا وضع خاص أصحاب النخبة املثقف

الواقع العريب بصلة ، بل حالة شاذة ال متت إىلو ، عامل الثقافة و الفكر العربيني

13

العقيم و التباري باملصطلحات .. النقد كل مهها النقد و النقد ، مث النقد و النقد و املسميات .

احلايل ، هو انعدام لفكري العريب إن أول مظهر من مظاهر خطورة الوضع او اليت من أمهها .. القراءة و الثقافة بأشكاهلا و معطياا و مستلزماا كافة

املثقف الذي ميتلك املطالعة . و ال جنانب احلقيقة إذا اعتربنا أن اإلنسان العريب ال بل إن ناصية الفكر الواعي العقالين ، قد أصبح اليوم مستحاثة نادرة ،

نسان العريب القارئ ، قد أصبح اليوم حالة نادرة ميكن أن نرى منها منوذجا اإلويل نطلق الشعار التايل .. أن أيضا ، ميكننا و عليه بناء يف املتاحف . بناء عليه

.. ويل ألمة ال تقرا و ويل لقوم ال .. نعم و ويل لقوم ال يفقهون ألمة ال تقرأقرأ ؟؟ كيف ندرك معىن الكلمة و حنن ال ال نيفقهون . و كيف نفقه و حنن

و خلفياا و املرئية احلركات و املسموع الكالم أبعاد ندرك كيف ؟نقرأ أنياا العريب العامل يف القراءة عدم مظاهر أنشبت!! ؟؟ نقرأ ال حنن و خفاياها الربي الالحم احليوان يعض عندما حيصل كما متاما ، اجلهل بداء فأصابته حيوان عضنا لقد. الك ل ب بداء إلصابته منعا كزاز إبرة فيعطى ، ما شخص... العميق لألسف و ، القراءة من اهلروب حيوان... الثقافة من اهلروب جرعات بل جرعة ن عطى نزال ال و أعطينا ، القلب صميم يضرب الذي األسف تقوم الذي و املوجه الفكري الفراغ و اخلواء و اخلرع مظاهر من مستمرة دائمة

و صورة أمت و وجه أحسن على العربية اإلعالم وسائل و الفضائيات معظم به جديدة قنوات و ، قبل من ظهرت مسبقا موجودة قنوات... شكل أكمل الفارغ بالغناء متخصصة قنوات.. فصل من أصل هلا يعرف ال ، يوم كل تظهر الثقوب من ثقبا تسد ال و جوع من تغين ال اليت املكررة األفالم و اهلابط

كل فشيئا شيئا منها يتسرب اليت العريب اإلنسان عقل يف املتزايدة و املفتوحة عما النظر بغض( متراكمة أجيال عرب املوروثة ثقافته و الفكري تراثه و ماضيه ) . التراث و الثقافة هذه حتتويه

14

سوداء ليموزين سيارة من ترتل هي و متأوهة تغين فتاة لك فتخرج التلفاز تفتح يرتدون أمن حراس و املرافقني من جمموعة خلفها و أمتار العشرة يتجاوز طوهلا

السي و ١املوساد من حلمايتها ، سوداء نظارات و خاكية سوداء مسوكن بذالت قناة لك لتظهر كونترول الرميوت على فتضغط. ذرة عاملة باعتبارها ، إيه آي

رباعي دفع ذات سيارة يقود وشاب ، ألغنية كليب فيديو فيها و مشاة أخرى البحر بنشف أنا اجلبل بكسر أنا القلعة د أنا.. إيع أوع أع( قائال يغين هو و سوداء سيارات تطوقه و حلمايته كارد البدي من جمموعة حوله و) أنا.. أنا

كبار من باعتباره يستهدفه انفجار من خوفا تشويش أجهزة حتمل رمبا فارهة و اجلينية األحباث يف نوبل جائزة على حاصل باعتباره و النووية الفيزياء علماء

فتضغط ، املتطور األداء ذات االلكترونية الرقائق إلحدى اختراع براءة و الوراثية مطرب... الضحك يثري آخر كليب فيديو لك ليظهر كونترول الرميوت على

اليت الفاخرة الضخمة فيللته أمام األخري الطراز ذات الفخمة سيارته من يترجل عندما أنه املضحك و. الوسطى العصور يف أوروبة قصور من قصرا تشبه

مرافقة أخرى سيارات من الوقت بنفس معه يترجل ، ببطء سيارته من يترجل من خوفا السماء إىل ينظرون هم و السوداء النظارات ذوي احلرس من ثلة

خانته اليت حبيبته هي املهم املطرب هذا مشكلة ان باعتبار احلريب بالطريان هجوم أا يبدو ، الوجاهة و الثراء إمارات عليه تبدو كليا أقرع شاب إىل ذهبت و

نطاق يف تدخل) املشكلة أي( كوا املتقدمة العظمى الدول على خطرا تشكل . املتقدمة الرقمية التكنولوجيا

، خبيال خيال كلها.. اخليال أفالم إال ترى فال األطفال قنوات إىل تدخل األرض كوكب على االستيالء تريد طائرة مركبات تقود ذكية حيوانات و تصدها احلديثة املركبات و بالطائرات كالب و قطط و فئران هلا تتصدى

كان ھذا مقاال لي في مدونتي على اإلنترنت . و قد جاءتني إحدى الفتیات لتبدي إعجابھا بھ و تسأل ١

باستغراب عن كلمة ( الموساد ) و معناھا ، فأجبتھا متھكما : ھو جمھور المعجبین .

15

املرئية القنوات يف توضع اليت املسابقات إىل تنظر. البشر بين حتمي و تردعها نيب يتراوح طولك و مجيلة فتاة أنت هل( التالية العناوين إال حتمل ال أا فترى إىل ترتل) . مشهورا مطربا تصبح بأن حتلم هل - مجيل صوتك هل كذا و كذا

ما لكل و الفضائية القنوات هلذه نتاج هو ما لكل التطبيق مظاهر فترى الشارع هلم هم ال فتيات - بابش – أطفال... الفارغ اخلواء مظاهر من تظهره و تبثه

مع يتحدثون ال هم و ا بالتحدث التظاهر و اخلليوي جهزةأ استعراض سوى الشوارع يف ا التسكع أو السيارات أنواع آخر عن التكلم أو ، مطلقا أحد

أنواع آخر استعراض و ، املفرغة احللقة مبدأ كما متاما ، منته غري دوري بشكل حقائب و أحذية و مشسية نظارات من البشرية ياتالكمال و التجميل مساحيق

عبارة األنثى أصبحت و العريب عاملنا يف التجميل عمليات كثرت لقد. غريها و حىت و رأسها أعلى من بدءا ، اللدائن و الفيرب أنواع بكافة حمشو كائن عن

بشىت املظاهر عن يبحث كائن العريب املواطن أضحى لقد. قدميها أمخص و األساس هو الذي املضمون ، املضمون من يهرب بل ال ، يبتعد و اأنواعه هو ، اآلن حىت و القدم منذ اإلنسانية احلضارات نتاج و منتجات يف العربة

هو و احلديثة و املتوسطة و القدمية الفلسفية النظريات عنه حبثت الذي اهلدف علوم أو جتماعيةاال العلوم يف سواء هلا قدم موطئ و التطبيقية العلوم أساس . غريها و الرياضيات و الفيزياء

تنشئة من أساس على حضارا و نفسها بنت املتحضرة و املتقدمة األمم إن اليت املظاهر خالل من تفرعاا و البشرية احلياة مضامني إدراك على فيها الفرد أكثر الحقة ملعطيات مقدمة و الداخل إىل للولوج باب هي اليت و أمامه يراها

بل كنتيجة ليس تستخدم املظاهر. اهلدف و األساس هي ليست و تعقيدا املظاهر داء أصابه الذي عندنا العريب اإلنسان عكس على ذلك و كمقدمات

أكثر معي حصل ما هذا و حذائه خالل من مثال عندنا شخص أي تقييم فأصبح هو فيك إليه ينظر ما أول و أو فتاة رجل قابلكفي الشارع يف متشي. مرة من

16

هذه لتسويق مرة ذات عندنا اإلعالم وسائل يف حماولة جرت أنه بل ال ، حذائك هو و عنه املعرب هو الشخص حذاء أن من غريها و الدعايات يف سواء النظرية... االجتماعية األوساط يف قبوله و لتقييمه اهلدف و الباب و النتيجة و املقدمة

االستقراء عدم هو ذلك لكل األساس املنطلق و . املخ هو... مضمونه هو ليس القراءة نكره قوم إننا... القراءة كره عن الناتج ، القراءة عدم عن الناتج ندوس و نقصف و القراءة عدم إىل عيالنا و أوالدنا نوجه قوم إننا بل فقط ذلك و يانا أح احملاربة و االستهزاء و بالسخرية ، بالقراءة اهتمام له من كل على

. أخرى أحيانا اإلحباط مفاصل و مفارز نتابع و ، املعاصر و املاضي التاريخ استقراء و قراءة إىل لنعد

جممل استكملت اليت و املتحضرة و املتقدمة للدول الفكري و االجتماعي الوضع يف اخلارجية املظاهر عن يبتعد شعب أم فنرى ، التكنولوجيا و العلم نواحي خالل من إال يتأتى ال وذلك ، فرد أو شعب أو ظاهرة أو حدث يأل تقييمه ليس الثقافة من التراكم هذا و. الدول تلك إنسان عليه يستحوذ ثقايف تراكم

السادة أيها م العال اإلنسان... بالقراءة اهتمام و للقراءة خمصص وقت نتاج إال إنسان حصرا و حتما هو السادة أيها املثقف اإلنسان و ، مثقف إنسان حتما هو

. قارئ لغط و الناس لدى كبرية إشكالية أنشأ جدا خطري مفهوم إىل تقودنا القضية هذه اكتساب بني اخللط يف تتلخص اإلشكالية هذه. للمفاهيم تقييمهم و نظرم يف

و اجلهد ببذل املتميزة القراءة و التحصيل طريق عن) كافة بأشكاهلا( الثقافة السماعي التلقي بني و ، إليها الركون و املطالعة حتم ل و الثبات على القدرة اليت املشكلة و) . اخل... علمية – سياسية – دينية( نوعها كان أيا للثقافة

، العريب اإلنسان لدى املتحصلة الثقافية اخلمرية معظم أن يف تتلخص نصادفها على العزف يتعلم من بني الفرق و احلال هو كما متاما ، مساعي تلقي نتاج هي

أي عاالسم بواسطة العزف يتعلم من بني و ، التدريب و النوتة بواسطة العود

17

أنك هي السماعي التلقي يف تتبدى اليت اخلطورة و. يسمعه الذي اللحن تقليد أصبحت تدري أن بدون أنك و ، معينة جهة أو شخص من ثقافتك تتلقى

مليول بل ، صواب و خطأ من حتتمله ما و لشخصا هذا لثقافة فقط ليس خاضع يقوم ، أنت تراه ال خفي ملخطط أو ، اخلفية العاطفية غرائزه و الشخص هذا ثقافة تيار و نطاق يف تكون باختصار أي ، تدري أن دون نطاقه يف بوضعك هو

أسري بالتايل تصبح و ، تدري أن دون األشكال من شكال عليك تفرض موجهة من معينة أهداف و مرامي حسب ، قصد بدون أو بقصد تسري و فةالثقا هذه

مليزة فاقد تكون هذه احلالة و باألساس ألنك ، نافعة أو ضارة تكون أن املمكن أو الشخص ذلك عليك ميليه ما و يريده ما تلقي على جمرب أنت بل ال ، االختيار

. اجلهة تلك ينحو ، نراه ما حسب و فإنه ، ايفالثق التحصيل ف تكل إن و العريب اإلنسان إن العلم إىل ننحو حاالتنا أحسن يف أننا أي ، املرئي و السماعي التحصيل إىل

البقية أما قليلة فئة على يقتصر أنه يالحظ ، عالته على أيضا هذا و السماعي متابعة يفضل بل ، املرئي ال و السماعي ال التحصيل عناء يتكلف ال فمعظمها . آنفا املذكورة ضائيةالف القنوات

لك تتيح ، القراءة خالل من التحصيل ثقافة فإن، ذلك من النقيض على و مرور مع و ، أكرب اطالعية و علمية آفاق و أوسع جماال تعطيك و االختيار حرية

يسمى ما ميزة على ستتحصل حتما فإنك التنويع شرط توفر حال يف و الوقت و الضار بني.. السمني و الغث بني التمييز على قادرا تكون و املقارنة بالثقافة . الصحيح و اخلاطئ بني.. املفيد

العامل إدراك و استيعاب الوقت مبرور لإلنسان تتيح املطالعة و القراءة ثقافة إن و. املسببات و العوامل و املعطيات استنباط و التحليل على القدرة و به احمليط اكتسب قد يكون ألنه ، األخرى التطبيقية العلوم باب إىل االجتاه فشيئا شيئا هذا. املظاهر عن االبتعاد ميزة و املضمون عن البحث ميزة و العلم حمبة ميزة

18

أو خرب أي استطلع أو جملة أو صحيفة أو جريدة أية أمسك إذا مثال الشخص قادر و بعيد حد إىل اخلرب هذا مصداقية معرفة على قادر فإنه ، قناة أية يف إعالن أية بأبعاد اإلحاطة على قادر هو و فيه اخلفي التوجيه جمال مدى إدراك على

هو ما بني و تلقاه ما كل بني املفاضلة و آخر شخص مع نقاش أو حماورة . الثقايف خمزونه يف موجود

هي) ص( حممد الكرمي للرسول) ع( جربيل قاهلا كلمة أول إن... السادة أيها كرر و عليه أعادها ،؟؟ بقارئ أنا ما.. ) ص( الرسول سأله عندما و] اقرأ[

و أبعاد هلا هذه اقرأ كلمة إن!!!! ؟؟ نستوعب أفال ، مرات ثالث طلبه و االستنتاج أي االستقراء بعد هلا ، القراءة إىل باإلضافة أخرى مدلوالت خالل من ليا ج يظهر ما هذا و. القراءة ملرحلة تالية مرحلة هو و االستنباط

اقرأ[ هي و القراءة طلب بعد) ص( الرسول على) ع( جربيل تالها اليت اآليات الذي* األكرم ربك و اقرأ* علق من اإلنسان خلق* خلق الذي ربك بسم . ) العلق سورة( ] يعلم مل ما اإلنسان علم* بالقلم علم

آن أما... ان ما مل يعلم ) لنتوقف قليال عند عبارة ( الذي علم بالقلم علم اإلنس ؟؟؟ قارئني نكن مل إذا بالقلم منسك أن نستطيع هل و ؟؟ بالقلم لنمسك األوان اليت بالقلم اإلمساك ملرحلة تالية مرحلة هي و نعلم مل ما نتعلمأن األوان آنلقد

و العلم اطلبوا) ( ص( الرسول يقل أمل. القراءة ملرحلة تالية مرحلة هي بدورها و مكة خارج انتشر قد اإلسالم يكن مل الرسول قاهلا عندما ؟؟ ١) الصني يف لو

ا ينطلق و راحلته ميتطي أن املسلمني أو اإلعراب أحد قرر لو فماذا ، املدينة العلوم ثقافة و األخرى احلضارات ثقافة غري سيجد كان ماذا ؟؟ الصني إىل

. !! ؟؟ الوقت ذلك يف موجودة كانت اليت التطبيقية

/ . ٢٤٢/ ص / ١٠كنز العمال ج / ١

19

مل ، عام ١٤٠٠ بعد و الكرمي الرسول قاهلا] ... الصني يف لو و العلم اطلبوا[ ملنتجات مستوردين أصبحنا بل ، غريها من ال و الصني من ال العلم نطلب عقر يف أوروبة و أمريكا تغزو ، اآلن العامل تغزو اليت الصني منتجات... الصني طلب اليت الثقافة و العلم تراكمل نتاج، هي املنتجات هذه أليست ، دارمها

بني الترابط السادة أيها الحظوا!! ؟؟ سنة ١٤٠٠ قبل نطلبها أن) ص( الرسول . العلم و االستقراء و القراءة بني و ذلك كل الكتب اشتروا و األسواق إىل انزلوا.. قوم يا اقرأوا... قوم يا... قوم يا

مسابقات و الفضائيات على درونه يالذ وقتكم من قليال خصصوا و املختلفةللقراءة و خصصوا.. غريها و اخلليوي و السيارات متابعة و األفالم و األغاين

السيارات شراء و دوريا املوبايالت بتبديل درونه الذي مالكم من قليال املطالعة بدل ، بيوتكم يف بوجودهن للتباهي السرييالنكيات شراء و األسواق غزت اليت

حيمي ال القانون كان إذا قوم يا. فيها املكتبات و الكتب بوجود التباهي . يرمحهم ال التاريخ فإن ، املغفلني

فكرة واضحة عما يراد إيصاله للقارئ حول هذه العجالة اليت سبقت ، قد تعطي ماهية املعضلة املتعلقة بطبيعة الفكر العريب و كيفية و آلية اإلشكالية الكبرية اليت

و حنن جنانب الصواب و املنطق السليم إذا افترضنا أن قضية الفكر حتيط به . العريب و مسألته املتعلقة بوجود اخلطأ و طرح احللول ، تفترض كال واحدا

ا قضية شائكة و مسألة أو مسار بعينه ، بل إ أو ترتبط ببعد واحد متجانسا .رق أبواب خمتلفة و متباعدة و ط عدة أبعادعويصة حتتاج دراستها إىل االجتاه يف

ضمن حيز معني و ال حصرها مبكان حمدد ، سواء أكان فال ميكن اإلشارة إليها أم دينيا أم غري ذلك . بل هي تأخذ هذه السبل فلسفيا أم سياسيا أم تارخييا

ذلك إىل أن مفهوم الفكر أو الطبيعة و املاهية األبستمولوجية جمتمعة . و مرد ما ، تتكون و تتشكل تبعا لروافد و ظروف عدة ، منها ما و حضارة لشعب

النظرة يتعلق بالتراث و منها ما يتعلق باحلضارة نفسها ، و منها ما يتعلق بطبيعة

20

و الفكر الدينيني و باحملك األول .. اخلطاب الديين الناظم للحياة اليومية و الذي هو نفسه ، كأن يكون أحد فروعه أو التابع له قد يكون خمتلفا عن أصول الدين

املختلفة . و قد يتفق مع ما سلف ، أن منبع صعوبة التعاطي مع طبيعة و مذاهبه اخلاصة به و بالذات يف العصر هوية فكر شعب معني و ماهية األبستمولوجية

هو ظهور النظريات الفكرية يف القرون و األول، مرهون بأمرين اثنني .. احلايل خرية بألواا و مشارا املتعددة كحالة منفصلة عما سبقها من العقود األ

و معدل أنظريات و مفاهيم و أفكار ، أو كوضع متطور عنها ، إما ناسخ هلا مع ما يضاف هلا مما سبقها من نظريات و أفكار ضربت جذورها بقوة فيما فيها

، و ي نعيشه سبق و امتد تأثريها و مفعوهلا و حضورها إىل الوقت احلايل الذمن بقية النظريات حبيث ال كل منها له اختالفه و متييزه الفكري عن غريه

و و بنودها و حيثياا و ما تتطرق له من مفاهيم ، ال فيما ندر إتتقاطع معها ليس من شؤون و اختصاص غريها ، و العكس صحيح يف أفكار ، هو بالعموم

و ، حصر مشكلة الفكر يف زاوية واحدة ذلك . و تبعا هلذا املنظور ، ال نستطيع ضمنه . ها يف حيز معني يتيح تناوهلا و حتليلها من حد

القضية الثانية يف صعوبة طرح و تناول مفهوم الفكر العريب ، هي و على وجه اخلصوص ، التناول الذايت له ، حيث تتبدى يف وجود نوع من القناعة الذاتية

. و لعل خري من يعرب عن هذه املسألة ، ١فوي و القبول به بشكل عهلذا الفكر تعاىل األرزاق ، املثل العريب الدارج و الذي يقول ما مفاده أنه " عندما قسم اهللا

بعقله " أحد برزقه . و لكن عندما قسم العقول ، رضي كل منهم مل يرض أننا نستطيع سحب مضمون املثل إياه على مفهوم (انتهى ) . من املقبول جدا

، أن الكل قانع بفكره . من حيث املبدأ ، ال فما هو ظاهر للعيان ،الفكر ، و لكن املأزق احلقيقي هنا ، هو حتول مبدأ القناعة إشكال جوهري يف ذلك

راجع كتابنا ( الوصایة الفكریة ) . في ھذا الشأن ، ١

21

هذا إىل شكل من أشكال التابو حبيث يستحيل عندها .. و ميتنع يف ذات الوقت حيث يتم إعمال الداخلية نفسه ، مناقشة هذا الفكر ، ال من الناحية الذاتية

السليم عند اكتشاف إشكال ما ، مهما كان نوعه ، أو منطق العقل و التحليل العقلي الداخلي ، ما يفتح الباب تناقض ما مل تستسيغه فطرة املنطق الوقوع يف

ملناقشة فكرة معينة أو قضية فكرية ما ( على أألقل مع نفسه ) أمام الشخص ، األمر كذلك من الناحية اخلارجية مبادئ احلياة . و آمن و صدق ا كمبدأ من

أو تساؤل إشكايل حول إذ ال يسمح ألي كان بإلقاء وردة نقد منطقي عقالين قضية أو مفصل من مفاصل فكر الشخص . و قد يصل التعاطي ذا األسلوب ،

رميا بالرصاص و من دون إنذار . إىل مغبة الرد و األفكارل على هذا املنهج حيث يتم طرح يفيد يف هذا السياق طرح مثا

النظريات من قبل أصحاا أو من قبل املنتمني إليها و املؤمنني ا عقائديا أو ا بطريقة أو بأخرى ، على أا هي اخلالص و احلل و املؤمل . و املنتفعني

–ل ريا ما تطرق أمساعنا عبارات من قبيل ( املاركسية أو االشتراكية هي احلكثالقومية هي احلل ) –العلمانية هي احلل –اإلسالم هو احلل لكل هذه املشاكل

أو ، تعترب من أمهات األفكار السابقة املفردات ذلك كله على اعتبار املفاهيم و النظريات الفكرية ، فإن ذلك ينسحب أيضا على مستويات فكرية أدىن مشولية و

تلك –أو خارج من رحم –يف بعض اتساعا ، و رمبا يكون بعضها حمتوى األمهات .

إجراء نوع من التغيري يف املنظومة حقيقة األمر أنه ليس من السهولة مبكان ، مبختلف أشكاهلا الدينية أو السياسية أو أو فئة أو مجاعة ما الفكرية لشخص

. ة االجتماعية أو االقتصادية ، و مبختلف سوياا .. من البدائية و حىت املتقدموإن يقع وجه اخلصوص و احلالة هذه على املنظومة البدائية كوا أكثر عرضة

إىل املنهجية املنطقية لعناصرها العلمية ، حىت للتحجر و اجلمود نظرا الفتقادها ن تبدى اخللل يف هذه املنظومة و فشا فيها فساد املنطق و خبث املنظور إو

22

ث االجتماعي كقاعدة عرفية ، قد يشكال ، فإن العامل العاطفي و املورواملفهوم حنو مكامن الصواب . عنصر إرتاج مينع العقل من االستدارة و التراجع

من املفترض اليوم يف ظل تشكل عامل كبري غري متناه من الفكر ، قوامه منظومات فكرية هائلة تتفرع عن كل منها نظريات عدة خمتلفة تسعى كل منها

متثل مشاكل و حلول و قضايا و نتائج ، يتبع كل ذلك لتقدمي مفاهيم و أفكار نة العلمية مشتملة على كل فروعها التطبيقية و التسارع اهلائل أيضا يف جمال التقا

الصناعية و الزراعية ، ليتوج ذلك كله مبا عرف بالتكنولوجيا التكنولوجية و ق و إنتاج نظم من تقدمي أو إظهار أو خلمنها لكل الرقمية .. تلك عناصر ال بد

تتبع لصانعها و منتجها . فكرية هذا املوزاييك الفكري اهلائل املرعب ، ال بد له من ثقافة عامة شاملة تقابله ،

قادرة على التعامل معه بدرجة ما و سوية معينة وال بد له من فكر و وعاء ثقايف س ش كاسر مفترو احتواؤه ، ال بل ترويضه و تدجينه كيال يتحول إىل وح

وكائن غريب يثر القلق و يصبح مصدر للتساؤل و االستغراب على مبدأ املثل تساؤال هاما حول جدلية . هذه القضية تثري لدينا ١" املرء عدو ما جيهل "القائل

فإذا كانت العالقة فيما بني و الثقافة . القائمة بني الفكر املذكور آنفا العالقة لتبادل مبعىن أن أحدمها قادر على أن يولد عالقة حيكمها اهذين املصطلحني

عفوية تواكب ، فإن ذلك احلكم يفترض نشوء ثقافة عربية اآلخر حال وجوده و التعامل معه ذلك التقدم العلمي الناجز اآلن يف العامل ، و قادرة على تلقفه

جلهة إدراكه و استيعابه من حيث املظهر و املضمون معا . فيما بني املصطلحني ذات طابع توليدي ذايت ، مبا معناه أن أما إذا كانت العالقة

اآلخر حصرا ، كأن خترج الثقافة من رحم الفكر أو أحدمها من رحمخيرج و مبا يقارب اليقني ، أننا يف كارثة الفكر من رحم الثقافة ، فإننا نستطيع القول

نھج البالغة . –من كالم لعلي بن أبي طالب ١

23

. حيث أن الفكر أو أحاطت بنا فعال و انتهى األمر حقيقية توشك أن حتيط بنا العام الشامل املعرب عن احلضارة و الثقافة أضحى اآلن من نتاج الغرب و حتديدا

يشكل العمود الفقري الدول املتقدمة مع مالحظة أن الفكر املبدع اخلالق الذي و اختفى يف للحضارة املتسي دة و احملدد ملقاييس سوياا و قوا ، قد تالشى

داية عصر االحنطاط الذي آذن به أفول جنم الدولة العباسية املنطقة العربية منذ بيف بداية بعد تشرذم الدولة العربية إىل دويالت متفرقة . و إن ظهر فيما بعد

القرن العشرين و بالذات بعد زوال االحتالل العثماين ، القرن التاسع عشر و و أبعادها حماولة جريئة لنهضة علمية عقالنية فكرية على خمتلف مستوياا

، لكنها لسبب من األسباب ، خبت نارها و انطفأت جذوا التقدمية التحررية كشهاب المع أضاء و أبرق يف السماء ليختفي بعد هنيهة ال تتعدى طرفة عني .

قد انتفت و فيما يتعلق مبوضوع األلفية الثالثة ، فإن الثقافة العربية ميكن اعتبارها االستحواذ على مقوماا ، على اعتبار أن الفكر بالعموم و أضحى من العسري

ة ، بل ياملوجود اآلن و الذي يتعامل معه العقل العريب ، هو ليس صناعة عربفكر ، سواء عبارة عن فكر وافد ، بل هو يف بعض أوصافه عبارة عن نتاج

بالصناعة أم بالزراعة أم باالقتصاد أم بالسياسة ال بل حىت بالثقافة نفسها . ود على ذي بدء نقول : أننا يف أمس احلاجة اآلن و أكثر من أي وقت ع

، إلعادة النظر يف قضية الفكر و املعرفة و الثقافة العربية و أنه آن األوان مضىو وضوح و امللفات املتعلقة بعقل و فكر و ثقافة اإلنسان العريب بكل جرأة لفتح

و نطاق ارجة عن إرادتنا شفافية و موضوعية . فنحن إن كنا ألسباب عدة خعلى فتح ملفات السياسة العربية و قدرتنا على التحكم و السيطرة ، غري قادرين

الوطنية و جممل األحداث اليت متس الواقع العريب و تطال املنطقة العربية اليوم ، يف فتح ملفات الفكر و الثقافة العربيني ، فإنه ال يوجد حرج و صعوبة

مدرك و .. مثقف و واع متناول يد كل إنسان عريب عاقل باألخص و أما يفو خلطورة هذين امللفني ، و باألخص أيضا أما آخر املعاقل العربية ، و مها إن

24

و سيتشرذمون سقطا ، سقط العرب ائيا و رمبا لن تقوم هلم قائمة بعد اآلن شرذمة ما بعدها شرذمة .

الفعلي للفكر شرح الواقع العملي و يف هذا الكتاب سوف حناول قدر اإلمكان الذهنية و العقالنية لإلنسان العريب و و الثقافة ، و لن نأل جهدا يف تبيان حالة

و ما هي سوية ثقافته كيفية تعامله و تناوله مل مفاهيم الفكر و مصطلحاته الفكر ، و سيتم التطرق تبعا لذلك ، إىلبالضبط اليت يتعامل بواسطتها مع هذا

و الشؤون املتعلقة به و بنشره ، كدور النشر مفردات و ملحقات الفكر العريب السياسية و الثقافية و الدينية . يف العامل العريب و وسائل اإلعالم مبجمل أنواعها

ا قبل هنيهة ، موضوع الفكر مبوضوع الثقافة ، فسيكون قرن نه إذا كنا قد على إإن تناولت ملحقاا وتوابعها حىت وعني معظم حبث الكتاب حول هذين املوضو

مكاا يف بنية الكتاب اخلطابية . و سوف حناول قدر اإلمكان أن جنعل للسالسة و اللغوية و السردية ، و أن نزيل عنه ما أمكن املصطلحات اللغوية املعقدة .

يب يغوص الكتاب إىل القاعدة الشعبية يف العامل العروالغاية من ذلك كله ، هو أن ما أمكن إىل ذلك سبيال ، لكوا بنظرنا هي األساس يف أي تغيري فكري و ثقايف

قدم يطول اإلنسان العريب . و سوف يهمنا أن نناقش أصول إجيايب فع ال و متمن خالل التاريخ العريب املتمثل بالتراث و الدين ومنابع الثقافة و الفكر العربيني

ة و احلكم مما قام به رجال السياسة من أثر و األدب و ما تأتى من باب السياسو يتبدى ذلك يف اخلليفة العباسي ( املأمون ) يف تعديل جمرى الفكر العريب .

، أو ما جاء من طرق كمثال خاطف سريع على ذلك سيتم التطرق له الحقا باحلضارات ااورة التغيريات الدميوغرافية إثر األحداث السياسية ، كاالختالط

األمر كذانها حضارة الفرس العريقة نتيجة ملا مسي بالفتوحات اإلسالمية . و م حبضارة أعرق منها هي احلضارة اليونانية . احلضارة الرومانية اليت ارتبطت

25

مبا أن احلضارات البشرية األوىل كان مركزها األساس و منطلقها يف سورية يكون نو مصر ، فإنه ال بد من أالنهرين ( ميزوبوتاميا ) القدمية و بالد ما بني

، نتيجة الوعي الفكر البشري عموما و الفكر املرتبط بتلك األمكنة خصوصا اإلنساين ألفراد و مجاعات الشرق األدىن القدمي . و بداية الوعي الفكري يف

. و مع الزمن ، وعيا دينيا اجتماعيا ذلك الزمان و املكان ، كان على األرجح إليه الوعي الفكري السياسي . أضيف

كان فكر اجتماعيا مث دينيا مث أن الفكر اإلنساين آنذاك ، إذن .. يصح القول تطور ليصبح مزجيا من العوامل الثالث أنتج نظام سياسيا و من مث بعد ذلك

الدولة و احلكم و نظام الكهنوت . فكري األساس الذي بىن عليه إنسان احلضارات التساؤل هو املنطلق اللقد كان

البسيط أو التساؤل الساذج هو قصود بذلك ، األوىل ، منظومته الفكرية . و املالباطين اخلفي الذي كان يطرحه إنسان ما قبل احلضارات األوىل ، بل هو

ت عن تراكمات اخلربة الطبيعية و احلياة اليومية و املصادفااملتقدم الناتج التساؤلو كان على متاس ا بواسطة حواسه اخلمس ( البصر املادية احلسية اليت واجهها

من ؟؟ ..... ) تساؤل عماده ( كيف ؟؟ ملاذا ؟؟ مىت ؟؟ اللمس –السمع –عالمات استفهام كربى كانت األداة األوىل الدافعة هل ؟؟ ما الذي ؟؟ .... )

، و بالتايل كانت األجوبة ) باجتاه الفكر الشرقي القدمي ( إن صحت التسميةعلى تلك األسئلة الكربى .. كانت النواة األوىل اليت ارتكز عليها هذا الفكر و

. بىن عليها تراكماته فيما بعد

26

يف هذا الصدد ، أن هذا التفسري هو التفسري التارخيي على أنه يهمنا القول و باألخص القرآن املنطقي الذي خيتلف عن التفسري الديين للكتب املقدسة ،

الذي الكرمي الذي اعترب أن أول إنسان عاقل ، هو خلق إهلي و هو صنعة اهللا جاء يف القرآن . وضع فيه األساسات األوىل للعلوم و املعارف ، و ألقمه إياها

ن ب ئ ون ي أ ف ق ال ال م الئ ك ة ع ل ى ع ر ض ه م ث م ك ل ه ا ال أ س م اء آد م و ع ل م ( .. الكرمي . )٣١:البقرة() ص اد ق ني ك ن ت م إ ن ه ؤ الء ب أ س م اء . ) ٥-٤:العلق () ي ع ل م ل م م ا ال أ ن س ان * ع ل م ب ال ق ل م ع ل م ( ال ذ ي

و بغض النظر عما يكن األمر ، فإن الفكر اإلنساين القدمي قد امتزج بصراع و عواملها و حماولة قهرها و السيطرة عليها ، و ها اإلنسان مع الطبيعة و طقوس

حلماية نفسه ، و صراعه مع أقرانه من بين جنسه . صراعه مع احليوانات املفترسة هذا عامل طبيعي ال ينبغي و ذلك كله توج بعبارة .. الصراع ألجل البقاء . إن

. ا نا هذمإغفاله و جتاهله ، و الذي على ما يبدو قد ترك آثاره إىل يو( اللغة ) .. العامل اللغوي من عوامل تشكل الفكر اإلنساين لقد كان أهم عامل

، إىل رموز ، و هو حتويل املدركات العقلية و األشياء احملسوسة و العناصر املادية .. هي الترمجة العقلية صوتية . لقد كانت اللغة هي حاجة اإلنسان إىل الفكر

، لتأيت بعد ذلك الكتابة كي تدون راع الفكر اختللفكر .. اللغة هي الصوتية هي اختراع الفكر ، فإن الكتابة هي ، فإن كانت اللغة الفكر و جتعله موثقا

توثيقه . ( إذا القدمي املتوسطينه من الصعب تناول قضية الفكر إ.. من نافل القول

احلالية كمفهوم ينسحب على امتداد الرقعة اجلغرافية العربية جازت التسمية ) أو فيما سبق اليت شاع وصف امتدادها الراهن بعبارة ( من احمليط إىل اخلليج )

العربية الشاملة و اجلامعة اإلمرباطورية و حتديدا ما قبل تشكل ، من قرون ذلك إىل انتفاء التجانس الفكري مرد و دينية متباينة . ت ثقافية و عنصرية املكون

انتفاء إىل ه أيضا مرد ة اجلغرافية تلك . ذلك و الثقايف و الديين ضمن بوتق

27

كمه .. سيطرة اإلمرباطوريات القوية و ح ، التجانس السياسي و احلضاري الضاربة جبذورها الزمنية و املثبتة ألوتادها النافذة ذات احلضارات العريقة

. كاإلمرباطورية الفارسية اليت استحوذت بشكل عام على منطقة ما بني املكانيةاليت احتلت اليونانية ( العراق حاليا ) . و اإلمرباطورية لنهرين أو بالد الرافدين ا

بالد الشام و مصر يف بعض األحايني ، لتخلفها بعد ذلك اإلمرباطورية الرومانية على الشمال اإلفريقي بعد أن حلت مكان الدولة اليونانية. اليت أكملت سيطرا

احلضاري الذايت لسكان هذه املنطقة . يضاف إىل ذلك أيضا ، االختالفمبجمل مفاصلها و بنودها و عناصرها و مقوماا املقيمة ، إن حضارة مصر الد ما بني النهرين هي غري حضارة بلدينية و حىت العلمية ، االفكرية و الثقافية

و هي كلها حضارات مقيمة . ما العراقية أو احلضارة الفارسية أو الفينيقية دة و هو أمر غري وارد يف هذا اال هلول إىل دراسة كل حضارة على ح يضطرنا

هذا ، بروز املخطوط . يضاف إىلو حجمه على تعقيده و كثرة تشعباته إشكالية حجم و مقدار وضع التقييم العريب له ، و إعطاؤه صفة و لبوس

مصر قومية عربية كانت تشكل حضورا هلا يف العروبة، إذ أنه ال عروبة أو اعتبار ذلك نوعا من مننه ال ضري بنظرنا على أالقدمية أو بالد الرافدين .

العربية فيما بعد و حتديد هويتها الفكرية بستمولوجي لتشكيل الثقافة املنطلق األ و آليات تغلغلها يف عقل و وجدان اإلنسان العريب .

ة الفكر القدمي يف إن الفكرة األساس اليت تطرح يف هذا املضمار ، هي أن دراسلقومية العربية و امنطقة الشرق األوسط قبل تشكل األمة العربية و بروز مفهوم

تم تقدمي تفسري معني للفكر العريب الالحق له و لو بشكل ضبايب ، ت طرح لكي ي املف ر غ من الفكر و كل ما ميت إىل الفكر ، وصوال إىل يومنا احلاضر هذا ما بعد لسليب اهلدام . اللهم إال ابصلة

و لقد دلت املكتشفات األثرية القدمية ، على توافر كم هائل و كبري من الثقافة الفكر يف مناطق الشرق األوسط القدمي ، و حتديدا بالد اهلالل اخلصيب ( العراق

28

من مناطق فارسية ( إيران احلاليةاألردن ) و ما تامخها –فلسطني –سورية –ب ذلك مبجمله إىل كل األبعاد الفكرية دي النيل . تسر ) ، باإلضافة إىل وا

آنذاك من علوم تطبيقية و دين و أدب . على أن املنظومة الفكرية اليت الثقافية ظهرت و منت يف هذه املنطقة ، قد ارتبطت عموما بالعامل الديين أو هي

، رمبا على األرجح لكون الدين هو املبحث الفكري خرجت أساسا من رمحه ت أوىل تساؤالته الفكرية ، حول خلق الذي كاناألول لدى اإلنسان القدمي

و حول الكون و ماهية الطبيعة احمليطة به من أمطار و برق و رعد و كواكب ذاته هو كإنسان ، ذلك من املنظور التارخيي البشري العلمي أو األثري مبعزل

ة أيضا و اعتربت أن الدين عن التفسريات الدينية السماوية اليت أيدت هذه الفكر. و لكن هل ميكن هو أول ما فكر به اإلنسان أو باألحرى أول ما أ نزل عليه

.على الفكر آنذاك ؟؟؟ إطالق نعت الديين فه اإلنسان و بذاته عرر مستقل ر تارخيية ، فإن أول فكبنظرنا ، و من وجهة نظ

كان الفكر –واضح حىت و لو مل يشعر به أول األمر كشيء ملموس –مارسه و التسلط . السلطوي .. فكر السلطة

و لقد نشأ هذا الفكر حىت قبل الفكر الديين . و مربرنا يف ذلك ، هو أن السلطة الظاهرة ، و رغبة أوالتسلط هي بالنسبة لإلنسان ، نوع من املتعة و اللذة اخلفية

ت خروجها . أما ما هي و مربرا ال جتد مجاحا للخروج إال بتوفر مسبباادفينة و املسببات ؟؟ فإا تبدو لنا أا تعود يف أساسها و أصوهلا إىل هذه املربرات

تصور اإلنسان القدمي الذي عاش احليوان .. إجابة قد تبدو غريبة . و لكن ميكن مجاعات كيف أن ، قد الحظ نظام اجلماعة يف بداياته منعزال مل يدرك بعد

عان تعيش معا و ترحتل معا و هلا سائس من بين جنسها تتجمع يف قطاحليوان قد الحظ أيضا أثناء تصيده ألحد أنواعها ، أنه يقودها و يدير أمورها . و لعله

و هو يواجه قطيعا متكاتفا لقوت يومه من الصعوبة مبكان احلصول على فريسةا . و لعله ، و أنه من السهولة مبكان فعل ذلك عند االنفراد بأحده متراصا

29

الحظ أيضا حتاشي احليوانات املفترسة مهامجته عندما يكون مع مجاعة من أقرانه تصرفات يكون وحيدا منعزال . كما لعله الحظ أيضا ، و جترؤها عليه عندما

بفطرة غريزية أو تلك احليوانات مع طرائدها من حيوانات أخرى . فأدرك نه ال ميكنه البقاء أامل محاية و قوة و بوعي عاقل أن اجلماعة أو احلزب مها ع

ألخطار . ل ، معرضا نفسه وحيدا منعزال منفردا عن بين جنسه و لو كان –األسرة و نظام األسرة هو لقد كان منشأ أول حتزب بشري ،

لنشوء الفكر السلطوي عند و هو نفسه كان عامل ثان – بدائيا بسيطا يف أوله لسلطة كمفهوم و مصطلح ، فكر مستقل بذاته ، فكر ااإلنسان . هلذا كانت

طبعي متأصل من جهة ، و فكر عقالين له أسسه و شروطه و مقوماته غريزي من جهة أخرى . و إننا نرجح أن يكون الفكر السلطوي قد أسس فيما بعد ،

. جلميع األفكار األخرى .. الدينية منها و السياسية و االقتصادية و االجتماعية ا بسببه تأسست القبائل و قامت املمالك و الدول ، ألنه لوال حب التسلط و رمب

الدول و األنظمة و الرياسة و الريادة و نزعة التحكم و القيادة ، ملا قامت تلك السياسية و الدينية و حىت االجتماعية و االقتصادية .

دمي . رمبا يف الواقع .. هنالك غرائز و أحاسيس عدة سبقت الفكر اإلنساين الق، و املتربع على هرم تكون قد أسست لفكر السلطة و التسلط السائد إىل اآلن

الذهنية اإلنساين إىل يومنا هذا . و هي غرائز و أحاسيس ذات صبغة ثنائية ، الصيد و القتل ) ، –الشبع ) ، ( اجلوع –( اجلوع متالزمة أو متضادة ..

–اللذة ) ، ( التعب –، ( اجلنس القتل و األكل و االبتالع ) –(الشبع القتل ) ... اخل . و بالتايل ، فإن أي فكر –الراحة ) ، ( الدفاع عن النفس

ذلك ، كان لألسف حمكوما بتلك الغرائز و األحاسيس ، إنساين تشكل بعد بطريقة أو بأخرى .

إىل على أنه ال ميكن التكهن على وجه الدقة ما إذا كان تطور نظام اجلماعةو من مث الدولة ، قد استلزم أن يتطور معه الفكر السلطوي نظام القبيلة و اتمع

30

، أم العكس هو الصحيح ، أي تثبيت دعائمه و يواكبه ليأسس له و يعمل علىد إىل أن الفكر السلطوي قد تطور مع الزمن و استلزم أن يتطور معه نظام األفرا

الفكر متبادل بني كافة كان هنالك تكي ف و باألحوال الصيغ املذكورة آنفا . السلطوي ( أول فكر عرفه اإلنسان ) و بني تطور األنظمة و املفاهيم االجتماعية و السياسية و الدينية و االقتصادية و العسكرية ، و النتائج اليت ترتبت عليها

اخلفي و .... اخل ) و كان هذا الفكر هو األساس ثورات –احتالل –(حروب ، املوجه هلا و اليت نشأت مبقتضاه . لظاهر أحيانا ا

من جتتاح العامل ، و ما رأيناه أو قرأناه إن ما نراه اآلن من آثار و أحداث دموية وكيف .قبل عن احلروب و الرتاعات و اخلالفات يف املاضي القريب و ما سبقه

وسعت أوتو ايار الدول و املمالك و اإلمرباطوريات ، و كيف مت تشكلأم ، و عالم كان أساس و عماد قيامها ؟؟ أكان دينيا ؟؟ أم عرقيا ؟؟ تقلصت

غري ذلك ؟؟ كذا األمر نشوء احلضارات و انكماشها وصوال إىل انقراضها . ذلك كله يؤيد مقولتنا بأن الفكر السلطوي أو فكر السلطة ، هو أول مصطلح

األفكار و املصطلحات و النظريات و ساق ا أو منظومة فكرية عرفها اإلنسان األخرى و أخضعها هلا .

و انظر إىل املمالك و اإلمرباطوريات السالفة ، مل يكن أساس و عماد نشوؤها . بدءا من بالد ما بني سياساا إال التسلط باإلكراه على املمالك األخرى

املقدوين سكندر إلملدن اليونانية و إمرباطورية ا النهرين و مصر القدمية مرورا باالكبري مث اإلمرباطورية الرومانية و الفارسية ، مث اإلمرباطوريات اإلسالمية

يف أعقاما ، وصوال إىل التاريخ احلديث و الدول اليت نشأتواملسيحية واملعاصر و تشكل الدول األوروبية و ما عرف باالستعمار احلديث و

املضائق البحرية –حلديثة ( األمريكتني . حىت الكشوفات اجلغرافية ااملستعمرات . حىت .... اخل ) كانت خدمة لالستعمار أو بوجه آخر ، أسست له و دعمته

عصرنا هذا ، عصر ما يسمى الدميقراطية و حقوق اإلنسان و حق تقرير املصري

31

ر القوي على هو عصر التسلط و القهر و احلروب و الدمار و جتب لألسف .. احتمال نشوب أخرى ثالثة عصر ربني عامليتني مدمرتني ، و الضعيف .. عصر ح

مع ما حتتمله من مغبة التدمري و اخلراب بواسطة أسلحة الدمار الشامل لو مت استخدامها .

األساس الوحيدة اليت اعتمدها اإلنسان ة يإذن ميكن القول بثقة ، أن اإليديولوجالسوآل الذي و ة السلطة . منذ وجوده على األرض و إىل اآلن ، هي إيديولوجي

يف هذا السياق هو .. على ماذا اعتمدت أيديولوجية السلطة ؟؟ يطرح نفسه أال و هو فكر السلطة ؟؟ . اعتمد أول و أقوى فكر إنساين شامل على ماذا

لقد اعتمد هذا الفكر على عاملني اثنني .. عامل مادي ثابت ، و عامل فكري العامل األساس ..امل القوة ، و هو كان و ال يزال هو عمتغري .. العامل املادي

، و األقوى الذي يعتمد عليه الفكر السلطوي ، و لواله ملا كان للسلطة وجودو تكون إذا ال سلطة لضعيف و ال سلطة دومنا قوة تنفيذية حتميها و تصوا

و و يتسلط .. هأداا و ركيزا . و منذ القدم ، كان القوي هو الذي حيكم صاحب السلطة و القرار .

كان عامال ثانويا .العامل الثاين الفكري الذي اعتمدت عليه السلطة كمفهوم مل تربير و شرعنة ا ال يقل أمهية عنه كونه كان عامبلعامل القوة ، لكنه ربالنسبة

للسلطة و للخضوع هلا . و لعله ظهر يف الفترات الالحقة لفترة تشكل اجلماعة ، كنتيجة للتطور االجتماعي اإلنساين و ظهور الفردينظام األسرة األوىل أو

. و قد جتلى هذا العامل مبظاهر عدة كالدين أو العرق أو نظام اتمع البسيط ... اخل . على أن الدين كان و ال يزال هو أقوى قليم ) اإل اجلغرافية املتجانسة (

ومنا هذا . فإذا كانت القوة حبد و اعتمادا حىت ي هذه املظاهر و أكثرها رواجا د ليست حباجة إىل تربير كوا عامل مادي حبت ، فإن السلطة نتيجة تعق ذاا

االجتماعية و توسع املكان اجلغرايف ، كانت حباجة إىل ما يربر هلا العالقات و اإلكراه . من اعتمادها على عامل القوة وجودها بالرغم

32

ماعي كمثال ، جند أا استندت إىل العاملني نظرية العقد االجتإذا أخذنا ، حيث تنازلت اجلماعة أو األفراد عن بعض حقوقهم و املذكورين آنفا

، و هو صالحيام لنخبة عليا تنفيذية متثل اتمع ككل و تسهر على أمن أفراده هو العامل الفكري هنا ما ميثل عامل القوة ، بينما نظام اتمع و كيانه ، كان

االعتباري الثاين ( نالحظ هنا أن العامل الديين أو العرقي و غريمها ، مل يتم صراحة بالرغم من أنه قد يكون هو األساس ، طرحه مباشرة أو التطرق إليه

. و استيعابا و هو .. اتمع لكن مت االستعاضة عنه مبصطلح أكثر عمومية –قومية –اجتماعية –سياسية –إن اختاذ أية إيديولوجية مهما كانت ( دينية

أنكاف على و تسلطيا كخيار بدهي ، هلو دليل سلطويا منحى ... اخل ) عرقيةو يصبغ األفكار األخرى ، هي فكر مستقل بذاته السلطة كمفهوم و مصطلح

بصبغته و هو أقوى من أي فكر آخر . الثة .. الفكر الديين عرب أصناف ث لقد جتلى الفكر عموما يف الشرق األدىن القدمي

السياسي .. الفكر اإلنساين االجتماعي . غري أننا يف مبحثنا هذا لن الفكر.. بقدر ما نناقش بالفكر اإلنساين األمر الديين أو السياسي و جنادل ما نناقش

هذين املفهومني ، باإلضافة إىل الفكر األخالقي السامي االجتماعي املتماهي مع عليا . املتعلق مبفاهيم

ت من عوامل عدة إن موجبات الصفة الدينية الالزبة للفكر القدمي ، قد تأت ، للعلوم و الكهنوت النخبة من .. احتكار الطبقة الدينية و حتديدا أبرزها

ملعرفة اآلهلة أو الوصول إليها أو التعامل معها . املعارف و اعتماد تلك العلوم الفالسفة و العلماء كان و الدين رجال و بالكهنة مناطة العلم وظيفة كانت

إحدى يف – العلوم يتلقون ، فيثاغورث و كأفالطون ، غريهم و اإلغريق كان و. الدين رجال و الكهان يد على املصرية باملعابد - حيام مراحل و الطب كعلوم الروحانية العلوم إىل إضافة التطبيقية العلوم آباء هم الكهنة و من هذا املنطلق حتديدا ، احتكرت طبقة . اهلندسة و اتالرياضي و الفلك

33

اضطرارها الحتكار املفهوم الديين كله من باب ، و ذلك الكهنوت تلك العلوم و فكرية .، بتفرعاته و تشعباته كافة و ما ارتبط به من طقوس و أنظمة إدارية

األناشيد و و األساطري ك قد اختذت بعض األدبيات الدينية يف تلك الفترةو املتعلقة ا ، منحى فكريا علميا يف جممل األحايني األدعية الدينية و التفسريات

يف للتدليل على مصداقيتها . و من غري املرجح بنظرنا أن يكون للسياسة و أهلها تلك الفترات ، ذلك الدور األساس املضاهي للدور الديين يف تبين عامل الفكر

احلامل مبرتلة يعد وقت ذاكة . و مل يكن األمر السياسي مبقوماته و فروعه كافله ر من كونه حامل أو متنب ، إمنا كان مستند عليه أكثالعلم أوالرئيس للفكر

(رمبا يف فترة الحقة بدأ األمر السياسي يفرض نفسه و جيي ر األمر الديين حلسابه بدت و كأا ت ب ن ي رأس بعض الظواهر و املعامل التارخيية اليت . أماو صاحله )

و التعامل معه كتعبري حقيقي ذو داللة مؤكدة اهلرم السياسي للمفهوم الفكري ه لألمر الفكري بدور بينلألمر الديين املت تنب إال ليست باألساس فهي لذلك ،

، ذلك على اعتبار أن رأس اهلرم السياسي يف تلك العصور ، العلمي و الثقايف . أو ادعاؤها أحيانا ريا بتقمص صفات اآلهلة أو التشبه ا أوىل اهتماما كب

و وضعه ضمن لقد كان واضحا أن األمر الديين قد سيطر على األمر السياسي هو أن الدين كفكر و مفهوم ، نطاقه و صبغ صبغته عليه ، و السبب يف ذلك

. سياسي إىل ذهنية و تصور اإلنسان قبل املفهوم و األمر ال كان هو السب اق و اليت فرضت نفسها على الفكر فامليتافيزيقيا و الروحانية و الظواهر الغري مفسرة

يرضي هذا الفكر ، حىت و لو كان اإلنساين كتحد و معضلة يستوجبان حال اليت كانت متثل له حالة خوف و هذا طبعا من منظور تارخيي ) حال افتراضيا (

من ... اخل ) األحالم –املوت –ضانات الفي –الزالزل –رعب ( العواصف عليه أكثر من األمر السياسي الذي كان بشكل أو بآخر املؤكد أا ستستحوذ

–من اختراعه هو نتيجة تشكل و تطور األمر االجتماعي و الصراع البشري كان عبارة عن تعامل فاألمر الديين ، و مل يشكل له خوف أو رهبة . البشري

34

ليس من ، مقنع بوجوده ، يف مدمر خارج عن اإلرادة مع جمهول قوي خممع واضح معلوم من صنع . بينما األمر السياسي كان تعاملاختراع البشر

. البشر ، البعض قد ال يفكر اإلنسان بالسياسة ، و قد ال يستهوي األمر السياسي

ة . فمن و احلضريحسبما تقرره ظروف البيئة اجلغرافية و االجتماعية و التنظيمية ، ال تركن أن بعض اتمعات النائية يف جماهل الغابات أو األمكنة املعروف

. كذا األمر بالنسبة لبعض للقبائل له باال كثريا إىل األمر السياسي و ال تلق تأنف من ال تكترث باألمر السياسي ، ال بل اليت ، البدوية يف خمتلف أحناء العامل

و ال تقبل ما إال باإلكراه و على ق هلما صربا ط ال ت السلطة و كيان الدولة و ا . و السلطة الوحيدة املقبولة ممضض . و عندما تسنح هلا الفرصة تنقض عليه

السائدة هي أعراف القبيلة و و األعراف ، هلا ، هي سلطة القبيلة و رئيسها قوانينها .

و األمازون ، افريقية إن منصب الرئيس أو احلاكم عند بعض القبائل يف جماهل ال يساوي شيئا و حىت أنه غري معروف و ال أمهية له و قيمة . و عند بعضهم

علماء اآلخر ، هو منصب شكلي خدمي . و يعزى السبب يف ذلك عند بعض و اجلمع و التخزين و التفكري يف يوم غد األنتروبولوجية إىل انتفاء مبدأ التخطيط

و احليازة لدى مثل هكذا مجاعات و أضراا و ضعف شهوة السلطة و التملك. فأقصى هدف كانوا يتصورونه ، هو الشبع املؤقت الذي كان احلل األمثل

هذه املعادلة أو العالقة للجوع املؤقت ، و عند هذا احلد ينتفي التفكري متاما . و األساس النتفاء كانت العماد شبع مؤقت ) ـ( جوع مؤقت اجلدلية بالذات

السلطة و السياسة ، و العامل الغري مشجع على بروزمها . لكن ما أن عنصرشبع لية ، حيث أصبحت ( جوع مؤقت ـ تلك املعادلة و العالقة اجلدتغريت

فهوم اآلخر ، مفهوم التسلط و التملك ليصل حىت برز املدائم زائد عن احلاجة ) الشعوب البدائية ، فإا و القبائل أو . لكن هذه اتمعات إىل املفهوم السياسي

35

األمر السياسي أو مل تكترث به أو مل تعرفه و تدركه حىت .. كانت و إن نبذت تعرف األمر الديين أو امليتافيزيقي و تدركه متاما ، ال بل و تتعلق به و تعتربه

فكان الطوطم لدى هذه ب احترامه و ال جيوز املساس به . شيئا مقدسا جيمبثابة رمز القبيلة أو الشعب ، وحالة مقدسة و اجلماعات الشعوب و القبائل

الوسيطة ، مهمة هذه املؤسسة ا السحرة أو رجال الدين . و كلية ، موكل، تقوم بالدرجة كانت وضع نوع من التفاهم االفتراضي بني اآلهلة و البشر

درجة بطريقة من الطرق ، وبالها رضاؤاألوىل على اتقاء غضب هذه اآلهلة و است الثانية طلب املعونة منها .

. هذا هذا باختصار شديد ، طبيعة و ماهية الفكر الديين ( من املنظور التارخيي ) أن يكون قد الفكر املذكور كان سابقا للفكر السياسي الذي رمبا من املرجح

رمحه ، و هو كذلك فعال ، و هو جوهر تفسري قضية اتكاء احلكام و خرج من أن نستطيع ، سبق فمما .يف الشرق األدىن القدمي عليه الفراعنة امللوك و و امللوك هؤالء يتخذها كان اليت األوضاع و للتصرفات تفسريا نستخلص

من موفدين أو أرباعها أو أنصافها أو آهلة إما أنفسهم جبعل الفراعنة و احلكام ذكرنا كما ويالسلط الفكر و فاألمر. منهم تطلبها بأعمال مكلفني و ق بلها تالمها.. الديين الفكر و األمر تاله.. البشري العقل ذهنية إىل اق السب هو كانيف متأصال كونه استئصاله ميكن ال السلطوي الفكر كان ملا و. السياسي األمر

ملا و. الدينية السلطة شكل و الديين الفكر مع اندمج فقد ،العقول و النفوس مفاهيم و أفكار من تاله من قبل من استئصاله ميكن ال الديين الفكر كان

بالتايل و. سياسي ديين سلطوي فكر مكونني الثالثة اندمج فقد ، سياسية و. املسيطر و السائد و احلاكم هو ، ثالثية خبلطة املركب الفكر هذا أضحى

اليت فردةاملن التالية لألديان الشرسة العنيفة املقاومة نفسر أن نستطيع أيضا هنا من قوية عنيفة مقاومة تالقي كانت اليت) السماوية األديان منها و( بعد فيما تظهر

أسوأ يف إبادم أو معتنقيها اضطهاد و ناشريها و أصحاا مبقتل تتمثل مسلحة

36

، وسيطرته سلطانه يوطد و منها ينجو كان من و. االحتماالت و الظروف) سياسة – دين – سلطة( الثالثي اذبيةاجل لقانون بآخر أو بشكل خيضع كان

ينذر و الثالثي لفهالتح ديدا يشكل هكون دخيل آخر دين أي مبقاومة يبدأ و الفكر على يسيطر الذي هو األقدم الفكر كان دائما . آخر ثالثي حتالف بربوز هي هذه. واضح غري بشكل لو و عليه آثاره يترك و حيوره و بعده الذي

عندما و. ماضية حروب و أحداث من حصل ما لكل تفسرياتال، ببساطة غريها و األدىن الشرق يف القدمية احلضارات تلك أحداث إىل تارخيية نظرة ينلق يصورالذي الدراماتيكي املشهد ذلك فورا يتبدى ، األقاليم و املناطق من

املدينة بآهلة التنكيل هو و االنتصار عند له عمل بأول يقوم الذي املنتصر احلاكم الثالثي الفكر تشكيل بساطة بكل يعين ما هو و، هو بآهلته استبداهلا و املنكوبة . املنتصر أو اجلديد

من متالطم عامل وسط توحيدي ديين فكر أول صاحبة اليهودية جاءت عندما متث ل الوثنيني خصومها من شرسا و واضحا صرحيا عداءا القت ، الوثنية

العداء صورة تتضح و. أكثر و سنة ألفي مدار على امتدت ميةدا بأحداث من ، شعوا و األدىن الشرق حكمت اليت الدول كل و اليهودية بني املتبادل

مفهومني ثالثيني كل منهما هو الصراع بني . و السبب يف ذلك املنظور هذااملفهوم . و ما أجج سعري الصراع هو ثبات استشعر اخلطر على نفسه من اآلخر

اليت تتناىف مع املفهوم الوثين متاما و على طريف اليهودي على قضية التوحيد و مهما كانت و مقاومة أية عملية صهر معه و عدم قبول أية مهادنة نقيض منه

اندماج . و من أمثلة ذلك أن اليهود قد دخلوا تقريبا يف صراع فكري ديين و نتج عنه صراع عاصرم آنذاك اليت و الدولحىت اجتماعي مع مجيع الشعوب بدءا ما تسبب مبذابح كبرية هلم ، و تدمري املدن مادي حىت املوت و كسر العظم

م و ملوك بالد ما بني النهرين او حكمن فراعنة مصر القدمية و ملوكها و الذين وصل م األمر بعد مناوشات و حروب عدة (البابليون و اآلشوريون )

37

و و دمروه و دمروا اهليكل بقيادة نبوخذنصر مملكة إسرائيل أن هامجوا شطر .. ذاك كله ، فكان ما يسمى ( الشتات األول ) أخذوا اليهود أسرى إىل بابل

اهليكل للمرة الثانية ، و قاموا بتشتيت الذين دمروا و الرومان اإلغريق ب مرورا . القرآن و . و تلكم الشواهد موجودة يف التوراة اليهود

، أنه عندما كان اليهود يتعرضون و يالحظ يف املنظورين التارخيي و الديين األخريين قبل خصومهم الوثنيني ، كان هؤالء م من للمذابح و التنكيل

. و كان اليهود جيربوم على القيام بالعادات و التصرفات الوثنية غصبا عنهم ضلون االنتحار و املوت ، من قبل هؤالء ، يف الذين يتغاضون عن مظامل كثرية

و يرفضون رفضا قاطعا إدخال عناصر وثنية التوحيدية على املساس بعقيدم عن تفسري لذلك و أفعاهلم و عادام . و ما يقال فكرية أو مادية إىل عقيدم

، يرجع يف و كرههم هلم من أن تعامل الشعوب مع اليهود ذا النمط العدائي ، يشوبه الكثري من اللغط و و أعماهلم الشريرة اخلبيثة م تصرفا حيثياته إىل

يعتريه الكثري من اخللل و يتحكم به املعيار العاطفي الساذج أكثر من املعيار و لعل . ككل . فاخلبث و الشر طبع من طبائع البشر العقلي املنطقي التحليلي

ة هلم و عنادهم و طول املدة اليت عاين فيها اليهود من استعداء األديان الوثني ساهم يف إلقاء تلك الشبهة عليهم . ، ثبام على موقفهم التوحيدي

و مع ذلك فقد كان جممل املفهوم الفكري القدمي بشموليته و مقوماته ، منطلقا استقاللية ملحوظة رئيسا لربوز فكر علمي ثقايف خرج من رمحه و أوجد لنفسه

يتبدل باطا شكليا صوريا يف بعض األحيان هلا حضورها الواضح و إن كان له ارتإما زيادة أو نقصان . ياسية و تتحول شفافيته كثافة متغريا حسب الظروف الس

و لعلنا يف سياق البحث يف مضمار القضية الفكرية تلك ، جند أمثلة تدعم ذلك التصور ، نرشح منها على سبيل املثال قوانني محورايب اليت هي بنظرنا تتأرجح

السياسية كوا صدرت حسب زعم السلطة السياسية آنذاك بني الصفة الدينية ن اإلله مردوخ قد أعطاه تلك القوانني و بعثه إمن اآلهلة إذ قال محورايب امللك

38

لوضعها حيز التنفيذ و التطبيق . هذا من ناحية، رسوال للشعب بصفته حامال هلا ذي اجلانب ني مظهر الفكر العلمي أما من ناحية أخرى فقد اختذت تلك القوان

االجتماعي املتقدم و الراقي املستقل عن أية صفة دينية . ذلك ما يتجلى من خالل بنود و فقرات تلك القوانني اليت مثلت رقيا يف التعامل األخالقي بني أفراد الشعب ، و ذروة عليا يف العدالة االجتماعية بني خمتلف فئات الشعب و طبقاته

و ا باألساس تناولت احلياة اليومية للمواطن العادي مبجمل مضامينها ، كو تنوعاا االقتصادية و املالية و اإلدارية و االجتماعية و األخالقية .

إن أشهر قانون قدمي عرفته البشرية ، هو قانون محورايب الذي يتصف بأنه قانون دينية متعددة تضاهي عام شامل مجع أوجه سياسية و اقتصادية و اجتماعية و

اليوم أرقى القوانني املعاصرة و هو يف تلك الفترة العائدة إىل ما قبل امليالد ، يعترب صورة معربة عن الفكر اإلنساين لتلك املرحلة . و يكفي إلثبات ذلك ، أن

/ مادة نقشت على جمموعة أعمدة ضخمة بلغ ٢٨٢قانون محورايب تألف من / و قد مشل هذا القانون يف لفتة واضحة للنظر ، معظم / عمودا . ٥١عددها /

شؤون احلياة اليومية و االجتماعية و دلت مواده على تطور اجتماعي متمدن بدرجة عالة من الرقي و التحضر . و الالفت للنظر أنه مل يتطرق إىل األمور

انتفاء والعبادات و الطقوس الدينية ، فاحتوى بذلك على مبدأ احلريات الدينية و مبدأ التعصب الديين و كبت احلريات ، و نقول كبت احلريات ألن احلريات الدينية كانت يف تلكم األزمنة و األمكنة ، تتخذ وضع حساس صعب و صارم

ل قانون محورايب نقلة نوعية متقدمة جدا بالنسبة ال ميكن املساس به . و هلذا شك كما اتصف هذا القانون باهتمامه لذلك العصر يف الرقي و التطور و التحضر .

الجتماعية و منع و تركيزه على مفهوم العدل و العدالة و باألخص العدالة او مشل إىل جانب األمور االجتماعية األمور السياسية و العسكرية الظلم و القهر

حيثو االقتصادية . كما أنه على ركز على التفاصيل املاسة حلقوق األفراد . ضية الشهادة و املتهم و الدفاع و االستناد على حيثيات التهمة و نرى مناقشة ق

39

حيثيات الدفاع و وسائل اإلثبات و حلف اليمني و االعتراف و قوانني الزواج و الطالق و التبين ، ال بل أنه ناقش حاالت منع الزواج ، و امللكية و عمليات

ملترتبة على كل ما سبق ، اإلجيار و التعويض عن الضرر . و مجيع اآلثار املالية اكجرائم الرشوة و الفسق و باملوتباإلضافة إىل اىل جرائم كثري عوقب عليها

السطو و غريها . و األهم من هذا كله ، هو حق االستئناف بعد احلكم . . القانون بنظرنا هو صورة للفكر العام الشامل للمجتمع و الدولة و األفراد

أم كان نوعه و توصيفه و أيا كان مصدره .. إهلي نقول ذلك ألن القانون أيا و االجتماعية و بكم معني ، باألعراف وضعي ، فإنه البد آخذ بشكل أو بآخر

جزئي أو كلي .. متماه أو جامد . الشائعة يف جمتمع ما ، سواء على حنو التقاليد على حد ة بالتايل ، هي نوع من الفكر الفردي و اجلماعي و األعراف االجتماعي

يف اتمع الفرد و اجلماعة جتاه العالقات اإلنسانية سواء ، كوا حتمل تصور و االقتصادية ، و حىت السياسية بكل صورها و أشكاهلا االجتماعية و األخالقية

. و من فقرات و بنود منتقاة من هذا القانون ، نستطيع إيراد و العسكرية أحيانا . ذلك العصر و إبراز مدى تطورهحملة عن الفكر اإلنساين يف

من أمثلة بعض القوانني على ذلك ، أهم مبدأ و مادة فيه و هي ( العني بالعني و السن بالسن ) اليت ترتبط كمفهوم بالدقة يف العدل و امليزان و القصاص . و

: ١ منها خنتار أيضا أطرافه ، إذا كسر إنسان لرجل سنا أو فقأ له عينا أو هشم له طرف من ( ـ

فقرة تعطي داللة على نضج مفهوم . ) حل به نفس األذى الذي سببه لغريه و إدراك الفترة الزمنية مبعناه الواقعي الشفاف و احملايد ، قياسا إىل قدم العدل

. إنسان تلك الفترة القدمية من احلضارة اإلنسانية هلذا النوع من العدل

قصة الحضارة المجلد األول . –شریعة حمورابي ١

40

. ) ، حكم باملوت على مهندسه أو بانيه إذا اار بيت و قتل من اشتراه ( ـ فكرة إدراك إضافة إىل مفهوم و فكرة العدل الراقي ، تعطي هذه الفقرة حملة عن

االستهتار نقيضه حس املسؤولية و وت مريض أو يف فقد عني من عينيه ، إذا تسبب طبيب أثناء جراحة ، مب( ـ

فكرة العدل املرتبط بعدم فقرة تعطي داللة ملفهوم و . ) قطعت أصابع الطبيب نوع من انتفاء التفاوت الطبقي بني أفراد اتمع جلهة ، و تؤكد على احملاباة

كون الطبيب كان يعترب يف تلك العصور من التعامل مع القانون و اخلضوع له الطبقة الراقية و رمبا كانت من الكهان .

يقسم أنه مل ـ لو ضرب رجل رجال و تسبب يف جرحه ، فعلى الرجل أن يضربه عامدا متعمدا و يدفع مصاريف الطبيب .

ـ إذا دخل رجل أو امرأة إىل بيت و قتل رجل أو امرأة ، ي سل م القتلة إىل مالك البيت ، فإن ارتأى قتلهم فعل ، أو ارتأى التعويض ، يصادر ما يشاء من

أمالكهم . شيكالت من الفضة إذا / ١٠ـ لو تسبب رجل يف إسقاط محل امرأة ، يدفع / / شيكالت إذا كان اجلنني ٥كان اجلنني يف أواخر شهور احلمل . و يدفع /

يف شهره اخلامس . ـ لو اختذ رجل زوجة و مل يعقد عليها ، هي ليست زوجة .

اليت مل حتمل منه ، يعطيها ماال بقيمة هدية ـ لو قرر رجل طالق زوجته األوىل ها . زواجها و يرد إليها مهر

ـ لو بىن رجل بيتا لطفله بالتبين ، مث رزق بعد ذلك بأوالد و أراد أن يطرد الولد بالتبين ، ال يذهب الولد خاليا معوزا ، بل يعطيه والده الذي رباه ثلث

تركته من األموال دون مزروعات احلقل و دون البيت .الفكر يف أن طبيعة ، توضح لنا لقاء نظرة فاحصة متمعنة على بقية البنود إن إ

للوهلة وحي يعلى غري ما تفصيلية كانت ذات طبيعة معقدة مركبة بالد الرافدين

41

. ذلك ما يالحظ يف الفقرات و املواد ببدائية الفكر القدمي األوىل االنطباع و جرائم القتل . ذلك كله القانونية املتعلقة بالطالق و حقوق املرأة و التبين

يثري االنتباه و التساؤل قياسا إىل قدم الزمن فكري حيمل داللة وجود تطور البشري آنذاك .

و العقلية يف تلك الفترة ، فإن و إذا كان القانون يعترب كداللة فكرية للذهنية الذاتية لبعض احلكام و امللوك آنذاك ، كبادرة التصرفات الفردية و الرؤى

األخرى ، كانت هي اكاحلاكم أو ذ هذاشخصية لتطبيق العدالة من منظور يف تلك اينسلتطور الفكر اإلنمفصلية و أبعد جانبية بدورها تعطي داللة

ملك و يدعى أوركاجينا الذي كان قدميا أحد ملوك العراق . فالعصور ، و رقيه ( لكش ) أصدر املراسيم اليت حترم استغالل الكهنة لكافة الناس . و ينص إلقليم

الكاهن األكرب جيب أال يدخل بعد هذا اليوم " ن على أ ١أحد هذه املراسيمحديقة األم الفقرية و يأخذ منها اخلشب أو يستويل على ضريبة من الفاكهة .

على . و حرم "كما مت ختفيض رسوم دفن املوتى إىل مخس ما كانت عليه الكهنة و كبار املوظفني أن يقتسموا فيما بينهم ما يقربه الناس قربانا لآلهلة من

و يالحظ ه امللك ، أنه وهب شعبه احلرية . أموال و ماشية . و كان مما يباهي بببعد آخر يأخذ بعني االعتبار تفاصيل خمفية يف سياق ما سبق ، تطور تفصيلي

. ألفراد اتمع تكون مموهة بأقنعة قانونية و شرعية دينية يف احلياة االجتماعية وقت مبكر بالنسبة هلكذا مفاهيم يف طرحها يتم مثال ، مثل قضية الرشوة ضية قف

و قضية استغالل الكهنة للناس و ال يستثىن من ذلك الكاهن األكرب ، و قضية تقدمي ، و قضية خطرية حساسة كقضية تفصيلية كقضية رسوم دفن املوتى

وعي آلثار االستغالل السلبية هلا ، كل ذلك يدل على القرابني لآلهلة و مناقشتها للزمن احلادث به . ماعي رمبا يكون غري مسبوق قياسا فكري اجت

/ . ١٧/ ص ،/ ٢/ ج ، األول المجلد ، الحضارة قصة ١

42

و قد كتب عليه ١ و يف عهد ملك آخر يدعى جوديا ، و ج د نقش يتحدث عنهمن سلطان األقوياء رمحة بالضعفاء ، و يف خالل سبع سنني ، د كنت أح "

كانت اخلادمة ندا ملخدومتها و كان العبد ميشي جبوار سيده و قد استراح هي حالة شبيهة باحلالة السابقة كرؤية . " ف يف بلدي جبوار القويالضعي

الذي انتبه إىل قضية اجتماعية خطرة على اتمع على املدى فردية من احلاكم و املخدومون خلد امهم . البعيد ، و هي حالة تسلط األقوياء على الضعفاء

و تبيان ه الفساد ربز صورة للوعي الفكري اإلنساين القدمي جتاكذلك األمر ت دعائمه ، و جعله مرتبط أساسا أركان الفساد األساس و من هم أعمدته و

أسرف الكهنة يف ابتزاز " ا مل جاء يف الكتابات األثرية أنه بالرشوة ، حيث مهم بالرشوة يف اأموال الناس ، ض أوركاجينا و أخذ بنهمهم و جشعهم و

رائب وسيلة يبتزون ا من الزراع و الصيادين توزيع العدالة و بأم يتخذون الضمثرة كدهم . و أفلح يف تطهري احملاكم من هؤالء املوظفني . و سن القوانني لتنظيم الضرائب و الرسوم اليت كانت تؤدى إىل املعابد . و محى الضعفاء من

" ٢ضروب االبتزاز و وضع الشرائع اليت حتول دون اغتصاب األموال و األمالك عمل فهوم و مب ني و عمل شبيههنا نلحظ إدراك و وعي فكري كامل ملفهوم .

الثاقبة الواعية العميقة لقضية اغتصاب األموال النظرة يضاف إليها، املافيا املنظمة يفترض أن يكون فكري جرمية كونه نظام و األراضي و هو مفهوم يثري الدهشة

الرتباط بني و اي و االجتماعي قياسا للتطور الزمين البشري االقتصادمتأخر اجلرمية و االستغالل السابقني . مفهوم ذلك و بني

أيضا قد أوضحوا و لعل القائمون على وضع تلك القوانني أو الذين سن وها موجبها إما الفخر بإجنازام أو شرح حيثيات قوانينهم و ، تصرحيات هلم ضمن

عن بدوره نظرة توضيحية ، و هذا ما أعطىبنودها جلمهورهم و شعوم

/ . ٢١/ ، ص / ٢المصدر السابق ، المجلد األول ، ج / ١ . السابق المصدر ٢

43

. و نضرب مثال و هي سوية مشاة ملا سبق ذكره السوية الفكرية هلؤالء القوم قوانني محورايب على ذلك القوانني األشهر يف ميزوبوتاميا القدمية ( العراق )

محورايب نفسه نفسها و ما يقوله واضعها أو ناقلها عن اإلله ( إن صح التعبري ) يف ذلك الوقت ناداين ( آنو و بل ) أنا " عرض حديثه عنهامالذي يقول يف

محورايب األعلى ، عابد اآلهلة لكي أنشر العدالة يف العامل و أقضي على األشرار و اآلمثني و أمنع األقوياء أن يظلموا الضعفاء . و أنشر النور يف

و األرض و أرعى مصاحل اخللق . أنا محورايب الذي اختاره ( بل ) حاكما الذي جاء باخلري و الوفرة و الذي وهب احلياة ملدينة أرك و الذي أمد سكاا باملاء الكثري و الذي مج ل مدينة بارسيا و الذي خزن احلب ألوراش العظيم و

. ١" ن الناس على أمالكهم يف بابل م الذي أعان شعبه يف وقت احملنة و أ

حدهم عن القوانني و عن قال أو يف منقوشة أخرى تتناول املوضوع ذاته إن الشرائع العادلة اليت رفع منارها امللك احلكيم محورايب " واضعها أو ناقلها

ا يف األرض دعائم ثابتة و حكومة طاهرة صاحلة .. أنا احلاكم أقامو اليت نال العدالة احلفيظ األمني عليها .. حىت ال يظلم األقوياء الضعفاء و حىت ي

أي إنسان مظلوم له قضية أمام صوريت أنا ملك .. فليأت اليتيم و األرملة و يقول حقا إن محورايب قد جاء و ليقرأ النقش الذي على أثري العدالة ، . ٢" شعبه مدى الدهر كله و أقام يف األرض حكومة طاهرة صاحلةلبالرخاء

الفكر االجتماعي متيط اللثام عن من شواهد وثائقية من خالل ما سبق ذكره هذا الفكر و نظرته إىل الواقع ، يتبدى لنا بوضوح شكل العراق القدمي السائد يف

و ارتباطه باجلانب الديين بشكل أساس و من مث امل ع اش االجتماعي احلقيقي اجلانب السياسي . من خالل ذلك ميكننا القول أن القضية األساس اليت شغلت

/ . ١٩١/ ص ،/ ٢/ ج ، األول المجلد ، الحضارة ةقص ١ / . ١٩٢/ ص السابق المصدر ٢

44

ت قضية العدالة .. العدالة جبوانبها و يف بالد الرافدين كانالفكر اإلنساين القدمي ارتبطت على ما و تفرعاا .. و العدالة يف الفكر اإلنساين القدمي ارتباطاا

أساس يربز مضاد يظهر، مبفهوم الظلم كنقيض مالزم مقابل و مكمل و كقرين . و هذه النقطة حتديدا ، قد أبرزت رقي الفكر اإلنساين صورة العدالة احلقة

و نوعيته ، فكان اختياره الظلم من خالل تركيزه على حقيقة مفهوم القدمي لبقية أنواع الظلم .. اختيارا صائبا للظلم االجتماعي كنموذج أول و أساس

ربط هذا النوع من الظلم ، مبا الفكري ليأت بعد ذلك ومؤشرا قويا على الرقي –ي على حقوق الغري التعد –الرشوة –يسمى األمراض االجتماعية ( السرقة

اغتصاب أمالك الغري ... اخل ) و عدم االقتصار يف ذلك على سوقة الناس و مشردون ... اخل ) بل امتد إىل –متسولون –لصوص –أسافلهم ( جمرمون

كتبة ... اخل ) –جباة ضرائب –موظفني كبار – ن خ ب هم و أعاليهم ( كهان ومها ، و رقي فكري يف التعاطي معها . هو إدراك حقيقي ملعىن العدالة و مفه

و قوته ، أال و هو ربط كل تلك مؤشر ثالث على سعة هذا الفكر ويأيتاملفاهيم السابقة ، باألمن القومي للمجتمع و نظام احلكم و الدولة آنذاك ،

الظلم –، بالعالقة التالية .. ( العدالة فيكون تأويل معادلة االرتباط تلك راض اتمع ) = أمن الدولة و اتمع و رقيهما . هذا الفكر أم –االجتماعي

. مثيال عند بعض اتمعات و األنظمة يف عصرنا هذا رمبا من النادر أن جتد له ، و معرفة أن الظلم االجتماعي و األمراض االجتماعية يف نظام جمتمع و دولة ما

يف احنطاطه و دماره إما ، و رها يف قوته و ازدهامها الفيصل و العامل األساس إمو تعرضه لنهب الناهبني و أكل اآلكلني . و بناء منظومة فكرية متكاملة على

، يستحق التساؤل عما إذا كانت قياسا ملا هو عليه اآلن وضعنا الراهن ذلك مثل هكذا قوانني و أنظمة ، هي من وحي اإلله حقا و ليست من صنع البشر .

45

احلوادث السياسية و العسكرية و احلروب و املناوشات و كذلك األمر ، أعطت املمالك و الدول القدمية ، صورة أخرى لطبيعة الفكر بنيالرسائل املتبادلة

امللك في حادثة توص ف انتصار ف، السياسي :ورد ما يلي يف قصيدة متجد انتصاره ت، جاء ١سرجون األكادي

لذهب ) باأكد ( يف هذه األيام امتأل مقر " و اكتظت منازهلا املتألقة الضياء بالفضة

النحاس و الرصاص و ألواح الالزوردو احضر إىل خمازا انتفخت جوانب صوامع غالهلا من كثرة ما ا من حبوب و

و وهبت نساؤها املسنات الرأي السديد و وهب رجاهلا املسنون فصاحة القول

و وهب شباا قوة األسلحة قلوبا مرحة و وهب أطفاهلا

و امتأل داخل املدينة و خارجها باملوسيقى . " و مل يشهد أهلها سوى السعادة

ملفهوم العسكري و السياسي يوضح طبيعة الفكر االستراتيجي مشهد تصويري

. و تتضح رف بالدولة املدينة أو املمالك املنسوبة إىل عواصمها ع ما و طبيعة إىل أعضاء و طبقات اتمع صورة النظرةلفكرية يف الاإلستراتيجية ا

، فهي بكل بساطة عملية توزيع اختصاصات الدور امللقى على عاتق كل منها جيري احلديث فيها إذا نظرنا إليها نرى أا ذات طبيعة ترابطية تكاملية و أدوار

و املخزون عن خمزون استراتيجي من االحتياطي النقدي ( الذهب و الفضة ) و املخزن االستراتيجي ملواد ( امتالء صوامع احلبوب ) ي الغذائي االستراتيج

/ . ٦٩تاریخ الشرق األدنى القدیم ص / ١

46

يضاف إليه الفكر السياسي و ( خمازن الرصاص و النحاس ) اخلام الصناعية رجال - ( نساء مسنات القيادة اجلماعية الشبيهة بالربملان و جمالس الشيوخ

. الرأي السديد ) –فصاحة القول –مسنون فكرقابله ي، فيه حاصل وللزمن الذي ه يجي املتقدم قياسا اإلستراتالفكر هذا

و ختضع له كافة رؤية مغايرة تضع العامل الديين فوق أي حساب دل على خر يآ، يتم أخذ العامل الديين بعني االعتبار مل ماأنه واملعايري و االعتبارات األخرى

الكتابات ، حيث جاء يف فإن العواقب سوف تكون وخيمة على أقل تقديرتعرضت مملكته إىل نفسه ، يف أواخر فترة حكم سرجون األكادي نه األثرية أ

من و عزى البعض و احلروب اخلارجية منها الثورات الداخلية متاعب كثرية مردوخ بسبب إساءته ب اإلله ض، إىل أن سرجون األكادي قد أغذلك الكهنة

انتهاك واضح إلرادة اإلله يفإعادة بناء معابدها حسب مزاجه ملدينة بابل و ، أما احلاكم السومري ( جوديا ) الذي مجع ما بني الورع و احلكمة . مردوخ

. ١فقد كان ينسب املشاريع العمرانية اليت يقوم ا إىل آهلة ( جلش )الدين آنذاك كان يشكل حالة مستقلة يف الفكر يتضح من احلادثة السابقة أن

االجتماعية و يعاب مل القضايا و اإلشكاالت و يشكل حالة استاإلنساين فكري أو مادي حادثي .. استيعاب مبعىن تفسري أي استعصاء السياسية و احلربية

اليت ترد فيها األجوبة عن قضايا رمبا ، يف عموم األحوال كحل افتراضي واقعي د كإغالق لقضية ما ، جيب إغالقها أو استغالهلا ضمعينة إىل العامل الديين

و هذا إن دل على شيء و هو أمر مازال حيصل يف أيامنا هذه . معني . خصم . إنه يدل على تطور مفهوم أداء و وظيفة الدور الديين

هذه احلادثة تدعم و تؤيد قضية هيمنة الفكر الديين السلطوي على ما عداه من جتلي يف الواقع ، هي بنظرنا متثل نوع من أنواع و و مفاهيم أخرى . أفكار

المصدر السابق . ١

47

اآلهلة تتدخل يف كل شيء و يف كل شاردة ف.. الفكر الوثين و صورة من صوره .. تغضب لتصرفات البشر اليت ال تعجبها و واردة للحياة اليومية لإلنسان القدمي

و ليست ذات عالقة مبسائل دينية و اليت هي مرتبطة عادة مبصاحل مادية دنيوية أو ما يتعلق بفساد البشر . أخالقية

، كانت أول ما دخل إىل هذه القضية أو املفهوم ( من وجهة النظر التارخيية ) التعريفات اإلهلية االفتراضية لألشياء املادية عقل اإلنسان القدمي الذي وضع

كحل افتراضي حيث مل يسعفه إعمال العقل و أمامه يف الطبيعة احلسية املوجودة و ما وراءها . و بالتايل كانت طبيعة يف إجياد التفسري العقلي لظواهر الالفكر

–.. آهلة الزرع املختصة بالزراعة و احلصاد و الغلة و املواسم اآلهلة افتراضية آهلة الشر ... –آهلة اخلري –و األار البحار آهلة -آهلة احلب –آهلة احلرب

آهلة .. آهلة مفاهيم رة عن يتضح لنا أن هذه كلها عبااخل . و بقليل من التدبر ، فكان لزاما طبعيا و للمفاهيم االفتراضية و املادية املوجودة أمامه يف الطبيعة

و أن تكون هذه اآلهلة موجودة يف حياته اليومية .. معه يف األسواق أمرا بدهيا احلقل و املعبد و غريها ، و تتصرف كأشخاص هلا مصاحل شبيهة مبصاحل البشر

.. شبيهة باملافيا املنظمة ، حيث يتم جباية األموال ، و بالتسمية األدقالدنيوية العينية من البشر بطريقة زمنية دورية ، منظمة و ممنهجة . و احملاصيل و األصول

، العقاب الفوري العاجل الذي و إذا تأخر الدفع أو مل حيصل ، تكون مغبة ذلك . و أحيانا اق عادة ما يأخذ شكل التصفية الدموية و تدمري املمتلكات و األرز

تتسع رقعة الغضب و التدمري لتشمل مدن حباهلا . و ما يدعم هذا التصور لدينا ، أو ظاهرة تقدمي األضاحي البشرية السنوية لآلهلة لكف بالءها و غضبها هو عادة

. ذاك كله يرتبط بشكل أو أو الستجالب محايتها ملنطقة معينة ، من األشرار و احلكام للوضع ت ، و يفسر قضية تقمص امللوك بآخر باألمر السياسي البح

حيث أن ذلك ، اإلهلي و ادعاءهم بأم آهلة أو أنصافها أو أرباعها أو من قبلها وس الناس و قيادهم و ائتمارهم بأمرهم دومنا يسهل عليهم ، ال بل يضمن هلم س

48

حمللية و ، كان يتم زج اآلهلة ا بق ذكره أيضا س. و من منطلق ما مترد أو عصيان فيما بني القرى و املدن و الدول و اإلقليمية و الدولية ، باحلروب و الصراعات

نفسها لتربير احلروب املمالك ، و رمبا مت خلق قصص و أساطري عن صراع اآلهلة و الصراعات البشرية السياسية . و من مثال ذلك ما ورد يف أسطورة ( أينوما

هي على سبيل املثال ال و ،املصرية ) وزيريس أ( إيليش ) العراقية ، و أسطورة قدميا ، كانت حتمل يف املتحاربة. يضاف إىل ذلك أن معظم اجليوش احلصر

مقدمها راية اآلهلة خاصتها أو أصنامها نفسها . كانت األسطورة يف العصور القدمية ، الوعاء الذي حيوي الفكر اإلنساين اإلهلي

ال التفسري املريح املقبول رمبا لـ الليت قدمت السياسي االجتماعي . و هي اإجابة حول املأزق الفكري الديين لإلنسان و التربير للوضع السلطوي السياسي املستند إىل األمر الديين . هي بنظرنا التربير االفتراضي املقبول و الذي القى قبوله

خمتلفة . على مدار قرون عدة رمبا تكون قد امتدت إىل يومنا هذا لكن بصيغصور العالقة ، تتضح لنا بعض العراقية ) ش لعودة إىل أسطور الـ ( إينوما إيليبا

، و من هذه السطورة جاء ما يلي :و صراع البشر بني صراع اآلهلة و أبوهم آبسو سوى اآلهلة من يكن مل مساء هناك يكن مل األعايل يف عندما[ الذين خلامو و خلمو الثالث اآلهلة تفخلق ، مجيعا م محلت اليت تعامة و ممو

ابنه أجنب آنو و ، وريثهما آنو أجنبا الذي كيشار و إنشار باآلهلة جاؤوا يروحون ، تعامة جوف هزوا لقد نعم ، تعامة حبركتهم أيا أزعجوا أو نودميود و ، صخبهم إسكات على آبسو يقدر ملاملقدس مسكنهم يف ذهابا و جيئة رفضها رغم و سلوكهم من أملها رغم أفعاهلم يالح ساكتة كانت تعامة

أحكم.. احلكماء أحكم.. املصائر غرفة ، تلك األقدار غرفة يف ولطريقتهم اليت دومينا و أبا له كان أيا ، ولد قد مردوخ ، املقدس آبسو يف ، اآلهلة أرفعهم فكان ، عليهم قدره من زاد و اآلهلة بني شأنه رفع... أما به محلت

49

..... خيال به حييط ال و األفهام تدركه ال شيء كل يف أسبقهم و مقاما فاضطربت األمواج أحدث الذي نظري مردوخ هليئته ما اآلهلة بني األعلى كان . ]هدى غري على حتوم صارت قلقة تعامة هلا

هنا تتحمس بعض اآلهلة املؤيدة لـ ( تعامة ) و يشجعوها على قتال اإلله نعلن دعونا.... قائلني تعامة أمهم إىل جاؤوا[ من معه من آهلة (مردوخ ) و

... جانبها إىل ساروا و اجلمع احتشد مث) .... الشابة( اآلهلة على احلرب . ] ثوران و هياج يف للحرب يتهيؤون... ار ليل اخلطط حييكون غاضبني

ر هلم من قبل فريق و عندما يشعر الطرف اآلخر من اآلهلة مبا حياك ضدهم و ي د بجاؤوا إىل اإلله ( مردوخ ) و طلبوا منه النجدة فقال ( مردوخ ) اآلهلة ( تعامة )

حقا لكم أنتقم أن يل كان إذا/ مصائرهم سيد و اآلهلة سيد يا[ لكبريهم و / اقتداري فيه يعلن اجتماعا أطلب فإين / حياتكم أحفظ و تعامة فأقهر املصائر تقرير قوة لكلميت اجعلوا / االجتماع اعةق يف جذلني تلتقون عندما ال ماضيا أوامر من به أنطق ما و ، يزول ال قائما أخلق ما ليبق و / عنك بدال . ] حيول

توافق اآلهلة على طلب اإلله ( مردوخ ) و تليب له كل طلباته ، فيقوم مبحاربة على أنصاره و مؤيديه من و توزيع الغنائم اآلهلة ( تعامة ) و االنتصار عليها

اآلهلة لكبار حمطات خلق – مسكنهم أيا و أنليل و آلنو أعطى مث[ اآلهلة . ] النجوم من مثيله لكل أوجد – ا يسترحيون

لكن اآلهلة تلك بعد نشوة االنتصار تطلب خلق كائنات أخرى خلدمتها و فلما[ ذلك ا يفأن يساعدهإراحتها من عناء العمل ، فتطلب من ( مردوخ )

مبا أليا فأسر/ مبدع خللق قلبه حفزه/ اآلهلة حديث مساع من مردوخ انتهى/ عظاما و دماء سأخلق/ العزم عليه عقد ما على أطلعه و/ نفسه يف يعمل/ اإلنسان اللو أخلق سوف نعم/ اإلنسان امسه سيكون و اللو سأشكل منها

50

اللو أخلق سوف نعم/ حةللرا خيلدون و اآلهلة خدمة عليه سنفرض و . ] للراحة فيخلدون اآلهلة خدمة عليه سنفرض و/ اإلنسان

مبوجبه اآلهلة مع بين تتعاملد كل هذا يتم وضع القانون اإلهلي النهائي الذي عب يذكرون و لسام بامسه فيلهج/ أمجعني للبشر رعايته ليبسط و[ البشر يرعون و أودهم فيقيمون/ آلبائه القرابني يقدمون و/ أبدا عليهم نعمته

يف فعل كما و/ رائحتها يتنسمون القرابني حمرقات هلم يصنعون و/ هياكلهم و/ خيشونه كيف البشر فيع لم/ األرض على مشيئته كذلك لتكن السماء مث/ آهلتهم و إهلهم حدود أبدا حيفظون و/ أبدا قلوم يف حاضرا يكون

. ] هلم بيوتا يزينوها و األرض يف فلينتشرواأن اإلنسان يف الفترات و العصور القدمية و يف فترات نشوء احلضارات بنظرنا

حياول إجياد نوع من العالقة بينه و بني اآلهلة . فطاملا كان البشرية األوىل ، كان عاجزا عن إدراك ماهية اآلهلة و أسباب الظواهر الطبيعية املؤذية و املدمرة ، و

تاما آلهلة افتراضية . و طاملا وجد ثغرة ما ، يف إدراك طبيعة خيضع خضوعا كان جد مساحة من احلرية وو - من وجهة نظره االفتراضية أيضا -ما ، هلذه اآلهلة

أو الشعور بالتسامح أو التجاهل أو التغافل من قبلها عنه ، كان حياول إشراكها السبب يف ذلك بنظرنا ، هو أن اإلنسان . ويف طبيعته البشرية و صورته اآلدمية

و بني هكان منذ البدايات األوىل و رمبا بالالشعور ، حياول إجياد تفاهم ائي بين. كان حياول البحث عن نوع من اآلهلة حبيث يسود السالم الدائم و االطمئنان

الربوتوكول ( إن صحت التسمية ) . و إن أمكن .. أن يكون هنالك وثيقة . ة ، فال بأس مكتوب

هذا األمر نالحظ له وجود يف األديان السماوية أيضا ، حيث كانت اليهودية ، إسرائيل بالعرف التورايت ، كلها عبارة عن عهد و ميثاق بني اهللا و بني بين

األساس و البقية التابعة ، تسمى عرفا حىت أن التوراة مبجموع أسفارها اخلمسة

51

يف سفر التكوين كان أول عهد أمثلة ما جاء بالتوراة من و ( العهد القدمي ) . و مما جاء فيه : ١و قد خصص له إصحاح بكاملهرمسي بني اهللا و اليهود

اهللا أنا له قال و إلبرام الرب ظهر سنة تسعني و تسع ابن إبرام كان ملا و ١[ أكثرك و بينك و بيين عهدي فاجعل ٢* كامال كن و أمامي سر القدير فهو أنا أما ٤* قائال معه اهللا تكلم و وجهه على إبرام فسقط ٣* جدا كثريا إبرام بعد امسك يدعى فال ٥* األمم من جلمهور أبا تكون و معك عهدي ذا كثريا أمثرك و ٦* األمم من جلمهور أبا أجعلك ألين إبراهيم امسك يكون بل و بينك و ينبي عهدي أقيم و ٧* خيرجون منك ملوك و أمما أجعلك و جدا من لنسلك و لك إهلا ألكون أبديا عهدا أجياهلم يف بعدك من نسلك بني

كنعان ارض كل غربتك ارض بعدك من لنسلك و لك أعطي و ٨* بعدك عهدي فتحفظ أنت أما و إلبراهيم اهللا قال و ٩* إهلهم أكون و أبديا ملكا بيين فظونهحت الذي عهدي هو هذا ١٠* أجياهلم يف بعدك من نسلك و أنت حلم يف فتختنون ١١* ذكر كل منكم خينت بعدك من نسلك بني و بينكم و

كل منكم خينت أيام مثانية ابن ١٢* بينكم و بيين عهد عالمة فيكون غرلتكم من ليس غريب ابن كل من بفضة املبتاع و البيت وليد أجيالكم يف ذكر يف عهدي فيكون بفضتك املبتاع و بيتك وليد ختانا خينت ١٣* نسلك غرلته حلم يف خينت ال الذي غلفاأل الذكر أما و ١٤* أبديا عهدا حلمكم إلبراهيم اهللا قال و ١٥* عهدي نكث قد انه شعبها من النفس تلك فتقطع و أباركها و ١٦* سارة امسها بل ساراي امسها تدعو ال امرأتك ساراي ١٧* يكونون منها شعوب كملو و أمما فتكون أباركها ابنا منها أيضا أعطيك و سنة مئة البن يولد هل قلبه يف قال و ضحك و وجهه على إبراهيم فسقط إمساعيل ليت هللا إبراهيم قال و ١٨* سنة تسعني بنت هي و سارة تلد هل

/ من سفر التكوین في التوراة . ١٧ھو اإلصحاح رقم / ١

52

امسه تدعو و ابنا لك تلد امرأتك سارة بل اهللا فقال ١٩* أمامك يعيش امساعيل اما و ٢٠* بعده من هلنسل أبديا عهدا معه عهدي أقيم و اسحق رئيسا عشر اثين جدا كثريا اكثره و امثره و اباركه انا ها فيه لك مسعت فقد لك تلده الذي اسحق مع اقيمه عهدي لكن و ٢١* كبرية امة اجعله و يلد اهللا صعد معه الكالم من فرغ فلما ٢٢* االتية السنة يف الوقت هذا يف سارة مجيع و بيته ولدان مجيع و ابنه امساعيل ابراهيم فاخذ ٢٣* ابراهيم عن

ذلك يف غرلتهم حلم خنت و ابراهيم بيت اهل من ذكر كل بفضته املبتاعني حني سنة تسعني و تسع ابن ابراهيم كان و ٢٤* اهللا كلمه كما عينه اليوم خنت حني سنة عشرة ثالث ابن ابنه امساعيل كان و ٢٥* غرلته حلم يف خنت و ٢٧* ابنه امساعيل و ابراهيم خنت عينه اليوم ذلك يف ٢٦* رلتهغ حلم يف ] . معه ختنوا الغريب ابن من بالفضة املبتاعني و البيت ولدان بيته رجال كل

حيث جاء يف سفر النيب نوح قد أقام عهده مع يف العهد القدمي و الرب أيضا التكوين نفسه :

حياة روح فيه جسد كل ألهلك األرض على املاء بطوفان آت أنا فها ١٧[ معك عهدي أقيم لكن و ١٨* ميوت األرض يف ما كل السماء حتت من

معك ] . بنيك نساء و امرأتك و بنوك و أنت الفلك فتدخل مبفهوم العهد اإلهلي ، و دائما ما مضامني العهد القدمي زاخرة بشكل كبري إن

ة و ال يكاد سفر من أسفار التوراة كثرية متعدديشار إليها يف وقائع و أحداث .. فالرب يتحدث عنه و حيذر من من اإلشارة هلذا العهد و التحذير منه خيلو

يشريون إليه عند كل مناسبة و حيذرون رعيتهم من مغبة نقضه و كذلك األنبياء جتاوزه أو نقضه . وص و قد وردت نص أيضا إىل املسيحية تهذا العهد قد امتديالحظ أن فكرة

أتباع الكنيسة بالعهد عدة تتحدث عن تذكري

53

الذي القسم ٧٣* املقدس عهده يذكر و آبائنا مع رمحة ليصنع ٧٢[ ) . األول اإلصحاح – لوقا إجنيل( . ] أبينا إلبراهيم حلف

بيت مع أكمل حني الرب يقول تأيت أيام ذا هو الئما هلم يقول ألنه ٨[ مع عملته الذي كالعهد ال ٩* جديدا عهدا يهوذا بيت مع و إسرائيل عهدي يف يثبتوا مل ألم مصر ارض من ألخرجهم بيدهم أمسكت يوم آبائهم بيت مع أعهده الذي العهد هو هذا الن ١٠* الرب يقول أمهلتهم أنا و

على اكتبها و أذهام يف نواميسي اجعل الرب يقول األيام تلك بعد إسرائيل ) العربانيني إىل بولس رسالة( . ] شعبا يل يكونون هم و إهلا هلم أكون أنا و قلوم

و إلبراهيم قائال آباءنا اهللا به عاهد الذي العهد و األنبياء أبناء انتم ٢٥[ يسوع فتاه اهللا أقام إذ أوال إليكم ٢٦* األرض قبائل مجيع تتبارك بنسلك . / ) ٣/ اإلصحاح – الرسل أعمال( ] شروره عن منكم واحد كل برد يبارككم أرسله

شكر و ٢٤* خبزا اخذ فيها اسلم اليت الليلة يف يسوع الرب إن ٢٣[ هذا اصنعوا ألجلكم املكسور جسدي هو هذا كلوا خذوا قال و فكسر العهد هي الكأس هذه قائال تعشوا بعدما أيضا الكأس كذلك ٢٥* لذكري . ) ١١ اإلصحاح – األوىل بولس رسالة( ] لذكري شربتم كلما هذا اصنعوا بدمي اجلديد

، كانت كذا األمر بالنسبة األربعة و توابعها من رسائل علما أن األناجيل

طبعا فإن اليهودية قد من املعلوم و . للتوراة ، تسمى عرفا ( العهد اجلديد ) و بقيت حمافظة و مل تنضو حتت لوائه بل مل تعترف بهالعهد اجلديد ) رفضت (

. مع الرب اخلاص ا ، ى عهدها علمل ذا اخلصوص ، علما أن القرآن يفيدما جاءالديانة اإلسالمية أيضا يف

يتخذ لقب أو وصف ( العهد ) ، بل وصف نفسه بوجوه عدة نفسه أو يسمي

54

. و من مجلة ما جاء يف القرآن الذكر ) –القرآن –الفرقان –منها ( الكتاب .. ي وص ل أ ن ب ه الل ه أ م ر م ا و ي ق ط ع ون م يث اق ه ب ع د م ن الل ه ع ه د ن ق ض ون ي ال ذ ين (

و ي ف س د ون ف ي ال أ ر ض أ ول ئ ك ه م ال خ اس ر ون ( )٢٧:البقرة( )٢٠:الرعد( ) ال م يث اق ي ن ق ض ون و ال الل ه ب ع ه د ي وف ون ال ذ ين ( ج ع ل ت م و ق د ت و ك يد ه ا ب ع د ال أ ي م ان ت ن ق ض وا و ال ع اه د ت م إ ذ ا الل ه ب ع ه د أ و ف وا و (

. )٩١:النحل( ) ت ف ع ل ون م ا ي ع ل م الل ه إ ن ك ف يال ع ل ي ك م الل ه

. )٧٨:مرمي( ) ع ه دا الر ح م ن ع ن د ات خ ذ أ م ال غ ي ب أ ط ل ع ( مل يتم االعتراف و القبول بالدين اإلسالمي اجلديد من ق بل سالفيه و كذا األمر

يقع ضمن إطار احللف الثالثي و هذا الرفض عموما اليهودي و املسيحي . . و القضية بكل بساطة هي املذكور سابقا سياسة ) –دين –( سلطة الفكري

أن الطبيعة اإلنسانية قد طبعت هذه العهود تتأتى من هذا املنطلق حيث بنظرنا بائعها يف اية األمر ، و لذلك كانت جتد يف كل دين جديد ، خطرا دامها بط

ه طبقا تو طوعبعد أن تكون قد قولبت األمر الديين اخلاص ا ، لصاحلها عليها . و كي يتم فهم هذه لضرورات و شروط احللف الثالثي الفكري خاصتها

بني مفهوم العهد اإلهلي الوثين ( إن جازت بشكل جيد ، جيب التفريق القضية السماوي . فاألول صناعة بشرية بامتياز ، التسمية ) و مفهوم العهد اإلهلي و بشروطهم و متطلبام ، حىت اخلصوصية جاءت مببادرة من البشر أنفسهم

و قسم منها أو أالذين ادعوا اإللوهية منها و مبا يضمن مصاحل احلكام البشر أو كلها اليت متثل ، فالفرعون أو احلاكم اإلله ، كان يسن بعض قوانينه هلم تبن يها

نه إله و أن أ، كان يفعل ذلك على اعتبار طبيعة عالقته مع الشعب و اجلمهور و اآلهلة ، و مل يكن هنالك هي قوانني معقودة فيما بني الشعب هذه القوانني

و اجلمهور . و كان الشعب يتقبل ذلك وق للشعب (على األغلب ) أية حقبينما العهد اإلهلي السماوي . اجلربي مبنطق القبول العقلي ال اإلكراهي

55

التوحيدي ، جاء مببادرة من اهللا و مبشيئته هو و ضمن شروطه هو اليت ختالف يف و السيما احلكام و املتسلطني و البشر و رغبام قسم كبري منها ، أهواء

، و بالوقت نفسه أعطت الفريق الثاين حقوقه و عربت عن التزام نفذين منهم املتجاء يف التوراة . لذلكا و وعده بضماا و القيام ا . و جند أمثلة كثرية اهللا

: هناك فبىن.. األرض هذه أعطي لنسلك قال و إلبرام الرب ظهر و ٧[

و جاء أيضا . ) ١٢ إلصحاحا – التكوين سفر ( ] له ظهر الذي للرب مذحبا ١٤* الفهم ينال الذي للرجل و احلكمة جيد الذي لإلنسان طوىب ١٣[ األمثال سفر( ] اخلالص الذهب من خري رحبها و الفضة جتارة من خري جتارا الن

. ) ٣ اإلصحاح – و منه : جاء ما يدعم هذه الفكرة و يف اإلجنيل

نقله هناك من و حاران يف سكن و نينيالكلدا ارض من حينئذ فخرج ٤[ يعطه مل و ٥* فيها ساكنون اآلن انتم اليت األرض هذه إىل أبوه مات بعدما و بعده من لنسله و له ملكا يعطيها أن وعد لكن و قدم وطأة ال و مرياثا فيها . ) ٧ اإلصحاح – الرسل أعمال( ] ولد بعد له يكن مل

أعمال( ] يسوع خملصا إلسرائيل اهللا امأق الوعد حسب هذا نسل من ٢٣[

.) ١٣ اإلصحاح – الرسل

– تيماوس أهل إىل بولس رسالة( ] عظيمة جتارة فهي القناعة مع التقوى أما و ٦[

. ) ٦ اإلصحاحقطعه اهللا على نفسه جتاه البشر أيضا ما يوضح الوعد الذي جاء ، و يف القرآن

عقود بينه و بني الذين بايعوا الرسول حممد (ص) املاإلهلي العهد مبوجب املؤمنني . و من أمثلة ذلك :

56

ال أ ن ه ار ت ح ت ه ا م ن ت ج ر ي ج ن ات س ن د خ ل ه م الص ال ح ات و ع م ل وا آم ن وا و ال ذ ين ( . )١٢٢:النساء( ) ق يال الل ه م ن أ ص د ق و م ن ح ق ا الل ه و ع د أ ب دا ف يه ا خ ال د ين

.)٩:املائدة( ) ع ظ يم و أ ج ر م غ ف ر ة ل ه م الص ال ح ات و ع م ل وا آم ن وا ال ذ ين الل ه و ع د (

ف يه ا خ ال د ين ال أ ن ه ار ت ح ت ه ا م ن ت ج ر ي ج ن ات و ال م ؤ م ن ات ال م ؤ م ن ني الل ه و ع د ( ال ف و ز ه و ك ـ ذ ل أ ك ب ر الل ه م ن و ر ض و ان ع د ن ج ن ات ف ي ب ة ط ي و م س اك ن

. )٧٢:التوبة( ) ال ع ظ يم ال أ ر ض ف ي ل ي س ت خ ل ف ن ه م الص ال ح ات و ع م ل وا م ن ك م آم ن وا ال ذ ين الل ه و ع د ( ل ه م ار ت ض ى ال ذ ي د ين ه م ل ه م و ل ي م ك ن ن ق ب ل ه م م ن ال ذ ين اس ت خ ل ف ك م ا

ب ع د ك ف ر و م ن ش ي ئا ب ي ي ش ر ك ون ال ي ع ب د ون ن ي أ م نا خ و ف ه م ب ع د م ن و ل ي ب د ل ن ه م . )٥٥:النور( ) ال ف اس ق ون ه م ف أ ول ئ ك ذ ل ك

س ر ا ر ز ق ن اه م م م ا و أ ن ف ق وا الص الة و أ ق ام وا الل ه ك ت اب ي ت ل ون ال ذ ين إ ن ( . )٢٩:فاطر( ) ت ب ور ل ن ت ج ار ة ي ر ج ون و ع الن ي ة

* أ ل يم ع ذ اب م ن ت ن ج يك م ت ج ار ة ع ل ى أ د ل ك م ه ل آم ن وا ال ذ ين أ ي ه ا ي ا( و أ ن ف س ك م ب أ م و ال ك م الل ه س ب يل ف ي و ت ج اه د ون و ر س ول ه لل ه ب ا ت ؤ م ن ون ذ ل ك م

. ) ١١-١٠( الصف ) ت ع ل م ون ك ن ت م إ ن ل ك م خ ي ر على العالقة الدينية بني اإلنسان و أيضا وصف ( التجارة ) قد أ طل ق يالحظ أن

الثالث ، و اعتبار هذه التجارة هي التجارة احلقيقية يف األديان السماوية اخلالق الصفقة هيالعالقة معه من قبل البشر د.. و إن اهللا يعصفقة تعبري عن . أي هي

إشارة و هذه، الذي مساها صفقة و ليس البشر احلقيقية الراحبة بالنسبة هلم و هو ي الفكري احللف الثالثمع قضية أو مفهوم أن نربطها جدا نستطيع هامة

نوع من الصفقة املذكور ، كون هذا احللف أو الثالوث الفكري ، هو يف أساسه احللف التجاري ، أصح و أدق بشكل أو الغري مباشرة أو التجارة اخلفية

هذا احللف بالرغم من كون أثافيه األساس هي السلطة ألن .االقتصادي اخلفي

57

بعضها ربط هذه األثايف الثالث ت ةخفي له أثفية رابعة، فإن السياسة –الدين – ةاملالي ةاالقتصادي ي األثفيةثبت دميومتها ، هتنع من تشتتها و متو ببعض توفريية وظيفية أفضل أداة ، احللف الثالثي الفكري . لقد كان ةاإلنتاجي

للقائمني عليه و للدول و املمالك و اجلماعات اليت تعتمده . إن مشاريع البىن ة و األعمال البنيوية الكبرية اليت حتتاج إىل حشد طاقات هائلة التحتية الضخم

األيدي العاملة و فترات زمنية طويلة و رأمسال جبارة و أعداد غفرية مجة من من الصعوبة مبكان القيام ا بالنسبة إىل ، ضخم و نفقات هائلة طائلة ، هي

الدول القوية الغنية .. حىت القدرات و اإلمكانيات املتوسطة أوالدول الضعيفة و هذا األمر ما زال ينسحب إىل اآلن يف حتسب هلذه املشاريع ألف حساب

عصرنا احلايل . بنيوية ، حتتاج إىل موارد بشرية هائلة و موارد إن هكذا مشاريع و منجزات

، ليس من اليسري اهلي ن توفر مالية هائلة و موارد إنتاجية ( مواد خام ) هائلة . لكن ها إال بتوفر املوارد املذكورة اليت تتطلب تكاليف باهظة لشروطها و سب

شيء واحد منذ تاريخ البشرية و نشوء احلضارات اإلنسانية إىل اآلن ، و ج د . شيء واحد ميكنه . شبه معدومة و أحيانا قادر على فعل ذلك بتكاليف يسرية

ين رد و . أما امل د خام ال املوارد اإلنتاجية فقط من مواإالقيام بذلك و ال يتطلب .. احللف الثالثي اآلخرين فال يلقى هلما بال . هذا الشيء هو بكل بساطة

و األموال و التكاليف الالزمة الفكري الذي حيشد كل الطاقات و اهودات إلنشاء مشروع عمراين أو بنيوي ضخم و بقناعة كاملة من الداخلني يف هذا

حيانا . و ما األهرامات املصرية الضخمة اليت و رمبا رضا و حتم س أاملشروع كلفت ماليني األطنان من املواد و مئات اآلالف من الضحايا و عشرات السنني

كلف احلكام املصريني الذين أ نشأت من أجلهم ، شيئا .. تو مل من الزمن و ليست إال منتج من نتاج هذا احللف الثالثي و مناقصة من مناقصاته اانية .

امليزة السحرية اليت يتفرد ا هذا احللف عن أي فكر أو حلف فكري آخر ، هو

58

على حتويل أضخم املناقصات و أعتاها تكلفة ، إىل جمرد سلعة صغرية . و قدرته بالصيغة ذاا . أن يقاس على ذلك العديد من املشاريع املشاة اليت متت ميكن

حري الذي يستطيع تسخري مجيع هو املصباح السإن احللف الثالثي الفكري يريده القائمون على هذا احللف . و من هنا و مراكزها ألجل أي أمر القوى و

و فانوس سحري ال كرت ذهيب من هذا املنطلق ، أضحى احللف الثالثي الفكري فكرة املصباح ندما نسقط ع. و ه من قبل مالكيه و مالئيه ن االستغناء عنميك

مفهوم احللف الثالثي الفكري ، فإننا قد ال نكون علىاألسطورية السحري قصةو األساطري الشعبية اليت تناولت . ألنه و حسب الروايات جانبنا الصواب

املارد .. تبعية حلامله ، أبرزت فيه خاصية التبعية و اخلضوع املصباح السحري فيه و خضوعه للشخص الذي يستويل على املصباح بغض النظر عن املوجود

يف احلصول عليه على استماتة طاليب املصباح السحري ته و هويته ، و ترك ز صفو التشبث فيه . و بصورة مشاة لتلك الرواية، و استماتة حامليه يف الدفاع عنه

و أي حلف ثالثي ، ال يقبلون بظهور حلف آخر مألأصحاب و جند أن زواهلم و ساطة ه و قوته يعين بكل بدووجوده بني ظهرانيهم ألن اشتداد ع

. من هنا أيضا و من هذا استيالء املالكون اجلدد على كرسي املنفعة و القوةورد ذكره الذي ) املنطلق ، ميكننا اآلن تفسري مفهوم و مصطلح ( التجارة

. و هو ما مثل دعوة اهللا إىل اعتبار الدين احلق هو بكتب األديان السماويةالذي ختتلف متاما عن احللف الثالثي الفكري التجارة احلقيقية النافعة ، و هي

و الذي هو بدوره قام على املنفعة و احلروب ل من رحم األديان السماوية تشك و اازر ، خدمة ملصاحل دنيوية ال عالقة هلا بالدين ال من قريب و ال من بعيد .

القدمي يربز التفكري اإلنساين يف الشرق األدىنباالنتقال إىل حمور آخر من حماور

فكر التعامل السياسي مع اآلخر الذي قد يكون هو العدو اخلطر أو اخلصم لنا اإلنسان فكر التعامل مع أو ترك مسافة أمان معه الذي يتوجب احلذر منه و

59

.. رمبا و هو املواطن ابن البلد يتم االختالط به يف احلياة اليومية العادي الذي الشخص الذي يعيش يف نفس دي أو الزوج أو اجلنأو يكون اجلار أو التاجر

يف مستوى مرة أخرى ليتبد ى لنا الرقي الفكري .. يعودو هنا . احليز املكاين بل من خالق أو عمل اخلري أو ما شابه ، ليس من باب األالتعامل مع اآلخر ،

باب وعي التصرفات اإلنسانية على اختالف أنواعها و القدرة على صياغتها قياسا للفترة بريية اصطالحية أحيانا ، على مستو راق إىل حد كبري بسوية تع

أعلى ظهرت فيها هذه السوية الفكرية و اليت قد تتمحور حول الزمنية اليت . و أدناها خسة و سوءا ية األخالقالتصرفات

عندما انقض العموريون على مدينة ( أور ) الكلدانية و أسروا ملكها و بوها و ثون فيها مدينتهم حيث شر تدمري ، بدأ شعراؤها بإنشاد القصائد اليت ير دمروها

: ١جاء يف إحداها لقد انتهك العدو حرميت بيديه النجستني "

ضي علي من الفزع انتهكت يداه حرميت و ق آه ما أتعس حظي

إن هذا العدو مل يظهر يل شيئا من االحترام و بل جردين من ثيايب و ألبسها زوجه ه . " و انتزع مين حليي و زين ا أخته

اخلارجي أو اآلخر صورة توصيف العدو تعطي صورة البيت األول من القصيدة

العدو هو الذي ميثل وجوده انتهاك . فخميال اإلنسان العراقي القدمي الدخيل يف صورة بذات الوقت كيانه املادي نوع من النجاسة . و تتجلى للحرمات و يعد

تركز عمله يف الذي لدى الوقوع حتت رمحة هذا العدو و القدر السيئ الكآبة

/ . ٢/ الجزء/ ١/ المجلد ، الحضارة قصة ١

60

أي، احللول مكان اآلخر .. أي باختصار تالل و السرقة ، االغتصاب و االح . األصيل البديل الذي جيل مكان

.. يقول أحد امللوك خماطبا اإلله مردوخ يف تذلل و خضوع إذا مل تكن أنت يا ريب "

لك الذي حتبه و تنادي بامسه ؟؟فماذا يكون للم و ستبارك لقبه حسب مشيئتك

و ديه صراطا مستقيما أنا األمري الطائع لك

باق كما صنعتين يداك إنك أنت خالقي متين يف شؤون العباد و أنت الذي حك

و مبقتضى رمحتك يا موالي بد ل قوتك الرهيبة حبا و رمحة وبيتكو ابعث يف قليب االحترام لرب

. ١ " ما ترى فيه اخلري يل ينو هب حلظة يربز نظرة اإلنسان حنو اإلله يف حنو فكر إنساين السابقة النثرية تجه ت

هي . الوقوع يف براثن العجز أو املرض عند يف و التجاؤه إليه الضعف و اهلوانلكنها تسترعي للفرد العادي البسيط مفهومة بالنسبة بدهية قضية قد تكون

، عي قمة اهلرم الديين بالغالب يد لقمة اهلرم السياسي و الذي هو نتباه بالنسبة االالقضية هو بروز يف حيثيات فاملفارقة فهنا تستوجب القضية الوقوف و التأمل .

املخالف ملبدأ التوحيد ، ال بل ملصدره خالص حمض مناقض فكر توحيدي

/ . ٢٤٤/ ص السابق المصدر ١

61

مل يدع آهلة على اختالف عي اإللوهية ، و يف أحسن أحواله هو مشرك كبري مد تلكم فقراءة أنواعها و اختصاصها و وظائفها إال و عبدها أو توجه إليها .

الترانيم و األدعية تدلل على وجود إميان خفي بإله واحد مسي ر هلذا الكون و ، و لكن املصاحل الدنيوية و األهواء و خالق لعباده ناظم له و مدبر لشؤونه

أيضا تلكم فعل فعله و ترك أثره . قد يا و عرضها ، الشخصية و متاع الدنالترانيم و األدعية تدلل على .. و توحي بوجود ديانة توحيدية ما ( و هو

بإله واحد ، و لكن لألسباب اآلنفة الذكر ذاا املرجح ) و وجود اعتقاد سائد و أديانة و لسطوة السياسة و قوة أثر املفهوم السلطوي قد أديا إىل تغييب هذه ال

طمسها أو حتريفها و حتويرها مبا يتالءم و متطلبات احلياة الدنيوية و هيمنة و أخريا ، رمبا هي عبارة عن صحوة ضمري ال أكثر احللف الثالثي الفكري إياه .

هو احلال كان وازع أخالقي كامن و منطقي ظاهر ، كما و ال أقل ، نتيجة نه يفعل إيوسف قال له ، تأويل رؤياه عند سأله فرعون النيب يوسف الذي لدى

..ذلك بأمر من اهللا حلم ... فرعون بسالمة جييب اهللا، يل ليس قائال فرعون يوسف فأجاب[

و . ) ٤١اإلصحاح –( سفر التكوين ] صانع هو مبا فرعون اهللا خربأ قد واحد فرعون ..له فرعون حسب التوراة عندما فسر له الرؤيا قال

مث ٣٩* اهللا روح فيه رجال هذا مثل جند هل لعبيده فرعون فقال ٣٨ [* مثلك حكيم و بصري ليس هذا كل اهللا أعلمك بعدما ليوسف فرعون قال الكرسي أن إال شعيب مجيع يقبل فمك على و بييت على تكون أنت ٤٠ كل على جعلتك قد انظر ليوسف فرعون قال مث ٤١* منك أعظم فيه أكون . ) ٤١اإلصحاح –التكوين ( سفر مصر ] ارض

لضربة قاصمة و خطر داهم حمدق ال و قد تكون صحوة الضمري تلك نتيجة كما هو احلال لدى فرعون النيب موسى جمال لتالفيه أو النجاة و اإلفالت منه

62

و آمن و إلوهيته ، ختلى عن صالحياته و مناصبه الدينية ركه الغرقعندما أد ف ر ع و ن ف أ ت ب ع ه م ال ب ح ر إ س رائيل ب ب ن ي ( و ج او ز ن اآن حيث جاء بالقر، بإله واحد

ال ذ ي إ ل ا إ ل ه ال أ ن ه آم ن ت ق ال ال غ ر ق أ د ر ك ه إ ذ ا ح ت ى و ع د وا ب غ يا و ج ن ود ه . )٩٠:يونس( ) ال م س ل م ني م ن و أ ن ا إ س رائيل ب ن و ب ه آم ن ت

حد األشخاص و هو ال يعرف بالضبط ، أإهله ذكر أم ، أو يف دعاء آخر يتضرع ..أنثى ، فيقول

خادمك أضرع إليك و قليب مفعم باحلسرات أنا" إنك لتقبل الدعاء احلار الصادر ممن أثقلته الذنوب

مىت يا إهلي ، يا من أعرفه و ال أعرفه ، يهدأ غضب قلبك ؟؟ رفها و ال أعرفها يهدأ قلبك الغضوب ؟؟ مىت يا آهليت يا من أع

إم ال يعرفون شيئا ، أخريا يفعلون أم شرا . ١ " أي إهلي ال تنبذ خادمك

يتخذ دعاء الترنيمة هذا ، منوذجا فكريا مشاا لنموذج الترنيمة الدعائي السابق

هول و ، هو فكرة اإلله اخلفي اله . لكن ما يضاف إىل فكر التشابه تلك ، إال أنه يقع ضياع و تيه فكري الذي تدور الشبهات الفكرية حوله كإله واحد

تار كر هو أم أنثى ؟؟ و خيذألغط يتعلق جبنسية هذا اإلله ، حول ذلك ، فيحصل ، الدعاء االحتمالني معا لصعوبة و شبه االستحالة يف الركون إىل أحدمهاصاحب

لآلهلة ، و هي العتقاد باألقنوم األنثوي ذلك ما يدل أيضا على نفوذ و قوة اعلى نفوذ و قوة االعتقاد الوثين و تعطي بدورها أيضا دليال و مؤشرا قضية

. فالدعاء و التضرع إلله جمهول ، هو بشكل ما ، اختالف اآلهلة و تعددها صورة من صور التوحيد .

/ . ٢٢٥/ ص السابق المصدر ١

63

اإلميان باإلله الكلي تفكري آخر يشري إىل قضية، يترافق مع التفكريين السابقني االبتهاالت و األسئلة، أو مبعيار آخر ، اإلله صاحب القدرة الذي توجه القدرة

رية ( مبعىن القضاء د ، و يشري إىل نوع من فكرة الق إليه عن األسباب و املسبباتلذلك كون املآل الفكري في فكرة اإلله صاحب اإلرادة أيضا . بصيغةو القدر ) صاحب القدرة و باإلله كلي القدرة و اإلرادة ، أو بتعبري آخر هو االعتقاد

قضية ما أو خطاب معني يصدر عن رأس عندما تربز اإلرادة . كذلك األمر يكون تعبريا أو تساؤال عن مفهوم القضاء و القدر كأن يتساءل اهلرم السياسي

ب رأيه كان و حسأحد امللوك عن سبب العقاب الذي أنزله به اإلله ، مع أنه ..اإلهلي فاعل خري ، فذلك ما يعطي انطباعا بوجود نوع من فكرة التوحيد

امللك القادر ملك آشور ، يف أواخر أيامه يندب حظه آشور بانيبال هوذا امللك يقول ذلك امللك الطاغية املتجرب " لقد فعلت اخلري هللا و الناس ، للموتى و ف.

عن إمخاد الفنت ض و حل يب الشقاء ؟؟ إنين عاجز م إذن أصابين املر األحياء ، فل ن حسم الرتاع القائم يف أسريت . و إن الفضائح املزعجة اليت يف بلدي و ع

لتضايقين على الدوام . و أمراض العقل و اجلسم تطأطئ من إشرايف . و هاأنذا ملنية أقضي آخر أيامي أصرخ من شدة الويل بائسا يف يوم إله املدينة يوم العيد . ا

تنشب أظفارها يب و تنحدر يب حنو آخريت . أندب حظي ليال و ارا و أنوح و أعول و أتوجع .. أي إهلي .. هب الرمحة إلنسان و إن كان عاقا حىت يرى

. ١نورك " يروي أن الفرعون ، ملوفد أحد الفراعنة املصريني و امسه ( ون آمون ) يف حادثة

و بقي يف امليناء ألجل ( الزورق املقدس ) . أرسله إىل سورية جللب خشب العشرون يوما . و قد علم احلاكم السوري بوجوده بطريقة ما ، السوري حوايل

يرحل دوء . و لكن الرجل بقي و فكان يرسل له كل يوم من يقول له أن

/ . ٢٩٧/ ص السابق المصدر ١

64

، ألي جهد و و بعد .. رفض جمرد استقباله أصر على مقابلة احلاكم الذي و و يقابله و قد أدار له ظهره و رفع رجليه على طاولة باستقباله رضى احلاكمي

: مذكرا يقول له ه اخلشب ، لكنهعبالنهاية ببي لبخياطبه ذه الطريقة و يق . ١لست خبادمك و ال خبادم الذي أرسلك

و بالذات اآلخر جتسد هذه احلادثة فكر النظر إىل اآلخر و كيفية التعامل معه بدرجة أدق ، مفهوم التبعية السياسية و وعيها ضمن إطار سد و جتالسياسي

و مفهوم استخبارايت متقدم ( إرسال شخص كل يوم إىل امليناء إلنذاره فكري و هو ما يربر بوجه آخر ، مفهوم باملغادرة بشكل غري رمسي و غري مباشر )

و احلكام و القادة . السيادة الوطنية أيضا بوعي فكري كامل على مستوى عندما يتم وعي مفهوم السيادة الوطنية ضمن إطار سياسي أمين استخبارايت ،

ملؤكد أن له ارتباطاته االجتماعية و ا، من ما يدلل على فكر سياسي متقدم فهذا أو شراء أخشاب ، . و بوجود بند يف منت احلادثة حول استحضار االقتصادية

وجود حالة من ا يشري أيضا إىل أو ضمن ما ي عر ف بعملية االسترياد ، فذاك مقبل السوري قد تريث طويال الوعي األمين االقتصادي ، حيث أن احلاكم

املوافقة على عقد صفقة اخلشب تلك مع املوفد الفرعوين . من الالزم ألوجه الرقي الفكري مبختلف جوانبه الدينية و السياسية و االجتماعية

ارتباط الزم األخالقي الديين مبا معناه ، أن يكون هنالك وجود لنوع من التاجلانب الديين باجلانب األخالقي االجتماعي املشتمل على اجلانب العريف . و هو

و متطور قياسا للزمن احلادث فيه ، كونه كان قادرا ما ميثل أسلوب عريف راق على الربط بني الدين و حتديدا اآلهلة ، و بني األخالق و بني األعراف

السامية ، و كونه أضحى قامسا مشتركا فيما بينهما ، فنحن اليوم يف جتماعية االو املعارف و اإلدعاءات األخالقية و السمو عصرنا هذا .. عصر املعلومات

/ . ١٤٥، ص / ١تاریخ سوریة و لبنان و فلسطین ، ج ١

65

و اهليئات الدينية املنظماتالفكري و التطور احلضاري املعريف و التكنولوجي و اهللا و من فرد ، يتوجه فيه إىل و اإلنسانية .. نادرا ما جند أو نسمع خطابا

هذا ع ض خياطبه بأنه قد عمل صاحلا و مل يقترف ذنبا أو يرتشي أو يظلم ، و ي وعلى شاهدة قربه . الكالم الذي ميثل حبد ذاته فكرا ال عبارات منمقة ، ي وض ع

أال من ميشي " ١في كتابة وجدت يف إحدى املقابر املصرية القدمية جاء ما يليفلى جك ال يتعثر ، فمنذ وجودي على هذه األرض إىل اليوم الذي وصلت ع

فيه إىل عامل الرشد و حديثي خلو من الضالل . إن سبيل من خيلص نفسه هللا فيه قد بلغت مدينة اخللد ، فقد صالح و طوىب ملن يهديه قلبه إليه ، و إذا كنت هنا و أن قليب قد هوى إىل سبيل كان السبيل إىل ذلك إنين عملت صاحلا يف الدنيا

كما أنين اهللا منذ طفوليت حىت اليوم و كان توفيق اهللا يالزم نفسي طوال الليل ت أعمل طبق أمره من مطلع الفجر ، و لقد مارست العدل و كرهت الظلم نك

. " و مل أعاشر من ضلوا سبيل اهللا إنين ال " ٢اده كما إن أحد األعيان املصريني القدماء قد نقش على قربه ما مف

أقول كذبا ألنين حمبوبا و مل أرتشي يوما أو أسرق أو أزين و كنت ودودا " . للجميع و حمبا للناس

و اآلداب إن فكرة خماطبة اإلله بعبارات تنم عن االلتزام باألخالق العامةاالجتماعية و فعل اخلري و ترك الشر ، بطريقة و أسلوب خارج نطاق اخلطاب

و الشعائر الدينية ، هي داللة على الفكر اإلنساين العام أكثر و األدبيات الديين الفقهيات و الشعائر الدينية ألي دين عموما ، من الديين نفسه ، فمن املعروف أن

إنسانيا و لن ختلو من األخالقيات و النهي عن السلبيات و األفعال املنكرة عاد عن الشر و احلض على العدل و النهي اجتماعيا و عرفيا ، كفعل اخلري و االبت

و ، و فعل املكرمات و النهي عن املشينات كالسرقة و القتل و الزنا عن الظلم

/ . ١٥كھان مصر القدیمة ، ص / ١ / . ١٣٠فجر الضمیر ، ص / ٢

66

إنسانيا . لكن ذلك املضمون ال يعدو كونه أكثر ةغريها من حمرمات مستهجن ظاهريا و بالذات فكر ديين حمض خيتص بطائفة معينة تلتزم به رمبا على األقل من قدميا ، أن أي مذهب أو فكر ديين ، كان خيتص به كهنته و النخب عرفنا إذا

أو االجتماعية . و عادة مل يكن ي قبل املميزة يف اتمع ، السياسية منها و الدينية معينة ا ، كائنا من كان .. كان هنالك شروطديانة ما ، من الديانات القدمية يف

صارمة خيضع هلا و يتجاوزها ص و فحو ، جيب توفرها يف شخص الطالبكي يتم قبوله . كما أن هذه الطقوس و الشعائر و التعاليم مل تكن عادة بنجاح اجلمهور ، و بعضها اآلخر كان يكتنفه الغموض و السرية فضال عن أن مبتناول

و التطبيقية . بعضها اآلخر كان يندرج ضمن نطاق العلوم الفلكية كار و اآلراء اليت تناجي اآلهلة و تبتهل هلا و تقدم هذه األف لكن عندما ت وضع

اعتمادها هلا بفعل اخلري و االبتعاد عن الشر كي تتقبلها اآلهلة .. عندما أوراق على شواهد القبور و تتناقلها األلسن يف الساحات العامة و املنابر ، فإن ت وضع

يوم ة يقضذلك يدل على فكر اجتماعي شعبوي مرتبط بوعي معني حول ، و هي قضية كانت شائعة يف احلساب أو اآلخرة أو حياة ما بعد املوت

و هي بدورها أيضا العصور القدمية و على وجه اخلصوص يف الشارع املصري ، قضية حتمل بذور توحيدية حمضة .

الفكر املرتبط بالوعي نعاجلها يف هذا الكتاب هي حصرا قضية و القضية اليت . فالفكر ارد أيا كان الفردي أو اجلماهريي اجلماعي اإلنساين ، الشخصي

، هو فكر مرتبط حبد ذاته حصرا . و كل فكر ال يرتبط نوعه .. دينيا أم سياسيا ممتد أو عاملي شامل ، يبقى كما ذكرنا مرتبطا بوعي شعيب عمومي أو مجاهريي

نتجته و أخرجته . حبد ذاته و حمصورا بالنظرية األيديولوجية اليت صنعته و أ

67

أيها املتنبئون الكهان جاء "، ١تعظ الكهانيف منقوشة على أحد املعابد املصرية يف املعبد . أنتم يا قضاة املطهرون أمناء السر و كهان اإلله و يا رعاة الشعائر

وجوهكم وا يا من تكونون يف شهركم للخدمة ، ول ، ارها كافة الضيعة و نظ اإلهلية . إنه يسبح الدار اليت وضعكم فيها ذو اجلاللة و أنظاركم شطر هذه

حيك م ه يرى من فيها . إنه لريضى أن يرى فيها نظاما بالغ الدقة يف السماء لكنرين و العمل فيها . احذروا أن تأتوا عمال معيبا و ال تدخلوا املعبد غري مطه

وا بكذب و ال ال تقولوا باطال يف حرمه و ال تكونوا جشعني و ال تتفوهبني الصغري و الكبري و ال تطغوا يف امليزان و ال تفرقوا النبيذتتناولوا أقداح

و ال تظاهرون باطال على حق و أنتم تدعون أو الكيل و ال تتكسبوا باألمداد . " الرب

كان من هذا التحذير الصارم الذي حيوي يف طياته شيء من شدة اللهجة ، من لطبقة العوام من الشعب و اجلمهور ، أو الذين هم أن يأيت موجه املعتاد

و ، و التعليم و الثقافة على أم الغري مالكني لنواصي العلم ليهم إاملنظور سوقة الناس و من و األعمال الفاسدة احملرمة ، من من حقول الشر القريبني

رم الديين إىل قمة اهل يعلوم درجة أو اثنتني من الفئات . لكن أن يأيت موجها و األخالق االجتماعية . املفترض فيه أن يكون راعي و حامل الفضائل الدينية

أوال ري، بل تشو املوبقات هو ليس بالضرورة إشارة إىل ارتكاب هؤالء لآلثام احتمال تورطهم يف مثل هكذا أعمال و حتذيرهم من مغبة التورط و إىل

ر إىل هؤالء على أم يف النهاية بشر ، . و تشري ثانيا إىل النظاالنزالق إليها و الطبع البشريني و انتفاء صفة العصمة اجلسد كغريهم من باقي البشر جلهة

متثل تطورا فكريا نوعيا قد و نزع القدسية منهم . و هذه النقطة بالذات عنهم ، جلهة النظر إىل رجال و حىت يف أيامنا هذه بل ال نراه يف العصور الالحقة

/ . ٢٧المصدر السابق ، ص / ١

68

ين و اعتبارهم كائنات مقدسة معصومة أو شبه معصومة من األخطاء ال جيوز الد املساس م .

إن جمرد نزع القداسة عن رجل الدين أو الكاهن ، يف أزمنة قدمية من تاريخ قمة يف الرقي و الوعي الفكري . و لسنا نقصد من احلضارات البشرية ، لي عت رب

بقدر ما نناقش قضية مستوى وعي ل الدين هذا الكالم الطعن يف الكهنة أو رجافكري لقضية معينة تلفت االنتباه حبدوثها يف زمن سابق حلدوثها و إدراك

االفتراضي املنطقي و بغض النظر عن صحتها أم عدمها . تزه ال "ينصح فيه ولده ، جاء فيه ١يف كتاب احلكيم املصري ( بتاح حوتب )

كما تتحدث إىل احلكيم ، ألن جلاهل ، بل حتدث إىل ابنفسك ألنك عاملق ال حد له ، كما أن الصانع ال يبلغ حد الكمال يف حذق صناعته و احذر ذ احل ختلق لنفسك األعداء بأقوالك . و ال تتخط احلق ، و ال تكرر ما قاله إنسان أن

. غريك ، أمريا كان أو فالحا ، ليفتح به قلوب الناس ألن ذلك بغيض إىل النفس ن بيتك و أحب زوجك اليت بني ذراعيك و اعلم أن ن شئت أن تكون فمو و إ

لك من كثرة الكالم . و فكر أنه قد يعارضك خبري ممن السكوت أنفع ألن تنال الشرف عن طريق ع يتحدثون يف الس . و إذا كنت ذا سلطان فاس

. "ارة جتيب عن األقوال حبر أنالعلم ورقة الطباع و احذر أن تقاطع الناس و حول أسلوب التعامل مع الناس . و ي الحظ أا من أب البنه م ت ق د هي نصائح

ليست نصائح عادية من شخص عادي لشخص عادي ، بل هي نصائح غري (ولده لشخص غري عادي من شخص غري عادي ( احلكيم بتاح حوتب ) عادية

، هو أنه ده . و الذي جعلنا نقف عند هذا اخلطاب من احلكيم لولالعامل ) ، و التعامل مع الناس هو نوع من أنواع الفكر بشأن التعامل مع الناس يتعاطى

املعقد أو املفترض أن فيه أن يكون كذلك ، ألنه بشكل من األشكال له عالقة

/ . ١٥٠ص / قصة الحضارة ، المجلد األول ، الكتاب الثاني ، ١

69

و بتطور اجلماعة مع األمر االجتماعي أو الفكر االجتماعي ارتباط و امتداد ، و ، و هو أمر يقود بدوره إىل األمر السياسي ة البشرية إىل نظام اتمع و الدول

. بذاته حري بذلك أن يشكل فكر بني التعاطي االجتماعي ب ة.. هنالك فكر اجتماعي معقد يشتمل على حكمإذن

التطور االجتماعي مبا تضمنته من حوادث نتج عن إشكالية ، أفراد اتمع قدميا مكلفة أدت اية إىل اكتساب رب اجو حيثيات دفع اإلنسان مثنها من جيبه كت

التطور االجتماعي جدلية عناخلربات االجتماعية اخلاصة ذا الشأن .. و نتج من خالل التفاعل مع األمر الديين و األمر السياسي و ما نتج عنه من خربات و

و النضج االجتماعية اخلاصة ذا الشأن اتاخلرب دت إىل اكتسابجتارب أ هلا . العقلي املرافق

جاء فيها : ١ية من الدولة الوسطىدهنالك بر ملن أحتدث اليوم ؟؟ األخوة أشرار ..

احلب .. أصدقاءليسوا اليومو أصدقاء ملن أحتدث اليوم ؟؟ القلوب قلوب لصوص ..

.. و كل رجل يغتصب ما عند جاره إن الرجل اللطيف يهلك .. ملن أحتدث اليوم ؟؟ يف كل مكان .. و الصفيق الوجه يسري

ملن أحتدث اليوم ؟؟ قد صار بائسا فإن مسح الوجه حفل به يف أي مكان و صار اخلي ر ال ي

.. و أخالقه اخلبيثةالغضب بسوء مسلكه اإلنسانإذا ما أثار فإنه يدفع كل الناس إىل الضحك و إن كان خبيثا

المصدر السابق . ١

70

و ي س ر الناس منه رغم أن خطيئته فظيعة ليوم ؟؟ ملن أتكلم ا

فإن اخلائن قد صار أمينا " . لكن األخ األمني يصري عدوا

قصيدة أو خاطرة نثرية تعب ر عن العالقة اإلنسانية و أواصر التضامن و التعاضد

اخلري من النفس اإلنسانية يف انتفاء ، و تتطرق إىل ظاهرة االجتماعي األخالقي على مفاهيم اخلري يف اتمع و أن طغيان مفاهيم الشر حبكة تعبريية واعية عن

. و يالحظ إطالق هذه ر يسود يف جمتمعه أكثر من اإلنسان اخلي اإلنسان الشرير ( القلوب أو احلوادث الثانوية املفصلية التعابري بالعموم و ليس باالقتصار اجلزئي

( إذا ما أثار اإلنسان الغضب بسوء مسلكه .. فإنه يدفع –قلوب لصوص ) كما تشري إىل مالحظة سوء عالقة اس إىل الضحك و إن كان خبيثا ) . كل الن

حىت ضمن أفراد األسرة الواحدة ، و ارتباطها القرابة و فساد رابطة الدم يدلل على وعي اجتماعي متقدم من املفترض فيه . ذلك كلهمبسببات خارجية

اقتصادية مادية مرتبطة مبصاحل أن يتكون نتيجة تراكمات اجتماعية طويلة األجل تتيح تكوين هذا تصل إىل حالة فكرية اجتماعية متقدمة و رمبا سياسية كي

، جيب على الوعي . فحىت يتم تكوين مثل هكذا وعي يتمثل بفكر مكتوب ما عرب إاألقل توافر عوامل فكرية زمنية سابقة توضح اخلري و األخالق يف اتمع

توافر عوامل فكرية زمنية سابقة توضح عريف اجتماعي ، يلي ذلكو أ ديينعامل ، أيضا عرب عامل الدين و األخالق االجتماعية عنصر الشر و الفساد يف اتمع

يلي ذلك كله توافر عوامل فكرية زمنية سابقة توضح ارتباط العامل االقتصادي النفسية اإلنسانية بكل ما سبقعوامل الو املادي و السياسي و املصاحل البشرية و

يقع فتراضيا الذي يستوجب زمنا اكي نصل إىل هذا الفكر من عوامل و مفاهيم ترة ما بعد امليالد . فضمن

71

فر من مصر على أثر و هو موظف ) سنوحي ( تروي قصة أخرى مغامرات األدىن و حظي و أخذ يتنقل من بلد إىل بلد يف الشرق وفاة ( أمنحوتب األول )

مل يطق صربا على ما حل به رغم هذا . و لكنه فيها بضروب النعيم و الشرف. و برح به األمل آخر األمر حىت ترك ثروته من آالم الوحدة و احلنني إىل وطنه

و جاء و عاد إىل مصر . و قاسى يف طريقه إليها كثريا من الشدائد و األهوال . له أيا كنت ، يا أال أيها اإل" أنه بالنهاية ابتهل بالدعاء طالبا العون ١ قصته يف

، و لعلك تسمح يل أن أرى البيتمن قدرت علي هذا الفرار ، أعدين إىل املوضع الذي يقيم فيه قليب . و أي شيء أعظم من أن تدفن جثيت يف األرض

. " ين اهللاخلري و لريمح ؟ أعن ي على أمري و ليصبيناليت ولدت فيها و إدراك ما يسمى ( مسقط الرأس ) أو متتزج الترنيمة السابقة باحلنني إىل الوطن

( األرض ) و على إدراك اهلوية الوطنية القائمة يف جوهرها على العنصر اجلغرايف وجه اخلصوص ذاك احلي ز املكاين الذي ولد فيه اإلنسان و تريب و ترعرع أيام

ربطه . و قد بلغت أمهية هذا التصور الفكري الوطين من خالل إعادة طفولته القضاء و القدر الذي هو وجه من وجوه التوحيد اإلهلي . و بالتوحيد مبفهوم

أال أيها اإلله أيا كنت ، يا من قدرت علي هذا الفرار ، اإلهلي ذاته ، عندا قال (ذا الشكل الصارخ ، فهذا . و عندما يربز مفهوم الوطنية أعدين إىل البيت )

مفهوم الوطنية كفكر متقدم ، بدوره أيضا يعين فكر متطور ذو وعي عميق ألن و تؤسس له بالوقت يستوجب يف مضامينه وجود مفاهيم فكرية هي سابقة له

بعامل ذاته . و ال يربز مفهوم الوطنية كوعي عميق مستقل بذاته إال إذا اقترن الغزو اخلارجي الذي يتم من خالل عنصر أجنيب غريب جيرد محلة عسكرية و

تيالء على مقدراا و ثرواا و طرد أصحاا أو يقوم باحتالل األرض و االس ، أو قتلهم أحيانا و إعمال السيف فيهم ، و هو ما يثري االنتباه جعلهم عبيدا له

/ . ١١٢/ ص ،/ ٢/ ج ، األول المجلد ، الحضارة قصة ١

72

، بوحدة التجانس الغريزي و العقلي يف آن معا لدى أصحاب األرض األصيلني مهية كهم أل، و إدراالعرقي و اللغوي و االجتماعي و حىت الدينني ، فيما بينهم

األرض أو اإلقليم الذي يعيشون عليه و أمهية موارده و إدراك أمهية االرتباط ما بني الشعب و األرض و أمهية العامل االجتماعي و السياسي و الديقي و

االقتصادي . ان القدمي يف كما إن الفكر السياسي ، كان له حصة يف موطئ القدم لدى اإلنس

يف أحد النقوش ( أمينحيت ) امللك يتحدث ل املثال سبي الشرق األدىن ، فعلى .. ١القدمية بقوله

إله احلصادكنت رجل زرع البذور و أحب " و حيايت النيل و كل وديانه

و مل يكن يف أيامي جائع و ال ظمآن . "يف سالم بفضل ما عملت و حتدثوا عين و عاش الناس

نصيحة جديدة يف احلكم م و وريثه يف احلك ألبنهقد خلف هذا الرجل لكن

جاء يفتكلم به امللك عن نفسه ، وقد ورد يف الكالم السابق الذي مغايرة ملا .. ٢ذه النصيحة ه استمع إىل ما سأقوله لك "

حىت تكون ملك األرض و تزيد اخلري فيها

اقس على مجيع من هم دونك فإن الناس ال يعنون إال مبن يرهبهم

ردكو ال تقترب منهم مبف

/ . ٧٥/ ص ،/ ٢/ ج ، األول المجلد ، الحضارة قصة ١ المصدر السابق . ٢

73

و ال متأل قلبك باملودة ألخ ال تعرف صديقا

و إذا منت فاحرس بنفسك قلبك " . ال صديق له يف أيام الشرألن اإلنسان

لو اطلع قارئ ما ، على مفردات املنقوشتني السابقتني دون معرفة هوية الكاتب

مري ) بأا مقاطع من كتاب ( األدارت به الظنون ، لرمبا أو مصدر املعلومات و دقة و و األفكار و تناقضات املبادئ فيها ، فهذه التعابري مكيافيلليملؤلفه

ملا طرحه مكيافيللي الفكري ، شك ل مقاربة فكرية كبرية وضوح التشخيص قيقية اردة و أول من ناقش أصوهلا و قوانينهاأبو السياسة احل الذي ي عتب ر

و فيما بعد ، مت البناء على فكر . جترد جبرأة و املعمول ا على أرض الواقع ، . مكيافيللي لقرون عدة استمرت حىت اآلن

و يكفي هذا الفكر السياسي البحت يف املنقوشتني السابقتني ، مقاربة مضامني للداللة على وجود فكر سياسي تكتيكي متقدم عرك حوادث كتاب ( األمري )

تماعية . و املفترض يف هكذا فكر و االجاحلياة و مشاكلها السياسية و احلربية ، فعلت فيها عوامل الزمن فعلها أن يكون نتاج تراكم أفكار و جتارب سياسية

و لعل هذا امللك املسمى ( أمينحيت ) و صقلتها دسائس السياسة و أحابيلها . أو املنقوشة األوىل نتاجا حيث رمبا كانت الرسالة كان صادقا يف الرسالتني

عىن أنه مل يستطع أن حيكم شعبه و دولته و يشيع ملنقوشة الثانية مبللرسالة أو او هذه هي السياسة ، فيها السالم و الرخاء إال مبا نصحه البنه يف الرسالة الثانية

بعينها . و على كل حال ، تبقى األخالق و اآلداب العامة السبيل الذي سلكه الفكر

كعرف اجتماعي إنساين ال ميكن التملص يف الشرق األدىن القدمي العام اإلنساين

74

كتب أحد و ال مناص من اعتماده و لو ظاهريا على األقل .. منه و جتاهله : ١ الشعراء املصريني ينصح مواطنيه

أطعم اخلرب ملن ال حقل له" و اترك وراءك ذكرا طيبا

" . يبقى أبد الدهر تعد ٢ حكمة أمنحوتب ) يف املتحف الربيطاين توجد بردية تعرف باسم (و

لطالب لتويل منصب عام جاء فيها :أحد ا ال تطمع يف ذراع من األرض "

و ال تعتد على حدود أرملة و احرث احلقل حىت جتد حاجاتك

و خذ خبزك من بيدرك و إن قدحا من احلب يعطيكه اهللا

خلري من مخسة آالف تناهلا بالعدوان و إن الفقر يف يد اهللا

الغىن يف املخازن من خلري و إن الرغيف و القلب مبتهج " . خلري من الغىن مع الشقاء

لقد أثبتت املكتشفات األثرية و الدراسات التارخيية األنتروبولوجية حلضارة

أساطري و أفكار غيبية تفتقد الشرق األدىن القدمي ، أنه بالرغم من وجود بيات و السحر و اخلرافة . و تنتج املصداقية العقلية و املنطقية ، و تعتمد الغي

/ . ٩٩/ ص السابق المصدر ١ . السابق المصدر ٢

75

من منافية ملا تفتقد إليه مسبباا الفكرية و العقائدية تصرفات و أفعال بالتايلمصداقية و منطقية . إال أنه و باملقابل برز إىل جانب هذه األفكار و املعتقدات

ة احليادية و املنطقي، برز فكر عقالين موضوعي علمي يتمثل و نتائجها من أفعال و احملاكاة التجريدية يف التعامل مع الوقائع و األحداث احلسية اخلارجية يف

و مقدمات يف تقدير احلوادث الطبيعة ، و جمانبة العاطفة و االنفعاالت الغرائزية و استخالص نتائجها . األشياء و احلكم عليها

الت و يف واقع األمر ميكن القول أن ذلك كله كان عموما ، حمصلة التساؤاإلنسان حول احملسوسات اخلارجية اليت يراها أمامه يف األوىل اليت طرحها

الطبيعة ، و احملسوسات و اهلواجس الداخلية اليت اعتملت يف عقله و خميلته . و برأينا فإن اإلنسان العاقل قدميا قد استخدم أسلوبني يف التعامل و التعاطي مع

النهاية طبيعة و مسار الفكر اإلنساين يف ، حددا يفهذه التساؤالت و املعضالت القرون الالحقة . كان األسلوب األول هو املعطيات العلمية املنطقية اللدنية

وحي من يف عقل اإلنسان و اليت فسرا الديانات السماوية على أا املوجودةعلى املنبثق األسلوب الثاين فكان األسلوب الغرائزي العاطفي النفسي أمااهللا .

متايزا يف ن ان األسلوبهذااألرجح من الطبيعة احليوانية هلذا اإلنسان .. نفسه . و تاليا كان ا من قبل اإلنسان ماالستخدام و التطبيق و التعويل عليه

مبدى كمية و ما انبثق عنه من تصرفات و أفعال ، مرتبطا والنتاج الفكري مع ، معا أو استخدام كليهما حمدودية استخدام أحدمها منفصال عن اآلخر ،

. اآلخر حدمها علىأطغيان ، على لقد قامت العلوم اإلنسانية التطبيقية و الفكرية يف احلضارات األوىل

املتواليات الربط و االستنتاج و تراكم اخلربات بأسلوب مبادئ عدة أمهها نساين و بني التطور االجتماعي اإل الرياضية . كان هنالك أيضا عالقة جدلية بني

يؤسس لآلخر و ميهد له ضمن منظومة عالقة كل منهما التطور الفكري . فكان العريضة للعلوم و األفكار اإلنسانية إن العناوين و نستطيع القول دورية متبادلة .

76

من اختراعات و مكتشفات و .. العلوم التطبيقية اثنني ضمن حمورين كانت و صناعية خدمية ... اخل ) –زراعية –ة ( حربيصناعات على اختالف أنواعها

العلوم الفكرية اليت تناولت بدورها عنصرين أساسني .. عنصر ما وراء الطبيعة ، و عنصر العالقات اإلنسانية أو امليتافيزيقيا اليت كان الدين أهم جتلياا

. االجتماعية اليت كانت األخالق السامية من أهم جتلياا من فكر بدائي بسيط أحادي ور يف فترة قياسية غري طويلة ، إن الفكر الذي يتط

و قوت اليوم و حسن أحواله شبه ثنائي ، قائم على تأمني لقمة العيش و يف أالشبع اليومي املؤقت ، إىل فكر متقدم يناقش قضايا اجتماعية منحصر يف كيفية

رة يف األحداث احلساسة و املؤثو دينية و سياسية و يتطرق إىل تفاصيلها الدقيقة و الدولة ، و يتصف بصدق التعاطي مع هذه األحداث اليومية للفرد و اتمع

عموما على منطق العدل .. العامة و الفائدة الشرعية القائمة من منطلق املصلحة و حيتاج إىل سنني طوال متتد هو فكر ميكن اعتباره حقيقة ، أنه فكر سابق ألوانه

و يتشكل يف الذهنية كان نوعه ، ال بد له كي يتبلور إىل قرون . فالفكر أيا –ال بد من حدوثها جمتمعة هي ( احلوادث البشرية ، من عناصر ثالث

) حىت و لو كان هذا الفكر فكرا بدائيا ، فال بد له من حادثة الزمن -التجارب –صف عوا –بركان –نوعها ( زلزال يا كان أو جتربة و فترة زمنية . فاحلادثة

هي صراع مع حيوان ... اخل ) –قتال –خسوف –كسوف –حريق هائل وىل لتشكله ، أو أالفكر و تكون النواة األرضية األوىل اليت يرتكز عليها

.. الرحم الذي حيوي بويضة الفكر . تأيت بعدها التجربة اليت تعين بتوصيف آخر ختتلف فيه كل عملية متكرر االخنراط حبادثة معينة و حماولة التعامل معها بشكل

مثال ، إما حنو األفضل أو األسوأ ، كعملية حراثة األرض ت ع امل ، عن سابقتها كل موسم أو عملية التعامل مع النار منذ اكتشافها أو عملية صيد حيوان تتكرر

. و التجربة مبعناها الفكري املقصود هنا ، هي النطفة اليت تلقح عند اجلوع أولتكوين اجلنني الفكري الذي يبدأ مبرور العامل ثة أو تتفاعل معها بويضة احلاد

77

أال و هو الزمن .. يبدأ بالتشكل و النمو حىت يتم اكتماله فيخرج العنصر الثالث ئه و عيانه . إىل حيز الوجود اخلارجي بكامل صفاته و أعضا

كائن فكري هي وجود الصورة ) اليت نطرحها يف هذا السياق ، –إن ( املعادلة متكامل يف فترة زمنية ت عت ب ر بدائية بالنسبة للتكوين الفكري . بالغ راشد

ي ، سخ ر وعيه و القدمي منذ بداية إدراكه العقل لقد سخ ر اإلنسان العاقل من الوسط اخلارجي احمليط به ، و يف الوقت نفسه مدركاته املعرفية لالستفادة

. و اعية فيما بينه و بني أقرانه من بين جلدته لتطوير العالقات اإلنسانية االجتم مبا أن اإلنسان الشرق متوسطي القدمي ، قد سخ ر مدركاته العقلية و وعيه الذهين ، خلدمة فكره ، فإنه قد قام بتطوير قدراته العقلية و التفكريية و الذهنية

فكرية متطورة خيتص كل منها بشق من شقوق و مفاصل املنظومةخللق أمناط املركبة الفكرية اإلنسانية الشاملة .. أمناط قادرة على توصيف التعقيدات

املادية اإلنسانية للحوادث و الوقائع و مل تنحصر هذه األمناط يف املصاحل و املنافع . الضيقة ، بل جتاوزت ذلك إىل منافع و مصاحل أكرب جماال و أوسع دائرة

على بأمرين اثنني .. أوال قدرته إن تقييم أي فكر بصيغة من الصيغ تتعلق درجة املصداقية يف مواكبة احلدث . فاملواكبة مواكبة احلدث أيا كان ، و ثانيا

–ديين –اقتصادي –( سياسي الفكرية حلدث ما أيا كان هذا احلدث هي القدرة على ترمجة هذا احلدث إىل طبيعي خارجي ... اخل ) –اجتماعي

لل أبعاده و جتعل له مقدمات و متون و نتائج ، لتصي ره صورة فكرية تفنده و حت قادرا على الثبات يف عقل و ذهنية املتلقي ، و قابال للتداول الشفهي اية األمر

و الكتايب . فهي شفافية التوصيف الفكري هلذا احلادث ، منطقيا و عقالنيا أما املصداقية

ت مبختلف أنواعها . بعيدا عن العواطف و املصاحل و التأثرياعندما نتأمل النظر يف تعليمات أحد الفراعنة اليت يوجهها إىل ما يسمى ( الوزير األعظم ) و هو ما يعرف يف أيامنا هذه برئيس الوزراء أو رئيس احلكومة و

78

الذي هو عادة ما يكون مطلق الصالحية التنفيذية أو بصالحيات شبه مطلقة . و ا ، كان الفرعون يوجهها إىل كل وزير أعظم يتنسم هذا التعليمات و الوصاي

: ١هذا املنصب . و قد جاء يف إحدى جلسات التنصيب ما يلي " اجتمع أعضاء الس يف قاعة جملس الفرعون ( له احلياة و الفالح و العافية ) و قد أمر الفرعون بإحضار الوزير األعظم (س) الذي ن ص ب حديثا ، إىل قاعة

ر يف وظيفة الوزير األعظم و كن يقظا ملهامها قد قال له جاللته تبص الس وكلها . انظر .. إا الركن الركني لكل البالد . و اعلم أن الوزارة ليست حلوة املذاق بل إا م رة ، فالوزير األعظم هو النحاس الذي حييط بذهب سيده و اعلم

ص األمراء و املستشارين ، و ليس أا ( الوزارة ) ال تعين إظهار احترام أشخانه عندما يأيت أ الغرض منها أن يتخذ الوزير لنفسه عبيدا من الشعب . و اعلم

إليك شاك من الوجه القبلي أو من الوجه البحري أو من أي بقعة يف البالد ، فعليك أن تطمئن إىل أن كل شيء جيري وفق القانون و أن كل شيء قد مت

تل فتعطي كل صاحب حق حقه . و اعلم أن األمري حي حسب العرف اجلاري ،واء خيربان بكل ما يفعله . و اعلم أن كل ما يفعله ال مكانة بارزة و أن املاء و اهل

يبقى جمهوال أبدا " . بعد ذلك يضع الفرعون لوزيره األعظم ، التفاصيل اليت جيب أن يسري على

د له يف ذلك بقضية ح كم فيها خطأ جها يف القضايا اليت تقد إليه ، مث يستشهوزير يسمى ( خبيت ) و هو وزير قدمي ذائع الصيت من عهد األهرام ، فيقول له

ما ألقيه عليك ، مثال مدونا يف مرسوم تعيني الوزير األعظم يف ر إىل" انظ(منف) و كان ينطق به امللك ليحث الوزير على االعتدال .. احذر ما قد قيل

خييت ) فإنه حيكى أنه جار يف حكمه على بعض عشريته األقربني عن الوزير ( منحازا للغرباء ، خوفا من أن يتهم باحملاباة ألقاربه خيانة منه ، و أنه عندما

/ . ٢٢٣فجر الضمیر ، ص / ١

79

استأنف أحدهم ذلك احلكم الذي أصدره ضدهم ، أصر ( خبيت ) على إجحافه دل ألن التحيز ي ع د و اعلم أن ذلك يعد ختطيا للعدالة . و ال تنسى أن حتكم بالع

طغيانا على اإلله ، و هذا هو التعليم الذي أعلمك إياه فاعمل وفقا له و عامل من تعرفه معاملة من ال تعرفه ، و املقرب من امللك كالبعيد عنه . و اعلم أن األمري الذي يعمل بذلك سيستمر هنا يف هذا املكان . و ال تغضنب على رجل مل

ه ، بل اغضب على من جيب الغضب عليه . اجعل نفسك تتحر الصواب يف أمر مهيبا و دع الناس يهابونك . و األمري ال يكون أمريا إال إذا هابه الناس . و اعلم

الناسأن اخلوف من األمري يأيت من إقامته العدل . و اعلم أن اإلنسان إذا جعل القوم ، فلن خيافونه أكثر مما ينبغي ، دل ذلك على ناحية نقص فيه يف نظر

نه رجل مبعىن الكلمة . و اعلم أن رهبة األمري تبعث الرعب يف نفس إيقولوا عنه الكاذب عندما يعامله األمري مبا يفزعه منه . و اعلم أنك ستصل إىل حتقيق الغرض من منصبك إذا جعلت العدل رائدك يف عملك و انظر إىل الناس

سن ة العدل املعروفة منذ أيام حكم ينتظرون العدل يف كل تصرفات الوزير و هي اإلله يف األرض . و الناس يقولون عن كاتب الوزير أنه كاتب عادل أما الذي يقيم العدل بني مجيع الناس فهو الوزير . انظر .. دع الرجل الذي يؤدي وظيفته ، يعمل حسبما يؤمر به . و اعلم أن جناح الرجل هو أن يعمل حسبما يقال له .

ن قط يف إقامة العدل و هو القانون الذي تعرفه . و اعلم أنه جدير و ال تتوا بامللك أال مييل إىل املستكرب أكثر من املستضعف " .

السابق و وضع حيثياته موضوع التمحيص و التدبري ، تتبدىعند قراءة اخلطاب هي قضية إدراك املفاهيم الفكرية ، ليس من منطلق ، جدا هامة فكرية لنا قضية

بل إدراكها كمفاهيم ، و إدراك أا مفاهيم مستقلة بذاا و ، وعيها و وجودها ، حدوثه بعد قرون عدة الحقة لتلك احلادثة . و ال هو أمر من املفترض نظريا

. فمجرد أن يقوم هذا الفرعون أدل على ذلك من بنود اخلطاب السابق و فقراته بل هو اإلله أو ابنه أو املنبثق قة و هو احلاكم املطلق صاحب الصالحيات املطل

80

) ( رئيس الوزراءمنصب الوزير األعظم . و جمرد أن خيتلق منه و مكلف من قبله حالة إلدراك فصل السلطات و منح الصالحيات ، و هو مفهوم سياسي ذهه، ف

و صيغة حكم متقدمة زمنيا و حالة افتراضية حتتاج إىل خماض زمين طويل ميثل و جمرد أن يقوم هذا . بري إلنتاج مثل هكذا صيغة سياسيةتراكم سياسي ك

بتخصيص جلسة خاصة جلرد الوصايا و جتريد النصائح يف السياسة و الفرعون و حول التعاطي ، و اتمع و الدولة الناس احلكم ، للوزير األعظم حول سياسة

وم العدالة األخالقي يف نظام احلكم هلذه السياسة ، و التأكيد املتكرر على مفه. هو بدوره حالة لك كم و امل و جعلها أساس و عماد احل االجتماعية و السياسية

إدراك متقدمة ألصول السياسة و احلكم يف اتمع و إبراز اجلانب اإلنساين فيها ما حوادثمعرفة و تناقضات و تراكمات خماضكنتيجة قائمة على مقدمات

ا أثره يف اتمع على مستوى األفراد و بني العدل و الظلم ، ترك كل منهم احلكام .

أثرها الواضح يف اخلطاب الفكرية االصطالحية املعرفية لقد أظهرت االحترافية تبصر يف وظيفة الوزير األعظم و كن يقظا مثل ( عبارات، عندما نالحظ السابق

أن (عليك أن تطمئن إىل أن كل شيء جيري وفق القانون و –ملهامها كلها ) (ال –كل شيء قد مت حسب العرف اجلاري ، فتعطي كل صاحب حق حقه )

اعلم أنه جدير بامللك أال مييل ( –تغضنب على رجل مل تتحر الصواب يف أمره ) احترافية فكرية هذه كلها تفاصيل جزئية ، إىل املستكرب أكثر من املستضعف ) . تستدعي وجود تراكم خربات حتما

اعلم أن الوزارة ال تعين من عبارة يف اخلطاب تقول ( اه أيضا ما يلفت االنتبليس الغرض منها أن يتخذ الوزير إظهار احترام أشخاص األمراء و املستشارين ،

املساواة اإلنسانية و هو مفهوم فهوم إدراك ملوجود لنفسه عبيدا من الشعب )و ما يدعم هذا . يف فترة زمنية و حضارة يندر وجوده فيها يستغرب وجوده

81

مصري منسوب إلله ١ ع ثر عليه يف أحد التوابيت االجتاه ، وجود كالم منقوش بـ ( األحاديث عرف شبيه مبا ي يدعى إله الشمس ( رمبا كان هو رع نفسه )

لقد خلقت املياه العظيمة ليستعملها الفقري مثل السيد ، " ) يقول فيه القدسية نسان مثل أخيه اإلنسان مدة حياته فس ا اإللقت الرياح األربعة ليتنلقد خو

خلقت كل رجل مثل أخيه و حرمت عليهم إتيان السوء و لكن ، و لقد ملفات للنظر حقا أن يصدر عن و هو كالم . " قلوم هي اليت نكثت ما قلت

ي ظهر املساواة إله يف فترة زمنية كانت احلضارة فيها قائمة على العبودية . كالم و هو أمر يدعو إىل االعتقاد البشر و تعميمها فيما بني ظهرانيهم . بني بين

. بوجود فكر توحيدي ( رمبا لدين ) متازج مع اخلربات املعرفية الدنيوية املكتسبة إشكالية قائمة و بالرغم من كل التوصيفات و التحليالت السابقة ، تبقى هنالك

تفسري التميز الفكري الرائد و تفسريية .. إشكاليةحبد ذاا ، و هي إشكالية الفكري ، فإن ذلك حقيقة ميثل املتقدم السابق ألوانه الزمين . و عندما نقول

فإن و بنظرنا ( و قد يكون هذا الكالم مستهجنا ) بالفعل إشكالية تفسريية ألنه عن مفهوم الفكر ، وهذا ما يعين أن معيار التطور مفهوم احلضارة خيتلف

ن تشاا يار التطور ( التحول ) الفكري و إخيتلف عن معضاري (التحول ) احلو الوقائع التارخيية و تقاربا بصورة أشكلت على يف بعض املظاهر التعريفية

الناظرين . ، و تطور يف نواحي و بكل بساطة ، حنن قد جند تطورا يف نظام الدولة و امل لك

اليت هي فيه ، لكن ال جند تطورا التقانة العلمية و الصناعية منسوبة إىل زمنهاجلهة الوعي االجتماعي أو السياسي أو الديين و استنباط املفاهيم فكريا

وقائع املوجودة على األرض دومنا زيف أو ادعاء املتخصصة بتفاصيل احلقائق و اليف خدمة العموم اإلنساين ، مقرونة باألخالق و املثل العليا السامية اليت تندرج

/ . ٢٣٥فجر الضمیر ، ص / ١

82

ة األوىل دومنا متيز أو تفريق . و تتضح صحة هذه القضية عندما نسحب بالدرجو نسقطها على واقعنا الراهن نفسه .. الواقع احلايل الذي نعايشه تلكم املقوالت

وجود تنامي علمي تكنولوجي بأبداننا و نعاينه بأبصارنا و عقولنا حيث نلحظ و يف الوقت نفسه . ان و وجود اآلالت و األدوات التكنولوجية يف يد اإلنس

يصل يف بعض النواح و األماكن إىل درجة نلحظ احندار و تدهور فكري كبري التخلف و االنكفاء إىل مستوى القرون الوسطى ، بل لرمبا على النقيض من

منسوبا إىل زمنه ذلك ، يتبدى باستبيان مقارنة ، ما بني الفكر اإلنساين القدمي ر اإلنساين احلديث منسوبا إىل زمنه الذي هو فيه ، الذي كان فيه ، وبني الفك

أن النتيجة اإلجيابية تأيت يف كفة الفكر اإلنساين القدمي . .. و ماذا عن السلبيات املوجودة يف الفترة اإلنسانية القدمية و قد يتساءل متسائل

من قتل مجاعي و جمازر دموية و حروب إبادة و سفك دماء و سلطات لقة أو بشرية بصفات إنسانية تدعي اإللوهية و انعدام ما يسمى ديكتاتورية مط

(حقوق اإلنسان ) و وجود نظام الرق و العبودية و مظامل كثرية ذهب ضحيتها ؟؟ فإننا نقول بكل بساطة .. إن كل هذه السلبيات مازالت موجودة إىل املاليني

نانة رنانة ال يعمل بقشرة واهية زائفة من مفاهيم و مبادئ ط، لكنها مغطاة اآلن جيد اإلغريق القدماء خمترعوا خمترعوها و م د عوها و مسوقوها .. أمل ا حىت

بسببها ، أمل الدميقراطية و املفهوم الدميقراطي ، اجلرأة الكافية بعد مقتل سقراط ، ال بل و إلغاؤها و اعتبارها مدعاة جيدوا اجلرأة الكافية إىل نقدها و ذمها

لفوضى الغري حمسوبة النتائج ، و اعتبارها نوع من حكم الرعاع للغوغائية و ا هذه ، ال يزال مد عوها و مسوقوها و مروجوها ، اهلمج ؟؟ بينما يف أيامنا

حتت رايتها و ظلها ؟؟!! . ويتبنون القتل و سفك الدماء و اخلراب بسببها أرقى كونه همتطلبات و حاجياته فيها كثرت مرتبة إىل اإلنسان وصل.. بداية

، تلك متطلباته و حباجاته االستقالل مبفرده عيستط يعد فلم احليوان أضراب و اجلماعةظهور فكان ، معه جنسه بين من اآلخر إشراك من له بد ال فكان

83

املتشابكة املتطلبات هذه مع للتعامل أساس وسيلة الكتابة و اللغة كانت بالتايل. اللغة و اجلماعة.. فرسها مربط و القضية لب هنا و، عنها للتعبري و املقعدة اللغة هذه عن تعبريا الفكر جاء ، احلاجة عن تعبريا الكتابة و اللغة جاءت وكما احلديث دون طرق مفترق أمام هنا فنقف، اللغة وجود كيفية عن أما. نفسها

ليدو إنساين اختراع هي اللغة أن يقول تارخيي أحدمها.. املرور أفضلية عن و. ذلك إىل ما و صفاا و مكنوناا و األشياء عن للتعبري اإلنسانية احلاجة .. اهللا من رباين تلقني هي اللغة أن يقول مساوي ديين اآلخر

ه ؤ ل اء ب أ س م اء أ ن ب ئ ون ي ف ق ال ال م ل ائ ك ة ع ل ى ع ر ض ه م ث م ك ل ه ا ال أ س م اء آد م و ع ل م { ] . ٣١: البقرة[} ص اد ق ني ك ن ت م إ ن

. ]٥: العلق[} ي ع ل م ل م م ا ال إ ن س ان ع ل م {

الكلمات من تعقيدا أكثر مفاهيم و مسات الستنباط اإلنسان حاجة هو الفكر هي. اخل... النهر أو البغلة أو كالشجرة الطبيعة يف اردة األشياء أو املفردة أو واحدة حادثة بينها فيما شكلت مفردات و مسات عدة عن عبريللت حاجة

من فالفكر. ختيلها الحق وقت يف رمبا أو أمامه رآها لواقعة بينها فيما ترابطت إشكالية أو ما لقضية معني حل استنباط األساس يف هي الفكرة و، الفكرة . عليه نفسها فرضت

تطورالية السابقة ، بني التطور الفكري و و باإلنابة إىل العالقة التفسريية اجلدلاالجتماعي ، رمبا نستطيع التصور بأن اإلنسان يف بدايات الفترة الزمنية

، كان يف حالة حبث عن احلقيقة و حالة اكتشاف األوىل للحضارات البشرية إشكاليته و فك هوية اهول ، و حالة صراع ضار مع األمر امليتافيزيقي حلل

إجياد طريقة للتعاط معه . طالمسه و أمامه و عواملها أيضا كان هذا اإلنسان يف حالة ضعف جتاه الطبيعة اخلارجية

، و ال ميتلك التقانة احمليطة به ، ال يقوى على مقارعتها و التغلب على معظمها

84

شبه دائم مما حييط به . و الالزمة لذلك .. و هو يف النهاية كان يف حالة خوف ذلك كله أو بعضه إىل اآلهلة ، سواء اليت اختلقها افتراضيا أو اليت فوضعندما

يدركها .. هذه و مل ا و مل يعرفها أو اليت عرفت هي عن وجودها أحس نوع من املصداقية يف التعاط ضت عليه ر الظروف كلها جمتمعة ، رمبا تكون قد ف

ىت مع دواخل نفسه الفكري مع احمليط اخلارجي و مع أقرانه اآلخرين بل و ح . ذاا

و نتيجة للتداخل اجلديل ما بني تطور الفكر و اجلماعة ، كان يتم التعامل مع النتائج احلادثة أو املستحدثة ، بنوع من املصداقية ، يضاف إىل ذلك أن العامل

االثنني .. التوحيدي و الوثين ، قد فعل فعله يف هذا الصدد ، حىت الديين بشقيه هذا اإلنسان مع مرور الزمن إىل درجة كافية من هضم احلقائق الكونية إذا وصل

و االكتفاء الذايت بنسبة كبرية من كشف مالبسات اهول و و الطبيعية و التعامل مع الطبيعة و التحصل على التقانة الكافية و املستمرة طردا يف التطور

يل املثال ال احلصر ، على سبعالج األمراض ك، أدواا و حىت داخل نفسه هو أخذ ينحو تدرجييا إىل احلالة الدنيوية و املادية و اليت ال نعلم بالضبط ما إذا

. ذلك فرضا على نفسه هوقد فرضت نفسها عليه أو فرضها كانت هي اليت كله أدى إىل التعامل بنوع من الضبابية و التمويه و التمييع مع املصداقية الفكرية

و النتيجة احملصلة هي أنه كلما ه احلوادث الزمنية الالحقة . املترافقة مع هذ للتساؤالت اليت هيمنت على عقله ماضيا أجاب اإلنسان أو توصل إىل إجابات و متاهيا معه ، ازداد التصاقا باألمر الدنيوي سواء الدينية منها أو الدنيوية ، كلما

بعد أن توصل إىل طي ملف حىتو هو ما ورد ذكره بالقرآن ( متاع الدنيا ) . حيث العقاب احلاسم و الذي كان يرعبه و يؤرقه املتعددة القدمية الوثنية اآلهلة

عن الدنيا و منعهو الذي مل يكن من ضمن حيثياته العاجل الفوري املدمر الذي كان ملف اإلله الواحد مع بعد ذلك تعاملو حتذيره منها . و ملذاا

و كان من ضمن حيثياته عقابه كان بالعموم آجال ال عاجال و مرحيا له نوعا ما

85

فإن ذلك املعروف حتذيرا من الدنيا و توابعها و ملذاا و مغرياا . ، و بنوده . ما جعل ذلك رمبا مصداقا تصاقا ا و الحنو الدنيا باإلنسان ، ازداد احندارا

. )١٧:عبس( ) ر ه أ ك ف م ا ن س ان ال إ ( ق ت ل لآلية القرآنية يف الفترات و كما فعل العامل الديين فعله يف تثبيت املصداقية الفكرية لكن

حيث تطور السابقة ، فعل فعله هنا أيضا يف زعزعتها و تفريغها من مضموا إىل إلغاء قسم من اآلهلة السابقة و اإلدراك املعريف عند البعض من هذا اإلنسان

بارها غري ذات نفع أو ضرر ، يضاف إىل ذلك أيضا بروز و اعت إلقائها جانبا السياسي فيما باألمر مها األديان السماوية التوحيدية و صراعها مع الوثنية و حتك

أو باألصح تورطها فيه و من مث انقسامها هي نفسها إىل فرق و تيارات و بعد األخالقية و ضعف لدى البعض النظرة اإلميانيةأمذاهب متصارعة متناحرة ، قد

قلل من تأثري الوازع الديين األخالقي ما انعكس بدوره على العامل الفكري و املصداقية اليت يتمتع ا ، فأضحى عبارة عن شكل أجوف فارغ من أي مضمون و ال خيتص إال باملصلحة الذاتية و املذهبية الضيقة و هو ما نراه اآلن يف

و آثاره . وقتنا الراهن بأقوى جتلياته و صوره صراع اإلنسان من رحمإذن .. لقد نشأ الفكر اإلنساين يف الشرق األدىن القدمي

.. من رحم صراع الوجود .. صراع مع الطبيعة و الوسط اخلارجي احمليط به ، فكانت الوالدة ضمن خماض عسري معقد، احلياة أو املوت .. البقاء أو الفناء

، هم الواقع الذي يعيش فيه هذا اإلنسان جادة لف شك ل حماوالت جادة حثيثة للوعي اإلنساين .. كان و كان هذا الفكر يف الفترات األوىل . بكل معطياته

فكر استكشايف أكثر منه فكر توصيفي حتليلي ، لينحو مع مرور الزمن باجتاه . التوصيفية التحليلية

أنشأت فكرا اليت بداية .. كانت عوامل و مرتكزات الفكر ، هي التساؤالت من أنا ؟؟ -ما الذي ؟؟ -ذا ؟؟ ملا –؟؟ كيف –؟؟ ( من فيما بعد مكتمال

من أين جاء - هذا و ملا حصل ؟؟ صلكيف ح - ما هذا ؟؟ - من هذا ؟؟ –

86

الواقعية الفكرية ) . و أدت هذه التساؤالت فيما بعد إىل نشوء اخل... هذا ؟؟ ، كونه يف األساس كان يبحث عن احلقيقة عند اإلنسان يف الشرق األدىن القدمي

. و عندما ظهرت الكتابة لديه الحقا ، قام بكل أمانة و شفافية بتدوين فكره بقيت هذه اآلثار مطمورة حتت و ، هذا على األحجار و أوراق الربدي و غريها

انيا فأظهرت فكرا إنسالرمال و الصخور حىت مت اكتشافها يف العصر احلديث من أفكار حلضارات و أقوام و دول و ممالك و هبعد يضاهي مجيع ما أتى متقدما

إمرباطوريات شاسعة مترامية األطراف .

87

: ثالثة أقسام إىل يقسمون و) يعرب( جدهم إىل تارخييا العرب ي نسب خرب و عني بعد أثر إال منها يبق مل و اندثرت اليت هي و : البائدة العرب ـ املدمرة الطبيعة عوامل أو، وجديس كطسم احلروب بسبب إما ، حادثة بعد

. الكرمي بالقرآن ذكرمها ورد اللتان مثود و كعاد . السبئيون و ر مي كح فيه بقيت و باليمن نشأت اليت هي و : اليمانية العرب ـ إىل ينسبون و العربية اجلزيرة يف انتشرت اليت هي و : القحطانية العرب ـ

باجلزيرة انتشروا مث من و أوالده مع باليمن أمره أول نزل الذي قحطان جدهم : ثابت بن حسان قال.. العريب باللسان نطق من أول أنه يقال و

ن ف ر ذوي م ع ربني ف ص ر ت م أبينا ي عر ب الشيخ م نط ق من ت علمت م القفر يف كالبهائم كنتم و كالم ة ع ج م غ ري لكم ما قدميا كنتم و ظا لف و ت ، عندما تربط كلمة العريب أو العرب مع كلمة اجلاهلية أو اجلاهلي و

مقرونتان بعضهما ببعض ، يتبادر إىل الذهن فورا .. اجلزيرة العربية و معا م هم و إبلهصحراؤها الالفحة املمتدة على مرمى البصر .. يتبادر إىل الذهن خيام

و بساطة عيشهم و كرم خصاهلم و مسو مشائلهم ، من الكرم و اجلود و كائنا من كان حىت و لو استضافة الضيف كائنا من كان ، و إجارة املستجري

، و إغاثة املستغيث و الوفاء بالعهد ، و كان عدوا أو مطلوب لثأر بينهم و بينه للسلطة و اخلنوع هلا أيا و كراهة اخليانة و الغدر و كراهة اخلضوع النخوة

88

القوانني املدنية ، ما عدا قوانني ، ما عدا سلطة القبيلة ، و التمرد على كانت آخر ) . وجه من ، هاتني اخلصلتني األخريتني قد تنقلبا إىل مساوئ القبيلة ( و

على أنه و جدت باملقابل خصال سلبية اتسم ا اإلنسان العريب أو من وجه آخر ، ، ي ضاف . و كان أوهلا الغزو املقترن بالقتل و السلب و النهب العربية القبائل

و اعتبار ذلك من املهانة إليها سلبيات أخرى ، منها النفور من احلرفة و الصنعة بأنه بالصنعة و نعتوه هرمو، ، فكانوا إذا أرادوا معايرة أحد ما و تعييبه و الذلة

أمه بأن عريه و قابوس أبا النعمان كلثوم بن عمرو هجا فقدمن أصحاا . :عليه ذلك ينكر ، فقال أخوها كذلك و للذهب صائغ أبوها كان سليمى

و أ أل م نا خاال و أ عج ز نا ز لف ة الل ؤم إ ىل أ دنانا الل ه ل حى أ با با ب ي ثر و الش نوف الق روط ي صوغ خال ه الكري ي نف خ أ ن و أ جد ر نا

للمعايرة مادة بدورها هي فأصبحت عينها التجارة على ذلك انسحب األمر كذا

و بعض القبائل على احتراف فهذا عبد اهللا بن الزعربي ينتقد قريش . املعايبة و، على باب الندوة مبكة ليال فعل ق ، و اهتمامها بقدوم القوافل و ذهاا التجارة

جاء يف هذه األبيات :و مما .. ار و الذ بالفرمن الشعر أبيات بعض

األ ساطري امل جد ع ن ق ص يا أ هلى ١ الس فاسري ت رشى ما م ثل و ر شو ة ع ري أ ت ت عري ر ح ل ت و ق ول ها ل ه خ ليط ال ب حتا الل حم و أ كل ها

ت و السمات رمبا كانت ثانوية نسبة إىل الصفا ان هنالك سلبيات أخرىو قد ك. و منها ما املطلة و الشاملة ، و هذه قد احنصرت يف احليز االجتماعي العربية

السفاسیر : السماسرة أو مھنة السمسرة و قبض المال لقاء خدمات معینة . و العیر : القافلة . ١

89

ورد ذكره بالقرآن الكرمي . و من هذه العادات على سبيل املثال .. نكاح ، يكتسب صفات غري زوجها رجل آخر االستبضاع و هو معاشرة املرأة ل

املناعة ، أو مسات و صفات أخرى جسمانية و بدنية مميزة ، كالقوة أو الطول أو يعتربها البعض مسات إجيابية كالفراسة و الذكاء أو اجلمال و ما إىل ذلك .

قتل املواليد من البنات عن طريق الوأد ( الدفن ، و من العادات السيئة أيضا منهن ، أو خوفا من عار سبيهن عندما يكربن ، و قد تشاؤما و تطي را حية) س ئ ل ت * ال م و ؤ ود ة ( و إ ذ االكرمي ذلك الفعل و حرمه حيث ورد القرآن عاب

. ) ٩-٨التكوير () ق ت ل ت ذ ن ب ب أ ي أيضا إىل جانب اإلناث ، ذلك بسبب اجلوع و و أحيانا كانوا يقتلون الذكور

ر ، و كذا األمر جاء يف القرآن ما ينكل أقوام و عدم قدرم على حتص اإلمالق ن ح ن إ م الق م ن أ و الد ك م ت ق ت ل وا ( ... و العليهم فعلتهم تلك و ينهاهم عنها

. )١٥١اآلية من: األنعام( )... و إ ي اه م ن ر ز ق ك م و تعين ، و من صفام احلميدة اليت ورد ذكرها يف القرآن ، عادة األشهر احلرم

و كانوا إذا ما . ، و من أي ظرف كان معينة حرمة القتل و القتال يف أشهر حىت تنصرم قطعوا حرم هلم و هم يف قتال ، صودف مدامهة األشهر احلرم

و قد أيد القرآن هذا العادة و أجراها على املسلمني األشهر احلرم من دابرها . ح ي ث ال م ش ر ك ني ف اق ت ل وا ال ح ر م ال أ ش ه ر ان س ل خ ف إ ذ ا( أنفسهم حيث جاء

و أ ق ام وا ت اب وا ف إ ن م ر ص د ك ل ل ه م و اق ع د وا و اح ص ر وه م و خ ذ وه م و ج د ت م وه م . )٥:التوبة() ر ح يم غ ف ور الل ه إ ن س ب يل ه م ف خ ل وا الز ك اة و آت و ا الص الة

حلرم الكعبة ( البيت احلرام ) عوائدهم احلميدة ، اخلضوع و كان هلم أيضا من خيرج ، و ال مل فكل من دخل إليها مطلوبا ، أصبح آمنا ال يقربه أحد ما

. منها ستكره على اخلروج ي العادات العربية يف اجلاهلية ، تتعلق بعوامل والصفات و باألحوال كافة ، فإن

ي نفسها عدة ترابطت بعضها مع بعض بشكل طبيعي و أحيانا إجباري ، و ه

90

مبقتضى حيثياا ، و هر اليت سوف تؤثر يف النتاج الفكري للعصر اجلاهلي و حتو هذه العوامل و املقومات هي .. الطبيعة .سوف تكون إحدى حواضنه

كلها أنتجت و هي و التضاريس اجلغرافية و ظروف البيئة املكانية .. اخلارجية و العادات السائدة و الذهنية ف احلالة االجتماعية اليت أنتجت بدورها األعرا

. و من رحم كل ما البيئة الفكرية املكانية سامهت بإنتاجالعقلية ، أي أن البيئة . سبق ، خرج الفكر العريب اجلاهلي

و لكن هنا ، ال كانت تلك .. العوامل و املقومات يف ظهور الفكر اجلاهلي . الفكر العريب اجلاهلي ، و يبق لنا إال أن نتساءل عن الصورة اليت خرج ا

. الكيفية اليت تبدى ا لقد ظهر الفكر العريب اجلاهلي و جتلى عرب مظهرين اثنني .. مظهر التصرفات و

، و األحداث و الوقائع احلاصلة بني القبائل العربية كاحلروب و الغزوات من زواج و طالق ، و إشكاالت حتمل حاالت فردية أواالجتماعية احلاالت ، فهو الشعر .. أما املظهر الثاين الذي خرج الفكر اجلاهلي متجليا به مجاعية

العريب الذي مث ل حالة شبيهة إىل حد ما حبالة األساطري اإلغريقية و أساطري بالد و كتابات الربدي املصرية . و منقوشاا احلجرية ، و أحافري الصخور الرافدين

و أخبارهم كغريهم من وا بتدوين تارخيهم فالعرب يف اجلاهلية و إن مل يقوماألمم ااورة ، فإن الشعر كان ديوام و سجلهم الذي اختزنوا فيه ذاكرم و

و حوادثهم و كان مبثوبة فكرهم . و هو ( أي الشعر ) قد اشتمل على أخبارهم املدونة الفكرية هلم .

ء ، تصارعه لتصرعه ، الذي عاش يف الصحراريب بالعودة إىل شخصية اإلنسان العالصحراء اليت شكلت احليز املكاين و . هذه و يصارعها ليبقى على قيد احلياة

املساحة الطبوغرافية اجلغرافية يف حياة العريب ، قد قولبت شخصية العريب و و قساوا ، جعلت منه حسب مساا و فرضت عليه قوانينها . فبشظفها صقلها

تنازل بسهولة ، و كذا األمر ال يقنع بسهولة .. و إنسانا صلبا عنيدا ال ي

91

ينظر من أطراف عينيه ، جعلت منه حذرا متوجسا متربصا بوحشتها و قفرا و قلة ضوضاءها و ضجيجها منت لديه فاحصا متلمسا ما حييط به . و دوئها

فراسة أعانته علىك و النظر ، و حدة البصرية و البصر ، فتمل رهافة السمع و حتديد حتركه و مساره . و باعتماده اختاذ بوصلة للتعامل مع الوسط احمليط به

و اإلبل و طلبه للكأل و املاء و العشب ، أصبح خاضعا للمكان على املاشية ليجد ضالته املبتغاة .. تارة تضعها هنا و تارة تضعها هناك الذي حتدده الصحراء

بل دائم التنقل و الترحال طبقا ، حيز املكانلتجعل منه شخص غري مستقر و موارد الرزق ، و هو ما انعكس على نفسيته ثملتغريات الصحراء من حي

كان و االستنفار . فالتأثر االنفعال ، شديد ذهنيته ، فأصبح سريع الغضب و رمبا ينفعل ألتفه األسباب .

مد داد علىله بامت اليت أرهقته بتناقضاا ، هي أيضا قد جتلتهذه الصحراء و ال حدود مائية مانعة ، ال حتده حواجز طبيعية و ال تضاريس جغرافية النظر

جنوبا ، شرقا غربا . فأضحى يتحرك مينة و يسرة ، و أماما و رجوعا .. مشاال ، حيلو له دومنا رقيب أو حسيب ايفعل م ..ال يعوقه عائق و ال مينعه مانع

ية و ذاق حالوا حبيث ص ع ب عليه فيما بعد ، فاكتسب بالتايل الشعور باحلر ظ الثمن و عظ مت املغريات . أو املساومة عليها مهما التخلي عنها

كاألراضي الصاحلة للزراعة و الغذائية املوارد الطبيعية ندر يف الصحراء حيث تو صبح ي املؤسسة لكيان اجتماعي ، كاملاء مثال ، الرعي ، و تندر املوارد احليوية

صورة العالقة بني اجلماعات ، أحد اخليارات الرئيسة يف حتديد صراع الوجود . لكن ذلك ليس هو العامل الوحيد ، فقد برزت فتحدث الغزوات و احلروب

، تسببت بغزوات عوامل تتعلق بالكرامة الشخصية أو رمبا أحيانا القبلية هنالككان العرب يسمون . و حروب دموية طاحنة استمر بعضها سنني طوال

تعين عندهم ، ( يوم كذا ) فكلمة هذه ( األيام ) حروم و عمليام القتالية

92

و عنواا اسم املعركة حبادثة مسيت بكذا ، فهو تعبري عن وقوع حرب أو قتال .. ١نذكر أيامهم هذه من و أكثر منه تاريخ أو يوم زمين .

–يوم الكالب األول –ادان يوم الربأيام القحطانيني فيما بينهم : – )١ يوم اليحاميم . –يوم حليمة –يوم عني أباغ

–يوم حاطب –يوم كعب –يوم مسري ـ أيام األوس و اخلزرج : )٢ يوم سحيل . –يوم بعاث

–يوم أوراة األول –يوم طخفة ـ أيام القحطانيني و العدنانيني : )٣يوم –حجر يوم –يوم خزاز –يوم السالن –يوم أوراة الثاين

يوم ظهر الدهناء . –يوم فيف الريح –الكالب الثاين يوم البسوس . أيام ربيعة فيما بينها :ـ )٤يوم –يوم جدود –يوم ثيتل –يوم الوقيط أيام ربيعة و متيم :ـ )٥

يوم –يوم قشاوة –يوم الغبيط –يوم األباد –يوم ذي طلوح –زود يوم –يوم الشيطني –يوم عتقل – يوم الزورين –يوم مبياض –زبالة

يوم الشباك . –الوقىب يوم بطن عاقل –يوم النفرارات –يوم منعج أيام قيس فيما بينها : – )٦

يوم حوزة األول –يوم ألنتاءة –يوم الرقم –داحس و الغرباء يوم – يوم هراميت . –يوم ابن ضيا –يوم اللوى –يوم حزوة الثاين –

. الفجار أيام –يوم برزة –يوم الكديد كنانة :ـ أيام قيس و )٧يوم ذي –يوم شعب جبلة –يوم رحرحان قيس و متيم : أيامـ )٨

يوم املروت . –يوم جزع ظالل –يوم الرغام –يوم الصرائم –جنب

أیام العرب . ١

93

–يوم مأسل –يوم بزاحة –يوم الشقيقة –يوم النسار أيام ضبة :ـ )٩ يوم النقيعة .

. و يوم صوءركيوم جديس و يوم ذات األثل :ـ أيام أخرى )١٠جرت بني العرب و األعاجم من الروم و الفرس و منها : و هنالك أيام أخرى

يوم ذي قار و يوم الصفقة و يوم أياد . هذه األيام هي مبثابة عناوين رئيسة ، يتفرع عن كل يوم القول أن على أنه يهمنا

كذا يوم ت ف ر ع عنه ر بني تغلب و بكر ، الذي دافيوم البسوس .عدة أياممنها يوم الذنائب و كان أيضا لتغلب و يوم النهي و كان لتغلب على بكر . :هي

الذي تعادل فيه الطرفان . و يوم الواردات و كان . و يوم عنيزة على بكر لتغلب على بكر . و يوم حتالق اللمم الذي كان لبكر على تغلب و فيه مت

أخو كليب القتيل ، و ج ز ت ناصيته و أ طلق . ل اعتقال املهلهأيام مثل يوم املريقب و احرب ( يوم ) داحس و الغرباء الذي تفرع عنه أيضا

و ال يعزب عن و فروق و قطن . اهلباءةأيام يوم ذي حساء و يوم اليعمرية و هو موقعة فرعية من اليوم الرئيس . ) اليوم ( البال هنا أن ، و مها داحس و الغرباء أو يوم .. حرب تلك أو حروم يامهم و من أشهر أ بعد انتهاء السابق يبدو أن أحدا لكن . و مت الرهان عليهما يف سباق امسا فرسني

مل يتقبل فكرة اهلزمية بعد أن و مها حذيفة بن بدر و قيس بن زهري ،املتبارين أرسل ، و امتناع . و بعد أخذ و رد يف سري السباق بوادر التالعب ظهرت

بقتل قام حذيفة ولده إىل قيس يطالبه برهان الفوز ، لكن قيس و بفورة غضب ، قيس ، وقتله أخا مالكا لكن حذيفة أدرك . فر مرحتال مع قومه مثالغالم

استجرت و امتدت فترة زمنية طويلة فنشبت احلرب بني قبيليت عبس و ذبيان و ذهب ضحيتها الكثري من القتلى و فريقني فيها قبائل أخرى تورطت فيما بني ال

املعطوبني .

94

بكر و دارت بني قبيلةعربية – ، كانت حرب البسوس ، حربا عربية كذا األمر الكثري من أربعون عاما و ذهب ضحيتها ١قبيلة تغلب و اليت امتدت كما قيل

) امسها ( سراب بسبب ناقة و فتيل هذه احلرب كانالقتلى و الضحايا ، ، هاو نياقه ، فلما رآ( كليب ) بن ربيعة شياه وائل مع أكثر من مرة اختلطت

ملا أدركت . و بطحها أرضا ، ، فرماها بسهم من كنانته على نفسه أكرب ذلك و نادت باملذلة خربها ، صاحت و ناحت ، متيممن قبيلة صاحبتها ( البسوس )

، فسمعها ابن أختها و أنشدت أبيات شعر ذات وقود للنخوة و الفزعةو فورة دمه فقام يطلب كليب ( وائل ) حىت أدركه ما أثار غضبه (جس اس )

، و ملا وصل خري كليب ألخيه برمح من اخللف أرداه قتيال يف مرعى ، فرماه مث ما لبث أن ثار يطلب دم أخيه . و قد عرض عليه زمنا أبطأ يف رده املهلهل ) (

القود من و أعظموها ، فلم يقبل ، مث عرضوا عليه الديةأهل جساس بين م رة و اشتبك القاتل أو فحل من فحوهلم يدانيه ، فلم يرض و شن عليهم الغارات

ع رفت حبرب أو يوم البسوس . ضارية طوال معهم يف حروب ف حلال العرب و فكرهم يف اجلاهلية ، كان ال بد لنا من و إذا أردنا أن نوص و صور الفكر العريب يف كان من أهم عوامل الذي اجلاهلي االلتجاء إىل الشعر

. فالشعر اجلاهلي هذه الفترة . و قد أطلق عليه البعض تسمية ( ديوان العرب ) ، و به هو كرت من كنوز العرب ، به ع رفت أخبارهم و سريهم و وقائعهم

عن و بالشعر اجلاهلي مت تكوين صورة واضحة بقيت آثارهم إىل يومنا هذا . حيان قد تطر ق يف معظم األما قبل اإلسالم ، فهو اإلنسان العريب يف تلك فترة

. كما أنه ناقش أحواهلم االجتماعية من إىل مفاصل دقيقة يف حيام اليومية صورة عن نظرة العريب إىل نفسه و نقل لنا فزواج و طالق و عادات و أعراف ،

و عالقتها إىل قبيلته و القبائل األخرى .. إىل الوسط احمليط به وإىل غريه نظرته

/ . ١٤٢أیام العرب في الجاھلیة ، ص / - / ٩٠أدباء العرب في الجاھلیة و صدر اإلسالم ، ص / ١

95

اإلنسان مع قبيلته هو . فكان الشعر العريب صورة و شكل من أشكال تعبري و نفسه من مشاعر و أحاسيس . فيصح القول و العريب عما يعتمل يف دواخله

، فقد أبرز الشعر احلالة هذه ، أنه تعبري عن الوجدان العام لإلنسان العريب ا يف جنباته ، صورة األخالق اإلنسانية و القيم االعتبارية بشقيها اجلاهلي أيض

و اخلري و الكرم و .. احملب ذ و املذموم ، كالصدق و الوفاء اإلجيايب و السليب النخوة و العمل الصاحل و الكذب و النفاق و الشر و الغدر ، كل على حدة ،

. من حماسن األفعال و قبائحها من كل مدونات األمم العريب اجلاهلي حتديدا ، كان أقوى و بنظرنا فإن الشعر

ين اثنني ..مرللعرب ، ألو الشعوب األخرى ااورة أو السالفة حضارات األمم القدمية األخرى كبالد إن أساطري و كتابات األول :األمر

، اليت نقشت على األحجار و الصخور و الرافدين و مصر أو فارس و اليونان كمحصلة زمنية غري قصرية امتدت رمبا لسنني وراق و اجللود ، كانت على األ

، مل تكن أو عقود ، مبعىن أن هذه األسطورة أو تلك ، و هذه املنقوشة أو تلك انسحبت على مدى بنت حلظتها بل هي تصوير حملصلة أمور و وقائع و حقائق

و لتشمل ا أحيانسنني و بالتايل جاءت ملخصة ملا حدث و باخلطوط العريضة حالة كلية جلهة احلدث ، و مجاعية جلهة األشخاص ، حىت و لو تناولت ضمن

. يضاف شخصا مفردا بذاته أو حادثة منفصلة بعينها يف بعض األحيان حيثياا إىل ذلك أن تقنية و آلية إخراجها ال تسمحان جبعلها أداة تعبريية للوقائع و

استخدام املطرقة ن ال بل من شبة املستحيل األحداث اآلنية ، فمن الصعوبة مبكا، أو كتابتها على اجللود و و األزميل لنقش حادثة أو واقعة فور حدوثها

أو القصر . كما أنه من الصعوبة مبكان إدراجها ضمن وثائق و حمفوظات املعبد و شبه املستحيل كلما خطر لفرد ما ، خاطرة أو موقف معني أو رأي ، أن

أول مطرقة و أزميل و يقوم بنحت ما اعتمل يف ذهنه حث عن يسارع إىل الب يضاف إىل ذلك أيضا ، أن الكتابة و التدوين لدى . اجللمود على احلجر و

96

، كانت من اختصاص طبقة معينة ( الكهنة و شعوب تلك األمم و احلضارات و قد احنصرت م فقط . الكتبة و املوظفون )

لديه يف اجلاهلية ، فالشعر ا لدى اإلنسان العريب ذلك كله كان على النقيض متام، كان مبعظم األحيان ، وليد حالة أو حادثة أو واقعة ، فردية كانت أم مجاعية

ما ، أثار انتباهه و . فكان العريب إذا ما شاهد أمرا هي بنت حلظتها أو يومها ماهيته ، تراه عب ر له عن قضية معينة ، أو تعر ض هو ملوقف معني بغض النظر عن

بأبيات من الشعر تو ص ف هذه احلادثة أو املوقف و على الفور أطلق لسانه كان دافعها كما يقال و من مثال ذلك معلقة ( امرؤ القيس ) اليت تعربان عنها .

و اخلرائب اليت كانت عامرة على إحدى األطالل بكل بساطة عبارة عن مروره من مثانني فأنشد قصيدة كر هو هذا املوقف يف وقت من األوقات السالفة ، فتذ

ع ل قت على الكعبة و من بعض ما ، حىت أا من أروع قصائده بيتا ، كانت :جاء فيها ب س قط و م رت ل ح بيب ذ كرى م ن ن بك ق فا ف ح وم ل الد خول ب ني الل وى

و ش مأ ل ج نوب م ن ن س ج تها ل ما ر مس ها ي عف ل م ف امل قراة ف توض ح ف لف ل ح ب ك أ ن ه و قيعان ها ع ر صات ها يف اآلرام ب ع ر ت رى ح نظ ل ناق ف احل ي س م رات ل دى ت ح م لوا ي وم الب ني غ داة ك أ ن ي

و ت ج م ل أ سى ت هل ك ال ن ي قولو م ط ي ه م ع ل ي ص حيب ب ها و قوفا م ع و ل م ن دار س ر سم ع ند ف ه ل م ه راق ة ع رب ة ش فائي و إ ن

ب م أس ل الر باب أ م و جار ت ها ق بل ها احل و ير ث أ م م ن ك د أب ك م رج لي إ ن ك الو يالت ل ك ل ت ف قا ع ن يز ة خ در اخل در د خ لت و ي وم ف أ مج لي ص رمي أ زم عت ق د ك نت و إ ن الت د ل ل ه ذا ب عض م هال أ فاط م

ل ي بت لي اهل موم ب أ نواع ع ل ي س دول ه أ رخى الب حر ك م وج و ل يل و ناء أ عجازا و أ رد ف ب ص لب ه ت م ط ى ل م ا ل ه ف ق لت ب ك لك ل

97

اإل صباح و ما ب ص بح ا جن لي أ ال الط ويل الل يل أ ي ها أ ال ب أ مث ل م نك ج ند ل ص م إ ىل ك ت ان ب أ مراس م صام ها يف ع ل ق ت الث ر ي ا ك أ ن

ع ل م ن الس يل ح ط ه ص خر ك ج لمود م عا م دب ر م قب ل م ف ر م ك ر الص فواء ز ل ت ك ما م تن ه حال ع ن الل بد ي ز ل ك م يت ب امل ت ن ز ل

و ذكرى خاطفة ملكان كان الشاعر يعيش به من حلظة قصرية مرت ا خاطرة

ورة يف قوا و ، خرجت قصيدة تضاهي األسط من قبل أو مر به يوما ما تصوير يتناول أدق و وفرا من تنوع احلوادث و دقة التصوير .. تعابريها

و بني الرمال التفاصيل مبا فيها بعر املاشية يف ساحات اخلرائب و كيفية متوضعه و تعاملها و تدللها من مث ينتقل إىل عالقته مع حبيبته و وصف دارها أو خيمتها

و أشكاهلا و كيفية تشكلها و الليل و النجوم إىل وصفمعه لينتقل بعدها كيفية مواضعها لينتقل بعدها إىل وصف حصانه و مزاياه و صفاته البدنية و

حركته . اجلاهلي آنذاك ، مل يكن ليقتصر على اخلطوط العريضة أو كما أن الشعر العريب

، ص كلية جلهة احلدث ، أو مجاعية جلهة األشخاعلى حاالت بالضرورة يشتمل و بل كان يعب ر يف كثري من صوره عن حاالت فردية تتعلق حبوادث فردية أيضا

ابنة عمه عبلة و يف حلظة تذكر ا من أمثلة ذلك بنظرنا ، ما قاله عنترة بن شداد ممازجا ما بني جو املعركة و وصف عبلة يف خ ض م معركة حامية الوطيس هو

: حيث قال فيها مين و بيض اهلند تقطر من دمي ح نواهل و لقد ذكرتك و الرما

ملعت كبارق ثغرك املتبسم فوددت تقبيل السيوف ألا

حد القواد و امسه بدر بن الطيب املتنيب عندما كان برفقة أ أو يف حالة الشاعر أبو، فربز له أسد كبري و هو على صهوة حصانه ، و عندما وثب األسد على عمار

98

جل بالسوط و ليس بالسيف و املتنيب يراقب املشهد ، ضربه الر ع ج ز احلصان عن استخدام الرجل بإعجاب بيت منها يقول يف من مخسون بيتا فأنشد قصيدة

: بدال من سيفه يف التعامل مع األسد ، سوطه امل صقوال الصار م ا د خ رت ل م ن ب س وط ه اهل ز بر الل يث أ م ع ف ر

و هو من فحول شعراء اجلاهلية و الشاعر عمرو بن كلثوم كذا األمر لدى

أصحاب املعلقات و الذي كانت معلقته حول حادثة فردية جاءت كردة فعل عمرو بن هنداملويلك ( امللك ) و ذلك عندما قام بقتل على تصرف غري متوقع

أن تناوهلا طبق طعام ، فامتنعتعندما طلبت والدته من والدة عمرو بن كلثوم فلما أحلت عليها بالطلب ، صاحت هذا " و أذاله .. يا لتغلب " فثار األخرية

بالرواق و عال به الدم يف عروق ابنها عمرو بن كلثوم و قام إىل سيف معلق و أنشأ هلذه احلادثة قصيدته املعلقة الشهرية املؤلفة من مائة بيت عمرو بن هند .

وني ف ، يقول يف بعض من أبياا : الي قينا ن خ ب رك و أ نظ رنا ع ل ينا ت ع ج ل ف ال ه ند أ با ر وينا ق د ح مرا و ن صد ر ه ن بيضا الرايات نور د ب أ ن ا

ن دينا أ ن فيها امل لك ع ص ينا ط وال غ ر ل نا و أ ي ام ه الشعرية اليت يتم و العريب مل يكن ليحتاج أكثر من خمياله و لسانه لينشد أبيات

و تبقى خمزونة يف الذاكرة . و مل يكن الشعر خمتصا تداوهلا شفاهة على األلسن كما هو احلال يف باقي األمم ، بل كان موظفون ) –كتبة –بفئة معينة ( كهنة

، بدءا من رويعي الكل حيترفه و يصطنعه أداة للتعبري عن خمتلجاته و دواخله شخص األعلى مكانة يف القبيلة أو البلدة ، فعنترة العبسي الغنم وصوال إىل ال

و الشاعر تأبط كما رأينا ، كان عبدا من الرقيق . و الشنفرى كان طريد قومه و عروة بن الورد الذي كان من الصعاليك . شرا

99

إن مدونات األمم و الشعوب األخرى من أحافري و منقوشات و األمر الثاين :لرأي النقيب و مقص من املؤكد أا كانت ختضع ها ، أوراق بردي و غري

، فهي يف اية الرقيب ، و أا نتاج لدراسة عميقة و فحص و متحيص دقيقني و األمر ال تعدو كوا تعبريا عن آراء و مزاج النخب السياسية و الدينية

و و كانت تتعرض لعمليات احملو و اإلتالف أو التبديل . االجتماعية العليا و تأيت خنب أخرى تسطر ما تشاء على التحوير ، عندما تتغري تلك النخب

هواها . العريب اجلاهلي ، فقد كان خارج نطاق هذه الدائرة بأكملها و مل أما الشعر

و باستثناء خيضع ألي اعتبارات سياسية أو دينية أو اجتماعية إال فيما ندر . و عد و ال مصاحل اقتصادية ات بحيث ال كيانحاالت مدح القبيلة أو الديانة

و مدونة أن الشعر العريب اجلاهلي كمادة وثائقية تارخيية طبقا لذلك ميكن القول من بقية املدونات و األساطري األخرى . مصداقية و وثوقية أكثرإخبارية ، هو

إن الفكر اجلاهلي ميكن استنباطه حىت من احلوادث الكبرية اجلماعية ، و السبب فردي ، و منشأ األساس ذات هي يف ذلك ي عزى إىل أن هذه احلوادث يف

، غالبا ما يكون نتيجة لتصرف فردي . ليس ذلك فقط ، بل إن السبب فيها ال يعدو كونه جمرد انفعال عاطفي منطلقه غرائز الفرد الذي قام به هذا التصرف

أن و ال تستحق أيضا غالبا ما تكون أسباا تافهة أ، و نتيجة لفورة غضب إليه و الذي تكون مسببات و دوافع الرتكاب الفعل أو التصرف الفردي املوما

و دافعا الرتكاب الفعل الذي يليه و هو بدوره أيضا ال يصلح ألن يكون سببا يستحق أن يكون سببا كافيا إلشعال حرب وال يصلح أ بدوره الذي هو أيضا

. صاعق تفجري أون يكون فتيل إشعال أليصلح حتما ، لكنه أو حدث ضخم و ميكننا تشبيه عملية تشكل حصول احلدث اجلماعي الكبري يف اجلاهلية ، بعملية

. سقوط أحجار الدومينو

100

أو عمليات القتل اهلامة ذات حروب اجلاهلية إذا نظرنا يف بعض أهم و أكرب ه حرب داحس و . فهذاجللل ، أللفينا بسهولة و يسر ما أوردناه يف التعليل

، كان اليت راح ضحيتها الكثري من القتلى و تورطت فيها قبائل عدة الغرباء ، بس و ذبيان عمنشأها األساس ، سبب تافه و هو الرهان بني سيدي قبيليت

اخلاسر بنصاب الرهان ، على فرسي سباق . و عندما أرسل الفائز ولده ملطالبة ه اعترب ذلك إهانة له ، مث مل يلبث أن الذ قام هذا األخري بقتلة بفورة غضب ألن

. و بالرغم من أن والد الغالم املقتول قد استقاد من أخي القاتل و كان بالفرار لطي ملف هذه القضية ، إال أن ذلك ما مل حيصل أبدا كافيا ذلك سببا منطقيا و

ها س ا و داولتأاحلرب بني الفريقني و اليت استمرت لفترة ال ب نشبتو نحق وتنتهي بالصلح و املفاوضات و الديات جوالت عدة ، مل تكد إحداها

، حىت يربز حدث تافه آخر مثل أصحابه التافهني ، الدماء منذرة بانتهاء احلرب من جديد و تبدأ جولة جديدة من القتال تأيت على األنفس و األرواح و ليستع ر

الكبري من اإلاك التام و اخلراب إىل حالة ريق دماء جديدة حىت يصل الطرفان احلرب فيما بينهما بكل بساطة . فينهيان،

و تلك حرب البسوس اليت دانت و دالت و استطالت حىت غدت من مآثر ما يثري العجب ، كانت تفاهة أسباا و اتضاع دوافعها التاريخ العريب اجلاهلي

. فعندما ساد وائل ج عنهما العجاب و أوهلا .. الزهو و العنجهية و احلمق النات، أقرت على اليمانية انتصارهبن ربيعة امللقب بكليب ، قومه من بين تغلب بعد ، فداخله زهو و غرور كبريين له ( معد ) كلها بالطاعة و ومسوه بسيماء امللوك

متازجا على ما يبدو بطباع نفسه اليت نشأت على الغضب و الفورة السريعة و ( تغلب ) اليت كانت من أشد لذي عاش يف بيئة و جو قبيلته الكربياء و هو ا

. قبائل العرب أنفة و سطوة حىت قيل " لو أبطأ اإلسالم ألكل بنو تغلب الناس " إال أن بغى على على قومه و طغى و ت ج ب ر . فما كان من هذا الرجل

101

د كان حيدد بأفعال و صنائع أنكرا عليه العرب ، فقأن قام طغيانهو قد بلغ من حد على أ نإىل السماء و متوضع السحب ، فال جيرؤأرضه و مرعاه مبد النظر

. و كان إذا ترب ع على جملسه ، ال يسمح ألحد باملرور الرعي يف ذلك القطاع .. و حبضرته ال جيوز مدح أحد كائنا من كان أو ذكر خصاله إال هو أمامه

إال هو ، و ال توقد نار ة أو إجارة نفسه . و مل يكن ألحد غريه أن يتخذ مضافمع ناره . ال بل أنه أسبغ محايته و حصانته الدبلوماسية على البهائم و الطرش ، فكان إذا رأى طائرا أو دابة و أعجبه شكله أو حركاته ، كان يقول له : أنت

ة أو تلك العجماء. محد بعد ذلك على التعرض هلذه البهين أ. فال جيرؤيف محاي بلغ من غرائب غروره و منكر طغيانه ، أنه كان قد اختذ له جروا ( ولد و قد

فكان يرسله يف الفالة هائما ، فحيثما وصل هذا اجلرو ، اعترب هذا الكلب ) لدرجة أنه هو نفسه قد ن س ب إىل املكان خاص به ال يرعى فيه أحد إال بإذنه

و لقب بكليب . هذا اجلرو لة زوجه و هي امرأة من ( متيم ) تدعى البسوس و هلا خام نزلتو ذات يوم

أن رعت تلك الناقة و فصيلها مع إبل كليب ، فلما . و صودف ناقة و فصيلها ، فسكت بنو ( مرة ) أبصرها رمى فصيلها بسهم من قوسه آن به صريعا جمندال

الناقة أهل زوجه عن هذه احلادثة و أغضوا الطرف عنها . و يف املرة الثانية رأى رمى ضرعها فاختلط نفسها ترعى ، فرماها بسهم من قوسه فقتلها ( و قيل

و أخو ( ه دمها بلبنها ) . و هنا قامت البسوس بتحريض ابن أختها جس اس و ، و مل ترض بتعويض بنو مر ة هلا حيث عرضوا عليها عشر اجلليلة ) زوج كليب ى الثأر لناقتها الغراء اليحموم و أصرت عل ترض و لكنها مل نوق بدال من ناقتها

: ١و رفعت عقريا منشدة بأبيات حتريضية قالت فيها

/ . ٩١أدباء العرب ( الجاھلیة ) ، ص / ١

102

فإين يف قوم عن اجلار أموات أيا سعد ال تغر ر بنفسك و ارحتل حماذرة أن يغدروا ببنيايت و دونك أذوادي إليك فإنين

ملا ض يم سعد و هو جار ألبيايت لعمرك لو أصبحت يف دار منقذ على شايت مىت يعد فيها الذئب يعدو عشر و لكنين أصبحت يف دار م

و عندما مسع جساس هذه األبيات ، ثارت فيه ثائرة اجلاهلية و خنوا ، فقال هلا

صربا يا خالة فإين سأقتل مجال أعظم من ناقتك . و كان خ بتا و تورية : املقصود هنا هو كليب .

. برمح من اخللف إذا رماه ه هذا و قام بقتل كليبجساس وعيدو بالفعل نفذ و بالطبع ع رضت الديات و الوساطات و االستقادة ، لكن كل ذلك ذهب

فقد نشب احلرب بني تغلب و بكر ، و اليت استمرت أربعون عاما و هباء منثورا ك بسبب اجلهل و الغباء ق تل و راح ضحيتها من راح . كل ذلفيها من ق تل ني بالغرور و الوصول إىل مستوى الشذوذ الفكري و مركب النقص ، من املتوج

اليت يد عوا و يتومهون أم أشخاص يفترض م أن يكونوا على مستوى امللكية . من العرت و هم غري قادرين على قيادة عرتة مبستواها

ين و املتعف ن ، مع البرت املتهرئاجتماع التنب اليابس و القش حرب كانت نتيجة . ١ثقاب البسوس الكريوسني و عود

احلربني السابقتني ، كانت حروبا عتية مهلكة كهاتني و الالفت للمالحظة ، أن بسبب حيوانات و ائم عجماء احندر إىل مستواها الدمهاء من البشر . و إذا

إىل األمام ، تصادفنا حادثة مقتل امللك ( عمرو بن هند ) تقدمنا بالزمن قليال زهوه و محقه و اليت متل ك يف ناحية من نواحي العراق . و قد بلغ من غروره و

سوآال عجيبا غريبا ال خيطر على ل حاشيته ذات يوم ر ، أن سأبنفسه هو اآلخ

سم ت العرب ١ أبیات البسوس السابقة بالموثبات ألن البسوس و ھي من تمیم ، قد حرضت فیھا الغرائز و

أوغرت الصدور .

103

و فساد طباعه ، فقال هلم " هل تعلمون على فسل أرومته إال يدل ال بال و أم ىمها إال ليلله : ال نعل أحدا من العرب تأنف أمه من خدمة أمي ؟ " فقيلن أباها مهلهل ربيعة و عمها عمرو بن كلثوم . فسأل عن السبب فأجابوه : أل

كليب وائل أعز العرب و بعلها كلثوم بن عتاب فارس العرب و ابنها عمرو بن ام امللك بدعوة فق( يعين بكل بساطة عش دبابري املشاكل ) كلثوم سيد قومه .

على أن قد تواطأ مع والدته كان ، و إىل وليمة ليلى مهعمرو بن كلثوم و أ، طلبت ش الطعام بن كلثوم . و عندما ف ر ي اخلدم و تستخدم ليلى أم عمرو تنح

األخرية والدة امللك عمرو من ليلى بنت املهلهل أن تعطيها طبق طعام فأجابتها ى على أن ختدم نفسها بنفسها . و عندما كررت عليها الطلب ، أعلنت ليل

و دقت زمور اخلطر و صاحت " و أذاله .. يا لتغلب " . فثار الفور النفري العام ولدها عمرو بن كلثوم و قام من فوره إىل سيف معلق بالرواق و عال به امللك

قام هو و صحبه بنهب القصر و فروا هاربني إىل مثفقتله ، بن هند وعمرفخر وم قصيدة يف تلك احلادثة يديارهم يف الصحراء . و قد قال عمرو بن كلث

نه مت انتخاب هذه القصيدة للفوز جبائزة ( أ بيفيها بنفسه و فعلته . و الغرسلب و ب و تعد مبثابة اعتراف عمليةمع أا توثق جلرمية قتل و املعلقات )

. من القاتل بفعلته

: : للعصر اجلاهلي للعصر اجلاهلي قراءة فكرية قراءة فكرية رز جتليات الفكر العريب يف اجلاهلية ، و هي ، صورة مهمة من أبتضح مما سبق ت

. و قد انسحبت مكوناا و امتدت آثارها إىل يومنا هذا صورة رمبا تكون

104

يدعم ذلك ما نراه من أحداث و صور و مظاهر حتدث يف عاملنا العريب يف السياسي و الديين . االني

فيما بني العرب ، قد الوقائع و احلروب و الغزوات لعلنا نالحظ فيما سبق ، أن الذي ارتبط هو اآلخر بدوره ارتباطا وثيقا ارتبطت ارتباطا وثيقا بفكرهم

ذلك ما يصرفنا من فورنا إىل ما ذكرناه من بغريزم العاطفية بالدرجة األوىل . ما جاء من أسباب سطحية وقبل ، من ترابط بني البيئة و الفكر عند العرب .

و حرب البسوس على عظمتهما ، و مقتل امللك عمرو حلرب داحس و الغرباءلدى األمم و ن ليحدث ما كاالتغليب ، بن هند على يد عمرو بن كلثوم

كفارس و اليونان و الروم ، أو األماكن احلضرية ذات الشعوب األخرى ااورة ما يف اقتتال فيالطابع املدين . فلم حيدث قط يف اليونان أن دخلت املدن اليونانية

أو بالد الروم ، . و مل حيدث قط أن حصل يف فارس بينها ألجل عرتة أو بعري ذلك أن النظام السياسي و االجتماعي .جل مزاج عصيب عارض حروب أل

حىت بعض املمالك العربية .يف جزيرة العرب خيتلف متام االختالف عما هو نظام سياسي متجانس ، مل تكن لتشكل الصغرية املنتثرة هنا و هناك يف الصحراء

، كقانون مدين يشتمل على أنظمة سياسية و قوانني اجتماعية ناظمة و نافذة صوره نظرية ، كعرف يشبه يف يقبل به عموم األفراد طواعية ن و مكتوب مدو

العقد االجتماعي . بن املنذر أو فأشخاص مثل عمرو بن هند أو املنذر بن ماء السماء أو النعمان

ال ( والد امرؤ القيس ) أو كليب وائل التغليب .. هؤالء يف الواقع حجر الكندي ، بل هم متشبهون بامللوك . و رمبا ( نقول رمبا) ميكن أن تقع عليهم صفة امللوك

احلضر يف بعض ملوك اليمن كالتبابعة و غريهم ، و بعض ملوك يستثىن منهم و قوانني و ولة و جيش . فنظام امل لك هو نظام سياسي يقوم على دبالد الشام

فيما و أديان معتمدة و اتفاقيات و مبادالت جتارية اقتصادية أسس و حضارات

105

ثقايف يشتمل على مستوى تعليمي التحصلو بني املمالك ، و مستشارين . حتما على إتقان القراءة و الكتابة كحد أدىن .

رف ، و أكرب و حيتقرون املهن و احل أما أن يأيت أشخاص ال يفكون احلرف و شغلهم و شاغلهم ، هو املراعي و ات باع القريض من الشعر يسمعونه من مههم

سيماهم . ١، يعطون هذا ليمدحهم و يقتلون ذاك هلجوه إياهم هذا و ذاك ، ال يسودون يف أحسن االنفعال و اهلياج و اختاذ قرار احلرب ألتفه األسباب

ذها ، و يف النهاية يتم تصفيتهم من قبل األحوال غري قبائلهم و بطوا و أفخاأو قبائل أخرى ال ختضع هلم أو بواسطة أنفسهمأتباعهم و أشياعهم القبليني

. مع النعمان بن املنذر أطراف خارجية كما فعل كسرى أنوشروان فهاهو وائل بن ربيعة بعد متلكه على قومه ، يثورون عليه و يقتلونه ليس لطغيانه

و التسلط . من نظام امللك –من األساس - ، بل ألنفتهم و جتب ره فحسب فكليب وائل سقط صريعا مبوجب األعراف و العقلية القبلية أكثر منها الثورة

صربوا على ظلمه و تصرفاته على الظلم و الطغيان و القهر ، فإتباعه و مشايعوه برضا و صمت . ك الالمعقولة و املنافية ألدىن قواعد العقل و املنطق و حتملوا ذل

جوار جساس .. وااا جوار اواادوت صحية البسوس " و أذاله .. أن و لكن ما حىت قاموا عليه و قتلوه . مر ة "

امللك عمرو بن هند الذي لقي حتفه نتيجة رد فعل غري متوقع املدعو و هذا ة احلضري لتصرف قد يكون عاديا بسيطا يف البلدان ااورة للعرب ، أو املدن

يف طلب شخص من آخر أن يناوله متثل ف تصر .. املتامخة حلدودهم الصحراوية تطلب من .. امرأة طبق طعام . و هو ما يصلح ألن يكون مشهدا سينمائيا

من فوره أخرى أن تناوهلا طبق طعام ، فتصيح األخرى بالذل ليأيت ولد األخرية و بضربة سيف واحدة ، يقتل ابن املرأة األوىل .

كما فعل الملك عمرو بن ھند مع طرفة بن العبد عندما ھجاه األخیر . ١

106

اليت قتلت ما و أذاله .. وااا جوار جساس .. وااا جوار مر ة ) إن الصيحة (اليت ، هي نفسها الصيحة ( و أذاله .. يا لتغلب ) يسمى امللك وائل بن ربيعة

الذي مل يكن موفقا على ما يبدو يف راح ضحيتها املويلك عمرو بن هند باملفاهيم السياسية و نظام مض لعا على ما يبدو أيضا تقديراته لألمور ومل يك

و منهم ، سفاهته و قلة تقديريه لألمور تناول الشعراءو قد . احلكم و أصوله : ١ مفتخرا بفعلة عمرو بن كلثوم الشاعر بن صرمي الذي قال

لتخدم ليلى أمه ، مبو ف ق ما عمرو بن هند و قد دعالعمرك ن ندمانه باملخنق فأمسك م م ص ل تا فقام ابن كلثوم إىل السيف

صايف احلدية رونق ذي ش طب ب و جلله عمرو على الرأس ضربة

، و يف الوقت عينه تكرب ما فعله أبيات تشري إىل سوء تصرف ابن هند امللك ز صورة سيادة وو هي بالتايل تعطي صورة للفكر العريب اجلاهلي و برالقاتل

. العادات القبلية على ما سواها ، نظم عمرو بن كلثوم معلقته الشهرية اليت يشط ملوقف الصغري و ألجل هذا ا

إىل تصور نشوب حرب عاملية أو بأحسن األحوال حرب كل من يقرأها خيال بعض خنتار منو العرب و األعاجم . أجنبية اندلعت بني -.. عربية إقليمية

..، نرجو التمعن فيها أبيات هذه القصيدة الطويلة

الي قينا ن خ ب رك و أ نظ رنا ع ل ينا ت ع ج ل ف ال ه ند أ با ر وينا ق د ح مرا و ن صد ر ه ن بيضا الرايات نور د ب أ ن ا

ن دينا أ ن فيها امل لك ع ص ينا ط وال غ ر ل نا و أ ي ام نا امل حج ري ي حمي امل لك ب تاج ت و جوه ق د م عش ر و س ي د

ص فونا أ ع ن ت ها م ق ل د ة ع ل يه عاك ف ة اخل يل ت ر كنا

/ . ١٥٤أدباء العرب في الجاھلیة ، ص / ١

107

الل قاء يف ي كونوا ر حانا ق وم إ ىل ن نق ل م ىت ط حينا ل ها أ مج عينا ق ضاع ة و ل هو ت ها ن جد ش رق ي ث فال ها ي كون

غ شينا إ ذا ب الس يوف و ن ضر ب ع ن ا الناس ت راخى ما ن طاع ن ب األ ماع ز و سوق فيها األ بطال ج ماج م ك أ ن ي رت مينا ف ت خت لينا الر قاب و ن خليها ش ق ا الق وم ر ؤوس ب ها ن ش ق ي بينا ح ت ى دون ه ن طاع ن م ع د ع ل م ت ق د امل جد و ر ثنا اجلاه لينا ج هل ف وق ف ن جه ل ع ل ينا د أ ح ي جه ل ن ال أ ال دينا امل جد ح صون ل نا أ ب اح س يف بن ع لق م ة م جد و ر ثنا

ع صينا إ ذا العاز مون و ن حن أ ط عنا إ ذا احلاك مون ون حن نا ر ضي ل ما اآلخ ذون و ن حن س خ طنا ل ما التار كون و ن حن األ مي نني و ك ن ا أ بينا ب نو األ يس رين و كان ا لت ق ين ا إذا ي لينا فيم ن ص ول ة و ص لنا ي ليه م فيم ن ص ول ة ف صالوا م ص ف دينا ب امل لوك و أ بنا و ب الس بايا ب الن هاب ف آبوا

العابرة البالستية ريخ استخدمت فيها الصوايا عمي هذه حرب عاملية .. حرب

. و ما وراء احمليطات للقارات و نزلت فيها اجليوش و الفيالق يف النورمندي إىل احلد الذي ال يصدق .. صورة تربز مبدأ التهويل .. ويل بسائط األمور

العربية اليت هي فيما يبدو منتج متأخر من نتاج األغاين يف حد شبيه مبا نراه اليوم صورة التفاخر بالعصيان . ) ( راجع مقدمة الكتاباجلاهلي الشعر بعض صور

، هو نوع فإن هذا نوع من الفكر أكثر منه شعر و القتل و التدمري . و بنظرنا ما مكبوت الغرائز الفكرية اليت هي نتاج التفاعل من إخراج املكبوت الفكري

جري ليخرج الذي ينتظر أدىن فتيل إشعال أو صاعق تفاالجتماعي و البيئي بني ختريب ) و الفكر التجريدي –حرب – ماردا مدمرا بالفعل التطبيقي ( قتل

108

و رمبا يكون مقترنا باجلهل و عدم الوعي ، فهو فكر ر عن احلادثة ) (الشعر املعب الحظ قصيدة هلذا القاتل خياطب ا جحشا ، يقول له . فلنالبدوي الرببري

التايل .. األ سباب تك م ن ج حش يا ج حش يا

و ث اب ف إ ن ي و ث ابا ت ك إ ن أ رباب و ن حن أ ذناب و الناس

١ ع ت اب و ج د ي ك لثوم ا بن أ نا

له أنا من األرباب ال ائقيتفاخر عليه يعين ماذا نتوقع من شخص خياطب كرا و و أكثرأليس امللك الذي دعا أمه لتخدم أمه ، هأيب فالن و جدي فالن ؟؟ و

يضع نفسه أمام مهب مصري مهلك كي ، و محقا و ضآلة فكرية منه سفاهة بدل أن تشغله أمور امل ل ك املزعومة . تلوكه الناس بألسنتهم ،

و هذا امللك حجر الكندي ( والد امرؤ القيس ) الذي كان ملكا على بين أسد فتهم من دفع أن، مل يلبث أن ثار عليه بنو أسد و قتلوه بسبب و غطفان

. الضرائب و اجلبايات الذي مل كه كسرى على احلرية و كان مي لك و هذا أيضا النعمان بن املنذر

قد ق تل من قبل كسرى نفسه ألنه اعتذر عن تلبية طلب له ، و أسالفه من قبل ، خوفا من كسرى ، قد استجار بالقبائل العربية ممن هم يف جواره فلم جيره أحد

و مع ذلك اضطر النعمان للذهاب إىل . بن مسعود سيد شيبان إال هانئ و كان لكنه أمن أهله و عياله عند ( شيبان ) . كسرى ملالقاة مصريه احملتوم ،

و انتصر فيها األعاجم من نتيجة ذلك ، حرب ذي قار اليت نشبت بني العرب و عمرو بن كليب وائل و ، و السبب هو نفسه ذات السبب الذي ق تل فيه العرب

القصائد . –عمرو بن كلثوم –باب شعراء و دواوین –الموسوعة الشعریة االلكترونیة ١

109

هند و حجر الكندي .. احلمية القبلية العربية ، فقد رفض هانئ بن مسعود كسرى عن طريق قائم مقامه ، معتربا تسليم أسلحة النعمان و كراعه و بناته إىل

توحدت القبائل العربية عندما ترامت األنباء فكان أن ، ذلك من العار الالزب خرى بدورها جيشا فيما بينها وشكلت هي األعن قدوم جيش كسرى للحرب

و من ، سطرا املالحم الشعرية تصدى جليش كسرى و أحلق به هزمية شنعاء . ذلك ما قاله األعشى حيث قال من مجلة ما قال .

األ ع ز إ ن ت ل ف إ ن ين ب ث الث أوصيك م ل نا قال كان أ بانا

و أ عت ر ف ف أ عطيه ع ل ي ح ق ا ل ه إ ن ب الض يف أوصيك م الض يف ف ي نص ر ف ي ثنيه الد هر م ن ي وما ل ه إ ن ب اجلار أوصيك م و اجلار الع ر ف امل عص م ب ك ف ت ل و ى إ ذا م كر م ة الق تل إ ن الق وم و قات لوا

س ل ف سار ب و م نه م ب قري م نه م أ س د ب ين م ن و ح ي ا الر باب إ ن و ي ط ر ف ق نيانا ي ؤ م ل ك ل و س ي د نا م ن ا ع صب ة صاد فوا ق د

ف ا نص ر فوا امل وت ت زجي ك تائ ب م ن ا ص ب ح ه م احل نو غ داة ك سرى و ج ند األ عاج م م ن غ طار ف ة م لك و ب نو ج حاج ح الن ط ف آذان ها يف

ي خت ط ف اهلام ف ظ ل ب بيض م لنا أ يد ي ه م الن ش اب إ ىل أ مالوا إ ذا ي نت ص ف الي وم و كاد ت و ل وا ح ت ى ت طح ن ه م ت نف ك ف ما ب كر و خ يل الش ر ف أ خطاه م ما ار ق ذي ي وم يف شار ك نا كان م ع د ك ل أ ن ل و

فالشاعر ، من الواضح بروز العصبية القبلية كعامل أساس يف هذه احلرب

أن السيد الوالد قد أوصاهم قبل رحيله بأعراف و قال يف القصيدة األعشى .. ماذا ؟؟؟؟ لقتاعادات قبلية منها إكرام الضيف و حسن اجلوار و الـ ....

. كما برز املكرمات حسب وصية السيد الوالد الذي هو من .. القتاااااال

110

مشاركتها باحلرب العربية و التطرقاجتماع القبائل ذكر الوعي و احلس العريب بإبراز احلالة اللوجستية و الوضعية القتالية . كما مت احلرص على و محيتها القبلية يصب يف و وضعها يف أفضل حاالا ، و هو وعي فكري متقدم جليش كسرى

البيت األخري يف األبيات السابقة و يأيتلنهاية يف خدمة الوضع العريب ذاته . اللفكر العريب اجلاهلي و الشخصية ليعطي الصورة الشاملة و املستوعب األساس

مشويل يتسم بتميز اهلوية و خيفي يف طياته نوع من فكر وحدوي عريب العربية ( ما أخطاهم الشرف ) كنا ) ( كل معد كان شار، و ذلك من عبارات العربية

تتبدى صورة إملام العرب و من بعض حيثيات و لقطات معركة ذي قار ، أراضي القبائل فعندما أقبل جيش األعاجم باجتاه ختوم باألساليب احلربية القتالية

منضما ، أقبل ربيعة بن غزالة مع قومه العربية ، و جتحفل هذه القبائل ملواجهته هلذه األعاجم : يا بين شيبان.. ال تستهدفوا يف احلرب فقال هلم ١إىل بين شيبان

على كردوس ، شد فإذا أقبلوا ، فتهلككم بنشاا و لكن تكردسوا هلا كراديس إىل قومه أحد الوجهاء العرب أشار ، يشان مواجهة اآلخر . و عندما التقى اجل

وه مل خيطئكم ، ، فإذا أرسليفرقكم إن النشاب الذي مع األعاجم " قائال الشدة " مث قام و قطع حبال الناقة اليت عليها حرميه هم دءوفعاجلوهم اللقاء و اب

فسقطن على األرض ، و قد فعل ذلك كي ال يفر ٢ و فعل ذلك مع كل الظ عن صغرية و جلس فيها و أقسم على أن ال الرجال بفرار النساء . مث نصب خيمة

الواقية السيوف أن يقطعوا األقمشة السميكة حاملي يبارحها . كما أ شري على ، كما حىت تصبح أيديهم خفيفة أثناء الضرب بالسيوف أليديهم ، من املنكب . بنصب الكمائن أشار بعض رؤساءهم

فقد قضيتهم ، توجيه املعنوي لرفع معنويات املقاتلني و توضيح أيضا ال و استخدم" يا قوم .. هقالما و من مجلة ش خيطب يف اجليقام هانئ بن مسعود الشيباين

/ . ٣٠أیام العرب ، ص / ١ الظعن .. جمع ظعینة و ھو الھودج على الجمل مخصص لنقل النساء . ٢

111

، و استقبال املوت خري من جناء معرور ، املنية و ال الدنية م ه ل ك مقدور خري من و أال من الطعن يف الدبر ، شدوا و استعدوا أكرماستدباره و الطعن يف الثغر

. تشدوا ت رد وا " وعي التجانس و وجود نوع من الوعي الوطين هذه احلاالت تشري كلها ، إىل

جتاه الشعوب األخرى . و املفارقة احلاصلة يف هذا اال ، هي أن العصبية العريب . و لكن و لألسف ، للضرر أو املنفعة ميكن أن تكون سالح ذو حدين القبلية

يبدو أا استخدمت مرة واحدة للمنفعة و الباقي للضرر .

آثار تفاعل البيئة مع الفكر يف اجلاهلية :أثرت على عقلية و ذهنية اإلنسان العريب يف البيئة الصحراوية الق ف رة اليت إن

مشتمل على حد اجلاهلية و جعلته غري خاضع لنظام سلطوي مركب و معقد و السلطات املتعارف عليها كما هو احلال يف باقي األنظمة أدىن من الشمولية

يار الصدق املتجلي . كان من أحد مثار نتائجها رمبا ، أن جعلت معآنذاك ، فال غرو كسمة من مسات الشخصية العربية القبلية ، حالة ملتبسة بعض الشيء

يكون الصدق بشكله املتجرد املعرب عن حالة االعتراف باخلطأ أو السلبية أن هلذا اخلطأ توصيفيا ، عيه هو نفسه حال وقوعهما و صدورمها من الشخص و و

بالعربية ، فهنا ميكن لبية أو نقيصة كما يقال بأما خطأ و سأو تلك السلبية من معيار قول شخصا ما أو فكرا معينا مسة أخالقية تسماعتبار عامل الصدق

أو احلقيقة و الشفافية . لكن ما حيصل أحيانا ، هو أن الصدق قد يظهر بشكل و احلقيقة ، بل من منطلق أن، ليس من منطلق اعتماد الشفافية حالة ملتبسة

قد ال تبدو ألصحاا احلاالت السلبية اليت قد تبدو لنا سلبية و مستهجنة للغاية بل تبدو كأعراف اجتماعية حمبذة و يفتخر ا من الشمائل و ، أا كذلك

و ( الشنفرى ) العريبهو الشاعر و من أحد األمثلة على ما ذكر .. صال . اخل

112

و يعترب من الصعاليك عة جريه و قد اشتهر بسرهو من أشهر شعراء اجلاهلية بداية أمره قد قيل أنه يث ح، الطريق ع لكنه بعد ذلك قد احترف القتل و قط

بقتل مائة و قطع عهدا على نفسه فأضمر هلم الشر إهانة من بين قومه القى رجل منهم ، فأخذ يترصدهم و يتربص م الدوائر ، و كلما ظفر بأحد منهم

بلغ عددهم تسعة و تسعني أمسكوا به بعد كمني نصبوه حىت إذا قتله من فوره تأيت عليها السباع و الوحوش . ، فقتلوه و طرحوا جثته يف العراء له طريقة حياته و ، حيث أبرز يف شعره حياة الشنفرىمعظم حمطات تقد برزو

، فحياته كانت حافلة باجلرائم و تفكريه و أعماله بكل وضوح و شفافية النساء و يغري يسرق األموال و يسيب فقد كان يقطع الطريق .. نهب السلب و ال

يقرض نراه كل ذلك و بعد .وتات الضعيفة املتفرقة فيقتل و ينهب يعلى البو يتفاخر ١و الصعلكة و قطع الطريق و القتل التشرد من ا فعل و قام به مب الشعر

ا العرب فيما بينها هي و أشهر قصيدة له تداولته. حرجا فيها و ال يرى جبرائمه مية ) حيث سلط فيها الضوء على طريقة تفكريه و طباعه و أفعاله و فيها الال (

الظالم و عودته قبل وصف أخالقه و عاداته أحسن تصوير و وصف غارة له يف و يف الواقع فإن ذلك . الصباح بعدما أي م النساء و أثكلهن و أيتم أوالدهن

اليت و من قصيدته الالمية خنتار هذه األبيات ره . ينسحب مبجمله على سائر شع .. توضح ما ذ كر ل أ م يل س واك م ق وم إ ىل ف إ ن ي م ط ي ك م ص دور أ م ي ب ين أ قيموا و ع رفاء ز هلول و أ رق ط ع م ل س سيد أ هل ون دون ك م و يل ج يأ ل ي هماء الع س يف اهل وج ل ه دى نت ح ت ا إ ذا الظ الم ب م حيار و ل ست ه وج ل

األ م عز إ ذا و م ف ل ل قاد ح م نه ت طاي ر م ناس مي القى الص و ان و أ فك ل و و جر إ رزيز و س عار و ص حب يت و ب غش غ طش ع لى د ع ست

/ . ٨٨أدباء العرب في الجاھلیة و صدر اإلسالم ، ص / ١

113

أ لي ل و الل يل أ بد أت ك ما و ع دت آل د ة و أ يت مت ن سوانا ف أ ي مت و أ مث ل م رارا أ قعي ق ن ة ع لى موف يا ب أ خراه أواله و أ حل قت

يف شفافية الطرح شعراء جاهليني كثر على ينسحب و ما ينطبق على الشنفرى ،

و الفخربقدر ما هو متعلق بعفوية الطرح الذي هو ليس من باب نقد الذات فهذا بالفعل ، فمن املستحيل أو غري املنطقي أن خيجل املرء من شيء يفاخر به

يستشعر بعفوية مفاخرا جبرائمه و منها القتل حيث الشاعر الزير أبو ليلى املهلهل يقول :

خ طاء امل لوك ق ت لنا ي ك ن إ ن ص وابا أ و ق ت لنا ف ق د ل بيدا احل ديدا ت ق ل ج رد ب ج ياد لوكا م امل لوك م ع و ج ع لنا

الو قودا و ن ذكي ق وم ك م ب ه س النا ي حل ف ب ال ذي احل رب ن سع ر وعيدا احل روب ن جع ل و ال ء و الف ي اإل تاو ة ل نا ت ر د وا أ و م جيدا ف ع لت فيما ف أ راين ن زار م ن ع جائ ز ت ل مين إ ن

بتعرضه للمالمة و االنتقاد من بعض العق ال و يالحظ يف البيت األخري ، اعترافه

ه يرى ذلك من األفعال و لكنه يقر بدوره أيضا أناحلكماء ( عجائز من نزار ) اخلصال احلميدة اليت تستوجب الفخر .

لي ، يتبدى يف الواقع إن إلقاء نظرة فاحصة متمعنة على جممل الشعر العريب اجلاه

لنا أنه يف صورة من صوره و شكل من أشكاله ، شعر حريب قتايل غزوي ، ، مشتمال على يتمحور مبضمونه حول القتل و القتال ، و احلرب و الرتاع

حالتني اثنني .. حالة إخبارية توثيقية توصيفية ، و حالة إعجابية فخرية . و مها سائدا يف جمتمع ما و معب را عن ذهنية ا جلعل أية واقعة متثل فكرحالتان كافيتان أفراده األساس .

114

و إذا مت استعراض قصائد الشعراء العرب يف اجلاهلية ، فقلما نعثر على قصيدة ، حىت الشعراء من ذكر للحوادث احلربية القتالية الغزوية و سرد لوقائعها ختلو

مت قصائد قصار األوائل املنقطعة أخبارهم إال على قصيدة واحد صغرية أوكانت قصائدهم متمحورة حول القتل و الغزو و احلرب و تدوينها و ذكرها ،

احلروب الداخلية . و ال يقف األمر عند هذا احلد ، حد أن يكون الشاعر ، بل تعداه إىل أن يكون الشاعر هو نفسه طرفا يف املعركة أو إخباري حمد ث

شعره متباهيا بعمله . ف نفسه يف جناية القتل و جنحة السلب و النهب ، يص، و قتال أكل قصيدة شعرية ورد فيها ذكر لقتل و إذا أردنا أن نسجل و نورد

و ضاق به خمطوطنا هذا و و سلب و ب ، لرمبا أتينا على جل الشعر العريبعلى ، لكن نورد أمثلة توثيقية إىل حد الدات و الصحائف ا متورم تضخم . ذلك

اء األ من الشعر من واحدة قصيدة له رفت ع شاعرو هو الرعالء ابن.. ١ ل و : فيها جاء أبيات ستة

ن جالء و ط ع ن ة ب صر ى د ون ص ق يل بسيف ض رب ة ر ب ما

امل لحاء سام ر ل ي ذ ود ن وآلوا الض راب راية رفع وا الدماء يف بين نا اخليل جر ت حت ى للط عن الن ف وس ف ص ب ر ن

يف يقول ، قصار قصيدتني الشعر من له رف ع املضلل ابن الشاعر كذلك : إحدامها

ع صيان ها ج د ف ق د ل ي شرى ثاد ق ع لى ت لوم بات ت أ مثان ها ثاب ق د اخل يل أ رى إ ن ين ب ه أ غ ثنا و قال ت

قبل اإلسالم . –شعراء و دواوین - الموسوعة الشعریة ١

115

ع ريان ها الق وائ م ط ويل ز فر ة ع لى أ م ر ك م يت أ قران ها ت ق ط ع ما إ ذا ج رأ ة ذا اخل يل ع لى ت راه م ر ان ها س د و ق د ع مان الق طا و رود ي ر دن و ه ن

جمموع يتجاوز مل قصيدتني سوى له ي عرف ملالذي زنة ح أم ابن الشاعر كذا و

: إحدامها يف يقول بيتا ثالثونال أبياما ساء ين و إ ن ع ريبا إ ن ق ريب و أ دىن ح بيب أ ح ب

الس الح ب شاكي ج ن ة ل ه ن فسي س أ جع ل أ ريب ن هيك الك ذوب ص د ق ته د نا ف ل م ا ق در ة ع لى ن حوي ف أ قب ل

و عيب ش د ي نج ي ن ك و ه ل م دب را ك ف ه ب ها أ حال ص بيب م نها الو جه ع لى ي سيل ث ر ة ط عن ة ف ت ب عت ه ر غيب ف ج رح م نها ي نج و إ ن آل ه ف ل م ق ت ل ته ف إ ن

: األخرى يف يقول و

و ص فراء م ن ن بع س الح أ ع د ها و أ بي ض ق ص ال الض ريب ة جائ ف صار ف الل ه ي قد ر ع م ا ه و و ال الق وى واه ن ال احل رب يف ا مر ئ ع تاد الط وائ ف م نها و ا مح ر ن واج ذ ها ب د ت إ ذا الع وان احل رب أ شه د ب ه

أبياا جمموع قصائد ثالث سوى له ي عرف مل الذي العامري ثور ابن الشاعر و : إحداها يف يقول، بيتا األربعون يتجاوز ال

الر ماح ب أ طراف ن ع يناه أ ن ا ح س ان أ با أ تى ه ل أ ال األ عداء إ ىل فا ستقل ت ن خل ة باخل يل ع لوا الذ باح بامل وت

116

و الرواح بالغ دو ت ؤ ذ ن عليها ع ل ى من اخليل جلبنا الو قاح الفرس حاف ر و ي بقى م خطآت الض وار ع ا ح واف ر ه

: فيها قال ثالث أبياتا تتجاوز مل الثانية قصيدته و

غ ل ل أ جواف ك م يف الد هر يربح ال أ سري ك م ب در ب ين س ق يتم ه ل ا اهل ب ل أ فع ل ل م إ ن ألم ي أ ال بأثؤ رة و أ وصاين اخل ليل بان م عت د ل الر مح و فيه ص داه ي دعو ب م عت ر ك ق يس أ با ت ر كت و ق د

: فيها قال فقد الثالثة قصيدته أما

ب ن فس ه أ خاه آسى كمن ف ك ن ا ن عيش م عا ي تلفون أ و و نتلف األ عادي القى إ ذا و ج مع عليهم ي م ن ال ب ق وم و جئنا ي زحف

أ حياء نطاع ن تك ش ف عنها الغيل فروع أ سود بالض حى الد ريد ين ي قص ف الل يل آخر من س رى أ يت ك أ ن نا باخل ميس ق ن وىن عل ونا ي خل ف بالق وم و الظ ن د وم ها ل نا ب دا إ ذ ت هام ة تتهي بنا ف ل م األ س ن ة و أ طراف ج هارا رؤوس ه م بالسيوف ن ف ر ي ا ظ ل لن ت رع ف

واحدة قصيدة سوى له ت عرف مل الذي الباهلي زرعة ابن اجلاهلي الشاعر هذا و

مما و. الوغى و القتال معترك و احلرب عن معظمها يف جاءت بيتا عشرين من : فيها جاء

ش طورها و ك عب ك عب لتنص ر نا ا م ذح ج و يدعون كعب بين خي ضن

117

الداء دفني و أ بدى عدو نا ك عبا أ ن ر أ ينا و مل ا ض مري ها منها ن فري ها ي حمي احل رب يف وائ ل و من ع صب ة ق ت يبة من إ ليهم ف ثار ت

و ن دير ها ها أ ركان من ن ث ل م و ر حاه م ساع ة ر حانا ف دار ت البطيء و بامل شر في ات م ذ ر ب أ صم ر د يين ب ك ل ح سور ها ي ثور ها امل خاض كإ يزاغ و ط عن م ست ق ر ه ع ن اهلام ي زيل بضرب ذ كور ها الع وايل ص م يف ي ح مح م م قد ما ي زج رن نواصيه ن و ش عث ت طري ها كاجل راد ن بل ع وائ ر أ ت تهم الع وايل ف وت سؤوا انت إ ذا ن سور ها ش باعا إ ل ا صاح ة و ال و ضار ج ق و بني ت ر كنا إ ن ف ما م هور ها و امل شر يف الق نا ص دور ن سائ ه م من امل ها بأ مثال و ج ئنا

ش مطاء ون هدية حرثي ة أ و ت ؤ م ل س يبا ب نيها من ي غري ها و ب رير ها ص مغ ها إ ل يها و عاد ع ين ها تذر ف ت ثليث إ ىل فآب ت

قصيدة سوى اآلخر هو له يعرف مل الذي الطائي عليق ابناجلاهلي الشاعر و

: فيها يقول األبيات قليلة واحدة

األ عداء ت رك و ما م صل ما م ست ذ ال إ ل ا لرأسك م سم عا و احل رب أ قدما الف وارس هاب إ ذا شجاعا الع دى إ ىل اجليوش ق و اد كان ف ىت

م حج ما الد هر سالف يف ق بل ه و ال د ما بعد ه هرقتم ما فأحلف متق س ما ب ين نا و س بيا ن هابا ف كنتم امل ج ر ي وم أ خذناك م

امل ق و ما و الو شيج ب صرى ص فائح ع واب س ش عث و اخل يل ص ب حناك م و ع لق ما م م ر ا صابا س قيناك م أ ن نا ب عد ت فخ روا ان لك م أ ىب امل ص م ما الص فيح ر و ينا مث د ما منكم الي ز ني ة صب حنا و إ ن ا

ن ساء ك م الر كاب ط ع ضاري ت سوق و مأمتا ن وحا منهن غاد روا و ق د

118

مهش ما يصيح هاما به ت ر كنا م عر ك عند قتالك م ع لى ي نحن

قليلة واحدة قصيدة له ع رف قد و السكوين عمرو ابن للشاعر بالنسبة األمر كذا : فيها جاء األبيات

و تأش بوا أ لفاف هم من سار و م ن ها بق ضيض ق ض ها ت ميم أ ت تنا ت رك ب حني الل وى و ع قبان س عال ك أ ن ها ت ردي باخل يل هلم س م ونا

أ بناء امل وت ع لى ي ك ر ها الق داح أ مثال ض وام ر فتحر ب احل روب ت شخ ب الت رائ ب منه ت رى و و خز و قع ه ش د ة اهلام ي ف ض ب ض رب ي ك ذ ب ال صاد قا الع رين أسود ك أ ن هم أ ناس م ن م صاعا ف القوا ي هر ب وآخر م غلول وآخر ل و جه ه كاب غ ري منهم ت ر ف ل م

و فاء ن ساء منهم لنا و ر بر ب عني و الس ل ان ب و جر ة ك أ ن ها ع ص بص ب ش تيم ي وم ووافاه ما أ م ه وابن عام را ق ت لنا حنن و

وأذؤ ب ع تاق ط ري ت نوش هم و ح بت ر ر ياح ابنا فيها و غود ر ه ي بوا الق وم إ ذا أ نك ل ف ل م ك رر ت ن حور ها ت دمي اخل يل رأ يت و ل م ا

ي زع ب اجل وف م ن آت ب ها ي م د بط عن ة م ن ي الر حال أ با ح ب وت فقد من ظن أن احلرب و القتل و القتال مقتصر على الرجال دون النساء و

، فمعظم الشاعرات اجلاهليات مل يك ن أحسن حاال من جانب الصواب ب . فبدل من أن يكون شعرهن متعلقا بالغزل و احلمن اجلنس اآلخر نظرائهن

حول الغزوات و احلروب ، كان متمحورا مبضمونه و جمموعه و ما إىل ذلك . و منهن على و بز وهن فيه يف مضمارهم هذا الرجال فناجزن العربية الداخلية

119

قصيدة هلا ) اجلدعاء أيب ابنة( باسم املعروفة الشاعرة ١ سبيل املثال ال احلصر أيب السيد أبيها مصرع ولح فقط مضموا متحور أبيات مثاين من واحدة شعرا فقالت ، متيم بين على وائل بن لبكر يوم هو و حروبه إحدى يف اجلدعاء

الذين اونوا و ختاذلوا يف القوم من معه كان من تذم و أباها ترثي ذلك يف : فيها قالتنصرته ،

اجل د عاء أ با لي ب ك ض ي ف م ع ي ل وأ ر م ل ة ت غ ش ى ن د ي ال فت ر م ل

ش اء ولو ن ج اه اخل ي ل من ساب ح ج م وم الس اق ني على والس و ط م ف ض ل م ح ف ل الع ار ر ه ب ة م ن فأ د ر ك ه أ ب يك م ذ مار ي ح م ي ف ىت ولكن ج اء ه إ ذ د ع و ة د ع ا ث م مال كا ي ك ومل عبد اهللا ون ه ش ل ث م

م ي ث اء بن و وغ اب ت عن ه ي كن ومل ن ع ي م بن ش ي ط ان ه ن اك وج ر و ل وت ر ك ل ت خ ب خ ي ل على ق ر ود كأ ن ه م ن ب ت أ ش ب اه د ع ا ولك ن

ي ن ك ل ل ي س ع و ر ات ه م على م ح ام بف ار س ق وم ي ش ي ب ان ف ج عت لقد ت ف ع ل ذل ك ش ي ب ان ب ن و وكان ت ل ق اؤ ه م م ر ا ش ي ب ان بين و ج د ت م

قصيدة هلا األخرى فهي ،) السهمي حذاق ابنة( باسم املعروفة الشاعرة أما

و الطبيعة أو الغزل و احلب عن ليس لكن ، أبيات عشرة من فقط واحدة حيث. املعارك و الغزوات أحدى يف ق تل الذي والدها عن بل ، الرومانسية

أباها سيخلف من حددت كما القاتل حددت و القتل جرمية و الواقعة ذكرت أن، األمور مقاليد من متكنت نإ رغبتها ختف مل و ، احلرب و القتال متابعة يف

حباهلا مكملة كاملة بقبائل تفتك و اليابس و خضراأل تأكل أهلية حبرب تتسبب : قصيدا يف جاء مما و. األبناء تيت م و اآلباء تقتل و النساء تسيب و الدماء قير

نفس المصدر السابق . ١

120

الوعر اجلبل يف امل قتول الفارس ع لى الصدر ع لى ب الدموع جودا أ عيين

اجلسر وأبا ح وشبا ل دينا ف إ ن مطر ف و ا بن حذ اق يقتلوا ف إن القطر من كاحلجارة و ع يين حذاقا أرى ه ل اليمامة ن ف تيا ت بصرت ضجر وال خنوس ال الكماة قراع تعو دوا قوم أسياف تعاوره ب صحراء ل قيت ه م تكون ال أن ل هفي ف يا وعر وال املكر ضيق ال شكر من العذارى يسبون فوارس سومت اليمامة ملك يل كان فلو شقر فسله كله دوس قبائل غزت قد اليمامة ملك يل كان ولو الدهر حدث ي كسرهم ل م م صاليت ب فتية ثاري دوس م ن أ نل ل م ف إ ن

احلجر قاتل ب ه ف ا طلب ب أيديهم حاذق مقتل كان قريشا ف إن العالء يف حذاق ب قتل حظي من نا ل ال ذي مثل ق تلهم ف في الذكر ويف

هلا بدورها فهي) العبدية عمرو بن حكيم ابنة( املسماة اجلاهلية الشاعرة أما

و احلب أو الربيع وصف أو الغزل يف ليست ، أبيات أربعة من واحدة قصيدة يف)) ناسفة بعبوة(( ق تل الذي عمرو بن حكيم السيد أبيها رثاء يف بل ، الغرام هذه يف قالت قد و ، بثأره باألخذ مطالبة فرثته ، كهمعار و غزواته إحدى

: مفاده ما القصيدة

مبطب ق شلوه و أ مسى ح كيم ث وى و ق د يؤوب أ ن ر بيع أ ي رجو مصدق ذات بأس كم م ن ج رأة ل ه ف ع ج لوا ك راما ق وما كنتم ف إ ن املخل ق املالء يف ن ساء كونوا ف ب س يوفكم نيلكم ت نالوا ل م ف إ ن

احلبل ق ك معزى إل ا أ نتم ف ما له ف ا سج دوا رب كم ربيع و قولوا

121

و هذه الشاعرة ( أخت األسود بن غفار ) من جديس ، تطلب من قومها و تنهاهم عن القتل و السلب و النهب ، فلم ينتهوا ، فنظمت التوقف عن الغزو

ثالث أبيات ، تذمهم و جوهم ا ، تقول فيها : قصيدة وحيدة هلا من

صغرا و إ ن عيبا يرى عيب و كل م نقصة الغدر هذا إن ت غد روا ال ن ظرا ل م ن ت دابري األمور و يف غدا تلك مثل ع ليكم أ خاف إ ن ي

تذرا لن و تبقي ل ن الظالمة ي غشى مت ئد غري علينا باغ ش ت ان

من متيم و اليت ضرب ا املثل يف الشؤم ، يج بنو و ها هي البسوس بنت منقذ فتقول يف قصيدة وحيدة بكر على احلرب بعد مقتل ناقة هلا على يد كليب وائل

ع رفت هلا :

ألبيايت جار وهو سعد ضيم ل ما منقذ دار يف أصبحت ل و ل عمرك شايت ع لى يعد الذئب فيها يعد م ىت غربة دار يف أ صبحت و ل كن ين غارات كل يف و الضرب ط عام و ي صدقوا ب ثأري يل ي قوموا ل م إ ذا نكبات شر ل هم الدنيا يف زال و ال ف قرهم سد وال ساعيهم آب ف ال

ذاكم هم الشعراء األ ول ... املعلقات ات ؟؟ ، فماذا عن املعلقيف اجلاهلية

، هم فحول شعرية متميزة لشعراء متميزين الشعرية يف اجلاهلية ، هي قصائد و هذه القصائد و هي الشعر . صنعتهم هذه أال و يف حرفتهم ق رمهم وأقرام

زائد رأي عموم من قبل جلان متخصصةيتم انتخاا تسمى السموط أو العقود ، و األباطح من العرب و يزكيها مجهور اجلمهور أي حيكمها سادات الشعر

و مسيت . هي شبيهة بيومنا هذا جبوائز نوبل أو األوسكار و ما إىل ذلك و قيل أن امللوك م ا علقوها على الكعبة ، أعجاألن العرب من شدة املعلقات

122

حلواشيهم .. األمراء إذا مسعوا قصيدة و أثارت إعجام الكبرية كانوا يقولون و فجاءات التسمية و الفعل من هنا ، ا هذه القصيدة لرياها الوافد و البارح علقو

و . كما بلغ من شدة إعجاب العرب باملعلقات أن كتبوها مباء الذهب رمبا . اب املعلقات . النتخقيل أن سوق عكاظ كان يشهد يف بعض أيامه مسابقات

النجاح كتب هلا ا كان لي م، املعلقات ، فإن القصائد الشعرية املسماة ب بنظرناو لسواد العرب و املقصود هنا هو و الفوز لوال حتصلها على شرط القبول الفكري

و عن العقلية و الذهنية لدى اإلنسان العريب عن الفكر السائد الرائج التعبري ف احلالة اليت كان و مايستسيغه و يفخر به اإلنسان العريب و ما يوص العربية

من السبعة و حىت العشرة املعلقات تراوح عدد هذه . و قد ة عليها يف اجلاهليرب املضمون ن ال نعترب العدد هنا بقدر ما نعت. و حنحسب اختالف الروايات

مل ختلو منه هذه الفكر احلريب الغزوي التناحري الداخلي . الذي لدينا ميثل الذي ما جاء عض بحسب أصحاا و املعلقات ، و كان عماد بعضها . و املعلقات

هي ..من ذكر للوقائع احلربية و األعمال القتالية العربية فيها

و مما جاء فيها األعشى معلقة

و ا حت م لوا ب الط و اف احل رب و ش ب ت ب نا الن فري ج د إ ن ل أ عر ف ن ك ت حت م ل عوض ك م م ن الن صر و ا لت م س ع داو ت نا ج د ت إ ن ل أ عر ف ن ك

الل قاء ع ند س ور ت نا اجل د ين ذي أ رماح ت لز م ف ت رديه م و ت عت ز ل ش ك ل أ نبائ نا م ن ي أتيك س وف أ ن ع ل موا ف ق د ع ن ا أ س د ب ين سائ ل ن فت ع ل ك يف ا ع ن ر بيع ة و ا سأ ل ك ل ه م الل ه و ع بد ق ش ريا و ا سأ ل الل قاء ع ند ن قت ل ه م ث م ت ن قات ل ه م إ ن ا و ه م و ه م جاروا ج ه لوا

ق ت ل ق وم نا يا ل أ مثال ك م إ ن ا ن قات ل ك م ال ب أ ن ا ز ع مت م ك ل ا

123

ع ج ل و ة ن س ع نه ب الراح ي دف ع م ت ك ئا الق وم ع ميد ي ظ ل ح ت ى الب ط ل أ رماح نا ع لى ي شيط و ق د فائ ل ه م كنون يف العري ن طع ن ق د

ف ن مت ث ل م نك م م ثل ه ل ن قت ل ن ص د دا ي ك ن ل م ع ميدا ق ت لت م ل ئ ن

:جاء فيها مماو حلز ة بن احلارث معلقة

ع واء ح ي ل ك ل غ وارا س النا ي نت ه ب أ ي ام ع ل مت م ه ل إ ماء م ر ب نات و فينا نا ف أ حر م ت ميم ع لى م لنا ث م الد اء الت عاشي ف في ت ت عاشوا و إ ما و الت ع دي الب غي ف ا تر كوا اجل زاء و م ن ا غاز يه م ن م ي غ أ ن ك ند ة ج ناح أ ع ل ينا

غ رباء م حار ب م ن ج م ع ت ما أ و ح نيف ة ج ر ى ع ل ينا أم الق ضاء ص د ور ه ن ر ماح هم ب أيدي ت ميم م ن و ث مانون

احل داء فيه ي ص م ب نهاب ف آبوا م ل ح بني ت ر كوه م فاء وا ث م املاء الغ ليل ي رب د و ال ظ هر ال ب قاص م ة م نه م إ بقاء و ال ر أ ف ة ال ل اق الغ م ع ذاك ب عد م ن خ يل ث م

األ نساء و د م ي ش الال ن ث هال ح زم ع لى و ح م لناه م د ماء ل لخائ نني إ ن و ما الل ه ع ل م ك ما ب ه م و ف ع لنا

: الذبياين النابغة معلقة

الن ج د امل حج ر ع ند امل عار ك ط عن يوز ع ه ح يث م نه ض مران و كان م فت أ د ع ند ن سوه ش رب س ف ود ص فح ت ه ج نب م ن خار جا ك أ ن ه

و األ دم خ ي س ت ق د م راف ق ها ف تال م شدود ة احلري ة ب ر حال اجل د د

124

ب اجل ر د ك الغ زالن اهل واج ر ب رد فان ق ها الر يط ذ يول ضات و الراك الب ر د ذي الش ؤبوب م ن ت نجو ك الط ري أ ع ن ت ها يف غ ربا ت مز ع و اخل يل

و حركته كيفية و الغارة و احلرب يف حصانه يصف معلقته يف القيس امرؤ و

: فيقول مناورته

ع ل م ن الس يل ح ط ه ص خر ك ج لمود م عا م دب ر م قب ل م ف ر م ك ر امل ر ك ل ب الك ديد غ بارا أ ث رن الو ىن ع لى الساب حات ما إ ذا م س ح م رج ل غ لي ح مي ه فيه جاش إ ذا ا هت زام ه ك أ ن ج ي اش الع قب ع لى

: و مما جاء فيها سلمي أيب بن ريزه معلقة

م نش م ع طر ب ين ه م و د ق وا ت فانوا ب عد ما و ذ بيان ع بسا ت دار كت ما

الس لم ن در ك إ ن ق لت ما و ق د األ مر م ن و م عروف ب مال واس عا ن سل م امل ز ن م إ فال م ن ت ى ش م غان م ت الد ك م م ن فيه م ي جري ف أ صب ح ب م جر م فيها ل يس م ن ي ن ج م ها ف أ صب ح ت ب امل ئني الك لوم ت ع ف ى امل ر ج م ب احل ديث ع نها ه و و ما و ذ قت م ع ل مت م ما إ ل ا احل رب و ما

ف ت ضر م موها ض ر يت إ ذا و ت ضر ذ ميم ة ت بع ثوها ت بع ثوها م ىت ف ت تئ م ت حم ل ث م ك شافا و ت لق ح ب ث فال ها الر حى ع رك ف ت عر ك م الس الح شاكي أ س د ل دى ت ق ل م ل م أ ظفار ه ل ب د ل ه م ق ذ ف الد م و ب ب الر ماح ت سيل غ مارا أ ور دوا ث م ظ مئ ه م م ن ر ع وا ما ر ع وا

م ت و خ م م ست وب ل ك ل أ إ ىل أ صد روا ث م ب ين ه م م نايا ف ق ض وا

125

: يقول معلقته يف العبد بن طرفةهذا و

أ ت ب ل د و ل م أ كس ل ف ل م ع نيت أ ن ين خ لت ف ىت م ن قالوا الق وم إ ذا أ رف د الق وم ي ست رف د م ىت و ل ك ن م خاف ة الت الع ب ح ل ال و ل ست

م خل دي أ نت ه ل الل ذ ات أ شه د و أ ن الو غى أ حض ر الالئ مي أ ي ه ذا أ ال األ عداء ي أت ك و إ ن ح مات ها م ن أ ك ن ل لج ل ى أ دع و إ ن أ جه د ب اجل هد الت ه د د ق بل امل وت ح ياض ب ك أس م أ سق ه ع رض ك ب الق ذع ي قذ فوا و إ ن امل ت و ق د احل ي ة ك ر أس خ شاش ت عر فون ه ال ذي الض رب الر ج ل أ نا

م ه ن د الش فر ت ني ر قيق ل ع ضب ب طان ة ك شحي ي نف ك ال ف آل يت الس الح الق وم ا بت د ر إ ذا ي دي ب قائ م ه ب ل ت إ ذا م نيعا و ج دت ين

: فيها جاء األبرص بن عبيد معلقة و

م حروب ح ل ها م ن و ك ل ش عوب ت وار ث ها أ رض ي شيب ل م ن ش ني و الش يب هال كا و إ م ا ق تيال إ م ا

كذوب م أ م ل ذي و ك ل م خلوس ن عم ة ذي ف ك ل م سلوب س ل ب ذي و ك ل م وروث إ ب ل ذي و ك ل

: فيها جاء العامري ربيعة بن لبيد معلقة و

ح ك ام ها و ه م ف وار س ها و ه م أ فظ ع ت الع شري ة إ ذا الس عاة و ه م عام ها ت طاو ل إ ذا و امل رم الت فيه م ل لم جاو ر ر بيع و ه م

. ل ئام ها الع د و م ع ي ميل أ ن أ و حاس د ي ب ط ئ أ ن الع شري ة و ه م

126

على معظمها الشتمال أبياا من شيء لذكر داعي فال شداد بن عنترة معلقة أما عمرو معلقة كذلكو . الغزو و القتال و بالقتل التفنن و الفر و الكر و احلرب

و التمرد و الغزو و القتل و احلرب على أبياا معظم شتمالال أيضا ، كلثوم بن . العصيان

العريب الشعر نظم أن للشعراء طبقاته يف) سالم ابن( ذكر هو كافيا .. ختاما و و العرب بني فيما الغزو و احلروب بسبب عوده صلب و منبته كان اجلاهلية يف حبسب و" . حياربوا مل و نائرة بينهم يكن مل أم قريش شعر قلل الذي" أن

باقي مع حروا كثرة سببه و بربيعة أوال ض قد اجلاهلي الشعر فإن الدارسني . ١القبائل

الفكر الديين يف اجلاهلية :

أديان عدة خمتلفة ، منها الوضعية الوثنية و منها السماوية تنازعت اجلاهلية

سالم . (اليهودية و املسيحية ) و قد ختمت باإلمنذ بداية عهدها أول ديانة مساوية تسربت إىل جزيرة العرب ، فهي اليهودية أما

بعد خروجه من مصر حيث ، أي منذ عهد موسى ٢حسب بعض الروايات و منها إىل بالد العرب . و يف روايات أخرى رمبا هي انتشرت يف فلسطني

أو تنصر خبلي على يد األرجح ، أا وفدت إىل جزيرة العرب بعد السيب الباب ضو بعد تدمري القدس و اهليكل على يد الرومان ، حيث التجأ بع، نبوخذ نصر

إىل جزيرة العرب و حتديدا احلجاز عن طريق البحر اليهود الناجني من اازر األمحر أو السواحل املتامخة له أو من بالد الشام و فلسطني ، خوفا من بطش

( كرب تبان أسعد ) الذي األول اليمن عن طريق تب عو منها أفرعت يفالرومان

/ . ٤٠/ ص ، العرب أدباء ١ / . ٢٠١أدیان العرب في الجاھلیة ، ص / ٢

127

ت ب ع ق و م أ م خ ي ر ( أ ه م الذي ورد ذكره بالقرآن الكرمي املقصودرمبا كان هو )٣٧:الدخان( م ج ر م ني ) ك ان وا إ ن ه م أ ه ل ك ن اه م ق ب ل ه م م ن و ال ذ ين

. )١٤: ق () و ع يد ف ح ق الر س ل ك ذ ب ك ل ت ب ع م و ق و ال أ ي ك ة و أ ص ح اب ( و ملا أراد دخول اليمن ، منعته ح مي ر من الصاحلني عربيا و قيل أن تب ع هذا كان

١فقال هلم " إن ديين خري من دينكم "اليت كانت تعبد األوثان ، من الدخول ، ففاز و معه حربان يهوديان فطلبوا منه االحتكام إىل النار و صودف أن كان

.و أفرعت اليهودية نتيجة لذلك يف اليمن نصرته النار فتهودت ح مي ر آخر بوحشتها و قفرا و جماهل فيافيها املمتدة ، حتمل بعدا و مبا أن الصحراء

و االطمئنان و العزلة عما جاورها من هو ب عد األمان وعلى بعدها هذا أال بقاء . و قد .. و تاليا د القت اليهودية فيها أمانا و استقرارا عوامل جغرافية ، فق

سكن اليهود يف أماكن عدة من جزيرة العرب منها يثرب و اليمن و اليمامة و و إضافة إىل بعض من نواحي اليمن ، فقد . ٢ يف مكةأقاموا بعض جتارهم

العرب الذين ئل القت اليهودية رواجا هلا و اعتناق جزئي أو كلي يف بعض قبابن كعب دان بعض أفرادها باليهودية و منهم بنو منري و بنو كنانة و بنو احلارث

و من أشهر و رمبا سرت إليهم من يهود تيماء و يثرب و خيرب . ٣و بنو كندة و حادثته ، من سكان خيرب ، بن غريض بن عادياء األزدي السموآل شعرائهم

ناء أسلحته و كراعه أثاألخري ندما استودعه عاملشهور مع امرؤ القيس الشاعر إىل السموآل يف احلارث ( األعرج ) بن أيب مشر ، فجاء لقيصر الروم ذهابه

صادف ذلك ، و ت، فرفض السموآل حصنه و طلب منه موجودات امرؤ القيس أن السموآلمسك به احلارث و طلب من أن كان ابن له خارج احلصن فأ

، فلم يفعل السموآل ، فقام احلارث أو يقتل ولده يسلمه السالح و الكراع

/ . ٣٥أدیان العرب قبل اإلسالم ، ص / ١ / . ٢٢٠المصدر السابق ، ص / ٢ / . ٢٠١أدیان العرب في الجاھلیة ، ص / ٣

128

" أوىف من بوفاء السموآل فقيل ، و نتيجة هلذه احلادثة ، ض رب املثل بقتل ولده مسوآل " و قال السموآل نفسه أبياتا ذه احلادثة جاء فيها :

و ف يت أ قوام خان ما إ ذا إ ن ي الك ند ي ب أ در ع و ف يت م ش يت ما أ غد ر و الل ه ف ال ر غيب ك رت إ ن ه وا و قال ب ن يت ما س م وأ ل يا ت ه د م ال ب أ ن ق دما عاد يا و أ وصى

أ ت يت ق د و م جد خ ش ب و ال طني ب غ ري ب ن يت ق د و ب يت

لعربية إىل جانب و هنالك بعض الروايات أن اليهود قد استنسخوا كتبهم با للرسول (ص) متسائال عن أنه قال ١، ففي حديث لسويد بن الصامت العربية

و ما هذا القرآن : لعل الذي معك مثل الذي معي ؟؟ فقال الرسول (ص) : . قال سويد : جملة لقمان . فقال الرسول : اعرضها علي الذي معك ؟؟

ذي معي أفضل من هذا ، قرآن إن هذا لكالم حسن و ال فعرضها عليه فقال له : أنزله اهللا تعاىل هو هدي و نور .

خرزها يف مواطن كثرية من جزيرة العرب ، بل رز أن شوكة اليهودية مل ختعلى كان ديدا و بالنسبة للعرب ، بالدرجة األوىل منحصرة باليهود أنفسهم كانت

و ذلك ألسباب عدة ..إما كلي حمدود أو جزئي أو مؤقت ضد الوثنية ، هذه الديانة متوضعها فور ظهورها على خط املواجهة ل :األوـ

نفسه و إىل اآلن ، و مل تنفع معها القوية اليت ظهرت رمبا مع ظهور اإلنسان أو عقائد أخرى يف اإلزالة أو اإللغاء ، لكن رمبا يف التحوير . و الوثنية أديان

جدت تفامها هلا معوة العرب و يف اجلزيرمنتشرة انتشار النار اهلشيم هذه كانت . ثر من نظرياا السماويةالبيئة و العقلية العربية أك

/ . ٢٣٥أدیان العرب قبل اإلسالم ، ص / ١

129

دين توحيدي خالص و جامد يف آن معا ، ال يقبل كون اليهودية ـ الثاين :بعض املفاصل الفكرية املناورة و التغيري يف بنوده األساس ، و اختالف ذلك مع

ال جيد العريب مناصا للفكاك منها أو ااوزة اليتو العقلية و العادات العربية على ، مبين الصارمة . فكثري من أحكام و شرائع اليهودية و طقوسها عنها

و اخلضوع ، و ذلك ما ال يسلس له قياد الوعي االلتزام و املشقة و الطاعة ماا كانت بالنسبة إليه حرمان من امتيازات و عادات العريب ، كما أن حمر

اجلنسية العالقات وجمرى الدم يف العروق ، كبعض املأكوالت احملرمة هي فيجترمعيشته تكون ، أو و ال ميكنه جتاوزها و التصرفات و األفعال اليت اعتاد عليها

لكن ضمن أن اليهودية تبيح القتال قائمة عليها . و من أمثلة ما جيري على ذلك ، و بات دينية معينة أو دفاعية أن يكون ضمن مستوجاألول شرطني أساسني ..

، و راة )و( هو التحرمي يف التالغنائم و تقضي حبرقها أو إتالفها الثاين أا حتر م يف يف أحسن األحوال عدم استخدامها . بينما الغزو عند العرب كان قائما

السلب و النهب و االنتفاع مبتاع الغري . على أساسه للجزيرة العربية و انتشارها يف املناطق املتامخة ظهور املسيحية و ـ الثالث :

دخوهلا إىل بعض مناطق اجلزيرة مرتكزة إىل األنظمة السياسية احلاكمة يف بعض ، و هي مناطق مجيعها تدين املمالك ااورة كمصر و احلبشة و بالد الشام

ليت و هي بدورها مدعومة من الدولة الرومانية األقوى عامليا و ابالنصرانية . و عند أول اصطدام بني اليهودية و املسيحية يف اجلزيرة أصبحت دولة مسيحية

على أومن التفوق باآللة العسكرية و إزاحة اليهودية العربية ، متكنت األخرية ميشها إىل أقصى احلدود . األقل

. اليهودية بطبعها ليست ديانة تبشريية ـ الرابع :

عن طريق التبشري أساسا ، ية ، فقد دخلت اجلزيرة العربية أو النصرانأما املسيحية ، بواسطة الرهبان املبشرون أو املنقطعون و مصر من ختوم اجلزيرة ، كبالد الشام

130

يف اجلزيرة و قبوال رواجا و القفار . و قد القت النصرانية لون يف الرباري و املتبت ا ، قياسا بالنسبة إىل اليهودية ، و نظرا ملرونتها رمبالعربية ، أكثر من اليهودية

استنادا إىل قول املسيح (ع) ، وصلب تعاليمها كوا ديانة تبشريية يف أساسهاو قال هلم اذهبوا إىل ( لتالمذته و حواريه بعد جتليه هلم ، حسبما جاء باإلجنيل

. ) ١٥-١٦( مرقس ) العامل أمجع و اكرزوا باإلجنيل للخليقة كلها هو كون النصرانية مدعومة من الدول و املمالك ااورة و اليت الثاين األمر

حكم سياسي ، على عكس اليهودية اليت كانت تفتقر إىل نظام كانت تدين ا يف حكم ( ذي مثال إال يف حاالت نادرة جدا و أماكن حمدودة كما يف اليمن

. نواس ) تغلب و ربيعة و بنو عدة منها يف قبائل عربية و قد القت املسيحية انتشارا

ظهر غسان و التنوخيون وبنو طيء و أهل احلرية و ملوكها . و من كل هؤالء ، فكان منهم األساقفة و الشمامسة و بعض رجال الدين ذوو املراتب الدينية

على سبيل املثال .. كانوا على النصرانية و منهم غريهم و عدة من شعراء العرب حامت - النصراين بن قبيصة - الطائي حنظلة - و دياأل وهفاأل -امرؤ القيس

املهلهل –أسد ابن روحان بن الرباق النصر أبو - قبيصة بن إياس - الطائي قس - ح ل ز ة بن احلارث - كلثوم بن عمرو -سامل الزير و أخوه كليب وائل

ن العبد و طرفة ب جرير بن عبد املسيح املشتهر باملتلمس و ابن أخته –ساعدة بن . ١غريهم

بدورها و بالرغم من كل ما تقدم ، مل تستطع التغلب على على أن املسيحية من اخلضوع ألسباب عدة أبرزها أنفة العريب بشكل عام الوثنية أو إقصاءها

، ببعض الطقوس املعقدة بالنسبة إليه للسلطة خال سلطة القبيلة ، و التقيد كرية و هو التسامح و غض الطرف يحية الفيضاف إىل ذلك أحد أهم أسس املس

العرب في الجاھلیة بانتسابھم للنصرانیة . تجدر اإلشارة إلى وجود لغط حول بعض الشعراء ١

131

من األحوال للعريب ل أمور ال ميكن بأي حا ي، و هعن اخلطأ و الظلم أو الثأر أن نتخيل عمرو من الظروف . و أنه ملن املضحك أن يقبل ا حتت أي ظرف

أم األخري قالت ألمه .. أنبن كلثوم الذي قتل امللك عمرو بن هند فقط رد أن نتخيل أن أحدهم قد ضربه على خده األمين اوليين الصحن . من فضلك ن

. و سيكون مشهدا طريفا أن نتخيل ذلك مع كليب فأدار هذا له اخلد األيسر . يضاف إىل ذلك أيضا أن أعراف القبيلة و أي شخص آخر أووائل التغليب

على و كانت هي املهيمنة سلطتها و سطوا ، كانت أقوى من سلطة الكنيسة املسيحية حبذافري طقوسها و تعاليمها ، إت باعصحراء اجلزيرة العربية . فقد كان

و هو ما مل حيصل يعين بكل بساطة ، التوقف عن الغزو و القتال و طلب الثأر أبدا يف اجلاهلية .

، فإا قد متاهت لكن املسيحية و إن مل تستطع إقصاء الوثنية أو التغلب عليها ، أو حبال آخر كانت مرنة معها ، فهي أساسا قائمة على ا معها و ساير

، بل بتعاليمها نفسها ، للوثنية التسامح و ذلك ليس من باب قبول املسيحية تلكم لعرب البادية النصرانيني الذين استطاعوا يف اية األمر أن ميازجوا ما بني

لعريب الذي يعيش يف ا اعتناق. و كثرية هي احلوادث اليت تشري إىل الديانتني و رمبا يكون هو األمر . من تعاليمها و نبذه اآلخر ، ات باعه قسم للنصرانية البادية

مسيحية يف يومنا هذا حول توصيف و تقييم نفسه الذي أدى إىل اللغط احلاصل فهذا الشاعر النصراين جابر بن آنفا . و منهم املذكورينبعض الشعراء العرب

لكنه حيرص على أن ينوه إىل ز قصيدة يفتخر فيها بنصرانيته حين التغليب يرجتو هي التسامح و نبذ القتال فيقول و يستهجنها . ا يقر أمور ا ال يقبلها أو

..

ب هراء ز ع م ت و ق د الد م إ ىل ت خوض ال ن صارى ر ماح ر ماح نا أ ن م قس م آل ي ة آىل إ ذ ش ر حبيل ر ماح نا أ زال ت ق د الك الب ف ي وم

132

ش ق اء ظ هر ع ن ح ن ش أ بو ف أ زال ه أ رماح نا ل ي نت ز ع ن ص لد م و ل لف م ل لي د ين ص ريعا ف خ ر ل ه ا ت ىن ث م ب الر مح ت ناو ل ه

األ سد م ن ام ض رغ و ف رو ة سال خ أ سو د ج لد م ن ا الناس ي رى ض يغ م ب ش نعاء ج بين ه ص ف قنا ه م ام بن و ع مر ت شفي ص ور ة امل ت ظ ل م

الفكر الطقوسي املسيحي و مع ناقض متاما تواضح أن هذا الشعر يو من ال

التعاليم املسيحية . بعضها يف و النصرانية على أنه الروايات بعض يف قيل الذي الطائي حامت هذا و

: يقول هلا مقارب أنه اآلخر أ ت ن ص را أ ن خ فت ح ت ى ب ل حيان و دار ة ناب ب ني أ سعى ز لت و ما ك أ شالء و إ ن ي أ غب را الو جه ساه م إ ل ا احل رب أ خا ت رى و ل ن الل جام

ش م را احل رب ساق ها ع ن ش م ر ت و إ ن ع ض ها احل رب ب ه ع ض ت إ ن احل رب أ خو

و هذا عمرو القضاعي قد خلط الوثنية مع النصرانية مع احلرب و الغزو فقال :

و د ماء أ ما مائ رات ت خال ها ع لى ق ن ة الع ز ى الن سر أ و ع ند ما ١ ٢ م ري ما بن امل سيح لني األ بي أ بيل ه يك ل ك ل يف الر هبان ق د س و ما ص م ما الض ريب ة القى إ ذا ح ساما ل عل ع ي وم عام ر م ن ي ه ز ل ق د

و كان هلم صالت قوية ، قد ودوا أو بعضهم نو هاهم األوس و اخلزرج الذي

و عندما نزلوا املدينة عند سيل العرم ، مع اليهود يف املدينة ، اجتماعية و دينية

الع ز ى و نسر من أصنام الجاھلیة . ١ أبیل اإلبیلین لفظة كان یطلقھا عرب الجاھلیة على المسیح (ع) . ٢

133

من خنل و زرع و ماشية و كانت املوارد االقتصادية و الزراعية بيد اليهود أرض، فلبثوا يف املدينة حينا مث استنجد سيدهم مالك بن العجالن بأيب جبلة

بعلية القوم من اليهود . و قد من الشآم ، فجاء هذا جبيشة له و فتك الغساين .. قالت الشاعرة سارة القريظية تبكيهم و ترثيهم

الر ياح ت عفيها ح ر ض ب ذ ي ش يئا ت غن مل ر م ة بنفسي والر ماح اخلزرجية س ي وف أتلفتهم قريظة من ك ه ول املاء ألجل ها مير ث قل ذات والرزية ر ز ئنا الق راح ر د اح ح رب د وم هنالك حلالت حبرب هم أذ نوا ولو

و األقدم كذلك . و قد يف جزيرة العرب أما الوثنية فقد كانت هي الطاغية

كوا الوثنية حضورها بالصحراء و اجلزيرة العربية و ما تامخها ، وجدت باألساس كانت ضاربة جبذورها منذ القدم و منذ نشوء اإلنسان و ظهوره على

يف يف حضورها و . و قد نازعت و ال تزال األديان السماوية هذه اخلليقة الوثنية تسمية و وجودها ، سواء على األرض أم يف عقلية اإلنسان و تفكريه . فقد مت و لذلك .جاءت من الوثن و هو يف اللغة .. الصنم و الصورة و اجلسم

يفو بنظرنا فإن قوة الوثنية . أي األصنام أا عبادة األوثان ىتعريف الوثنية علتركت لإلنسان حرية أا يف بالدرجة األوىل يكمن ،حضورها العقلي البشري

أن اإلله هو الذي يسن القوانني . و مبا يفه و قولبته على هواه ياختياره إلهله و تكو حيدد احلالل و احلرام ، فهذا يعين بصورة من الصور أن اإلنسان و الطقوس

حيصل يف و هو ما كانهو الذي حيدد لنفسه ما حيل له و ما حيرم عليه أصبح الذين هم حيث كان امللوك و الفراعنة و احلكام احلضارات القدمية و شعوا

و يف صورة متأخرة من صور و يسنون القوانني باسم اآلهلة . عون اإللوهية يد . كآهلة ت عبد خذت احلجارة و املنحوتات و احليوانات ، ات الوثنية

134

أشكال أخرى منها مبدأ وحدة و مقوماا ، كما إن الوثنية تتخذ خبصائصها و هي مبدأ وثين كونه مفهوم الطبيعة املادية الوجود الذي يقوم يف صميمه على

يعتمد التجسيد بشكل من األشكال . و منها أيضا مبدأ تعدد اآلهلة مبعىن عبادة . على أنه و بنظرنا فإن أخطر ما تقوم عليه الوثنية و تعتمده آهلة عدة يف آن معا

ميكن أن يتصف ا دين أو فكر خطر من أي مفهوم أو صفة أو عامل و هو أو قد بلغ و هي رمبا مل توجد يف أي فكر أو دين أو أيديولوجية أخرى . . معني

من خطورة هذه الصفة أن جعلت الوثنية و هذا بنظرنا أن تكون هي الطاغية و ميزت ( رمبا مليزة اليت هذه الصفة أو االسائدة و املتغلغلة اليوم يف العامل كله .

أي قبوله حصرا ) الفكر الوثين ، هو .... قبوله بالتعامل مع املفهوم التوحيدي بالتوحيد و قبوله مبقولة إله واحد و لكن ... و لكن ... من مبدأ الوثنية و

و أن يكون هنالك أي أن ينطلق التوحيد من رحم الوثنية نفسها ، شروطها هي جتلت بإشكالية نعتقد بقوة أا أشكلت على اجلميع و و هي قضية إشراك .

و هي بنظرنا ال تزال تلقي بآثارها إىل وقتنا احلاضر خفية غري واضحة املعامل ك فلماذا أنا أقبل ..السبب الرئيس يف الصراع بني الوثنية و التوحيدية من باب

ي . هذه هي قبلين أنت بشروطتأنا أقبلك بشروطك فلماذا ال أنت ال تقبلين .. إىل اليوم على الفكر اإلنساين و اليت شكلت اإلشكالية اخلطرية اليت ألقت بظالهلا

و هو . دمياغوجية مبهمة ضبابية مرحية للفكر الغريزي املصلحي اإلنساين بالضبط ما يفسر لنا الصراع املرير الطويل بني اليهودية و بقية أديان الشعوب و

نتيجة إلصرارهم من اضطهاد و جمازره اليهود املمالك األخرى و ما تعرض ل. و حذر منه . و هو أيضا بالضبط ما نوه له القرآن على فكر التوحيد صافيا

فالعرب عرفت التوحيد و أقرت به و بالوقت ذاته ات بعت األوثان حيث اعتربا مع وجود أداة للتقرب من اهللا . و كان بعضهم يقول أثناء الطواف بالكعبة

، احلرام البيت حج أرادت إذا العرب كانت فقد. " لبيك اللهم لبيك " األصنام

135

و ، الكعبةإىل يصلوا حىت تلب ت مث عنده صلوا و صنمها عند قبيلة كل وقفت .. ا اخلاصة تلبيتها قبيلة لكل كان

!!!! . ؟؟؟ لك شريك ال لبيك ، لبيك اللهم لبيك: قريش تلبية فكانت و الدعاء يوم التعريف يوم اليوم ، لبيك اللهم لبيك: كنانة تلبية كانت و

. الوقوف التواين أهل أسد بنو أقبلت رب يا، لبيك اللهم لبيك: أسد بين تلبية كانت و . إليك اجللد و الوفاء و قد ، تراها قد متيم عن لبيك لبيك ، لبيك اللهم لبيك: متيم بين تلبية كانت و

. دعاءها لرا أخلصت و ، وراءها من ثوابأ و أثواا أخلقت عيالن و قيس أتتك ، الرمحن أنت لبيك ، لبيك اللهم لبيك: قيس بين تلبية و

. الركبان و راجلها قد و املال أخلفوا و أتوك قد ثقيفا إن ، اللهم لبيك: ثقيف تلبية كانت و

. رجوك . خيل و إبل يف ، بليل أدجلوا قد ، هذيل عناللهم لبيك: هذيل تلبية كانت و سامعة ةربيع عن لبيك ، إليك قصدنا إنا ، لبيك لبيك ربنا لبيك: ربيعة تلبية و

. مطيعة لرا و حاشد من احلليفني و مهدان و محري عن اللهم لبيك: مهذان و محري تلبية و

. أهلان . مثاب لك مللك اخلطاب فصل تعلم ، األرباب رب لبيك: األزد تلبية و . العزى و الالت رب و الشعرى رب لبيك: مذحج تلبية و أنت.. لكه أو متلكه ، لك شريك ال لبيك: حضرموت و كندة تلبية و

. فاتركه حكيم . الفرسان و راجلها.. غسان رب لبيك: غسان قبائل بين تلبية و . خميلة و بارق يف جبيلة عن لبيك: جبيلة تلبية و

136

. طاعة و له مسعا .. دف اعة لرا.. قضاعة عن لبيك: قضاعة يةتلب و . األحالم و النهى ذي.. جدام عن لبيك: جذام تلبية كانت و . ١ حمج با مضببا مستترا ، عجبا بيتا للرمحن حنج: أشعر و عك تلبية و

لبس فيها خالصة ال أن مالحظة جمردة للتلبيات السابقة ، تعطي صورة توحيدية . و أي مط لع أو قارئ أو سامع لتلك التلبيات ، سيخرج على الفور بنتيجة

. و لكن .. و لكن .. هذه األدعية الدينية مؤداها أن هذا دين توحيدي خالص ؟؟ و مبشاركة من ؟؟ لقد كانت أمام األوثان و من أمامالتوحيدية ، كانت

لكن من رحم نت عملية توحيدية مبشاركتها و بواسطتها و من خالهلا . لقد كا و منطلق وثين .

حيث حمذرا و قد أورد القرآن الكرمي هذه القضية و أشار إليها فيما بني الدفتني ..جاء

ل ي ق ر ب ون ا إ ل ا ن ع ب د ه م م ا أ و ل ي اء د ون ه م ن ات خ ذ وا و ال ذ ين ال خ ال ص الد ين ل ل ه أ ال( م ن ي ه د ي ال الل ه إ ن ي خ ت ل ف ون ف يه ه م م ا ف ي ب ي ن ه م ي ح ك م الل ه إ ن ز ل ف ى الل ه إ ل ى . )٣:الزمر() ك ف ار ك اذ ب ه و الل ه ل ي ق ول ن و ال ق م ر الش م س و س خ ر و ال أ ر ض الس م او ات خ ل ق م ن س أ ل ت ه م و ل ئ ن (

. )٦١:العنكبوت() ي ؤ ف ك ون ف أ ن ى ل ي ق ول ن م و ت ه ا ب ع د م ن ال أ ر ض ب ه ف أ ح ي ا م اء الس م اء م ن ن ز ل م ن س أ ل ت ه م و ل ئ ن ( . )٦٣:العنكبوت() ي ع ق ل ون ال أ ك ث ر ه م ب ل ل ل ه ال ح م د ق ل الل ه ب ل ل ل ه ال ح م د ق ل الل ه ل ي ق ول ن و ال أ ر ض الس م او ات خ ل ق م ن س أ ل ت ه م ل ئ ن و (

. )٢٥:لقمان() ي ع ل م ون ال أ ك ث ر ه م م ن ت د ع ون ا م أ ف ر أ ي ت م ق ل الل ه ل ي ق ول ن و ال أ ر ض الس م او ات خ ل ق م ن س أ ل ت ه م و ل ئ ن (

/ . ١٣١، ص / القدیم العرب تاریخ ١

137

ه ن ه ل ب ر ح م ة أ ر اد ن ي أ و ض ر ه ك اش ف ات ه ن ه ل ب ض ر الل ه أ ر اد ن ي إ ن الل ه د ون م م س ك ات ر ح م ت ه ح س ب ي ق ل الل ه ع ل ي ه ي ت و ك ل ال م ت و ك ل ون ()٣٨:الزمر( .

الداعمة األمثلة أحد هي ،) ص( الرسول مع صلتح اليت الغرانيق حادثة و قومه تويل) ص( الرسول رأى ملا" ١النبوية السرية يف جاء حيث ، املقولة لتلك أن نفسه يف متىن ، اهللا من به جاءهم مما مباعدم من يرى ما عليه شق و عنه حرصه و قومه حبه مع ه يسر كان و. قومه بني و بينه يقارب ما اهللا من يأتيه

و نفسه بذلك حدث حىت ، أمرهم من عليه غلظ قد ما بعض له يلني أن عليهم ضل ما * هوى إذا النجم و يف سورة النجم ( جل و عز اهللا فأنزل ، متناه

تعاىل قوله إىل انتهى فلما . اهلوى عن ينطق ما و * غوى ما و صاحبكم ما لسانه على الشيطان ىألق) األخرى الثالثة مناة و * العزى و الالت أفرأيتم(

إن و العلى الغرانيق تلك( هو و قومه به يأيت أن يتمىن و نفسه به حيدث كان ذكر ما أعجبهم و سرهم و فرحوا ، ذلك قريش مسعت فلما) لترجتى شفاعتهم

، السورة ختم و منها السجدة إىل انتهى فلما ، له السمع فأصاخوا. آهلتهم به يف من سجد و به جاء ملا تصديقا نبيهم سجود موناملسل فسجد ، فيها سجد

يف يبق فلم ، آهلتهم ذكر من مسعوا ملا غريهم و قريش من املشركني من املسجد كبريا شيخا كان فإنه املغرية بن الوليد إال ، سجد و إال كافر ال و مؤمن املسجد

تفرق مث. عليها فسجد البطحاء من حفنة بيده فأخذ ، السجود يستطع فلم فقالوا آهلتهم ذكر من مسعوا ما سرهم قد و قريش خرجت و املسجد من الناس

إن و العال الغرانيق أا يتلو فيما زعم و الذكر بأحسن آهلتنا حممد ذكر قد: الرسول أصحاب من احلبشة بأرض من السجدة بلغت و. ترجتى شفاعتهن

جربيل فأتى. رونآخ ختلف و رجال منهم فنهض ، قريش أسلمت قيل و) ص( ما الناس على تلوت لقد!! ؟؟ صنعت ماذا حممد يا: فقال) ص( الرسول) ع(

. /٨٥/ص ، النبویة السیرة ١

138

) ص( الرسول فحزن. لك يقل مل ما قلت و ، جل و عز اهللا عن به آتك مل كان و جل و عز اهللا فأنزل. كبريا خوفا اهللا من خاف و شديدا حزنا ذلك عند متىن رسول ال و نيب قبله يك مل أنه خيربه و مراأل عليه خيفض و يعزيه ، رحيما به

على ألقى كما أمنيته يف ألقى قد الشيطان و إال ، أحب كما أحب و متىن كما األنبياء كبعض أنت فإمنا أي. آياته أحكم و الشيطان ألقى ما اهللا فنسخ. لسانه

إ ذ ا إ ل ا ن ب ي و ال ر س ول ن م ق ب ل ك م ن أ ر س ل ن ا و م ا( جل و عز اهللا فأنزل. الرسل و آي ات ه الل ه ي ح ك م ث م الش ي ط ان ي ل ق ي م ا الل ه ف ي ن س خ أ م ن ي ت ه ف ي الش ي ط ان أ ل ق ى ت م ن ى . )٥٢:احلج() ح ك يم ع ل يم و الل ه

ارك اهلجومية و ما الصراع املرير بني الرسول (ص) و مشركي قريش و املع شنوها عليه و على اإلسالم إال بسبب هذا املفهوم . الضارية اليت

١منها يف ذلك روايات عدة لجزيرة العربية ، فإندخول الوثنية لخبصوص أما

و يف مكة ، ضاقت عليهم ملا كثرت ذريته أن امساعيل (ع) ابن إبراهيم (ع) و كان كل من خرج بعضا وقعت بينهم احلروب و العداوات و أخرج بعضهم

تعظيما له و ( الكعبة ) منهم من مكة ، حيمل معه حجرا من حجارة بيت اهللا يضعوه و يطوفوا به طوافهم بالكعبة على تربكا به ، فكانوا يف حلهم اجلديد

بعد زمن ، أن عبدوا ما فصار م األمر منهج أجدادهم إمساعيل و إبراهيم . . ا عليه و استبدلوا دين إبراهيم دينا جديدا استحبوا و نسوا ما كانو

أن اليونان و الرومان كانوا قد محلوا أديام و عقائدهم ٢و يف رواية أخرى . و عبادة األصنام الوثنية معهم إىل بالد الشام و باديتها ، فأخذت العرب عنهم

ن حلي عبادة و دعا العرب إليها ، كان عمرو ب األصنامقيل إن أول من اختذ حيث كان يف بعض جتارة له إىل بالد الشام و أطراف العراق ، فأصاب من

/ . ١٢٩أدیان العرب في الجاھلیة ، ص / ١ / . ٢٧لعرب في الجاھلیة و صدر اإلسالم ، ص / أدباء ا ٢

139

هنالك مخسة أصنام اجتلبها معه إىل مكة و وضعها يف الكعبة و دعا إىل عبادا فأ جيب له .

مكة و منصوبة يف يف كانت موجودةتعبد هلا العرب و من أشهر األصنام اليت .. الالت و العز ى و مناة و حسب الروايات ثالثة الكعبة و أشهرها ، األوثان ال

أو حي من أحيائهم ، فإن كل واحد منها كان خمتصا ببطن من بطون العرب . و يأيت فكانت الالت ألهل الطائف و العز ى ألهل مكة و مناة ألهل املدينة

ما يبدو خمتصا بأمور الثالث ، ه بل الكبري الذي كان على بعد هذه األصنامو احلياة اليومية ، فكانوا يستقسمون عنده باألزالم و فلك و احلظ و البخت ال

و بشكل عام ، فإن العرب قد عظ مت هذه األوثان و غريها و القداح . قصدوها من كل ناحية و حدب و صوب .

قوم ا و الشام أرض إىل خرج قد كان حلي بن عمرو فإن ١ أخرى رواية يف و! ؟؟ تعبدون أراكم اليت األوثان هذه ما: هلم فقال ألصناما يعبدون العماليق من

. فن سقى منها نستسقي و فتنصرنا نستنصرها ، نعبدها أصنام هذه: فأجابوه الذي اهللا بيت عند العرب أرض إىل به فأسري منها واحدا تعطوين أال هلم فقال و مبكة الكعبة إىل به فجاء) ه بل( له يقال صنما فأعطوه ؟؟ العرب إليه ت ف د

) نائلة و إساف( مها صنمني معه استحضر التالية السفرة يف و. بإزائها وضعه بالبيت طافوا إذا احلجيج فكان ، البيت أركان من ركن على واحد كل وضعو

ذلك بعد يلبثوا مل و. حجهم به ختموا و عادوا مث لوه فقب بإساف بدأوا احلرام على آخر نصبوا و) الريح جماور( له يقال صنما الصفا جبل على وضعوا أن

و احلرام البيت إىل حجت إذا العرب كانت و) . الطري مطع م( له يقال املروة تقربنا ألا نعبدها إننا: فيجيبوهم خزاعة و قريشا عنها سألوا ، األصنام رأوا ، منها حي و بطن و قبيلة كل اختذت ، ذلك العرب رأت فلما. زلفى اهللا إىل

/ . ١٣٠ ، ص / القدیم العرب تاریخ ١

140

مهذان و حلمري كان و) ود ( يدعى وثن قضاع و لكلب فكان يعبدونه وثنا ) الع ز ى( لغطفان و) س واع( لكنانة و. بصنعاء منصوبا ) نسر( آخر يسمى

ذو( إياد و لربيعة و) الفلس( لطيء و) اخللصة ذو( خثعم و جبيلة و هلند و) الالت( لثقيف كان و ، العراق أرض خومبت منصوبا كان الذي) الكعبات ذو( لدوس و ، بفدك منصوبا ) مناة ( اخلزرج و لألوس و بالطائف منصوبا ) . سعد( كنانة و لبكر و) الكفني

باملقابل أوثان صغرية احلجم دت و ج ثابتة ، أوثان ضخمة هنالك كانت كما و و بعضها كان مصنوعا اخلشب قابلة للنقل و احلركة ، مصنوعة من املعادن أو

و هذه األوثان . من التمر ، فإذا ما جاع صاحبه أو عابده ، التهمه من فوره لألوثان الكبرية الثابتة قد ص ن فت على أا من الدرجة الثانية قياسا ةاألخري

تقل أمهية عنها من حيث املنصوبة يف الكعبة أو املواقع اهلامة . فهي بنظر العريب و املنفعة يف آن معا . القدرة

الوثنية عند عرب اجلاهلية قبوهلا الواسع العريض ، و ضربت جبذورها لقد القت ، فهي قد متاهت مع الصحراوية و العقلية الفكرية للفرد العريب يف عمق التربة

، فلم تكلفهم ما البيئة االجتماعية و العادات و األعراف القبلية لعرب اجلاهلية ، تركتهم و رغبام و اعتربت نفسها غري بل على العكس تهم هو فوق طاق

و الطقوس و الشرائع معنية بفعاهلم و تصرفام و أعماهلم ، فلم تسن هلم احلدود حضتهم على حالل ممقوت و ال هي تهم كما يف األديان السماوية .. فال هي

ل طبائع اإلله فكرية دينية حوعن حرام مرغوب . كما أا مل تدخلهم يف مآزق و وصفه و تشخيصه و صوره و جتلياته و صفاته ، و مل حتشرهم يف آتون مسائل

املنصرف إىل أمور أخرى . و دينية ذات إشكالية فكرية تتعب تفكريهم البسيط أعفتهم من التفكري يف قضية اآلخرة و مفهومها و حياة ما أيضا يف الوقت نفسه

ساب أو يوم القيامة . كما مل تناقشهم يف جرائر بعد املوت و يوم الدينونة أو احل و موبقام . أفعاهلم

141

و بناء عليه و عليه بناء ، فقد ركن العريب البسيط حبياته البسيطة و بيئته لكسب الصحراوية البسيطة املتقشفة املقفرة اليت فرضت عليه شروطا قاسية

.. ركن هذا الرزق و عدم استقرار فكري بسب الترحال طلبا هلذا، الرزق العريب إىل الوثنية آمنا مطمئنا و آنس هلا رشدا و متسك ا و دافع عنها و قاتل

. ألجلها

: اجلاهلية يف املعتقدات و األساطري باملعتقدات يسمى ما هناك ظهر ، العرب جزيرة يف األديان جانب إىل

و بيئي اجتماعي و ن معي ديين منطلق من رمبا مزيج هي اليت و االجتماعية القول ميكن املعتقدات هذه و. احملكية القصة نطاق يف يدخل روائي أسطوري

مع ، أبعادها و مفاصلها بعض يف تتداخل شعبية ثقافة عن مضموا يف تعرب أا أيضا الفكري و العقلي املخيال من نوع بنظرنا هي. الديين املعتقد أو الثقافة

فيما احملكي الروائي القص أو األسطورة مبستوى هو ما عم متازج قد يكون رمبا ذلك مبثابة املعتقدات هذه اعتربنا إذا و. حضارات و أمم و شعوب من جاور من جمتمع و ما منطقة يف السائد الفكر عن تعبريا بدورها تكون أن ميكن فهي

هذه لةمج ومن ، اتمع هلذا اجلماعية و الفردية للذهنية صورة و اتمعات . اجلاهلي العريب اتمع ، اتمعات

من تعتمله مبا العريب نفس تصور عن معربا كان ، اجلاهلية يف الشعر هو كما و

إذا( اجلاهلية األسطورة كانت كذلك ، الطيف خمتلفة مكنونات و دوافع اجلاهلية يف العريب الشعر أن وهو ، بينهما بسيط اختالف مع) التسمية جازت

142

كانت اليت األسطورة من منه ، احلادثة و املكان و اآلين بالزمن التزاما أكثر كان رمزية ظاهرة األساس يف أا كما ، املكان و الزمن خارج سردا متث ل طياا يف

. اخليال باب من هي ما بقدر العيان باب من ليست دفينة خفايا عن تعرب فإنه ، أحيانا الشطح و االعتبار و السجع مبنطق متنطق إن و العريب فالشعر بالنهاية متحور و، املكان و الزمن إطار و الواقع أقطار من نفذ ما، حقيقة حبادثة بآخر أو بشكل مرتبطة لكنها، اعتبارية ظاهرة أو عيانية واقعة حول

العريب الشعر أن هو و، األسطورة و الشعر نيب ما آخر فرق يبقى و. مكانية مباشر فردي جلهد حمصلة كان ، تصانيفه و مضامينه اختالف على اجلاهلي فعندما ، الفردي باملصدر حصرا قةلاملتع اخلاصة أسبابه له و غريه عن منفصل هو ما و قيلت ملاذا و مناسبة أية يف و قائلها هو من فورا نعرف ما قصيدة نسمع ذلك بينما. عصرها و زمنها حتديد و الفكري إطارها هو ما و مغزاها و معناها

تراكم أيضا و شعويب تراثي و فكري متازج هي اليت األسطورة على ينطبق ال قد هلا نعرف ال ، رواية أو شعبية قصة تصادفنا ما فكثريا ، نفسه الوقت يفزمين

يف تغيري مع أخرى شعوب حمكيات و أساطري يف شبيها هلا نرى لكن مصدرا ، جمراها بعض يف طفيف تغيري أحيانا و القصة أبطال أو األشخاص تسميات

لكن األساطري و املرويات اتفقت مع . ذاته هو يبقى األساس هيكلها لكنحمدثة لألزمان الالحقة . الشعر اجلاهلي كوا تشكل يف مضموا مادة إخبارية

بقدر) جمالنا ليس فهذا( املعتقد و األسطورة موضوع يف نبحث لنهنا حنن و الفرد ذهنية و عقلية عن املعرب الفكر حصرا و عنهما املنبثق العريب الفكر يهمنا ما

. اجلاهلية يف االجتماعية

بأنه عموما عرفوه و األسطورة مصلح اجلاهلية يف العرب أدرك قدل.. بداية يكونوا إن مل و حىت أقوام من سبقهم من آثار و شعوب من قبلهم ما قصص

هذه أن أدركوا و ، معا جيمعهم الذي الواحد اجلغرايف احليز يف بالضرورة

143

ال أا و الواقع و للحقيقة جمانبة عمومها يف هي ، روايات و كقصص األساطري متصر ف و اجلاهلية يف األوس سيد فهذا. األحيان بعض يف خرافة كوا تعدو : شعره يف يقول) اجلالح بن أحيحة( يثرب

ر داء ك ال ر مسا أ ت عر ف و امل ت غ م ر اهل ضب ب ني ب رام ة امل ح ب ر امل ن و ر األ نيق يف الس وام و س ن وا ت ل عات ه د م نوا ق وم م ناز ل

م قت ري ق راطيس يف و حي أ ساطري ك أ ن ها ر سوما إ ل ا ي تر كا ف ل م : يقول الضبعي املتلمس هو ها و

. م سطور ك تاب ها أ تيح ر ق ع هد ها ت قاد م م ن ه ي ف ك أ ن ما طرقهم و األولني آثار من بأا األحيان بعض يف املعتقدات و األساطري ع رفت و. املعتقدات أو األساطري عن الصور من بصورة تعب ر وكلها األول الزمان أو

: ساعدة بن قس يقول

األ و يل الذاه بني يف ب صائ ر ل نا الق رون م ن ن غاب ر الباقني م ن ي بقى و ال املاضي ي رج ع ال

: أيضا اجلهنية سعدى قالت و

امل هي ع و الس بيل امل نايا و هي ق بل ه ه و ال ذي إ ثر ع لى ه ذا األ و لني س بيل ي وما م ؤ خ ر ك ل ب أ ن ع ل مت و ل ق د س ي تب ع

144

: شداد بن عنترة يقول

األ و ل الز مان يف ل ك م ضى ما د ع ف ع و ل ع ز مت إ ن احل قيق ة و ع لى

امل حم ل ق بل شاب ق وم ب و ليد ح ديث ها ي م ر ل و الل يايل ت لك اإل طال ة ع نك و د ع ف اكف ف ف ا فع ل ش يئا الي وم ا ست ط عت و إ ذا قت ص ر و ا

: يقول ١ أموي شاعر هو و العجلي النجم أبو و

األ و ل الز مان يف عاد ن حت م ن . م رس ل و خ ليج ج واب ع لى ما حياة أو النشور و البعث بقضية يؤمن مل الذي الزعربي ابن الشاعر كذا و

: املوت بعد

عمرو . أم يا خرافة حديث نشر مث موت مث ياةح

من قبل مشركي القضية كمفهوم ي نظ ر إليه و قد حتدث القرآن الكرمي عن هذه عندما قال قريش

من: األنعام( ) أ س اط ري إ ل ا ه ذ ا إ ن ك ف ر وا ال ذ ين ي ق ول ي ج اد ل ون ك ج اء وك إ ذ ا ح ت ى (

. )٢٥اآلية

أ س اط ري إ ل ا ه ذ ا إ ن ه ذ ا م ث ل ل ق ل ن ا ن ش اء ل و س م ع ن ا ق د ق ال وا آي ات ن ا ع ل ي ه م ت ت ل ى و إ ذ ا( . )٣١:ألنفالا() ال أ و ل ني

ال یوجد كبیر اختالف في المصطلحات اللغویة فیما بین العصر الجاھلي و األموي لتقاربھما في الفترة ١

الزمنیة .

145

. )٨٣:املؤمنون() ال أ و ل ني أ س اط ري إ ل ا ه ذ ا إ ن ق ب ل م ن ه ذ ا و آب اؤ ن ا ن ح ن و ع د ن ا ( ل ق د . )١٣:املطففني() ال أ و ل ني أ س اط ري ق ال آي ات ن ا ع ل ي ه ت ت ل ى إ ذ ا(

يف موضوعنا هذا جلهة األساطري ، هو تناول املعتقدات بالدرجة و ما ي عىن به عرب اجلاهلية أو اعتقدته عن بعض أساطري و قصص األوىل ، و ليس ما تناقلته

. و كما كانت البيئة هي الطاغية يف السيطرة غريهم من الشعوب و معتقداتعلى العقلية العربية و التصرفات الناجتة عنها و املؤثرة كذلك على الشعر لديهم

قلية و التصرفات ، فهي كذا األمر كانت املؤثرة على للعمن كونه نتاج نتاج بيئتهم . و قصهم الفكري . فنرى أن جل معتقدام هو من معتقدام تلك

أن توجد لدى أساطري الشعوب و مصطلحات معتقدام تلك ، كان من النادر على مستو ااورة هلم أو يف أحسن أحواهلا مل تكن هي الطاغية بل كانت

، و بالتايل كانت هنالك مصطلحات ضحل من الربوز و الوعي املستوعب . ا مع البيئة اليت ختصها هي حصر متناسبةبديلة عنها

يف قفرا و بعض جباهلا و ودياا و صياح بعض حيواا ، كانت الصحراء ليال مكانا مناسبا لكائنات مفترضة كاجلان و العفاريت و الغيالن و غريها املفترس ،

لنمو و تكاثر قصص و أشعار إخبارية ، و مرتعا خصبا من كائنات غري مرئية نتاجا تلك اإلخباريات القصصية بالذات و من غري املرجح أن تكون عنها .

بالعرب قد اخت ص ت ، ، فهي على ما يبدو مستوردا من الشعوب ااورة و الروايات من بعض األساطري ها معأنفسهم . و لكن ذلك مل مينع من تالقح

و ، القصصي كون هذه األساطري مهيئة ألن تكون تراثا عامليا خارج هذا النمط قابلة لذلك . هيئة متنها

و العفاريت و لقد متحورت معتقدات عرب اجلاهلية بشكل عام ، حول اجلن ، محل معنامها الكائنات اخلرافية كالغول و الرخ و العنقاء ، و هذان األخريان

جعلها قادرة على محل السفن و طيورا عمالقة كبرية بلغت من الضخامة حدا

146

د عرب اجلاهلية أيضا بتأويل حركات . كما اعتقاقتالع البيوت و األشجار يتأولون حركة بعض طيور بعض الكائنات الصحراوية لديهم ، فكانوا مثال

أي جاء من جهة ساحنا ( كالبوم أو الغربان أو غريها .. فإذا قدم الطائر معينة اليمني ) اعت ب ر ذلك من باب البخت احلسن ، أما إذا قدم الطائر بارحا ( أي أتى

عكس قد بعضهم ، و الشؤم اخلسن من باب ما من جهة اليسار ) اعت ب ر ذلك قاد :خيالف ذلك ق م يئ ة بن عمرو قالاجلهة ..

س ن يح ها الزاج ر ين طري أ ش أ م و

األ عشى قال و :

بأ ش أ م الس ن يح ط ري هلما ج ر ى بعد ما املوت ، من ب ش ر أ جار ه ما

:خيالفهما الرأي آخر و قال

بالس ع ود أ ي م ن ه لنا ي ج ر ي سان ح ، لنا الطري و أ قول،

النابغة يقولو يف هذا كالغراب مثال . كما اعت ب رت بعض الطيور مصدرا للشؤم .. الذبياين

. األسود الغراب خ ب رنا بذاك و غدا ف رقتنا أن العواذل زعم

ريويفيف قصصهم و تراثهم الشعري للجن و العفاريت فقد وردت ة و بالنسب

: فيقول الليل يف) الغول( مع له لقاء عن) شرا تأبط( جابر بن ثابت

147

ب طان ر حى ع ند الق يت ب ما ف هم ف تيان م بل غ م ن أ ال ص حان ص ح ك الص حيف ة ب س هب ت هوي الغول ل قيت ق د ب أ ن ي

ي ماين ب م صقول ك ف ي ل ها ف أ هوى ن حوي ش د ة ف ش د ت و ل لج ران ل لي د ين ص ريعا ف خ ر ت د ه ش ب ال ف أ ضر ب ها اجل نان ث بت إ ن ين م كان ك ر و يدا ل ها ف ق لت ع د ف قال ت أ تاين ماذا م صب حا نظ ر ل أ ل د يها م ت ك ئ أ نف ك ف ل م الل سان م شقوق اهل ر ك ر أس ق بيح ر أس يف ع ينان إ ذا ع باء م ن و ث وب ك لب و ش واة م خد ج و ساقا ش نان أ و

بأن اجلن قد تتخط ف بعض األشخاص و منهم شخص يسمى و كانوا يعتقدون

ن اجلن قد اصطحبوه يف رحلة و رأى فيها ما زعم أتقول قصته أنه خرافة الذي حدث له ، لقومه و عشريته ، أنكره رهطه يروي ماد او عندما ع. لن تره عني

ضربا من اخليال . و ضرب املثل بكالم الرجل و كالمه او مل يقتنعوا به و اعتربو احلارثو قد قام إىل يومنا هذا . املثل " و سرى حديث خرافةفقيل " روايته

: فيقول ، أعاده و اختطفه اجلن نبأ أحدهم ذكاء و علم ميدح حلز ة بن

م قس ط م ل ك و أ كم ل م ن ي م و م ن شي ل د يه ما دون الث ناء األ جالء ل خ صم ها ف آب ت اجل ن جال ت ب مثل ه إ رمي

إليه اجلان ورحض عن الصحراء يف معه جرت حادثة) شرا تأبط( يذكر و

: قولفي للطعام إياهم دعوته و ليال ناره أشعل عندما

148

ه دء ب ع يد ح ض أت ق د و نار أ ريد ما ب دار م قاما ب ها أ كال ء ه و ع ري راح ل ة ت حليل س وى ي ناما أ ن م خاف ة

ظ الما ع موا ق لت اجل ن ف قالوا أ نت م م نون ف ق لت ناري أ توا الط عاما اإل نس ن حس د ز عيم م نه م ف قال الط عام إ ىل ف ق لت

تاركا ملخياله العنان شاطحا يتحدث) مصاد بن قرين( الصعلوك الشاعر هذا و .. اجلن مع له معركة واصفا ،

مجيعا بعدهم القيت مبا قومي فتيان مبل غ م ن أال نقيعا مس ا به ألسقي هم بثأري أطلبهم اجلن وت غز

. صريعا فأتركه فأرميه سب ع بعد ظ ل يم يل ت عر ض

منه و مستحصلة نابعة من دعم اجلن اعتقد أن مهارة الغناء و الطرب و بعضهم .. سليم بين أعشى يقول.

دمحان ثقل أو ي الواد هرج ما إذا مبيزان هذا ومن هذا من الشدو مسعت . ١ اجلان سيد وهذا اإلنس سيد فهذا

ال يعرفونه أو يدركوا كنهه أو أداة أشكلت عليهم ال و كان إذا ع رض هلم شيء

يعزوا إىل اجلان أو ، كانواإىل اختاذها سبيال يروناستعماهلا و ال يعرفون طرق فظنه ، القارعة على قىمل) لابنط( بسروال مر أعرابيا أن يروى العفاريت ..

/ . ١٠٨٣/ ص ، األغاني ١

149

له جيد مفليف جوفه رأسه أدخل و السروال ساقي يف يديه فأدخل ، قميصا . الشياطني لبوس من لبس إال هذا أظن ما: فقال املخرج عليه ضاق و منفذا

لبعض األشخاص من البشر كما يف حالة ( زرقاء كما أم آمنوا بنسب اخلوارق

منو األشخاص اجليش ترى كانت الزرقاءتقول إن اليت ١ روايتها واليمامة ) نظرها مسافة من قربوا فلما ، اليمامة العرب من قوم فغزا . ميال ثالثني مسرية

على رأيهم فاجتمع. ؟؟ الزرقاء مع بالوصول، لكم كيف: لبعض بعضهم قال واحد كل فقطع. محلها إذا الفارس منها شجرة كل تستر شجرا يقتلعوا أن هلا فقال ، تفعل كانت كما ، الزرقاء فأشرفت. ا وساروا طاقته مبقدار نهمم

أو كذبت: فقالوا. يسري شجرا أرى: قالت ؟ زرقاء يا ترين ما: قومها فاكتسحوا ، القوم صبحهم أصبحوا فلما ، بقوهلا واستهانوا ، عينك كذبتك فيها فوجدوا عينها فقلعوا الزرقاء وأخذوا عظيمة مقتلة منهم وقتلوا أمواهلم هذا فلعل باإلمثد االكتحال أدمي كنت إين: فقالت عنها فسئلت ، سوداء عروقا

. بأيام ذلك بعد وماتت. منه

بن عروة يقول ، اخلارقة قدرام و السحرة و بالعرافني اعتقاد لديهم كان كما : حزام

يانشف مها إن حجر وعر اف حكمة اليمامة لعر اف جعلت يبتدران العواد مع وقاما كله الداء من نشفي نعم: فقاال . ٢ املتواين املعرض عين وعفراء مودة عندي الناس أحظى فعفراء

/ . ٢٨١/ ص ، المصدر السابق ١ / . ٤٥٧٥/ ص ، سابقالمصدر ال ٢

150

و آمن بأن بعض ، به خمتصة جعلها و الدين بعض إىل العرافة نسب من منهم و : سراقة بن جعفر يقول..رجال الدين لديهم قدرات على التنبؤ

. ١ تنصرا فيمن عرافون بالشآم و القرى ذي بأسفل رهبان فريقان

باجلاهلية توقد كانت اليت االستمطار نار يسمى ما، كان أيضا معتقدام من و

أمسكت و أحملوا و أجدبوا إذا فكانوا ، املطر جتلب أا اعتقدوا حيث ، األوىل و البقر بأذناب طوهارب و لع الس و ق ر اخل بعض إىل عمدوا ، السماء عنهم

صخبوا مث من و النار فيها أضرموا و عاليها و األرض وعر إىل اصعدوها : ذلك يف الطائي الورل يقول . السماء إىل متضرعني

بالع ش ر األزمات لدى يست مط رون سعي ه م خاب رجال د ر د ر ال

اهللا بني لك ذريعة م س ل عة ب ي قورا أنت أجاع ل ٢ . املطر و معتقدات حسب اخلصوبة رمز هي و بالربق لعالقتها رمبا البقر اعتمدوا قد و

. القدمية الشعوب بعض الشخص من أكثر يعرف أنله ميكن املوت من العائد بأن بعضهم اعتقد و

قال الوفاة حضرته ملا أنه سنان بن خالد يدعى شخص قصة تورد و. العادي يطوف أبترا عريا ترون أيام ثالث بعد قربي فائتوا ، دفنتموين أنتم إذا: لقومه

٣. القيامة يوم إىل كائن هو ما إىل خمربكم فأين فانبشوين ذلك رأيتم فإن به،

/ . ١٤٧٩/ ص ، المصدر السابق ١ / . ٢٦٥/ ص ،/ ١/ ج ، الجاھلیة عن العرب أساطیر ٢ / . ٢٦٦/ ص ،/ ١/ ج ، المصدر السابق ٣

151

بعض يقدسون كانوا أنه ذلك من و طوطمي أثر ذات مبعتقدات اعتقدوا كما

احلج موسم يف ا حيتفون كانوا يتلا) أنواط ذات( املسماة كالشجرة األشجار تربكا عليها أسلحتهم و حليهم و أرديتهم و ثيام يعلقون و عندها يذحبون و بن احلارث على ذلك) ص( الرسول أنكر قد و. احلرم يدخلون مث ا تيمنا و

زجرهف ." كقريش أنواط ذات لنا اجعل ، اهللا رسول يا" سأله عندما مالك و" . آهلة هلم كما إهلا لنا اجعل" له قالوا ماعند موسى قوم ببعض ذلك مشبها

١. الع ز ى مثوى خنلة و جنران خنلة ،) أنواط ذات( أمثال من

أو يسألوا الشهرية أصنامهم بعض عندو املشورة اخلرية يستقسمون كانوا كما لبعضهم خترج مل فإذاأن حتكم بتجرمي أو تربئة بعض األشخاص املشكوك م .

يف كما عليها غضبه جام يصب و ا يكفر كان ، يشتهي كما املرجوة يجةبالنت و بقتله فهم ، فعلته أنكر الذي قاتله يعرف كان و أباه ق تل عندما أحدهم قصة يف شهري صنم هو و) اخل لصة ذي( عند يستقسم أن منه طلبوا القوم لكن

جن) القاتل كالم دقص أي( سلبية النتيجة خرجت و فعل عندما و. اجلاهلية : خماطبا إياه قال و أبيه لقاتل الصنم تربئة على حمتجا الرجل جنون املقبورا شيخك كان و مثلي املوتورا اخل ل ص ذا يا كنت لو

. زورا العداة ق ت ل عن ت نه مل

من صونا و هلم حفظا احليوان بأمساء أوالدهم يسموا أن عقائدهم من كان كما وكليب كلب.. مثل أمساء فيهم كثرت هلذا و. ظنوا كما اجلن و ألنسا أعني

ماهذا بدوره رمبا و. غريها و ثعلبة و عنيزة و شل وو جحيش جحش و

/ . ٢٧٥/ ص ،/ ١/ ج ، المصدر السابق ١

152

حيدرة – هيثم.. منها و احليوان على تدل احلاضر وقتنا يف أمساء وجود يفسر . اخل... جواد – أسد – فهد – ضرغام – أسامة –

، أن خالل قراءة فترة اجلاهلية و استقراء املعتقدات العربية فيها منو يتبدى العربية يف هذه املعتقدات قد ارتبطت سويتها بسوية الطبقات االجتماعية

و منطقيتها متماهية بالتوافق مع التموضع ت درجة عقالنيتها و متوضعاجلاهلية ال قضية بنظرناي النخبوي الفئوي االجتماعي و الفكري و رمبا الديين . و ه

إىل يومنا هذا ، و مفاعيلها موجودة حىت اآلن . زالت تلقي بظالهلا و آثارها الفرد فخطاب النخب الفكرية العقائدي اإلخباري الروائي ، خيتلف عن خطاب

لتها املعتقدات الضحلة املتدنية اليت رمبا مث العادي أو ذوي السوية الفكرية أيضا معتقدات فكرية اعتمدت أو تناولت برزت فقد. الفكرية اآلنفة الذكر

اخلرافات و ع أشخاصها عن سفاسف القص اإلخباري التارخيي الديين ، ترف كان الترهات ، رمبا بسبب خلفيام الدينية اليت أعطتهم حملات تارخيية ثقافية

ي لزاما عليهم التقيد ا ، أو بسبب ثقافتهم الناجتة عن موقعهم االجتماعي الذ، يسمح هلم باالختالط مع علية القوم من قبائل العرب أو شعوب العجم

، و أخالقية أو دينية فكرية .. فجاءت تصورام العقائدية على شكل مواعظ هيئة اإلخباري حوادث إخبارية وثائقية ، و كان الشاعر أو املتكلم هنا ، يتخذ

عن يف إحدى قصائده تحدث ي السموآل فهذا الشاعر احملد ث و الواعظ املنبه . :و عن يوم احلساب و عن أنبياء بين إسرائيل فيقول احلياة األخرى بعد املمات

م بعوت أ عظ مي ر م و إ ن ت م ت إ ذا أ ن ي الي قني و أ تاين

ف ج زيت ق د مت ه ب ذ نب أ م و ن عمى امل ليك م ن أ ب ف ضل ح ي يت ما س رير يت و ب ر ا ب الك س م ن احل الل يف الر زق ف ا جع ل

األ نباء و أ ت تين و ر ضيت ب ه ع يين ف ق ر ت د داؤ م لك ع ن

153

و ليت ك أ ن ي يوس ف و م ن س ى ي حىي و احل وار ي و س ل يمان األ سباط و ب قايا التابوت و الت وراة دار س ب ي عقو أ سباط األ مواج و ا نف الق الطالوت امل م ل ك و ب عد سى مو ع ن ط ور ين اإل فريس و م صاب . اجلالوت ح ين ه صاب و إ ذ ه الل ع صى حني

مفتخرا ) ع( موسى و يوسف و إبراهيم األنبياء قصص يسرد أيضا يقول و

: بيهوديته

ب غاف ل ع نك ل ست ج وايب ا مس ع أ ال ساد يت عاب ال ذي الض يف أ ي ها أ ال ل لد الئ ل ر محان ه م ا ختار ه م ق د ب ش واه د ساد ة م زايا ف أ حصي

امل ت كام ل الع لى ح ب ا ست سل موا ل ها ال يت و امل ح ن و الق ربان النار م ن الذ واب ل الغ صون ج ن ات ر ياحني ح ول ه الناس ص ي ر خ ليل ف ه ذا

الث يات ل ن تاج ال ب ديها ب راه ب ك بش ه ف داه ق د ذ بيح و ه ذا األ وائ ل ب كر إ سرائيل و س م اه ص فو ه ث م م جت ىب ر ئيس و ه ذا

األ سباط أ شب ع ل ذي ال يوس ف الف ضل أ بو السامي ن سل ه و م ن الس ناب ل ق مح امل شاك ل ل ح ل أ حالم ب ت عبري أ مر ه ف رع ون ب عد ب م صر و صار الت حام ل ي وم الف رع ون غ ر ق ل نا و ال ذي امل غ ر ق الب حر ب ين أ ل سنا امل راح ل ج ميع يف ت قيه م غ مام ل ه م ن ص ب ت ال ذي الق دس ب ين أ ل سنا امل ناه ل ع ذب الص و ان ف ج ر ل ه م و ال ذي امل ن م ع الس لوى ب ين أ ل سنا األ سباط ع د د ع لى حائ ل غ ري ط عم ه ز الال ف راتا ع يون ها ت جري

م زايل غ ري ك الص بح الد جى ي نري أ مام ه م ك الع مود نورا و أ رس ل الز الز ل ي وم ل لج ب ار ت د خد خ و ال ذي امل ق د س الطور ب ين أ ل سنا

الت باه ل ي وم ل لر ب ف ق د س نا و ك ليم ه ع بد ه ع ل يه و ناجى

154

: يقول املذحجي احلارث هذا و

هاد يا كان م ن الناس ه ذا ف أ كر م س بيل ه ا هت د يت ما يف ا هت دوا ب ن ي باد يا ل لح نيف ة نورا و ي م مت و اهل دى ل لر شد الغ ي ع ن ي ف أ لق يت ح وار يا امل سيح ف س م اين ر شيدا هاد يا م ري م بن عيسى إ ىل و ص رت ب اإل جنيل و ن ؤم ن تال يا ل لو حي كان م ن ي هت دي ب ها ال يت الص ح ف و

من ه ص ق استعار رمبا و القدمي الزمان حبوادث مذكرا يقول الصلت بن أمية و

: التوراة

األ ج ل الل ه ج زى امل رء ج زاء نوحا الب ر ل يس ل ه ك ذاب الق الب امل وت أ تاه م غ داة و أ جن ت س فين ت ه ح م ل ت ب ما

املاء و فاض ت جري الطوفان أ رس ل ع ش ي ة ج راب ل ه ل يس اهل ضاب زاخ ر ه س عار ك أ ن ح بيك ذي أ خض ر أ مواج ع لى

ت هاب ال امل هال ك ع لى ت د ل س بع ب عد احل مام ة و أ رس ل ت األ رض يف ت رى ه ل م س ت ل املاء ب ها و غاي ت ه ع ينا الع باب

ف جاء ت الك ثاب و الطني الث أط ع ل يه ب ق طف ر ك ض ت ب عد ما : أخرى قصيدة يف يقول و

األ رض يف ع ال م ل كا م سل ما ق بلي الق رن ني ذو كان ق د م ع ب د غ ري س ي د ك رمي م ن م لك أ سباب ي بت غي و امل غار ب امل شار ق غ ب ل ح رم د و يأط خ ل ب ذي ع ني يف م آب ها ع ند الش مس م غيب ف ر أى

155

. ب اهل ده د م لك ها ت ق ض ى ح ىت ع م يت كان ت ب لقيس ق بل ه م ن يونس النيب قصة و ، فرعون مع) ع( موسى النيب بقصة مذك را أيضا يقول و : احلوت جوف يف) ع(

ر جاء ه م ك نت اجل ن إ ن ح نانيك أ دين أ رى غ ري ك إ ل ها الل ه ثان يا م ناد يا ر سوال موسى إ ىل ب عثت و ر مح ة م ن ف ضل م ن ال ذي و أ نت طاغ يا كان ال ذي ف رع ون الل ه إ ىل ف ا دعو و هرون فإ ذه ب ل ه ف ق لت

ه يا ك ما إ طم أ ن ت ح ت ى و ت د ب ال ه ذ ه س ويت أ أ نت ل ه و قوال بان يا ب ك إ ذا أ رف ق ع م د ب ال ه ذ ه ر ف عت أ أ نت ل ه و قوال هاد يا الل يل ج ن ه ما إ ذا م نريا و سط ها س و يت أ أ نت ل ه و قوال

األ رض م ن م س ت ما في صب ح غ دو ة الش مس ي رس ل م ن ل ه و قوال ضاح يا راب يا ي هت ز الب قل م نه في صب ح الث رى يف احل ب ي نب ت م ن ل ه و قوال

واع يا كان ل م ن آيات ذاك و يف ر ؤ وس ه يف ح ب ه م نه و ي خر ج ل يال يا حوت أ ضعاف يف بات و ق د يون سا ن جي ت م نك ب ف ضل و أ نت

:عن النيب سليمان و إطاعة اجلن له يتحدث الذبياين النابغةهذا و

الف ن د ع ن ف ا حد دها الب ر ي ة يف ق م ل ه اإل ل ه قال إ ذ س ل يمان إ ل ا و الع م د ب الص ف اح ت دم ر ي بنون ل ه م أ ذ نت ق د إ ن ي اجل ن و ش ي س الر ش د ع لى و ا دل له أ طاع ك ك ما ب طاع ت ه ف ا نف عه أ طاع ك ف م ن

156

: الكليب جناب بن زهري الشاعر و

عان يا ل غار يه ي سعى الف ىت و أ ن و ل يل ة ي وم الد هر أ ن ت ر أ ل م الر واس يا اجل بال ي حم لن ش ياطني ل ه س خ ر ت ال ذي س ل يمان أ ص نب

يف مقاربة ملفتة للنظر تدل على سعة اطالع و علوم ربيعة مهلهل الزيرو ها هو

أن بعد م حل ما يصف و عاد بقوم بكر بين مشبها يقول باحلوادث السالفة ، : معهم جوالته إحدى يف م أوقع

الر مال يف م ز ق ت إ ذ عاد م ثل ب كر ج مائ ع أ صب ح ت ف ل ق د

ع اد و أ م ا : { قال حني الواقعة هذه عن الكرمي القرآن حتدث بعد فيما و

ببعض العرب إملام على لدلي هو و ]٦: احلاقة[} ع ات ي ة ص ر ص ر ب ر يح ف أ ه ل ك وا . القدمية التارخيية احلوادث

يرجتز و بنفسه يفخر الطائي حامت فهذا النشور و بالبعث آمن اآلخر بعضهم و : قائال

ر ميم و هي البيض الع ظام و ي حي غ ري ه الغ يب ي عل م ال و ال ذي أ ما ل ئيم ي قال أ ن ي وما م خاف ة هى ي شت و الزاد الب طن أ طوي ك نت ل ق د

: نفسه عن متحدثا آخر موضع يف قال و

الث واء طال و إ ن و إ ن ي م س ق ف ب يت ماو ي و ي عط م ين ل م ي ت م تل ف ه و ب ما ر هن ا مر ئ و ك ل كاس ب أ نا ب ما ل م جز ي و إ ن ي

157

: يقول التوحيد اعتقد الذي ةساعد بن قس و

خ ر ق خ ز ه م ب قايا م ن ع ل يه م ج د ث يف و امل لحود امل وت ناع ي يا ف ر ق ن وم ه م م ن ا نت ب هوا إ ذا ف ه م ب ه م ي صاح ي وما ل ه م ف إ ن د عه م خ ل قوا ق بل ها م ن ك ما ج ديدا خ لقا حال ه م غ ري ب حال ي عودوا ح ت ى . اخل ل ق امل نه ج و م نها اجل ديد م نها ث ياب ه م يف و م نه م ع راة م نه م

مل الذي ، اخلطاب بن عمر عم ابن هو و نفيل بن عمرو بن زيد الشاعر و

ارحتل قد و ، عليها ذ بح مما يأكل ال و األوثان يكره كان لكنه و اإلسالم يدرك يشبع و ضالته جيد ه عل فيها منقبا و أدياا عن باحثا احلضر و الشام بالد إىل

أدرك قد و احلنيفية اختذ و مكة إىل فعاد، منها أيا تستمله فلم ، الفكرية مؤونته و ، قريش عليه فتآلبت األوثان عداء يف جاهر و صباه يف) ص( حممدا الرسول يرحم) : ص( فقال مات أنه له قيل ، الماإلس نشر بعد عنه الرسول سأل عندما : شعر من الرجل هذا قاله فيما و. وحده أمة القيامة يوم ي بعث ، زيدا اهللا

األ رض ل ه أ سل م ت ل م ن و جههي أ سل مت ث قاال ص خرا ت حم ل املاء ع لى ا ست و ت ر آها ف ل م ا د حاها اجل باال ع ل يها أ رسى

ز الال ع ذبا ت حم ل امل زن ل ه أ سل م ت ل م ن و جهي أ سل مت و س جاال ع ل يها ف ص ب ت أ طاع ت ب لد ة إ ىل سيق ت ه ي إ ذا

: أخرى قصيدة يف قال و

158

الص بور اجل لد ي فع ل ك ذ ل ك ع ن ي و اجل ن ان اجل ن ع ز لت أ دير ط سم ب ين ص ن م ي و ال ا بن ت يها و ال أ دين الع ز ى ف ال ص غري ح لمي إ ذ الد هر يف ل نا ر ب ا و كان أ دين ع تما و ال

األ مور ت ق س م ت إ ذا أ دين ر ب أ لف أ م واح دا أ ر ب ا الف جور ه م ش أن كان ر جاال أ فىن الل ه ب أ ن ت عل م أ ل م

الص غري الط فل م نه م ف ي ربو ق وم ب ب ر آخ رين وأ بقى الغ فور الر ب ذ نب ي ل ي غف ر ر ب ي الر مح ن أ عب د و ل ك ن ت بوروا ال ت حف ظوها ما م ىت ا حف ظوها ر ب ك م الل ه ف ت قوى سعري حام ي ة و ل لك ف ار ج نان دار ه م األ برار ت رى

الص دور ب ه ت ضيق ما ي القوا ي موتوا و إ ن احل ياة يف و خ زي فقد ، منها النقيض على أخرى برزت ، املعتقدات و األفكار هذه مبقابل و

: بعضهم قول ذلك من و البعث إنكار على دالة أفكار هنالك كان

عمرو أم يا خرافة يثحد نشر مث موت مث حياة حياة وجود ينكر و املشركني من بدر قتل يرثي الليثي األسود بن شداد قال و

: ثانية

الطعام من األنيس شبع فقد منكبيه زايل الرأس ما إذا اميظع بليت إذا حتييين و عين املوت ترد أن أتترك

159

رسول (ص) فيقول :و ينكر دعوة ال و هذا األسود النهشلي يعلن أحلاده علنا

الصيام شهر تارك بأين عن ي الرمحن م بلغ م ن أال طعامي مينعين هللا وقل شرايب مينعين لل ه فق ل

العريب و ال ألثر البيئي املكاين واضح يف املخييف سياق السرد السابق ، يبدو ا

ني الفكر اجلغرافية و خصوصيتها و بطبيعة الالتفاعل فيما بني تبدو قوةو عزلتها األسطوري للمجتمع العريب يف اجلاهلية . فخصوصية الصحراء العربية

، أفردت مساحة كبرية للحرية الفكرية املتعلقة باألساطري و الروايات و القصص املعرفية كي تأخذ مداها و حجمها دون أن يعيقها احملكية و االعتقادات اخليالية

أفكاره العقائدية اخلاصة به أو عائق عني يفرض أو عائق ديين معائق فكري آخر أو عائق سياسي يفرض أفكاره ، قضة اجتماعي فكري له جذوره و ثوابته املنا

. و بالتايل كانت و حيثيات نظمه بقوة القانون و اإلكراه املادي السياسية عية ياجلن و العفاريت و العرافة و التنجيم و القوى اخلارقة غري الطباعتقادات

املتعلقة باحلوادث التارخيية ألشخاص بشريني ، هي الطاغية على االعتقادات الدينية و االجتماعية أو السياسية السابقة .

التارخيية و الشرعيةعقال الضوابط العقالنية فبالنسبة للصحراء العربية املتفل تة من املناسب كان هي املفإا ، الدينية و القانونية السياسية دومنا حسيب أو رقيب

املكاين اليت أدت لدمقرطة التعايش الفكري . و إذا أ ضيفت قضية عدم االستقرار إىل عدم االستقرار الفكري ، فهذا ما ميكن أن يكون قد فسر سهولة استياغ

و الال للفكر األسطوري الروائي املعتقدي الالمنضبط و الغري م ت ع ب العريب الفرد و املضامني ب اإلجرائي و القولبة النمطية اجلامدة متطل ب جهد فكري للترتي

التنسيقية . و األهم من ذلك كله .. اخلضوع للسلطان و باألخص السلطان يف وقته احلاضر . و مبعىن توضيحي آخر .. املادي حىت و لو مل يكن موجودا

160

أو عيسى على القبول بسلطة موسى فإن العريب يقبل بسلطة اجلان و العفاريت ومهية سليمان (ع) أو فرعون أو ... اخل . هو بالالشعور يقبل بسلطة أو

األحيان يعرف أا ومهية ، على أن يقبل اعتبارية ، حاضرة آنية و رمبا يف بعض بسلطة حقيقية حىت و لو كانت غري موجودة ، و كانت ماضية سالفة حلاضره

ا .. يستسيغ ما يصنعه هو و يتومهه خياال و ينفر مما يعتربه عيان.. و هو يقبل مبا يقبل و ميج ما هو خارج إرادته .. ، يدرك بالالشعور أنه قادر على التحكم به

الدفينة و يعطيه جماال رحبا للتحليق ، و ينكر ما الداخلية طه ما يتفق مع شرو، و هي قضية و يضي ق عليه احلي ز و اال أن يتفق مع شروطه يراد منه هو واسم مشتركة كثرية مع قضية الوثين و السماوي . تتقاطع يف ق

اآلداب و األخالق يف اجلاهلية :

يثبت ا نفسه و يوطد دعائم ال بد لكل جمتمع بشري ، من أرومة أخالقية ، صمام أمان ألي جمتمع أو مجاعة ، و فاألخالق هي يف اية أمرها .وجوده

ماعة أو اتمع أيا كان هذه اجل هيكليةالذي حيافظ على ترابط هي الناموس جتاري ... اخل ) و أيا كانت السوية –حضري –رعوي –( زراعي ا منوعه

الفكرية و احلضارية اخلاصة ما . فهذه النواميس األخالقية جندها يف أدىن اتمعات ختلفا . و هي إن انتفت من

و تفكك و آذن م شرذ ت مهما كانت درجة تطوره ، ل أي جمتمع أو نظام مجاعة من وجودها أو يصبح هباء منثورا . فهي ظاهرة الزبة ال بد بااليار و الفناء

و أحياا . حىت و لو كانت إعالنا شكليا صوريا يف بعضها

161

البيئة أخالق و عادات قبلية ال ندري إن كانت يف جمتمع اجلاهلية ، و ج دت ضرورة أن تكون نتاجا حمصورا ببيئة حمددة ، اجلغرافية قد فرضتها ألا ليست بال

و يف كل األصقاع . و لكن حيق بل هي أمرا بشريا متعارف عليه منذ الق دم القول أن هذه األخالق و العادات اإلجيابية السامية مل تكن حالة صورية شكلية

ة . كذلك مل تكن حالة جزئية حمدوداملدنية أو احلضرية كما يف بعض اتمعات العريب كشخص و زت كما يف بعضها اآلخر بل كانت حالة كلية عامة شاملة مي

من األمم األخرى و اليت ال نتهمها هنا بقلة كشخصية ، مستقال عن بين جنسه لت لدى أو عدم تعاطيها ، بل ألن األخالق و مكارمها السامية ، مث األخالق

على املناورة اك منها و ال جيرؤالفك جمتمع اجلاهلية حالة فكرية ال ميكن للعريب و رمبا ور ثه بعد مماته ألوالده من أبد حياته هو الحقه العار الذي فيها ، خوف

بعده . املتبادل فيما بني ارتباط الفرد بالقبيلة و ارتباط القبيلة بالفرد ، كما إن العامل

و فسها ادة آيلة إىل القبيلة نمجعل من تصرفات العريب و سلوكه الفردي ، كقابلة يف معظم األحايني إن مل يكن كلها ، أن جتري عليها و تنسحب على

مرتبة القبيلة أو حتط من شأا بسبب سلوك عل من أفرادها مجيعا ، فإما أن ت فيها من أعمال بعض الفرد مكرمةبعض الفرد فيها . فكانت القبيلة إذا حلقتها

إىل مرتبة من تكرمي و أحلته مكانة من ت الفاعل و رق القبائل بني ا تباهت، تربأت منها و من حلقتها مذمة من أعمال بعض الفرد فيها أما إذا .تبجيل

محاها كيال تنوا مغبة صنيعه و ف عاله . و يف ذلك يقول دته من فاعلها و رمبا طر وجدت العرب رجال من القبيلة قد أتى بفعل قبيح ، ألزموا ذلك " إذا ١اجلاحظ

د حال بواإ ، كما ت مد ح القبيلة كلها بفعل مجيل و إن مل يكن ذلك القبيلة كلها ، مشني عمل بأي القيام يتحاشى الفرد كان ، بناء عليه و عليه بناء ومنها " .

/ . ٦٠أدباء العرب ، ص / ١

162

و ، أوال به العار يلحق أن من خوفا ، اجلاهلية جمتمع يف القبلية لألعراف طبقا مكارم على حيرص كان باملقابل و. ثالثا طردة شر ي طرد و ، ثانيا بالقبيلة

. عليه أمرها تأو د لو و حىت ، السائدة الشيم و األخالقجلهة األخالق ، هو أن بعض من أيضا ما متي ز به اتمع العريب يف اجلاهلية

مي ز هذا اتمع قانون عريف اجتماعي سائد مكارمها شك ل بالنسبة هلذا اتمع ، ما كما متيزت جمتمعات الشعوب األخرى بقوانني معينة و مسات توصيفية أو ، متا

( إقراء القوانني اليت متيز ا جمتمع اجلاهلية أعراف اجتماعية . و من املكارم و ... اخل ) . احللم –الصراحة –الكرم –الوفاء –إغاثة املستغيث –الضيف

و تسومها ها يز مب زها لكن ال متي هي مسات و مالمح ال تنتفي من جمتمعات أخرى . ماها يبس

كانت و أشعارهم ا امتألت ، احلميدة املالمح و املكارم و األخالق هذه تعب ر ثانية يافطة كانت و. القتال و احلرب أشعار جانب إىل األساس عمادها

إتيان على حيرص العريب كان كما و. معا آن يف العريب الفرد شخصية عن و كالمه يف إتياا على حيرص كان ، ف عاله و صنيعه يف هذه األخالق ممكار

حتص لها ملكرمة غريه ا مادحا إما و لنفسه إياها ناسبا إما ا فيشدو ، أشعاره البيئة طبيعة أدرك الذي العريب أن لنا يبدو و. فيه رآها موجبة خ صال أو منه

ا يبز إمكانية من بشيء عليه جتود لن إا حيث من فيها يعيش اليت اجلغرافية املدنية احلضارة مقومات و ملكونات افتقارها أن و ، األخرى األمم و الشعوب

فقط عليه جادت حيث ، الصناعي و الزراعي و املركزي التموضع جلهة أو خفي بشكل رمبا استشعر قد العريب هذا.. العيش ملقومات الدنيا باحلدود السالح هي ، الشرف و النخوة مسات و الرفيعة السامية قاألخال أن ، معلوم

أدرك رمبا و. اإلنساين احلضاري التمايز صراع يف استخدامه ميكنه الذي الوحيد معتركك احلضارات بقية لدى معتمد غري السالح هذا أن ، الطرق من بطريقة

163

إىل عمد لذلك. لديهم و ج د إن و حىت أولوية ذات عامة يافطة و أساس الذي الدين على فضلها أنه حىت أولوياته من جع لها و القضية هذه على التركيز

نرى حيث نفسه اجلاهلي شعرلا من عليه يستدل ما ذلك و. يتبع و يعتقد كان إذا فالعريب. األسد حصة هلا و فيه الدين على الطاغية هي كانت األخالق أن و مساويا كان لو و حىت جانبا الدين حن ى ، غريه مدح أو بنفسه الفخر أراد ما

فيما الكرمي القرآن فيه أيده ما هو و ، اعتماد كورقة األخالق مكارم إىل عمد ، الكرمي القرآن يف ةدواح مرة حممدا العريب رسوله) تعاىل( اهللا مدح فقد. بعد أا علما ، أوالقوة العلم أو التدين و الورع أو اإلميان أو الشجاعة يذكر فلم

.. قال حيث فيها مدحه واحدة خبصلة ذكره بل ، فيه موجودة كانت صفات كان قد اجلاهلية يف العريب أن يبدو و. ]٤: القلم[} ع ظ يم خ ل ق ل ع ل ى و إ ن ك {

فيما اإلخبارية التارخيية الكتابات سطرت فقد. موفقا و هذا اختياره يف صائبا و شيماه من جعلتها و إياه ألزمتها و اجلاهلية يف للفرد اخل لقية الصفات، بعد

. مساته هي ، الشيم و خالقباأل اجلاهلية عرب صبغت اليت األسباب إحدى من و

العريب خ ي ر فإذا ، للغري إبرازها و بينهم فيما تفشيها و شيوعها على حرصهم على الغريب ضيفلل األولوية خيتار فإنه ، القريب أو الغريب بني فيما بالكرم و منطقته خارج تفشت حسنة مسعة إكسابه على ساعد ما هو و القريب اجلار . أرضه

يقول األسود النهشلي :

. جائ ع ظمآن التيجان أيب وجار أيب به وص ى الضيف ألقري وإين ب الكالحىت عند العرب أن استشعرا الكرم و القرى شيوع حالة بلغت قدو

اليت أضحت تعرف أن أي غريب يقترب من فناء املضارب ، هو ضيف عندهم

164

جيب النباح ، عن املضارب كان بعيدا إذا و . مرحب به و يستوجب االحتفاء كلب يؤدي مادحا الضبعي املتلمس و يف ذلك يقولكي يهتدي إىل املضارب

:ال خيفي إعجابه به واصفا حالته ومهمته خري أداء ،

م عص م بالث وب و هو ع نه ل ي سق ط ث وب ه الريح ت ست كش ف و م ست نبح ن و م ل يوق ظ أ و ك لب ل ي نب ح ا عت ساف ه ب عد ال ليل س واد يف ع وى أ عج م و هو ح ب ه م ن ي ك ل م ه م قب ال الض يف أ بص ر ما إ ذا ي كاد

اجلار يف املرتبة الثانية و كرم الضيف يليها حرمة فيتحدث عن أوس العبدي أما

:مبرتبة الوصايا معا ا مجعله

م صيبا فيهم وكان ح فظوها وصاة ب نيه أ وصى فهم كان ق ريبا أ ح ب م م ن وكونوا اجلار ح رمة واحفظوا الضيف أ كرموا

عندما يفتخر احب إحدى املعلقات الشاعر املشهور و ص العبد بن طرفةو هذا

ال إىل غريها ، يتجه من فوره إىل األخالق مآثر أسالفه و أجداده بنسبه و يذكر :، فيقول

الك ر م و خ رطوم الع ز هام ة وائ ل ا بن ي م ن و ت ف ر عنا

الب ه م ض ر ايب ت غل ب و ب ين ن س بوا ما إ ذا ب كر ب ين م ن األ وج ه واض حي س رب نا ن حمي الناس ي حمي ني ح الك ر م م عرويف

: سيد قوم ذاكرا مناقبه األخالقية فيقول ميدح باهلة أعشىو

165

و الغ ي ر اجلود و م ن ه الس م اح م ن ه ت ن د ب ه ت ث ل يث م ن ج ئ ت الذي إن الز ف ر الن و ف ل م ن ه الظ الم ة ي خ ش ى ل ها و ي س أ ي ع ط يه ا ر غ ائ ب أ خ و والف خ ر اجل ود م ن ه احل ق يقة ح ام ي ث قة أ خ و متالف الد س يع ة ض خ م الب ص ر ي م س ح و ل م ا الص ب اح ق ب ل م ر اج ل ه م ت غلي أ ن الق و م امل ع ج ل

يفخرباجلود و الكرم ، فيقول صاحب الشخصية املشهورة ائيالط حامتأما

: بنفسه

ض مري ها ش ح الن فس ما إ ذا أ جود م و ط أ ب ييت الك لب ج بان ف إ ن ي ه رير ها ي عت ريين م ن ع لى ق ليل و ع و د ت أ ه ر ت ق د ك اليب و إ ن

ب الف ضاء ق دري و أ بر ز و ك ثري ها ب ه م ضنون غ ري ي رى يل ها ق ل أ ثري ها حني الب يت أ مام ع قريا ك رمي ها ي كون أ ن ر هن و إ بل ي

أ ست شري ها ال الب خل ن فس و أ تر ك ت طيع ين ح ت ى اجلود ن فس أ شاو ر أ نري ها و ل ك ن ل يال وب ص ل م ست ي ك ن ها ح جاب ناري ع لى و ل يس

تفيد يف معىن و حامت الطائي هذا تروى له قصة مشهورة مع أحد األعراب ، رمبا

لتأكيد على نشرها و إعطاء من ضرورة التشديد على األخالق و ا ما أفدناه آنفا العريب و غري العريب و نشر نوع من الدعاية اإلعالمية ، نها للغريبصورة ع

ل الرواية أن أعرابيا اشتدت عليه. تقو خارجيا و العريب أخالقيا تدعم صورة فسلك سبيل حامت الطائي ، عل ه جيد لديه شيئا . و وصل فناءه الفاقة و العوز

كان حامت الطائي يف حالة غضب شديد لظرف من أن ليال . و صودف انتهره حامت حامت و طلب منه املساعدة ،. و عندما وصل األعرايب فناء الظروف

خائبا . و بعد ه ، ال خبال منه لكن لتوتره الشديد . فعاد األعرايب أدراجه و صد

166

فأسرع اخلطا خلف األعرايب و و انتبه إىل خطأه من غفلته قليل صحا حامت. متلثما إىل أحد الطرق الفرعية و جلس جبواد سلك طريقا خمتصرا حيث سبقه

قائال : ، فبادره حامت حيث جلس حامت فلم يعرفه إىلو بعد قليل وصل األعرايب فسأله الطائي . متمن أين قدمت يا أخا العرب ؟؟ أجاب األعرايب : من عند حا

و ما صنع بك ؟؟ أجاب األعرايب : و اهللا لقد أكرمين غاية اإلكرام و حامت :منه هه و قد بلغنزع حامت اللثام عن وجأعطاين ما سد حاجيت و جوعي . و هنا

ما أنا بك فعلت و قد ؟؟ كيف تقول ما قلت ..التأثر أميا مبلغ و قال لألعرايب ما و كذبوين.. يب ؟؟؟!! فقال األعرايب : إن قلت للناس ما صنعت فعلت

و ، فقلت ما قلت . فعاد به حامت إىل بيته و أكرمه و مح له باملؤن صدقين أحد اعتذر منه .

:يقول شداد بن عنترةو ها هو

ت طل ب و امل كار م ي شنا الب خل أ رى ل أ ن ين الل ئام ط بع ع ن ت جاف يت

األ حرار ب ها ت قوم شيم ة الناس يف اجلود أ ن و أ عل م ي غل ب و الط بع

: فتقولهاشم أباها ترثي املناف عبد بن هاشم بنت خالدةو ها هي

الكرمي للجواد الدمع و ا سف حي وسجوم ة بعرب جودي عني والصميم و الندى الباع وذي و واحلم اجلاللة ذي اخلري هاشم

وسيم القناة مثل أ بطحي فضول ذي م هذ ب ش يظمي حليم مضرحي اد باسق أحوذي مشم ر غاليب

: الزماين الفندكذا الشاعر

167

م طيق أ و ي وما ب الق ول صاد ق ل ا مر ئ إ ل ا الق ول ي غين ل يس : احلضرمي احلارثو صاد ق ه الناس يف الق ول خ ري إ ن أ ما واض ح الق ول يف الص دق أ ن ت ر أ ل م

: قومه و اجلفين احلارث ميدح الذبياين النابغة يقول و

و األ حالم اجلود م ن غ ري ه م الل ه ي عط ها ل م ة شيم ل ه م غ ري ع واز ب م ذاه يب ع ل ي أ عي ت و إ ذ ب ق ومي الح قا ك نت إ ذ غ س ان ب ها ح ب وت

على تعطي داللة أبيات برز يف الشعر العريب اجلاهلي ، و إىل جانب األخالق

اخلربة دة من أقوال مأثورة بدورها تعطي داللة على و التبصر و فيها مااحلكمة امتألت األشعار العربية فو البصرية يف نوائب الدهر و صروفه . مبعترك احلياة

. و هنا لن نقوم اليت تعرب على الرقي الفكري كم و األقوال املأثورة باحل اجلاهلية هذه احلكم بشرح عن هذه األبيات فهي تعب ر عن نفسها بنفسها و من مجلة

بعض األبيات نقتطف التأمل يف عواقب األمور متحدثا عن التدبري و حسنه و الكناين قيس ابنيقول :فيقول

مقادره طاشت املرء ظن طاش إذا أن ه أعلم الظ ن صواب وأبغي ش رش ر ه الصواب غري على وت لقى رشده هو ما اإلنسان يكره وقد

168

:تفضل العقل على املال فتقول اخلس بنت هندو تقول

بشيء عندي الف ىت ول يس مفلس العقل من مال ذا كان إ ذا أعد ه

بالعمل مقرونا املرء يتحدث عن العقل الذي يزين الفزاري بشركذلك الشاعر :الصاحل ع قول وم اجل س ح سن ي ز ن ل م إ ذا و طول ها اجل سوم ح سن يف خ ري و ال

و صول الصاحلات ب الف عال ل ه ف إ ن ين ط ويال ج سمي ي ك ن ال ف إ ن

لواقع احلياة و ما خيبأه القدر و عن التسليم اجلالح بن أحيحةو يتحدث الشاعر ءه السابقني حول راحة املرء صاحب فيقول خمب را و مناقضا زمالاهول لإلنسان :عب نقيضه اآلخر العقل الفارغ و ت

الف صيل ل ك ي كون أ م ل غ ري ك س قبا ذ م رت إ ذا ت دري و ما األ رض ب أ ي أ مرا أ مج عت و إ ن ت دري و ما امل قيل ي در ك ك

ث قيل م حم ل ه احل لم و إ ن خ فيف م حم ل ه اجل هل ف إ ن

:عن منقبة احللم و ضريبتها على صاحبها زياد بن الربيع أيضا يتحدث الشاعر

احلكيم الرجل يستجهل وقد قومي علي دل احللم أظن بالظلوم أنا وما فأنكر ها منكرات رجال من أالقي

169

: فكرية خالصة.. اجلاهلية

و عقليتهم و فكرهم على تسلطت و اجلغرافية بيئتهم حكمتهم قوم العرب أفعاهلم تبعات بكل نظلمهم ال أن علينا القول حق و. أفعاهلم و تصرفام

فال ، الصحراوية البيئة هذه إىل التصرفات و األفعال تلك ي ر ج ن أن و ، السلبية املباشر ريغ أو املباشر خضوعهم يربز ما و. ذلك جريرة على اللوم كل نلومهم

حيال عندهم الفكري التناقض من نوع بروز هو ، تلك لبيئتهم ، اخلفي حىت أو . حيام يف دورا لعبت معينة قضايا و أمور

القاسية اجللفة اجلغرافية بيئته مع اجلاهلية يف املرير العريب صراع فإن ، بنظرنا و صناعة و زراعة من التنظيمي احلضاري التطور منو منعت اليت و ترحم ال اليت

أو منه اهلروب استطاع ما الذي الصراع هذا. اخلضرة و الكأل منو منعت مثلما . ذاا صحرائه من الفكاك ال و حتاشيه

مناطق بني ، ادبة املقفرة الصحراوية منطقته وقوع هو ، بلة الطني زاد ما و بالتمدن موسومة إمرباطوريات و ممالك و عريقة حضارات ذات متمدنة حضرية

و جهة من العريقة فمصر. الزراعة و اآللة اختاذ و الديين و السياسي التنظيم و باحلضارة ممثلة أخرى جهة من بيزنطة و) الرافدين( العراق و الشام بالد

، ثالثة جهة من املتمدنة الدولة و احلضارة ذات فارس بالد و ، رقيها و الرومانية بشةاحل مملكة كله ذلك يتاخم ، مباشرة البحر يليها ر ض ح ت البضع ذات اليمن و باملاء إلحاطتها أرضهم على) العرب جزيرة شبه( تسمية إطالق صح فإذا. جمتمعية جزيرة شبه بأا توصف أن ذاته الوقت يف صح ، ثالث جهات من

ندر مفارقة شكل ما هذا و ، ا احمليط الوسط مع تنظيميا و اجتماعيا متناقضة تشكل جمتمعا صحراوية بقاعا تكان إما اليت املشاة األمكنة باقي يف حدوثها

تناقض ذات مبجتمعات حماطة و مقوماا و احلضارة عوامل عن ا بعيد صحراويا

170

تناقض ذات مبجتمعات دميوغرافيا حماطة صحراوية بقاع أو ، معها التفاوت قليل هيكلية ذو مترابطا جمتمعا ذاا حبد تشكل ال البقاع هذه لكن معها متفاوت

مجاعات كوا تعدو ال و ، العرب جزيرة شبه يف احلال هو اكم متماسكة جزيرة شبه يف مكانا له جند ال األمر هذا. اجتماعيا و فكريا معزولة بدوية و ، األوىل بالدرجة صحراويا قبليا جمتمعا عن عبارة كانت إن و اليت العرب عنصرية أو كقومية اذا تعي كانت أا إال ، متنازعة متناثرة قبائل من مؤلفا العريب نظريه أن يعرف و يعي كان معينة قبيلة من فالعريب. متجانسة وطنية و الوطنية يف له أخ هو ، بينهما املسافة بعدت إن و األخرى القبيلة من اآلخر

يف اثنان تصادف ما إذا كانت و. بينهما فيما الدم رابطة يعي و ، العروبة أخا يا أنت أين من" .. اآلخر أحدمها يسأل عنيم عريب مكان أو الصحراء

حي يبق مل" قالوا ما خرب شيوع عن التعبري أرادوا إذا كانوا و. " ؟؟ العرب يؤكد ما ورد قصائدهم و أشعارهم يف حىت" . بذلك يسمع مل العرب من

: ربيعة مهلهل. يقول تعصبهم أحيانا و هلا وعيهم و لعروبتهم معرفته

١ د وان و احل قوق خ زاز غ داة و ن جد يت ص ربي ق حطان ر ف ت ع ل ق د الث ق الن ص حو ها يف ف ص د ق ها ي عر ب م قاد م ج د ت ق د و وائ ل

: باهلة أعشىو يقول

شاعب كل رأيه أعبا الصدع إذا مثلهم ير مل قحطان من قنابل

: النهمي عال ج و قال

ل تعبیرا رمزیا عن القبائل العربیة . قحطان ( أبو یعرب ) ھو جد العرب و ھو ھنا یمث ١

171

أ فناء ع ل م ت ق د ل األ مر ي صري إ ل ينا أ ن نا ق حطان م جم ع ك ل يف

: التغليب كعب ابن

ك ذ ب ال ق دميا م نك م ذا كان ق د الع ر ب أ خوال خ ري م ن أ خوال نا

: بقبيلته قائال شداد بن عنترةو يفتخر

األ كار م م ن ن س لوا ل ق د ع بس ب ين د ر ل ل ه الع ر ب ت نس ل ق د ما

: احلداد قيسو كذا الشاعر

. الع ر ب ج ميع احل ر مات ع ن و الذائ دون الب يت املان عو ه م عما االختالف متام خيتلف جمتمع وجود هو ، ذكره مضى مما إليه خنلص ما

هو نفسه الوقت يف و بينها و بينه فيما واضح تباين على و جمتمعات من به حييط و التنظيمية و الفكرية مبكوناته النهوض عن عاجز هو و. معها احتكاك على

و قاسية شروطا عليه فرضت صحراوية ببيئة حمكوم كونه ، اراا اإلدارية طاقة ميتلك أيضا هو و. احلضاري تقدمه و لنموه معيقة ظروف يف وضعته يف وضعه إىل أدت ، جمتمعة الظروف هذه. وق ادة عقلية ةذهني و كبرية فكرية متقشف فقري صحراوي جمتمع.. األوىل بالدرجة نفسه مع رهيب فكري تناقض

– فارس – بيزنطة( متقدم عريق اريضح جبوار حمكوم و به اخلاصة شروطه له . املتواصل االحتكاك مع ، به اخلاصة شروطه له أيضا هو) مصر – العراق

172

حياته بني ما التمازج من حالة خلق حاول قد اجلاهلية بفترة العريب فإن بنظرنا و هو و. ااورة األقاليم و املمالك يف يعرفه و يراه ما بني و الصحراء يف البسيطة

احمليطة األقاليم يف عليه هو مما بكثري أسوأ التنظيمي و االجتماعي وضعه أن يعي مع يوالفها و الصحراوية بيئته إىل الوضع هذا صورة ينقل أن حياول و ، به

، الظاملة بصحرائه يصطدم كان ، كبريين حرقة و مبرارة لكنه ، هو أوضاعه من به حييط ما لدى املوجودة املفاهيم هذه على يثور بالالشعور أحيانا فكان

املذلة و املهانة من نوع يعتربها و قدرها و قيمتها من حيط و األخرى الشعوب الشعيب املثل مبدأ على رمبا ، تكبيتها و نفسه إلرضاء حماولة يف ، إليه بالنسبة ) . حصرم يسميه العنب يطول ال من( القائل

لى ذلك ، هو أنه ما أن سنحت الفرصة لظهور نظام عو ما يدل داللة قوية على يد بين أمية ، حىت سارع العرب إىل استحضار تلك الدولة فيما بعد

كأسس معيارية متعارف عليها . و لعلنا نسوق هنا يم و تطبيقها و قبوهلا املفاهالذي نظام امل لك .. هذا النظام بعض من هذه املفاهيم ، و منها على سبيل املثال

متناقضة ثنائية لدى العريب يف اجلاهلية ، فتراه من جهة ما ، يسعى إليه و شك ل أخرى أو كان قريبا منه ، و من جهة إذا ما أدركه و استحوذ عليه يتفاخر به

العصيان ، إذا خضع أو أ خض ع له و يثور عليه معتربا إياها مدعاة للتمرد و ينبذه سه مزهوا معتدا إذا انقلب عليه أو قتل و يفخر بنف، أو كان جمانبا اجتاهه

مع فهذا وائل بن ربيعة ( كليب التغليب ) قاد مجوع التغالبة و اشتبك. أصحابهو اخلضوع لنظام امللك ، مث أصبح هو اإلتاوةلرفضه دفع اليمانية و قتل ملكهم

و يفخر بطغيانه و جربوته و غروره األمحق ، بعد ذلك مويلكا يتشبه بامل لك الفخر بقتل امللوك لألنفة من فيقول يف قصيدة له حتمل تناقضا فكريا هائال بني

و سوء اإلدارة و زهوه و افتخاره بامل لك هلم و بني اإلتاوةاخلضوع و دفع و ديدهم باحلرب إذا ما هم امتنعوا عنها فيقول يف ذلك احلكم و إجباره الناس

:

173

خ طاء امل لوك ق ت لنا ي ك ن إ ن ص وابا أ و ق ت لنا ف ق د ل بيدا

ديدا احل ت ق ل ج رد ب ج ياد م لوكا امل لوك م ع و ج ع لنا الو قودا و ن ذ ك ي ق وم ك م ب ه س النا ي حل ف ب ال ذي احل رب ت سع ر و عيدا احل روب ن جع ل و ال ء و الق ي اإل تاو ة ل نا ت ر د وا أ و . م جيدا ف ع لت فيما ف أ راين ن زار م ن ع جائ ز ت ل مين إ ن

: امللوك بقتل مفتخرا آخر موضع يف يقول و

الل حاق ح ذ ر ه زمي ه م و طار ع ضب ب ك ل امل لوك ف أ رد ينا الو ثاق يف ج ل بنا ق د و آخ ر امل نايا أ ذ قناه م ل ك ف ك م

: يقول املهلهل أخوه هذا و

ر واحا و غ دو ة امل لك ن سل ب س رنا ي وم م ثل نا الناس ر ت ل م ص ياحا ف وق ه ن اهل دم ت تر ك ع تاق ب م ره فات و ض ر بنا

: آخر موضع يف يقول و

الط وال ب الر ماح امل لك ن سل ب س رنا ي وم م ثل نا الناس ي ر ل م

: م ظه را حقيقة شعوره جتاهها سا غله و حقده على نظام امللك منف و يقول

174

. ط عاين ب ص دق ذ ال و أ ور ثت ها ح مي ر ذ ل م ن الن فس ش ف يت غ داة : فيقول الرياسة و بامللك مفتخرا نفسه مناقضا يعود مث

و أ بناء امل لوك ه م امل لوك ل ه م ع لى ف ضل الل أواء يف الناس و الن ع م م امللك و يلقي قصيدة حول قتله امللك على نظايعلن مترده كلثوم بن عمرو و

:ذلك بسيط فيقول يفعمرو بن هند لسبب تافه

فينا الذ ل ن ق ر أ ن أ ب ينا خ سفا الناس سام امل لك ما إ ذا ن دينا أ ن فيها امل لك ع ص ينا ط وال غ ر ل نا و أ ي ام

ملا قص ر يف التمتع به و سوء م امللك ل على نظا و حنن واثقون من أنه لو حتص

استخدامه كزميله و أخو جده كليب . بقتله للملك و ضرب قرنه بالسيف فيقول يفتخر شداد بن عنترةهذا الشاعر و

مزهوا يف ذلك ..

امل ل ك هام ة إ ل ا الك ريه ة ي وم ب ه ض ر بت ه ل ع ن ي الس يف و سائ لي داعيا عليها فيقول امللك نظام و للملوك كرهه خيفي ال بدر بن اخلرنقكذا و

:باهلالك

ب غاها ل م ن الع راق و خ ل ي ت ع مر و و ع بد امل لوك ه ل ك أ ال

175

من مزيد إىل الثنائية امل لك مفهوم متناقضة ، عنه اإلجابة تقود سوآل يربز هنا و

األبيات يف تفاخروا و ادعوا الذين غريهم و أولئك هل.. اإلبانة و اإليضاح هم هل ، ذلك جتاه املكبوتة لرغائبهم تنفيسهم عن عب روا و امللوك بقتل السابقة

حقيقيني ملوك كانوا قتلوهم الذين هل و ؟؟ حقا امللوك بقتل قاموا قد فعال .. ال.. اجلواب ؟؟ امللك مفهوم و ملصطلح التوصيفية الشروط عليهم تنطبق بل ملوكا يقتلوا مل أم يعرفونرمبا هم أو ، ملوكا قتلوا قد أم هلم تراءى هم

حجمهم من أكرب حجما عليهم يضفوا أن آثروا لكنهم ، خياالت و هلم أشباه و نثرا و سجعا لديهم الفخر سوية من يزيدوا و مكانتهم من أنفسهم هم لريفعوا هم احلقيقيون فامللوك. لديهم املوجود الكبت يفر غوا الوقت بذات و. ش عرا

و الرياسة و السيادة أصحاب ، غريهم و مقوقس و النجاشي و قيصر و كسرى التنظيمية اإلدارية الشرائع و القوانني ناظموا و، الشاسعة األراضي و اجليوش و تفتيش بعد و فرادى وحدانا بل زرافات عليهم الدخول للناس ميكن ال الذين

يف فاملقتولني. شهور رمبا و أسابيع تستغرق قد موافقة و يقنيدق متحيص و دعيا و زورا ألنفسهم نسبوه و امللك تومهوا أناسا بل ملوكا ليسوا حقيقتهم

ناحلقيقيو امللوك صنيعة كانوا أحواهلم أحسن يف وهم ، سفاهة بعدها ما سفاهة كذا!! ؟؟ امللك يد عي أن وائل لكليب أين فمن. هلم عماال و آنفا نواملذكور

، التناقض يف الفرس مربط هنا و!!! ؟؟ الكندي حجر والده و القيس امرؤ األمر احتكاكهم بسبب لك امل يتومهون ، جهة من واكان، املنذر بن كالنعمان فهؤالء

كانوا معا آن يف و ، هلم وخضوعهم معهم تعاطيهم و األصيلني امللوك مع ، أساسها على يتصرفون و إليها بكليتهم منصرفون و ليةالقب يتعاطون أعرابا

و السياسة و امللك نظم و قوانني يطبق ملكا يكون أن يريد هؤالء من فالواحد فأصبح ، القبلية األعراف و العادات يطبق أن يريد قبيلة رئيس و ، الرياسة

ال هو و ، ذلك يف أفلح هو فال ، الطاووس مشي يقلد أن يريد الذي كالغراب

176

من الواحد مصري كان بالنتيجة و. إليه العودة اسطاع ماف األول مشيه تذك ر ، منهم واحد مع امل لك ي ص ح مل و. بالدماء مضرجا ، جمندال قتيال هؤالء

مل خمدوميهم و ، املوقف حسب عالنيتها أحيانا و سريرا يف رفضتهم فقبائلهم النعمان مع أنوشروان كسرى فعل كما ممعه اخلدمة حدود جتاوز هلم يسمحوا

ألن عليه غضب عندما ، الفيلة أقدام حتت رماه و إليه استدعاه ملا املنذر بن اآلن لنا لتتضح ، العرب بنات أو بناته من بنت إليه يرسل أن منعته القبلية محيته . اجلاهلية عرب لدى امللك ملفهوم الثنائية املتناقضة شكل و صورة

و الزراعة و الصناعة و كالتجارة أخرى مفاهيم على أيضا انسحب األمر هذا تناقضات بدورها األخرى هي تشك ل يبدو على كانت اليت و ، العقاري التملكو لكن ا يقوم من قيمة من ينتقص و يذمها كانت الذي العريب داخل يف تعتملفما أن استحوذ ، ما يبدو فإا كانت تعتمل يف عقله هي األخرى بدورها على

انصرف بكليته و مهجه إليها، يف عهد األمويني ، حىت على نظام امللك و الدولة ميارسها و يقوم بأمرها من تنمية و تطوير فلم يكد يأيت العصر العباسي ، حىت

ي الزرعة و يعاير ش و غ البيعةكان يأنف من الصنعة و أضحى هذا العريب الذي األثاف الثالث .. رة عريقة تقوم على هذا من يأتيها ، أضحى صاحب حضا

كان كما وصفه حسان بن ثابت قائال :هذا األمي الذي القفر يف كالبهائم كنتم و كالم ع ج مة غ ري لكم ما قدميا كنتم و

، و الصناعة و الفلسفة أصبح اآلن عامل بالرياضيات و الكيمياء و علوم الطب ان و فارس و روما و يقدم نتاجا حضاريا للعامل أمجع يتفاعل مع حضارات اليون

عندما كان طريد يف صدره املعتملة يف عقله ةاملكبوتو قد تفجرت كوامنه . الصحراء شريدها .

177

و مكنونات من صدره يف يعتلج ما تطبيق من فمنعته بيئته حكمته إنسان العريب جتاه رهيبا كبتا فيه تركتف ، للعلن إظهارها و خفية تطبيقية مهارات و بواعث

مزايا منه سلبت و صحراؤه حكمته إنسان.. عليه احلصول ميكنه ال و يريده ما منذ إنسان عليهما حيصل ميزتني أهم أعطته لكنها ، مزاياه بعض رمبا و غريه هاتان ، له ااورة األخرى الشعوب لبقية تتوافران مل ميزتان.. التاريخ فجر

العراقي أو املصري ما ليحلم يكن مل ميزتان. احلرية و األمان. . مها امليزتان لذل خاضعني جمتمعام يف عاشوا الذين.. روم و فرس من غريمها و القدمي على التمرد على ليجرؤ كان فمن. مق ن عةكانت أم ظاهرة، عبودية من أكثر

للسلطة اواتاإلت و الضرائب دفع رفض أو املناطق هذه يف القائمة السلطة حياول أو) القسطنطينية( بيزنطة أو فارس أو روما يف احلاكمة املركزية

السلطة من مسبق إذن دومنا خاص ديين أو اجتماعي كيان مبجرد لو و االنفصال رمحة دومنا التدمري و القمع مصريها كان ، القبيل هذا من حماولة فأية ؟؟ املركزية

بدء منذ بل ، فقط اجلاهلية لفترة الراهن الوقت قبيل من ليس هذا و ، هوادة أو حبيث القوية املمالك أو التاريخ عرب الضخمة العمالقة املركزية السلطات تكو ن ذلك أمثلة و. ثابت كقانون دميوغرافية جيوسياسية سياسية معادلة ذلك شكل لكتهامب ممثلة تدمر كمملكة ، احلصر ال املثال سبيل على منها بعض نسوق كثرية أو ، كليوباترا مصر كذا و. الرومانية السلطة عن االستقالل حاولت اليت زنوبيا عهدها، أول يف قوية كانت اليت إسرائيل مملكة أنشأوا عندما فلسطني يف اليهود

و للغزو تعرضت ، بابل و ملصر التبعية عن االنفصال قررت و ضعفت ملا و مضض على ، التوحيدية العقيدة ذوو داليهو خضع ، احلني ذاك مذ و. التفكك

، الديين كيام بإعادة التفكري حاولوا كلما و ، الوثنية املركزية السلطات لتبعية متردهم منسوب فيها رفعوا اليت األخري املرة ويف ، التنكيل و لالضطهاد تعرضوا

و همهيكل تدمري مت و للمذابح تعرضوا ، روما يف املركزية السلطة على ثورم و . األصقاع يف ف ر قوا أو تفرقوا مث من

178

وحيد جغرايف استثناء هلا و ج د ، القائمة العرف املعادلة أو السياسي القانون هذا بصحرائها حصينا منيعا جغرافيا مكانا كانت اليت العرب جزيرة شبه هو و

لةمح جتريد على جترأ أحد من ما و ، دخيل أجنيب ألي املهلكة و القاتلة إليها الفارين تعقب أو الصحراء جماهل يف املتوغلة القبائل ع صاة لتأديب عسكرية

بفتوحاته املقدوين فاالسكندر. هؤالء من لدولة املركزية السلطة بطش من حتاشى ، جماهلها و املسكونة احلضرية األرض بقاع معظم طالت اليت اهلائلة من سبقه من فعل كذلك. مئننيمط صحرائهم يف آمنني تركهم و القوم هؤالء احلمالت معظم و. فرس و رومان من تبعه من و ، املصريني و البابلني

كان ، األسباب من لسبب العربية الصحراء صوب ت ج ر د كانت اليت العسكرية الدينية املخطوطات و املدون التاريخ تصفحنا إذا حىت. الفناء و اهلالك مصريها

فيها ورد املثال سبيل على فالتوراة فيها للعرب الذكر ظيمع جند ال ، األثرية و املؤرخون تطرق ما نادرا و. بسيط مقتطب بشكل للعرب إشارتني أو إشارة

مت ما أول و. جمتمعها و ألحداثها ، اجلاهلية لفترة املوازية أو السابقة الفترات يف ، الالحقة العربية ميةاإلسال احلقبة أواسط يف كان ، العريب التاريخ عن تدوينه . تبعه من ذلك بعد تبعه و تارخيه القرطيب دون حيث

احلرية حيث لقد خولت ميزة األمان هذه ، العريب أن يتمتع مبقدار وافر من قيب . فهو يف تبعيته ميكنه أن يفعل ما يشاء و يقول ما يشاء دومنا حسيب أو ر

لكنه أضحى أكثر أمنا و ، التجديدو اإلبداعلصحرائه كان أقل قدرة على على لسانه ، فأطلق العنان ، أجراه قوال و بالتايل ما مل يستطع فعله بيده سالمة

يهدد و ي رع د و و ي زب د لسجيته و انربى يستشعر على هواه فخورا خمتاال ، بالويل و الثبور و عظائم األمور .. يصعد بنفسه و فكره إىل أعايل السماء يتوعد

منها بلحظة واحدة إىل هشيم األرض ، كما ينقض الصقر من عليائه ، لينحدر . فإذا مدح و افتخر ، بالغ يف مدحه و فخره حىت ليظنن أنه قد على طريده

ذكر قدرته على الطعن و القنا يف ساحات الوغى ، ملك الدنيا و ما فيها . و إذا

179

اياه و قدراته اخلارقة أسطوري و بالغ مسرفا يف تعداد مزخرايف حتول إىل كائن حني ل اليشكري خ حىت يندى اجلبني . يدلل على ذلك الشاعر اجلاهلي املن

عند تعاطيه اخلمر فيقول : صحوهو يصف سكره

و الس دير اخل و رن ق ر ب ف إ ن ين ا نت ش يت ف إ ذا و الب عري الش و يه ة ر ب ف إ ن ين ص ح وت و إ ذا

قد تكون هذه النقطة بالذات هي اليت أعطته دفعة من الكربياء و العنفوان و و

و جعلته ال ينام على إهانة أو ضيم يلحقا به . و إذا ما تعر ض هلما و مل األنفة غيظا و كبتا حىت ينال مراده و يشفي غليلته يستطع ردمها ، اعتمال يف صدره

حىت ذي قد متضي به السنون مدة طويلة برد مها ، و هو ما جتلى بالثأر لديه ال يناله .

و العزة قد جعلته على مر الزمن ، سريع الغضب و بدورها ، فإن هذه الكربياء و االنفعال ، يثور ألتفه األسباب و رمبا يقتل و يفتعل الكوارث و احلروب

ال تصيب غريه مقتال . و لسنا حباجة إلعادة أمثلة حروباليت املدمرة املخزية ن هند و غري ذلك لك ( جمازا ) عمرو بو مقتل املالبسوس و داحس و الغرباء

ما ذ ك ر آنفا . و وقائع كان مبتعثها من أحداث و جربوت إذن .. فالعريب الذي عرف أنه بصحرائه ، آمن من بطش الباطشني

يكثرث اجلبارين ، ال متتد إليه يد مهما طالت ، إال فيما ندر ، ال بل أنه ال أحد و هو ليس من ضمن أجندة الدول و اإلمرباطوريات العظمى و املمالك إليه

احلرية ، استشعر طعم القوية ، فإنه استشعر طعم احلرية ، و ملا استشعر طعم وملا العزة و الكربياء ، و ملا استشعر العزة و الكربياء استشعر طعم الغرور ،

، و ملا استشعر طعم بين جلدته مع ل ااستشعر طعم الغرور استشعر طعم القت، فجعل كل فكره و ذهنيته و أعماله ، استشعر الشعر ذاته القتال مع بين جلدته

180

يف شعره اجلاهلي الذي أبان و أفصح عن هذه و تصرفاته ، م ص اغا مسكوبا إىل لبقيت فترة اجلاهلية ، جهال جمهوال منسيا –أي الشعر –الفترة ، و لواله

ا . يومنا هذ، و اللوم كله على العريب الذي عاش فترة اجلاهلية ا ملا سبق ، فإننا ال نلق وو عز

عاله و صنائعه املذمومة كلها ، فله فعال و صنائع خ لق و أدب نكلفه مؤونة ف ال و ال ما كان جمربا عليها و مكرمة بز ا غريه و فاقه فيها مسعة و علو ا ، كونه

جماهلفهو يف خفية من مكامنه . ياا ، فوطأها بشنشنة على غشياا و إتأو رياء ال جيربه أحد على فعل أو صنيع ، و ليس هو جمرب على مداهنة صحرائه

، فقام بذلك و رمبا يكون قد عرف أن التاريخ ال حيصي عليه فعل من فعاله و السماء ال مينعه حيلق يف هو متاما كالطري الباشق احلر ..ال يثوبه مبديح أو قديح

كلمة العريب يف . و إنين كلما طرأت على مسامعي مانع و ال يردعه وازع فوق واقفا به ، راكبا فرسه شخصا أمسر ملتحيا ، اجلاهلية ، ختيلته على الفور

ملتفحا وجهه و جسده بعباءة خشنة متوقيا حر الشمس ، ، أعلى كثيب رملي الصحراء املمتدة أمامه و قد وضع كفه فوق عينيه . مبتعة إىل رافعا رأسه ، ينظر

، يقودنا االستنتاج عود على بدء ، إىل أن الفكر العريب اجلاهلي من كل ما سبق ، أيا كان نوعه ، سواء احنصر مداه يف شبه اجلزيرة العربية و تأثر ذه البيئة

اجلماعة اليت و سواء أكان على مستوى أكان دينيا أم اجتماعيا أم حربيا . شكلت هنا قبيلة واحدة أو قبائل عدة ، أو على مستوى الفرد الذي هو إما

.. ذلك كله خرج من رحم صعلكا منفردا بذاته مت منتميا إىل قبيلة معينة أو قليل الشخوص أفقيا ، قصري الصحراء ، و تبعا لذلك كان فكرا ضئيل السوية

ات البشرية و العلوم اإلنسانية . فال أثر ملستوى العالق، عموديا ١النجوم أو مدارس فكرية لفلسفة أو علوم تطبيقية أو علوم اجتماعية أو قوانني وضعية

نجم بالشيء أي دخل بھ و انتشر لألعلى و ینسب أیضا إلى نجمة و ھي عشبة اشتھرت عند العرب ١

بانتشارھا الكثیف .

181

أن يقصدها و ينهل منها ما شاء من معينة أو حىت أماكن تعليمية ميكن للمرء أن علوم . و إذا دققنا قليال بتمعن ، يف التراث و الفكر العريب اجلاهلي ، لوجدنا

االصطالحية و التعريفية ملقومات و عناصر العلم و التعلم و أدواا فردات امل، كالعلم أو امللحقة ا ، هي قليلة نادرة الوجود و تكاد تكون شبه معدومة

اخل و ما شاها من مفردات . دراسة أو القراءة أو الكتابة .. القلم أو الدفتر أو ال لكل ما ذ كر من حتليل و استقراء للفكر العريب و اخلالصة املنطقية املستوعب

انتفت منه التعقيدات احلضارية ، هو أنه كان فكرا بدائيا بسيطا اجلاهلي ، اإلنسانية ، و السمات العلمية . و يف هذا املفصل الفكري على وجه اخلصوص

أعر وا فترة اجلاهلية فيقع الكثري من اللغط و املغالطة لدى البعض الذين تناولوا نه أ و ركنوا أسباا و خ الهلا إىل العريب ذاته ، الذي عاشها . و رأينا رة فيها الع

إن وقعت هذه اخل ل ة ، فإا تقع على املكان ال على األشخاص . ، يتبدى للناظر املستقرئ أن البدائية مسة لزبت العريب ، لكن لوهلة األوىل لو

ى املكان و البيئة اليت فرضت على وقعت علالصواب األصح أن يقال أا اإلنسان العريب أن يكون كذلك ، و اليت كما أجدبت عليه الكأل و الزرع و

إمكانياته و مساته العقلية و الفكرية و عليه أجدبت كذا األمر املاء و االستقرار ، هي صفة اخت ص ت باملكان ال باألشخاص ، و هو منعتها من الظهور . فالبدائية

خوا هلذه الفترة و كتبوا عنها و ما استقاموا ممن أر كل على بعض النظار أمر أشو عيار ، لنعتقد أن مسات الغضب و االنفعال و التمرد عياا جيدا . و إننا

ما بعض مسات احلضر و خصاهلم و التمسك ببعض خصال مكارم األخالق ، ة الفكاك منها و اخلالص هو يف واقع األمر إال مترد على البيئة اجلغرافية و حماول

، وهو أمر مل يتيسر للعريب إال عندما جاء اإلسالم الذي كان يف وجه من أسرها االنقضاض على حكم مساعد على أساس من وجوهه بالنسبة للعريب ، عامل

و إخضاع احلضارات األخرى ااورة البيئة اجلغرافية و اخلالص من ربقتها

182

نظام الدولة اإلمرباطورية و ية ، بواسطة البيئة العرب لتمازج و التالقح معملعادلة ا . كياا الذي أنشأه األمويون

صحيح أن الفكر العريب اجلاهلي كان فكرا بدائيا بالنسبة للبيئة الصحراوية البدائية ، لكنه كان فكرا صادقا عفويا خاليا من أية مداهنة أو متلق أو تزوير .

183

يف اجلاهلية ، فما استطاعوا منها فكاكا و ال قلنا أن العرب قوم حكمتهم بيئتهم

احلالة هذه ، تناقضا فكريا خفيا دفينا فيما بينهم و بني بقية مهربا ، و أورثتهم اهلية .على عرب اجلالشعوب األخرى ااورة هلم و تسلط الصحراء و عواملها

الو تتبدل اممر العصور هو حالة جغرافية مناخية اجتماعية فكرية ثابتة على أو هذا العامل مهما يكن ريها عرب عامل داخلي ين باإلمكان تغو مل يكتغريت . . الظرف

أن اإلنسان منذ ظهوره و وجوده على األرض ، كان خاضعا و من املعلوم من حيدد يف هي ، بنظرناة اجلغرافية ، و اليت بشكل كبري إىل الطبيعة و البيئ

، سواء أكان دينيا أم هلا اخلاضعالنهاية و ضمن اإلطار العام ، سلوك اإلنسان رته و طريقة تفكريه و تقديره لألشياء و ظ اجتماعيا أم حىت فكريا ، و حتدد ن

ه النقطة ، هذ. و قد أدرك علماء اآلثار و التاريخ و األنتروبولوجية احلوادث متاما ، و بعضهم قد عزى االختالف فيما بني حضارة بالد الرافدين و حضارة

، إىل اختالف البيئة و احلياة االجتماعية جلهة العقائد الدينية مصر القدمية سابق ا قد حتدثنا عنه يف كتاب لنا، وهو موضوع كناجلغرافية و عوامل الطبيعة

و ال ميكن و احلالة هذه ، تغيري مسات لطان ) احلكمة بني اإلله و الس( بعنوان الطبيعية و جمتمع ما و أنظمته الفكرية أو الدينية ، حمكوم بعوامله البيئية اجلغرافية

حىت املناخية ، من ضمن منظومة عوامل داخلية ذاتية ، فهذا من الصعب جوهري . و طبقا هلذه املعادلة القانون ، فإنه ال ميكن إحداث تغيري املستصع ب

184

خارجي ، إما أن ما ، خيضع هلذه املعادلة إال عن طريق عامل يف منظومة جمتمع يكون عادي ثابت طويل املدى ، أو قوي آين .

إن مثال احلالة األوىل ميكن ضربه بالديانة املسيحية و انتشارها يف أوروبا و ودا ثالث ير مع روما الذي دام عقر، و صراعها املالشرق األدىن و بعض آسيا

يف روما و أصبحت الديانة الرئيسة يف كل حىت مت التمازج بينها و بني السلطة التابعة لروما و بيزنطة أو الواقعة حتت سيطرما ، ما أحدث حتوال األراضي

جوهريا تنظيميا إداريا و فكريا ، اجتماعيا و دينيا . ، فكان هو العامل فصلنا هذا أما احلالة الثانية فقد مث لها اإلسالم موضوع

املوازين الطبيعية و الدميوغرافية ، رأسا على عقب ، و هشم اخلارجي الذي قلب فوق رزحت نريا ثقيال جلمود املعادلة القائمة على حكم الطبيعة و البيئة و اليت

الفقه ذا املبحث هنا ، يف وارد تفق ط عنق العريب أثقل كاهله لقرون . و لسنا و ال منت ، و لكن تارخيهما ، فما هذا مبنهج للكتاب دالدين اإلسالمي و سرو

اإلسالمي و دوننا مبحث آخر و هو الفكر العريب الناتج من متازج األثرين دنا انتزاعه من ثنايا السرد التارخيي ، و تأويله غاية الشرح و ، و قص العريب

سالمية إىل أقسام ثالث .. و يف مبحثنا هذا ، قسمنا الفترة اإل .التحليل و تنتهي بوفاته . من والدة الرسول (ص) تبدأ الفترة النبوية و ـ فترة اخللفاء الراشدين اليت تبدأ خبالفة أبو بكر الصديق و تنتهي مبقتل اإلمام ـ

. علي بن أيب طالب اليت تبدأ من حكم بين أمية و ما بعدهم . ـ فترة الدولة

185

: الفترة النبوية هللا بن عبد املطلب اهلامشي القرشي ، حممد بن عبد ا( ص ) ١ ولد الرسول العريب

، مهله أ ماعاجله و ، / م . و قد تويف والده يف مرض له ٥٧٠يف مكة سنة / و بعد والدته بفترة توفيت والدته آمنة بنت وهب و كان له أثناء محل أمه به .

و هو بعد صبيا إىل جده عبد املطلب ، فانتقلت رعايته ومن العمر ست سنني ه أبو طالب و هو م، فكفله عقد لبث يف كنفه سنتني تويف بعدمها عبد املطلب

ابن مثان ، و بقي يف كنف عمه أبو طالب حىت بلغ اخلامسة و العشرين حني يسافر مع عمه يف تزوج من السيدة خدجية بنت خويلد . و قد كان قبل ذلك

و صودف أن كانت إحداها خلدجية حيث أبلى بالء حسنا . التجارة إىل الشام استلم على إثره جتارة خدجية فكان مثال الصدق و األمانة يف و رزق خبري كثري

يف زيادة أرباحهم و هو ما أدى إىل الناس و أرزاقهم و سببا التعاطي بأموال قد . وإعجاب السيدة خدجية خبصاله فعرضت عليه الزواج منها و تزوجا

كانت هذه الواقعة سببا يف اتساع حاله و خروجه من ضيق ذات اليد و حيث آثر بعد ذلك االعتزال استقراره العائلي و رمبا سببا يف انصرافه إىل التأمل

عن الناس ، فكان يذهب إىل جبل قريب من مكة و يتموضع يف كهف صغري . ناس يسمى ( غار حراء ) فينفرد فيه متأمال يف الكون و ال

عاما ، أتاه و قد دأب على هذه العادة إىل أن جاء يوم كان عمره فيه أربعونالذي قال له : اقرأ . فأصابه فزع شديد بواسطة جربيل (ع) الوحي من السماء

قائال له مرة أخرى : اقرأ . و ملا من جراء ذلك ، فأعاد جربيل (ع) عليه الطلب جربيل : ما أنا بقارئ ؟؟؟ ( أي ماذا أقرأ) هدأ روع الرسول (ص) قليال ، سأل

فكرر جربيل (ع) عليك الطلب أن اقرأ . و عندما سأله الرسول يف الثالثة : ما ع ل ق م ن ال أ ن س ان خ ل ق خ ل ق * ال ذ ي ر ب ك ب اس م اق ر أ أنا بقارئ ؟؟ أجابه جربيل (

السیرة النبویة البن ھشام . –السیرة النبویة البن إسحاق المعتمدة في سیرة الرسول (ص) ھيالمصادر ١

186

. )٥-١العلق ( ) ي ع ل م ل م م ا ال أ ن س ان * ع ل م ب ال ق ل م ع ل م ال أ ك ر م * ال ذ ي و ر ب ك * اق ر أ ، أخرب زوجه فخرج بعدها هائما إىل بيته ، خائفا مرجتفا . و عندما وصل الدار

و ابن عمها إىل قريبها فزعت بهخدجية مبا حصل معه ، فلم تنكر ذلك عليه و فقالتي شيء من اليهودية و النصرانية . و كان عل( ورقة بن نوفل ) أو عمها

بن يا: ورقة فقال أخيك ( أي الرسول ) . ابن امسع من عم ، أي: له خدجية الذي الناموس اهذ : ورقة فقال رأى ما خربالرسول فأخربه ؟ ترى ماذا أخي إذ حيا أكون ليتين ، جذع فيها ياليتين، موسى على وتعاىل تبارك اهللا أنزله

يأت مل نعم،: ورقة قال ؟؟ هم جي خر م أو : رسولال قالقومك . ف خيرجك ألنصرنكهذا ، يومك أدركت إين لئنو ، ودي ع إال به جئت ام مبثل قط رجل يعلمه اهللا . نصرا

نبوة الرسول (ص) قرب عن أنباء هنالك كان أنهو تذكر السري و األخبار . مث منه املقربني يدعولرسول (ص) ا أخذ، ذلك بعد و. نتجدث عنها الحقا

قريشا لكن و ذلك ففعل ، اهللا إىل جهرة الناس يدعو بأن األمر جاءه أن لبث ما باجلنون تارة و بالسحر تارة رموه و منه مألها سخر و دعوته رفضت و أنكرته

ا أوىل أنفسهم اعتربوا و مثله شخص على الوحي يرتل أن أنكروا تارة و ، إىل فلجأ ، عليه ضيقوا و عذبوه و اضطهدوه أن ذلك بعد لبثوا ام و. جبدة

، نفسها قريش من أسوأ كانوا لكنهم ، أهلها من قبوال جيد عل ه الطائف من فعاد ، له باألذية يتعرضون سفهاءهم و صبيام به أغروا و آذوه و فضربوه

اليت يثرب إىل منها هاجر ، تقتله أن قريش به مهت ملا و. مكة إىل فوره و الدعم لقي هنالك و) املنورة املدينة( تسمى إليها قدومه بعد أصبحت باألنصار هؤالء س مي و ، اخلزرج و األوس قبيليت باألخص و أهلها من املساندة هجرته مع تزامنا أو رفقة معه هاجروا الذين أما) . ص( الرسول ناصروا كوم

. هاجرينبامل فسموا ، بعدها ما و قبلها ما..

187

يتعقبونه هلا بعثا خلفه فأرسلت ، منها اهللا رسول ينجو أن ساءها قريشا لكن كانت و) . ثور غار( يسمى كهف يف مكة شعاب بأحد فاحتمى ليقتلوه ، بطشها من هربا احلبشة إىل فروا أصحابه من عدة تعقبت قد ذلك قبل قريشا كما. يسلمهم مل) النجاشي( شةاحلب عظيم لكن ، لقتلهم باستعادم تطالب بعضها فاتفقت ، هاشم آل ، عزوته و أهله قاطعت قد ذلك قبل قريش كانت كتبوا و الرزق عنهم مينعوا و مثله يعطوم ال و شيئا منهم يأخذوا ال أن بعضا حىت ثالث سنوات دام حصارا عليهم ضربوا و ، بالكعبة قوها عل صحيفة بذلك حتتمل مل اليت القبائل بعض من الضيم و الظلم ضد القبلية ليةاجلاه محية ثارت مهوا و علنا احلصار و احللف نقضوا و كرباؤها بعض فجاءت ، اجلور هذا مثل

. اهترأت قد ألفوها اليت الصحيفة بتمزيق االجتماعي األمر على تركيزه جل كان ، املدينة) ص( الرسول وصل عندما اإلسالمية العقيدة نشر على عمل و األنصار و جريناملها بني فآخى ، الديين و. احلكيم الذكر بآي الوحي نزول مع التوافق و بالتواتر تدرجييا ، نقية بيضاء

املسلمني أمالك و أموال مصادرة إىل فعمدت ، شأنه و قريش تدعه مل ذلك مع لةملقاب املسلمون فاضطر. فيها أهليهم من بقي عمن الرزق قطع و مكة يف

، عدوانا و ظلما منهم املسلوبة حقوقهم بعض على ليتحصلوا باملثل هؤالء املعارك ببدء إيذانا هذا كان و. قريش قوافل بعض على السبل بقطع فقاموا

كانت و) الغزوات( تسمية مغالطة هلا ات خ ذ اليت و املسلمني ضد اهلجومية بني صلح بعقد اخت ت مت ،) باألحزا( اخلندق مث أحد مث بدر معركة أوالها الفريقني بني هدنة عن بنوده أهم متخضت الذي احلديبية بصلح عرف الطرفني

من مناصريه و أتباعه على ال و اآلخر على منهما أحد فيها يتعدى ال زمنية ملدة . األخرى القبائل

قريشا أن إال ، املسلمني حبق الصلح هذا بنود بعض إجحاف من بالرغم و بغزو بكر بين من أتباعها من قبائل بعض فقامت ، العهد نقضت ما عانسر

188

و ، مقتلة فيهم أعملوا و خزاعة بين من) ص( الرسول حلفاء من قبائل بعض مكة إىل به سار و جيشا الرسول جهز هنا و. قدمي ثأر هو السبب أن قيل

. جوارها و يهاف و الكعبة على كانت اليت األصنام أزال مث أهلها آمن و ففتحهالسنتني أخريني ، و ما أن اكتمل القرآن فيهما و بعدها بقي متمركزا باملدينة

نزوال حىت تويف الرسول (ص) مقبوضا إىل ربه و بذلك انتهت الفترة النبوية . . لتبدأ بعدها فترة اخللفاء الراشدين

:للفترة النبوية فكرية قراءة

و اإلسالم أن هو ، البحت الديين األمر نطاق عن بعيدا استخالصه ميكن ما أمنوذجني ، العريب للفرد بالنسبة شك ل قد ، احملمدية الدعوة مرحلة يف حصرا التناقض مث ل أمنوذج و ، الفكري النقيض شك ل أمنوذج.. معا آن يف فكريني . الفكري

شرائع، و بتعاليم جاء قد كونه ، فكريا نقيضا اإلسالم شك ل .. األوىل احلالة يف من ضئيلة بنسبة الكرمي فالقرآن. مفاهيم و أفكار ، وجوهها من وجه يف هي

تشريعية وطقوس أحكام عن عبارة كان ، باملائة اخلمسة تتجاوز ال مضمونه فقد ، مضمونه بقية أما. الزكاة و احلج و الصيام و الصالة كأحكام ، حبتة

و املوعظة و لالعتبار، السلف األقوام أخبار تناولت تارخيية قصص إىل توزع الكائنات و الكون خلق قضية تناول اآلخر البعض و .. االلتباس بعض تصحيح

أخالقية اجتماعية ألمور الوعظ و بالتنبيه اختص اآلخر بعضها و .. اهللا قدرة و حبد فكرية حاالت مثلت عامة كلية أو خمتصة جزئية إما حمرمات و نواه إىل و

، مشولية كلية أو خمتصة جزئية إما كفاية فرائض و موجبات األمر كذا.. ذاا و النواهي و املوجبات هذه. فكرية حاالت أشكاهلا من شكل يف مثلت

من يكن مل اجلاهلية ملعتقدات قويا فكريا نقيضا بذاا شكلت قد ، احملرمات

189

أو اهللا وحدانية كانت، نقيضال األشياء هذه أول و. ا القبول مبكان السهولةو قدرته الكرمي القرآن يف الواردة) تعاىل( اهللا صفات ، آخر مبعىن أو التوحيد

ال أي شيء ، و العلم بأي شيء و تقدير الكاملة املطلقة على فعل أي شيء ينازعه أحد يف ذلك ..

. ]١٠٣: األنعام[} ال خ ب ري الل ط يف و ه و ال أ ب ص ار ي د ر ك و ه و ال أ ب ص ار ت د ر ك ه ل ا{ . ]٢: عمران آل[} ال ق ي وم ال ح ي ه و إ ل ا إ ل ه ل ا الل ه { و ت ع ز ت ش اء م م ن ال م ل ك و ت ن ز ع ت ش اء م ن ال م ل ك ت ؤ ت ي ال م ل ك م ال ك الل ه م ق ل {

. ]٢٦: عمران آل[} ق د ير ش ي ء ك ل ع ل ى إ ن ك ال خ ي ر ب ي د ك ش اء ت م ن و ت ذ ل ت ش اء م ن . ]١٨: األنعام[} ال خ ب ري ال ح ك يم و ه و ع ب اد ه ف و ق ال ق اه ر و ه و { ت ك س ب و ل ا ش ي ء ك ل ر ب و ه و ر ب ا أ ب غ ي الل ه أ غ ي ر ق ل { ن ف س ك ل ع ل ي ه ا ل ا إ و ل ا

} ت خ ت ل ف ون ف يه ك ن ت م ب م ا ف ي ن ب ئ ك م م ر ج ع ك م ر ب ك م إ ل ى ث م أ خ ر ى و ز ر و از ر ة ت ز ر . ]١٦٤: األنعام[

. ]١٠٩: نعمرا آل[} ال أ م ور ت ر ج ع الل ه و إ ل ى ال أ ر ض ف ي و م ا الس م او ات ف ي م ا و ل ل ه { . الرسول مع قريش فيه اصطدمت الذي األساس و األول السبب فكانت

خالق ، العقول ال و األبصار تدركه ال ، خفي واحد إله إىل الدعوة مثلت لقد منطقية كحالة به القبول ميكن ال أمرا ، شؤونه و مبقاديره يتحكم و كله للكون ]٥: ص[} ع ج اب ل ش ي ء ه ذ ا إ ن و اح د ا إ ل ه ا ه ة ال آل أ ج ع ل {اجلاهلي للفكر بالنسبة

متعددة آهلة على معتادا كان الذي و متاما ذلك من النقيض على كان الذي و و افتراضا يفترضها األحوال بأحسن أو بنفسه هو يصنعها ، العني رأي ت رى

و أفعاله كل يف معه تتماشى آهلة.. ااورة الشعوب من يقتبسها أو خياال و حياته يف تتدخل ال و القبول و باملوافقة عليها ختتم و ، بعضها أو تصرفاته

معتادا كان ، صورة بأحسن أنه كما. يعنيها ال فيما تتدخل ال ، أصح مبعىن أو السماء يف هو الذي األعلى أو الكبري اإلله بني و بينه تتوسط وسيطة آهلة على

190

ق بل من التشريع و املعتقد و الدين أيتي أن أيضا اداعت كما. آخر مكان يف بشر أو ، الطبعية البشرية سويته مستوى على ليسوا أشخاص أو امللوك و احلكام

. خارقة صفات هلم عن يعر ف أن) اإلله( هو يريد ال و شيئا عنه يعرف ال جديد بإله فوجئ لكنه يف أحد يشاركه أن يقبل ال و ، فقط ذاته و شخصه يف اإللوهية حيصر و ، نفسه إله. خ لق ه بني و بينه وسيطا يكون أن أو ، كان من كائن.. اإللوهية هذه

ذلك ليس ، بالكون التحكم و القدرة و األمور صالحيات كل نفسه يف حصر من أحد عليه يلحظ مل عادي بشري شخص بواسطة نفسه عن عرب بل ، فقط

أنكرو قد . اجلسمانية و اخل لقية الصفات جلهة مألوف غري مميزا شيئا رهطه القضية هذهمن ماستغراعلى املشركني القرآن

آم ن وا ال ذ ين و ب ش ر الن اس أ ن ذ ر أ ن م ن ه م ر ج ل إ ل ى أ و ح ي ن ا أ ن ع ج ب ا ل لن اس أ ك ان { . ]٢: يونس[} م ب ني ل س اح ر ه ذ ا إ ن ال ك اف ر ون ق ال ر ب ه م ع ن د ص د ق ق د م ل ه م أ ن م ل ك ا الس م اء م ن ع ل ي ه م ل ن ز ل ن ا م ط م ئ ن ني ي م ش ون م ل ائ ك ة ال أ ر ض ف ي ك ان ل و ق ل {

. ]٩٥: اإلسراء[} ر س ول ا

: األنعام[} ... ش ي ء م ن ب ش ر ع ل ى الل ه أ ن ز ل ا م ق ال وا إ ذ ق د ر ه ح ق الل ه ق د ر وا و م ا{

٩١[ . ف أ ت ون ا آب اؤ ن ا ي ع ب د ك ان ع م ا ت ص د ون ا أ ن ت ر يد ون م ث ل ن ا ب ش ر إ ل ا أ ن ت م إ ن ق ال وا{

. ]١٠: إبراهيم[} م ب ني ب س ل ط ان ته و اعتربها الغية ملغية و باطل ال أساس له ه آهل و أيضا و فوق كل ذلك ، سف

من الصحة . ق د أ ه و اء ك م أ ت ب ع ل ا ق ل الل ه د ون م ن ت د ع ون ال ذ ين أ ع ب د أ ن ن ه يت إ ن ي ق ل {

. ]٥٦: األنعام[} ال م ه ت د ين م ن أ ن ا و م ا إ ذ ا ض ل ل ت . ]٣٢: يونس[} ت ص ر ف ون ف أ ن ى الض ل ال إ ل ا ال ح ق ب ع د ف م اذ ا ال ح ق ك م ر ب الل ه ف ذ ل ك م {

191

بصورة كما أن القرآن قد ذم شيئا من أمور اجلاهلية و انتقد بعض من خصاهلا التموضع على النقيض منها و من ذلك ..

. ]٥٠: املائدة[} ي وق ن ون ل ق و م ح ك م ا الل ه ن م أ ح س ن و م ن ي ب غ ون ال ج اه ل ي ة أ ف ح ك م { س ك ين ت ه الل ه ف أ ن ز ل ال ج اه ل ي ة ح م ي ة ال ح م ي ة ق ل وب ه م ف ي ك ف ر وا ال ذ ين ج ع ل إ ذ {

و أ ه ل ه ا ب ه ا أ ح ق وا و ك ان الت ق و ى ك ل م ة و أ ل ز م ه م ال م ؤ م ن ني و ع ل ى ر س ول ه ع ل ى . ]٢٦: الفتح[} ع ل يم ا ش ي ء ب ك ل الل ه و ك ان

أيضا هنالك مسة أخرى اشتملت على نقيض فكري إضايف و هي أن اإلسالم كدين حملي كما كان كدين ، قد جاء كصيغة و رسالة عاملية ، و مل يأت

عظم األديان األخرى و على وجه و كما كان سائدا يف م يرجى منه و ي عت ق د . اخلصوص ، الوثنية منها

: سبأ[} ي ع ل م ون ل ا الن اس أ ك ث ر و ل ك ن و ن ذ ير ا ب ش ري ا ل لن اس ك اف ة إ ل ا أ ر س ل ن اك و م ا{

٢٨[ . إ ن ل ت ع ار ف وا و ق ب ائ ل ش ع وبا اك م و ج ع ل ن و أ ن ث ى ذ ك ر م ن خ ل ق ن اك م إ ن ا الن اس أ ي ه ا ي ا{

. )١٣:احلجرات( } خ ب ري ع ل يم الل ه إ ن أ ت ق اك م الل ه ع ن د أ ك ر م ك م . )١٠٧:االنبياء( ل ل ع ال م ني } ر ح م ة إ ل ا أ ر س ل ن اك { و م ا معا بالنسبة لإلنسان العريب قد اشتمل على نقيضني يف آن اإلسالم .. فإنو هنا

النقيض الديين الفكري املذكور آنفا ، و النقيض البيئي اجلغرايف ، آنذاك و مها و الذي مل يكن فهو قد ختطى حدود البيئة اجلغرافية اليت اعتاد عليها العريب

كما ( أي النقيض ) معتادا على التعامل فكريا خارج إطارها ، و فشل تارخييا ، يف خلق التمازج الفكري املطلوب ما بني البيئة اجلغرافية و ما جاورها ذكرنا

معها . من مناطق جغرافية متباينة هذا الوضع شك ل أيضا حالة تناقض ، فهو نقيض و تناقض . فالعريب يف اجلاهلية قد اعتاد على التعامل حىت و لو فكريا ، مع ما خيصه هو نفسه و خيص بيئته و

192

، فإن مل يكن كذلك ، طو عه و قولبه حسب ما اختصت به بيئته ا يتفاعل معه ، فإن مل يستطع .. نبذه و هجره . اجلغرافية

قد مثل يف بعض حيثياته ، نقيض و تبقى النقطة األخرية رمبا ، و هي أن اإلسالم لبعض أفكار الديانتني اليهودية و املسيحية ، و قد نص على ذلك صراحة يف

منها على سبيل املثال بعض آياته ، و ال م س يح إ ن م ا ال ح ق إ ل ا الل ه ع ل ى ت ق ول وا و ال د ين ك م ف ي ت غ ل وا ال ال ك ت اب أ ه ل ي ا{

ب الل ه ف آم ن وا م ن ه و ر وح م ر ي م إ ل ى أ ل ق اه ا و ك ل م ت ه الل ه ر س ول م ر ي م اب ن ع يس ى ل ه ي ك ون أ ن س ب ح ان ه و اح د إ ل ه الل ه إ ن م ا ل ك م خ ي را ان ت ه وا ث الث ة ت ق ول وا و ال ل ه و ر س . )١٧١:النساء( } و ك يال ب الل ه و ك ف ى ال أ ر ض ف ي و م ا الس م او ات ف ي م ا ل ه و ل د و م ن ال م ق ر ب ون ال م الئ ك ة و ال ل ل ه ع ب دا ي ك ون أ ن ال م س يح ي س ت ن ك ف ل ن {

. )١٧٢:النساء( } ج م يعا إ ل ي ه ف س ي ح ش ر ه م و ي س ت ك ب ر ع ب اد ت ه ع ن ي س ت ن ك ف ك ان ا ق ة ص د ي و أ م ه الر س ل ق ب ل ه م ن خ ل ت ق د ر س ول إ ل ا م ر ي م اب ن ال م س يح م ا{

. )٧٥اآلية من: املائدة(} الط ع ام ي أ ك الن

} م ن ه ش ك ل ف ي ف يه اخ ت ل ف وا ال ذ ين و إ ن ل ه م ش ب ه و ل ك ن ص ل ب وه و م ا ق ت ل وه و م ا { . )١٥٧اآلية من: النساء(

م ا ب ع د م ن الل ه ن ع م ة ي ب د ل و م ن ن ة ب ي آي ة م ن آت ي ن اه م ك م إ س رائيل ب ن ي س ل { . )٢١١:البقرة( } ال ع ق اب ش د يد الل ه ف إ ن ج اء ت ه

ال م أل إ ل ى ت ر أ ل م { م ن ب ن ي إ س رائيل م ن ب ع د م وس ى ل ن ب ي ق ال وا إ ذ ل ه م اب ع ث ل ن ا ق ال وا ت ق ات ل وا أ ل ا ال ق ت ال ع ل ي ك م ك ت ب إ ن ع س ي ت م ه ل ق ال الل ه ب يل س ف ي ن ق ات ل م ل كا ع ل ي ه م ك ت ب ف ل م ا و أ ب ن ائ ن ا د ي ار ن ا م ن أ خ ر ج ن ا و ق د الل ه س ب يل ف ي ن ق ات ل أ ل ا ل ن ا و م ا

. )٢٤٦:البقرة( } ب الظ ال م ني ع ل يم و الل ه م ن ه م يال ق ل إ ل ا ت و ل و ا ال ق ت ال ل ت ف س د ن ال ك ت اب ف ي إ س رائيل ب ن ي إ ل ى و ق ض ي ن ا{ ف ي ال أ ر ض م ر ت ي ن و ل ت ع ل ن ع ل و ا

. )٤:االسراء( } ك ب ريا

193

} ي خ ت ل ف ون ف يه ه م ال ذ ي أ ك ث ر ائيل إ س ر ب ن ي ع ل ى ي ق ص ال ق ر آن ه ذ ا إ ن { . )٧٦:النمل(

عة املسيح و ، متث ل يف طبيمع لب املسيحية جوهري ختالفا تعب ر عن هي آيات

. كما ، و حادثة الصلب أيضا و ما ع رف باملسيحية باإلقنوم طبيعة اإلشارة إليه اليهودية حول تعامل بعض قوم مع مثلت تلك اآليات اختالفا ثانويا مفصليا

. موسى معه و مع بعض أنبيائهم جلهة تكذيب بعضهم و قتل بعضهم اآلخر

ال ب م ا ر س ول ج اء ه م ك ل م ا ر س ال إ ل ي ه م و أ ر س ل ن ا إ س رائيل ب ن ي م يث اق أ خ ذ ن ا ل ق د { . )٧٠:املائدة(} ي ق ت ل ون و ف ر يقا ك ذ ب وا ف ر يقا أ ن ف س ه م ت ه و ى

احلوادث و باالستناد إىلفهذه القضية بالذات . و لنا يف هذا املوضوع رأيا

بعض االلتباس و الغموض . فأنبياء التارخيية و بعض مما جاء يف التوراة ، يشوا تكن و مل ، كانوا فئتان .. فئة ادعت النبوة زورا و تانا بين إسرائيل أو اليهود

كذلك ، و فئة كانت صادقة يف نبوا أي كانوا أنبياء حقا . و قضية النبوة ، و منطلقها هو حساسية تارخييا و توراتيا هي عند اليهود ، قضية حساسة جدا

على مر التاريخ ، و اليت تسببت هلم قضية التوحيد اإلهلي نفسها لدى اليهود الوثنية . بالكثري من املشاكل مع أصحاب الديانات

مد عوا النبوة خيضعون الختبارات قاسية جدا من قبل و طبقا لذلك ، كان على ذلك ، أما إذا ثبت م، فإذا ثبت صدقهم ، كانوا يقرواحلاخامات اليهود

و النبوة ، هي ، فإن قضية اإللوهية فكما ذكرنا . ، فكانوا يقتلوم كذم و . أو املساس به خط أمحر ال ميكن جتاوزه قضية حساسة جدا بالنسبة لليهود و

التوراة عندما ففي قد ورد يف التوراة و القرآن ما يدعم هذه القضية و يثبتها يف شأن اخلروج من مصر و أن رب من موسى أن يكلم بين إسرائيل طلب ال

194

، ، سأله موسى عما سيقوله هلم إذا ما اختربوه و سألوه صدق كالمه يت بعوه آيت أنا ها هللا موسى [ فقاللكي يصدقوه حيث جاء .. ب إشارة فأعطاه الر

امسه ما يل قالوا فإذا إليكم أرسلين آبائكم لهإ هلم أقول و إسرائيل بين إىل لبين تقول هكذا قال و هيهأ الذي هيهأ ملوسى اهللا فقال ١٤* هلم أقول فماذا . ) ٣اإلصحاح –( سفر اخلروج إليكم ] أرسلين هيهأ إسرائيل

نفس الطلب حني طلب اهللا من موسى و جند شبيه هلذه القضية يف القرآن

و يقنعهم و قومه معالعون و املساعدة كي يتفاهم اهللا من موسى فيطلبكان من التوراة يطلب أن يكون أخاه هارون معينا له ( كون هارون حسب

و ي س ر * ص د ر ي ل ي اش ر ح ر ب ق ال {الالويني و هم من شيوخ بين إسرائيل ) أ ه ل ي م ن و ز ير ا ل ي و اج ع ل * ق و ل ي ي ف ق ه وا * ل س ان ي م ن ع ق د ة و اح ل ل * أ م ر ي ل ي . ]٣٢ - ٢٥: طه[)} ٣٢( أ م ر ي ف ي و أ ش ر ك ه * أ ز ر ي ب ه اش د د * أ خ ي ه ار ون *

ين كانت ذو الام األنبياء الصادقني يف نبو لفئة الثانية و هي فئةلأما بالنسبة زوال م صادقة حقيقية ، فإن اإلشكالية هنا بنظرنا متثلت يف مرحلة ما بعد ا نبو

إىل استعادا بشىت السبل و الوسائل فيما بعد مملكة إسرائيل و سعي اليهود ، اتلك املهمة و القيام م ككيان سياسي و البحث عن الشخص املطلوب لتجش

الذي يقود ة نفسها اليت رمبا برزت فيها فكرة ( املاشيح املخلص ) رو هي الفتمملكة إسرائيل . و هذه يعيد جمد الغريب ، و اليهود و يفجر هلم الثورة ضد

مع األنظمة السياسية املركزية القضية بدورها تسببت هلم بالكثري من املشاكل . هنا ن و الفرس و اإلغريق و املصريون و الروما كالبابلينياحلاكمة إىل جوارهم خيرج شخص يقول بالنبوة و يكون صادقا يف دعواه تلك ، يف هذه احلالة ، كان

، و يقوم اليهود باختباره ضمن فحوص معينة ، و يثبت جناحه باالمتحان مبملكة إسرائيل برباهني معينة ، فيصدقوه ، و لكن هنا يربز شرط جديد حمكوم

و تكريسه نبيا و قائدا هلم ، كي يتم اخلتم على قبول نبوة النيب و هو آخر شرط

195

ثائرا م حنو اخلالص من نري الغريب احملتل و هو أن حيكمهم سياسيا و يقودهممملكة إسرائيل بكياا و إنشاء املتمثل بالسلطات املركزية املذكورة آنفا

ضده و عليه و ينقلبون عندما كان يرفض ذلك كانوا يثورون لكنه. السياسي يرتعون عنه صفة النبوة و أحيانا يقتلونه .

هي سياسية أكثر منها دينية أو هي سياسية دينية أكثر منها دينية فالقضية .. ذن إ إ س رائيل ب ن ي م يث اق أ خ ذ ن ا { ل ق د حبتة . و هو ما ورد ذكره يف القرآن الكرمي

ك ذ ب وا ف ر يقا أ ن ف س ه م ت ه و ى ال ب م ا ر س ول ج اء ه م ك ل م ا ر س ال إ ل ي ه م و أ ر س ل ن ا . )٧٠:املائدة( ي ق ت ل ون } و ف ر يقا

و إذا دققنا يف عبارة ( ما ال وى أنفسهم ) جند أا متعلقة مبملكة إسرائيل و إشارة . و هيمفهوم التحرمي السياسي الذي كان يعتمده بعضهم يف احلروب

رسلهم ، فبعضهم كانوا يقتلون بعض من القرآن الكرمي إلنكار األمر السياسي السياسي الديين ال الديين سياسيا ال دينيا و من منطلق األمر، أنبياءهم و

التباسا و أم كافرون م ، و هو ما شك ل أ، و ليس رد أم أنبياء البحترد أم أنبياء يهود يقتلون أنبيائهم لدى البعض حيث ساد االعتقاد أن ال

و هو بنظرنا غري صحيح و ال يستقيم مع واقع مرسلون من عند اهللا ( تعاىل ) و خري ما يدلل على هذه القضية هو التاريخ و اخلطاب التورايت و القرآين .

وه و صدقوه و رحبوا به ال بل بع تعاملهم مع عيسى املسيح (ع) ، ففي البداية ات أو ( ملك أن ينصبوه ملكا عليهم و أخذوا ينادونه ( ملك إسرائيل ) دواأرا

إذا امللك هريودس أيام يف اليهودية حلم بيت يف يسوع ولد ملا و[ . اليهود ) ملك املولود هو أين قائلني ٢* أورشليم إىل جاءوا قد املشرق من جموس ) . ٢اإلصحاح –( مىت ] له لنسجد أتينا و املشرق يف جنمه رأينا فإننا اليهود

ملك تدعونه بالذي افعل أن تريدون فماذا هلم قال و أيضا بيالطس [فأجاب علما أم سلموه إىل بيالطس بدعوى أنه ابن . ) ١٥اإلصحاح –( مرقص اليهود ؟ ]

اهللا ..

196

هذان به يشهد ماذا بشيء؟؟ جتيب أما له قال و الكهنة رئيس [ فقام له قال و الكهنة رئيس فأجاب ساكتا فكان يسوع أما و* ؟؟ عليك

يسوع له قال* اهللا ابن املسيح أنت هل لنا تقول أن احلي باهللا استحلفك ميني عن جالسا اإلنسان ابن تبصرون اآلن من لكم أقول أيضا و قلت أنت قد قائال ثيابه حينئذ الكهنة رئيس فمزق* السماء سحاب على آتيا و القوة؟؟ ترون ماذا* جتديفه مسعتم قد ها؟؟ شهود إىل بعد جتناحا ما جدف . ) ٢٦اإلصحاح –( مىت ] املوت مستوجب نهإ قالوا و فأجابوا أجام قائال أن مملكته األمر السياسي و يسوع املسيح ، عندما رفض إذن ..

عليه و اعتربوه متردوا) ١٨ –( يوحنا ليست من هذا العامل بل هي يف السماء بتهمة أنه و قاموا بتسليمه إىل مندوب الرومان بفلسطني مهرطقا و رموه بالكفر

( ملك اليهود ) اليت منحوه إياها قبال ، كوم يعرفون أن حساسية الرومان هلا فالرومان يهمهم األمر السياسي ال األمر أكثر من حساسيتهم جتاه ( ابن اهللا )

. الديين ١ففي السرية بدأ دعوته يف مكة ، سول (ص) عندما و األمر نفسه حصل مع الر

: هلما وقالوا ، باملدينة يهودال أحبار إىلنفرها من اثننيأرسلت ا قريشأن الكتاب أهل فإم ، بقوله وأخرباهم ، صفته هلم وصفا ، حممد عن اسأالهم

قدما حىتالرجالن فخرج . األنبياء علم من عندنا ليس علم وعندهم ، األول ببعض وأخرباهم ، أمره هلم ووصفا اهللا رسول عن يهودال أحبار فسأال ، املدينة. هذا صاحبنا عن لتخربونا جئناكم وقد التوراة، أهل إنكم: هلم وقاال ، قوله

فهو ن أخربكم فإن ، ن نأمركم ثالث عن سلوه: يهود أحبار هلما فقالت فتية عن سلوه. . رأيكم فيه ونتر ، ل متقو فالرجل يفعل مل وإن ، مرسل نيب

وسلوه ، عجب حديث هلم كان قد فإنه ، أمرهم كان ما األول الدهر يف ذهبوا

/ . ١٥١ویة البن ھشام ، ص / السیرة النب ١

197

عن وسلوه ، نبؤه كان ما ومغارا األرض مشارق بلغ قد طواف رجل عن فهو ، يفعل مل وإن ، نيب فإنه ، فاتبعوه بذلك أخربكم فإذا ؟ هي ما الروح . لكم بدا ما أمره يف اصنعولكم أن ت ، ل متقو رجل

ل وقريش إىل سوآل الرس عمدت قريشا بذلك ، او عندما عاد الرجالن و أخرب ..، فرتل الوحي باإلجابة

} ه دى و ز د ن اه م ب ر ب ه م آم ن وا ف ت ي ة إ ن ه م ب ال ح ق ن ب أ ه م ع ل ي ك ن ق ص ن ح ن { . )١٣:الكهف(

. )٨٣:الكهف( } ذ ك را م ن ه ع ل ي ك م س أ ت ل و ق ل ال ق ر ن ي ن ذ ي ع ن و ي س أ لون ك { } ق ل يال إ ل ا ال ع ل م م ن أ وت يت م و م ا ر ب ي أ م ر م ن الر وح ق ل الر وح ع ن و ي س أ لون ك {

. )٨٥:االسراء(

أسئلةحان النبوة فسألوه (ص) المتالرسول أخضعوا أن اليهود أنفسهم قد كما على سبيل املثال .. و منها القرآن الكرمي ب أجاب عليها الوحي

ي ن س ف ه ا ف ق ل ال ج ب ال ع ن و ي س أ لون ك { ر ب ي ن س فا { )١٠٥:طـه( . .)٢٢٢:قرةالب(} ال م ح يض ف ي الن س اء ف اع ت ز ل وا أ ذى ه و ق ل ال م ح يض ع ن و ي س أ لون ك { . )٤٢:النازعـات( } م ر س اه ا أ ي ان الس اع ة ع ن ي س أ لون ك {

لسبب سوف يقع العرب مبطبها فيما بعد ، و قضية األمر السياسي الديين هذه بسيط و هو أا مثلت إىل جانب النقيض .. التناقض .. التناقض الذي كان

ان كان يشتهيهما اللذامللك و الرياسة .. تناقضيعتمل يف صدر العريب باجلاهلية لكن عندما كان يصل لهما ، هجامها و ذمهما و قدح ما ، . و عندما مل يط

ما يؤدي إىل هالكه إن عاجال أم كان يستخدمهما أسوأ استخدام فإنه إليهما ، . آجال

198

لقمهم إياها اليت و بالرغم من أن الرسول (ص) قد أجاب قريشا عن أسئلتهم ، بقيت على عدائها للرسول (ص) حبار اليهود ، و أخرى غريها ، فإن قريشا أ

حىت اضطر بعض أتباعه إىل اهلجرة للحبشة حيث ال بل زادت من وتريتهتعقبتهم قريش إىل هناك . و السبب يف ذلك ، هو أن اإلسالم قد مثل مها ،

الفكري و االجتماعي و االقتصادي للجاهلية . حالة النقيض األثر الفكري الثاين الذي مث له اإلسالم ، فهو حالة التناقض ، و هي احلالة ما أ

البعض للكل و قبول البعض ما بني الرفض و القبول معا ، أو رفض املتأرجحة ، هي التناقض الفكري الذايت لدى معا كانت حالة الرفض و القبول اآلخر له .

د يف اإلسالم من أمور تناسبه و تناسب ر، و متثلت مبا رأى هذا الفالفرد الواحد ، و أمور أخرى يف اإلسالم رآها قد تعارضت مع جاهليته اليت عاشها و يعيشها

مقومات اجلاهلية أو متطلباا االجتماعية و الفكرية ، أو مع ما مسحت له بالقيام به إرضاء لغرائزه النفسية و متطلباته احلياتية العاطفية و حىت اجلاهلية

، و منعته هي عنه . فكرية ال .. و قد عب ر القرآن الكرمي عن هذا التناقض الفكري م قر ا بوجوده

و ي ق ول ون و ر س ل ه الل ه ب ي ن ي ف ر ق وا أ ن و ي ر يد ون و ر س ل ه ب الل ه ي ك ف ر ون ال ذ ين إ ن { . )١٥٠:النساء( } س ب يال ذ ل ك ب ي ن ي ت خ ذ وا أ ن د ون و ي ر ي ب ب ع ض و ن ك ف ر ب ب ع ض ن ؤ م ن

منها ما ، هذه املقولة تتضح لدينا أكثر يف حوادث عدة أبان الدعوة احملمدية

لدخول اإلسالم و عرض الرسول نفسه على بعض القبائل العربية حصل عندما أبو فتقدم ١ لعربا جمالس من جملس إىل الصديق بكر أبو بعثعندما ،نصرته

من؟ ربيعة أي و: قال، ربيعة من: قالوا؟ القوم ممن: وقال فسلم بكر من: قالوا؟ أيها من: قال. العظمى اهلامة بل: قالوا؟ هلازمها من مأ هامتها

/ . ٤٥٠/ ص ، الحلبیة السیرة ١

199

فالن ( يقصد جساس بن اجلار ومانع الذمار حامي منكم: قال. األكرب ل ه ذ ( يقصد فالن وسالبها امللوك قاتل منكم: قال. ال: اقالومرة قاتل كليب ) ؟

؟ فالن الفردة العمامة صاحب منكم: قال. ال: قالواعمرو بن كلثوم ) ؟ شاب إليه مفقا. األصغر ذهل أنتم األكرب ذهل من فلستم: قال. ال: قالوا

ناسألت قد إنك هذا يا.. نسأله أن سائلنا على إن: له فقالحديث السن ، بخ بخ: الفىت فقال. قريش من أنا: بكر أبو فقال؟ الرجل فممن فأخربناك

فقال. مرة بن تيم ولد من: قال؟ أنت قريش أي فمن، والرياسة الشرف أهل هاشم فمنكم: قال. ال: قال؟ . عا جمم يدعى كان الذي قصي أمنكم: الفىت املطلب عبد احلمد شبية فمنكم: قال. ال: قال؟ لقومه الثريد هشم الذي أبو قالف؟ . الظلماء الليلة يف يضئ القمر وجهه كأن الذي السماء طري مطعم رسول فتبسم، بذلك وأخربه اهللا رسول إىل ورجع ناقته زمام: ال . مث شد بكر. ١ باقعة على األعرايب من وقعت لقد :فقال له علي بن أيب طالب، أما اهللاقصد ف. باملنطق موكل والبالء طامة فوقها إال طامة من ما حسن باأ أجل: قال تشتمل مل قبيلتنا أن كما األشراف هؤالء على تشمل مل قبيلتكم إنهو .. الفىت . األشراف أولئك على

بقضية الفخر و احلسب و النسب اليت يف هذه احلادثة ، اصطدم أبو بكر الصديق عامل هام و أساس من العوامل الفكرية و هي رمبا مل حيسب حساا جيدا

ية ، و بالتايل مل تكلل مهمته هذه و متثل خط أمحر للعريب ال جيوز ختط للجاهلية و ما أدى إىل تداركه اخلطأ يف احلادثة التالية و حتذير الرسول و هاملرة بالنجاح ،

عربال من مجاعة لقي) ص( الرسول أن تالية حادثة في. ف(ص) من الوقوع فيه فقالوا ؟ القوم ممن: بكر أبو فسأهلم ، بكر أبو معه وكان ثعلبة بن شيبان بين من أمي و أنت بأيب: قال و اهللا رسول إىل بكر أبو فالتفت ، ثعلبة بن شيبان من:

. ویسرة یمنة یطیر حذر لطائر اسم األصل في وھو دھاء ذي أي داھیة أي ١

200

قبيصة ابن وهانئ عمرو بن مفروق وفيهم قومهم يف سادات ، و غرر هؤالء.. . ١ شريك بن والنعمان حارثة بن ومثىن

ربيعة مسعت: قال عباس، بن اهللا عبيد بن اهللا عبد بن حسني أن ٢و يف السرية على يقف اهللا ورسول ، مبىن أيب مع شاب لغالم إين: قال أيب حيدثه ، عباد بن

يأمركم ، إليكم اهللا رسول إين ، فالن بين يا: فيقول ، العرب من القبائل منازل هذه من دونه من تعبدون ما ختلعوا وأن ، يئا ش به تشركوا وال اهللا تعبدوا أن

. به بعثين ما اهللا عن أبني حىت ومتنعوين ، يب وتصدقوا ، يب تؤمنوا وأن ، األنداد فرغ فإذا، عدنية حلة عليه غديرتان له ، وضيء أحول رجل خلفهو كان إمنا هذا إن ، فالن بين يا: الرجل ذلك قال ، إليه دعا وما قوله من اهللا رسول

بين من اجلن من وحلفاءكم ، أعناقكم من والعزى الالت تسلخوا أن يدعوكم تسمعوا وال ، تطيعوه فال ، والضاللة البدعة من به جاء ما إىل ، أقيش بن مالك

؟ يقول ما عليه ويرد يتبعه الذي هذا من ، أبت يا: أليب فقلت: قال. منه . هلب وأب املطلب عبد بن العزى عبد عمه هذا: قال

تعاىل)( اهللا إىل فدعاهم صعصعة بن عامر بين (ص) أتى أنه ٣و يف حادثة أخرى ، أمرك على بايعناك حنن إن أرأيت: منهم رجل له فقال ، نفسه عليهم وعرض

فأجابه الرسول ؟ بعدك من األمر لنا أيكون ، خالفك من على اهللا أظهرك مث حنورنا أفنسلم: لهاألعرايب فقال ، ءيشا حيث يضعه اهللا إىل األمرهذا : (ص) فأبوا ، بأمرك لنا حاجة ال لغرينا األمر كان اهللا أظهرك فإذا ؟؟!! دونك للعرب

. عليهظاهرة النسب و احملمدية بيالحظ أنه يف احلادثة األوىل ، اصطدمت الدعوة

األنساب يف اجلاهلية و كيف جرى التعامل معها من قبل أبو بكر الصديق و

المصدر السابق . ١ / . ٢١٣السیرة البن ھشام ، ص / ٢ نفس المصدر السابق . ٣

201

بقضية األصنام و الثانية فقد اصطدمت فيها ، أما احلادثة (ص) ذيره للرسول حت، فاملانع هنا ليس حريض اخلارجي تالعقائد اخلرافية ( حلفائكم من اجلن ) و ال

، بل هو رمبا أن تقتنع رمبا بكالم الرسول (ص) و تقبل دعوتهالقبيلة اليت كادت ب و رمبا كان الدافع هنا هو احلسد ، .. عمه أبو هلمن عشرية الرسول األقربني

د قال يف نفسه ملاذا يأيت شخص مثل أبو هلب رمبا يكون قخنمن أن فنحن ؟؟ الوحي حممد و ال يأتيين أنا ؟؟!! هل من املعقول أن أكون أنا تابع البن أخي

. .. إذا فالدافع هنا كان عامل السن و املراتب االجتماعية القبلية اصطدمت الدعوة احملمدية مباشرة باألمر السياسي ، فالقبيلة اليت احلادثة الثالثة

عرض عليها الرسول اإلسالم ، وافقت على الفور لكنها ربطت ذلك بأن تكون هلا الرياسة من بعده أي بعد وفاته ، و هذه نقطة مهمة جدا جيب الوقوف

. عندها الذين عاشوا فترة كذلك مث لت حالة بعض الشعراء املخضرمني ، وهم الشعراء

الذايت املعتمل يف النفس اجلاهلية و أدركوا اإلسالم ، مثلت حال التناقض ، أو قبوهلا اإلنسانية جلهة قبول بعض األفكار اإلسالمية و رفض بعضها اآلخر

. و أحد هؤالء الشعراء ، كان يف ظل هيمنة اجلاهلية الفكرية مبجملها لكن و هو من أشهر الشعراء اهلجائني العريب . و يئة )الشاعر العريب املخضرم ( احلط

، تعب ر عن هذا التناقض لعل قصة حياته اليت عاشها يف فتريت اجلاهلية و اإلسالم الفكري الذايت أو الداخلي .

الشعراء فحول من وهو ١ ك ن ي بأبا م ل يكة و هو ج ر و ل بن أوس ، ل ق ب باحلطيئة واهلجاء املديح من الشعر فنون مجيع يف ف تصر لهو . وفصحائهم و متقدميهم

. يف بعض قوله و عمله سفه ذا وكان ، أمجع ذلك يف جميد ، والنسيب والفخر ، فكان أحيانا يهجو من يكرمونه اشتهر شعره يف بداية أمره باهلجاء و استمر به

/ . ٢٩٤كتاب األغاني ، ص / – ٢٣٧أدباء العرب في الجاھلیة ١

202

مل و، فانتحله و دخل به. أدرك اإلسالم و كم الغوث و يقدمون له يد العون ، فكان مغموزا يف يكن على ما يبدو صاحبا له قائما بأموره على أكمل وجه

و قال يف ذلك ، ارتد احلطيئة مع املرتدين . و بعد وفاة الرسول (ص) عقيدته محية اجلاهلية و سوأة بعض ه شعرا بانت فيه هشاشة منطقه يف الردة و ظهرت في

خ الهلا حيث قال يف تربيره :

ب كر أ بو ب الر ماح ي حدى ع ش ي ة و خال يت أ م ي ذ بيان ين ل ب ف دى ب كر أ يب دين بال ما ع ج با ف يا صاد قا كان إ ذ الل ه ر سول أ ط عنا الظ هر . قاص م ة الل ه و ب يت ف ت لك ب عد ه مات إ ذا ب كرا ل يور ث ها

نازعا نفسه إىل سريته األوىل يف فيما بني إسالمه و ردته تلاو ظل بعد ذلك خي

كان أم أو تكليف ، دينيا بعيدا عن متناول أي سلطة حرا طليقا ، الصحراء حىت جاءت حادثة و كرامام . أعراضهميهجو الناس و يتناول اجتماعيا ،

ىل ذلك قومه و كان باإلضافة إ، و هو من أشراف بن بدر الزبرقان هجاؤه ، جاء و صودف أنه يف خالفة عمر بن اخلطاب عامال للرسول (ص) يف وقته .

سبيل ، يف بطن و معه بناتهاحلطيئة ب فالتقىدي صدقات قومه ، إليه الزبرقان ليؤ حكمتنا فقد العراق أقصد :احلطيئة فقال ، حاله و وجهته عن فسأله الزبرقان

أصفيه و عيايل مؤونة يكفيين رجال فأصاد لو وددت قد واهللا و ، السنة هذه و مترا و لبنا يوسعك فيه لك فهل ، أصبته قد: الزبرقان قال. أبدا مدحي أجاب ؟؟ ذاك هو من و: احلطيئة فسأل. ؟ أكرمه و جوار أحسن جياورك و قومي مضارب إىل ا اجته و هذه ناقيت اركب ، الزبرقان.. أنا: الزبرقان و ، العيش ، أبيك و هذا: احلطيئة فقال. حاجيت من أعود حىت خبربي أخربهم

فأكرمه ، الزبرقان مقام إىل عياله مع احلطيئة توجه مث. كله هذا أرجو كنت ما غائب هو و للزبرقان كادوا متيم بنو لكن و. وفادته أحسنوا و إكرام أميا القوم

203

مع عهده فنكث ، ملطايبا و املواعد وعدوه و إليهم بالقدوم احلطيئة أغروا و ، متيم بين بفعلة علم و الزبرقان عاد عندماو . متيم بنو صوب اجته و الزبرقان

و جاء هجاءه عليه احلطيئة فرد ، فهجاهم ، عليه فأبو احلطيئة رد منهم طلب : قال فيما له قال

. الكاسي الط اع م فأنت اقع د و لب غي تها ت رح ل ال املكارم دع

ملا و ، اخلطاب بن عمر اخلليفة إىل فيه ففزع ، عليه اشتد و ذلك الزبرقان فأكرب حبسان علي : قال ، بصريةو علم عن إال، جبريرة أحد يأخذ ال عمر كان

لكنه و يهجوه مل: لعمر فقال ، احلطئية شعر عليه فأ لقي ، حبسان فأ يت. الشاعر العاص بن عمرو عنده له ف ع ش ت حىت ، ب ج يف احلطيئة عمر فألقى. عليه سلح

، و ما أن ابتدره حىت ألقى نفسه أمامه و قال : عمر إىل سيق و فأ خر ج ،

ماء ال احل واص ل ح مر م ر خ ب ذي ل أ فراخ ت قول ماذا ش ج ر و ال ع م ر يا الل ه س الم ع ل يك ف ا غف ر م ظل م ة ق عر يف كاس ب ه م أ لق يت

األ مني أ نت الب ش ر الن هى م قاليد إ ل يك أ لق ت صاح ب ه ب عد م ن ال ذي فقال. أعراضهم و أنفسهم يف إتيام و الناس ذم عن ناهيك أين: عمر له قالف

: عمر له فقال. معاشي منه و مكسيب هذا ، جوعا عيايل ميوت إذن: احلطيئة أطلقه عندما و، ففعل . درهم آالف بثالثة املسلمني أعراض منك ترياش فإين

من فالن عند حطيء يا بك كأين: له قال و الف ر س العارف نظرة إليه نظر عمرا ، حطيئة يا أنشدنا: لك قال و أخرى لك كسر و منرقة لك بسط قد و الناس

. الناس بأعراض تغن يه فطفت

204

املوت سكرة و. األوىل جباهليته تعلق ه على يدل ، ١ وفاته عند موقف له و حضرت فعندما.. عواطف و خفايا من دواخله يف ما ي ظه ر املرء جتعل أحيانا

ويل: فقال. أوص مليكة أبا يا: له قالوا و أهله إليه اجتمع ، الوفاة احلطيئة الذي ذا من: قال. حطيء يا اهللا رمحك أوص قالوا. السوء راوية من للشعر : ؟ يقول

. أوج ع ت هااجل نائ ز ثكلى ت ر ن م ترن م ت عنها الر امون أنب ض إذا

.. وحيك: له فقالوا. العرب أشعر أنه غطفان أبلغوا: قال. الشم اخ: قالوا احلرث بن الضابئ أهل أبلغوا: قال. ينفعك مبا أوص !! ؟؟ وصية أهذه

: وليق حيث شاعر أنه الريبوعي

. لذيذ غري امل وت جديد رأيت أنين غري لذ ة جديد لك ل

العرب أشعر أنه القيس امرؤ أهل أبلغوا: قال. ينفعك مبا وحيك أوص : قالوا : يقول حيث

ب ي ذب ل . ش د ت الف تل م غار ب ك ل ن جوم ه ك أ ن ل يل م ن ل ك ف يا

به يقصد( صاحبهم أن األنصار اأبلغو قال. هذا عنك دع و هللا اتق : قالوا

: يقول حيث العرب أشعر) ثابت بن حسان

المصادر السابقة . ١

205

امل قب ل . الس واد ع ن ي سأ لون ال ك الب ه م ت ه ر ما ح ت ى ي غش ون

: فقال. فيه أنت ما غري فقل ، شيئا عنك يغين ال هذا: قالوا

ي عل م ه ال ال ذي فيه ا رت قى إ ذا س ل م ه و ط ويل ص عب ف الش عر . ف ي عج م ه ي عر ب ه أ ن ي ريد ق د م ه احل ضيض إ ىل ب ه ز ل ت

اهللا و ال: قال ؟؟ حاجة ألك ، مليكة أبا يا .. فيه كنت الذي مثل هذا: قالوا

)قولال ائعر من ذاه و( أهله ليس من به ي مدح اجليد املديح على أجزع لكين و يف طمع إذا اجل حري هذا: قال و فمه إىل بيده فأومأ ؟ الناس أشعر فمن: قالوا : قال. اهللا إال إله ال قل: له فقالوا. باكيا استعرب مث. خري

. عوذ بريب من ك م و ح ج ر ر ع ذ و ة د ي ح فيها و قالت

ال جتارة فإا املسألة يف باإلحلاح وصيهمأ: قال. بشيء للفقراء فأوص: قالوا الذكر حظ مثل ولدي من لألنثى: قال. ؟؟ ك مال يف تقول فما: قالوا. تبور

فما: قالوا. قضيت هكذا لكين: قال!! . هلن اهللا قضى هكذا ليس: قالوا. اهذ غري به تعهد شيء من فهل: قالوا. أمواهلم كلوا: قال ؟؟ لليتامى توصي

فإن ، أموت حىت راكبها تتركونين و أتان على حتملونين.. نعم: قال!! . ؟؟ جييئون و به يذهبون جعلوا و أتان على فحملوه. فراشه على ميوت ال الكرمي . مات حىت

اتمع ظلم هو ، طباعه سوء و أعمالهبعض من للحطيئة نشفع جيعلنا ما رمبا و به اعترفت ما و أبوه أنكره ، النسب مغموز دول قد فهو ، بطباعه طبعه و له

206

من غشيها ، نسب ال و هلا حسب ال مستضعفة مغمورة جارية أمه و ، قرابته أمه عن فكني ال فكان، خوفا و خشية احلقيقي أباه غري إىل فنسبته غشيها جتيبه ال و خمتلفا ردا مرة كل تعطيه أو الرد يف متاطل هي و ، أباه هوية يسأهلا فيقول فيه و ج د الذي اتمع و أمه يلعن و أملا و قهرا فيشتد ، صرحيا جوابا : بالضراء إياها واصفا

أولئكا ش رك يف ك فانظر اثنني ال و بواحد ست ل الضراء يل تقول . ضالل كما من ت س ت ف ق أمل ا ه ب ل ت ه لت ل ض قد أبا تبغي امرؤ أنت و

و للناس فيه يتذلل مبوقف يكون أن اضطر و الدنيا عليه ضاقت و حاله فساء ، طلبه من بشيء جييبونه ىتح اهلوان و االتضاع فيكلفونه ، منهم مؤونته يطلب هو و ، سيفيه أقط ع عليه و عليهم فسل ط اتمع و الناس كره فيه نشأ فرمبا

. لسانه

دي املتمايز ، و هو بنظرنا تناقض يبقى هنالك التناقض الفربالعودة إىل الصلب ، بالدرجة األوىل متمثال بالتفاوت الطبقي و ، األمر االجتماعيه طلقكان من

و نظام العبيد و هي قضايا تركزت و ظاهرة تشك ل الثورات الظلم االجتماعي ذا التناقض ، هو أنه بؤرا يف قريش أكثر من غريها من القبائل . و املقصود

ذاتيا يقع يف نفس الفرد الواحد و يعتمل فيها صراعا داخليا بني ليس تناقضا بني األفراد ، بل هو تناقض، أو بني رفض هذا و قبول ذاك الرفض و القبول

فريق قبل اإلسالم كله كحالة فكرية ، أنفسهم ، فانقسموا تبعا لذلك فريقني .. أو ضيق أو حرج .. و ، و مل يشكل ذلك لديه ، أدىن التباسرغبة و طواعية

التباس أو أدىن رفضه كله بامل ، كذا األمر ، مل يشكل ذلك لديه ، فريق . ضيق أو حرج

207

صحاب املظامل االجتماعية الذين عانوا أنواع هذا الظلم و أ مث ل، ول الفريق األ رأوا ، فيه التوحيدي اجلزء جانب إىل اإلسالم يف رأوا قد هؤالء وأشكاله .

و اإلنسانية للمساواة بابا و ، القهر و الظلم و العبودية ربقة من للخالص بابا .. منها و آياته يف املوجودة االجتماعية العدالة

: الكهف[} ن ك ر ا ع ذ اب ا ف ي ع ذ ب ه ر ب ه إ ل ى ي ر د ث م ن ع ذ ب ه ف س و ف ظ ل م م ن أ م ا ق ال {

٨٧[ . . ]١٢٤: البقرة[} الظ ال م ني ع ه د ي ال ي ن ل ا{ ... . ]٢٥٤: البقرة[} الظ ال م ون ه م و ال ك اف ر ون { ... . ]٢٥٨: البقرة[} الظ ال م ني ال ق و م ي ه د ي ل ا و الل ه { ... . ]٥٧: عمران آل[} الظ ال م ني ي ح ب ل ا و الل ه { ...

إ ن ل ت ع ار ف وا و ق ب ائ ل ش ع وب ا و ج ع ل ن اك م و أ ن ث ى ذ ك ر م ن خ ل ق ن اك م إ ن ا ن اس ال أ ي ه ا ي ا{ . ]١٣: احلجرات[} خ ب ري ع ل يم الل ه إ ن أ ت ق اك م الل ه ع ن د أ ك ر م ك م

و ال ي ت ام ى ال ق ر ب ى و ل ذ ي و ل لر س ول ل ل ه ف ال ق ر ى أ ه ل م ن ر س ول ه ع ل ى الل ه أ ف اء م ا{ . ]٧: احلشر[... } م ن ك م ال أ غ ن ي اء ب ي ن د ول ة ي ك ون ل ا ك ي الس ب يل و اب ن و ال م س اك ني

. ]٢: الطالق[} م ن ك م ع د ل ذ و ي و أ ش ه د وا{ ... . ]٥٨: النساء[} ب ال ع د ل ت ح ك م وا أ ن الن اس ب ي ن ح ك م ت م و إ ذ ا{ ...

أ ن ف س ك م ع ل ى و ل و ل ل ه ش ه د اء ب ال ق س ط ق و ام ني ك ون وا آم ن وا ال ذ ين أ ي ه ا ي ا{ أ و أ ن ال ه و ى ت ت ب ع وا ف ل ا ب ه م ا أ و ل ى ف الل ه ف ق ري ا أ و غ ن ي ا ي ك ن إ ن و ال أ ق ر ب ني ال و ال د ي ن . ]١٣٥: النساء[} خ ب ري ا ت ع م ل ون ب م ا ك ان الل ه ف إ ن ت ع ر ض وا أ و ت ل و وا و إ ن ت ع د ل وا

. ]٨: ائدةامل[} ت ع م ل ون ب م ا خ ب ري الل ه إ ن الل ه و ات ق وا ل لت ق و ى أ ق ر ب ه و اع د ل وا{ ... . ]١٥٩: األعراف[} ي ع د ل ون و ب ه ب ال ح ق ي ه د ون أ م ة م وس ى ق و م و م ن { و ال م ن ك ر ال ف ح ش اء ع ن و ي ن ه ى ال ق ر ب ى ذ ي و إ يت اء و ال إ ح س ان ب ال ع د ل ي أ م ر الل ه إ ن {

. ]٩٠: النحل[} ت ذ ك ر ون ل ع ل ك م ي ع ظ ك م و ال ب غ ي

208

أساس من صفات يف القرآن الكرمي ، قد بينت صفة جوهر هذه اآليات و غريها

فدخل بالعدل و املساواة و رفع املظامل االجتماعية ، الدين اإلسالمي ، املنادية وا متل ك و باألوثان يقتنعوا مل رمبا كوم إىل باإلضافة الزاوية هذه من فيه هؤالء إىل انضموا الذين األوائل من ، هؤالء فكان. واحد خالق إله بوجود قناعة

كزوجه( األقربون صحبه و عترته خال ، اإلسالم يف دخلوا و) ص( الرسول بن محزة و الصديق بكر أبو و طالب أيب بن علي عمه ابن و خويلد بنت خدجية

، املستضعفون و الفقراء و العبيد ، الفريق هذا نواة شك ل و) . املطلب عبد و يذكر شأن هلم ليس الذين القوم أصاغر و ياسر بن عمار و احلبشي كبالل. الدنيا باحلقوق إال األحوال أحسن يف هلا معترف غري مهمشة طبقة كانوا الذين االجتاه يف يقابلهم كان و) األباطح قريش( لقب مكة يف عليهم أ طل ق هؤالء و األغنياء و التجار من املؤلف الفريق هم و قريش من القوم علي ة ، اآلخر و النوائب يف الربط و احلل أهل و األمالك أصحاب و أعيام و القوم رؤساء

قريش( لقب ، مكة يف عليهم أ طل ق .. هؤالء و. اجلسام القضايا و األخطار و ءالعدا ، اإلسالم و) ص( الرسول ناصبوا الذين أنفسهم هم و) األعايل) سفيان أبو( حرب بن صخر رأسهم على كان و فيها هوادة ال حربا حاربوه

املغرية بن الوليد و) جهل أبو( املغرية بن هشام بن عمرو و هشام بن العاص و و وصناع عمال ، مبجموعهم) األباطح قريش( أنفار كانت ملا و. غريهم و

من خمتلفة ضروب و شىت اعأنو ساموهم الذين) األعايل قريش( لدى عبيد من أساس وجه يف كان الصراع فإن ، اإلسالم مدخوهل بعد العذاب سوء

صورة يف هو.. إذن. األباطح قريش و األعايل قريش بني صراع ، وجوهه صراع بكونه تقضي نتيجة مؤداه اجتماعي طبقي صراع ، صوره من قوية

إذا أكثر لنا تتضح لنتيجةا هذه. ديين فكري صراع جانب إىل اجتماعي فكري

209

أهم من مركزا كانت و. بدوية منها أكثر حضرية مدينة كانت مكة أن علمنا . كلها العربية اجلزيرة شبه يف الدينية و االجتماعية و التجارية املراكز وبني ، جهة من) ص( الرسول و اإلسالم بني الصراع منطلق كان فقد.. لذلك ي عزى و. اجتماعي فكري و ديين فكري صراع ، أخرى جهة من قريش

نصبها اليت باألصنام احملاطة الكعبة أن هو و بسيط لسبب الديين الفكري الصراع ، عليهم كبري مايل و اقتصادي مردود ذات كانت ، داخلها و حوهلا املشركون

ذلك إىل يضاف ، ا التطواف و الكعبة لزيارة القادمة احلجيج و القبائل بسبب مهابة قريشا متنح كانت اليت القبائل بني العالية باملكانة املتمثل االجتماعي دوداملر . احترام و

املعادي و مرئي الغري اخلفي الواحد اإلله مفهوم أن هؤالء اعترب فقد.. لذلك و املايل أمنهم يهدد خطرمبثابة هو ، املتحجرة أصنامهم واملتكلسة ألوثام

أسباب من ذلك يتضح و. العربية القبائل بني االجتماعية مكانتهم و االقتصادي .. عدة

.. قريش آهلة ، االعتبار بعني األخذ فيها مت اليت الغرانيق حادثة : األول السبب يف) القرشي املنظور حسب( إشراكها و. الكربى مناة و الغز ى و الالت

يف ، مبوجبها فورال على قريش وافقت حيث ، االجتماعية و املالية الكعكة الوحي بواسطة الفور على تصحيحه جرى أمر هو و ، الرسول مع الشراكة

عاد و حافرا يف قريش فارتدت ، مباشرة اآلهلة هذه استبعاد مت حيث اإلهلي فيه قررت حد إىل) ص( للرسول عداءها اشتد و بكرا بازهلا و جذعا قارحها . اغتياله و تصفيته ، اإلسالم إىل هلا) ص( الرسول دعوة مع العربية القبائل عاطيت : الثاين السبب اجلاهلية العصبية و القبلية األعراف منطلق من الرسول مع تعاطيها كان حيث

و االجتماعية األمور ال ، ذلك إىل ما و الغنائم و النسب و احلسب و كالفخر املذكورة بيعةر بين مع الصديق بكر أبو قصة ، ذلك مثال من بعض و ، الدينية

210

، باألساس القبائل فهذه. صعصعة بن عامر بين مع) ص( الرسول لقاء و سابقا مل و ، العقائدي الديين و االقتصادي و االجتماعي األمر دائرة خارج كانت باعتبارها يدخل ومل ، قريش لدى احلال هو كما األمور هذه صلب يف تكن يف فهي ، اخل... املساواة عامل أو الطبقي التفاوت أو االجتماعي الظلم

. أساسا العوامل هذه متتلك تكن مل صحرائها بدء منذ الرسول خاضها اليت املعارك و احلروب كل إن : الثالث السبب.. ضارية شرسة معارك هي و ، قريش مع كانت ، مكة فتح حىت و دعوته و) ص( رسولال قتل هدفها و املهاج مة هي و ا البادئة هي قريش كانت

. اإلسالم شأفة استئصال

فترة اخللفاء الراشدون :

من و خالفته على الناس بني خالف حصل. مباشرة) ص( الرسول وفاة بعدبني املهاجرين فيما قسم .. قسمني على اخلالف فكان ، بعده اخلليفة سيكون

أن هاشم بنو رأى حيث هاشم بنو و قريش بني قسم(قريش) و األنصار ، و ، ترحاله و حله يف مالزمه و الرسول عم ابن ، طالب أيب بن علي هو اخلليفة بيعة( مسيت ببيعة بعده من له أوصى قد رأيهم حسب فهو ذلك عن فضال ١ أنفسهم األنصار من بدأ قد اإلشكال يكون رمبا. و ) خم غدير( أو) الغدير

و عبادة بن سعد كبريهم إىل األنصار اجتمعت) ص( الرسول قبض ملا أنه إذا يف فضيلة و الدين يف سابقة لكم إن أنصار معشر يا" هلم فقال اخلرب أخربوه عشر بضع قومه يف لبث) ص( اهللا رسول إن.. العرب من لقبيلة ليست اإلسالم

، قليل إال قومه من به آمن فما ، األوثان خلع و الرمحن عبادة إىل يدعوهم سنة

/ . ٥اإلمامة و السیاسة ، ص / ١

211

و بالنعمة خصكم و الكرامة إليكم ساق و الفضيلة لكم تعاىل اهللا أراد حىت اجلهاد و لدينه اإلعزاز و ألصحابه و له املنع و برسوله و به اإلميان رزقكم من عدوكم على أثقله و ، منكم عنه ختلف من على الناس أشد فكنتم ، ألعدائه له فكمبأسيا دانت و، كرها و طوعا تعاىل اهللا ألمر استقاموا حىت غريكم ، األمر هذا بأيديكم فشدوا ، العني قرير عنكم راض هو و اهللا توفاه . العرب بكر أبو إىل اخلرب فأتى. مجيعا فأجابوه" . به أوالهم و الناس أحق فأنتم

إىل اجلراح بن عبيدة أبو و اخلطاب بن عمر معه قام و الفزع أشد ففزع الصديق فيه تقع أن كادت عصيب طويل نقاش ارد و. األنصار حيث ساعدة بين سقيفة بكر أبو قبل من أ حرجوا حىت ، باخلالفة األنصار متسك بسبب الفتنة و احلرب

. باألمر فسلموا ، عمر و بكر أبا بيعة رفض الذي طالب أيب بن علي اإلمام مع كان التايل اإلشكال لكن

مبوجب وصيه و تهبي آل من و الرسول عم ابن و أنه و باخلالفة أحق أنه بدعوى احتج قد و. مجيعا هاشم بنو و العباس عمه ذلك يف أيده قد و. الغدير بيعة مرة اخلالف فتفجر ، األنصار على هم احتجوا ما مبثل عليهم طالب أيب بن علي

بكر أبو.. اثنني إال النهاية يف اخلالف حيل مل و ، تقع أن الفتنة كادت و أخرى ذلك ألجل انتظر و علي يبايعه حىت اخلالفة و البيعةب يقبل مل الذي الصديق ، مرة من أكثر منها إعفاؤه طلب و ربط و حل على فيهما يقدم مل ستة شهور بعد و ، القرآن كتابة من انتهى الذي طالب أيب بن علي و. علي بايعه حىت اهن و. اجتماع الناس و املسجد يف بكر أبو بايع ، الزهراء فاطمة زوجه وفاة اعتراض له من منهم كان إذا الناس سائال ثانية مرة البيعة جدد و بكر وبأ قام

.. ؟؟ مبغض من هل ؟؟ كاره من هل ، بيعيت يف استقلتكم قد إين" هلم قائال بكر أبو ابتدأ هنا و. رضوا و قبلوا ، علي اإلمام مبايعة اجلموع رأت فلما

. ينهاهم و يعظهم ، طبهخ أوىل بالناس خيطب قام و خالفته الصديق

212

و العربية القبائل بعض ارتدت حيث الردة حروب حصلت بكر أبو خالفة يف بعد من األمر سيؤول ملن و اجلديد اخلليفة معرفة حىت تريث اآلخر بعضها. الشام بالد ختوم و العراق يف العربية الفتوحات حصلت كما) . ص( الرسول

مات أنه روايات يف و. إثرمها على تما لسنتني بكر أبو خالفة استمرت و أوصى وقد. فمات الربد شديد يوم يف استحم أنه أخرى و ، ١ باألرز مسموما

مشلت و عهده يف الفتوحات استمرت الذي اخلطاب بن لعمر بعده من بكر أبو و البلدان على الوالة عني قد كان و. مصر و فلسطني و سورية و فارس

بطعنة مقتوال إثرها على مات سنني عشر تهخالف استمرت و ، املفتوحة األقاليم جلنة شكل قد وفاته قبل كان و. شعبة بن املغرية غالم هو و لؤلؤة أيب من

علي بن أيب طالب و عثمان بن .. هم و أفرادها أحد بالشورى تنتخب سداسيةد بن عبيد اهللا و الزبري بن العوام و سعد بن أيب وقاص و عبعفان و طلحة

بن عثمان انتخبوا ، رد و أخذ و خالف و جدال بعد والرمحن بن عوف . يلبث مل لكن. إفريقية يف باألخص و عهده يف حاتوالفت استمرت الذي عفان

غريهم من أكثر خيتصهم و أمية بين حيايب كان كونه ضده الناس ثارت نأ، مسدود ريقط إىل وصوهلا و معه املفاوضات فشل بعد و ، العطاء و بالسلطة

أرسلها إىل عامله ( أنكر علمه ا فيما بعد ) خاصة بعد اكتشاف رسالة منه فحاصروه ، فأىب ، السلطة ترك منه فطلبوا، مبصر يطلب منه قتل موفدي الثوار

دامت قد و. هتلق و عليه داره بعضهم اقتحم مث. الشهر عن تزيد دةم بيته يف و طالب أيب بن علي على الناس اجتمعت دهابع. سنة عشر ينثا حوايل خالفته ق ب ل ، شديدين وإحلاح ضغط بعد لكن و، األمر بداية فامتنع ، اخلالفة ابتدروه

. ا

/ . ٣٠٨/ ، ص / ٢مروج الذھب ، ج / - / ٢٦٠أدباء العرب في الجاھلیة و صدر اإلسالم ، ص / ١

213

منها أكثر سياسية هي مشاكل وجهه يف انفجرت ، اخلالفة منصب تبوؤه منذ و تبدأ كوا، ذلك يف السبب و ، فيها طرفا ليس نهأ واضحا كان، دينية

خصومه يأخذ حىت ، اخلالفة يف مدة عهد بعد ليس و للسلطة استالمه مبجرد أيضا ذلك إىل يضاف ، عفان بن عثمان عهد يف احلال هو كما ، مآخذهم عليهكذا خالف حدث أنه يقال حىت معه يكونوا مل و عنه بعيدين كانوا خصومه أن . النظر وجهات يفكذا اختالف و

، و بكر أيب بنت عائشة السيدة ، للعداء مناصبة و عليه اخلصومة من أشد كان عائشة السيدة ، احلرب و بالعداء ابتداء أوهلما كان و. سفيان أيب بن معاوية

إىل بالدعوة جتاهر و العداء ، عفان بن عثمان املقتول اخلليفة تناصب كانت اليت أن النفس متين نتكا و. بذلك فرحا للت ، قتله نبأ وصلها عندما و. قتله

علي باستخالف ن بئت عندما لكنها. اهللا عبيد بن طلحة قريبها إىل اخلالفة تؤول و" علي إال قتله ما.. عثماناه وا" صاحت و موقفها غريت ، طالب أيب بن

فلما. الغاية هلذه جيشا جهزت و ، عليه التمرد و علي خلع إىل تدعو قامت أن بعد لعلي بيعتهما عن ارتدا بذلك العوام بن لزبرا و اهللا عبيد بن طلحة علم مهامجا سار الذي جيشها إىل انضما حيث عائشة إىل اختلفا و ، بايعاه قد كانا مبوقعة ع رفت مبوقعة اشتبكا و البصرة قرب اجليشان التقى و. علي اإلمام جيش . طالب أيب بن عليجيش بانتصار انتهت و الكثري ضحيتها راح ، اجلمل اآلخر هو التمرد يعلن أن شجعته و سفيان أيب بن ملعاوية مهدت احلادثة هذه التقى و ، جبيشه إليه علي اإلمام فسار. جيشه جهز و ، علي اإلمام على

بينهما حصلت و) . آنذاك( السورية الرقة ناحية قرب صفني مبوقعة اجليشان و. واضح بشكل علي يشج لصاحل الكفة مالت أن إىل، ذلك بعد عدة معارك يرفعوا أن أفراده إىل أوعز ، معاوية جبيش حتيق أن اهلزمية أوشكت عندما

القتال استمرار طلبه و عنه رغما القتال عن علي جيش توقف هنا و ، املصاحف على علي اإلمام أجرب و اآلخر الفريق به فقبل التحكيم معاوية فريق طلب و.

214

األشعري موسى أبو قوامها للتحكيم جلنة الفريقني عن انبثق و. كارها قبول قبول على الرأي استقر و معاوية فريق من العاص بن عمرو و ، علي فريق من

موسى أبو مع العاص بن عمرو اتفق ، بيوم التحكيم موعد قبل و. حكمها أبو قام ، باحلكم النطق يوم يف و. صاحبه منهما كل خيلع أن على األشعري

كما معاوية خيلع مل العاص بن عمرو لكن ، علي اإلمام فخلع عريالش موسى جيش عن انشق و جديد من الفتة نشبت هنا و. ثبته بل ، عليه متفقا كان

أجربوه قد كانوا أن بعد التحكيم بقبول اموه و باخلوارج مسي ما علي اإلمام اآلخر من اوةضر أشد منهما كل خصمني بقتال هنا علي اإلمام انشغل و. عليه

معاوية لقتال اجته و اخلوارج بدحر جنح عندما و. معاوية و اخلوارج.. مها و كان الذي ملجم بن الرمحن عبد هو اخلوارج أحد يد على غيلة ق ت ل ، جديد من

يقتل مل و. العاص بن عمرو و معاوية و علي اغتيال مهمته فريق يف عضو اخللفاء حقبة انتهت و!!!! . ؟؟؟؟ ناألخريا جنا بينما علي اإلمام سوى

أن على سفيان أيب بن ملعاوية السلطة عن علي بن احلسن لزبتنا ، الراشدونليبدأ . وجيزة بفترة ذلك بعد مسموما قضى لكنه ، بعده من له األمر يؤول و من بعدهم بنو العباس . أمية بنو كمعصر نظام الدولة اإلسالمية حب بعدها

لعصر الراشدي :ل فكرية قراءة

تبني ، الراشدة اخلالفة و احملمدية الدعوة فترة بني فيما بسيطة عادية مقارنة إن

و بالصراع احملمدية الدعوة بدأت لقد. الفترتني بني فيما ، معا الشبه االختالف هي و. االقتصادية و العقائدية و االجتماعية و الدينية بعوامله الفكري الصدام منه كبرية بنسبة كان الذي الصراع هذا مقومات لتشكل كلها معتاجت عوامل

215

النتفاء ذلك و ، سياسيا صراعا يكن مل فهو. معارك و حروب عن عبارة منها عدة أدلة ذلك يف لنا و. متاما منه السياسي املفهوم

من عنصر بأي السياسي املفهوم على يدل ما كله الكرمي القرآن يف يظهر مل ـ و الذم بصيغة ، يشبهها ما بعض جاء ، ذلك من العكس على بل ال ، رهعناص لنا سابق كتاب يف القضية هذه فص لنا قد كنا و. الرفض و االستهجان أو النهي

حيثياا أوضحنا و) الفصل األخري - السلطان و اإلله بني احلكمة( هو . البحت القرآين املنظور خالل من احلقيقية

الكيان أو الدولة على يدل ما كلها أفعاله و) ص( الرسول حياة يف يظهر مل ـ و معارك عن عبارة كانت احملمدية الدعوة فترة جل و. السياسي املفهوم و

عن للدفاع بل ، البعض يتوهم كما اإلسالمي الدين لنشر تكن مل ، حروباع عن معارك الرسول (ص) مل تكن لنشر اإلسالم بل للدف. . اإلسالمي الدين

و يتم الترويج العربية الذهنية و الفكر فيها التبس قضية أخطر هي و .اإلسالم السلم فترات أما .عطي اإلسالم صفة أنه قام بالسيف املعاكس هلا لألسف حىت أ

املوعظة و الطيبة بالدعوة اإلسالمي الدين لنشر كانت ، فنعم ، فيها اهلدنة و . احلسنة

لرتول خمصصة ، ايتها حىت و بدايتها من كلها نتكا احملمدية الدعوة ـ يف العكس ويصح. بنهايتها كان انقطاعه و ا ابتدأ فرتوله ، الكرمي القرآن أدل ال و. بانقطاعه انتهت و الكرمي القرآن نزول ببداية ابتدأت أا أي ، ذلك نزول ءانتها و عنه الوحي انقطاع بعد مباشرة) ص( الرسول وفاة على ذلك من

كان فلو. وجوده دحض و السياسي األمر انتفاء على دليل أكرب هو و، القرآن املفترضة اإلسالمية الدولة يقيم كي) ص( الرسول بعمر اهللا ألمد ، كذلك األمر

نهأ البعض افترض كما افترضنا ولو. وقوانينها مقوماا و ضوابطها حيدد و ، نزول يكتمل ملا و األمر هذا يستقيم فكيف ، حياته يف اإلسالمية الدولة أنشأ

!! . ؟؟ القرآن

216

على يتوكأ املسجد إىل خرج) ص( الرسول وفاة يوم أنه.. ١ الطربي يف و إليها فدفعه ، الصالة عن نكص ، رآه فلما ، الناس يف يصلي بكر أبو و ، عصاه

كلمهم و الناس على) ص( الرسول أقبل ، بكر أبو منها انتهى وملا ، الرسول سع رت ، الناس أيها يا" يقول املسجد باب من صوته خرج حىت صوته رافعا أحل ما إال لكم أحل مل اهللا و إين و ، املظلم الليل كقطع الفنت أقبلت و النار . القرآن عليكم حر م ما إال أحر م مل و ، القرآن لكم عدم يفترض البعض كان فإذا ، نفسها اخلالفة و االستخالف قضية ـ

مع يستقيم ال فهذا ، له خليفة تعيينه و بعده من ألحد) ص( الرسول استخالف بعده من اخلالفة على الصراع يربر ال بدوره الذي سياسي كيان و دولة كيان ألن هاشم بنو بني و املهاجرين بني يهاعل اخلالف و األنصار و املهاجرين بني

نادرا و السياسي املفهوم يف سلفا مةحمسو قضية عادة هي النائب أو اخلليفة قضية . إشكاالت فيها حيصل ما الديين األمر منه انتفى سياسي شبه بصراع بدأت فقد ، الراشدة اخلالفة فترة أما الرياسة من نوع على أو ، سياسية شبه زعامة على صراع فكان ، العقائدي أو

كان خالف . اعياالجتم الطبقي و القبلي اخلالف أو الصراع من شيء شابهمن خالفة أيب بكر نتقال االكل مرحلة انتقال لعملية اخلالفة ، فعملية يتبدى يف

اإلشكال ، بالرغم من أن أبو الصديق إىل عمر بن اخلطاب ، قد شاا بعض قبيل وفاته . و رمبا يكون هذا بكر قد كتب كتاب توصية لعمر بن اخلطاب

و و صراع كان ميكن أن ينشب الكتاب قد خفف إىل حد كبري من خالف يف بكر أيب مقولة من ذلك يتضح يؤدي إىل فتنة .. فطالب اخلالفة كثر . و

كيف: له فقال عوف بن الرمحن عبد عليه دخل إذا ، فيه مات الذي مرضه إين اهللا و" بكر أبو قال ؟ بارئا تكون أن أرجو ينفإ ؟ اهللا رسول خليفة يا أنت

/ . ٥٠٨/ ، (ص) /٢تاریخ الطبري ، ج / ١

217

، وجعي من علي شدأهلو املهاجرين معشر يا منكم ألقى ما و ، الوجع لشديد شديد أي( أنفه ورم فكلكم ، نفسي يف خي ركم لست و أمركم و ليت إين إال

تقبل مل ا و أقبلت قد الدنيا رأيتم ملا ذلك و له األمر هذا يكون ألن) الغضب صوفال على اإلضجاع تأملوا و الديباج نضائد و احلرير ستور تتخذوا حىت

فت ضرب أحدكم ق د م ألن اهللا و.. حسك على ينام أن أحدكم يأمل كما األذري ضال أول أنتم و ، الدنيا غمرة يف خيوض أن من له خري ، حد غري يف عنقه

اعترض الذي األعرايب ذلك و" . مشاال و ميينا الطريق عن فتصدوم غدا بالناس . ا القبائلبعض رغبة إىل إشارة هو ، بكر أيب بكتاب خرج حني عمر على

حني و هو اإلشكال ذاته الذي حصل عندما ط عن اخلليفة عمر بن اخلطاب ، . و ملا مل يقع اختياره على شخص احتار من يعي ن خليفة بعده ، أو يوصي إليه

واحدا خيتاروا مؤلفة من ستة أشخاص و طلب منهم أنمبفرده ، اختار جلنة ، رمبا يكون من منطلق توقعه ١ م طلبا غريبا بعض الشيء منهطلب و منهم

حدوث مشاكل و صراع حول اخلالفة ذاا . فصر ح أنه يف حال حدوث ثالثة منهم و أعناق األقلية . و إذا اتفق خالف بني أكثرية و أقلية ، ت ضر ب

ليهم ، فأي الثالثة يشري إاختلف ثالثة ، فعليهم االحتكام إىل ابنه عبد اهللا ، يكون اخلليفة منهم ، فإن اعترض اآلخرون ، ض ر بت أعناقهم .

: و قال و عندما عرضوا عليه ابنه عبد اهللا كخليفة حمتمل ، رفض رفضا قاطعا . مث التفت إىل ابنه عبد اهللا قائال حسب آل اخلطاب ، حتم ل رجل منهم اخلالفة

له : إياك مث إياك أن تتلبسها . و الفكرية اما حصول حتو ل فكري طرأ على املنظومة الذهنية من الواضح مت

لإلنسان العريب . حتو ل طرأ خالل فترة الدعوة احملمدية لإلسالم . و حيثيات هذا التنظيم و ، كانت أساسا ، من االنفالت و االنفالش و احلرية ، إىل التحول

/ . ٢٤اإلمامة و السیاسة ، ص / ١

218

التحول بعاملني اثنني اخلضوع و الطاعة و بروز نظام اتمع . و قد ارتبط هذاالزمين املتمثل بدميومة احلدث الفكري الديين االجتماعي االقتصادي .. العامل

األخالقي التنظيمي على مدى ثالث و عشرون عاما ، مكتسبا الطابع اإلعالمي املرتبط حتما الدعوي االنتشاري . و العامل الديناميكي املادي املتمثل بالصراع

حتصل يف شبه جزيرة العرب ، فألول مرة .املعارك و احلروب باحلسم ، و هو بدافع ديين عقائدي ، و هو ليس صراع بني عقائد حروب و معارك داخلية حبتة

، سبق بكلياا للبعض ، أو بعض جزئياا للبعض اآلخر قدمية سالفة و معروفة عراف القبلية . و حيثيات شرائعها للطبيعة الصحراوية و األأن مت تطويع أفكارها

بكل جرأة و قوة ، عن إله واحد جديد يتحدث بل هي صراع مع فكر ديين عرب وحي إهلي ، و يتجلى اية يف كتاب ءه و تعاليمه و قوانينه ، علنا يطرح آرا

و جهارا بأن يأتوا مبثله ، و خمطوط هو القرآن الكرمي ، يتحدى الناس علنا عاملية من قبل ، و يف الوقت نفسه ، ناظما العرب بعاملية ما سبقتها خياطب

مضامينه على سبيل املثال بعض ب و بعض احلياة االجتماعية ، داخال ألمور اتمع متحدثا جبرأة واضحة عن الديانتني أخرى، و يف يف أدق التفاصيل الزوجية

إلميان فارضا يف اآلن نفسه على املسلمني االسماويتني .. اليهودية و املسيحية ، ، خارجا باإلنسان العريب إىل فضاء الكون برسلهما و أنبياءمها و آخرين غريهم

الوراء متحدثا عن األمم الغابرة ، إىل سنونا آالف الواسع و جنومه راجعا به متاما كفيالن كانا هذان العامالن املنقرضة منها و الباقية آثاره و امتداداا .

و انفجار التحول الفكري و العريب اجلاهلي بكسر سد اجلمود الفكري عنوانالوكان باخلصوص يف ظل كوامن التناقضات الفكرية املذكورة سابقا .

.. سوء فهم اإلسالم يف فترة الدعوة احملمدية هو ، سوء الفهم لصراع الفكري لو يف الوقت نفسه كان التعامل معه على هذا األساس ، من بداية الدعوة

. و هو و إن خفت وتريته يف ايتة تلك الفترة ، إال أنه حىت ايتها احملمدية و. فما أن و مشوبا باملصاحل الدنيوية ، السياسية منها و االقتصادية بقي موجودا

219

نبوات أخرى حىت بدأت بوادر بدأت بوادر املرض تظهر على الرسول (ص) قد ضرب ن النيب (ص) كا: ١.. جاء يف ( الطربي ) بالظهور مزيفة ، بديلة

النيب (ص) خرج رسول اهللا (ص) ، فسامة ( جيشه ) ، فلم يستتب لوجع ب ع ث أفقال : إين رأيت البارحة فيما على الناس يف مرضه ، عاصبا رأسه من الصداع

فنفختهما فطارا ، يرى النائم ، أن يف عضدي سوارين من ذهب ، فكرهتهما اليمامة ( مسيلمة ) و صاحب اليمن صاحب فأول تهما هذين الكذابني ،

، مث بلغنا أن مسيلمة و جاء أيضا : وقع بنا اخلرب بوجع النيب (ص) األسود ) . ( األسود قد غلب على اليمن ، فلم يلبث إال قليال قد غلب على اليمامة ، و أن

، ليس العوام و استكثف أمره بعه حىت ادعى طليحة النبوة و عسكر بسمرياء و ات فقط ، بل حىت مكة بعد وفاة الرسول (ص) ، بغت الردة و العودة للشرك ذلك

عن بالرجوع مهوا اهللا رسول تويف ملا مكة أهل أكثر " أن ٢. جاء يف السرية بن سهيل فقام . فتوارى ، أسيد بن عتاب خافهم حىت ذلك وأرادوا اإلسالم يزد مل ذلك إن :وقال اهللا رسول وفاة ذكر مث عليه وأثىن اهللا فحمد عمرو

، به مهوا عما وكفوا الناس فتراجع ، عنقه ضربنا رابنا فمن ، قوة إال اإلسالمو لكن . . ذلك كله كان حتت شعار سوء الفهم " أسيد بن عتاب وظهر

خماض و جلجلة أنتجو و انتشر و فعل مفعوله الزلزال الفكري كان قد بدأ إلسالم إميانا و قناعة ، لكنه من جهة و دفعهم لالبعض ، غي ر من أفكار فكريني

يف قلوب البعض ، الذي تبدى جاهلية ، املعتمل اخلفي من التناقض أخرى زاد . يف األشعار و الف عال و هو يهيئ اجليش للدفاع عن اإلسالم و رد هجوم الروم و مات الرسول (ص)

برمته . و دد اإلسالم خطرة مشكلة عويصة و بوفاته برز التناقض غريهم . و ، قويت بشدة كبرية بعد ذاك التحول الفكري املذكور آنفا سبب ذلك ، أا

/ .٥٠٣/ ، ص /٢تاریخ الطبري ، ج / ١ / . ٧٤٦السیرة البن ھشام ، ص / ٢

220

كما ، لكنها بقيت خافية أساسه األول و نواته كان ارتبطت بتنظيم اجتماعي اخلليفتني الراشدين ، أبو بكر هي ، و هذا مكمن خطورا . و هي ما عاىن منه

أو ، بقصدإياه عثمان بن عفان جمسدا الصديق و عمر بن اخلطاب ، و قام به بالذات و ، أسسه و دعائمه تثبيت إىل ذلك فأدى ،) أعلم اهللا و( قصد دومنا

بتص يريه أدى ما ، أمية بين من حمترفيها و السياسة و السلطة طالب من أهله يف و هملس مبجرد طالب أيب بن علي اإلمام بوجه انفجر موقوتا لغما و صامتا بركانا . إزالته و فكه حماولة

و نبذه مع امل لك و الرياسة و السلطة شهوة تناقض.. التناقض هذا كان لقد تناقض إىل احملمدية الدعوة اية يف حتول قد ، اجلاهلية يف له اخلضوع أنفة

و السياسة عن املفصول البحت الديين اتمع مع ، امل لك و الرياسة و السلطة إيذانا انفجاره وكان ، الدين مع السياسة تناقض.. العبارة صريحب أي ، امللك

الكيان أو.. الديين اتمع.. نقيضيه أحد إىل مآله جعل و إزالته و ائيا حبسمه . ، أو بتعبري أشد صراحة و وضوحا .. اإلسالم السياسي السياسي

يف ، السياسة و ينالد بني فيما الديين السياسي التناقض هذا بدأ قد.. إذنبن حبيب يف مسيلمة من النبوة أدعياء بظهور ،) ص( الرسول فترة أواخر

يتبدى و. و سجاح بنت احلارث التميمية يف اليمن العنسي األسود واليمامة ،) ص( الرسول و هؤالء بني فيما جرت اليت املكاتبات من واضحا جليا ذلك حبتة سياسية أداة الدين فيه يعتربون ، ا حبت سلطويا سياسيا خطام كان فقد

بن مسيلمة.. النبوة دعي خطاب ، ذلك من و. السلطة و امل لك إىل للوصول حممد إىل اهللا رسول مسيلمة من" ١ فيه جاء حيث ، اهللا رسول إىل حبيب نصف لنا إن ، معك األمر يف اشتركت قد فإين ، عليك سالم ، اهللا رسول بنا حاجة ال و" . يعتدون قوم قريشا لكن و ، األرض نصف لقريش و األرض

المصدر السابق . ١

221

األمر انتفاء و اخلطاب هذا يف البحت السلطوي السياسي راألم وجود لتوضيح خاطب ملا ، نبيا نفسه يعتقد كان لو( مسيلمة ) باألساس هو و. الديين

الماإلس غري دين له لكان و، معه أشركهملا و اهللا برسول ،) ص( الرسول اللذين الرسولني إىل نظر أن ، الكتاب على) ص( الرسول رد كان و. به يتعبد

و: هلما فقال. قال كما نقول: قاال ؟؟ أنتما تقوالن ما: هلما قال و احضراه كتابا مسيلمة إىل كتب مث. أعناقكما لضربت ، ت قتل ال الرسل أن لوال اهللا

األمر على االقتصار و متاما السياسي األمر انتفاء فيه ظهر ، واضحا مقتضبا إىل اهللا رسول حممد من.. الرحيم الرمحن اهللا بسم" قائال ، البحت الديين

يورثها هللا األرض فإن.. بعد أما ، اهلدى اتبع من على سالم ، الكذاب مسيلمةب و يالحظ األمر الدنيوي يف خطا " . للمتقني العاقبة و ، عباده من يشاء من

مسيلمة ، من خالل قراءة ما خلف السطور ، حني قال ( و لكن قريشا قوم ، فكيف يصح ذلك و قريش مل تشارك حبرب يوما أو غزو ؟؟!! يعتدون )

إىل قريس على أا صاحبة التجارة و املال التفسري الوحيد ، هو أن مسيلمة نظر أمرا سياسيا صرف . و ، و أا تريد أن جتمع النبوة أيضا و اليت هي بنظره

لذلك طلب الشراكة مع الرسول (ص) . عن الدين ابتعاد ل ث م ، احملمدية الدعوة مرحلة يف إسالمي فكري حدث أهم إن

امللوك و األمراء إىل) ص( الرسول بعثها اليت الكتب أو الرسائل كان ، السياسة عبد وبعث ، الروم كمل قيصر إىل الكليب خليفة بن دحية بعثقد ف. األباطرة و الضمري أمية بن عمرو وبعث. فارس ملك كسرى إىل السهمي حذافة بن اهللا ملك املقوقس إىل بلتعة أيب بن حاطب وبعث. احلبشة ملك النجاشي إىل

اجللندي ابين عياد و جيفر إىل السهمي العاص بن عمرو وبعث. اإلسكندرية إىل ، لؤي بن عامر بين أحد عمرو بن سليط وبعث. عمان ملكي األزديني

بن العالء وبعث. اليمامة ملكي احلنفيني علي بن وهوذة ، أثال بن مثامة وهب بن شجاع وبعث. البحرين ملك العبدي ساوي بن املنذر إىل احلضرمي

222

األيهم بن جبلة إىل و الشام ختوم ملك الغساين مشر أيب بن احلارث إىل األسدي كالل عبد بن احلارث إىل املخزومي أمية أيب بن املهاجر وبعث الغساين، خمتصرة ، هؤالء إىل) ص( الرسول كتب كل كانت و. اليمن ملك احلمريي،

أو وعيد أو ديد أي من خالية اإلسالم إىل مقتضبة حبتة دعوة جمرد فحواها و النبوة دعي فعل كما الرياسة و السياسة و امل لك فيها يذكر ومل سياسي أمر أي حرية هلم ترك و. سياسيا دينيا حكما يريد كان الذي حبيب بن لمةمسي

فعلتهم أمث مح لهم أنه ، دعوته قبول عدم حال يف منه حذرهم ما كل و االختيار . أقل ال و أكثر ال ، فقط تلك

يف هامة و جوهرية نقطة تثري جدا مهمة قضية الصدد هذا يف االنتباه يلفت و متاما ، هذا عمله ه شب قد) ص( الرسول أن هي و احملمدية ةالدعو عماد و أساس

رمحة بعثين قد اهللا إن" إرساهلم قبل ملبعوثيه قال إذا) . ع( املسيح عيسى فعله مبا فقال. مرمي بن عيسى على احلواريون اختلف كما علي ختتلفوا فال ، وكافة

الذي إىل عاهمد: قال! ؟ اهللا رسول يا احلواريون اختلف وكيف: أصحابه بعيدا مبعثا بعثه من وأما ، وسل م فرضي قريبا مبعثا بعثه من فأما ، إليه دعوتكم

واحد وكل املتثاقلون فأصبح ، اهللا إىل عيسى ذلك فشكا ، وتثاقل وجهه فك ر ه كانت ، املسيح عيسى أن معلوم و. ١ إليها ب ع ث اليت األمة بلغة يتكلم منهم

هلم فقال[ منه حذ ر بل ال السياسي األمر عن متاما فيها ابتعد ةحبت دينية دعوته أجاب[ – / )٢٠/ اإلصحاح – لوقا إجنيل( ] هللا هللا ما و لقيصر لقيصر ما إذا أعطوا لكان العامل هذا من مملكيت كانت لو، و العامل هذا من ليست مملكيت يسوع هنا من مملكيت ليست اآلن لكن و، اليهود إىل أ س ل م ال لكي جياهدون خدامي

. وصلب صد و عداء من هذا مثن دفع قد لعله و. ) ١٨ اإلصحاح – يوحنا إجنيل( ]

المصدر السابق . ١

223

إىل كتابه مجلة فإن ، ١ األباطرة و امللوك إىل) ص( الرسول لكتب بالنسبة و عظيم هرقل إىل اهللا رسول حممد من ، الرحيم الرمحن اهللا بسم: فيه جاء هرقل اهللا يؤتك أسلم و ، تسلم أسلم.. بعد أما. اهلدى اتبع من على السالم. الروم ) . ذنوم تتحمل أي( األكاريني إمث عليك فإن تتول إن و. مرتني أجرك

إىل اهللا رسول حمد من. الرحيم الرمحن اهللا بسم" النجاشي إىل كتابه فحوى و السالم القدوس امللك هللا إليك أمحد فإين ، أنت سلم ، احلبشة ملك النجاشي

إىل ألقاها ، كلمته و اهللا روح ، مرمي بن عيسى أن أشهد و ، املهيمن املؤمن نفخه و روحه من اهللا فخلقه ، بعيسى فحملت ، احلصينة الطيبة البتول مرمي املوالة و له شريك ال وحده اهللا إىل أدعوك إين و. نفخه و بيده آدم خلق كما بعثت قد و. اهللا رسول فإين ، جاءين بالذي تؤمن و بعينتت أن و طاعتهن على فإين ، التجرب دع و قرهمفأ ، املسلمني من معه نفرا و جعفرا عمي ابن إليك

على السالم و نصحي فاقبلوا ، نصحت و بل غت فقد ، اهللا إىل جنودك و أدعوك " . اهلدى اتبع من رسول حممد من. الرحيم رمحنال اهللا بسم" فيه قال كسرى إىل بكتاب بعث و و رسوله و باهللا آمن و اهلدى اتبع من على سالم. فارس عظيم كسرى إىل اهللا

.. حيا كان من لينذر ، كافة الناس إىل اهللا رسول أين و اهللا إال إله ال أن شهد كسرى أن التارخيية الرواية يف و" . اوس إمث فعليك أبيت فإن ، تسلم أسلم

) . ص( الرسول دعوة رافضا الكتاب مزق و الغضب أشد غضب دعاه و مبصر القبط عظيم املقوقس إىل مشابه بكتاب) ص( الرسول بعث كما مل هذا مع و ، النجاشي عدا امللوك بقية و هو ، ذلك الرجل فأىب ، اإلسالم إىل

اجتاههم . واجبه أدى أن بعد شأم و تركهم بل ، شيئا ) ص( الرسول هلم يفعل

المصدر السابق . ١

224

و فورها من العربية القبائل بعض ارتدت حىت) ص( الرسول تويف أن ما و به جاؤوا ما لسهولة ، النبوة أدعياء ت ب ع اآلخر و ، الزكاة أداء عن امتنع بعضها

بدفع تريث من ذلك من يستثىن و. األوىل اجلاهلية بوثنية شبيهة حالة من حتد أخطر ذلك فكان. األمر إليه سيؤول ماو اجلديد اخلليفة معرفة حىت الزكاة حروب ، حله استوجب ، اخلفي الديين السياسي التناقض ذلك من بكر أليب

بطلب متثل ، آخر حتد ذلك سبق قد كان و ، الكثري ضحيتها راح طاحنة و حتد أول مث ل ما ،) ص( الرسول وفاة بعد إليها سعيهم و للسلطة األنصار األمر هو الثاين يالتحد كان و) . ص( الرسول وفاة بعد التناقض هلذا إشكالية

، غائبا كان و بكر أيب ببيعة سفيان أبو علم فعندما ، القبلي الطبقي االجتماعي ما: طالب أيب بن لعلي قائال ، األمر مستنكرا طالب أيب بن علي و العباس أتى و خيال عليهم األمأل شئت لو اهللا و!! ؟؟ قريش من حي أقل يف األمر هذا بال

أعقاما من نألرفع اهللا و ، دم إال يطفئها ال عجاجة ألرى إين اهللا و.. رجاال علي فأىب. أبايعك يدك أبسط هات احلسن أبا يا) ... عمر و بكر أبو يقصد(

. ١ أهال هلا بكر أبا وجدنا قد إن ا: قال و عليه إحساسه ، الصديق بكر أليب لاألو للخطاب الفكرية احليثيات من يالحظ و

و عنه النأي اإلمكان قدر فحاول ، ترحم ال اليت مدامهته و السياسي األمر خبطر ذلك فكان، السياسي األمر من حتذيرا و كله دينيا خطابه فجاء ، ضغطه دفع

خطابه يف جاء مما و. . أكثر ال القادم التناقضي لالنفجار تأجيلفقط جمرد كان ما ستكلفونين لعلكم أدري ال إنين و مثلكم أنا إمنا الناس يهاأ يا: ٢ األول من عصمه و العاملني على حممدا اصطفى اهللا إن ، يطيق) ص( اهللا رسول

زغت إن و ، فتابعوين استقمت فإن ، مببتدع لست و مت ب ع أنا إمنا و اآلفات، ، صاحل عمل يف أنتم و إال األجل هذا ميضي إال استطعتم إن و ، فقو موين

نفس المصدر السابق . ١ نفس المصدر السابق . ٢

225

أن قبل من آجالكم مهل يف فسابقوا ، باهللا إال ذلك تستطيعوا لن و ، فافعلوا األبناء و باآلباء اعتربوا و املوت احذروا ، األعمال انقطاع إىل آجالكم تسلمكم

جل و عز اهللا إن.. األموات به تغبطون مبا إال األحياء تغبطوا ال و اإلخوان و أن اعلموا و ، بأعمالكم اهللا فأريدوا ، وجهه به أريد ما إال األعمال من يقبل ال ضرائب و به ظفرمت خطأ و أتيتموها فطاعة ، أعمالكم من هللا أخلصتم ما

مبن اهللا عباد اعتربوا ، باقية ألخرى فانية أيام من قدمتموه سلف و ، أديتموها أين ؟؟ يومال هم أين و أمس كانوا أين ، قبلكم كان فيمن تفكروا و منكم مات

.. ؟؟ احلروب مواطن يف الغلبة و القتال ذكر هلم كان الذين أين و ؟؟ اجلبارون و األرض أثاروا الذين امللوك أين ، رميما صاروا و الدهر م تضعضع قد

أبقى قد اهللا إن أال.. شيء كال صاروا و ذكرهم ن سي و بعدوا قد ؟؟ عم روها دنيا الدنيا و أعماهلم األعمال و مضوا و تالشهوا عنهم قطع و التبعات عليهم اغتررنا إن و جنونا ، م اعتربنا حنن فإن ، همبعد خلفا حنن بقينا و ، غريهم فيها جعلوا و باحلوائط حصنوها و املدائن بنوا الذين أين.. هلكنا مثلهم

ال اهللا إن.. القبور ظلمات يف هم و خاوية مساكنهم فتلك ؟؟ األعاجيب به عنه يصرف ال و خريا به يعطيه سببا من أحد بني و بينه ليس ، له شريك . ( انتهى ) أمره ات باع و بطاعته إال ، سوء

و ، راكبا أسامة و ماشيا قريب أجل إىل جيشه ع شي ، أسامة ث بع ذ أنف عندما و حىت ، املشي على بكر أبو أصر ، هو يرتل و يركب أن أسامة عليه أحل كلما

كميأوص قفوا الناس أيها يا: قائال اجليش خاطب و املدينة ختم بقعة يف وقفت تقتلوا ال و متثلوا ال و تغدروا ال و تغلوا ال و ختونوا ال.. عين فاحفظوها بعشر ال و حترقوه ال و خنال تعقروا ال و ، امرأة ال و كبريا شيخا ال و صغريا طفال

بأقوام مترون سوف ، ملأكلة إال بعري أو شاة واتذحب ال و مثمرة شجرة تقطعوا سوف و ، له أنفسهم فرغوا ما و فدعوهم ، الصوامع يف أنفسهم فرغوا قد

226

بعد شيئا منها أكلتم فإذا ، الطعام ألوان فيها بآنية يأتونكم قوم على تقدمون . ١ عليها اهللا اسم فاذكروا ، شيء

جتييشها و الكبري الواسع بشكلها إلسالما عن الردة أن ، التاريخ يف الواضح و خطر نذير كانت و ، عليه ردة كانت ما بقدر عنه ردة تكن مل ، العسكري

، الداهم العسكري الروماين اخلطر إليها يضاف ، معاقله يف اإلسالم على داهم كيان أو بتنظيم – األمر يكون مهما - يقبلون ال كانوا الرومان أن اعتبار على

إذن دومنا ، دينيا أم اجتماعيا أم كان سياسيا ، بذاته مستقل نفصلم متجانس كانوا كما عليهم اإلسالمي اخلطر الحظوامن املؤكد أم و. منهم مسبق

من و. االنفصال و االستقالل يريد آخر كيان أي مع املاضي يف يالحظونه و احلروب الحظوا و ، الوليد اإلسالمي اتمع نشأة بداية الحظوا أم املؤكد بني و بينه و ، مكة يف قريش و) ص( الرسول بني احلاصلة املتكررة املعارك قد أمالذي ال شك فيه املؤكد من و. ذلك بعد فيما العربية القبائل بعض قد يكونون رمباو ، العسكرية السياسية خربم بسبب ، شكوكهم زادت

من اليهود مع تعاملوا كما معه التعامل رواقر و ، إليهم دماالق املآل استنتجوا مع حرب بن سفيان أيب قصة من ذلك على أدل ال و. املسيحية مع و قبلهم أسئلة يسأله و) ص( حممد عن منه ليستفهم قصره إىل استدعاه الذي هرقل

ما أكمتها وراء بل ، عادية أسئلة ليست أا على احيثيا تدل توضيحية تفصيلة الرسول شأن و األمر شأن من التقليل حياول سفيان أبا كان عندما و. وراءها

أنه حيث ، اإلسالم هرقل يتبع أن منه خمافة القضية عن هرقل إبعاد حماوال ) ص( السياسي التكتيكي االستراتيجي اخلبري هرقل و واد يف أنه يدرك مل على ما يبدو

كان هرقل يتجاهل كالمه .. آخر واد يف ، مستجداا نتائج و باألمور العارف إىل حظرية أسئلته . يعيده و

المصادر السابقة . ١

227

عن أخربين) : ص( حممد عن باهتمام سأله هرقل أن ١ سفيان أبو رواية يف و قال. يد عي ما يد عي أظهركم بني خرج الذي) الرسول يقصد( الرجل هذا ، لكامل أيها: له وأقول ، أموره له ر وأصغ شأنه له أزه د فجعلت: سفيان أبوو مين ذلك إىل يلتفت ال فجعل.. بلغك ما دون أمره إن! ؟ شأنه من يهمك ما

: قال. لك بدا عما سل: قلت. شأنه من عنه أسألك فيما أنبئين: يقول كان هل أخربين: قال. نسبا أوسطنا هو ، حمض: قال ؟ فيكم به س ن كيف له كان هل: قال. ال: الق ؟ به يتشبه فهو يقول ما يقول بيته أهل يف أحد: قال. ال: قال ؟ ملكه عليه لتردوا احلديث ذا فجاء إياه فسلبتموه م لك فيكم

من واألحداث واملساكني الضعفاء: قال ؟ هم من منكم أتباعه عن أخربين منهم يتبعه فلم، قومه من األشراف من األسنان ذوو فأما ، والنساء الغلمان

: قلت ؟ ويفارقه يقليه أم ويلزمه أحيبه، يتبعه عمن خربينفأ: هرقل قال. أحد: قلت ؟ وبينه بينكم احلرب كيف فأخربين: قال. فيفارقه أحد يتبعه ما قل

وحنن ال،: قلت ؟ يغدر هل فأخربين: قال. عليه وندال علينا يدال، سجالأي زعمه أن ( مين إليها التفت ما اهللا فو: قال. غدره نأمن وال مدة يف منه

فيكم نسبه عن سألتك: فقال احلديث علي كرر مث. الرسول (ص) قد يغدر ) إال يأخذه ال.. النيب اهللا يأخذ فكذلك ، نسبا أوسطكم من حمض أنه فزعمت ،

فهو قوله مثل يقول بيته أهل من أحد كان هل وسألتك. نسبا قومه أوسط من فجاء إياه فسلبتموه فيكم م لك له نكا هل وسألتك. ال أن فزعمت ، به يتشبه أم فزعمت أتباعه، عن وسألتك. ال أن فزعمت ، م لكه يطلب احلديث ذا. زمان كل يف األنبياء أتباع وكذلك والنساء، واملساكني واألحداث الضعفاء من

أحد يتبعه ال أنه فزعمت ويفارقه، يقليه أم ويلزمه أحيبه يتبعه عمن وسألتك عن وسألتك منه، فتخرج رجل قلب تدخل ال اإلميان حالوة كذلكف فيفارقه،

/ .٤٣٧) /ص( ، الطبري تاریخ - / ١٢٢٢/ ص ، األغاني كتاب ١

228

وكذلك عليكم، ويدل عليه تدالون سجال أا فزعمت وبينه بينكم احلرب فلئن. ال أن فزعمت يغدر، هل وسألتك. العاقبة تكون وهلم األنبياء، حربغلنب ( ليالعبارة األخرية . .. " قدمي حتت ما علي فليغلنب ، عنه صدقتين كنت

مربط الفرس يف كل ما جرى ، و هو ما هرقل هي قاهلا ما حتت قدمي ) اليت خبربام الفكرية السياسية املتراكمة . استنتجه الرومان

للمرتدين قتال ، بكر أبو عهد يف اندلعت اليت حروب كل اية األمر .. كانت املناطق كل و . اإلسالم على للهجوم العدة أعدوا و ساندوهم الذين األعاجم و

صاحلها بل ، أبدا عليه ت كره مل ، اإلسالم رفضت و الوليد بن خالد دخلها اليتبني اإلسالم و احلقيقي الفكري . كانت بداية الصراع . اجلزية على خالد

اإلسالم السياسي . إجياد حماوال أخرى مرة للربوز السياسي اإلشكال عاد اخلطاب بن عمر عهد يف

لذلك واعيا كان اخلطاب ابن عمر فإن ، يبدو ما على لكن ، منها ينفذ ثغرة السياسي األمر خلطورة مدركا و ههيواجسوف ملا متاما عارفا و الوعي متام

من ذلك لنا يتضح و باملرصاد له كان و اته فاستعد ،الضاغط بشدة . الصديق بكر أبو وفاة أوان حدث ما أوهلا و ، عهده يف احلاصلة األحداث

، الصديق بكر أبو وفاة قبيل عمر على االستباقي باهلجوم.. حادثة أول متثلتيف نهاه عن استخالف عمر .. ي همبعض إليه وفد حيث ، به مضت اليت علته يف

استخلفتله : فقال بكر أيب على دخل عبيد اهللا بن طلحة .. أن ١ الروايات م خال إذا به فكيف معه وأنت منه الناس يلقى ما رأيت وقد عمر الناس على

: مضطجعا وكان بكر أبو فقال؟؟ رعيتك عن فسائلك ربك الق وأنت إذا !!؟؟ ختوفين أباهللا ؟!!؟ تفرقين أباهللا: لطلحة فقال فأجلسوه. أجلسوين

/ . ٥٩٢تاریخ الطبري ، ص / ١

229

و يف رواية . أهلك خري أهلك على استخلفت قلت، فساءلين ريب اهللا لقيت وجوه حضره اخلطاب بن عمر استخالف أراد ملا بكر أبا ، أن ١أخرى

لربك تقول ما: فقالوا وقاص أيب بن سعد و الزبري و طلحة فيهم و املهاجرين فكيف، لك رعية هو و نطيقه نكن مل فإنا ؟ الغليظ الفظ هذا علينا وليت إذا أبو فغضب. الناس على تسلطه ال و أهله و اإلسالم يف اهللا فاتق ؟ األمر ويل إذا

الرجال صدور إىل استند و فأ جلس ، أجلسوين أجلسوين: صاح مغضبا و بكر، األمر هذا يف طمع قد منكم واحد كل إن!! ؟؟ ختوفوين أباهللا: هلم قال مث

( أي جاءتكم قد و بكم لكأين، أنفه لذلك ورم ، لعمر أريده ما مسع فلما لتتخذوها الديباج نضائد و الستور استعمال و ر التأم على فعمدمتاخلالفة )

من فسألين ريب لقيت إذا أين ، تريدون ما إىل أجبتكم ال اهللا و ال.. كسروية .( انتهى ) أهلهم خري عليهم استخلفت قلت عليهم استخلفت

كالم يوضح متاما مقصود أبو بكر الصديق و مغزى مراده من قوله هذا ، أال و و االستنكار هذا هل.. نتساءل هنا ناإن. و هو األمر السياسي ال غري

سبب أو ديين بعامل متعلق ، استخالفه و اخلطاب بن عمر تولية من االستهجان أو إميان ناقص أو مثال دين ناقص عمرا هل أن أي مبعىن ؟؟ إسالمي إمياين

بن بعلي حبا ذلك هم فعلوا و هل. ال.. اجلواب ؟؟ ما بشائبة إسالمه مشوب ، الكعبة رب و ال ؟؟ ساعدة بين سقيفة يف السابق اإلشكال باعتبار ، طالب أيب، وهم حاربوه و اخلالفة ألجل نفسه علي على ذلك بعد خرجوا الذين هم و

عمر نفسه بفراسة صائبة يف توصيفه لعثمان بن عفان و علي بن الذين قال فيهم الناس، رقاب على أمية وبين معيط أيب ابن محل ، عثمان ويل إن" ٢ أيب طالب حىت إليه العرب لتسرين فعل ولئن واهللا، ليفعلن ويل ولئن اهللا، مال وأعطاهم

ولكن ، ا الناس حقأل عمك ابن عليا إن عباس ابن يا واهللا.. بيته يف تقتله

/ .١٢١/ ص ، لمفیدل الجمل ١ / .٢٥٩/ ص ، الیعقوبي ٢

230

، رخصة عنده جيدون الو احلق مبر ليأخذم وليهم لئناهللا و ، حتتمله ال قريشا . ليتحاربن " مث بيعته لينكثوا فعل ولئن

الولوج من السياسي األمر سيمنع عمر أن يعرفون هؤالء أن هو الوحيد التفسري السياسي األمر مبنعه و. اإلسالمي اتمع يف البحت اإلسالمية الشريعة سيقيم و الفساد خالق بد ال الذي اإلداري الفساد و الدنيوية املصاحل منع قد يكون فإنه ،

. الجتماعيا األخالقي عبارة أول فكانت ، استخالفه عند نفسه عمر كالم من ذلك على أدل ال و

إمنا.. عليهن فأمنوا كلمات قائل إين: املنرب صعد عندما له خطاب أول يف قاهلا فو أنا وأما.. يقود حيث قائده فلينظر ، قائده اتبع أنف مجل مثل العرب م ث ل إن عبارة ( ألمحلنهم على الطريق ) .انتهى) ( يقالطر على ألمحلنهم الكعبة رب

هو من أمر خارجي فكريتوضح وجود فكر جديد شرخ من اإلسالم و شرخ نظام امللك السلطوي السياسي اخلارجي لدى دول اجلوار و الذي كان يعتمل

مفهوم تشكل يتم هذين الشرخني و باجتماعيف الصدور أيام اجلاهلية األوىل . قصده عمر بن خمالف ملنهج القرآن الكرمي كتاب اهللا ، و هو ما جديدإسالمي

برده على اخلطاب ( ألمحلنهم على الطريق ) و ما عناه من قبله أبو بكر الصديق . البعض يف قوهلم بعمر و رده على عبد الرمحن بن عوف

األمر الجتثاث مواجهته اخلطاب بن عمر على كان الذي املباشر الثاين احلدث به قام عمل أول هو و ، الوليد بن خالد عزل هو ، الداهم الدنيوي ياسيالس و ، التصرف هذا استغرب البعض. دفتها و اخلالفة زمام استالمه فور ، عمر

نرى لسنا و. قبل من خالد عمرو بني فيما موتورات إىل عزاه اآلخر البعض هذا معىن و. الدخب الناس يفتنت أن خشية ، ذلك لفع أنه عمر مقالة من أصوب كشخص بل ، ي عب د رب و ي تب ع كإله به يفتتنوا مل فهم ، متاما واضح االفتتان الوليد بن فخالد ، بالرأي التفرد و السياسي الكيان جيسد ألن نابنظر متاما مؤهل أبو و) ص( الرسول عهد يف ، عنده من تصرفات و قرارات أنف ذ ما كثريا كان

231

السياسة بعلم يسمى ما وهو ، عهده يف أحدمها إىل الرجوع ندو ، الصديق بكر من توجسه عمرو اخلليفة خماوف أثار ما األرجح على هو و) بالقرار التفرد(

عزل حول ، األمصار بعض إىل عمر كتاب بعض يف. عقباها حتمد ال أمور لكن و ، خيانة عن ال و سخطة عن خالدا أعزل مل إين اهللا و: قال أنه خالد اهللا أن يعلموا أن فأحببت ، به يبتلوا و إليه يوكلوا أن فخفت ، به فتنوا الناس

فما الكالم هذا يف دققنا و حبثنا) . انتهى( فتنة بعرض يكونوا أال و الصانع هو و تلت ذلك حوادث كثرية مج ة . السياسي األمر إال املقصود و املطلوب وجدنا

راع فكري و مادي حقيقي بني عمر بن صدلت يف فحواها و مغزاها عن الذي بدأ يضغط للظهور ماردا من قمقم الصدر اخلطاب و بني األمر السياسي

من اخلروج لكن فيه ضاغطا منعته الصحراء و البيئة العربية اعتمل العريب الذي و من تلك و ثغر للربوز . متنفسا الفكر اإلسالمي مفاصل بعض يفله وجد

.. ١ ال ال حصرا احلوادث ، مثا أن أعلم فإين، حوال الرعية يف ألسرين، اهللا شاء إن عشت لئن: عمر قالـ

، إيل يصلون فال هم وأما إيل يرفعوا فال عماهلم أما، دوين تقطع حوائج للناس إىل أسري مث شهرين ا فأقيم اجلزيرة إىل أسري مث شهرين ا فأقيم الشآم إىل فأسري الكوفة إىل أسري مث شهرين ا فأقيم البحرين إىل أسري مث شهرين ا فأقيم مصر . شهرين ا فأقيم البصرة إىل أسري مث شهرين ا فأقيم

لعمر جارا وكان مالك له يقال رجل على نزلت: قال األحبار كعب نعـ عليه ليس: فقال؟؟ املؤمنني أمري على بالدخول كيف له فقلت اخلطاب بن

. شاء من فيكلمه يقعد مث الصالة يصلي، حجاب وال باب

/ ، ما لم یذكر خالف ذلك . ٢الحوادث من تاریخ الطبري ، ج / ١

232

أستعملكم مل إين: فيقول يشيعهم معهم خرج العمال استعمل إذا عمر كانـ لتقيموا عليهم استعملتكم إمنا أبشارهم على وال أشعارهم على حممد أمة على على أسلطكم مل وإين بالعدل بينهم وتقسموا باحلق بينهم وتقضوا الصالة م

فتفتنوها تجمروهال وال فتذلوها العرب تجلدوال وال أشعارهم على وال أبشارهم وأنا حممد عن الرواية وأقلوا القرآن جردوا.. فتحرموها عنها تغلفوا وال

و هذا دليل على انتفاء األمر السياسي بتاتا و الثبوت على . ( انتهى ) شريككم األمر الديين البحت ارد .

عماال إليكم أرسل ما اهللا و إين الناس يأيها: فقال اخلطاب بن عمر خطبـ

دينكم ليعلموكم إليكم أرسلهم ولكين ، أموالكم ليأخذوا وال أبشاركم ليضربوا بيده عمر نفس الذي فو، إيل فلريفعه ذلك سوى شيء به فعل فمن ، وسنتكم كان إن أرأيتك املؤمنني أمري يا: فقال العاص بن عمرو فوثب ، منه ألقصن ه قال؟؟ منه لتقصه إنك رعيته بعض فأدب رعية على املسلمني أمراء من رجل رأيت وقد منه أقصه ال وكيف ، منه ألقصنه إذا بيده عمر نفس والذي إي

هذا انتفاء لنظام الدولة و الكيان . ( انتهى ) نفسه من يقص اهللا رسول .حبتة و إبراز أن وظيفة العمال هي دينيةالسياسي

مرأةا فجاءت، فضربه عوف بن الرمحن عبد باب إىل اخلطاب بن عمر جاءـ

، جملسي أجلس و البيت أدخل حىت تدخل ال: له قالت مث ففتحتهعبد الرمحن ؟ شيء من هل: قال مث فدخل، ادخل: قالت مث جلست حىت يدخل فلم

الرجل أيها جتو ز: مرع له فقال ، يصلي قائم الرمحن عبد و فأكل بطعام فأتته: فقال عليه أقبل مث حينئذ الرمحن عبد فسلم ،) من صالتك (أي عج ل و اقصر

السوق ناحية يف نزلت رفقة: قال املؤمنني أمري يا الساعة هذه يف بك جاء ما فقعدا السوق فأتيا فانطلقا. فلنحرسهم فانطلق ، املدينة سر اق عليهم خشيت

233

عن أنه أمل: عمر فقال مصباح هلما فرفع ، دثانيتح األرض من نشز على ) اخلمر يشربون أي( هلم شراب على قوم هم فإذا فانطلقا ؟ النوم بعد املصابيح

فالن يا: فقال إليه أرسل أصبح فلما. عرفته فقد انطلق عوف البن عمر فقال قال ؟ املؤمنني أمري يا علمك وما: قال. شراب على البارحة وأصحابك كنت

عمر فتجاوز. ؟؟ التجسس عن اهللا ينهك أومل: الرجل فقال. شهدته شيء: حادثة تربز انتفاء األمر السياسي و انتفاء أي نظام للدولة أو مقوماا هي . عنهيدور الليل بنفسه دولة ، رئيس أي فو انتفاء للكادر اإلداري التنفيذي فيها ، ،

و يف أثناء املدينة خوفا عليهم من السرقة . و يستعني بصاحبه حلراسة بعض زوار و هو يف بيته شخصا خيل بشيء من أمور اإلسالم و حدوده ذلك يكتشف

، لكنه يعفو عنه من منطلق اإلسالم نفسه و حدوده فيستدعيه باكر اليوم التايل و نظام . ، ال من منطلق قوانني دولة ذاا

يف ور مل الناس بأسأن يف مصر يو هو رجل كا ١ـ قصته مع صبيغ العراقي ا م، فلو قيل أنه من اخلوارج و مسائل معينة مل تذكر بالضبط القرآنمتشابه

أعيا عمرو بن العاص ، كتب إىل عمر خيربه خبربه ، فكتب إليه عمر أن أرسله و مع قافلة الربيد ، فلما وصلت القافلة املدينة و أ خب ر عمر خبربه ، طلبه إليه

فأمر عمر بضربه حىت ه ، سأله عمر عما يسأل ، فأجاب الرجل ، عندما حضر ، مث عاد فطببه ، ففهم الرجل أخريا مراد تسل خ جلده ، مث طببه ، مث عاد فضربه

أمري املؤمنني إن أردت قتلي فاقتلين قتال مجيال و إال فإنين ياعمر منه فقال له : ب إىل عامله هناك ، أبو شخصه إىل أرضه و كتقد شفيت ، فأطلقه عمر و أ

و بالرغم من االلتباس موسى األشعري أن الخيالط الناس حىت يربأ مما هو فيه . غشاوة بعض معطياا ، إال و القوي يف هذه الرواية و اضطراب دقيق حيثياا

صح . األ فهيالبدعة و السياسة ، أننا إن محلناها على

/ . ٤٤٨/ ، ص/٢كنز العمال ، ج / ١

234

يتوجسه حاصال فيما بعد من هذه حادثة توضح ما كان عمر يتوقعه وـ عمر أن عباس ابن عن ظهور الفرق و املذاهب و البدع ، و قد حصل فعال ..

اثنان جيلس ال ؟ جمالس تتخذون أنكم بلغين) : الصحابة( قريش من لناس قال أمي و ، االس حتوميت حىت ، فالن جلساء من فالن صحابة من يقال حىت معا لكأين و ، بينكم ذات يف سريع شرفكم يف سريع دينكم يف لسريع هذا إن اهللا أفيضوا.. أقساما اإلسالم قسموا قد ، فالن رأي هذا يقول بعدكم يأيت مبن

اللهم.. الناس يف لكم ب ي أه و أللفتكم أدوم فإنه معا وجتالسوا بينكم جمالسكم يكون بأينا أدري ال و مين وأحسوا نفسي من أحسست و ومللتهم وين مل

و هذه املقالة .( انتهى ) إليك فاقبضين منهم قبيال هلم أن أعلم وقد ، الكون كما، توضح أشد اإليضاح صريورة األمر بعد وفاة الرسول (ص) ااألخرية لرمب

" وبعبارة أبو بكر الصديق حني حضرته الوفاة شبيهة فيها ، العبارة األخرية أن وجعي من علي أشد املهاجرين معشر يا منكم ىألق ما و ، الوجع لشديد إين اهللا

مشاال " . و ميينا الطريق عن فتصدوم غدا بالناس ضال أول أنتم .. و حني بعد عنه أخبار فبلغه ، البحرين على هريرة أبا اخلطاب بن عمر ـ استعمل

بال أنت و البحرين على استعملتك: له قال و ثروته أحصى و إليه فطلبه ، أبو فقال!! ؟؟ دينار ستمائة و دينار بألف أفراسا ابتعت أنك بلغين مث ، نعلني حسبت قد: عمر فقال. تالحقت عطايا و تناجتت أفراسا لنا كانت: هريرة قال. لك ليس هذا: هريرة أبو فقال. فأده ، فضل هذا و مؤنتك و رزقك لك ، أدماه حىت يضربه جعل و بالدرة إليه قام مث. ظهرك ألوجع اهللا و بلى: عمر لو ذلك: عمر فقال. هللا احتسبتها: هريرة أبو فقال. ا ائت : له قال مث

الناس جتيب البحرين حجر أقصى من أجئت ، طائعا أديتها و حالل من أخذا

235

إال) هريرة أيب أم( أميمة بك رجعت ما.. للمسلمني ال و اهللا و ال ؟؟ لك . ١ احلمر لرعيةسار معهم ، غشي وفد من الصحابة املدينة و فيها عمر ، ملا أرادوا الرحيل ـ ذلك عليه و يرجونه العودة يأبونو هم ركوب ، و كانوا مودعا راجال عمر

: هلم قال مثبلغ مشارف املدينة ، توقف للعودة فال يصيخ إليهم . و عندما اهللا صلى اهللا رسول حابأص حننإمنا .. نعم: قالوا ؟ معكم مشيت مل أتدرون

دوي هلم قرية أهل تأتون ا أنتمإمنال .. : قال. معناأنت مشيت، سلم و عليه و القرآن جردوا.. فيشغلونكم باألحاديث تبدوم فال النحل كدوي بالقرآن

ال . ٢ شريككم أنا و أمضوا و سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول عن الرواية أقلواأداة الرسول (ص) أحاديثهلذه احلادثة ، إال أن البعض جعل يوجد تفسري سليم

الذي مل جيدوه يف القرآن الكرمي للتنظري لألمر السياسي تأويل و ثغرة حتويل نقطة . ك اخلليفة عمر هذه الردقد أعلى ما يبدو ، فكتاب اهللا تعاىل . و

نفس يف فوقع ، معاوية ولده عند من دمشق من سفيان أيب بعودة عمر مسعـ أبا يا جزناأ: له قال و سفيان أبا فطلب ، مبال والده زود قد معاوية أن عمر

نزع و يده عمر فمد. به لنجزيك شيئا أصبنا ما: سفيان أبو فقال. سفيان هلا يقول أن أمره و هند زوجته إىل رسوال بعث مث ، سفيان أيب أصبع من خامتا

الرسول لبث فما. فابعثيهما ما جئت ذينالل اخلرجني انظري: زوجها انسلب . املال بيت يف عمر فطرحهما ، درهم آالف عشرة فيها خبرجني عاد أن

و و األموال و الثروات و الغنائم كانت الفتوحات املتقدمة يف األراضي املتامخة ال ميكن ، قد أضخت عامال كبريا ضاغطا الواليات اجلديدة و تشك ل السبايا و فقد كان يركب لنفسه منهجا ، و إغفاله ، أو مواجهته بطريقة تقليدية جتاهله

/ . ٣٧٠/ ، ص /٦٧تاریخ دمشق ، ج / ١ / . ١٨٣) /ص( ،/ ١/ ج ، الصحیحین على المستدرك ٢

236

و فكرا مواكبا ، و هو فكر سياسي حبت برز من خالل التعامل مع الشعوب رمبا يكون فإنه و لذلك .. و االحتكاك بثقافاا و فكرها . املناطق املفتوحة

. و أنه إذا ما هة هذا الفكر قد دفع حياته مثنا ملواج، عمر بن اخلطاب اخلليفة ثبتت وفاة أبو بكر الصديق بالسم حسب بعض الروايات ، فإن اخلليفة عمر بن

، فإن حادثة مقتل عمر تغيريي . و بنظرنا اخلطاب هو بالتأكيد ضحية خمطط ، هي حادثة هزيلة ر ي بن اخلطاب حسب ما أمجعت عليها كل الروايات و الس

يوما اخلطاب بن عمر .. خرج ١. و يف الروايات ري معيبة حبق هذا الرجل الكب: فقال نصرانيا وكان شعبة بن املغرية غالم لؤلؤة أبو فلقيه، السوق يف يطوف

: قال. كثريا خراجا ي عل فإن شعبة بن املغرية على أعدين، املؤمنني أمري يا جنار: لصناعتك ؟؟ قا أيش و: عمر قال. درمهان: قال؟؟ . خراجك وكم

، األعمال من تصنع ما على بكثري خراجك أرى فما: قال. حدادو نقاشو . نعم: قال؟ فعلت بالريح تطحن رحى أعمل أن أردت لو تقول أنك بلغين قد من ا يتحدث رحى لك ألعملن، سلمت لئن: قال. رحى يل فاعمل: قال

مث. آنفا العبد توعدين قدل: عمر فقال، عنه انصرف مث. واملغرب باملشرق يا: له فقال األحبار كعب جاءه، الغد من كان فلما. مرتله إىل عمر انصرف

: قال؟؟ يدريك وما: قال. أيام ثالثة يف ميت فإنك، اعهد املؤمنني أمري بن عمر لتجد إنكاهللا .. هللا: عمر قال. التوراة وجل عز اهللا كتاب يف أجده

قد وأنه وحليتك صفتك أجد ولكين، ال اللهم: قال؟؟!! وراةالت يف اخلطاب كعب جاءه الغد من كان فلما. أملا وال وجعا حيس ال عمر. و كان أجلك فىن

: فقال الغد غد من جاءه مث. يومان وبقي يوم ذهب، املؤمنني أمري يا: فقال خرج الصبح كان فلما. صبحتها إىل تلك وهي وليلة يوم وبقييومان ذهب. ر فكب هو جاء، استوت فإذا، رجاال بالصفوف يوكل وكان الصالة إىل عمر

/ . ٧٣٥/ ، (ص) /٢الطبري ، ج / ١

237

عمر فضرب وسطه يف نصابه رأسان له خنجر يده يف الناس يف لؤلؤة أبو ودخل قتلته ( انتهى ) . اليت وهي سرته حتت إحداهن ضربات ست

هلما ..عندما نقرأ هذه الرواية ، يتراءى لنا أحد أمرين ال ثالث

، و أن مؤلف هذه الرواية يهزأ بنا إىل أبعد درجات االستهزاء األول :األمر الرواية جلهة املربرات و املسببات من ناحية ، و يتضح ذلك من عدم منطقية

فمنطق عدم منطقيتها جلهة ارتباط األحداث بعضها ببعض منجهة أخرى . ل إعفائه من ضريبة درمهني الرواية يصور لنا رجل يتصدى للخليفة عمر من أج

عمر عن مهنته ( سوآل فقط ال غري ( أمر غري منطقي ) . و عندما يسأله منطقي) جييبه الرجل عن مهنة تدر ماال وفريا ( أمر غري منطقي ) فيستغرب عمر منه ذلك ( أمر منطقي ) و يطلب منه أن يصنع له رحى ليؤجره عليها و خيفف

أو ليجعل له مكانة و عمل مرموقني ، فيه من الضريبة أو لريى مهارته فيع، عنه مهددا متوعدا عمر ( أمر غري منطقي ) فيستغرب ( أمر منطقي ) فريد الرجل

األحداث إىل مسرح مباشرة( أمر منطقي ) . مث فجأة يربز عمر ديد الرجل له الث باملوضوع ليخرب عمر أنه سوف يقتل بعد ث) شخص ال عالقة له ( ظاهريا

أيام ( أمر غري منطقي ) إال إذا كان له عالقة خفية باملوضوع و بالشخص ( أمر و مقياس و عد اد أيامه املتبقية عمر مث يأيت كل يوم ليستعرض أمام ، منطقي )

كم بقي له ليعيش ، و أن ذلك مكتوب بالتوراة ( أمر .. غريب غامض ) . و الرجل له ، ينتبه إىل أن جسده سليم بدال من أن يلتفت عمر و ينتبه إىل ديد

و بعد كل هذه مر غري منطقي ) . و يف هذه األثناء أمعاىف من األمراض ( التهديد و الوعيد بالقتل ، و حتديد موعد اجلرمية ( بعد ثالثة أيام ) و كل يوم يتم التحذير منها ، مل يكلف أحد من الصحابة أو املسلمني ، نفسه عناء مراقبة

للعواقب ، و هذا من بدهيات األمور ( أمر غري أو مراقبة عمر و التحو ط الرجل اليت أصبحت طنانة رنانة و كما يقال ( جبالجل ) منطقي ) . و يف موعد اجلرمية

238

مع تاريخ موعد تنفيذها ، يأيت منف ذها أمام كل الناس و يقف بالصالة خلف نطقي ) مث ينفذ عملية ( أمر غري مأحد أو ينتبه إليه عمر دون أن يالحظه

!!!؟؟ . االغتيال

هو أن راو الرواية و احلادثة ، يلغ ز ا و يسرد حيثياا ، تورية األمر الثاين : داللية ألمر آخر ، حبثنا فيه و نظرنا يف مضمونه و دالالته فلم خنلص إال إىل أن

، و مت به و رفض هو القيام هنالك أمر ما ، ط لب من اخلليفة عمر بن اخلطاب ، و ه دد باملوت التوقيع عليه و إمضاؤه حتذيره من مغبة رفضه هذا و رفض

بشكل غري مباشر . و كانت تقدم له إضبارة هذا املشروع يوميا للتوقيع ( إن مع التحذير املموه .. بقي ثالثة أيام .. بقي يومان .. بقي يوم ت التسمية ) صح

املشروع ؟؟ فاهللا العليم .. هذا احتمال وارد واحد .. أما ما هو هذا الشيء أو لتفسري مقتل اخلليفة عمر بن اخلطاب ، قد يكون و قد ال يكون ، نقول ذلك

من باب االحتمال املنطقي الوارد احلدوث .

ففي و يأيت مصري القاتل ليزيد املزيد من الشبهات حول عملية االغتيال تلك و يف بعضها اآلخر يتم قتله على يد عبيد اهللا بعض الروايات ال ي ذكر مصريه أبدا

مباشرة و قبل أخذ إفادته و استجوابه . و يف روايات بن عمر ، بعد احتجازه و بالتايل .. انتحر فور اعتقاله ؟؟؟؟؟!!!! . أخرى كاملسعودي ، فإن أبا لؤلؤة

، و مت إقفاهلا بنظرنا ( ضد طوي ملف قضية اغتيال اخلليفة عمر بن اخلطاب .١جمهول )

مسار احنرف و عليه كان عما متاما الوضع تغري ، عفان بن عثمان بقدوم و

ليفاجئ ، نفسه على مؤمنا مطمئنا العراء يف ينام من اخلليفة يعد فلم. البوصلة

/ . ١٩٧د ذكرنا ھذا الموضع في كتابنا السابق ( الزمن العربي الرديء ) ، (ص) /كنا ق ١

239

فقال ، عليه فدل وه عنه سأل عندما به كسرى رسول ويفاجئ ، كسرى برسول الذي اخلليفة ذلك يعد مل و" . نمتف فأمنت فعدلت حكمت.. عمر يا" له

و احنرافاا و مفاسدها يبتر و أمورها و مدينته أوضاع لرياقب ليال بنفسه خيرج هو اخلليفة يعد مل و. مواطنيها و أفرادها سلوكيات و أخالقيات على يسهر ، مصدرها و حجمها و شكلها كان مهما واردة و شاردة كل يف يدقق الذي

إن بالدرة مصدرها يعلو و ، مالت إن يصوا أو مينعها و ، ابتأص إن فيجيزها مل و) . ص( اهللا رسول أصحاب من كان لو و حىت ، فعلها قاصدا عامدا كان دخل كيف ، الواحد الفلس على املال بيت حسابات يف يدقق الذي اخلليفة يعد على صارمة مشددة معايري يضع الذي اخلليفة يعد مل و. ؟ خرج ملا و أين و

هو بل ، مصاحل أو نسب و حسب أو لقرابة اعتبار أي دومنا العمال و الوالة و. منهم الرعية تذمر عند يعزهلم و يقيلهم الذي هو يعد مل و ، اهللا تقوى معيار

و مثال كالوفاة اجلسام الكربى املواقف عند نفسه يراجع الذي هو اخلليفة يعد مل لو و ، كذا و كذا أفعل ملليتين و، كذا و كذا فعلت قد كنت ليتين: يقول

عن يعرب و ، كذا فعلت ما و كذا لفعلت استدبرت ما أمري من استقبلت يقيله أن اهللا من يطلب و اخلطرية اجلسيمة اخلالفة ملسؤوليات كراهته و امتعاضه

وليق و" اهللا ألبسنيه قميصا أنزع ال" يقول اخلليفة أصبح بل.. يرحيه و منها و علمي غري من جرى أمر هذا.. هذا فعل من أنا لست.. أدري ال..

!!!!! . مشوريت ، نصرائه و أقاربه يويل اخلليفة فأصبح ، كله ذلك عكس املوازين تغريت لقد

غريهم دون املال بيت من فاحشة أعطيات عليهم يغدق و األمصار و الواليات و ، كربت أم صغرت.. كثرت أم قل ت ، هفوام و أخطائهم عن يتغاضى و

شبهات على و حمدثاا و أمورهم شبهات على و عليهم الناس اعتراض يتجاهل اهللا رسول أمر الذي سرح أيب بن اهللا عبد هؤالء أحد و. تارخيهم و ماضيهم

كذا.. فيه الشفاعة رفض و الكعبة بأستار تعلق لو و بقتله ، مكة فتح عند

240

شفاعة فيه يقبال مل و اخلطاب ابن عمر و الصديق بكر أبو ناخلليفتا نبذه ، األمر األسباب هلذه الناس لبث فما. ، حىت جاء عثمان بن عفان فواله الوالية شفيعال

و التنحي أو باإلصالح طالبوه و ، األمصار يف عثمان على ثاروا أن ، جمتمعة يف حماصرا األمر اية مقتله إىل أدى ما ، معا األمرين فرفض ، لغريه األمر تسليم

. بيته

.. نياثن نيسبب عفان بن عثمان اخلليفة على الثورة أساس كان لقد و ، سبقه من أسلوب و أسلوبه بني فيما الواضح اهلائل التناقض حال : األول جمرد إىل اخلالفة حتولت حيث ، إدارته طريقة و احلكم نظام شكل يف بالذات

جمال فكان. إداري ديين جمتمع نظام منه ثرأك سلطوي سياسي حكم نظام أكثر السياسية الصيغة اكتسبت بالتايل و ، الديين اال من أكثر فيها السياسة

عن امتنع ، قرارات أ جري ت و أمور فيها جرت كما. الدينية الصبغة منها. عامة اجتماعية أو حبتة دينية أمور موجب من إما ، سبقه من تنفيذها اإلسالمية الفتوحات تكن مل ، اخلطاب بن عمر و الصديق بكر أبو تانفاخلليف كانت ما قدر ، السيطرة و الغنائم و التكسب و السيادة و للسياسة بابا عندهم ، الفرس أكاسرة و الروم أباطرة فيها يتركهم مل ، تصادمية أو دفاعية حروبا . جمتمعام و إسالمهم و لشأم من مرارا طلب قد ، دمشق وايل سفيان أيب بن معاوية كان ، املثال سبيل فعلى

وراء ما إىل يتمدد أن و قربص جزيرة بغزو له يسمح أن اخلطاب بن عمر اخلليفة يف و. لذلك موجبا سببا يرى ال و دائما يرفض عمر فكان ، الطبيعية سورية يسمع قرية بالشآم إن ، املؤمنني أمري يا: يقول معاوية له كتب ، املرات أحدى من ساحل تلقاء وهم) قربص يعين( ديوكهم وصياح الروم كالب نباح أهلها

أن يل كيف: قائال ، األمر حامسا مهددا رافضا عمر عليه فرد. محص سواحل إيل أحب ، مسلمياة حل وتاهللا ؟؟ املستصعب الكافر البحر هذا يف اجلنود أمحل

241

وقد إليك تقدمت وقد ، أخرى مرة بذلك يل عرضت أن فإياك ، الروم حوت مما ) . انتهى( ١ ذلك مثل يف إليه أتقدم ومل مين غريك لقي ما علمتو عندما ويل . النهب و السلب و للغزو أداة اإلسالم اعتبار ينفي واضح كالم

. غزو قربص فأمضاه عثمان على الفور عرض عليه عثمان اخلالفة ، أعاد معاوية جبل من نار ، ال يأتوننا و فارس خلطاب : ليت بيين و بنيمر بن اعأليس كالم . أليس هو تصريح بليغ عن كراهة الفتوحات و التوسع فيها و ال نأتيهم .

.االكتفاء مبجتمع اجلزيرة اإلسالمي ؟؟ ا أمريهم سعد بن أيب وقاص و هو من وأن الناس بالكوفة شك ٢التاريخ جاء يف

اخلطاب ، فبعث عمر حممد بن سلمة األنصاري ، فحرق الصحابة ، إىل عمر بنعليه باب قصره و عرضه يف مساجد الكوفة يسأل الناس عنه ، فمنهم من محده

. أما عثمان فقد جاءه شكاه ، فعزله عمر و استبدله بعمار بن ياسر و منهم من نة ، و قد غرما عن املدياحلكم بن العاص و ابنه مروان طريدا رسول اهللا (ص)

لى من شأما أعفقرما عثمان و و استمر على ذلك خليفتيه أبو بكر و عمر ، . كذلك عامله على الكوفة الوليد بن عقبة بن أيب السواد عليه ما أثار سخط

. و عندما واله عثمان نه من أهل النار أمعيط و هو ممن أخرب عنه الرسول (ص) الليل حىت الصباح ، فلما آذنه على الكوفة ، كان يشرب مع ندمائه من أول

خرج إىل احملراب سكران و صلى أربعا بدال م اثنتان مث التفت إىل املؤذن : أتريدون أن أزيدكم ؟ مث سجد و قال : " اشرب و اسقين " مجهوره قائال

عجب منك ، بل ممن نو اهللا ال فقال له بعض من كان خلفه بالصف األول : و فيه قال احلطيئة :. ٣ ينا أمريا ( انتهى ) بعثك إلينا واليا و عل

/ . ٧٦١/ ، (ص) /٢الطبري ، ج / ١ / . ٣٤٥/ ، (ص) /٢مروج الذھب ، ج / ٢ نفس المصدر السابق . ٣

242

ب الع ذر أ ح ق الو ليد أ ن ر ب ه ي لقى حني احل ط يئ ة ش ه د ي دري و ما ث م ال أ أ زيد ك م ص الت ه م ك م ل ت و ق د نادى

لو تر و ا الش فع ب ني ل ق ر نت ق ب لوا و ل و خ ريا ل ي زيد ه م الع شر ع لى ص الت ه م زاد ت ف ع لوا و ل و و ه ب أ با ف أ ب وا

بن عثمان اخلليفة ألعمال املعارض الفكري اإليديولوجي التنظري ظهور : الثاين قاد الذي. الغفاري ذر أبو الصحايب ، أعمدته و أسسه أهم كان و ، عفان بن عثمان عهد يف ، البحت السلطوي السياسي الدولة لفكر مضادة فكرية ثورة نظرا و. الفكر ذا اقترن الذي االجتماعي و اإلداري املايل الفساد و ، عفان للفكر شرح مع املعاصر العريب الفكر حول يتمحور ككل الكتاب موضوع ألن

أيب حلركة املضاد الفكري العمل سيتناول ، هنا ها مبحثنا فإن ، السابق العريب . يالغفار ذر

: الغفاري ذر أيب لثورة فكرية قراءة

، العريب التاريخ يف نوعها من فكرية سابقة ، ثورته و ذر أبو حركة شكلت لقديظهر منظور فكري منطلقه األمر مرة فألول. قبل من قرين هلا يظهر ل م ا

الظلم االجتماعي و حيمل الصبغة االشتراكية و ب االجتماعي ، يتعلق أساسا . و هو منظور مل و توزيع الثروات باملساواة الطبقية و العدالة االجتماعية يطالب

أبدا من قبل يف فترة اجلاهلية ، ألنه بكل بساطة أمر يستويف يكن ليحدث قبل السياسية ، و يتعلق يف بعض جوانبه باألمر شروطه االجتماعية حصرا

ربز يو يعتمد عليه ليرتبط باألمر السياسي و حيتاج أاالقتصادي .. هو قد كظاهرة ، لكن ال يشترطه شرطا حتميا بشكله الكامل ، بل أن جل ما حيتاجه

243

كحد أدىن ، هو نظام سلطوي معني .. اجتماعيا كان أم دينيا أم شبه سياسيا ، تتناسب مع ما هو لنظام الدولة و ميتد على مساحة جغرافية كبرية نوعا ما

العريب قبل اإلسالم . موجودا يوما ما يف التاريخ ، و هو ما مل يكنالسياسي األمر الثاين الذي حيتاجه املنظور اإليديولوجي الثوري االجتماعي ، هو األمر

مع هابهائلة ضخمة تتش ، و حتديدا ، توافر موارد مادية مالية االقتصادي يخ ما مل يكن ليحدث يف التار ، و هو أيضا مستوى نظام إمرباطوري كبري

العريب قبال . هذه الشروط املوضوعية اليت ال بد من توافرها لنشوء نظرية أيديولوجية متعلقة

. و اليت مل يكن العرب باألمر االجتماعي و العدالة االجتماعية و توزيع الثروات و يتمنوا أماين ، ليحلموا ا ، أو يف أحسن األحوال ، كانوا حيلمون ا حلما

و .. أموالو حققها هلم بكل بساطة .. سلطة اجتماعية مركزية جاء اإلسالم بلدان من استريادها مت ضخمة هائلة ، غنائم و نفائس و جواهر و ذهب

أ رسلت و ج معت اليت كسرى كنوز.. أمثلتها أحد كان. املفتوحة األعاجمسعها و نظرا لكرب حجمها ، مل ي، األنظار تبهر تالال ك ومت و املدينة إىل

حيرسها ، بن اخلطاب عمر اخلليفة جلس رحت يف باحته و عندما املسجد فط عبد له فقال ، بكى إىل أكوام الياقوت و الزبرجد و اجلوهر و الذهب و نظر

شكر ملوطن هذا إن اهللا فو!! ؟؟ املؤمنني أمري يا يبكيك ما: بن عوف الرمحن حتاسدوا و وتباغضوا حتاسدوا إال ، قوما هذا اهللا أعطى ما واهللا: عمر فقال!! أحد ما اهللا و: مرة أول املال بيت استلم عندما قال و. ١ بينهم بأسهم ألقي و

املال هذا يف له و إال أحد من املسلمني من ما اهللا و.. أحد من املال ذا أحق و املال هذا من حظه صنعاء جببل الراعي ليأتني ، هلم بقيت لئن اهللا و.. نصيب

/ .٦٧٥/ ص ،/ ٢/ ج ، الطبري ١

244

ألخذت استدبرت ما أمري من استقبلت لو: أيضا قال و . ١ مكانه يرعى هو . الفقراء على فقسمتها األغنياء أموال فضول يف له أعمال ببعض عليه الصحابة كبار أل ب قد ذلك عن فضال عثمان لكن

من منهم و ، األمر اية عليه انقلبوا ، عليهم أغدق الذين هؤالء حىت ، احلكم بعد من خليفة اختاره الذي عوف بن الرمحن عبد حىت ، قتله على ر ضح

عاده عندما) عثمان أي( أنه قيل حىت ، هجره و عليه انقلب ،بن اخلطاب عمر مشيحا له ظهر أدار و عوف ابن يكلمه مل ، به ذهب الذي األخري مرضه يف

حيث ،) ص( اهللا رسول صحابة بعض نفى قد أنه كما. احلائط إىل عنه بوجهه أمر و ، خيرب ختم القموس إىل اهللا رسول صاحب حنبل بن الرمحن عبد سي ر

ك س ر حىت رجليه من فج ر ، مسعود بن اهللا عبد الكبري بالصحايب و ضلع له صالة يعقل ال فكان ، عقله بعض ذهب حىت و ض رب على رأسه جوفه و ط ئ بن عمار الصحايب ضرب و. ٢مات حىت عطائه حرمه و ، العصر من الظهر رهط و طالب أيب بن علي تدخلأن لوال نفيه على عزم و فتق حىت ياسر . نوآخر

هذه القضية إذا قرن اها مبفهوم التناقض الفكري الذايت القبلي االجتماعي املتلبس بالسياسي ، و السلطوي يف اجلاهلية ، توضح صورة الوضع االجتماعي

شوئها . فعندما نقول تناقض فكري ذايت ، فهذا توضح بعض السبب األساس لنيعين اعتمال يف النفس الواحدة فيما بني نقيضني . و كنا قد ذكرنا النوع الثاين

، الفئوي أو الفردي التناقض هو وبعد ظهور اإلسالم من التناقض الذي نشأ نافرس مربط هي احلالة هذه و. كذا يريد وفريق ، كذا يريد فريق.. املتمايز

عاىن كما أحيانا منها عاىن و) ص( اهللا لرسول عرضت اليت احلالة هي و ، هنا حسب يبدو ما على اليت و ، اخلطاب بن عمر و الصديق بكر أبو خليفتيه منها

/ .٧٤٣/ ص ، المصدر السابق ١ . /٢٦٦/ ص الیعقوبي ٢

245

الكرمي القرآن يف ذكرهم الوارد قلوم املؤلفة فريق من بعض مثلها قد ، التاريخ املال من بعض هلم ي عطى من.. ياإلسالم االصطالحي التعريف حسب هم و ،

عمر و بكر أبو عاىن قد رمبا و. تألفه و اإلسالم على عقوهلم و قلوم لتثبت عهده يف قلوم املؤلفة عطاء ألغى قد عمر اخلليفة أن حىت ، الظاهرة هذه من

للعطاء بعدها حاجة ال و قويت قد اإلسالم شوكة أن منها ، عدة العتبارات على يدمنوا و لديهم عادة هذه تصبح أن عمر خشي رمبا الذين ضالبع ملوآلفة . منطق مربر ال و سبب موجب بال ثراءهم فيزداد عليها جيرون و طلبها

، اآلخر الوجه من لكن ، أيضا هو منها عاىن فقد ، عفان بن عثمان اخلليفة أما بالتايل و ، فيها غاىل بل ال ، منها احلد أو منعها من ال تطبيقها من عاىن أنه أي هذا ممثلي كأحد الغفاري ذر أبو فخرج ، اآلخر للفريق الفكري النقيض أثار

تطبيق و االجتماعية العدالة فكرة طارحا ، منه الفكري باجلانب خيتص مبا الفريق و القمع و منه عاىن الذي االضطهاد لعل و. اإلسالمية االشتراكية العدالة بنودو لكن . للثورة ثان إيديولوجيا فكريا مرتكزا شكل قد ، األمر اية النفي

هلذا الفريق عموما ما هي املنطلقات النظرية األساس السوآل املطروح هنا هو ، الذي كان النواة و أنه الفكر القرآين ؟؟ خصوصا الغفاريذر و لفكر أبو

، أي هو فكر يف يف آن معا احلاضنة الفكرية الشرعية و التشريعية هلذا الفكر شكله و مضمونه ثانيا ، و أساس شرعي مينح أساسه أوال ، و قانون فكري يف

. و الفعل املنبثق عنه املستند إليه الشرعية للفكر التأكيد قضية ب، هي كانت أهم حالة تتعلق بالعدالة االجتماعية يف القرآن الكرمي

راء و املستويات االجتماعية حالة الفقتوزيع الثروات و األخذ بعني االعتبار متعلق ذه القضية ورد ذكره بالقرآن ، الدنيا يف اتمع ، وكان أهم مصطلح

جعلها القرآن الكرمي مبرتلة حساسة خطرية جدا جاءت مقرونة هو .. الزكاة اليت ، و التركيز عليها ها مبواضع كثرية يف القرآن الكرمي حبالصالة و مت ذكرها و شر

و من أمثلة ما جاء يف ذكره بالقرآن خبصوص الزكاة ... اصل بشكل متو

246

. ]١٠٣: التوبة[...} ب ه ا و ت ز ك يه م ت ط ه ر ه م ص د ق ة أ م و ال ه م م ن خ ذ { الل ه ب آم ن م ن ال ب ر و ل ك ن و ال م غ ر ب ال م ش ر ق ق ب ل و ج وه ك م ت و ل وا أ ن ال ب ر ل ي س {

ال ق ر ب ى ذ و ي ح ب ه ع ل ى ال م ال و آت ى و الن ب ي ني و ال ك ت اب و ال م ل ائ ك ة ال آخ ر و ال ي و م و آت ى الص ل اة و أ ق ام الر ق اب و ف ي و الس ائ ل ني الس ب يل و اب ن و ال م س اك ني و ال ي ت ام ى . ]١٧٧: البقرة[... } ع اه د وا إ ذ ا ب ع ه د ه م و ال م وف ون الز ك اة

. ]٤٣: البقرة[} الر اك ع ني م ع و ار ك ع وا الز ك اة و آت وا الص ل اة و أ ق يم وا{ ام ى و ال ي ت و ال أ ق ر ب ني ف ل ل و ال د ي ن خ ي ر م ن أ ن ف ق ت م م ا ق ل ي ن ف ق ون م اذ ا ي س أ ل ون ك {

. ]٢١٥: البقرة[} ع ل يم ب ه الل ه ف إ ن خ ي ر م ن ت ف ع ل وا و م ا الس ب يل و اب ن و ال م س اك ني ل ك م خ ي ر ف ه و ال ف ق ر اء و ت ؤ ت وه ا ت خ ف وه ا و إ ن ه ي ف ن ع م ا الص د ق ات ت ب د وا إ ن {

. ]٢٧١: البقرة[} خ ب ري ت ع م ل ون ب م ا و الل ه ئ ات ك م س ي م ن ع ن ك م و ي ك ف ر ي ح س ب ه م ال أ ر ض ف ي ض ر ب ا ي س ت ط يع ون ل ا الل ه س ب يل ف ي أ ح ص ر وا ال ذ ين ل ل ف ق ر اء {

ت ن ف ق وا و م ا إ ل ح اف ا الن اس ي س أ ل ون ل ا ب س يم اه م ت ع ر ف ه م الت ع ف ف م ن أ غ ن ي اء ال ج اه ل . ]٢٧٣: البقرة[} ع ل يم ب ه الل ه ف إ ن خ ي ر م ن } ع ل يم ب ه الل ه ف إ ن ش ي ء م ن ت ن ف ق وا و م ا ت ح ب ون م م ا ت ن ف ق وا ح ت ى ال ب ر ت ن ال وا ل ن { . ]٩٢: عمران آل[

ش ر ه و ب ل ل ه م خ ي ر ا ه و ف ض ل ه م ن الل ه آت اه م ب م ا ي ب خ ل ون ل ذ ين ا ي ح س ب ن و ل ا{ ب م ا و الل ه و ال أ ر ض الس م او ات م ري اث و ل ل ه ال ق ي ام ة ي و م ب ه ب خ ل وا م ا س ي ط و ق ون ل ه م

. ]١٨٠: عمران آل[} خ ب ري ت ع م ل ون ي ك ن و م ن ال آخ ر ب ال ي و م و ل ا ب الل ه ي ؤ م ن ون و ل ا الن اس ر ئ اء أ م و ال ه م ي ن ف ق ون و ال ذ ين {

. ]٣٨: النساء[} ق ر ين ا ف س اء ق ر ين ا ل ه الش ي ط ان . ]٣: األنفال[} ي ن ف ق ون ر ز ق ن اه م و م م ا الص ل اة ي ق يم ون ال ذ ين {

ب ع ذ اب ف ب ش ر ه م الل ه س ب يل ف ي ي ن ف ق ون ه ا و ل ا و ال ف ض ة الذ ه ب ي ك ن ز ون و ال ذ ين {... و ظ ه ور ه م و ج ن وب ه م ج ب اه ه م ب ه ا ف ت ك و ى ج ه ن م ن ار ف ي ع ل ي ه ا ي ح م ى ي و م * أ ل يم ل أ ن ف س ك م ز ت م ك ن م ا ه ذ ا م ا ف ذ وق وا ك ن ت م ت ك ن ز ون ]٣٥-٣٤ التوبة [ .

247

و ف ي ق ل وب ه م و ال م ؤ ل ف ة ع ل ي ه ا و ال ع ام ل ني و ال م س اك ني ل ل ف ق ر اء الص د ق ات إ ن م ا{} ح ك يم ع ل يم و الل ه الل ه م ن ف ر يض ة الس ب يل و اب ن الل ه س ب يل و ف ي و ال غ ار م ني الر ق اب

. ]٦٠: التوبة[ } الص ال ح ني م ن و ل ن ك ون ن ل ن ص د ق ن ف ض ل ه م ن آت ان ا ل ئ ن الل ه ع اه د م ن و م ن ه م { . ]٧٥: التوبة[

ق ب ل م ن و ع ل ان ي ة س ر ا ر ز ق ن اه م م م ا ي ن ف ق وا و الص ل اة ي ق يم وا آم ن وا ال ذ ين ل ع ب اد ي ق ل { . ]٣١: إبراهيم[} خ ل ال و ل ا ف يه ب ي ع ل ا ي و م ي أ ت ي أ ن . ]٣١: مرمي[} ح ي ا د م ت م ا و الز ك اة ب الص ل اة و أ و ص ان ي ك ن ت م ا أ ي ن م ب ار ك ا و ج ع ل ن ي{ . ]٥٥: مرمي[} م ر ض ي ا ر ب ه ع ن د و ك ان و الز ك اة ب الص ل اة أ ه ل ه ي أ م ر و ك ان { الص ل اة و ال م ق يم ي أ ص اب ه م م ا ع ل ى و الص اب ر ين ق ل وب ه م و ج ل ت الل ه ذ ك ر إ ذ ا ال ذ ين {

. ]٣٥: احلج[} ي ن ف ق ون ر ز ق ن اه م و م م ا . ]٤١: احلج[} الز ك اة و آت و ا الص ل اة أ ق ام وا ال أ ر ض ف ي م ك ن اه م إ ن ال ذ ين { . ]١٩: الذاريات[} و ال م ح ر وم ل لس ائ ل ح ق أ م و ال ه م و ف ي{ بعض من أس هي بل ال ، االشتراكية أنواع من نوع هيإذن .. الزكاةف

االشتراكية هلف ، معا االجتماعي االقتصادي املايل باألمر علقتت كوا أساسها املهي ئة الفاحشة جتماعيةالا الطبقية الفوارق بنبذ تعلقت وكوا؟؟ ذلك غري

. ؟؟ ذلك غري االشتراكية هلف ، غنية ةلقلي لفئة اقتصاديا مستعبدة فقرية كبرية لطبقة الزكاة جعل و ، الغين مال من معلوما حقا للفقري يكون أن إىل اإلسالم دعا فقد

األغنياء على ففرض ، لإلميان معها الزم كشرط و بأمهيتها و الصالة مع رديفة يعطى و عينها و وفرعها أصوهلا و رؤوسها.. كافة أمواهلم من يؤخذ قسم

و عماله يبعث فكان ، القرآين املبدأ هذا) ص( الرسول طبق قد و. للفقراء مث ، إيراداا و منتجاا عشر ليجبوا اإلسالم يف دخلت اليت قبائلال إىل جباته

248

ألجل و. اإلسالمي املنظور حسب الفقراء و الناس بني عدال بتوزيعها يقوم :فيه شوقي أمحد الشاعر قال ذلك

و الغ ل واء الق وم د عاوى ل وال إ مام ه م أ نت االشت راك ي ون

أ م راء و ال فيها سوق ة ال ح كوم ة ل لع باد ب عد ك ف ر س مت جاء ت الك ر ماء ا لت قى ح ت ى س بيل ه الز كاة ف و ح د ت و الب خ الء س واء احل ياة ح ق يف ف الك ل الغ ىن أ هل م ن الف قر أ هل أ نص ف ت الف ق راء دين ك إ ل ا ا ختار ما م ل ة ت خ ي ر إ نسانا أن ف ل و .

عندما و عهده أول يف الزكاة مانعي مقاتلة على بكر أبو اخلليفة أصر لذلك و

أقاتل أن أ مرت) .. ص( اهللا رسول قال قد و الناس تقاتل كيف: عمر له قال. !! ؟؟ دمه و ماله مين عصم فقد قاهلا فمن ، اهللا إال إله ال يقولوا حىت الناس و الصالة بني فرق من ألقاتلن اهللا و: املشهورة قولته الصديق بكر أبو فقال

رسولال إىل يؤدونه كانوا عقاال منعوين لو اهللا و ، املال حق فالزكاة ، الزكاة هنا تربز النظرة االستراتيجية لألمور و قضاياها . . عليه لقاتلتهم) ص(

إنتاجية عملية نطاق ضمن يف دورته و املال رأس حركة إىل اإلسالم دعا كما من نوع كله هذا و. ممكن حد أقصى إىل منها التخفيف أو لةاالبط لقمع

و امللكية حق تلغي اليت الشيوعية عن جذريا اختالفا ختتلف اليت االشتراكية له ليس ما هو و الناس بني فيما باملطلق تساوي و ما التصرف حرة و التملك قضى لكنه ، احترمه و امللكية حبق أقر فاإلسالم. نقيضه بل ، باإلسالم وجود

الناس على السليب االجتماعي التسلط و الفاحشة للهيمنة أداة ذلك يكون ال بأن و ال ي ت ام ى ال ق ر ب ى و ل ذ ي و ل لر س ول ف ل ل ه ال ق ر ى أ ه ل م ن ر س ول ه ع ل ى الل ه أ ف اء م ا{

. ]٧: احلشر[... } م ن ك م ال أ غ ن ي اء ب ي ن د ول ة ي ك ون ل ا ك ي الس ب يل و اب ن ك ني و ال م س ا

249

ز ك اة م ن آت ي ت م و م ا الل ه ع ن د ي ر ب و ف ل ا الن اس أ م و ال ف ي ل ي ر ب و ر ب ا م ن آت ي ت م و م ا{ . ]٣٩: الروم[} ال م ض ع ف ون ه م ك ف أ ول ئ الل ه و ج ه ت ر يد ون

فيما فاضل و القدرات و اإلمكانيات و العلم جلهة البشر بني بالتفاوت اعترف و ال أ ر ض خ ل ائ ف ج ع ل ك م ال ذ ي و ه و { االجتماعي الطبقي املستوى على حىت بينهم . ]١٦٥: األنعام[} آت اك م م ا ف ي م ل ي ب ل و ك د ر ج ات ب ع ض ف و ق ب ع ض ك م و ر ف ع

} ت ف ض يل ا و أ ك ب ر د ر ج ات أ ك ب ر و ل ل آخ ر ة ب ع ض ع ل ى ب ع ض ه م ف ض ل ن ا ك ي ف ان ظ ر { . ]٢١: اإلسراء[

الل ه س ب يل ي ف و ال م ج اه د ون الض ر ر أ ول ي غ ي ر ال م ؤ م ن ني م ن ال ق اع د ون ي س ت و ي ل ا{ و أ ن ف س ه م ب أ م و ال ه م {]٩٥: النساء[ .

. ]٩: الزمر[} ي ع ل م ون ل ا و ال ذ ين ي ع ل م ون ال ذ ين ي س ت و ي ه ل { . االجتماعية العدالة شرط ضمن كله ذلك لكن

قد كان و. املدينة يف عفان بن عثمان اخلليفة مع بالصدام عهده أول ذر أبو بدا البحت امل لك حالة ظهور بداية و حال إىل حال من املقادير و األمور تغري رأى

بدأوا قد الصحابة من كثر رأى و، إسراف و ترف من أته مظاهر جتلي و ، عوف بن الرمحن عبد و طلحة و فالزبري.. قبل من عليه كانوا عما يتغريون

وقاص أيب بن فسعد ، الفاخرة الفخمة ةالضخم الدور بنوا و الضياع اقتنوا قد علم مث. شرفات أعالهايف جعل و دور و درجات فرفعها بالعقيق داره بىن قد أيب بن احلارثو ، أفريقية خراج مخس احلكم بن مروان أعطى قد عثمان أن

من فبدأ. صحاب الشبهات كثر من أ غريهم و درهم ألف مئة ثالث العاص ي ن ف ق ون ه ا و ل ا و ال ف ض ة الذ ه ب ي ك ن ز ون و ال ذ ين { اآلية يتلو و الناس حيرض املسجد

} . أ ل يم ب ع ذ اب ف ب ش ر ه م الل ه س ب يل ف ي املسجد يف مثالبه يشهر و عثمان أمر يذيع فكان انتشر و ذر أبو حتريض كثر و ، كثر مناجزات بينهما جرت و عليه عثمان فاستدعاه ، األسواق و الشارع و

250

إىل فأشخصه ، بالتهديد ال و بالترغيب ال أمره عن بثنيه عثمان فيها يفلح مل ملوجدة فعل ما فعل ذر أبا أن رمبا منه ظنا ، سفيان أيب بن معاوية حيث دمشق

إىل ينتبه مل عثمان من فادحةاستراتيجية غلطة كانت تلك لكن ، بينهما فيما . أحداثها جمريات إليه ستؤول ما و عواقبها

، ذلك يف يفلح فلم إليه ذر اأب ةاستمال سفيان أيب بن معاوية حاول ، دمشق يف أو بناء معاوية بىن فكلما . كثرية ا أمور معاوية تصرفات يف ينتقد ذر أبا كان إذ

اليت احلوارات بعض من يستنتج و. باملرصاد له ذر أبو كان ، عطاء أعطىبعض على حاز آخر رأي له كان سفيان يبأ بن معاوية أن بينهما فيما دارت وجهة لهكان معاوية أن بينهما فيما املناقشات هذه بعض لنا توضح و ، مربراته

خالف هو اخلالف أن و ، ا ذر أبا يقنع أن يريد ، هو جهته من منطقية نظر ذر أبو فريق ، األول الفريق.. املنطقية مربراته منهما لكل فريقني بني فكري لنظرية املتبين معاوية فريقالثاين و ، البسيط اإلسالمي اتمع لنظرية املتبين و مالية حيثيات من، نشوئه و هلقيام بد ال الذي السياسي النظام و الدولة

آرائه بعض يف معاوية عن بعيد ذر أبا يكن ومل. وسياسية اجتماعية و اقتصادية جيشه يف شارك و، الروم يغزو كان الذي هجيش يف شارك حيث أفكاره و

و قبال ا يسمع مل عنه غريبة جديدة أمورا يرى كان لكنه ، قربص غزا حني و املالية و السياسية الدولة إدارة هليكلية السياسية النظم األرجح على هي

و اهللا بكتاب هي ما و أعرفها ما أعمال ت ث حد لقد: يقول فكان ، االجتماعية أنه أم ؟؟ هلا لرفضه سبب األعمال ذه جهله كان فهل!! . ؟؟ رسوله بسنة ال

الفكري منجله على تأت مل ألا األساس من رفضها لكنه أدركها و عرفها عصري دولة نظام ببناء تسمح ال أشياء و بأمور يندد كان ذر فأبو ؟؟ العقائدي

عليه احتج معاوية مع راتهحوا إحدى يف و. ااورة الدول عليه هو ملا موافق

251

يدعوك ما ، معاوية يا: له فقال . ١ املسلمني مال ال اهللا مال ، املال يسمي بأنه ذر أبا يا اهللا يرمحك: معاوية فرد. !! ؟؟ اهللا مال ، املسلمني مال تسمي أن إىل أجابف. ذلك تقل ال: ذر أبو فقال!! . ؟؟ ماله املال و ؟ اهللا عباد ألسنا.. الذي ما ، ذر أبا يا: سأله مث. املسلمني مال سأقول.. تشاء كما: اويةمع

ليس و املسلمني حقوق من الفيء أموال إن: ذر أبو قال!! . ؟؟ علينا أوجدك ، تظن كما املال أكرت ال إين ، ذر أبا يا: معاوية أجاب. منها ختتزن أن لك املسلمني على أخبل ال إنين و، العامة املصاحل وجوه يف ألصرفه أدخره لكين استمر و. فيها أنفقت إال ، فيها ينفق أن جيب سبيل من تركت فما ، باملال

فإنك ، فيه أنت عما ارجع. ذر أبا يا: أخريا معاوية له فقال بينها فيما اجلدال ) . انتهى( الغيوب عالم إال مداها يعلم ال فتنة إىل الناس تقود اهللا و

و دمشق أهل بني ، اإليديولوجي الفكري بتحريضه صار أن لبث ما ذر أبا لكن على الشام أفسدت قد إنك: عثمان إىل فكتب معاوية األمر بلغ و ،واحيها ن

األوىل سريته إىل معها عاد و املدينة إىل فعاد عثمان به فأمر. ٢ ذر بأيب نفسك ، الربذة إىل عثمان فنفاه . به التصرف و املال توزيع لطريقة االنتقاد و النقد يف األحبار كعب بني و ذر أيب بني كالمية مشادة هو ، إليها لنفيه املباشر السبب و ، املال من يأخذ أن لإلمام أجيوز: كعب عثمان سأل حيث ، أسلم قد كان و

كعب شتم و ذر أبو ثائرة فثارت ، بنعم كعب فأجاب ؟؟ قضى ، أيسر فإذا بن عثمان بنظر البعري ظهر قصمت اليت القشة يبدو ما على فكانت ، جوابه على . هناك مات حيث الربذة إىل به فأمر ، عفان

قد ، عليه حرضوا و عارضوه و عفان بن عثمان اخلليفة على خرجوا الذين إن عليه خرج لكنه منه استفاد الذي الفريق هو األول الفريق.. فريقني إىل انقسموا

فهذا . دوم األمصار و الواليات ول اهم و منهم أكثر اءبالعط أقرباءه خص ألنه

/ .١٧٣/ ص ، لغفاريا ذر أبو ١ / .٢٦٧/ ص ، الیعقوبي ٢

252

يف ملصر واليا كان عندما عفان بن لعثمان مؤيدا كانالذي العاص بن عمرو أخاه مكانه وىل و مصر عن عثمان عزله عندما ضده انقلب لكنه ، عهده

و أخذ حيرض. عليه عمرو وجد ذلك فأثار ، سرح أيب بن اهللا عبد ، بالرضاعةقال هو عن نفسه : و اهللا كنت أللقى الراعي حىتالناس عليه و يؤلبهم ضده

أبقى ، فإن عثمان حسب التاريخ و . ١ فأحرضه عليه ( أي على عثمان )عمرو على إمامة الصالة يف مصر و مل يعزله إال عن خراجها مصر ، يعين منعه

ن يصيح به قائال : اتق و كا. ففعل به ما فعل.. البزنسعن املال .. يعين عن اهللا يا عثمان ، فإنك قد ركبت ابري و ركبناها معك ، فتب إىل اهللا نتب معك

يا بن النابغة ؟؟ قملت واهللا جبتك مذ عزلتك هناكفيصيح به عثمان : أأنت . . ٢عن العمل

ذو أمرا يعتربها مل و األخرى الشؤون ببقية عثمان مع تسامح ، الفريق هذا لكن تعقيدات يف عليه يضيق مل و ، واردة و شاردة كل يف عليه يدقق مل و ، أنش

الفريق هذا. أساس بشكل املال توزيع بقضية عارضه ما و ، تغرياا و األمور عندماذلك ، املوجة ركوب باب من ، عثمان معارضة قضية مع تعامل بالذات

. األساس معارضيه بني و بينه األمور احتدمت و ، منها قسم ليس و أفعاله كل يف عليه نقم الذي الفريق هو .. الثاين الفريق

غريه، من أكثر فيه عليه دقق ما أكثر كان و. واردة و شاردة كل يف عليه دقق ركز بأنه ، األول الفريق مع الفريق هذا اختلف و. للمال توزيعه طريقة هو

املساواة و ، التصرفات يف التشدد و ، الدنيا يف الزهد و التقشف قضية على و احلكم نظام هيئة و شكل قضية على التركيز و ، األغنياء و الفقراء بني املطلقة كان ما كثريا ، ذر فأبو. الفعل ردات و احلفيظة يثري كان ، تغيري فأي. أسلوبه

و ، اخلطاب بن عمر و الصديق بكر أبو و) ص( اهللا رسول بأفعال يستشهد

/ . ٧٩٩/ ، (ص) /٢الطبري ، ج / ١ لمصدر السابق . انفس ٢

253

األمثلة هلم يضرب و اجلمهور مسامع على يردد فكان ، لدنيابا زهدهم كيفية و احلصري على ينامون كانوا أم و أكل بال أحيانا يباتون كانوا هؤالء بأن

حج قد عمر أن و ، يومهم قوت جيدون ال كانوا أحيانا و األرض على أحيانا هي و. خلا.. أن و.. أن و ، فقط درمها عشر ستة و واحد ببعري مكة إىل

هلم فالبشر ، الناس كل على تنطبق أن األحوال من حبال ميكنها ال أمور ال و دولة كيان ال حيث اإلسالم بداية يف كان ما ذاك و ، أهواؤهم و أجناسهم

. سياسي كيان ما على الذي امل لك و الدولة نظام و مفهوم أنكر قد الفريق هذا أن يالحظ و

فعندما. له يعملون كانوا و عثمان واىل من و األول قالفري به قبل قد ، يبدو مكانه وىل و الكوفة عن وقاص أيب بن سعد الكبري اجلليل الصحايب عثمان عزل ب ن ب أ ف اس ق ج اء ك م إ ن آم ن وا ال ذ ين أ ي ه ا ي ا( آية فيه نزلت ذيلا عقبة بن الوليد قدم فلما. ١ ) ن اد م ني ف ع ل ت م م ا ع ل ى ف ت ص ب ح وا ب ج ه ال ة ق و ما ت ص يب وا أ ن ف ت ب ي ن وا محقنا أم بعدنا ست أك : مستهزأ مستغربا سعد له قال ، منصبه لشغل الوليد لك امل هو إمنا و ، يكن مل ذلك كل.. جتزعن ال : الوليد فقال!!! ؟؟؟ بعدك ابن فقال!! ؟؟ ملك ا جعلتموها أراكم : سعد فقال . آخرون ويتعشاه قوم يتغداه

.. أدري ماو اهللا :كالم الوليد بن عقبة مستغربا و سعد مؤيدا مسعود . ٢! الناس؟؟ فسد أم بعدنا ت ح ل أص

و بنظرنا ، فإنه كما كان العرب يف اجلاهلية حماطني بأنظمة حكم و كيانات الديين ، و مل تكن هذه الدول و سياسية حبتة ، تتمظهر يف بعض منها بالشكل

الكيانات تتعامل معهم سياسيا ، بل تعاملت معهم على أساس تابع و متبوع ، تكن حتسب هلم حساب يف موازين القوى العاملية . و لذلك تركتهم و بل مل

يوما بينهم و مل تتدخل بعضهم ببعض ، و قتاهلم الذايت فيما الداخليةصراعام

. ذلك على أجمعت الشرع و الفقھ و التفاسیر كتب معظم ١ / .٢٥/ سنة حوادث ،/ ٢/ ج ، التاریخ في الكامل ٢

254

كذلك كان األمر يف العهد ا بعضهم بعضا ، سنينا طوال . حىت و لو مزقوالراشدي ، لكن هنا كانت هذه الدول و الكيانات ، حتتك م مباشرة و

يف دائرة الصراع ها متاما ، و ت دخلهم لتعاملهم على أم كيان سياسي مثالسياسي السياسي و العسكري اإلجباريني ، معها . و لذلك ، فإن األمر

مل يريدوه . ة على العرب ، سواء أرادوا ذلك أموي ، قد فرض نفسه عنوالسلطكانوا يريدوه أو يريده البعض منهم ممن كان يعتمل يف نفوسهم حب فكيف إذا

، و هو ما افتقدوه طويال ؟؟ . السلطة الرياسة و امل لك سقاط هذهو التارخيية ، ال ميكننا إمن الناحية التحليلية السياسية االجتماعية

و أاإلشكاليات الطرفية ، على مسلك النوايا اإلنسانية و محلها على حممل اخلري بل -و ليس بالضرورة أننا ننفي ذلك -الشر ، و على احململ العاطفي الغرائزي

. و و اخلارجي الداخليعليه ، هو األمر الفكري ، ي سقط جل ما ميكن أن نيبعد اإلسالم ، حالتاجلزيرة العربية د يف شبه ج بصراحة و بكل بساطة ، و

ميثل كل منهما حالة فكرية خمتلفة عن األخرى . الفريق ني ، أو فريقنيفكريت، بتطبيق الفكرية املتحص لة األول يريد التعامل مع احلالة الراهنة ، أو اإلشكالية

متجانس آخر ، و بناء جمتمع إسالمي الدين جمردا و معزوال عن أي أمر تماعيا ، و ليس بالضرورة أن يكون كذلك فكريا ، لقبول احتوائه على اج

دينية غري إسالمية ، ت فرض عليها اجلزية و تكون عناصر و مكونات اجتماعية خاضعة للقوانني اإلدارية االجتماعية العرفية لإلسالم و ليس الدينية . و الدليل

عقائدهم .. و كل ما ارتبطوا و على ذلك ، هو أن هؤالء قد بقوا على أديام به مع نظام احلكم اتمعي اإلسالمي ، هو الرابط املايل و االجتماعي فقط ، أي

. يدفعون اجلزية و يكون هلم ما للمسلمني ، و عليهم ما على للمسلمني يتم تصنيف هذه العالقة اتمعية بني و السوآل املطروح بشدة هنا ، هو ملاذا ال

نموذج لدولة سياسية إسالمية ؟؟ الهي تكون ، حتت سلطة إسالمية أديان خمتلفة اجلواب هو أن هذا كان من املمكن أن يكون صحيحا لو توافرت مقومات

255

اقتصرت . نعم .. لقد توافرت مقومات حكم و سلطة ، لكنها الدولة السياسية قومات على األمر االجتماعي ، أي سلطة جمتمع إسالمي ، و مل تتوافر أبدا م

و و ختطيط و تنظيم الدولة السياسية من حجاب و وزراء و جيوش نظامية ، هو جيش غري نظامي ، و هيكليات سياسية تنظيمية ، بل كل ما كان هنالك

أساسه بيت املال و جباة الضرائب و إعادة توزيع املال نظام إداري مايل بسيط بسيطة انتفت فيها ، كل حسب حاجته و أيضا بطريقةعلى أفراد اتمع

در األساس يف التشريع كيان الدولة ، فكان املصالعوامل السياسية و مقومات أ ف اء { م ا اإلسالمي ، القرآن الكرمي ، صارما يف ذلك و واضحا يف الوقت نفسه

و ال م س اك ني ال ي ت ام ى و ال ق ر ب ى و ل ذ ي و ل لر س ول ف ل ل ه ال ق ر ى أ ه ل م ن ر س ول ه ع ل ى الل ه ف خ ذ وه الر س ول آت اك م و م ا م ن ك م ال أ غ ن ي اء ب ي ن د ول ة ي ك ون ال ك ي الس ب يل و اب ن . )٧:احلشر( ال ع ق اب } ش د يد الل ه إ ن الل ه و ات ق وا ف ان ت ه وا ع ن ه ن ه اك م و م ا البصر، ضرير شيخ، و كان يسأل سائل وعليه قوم بباب باخلطا بن عمر مر

. يهودي: فقال ؟ أنت الكتاب أهل أي من: و سأله خلفه من عضده فضرب عمر فأخذ. والسن واحلاجة اجلزية سألأ: قال ؟ أرى ما إىل أجلأك فما: قال يتب خازن إىل أرسل مث ، املرتل من بشيء له فرضخ، مرتله إىل به ذهب و بيده خنذله مث ، شبيبته أكلنا أن أنصفناه ما اهللا فو ، وضرباءه هذا انظر: فقال املال وهذا املسلمون، هم والفقراء .. و ال م ساك ني ل ل ف ق راء الص د قات إ ن م ا.. اهلرم عند . ١و اصرف له ضربائه وعن اجلزية عنه ضع. الكتاب أهل من املساكني منجاء يف ، الصديق بكر أيب زمن يف احلرية أهل مع الوليد بن خالد صلح ويف

آفة أصابته أو ، العمل عن ضعف شيخ أميا هلم وجعلت: يلي ما هممع عقده عنه طرحت عليه يتصدقون دينه أهل وصار ، فافتقر ا غني كان أو اآلفات من

. ٢ واإلسالم اهلجرة بدار أقام ما املسلمني مال بيت من عيلو ، جزيته

/ .٣٨٤) /ص( ،/ ٥/ ج ، التأویل محاسن ١ / .١٥٧) /ص( ، الخراج كتاب ٢

256

و القوانني اإلسالمية االجتماعية اتمع من ناحية األعراف هذا الفريق نظر إىل ففهو إذن إىل مفهوم السلطة ، و جتاهله بل حاربه و منعه و ألغاه . و مل ينظر أبدا

و ما ذكرناه االجتماعي . فريق كيان اإلسالمأو فريق كيان اتمع اإلسالمي . ابقا عن ذلك ، هلو كاف سإىل نظام الدولة من خالل كان ينظر من الناحية الفكرية فالفريق اآلخر ، ا أم

الدولةكان ينظر إىل اإلسالم من خالل كيان اإلسالم ، أو رمبا األصح أنه ، فهي باحملصلة كانت اهلدف النهائي له ، و لذلك استخدم اإلسالم السياسي

من الناحية دولة . فمساعد لتأسيس كيان ال أو اعتمد على اإلسالم كعاملطرح اخلالفات احلاصلة بعد وفاة الفكرية اإليديولوجية ، ال يصح بالضرورة

و حصرها به ، أي على سبيل الرسول (ص) ، على بساط املذهب و العقيدة ، أو مذهب آل البيت و مذهب أهل السنة و اجلماعة . و املثال .. سنة و شيعة

ننفي ذلك . ، أنناليس بالضرورة يف مقالنا هذا و مقوماته املادية و املنطقية ، كانت كيان الدولة السياسي فريق لكن مربرات

، هو أن كل أنظمة احلكم يف ، و السبب األساس فيها طاغية إىل حد كبري و قبل ذاك و بعد ذاك ، هي أنظمة حكم سياسية ، تتمظهر يف العامل آنذاك

، اإلسالمي أو اإلسالم اتمعي تمع بعض منها بالدين . و طبقا لذلك ، كان او .عبارة عن جزيرة اجتماعية حبتة حماطة ببحر متالطم من الكيانات السياسية

.. أبو بكر الصديق و عمر بن الراشدون على ما يبدو فقد ذهب اخللفاءاخلطاب و علي بن أيب طالب ، ضحية هذا الصراع الفكري ، أما عثمان بن

. ، أي الثورة عليه االجتاه اآلخر املعاكس يته لكن من عفان ، فقد ذهب ضحضحية تبنيه مشروع بناء الدولة السياسي البحت ذي بن عفان لقد ذهب عثمان

إحدى دالئل ذلك ، هو الفتة جهة اإلسالمية . و اأو الوالصبغة اإلسالمية و اليت ألعمال أسالفه و أعماله املناقضة متاما ، فبالرغم من كل تصرفاته غريبة

، و ما ذ كر جاوزت حدا بعيدا ال ميكن القبول به ، و جتاوزت اخلطوط احلمر

257

لتصرفاته و نقمتهم و بالرغم من استهجان الصحابة سابقا ، كان بعضا منها . عليه و ثورم ، و استعار نار احلقد و الكره له ، حىت وصلت إىل حد حماصرته

من كل ذلك ، مل يتزحزح قيد أمنلة عن موقفه بالرغميف داره و ديده بالقتل ، لكل هؤالء الصحابة و ال عن مطلب واحد من مطالبهم ، ال بل و مل يتنازل ، بالرغم من نصائح بعض كرباء القوم و الوعود و خيلفها بعد ذلك كان يعدهم

عندما استنجد به له الشهري الصحابة له ، و مثال ذلك كالم علي بن أيب طالب مين وكان رأيت قد ما الناس من كان قد إنه.. سناحل أبا : يا ١ قائال له عثمان

أن وجل عز اهللا هلم فإن عين فارددهم، يقتل على آمنهم ولست، علمتقد ما له فقال. غريي ومن نفسي من احلق أعطيهم وأن يكرهون ما كل من أعتبهم

ال قوما ألرى وإين.. قتلك إىل منه أحوج عدلك إىل الناس: يا عثمان .. علي يف أعطيتهم كنت قد و، ( أي قبول بعض مطالبهم احملقة ) بالرضا إال يرضون تف مل مث عنك مفردد نقموا ما مجيع عن لترجعن اهللا من عهدا األوىل قدمتهم

ليس ذلك فقط ، . ) انتهى (شيء من املرة هذه تغرين فال ذلك من بشيء هلمكان الثائرون يتسورون داره و ته أكثر من مرة ، حيث ي ب بل إنه تعر ض للقتل يف

واضعني جيثمون عليه ، يدامهونه يف عقرها و على فراشه ، و يطرحونه أرضا ، يسمعونه أقسى العبارات و أغلظ و رماحهم على صدره أسيافهم فوق عنقه ،

لى الكلمات ، مع عزمهم على قتله ، مث يرتدون عنه ، و هو ال يزال مصرا عال يتزحزح عنه ، حىت أدى ذلك إىل قتله يف النهاية بنفس الطريقة اليت موقفه

فعل كما اخلالفة من و منهم اهللا يرحيه أن حىت يطلب مل . وكانوا يهددونه ا الناس إعياء من األمر به وصل الذي بعده من علي و ، قبله من عمر و بكر أبو. ال ريب حليته و رأسه إىل مشريا . هذه من هذه خيضب من: يقول كان أن له

مشروع أكرب من عثمان نفسه .. وجود أن التفسري الوحيد لذلك هو وجود أمر

/ . ٨٠٣/ ، ص /٢الطبري ، ج / ١

258

و ناره قويتما ا إذ شيءضخم يأكل األخضر و اليابس و ال يقف يف وجهه و ال ريب أنه ال استوت عد ته و يتم التضحية ببعض بن ائيه وصوال إىل اكتماله .

، تشوا الشوائب كما من أن حادثة مقتل عثمان بن عفان أدل على ذلك حىت اآلن ال توجد رواية دامغة ، و، فهنالك اختالف حول القاتل أسالفه

، و كلها .. قيل قتله فالن و قيل بل فالن ، قاطعة عن شخصية قاتله و مصريه ضها ، و لعل أكثرها إثارة للضحك و السخرية ما جاء يف بعال بل فالن و قيل

ما يذكرنا بأفالم !!!! ١يقال له ( املوت األسود ) من أن قاتل عثمان .. رجل أشقر أزرق يقال له بل هو رجل قيل .. ، و يف بعضها اآلخر ( البوكيمون )

مار ، باحل هو هذا احلمار الذي يقبل أن يسمى منواهللا ندري و لسنا. ٢محار كعهده يف ، جيعلنا سخريته و مهزلته كعادته يستهزأ بنا و إال إذا كان الراوي

ين القضية هي كالعادة ضد جمهول ، يعين أيها يعرواية مقتل عمر بن اخلطاب . القارئ املبجل .. اذهب و انطح رأسك باحلائط .

خالفة اإلمام علي بن أيب طالب :

الذي ، كان من آلت اخلالفة بعد عثمان بن عفان إىل اإلمام علي بن أيب طالب املفاهيم اختلفت اختلطت فيه األوراق و اضح أنه أمام بركان هائل متفجر الو

مقوماته الفكرية و ركائزه ، و فرض نظام الدولة السياسي اختالفا جذريا هنالك أصبحو و ابتعد الناس عن القيم الروحية لإلسالم ، اإليديولوجية بقوة

أن كل األراضي اليت فتحها يعين . ٣ من يقول : هذا السواد كله بستانا لقريش هي حديقة خلفية مملوكة لقبيلة . املسلمون

المصدر السابق . ١ / . ٣٢٦/ ، ص /١الصواعق المحرقة ، ج / ٢ . ، و قد مر ذكره ھو الولید بن عقبة أحد والة عثمان ٣

259

، اجلمهور عموم ق بل من باخلالفة بويع قد طالب أيب بن علي أن من بالرغم و ختطيها الصعب من أصبح ، معقدة سياسية فكرية إشكاليات أمام أضحى قد فإنه السائد العريب الفكر أن هو ، ذلك يف السبب و ، وجودها إغفال و جتاوزها و من األكرب البعض متخطيا و اجلاهلية مرحلة متجاوزا سياسيا فكرا أصبح قد

.. خيارين بأحد ، ذلك مع التعامل من بد ال كان و. اإلسالمي اتمع مرحلة و متاما عنه النأي أو ، إليه الولوج و مبقاربته ، الداخل من معه التعامل إما

. جمرد حبت إسالمي ظورمن من معه التعامل

هو و ، الثاين اخليار اعتمد قد طالب أيب بن علي اإلمام فإن يبدو ما على و التعامل يف ، اخلطاب بن عمر و الصديق بكر أبو سلفاه سلكه الذي اخليار نفسه

قدر صده و اخلارج من معه التعامل آثرا حيث ، الضاغط السياسي األمر مع حتصينه و ، البحت االجتماعي اإلسالمي الديين األمر على باالعتماد ، اإلمكان

ذلك من شواهد بعض ذكرنا قد و ،) ص( الرسول فعل كما ، اختراق أي من . سبق فيما

بن عمر و الصديق بكر أبو فترة أن هو ، ذاك و ذاك بني الفارق ميز ما لكن خمترق الغري االجتماعي اإلسالمي الديين لألمر حتصني فترة كانت ، اخلطاب

مضطرين يكونا فلم. له اختراق حماولة أية منع و ، السياسي األمر من سلفا يدخل مل باألساس ألنه ، الداخل من معه التعامل أو) السياسي أي( ملقاربته من رأينا كما لذلك احلثيثة احملاوالت كل من بالرغم اإلسالمي اتمع جسم تعامل كانت علي اإلمام فترة بينما. بةمراق و حراسة دور ، دورمها فكان قبل، فلم. كبري بشكل فيه فشا و اإلسالمي اتمع جسم اخترق قد سياسي أمر مع داخلية قضية مع تعامل بل ، حراسة و حتصني و محاية قضية القضية تعد

، هاحلل بد ال مستعصية فكرية إشكالية و ، دامهة خارجية منها أكثر، مستوطنة

260

احلوادث بعض من ذلك على يدل و. قضية و طرف من بأكثر االصطدام من : منها و خالفته بداية يف

و ، بالرغم من إحلاح مجهور الصحابة تردده بادئ األمر يف قبول اخلالفة ـ . و الواضح أنه قد أدرك الوضع الذي آلت إليه األمور ، و عارف مبا العامة

سيجاه من مشاكل و أحداث .

، و دهاء السياسةأمن كبار السن و من عركتهم جتارب احلياة النصحرفضه ـ : ١قد جاءه فور استالمه اخلالفة و قال له فهذا املغرية بن شعبة املعروف بدهائه

الضياع وإن غد يف ما به حترز اليوم الرأي وإن والنصيحة الطاعة حق لك إن عثمان عمال برد ليكع أشري ، و إين ناصح لك وإين.. غد يف ما به تضيع اليوم

األمر واطمأن لك بايعوا فإذا، أعماهلم على بإثبام إليهم فاكتب، هذا عامك ال اهللا و علي قائال : . فرفض أحببت من وأقررت أحببت من عزلت، لك

ذلك أبيت قد كنت فإن: املغرية قال. ف أمري يف الدين أعطي وال ديين يف أدهن و منه سمع ي الشام أهل يف وهو جرأة ملعاوية فإن يةمعاو واترك شئت من فانزعرفض علي ف. كلها الشام واله قد اخلطاب بن عمر كان إثباته يف حجة لك

مث هعند مناملغرية فخرج. أبدا يومني معاوية أستعمل ال واهللا ال ذلك و قال : مث، ي عل فأبيت به أشرت مبا عليك أشرت إين: فقالإليه يف اليوم التايل عاد

وال خبدعة أمرك تأخذ أن لك ينبغي ال، مصيب أنت فإذا األمر يف نظرت غريه من السامع فيعرف بالرتوع تعاجلهم أن الرأي إن و، دلسة أمرك يف يكون

إىل انتهى فلما داخل وهو خارجا عباس ابن تلقاه و خرج مث. أمرك ويستقبل أمس جاءين: قال؟؟!! جاءك ففيم عندك من خرج املغرية رأيت: قال علي

و اهللا ف، أمس أماله العباس : فقال. كذا و بكذا اليوم وجاءين، بكذا و كذا

/ . ٨٣٠/ ، ص /٣الطبري ، ج / ١

261

و قد قال املغرية يف ذلك : . غشك قدو اهللا ف، اليوم وأما.. نصحك قد و بدوره ، نصحه ابن العباس قائال : . غششته، يقبل مل فلما، واهللا نصحته

. مرتله من أقلعه أنأن أضمن ف لك بايع فإن، معاوية تثبت نبأ عليك أشري وأنا، املؤمنني أمري عباس : يابن فقال له ا. السيف إال أعطيه ال واهللا ال: علي قالف

احلرب: يقول اهللا رسول مسعت أما.. باحلرب بأرب لست شجاع رجل أنت، أطعتين لئن واهللا أما: عباس ابنله فقال، بلى: علي فقال؟؟!! خدعة كان ما يعرفون ال األمور دبر يف ينظرون ألتركنهم و، ورد بعد م ن ألصدر : قائال . فرفض علي عرض ابن عباس لك إمث وال عليك نقصان غري يف وجهها

فإذا وأرى علي تشري، شيء يف معاوية وهنيئات هنيئاتك من لست عباس بن يا . ١الطاعة عندي لك ما أيسر إنا تشاء كمابن عباس : قال. ف فأطعين عصيتك

رأي فكان. بالداللة السابقة نظرنا وجهة يبني ما هو ، بالذات البند هذا و، و الديين ال ، نفسه السياسي باألمر السياسي األمر جهايو أن ، لعلي هؤالء

حينما صائبا عباس ابن رأي كان و. الفكر السياسي بالفكر السياسي ال الديين و" . خدعة احلرب إن) " ص( الرسول حديث على باالعتماد موقفه ربر

قد احلرب تكن مل حيث ، عينه السياسي األمر هو و متاما واضح هنا املقصود . وقتها بدأت

بالذات و ، خصومه مع حروبه يف حىت ، السياسة و املناورة مبدأ رفضه ـ أن مبعىن ، دينيني ال سينيسيا كانوا خصومه أن علما ، سفيان أيب بن معاوية

كانوا أم بل ، فقط ذلك ليس. ديين ال سياسي لبوس ذات هي اخلصومة التكتيكات و املناورات و السياسة أساليب كل ، معه حرم يف يستخدمون

أو مواربة دومنا ، اخل... إشاعات و سم و تصفيات و اغتيال من ، السياسية

نفس المصدر السابق . ١

262

التطورات حال ، أحيانا دوا السياسي األمر يستقيم ال قد أمور هي و. إخفاءهذا املنهج عن بنفسه هو نأى بينما ، املباشر املواجهة و احلروب و اخلطرية و. اآلخر البعض حفيظة أثار ما ، له أعوانه و مستشاريه بعض نصح من بالرغم بني صفني معركة جوالت أحدى يف حدث ما.. احلصر دون ذلك أمثلة بعض جيش فمنعوا ، ماء نبع على األخري جيش غلب حينما معاوية جيش و جيشه منهم املاء حازوا و هؤالء عليهم كر وعندما ،أصام العطش و قد عنه علي

. ذلك علياإلمام فأىب ، منعوهم كما منعهم أرادوا

عماله أكثر كان و مصر على واله الذي األنصاري سعد بن قيس حادثة أيضا أن استطاع حيث ، نفسه الوقت يف إخالصا و ، سياسية حنكة و ذكاء و دهاء قويا ، دعما منها فجعل ، املعارضة و املوالية.. كافة مصر يف األطراف إليه يضم

بكل معه معاوية حاول عبثا و. منه خطر ال حمايدا طرفا ، األحوال أسوأ يف وو رد ، يفلح فلم ، له احناز هو إن يشاء ما يوليه أن عليه عرض أنه حىت ، السبل

أيب بن علي طريق عن إال ا أخريمعاوية أفلح ما و قيس عليه ردا أليما قاسيا . الس يف جاء حيث ، نفسه طالب بن وعمرو سفيان أيب بن معاوية أن.. ١ ر ي فكان ، عليها ليغلبا مصر من سعد بن قيس خيرجا أن على جاهدين كانا العاص

حىت ، مصر يفتتحا أن على وال عليه يقدرا فلم واملكايدة الدهاءب فيها امتنع قد ابتدعت ما: يقول معاوية كان و. علي ق ب ل من سعد بن قيس بن معاوية كاد

وهو علي قبل من قيسا ا كدت مكايدة من عندي أعجب كانت قط مكايدة وال سعد بن قيس تسبوا ال الشآم ألهل قلت فقد ، قيس مين امتنع حني بالعراق يفعل ما ترون أال.. سرا نصيحته كي س يأتينا شيعة لنا فإنه غزوه إىل تدعوا

ويؤمن وأرزاقهم أعطيام عليهم جيري ؟ ا ربت خ أهل من عنده الذين بإخوانكم بلغ فلما.. شيء يف يستنكرونه ال منكم عليه قدم راكب كل إىل وحيسن سرم

/ . ٨٧٤/ ، ص /٣المصدر السابق ، ج / ١

263

يومئذ خربتا وأهل ، خربتا أهل بقتال يأمره إليه وكتب قيسا ام ، عليا ذلك أهل وجوه إم علي إىل وكتب يقاتلهم أن سعد بن قيس فأىب آالف عشرة وأجري سرم أؤمن أن مين رضوا وقد منهم احلفاظ وأهل وأشرافهم مصر مكايدهم فلست معاوية مع هواهم أن علمت وقد وأرزاقهم أعطيام عليهم وهم قرنا يل كانوا غزوم أين ولو م أفعل الذي من وعليك علي أهون بأمر

حديج بن ومعاوية خملد بن ومسلمة أرطأة أيب بن بسر ومنهم العرب أسود ، بذلك قيسا ام و قتاهلم إال علي فأىب. منهم أداري مبا أعلم فأنا فذرين. غريي إليه وابعث عملك عن فاعزلين تتهمين كنت إن: علي إىل قيس فكتب

شربة شرب بالقلزم صار إذا حىت مصر إىل أمريا األشتر بن مالك علي عثفب من جندا هللا إن: عمرو فقال وع م ر ا معاوية خربه فبلغ حتفه فيها كان عسل يعرف كان سفيان أيب بن معاوية أن متاما توضح بالذات احلادثة هذه و. عسل

البحت الديين باألمر بل ، تا بتا السياسي باألمر معه يتعامل ال علي اإلمام أنهذا عن نفسه و قد أجاب علي بن أيب طالب . ضده ذلك فوظف ، ارد

و اهللا ما معاوية بأدهى مين و ال أثبت ، و لكنه يفعل كذا و : ١التساؤل بقوله و من . ( انتهى ) كذا .. و اهللا لوال كراهييت لذلك ، لكنت من أدهى الناس

. و من الواضح أن ذلك األمر السياسي و نأيه عنه أنه يقصد بذلكالواضح . يدحض مقولة البعض بأن ال عهد له و ال باع يف السياسة أو الفكر السياسي

أثارت حفيظة البعض نه و بالرغم من بعض أفعاله اليت لك من أو ال أدل على ذ إستراتيجية ، و كل ما ذ كرمنحاها ، على أخطاء من أتباعه و اليت دللت يف

خصومه ، ومل ي هز م و ال يف نه قد انتصر يف كل معاركه احلربية مع فإ سابقا ، العهد و للغر اجلاهل أو حديث معركة واحدة . و ذاك من املستحيل أن يتأتى

اخلربة بأمور احلكم و السلطة و أساليب السياسة ، كيف ال و هو أول من أدرك

. نھج البالغة ١

264

ك من كل ذلك ، كتاب ج و ال أدل على ذل. و حذر منها خدعة التحكيم ، العامل كله و سطرت بلغت شهرته و حكمه و بليغ كالمه الذي البالغة

شهرته اآلفاق .

و شبهات كان من نتائجها أن و ما شاا من مالبسات حدثت واقعة التحكيم طرحوا فكرا غريبا و انشق اخلوارج عن اإلمام علي و ناصبوه العداء و القتال ،

قال فيها اإلمام علي كانت يافطته األساس ( ال حكم إال هللا ) بعض الشيء ،ال بد هلذه األمة من و قال قولته الشهرية يف ذلك "، (كالم حق يراد به باطل )

مناظرات . و قد وقعت معارك عدة بينه و بينهم ، ختللها إمام بر أو فاجر " . و كان البعض قتاهلم " ق طويلة ، كان اإلمام علي يقول يف ايتها " اآلن ح

و يعود لالنضمام إىل جيشه . و بعد منهم يقتنع بكالمه و يرتد عما هو عليه لقتال معاوية من جديد ، لكنه اغتيل على يد أحدهم و انتصاره عليهم ، تفرغ

أحد أعضاء فريق كانت مهمته اغتيال علي ، و هو يدعى عبد الرمحن بن ملجم لكن األخريين قد يب سفيان و عمرو بن العاص . بن أيب طالب و معاوية بن أ

. جنيا

، معاوية بن أيب بعد وفاة اإلمام علي بن أيب طالب ، صاحل ابنه ، احلسن بن علي حسب الروايات ، آل األمر مجيعه إىل سفيان على اخلالفة ، و مبوته مسموما

هو عهد جديد معاوية بن أيب سفيان لتنتهي بذلك فترة اخلالفة الراشدة و يبدأ عهد الدولة و كياا السياسي .

اليت بدأت لقد كانت اية العصر الراشدي ، هي اية فترة صدر اإلسالم ، و البعض يدعوها ( صدر بين أمية احملمدية و انتهت بقيام دولة بالدعوة

. و هذه الفترة قد شكلت روح الفكر اإلسالمي كله الذي بدأ اإلسالم األول )

265

القرآن الكرمي ، و كان أساسه املتعارف عليه من خالهلا أخذ شكله معها و فكري للنقاش و احلوار . كمرجع

مرحلة صدر اإلسالم ، بفترات حروب داخلية ثالث ، كانت و قد متثلت إما أساس ملخاض فكري تغيريي متعمل ، أو نتيجة له .. إما مقدمة أو مجيعها

ما إذا كانت مقدمة و نتيجة يف آن معا ، بالضبطنتيجة . و ال نستطيع التكهن و حىت بداية احلكم من مقتل عثمان ، و باألخص األواخر من الصدر اإلسالمي

األموي . ، حيث كانت فترة فكرية ملتبسة ملغومة مشبوهة ، تداخلت فيها . و نظائرها املفاهيم و متازجت فيها األمور و أشباهها

الفكر اليت عملت على تغيري لدعوة احملمدية أول هذه احلروب ، كانت حروب امتشرذم مراكز القوى ، بسيط عفوي مجاعي مناطقي جاهليالعريب ، من فكر

واحد القوى . ال هو بالبسيط فكر جمتمعي ديين سلطوي مركزي ، إىل و القرار .. فكر وسطي اهلني ، و ال هو بالصعب املستصعب ، لكنه األمر بني أمرين

من: البقرة ( )... الن اس ع ل ى ش ه د اء ل ت ك ون وا و س طا أ م ة ج ع ل ن اك م ذ ل ك و ك ( مقبول

. ) ١٤٣ اآلية

، بل و ال ألجل أشخاص و متيزت هذه احلروب بأا ليست حروب أشخاص . االجتماعي و ألجل عقائد و معتقدات ، أبرزها الديين يتلوه املادي االقتصادي

احلروب ، كانت حروب الردة يف عهد أبو بكر الصديق . و هي أيضا ثاين هذه ذات خماض فكري ما بني اإلسالم و اجلاهلية ، أو ما بني اإلسالم حروب عقيدة

، و متثل و األمر السياسي اجلديد الذي حاول جاهدا العثور على ثغرة يلج منها ألجل أوأشخاص بمل تكن تلك احلروب بسبذلك بأدعياء النبوة . و بدورها

بعض األشخاص فيها بشكل واضح ، بالرغم من بروز أشخاص ، بشكل أساس التميمي . لكن فاحت منها رائحة األمر املادي كدعي النبوة مسيلمة بن حبيب

266

أيضا ، بسبب اخلالف حول الزكاة و الرياسة و الزعامة االقتصادي االجتماعي ىل و الثالثة . الوسط الفكري بني األوو امللك . فكانت

أثر مقتل اخلليفة عثمان بن عفان و كانت ثالث احلروب ، هي احلروب احلاصلة . و متثلت هذه احلروب بانتفاء باألساس بني اإلمام علي و معارضيه مجيعا

العامل العقائدي الديين منها و اقتصارها صراحة على األمر السياسي ، فهي األمر السياسي و األمر الديين ، مع بعض لة مواجهة علنية مباشرة بنيمثلت حا

أشخاص و ب. و كانت مجيعها بسبالشبهات العقائدية الغامضة ( اخلوارج ) أن عبد اهللا بن أيب حمجن ١جاء يف التاريخ ألجل أشخاص و بني أشخاص .

تيتك أقدم على معاوية بن أيب سفيان و هو يف حربه مع علي فقال له : الثقفي .. !!! وحيكبن أيب طالب . فقال معاوية : ، علي اجلبان البخيل عند الغيبمن

عت فج ع لت م لسن الناس ج أأما قولك الغيب ، فو اهللا لو أن ما قلت ؟؟!! أتدري، و أما قولك إنه جبان ، بن أيب طالب ، لكفاها لسان علي يف لسان واحد

ا قولك إنه خبيل ، و أمفثكلتك أمك .. هل رأيت أحد قط بارزه إال قتله ؟؟!! ه . نقبل تب تربهفو اهللا لو كان له بيتان ، أحدمها من ترب و اآلخر من تنب ، ألنفذ

قال معاوية : على دم عثمان و ؟؟؟!!! : فعالم تقاتله إذن متعجبا الثقفي فصاح ن جعله يف يده ، جازت طينته و أطعم عياله و اد خر على هذا اخلامت الذي م

حلق بعلي . عاد و ثقفي مث . فضحك الألهله

يف فترة صدر و ما مت شرحه حول صراع فكرين أساسني من خالل كل ما سبق و اإلسالم ، و على وجه اخلصوص ، فترة العهد الراشدي ، مها الفكر الديين

، هي الفكر السياسي .. تربز قضية هامة جدا و على درجة من اخلطورة ، تنبع من خالل ورة هذا املصطلح و أمهيته املربرات املنطقية الفكرية . و خط

/ . ١١٤اإلمامة و السیاسیة ، ص / ١

267

و أ جتاهله أو سوء فهمه أحيانا ، و محله على حممل آخر غري حممله الصواب احلقيقي . و بشكل أوضح ، تعارض أخالقياته مع أخالقيات مفهوم آخر ،

. أشكل معه و تشابه فيه

لفارق و هو اعلى ذلك ، حد أمثلة أ سوقعامل الدقة هنا ، ن نوضحو لكي و كيان اتمع الديين االجتماعية الفكري فيما بني كيان الدولة السياسي

كيان سياسي سلطوي و التكافلي األخالقي . فاملربرات املنطقية الفكرية لنشوء حد مقوماته املنطقية النظرية ال بد له من أكيان دولة نظامي عريف ألي جمتمع ، ي شكل من األشكال .. األخالقي أو غري و العملية ، و هو تراكم رأس املال بأ

دون األخالقي .. الشرعي أو غري الشرعي . و ال ميكن قيام كيان دولة سياسي نطاق اتمع أو اجلماعة املتفرقة، تراكم رأس مال ضخم ، و إال بقي األمر حتت

ال يتعداه و ال ميكن له أن يتعداه حبال من األحوال ، و هو ما كان حيصل يف و اخلليفتني أبو بكر الصديق و عمر بن اجلاهلية و فترة الرسول (ص) فترة

بالرغم من هلفة العريب ر إنشاء هذا الكيان . ففي فترة اجلاهلية تعذ اخلطاب ، ذلك املعتملة يف صدره إلنشائه و حرقته ( نظام امل لك ) هلذا النظام آنذاك

و عدم قدرته من جهة ، الفتقاره إىل رأس املال الالزم إلنشاء هذا الكيان بسبب سلطة مركزية قادرة و فع الة ية و اللوجستية على إنشاء الفكرية و املاد فعمد إىل تلب س بعض أشكال نظم امل لكية الومهية ، كحال كليب ظروف عدة

تثري طريفة وائل و عمرو بن هند و امرؤ القيس و غريهم و هي حاالت . و يف فترة الرسول (ص) تعذر إنشاء ال الضحك و السخرية ، ذكرنا أسباا قب

تراكم املال . من ، بالرغم من توفر السلطة املركزية ، و شيء هذا الكيان أيضا أما . وجود مانع فكري ديين ينفي األمر السياسي بشدة و تعود أسباب ذلك إىل

و جرى احلديث عن العملي لذلك د عثمان بن عفان فقد جرى التأسيسيف عه هلما ماليا و إداريا ذلك العهد ، بالتزامن مع التأسيسلك يف دولة و امل نظام ال

268

و لقد بني كما رأينا قبال ، و يبدو أن عثمان بن عفان قد دفع ضريبة ذلك . ( م االقرآن الكرمي هذا النقطة بوضوح تام ال لبس فيه و ال جدال حينما قال

و ال ي ت ام ى ال ق ر ب ى و ل ذ ي و ل لر س ول ف ل ل ه ال ق ر ى أ ه ل م ن ر س ول ه ع ل ى الل ه أ ف اء الر س ول آت اك م و م ا م ن ك م ال أ غ ن ي اء ب ي ن د ول ة ي ك ون ال ك ي الس ب يل و اب ن و ال م س اك ني

آية .. )٧:احلشر() ال ع ق اب ش د يد ل ه ال إ ن الل ه و ات ق وا ف ان ت ه وا ع ن ه ن ه اك م و م ا ف خ ذ وه ذا الشأن و تورد توصيات واضحة متاما تنهى أوال عن كيان الدولة السياسي

نه جيب منع تراكم رأس املال يف أيدي فئة قليلة كي ال يؤدي ذلك إىل إتقول أيدي إنشاء كيان الدولة السياسي ال يستقيم إال بتمركز املال يفالدولة . أي أن

. و لعلنا نالحظ يف التاريخ أن أهم شيء كان يفعله فئة النخبة أو طبقة املأل توزيع واردات بيت الرسول (ص) و اخللفاء الثالثة أبو بكر و عمر و علي ، هو

املال . فعندما مجع عمر غائم كسرى و جموهراته اليت غطت باحة املسجد أمر الذي بدأ بعهده ، كان سببه األساس ءاإلحصا. و يقال أن بتوزيعها على الناس

و من هذا األمر حيث أمر بإحصاء الناس ملعرفة من ينوبه املال من أهل املدينةفعله ، شيء أولن اكعندما استلم اإلمام علي اخلالفة مر كذا األهم خارجها .

بتوزيع مجيع وارداته على الناس ، و بعد أن أمرو ب إىل بيت املال هو أنه ذهشاء نذلك كله ال يستقيم مع إو . من ذلك ، قام بكنسه مث جلس فيه فرغ

. و كالم معاوية أليب ذر الغفاري الذي سبق ذكره ، كيان دولة سياسي . يستقيم مع ذلك

قراءة فكرية للعصر األموي :

جاء بنو أمية و جاء معهم مفهوم فكري جديد و شبه ثوري عما قبله .. تبدلت

اتمع ، و تبدلت معامل احلياة االجتماعية ، و أ ضيفت معامل معامل السلطة و

269

محلت معها آثارها املادية الفعلية على أرض الواقع . و هي مل فكرية جديدة تكن موجودة من قبل يف اتمع العريب ، ال الراشدي و ال احملمدي و ال

كرية على عقل . لكنها بالتأكيد مل تكن غريبة عنه ، و مل تشكل حادثة فاجلاهليالعريب و ذهنيته . فهو قد رآها يف الدول و اتمعات ااورة اليت كانت تستخدم هذه املفاهيم و تطبقها على نفسها و جمتمعاا ، كدول ذات كيان

. و ها هو العريب اآلن قد انقلب عليها و احتلها باسم اإلسالم ، سياسي مستقل نفسها . و مل يكن ليستطيع ذلك ، لو مل و أخذ يطبق عليها ما طبقته هي على

هي عليه . فألول مرة ظهر ما يسمى باحلجابة و يتحول هو نفسه إىل ما كانت و اجليوش النظامية الثابتة املتمركزة يف مناطق ، رئيس الديوان و رئيس اجلند

معينة أو املرابطة على الثغور ، و الفرق العسكرية احملترفة ... اخل . و ألول مرة ذا مفاهيم فكرية سياسية جديدة كل اجل دة ، مل يتكلم اخلليفة كالما جديدا

و من قبل ذلك من الرسول (ص) أو اخللفاء . تألفها العقول و ال مسعتها اآلذان و ألول مرة يكلف ذلك ليواكب التطورات السياسية احلاصلة و املستجدة .

، و هي قضية يف الناس بدال منه ( معاوية ) شخصا غريه بأمامة الصالة اخلليفة . الديين عن السياسي األمر تدلل على فصل

لقد كان أهم حدث فكري مث ل التغيريات الفكرية احلاصلة ، هو أن أصبح فعندما ميثل قمة اهلرم السياسي ، أكثر مما ميثل قمة اهلرم الروحي الديين . اخلليفة

قاتلتكم ما اهللا و.. الناس : أيها ١كان أول ما قاله ،اعتلى معاوية املنرب إمنا لكن و ، ذلك تفعلون أنكم عرفت قدو ، لتزكوا وال لتصلوا وال لتصوموا إن: قوله و. كارهون وأنتم ذلك اهللا أعطاين فقد ، عليكم ألتأم ر قاتلتكم . فأحسن ملكت إذا معاوية يا: يل قال الرسول

/ .١٣١/ ص ،/ ٨/ ج ، النھایة و البدایة ١

270

ليس. العرب ملك يسمى ليفةاخل أصبح و ، عضوض ملك اخلالفة أصبحت و البيعة معاوية بأخذ ، ترسخ قد للدولة السياسي الكيان مفهوم أن بل ، فقط هذا و ، الدنيا تستدبره و الوفاة حتضره أن قبل و احلياة قيد على هو و يزيد البنه على يرزق حي معاوية و األمصار يف ليزيد البيعة فتمت ، ذلك على الناس محل الذي الزبري ابن منهم و الصحابة بعض على األمر أشكل حىت ، خالفته رأس أن أردتنا و اخلالفة مللت لعلك: ١ يزيد البنه البيعة منه طلب حني ملعاوية قال

.. لنبايعه يزيد هلم و فاعتزهلا كذلك كان فإن!!! ؟؟؟ فنبايعه ليزيد تتركها ت جمع ال اهللا و ال !!!؟؟؟ نطيع و نسمع فأليكما ، معك ابنك بايعنا أن أرأيت . أبدا البيعة لكما

ا املباي ع و ،) العهد والية( يسمى مبا اليوم تعرف ، السابقة الظاهرة هذه و قد ظاهرة هي و. احلاكم أو اخلليفة البن دةاع تكون و) العهد ويل( يسمى

رسخت و كبري حد إىل امللك و السلطة نأبش اخلالف و اجلدال حسمت صالحية عن النظر بغض و الدينية صوابيتها عن النظر بغض ، أكثر راالستقرا

اعتراض من بالرغم يزيد لولده البيعة معاوية أجرى فقد. هلا أهليته و العهد ويل سياسي منشأ ذات باألساس فهي. ذلك على الناس و الصحابة من كبري مجهور

. سياسية تربة منبتها و

و دولة فكر فكره و ، رياسة و دولة صاحب ، سفيان أيب بن معاوية كان لقد من أول و. الدولة بشؤون أحلقه و نظمه و الربيد وضع من أول فهو. رياسة يف يكلمونه و يكلمهم لوزرائه يومه بعض خيصص فكان ، للوزارة نظام جعل

احلجابة ضرب من أول و ، باجلامع املقصورة جعل من أول و . الدولة شؤون . ٢ الربيد على الرمسي اخلامت جعل من أول و ، اسالن بني و بينه

/ .١٥٧/ ص ، الخلفاء تاریخ ١ / .١٦٣/ ص ، السابق المصدر ٢

271

عليه كان كما البحت الديين األمر على اإلبقاء استحالة معاوية أدرك رمبا و من فيها راح ما و احلروب هذه كل بعد ، السابقني اخللفاء عهد يف احلال

أن ١ التاريخ يف جاء. العقول و للمفاهيم تضاربمن هأنتجتما و ضحايا، قريش وجوه بعد متلكه ، قدم املدينة عام اجلماعة ، فتلقاه رجال من ويةمعا

. فما رد عليهم جوابا ، حىت فقالوا له : احلمد هللا الذي أعز نصرك و أعال أمرك ، فإين و اهللا ما و عال املنرب و قال : أيها الناس دخل املدينة ، فقصد املسجد

بوالييت و ال حتبوا ، و أنكم ال تسرون وليته ، و أنا أعلم وليت أمركم حيثمن ذلك ، و لكين خالستكم بسيفي هذا خمالسة ، إنين واهللا لعامل ما يف نفوسكم

، فلم و قد رمت نفسي على عمل ابن أيب قحافة ( يقصد أبو بكر الصديق ) ( أي اخلالفة ) تقوم بذلك و ال تقدر عليه .. و أردا على عمل ابن أجدها

.. غري أنين سلكت فكانت ( أي اخلالفة ) أشد نفورا و أعظم هربا اخلطاب ،موآكلة حسنة و مشربة طريقا يل فيه منفعة و لكم فيه مثل ذلك ، و لكل فيه ا

ما استقامت السرية و حسنت الطاعة .. فإن مل جتدوين مجيلة ( هي السياسة ) شرح و تفي بالغرض . هذه خطبة واضحة تخريكم ، فأنا خري لكم ( انتهى ) .

حيثيات و ، نفسه هو كالمه من ، السياسي املنهج معاوية اعتماد على أدل ال و احللم منهج اعتماده و ، األمصار على لعماله رسائله و ، للناس الفكرية خطاباته

بني أحول ال إين: يقول فكان. الناس مع التعامل يف ذاا السياسة و املهادنة و ال إين: القائل هو و. ملكي بني و بيين حيولوا مل ما ، ألسنتهم بني و الناس مقولته و. لساين يكفيين حيث سوطي ال و ، سوطي يكفيين حيث سيفي أضع

مبادئ من أساس مبدأ اليوم إىل زالت ال و أضحت اليت شعرته عن الشهرية املسمى و ، همأنفس األفراد بني فيما العامة أو ، الدول بني ما الدولية السياسة

/ . ١٣٢/ ، ص /٨البدایة و النھایة ، ج / ١

272

فإن ، قطعتها ما ، شعرة الناس بني و بيين أن لو: يقول حيث) معاوية شعرة( . سحبتها أرخوها إن و ، أرخيتها شدوها

و القول له فأغلظ ، خالفته يف معاوية على دخل رجال أن ١ احلوادث يف و عن أاك.. يأخ بن يا: مهدئا بامسا شارحا معاوية له القف ، حيبال ما أمسعه

قضى مث. األسد أخذ يأخذ و الصيب غضب يغضب السلطان فإن ، السلطان . حاجته

فقال. طالب أيب بن علي أنصار من كان و الطائي حامت بن عدي عليه دخل و أنصفك ماف: معاوية قال. علي مع تلوا ق : قال ؟؟ أوالدك صنع ما: معاوية له

و قتل إذ عليا أنصفت ما: عدي قال!! . ؟؟ دهأوال بقي و أوالدك تل ق ، علي من قطرة بقيت قد أنه أما: مهددا معاوية فقال) . معاوية يقصد( بعده بقيت

فكشر) . عديا يقصده( اليمن أشراف من شريف دم الإ ميحوها ما عثمان دم دورناص لفي ، ا أبغضناك اليت قلوبنا إن اهللا و: بغضب قال و أنيابه عن عدي

، فترا الشر من إلينا أدنيت لئن و .. عواتقنا لعلى ، ا قاتلناك اليت أسيافنا إن و أن من علينا ألهون احليزوم حشرجة و احللقوم حز إن و. . شربا منه لك لندنني معاوية فصاح. السيف باعثل السيف معاوية يا فسل م ، علي يف املساءة نسمع حمادثا مالطفا عدي على أقبل مث ، فاكتبوها كم ح هذهوحيكم .. : بندمائه

. ٢ شيء حصل ما كأنه

دخل طالب أيب بن علي أصحاب من الكوفة من رجال أن دهائه و حلمه من و ضج و. ناقيت هذه: قائال ضج و عوامها أحد به فتعلق ، له بعري على الشام رجال مخسني الدمشقي قامأ و. معاوية إىل أمرمها فارتفع ، بينهما فيما االثنان

. السابق المصدر ١ . معاویة خالفة باب/ ٣/ ج ، الذھب مروج ٢

273

أصلحك: مبعاوية الكويف فصاح ، للدمشقي معاوية فحكم ، ناقته أا يشهدون دس مث. مضى قد حكم هذا: معاوية فقال!!! . بناقة ليس و مجل هذا ، اهللا

و. ذلك أعلم كنت قد: له فقال ، إليه أحضره من الناس تفرق بعد للكويف ألف مبائة أقاتله أنين عليا أنبئ: له قال مث وصله و هبر و بعريه مثن ضعف أعطاه

. اجلمل و الناقة بني يفرقون ال

لعائشة بنت عثمان بن عفان عندما صاحت به تندب بعد ملكه ، و يف كالم له إن الناس أعطوننا سلطاننا ، فأظهرنا هلم حلما أباها ، قال هلا : يا ابنة أخي ..

هذا باعوناطاعة حتتها حقد ، فبعناهم هذا ذا ، و حتته غضب ، و أظهروا لنا وا علينا حبقنا و غمطناهم حبقهم . ، شح فإن أعطيناهم غري ما اشتروا منا .. ذا

، و أن تكوين فإن نكثناهم ، نكثوا بنا ، مث ال ندري ، أتكون الدائرة لنا أم علينا . ١إماء املسلمني ابنة عثمان أمري املؤمنني ، أحب إيل أن تكوين أمة من

ففر ، خراجه فك سر ، خراج على رجال ، زمانه يف أبيه بن زياد استعمل و أن لك ال و يل ليس: معاوية فرد ، مبعاقبته زياد إليه فكتب ، معاوية إىل الرجل نشتد أو ، املعصية يف الناس فتمرح مجيعا نلني أن ، واحدة بسياسة الناس نسوس أكون و ، الفظاظة و للشدة أنت تكون لكن و ، املهالك يف الناس فتهلك مجيعا

. ٢ اللني و للرأفة أنا

، أيامها و العرب أخبار فيها دفاتر فيحضر يقعد يومه بعض يف أنه هأخبار يف و و حروا و األمم ملوك سر و ، لرعيتها سياستها و ملوكها و العجم و

ذلك فيقرأ ، السالفة األمم ارأخب من ذلك غري و لرعيتها سياستها و مكايدها

ة ، مصدر سابق . البدایة و النھای ١ / .١٦١/ ص ، الخلفاء تاریخ ٢

274

مجل ، ليلة كل بسمعه فتمر ، قراءا و حبفظها وكلوا قد مرتبون غلمان عليه . ١ السياسات أنواع و اآلثار و السري و األخبار من

لنظام املهيئ السياسي الفكر بند و سياق حتت إدراجه ميكن ، سبق ما كل إن هذه و الفكر هذا دومنا ، قوي دولة امنظ يستقيم ال و. امل لك نظام و الدولة

نتيجة إىل بنا تسوق ، سابقا أوردناها اليت الفكرية املربرات هذه و. السياسة امللك نظام ، النظامي الدولة ملفهوم الناظم السياسي الفكر أن هي و ، منطقية القبلي النظام مع و ، البحت الديين اتمع نظام مع لألسف يتناىف ، الرمسي

هذه اجتماع ، مضمونه يف ينفي ال ذلك أن.. القول نافلة و. التقليدي بعضها تعايشها و واحد جغرايف حيز ضمن بعض مع بعضها السلطوية املفاهيم

و ، استحالة ذلك ففي ، واحد حكم نظام يف معا تشترك ال لكنها ، بعض مع هو و. ذلككليهما أو أحدمها ناوشه إن و قرينيه على الغلبة من ألحدها بد ال أيب بن معاوية على استحال فقد. حوادث من سبق ما استعراض يف رأينا ما

من عليها يستدل ما هو و ، البحت االجتماعي الديين النظام تطبيق ، سفيان عندما قريش من رهط مع كالمه كذا و عفان بن عثمان ابنة مع السابق كالمه

نهأ لو و. األوىل اجلاهلية تصرف يتصرف أن عليه استحال كما. املدينة د ف و و ، غريمها و هند بن عمرو أو وائل ككليب آنذاك امل لك أدعياء فعل كما فعلو ما بقي يف موقع القيادة ، و رمبا احلياة ، حكما لسقط ، له سبيل أسوم اختذ

. يوما واحدا

رية . و عندما دنا أسس معاوية كيان دولة سياسي ، وصل إىل مستوى اإلمرباطولنتائج األعمال عدة هامة ، دلت على بعد نظرته أجله ، أوصى يزيدا ابنه بوصايا

و كان ، و دللت أيضا على نظرته السياسية و نظام امللك . و عواقب األمور

. سابق مصدر، الذھب مروج ١

275

و، والرجال الرحلة كفيتك قد إين بىن يا: ١اه به ، أن قال له من أهم ما أوص ال وإين العرب أعناق لك وأخضعت موراأل لك للتذ و األشياء لك وطأت و، علي بن احلسني.. نفر ثالثة إال أسسته الذي األمر هذا ينازعك أن أختوف

قد ثقة رجل فهو، عمر ابن فأما .. الزبري بن اهللا عبد و، عمر بن اهللا عبد خلفه اقالعر أهل فان احلسني أما و، بايعك غريه أحد يبق مل وإذا العبادة تهذوق له فان، عنه فاصفح به فظفرت خرج فان، عليك خيرجونه حىت يدعونه ال

روغان ويراوغك األسد جثوم لك جيثم الذي أما و.. عظيما وحقا ماسة رمحا فقدرت بك فعلها هو فان.. الزبري ابن فذاك، وثب فرصة أمكنته وإذا الثعلب

كل يف العراق أهل سألك إن و زاحلجا بأهل ى وص . و ت إربا إربا فقطعه عليه إليك أحب، واحد فعزل، فعلفا عامال عليهم تويل و عامال عنهم عزلت أن يوم . استطعت ما قومك دماء عن اصفح و، سيف مائة عليك يسل أن من

، املعامل واضح سياسيا فكرا ، األموي احلكم فترة يف العريب الفكر أضحى لقد بني ما الزمنية للفترة التارخيية الدراسة لنا توضح و. بعاداأل و الصورة جلي الفكر هوية ، سفيان أيب بن معاوية حكم اية و عفان بن عثمان خالفة بداية . معاوية حكم فترة يف باألخص و ، سياسية هوية هي اليت و آنذاك العريب

و مفهوم إىل ينظر ، خارجية و داخلية.. معينة العتبارات و ، معاوية كان لقد و االجتماعية عارفامل توطيد منه أكثر ، الدولة أركان و السلطان توطيد فكرة

توطيد اختار قد هو و. اإلسالمي الديين العامل من أساسا املنبثقة اتمع أواصر الديين األمر على باالعتماد السياسي الفكر سواد و احلكومي السلطاين األمر

اتمع قضية أو اإلسالمي االجتماعي باألمر اماالهتم من بدال ، اإلسالمي

/ . ١١٥/ ، ص /٨البدایة و النھایة ، ج / ١

276

تعامل و أمهيته و السياسي الفكر و األمر خطورة إلدراكه رمبا ذلك ، اإلسالمي . اخلارجية و الداخلية املؤثرات و للعوامل نظرا ، عليه إقباهلم و معه الناس

أيب بن ويةمعا إىل مبجمله السياسي الفكر نعزو أن، مبكانو الظلم اخلطأ من و أيب بن علي مثله الذي الديين األمر مواجهة يف ، عام بشكل أمية بنو أو سفيان فالبعض) . ص( الرسول حىت أو الصديق بكر أبو أو اخلطاب بن عمر أو طالب يف ، السياسي األمر و الديين األمر بني الصراع قضية.. القضية حيصر أن له حيلو

فكرية حالة هو السياسي األمر أن جاهال مت ، أشخاص إىل يعزوها و أشخاص و ، جانب كل من م حتيط و ، اجلاهلية يف العرب جبوار موجودة كانت

لدى الناقة ضرع طلب اعتمال عقوهلم و نفوسهم يف تعتمل كانت أا متجاهال فكريا تناقضا لديهم شكلت أا و ، خياالم و مشاعرهم تلهب و ، فصيلها

. رهيبا

مل و ، كثر كانوا ، بعدها و أثناءها و احملمدية الدعوة قبل السلطة البط إن بدأ عندما أنه رأينا لقد. فقط أمية بنو أو سفيان أيب بن معاوية على يقتصروا ، صعصعة بن عامر كبين بعضهم أن كيف ، القبائل يف دعوته) ص( الرسول من هلم األمر يكون بأن له مساندم ربطوا و ، فورا السياسي األمر معه ناقشوا يقوم ، حبت سياسي سلطاين فكر و كمفهوم اإلسالم إىل نظروا فهم. بعده عند الرسول حياة أواخر يف األمر كذا. التملك و النفع و املادية السلطة على

حىت ، ذاا النظرة ، اإلسالم إىل نظروا الذين النبوة أدعياء ظهر عندما ، مرضه ، حاكم أو ملك أنه معتربين عينه املنظور من) ص( لرسولا إىل نظروا أم

رسالة صاحب رسول أو مرسل كنيب إليه ينظروا مل و ، سياسي أمر صاحب . حبتة دينية إهلية

277

نصف أن بقوله السلطان و األرض يقامسه أن ، له كتاب يف إليه يطلب فمسيلمة ال حبت سياسي ورمنظ هو و) فيفيت فيفيت( يعين ، يل نصفها و لك األرض إهلي ديين أمر هذا بأن) ص( الرسول عليه د فر . اثنان له يشرأب ال و فيه لبس

و. دنيوي سلطوي سياسي أمر ليس و ، يشاء حيث اهللا جيعله فيه له عالقة ال من مرارته و أسفه عن عرب كيف الصديق بكر أبو اخلليفة مرض يف أيضا رأينا

للسلطة نظام أا على هلا نظرم و اخلالفة على ، الصحابة بعض و الناس افت و تأن يبهم و ذلك على هلم تقر يعه و ، السياسي كسرى بنظام شبيه امللك و

مع األمر كذلك. الديباج فرش و السلطان أة إىل يسعون إمنا بأم وصفهم عبد ابنه ى و، قال ما ، ط عن امعند فيها قال الذي اخلطاب بن عمر اخلليفة علي اإلمام أما. تلب سهات قائال له : إياك أن منها االقتراب من حذره و عنها اهللا أمره بادئ اخلالفة رفض الذي هو و بذلك مشهورة مواقف فله ، طالب أيب بن برأ و احلبة فلق الذي و" الشهرية قولته فيها قال و. غريي التمسوا: هلم لاق و

على اهللا أخذ ما و ، الناصر بوجود احلجة قيام و احلاضر حضور لوال.. النسمة على حبلها أللقيت ، مظلوم سغب ال و ظامل كظة على يقروا ال أن العلماء من أزهد عندي هذه دنياكم أللفيتم و ، أوهلا بكأس آخرها لسقيت و ، غارا من مرحلة إىل فريقه بعض و أتباعه وصل عندما كذلك و" . ١ عرت خبقة قر عهم و وخبهم أن فكان ، منهم غيظه و له تعجيزهم و الرياسة و لطةالس طلب

مييث اهللا و.. عجبا عجبا يا" ٢ بالشقشقية مسيت له خبطبة قائال عليهم دعا و ، حقكم عن تفرقكم و باطلهم على هؤالء اجتماع من اهلم جيلب و القلب ت غز ون و ، تغريون ال و معليك ي غ ار يرمى غرضا صرمت حني ترحا و لكم فقبحا

، احلر أيام يف إليهم بالسري أمرتكم فإذا ، ترضون و اهللا عصى ي و ، تغزون ال و يف إليهم بالسري أمرتكم إذا و ، احلر عنا يسبخ حىت أمهلنا القيظ محارة هذه قلتم

نھج البالغة . ١ المصدر السابق باب الخطب ، الخطبة الشقشقیة . ٢

278

من فرارا هذا كل.. الربد عنا ينسلخ حىت أمهلنا ، القر صب ارة هذه قلتم الشتاء يا.. أف ر السيف من اهللا و فأنتم ، تفرون القر و احلر من كنتم فإذا ، القر و احلر

لوددت.. احلجال ربات عقول و األطفال حلوم.. رجال ال و الرجال أشباه اهللا قاتلكم.. ذما أعقبت و ندما جرت اهللا و معرفة ، أعرفكم مل و أركم مل أين ، أنفاسا الت همام ن غب جرعتموين و غيظا دريص شحنتم و قيحا قليب مألمت لقد طالب أيب ابن إن قريش قالت لقد حىت اخلذالن و بالعصيان رأيي علي أفسدمت و

هلا أشد منهم أحد هل و أبوهم هللا.. باحلرب له علم ال لكن و شجاع رجل أنا ها و العشرين بلغت ما و فيها ضت لقد!! ؟؟ مين مقاما فيها أقدم و مراسا

" . يطاع ال ملن رأي ال لكن و الستني على ذرفت قد

بذلك يصر حقد وقع عليه ما وقع على غريه ، فهو سفيان أيب بن معاوية حىت ، السياسي باألمر منه مواقفهم قايضوا ، حالفوه و معه وقفوا الذين فكل ، أيضا أصرح و ، ةميز و وصلة اآلخر و ضياعا ذاك و ماال ذاك و والية يطلب فهذا قائال عمرو فأىب ، العون منه طلب عندما العاص بن عمرو مع موقفه هو ، ذاك أراد عندما و. لذلك مثنا مصر طلب و. دنياك من أصيب حىت اهللا و ال: له

قائال البيعة ، أىب فيمن عفان بن عثمان بن سعيد أىب ، ليزيد بعده من البيعة قائال خبراسان معاوية أرضاه حىت ، يزيد ابنه من و منه باخلالفة أحق انه ملعاوية

. ١ وصال و طعما لك هي: له

لنا توضح ، آنفا املذكورة الشقشقية ، طالب أيب بن علي خطبة إن ، الواقع يف أيب بن معاوية و طالب أيب بن علي من فكل. بأوتادها تثبتها و بعواهنها األمر

و أصوهلا عرف و السياسية اللعبة أدرك و السياسي الفكر أثر أدرك ، سفيان من و طالا و روادها من أتباعه أن أدرك و عرف منهما كل و ، قواعدها

/ . ٧٩/ ، ص /٨البدایة و النھایة ، ج / ١

279

أن أىب األول لكن. طر ا حنوها املستمالة و إليها اهلاف ة النفوس أصحاب و رأيه عليه أفسدوه و أمره أعجزوه حىت ا يرضيهم أن و معهم يستخدمها

و بالسياسة له علم ال أن تقول الناس جعلوا و ، اخلذالن و بالعصيان قراره الثاين بينما) . املقصد و املراد وضوح و التعبري و الوصف دقة الحظ( احلرب. انقيادهم و قيادهم له أسلسوا و طاعتهم له فاسلموا ، ا معهم للتعامل اضطر

و اجلميع من أكرب ، الدنيا طلب و السياسي األمر أن على داللة هذا بيان يف و ال جبار طاغ فكر ، السلطوي السياسي فالفكر. بأشخاص حصره ميكن ال

مفهوم و فكر أول كان ، الكتاب بداية يف ذكرنا كما هو و. مقاومته ميكن اهللا و ال كيف ، التسلط و السلطة فكر ، استطعمه و استشعره و اإلنسان عرفه

الن س اء م ن الش ه و ات ح ب ل لن اس ز ي ن { كتابه حمكم يف يقول ذاته) تعاىل( و ال أ ن ع ام ال م س و م ة و ال خ ي ل و ال ف ض ة الذ ه ب م ن ال م ق ن ط ر ة و ال ق ن اط ري و ال ب ن ني

. ]١٤: عمران آل[ } ال م آب ح س ن ع ن د ه و الل ه الد ن ي ا ال ح ي اة م ت اع ذ ل ك و ال ح ر ث

يربز ، السياسي األمر ات باع و السياسي العمل وزر فالن و فالن حنمل أن قبل و الضمنية اإلجابة أو ، األحوال أحسن يف العلنية اإلجابة حق علينا له سوآل

و عفان بن عثمان إىل اخلالفة تؤول مل لو.. هو و ، أسوأها يف احملايدة الصادقة ، العباس بنو بعدهم و أمية بنو بعده من و سفيان أيب بن عاويةمل احلكم يؤول مل السلطوي السياسي الفكر أمام سيصمد الديين اتمعي الفكر كان مدى أي إىل

اجلزيرة شبة يف اية بال هكذا سيبقى هل و ؟؟؟؟؟ كله العامل على املشتمل ؟؟؟؟ . العربية

و معاوية و كعلي أشخاص يف يةالقض هذه حبصر املتعلق اخلطأ أو اخلطورة إن و منطقية أكثر هو السياسي الفكر أن هي و منطقية نتيجة إىل تؤدي ، غريمها

و عليه ظهوره و الديين الفكر على األمر اية هتبغلب ، الديين الفكر من صالحية . هذا يومنا حىت مسريه الناس سري و ، دونه من استقامته

280

لنصيحة معاوية بن يزيد خمالفة هو ، هذا لقولا صحة إىل يقود ما أبلغ لعل و رهيبة كوارث إىل به أدى ما ، متاما أبوه به نصحه ما عكس فعل حيث ، أبيه فتحت لكنها ، عاجال م تطح مل ، الضرر أبلغ أمية ببين و به أضرت مميتة

البيت من اخلالفة انتقال و ، الشقاق و التمرد و العصيان و الثورات باب عليهم بين ثورة إىل ذلك بعد أدى ما املرواين الفرع أو البيت إىل السفياين الفرع أو

كله ذاك و ، انقراضهم و الوجود من استئصاهلم و م اإلطاحة و عليهم العباس مبادئها غر و سياسة غر أنه اتضح الذي يزيد عمد فقد. اخلطيئة هذه حبجة

أمره الذي الزبري بن اهللا عبد ترك نأ ، احلكم معترك يف باع له ليس و ، األولية حىت عنه بالعفو أبوه أمره الذي علي بن احلسني قتل و ، منه حذره و بقتله أبوه

حبادثة عرف فيما ، عليه ، علي بن احلسني خرج عندما ذلك و ، عليه ثار لو و ، هذا فعله يف أطنب و ، نساءهم و) ص( الرسول بيت آل إىل أساء و ، كربالء

و ، أرجفهم و املوالني بعض ثقة زعزع و عليه احملايدين و الناقمني نقمة رأثا ما أوراقه مجيع بذلك ففقد. لركوم موجة و بالسلطة للطامعني حجة ابتدع

ابنه بعده استخلف فلما. مات أن يسريا بعدها يلبث مل و ، الدينية و السياسية قد ، لوالده معاوية جده وطده ما أن رأى ، حدثا غالما كان و يزيد بن معاوية زمامها من األمور فيه فلتت قد بوضع االستمرار ميكنه ال أنه و ، له والده خربه

الناس على خرجنودي : الصالة جامعة . مث ف. عقاهلا من املواضع خرجت و باآلمن ال و عليكم التأم ر يف بالراغب أنا ما.. الناس أيها: ١ فقال خطيبا

من األمر نازع معاوية جدي أن إال، بنا بليتم و بكم ب لينا حنن بل ، لكراهتكم جدي فركب ، طالب أيب بن علي.. سابقته و قدمه يف منه باألمر أوىل كان ضجيع و عمله رهني صار حىت ، جتهلون ال ما معه ركبتم و تعلمون ما منه

يركب ال أن خليقا كان لقد و ، أيب إىل األمر صار مث.. عنه اهللا جتاوز ، حفرته

/ .١١٩/ ص، /٤٦/ ج، األنوار بحار ١

281

و مدته فقلت خطأه استحسن و ردعه فركب باخلالفة خليق غري كان إذ سننه إنا و هللا فإنا ، عليه احلزن به احلزن أنسانا لقد و ناره مخدت و آثاره انقطعت

من أكثر لدي فيما الزاهد ، القوم من الثالث أنا صرت مث.. راجعون إليه واليته شئتم من خذوه أمركم و شأنكم.. آثامكم ألحتمل كنت ما و الراغب: له فقال ؟؟ عمرية ة سن ، ليلى أبا يا: فقال احلكم بن مروان إليه فقام. فولوه

.. شورى بينهم أجعلها عمر كرجال برجال ائتين ؟؟ ديين عن ختدعين مروان يا فحسب شرا كانت لئن و حظا منها أصبنا فقد مغنما اخلالفة كانت إن اهللا و

. حيضة كنت ليتك: أمه له فقالت نزل مث. منها أصابوا ما سفيان أيب آل غري أخذ و عصاه من ا يعذب نارا هللا أن أعلم مل و ذلك وددت أنا و: فقال يكون ال: قال و فأىب. ألخيك بعدك من اخلالفة اجعل: أمه له فقالت. حقه : أنشد و ليهاإ مروان فوثب حلوها لكم و مرها يل

غلبا ملن ليلى أيب بعد امللك و مراجلها تغلي فتنة أرى إين

و كان بالفعل صادقا يف كالمه فقد وثب على اخلالفة و اد عاها من هب و من مروان بن احلكم إىل الضحاك بن قيس إىل عبد اهللا بن الزبري إىل ، دب

على املدينة من عامال كان يالذ األشدق بن سعيد بن إىل عمرواملختار الثقفي . و أصبح الوالة و املنشقون ، كل ميين نفسه ا و يعمل و غريهم ، أيام معاوية

و يقتلون من يرونه موافقا هلم و أضحى أهل كل إقليم يبايعون لنيل وطرها فبايع أهل الشام مروان بن احلكم الذي تنطح لألمر واليهم إذا مل يكن كذلك .

و كان أول ما التخلص من مناوئيه حبكمة و ذكاء ل على ، و عمو حاز عليه و و حماولة التخلص من آثارها املهلكة فعله هو استدراك أخطاء يزيد بن معاوية

أوصى البنه عبد امللك باخلالفة و أوصاه كما أوصى ، عندما دنا أجله بسرعة آل بيت ، بالتشدد مع عبد اهللا بن الزبري و عدم االقتراب من معاوية يزيدا

282

و أصبحت هذه سياسة ، فنفذ عبد امللك وصية أباه حبذافريها الرسول آل هاشم احلجاج بن عبد امللك ، ، فعندما عنياألمويني و آل البيت صامتة فيما بني

إليه كتبعلى العراق واليا بصرامته و سفكه الدماء ، يوسف الثقفي املعروف امللك عبد اهللا عبد من الرحيم الرمحن اهللا : بسم ١جاء فيه بيده خطه و كتابا

فإين، املطلب عبد بين دماء فجنبين.. بعد أما يوسف بن احلجاج إىل مروان بنو وجهه . السالم و قليال إال بعدها يلبثوا مل فيها ولغوا ملا سفيان أيب آل رأيت

بن وصية سيده ، فاشتبك مع افنفذ احلجاج كرب ، ، اخلطر األإىل ابن الزبري إىل الكعبة ، ضرا هذا الزبري و حاصره يف مكة ، و عندما التجأ األخري

و استخلص ابن الزبري منها و قتله و صلبه مث أرسل برأسه إىل عبد باملنجنيق امللك بن مروان .

قراءة فكرية للعصر العباسي :

و. العضوض البحت السياسي الفكر إىل اإلسالمي الفكر من اخلالفة حتولت قد األمويني كان حيث ، فكري ركود فترة ، عموما األموي العصر فترة كانت حد وا و ، بلدام فتحوا الذين األعاجم قدر من حطوا و العرب شأن من أعلوا مل و ، هلم ااورة احلضارات بني و العرب بني فيما الفكري االحتكاك من

ملموسة فكرية ظاهرة أو هب يعتد فكر أي بوادر وجود الفترة تلكم يف يالحظ هنالك تكن فلم ، الديين األمر مستوى على حىت ، متمايزة نوعية طفرة شكلت

األمويني أن علمنا إذا عجب ال و ، بالبنان إليها يشار دينية أو فكرية مدارس أي الكتب أمهات، يف دولتهم و صولتهم تظهر فلم ، التدوين من حىت حد وا قد

المصدر السابق . ١

283

األمر لعل و. العلمية حىت و الفكرية أو السياسية أو منها الدينية.. الفكرية أثاره من و منه األمويون ختوف يف برز، حيث ذلك يف أثره له كان السياسي و ذلك أثار من عانوا فقد ، احلرة وقعة و كربالء حادثة بعد خصوصا عليهم على إال اشهفر يف يبات ال ، عام بشكل األموي اخلليفة فكان ، طويال ، تبعاته أن إىل. هلا يتأهب مناوئة حركة أو يقمعه عصيان أو خيمدها ثورة أو يرده مترد عربية الغري العناصر على ، أمية بين على ثورم يف اعتمدوا الذين العباسيون جاء

أكثر يكونوا أن إىل رمبا اضطروا ، هذا باعتمادهم و. منها الفارسية بالذات و فقد ، ذلك يف عجب ال و ، باملوايل ع رف ما أو العربية غري العناصر مع تساحما فتح التسامح هذا و. اخلراساين مسلم أبو ، األمويني على ثورم قائد كان

إىل أدى ما ، الشعوب بقية و العرب بني فيما أممي اختالط أمام واسعا الباب املدارس أتفنش. جزئية عوملة أو العوملة شبه من نوع و فكري حضاري متازج

و السيوطي و الطربي و كالقرطيب ، التاريخ كتب نشأت و الدينية و الفكرية ، حنوهم و النسائي و مسلم و كالبخاري احلديث كتب و ، غريهم و كثري ابن حىت بل ، فقط ذلك ليس. حنوها و املعاجم و الصرف و النحو كتب و

و الشافعي و احلنفي هبكاملذ العصر هذا يف تشكلت كلها ، الدينية املذاهب كتب ترمجت حيث الترمجة باب فتح و. اجلعفري البيت آل مذهب و املالكي جديدة علوم ، ذلك لكل طبقا نشأت و. العربية إىل غريهم و الفرس و اليونان

الكالم كعلم ، يتناولوها أو قبل من ليدركوها يكونوا مل العرب على اجلدة كل ، الوفيات و األنساب و الطبقات علم و املناظرة و األدب علم و اللسانيات و

و الرجال و احلديث علوم و ، خلكان البن الوفيات و ، سعد البن كالطبقات الرجال علم و العسقالين حجر البن الصحابة متييز يف كاإلصابة ، التمييز كتفسري للقرآن التفاسري كتب ظهرت كما ، الطوسي و النجاشي و للكشي تفسري و العياشي و القمي تفسري و ، اجلاللني تفسري و كثري ابن و القرطيب

284

و السين املذهب بني فيما تاختلف الكرمي للقرآن تفاسري هي و ، الكويف فرات . كله جممله لسرد اال يتسع ال مما ذلك غري و. اجلعفري املذهب

علوم و و احلق يقال ، أن العصر العباسي كان عصر التنوير العريب جلهة ال. و إذا كنا نقصد ما نقصد بذلك ، فهو العصر العباسي األول احلضارة و الفكر

، و كانت هي و نيف و انتهى خبالفة املتوكل ئة عام الذي استمر حوايل املليفة الفترة األغزر جلهة العلوم و احلضارة و اليت بلغت ذروا يف عهد اخل

فكرية أو عصور العريب قد مر بتحوالت التاريخ. و بنظرنا فإن العباسي املأمون هذه الفكري الرابع يف أو العصر ، التحول األول العباسيالعصر مخس مثل فيها

العصور فإن، بنظرناو .لتاريخ العريب لالفكرية اخلمس و العصور التحوالت ..الفكرية اخلمس يف التاريخ العريب ، هي

. سابقا ةاملذكور ةاجلاهليبالفترة اجلاهلي املتمثل الفكر )١الفكر الديين اإلسالمي اتمعي الذي مثلته فترة الدعوة احملمدية و فترة )٢

اخللفاء الراشدين . ذو الواجهة اإلسالمية الذي مثله العصر األموي . فكر الدولة السياسي )٣

و هو فكر اقتصر فقط على بناء منطومة الدولة و الكيان السياسي ، و . كر آخر مل يتعدامها إىل ف

العلمي و و احلضاري و ، اإلسالمية الواجهة ذوفكر الدولة السياسي )٤ . و هو الذي مثله العصر العباسي األول . و التنويري الفلسفي

فكر الدولة السياسي ذو الصبغة املذهبية اإلسالمية و ليس الواجهة )٥مود و الثبات و اجلاالحنطاط العريب و االنغالق اإلسالمية ، و هو فكر

مشل على هذا االنغالق ، و فكر التشرذم الطائفي و املذهيب و هو فكر الغزوو فترة أواخر العصر العباسي و التحكم و االحتالل األجنيب

. امتد إىل الفترة احلالية و االحتالل العثماين ، و هو فكر املغويل

285

أنواعه اختالف على ، العباسي العصر يف مسته و الفكر صبغة فإن ، الواقع يف و أوضاع و سياسي فكر من سبقها مبا ارتباط عوامل هلا كانت قد ، مشاربه و

قد نتائجها أهم لعل ، هامة جوهرية حوادث مثلتها ، األموي العصر يف سياسية اإلسالمية الفتوحات أن حيث ، بالشعوبية ع رف ما ظاهرة أو حركة يف متثل منظورين مبعثه ، كبري سياسي أثر اهل كان ، األموي العصر إىل استمرت اليت و ، هلم دانت اليت الشعوب و ، العرب فتحها اليت للبلدان عريب منظور.. اثنني

بسط فقد. بلداا فتحوا الذين للعرب الشعوب تلك قبل من أعجمي منظور و حديد من بيد حكموها و الشعوب تلك على سيطرم و سلطتهم العرب. اإلسالم جوهر عن البعيدة املهانة و ، الفجة هرةالظا العنصرية من بشيء و للتسري جواري و سبايا النساء و ، أرقاء و عبيدا الرجال يأخذون فكانوا عليهم يفرضون ، ذلك كل وفوق ، النخاسة أسواق يف عرايا البيع أو املتعة

و هلم مسخرين أقوام ، هؤالء أن معتربين دونية نظرة إليهم ينظرون و اجلزية أن يأنفون فكانوا) . العرب أي( هلم ملك هي ، أراضيهم و أرزاقهم و أمواهلم

جواري يتخذوم و بنسائهم هم يستمتعون الذي الوقت يف بنام يزوجوهم ، املوايل لقب عليهم يطلقون كانوا ، منهم يعتقوم كانوا الذين حىت و. لديهم

نساء من الزواج هلم حيق ال ، الثانية الدرجة من مواطنون ، بالعرف هم و هلم جتوز ال و ، معينة حقوق و امتيازات من حمرومون و ، بنام و العرب . املنصب ال و الوالية

و حدة زاد الذي و األخرى الشعوب مع العرب اعتمده الذي املنظور هذا اليت هي و ، ذاته بالرد ، بداهة الشعوب تلك قابلته ، األموي العصر يف صرامة

التاريخ تربة يف اجلذور ضاربة حضارة ذات عريقة شعوب نفسها عتربتا منظورها من طبعا ( اعتربم ألقوام الفج املباغت اخلضوع راعها قد ، اإلنساين

احتلوا و البادية من عليهم خرجوا ، احلرف يفكون ال ، عراة حفاة ، بدو) هي

286

أسواق يف للبيع دهمأوال و نساءهم استخلصوا و أمواهلم استحلوا و أرضهم . النخاسة

، شرائعه و تعاليمه يف وجدت اليت و ، الشعوب تلك إسالم من بالرغم و احتلوا و بلدام فتحوا الذين فاحتيهم يف ذلك جتد مل أا إال ، املساواة و العدالة باسم جيربوم كانوا أم ذلك من األنكى و. نفسه اإلسالم باسم أرضهم مل ، النقطة هذه يف حىت و. األخرى الشعوب بقية ، معهم حياربوا أن ، اإلسالم ي ساقون منهم املوايل كان بل ال ، بالغنائم ال و بالعطاء ال ، ينصفوم يكونوا

حقدا لديهم ولد و ، الو تر أشد وت رهم ما هو و ، ركبانا ال رجالنا احلروب إىل إزالة و إسقاطهم على يعملوا أن بداهةال من فكان ، للعرب عميقا كرها و دفينا . عنهم نريهم

يف هلم مساندا و الشعوب هذه دعم العباسيون القى ، جمتمعة األسباب هلذه و العباسيون تسامح ، األسباب هلذه و. حكمهم إسقاط و األمويني على الثورة يف وصلت الرفيعة املناصب ولوهم و فقربوهم ، السلطة يف أشركوهم و معهم

يستعيدوا أن األعاجم هؤالء أراد أيضا األسباب هلذه و. الوزارة إىل بعضها و ، احلضاري تفوقهم و علومهم و جدارم بإثبات ، منها ح رموا اليت مواقعهم علم حازوا قد فهم ، الفكرة و النظرة علوم و ، احلرفة و الصنعة بعلوم إملامهم يتخذوهم أن ، األوائل العباسيون اخللفاء ارتأى ، لذلك تبعا و. اليد و اللسان و ثقافات و ، علومهم و ثقافام هؤالء فأدخل ، هلا عمادا و لدولتهم فائدة . الشعوب من غريهم علوم إطار ضمن بقي قد ،) التسمية صحت إن( هذا الفكري العوملة باب أن على كيان هو و أال ، يتجاوزه و يتخطاه أن له جيوز ال أو يتخطاه ال أمحر خط

حماولة أو اقتراب أي فكان. العباس بآل املتمثلة اخلالفة سلطة و السياسي الدولة الذي الفكري فالتسامح. باملوت حكم لصدور كاف ، جتاوزه و منه اقتراب و صلة تربطها ال و رمحة تشوا ال بقسوة قابلوه قد ، العباسيون اخللفاء منحه

287

مسلم أبو هو فها. ديد أو خطر ألدىن ملكهم عرضت حال ، رحم أو قرابة ال القتل مصريه كان ، سلطام و دولتهم دعائم للعباسيني وطد الذي اخلراساين

خطره منا و ، شوكته قويت و أمره استفحل عندما ، املنصور جعفر أيب يد على و كذا هم الربامكة الذين وصلوا إىل . بالرأي االستقالل بوادر منه بدرت و

ت األرض حتت أقدامهم و متت زلل ، ز ول العباسية و مناصبها أعلى مراتب الديف باطنها شبه غامضة ، و يف ظاهرها يف ليلة و ضحاها ألسباب هي متصفيته

استفحال أمرهم و خطرهم على اخلليفة هارون الرشيد و استبدادهم ببعض القرارات دونه .

سي عن العصر األموي بناحية غاية يف لقد تطور الفكر السياسي يف العصر العبااألمهية . فالفكر السياسي األموي ، احتاج لكي ينضج ، إىل خالفة عثمان بن

هزة فكرية ، بدأت حبركة أبو عفان اليت قلبت مفاهيم خالفة من قبله و أحدثت ذر الغفاري و امتعاض غريه من كبار الصحابة و استهجام و استغرام ،

لثائرين عليه و قتله . مث احتاج إىل املعارك احلربية احلاصلة فيما بني بثورة التنتهي بن أيب و معاوية بنت أيب بكر عائشة السيدة اإلمام علي بن أيب طالب و كل من

و اخلطورة . فمن إحدى سفيان و اخلوارج . و هي معادلة يف غاية من األمهية ختلخل أفكارا و مفاهيم سابقة ، الكبرية الطويلة ، أا ميزات احلروب و املعارك

أن الفكر السياسي األموي ، لتؤسس ألفكار و مفاهيم جديدة . و عندما نقول احتاج إىل حدث كذا و كذا ، ليس بالضرورة أن يكون هو صانع هذا احلدث

ليخلق فيه ، حصرا ، بل رمبا يكون قد اعتمد هذا احلدث أو ذاك أو السبب من مبدأ بكل بساطة ، جاء هذا احلدث إليه فخدمه لنفسه مربرات وجوده ، أو

ن هذه األحداث كانت فوق تطور األحداث . و كما ذكرنا سابقا ، فإ . أكرب منهم األشخاص و

على أن الفكر السياسي األموي و بالرغم من يئة تلك األحداث له ، للظهور إىل أمر هام جدا أال قر و التطبيق العملي بدولة بين أمية ، فإنه كان يفتإىل العلن

288

. ذلك ألسباب عدة إليديولوجيالنظرية اإليديولوجية أو التنظري او هو ... منها :

وليدا يف مواجهة فكر ديين قرآين قوي ، وجد لنفسه مكانا أنه كان فكرا ـ ١ود على مستوى اجلغرافية بانتشاره يف األمصار ، أو على مستوى األشخاص بوج

به بثني الصحابة املتشيزيد بن معاوية القاتلة السابقة ، و األمويون الفادحة ، و بالذات أخطاءـ ٢

، و باألخص بعد وقعة كربالء و وقعة احلرة يف منهم نفور الناس اليت أدت إىل املدينة ، ما أفقد األمويني إمكانية التأثري اإليديولوجي و التنظري الفكري على

عامة اجلمهور . الوقت هلم ، ما أفقدهم مع املناوئني م بقمع الثورات و التعامل انشغاهلـ ٣

الكايف للتفرغ ألمور التنظري الفكري السياسي . و أوروبة ( إسبانيا ) . ـ انشغاهلم بالفتوحات يف آسيا و مشال إفريقية ٤بعد خالفة و باألخص ، ذات شوكتهم ـ دب اخلالف فيما بينهم و ضعف ٥

ز . عمر بن عبد العزي الفكري و التدوين ، حىت الديين منه . عدم اهتمامهم أصال بالتنظري ـ ٦

األمر السياسي و ثبات على أن فتوحام الواسعة املمتدة و املترامية األطراف فيما بعد ، و الذي افتتحه العباسيون يف أول فيها ، قد أسس للتنظري السياسي

ب التبادل الفكري و الثقايف فيما بني ، مع فتحهم باخطبهم للعامة و اجلمهور . العرب و احلضارات ااورة هلم

، هو مي ز الفكر السياسي العباسي عن سابقه األمويو التمايز الثاين الذي و اإلرادة أو امل ل كية املستمدة من احلق اإلهلي مبدأ امل ل كية اعتماده و تبنيه ملفهوم

مناسبا و مالئما وم قد وجده العباسيون ، و هو على ما يبدو ، مفهاإلهلية

289

. و هو ما عمدوا إىل تسويقه يف أوائل مللكهم و نظام حكمهم السياسي . السياسي ملكهم عصر دولتهم و خ طبهم بداية حكمهم و

السفاح هو و فيهم خليفة أول خرج ، حبكمهم العباسيون استفتاح بداية فيف و ، املنرب صعد مث بالناس فصلى ، اجلامع سجدامل إىل ، له األوىل الناس بيعة بعد ، دينا لنفسه اإلسالم اصطفى الذي هللا احلمد: ١ قال أن به نطق ما أول كان

به والقوام وكهفه أهله وجعلنا بنا وأيده لنا اختاره و ، وعظ مه وشر فه وكر مه.. أهلها و ا أحق وجعلنا التقوى كلمة وألزمنا ، له والناصرين عنه والذاب ني يف وأهله باإلسالم وضعنا و وقرابته وسلم عليه اهللا صلى اهللا رسول برحم خصنا تعاىل فقال ، عليهم يتلى كتابا اإلسالم أهل على بذلك أنزل و ، الرفيع املوضع

قل( وقال) تطهريا ويطهركم البيت أهل الرجس عنكم ليذهب اهللا ديير إمنا( ) األقربني عشريتك أنذر و( قال و) القرىب يف ودةامل إال أجرا عليه أسألكم ال القرىب ولذي وللرسول فلله القرى أهل من رسوله على اهللا أفاء ما( قال و

و ومودتنا انحق عليهم أوجب و فضلنا وجل عز فأعلمهم) واملساكني واليتامى ضلالف ذو واهللا علينا تفضله و لنا تكرمة نصيبنا الغنيمة و الفيء من أجزل ،منا واخلالفة والسياسة بالرياسة أحق غرينا أن الضالل السبابية زعمت . العظيم

ونصرهم، ضاللتهم بعد الناس اهللا هدى بنا.. الناس أيها. وجوههم فشاهت الباطل بنا وأدحض احلق بنا أظهر و، هلكتهم بعد أنقذهم و، جهالتهم بعد

حىت الفرقة ومجع النقيصة وأمت سيسةاخل بنا ورفع فاسدا كان ما منهم بنا وأصلح على إخوانا و ، دنياهم يف ومواساة بر و تعاطف أهل ، العداوة بعد الناس عاد اهللا صلى مبحمد منحة و منه ذلك علينا اهللا فتح.. أخراهم يف متقابلني سرر بينهم شورى وأمرهم أصحابه بعده األمر بذلك قام إليه قبضه فلما ، وسلم عليه

أهلها وأعطوها مواضعها ووضعوها فيها فعدلوا ، األمم مواريث فحووا

/ .٢٠٥/ ص ، الخلفاء تاریخ/ . ٤١/ ص ،/ ١٠/ ج ، النھایة و البدایة ١

290

و ألنفسهم فابتزوها مروان و حرب بنو وثب مث. منها مخاصا وخرجوا فلما، حينا هلم اهللا فأملى ، أهلها وظلموا ا واستأثروا فيها فجاروا ، تداولوها حقنا علينا اهللا رد و ، أيدينا إىل بأيديهم ما منهم فانتزع منهم انتقمنا، آسفونا يف استضعفوا الذين على بنا ليمن بنصرنا القيام و أمرنا وتوىل أمتنا بنا وتدارك حيث من اجلور يأتيكم ال أن ألرجو إين و، بنا افتتح كما بنا ختم و ، األرض.. البيت أهل توفيقنا وما الصالح جاءكم حيث من الفساد ال و اخلري جاءكم

وأكرمهم بنا الناس أسعد وانتم مودتنا ومرتل حمبتنا حمل أنتم ، فةالكو أهل يا أال والثائر املبيح السفاح فأنا، فاستعدوا درهم مائة أعطياتكم يف زدتكم وقد علينا . املبري

حج أول يف ، بعرفة الناس ليخاطب املنصور جعفر أبو ، بعده من خليفته جاء و يف اهللا سلطان أنا إمنا.. الناس أيها: ١ هلم فيقول احلكم مقاليد استالمه بعد له

بإرادته أقسمه.. ماله على خازنه و ، رشده و بتوفيقه أسوسكم.. أرضه ألعطياتكم يفتحين أن شاء فان ، قفال عليه اهللا جعلين قد و . بإذنه وأعطيته أيها اهللا إىل فارغبوا.. قفلين ، يقفلين أن شاء إذا و، فتحين ، أرزاقكم وق س م يف به أعلمكم ما فضله من فيه وهبكم الذي الشريف اليوم هذا يف وسلوه الناس لكم ورضيت نعميت عليكم وأمتمت دينكم لكم أكملت اليوم( يقول إذ كتابه

و بكم الرأفة يلهمين و للرشاد يسددين و للصواب يوفقين أن) دينا اإلسالم مسيع فإنه عليكم بالعدل أرزاقكم ق س م و ألعطياتكم يفتحين و إليكم اإلحسان

. جميبهذا كله ، يتوافق مع مفهوم امللكية املطلقة و نظرية احلق اإلهلي . فامللكية

كافة على مطلقة سلطات للملك فيه يكون احلكم أنواع من نوع املطلقة هي

. السابقة المصادر نفس ١

291

يتصرف و ، مجاد و نبات و حيوان و إنسان من حتتويه مبا له اخلاضعة املناطق سطوة من للحد قانوين ردع أو دستور مثة ليس و. مبلكه املالك رفتص فيها الشعب بأفراد كامال حتكما يتحكم فهو. حيكم و ميلك ما سيطرته أو امللك

إىل فتقسم ، الثيوقراطية بالنظرية يسمى ما أو اإلهلي احلق نظرية أما. وباألرض من خيتار اهللا أن على لنظريةا هذه تقوم و ، املباشر اإلهلي احلق نظرية.. نوعني إرادة إرادته تعلو لذلك ، اهللا من سلطته يستمد فاحلاكم ، السلطة ملمارسة يشاء

على وتقيمها ، السلطة أساس تفسر اليت النظريات أقدم هي و. احملكومني مصدر من سلطته يستمد احلاكم دام وما ، اهللا مصدرها فالسلطة . إهلي أساس إرادة على إرادته تسمو وبالتايل البشر، من غريه لىع يسمو فهو ، علوي

عليها وقامت ، التاريخ يف كبريا دورا النظرية هلذه كان قد و. احملكومني أساس و. أوروبا يف احلديثة املطلقة وامللكيات القدمية الديانات معظم يف السلطة

. إهلية صفة و بيعةط ذو أو إهلا يعترب األصل يف كان احلاكم أن هو النظرية هذه سوادها و السماوية األديان ظهور و ، الزمن تقدم مع و. اآلهلة من خمتار أو

يعد فلم ، الشأن ذا الدينية املفاهيم تطورت ، العامل من شاسعة مناطق على على ففسرت. اهللا من سلطته يستمد أصبح لكنه ، إهلية طبيعة ذو أو إهلا احلاكم

بأعباء معني وقت يف بذاا أسرة تقوم حبيث معني بشكل دثاحلوا يرتب اهللا أن أو رجال الدين تدخل من امللوك سلطان النظرية حتمي النحو هذا وعلى ، احلكم

. الشعب احلاكم أن مفادهاو ، املباشر اإلهلي احلق.. هو النظرية من اآلخر الشق و

هذه حسب فاحلاكم ، السلطة ويودعه يصطفيه اهللا أن إال ، البشر كبقية إنسان ، اختياره يف أخرى إرادة وساطة دون ، مباشرة اهللا من سلطته يستمد ، النظرية

مسؤول غري وأنه ، اهللا من قوته يستمد و اإلهلي احلق مبقتضى حيكم فهو مث ومن . اهللا غري أحد أمام

292

تهم يف لنظام دول موائمة متاما ، لعباسيني ل بالنسبةلقد كانت نظرية احلق اإلهلي كيان الدولة و اتمع العريب و طرأت على ظل الظروف السياسية اجلديدة اليت

، فنظرية اإلسالمي عموما ، أو اليت أوجدوها هم ، بعد انقالم على األمويني ، حتل الكثري من بالنسبة لعموم اجلمهور ي يف حال مت قبوهلا هلاحلق اإل

تطورات أيةيف ظل ن املمكن أن تنشأ اليت ماإلشكاالت و اإلرهاصات الفكرية سياسية مبعثها الثورات الشعبية اضطرابات ، و بالذات يف حالة سياسية حمتملة

حدوث تغيري يف منظومة النظام السلطوي السياسي األحزاب السياسية أو أو مبختلف مقوماته الفكرية و اإليديولوجية .

جتيري عملية ، بساطة بكل هي ، ةاملطلق امللكية منهاج أو اإلهلي احلق فنظرية غري احلاكم تصرفات تصبح ، لذلك طبقا و. اهللا إىل أعماله و احلاكم تصرفات

أساسها دلةامع على تقوم طرفية لثنائية ختضع بل ، شخصا هو به متعلقة و احلاكم فتصرفات. اهللا بأمر حاكم فهو) اجلمهور – اإلله( مها عنصران

أضحت بل ، مسؤوليتها هو يتحمل ال و ، عاتقه على لقاةم تعد مل ، تبعاا ، اخلليفة أو املؤمنني أمري أو احلاكم قام فإذا. اجلمهور أو اهللا عاتق على ملقاة كله ذلك فإن ، عواقبه و نتائجه أو بنوده أو مقدماته عن النظر بغض ، ما بأمر

و مبشيئته الذي) تعاىل( اهللا عاتق على إما ملقى يكون ، النظرية هذه حسب ي لقى أو ، فيه يد للحاكم ليس و ، حمرابه إىل بابه من ، األمر هذا مت ، إرادته عاقبهم ، أعمال و بأفعال قاموا قد لكوم ، اجلمهور عموم و الناس عاتق على، و هلذا السبب بأمره احلاكم املؤمنني أمري بواسطة ، فيها أثام أو عليها اهللا

اليت نشبت القوية املتعاظمة املتكاثرة قمع العباسيون للثورات بالذات ، كان مؤونة و أخف ضدهم و منها ما كان دينيا ، و إمخادهم هلا ، كان أيسر تبعة و

األمر خرج فقد.. النهائية باحملصلة و. تكلفا ، من تعامل األموين معها و الدولة ؤونش يدير أصبحو ، الضوء دائرة من و الواجهة من كله السياسي

. الستار خلف من ، اتمع و الناس

293

الدميومة معرض يف هلا ينبغي ال ، اإلهلي احلق نظرية أو املطلقة امللكية مفهوم إن يكون ، هلا ، مادي فكري دعم دومنا باهلواء معلقة هكذا تبقى أن ، االستمرار و

و األوائل العباسية لةالدو بناة أدركه ما هو و ، للقوادم الداعمة اخلوايف مبثابة .. اثنني بأمرين تداركه إىل عمدوا الديين املفهوم صياغة إعادة و الديين الدولة بفقه يسمى ما إنشاء : األول األمر

مناص ال واقعا أمرا أصبحت اليت و احلاصلة السياسية املستجدات و يتالئم مبا مينعه و السياسي األمر تثبا على يعمل حبيث الديين األمر قولبة و ، جتاهله من لكل عرضة ، رياحها مهب يف متموضعا بقاءه و الفوضى جمرى إىل االنزالق من

كان أن األمر هذا نتيجة من كان و. آكل لكل أكلة و نابل لكل نبلة و عارض . األخرى املذاهب بقية معها استجرت اليت الدينية املذاهب بعض لتشكل البداية

. مقدمة ليس و نتيجة ، ذلك أن إىل االنتباه و احلذر جيب فإنه ، وبنظرنا حملاولة نتيجة كانت ، العباسي العصر بداية يف تشكلت اليت اإلسالمية فاملذاهب تكن ومل ، واحدة بوتقة يف صهرمها و ، السياسي – الديين األمرين مأسسة . ي ظن كان كما لذلك مقدمة أبو اخلليفة حماولة ، الشأن هذا يف ينيالعباس اخللفاء قبل من حماولة أول كانت) بعد فيما املذهب صاحب( النعمان حنيفة أبو اإلمام استعمال ، املنصور جعفر املخارج و األعذار يلتمس و ذلك يأىب اإلمام فكان ، عليه محله و القضاء على و إياه مهددا ، الفتيا و القضاء ، املنصور جعفر أبو عليه يعرض مرة كل يف حببس أمر ، احليل املنصور اخلليفة أعيت عندما و ، بذلك يقبل مل إن وعدا مت

حياول املنصور كان و. األقوال أرجح على حبسه يف مات و فح بس ، اإلمام الصادق اإلمام لكن ، الغرض لنفس يبدو ما على الصادق جعفر اإلمام استمالة بعد و احلبس و لقتلبا عدة ديد تحماوال بعد أيضا منه اخلالص استطاع هذه لكن و ، أنس بن مالك اإلمام إىل املنصور اجته أن انكف. إزعاج و تضييق

الدين يف كتابا له يكتب أن منه فطلب ،كيال جيابه بالرفض أسلوبه من ر غي املرة

294

اإلمام له فوضع ، أيضا للدولة منهاجا يكون و الرعية عليه تسري اإلسالم و محلوا و لدولتهم شريعة العباسيني جعله الذي و الشهري) طأاملو( كتاب مالك للناس ضع: ملالك قال جعفر أبا أن ١ األثر يف جاء. به االقتداء على الناس اهللا عبد شدائد فيها جتنب و ، كتبا دون ه و العلم هذا ضم و ، عليه أمحلهم كتابا

و األمور أواسط اقصد و ، مسعود ابن شواذ و عباس ابن رخص و ، عمر بن قال فقد ، ذلك بعد حوار بينهما حصل أنه يروى و. الصحابة عليه اجتمع ما إن: مالك له فقال. واحدا علما العلم اجعل ، اهللا عبد أبا يا: ملالك جعفر أبو

، رأى مبا عصره يف منهم كل فأفىت ، البالد يف تفرقوا قد ، اهللا رسول أصحاب قوال العراق ألهل و ، قوال املدينة أهل و ، قوال ) مكة( البلد هذا ألهل إن و فقال) . البيت آل شيعة قصد رمبا( علمنا يرضون ال ، طورهم فيه تعدوا قد و. بالسياط ظهورهم عليه تقطع و ، بالسيف عامتهم عليه ي ضرب: جعفر أبو

، املالكي ذهبامل و احلنفي املذهب تشكل أن ،لذلك كله الزمين األثر من كان اجلعفري و احلنبلي و الشافعي.. املذاهب بقية على جمراه ذلك بعد األمر وجرى

. غريها و و امللك نظام و الدولة لشؤون الناظمة السياسية املؤلفات ظهور : الثاين األمر نظام تثبيت و الدينية املذاهب تشكل مفرزات من منطقية نتيجة كانت اليت

املفاهيم مجيع تناولت اليت السياسية الكتب ظهرت أن فكان . امللك و الدولة و امل لك نظام من ، اإلدارية شؤوا و أعماهلا و الدولة بنظام املتعلقة السياسية

. املكوس و الضرائب و املستخدمني و العم ال و الوالة أعمال و الوزارة نظام و العسكرية تاحلمال و الق واد و باجليش خيتص ما العسكرية الشؤون كذا

مع التعامل آداب و ، األخرى املمالك و الدول مع العالقة و ، احلربية املعارك نتيجة و. ذلك إىل ما و بالسلطان الفقيه عالقة و عليهم الدخول و امللوك

/ .١٤٦/ ص، مالك اإلمام ١

295

له ، املعامل واضح متبلور سياسي فكر ظهورهو ، قول من سبق ما خالصة . البينة أسسه و مقوماته و أعماله ليتيح ، احلديث و القرآن هو املباشر أساسه الذي العام الديين الفكر تضاءل كما. الكتاب بني و بينه وساطة األشخاص و الرجال ج علت مذهيب لفكر اال

ربه اهللا اعتمد فكل ، الدينية املذاهب أفرزا اليت املذهبية الدينية الكتب ظهرتف أم ارتأى الذين الرجال طريق عن لكن ، نبيه) ص( الرسول و كتابه القرآن و

. سلف فيما باألصول معرفتهم يف األصلح، اندرجا حتت إطار الفكر الداخلي ، و السياسي و الديين.. الفكران هذان أو) السياسي الفكر( مباشر كسبب ، العباسية الدولة بنظام وثيق بشكل ارتبطا تطور باب من هي منها بد ال إفراز كحالة و ،) ديين الفكر( مباشر غرب

التصنيع و اإلنتاج باب منه أكثر ، املستجد مع منها العفوي اختالط و األحداث علوم برزت ،الداخليني الديين و السياسي الفكرين هذين ومبقابل. املقصودين

أيضا هو حضاريا فكرا و ثقافيا جانبا مثلت أخرى فكرية و فلسفية و تطبيقية، وهو أمر يقود نشأا ظروف و العباسية الدولة قيام حوادث طورت نتاج من

.إىل بروز مفهوم إشكالية ( اإلسالم السياسي )

:( نقطة نظام ) إشكالية اإلسالم السياسي

بالعموم ، كل أمر سياسي ارتبط باإلسالم أو حاول االرتباط به ، لقد اندرجسمى ( اإلسالم هذا ، مبا عرف اآلن مبيومنا منذ بدء الدعوة احملمدية و إىل

يبقى املربر و من وجهة نظرنا حنن ( السياسة اإلسالمية ) . السياسي ) أوأو ( السياسة اإلسالمية ) األساس ملفهوم و فكرة ( اإلسالم السياسي )الفكري

296

و ال يعين ذلك أن ، هو أن هذا الفكر ذاته ، قد خرج من رحم اإلسالم نفسه ، محل يف طياته بذورا سياسية قابلة لإلنتاش و النمو حلظة توافر املناخ و اإلسالم

. و هنا مربط الفرس يف اإلشكالية الكربى ملفهوم و تغذية املناسبة البيئة و ال. فكيف ينفي اإلسالم جدلية ( اإلسالم السياسي ) أو ( السياسة اإلسالمية )

رمحه من خترج ، مثسة كدين حمض مساوي توحيدي ، فكرة و مفهوم السياو يف و هو ما حتدثنا عنه يف مواضع سابقة من هذا الكتاب ، ؟؟!! مفاهيم هكذا

. ١ة سابق كتب لنااإلسالم ظهر بنظرنا أن التفسري املتضمن املربرات الفكرية املنطقية لذلك .. أن

فكر يف شبه اجلزيرة العربية أبان فترة اجلاهلية ، حيث ال وجود لكما رأينا ، ليكون فكرا مبعىن الفكر املوازي متبلور حيمل هويته اخلاصة املميزة اليت تؤهله

احلضارات القدمية األديان و لفكر اتمعات و الشعوب األخرى ااورة ذات و و هو ما يؤسس تارخييا لنشوء فكر معني قابل للدراسة و العيان العريقة ، ال ميكن إطالق مسمى حلضارة و مقوماا . و من املعلوم أنه بانتفاء االتحليل

و و الدينية الفكر املتداول املتحمل ملقوماته و تشعباته االجتماعية و السياسة . فكان فكر حبد ذاته إذا ، هو ف، حبد ذاته . و مبا أن اإلسالم هو دين غريها

هم ، أول فكر عرفه العرب و ظهر فيهم خماطبا إياهم ، ناشرا نفسه بني ظهراني مبجتمعهم و تركيبتهم االجتماعية ، فارضا عليهم جمتمعا إسالميا فاعال آثاره

موحدا هلم و ناظما لشؤوم الفكرية الدينية و عالقام االجتماعية . و بالتايل حىت ولو كان فإن أي فكر آخر سيظهر أو سيفرض نفسه على العرب فيما بعد

، و ، سيكون ليس من رحم الفكر اإلسالمي ال كالفكر السياسي مث غريبا وافدا ، و هو مربط القضية و أساس إمنا من البيئة اإلسالمية اجلغرافية اتمعية

اإلشكالية الكربى ، و هو ما تومهه البعض من ذلك و نظ روا و أسسوا ملا مسي

، فصل الدیانة السلطان و اإللھ بین الحكمة( للمزید من االطالع على ھذه القضیة ، راجع كتابینا السابقین ١

. )، فصل العرب و الدین ، و ما بعده الرديء العربي الزمن( و )اإلسالمیة

297

و هو رمبا ما أشكل على بعض القوى . التباسا ( اإلسالم السياسي ) مغالطة و ، إذن .. فالفكر يف فترة صدر اإلسالم مبرحلتيها ، األوىل و الثانية و األطراف

السياسي مل يظهر من رحم اإلسالم و إن نازعه رداءه و تلبس بلبوسه ، بل من . ( انتهى ) ذات التناقض الداخلي السابق رحم البيئة اجلغرافية اجلاهلية السابقة

العصر العباسي ، فكر العلوم و املعارف ، و لقد أصبح الفكر العريب يف إذن ..

فكريا ، و استخالصها بعضها ميزته هي التخصص يف العلوم و تدوينها و فرزها ، و ذلك ما انسحب أيضا على أشخاصها و مؤلفيها . فربز علم اللغة من بعض

و و النحو و الصرف ، و الذي كان من أسبابه و حمدثاته ، أن نشأ اللحن اللغة العربية نتيجة اختالط العرب و األعاجم ، و هو كما ذكرنا العجمة يف

سبب تطوري صنعته األحداث و الظروف العفوية ، فكان أن انربى ، سابقا ، و قاموا بإنشاء الكتب و املخطوطات و هل العلم أهلذا األمر احلادث ثلة من

أن من هؤالء من و الغريب الالفت للنظر يف ذلك ، . ١املؤلفات املختصة بذلك هو غري عريب قح ، إما ذا أصول أعجمية و باألخص الفارسية ، أو موىل من

كسيبويه و الكسائي . موايل العرب الذي وضع كتاب أو معجم و من أشهر هؤالء ، اخلليل بن أمحد الفراهيدي

و أصول و (العني ) يف اللغة و النحو و دون فيه ما مجعه و مسعه من قواعد . و لعل أكثر ما اشتهر به ، هو علم رتبها كلها على أحرف اهلجاء كلمات ،، حيث الذي اختص بالشعر العريب و تقسيماته و أصوله و موازينه العروض

قسمه إىل ضروب عدة ، مسى الواحد منها ( حبر ) و جعل لكل حبر منها اسم سريع و ، فكان منها .. الطويل و البسيط و الوافر و الكامل و الخيتص به

/ . ١٦١أدباء العرب في األعصر العباسیة ، ص / ١

298

و وضع أيضا كتاب . الرجز ... اخل . و جعل هلذه البحور ، ضوابط و أوزان . الصوتية خارج امليف

الذي ، موىل احلرث بن كعب و هو ذو أصول فارسية و من هؤالء أيضا سيبويه ، القى شهرة واسعة يف زمانه و ما بعده وضع كتاب يف النحو أمساه ( الكتاب )

ذي كان موىل لبين أسد و هو فارسي األصل . و قد دعاه الكسائي ال. كذلك إىل بغداد و جعله يف حاشيته ، و من بعده ، جعله اخلليفة العباسي ( املهدي )

اخلليفة هارون الرشيد مؤدبا ألوالده ، و هو أحد القراء السبعة و له كتب كثرية . ١يف النحو

، فكانوا لى مجعها و تدوينها حرص هؤالء و أضرام من فقهاء اللغة ، عو قد إىل بغداد بادية و يدونون كالم األعراب فيها ، و إذا ما وفد األعراب يطوفون ال

و كان هؤالء يستمعون إليهم ، أو بعض نواحي العراق ، كالبصرة و الكوفةو النبات و و احليوان اإلنسانيدونون ما يسمعونه منهم من أمساء و صفات

غري ذلك . اجلماد و األشياء و و، و ه هذه كلها وقعت ضمن نطاق الفكر العريب الداخلي الذي ذكرناه آنفا

علوم داخلية اختص ا العرب بشكل عام و اختصت هي م ، أو فكر مثلته و يربز مقابله الفكر العريب الدخيل . بدأت يف أرضهم و جمتمعام

الفكر العريب الدخيل :

صناعته و مل يكن موجودا يد يف للعربمل يكن كر الذيالفكر الدخيل ، هو الف

تعاطيهم السابق مع الشعوب و عرب معرفة سطحية ه، لكنهم كانوا يعرفونلديهم للشعوب ااورة هلم ، أدرك و بعد الفتوحات اإلسالمية . احلضارات ااورة

/ . ١٦٩المصدر السابق ، ص / ١

299

راا و هلم من جما م أمام حضارة علمية ال بد أأكثر جدية ، العرب بشكل التعامل معها و معرفتها .

فقد . ذلك يف يد له، الضاغطة منطقيتها و احلوادث تطور فإن ، بنظرنا و فتحول ، الضاغط الوافد اتمعي اإلسالمي األمر لضغط اجلاهلي اتمع تعرض

اتمع بدوره و. الراشدة اخلالفة عهد بداية و احملمدية الدعوة عهد يف إليه أمية بين عهد يف إليه فتحول ، الضاغط الوافد السياسي للعامل تعرض ، الديين الضاغط الوافد األممي للعامل بدوره تعرض الذي ، سياسية دولة ليصبح

و هو تسلسل . العباسي العصر يف إليه فتحول ، الشعوب و احلضارات باختالطن التشخيص و الفكر العريب ، لتربير نأيه عتفسريي للحوادث التارخيية لتطور

صريورة لت شكل األشخاص . و تندرج العلوم الدخيلة يف هذه السريورة التارخيية تفسريية .

من علوم الرياضيات و الفلسفة و الكيمياء و و عموما تتألف العلوم الدخيلة ، و علوم اجلغرافية و األجناس و الطب الصناعة و الفيزياء الذي مسي بعلم احليل

، و هي مجيعا علوم اصطدم ا العرب من باب التعلم و اإلدراك . و و الصيدلة ليس من باب العلم . فهم على األرجح كانوا يعرفون بوجودها و يسمعون عنها

ه ، تعاطى البعض منهم ا سابقا ، من خالل احتكاك، و رمبا يف أحايني نادرة ذلك حاالت بالشعوب ااورة و باألخص بالد فارس و الروم ، و قد شك ل

فردية متشرذمة هنا و هناك ، ال ترقى إىل مستوى اإلملام اجلماعي و اإلدراك انتفاء احلاجة املاسة هلا ، و عدم القدرة على حتص لها يف اتمعي هلا ، بسبب

البيئة اجلغرافية و الفكرية السابقة . ففي فترة اجلاهلية تعذ رت اإلحاطة ا و . أما يف فترة صدر اإلسالم ، أسباب شرحناها سابقا احلاجة إليها ، لظروف و

فقد انتفت احلاجة إليها ، حيث اهتمت الدعوة احملمدية بالدين اإلسالمي فقط و بصبغته فقط . و القرآن الكرمي ، و إن حتدث عن العقل و تشكيل جمتمع يصطبغ

األمر و التدبر يف األرض و السماء ، فإنه مل يذكر بتاتا إعماله ، و العلم

300

تطبيقية يف السياسي و كيان الدولة و نظام امللك .. لذلك مل يكن هنالك علوم اتمع الديين داخل حدود منظومةهذه الفترة ، ألن اهلدف ، كان البقاء على

، بقي األمر على حاله كون األمويني مل جغرافية حمددة . و يف العهد األموي إال يف احلدود اإلدارية لكيام السياسي ، ي يهتموا أبدا بالتطور الفكري العلم

بالتعامل مع األمر الداخلي املتوتر لديهم و توطيد دعائم حيث كانوا منشغلني امللك السياسي ، فضال عن أم مل يسمحوا باالختالط الثقايف و الفكري بني

املتحضرة ، فاعتربوا أم أجل من أن يأخذوا العرب و غريهم من الشعوب لوم من غريهم . الع

يف العصر العباسي ، حبضارات تلك و طبقا لذلك ، فقد اصطدم العرب أم ضعاف أمام تلك و اليونانية ، و أدركوا الشعوب و بالذات الفارسية منها

املتحضرة اليت غلبوها على اة هذه الشعوب الشعوب ، و أنه ال ق بل هلم مبجارو ينقلوها إليهم ، و أن ينهلوا من علومها أمرها و سادوا عليها و حكموها ، إال

جيل وا علماءها و حيترموم و يرموا هلم بعصا الطاعة الفكرية . و إننا هنا ، لنقف رؤوس العلم و الفكر يف العامل أن بعض الشيء ، و هي غريبةأمام حقيقة

ءهم اهفقمذاهبهم الدينية و العريب آنذاك ، جل هم ليسوا عربا ، حىت رؤوس .. حىت الذين ترمجوا أو نقلوا العلوم كذا األمر جلهم ليسوا عربا ، يف الدين

. ؟؟!! األعجمية للعربية ، هم ليسوا كذلك

إىل العلوم الدخيلة كانت الترمجة هي األداة األساس املعتمدة يف اختالف العرب اخلليفة ، يف عهد الفكرية ، العلمية منها و النظرية . و قد بدأت أول ما بدأت

الذي أمر بترمجة ضروب من الكتب يف الطب و احلساب و ١أبو جعفر املنصور و بعدمها الرشيد . ، املهدي و اهلادي اهلندسة ، و جرى ذلك من بعده يف عقبه

المصدر السابق . ١

301

النقل و الترمجة ، قد بلغت موضعها يف عهد اخلليفة املأمون الذي أن ذروة على راسل ملوك الروم يف طلب الكتب ، و جيعل للعلم و العلماء ، فكان ي كان حمبا

بينه و بينهم ، فكان هؤالء يلبون إخراجها إليه ، من شروط الصلح فيما بني و كان يبعث الب عث إىل أرض الروم ليطلبوا العلم و طلبه راضني أو مكر هني .

العلوم و نقلها ، أنه كان املؤلفات . و قد بلغ من شدة حرصه على استحضار رمجي الكتب ، وزن ما ترمجوه ، ذهبا . و كانت مصادر النقل الرئيسة مينح مت

١و السريانيةهي الفارسية و اليونانية و اهلندية و املخطوطاتللكتب و املؤلفات و كان جل ن ق لة هذه املصادر من أهلها و شعوا و ليسوا من العرب .

نقلة يف رئيسا سببا ، لعربا استوردها اليت النقلية أو الدخيلة العلوم كانت لقد الذي الفكري التغيري ساوت أو ضاحت رمبا ، هلم جوهرية و نوعية ، فكرية حالة من م غريت جوهرية و نوعية نقلة إىل م فأدى عليهم اإلسالم به وقع

إىل ، بصفاا املتصف و ا اخلاص فكرها و املفككة العفوية املتشرذمة اجلاهلية ذا إسالميا جمتمعا أصبحوا قد م فإذا. فكرا و نوعا ، متاما خمتلف آخر كيان . مركزية روحية سلطة أن ، للعرب بالنسبة النوعية نقلتها متثلت اليت العلوم تلكم كانت ، األمر كذلك األثر ذات البارزة و ، املتقدمة الراقية اإلنسانية احلضارات مواقع إىل نقلتهم أن ، الذهبية الفترة ، البعض عد ها ، الفترات من فترة يف العرب فوصل. العلمي . إشعاع مركز و أمجع للعامل منارة ، اجلغرايف موطنهم أصبح و للحضارة بالنسبة دفعها جيب ضريبة هنالك كانت ، يبدو ما على أنه على

الضريبة كانت لقد. ذلك جراء من املتحصلة الرفاهية و ، الفكري التسامح مبوضعه متموضعا السابقة إشكاالته بكل السياسي – الديين األمر داع بأن

و الفلسفية و الفكرية منها بالذات و ، العلوم تلك بلباس متمظهرا و اجلديد

نفس المصدر السابق . ١

302

متكأ فيها استمر و الدينية باملذاهب بدأ فقد. الكالم و اجلدل ذات املنطقية و الفلسفية العلوم هذه جتيري مت فقد ، بساطة بكل و. الكالم و اجلدل علم على

عنهما متخض ما و ، السياسية و الدينية اإلشكاالت خلدمة، املنطقية و الفكرية ذي كل فكان. اعتبارية فكرية كانت لو و ، سياسية كيانات و مذاهب من

العلوم تلك على يعتمد و برأيه يتمسك ، دينيا أم سياسيا .. كان مهما رأي فرق و مذاهب هنالك أن حىت ، إفحامهم و اخلصوم ة حملاج النقلية الفكرية الكالم علم و العقل على اعتمد الذي املعتزلة كمذهب الظاهرة هذه من نشأت

هي تورطت فقد ، ذلك من احلاكمة السياسية األنظمة تنجو مل و. املنطق و و املنطق و الفكر نار لفح نتيجة رمبا ، األمر هذا يف بدورها األخرى إىل ألسنتها امتداد و ، نفسها اخلالفة مقام ، السابقة السياسية الدينية تاإلشكاال عهد يف نشأت اليت) القرآن خلق( قضية ، سبق ما أمثلة أحد و. كرسيها هو كان و العلم و التنوير حركة صاحب ، نفسه العباسي املأمون اخلليفة

املأمون محل حيث الذكر آنف كالمنا على ا يستدل ما هذا و ، صاحبهاو قد طلب إىل وزيره يف كتاب له أن ميتحن كبار القرآن خبلق القول على الناس

حبضرتك : فامجع من ١جاء فيه القوم من أهل الفقه و الدين مبسألة خلق القرآن يهم كتابنا و امتحنهم فيما يقولون ، و اكشفهم عما اقرأ علمن القضاة ، ف

أين غري مستعني يف عملي و ال واثق مبن علمهم يعتقدون يف خلقه و إحداثه ، و أحبضرم من الشهود ال يوثق دينه ، فإذا اقروا بذلك و وافقوا ، فمرهم بنص من

، و مسألتهم عن علمهم يف القرآن و ترك شهادة من مل يقر أنه خملوق ، و . و األمر هلم مبثل ذلك اكتب إلينا مبا يأتيك عن قضاة أهل عملك يف مسألتهم

، ا للسياسة عالقة ال ، حبت دينية فكرية قضية هي إن قضية ( خلق القرآن ) و ، قبل من سابقة جذور هلا يكن مل و ، الغموض يكتنفهما منشأها و أصوهلا و

/ . ٢٤٦تاریخ الخلفاء ، ص / ١

303

يف أو الراشدين اخللفاء عهد يف ال و) ص( الرسول عهد يف ال ، أحد يطرحها مل العقلية مستوجباا و الفكرية كاالاإش أمهية إىل نظرنا إذا حىت. أمية بين عهد

غري أا عن فضال ، األمهية من املستوى هذا على ليست لرأيناها ، املنطقية و. اجلدلية عناصرها على ال و البعدية الطرفية التناقضات مقومات على مشتملة

حىت!!! . ؟؟؟ خملوق غري أم خملوق القرآن: تسأله و لشخص تأيت أن معىن فما، اإلجابة يف حيتارون كانوا ، ظهورها فترة عاشوا الذين الفقهاء كبار بعض أن

، بعض أهل العلم و منهم بشر بن الوليد، على بغداد املأمون لفعندما سأل عام: مل : كالم اهللا . فقال له الوزير: ما تقول يف القرآن ؟؟ أجابه الوليد فقال له

ال أعرف : حمتارا ؟؟ . أجاب الوليد لوقأم غري خم.. أخملوق هو أسألك عن هذا و عندما سأل غري ما قلت لك ، و قد استعهدت أمري املؤمنني أن ال أتكلم فيه .

؟؟ أخملوق هو أم غري خملوق ؟؟ . علي بن مقاتل : يا علي ، ما تقول بالقرآن . أجابه علي : القرآن كالم اهللا و إن أمرنا أمري املؤمنني بشيء ، مسعنا و أطعنا

عندما سئل عن نفسه كذلك فعل الفقيه الزيادي . حىت اإلمام أمحد بن حنبل ؟؟ أجاب : هو سوآله : أخملوق هو فأ عيد بالقرآن أجاب : هو كالم اهللا ، رأيه

. ١ال أزيد على هذا وكالم اهللا أذرع و أرجل ، إال عندما أصرت و على ما يبدو ، فإنه مل تظهر للقضية أيد و

منحى خطرا جدا ، قضية ( خلق القرآن ) ، حيث بلغت على ذلك الدولة ، و مل أن القرآن غري خملوق أصبح الناس ي قتلون عليها إذا صرحوا أو أفادوا ف

، حىت بعض أصحاب املذاهب منهميسلم من ذلك كبار الفقهاء و رجال الدين . كأمحد ابن حنبل

، يشكل ما أمرا سياسيا أو دينيا رأتو الذي يبدو لنا ، أن الدولة العباسية ، و ال خطرا مباشرا عليها ، أو خطر غري مباشر قد يستفحل فيما بعد و يدامهها

نفس المصدر السابق . ١

304

خطر أو قضية فكرية هلا عالقة خبلق لكنه على ما يبدو ، ندري ما هو بالضبط . القرآن ، قريبة أو بعيدة .. و اهللا أعلم

هائال فيما بعد ، امتد لسنوات ا فكريا للنظر ، أا قضية أخذت بعدفالالفت ، فيما عديدة ، و أضحى يشكل خالفا جوهريا ، نشأت عليه مذاهب و فرق

بقضية ( البيضة و الدجاجة ) أن يؤتى بقضية شبيهة بنظرنا بعد ، و إال فما معىن و علية ، و ي جعل منها إشكاالت فكرية و حمنة ي قتل عليها الناس جلهة اإلشكالية

القوم من رجال دين و قضاة ، و تكون مطروحة من قمة اهلرم السلطوي يف الدولة ؟؟؟!!! . السياسي

االجتهاد و إغالقه، هو وقف باب أثره قد ترككون يرمبا حدثعلى إن أهم

و مذ أثر ذلك على قضية البحث العلمي و االستنباط الفكري آنذاك . حيث زامنا مع تضعضع كيان الدولة السياسي و تفكك أ قف ل باب االجتهاد الديين مت

و ضعف سلطتها املركزية بسبب سيطرة األعاجم عليها و باألخص أواصرها و قمعهم ألية ظواهر فكرية . تزامن ذلك األتراك منهم ، على شؤون الدولة

كله مع ظهور اإلمارات و املمالك املرتبطة امسيا باخلالفة املركزية يف بغداد ، ، و احندر فانكفأ الفكر العريب مذ ذاك احلني عمليا ، مستقلة عنها . لكنها

، إىل يومنا هذا . و العرب بعد ذلك إىل غياهب االحنطاط و التخلف و اجلمود ، و مل يعد هنالك حوادث ألي فكر جديد وقعوا يف حفرة مل خيرجوا منها أبدا

. ميكن توصيفه و دراسته الفكر العريب و تطوره يف العصور السابقة ، من و بذلك نسدل الستار على

الذي كان ما بعده ، مثله متاما الثاين من العصر العباسي و حىت النصف اجلاهلية .

305

ختضع لسبات شتوي دام قرونا من يف الوقت الذي كانت فيه املنطقة العربية ، سوى أن ابان يف القرون املتأخرة ذاا حالة الصني و الي شاب ه الزمن ، لعله

الطبيعي عليها و اجلغرايف لاليابان على سبيل املثال ، قد عانت من وطأة العاملدوامة تأثريه فيها ، فهي عبارة عن جمموعة من اجلزر املتناثرة املعزولة و املعرضة كان مستمرة من الزالزل و اليت كانت جزء مما يسمى بالشرق األقصى و الذي

، إذ توض ع يف أقصى األرض منتبذا مكانا قصيا بعيدا عن له من امسه نصيب و هو أمر حبال من األحوال ، ال ميكن مقارنته االحتكاك البشري العاملي .

له من أيضا و الذي كان جبغرافية املنطقة العربية أو ما يسمى بالشرق األوسط توسطت قارات العامل حيوية تراتيجيةامسه نصيب ، فهو قد متوضع يف منطقة إسو ل بؤرة االحتكاك البشري العاملي ، ث الثالث األساس يف كوكب األرض ، و م

و تنوعها . بؤرة ملهد احلضارات و تالقحها ، و األديان و نشوؤها ترد فكري و حضاري و يف الوقت الذي كانت فيه هذه املنطقة تعيش أسوأ هذا

هو االحتالل أال و أسوأ احتالل عرفته يف تارخيها ، علمي ، و ترزح حتت نري، وكان الحق حلمالت مغولية تترية ح فوقها قرونا أربع زرالذي العثماين ،

.. خربت و دمرت و أحرقت و أهلكت ، مرورا أكلت األخضر و اليابس طبغ ، ملقية به يف األار حىت اص فكرا حضاريا كبريا أتلفتباملدن العربية ، و

لوا بلون حرب الكتب األسود .

306

من قمقمه بعد يف هذا الوقت و السبات ، كان املارد األورويب ينتفض خارجا نريان احلضارة الشرق أوسطية . فعمد إىل حركة شبيهة بتلك اليت أن لفحته

الكتب و املؤلفات من استجالب للعلوم والعباسي ، حصلت يف بداية العصر إىل اإليذان ببدء عصر التنوير إىل أوروبة و ترمجتها ، ما أدى العلمية و نقلها

يب و لكن راألورويب . الذي كان عبارة عن نسخة مكررة من عصر التنوير العأن ال يقع يف اخلطأ الذي .. و لكن حرف استدراك .. آثر األورويب هذه املرة

ر .. و هو خطأ بداية األم من قبله ، و الذي وقع فيه هو نفسه يبوقع فيه العرأو تتبع أثر التاريخ ، ما بغريزة خفية إ دمج األمر الديين و السياسي معا . فأدرك

كرية فحىت ينهض هذه املرة ، ضة علمية و حركة اتمعات و الدول ، أنه جبارة ال ترتد به إىل حافرة اجلهل و االحنطاط مرة أخرى ، أدرك أن عليه فصل

الذي جاء يف مرحلة الحقة من مراحل التنوير لسياسي األمر الديين عن األمر ا الفكري و العلمي يف أوروبة .

الديين عن السياسي يف أوروبة ، كان أمرا حتما مقضيا ، حيث و يبدو أن فصل بدأت بوادر الصدام فيما بني الديين و العلمي ، تظهر ، أو باألصح من وجه

خلالف إىل صدام شرس فيما بني .. الكنسي و العلمي . و ملا حتول اآخر و تصفيتهم ، و إىل قتل العلماء لكنيسة طرفني وصل إىل مرحلة جلأت فيها اال

حرق الكتب العلمية و إتالفها ، ذلك كله حبجة أنه سحر و شعوذة و هرطقة ، إىل عصر القرون الوسطى و اإلقطاع الديين . هنا ذن ببدء االحندار و العودة آما

إىل مرحلة شبيهة مبرحلة قفل باب االجتهاد عند م عائدون أدرك البعض أالعرب و املسلمني ، و االحنطاط الفكري لديهم ، و خباصة و أن اخلطر العثماين

معه ، ال تزال قيد التفعيل و معاركهم احلربية ، كان ال يزال جامثا على أبوام ، و اليت كان دعاة ، فكان ذلك إيذانا بثورات اإلصالح ضد الكنيسة و العمل

من بعد ذلك ، ببدء ا ، و إيذاناإلصالح الربوتستانيت ، عمودها األساس

307

و هو وجه ، الثورات ضد امللكيات املطلقة املتماهية مع مفهوم احلق اإلهلي رئيس من وجوه دمج الديين مع السياسي ، و هو ما ال يصح .

ثورة الفرنسية اليت أطاحت املطلقة ، هي الكانت أول ثورة ضد هذه امللكيات امللك لويس السادس عشر و زوجه امللكة ماري بعرش امللكية يف فرنسا بشخص

أنطوانيت اليت كانت هي األخرى بدورها من فرع الساللة امللكية النمساوية اليت النمساوية املتسعة آنذاك ، مبوجب امللكية املطلقة و اإلمرباطوريةكانت حتكم

مللكيات املطلقة مستبدلة اط سق . لتتواىل الثورات بعد ذلك و ت مبدأ احلق اإلهلي. حىت بريطانيا العظمى ، فإا و إن جنت من بنظام احلكم اجلمهوري إياها

موجة الثورات العارمة اليت اجتاحت أوروبة ، فإا مل تنج من لفح نرياا ، فقد كل السلطات حتولت هي األخرى بدورها إىل ملكية دستورية ، فلم تعد

. حمصورة بامل ل ك لقد كان الشعار األساس لكل ما سبق من ثورات ، هو .. فصل الدين عن

، و هو أول حدث اعتمدته الثورة الفرنسية و وضعته ضمن الدولة و السياسة و هو إعالن ميثاق اإلطار القانوين الدستوري ، مث تال ذلك أهم حدث عاملي

ثابة دستور يف فرنسا . و ما لبثت أن انتقلت حقوق اإلنسان ، الذي كان مبباملبدأ عدوى ذلك إىل أمريكا نفسها حيث قامت الواليات املتحدة األمريكية

و العبادة و الفكر ، و فصل الدين ذاته و ثبتت الدساتري الكفيلة حبرية اإلنسان عن الدولة و السياسة .

ت جذرية غريت مسار العامل و فإن الثورة الفرنسية أدت إىل أهم تغي راإذن .. هي .. و مبدأ احلق اإلهلي . إسقاط امللكية املطلقة - فصل الدين عن الدولة و السياسة . - و احلريات العامة . ميثاق حقوق اإلنسان -

308

أن يصدروا و لعل إحدى فضائل القائمون على الثورة الفرنسية ، أم قرروا ها ثورة أممية و ينقلوا حىت إىل ما وراء أفكار ثورم ، إىل العامل أمجع و جيعلو

، فكان أن ساندوا الواليات املتحدة األمريكية آنذاك يف ثورا و حرب البحار ضد بريطانيا اليت كانت حتتلها و تسيطر على أراضيها . كذلك األمر استقالهلا

ق و ولوا شطرهم املشرمع بقية املقاطعات و الدول يف القارتني األمريكيتني . يف أول محلة عسكرية أيضا ، فكانت مصر أول بقعة مشرقية يتوجهون إليها

أوروبية ، بقيادة نابليون بونابرت . و يف الوقت نفسه ، كان ذلك أول اتصال ذلك إيذانا ببدء حضاري عملي فكري للعامل العريب بالعامل اخلارجي ، و كان

عجب يف ذلك ، فقد اعترب معظم و الاملرحلة التأسيسية للفكر العريب املعاصر . و العربية النهضةبداية كانت الباحثون و دارسوا التاريخ ، أن احلملة الفرنسية

. و بنظرنا ، فإن احلملة الفرنسية خروج العرب من سرداب االحنطاط املظلم و .ث املقدمات و املتون و النتائج يمن حعلى مصر ، كانت مبثابة الصدمة

بنتيجة منطقية إذا ، خنرج ية إىل تلك املقدمات و املتون و النتائج بالنظرة التارخيأن احلملة الفرنسية على مصر كانت السبب املباشر و و هي .. مل جنانب املنطق

و بزوغ ضة فكرية الرئيس يف إحداث تغري جذري جوهري يف العامل العريب عن اعتبار ذلك قوية ، شاء من شاء و أىب من أىب ، ذلك بغض النظرعلمية

، و إذا كان ذلك كذلك ، فمصر و العامل العريب بامل استعمار أم غري ذلك كانت مستعمرة من قبل املماليك و األتراك العثمانيني و الذين هم ليسوا عرب ،

و يتضح ذلك من خالل تبيان . و مل جيلبوا للعامل العريب غري التخلف و اخلراب فهي مل من وقائع . ونابرت على مصر و ما رافقها سري أحداث محلة نابليون ب

نظرا وتكن فقط صدمة للمصريني ، بل للعامل العريب و العثمانيني و املماليك . العامل و األوسط للشرق املباشر الفكري احلضاري لالتصال األوىل البذرة ألن

نافإن ، لفترة فيها استمرت و مصر يف كانت ، املتحضرة أوروبة مع العريب . م فر د بفصل ذلك سنختص

309

احلملة الفرنسية على مصر

الذين رمبا ظنوا أنه ال بدأت احلملة الفرنسية على مصر عندما استفاق املصريون حربية جمهولة اهلوية أحد غريهم يف هذا العامل ، استفاقوا ليجدوا سفن يوجد

ها معاقل البحرية يف اإلسكندرية ، أخذت تدك مبدافعترسوا أمام شواطئهم وكالء العثمانيني ، ليتضح فيما بعد أن هذه السفن هي ألقوام يسمون املماليك

و يف هذا املبحث ، فإن ما يرأسهم شخص يدعى نابليون بونابرت . الفرنسيني يهمنا أن نناقشه أكثر من غريه ، هو اجلانب الفكري العلمي يف هذه احلملة ، ال

و لكي تتضح فالكل كانوا مستعم رين . اجلانب السياسي و ال االستعماري ،، فمن هو نابليون ؟؟ هو ليس قائد مغويل الصورة أكثر ، نقدم حملة عن نابليون ائد عسكري من و سيب النساء ، بل هو ق أو غاز مهجي جاء للسلب و النهب و هو قبل بدء محلته على مصر ، عرضت ، قواد الثورة الفرنسية صاحبة املبادئ

أمر من الصعب ، و هو ١ ية باريس العلمية الشهرية ، مقعدا فيها عليه أكادميفقبل نابليون املقعد و بعث رسالة إىل األكادميية . املستصعب أن يناله أيا كان

إن القرار الذي قرره رجال امع الناني ، ليشرفين ، و أين ألحس :يقول فيها لزمالة ، ينبغي علي أن أبقى ابأين قبل أن أمتكن من الوقوف معهم يف موقف

زمنا طويال تلميذا هلم . و إن النصر احلقيقي الذي ال يعقبه أسف و ال ندم ، هو و إن أنبل و أنفع ما تسعى له األمم ، ذلك النصر الذي حيرزه العلم على اجلهل

. ) ( انتهى ... هو سعيها فيما تتسع به مملكة الذهن البشري يف جلسات امع العلمي لألكادميية و شكل منتظم ، بو بدأ نابليون يشارك

بعد ذلك بفترة ، قرر بدء محلة عسكرية على مصر و كان . يشترك ببحوثه بني فرنسا و انكلترا الساخنة - السبب الرئيس على ما يبدو ، هو احلرب الباردة

/ . ١٢٥ص // ، ١حیاة نابلیون ، ج / ١

310

. و قد اصطحب نابليون معه كوكبة كبرية من و ضرب مستعمراا يف اهلند الفرنسية ، ليعاونوه يف دراسة مصر ة العلماء و كبار الباحثني من األكادميية خري

، فاصطحب معه ، حىت يتسىن له وضع املشروعات الالزمة لتعمريها و إحيائها و علماء من االختصاصات كافة ، بالتاريخ القدمي و علم احليوان و النبات

يف ، و كان جيتمع معهم س و األجناالشؤون االقتصادية و الصناعية و اآلثار . آراءه و مشروعاته اليت سوف يقوم ا يف مصر ليستعرض معهم يوميا السفينة

ملماليك ذوي األسلحة و ملا وصل ميناء اإلسكندرية يف مصر ، دارت بينه و بني ااملماليك و دخول الفرنسيون ، معركة سريعة كان من أثرها فرارالبدائية

. احلكم الفرنسي ليبدأ صر كلها و من مث م اإلسكندرية و الفرنسيني مناوشام يف الديين األمر على كالعادة املماليك اعتمد قدل

يف جاء. معهم للوقوف األهايل مهم باستنفار مصاحلهم و لصاحلهم استخدامه و البخاري يقرأوا" و يوم كل جيتمعوا أن الدين رجال من طلبوا أم) اجلربيت(

و الربامهة و الرفاعية و األمحدية فقراء مشايخ كذلك و ، واتالدع من غريه ، الشعاير و األشاير أرباب و الطوائف من غريهم و ، السعدية و القادرية االسم يذكرون.. املكاتب أطفال وكذلك ، باألزهر جمالس هلم يعملون و لالطبو يدقون األشاير أرباب و الفقراء خرجت و. أمساء من غريه و اللطيف

صعد و. الدينية االبتهاالت و النبوية باألذكار ينادون و بالزمور يصيحون مسته كبريا بريقا منها نزلأ و القلعة إىل ، األشراف نقيب ، أفندي عمر السيد حيملون العامة ألوف حوله و بوالق إىل القلعة من فنشره ، النبوي البريق العامة

جلس و ، املناجاة و بالدعاء يهللون و ونيكرب و يصيحون ، العصي و النبابيت. بالنصر اهللا إىل يبتهلون و يدعون ، ببوالق بك علي بزاوية ، العلماء مشايخ

و" ١ قائال للفرنسيني املماليك مالقاة قبل مصر يف احلال اجلربيت وص ف كما

/ .٢٤٤/ ص الجبرتي ١

311

و ، األسباب لتعطل ، بيوما يوما أقوام حيصلون الذين بالفقراء احلال ضاق أما. دمههم مبا انشغاهلم و احلكام التفات لعدم بعض على بعضهم الناس تعدى بعضهم ينهب و بعضا بعضهم يقتل ، ساق على قامت فإا ، األرياف بالد

أوله من مصر قطر صار و ، النواحي و األطراف على العربان غارت و ، بعضا إفساد و األموال على إغارة و شر قيام و طريق إافة و ب و قتل يف ، آخره إىل

. ( انتهى ) حيصى ال الذي الفساد من ذلك غري و املزارع ، قلوم متنافرة األجناد لكن و" قائال املعركة يف املماليك حال أيضا وص ف و

رفاهيتهم، و تنعمهم و حيام على حريصون ، آراؤهم خمتلفة ، عزائمهم منحلة يف مغمورون عدوهم شأن حمتقرون ، جبمعهم مغترون ، رئيسهم يف خمتالون " . غفلتهم

دولتو أفندم حضرة : ١ب يقول فيه او قد بعث نابليون إىل الوايل التركي كتتلري .. إن مجهورية فرنسا قد عزمت على إرسال محلة لقطع دابر املماليك من

وكم مصر ، و مع أنكم انتم أصحاب السيادة و السلطان ، فإن املماليك قد جعلأن يسركم جميئنا إىل هذه كاألسرى حتت نفوذهم و سطوم ، و لذلك ال بد

و هنالك منشور الديار ، فهلموا للقائنا و العنوا معنا املماليك .. بونابرت . عند نزوله ميناء أيب قري ، احتوى على أطلقه بونابرت لعموم الشعب املصري

. املبحثهذا يف ده املناسبمور، سنورده جانب كبري من املقومات الفكرية الفرنسيون من مناوشات بعض بقايا نود اجليف الطريق إىل القاهرة ، عاىن

اليت املماليك و األتراك و السبب يف ذلك ، هو أن رجال البعثة العلمية الفرنسية اليت تصادفهم يف ترافقهم ، كانوا يوقفوم طوال الوقت لفحص أثر من اآلثار

دأ اجليش يتشكك يف صدق نية احلكومة الفرنسية ، ظنا منهم الطريق ، حىت ب. و كان من بني بعثة العلماء أا أرسلتهم إىل مصر ، فقط حلراسة هؤالء العلماء

نفس المصدر السابق . ١

312

الفرنسيني ، مهندس بارع ق ط عت رجله يف حرب سابقة ، فاستعاض عنها بساق ، أن عرفه . و بلغ من شدة اهتمامه و حبثه و جتواله يف أرض مصر خشبية

. املصريون وأطلقوا عليه اسم ( أبو خشبة ) املماليك و و قد دارت معركة أخرى فاصلة عند أهرام مصر بني الفرنسيني و

. نظر نابليون الترك الذين كان شعارهم فيها ( اهللا أكرب على من طغى و جترب ) جيال تنظر : أيها اجلنود .. إن أربعني إىل األهرامات من بعيد و صاح جبنوده

و دارت معركة قصرية خاطفة بني الطرفني ، . ١ليكم من فوق هذه األهرامات إفر فيها املماليك و األتراك أمام الفرنسيني مع أمواهلم و جموهرام و نفائسهم .

و يتخلون عنهم يف رؤساءهم و أسيادهم ، يفرون أمامهم و ملا رأى املصريون حيكموم باسم اهللا ، أن أومهوهم أم بعدأحرج األوقات و أصعب الظروف ، و بعثوا إىل نابليون يطلبون األمان على استسلموا هم بدورهم للفرنسيني

و أرسل رسوال ينادي بالطبل ، فأجام نابليون إىل ذلك أنفسهم و أمواهلم . (األمان للرعية مجيعا )

بني احلكم ، للمصريني بالنسبةبدأ نابليون حكمه يف مصر مبفارقة واضحة مثرية ، فرسم أساس حكومة البالد اإلدارية بأن ماليك الفرنسي و حكم األتراك و امل

. و و قام بتقسيم القاهرة إىل أقسام عدة ، أنشأ جمالس القضاء و اإلدارة احمللية كل حسب مكان إقامته ، مث أمر أن يتعهد األهايل الطرقات و نظافتها و إضاءا

. مث ما لبث أن صر العيين العام ملعاجلة عموم الشعب و اجلمهور أنشأ مشفى القو عندما حاول املماليك الفارين إىل عكا ، قسم مصر كلها إىل أقاليم عدة

، مجع نابليون كبار مشايخ تأليب املصرين عليه باسم اهللا و اإلسالم و العقيدة هم مبا فعله املماليك مصر و طلب منهم أن يدعوا مواطنيهم إىل الطاعة مذكرا إياالذين الحظوا فارق م و ما فعله هو . و يبدو أن ذلك أقنع املشايخ و اجلمهور

المصدر السابق . ١

313

، تدعو ع كبار املشايخ ياألمر ، فصدرت نشرة طويلة ذا اخلصوص مذيلة بتوقابليون بعد ذلك مث قام نالشعب إلمهال أمر املماليك و صرف النظر عنهم .

كليبيا و تونس و ة و راسل الواليات املتامخة ملصر إىل مك بتعني أمراء للحج قائال هلم أن مصر ترحب حبجاج تلك البالد يف طريقهم إىل احلجاز و اجلزائر

و هو يوم كان و عندما جاءت ذكرى فيضان النيل تتعهد بتيسري أمورهم . ع حلضوره و شارك هو و ياملصريني حيتفلون به من قبل ، دعا نابليون اجلم

. و ملا قدمت مناسبة عيد املولد النبوي ، فوجئ املصريني باالحتفال جنودهو أخرى كربىكانت مفاجأة مثحبضور نابليون احلفل مع بعض كبار ضباطه

لو معهم ما أن رأوه يدخل املسجد وقت الصالة و جيلس خاشعا يت، سارة هلم الساجدين . الكرمي و يركع مع الراكعني و يسجد مع يلقنوه من آيات القرآن

الفكري احلضاري الذي و إىل جانب األمر الديين ، كان هنالك األمر العلمي ، و أول ما كان ذا األثر األكرب يف تغيري مصر خصوصا و العامل العريب عموما

أكرب حدث علمي و فكري يف هو و إنشاء امع العلمي ابتدأ نابليون به كان و اختصاص عدة يأخذ كل فرع منها مبهمة ، و قد قسمه إىل فروع علميةمصر

معني . مث شرع املهندسون املرافقون له يف مسح األراضي املصرية و ضبطها و رسم خرائطها الطبوغرافية ، و عكف آخرون يف دراسة ر النيل و وضع

خر آاملشروعات الالزمة لضبط مياهه و صرفها لفائدة األهايل ، و انصرف فريق على أن األثر العلمي . صر و حاصالا و تربتها و مناخها لدراسة نباتات م

األكرب ، كان الذي اختص بعلم اآلثار املصرية و دراستها ، حيث أخذ علماء بالبحث و التنقيب يف املناطق األثرية املصرية و اآلثار املرافقني للحملة الفرنسية

ا اال هو اكتشاف يف هذ األكربو كان احلدث ، منها أهرامات اجليزة الشهرية ( شامبليون ما ع رف حبجر الرشيد و فك طالمسه على يد العامل الفرنسي الكبري

و الذي كان ما أدى الكتشاف رموز اللغة اهلريوغليفية ، لغة مصر القدمية ) الباب واسعا لدراسة احلضارات القدمية . حدثا اهتز له العامل أمجع و فتح

314

، أنشأ نابليون مع األدمريال اإلنكليزي ( نيلسون ) يف أيب قريو بعد معركته فرقة من اجليش املصري و قام أيضا بإنشاء معمل للبارود و الرصاص و خمتلف

، و بني خمتلف املدن املصرية ، مث عمل على إنشاء نظام للربيد أنواع الذخرية كاتب، عمد إىل ضرب اللصوص و قطاع الطرق و أقام املالهي و املنتزهات و امل

. بعد ذلك اجته إىل السويس مع لفيف من العلماء و عمل على إنشاء الصحف . يف ليصل البحر األمحر باملتوسط ناسب الذي سيحفر فيه ليبحث عن املكان امل

يقوده وايل عكا العثماين هذه األثناء ، ترامت إليه األنباء عن حشد جليش تركي بالقرب من العريش ، تصدى عثمانيونال. و عندما وصل ( أمحد باشا اجلزار )

حىت ألقوا السالح و عنهم و مل يفك، عدةأيام و حاصرهم بونابرت مهلبعدم العودة مرة أخرى . مث تقدم حنو غزة اليت انسحبوا عائدين و تعهدوا

و أرسل ، و بعدها اجته صوب يافا أهلها استسلمت له بعد أن حقن دماء و التسليم على أن يكون نه املهادنة و حقن الدماء رسوال إىل حاكمها طالبا م

إحدى آمنا هو و رجاله ، لكن حاكم املدينة قتل الرسول و علق رأسه على على مرأى من الفرنسيني الذين هاجوا و اقتحموا املدينة و صواري املدينة

استولوا على غنائمها و وقع بيد نابليون ثالثة آالف جندي أسري ، أمر بإطالق شطر عكا اليت كانت العقبة مث وىل وجهه و وقع هدنة معهم . احهم فورا سر

و حاصر حصارا طويال و قد ضرب جيشه الكربى أمام للدخول إىل سورية ، ضده يساندون وايل عكا ، لكنه استمر باحلصار الطاعون و وقف اإلنكليز

نكليز منعوه من حىت فكر وايل عكا ( اجلزار ) بالفرار و ترك املدينة ، لكن االملواجهته ، و سامهوا بتشكيل جيش عثماين قوامه ثالثون ألف مقاتل ذلك

جيش نابليون ذو الستة آالف مقاتل ، فيها فدارت معركة قرب عكا ، هزم . اجليش العثماين هزمية نكراء

من مدعوم ثان مملوكي عثماين جيش بقدوم فوجئ ، القاهرة إىل عاد عندما و مع يكن مل و ، السالح شاكي مقاتل ألف العشرون قوامه ، روسيا و اجنلترا قبل

315

األلفني مع مبوافاته ، كليرب اجلنرال نائبه فكلف ، مقاتل آالف ستة سوى نابليون و) قري أيب( ساحل على برية معركة يف الطرفان اشتبك و ، اجلنود من املتبقني

يف لنابليون األمر استتب و أخرى نكراء زمية العثماين اجليش م ين ، األمر كذا أورويب ملكي حلف قيام عن فرنسا من األنباء ترامت أن لبثت ما لكن. مصر مصر نابليون فغادر ، فرنسا ضد التجييش و إيطاليا يف التمرد بإشعال قام ضده . فرنسا إىل عائدا ، سماءال من رمحة و كبري إجيايب أثر ذات مصر على الفرنسية احلملة كانت لقد جان ب ، معاند مكابر إال ذلك نكران يستطيع ال و ، أىب من أىب و شاء من شاء

كل و ، الغريزية العاطفية السذاجة أو اهلوى مرتلق يف سقط و الصواب جادة فكما. عليه برهان ال و منه فائدة ال عقيما يكون يكاد ، ذلك نقض يف كالم يف أغرقوها الذين مماليكهم و ألتراكا قبل من مستعمرة كانت مصر أن ، رأينا

أرخ الذي اجلربيت هو فها . الظالم و التخلف و اجلهل وحول من آسن مستنقع مل و" ١ عهدهم خالصة يف يقول ، بعدهم ما و الترك و املماليك عهد يف ملصر و ، منا و جتس م حىت ، العبيد و السادة يتوارثه ، يزيد و يفشو األمر يزل

أ حر ق ت و دور ه دم ت و ، أجماد قتلت و بالد خربت فكم. الدما فيه أهريقت و هجرية/ ١٢١٣/ لسنة تأرخيه يف و" . أخيار ق ه رت و أحرار س بيت و قصور

سين أوىل هي و" ٢ قال ، مصر على الفرنسية احلملة سبقت اليت السنة هي ، اهلائلة نوازلال و النازلة الوقائع و اجلسيمة احلوادث و ، العظيمة املالحم انعكاس و الزمن اختالل و احملن توايل و األمور ترادف و الشرور تضاعف و التدبري فساد و األحوال اختالف األهوال تتابع و املطبوع انقالب و املطبوع مهلك ربك كان ما و ، األسباب تواتر و اخلراب عموم و التدمري حصول بني و الفترة هذه بني واضحا لفرقا فكان" . مصلحون أهلها و بظلم القرى

/ . ١٦/ ص ، الجبرتي تاریخ من المختار ١ / .٢٣٨/ ص ، السابق المصدر ٢

316

التارخيية حىت و العلمية و الفكرية مصر معامل من غريت اليت الفرنسية احلملة فترة ، مصر يف الفرنسيون بناه و صنعه ما بعض أن علمنا إذا ذلك يف عجب ال و ، لتخطر تكن مل أمور هي و ، منه لكثري أساس و ، اآلن إىل قائما يزال ال

الطرق و ، العيين القصر مشفى ، لذلك مثال و ، ببال للعرب ال و للمصريني حىت ، اآلن إىل قائمة تزال ال اليت املنشآت و اجلسور و القاهرة يف الرئيسية األقطار يف اآلن يضرب الذي اإلفطار فمدفع ، ذلك من نصيب له الديين اجلانبالشهري كتابال و. الفرنسيون ابتكرها عادة هو ، رمضان شهر يف العربية

أول هو و مصر عن الفرنسية احلملة علماء وضعه الذي) مصر وصف( املسمى و األنتروبولوجية الدراسة لناحية معني بلد بتوصيف خيتص نوعه من رمبا خمطوط تاريخ يف للدارسني أساس مرجع و عالم نقطة اآلن إىل يزال ال الذي و. العلمية يف تركزت و مصر حول الحقة فترة يف راسةالد تطورت أن بعد حىت ، مصر

وقع قد و . ، و هو مصدر من مصادر كتابنا هذا أخرى مراجع و مؤلفات الس فر هذا ، الشايب زهري الدكتور مترمجه مقدمة حسب تسعة جملدات يف ،

: اآليت النحو على توزعت الطيور سةدرا على منهما كل يشتمل ، ملصر الطبيعي التاريخ لدراسة جملدان ـ . احلشرات و النباتات و ، البحرية و منها الربية احليوانات و اآلخران و للدراسات منها اثنان ، القدمية العصور لدراسة جملدات أربعة ـ

. القدمية العصور آثار لوصف عليها كانت اليت مصر يف السياسية و االجتماعية احلالة لدارسة جملدات ثالثة ـ خمتلفة دراسات مشلت قد و ، الفرنسية احلملة جميء حىت و مياإلسال الفتح منذ كتاب يف لتوضع يؤهلها ما ، بشيء التفصيل و الدقة من كانت ، مصر عن

الس فر تضمن قد و. ١) املترجم رأي حسب( مستقل و توضيحية صور ،

. المقدمة ،/ ١/ ج مصر وصف ١

317

فيضانه و النيل ر وصف ، فصوله و الكتاب مواد بعض من و. جغرايف أطلس و املزروعة املناطق وصف و ، اجلزر و الفيض فترات يف منسوبه دارمق و

األراضي حتديد و اإلحصاء استخدام و ، مقدارها و هطوهلا وقت و األمطار ر جمرى تتاخم اليت النواحي و القرى دراسة و ، غريها من للزراعة الصاحلة

الرئيسة الكربى املدن و مصر سكان تعداد و ، سكاا تعداد و تعدادها و النيل عن حتدث كما. القدمية الفترات يف السكان بعدد كله ذلك مقارنه و ، فيها

دراسة و. النساء خصوبة عن و بينهما الفارق و املواليد و الوفيات حاالت تنتجه مبا ، ذلك كل مقارنة و ، األغذية و األطعمة استهالك و الضرائب و العسكرية و السياسية و تماعيةاالج الطبقات دراسة و. غالل من األرض طبيعة و ، املزارعني و الصناعيني و احلرفيني و الوافدين و األجانب و، تعدادها

و امللل و املذاهب و الطوائف و النقل وسائط و. أوضاعهم و هؤالء كل عمل . أتباعها

، نفسها الفرنسية احلملة فترة أثناء كانت رمبا املرأة لتحرير فكرة أول إن بل ال املقاطعات أحدى يف املتواجدين الفرنسيني الضباط أحد تقرير يف جاء فقد

عديد و امرأة جلأت عندما ، الرمحانية قرية يف كنا.. ١ التالية احلادثة ، املصرية أو العدل طالبني ركبهم على اجلميع ركع و ت ركع و ، مرتيل إىل الرجال من

و روعها من زميلي هد أ. بالدم ملطخة املرأة كانت و ، االنتقام باألحرى ، وجهها يغطي الذي النقاب خيلع أن أراد و ، رأسها فوق مضروبة أا اكتشف

تتمسك كانت اليت البائسة لكن ، النقاب انتزع و احملاولة فكرر ، قاومت لكنها و عادات ، جنسها على و عليها تفرضها اليت بالواجبات ، تلك آالمها يف هي و

، كهذه ملعتقدات زميلنا من احتراما و. بيدها وجهها غطت ، بالدها تقاليد ليوجد يكن مل حيث ، بنفسه ضمده و باجلرح احمليط الشعر فقط قص فقد

/ .١٠١/ ص ،/ ١/ ج ، مصر وصف ١

318

. الغرض هلذا مزقها قميصه من قماش بقطعة الضمادة ربط و ، املنطقة يف طبيب و علنا دهشتهم بالغ اظهروا ، ذلك يفعل ، اجلمهور بعض شاهده عندما و

يضمد لدرجة باالحندار مثله عاما منصبا يشغل رجل لقيام استنكارهم عن عربوا مهجيتهم صدمته عندما و. للمرأة رؤيتهم تلك كانت و ، حقريا كائنا فيها. كرامته إىل يسيء بذلك أنه له يقولون ظلوا لكنهم ، يطردهم أن أراد ، تلك كامل فخولين ، األمر عليه عرضت و اليةالو حاكم إىل فورا توجهنا ذلك بعد

عند و. عليه القبض بإلقاء أمرت قد كنت الذي املذنب عقاب يف السلطة ذه املسكينة تلك عامل الذي اهلمجي أيها أنت هو أهذا: له قلت إحضاره تضرب أن وحشية أتظنها!! ؟؟ ماذا: باستغراب ضاحكا فأجابين ؟ الوحشية

!! . ؟؟ امرأة . ؟؟ أسلته الذي الدم لكذ و ـ . للنساء بالنسبة األمر هو هذا ليس لكن ، الدم إال الرجل دم ميحو ال ـ تلك و ، قضاتك حنن: له فقلت ردوده يف يصطنعه الذي اهلدوء استفزين و

فعلتك على نعاقبك سوف و ، بنظرنا كربى جرمية هي ، أبديتها اليت القسوة . هذه !! . ؟؟ بقرة جرحت أنين لو ستعاقبونين هل و ـ . لك ملكا البقرة تكن مل إذا.. جدال بال ، نعم ـ السلوك هذا أسلك أن علي كان أنه ترون وسوف ، ألسبايب فاستمعوا إذن ـ الفرنسيون جاء مث ، عمي البن يعطوه لكي يل حقل املماليك مين انتزع لقد..

لكن ؟ السابقة أمالكي استرد أن إذن يل حيق أفال ، املماليك مظامل من ليصلحوا حىت اضرم سأظل و ، فضربتهم ، ذلك على اعترضوا ، تلك أخته و عمي ابن

الغرض هلذا اجلأ إنين بل ال ، يل حق هو مبا إال أطالب ال إنين. أرضي يل يعيدوا . الفرنسية القوانني عدالة إىل

319

، ا حقك نالت فسوف ، الفرنسية القوانني عن تتحدث دمت ما.. حسنا ـ تعاقب الفرنسية القوانني أن تعرف أن وعليك ، أيضا ا ست عاقب لكنك و

. اآلخرين ضد العنف أعمال بارتكاب ألنفسهم يسمحون الذين السفاحني الذي العقاب هو ما: هلم قلت و القرية شيوخ و أعيان بييت إىل استدعيت مث

وقت يف فأجابوا ؟ الرجال ، نعامدي جيرحون أو يضربون الذين على توقعونه . ذلك من أكثر مثة ليس و ، عصا كل مقابل عصا: واحد

هو و البائسة هذه جرح قد ، هنا أمامكم ماثل الذي والرجل ، يكفي هذا ـ اإلنسان أن.. إذن لتعلموا و فليعلم ، الفرنسية القوانني حسب ي عام ل أن يطلب للمرأة إن و بنفسه حقوقه على حيصل نأ يستطيع ال ، الفرنسية القوانني حسب ، لذلك نتيجة و ، دمه من أقل ليس دمها إن و ، للرجل اليت احلقوق نفس

. عصا/ ٢٥/ الفور على صاحبكم ي ضر ب فسوف عصا/ ٢٥: / استنكار و شديدة دهشة عن تنم بلهجة الفور على مجيعا فصاحوا

. قتلها أنه لو عقاب من عليه نوقعه كنا ما أقصى فهذا ، عدال ليس هذا!!! ؟؟ ست تخذ ، املرأة ماتت إذا و ، الفور على أوامري سأنفذ و ، عصا/ ٢٥/ نعم ـ

. أخرى إجراءات ، تنفيذه مسؤولية يتحمل أن منهم أي يشأ مل ، العقاب تطبيق حان عندما و

أن حىت ، حر ص و برخاوة واجبه مارس لكنه ، القو اس استدعاء يف فأرسلت هو أكمل و منه العصا انتزع ، بالغضب الشعور يشاركين كان مالطيا ا خادم

. احلال يقتضيها اليت بالقسوة العقاب

القابلة و ، األساس العامل و األوىل النواة مصر على الفرنسية احلملة كانت لقد الدولة لبناء أيضا األساس و ، حديثة عصرية علمية فكرية ملنظومة املولدة

، احلضارة بركب للحاق ، قياسية زمنية بفترة العريب العامل سبقت ليتا العصرية الفكرية املكونات على انسحب عامل .. األورويب بالعنصر االختالط بعد

320

األساس النواة نقول و ، الثقافية و العلمية و السياسية و االجتماعية.. األساس و ، مباشر بشكل أيضا ا ارتبط و مباشرة بعدها جاء ما ألن ، املولدة القابلة

، مصر يف معظمهم أبقى و بالفرنسيني استعان الذي باشا علي حممد حكم هو احلملة . هلذه أيضا املباشرة األثر النتيجة كانت كافية تكن مل رمبا ، فقط سنوات ثالث مصر يف الفرنسية احلملة بقيت

لكنها ، فكر و حضارة ذات احلديث الطراز من عصرية دولة بناء الستكمال . باشا علي حممد طريق عن بعد فيما استمرت اليت البذرة كانت ذكرنا كما

منشورا أعد ، شواطئها إىل نزوله و مصر إىل بونابرت نابليون قدوم عند و نسخة آالف مثانية منه ط بع قد و املصري الشعب إىل نداء مبثابة كان ، بالعربية

أحناء مجيع على وزعها و ، فرنسا من نابليون ا جاء اليت العربية املطبعة على .. ١ املنشور هذا يف جاء مما و ، مصر من.. ملكه يف له شريك ال و له ولد ال اهللا إال إله ال ، الرحيم الرمحن اهللا بسم

أمري ، الكبري السرعسكر ، التسوية و احلرية أساس على املبين الفرنساوية طرف ، مديد زمان من أن مجيعهم مصر أهايل يعر ف ، ونابرتب ، الفرنساوية اجليوش

عصور مدة منذ ، املصرية البالد يف يتسلطون الذين املماليك حكام السناجق ، اجلراكسة و األبازة بالد من الوبني املماليك من الزمرة هذه ، طويلة

. كلها األرض كرة يف مثله يوجد ال الذي األحسن احلسن اإلقليم يف يفسدون.. دولتهم انقضاء على حكم قد فإنه ، شيء كل على القادر العاملني رب فأما دينكم إزالة بقصد إال الطرف ذا نزلت ما أنين لكم قيل قد ، املصريني أيها يا إال إليكم قدمت ما إنين للمفترين قولوا و تصدقوه ال صريح كذب فذلك ،

من أكثر ، تعاىل و سبحانه اهللا أعبد إنين و. الظاملني يد من حقكم ألخل ص الناس مجيع إن هلم قولوا و. منهم أكثر العظيم قرآنه و نبيه احترم و ، املماليك

./ ٢٤١/ ص ، الجبرتي تاریخ من المختار ١

321

الفضائل و العقل هو بعضهم عن يفرقهم الذي الشيء إن و ، اهللا عند متساوون مييزهم فماذا. تضارب ، الفضائل و العقل و املماليك بني و ، فقط العلوم و

شيء بكل خيتصوا و وحدهم مصر يتملكوا أن يستوجبوا ىتح غريهم عن فإن. املفرحة املساكن و العتاق اخليل و احلسان اجلواري من ، فيها أحسن و. هلم اهللا كتبها اليت احلجة فلريونا ، للمماليك التزاما املصرية األرض كانت ، صاعدا و اآلن من ، تعاىل بعونه و ، حليم و عادل و رؤوف العاملني رب لكن

اكتساب عن و ، السامية املناصب يف الدخول عن مصر أهايل من أحد ييأس ال ، األمور سيدبرون ، بينهم العقالء و الفضالء و فالعلماء ، العالية املراتب املدن ، املصرية األرض يف كان ، سابقا و. كلها األمة حال يصلح وبذلك الظلم إال كله ذلك أزال ما و ، املتكاثر املتجر و ، الواسعة اخللجان و العظيمة

أعيان و احلرجبية و األئمة و القضاة و املشايخ أيها.. املماليك من الطمع و املصريون و . احلقيقيني املسلمني أصدقاء هم الفرنساوية نإ ألمتكم قولوا البلد،

.. اليكاملم دولة النقضاء تعاىل و سبحانه اهللا يشكروا أن هلم ينبغي ، بأمجعهم ) . انتهى( املصرية األمة حال أصلح و املماليك اهللا لعن

كما ، عليه التركيز و فيه الفكري العامل بروز ، السابق اخلطاب قراءة توضح منبثقا دقيقا توصيفا توصيفه و متاما العريب بالوضع الفرنسيون إملام أيضا يتضح

خطاب البعض عزا ألن و. به املتعلق بالتاريخ و ، مباشرة الواقع أرض من فيما السياسة و املصاحل تنازع و ، حمضة استعمارية دوافع إىل بونابرت نابليون

فإنه ، الوجود و اإلعراب من حمل له كان إن و ذلك نفإ ، بريطانيا و فرنسا بني أول كانت فقد ، الفرنسية للحملة الفكري الفعال اإلجيايب األثر بتاتا يلغي ال

هذا يف العروبة و القومية نزعة تغذية األقل على أو العربية القومية لبعث إشارة فكرة و مفهوم اعتماد أ ريد إذا و. نابليون رسائل يف ذ كر ما و اخلطاب

إىل فيها لبس ال راجحة الكفة مييل املقارنة باب فإن ، االحتالل و االستعمار و باألفكار إىل مصر إىل واقدم الفرنسيون فاملستعمرون ، الفرنسي االحتالل

322

من عدة غايات أرادوا فهم الفرنسية الثورة آثار جوانب من جانب هذا كان و انفتاحية ، علمية فكرية األخرى و اقتصادية عسكرية إحداها مصر احتالهلم غذى الذي املصل ، بذلك فكانوا جليا واضحا أثره ظهر ما هو و ، تقدمية بطريقة و ، هائلة جبرعات ، الفكر و احلضارة غنس فيه ضخ و املصري الوريد الـ.. الصحة.. التعليم.. العروبة.. املساواة.. الدميقراطية.. مفاجئة ص د مية

الذي العثمانيني و املماليك فعله مما متاما النقيض على هو و ، اخل.. الـ.. حتت كله ، قناع و قناع ألف و وجه و وجه بألف العرب و املصريني حكموا

اإلجيايب الوجه أدركوا قد املصريني أن ريب ال و. املذهب و الدين ستار لو و الحظوها و أجروها اليت إياها املقارنة تلك خالل من رمبا فقط ، للفرنسيني

غري اإلضافية وجوهه أحد كان ، املثال سبيل على . مباشر غري عفوي بسبيل امليادين يف نابليون لريوا عجب و هشةبد يقفون كانوا أم ، آنفا املذكورة

يعلقهم أو الفرنسيني جنوده من بعض جيلد هو و الرئيسة الساحات و العامة مبمارسة اجلندية نظام و القانون حدود انتهاكهم حال يف ، املشانق على

حادثة هذا. ١ األهايل حبق ، مربر الغري القتل أو االغتصاب أو اللصوصية مقاربة و هائال خفيا فكرا جعبتها يف حتمل لكنها ، يةفرد عسكرية سياسية على ليستفيق املصري وجدان يف املباشر الوعي أو الالوعي إىل تدخل ، فكرية

توقظ و. اإلداري و السياسي صاحل الغري السلف عهد يف ليحصل يكن مل أمر اهلادئ الشعب هو و ، هلا يتعرض قد مظامل أية على بعد فيما الثورة نار فيه

رمبا هو و ، قبل من فادحة مظامل من حلقه فيما الوداعة و االستكانة عهد الذي يف ثورات من بعد فيها ملصر اإلنكليزي االحتالل مع سيحصل ما نواة شكل ما

ما هو و. طويلة قرونا كاهله على نريها رزحت اليت اإلقطاعية وجه و وجهه فلوال ، ملصر حكمه يف باشا علي حملمد سياسيا و فكريا بعدا يشكل سوف

/ .٢٨٨/ ص ، الجبرتي ١

323

العليم اهللا و ، بعدها من العريب للعامل و ملصر حصل ما كل حصل ملا الفرنسيون . بأسرها املنطقة تاريخ و األمور إليه ستؤول كانت مبا لنهوض كاف كان ، مصر إىل الفرنسية احلملة استقدمته حضاري أثر كل إن و الفرنسيون استقدمها اليت املطابع ، سبق يماف نذكر مل لعلنا و ، بأسرها أمة متثلت ، مصر يف بدأت هائلة فكرية ضة تطور يف الفضل عظيم هلا كان اليت

بقية على كبري أثر ، بعد فيما هلا كان و ، الكتب و الصحافة و باملطبوعات كريةالف باشا على حممد فترة عن احلديث نبدأ أن قبل و. ااورة العربية البلدان

الالحق و ، الفرنسية احلملة يف السابق الفرنسي األثر لوال لتنهض تكن مل اليت و هي و ، األمهية من جانب على قضية نذكر أن بنا خليق ، له الفرنسي الدعم يف فإم ، غزاة ، الكلية توصيفام من جزئي توصيف يف كانوا إن و الفرنسيني أن اليت اإلجنازات تلك كل و ، فكرهم و علومهم جل املصريني شاركوا قد

يعمدوا مل و ، علموهم و املصريني ا شاركوا ، مصر يف أوجدوها و أبدعوها . له ي شهد ما التارخيية و العلمية لألمانة هو و ، استعبادهم و استذالهلم إىل

: باشا علي حممد فترة

وال إىل عهدت يةالعثمان الدولة أن لو: ١ يقول رسائله إحدى يف نابليون كتب الستقلت ، غريها و بألبانيا فعلت كما حيكمها أن ، مصر و الشام بالد أهل من

و بعقليتها كلية خمالفة، غريها األمم ختالف أمة من تتألف اليت يةبالعر اململكة. إفريقية من شطرا و العرب بالد و مصر مشلت و ، تارخيها و لغتها و أوهامها

، فؤادها صميم من ، العربية أهلها لغة اليت هذه العثمانية دولةال واليات تتمىن و . يديه على التغيري هذا يقع الذي الرجل تنتظر و عظيم تغيري وقوع

/ .٥٤/ ص ،/ ١/ ج ، الحدیث المصري الفكر تاریخ ١

324

ال كيف ، اإلستراتيجية نظرته يف و تلك أقواله يف صائبا كان نابليون أن يبدو و ، الدولية قاتالعال كل ر ب خ و العامل غزا الذي اإلستراتيجي القائد هو و

يكون فهل ، الفكرية املعرفة علوم من ل و ، العسكرية و منها السياسية ببصريته أدرك األقل على أو ، العربية للقومية نظ ر من أول بونابرت نابليون أدرك أنه علما ؟؟ مقوماا و عواملها وجود ، الفكرية و العملية خربته و الثاقبة

كان قد و. فلسطني يف لليهود قومي وطن ودوج إمكانية عينه الوقت يف ليست مصر يف الفرنسيني وجه يف هبت اليت الثورات أن ، الوضوح متام واضحا

، كاف مربر على تقوم ال ، حبتة طائفية هي بل ، وطنية أهداف و صبغات ذات أو الديين باألمر حيتكوا أو عام بشكل بالدين يتدخلوا مل الفرنسيني أن و خباصة

احلمالت يف األمر عليه كان كما تبشريية و دينية غايام و أسبام نتكا حمكومة كانت مصر أن هو ذلك على الدليل و. قرون من سبق فيما الصليبية

فيهم.. متجانس غري أعجمي خليط هم الذين املماليك و األتراك قبل من غريهم أخرى خالطأ و القوقاز و ار و املغول و البلغار و األلبان و الشركس

األصلية مواطنها يف مهمة معلومة صفة ذات حىت ليست أعجمية شعوب من أشراف من يكونوا مل هؤالء أن بل ، عنده يوقف ما فقط ذلك ليس!!! نفسهاكلمة و ، سوقتهم من ، الغالب بعضهم يف كانوا بل ال ، حىت قومهم

و احلروب يف يؤسرون ينجمند كانوا فهؤالء. ذلك على تدل نفسها) املماليك( السبل م ترقىت مث. خصي خدم كانوا بعضهم و ، النخاسة أسواق يف يباعون

إىل أحدهم يصل حىت ، بعض على بعضهم ينقلب و العليا املناصب يتسلمونف سين خالل للجمهور أعطوها اليت النتائج إىل نظرنا إذا و. اإلمارة و القيادة

التخلف و اجلهل و املرض و اجلوع و الظلم و رالقه سوى جند ال ، له حكمهم و ، باألستانة العايل الباب مع نصفها يتقامسون اليت املكوس و الضرائب فرض و املأساوي الوضع لراعنا حكمهم من الفترة تلك تاريخ إىل باالطالع عدنا إذا

العجب أشد لنعجب إننا و. هؤالء حكم ظل يف املصريني منه يعاين كان الذي

325

هو ، العلم و اخلري له جلب الذي الفرنسي أن اعترب العريب املواطن أن يفك مل و ، ال أم مستعمرا كونه عن النظر بغض ، منه أجفل و عليه األكرب اخلطر يسومه و قرون حيكمه ، أب قرعة له ي عرف ال آخر أعجمي مع عينه األمر يقرن!! ؟؟ إذالال تقشعر هلوله األبدان ، و يذله القهر و الظلم و األمل و العذاب أنواع

. سبحان اهللا .... أمر غريب .. عجيب . . الذي ١) اإلمرباطوريات ثورات و احلضارات إطالل( فولين كتاب يف جاء على يدل ، السمع أو البصر حتت مصر يف يقع ما كل.. م/ ١٧٩١/ عام كتبه له و إال حديثا تسمع ال كفإن ، االستبداد و االستعباد بلد هو ، البلد هذا أن

بالضرب تعذيب أو حق اغتصاب أو مال ابتزاز أو عامة فاقة أو أهلية بفتنة صلة كدم يهدر اإلنسان دم و ، مفقود األرواح على فيها فاألمن. لروح إفاضة أو

و الليل عسس و ، قضائية غري صورة يف الدم يسفك نفسه القضاء و. احليوان الناس بني اخلصومات يف الفصل ، النهارية و الليلية جوالم يف ، يتولون الشرطة

دون من ، البصر ملح من أقل يف وينفذوا ، الفور على باألحكام ينطقون و ، ، السبب هلذا اجلالدين ترى و. االستئناف حق ، عليه للمحكوم يكون أن

فما. ل ونحي حيث يالزموم و ، يذهبون أيان يرافقوم و اجلنود مواقع يطأون من كيس قاع إىل هوت قد مظلوم رأس ترى حىت ، أحدهم من إشارة إال هي

يف ش ر ه هو ، التعسف هذا مبثل السري على الباعث أن جتد ما كثريا و. اجللد و ، بغيض عدو من وشاية أو ، املماليك اجلاه و الشوكة أرباب من عظيم نفس هو و البيك إىل ، ماال عنده بأن ، فيه املشتبه الرجل ي دعى أن عنه ينجم ما هو

يفي ماال عنده أن أنكر فإذا ، معني مببلغ فيطالبه ، اململوكي الوكيل أو احلاكم ما كثريا و ، أكثر أو جلدة مائيت قدميه على ج لد و أرضا ط رح ، باملطلوب

اليسر من شيء على أنه فيه ي شتبه ملن فتعسا ، موته إىل الضرب هذا يفضي

/ .٦٢/ ص ،/ ١/ ج ، الحدیث المصري الفكر تاریخ ١

326

ماله على األقوياء اعتداء شر من نفسه ينقذ أن ، ألحد مبيسور ليس و ، الرخاء . ( انتهى ) لبوسها الزراية و للمسكنة لبس و املدقع بالفقر تظاهر إذا إال ، أن هي و ، قول سالف من أوردناه ما على قوية داللة هلا حادثة هنا نورد و

و اخليول بامتطاء جنسهم غري من ألحد يسمحون يكونوا مل األغراب املماليك بغلة على يركب األزقة بعض أو السوق يف مواطن صودف إذا كان و ، الرباذين

عليه يتوجب كان ، مرتبته كانت مهما املماليك أحد أمامه تراءى و محارة أو كل و ، ناظريه عن يغيب و جبواره اململوك مير حىت ، الطريق إفساح و الرتول

املذلة و املهانة من ي سام و بالسياط ظهره ي لهب كان ، ذلك خيالف كان من١ ماضرو .

و املماليك هؤالء قدمه الذي الثقايف أو العلمي أو الفكري األثر عن حبثنا إذا و ماأو الصفر درجة دعن يستقر ذلك مؤشر أن لرأينا ، درجته مستوى و األتراك

كتب التاريخ و خمطوطاته اليت ل و لقد حبثنا بالفعل و استطلعنا ك. الصفر حتت، بل ، فما وجدنا واحدا منها ميدحها وثقتها وللفترة اململوكية يف مصر أر خت

كل يذمها و يهجوها بأبشع األوصاف و النعوت . إىل العايل الباب أرسلها اليت ، األلبانية الفرقة مع مصر إىل باشا علي حممد وصل على دليل أكرب و. مصر عن جلت اليت ةالفرنسي الفرقة مكان للحلول مصر

العثمانيني من إياهم حمذرا املصريني إىل منشوره يف نابليون قاله ما مصداقية مقولته طبق قد باشا علي حممد أن هو ، غازيا كونه من بالرغم ، املماليك رهيبة مذحبة دبر أن ، به قام عمل أول فكان ، رمبا قصد غري من لو و حبذافريها

األبد إىل منهم ختلص و ، أبيهم بكرة عن فيها أبادهم ، القلعة يف لمماليكل. و يبدو أن احلملة الفرنسية اليت وجهت ضربة الصحراء يف بقاياهم فلول متعقبا

قد و شتتهم يف البوادي ، قوية للمماليك و كسرت سلطام و شوكتهم

/ . ٢٦/ ، ص /١وصف مصر ، ج / ١

327

يف له األمر استتب نأ فكان، ساعدت حممد علي بشكل كبري يف القضاء عليهم مهيئا و موطدا ، فيها احلديثة دولته أركان توطيد على بعدها ليعمل ، مصر و عليهم احلمالت شن و العثمانيني حماربة وهو ، به سيقوم الذي الثاين لألمر

سوى هذا عزمه عن يثنه مل و. األستانة.. دارهم عقر ختوم حىت مهامجتهم باملرتبة إنكلترا اخلصوص وجه على و عليه تماعهااج و األوروبية الدول تآلب . األوىل التحكم املصريني منح على العمل وارد يف يكن مل إن و باشا علي حممد إن علىفإنه كان يف وارد السعي اخلارجية . و الداخلية شؤوا إدارة و ، دولتهم مبصري

فيه مقارب ني املصريلكن مقام و إلنشاء كيان دولة عصري ، حديث و متقدم ت و طبقا لذلك ، فقد كان. على منط شبيه بأيام الفراعنة ، سخرة ملستوى ال

، من منطلق ما سبق ذكره حممد علي باشا ، الذي أوجده هوية الفكر املصري تطبيقية يف شعبة هوية سياسية عسكرية يف شعبة من شعبها ، و هوية علمية

و نستطيع القول مة هلا و ألجلها ، و خادللشعبة األوىل أخرى ، لكنها خاضعة قد خفف نصف احلمل عن املصريني الذين كانوا يعانونه أيام أن حممد علي باشا

و التخلف ، حيث أزال عنهم عامل اجلهل و االحنطاط العثمانيني و مماليكهم ، ، من الظلم اإلنساين و خفف إىل حد ال بأس فيه ، الذي كانوا يعانون منه

جانب االستغالل العام للشعب و حرمانه من حقوقه الفكرية علىلكنه أبقى ، فكانت املعادلة الفكرية عنده هي .. الشعب يف خدمة الدولة ، و بشكل عام

. أو على األقل أن تكون املعادلة تبادلية .. ليس .. الدولة يف خدمة الشعب ، متايز و لكن حىت يف هذه النقطةالدولة و الشعب ، بعضهما يف خدمة بعض .

للشعب كان ألجل نظام و كيان يف أن استغالله ن املماليك عحممد علي باشا . ألجل منافع شخصية منهوبة الدولة و ليس

مقابل هذا الفكر السياسي العسكري العلمي االجتماعي ، الذي أوجده حممد ، و هو احلملة الفرنسية ، كان بدوره أيضا من نتاج علي ، برز فكر آخر جديد

328

الفعل و الفكر عل و قد ف . اعتمد العروبة و القومية أساسا له فكر مصري حبتنادت بالعدالة و احلرية و الفرنسي البونابريت املنبثق من فكر الثورة الفرنسية اليت

املترافق مع أسلوب الصدمة ، فعل فعله املساواة و حق الشعوب لتقرير مصريها الدفني حتت رمال يف إيقاظ الوعي العرويب ،الذي اتسمت به احلملة الفرنسية

. التمييع و التعجيم اململوكي و العثماين إننا إذا حاولنا تقمص ذهنية حممد علي باشا عند استالمه السلطة يف مصر ، و

بشقيه وضعنا أنفسنا مكانه ، رمبا تتضح صورة تطور هوية الفكر العريب يف مصر .. دخل حملمد علي يف بعضه أو معظمه .. العلمي و القومي ، و إن كان ال

أنا حممد علي باشا .. جئت إىل مصر من قبل العثمانيني على فرض أنين ، ، و املماليك بالرحيل ، بضغط من اإلنكليز للحلول مكان الفرنسيني الذين بدأوا

قد ك س ر ت شوكتهم بشكل كبري و و قطع و النهب حتولوا عصابات للسلب دة مرة و العوحياولون استعادة موقعهم ء على اآلمنيني ، و الطريق و االعتدا

العثمانيني، و لكنهم مرفوضون من قبل أخرى إىل مصر بدعم من اإلنكليز . و أم .. املماليك الذين صمموا هذه املرة على عدم عودم حتت أي ظرف املصري الذي يفضل و العثمانيون ، مرفوضون أيضا من قبل عموم الشعب

أنا ة املماليك و األتراك .. و لذلك فقد اختارين على عودفرنسيني و بقاؤهم ، ال، و يف مصر مندوب العثمانيني و وكيلهم الوايل و فضلين على املماليك و على

، اهظة بسبب الضرائب الببعد عدة ثورات عليهم من قبل الشعب املصري ، جديدا على مصر ا مى حاك ، و قرروا تعييين واليا أو باألحراجتمعوا علي أنا

اقض حملوا يل .. أن أو كأم الشيخ ( عمر مكرم ) ، و بدعم من كبري األزهر فكان دعمك ، ن، و حنن على املماليك و العثمانيني و أرحنا منهم و حنن معك

بعد أن برز ، و على وجه اخلصوص ذلك بعني االعتبار لزاما علي ، أن آخذ ن وصل الذيك اذ اآلفاق املمالي شذ هم و املعتمد على تواطؤ الدااخلطر االنكليزي

موقع سلطة يلقى به ألجل م األمر إىل دعوة االنكليز إىل احتالل مصر ، فقط

329

، و هلذا سوف أعتمد على و كذا اخلطر العثماين احملدق هو اآلخر يب إليهم . أللبانية املخلصة ، و متلك اثنتني منها مها فرقيت ااألوراق الثالثة الوحيدة اليت أ

، خالصا من املماليك و العثمانيني الشعب املصري الذي وثق يب و سلمين أمره ، و الورقة الثالثة اليت ال أمتلكها لكن ميكنين استخدامها و هي العنصر الفرنسي

.. و هذه األوراق و العناصر الثالث ، ستكون األثايف اليت ستقوم عليها دوليت . نية ستكون عماد دوليت األمنية و العسكرية و احلكومية ، و الشعب فرقيت األلبا

و سريحب هو بذلك و هي حجة املصري سيكون عمادها الفكري و العلمي و العنصر الفرنسي ، السلطان مشاغل عن السياسة و أمور احلكم و إلبعاده

و دة من جديد إىل مصر بشكل أو بآخر ، نكاية يف اإلنكليزي ، هالطامح للعو . يل يف دعم العنصرين السابقني املتكأ

، فكان سعا على مصراعيه الباب له واتح من هنا ، وجل الفكر املصري الذي ف اجلبار من القمقم الذي ظل حبيس القرون املصري ذلك إيذانا خبروج املارد

أشبه ما يكون بانفجار السابقة مقهورا ضغوطا مظلوما ، ليخرج بانفجار مدو فكرية منرية سيارة ، كواكب لتشكل فضاء الكوين تناثرت شظاياه بال جنم

. ( مصر أم الدنيا )كانت البداية األساس ملقولة يغري نظام مصر كله حنو ه حىت أدرك حممد علي و هو األمي الذي ال يقرأ ، أن

ذلك يث متقدم ، البد له من خلق نظام للتعليم ، غري دعصر فكري جديد حاملتمثل على نظام الكتاتيب هود الذكر يف عصر املماليك ، و الذي كان مع

عمليات احلساب البسيطة و قواعد النحو و اإلمالء األولية البدائي املقتصر على ، فإن ببعض طالب الكتاتيب و إذا ترقت احلال مبادئ الدين األساسية . و

، وفقهه مبلغهم الفكري ، هو األزهر الشريف ، حيث يتعمقون أكثر بالدين ، لذلك التفاسري . حفظ الشروح و ، إىل دراسة السند و متون األحاديث من

و استبداله مبنهاج حديث علمي متطور اجته حممد علي إىل تغيري املنهاج الفكري . و ما مل يستطع تغيريه ، مشل كل شرائح الشعب و فئاته العمرية و االجتماعية

330

آباءهم وو ضرب الصبيان االبتدائية إنشاء املدارس، فعمد إىل أضاف عليه أنشأ املدارس التخصصية و أرسل البعوث للخارج ، و كان يهتم و ، عليها بالعلم و الدرس ، هذا األمي الذي ننحين إجالال و و واردة تتعلق شاردةبكل

كان ،م احلقيقي ، هذا األمي الذي هو العال إكراما ألميته اليت صنعت علومنا قد أنشأ مدرسة اهلندسة يف تشجيع العلم و االختراع و االبتكار ، فعلى حيرص

ملصريني باختراع آلة احيث قام أحد املواطنني ، ١مصر و لذلك قصة معربة ، فعرض عليه خمطط اآللة لنخل حبوب األرز ، و صودف أن التقى مبحمد علي

مدينة و طلب منه أن توضع يف كل، فأعجب ا و أمر له مبكافأة و عطاء أمر حممد علي بإنشاء مدرسة للهندسة و و بناء على هذه احلادثة .واحدة منها

قائال يف ذلك ، عبارة هامة جدا و ملفتة للنظر .. إن يف امليكانيكا يف مصر ، و حسب اجلربيت ، أنه أمر ببناء مدرسة أوالد مصر جنابة و قابلية للمعارف .

رومي ها مجلة من أوالد البلد و جعل هلم معلم حبوش السرايا بالقلعة ، و رتب فيو القياسات و خمتص يقرر هلم قواعد احلساب و اهلندسة و علم املقادير

يأخذون ا ، و أحضر هلم آالت هندسية االرتفاعات و استخراج اهوالت ، و مسي د و االرتفاعات و املساحة ، و رتب هلم شهريات و كساوى ااألبع

، . و عندما اكتظت املدرسة مبن فيها ملدرسية ( مهندسخانة ) هذا املكتب أو او من هاتني املدرستني ، . أمر حممد علي ببناء مدرسة أخرى مبنظفة بوالق

أعداد من املهندسني الذين شاركوا يف بناء القناطر و اجلسور و السدود خترج و الترعات . الصغرية

أمر بإنشاء ، حيث علي باشا و كان ال الطب ، باع يف اهتمامات حممدو بناء مشفى عسكري ، خترج األطباء منها خلدمة ٢يف أبو زعبل مدرسة للطب

و مت اختيار مائة تلميذ للدراسة اجليش بداية األمر ، و بعد ذلك خلدمة العامة .

/ .٣٥محمد علي و أوالده ، ص / - الجبرتي ، مصدر سابق ١ المصدر السابق . ٢

331

و اجلراحة و شراف أطباء فرنسيني ، يف جمال التشريح ب حتت إيو التدر. و الطبيعية و العلوم الصيدلة و الطب الشرعي و الكيمياء األمراض الباطنية و

باريس للتخصص و املثابرة و حتصيل كان الطلبة اخلرجني األوائل يوفدون إىل ، تعادل تواىل إنشاء املدارس و اليت هي آنذاك األساس . والعلوم من مصدرها

اض النساء ، مدرسة للتوليد و أخرى ألمرفأنشأت اآلن ما يعرف باألكادميية ، و مدرسة للصنائع و احلرف ، و مدرسة لأللسن و اللغات ، و مدرسة للمعادن

. ١و أخرى للطب البيطري و مدرسة للزراعة ركز عليه حممد علي باشا يف بناء ضة فكرية علمية عمرانية على إن أهم ما

إذا له مناص ال أن علي حممد أدرك، فقد ملصر ، هو إرسال البعثات العلمية و العلوم لتحصيل اخلارج إىل الب ع ث إرسال من ، ملصر النهوض و التقدم أراد

و السياسي وعيه هداه قد و. املتحضرة القوية دوهلا مبختلف أوروبة يف بالذات يطمئن فلم ، اال هذا يف فرنسا اعتماد إىل ، يبدو على اإلستراتيجية رؤيته ذلك يف اعتمد قد و. صائبا كان قراره أن ويبد و ، الطليان و لإلنكليز كثريا فبحث ، مصر على الفرنسية احلملة يرافقون كانوا الذين الفرنسيني العلماء على بينهم من كان و ، العطاء و البذل هلم أجزل و إليه قرم و استدعاهم و عنهم واألف الذين العلماء فريق ضمن من هو و) جومار( املهندس الفرنسي العامل

البعثات مجيع عن مسؤوال علي حممد فعينه ، الشهري) مصر وصف( كتاب . فرنسا منها و اخلارج إىل املوفدة املصرية

اال على اإلشراف) جومار( العامل من فيه يطلب علي حملمد خطاب يف و جلية ، إيضاحه نريد ما صورة تربز ، فيها العلمية البعثات و مصر يف التعليمي

إخالص و جبد العامل ، مصر صديق يا لك شكرا : ٢ فيه جاء فقد ، متاما ، رأسها على اهللا جعلين اليت البالد متدين يف رغبايت نرباس كأنك حىت ، لنفعها

. ذلك خالف ی ذكر لم ما ، قالساب المرجع من علي محمد لفترة التاریخیة المادة ١ / .٣٩/ ص ، المرجع السابق ٢

332

اليت العظيمة اجلهود تلك هي و ، قاطعة بأدلة والئك إظهار عن تنقطع مل إذ قيامك و ، سنني منذ وطنك إىل أرسلتهم الذين التالميذ مراقبتك يف تعانيها

العظيمة فضائلك قدر من فؤادي يكنه ما إظهار يف رغبة أرجو و.. بتهذيبهم قد تبغ علبة هي و أال ، لك أقدمها اليت الصغرية اهلدية ترفض أال ، قدرها حق

أمرت قد و. إليك أهديتها الذي أنا أين تعلم عندما ، نظرك يف قيمة هلا يكون هذه أن لك أؤكد إنين و. إليك يوصلها أن) بك بوغوص( األمني وزيري هي بل ، اجلليلة بالفوائد مصر على عادت اليت جبهودك تليق مكافأة ليست متدين طريق يف خطوات بعض يسري أن على ساعدته أمري من صغري تذكار يف باالستمرار لك مين رجاء ، ذاته الوقت يف هي و ، حيكمه الذي الشعب يف تفانيك على اجلديد الربهان هذا انتظار لفي إين و ، به تبدأ فيما املستقبل

كن ، أخرى جهة من و. الصاحلة اخلدمات من بكثري لك مدين قطر خدمة يبديها اليت الرغبات معاضدة هي و أال ، اعتزمها اليت الصادقة العزمية من متأكدا

سبيل يف تبدوا اليت الرغبات تلك ، اإلنسانية على غرية امللتهبون أمثالك يل.. موديت خالص عن تنبئك حتيات ، اخلتام يف إليك أهدي إين و. اإلصالح

) . انتهى. ( . علي حممد هوية بداية لنا تتضح ، فيه الفكري اجلانب نتمعن و ، اخلطاب هذا نقرأ عندما و ، الكبري الرجل هلذا إجالال ننحين أن إال يسعنا الو ، املعاصر العريب الفكر من مبجموعة أوقعها اليت القلعة مذحبة هو ، فعاله من فعله ما أفضل أن نرى

لكي ملصر أراده مبا النهوض و القيام استطاع ملا ذلك لوال و ، اهلمج خالئق ) . الدنيا أم( يقال كما تكون و العسكرية العلوم دراسةو غرضها ، إيطاليا إىل كانت ، مصرية بعثة أول

قد و . فرنسا إىل بعدهاالبعث لتتواىل ، الطباعة علم و السفن صنعة علم دراسة يتتبع و أخبارهم يتقصى كان أنه ، البعثات بأعضاء علي حممد اهتمام من بلغ"

، اإلرشادات و بالنصائح ويواليهم ، الغربة بالد يف هم و تصرفام و سلوكهم

333

و احلني بني يهمإل يكتب و ، أوالده مستقبل على احلريص األب يفعل مثلما . ١" العلم حتصل و التفرع و االجتهاد على فيها يستحثهم رسائل ، احلني

رسالة) باريز تلخيص يف اإلبريز ختليص( كتابه يف الطهطاوي رفاعة أورد قد و مفصل توضح ، العلم و للدراسة فرنسا إىل املبتعثني الطالب إىل علي حممد من

و قد ، آنذاك فكرها هوية و مصر يف و عليةال النهضة تطور مفاصل من آخر .. ٢ فيها جاء ، الفنون و العلوم لتحصيل باريس يف املقيمني األفندية ، الكرام األماثل قدوة"

فيها املكتوب اجلداول و الشهرية أخباركم وصلنا أنه إليكم ننهي.. قدرهم زيد أشهر ثالثة ، شغلكم على املشتملة اجلداول هذه كانت و. حتصيلكم مدة

أنتم و. شيئا منها فهمنا ما و ، املدة هذه يف حصلتموه ما منها ي فهم مل مبهمة يف شغلكم قلة على فقياسا . الفنون و العلوم منبع هي اليت باريس مثل مدينة يف

فيا. كثريا غمنا األمر هذا و. حتصيلكم و غريتكم عدم عرفنا ، املدة هذه منكم واحد كل أن الوقت هلذا ينبغي فكان ، منكم مولنامأ هو هذا ما ، أفندية بشدة البطالة هذه تغريوا مل فإذا. مهارته آثار و شغله مثار من شيئا لنا يرسل أنكم فظننتم ، الكتب قراءة بعد مصر إىل جئتم و ، الغرية و االجتهاد و الشغل رفقاؤكم ، املنة و مداحل هللا فعندنا ، باطل ظنكم فإن ، الفنون و العلوم تعلمتم

الكيفية ذه جئتم إذا تقابلوم فكيف ، الشهرة حيص لون و يشتغلون املتعلمون يف يتبصر أن لإلنسان فينبغي!! ؟؟ الفنون و العلوم كمال عليهم تظهرون و

على فبناء. تعبه مثرة جيين أن و الفرصة يفوت أال العاقل على و ، أمره عاقبة مل و للسفاهة أنفسكم تركتم و الفرصة هذه اغتنام عن غفلتم إنكم ، ذلك

يف جتتهدوا مل و ، ذلك من لكم حيصل الذي العذاب و املشقة يف تتفكروا تكتسبوا أن أردمت فإذا.. أمثالكم بني لتتميزوا إليكم توجهنا و نظرنا كسب

/ .٤٢/ ص ، السابق المصدر ١ / . ٢٩٥/ ، ص /٣، ج / باریز تلخیص في اإلبریز تخلیص ٢

334

و العلوم حتصيل غري من واحدة دقيقة يفوت ال منكم واحد فكل ، رضاءنا و ، شهر كل انتهاءه و ابتداءه يذكر منكم واحد كل ، ذلك بعد و. الفنون عليه بقي وما ، الرسم و احلساب و اهلندسة يف درجته ، ذلك على زيادة يبني زيادة الشهر هذا يف يتعلمه ما شهر كل يف يكتب و ، العلوم هذه خالص يف

هو و سببه لنا وافاكتب ، الغرية و االجتهاد يف قصرمت إن و. السابق الشهر على طبيعي هو هل ، لكم تشويش أي و ، تشويشكم من أو اعتنائكم عدم من إما حىت ، عليه هي كما حالتكم تكتبون أنكم ، الكالم حاصل و. عارض أو

افهموا و ، جمتمعني األمر هذا فاقرأوا ، منكم مطلوبنا هذا و ، عندكم ما نفهم ) . انتهى.. ( اإلرادة هذه مقصود

و!! . ؟؟ مبصر فعاهلم ١ رص ع و املماليك عهد بظالم ذلك كل ي قارن فهل ما من ، ذلك على أدل ال .. احلضارة و العلم مقومات ميتلك ني ر لشعب كبتهم فرنسا إىل الوافدين املصريني الطلبة عن باريس يف الفرنسية اجلامعة رئيس كتبه

منذ باريس أتوا عربا أن ، ق يصد يكاد ال الذي املدهش من: قال حني للدراسة و ، فيه عيب ال فرنسي بشعر أفكارهم عن يعربوا أن من متكنوا ، شهرا عشرين

هؤالء قلم خيطه ما كل يف و ، ا إتيام الفرنسيني يش رف منه مقطوعات ألفوا حرية و البساطة من غريبا ضربا القارئ جيد ، الفرنسية باللغة املصريني الشبان ، يكتبوا أن قبل أم كتابام فحوى من يظهر و ، الذكر تأهليس الفكر

الشرقية اخلرافات أن املنتظر من و ، عريب بعقل ال فرنسي بعقل يفكرون تقيدهم و الشرقيني أعني تغطي اليت الكثيفة احلجب أن و ، عقوهلم من ستنمحي عندنا ونيدرس الذين أولئك عن األقل على تدرجييا ستسقط ، الطفولة بسالسل

. ٢) انتهى(

. ریحھ أنتن وأصلھ خبث ما ، العرص ١ . سابق مصدرمحمد علي .. ٢

335

عن ، هلؤالء االمتحانات و الفرنسية اجلامعات يف القبول معلومات تفيد و فعلى ، مصر يف العلمية بالنهضة للقيام علي حممد اتبعه الذي الفكري املنحى عند كانوا ، اخلارج يف الطب لدراسة املؤهلني التالميذ كان ، املثال سبيل

كبار حبضور الطبية العلمية اجلمعية قبل من اختبارهم يتم ، باريس إىل وصوهلم و عالية مبستويات القبول باختبارات ينجحون فكانوا ، األوروبيني العلماء اجلمعية هلم فتعترف ، الفرنسية باللغة ، إليهم توجه اليت األسئلة على جييبون

اختبار يتم أن علي حممد رغبة وكانت ، الفرنسيني التالميذاليت عليها درجةالب . ذكاؤهم و تفوقهم مدى يعلم حىت، بباريس هؤالء

أن ، امللكية العلمية اجلمعية قاعة يف ، الفحوص إحدى وقائع من واقعة يف و العني تركيب عن فسئل) " منصور الشيخ( يدعى و الطالب أحد على نودي

الالزمة مليةالع عن و ١) الكاتراكتة( تكون كيفية و البلورية ، اخلصوص على و أثنوا و استحسانا احلاضرون له صفق و أجاد و فأجاب ، منها املريض إلنقاذ العضدية املفاصل تركيب عن فس ئل أفندي حسني دعي مث ، مستطابا ثناء عليه

للحاضرين أبان و قوته أظهر مبا فأجاب ، ردها كيفية و الذراع خلع عن و ننهض املصريني التالميذ جنابة) ديبوبترن ( البارون وجد ملا و. فطنته و ذكاءه إىل د عينا أننا السعادة و الغبطة دواعي من ، التالميذ أيها: فقال خطيبا فيهم قد و ، العلوم من ، مصر يف الطبية مبدرستكم اكتسبتموه ما لنشاهد احلفلة هذه علومال يف القدمية شهرا مصر إىل أعادت ، مدرستكم أن ، تفوقكم لنا أبان

األمري واليها إىل يرجع ذلك يف الفضل و ، اخلمول أصاا ما بعد ، الطبية و األقوم الطريق يف سي رها و زمامها على قبض الذي باشا علي حممد ، األعظم

معامل من الزمان أيدي ا قوضته ما شي د و ، املاضية مفاخرها من طوى ما نشر منا النجباء الشبان أيها لكم و ، زيلاجل الشكر فلحضرته ، العمران و احلضارة

من أمراض العین المعروفة آنذاك . ١

336

مما ، بالدكم لغة غري بلغة بالصواب نطقتم فقد ، الثناء و الشكر جزيل ، أيضا ستحيون أنكم ، يف ذلك جعل قد و ، متني أساس على تعلمتم أنكم على دل و ، الزهراوي و الرازي و سينا كابن ، األطباء كبار من العظماء أجدادكم جمد . ١" السلف هلؤالء اخللف ن عم لتكونوا آثارهم حتيون و منواهلم على سريونست أنكم

التطبيقية و الفكرية العلوم من خمتلفة أخرى لنواح العلمية البعثات تتالت قد و احلرفية البعثات علي حممد أرسل حيث ، اإلنتاجية الصناعات أساس تشكل اليت

متنطق قد البعثة هذه أفراد أحد كان و. انكلترا يف التعدين لدراسة املختصة علي حممد فأمر ، عادات و مشرب و مأكل و ملبس من، اإلنكليز مبنطق

، التعدين و الصناعة علم ليكتسب هنالك إىل ذهب نهإ قائال مصر إىل بإعادته شفاعة لوال العقوبة يعاجله أن كاد و ، االجتماعية شؤوم يف اإلنكليز ليقلد ال

. له الشافعني الديار إىل الطلبة عودة بعد تظهر ، مثراا و العلمية البعثات هذه نتائج بدأت و

فكرة عناوينها تعطينا ، مبصر مطبوعة فكرية و علمية مؤلفات فظهرت. املصرية ٢ احلصر ال املثال سبيل على منها مبصرو احلضاري و العلمي التطور عن رئيسة

) املثلثات حساب يف الثمرات جامع( و) احلساب علم يف االكتساب( ـ . جت باشا ملصطفى

. رمضان بك إلبراهيم) األراضي ختطيط فن يف الرياضي القانون( ـ الدرة( و) السوائل حترك( و) األرضية الكرة بنية علم يف املرضية األقوال( ـ

. فايد باشا ألمحد) اهلندسية احلسابات يف السنية) األقسام جراحة يف الكالم نشر( و) اجلر اح أعمال يف حالفال غاية( ـ

. البقلي حممد للدكتور . بك الرشيدي حسن أمحد للدكتور) األطفال مداواة يف اإلقبال نزهة( ـ

. السابق المصدر ١ . السابق المصدر ٢

337

. دقلة بك ألمحد) املثلثات حساب يف الغانيات رضاب( ـ ملةاحل و علي حممد حكم فترة قبل وجودها كان ، هذه الكتب شذرات . املستحيل ضروب من ضرب ، الفرنسية

و اهلندسة علوم جانب إىل ، العلمية و الفكرية التخصصات نواحي مشلت قد و سبيل على منها متعددة هامة جماالت.. فصيلها يتبع ما و الفيزياء و احلساب

.. املثال . احلربية اإلدارة علوم ـ . املدنية اإلدارة علوم ـ . سيةالسيا العلوم ـ . العسكرية اهلندسة و املدفعية و البحرية اإلدارة علوم ـ . األسلحة صناعة علوم ـ . اجلراحة و الطب علوم ـ . الزراعة علوم ـ . سبكها و سكبها و صبها و املعادن علوم ـ . احلديدية السكك و املواصالت و الطرق علوم ـ . اهليدروليكا علوم ـ . احلفر و اإلنشاءات و لبناءا و العمارة علوم ـ . األجواخ و اخلياطة و النسيج علوم ـ . صناعته و الطالء و النقش علوم ـ . ذلك إىل ما و األحذية و اجللود صناعة و الدباغة علوم ـ . الطبيعي التاريخ علوم ـ . اإلنسانية اللغات و الترمجة علوم ـ . الطباعة علوم ـ . الطبوغرافية علوم ـ

338

فانظر يا رعاك اهللا ، إىل هذه العلوم و الفورة العلمية الفكرية اليت هبطت فجأة و تضعها يف مهب رياح الدولة العصرية على عقب رأسا على مصر ، لتقلبها

. املتطورة ، حيث ال عودة عن ذلك اهتمام يف جتلت و ، األمهية من غاية على هي ، النواحي من ناحية ، هنا تربز و

مصر إىل عادوا و أوروبا يف حتصلوه الذين العلماء و العلم بقيمة علي دحمم سبيل فعلى. العناية و التكرمي و االهتمام غاية يوليهم فكان ، البالد ليخدموا

للدراسة املبتعثني ألحد فرنسي فرنك/ ٣٢٤/ مببلغ ذهبية ساعة شراء مت املثال إىل أ رسل ، يوسف حممد يدعى رآخ و. فيه متي ز و فارق امتحان يف جنح ألنه

عليه ص رف و ، هناك فمرض ، املراكيب و اجلزم و األحذية صناعة لتعلم فرنسا مبلغ خرجته على فصرف ، فيه تويف و املرض عاوده مدة بعد و ، لعالجه الكثري

مثن و السرير مثن من فرنكات/ ٣٠٨/ قربه على صرف و ، فرنكا / ٣٨٠/ . ١ الرخام على الفرنساوي و بالعريب امسه نقش أجرة و الرخام حجر

اخلرباء استقدام إىل عمد بل ، اخلارج إىل الب ع ث بإرسال علي حممد يكتف مل و من كان و. متدينها و لتمصريها مصر إىل منهم اخلربات ذوي و األجانب حسب مصر إىل جاء الذي) سيمون سان( الشهري الفرنسي املفكر أشهرهم

، السويس قناة شق هو ، خبلده يدور مشروع أهم كان و ، سامية برسالة قوله مصر تكون أن ارتأى سامية أخالقية إنسانية أفكار و آراء و نظرة له كانت كما اختلف عندما ، اخلصوص وجه على الفكرة هذه لديه تولدت قد و. هلا مهدا كان أنه قيل و ، سجنه و باعتقاله األخري قام و ، بونابرت نابليون مع فكريا املليئة الساحرة الكلمة تلك.. الشرق: يصيح و السجن يف نومه من يصحو.. مصر معناه الشرق.. الصحراء غموض غامض الشرق.. الغموض و بالضياء

محمد علي و أوالده ، مصدر سابق . ١

339

هي ما أدراك ما و.. النيل أرض.. موسى و فرعون أرض.. الساحرة مصر . ١ " ؟؟ مصر قرون منذ فقدته الذي و ، ملصر خدمة باشا علي حممد به قام عمل أهم أن على

من قوامه الذي و املصري اجليش إنشاء هو ، الفراعنة عهد من رمبا طويلة و ملصر املصرية اهلوية تشكل عوامل من عامل أهم ذلك فكان ، املصريني على يبدو ما على حيرصون كانوا ، ذلك قبل مصر حكموا الذين فكل. العربية

جبعلهم ويكتفون ، فيه القيادة و السيطرة مراكز و اجليش عن املصريني إبعاد ، . مؤقتني جمندين أو ، مشتتني نظاميني جنودا احلاالت أحسن يف األمة هوية تكوين يف األثر بليغ حيمل لكونه ، هنا اجليش عامل نورد حنن و

أمر هو و ، أيضا الفكرية هويتها تكوين إىل حمالة ال يؤدي أمر هو و السياسي من ليس النظامي جيشه ، قطر أو أمة فكل. األمم من أمة أية على ينسحب غري بشكل لو و االحتالل من نوع هو ، األساس شعبه و احلقيقيني مواطنيه . مباشر

بعض إىل باإلضافة معه قدموا الذين أتباعه إىل علي حممد اجته ، أمره بداية يف إليه يعهد نظامي جيش منهم يشكل أن حاول و ، مبصر املوجودين املماليك و إياه حماربتهم و ، حاهلم فسادو جشعهم و املماليك طمع لكن ، البالد حبماية علي حممد حماوالت كل فشلت و ، ذلك دون حال ، لقتله عليه تآمرهم

مقتضيات و الزمن حال و يتناسب مبا إصالحهم و تطويعهم و لترويضهم شاسع . بون ذلك بني و بينهم كان فقد ، احلضارة

و ينتظمون علهم ، النظامية اجلندية إىل هؤالء يضطر أن علي حممد حاول قد و و اهلمجية من درك إىل وصلوا قد كانوا لكنهم ، نفوسهم و أحواهلم تصلح هي و ، الطاعة و النظام ، سجاياهم و نفوسهم أبت حبيث ، الفوضى و الفساد

. السابق المصدر ١

340

قدرام أن ذلك إىل يضاف ، األعراض هتك و النهب و السلب اعتادت اليت يكونوا مل حبيث احملدودية من كانت ، الفكرية آفاقهم و الذهنية و العقلية

. ذرعا ا نفوسهم تضيق و ، احلديثة العسكرية املبادئ و القتال فنون ليستوعبوا ، ببوالق تدرييب مبعسكر مجعهم ، معهم األخرية للمرة علي حممد حاول فعندما

إدخال على بعزمه صارحهم و ، التغيري نفوسهم تعتاد و التنظيم يتآلفون معله الدولة مصلحة و مصلحتهم و لفائدم ذلك إن و ، إليهم اجلديد احلربية نظام و تصفيته قرروا و عليه متمردين انتفضوا حىت ، غادرهم أن ما لكنه. ككل مما أذكى كان لرجلا لكن. فيها هو اليت القلعة على مفاجئ جوم قاموا

من اقتربوا أن ما و. باملرصاد هلم فكان ، البسيطة الساذجة عقوهلم تتصور ، املدفعية و البنادق نريان من بوابل عوجلوا حىت ، فيها يتحصن اليت القلعة

إليهم فرتلت ، با و سلبا يعيثون األسواق إىل فيهم املؤخرة انكفأت و ، فأبيدوا . استأصلتهم و اصةاخل علي حممد قوات

أن هو و ، البداية منذ تعلمه عليه كان الذي خطأه علي حممد أدرك.. هنا العناصر حنو تفكريه فاجته ، إرشاد ال و وعظ معهم ينفع ال رعاع مهج هؤالء

ذلك فعل قد و ، املصري اجليش إلنشاء البداية هي هذه كانت و ، املصرية مصري جيش تشكيل يناوئون كانوا الذين نينيالعثما أعني عن بعيدا تامة بسرية فيها جند ، املدن عن بعيدة سرية شبه معسكرات ، األمر بداية فأنشا ، وطين

سيكونون الذين العناصر هذه لتدريب األجانب الضباط خبرية استعان و املصريني عن أ بع د قد املصري الشعب ألن نظرا و. احلديث املصري للجيش األوىل النواة ستعطيه اليت الفكرة هذه األمر بداية استهجن فقد ، طويلة قرون منذ اجليش التجنيد إىل بالقوة يساقون الفالحني من اندين كان فقد. الوطنية هويته أبعاد

و اجلندية تآلف أن الشعب لبث ما لكن و ، األحيان بعض يف قاسية بأساليب و الوطنية هويته أفقده ما و ، ونالقر هذه طيلة احملتلون منه ح رمه ما عرف

. املستبدين و للظال م يستكني جعله و ، املصرية

341

: علي حممد لعصر فكرية قراءة

مديدة قرون املصريني فوق كبس الذي الظامل القمقم باب علي حممد فتح لقد

و كانت ، غريهم يذقه مل ما رمبا اخلاطر كسر و اهلوان من خالهلا ذاقوا طويلة، كان قدمها ملصر و املصريني ، أمور ثالث يتلاي اجلليلة ال حممد علأهم أعم

.. انعدامها ، مسخ هوية املصريني و فقدام هلوية وطنهم ، و هي ـ فتح باب العلم و التعلم أمام املصريني بعد أن كان ممنوعا عليهم . يهم طوال ـ فتح باب االخنراط باجليش أمام املصريني بعد أن كان ممنوعا عل

العهود السالفة ، حىت على مستوى اجلنود يف بعض األحيان . ـ فتح باب امللكية الزراعية و متلك األراضي للمصريني ، بعد أن كان ممنوعا

عليهم طوال العهود السالفة . ملقامه ت قدم و ، اجلباه له تنحين أن جيب الذي الكبري املصري الرمز فإن بنظرنا و

مصر هوية هو الذي املصري الفالح هو ، التبجيل و حتراماال آيات أمسى و األهرامات بىن الذي هو ، التاريخ عرب شاخما ظل الذي املسماك هذا ، احلقيقية

مصر أعطت اليت العمرانية املعامل كواهله على قامت و قدميا الري قنوات شيد خضع ، ذلك بعد ذيال هو و. املستنري الوق اد فكرها و الساطع جنمها القدمية ك س ر و ، بسياطهم ظهره أ هل ب و الظاملني لظلم نزوام و ملذام ألجل خاطره

و بعزميته الذي هو و ، السويس قناة بسواعده و أكتافه على قامت الذي هو و ، القمقم له ف ت ح عندما الذي هو و ، احلديث املصري اجليش ين ب أناته طول

و صعوبة أكثرها و العلوم و املعارف مبختلف امللم فكرامل العال م مثال ضرب. بعضها يف بعضهم على تفوق و فيها األوروبيني أقرانه بز الذي و ، تعقيدا و. أكتافه على أيضا هنا قامت ، أكتافه على القدمية مصر حضارة قامت فكما

342

ما و علي دحمم فترة يف ظهروا الذين املصلحون و املفكرون و العلماء هؤالء ما . مصرية فالحية أصول من إال ، بعدها

األمثلة أحد إال ، ١ باشا علي حممد عاصر الذي النرباوي باشا إبراهيم قصة ما و ، بعد فيما مسي الذي الرجل هذا كان فقد ، ذلك على ، حتصى ال اليت الكثرية الفقر أكلهما فالحني ألبوين ولد معدما فقريا فالحا كان ، املصري الطب بنابغة ، مستأجر بعري يقودها عربة على البطيخ لبيع اجته ، احلال به ضاقت ملا و ، أكال القاهرة حنو اجته ، البوار على مشرفة جتارته أن وجد و احلال به ضاقت فلما

، حليته طالت كبريا شيخا شاهد ، أزقتها أحد يف و ، ربه رمحة يرجو شريدا معهم مشى و الصبية هؤالء بني نفسه فدس ، يتبعونه األوالد من كوكبة وخلفهليفاجئ بعد ، قدماه إليه تقوده الذي املصري يعرف ال هو و الوقور الشيخ خلف فيها فبقي ، فيه للدراسة حلقة تلك وكانت ، األزهر إىل دخل املوكبأن ذلك

إعجاب و استحسان ناال ، نظريمها قل ذكاء و نبوغ عن بعد فيما كشف و مت أنه أ بلغ و ، عليه فيه نودي الذي اليوم جاء أن إىل ، املشايخ من اتذتهأس

تأسيسها باشا علي حممد قرر اليت احلديث الطب مدرسة يف طالبا ليكون اختياره اليت البعثة أفراد ضمن من بعد فيما ليكون و ، الفرنسيني من أساتذة يتوالها و

كانت ، عاد عندما و. حةاجلرا و الطب يف للتخصص باريس شطر ميمت مبدرسة مدرسا فعني ، مصر إىل سبقته قد اجلراحة و الطب يف نبوغه و شهرته علي حممد إىل تصل شهرته جعلت بالغتني خربة و مهارة أظهر و املصرية الطب . اخلاص طبيبه جعله و إليه فقربه ، باشا

تعدا إىل بالد الشام إن آثار حممد علي باشا ، مل تقتصر فقط على مصر ، و إمناو كسر طوق ، حيث كان له الفضل و اليد الطوىل ، يف كسر شوكة العثمانيني

لى و نقل عدوى الوطنية و التمرد ع، اجلهل الذي فرضوه على تلك البالد

. سابق مصدر ، وأوالده علي محمد ١

343

، فحاول أن ، غزاة حمتلني املنطقةو اعتبارهم من قبل شعوب هذه العثمانينيدحر اجليوش العثمانية يف كل . و قد عله مبصر يفعل هنالك شيء ما شبيه مبا ف، حىت وصل إىل مسافة قريبة من األستانة ، املعارك اليت خاضها ضدهم

م ائيا و يزيل تسلطهم على عاصمتهم و مركز حكمهم ، فكاد أن يطيح البالد العربية كما فعل مبصر ، لوال أن اجتمعت ضده الدول األوروبية و على

، فانكفأ ، فحطمت أسطوله البحري و أثارت الثورات ضده ا رأسها انكلتر جبيشه إىل مصر و بقي فيها ، بعد أن ضمن ألوالده احلكم من بعده .

التاريخ تصنعه األحداث ، و األحداث تصنعها الرجال ، و على قدر اية ..

، يسطر التاريخ أو ال الرجال ، يكون مقدار احلدث ، و على مقدار احلدث و صانعيها يف الواجهة ، ع األحداث يضطر .. يذكر أو يضع طي النسيان .. يس

أو يلقي م إىل املزابل و ال يبايل . الرجال ، مبا يصنعونه من أحداث و يسوقونه من وقائع تغري جمرى و تربز عظمة

أو يتواجدون فيها . و كلما تعددت تاريخ الشعوب و اتمعات اليت حيكموا تدت عظمتهم و ارتفعاألسباب اليت يصنعوا ، كلما ازدا األحداث و

يف مدونة التاريخ ، فهنالك من يربز بانتصاراته العسكرية ، و آخر أسهمهم باختراعاته العلمية ، و الثالث مبا يقدمه من ضة فكرية تقود إىل إحداث

ز العظمة و متاياجتماعية أو اقتصادية و ما إىل ذلك ، و هو ما يقود إىل تغيريات . فمنهم من ميتاز حبدث معني املوقع لدى صانعي األحداث ، و تفاضل درجاا

فلسفة إيديولوجية جديدة .. انتصارات عسكرية .. مقاومة لغاز أو حمتل .. تقود إىل إحداث تغريات جوهرية يف اتمع و الدولة .. فكر مميز .. اختراع

. و منهم من يتميز جبمعه ألكثر من نية علمي هام غي ر مسار البشرية و اإلنساأو أكثر عن حدث ، فيسجل له التاريخ أنه قام بكذا و كذا ، فريتقي درجة

، فيجمع غريه ، و منهم من يشتمل على احلوادث مجيعها ، فيزداد علوا و مسوا

344

، و ما بني االنتصارات العسكرية ، و بناء الدولة العصرية ، و النهضة الفكرية حاز امليزات مجيعها . حصل مع حممد علي باشا الذي هو ما

على أن عظمة الرجل يف التاريخ ( أيا كان هذا الرجل ) ال تربز فقط باملقدار و استدامتها ، بل يف مدى الذي أثرت فيه األحداث اليت صنعها ، يف حياته

طول بقاؤها بعد وفاته ، ومدى صمودها يف وجه أعايت الرياح املضادة اليت . حتاول قلعها من اجلذور

، و هو أمر عجز لقد كان حممد علي ، قارئا ممتازا لألحداث و املتغريات العاملية يقرا األحداث و يستطلعها العثمانيني و مماليكهم و مل يفلحوا فيه ، فكان عنه

حىت قبل ذهابه إىل مصر أول مرة ، و من املؤكد أنه كان يتابع أخبار احلملة ، و كيف ازم املماليك ة منذ أن وطأت أقدام جنودها األرض املصرية الفرنسي

لديه اطالع على تاريخ أمامهم شر هزمية . و من املؤكد أنه كان و العثمانيني مصر قبل هذه احلملة ، وباألخص ، فترة العثمانيني و مماليكهم ، و رأى كيف

لفرنسيني قد أثروا كيف أن ا ، و رأى أيضا ينقلبون بعضهم على بعض كانوا بالشعب املصري و بثوا فيه روح اهلوية املصرية بعد أن كسروا شوكة العثمانيني

مع سببوا بذلك ، يقظة مصرية قوية مع ضة علمية ثقافية فكرية ، فيك و املمال نوع من العوملة اجلزئية ، أصبح من الصعب جدا االرتداد عنها من قبل املصريني

هم . أو قمعها من قبل غريمن خالل رؤية إستراتيجية واسعة ، و هو ما كان أدرك حممد علي ، ذلك كله العثمانيني ذوي الدولة املترامية األطراف و املمتدة من املفترض أن يقع على

القضية ، هم و مماليكهم أصحاب األصقاع ، و كان خليقا م ، إدراك تلك جيء به على عجل ، ليكون ثقال عسكرية ،الدولة ، ال أن يقع على قائد فرقة

. مضادا للمماليك بع رحيل الفرنسيني و يؤسس ململكتهإن امتالك حممد علي هلذه الرؤية اإلستراتيجية ، مكنه من أن

بإدارة دفة شؤون مصرهم ، و هو ما نظام دولته القائم على اشتراك املصريني

345

، حيث أراد العودة ، مقاليد احلكمحصل بعد وفاته و استالم عباس باشا األوىل بدعم من اإلنكليز من خلف الكواليس و بازال جذعة املماليك ، قارحا

يف بناء . و قد عمد إىل كل أثر من آثار جده حممد علي أنفسهم دعم املماليك ، فحاول إزالته و حموه من الدولة القوية العصرية املتحضرة ، ذات اهلوية الوطنية

باجليش من أهم آثاره و مسعته سيئة الصيت ، أن بدأ أوال الوجود . و قد كان الذي رفع مصر إىل مصاف الدول القوية ذات السيادة ، فشتته و أرجع إليه

يف السلب و النهب و الفساد يف األرض ، املماليك الذين عادوا سريم األوىل لهو و يف الوقت الذي منع فيه املصريني من محل السالح ، مث اتبع سياسة ال

، امل رد و الفساد ، فانصرف جل اهتمامه إىل القصور و اجلواري و الغلمان البذخ و املفكرين املصرية . لكن أسوأ ما قام به ، أن حارب الفكر مبددا أموال اخلزينة

و و العلم و العلماء ، فقد عمد إىل نفي أهم املفكرين و العلماء املصريني .. كيف ، و منهم رفاعة الطهطاوي و األمصار تشريدهم و تشتيتهم يف البقاع

ال ، و هو إنسان جاهل مل يتحصل على أدىن قسط من التعليم و مل يطلع على لإلنكليز حضارة أوروبة ، و كانت أهم مشاريعه و أعماله ، عبارة عن توطئة

، . و مل تدم سين حكمه ، سوى اخلمس من السنوات كي حيتلوا مصر فيما بعد مات فه . و قد اختلفت يف موته روايتان .. األوىل زعمت أنه حيث لقي حت

، واألخرى عزت سبب موته إىل نوبات املرد املالح خنقا من قبل بعض غلمانه الصرع اليت كانت تنتابه .

، فإن هذه األفعال كلها ، هي اليت أسهمت بدورها فيما بعد ، طبقا لذلك الوالة منهم ، فكانت ثورة أمحد على األجانب ، حىت علىبالتمرد املصري

، يف ثورة إلعادة التمصري الذي أقامه حممد الذي مترد على اخلديوي توفيق عرايب علي باشا ، و التصدي للتدخل األجنيب يف شؤون مصر الداخلية ، حيث كان

على األبواب . فبعد أن أحس املصريون بوطنهم و اكتشفوا االحتالل اإلنكليزي بعد حل طالسم اهلريوغليفية املصرية ، القدمية منذ آالف السنني آثار حضارم

346

االستكانة و الذل و اخلضوع لألجنيب ، ذه مل يعد باإلمكان إعادم إىل حظرية السهولة .

فترة ما بعد حممد علي :

يدعم ملا بعده . و ماقد أسس خبربته و رؤيته اإلستراتيجية قلنا أن حممد علي ملك مصر من يبقى، أن به بعد خسارته األخرية أمام األوروبيني هذا ، هو طل

املمكن ، و كان ذلك ، شرطا أساسا . و من غري بعده يف عقبه و ذريته بتصورنا ، أن يفعل حممد علي ذلك ، دون أن يهيئ ألوالده و ذريته من بعده ،

شروط حكم آمنة مستقرة ، و يوطد هلم أركاا . ، يتجه مقصود أم غري مقصود ، سواء بشكل ث فيما بعد كان تطور األحدا

، و أخص و باألخص السياسية منها مباشرة حنو دعم العنصر الوطين املصري ، ، و ذلك فيما اختص بالدولة ، العامل السياسي اإلقليمي و الدويل اخلصوص

و عثمانية العثمانية . و على ما يبدو فقد تبلور يف هذه الفترة قرار تقسيم الدولة ال الذي أ طلق ، بالتزامن مع ظهور مصطلح ( الرجل املريض ) إاء وجودها

تأليب شعوب البلدان ، و هو أمر مل يكن ليتحقق إال بعوامل عدة ، أمهها عليهاو آسيا و العامل العريب ، األصلية الواقعة حتت نري االحتالل العثماين يف أوروبة

و مل يكن ذلك . حمتلنيم غزاة غرباء ضد العثمانيني ، و تصويرهم على أليتحقق إال بإثارة شيء من النعرات الوطنية و القومية و دعمها ، و هو ما

احلملة الفرنسية أبانبأسلوب نابليون بونابرت و منشوره للمصريني يذكرنا أن . و إننا هنا ننصطدم حبقيقة على غاية من األمهية ، و هي على مصر األوىل لثانية احلالية ، قد نتج ا.. األوىل التأسيسية ، و بفترتيهريب املعاصر الفكر الع

. عن األمر السياسي بشقيه اإلقليمي و الدويل

347

اهلوية الفكرية املصرية بعد فترة حممد علي لقد كان أهم حدث داعم لبلورة ظهور الفكر الوطين باشا، هو والدة احلياة الدستورية اليت آذنت باكتمال

، ما أدى إىل توسع و بلورته ، و األهم من ذلك ، محايته و شرعنته املصريفقط، هذا. ليس دائرة انتشاره يف اتمع املصري ككل ، انتشار النار يف اهلشيم

أيضا إىل أن تكون مصر ، املنارة اليت تضيء ملا حوهلا من البلدان أدى ذلك بل زائر و ليبيا . ، يليها اجلااورة ، و باألخص ، بالد الشام

الربملان املصري أو جملس النواب . ءلقد متثل احلدث الدستوري يف مصر ، بإنشا/ م ، و كان ذلك يف ١٨٦٦ألول مرة يف مصر ، عام /فقد بدأت احلياة النيابية . و الفارق األهم يف تشكيل هذا الس ، أن بعض ١ عهد اخلديوي إمساعيل

ضائه أن يكون بعضهم مواالة ، و البعض اآلخر أركان القصر ، قد طلب من أعمعارضة ، أسوة بالربملانات األوروبية ، و قيل هلم أن املوالني للحكومة جيلسون على اليمني ، و املعارضني هلا جيلسون على اليسار ، و هو ما فاجئ أعضاء

من قبل كذا نوع من احلكم ، فأصر مجيعهم على ا الس الذين مل يسمعو ، و هو ما نعتربه حتوال هاما يف هوية الفكر السياسي و االجتماعي االة املو

. املصريني شبه صوري و ال يقارن مبا هو عليه كان يف بداياته و بالرغم من أن هذا الس ، ، رمبا بسبب كوا جتربة حتصل أول مرة يف مصر احلال من مثيالته يف أوروبة

استقاللية اهلوية املصرية ، و وقف حىت برهن عن إال أنه مل متض سنني قالئل ، ، حينما حاول فضه بالقوة ألن أعضاءه املصريني إمساعيل يف وجه اخلديوي

املالية و كيفية صرفها ، بعدما كثر البذخ و اإلسراف وجهة امليزانية أرادوا معرفة صرية الديون املالغري مربر و الغري منطقي و مقبول من قبل اخلديوي ، و كثرت

و خباصة بعد املقدمة لالحتالل اإلنكليزي بالتدخل األجنيب للخارج و آذنت

/ . ١٤٧محمد علي و أوالده ، ص / ١

348

، و كان ملراقبة املالية املصرية وجود وزيرين مفوضني .. إنكليزي و فرنسي . و عندما أرسل اخلديوي إمساعيل وزير داخليته لفض ذلك من احملرمات عليهم

ننا هنا سلطة األمة و لن خنرج " إ ١حوا بوجهه أعضاؤه و صا انتفضالس ، إال بقوة احلراب " .

و يبدو أن األحداث يئ بعضها لبعض بتواتر متواصل ، فعندما قام السلطان ثماين خبلع اخلديوي إمساعيل بتواطؤ مع اإلنكليز و دعم منهم و تعيني ابنه الع

ية ضبط احلركة الوطنمكانه .. رمبا بسبب عجز إمساعيل عن اخلديوي توفيق يف مصر عن طريق الوزيرين املفوضني املذكورين آنفا ، املعارضة للتدخل األجنيب

ورقة حمروقة عدمية القيمة ، أصبحت تشكل عبئا أكثر منه فائدة . و و حتوله إىل الحتالل ، ميهد هلم السبيل أضحى توفيق هذا ، أداة مطواعة يف يد اإلنكليز

اليت كانت ثورة مصرية وطنية احلربية ) ( ناظر، نشبت ثورة أمحد عرايب مصر و ، و كان من أبرز أهدافها إدخال العناصر املصرية يف قيادة اجليش بامتياز

الواسعة ، ال بل بلغ و صالحياته النواب سلطته احلقيقية جملساحلكم ، و إعطاء و إقامة نظام األمر بعرايب ، أنه اقترح طرد اخلديوي و عائلته ، من مصر

ي تكون مقدمته ، مجعية عمومية مؤلفة من طوائف و فئات الشعب مجهور، دخلت مصر و ، لتضع دستورا جديدا للبالد . لكن القوات اإلنكليزية كافة

ةياناخل، بعد بروز يف معركة التل الكبري و انتصرت عليها هامجت قوات عرايب اإلنكليزي ملصر. يبدأ بذلك عهد االحتالل لو ديعة من اخلارج اخلمن الداخل و

بعض رجال الدين و فئات الشعب و تبقى هنالك مفارقة غريبة ، و هي أن و ثاروا عليه ، الذي حيارب اإلنكليز و يدافع عن بالده ، انقلبوا على عرايب

؟؟؟!!! . مبوجب توصية من السلطان العثماين

المصدر السابق . ١

349

عصر النهضة :

للفكر بة الفترة التأسيسية كان مبثاإن عصر النهضة العربية ، هو العصر الذي العريب املعاصر احلايل ، و هو فترة امتدت من منتصف القرن التاسع عشر ، إىل

. و عصر النهضة ، هو العصر اليت حوايل منتصف القرن العشرين أو أقل بعقد و منها و االجتماعية شهد التحوالت الفكرية العربية بأنواعها كافة ، السياسية

و ما . للواقع العريب ، وكان أيضا مبثابة نقلة نوعية الدينية منها العلمية ، و حىت.. يأخذ منحى تصاعديا ، أنه كان فكرا ضويا العريب آنذاك هوية الفكر ميز

، حيرق املراحل حرقا ، و ينتشر انتشار النار يف اهلشيم يف فكرا خال قا إبداعيا جنباته ، فكرا ، أنه كان يف بعض له ، و يضاف إىل ذلك كاآلفاق و األمصار

إصالحيا تنويريا ، صادقا و خملصا يف إصالح الناس و الدولة و الدين و اتمع . يترقى هذا ، كان يف أساسه ، ذا مسار و خط سري عمودي النهضةو فكر

يف كل خطوة من خطواته بشكل تصاعدي ، من األسفل إىل األعلى ، و لكن يستتبع ذلك انتشارا أفقيا ، سواء على املستوى اجلغرايف ، أم العمودية ، كان

االجتماعي . الفكر النهضوي العريب آنذاك ، شأنه شأن ما سبقه من حماوالت واجهقد و

الفكر الرجعي املتخلف املتحجر ذي الصبغة العثمانية ، تنويرية إصالحية السلطة العثمانية ه األساس ، و الذي كانت دعائموكية و الدينية املتحجرة اململ

ين السلطان ) د، و هو ما ميكن دجمه مبصطلح ( و تيار السلطة الدينية املرتبط ا املناوئ ألي فكر تقدمي ، و هو ما كان نابليون بونابرت قد حذر املصريني منه

نفسه ، كان الوقت يف وخطب ودهم فيه ، لكنه و أيضا ، و أيقظهم عليه، فأحد أسباب ثورة القاهرة األوىل وجهم يف بعض ثورام عليه السبب أيضا خبر

ضد الفرنسيني ، هو أم أصدروا فرمانا حرموا مبوجبه األهايل من دفن موتاهم

350

، ما و أوجبوهم أن يدفنوننهم خارج خطط املدينة الدور اليت يقطنوها يف باحة ، و مت حتريضهم من و عقائدهم ، بوجه من الوجوه هماعتربه املصريني ميس بدين

قبل املماليك و العثمانيني و بعض رجال الدين ، من هذا الباب ، علما أن الفرنسيني العلماءحد أ، و أساسها هو أن القضية ال عالقة هلا بالدين بتاتا

الرديئة و اكتشف أن أحد أسباب تفشي الطاعون مبصر ، هو بسبب تلك العادة هلا بالدين حبال من األحوال . اليت منبعها خرافات ال عالقة

، فإنه واجه نفورا حىت حممد علي باشا عندما أراد القيام بنهضة فكرية علمية . ضطر إلنشاء مدارس خارج نطاق األزهر ، فا غري مباشر من األزهر

بوجه اخلديوي توفيق و اليت انفجرت أساسا ثورة أمحد عرايب الوطنية أخريا و ، و للدفاع عن اهلوية تالل مصر و هضمه حقوق املصريني لوطئته لإلنكليز اح

الوطنية املصرية . تتعرض لثورة مضادة و ينقلب عنها بعض الشعب و رجال خريج األزهر عرايب دبعصيان أمح ، فقط ألن السلطان العثماين أصدر بيانا الدين

ن ، فقط مارقا على الدي و اعتبارهالشريف و طالب الدين و الشريعة السابق ، ، جياريه يف ذلك بعض الشعب و بعض اجليش و املشايخ . ألجل عيون اإلنكليز

الرجعي نفسه ، الذي حارب العلم و العلماء و الفكر إذن .. هو فكر السلطان فكر السلطة و السلطان الذي ذكرناه يف بداية القارئ ، تذكر لي، و و األفكار

هو قارن . ليو ساس املسيطر ، األ و اعتربناه أنه هو الفكر الطاغيالكتاب الدهور على مدى كرر نفسه يو ، مكانو زمانالفكر نفسه الذي يظهر كل

وف يظهر فيما بعد ، و لس. تلف أمساؤه و صفاته باختالف العصور ختو ، ( الكعب األخيل ) يف التاريخ و املنطقة العربية . املعادلة ذات يشك ل بنظرنا

يف هذه الفترة ، على أثاف ثالث .. و فكرها عربية األوىلقد قامت النهضة الل

و كل أداة اليت جتلت بالصحف و املطابع و االختراعات العلمية الدعاةاملفكرين احلوادث السياسية األثفية الثالثة ، ، و صناعية تعلقت بالفكر ، بشكل أو بآخر

351

تترك أثرها اخلاص أنحيثياا ، هلا ، كل على حدة حسب ر د ق . و هي أثاف و تساهم يف قيامها و تثبيتها على أرض يف تكوين مسات النهضة الفكرية العربية

و إن كان األمر يف آن معا . و مسارها الواقع و حتديد هويتها و شكلها السياسي واضحا بي نا فيما ذكرناه مما سبق من أحداث و وقائع ابتدأت مع

املتبقيتني .. املفكرون الدعاة ، و ق لألثفيتني ، فإننا سنتطراحلملة الفرنسية . العلمية ( الصحف و الطباعة ) االختراعات

دعاة الفكر التأسيسي املعاصر :

روا بأفكارهم الني رة ، و أث برز يف منتصف القرن التاسع عشر ، دعاة مفكرون يف جمتمعام ، و شؤوا العامةحتصيلهم العلمي و الثقايف ، مبعترك احلياة اليومية

، ، السياسية منها و االجتماعية و الدينية و االقتصادية و حىت العلمية و بالدهم منو اتمع و نظام الشائكة املعقدة و اليت تعيقفكان أن تناولوا معظم القضايا

دعم منطقي هلا و ال عقلي أو الدولة ، و ترتبط بأفكار رجعية متخلفة ال بل األفكار العلمية النرية البناءة و اإلصالحية ، و نفضوا و طرحوا باملقا. شرعي

سين الظالم املتراكمة على املنطقة ككل . غبار العفن الدبق الذي يتناول نواحي احلياة الفكرية العامة و قد برز يف هذا اال ، املفكر الشامل

لفكر السمة األساس لفترة التأسيس لمبختلف جماالا ، و هو ما أضحى يشكل ، يف منتصف القرن التاسع عشر ، املعاصر و اليت كانت بداياا الفعلية احلقيقية

ضافة إىل كوا قد انتشرت من مصر إىل البلدان ااورة . باإلو قد أثر هؤالء املفكرون الدعاة ، باتمع و الناس ، إما من خالل مواقعهم

لوا اليت حتص الل الوسائل التقنية الدينية أو السياسية أو االجتماعية ، أو من خ عليها ، أو االثنني معا ، يضاف إىل ذلك كله ، احلصيلة الفكرية و املعرفية اليت

اليت استخدموها يف التأثري املباشر بالناس اكتسبوها ، و كانت هي األداة الرئيسة

352

ور و التغيريات الفكرية الالزمة و املستوجبة لقانون تط، و إجراء اإلصالحات . البشرية الطبعي

البشري قد اقتضت منذ قدم اإلنسان العاقل على وجه و مبا أن سريورة التاريخ الوافد ، و اختالف الثابت مع مع اجلديد اآلصل صراع القدمي البسيطة ،

أصحاب الفكر هؤالء ، من فقد عاىناملتحول ، و الرجعي مع املتقدم . ، من مثلهم من قوة السلطان و السلطة أصحاب الفكر اجلامد املغلق املتخلف

من سفهاء األمية ، ة تمع اجلاهلاو بعض قواعد املتحجرة الرجعية االستغاللية ، للفنت و أصحاب الوقود ، و املتعصبون منهم و أراذهلم العوام و سوقتهم

فتعرض هؤالء املفكرون للرفض و يتحكم م و يستغلهم . ملن الفوضى ، و ، يف حال يشابه يل أو النفي ، و أحيانا القتل و التصفية اجلسدية الصد و التنك

و ما عاىن منه القرون الوسطى االيت كانت عليهاألحوال يف تفاصيله و مضامينه ، و ما كابدوه من عذاب و مشقة و حرب . رجال الفكر العقالين الني ر املتحرر

ل ع، وأبانوا عن ف ةمن كل ذلك ، تركوا بصمتهم الفكريو لكنهم و بالرغم قد بزغ جنم و . اإلصالحية التقدمية ، و مهدوا الطريق الوعر ملن بعدهم آثارهم

، و كان من أشهرهم :و اشتهروا أعالمهم

/ م ، و هو ١٨٠١ولد رفاعة الطهطاوي يف العام / : ١رفاعة الطهطاوي من عمره ، و يف السابعة عشرالعام الذي رحلت فيه القوات الفرنسية عن مصر

، إمارات الذكاء و النبوغ ، و بعد خترجه ، و هناك بدت عليه التحق باألزهر إىل قراءة الكتب ، و كان ينصرف معظم وقته ، معلما و مدرسا األزهر بقي يف

انتباه الشيخ حسن . يف هذه األثناء ، كان قد لفت الفكرية الغربية و العلمية اركه قراءة الكتب الفكرية العلمية خالفا الذي كان يشالعطار ، شيخ األزهر

/ . ٢٣أعالم النھضة العربیة ، ص / ١

353

إماما الطهطاوي الذي أقنع حممد علي باشا ، بتعيني و ، لبعض مشايخ األزهر شيخ عاد البعثات العلمية إىل باريس ، إيفاديف اجليش ، و ملا قرر حممد علي

ح يف ألمور دينهم ، و جن و مشرفا دينيا أن يكون هلؤالء عريفا له ن و زي األزهر . فوافق حممد علي باشا م ر ح با ذا إقناعه أن يكون رفاعة ، ذلك الشخص

. ول بعثة مصرية إىل فرنسا للدراسة، و قيض للطهطاوي أن يغادر مع أاالقتراح نهأ ، إال كان مقتصرا على اإلشراف اإلداري و الديين و بالرغم من أن دوره

هو ، به ابتدأ ما أول وكان ، فسهن تلقاء من القراءة و الدراسة إىل انصرف اإلتقان متام أتقنها حىت املدة به تطل فلم ، تعلمها و الفرنسية اللغة دراسة حماولة

و ، الفرنسية الكتب لقراءة انربى أن لبث ما مث ، كافة نواصيها من أجادها و و الذايت التحصيل منطلق من كله ذلك ، التارخيية و الفكرية و األدبية بالذات

أن فكان ، الفرنسي البعثة رئيس مالحظة و انتباه لفت ما ، الداخلي االجتهاد ، املثابرة و التحصيل متابعة على األخري هذا فشجعه ، احترامه و وده كسب و االجتماع علوم و الفلسفة فقرأ ، ك تب من عليه عيناه تقع كل يقرأ فأخذ فطاحل و السياسة أساطني و كرالف ملشاهري قرأ كما. غريها و السياسية العلوم و ، الترمجة عامل فدخل ، السبل و األحوال به ترقت مث. األوروبيني األدب عودته قبل و. مؤل فا و خمطوطا عشر اثين من أكثر ، بفرنسا وجوده أثناء ترجم

الذي) باريز تلخيص يف اإلبريز ختليص( الشهري خمطوطه بوضع قام ، مصر إىل العامل ظالم أنارت اليت األوىل الشمعة مبثابة كان و ، آلفاقا شهرته طبقت الطهطاوي إن: قائال الكتاب على الفرنسيني أساتذته أحد علق قد و. العريب املعارف يف الرغبة عندهم يدخل و اإلسالم أهل يوقظ أن الكتاب هذا يف حاول" . املعاش صنائع يف قيالتر و اإلفرجني التمدن و التعلم حمبة عندهم يولد و املفيدة

من به يوقظ أن" يريد أنه ، هذا كتابه مقدمة يف نفسه الطهطاوي أعرب قد و " . عجم و عرب من اإلسالم أمم سائر ، الغفلة نوم

354

و السابق أستاذه إىل كتابه من نسخة أعطى ، مصر إىل الطهطاوي عودة عند و من غاية به أعجب و األخري فقرأه ، العطار حسن الشيخ ، األزهر شيخ

هو به أعجب الذي و نفسه باشا علي حممد على عرضه أن بلغت ، اإلعجاب يتم أن أمر و ، سراياه و قصوره يف بقراءته فأمر ، استحسانه القى و اآلخر يف ي درس أن و ، األعيان و الوجوه و الدواوين على نشره و ترمجته و طبعه

املعرفة و الفكر نشر يف الكبريين رهأث و دوره الكتاب هلذا فكان ، املدارس . املعرفة و العلم عنها املغيب العقول إيقاظ و مبصر،

حممد( احلاكمة السلطة من بدعم عمد إنه بل ، بذلك الطهطاوي يكتف مل و اليت) األلسن مدرسة( مسيت ، مصر يف للترمجة مدرسة إنشاء إىل) باشا علي

الفكر كتب كل يترمجون راحوا الذين كفاءاأل املترمجني عشرات بتخريج قامت شطر ميم بل ، احلد هذا عند يقف مل و. األمصار يف ينشروا و العلم و

، آنذاك عملها أوج كان و) املصرية الوقائع( جريدة باستالم فقام ، الصحافة قوية فكرية صحيفة إىل فحوهلا ، العربية إىل التركية األخبار بعض ترمجة يربح ال ألف و. بالعكس أي ، التركية إىل العربية من تترجم أصبحت أن شهرا لغتب

) باريز تلخيص يف اإلبريز ختليص( األول كتابة عن أمهية يقل ال آخر كتاب فجعلها) املدارس روض( جملة على باإلشراف قام و ،) األلباب مناهج( أمساه

خمتلف من املفكرين و لعلماءا فيها مجع و ، العلمي امع مرتبة إىل ترتقي و الطرق أنارت رائدة فكرية جملة بالفعل الة تلك فكانت ، االختصاصات

. آنذاك الفكر هوية صاغت و العقول فتحت هي و ، العريب العامل و مصر يف نوعها من األوىل هي كانت ظاهرة إىل عمد مث

فرنسية ، طبعتنيب صدرت قد و العسكرية بالشؤون ختتص عسكرية جملة إنشاء و العلم سبل للعقول تنري شاخمة علمية منارة ، بذلك الطهطاوي فكان. عربية و

كل و ، حمروم جاهل كل منه ينهل شامخ فكري طود و ، الترقي و احلضارة . الفكر و املعرفة لطلب ظمآن علم طالب

355

و الفكر و العلماء و العلم ترفع اليت هي ، السلطة كانت كما و أنه على ترتل و ، للتداول علمته تسك و اجلهل تضع اليت أيضا هي فأا ، املفكرين مع احلال هو هذا كان. سافلني أسفل و احلضيض إىل املفكرين و بالعلماء و املدارس فأغلق ، حفيده و باشا علي حممد خليفة األول عباس اخلديوي) األلسن سةمدر( ضمنها من كانت و ، سلفه عهد يف قامت اليت الصحف

بنفي قام بل ، بذلك يكتف مل و ، أنشأها اليت االت و الصحف و للطهطاوي يف و.. هنالك القهر و األسى و املرارة ليتجرع السودان إىل نفسه الطهطاوي

جنح و ضوية فكرية بأعمال القيام الطهطاوي حاول ، السودان يف نفيه أثناء جهله صريع األول عباس اخلديوي هلك حىت هنالك بقي و ، ما حد إىل بذلك

. جمونه و و ترمجه ماو ، فكرية خمطوطات و كتب من ألفه مبا الطهطاوي رفاعة كان لقد رواد أوائل من كان ، جمالت و صحف من أنشأه و مدارسمن ، بناه ما

أواصر بنوا و املعرفة و العلم نشروا الذين العريب العامل و مصر يف الفكرية النهضة أن بعد ، معبدا سالكا بعدهم ملن السبيل مهدوا و ، احلديث الفكر و احلضارة

. وعرا ع ق را كان

و الظلم على الثائر الدين رجل و املصلح و املفكر هو : األفغاين الدين مجال و األمة خريات ب سوى له هدف ال الذي األجنيب االحتالل و اجلهل

و ، القوة و العلم أسباب اكتساب و التحضر و قاءاالرت من حرماا و مقدراا جهل على احلريصة و املفسدة الفاسدة املستبدة احلاكمة السلطة على الثائر

فسادها و هلم وظلمها استغالهلا عن غفلتهم إىل يصريوا كي ختلفهم و حمكوميها و دالبال حق سياسته يف معه متماهية و األجنيب احملتل بركاب السائرة و ، فيهم حيث من ، أضرابه و الطهطاوي عن األفغاين خيتلف النقطة هذه يف و. العباد

مل متخلفة جاهلة تمعات املعرفة و للعلم ناقلني األوىل بالدرجة كانوا هؤالء أن

356

بإيقاظ عملهم آلة فاحنصرت ، احلضارة و العلوم مقومات أدىن على تتحصل إىل املتقدمة أوروبة من احلضارة بابأس نقل و ، املعرفة و العلم على العقول العلم و اجلهل بثنائية أساسا اختصاصهم فكان. ركاا عن املتأخر العريب العامل ، رمبا ذلك يف السبب و ، املشاكل حل على ، انكبام جل و مههم يكن ومل كانت ، العربية اتمعات يف املستفحلة و الطاغية التخلف و اجلهل حالة أن هو وجد ما فإذا ، مشاكل من غريها ملناقشة مربر هنالك يكن مل حبيث السواد من

لو و حىت ، إشكاليات و مشاكل من غريمها على طغيا ، التخلف و اجلهل . فيها السبب و مجيعها املشاكل أساس فهما ، الوطين بالعامل تتعلق كانت

، فغانستان حدى قرى كابل من أعمال أيف أ ١/ م ١٨٣٨ولد األفغاين عام /الدراسة و على حتصله على أسباب ألسرة غنية ميسورة احلال ، و هذا ما ساعد

و ، والفلسفة ، املنطق و ، التاريخ و ، الدين علوم تلقى، فاكتساب العلم تلك أهل من أساتذة أيدي على ، العلوم هذه من حظه فأستوىف ، الرياضيات

الغاية وأستكمل ، املشهورة اإلسالمية الكتب يف املألوفة الطريقة على ، البالد ا وأقام ، اهلند إىل سافر مث ، عمره من عشرة الثامنة يف بعد وهو دروسه من ، فكره فنضج ، األوروبية الطريقة على احلديثة العلوم يدرس أشهر وبضعة سنة

األمم أحوال و استطالع ، الرحالت إىل مياال بطبعه وكان. مداركه و اتسعتيضاف إىل ذلك أن روح التمرد على الظلم و الفساد و اجلهل ، ماعاتواجل

عن إبعاده يف سببا ، بعد فيما ذلك كان و ، نشأته منذ فيه مزروعة كانت له يطب مل لكن و ، أوال اهلند إىل فرحل ، احلاكمة السلطات قبل من موطنه ضدهم الناس يج على يعمل أن ، شرا منه اإلنكليز توجس حيث ، هناك املقام

ركاب يف يسري ال األشكال من بشكل ، كان السياسي فكره أن و خباصة به اإلنكليز فرحب ، هنالك إىل سبقته قد شهرته أن ذلك من واألكثر ، اإلنكليز

جمال الدین األفغاني بین - األفغاني جمال الدین -المواد التاریخیة لھذا المبحث .. موسوعة ویكیبیدیا ١

دارسیھ .

357

بشكل عليه ضيقوا لكنهم ، الوفادة حسن و اإلكرام غاية أكرموه و ، ظاهرا مع و . الناس مع لقاءاته من حد وا و عياالجتما و اجلغرايف اال ، مباشر غري عنه مسعوه ملا ، جملسه غ ش وا و الفكر و الدين و العلم رجال عليه وفد فقد ذلك احلكومة ضيقت أن فكان ، اإلصالح و للعدل حب و علم و معرفة من

، كلماته و خطواته عليه حيصون كانوا الذين العيون و اخلناق عليه اإلنكليزية ده ص ق و مصر إىل متجها اهلند فغادر ، املغادرة إىل األمر اية اضطروه حىت

أيضا سبقته قد كانت ، يبدو ما على شهرته لكن ، احلج فريضة ليؤدي احلجاز إىل توجه مث ، نيف و شهر فيها بقي و تكرمي و حبفاوة فاستقبل ، هنالك إىل

حيث ، مصر عن يقل ال ما احلفاوة و الترحاب من فيها لقي حيث األستانة البقاء ، باشا علي األعظم الصدر و العزيز عبد السلطان من كل منه طلب

و الدروس يلقي ، هناك وبقي الطلب فلىب ، علومه و خرباته من لالستفادة املعارف جملس يف عضوا يكون أن عليه ع رض مث ، املقاالت يكتب و احملاضرات

اإلصالحي عمله باشر و فوافق ، ليمالتع جمال على أعضائه مع باإلشراف يقوم و التحول هذا يعجبهم مل الذين الدين رجال بعض لكن ، الفكر و التعليم جمال يف هيجوا و ضده الصدور أوغروا ، اخلاصة و منهم العامة ، حوله الناس اجتماع و

حكومة منه فطلبت ، املشاكل ضده أثاروا و ، عليه اجلمهور و العوام بعض ، مصر إىل أخرى مرة فعاد ، الوقت من لفترة األستانة عن اجلالء العايل الباب و مصر إىل فعاد ، إليهم الرجوع به رغبوا و هناك تالمذته بعض راسله أن بعد

. وافرا مرتبا عليه أجرت و الئقا مرتال أنزلته و اخلديوي حكومة به رحبت مظاهر لكل نقده و يةاإلصالح آراءه بنشر األفغاين الدين مجال بدأ ، مصر يف

العلم فيها بذل ، علمية حلقات بإنشاء قام و ، اخللل مواطن و اجلهل و الفساد مويؤ كان و ، العابرين زواره حىت و طالبه و ملريديه اخلالقة األفكار و املعرفة و

حىت و العيان و املوظفون كبار ، هؤالء إىل باإلضافة تلك التعليمية حلقاته ، أساسا األفغاين فكر كان و . عبده حممد الشيخ منهم كان ينالذ الدين رجال

358

هلا ليس و اتمع يف خاملة تبدو قد فكرية مصطلحات و عوامل على يرتكز. الشعب عموم األساس تفاصيلها إىل يلتفت ال و ، الظاهر حيث من األثر بالغ و الدراسة من الوايف حقها لتعطيها تكن مل فرمبا ، الفكرية ن خ به بعض أما

لكن ، السطحية العامة آثارها و الظاهرية قشورها بتناول تكتفي و ، التمحيص مبالمسة فقط ي كتفى ال جدا هامة فكرية عناصر ، أساسها يف هي ، املفاهيم هذه

إىل تفكيكها و فيها الغوص من بد ال بل ، فقط اخلارج من مفاعيلها و آثارها ، متجانس واحد ك م ظاهرها يف بدت إن و فهي ، األولية اعناصره و مركباا

. اتمع يف تربتها هلا هي أت و أنشأا اليت مركباا مفاعيل على حتتوي فإا الفساد و االستغالل و االستبداد و الظلم ، ذلك يف األفغاين تناوله ما مثال من و التكافل و تعاونال و االجتماعية و اإلنسانية األخالق و االستعمار و الوطنية و

ببعض النظر بإعادة جتلى الذي الديين اإلصالح إىل باإلضافة هذا ، االجتماعي غري يف وضع و استخدامه أسيء ممن اآلخر بعضها و اخلاطئة الدينية املفاهيم . موضعه

و ، اجلمهور بني أفكاره انتشار اتساع إىل يعود ، األفغاين تأثري مبلغ كان قد و منه ما بكل فاستعان ، ذلك يف الوسيلة يعدم ال فكان ، لكذ على هو حرصه شائعة كانت اليت املاسونية احملافل ، ذلك من و ، أفكاره نشر يف خيدمه أن شأنه

تربم فعندما ، الصحافة لىع اعتماده ، ذلك إىل يضاف. الفترة تلك يف االنتشار الذي املبلغ بلغت قد وجدها و التقدمية اإلصالحية أفكاره من توفيق اخلديوي إىل عمد ، عرايب أمحد لثورة دعمه بعد بالذات ، احلكم يف سياسته و يتهدده

فاسد حباكم الئقة لكنها ، األفغاين حبق الئقة غري مهينة بطريقة اهلند إىل نفيه باريس إىل مث بريطانيا إىل األفغاين انتقل ، هناك من و. مثل اخلديوي مستبد اإلصالحية أفكاره كل ضم نها و) الوثقى العروة( ةجريد بإنشاء قام حيث

. التقدمية

359

اإلصالحي العام ، يتمحور حول اإلصالح الديين لقد كان فكر األفغاين، إصالح الفكر السياسي و باألخص احلاكمي منه و ، و التجديد فيه اإلسالمي

و ما . و منع االستغالل مهما كان و من أي كان رفع الظلم أيا كان نوعه و على الشاه أجرب يذكر هلذا الرجل الكبري من مآثر ، أنه عندما كان يف إيران ،

إلغاء امتياز الشركة اإلنكليزية للتبغ و التنباك بأن جعل الشعب يقاطع تدخني ، و هو ما جعل الشاه يف اية األمر يرسل إليه مخسمائة من اخليالة سجائرها

. و قد انتهت حياة هذا يلقوا به خارج احلدود يقتادوه مكبال و هو يف مرضه و من رجال السلطان عبد مريضا منفيا ، مضي قا عليه يف األستانة ، الرجل الكبري . احلميد الثاين

أينما ل بجتديد و حتديث و تنوير و إصالح ، قورجل أمضى حياته كلها إن و كان من تالميذه و النفي و التنكيل ، ، باالضطهادمن السلطة احلاكمة ، حل

أديب إسحاق و سليم قاسم أمني و و مريديه .. حممد عبده و عبد اهللا الندمي و جلدير أن يوقف له باالحترام و و سامي البارودي و سعد زغلول ، النقاش

التحية .

ديين ثائر مبثابة يعد وو تلميذ األفغاين هو شيخ األزهر الشيخ حممد عبده : و ، بصلة اإلسالم إىل متت ال اليت الفاسدة الدينية وروثاتامل و التقاليد على اليت و البالية املتخلفة األفكار و القيم منظومة على دينية فكرية ثورة مبثابة فكره و بالدين السياسة اختالط و الظالم و اجلهل من قرون تراكم عن عبارة كانت املذهبية و كالتعصب ، النقي الصايف اإلسالم عن غريبة أفكار و عناصر دخول

ما مساته و صفاته من اكتسبت و بالدين التصقت اليت اخلرافات و الطائفية و و الدين لبوس لبست اليت االجتماعية املظامل و . صلبه من كأا و تبدو جعلها

القدر و القضاء من نوع يعتربها اجلاهل الفقري اإلنسان فأصبح بوشاحه اتشحت مفهوم ضرب و للدين السياسي االستغالل كذلك.. ا مطواع راكعا هلا خير و

360

استقرار و تقدم عامل الدين يكون أن من فبدال . الدين باسم العروبة و الوطنية لكل منرب و احنطاط و ختلف عامل و نقمة و وباال يصبح ، للمجتمع ازدهار و

. مستغ ل فاسد والده أرسله صغره يف و ، البحرية مبنطقة) نصر حملة( بلدة يف عبدو حممد ولد و نبوغا أبدى كونه من بالرغم و. الكتابة و القراءة و القرآن لتعلم الكت اب إىل

هو ما كل من فطريا نفورا ، نفسه الوقت يف أبدى أيضا أنه إال ، فطريا ذكاء لكن ، الكت اب يف الدراسة بترك ففكر. الفطري للعقل مناف و تقليدي جامد التحق ، الطوق على شب عندما و ، العلم طلب و البقاء عليه صرأ والده

لكن. بلدته يف جيدها مل فكرية أمور على عقله انفتح هنالك و ، باألزهر حباجة ، الصدور يف املعتملة الكوامن صاحب و بالفطرة الثائر املنفتح اإلنسان

حممد فوجد ، يهلد الفكري احلاجز له يفجر الذي الفتيل و الصاعق إىل دائما حسن( الشيخ ، األزهر يف أستاذه أوهلما.. الرجال من اثنني يف األمر هذا عبده

لومة ذلك يف خيشى فال ، احلق قول يف اجلرأة و الشجاعة علمه الذي) الطويل بأفكاره إليه ألقى و التقاه الذي األفغاين الدين مجال فهو الثاين أما. الئم

. الصحيح املنطق و العقل عمالاست كيفية و اإلصالحية من متاما اخلروج له يتسن مل جمتمع يف احلق قول يف الشجاعة و اجلرأة هذه لكن ، األمر بداية علية جر ت ، البالية املعتقدات و العقيمة األفكار و اجلهل ربقة

بعد العلوم كلية إىل ن دب فعندما. به احمليط الوسط بعض مع الصدام و املشاكل فكان ، البناءة التغيريية الثورية املفاهيم تالميذه يلقن أن آثر ، األزهر من رجهخت

السياسة يف املفكرين لكبار أوروبة يف تدرس اليت الكتب بعض مبناهج إليهم يلقي ابن( العريب املفكر مفاهيم من شيء يدر سهم كان كما ، االجتماع علم و

من طرده فتم ، املتحجرة اإلدارة عقلية مع متوافقا يكن مل ما هو و ،) خلدون مايل دخل دون الطريق قارعة على نفسه ألفى أن يلبث مل و الكلية يف التدريس

. مادي مورد أو

361

اليت الفترة يف ، عبده حممد لدى اإلصالحية الثورة و التمرد طريق بدأ قد و الوزير ثابةمب كان ، مصر يف هلل مندوبا فرنسا و بريطانية من كل فيها عينت

بذخ و لفساد نتيجة مصر على اخلارجية الديون استفحال بعدو ذلك ، املف وض التدخل إىل ، املالية املراقبة من الوزيرين عمل انتقل حيث ، احلاكمة األسرة تواطؤ من ذلك لزم ما و ، اخلارجية و منها الداخلية.. مصر بشؤون السافر

. احلكم و السلطة كرسي على حفاظه در فقط ، اممعه إمساعيل اخلديوي ، األجنيب التدخل و احلاكمة السلطة ضد السري السياسي العمل يف فاخنرط التمرد على الناس حيرض أخذ و ، " للمصريني مصر" شعار رفع من أول فكان

لكن ، عرايب ثورة تفجري يف بذلك فأسهم ، عرايب أمحد حلركة االنضمام و اخلديوي إىل أوعزوا و عرايب حركة على قضوا و مصر وااحتل أن بعد اإلنكليز

عبده حممد الشيخ مع نفسه الشيء فعلوا ، منها األفغاين الدين مجال بنفي توفيق إقامة عليه ض ربت و ا يقوم كان اليت الرمسية الوظائف من إقالته متت فقد ،

عنه عفو صدر حىت ، معزوال السنة حوايل وبقي ، رأسه مسقط بلدته يف جربية ) . املصرية الوقائع( جملة يف حمررا تعيينه فتم ، اخلديوي من

هذه جديدا أسلوبا متبعا التغيريي منهجه عاود و يستكن مل ذلك مع و لكنه حاول و ، املنفجرة الثورية منها أكثر اإلصالحية بالنربة منهجه فاتسم ، املرة

، يبدو ما على لكنه و. الوقادة هنيةالذ أصحاب و النرية العقول على التركيز خارج املرة هذه نفيه فتم ، اإلنكليز و السلطة من صارمة لرقابة ضعا اخ كان و بريوت بني كان الذي منفاه خالل و. ست سنوات إىل امتدت لفترة مصر

جريدة إياه و أنشأ و باريس يف ، األفغاين القدمي أستاذه التقى ، لندن و باريس و الديين للتجديد الدعوة حول فكره جل ركز بريوت يف و) . لوثقىا العروة(

الفكرية املقاالت كتب و السماوية األديان بني للتقريب سرية مجعية هناك أسس كانت و السلطانية املدرسة استلم عندما و. االت و الصحف يف اإلصالحية

متقدمة فكرية ةمؤسس إىل بتحويلها قام ، بسيطة ابتدائية شبه مدرسة جمرد

362

قد و. املستنريين مسيحيهم و مسلميهم.. أعيام و الناس أكابر إليها اجتذبت قضيتني حول الديين التجديدي اإلصالحي فكره ارتكز و حوهلا السائد اجلهل و ، الكرمي القرآن لتفسري اخلاطئة التفسريات نقد : األوىل املسلك عن خترجهما خاطئة يقةبطر ، عموما الدين و القرآن فهم إىل املؤدي خيالف و األساس مضمونه خيالف الكرمي للقرآن تفسري أي نقض و. األساس

. اإلنسانية الفطرة عليهما ج بلت اللذين املنطق و العقل و البشري التطور و اتمع ارتقاء و يتالءم مبا ، الكرمي القرآن تفسري : الثانية العهود و العصور من اسابقا عن ختتلف قد اليت و السائدة العصر أحوال . مورد و مظهر بكل السابقة

ال" ١ عبده حممد يقول ، وضعهما اللتني الفقهيتني القاعدتني هاتني إطار يف و يف للدخول استعداده من بدءا إال بدينه الالئق النهوض ينهض أن للمسلم ميكن

على يقدر ال و ، اإلسالم شرعها اليت العمل و العلم من الالحمدودة اآلفاق بذلك أعين و ، دينه أصول إىل العودة من بدءا إال ، االستعداد هذا يف الشروع

هذا يف أيضا يقول و" . التجديد و االجتهاد و العقلي النظر و التقليد نبذ ، األفراد ففي.. األولويات على تبىن نواة يستلزم ، للتقدم العمل إن" اخلصوص

، التشريع و االجتماع يف و.. الشرعية و اإلنسانية بالفضائل ، وسهمنف ما تغري ال هو و نيايب جملس للشعب يكون كيف إذا ، املالئمة الدولية املؤسسات إنشاء معىن يكون ما و!! ؟؟ الس هذا له ليس أو بلدية جملس يدير أن يعرف

!! ؟؟ القوانني طأبس ميارسون كيف أهلها يعرف ال بالد يف قيمته و الدستور " . متخلفة بالد يف يثمر ال ، املتقدم القانون أن فاحلق

/ .٦٨/ ص ، النھضة أعالم ١

363

مشترك فكري كقاسم العروة الوثقى جملة خمتارات من و فيما يلي ، نورد :لألفغاين و حممد عبده

م ا ق ل يل ا ء أ و ل ي ا د ون ه م ن ت ت ب ع وا و ل ا ر ب ك م م ن إ ل ي ك م أ ن ز ل م ا ات ب ع وا{ "ـ

إن استقراء خال األفراد من كل أمة ، و استطالع . ]٣: األعراف[} ت ذ ك ر ون صب للجنس ، و نعرة عليه عند وجوب تعأهوائها ، يثبت جللي النظر و دقيقه ،

، ليتيه مبفاخر بنيه ، و يغضب ملا . و إن املتعصب جلنسه منهم األغلب منهم ، و ال حبث يف علة السبب ه بدون تنبيه منه لطلبقتل دون دفعينسهم ، حىت ي، حىت ظن كثريون من طالب احلقيقة ، أن التعصب للجنس ، من هذا الوجدان

، إال أنه يبعد ظنهم ، ما نراه يف حال طفل ولد يف أمة من الوجدانيات الطبيعية و مل األمم ، مث نقل قبل التمييز ، إىل أرض أمة أخرى و ريب فيها إىل أن عقل

. فإن ا ال نرى يف طبعه ميال إليه ، بل يكون خايل الذهن من قبله يذكر له مولده و يكون مع سائر األقطار سواء ، بل رمبا كان آلف ملرباه و أميل إليه ، و

عرضة العتداء بعض آخر ، الناس بعض .. هلذا ، صار الطبيعي ال يتغري ، إىل االعتصاب بلحمة النسب على فاضطروا بعد مناوبة الشرور أحقابا طواال

حىت وصلوا إىل اجلناس ، فتوزعوا أمما ، كاإلنكليزي و اهلندي درجات متفاوتة و حنو ذلك ليكون كل قبيل منهم بقوة أفراده املتالمحة ، التركماينو و الروسي

ا يف و صيانة منافعه و حفظ حقوقه ، من تعد ي القبيل اآلخر .. مث جياوز قادرا يأنفد الضرورة كما هي عادة اإلنسان يف أطواره ، فذهبوا إىل حد أن ذلك ح

كل قبيل ، من سلطة اآلخر عليه ، علما بأنه ال بد بان يكون جائرا إذا حكم ، . ١" ، ذل حتس به النفس و ينفعل له القلب و لئن عدل ، فإن قبول حكمه

ھي من متن المقال . القرآنیة العروة الوثقى ، مقالة الجنسیة و الدیانة اإلسالمیة . و اآلیات ١

364

و ارتفعت ، مث احنطت و ـ " نعم .. رأينا كثريا من األمم مل تكن ، مث كانت وا و مرضت . و لكن ، أليس لكل علة ، دواء ؟؟ قويت ، مث ضعفت و ذلت

. كيف أسفا ما أصعب الداء و ما أعز الدواء ، و ما أقل العارفني بطرق العالج ميكن مجع الكلمة بعدد افتراقها و هي مل تفترق إال ألن كل عكف على شأنه .

عكف عليه ، ملا انفصل عن أخيه و هو أشد أعضائه أستغفر اهللا لو كان له شأن يكيف . نفسه شؤون اتصاال به ، لكنه ص رف لشؤون غريه و هو يظنها من

، و يف أذنه ، و يف مالمسه ميكن تنبيه املستغرق يف منامه ، املبتهج يف أحالمه تتباعد أحناؤها خدر . هل من صيحة تقرع قلوب اآلحاد املتفرقة من أمة عظيمة

هل من نبأة جتمع أهواءها ؟؟ تتناءى أطرافها و تتباين عاداا و طبائعها وآراءها املتخالفة ، بعدما تراكم جهل و ران غني ، و خيل املتفرقة و توحد

للعقول أن كل قريب بعيد ، و كل سهل وعر ، و أمي اهللا إنه لشيء عسري يعىي . ١يف عالجه النطاسي ، و حيار فيه احلكيم البصري "

و الزمن قصري ؟؟ ماذا حياولون و األخطار " ماذا يصنع املشفقون على األمة ـ أرسل فكرك إىل حمدقة م ؟؟ بأي سبب يتمكنون و رسل املنايا على أبوام ؟؟

و استر قت بعد السيادة ضعفت بعد القوة نشأة األمة اليت مخلت بعد النباهة ، و مضارب اخللل وضها األول ، حىت تتبني و ضيمت بعد املنعة ، و تبني أسباب

و أض مهم آحادها و حلم ما بني و جراثيم العلل ، فقد يكون ما مجع كلمتها إمنا هو دين قومي تشرف منها على رؤوس األمم ، أفرادها و صعد ا إىل مكانة

األصول ، حمكم القواعد ، شامل ألنواع احلكم ، باعث عل األلفة ، داع إىل ، منور للعقول بإشراق ، مزك للنفوس ، مطهر للقلوب من أدران اخلسائس احملبة

. " احلق من مطالع قضاياه

المصدر السابق ، باب ماضي األمة و حاضرھا . ١

365

ول أوروبة مجيعا ، شاخصة األبصار إىل ما أصاب مصاحلها و أضاع ـ " هذه دحقوقها يف القطر املصري ، و أضر بتحارا فيه ، و ال تبدي حركة و ال يسمع

اجلرائد . و الدولة العثمانية ، و هي شديدة األزر هلا صوت ، إال مهس خفي يف، يف نظرها أن سلطتها أشرفت على الزوال يف األقطار املصرية ، قوية العضد

ال تأيت عمال و ال ختطو خطوة ، وسيادا عليها كادت تكون امسا ، و مع ذلك ىت سوى أا اكتفت بإقامة احلجج و رفع الصوت باالستغاثة لدى الدول ، ح

أحبها الصياح و ليس من يسمع و ال من جييب . و ذوو احلقوق يف الوالية على مصر و األخذ بزمام احلكم فيها ، على اختالف مشارم ، قد شدت أياديهم حببال من اآلمال و سالسل من املخاوف ، ال جيدون هلم قرارا على فكر و ال

هواجس ام ، و تيارات من ثباتا على رأي ، و إمنا هم بني إعصار من األوهال يطرف هلم طرف و ال حائروناخليال ، حيملقون إىل مواقع احلوادث ،

األهايل يف الديار املصرية ، بني فقر كاد يفضي إىل ةيغمض هلم جفن . و عامو يأس من النظام و ضعف يف السلطة و خبط يف األحكام قحط ، و اختالف يف

مة اإلجنليزية من اجلالء عن أوطام و تركهم وعدم به احلكواإلصالح ، و ما تضرب عند األمة الربيطانية على ديارهم ، ة، و القرعو ما يدبرون ألنفسهم

بدون أن جيعل هلم فيها سهم ، كأمنا هم عنها أغراب ال يؤبه م و ال يباىل . بشأم "

ط و " إن التعصب ، وصف كسائر األوصاف ، له حد اعتدال و طرفا إفراـ الذي تفريط . و اعتداله هو الكمال الذي بينا مزاياه . و التفريط فيه هو النقص

. فاملفرط يف اشرنا لرزاياه ، و اإلفراط فيه ، مذمة تبعث على اجلور و االعتداء ، و يرى عصبته منفردة تعصبه ، يدافع عن امللتحم به ، حبق و بغري حق

عنه كما ينظر إىل اهلمل ، ال يعترف له باستحقاق الكرامة ، و ينظر إىل األجنيب، فتنقلب منفعة فيخرج بذلك عن جادة العدل .حبق و ال يرعى له ذمة

. فإن العدل قوام التعصب إىل مضرة ، و يهب اء األمة ، بل يتقوض جمدها

366

االجتماع اإلنساين ، و به حياة األمم ، و كل قوة ال ختضع للعدل ، فمصريها سان ، هو املمقوت على لهذا احلد من اإلفراط يف التعصب إىل الزوال . و

و ليس منا و قوله ( ليس منا من دعا إىل عصبية الشارع صلى اهللا عليه و سلم . التعصب كما يطلق و ) من قاتل على عصبية و ليس منا من مات على عصبية

منبت و االجتماع يف يراد منه ، النعرة على اجلنس ، و مرجعها رابطة النسب بصلة الدين واحد . كذلك توسع أهل العرف فيه ، فأطلقوا على قيام امللتحمني

ملناصرة بعضهم بعضا . و املتنطعون من مقلدة اإلفرنج ، خيصون هذا النوع منه باملقت ، و يرمونه بالتعس ، و ال خنال مذهبهم هذا ، مذهب العقل .. فتعصب

ول العقائد ، بعضهم لبعض ، إذا وقف يف الدين ، املتوافقني يف أصاملشتركني عند االعتدال و مل يدفع إىل جور يف املعاملة و ال انتهاك حلرمة املخالف هلم أو

و أوفرها نفعا و أجزهلا اإلنسانية نقض لذمته ، فهو فضيلة من أجل الفضائل . ١ "فائدة ، بل هو أقدس رابطة و أعالها

عن سر عظيم اختص اهللا به اإلنسان و ـ " تلك آيات الكتاب احلكيم ، تنبئله العناية رفعه به على سائر األكوان ، ليبلغ به املقام احملمود ، و حيوز ما أعدته

اإلهلية من الكمال الالئق به . راجع نفسك و اصغ ملناجاة سرك ، جتد يف يف وجدانك ، ميال قويا و حرصا شديدا يدفعك إىل طلب اد و علو املرتلة

لوب أبناء جنسك ، مث ارفع بصرك إىل سواد أمة بتمامها ، جتد مثل ذلك يف قذلك كليتها ، كما هو يف آحادها ، تبتغي رفعة املكانة يف نفوس األمم سواها .

أمر فطري ، جبل اهللا عليه طبيعة هذا النوع منفردا و جمتمعا . ليس من السهل ، و لكنه يالقي يف ا يطلب على طالب اد و علو املكانة أن يصل إىل م

الوصول إليه ، وعرا يف السبل و عقبات تصد عن املسري . و مع هذا ، فال و لو سرب احلكيم اخلبري ، أعمال البشر ، و يضعف حرصه و ال ينقص ميله .

المصدر السابق ، باب التعصب . ١

367

نسب كل عمل إىل غاية العامل منه ، رأى أن معظمها يف طلب الكرامة و علو يتعلق منها بتقومي املعيشة ، ليس شيئا مذكورا املقام ، كل على حسبه ، و ما

ئون الشرف . هذه خلة ثابتة يف الكافة من كل شعب ، على بالنسبة ملا يتعلق بشاختالف الطبقات ، من أرباب املهن إىل أصحاب األمر و النهي . كل ينافس أهل طبقته يف أسباب الكرامة بينهم و يأنف من ضعته فيهم ، و حيرص على ما

، حىت إذا بلغ الغاية مما به ، الرفعة عندهم ، ختطى له من قلوم حمل االعتبار حيحدود تلك الطبقة و دخل يف طبقة أخرى و نافس أهلها يف اجلاه . و ال يزال يتبع سريه ما دام حيا خيطر يف بسيط األرض ، ذلك ألن الكمال اإلنساين ليس

ة أحد من الناس أن يقنع نفسه و له حد و ال حتده اية ، و ليس يف استطاعسبحان اهللا ماذا أخذت حمبة . يعتقد أنه بلغ من الكمال حدا ليست بعده غاية .

بعده مثرة حياته و غاية الشرف من قلب اإلنسان و ماذا ملكت من أهوائه ؟ وجوده ، حىت إنه حيتقر احلياة عند فقده ، و العجز عن دركه أو عند مسه ، و

. أرأيت أن فقريا ذا أمسال ، ال يؤبه له ، إذا اعتدي عليه من اخلوف من سلبه يده إليه بفعلة ينه أو قذفة تشينه ، يغلبه الغضب للدفاع عن املرتلة اليت تطول

ما هانة اإلهو فيها ، فريتكب خماطرة رمبا تفضي به إىل املوت ، و إن القذف أو ه يف مبيته ..آالف مؤلفة نقصت شيئا من طعامه و ال شرابه و ال خشنت مضجع

و إىل املهالك من الناس يف األجيال املختلفة و األجناس املتنوعة ، ألقوا بأنفسهم ماتوا دفاعا عن الشرف أو طلبا للكرامة و اد .. جل شأن اهللا ، ال يهنأ

و ال يلني له مضجع ، إال أن يلحظ فيه أن ما نال ، لإلنسان طعام و ال شراب وقوف بعض من الناس على ذلك ليعترفوا له مما نال سواه ، مع منه ، أعلى

و التوليد ، إمنا و ضعت لتكون وسيلة للذة باألعلوية فيه ، كأن لذة التغذية كم خياطر يعاين اإلنسان من املباهاة و املفاخرة ، فما ظنك بسائر اللذائد ؟؟ ..

بروحه يف اقتحام التعب البدين و كم يقاسي من مشاق األسفار ؟؟ كم خياطر احلروب و املكافحات ، و كم يتحمل يف االنقطاع عن اللذات ، مع التمكن

368

ذلك لينال شهرة أو ليكسب فخارا أو ليحفظ ما تاه اهللا منه . ما كل ؟منها . ١" أجل عناية اهللا باإلنسان ، ال يعيش إال ليشرف ، فيشرف به العامل

م ا و د وا خ ب ال ا ي أ ل ون ك م ل ا د ون ك م م ن ب ط ان ة ت ت خ ذ وا ل ا وا آم ن ال ذ ين أ ي ه ا ي ا{" ـ ل ك م ب ي ن ا ق د أ ك ب ر ص د ور ه م ت خ ف ي و م ا أ ف و اه ه م م ن ال ب غ ض اء ب د ت ق د ع ن ت م

البالد و حيرس امللك ، تصانقالوا . ]١١٨: عمران آل[} ت ع ق ل ون ك ن ت م إ ن ال آي ات بالربوج املشيدة و القالع املنيعة و اجليوش العاملة و األهب الوافرة و األسلحة اجليدة . قلنا نعم ، هي أحراز و آالت ال بد منها للعمل فيما يقي البالد ، و

، فال صيانة ا و ال حراسة إال أن لكنها ال تعمل بنفسها ، و ال حترس بذاا و حكمة ، يتعهدوا باإلصالح رأيأعماهلا ، رجال ذوو خربة و أولو يتناول

. و ليس بكاف ، زمن السلم ، و يستعملوا فيما قصدت له ، زمن احلرب حىت يكون رجال من ذوي التدبري و احلزم و أصحاب احلذق و الدراية ،

، يوطئون طريق األمن و يبسطون بساط يقومون على سائر شئون اململكة الراحة و يرفعون بناء امللك على قواعد العدل ، و يوقفون الرعية عند حدود الشريعة ، مث يراقبون روابط اململكة مع سائر املمالك األجنبية ، ليحفظوا هلا

، بل حيملوا على أجنحة السياسة القومية ، إىل أمسى املرتلة اليت تليق ا بينها للقيام على هذه الشئون الرفيعة ، حىت تكون مكانة متكن له . و لن يكونوا أهال

، و حىت قلوم فائضة مبحبة البالد ، طافحة باملرمحة و الشفقة على سكاا تكون احلمية ضاربة يف نفوسهم ، آخذة بطباعهم . جيدون يف أنفسهم منب ها

، و زاجرا عما ال يليق م ، و غضاضة و أملا موجعا عندماعلى ما جيب عليهم ميس مصلحة الدولة ، ضرر ، ويوجس علليها من خطر ، ليتيسر هلم ذا

كما ينبغي ، و يصونوها اإلحساس و تلك الصفات ، أن يؤدوا أعمال وظائفهم امللك ، فهؤالء الرجال ذه يفمن اخللل الذي رمبا يفضي قليله إىل فساد كبري

ق ، باب األمل . المصدر الساب ١

369

على حاكم يف أي قبيل ، أن يسهل .اخلالل ، هم املنعة الواقية و القوة الغالبة . يكت ب الكتائب و جيمع اجلنود و يوفر العدد من كل نوع ، بنقد النقود و بذل النفقات . و لكن من أين يصيب بطانة من أولئك الذين أشرنا إليهم .. عقالء

و ، مهم حاجات امللك كما مهم ضرورات حيام . رمحاء ، و أباة أصفياء ي لنا عن سنة اهللا يف كيت متثل أحوال األمم املاضية و حتمن تتبع التواريخ ال

خليقته و تصريفه بشئون عباده ، رأى أن الدول يف منوها و بسطتها ، ما كانت . و ما كان شيء ا تعرف هلم حقهم مإال برجال منها ، يعرفون هلا حقها ، ك

و ال من أعماهلا ، بيد أجنيب عنها . و إن تلك الدول ، ما اخنفض مكاا سقطت يف هوة االحنطاط ، إال عند دخول العنصر األجنيب فيها و ارتقاء الغرباء إىل الوظائف السامية يف أعماهلا . فإن ذلك كان يف كل دولة ، آية اخلراب و الدمار ، خصوصا إذا كان بني الغرباء و بني الدولة اليت يتناولون أعماهلا ،

. ١" طينتهم من أزمان طويلة ع جنت ا منافسات و أحقاد م زجت ا دماؤهم وألمة اليت اإن . ]١١٧: عمران آل[} ي ظ ل م ون أ ن ف س ه م و ل ك ن الل ه ظ ل م ه م و م ا{ـ

حل و ال عقد ، و ال تستشار يف مصاحلها و ال أثر إلرادا يف ليس يف شئوا إرادته قانون ، و مشيئته منافعها العمومية ، و إمنا هي خاضعة حلاكم واحد ،

نظام ، حيكم ما يشاء و يفعل ما يريد ، فتلك أمة ال تثبت على حال واحد ، و ال ينضبط هلا سري ، فتعتورها السعادة و الشقاء ، و يتداوهلا العلم و اجلهل ، و

، و يتناوا العز و الذل ، و كل ما يعرض عليها من الفقريعليها الغين و يتبادل ن كان حاكمها فإوال ، خريها و شرها ، فهو تابع حلال احلاكم . هذه األح

ي ، عايل اهلمة ، رفيع املقصد ، قومي الطبع ، ساس األمة عاملا حازما أصيل الرأ، و فتح بسياسة العدل ، و رفع فيها منار العلم و مهد هلا طرق اليسار و الثروة

لوازم احلياة ، و بعث يف أفراد هلا أبوابا للتفنن يف الصنائع و احلذق يف مجيع

المصدر السابق ، رجال الدولة و بطانة الملك . ١

370

، و محلهم على التحلي باملزايا الشريفة من احملكومني ، روح الشرف و النخوة ، و رفعهم إىل مكانة عليا الشجاعة و الشهامة و إباء الضيم ، و األنفة من الذل

من العزة ، و وطأ هلم سبل الراحة و الرفاهة ، و تقدم م إىل كل وجه من .. و إن كان حاكمها جاهال ، شيء الطبع ، سافل اهلمة ، شرها وجوه اخلري

، ج الطبيعة ، أمحق اجلنان ، خسيس النفس ، معو الرأي مغتلما جبانا ، ضعيف ، و ضرب على نواظرها ، غشاوات اخلسرانأسقط األمة بتصرفه إىل مهاوي

عن جادة العدل اجلهل ، و جلب عليها غائلة الفاقة و الفقر ، و جار يف سلطته ، و فتح أبوابا للعدوان . فيتغلب القوي على حقوق الضعيف ، و خيتل النظام و

، فتمتد إليها أنظار لطامعني ، و تفسد األخالق و ختفض الكلمة و يغلب اليأس عند ذلك ، إن كان يف األمة تضرب الدول الفاحتة ، مبخالبها ، أحشاء األمة .

بقية منها ، و أراد اهللا ا خريا ، اجتمع أهل الرأي و رمق من حياة و بقيت فيها و تعاونوا على اجتثاث هذه الشجرة اخلبيثة و استئصال أرباب اهلمة من أفرادها

و اجزاءها السامة القاتلة بني مجيع األمة جذورها ، قبل أن تنشر الرياح بذورها ذا العضو ادم ، قبل ه، فتميتها و ينقطع األمل من العالج . و بادروا إىل قطع

فساده إىل مجيع البدن ، فيمزقه . و غرسوا هلم شجرة طيبة ، أصلها أن يسري .. ثابت و فرعها يف السماء ، و جددوا هلم بنية صحيحة ساملة من اآلفات

و تركت استبدلوا اخلبيث بالطيب .. . و إن احنطت األمة عن هذه الدرجة ، يصرفها كيف يشاء ، فأنذرها مبضض العبودية شئوا بيد احلاكم األبله الغاشم

. ١" و عناء الذلة و وصمة العار بني األمم ، جزاء على ما فرطوا يف أمورهم أهلك اهللا شعوبا و أباد قبائل ، و دمر بالدا ، و ال يزال عدل اهللا يبدل ـ "

ل قوما بقوم و يأيت لكل حني بأناس آخرين . حكيم سبقت رمحته غضبه ، جع ( و ال يظلم ربك أحدا ) لكل عمل جزاء ، و عني حبكمته لكل حادث ، سببا

المصدر السابق ، باب األمة و سلطة الحاكم المستبد . ١

371

اده بالسري يف . و ليست أفعاله جزافا ، و ال يصدر عنه شيء عبثا . أمر اهللا عب ق ل {األرض لرييهم قضاءه احلق و حكمه العدل فيمن سلف و فيمن خلف

. فيطيعوا ]١١: األنعام[} ال م ك ذ ب ني ع اق ب ة ان ك ك ي ف ان ظ ر وا ث م ال أ ر ض ف ي س ري وا. ما حاق السوء بأمة ، و ما نزلت ا نازلة أوامره و يقفوا عند حدود شرائعه

البالء ، و ما مسها الضر يف شيء إال و كانت هي الظاملة لنفسها مبا جتاوزت ت عن شرائعه احلقة العادلة و احنرفحدود اهللا و انتهكت حرماته و نبذت أوامره

و حرفت الكلم عن مواضعه و أو لت من كالمه تعاىل على حب األهواء و الشهوات .. كما أن لألغذية و األدوية ، و اختالف الفصول و األهوية ، أثرا ظاهرا يف األمزجة ، بتقدير العزيز العليم ، كذلك اقتضت حكمة اهللا ، أن يكون

، و لكل طور من أطوار البشرية ، أثر يف اهليئة لكل عمل من األعمال اإلنسانية رمحته بعباده ، حتديد احلدود و تقرير األحكام ، االجتماعية . و هلذا ، كان من

ليتبني اخلري من الشر ، ويتميز النفع من الضر ، فأرسل الرسل و أنزل الكتب ، اب اآلخرة فمن خال األوامر اإلهلية فقد ظلم نفسه ، فليستعد خلزي الدنيا و عذ

أمل تر أن اهللا قد جعل اتفاق الرأي يف املصلحة العامة و االتصال بصلة األلفة .. يف املنافع الكلية ، سببا للقوة و استكمال لوازم الراحة يف هذه الدنيا ، و التمكن من الوصول خلري األبد يف اآلخرة ، و جعل التنازع و التغابن ، علة للضعف و

وة العجز عن كل فائدة دنيوية أو أخروية ، و مهيأ لوقوع داعيا للسقوط يف ه. إن اهللا تعاىل ، جيعل الركون إىل من ال املتنازعني يف خمالب العاديات من األمم

يصح الركون إليه ، و الثقة مبن ال تنبغي الثقة به ، سببا يف اختالل املر و فساد ال جتمعه معه جامعة شيء ، و احلال ، فمن وثق يف عمله مبن ليس منه يف

حقيقية ، و ال تصله به رابطة حقيقية ، و ليس يف طبعه ما يبعثه على رعاية حاله و يسوء مآله . فإن كان ملكا مصلحته و دفع املضار عنه ، فال ريب يفسد

أو أمريا ، بطل أمره . و احلوادث عاهدة و أحوال املغرورين ، ضاع ملكه ، تعاىل يف ، يدرك بأول التفات ، سر ي اهللالبصرية ناطقة ، فمن مل يرزأ بعمى

372

ب م ا ك ف ر وا و ق د ب ال م و د ة إ ل ي ه م ت ل ق ون أ و ل ي اء و ع د و ك م ع د و ي ت ت خ ذ وا ل ا{ قوله . ١ ]١: املمتحنة[} ال ح ق م ن ج اء ك م

اضي ، تعد نوع من ـ " كانت حكومة مصر يف الربع األول من القرن املحكومة األشراف ، و حيسبها املؤرخون يف تلك األوقات بدرجة ال تعرف هيئتها و ال يصل حبث الباحث إىل كنهها . و إذا عربوا عنه بالتقريب قالوا :

يف أغلب أحناء املسكونة . مث أعجب الدهر فيها بغرائبه طرز قدمي كان معروفا دخلت شا ، فلم ميض قليل من الزمن ، حىت أمورها حملمد علي با فوضتبعدما

، و ظهر فيها شكل بسيط من احلكومة النظامية ة يف طور جديد من أطوار املدني، و عد هذا التقدم ، و تقدمت فيه على مجيع املمالك الشرقية بال استثناء

أحد ، أن يستلم زمام حسبانالسريع من عجائب األمور . هل كان يف ( املقصود حممد علي باشا ) رجل من بعض قرى الرومللي احلكومة يف مصر ،

ال أن طبيعته الفطرية ، إمل يتربع يف دروس العلم و مل جيبل يف مصانع السياسة ، كانت فائضة حبب احلضارة و بث العلوم و تأسيس قواعد العمران ، مع تدفق

، و تقدما غريبا تقدمت بعد ذلك فيها الزراعة ، مهته لبلوغ الغاية مما مييل إليه . اتسعت دائرة التجارة و عمرت معهد العلم ، و انتشرت يف أرجائها ، مبادئ

من و تقاربت أحناؤها و اتصلت أطرافها ، مبا أ نشئ فيها . املعارف الصحيحة اجلنويب سكك احلديد و خطوط التلغراف ، و تعارفت أهاليها و ائتلف

هم معىن األخوة الوطنية ، بعد أن كانوا بالشمايل ، و الشرقي بالغريب ، وقوي فيلبعد الشقة بني بلدام ، كأم أبناء أقطار خمتلفة ، و تواصلوا يف املعامالت و تشاركوا يف املنافع ، و اعتدلت املشارب املذهبية ، حىت كان هلم زمن أحسن

، و ارتفعت بذلك أصوام ، بعدما جالت فيه واحد بنسبته من اآلخر فيه كلتفجرت من أرض مصر ، ينابيع الثروة ، و عمدت بقاعها و طفحت كارهم . أف

المصدر السابق ، باب أسباب حفظ الملك . ١

373

إىل ففاض خريها على ما جياورها من األقطار الشرقية ، بل وصل مد نيلها أراضي البالد الغربية ، و توارد غليها الغرباء و قصاد الكسب من كل مكان ، و

انيها الفقراء و عز . فأثرى يف مغما خاب هلا قاصد و ال أخفق فيها سعي ساع ، و حمط رحال الراجني من الغربينيا األذالء ، و صارت قبلة آلمال كثري من

، جيد أهال خريا من أهله ، و سكنا خريا من سكنه . و كل وافد إليها الشرقيني أنه حتت برج . و تكاثرت فيها العناصر الغريبة ، حىت كان الداخل إليها خييل له

. ١بلت األلسن " تبلبابل يوم

نصف تشكل كإنسانة حقها إنصافها و املرأة حترر رائد هو : أمني قاسم و ذكورا ، ألوالدها املربية األم فهي ، فيه هاما و حيويا دورا تلعب و اتمع

و احلقل يف لزوجها املساعدة العاملة و ، ملرتهلا املدبرة الراعية الزوجة و ، إناثا . الذهنية املقدرات ال و العقلية الكفاءة تنقصها ال و. العمل أحد ابن كان كردي أب من م/ ١٨٦٣/ عام مبصر طر ة ببلدة أمني قاسم ولد

والية قررت عندما والكردية . كردستان بأعمال السليمانية يف األكراد األمراء ضد وطنية بثورة االستقالل أعلنت و العثماين احلكم عن االنفصال ، كردستان

، العثمانية السلطات مع خلالف نتيجة و. الطرفني بن املعارك نشبت ، األتراك و اجليش يف السبل به ترقت و مصر إىل أ رسل هناك ومن ، كرهينة الولد أخذ مت

بدت ، صباه يف و. أوالده بكر ، قاسم له أجنبت مصرية امرأة فتزوج ، اإلدارة أوالد يؤمها متقدمة مدرسة يف أبوه هفوضع ، الذكاء و النباهة إمارات عليه

، و عند احلقوق مبدرسة قاسم حقتال هنالك من و ، العريقة األسر و البكواتالتحق فيف اال نفسه ، خترجه منها بتفوق ، مت إيفاده ببعثة دراسية إىل باريس

جبمال هنالك التقى جمددا وللتعمق بالدراسات القانونية ، ) مونبيليه ( جبامعة

المصدر السابق ، باب مصر ١

374

١يف جمال الترمجة و البحوث الدين األفغاين و الشيخ حممد عبده و عمل معهما ا كانت تلك الفترة ، فرصة مناسبة له لدراسة الفكر األديب و السياسي و ، كم

. االجتماعي األورويب عموما ، و الفرنسي خصوصا القضاء و و عمل يف جمال ، عاد إىل مصر بعد انتهاء دراسته املتقدمة يف باريس

عن املنافح أنه كان يف جمال القضاء و النيابة العامة ، مثال . و مع النيابة العامة الفترة اليت قضاها يف باريس ، لفتت العدالة و املدافع عن املظلومني ، إال أن

، و شاهد بأم عينيه انتباهه إىل قضية املرأة و حقوقها كإنسان بالدرجة األوىل ااالت و ا الفعال يف النهوض باتمع الفرنسي بكافة كيف أا تقوم بدوره

يف كان هلا دورا رياديا يف الثورة الفرنسية اليت أرست ك، و االختصاصات نظام العدالة االجتماعية و حقوق اإلنسان يف العامل ككل ، و هو ما مل ينتقص

مصر حق أنه حىت تقومأيقن ، . و تبعا لذلك من قيمتها و كرامتها كامرأة خترج املرأة املصرية من سدة ، البد من أن يف احلضارة و العلم و الرقي قيامتها

، املفروض عليها منذ قرون و اجلهل و التجهيل احلجر و احلرمان و الكبت حترير املرأة و تعليمها و نفض غبار التقاليد القاسية إىل فوجه عنايته و فكره

المية و اليت ال متت يف بعضها ، بصلة هلا . املفروضة عليها باسم الشريعة اإلسأسباب و نتائج و وبث أفكاره تلك يف اتمع املصري و قام بوضع كتاب (

الذي مثل سابقة أوىل ( حترير املرأة )مث ألف كتابه الشهري أخالق و مواعظ ) . ، و لقي دعم الشيخني ، األفغاين و عبده يف املنطقة ككل

إىل الدعوة و الفكرة حيث من سبقه قد الشدياق فارس دأمح أن من بالرغم و حول اجتهادا و تعميما و ختصصا األكثر كان أمني قاسم أن إال ، املرأة حترير خيص فيما اجلريئة اآلراء بعض و بكتاب الشدياق اكتفى فبينما ، القضية هذه ثان جمال له انك بل ، القضية هذه عند نفسه يوقف مل أنه إال ، حتررها و املرأة

موسوعة ویكیبیدیا ، قاسم أمین - أعالم النھضة مصدر سابق ١

375

أمني قاسم أن عن فضال . الفكر و الترمجة أو اللغة يف سواء ، آخر اختصاص و قد كان الشدياق أن ، هذا إىل يضاف . األساس قضيته املرأة قضية جعل قد

مل و ، أمني قاسم كما اللوم و النقد يطاله فلم ، بأوروبة وقته معظم متركز حترير( كتابة أحدث الذي ، أمني قاسم مع فعلوا كما ح داد بألسنة النقاد يسلقه . أمدها طال و رقعتها امتدت كبرية فكرية ضجة) املرأة

و اعتراض الفئات اليت ال تقبل التغيري هذا الكتاب ، و كما هي العادة ، لقي املتمسكة باجلمود ، و ات ه م قاسم أمني باخلالعة و الفجور ألنه حتدث عن قضية

بكتاب آخر جديد النقاد ، لكنه عاد و رد على هؤالء و تعليمها حجاب املرأة أنه مل يعمر طويال حىت بالرغم من . و د فيه أقواهلم فن مساه ( املرأة اجلديدة ) أ

ملا يسمى و أسس انتشارا واسعا لقي فكر قاسم أمني ،يرى أثار أفكاره ، فإن حقوق املرأة يف العامل العريب .

أن القارئ يستطيعو منه ، ١ كتبه يف ورد أو أمني قاسم قاله ما بعض هاكم و الرئيسة حماوره على يستدل و ، الفترة تلك يف العريب الفكر هوية و أمهية يدرك . العريب العقل متدين يف أثرها و اعتمدها اليت ، النسب شرف ال و ، الذهب حيازة ليست ، قيمة للحياة جتعل اليت اللذة إن" إمنا ، عادة الناس وراءها جيري اليت األشياء من شيئا ال و ، املنصب علو ال و

" . العامل يف خالد أثر ذات عاملة قوة اإلنسان يكون أن هي تتغري ال هي و ، االقتصادية حالتها هو ، األمة حال يف أثر له عامل أهم إن"

تغيريب بل ، قانون مائة أو قانون إصدار أو شخص مائة أو شخص بإرادة اشتراك أعلن و ، الثروة توزيع ، اإلسالم نظم لقد و. أوجدا اليت األسباب من فريد بنوع ، االجتماعية املشكلة فحل ، األغنياء أموال ملكية يف الفقراء

من بأكثر ، ثورية السياسية النظم أكثر سبقت سامية اشتراكية و ، اجلماعية

ترویسات الفصول ، و متن الفقرات . منأمین األعمال الكاملة ) ، كتاب ( قاسم ١

376

مواطن و بأخطائه ، نفسه هو ، كانم كل يف اإلنساين النوع إن.. عام ألف قانون هي ، الترقي جهة إىل املستمرة احلركة و. زهوه و بعظمته أيضا ، ضعفه ، التقدم بني و بيننا حائال حاضرنا ال و ماضينا يقف لن و ، اإلنسانية احلياة

" . كله الكون يسود الذي القانون هذا حسب أسباب و اإلسالمية األمة ارتقاء أسباب يف دبرنت و ، العقل مبيزان نزن أن علينا"

به ننتفع بناء عليها نقيم أن ميكننا قاعدة ، ذلك من نستخلص و ، احنطاطها يعرفوا أن على أوالدنا نريب أن علينا كذلك و ، الزمان من يستقبل ما يف و اليوم

" . آثارها فروعها و أصوهلا على يقفوا و الغربية املدنية شؤون ال املصري و. واحد جنس إىل ينتمون ، األقباط و مسلمني.. صرينيامل"

أفقدته السلطة ألن اإلهانات بعض حيتمل أنه غري ، اآلالم ال و املوت يرهب ال و اجلسدية القوة تنقصه ال أنه.. نزواا ملعاناة خملوق أنه ظن حىت وعيه يصبح لكي السليم لتوجيها و النهوض هو ، إليه حيتاج ما إن ، املعنوية الطاقة

" . عظمى قوة الغرية و الوطن حب إال أمسع ال ، وجدت مكان أي يف و ، قرأت أميا.. اآلن"

وحزب ، الوطنية املدرسة و الوطنية اجلريدة ، الوطن خدمة يف التفاين و الوطنية املرضى عيادات و الصيدليات و الصناعية احملال و التجارية البيوت و ، الوطن

دينا الوطن حب صار.. الوطن خلدمة ، تربح و تعاجل و تبيع و تشتغل اليت " . خسر ، عنه بعد من ، ربح ، اعتنقه من ، جديدا

كل إبداء حتتمل ، احلقيقية احلرية و ، األخالق يف فساد كل أصل ، االستبداد" نأ قبل علينا مير الزمن من فكم ، فكر كل ترويج و مذهب كل نشر و رأي " . احلرية من الدرجة هذه نبلغ النوع يرقى أن ينتظر اليت احلالة اإلنسان ختيل إذا ، يذهب و العقل يتيه قد"

و التغري هو هذه ألن. ألفني أو عام ألف حنو بعد ، السابق القياس على البشري اليت اإلنسانية احلياة قانون هي ، الترقي جهة إىل املستمرة احلركة بل ، التحول

377

من اإلنسان خرج ، القانون ذا و. االرتقاء وسائل أعظم وهبها و اهللا خلقها و إفريقيا سكان من املتوحشون أخواننا عليها يزال ال اليت البهيمية املعيشة اليت املسافة أن شاهدوا عندما ، متمدنة قردة بأم العلماء وصفهم ممن ، أمريكا متمدنة أمة أناس بني و بينهم اليت املساقة من أقل ، البهم احليوانات بني و بينهم ، دور إىل دور من متنقال مرتقيا صاعدا ميشي يزل مل ، اإلنسان هو ها و.. ، املخلوقات أشرف و الكون سيد جعلته اليت اجلميلة املدنية هذه إىل وصل حىت

مل ، ليةالعا املرتبة هذه.. هو إال يعلمه ال حد إىل ، اهللا بإذن كذلك وسيستمر هلا املقدرة األمم عند التربية صارت أن غروا فال ، نفسه بتربية إال اإلنسان ينلها " . حياا عماد إياها معتربة ، النفوس يف ، األول املكان صاحبة ، قدرها حق حسن يؤكد و ، اإلنساين النوع تقدم عليها يدور اليت األشياء أحكم من"

أدبية أو علمية فكرة كل نشر إىل اإلنسان تدفع اليت الغريبة القوة هذه ، مستقبله تقدم على تساعد أا أعتقد و. عقله يف الطبيعي منوها غاية إىل وصلت مىت ،

يدرك قوة تلك. نشرها من لشخصه الضرر حصول تيقن لو و ، جنسه أبناء ضعيف و كسول يكتفي ما كثريا و.. منها شيئا نفسه يف وجد من ، سلطاا

فيقول يدفعه أن يريد ، ظاهر حق على باطل بكلمة يقذف بأن ، اجلدل يف لقوةا مشقة من التخلص حب إال الكلمة ذه يرمي ما و ، اإلسالم يف بدعة تلك:

املسلمني خلق اهللا كأن ، اإلجراء أو البحث يف العمل عناء من اخلروج أو الفهم لسلطاا خيضع اليت الطبيعية سالنوامي أحكام من أقاهلم و ، م خاصة طينة من

، اليوم أنشره ما إن ، قوم سيقول.. احلية املخلوقات سائر و البشري النوع يف بل ، اإلسالم يف ليس لكنها و ، ببدعة أتيت لقد.. نعم: فأقول ، بدعة

" . فيها الكمال طلب حيمد اليت املعاملة طرق و العوائد بعض عن أخذناها عادة هي إمنا و ، اباحلج يوجب نص ، الشريعة يف ليس"

ما على بالرجال اختالطهن مع ، املصرية القرى و العرب نساء إن و. األمم إن. احملجبات املدن ساكنات من للفساد ميال أقل ، أوروبة يف االختالط يشبه

378

احملجبات املدن ساكنات من للفساد ميال أقل تكون ، الرجال ختالط اليت املرأة احملجوبة املرأة من السيئة األفكار عن أبعد تكون ، الرجال ختالط اليت املرأة إن.. و ، املعهودة الطريقة هذه على احلجاب يوجب الشريعة يف نصا جند ال لكننا.. ا أخذوا و فاستحسنوها ، األمم بعض خمالطة من عليهم عرضت عادة هي إنا غلوا قد الغربيني إن.. براء منها لدينا و ، الدين لباس ألبسوها و فيها بالغوا و التعرض من املرأة تتصون أن معها يصعب درجة إىل ، للنساء التكشف إباحة يف

و التحجب طلب يف حنن غالينا قد و ، احلياء عفة ترضاه ال و ، الشهوة ملثارات احلجاب ، الطرفني هذين بني و ، الرجال ألعني النساء ظهور من التحرج " . إليه أدعو الذي وه و الشرعي

يف يؤثر احلكومة فشكل ، العائلية احلالة و السياسية احلالة بني تالزم هنالك" جند الشرق ففي ، االجتماعية اهليئة يف تؤثر املرتلية اآلداب و ، املرتلية اآلداب

حبريتهن النساء تتمتع حينما و ، احلكومة رق يف الرجل و ، الرجل رق يف املرأة.. كليا ارتباطا مرتبطتان فاحلالتان ، السياسية حبريتهم الرجال يتمتع ، الشخصية

السبب هو ، حياا ضروريات بكسب االستقالل إىل املسلمة املرأة افتقار و إىل نظرته إليها نظر و ، حق بكل الرجل استأثر فلقد ، حقوقها ضياع جر الذي

" . به يتسلى كي لوازمه يكفيه ، لطيف حيوان و املزايا من شيء يف الرجل و املرأة بني املساواة أطلب ال و طلبت ما إين "

األشغال تتناول أن املرأة على احلجر أن أعتقد ألين ال ، السياسية احلقوق أرى ألين بل ، االجتماعي للنظام الزم مبدأ هو ، مؤبدا عاما حجرا ، العمومية

، العمومية باألعمال القيام حيسنون جاللر كبري احتياج يف اآلن إىل نزال ال أننا تقضي أن يلزمها و ، مطلقا لشيء اليوم مستعدة ليست املصرية املرأة إن و

ميدان يف الرجال مسابقة إىل تتهيأ حىت التجارب و بالعلم عقلها تربية يف أعواما " . العمومية احلياة

379

عبد الرمحن الكواكيب : اإلصالح فكر رائد و الطغيان و االستبداد و لمالظ مقاومة و احلرية شهيد هو

الصاحل السياسي السلطاين الفكر هوية صاحب إنه القول نستطيع و السياسي . العادل

شغلت دينية ألسرة ، سورية يف حلب مبدينة م/ ١٨٥٤/ سنة الكواكيب ولد كان كذلك و ، حلب يف اإلفتاء منصب شغل قد والده فكان ، الدين أمور عنها تفرع ما و الدينية العلوم ، صغره يف الكواكيب تلقى و. إنطاكية يف جده هي ،) الكواكبية( مدرسة يف ، ذلك حنو و احلساب و كاللغة ، علوم من

، العمر من يفعة بلغ عندما و ، األزهر بنمط ما حد إىل مشاة كانت مدرسة آخرون و، التركية و يةكالفرنس األجنبية اللغات يعلمونه مدرسني له والده اختذ

توسم حيث) . التطبيقية( الطبيعية العلوم و الرياضيات و املنطق علم يؤتونه رئاسة توىل أن فكان. مرموق الدولة وظائف يف مرتقى يرتقي أن فيه والده بعدها من و الشرعية احملكمة رأس أن لبث ما مث ، الرمسية الصحف إحدى حترير

هذه أن كما و. البلدية رئاسة استلم كما ، شرعيال القضاء منصب توىل ، و الدينية و اإلدارية و منها و العلمية ، له ق يضت اليت مجيعها الظروف

آفاق له فتحت و اإلدارية و العلمية الدراية و اخلربة فيه وضعت قد ، االجتماعية العسف و الظلم على أنظاره فتحت قد ، الوقت ذات يف فإا ، واسعة احلياة من وظائف لعل و ، العثمانية السلطة من بالذات و ، العباد و الناس له يتعرض اليت

فيه خيضع الذي الوظيفي التراتب باألخص و بذلك أشعرته اليت هي ذاا الدولة منه أدىن هو من على يتسلط و ، العبودية شبه من بنوع منه لألعلى الشخص خارج أحيانا كبريين جور و ظلم ، ذلك من يقع ما و احلاكمية شبه من بشيء أنه كما ، العدالة و احلرية إىل التواقة نفسه تستسغه مل ما هو و. الوظيفة حدود

ا احتك الذي هو و ، العثمانية الدولة يف الظلم و الفساد الحظ قد شك ال و فعل قد الوظيفي املنصب و الديين املنصب تناقض لعل و. دوائرها داخل من

380

، لديه نفسية رمبا و أخالقية معضلة األمر هذا شكل و الكواكيب نفس يف فعله مل ذلك لكن. التجارة ألمور التفرغ و الوظيفي و العمل ترك ، األمر اية فآثر

أن بعد خباصة ، االضطهاد الفساد و البغي و الظلم على الثائرة نفسه يرضي و الصحف يف الفكرية تاملقاال يكتب فبدأ ، املعرفة و الفكر جرعات تشربت

إليها مشريا ، السلطة فيها يالمس و االستبداد و الظلم فيها يهاجم ، املنشورات. األستانة يف العايل الباب حكومة على ليخفى يكن مل ما هو و ، بآخر أو بشكل زاده بل معه ذلك يفلح مل ملا و . فيها يكتب اليت الصحف بإغالق فقامت أول كانت و ، ضده الفعلية حرا بدأت ، آرائه و الهبأقو جهرا و إصرارا أحد طريق عن الديين أسرته منصب على االستيالء حماولة هي ، ا قامت حركة ضد وقفوا عامتها و أعياا و حلب وجهاء لكن ، األستانة يف السلطان فقهاء إىل العثمانية السلطة جلأت هنا و. مفكرهم و فقيههم ساندوا و احلركة هذه يف متثلت ، الرجل إيذاء يف هلا بالنسبة حجة أكرب و حال أجنع كانت أخرى حيلة حكومة ضد أجنبية دولة مع بالتآمر الكواكيب تدين وثائق تزوير قضية تلفيق عليه احلكم فيها يتم صورية حماكمة حياكم و الكواكيب يعتقل و. العايل الباب

جديد من يهب، ي طبخ ما طبخة عرف قد و احلليب الشعب لكن ، باإلعدام القضاء عن بعيد وتبري إىل احملاكمة بنقل فيطالب ، الفكري إمامه لنجدة التهم من الكواكيب ساحة تربئة تتم و ذلك يف ينجح و ، املرتشي الفاسد . إليه املنسوبة

منه للتخلص العدة يعدون بدؤوا و شأنه و الكواكيب يدعو مل العثمانيني لكن إىل السلطة بطش من فهرب ، ذلك الكواكيب كردأ قد و ، بآخر آو بشكل ، باألخص ، هلم مالذا و املضطهدين للمفكرين ملجأ آنذاك كانت اليت القاهرة تتبلور بدأت قد كانت حيث العثماين االحتالل و احلكم على الثائرين أولئك حتررية كريةف ندوة الكواكيب أنشأ ، القاهرة يف. قوي بشكل العروبة فكرة

السياسي الظلم و االستبداد لوح ، أفكارها و عملها آلية متحورت إصالحية

381

من العديد حوله فتجمع ، جهل و فساد من له يتبع ما و السلطة متارسه الذي و. اجلزائري طاهر و علي كرد حممد و رضا رشيد منهم و املثقفني و املفكرين

و ،) املؤيد( كجريدة التا و الصحف يف فكتب الصحايف نشاطه دعاو الصني و كاهلند كثرية دول زار أن بعد فكر من نشره ما أهم من كان

مصارع و االستبداد طبائع( و) القرى أم( كتابيه هو ، غريها و اندونيسيا فيه اعتمد قد و ، واسعني انتشارا و شهرة القى األخري هذا و) االستعباد املثال اعتربه الذي الكرمي بالقرآن املتمثل احلق المياإلس الفكر على الكواكيب و ، بينهم فرق ال ، الناس بني املساواة و التسامح و العدل يف الديين الفكري

صدق و جبرأة اجلرح على يده الكواكيب وضع ، الكتاب هذا يف و. الظلم قمع قد اليت نيةالدي و االجتماعية التفاصيل بعض يف اخلوض من يتحرج مل و، بالغني

احملظورات من هو إليها التطرق أو ، األمهية مستوى إىل ترقى البعض يراها ال من أول كان لعله بل. باا يطرق من ضد القلوب تؤلب و النفوس يج اليت

ذلك كل ، كتابه يف مذهلة عجيبة مقاربة قارا و الدميقراطية مفهوم المس طبائع ( كتاب أمهية فإن بنظرنا و. احلكيم الذكر من بآي باالستشهاد إذا أنك هي و ، جدا مهمة ناحية يف تكمن ) االستعباد مصارع و االستبداد

عصرك هذا يف كتب قد أنه تشعر ، حمتوياته و مضمونه تصفحت و اآلن فتحته يف تراها أمور و مفاهيم و قضايا عن يتحدث و ، اآلن فيه أنت الذي هذا

مل ، هلذا و. أحاسيسك ظاهر و خلدك باطن يف ا تشعر و اليومية حياتكمل تفلح ، حياته أت و السم له دست اليت املميتة اجلاهلة السامة الغدر يد تفلح

و الندوات و احملافل يف به يستشهد اآلن إىل يزال ال الذي فكره إاء يف . املؤلفات

توضح للقارئللكواكيب ، كتاب ( طبائع االستبداد )من شذرات هاهنا بعض آن قرن و نيف ، قد سلف ..العريب هوية الفكر

382

أعظم ألا ، خاصة احلكومات استبداد ، إطالقه عند باالستبداد يرادـ " على النفس حتكم وأما. احلياة ذوي أشقى اإلنسان جعلت اليت أضراره مظاهر تالشركا وبعض األديان بعض ورؤساء والزوج واألستاذ األب وحتكم العقل، . اإلضافة مع أو جمازا باالستبداد فيوصف ، الطبقات وبعض

قوم حقوق يف مجع أو فرد تصرف: هو السياسيني اصطالح يف االستبداد االصطالحي املعىن هذا على مزيدات تطرق وقد ، تبعة خوف وبال باملشيئة

تسلط و ، اعتساف و ، استعباد: كلمات" استبداد" كلمة مقام يف فيستعملون و ، تكافؤ و ، مشترك حس و ، مساواة: كلمات مقابلتها يف و. حتكم و ،

طاغية و ، جبار: كلمات" مستبد" صفة مقام يف يستعملون و. عامة سلطة: كلمات" مستبدة حكومة" مقابلة يف و. مطلق حاكم و ، بأمره حاكم و ،

الرعية وصف اممق يف ويستعملون. دستورية و ، مقيدة و ، مسؤولة و ، عادلة و ، مستنبتني و ، بؤساء و ، مستصغرين و ، أسرى: كلمات" عليهم املستبد" االستبداد تعريف هذا. أعزاء و ، أحياء و ، أباة و ، أحرار: مقابلتها يف

االستبداد أن: فهو بالوصف تعريفه أما و ، املقابالت و املرادفات ذكر بأسلوب الرعية شؤون يف تتصرف اليت ، حكما أو عال ف العنان املطلقة للحكومة صفة كون هو ذلك وتفسري. حمققني عقاب وال حساب خشية بال تشاء كما

، تقليدية أمثلة على أو ، شريعة على تصرفها بتطبيق مكلفة غري هي إما احلكومة من بنوع مقيدة هي أو. املطلقة احلكومات حالة وهذه ، األمة إرادة على أو

أكثر حالة وهذه ، وى مبا القيد قوة إبطال بنفوذها متلك ولكنها ذلك، . باجلمهورية أو باملقيدة نفسها تسمي اليت احلكومات هنا ويكفي. تفصيلها حمل البحث هذا ليس كثرية املستبدة احلكومة وأشكال الذي املطلق الفرد احلاكم حكومة تشمل كما االستبداد، صفة أن إىل اإلشارة

مىت املنتخب املقيد الفرد احلاكم أيضا تشمل ، الوراثة أو لغلبةبا احلكم توىل الرأي يف االشتراك ألن ، منتخبا لو و اجلمع حكومة وتشمل ، مسؤول غري كان

383

االتفاق عند يكون وقد ، نوعا االختالف يعدله قد وإمنا ، االستبداد يدفع ال قوة بالكلية فيها املفرقة الدستورية احلكومة أيضا ويشمل. الفرد استبداد من أضر

يكن مل ما يرتفع ال االستبداد ألن ، املراقبة قوة وعن التنفيذ قوة عن التشريع وهؤالء ، املشرعني لدى مسؤولني املنفذون فيكون ، املسؤولية يف ارتباط هناك

وتعرف ، كله الشأن صاحبة أا تعرف اليت األمة تلك ، األمة لدى مسؤولني أساس على استبدادهم يبنون السياسيني إن . احلساب تقاضىت أن و تراقب أن و احلسي، التشامخ و الشخصي بالتعايل الناس يسترهبون فهم ، القبيل هذا من

عاملني ، هلم خاضعني جيعلوم حىت األموال سلب و القوة و بالقهر يذللوم ويأكلون ، األبا يشربون اليت األنعام من نوع كأم ، م يتمتعون ، ألجلهم يتفاخرون . ا و ، ظهورها ويركبون ، حلومها ، املطلق الفرد حكومة هي الشيطان من ا يتعوذ اليت االستبداد مراتب وأشد

كلما نقول أن ولنا. دينية سلطة على احلائز ، للجيش القائد ، للعرش الوارث املنتخب باحلاكم ينتهي أن إىل االستبداد خف ، األوصاف هذه من وصف قل

نفوس عدد قل كلما طبعا ـ ـ االستبداد خيف وكذلك. فعال املسؤول املؤقت ترقى وكلما الثروة يف التفاوت وقل الثابتة، باألمالك االرتباط وقل الرعية، . ١ املعارف يف الشعب الفرق عليهم يلتبس أن نقطة إىل ، األعظم السواد هم و البشر عوام ينجرـ " مضايق يف فيختلطان ، بالقهر املطاع املستبد بني و ، حبق بوداملع اإلله بني

السؤال عن الرفعة و ، التعظيم مزيد استحقاق يف التشابه حيث من أذهام مراقبة يف حقا ألنفسهم يرون ال ، عليه بناء ، األفعال على املؤاخذة وعدم العوام دجي ، أخرى وبعبارة ، ودناءم عظمته بني النسبة النتفاء املستبد

وهم ، والصفات واألمساء احلاالت من كثري يف مشتركني جبارهم و معبودهم

طبائع االستبداد و مصارع االستعباد ، باب ( ما ھو االستبداد ) . ١

384

بني و) بأمره احلاكم( و) املطلق الفعال( بني مثال يفرقوا أن شأم من ليس بني و ، النع م ويل و املنع م بني و ،) مسؤول غري( و) يفعل عما يسأل ال( ، هللا تعظيمهم اجلبابرة يعظمون ، عليه بناء) . الشأن جليل( و) شأنه جل(

غائب آجل عذابه وألن ، كرمي حليم ألنه ، هللا التعظيم على تعظيمهم ويزيدون ، عيوم يف عقوهلم ، يقال كما العوام و. حاضر فعاجل اجلبار انتقام وأما ،

لوال: فيهم يقال أن يصح حىت ، املشاهد احملسوس فعلهم يتجاوز ال يكاد و ، صاموا ال و صلوا ملا ، الدنيا حبيام يتعلق فيما منه وخوفهم ، باهللا ؤهمرجا وال ، القرآن قراءة على واألوراد الدالئل قراءة رجحوا ملا ، العاجل أملهم لوال

. باهللا اليمني على ، يعتقدون كما ، املقربني باألولياء اليمني رجحوا ، املستبدين بعض دعوى املنحطة برةالغا األمم يف سهلت اليت هي احلال وهذه

ما إنه: يقال حىت ، الرعية أذهان استعداد حسب ، خمتلفة مراتب على اإللوهية أو ، اهللا ا يشارك قدسية صفة له ويتخذ إال ، اآلن إىل سياسي مستبد من

الدين خدمة من بطانة يتخذ أن من أقل وال. اهللا مع عالقة ذي مقام تعطيه األمم تفريق ، االستبداد به يعينون ما وأقل ، اهللا باسم الناس ظلم على يعينونه

رحيها، ويذهب األمة قوة فتتهاتر ، بعضا بعضها تقاوم متعادية وشيع مذاهب إىل ال ، املستعمرات يف اإلنكليز سياسة وهذه ، ويفرخ ليبيض لالستبداد اجلو فيخلو بسبب بينهم بأسهم إفنائهمو ، أنفسهم على األهايل انقسام مثل شيء يؤيدها

. ١ "واملذاهب األديان يف اختالفهم وأيب ، الشر أنا: لقال وينتسب حيتسب أن وأراد رجال كان لو االستبدادـ " وخايل ، الضر وعمي ، املسكنة وأخيت ، الغدر وأخي ، اإلساءة وأمي ، الظلم أما ، اخلراب ووطين ، اجلهالة وعشرييت ، البطالة وبنيت ، الفقر وابين ، الذل . املال املال فاملال وشريف ديين

.) الدین و االستبدادالمصدر السابق ، باب ( ١

385

والعلم ، مال والعقل ، مال والوقت ، مال القوة: يقال أن وصفه يف يصح املال مال والترتيب ، مال واجلمال ، مال واجلاه ، مال والثبات ، مال والدين ، مال

. مال هو حلياةا يف به ينتفع ما كل واحلاصل ، مال والشهرة ، مال واالقتصاد ،: هي املعادلة موازين و ، ببعض بعضه يستبدل أي ، يشترى و يباع ذلك كل و

، الذمة و الذهب و الفضة و اليد حمافظة و ، التعب و الوقت و العزة و احلاجة فيه يتحكم سوق يف فانظر.. السلطان السوق شيخ و ، اتمعات سوقه و

، ماله بكرا ويغصب ، الشراء عن عمروا ينهى و ، بالبيع زيدا يأمر ، مستبد و احلرام منه و احلالل فمنه ، األحكام تعتوره املال. الناس مال من خالدا وحيايب

، أعيان عوض كان ما الطيب فاحلالل ، الوجدان فيها احلاكم ولنعم ، بينان مها هو ماحلرا اخلبيث املال و. ضمان مقابل أو ، وقت بدل أو ، أعمال أجرة أو إن. فيه احملتال مث إجلاء املأخوذ مث ، املسروق مث ، املغصوب مث ، الشرف مثن

إن ، العنكبوت أنثى إال واهلوام السمك يف حىت احليوانات كل يف الطبيعي النظام غريزة ومن. اإلنسان يأكل واإلنسان ، بعضا بعضه يأكل ال منها الواحد النوع اإلنسان هذا و ، الطبيعي مورده من أي ، اهللا من الرزق يلتمس أن احليوان سائر أكل كم بل ، فيه من بل ، أخيه يد من اختطافه على حريص نفسه الظامل

. ١" ! اإلنسان اإلنسان بغى و فطغى ، األكوان على اإلنسان سلطان ، حكمته جلت املوىل بسطـ "

خادما خلق كأنه ، مبتغاه و منيته جعلهما و ، اجلمال و املال عبد و ربه نسي و هو املال أن إىل بالنظر و. التحاك و الغذاء غري له شأن ال ، فقط وعضوه لبطنه

وهلذا ، املال مجع يف ، لإلنسان هم أكرب ينحصر كاد ، للجمال املوصلة الوسيلة إن: الروسي املؤرخ كريسكوا وروى ، الوجود بسر و األمم مبعبود عنه يكىن

، اخلالعة على النساء محل إىل شيطاا فأرشدها ، يتهارع كسل شكت كاترينا

) . المال و االستبدادالمصدر السابق ، باب ( ١

386

لصرفه املال وكسب للعمل الشبان فهب ، املراقص كسوة وأحدثت ففعلت فاتسع ، خزينتها دخل تضاعف ، سنني مخس ظرف ويف ، اجلمال ربات على.. املال يهمهم إمنا ، األخالق مهم ال املستبدون وهكذا. اإلسراف جمال هلا

فيه جيري ما: احلقوقيني عند و ، اإلنسان به ينتفع ما: االقتصاديني عند املال ما: األخالقيني عند و ، القوة به تستعاض ما: السياسيني عند و ، البذل و املنع يف تعاىل اهللا أودعه الذي الفيض من يستمد املال.. الشريفة احلياة به حتفظ

يف أو فيه بعمل إال ، بإنسان يتخصص ال أي ، ميلك وال ، ونواميسها الطبيعة أو لذة حتصيل: مها و هلما ثالث ال اثنني أحد هو املال من املقصود و. مقابله الشرائع أحكام مبىن عليهما و ، اإلنسان مقاصد كل تنحصر وفيهما ، أمل دفع

اهللا خلقه الذي الوجدان هو ، خبيثه و املال طيب يف املعتدل احلاكم و ، كلها بني خري فالوجدان ، وتقواها فجورها بإهلامها القرآن عنه وعب ر ، للنفس ةصبغ . ١" احلرام املال و احلالل املال

الغريب إمنا ، البسطاء أفكار يف احلقائق على االستبداد حتكم يف غرابة والـ " الغالبني الفاحتني يسمون الذين املؤرخني مجهور ومنهم ، العقالء من كثريا إغفاله

أكثر كانوا أم رد واالحترام اإلجالل نظر إليهم وينظرون ، العظام بالرجال إعالء الغرابة يف القبيل هذا من و. العمران ختريب يف وأسرفوا ، اإلنسان قتل يف

. الظاملني عند الوجاهة و القبول حازوا و ، املستبدين جاروا من قدر املؤرخني األعوان هؤالء من كانوا الذين ارمني همبأسالف األخالق افتخار كذلك و

. األشرار فيقولون ، احلرة اإلدارة يف مفقودة حسنات لالستبداد أن الناس بعض يظن وقد فقد عن فيه حيصل ذلك أن احلق و ، يلطفها و الطباع يلني االستبداد: مثال

حسن اهلاجل الصغري يعلم االستبداد: يقولون و. الشراسة فقد عن ال الشهامة

.) نساناإل و االستبدادالمصدر السابق ، باب ( ١

387

عن ال جبانة و خوف عن فيه هذا أن احلق و ، اخلرب للكبري االنقياد و الطاعة عند الوقوف و االعتدال على النفوس يريب هو: يقولون و. وإذعان اختيار االستبداد: يقولون و. وتقهقر انكماش غري هناك ليس أن احلق و ، احلدود

و. دين أو عفة عن ال ، عجز و فقر عن أنه واحلق ، الفجور و الفسق يقلل ، خيفيها و ظهورها مينع أنه احلق و ، اجلرائم و التعديات يقلل هو: يقولون

. عدادها ال تعديدها فيقل القائمون و ، العلم سقياها و ، التربية وتربتها ، الوراثة بذرها أمثار األخالقـ

تفعله ما البشر خالقأ يف السياسة تفعل ، عليه بناء ، احلكومة رجال هم عليها تزامحت مهملة تركت إن ، كاآلجام األقوام.. نعم. الشجر إمناء يف العناية

وهذا ، فأهلكه ضعيفها على قويها وتغلب ، أكثرها وسقم ، وأفالذها أشجارها فدبرها ، زهوها و بقاؤها يهمه بستانيا صادفت إن و. املتوحشة القبائل مثل

احلكومة مثل وهذا ، مثارها وحسنت وأينعت يتقو ، طباعها تطلبه حسبما عاجل إال يعنيه ال حطابا يسمى بأن جدير ببستاين بليت وإذا. العادلة

كان مىت و. املستبدة احلكومة مثل وهذا ، وخرا أفسدها ، االكتساب منها يلحقه وال فخار فيها له وليس الديار تلك تراب من خيلق مل غريبا احلطاب

فهناك ، األصول باقتالع لو و العاجلة الفائدة على احلصول مهه اإمن ، عار أخالق يف االستبداد فعل يكون ، املثال هذا على فبناء. البوار هناك و الطامة . اإلفساد غري منه يرجى ال الذي احلطاب ذلك فعل األمم

وال أ تقتضيه فطري قانون على مطردة ملكة تكن مل ما أخالقا األخالق تكون ال حنو وظيفته ثالثا و ، عائلته حنو وظيفته وثانيا ، نفسه حنو اإلنسان وظيفة ،

الناس عند يسمى ما هو القانون هذا و ، اإلنسانية حنو وظيفته رابعا و قومه، وهو ، ناموس صاحب يكون أن االستبداد ألسري أين من و. بالناموس حيث ، يهب ، كالريش يعيش و ، يراد حيث يقاد ، العنان اململوك كاحليوان

ما هي ، األخالق أم هي ؟ اإلرادة هي وما ؟ إرادة وال نظام ال ، الريح يهب

388

اإلرادة عبادة العقالء الختار ، اهللا غري عبادة جازت لو: لشأا تعظيما فيها قيل باإلرادة متحرك بأنه تعريفه يف النبات عن احليوان تفصل اليت الصفة تلك هي.. وهلذا. نفسه بإرادة ال غريه بإرادة يتحرك ألنه ، احليوان دون.. إذن سريفاأل.

وقد. مواله لنية تابع هو إمنا ، أحواله من كثري يف للرقيق نية ال: الفقهاء قال . ١" وشرعا عقال مؤاخذ غري اخليار فاقد ألن ، أخالقه فساد على األسري يعذر

، األخالق فساد من األمم إنقاذ يف ، المالس عليهم األنبياء سلك لقدـ " ذلك و. لسواه اإلذعان و اهللا غري تعظيم من العقول بفك ، أوال االبتداء مسلك تنوير يف جهدوا مث ، إنسان كل وجدان عليه املفطور اإلميان حسن بتقوية يف حريته أي ، إرادته ميلك كيف اإلنسان تعريف و ، احلكمة مببادئ العقول منابع وسدوا االستبداد حصون هدموا بذلك و ، أعماله يف اختياره و ، أفكاره مكلف بأنه اإلنسان إىل ينظرون صاروا ، العقول زمام إطالق بعد مث. الفساد التعليم بأساليب ذلك فيعلمونه ، األخالق حبسن مطالب و ، اإلنسانية بقانون . التهذيبية التربية بث و املقنع

هذا سلوك يف ـ السالم عليهم ـ األنبياء اتبعوا األقدمون ونالسياسي احلكماء و حترير إىل تؤدي فطرية دينية نقطة من باالبتداء أي ، الترتيب هذا و الطريق

أما. انقطاع ال و فتور بدون التهذيب و التربية طريق باتباع مث ، الضمائر بأممهم اخلروج طريقة سلكوا فئة فمنهم ، الغرب يف العقول قادة من املتأخرون

زاعمني ، الطبيعة تربية و اإلطالق فضاء إىل ، النفسية آدابه و الدين حظرية من ، الدين إعانة عن تغنيه النظام إىل حاجته و ، سبيال أهدى اإلنسان يف الفطرة أن فيكون ، باحلياة تذهب مث ، باهلموم احلس تعطل مسوم كاملخدرات هي اليت

وجدوا أم ، املسلك هذا سلوك على ساعدهم قد و. نفعها من أكرب ضررها الدين خدمة يف منحصرا كان الذي العلم ذلك ، العلم نور فيها فشا قد أممهم

.) األخالق و االستبدادالمصدر السابق ، باب ( ١

389

و الغرناطيني عند األشراف أبناء يف حمتكرا و ، اآلشوريني و املصريني عند حىت ، واليونان اهلنديني عند املنتخبني الشبان من أعداد يف خمصصا و ، الرومان

، متعلم لكل تناوله أباحوا و ، العلم حرية أطلقوا و ، اإلسالم بعد العرب جاء على األمم عقول به فتنورت ، الدين رجال رغم على حرا أوربا إىل فانتقل

صار و ، ختالطت و انتشرت و ، النعيم يف األمم ترقت نسبتها يف و ، درجات عن يبحث و ، اللحاق يتطلب و ، التهح من يتنغص و املتقدم يغبط منها املتأخر والغرية اخلري معرفة حركة و ، األفكار يف قوية حركة ذلك من فنشأ. وسائله

األمام إىل السري حركة ، عليه الصرب من األنفة و الشر معرفة حركة ، نواله على إليها وأضافوا احلركة هذه قوة الغرب يف احلرية زعماء اغتنم. معارض كل رغم

إم حىت ، احلرية عروس بزهوة الدين وقار ثقالة كاستبداهلم ، شىت أدبية قوات رابطة كاستبداهلم و. النفوس ختتلب خليعة حبسناء احلرية بتمثيل يبالوا مل

ذلك ، العمومية الشؤون يف االشتراك برابطة للمستبدين الطاعة يف االشتراك تيارا األفكار حركة قوة لواجع هكذا و. الوطن حب منه يتولد الذي االشتراك الزعماء هؤالء إن مث. الدين و السياسة أهل من الرؤوس رؤوس على سل طوه

تربر الغاية( قاعدة دينهم مهجورات من فأخذوا ، أيضا القساوة استباحوا و ، اخلري سبيل يف املال صرف من الغاية كانت إذا السرقة كجواز) الواسطة

اليت الكاهن ذمة على الزور كشهادة) القبيح الفعل يبيح الذمة تثقيل( قاعدة اليت الفظيعة اجلرائم ارتكاب إىل ما الناس ودفعوا ، خطيئتها عنها يتحمل الغرب أبناء بني ملا الشرقي احلكيم يستبيحها ال اليت ، اإلنسانية منها تقشعر . واألخالق الغرائز يف التباين من الشرق وأبناء

على حريص ، املعاملة شديد ، النفس قوي ، احلياة مادي: يبالغر اإلنسان اليت الشريفة والعواطف العالية املبادئ من شيء عنده يبق مل كأنه ، االنتقام العضو أن يرى ، الطبع جاف: مثال فاجلرماين. الشرق مسيحية له نقلتها

يف القوة لك و ، القوة يف فضيلة كل يرى و ، املوت يستحق البشر من الضعيف

390

املال ألجل لكن و ، اد وحيب ، املال ألجل ، لكن و ، العلم حيب فهو ، املال و ، اإلطالق يف العقل يرى ، والطيش العجب على مطبوع الالتيين هذا و.

يف العز و ، الكسب يف الكياسة و ، الترف يف الشرف و ، احلياء خلع يف احلياة يغلب و ، أدبيون فهم.. الشرق أهل أما. لفراشوا املائدة يف اللذة و ، الغلبة و للرمحة امليل و ، للوجدان اإلصغاء و ، احلب سلطان و القلب ضعف عليهم

املروءة و الفتوة يف العز يرون و. اخلصم مع لو و اللطف و ، موقعها غري يف لو يف ذةالل و ، السكينة و األنس يف الراحة و ، الفضيلة و القناعة يف الغىن و ،

لكن و ، يغارون و ، فقط للدين لكن و ، يغضبون هم و ، التحبب و الكرم ، واحدة طريق يف الغريب مع يسري أن الشرقي شأن من ليس. فقط العرض على أمر يف تقليده تكلف إن و ، الغريب يستحسنه ما استباحة على طباعه تطاوعه فال ، استثماره يعرف فال ثبت إن و ، يثبت فال أحسنه إن و ، التقليد حيسن فال يف يهتم مثال فالشرقي!.. فمه على قفزت لو متىن كفه يف الثمرة سقطت لو حىت يف فيقع ، يراقبه وال خيلفه فيمن يفكر ال مث ، ظلمه عنه يزول أن إىل ظامله شأن . ١" اية ال ما إىل الظلم ويعود الكرة فيعيد ، ثانية الظلم ، مجعية أو ، نامية خملوقات ركام هي هل ؟؟ الشعب أي ، األمة هي ماـ " بينهم مجع هي أم ؟ كرها ولو واالنقياد الطاعة وظيفتهم ، متغلب ملالك عبيد

سياسية جامعة و ، مشتركة حقوق و ، وطن و ، لغة أو جنس أو دين روابط أمسى هي اليت اإلسالمية للقاعدة توفيقا فيها رأيه إشهار حق فرد لكل ، اختيارية

) . رعيته عن مسؤول كلكم و ، راع كلكم( هي و ، سياسية قاعدة أبلغ و يتمتع و رقام يف يتصرف جلمع فرد امتالك سلطة هي هل ؟؟ احلكومة هي ما

إدارة ألجل األمة بإرادة تقام وكالة هي أم ؟ يشاء ما بإرادته يفعل و ، بأعماهلم ، امللوك آحاد هي هل ؟؟ العمومية احلقوق هي ما ؟ العمومية املشتركة شؤوا

نفس المصدر السابق . ١

391

تضاف و ، األمم مجوع حقوق هي ، بالعكس أم ؟ جمازا لألمم تضاف ولكنها املعادن و األراضي مثل على النظارة و األمانة والية عليها هلم و ، جمازا للملوك

والية و ، املعدات و األساطيل و ، املعابد و القالع و ، السواحل و األر و ، صيانة و حفظ و ، النظام و العدل و ، العام األمن مثل على احلراسة و ، دوداحل

لكل حيق مما ذلك غري إىل ، االجتار و املعاهدات و القوانني و ، اآلداب و الدين احلقوق يف التصرف للحكومة هل ؟ عليه يطمئن وأن به يتمتع أن األمة من فرد

حمفوظة احلقوق تكون أم ؟ حرمانا و بذال تشاء كما األدبية و املادية العامة على موزعة العمومية املغارم و املغامن تكون و ، الشيوع و التساوي على للجميع متساوين األفراد يكون و ، عادلة بنسبة األديان و الصنوف و البلدان و الفصائل

أم ؟ األفكار و األعمال على السيطرة متلك احلكومة هل ؟؟ االستنصاف حق يف االجتماعي القانون خيالف مل ما الفعل يف و ، مطلقا الفكر يف أحرار األمة ادأفر الشؤون يف إال تتداخل ال احلكومة و ، الشخصية مبنافعهم أدرى ألم ،

. ١" ؟ العمومية

أو من بلدة د ب ي ة ، أديب و كاتب و مفكر و باحث لبناين بطرس البستاين :لناحية الفكر و ، يعد من زعماء النهضة العربية لشوف من منطقة ااملارونية ض بي ة

، بقدر ما هو معلم و ثائرا هو ليس مفكرا إصالحيا ، التنوير العقلي العلمي بعيدا عن ناشر للعلم و الوعي و اليقظة الفكرية املعرفية من منطلق اجتماعي

االجتماعي ، يغوص يف أعماق املستنقع نطاق السياسة و مشاكلها و إرهاصاا اآلسن بوحول اجلهل و اخلرافة و املرض ، ليحاول تطهريه و إعادة تنقيته و

من الداخل بشىت السبل ، يستخدم اخلدمات االجتماعية للتعليم و نشر تعقيمه العلم ، فقدم بذلك فوائد مجة ال حتصى للمجتمع و املنطقة ككل .

.) منھ التخلص و االستبدادالمصدر السابق ، باب ( ١

392

اليسر املادي و االهتمام نشأ بطرس البستاين يف أسرة مارونية على درجة من من ينابيعه هل النرت لولدها طلب العلم و و االشتغال بالعربية ، فيس بالعلم

األساس و كتبه األمهات . درس الولد بداية أمره يف مدرسة ( عني ورقة ) منها الالتينية و السريانية و اإليطالية كما لغات عدة فيهاو تعلم املشهورة آنذاك

. و عندما و العلوم الكنسية لك علوم الفلسفة و الالهوت درس إىل جانب ذد همة تلك ، ميم وجهه شطر بريوت ، و هنالك صودف وجودراسته امل أى

، اليت قدمت بصفة إرساليات األمريكيةة يليبعثة تبشريية لبعض الكنائس اإلجنمطبعة و . و قد جلبت هذه البعثة معها إىل املنطقة أول تعليمية و طبية علمية و

العلماء ، و هو ما كان حدثا فريدا من نوعه . و نظرا حملبة بطرس البستاين للعلم خيتص ما ، و حيث أن تلك اإلرساليات اإلجنيلية ، كانت املعرفة و ماو

و يعلموم العربية و مساعدين هلم يف أمور الطباعة حباجة إىل مترمجني و معلمنيكان يستهوي البستاين بالضبط و ميثل له غاية املرام ، نشر املعرفة ، فإن ذلك ما

علمهم العربية و يترجم هلم املقاالت و الكتب و املخطوطات ، معهم ، يفتطوع ، كانوا يستعينون به يف أمور املطبعة و الطباعة ، بعد أن و يف الوقت نفسه

ية النطالقة دربوه على كيفية استخدامها ، فكانت تلك هي البداية الفعلية احلقيق، و خدماته اجلليلة الكبرية و تفجر طاقاته يف نشر العلم و املعرفة ذلك الشاب

أنشأ جريدة ( نفري سورية ) و هي أول جريدة حيثاليت قدمها يف هذا اال ، ، فكان الرائد السب اق يف هذا اال و هذا فيها إىل الوحدة الوطنية وطنية ، دعا

بوتقة الوطن و الوطنية و العلم قاالته و فكره تنحصر يف املفهوم ، فكانت كل مما بني السياسة و و قام بعد ذلك بإنشاء صحف و جرائد متنوعة و املعرفة .

الفكر و األدب و االقتصاد ، كانت من أمهها ، جريدة اجلنان ، و بلغت الوطنية حب ( شعارا يقول ،مقدمة صفحات جرائده منه مبلغا أنه كان يضع على

و هو أمر يندر يف أيامنا هذه من يقوم به أو يطبقه و جيعله ) الوطن من اإلميانيف الوطن باالقتصار على اجلانب النظري التنظريي . و مل يكتف البستاين شعاره

393

و الوطنية ، بل انتقل به إىل اجلانب العملي ، حيث قام بإنشاء مدرسة تعليمية حيث دخلها و درس كانت أمسا على مسمى راقية مساها ( املدرسة الوطنية )

من خملف الطوائف الدينية و التالميذفيها و ل العلم منها ، خمتلف الطالب و . و بلغت شهرة هذه املدرسة غريها ، ال تفريق فيما بينهم إال بالعلم و املعرفة

لموا فيها مبلغا ، أن بدأ يتوافد إليها الطالب من املناطق و البلدان ااورة ليتع ملو . اللغات و العلوم التطبيقية و الطبية باإلضافة إىل الوطنية و حب الوطن

املقدار من النجوم يف العلم ، بل عمد إىل يكتف هذا العامل اجلليل القدر ، بذلك و وضع الكتب و املخطوطات و منها كتاب ( أدباء العرب ) الكتابة و التأليف

. لكتابنا هذا أحد املراجع النفيسة القيمةمن خمطوطات و مؤلفات ذات أثر يف العلم و م ما تركه هذا العامل الكبري هأما أ

وقعت يف جملدات كبرية متعددة ، اليت ) دائرة املعارفاملعرفة ، فهو موسوعة ( حوت و جممل الفروع العلمية و الفكرية االصطالحية ، و مجعت يف نواصيها

ية الشافية . ، الشروحات الكافمتوا يف كما قيض أن يكون له عمل آخر ال يقل أمهية عن العمل األول ، و هو قاموس

و هو أول قاموس عصري ، و قد وقع آنذاك يف أو معجم ( حميط احمليط ) مجع فيهما كل ما وجد يف تلك الفترة من معان و كلمات و جملدين كبريين

ن أداة للطالب و النحويني و و ال يزال إىل اآل يف شىت ااالت .مصطلحات الدارسني ، و قد نال على هذا العمل الكبري الوسام ايدي السلطاين .

) :الكتب و الدوريات و الصحف ( لطباعةا. العريب بالعامل ، التأسيسي العريب الفكر انتشار يف جدا كبري أثر ، للطباعة كان لبقي ، كتب و منشورات و دوريات و صحف من أنتجته ما و الطباعة فلوال حمدود حيز و ضيق نطاق يف متخندقة صوتية ظاهرة حمض ، الوليد العريب الفكر

، بعد فيما ذلك أدى لرمبا و . االجتماعي و اجلغرايف.. املستويني علىسواء ، قدفكر فهو. عليه القائمني و دعاته وجود من بالرغم، الفكر هذا خنق إىل

394

مكفهر األمواج متالطم جهل حبر و ، معتم ظالمياحنطاط وج يف خ لق و و جد صدق و املنطق قوة من بلغ مهما ، داع مفكر ألي كان ما و ، اخللقة و اهليئة ، املعرفة و الفكر من إليه دعا ملا انتشارا جيد أن ، املعرفة و العلم زخور و النية

أو قلت ، وريقات على طبوعةم مادة إىل هذا فكره يتحول أن لوال ، هلما ثبتا و أيقر و األصقاع يف تنتشر و ، آالفها رمبا و ، املرات مئات ت ستنسخ ، كثرت و يرددها منهم نفر كل ، األشخاص من الكذا العدد ، منها الواحدة النسخة رعاك فانظر. الناس من اآلخر الكذا العدد آذان لتتلقفها صوتية ظاهرة ينقلها الكبري األثر هذا إىل ، صروفه جماهل و الدهر نوائب من اكإي و حفظنا و اهللا

ختيل و ، علمية و فكرية ضة من ، آنذاك العريب العامل يف الطباعة أحدثته الذي هلم يتيسر مل أنه ، السابقة املادة يف عنهم حتدثنا الذين الكبار املفكرين هؤالء ستكون كيف ، علم و ةمعرف من عليه حتصلوا و أفكار من به آمنوا ما طباعة !! . ؟؟ ككل الفكر حالة بل ، م معرفتنا حالة يف و جدت قد ، العام املشرق يف ظهرت عربية مطبعة أول أن من بالرغمو

توخي يتم مل أنه إال ، ١ هناك املتواجدين اليهود أيدي على ، حلب و األستانة هلذه ، هناك لدينا رجال بعض حماربة بسبب ، منهما كل من املرجوة الفائدة

االقتراب جيوز ال الشيطان عمل من رجس اعتبارها و ، نوعها من الفريدة اآللة هي كما متاما ، بالعقول يذهب و النفوس يسكر قد كونه ، معه التعامل و منه

العريب العامل عرفها مطبعة أول إن.. باطمئنان القول نستطيع لذلك و. اخلمرة الفرنسيون استحضرها اليت تلك كانت ، مثارها من قطف و آثارها أدرك و

القوم إن" ذلك عن تارخيه يف اجلربيت يقول. عليها محلتهم أثناء مصر إىل معهم مجيع يف اليومية احلوادث بضبط اعتناء مزيد هلم كان) الفرنسيني يقصد(

/ .٧/ ص ، عام مائة في المصریة الصحافة ١

395

يف ي رفع ملخص يف ، منها املتفرق جيمعون مث ، أحكامهم أماكن و دواوينهم . ١" اجليش مجيع يف يوزعوا عديدة نسخا منه يطبعوا أن بعد ، جلهمس

و العلم بأمر اهتمامه ضمن من باشا علي حممد ركز ، الفرنسيون خروج بعد أن فكان ، متاما ذلك يف الفرنسيني حذو حذا و ، املطبعة على ، مصر يف الفكر

صحيفة أول إصدار مت و. مصر يف ، واحدة دفعة ، مطابع تسع بإنشاء قام سنة حوايل ، الشعب من النخب و احلكومة أعضاء و باحلاكم اختصت رمسية

رمسية حكومية تقارير عن عبارة ، عهدها بداية كانت و. ميالدية/ ١٨١٣/ و اإلدارية و الزراعية و املالية بالشئون ختتص ، مصر يف املختلفة املناطق من

إىل رمسي كتقرير تقدم و ، شهر كل مرة اجتميعه يتم ، ذلك حنو و العمرانية . عليه قرأ ي باشا علي حممد

يف يطبع كان الذي) خديوي جورنال( اسم التقرير هذا على أ طلق قد و من جلنة ، عليها باإلشراف يقوم و ، املائة عديدها يناهز بنسخ ، القلعة مطبعة

) أفندي( برتبة صشخ عليهم يقوم) اجلورنال ديوان( مسيت معدودين أشخاص) اجلورنال( كانت. حاليا التحرير رئيس مبقام هو و) التقارير رظنا( يسمى من بعض و ، الرمسية و احلكومية األخبار على ، مضامينها عموم يف تشتمل تلك

. قراءا عند عنهم امللل نزع و القراء تشويق بغرض ، ليلة و ليلة ألف قصص جلهة الصحيفة تلك نطاق يوسع أن ، باشا علي مدحم ارتأى ، مبدة ذلك بعد

وإنشاء ، اخلارج إىل العلمية ث ع الب إيفاد بعد خباصة و ، االنتشار و املضمون ، علميا و فكريا األحداث تلك مواكبة تتم كي ، الداخل يف التعليمية املدارس

ديةميال/ ١٨٢٨/ سنة أوامره صدرأف ، االجتماعي و الشعيب املستوى على و) املصرية الوقائع( عليه أطلق جديد إصدار إىل) خديوي اجلورنال( بترقية يتم أن ،عينه بالوقتأوعز و ، األوىل سابقتها من موسعة مطورة نسخة هي

المصدر السابق . ١

396

على و املالكة األسرة أفراد و أمراء على) املصرية الوقائع( جريدة توزيع أما. عموما الشعب و الدين الرج و العلماء على و الدولة و القصر موظفي

أن معتربا ، باان عليهم توزع أن أمر فقد ، خارجها و مصر داخل العلم طلبة، دولة و فكر و علم رجال يكونوا لكي مهم عامل هو ، هؤالء قبل من قراءا

. القريب املستقبل يف ، األحيان معظم كان أنه ، األمر ذا ، باشا علي حممد اهتمام من بلغ قد و

يدقق و، ( حيث تقرأ عليه ) املطبعة إىل ذهاا قبل الصحيفة مسودات يراجع السلطة و الوايل أخبار.. أمهها من كان اليت و ، أخبارها من خرب كل يف

مبصر حتصل اليت الفكرية و العلمية النهضة أخبار و ، الدولة و احلاكمة و االجتماعية األمور و الصناعة و الزراعة أمور أخبار و ، كافة باالختصاصات

،) املصرية الوقائعإدارة ( الطهطاوي رفاعة استلم عندما و. اجليش أخبار و األبواب بث و تطويرها و ، كان امم أفضل و أوسع بشكل ترقيتها على عمل

. فيها الفكرية و العلمية الفصوليف خمتلف ااالت ، اليت اختصت بالعلوم جملة ( روض املدارس ) ذلك تالمث

. و قد متيزت و الكيمياء و غري ذلك كالطب و الفلك و اجلغرافيا و التاريخ بالكتابة فيها و جلمهور للمتميزين من ا) بأا مسحت جريدة ( روض املدارس

و مهوم و أفكار ، يف دواخل نفسه من مشاكل عما خيتلج ، روا ، كل أن يعب يف العامل ، رمبا تظهر ألول مرة لدميقراطية فكانت بذلك ، فسحة من فسح ا

فكرة و مفهوم ، و إن مل تتبلور كمصطلح تعريفي . كالعريب ، مث ظهر يف عهد اخلديوي إمساعيل ، جمموعة من الصحف الوطنية اليت خاضت

خاضت غمار السياسة ، اخلارجية و الداخلية ، و إىل جانب الوضع الداخلي ، اجته ملهامجة العنصر التركي مصري أو عرويب كانت يف بعضها ذات طابع

العثماين و تعريته كاحتالل غريب مل جيلب للعرب و املنطقة ، مبا فيها مصر ، عام فنشأت صحيفة ( وادي النيل ) سوى الكوارث و املآسي و التخلف .

397

. و كذا األمر ، ١، و هي جريدة شعبية علمية أدبية سياسية / ميالدية ١٨٦٧/اليت كانت صحيفة عروبية ، صحيفة ( نزهة األفكار ) د سنتني صدرت بع

ن هلا مساحة من احلرية ، قل ، و كاعادت العنصر العثماين و التدخل األجنيب . تال ذلك بعد ست نظريها . و استغلت هي ذلك و قامت بواجبها خري قيام

هي صحيفة ، إال و اليت ال زالت إىل اليوم املصرية الشهرية صحيفة السنوات ، السوري و كانت لصاحبها / ميالدية ١٨٧٥اليت صدرت عام / ) األهرام (

، و املفكر اهلارب من بطش العثمانيني يف بالد الشام األصل ( سليم تقال ) بداية األمر عندما طلب الترخيص إلنشائها ، اشترطت عليه ( نظارة اخلارجية )

باألمر لبثت بعد ذلك أن اشتغلت يف األمور السياسية ، لكنها ما، عدم اخلوض و ناقشت أمورها مبصداقية السياسي و اخنرطت حىت العظم يف الشئون السياسية

ملظاهر الفساد و مواطن اخلطأ يف السياسة و مفاصلها ، و تصدت و عدالة نقدية صدرت صحيفة ( الوطن ) و هي صحيفة / ميالدية ١٨٧٧و يف عام / .

. ة ( مصر ) لصاحبها أديب إسحاق . و صحيفسياسية أسبوعية ، بسبب الرقابة الصارمة و يف بالد الشام ، تأخر الوضع الصحفي و املطبعي

اخلانقة على الصحافة و املطبوعات من قبل العثمانيني ، فاقتصرت الصحف القليلة العدد و االنتشار ، قياسا ملا هو عليه احلال يف مصر ، اقتصرت على

لبطرس كجريدة ( نفري سورية ) ألدبية أو العلمية البحتة اجلوانب الفكرية ا ن قلة املطابع يف بالد الشام ، قياسا ملصر ، و رمبا كان ذلك ع ، فضال البستاين

السياسة العثمانية اليت بدأت تعاين من الضغوط السلطات عمدا متعمدا من قبل . د اليت حتتلها و الثورات الشعبية الوطنية يف البالو احلروب اخلارجية ،

سامهت أا هو ، الدوريات و الصحف به قامت الذي الكبري الفكري األثر إن منه أكثر باجلمهور اختصت قد فهي ، العام الشعيب الفكر بإيقاظ ، كبري حد إىل

/ . ٢٦المصدر السابق ، ص / ١

398

للسمات نتيجة ذلك و. كتبها و املتخصصة دورياا هلا كان اليت النخب ، املخطوطات و للكتب قياسا والصحف رائداجل عليها قامت اليت الديناميكية

مشاكلهم و العامة اجلمهور قضايا و الشعبية القضايا تالمس كانت.. أوال فهي و مشوقة مواد من ، عليها اإلقبال و قراءا يف حتببهم بطريقة تصدر كانت و ،

نع فضال ، اهلامة القضايا و األفكار مع ختتلط دينية مواعظ أو ، شعبية قصص يسهل و ، اجلمهور قبل من هضمها يسهل ما ، التعبريية املادة يف السالسة قصرية دورية بفترات صدورها.. ثانيا . إليه إيصاهلا املراد األفكار إيصال ، يومية ، بعد فيما و ، عشرية أو شهرية نصف أو أسبوعية.. بينها فيما التباعد

، الواسع انتشارها.. ثالثا . متواصل دائم فكري اتصال وجود يف يسهم ما مساحة يف توزع و ، الواحد للعدد كبرية بكميات تطبع كانت أا حيث

، املكتظة و الشعبية األماكن يف تواجدها و تغلغلها عن فضال . كبرية جغرافية أم ن ما ، املزارعني و املهن أصحاب و احلالقني و الباعة حمال و كاألسواق

أسعارها.. رابعا . هلا بالنسبة املرام غاية هو و الشعبية القاعدة إىل وصوهلا . املقبولة ، األحوال أسوأ يف أو ، الزهيدة

إعادة يف ، مستأثرة تكون قد فعالة مسامهة ، اجلرائد و الصحف سامهت لقد فأعادت ، عشر التاسع القرن يف الشعيب العريب الفكر هوية تشكيل و صياغة من خربة ، ذلك قبل جعلته علمية ةيفكر ايارات من به حلق امم ترميمه و قولبته

إعادة يف فعالة كبرية مسامهة سامهت كما. الفكري الفساد و اجلهل خرائب فيما الطريق مهد ما ، العريب لإلنسان القومية و الوطنية اهلوية تشكيل و صياغة

كان الذي تركيال العصر بني و العريب العنصر بني فيما فكرية هوة إلحداث بعد العنصر مع ، وطنية حىت و دينية و فكرية مماهاةإىل أبعد احلدود ، متاهى قد

األحيان بعض يف و ، ارتباطها فك املستحيل شبه و الصعب من كان ، العريب ما على ، القاعدي الشعيب العريب العقل و احلس أيقظت و. بينها حىت التمييز

399

أن دون متسه و مباشرة به تتعلق أحداث من به حييط ما و مظامل من له يتعرض . طبعيا عاديا حادثا فيعدها ، أسباا يدرك أو ا شعري

على أا هو ، آنذاك العربية الصحافة قدمته الذي اهلام و الكبري األثر لكن العوام مجهور و الشعبية القاعدة بني فيما اهلوة قربت قد ، اآلخر املقابل الطرف

الرعاع العوام فحولت ، القومي جنسها من هي اليت الفكرية نخبال بني و ، فكريا أثرا فيهم تركت ، األحوال أسوأ ويف ، مثقفني أشباه إىل األميني اجلهلة منسيا نسيا ، نفسه يعد ، اجلاهل األمي املواطن يعد فلم . معا آن يف ا يتفكري أنه ، الالوعي يف لو و هذات يف يشعر بدأ بل ، الكون و الزمن حدود خارج. به يقوم أن جيب أو يقوم، ما عمل له و، هلوية يتبع و هوية له كائن

.. معينة فكرية قضية و موضوعا تطرح العربية الفكرية النخب فأضحت القواعد من واعية صاغية آذانا هلا فتجد ، وطنية أم اجتماعية مأ كانت إصالحية

. تتقبلها و تتفهمها ، احلال أسوأ يف و مبوجبها تعمل و تفهمها ،

: يف الفكر التأسيسي خامتة ، املعامل واضحة كحالة ، عشر التاسع القرن يف التأسيسي العريب الفكر برز لقد

عن يربز و نفسه يعي كان الفكر فهذا. بنفسها نفسها عن فت عر ، متبلورة نتائج بل ، لالإراديةا ألحداثل العفوية دفصال تصنعه مل فهو ، إدراك و وعي

ذاته عيي يكن مل فكر هو. التدبري و األصل ذات ، املقصودة املفاعيل و األعمال ، حتققت إن نتائجه و أهدافه قدسية و واجبه يعي كان بل ، فقط وجوده و

أو ، عبثا القمقم له ي فتح مل فكر هو. دؤوبا ألجلها عمل و رأسا إليها فاجته توضحعلى العكس من ذلك ، بل ، اآلثار و النتائج مدرك غري خطأ أو سهوا

متام يعرف كان ، آنذاك العريب للفكر القمقم فتح الذي أن السابقة األحداث لنا

400

و بأس ذو ، جبارا عمالقا ماردا منه سيخرج أنه ، اإلدراك متاما يدرك و املعرفة . األمر كان كذا و خالقة قو امة آثار و ، شديدين قوة

األحداث خيلق ال ، الصنعة متكلف غري فكر هو ، العريب التأسيسي الفكر صريورا تصنعه ومبعظم األحوال ، املفاعيل و األحداث ختلقه بل ، بالضرورة

معاجلة مبعاجلتها يبدأ مث ، جيسها و حوهلا حيوم ، مباشرة إليها ليتجه ، تظهره و جامل أن هو و ، سطوم خيشى ال و القوم علية فيها مياري ال ، صادقة حقيقية من أقسى بعنف رمبا مهامجا جديد من الكرة يعاود أن يلبث ال فإنه ، أحيانا و بنودها و مفاصلها مشخصا يعر فها و ، القضايا و احلوادث فيعري ، السابق فكر فهو ، املستقبلية املتأتية و ، احلالية اجلانبية آثارها و أهدافها و غاياا فكر فهو ، هلا احللول يطرح أو حبلها يقوم و املشاكل يبني ، تقوميي فيتوصي

. إصالحي و ، تطورها و البشرية احلضارة أسباب يتناول فكر هو ، التأسيسي العريب الفكر

عادات فيصور ، أوروبة آنذاك مثلتها اليت و املتحضرة القوية الدول تقدم أسباب و صناعام و علومهم و ، املفيدة البناءة ماعيةاالجت أخالقهم و اإلجيابية شعوا و ، احلوادث و املفاهيم و لألمور معاجلتهم و تفكريهم طريقة و ، ر الني فكرهم و كله هذا استرياد اإلمكان قدر حياول و. ذلك ةآل و تقدمهم و قوم مبعث تقدمي رفك.. إذن فهو ، مجهورها لسواد تعريفه و العربية اتمعات يف إنشاؤه . بن اء

باألحداث الواقعية احلقيقية البسيطة و مليء فكر هو ، التأسيسي العريب الفكر معا ال كحالة أصلية أصيلة متأصلة رض الواقع ن معا و املوجودة على أآاملعقدة ب

هو فكر مل ينطلق من وهم و ال اعتمد على وهم و ال ، و بالتايل انفصام بينها ، بل كان و تضليله مهية ، و ال اعتمد منهج غش املواطن على شعارات وارتكز

. فكر الصورة و الواقع

401

دعم يف بعض بداياته و التلقى إن ، فكر مناضلهو الفكر العريب التأسيسيحلمالت ميش و كبت يف بعض مراحله ، تعرض ، فإنه باملقابل مراحلهبعض

، تراوحت كافة عد و وأد يف املهد و حماربة على الصو قتل و اجتثاث ، من التضييق اخلفيف إىل التصفية املباشرة ، و ال نقول أن هذا باملختصر املفيد

مصري كبار دعاته و ظر إىلن، و لن، و لكن جلهة اجلانب السليب كان بامل و حممد عبده و الكواكيب و رفاعة الطهطاوي و غريهم كثر .كاألفغاين منظريه

مناضل فكر هوية ، تركيبه صميم و أساسه يف ، التأسيسي العريب الفكر هوية الدعم لقي.. الدولة تطوير و اتمع وض و األمة إلصالح ، كدحا كادح

مفصل بعض و الزمن بعض يف ، العليا احلاكمة السلطات و الدولة بعض من بالصوا الطرق و األمثل بالوجه و استثمار خري الدعم هذا فاستثمر ، التاريخ

، معطاء فكر.. إذن فهو ، حني كل أ كلها أتت يانعة مثرات فأمثر ، الصحيحة املشقات و الصعوبات من عاىن مما بالرغم و.. مدرارا اخلري د ر حلوب فكر و

، غاشم أجنيب احتالل ظل يف منا و برز فكر فهو. جتاوزها و عليها التف فإنه جمتمع و ، جذوره من اجتثاثه و أدهو و الفكر أشكال من شكل أي حماربة مهه

.. أن لدينا القول يصح لذلك تبعا و. التخلف و األمية مستنقع يف قابع جاهل . اجلزر قمة يف املد قمة شكل التأسيسي العريب الفكر و املفكرين حق كانوا ، دعاة مفكرين ص لب من نف ر ، التأسيسي العريب الفكر ، نشأم منذ ا ب ج دوا ، الفكر و الثقافة و مالعل جبدة أبناء ، الدعاة حق

ال و أدعياءه ال و الفكر على متطفلني كانوا ما. عندهم و فيهم جبدا فكانت و العلم و للفكر حيام و مههم و وقتهم جل أعطوا. متمظهروه ال و متشدقوه

األصقاع و األمصار يف تشردوا ، النفيس و الغايل ذلك ألجل بذلوا و ، املعرفة نواصيه من الفكر غشيان على عملوا. نفيا أو ارحتاال .. قهرا أو طواعية.. و اجلرائد و الصحف أصحاب و الواعظني و املدرسني و املعلمني فكانوا ، كافة

402

فيها عليهم بكوا و ، حيام يف ا أحبوهم ، خمالطة الناس خالطوا. املدارس إلقاؤه و ، جمتمعام يف إفشاؤه و العلم نشر على حريصني كانوا. ممام عند يف يتقوقعوا مل ، فصيلها على الناقة حرص ، مريديهم وطالم تالميذهم إىل

عشائرية أو مذهبية أو طائفية جدران و حجب خلف يتمترسوا أو عاجية أبراج من السهم مر ق فيه مرقوا و جتاوزوه و ظهورهم خلف كله ذلك وضعوا بل

. الر م ي ة ، منت ج فكر أنه مبعىن خامل ال عامل فكر هو ، العريب الفكري التأسيسي الفكر و ، ما حدث أو شيء لينتج ، حدث أو شيء من نتاج.. إنتاج و نتاج فكر

و القصور يف يتواجد ، خامل مفكر ال عامل مفكر بأنه متيز ، آنذاك املفكر يراقب ، األزقة و املقاهي و الشوارع يف يتواجد و ، الذوات و األغوات بيوت

و هذا مابني ميزج ، هناك و هنا من يأخذ ، يتحدث و ميلي و يشرح و حيلل و أي من و وجده أينما اخلري املكسب و الفائدة يأخذ أن عن يتورع ال ، ذاك

الفعلية الواقعية احملاكاة يعتمد ، عنده فرق ال أعجميا أم كان أعربيا ، عند يوجد من مظهرا و األوروبية احلضارة عوامل من عامل لكل ، ضمنيةال و العميقة هو التأسيسي العريب الفكر. عنده تثريب ال و ذلك يف حرج ال ، قوا مظاهر

. احلدث و القضية مفكر هو ، آنذاك املفكر و ، احلدث و القضية فكر ؟؟؟ اصراملع العريب الفكر هوية هي فما ، التأسيسي العريب الفكر هوية هي هذه..

403

الذي نشأ مع بدايات القرن التاسع عشر ، و جنم قلنا أن الفكر التأسيسي العريب ، كان فكرا صاعدا خالقا . و حىت بدايات العشرين األول من القرن العشرين

كذا األمر ، كان فكرا تأسيسيا ، كونه قد وضع األسس األوىل للفكر العريب املعاصر ، و أسس له و لنشوئه ، و غري من اهلوية الفكرية للمنطقة ككل ، و

و أسس هلا كي تكون جاهزة و مؤهلة ، للدخول يف مضمار احلضارة اإلنسانية ، إيذانا بدخوهلا املتسارع العلوم املعرفية و التقنية اليت كانت تضرب الناقوس

مها بكل اإلنسانية و الدولية و حتك و العالقات نساينيف جمال الوجود اإلاملتطور وجه األرض و الفضاء ، معلنة أا ال مفاصل احلياة البشرية ، ال بل احلياة على

ترحم و لن ترحم إال من امتلك زمامها و أمسك بناصيتها . فقد أضحت التقانة كما هو العلمية و التكنولوجية يف الزمن احلايل ، زمن القرن الواحد و العشرين

فانوس عالء الدين أو خامت سليمان ، من حاز عليه و امتلكه ، حتك م مبن ال ل حاهذا اخلامت و سيطر عليه سيطرة تامة . و بالتايل ، أضحى من ال ميتلك ميلكه

. السحري ، واقعا حتت رمحة من ميتلكه ، إن شاء رح مه ، و إن شاء ، مل يفعل ي يف القرن التاسع عشر ، صفة و حنن قد أطلقنا على الفكر العريب التأسيس

التأسيس ، و نعتناه بالتأسيسي ، ألنه من املفترض أن يؤسس ملا بعده من فترات اختلف فيها املناخ السياسي و االجتماعي و الفكري و اإليديولوجي ، الحقة

األول للقرن العشرين ، قد حنا الربعأنه يف ، و الذي ي فترض بل و حىت الديين ، كان من عدة أسهمت يف ذلك على عوامل ل . ذلك باالرتكاز باجتاه األفض

:أبرزها

404

، زوال االحتالل العثماين عن املنطقة العربية بعد حكم دام أربعة قرون ) ـ ١. و بزوال العثماين عن ، من األمر ين و األقطع ني عانت فيها املنطقة ما عانت

، ن يربزا للعلن بشكل أفضل املنطقة ، ظهرت هنالك فسحة للعروبة و الوطنية بأاجلالء العثماين عن األرض العربية ، مبا مسي و على وجه اخلصوص ، بعد ارتباط

الثورة العربية الكربى اليت كانت بدعم مباشر من اإلنكليز للشريف حسني ، ( ملك العرب ) و عر ف عن ثورته ، بأا ثورة شريف مكة و الذي لقب نفسه

ماين التركي الغريب عن األرض العربية . و قد سبقت هذه تل العثاحملعربية ضد أو هيأت هلا ( إن صح التعبري ) اجلمعيات العربية السرية و اليت كانت الثورة

، نفض نري نتاج مباشر للفكر العريب التأسيسي ، فكان من أهم أهدافها الرئيسة فيما بني ل االحتالل العثماين عن األرض العربية و الدعوة للعروبة و الفص العنصر العريب و العنصر التركي و اعتبار كل منهما ، أمة وحده .

كان هذا ، مفصل إجيايب لناحية تطور الوعي الفكري العريب ، و جلهة تطور املعاصر ، ألن ذلك يعين إعادة صياغة هوية الفكر العريب ، هوية الفكر العريب

و ، من لغة و تاريخ خيتص ما من منطلق العروبة و عنصر القومية ، و كل ما و تراث . جنس و عادات

الثورات الوطنية ضد ما عرف باالنتداب األورويب الذي خلف ) ـ ٢كان أخف وطأة منه ، بكل األحوال . و كان أهم االحتالل العثماين و الذي

اليت نتجت عنها ، و ارتبط مع هذه الثورات ، هو األحزاب الوطنية حدث من مفرزاا أو العكس يصح . و من هذه الثورات على سبيل كانت مفرزا

ضد اإلنكليز ، و الثورة الكربى املثال ال احلصر .. ثورة سعد زغلول يف مصر ضد اإليطاليني و الثورة الليبية بقيادة سلطان األطرش ، يف سورية ضد الفرنسيني

و الثورة اجلزائرية بقيادة عمر املختار و ثورة عبد القادر اجلزائري يف اجلزائر

405

شكلت حالة و اليتفيما بعد ، و غريها . اليت تلتها ، ثورة املليون شهيد الكربى وعي وطين للهوية الوطنية ، يف وجه من الوجوه .

للمناطق العربية ، من االستعمار األورويب ، ما شكل االستقالل الناجز ) ـ ٣وية العربية ، و هوية الفكر العريب و اهلفارقة تارخيية إجيابية ، للوضع العريب

من أا قد حتولت إىل كيانات سياسية ناطقة بالعربية ، مسيت عموما ، بالرغم باسم ( اجلامعة فيما بعد و شكلت فيما بينها ما عرف ( األقطار العربية ) جتاوزا

العربية ؟؟؟؟؟!!!! ) . ملية األوىل ، و من ما عرف بعصبة األمم على أنقاض احلرب العاظهور ) ـ٤

. و هاتان مث هيئة األمم املتحدة اليت ظهرت على أنقاض احلرب العاملية الثانية و بدلتا املعايري الدميوغرافية و قد غريتا من موازين القوى يف العامل احلربان

و من أهم عراها . تااجليوسياسية ، و التشكيالت الفكرية املرتبطة ما و فصمالسياسية الغري نهما ، زوال اإلمرباطورية العثمانية و قيام الكيانات نتائج األوىل م

تركية اليت كانت خاضعة هلا . حىت النظام العثماين كله ، و القائم على منظومة و حل حمله نظام دولة علماين قد تغري ، دينية قائمة على نظام اخلالفة العثمانية

الية . قوي ، تركي العنصر ، احنصر بدولة تركيا احلمن موازين القوى العاملية ، فقد عادت و غريت أما احلرب العاملية الثانية

زوال ما ع رف باالستعمار القدمي ، ممثال بانكلترا ، جنم عنها السياسية و الدولية العسكرية األقطاب السياسية نظام بروز و إيطاليا و إسبانيا ، و فرنسا من مث و

ر االشتراكي بقيادة االحتاد السوفيييت و منظومة الدول املعسك، و أمهها العاملي و ، يقابلها املعسكر الرأمسايل بقيادة الواليات املتحدة االشتراكية الشيوعية

ذلك على إحداث نوع من توازن استراتيجي عملمنظومة الدول الغربية ، و عدا على من االستقرار السياسي العاملي ، ما ترك مناخا مساعاملي ، شكل نوع

. لألمم و الكيانات السياسية و االجتماعية بعامة و ثبات املنظومات الفكرية منو

406

، للمواثيق و األعراف و إفرازات احلربني العامليتني ، األوىل و الثانية ـ ) ٥، كان أبرزها ، امليثاق العاملي حلقوق اإلنسان و الدول و املعاهدات الدولية

. انوين رمسي معترف به ضمن إطار ق . كل الشعوب ظهور الثورات الكربى اليت أطاحت بباقي امللكيات و األنظمة القدمية ، ) ـ ٦

من ارتدادات عاملية نتجت عنها و ما أحدثتاه كالثورة البلشفية و الثورة الصينية عدة من العامل ، طالت منظومات فكرية قدمية و ثورات خمتلفة يف أصقاع

رية أخرى جديدة ، امتدت على نطاق عاملي واسع . و استبدلتها مبنظومات فكو هو ، هذه الثورات قام على مبدأ حترر الشعوب و حق تقريرها ملصريها معظم

أيضا املبدأ الذي اعتمدته هيئة األمم املتحدة . األول و املنظمات و اهليئات الدولية العاملية و اليت كان هدفها ظهور ) ـ ٧

و حقوقه الطبيعية و املدنية و كل ما يعىن و كرامته إلنسان غايتها األساس ، هو اقدره و مستواه املعيشي و الفكري و العلمي . فظهرت أول ما به ويرفع من

يف اليت كان منشأها األساس يف سويسرا ظهرت ، منظمة الصليب األمحر ة رين لتصبح منظميف القرن العش مث تطورتالنصف الثاين من القرن التاسع عشر

و صبت جل اهتمامها على الوضع اإلنساين املتعلق حباالت احلروب عاملية الكوارث الطبيعية و املناطق املنكوبة و حنو ذلك و كان من أهم مثار هذه املنظمة

باتفاقية جنيف العاملية اليت اهتمت بأسرى اإلنسانية الرائدة الكبرية ، ما عرف . احلروب

املدنية ، ظهرت هنالك منظمات أخرى دولية و باإلضافة إىل تلك املنظماتكمنظمة اليونسكو العاملية اليت اهتمت أمهها ما انبثق عن منظمة األمم املتحدة

و الفكر . و منظمة اليونيسف اليت تعىن مبجال الثقافة و التربية و التعليم ، و ، و منظمة حقوق اإلنسان و منظمة العفو الدولية بالطفولة و حقوق الطفل

الدولية ، و حمكمة العدل الزراعة العاملية ، و منظمة العمل منظمة الغذاء و

407

املعاهدات . يضاف إىل ذلك االتفاقيات وية ملالدولية ، و منظمة الصحة العا . العاملية الدولية

العوامل و املتغريات العاملية الدولية اجلديدة ، هي ذات أثر كاف متاما ، هذه . فهل كان الفكر العريب املعاصر ، خري خلف خلري سلف ليكون الفكر العريب

الرسالة اليت استلمها من سلفه ؟؟ و هل املعاصر ، كذلك ؟؟ و هل محل لواء الفكر التأسيسي الذي سبقه بقرن من كان أهال حلفظ األمانة اليت أداها إليه

الزمان ؟؟ . ظرة خاصة داخلية متعمقة ، تليها نبإلقاء نظرة عامة شاملة سطحية ، من اخلارج ، هذا الزمن العريب الرديء الذي يف هذا الزمان احلايل الذي حنن فيه اآلن

مستوى من اإلحنطاط ، قارب رمبا ، مستوى أدىنوصلت إليه أمة العرب ، إىل الفكر العريب نصل إىل نتيجة واضحة ساطعة مؤداها أن ..القرون الوسطى

و خان األمانة . ، و أنه فكر أسقط الرسالة املعاصر ، هو شر خلف خلري سلفو على كل ما يرتبط به من مؤثرات و و هذه نتيجة تقع على هذا الفكر

عموم عالقات و عوامل ارتباط ، ال يستثىن من ذلك السلطة احلاكمة و و ما ارتبط به من العوامل ن الفكر العريب التأسيسي اجلمهور .. شأن ذلك ، شأ

. و املؤثرات إياها، للوضع الذي وصل إليه الفكر العريب املعاصر ، و إنه ألمر يثري العجب العجاب

، ال يف الزمن السابق و فكر قط و االزدراء ، مل يسبقه إليها ييف حالة من الزرعوقات اليت هو عليها ، و املوجبات اليت ال الزمن الالحق ، ذلك قياسا للم

قد سبق من سرد ، أن الفكر العريب التأسيسي . و إذا كنا قد قلنا فيما قيضت له شك ل قمة املد يف قمة اجلزر ، فها حنن هنا باملقارنة مع الفكر العريب املعاصر

. قمة اجلزر يف قمة املدنقول .. إن هذا األخري قد شكل و حىت نناقش الفكر العريب املعاصر ، بصورة صحيحة ، و نتوصل إىل آلية

ال بد من النظر إىل ه و تشخيصه و حتديد هويته احلقة ، واضحة و دقيقة لتوصيف

408

و الذي ، الوضع احلايل الذي متر به املنطقة العربية و الشعوب الناطقة بالعربية اليت قد حتدد هوية هذا الفكر و حتدد العنوان النهائيةهو احملصلة و النتيجة

عوامل الفكر احلايل و الذي تقع حتته و ضمنه ، العناوين الفرعية كافة ، لالعريض من القول ، و الفصل يف يف دراسته . و حىت نوضح املراد عناصره املعتم د عليها

الكالم فيه ، ال بد من توضيح بعض املقدمات يف خصوص مفهوم الفكر عموما ، و املفاهيم و العوامل األخرى املرتبطة به .

مه يف أية منطقة أو بقعة من الفكر و مفهو من املتعارف عليه تارخييا ، أن قضية الدول و املمالك ذوات الكيان و اهليكلية بقاع األرض ، سواء على مستوى

، و هو النمط الغالب السائد عادة ، أو اتمعات السياسية االجتماعية التنظيمية أو تشكل جتمعات و مجاعات بؤرية اإلقليمية املناطقية اليت إما أن تكون معزولة

أكرب منها .. هي قضية و مفهوم ميثالن الوجه نظومة سياسية واقعة ضمن م، يف حالة عامة شاملة ، أو تلك اجلماعات و احلضاري لتلك املمالك و الدول

باملسقط األمر كذلك ، فإن هوية الفكر اتمعات ، يف حالة نادرة . و طاملا كل منهما يعد ع األمر السياسي ، و عالقة جدلية مترابطة م ش كل التارخيي ، ت

، باط راد ، ما تكون العالقة بينهما متناسبة انعكاسا لآلخر ، و بالغالب األعم أو مملكة من املمالك ، تعيش أي كلما كانت املنظومة السياسية لدولة من الدول

ذلك على مستوى املنظومة اخلالص و متثل أوج قوا ، قابلها وضعها الصحي الفكرية لتلك الدولة .

املنظومة السياسية ؟؟ و ما هي تتضح الصورة أكثر ، نسأل .. ما هي و ل، هي حالة املنظومة الفكرية ؟؟ و جنيب .. املنظومة السياسية لدولة من الدول

و انعكاس ذلك على تلك الدولة و قوا من الناحيتني ، السياسية و العسكرية أرضها و على أرض على ذات سيادةمن حيث كوا فيها ، العامل اجلغرايف

و حمت لة من قبل فاقدة السيادة حىت على أرضها من حيث كوا غريها ، أو من حيث كوا متتلك جيشا قويا حيميها الغري. و هي تعبري عن احلالة العسكرية

409

القوي على حدودها ، و ما إذا كانت تفرض سلطاا و يذود عن حياض الدول األخرى . و هي تعبري عن احلالة شعبها و تفرض سياساا و سطوا على

، مؤمنة جمتمعية صلداء قوية االجتماعية يف الداخل ، و ما إذا كانت متثل حالة بكينونتها السياسية . و هي تعبري عن مستوى قوة احلالة االقتصادية و املالية هلذه

شعبها ، و ما تستطيع أن تؤمنه هلم منالدولة و مستوى الرخاء الذي يعيشه لدولة من الدول ، مستويات العيش الكرمي الالئق .. هذه هي املنظومة السياسية

قدميا كانت أم حديثا . حالة السوية الثقافية للشعب فيها ، كل ، فهي الفكرية هلذه الدولة أما املنظومة

، و مقدار و مقدار املستوى التعليمي فيها . طبقة حسب خصائصها الثقافية الذي ينعكس حصرا على مقدار املستوى الصناعي و مقدار ي العلماملستوى

الوعي الوطين و . و باحملصلة ذات األمهية ، املستوى اإلنتاجي على الصعد كافة هنالك جتاه األرض و اجلماعة و ليس العصبية .. سؤولية ملمقدار اإلحساس با

، و بني ية أو القبلو كبري فيما بني العصبية االجتماعية العرقية فرق هائلو ليس بالضرورة من يتعاطى باألوىل ، أن يكون اإلحساس الوطين اتمعي ،

هذه العناصر ، مرتبطة بعضها مع بعض ، . لديه أدىن إحساس أو إدراك بالثانية ، هي اليت تشكل املنظومة الفكرية .. هذه هي املنظومة الفكرية لدولة من الدول

أم حديثا . قدميا كانت ا لذلك ، نستطيع القول بسهولة .. إن املنظومة الفكرية ، و الفكر بشكل و طبق

ألمة من األمم ، و دولة من الدول ، و املعب ر عن عام ، هو الوجه احلضاري ، و حيثما كانت عرب التاريخ و بناء عليه و عليه بناء ، فإنه حضارا . و

الدول القوية و ها ، كانت احلضارات و املنظومات الفكرية املتقدمة قياسا لغري. و ال تقوم املمالك ذات السيادة ، و اإلمرباطوريات الكبرية الضخمة

، دون منظومات فكرية املنظومات السياسية القوية اجلبارة أو املترامية األطراف تؤسس هلا و تدعم كينونتها و وجودها . و لنا يف التاريخ عينه ، املثل األكرب

410

الفكرية البشرية ذات املنظومة تشكلت أوىل احلضارات ذلك ، فحيثما على كحضارة بالد يف عالقة تبادلية . القويةاملتقدمة ، تشكلت املمالك و الدول

و نشأت هي من رحم ، املمالك القوية آنذاك .. الرافدين اليت نشأت من رمحها ليت و غريها . كذلك حضارة مصر القدمية االسومرية و البابلية و اآلشورية

متقدمة ، بسطت سيطرا على ، دولة قوية عصرية تزامنت معها و ترافقت املناطق ااورة هلا . كذلك احلضارة الفارسية العريقة اليت ظهرت و منت يف ظل

، بسطت سطوا و نفوذها و فارسية قوية حيسب هلا ألف حساب إمرباطوريةبالنسبة للحضارة اليونانية من ممالك . كذلك األمر سلطاا ، على ما جاورها

كسقراط و أفالطون و أرسطوطاليس اليت أنتجت املفكرين الفالسفة اإلغريق من .. كيان سياسي قوي وصل ذروتهو غريهم ، أنتجت و نتجت أرسطو ) (

، و اليت وصل سلطاا إىل أقاصي العامل اإلسكندر املقدوين الكبري يف إمرباطورية ني املنظومة السياسية للدولة ، و املنظومة الفكرية ، كانت خري مثال للعالقة ب

املفكر و الفيلسوف اليوناين الكبري أرسطو ، املقدوين هو تلميذ كون اإلسكندر و فكار ، على مجيع املمالك اليت افتتحها منه من أو تلقاه ق ما تعلمه بو كان يط

ه يف الشعوب اليت خضعت لسلطانه . و يف معظم مراحل و خطوات فتوحات، كان يراسل معلمه أرسطو ، كما كان يف تعامله احلضاري مع الشعوب العامل

فيما بني و الدول اليت فتحها ، و عمله الدؤوب على إنشاء منظومة تالقح فكرية . و الفكر اليوناين و فكر تلك الشعوب و احلضارات ، مثال الفاتح املفكر

الرومانية . لى اإلمرباطورية ع تنسحب هذه املقولة أيضا ؤها أو عكسها . و هو أمر إن صحة هذه الفرضية ، يقابلها صحة فرضية انتفا

، أن انتفاء إحدى املنظومتني بوجه من الوجوه ، يقود حكما يعين بكل بساطة املماثل ، فإذا انتفت إحدى املنظومتني ، انتفت إىل انتفاء األخرى بالوجه

لواحدة منهما و ظهر الوجه السليب ، انتفى الوجه اإلجيايباألخرى ، و إذا حصل األمر نفسه متاما للمنظومة األخرى . و لنا يف احلوادث التارخيية ، العربة

411

. فمن املعروف أن انتفاء الفكر و املنظومة الفكرية يف منطقة الكربى يف ذلك ، فيها انتفاء املنظومة السياسية ، يترافق معه بالتالزم جغرافية معينة أو إقليم ،

كان كيف رأيناقد و. ترة اجلاهلية يف شبه اجلزيرة يقاس على ذلك كمثال ، ف البسيط العريب الفكر أشكال من شكل هو الذي و اجلاهلية يف العريب الشعرصحيح الو العكس . اجلاهلي اتمع وضع عن التعبري متام معب رة صورة ، آنذاك

. و القرون الوسطى و رية يف أساسه يتمثل بظهور الدين اإلسالمي كمنظومة فك نتج ما ايار األمم و الدول و نشوؤها و ، وما تالها ، خري دليل على ذلك

. مت مبوجب ذلك هكل ، األوروبية احلضارة ظهور من عنه

إن ما سبق ، يستوجب يف مضمونه املنظومة الفكرية و السياسية : نظرية. املنظومة الفكرية = املنظومة السياسيةا .. مؤداهطرح املعادلة النظرية و اليت

و ثبته بكل بساطة ، من الوضع و الربهان على نظريتنا تلك ، ميكن استحضاره دولة من الدول أو أمة من العاملي الراهن .. فلننظر إىل املنظومة السياسية ألية

بقني ، األمم ، بعني التحليل و التمحيص و التدقيق ، نرى صورته و قرينه املطا ، و هو أمر ال لبس فيه و ال مراء . الفكرية يف املنظومة

، الفرنسية احلملة هي و ، العريب العامل على أوروبية محلة أول منذ بدأنا إذا و ساحقا انتصارا ، العثمانيني على الفرنسيون ينتصر.. متاما متضحة الصورة نرى

تفوق حيث التقاين أو التكنولوجي العامل إىل ، األوىل بالدرجة ع زي ، ماحقا و العثمانيني على ، املدافع و البنادق من ، املتقدمة األسلحة ذوو الفرنسيون ، خصومهم على أيضا الفرنسيون تفوق و. البدائية األسلحة ذوي مماليكهم فكرهم بسبب خصومهم ازم بينما ، العقالين احلريب يالفكر التنظيم بسبب . اخلاطئ الغييب اخلرايف

412

الفكر نتائج من نتيجة هي ، احلربية الصناعة مجلتها من و ، الصناعية التقانة إن اهلدف و احلريب التنظيم فإن ، األمر كذا و ، املتقدمة الفكرية املنظومة و

املنظومة نتائج من ثابتة نتيجة هي ، االجتماعية و السياسية العقيدة أو السياسي كانت محلة ، وجوهها من آخر وجه يف هي سيةالفرن فاحلملة. الفكرية

نابليون قائدها حىت ، اب ت الك و املؤرخني و املفكرين و بالعلماء مصحوبة خريج متعلم مفكر.. العسكري للقائد املقابل اآلخر وجهه يف هو ، بونابرت فكرية منظومة ذات عسكرية محلة فهي.. إذن. العلمية الفرنسية األكادميية

معرفة و آثارها عن التنقيب و مصر لدراسة ، جاءت ما ضمن من جاءت ، قوية املنطقة تلك بني فيما فكرية مقاربة إجراء حماولة و ، اجلغرافية التارخيية أحواهلا

. عسكريا خياطبهم أن قبل فكريا املصريني قائدها خاطب و ، أوروبة و متخلف مملوكي جيش.. متاما النقيض نرى ، املقابل اآلخر الطرف على بينما حىت أو التقانة أو املعرفة و الثقافة على تشتمل فكرية منظومة أية ميتلك ال أمي

على انتصر الذي باشا علي حممد عهد على ذلك قس مث. العقلية احملاكاة شارفت و األناضول جيوشه وصلت حىت ، العثمانيني بعدهم من و املماليك

و. ضده األوروبية الدول اجتماع سوى ذلك من مينعها مل و ، األستانة على يومنا حىت، ذلك بعد احلاصلة العاملية األحداث أو احلروب ، على ذلك قس أحد ، بدوره الذي العلمي وجوهه أحد الذي الفكري التمركز أن ترى ، هذا

من ، القوي السياسي يتموضع حيثما دائما يكون ، التكنولوجي ، وجوهه . جر هلم و اليابان و الصني و روسيا إىل ، ألمريكيةا حدةاملت الواليات

، ذلك من أقدم زمنية سوية على تارخيية أمثلة ، معاكسة بصورة اعتمدنا إذا و و املمالك و الدول اجتاحوا الذين فاملغول. أفضل بشكل الفكرة تتضح

هو ، لقتلا جانب إىل به قاموا فعل أول كان ، العربية املنطقة منها و األمصار من حضارة تدمري ميكن ال و. املفكرين و العلماء تصفية و الكتب إحراق

، الصني أباطرة أحد أن ، أيضا ذلك مثال من و. الطريقة ذه إال ، احلضارات

413

هو ، عمل من به قام ما أول كان ، للصني وشيك مغويل باجتياح علم عندما الصني أقاصي إىل ، املخطوطات و بالكت و املفكرين و احلكماء و العلماء نقل

، التتار و املغول أيادي إليهم تصل أن املستصعب الصعب من حيث ، مشاال . هويتها األمة تفقد و الدولة و احلضارة تذهب ، هؤالء فبذهاب

ما أول ، عربيةال غري تلك حىت ، املدن من مدينة دخوهلم عند املغول كان ، إتالفها و حرقها و فيها املوجودة خطوطاتامل و الكتب مجع هو ، يفعلونه

و املغول ذكر يرتبط مل و. فيها األكفاء املتعلمني و العلماء قتل إىل باإلضافة فكل.. إال و. بالذات النقطة هذه بسبب إال ، الدمار و باخلراب ، التتار نالسكا حبق مروعة دموية مبجازر قاموا قد ، التاريخ عرب احملتلني و الغزاة

. فقط املغول لزمت اليت ، السوداء السمة تلك م ترتبط مل و ، القاطنني. فاملعادلة .. جلية و النظرة ساطعة ، قويةإذن .. تتبدى لنا الفكرة واضحة

ثابتة . و بناء على هذه ، صحيحة املنظومة الفكرية = املنظومة السياسية املعاصر ، و هوية الفكر ، نتحدث عن الفكر العريبو من منطلقها املعادلة

. العريب املعاصر ، املزري العريب الوضع و ، العربية املنطقة يف العريب الواقع إىل اليوم نظرنا إذا

كل ، االقتصادي و الديين و االجتماعي و منها السياسي.. كافة الصعد على ، احملايد العقالين و ، اازي االعتباري و منها املادي ، اردة بالعني ذلك

االجتماعي أم السياسي أم منه الديين ، املذهب و الطائفة و الغريزة نطاق خارج ختلف و تشرذم و احنطاط من اآلن عليه حنن ما ، م ع لم أي ل ع ل منا. ذلك غري أم كنا كما فحسب األخرى األمم مركوب نعد مل ، اآلن أننا حبيث. مرض و

لتندر مثال و ، ألرجوزة أضحوكة ، هلا بالنسبة اأضحين بل ، التاريخ عرب سابقا اليت تلكم حىت ، كلها العامل شعوب قبل من ، الشرف و احلائط استيطاء و

ثلوجال كتل و األمازون يف الغابات جذوع و أفريقية يف األدغال جماهل يف تعيش

414

زورا يسمى فيما اآلن احلاصلة احلوادث بعد اخلصوص وجه على و. القطبنييف .. صحاح و صواب و استقامة هو بينما) العريب الربيع( مغالطة و تانا و

و حاكما ، العريب اإلنسان إليه وصل ما آخر هو و. العريب اجلحيم ربيع العذاب و املشقة من ناله ما آخر و ، االحندار و التهلكة مواضع من ، حمكوما املهاول و املهازل فصول نم فصل هو. بقريب ليس أمد منذ عليه الواقعني أحداث ألن ، فيها األخري كان إن ندري ال و. العربية للمنطقة بالنسبة التارخيية

ستودي أين إىل ، هلا خطط من و اهللا إال يعلم ال اليت و العريب اجلحيم ربيع التدمري مفاعيل و عوامل كل ، حيثياا و مضامينها يف حوت قد ، بالعرب ذلك يف السبب و. اآلن بعد قائمة هلم تقوم أن ميكن ال حيث ، للعرب الذاتية

مفاعيل ، مرة ألول و أا من يتأتى الذي املفاعيل هذه يف اخلطورة مبلغ هو و واجهة حتت هي األقل على أو ، ا اخلارجي للعنصر عالقة ال داخلية ذاتية العنصر من تتأتى ، مجيعها خارجية كانت أن بعد ، إسالمية و عربية يافطة

. و ال نقول ذلك من يافطته من تتجلى و عباءته حتت من خترج و اخلارجي .. املفاعيل هذه من و. باب الدفاع عن احلكام العرب أو التهجم عليهم

. تدمريها و العريب اجلحيم ربيع موضوع للبلد التحتية البىن ختريب ـ ، متشظية متعددة رىصغ كيانات إىل العربية السياسية الكيانات تقسيم ـ

. متصارعة متناحرة . له التابعة األهلية احلروبب املصحوب املذهيب و الطائفي التقسيم ـ موضوع البلد لتدمري) الناتو( العسكري حتديدا و األجنيب العنصر استحضار ـ

. دماره فاتورة دفع و ، ثرواته و خرياته تسليمه و العريب اجلحيم ربيع . واخلراب القتل و الفساد و وضىالف إشاعة ـ منظومة و فكر هوية من) األخطر هو و( السابقة املفاعيل كل انطالق ـ

. مقتضامها و مبوجبهما العمل و هامني ، داخليني إسالميني عربيني ، فكرية . املعاصر العريب الفكر هوية لتناول نؤسس أن نستطيع ، احلوادث هذه من

415

أو نشأوا و األجنيب العنصر ربقة من ، العشرين القرن أوائل منذ العرب حترر لقد عليهم فرضها و هلم األجنيب اخترعها منظومات و كيانات ضمن ، إنشاؤهم مت

من أفرزت اليت و) بيكو سايكس( باتفاقية ع رف فيما عليهم االنتداب أثناء هذه فاستطابوا ، فلسطني هي حمدودة ضيقة بقعة يف إسرائيل دولة رمحها

العرب فإن ، األحوال مبجمل و. عليها أبقوا و منه خالصهم بعد ، الكيانات من كان ف علي سيادي سياسي قرار أصحاب أصبحوا قد افتراضيا ، كانوا

، و بلوغ العتبة الدنيا من األفضل حنو بواسطته السري ، عليهم املتوجب املفروض .املتقدمة على األقل حضارة الدول حدود

، ا هو متوقع لألمر السياسي العريبالصورة احلاصلة ، على النقيض مم كانت ابينمالعلمية التطبيقية و التقنية العواملنتيجة التطور البشري و نتيجة املؤثرات و

و أساسا االختراعات احلديثة اليت وصلت إليهم عن طريق الغرب و كانت عامال لكيانام و جمتمعام و السياسية حنو تطوير املنظومة أداة مهمة لالستخدام

شعوم . لكن سري األحداث التارخيية بالنسبة للعرب ، ابتداء من القرن العشرين املاضني

و إىل انتكاسات خطرية مستدامة متوالية ، على مدى القرن املاضي ختب ر عن و اآلن ، تعرضوا هلا أو باألصح ، عرضوا هم أنفسهم عليها ، فنجمت م

آثارها فيهم ، دوال و جمتمعات .. مجاعات و أفراد . ابتداء مما عرف أمضت، كانت إسرائيلية -و ما أفرزته من حروب عربية باسم ( القضية الفلسطينية )

عربية . يضاف إىل ذلك ، احلروب مبجملها لصاحل إسرائيل و نتيجتها ، هزائم . و اقتطاع أجزاء من األرض ة الفلسطيني -العربية ، و احلروب العربية - العربية

و العربية أو انفصاهلا . يضاف إىل ذلك أيضا ، تاريخ كامل من الصراعات أيضا و مهازهلا إىل اآلن . اخلالفات فيما بينهم ، مل تنته فصول مسرحيتها

استفادم من الظروف و املوارد الطبيعية اليت صودف ، عدم يضاف إىل ذلك خيالية مل تتهيأ هم و منطقتهم ، ودرت عليهم أمواال مكامن أرضأن تكون يف

416

، هذه األموال اليت ألمة أخرى غريهم ، كان من أمهها ، النفط و الغاز الطبيعي . مت إهدارها هدرا و صرفت يف مهب الرياح

و حىت اآلن ، مل يتفقوا على أمر و منذ استقالل العرب بشئوم يف القرن املاضي املتناثرة ذات إال سفاسف األمور الثانوية الفرعية و ه ملها واحد قط ، اللهم

القشور الشكلية اليت ال تغين من فقر و ال تسمن من جوع ، و حىت هذه ا و مل يطبقوه ذوا معظمه اتفقوا عليها ، مل ينف يتلاالسفاسف و القشور الشكلية

، فإم و يضعوه حيز التنفيذ . و إذا كانوا قد فعلوا ذلك مع بعضه اآلخريف ذلك ، و معه و يعودوا سريم األوىل سرعان ما ينقضوه و ينكثوا عهدهم به

و ( القمم العربية ) ، حىت املظاهر الصائغة هلويتهم مبا مسي ( اجلامعة العربية ) و مل تأت بفائدة واحدة عليهم ال نفع منها و كانت عبارة عن مسرحية متثيلية

العكس من ذلك ، كانت وباال عليهم ، و على على جمتمعام ، ال بل علىالسي اهلجني املسمى ( اجلامعة العربية ) اخل املسخوجه اخلصوص ، ذلك الكيان

فائدة منذ إنشائها و لو أدىنكبرية على العرب ، مل تقدم و اليت اتضح أا كارثة با و كانت بكل بساطة ، با، أو حتل أدىن قضية من قضاياهم ، واحدة للعرب

دمارهم و تشتيتهم و و صارت سببا جوهرا من أسباب من أبواب جهنم عليهم ، و بالرغم من كل ما توافر اليوم شرذمتهم و تبعيتهم للغري . لقد أضحى العرب

الكربى ، أضحوا أدىن خلق اهللا أقواما هلم من ميزات لتبوئهم مقام الدول القوية و أضعفهم أركانا .

نقول .. إن ة و السياسية ظرية و معادلة املنظومتني ، الفكريو بالعودة إىل نمن نتائج املنظومة الفكرية لكيانات العربية ، هي نتيجة لاملنظومة السياسية

ال ينفي العربية ، و ناتج إظهار من مظاهر مفاعيلها و تأثرياا . على إن ذلك ، و املنظومي السياسي العريب العالقة اجلدلية أو اآلثار التبادلية ، مبعىن أن الواقع

ألنه خرج من الرحم إن كان من نتائج األثر الفكري ، فإنه مل يكن كذلك من كليته الفكرية ، أي أن املنظومة السياسية جزئية حتمية الفكري أو كان

417

ائي من مفرزاا ، بل العربية ، مل خترج من املنظومة الفكرية كمفرز حصري . و كما أثر هو عليها اخلاصة ا مبعزل عن اجلانب الفكري كان هلا استقالليتها

، و هذا أمر هلا الفعل عينه باملقابل ، كانت هي أيضا كوضع و صورة مظهرة و الفكرية إياها . و كلمة السياسية املنظومتنيطبعي بدهي يتفق مع معادلة

ة التأثريية ) كمصطلح ، تعين يف مضموا إىل جانب املساواة ، العالقمعادلة (ما يقابله على الطرف ، فما يقع على طرف من األطراف فيها ، يقع التبادلية

كيف أن املنظومة السياسية و رأينا . منطقيتهااآلخر لضمان صحة املعادلة و ، مل تؤثر فقط يف أثناء احلملة الفرنسية على مصر و فترة حممد علي باشا

قها و صنعها و أخرجها إىل حيز ، بل كانت هي من خلاملنظومة الفكرية الوجود . ، فإن املنظومة السياسية ، قد أثرت يف الوضع العريب الراهن .. و بنظرنا

أي أنه و لألسف الشديد املخزي، . ا األخرية باملنظومة الفكرية سلبا كي تؤثر لعريب حبت . فما هي هوية الفكر ا، عالقة سلبية كانت العالقة التبادلية املعادلية

املعاصر و اليت هي بشكل من األشكال ، منظومته ؟؟ و كيف أثرت و تأثرت ؟؟ . باملنظومة السياسية العربة املعاصرة

أن العامل الزمين املرتبط بالتطور التارخيي ، يغري من األحداث من املتعارف عليه ى. فعلة و املفاهيم و األفكار و حىت الكيانات السياسية و االجتماعية و الديني

سادت مث إمرباطورياتمر التاريخ و الزمن ، أقيمت كيانات كبرية عمالقة و بادت ، و ظهرت أديان و معتقدات فكرية انتشرت مث انقرضت ، حىت األجناس

الطبيعي قانون االنتخاب لالبشرية و احليوانية ، خضعت لقانون التطور هذا و . و و مفادها ( البقاء لألصلح ) الذي هو يف مضمونه عبارة عن نتيجة مؤداها

تبقى املستحاثات العضوية و األثرية و الفكرية ( خمطوطات و نقوش و كتابات تقع أيضا على الفكر هذه املقولة و شاهدا على ذلك . دامغا و غريها ) دليال

. ككلمة اصطالحية هلا مدلوالا و مفاهيمها املقومة هلا

418

سيسي العريب ، قد اعتمدت على أثاف ثالث ، هي قلنا أن منظومة الفكر التأو التقانة العلمية املتمثلة بالطباعة و ما تفرع األمر السياسي و املفكرين الدعاة

من كتب و صحف و خمطوطات و منشورات و غري ذلك . و هذه عنها عوامل و مسات أخرى ، صبغت هوية الفكر التأسيسي أفرزتاألثايف الثالث ،

دا من أعمدته ، كاملدارس مثال ، و حلقات البحث و العلم ، و و كانت عما، هذا كله كان يف القرن التاسع عشر . أما يف القرن البعثات العلمية و حنو ذلك

و عوامل املنظومة الفكرية ، متاما ، و اختلفت العشرين ، فقد تغريت املفاهيم لزوال ، و منها ما تغري ما طواه ا. منها ما بقي و منها الصفات و التسميات

، و منها ما هليئة و شكل و تسمية جدد ، و منها ما مل يكن موجودا مث ظهر ما أصبح وارتبط بالتقانة العلمية و املنتجات التكنولوجية و مفرزاا ، و ه

، كالكمبيوتر مثال و تقانة فكرية جديدة يشكل حبد ذاته ، مفهوما فكريا جديدا املسموعة و املرئية و مفرزاا ، كالراديو و التلفاز ، و أدوات أو وسائط النقل

) . و حىت بعض ) أو التسجيل ( احلاكي أو املسجلالتصوير ( الكامريا اجلديدة ، قد أفرزت هي األخرى بدورها و أخرجت من رمحها املفرزات

عنها ، بالرغم من أا خرجتمفاهيم و أدوات ذات مسات اصطالحية متباينة الذي هو الفكرية أو العلمية ، كاإلنترنت مثال منها أو بقيت ضمن منظومتها

الفكرية الوظيفية ، علميا مرتبط باحلاسوب أو الكمبيوتر ، و لكن من الناحية فكرية خاصة به . هو منفصل عنه متاما ، و يشكل منظومة

دة ، إما كما ظهر باإلضافة إىل ما سبق و تبعا له ، مصطلحات فكرية جدي، أو متشعبة عن مثيالا و قريناا من ضمن املصفوفة الفكرية مستقلة حبد ذاا

-مثقف -. فبالنسبة لألشخاص ، ظهرت عبارات مثل ( مفكر الواحدة . كذا األمر بالنسبة لوسائط النقل خنبة .... اخل ) - ناشط -باحث -سياسي

-نسخة الكترونية - نشر جديدة مثل ( دار الفكرية ، ظهرت مصطلحات مركز -حماضرة -نشرة أخبار -قناة فضائية - فيلم وثائقي -موقع الكتروين

419

. كما ظهرت عبارات اصطالحية فكرية جديدة متثل حاالت مل ثقايف .... اخل ) -ميتافيزيقيا - دمياغوجية - اصطالحيا من قبل ، مثل ( إشكالية تكن معروفة

إيديولوجيا - اشتراكية - استقراء -إستراتيجية - ة وسطي - حداثة - عصرنة -العنصرية -الثقافة -التنوير - األصولية - التطرف - ليربالية -براغماتية -

راديكالية - انتخاب - برملان - دستور - دبلوماسية - حيوي - التكنولوجيا . .... اخل ) -موسوعة -مصادر -رأس املال - ثورية - مت معينة أثاف على ، عشر التاسع القرن يف التأسيسي العريب الفكر قام كما و

أن قبل و. مماثلة أثاف على أيضا املعاصر العريب الفكر قام ، سابقا ذكرها األساس الصبغات بعض ذكر ، املبحث هذا يف يهمنا ، األثايف هذه عن نتحدث

هي و ميزته اليت و إليها بتشع اليت الرئيسة األنواع أو ، الفكر هذا ميزت اليت ـ العلمي الفكر ـ العام الثقايف الفكر ـ السياسي الفكر ـ الديين الفكر..

. الشعيب الفكر يف الغاية ألن املنفصل التحليل و بالدراسة ، األقسام هذه نتناول لن ، عموما و

منض من األقسام هذه ستكون و ، العام العريب الفكر دراسة هي املخطوط هذا الفكرية، البىن أو اموعات هذه أن.. نقول لكن و. عام بشكل الدراسة هذه

و ، متصارعة لتكون باألساس نشأت بل ال ، بينها فيما دائم صراع على كانت بعضا ، بعضها يكفر.. منها بعض قيام و نشوء سبب االختالف و اخلالف كان

البعض إبادة إىل بعضها يدعو و ، بعضا بعضها يسفه و ، بعضا بعضها ينكر و و املطلقة احلقيقة نفسه يعترب بعضها و ، الوجود من حموه و تصفيته و اآلخر

حبد قائم منها البعض و. احنالل و خطأ و فساد بؤرة غريه و األعلى الصواب ، املضمون و املنت و اهلوية حيث من له هم ال و ، اآلخر البعض تسفيه على ذاته العقالنية املنطقية النتيجة و الواقع باب من ليس كله ذلك. اآلخر هذا إلغاء إال من و. آخر فكر مع فكر خيتلف أن ، املنطقي و البدهي الطبعي من ألنه ،

و أمور يف عنه يتمايز و معه خيتلف آخر فكر ، فكر خيط ئ أن ، املنطقي الطبعي

420

فكر مع فكر تناقضي و يناقض و ينقض أن البدهي الطبعي من و. معينة قضايا اال يف يصح هذا. منفردة منها واحدة يف أو مجيعها اخلصال يف ، آخر

على يتخطاه ال حدوده عند يقف و ، ارد و البحت العقالين املنطقي الفكري ) . قضية للود يفسد ال الرأي يف االختالف( القائل املثل مبدأ املألوف نطاق عن ارجخ أمر ، بساطة بكل هو ، حيدث و حدث ما لكن

منطقية و عقالنية أية من اردة الغريزة و العاطفة على يقوم و ، عليه املتعارف ، الرجعية و اجلهل على قائما يكون أحيانا هو بل ال ، علمية فكرية ضوابط و

بالنسبة مألوفة غري شاذة ظاهرة هي و!! ؟؟ ختلف و جهل على قائم فكر هو أي) الفكر( ألن ، احليوان معاشر لبعض بالنسبة حىت ، كلك البشرية لتاريخ ذات ككلمة) التطور( مع طردية جدلية ثنائية يشكل ، مدلول ذات ككلمة و بالتطور عموما مقترن) التفكري( مع مترابطة ككلمة) الفكر( .. مدلول) يواناحل حىت و( اإلنسان و. األسوأ اخللف ال ، األفضل األمام حنو التغيري أو ، أفضل وضع إىل وضع من ، معينة قضية ليغري يفكر ، البدهية الطبعية باحلالة

معينة قضية ليحل يفكر.. ذلك غري أو املرتل أو العمل يف معني وضع لتحسني املستقبل يف يتفاداه و منه سيخرج كيف مأزق يف يقع عندما يفكر.. مستعصية

معني عطل أو ما خطأ حدوث عند فكري.. املعيشي وضعه حتسني يف يفكر.. منفعة و فائدة ذات إجيابية حالة هو التفكري أو فالفكر. اإلصالح بكيفية ،

. مؤقتة أو مستدامة يف ؟؟ سليب فكر أو تفكري هنالك يوجد هل ، هو هنا يربز الذي التساؤل و

يقع هذا و ، ضار ين رجعيني سلبيني فكر و تفكري هنالك يوجد نعم.. الواقع و كاإلجرام ، الشر أعمال على يقع ما أو اجلنون أو النفسي املرض حاالت يف

. ذلك إىل ما و اتمع و بالفرد الضرر و األذى إحلاق و الطريق قطع و السرقة إعمال ت ض م ن لو و حىت ، العاطفة و الغريزة جمال ضمن أيضا يقع مبجمله هذا

بالعقل تتحكم ، الغرائز و العواطف و اتالشهو و األهواء ألن ، الفكر و العقل

421

، انون و املعتوه أو النفسي فاملريض. مقتضياا حسب توجههما و الفكر و يف يؤذيها و هو نفسه يضر حىت أو األفراد أو باتمع ضارة أفعاال يرتكب قد

رما أو السارق و. صوابا اعتقدمها معني فكر أو لتفكري نتيجة ، معينة حاالت لتفكري نتيجة أيضا ، األذى و القتل أو النهب و بالسلب يقوم ، الطريق قاطع أو

و يضع أحيانا خطط ذكية جهنمية ال ختطر ببال كثري من العقالء ، خاطئ شرير أرواح و أعراض و أمالك على السطو و التملك على أساسه يف قائم، و ذلك

هذه. جر هلم و ، الفاعل فسن يف مستحكمة غريزة و لشهوة نتيجة ، الغري حيث من ، عام بشكل الفكر على وجوهها من بوجه تنسحب ، بنظرنا القضية . النتيجة و اهلدف و النوعية

و بالعودة إىل عوامل الفكر العريب املعاصر و مقوماته ، فإنه كما ذكرنا ، قام ود و حد على أثاف متعددة ، شكلت قوامه و بلورت هويته و حددت صورته

من ذلك ، أظهرت فاعليته احلقيقية . و هذه األثايف هي .. أبعاده . و األهم ـ الدعاة و املفكرون األحزاب السياسية و الدينية ـ السلطة السياسية ـ

الوسائل و الوسائط التكنولوجية ـ اهليئات التعليمية ـ الوسائل و الوسائط اإلعالمية .

كأ عليها الفكر العريب املعاصر ، للظهور أو اليت هذه بالعموم ، هي األثايف اليت ات . هاكم هي بشيء من التفصيل و . أظهرته هي للعلن

األحزاب السياسية و الدينية :

، املخاض الفكري السياسي القرن العشرين بالنسبة للعامل العريب ، قرن لقد كان

تقالل الوطين العريب فقد كانت بداية هذا القرن كما ذكرنا ، متثل إيذانا باالسعن العنصر األجنيب ، أو مبعىن آخر قد يكون هو األصح ، االستقالل اإلقليمي

422

باالحتالل األجنيب املتمثل بالدرجة األوىل عن العنصر ملناطق الشرق األوسط السرية ، و على وجه اخلصوص العثماين و الذي رافقه بروز اجلمعيات السياسية

. و هي و إن كانت و احلجاز ، املطالبة باالستقالل و العراق يف بالد الشام ، إال أنه كان لكل منها توجه سياسي متناغمة يف قاسم اهلوية العربية ، املشترك

متمايز عن غريه . و ترافق مع هذه اجلمعيات ، احلركات الوطنية اليت نشأت و قامت ضد

دافع قومي شامل ، و االنتداب األورويب على املنطقة العربية ، منها ما كان ب، و إن كانت قد لفحته بعض مسات منها ما كان بدافع وطين إقليمي حملي

ليت قام بعضها االوطنية ، و و احلركات القومية العروبة . و هذه اجلمعيات ، كانت النواة األوىل لتشكيل األحزاب السياسية بثورات ضد االحتالل األجنيب

حزاب السياسية ، قامت يف معظمها على منطلقات ، و هذه األيف املنطقة العربية إلعادة إحيائه باالستناد فكرية نظرية ، منها ما هو تارخيي سابق ، جرت احملاولة

إىل احلضارة اليت كان عليها تارخييا و اليت شكلت كيانا سياسيا و فكريا و دينيا يف مصر ، و اليت ، كالدعوة الفرعونية قويا ، على رقعة جغرافية ال بأس ا

اجلغرايف الواحد حضارة مصر القدمية العريقة ذات الكيان السياسي استندت إىل ، و ذات الصروح و ، و اللغة الواحدة ، و ذات الفكر العلمي و الديين الكبريين

األوابد العمرانية الباقية إىل اآلن و متثل إحدى عجائب الدنيا السبع . فاعتربت مصر ، أن هذه احلضارة هي ذات هوية فكرية أصيلة و يفالدعوة الفرعونية

، قوية ، تعرب عن هوية الفكر املصري املعاصر ، و ميكن استعادا و استحضارها كوا مثلت النقطة املشرقة املضيئة يف تاريخ مصر ككل .

الفكرية ، من قام على حاالت و هنالك من األحزاب و احلركات السياسية ت اليت استمدتكن موجودة من قبل ، كاألحزاب الشيوعية إيديولوجية مل

، منطلقاا النظرية من الثورة البلشفية يف روسيا ، و من أفكار ماركس و أجنلز كحالة مستحدثة معاصرة ، مكونة بذلك ، فكرا إيديولوجيا كبريا هائال امتد

423

سية كبرية مشلت معظم أقاصي العامل ، و ب نيت عليه كيانات سياعلى مساحة إىل اآلن . قوية عظمى ، ال زالت موجودة

سياسية أو سياسية دينية ، اعتمدت على منطلقات و هنالك حركات و أحزاب كاألحزاب ، إىل اآلن إيديولوجيا نظرية موجودة من قبل ، و ال زالت مستمرة

عث . و حزب الب اعتمدت العقيدة اإلسالمية أساسا هلا يتلالدينية اإلسالمية االذي اعتمد مبدأ القومية العربية ، و كذلك بعض مثال العريب االشتراكي

، يف احلركات الناصرية اليت تبنت سياسة الرئيس الراحل مجال عبد الناصر لقومية العربية . االدعوة إىل

األحزاب الدينية ضمن خانة األحزاب السياسية ، ألا اعتمدت وضعناو قد ل الواجهة الدينية ، و كانت داعية إليه علنا و تعده العمل السياسي من خال

هدفها و غايتها ، و ال نقول ذلك من باب النقد و االنتقاد ، بل من باب العامة . و كان فكرها ، فكرا سياسيا بالدرجة األوىل . و اليافطة التحليل فقط

و هذه . )( اإلسالم السياسي ؟؟ ما مسي اليت اعتمدا و قامت عليها ، هي يف معظم الكيانات العربية ، و كان أمهها ( حزب قد نشأتاألحزاب ،

على يد مؤسسه الشيخ ( حسن البنا ) و األخوان املسلمون ) الذي نشأ يف مصر و مفكريه ريه القى انتشارا واسعا يف معظم املناطق العربية . و كان من كبار منظ

) و غريهم . و قد ناقش هؤالء ( سيد قطب ) و ( أبو األعلى املودوديكما ظهرت و نظ روا داعني إليه . ما مسي ( اإلسالم السياسي ) بالدرجة األوىل

. و يف السعودية و اليت اعتمدت يف أساسها الفكر السلفي احلركة الوهابية قامت عليها ( اململكة العربية كانت بدورها من الوجه اآلخر ، حركة سياسية

، و كانت قد قامت أسسها امللك الراحل عبد العزيز آل سعود السعودية ) اليتالشيخ حممد بن عبد يف أساسها السابق على حتالف ديين سياسي فيما بني

مؤسس احلركة الوهابية ، و بني ابن سعود حاكم الدرعية آنذاك . و الوهاب اليت قادها حديثا .. يف الربع األخري من القرن العشرين ، ظهرت الثورة اإليرانية

424

، فإا عملت على تصدير آية اهللا اخلميين ، و هي و إن كانت ليست عربية و ، العامل العريب ، و إيقاظ الفكر اجلعفري أفكار الثورة للخارج و من ذلك

الذي قامت مبوجبه ( مجهورية . و كان هلا الطابع السياسي مذهب آل البيت ثر يف دعم بعض احلركات و األحزاب إيران اإلسالمية ) ، و اليت كان كبري األ

، مث ل لبناين و الذي هو حزب وطين العربية اإلسالمية ، كحزب اهللا يف لبنان و ) محاس ( حركيت كما دعمتضد إسرائيل يف احتالهلا لبنان . حالة مقاومة

مثلتا فصائل مقاومة و مها حركتان إسالميتان فلسطينيتان ) اجلهاد اإلسالمي ( . ل ضد إسرائي

يف العامل العريب ، كانت يف حقيقة األمر ، أحزابا إن األحزاب اليت ظهرت فكرها باألساس ، باألمر السياسي . و حىت فكرها فكرية سياسية حبتة ، احنصر

، و السياسيمن خالل األمر ا و و منطلقاا الفكرية النظرية ، تعاطت معها هو الوصول إىل كرسي احلكم و ،اليت عملت ألجلها غايتها األساس كانت

ذات فكر إقصائي كرسي السلطة ، و كانت يف معظمها ، أحزاب إقصائية يتمايز من حالة إبعاد اآلخر عن الساحة السياسية و االنفراد بالسلطة و احلكم ،

احلياة معا . و بعضها اآلخر كان عن الوجود وو إقصائه إىل حالة تكفري اآلخر و كف ر العروبة و القومية و بعضها اآلخر ريا و حىت سياسيا ،لألجنيب فك تابعا

، سالحا له . بشقيها السياسي و الديين و اختذ الطائفية و املذهبية فسقهما ، فالطائفية بنظرنا ، ليست مقتصرة فقط على الدين ، بل تشتمل على السياسة

بل تشتمل أيضا أيضا . و العنصرية ليست مقتصرة فقط على العرق و اجلنس ، على الدين و السياسة .

األحزاب يف العامل العريب إن مل يكن كلها ، كانت تعود يف منشأها ، إن معظم يطلق عليه إىل شخص واحد . إذن .. هي يف النهاية حمصلة فكر شخص واحد

و قضية ما ، فكرية أو اجتماعية أو ( مؤسس احلزب ) خيتار عادة ظاهرة معينة ، و روآه ، و جيمع أو جيتمع إليه ، و يبين عليها أفكاره و دينية سياسية أ

425

، أو هيئة من حلزبه املزمع إنشاؤه األتباع، و من مث يتم تشكيل جلنة تأسيسية و بعد ذلك ، يتجه إىل البيئة االجتماعية و رجال الدين ، إذا كان حزبا دينيا .

آللية السياسية القانونية ، و ، إما باللوصول إىل الرياسة يطرق باب السياسة النواب ، و إما بآلية القوة و عادة عادة ما يتم ذلك عن طريق الربملان أو جملس

ما يتم ذلك عىن طريق االنقالبات العسكرية أو املواجهة املباشرة و الصدام مع السلطة احلاكمة . و بالغالب األعم ، يتم ذلك بالتزامن مع طرح الدامي على أا متثل قمة و اتمع لجمهور لهرية أساس ، يتم طرحها فكرية جوقضية

السامية العليا الواجب اتباعها ، و غريها هو اخلاطئ املضل ل ، و ذلك املبادئ . حتت طائلة التخوين الوطين و التكفري الديين و ما إىل ذلك

السياسية معظم األحزاب يف العامل العريب ، بالثنائية الفكرية و قد حتدد أسلوب فهي إما أن تكون بالسلطة لتقصي غريها من ) املعارضة -السلطة التالية (

تبوء املعارضة إذا مل يتيسر هلا أحزاب و حركات مناوئة فكريا هلا . أو تكون يف تلجأ إىل املعارضة املسلحة . و هذه الثنائية الفكرية كرسي السلطة ، و رمبا

ك الفكر احلزيب ، يف جمالني اثنني ، جمال أن يكون مسلالسياسية ، استوجبت الشامل األوحد املس خ ر له و ألجله وسائل اإلعالم من صحف و الفكر السائد

، و من دعاة ، و مطبوعات مدرسية و حامعية و أكادميية قنوات تلفزة و إذاعة . ، ذلك إذا كان احلزب الذي ميثله ، يتبوء سدة السلطة مفكرين و مثقفني

و التضاؤل و الغمر و التضييق و الثاين ، أن يصبح الفكر يف حيز اإلمهال اال االنتقاص أو حىت التسفيه و احملاربة ، يف حال كان خارج السلطة و ضمن نطاق

املعارضة . و مفاعليه االجتماعية إذا ألقينا يف وقتنا املتأخر هذا ، بأحداثه السياسية و الدينية

اآلن ، السوآل التايل .. ما الذي قدمته األحزاب اصلة و الثقافية و العلمية احل من فكر بن اء عملي متقدم ، يرفع من قيمته مبجملها يف العامل العريب ، لإلنسان

أن يكون مبرتبة اإلنسان الياباين أو األورويب أو بشري ، حق لهكإنسان

426

دم له تق؟؟!! بكل بساطة و كل صراحة ، جند أا ملاألمريكي أو الصيين أي فكر مليء مفيد ، له إمكانيات الصرف و الترمجة ، بل حىت مل تقدم له شيء

صراع احلضارات احلاصل اليوم . يف واقع احلياة اليومية و واقع ما الذي كان يقابل تلك األحزاب يف القرن التاسع عشر ، فترة الفكر التأسيسي

و اليت و إن مل ة و املنظمة العريب ؟؟ كان يقابلها تلك احلركات الوطنية العفويأن ختلص جمتمعاا من نري احملتل األجنيب ، كوا كانت يف بيئة مل تتوافر تستطع

لنشر الثقافة و الفكر ، و كانت يف بيئة رازحة حتت فيها عناصر التقانة الالزمة ، و ناشرا للخرافة و اجلهل ا ، كامت للنفس و الصوت هحكم غريب عنسيطرة تمعاا ، فكرا ني را أخرج أفرادها من كل ذلك ، قد قدمت بالرغمو .. فإا

ة و جتربة ناجح، و قدمت على األقل العلم و الترقي إىل نور اجلهل من ظلمات و جعله مهيئا لتلقي على املسار الصحيح اتمع حماولة فعالة فاعلة ، يف وضع

. و غري هذا و تعداد للتعامل معها احلضارية احلديثة ، و على أهبة االساملفاهيم مع و االختالف و التصارع الفكري و اجلسدي ضعه يف باب التناحر ، مل تذاك

. كما أا أبناء جلدته ، سواء على املستوى الطائفي الديين أم احلزيب السياسي مهاوي التهلكة ألجل شعارات براقة و مبادئ ال ميكن حتقيقها . مل تلق به يف

، فكر املواطن العريب ، بفكرها هي رت األحزاب العربية املعاصرة حصلقد بنفسها عن استكمال ، و اختزلته ضمن منظومتها الفكرية هي ، و نأت وحدها

الفكرية احلزبية . عن نطاق منظومتها بقية الوجوه الفكرية األخرى اخلارجة ت أفكارها و األحزاب ، قد طرحو قد بلغ مكمن اخلطورة مبلغه ، يف أن هذه

منظوماا الفكرية ، على أا هي احلل الذي ال داعي معه و بوجوده ، ألي فكر و ثقافتها الفكرية ، على أا احللول آخر ، فطرحت خطاا اإليديولوجي

و و الرخاء ألية قضية أو إشكالية مستعصية ، و أا باب لالزدهارالناجحة ، و املنتهىو على أا غاية املشتهى و سدرة و اتمع ، التقدم و القوة للدولة

و هو بنظرنا ، أمر يقود إىل طرح شعار ( إيديولوجييت و أفكاري هي احلل )ب

427

، سواء عن عمد أم عن غري عمد ( التضليل الفكري ) خطرية جدا ، هي قضية و سواء أكانت اإليديولوجية و األفكار املقصودة ، أفكارا صحيحة و منطقية

، هو أنه ة ، أم تنايف كل ما سبق ، ألن ما ثبته التاريخ ، املاضي و احلاضر مقبولدائم ، بل تعرضت للنقض و اإللغاء ، و ال توجد أفكار أثبتت صوابيتها بشكل

التطور و و منها ما هو خاضع لنظرية .ا ما ثبت يف زمان ، مل يثبت يف غريه همنوجوده ، و إن مل يفعل أو يقدر على ، أثبت تالءم، إن متاهى معها و االرتقاء

فعل ذلك ، حكم على نفسه بالزوال أو أصبح عبئا على اتمع و عامل ختلف و احنطاط بالنسبة إليه .

و اليت هي حىت املفاهيم و األفكار الدينية ذات األخالق العالية و املبادئ السامية ها و تفسريها كن سوء استخداميف ذاا ، صاحلة لكل زمان و مكان ، ل

و بادية اخلاطئني ، ابتغاء املنفعة املادية الدنيوية البحتة ، جيعالا غري قبالة للتطبيق ، بتبديله و تغيريه . هذا من ناحيةرجعي يوصى يف نظر أفراد اتمع عامل ختلف

، و و من ناحية أخرى ، فإن األفكار و اإليديولوجيات على اختالف أنواعها سليمة صاحلة للتطبيق على مدى زمين طويل ، فإن ذلك ال إن كانت صحيحة

أخرى تؤدي املهمة نفسها و هلا الصالحية و ينفي وجود أفكار و مفاهيم و املفاهيم ختتلف باختالف الشعوب و ذاا . فضال عن أن األفكار اإلمكانية

، الشعوب املناطق البيئية اجلغرافية يف العامل و املنظومات الفكرية لكل شعب من كما أن تالقح احلضارات و اختالف الشعوب ، هو ظاهرة بشرية طبعية ، و

. حىت األديان السماوية حتدثت عن هذه حالة تفاعلية مستمرة عرب التاريخ إىل نصعد هلم يقولون و كثرية شعوب تسري [ ويف التوراة حيث جاء النقطة من ألنه سبله يف سلكن و طرقه من فيعلمنا يعقوب اله بيت إىل الرب جبل

. ) ٢اإلصحاح -( سفر أستري الرب ] كلمة أورشليم من و الشريعة خترج صهيون

428

الذي يسوع القدوس فتاك على اجتمع باحلقيقة ألنه [و يف اإلجنيل جاء -( أعمال الرسل إسرائيل ] شعوب و أمم مع البنطي بيالطس و هريودس مسحته

. ) ٤اإلصحاح و ج ع ل ن اك م و أ ن ث ى ذ ك ر م ن خ ل ق ن اك م إ ن ا الن اس أ ي ه ا ي ا {كرمي و يف القرآن ال

احلجرات[} خ ب ري ع ل يم الل ه إ ن أ ت ق اك م الل ه ع ن د أ ك ر م ك م إ ن ل ت ع ار ف وا و ق ب ائ ل ش ع وب ا

:١٣[ . ب و إيديولوجيتها ، هو الصحيح و هو ضنا جدال أن فكر هذه األحزاو إذا افتر

، و هو احلل األجنع جلميع املشاكل و مجيع الشعوب ، فما هي مثل األاألفضل و جمتمعاا و شعوا ، يف الوقت النتيجة السياسية و السوية الفكرية اليت آلت إليها

مور يتبوأ سدة السلطة و بيده مقاليد األ اكما و خباصة أن بعضها كان حاحلايل ، ، ال ميتلك أية سوية فكرية ، غري هي إفراز جمتمع شبه أمي النتيجة .. ؟؟ مجيعا

، و غري قادر على إنتاج أية مادة أو سلعة قابلة ما صبغته به تلك األحزاب ، و أساس إجيابيته أو سلبيته ، و على وجه هوية أي فكر بنظرنا هو . و للتداول

أن الزمن احلايل اآلن ، هو زمن و مبا، يف الوقت الراهن . اخلصوص عدة . و املتقدمة املتطورة املختلفة إىل جماالت علمية التكنولوجيا و الصناعات

، هو يف مضمار التكنولوجيا و إن السباق احلضاري اآلن ، و الصراع األممي تتحدد بالوجه احلضاري اخلدمية و غريها ، العلوم و الصناعات اإلنتاجية

لمي اخلدمي للجنس البشري ككل ، فماذا فعلت هذه األحزاب العالتكنولوجي لشعوا و جمتمعاا ، بل و ألتباعها و املؤمنني ا ، غري أا و ماذا قدمت

و ال تدفع عن شيء ألزمتهم فكرا عقيما ، و إيديولوجيا فارغة ال تغين من شيء ال بل على ؟!!؟أية بادرة مفيدة و غري قادرة على حتريك أو جمرد حتريض ،

. و لننظر من انتكاسيا ، و مفاعيل صراع و حروب العكس ، أثبتت أثرا رجعيا وضع العريب الراهن و إىل وضع باب احملك و النتائج النهائية املستخلصة ، إىل ال

429

إىل نتيجة و التقدير األحزاب بالعامل العريب اآلن ، نصل يف أحسن األحوال ب يف العامل العريب .. جتربة فاشلة . األحزا خالصة مفادها ..

: السلطة

برز مفهوم السلطة عرب التاريخ البشري ، منذ ظهور اإلنسان العاقل و حىت يومنا أطراف العالقة اجلدلية فيما بني املفهوم الفكري و املفاهيم هذا ، كإحدى أهم

ة هذه باإلمكان جتزئاألخرى املرتبطة به كأطراف ذات عالقة . و إذا كان -العالقات الطرفية املتبادلة ، إىل ثنائيات طرفية متعددة ، لكانت ثنائية ( الفكر

من أمهها على اإلطالق و أقواها و أكثرها جدال عرب التاريخ ككل ، السلطة ) وضوحا و عيانا على مستوى املباحث الفكرية و رمبا أكثرها منطقية و أشدها

، و حىت أيضا .. احلضارية . بل و حىت العلمية و الثقافية -الفكر - منفردا متمايزا هو ثالوث ( السلطة ثالوثا أيضا ، هذه القضية تنتج

هذه املفاهيم بعضها مع بعض ، و . و هو ثالوث يعب ر عن ترابط احلضارة ) ، و من حيث تبادهلا من حيث العالقة اجلدلية و التأثري املباشر و الغري مباشر

أيضا . فأي تغيري يطرأ على واحد من عناصر الثالوث هذا ، يؤثر حكما املعايري االثنني املتبقية من عناصره .. إن كان سلبا ، فسلبا ، و إن كان إجيابا ، على

، حول هوية الفكر العريب . من هذا الثالوث إياه ، ينطلق مبحثنا هذا فإجيابا املعاصر .

و وقائع التاريخ ، أن للسلطة دورا هاما كبريا قد لقد أثبتت األحداث الزمنية ، يف صناعة الفكر و درجة الفكر بعض األحيان ، يف صناعة يكاد يكون أوحدا

سويته ، ما يؤدي تاليا إىل خلق احلضارة و صياغة نوعيتها مقوماا . ، و كحضارة بالد ما بني النهرين ( ميزوبوتاميا )ففي تاريخ احلضارات القدمية

و منظومتها حضارة مصر الفرعونية القدمية ، نرى أن حضارة تلك البلدان

430

الفكرية ، كانت من ضمن احلامل السلطوي السياسي ، و ضمن اهليكلية العلمية و السياسية لنظام الدولة و احلكم . فمنظومة التقانة الصناعية اإلنتاجية

بقة الكهنة و العلماء و الفكرية يف هاتني املنطقتني ، كانت ضمن اختصاص طالتابع للقصر الفرعوين أو .. نظام املعبد . و بنظرنا .. هو ما نسميه املفكرين

احلضارات يف آن معا . و يف قمة اهلرم السياسي و الديين احلاكم الذي مثل أعلى ، كاحلضارة اليونانية ، رمبا مل يكن الفكر اإلغريقي فيها ، نتاج السلطة الالحقة و مل يكن الفالسفة اإلغريق بالضرورة ، نتاج السلطة احلاكمة أو ة ، احلاكم

السياسي السلطوي ، بل على العكس من ذلك ، كان يتموضعون ضمن احلامل معها و بعضهم اآلخر دفع حياته مثنا لذلك ، كسقراط بعضهم على خالف

طون الذي من قبل اهليئة احلاكمة يف أثينا . و أفال الذي أ جرب على جترع السم الذي ملك ( سراقوصة ) ، و أرسطو ب يع يف سوق النخاسة بسبب خالف مع

. عقب وفاة اإلسكندر هرب من أثينا بعد أن طورد من قبل السلطات ، مل يكونوا مبعزل عن املنظومة من فالسفة و مفكرين و لكن هؤالء و غريهم

حيثيات و ظم السياسية و التماس مع السلطة احلاكمة ، فضال عن أن معمضامني أفكارهم ، كانت تتناول األمر السياسي و شؤون احلكم و اإلدارة أو

كان . و فوق كل هذا و ذاك ، فإن الفكر اليوناين على األقل ارتبطت ا بشكل من األشكال ، نتاج احلرية الفكرية و احلياة الدميقراطية اليت منحتها

.. هو من وجه آخر ، نتاج للفكر له و للمجتمع . إذن املنظومة السياسية كما أن السلطة اليونانية كانت بشكل من األشكال ، السياسي . الدميقراطي

و العلم و الثقافة و املدارس العلمية و املسارح األدبية الفكرية اليت مهتمة بالفكر . كانت تقدم أوىل املسرحيات يف العامل اليت تتحدث عن اتمع و الدولة

قامت احلضارة العربية على اهتمام ا كيف أنه يف العصر العباسي ، و قد رأينبالفكر و العلم و حرصها على إنشاء املنظومة الفكرية العربية السلطة احلاكمة

، و بلغت أوجها يف عصر اخلليفة املأمون اليت كان أساسها ، النقل و الترمجة

431

ن ظالم اجلهل و التخلف ، م حديثا و رأينا كيف خرج العامل العريب العباسي . و ارتكاسة اجلمود و تعطيل العقل ، إىل نور العلم و الفكر و انتفاضة العقل و

على يد احلاكم السياسي الفرنسي و العقالنية ، املنطقتفتحه على مناهل ، و كل منهما قد مثل قمة اهلرم السياسي بونابرت و من بعده حممد علي باشا

البحت . ة ثالوث هيئسبق ، قد انعكس على صورة و أن كل هذا الذي لقد رأينا أيضا

و (السلطة ـ الفكر ـ احلضارة ) ، حيث مثلت مصر آنذاك ، قمة احلضارة الفكر و القوة السياسية و العسكرية ، بالنسبة للعامل العريب ، ضاهت يف مفصل

نعة ، و ضاهت يف القوة و املتارخيي و زمين معني ، احلضارة األوروبية نفسها األستانة عاصمة العثمانيني أنفسهم . و لوال الدول األوروبية نفسها ، وهددت

و العلم بشكل مباشر و صريح ، أن السلطة السياسية نفسها ، قد دعمت الفكر و وضعت كل إمكاناا و قوا حتت تصرفه ، و قامت بتعهده و محايته و

طقة العربية ، و لبقينا حىت اآلن يف ، ملا كان هنالك فكر و ال علم يف املنرعايته يف اآلنشبيه رمبا ، بوضع بعض الدويالت اإلفريقية املتأخرة ، و لو أننا وضع

على مقربة من أوضاعهم السياسية و هذه اللحظة التارخيية ، قد أصبحنا . االجتماعية و احلضرية

ل سلطة ما ، أيا عامبناء ، يتاح لنا القول إن تقييم تإذن .. بناء عليه و عليه كانت هذه السلطة ، مع قضية و مفهوم املنظومة الفكرية املتموضعة يف جمال سلطاا اجلغرايف و االجتماعي ، يتحدد من خالل تقييم احلالة التكنولوجية

املتعلقة االتطبيقية للمنظومة السياسية و االجتماعية الصناعية و السوية العلمية على املستوى الداخلي و اخلارجي ، و سيادا الوطنية و قوا كنظام سياسي

أيضا على املستويني الداخلي و اخلارجي . عادية إىل الوضع العريب احلايل ، ال تتطلب قدرا كبريا من و مبالحظة بسيطة

، نرى أن الكيانات العربية احلالية ، التعمق و التحليل أو االستقراء و االستنتاج

432

و اهلوان و ا السياسية و االجتماعية ، و أعلى درجات الضعف يف أدىن أوضاعهو التقهقر . فاألنظمة العربية اليوم ، أضحت عاجزة مشلولة منتهكة من الداخل

حىت اخلارج و ليس هلا أدىن وزن يف الساحات السياسية العاملية أو احملافل الدولية العاملية أو العظمى على املستوى اإلقليمي ، و معظمها تابع للدول العظمى

خاضعة يف قسم منها ، فهي إما . أما أراضي كياناا السياسية بامل اإلقليمية ، أو ممتهنة السيادة يف قسمها اآلخر ، أو مهددة لالحتالل من قبل دول أخرى

و منظومتها ،بشكل فعلي أو شبه فعلي باالنفصال ، و بعضها قد انفصل عند أدىن حدث جدا و قابلة لاليارهشة نية السياسية االجتماعية و الوط

، و ثر خارجي ؤبفعل داخلي أم فعل عامل مسياسي و اجتماعي ، سواء أكان و عصيان شعيب حتت مسمى هو ما حدث يف العامل العريب من حركات مترد استجلبت يف معظمها ، تدخل (الثورات ـ رياح التغيري ـ الربيع ... اخل )

دث يف العراق و الصومال ح، كما و بعضها العسكري املدمر األجنيب السياسي مبجملها .. و ليبيا ، و هو يف جممله ، أمر ذو داللة على هشاشة املنظومة العربية

على انتفاء أية وطنية . و يدل أيضا السياسية و االجتماعية و الفكرية و الوطنية من خطابات كانت تدعيه إليها هذه املنظومات ، و إن ماأو بنية حتتية تستند

سياسية و فكرية و وطنية و قومية ، هو جمرد شعارات جوفاء فارغة من و يدل و احمللي . مضامينها ، و جمرد قشور خادعة براقة لالستهالك السياسي

أيضا باإلضافة إىل هذا و ذاك ، على قضية هي غاية يف اخلطورة و رمبا مل يلق ، و هي تصفية األرضية الفكرية و ليلة قد فعلت هذا ، أو الفئة الق أحد هلا باال

اليت وضعها الفكر العريب التأسيسي يف القرن السابق ، و مت العلمية النهضوية العريب التأسيسي ، قد إن الفكر متاما . و حنن قد قلنا فيما سبق ، إجهاضها

ة اجلزر شك ل قمة املد يف قمة اجلزر . و الفكر العريب املعاصر شكل حالة قم . يف قمة املد

433

هذا من الناحية السياسية ، أما من الناحية احلضارية الصناعية العلمية التقانية ، عجزت متام العجز ، أن يئ لشعوا و من شعوا ، فنرى أن هذه األنظمة قد

، و ملنظومة منظومة علمية صناعية إنتاجية تؤسس لدولة عصرية متقدمة مزدهرة تنتج عن التبادل التجاري فيما بني الدول . و ال خيفى أثر العامل اقتصادية قوية

ديد قوة الدولة و تأثريها السياسي و وزا يف الساحة الصناعي االقتصادي يف حت العاملية و الدولية ، و لنا يف الصني مثال على ذلك .

ادي و املنظومات السياسية السلطوية احلاكمة ، يف موقع العجز االقتصلقد بقيت على التبعية املالية للدول األخرى ، و بالذات الغربية منها .. أنظمة تعيش

منتجات الغري القروض و املعونات اخلارجية ، و يف أحسن أحواهلا ، تعيش على عن عبارة هي، و تقتات على صناعام ، حىت تلك الدول الغنية منها بالنفط

مؤشرات أدىن لديها ليس و ، غريبال الصناعي للمنتج مستهلكة جمتمعات جمرد حضارية كمظاهر منها يتجلى ما و. االبتكار و اإلنتاج و التصنيع على للقدرة

، ذلك عن فضال . مستورد خارجي منتج ، بساطة بكل هو ، متقدمة تقانة و و التقانة عوامل و مظاهر من الكثري حتر م مغلقة دينية جمتمعات ميثل بعضها فإن

كل لدى املستخدمة و ، العامل جمتمعات كل يف السائدة صناعيةال املنتجات نطاق أي عن خارجة بدهية طبعية بشرية استخدام أدوات جمرد متثل و ، شعوبه

حترمي يتم و. استخدام أدوات أا جمرد سوى ، آخر اعتباري و أخالقي أو دين لمنظومةل تابعة دينية حجج مبوجب ، األدوات و الوسائل هذه مع التعاطي . حصرا اتمعات بتلك اخلاصة الدينية

معظم حتر م ، الدينية السياسية املنظومات هذه فإن ، ذاك و هذا عن فضال و و ، للعقول ضالال و األرض يف فسادا و حراما تعده و ، أنواعه و الفكر أشكال

ليس ذاه و. للتعاطي أوحد كمجال ا اخلاص الديين فكرها على إال تبق ال املدركات انتفاء بيئة يف تعيش أو ذلك على مكرهة أا أي اإلكراه سبيل على

صحيحني إرادة و وعي عن ذلك تفعل بل ، له املستوجبة العلمية و العقلية

434

وجهة من( املنطقي الشرعي الطابع تتخذ و كاملة عقلية ومدركات ، سليمني و ، به القيام من بد ال شرعي واجب تعدها و احملرمات هذه على) طبعا نظرها

و ، شرعيا واجبا يتطلب ، كفاية فرض ال عني فرض ، منظورها من هو يف املنظومة هذه يتبع من و ، الداخل يف اتمع أفراد من فرد كل على يتوجب حضارات و أفكار و ثقافات على االطالع عن كليا بنفسه ينأى أن ، اخلارج لعذاب التعرض و القيامة يوم احلساب و العقاب طائلة حتت ، األخرى األمم

. احلريق ، حواملها مبجمل الثقافة هو و أال ، الفكر وجوه من آخر وجه تتبعنا إذا إننا

السياسية الكيانات يف السلطة أن جند ، التعليمية و الفكرية و منها الشعبية نشر على تعمل مل و ، الثقافة يدعم حامل و حركة أية على تعمل مل ، العربية و دينيا ، الثقافة حر مت اليت السياسية املنظومات بعض استثنينا إذا و. الثقافة صوب تطلعنا و ، ميؤوسة حالة أصبحت قد املنظومات هذه لكون ، ائيا

تشكل ، ذاا حبد معينة ظاهرة على العثور لنا يتيسر فلن ، منها املتبقي البعض و إنشاؤها أو ، بلداا يف للثقافة السياسية األنظمة كتل دعم على قويا برهانا مستوى على سواء ، فيها اليومية احلياة واقع تالمس فكرية ثقافية ملشاريع دعمها من العكس على بل ال ، الفكرية أو العلمية أم االجتماعية أم السياسية احلالة هي و ، الفكر و قافةالث من شيئا ميثل ما كل على ، معلنة غري حربا جند ، ذلك و النهائية النتيجة تشخيص من ، صحتها و وجودها حيثيات إدراك ميكن قضية

الوطن إن.. هي و العريب للمواطن الفكرية و الثقافية للسوية العمومية احملصلة و ، أدىن كحد األمية بني ، العلمية و الفكرية و الثقافية سويته تتراوح ، العريب تصنيفه أو ، الثقايف و العلمي توصيفه يتراوح و. قصىأ كحد األمية شبه

) متعلم نصف( إىل وصوال ) متعلم ربع( بـ مرورا ) جاهل( بني ، الفكري و األحباث مراكز الستحضار داع من هنالك ما و. حاالته أحسن يف

القضية هذه إدراك املمكن من دام ما لذلك حاجة فال ، ذلك حول االستطالع

435

أما ما تقوم به األنظمة السياسية و تبنيه من . ذلك يف عقلي جهد بذل بال عيانا ، فهو أمر ال ميت إىل الفكر بصلة ، و هي بكل بساطة ، جامعات و مدارس

، و هو أمر نتحدث فيه الحقا . ، قد مت تفريغها من مضموا هيئات و مواقع يف جمتمع ما من اتمعات ة إن أي عملية أو حماولة إلنشاء منظومة فكرية متقدم

، الفكر الشعيب . و ال ميكن ( إذا ، تستلزم يف أول أسسها و أهم مرتكزاا ود املنظومة وجصحت التسمية ) إنشاء منظومة النخبة الفكرية املتقدمة من دون

الواسعة العريضة . فإذا انتفى الفكر الشعيب ( مبختلف وجوهه و الفكرية الشعبية ، و انتفت معه منظومته الفكرية الشعبية ككل ، انتفى جمتمع ما من) أشكاله

، بل هذا الفكر من خنبة فكرية و فكر متقدم حضاري تاليا كل ما يؤسس له انتفاء ب. و تنتفي أيضا معظم أشكال و مظاهر احلضارة و العلم من هذا اتمع

ح ، مهما كانت ، يكون وجود أي فكر آخر مطروالواعي الفعال الشعيب الفكر ...دور ثقافة و نشر -احتاد كتاب -مدارس -مظاهره و حيثياته ( جامعات

اخل ) جمرد قشور خارجية و هياكل جوفاء فارغة املضمون ، تستخدم فقط لذر . كما أنه بانتفاء الفكر الرماد يف العيون أو خداع النفس و سلوك مسلك الوهم

شاء أية منظومة فكرية ، كائنة ما كانت . أية حماولة إلن الشعيب ، ال ت جد إن منظومة الفكر الشعيب ، هي احلامل األساس للوعي الشعيب و الثقافة الشعبية و سوية العلم و التعليم يف الوسط الشعيب . و هي صورة اتمع املعيارية لناحية

ل أو متخلف ،ه. فعندما نقول جمتمع جااجلهل و التخلف أو العلم و الفكر ، و هي مغايرة متاما فهذا يعين على الفور انتفاء املنظومة الفكرية الشعبية فيه

، و هذه و املعتقدات الدينية أ الشعيب التراث للمعتقدات الشعبية السائدة فيه وتشكل حالة مذهبية خاصة ، خارج اإلطار الفكري العام ، لكون ةاألخري

رية ، عبارة عن معتقد ديين حبت و الفكاملذهب بالعموم ، هو يف أقصى حاالته ، ميثل طائفة معينة يف اتمع ال متتد تعبري عن حالة جزئية من حالة كلية دينية

، يعين . و كذا األمر عندما نقول جمتمع متقدم متطور إليه جممل أطيافه ككل

436

ذلك على الفور ، وجود منظومة فكرية شعبية متقدمة قائمة على عوامل و . فية علمية عقالنية تطبيقية موروثات ثقا

إن املنظومة الفكرية الشعبية يف اتمع ، تتعلق بعوامل و مقومات عده أمهها .. . انتفاء األمية ـ . للجمهور القدرة على القراءة و الكتابة لدى العموم الطاغي ـ ثقافة العامة التارخيية و حنوها . و الاملطالعة الفكرية تفشي ـ طالعة العلمية التطبيقية ، و اإلقبال على املعارف املتعلقة ا . تفشي املـ

و إحساس باملسؤولية جتاه الوطن و املواطنة . ـ وجود وعي و إحساس وطين ية ، ال ميكن هلا بالغالب األعمأن هذه املنظومة الفكرية الشعب و قد ثبت تارخييا

ىل عامل يتحقق فيه شرطان أو ، بل هي حباجة إ أن تفع ل نفسها من تلقاء نفسها ..سببان

سبب خارجي ، أي أن يكون من خارج املنظومة الفكرية الشعبية األول :و اإلمكانيات . و ليس بالضرورة أن نفسها ، جلهة العلم و اإلدراك و األدوات

يكون من خارج هذه املنظومة نفسها ، جلهة العرق أو اجلنس . فمن غري املنطق أمي جاهل مثال ، بتعليم و ، أن قام جتم ع أو جمتمع ليه تارخييا أو املتعارف ع

أو جمتمع يؤمنان بعقائد ، و أو اتفق تارخييا أن قامت مجاعة تطوير نفسه بنفسه و لديهما تصورات ذهنية ما ، بتغيريها من تلقاء نفسها ، فال بد هلا من معينة

، حىت و لو كان ذلك رخيي ، و هو ما ثبت باألثر التاعامل أو مؤثر خارجي ، فإن السبب كان عادة بفعل عامل بواسطة فرد من أفراد املنظومة نفسها

، حيث كان ، هو األديان السماوية على ذلك للتصور خارجي . و أقرب مثال ، بأفكار أو غريهم النيب أو الرسول ، ي بعث من قومه و من قومه و لقومه

{ ه و ، و قد مت ذكر ذلك يف القرآن الكرمي جديدة ، منطلقها و فاعلها هو اهللا ال ك ت اب و ي ع ل م ه م و ي ز ك يه م آي ات ه ع ل ي ه م ي ت ل و م ن ه م ر س وال ال أ م ي ني ف ي ب ع ث ال ذ ي

جاء ما و يف التوراة . )٢:اجلمعة( م ب ني } ض الل ل ف ي ق ب ل م ن ك ان وا و إ ن و ال ح ك م ة

437

ألين أتكلم أن اعرف ال إين الرب يسيد يا آه [ فقلتيفيد ذا اخلصوص و تذهب إليه أرسلك من كل إىل ألنك ولد إين تقل ال يل الرب فقال* ولد . ) ١اإلصحاح - أرميا( سفر ] به آمرك ما بكل تتكلم

ست من أي أن تكون اجلهة الفاعلة و املؤثرة ليسبب أو مؤثر فوقي الثاين :و االختالف ، لناحية التفاوت الطبقي أو العوام اجلمهور و طبقة الشعب

، كالسلطات احلاكمة أو السياسي ، حىت و لو كانت ذات أصل و منشأ شعيب . و عادة ما تكون السلطات السياسية احلاكمة هي أو الطبقة االجتماعية الدينية

األداة املعتمدة يف ذلك . أن يطرأ تغيري و النادر طان ، من املستحيل أو شبه املستحيل و خارج هذان الشر

على املنظومة الفكرية الشعبية ، حىت الثورات التارخيية الكربى ، قد خضعت تغيري واقع الفكر الشعيب السائد ورة أيا كانت ، ال تستطيع . فالثهلذين الشرطني

كم ، و هو ما حصل تنقلب على السلطة و تستلم زمام احليف اتمع ، ما مل على سبيل املثال ، يف فرنسا عندما قامت الثورة الفرنسية و غريت املفاهيم مجيعها ، و من مجلتها املفاهيم الشعبية . أو الثورة الربجوازية يف أوروبا اليت

و غريت أيضا املفاهيم مجيعها و قامت الكنيسة سلطة انقلبت على اإلقطاع و السياسة . كذا األمر ، الثورة البلشفية يف روسيا اليت بفصل الدين عن الدولة و

نظام القيصر و أقامت بدال منه نظام مجهوري اشتراكي شيوعي ، غري أسقطت قبال . مجيع املنظومات الفكرية السائدة

و مل تستطع هذه الثورات مجيعها ، االستمرار مبفاهيمها و مناهجها و أفكارها ، . السواد الشعيب و غريت من أفكار ة الفكرية الشعبية لوال أا غريت املنظوم

خمترعون و علماء كجاليلو على سبيل املثال ، ففي القرون الوسطى ، ظهر و على لكنهم مل يستطيعوا أن يضفوا الطابع العلمي املنطقي على جمتمعام

كن التاريخ الذي عاشوا فيه ، كون املنظومة الفكرية الشعبية ، مل تتغري و مل ت، و مل يكونوا هم مبوقع القدرة على السيطرة عليها و تغيريها خاضعة لسيطرم

438

آنذاك ، ، بل على العكس ، مت استخدام هذه املنظومة ضدهم من قبل الكنيسة الثورية أو التغيريية أو حملاربتهم و وأدهم . و هذا ما يفسر لنا ، اعتماد احلركات

بني اجلمهور و سواده ، و من مث تتحرك ، على بث دعاا الدعوية الدينية فيها ، إذا ما تيسر لإلحاطة بالسلطة احلاكمة و تغيري طبيعة نظام احلكم و اتمع

هلا نشر تعاليمها بني اجلمهور و بث أفكارها يف العوام ، و القت قبوال و دعما منهم ، فتصبح تبعا لذلك ، ذات قوة ضاغطة حلركة تستخدمها ضد السلطة

مبصر ، . و نقيس على ذلك أيضا ، ما حصل يف عهد حممد علي باشا لقائمة ا حيث أنه اجته أوال إىل املماليك و أشباههم ، لالعتماد عليهم كمنظومة فكرية شعبية لدعم سلطانه و دولته و حركته التطويرية ، فلما عجز عن ذلك و أيقن

ة كبرية مت فيها استئصال ، دبر هلم مذحبمن التعامل مع هؤالء أنه ال فائدة مركزا دعمه شأفتهم ، و اجته حنو العنصر الشعيب املصري و منظومته الفكرية

عليه ليشكل منظومة فكرية شعبية جديدة ، قامت على أكتافها منظومة النخب الفكرية و العلمية . و رأينا كيف فعل ذلك بإنشاء املدارس الشعبية التعليمية ، و

، و لوال ذلك ، ملا كان بإمكانه القيام بأي ة و البعثات العلمية الصحافة و املطبع فعل يتيح له بناء الدولة العصرية املتقدمة .

للمجتمعات العربية ، و ية الفكرية ىل السوإإذا انطلقنا من سالف القول و نظرنا و نسبة السوية الفكرية للفرد العريب فيها ، تظهر نتيجة مرعبة لتفشي األمية

، و العامل يفاليوم مية فيها . و بنظرنا فإن التطور العلمي و التقاين احلاصل األ، قد السوية العلمية احلضارية اهلائلة اليت حتصلت عليها بعض اتمعات و األمم

أن األمية رفعت من السوية املعيارية لألمية ، إىل مستوى شبه األمية ، أي مبعىن هي شبه األمية ، و اإلنسان الذي يتحدد مستواه اليوم ، مل تعد هي األمية ، بل

اليوم ، فقط باملقدرة على القراءة و الكتابة و ينحصر يف الفكري و العلمي أمي . و مع ظهور أنظمة تكنولوجية متقدمة يف جماهلما ال يتعداه ، هو إنسان

ال ذي ، ليصبح األمي هو الالعامل كالكمبيوتر ، ارتفعت السوية املعيارية لألمية

439

جييد استخدام احلاسوب . و تعود هذه السوية املعيارية االصطالحية لالرتفاع ، من الكتب يف السنةأكثر من عدد حمدد جمددا ، فيصبح األمي هو الذي ال يقرأ

/ و يف روسيا ١٧/ و يف فرنسا /٢٠قيل أنه يف أمريكا /من بلد آلخر يتفاوت أو مية األيتحدد مستوى ل اليابان و يف بلد مث. ١/ ١٠و يف السويد // ١٢/

ذا مل يكن إ بثقافة التصنيع ، الرقمي و غري الرقمي ، فأنت تكون أميا عدمها ، و و املقدرة على تصنيع آلة حاسبة أو راديو أو أي أداة أخرى مكانية اإللديك

و يدخل يف بعض امتحانام . به طالب املدارس االبتدائية اليابانية هو ما يقوم نفاجأ ، املعرفة الدقيقة بتفاصيل صناعتها . و بعد كل هذا و ذاك على األقل أو

حسب بعض مراكز االستطالع ، بأن اليت تقشعر هلا األبدان ، بالنتيجة املرعبة .. ربع صفحة فقط ؟؟!! فحة .. ربع صالعريب يف السنة الفرد متوسط قراءة

. .. يا وياله ... يا ساتر !!!! املثرية للوجع و األمل ملنظمات الثقافية العاملية و اإلقليمية بتقاريرها تطالعنا اآلن ا

/ ١٠٠املرتفعة يف العامل العريب ، بأعداد وصلت إىل /اليت تتحدث عن األمية أي أن % / ٣٥/ ، و هي نسبة تعادل ٢إنسان أمي يف العامل العريب مليون

و اهليئات العاملية املنظمات اليت تتحدث عنها ثلث العرب أميني . و األمية هذه بالقرن التاسع عشر أي عدم و اإلقليمية ، هي األمية اليت كان متعارفا عليها

، املقدرة على القراءة و الكتابة و اجلهل ما . و ال يقف األمر عند هذا احلد بل إن هذه املنظمات الدولية قد شرعت اآلن بدق ناقوس اخلطر ، من تزايد

يف العامل العريب و تزايد نسبتهم ، و أن العامل العريب سيكون أعداد األمينية األمية األوىل يف العامل ككل بعد أن كان يف املرتبة الثانية مرشحا لتصدر مرتب

هذا ما أكده تقرير للمنظمة العربية للثقافة و التربية و ،يف العامل بعد إفريقية .التعليم ( األليكسو )

تختلف ھذه اإلحصائیة من مؤسسة ألخرى . ١ الموقع االلكتروني للمنظمة العربیة للتربیة و الثقافة و العلوم / االحتفال بالیوم العربي لمحو األمیة . ٢

440

كتاب يصدرات و املنشورات ، فإنه و حسب اإلحصائيات جمال اإلصدارو يف مواطن ٥٠٠ لكل كتاب يصدر بينما ، عريب مواطن ١٢,٠٠٠ لكل واحد

ال العريب العامل يف القراءة معدل أن أي ، أملاين/ ٩٠٠/ لكل كتاب و ، اجنليزي ٣٠٠ كل إن و. أمريكا أو األوروبية الدول يف القراءة معدل من% ١ يتجاوز

. كتاب/ ٣٠/ هي عريب مليون كل حصة و واحدا ، كتابا يقرءون عريب فأل األربعة يتجاوز ال، العريب بالعامل العريب الكتاب معارض يف التداولأن كما إىل األورويب االحتاد دول يف هذا يصل الرقم هذا لكن ، السنة يف دوالر ماليني منجمتمعة العربية الدول تطبعه ما كل إن و . العام يف دوالر مليار عشر اثين

هذا ما جيعلنا . إسرائيل دولة تنشره ما نصف يعادل ال، منشورات و كتبا آل إليه الوضع ، ملأمله و مرارته و حرقة قلبه نشارك الشاعر عمر أبو ريشة

فكيف اآلن ؟؟؟ حيث يقول .. ، يف وقته آنذاك العريب للقلم وأ للسيف منرب األمم بني لك هل أميت املنصرم أمسك من خجال مطرق وطريف أتلقاك فمي يف عالك جنوى خنقت دامية غصة كم أميت ؟ التهم غبار عنك تنفضي ومل الذل على أغضيت كيف

املغنم خسيس يف تتفاىن أهوائها يف القادة ودعي اليت م الصبايا أفواه ملء انطلقت وامعتصماه رب

املعتصم . خنوة تالمس مل لكنها أمساعهم المست

هم و هذه القضية و إن كانت على درجة من األمهية يف مبحثنا هذا ، فإن األاحلكومات العربية ، املسؤولية ها ، هو أن تقرير ( األليكسو ) قد مح ل األخطر في

و عن تصدر العامل العريب ، املرتبة األوىل باألمية يف األمية الكاملة عن تفشي ة بالتقصري جتاه هذه املشكلة اخلطرية ياحلكومات العرب. و ام البيان مل ككلاالع

و عدم إجيادها احللول الناجعة يف هذا الشأن . و أن معظم برامج حمو األمية يف

441

، تقتصر على معرفة احلروف األجبدية ، قراءة و كتابة و تركيبها الدول العربية . ١العمليات احلسابية يف كلمات و مجل بسيطة ، باإلضافة إىل بعض

ل و هل يصدق الذي يتبادر على الفور ، إىل الذهن هو .. هل ي عق و السوآل عاقل ، أن احلكومات العربية اليت متثل كيانات سياسية مستقلة و اليت متتلك

، و صاحبة املبادئ احلزبية .. الدينية منها و املوارد و أسباب احلضارة و الغىن األوحد ، و أا قمة احلضارة .. هل دعي أا احلل الوحيد السياسية ، اليت ت

ألمية يف العامل ؟؟!!! و ما معىن أن يصل ال جمتمعاا أعلى نسبة من ثأن مت ي عق ل من قبل هيئات رمسية إقليمية ، باملسؤولية عن هذا الوضع امها ااألمر إىل

هو أمر و قضية يقودان ؟؟؟!!! .املزري و التقصري يف حمو األمية من جمتمعاا إن حالة اجلهل ( بكل بساطة إىل اإلعالن عن حقيقة خطرة جدا هي ..

، هي بسبب عملية جتهيل السائدة اليوم يف العامل العريب و اتمعات العربية عت األقالم و جفت الصحف . ف ) . ر منظمة و ممنهجة

ة أو مجاعية و ليس منهج ي فاجلهل افتراضيا .. هو حالة عفوية ال إرادية ، فردمنظم ، بينما التجهيل ، هو حالة منظمة ممنهجة مقصودة ، هلا من يقف خلفها

من وراء ستار و حجب و يدعمها و يؤججها و ييسر هلا سبلها . قضية مناقشة اآلن اد من يعد ملو ، هنالك حرب على الفكر يف العامل العريب

ليس و التجهيل مناقشة األوىل من فيها أصبح درجة إىل األمر وصل بل ، اجلهلتتدرج من املستويات الثقافية ضمن مستويات عدة هذه القضية تقع . اجلهل

، و تتبع آلية تعتمد ىل مستويات النخبة العليا إالدنيا لفئات اجلمهور العريب ، سوية على حدة و بأسلوب خمتلف ، وفق العناصر التالية .. على التعامل مع كل

فقط ، و جعلهما مهه األول و األخري . شغال املواطن العريب ببطنه و فرجه إـ

المصدر السابق . ١

442

فيما بني الفئات الثقافية الفكرية ، عرب واسعة ت ا و كبرية و ه ـ إجياد حواجز ، و فصل فئة شبه فصل طبقة و فئة األميني عن فئة شبه األميني و ما يعلوها

طبقة ثقفني ، و فصل هذه األخرية عن األميني عن أنصاف املتعلمني و أنصاف امل املتعلمني املثقفني ، و هذه أيضا يتم فصلها عن النخبة الفكرية الواعية ذات

و األفكار العلمية املتقدمة . فاألمي ي ترك و أميته ، و ي بارك له فيها ، و األحباث بصلة . كذا أو الكتابة أو كل ما ميت إىل العلم ال ي ذكر أمامه الثقافة أو القراءة

األمر مع شبه األمي الذي بدوره ي بارك له هو األخر بشبه أميته ، و ي ترك هو ، مع ترديد شعارات أمام هاتان الفئتان ، بأن العلم ال شيء و ال اآلخر و إياها ، و ت سخ ر ألجل ذلك ، منظومة فكرية سلبية هدامة ، وظيفتها خيدم بشيء

من أمثال شعبية خمصصة لذلك و منها على سبيل تسفيه العلم و الثقافة و الفكر يف هذه املثال ال احلصر ( العلم ال ي طع م خبز ـ معاك قرش تساوي قرش ـ

ـ من يتعلم هذه األيام ال يسأل أهل الفتاة ، خطيبها عن شهادته بل عن ماله يف األسواق و قوارع األيام غري اجلحش ؟؟ ) إىل ما هنالك من أمثال ت طرح

ع و املسلسالت الشعبية . الشوارـ بالنسبة ألنصاف املثقفني و أشباههم ، فهؤالء عادة ما يتم حصرهم ضمن

، يكونون من ضمن سياسية أو دينية مصطنعة أو االثنني معا منظومة فكرية السياسية .. مثقفوا أجندا و خلدمتها . و هؤالء هم مثقفوا الصحف و اجلرائد

. هم مثقفوا السلطة بشكل عام ، ب السياسية و الدينية األحزاب و مثقفوا املذاهتشبه حيث دينية كانت أم سياسية ، و حنن نطلق عليهم ( مثقفوا املداجن )

الفكري ، طريقة حياة طريقة ثقافتهم و تربيتهم الثقافية وسلوكهم الثقايف م من هؤالء هم من يتم االعتماد عليهبالغالب األعم ، فالدجاج يف املداجن . و باملناصب احلكومية و الرمسية و ة ، وهم الذين يفوزون قبل املنظومات السياسي

االجتماعية و يظهرون باإلعالم الرمسي و ت سلط عليهم األضواء . هؤالء بدورهم احلقيقيني و حىت عن املثقفني ، يتم فصلهم أو هم من يقومون بفصل أنفسهم

443

. هؤالء ، عادة ما تكون ثقافام و عن السويات الثقافية الدنيا من اتمع كل هؤالء ن ليس إو يهمنا القول .فكرهم حمدودين و تقتصر على لون واحد ، هم ذا الوصف ، و لكن هؤالء من ذوي االنتماءات السياسية و الدينية

و هو ما سوف نتحدث فيه الحقا . يشكلون نسبة قليلة العدد من هذه الفئة ، و هم املتحصلون على ثقافة عالية شاملة متنورة .. قيقيون ـ طبقة املثقفون احل

االنتماءات ، و ليس بالضرورة أن يكونوا من ذوي صنعوا أنفسهم بأنفسهم نه ال مينع من أن يكون إ، فالسياسية أو الدينية . و إن كان منهم من هو كذلك

ن حلرب ، معرضوالب األعم غ صاحب فكر حقيقي ، ني ر وق اد . و هؤالء يف الأو خفية أو معلنة أحيانا ، و لتهميش خفي ، و ال يلقون أي دعم مادي

اعتباري من الدولة ، حىت الذين هم ليسوا يف موقع املعارضة أو الصدام مع فالقضية . الذين يتفقون معها و مع آرائها هؤالء السلطة السياسية ، ال بل حىت

صر املماليك ، فهؤالء لعرجاع ، هي قضية إإذن .. هي قضية ميش فكر ال يستطيع نشر كتاب و الكثري منهم حمظور عليهم أي دور ، و الكثري منهم

و يعيش يف حالة من الفقر و العوز . علما أن هؤالء ، هم مغمور و معتم عليه ، و هم الذين ميكن أن تقام و هم املفكرون األصيلون ، املثقفون احلقيقيون

فهم و م و مبعيتهم . النهضة من جديد على أكتا و إال .. ما هو التفسري احلقيقي لتهميش هؤالء و قمعهم فكريا و اجتماعيا ، و

املنظومة السياسية العربية على املنظومة حرب هي ال أن تكون إ أحيانا سياسيا ، للثقافة و التربية و التعليم ، بتحميل ة. و تقرير املنظمة العربيالفكرية ؟؟

األوىل أو كون العامل العريب حيتل املرتبة العربية ، املسؤولية كاملة عن احلكومات، إن هو إال إشارة واضحة ال لبس فيها إىل الثانية عامليا من حيث نسبة األمية

. ذلك ، و هي كناية أبلغ من التصريح أين أين النهضة الفكرية ؟؟!! أين النهضة العلمية ؟؟!! أين االختراعات ؟؟!!

.. ؟؟!! أين الصناعات ؟؟!! أين و أين و أين ؟؟!! نعة السياسية و الوطنية امل

444

ألسنا اآلن يف حالة شبيهة باحلالة اليت كانت سائدة بعصر املماليك ؟؟ .. أال نستطيع القول جبدارة و بعد كل هذا الذي حصل و حيصل اآلن يف العامل العريب

لوكي الثاين .. عصر املماليك يف العصر املماآلن إننا من دمار و خراب .. . الفكري ؟؟

الفكرية الشعبية اليت هي الداعم األول و املنظومةمن املسؤول اليوم عن خواء يف خلق جمتمعات متحضرة متقدمة ؟؟ أليست احلكومات العربية العامل األساس

صاحبة السيادة و القرار و اإلمكانات و اهليئات و املؤسسات ؟؟ و صاحبة اإلكراهية ؟ و املفترض أا املمثلة للشعوب و مفوضة من قبلها اإللزامية السلطة

عن ذلك ؟؟!! ؟؟ أليست هذه احلكومات هي املسؤول املباشر األول و األخري على الذي فاألمري، رعيته عن مسؤول راع كلكم( أمل يقل الرسول (ص)

مسؤول وهو تهبي أهل على راع والرجل، عنهم مسؤول هو و راع ، الناس العبد و، عنهم مسؤولة هي و ولده و بعلها بيت على راعية املرأة و، عنهم عن مسؤول كلكم و راع فكلكم أال، عنه مسؤول هو و سيده مال على راع

. و من هذا املنطلق ، أليست احلكومات ، هي راعية الشعوب ؟؟ . ١ رعيته ) العامل يف ، بصلة الفكر إىل ميت ام لكل ، مقصود و متعمد واضح إمهال هنالك ممنهجة منظمة جتهيل عملية وجود يالحظ و. الشعيب الفكر بالذات و العريب

من يتضح ما ذلك. السكاين العدد من الطاغية النسبة ذي الشعيب السواد هلذا قنوات على اليوم ي عرض مبا املتمثل الفكري و اإلعالمي الواقع استعراض خالل الصحف من األسواق يف يطرح ما و ، الفضائية و منها األرضية ، ربيةالع التلفزة

حيث من بل ، فقط الكم حيث من ليس ، واملنشورات الكتب اإلعالنات و باألحوال و لكن. الحقا به سنبحث ما هو و ، اهلدف و التوصيف و النوع ، حتصى ال و تعد ال كثرية أمثلة من واحدا نسوق أن من ذلك مينع ال ، كافة

/ . ٩٠١/ ، ص /٢صحیح البخاري ، ج / ١

445

حتدثنا الذي الشهري) مصر وصف( كتاب هو و ، للفكر املتعمد اإلمهال على . الرئيسة مصادره أحد هو الذي و ، الكتاب هذا من سابق مبحث يف عنه

مث ، الثانية و األوىل الطبعة يف املخطوط ترجم الذي املترجم مقدمة يف لننظر. جليا الصورة لتتضح مليا فيهما لنتمعن و ، الثالثة الطبعة يف ابنته مقدمة يف لننظر

. مزدوجني حتتها اليت للعبارات متحيصه و اهتمامه يويل أن القارئ نرجو و اليت مقدمته من مقتطفات يف الشايب زهري ، املرحوم الدكتور املترجم يقول املبادرة هذه وراء أن من الرغم على" ١ يلي ما ميالدية/ ١٩٧٩/ عام كتبها و أسباا و دوافعها فردية مبادرة ، ككل) مصر وصف( كتاب ةلترمج

من األول الد من الثانية الطبعة هذه أقدم أن يسعدين.... خاصة ظروفها يرى بدأ الذي املشروع هو و) مصر وصف( لكتاب الكاملة العربية الترمجة ذا قأحل أن الالئق من وجدت قد و سنوات ثالث حنو منذ مرة ألول النور البارون وضع من إحدامها ، األوىل الطبعة يف نشرمها يسبق مل دراستني الد

للطبعة مطولة مقدمة هي الثانية و ، الفرنسي اجليش أطباء كبار أحد) الري( صدرت اليت و ،) بانكوك طبعة( باسم تعرف اليت مصر وصف ملوسوعة الثانية

ظهر قد و...... ) عشر الثامن سلوي( امللك من صادر ملكي مرسوم مبوجب بأمر ط بع أنه غالفه على ك تبقد و ميالدية/ ١٨٠٩/ عام منها األول الد الدات بقية لكن ، ) بونابرت( األكرب نابليون اإلمرباطور اجلاللة صاحب من

ط بعت قد بأا غالفها على ك تب لذا و ، نابليون سقوط بعد ظهرت قد التسعة إىل مهداة األوىل الطبعة كانت.... ) الفرنسية أي( احلكومة من بأمر

بدأ قد و. امللك اجلاللة صاحب إىل مقدمة فهي الثانية أما ، نابليون اإلمرباطور/ ١٨٢٩/ عام يف انتهى و ، ميالدية/ ١٨٢١/ عام من الطبعة هذه يف العمل

رئيس و الثقافة جملة رحتري لرئيس شكري أوجه أن يفوتين لن و.... ميالدية

وصف مصر ، مقدمة المترجم للطبعة الثانیة . ١

446

من أجزاء لنشر جملتيهما صفحات أفردا حني التلفزيون و اإلذاعة جملة حترير. منسيا نسيا فيه يصبح أن كاد وقت يف بالكتاب االهتمام أحيا مما ، الكتاب هذا ظروفها برغم كبري عون من يل قدمته مبا زوجيت للسيدة شكري أقدم كما

) . انتهى( " الصعبة ملا أخرى مقتطفات هاكم و ، كتابه يف املترجم أورده مما لبعض مقتطفات هذه

/ ١٩٩٢/ عام الثالثة الطبعة مقدمة يف الشايب مىن السيدة ، ابنته أوردته املترجم رحيل بعد طبعها عناء ، والدا السيدة و هي جتشمت اليت ، ميالدية

طبعته يف الكتاب ذاه صدور على مضى لقد: ١ تقول حيث) العائلة رب( ، يزال ال و خالهلا القى ، عاما عشر مخسة من أكثر ، العربية الترمجة من األوىل

، االهتمام هذا وراء السبب لعل و. املتخصصني و القارئني من املتزايد االهتمام يسبق مل" يقول حيث الفرنسية الطبعة مقدمة يف) فورييه( ذكره مما لنا يتضح و ، التنوع هذا و الشمول من النوع هذا مبثل ألحباث خضع أن آخر بلد ألي

ألحباث موضوعا تكون بأن جديرة أخرى بالد هناك فليست ، ذلك عن فضال كان إذا و.. املتحضرة األمم كل احلقيقة يف يهم أمر ، مصر فمعرفة ، كهذه أي( دالفري الصرح هذا لتأليف التقدير و الفضل ، الفرنسية احلملة لعلماء

الوطن هذا قدر يعرفوا كي كثريين ألناس الفرصة املترجم أتاح فقد ،) الكتاب كلما ، بالكتاب االهتمام زاد كلما. . العصور مر على الشامخ العظيم

جل توقف أن ، أيب رحيل بعد والديت تتوان مل مث من و ، املسؤولية تضاعفت و. للقارئني موفورا يظل و قهايستح ما الرعاية من يلقى كي العمل هلذا شأا و ، الرجال من العزم بأويل ينوء ما ، ذلك سبيل يف اجلهد من والديت بذلت لقد

هذه تنشر أن آثرت و ، حبملها مثقلة أا مع العمل هذا على احلرص من مزيدا هذه كانت و. بيسري الناشرين على ذلك ما و اخلاصة نفقتنا على املوسوعة

. المصدر السابق ، مقدمة الطبعة الثالثة البنة المترجم ١

447

هذا مثرات أحد هي ، الدارسني و القراء أعزائنا يدي بني نقدمها اليت الطبعة ) . انتهى( " معني خري اهللا و.. سنني طوال والديت تبذله الذي املضين اجلهد

يف العامل ، و ي طب ع األوىل األشهر وسوعة املكتاب ( وصف مصر ) الذي هو تارخييةالألمهية العلمية و ، نظرا لو أباطرا ملكية عليا من ملوك أوروبة بأوامر

الكبار و العظام يف و الفكرية اليت اكتشفها هؤالء األباطرة و العلمية و الثقافية ، هؤالء الذين احتلوا العامل و تربعوا على سدة حكم دول كربى هذا املخطوط

أمهية هذا املخطوط و يأمرون بطباعته و ، و منذ قرون ثالث ، يدركون عظمى ناء نسخ منه ، علما أنه ال ميت إىل حضارم بأدىن صلة ، بل إىل باقتيتباهون

اليت مشقة طباعتهذلك ، يتحملون أوسطية . و بالرغم من حضارة مشرقية ألي نه مل يسبق ما دعا أحد مؤلفيه إىل القول إ استغرقت سنوات مثان ، و هو

يهم كل بلد آخر أن خضع ألحباث مثل هذا النوع ، و إن معرفة مصر ، أمر و ي نق ل إىل العربية من قبل . هذا املخطوط إياه ، ال ي ترج م ةاألمم املتحضر

مببادرة / ميالدية و كيف ؟؟!! ١٩٧٩منظومات بين يعرب ، إال يف عام / فردية هلا دوافعها اخلاصة ، من قبل شخص مدين أخذ على عاتقه القيام ذا

أو احلكومات العربية كما فعل ، و ليس املنظومة السياسية العمل الكبري و يعرض يف .مبادرة عائلية فردية األوروبيون املتحضرون !!! فهي إذن ..

، ، أنه كاد أن يكون نسيا منسيا معرض دوافعه إلعادة طباعة الكتاب مرة أخرىوقفت إىل جانبه و شاركته العمل متحملة األعباء و و يقدم شكره لزوجه اليت

ذوي األوتاد ، ما يبدو ، مل يتنطح أحد من أصحاب املعايل اجلهد ، ألنه على للقيام ذا العمل اجلليل !!! .

يلف النسيان الكتاب و اإلمهال ، شأنه شأن و بعد وفاة املترجم ( رمبا قهرا ) السيدة اجلليلة زوجهالكثريون الكثر من أقرانه و أقران املترجم املفكر ، لتأيت

، متحملة التكاليف و األعباء مرة اعته بعد مخسة عشر عاما ، و تعيد طباحملترمة ، و تبذل اجلهود ما ينوء به أويل العزم من الرجال ، هذا إذا كان قد بقي أخرى

448

و ختتتم ابنته مقدمتها بعبارة ( و اهللا خري معني ) ، نعم .. بقية من رجال ؟؟!! ، بعد أن افتقد كل العون اهللا جل جالله ، خري معني للمفكر احلقيقي هذه األيام

نستشهد و العزل ، و أصبح شأنه جيعلنا و أصبح عرضة للمضايقة و التهميش العباسي الشاعر ، و نستبدل كلمة ( املفكر ) بكلمة ( الفقري ) ببيتني لألحنف فيها و نقول ..

و الناس ت غل ق دونه أبواا ميشي املفكر و كل شيء ض د ه . يرى العداوة ال يرى أسباا و ليس مبذنب و تراه مبغوضا

فلهذه العائلة الكرمية ، جزيل الشكر و االحترام ، و عظيم التبجيل ، و طويل

. الذين حتدثنا عنهم آنفا . فهؤالء هم املفكرون احلقيقيون االحنناء

عريب املمث لة إن جدلية و إشكالية العالقة بني املنظومة السياسية الراهنة يف العامل ال، تتبدى يف مظهر باحلكومات و األنظمة العربية ، و بني املنظومة الفكرية العربية

من مظاهرها اخلفية أو الغري مباشرة ، من خالل قضية خطرية جد اخلطورة ، و رمبا مل تظهر من قبل ، و هي قضية اغتيال و قتل ظهرت يف القرن العشرين

الذين و حسب بعض املصادر ، كانت تصفيتهم العلماء و املخترعني العرب ، . و ما يلفت النظر حول هذه القضية ، هو تتم عرب أجهزة استخبارات أجنبية

، و بعض اإلحصائيات حتدثت عن كثرة العلماء العرب الذين تتم تصفيتهم . ١ثالثة آالف عامل و مفكر عريب متت تصفيتهم حوادث القتل اليت تعرض هلا بعض و قبل أن خنوض يف هذه القضية ، نورد أهم

و الصحف الرمسية . ، من الكتب العلماءمن أهم هؤالء

لھذا المبحث . المعتمد الموساد اغتیال زعماء و علماء . و ھو المرجع العام ١

449

، ـ شيخ العلماء العرب و أوهلم ، العامل اللبناين الدكتور حسن كامل صباح الذي بزغ جنمه و علمه يف امليادين العلمية معظمها . وكان هلا ما يقارب املائيت

الفائدة للبشرية . و قد اعترفت ا دول العامل على غاية من األمهية واختراع ، من الواليات اختراعالعظمى و الكربى و غريها ، و سجلتها لديها كرباءات

املتحدة األمريكية و انكلترا و فرنسا ، إىل إيطاليا و اليابان و استراليا و غريها . وم بقياس و / م ، و هو عبارة عن جهاز يق ١٩٢٧، عام / كان أول اختراع له

و الشدة الكهربائية الالزمني لتشغيل اآلالت و األجهزة . مث معايرة الضغط جهاز شبيه بالتلفاز يقوم على مبدأ انعكاس يف السنة اليت تليها ، اخترع

/ اخترع جهاز لنقل ١٩٣٠. و يف عام / اإللكترونيات من فيلم مشع رقيق أن أهم اختراعاته ، كان جهازا ، قامت عليه السينما احلديثة . على الصورة

، و قد عرضه على بعض امللوك لتحويل الطاقة الشمسية إىل طاقة كهربائية حمرك طائرة شبيه ، مث قام باختراع العرب لالستفادة منه ، لكن مل يتيسر له ذلك

نه تعرض باحملركات النفاثة للطائرات اليوم ، و مل يتسىن له أكمال مشرعه ، كوحتديد سبب على إثره احلياة ، و مل يستطع األطباء مأساوي ، فارقحلادث سري

الوفاة كون جسده كان حبالة سليمة و هو ما رجحت بعض الصحف ، أن يكون حادثا مدبرا .

الصحف الفرنسية بأنه مفخرة العامل اللبناين رمال حسن رمال الذي وصفته ـ من علماء فرنسا . عمل يف فرنسا ، و اعترب سابع شخصية من بني مائة عامل

و ما فرنسا ، املركز الوطين الفرنسي للبحوث العلمية الذي يضم خنبة علماء فيه . و قد توصل إىل اختراعات و اكتشافات مدير قسم الفيزياء لبث أن أصبح

هامة يف جمال الطاقة و أمهها ، الطاقة البديلة ، كالطاقة الشمسية و الكهرباء الصادرة عن املواد و األجسام ، و قد وجد هذا الرجل ميتا يف ، و الطاقة اجلوية

خمربه دون معرفة األسباب اليت رجحها البعض بالسم .

450

اختصت بالعلوم النووية و قد تلقت دعوة ـ العاملة الدكتورة مسرية موسى اليت جرت حبوثا يف الذرة و / ميالدية . و هنالك أ ١٩٥١عام / للسفر إىل أمريكا

. العودة إىل وطنها مصر ت ا ، و قد تلقت عروضا مغرية للبقاء ، لكنها آثرجماهل و قبل عودا ، و جهت هلا دعوة لزيارة معامل نووية يف والية كاليفورنيا ، و يف

شاحنة كبرية ، سيارا و ألقت ا يف الوادي ااور دمت صالطريق إىل هناك ، ن السيارة بينما القت العاملة الدكتورة للطريق ، و قد متكن السائق من القفز م

. مسرية حتفها و قد تبني فيما بعد من التحريات اليت أجرا السلطات األمريكية ، أن الدعوة

و قد اختفى هو اآلخر ، كانت ومهية و أن السائق كان حيمل امسا مستعارا ظاا . و و مت تسليم والدها دفتر يوميات صغري كانت تدون فيه مالحبدوره .

و فعال غربت الشمس . ونتها فيه .. ( مث غربت الشمس )كانت آخر عبارة دسر القنبلة الذرية ، و كان الذي اكتشف ١ـ العامل املصري مصطفى مشرفة

ضمن سبعة علماء عملوا مع العامل اليهودي الكبري ( آينشتاين ) و تتلمذوا على حول كيفية صناعة هذه لك معلومات . عاد بعد انتهاء دراسته و هو ميتيديه

/ م . صرح لوسائل اإلعالم بذلك ١٩٥٢القنبلة و فور عودته إىل مصر عام / اإلمكانيات الالزمة لذلك . و بعد أيام من تصرحيه هذا ، توجد مبصر و قال أنه

، وسجلت القضية ضد جمهول . عثر عليه جثة هامدة يف املصنع خاصته الذي احتل املرتبة الثالثة على مستوى ٢السيد بدير ـ العامل الدكتور سعيد

العامل يف جمال االلكترونيات و االتصاالت الفضائية ، حصل على شهادة يف اهلندسة يف اهلندسة الكهربائية ، مبصر ، مث حاز شهادة الدكتوراه املاجستري

حبثا . بعد ذلك ، سافر إىل أملانيا و قدم ثالث عشرااللكترونية من انكلترا و هي حبوث تتعلق باألقمار الصناعية و غاية يف األمهية و اإلجناز العلمي ، علميا

. و بعض مواقع اإلنترنت . الموساد اغتیال زعماء و علماء عرب ١ المصدر السابق . ٢

451

من القمر الصناعي إىل األرض ، مهما كان نوع التحكم باملعلومات املرسلة القمر ، باإلضافة إىل أخطر حبث و هو فك شيفرة االتصاالت بني األقمار

مصر بعد تعرضه ملضايقات و ديدات و األرض . مث قرر العودة إىل الصناعية عثر عليه جثة هامدة أمام . و بعد عودته بيومني إىل مصر لكي يبقى يف أملانيا

أن الرجل انتحر بقطع و جاء يف التحقيق. / م ١٩٨٨عام / إحدى العمارات الطابق الرابع يف الشقة اليت كان ا ، مث طويت القضية نيني يده و القفز مارش

إن لكن زوجة العامل سعيد بدير ، قالت ذا اخلصوص : ى ذلك . بناء عل حبثا هاما يستطيع زوجي مل ينتحر ، و ما حدث معه ، يرجع إىل أنه كان يعد

يف من خالله كشف شفرات االتصاالت بني سفن الفضاء و األقمار الصناعية وصلت إىل نتائج : لقد ت األجواء ، و كان يقول يل دائما خالل وجودنا يف أملانيا

عندما عاد سرا إىل يف أحباثي ، لن يصل إليها األملان قبل عشر سنوات . و استثمار أحباثه العلمية و تطبيقها طلب يف اتصاالته مع املسؤولني املصريني ، مصر

. ، إال أن طلبه ر فض االلكتروينيف جمال التصنيع ء يف أمريكا ، و عندما قرر ـ عامل الذرة مسري جنيب الذي كان من كبار العلما و الطلبات بالبقاء ، تعر ض العودة إىل مصر و رفض كل املغريات و الوعود

حلادث سيارة أودى حبياته . إلكمال إىل تشيكوسلوفاكية إيفادهـ العامل الدكتور نبيل القليين الذي مت

ختصصه يف العلوم الذرية ، لكنه اختفى هناك ، يف ظروف غامضة . تراع جهاز يدعى اليت قامت باخالدكتورة سامية عبد الرحيم املة السعودية ـ الع

و هو جهاز له القدرة على التحكم باخلاليا العصبية من ( اجلونج أو جونك ) ذا اال ، األمر العامل يف هب رب آنذاك االختراع الوحيد فتح و إغالق ، و اعت

راحتهما ، و قد ع رض عليها يف علم األعصاب و املخ و جالذي قلب املوازين اختراعها هذا مقابل مزايا هائلة ال حيلم ا إنسان لكنها رفضت ، التنازل عن

عادت إىل أهلها بالتابوت . أن فكانت النتيجة

452

أحد املسؤولني عن الربنامج النووي نالذي كاـ العامل املصري حيىي املشد حث مع ابتللالقرن املاضي إىل فرنسا أواخر سبعينات العراقي ، و قد أ وفد

بعض القطع الالزمة للمفاعل النووي مسألة توريد حولالسلطات الفرنسية ، دخل . و يف إحدى املرات يقيم وحيدا يف الفندق. و كان الرجل العراقي و دخلت خلفه إحدى العاهرات اليت بدأت بالتحرش منفردا إىل املصعدالرجل

ا مل تفلح بسبب استقامة الرجل ، بعد ذلك بفترة نهك، لبه يف حماولة إلغرائه و عرض عليه مبلغا باب غرفته بالفندق أحد األشخاص ، عليهوجيزة طرق

.و طرده من الغرفة هائال من املال لقاء التعاون ، فرفض املشد طلبه و انتهره دة غرفته بالفندق و اعتدوا عليه بالضرب بأداة حاإىل ن بعدها بأيام دخل جمهولو

؟؟؟؟؟!!!!! . العربجنازته أي من املسؤولني مل حيضرو ما أدى إىل وفاته .

هذا غيض مؤمل مقرف من فيض أأمل و أقرف ، من حاال القتل و التصفية اليت و ، داخل بالدهم و أوطام ، العرب و املفكرين تعرض و يتعرض هلا العلماء

و مبدعيها ، إال دويالتنا و كريها حتترم علماءها و مفخارجها . كل أمم العامل ، فإا حتتقرهم و تنبذهم و تكفرهم و تفس قهم . كياناتنا السياسية و املذهبية

و الدول املتقدمة و الدول الساعية حنو التطور و اللحاق بركب الدول العظمى العلماء و املفكرين و املبدعني ، تبحث عنهم داخل احلضارة ، تستقطب

غراءهم بشىت املغريات ، و إ جها ، فتعمد إىل استحضارهم مجيعا أراضيها و خار، و تعدهم الوعود و تلبيها ل ما يتمنون و ما تصبو إليه نفوسهم كو حتقق هلم

تتحاشى هلم على الفور و جتعلهم يف مقام احملمودين ، بينما احلكومات العربية . كأم الطاعون . و .هؤالء و تبتعد عنهم كأم الوباء و كأم شياه جرباء

حترص على إبقائهم يف دائرة العتمة و الظالم و جتعلهم يف مقام املغضوب عليهم إىل البلدان املتقدمة حيث و تضيق عليهم السبل إما ليطفشوا خارج بالدهم

ي رح ب م هناك و تقدم هلم كل وسائل املساعدة و الدعم و اإلمكانيات

453

للبقاء ، أو يكونوا عرضة لكل عارض و ملنفعة بالتزامن مع أدوات اإلغراء و ات رمسي عريب رهيب ، يثري السخرية و ملون وسط ص قت في ، أكلة لكل آكل الذل و العار .

أو جتاهلها ميكن ال حية وقائع على تدل ، كأمثلة ذكرها السابق احلوادث إن عايل مستو على و ، متقدمة عربية علمية منظومة وجود.. أوهلا ، عنها التعامي

. ككل العامل يف الفكرية و العلمية املنظومات أرقى يضاهي و جدا راق من يكن مل العلمية املنظومات هذه وجودأن .. املعطيات أو الوقائع هذه ثاين

بنفسها نفسها شكلت تقريبا هي بل ، العربية السياسية املنظومة رحم أو منطلق وليدة تكن مل فهي ، عصامية مواهب و حاألرج على فردية مبادرات على بناء يف احلال هو كما اهليكلي التنظيم و املأسسة مبدأ على قائم سياسي وطين قرار

أو مستقلة رابطة جتمعها ال متشرذمة ل م ه عن عبارة كانت بل ، املتقدمة البلدان . منفردة رمسية تعرضت ، املتقدمة العلمية العربية املنظومة أن.. هذه الصور و الوقائع ثالث

عملية سه ل ما هو و ، السياسية املنظومة من ، مقصود رمبا و واضح إلمهال الوقائع تلك كل صحت إن ، اخلارجية األطراف ق بل من اصطيادها و صيدها

أجواء وسط تتم كانت ، تلك االغتيال تعمليا أن املالحظ و. آنفا املذكورة أن ، فيها ما أقصى بل ، التعقيد هذا كل إىل حتتاج ال اعتيادية عادية ظروف و

يقوم و ، االعتيادية غري ضحيته إىل منفردا اجلرمية مرتكب الفاعل يدخل و بدهسه يقوم أو ،و كأنه يف نزهة خيرج و بساطة بكل جرميته بارتكاب

أي أو حراسة أو محاية أدىن دون الطريق قارعة على شاحنة أو بسيارة صدمه و كانوا العلماء هؤالء أن على واضح دليل هذا و. اهلدف يةللضح أمين إجراء

باألحرى أو القطيع عن انفصلت شاردة تائهة خبرفان أشبه ، الشديد لألسف ا لينفرد، إرادة جتاهلها و ه مال تركها و القطيع عن عمدا الراعي فصلها . شا و قتال الذئب

454

، العرب العلماء تصفية قضية يف يةجدل عالقة وجود.. الوقائع و الصور رابع العلماء( هي و القضية هذه عليها قامت أثاف شكلت ثالث أطراف بني تقع

، بالذات القضية هذه يف) . األجنبية اجلهات - العربية احلكومات - العرب و ، حقها تفيها ال إعالمية متقطعة شذرات يف تناوهلا و عنها احلديث يتم

إغفال يتم و. األجنبية اجلهات و العرب العلماء.. ثننيا طرفني بني حتصرها إطار خارج جعلها و العربية السياسية املنظومة أو العربية األنظمة و احلكومات

و احلكومات مسؤولية عن التساؤل إىل حيدونا ما كله ذلك. املعادلة تلك . منها املسؤولة العربية الفكرية و العلمية النخب عن ، العربية األنظمة

أما ، بالرصاص عريب مفكر أو عريب عامل اغتيال يقولون عندما نفسيا أرتاح أناأو نطحه ، أو عضه القط شاهق من سقط أو بالبوتوغاز حمروقا مات.. يقال أن

عندما . بذاته العيب اهللا و فهذا.. أو.. أوأو تزحلق بالطريق و مات الثور قبل من طويال الن الفالين بعملية حمكمة خمطط هلا يقال مت اغتيال العامل العريب ف

، و رصد هلا العشرات من الرجال أجهزة االستخبارات الفالنية و جند ألجلها اجتياز كذا عائق أمين حىت وصل إىل ، و استطاع الفريق األموال من املاليني

أما عندما يقتلنعرف أن هذا العامل له قيمة عند حكومة بالده . اهلدف . ذكرت آنفا و يذكر موته كما يف صفحة الوفيات اليومية بالصحف بالطرق اليت ، فهنا املصيبة ، و ي م ر عليه ال مرور الكرام ، بل مرور اللئام بإشارة عابرة

األعظم ، على مبدأ املثل القائل .. إن كنت ال تدري فتلك مصيبة و إن كنت تدري فاملصيبة أعظم .

ائما يف تلكم احلاالت ، على املوساد أو غريه ؟؟ أليس من حق ملاذا يتم التهجم د أن تقوم بقتل شخص ما تراه خطرا عليها ؟؟ أليس هذا ما ، املوساد أو جهة ما

حيصل يف كل دول العامل ؟؟ أليست هذه هي قوانني و قواعد اللعبة السياسية ، يست هذه هي أو باألصح لعبة اخلصومة و العداء السياسي و العسكري ؟؟ أل

أنا ( فرضا ) مالكم يف حلبة لعبة احلرب ؟؟ فلماذا ننكرها على غرينا ؟؟

455

؟؟ هذا اخلصم يل لكمةمالكمة و أمامي خصم ، أليس من قواعد اللعبة أن يوجه أليس من حقه ضمن قواعد اللعبة أن يتحني الفرص و يتحني حركة خاطئة مين

ه يل الضربة القاضية و يسقطين أليس من حقه أن يوجليوجه يل اللكمات ؟؟ يف لعبة ما ملاذا أمح ل خصمي السياسي أو العسكري أو حىت خصمي أرضا ؟؟

أو املادي أيا كانت ، املسؤولية األخالقية عن مهامجيت و هزمييت و إحلاق األذى و هو أمر يعيدنا كر ة أخرى إىل الشاعر عمر االعتبارية املعنوية يب ؟؟ . اخلسارة

شة حني يقول يف قصيدة له .. أبو ري نم الص هر ط حيمل يكن مل ه ت د جم صنم كم أميت

الغنم عدو الراعي يك إن عدوانه يف الذئب الم ي ال الدرهم عبيد احلكم يف كان ملا فلوالك الشكوى فاحبسي

:و املثقفون الدعاة املفكرون

، أيا كان هذا الفكر . و حىت للفكر و املول د ، هو احلامل املفكر عرب التاريخ و صورته ، ال بد من العودة إىل القرون نعطي صورة أوضح ملفهوم ( املفكر )

. إىل وقتنا الراهن هذا األوىل من التاريخ ، و منها وصوال ، و السمات و الوظائف و األدوار لقد اختلفت املسميات و األوصاف و رخيية و حسب األمكنة اجلغرافية التاللشخص املفكر عرب املراحل الزمنية

. أيضا احلضارات اإلنسانية خارج النطاق الزمين السياسي كتعريف اصطالحي جمرد بداية .. من هو املفكر

ي عم ل تفكريه يف قضية ما و االجتماعي أو الديين ؟؟ .. املفكر هو اإلنسان الذي حلية مجيعها ، هي كائنات معينة . و من حيث املبدأ ، فإن الكائنات اأو إشكالية

. مفكرة ، و ال ندري ما هو وضع النبات بالضبط يف هذه القضية

456

اليت تفكر بكيفية مفكر ، و الكل يفكر ، بدءا من البعوضة إذن .. اجلميع ، و تفكر كيف ختتار أفضل األماكن البحث عن رزقها املخضب بالدماء

أعدائها احليويني . كذا األمر ، و هروا من لتموضعها و تكاثرها و اختباؤها ذلك الكائن اهلالمي األجوف الذي ال مخ له و ال مبا يسمى ( قنديل البحر )

و أنه يفكر بطريقة متطورة . بعد جتارب معينة ، ، و الذي اتضح أي عضو آخر األمريكية ، كذا األمر بالنسبة للنمل ، هذا الكائن الذي أثبتت بعض الدراسات

اليت يقة عقالنية أكثر من بين البشر . مرورا مبعاشر احلمري و البقر أنه يفكر بطرو اتضح أا على مستوى من التفكري و الذكاء ال يستهان ما .. فاحلمار

، و أنه حسب ما ي ع رف عنه ، أنه ال خيطئ بطريق أو درب ، مر به من قبل أرادوا شر اآلدميني إذا ، كان معاشر الب خيتار أفضل الطرق و املمرات . و قدميا

ال شق طريق يف أرض وعرة ، أتوا حبمار و أطلقوه فيها على سجيته و راحته ، و شقوا الطريق مبوجب ذلك . ، مث تتبعوا خطواته و خط سريه يزعجه أحد

الذي س مي بالعاقل و نسب إىل العقل ، كونه ميثل أكثر وصوال إىل اإلنسان . كريا الكائنات عقال و أعقدها تف

، و ال أحد .. مفكر ، و الكل ما شاء اهللا إذن .. ( خيزي العني ) الكل يفكر هذه امللكة . لكن القضية هنا تتعلق مبسألة التفاضل و يبدو أنه يفتقر أو يفتقد

التمايز العقلي و الفكري . و كما قال الشاعر الكبري أبو الطيب املتنيب :

اإل نسان م ن ش ر ف إ ىل أ دىن يغ م ض أ دىن ل كان الع قول ل وال امل ر ان ع وال ي الك ماة أ يدي و د ب ر ت الن فوس ت فاض ل ت و ل ما

املفكر هو .. اإلنسان األكثر ، فإن تعريف هي قضية تفاضل و مبا أن القضية

، و هو و استنباط احللول الناجعة هلاقدرة على التفكري حول مسألة معينة حول خلق أو اختراع أو اكتشاف أداة معينة ختدم البشرية و األكثر تفكريا

457

اعتبارية اصطالحية ، و هو شخص مميز اإلنسانية ، مادية ميكانيكية كانت ، أم . فالذي اخترع أو اكتشف العجلة الدائرية ، هو عن أقرانه من البشر املفكرين

ن يقدم خدمات كبرية لإلنسان و أن احليوان ميكن أمفكر و الذي اكتشف ميكن استخدامه و ترويضه أو تدجينه هلذه الغاية ، هو شخص مفكر . و يقاس

و االختراعات البشرية ، منذ فجر احلضارات على ذلك كل االكتشافات . اإلنسانية األوىل ، إىل يومنا هذا

اختلفت ودم الق منذ قد روه و الناس احترمهر ، هذا الشخص املسمى باملفك فئتهو أمساؤه و صفاته باختالف العصور . فقدميا أ طلق عليه لقب ( احلكيم )

( احلكماء ) و هم الذين كان احلكام أ طلق عليها لقب ، اليت ينتمي إليهاشؤون اململكة و قضاياها اخلطرة أهم يعتمدون عليهم و يت كلون يف إدارة بعض

، و هؤالء كانوا الفئة لقب ( الفالسفة ) و فيما بعد ، أ طلق على هذهاجلسام . حساسة ، لكنهم و مبجمل األحوال أحيانا يتموضعون يف مواقع سياسية و دينية

كانوا مقربني من امللوك و األباطرة و احلكام . لن أن قال أفالطون مقولته الشهرية ( تها وظيفأمهية و بلغ من أمهية هذه الفئة و

أو تفلسف امللوك و الفالسفة إلنسان إال إذا ملك عد استستقيم البشرية و ياحلكام فلسفة صحيحة تامة و توحدت القوتان السياسية و الفلسفية يف شخص

. فهؤالء كانوا و ما زالوا ، هم احلامل األساس للحضارة يف أية بقعة واحد ) مع تقدم الزمن ، من بقاع األرض و مصر من أمصارها . و تطور اسم هؤالء

و هم الذين قامت لقرون الوسطى و ما بعدها ، أصبح امسهم ( العلماء ) ففي اعلى أكتافهم الثورة التقنية العلمية يف أوروبة . هؤالء مجيعهم يندرجون يف خانة

املفكر هو الشخص املميز خيضع أيضا للتعريف التايل .. املفكر الذي هو بنظرنا . فكريا عن اآلخرين من ذوي التفكري

وم .. يف الوقت الراهن ، ظهرت مصطلحات و مسميات جديدة أ ضيفت و اليو هو مصطلح برز يف بداية القرن املاضي ، إىل هؤالء أشهرها كلمة ( املثقف )

458

أنتلجنسيا ) . و املثقف بشكل عام كلمة ( و قد قابله يف املصطلحات األجنبية عاملا خمترعا ون و حسب االصطالح و التعبري العاملي ، ليس بالضرورة أن يك

البشرية عيشه ت مكتش فا ، يف أغوار العلوم التطبيقية املادية ، ألن هذا العصر الذي ، إما أا اآلن ، أضحى عصر التخصصات و ااالت املنفصمة رئيسيا و فرعيا

ذات يف ختتلف بعضها عن بعض يف ااالت و األقسام ، أو يتبع بعضها بعضا حتمل داللة العلم و حسب االصطالح اللغوي املثقف كلمة و . اال و القسم

ث ق ف : ، جاء يف لسان العرب و داللة املعرفة و الذكاء و النبوغ التميز فيه س رعة هو والشيء ث ق ف : يقال و. ح ذ ق ه، أي ث ق وفة و ث قافا و ث ق فا ء الشي غالم، و ث ق ف فهو ف ط نا ، حاذ قا صار أ ي ت ع با ت ع ب مثل ث ق فا ث ق ف و. التعلم . ( انتهى ) إليه ي حتاج مبا املعرفة ثابت أ نه املراد و ذ كاء، و ف ط نة ذو أ ي ث ق ف

ثقف: قيل ، االعوجاج تقومي تعين و التحصيل أيضا تعين العرب عند الثقافة وهو الشخص املتحصل على هذا ، يف يومنا املثقف و .اعوجاجه قوم أي الشيء

املعارف و العلوم العامة . ، و ال صناعات و ال و مبا أنه ال يوجد يف العامل العريب اختراعات و ال خمترعني

، فإن اخليار الوحيد مصن عني ، و ال فكر إنتاجي تقدمي ي عتد به و ال مفكرين كلمة ا قد قلنا . وإذا كن( املثقف ) ةاملطروح أمامنا للتوصيف ، هي كلم

األمر بالنسبة لكلمة كذلك أيضا أو سنقول ، فهذا يعين استثناء شاذا . مفكر ) ( . ( علماء ) أو ( عامل )

هنالك تساؤالت عدة ختطر يف البال عند مساع كلمة ( مثقف ) .. ما هو و ما هو واجبه ؟؟ و ما هو دوره ؟؟ و أين تعريف املثقف ؟؟ و ما هي وظيفته

و هل حيمل امسه على مسماه و معناه ؟؟ أم اآلن يف اتمعات العربية ؟؟ موقعه العليا املفرغة من املضمون و ال األخرى السامية أن شأنه شأن بقية املفاهيم

. أسئلة كثرية تعتمل يف الرأس ، و ؟؟ يوجد منها سوى هياكل صدئة مهترئة

459

تساؤل واحد .. ما هي تدور فيه ، لكنها مجيعا تدور يف فلك تساؤالت عدة ؟؟؟.. هوية الفكر العريب املعاصر اليوم بالنظر إىل هوية املثقف العريب اليوم

لنستطيع تكوين صورة و عالقتها باملثقفث عن الثقافة يال بد لنا من احلدبداية مرتبطة املثقف كلمة إن.. واضحة عن هوية الفكر العريب العاصر السائد اآلن

األشكال من بشكل هي ، الثقافةف. األخرى من مشتقة إحدامها و الثقافة بكلمة ثقافة أم شعبية ثقافة أم فردية ثقافة أكانت سواء ، عنه تعبري و الفكر عن صورة عن الكالم و. ديينال أو سياسيضمن اال ال.. متحزبة إيديولوجية فكرية ، نفوسهم و عقوهلم يف غلهاتغل و أفراده مع تفاعلها و ، ما جمتمع يف الثقافة تأثري أوال تتعلق ، متشعبة كثرية أبعاد ذات قضية فهو ، مبكان السهولة من ليس

و. الكم مث من و النوع جلهة بتوصيفها ثانيا و. كمصطلح الثقافة بتعريف و. اتمع هذا تسم اليت الفكرية السمة و فيه املوجودة اتمع بتوصيف أيضا

قبل ذكرنا كما أا من بالرغم الثقافية عن منيزها هنا فنحن يةالفكر نقول عندما الفكرية السمة يتبع ، بنظرنا الثقافة مصطلحألن . . عنها صورة تكون قد قليل متخلفة جمتمعات فهنالك. عليهما تتسلط و اتمع و املرء نفس تسود اليت

و البشرية العالقات من متردية درجة إىل تنحدر و ، علميا و حضاريا و فكريا غري بغيضة ثقافة لكنها ، ثقافة أنتجت ذلك مع و ، اإلنسانية الذات احترام من تزعمه ما إىل تنظر هي و. معني فكري رحم من و ، دينيا و أخالقيا مقبولة بعناوين الكتب ألجلها طبع ت و. العامل يف الثقافة و الفكر قمة أنه على ، ثقافة

تنحصر إعالم وسائل و فضائيات ألجلها ر خ س ت و ، هبالذ مباء مطبوعة من هائل كم يف أنفسنا جند أننا كما. الثقافة تلك نشر يف فقط مهمتها

ال ، النوع حيث من لكنه ، املؤمترات و احملاضرات و الندوات و املطبوعات . العقالين املنطقي العلمي احلقيقي مبعناها) ثقافة( كلمة مستوى إىل يرقى

كانت أيا الثقافة تأثري فإن بالتايل و. كم تكون أن قبل نوع هي ، إذن فالثقافة و ، نوعيتها و اتمع هلذا الفكرية بالسوية أساسا يتعلق ، كان أيا اتمع على ،

460

هذا وجود حال يف فاعليته و اتمع يف العامل الثقايف احلراك بسوية أساسا يتعلق . احلراك

يف ليس و الثقافة نوعية يف هي ، النهائية العربة فأن و عليه بناء ، بناء عليه األحداث بعد بالذات و أخريا لنا اتضح ما حسب الثقايف التأثري ألن ، كميتها

صفتها، و نوعها كان مهما ثقافة أية يف موجود ، اآلن العربية املنطقة ا متر اليت له يتعرض ضاغط و هائل فكري ثقايف لتأثري خيضع عموما العريب اإلنسان أن و

. املمات حىت و الطفولة منذ حىت.. ثقايف تأثري هو ، نسمعه ما و نراه ما و حولنا ما كل أصبح لقد

التحوير و التأثري من شيئا طياا يف ختفي اآلن أضحت ، التجارية اإلعالنات الكم قضية ليس و الكيف و النوع قضية هي اآلن فالقضية. الثقايف و الفكري

أنهمؤداها نتيجة إىل مدة منذ توصلت ، الكتاب هذا مؤلف.. أنا و. احلجم و يوجد أنه العزيز القارئ أيها تعلم هل.. ) اجلهل ثقافة( أمسيه ما هنالك يوجد يوجد أال ؟؟ للكره ثقافة يوجد أال ؟؟ للقتل ثقافة يوجد أال ؟؟ للجهل ثقافة. ؟؟ الكلية اجلهل ثقافة الثقافية اجلزئيات هذه كل ل ك تش أال ؟؟ للتطرف ثقافة

كانت مهما قالئل أفراد مستوى على حىت ، مجاعي ف تصر يوجد ال ، بنظرنا لو و حىت ، معينة ثقافة من ينبع إيديولوجي فكري تأثري دومنا ، العلمية سويتهم

هلا ثقافة من تنطلق العمياء التبعية.. يفقه ال و يقرأ ال أميا الشخص كان و خمطوطة مادية أسس و بعوامل املتمثل الفكري كياا و أطرها و حدودها ال قد العمر من معينة درجة إىل املرء معه يصل هائل تأثري هلا و مرئية و مسموعة

يف الثقايف للتأثري بالنسبة .. نقول لذلك و. عقل ال و منطق ال و وعظ معه ينفع يأخذ مزدهرا متقدما جمتمعا أردنا فإذا ، الثقافة عنو حتديد أوال جيب اتمع

و اإلنسانية البناءة الثقافة نشر علينا ، أسباا يت بع و اإلنسانية احلضارة بتالبيب . العملية الفكرية

461

ثقافة و العشائرية و املذهبية و الطائفية ثقافة إلغاء علينا ، صراحة و بوضوح و واقعة تارخيية حالة فهذه املذاهب أو ائفالطو إلغاء قولن ال و الكراهية أو لطائفة االنتماءو ، املذهبية غري املذهب و، الطائفية غري الطائفة. موجودة ثقافة نشر علينا. عنهما املختلف تكفري و هلماو التمذهب التعصب غري مذهب و هيباملذ و الديين اآلخر مع احلوار ثقافة نشر علينا. اتمع يف املواطنة

. الطبقي و السياسي من خوف ثقافة هنالك.. جيب أن نكون واضحني أكثر لكي نوضح أكثر

أحد هذا و ، كبري بشكل مؤثرة و عندنا منتشرة ثقافة هي و ، اآلخر مع احلوار من املواطنة يف لك أخ مع جتلس. اتمع يف للثقافة السليب التأثري على األمثلة

تبدأ أن مبجرد و بسيط اعتيادي بشكل اورهحت و خمتلف مذهب أو دين اختذ و حتفز قد جتده حىت ، الطفولة منذ ذهنه يف املزروع التابو من باالقتراب حوله من) جمازي معىن( الناسفة األحزمة و األلغام بزرع قام و القتالية الوضعية

و. اآلخر حوار و نقاش من فيه املزروع اخلوف بيتون حائط خلف متترس و هجرا لك هجرانه أو معه عالقتك بفقدان تغامر قد فإنك األحيان بعض يف

يف املسؤولية يتحمل عمن التساؤل إىل يقودنا هذا. األحوال أحسن يف مجيال من بدءا دائرية تكاملية مسؤولية هي: مباشرة اجلواب و. باتمع الثقايف التأثري و املدينة و احلي و املدرسة و باألسرة مرورا الفرد هو و اتمع يف وحدة أصغر حىت و الثقافية و االجتماعية املؤسسات و األعمال رجال و الدين رجال

. نفسها بالدولة انتهاء و غريها و التجارية الفكر من حصرا ينبع اتمعات من جمتمع يف الثقايف التأثري فإن سبق ملا تبعا

مبعىن و املتأثر و املؤثر هي ثنائية طرفية ىعل يعتمد و ، فيه املهيمن و السائد الشعر كان كيف رأينا مثال اجلاهلية جمتمع ففي ، املتأثر فكر و املؤثر فكر ، أدق و املوجه مبثابة الشعراء كبار قصائد كانت كيف و ، السائد الثقايف الفكر هو

باجتاه متوجهه و األفراد محاس تلهب اليت هي القصيدة فكانت ، الفكري املؤثر

462

. الوطن حب و النخوة و الظلم رفع و التعاضد و الشجاعة و كاألخالق معني عن بالتحدث أوال تبدأ كانت ، آنذاك العربية القصائد أن نالحظ لعلنا و

معنوي توجيه هذا. اخل.. مدح أو غزل القصيدة كانت لو و حىت ، األطالل يف األمر كذا. هويته العريب نساناإل يدرك كي ثقايف تأثري و باألرض التعلق حنو

و الكتاب طبقة ظهور و النثرية الكتابات و الشعر كان حيث العباسي العصر العالء أبو و املتنيب و) دمنة و كليلة( كتاب صاحب املقفع كابن املؤلفني و هؤالء. احلصر ال املثال سبيل على الفارايب و سينا ابن و اجلاحظ و املعري يف العريب اتمع يف الفكري و الثقايف التأثري يف األطول الباع هلم كان غريهم و العرب و العروبة عن تتكلم اليت املتنيب قصيدة مثال نالحظ ، االجتاهات خمتلف : فيها يقول ، العربية املنطقة يف اآلن الوضع عليه ملا مشاة قضية تناقش

ع ج م م لوك ها ع رب ل ح ت ف و ما ب امل لوك الناس و إ ن ما ذ م م و ال ل ه م ع هود و ال ح س ب و ال ع ند ه م أ د ب ال

غ ن م ك أ ن ها ل ع بد ت رعى أ م م و ط ئت ها أ رض ب ك ل

. األيام هذه الكثريون يفتقده متقدما عروبيا فكرا و وعيا متثل املقولة هذه يف املوجه الكبري األثر له كان ، األيام تلك يف سائد فكري كنمط فالشعر كقصائد ، الدخيل األجنيب للعنصر العرب فيها يتصدى كان اليت العربية املعارك فتح يف متام أبو قصيدة و احلمداين الدولة سيف معارك فيها يصف اليت املتنيب

اوزهمجت و لطغيام صده و الروم مع املعتصم حرب فيها وصف اليت عمورية : مطلعها يف قال اليت و. العرب حبق

أ نباء أ صد ق الس يف و الل ع ب اجل د ب ني احل د ح د ه يف الك ت ب م ن ج الء م تون ه ن يف الص حائ ف سود ال الص فائ ح بيض الش ك و الر ي ب

463

للتأثري أداة كانو ، السائد هو املسرح كان حيث مثال اليونان يف األمر كذاو السياسية و االجتماعي ، حيث كان يعطي صورة للوضع اليوناين الثقايف

، ينقل تبادلية فيما بني السلطة و اجلمهور فكرية عالقة و شك ل بذلك القائم ، . هكذا وأفكرا السلطة للجمهور ، و بالعكس ، أفكار اجلمهور للسلطة ،

ثقافة بني فكرية مواءمة هنالك تكن مل ما ثقايف تأثري هنالك يكون أن ميكن ال و أيديولوجيات بني متبادل ثقايف تأثري هنالك يكون ال فقد. املتأثر فكر و املؤثر

ما إىل) الغربية – اإلسالموية) ( املعاصرة – األصالة( مثال خمتلفة مفاهيم أو . هنالك

ميكن فال ، التأثري عملية تتم مث من و ال أو السائد الفكر مع التعامل جيب هلذا. الثقافة هذه خيالف فيه السائد الفكر كان إذا ، ما جمتمع يف معينة بثقافة التأثري

له أنه مع الوعي و الثقافة نشر يف الفعالة األداة يعد مل اآلن الشعر أن نالحظ اجلمهور لدى فاعلية أكثر أخرى أدوات وجود بسبب ، وجوده و حضوره

بيوتنا زوايا يف القابع الصندوق هذا.. التلفاز أخطرها و أمهها من و العريب اآلخر الطرف يريد ما لنا يقدم و أطفالنا عقول و عقولنا إىل يدخل لكنه دوء

. يقدمه أن ما و؟؟ احلقيقي قفث.. من هو املنسأل بالعودة إىل مفهوم و كلمة ( املثقف )

السيئة الثقافات إحدى ميثل و يتبع الذي املثقف هو هل؟؟ اتمع يف مهمته يتبناها و ، كثقافة الطائفية و املذهبية و العنصرية و التبعية السياسية املتخلفة

و ملواكبة يسعى الذي املنطقي العقالين املستنري املثقف هو أم ؟؟ مقولة و فكرا سليمة طبعية حالة هو الذي و لألمام املتقدم اإلنساين احلضاري الركب مواءمة ..؟؟ حتوالته و الزمين التطور بقوانني حمكومة

سواء.. العارف و املدرك و الفقيه و العال م هو ، احلقيقي املثقفو جنيب .. . للخلف ال لألمام يسري الزمنأن .. جمال من بأكثر أم حمددين حقل و مبجال

و جاهل مثقف ككذل يوجد ، التخلف و القتل و للجهل ثقافة يوجد كما و

464

، مفهوم و كمصطلح الثقافة كلمة على باإلسقاط و. أيضا متخلف و قاتل كلمة اآلن أصبحت قد ، مفهوم و كمصطلح املثقف كلمة إن.. قولن

و دالالا و توصيفها ملناقشة اآلن اال يتسع ال قد الطيف واسعة فضفاضة لكلمة األساس لتعريفا صاحب األصلي أو احلقيقي املثقف إن.. قولن لكن

قيد أي من - ثقافيا .. انتبه - ثقافيا املتحرر هو) التسمية جازت إذا( مثقف األعراف و الفقه يف يوجد كما و. عرقي أو عشائري أو مذهيب أو طائفي مثقفني و مثقفني هنالك أيضا كذلك ، السوء علماء و بالعلماء يسمى ما الدينية . سوء

، و ما إىل هنالك من أوصاف و مسميات الفقيه أو املفكر أو ملالعا أو املثقف الفكري خطابه لكن. ما يؤمن و سياسي أو ديين مذهب أو لطائفة ينتمي قد هو و ، هلما يتعصبان ال األحوال أحسن يف و ، سبق ما إىل ينتميان ال ثقافته و شرط و ، اكإدر و علم و ثقافة على ل التحص شرط ، الشرطني هذين حقق إن

اتمع يف بدوره للقيام صاحلا أصبح ، عمياء تبعية أية من الفكري التحرر هذين بأحد إخالل أي و ، السياسية و الدينية أطيافه و فئاته و شرائحه مبختلف ضيقة شرحية خماطبة على سوى قادر غري الفقيه أو املثقف يصبح الشرطني ال هلا عالقة ال تسييس و تبشري حالة امأم نكون ذاك إذ و ، اتمع من حمدودة و عرفيا ، احلقيقي املثقف مهمة. احلزب و باملذهب بل ، بالفكر ال و بالثقافة شك ال و جليلة كبرية مهمة هي.. إنسانيا و أخالقيا ميتلك الذي اإلنسان هو) مثقف( لكلمة احلقيقي املعىن صاحب األصيل املثقف ألن األدب و األخالق ناصية ميتلك.. له ضته قي قد تهثقاف ألن العلم ناصية حس ميتلك.. الطريق خارج اجلنوح من متنعه و إياها تلزمه احلقيقية ثقافته

منصبه أو االجتماعي موقعه و جمتمعه بعدها و أسرته مث أوال نفسه جتاه املسؤولية ، كما و نوعا احلقيقية ثقافته ألن ، حكومي منصب له كان إذا احلكومي

. لديه املسؤولية حس يستثري خفي ضمري إىل تتحول

465

النبوي احلديث عليها ينطبق ، املثقف مهمة إن.. قولن بدء ذي على عود مل فإن ، فبلسانه يستطع مل فإن بيده فليغريه منكرا منكم رأى من: الشريف حالة هو، بنظرنا هنا املنكر و) . انتهى( اإلميان أضعف هذا و فبقلبه يستطع فاملثقف. تناحر و أذى و قتل و كراهية من عنها املتفرعة السلبيات و اجلهل سواء ، تنفيذي سلطوي موقع يف املوجود املثقف حتما هو ، بيده يغري الذي على إرادته فرض له يتيح موقع أي أو اجتماعي أم ديين أم حكومي أكان

النسبة هذه من و، جدا ضئيلة نسبة يشكل، برأينا املثقف هذا و األفراد، هنا. اتمع جتاه التثقيفية املسؤولية يتحملون ممن ضئيلة نسبة أيضا خترج الضئيلة

يف وضعه و املسؤولية و الضمري صاحب املثقف انتقاء يف الدولة على العاتق يقع ملكانا يف املناسب الرجل( مبدأ على وطنه جتاه بواجباته القيام خيوله الذي املوقع

. املناسب املكان يف مناسب الغري املثقف.. اآلن نراه ما ليس و) املناسب يف مثقف كل مسؤولية هي و بلسانه يغري الذي املثقف حالة هي الثانية احلالة حتت الناس خياطب و الشارع إىل يرتل أن املثقف طالب.. حنن ن هنا و. اتمع

أن و ، مثال كالقراءة الثقايف ل التحص على يشجعهم و، ظرفأي و مناسبة أية بعض أبعاد ذهنيا و عقليا ك يدر ال قد الذي جمتمعه من اهلائل للكم ثقافيا يتواضع

بأم للتباهي مثقفينا معظم لسان على ترد اليت العاجية األبراج مصطلحات رمبا ماألعظ للسواد بالنسبة هي بينما الفهم و العلم من رفيعة مرتبة إىل وصلوا

متاهي – جدلية – صريورة( مثل أحجيات و طالسم عن عبارة ، اجلمهور من ال شيء مساع عن هؤالء يعزف بساطة فبكل) اخل... جزئية – إشكالية –

له يسلسون و عقليتهم و خطام و بلغتهم خياطبهم من إىل يتجهون و يفقهونه اآلن نراه الذي إىل الشخص هذا فيقودهم) عقاهلم( أز متهم يسلمونه و قيادهم . منحرف فكر و ختريب و أحداث من أمامنا

عن فع تر و تعاىل كونه املسؤولية من كبري جزءالعريب املثقف مل.. حنن حن هنا و جمتمعها ضد أدارها و بعضها، الغري ف تلق يتال البسيطة اتمع قواعد خماطبة

466

الومهية و الفكرية العاجية األبراج من ترتل أن نتلجنسيالأل األوان آن. دولتها منالعريب للمثقف بد ال. العريب و سواد عوامه اتمع قواعد إىل تتجه و أحيانا

شهرية مقولة هنالك. لآلخر الفكرية للسوية الفكري و األخالقي التواضع و" . عقوهلا قدر على الناس خاطبوا" فيها يقول طالب أيب بن علي لإلمام

سلعة أية شأن شأنه سلعة الفكر.. قولن نظرنا وجهة من و ديدةش بصراحة هلا الترويج و املستهلك فكر لدراسة حباجة حنن بتسويقها قومن حىت و. أخرى

. التجارية الشركات تفعل كما متاما ، عقله يف و التحوير و النسخ جتاوز و التطوير و التجديد اآلن املثقف من املطلوب البعض ا يقوم اليت( العقيم احمللي االستهالك و التقليد و فيقالتل و التدليس

يف هذا. فيه فاعال و اتمع و الواقع مع منفعال يكون أن و) اآلن نراهم الذين األكادميية أو اجلامعية الشهادة أن هي و جدا هامة قضية إىل هنا نوهالصدد ، ن

العكس و. الوعي أو الفكر و ةللثقاف داللة تكون أن مطلقا بالضرورة ليس املتميز، الفكري املستوى و العبقرية و اإلبداع موهبة حاز من كل فليس صحيح

ذكر ما على بناء . الرمسية املنابر و العلمية الشهادات أصحاب من يكون أن. بتفعيلها يقوم من إىل فقط حباجة فعالة أداة بساطة بكل هو املثقف ، سابقا أمضى يكون قد ، الدولة و للبلد استراتيجي خمزون هو ، الوطين ياحلقيق املثقف

بل ، به الرقي و اتمع توعية ألجل فقط ليس هامة أداة و ، آخر سالح أي من أو إعالمي تضليل أو فكرية هجمات أية ضد عنه الذوذ و الوطن عن للدفاع . اتمع ألفراد الثقافية و الفكرة املناعة رفع و فكري

دنا السرد السابق إىل تساؤل كبري يطرح إشكالية كربى حول هوية املثقف يقوأصناف عدة للمثقف و بالعموم ، لقد أضحت هنالك يف الوقت احلايل . العريب

االجتماعية و الدينية ، يف الشارع العريب ككل ، منها ما أفرزته املتغريات البيئية ، و ، الداخلية منها و اخلارجية الوقائع و األحداث السياسيةصنعته و منها ما

467

يف منها ما صنعه االثنني معا . و أهم األشكال السائدة اليوم لشخصية املثقف هي ..العامل العريب

ابن بيئته : اإلنسان عموما ، هو ةاإليديولوجيمثقف و ةالبيئمثقف

ينية أو من مفاهيم أخرى داجلغرافية و االجتماعية ، و ما يفرزه هذان العنصران كيف أن حياة اإلنسان العريب و أو اقتصادية أو غريها . و قد رأينا سياسية

أخالقه و عاداته و أفكاره و أشعاره يف اجلاهلية ، كانت تابعة مبا يقارب املطلق . ، للبيئة اجلغرافية و من مث االجتماعية

، و شعب آلخر و ختتلف التبعية اإلنسانية للبيئة اجلغرافية و االجتماعية ، من على يولد إال مولود من ما( القائل مكان آلخر ، على مبدأ احلديث النبوي

تتبع البيئة . فهنالك جمتمعات ١ ) ميجسانه أو ينصرانه أو يهودانه فأبواه الفطرة و ظروف حمدودة جدا قد تفرضها املوجودة فيها ، بشكل جزئي ضمن مناذج

ا ال تتبعها من النواحي األخرى ، و توج د لنفسها البيئة اجلغرافية و املناخ ، لكنهاستقاللية معينة و خصوصية ما ، نتيجة ملوروثات اجتماعية أو عرقية أو حىت

و معينة ، فينتج لذلك جمتمع متعدد األعراق و األعراف فكرية و عقائدية أو مجاعات تتأثر ببيئتها األفكار و الثقافات . كما يوجد هنالك جمتمعات

معه تبعية مطلقة عمياء تصل حد بشكل كامل ، ما ينتج االجتماعيةرافية و اجلغ، و هو ما يشكل العبادة ، فهي جمتمعات مشولية جلهة البيئة اجلغرافية الواقعة فيها

و ال يعين ذلك . فيما بني البيئة و اتمعات جدلية عالقة عبودية تبادلية كما هو يف املاضي بل ولوجية هي اليت تصنع اإليدي البيئةضرورة أن بال

ضمن نطاق املساحة اجلغرافية املسموح هلا ا عرقيا اإليديولوجية هي اليت تتمدد أو سياسيا .

/ . ٤٥٦/ ، ص /١صحیح البخاري ، ج / ١

468

د العالقة بني العريب و بيئته هذا الصورة األخري ، ميكن القول أا شكلت عموكرية معينة و بالتايل أنتجت ثقافة ف اليت وصلت إىل حد العبادة واالنقياد األعمى

تصبح فيها إيديولوجية اشتملت على جمتمع معني ضمن رقعة جغرافية حمددة هي السائدة ضمن هذه البقعة اجلغرافية . و ال ميكن اخلروج عن هذه معينة

العواقب اجلسدية املادية أو النفسية االعتبارية . و بالتايل حتت طائلة اإليديولوجية عن البيئة تمعات ستكون حكما ، نتاجا السائدة يف هذه افإن الثقافة . جغرايف املنحصرة ضمن نطاق االجتماعية

ثقافة أو ، ما فكر و معينة بإيديولوجيا ختتص اليت االجتماعية اجلغرافية البيئة إن ، م تتحكم و تقودهم أيديولوجيني مثقفني تفرز سوف أا املؤكد من ، ما

أن مبا و. ملواله العبد خضوع هلا خاضعني يصبحون و ، تلك الفكرية بيئتهم للبيئة املطلق الفكر خلضوع جتسيد كانت ، اجلاهلية لفترة الفكرية السمة

اجلاهلية مثقفو( تسمية هؤالء على نطلق فإننا ، االجتماعية اجلغرافية أبد يعيش الذي الشخص هو ، هذا املعاصر اجلاهلية مثقف و) . املعاصرون

حىت أسريها يصبح و، الوالدة منذ هلا خيضع معينة بيئة ثقافة قوقعة ، الدهر ، حصرا ، ألجلها أو منها أال ثقافة أو فكر أو علم على يتحص ل ال و ، املمات

ال و. حصرا قوقعتها ضمن و ألجلها أو خالهلا من إال ثقافة يطور أو ينتج ال و احتاد أو دولة تكون كأن ، سياسيا مؤطرة تكون أن اجلغرافية البيئة يف ي شت ر ط يف كما كذلك تكون أن املمكن من أا علما ، مقاطعة أو مثال فيدرايل أو دويل... الشمالية كوريا أو الشعبية الصني أو كوبا أو ، سابقا السوفييت االحتاد حالة من و ، إقليمي أو إداري مناطقي تقسيم ذات تكون أن املمكن من إا بل. اخل أو اإلدارية التقسيمات هذه من مستوى أصغر على تكون أن أيضا كناملم

. مثال ) القرية( كما املناطقية عاملنا يف الصارخة األمثلة مناذج من متاما تتضح ، قول من سبق ما صحة و

أكانت سواء ، حمددة منطقة يف تنتشر معينة ديانة أن مثال جند حيث ، العريب

469

املنظومة تلك داخل حىت و) . مثال الدولة( سياسية يةجغراف أم حبت جغرافية عن تتفرع اليت الفرق و املذاهب أن نرى ، الواحدة الدينية السياسية اجلغرافية

تقسيمات ضمن مقسمة أيضا هي ، هلا تتبع أو الرئيسة الواحدة الديانة هذا ، لتقسيماتا هذه ضمن أيضا .. كاحملافظات ، حمددة إقليمية مناطقية إدارية منها كل ختتص) قرى – بلدات – نواحي( مصغ رة مناطقية تقسيمات حتدث جل إن بل ال. ككل اإلقليم أو احملافظة يف السائد للمذهب تتبع معينة بف ر ق

و إنشائها يف خاضعة ، السياسية املناطقية و اإلدارية و القطرية التقسيمات مسخ رة و ، احلزبية أو املذهبية أو ائريةالعش أو الدينية البيئة لقضية تكوينها منه أكثر هوية ميثالن كوما ، القومية و العرق ، ذلك من يستثىن و ، ألجلها

حق اكتساما و ، االنتماء خيار يف اإلنسانية اإلرادة خارج مها و أيديولوجية و منه ضري ال بدهي طبعي أمر ،) مثال األكراد( ما خاصة مستقلة دولة إنشاء

. عليه غبار الضمن الت االنفصال واحماآلن يف العامل العريب من حاالت االنقسام و و ما نراه

. و أحيانا يصل مناطق قد تكون صغرية جغرافيا ، هو خري دليل على ما ذ كر ، فنرى مثال حزبا سياسيا نشأ ضمن بيئة األمر إىل تشكيل األحزاب نفسه

هم من هذه ية حمددة ، نالحظ أن كل أعضاؤه حصرا اجتماعية و مساحة جغرافر هذا احلزب ، قد يكون ابالرغم من أن شعالبيئة اجلغرافية اتمعية ال يتعدوا

، و اليت هي تقسيم أمشل من هذه املنطقة ، بل حىت أمشل من نطاق الدولة نفسها ، حيث ، و هو ما ينسحب على السياسة نفسها من أحد تقسيماا اإلدارية

حمددة ال جغرافيةأن إيديولوجية سياسية معينة تنتشر فقط يف بيئة نرى أحيانا و كل أفراد اتمع يف هذه البيئة أو املساحة اجلغرافية ، يؤمنون ا . تتخطاها

أو الدينية أو بعض ذا األمر ينسحب حىت على مستوى العادات االجتماعية ه، فنرى أا تقع يف بيئة حمددة فقط ، حىت على األعراف اليت تشتمل االثنني معا

، ال يتخطى قبوهلا و مستوى القرية ، و تصل إىل مستوى اإلميان العقائدي ا

470

أ و مصداقيتها حدود هذه القرية . و أحيانا ال ي عرف هلا سببا و ال لوجودها منش ال ملصداقيتها منطق أو مصدر أو مرجع فكري معني .

و اإليديولوجيات ، من أصغرها مستوى ألعراف و األفكار هذا النوع من ا، تفرز ثقافة تنتج بدورها مثقفني خمتصني (القرية ) إىل أعالها مستوى ( دولة )

من منطلق و ال يفكرون مرة واحدة مبناقشتها ا ، يستميتون بالدفاع عنها عدون أفكار .. يأخرى ملناطق أخرى حيادي متجرد ، أو مناقشة عقائد و أفكار

، و منهل الصواب و احلقيقة ، و غريها هو ، احلل األمثل و األمشل بيئتهم ، هو من ( األغيار ) و هنا موطن اخلاطئ املضل ل ، و من يت بعه و يعتقده

، مبدأ الغريية ، إي أنا عن هذه الثقافات و املثقفني ينتجاخلطورة و اجلهل .. أن ، و هي اجلاهلية بعينها و و مبادئي الفكرية غري هذا ألن هذا ال يتبع ثقافيتو صور الغزو اجلاهلي الذي ميثله اآلن الصراع صورة من صور القبلية اجلاهلية

بني هذه العقائد . على ما ، فينسحب ذلكأو قول فعل يصدر عنه ترى رجل دين أو سياسة ،

( أي البيئة ة الدينية أو السياسيكل من يتبع له لناحية القرابة أو العقيدة االجتماعية ) . أو القرية أو البلدة أو املنطقة اليت هو فيها ، يتزعمها و يسيطر

. عليها ( أي البيئة اجلغرافية ) هذه وجه من وجوه املثقف اإليديولوجي ، أما الوجه اآلخر ، فهو املثقف الذي

اعية أو نطاق بنت بيئته االجتميتبىن إيديولوجية معينة ليست بالضرورة أن تكون بيئته اجلغرافية أو مفرزا من مفرزاا ، و قد تكون غريبة عنها أو حىت أحيانا مرفوضة منها و غري مرحب فيها و ال تلق القبول من أوساطها ، و لكن

.. نفسية أو اجتماعية أو عقلية منطقية ، يتبىن هذا الشخص تلك لقناعات معينة ، و عادة ما تكون سياسية و أحيانا دينية كأن ة ا اإليديولوجية و الثقافة املرتبط، نتيجة ( كما ذكرنا ) لقناعات دينا أو مذهبا آخر يترك دينه أو مذهبه و يعتنق

لبيئته ، معينة أو ظروف مادية و اعتبارية ، فيترك اإليديولوجية الثقافية و الفكرية

471

يركن إىل اإليديولوجية و ، و ف رضت عليه فرضا يف صغره من املؤكد أا اليت الثقافة اجلديدة .

، ليس من املعيب أو على إنه من حيث املبدأ العام أو احلالة االفتراضية الطبعية ، أن يكون للمرء ثقافة بيئية اجتماعية أم جغرافية الوجه السليب اانب للصواب

متاما أو أن تكون تلك الثقافة خاطئةأو ثقافة إيديولوجية ، وليس بالضرورة . لكن مكمن اخلطورة ، هو التشبث بتلك الثقافة و التعلق ا على إا سلبية

، و على أن غريها هو اخلطأ الصاحلة لالستعمال و االستخدام الثقافة الوحيدة احملض أو منتهي الصالحية . و االقتصار على تلك الثقافة و عدم االطالع على

افات األخرى ، بل حىت التواصل معها ، أي ، أو عدم التالقح من الثقغريها . باختصار .. تفعيل مبدأ الغريية

هجينة و اخلطورة املكمن يف ذلك ، هو ظهور ثقافة مركبة على تلك الثقافة ، صحيحة ال فتكون الثقافة أو الفكرة األساس . ا مغايرة ملضموا األساس منه

نساين األخالقي العام ، لكن إساءة هو مغاير للمبدأ اإل اغبار عليها و ال تدعو ملينتج منها ثقافة قبيحة مستبدة مغايرة التصرف ا و سوء استخدامها و توجيهها

.. ، نورد املثال التايل لكي نوضح ذلك األمر على أبسط صورةو هلا . ) هي معادلة منطقية صحيحة ال لبس فيها و ال ميكن ٢= ١+ ١معادلة (

مل يثبت يف التاريخ أو يوجد ، من استطاع ذلك .. يأيت ، ونقضها أو دحضها انتبه ، و يتبىن هذه املعادة فكريا ( شخص ما ، له وزن ما و تأثري ما يف بيئة ما

) و جيعل منها ثقافة و فكر ، و خي ط ئ كل من يقول س رياضيا .. فكريا و لي املعادلة فكريا يف غري ذلك أو يعطي نتيجة رياضية غريها . و تنتشر ثقافة هذه

هذا الشخص ضمن حيز جغرايف معني أو ضمن مجاعة معينة على مناطق منطقة متفرقة .

472

و نظري للشخص السابق من حيث السيطرة و التأثري يأيت بعد ذلك ، شخص فكريا ( انتبه و يؤمن ذه املعادلة ) ١ - ٣= ١+ ١( .. يطرح املعادلة التالية اضيا ) . .. فكريا و ليس ري

حيث املبدأ و من حيث علم الرياضيات ، ال خالف يف ذلك ، فاملعادلتان من .. ممكن فكريا و إيديولوجيا لصاحب و لكن .. و لكن صحيحتان و متكافئتان

صاحب املعادلة الثانية ضمن ) أن خيط ئ ٢= ١+ ١املعادلة األوىل ( يعطي أو يتبىن معادلة مكافئة ، و خيط ئ أي طرف آخردمياغوجية فكرية معينة

اليت تكافئ معادلة . و من املعلوم أنه يوجد عدد ال ائي من املعادالت ملعادلته - ١٠٠٠٠= ١+ ١( أو) ٢+ ٠= ١+ ١منها .. ( ) ٢= ١+ ١(

هي يف اإليديولوجية و دوافع النفس . إذن .. اخلطورة ) ... اخل ٩٩٩٩٨رك اإليديولوجيات من خلف الستار .. بسم اهللا الرمحن اليت حتاإلنسانية اخلفية

و . ] ٨-٧الشمس [ } و ت ق و اه ا ف ج ور ه ا ف أ ل ه م ه ا* س و اه ا و م ا و ن ف س {الرحيم يعارض و حيارب ) ٢= ١+ ١( هذا يعين أن صاحب نظرية أو معادلة

ل على أتباع ) ألنه من املمكن أن حيص ١ - ٣= ١+ ١صاحب نظرية ( ئاسة أكثر و يترشح لس الشعب و يفوز مبقعد بالربملان أو أن يصل إىل سدة الر

٣= ١+ ١و احلكم أو أن يصبح شيخ عرب أو شيخ عشرية أو حزب الـ ( بدنه و مونو إماء الولد ، و يو القيان األموال و اجلواري ) و يصبح لديه ١ -

إىل إهدار دم هذانتاه . و رمبا يصل األمر يكرب كرشه و ينتفخ خداه وتتورد وج الزنديق الضال املضل ل املبتدع املارق من اجلماعة مرق السهم من الرمية . الرجل

الذي يفسر لنا كل هذه اخلالفات و يفسر رمبا نشوء التيارات هنا مربط الفرس ها عن اليت رمبا نشأ بعضها و انقسم بعض و الفرق و امللل و الن ح ل و املذاهب

و هو ما يفسر لنا بعض ، ألجل تفاصيل صغرية ال تستحق أن يلق هلا بال . ، بالعموم ، و يفسر لنا أيضا ملا قال اهللا سبحانه و ا جاء القرآن الكرمي مل يضا أ

آي ات م ن ه ال ك ت اب ع ل ي ك أ ن ز ل ال ذ ي ه و { تعاىل شارحا و موضحا و منبها حمذرا

473

م ا ف ي ت ب ع ون ز ي غ ق ل وب ه م ف ي ال ذ ين ف أ م ا م ت ش اب ه ات و أ خ ر ال ك ت اب أ م ه ن ات م ح ك م ال ع ل م ف ي و الر اس خ ون الل ه إ ل ا ت أ و يل ه ي ع ل م و م ا ت أ و يل ه و اب ت غ اء ال ف ت ن ة اب ت غ اء م ن ه ت ش اب ه . ]٧: عمران آل[} ال أ ل ب اب أ ول و إ ل ا ي ذ ك ر و م ا ر ب ن ا ع ن د م ن ك ل ب ه آم ن ا ون ي ق ول ش ع وب ا و ج ع ل ن اك م و أ ن ث ى ذ ك ر م ن خ ل ق ن اك م إ ن ا الن اس أ ي ه ا ي ا{ ملا قال أيضا و

. ]١٣: احلجرات[} خ ب ري ع ل يم الل ه إ ن أ ت ق اك م الل ه ع ن د م أ ك ر م ك إ ن ل ت ع ار ف وا و ق ب ائ ل

هنا أيها القارئ الكرمي ، تتجلى لك صورة هذه اخلالفات ، و من هنا خيرج نعود لنتذكر مفهوم هنا ، و مثقفوا اإليديولوجية املقصودين يف هذا املبحث

رد ذكره يف بداية الكتاب . الوالكل فكر ، و الفكر السلطوي األساس

احلاكمة السلطات أن تارخييا الثابت منالكرسي : مثقف مثقف السلطة و قد ، اآلن إىل و األوىل البشرية احلضارات من بدءا ، التارخيية املراحل عرب و

أو ، ا خاصة ثقافات و أيديولوجيات لنفسها اصطنعت و لدا من أفرزت و السياسية آثارها و أفعاهلا و أعماهلا حول تتمحور قافاتث أو ا علقتت ثقافات

. االجتماعية و الدينية حىت و ، العسكرية و اإليديولوجية صانعة هي احلاكمة السلطة كانت ، تارخيية زمنية مراحل يف و

خبصوصية مرتبط برمته األمر و ، مباشر غري أم مباشر بشكل سواء ، الثقافة أي إهلية طبيعة ذات السلطة كانت إذا فإنه ، بالعموم و. طبيعتها و السلطة من أو عنها مندوبة أو اآلهلة قبل من أا على نفسها تفوض أو ، آهلة أا تد عي اإليديولوجية صانعة هي ستكون أا املؤكد احل تم فمن ،) مطلقة ملكية( قبلها

كثر أمر هو و. مناسبا هي تراه ما و حصرا هي ا املرتبطة الثقافة و الفكر و الفرعونية مصر و) العراق( ميزوبوتاميا كحضارة ، القدمية احلضارات يف جتليه

حضارة يف هعلي هو مما أقوى مفاعيله كان ، الفرعونية مصر يف أنه على. القدمية و أفكارهم نشروا الذين هم ،) اإللوهية مد عوا( فالفراعنة. الرافدين بالد

474

. شعوم ا ضبعوا و بصبوغهم صبغوها .. مصر يف م اخلاصة مإيديولوجيا سواء ، اتمعات تلك يف إيديولوجية و ثقافة و فكر من ينتج ما كل فكان

و ، السلطان و السلطة ثقافة فضاءات يف ساحبا يكون ، غريها أم دينية أكانت يف االجتماعية ركيبةالت أن ، ذلك إىل يضاف. هذا مثالنا يف الفرعونية هنا هي السلطة ثقافة تعميم يف ، مباشر واسع بشكل أسهمت قد ، اتمعات تلك

) . السلطان ثقافة( تسميتها سنصطلح اليت و احلاكمة.. من مؤلفة ، اتمعات تلك يف االجتماعية النوعية و الطبقية التركيبة كانت طبقة – يتبعها من و م بطةاملرت الكهنة طبقة – اإللوهية مدعوا احلكام طبقة

ملوكهم كهنة و ملوكهم دين على هم الذين األحرار و العسكريني و املوظفني املعبد نظام – اإلله امللك نظام.. هي ، املنظومات حيثية من و. العبيد طبقة –

. له اململوك و اخلاضع العبيد نظام – دينه على الذي اتمع نظام – له التابعو ، اتمع يف سائد واحد ثقايف منط هنالك ، التوصيفات و اجلهات مجيع فمن تلك ضمن إال فكرية ثقافية تعددية ألية جمال ال و ، الديين الطابع عليه غلب إن

. اإلهلية السلطانية املنظومة جيعل كان ، آنذاك الطاغي الوثين الديين الفكر أن هو ، الوضع هذا عزز ما و

صفة حيمل مقبول و اعتيادي طبعي أمر) اإلله امللك( مفهوم أو حالة من ، ذلك غري أن لدرجة ، النخب و اجلمهور لعموم ذلك و ، العقلية املنطقية قد و. االجتماعي و املنطقي بالعرف به مقبوال غري و مرفوضا مستهجنا يصبح

يقابل اليت ةاحلادث بتصوير ذلك و ، ةالظاهر أو احلالة هذه عن الكرمي القرآن عب ربادر في ، العاملني رب باهللا اإلميان إىل يدعوه و فرعون ،) ع( موسى النيب ا

ر ب و م ا ف ر ع و ن ق ال { اآلية يف ، مستغربا مستهجنا موسى سألو ي فرعون . ]٢٣: الشعراء[ } ال ع ال م ني

. من رب العاملني الالفت للنظر أن فرعون قال .. ما رب العاملني . و مل يقل ..عن شخص أو و بني ( من ) و ( ما ) بون شاسع .. ( من ) هي لالستعالم

475

بشرية ) ، بينما ( ما ) هي استعالم عن مفهوم و فكرة غري -ذات معينة ( إهلية املفهوم ، و كأنه مدركة أو معلومة . يعين ببساطة ، أن الرجل قد استعصى عليه

، يفهم مراد موسى ب العاملني ؟؟؟!!! .. يعين مل.. ما معىن ريقول ملوسى (ع) السياسي غياب املفهوم كلية عن فرعون الذي هو رأس اهلرم ىعلو هذا يدل

. الديين إذا كان هذا قد غاب عنه هذا .. فما بالنا بالذين و السوآل الذي ي طر ح هنا ..

. هم أدىن ؟؟!! التبعية العمياء الشاملة ، لثقافة و اإلشارة إىل لقد ورد يف القرآن الكرمي أيضا

اإلله ) يف مواضع عدة منها ..السلطان ( فكر . حتمل هذه ]٤٧: املؤمنون[ } ع اب د ون ل ن ا و ق و م ه م ا م ث ل ن ا ل ب ش ر ي ن أ ن ؤ م ن ف ق ال وا {

قوم أن املأل من فكرة عدم فهم التوحيد اإلهلي أو اإلله اخلفي ، بداللة اآلية، فطرحوا ( من وجهة فرعون اعتربوا أم سيعبدون موسى و أخوه هارون

نظرهم ) االستنكار املنطقي التايل .. كيف نعبد أشخاص ، قومهم يعبدوننا . نا ه. ]٢٩: الشعراء[ } ال م س ج ون ني م ن ل أ ج ع ل ن ك غ ي ر ي إ ل ه ا ات خ ذ ت ل ئ ن ق ال {

، موجود له عدو سياسي حاكم آخر هو مبثابة موسى رمبا يتبع يعترب فرعون أن رمبا خارج مصر .

أن قضية . داللة قرآنية على اعتبار ]٥٤: الشعراء[ } ق ل يل ون ل ش ر ذ م ة ه ؤ ل اء إ ن { حضورا يف اتمع ال يلق اإلله الواحد اخلفي ، هي قضية استثناء و شذوذ

املصري . ه ام ان ي ا ل ي ف أ و ق د غ ي ر ي إ ل ه م ن ل ك م ع ل م ت م ا ال م ل أ أ ي ه ا ي ا ر ع و ن ف و ق ال {

م ن ل أ ظ ن ه و إ ن ي م وس ى إ ل ه إ ل ى أ ط ل ع ل ع ل ي ص ر ح ا ل ي ف اج ع ل الط ني ع ل ىاالجتماعية ككل لتبعية لة واضحو إشارة داللة قوية . ]٣٨: القصص[ } ال ك اذ ب ني

. إىل مفهوم ( السلطان اإلله )

476

أ ن أ و د ين ك م ي ب د ل أ ن أ خ اف إ ن ي ر ب ه و ل ي د ع م وس ى أ ق ت ل ذ ر ون ي ف ر ع و ن و ق ال { . ]٢٦: غافر[ } ال ف س اد ال أ ر ض ف ي ي ظ ه ر

ت ج ر ي ال أ ن ه ار و ه ذ ه م ص ر م ل ك ل ي أ ل ي س ق و م ي ا ق ال ق و م ه ف ي ف ر ع و ن و ن اد ى { } ي ب ني ي ك اد و ل ا م ه ني ه و ال ذ ي ه ذ ا م ن خ ي ر أ ن ا * أ م ت ب ص ر ون أ ف ل ا ت ح ت ي م ن

ة . داللة قوية على جهل فرعون ملبدأ اإلله الواحد ، بطرحه قضي ]٥٢-٥١ الزخرف[ إلوهيته هو كحالة منطقية

. ]٥٤: الزخرف[ } ف اس ق ني ق و م ا ك ان وا إ ن ه م ف أ ط اع وه ق و م ه ف اس ت خ ف { . ]٢٤: النازعات[ } ال أ ع ل ى ر ب ك م أ ن ا ف ق ال { . ]٢٩: غافر[ } الر ش اد يل س ب إ ل ا أ ه د يك م و م ا أ ر ى م ا إ ل ا أ ر يك م م ا ف ر ع و ن ق ال {

، و من رمحه و ( السلطان اإلله ) هو صانع الدين و الفكر و الثقافة فإذا كان ، فهذا بكل بساطة يعين .. أن منظومته ، خترج املنظومة الفكرية الشاملة ككل السلطان .. شاء أم أىب .. درى املثقف و املفكر يف تلك احلضارات ، هو مثقف

عجبه ذلك أم مل يعجبه . و أصال ، حىت لو حاول هو ذلك ، و أ.. يدر مل أم ، ملا استطاع ذلك ، ليس هذا فقط ، بل النفاذ من أفكار هذه املنظومة جرب

أخرى غري هذه املنظومة ، حىت يفكر منظومة فكرية هو ال يعي حىت ، وجود هو نفسه ال يعرف و ه و يترك املنظومة األوىل . إذا كان ربه و إهلبالفزع إليها

.. ما رب العاملني ؟؟؟!!! . متسائال باستغراب قال للمثقف األول يف يصح القول .. إن الشكل السائد بناء عليه و عليه بناء ..

احلضارات البشرية .. كان مثقف السلطة و السلطان . نقطة ..بالذات النقطة هذه فإن ، مظلومية أو ظلم ألي منعا و ، للحق و ، هلا بديل يوجد ال منها مفروغ بدهية قضية ، آنذاك اعتباره و) اإلله السلطان(

ما هو و ، إليه تعزى أو به ت لص ق قد سلبية مسة أي السلطان ملثقف تشفع رمبا و العكسية الناحية من ا ترتبط و ، النقطة هذه تربر أخرى مقولة إىل يقودنا

477

، املثقف أو املفكر على ، السلطان و السلطة شدة و وطأة خفت كلما.. هي االستبدادية التسلطية مشوليتها وسوية ، لإللوهية إدعاؤها سوية تناقصت كلما و

و املثقف املفكر بني و بينها األمان مسافة من زادت كلما و ، الفكرية و املادية و حرية أكثر ، املثقف و املفكر كان كلما ، بينه و بينها االرتباط من قل لت. أفراده و اتمع خدمة يف دوره و أداؤه و ثقافته يف و فكره يف مصداقية أكثر

احلضارة من.. علم على نار من أشهر هو من يوجد ال ، اخلصوص هذا يف و . ذلك على صارخ كمثال اليونانية

مدن بقية من غريها و أثينا يف السياسية املنظومة أو املدينة سلطة كانت لقد و ج دت قد فهي. باآلهلة العالقة قضية عن البعد كل بعيدة ، امليالد قبل اليونان االنتخاب مبدأ من ليس و ، الدميقراطي احلر الشعيب االنتخاب مبدأ من ، عموما أا كما. األوسط الشرق يف هلا ااورة املمالك و احلضارة كما اإلهلي

و املفكرين وبني ينهاب ، معا آن يف عقالنية و معقولة مسافة على حافظت السياسية احلريات مبدأ على قامت أا ، كله ذلك من األهم و. آنذاك املثقفني يف نوعها من فريدة نادرة حالة شكل الذي األحزاب نظام و ، الفكرية

. مجيعها املشرق حضارات اليونان به ضاهت ، القدمية احلضارات ظهرت ، السابقة الصفات و السمات ذات اإلغريقية السياسية املنظومة هذه من

و كانت ، ككل البشرية تاريخ يف الفكرية املنظومات أرقى من فكرية منظومة معظم أسس من أساس و احلق ة املعرفة و العلم يف منارة ، هذا يومنا إىل زالت ال

يف الفلسفة و الفكر أساطني رمحها من أخرجت و ، هلا الالحقة احلضارات لكثري مشتركة عدة أسس ، أفكارهم و فلسفام شكلت الذين و البشرية تاريخ

من( العلمية النظريات و اجلامعات و السياسية األحزاب و الدينية الفرق من ال و ، العامل يف سادت و انتشرت اليت و) غريها و فلسفة و فيزياء و رياضيات

هذه أساطني من كان و. اآلن إىل به معموال سائدا ، منها كبري قسم زال - برمنديس - طاليس – فيثاغورث.. العظماء الكبار ، الفكرية املنظومة

478

مفكري و مثقفي يكونوا مل هؤالء و. غريهم و أرسطو – أفالطون – سقراط من مها السلطان و السلطة ، ذلك من متاما العكس على بل ، سلطان و سلطة ، م و س ما و هؤالء بصبغة ص ب غا من مها و ، هلم فقراء إليهم حباجة كانا

. املثقف و املفكر سلطان و ، الثقافة و الفكر سلطة فأضحيا يف فاتح أعظم ، الكبري املقدوين اإلسكندر شخصية من ذلك على أدل ال

من إليه وصل فيما ، عليه أرسطو معلمه و أستاذه بفضل أقر الذي و التاريخ، يف قال قد و. الوغى ساحات يف هو و يراسله كان ما كثريا و. سلطان و جمد

: فأجاب!! ؟؟ ملاذا: له فقيل ، أيب من أكثر معلمي أحب .. عنه سوآله معرض ، أرسطوطاليس معلمي أما ، اجلسد حياة.. الدنيا للحياة جميئي سبب أيب ألن مغذي معلمي بينما جسدي مغذي أيب.. العقل حياة وسبب معرفيت سبب فهو

. يونفس وروحي عقلي يدعي أو نفسه يعتقد كان من بني و ، الكبري الفاتح هذا بني ما ، شتان شتان و

يستحيي.. العذاب سوء يسومهم ، الناس على إهلا نفسه فارضا أو نفسه من لعله ، له صرح لبناء السخرة معسكرات يف يذهلم و أطفاهلم يذب ح و نساءهم . املمات بعد البالية جثته فيه أويي ، كاجلبال عظيم مدفن أو ، األسباب يبلغ

مع ، الكبري املقدوين اإلسكندر تعامل كيف ، تارخيية مقارنة يف لننظر و و ، توقري و إجالل و ، تعظيم و احترام بكل ، لسلطانه خضعت اليت الشعوب

، الفاسد ابن الفاسد فعل وكيف ، اليونانية احلضارة و حضاراا بني الق ح مدعية ، الطاغية الباغية الفئة تلك إىل لننظر.. لشعبه اإللوهية و العظمة مدعي

كيف ، قهرها و دارها عقر يف ، الكبري اإلسكندر غزاها عندما ، اإللوهية اإللوهية كأن و ، هي منها مببادرة ، به ومسته و اإللوهة منصب عليه عرضت

صنم عبد هذا.. اهل مقار بة اجلاهلية حبالة شبيهة حالة يف ، تباع و تشرى سلعة و ، إله أنه على شخصا ع ب د ذاك و. أكله ، جاع عندما و ، إله أنه اعتقد . بغريه مستجريا منه متنصال النخاسة سوق يف باعه ، ه زم عندما

479

هو و ، وجوهها من آخر بوجه السلطان و السلطة مثقف قضية ، تربز هنا من ، وجوهها أحد يف متثل اليت املثقف و سلطةال بني اجلدلية العالقة يف عكسية حالة

قبول و املثقف إجياب ، اآلخر الوجه يف و.. املثقف قبول و السلطة إجياب ع رف مبا ، املستقل املنظم الفكري بشكله تارخييا برز ما هو و. السلطة

هذه أن مع و. القدمية اليونان يف ، السفسطائي الفكر أو السفسطائية باملدرسة بعد أا إال ، املفيد احلقيقي الفكر و للعلم مثاال بدايتها يف كانت ، رسةاملد

املتمظهر للعلم مثاال أصبحت ، املالية االقتصادية و السياسية للسلطة حماباا بدأت فقد. اندثر و زال أن لبث ما الذي و املال و للسلطة املتملق ، األجوف

دهاليز إىل اجنرت أن لبثت ما لكنها ، حبت علمية بداية ، اليونان يف السفسطائية و األحزاب يد يف أداة أصبحت و ، أثينا يف تفاصيلها و زواريبها و السياسة يف السلطة إىل الوصول أن باعتبار و. اليونان يف املتنافسة السياسية األطراف

كان ، راعاالقت و االنتخايب الدميقراطي املبدأ عرب كان ، عموما اليونان يف و أثينا عطف ليكسب الدعاية استخدام إىل يسعى السلطة إىل طامح طرف كل

أناس على االعتماد سوى لذلك وسيلة من يكن مل و. له دعمه و اجلمهور ، احلقيقة ألجل ليس و ، اإلقناع رد اإلقناع و اخلطابية البالغة يف متخصصني

بعلم بلغوا الذين أفرادها و السفسطائية املدرسة مجاعات إىل اللجوء مت أن فكان . ذلك ألجل باملال إغراؤهم و ، املنطق و اجلدل و الكالم

، السلطان و السلطة مثقف برز ، بعد ما و اإلسالم صدر و اجلاهلية فترة يف ، حصرا و ظهر مثقف السلطان هذا ( إذا جازت التسمية ) . الشعراء بصورة

بحث اجلاهلية من هذا الكتاب ذاك يف ممن خالل التناقض الذي حتدثنا عنه . فهو الداخلي الذي كان يعتمل يف صدر العريب اجتاه السلطة و امل لك التناقض

عليه و يثور يف وجهه و السلطة و املل ك و يتمرد نظام الذي كان يأنف من هجوا الذعا يف أشعاره قرب الفرص ، و يهجوه أو ضده ألتفه األسباب ينقلب

و جيعله أسفل سافلني . األدىن الدرك ليحط به إىل

480

الوقت نفسه ، يشتهي هذا النظام و يتملق له و ميدحه كان يف هو الذي لكنه يف أعلى عليني ، وامسا يف أشعاره ، رافعا إياه إىل املراتب العليا ، جاعال إياه

ى الطبيعية ، واضعا إياهم يف مرتبة أعل أشخاصه واصفا إياهم بصفات اخلوارق مربرا هلم أعماهلم و صنائعهم . ، ممجدا بطوالم الفوق طبيعية من مرتبة البشر

. وقد اشتهر إذن .. فإن مثقف السلطة يف اجلاهلية ، كان شاعر السلطة اء هؤالءعر بكوم شعراء سلطان أيضا و من الش فطاحل الشعراء يف اجلاهلية ،

واكان ن) الذي.. اخل طرفة بن العبد - احلطيئة - النابغة الذبياين -(األعشى استجلب . و بدورهم و العطاء من امللوك الصلة ونمن الشعر و يأخذ ونيتكسب

امللوك هؤالء الشعراء و استقدموهم إليوام و حضرم ، فكانوا يدنوم منهم ، كوم كانوا يدركون متام اإلدراك ، ما للشعر من وجيزلون هلم األعطيات

القفار . نفوس العرب .. قبائل و أفراد ، و مدى انتشاره يف البوادي و تأثري يف ، كان بنظرنا ، لكن و بالرغم من ذلك كله ، فإن مثقف السلطة يف اجلاهلية

من ضمن املنظومة الفكرية عتد ا ، و ال ميكن اعتبارها ميثل حالة شاذة ال ي نها .. ، و ذلك ألسباب عدة م، االفتراضية ملثقفي السلطة

ه و مقوماته االفتراضية ، يف اتمع هنـ عدم سواد األمر السياسي بعوا )١سياسية شاملة متكافئة ، مع ما هو اجلاهلي ، و االفتقار إىل منظومة

يف احلال عليه يف الدول ااورة . حىت نظام امللك املتعارف عليه جمازا لك سياسي . فهؤالء ، كان أشبه بنظام قبلي ، منه بنظام م تلك الفترة

حسن األحوال ، رؤساء ألمهات قبائل تضم كانوا يف أ املزعومنيامللوك . إليها بطون و أفخاذ مرتبطة ا

ـ تزلف الشعراء و أضرام ، هلؤالء امللوك ، مل يكن من منطلق )٢إليديولوجية عقائدية ، سياسية أو دينية ، بل كان أعلى سقفه الدعاية

لي و احلصول على املال و األعطيات ، من نوق و ألغراض الفخر القب

481

. فضال عن أن الشاعر يف معظم األحوال ، كان إبل و أموال و غريها ا يفخر بنفسه أمامه . رامته أمام ممدوحه ال بل و أحيانحيافظ على ك

و ـ غالبا ما كانت عملية املدح ، تقع ألسباب االستهالك احمللي )٣ صفاته ، و املغاالة فيهما . تنحصر يف ذات املمدوح و

، كانت يف غالب األحيان ، تقع يف حضرة قصائد املدح املبالغ فيها ـ )٤عن ناظري امللك أو املمدوح و ليس يف غيابه ، فما أن يغيب الشاعر

كل ما مدحه به ، ينسىصاحب الرياسة و السلطان ، و يغادره ، حىت يف يصل ظ الذعة مقذعة ، ينقلب عليه و يسبه و يهجوه بألفا و أحيانا

تفقد مفهوم قضية برمتها، و هي العرض ( معنويا ) انتهاكبعضها إىل ، و يف أحسن األحوال. مصداقيته و مقوماته الكاملة ( مثقف السلطة )

هلذا الضرب من الشعراء ، هو فإن أقصى ما ميكن إعطاؤه من وصف . مثقف السلطة البدائي

يف عليه ييف اجلاهلية ، تطورت عما هطة البدائي هذه الصورة ملثقف السل

العصرين األموي و العباسي و ما بعدمها ، حيث أضحى هنالك نظام سلطة و ، و بالتايل تطور مفهوم مثقف نظام سياسي ، و منظومة كاملة مرتبطة ما

، حىت ر تعريفا ثكأالسلطان و أصبح يشكل لنفسه كيان و منظومة خاصة به ، و الذي ال زال مبفهومه من سواد اجلمهور ، فمثقف السلطة و السلطان للعامة

الشعراء الذين شكلوا ما يسمى ( شعراء السلطان ) . االفتراضي ، مقتصرا على ( و خباصة بعد العهد الراشدي ) من خالل كيف ال و قد وطد السلطان سلطته

رابه و سنابك و نصال حر سيوفه اصراعه مع خصومه ، و انتصاره عليهم بشفهذا و خالفته تلك إال بعد أن اعصوصبت خيله ، و مل يصل إىل سلطانه

احلروب و اشتدت الدماء بينه و بينهم . فقد رأينا كيف أن األمويني مل يصلوا

482

املضنية مع الطالبيني و مع و يوطدوا سلطام إال بعد حروم إىل السلطة الذين مل تؤول اخلالفة لنسبة للعباسيني . و كذا األمر باالزبرييني و مع اخلوارج

على األمويني و حروم الطاحنة معهم . مث إم و امل لك إليهم ، إال بعد ثورام م إال مبحاربتهم ، مل يستطيعوا أن يوطدوا سلطابعد استالمهم موقع السلطان

م يف مناوئيهم و اخلارجني عليهم و املتربصني م و احملاولني املروق من سلطالقتاهلم و تشديد النكري عليهم و األمصار و الواليات ، و جتريد اجليوش عليهم

، أن يرمي الطرف املنتصر هم احلروب العوان . و كان من آثار ذلك كله ؤإصالأو األقوى ، غريه من األحزاب و القوى املناوئة إما بالكفر أو املروق أو الزندقة

للطرف باملقابل ، كان الطرف اآلخر يكيل و ما إىل ذلك . وأو الشعوبية من ظلم و استبداد وفسق و فجور ... اخل . ذلك االامات املضادة املنتصر ،

ضمن منظومة سياسية عامة ، قامت على مبجمله ، استوجب انضوائه و متوضعه ، و ال حل أو املعارضة ) - ثنائية جدلية قوامها ( السلطة ضمن أو أثفيتني

. و كنا قد أتينا على ذلك بشيء من التفصيل ، يف مبحث بينهما طرف ثالث لناحية الفكر . من هذا الكتابسابق

أن ما يسمى ( شعراء السياسة ) ، كان البد لطبقة أو فئة إذن .. و احلالة هذه ، وإما فيمثلون ( شعراء السلطان ) ختتار أحد الطرفني ، إما طرف السلطة

يل ، ال بد هلم و احلال هذه ، من تبن ي مفهوم و فكرة و . و بالتاطرف املعارضة اخلصوم السياسيني يهامجونو إيديولوجية و سياسة الطرف الذي ينتمون إليه ،

، و يتحملون نتيجة مواقفهم تلك و تبعاا . و بنظرنا ، و حسب قراءتنا لألحداث و الوقائع التارخيية يف العصريني األموي و

من قصد السلطان ، عراء السلطة ، غالبا ما كانت غايتهم العباسي ، فإن شكان و نيل بعضا من متاع الدنيا . بينما التزلف و التملق ألجل املال أو اجلاه ،

شعراء املعارضة ( إن جازت التسمية ) غالبا ما ينضمون للطرف املناوئ للسلطة ياسة ، و خباصة إذا ألسباب عقائدية ال عالقة هلا بالتملق و طلب املال و الر

483

الطرف املناوئ و أصحابه ، علمنا أن طرف السلطان ، كان يشدد النكري على بعض الشعراء ، و من ضمنهم و يصليهم حروبا عوان ، و يعمل على تصفيتهم

هؤالء يشكلون ديدا فكريا لسلطانه . و من صفهم ، الذين كانوا بنظره اليت عربوا فيها عن رأيهم ذا الطرف بالغالب األعم ، راحوا ضحية قصائدهم

. و ذاك املعارض له ، كانوا للسلطة على أن هؤالء الشعراء العقائديني املنضوين حتت لواء املعارضة

أو يقفون موقفا و ينحازون للسلطة رون من مواقفهم يف بعض األحيان يغي ال أحسوا باخلطر بينها و بني املعارضة ، فيمدحون االثنني معا ، يف ح حياديا

ميثلونه و يرون له أو ازم احلزب و الطرف املعارض الذي كانوا على حيام . و يف أحايني أخرى ، كانوا مشتتني حىت عقائديا بني أحقية احلكم و السلطة

و يؤيدوا ، لكنهم يرون أن السلطة هلا إجيابياا يدعمون املعارضة الطرفني ، .اليت ال جيوز نكراا

بن قيس الرقيات ، مناوئا كان الشاعر عبيد اهللا ففي العصر األموي مثال .. بقصائده . و عبد اهللا بن الزبري ، فكان يهجو األمويني لألمويني ، و من أنصار

و ازم مجعهما أمام جيش عبد امللك و أخاه مصعبالزبري ملا قتل عبد اهللا بن جاج بن يوسف الثقفي ، خاف السيد ، بقيادة احلبن مروان اخلليفة األموي

و أصبح مالحقا من قبل األمويني ، مطلوبا رقي ات على حياته بعد أن طورد رأسه هلم ، فما كان من الرجل إال أن قام بتنظيم قصيدة عصماء مدح ا

جاء فيها .. بن مروان و بين أمية معه اخلليفة عبد امللك

األ كث رون ه م قوم و األ كر مون احل ي يف ح صى ق بص ن س بوا إ ن غ ض بوا إ ن ي حل مون أ ن ه م إ ل ا أ م ي ة ب ين م ن ن ق موا ما

الع ر ب ع ل يه م إ ل ا ت صل ح ف ال امل لوك م عد ن و أ ن ه م األ قالم ب ذاك ج ف ت م نب ر ه ف وق الل ه خ ليف ة ك ت ب و ال

484

الذ ه ب ك أ ن ه ج بني ع لى م فر ق ه ف وق التاج ي عت د ل

فآمنه األخري على حياته .

بن زيد بن خ نيس األسدي ، الذي و ص ف بأنه كذلك كان الشاعر الكميت هلم ، كثري املدح يف شاعر بين هاشم ، و الذي كان منحازا إليهم ، متعصبا

ميدحهم و يهجو خلفاء قد قال فيهم يف بعض قصائده هم . و خصاهلم و مشائل .. بين أمية

األن ام ف ر وع ه اش م ل ب ن ي وأ بدي أ ج ن الذي ه و اي بل

اإل سال م ق و اع د وم رس ي س الن ا خط أ أ ما باب وامل ص يب ني الع ال م ع ط ي ة م ن ب وا ر الع لم يف هاش م ي ني غ ال ب ي ني

س و اء س الن ا ر عي ة ي ر ى ك م ن ال س اس ة و ر عي ة األ نع ام ك ه ش ام أو ب عد س ل يم ان أو ك و ل يد أو امل ل يك ك ع بد ال

م بن ، على هشاعلي بن احلسني بن علي بن أيب طالب زيد بن عندما خرج و

ه و د له هذا األخري جيشا قاتله و هزم اخلليفة األموي و ثار عليه ، جر عبد امللكفأمر بقطع لسان ، ن بئ فيها هشام ، قتله ، فكان أن رثاه الكميت يف قصيدة له

و بدل شهادته . خري أقواله الكميت ، فغري هذا األطل و كأداة إعالمية ، كان األخأبرز الشعراء الذين استعملهم األمويون و من

متام اإلدراك من خالل نقطتني أدرك تقر ب إىل األمويني ، جرير .. فاألخطل و هاشم من آلخالفهم مع بين عمومتهم و مها .. أمهيتهما بالنسبة لألمويني

خصوصا الطالبيني . و النقطة الثانية ، هاجسهم يف إثبات مشروعيتهم باخلالفة .

485

و يهجو خصومهم و بالذات الزبرييني فكان ميدحهم بالنسبة للنقطة األوىل ، ، بالنسبة للنقطة الثانية . و مما قاله فيهم .. منهم

م د د ر ب ه م م ن د ع وا إ ذ أ م د ه م خاش ع ة و األ بصار ص ف ني و ي وم األ ىل ع لى ن ش دوا و ق د ع نه ن ش د ي نه ه م ل م م ظل م ة ع ثمان ق ت لوا

خ ضراء ف يل ق ت ز ل ل م ف ت حط م ه م ت نعى ا بن ع ف ان ح ت ى أ فر خ الص يد األ حساب ع د ت إ ذا ب يت ي واز ن ه م ال ب يت أ هل و أ نت م و الع د د م ر د . و ال شيب ي واز ن ك م و ل ن فاض ل ة الناس أ يدي ف وق أ يديك م

رير الشاعر ، فقد تقرب من األمويني عن طريق احلجاج بن يوسف الثقفي أما ج

عندما ويل العراق ، فاتصل به مادحا إياه ، فعاجل له األخري اجلوائز و عبد امللك بن مروان ، ملا رأى فيه األعطيات، مث ارتأى أن يشخصه إىل اخلليفة

. و عندما دخال على ، فبعث معه ابنه حممد بن احلجاجمن موهبة شعرية فريدة د قولك للحجاج فينا بع حتسن أن تقولماذا : ١ ضبا عبد امللك ، قال جلرير مغ

عاملنا ..

أو م ن ي ص ول كص ولة احل ج اج س د م طل ع النفاق عليك م م ن

فأنشد جرير قصيدة قال إن اهللا مل ينصرنا باحلجاج ، و إمنا نصر دينه و خليفته . فيها ..

ب طون ر اح و أن دى الع ال مني خ ري م ن ر ك ب امل ط ايا ألس تم

/ . ٣٦٣أدباء العرب في الجاھلیة و صدر اإلسالم ، ص / ١

486

فتبسم عبد امللك و قال : نعم .. كذلك حنن . و أمر له مبائة من اإلبل و مثانية ، فسال لعاب عبيد لرعايتها . و كان عند عبد امللك ، صحائف فضة مذ ه بة

ؤمنني ؟؟ فنبذ احمللب يا أمري امل جرير على واحدة منهن ، فقال لعبد امللك : وا ، صار يفد بني احلني و اآلخر ، إىل هبواحدة منهن . و من يومإليه عبد امللك

أمية و يأخذ صالته . و استمر على هذا املنوال ، ميدحه و بينعبد امللك مروان حىت بعد وفاة عبد امللك ، مع خلفائه .

من منطلق احلاجة و اخلوف معا ، مية فقد تعامل مع بين أأما الشاعر الفرزدق متعلقا ميدحهم ، شايعا عنيدا آلل بيت الرسول (ص) و األئمة منهمفهو كان م

. على أن ذلك مل مينعه و هواه معهم ، ال ألجل التكسب و الصلة و املال حببهم و رغبة يف إجازام . لكنه مع من التقرب من بين أمية و مدحهم ، خوفا منهم

و لعل قصيدته املشهورة اليت مدح بقي هواه متعلقا بآل بيت الرسول (ص) ذلكيف يف حضرة اخلليفة األموي هشام بن عبد امللك فيها اإلمام علي زين العابدين

.. ، و اليت يقول فيها خري دليل على ذلك موسم احلج

الب طحاء ت عر ف ال ذي ه ذا و طأ ت ه و الب يت ي عر ف ه و احل ل و احل ر م الع ل م الطاه ر الن ق ي الت ق ي ه ذا ك ل ه م الل ه ع باد خ ري ا بن ه ذا

حظه و سببه ، فإذا انقضى و أحيانا كان ميدح الشخص رغبة فيه أو رهبة منه

، يف الثقفي حيث رثاه عند موته منه ، هجاه كما فعل مع احلجاج بن يوسف ة قال فيها ..قصيد

امل خال ف ر أس ب اهل ند ي و ي ضر ب دين ه م الناس ع لى ي رعى ال ذي و مات األ ك ف ف ل يت الس قاي ف ف وق ي حثني إ ذ ت ق ط عن يوس ف ا بن الداف نات الز عان ف ات قاص ي ي رعى كان ب ه ت دف نون ه ال ذي أ ن ت عل موا أ ل م

487

فلما مات اخلليفة الوليد بن عبد امللك ، و ب ويع باخلالفة من بعده ألخيه سليمان

مبغضا له ، هجا الفرزدق احلجاج فرقا من الذي كان ناقما على احلجاج نكون سليمان . فقيل له : كيف جو الرجل و قد مدحته قبال ؟؟!! . فقال :

معه ، فإذا ختلى عنه ، انقلبنا عليه . مع الواحد منهم ما كان اهللا. و تربصوا به الدوائر هجا آل املهلب ، فسخطوا عليه و نقموا منه كان قد و

خراسان و العراق ، ، يزيد بن املهلب و عندما ول ى سليمان بن عبد امللك . ١ خاف الفرزدق على نفسه فعاد و مدح آل املهلب ، فخل وا عنه

املتملقني املتزلفني السلطان و السلطة مثقفي و شعراء من جرير و األخطل كان ، أضرام و هم بذلك فمث ال ، هلم السلطة قبول و ، منهم باإلجياب املبادرين

دعائيا إعالميا بوقا ميثل الذي السلطة ملثقف احلقيقي الوصويل االنتهازي الوجه ، ذلك يف ت ح د و هم ، اخلصومه مضادا دعائيا إعالميا بوقا و ، هلا حصريا . اخلاصة املنفعة و الشخصية املصاحل

شرا املتوجس ، منها اخلائف السلطة مثقف حالة ، بنظرنا مثل فقد الفرزدق أما هو و. إياها مادحا يسايرها فهو لذلك و ، ملقاربتها رمبا املضطر ، بطشها من قبول و اعتباريا لطةالس إجياب حالة يف لكن ، السلطة مثقف مث ل قد ، هنا

مباشرا إكراهيا ماديا السلطة إجياب يكون أن ، الالزب احلتم من فليس. املثقف من نفسه تلقاء خياف املثقف أن أي ، مباشر غري معنويا إجيابا يكون قد وإمنا ،

الوقت يف و ، منها اخلوف منطلق من حصرا ، هلا مضطرا منها فيدنو ، السلطة ال ، هناك ساقا و هنا ساقا يضع فتراه ، مبادئه و كرامته خيسر أن يدير ال نفسه . عليه الظروف فرضته ملا اضطرارا إمنا ، تلو نا و تق لبا

/ . ٣٤٠لسابق ، ص /المصدر ا ١

488

امللك عبد بن هشام حضرة يف العابدين زين علي اإلمام مدح قد نفسه فالفرزدق هشام منه منق عندما و. أمريا كان بل ، خليفة أصبح قد هشاما يكن ملا و

.. فيها قال بقصيدة الفرزدق هجاه ، مكة خارج أبعده و ذلك ألجل

م نيب ها ي هوي الناس ق لوب إ ل يها و ال يت امل دين ة ب ني ي ر د د ين ح والء م ش و ه ة ل خ ليف ة ت ك ن ل م ع ينا ي ق ل ب باد ع يوب ها

و هشاما فقصد ، دمه على الفرزدق خاف ، هذا مهشا إىل اخلالفة آلت فلما

.. فيها قال ، تقريبا األنبياء مقام إىل فيها رفعه ، عصماء بقصيدة مدحه

و الس الم اخل الف ة ب أ عواد ط ر ا الناس أ وىل الل ه ر آك الغ مام م ن ع ل يه م ظ ل ل ة ت راها أ رض يف سار ما إ ذا

األ رض م ل أت ق د أ يت ك ر و ض وء ع دال و هي م لب س ة الظ الم اإل ثام آصار ح بال و ج ذ ن ع شنا ب ه امل ؤم نني أ مري

األوىل سريته أعاد و منه قربه و فوصله ، نشوة و لذلك طربا هشام فؤاد فاخنلع

زين علي اإلمام مدح عندما زدقالفر أن من أيضا ذلك على يستدل و. معه و معتذرا الفرزدق فردها ، درهم آالف بأربعة صر ة اإلمام له أرسل ، العابدين

مبا إال مدحتك ما و ، بك حبا إال قلتها ما اهللا و.. لإلمام قل: للرسول قال . له أهل أنت و فيك هو ، األموي العصر يف عنهم ، السلطان و السلطة مثقفو كثر ، العباسي العصر يف .. منها عدة أمور مرده ذلك و احلضارات و األمم على ، العباسيني قبل من احلضاري و الفكري االنفتاح ـ

نظامها و السلطة على بالنواجذ العض مع. فارس حضارة ، باألخص و ااورة

489

أم دينية أم شعوبية ، كانت أيا ، أشخاصها و املعارضة على النكري تشديد و السلطة مثقف لنمو ، خصب رخو ترب و ، سهل رطب مناخ هذا و. يةسياس

. السلطان و فيما عليه كانت عما تبلورا و اتساعا ، السياسة و السلطة مفاهيم ازدياد ـ

.. صنعتهم و ش غ ل هم ، ألمورها مدبرين منظرين ظهور من بد ال فكان ، مضى و السلطة مسالك يسلكوا أن البدهي الطبيعي من فكان. السلطان و السلطة

من يكونوا و ، فكريا نواصيها و أمورها يتقلدوا و ، سبلهما و السلطان مفاهيم، و أمور من تعتقده و السلطة تراه ملا ينظ رون ، منها املقربني أو حاشيتها

. مسلك من السلطان يسلكه ما و و سلطتهم دعائم أثايف من كإثفية الفكري باألمر العباسيون اخللفاء اهتمام ـ

على اتكأوا الذين األمويني خالف ذلك و. أوتادها من وتد و ، سلطام و اللسان و القلم منه أكثر ، سلطام و ملكهم دعائم توطيد يف السيف

. القرطاس الواضح بشكلها ، السياسية و الفقهية و الدينية املدارس و املذاهب ظهور ـ

مفكري و مثقفي طبقة ظهور استدعى ما ، داملؤي و منها املعارض ، اجللي منه أقرب املأسسة إىل بشكل ، سلطاا و آلرائها املهيئني عنها املنافحني السلطة

و النظري ظهر ، باملقابل و. األموي العصر يف الذي شاع العفوي املشاع إىل . املعارضة مثقفي من املنظومة هلذه الند

مثقفي السلطة ، كذلك كان شأن األموي يف العصرو كما كان شأن نظرائهم العباسي ، مههم بالدرجة األوىل ، التكسب و املال و و السلطان يف العصر

من أضرام و نظرائهم األمويني . العطاء . و لعل بعضهم كان أشد وطأة مدح السلطان و التقرب منه ، واضحا جليا ال تأويل فيه ، فكان مقصدهم من

، هو تشجيع بذلك عالنية . و لعل ما شجعهم على ذلك يصرحون و كانوا األمر يزداد هذا واخللفاء العباسيني هلذه الظاهرة أو الفئة من املتملقني املداهنني .

490

جالء ، إذا علمنا أن بعضهم كان ميدح اخلليفة أو الوايل أو األمري أو العامل على عطاؤه ، جر د ل أو خبسه ، فإذا أعطاه و وصله ، كان به ، و إن مل يفعاملصر

و أبشع الصفات . و بعضه عليه لسانا سليطا نال منه أقذع السباب و الشتائم اآلخر ، جير د القصيدة مادحا أو هاجيا ا أحدهم ، فإذا مات أو انتصر الطرف

، قلبها وبدل يف األمساء لينسبها له أو خلصمه . كشأن الشاعر بشار بن اآلخر ماأل األمويني يف صباه ، فلما قد عره آلة للتكسب و مادة له . فن شكابرد الذي

عهدهم و لأومل يلق منهم العطاء ، هجاهم . و عندما استلم العباسيون السلطة مل يكونوا قد وطدوا أركاا بعد ، و ثار عليهم الطالبيون ، ماأل بشار بن برد

، و بدا أنه يف فر املنصور الذي ثار على أبو جعبداية األمر ، إبراهيم بن احلسن بشار قصيدة له ميدح فيها إبراهيم و موقع القوة و النصر و ما شابه . فأنشأ

. فلما ق ت ل إبراهيم و يهجو املنصور و يعلن فيها تشيعه آلل بيت الرسول (ص) يف القصيدة ، إىل تبديل األمساء ، بكل بساطة ، ازم جيشه ، عمد بشار بن برد

شخص إبراهيم املقتول ، بشخص ل شايعته آلل البيت ، وبد فأنكر فيها مفوصلت القصيدة . ١املنصور ، وشخص املنصور بشخص أيب مسلم اخلراساين

ما بقي بشار بن رمبا ، ل، و لو أدرك وجهها األول إىل املنصور بوجهها الثاين برد بعدها لكي تصلنا قصائده .

مسلم عامل البصرة ، و كان األخري و حدث ذات مرة أن بشارا مدح عقبة بن أيام ثالثة ، فأرسل بشار له غالمه ليكتب مشغوال بشغل له ، فأرجأ وصل بشار

، فلما رأى عقبة ما ك ت ب ي ) م على باب عقبة .. ( إن مل ترد محدي ، فترقب ذ و عجل بإرساله إليه . لهعلى بابه ، توجس من لسان بشار و ضاعف العطاء

، كان بشار بن برد ، يتعصب ضع اليت كانت ختدم أصله الفارسي و يف املوا كقوله .. لشعوبيته و يد عيها ناسبا نفسه إليها ، نافيا العروبة

/ . ٥١أدباء العرب في األعصر العباسیة ، ص / ١

491

الع ر ب ج ميع ع ن ي م خب ر ر سول م ن ه ل الت ر ب يف ث وى و م ن م نه م ح ي ا كان م ن احل س ب ذي ع لى عال ح س ب ذو ب أ ن ين أ يب و ساسان ك سرى ب ه أ مسو ال ذي ج د ي

ن س يب ي وما ع د دت إ ذا خايل و ق يص ر الع ص ب امل حامي ع نها فار س ف رع ي ا بن أ نا

الفارسية قصي ي و بعروبته يتغىن، العربية أصوله فيها ختدمه اليت املواضع يف و

.. كقوله

األ عناق ط لى م ن الس يف م وض ع ك عب بن ع ق يل ب ين م ن إ ن ين

كذا األمر ، كان الشاعر أبو نواس الذي ع رف عنه هتكه و جمونه ، و كثريا ما ب من اخللفاء الذين سجنوه ر ق و ي عوقب و س جن لكي يصار إىل إطالق سراحه

. كذلك كان الشاعر أبو متام الذي عاش يتمتع بعطاياهم ، فقط ألنه ميدحهمو حياته متنقال يف األمصار ، ال يدع خليفة و ال واليا و ال أمريا إال مدحه و نال

عطاياه و جوائزه .

و السلطان ، كانت للشاعر الكبري على أن أشهر صورة من صور مثقف السلطة ، العريب الشعر من اليةع مرتبة وصل قد ، بنظرنا هو الذي ، وأبو الطيب املتنيب

يستحق بنظرنا هو و. الشعراء من أحد عليها ينازعه ال سامية كبرية مكانة و ) . الشعراء ملك( يكون أن فيها ، أحد عليها ينازعه ال قد واليت الشعر من السامية املرتبة هذه بلغ كما أنه إال و السلطة مثقف خصش و صورة من كبريا مبلغا بلغ قد ، أيضا بنظرنا و فإنه

492

إن قلنا إذا الصواب جنانب لسنا و. أحد فيها ينازعه مل أيضا رمبا ، السلطان ضمن وحي ز ه ، احلقيقي شكله ، السلطان و السلطة مفهوم أعطى من هو املتنيب ندري ال و. تصرفاته و قصائده معظم منت يف ذلك و ، املتبلور الفكري إطاره

سابقته له تشفع ، البالغة و القريض و القرحية يف الشعرية سابقته كانت إن . السلطان و للسلطة املتملقة املداهنة الفكرية

الشعر يف فقط ليس ، صارخة وظاهرة ، نوعها من فريدة حالة املتنيب مث ل لقد حبوره و مضامينه يف اشتمل قد شعره كون ، ككل العريب الفكر يف بل ، العريب مثقف مفهوم لنشوء أسس قد فهو ، لذلك طبقا و. يةإنسان فكرية فلسفةعلى

، املعامل واضح مستقل كمفهوم الفكرية هويته له صاغ و ، السلطان و السلطة ، الفكرية هيكلتها و صياغتها املتنيب أكمل فكرية سابقة ، ذكرنا كما هي و

على ساعد مما و ، الشعر نطاق خارج شخصيته مكونات و أعمال و بتصرفاته حيتذى أعلى مثال و الشعر يف املثل مضرب أصبح قد املتنيب أن ، بعد امفي كذل بالغتهم يلتقم و حصافتهم يتقن ، البادية عرب لزم قد ، صباه يف فالرجل. به . لل سان صرفهم و حنوهم يتشرب و

أغرته فقد. األوائل به يقم مل مبا قام حىت ، الطوق عن املتنيب شب أن ما لكن غلبت وقد ، النبوة فادعى ، العلى مسالك ، األم ارة شهوته و لط موحا نفسه ، هذا مآله حيقق لكي و. املتنيب لقب أعطته اليت هي و الدعوة هذه عليه

، منهم خلق فتبعه ، فيهم نفسه أظهر و ، األعراب و البدو معاشر إىل انصرف بعض شوكته قويت ملا و. ااورة القبائل بعض يف دعوته ببث هؤالء قام و

و صحبه شر د و كسره و فكبسه ، محص عامل) لؤلؤ( له صدع ، الشيءابن كيغلغ أطلقه ، اهلالك على أشرف ملا و. مغلوال مقيدا السجن يف به ألقى

أدمة إىل فيها نفسه املتنيب صع ر، استتابة بعدالذي حل حمل لؤلؤ ، و ذلك عن املتنيب أقلع و. احلد عنه ي رفع حىت رالعم صبوة إىل عمره صغ ر و ، األرض و. ماعون ال و فيها له خبز ال أن أدرك أن بعد ، منها يده غسل و تلك نبوته

493

أشعاره يف عابر بشكل يذكرها و إليها حين يبدو ما على ظل ، ذلك مع لكنه .. كقوله

ن فس ه ف وق ي ج د ل م ع جيب ف ع جب م عج با أ ك ن إ ن م ن م زيد

ث مود يف ك صال ح غ ريب الل ه ت دار ك ها أ م ة يف أ نا . الي هود ب ني امل سيح ك م قام إ ل ا ن خل ة ب أ رض م قامي ما

هو و أال ، األمر أول نبوة من ادعاه ما نقيض إىل فورا املتنيب اجته ذلك بعد

ليس هو مبا مدحهم و هلم التملق و ، األمراء و السادات و لألعيان التزلف محص و بعلبك و طرابلس و دمشق فزار الشام بالد يف ، أمره بداية فتنقل فيهم،

إذا ذلك يف عجب ال و.. مدن من غريها و طرسوس و إنطاكية و الالذقية و فكانت ، املدح على يقتات ، الكتاتيب يف التلمذة أيام صباه يف كان أنه علمنا

أحيانا و ، عسل طاس أو لوز قمقم أو مسك ج عل ، األول مانهز يف جوائزه للتكسب آلة ش عره سخ ر قد املتنيب أن الواضح من كان.. اثنني أو بدينار ي جاز

ينتقل كان حيثما األمراء مدح على شبابه يف واظب فقد. للمال أداة و عليه يسبغ و لسماءا أعنان إىل ممدوحه يرفع أن ، مدحيه آلة كانت قد و. مرحتال

عمار بن بدر مع فعل كما ، مسعت أذن ال و رأت عني ال ما ، اخلوارق من بطريقة فمدحه ، بالسوط له س بعا يضرب هآر نيح طربية أعمال من القواد أحد

على أسبغ ، ذلك على الفالفل نكهة يضيف حىت و. معا السبع و هو ، خرافية و األردن و الشام نواحي على سلطانا هجعل و خارقة مواهب و قدرات السبع فقط ، عجماء يمة كونه يعدو ال هو بينما ، النيل إىل الفرات من سطوته متتد ممدوحه على ليضفي يعود مث ، بالسوط ضربه الذي ممدوحه مقام من يزيد لكي مقام فوق و ، تقريبا اآلهلة مقام يف ـ باهللا العياذ و ـ جعلته صفات هذا

494

و الدرهم ألجل فقط.. البشر مقام فوق ، األبكم األعجم سبعه و ، األنبياء .. يقول ذلك يف و. الدينار

امل صقوال الصار م ا د خ رت ل م ن ب س وط ه اهل ز بر الل يث أ م ع ف ر األ رد ن ع لى و ق ع ت ت لوال الر فاق هام ب ها ن ض د ت ب ل ي ة م نه

و النيال ز ئري ه الف رات و ر د شار با الب ح ري ة و ر د إ ذا رد و و الت حليال الت حرمي ي عر ف ال أ ن ه إ ل ا الر هبان و حد ة يف ر سوال اإل ل ه ب ع ث ما الناس يف م ق س ما ب اإل ل ه ع لم ك كان ل و و اإل جنيال و الت وراة الق رآن أ نز ل ام فيه م ل فظ ك كان ل و .

مع فعل كما ، املال ي عطى أن بعد إال ، احلاكم أو األمري ميدح ال كان أحيانا و

و باملال خرياأل وعده أن بعد إال ميدحه فلم ، الرملة عامل ، حسني بن طاهر . عليه له حلف شهوته و طموحه و طمعه و جشعه له ترو ،مل اليسر من احلال تلك أن على

كأنه و ، احلمداين الدولة سيف أمر حتت كانت اليت حلب شطر فيمم ، للمزيد أميا الدولة سيف أكرمه حيث هناك ضالته فوجد ، الكتف تؤكل أين من عرف أميا ، الضياع و الغلمان و القيان و اجلواري و الذهب من عليه خلع و ، إكرام مادة هو مبا مدحه بأن ، هذا الدولة سيف مجيل نيباملت رد باملقابل و. خلع

. مقال أي يبلغه ال ما و احملال صفة و اخليال ، غمرا املال و بالذهب املتنيب غمر قد ، احلمداين الدولة سيف أن من بالرغم و قد املتنيب أن حىت قبل من شاعر أي يناله مل مبا ، قرما السؤدد و اجلاه يف جعله و

إىل عليه فضله جبميل له مقرا الدولة سيف خياطب فقال ، علنا بذلك اعترف .. ذهبا خيله حدوات جعل أنه درجة

495

. ع سج دا ب ن عماك أ فراسي و أ نع لت مال ه ق ل ل م ن خ لفي الس رى ت ر كت

سيف يبتز أحيانا و ، باملزيد يطالب فكان ، تشبع مل ، شرها النهمة نفسه فإن .. له قائال الدولة

. م ر د دا املاد حون أ تاك ب ش عري ف إ ن ما ش عرا أ نش دت إ ذا أ ج زين

، العامة غلمان قبل من له ي طاق ال ما ، أدب و خلق سوءمن فيه ما فيه ذلك و

العيوب من ثالث البيت ذا اجتمعت فقد. ؟؟ السالطني و باألمراء فكيف ثالثها و ، االبتزاز.. ثانيها و ، الذات عجرفة و بالنفس الفخر.. وهلاأ، الكبار ، الدولة سيف ميدحون كانوا الذين الشعراء من عطاءه و الغري رزق يف الطمع حيصل أن جيب لذلك و ، له هو مبدحه الدولة سيف ميدحون أم اعترب فاملتنيب ما ، سفاهتها و النفس ءةدنا من هذا يف و ، ذلك جراء بقشيش أو عمولة على . مبلغ بعده ليس ، حد هلما يتسع يعد مل ، عجرفته و غروره أن إىل ، باملتنيب األمر وصل كما احلضور و النحويني و الشعراء من غريه يسفه و السلطان أمام نفسه ميدح فكان

سيف عند له فكادوا ، عليه هؤالء ضغينة و حقد أثار ما هو و ، يهجوهم و من ذلك شرط ينفي ما و. الكثريون توهم كما حسدا ال نقمة ، الدولة

املستوجب، الغري عن النعمة زوال بطلب مرتبط احلسد أن هو ، منظورنا تكسبه صفات من أويت مبا و ، قانونا و شرعا له أهل هو مبا النعمة تلك لشروط القرآنية آليةا مصداقه ما ، عليه فيها ألحد منة ال و النعمة هذه على التحصل

.. التالية

496

إ ب ر اه يم آل آت ي ن ا ف ق د ف ض ل ه م ن الل ه آت اه م م ا ع ل ى الن اس ي ح س د ون أ م { ، ذلك إىل يضاف. ]٥٤: النساء[ } ع ظ يم ا م ل ك ا و آت ي ن اه م و ال ح ك م ة ال ك ت اب . نفسه شر و النعمة هذه شر الناس كفايته

شرط مستوف ال و هلا ستحقامل غري عن النعمة زوال طلب فهي النقمة أما غري من املال و الغىن كاكتساب ، قانونا أو شرعا ، عليها التحصل و اكتساا النقمة يستوجب ما ، مستحقها لغري صرفها أو ، احلق وجهه غري و شروطه

اهللا أتاه فقد. املتنيب طيبال أبو عليه كان مما النقيض على هو و. احلق املشروعة و للناس بعرضه عليه نقمة قلبها أنه إال ، الشعر يف البالغة و القرحية نعمة

ابن حىت ، بشعره هجاه و إال أحدا يدع فلم. بشعره عليهم الرتو و أعراضهم مل و النبوة ادعاؤه بسبب السجن من سراحه أطلق الذي محص عامل كيغلغ نعته ، الشعر من بشيء ميدحه أن إليه أرسل ندماع ، جسده عن رأسه يفصل .. فيه قال إذ الصفات بأبشع

و س هوال ب ين نا ح زونا ي جوب ك ي غل غ ا بن اجلاه ل ك الم أ تاين ج ميال ي كون أ ن ج ميال و ل يس ف ي صون ه ع رض ه ج ميال و ل يس

اهل جاء ق بل م ن كان ل ق د ئ ه ب ه جا أ ذل لت ه ما و ي كذ ب ذ ليال .

و بينه أمان مسافة يضع ، احلمداين حلب أمري جعلت ، جمتمعة كلها األمور هذه أو ينفه أو يقصه أو يؤذه مل لكنه ، معه وصله و تعاطيه من خيفف و املتنيب بني الشعراء كبار من يقتصون كانوا الذين اخللفاء بعض شأن ، حياته على يأيت رمبا يف بأنفسهم يفخرون أم ، إحساس جمرد أحسوا إذا بالسوط يقن عوم و

. حضرم و ، جاه و رزق من اهللا أتاه مبا يقنع و ، بذلك املتنيب يكتفي أن من بدال و

للشاعر تكون أن إال أبت بالسوء األمارة النفس فإن ، نصيب و الدنيا من عرض

497

و ، نعمته ويل احلمداين الدولة سيف يترك أن به د ت فح ، باملرصاد ، الكبري السياسة عركته الذي الداهية امللك اإلخشيدي كافور حيث مصر إىل به ساقت

طغج البن الدينار من بعشرين ب يع ، مملوكا خصيا عبدا أمره أول كان الذي و من فكان . ع رك و تدبري بعد ، امل لك و السياسة إليه صارت مث ، مصر حاكم هو و ، فيهما املبالغ اإلطراء و املديح خزعبالت منه مترق أن ، الشاق العسري

. عل و أدمي من الناس خاب ر و ، صنوفهم و بالرجال العارف والية إقطاعه مقابل ، املدح يف يغايل و ميدحه طفق ، املتنيب عليه وفد عندما و

و ، الناس به يسوس مقاما يروم أن ، ءالكربيا و الطمع به بلغ فقد ، عليها يتأم ر الذي النقص مركب يعوض أن ، بذلك أراد لعله و. ت ب اع و خدم له يكون بأن ذلك يغطي أن فأراد ، للناس مدحه هو و ، معا كربه و صغره يف لزمه

نفسه يف ترك و إياه منعه و األسود كافور منه حرمه ما هو و. الناس ميدحه هو الذي و ، لكافور رسالة تركه الذي املقذع اهلجاء يف جها تو ، كبرية حرقة املتنيب نفس سولت الذي املر الطعم و الكبري املقلب وجوه من آخر وجه بنظرنا

منه حيصل مل و له نفسه أذل، أسودخصي لعبد بالتملقو ذلك ، ابتالعه له . شيء على

، ممدوحا ال مادحا ، حياته كل هذا النبوة دعي يعيش أن اهللا إرادة شاءت قد و األمراء ميدح ، مقام له يستقر ال األمصار و البقاع شريد كله عمره يقض أن و ، أنفسهم و بأعراضهم ، مرتلة أدناهم يهجو و ، منهم يقتات و السالطني و

به هويا اللذان مها ، السماء أعنان إىل رفعاه اللذان قرحيه و قريضه فكان جيد ال هدرا فيها دمه يذهب ، الصحراء قفار يف جمندال صريعا األرض حضيض

ال ح ي اة ي ر يد ك ان م ن { .. القرآنية لآلية مصداقا . فيه يقاد من ال و يطلبه من . ]١٥: هود[ } ي ب خ س ون ل ا ف يه ا و ه م ف يه ا أ ع م ال ه م إ ل ي ه م ن و ف و ز ين ت ه ا الد ن ي ا

498

أحب ، ذهب من مألى واديا أ عطي آدم ابن أن لو( النبوي للحديث مصداقا و إال آدم ابن جوف يسد وال ، ثالثا إليه أحب ، ثانيا أ عطي لو و ، ثانيا إليه

. ١) التراب

و، شعرا البليغة احلكم و الثمينة النصائح يوزع كان الذي املتنيب الشاعر ذهب بعد ذهب. فضيلتها و القناعة حكمة نفسه يعلم نأ يستطع مل و ، الناس يعلمها

ألمهية نظرا و. السلطانمثقف ملفهوم ، يدري ال أو يدري حيث من أسس أن فقد ، الناس بني أثره و ، العباس و أمية بين و اجلاهلية عصور يف العريب الشعر جس د و عنهما ر عب من خري ألنه ، بامتياز السلطة مثقف هو ، الشاعر كان

أفضل من ، العصور تلك أواخر حىت العريب الشعر زال فال. الناس بني فكرمها سواد بني ، إقناعا حىت و ، قبوال و تأثريا و سالسة و انتشارا اإلعالم وسائل . العموم

، املتنيب الطيب أيب ، الكبري الشاعر يف أمعن ا قد ، هذا مبحثنا يف كنا إن حنن و فهوإال و ، بذلك لنا شأن فال ، شابه ما أو ثأر أو ينةضغ من منبع بذلك فليس أحد ينازعه ال الشعراء ملك ، األقل على شخصيا بنظرنا ي عترب ، قبال ذكرنا كما عاطفة له فالرجل. للشك مكانا تقبل ال ، الشعرية ملرتلته احترامنا و ، ذلك يف

أن كما ، ثياتهمر من الشعر يف أثرمها ظهر ، كبري قلب و جياشة شعرية سريته حسب و فالرجل. الغري محله من ينوء ما ، صربه و جلده و لشجاعته شجاعة له أن كما ، الفيايف قطع و املشي على عجيبة مقدرة له كان ، التارخيية

، هلا تعر ض عدة حوادث من ذلك. نظريمها ل ق ، القتال عند الثبات و الكر يف و الفرار فأىب ، الفرسان من مجهرة عليه اجتمع عندما مقتله حادثة آخرها و

.. فيه يقول شعر ببيت ذك ره خادمه نأل ، االنسحاب

/ .٢٣٦٥/ ص ،/ ٥/ ج ، البخاري صحیح ١

499

و الب يداء و الل يل اخل يل ت عر ف ين و الس يف و الر مح و الق رطاس و الق ل م .

و فيعة البليغة فضال عن حكمه الر. ق تل حىت ، حياضه يذود الكماة قتال فقاتل و جمرى األلسن و األقوال . اليت ال زالت إىل اآلن ، مضرب األمثال

، السلطان و السلطة مثقف صورة إبراز أردنا أننا هو ، فيه ما و األمر لكن. السلبية صورا و اآلخر بوجهها مثلها من خري ، لألسف املتنيب كان الذي فقط ، تزييفها و قاحلقائ تشويه و اخلداع و الكذب على قائمة صورة فهي

أن دون كان ، نفسه املتنيب و. الدرهم أجل من و ، جنوده و للسلطان خدمة يعترف اليت قصائده و أشعاره يف السلبية النقاط هذه لنا يصور ، يقصد أو يدري أن هلم ليس مقاما يعطيهم و ، مدحه يف السالطني على يكذب كان أنه فيها

.. مدح بعد يهجوه اإلخشيدي ركافو خماطبا يقول حيث يبلغوه

راض يا ع نك و ال ن فسي ع ن أ نا و ما خاف يا الن فس أ خف ت ل و الر ضا أ ريك ر جاء ا بت سامايت ت ظ ن و غ بط ة و ما ضاح ك إ ل ا أ نا م ن ر جائ يا .

القول نباط جيعل بأن شعره يف يغشهم كان بأنه ، أخرى مواطن يف يعترف و

.. مدحا ظاهره و هجوا

هاج يا ل ك ب ه س ر ي يف ك نت ب ما ماد حا ج ئت ك الناس ف ضول و ل وال . غال يا ه جو ك ب اإل نشاد كان و إ ن م نش د أ نا ب ما م سرورا ف أ صب حت

، الرياسة و اجلاه و لاملا طلب من نفسه خبيئة تكنه مبا ، غريها أ خ ر يف يقر كما يطلب كان كيف رأينا قد و. التزلف و إليه التملق و السلطان مدح طريق عن

500

كافور مع أيضا فعل كما. بوقاحة و عالنية املال، احلمداين الدولة سيف من أن فيه يعلمه شعرا فينشده ، ا وعده اليت الوالية فه سو و العطاء عليه أبطأ حني

.. فوه فض ال فيقول، شيئا منه يأمل نهأ و طال قد انتظاره

ف ا عل م ا نت ظار ك ث لث يها و ص ي رت ق س مت ها ح يايت ك م أ دري ك نت و ل و امل ت غ ن م الباد ر ب ح ظ يل ف ج د فائ ت الع مر م ن ي مضي ما و ل ك ن امل س ل م ق ود الن فس إ ل يك و ق دت م ح ب ة يل ب ه ت رضى ب ما ر ضيت

و يطلب و لو جمرد ، به وعده مبا ، أخرى مناسبة يف مذك را عليه يلح و يعود مث

.. قائال ، فضلة أو أي شيء ي عطى له

ي ت غ ر ب ف ما كافورا و ي م م و رائ ه أ هال اإل نسان ت ر ك إ ذا و ت شر ب حني م نذ أ غ ن ي ف إ ن ي أ نال ه ف ضل الك أس يف ه ل امل سك أ با

ت طل ب ك ف يك م قدار ع لى و ن فسي ز مان نا ك ف ى م قدار ع لى و ه بت ي سل ب و ش غل ك ي كسوين ف جود ك و الي ة أ و ض يع ة يب ت ن ط ل م إ ذا

قاء ه م ل و أ هوى أ هلي إ ىل أ ح ن ع نقاء امل شتاق م ن و أ ين م غر ب . و أ عذ ب ف ؤادي يف أ حلى ف إ ن ك ه م أ و امل سك أ بو إ ل ا ي ك ن ل م ف إ ن

، و إعطاء هذا كله عبارة عن صورة من صور اخلداع ، وسلوك مسلك الوهم

على مبدأ توصيف الكذاب إال ، وقائع ومهية زائفة ، ال تصح يف غالب األحيان اليوم يف مثقفي ، و هو ما نراه الذي يقر ب عليك البعيد ، و يبع د عنك القريب

يعودوا يقتصرون على الشعراء ، مليف يومهم هذا السلطة و السلطان الذين هم الدراسات األكادميية و إىل الك ت اب و املفكرين ، و حىت أصحاببل تعدوا ذلك

501

غري ذلك . و الصورة السلبية اليت هم عليها اآلن ، هي مية و اإلعالاجلامعية و ، و أمثلتهم املذكورة آنفا . و لذلك .. ال حاجة أولئك الشعراء نفسها صورة

اآلن ، و مسام . من ذكر صفات هؤالء الرهط املعاصرين للمزيد ايب يف الوجه اإلجي ها يربز فيو منه ما يشفع ملثقف السلطة و السلطان ، أعلى

و اتصاله بالسلطة و املنظومة السياسية ككل ، أمر واحد فقط .. أن عالقته إميانا عقائديا خالصا ، ذه السلطة و أيديولوجيتها ، و يعتقد يف يكون مؤمنا

، و تكون هي قرارة نفسه ، أا سلطة صاحلة و تعمل خلري الدولة و اتمع . و على أن يعمل هو هلا و واقعا ، أا كذلك . فعال كذلك ، و تثبت تارخييا و

. فقط ، ال ألجل أي شيء آخر ينظ ر ألجلها من هذا املنطلق .. ال نستطيع ، على سبيل املثال ، أن ننكر على املثقف و و من هذا املنطلق

. انتماؤه و تبعيته لسلطة أو حكم شيوعي بلشفي املفكر املاركسي أو البلشفي ، انتماؤه و تبعيته لسلطة أو ن ننكر على مثقف و مفكر قومي و ال نستطيع أللمثقف و املفكر الديين و املبدأ . و كذا األمر بالنسبة هذا يتبىن حزب حاكم

. فهل مثقف السلطة و باملعيار السابق املذكور آنفا د شرط التقي ، غريهم ، هو اآلن على سوية هذا الشرط املعياري ؟؟؟؟ . السلطان

و مفهوم مثقف السلطة و السلطان ، يقودان إىل مفهوم آخر متشابه ، قضية إن معظم الدارسني و الباحثني ، و هو مفهوم فكرية قد أشكلت على و ذو جدلية

قبل القرن املاضي ، ( مثقف الكرسي ) الذي مثل حالة معاصرة مل توجد كمفهوم واضح مستقل .

املتحصل على ثقافة معينة ، و تعريف مثقف الكرسي هو .. ذاك الشخص خمتص علمية أو فكرية ، و أ عطي مبوجب ذلك ، منصبا ( و ليس موقعا )

رمسيا اجتماعيا ، أم علميا و بالفكر و الثقافة و العلم ، حكوميا عاما كان ، أم -رئيس جملس ثقايف - مدير مركز ثقايف -وزير ثقافة من وجوه ذلك .. من أقسام صحيفة رئيس حترير قسم -حكومية أم خاصة رئيس حترير صحيفة ،

502

حمك م زمين ثابت ملسابقات -ثابت مقاالت كاتب عمود - أو قناة إعالمية و العكس غري فكري يف دار نشر عامة أو خاصة ... اخل . مسؤول - فكرية

مثقف و كرسي . صحيح ، أي ليس بالضرورة أن يكون هؤالء هم مثقفواالذي يعد بالنسبة إليه ، ول األول و املدير املتحكم مبنصبه هذا هو املسؤالكرسي

إقطاعية خاصة ، رأيه فيها هو املهيمن و كلمته هي السائدة . و مثقف الكرسي أن أية حماولة لالقتراب من منصبه هذا ، مهما كان نوعها ، مباشرة هذا ، يعترب

عامل معه على هذا ، جيب التأم غري مباشرة ، هي خطر داهم بالنسبة إليه للدفاع عن األساس ، كما أنه يف غالب األحيان يعتمد أسلوب اهلجوم الوقائي

ي مثقف ألو إقصاء ، مادي أم معنوي ، ، فيقوم بقصف و تدمري منصبه هذا آخر يتوسم فيه مالمح و صفات الذكاء و املعرفة و اخلربة و العلم ، مبجرد

. ن حيل حمله ذات يوم اقترابه منه ، فقط رد اخلوف من أو مثقف الكرسي هذا ، ليس بالضرورة أن يكون مثقف سلطة و سلطان ، أو

، لكنه ميكن أن يكون كذلك يف الوقت نفسه ، تابع هلما بشكل من األشكال . و شكل و أكثر من صورة ، وجهلون و شخص له أكثر من فهو إذن ..

أكثر سوءا و أذى ، و أحيانا مثقف الكرسي ، مقارنة مع مثقف السلطة ، هو مغلوطة ، و ثقافة مشوهة ذات تبعية سياسية و دينية أكثر إيرادا حلقائق واهية

االته عبارة عن جمرد مثقف كرسي . كيف ال و هو يف أقصى حضيقة و حمدودة مستعد لعمل أي له منصب لكن ال موقع له يف احلياة الفكرية و الثقافية . فهو

سي ، و هو صورة سيئة من صور أولئك الشعراء املتحلقون شيء ألجل الكرارية ، ، أو كالسباع الضكالذباب حول فتات مائدة السلطان يف العصر العباسي

أن يهر بعضها على بعض و يكيد بعضها لبعض ، و ينقم بعضها من بعض رد و يقرب السلطان أو األمري ، أحدهم ذراعا و يبعد اآلخر شربا ، أو يعطي

و مينع اآلخر مكياال . يوصل أحدهم قنطارا

503

نصف مثقف ، و أحيانا نصف مثقف الكرسي يف عصرنا احلايل ، هو إنسان و ثقافته ألجل الكرسي الذي جاهل أو نصف متعلم ، ملاذا ؟؟؟ ألنه سخ ر حياته

هو عليه ، فهو يطلب الكرسي ال العلم و املعرفة ، فيستخدم األخريين ألجل . و هو مستعد ألن يفعل أي شيء ، و يزو ر أية حقيقة ، و حيو ر أية ثقافة األول

ألجل أن يرضي من وضعه على هذا الكرسي ، حىت يبقيه و أي فكر ، فقط عليه ال يزحيه و ال يستبدله مبثقف آخر . و هو ال لون له و ال عقيدة إال لون

يغري من فوره ، لونه . و إذا انتقل إىل كرسي آخر ، الكرسي الذي جيلس عليه به إليه و لمن طو فكره و عقيدته إىل لون الكرسي اجلديد و عقيدة و اجتاه

وضعه عليه . و إذا التقى مبثقف آخر و أحس منه دراية و خربة و ثقافة تضاهي ما هو عليه أو تزيد ، توجس منه ضرا و تأبط ألجله شرا ، معتربا أنه قد ينافسه

. فيعمد على الفور إىل سد الطرق و املنافذ متربع عليه الذي هو على الكرسي ، غرية و حسدا ، فهو أمامه ، و يسعى جاهدا إلحباطه ، و أحيانا يفعل ذلك

يعرف أن ثقافته رمبا قد تكون حمدودة ، و أنه يف وجه من وجوهه ، إنسان شبه ة حتكيم ، أمي ، عاجز عن تأليف كتاب واحد . فإذا كان عضوا أو رئيسا للجن

كل متسابق يتوسم فيه الثقافة و الفكر و العلم ، و أحبطه . و إذا كان أفشل ، أحبط كل كاتب مثقف صاحب مقال و رئيسا لتحرير صحيفة أو موقع نشر

و هكذا هلم جر . موضوع ني ر جيد . له يف فعله ، فإن مثقف عقائديا ، ما يشفع ثقف السلطة و السلطان ملفإذا كان

سي ال شفيع له يف فعله . و إذا كان مثقف السلطة و السلطان ، يشار إليه الكرو يتعرض للنقد و االنتقاد ، فإن اآلخر خيتبئ يف الظالم مبنأى عن أعني بالبنان

كما أن مثقف الكرسي قد يكون النقاد ، أو يتوارى خلف كذا قناع و قناع . يكون سلطة ، ألن أثره يف بعض األحيان ، أشد خطرا و ضررا من مثقف ال

خمفيا و غري ظاهر للعيان ، و دوره التخرييب قد ال يدرك من قبل األفراد العاديني أو ذوو الثقافة و الوعي املتوسطني .

504

عود على بدء .. فإن كل من مثقف السلطة و السلطان ، و مثقف الكرسي ، و االستبداد و عملة التبعية مها باملنطوق السليب ، وجهان لعملة واحدة هي

، و الثاين للسلطة االعتبارية . فاألول يتبع السلطة احلاكمة تزييف احلقائق ، و هي سلطة املؤسساتية صاحبة الكرسي األساس و مالكته اليت وضعته عليه

و تاليا دينية أو مالية أو اجتماعية . و قد تكون هي نفسها ، السلطة السياسية . تصبح ف. األعلى ، كل حسب مواله و رئيسه نيهما م.. مها مقيدان مبا ميلى عل

غري معب رين عن الواقع احلقيقي للدولة و اتمع و و احلالة هذه ، الثقافة و الفكر السياسي و االجتماعي و املايل املعيشي ، و حىت األخالقي ، إرهاصات الواقع

أمنوذج وأداة و ملا تريده السلطات املفرزة هلؤالء ، بأنواعها كافة ،بل حالة هذه السلطة تنتهج سياسة االستبداد و و عكسها . فإذا كانت قلب احلقائق ل

مشبوهة ، أو موجهة ألهداف و القهر و الرأي الواحد ، أو سياسة مضللة ، فإن دور هؤالء املثقفني مشاريع و مناهج معينة ، و لو بشكل غري مباشر

ثقايف عامري متجانس ، و إطار األتباع ، هو شرعنة ذلك كله ضمن قالب فكو أخترج منه و تتحلق حوله الثقافات و املنظومات الفكرية الدائرة يف فلكه

. احملتاجة إىل فضائه غالبا ما يتميز فكر مثقف السلطة بأنه فكر أحادي متموضع على حامل السلطة

وع من ، يتهيأ هلذا الن ، و حمشور بزاويتها فقط . و فضال عن ذلك و صراطها و احلضور اإلعالمي املميز ، و إسباغ املثقفني ، كل أشكال الدعم و املساندة

نوع من الشهرة اليت تتحول فيما بعد و مع مرور الزمن و تفاين املثقف يف خدمة تكون تحول إىل حالة كاريزمية ت، إىل درجة الضبع اخلالص و السلطان السلطة

ال تستند إىل أي أساس علمي عقالين ، و أحواهلا ، حالة زائفة جوفاء يف معظم ، التلفزيونية احلوارية يف القنوات الفضائية يصبح هؤالء هم أصحاب احللقات

وهم احملاضرون يف الندوات و املراكز الثقافية التابعة لسلطة الدولة ، و يتم حتويل ثل .. ، و ي طلق على الواحد منهم أمساء مهؤالء إىل حالة فكرية متورمة منفوخة

505

مواقع و مناصب نسب له ي الكاتب احمللل أو الباحث االستراتيجي أو املفكر . و لألحباث ومهية ال حتتم املصداقية ، كأن يقال عنه .. رئيس املركز االستراتيجي

، أو مدير الشبكة اإلستراتيجية الفكرية و الدراسات و العلوم اإلستراتيجية من أمساء و صفات و مواقع ، هي أشبه مبا العاملية الكونية ، و ما إىل ذلك

، ال جتد ألحدهم و لو . بينما يف واقع احلاليسمى ( الشركات الومهية ) يف فال جتد له تارخيا و باعا ب فكري واحد ، أو تبحث يف سريته الذاتية ، اكت

، و كل ما لديه هو فكر سلطوي أحادي ، ميجد السلطة و الفكر أو الثقافة عرب سنني طوال منذ بدء خدمته يف سلك السلطة ، بطريقة ببغائية ،السلطان

مكررة ، منطها واحد ال يتغري . إن كل ما سبق تناوله حول هذا النمط من املثقفني بصورته السلبية ، يعرب عن

تنتفيحالة فكرية شاذة جمتزئة من سياقها التارخيي و الزمين و الثقايف ، حيث يف اتمع ، للمناهج احلقيقية الثقافية و الفكرية األخرى و املساقط كل احلوامل

فيه ، بينما تتمدد قفرية ، متوارية عن الذهنية الفردية و تندمل متقوقعة مغي بة و الفكرية للمجتمع ، مبتلعة كل السلطة الفكرية و الثقافية يف الواجهة اإلعالمية

على كل من هو و اإلقصاء . و باملقابل من هذا كله ، جند التعتيم اما عداهليس مبثقف سلطة و سلطان ، حىت و لو كان املثقف احلق األصيل ، صاحب

و الفكر املعياريني ، و صاحب الكتب و املؤلفات ، فهو بالغالب األعم الثقافة روب عليه و املعنوي ، مضو الدعم املادي و العطاءات حمروم من االمتيازات

إعالم أو صحافة أو قنوات تلفزيونية أو برامج طوق تعتيمي ال يظهر بسببه يفإفقار مادي ، يضطر إمالق و ، و يكون يف حالة ثقافية أو ندوات حوارية

و االستجداء للحصول على مسكن يؤويه أو دواء يشفيه خالله أحيانا ملد اليد تكون الساحة ملثقف السلطة و السلطان ، و أو حىت طعام يبقيه . و بالتايل

و اإليوان ، فهو الواجهة و هو الكل بالكل ، و هو صورة و الكرسيمثقف باألخص ، اإلعالمي منه . هوية الفكر العريب املعاصر ، و

506

يف مرحلة من ، هي أنه يصل إن اخلطورة يف مثقف السلطة و أحيانا الكرسي و اخلطابيةالتماهي مع السلطة احلاكمة و العبودية هلا ، إىل التشبع مبفرداا

صبغتها السياسية ، فيتقمص دورها يف غالب األحيان ، و جيعل من نفسه سلطة ثقافية على من هم حوله من مثقفني و أفراد جمتمع ، فيمارس عليهم فكرية

اهن الرو ما أكثر هؤالء يف يومنا سلطة أبوية استبدادية معنوية بشكل أو بآخر . و فكرنا املعاصر .

أن خيدم الفكر ملثقف السلطة و السلطان إال لوجه اإلجيايباية .. ال يبقى من ا

و الثقافة يف اتمع الذي هو فيه ، من خالل موقعه و مسؤولية و صالحياته اليت من سياسة السلطة نفسها ، أن تعتمد سياسة منحته إياها السلطة أو أن يكون

فهنالك تمعاتنا ، التنوع الثقايف و الفكري يف اتمع و هو أمر ال ختلو منه جم ثقفي السلطة يف عاملنا العريب ، هم على سوية أخالقية و خ لقية عالية مالعديد من

و ال ميكن إنكار ذلك حبال من ، ميثلون الوجه اإلجيايب احلسن ملثقف السلطة و آخر ألنه و كما يقال باملثل الشعيب الدارج ( إن خ ليت خ ر ب ت ) . األحوال

ا الشأن ، حول مثقف السلطة و السلطان و مثقف الكرسي نصيحة لنا يف هذ علىحيرص املثقف رأيتم إذا.. اخلصوص هذا يف للجمهور نصيحتنا و.. هي

. معرفتكم يف فاموه ، الكرسي

مسات املثقف أو املفكر العريب :

لقد أضحى املثقف العريب اليوم ، حالة ومهية ال وجود هلا باملعىن املعياري ، إال يف حاالت نادرة استثنائية . قيقي للمثقف املتعارف عليه يف دول العامل احل

يف العامل العريب كواقع مشخص ملموس ، فهو حالة مفرغة من د ج و إن و

507

فاملثقف احلق و شجرة عاقر ال مثار فيها و ال تؤيت أكلها كل حني . مضموا و يف نتائجه هو ي معريف ، علماألصيل بنظرنا ، هو يف مقدماته ، مفهوم فكري

و سياسي اقتصادي . و خارج هذا اجتماعي أوال حصرا مفهوم خدمي وظيفي . و أي معيار نفعي وصويل زائفة متثل إدعاء، هو حالة شاذة اإلطار و املفهوم

، ينطلق من خالل الشرط السابق حتما .تتحدد به سوية املثقف مثقف حيث و موطنه الذي يعيش فيه ، هو خيدم جمتمعهاملثقف .. هو مثقف مبا

تزيد من رفعته و ثقافية فوائد معرفية علمية لدى اتمع ، يقدم له موظف هو و األخالقي ، و األهم من ذلك تقدمه ، و تعمل على تقوية متاسكه االجتماعي

، هو نشر ثقافة التوعية و املسؤولية كله و الذي قد يأيت يف املقام األول أرضية عامة واسعة لكن صلبة ، ، و العمل على إنشاء ية اإلنسانية العامة األخالق

، العلم و املعرفة ف تكون أساسا لتقدم الدولة و اتمع و ازدهارمها و قوما . . و اجلهل و التخلف مها ضعف و قوة و منعة أيا كانت نوعيتهما و كيفيتهما

، و من أي منطلق تربيري و ة عجز أيا كانت صفتهما التجميلية و التمويهي فكري جاءا .

و و لعلنا نالحظ أن الدول القوية العظمى اليت تتحكم مبجريات السياسة العاملية و شاملة االقتصاد العاملي ، تقوم على منظومة فكرية علمية ثقافية متقدمة

اعية، ومثقفة متعلمة واسعة، منهج عملها و آلياا ، اإلبقاء على القاعدة الشعبية تأيت األمور ناضجة اإلدراك ملسؤولياا اإلنسانية و الوطنية أوال ، و من مث

، اليت ت عد حالة شخصية تعرب عن عالقة خاصة األخرى الدينية منها و العقائدية . و ترتكز هذه املنظومة يف أساس عملها أيضا على تناول بني املرء و ربه

. و سان ، منذ الوالدة أو الطفولة و حىت املمات الثقافية التعليمية لإلناملسؤولية تدعم اتمع بدون ذلك ، ال ميكن إنشاء منظومة فكرية اجتماعية راقية متقدمة

. و قد برزت يف سورية على سبيل املثال و ترفده باملفكرين و املثقفني املنتجني ري إذا ما لكنها قوية و تبشر خبحالة مشاة لذلك ، رمبا كانت حماولة خجولة

508

. و هي استمرت و القت الدعم املادي و املعنوي ، و هي مجعية قوس قزح حسب ما رأيناه بشكل شخصي ، تم خبلق منظومة فكرية ثقافية علمية هائلة و متقدمة للطفل السوري ، تشمل مجيع األطياف يف سورية و خمتلف الطبقات .

السورية ، بإعادة إصدار جملة وجود مبادرة لوزارة الثقافة كما لوحظ أيضا ، تسمى ( أسامة ) و قد ضمنت فيها كل املواد العلمية و الثقافية و للطفل العريب

، و أرفقتها بكتيب صغري يتحدث عن الفكرية اليت تسهم يف حتفيز ذهنية الطفل موضوع علمي أو تارخيي مميز و تباع هذه الة يف األسواق السورية بسعر زهيد

1/ سنت ، أو ٢٠/ جدا يعادل5

دوالر .

: الفكري ) (املألثقافة النخبة و خنبة الثقافة هو أين و بل!! ؟؟ العريب املثقف هو أين و!! ؟؟ اليوم العريب املثقف يفعل ماذا . ؟؟ سابقا املذكور املعيار من ، الكرسي مثقف و ، سلطةال مثقف بني مشتتا ، اليوم العريب املثقف أضحى لقد السلطة أحيانا و اتمع طريد الناس شريداحلق املثقف و ، األكادميي املثقف و

و التكرمي و العدل و اإلنصاف قمني هو بينما ، العجز و العوز و الفقر رهني.. ، فكريا ال و ثقافيا ا يعتد ال شاذة كحالة السلطة مثقف استثنينا فإذا. الدعم

املثقف إال أمامنا يبقى ال ، م قصاة مغمورة كحالة احلق املثقف تثنينااس و ، العريب للمثقف احلقيقي األمنوذج يكون أن به املفترض من الذي األكادميي

و األكادميي العلم ناصية امتلك و الدراسي التحصيل استوىف قد ، افتراضيا كونه من كونه أو ، أمجع اصيهمابنو املعرفة و الفكر نواحي استحوذ و ، اجلامعي عموم من غريهم أو ، اجلامعات ميادين يف للطالب املعارف و العلوم ناشري هذا. الكترونيا أو ورقيا ، ينشرها و يؤلفها اليت الكتب طريق عن ، املتلقني

509

نعت و اسم عليهم يطلق من هم ، االفتراضي الوضع يف ، املثقفني من الضرب . الفكرية وأ الثقافية) النخبة(، كرسي مثقفي إىل حتولوا ، هؤالء من ا بأس ال نسبة نإف ، الشديد لألسف و الال النخبوية مطب يف وقع لكنه ، فكريا و حياديا استقل منهم اآلخر القسم و

) . التسمية جازت إذا( افتراضية متقدمة فكرية حالة متثل اليت هي ، مبنظورنا االفتراضية الفكرية النخبوية و

أو الدينية أو االقتصادية أو االجتماعية أو السياسية اإلشكاليات أهم تتناول ، حيادية ، ناجعة علمية بطريقة وتعاجلها ، اتمع يف املوجودة ، الثقافية

تلكم هي ، الثقافية أو الفكرية النخبة فإن.. األمر كذا. شاملة صحيحة أو مجاعي إما و ، خالص وطين فردي إما.. بدافع يتنطحون الذين األشخاص الناس و الدولة و اتمع متس كربى قضايا ملعاجلة ، معني تنظيمي أو مؤسسايت

عموما الغري يعجز ، قضايا فيها يعاجلون ، معينة ثقافية فكرية زاوية خالل من ، ا متهيد ، صحيحة بدرجة ، علميا حىت أو ثقافيا و فكريا تناوهلا أو معاجلتها عن

و طاقات و مواهب ميتلكون الذين أولئك هم أو.. قانونيا أو ماديا ملعاجلتها أو مميزة حلول طرح من متكنهم ، جدا هائلة ثقافية و علمية و فكرية معارف أو ، األفضل حنو جوهرية حتول نقطة مبثابة تكون ، منطقية عقالنية ، جذرية وهم ، العلمية النخب مفهوم على أيضا يقاس ما هو و. فعاال بالغا أثرا تترك و شقاؤها من انتشلتها، لبشريةل هامة اختراعات مواقد الذين العلماء خنبة

هو هذا. تطورها و تقدمها يف أسهمت و ، معينة قضايا و مفاصل يف بؤسها جاء فقد. مشاة أو مطابقة داللة جند ، املعاجم يف نظرنا إذا و. النخبة مفهوم

انتخبت و خنبة أفضلهم انتخبت: يقال ، الناس خيار: النخبة.. ١ عجمامل يف . منه املنتزع: الشيء من املنتخب و ، االختيار: االنتخاب و. خنبتهم

انظر معجم لسان العرب ، و معجم العین ، مادة ( نخب ) . ١

510

يف غريه يقع ال الذي ، املميز األفضل اخليار على النخبة مصطلح يقع.. إذن . قول من سبق فيما يصح ما هو و ، مرتلته النخبة( مصطلح و مفهوم حول عدة أسئلة تتبدى ، هذا الراهن وقتنا يف.. اليوم

هل ؟؟ اليومالعربية الثقافية النخبة معيار هو ما) . الثقافية النخبة( أو) الفكرية ، بالفعل يوجد هل ؟؟ شروطه حيقق و ، آنفا املذكور السابق للمعيار مطابق هو أهم إحدى إن . الذهن إىل ترد عدة سئلةأ ؟؟ دورها هو ما ؟؟ عربية فكرية خنبة

مبختلف البحت االنعزالية هي ، اليوم العربية الفكرية!! ) ؟؟ النخبوية( مسات بالنسبة الفئة هذه شكلت قد و. العموم سواد و اجلمهور عن ، أشكاهلا قياسا و. اجتماعية انعزالية و ، ثقافية انعزالية و ، فكرية انعزالية ، تمعاا

الذين الرهط هؤالء فإن ، آنفا املذكور الثقايف الفكري النخبوي املعيار على!!) ؟؟ النخبة( تسمية عليهم يطلق من يوجد أو ،!! ) ؟؟ خنبة( أنفسهم يدعون

املعر ف األساس املعياري الشرط حيققوا مل مكو ، خنبة يكونوا ألن يصلحون ال يصلح شيئا تمعام قدموا هم فال. فوه و مل يستو الفكرية) النخبة( ملصطلح

البشرية اتمعات بقية بني املناسب مكاا لتتبوأ ويهيئها ، باهلا يريح و حاهلا من سوية من غي روا هم ال و ، ساكنا ا حركوا و أصلحوا هم ال و ، األخرى و مشاكلها عاجلوا هم ال و ، األفضل حنو العلمي و الفكري احنطاطها

مشاكلها حىت و ، االقتصادية و السياسية أزماا أو الفكرية اصااإره مآسي من واحدة مأساة ال و ، واحدة قضية حىت ال و يعاجلوا مل. االجتماعية خنب ليسوا فهؤالء.. بالتايل و. اليوم حيصل ما منها و ، العربية اتمعات

مأل.. عن عبارة هم بل ، فكرية خنب يكون أن يصلحون ال و فكرية أو ثقافية هي الوحيدة مستهم ، ثقايف فكري فرعوين مأل ، بساطة بكل هم.. فكري

أو أنفسهم ليسموا سبيال هلم يوجد أو ، سبيال جيدوا مل هم و. االنعزالية عن االنعزالية منهج بانتهاج إال ،!! ) ؟؟ النخبة( باسم الغري قبل من يتسموا

.. هي ، ذكرنا كما االنعزالية ههذ مسات وأول ، جمتمعام

511

الفكرية الطالسم اعتماد مبدأ على تقوم اليت هي و : الفكرية االنعزالية ـ يف يعتمدون هم و. القوم هؤالء منشورات و كتب و ثقافة يف االصطالحية

جلها و ، العريب الفكر عن غريبة حداثية مصطلحات على ، الفكرية منشآم إىل ، املتوسطة الثقافة ذو أو العادي املثقف حيتاج ، يةأجنب اصطالحية تراكيب الذي أو العادي باإلنسان بالنا فما ، منها بعض يفقه لكي مصطلحات معجم سبقتهم الذين هؤالء من لواحد كتابا يقرأ أن أراد و الكتابة و القراءة أجاد

ما فيه يفقه أو ، ملشاكل جمتمعه يتعرض ما فيه يفقه و ، فكرهم لقب إليه شهرم ال املثال سبيل على املصطلحات هذه من و. عليه طرحه من املثقف هذا يريده - إنطولوجيا - إكلرييكية - صريورة - أتوقراطية - أبستمولوجيا( احلصر

- تكنوقراطية - ليربالية - براغماتية - أوليغاركية - أنتلجنسيا - فورمولوجيا إبدالية - كوزموبوليتانية - نقدية شخصانية - سوريالية - ثيوقراطية - جتريدية

مثالية - تصورية مثالية - كلية مباينة - جدلية مادية - لوغوث - كانطية - - منطانية - جتريدية واحدية - توفيقية نزعة - عقلية تالزمية - موضوعية

) . يوتوبيا بكتا يف املصطلحات هذه من بعض تواجد يف ليست ، حتديدا املسألة إن

به يعج الذي اهلائل الكم يف هي املشكلة بل ، متباعدة مفاصل ضمن ، ألحدهم . األساس متنه و الكامل سرده شك ل أنه لدرجة ، املصطلحات هذه من الكتاب

إن( املثال سبيل على فصول يف مقاطع من عينة فيه فتجد ، ألحدهم كتابا تقرأ متايزت قد كانت ، الفوقانية ارخييانيةالت الدوغمائية للسريورة النمطية املنهجية ضمن جاءت تناظرية منطقية تداعيات حفزا متايزية جتريدية مناظيم ضمن

للتبديات و التمظهرات التارخيانية الصريورة شكل فورمولوجي طبعاين انتساق ) . السيسيولوجية

هي ما و!! ؟؟ االصطالحية الفكرية الطالسم ذه ، ختاطب من أنت.. أخي يا يا!! ؟؟ للنقاش تطرحها اليت األساس املعضلة أو املستعصية القضية أو اإلشكالية

512

عاملك يف األميني من ا بأس ال نسبة لديك أنت.. مهجة عيين و بصبوا أعلى هي طاغية ثالثة نسبة و ، األمية حمو أمتوا من أكرب أخرى نسبة و ، العريب كاسحة شاملة أخرى نسبة و ، بسيطة سطحية ثقافة على حتص لوا ممن ، الثالث

فإذن. السنة يف صفحة ربع قرأوا ، أحواهلم أحسن يف أو ، كتابا يقرأوا مل ممن أنت!! . ؟؟ ذاك الثقايف حوارك يف أو!! ؟؟ هذا كتابك يف ختاطب من أنت.. ، ذاك العريب الثقايف املأل حزب من أضرابك و أشباهك ختاطب ، بساطة بكل صوغ يف براعتك و ، الفكري التنميق و التزويق يف مهارتك بتتث لكي

أو اجتماعي مصلح أنك تدعي كيف. االصطالحية الفكرية القروط و الشنوف السواد ختاطب ال أصال أنت و ، العريب الفكري اتمع إشكالية تطرح و فكري و رفةاملع و الثقافة إشكاليات تطرح كيف!! ؟؟ العريب اجلمهور من األعظم هو و أال ، بذلك املعين هو من ختاطب ال أساسا وأنت ، العريب العامل يف الفكر

!! . ؟؟ العريب اإلنسان مؤلفه به يريد ماذا نفهم فال ، قراءته حناول و هؤالء من لواحد كتابا نفتح

العربة هي ما و ، هذا كتابه من عنده املنشودين الغاية و اهلدف ما و ، بالضبط تدي ال متاهة أو دوامة وسط تائها ضائعا بنفسك تشعر.. ونهمضم يف

و ، طريقا ، فيها األمان بر إىل للوصول تعرف ال و ، سبيال منها للخروج تبحث.. العقد و الطالسم من هائجها، األمواج متالطم حبر يف تسبح كأنك

. جتد فال ، اابأهد متسك و ا لتتعلق حمددة واضحة أبعاد هلا واحدة قضية عن تشعر.. وقت بأسرع منه اخلروج تتمىن حلم يف أو آخر عامل يف كأنك و تشعر الكتاب دفيت إطباق إىل األمر اية فتضطر ، مرهق عصيب إجهاد و نفسي بتعب

ذاك كله على مبدأ قول . التوتر و القنوط و اإلحباط من شيء انتابك قد و الشاعر أبو العالء املعري ..

الع ناء طال ق د ل ي عاين ف ك م س طورا عاد كات ب ها ب ط مس

513

يف املشهورين العرب املفكرين أو املثقفني حدأ مع حوار يف مرة ذات قرأت أو املثقفني من للنخبة إال يكتب ال إنه.. فيه يقول له كالما ، العريب عاملنا الكتب أتصفح ، للكتاب معرض يف كنت أن بعدها صودف قد و. القراء

كتابا علي يعرض الصالة عن املسؤول يل فانربى ، صاالته إحدى يف املوجودة علي عارضا ، م ي ق و رائع كتاب إنه يل قائال ، املشهور املفكر أو املثقف هلذا

و بل ، الكتاب شراء عن أعتذر.. آسف.. بأدب له قلت و فابتسمت ، اقتنائه.. باستغراب سأل و الكتاب علي عرض الذي ت ه فب . تصفحهعن حىتأعتذر

ال إنه يقول هذا صاحبك إن ، سيدي يا الواقع يف: له فقلت!!! . ؟؟؟ ملاذا من لست.. عزيزي يا أنا و ، القراء و املثقفني و املفكرين من للنخبة إال يكتب . مهذبة بابتسامة منصرفا ودعته مث. صاحبك هلم يكتب الذين هؤالء

بطرح ، اتمعات من جمتمع يف الثقافية االنعزالية تتجلى : الثقافية نعزاليةاال ـ

، بصلة إليه متت ال و ال ، فيه هي اليت اتمع عن ، منكر غريب ، فكر و ثقافة ثقافة عن تتحدث أساسا هي بل ، مشاكله و إشكاالته من بواحدة تتعلق ال و

الذي املنشور أو الكتاب صاحب املثقف فيه عاش الذي الغريب أو األجنيب البلد حبال خمتصة خاصة إشكالية ، األعم الغالب يف متنها يكون و ، عنه يتحدث . األجنبية أو األوروبية الدولة تلك جمتمع

حوادث و حاالت من ، معينة ضرائب بس وق ضري ال.. العام املبدأ حيث من و ، عليها ي قاس أمثلة علهاج و ، معينة معضالت تتناول ، أجنيب للبلد فكرية ، طبيعتها و حيثياا و مضموا يف تستوجب ، حمددة استثنائية حاالت يف ذلك

. أمثلة هكذا عليها ي قاس أن و الشارق و ، النازل و الطالع يف ، أمثلة هكذا مثل استحضار يتم أن أما

، ذاك أو يباألجن البلد ذلك إىل ابتعث الذي العتيد مثقفنا يصبح و ، الغارب مضبوعا يصبح ، الدكتوراه أو املاجستري على التحصل و العليا دراسته إلمتام

514

كل متجاهال ، لكتاب حبثا ال و شرحا ال و ذكرا لغريه جيد ال البلد ذا ضبعا يضعها أن به األجدر هي اليت جمتمعه و بلده إرهاصات و مآسي و مشاكل يهرع و مهال يتركها ذلك من بدال لكنه. التحليل و البحث و الدراسة موضع اهللا و فتلك ، السنني قالل فيه عاش الذي البلد إىل منصرفا جوارحه و بكليته األوروبية الدول مشاكل حلل املتنطح مبظهر يظهر أن يريد فهو. الظهر قاصمة

و . مشاكلها حلول و خباياها و بأحواهلا العارف و ، وجمتمعاا االسكندنافية أفراد وعي و فكر مستوى من أكرب و أعلى هو الفكري مستواه فإن ، بالتايل مفهوم كان مهما انه هي ، كله ذلك من املتأتية العربة و. بلده و جمتمعه ، الغري ثقافات و حضارات على االطالع و ، الثقايف الفكري االنفتاح و التالقح

بلده بقضايا ، أخريا و وال أ معين ، عام بشكل فاإلنسان ، للحدوث مستوجب. النهائية النتيجة و العربة و املآل فهي ، أخر جمتمع و بلد أي من أكثر جمتمعه و مث من و والتحليل الشرح و املناقشة و للبحث أجنيب فكري حدث استرياد إن و

منه األفكار و العرب ألخذ معني حملي حامل على لإلسقاط األمر اية هو ، النشر . سبيل ال و هؤالء عند له جمال ال يبدو ما على أمر هو و ، مبوجبه يرهاتطو و

موضوع يتناول و املثقف يكتب أن فهي ، الثقافية االنعزالية من اآلخر الوجه أما ختتص خارجية قضية عن فيه يتحدث ال كتابا ينشر أن ، باألعم و ، معينا

أساسا ، معضلة أو قضية أية يتناول ال نفسه الوقت يف لكنه ، أجنيب مبجتمع أم السياسية للناحية سواء ، العربية اتمعات يف ، أساس غري أم كانت

بأمور خيتص مبحث و قضية يتناول بل ، الدينية أم االجتماعية أم االقتصادية ما و العريب الواقع بأرض هلا عالقة ال ، اصطالحية اعتبارية صماء جمردة فكرية . كوارث و مصائب من فيه حيدث

معينة فكرية قضية املثقف يتناول أن يف إشكال ال.. املبدأ حيث من أيضا و باب من ذلك و ، معينة باصطالحات ختتص و ، االجتماعي الواقع عن جمردة

515

ثقافية فكرية شذرات يف وذلك ، العامة الثقافة أو والتوضيح الشرح و الفائدة . اتمع يف أساس جوهرية قضايا تتناول أخرى مؤلفات ت باعضها ، زمنية و عجماء عناوين تناول إىل بكليته ينصرف و نفسه املثقف هذا يذرأ أن لكن

من تغين ال األمر اية هي و ، الفكريني ديدنه و دينه تكون ، جرداء مضامني العربية القضايا من واحدة قضية حتل ال و ، غث من تسمن ال و جوع

.. تصادفك فهنا مربط الفرس و مرتع اإلشكال ، تجذرة امل املستشرية املستفحلةالوضعية التطبيقية -ملضامني مشاة ملثال ( مبحث يف االنتقائية التجردية عناوين

مباحث فكرية يف -حك رمش العني يف فكر أبو زين - .. صورها و أشكاهلا ... اخل ) . اجلدلية اخلرائية التطبيقية –االنتمائية العقالنية

العامل باليا و مصائب و كوارث أنك من كل مآسي و هل يعقل يا سيدي العريب و احلروب و احلروب األهلية و الدمار و الطائفية و املذهبية و املشاكل

فيها ما يستحق و السياسية ، و الفساد و الفقر و اجلهل ، مل تر االقتصادية مفاهيم و أمور أن تتناول ب أو حبث مطول ، و ارتأيت االذكر و التناول ، بكت

ال و سأس من رأس ، و قضايا صماء عمياء عجماء قرعاء جرداء ، ال ي عرف هلا ق ب ل من دبر ، معتربا أا تستحق النقاش و النشر بكتب ضخمة ت طبع بطباعة

فاخرة نافرة مزخرفة ؟؟!! .. بدال من ، و تعنون مباء الذهب و بكتابة جمودةاليت وقعت بلية على جمتمعك و بلدك ، اجتهت إىل ه كل جهنم احلمراء هذ

فسلها ، تضرب يف عريها و تنفخ يف كريها ، سفاسف األمور و فسافسها و مزخرفة ، ت باع يف أسواق النخاسة الفكرية و الثقافية جاعال منها فقاعة ومهية

؟؟!! ذلك كله على قول الشاعر أبو العالء املعري ..

األ قوام م ن ج م ك أ ن ب ل مس . ي قر ؤ ها الص ح ف ل د يه أ عمى

516

هؤالء و أشباههم و مقلدوهم و تابعوهم و املنتمون هلم، خنب الطالسم و مبا أن ، هم ممثلوا الفكر السائد اآلن يف العامل العريبقد أضحوا بالعرف الظاهري

، فيمكن و احلالة اهرييا و رمبا حمتكروه إعالميا و مجالعريب و أعمدته و سالمته الفكري العريب اليوم ، قد أضحى خطابا اخلطاب الثقايف هذه ، القول .. إن

تشبه ببعض غائما مشوشا ليس له مسلك فكري حمدد ، حىت و إن ، كالشيوعية و الفكرية ذات الطابع السياسي ، و انتمى إليها اإليديولوجيات

، فهو مل يعد خطاب شرح و إفهام ية أو الدينية االشتراكية أو املاركسية أو القوم ما أصبح خطابا و إيصال فكرة للجمهور و تثبيت قضية ما بقول الناس ، بقدر

غري مفهومة يتعاىل عليهم بإيراد مصطلحات غري واضحة متام الوضوح ، و رموز يقف القارئ يصار إىل ربطها بعضها ببعض ليخرج منها طالسم غريبة عجيبة

حمبطا منهكا فكريا ، هذا إذا كان ميتلك سوية ثقافية عاجزا حائرا تائها أمامهاذا سوية ثقافية و علمية ، ضحلة ؟؟!! األساس ال بأس ا ، فكيف إذا كان يف

ال ريب أنه لن يقترب بتاتا من هذا اخلطاب ، و لن يكلف نفسه حىت جمرد عناء ر يتمثل يف طنجم عن هذا األمر ، أكرب خي، و بالتايل تصفحه أو إلقاء نظرة عليه

عن عزوفه ابتعاد اإلنسان العريب عن القراءة و املطالعة و اإلقبال عليهما ، و و الفكر . و يتأيت من جراء ذلك ، هروبه من العقالنية و املوضوعية الثقافة

، و نفوره منهما و نزوعه حنو الغيبية و التطرف و اللتني متسا واقعه املباشر و لوهم . و بالتايل .. وقوعه فريسة سهلة و لقمة سائغة ألشباه املتعلمني ا

و الفكر و الدين . و متطفلي الثقافة أنصافهم الثقافة العربية من ثنائية اخنالع هذه القضية اية األمر هو .. و يبقى حمراب

منطق و الال الال إدراكفضاء تسبح يفمية ر الزمان و املكان ، لتصبح ثقافة ج ال قرار له و ال مستقر . فهؤالء يف النهاية ، مكوناا عبارة عن غبار سدميي تنبت و افة سبخة الو ثقافة الفكر العقيم .. ثقيعملون على إنتاج ثقافة الالوعي

517

، أنبتت و أمثرت و أينعت أثرا فعاال يف ال تثمر و ما ثبت أا يف يوم من األيام اتمعات العربية .

هل خليت جمتمعاتنا من املشاكل و املآسي ، حىت نتناول قضايا أملانيا و فرنسا و و هل انتفت منها الكوارث و !!و الدول االسكندنافية ؟؟نيقوسيا و أمريكا

، حىت تناول مفاهيم خلبية عقيمة الفواجع و أصوات رب ات احلجال البواكيا االنعزالية و األثايف و تبقى ثالثة عاقر ؟؟!! حسبنا اهللا و نعم الوكيل !!!!!!! .

هي .. : االجتماعية االنعزالية ـ أو جمتمعه أفراد على ، اجتماعيا ، املفكر أو املثقف فيها يتعاىل اليت احلالة هي و

درجة أعلى أنه و ، طبقتهم غري طبقة من أنه نفسه معتربا ، به احمليط الوسط الوسط عن و جمتمعه أفراد عن نعزلفي ، وجاهة أكثر و مرتبة أفضل و منهم بني شاسع فرق فهنالك ، انتباذا و وحدة ال ، كربياء و تعاليا ، به احمليط

مكاين حيز يف معهم االلتقاء و الناس مع االجتماع متثل ، األوىل احلالة. احلالتني ناأ( مبعىن ، االعتباري النفسي االنعزال و عليهم الفوقية ممارسة مع لكن ، واحد ، متظهرا و غرورا .. نفسه املثقف من مببادرة ، هذه احلالة تأيت و) . أنتم غري . غباءا و جهال ، معه التعاطي إىل أحيانا يبادرون من هم الذين األشخاص من ال

حق مثقف يكون ما غالبا هو الذي و نفسه املثقف من تأيت ، الثانية احلالة بينما إمكانية عدم لدواعي ، مكاين مادي انعزال ، حلالةا هذه متثل و. حقيقة و

ثقايف فكري جلهل إما ، به احمليط اجلاهل الوسط مع الفكري التواصل و التفاهم و التعصب من حالة ميثل منطقي عقلي لتخلف إما و ، الوسط هذا يف مستحكم و األشياء حماكاة على القدرة معها تنتفي حبيث البالية الغرائزية العقائدية العصبية

الوسط يرى أصبح هذا احلالة و فهو ، ا املرتبطة املفاهيم و املنطقية العوارض اهلمج خالئق من جمموعة ، أفكارهم و أعماهلم و أفعاهلم و بتصرفام به احمليط

518

الذين األشخاص هؤالء من ذلك مبادرة تأيت ما عادة و. معها التفاهم ميكن المنها نو يفرو الصواب منهج و احلقيقة من ينفرهم أن إال ختلفهم و جهلهم يأىب

احلقيقة و احلق مثقف وظيفة ألن هو منه ال ،فرار املعز من وعوعة السبع . هلم التواضع و م االختالط و الناس مع التعامل ، األساس

على مبدأها يف تقوم ، األوىل احلالة متثلها اليت السلبية االجتماعية االنعزالية إن لعدم املالزمني الوجاهة و للتكسب آلة ، الفكر و املعرفة و الثقافة تخداماس

العامة قضاياهم و مشاكلهم و أفراده مهوم و اتمع حاجات مع التماس يعتاش أن ، عموما املفكر و املثقف حق فمن. مبجمله ذلك جتاهل و ، بأنواعها

فهذا ، ذلك ألجل عمالد يتلقى أن و ، علمه و فكره و ثقافته من يتكسب و كفاية فرض و ، كافة بأفراده اتمع على عني فرض إنه بل ال ، له مشروع حق اتمع عن نيابة بذلك هي تقوم أن ، االجتماعية و السياسية و املالية خنبه على

يف الباحث ، جمتمعه و لوطنه اخلادم احلق احلقيقي للمثقف بالنسبة ذلك و ككل . قضاياه و مشاكله

سيماها ، سلبية انعزالية حالة ميثلون ما عادة ، الكرسي و السلطة مثقفي إن االنتهازية و النفعية الوصولية مبدأ على يعتمد ذلك كل و ، الغرور و الكربياء . البحت يف له وجه ال و ، الفكر و الثقافة يف له خ الق ال ، قميئا مغمورا أحدهم ترى

.بسيط تلفزيوين لقاء أو شعرية قصيدة أو عاديا مقاال له يضع من فيتهيأ ، اتمع ، القمقم من لتوه خارج مارد إىل يتحول و عقب على رأسا ينقلب به إذ و

و ، يديه يف بسبحة يتمنطق و ، رمبا مثنها يستدين) مسوكن( بذلة فيشتري يف يتمشى و ، هناك بغيته جيد حيث اتمع مناسبات يقصد و ، غليونا يقتين

يقدمها اليت الفكرية أو العلمية الفائدة عن تبحث. للناس خده مصع را الطريق ثقافية خلفية عن أو ، له حبثي كتاب عن أو ، أفراده و للمجتمع الشخص هذا

و. ذ كر مما رصيد ال.. شيء ال.. فتجد ، ثقايف فكري تاريخ و ، معرفية

519

تصل ، معني علمي أو فكري قاشن يف معه تدخل و ، يئته و به تدقق عندما و ، الفكر و الثقافة على متطفل الشخص هذا أن.. مؤداها نتيجة إىل فورك من فكري ادعاء و احتيال و نصب حالة يقابلها ، فكري خواء و عقم حالة ميثل . ثقايف

أن!! ) ؟؟ النخبة( يسمون الذين أولئك باألخص و ، اليوم العريب املثقف على و ، ألنفسهم اصطنعوها و اختلقوها اليت الومهية العاجية أبراجهم نم يرتلوا

و املخاطبة و باخلطاب ، الشعب عموم إىل ينحدرون و ، قليال عنها يتنازلوا درك أدىن إىل يتنازل أن النخبوي املفكر و للمثقف العار من هل.. التعامل له بالنسبة الصغرية تفاصيلها يناقش و العريب العامل يف إشكاالا و اليومية احلياة

و خيرجها بكتاب و منشور واضحني و حيللها و يفندها بفذلكتها و حيثياا طالمسهم عن يكفوا و قليال لو و يتواضعوا أن هلؤالء األوان آنأما . ؟؟سلسني

منهم الناس تنف ر و جمتمعام بني و بينهم ، اهلوة تعمق و الفجوة ر تكب اليت تلك و مشيه يف الطاووس يقلد أن أراد الذي كالقطا فيصبحون ؟؟!! ابامكت من و

. إليه العودة استطاع فما األول مشيه نسي و ذلك استطاع هو فال ، زهوه بأسلوا حماكاا و تقليدها حاولوا اليت الغربية الثقافة فال ، هؤالء هم كذلك ما عليهم فهمت عومش ال و ، كتبوا مما شيئا هلم تقرأ ، الفكري اخلطايب و العادي اخلطاب إىل العودة استطاعوا هم ال و ، منهم نفرت بالتايل و يكتبون

نبأ لومههم أسرى أصبحوا حيث ، الكتابة يف املفهوم السلس األسلوب التصفيق و اإلعجاب من هالة إعطائهم على قادرة ، تلك االصطالحية طالمسهم

. غريه من أومنه ، رأيق ال أساسا الذي اجلمهور قبل من

520

الوسائل و الوسائط التكنولوجية :

ميزات اإلنسان العاقل اليت يتميز ا عن بقية احليوانات و إن من إحدى الكائنات احلية يف الكرة األرضية ، هي املقدرة و اإلمكانيات على صناعة و

قضاء من وسائل استخدام و وسائط معينة يستعني ا علىإنتاج ما حيتاجه . حوائجه

مهما بلغ من سوية عقلية و تفكريية و لقد ثبت تارخييا و علميا ، أن احليوان مادية ، اختص ا كل نوع منه على حدة ، فإنه مل يستطع أن قدرات إبداعية

، لبيت مستدير ( يف السقف األعلى له ) ، أكثر من منوذج بدائي بسيط ينتج واع و جمسم من الطني يأوي إليه للمبيت ( بعض أن، أ من القش مثال ( الطيور ) ... اخل . خيوط متناسقة قوية ( العنكبوت ) أو شبكة النمل الكبري يف إفريقية )

و نوعه و حجمه ، قد و مل يثبت تارخييا أن احليوان على اختالف جنسه اء و القردة ذكاستطاع جتاوز هذا النموذج البدائي يف التصنيع ، حىت أكثر أنواع

، مل يستطع جتاوز ذلك . يقال أنه األورانغوتان ، و يف أشد ، قد استطاع و منذ البدايات األوىل لوجوده إن اإلنسان العاقل

، استطاع أن ينتج أدوات و وسائط بدائية معينة كانت العصور حتجرا و قدما ه . و قد استخدم اإلنسان هذخارج نطاق مقدرة احليوان على إنتاج مثلها

األدوات و املنتجات ، للدفاع عن نفسه ، كالسكاكني و املناجل احلجرية و على . و قد صح اللقب أو التسمية اليت أ طلقت و غري ذلك العجلة الدائرية

عملية الصناعة و اإلنتاج هذه ، من قبل اإلنسان أال و هو ( االختراع ) ، و هو . ١و ابتدعه اخترع كذا ، أي أنشأه .. يقال مبعناه اللغوي ، االبتداع و اإلنشاء

انظر معاجم ، تاج العروس و لسان العرب ، مادة ( خرع ) . ١

521

أخرى أو االختراع هذه ، تتناظر معها من حيث النتيجة ، عملية و عملية و هو مفهوم يعين يف مضمونه ، اإلظهار و مفهوم آخر هو ( االكتشاف )

اإلخراج من شيء موجود مت العثور عليه ، أو نتيجة مت استخالصها و إظهارها ، يف الربط ما بني يف الطبيعة ، أو حالة اعتبارية ذهنية متكررةمن حادثة مادية

، كاكتشاف النار مثال ، نتيجة لظاهرة ظواهر معينة ، مادية أم خالف ذلك طبيعية معينة ، مث بعد ذلك اكتشاف أن النار تعطي حرارة و أا قاتلة يف حد

يف مفيدة ي من حدود التعرض هلا ، مث يأيت بعد ذلك اكتشاف أن هذه النار ، ه، شوي ) و اكتشاف أن اللحم املشوي أو الطعام املطهو - ( طهي أمور معينة

. أو اكتشاف أن احليوان هو أطيب و أشهى نكهة و طعما من اللحم النيئ ، له فوائد أخرى غري اللحم ، كالبيض من الدجاج ، الذي مت صيده و افتراسه هذا احليوان له فوائد أخرى ، فهو . مث اكتشاف أنو اللنب من البقر و املاعز

عنها ، و جير األشياء الثقيلة اليت قد يعجز اإلنسان حيرث األرض و ينقل األمتعة و برد الطبيعة . كما أن له جلد و وبر ميكن أن يستفاد منه يف درء قر الشتاء

، و من مث ، هو إدراك شيء موجود يف شيء فاالكتشاف كمفهوم ، تعريفا .. شيء اآلخر املوجود . هذا الشيء املوجود من الإخراج

، فهو إدراك شيء غري موجود من شيء موجود ، و إخراج هذا أما االختراع ، أو منجل ، من الشيء املوجود ، كالعجلة الدائرية مثال الشيء غري املوجود

احلصاد أو السكاكني و الرماح و القدور و غري ذلك . ، ينبئ بعضها ث و ظواهر عدة متكررة تسلسليا االكتشاف ، هو إدراك حواد

بشكل باإلظهار املادي ، أكثر منه املعنوي ، كالنار مثال اليت ظهرت عن بعض ، فعلككمادة موجودة بالطبيعة ، مث أظهرت حرارا مث أظهرت آثارها أو بآخر

نتيجة . و هو بذلك ،األشياء و صهر املعادن باملاء و اللحم و املرق ، أو بإذابة . فاإلنسان الذي من خالل ظهورها حادثة حلاجة ناجتة ، أي حاجة نتجت

حباجة إليها لوال ظهورها و ما أنه اكتشف النار ، مل يكن ليدرك أول األمر

522

أظهرته له من قدرات و إمكانيات ، اكتشف الحقا و بظهورها ، أنه حباجة ، فاختذها أداة و وسيلة . إليها

، إنه عبارة عن حاجة فهو عكس االكتشاف ن هذه الناحية ) أما االختراع ( مشيء حيل له مشكلة كامنة تو لد لدى اإلنسان ، ضغط و حافز كبريين ، إلجياد

له ، بكل تسلسل حوادثه املنطقية مستعصية مل يستطع أن حيققها االكتشاف قياس و اإلسقاط ، له متهيدا معنويا اعتباريا من منطلق اللكنه رمبا ميهد الطبيعية ،

ا مأن توجد من خميلتك شيء من شيء آخر ، كبأنه .. ميكن لك أيها اإلنسان . و بالتايل .. فاحلاجة يف االختراع ، هي مقدمة و ليست نتيجة أوجدت أنا لك

االكتشاف ، فاإلنسان ميكن أن يكتشف شيئا و كما هو احلال يف مفهوم له و يهمله و ال يلق جة له فيه ، فريميه يكتشف أيضا بالوقت نفسه ، أنه ال حا

احلاجة أم االختراع . ، و هلذا فقد صدق من قال .. باال و ال شأن و االختراع ، مها االكتشاف من و يبدو من الثابت تارخييا و منطقيا ، أن كل

و مها فقط من اختصاص املنظومة العقلية الفكرية حمظورين على احليوان ، ، كاكتشاف بسيطة بدائية قل ، و أن ما يكتشفه احليوان من أمور لإلنسان العا

أن ذلك املكان فيه غذاء أكثر من هذا املكان ، أو أن هذه البقعة ميكن إنشاء ، أو أن هذا املكان هو خطر عليه أكثر من ذاك مأوى فيها أكثر من تلك البقعة

يدرك بالغريزة و املكان ، فهذا ال يدخل يف نطاق ما ذكر آنفا . فاحليوان، أن النار تعطي حرارة و أا قد تكون مؤذية له ، لكنه ال اإلحساس املادي

. كما إن يكتشف مثال أا تطهو اللحم و تشويه ، أو أا تفعل كذا و كذا السبع الذي يفترس الشاة ، ال يستطيع على ما يبدو ، أن يكتشف أن جلدها

حليبا و لبنا سائغني ، ، أو أا تدر عليه ميكن استخدامه لتدفئة حجره مثال فيؤجل افتراسها حلني من الزمن حىت يشبع من لبنها ، فهذا ما مل يثبت تارخييا و

أنه قد حصل . و هو ( أي احليوان ) و إن اكتشف كل ذلك ، فإنه ال علميا ملنافعه الشخصية . و قد أجريت أنا مؤلف هذا مه و تطويعه داعاجز عن استخ

523

، فكنت معتادا على أكل طعام مطهو الكتاب ، شخصيا ، جتربة على كلب حلم نيئ ، و عندما يهم بالتقامه ، كنت أبعده عنه و اجته إىل جذوة أقرب منه

الذي يبادر إىل التهامه مشتعلة أمامه و أشوي اللحم عليها ، مث أقدمه للكلب و قرب النار اللحم النيئ بشهية . و كنت أكرر ذلك مرارا . مث بدأت أضع له

أنظر ما يفعل به ، فيأيت الكلب بكل بساطة و يلتقمه و هو نيئ مث يذهب به أن أجعله جيرب و لو مرة اوال كررت األمر حم يأكله . و عبثا مبتعدا عن النار

حىت ، فلم أفلح و مل أجد إىل ذلك سبيال ، واحدة أن يضع اللحم على النار أسفل ثويب ، أن أحرق نفسي عندما التقطت النار كدت يف إحدى املرات

. فأطلقت سراحه االكتشاف و االختراع ( و باألخص ي ن مفهوم فإبناء عليه و عليه بناء ..

. أما االختراع ) يعتمدان يف حيثياما و مضامينهما ، على الفكر و العقل عمال العقل و .. إ األولـ ، فكرية عقلية ثالث شقوق االختراع فيعتمد على

و ختيله و التفكري يف التوصل الذهين إىل طبيعة و شكل الشيء مادة االختراع ، املقدرة على كل ذلك ، و هذا ال يكون إال بوجود سوية فكرية عقلية معينة

اخترع متكنه من ذلك ، كالعجلة الدائرية مثال أو النصل .. فالشخص الذي عميق ، و إعمال عقلي طويل ، إىل أن ، توصل بعد تفكري ذهين هذه األشياء

العجلة الدائرية هي أفضل أداة لنقل األشياء ، بأقل احتكاك و جهد ممكنني ، كما كان له عقلية و ذهنية مكنتاه من التوصل إىل ذلك ذهنيا .

عقله و شحذ ذهنه يف إخراج هذه الصورة ل هذا الشخص اعم.. إ الثاينـ . فالعجلة ، بإنتاجه و تصنيعه ، إىل حيز الوجود الذهنية االعتبارية لالختراع

إلخراجهما إىل حيز الوجود الدائرية أو النصل املعدين ، حيتاجان إىل طرق عدة ، و هذا ال يتأتى إال بوجود عقلية و ذهنية قادرة على ذلك ، و املادي العياين

ء ، يستطيع هنا مكمن التمايز بني األفراد و األشخاص . فما كل ما يتخيله املر كذلك ، ألكل الناس بعضهم بعضا . ذلك صناعته ، و لو كان

524

بعد إعمال العقل و الفكر يف استخدام هذه الوسيلة أو األداة ، الثالث ..ـ ذهنيا و صناعتها ماديا ، يف استخدمها مثاليا . و هنا يكون االختراع قد يلها خت

استحوذ شروطه كلها . مجاع أو فرادى ، تعرب عن هوية الفكر اإلنساين و هذه الشروط الثالث ..

، و مقدار متاهيه و تأرجحه بني مستوى احليوان كحد أدىن ، و سويته و متايزه بني اإلنسان املثايل العاقل كحد أعلى .

، الفكرية و العقلية ، تتحددان إذن .. فإن سوية و هوية اإلنسان أو حىت اتمع .. باملقدرة على ختيل حاجة هذه الشروط الثالث باملقدرة على التعامل مع

إجيابية فعالة مفيدة حلل مشكلة أو جتاوز خطر ما ، و املقدرة على إخراج صورة هذه احلاجة إىل حيز الوجود ، بالتصنيع و من مث القدرة على استخدامها

. بالشكل األمثل و األجنع ، املطلوبني حبيث حتقق متاما الفائدة املرجوة منها، يتحدد مبدى االختراعات اليت معيار احلضارات البشرية و نتيجة لذلك ، فإن

ضافة إىل االكتشافات إ، تنجزها هذه احلضارات و خترجها إىل الوجود كانت هو ما جتلى ، و اليت كانت تعرفها و تستخرجها من حوادثها و أشياءها

العسكرية و العمرانية . و و الزراعية وو الوسائل و اآلالت الصناعية باألدوات ، منذ لقوة دولة من الدول أو أمة من األمم هي بذات الوقت ، متثل معيارا

احلضارات األوىل و حىت اآلن . و ال حاجة أن نعيد القول مرة أخرى ، بأن وصلت إىل ما أو الدول القوية اإلقليمية ، الدول القوية العظمى اآلن يف العامل

و منعة ، باعتمادها االختراعات و الصناعات التكنولوجية وصلت إليه من قوة العلمية .

و الوسائط و األدوات النهائية احملصلة لذلك ، هي أن اختراع الوسائل يجة و النتالعلمية و الصناعية املتقدمة ، هي وجه من وجوه الفكر ، و أن املعادلة األساس

و مكافئ هذه املعادلة من . اختراعات علمية = هوية فكرية.. يف ذلك هي

525

. الوجه اآلخر ، هو .. عدم وجود اختراعات علمية = عدم وجود هوية فكرية و هذه هي املعادلة األساس يف ذلك .

لكن املعادلة األساس هذه ، يتفرع عنها وجوه ثالث ترتبط أساسا بالشقوق يع أن نقي م ، نستط لالختراع ، املذكورة قبال . وطبقا لذلك الثالثالفكرية

شعبا من الشعوب أو أمة من األمم أو دولة من الدول ، مبوجب املعيار السابق هذا .

أو اثنني و و لكي تتضح الصورة أكثر ، نقول .. إنه يكفي اإلخالل مببدأ واحد اعتماد الثالث فقط ، حىت ال ينتفي الفكر ائيا من جمتمع ما أو دولة أو شعب .

شرط معياري واحد من هذه الشروط الثالثة أو اثنني وجود و مبعىن آخر ، فإن. أما أن تنتفي هذه الشروط وجود هوية فكرية معينة ، كاف للداللة على منها

، فال مناص و احلالة هذه من انتفاء املعيارية الثالث مجيعها ، من جمتمع معني .. الفكر منه ، و التباس هويته فيه

منتج تتوافر فيه اخلاصيات الثالث تلك ، هو جمتمع أن اتمع الذيال نقاش ، العلمية التكنولوجية املتقدمة املتطورة خمترع ، صاحب الوسائل و الوسائط

بدءا من تقديرها ذهنيا و عقليا على الوجه األمثل هلا ، مرورا بالقدرة على حدوده ، على األقل ضمن ، وصوال إىل استخدامها بالشكل األمثل إنتاجها

، وصوال إىل بدءا من اإلبرة . أيضا .الطبيعية و اجلغرافية و حىت اجليوسياسية ، القمر الصناعي ، مرورا باهلاتف اجلوال و احلاسوب و السالح مبختلف أنواعه

ما هنالك من وسائل و وسائط و تلفاز ... إىل و السيارة و الطائرة و ال ال شك جمتمع متقدم علميا و فكريا و منتجات ال تعد و ال حتصى . فهذا و

و اجتماعيا و حىت دينيا . ثقافيا .. هنالك جمتمعات أخرى ليس هلا املقدرة على جماراة تلك اتمعات باملقابل

، علميا و فكريا نظريا و ندا هلا يكون املتقدمة املتطورة ، أو بوسعها أن تلك املنتجات و قل . لكنها تستورد باختراعاا تلك من حيث التصنيع على األ

526

الوسائل و األدوات ، و تستخدمها االستخدام األمثل الصحيح و حتاول يف حماكاا و تقليدها ، أو حماولة تقليد اتمعات و الدول املتقدمة ، بعض األحيان

مشاة ملا هو التنظيم و خلق منظومات فكرية اجتماعية على األقل من ناحية ها ، فهذا بدوره أيضا ، يدل على وجود حالة من أرضية فكرية أو موجود لدي معني . وعي فكري

، لناحية املنجزات و االختراعات العلمية و إذا نظرنا اآلن إىل الواقع العريب . و حاولنا استكشاف ظاهرة و مفهوم اإلنتاج و االختراع يف العامل الصناعات

، غري موجودة و غري حمققة . السابقة لثالث أن الشقوق املعيارية االعريب ، نرى .. شق فكرة االختراع و صورته الذهنية ، و و ال نريد مناقشة الشقني األولني

يف العامل العريب . لكن إذا دين جوشق صناعته و إنتاجه ، فهما بداهة غري مواألمثل لالختراع و التصنيع أردنا مناقشة الشق الثالث ، و هو شق االستخدام

الصناعية املستوردة مجيعها العلمي ، لوجدنا أن املنتجات و الوسائل التكنولوجية ال ت ستخدم االستخدام األمثل و ال األكمل ، بل على العكس من من اخلارج ،

، كاألسلحة مثال اليت ثبت أا إىل ذلك متاما ، فهي ت ستخدم االستخدام األسوأ ملفضلة عند العرب يف حروم األهلية و من إحدى أهم األدوات ااآلن ، كانت

حتميهم و مل تقيهم ال شر األعادي و ال ملاملفضلة لديهم ، و ثبت أا الداخلية شر أنفسهم هم .

، ال بل شر مثال آخر و هو احلاسوب الذي ي ستخدم اآلن أسوأ استخدام وسائل و و غريها من ال. و كذا أجهزة املوبايل ( اهلاتف اخلليوي ) استخدام

العامل العريب املتطورة ، كلها قد مت تسخريها يفاألدوات التقنية العلمية مذهبية و صراعات و لالستخدام السليب الداخلي ، و تسخريها لغايات طائفية

تناحرات سياسية و حزبية . و هو ما يالحظ اليوم يف برامج الكمبيوتر و قع التواصل ، كالفايسبوك و تويتر و االلكترونية و عامل األنترنت و موااملدونات

ذلك ، است خدم ألجل نشر الغسيل الوسخ ال غري . يوتيوب و غريها . كل

527

لقد وصل بنا احلال ، إىل موصول أصبحت فيه قنوات العامل الفضائية أمجع ، تطلب منا يف شرائطها اإلخبارية إرسال ما لدينا من قاذورات و مشاكل و

كي إليها لتعرضه على شاشاا هزتنا اخلليوية اجلوالة ، صورناها على اجسلبيات تراها شعوب العامل .

ال نريد اإلطالة يف احلديث ، و االستفاضة يف شرح مبحثنا هذا ، فالصورة عيان و أمت عنوان . غ لواضحة بأب

اهليئات و املؤسسات التعليمية و الفكرية :

اتمع ، و عوامل قيام ضة فكرية إن من أحد أهم أركان و عوامل الفكر يف و معاهد و جامعات و العلمية التعليمية ، من مدارس فيه ، هو اهليئات

و مظاهرها يف جمتمع من أكادمييات . فهي النواة األساس لظواهر العلم و الفكر اتمعات . و ال ميكن لدولة من الدول أو أمة من األمم ، أن تضع نفسها على

، دون وجود نظام التعليم الكامل الفكر و النهضة العلمية الثقافية العلم وحامل فيها ، أو املنظومة التعليمية الكاملة و املتكاملة معا .

، مل يتهيأ له أن يضع مصر على حامل و قد رأينا كيف أن حممد علي باشا ظلم تنقع آسن مرانية املتطورة ، و ينتشلها من مسالنهضة الفكرية العصرية العم

تعليمية موحل ، من اجلهل و التخلف و العماء ، إال عندما تبىن إنشاء منظومة كاملة متكاملة .. كاملة ، أي تبدء من مستوى املدارس الصغرية للصبيان ، و

يكمل و اجلامعات يف وقتنا هذا . و متكاملة ، أي تنتهي مبا يعادل األكادمييات يف بداية سين عمره ، يتعلم يف الطالب التلميذحيث كان ، بعضها بعضا

بتفوق ، كان ي رس ل ، و عندما يتخرج على أ إىل مستو ، مث ينتقل املدرسة

528

، كان يعمل يف جمال ما ابتعث . و عند عودته إىل أوروبة ، لالبتعاث خارجا الطالب للدراسة يف اخلارج ، فإنه . و حىت إذا مل يبتعث لدراسته يف أوروبة

ل علمه فيه . و هذه املواقع مجيعها ، و حتص جمال ما درسه يف ي صرف للعمل يف دراستهم ، أنواع الدعم و املساندة فعالة ، و يتلقى هؤالء شىت مواقع ميدانية

، حال و املراقبة و التهديد بالويل و الثبور و عظائم األمور . داخال و خارجا ها حممد علي باشا إىل . و قد رأينا كيف كان فحوى الرسالة اليت أرسلفشلهم

ها ما فيها من الثناء و املديح ، و في عندما كان مبتعثا يف فرنسا رفاعة الطهطاوي و الوعد و الوعيد .

لته العصرية و كيانه ولوال اجتماع ما سبق ، ما أفلح حممد علي باشا يف إقامة دوو ملا د خارج حدود دولته ، التمدومي القوي ، و ملا استطاع السياسي احلك

و رفعتها بيدها لألعلى . كانت مصر أول من أمسك جذوة الفكر و العلم على وقتنا احلاضر و قياسها على أي هذه القضية ، إسقاط بساطة ن بكلكو مي

، لكن ليس جلهة الكم ، بل جلهة جمتمع من اتمعات ، و شعب من الشعوب املنظومة التعليمية العلمية رنني خليا من الزمان ، كانت ث . فقبل قالكيف و احلي

يف العامل العريب و فيما جاوره من عوامل حالة استثنائية نادرة بل و شبه معدومة . ال بل أا كانت حكرا على جغرافية و سياسية يف آسيا و افريقية عموما

اتمعات و الدول االستعمارية القوية . أما اآلن و قد انشرت هذه املنظومة يف له ، انتشار النار يف اهلشيم ، حىت شارفت أدغال افريقية و جماهل كالعامل

و قفار الصحاري و ثلوج القطبني . فإنه و احلالة هذه ال بد من أن األمازون هو ، خصوصية الكيف . فقد منها خصوصية الكم ، و يصبح معيارها تنتفي

نظومات التعليمية يف العامل ، جلهة املمعيار التقدم العلمي و الفكري أضحى اآلن و هوية كوادرها العلمية ، هو يف نوعية هذه املنظومات و فعاليتها و أداؤها ، و تقدمي الفوائد التعليمية و قدرا على النهوض باتمعات اليت توجد فيها

الفكرية و العلمية و الثقافية ، هلا و رفدها باملعارف و النخب العلمية احلق .

529

هوية الفكر العريب ا أخضعنا العامل العريب هلذا احملك ، تتبدى لنا تاليا .. فإننا إذالفكرية و العلمية للمنظومات و اهليئات املعاصر و سويته . فما هي السوية

بدءا من املدارس و حىت اجلامعات ؟؟ . يف عاملنا العريب التعليمية ل الرئيسة املفاص لكي جنيب على هذا التساؤل ، ال بد لنا من الوقوف على

و السائدة يف ، و تلك املنتشرة للمراحل األساس يف املنظومة التعليمة العربية العامل العريب ، و هي مراحل رئيسة ثالث .. املرحلة االبتدائية ، و املرحلة

اجلامعية األكادميية العليا بأعلى درجاا . الثانوية ، و املرحلة ملستوى اية املرحلة االبتدائية مية و التعليمية إذا نظرنا إىل السوية الفكرية و العل

يف مستوياا الدنيا املقتصرة على حدود املوجودة لدى الطفل العريب ، جند أا وقفوا على أعتاب و هذه املرحلة ، . فاألوالد الذين أوا حمو األمية ال أكثر

قراءة املنهاج املرحلة الثانوية أو التحضريية هلا ، جل ما حتصلوا عليه ، هو ثر أأي الذي سلكوه يف أوىل سين دراستهم االبتدائية . و مل يترك ذلك التعليمي

الكلمات املوجودة زخرف ، سوى قراءة رسوم احلروف و فكري ثقايف لديهم بيئته االجتماعية الفكرية ، خاضعا لعملية فيه ، و يبقى الولد حمافظا على نتاج

و حزبيا ، و أحيانا سياسيا و مذهبيا و عرقيا ائفيا غسل دماغ مربجمة ممنهجة ، طتكن تلك املناهج و ال تنفع معه كل األفكار املوجودة يف منهاجه ، هذا إذا مل

نظام بيئته دينية و حزبية سياسية متماهية مع ولوجيا يتغذي بشكل أو بآخر ، إيدرحلة الثانوية ، حيث االجتماعي التعليمي ، و هو ما ينسحب أيضا على اية امل

نرى أن هذا الشاب املراهق الذي أى مرحلة الدراسة الثانوية ، هو نفسه ذلك الولد الذي أى مرحلة الدراسة االبتدائية ، و صورة طبق األصل عنه . و

شخصا حتصل على تتماهى تلك الصورة إىل املرحلة األكادميية العليا ، إذ نرى مبوجبها . و أحيانا تكون هذه الشهادة ، من جامعات و يعمل شهادة الدكتوراه

عريقة .

530

و نظرنا إليه من املنظور الفكري العقالين و لكن إذا تدبرنا أمر هذا الشخص البحت ، و الوعي االجتماعي ذو املسؤولية اإلنسانية اردة ، نرى بالغالب

، و راسته اإلبتدائية األعم ، أنه هو نفسه ذاك الولد ذو الذوآبتني ، الذي أى دذلك من حيث العقلية و الذهنية و الوعي و حس املسؤولية جتاه جمتمعه و بلده ،

حبالة و ال يعدوه و ال يتجاوزه . فهو و احلالة هذه ، ميثل حالة و أمنوذج شبيهان أمنوذج مثقف السلطة و الكرسي .

، أو ختالطه جتلس مع واحد من جنس هؤالء و تدخل معه يف نقاش فكري معنيأنك أمام إنسان متعجرف -و العياذ باهللا -، لتكتشف فيها معينةخمالطة زمنية

، ليس فقط إىل درجة الوقاحة و قلة األدب ، بل إىل درجة اجلهل و مغرور ، أن شهادة الدكتوراه اليت حتص ل عليها أحيانا اجلنون ، و لتكتشف فيما بعد و مركب نقص . و ، متثل هاجسا له ذلك الشخص ، كانت على ما يبدو

لتكتشف أيضا أنك أمام إنسان جاهل ال يتعدى مستواه الفكري ، مستوى ، طالب مرحلة ابتدائية . و ثقافته الفكرية و التارخيية و حىت أحيانا العلمية

تقارب مستوى الصفر ، و ليس له من علمه و فكره سوى قطعة الورق املقوى ام إنسان طائفي دكتوراه . أو تكتشف أنك أمادة ميلك شه اليت فحواها أنهتلك

ي ، متعصب متحزب إىل درجة العماء . و هذا دليل على أن مذهيب عشائري قبلتقع علمه ما أفاده بشيء و ال هو استفاد من موقعه العلمي بشيء . و أحيانا

. الصفات الثالث مجيعها يف شخص واحد ، و هو ما كثر يف أيامنا هذه هذه ، فهم ينطبق عليهم ما ذكر عن العلماء أما الفئة احلقيقية احلق ، من هؤالء

العرب يف فصل سابق من هذا الكتاب ، إما مغي بون و إما منفيون و إما و ،ون لعملية تصفية اعتبارية معنوية عمغمورون و إما حمرومون و إما خيض

حتالل األمريكي ، ميثل حصل يف العراق أيام اال أحيانا مادية جسدية . و ما ، فإننا نلجا إىل احململ اآلخر وذج حي لذلك . و إذا قيل لنا أننا نبالغ يف ذلك منأ

و هو اإلنتاج الذي يفترض أن يقدمه هؤالء اجلهابذة العباقرة للمجتمعات و

531

لكل أثور "يف قوله املالب طيب ام علي بن أالبلدان العربية ، وحنتكم إىل كالم اإلمو يف كالم آخر " قيمة املرء ما جييئه " ، ١و قيمة املرء ما حيسن " شيء قيمة

نع هؤالء يف جمموعهم الطاغي و مبعىن ما يستطيع القيام به . فماذا صأي كاجلراد يف عاملنا العريب اليوم ؟؟!! و ما هو املنتج الذي هم املتكاثرة دداأع

ي تمعام ؟؟!! بل ما هو قدموه أنتجوه ؟؟!! و ما هو االختراع الذي صنعوه ، حىت على مستوى السياسة و االجتماع و الفائدة اليت أجنزوها ، أيا كان نوعها

العلم ؟؟!! و ما هو األثر الذي تركوه يف اتمعات العربية ؟؟!! و ماذا فعلوا من ! . ؟عامل العريب الكبري و الظالم الرهيب املدهلم اللذان سادا الأجل هذا االحنطاط

اجلواب .. ال شيء ، و النتيجة .. أن هؤالء ، شأم شأن غريهم من مدعي . و النخبة .. متطفلون على العلم كما غريهم متطفل على الثقافة و الفكر

.. شأن الشعراء قدميا . التسي د ألجل التصي دشعارهم باموع ككل هو .. مييات املنتشرة يف العامل هد و الكليات و األكادااجلامعات و املعهذه أين هي

دىن يف اتمع ؟؟!! ما هو دور املدارس األالعريب ؟؟!! و أين هو دورها و أثرها ؟؟!! .. مدارس تنتج طلبة يف بذر بذور العلوم و املعارف ، منها سوية علمية

ج كل خ و ختر س و تفر يتسكعون يف الشوارع .. و جامعات و أكادمييات تفق ، غاية غايتهم و أمسى أمانيهم يف أحسن وجوهها ، من أميني و جهلةسنة

دخوهلم للجامعة ، هو احلصول على شهادة جامعية تتيح هلم وظيفة يف دوائر ، ليس ألجل العلم و االختراع عاملنا العريب يف الدولة ، ما يعين أن العلم و التعلم

، دوائر الدولة و اإلنتاج ، بل هو ألجل اجللوس خلف طاولة يف دائرة رمسية من النهب و الرشوة و الفساد . كيف ال و هنالك ظاهرة يف العامل السلب و ألجل

العريب ، انفرد فيها عن سواه من األمم األخرى ، امسها ظاهرة ( الدروس ، بل اخلصوصية ) أو ( املعلمون اخلصوصية ) . و هي ليست ظاهرة فردية شاذة

من كتاب نھج البالغة . ١

532

لعريب و أصبحت تشكل منظومة إدارية هي ظاهرة عامة شاملة أصابت العامل اخاصة و مستقلة ، متعارف عليها و معترف ا . و هي يف دالالا و مضامينها

، تعطي مؤشرا واحدا فقط و هو أنه ال وجود حقيقي املعنوية االعتبارية للمدارس التعليمية العامة و ال أثر هلا ، و أا يف أحسن أحواهلا ، ال تؤدي الدول

يمي و الفكري الثقايف املناط ا . و يربز ( املعلم اخلاص ) عندما ينتفي التعل فر غا من املعلم العام احلقيقي ، ويصبح موقعه فارغا من املضمون ، أو باألصح م

املضمون لكن حلساب من و بقرار من ؟؟؟؟ اهللا العليم . ألخرى من لقد أصبحت اجلامعات و املعاهد و األكادمييات ، مفر غة هي ا

مضموا متاما ، و مل يقد م أي واحد منها ، نتاجا واحدا أو حال واحدا أو أثرا واحدا للمجتمع . و هي يف اية األمر ، قد حتولت إىل هيئات تابعة للحاكم أو

و إذا عدنا إىل القول املأثور ( قيمة املرء ما حيسن أو حلزبه أو ألي حزب آخر . .. ما هو الشيء الذي حتسنه هذه اهليئات مجيعها مع نتساءل دي )ما يؤ

كوادرها و أطرها كاملة ؟؟!! بل ما هو الشيء الذي أحسنته قبل اآلن غري الفكر العقيم العاقر ؟؟!! حيث ال ينطبق عليها سوى مقولة السيد املسيح (ع)

الفأس على أصل الشجر ، فكل عت ض [ و اآلن و قد و الذي جاء يف اإلجنيل هذا . ) ٣اإلصحاح -( إجنيل لوقا رة ال تصنع مثرا جيدا ، ت قطع و تلقى يف النار ]شج

إذا كانت هذه الشجرة ال تعطي مثرا جيدا ، فكيف إذا كانت باألساس ال تعطي مثرا ؟؟!! .

ن املشكلة األساس اليت تربز يف هذا الصدد هي .. اعتبار تلك اجلامعات و إلعليا ، مع شهاداا اليت متنحها ، هي مبثابة العلم احلقيقي اهليئات التعليمية ا

األصيل الذي مبوجبه ت قاس العلوم كلها . و أن الشهادات اليت متنحها الرمسي تلك املنابر الرمسية املسماة ( جامعات ) ، هي معيار العلم و الثقافة و صكهما

القبول ، متاما كمبدأ الرمسي الذي يفتح لصاحبه باب الشهرة و الظهور العلين وعرف به صاحب الفكر و العلم و صكوك الغفران . و هي احملك األساس الذي ي

533

و الثقافة ، عن غريه . و بالتايل يقود ذلك إىل رفض أي نوع من أنواع العلم و البحث الذايت الفردي ، و رفض صاحب الثقافة و املعرفة احلقيقية احلقة الفكر

ه و كده و تعبه .. صادقا خملصا ألجلهما ، فقط ألنه الذي حتصل عليهما جبد مل خيرج من حتت عباءة هذا املنرب العقيم الضال املضلل املسمى اليوم زورا و تانا ( اجلامعة ) و هو ما يشكل سابقة خطرية جدا ، ت قاس بعكس مبدا مقولة

ملثمر و اإلبقاء السيد املسيح (ع) السابق ، فتصبح القاعدة هي .. قطع الشجر ا، ال بل دعمه و االعتناء به و استنساخه يف العامل العريب على الشجر الغري مثمر

حىت يتحول إىل حالة فقاعية من التبغل الفكري أو الدمامل الفكرية املتقيحة و س نف اليت أفرزت اليوم واقعا شاذا مريرا ، و ظاهرة عوجاء عرجاء ، تتلخص يف

بن أيب طالب ، حيث أصبحت القاعدة يف ذلك أيضا هي أن املثل السابق لعلي.. قيمة املرء أو املثقف ، ليس فيما حيسنه و ما ميتلكه من ثقافة و فكر و علوم و

املنربية أو الوظيفية الومهية الزائفة اليت لقاب األ معرفة ، بل يف ما ي رمى به من لقد أصبحت قيمة املثقف يف حتص ل عليها أو ن س بت إليه أو ادعاها هو لنفسه .

، ن فكر ، و ميتلكه من معرفة و علمعاملنا العريب اليوم ، ليس فيما حيمله من خمزوفكرية و ظيفية ، أصبحت اليوم يف القشور و بل فيما حيمله من ألقاب و نياشني

بح العامل ليس يف املضمون ، ألنه و لألسف الشديد ، ال يوجد مضمون ، و أصاليوم هو .. الدكتور فالن الفالين عضو امع الفالين و عضو يبو املفكر العر

اجلمعية الثقافية الفالنية و عضو اهليئة التعليمية لكذا و عضو احتاد كذا و كذا و .. عضو و عضو عضو عضو عضو .. ارمحونا يا أخي .. كفانا قرفا يا أخي

صية . كفانا نياشني و أنواط و أومسة ومهية كاذبة .. خلبية خمعضو بالعضو ، هل الالدكتور العضو يف عضو العامل هل تستطيع يا حضرة

تستطيع أن تشرح لنا ماذا قدمت من اختراع أو إجناز تمعك ، من عضعضتك ماذا خففت عن هل ختربنا !! و ؟؟؟!تلك أو عضعوضاتك العضوية املتعضية

؟؟!! و ماذا عليه أصابته و ألقت بعواهنهاجمتمعك من آالم و مآسي و ويالت

534

و تقاليد إجرامية موروثة ، ال عالقة هلا بالتراث و ، غي رت فيه من عادات بالية ال بالفكر و العلم ؟؟!! .

هذه القضية أو الظاهرة ، تقابلها قضية أو ظاهرة أخرى ، أكثر قرفا و تقززا قف ، وإحدى مفرزات مفهوم مثللنفس . و هي ظاهرة مستحدثة على ما يبدو

يوم مبسميات ل السلطة و السلطان و مثقف الكرسي اخليزران . هي ما ي عرف ا -تطلق على أشخاص فرديني من مثل ( رئيس املركز االستراتيجي للدارسات

رئيس املركز الكوين رة درب - رئيس مركز البحوث و الدراسات العاملي ال عالقة هلم التبان الفكري ) أو خيرج عليك أشخاص تراهم ألول مرة و

بالفكر و الثقافة و تتطلق عليهم أوصاف و مسميات مثل ( الباحث حملل البول -املفكر و احمللل السياسي -احمللل االستراتيجي - االستراتيجي

و ألجل ذلك نقول االيت .. الباحث االستراتيجي ... اخل ) . - الثقايف ة ) هي عموما ، قد ظهرت .. إن عبارة ( مركز الدراسات االستراتيجي أوال

و من مث ، بريطانيا و االحتاد أول ما ظهرت ، يف الواليات املتحدة األمريكية من دول و ما إىل ذلك السوفيييت سابقا ( روسيا احلالية ) و أملانيا و فرنسا ،

دول تتحرج من اعتماد مراكز أحباث استراتيجية لديها، نالك و هعظمى قوية . تصل بعد إىل هذا املستوى . معتربة أا مل

يكون وجوده يف مثل هكذا هذا ، ركز الدراسات االستراتيجية ) ( م ن.. إ ثانيا دول ، متناسبا و متوافقا و متزامنا مع عظمة هذه الدولة و قوا السياسية و

و إمكانياا و مواردها العلمية و الفكرية اهلائلة . العسكرية االستراتيجية الكربى .. إن ما يسمى و ما ي عرف مبركز الدراسات االستراتيجية ، تكون وظيفته ثالثا

، تقدمي النصح و املشورة ، حصرا لإلدارة السياسية العليا احلاكمة يف األساس رئيس األركان - رئيس الوزراء - وزير الدفاع - تلك الدول ( رئيس الدولة

عي التلفاز و أبو محودة و أبو عبودة و عموم اجلمهور و متتب... اخل ) و ليس إىل أبو شلفوط . فالغاية األساس من مراكز األحباث و الدراسات االستراتيجية يف

535

تلك البلدان ، هو مساعدة رأس اهلرم السياسي يف اختاذ القرار االستراتيجي ، فهذه املراكز ختتص أساسا الصائب ، السياسي أو العسكري أو االثنني معا

معلومات و إحصاءات و معطيات متتد على مستوى العامل ككل و تكون بتقدمي إىل الرؤوس العليا يف مرفقة بنصائح معينة ، يقدم كله مجيعا على شكل دراسات

مة السياسية أو صاحبة القرار السياسي . هرم املنظوإن مراكز الدراسات و األحباث االستراتيجية ، هي عبارة عن .. رابعا

ئلة عمالقة ، حتتل أبنية كبرية ضخمة و هلا فروع و مؤسسات و مؤسسات ها يف أحناء العامل و أحيانا يتبع مات و هيئات تابعة هلا ، منها ما يكون متشرا ظمن

هلا وسائل إعالم . مية و فكرية و ثقافية ، على مستواملراكز ، كوادر عل هذ.. يقوم على ه خامسا

، تضم يف جمموعها ، العلماء و القادة ربة كبري من الدراية و التخصص و اخلالسياسيني و العسكريني ، املتقاعدين منهم أو املوجودين على رأس عملهم ، كذلك تضم أساتذة جامعات و معاهد ، كبار و باحثني و كت اب متخصصون أقارع ، الذين لديهم مؤلفات و كتب حبوث ، و ممن له ماض و باع يف الفكر

، رب ، و ليس أشخاص جمهولون ال ي عرف ألحدهم قرعة أب و السياسة و احليف الكوادر احلقيقيون . و نادرا ما يظهر هؤالء الشوارع يؤتى م من قوارع

ال حلاجات الضرورة القصوى أو ألمر إأو القتوات التلفزيونية ، وسائل اإلعالم يغة الغائب ، بصديث عنهم يف وسائل اإلعالم تلك هام جلل . و عادة ما يتم احل

و ذلك بنقل تصرحيات و أقوال هلم ، أو مقاطع من بعض دراسام ، فغالبا ما ميتنع هؤالء عن إجراء لقاءات صحفية أو تلفزيوينة ، إال للضرورات القصوى و

مبناسبات نادرة . هذا بالنسبة ملراكز األحباث االستراتيجية ، أما بالنسبة للتوصيفات من مثال

كاتب و حملل -حملل استراتيجي - مفكر استراتيجي - تيجي ا(باحث استرسياسي ... اخل ) فهي بالتعريف األساس الصحيح هلا .. هو الشخص البالغ من

536

فكرية خربات و العمر عتيا ، و املتحص ل على موقع استراتيجي مبجال معني ن هذا خبريا أو باحثا استراتيجا . و عادة ما يكوثقافية تؤهله ألن يكون

الشخص من رعايا و مواطين دولة عظمى كربى ، أو دولة إقليمية ذات وزن كقائد جيوش مثال ، الشخص فيهما مناصب قيادية كربى كبري ، و يتسلم هذا

، كأن يكون سفريا لدولة كربى أمضى أو مناصب سياسية عالية و متنوعة عالية و احلساسة ، و يكون حياته متنقال بني عواصم العامل الكربى ذات األمهية ال

قد شارك خبربات و حوادث ميدانية ، عسكرية أم سياسية ، على مستوى العامل و دوله و أحداثه اهلامة اجلسام . و غالبا ما ينطبع طابع الباحث االستراتيجي أو

بشكل كبري ، كشخص احمللل االستراتيجي على هؤالء األشخاص أو ما يقارم لسياسة الدولية ، من خالل عمله طيلة حياته مثال ، يف له باع طويل يف ا

منظمات دولية متعددة ، و أخر سياسية ، و شارك بأكثر من عملية مفاوضات سياسية دولية ، و تنقل حبكم وظيفته أو موقعه ، بني خمتلف دول العامل . و يهمنا القول إن الكثريين يف دول الغرب املتحضرة و القوية ، من أصحاب

السياسية و العسكرية و الفكرية ، يتحرجون من تسمية أنفسهم مبثل ملواقع اأم مل يصلوا بعد إىل موقع يؤهلهم أنفسهم يعتربون و هكذا أوصاف ،

احلصول عليها . و ذلك من باب معرفة الشخص من هؤالء ، حلجمه احلقيقي ، لكن جاهال ، ( العامل يعرف اجلاهل ألنه كان و من منطلق املثل القائل ..

. اجلاهل ال يعرف العامل ألنه مل يكن عاملا )

إذا نظرنا إىل عاملنا العريب اليوم ، لرأينا العجب العجاب و املضحك املبكي ، حيث خيرج عليك أشخاص من أشباه املثقفني و ليسوا مثقفني .. و أشباه

قافة أو أدب ، و .. ال ق راعهم ق راع علم أو فكر أوثاملفكرين و ليسوا مفكرين ال ماضيهم كذلك . خيرج الواحد منهم و الذي ليس له و ال كتاب واحد أو مؤلف واحد ، خيرج يف هذا الزمن العريب الرديء ، زمن العهر و التعهر و

537

.. خيرج على القنوات اإلعالمية العربية و ي كتب عنه أنه ( مدير مركز املعاهرة ص مشبوه فكريا و ثقافيا و أدبيا ، يف . شخ لدراسات االستراتيجية )كذا ل

إعالم مشبوه من أساسه فاقد للمصداقية أمام شعوبه ، يف عملية مشبوهة بعضها يا) .. ماشئت فافعل تستح مل إن( القائل املثلضمن بعض ، و كله من منطلق

، هذا إعالمك و أنت ، نفسك من ختجل أال!! ؟؟ نفسك من تستحي أال أخي على تسمية و وصف هكذا مثل إطالق و باستضافتك ، عكاصطن الذي

الزمن هذا عن صورة أنت.. صنيعة صلب من صنيعة أنت!! . ؟؟ شخصك وصموك اليت التوصيف و احلالة هذه لنا تشرح أن تستطيع هل. الكافر الفاجر

آن يف ، البواكيا احلجال ربات ضحك ت و ، قوافيا األفراح منشد بكي ت اليت و ا أي!! ؟؟ إعالمك و أنت تد عيه الذي هذا دراسات و أحباث مركز أي!! ؟؟ عا م

اإلعالم هذا يدعي و!! ؟؟ هذه إستراتيجية أية و!! ؟؟ هذه دراسات و حبوث مل أنت و، استراتيجي و سياسي حملل و كاتب و باحث أنك ، معك املتواطئ و بالفكر ال لك القةع ال و واحد كتاب رمبا تقرأ مل و واحد كتاب يوما تؤلف

ال الذي أنت!! ؟؟ إستراتيجية حبوث و دراسات مبركز لك أين من ، األدب ال تلم ع صورة وجدت أما. الثالث يف تظهر و إال يومني ، هذا إعالمك عن تغيب

حبوث و دراسات مركز مدير و رئيس أنك القول سوى ، وجهك و نفسك ا؟؟ إن كل كالمك هو إما راساتك تلك هذا ؟؟ و أين ددراساتك ؟؟ أين مركز

حتريض للنفوس أو تضليل للعقول . مرة خترج علينا بصفة كاتب و باحث ، و ، و أخرى حملل بولفة حملل استراتيجي و مرة بصمرة بصفة باحث استراتيجي ،

و مرة بصفة مفكر ، وأخرى بصفة خبري استراتيجي . ألف من مفردتني .. تتث ) إن عبارة توصيفية من مثل ( الكاتب و الباح

هذا الشخص له مؤلفات و له كتب .. (الكاتب ) و تعين بكل بساطة أنيكتب و يؤلف يف جمال الباحث) و تعين أيضا بكل بساطة أن هذا الشخص (

البحوث و الدراسات ، التارخيية منها أو السياسية أو الدينية أو االجتماعية ، أو

538

وصيف ( الكاتب و الباحث ) . فعندما تبحث ، هذا هو تعريف تكلها جمتمعة نك أو تستعلم عنه ، تكتشف عن هذا الشخص املسمى ( كاتب و باحث )

، مث تكتشف بعد أمام شخص مل يؤلف كتابا واحدا يف حياته و رمبا مل يقرأه ذلك أنه ال عالقة له بالفكر و الثقافة ، و أن له جمال آخر متاما .

-حملل سياسي -وصيفات مثل ( كاتب و باحث إن إطالق مسميات و تباحث استراتيجي ... اخل ) على أشخاص ال يصلون إىل أعلى من كلمة

تعطي داللة الدعائية و اليت (متعلم) مثلها كمثل أصحاب اليافطات التجارية كبرية و إشارة واضحة على الكذب و اخلداع و قلب احلقائق و بشكل أدق ،

مكتبا جتاريا يعتمد التدليس و اخلداع مع الزبائن ، و يعلق النفاق اخلفي .. ترى يافطة على مدخل مكتبه ، ك تب عليها ( مكتب الوفاء ) . و آخر مشهور بالنصب و االحتيال و حمكوم بكذا جناية ، يضع على باب مكتبه أو دكانه

س . و آخر اشتهر بالسرقة و االختال) التجاري خالص يافطة تقول ( مكتب اإليسمي مكتبه التجاري ( مكتب القناعة للتجارة ) . تقف أمام دكان أو حانوت

حيث ترى قطعان الفراريج املذبوحة و املقط عة ) الدجاج لبيع الفروج ( األوصال و املعروضة للبيع ، فترفع نظرك إىل األعلى قليال لترى يافطة مكتوب

وح و املقطع بلبيع الفروج املذكان مشابه دك ) . و جبانبه ل عليها ( فروج امل األوصال و فوق البوابة ، يافطة كبرية مرسوم عليها ديك يرتدي بذلة رمسية مع

و جيلس على كرسي يدخن النارجيلة ، مكتوب جبانبه عبارة ( فروج كرافتة ام و قد علق عجل مذبوح مسلوخ معل ق من األمري ) . كذا األمر نرى حل

إىل األرض ، و فوق احلانوت ، يافطة مكتوب عليها عرقوبه و الدماء تسيل منه.. هذا باخلط العريض ( ملحمة العجل السعيد ) أو ( ملحمة العجل الضاحك )

من ذاك ، و هذه القرعة من ذاك الرأس . كل ذلك منهج و نتاج نفاق إرادي أو ال إرادي .

539

راكز أحباثنا .. اية .. هذه هي مدارسنا .. و هذه هي جامعاتنا .. و هذه هي م و هذا هو وضعنا احلايل املزري .. و هذا هو ما آل إليه أمرنا .

وسائل و وسائط اإلعالم و النشر :

اإلعالم ، من صحافة و منشورات و مذياع و قنوات تلفزيونية ، إن وسائل أرضية أو فضائية ، و دور نشر ، هي يف األساس ليست حالة فكرية أو منتج من

االصطالحية ، حالة و مفهوم منفصل عن الفكر لفكر ، فهي من الناحية نتاج ااقلة للفكر و الثقافة و يف الوقت نفسه من أهم األدوات النو الثقافة ، لكنها

العلوم و املعارف . و رأينا كيف أن مصر ، رائدة النهضة العربية احلديثة ، نشر . فأول عمل قام بهأمرها على الصحافة و الطباعة و الاعتمدت يف بداية

حممد علي باشا بعد استالمه مقاليد السلطة و أمورها يف مصر ، أنه استجلب و جعلها أداة املطابع و أمر بإنشاء الصحف و املنشورات التعليمية و طباعتها

رئيسة أوىل يف ردف و دعم نظام اهليئات التعليمية و البعثات العلمية ، و قام سعار زهيدة جدا ، و ذلك لنشر الثقافة و العلم و املعرفة بني و بأ بتوزيعها جمانا

سواد الشعب و عموم اجلمهور . فهذه األدوات و الوسائط هي يف أساس وظيفتها و صلب عملها ، أا موجهة إىل عموم اجلمهور أوال ، و من مث الطبقة

خرب و ناقل الفكرية املتوسطة و من بعدها الطبقة العليا . فهي عبارة عن ناقل فكر .

540

، فإن وسائل اإلعالم و النشر مبختلف أنواعها ، إذن .. بناء عليه و عليه بناء .. ناقل هي يف أيامنا هذه ، ي فترض ا أن تكون يف توصيفها املبدأي األساس

خرب و حامل فكر . و حىت نستطيع أن حنكم على أداء وسائل اإلعالم اليوم ، يف العامل العريب بصدق و شفافية و نقرر ما إذا كانت بالفعل ، ناقل خرب صحيح و حامل فكر سليم ،

و طرائق عملها و سلوكها الفكري ، و ال بد من النظر بكل بساطة إىل أداؤها القائل ( كل إناء مبا فيه و ذلك على مبدأ املثل العريبنعاين فحوى براجمها

) . ينضح.. ، بثالث وسائل رئيسة ، هي و تتجلى وسائط اإلعالم و الفكر اليوم

دور النشر . - التلفاز و املذياع - الصحف و الدوريات

شكلت الصحف و الدوريات ، أوىل وسائط اإلعالم : الصحف و الدورياتأن الصحف و االت كانت يف النصف األول يف العامل العريب . و ال ي خفى قل ، يقارب احلقيقة و حقيقي ، أو على األ يللقرن العشرين ، حامل فكر

يقارب املوضوعية ملختلف ااالت السياسية و االقتصادية و االجتماعية ، على يتبع ألحزاب سياسية خمتلفة ، و بعضها اآلخر كان من أن بعضها كانالرغم

و مالكيه . فقد كان هنالك شيء نه خيضع للتوجيه من قبل أصحابه ك خاصا ، ل. فهي و إن كانت يء من الرأي و الرأي األخر من املصداقية أو باألحرى ش

- تنتهج منهجا معينا و تسلك مسارا حمددا جبهة معينة و جلهة معينة ( سياسية حزبية ) فإا أفردت مساحة حرية للطرف االخر ، باستثناء الدينية - حكومية

إا . و فوق كل هذا و ذاك ، فاليت رفضت اآلخر املختلف معها املذهبية منها مبعظمها كانت ناقال للفكر و حامال له .

اليوم جملة أو صحيفة من ثالثينيات أو أربعينيات القرن فعندما تقع بني يديك ، غزارة الفكر و املاضي و تتصفح حمتوياا و تطالع فحواها ، تدرك من فورك

541

ملباشرة و مسائل متنها ذات املوضوعية احلقيقية ااملعرفة اليت فيها ، و مواضيع اليت متس صميم املشاكل يف اتمع ، علما أا ليست صحيفة أو دورية متخصصة بالفكر و املعرفة ، بل هي صحيفة سياسية أو اجتماعية أو منوعة ،

الثقافية املتخصصة باألدب و الفكر و اليت فما بالنا بالصحف و االت الدورية الوقت الذي حلضور ؟؟!! يف ذاتحيث التواجد و اكانت ذات كثافة عالية من

لبقية االت و الصحف نالحظ فيه أن االت الفنية كانت قليلة نوعا ما قياسا كان هناك نوع من التوازن النوعي فيما بينها . األخرى ، أو يف أحسن األحوال

صناف ثالثة .. صحف أصحف و الدوريات إىل أما اليوم ، فقد انقسمت ال، و هذا اجلنس من الصحف و الدوريات ، اب مبختلف أنواعها السلطة و األحز

، و هي و األحزاب ، قد أصبح مضبوع ضبعا بالسلطة احلاكمة و متجيدها ، مع احلديث احلصري عنها ، و جعلها حمور املواضيع و النقاشات و املقاالت

و فاحلقيقة و املوضوعية بنظرها و متوا .ي شكل من أشكاله أرفض االخر ب مواضيعها ، هي حصرا من خالل من تتبع هلم من نظام سلطة و أحزاب و

. سياسية كانت أم دينية مع عدم ترك أية مساحة للطرف اآلخر ، إيديولوجيات وهذا الضرب من الوسائط اإلعالمية ، حيظى بالدعم الرمسي و املادي و املعنوي

من املنظومة السياسية و ما يتبعها من منظومات .ا الصنف الثاين ، فهو الدوريات و الصحف الفنية ، و هي عبارة عن جمالت أم

خمتصة حصرا بالطرب و الغناء و الرقص ، و تتناول حياة املمثلني و املمثالت ، و املطربني و املطربات ، و الراقصني و الراقصات و ما يتفرع منهم و من

ن معيارها و مصداقها وسطهم ، من وظائف و مهن . فكلمة الفن هنا ، خترج عاألصلي الذي حيمل يف معناه و مضمونه ، الرسم و النحت و اخلط و الزخرفة و

النقش و الصناعات اليدوية و ما إىل ذلك من فنون . هذه االت و الصحف اليت تسمى ( فنية ) قد أصبحت هي و يالحظ اليوم أن

. كما يالحظ انتفاء أي الطاغية و صاحبة احلضور يف واجهات احملال التجارية

542

موضوع فكري ثقايف فيها ، و اقتصارها فقط على املمثلني و املطربني و الراقصني ، و طبيعة حيام ، و مشاكلهم بعضهم مع بعض ، و قصصهم من

و أماكن حضورهم و تواجدهم . و حتظى هذه و أعماهلم .زواج و طالق طبع بطبعات فاخرة فخمة تعنون االت بإقبال شعيب و دعم مادي ، حيث أا ت

ل . بكتابة مزخرفة مباء الذهب و الفضة و من أجود أنواع الورق الالمع املصقوال إشكال يف ، أنه من حيث املبدأ ،هذا و نود أن نسجل يف معرض حبثنا

القوم ، لكن الرهط من و دوريات ختتص ؤالء وجود مثل هكذا جمالتي على ما عداها من صحف و جمالت ، حبيث االستفهام هو يف حضورها الطاغ

أصبحت تعب ر عن الثقافة و الفكر السائدين يف اتمعات العربية ، و اعتبارها ، من قبل البعض ، سواء بقصد أو من دون قصد .. بعلم جمالت فكرية ثقافية

أو من غري علم .. و اهللا العليم . إلعالمية ، فهو الصحف و أما الضرب الثالث من هذه الوسائط و الوسائل ا

الدوريات العلمية الثقافية الفكرية و اليت ختتص بالثقافة و الفكر و األدب و إىل القارئ العريب ، و تساهم و موجهة ، ، مبختلف أصنافها العلوم و املعارف

بتكوين خلفية ثقافية للمواطن الفرد يف اتمع ، و إنشاء قاعدة ثقافية فكرية يف تشكل بدورها روافد قوية تعطي خنب فكرية ثقافية حقيقية . و ، اتمع ككل

قلة اإلقبال الشعيب على تلك الصحف و الدوريات ، أوال و يالحظ اليوم سوية اخلطاب الفكري دلتعقي.. ا أال ت باع . ثانيا لغالئها الفاحش و كأنه يراد هل

تناوهلا الواقع لعدم فيها و صعوبة سرد مصطلحاا و مفرداا . و ثالثا ..الفكري و الثقايف احلقيقي يف املمجتمعات العربية ، و معاجلة قضاياها و مهومها

مشاكل الدول الغربية و األجنبية على احلقيقية املوضوعية و انصرافها إىل مناقشة حساب الواقع العريب ، و إبراز إحصاءات رياضية معقدة يصعب على القارئ

وهلا ، و كأا حالة مقصودة إلبعاد املواطن العريب عن مهومه العريب فهمها و تنا

543

األجدر أن اليت من و مشاكله و قضاياه احلقيقية و أزماته الفعلية املستعصية تكون موضوع التساؤل و النقاش و البحث .

هنالك دورية عربية .. شهرية مشهورة ، و معظم إصداراا ، مترمجة عن شاكل الدول الغربية اجلزئية املفصلية و أحيانا الثانوية و ملاألصل الغريب األجنيب

اليت ال ناقة للواقع العريب و إرهاصاته فيها و ال مجل .. يا أخي أنا إيش عالقيت بسويسرا و الصني و زميبابوي و زيادة السكان فيها و حتويل العمالت هناك ، و

ق التحول املعريف يف األسعار و املخططات البيانية و املؤشرات ؟؟!! و آفايف مالطا و التحوالت التراث املوسيقي يف موزمبيق ، و آثار الفكر وبلجيكا ،

ء و املآسي و احملن اليت االجتماعية يف يالطا ؟؟!! تعال يا أخي و ناقش البال ، بدال من أن رب إىل اخلارج يف مواضيع و أفكار ال ناقة لنا فيها و ت فينا ل ح

منهل احلل هو باهلروب .عالقة ، ال من قريب و ال من بعيد ، و الالمجل هنم العامل العريب إىل إحصائيات سويسرا و أمريكا و جداول الصني البيانية و ج

. هذا النوع من الدوريات ، هو من الفئة املدعومة ؟؟!!قوائم أوروبة املالية . ١ا احلقيقي مؤسساتيا و حكوميا ، لكنها لألسف الشديد ، فاقدة ملضمو

إن قضية الترمجة بشكلها املطلق ، هي بصورة أو بأخرى داللة على اجلهل و مركب النقص ، و داللة عجز فكري رهيب .. إا تشابه إىل حد بعيد ، قضية استرياد املنتجات الصناعية و الزراعية و التقنية و الطبية و غريها ، من الغرب ،

لذي ي د ق يف نعش التقدم الفكري العريب ، و هي املسمار األخري او هي متثل قضية خطرية تأخذ أبعادها املؤثرة املتجلية برفض الفكر العريب احمللي و استبداله

األجنيب . و لذلك نقول .. جيب أن يكون هنالك مجرك على بالقطع الفكري اما احمللي ، متالفكر األجنيب ، ليس من باب الفكر كفكر ، لكن من باب اعتماد

مثل البضائع و املنتجات .

. یدخل في مجال اھتمامھمأنھ ال وىعالمجلة ، و لكنھا رفضتھ بد تاب على تلكتم عرض ھذا الك ١

544

الفئة التابعة ألشخاص مفكرين مثقفني ، أو هلم باع يف أما الفئة األخرى ، فهي . و هذه االت ، الثقافة و الفكر و الصحافة ، و ت مو ل من قبلهم شخصيا

بالرغم من غناها الفكري و الثقايف ، إال أا يف اآلونة اآلخرية ، بدأت تنقرض ألسواق ألسباب مادية حبتة ، سببها ، عدم مقدرة أصحاا على متويلها من ا

و عدم تلقيها أي دعم آخر . يضاف إىل ذلك ، عزوف اإلنسان العريب ماديا عن اإلقبال على تلك الصحف و الدوريات ، لعزوفه عن الفكر أساسا ، و

اهتمامه بأمور أخرى .

نوات التلفزة األرضية ، و قنوات التلفزة و هي ، املذياع و ق و سائل اإلعالم :يف وقتنا احلايل الراهن و التلفزة األرضية ، قد احنسراالفضائية . و مبا أن املذياع

هي السائدة و الطاغية يف العامل هذا ، أمام قنوات التلفزة الفضائية اليت أصبحت ، لدرجة اهليمنة العريب ، و املستقطب األول الرئيس لكل أفراد اتمعات العربية

يف هذا املبحث ، سيكون عن هذه تطويع الفحول ، فإن احلديث على العقول و الوسائط حتديدا ، كوا هي اليت استحوذت على صورة الوسائط و الوسائل

اإلعالمية . و لكي ننحوحنو البساطة يف الشرح و التوضيح و نعتمد مبدأ املثل القائل ( خري

األقمار الفضائية اليت تنقل ، نقول اآليت .. إذا نظرنا إىل ل ) الكالم ، ما قل و دالقنوات العربية ، نراها تتمثل يف قمرين رئيسني مها ( نايل سات ) و ( عرب

. و يبلغ جمموع القنوات الفضائية يف هذين القمرين ، حوايل ألف و سات ) مخسمائة قناة باإلمجال .

؟؟ نوعية هذه القنوات و أقسامها ، فماذا نرى و تعالوا بكل بساطة ، لننظر إىل .. نرى

. حكوماا باسم الناطقة الفضائيات هي و الرمسية احلكومية الفضائيات ـ) ١ . االنتماء و التوجه و التمويل و اإلنشاء جلهة اهلوية معروفة قنوات هي و

545

بكل و نعم.. مذهبية قنوات الغالب يف هي و ، الدينية الفضائيات ـ) ٢ كلها ليس لإلنصاف لكن و. الدينية التفرقة تبث مذهبية قنوات.. صراحة . مأجورة

. جدا واضحة و معروفة قنوات هي و األغاين و الطرب فضائيات ـ) ٣ ـ قنوات العنف املسماة ( أكشن ) . ) ٤ قنوات جتارية خاصة . ) ـ ٥

نوات اليد ، كقتتعدى أصابع أما القنوات العلمية الفكرية الثقافية ، فهي الرافك ) . و أما القنوات التعليمية البحت ( شرح احليوان و قناة ( أبو ظيب جغ

، فهي أيضا بدورها ال تتعدى أصابع اليد . و باقي القنوات املناهج الدراسية ) مذهبية دينية حتريضية ، و إما قنوات طرب كلها ، كما ذكرنا ، هي إما قنوات

م و أغاين . و إما قنوات سحر و شعوذة و دجل ، تقوم على و رقص و أفالإدعاء شفاء األمراض بالتخاطر عن بعد و قراءة األدعية . و إما قنوات سياسية موجهة خاضعة للسلطات احلاكمة . و إما قنوات خاصة متنوعة ما بني السياسة

غري مباشر ، موجهة من بعد و تابعة متاما و لكن بشكل و غريها ، لكنها قنوات للسلطات السياسية احلاكمة يف البلدان العربية ، فهي متثل احلديقة اخللفية إما

، و إما جلهات متويلية خارجية استخباراتية ، و إما تتبع لسياسة هلذه السلطات . ، حيث تتبدل سياسة هذه القنوات تبعا للممول من يسمى .. املمول الراهن

الشاعر .. قول مجيعا و ينطبق عليها

إ ناء ك ل ع تاب ه يف خ ري ال ف م ثل ه فيه . ما ناض ح و قول اآلخر ..

إناء و ك ل حاله ح سب امرئ ك ل ي صو رها ي نض ح . فيه بالذي

546

قد متتلك ( عدا قنوات اجلنس و احليوان ) و مجيع هذه القنوات عن بكرة أبيها تقدم لك ة ، قد جتد لديها كل شيء ما عدا احلقيقة ، قد أي شيء إال احلقيق

كل شيء سوى احلقيقة . و أكثرها بعدا عن احلقيقة ، تلك اليت تد عي أا ، فعندما ترى قناة فضائية أو أية وسيلة صاحبة احلقيقة أو القرب إىل احلقيقة

احلقيقة .. إعالمية أخرى مهما كانت ، تقول لك .. أنا احلقيقة .. أنا أقرب إىل، أا ال عالقة هلا باحلقيقة . ذلك أنا عندي احلقيقة .. فاعلم وفقنا اهللا و إياك

و ( ملحمة العجل السعيد ) و ( فروج امللك ) كله على مبدأ ( فروج األمري ) ) و ( مكتب الوفاء و اإلخالص ) . هذه القرعة من ذاك ( مكتب القناعةو

الرأس .

ه األلف و مخسمائة قناة عربية ، ال توجد قناة فكرية علمية من كل هذ إذن ..يف أحسن األحوال ، مخسة . و هي وثقافية معرفية ، سوى قناتني أو ثالثة ،

يا أي ثلث باملائة ، أي أقل من واحد باملائة . / 0.3 % /نسبة تعادل هذه . هذا ما عندنا حول يا ساتر.. لطييييف يا لطيف .. يا ساتررررررر

القضية و نكتفي ذا القدر .

547

مأزق كبري يهدد حرى الوجوه ، أمام منعطف خطر جدا ، أو بأ ماليوم أماحنن احلق يف العامل العريب .. حيث أن كل ما ة الفكرة احلقيقي بانطفاء كامل جلذو

البني ية ، ال يبشر باخلري ، و ينذر بنذير سقناه من أمثلة و صور و حوادث تارخي الشؤم . و

، متثل حاالت سلبية إن ما نراه اآلن من صور و جتليات للفكر و الثقافة العربيني جدا ، و معوقات جتعل من الفكر العريب ، عبارة عن جمرد جمسم جامد متحجر

لطمة أو متكلس من اجلص ، قابال لإليار و التحطم و التشظي عند أول يتضح ذلك من مسات الفكر العريب و طبيعة الثقافة العربية اللذان . و صدمة

. و نذكر غيض من فيض من هذه يشكالن اهلوية الفكرية العربية العمومية الفكرية و هي ..ت و النواضح االسم

القيود الفكرية اإليديولوجية :

ض قيود فكرية و إن إحدى السمات الغالبة على الفكر العريب هي ، فر

ندما نقول .. قيود فكرية ، فهذا يعين ارتباط الكاتب أو و عإيديولوجية عليه . أو مؤلف الكتاب أو املقال أو املنشور ، سلفا مبنهج فكري معني ، و املثقف

عدة أو ات باعه ملدرسة فكرية أو جهة فكرية ميثلها شخص معني أو أشخاص الفكرية هذه ، إما أن يتخذها الكاتب مراجع و مصادر فكرية . و القيود

548

الباحث أو املثقف ، لنفسه منهجا و منهاجا ، أحدمها أو كليهما معا ، طواعية أن تفرض عليه اعتباريا أو دينيا أو أحيانا أكادمييا . و اختيارا ذاتيا ، و إما

قبل دراسة فهنالك بعض اهليئات العلمية أو املدارس الفكرية أو دور نشر ، ال ت ، أو متأثرا أو حبثا أو كتابا ، إذا مل يكن من منطلق و رحم فكري معني ةمعين

مؤلفايت ، لدرجة بعض مبنهج فكري معني . و هو ما حصل معي شخصيا جلهة ، أن بعض دور النشر اليت تد عي الدميقراطية و احلرية و التعددية و الوعي

و فكرة معينة مثلت جمرد جزئية بسيطة رفضت مؤل فا يل ، فقط رد عبارة صغرية ، من حيثيات الكتاب . عارضة

الكاتب أو املؤلف ، أما القيود اإليديولوجية ، فهي تعين بكل بساطة ، ارتباط الغالب األعم ، سياسية حزبية إيديولوجيات سياسية معينة يكون يف عقائديا ، ب

هلذا أو املذهيب السياسي أو الديين أو مذهبية دينية . و هي جتسد انتماء الكاتب الفكر أو ذاك . و أيضا يكون ذلك إما طواعية من الكاتب و قناعة شخصية

إجبارية ، و هو ما يكثر يف القيود الدينية و راسخة فيه ، و إما طبقا لقيود % / ١٠٠ الديين ، جمربا بنسبة / ن الكاتب أو املؤلف إاملذهبية الذاتية ، حيث

أنه من ىد بطرق مذهبه و عقيدته الدينية و أمهات الكتب التابعة هلا . علبالتقيحيث املبدأ و من حيث أمور ظرفية توثيقية معينة ، ال ضري يف اعتماد بعض

و القيود الفكرية و اإليديولوجية . و ذلك إلثبات قضايا معينة ختدم الباحث ضية ما ، أو إجراء فكرته يف إثبات صحة طرح ما ، أو إلقاء الضوء على ق

مقارنة من نوع ما . لكن أن تكون القيود الفكرية اإليديولوجية ، هي املنهج السائد العام يف الفكر العريب املعاصر ، فذلك ما ي فق د هذا الفكر مصداقيته و ينحو به إىل طمس

، عن القضايا و املشاكل احلقيقية الواقعية املوضوعيةاحلقائق و حجبها و االبتعاد الصحة و نحىت و لو كانت تلك القيود حتمل يف مضامينها و حيثياها ، شيء م

املنطق . و السبب يف ذلك ، هو جعل تلك احلقيقة و املنطق و الصواب ، يتبع

549

حلقيقة و املنطق و الصواب ، من خالهلا هي ال ال أن تتبع هي له ، و طرح ا هلاال هو ، و تصبح األمور مقلوبة هي املعيارمن خالله هو ، فتكون تلك القيود

رأسا على عقب . و بالتايل تؤدي نتيجة هذه العملية إىل إلغاء التعددية الثقافية و املعرفية ، و التنوع الفكري ، و تالقح اخلربات و املعارف ، و يئ لربوز ظاهرة

هاتان . و من املتعارف عليه ، أنالثنائية الفكرية ، بل و حىت األحادية الفكرية الظاهرتان ، مها من سوآت أي أمنوذج فكري ثقايف و معريف ، يف جمتمع من اتمعات و مظهر من مظاهر التخلف فيه . و على العكس من ذلك ، فإنه من املتعارف عليه ، أن التعددية الثقافية و الفكرية ، هي مظهر من مظاهر الثراء

م و االزدهار فيه . ، و أداة من أدوات التقدالفكري يف اتمع ا تقود إىل انتشار أأما األثر السليب اآلخر للقيود الفكرية و اإليديولوجية ، فهي

نوع من ثقافة التسليم و الرضوخ يف اتمع ، و خلق واقع فكري افتراضي و املفكر موهوم . كما أن القيود الفكرية و اإليديولوجية ، تفرض على املثقف

ظهور ثقافة و بالتايل .لفكري و التحيز الثقايف التعبوي نوع من االحنياز او طغياا على ثقافة الواقع و املنطق . و أخطر ما يف ذلك ، االحنياز و التحزب

إلغاء ثقافة التجديد و تغيري الواقع ، و هي ثقافة حنن أحوج ما أا تقود إىل لفكر العريب املعاصر ا ايف عصرنا هذا ، و أحوج ما يكون إليهنكون إليها اآلن

. كما أن هذه القيود ، تعمل يف الوقت نفسه على إلغاء املثقف و املفكر اآلن و كما حصل يف الدين ، حيصل كحالة علمية فكرية خال قة جتديدية تطويرية .

ر و هو أماآلن يف الفكر ، حيث حتول املثقف و املفكر ، من جمتهد ، إىل مقلد . ت اليوم ، حيث كل حزب أو جهة بالعموم ، يطرح مالحظ يف معظم الكتابا

، فيعتقد أفكاره على اا األوحد فقط و على أن العامل كله يتمحور حوهلا القارئ بالالشعور أنه ال يوجد يف هذا الكون غري هو و الكاتب و أشخاص

. أنا و أنت و أفكاريالكاتب و أحداثه و تصبح القاعدة األساس هنا ..

550

ىل عصر النهضة العربية يف مصر و من مث يف بالد الشام ، نرى أن مسة و بالعودة إحرر من القيود الفكرية و تالفكر اإلصالحي آنذاك ، كان أساسها ال

رة باحلضام مفكرو عصر النهضة األوائل ااإليديولوجية . و ذلك بعد اصطدبني اتمع الفرق اهلائل و البون الشاسع فيما الفرنسية و األوروبية ، و رؤيتهم

ة . ايو بني أوروبة ، من كل نواحي احل املصري أو العريبه و غاياته ، لو مل يف مسعاو ما كان للفكر النهضوي العريب آنذاك ، أن يفلح

القيود الفكرية و اإليديولوجية ، ال بل و يصطدم معها و يعمل يتخلى عن مبدأ يف الواقع العريب آنذاك . ألن معظمها كان سبب للتخلف و الظالمغائها على إل

، تؤدي أيضا يف نتائجها ، إىل إنتاج ثقافة التستر و إن ثقافة القيود الفكرية

، يفرض يف التعمية و طمس احلقائق ، ألن مبدأ القيود الفكرية و اإليديولوجية مضمونه ، إما تطويع احلقائق و الوقائع ، و لي ها حسب ما تقتضيه تلك القيود

. و بالتايل .. إبراز صورة مشوهة جمتزأة مبسترة مفرغة و اإليديولوجية الفكرية يف خانة اخلندق اهتلك احلقائق و طيها أو جعلإلغاء إما من املضمون . و

املعادي لتلك القيود و مفاهيمها و مبادئها . أيضا .. من آثار القيود الفكرية اإليديولوجية ، إنتاج ثقافة و فكر قياس الشاهد

املعاصر ، ألن العريبعلى الغائب ، و هي السمة الطاغية اليوم على هوية الفكر أفكار و ا تقوم على املاضي و علىأالرئيسة األوىل للقيود الفكرية ، هي الصفة

مها يف املاضي منذ قرون خلت و معظمها اختص نظريات و آراء ظهرت مبعظالعصر احلديث يف القرنني املاضيني و و فروعا . و منها ما ظهر ب بالدين ، أصوال صفة القداسة الفكرية ، حىت و لو مل خيتص باجلانب الديين . و أ سب غ ت عليه

أدى ذلك إىل ربط أية قضية أو إشكالية أو ظاهرة معرفية حتصل حاليا يف الوقت اصة ا ادية اخلية و النظرية و االعتبارية و املو مسبباا الفكرالراهن و هلا أسباا

حصرا و املستقلة فيها عن خارج نطاق حدوثها الزمين .. أدى ذلك إىل ربط

551

هذه الظاهرة باملاضي . و لألسف ، فقد انسحب ذلك حىت على العلوم التطبيقية يف بعض األحيان ، فأصبح املنظور الفكري و البعد الثقايف للتقدم

معيار التقدم إىل األمام ، العودة إىل الوراء . و مبعىن أدق ، إنالعلمي ، هو . و أصبح .. الرجوع للخلف ، إلحياء املاضي و لعزة املاضي و لنصرة املاضي

ما خرب بيوتنا غري املاضي . فهنالك فرق شاسع بني بني ثقافة احملافظة على التراث ، و بني ثقافة الرجوع و التدهور إىل الوراء .

يف قضية اام البعض بسمة ، حاصلهنالك لغط كبري و سوء فهم جسيم

لشخص الذي مل على ا عرفيا ، ، فغالبا ما ي طلق هذا الوصف ) (ادعاء الثقافة) . و هو دكتوراه - دبلوم -( ماجستري ل على شهادة أكادميية أو علمية يتحص

بكل أن يكونوا أمر خاطئ و مغلوط متاما . و الواقع أن مدعي الثقافة ، ميكن ، و إن الشهادات العلمية ، حاب الشهادات العلمية و ح م لتها من أص، بساطة

حقيقة و يف الواقع ، ال تعط إثبات كاف ، لتحص ل صاحبها على العلم و ، تلك الشهادة شهد له به ميكن أن تإمساكه بناصية الفكر و تالليبه ، فكل ما

، و أن عليمية ة كذا و أمت حضور جلساا التيهو أن مسجل يف جامعة أو أكادمياحلد األقصى الذي قرأه من كتب متخصصة يف جماله ، هو ما أدرجه املركز

العلمي يف منهاجه . و تبقى السلبية األخرية يف القيود الفكرية و اإليديولوجية السائدة اليوم ، هي النظر إىل األمور و القضايا الواسعة العريضة و الشاملة و املتعددة األطراف و

و النظر إليها من خالل إطار ضيق و و املركبة األفكار و املناهج .. العواملحزب ... اخل ) . و هي -مذهب -رجل دين - ( شخص معني جدا حمدود

قضية ألقت اليوم بظالهلا و هيمنتها ، حىت على مستوى الواقع االجتماعي على . فترى اليوم شخص من األشخاص ال العادي و على مستوى األفراد فيه

ع رضت عليه قضية فكرية ، ال على التعيني .. سياسية كانت أم التعيني .. إذا

552

، فإنه مباشرة يسقطها على أم يف وسيلة إعالمية دينية أم اجتماعية ، يف كتاب رموز ذهنية خمزنة يف عقله ، متثل قيودا فكرية او إيديولوجية . فإن وافقت ،

ن فوره و ضرب ا عرض احلائط معرضا مأخذ ا .. و إن مل توافق ، رفضها عنها ، حىت دون جمرد مناقشتها أو حتليلها يف بعض األحيان . و يقع هذا األمر

فة و املفكرة املثق عادة ، على عموم اجلمهور العريب و حىت أحيانا بعض الفئة .. إن ملكة ، و هنا مكمن اخلطورة ، و هذا ما يقودنا إىل نتيجة مؤداها فيه ييز و التمحيص الفكريني عند العرب ، مفقودة بشكل عام . التم

، يعتمد منهج أن يتم اعتماد خطاب ثقايف و فكري ، تغيريي جذري آن األوان اجلرأة و الصراحة و التحرر من أي قيد أو شرط ، يف مواجهة أية معضلة أو

سياسية أم إشكالية أو مظاهر سلبية هدامة و أحيانا مدمرة ، أيا كان نوعها ، دينية أم اجتماعية أم اقتصادية .

مطالعة من قبل ، أكانتلنأي بالنفس عن ثقافة االنسالخ عن الواقع لآن األوان ، أم تأليفا و كتابة من قبل املثقف و املفكر . و اعتماد ثقافة االندماج اإلفراد

بالواقع احلقيقي .. قراءة و مطالعة ، أم كتابة و تأليفا . و آن األوان أيضا لكسر احتكار اخلطاب الفكري و الثقايف من قبل سلطة القيود الفكرية و

، هو نشوء ثقافة و فكر عربيني ، دومنا مرجعية اإليديولوجية . فاملطلوب اليوم مسبقة ، و دومنا قيود فكرية إيديولوجية ..

للتوثيق التارخيي ، دومنا مصادر و مراجع ، إالاملطلوب اليوم ، كتب و مؤلفات أو النقلي البحت ، و فقط ألجل معاجلة احلاضر و املستقبل ، ال خدمة و سخرة

، ائب الذي مضى و ذهب إىل غري رجعة. فاملاضي هو الغللماضي الفائت البائد ، هو هروب من احلاضر ، و ثه او اعتماده و التعلق بأطرافه و التشدق بأحد

، و لك الساعة مأمول ما فات قد مضى و الغيب املثل القائل .. ذلك من مبدأ اليت أنت فيها .

553

. ني ، من وحي الواقع و وحي احلياد يفما يهم اآلن ، هو طرح ثقافة و فكر عرب ت ل ك { القرآنية اآلية مبدأ على ، البائد الغائب ثقافة ال احلاضر ثقافةإننا نريد

} ي ع م ل ون ك ان وا ع م ا ت س أ ل ون و ل ا ك س ب ت م م ا ك م و ل ك س ب ت م ا ل ه ا خ ل ت ق د أ م ة . ]١٣٤: البقرة[

غري هو فالفكر. اصطالحية كمفاهيم ، اإليديولوجية و الفكر بني التمييز جيب الفكر إىل بالنسبة اإليديولوجية جزئية يف إال معا يتقاطعان ال و ، اإليديولوجية

تبن ي بني و ، املعرفة و الفكر ادعاء بني التمييز و يقظةال و االنتباه جيب.. ، وقتنا يف اليوم حيصل ما هو و ، الفكر ادعاء عباءة و ستار حتت اإليديولوجية

نوع عن النظر بغض ، الفكر عباءة حتت حزبية إيديولوجية هو ، نراه ما فمعظم . اإليديولوجية هذه

: الثقايف التسطيح و الفكرية السطحية أو الفكرية السطحية هي ، املعاصر العريب الفكر هلوية الثانية الرئيسة السمة إن

ينحو عمومي بشكل ، املفاهيم و األشياء تناول ذلك يعين و ، الفكري التبسيط و ، احلساسة اهلامة القضايا و األشياء تناول فيتم ، السذاجة و البساطة حنو

و الدينية و االجتماعية و منها السياسية.. أنواعها مبختلف احلوادث و الوقائع حيث من ال ، القشور و الظواهر حيث من عنها التعبري و ، االقتصادية حىت

. احلقيقة و املضمون احلوم ، األحوال أحسن يف هي ، العريب الفكر على الغالبة و الطابعة فاآللية فالفكر. فيها الوقوع دون ، اإلشكال ذات الظاهرة أو األساس املشكلة حول الكثري جتد. . يليتفص شرحي حتليلي فكر ليس و ظاهري وصفي فكر هو العريب

554

تقوم ال لكن و فكرية قضية عن تتحدث الفكرية البحوث و الكتب من ما ، مفرداا و بياناا شرح عن متتنع و موضوعها صلب و لبها إىل بالدخول

أنه هو منه خيرج ما جل و. وضالغم و اإلام من جو يف العريب القارئ يضع شكل على ي طرح احلل و ، حلها جيب و) X( امسها مشكلة يوجد

على حىت ، اإلدراك على شاقة و الفهم على عسرية ختصصية مصطلحات أوهلا ، عدة مطبات يف الوقوع إىل يؤدي ما ذلك و. املتخصص شبه القارئ ما خطر هو و ، العربيني ثقافةال و الفكر على اليوم خطرا أشد هو و ، الوهم مواضعها غري يف وضعها و األشياء تغري آلية على يعتمد ألنه ، خطر بعده

سهل ، احملال صعب جعل و ، قريبا البعيد و بعيدا القريب جعل فيتم ، احلقيقية قد و إال الوهم من املرء يستفيق ال و. احملال صعب ، املنال سهل و.. املنال و حلها حياول ، اجلثوم طويلة اهلبوط ثقيلة اخلطوب عظيمة عةقار به حل ت

قد باألساس ألنه ، سبيال حلها إىل ال و فكاكا منها جيد ال لكنه ، منها التخلص األصلية اخلريطة فقد و ، حللها ، الصحيحة و السليمة املنطقية املفاتيح فقد

هي و. مزو رة أخرى مضامني و حيثيات ، ذلك من بدال امتلك و ، لتفاصيلها مبوجبها أ عطي ، احتيال و نصب لعملية تعرض شخص حلالة متاما مشاة حالة الساحة امتداد على العريب واقعنا يف اليوم حيصل ما بالضبط هو و. مزو رة نقود

. العربية اجلغرافية حيتاجه ما كل أخذ أنه ، العريب اإلنسان توهم ثقافة هي ، اليوم العربية الثقافة إن خري أنه العريب اإلنسان توهم ثقافة.. جديد ألي داع من هنالك ليسأنه و

و علما أكملها و خ لقا أعدهلا و خ لقا أسواها و اخلليقة وجه على الكائنات و الشمالني و املغربني و باملشرقني األرض ناصية له أن و ، عقال أرجحها ، عليه اهلابطة النوازل و النكبات و ملصائبا و املآسي هذه كل رغم ، اجلنوبني

، كهذه ثقافة إن.. به أمل الذي االحنطاط و التشرذم و التخلف هذا كل رغم و

555

ثقافة إا ، نعم ، املورفني ثقافة.. بأا الوصف و القول عليها يقع أن ل يصح يف النشوة و السكرة خلق إما.. هلما ثالث ال اثنتني من وظيفة هلا اليت املورفني. اهلشيم و احلطام مآل و األرض إىل إطاحة ، العربة و الفكرة بعدها لتأيت األعايل

. الرحيم املوت إىل للوصول متهيدا ، املوت لسكرات املرافق األمل ختفيف إما و تارة و باالستنشاق تارة ، الفكري الكوكائني و اهلريوين ثقافة على إدمانا كفانا للتداوي ، الفكرية العالجية املصحات إىل اللجوء أوان آن لقد. باألمبول حقنا املطلوب.. ورط نا من ا ورط نا و ، عليها أدمن ا اليت الفكرية املخدرات هذه من – السياسي – الديين( كافة بأشكاله ، العريب الفكري اخلطاب ابتعاد هو

الريادي الدور فكرة عن و ، حوله من العامل إصالح فكرة عن ،) االجتماعي من أىب و شاء من شاء ، احلضارات صدام إال يعين ال ذلك ألن ، للعامل القيادي

واستبداهلا ، املنقاد و القائد و ، العبد و السيد نظرية إقصاء جيب كما. أىب . الشراكة بنظرية

زعومامل اليقني ثقافة من.. الشك ثقافة إىل اليقني ثقافة من خنرج أن األوان آن النتيجة إىل املوصل ، االستنتاجي املنطقي ، االستقرائي الداليل الشك ثقافة إىل

حنن.. تفكر ال أنت( ثقافة من للخروج األوان آن. العدل الصواب الصحيحة أن اجلميع على و ، يفكر أن اجلميع على( ثقافة يف الدخول و) عنك نفكر

) . يتساءل األساس التفاصيل من اهلروب و املظهر و لتعميما مسة هو.. املطبات ثاين

ثقافة ، أيضا ذلك إىل يضاف ، البسيطة القشور التفاصيل إىل ، العميقة سبيل فعلى. الفكرية الثقافية السطحية إطار يف يندرج كله ذلك. الشخصنة

إيديولوجي أو ثقايف أو فكري مبنهج ، آخر شخص و أنت اختلفت إذا ، املثال العمومية مبنطق فوره من خيالفك فإنه ، عمومية كلية من بسيطة جزئية يف يتمثل

و الشمولية ادعاؤه منطلق من ذلك ، الفروع و اجلزئية منطق ال ، الشمولية و همذهب جزئيات من جزئية يف ، مسلم دين رجل مع مثال اختلفت فإذا. العموم

556

الدينية ملنظومةا من جزئية بدورها هي اليت طائفته من جزئية هو الذي و يكفرك أن بعد ، كله اإلسالم ربقة من ، الفور على خيرجك فإنه اإلسالمية، تأيت.. لنفسه احتكارها و اإلسالمية الشمولية ادعائه مبدأ منذلك ، يفس قك

صغرية جبزئية أيضا معه ختتلف و ، السياسة يتعاطى شخص أو سياسة رجل إىل من إخراجك و ختوينك إىل فوره من فيبادر ، يسياس مبدأ أو موقف من ، معينة أحد يد عني فال. للعدو التبعية و العمالة حظرية إىل إحالتك و ، الوطنية ربقة

، الصغرية املبس طة اجلزئيات حل عن عاجزين كنا فإذا. الشمولية ، لنفسه !!! . ؟؟؟ الكبرية املستفح لة بالكليات فكيف ، الكتب شراء اليوم يتم حيث ، الفكر و لثقافةل تشخيص هنالك أيضا كذلك

، احلقيقي ملعناها حاملة تكون ال قد رمبا اليت شهرته و الكاتب اسم على بناء مشهور لكاتب كبرية صورة وضع إىل أحيانا تعمد ، النشر دور بعض أن حىت من عملية هي و. أكرب بشكل الكتاب تسو ق كي ، الكتاب غالف صفحة متأل

و مستشرية حالة تصبح أن لكن. فيها به يعتد كبري إشكال ال ، بدأامل حيث و ، الثقايف الفكري التمييع خطر إىل يؤدي ما فذلك ، متكررة عامة ظاهرة من للمظهر فكري قبول و ، مضمون هي مما أكثر مظهر قضية القضية تصبح الصور ةثقاف على كثريا االتكاء فإن ، بنظرنا و. املضمون يف تدقيق دون

. هلا االنتباه دومنا األمور بعض مترير إىل بعد فيما يؤدي ، فيها الوثوق و الشهرية خمطوطه تنسيق و تنميقاته و الكاتب شخص يف التدقيق حالة أيضا ذلك يقابل و اليت القضايا و يطرحها اليت األفكار مناقشة من أكثر ، اإلمالئية أخطاؤه و

بعض من يف كتابنا هذا ، رئ الكرمي .. إذا رأيت و لذلك أيها القا. يعاجلها، رمحنا اهللا و إياك ، ألن مهنا األول يف اء حنوية و تنسيقية ، فذرها و شأا طأخ

. النربةهذا الكتاب ، الفكرة و ليس الوطنية و السامية الومهية القيم و املبادئ ثقافة عن االبتعاد ، اليوم املطلوب العليا القيم أو املبادئ عن بغافل أحد فما ، الواقع بثقافة ماالهتما و ، الطوباوية

557

مشاكله اليومية ، و مهومه و مهومه لكل لكن و. الوطنية األعراف عن و احلياتية اليت هي أوىل األمور اهتماما و عالجا ، و مناقشة و حتليال ، و

تنميقا خطابيا و حتليال بالغيا . النوعي و الكمي ، ومة السياسية احلاكمة ، االهتمام املطلوب اليوم من املنظ

باملثقف و املفكر ، ألنه ذخرية اتمع احلية و عتاده الفكري و هويته و باعثه إىل احلضارة و العلم و التقدم . و املقصود هنا باملثقف ، هو مثقف احلقيقة احلق ، و

أو احلزب و يقولون السلطة أو املذهب لنفسها ليس املثقف الدعي الذي تنسبه ، و الذي هو أشد خطرا من أي .. هذا ولدنا . ليس مثقف الشعوذة و الدجل

هو مشعوذ و دجال آخر . فاالثنان يبيعان الوهم و الكذب للناس ، لكن األخرياعات بأكملها ، و حية الكم . فاألول يضلل شرائح و مج أقل تأثريا من األول لنا

خيتص شعوذ العادي . فاملشعوذ العادي ، يببيعك وهم هذا ما ال يستطيع فعله امل قد تكون أنت عارفا فيه و مباهيته ، و باملقابل ، يأخذ منك بضع بك أنت ، و

، و قد ال تراه بعد ذلك إال نزرا ، و من مث تكتشف دريهمات مث ينصرف عنك نوع نه كان يكذب عليك ، فتعترب ذلكأأن كالمه ال معىن له و ال طائل منه و

تعرف يف قرارة نفسك أن هذا مشعوذ . قد نت أمن التسلية ، فأما املثقف املشعوذ ، فهو يسرق عقلك و يضللك ، ال على مستوى أمور تافهة

تتعلق بشخصك فقط ، بل على مستوى مجاعة و جمتمع ، و ية سطحية شخص مستوى أمور و قضايا خطرية متس أمنك الوطين و الشخصي معا ، و مستوى

، الضالل هذا املشعوذ آية عمل معيشتك ، بل و حىت وجودك يف هذه احلياة ، فهو قد نشأ على و التضليل .. فقط الضالل و التضليل و ال شيء غري ذلك ، ف

يف ذلك و استمر بذلك . ذلك و ترىبعلى من يسمون أنفسهم اليوم ( ؟؟!! خنب فكرية ؟؟!! ) أن يتواضعوا و يرتلوا

عاجية ، إىل األسواق و الشوارع .. أسواق مهوم املواطن العريب ، من أبراجهم ال، ال السياسية و شوارع قضاياه و بالذات األهم ، االجتماعية منها و االقتصادية

558

الناس ، ثقافام و مؤلفام ، فهنالك املخادعة . و عليهم أن يكفوا عن متنني باهللا عليكم ال متننوا علينا البعض ممن مينن عليك بثقافته و فكره و طالمسه ..

و ١الستبدال ثقافة املن آن األوان .بثقافكم و فكركم ، ألننا شبعنا و اكتفينا . السلوى ، بثقافة اخلبز و الزيت .

.. مبقولة إال ، العرب عند الفكري اخلواء و العدم هلذا تفسري و اية نقول .. ال . يعطيه ال الشيء فاقد

ـانتھى ـ

المن ھنا ، ھو نوع من أنواع العسل ، و یختلف عن التمنین الذي معناه ، التذكیر الدائم بالجمیل و ١

المعروف .

559

القرآن الكرمي . ـ )١ الكتاب املقدس . ـ )٢دار - حممد بن إمساعيل أبو عبد اهللا البخاري -ـ صحيح البخاري )٣

/ م . ١٩٨٧الطبعة الثالثة / - بريوت -لبنان - ابن كثري علي بن حسام تقي الدين -ـ كرت العمال يف سنن األقوال و األفعال )٤

/ م . ١٩٨٩ط / -بريوت -لبنان - لرسالة مؤسسة ا -اهلندي -دار الثقافة -فيليب حيت -ـ تاريخ سورية و لبنان و فلسطني )٥

بريوت . - لبنان -ترمجة زينب الكردي - سريج سونريون - ـ كهان مصر القدمية )٦

/ م . ١٩٧٥ط / - اهليئة املصرية العامة للكتاب القراءة للجميع ( سوزان مهرجان - ول ديورانت -ـ قصة احلضارة )٧

. مبارك ) دار -ترمجة أسامة سراس -من املؤلفني ةجمموع - ـ شريعة محورايب )٨

/ م . ١٩٩٣/ ٢ط -دمشق - سورية -عالء الدين اهليئة املصرية - ترمجة سليم حسن -برستد هنري -ـ فجر الضمري )٩

-مصر -مكتبة األسرة - مهرجان القراءة للجميع -العامة للكتاب . الطبعة األوىل

دار - بطرس البستاين - ـ أدباء العرب يف اجلاهلية و صدر اإلسالم )١٠ جديدة و منقحة . ٢ط - لبنان بريوت - مارون عبود

. السابق املصدر نفس.. العباسية األعصر يف العرب أدباءـ )١١

560

بريوت -لبنان -دار الصفوة -أمحد مغنية -تاريخ العرب القدمي ـ )١٢ . الطبعة األوىل - -مطبعة السعادة - حممد نعمان اجلارم - ـ أديان العرب يف اجلاهلية )١٣

/ م . ١٩٢٣الطبعة األوىل / - مصر د جاد املوىل بك ، علي حممد حممد أمح - يام العرب يف اجلاهلية ـ أ )١٤

-منشورات املكتبة العصرية - البجاوي ، حممد أبو الفضل إبراهيم بريوت . - لبنان

إسرائيل - ـ تاريخ اليهود يف بالد العرب يف اجلاهلية و صدر اإلسالم )١٥ -مصر -و النشر جلنة التأليف و الترمجة - ولفستون ( أبو ذؤيب )

/ . ١٩٢٧طبعة / اإلصدار - امع الثقايف الوطين - ـ املوسوعة الشعرية االلكترونية )١٦

أبو ظيب . -اإلمارات -/ ٢٠٠١الثاين عام / ة يسور -دار قدمس للنشر -د.نقوال زيادة - ملسيحية و العرب ـ ا )١٧

/ م . ٢٠٠١الطبعة الثالثة / - دمشق - األب - ـ أديان العرب قبل اإلسالم و وجهها احلضاري و االجتماعي )١٨

لبنان -املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر و التوزيع -جرجس داود / م . ١٩٨٨الطبعة األوىل / -بريوت - -مؤسسة املعارف للطباعة و النشر - ابن هشام -ـ السرية النبوية )١٩

/ م . ٢٠٠٤الطبعة األوىل / - بريوت - لبنان دار -د.حممد عجني -عن اجلاهلية و دالالا ـ أساطري العرب )٢٠

/ م . ١٩٩٤الطبعة األوىل / -بريوت -لبنان -الفارايب

561

بعة ط -بة املصطفى االلكترونية مكت - أبو فرج األصبهاين - ـ األغاين )٢١ . pdfزاء ، نوع الكترونية واحدة كاملة دون أج

-حتقيق أمحد زكي باشا -بن السائب الكليب - كتاب األصنام ـ )٢٢ / م . ١٩٩٦الطبعة الثالثة / - القاهرة - مصر -دار الكتب املصرية

-لبنان -دار الكتب العلمية - ابن اسحاق -ـ السرية النبوية )٢٣ / م . ٢٠٠٤الطبعة األوىل / -بريوت

- pdfنسخة الكترونية نوع - نور الدين احلليب - ـ السرية احللبية )٢٤ . مكتبة املصطفى االلكترونية

-لبنان -الوفاء مؤسسة - ابن قتيبة الدينوري - ـ اإلمامة و السياسة )٢٥ / م . ١٩٨١الطبعة الثالثة / -بريوت

دار ابن حزم للطباعة - لدين السيوطي جالل ا - ـ تاريخ اخللفاء )٢٦ / م . ٢٠٠٣الطبعة األوىل / - بريوت - لبنان -النشر

-لبنان - دار صادر - حممد بن جرير الطربي - ـ تاريخ الطربي )٢٧ / م . ٢٠٠٣الطبعة األوىل / -بريوت

-بريوت - لبنان - دار الفكر - املسعودي -ـ مروج الذهب )٢٨ / م . ١٩٧٣الطبعة اخلامسة /

إيران -املؤمتر العاملي للشيخ املفيد - الشيخ املفيد -ـ كتاب اجلمل )٢٩ / هـ . ١٤١٣قم / - علي بن حسام الدين املتقي - ـ كرت العمال يف سنن األقوال و األفعال )٣٠

/ م . ١٩٨٩طبعة / -بريوت -لبنان - مؤسسة الرسالة -اهلندي موقع الور اق - الكترونية نسخة -اليعقويب -ـ تاريخ اليعقويب )٣١

كتروين . لاال

562

-تقدمي حسن البنا -عبد احلميد جودة السحار -بو ذر الغفاري ـ أ )٣٢ الطبعة العاشرة . - الفجالة - الناشر مكتبة مصر

شهاب الدين أيب الفتح -ـ املستطرف يف كل فن مستظرف )٣٣نية / الطبعة الثا - بريوت - لبنان - دار الكتب العلمية - األبشيهي

/ م . ١٩٨٦ -دار الكتب العلمية - حممد مجال الدين القامسي -حماسن التأويل ـ )٣٤

/ هـ . ١٤١٨الطبعة األوىل / - بريوت - لبنان حممد بن عبد اهللا احلاكم النيسابوري - ـ املستدرك على الصحيحني )٣٥

/ م . ١٩٩٠الطبعة األوىل / -دار الكتب العلمية - -املكتبة األزهرية للتراث - و يوسف األنصاري أب - ـ كتاب اخلراج )٣٦

الطبعة اجلديدة . -مصر -لبنان -مؤسسة الرسالة - ابن حجر اهليثمي - الصواعق احملرقة ـ )٣٧

/ م . ١٩٩٧طبعة أوىل / -بريوت السعودية . - نتدى اإلسالمي امل - جملة البيان ـ )٣٨ -لبنان - اء للنشر الوف مؤسسة -حممد باقر السي - حبار األنوار ـ )٣٩

/ هـ . ١٤٠٤طبعة / -بريوت طبعة - مصر - دار الفكر العريب - حممد أبو زهرة - ـ اإلمام مالك )٤٠

/ م . ١٩٥٢/ جلنة - سلسلة املعارف العامة -حسن جالل -ـ حياة نابليون )٤١

طبعة قدمية . - القاهرة - مصر - التأليف و الترمجة و النشر

563

ي احلديث من احلملة الفرنسية إىل عصر إمساعيل الفكر املصرـ تاريخ )٤٢الطبعة الرابعة / - القاهرة - مصر - مكتبة مدبويل - لويس عوض -

/ م . ١٩٨٧ترمجة زهري الشايب -تأليف علماء احلملة الفرنسية - ـ وصف مصر )٤٣

طبعة قدمية . - مصر - صندوق التنمية الثقافية - دار الشعب - يار حممد قنديل البقلي اخت - ـ املختار من تاريخ اجلربيت )٤٤

/ م . ١٩٩٣/ الطبعة الثانية -مصر - مهرجان -مكتبة األسرة -مجال بدوي - ـ حممد علي و أوالده )٤٥

/ م . ١٩٩٩القراءة للجميع / صالح زكي - ـ أعالم النهضة العربية اإلسالمية يف العصر احلديث )٤٦

الطبعة األوىل / -هرة القا -مصر - مركز احلضارة العربية - أمحد / م . ٢٠٠١

-د.علي شلش -سلسلة األعمال اهولة - ـ مجال الدين األفغاين )٤٧الطبعة األوىل / - لندن -بريطانيا - دار رياض الريس للكتب و النشر

/ م . ٢٠٠١ -دار الشروق - د. علي شلش - فغاين بني دارسيه ـ مجال الدين األ )٤٨

/ م . ١٩٨٧الطبعة األوىل / - لندن -بريوت -القاهرة دار الشروق - د. حممد عمارة - ـ قاسم أمني ( األعمال الكاملة ) )٤٩

الطبعة الثانية . - القاهرة -مصر - اهليئة -رفاعة رافع الطهطاوي - ـ ختليص اإلبريز يف تلخيص باريز )٥٠

/ م . ١٩٩٣طبعة / - املصرية العامة للكتاب

564

-و الشيخ حممد عبده مجال الرين األفغاين السيد -العروة الوثقى ـ )٥١ -القاهرة - مصر -مكتبة الشروق الدولية - هادي خسرو تقدمي سيد

/ م . ٢٠٠٢الطبعة األوىل / دار - عبد الرمحن الكواكيب -ـ طبائع االستبداد و مصارع االستعباد )٥٢

لثة / الطبعة الثا - بريوت - لبنان - النفائس للطباعة و النشر و التوزيع / م . ٢٠٠٦

وزارة - د. عبد اللطيف أمحد محزة -ـ الصحافة املصرية يف مائة عام )٥٣اجلمهورية العربية -اإلدارة العامة للثقافة - الثقافة و اإلرشاد القومي

دار القلم . -اإلقلي اجلنويب -املتحدة دار كنوز للنشر و - محادة إمام - ـ املوساد اغتيال زعماء و علماء )٥٤

موقع مكتبتنا االلكتروين . - لتوزيع ا

نزار يوسف كاتب و باحث من سورية صدرت له املؤلفات التالية :

ـ الزمن العريب الرديء ( دراسة و حبث ) . ـ احلكمة بني اإلله و السلطان ( دراسة و حبث ) .

ـ الوصاية الفكرية ( دراسة و حبث ) . ) . من وحي الواقع ( جمموعة مقاالتـ

ـ أنا و املالك ( رواية ) .