معراج التشوف إىل حقائق التصوف

العالمة اجلليل والصويف الكبري سيدي أمحد بن حممد عجيبة احلسين رمحه اهللا

بسم اهللا الرمحن الرحيم وصلى اهللا على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم تسليما

املخصوص بتواتر . احلمد هللا الذي حقق احلقائق وأوضح الطرائق والصالة والسالم على موالنا حممد سيد اخلالئقورضي اهللا تعاىل عن أصحابه األعالم الذين أظهر اهللا هبم دينه القومي يف أقصى املغارب . املعجزات وتظاهر اخلوارق

فعلم التصوف هو سيد العلوم ورئيسها ولباب الشريعة وأساسها وكيف ال وهو تفسري ملقام : وبعد. واملشارق .وعلم الفقه تفسري ملقام اإلسالم. كما أن علم الكالم تفسري ملقام اإلميان.اإلحسان الذي هو مقام الشهود والعيان

ذا تقرر أنه أفضل العلوم تبني أن االشتغال به أفضل ‘ف. وقد اشتمل حديث جربيل عليه السالم على تفسري اجلميع .ما يتقرب به إىل اهللا تعاىل لكونه سببا للمعرفة اخلاصة الذي هي معرفة العيان

مل على حقائق عريقة وعبارات دقيقة اصطلح القوم على استعماهلا فينبغي الوقوف على معانيها ملن أراد وقد اشتوقد أردت حبول اهللا وقوته أن أمجع نبذة صاحلة من حقائق هذا الفن واصطالحاته . اخلوض فيه والوقوف على معانيه

. لعل اهللا ينفع من يريد الوقوف على هذا العلم

التشوف إىل حقائق التصوف وباهللا التوفيق وهو اهلادي إىل سواء الطريق وسأذكر لكل حقيقة ما معراج : ومسيته

.يتعلق هبا بداية ووسطا وهناية

علم يعرف به كيفية السلوك إىل حضرة ملك امللوك أو غيبة اخللق يف شهود احلق أو مع الرجوع إىل :التصوف

.يف أوله علم ووسطه عمل وآخره موهبة. األثر

ألهنا تصاف بالكمالت أو من صفة املسجد النبوي . شتقاقه إما من الصفاء ألن مداره على التصفية أو من الصفةواألهنم مشبهون بأهل الصفة يف التوجه واالنقطاع أو من الصوف ألن جل لباسهم الصوف تقلال من الدنيا وزهدا

ألن لباس . ا االشتقاق أنسب إليه لغة وأظهر نسبةوهذ. اختاروا ذلك ألنه كان لباس األنبياء عليهم السالم. فيهاتصوف إذا لبس : يقال. الصوف حكم ظاهر على الظاهر ونسبتهم إليه أمر باطن واحلكم بالظاهر أوقف وأقرب

الصويف من صفا من الكدر وامتأل : قال سهيل. والنسبة إليه صويف. تقمص إذا لبس القميص: كما يقال. الصوفويف مثل هذا ( اهللا من البشر واستوى عنده الذهب واملدر، أي ال رغبة له يف شيء دون مواله من الفكر وانقطع إىل

*** بل التصوف أن تصفوا بال كدر . وال بكاؤك إذ غنا املغنون **ليس التصوف لبس الصوف ترقعة : قيل ).وتتبع احلق والقرآن والدين

الصويف كاألرض يطأها الرب : وقال أيضا. خيرج منها إال املليح الصويف كاألرض يطرح عليها كل قبيح وال:جلنيدا

.والفاجر وكالسماء يظل كل شيء وكاملطر يسقي كل شيء

أو . أو عن كل وصف دين إىل التحقيق بكل وصف سين. الرجوع عن كل فعل قبيح إىل كل فعل مليح: التوبة

واالنقطاع ونفي اإلصرار وأما رد املظامل ففرض الندم: وشروطها. عن شهود اخللق إىل االستغراق يف شهود احلقم الذنوب وتوبة : فتوبة العامة. مستقل تصح بدونه كما تصح من ذنب مع اإلصرار على آخر من غري نوعه

وكل املقامات تفتقر . من كل ما يشغل السر عن حضرة عالم الغيوب: وتوبة خاصة اخلاصة. من العيوب: اخلاصةتقر إىل توبة أخرى بعدم نصحها واخلوف يفتقر إليها حبصول األمن واالغترار والرجى حبصول فالتوبة تف. إىل التوبة

القنوط واإلياس والصرب حبصول اجلزع والزهد خبواطر الرغبة والورع بتتبع الرخص وخواطر الطمع والتوكل د نزول األقدار واملراقبة بسوء خبواطر التدبري واالختبار واالهتمام بالرزق والرضى والتسليم بالكراهية والتربي عن

األدب يف الظاهر وخواطر السوء يف الباطن واحملاسبة بتضييع األوقات يف غري ما يقرب إىل احلق واحملبة مبيل القلب إىل غري احملبوب واملشاهدة بالتفات السر إىل غري املشهود أو باشتغاله بالوقوف مع شئ من احلس وعدم زيادة

. لك كان عليه الصالة والسالم يستغفر يف الس الواحد سبعني مرة أو مائة١سرار ولذالترقي يف معاريج األاالستغفار باللسان واإلقالع باألبدان وعدم اإلسرار باجلنان ومهاجرة لسيئ : والتوبة النصوح جيمعها أربعة أشياء

.لة والغربةالقلة والعلة والذ: عالمة التوبة النصوح أربعة: وقال سفيان الثوري. اخلالن

رجوع من الذنب إىل : وهي ثالث. وهي أخص من التوبة ألهنا رجوع يصحبه انكسار وهنوض إىل السري : اإلنابة

.التوبة ومن الغفلة إىل اليقظة ومن الفرق إىل اجلمع على اهللا

ية انزعاج القلب من حلوق مكروه أو فوت مرغوب ومثرته النهوض إىل الطاعة واهلروب من املعص :اخلوف

من العتاب وفوت : من العقاب وفوت الثواب وخوف اخلاصة: فإظهار اخلوف مع التقصري دعوى فخوف العامة .من االحتجاب بعروض سوء األدب: وخوف خاصة اخلاصة. االقتراب

حسن املآب : فرجاء العامة. وإال فأمنية وغرور. سكون القلب إىل انتظار حمبوب بشرط السعي يف أسبابه:الرجاء

التمكن من الشهود وزيادة : ورجاء خاصة اخلاصة. حصول الرضوان واالقتراب: ورجاء اخلاصة. ول الثوابحبصورمبا يترجح الرجاء عند . ال يطري إال هبما. واخلوف والرجاء للقلب كجناحي الطري. الترقي يف أسرار امللك الودود .العارفني واخلوف عند الصاحلني

. حبس القلب على مشاق الطاعات ورفض املخالفات : فصرب العامة. بحبس القلب على حكم الر: الصرب

حبس النفس على الرياضات وااهدات وارتكاب األهوال يف سلوك طريق األحوال مع مراقبة : وصرب اخلاصةحبس الروح أو السر يف املشاهدات واملعاينات : وصرب خاصة اخلاصة. وطلب رفع الستور. القلب يف دوام احلضور

). لكن عواقبه أحلى من العسل الصرب كالسرب مر يف مذاقته.( دوام النظر والعكوف يف احلضرةأو

واالعتراف بنعمة على وجه اخلضوع . مع صرف اجلوارح يف طاعة املنعم. فرح القلب حبضور النعمة: الشكر

اتصاف باخلدمة وشكر بنعمة اإلستكانة وشكر بالبدن وهو. شكر باللسان وهو اعتراف بالنعمة : ومرجعه لثالث: فشكر العامة. أال يعصى اهللا بنعمه: بالقلب وهو شهود املنعم عند حصول النعمة ومرجعه الكل إىل ما قاله اجلنيد

.االستغراق يف شهود املنان: اخلدمة باألركان وشكر خاصة اخلاصة: الثناء باللسان وشكر اخلاصة

ترك احلرام املتشابه وورع اخلاصة ترك كل ما : ورع العامةف. كف النفس عن ارتكاب ما تكره عاقبته: الورع

وورع خاصة . دع ما يريبك إىل ما ال يريبك: يكدر القلب وجيد منه حزازة أو ظلمة وجيمع قوله عليه السالم .رفض التعلق بغري اهللا وسد باب الطمع يف غري اهللا وعكوف اهلم على اهللا وعدم الركون إىل شيء سواه: اخلاصة

وقيل له، وما . ما مالك الدين؟ فقال الورع. كما قال احلسن البصري حني سئل. الورع الذي هو مالك الدينوهذاوجزء منه يعدل آالف : ورع خاصة اخلاصة: الطمع فالورع الذي يقابل الطمع كل املقابلة هو: فساد الدين؟ فقالعبد كثرة علمه وال مداومته على ورده وإمنا يدل وليس يدل على فهم ال: ولذا قال يف التنوير. من الصالة والصيام

على نوره وفهمه غناه بربه واحنياشه إليه بقلبه والتحرر من رق الطمع والتحلي حبلية الورع يعين ورع اخلاصة أو .خاصة اخلاصة واهللا تعاىل أعلم

ترك : فزهد العامة . نها وعزوف النفس ع. خلو القلب من التعلق بغري الرب، أو برودة الدنيا من القلب:الزهد

وزهد خاصة . ترك ما يشغل عن التقرب إىل اهللا يف كل حال: ما فضل عن احلاجة يف كل شئ وزهد اخلاصة .ترك النظر إىل ما سوى اهللا يف مجيع األوقات: اخلاصة

ازهد يف : الموحاصل اجلميع، برودة القلب عن سوى وعن الرغبة يف غري املوىل، وهو سبب احملبة كما قال عليه الس .إذ ال سري للقلب إذا تعلق بشئ سوى احملبوب. احلديث وهو سبب السر والوصول... الدنيا حيبك اهللا

ثقة القلب باهللا حىت ال يعتمد على سواه، أو التعلق باهللا والتعويل عليه يف كل شئ علما بأنه عامل بكل :التوكل

. فأدناه أن تكون مع اهللا كاملوكل مع الوكيل الشفيق املالطف. وأن تكون مبا يف يد اهللا أوثق منك مبا يف يدك. شئفاألول للعامة . ال يرجع يف مجيع أموره إال إليها وأعاله أن تكون كامليت مع الغاسل. ووسطه كالطفل مع أمه

د احلاجة فاألول خيطر بباله مة والثاين ال اام له لكن يتعلق بأمه عن. والثاين للخاصة والثلث خلاصة اخلاصة .والثالث ال اام وال تعلق ألنه فان عنم نفسه ينظر كل ساعة ما يفعل اهللا به

الرضى تلقي املهالك بوجه ضاحك أو سرور جيده القلب عند حلول القضاء أو ترك :الرضى والتسليم

. االختبار على اهللا فيما دبر وأمضا أو شرح الصدر ورفع اإلنكار ملا يرد من الواحد القهار

فريادف الرضى على احلد األخري والرضى أعم منه . ترك التدبري واالختيار بالسكون حتت جماري األقدار: والتسليمالرضى عند الرتول والتسليم قبل الرتول وهو التفويض بعينه فبدايتهما الصرب وااهدة : على األولني وقيل

رح وسكون مع عدم التربم فاألول للعامة والثاين ووسطهما بالسكون مع خواطر التربم والكراهية وهنايتهما بف .للخاصة والثالث خلاصة اخلاصة ويغتفر اخلاطر األول عند اجلميع لضعف البشرية إذ ال خيلوا منه بشرؤ

إدامة علم البعد بالطالع الرب، أو القيام حبقوق اهللا سرا وجهرا خالصا من األوهام، صادقا يف اإلحترام : املراقبة

فمراقبة أهل . فمن عظمت مراقبته عظمت بعد ذلك مشاهدته. اخلري وبقدرها تكون املشاهدة وهي أصل كلحفظ القلوب من اإلسترسال مع اخلواطر والغفالت : حفظ اجلوارح من اهلفوات ومراقبة أهل الباطن: الظاهر

.حفظ السر من املساكنة إىل غري اهللا: ومراقبة أهل باطن الباطن

كما أن . وتكون آخر النهار. س على تضييع األنفاس واألوقات يف غري أنواع الطاعاتعتاب النف: احملاسبة

هذا يوم جديد، وهو عليك شهيد، فاجتهد يف تعمري أوقاته مبا : يقوا لنفسه يف أول هناره. املشارطة تكون أول النهار عند إقبال الليل وحياسبها عند وكذلك يقول هلا. ولو مت باألمس لفاتك اخلري الذي تفوزين فيه. يقربك إىل اهللا

إدباره، هكذا يدوم معها حىت تتمكن من احلضرة، فحينئذ يتحد الوقت وهو الستغراق يف الشهود فال يبقى من فتحصل أن املشارطة أوال واحملاسبة آخرا واملراقبة دائما ما دام يف السري ، فإذا حصل . حياسب وال من يعاقب

.الوصول فال حماسبة وال مشارطة

ميل دائم، بقلب هائم، ويظهر هذا امليل أوال على اجلوارح الطاهرة باخلدمة، وهو مقام األبرار وثانيا على : احملبة

القلوب الشائقة بالتصفية والتحلية وهو مقام املريدين السالكني وثالثا على األرواح واألسرار الصافية بالتمكني من احملبة ظهور أثرها باخلدمة ووسطها ظهور أثرها بالسكر واهليام وهنايتها شهود احملبوب، وهو مقام العارفني، فبداية

أرباب اخلدمة وأرباب األحوال : ظهوره بالكون والصحو يف مقام العرفان، فلهذا انقسم الناس على ثالث مراتب .فبدايتها سلوك وخدمة ووسطها جذب ووفاء وهنايتها صحو وبقاء. وأرباب املقامات

املشاهدة رؤية الذات اللطيفة يف مظاهر جتلياا الكثيفة، فترجع إىل تكثيف اللطيف، فإذا : اينةاملشاهدة واملع

فاملعاينة أرق من املشاهدة . ترقق الوداد ورجعت األنوار الكثيفة لطيفة، فهي املعاينة، فترجع إىل تلطيف الكثيفإذ ال ميكن . اللطيفة يف مظاهر التجلياتواحلاصل أن شهود الذات ال ميكن إال بواسطة تكثيف أسرارها . وأمت

وردها إىل أصلها بانطباق حبر األحدية عليها معاينة . فرؤية التجليات كثيفة املشاهدة. إدراك اللطيف ما دام لطيفا .وقيل مها سواء

ى أحد فال يشهد إال مواله وال يعرج عل. فهي شهو دائم بقلب هائم. وهي التمكن من املشاهدة واتصاهلا:املعرفة

.مع إقامة العدل وحفظ مراسم الشريعة فهذه حدود املقامات قد انتهت يف املعرفة. سواه

:مث نرجع إىل حقائق أخرى يكثر استعماهلا بداية وهناية منها

أو مواصلة الطاعات واالعراض عن املخالفات . وهي امتثال األوامر واجتناب املناكر الظواهر والسرائر: التقوى

الغيبة عن السوى : التخلي عن العيوب وتقوى خاصة اخلاصة: اجتناب الذنوب وتقوى اخلاصة: فتقوى العامة .بالعكوف يف حضرة عالم الغيوب

وال ميل . استعمال العلم بأقوال الرسوزل عليه السالم وأفعاله وأحواله وأخالقه من غري تعمق وتأنق: االستقامة

رقة الرسوم والعادات أو القيام بني يدي اهللا تعاىل على حقيقة مع أوهام الوسواس واخلروج عن املعهودات ومفاالصدق يف مجيع احلاالت وهي األقوال بترك الغيبة ويف األفعال بترك البدعة ويف األحوال بعدم اخلروج عن أحوال

مة خاصة بالتخلق باألخالق النبوية واستقا: مبوافقة السنة واستقامة اخلاصة: فاستقامة العامة. للسنن الشريعة .بالتخلق بأخالق الرمحان مع االستغراق يف حضرة العيان: اخلاصة

. إخراج اخللق من معاملة احلق، أو إفراد احلق تعاىل يف الطاعة بالقصد أو غيبة القلب عن غري الرب :إلخالصا

. الدارينتصفيتهاعن طلب العوض يف: وإخالص اخلاصة. تصفية األعمال عن مالحظة املخلوقني: فإخالص العامةالتربي من احلول والقوة ومن رؤية الغري يف القصد واحلركة حجىت يكون العمل باهللا ومن : وإخالص خاصة اخلاصة

.اهللا وإىل اهللا غائبا عما سواه

إسقاط حظوظ النفس يف الوجهة إىل اهللا تعاىل تعويال على ثلج اليقني أو استواء الظاهر والباطن يف : الصدق

تصفية الباطن من اإلنتفاتات إىل : وحاصله. ال واألحوال ومالزمة الكتمان غرية على أسرار الرمحاناألقوال واألفعغري بالكلية والفرق بينه وبني اإلخالص أن اإلخالص ينفي الرك اجللي واخلفي والصدق ينفي النفاق واملداهنة

النفاق ويصفيه من كدرات األوهام بالكلية فمثال الصدق مع اإلخالص كالتشحرة للذهب فهو ينفي عنه عواريضوكذلك أن صاحب اإلخالص ال خيلوا من مداهنة النفس ومساحمة اهلوى خبالف الصدق فإنه يذهب باملداهنات

استواء السر : وعالمة الصدق. ويرفع املساحمات إذ ال يشم رائحة الصدق من داهن نفسه أو غريه فيما دق أو جلق بكشف ما يكره إطالع الناس عليه وال يستحيي من ظهوره لغريه اكتفاء بعلم فال يبايل صاحب الصد. والعالنية

تصفية األحوال من قصد غري اهللا وصدق : تصفية األعمال من طاب األعراض وصدق اخلاصة: اهللا به فصدق العامة صادق وللثاين :ويقال لصاحب املقام األول. تصفية مشرب التوحيد من اإللتفاتات إىل ما سوى اهللا: خاصة اخلاصة

وأما التصديق بوجود احلق أو بوجود اخلصوصية عند األولياء وتعظيمهم ألجلها فهو تصديق ال . صديق: والثالثفالصديق يطلق على معظم . صديق أيضا: ويقال ملن عظم تصديقه. خالف ما يعتقده بعض فقراء زماننا هذا. صدق

.صدقه أو تصديقه

اهللا عاريا عن التقلب واإلضطراب ثقة بضمانه أو اكتفاء بعلمه أو رسوخا يف وهي سكون القلب إىل :الطمأنينة

معرفته وتكون من وراء احلجاب بتواتر األدلة واستعمال الفكرة أو بتوال الطاعة وجماهدة الرياضة وتكون بعد يان وقوم اطمأنوا فقوم اطمأنوا بوجود اهللا من طريق الربهان أو الب. زوال احلجاب بتمكن النظرة ورسوخ املعرفة

للعارفني : والثالث. العلماء والثاين للعباد والزهاد والصاحلني: فاألول . بشهود اهللا بعد ظهوره من طريق العيان .املقربني

لطلب الروح الزيادة يف . الشوق يزول برؤية احلبيب ولقائه واإلشتياق ال يزول أبدا:الشوق واإلشتياق

إىل زخاريف جنابه وشوق اخلاصة إىل نيل رضوانه وشوق خاصة : فشوق العامة. كشف األسرار والقرب إىل األبد .إىل حضرة عيانه: اخلاصة

فغرية البشرية على : الغرية غريتان: قال الشبلي. كراهية رؤية حبيبك عند غريك فيهيج التنافس يف حيازته:الغرية

يكره أن يرى حمبوبه عند غريه كالزوجة مثال واحلق أن الطبع البشري : ومعناه. النفوس وغرية اإلهلية على القلوبولذلك حرم الفواحش ما ظهر . ال شخص أغري من اهللا: تعاىل يكره أن يرى قلوب أوليائه متعلقة بغريه ويف احلديث

فغرية النفوس للعامة وهي غريم على هتك . منها وما بطن وما يف الوجود إال غرية األلوهية سرت يف مظاهر جتليااحرمة حرميهم وغرية القلوب للخاصة وهي غريم على قلوهبم أن متيل لغري حمبوهبم وغرية األرواح واألسرار خلاصة اخلاصة وهي غريم على أرواحهم أن تلتفت إىل شيء دون حمبوهبم وغريم على احلبيب أن مييل إىل غريهم وعلى

: هذا األمر العظيم حق للعبد أن يغار كما قال الشاعر

عليك ففيمن ليت شعر أنافس إذا مل أنافس يف هواك ومل أغر

فكل امرئ يصبوا إىل من جيانس فال متقنت نفسي فأنت حبيبها

وقد يغار احلق تعاىل على أوليائه فينتقم من أعدائهم إذا أذوهم ومن غريته أيضا عليهم أن يظهرهم جلملة اخللق .تار اخلمول وهم عرائس حضرتهفيضر هبم على خلقه حىت يلقوه حتت أس

وهي اإليثار على النفس مبا حتب، واإلحسان إىل اخللق مبا حيب، ولذا تكمل الفتوة إال لرسول اهللا صلى :الفتوة

ال ترى لنفسك فضال على : أميت أميت وقيل ل: اهللا عليه وسلم، حيث يقول يف موضع ال يذكر فيه أحد إال نفسه: ففتوة العامة. ومرجعها إىل السخاء والتواضع والشجاعة يف مواطن االضطراب والفىت من ال خصم له . غريك

.باألرواح وبذل املهج يف جانب احملبوب: بالنفوس وفتوة خاصة اخلاصة: باألموال وفتوة اخلاصة

مة واخللوص يف نصيحة األ. والتحبب إىل اهللا مبا يرضى. وهي قصد الوصول إىل احملبوب بنعت ااهدة: اإلرادة

واإليثار ألمره واحلياء من نظره وبذل اهود . واألنس باخللوة والصرب على مقاسات األهوال ومنازالت األحواليف حمبوبه والتعرض لكل سبب يوصل إليه وصحبة من يدل عليه والقناعة باخلمول وعدم سكون القلب إىل شيء

.دون الوصول وهي أول مرتلة القاصدين وبدء طريق السالكني

إرادة التربك واحلرمة وهي ملن ضعفت مهته وكثرت : من اإلرادة له دون مواله وهي ثالث مراتب : واملريد

عالقته وإرادة الوصول إىل احلضرة وهي ألهل التجريد وقوة العزم وإرادة اخلالفة وكمال املعرفة وهي ملن ظهرت .ادقجنابته وكملت أهليته وصرح له باخلالفة من شيخ كامل ألو هاتف ص

. وهي فطم النفس عن املألوفات ومحلها خمالفة هواها يف عموم األوقات وخرق عوائدها يف مجيع اخلاالت:ااهدة

وهنايتها . ال تأكل إال عند الفاقة وال تنم إال عند الغفلة وال تتكلم إال عند الضرورة: قال بعضهم مرجعها إىل ثالثهدة ومشاهدة إذ هناية التعب متام السفر فإذا حصل الوصول فما بقي إال املشاهدة فال جماهدة بعدها فال جتتمع جما

جماهدة الظواهر بدوام الطاعات وكف املنهيات وجماهدة : الراحة ومشاهدة احلبيب مع حفظ األدب وهي ثالثم اإللتفات البواطن ينفي اخلواطر الرديئة ودوام احلضور يف احلضرة القدسية وجماهدة السرائر باستدامة الشهود وعد

.إىل غري املعبود

وهي حصول األنس بعد املكابدة واعتناق الروح بعد ااهدة وحاصلها حتقيق الفناء يف الذات بعد ذهاب : الوالية

حس الكائنات فيبقى ما مل يكن ويبقى ما مل يزل فأوهلا التمكن من الفناء وهنايتها حتقيق البقاء وبقاء البقاء ويبقى ال : نعم، قال: أحتب أن تكون هللا دائما؟ قال الرجل: قال إبراهيم بن أدهم لرجل. فيها أبدا سرمداالترقي واالتساع

: وقال غريه. ترغب يف شيء من الدنيا واآلخرة وفرغ نفسك هللا عز وجل وأقبل بوجهك عليه يرفق عليك ويواليكث مراتب والية عامة وهي ألهل اإلميان وتطلق على ثال. الويل من كان مهه اهللا وشغله اهللا وفناؤه دائما يف اهللا

وهي ألهل : وهي ألهل االستشراق على العلم باهللا ووالية خاصة اخلاصة: والتقوى كما يف اآلية ووالية خاصةاملتحابون يف اهللا ويف : من أولياء اهللا يا رسول اهللا؟ قال: قيل: ويف احلديث. التمكن يف معرفة اهللا على نعت العيان

فشمل احلديث، والية اخلاصة وخاصة . احلديث... ين نظروا إىل باطن الدنيا حني نظر الناس إىل ظاهرهاالذ: رواية .اخلاصة واهللا تعاىل أعلم

فتنتفى ظلمة . وهي غيبة العبد يف مظاهر الرب. وهي احلرية الكسبية، وهي سبب للظفر باحلرية الومهية: احلرية

فيبقى احلق بال خلق فحينئذ يكتب للعبد . ودية يف جتلي مظاهر الربوبيةاحلدوث يف نور القدم وختتفي قوالب العبأفال أكون عبدا شكورا؟ وقال إمام هذه : عقد احلرية فتكون عبادته وعبوديته شكرا ال قهرا كما قال سيد العارفني

.عبادة العارف تاج على الرؤوس، يعين كمال الكمال: الطائفة اجلنيدي

هي القيام حبق الطاعات، بشرط : وقال بعضهم. م بأدب الربوبية، مع شهود ضعف البشرية وهي القيا ؛:العبودية

التوقري والنظر إىل ما منك بعني التقصري، أو ترك االختيار فيما يبدوا من األقدار، أو التربي من احللول والقوة وأمجع العبارات فيها، قول ابن عطاء ترك التدبري بشهود التقدير،: وعالمتها. واإلقرار مبا يوليك ويعطيك من املنة

وأحسن ما يف تفسري : قلت. حفظ احلدود، والوفاء بالعهود، والرضى باملوجود، والصرب على املفقود: اهللا

العبودية، أن تقدر أن لك عبدا اشتريته مبالك، فكما حتب أن يكون عبدك معك، فكن أنت مع موالك، فالعبد ال ال ماله وال ميكنه مع فهرية سيده تدبري وال اختيار وال يتزيا إال بزي العبيد أهل ميلك مع سيده شيئا من نفسه و

اخلدمة ويكون عند أمر سيده وهنيه وإذا كان حاذقا فامها عمل ما يرضي سيده قبل أن يأمره ويفهم عن سيده بأدىن العبودية أمت من : رضي اهللا عنهوقال أبو علي الدقاق . إشارة إىل غري ذلك من األدب املرضية يف العبيد املؤدبني

فالعبادة للعوام والعبودية للخواص والعبودة خلواص اخلواص، . عبادة مث عبودية مث عبودة: فأول املراتب. العبادة .احلرية الومهية واهللا تعاىل أعلم: والعبودة هي: قلت

وترك التشوف إىل املفقود وهي احلياة أو االستغناء باملوجود | االكتفاء بالقسمة، وعدم التشوف للزيادة :القناعة

أي والذين هاجروا يف سبيل اهللا مث قتل : على قول . لريزقهم اهللا رزقا حسنا: الطيبة والرزق احلسن، يف قوله تعاىلبعضهم أو مات لريزقن اهللا من بقى منهم خرجا جيوالن فلقيا القناعة فستقرا فيها ومرجعها إىل سد باب الطمع

وهي مطلوبة يف أمور الدنيا فقط وأما أمور اآلخرة أو يف زيادة العلم أو الترقي يف املعرفة فمذمومة وفتح باب الورع .القناعة من اهللا حرمان: ولذلك قيل

وهي سكون القلب وخلوه من اإلنزعاج واالضطراب والتقلب مث إن كان بالسكون إىل اهللا والرضى عنه :العافية

ما أعطى أحد بعد اليقني : ويف احلديث. ريان األسباب للموافقة فهي العافية العاديةفهي العافية الكاملة وإن كان جبفعافية العامة سكوهنم إىل األسباب فإذا اخنرمت اضطربت قلوهبم وتزلزلت خلراجها من نور . خريا من العافية

كما . نهم إذا اخنرمت األسبابفعافيتهم دائمة ورمبا يزيد يقي. سكوهنم إىل مسبب األسباب: وعافية اخلاصة. اليقني لو كانت السماء من : وقال ذو النون رضي اهللا عنه. حنن كالنجوم كلما اشتدت الظلمة قوي نورنا: قال بعضهم

سكوهنم إىل شهود احلق : وعافية خاصة اخلاصة. زجاج واألرض من حناس ومصر كلها عيايل ما اهتممت هلم برزقال ترتل اهلموم بساحتهم وال تكدر صفاء مشرهبم . لتوحيد وأسرار التفريدغائبني عن األسباب وعدمها يف حبر ا

.جعلنا اهللا منهم آمني

وهو سكون القلب إىل اهللا بعلم ال يتغري وال يتحول وال يتقلب وال يزول عند هيجان احملركات أو ارتفاع : ليقنيا

جة وترك املدح يف العطية والترته عن ذمهم رفع اهلمة عن اخللق عند احلا: الريب يف مشاهدة الغيب وعالمته ثالثبتوحيد صفاته، فرأوا اخللق : ويقني اخلاصة. بتوحيد أفعاله، فسكنوا إليه يف املنع والعطاء: فيقني العامة. عند املنعة

فشاهدوه يف كل شيء وعرفوه عند كل . بتوحيد ذاته: ويقني خاصة اخلاصة. موتى ليس بيدهم حركة وال سكونوعني . ما كان ناشئا عن الربهان: علم اليقني. علم اليقني وعني اليقني وحق اليقني. اهدوا معه شيئاشيء ومل يش

فعلم اليقني ألرباب العقول من أهل . ما نشأ عن الشهود والعيان: وحق اليقني. ما نشأ عن الكشف والبيان: اليقنيألهل الرسوخ والتمكني يف : وحق اليقني. لعيانألرباب الوجدان من أهل االستشراف على ا: وعني اليقني. اإلميان

فإذا استشرف عليها ورآها . فعنده علم اليقني بوجودها. كمن مسع مبكة مثال ومل يرها: ومثال ذلك. مقام اإلحسانومل يدخلها فعنده عني اليقني فإذا دخلها وعرف طرقها وأماكنها فهذا عنده حق اليقني وكذلك الناس يف معرفة احلق

وأهل السري من املريدين املستشرفني على . فأهل احلجاب استدلوا حىت حصل هلم العلم اليقيين بوجود احلق . تعاىلالفناء يف الذات حصل هلم عني اليقني حىت أشرفت عليهم أنوار املعاين وغابت عنهم ظالل األواين غري أهنم باقون يف

نوا من دوام شهوده ورسخت أقدامهم يف معرفته حصل هلم فإذا متك. دهشة الفناء مل يتمكنوا من دوام شهود احلق .جعلنا اهللا منهم مبنه وكرمه. وغاية السعادة. وهذه هناية النعمة. حق اليقني

نعمة ظاهرة : وهي على قسمني. هي مالزمة األفراح ومباعدة األتراح وإصابة األغراض ونزاهة األعراض: النعمة

والناس يف النعمة الظاهرة على ثالثة . ونعمة باطنة كاإلميان واهلداية واملعرفة . كالصحة والعافية والكفاية من احلاللقوم فرحوا بالنعمة ملا هلم فيها من املتعة فحجبوا هبا عن املنعم وقوم فرحوا بالنعمة إلقبال املنعم عليهم حيث : أقسام

فشكر األولني يزول بزواهلا ) هم يلعبونقل اهللا مث ذرهم يف خوض. (وقوم فرحوا بالنعم دون شيء سواه. ذكرهم هبا .وشكر الثالث دائم يف السراء والضراء وهذا شكر اخلواص

اتقوا : ويف احلديث. وهي خاطر يهجم على القلب أو وارد يتجلى فيه ال حيظى غالبا إذا صفا القلب:الفراسة

ما قوى القرب ومتكنت املعرفة صدقت فك. وهي على حسب قوة القرب واملعرفة. فراسة املؤمن، فإنه ينظر بنور اهللافراسة العامة، وهي : الفراسة ألن الروح إذا قربت من حضرة احلق ال يتجلى فيها غالبا إال احلق وهي ثالث مراتب

وفراسة اخلاصة . كشف ما يف ضمائر الناس وما غاب من أحواهلم وهي فتنة يف حق من مل يتخلق بأخالق الرمحانوهي كشف أسرار : وفراسة خاصة اخلاصة. واملنازالت واإلطالع على أنوار امللكوتوهي كشف أسرار املقامات

وقال . هي مكاشفة احلق، ومعانية الغيب: وقال الكتاين. الذات وأنوار الصفات والغرق يف حبر أسرار اجلربوت األشياء من حيث هي سواطع أنوار الذات ومتكني مجلة السرائر يف الغيوب من غيب إىل غيب حىت يشهد: الواسطي

إىل آخره ليس بشرط يف فراسة اخلاصة واهللا ..... فيتكلم : قوله: قلت. إشهاده احلق إياها فيتكلم على ضمائر احلق .تعاىل أعلم

وهي ملكة تصدر عنه األفعال بسهولة مث إن كانت األفعال حسنه كاحللم والعفو واجلود وحنوها مسي خلقا :خللقا

ما ختلق عبد خبلق أربعني صباحا إال : قال وهب. الغضب والعجلة والبخل مسي خلقا سيئاوإن كانت سيئة ك. حسنا واخللق احلسن يعدل الصيام والقيام . فاخللق احلسن يكتسب والسيئ جياهد حىت يزول. جعل اهللا ذلك طبيعة فيه

تغضب وال تغضب وال فمن مل حيسن خلقه فتصوفه أشجار بال مثار ومرجع حسن اخللق، أال . وهي مثرة التصوف .تبخل وال حتقد وباهللا التوفيق

فاجلود من ال يصعب على صاحبه البذل، فمن أعطى البعض وأبقى األكثر : اجلود والسخاء واإليثار

: فجود العامة. ومن قاسى الضراء وآثر غريه فصاحب إيثار. ومن بذل األكثر فصاحب جود. فصاحب سخاءوجود خاصة اخلاصة باألرواح ليبذلوهنا للموت بااهدة مث حتيا احلياة األبدية وجود اخلاصة بالنفوس . باألموال .باملشاهدة

صيانة فقره : وهو نقض اليد من الدنيا وصيانة القلب من إظهار الشكوى ونعت الفقري الصادق ثالثة أشياء:الفقر

شفى قليب من أربع مسائل، حىت خدمت ستمائة شيخ، فما وجدت من : قال جعفر اخللدي. وحفظ سره وإقامة دينههو ترك : وما التوحيد؟ فقال: سل عن مسائلك؟ فقلت: رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف النوم فقال يل

: وما التصوف؟ فقال: التفكر يف ذات اهللا، فكل ما أتى به الوهم أو جاله الفهم فرمبا عز وجل خمالف لذلك، فقلتهو سر من أسرار اهللا يودعه فيمن يشاء من عباده فمن : وما الفقر؟ فقال: فقلت.ترك الدعاوي وكتمان املعاين

.كتمه فهو من أهله وزاده اهللا منه، ومن باح به نفته اهللا عنه

خاطبوا الناس بقدر ما يفهمون، فقوله عليه السالم : جواب كل إنسان على قدر مقامه، كما قال عليه السالم: قلتالتفكر يف ذات اهللا، أي ألن التفكر يف كنه الربوبية منهي عنه إذ ال يدرك ، وأما التفكر يف ترك : يف التوحيد أعاله

إىل آخره ...كل ما أتى به وهم: وقال عليه السالم يف التوحيد. أسرار الربوبية وأنوار صفاا فال عبادة أعظم منها

لتوحيد، ألهنا خارجة عن الوهم ودرك ال يدرك إال حس الكائنات فهو قصري والفهم بالذوق ال يدرك أسرار امن : إىل آخره، وقوله عليه السالم يف شأن الفقر ... كل ما أتى به الوهم: فظهر معىن قوله عليه السالم. العقل

حيكى . كتمه فهو من أهله، أي فيكون من السابقني ويزيده تعاىل من أسراره وأنواره وهي حالوة املعاملة واملعرفةأنه جلس يوما مع بعض أصحابه فكانت منه غفلة، حىت شكى ضيق حاله، فلما تفرق أصحابه، : اقعن أيب علي الدق

باهللا أبغ أبا عبد اهللا علي الدقاق ما أقول لك، مث : نام بعضهم فهتف به هاتف وقال األول ناقص البيت( الفقر من شيمة األحرار األقدار قل للروجيل من ذوي :أنشد

)الوزن

لو شاء ربك كنت عنها عار إن الذي ألبست من حلل التقى

فمن أهلم . وهو إذا أطلق ينصرف لذكر اللسان، وهو ركن قوي يف طريق الوصول وهو منشور الوالية: الذكروذكر . باجلنان: وذكر اخلاصة. باللسان: فذكر العامة. ومن سلب الذكر فقد عزل. الذكر فقد أعطي املنشور

. فيذكر اهللا عند كل شيئ وعلى كل شيئ يعرف اهللا فيه. بالروح والسر؟، وهو الشهود والعيان: خاصة اخلاصة .... وهنا خيص اللسان ويبقى كاملبهوت يف حمل العيان وبعد ذكر اللسان يف هذا املقام يكون ذلك ضعفا وبطالة

: وقال أبو علي الدقاق. يف احلال من قبض وبسط أو حزن أو سرورقد يطلقونه على ما يكون العبد عليه : الوقتيريد أن الوقت ما كان . ن كنت بالعقىب فوقتك العقىب‘فإن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا و. الوقت ما أنت به يف احلال

أنه : ريدوني. إن الصويف وقته: يقولون. وقد يعنون به الزمان الذي بني املاضي واملستقبل. الغالب على اإلنسانوكل وقت له آداب يطلب . ال يدبر يف مستقبل وال ماضي بل يهمه ما هو فيه. مشغل مبا هو أوىل به يف الوقت

ومالينته القيام بأدبه . الوقت كالسيف، فمن آل ينه سلم ومن خاشنه قسم: فمن أخل بأدبه، مقته، ولذلك قيل. فيه : الشكر، ووقت الطاعات، آدابه: ووقت النعمة، آدابه. ي األقدارالرضى والتسليم حتت جمار: آدابه. بوقت القهرية

.التوبة واإلنابة: شهود املنة من اهللا ، ووقت املعصية

من بسط أو قبض أو . احلال معىن يرد على القلب من غري تعمل وال اجتناب،وال تسبب وال اكتساب: احلال واملقاموهو أثر . على اجلوارح قبل التمكني من شطح ورقص وسري وهيامويظهر أثره . شوق أو انزعاج أو هيبة أو اهتياج

وقد . أوهلا جنون ووسطها فنون وآخرها سكون: ولذا قيل فيها. احملبة، ألهنا حترك الساكن أوال مث تسكن وتطمئنيكتسب احلال بنوع تعمل كحضور حلق الذكر واستعمال السماع وقد يطلب اكتسابه خبرق عوائد النفس حني

فينبغي أن يتحرك يف تسخينها مبا يثقل عليها من خرق العوائد وقد يطلق احلال . ا برودة وفتور، وفرق وكسليعتريه :فالن ضار عنده الشهود مثال حاال، ومنه قول اذوب: على املقام فيقال

وأمسيت يف احلال هان حققت ما وجدت غري

. من األدب وما يتمكن فيه من مقامات اليقني، بتكسب وتطلب فهو ما يتحقق العبد مبنازلته واجتهاده: وأما املقامفمقام كل أحد موضع إقامته، فاملقامات تكون أوال أحواال حيث مل يتمكن املريد منها ألهنا تتحوصل مث تصري

. كالتوبة مثال حتصل مث تنقص حىت تصري مقاما وهي التوبة النصوح وهكذا بقية املقامات. مقامات بعد التمكني

. أال يترقى مقاما حىت يستويف أحكامه فمن ال توبة له، ال تصح له إنابة ومن ال إنابة له ال تصح له استقامته: شرطهووقد يتحقق املقام األول بالثاين، إذا ترقى عنه قبل أحكامه، إن كان له . وهكذا. ومن ال ورع له ال يصح له زهد

فاألحوال مواهب . إن رآه أهال بتوقد قرحيته ورقة فطنته. اءشيخ كامل وقد يطوي عنه املقامات ويدسه إىل الفنوأما بالضم فمعناه اإلقامة وال يكمل ألحد منازلة مقام، إال بشهود . هذا معىن املقام بفتح امليم. واملقامات مكاسبمن كانت باهللا : أيضامن عالمات النجح يف النهاية الرجوع إىل اهللا يف البداية وقال : ويف احلكم. إقامة احلق تعاىل فيه

.بدايته كانت إليه هنايته

والبسط . فالقبض للعارف مبرتلة اخلوف املطالب. ومها حالتان بعد الترقي من حال اخلوف والرجاء: القبض والبسطوالفرق بني اخلوف والقبض وبني الرجاء أن اخلوف متعلقه مستقبل، إما فوات حمبوب . للعارف مبرتلة الرجاء للمريد

وكذلك الرجاء، يكون النتظار حمبوب . ما بسبب أو ال‘خبالف القبض، فإنه معىن حيصل يف القلب . وم حمذورأو مهانكماش وضيق حيصل يف القلب يوجب : فحقيقة القبض. والبسط شيء موهوب حيصل يف الوقت. يف املستقبل

لكل واحد آداب مذكور يف و. انطالق وانشراح للقلب يوجب التحرك واالنبساط : والبسط. السكون واهلدوء .املطوالت

. خطابات ترد على القلب، تكون بإلقاء ملك، أو شيطان أو حديث نفس: اخلواطر: اخلواطر والواردات

فما وافق احلق ودعا إىل اتباعه فمن . فإذا كان من امللك، فإهلام أو من الشيطان فوسواس أومن النفس فهواجسوقد يدعوا إىل الطاعة حيث يترتب عنها معصية . عصية غالبا فمن الشيطانامللك وما وافق الباطل أو دعا إىل م

من أكل احلرام : قال أبو علي الدقاق. كالربا وحب املدح وما دعا إىل إتباع الشهرة والدعة أي الراحة فمن النفسواس الشيطان وفرق اجلنيد بني هواجس النفس ووس. مل يفرق بني اإلهلام والوسواس وكذلك من كان قوته معلوما

بأن ما دعت إليه النفس ال تنتقل عنه بل تعاوده مرة بعد مرة، إال بعد جماهدة كبرية ووسواس الشيطان ينتقل عنها، وأما . فإذا خالفته يف معصية انتقل ألخرى ورمبا يذهب بالتعود وحنوه ولذلك كانت النفس أخبث من سبعني شيطانا

لتجليات القوية واخلواطر احملمودة مبا ال يكون للعبد فيه تكسب والفرق فهي ما يرد على القلوب من ا: الواردات. بني اخلواطر والواردات أن الواردات أعم من اخلواطر ألن اخلواطر ختتص بنوع خطاب أو ما يتضمن معناه

تكون وارد سرور ووارد حزن ووارد قبض ووارد بسط ووارد شوق ووارد خوف إىل غري ذلك من : والوارداتعاين وقد خيتطفه عن شاهد حسه وهو قريب من احلال وقد يأيت الوارد بكشف غيب فيجب تصديقه إن صفا امل

.القلب من كدرات اخلواطر واهللا تعاىل أعلم

عبارة عما يذم من أفعال العبد وأخالقه، فاألول ما كان من : النفس عند القوم:النفس والروح والسر

ما كان من جبلته وطبيعته، كالكرب واحلسد والغضب وسوء اخللق وقلة كسب العبد كمعاصيه وخمالفته والثاينعبارة عن حمل التجليات اإلهلية : والروح. االحتمال وغري ذلك من األخالق الذميمة، ينسب للنفس أدبا مع احلق

والسر عبارة عن حمل التجليات اإلهلية وكشف األنوار امللكوتية للخواص : والسر. وكشف األنوار امللكوتية. وسيأيت حقائقها. خلواص اخلواص، والنفس ألهل عامل امللك والروح ألهل عامل امللكوت والسر ألهل عامل اجلربوت: قال بعضهم. وهل النفس والروح والسر متعددات يف نفسها أو متحدة؟ وإمنا ختتلف التسمية باختالف التصفية

ملذمومة، كما أن الروح لطيفة مودعة يف هذا القالب، هي النفس لطيفة مودعة يف هذا القالب، هي حمل األخالق ا

. حمل األخالق احملمودة، وحملها واحد، وهو اإلنسان، فالنفس والروح من األجساد اللطيفة ، كاملالئكة والشياطنيومها ساكنان يف اإلنسان فكما أن البصر حمل الرؤية واألذن حمل السمع واألنف حمل الشم من ذات واحدة فكذلك

حمل األوصاف الذميمة النفس وحمل األوصاف احلميدة الروح وأما السر فهو لطيف مودع يف القلب كالروح إال النفس والقلب والروح والسر والباطن أمساء ملسمى واحد، : وقال الساحلي. أنه أشرف من الروح لكمال صفائه

ا باختالف أوصافها، فإن مالت جلهة النقص مسيت وهو اللطيفة الربانية اليت كان اإلنسان هبا إنسانا وختتلف أمساؤهنفسا وإن ختلصت من مقام اإلسالم إىل مقام اإلميان مسيت قلبا وإن ختلصت منه إىل مقام اإلحسان ولكن بقي فيها أثر النقص كأثر اجلراحات بعد الربء مسيت روحا، وإن ذهبت تلك األثر وصفيت مسيت بالسر وإن أشكل األمر

. أعيان مودعة يف هذه القوالب: وقال بعضهم. هي احلياة: قال بعضهم .واالختالف يف الروح شهريمسيت بالباطن فاإنسان حي باحلياة، ولكن األرواح مودعة يف القوالب، وهلا . أجرى اهللا العادة خبلق احلياة يف القالب ما دامت فيه

هبا . نفس هي خملوقة يف اجلنني قبل نفخ الروحوأما ال. ترق يف حال النوم ومفارقة ورجوع هي اليت وقع هبا النفخ. فتخرج الروح أوال مث تنقطع النفس فتنقطع احلياة لإلنسان. يقع التحرك وهي مالزمة للبدن ال تفارقه إال باملوت

واألرواح خملوقة قبل األبدان سارية فيها . واحلشر للجملة وكذلك العقاب والثواب. فاإلنسان روح ونفس وجسدهذه األعيان املودعة يف القوالب هي اللطيفة الربانية الالهوتية : قلت. ار يف الفحم واملاء يف العود األرطبسريان الن

وهي اليت تتطور وختتلف أمساؤها . وهي اليت تتطور وختتلف أمساؤها باختالف تطورها كما قال الربانية الالهوتيةرواح حادثة جيري على مذهب أهل الفرق وأما أهل وكون األ. باختالف تطورها كما قال الساحلي واهللا أعلم

إذا اقترن احلادث بالقدمي، تالشى احلادث وبقي : قال اجلنيد. اجلمع فال حادث عندهم لفناء الكائنات عن نظرهماألشباح عندهم قدمية يشري إىل : هل األرواح حادثة أو قدمية؟ فقال الرجال: القدمي وسألت بعض إخواننا العارفني

.لفناء كما تقدم لكنه سر مكتوممقام ا

النصر تقوية اجلوارح على فعل اخلري والتأييد تقوية البصرية من داخل يف الباعث الباطين : النصر والتأييد والعصمةملا . وهو جامع اهلداية اليت مرجعها للبصرية العلمية الكاشفة. والبطش ومساعدة األسباب من خارج نصر. تأييد

والرشد الذي مرجعه إىل اإلرادة الباعثة إىل جهة السعادة والتسديد الذي مرجعه إىل القوة على عليه الشيئ حبقيقته . توجيه احلركات إىل صوب املطلوب وتيسريها عليه ويقرب من التأكيد اجلامع ملا ذكر

يصري يسنح يف الباطن يقوى به اإلنسان على حتري اخلري وجتنب الشر حىت. وهي عبارة عن جود إهلي:العصمةاهلداية والرشد والعصمة والتسديد والنصر والتأييد : فهذه ست حقائق. قاله الغزايل. كصانع يف باطنه غري حمسوس

والتحقيق أن اهلداية هي تصويب العبد إىل طريق توصله إىل احلق . وقد علمت كلها من كالم الغزايل رضي اهللا عنههو القدرة على سلوك طريق : لقلب إىل طريق السعادة والتسديدهو توجيه ا: والرشد. وقد تطلق على بياهنا فقط

.هو جود إهلي إىل آخر ما تقدم: والعصمة. اخلري وجتنب الشر

ويف العمل . إجيازه وتكثري معانيه : ويف األقوال. وهي اتفاق الشيء وإبداعه ففي العلم حتقيقه والعمل به: احلكمةعلى ألسنة العرب، وأيدي الصني، وعقول اليونان واهللا : ثالث فرقنزلت احلكمة على: ويقال. إتقانه وإكماله .تعاىل أعلم

أو نور روحاين تدرك به النفس . وحيجز صاحبه عن ارتكاب األوزار. وهو نور مييز به بني النافع والضار: العقل: ينبغي وهو على قسمنيألنه يعقل صاحبه عما ال. مسي عقال. العلوم الضرورية والنظرية أو قوة مهيأة لقبول العلم

الروح األعظم ويسمى أيضا : ويقال له. أما العقل األكرب فهو أول نور أظهره اهللا للوجود. عقل أكرب وعقل أصغرفال يزال نوره ينموا بالطاعة . القبضة احملمدية ومن نوره ميتد العقل األصغر كامتداد القمر من نور الشمس

دخل العبد مقام اإلحسان وتشرق عليه مشس العرفان فينطوي نوره يف نور والرياضة والتطهري من اهلوى حىت يألن العقل . فريى من األسرار والغيوب ما مل يكن يره قبل. العقل األكرب كانطواء نور القمر عند طلوع الشمس

ألكرب فإنه خبالف العقل ا. ال يدرك إال افتقار الصنعة إىل صانعها، وال يدري ما وراء ذلك. األصغر نوره ضعيفأول ما خلق اهللا العقل، فقال : ويف بعض األخبار. يدرك الصانع القدمي قبل التجلي وبعده لصفاء نوره وشدة شعاعه

أو كما قال . فوعزيت وجاليل ال أجعلك إال فيمن أحببت من عبادي: أقبل فأقبل مث قال له أدبر فأدبر مث قال : لهوأما العقل . ل األكرب ال يناله إال احملبون الذين اختارهم اهللا ملعرفته اخلاصةفالعق. عليه السالم، واحلديث متكلم فيهفاملوهوب هو الذي جعله اهللا فيه . عقل موهوب وعقل مكسوب: وهو على قسمني. األصغر فيعطيه للخاص والعام

: قل ثالثوعالمة الغ: قال بعضهم .غريزة واملكسوب هو الذي يكتسب بالتجارب والرياضات وارتكاب احملنأال وإن من عالمة العقل التجايف عن دار : تقوى اهللا عز وجل وصدق احلديث وترك ما ال يعين وقال عليه السالم

خري ما أعطى : وقال بعض احلكماء. الغرور واإلنابة إىل دار اخللود والتزود لسكىن القبور والتأهب ليوم النشورفإن مل يكن فصاعقة حترقه تستريح منه . فإن مل يكن فمال يستره. اإلنسان، عقل يزجره فإن مل يكن فحياء مينعه

وهل األرواح قبل األشباح كان هلا عقل أم ال؟ والتحقيق أهنا كانت هلا عقول مقتبسة من العقل . البالد والعبادمنا يكونان واملعرفة واإلدراك إ: األكرب فلذلك أقرت بالربوبية بل كانت عالمة دراكة لإلشياء كما قال ابن البناء

فلما برزت لعامل األشباح أزال اهللا منها ذلك العقل الذي هو من العقل األكرب وأنبت فيها العقل األصغر . بالعقلفما زال ينموا إىل احللم وقيل إىل األربعني سنة فإذا اتصل العبد بالطبيب عاجله حىت . عند اجتناب الولد يف البطن

.ه من األولياء الكبار وباهللا التوفيقيوصله إىل العقل األكرب فيكون صاحب

وتوحيد . توحيد الربهان وهو إفراد احلق باألفعال والصفات والذات من طريق الربهان: وهو على قسمني: التوحيدهو معىن تضمحل فيه الرسوم وتندرج : قال اجلنيد رضي اهللا عنه. العياننت وهو إفراد احلق بالوجود يف األزل واألبد

فيه العلوم،