رئيس مجلس االدارة رئيس التحرير فخري كريم

جريدة ثقافية شهرية تصدر عن مؤسسة المدى لالعالم والثقافة والفنون

16صفحة

15-14

12البعد الرابع ريبورتاج 6

العدد)73( السنة السابعة7 - آب -2016

جماليات

إي��دوم��ي��ن��ي.. ق��ص��ص م��ه��اج��رة وأح�����ام م��ذب��وح��ة ع��ن��د ال��ح��دود

العبور بين الجسد والعقل..

شفيت

موبرا

ا ارين

ما

11

2العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

i n f o @ t a t t o o p a p e r . c o mموزائيك

جريدة ثقافية شهرية تصدر عن مؤسسة المدىلالعالم والثقافة والفنون

رئيس مجلس االدارة رئيس التحريرفخري كريم

info@tattoopaper.com :المراساتبغداد-شارع ابونؤاس- محلة -1.2 زقاق -13 بناية 141

االخراج الفني خالد خضير

المدير العام غادة العاملي

مدير التحرير عاء المفرجي

بالذك��رى الصي��ف يحتف��ل يف ه��ذا Dada دادا حرك��ة لنش��وء املئوي��ة األدبي��ة والفني��ة العاملي��ة يف عدد من املؤسس��ات الثقافية يف بل��دان العامل، ومنها اليابان. وباعتبارها حركة مضادة للحرب و للمؤسس��ات أفرزتها فظائع ���� 1914( األوىل العاملي��ة الح��رب 1918(، فإنه��ا انترشت ع��ر العامل من املدينة الس��ويرسية زوري��خ وكان لها تأثري حاس��م عىل تط��ور الفن املعارص م��ن خ��ال أع��ال تجديدي��ة خارج املأل��وف مثل"صصص". وق��د رفضت هذه القطعة الفني��ة، التي تحدى بها دوشامب املفاهيم التقليدية للفن، يف أول معرض لها لكنه استمر يصدر نسخا الحقة منها. وكانت تعتر هي ومثياتها من نوع جاهزيات دوش��امب الافنية anti-art، كا يقول تاكايك توميناغا يف

تقريره هذا. وميكن ماحظ��ة تأثري دادا يف مجموعة متنوعة م��ن التعابري مث��ل الرسيالية، الف��ن الش��عبي أو البوب، موس��يقى الصخ��ب، وحتى الش��كل الوحيش يف الياباني��ة، التلفزيوني��ة املسلس��ات بين��ا هي تواصل تأثريه��ا يف الفنانني، اليوم. الفني��ني والكت��اب، واملصممني وميك��ن الق��ول إن التكعيبي��ة، وهي أس��لوب ثوري يف الفن الحديث يؤكد عىل الرتاكيب التجريدية عىل حس��اب العن��ارص التصويري��ة األخ��رى الت��ي تطورت عن��د بداية الق��رن العرشين،

تعد أحد املؤثرات يف الدادائية. وخال املهرجان الفني يف اليابان الذي يقام اآلن احتفاء بذكرى مرور 100 عام عىل الدادائية، هن��اك معارض عديدة إلله��ام الفنانني والرأي الع��ام الياباين، تحت رعاية س��فارات فرنس��ا، وأملانيا، وسويرسا. وحس��ب اإلعان، وقد متت إع��ادة تكوي��ن جو كاباري��ه فولتري يف زيوريخ، الذي انطلقت منه حركة دادا ع��ام 1916، يف س��وبر ديلوكس ليكون املنتدى الرئيس ملهرجان دادا يف اليابان. وكان مياد دادا قد جاء عىل يد املؤلف والشاعر األملاين هوغو بول عام 1916.

وقد رصح رئيس سوبر ديلوكس، مايك

كيوبيك، بأنه قد انجذب إىل ما تتس��م به دادا من"فوىض"، و"دعابة"، و"روح مرحة"، و"انفت��اح"، و"تعبريات حرة"، بني أمور أخرى، ولهذ وافق عىل إعادة تكوين كاباريه فولتري يف طوكيو عندما الس��ويرسية الس��فارة عرض��ت عليه الخطة. وقال،"فقد أملت يف أن يساعد املع��رض أولئ��ك الناس، الذين عاش��وا

مش��اهدين يف الغالب، عىل أن يبدأوا شيئا ما، ليس بالرضورة نشاطات فنية، أن يعروا عن أنفس��هم بعد أن يكونوا ش��اهدوا املعرض"، مضيفا إىل ذلك أنه يعتق��د بأن تلك ه��ي روح دادا ورواد الحرك��ة، تريس��تان ت��زارا، هانز أرب، هوغو ب��ول، أميي هينينغز، مارس��يل وريتش��ارد تيوب��ري، ص��ويف جانك��و،

هولسينبيك، وغريهم.وال يرك��ز املهرجان عىل مي��اد الحركة وتاريخه��ا فقط، بل وعىل حركات ذات عاق��ة بها الي��وم، ويلق��ي الضوء عىل املس��اهمة الياباني��ة يف دادا. ويتضمن موق��ع املئوي��ة يف الذك��رى برنام��ج االحتفال أداءات حية، وورش، وقراءات ش��عرية يؤديه��ا فنان��ون م��ن داخل اليابان وخارجه، إضافة لعمل مرسحي مستلهم من دادا، ومعاد متثيله،"سانكا يف املرسح". كا ستعرض وثائق أصلية تخ��ص حرك��ة دادا يف زوريخ وباريس، وذلك يف متحف أيزو، وجامعة واسيدا، خال الف��رتة 29 حزيران �� 7 آب، من أجل اس��تعادة مس��ار الرائ��د الدادايئ

تريستان تزارا.وهناك أيضا"الحاوية"، وهي رواق فني ن يف حاوية نقل يف صالون للشعر، مكومن عم��ل الفنان��ة الس��ويرسية ناجا س��والري التي قضت وقت��ا يف اليابان، وميت��د الع��رض من 18 حزي��ران حتى 3 ترشي��ن األول. وفيه��ا برامج عديدة منها أداءات حية وتس��ليط الضوء غىل أفام أرشيفية عن"مافو Mavo"، وهي جاعة دادائية أسسها فنانون يابانيون الفن��ان بع��د ع��ودة يف ع��ام 1923 توموي��ويش موراياما م��ن برلني حيث اطلع عىل الفن الطليعي يف أثناء بقائه هن��اك. وكان��ت حرك��ة دادا قد بلغت س��واحل الياب��ان يف أوائ��ل عرشينات القرن امل��ايض، وأقامت"مافو"القصرية العم��ر معرضه��ا األول ع��ام 1923 يف

معبد سينسوجي يف طوكيو.وق��د أوض��ح ش��اي أوهاي��ون، مدير الحاوية، ب��أن املعرض يتضم��ن تركيبا مس��توحى من إميي��ات س��بام ونص ينظر إليه باعتباره نصا ش��عريا سائبا عن وجودنا االف��رتايض والرقمي. وقال أوهاي��ون إن دادا أث��رت علي��ه تأثريا هائا من ناحية اختي��اره مهنة ركزت ع��ىل الفن املع��ارص. وباعتب��اره أمينا فنيا مقي��ا يف اليابان، كا يقول، فمن الطبيع��ي أن يش��ارك يف املهرج��ان يف طوكيو ويقي��م معرضا يتعل��ق بحركة

دادا يف اليابان.The Japan Times / عن

"وداعا ألوروبا"فيل��م جديد عن الكات��ب والروائي النمساوي الكبير ستيفان تسفايغ..

عن سنوات منفاه وانتحاره

ترجمة / أحمد فاضلهرب الكاتب النمساوي املش��هور عامليا ستيفان تسفايغ وهو م��ن أبرز كتاب أوروبا يف بدايات الق��رن العرشين املنرصم إىل الرازي��ل عام 1940 عند صعود النازي��ني لحكم أملانيا وليكون منف��اه األخري بع��د جولة طويل��ة يف أمري��كا الجنوبية، ومع ش��عوره باإلطمئنان والراح��ة إال أنه أقدم ع��ىل االنتحار بعد عامني من وصوله هناك بس��بب ما يش��هده من انهيار للسلم العامل��ي وويات الح��رب، حيات��ه املضطربة تل��ك قبل وبعد

انتحاره ستكون محور فيلم جديد. ولد تسفايغ ألبوين يهوديني يف فيينا يف عام 1881، والتي جعلته من مشاهري كتاب أوروبا قبل الحرب العاملية الثانية يف قصصه وس��ريه الذاتية التي تناول فيها حياة أش��هر األدباء بأس��لوب متفرد أمثال تولس��توي، وديستوفسيك وبلزاك ورومان روالن. لكن صعود النازيني واس��تامهم تقاليد حكم أملانيا وتوس��عهم املعروف يف أورب��ا جعلتهم يحظرون كتب��ه وتهديده باملوت م��ا جعله يختار الرازي��ل منفاه األخري، ومنه��ا الرحيل األخري هو وزوجته بتناولها الس��م نتيجة ش��عورها أنها لن يكون بإمكانه��ا رؤية وطنها الذي عش��قاه مرة ثانية، الس��نوات األخرية من حياته تلك ألهمت عديد الكتاب بالكتابة عنه، اآلن يتم إعادة النظر بحياته من خال تكييف رواية الروايئ الفرنيس Stefan Zweig:"قبل الفجر" يف الفيلم الجديد"Seksik لورانFarewell to Europe"س��تيفن تسفايغ: وداعا ألوروبا، وهو إنتاج منس��اوي أملاين فرنيس مش��رتك من إخ��راج ماريا رشيدر في��ه تأمل دقي��ق عىل الفرتة الت��ي قضاها تس��فايغ يف املنفى حيث يجري الرتكيز عىل األش��هر األخرية للزوجني يف برتوبوليس وخارج ري��و دي جانريو يف أوروبا، الرواي��ة اعتمدت كثرياعىل مذكراته حيث وصف الرازيل"بأرض املس��تقبل"، وقد تعجب من الكيفية التي يعيش فها س��كانها بكافة أطيافهم وأعراقهم املتنوعة بس��ام جنبا إىل جنب حيث تب��دو وكأنها معجزة"لنا

نحن القادمون إليها من أوروبا". وفيلم الس��يدة رشي��در يحتوي عىل طرافة مش��اهده ويعزى ذل��ك إىل املمث��ل جوزيف هادي��ر وهو ممثل هزيل منس��اوي معروف، أما مش��اهد الحياة وامل��وت يف املنفى وحرق الكتب والجنود يس��ريون بالسجناء إىل معس��كرات املوت فقد تركت عمدا حتى ال تلقي بظالها املقيت عىل املش��اهد طوال عرض الفيلم، لكن مش��هد انتحاره ص��ور بعناية يف غرفة نومه حيث ت��رك مذكرة يعر فيها ألصدقائه عن أمله يف أن يعيش��وا لرؤية الفجر وسط حالة عدم يقينه مبستقبل أوربا والتي بسببها ودع الدني��ا، والفيلم هو تكريم لرجل كان يريد رؤية هذا العامل با

حروب وال فواجع.

ترجمة / عادل العامل

تزارا "ينبوع"دوشامب100عام على دادا وما تزال تواصل تأثيرها على

الفن واألدب

3العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

w w w . t a t t o o p a p e r . c o mتقييم

كاتب، ممثل، ش��اعر، منتج، وبالطبع س��ينايئ، فرن��يس ولد يف لي��ون املدينة التي ش��هدت فجر السينا..هو أيضا مكتشف ومخرج )سيناتون(،

الذي دخل به تاريخ السينا. يف غري مهرجان س��ينايئ صادفنا يحمل كامريته، ومنش��غل بالتوثيق.. قدمه الناقد صاح رسميني يف مهرج��ان الخليج.. ليتعرف جمه��ور املهرجان عىل إحدى أهم تجارب الس��ينا التجريبية.جريار كوران ، س��ينايئ فرنيس صنع العديد من األفام لكنه استقر النجاز فيلمه األطول، وهو عبارة عن "مرشوع غري��ب بورتريهات مؤفلمة أطلق عليها اس��م )س��يناتون( لش��خصيات فنية وثقافية".الناق��د ص��اح رسمين��ي لخص تجربة ك��وران يف كتيب صدر عن مهرجان الخليج السينايئ، يقف فيه بحك��م عاقت��ه الوثيقة مع هذا الس��ينايئ الطليعي، عن��د تفاصيل هذه التجربة الفريدة يف عامل الفن السابع.سيناتون بورتريهات متسلسلة لشخصيات س��ينائية غالبا ما تقف أمام الكامريا يف لقط��ة ثابتة، لفرتة ثاث دقائق وبعض الثواين، وهي الزم��ن الفعيل لعلبة رشي��ط فيلم 8 ملم. تجلس كل ش��خصية متاما كا الح��ال أمام كامريا تصوير فوتوغرايف..ومنذ عام 1978، و156 ساعة حت��ى لحظ��ة إعداد الكت��اب، مرت أم��ام كامريا ك��وران ش��خصيات مثل غ��ودار، فيل��م فيندرز، جوزيف لوزي، جاك مونوري ومئات غريهم.يذكر ك��وران أن احد األهداف الرئيس��ية النجاز عمله، هو تكوين أرش��يف عن الفن، وبشكل خاص عن الوس��ط الفني، حي��ث املوض��وع املؤفلم يقرتح لحظات حقيقية عظيمة لنفس��ه، عىل الرغم من محاول��ة البعض إخفاءها.يرى رسميني أن أكرث ما يث��ري االهتام، تلك الحرية الت��ي مينحها "جريار" للموض��وع املؤفل��م )الش��خص ال��ذي يصوره(، ورغبته يف إشغال مساحة الصورة مكانيا، وزمانيا، حي��ث يكتفي البعض بفعل إمياءات يف الوجه، أو ردود أفعال جس��دية إرادي��ة، أو ال إرادية، بينا ينجز البع��ض اآلخر مآيس إميائية حقيقية تلخص حالة نفسية مؤقتة.وعىل الرغم من إعان كوران _ك��ا ي��رى رسميني _ ع��ن حياده باس��تخدامه لوجه��ة نظر موضوعي��ة تتح��دد بالعاقة ما بني الكام��ريا، واملوضوع ، إال أن النتيجة تتعدى ذلك، ليصبح العم��ل ذاتيا بحت.وإذا كان س��يناتون االط��ول واالق��ل كلفة ف��ان "مخرجه تن��درا هو اكرث املخرجني كس��ا يف العامل"، إذ يختار ش��خصا باملصادف��ة ويكتفي بوضع الكام��ريا يف مواجهته عىل بعد مرت ونصف، ومن ثم يسرتخي قليا حتى ينته��ي الرشيط الخ��ام يف العلبة، وبعد تحميضه يلصق��ه عىل ما س��بقه من أرشط��ة. وإذا كانت الفرص قد س��نحت لنا يف مهرجان الخليج األخري، مش��اهدة أجزاء من سيناتون كوران، فإن الجهد الذي بذل��ه الناقد صاح رسميني من خال كتابه )جريار كوران، هل هذه س��ينا حقا؟( جعلتنا يف قل��ب هذه التجربة الجميلة والغريبة.. فرسميني ال يكتفي بالتعري��ف مبنجز هذا املخرج الفرنيس املوازي ملرشوعه سيناتون بل يذهب إىل الغوص يف تفاصي��ل هذا املرشوع. من خال قراءة متأنية لهذه التجربة التي يسميها يف احد فصول الكتاب )املغامرة السيناتونية(.. وبا شك أن هذا الجهد يتي��ح للقارئ العريب الوق��وف عند هذه التجربة

الجميلة.

استدراك

عاء المفرجي

يف كتابه��ا األحدث الصادر عن دار املدى )هكذا مرت األي��ام(، تدون هذه امل��رة الكاتب��ة العراقية بلقيس رشارة سريتها الشخصية – العائلية – املهنية، بعد رحلة عمر مغمورة باأللق واالنكس��ار، بالسعادة والخوف، باالس��تقرار والرتح��ل، عمر جعل له��ا الحق – لو صح الوص��ف – بأن تديل بش��هاداتها أو ترسدها عىل جيل بدأت تخل��و ذاكرته من ماض حي ورؤى وقيم مدنية

مل تعد سائدة.للمرور بش��كل رسيع عىل مصطلح )الس��رية الذاتية( أو مرادفاته��ا الت��ي تقرتب م��ن داللته��ا )املذكرات، اليوميات، النص��وص الذاتية، إلخ إلخ(، يجب توضيح ه��ذه الفكرة، إذ ميكن القول إن الس��رية الذاتية هي قراءة جدي��دة و)مغايرة( للتاريخ، واس��تعادة ذاتية للايض، استعادة ال تخضع إال لشهوة التأمل، واستفزاز للكام��ريا غري امللونة، وقول م��ا مل يتم قوله أوان ذاك، هي محاولة لإلمساك بلحظات مدفونة يف العقل قبيل

تحليقها يف العدم.ه��ذا ما طمحت إليه بلقيس رشارة بس��ريتها الفخمة، فتستعيد أياما سحيقة من الذاكرة، طفولتها وأمكنتها املختلف��ة لهج��ة وس��لوكيات وتقالي��د، ب��ني النجف والنارصي��ة والحل��ة وضياع لبنان العام��رة، بني عائلة اعترت"غريبة"وسط مجتمع مغرق مبعتقدات منطية، ترف��ض يف أكرث التحديث، وب��ني عائلة حتمت ظروف األب )محم��د رشارة( عىل ترك باده والس��فر صوب النجف للدراس��ة الدينية فيها، واالستقرار وأرسته عىل هذه األرض، التي ستضع ألبناء رشارة، هوية جديدة، بلهج��ة جدي��دة، وتربي��ة وع��ادات مل ت��رس يف دماء

أسافهم من قبل.وم��ا يهمنا بعد التعرف عىل أفراد عائلة بلقيس كلهم، يهمنا التحوالت السياس��ية واالجتاعية التي سيطرت عىل العراق، والتي رصدتها عني بلقيس بعني ال تعوزها الدقة وال الش��جاعة، للكش��ف عن مآيس وانكسارات

مريرة مرت بها عائلة بلقيس بوصفها عائلة عراقية.تبدأ بلقيس حياتها وهي ش��ابة مبشاركتها يف إرضابات وتظاه��رات الطلبة الجامعيني ضد الحكومة املش��كلة يف العه��د املل��يك، وإجراءته��ا التعس��فية، ومطاردة املخرين لها ولرفقائه��ا، واعتقالها )ألقي القبض عيل. وصلن��ا يف الثاني��ة بعد الظه��ر مديري��ة التحقيقات الجنائية. املديرية التي أصبحت رمزا للظلم والتعسف والتعذي��ب يف ذاكرة رشيحة من الش��عب العراقي... توجه أحد الش��خصني اللذين كنت جالس��ة بينها يف السيارة، نحو غرفة املدير قائا له: سيدي جبناها، ص 108(، هي مدة توهجت فيها روح الوطنية واألدلجة واملد اليس��اري املزده��ر أيامها، ضد أك��رث من طرف حاكم آنذاك، حكومة ملكية مقيدة ومستعمر بريطاين

مهيمن يقود البلد من خلف الستار.وبعد التحول إىل النظام الجمهوري بعد ثورة 14 متوز 1958، تبت��دئ بلقيس رحلتها بدخول بيت الس��يايس كام��ل الجادرج��ي، بوصفه��ا زوجة املع��ار )رفعت الجادرجي(، حيث تس��تمر مواجهتها للسلطة وهذه املرة س��لطة املجتمع عر االتف��اق مع رشيكها رفعت الجادرجي، عىل خرق الس��ائد يف ترتيبات الزواج، من فس��تان أبيض ومن مهر عال تباع به املرأة وتش��رتى، وعصمة بيد ذك��ر يتحكم بها كيفا ش��اء، فيا نالت بلقيس العصمة ومل ترتد األبيض فس��تانا، وكان مهرها حس��با اتفقا ل��رية ذهبية ال غري، إذ ميك��ن القول إن بلقيس منذ ش��بابها مجبولة عىل التمرد عىل الش��ائع م��ن أفكار ومارس��ات مجتمعية ال ترى فيها س��وى التخل��ف والتقيي��د والتزم��ت، )كانت هدي��ة القران Oxford Companion Dictionary قاموسا ضخاالذي احتفظ��ت به يف مكتبتنا كهدية مثينة... ولكن مل تش��عر أم رفعة وابنتها أمينة باالرتياح لهذه الهدية، واعترت مثل هذه الهدية، منافية للعرف االجتاعي! ص 131-132(، أما ما يخص الحقبة التي توىل الحكم

فيها الزعيم عبد الكريم قاس��م فإنها نقلت بوصفها ال منتمية صورة االنقس��ام بني محبي عبد الكريم قاسم وعبد الس��ام عارف بوصفها بطيل الث��ورة العتيدة، لتقود االنقس��امات ه��ذه إىل هاك وس��يان دماء، ووش��ايات بأناس أبرياء غيبوا يف دهاليز الس��جن، أو تحت األرض، لتس��تمر دوامة الدم والسحل، بحدوث انق��اب م��ا يس��مى 8 ش��باط 1963، ومل يأم��ن أي مواطن من رهبة االش��تباه به، وحت��ى اعتقاله دون تهمة معين��ة، وإعدامه يف مرات كثرية، حتى النس��اء مل يس��لمن من قبضة االنقابي��ني وزجهن باملعتقات: )ع��دت متأملة من تل��ك الزيارة، صور أولئك النس��اء الل��وايت ميثلن صفوة املجتمع العراقي، وهن يقبعن يف السجن مع مجرمات عاديات... خرست جميع النساء اللوايت اعتقلن يف س��جن بغ��داد وظائفهن بالفصل أو اإلحالة عىل التقاعد، بعد إطاق رساحهن، عندما كان

العراق يف أمس الحاجة لخدامتهن. ص 207(.وهكذا من انقاب دموي إىل انقاب أشد دموية وفتكا تهدم��ت بنى مجتمع متمدن، قوام��ه عوائل بغدادية متعلم��ة ومس��املة كان هدفه��ا الس��ري وراء التطور الحاص��ل يف باق��ي البل��دان، وكان الع��راق عىل عتبة التواصل م��ع مدن العامل الكرى، تط��ورا ومنوا، هكذا مرت أيام بلقيس وعائلتها، حتى هجرتهم نهائيا صوب الغ��رب؛ بعد تس��لم الدكتاتور صدام حس��ني الحكم العام 1979، لتبدأ ولن تنتهي مآيس ش��عب كامل، إذ تفنن بأساليب املوت والقسوة، وزرع الرعب وراء كل

حائط بيت.أخريا يبقى القول يف ختام هذه القراءة الرسيعة إن يف )هكذا مرت األيام( املشاهد املؤثرة الكثرية، والذكريات الحلوة واملرة، الت��ي من خالها ننظر إىل هوية الناس وأخاقهم وعاداتهم، كيف كانت وكيف صارت بتقادم الس��نني، عىس يف قادم الوقت أن تحظى )هكذا مرت

األيام( بقراءة أوسع، ودراسة أشمل تليق بها.

محمد فاضل المشلب

قراءة ف��ي مدونة بلقيس ش��رارة الس��يرية)هكذا مرت األيام(

ي: س

ياس

والي

وملي

ا

4العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

i n f o @ t a t t o o p a p e r . c o mقضايا

روايئ يحتف��ل حال إمتام روايته، يخرج من عزلت��ه، يدعو أصدق��اءه ليحتفل��وا معه، وهو ال يعلم أنه��ا مل تنته بعد! إيكو الذي ال يفه��م أولئك الذين يكتب��ون رواية كل س��نة، رمبا ثاث رواي��ات، نجيب محفوظ نرش ع��ام 1975 )حكاي��ات حارتنا، حرضة املحرتم، قلب الليل(. لكن محفوظ كان قد غ للكتابة، ال يخرج من اعتزل العامل وتف��ر

صومعته إال سويعات من يوم الجمعة.إيك��و يغ��رق يف الح��زن بع��د انتهائه من كتابة الرواي��ة، يقول )ال أرغب يف أن تقود

هذه الترصيحات إىل التشجيع عىل أخرى، وهي مش��رتكة بني الكت��اب الرديئني، وهي ترصيحات تقول أننا نكتب ألنفسنا، احذروا الذي قال هذا النوع من الكام، إنه نرجيس ومحتال وكذاب. اليشء الوحيد الذي نكتبه ألنفسنا هو الئحة املشرتيات/ إيكو، آليات

الكتابة الرسدية، ص122(.ظاهرة الكت��اب الرديئني باتت هي األصل، لك��رثة الق��راء الرديئ��ني، املتبجح��ني مبا مل يقرأوا، يتحدثون عن روايات عاملية خالدة، ال يعرفون إال عناوينها، وقد س��ألت مرات

عديدة: هل يجوز ألكادميي أن يتحدث عن رواية مل يقرأها؟ وس��ألت بصورة مبارشة: هل قرأت دون كيخوته، كارمازوف، الحرب والسلم يف أكرث من ألفي صفحة، آنا كارنينا يف ألف ومئتي صفحة، أدب ماركيز، كافكا وغريها، مل يقرأ إال رواية واحدة فقط، وهي

التي كتب عنها أطروحة الدكتوراه!إيك��و يكت��ب الرواية ك��ا يكت��ب بحثا، يس��تغرق س��نوات يف زي��ارة املواقع التي س��يكتب عنها، وقياس املسافات، كا فعل أورهان باموك الذي قىض خمس س��نوات يجمع املادة األولية لروايته "اسمي أحمر"، خمس سنوات يقرأ عن فن النقش، يقرأ ومل يكتب حرفا واحدا. كذلك تولس��توي أمىض أربع س��نوات لجمع املادة األولية للحرب والس��لم، زار فيها مواق��ع معركة بوردينو، والتقى بعض الشهود، وقرأ كتب املذكرات والتاري��خ. بالتأكي��د بعد هذه الس��نوات شعرا تولس��توي وباموك بالحزن النتهائها م��ن كتابة الرواية، لكن مل��اذا الحزن؟ رمبا ألنها يف كل لحظة س��يتذكرون أنها رمبا نسيا ش��يئا، أو رمبا كان األجدر بها حذف

مشهد ما، ورمبا ألسباب أخرى.ش��عر إيك��و أن البحث يج��ب أن يحىك، فج��اءت رواياته كس��جات أبح��اث بدءا باسم الوردة، حيث قص حكايات الطوائف والفرق املنشقة عن الكنيسة الغربية، كان

إيكو مأخوذا باألجواء األسطورية يف األديرة القوطية والرومانية، وهو يف السادسة عرش من عمره قرأ ع��ن القديس أومبريتو أقنع أسدا يف الغابة باعتناق املسيحية، منذ تلك ر يف صورة كاهن يتسمم اللحظة وهو يفكوهو يقرأ كتاب��ا يف مكتبة. ورأى ألول مرة يف حياته بن��دوال يف باريس قبل أن يكتب بن��دول فوكو بثاثني س��نة، وبعدما أتعبته املكتب��ات واملتاح��ف واملواق��ع الثقافية، ق��رر العودة إىل الطبيع��ة، فانتابته صورة غري��ق نجا م��ن املوت يف جزي��رة خالية، فكتب "جزيرة اليوم السابق". ويف روايته

"باودولينو" قص فيها سيميائيات املزيف، م��ا أهم��ل أو ت��م تزييفه م��ن حكايات الح��روب الصليبية، منها مقتل ريتش��ارد قلب األس��د، حتى أراد أن يعنونها )الرقم صف��ر( ألنه بدأ م��ن الصفر، لك��ن إيكو تخ��وف من ع��ودة ش��خصيات " بندول فوكو"، وميارس عىل نفس��ه إكراها بالتزام نة ضد إيقاع خاص برواي��ة جديدة، محصبارباروس��ا، فريدريك والتك��رار. التقليد فريدريك األول، يلتق��ي بالصبي الكذاب باودولين��و، ليمن��ح القصة طابعا ش��عبيا

وعجائبيا.

يف خامتة مسلسل املرىس والبحار "احمد صقر، ومحمد ج��ال عبد الق��وي" تق��ول الفنانة القديرة "محس��نة توفيق" لطارق بابها بعد وفاة ابنها: ما فيش حاجة ترس تجي من الغرب.. مافيش حاجة ترس تجي من الغرب، وانا اقول ال تأيت االخبار الس��ارة م��ن الخليج العريب!! كان��ت الكويت س��ائرة يف س��بيل اكال مس��تلزمات كيان املؤسس��ات الوطنية، ام��ارة صغرية، لكنها فعلت الكثري، حتى تجد وزيرا مشهودا له بالكفاءة ك�"شفيق الكايل" يقول لرفيقه حسن العلوي: هل ستكون لدينا مؤسس��ات كا بنت الكويت!! ومل يس��مح للكايل ان يش��هد بلسانه، ان يقولها: ال ورب الكعبة، ال، لن تكون عندنا مؤسس��ات مثل��ا هو حال ام��ارة الكويت. وال ادري ما الذي سيقوله الكايل فيا لو عاش حتى يشهد مهزل��ة غزو الكويت، مثلا ال ادري ان كان الكايل قد قالها مع نفس��ه، عىل االقل، وه��و يهيم عىل وجهه يف شوارع وازقة بغداد!! لكن الكويت حققت ما مل تحققه دولة عربية: دولة تشهد انتخابات متقدمة عىل صعيد املنطق��ة، النصف بالنص��ف، هكذا كان ح��ال اعضاء مجلس االمة الكويتي، نصف ينتخبه الش��عب، ونصف يعني من العائلة االمريية. صحافة متقدمة عىل نظرياتها العربيات، ويكف��ي ان نتذكر "الع��ريب" كمجلة رائدة تزداد تالقا ورصانة س��نة بع��د اخرى، حتى بلغ عمرها الخمسني، وال نتحدث عن يوم استقطبت فيه الصحافة يف الكوي��ت افضل الصحفي��ني الع��رب. ولنتأمل حال جامعتها الكويت؛ وقد استقطبت افضل الكفاءات، وال داعي لنذكر باألس��اء؛ فلن تجد اسا عربيا مرموقا اال

واستدعت جامعة الكويت ورحبت به واعتمدته.. حتى اعتدى ص��دام عليها واحتلها رش احت��ال، وال اتحدث ع��ا فعله الكويتي��ون الحق��ا عندما احتل��ت امريكا العراق مبساعدته "عىل االقل سمحت الكويت المريكا وحلفائها باستخدام اراضيها!!"؛ فهذا امر اخر، امنا اريد ان اق��ف عند توقف مرشوع الكوي��ت كدولة. وبيقني امن��ا جرى ايقاف مرشوع دول��ة الكويت لصالح غريها من امارات الخليج، رمبا كان يف الذهن امارة ديب، وكان ما كان. وكم كنت امتنى ان يستمر دور الكويت؛ ولرمبا

كن��ا ازاء ادوار اك��رث رصانة يف التمثي��ل واالداء الثقايف يف املنطق��ة، امن��ا كان هذا الدور من حص��ة االمارات، وت��رز االن دول��ة قطر كراعية للثقاف��ة وما يتعلق بها من فعاليات ومهرجانات. ويهمنا هنا كثريا ان نتحدث عن جائزة البوكر كإحدى اهم الجوائز العربية الخاصة بالرواية، وسنتحدث عن جائزة كتارا يف مناسبة اخرى، عىل االقل حتى تتضح معامل هذه الجائزة التي مل متض عليها س��وى دورة واحدة، يف حني كانت للبوكر دورات عدة. والحق انه قد سبق يل ان كتبت عن البوكر مرتني، م��رة يف دورة ع��يل بدر، اقصد صع��ود رواية عيل بدر "ح��ارس التبغ"، ومرة اخرى يف دورة احمد س��عداوي، واقصد الدورة التي حصدت فيها روايته "فرانكشتاين يف بغداد" البوكر ذاته.. وما بينها كانت ضحكتي تجلجل وان��ا ارى الجائزة يأخذها كات��ب مبتدئ من الكويت، اسمه سعود السنعويس، وقد كان ما يزال كاتبا مبتدئا، وان جرى النف��خ به كثريا، حتى وصل االمر ان تحولت روايته الفائ��زة اىل عمل درامي يعرض االن يف رمضان. ه��ذا العام اخذها كاتب ال اعجب منه كان قد وصلت رواي��ة له، من قبل، اىل القامئ��ة القصرية، بل ال اعجب من اللجن��ة التي منحت الجائزة، وهي تريد تس��ويق الرواي��ة العربية عامليا، ويف ترش��يحها له��ذه الرواية قضاء نهائيا للجائزة وفكرتها القامئة عىل تشجيع كتابة الرواية وتس��ويقها عامليا. ويتضح عاء اللجنة، التي ال اشك لحظة واحدة انها منحت الجائزة لفلسطني، مثلا منحته��ا من قبل للكويت والع��راق، برصف النظر عن االساء واملسميات، هذا العاء يكمن يف اسم وعنوان

الرواية "مصائر: كونشريتو الهولوكوست والنكبة"، ويف كلمة "الهولوكوست" املقتل كله؛ فكيف ستسوق رواية تشتم كلمة اثرية يف مراكز صناعة التأثري الثقايف يف العامل، وليتفضل، بعد عرش سنوات من االن، من يقول بخاف هذا ان يجد مسوقا للرواية بصيغتها وعنوانها السابق. وبالطب��ع نحن ال نثري االش��كالية اليهودية االرسائيلية، بل والصهيونية الكامنة خلف فرضية الهولوكوست وما يتعلق به من مزاعم.. امنا نتحدث عن امر واقع وقائم والس��بيل االن للخروج عن��ه. وبالطبع، كذلك، نحن ال نتحدث عن املس��توى املت��دين للرواية، وهي، عامة، ال تقل ضعفا وركاكة عن منوذجها الكويتي والعراقي، لكن لنتحدث عن فرضية التسويق العاملي للرواية العربية، وهي االكذوبة التي اختفى خلفها من اختفى لتسويق، بل ولفرض ما يريد الخليج من الرواية العربية.. وفيا يخص تدين املس��توى اترك الجميع ليقرا مقال محمود الغيطاين "مصائر" ربعي املدهون .. كيف تصبح روائيا فاشا ثم تحصد "البوكر"؟! املنشور يف مواقع عدة، ومل يسبق يل ان سمعت به، لكن ما كتبه يستحق االهتام؛ لناحية انه يس��لط اضواء عىل اح��دى الروايات الفائزة بالبوكر. بعد حني سينتهي هذا البازار الرسدي وسنتذكر حينه��ا قصة جميلة كتبها الراحل عبد الس��تار نارص، ال اتذك��ر االن عنونها، لكنها تتح��دث عن كاتب يدرك يف الخمس��ني، وبعد ان نرش عرشات الكتب والقصص، انه كاتب فاش��ل! كان بطل "نارص" قد اعرتف باالمر، بينا س��يصعب علينا اقناع كتابنا برضورة تصحيح اخطائهم

االمائية.

عبدالكريم يحيى الزيباري

حمزة عليوي

س������ع������ادة ال������روائ������ي

األن حصص الحق!!!عن البوكر والهولوكوست وأخطاء أخرى

5العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

w w w . t a t t o o p a p e r . c o mنصوص

*سيأيت يوم يطبعون به صور القتلة عىل البطانيات .*ننفخ أجس��ادنا ث��م ننام,عندما نط��ع��ن أحدنا ينفجر

في�نتبه الب�قية .* ألن املاسحة منش����غلة بكشط الدم وتنظ�يف أرضية

الحادث , رفعنا جوزة املولدة بذراع أخي املبتورة .* ع��ىل مائدة أربعني الضحي��ة , تتوقف اللقمة , فنتصل

بالقاتل ليأت ويدق عىل ظهورنا.*حتى النغري الش��ظايا بحركتنا عند مش��اهدتها, قررنا

تحنيط البيت ونحن نتابع شاشة األخبار .

*كل م��ا بق��ي من جثت��ك ياصب��ار وصلة لح��م تضعها زوج��تك محل الوارش عند انفات الحنفية .

*ونح������ن نتناول الطعام بثواب املغدور , انقطع املاء , ل���يك نودع ذويه قطعنا رأس أحدنا وغسلنا أيدينا .

*بعد كل رصاصة تراجع مابيس طبيبة نسائية .*ألنه رأى كيف متش��ي عىل الجثث , وش���م ع�ىل ظهره

دباب�ة من نوع برامز ليتعود عىل أسنان الرسفة .*يك تت��ذوق جرحه���ا , طبخ���������ت زوج���ة املعتقل

الشتائ�م األمريكية وعزمت رسيرها .*بعد عجز الصح���ون احتواء كراهي��تنا, ط��بعنا وج�ه

القاتل يف ال�سفرة عىل عدد القتىل وتناولنا الثواب .

أين بيت الصديق؟حني الفجر،سأل الفارس ذلك

تأنت الساءأه��دى العابر غص��ن النور املتديل من ش��فتيه لظلمة

الرمالوأشار باصبعه اىل صنوبرة ،وقال:

قبل الشجرةمثة نيسم أكرث اخرضارا من حلم الله

هناك العشق أزرق بحجم أجنحة الصداقةتذهب اىل نهاية ذلك الزقاق الذي يفيض اىل البلوغ

ث��م تدل��ف نح��و وردة العزل��ةقاب قدمني من الوردة

متكث عند النافورة الخالدة الساطري األرض

ستنتابك رهبة شفيفةستسمع يف صفاء الفضاء خشخشة

ترى طفا تسلق صنوبرة شامخةليخرج من عش النور فرخا

هناك تسأله: أين بيت الصديق؟!

العنوان بالفارسية :"نشاين"-عنوان بالعربية-املصدر االعال الش��عرية الكاملة لس��هراب س��بهري "هش��ت كتاب"،األسفار الثانية الصادرة عن دار نرش طهوري��ان ع��ام 1979 والتوجد عىل االط��اق قصيدة للش��اعر بعنوان :"أين بي��ت الصديق" كا ورد يف أكرث

من ترجمة عربية للقصيدة ذاتها.

- لقد أصبحت ذلك املجهول الذي يقتات عىل كلات معجبة مجهولة.- ملاذا؟...

- تحدثه عن حياتها، وتس��كب مش��اعرها عىل األوراق بينا هو يقرأ بصمت كلاتها. تعيش تفاصيلها. كم أش��عر بالغرابة من تلك العاقات التي ال تصنيف لها وال إسم. هل هي حبيبتك؟

رفع نظره ورمقني بنظرة أشعرتني بالعجز عن الحركة.

- ال تتعب نفسك بالتفكري، فهناك عاقات ال تفسري لها.- هل أرسلت لك صورتها؟ حسن، ال تنظر إيل هكذا... إنه مجرد سؤال غبي.

- هي جميلة إىل حد مل أستطع معه معاودة النظر إىل صورتها... خشيت أن أغرق يف تفاصيلها وأتوه يف أنوثتها.- يا إلهي! أنت عاشق يا صديقي، بل أنت غارق يف عشق تلك املجهولة.

- ال تتفوه بحاقات! عن أي عشق تتحدث؟- أتحدث عن خوفك من الحب، عن يدك املرتعش��ة وأنت تقرأ رس��ائلها، و نظراتك املتلهفة وخفقان قلبك. ال تنكر

هذا، وال تقس عىل نفسك بعدم الرد عليها. ال أعلم مل مل تكتب إليها رسالة؟- أنت ال تستطيع تفهم األمر هي تعيش يف عامل وهمي صنعته بنفسها، نسجت خيوطه بأحامها، مبا يناسبها هي؛ واكتف��ت به وتابعت الكتابة متيقنة من أنني ال أقرأ رس��ائلها. فهي تكتب لنفس��ها ولي��س يل. ال أريد أن أرد عىل رسائلها؛ فتقرأ كلات غري التي حلمت بها ... تذكر دامئا أال تحطم وهم اآلخرين، ألنه قد يكون كل ما ميلكون...

*قاصة من سوريا

أليسار الشام*

ماذا بعد......

ع������������ن������������وان الشاعر االيراني سهراب سپهريترجمة:محمد األمين

خ���وف أج��رب محمود عواد

6العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

i n f o @ t a t t o o p a p e r . c o m

يف ندوة أقيمت بعد عرض فيلمه "ش��ريين" بطهران قبل سنوات قال كيارستمي املولود يف طهران العام 1940:" خافا ملا هو معروف عن��ي، ال أحب الس��ينا كث��ريا، أن��ا منحاز

للتجريب وأمارسه يف حقول عديدة".تف��رس ه��ذه الجمل��ة أول نج��اح حقق��ه كيارس��تمي مع فيلم��ه األول نظرا لخروجه عىل النمطيات الش��ائعة حينذاك يف صناعة

الفيلم يف إيران.بع��د مجموع��ة م��ن األفام القص��رية قدم كيارستمي فيلم "املسافر")1974( الذي يعد أساسيا يف تجربته الس��ينائية نظرا العتاد تقني��ات برصي��ة ورسدي��ة س��تطبع مجمل أعاله الس��ينائية يف مرحلته��ا األوىل التي ارتكزت عىل اللقطة املمتدة واختيار ممثلني ه��واة ودمج عن��رصي البس��اطة والتعقيد، يتناول فيلم "املس��افر" حكاية الصبي قاسم الذي يعيش يف منطقة نائية يف مدينة ماير، يحت��ال ع��ىل اصدقائ��ه من أج��ل الحصول ع��ىل مبلغ من امل��ال للس��فر اىل العاصمة طه��ران ملتابع��ة مب��ارة كرة ق��دم يخوضها ناديه املفضل، ويتحدى والديه ويتخطى كل العراقيل لتحقيق امنيته اال انه يغوص يف نوم عميق منذ اللحظ��ات االوىل النطاق املبارة

وحتى نهايتها.يوجه كيارستمي، بلغة السينا نقدا لألوضاع السياس��ية واالجتاعي��ة لب��اده، يف ف��رتة الحكم الشاهنش��اهي ولاحزاب السياس��ية وااليديولوجي��ات التي تس��حق اس��تقالية

الفرد. الحدث يش��كل نقطة البداي��ة والحدث أو خاصة ونتيج��ة لنهاية أفام كيارس��تمي ال رس��الة يف افامي، يقول الحاصل عىل جائزة الس��عفة الذهبي��ة، وهي عبارة تجس��دت يف اف��ام صدمت املش��اهد وأثارت اعرتاض بأبجدي��ات املتمس��كني م��ن مخالفي��ه الس��يناالتقليدية. يف فيلم��ه "تقرير" الذي أخرجه قبل عام م��ن انتصار الثورة اإليرانية يتن��اول كيارس��تمي موض��وع العاق��ة بني الرج��ل وامل��رأة وهو املوضوع الذي س��وف يتكرر يف " نس��خة مصدقة" من منظور آخر ومختلف متاما من حيث املكان والشخصيات وثي��م الح��وار ، ففي "تقرير"يحظ��ر الواقع االجتاع��ي بقوة من خال تن��اول العاقة املعقدة لزوجني شابني يف مجتمع يتأرجح يف برزخ التقليد والحداثة، ويف املعالجة الذكية التي صه��رت التحلي��ل الواقع��ي باملنظور الفني كانت املفاجأة التي فرضت عىل النقاد

االعرتاف بظهور موهبة سينائية فذة.

مع فيلم"أين بي��ت الصديق" )1987(،يبلغ كيارس��تمي ذروة التأل��ق الس��ينايئ، ومع ه��ذا الفيل��م تحدي��دا رس��خت الس��ينا اإليراني��ة حضورها عامليا . يكتش��ف أحمد أنه يحمله يف حقيبته الدراسية دفرت صديقه وزميله محمد رض��ا نعمت زاده املهدد من قب��ل املعلم بالطرد من الص��ف الدرايس ان تخلف مرة أخ��رى عن كتابة واجبه املدريس يف الدفرت، يس��عى أحم��د العثور عىل عنوان منزل صديقه٫بحث يستمر حتى الليل يقرتن بنقل مفاهيم عميقة للمشاهد. و من حيث املضمون استطاع كيارس��تمي أن يضمن يف قصة مألوفة من الحياة اليومية أبعادا انسانية وفلس��فية . أما عىل الصعيدي��ن االجتاعي والس��يايس مثة من النقاد م��ن اعتر الصبي أحمد رمزا لراءة الفرد اإليراين وإرصاره عىل تحقيق ذاته. وم��ن زاوية نظر مختلفة، رأى نق��اد س��ينائيون ايرانيون ان الفيلم يش��ري اىل الجدل بني التقلي��د والحداثة يف املجتمع االي��راين ففي��ا يس��هب الرج��ل العجوز يف الفيلم برسد حكاية النوافذ واألبواب العتيقة التي صنعها بنفس��ه والتي تآكلت مع مرور الس��نني، يبدو الصبي غري مكرتث بحكايتها، ويعر عن ذلك بوضوح ح��ني يطالبه الرجل الهرم بأن يس��لك دربا ميكنه من مش��اهدة األبواب الت��ي صنعها، يرف��ض الصبي معلا ذل��ك بحلول اللي��ل. ينطل��ق الصبي برسعة فائقة يف العودة اىل منزله، فيا يقف الرجل املس��ن الهث��ا يف مكان��ه. ومع فيل��م "اين بيت الصديق " س��جل كيارس��تمي بصمته يف الس��ينا عر اس��لوبه الخ��اص يف تقديم الش��خصيات ، وهو ما تجىل ونضج أكرث يف

فيلم "كلوز أب – لقطة مقربة " الذي أش��اد به مخرجون س��ينائيون كبار مثل تارانتينو

واسكورسيزي وهرتسوغ وغودار.يف فيلم��ه "تحت اش��جار الزيتون" )1994( تلتق��ي مجموع��ة من الح��وادث املنفصلة، يجمعه��ا الظرف االس��تثنايئ حي��ث الزلزال املدمر الذي رضب منطقة رودبار يف ش��ال اي��ران ، فثم��ة العاقة الغرامي��ة التي تربط حسني وطاهرة، واملصاعب التي تواجه مخرج سينايئ يسعى النجاز رشيط سينايئ جميع ش��خصياته من الهواة. ترتكزبنية الفيلم عىل مجاورة املوت للحياة دون أي حضور مبارش للموت أو املوىت، فيا تحرض الحياة عر أحد أه��م تجلياتها: الحب.يف املش��هد األخري من "تحت أش��جار الزيت��ون" ويف ذروة التفاعل العاطف��ي للمش��اهد مع البط��ل العائد من

حوار مبهم مع حبيبته ..يصوب كيارستمي وبقس��وة تامة الكامريا إلىفض��اء آخر ليرتك البطل- العاش��ق يف عزلة قاس��ية، هو الذي ادعى ان الزلزال اس��نجابة آلهته بعد ان تم حرمانه من الزواج لعدم امتاكه ملنزل ..كل

البيوت تهدمت..نحن اآلن سواسية.يف فيلمه الذي يحمل عنوان قصيدة للشاعرة االيرانية الشهرية فروغ فرخزاد "سوف تأخذنا

الريح"، يستدرج كيارستمي املشاهد اىل التح��ول الروحي والنفيس لرج��ل يتجه مع فري��ق العمل اىل قرية نائية النجاز ريبورتاج عن مراس��يم عزاء امراة مسنة عىل مشارف املوت، اال انه ين��رصف عن هذه املهمة مع اس��تمرار امل��رأة العج��وز يف االحتضار ..مثة تغ��ريات روحية تطرأ عىل ش��خصيته تجعله غري مهتم عىل االطاق بتصوير مراسيم العزاء .الطري��ق الرتابي��ة ذات االنعطافات الحادة ، مش��هد القرى املحاذي��ة للطريق وأصوات ش��خصيات الفيل��م ..منظر الش��جرة التي يش��ريون اليها اثناء حواراته��م وبحثهم عن العنوان ، عنارص تحيل املش��اهد اىل س��ينا كيارستمي، وعامان اساسيان يلعبان دورا اساسيا يف التحول الروحي لبهزاد : الجغرافيا املعق��دة لقري��ة ال��وادي األس��ود الطبيعة اآلرسة الت��ي يرك��ز عليه��ا كيارس��تمي عر لقطات طويلة وعامة رسعان ما تفقد بريقها ح��ني تلتحم بالحالة الروحي��ة لبهزاد ويعد املكان اح��د افضل مواقع التصوير يف مجمل اعال كيارستمي حسب الناقد االيراين ارش س��نجايب .ان املكان الذي يس��تقر فيه بهزاد م��ع فريق العمل مش��يد يف اس��فل الوادي األسود ما يحول دون االتصال عر الهاتف

فيضطر بهزاد اىل الصع��ود لاماكن املرتفعة وهنا يتفاقم الش��عور بالخ��واء والعبث، اذ ان الهبوط املجدد يعي��د بهزاد اىل العاقات االجتاعية املزرية، هناك يف األعايل يستطيع بهزاد أن يتواصل مع الحياة ، انه يستمع اىل محادث��ات املتصلني كا مبق��دوره االنصات اىل صمت املقرة، هناك يتأمل التجاذب بني الحباة واملوت من خال س��عي الس��لحفاة للتغل��ب ع��ىل انقابه��ا .ومن ج��وف البرئ يس��تمع اىل يوس��ف الذي ميتهن حفر االبار .وهو ي��رسد قصته الغرامية ومفهومه للحب والوجود، وليس من املس��تبعد ان يكون مثة ترمي��ز لحكاية يوس��ف القرآنية، لكن األكرث أهمي��ة هو قدرة كيارس��تمي ع��ىل تصفية الشخصيات املحيطة ببهزاد من زوجته التي تخاصمت معه م��رورا باعضاء فريقه الذين هجروه والعجوز املتش��بثة بالحياة والصبي الدليل، ليمنح لحظة انهيار البرئ اثناء تواجد يوس��ف داخله داللة ذات أهمية قصوى اذ

أنها تزامن مع االنهيار الروحي لبهزاد. أف��ام اعتب��ار التس��عينات ميك��ن لغاي��ة كيارس��تمي رس��ائل ثناء ومتجي��د للطبيعة والحي��اة والح��ب.يف "الحي��اة ث��م اليشء" كا يف "تحت أش��جار الزيت��ون" مثة البحث ع��ن بقايا الحي��اة يف بيئة منكوب��ة بالزالزل ومظاه��ر املوت، ويف "طع��م الكرز" كا يف "س��وف تأخذنا الريح"مثة شخصيات تتغلب عىل س��طوة امل��وت م��ن خ��ال االهتام باملده��ش يف الحياة واملس��توجب لاحتفاء بها.ان خصوصية كيارس��تمي متثلت بالدمج الناج��ع بني الوثائقي وال��روايئ وهي توليفة غالبا ما ترز عر حوارات ذات ملمح س��اخر

جماليات

محمد األمين

..التجريب أوال عباس كيارستمي

منذ فيلمه األول »خبز وزقاق« )1970، 11 دقيقة( الذي أخرجه في مطلع الس��بعينات وحت��ى فيلم��ه األخي��ر "كمثل ش��خص عاش��ق" 2012 ح��رص المخ��رج اإليراني عباس كيارس��تمي ال��ذي رحل مؤخرا ف��ي العاصمة الفرنس��ية باريس ع��ن 7٦ عاما على مواصلة التجريب بغض النظر عن نتائجه وتأثيره على س��معته ومكانته السينمائية. هذه السمة ستكون مازمة لكيارستممي في حقول ابداعية

أخرى مثل الشعر والتصوير.

7العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

w w w . t a t t o o p a p e r . c o mجماليات

وتهكمي ، لكنها غري تشاؤمية بفعل اقتباسها من الحياة املعيشة ذاتها .ويف طعم الكرز مثة الغموض الذي يطبع ش��خصية البطل بديعي وعزوفه عن اإلقدام عىل االنتحار، ومع فيلم "خمس��ة" حيث تأخ��ذ الحيوانات وعنارص أخ��رى م��ن الطبيع��ة دورا محوريا يتوقف هذا املسار من التجريب، لنكون إزاء مرحلة جديدة يف مس��رية املخرج الشهري كيارستمي أي مع فيلم "ش��ريين" تحدي��دا فهو األكرث إث��ارة للج��دل يف داخل��ل اي��ران وخارجها، والفيل��م يب��ني التاثري ال��ذي ترتك��ه ملحمة ش��عرية كاس��يكية عىل نس��اء ه��ن نجوم الس��ينا االيرانية ،و خافا ألفامه الس��ابقة التي تعتمد مشاركة ش��خصيات منالواقع يف تقديم األدوار الرئيس��ية، يص��ور الفيلم أكرث

من مئة ممثلة ايرانية. يف ح��وار صحفي أجرته معه صحيفة ايرانية واسعة االنتش��ار قال كيارستمي أنه شاهد فيلم شريين خمسني مرة، ومن املستبعد أن يكون السبب هو النقد الاذع الذي تعرض ل��ه الفيلم، ،فالفيلم يش��كل مرحلة جديدة يف الرؤي��ة التجريبي��ة لكيارس��تمي حي��ث يتقاطع فن البورتريه مع األدب الكاس��ييك م��ع الس��ينا ،وحتى م��ع ح��ذف الصوت والقراءاتالشعرية ملقاطع من ملحمة خرسو وش��ريين، مثة التواصل الخ��اق العميق مع مشاعر حقيقية ملمثات إيرانيات، حرضن يف الفيلم باعتبارهن نساء يستمعن إىل واحدة

من أكرثاملامح الشعرية رومانسية. ليس التجريب وحده ما يسعى كيارستمي اىل خوضه، وإمنا منظوره اإلنساين الذي يروم تناوله فنيا بعيدا عن أي خطاب س��يايس.يف رده عىل االنتقادات التي وجهت اليه فيا يتعلق بالتخيل لتخيل عن القضايا االجتاعية ذات الطابع الس��يايس ،يدحض كيارس��تمي التوقع��ات الواهية بأن يعيش يف املس��تقبل خارج باده يك يحقق أفاما تخرج عن إطار هموم وطنه ، يقول كيارستمي "عىل املخرج أن يشعر بالحرية واألمان تجاه املسؤوليات التي يضعها هو بنفس��ه عىل نفسه..ال يوجد م��كان ميدين بالش��عور باألم��ان مثل منزيل الذي يق��ع يف نهاية زقاق بطهران،وان كان القص��د من األف��ام االجتاعية ه��و إخراج أفام سياسية فهذا ما أتجنبه بقوة .فاألفام السياسية لها تاريخ اس��تهاك محدد،ان أي فيلم جيد هو فيل��م اجتاعي اذ انه يتناول حياة اإلنس��ان املعارص، ويف حقيقة األمر ال أحب األفام التي تطرح ش��عارات سياس��ية ألنها تحط منالقيمة الفنية للعمل السينايئ وأعتق��د ان األف��ام الش��اعرية ه��ي التي س��تحظى بالخل��ود، النه��ا تتن��اول قضاي��ا انس��انية. ان تجرب��ة حتى مبس��توى تجربة املخرج اليوناين الفرنيس غوس��تاف غاوراس يف مواجهةحكومة الجرناالت ، مل تصمد كثريا وفقدت اعتباره��ا مع التغيري الذي طرأ عىل النظام السيايس يف اليونان .ارفض أن يفرض عيل أم��ر من الخارج، وال أس��تغل الظروف الراهن��ة،واذا حقق مخرج ما فيلا سياس��يا فل��ن أس��اله مل��اذا مل تخصص ه��ذا الجهد

لتحقيق فيلم شاعري.طوال أكرث من خمس��ة عقود من مس��ريته الس��ينائية ،كان التجريب العنرص األساس يف أفام كيارس��تمي،وهو الذي ش��جعه عىل ح��ذف كل م��ا اعتره ض��د الس��ينا بغية الوص��ول اىل رؤية س��ينائية تعتمد الواقع والخيال معا لتحقيق أكر قدر من االنسجام

مع الحياة.

Marina-Abramovic تسري أعال مارينا ابراموفيتش)1946( تل��ك املمثل��ة الرصبي��ة التي تؤس��س طابعا دراماتيكي��ا مغايرا للوحات الجس��د العامة من خال فعله��ا األدايئ حيث انها ترم��ج لحظات العرض لفعل تشاريك يجسد حاالت األمل والعنف التي متر بها، وليس هذا فحس��ب ب��ل انها تبني لنا مواطئ��ا جديدة باألداء االيروتي��يك )امليتامرسح��ي( م��ن خال نش��وء الفعل اللحظ��وي لها وللمتلقني غري إنها تعمد تبني الس��ادية بوصفها مضارا تعول عليه يف لذتها بالعرض، وهنا البد من اإلش��ارة إىل إنه يف احد عروضه��ا يذهب املتلقون لتعريتها بالكامل وهي واقفة ال تحرك ساكنا وفيا بعد يأخذ الجس��د بعدا هلوس��يا غري منمط أو معتاد عليه من خال تأكس��د الحالة وتباريها م��ع ما هو موجود الس��تفزاز املتلق��ني، وجدير بالذك��ر أن عروضها تخلو من الخش��بة بل تك��ون يف متاس مع الحض��ور ليكون التفاع��ل أك��رث جدية يف الع��رض كا انه��ا عمدت يف احد عروضها بعد أن تس��ري عىل خط مس��تقيم، رضب جس��دها يف جدران املكان الذي في��ه العرض ما ولد حالة استثنائية، ادائية، سادية يف استعال ذلك الفعل القمع��ي للذات، فاالنوية تتش��كل مع بي��ان الفوارق البيثقافي��ة بني كل من املمثلة بعدها وس��يطا لحاالت

االنفعال وبني املتلقي املشارك يف العمل.تس��تمد حضورها وافعاله��ا ومكوناتها ه��ذه املمثلة األدائية م��ن الحياة واالحتكاك مع املواطنني وخصوصا مع الحياة )االس��رتالية( � يف احد عروضها س��ارت عىل ط��ول س��ور الصني العظي��م ل��� )2500م( لتلتقي مع زوجها وبعد لقاء قصري كان كل منها يحمل علا أحمر وأبي��ض ثم تجهش بالبكاء بعدها تفارقه العتقادها أن األمر)الزواج( ب��ات رتيبا. بهذا تحاول أن تتحدى كافة املقوم��ات الت��ي تعد جحر ص��د أمامها وذل��ك كونها تفض��ل العيش مع فنه��ا يف احلك الظروف واش��دها. ويتضح العامل الطقيس / الفلكلوري بأعالها بش��كل واضح ورصيح ل��ذا نجدها ال تنفي وجوده بعد واحد من أهم املرجعيات الت��ي تبنتها أو اعتمدت عليها يف أدائها االيروتييك كونها تس��تمده من ارضهم الخصبة التي ترعرعت فيها ملدة من الزمن وجدير باإلشارة إىل العاقة املتعلقة بني تبني الروفانس بأفعال ايروتيكية وافع��ال فلكورية هدفها س��بك مقام جدي��د للتايز والتفردن لذا تقرأ الفنانة يف بيانها الفني الش��هري:"عيل الفن��ان أن يتبن��ى وجهة نظ��ر عن الع��امل مبنيه عيل اإلثارة- عىل الفنان أن يكون مثريا- عىل الفنان أن يكون مثريا")يوس��ف ليم��ود، روح العامل يف جس��د الفنان(. والتأكيد عىل عنرص اإلثارة )االيروتيكية( يؤسس له عر تكوير ذاتها ومبادئها إلنتاج فضاء

غري مستقر رجراج.تحاول أن تقوم بالتمرينات التي تطرحها عىل املؤدين، غ��ري أنه��ا تحاول تج��اوز كاف��ة النظري��ات التمثيلية السالفة فهي تجميع بني املمثل السائل الذي ال يحده تنمي��ط معني وب��ني الخص��ب الفكري��ة املتعالق بني الجس��د والعقل وفق ما تقتضيه اللحظة اآلنية املؤداة أمام الجمهور. وتلجأ أيضا يف حركات التدريب الخاصة مبرشوعها االيروتييك فت��ح حواس املتلقي خارج البرص إذ تعمد إىل إغاض املؤدي بقطعة قاش س��وداء عىل عينة وترمي به يف غابات كبرية إلعطاء اآلخر بعدا تأمليا يحرك الذاكرة االنفعالية التي نادى بها ستانسافس��يك أو تضع��ه يف مواج��ه املرآة ليكتش��ف أو يتعرف عىل ذاته وهي املسألة األشد خطورة يف التمرينات إذ تبيح للم��ؤدي أن يكون من؟ هل وج��ب أن يكون ذاته أم الش��خصية وفق م��ا ترغب به مارين��ا وعىل هذا تظل األعال التي ترشع بها مارينا خارج ما هو سائد لبيان حقيقة األشياء ال تزيفيها فالاوجود للتمثيل هل يكون

مبضار الفعل التأدوي.تس��تعرض نفس��ها عارية وهي تواجه الذكورة، يف احد مش��اهد الدخول إىل العرض حاول��ت أن تضع احدى مؤدياتها أمام مؤد آخ��ر يف مكان ضيق جدا ما يقارب امل��رت الواحد وعىل املتلق��ي أن يكون ح��ارضا يف هذا الفع��ل ال متفرجا عليها وهي لحظة مهاد قبل الدخول للع��رض، أي يجب أن يدخل ذاتيا م��ع هذه اللحظة املؤس��س له��ا، قاصدة إيض��اح املهم��ل واالنتباه إىل مس��ألة االيروتيك. وتخضع حرك��ة املتلقي إىل امليكنة نوع��ا ما النه محك��وم بإطار معني وتح��اول ان تعمل من التكرار بابا جاليا يبيح لها عرضها وإنتاج فراس��ة مغاي��رة ل��كل الثيم املطروح��ة وهي تس��هم يف بيان االطناب��ات الجديدة التي تدعم فرص الدخول يف عوامل م��ا بعد الحداث��ة املتبنية لكل ما هو مهمش وس��اكن لتدفع به إىل املستوى العام وهي مرحلة فكاكة الواقع وليس تفكيك��ه وهذه اللعبة اإلش��هارية الراقة التي وظفتها يف عرض جايل مختزل بعيدا عن التابو لتمنح حق اإلش��رتاك فيه ال فقط التفرج عليه وهي مس��ألة تعرض��ن املرتاكم وتدخل يف وعائه املتأمس��س بخطاب امليتامرسح يف أغلب طروحاته، وعروضها تستمر ألكرث

من ليلة بأزياء مختلفة.ننته��ي بفعل التثوير الذي ترزه وتضعه يف ش��طريتها املرسحية التي ركبتها من خالها البيانات ودش��نتها يف لعبة مس��تقلة خ��ارج األمناط املعمولة بش��أن مرسح املثلي��ني، الن عروضها يف بع��ض جزئياتها تكون تحت ديباجة هذا النوع من املسارح التي كونت مكانا مها يف ذاكرة متلقيها وبدأ األخري مواظبته لحضور عروضها الثاقبة واملثرية لاستفزاز، كا ان الرتسانة األدائية التي متتلكها / تجرتحها مارينا استدعت املتلقني متابعة

اعالها وماحقتها اين ما تكون.

أحمد ضياء / العراق

العب��ور بين الجس��د والعقل.. مارينا ابراموفيتش

TABLEAU

زياد جسام

حاول)زياد( أن يعيد تشكيل هيئة وجوهر العامة املعروفة-عىل نطاق عاملي شائع- تلك التي تخص أغلب املواد واألشياء املهملة واملوجودة يف الحياة وما يدور و يتوافر منها كاملعادن و)الباستيك( وخواص النفايات القابلة لإلعادة والتدوير، مستثمرا طاقتها التحويلية إىل جملة ما جاء يرمي صوب مواضيع محرجة ومهمة وحيوية يف واقع حياتنا السياسية يف العراق الحايل، من تلك التي تاق من خالها الفنان للوصول والحفول ملا هو أبعد وأوقع من مجرد تخديرات لعب حاذق عىل ترويض مواد مستعملة و مبذولة، وتوجيه أصل الفكرة والهيئة و الجوهر نحو غاياته، منتحا أسباب إسقاط فكرته )إعادة تدوير( وفق مفهوم قلة الكفاءة جراء فقدان الكثري من خواص املادة األصلية، من باب حقيقة؛)أي يشء يعاد تدويره تقل كفاءته(،ومبا يجمل -أيضا- عن ماهية السؤال الذي يطرحه الفنان حول ما ذا كان ذلك اليشء ال ميتلك الكفاءة-أصا- حتى قبل تدويره ؟!

مخابئ ألفكار حرجة في ثنايا معرض زياد جسام ...)إعادة تدوير(

من مقالة ل� )حسن عبد الحميد(

TABLEAU

10العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

i n f o @ t a t t o o p a p e r . c o mالكاميرا عين

فاضل عباس هاديعن كتاب

)السيدة اليكا تنتظرك في البيت(

الثق��ب واالنعكاس واألش��عة هي العنارص التصوي��ر يف طريق��ة بأبس��ط املكون��ة الفوتوغرايف عرفت منذ أقدم العصور، وهي تعرف، عىل ما طرأ عليها من تطور بس��يط باس��م Pinhole Camera . وه��ي تتكون يف هيكلها األس��ايس من صن��دوق مظلم ال يدخل��ه الضوء ولوح ضويئ حس��اس وثقب دائري صغري ج��دا ورقي��ق. وكان ليوناردو

دافنيش قد كتب بالتفصيل حولعاقة الضوء بالظل ووضع ورقة بيضاء عىل جدار وعىل مستوى مقابل ملرور الضوء من خال ثقب صغري. ب��ل أن كتابة »كوديكس اتانتيك��وس « املنش��ور يف ع��رص النهضة يعتر أهم وأول مصدر قديم حول التصوير الفوتوغرايف يف أبس��ط تطبيقاته. والتصوير ( pinhole ) من خال ثقب دائ��ري صغريميكن أن نس��ميه »ثقب الدبوس « رمبا ولد

كا ولدت املخرتعات اإلنس��انية الكرى من خال الصدفة.

السحر الطبيعيوبعد ميض ق��رن ونصف الق��رن عىل ذلك كتب الري��ايض واألديب اإليط��ايل جيوفاين بابتيس��تا ديابورتا أول دراسة حول القمرة املظلم��ة ( Camera Obscura ) وكان��ت بعنوان »الس��حر الطبيع��ي «. وقد طبعت الدراس��ة مرات عديدة خال حي��اة العامل واستفاد الرسامون منها يف رسم مواضيعهم األصلية. وهي تنعك��س عىل جدار غرفتهم

املظلمة بواسطة الثقب الدائري الصغري.ويعتقد بع��ض املؤرخ��ني أن ديابورتا كان قد فكر بوضع عدس��ة زجاجية بسيطة أمام الثق��ب لجمع الضوء م��ن الخارج عىل لوح الفيلم الحساس. إال انه من األكيد أن العامل

دانيل باربارو م��ن مدينة البندقية يف العام 1568 14 كان أول م��ن أض��اف إىل كام��ريا الغرف��ة املظلمة عدس��ة محدب��ة الوجهني فمه��د الطريق بفضل ذلك إىل العدس��ات

املتطورة الحالية.وكان الس��ري ديفيد برويس��رت قد كتب يف العام 1856 يقول: »ان��ه وزميل له افلحا يف تصوير متثال نصفي بواس��طة صندوق مظل��م م��ن دون عدس��ة، وأن تعري��ض

الفيلم استغرق عرش دقائق بسبب العتمة، وان العل��م يف يوم من األيام س��يتوصل إىل إنتاج فيلم حساس يقلص التعريض إىل فرتة

قصرية جدا .«

التصوير بال عدسةوحت��ى العقد األول من الق��رن املايض كان التصوير من دون عدس��ة ش��ائعا جدا، إىل

أن ابتك��رت رشكة كوداك أول »غرف��ة مظلمة « تحمل باليد، أصبحت

وظلت تعرف حتى اآلن باسم »براوين .«وقد جمعت لورين س��ميث بعض إنتاجهم يف كتاب صدر يف أمري��كا. الكتاب بعنوان: The Visionary Pinhole وه��و يحت��وي ع��ىل مقدم��ة وافية ح��ول التصوي��ر دون

عدسة!

ويعت��ر األمرييك أريك ريرن من اش��هر مصوري ثقب الدبوس. فقد كرس حياته من��ذ نصف قرن لهذا الن��وع البدايئ من التصوير. وتقام له معارض كبرية يف طول القارة األمريكية وعرضها. وتقول ميش��يل جوبري يف مق��ال كتبته ح��ول املوضوع يف مجلة »أمريكان فوتوغراف « عدد ديسمر من العام 1978 أن عودة التصوير بالثقب الصغري تذكرنا بأن العامل بس��يط يف األساس، وأن تطور الكامريات الحديثة وتعقيدها إىل حد الرطان��ة التقنية غري القابلة عىل الفهم، هو الذي دفع الكثري من املصورين الضوئيني إىل املطالب��ة بالعودة إىل الجذور، واحتضان املنابع القدمية األوىل وعىل رأس��ها التصوير دون عدسة. ولنتذكر قاعدة أساسية مفيدة يف مج��ال التصوير ه��ذا، وهي أن 15 قرب سطح الفيلم الحساس من الثقب يحقق لنا صورا متاثل صورة العدسة الواسعة االنفراج، وأن بعده عن الثقب يحقق لنا صورا متاثل صور العدس��ات ذات البعد البؤري الطويل

»تيليفوتو .

التصوير دون عدسة

الدبوس ثق��ب

11العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

w w w . t a t t o o p a p e r . c o mريبورتاج

عىل العكس ما يفرتض��ه املنطق احيانا فإن املابس الضيقة هي األكرث تعبريا عن األنوثة والكثريات من الفتيات يش��عرن بالتاس��ك النفيس اذا ما كانت مابسهن ضيقة رشط أن تكون االجس��ام بالنحافة

املطلوبة ومقسمة بشكل سليم. هذا الكام سمعته مرة من خياطة شهرية يف منطق��ة زيونة وس��عدت به كثريا ألن أمي كانت حارضة وس��معته معي ولكن األمر تطلب مني الكثري من الكفاح بعد ذلك فمجتمعنا يتخيل الجسد اوال قبل أن ينظر إىل املابس وهذه املشكلة مل تعد يف هذا الزمن معقدة بالنس��بة للفتيات فهناك دامئا الكثري من االحتياالت الظهار

الجال وبطريقة إغوائية.البنطل��ون الجين��ز كان وماي��زال يأخذ ش��هرته بني الذكور عىل انه حالة إغوائية بين��ا هو بالنس��بة للفتي��ات العامات حال��ة اس��تعجالية التكل��ف الكثري من الوق��ت والجهد فيكفي أن نتصارع قليا مع زرار الخرص وقفل الس��حاب وبعدها

ننطلق إىل الخارج بأريحية. ك��ره الجنيز يبدأ م��ن عقليات األمهات فدامئ��ا ما يكون الرشط االول هو تغطية منطقة األرداف ولكن ميكن التساهل مع البنات األقل حظ��ا يف الجال. يف الحياة العملية ميكن بكل بساطة االنجرار خلف الفك��رة التقليدي��ة الت��ي يف رأس اآلخر وللاس��ف الشديد معظم البنات يف سن العرشي��ن ال ميلكن التوج��ه الصائب وال

حتى االرادة.هذا ما ع��رت عنه "وصال" وهي تتكلم عن س��لبية امل��رأة ازاء ام��راض الذكور فاملاب��س اوال واخريا تعب��ري عن املكانة والثقاف��ة وايضا التناس��ب م��ع الوضع وظرف الظهور. لكن مي من جانبها ترص ع��ىل أن الجينز يثري الرجال لذلك هي ال ترتدي��ه اال وهو مغط��ى بقميص طويل وحني س��ألتها ع��ن الهدف م��ن ارتدائه

قالت بانه مريح وسهل.مشكلة الجينز ال تقترص عىل وظيفته يف اظهار معامل الجسد السفلية وامنا خضوعه

للمفهوم العام باعتباره حالة اغواء تقوم به املراة وسط ذكور مأزومني عىل الدوام. "رقي��ة" ش��تتني حني قال��ت انها تغطي ارادفه��ا ولكنها تتعمد ارت��داء القمصان املثرية ألن هذا يعوضها عن فتنة الجينز. وأضافت وكأنها تفيش رسا عظيا " حتى لو كانت األرداف غري ظاهرة فإن االغواء يكون يف طريقة امليش" ثم تابعت وهي تتلف��ت " األرداف الكبرية تظهر حتى لو

غطيناها ببطانية".رقية جعلتني اضح��ك وهي يف الحقيقة متثل رأي اغلبي��ة البنات يف التحايل عىل ارادات االمهات واالخوة. ال أحد يستطيع ابعاد املاب��س عن تهمة االغواء حتى لو كانت اسامية وهذا االمر يتصل بهمجية التعامل مع املراة وبعدم قدرة مجتمعنا عىل الظهور بت��وازن واريحي��ة. ومبا أن املس��توى الثقايف لكل الطبقات النسائية هو يف تراجع مستمر فاالخذ بوجهة نظر

الذكور يعد السائد.سوس��ن قالت "اليجوز ان ترتدي البنت مابس ليس��ت م��ن عاداتن��ا وتقاليدنا والمتثلن��ا ثقافي��ا" وأرصت أن بنطل��ون الجينز حرام لغري ال��زوج. قلت لها انا ال اغسل بنطلوين الجينز اال مرة واحدة كل اس��بوعني وهذا يوفر يل الكثري فضا عن حرية الحركة ومتطلب��ات العمل. وحني مل تقتنع س��ألتها: ه��ل ترتدين الجينز يف البي��ت لزوجك؟. ف��ردت ضاحكة: طبعا

ال.نحن نظهر االماكن الجميلة من جسدنا ألنه هويتنا األوىل وكا نفعل مع العينني نفع��ل مع الق��وام الجمي��ل فليس كل فتاة يناس��بها بنطلون الجينز لكن قدر النحيف��ات أن تظهر له��ن عقدة الجينز كعائق يدمر الحرية الش��خصية. "نغم" توافقني ال��رأي يف أن الجينز حاله حال أي قطعة مابس أخرى ويجب معاملته بالطريقة السليمة وخضوعه للمقاييس العملي��ة وعدم تحميل��ه قيمة أكر من كونه بنطلون جينز وأن االخاق ومعايري ال��رشف ل��ن تذه��ب بارت��داء بنطلون الجين��ز وان اصحاب العق��ول املريضة وحدهم الذين

ال ينظ��رون اىل املاب��س وامن��ا اىل م��ا تحتها.

وقالت نغ��م "بنطلون الجينز واحد من اش��كاالت ع��دة ميك��ن ان تع��اب عىل مظهر املرأة ولاس��ف هذا ما نشعر به يف اوساط الحياة والعمل رغم أن الجينز بات اسلوب حياة وكل البنات الصغريات بحدود س��ن الع��ارشة يلبس��ن الجينز ألنه األس��لم واألحس��ن ولكن التعامل الذكوري مع املوض��وع فيه الكثري من

التسلط املتخلف فضا عن املرض". صحيح أن الجينز اس��لوب حياة لكن معظم النس��اء يخفني جزءا منه تحت

مابس اخ��رى وهذه مفارقة فالتن��ورة للغاي��ة عجيب��ة والفس��اتني ميكن ان تكون اغوائي��ة اكرث من البنطلون

فليس كل التنورات واس��عة ك��ا ان االناق��ة واالنبه��ار ال تظه��ر مطلق��ا يف بنطل��ون الجين��ز وامنا يف التنورات والفس��اتني القصرية هذا اذا

توفرت فعا جينات االنوثة.نغ��م رجح��ت أن يك��ون مجتمعنا الذكوري اكرث تعلقا ببنطلون الجينز ألن امل��رأة العراقي��ة يف العم��وم ال اناقته��ا وجالها تس��تطيع اظه��ار بالش��كل الصحي��ح فا وج��ود مثا

لثقاف��ة مابس الصي��ف وكذلك ال وجود ليشء اس��مه فستان

االع��راس يف اال الس��هرة املغلقة وحرصا يف االماكن الت��ي ال يدخلها الرجال اناق��ة توج��د ال ك��ا العراق اس��تثنائية كون

تصميم ف��ن م��ن يخل��و االزياء وال توجد رشكات تتعامل

يف مج��ال االزياء ألن املجتمع مغلق وينظ��ر اىل املرأة عىل انه��ا عورة وإثم مييش عىل قدمني لهذا فالبنطلون يغري

الرجال ألنهم ال يعرفون أكرث من هذا.قلت لها ضاحكة:هذه مشكلتهم.

ردت مع ضحكة ماثلة:مصيبة هذا البلد.

زينب المشاط

ال���ج���ي���ن���ز إغ���وائ���ي���ا

12العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

i n f o @ t a t t o o p a p e r . c o mالبعد الرابع

تبدأ املش��كلة من الحاج��ة اىل إع��ادة توثيق أحداث الس��ادس م��ن آب 1945 واع��ادة غرس��ها يف الضمري

الحي. عرض عيل كتاب يف معرض للكتب بفرانكفورت. طلب مني املحرر ابداء ماحظايت يف ما يخص ش��كل الكتاب وتنضيده. تفحصت الكتاب رسيعا وأبديت ماحظايت. أرسلت يل النسخة النهائية من الكتاب قبل ثاثة شهور. إنه يرقد أمامي عىل الطاولة مل يفتح بعد. يثري انتباهي بني حني وآخر عنوانه وصورة غافه ولكني مل أستجب. مل أعت��ر ق��راءة ذلك الكتاب ملح��ة ألين اعتقدت بأين

أعرف ما ميكن أن أجد فيه.أال اتذك��ر بوضوح ي��وم كنت يف الجيش يف بلفاس��ت وس��معنا ألول م��رة أخبار القنبلة التي أس��قطت عىل هريوش��يا؟ ثم يف أي لقاء من لقاءاتن��ا يف حركة نزع الساح النووي مل أتحدث أو يفعل زمايئ اآلخرون عن

معني تلك القنبلة!يف صب��اح من األس��بوع املايض اس��تلمت رس��الة من أمريكا مرفق بها مقال بقل��م صديقة. صديقتي هذه دكتوراه يف الفلس��فة وماركس��ية باإلضاف��ة إىل كونها كرمي��ة جدا وطيبة القلب. ي��دور املقال عن احتاالت ح��رب عاملية ثالث��ة. بالنس��بة اىل االتحاد الس��وفيتي فانها تتخ��ذ موقفا –وهذا ما أدهش��تني قراءته-قريبا م��ن موقف رونال��د ريغن. وتنتهي باس��تحضار حجم الدمار املتوقع الذي تسببه األسلحة النووية ثم ترحب باالحت��االت االيجابية ألن يحفز كل هذا يف النهاية اىل اإلصاح االشرتايك يف الواليات املتحدة. يف ذلك الصباح فتحت وقرأت الكتاب الراقد عىل الطاولة وعنوانه"نار

ال ميكن نسيانها" يحتوي الكتاب عىل تخطيطات ورس��ومات أناس كانوا يف هريوشيا يوم أسقطت عليها القنبلة قبل ستة وثاثني عاما م��ن عامنا هذا )1982(. غالبا ما ترافق الرس��وم والتخطيط��ات اقوال ع��ا متثله الرس��وم. ال أحد من هؤالء املش��اركني فنان محرتف. عام 1974 ذهب رجل كبري الس��ن اىل محطة التلفزيون يف هريوشيا ليعرض عىل املس��ؤولني هن��اك لوحة رس��مها وعنوانها"حوايل الرابع��ة عرصا يف الس��ادس م��ن آب 1945 قرب جرس

يورزويو"ش��جع هذا العمل محطة التليفزيون عىل اعان دعوة اىل الناجني من ذلك اليوم لرس��م أو تخطيط ذكرياتهم عنه. تم إرس��ال ألف لوحة تقريبا وعرضت يف معرض يف ما بعد. كانت الدعوة مكتوبة بالش��كل التايل"لنرتك

للقادمني صورا عن القنبلة الذرية يرسمها الضحايا". من الواضح أن اهتامي بهذه الرس��وم ليس من باب النقد التشكييل إذ ليس لنا أن نحلل الرصخة موسيقيا. لك��ن وبعد النظر اليها املرة تل��و األخرى صار يقينا ما

كان مجرد انطباع؛ إنها صور من الجحيم.لس��ت أبالغ يف قويل هذا. نجد أن مثة تش��ابه كبري بني هذه الرس��وم التي رسمها نس��اء ورجل من الذين مل يرس��موا منذ أيام املدرسة وأغلبهم مل يسافر اىل خارج الياب��ان، بني ه��ذه الذكري��ات املس��تعادة التي يراد اس��تجاؤها فيا يشبه الطقس وبني متثات الجحيم يف

فن أوربا القرون الوسطى. وهذا التش��ابه تش��ابه أس��لويب وأس��ايس أيضا. تكمن أساسيته يف املوقف الذي يتم تصويره. يكمن التشابه يف درجة تعاظم األمل ويف غياب مجري أو ش��فيع وحيث

ال شفقة وامنا مساواة يف التعاسة ويف غياب الزمن. أنا رجل يف الثامنة والسبعني من عمري. كنت أعيش يف ميدورميات��يش يف يوم انفجار القنبلة. عندما نظرت من نافذيت حوايل الس��اعة التاسعة صباحا رأيت عدة نساء الواحدة تلو األخرى يرسن عر الش��ارع اىل مستش��فى

هريوش��يا. أدركت وألول مرة أن ش��عر اإلنسان يقف بالفع��ل يف حالة الذعر والفزع ك��ا يقال عادة. كانت ش��عور تلك النشوة واقفة مس��تقيمة وجلود أذرعهن مس��لوخة متهدل��ة. كن ك��ا أظ��ن يف الثاثينات من

أعارهن. تس��تدعي شهادات ش��هود العيان الواقعية اىل الذاكرة أش��عار دانتي يف الجحيم. كانت درجة الحرارة يف قلب ك��رة الن��ار يف هريوش��يا ثامثائة ألف درج��ة مئوية. يس��مى الناج��ون من القنبل��ة يف اليابان )هباكس��كا(

أو"أولئك الذين رأوا الجحيم".اق��رتب مني فج��أة رج��ل عرته الن��ار وق��ال بصوت مرتجف"ساعدين أرجوك". كان جسمه محروقا متورما من أثر القنبلة. مل أعرف أنه جاري فسألته من أنت قال إنه الس��يد ساسايك ابن الس��يد انوسويك وكان له كشك صغري يف مدينة فونايري ولكنه يف ذلك اليوم كان يؤدي عما طوعيا بإخاء املنازل القريبة من املحافظة مبدينة د ومىش يرمي كاتو. كان جس��مه قد احرتق كليا وأس��والع��ودة اىل بيت��ه يف فوناي��ري. كان يف حالة ال توصف محرتق��ا موجوع��ا وعاريا أال من مزق بنطال يس��حلها خلف��ه وهو مييش. م��ا بقي من ش��عره الجزء األعىل املغط��ى بالبريي��ة. كان يب��دو وكأنه يض��ع صحنا عىل

شعره. حني ملسته انسلخ جلده املخرتق. مل أكن أعرف ما أفعل ولذا سألت سائقا عابرا

أن يأخذه اىل مستشفى أيبا.أال يجع��ل هذا االس��تحضار لصور الجحيم نس��يان أن هذه من واقع الحياة أمرا ممكنا وس��ها؟ أليس هناك اعتقاد عام ع��ىل أن الجحيم ليس حقيقيا؟ كا فالقرن

العرشين يثبت العكس متاما. لقد تم تركيب أحوال الجحيم يف أوربا بطريقة منظمة يف ه��ذا القرن ولس��نا بحاجة اىل درج قامئ��ة باملواقع وحس��اب أس��اء املنظمني لها. كلنا نعرف هذا ولكننا

نختار أن ننىس. نج��د هنا يف الغ��رب أنه من الامعق��ول والصاعق أن أغل��ب الصفح��ات التي تخص تروتس��يك-عىل س��بيل املثال-ت��م محوها من تاريخ االتحاد الس��وفيتي بينا محيت من تاريخنا صفحات تخص تجربة القاء قنبلتني

ذريتني عىل اليابان. الوقائ��ع هن��اك يف الكتب املنهجية طبع��ا، ورمبا تعلم أطف��ال امل��دارس التواريخ ولك��ن م��اذا تعني هذه الوقائع! كان معناها يف األصل واضحا وجليا وحيا بشكل وحيش بحيث إن كل معلق يف العامل كان مصدوما وكل س��يايس كان عليه ان يق��ول -وإن أخفى غري ذلك-"لن يحدث هذا مرة أخرى". ولكن معناها ذلك تم محوه. كانت هناك عملية منظمة ودقيقة وبطيئة من التعتيم

واملحو وهذه العملية خبيئة يف واقع السياسة. هن��ا أس��تخدم ال فان��ا فهم��ي. يس��اء أال أرج��و مفردة"واقع"من باب التهكم كا أين لس��ت بالساذج سياس��يا. أكن احرتاما هائا للواقع الس��يايس وأثق بأن براءة السياس��يني املثالي��ني يف أغل��ب األحيان خطرية ومخيف��ة ج��دا. م��ا يهمنا يف ه��ذا كي��ف كان للواقع

العس��كري والواقع الس��يايس يف الغرب أن ميحوا واقعا آخر عىل املستوى امللموس: -

جرس يوكوغاوا عىل نهر تنا، الس��ادس من آب 1945 الساعة الثامنة والنصف صباحا.

الن��اس ترصخ وتنئ وتركض نحو مرك��ز املدينة. مل أكن أع��رف ملاذا. القط��ارات البخارية يف محط��ة يوكوغاوا

كانت تحرتق.جلد بقرة يلتف عىل األساك.

جلد فتاة مسلوخ يتدىل من خرصها. بنيتي ميتة. أليس كذلك؟

وعىل املستوى األخاقي.تعت��ر قضاي��ا م��ن ه��ذا الن��وع يف الجدل الس��يايس والعس��كري تصديا وأنظمة دفاعية ورضبات احرتازية وأسلحة نووية تكتيكية أ و-كا يرد لسوء الحظ احيانا-دفاعا مدنيا. ميكن ألية حركة من حركات نزع األسلحة النووية تحدي هذه االعتب��ارات الزائفة والطعن بها. أم��ا عدم رؤية هذا بوضوح فتلك طامة كرى كالقنبلة نفس��ها أو مث��ل كوابيس الجحيم. لق��د صاحب اعادة متثي��ل الجحيم عىل األرض يف أوربا تخطيط للجنة عىل

األرض. ما ينبغي إحياؤه وإعادة تثبيته وكشفه وعدم الساح بنس��يانه هو الواقع اآلخ��ر لكن كل قن��وات االتصال

العامة مغلقة أمام املقموع. عرضت رس��وم ضحايا هريوش��يا يف تليفزيون اليابان ولك��ن هل يعق��ل مثا ان تع��رض الب��ي يب يس تلك الرس��ومات يف وقت مه��م من الج��دول اليومي عىل قناتها األوىل ودومنا أية إش��ارة اىل الواقعني الس��يايس والعس��كري وتحت عن��وان عريض"ه��ذا ما حدث يف السادس من آب 1945؟ ال أعتقد وأتحداهم أن يفعلوا

هذا.ما ح��دث يف ذلك الي��وم مل يكن بداية ك��ا هو ليس بالنهاية لذلك العمل. بدأ قبلذاك بشهور ورمبا سنوات ومع التخطيط للقيام به حتى القرار الاحق بإس��قاط القنبلتني عىل اليابان. وبالقدر نفس��ه ما اصاب العامل م��ن فزع وهل��ع بس��بب القنبلة التي أس��قطت عىل هريوش��يا علينا أن نرز أن م��ا حدث مل يكن خطأ يف الحس��ابات أو هفوة أو نتيج��ة لتدهور الوضع رسيعا )كا يحدث يف الحرب( حد الخروج عن الس��يطرة بل

ترجمة: حسن ناصر

جون برجر ه��ي��روش��ي��م��ا

13العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

w w w . t a t t o o p a p e r . c o mالبعد الرابع

كان عما مع س��بق االرصار والتخطيط الدقيق. مشهد صغري كالتايل كان جزءا من الخطة.

كانت ماش��يا عىل جرس هيهياما حوايل الس��اعة الثالثة بعد الظهر من السابع من آب. كانت هناك امرأة يبدو أنها أم واىل جانبها طفلة يف الثالثة يبدو أنها استطاعت ان تحرض ش��يئا م��ن املاء يف صفيحة وكان��ت تريد أن تس��قي أمها. ما أن رأيت ذلك املش��هد البائس للطفلة املس��كينة حتى احتضن��ت الطفلة وبكي��ت معها وأنا

أخرها أن أمها ميتة. كان هناك اس��تعداد عىل قدم وساق وكانت هناك آثار مأس��اوية من بينها املوت البطيء والكثري من االمراض الخط��رية التي تحدث الحقا بس��بب التع��رض للقنبلة باإلضافة التي التشوهات الجينية ألجيال مل تولد بعد.

امتنع عن إعطاء احصائي��ات؛ كم مئة ألف ميت وكم جريح وكم طفل مش��وه كا امتن��ع عن عقد املقارنة ب��ني هذا وصغر حج��م القنبلة الذرية التي أس��قطت عىل اليابان. إحصائيات كهذه امنا تش��تت التفكري ألننا سننشغل باألعداد وليس باألمل ونحسب أكرث ما نحاكم

ننشغل بالقياس بدال عن الرفض. إنه ملن السهل اليوم استثارة سخط أوغضب جاهريي بالحديث عن تهديد والأخاقية اإلرهاب. بل ويف الواقع يب��دو أن هذا ه��و العمود الفقري لخطاب السياس��ة الخارجية األمريكية )إن موس��كو هي القاعدة العاملية لإلرهاب( وكذلك للسياس��ة الريطانية تجاه ايرلندة. أن ما يس��هل لهم تحشيد الناس ضد األعال اإلرهابية هو أن ضحايا هذه األعال عش��وائيون وأبرياء حشد يف محط��ة قطار، ناس ينتظرون باصا للعودة اىل البيت بع��د يوم عمل. يتم اختيار الضحايا با تفرقة عىل أمل انتاج صدمة تؤثر يف عملية صنع القرار الس��يايس لدى

حكومات بلدانهم. إن القنبلتني اللتني أس��قطتا ع��ىل اليابان عمل إرهايب؛ الحسابات إرهابية والعشوائية إرهابية. أن املجموعات االرهابي��ة الصغرية الت��ي تعمل اليوم لتب��دو اما ذلك

العمل مجموعات من قتلة انسانيني. مث��ة مقارنة أخرى ال بد من أجرائها؛ إن أغلب املجاميع اإلرهابي��ة العاملة اليوم متثل ش��عوبا ومجاميع صغرية تعمل ضد قوى أكر منها بينا كانت هريوش��يا عما قام به التحالف األقوى يف العامل ضد عدو كان مستعدا

للحوار بعد إعانه الهزمية. إن خل��ع صفة اإلره��اب عىل القنبلتني يف هريوش��يا وناغ��ازايك ال يجايف الصواب ومنطق��ي وامنا اعيد قوله اآلن لرتسيخ هذا الفعل يف الضمري الحي يف عاملنا اليوم

ومع هذا فان الصفة لوحدها ال تغري شيئا. األدل��ة املبارشة الت��ي يقدمه��ا الضحايا وه��ي قراءة للممح��و من صفح��ات التاري��خ تثري الغض��ب ولهذا الغض��ب وجهان طبيعي��ان واحد منه��ا وجه الرعب والش��فقة ازاء ما حدث والث��اين رد الفعل والدفاع عن

النفس بالقول يجب اال يحدث هذا ثانية وهنا. وهناك تركيز عىل"هنا"طبعا وليس عىل اآلخرين.

يجرن��ا وج��ه الرعب-وه��و رد الفع��ل ال��ذي ما زال مقموعا-عىل اس��تيعاب واقع ما ح��دث أما رد الفعل الثاين فيبعدنا لألس��ف عن ذل��ك الواقع إذ عىل الرغم من بدايت��ه كترصيح واضح ومب��ارش إال انه رسعان ما يق��ود اىل متاهات من الجدل الس��يايس والعس��كري واالس��رتاتيجيات العاملية. كا س��يقودنا يف النهاية اىل الهراء التجاري املريع عن بناء املاجئ املنزلية. انقسام كهذا يف االحس��اس بالغضب اىل رع��ب من ناحية واىل ميل اىل الترير من ناحية أخرى ناتج عن إهال مفهوم الرش. كل الثقافات ماع��دا ثقافتنا املعارصة لديها هذا املفهوم. أما اختاف األس��س الدينية والفلس��فية لهذا املفهوم فهذا أمر ليس بذي بال. يش��ري مفهوم الرش اىل قوة أو قوى يجب أن تصارع كيا تنترص وتدمر الحياة. مثة نص م��ن النصوص االوىل اىل كتب��ت يف التاريخ يف ميس��وبوتيميا يعود اىل قبل ألف وخمس��ائة سنة أي قبل هومريوس يتحدث عن هذا الرصاع الذي هو رشط من رشوط الحياة االنس��انية. لقد ت��م اختزال مفهوم ال��رش يف التفك��ري الجاهريي ه��ذه األي��ام اىل صفة صغرية لدعم أفكار وافرتاضات عن اإلجهاض واإلرهاب

و"آيات الله". ال أحد يستطيع أن يواجه واقع السادس من آب 1945 دون االضط��رار اىل االع��رتاف بأن ما ح��دث كان الرش بعينه. ليس هذا برأي أو تأويل بل هي األحداث. عىل صور وذكري��ات تلك األحداث ان تك��ون نصب اعيننا دامئا. ولهذا بدأ اآلالف من مواطني هريوش��يا الرسم ع��ىل قصاصات ال��ورق. علينا أن نع��رض هذه الصور يف كل م��كان. لهذه الص��ور الرهيب��ة ان تحرر طاقة التص��دي ومقارعة الرش وتش��حذها لحي��اة كاملة من ذلك القراع. ولعل يف هذا درسا ميكن تعلمه. صديقتي األمريكية هي بطريقة ما بريئة فهي تنظر اىل ابعد من الهولوكوس��ت النووي دون ان تنظر اىل واقعه. فالواقع ال يشمل ضحاياه فقط بل واملخططني له ومن دعمهم. يرتدي الرش ومنذ البدء قن��اع الراءة. النظر اىل االبعد

ما هو امام العني واحد من أحابيل الرش االساسية. التاس��ع من آب: عند الس��ياج الغريب لساحة التدريب العسكري كانت هناك جثة طفل يف الرابعة أو الخامسة م��ن عمره وقد صار فحا، ملقى عىل ظهره وذراعاه

تشريان باتجاه الساء. بالنط��ر اىل األبع��د أو غض النظر فق��ط ميكن ألي منا أن يعتقد بنس��بية ما حدث ورمبا تريره تحت ظروف معينة. أما يف الواقع؛ الواقع الذي شهده املوىت والناجون

يف هريوشيا، فهذا ما ال ميكن تريره اطاقا.

مالحظة: كتب الكاتب والناقد جون برجر هذا المقال ونشره عام 1982

اس��تطاع باولو كويلو يف رائعته "إحدى عرشة دقيقة" الرواية ذائعة الصيت من دخول املنجم الرسي للحياة املحظورة يف الرواية العاملية من خال ش��خصية ماريا الت��ي تق��رر أن تش��تغل ملدة ع��ام كام��ل يف مواخري الجنس، بعدم��ا تذهب لفرتة طويلة للمكتبة واالطاع عن عوامل املتعة الجنس��ية. فيكتشف العامل من خال هذه الرواية الشكل اآلخر للجنس واملواقعات والحياة الجنسية غري املكتشفة سابقا، وكيفية توظيفها يف الرسد

الروايئ. حيث يعدها النقاد من روايات البورنو: ))..راح كريس��توف يقبل ويدبر يف هيلني من الخلف بين��ا هي عىل أربع مت��ص أيري م��ن الجهة األخرى. كنت أحيانا أغلق فتحتي منخريها بس��بابتي و إبهامي فيضطره��ا ذلك إىل ش��فط أيري مع ريقها يف ش��هيق عني��ف رافعة نح��وي نظرة معاتبة فأمنحها ابتس��امة

مشجعة مفلتا أنفها.تنحيت ع��ن فم هيلني وبارشتها م��ن الخلف أقحمته عميق��ا يف فرجها املنكش��ف يف فحش خ��اب، عانقت املخدة وراح��ت تعض عىل حواش��يها مغمضة عينيها مس��ندة جانب وجهها عىل اللحاف األسود لتهبني كل خلفيتها وظهرها مبسوط أمامي ترسي فيه هزة النيك

وتنحدر عليه حبات العرق كإنهيار ثلجي.((.أما هذا املقطع واملنتخب من رواية عربية قد صدرت حديثا عن دار الجمل بعنوان "انتصاب أسود" للتونيس أمي��ن الدبويس، وه��ي رواي��ة بورنوغرافي��ة امتيازية وليس��ت حكايات جنس��ية اباحية رخيصة أو تجارية، وصحي��ح أن كاتبها هو طبيب نفس��اين ولكنه مثقف بثقافة حداثوية يف فنون البورنو، جعلته يخوض تجربة أعدها مجازفة خطرة ورمبا سيأيت اليوم الذي يتفرغ له حراس املقدسات والعقائد لاقتصاص منه أو رمبا حرق

روايته يف الشوارع. هذا النوع من الروايات الصادرة يدش��ن للمرة األوىل يف الرشق ويف اللغة العربية، وقد القى نجاحا من القراء وماحق��ة صحفية ون��دوات ثقافي��ة، ورائدها طبيب نفس��اين يحاول كتابة الرواي��ة األوىل له، وقد أصبحت هذه الرواية التي تنتمي رسميا للرواية البورنوغرافية الرشقي��ة وباللغة العربية س��تتبعها خطوات الحقة يف ه��ذا الحقل الخ��ام، وهو يختلف عا يس��مى بالرسد االيروتي��يك يف الرسديات العربي��ة خوفا النزالق الرسد

اىل مناطق يخافها الروايئ لهبوط عمله.غري أن رواية الدبويس "انتصاب أسود" حققت مبيعات ممت��ازة يف معارض الكتب العربية، ولها جمهورها من القراء ومن كا الجنس��ني. وبذلك تسجل تونس ثورتها الجنسية االصاحية يف حقل الثقافة الجنسية السياحية،

وريادتها يف العامل العريب للرواية البورنوية.ال يخف��ى ع��ىل الق��ارئ ان الرواية اليوم هي س��يدة الفنون التي تحق��ق قفزات مهمة وجمهور عريض، يف كل العامل، إذ أصبح الع��امل مييل للرواية املتخصصة أو املتخصصة فوق الدقيقة، الرواية العاملية يف عامل اليوم متخصصة يف كل مجاالت الحياة، فمن رواية املطبخ إىل الرواية البوليس��ية إىل رواية الرعب وأخرى للمصابني بالتوح��د وغريها الكثري، أصبح للرواي��ة البورنوغرافية حيزها الواسع يف دور النرش العاملية، ويف كل يوم يزداد

الطلب عليها وآخرها رواية انتصاب أسود .

ومنطقتن��ا مازل��ت ت��رزح تح��ت تعس��ف التابوات واملحظ��ورات بفعل حضور ق��وي لهاجس املقدس يف كل تفاصيل الحي��اة. هناك مثة فواصل مدعمة بالثورة الجنس��ية الجديدة بني رواية الرتومورافيا الجنس��ية املحضة وبني الرواية البورنوية التي تعالج نفسيا الكثري من املشاكل غري املكتشفة يف عوامل املارسات وإشباع الغرائ��ز بطرق مكتش��فة تتيح طاقة الش��باع الغريزة

واملتعة إىل أقصاها.

خضير فليح الزيدي

عن رواية "البورنوغراف"

14العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

i n f o @ t a t t o o p a p e r . c o mمكان وزمان

املدين��ة الصغ��رية بوليكاس��رتو الواقع��ة يف كيليك��س يف مقاطع��ة فوري��ا إالدا ش��ال اليونان، والتي يبلغ عدد سكانها نحو سبعة آالف كانت حتى وقت قريب تقاوم ببقائها عىل الخارطة، حالها حال كل املدن الهامشية، التي يختفي ش��بابها برسعة بسبب فقدانهم ف��رص العمل فيها. عىل العك��س من أمرها الي��وم، عندما تحولت إىل محطة ترانس��يت مهمة. وبإس��تثناء مقرة الجنود الريطانيني من الحرب العاملية الثانية، والتي هي مبثابة حديقة انكليزية جميلة، كا هي حال بقية مقابر جن��ود اململكة العظم��ى التي أفلت الش��مس فيها منذ عقود يف الع��امل، مل تحو املدينة عىل م��ا كان يحولها إىل قبلة للزوار، عىل األقل كانت تلك هي الحال حتى اغاق جمهوري��ة مقدوني��ا حدودها م��ع اليونان بوجه الاجئني يف طريقهم إىل شال أوروبا. وألن نقطة الح��دود إيدوميني التي تفصل ب��ني اليون��ان ومقدونيا هي قري��ة صغرية، س��كانها قرابة ثلثائة نسمة، يعمل أغلبهم يف الزراعة، ال متلك واس��طة نقل مبارشة مع بقي��ة مدن اليونان، خاصة بعد توقف حركة القط��ارات املارة به، بع��د نصب املهاجرين لخيامهم عىل س��كة الحدي��د، فإن عىل كل أولئك الذين عىل عاقة مبعس��كر إيدوميني للمهاجرين م��ن العاملني هنا أو من الزوار، التفتيش ع��ن مكان بدي��ل إلقامتهم. وهل هناك أفضل من مدينة بوليكاس��رتو التي ال

تبعد أكرث من 12 كيلومرتا عن إيدوميني؟بوليكاس��رتو كانت محطتي األوىل أنا ايضا. ليك يس��هل يل التواجد يف املعس��كر والعمل الطوعي، يف مجال الرتجمة من وإىل اللغات الت��ي أعرفه��ا، خاصة وأن ال عاق��ة يل بأية منظمة عامل��ة هناك، فأن��ا جئت من أجل عمل ص��ورة خاص��ة لنفيس عن املعس��كر واملس��اعدة حيث أس��تطيع، فكرت بأن من األفضل يل تأجري غرفة فندق يف بوليكاسرتو. املفاجأة التي واجهتني، أن جميع الفنادق املوج��ودة يف بوليكاس��رتو محجوزة حتى نهاية أبريل/ نيس��ان، قابلة للتمديد حتى مايو/آيار. حتى تلك البيوت التي تحولت إىل بنسيونات مؤقتة، ازدحمت بالزبائن، أما فندق ب��ارك هوتيل الذي هو فندق خم��س نجوم ك��ا أنه مق��ر منظات األم��م املتحدة وأغل��ب املنظات غري الحكومية، فقد أج��ر حديقته واملكان املخصص لوقوف السيارات لنصب خيم كامبينغ هناك. أنه��ا ملفارقة بالفعل: صورة كامب الاجئ��ني يف إيدوميني باملقاب��ل ص��ورة كم��ب العاملني يف املنظات اإلنس��انية، شباب وشابات

قادم��ني من مختلف بق��اع العامل يف حديقة غران��د هوتي��ل، الكم��ب األول ملهاجري��ن يحلمون بعب��ور حدود مقدوني��ا والوصول إىل بل��دان الحل��م – الجنة ش��ال أوروبا، ألن ال أح��د يفكر بالبق��اء ال يف اليونان وال يف رشق أوروب��ا أو يف جنوب أوروبا، وكمب أبناء مجتم��ع الغنى والرفاهية الذين جاءوا للتضام��ن مع الب��ؤس واملس��اعدة، األوائل اليائسون الذين يعيش��ون عىل بصيص أمل بفتح الحدود، يخشون اجبارهم عىل العودة إىل تركيا ومن هناك إىل بلدانهم، التي مل تعد لهم إال باالسم، والثانون الذين يعرفون أنها أيام أو أسابيع ويعودون إىل بلدانهم، القذارة والبؤس، العيش يف رشوط غري انسانية، هي أوضاع عابرة، تجربة يف حياتهم، سيتحدثون عنه��ا بفخ��ر يف بلدانه��م، أما مت��ى وكيف يغادرون اليونان، أمر يقررونه هم، أنهم يف

إيدوميني: إلدارة البؤس وحسب!الناس يف بوليكاس��رتو يعرفون ذلك، صاحب فندق آسرتو الذي يتحدث األملانية بطاقة، قال يل وهو يبتس��م بس��خرية الذعة،"حتى يف موس��م الس��ياحة يف الصيف، كان بالكاد تأجري غرفتني من الفن��دق، أما اليوم"، علق هو يشري بيديه إىل املدينة الصغرية،"لن تجد ول��و غرفة واحدة لإليج��ار"، أنه يفكر ببناء طابق جدي��د برسعة،"من كان يظن ذلك؟"،

علق ساخرا.ال أحد يعرف متى ستغلق السلطات اليونانية معس��كر إيدوميني، إال أن البعض ال يخفي أمله ببقاء املعس��كر عىل حال��ه. فبالتوازي مع أم��ل الاجئ��ني بفتح الح��دود، وتجاوز املحن��ة، يأم��ل

املس��تفيدون م��ن املحن��ة ببق��اء الحدود مغلقة. س��كان بوليكس��اترو مثا، أصحاب املطاع��م الصغ��رية هناك ال مت��ر دقائق وال تكون موائدهم مزدحمة من أفراد املنظات اإلنس��انية ومن الاجئني القادمني سريا عىل األقدام من معسكرين آخرين، صغريين عىل بعد 4 كم من بوليكاس��رتو. م��ن ال يجلس هناك لألكل، يجلس من أجل االنرتنيت، حتى ش��هرين ماضيني كانت س��ندويجة غريوس التقليدي��ة املصنوع��ة م��ن لح��م الخنزير، هي األكلة الرسيعة الش��ائعة. اليوم تعرض املطاعم دونر كب��اب من لحم الدجاج ومن البق��ر والخروف. أم��ا واجهات

املح��ال التجارية راحت تع��رض منتوجاتها باللغة العربية،"دواء قات��ل للثعبان". الحر قادم، ويف املعس��كر يقتل الاجئ��ون يوميا بع��ض الثعبان الكبرية، عىل ال��دوام بضاعة جدي��دة، حس��ب حاج��ة الاجئ��ني، أدوية األنتيبيوتيكا مث��ا وكل تلك األدوية التي ال مينحها أطباء ب��دون حدود ومنظات طبية أخرى للمرض الاجئني املرصين عىل أخذها، يس��تطيعون رشائها بالكمي��ة التي يريدون يف صيدي��ات بوليكاس��رتو القليلة، الحليب املجف��ف أيضا، فيا تزدحم الس��وبرماركات بالزبائن، لدل األمل��اين عىل الطريق الرسيع هو س��وق كبري، س��يارات املنظات املدنية هي الزبائن الطبيعية. العاملون يف املنظات االنس��انية، يحلمون أيضا ببقاء املعس��كر، خاصة اليونانيون منهم والذين كانوا حتى وق��ت قريب عاطل��ني عن العم��ل. ماتينا ناكا، البالغة من العمر أواسط الثاثني رمبا، حصلت عىل عقد عمل للتو. حتى نهاية شهر حزيران، ك��ا أخرتني. ماتين��ا التي راحت تتعلم اللغ��ة االنكليزية من��ذ وقت قريب والتي تعرفت عليها عن طريق صديق يوناين بعد عرض مرسحي يف مدينة سالونييك، بدت سعيدة جديدة بالحصول عىل فرصة للعمل أخ��ريا، أحتفلت يف تلك الليلة ورشبت نخب عملها الجدي��د حتى الثال��ة، لدرجة أنني خفت أنها تقودنا يف سيارتها الصغرية إىل مركز املدينة، أما معلمتها التي زارت العرض معها، س��يدة يف نهاية األربعني م��ن عمرها، فهي األخرى س��عيدة، طالبات وطاب عديدون س��الينيكيون بدأوا يأتون إىل املدرس��ة التي

تعلم فيها، أنهم يرغب��ون بتعلم االنكليزية للعمل يف املعس��كر، كأن املعس��كر باق إىل األب��د. آدم اإليرلن��دي الطريف الذي يعمل يف مطبخ كبري يجه��ز الاجئني يوميا باألكل، وال��ذي إذا تعل��ق األم��ر به، فإنه س��يفتح حدود ايرلندا لاجئني،"برشتنا بيضاء وشكلنا كريه"، يق��ول بنرة س��اخرة،"نحتاج عيون سود وسمرة لتحسني ايرلندا"، يعلق ضاحكا، آدم هذا ميلك عقد عمل يف إيدوميني حتى نهاية ش��هر آب/أغس��طس، حتى الكنيس��ة تأمل ببقاء املعس��كر، بطريرق االقليم يزور املخيم من حني إىل آخر إلخراج املس��يحيني األرثوديكس��ية. اليونانية الكنيس��ة بكفالة يف البداية فقط املس��يح األرثودوكس. وألن عدد هؤالء قليل، وليك ال يقال أن الكنيس��ة تفرق ب��ني املذاهب املس��يحية، راح يخرج املس��يحيني جميعا، العائات املحررة هذه البؤس تعيش تحت رشوط انس��انية أفضل يف األدي��رة القريب��ة،"اآلن عرف��ت قيمت��ي كإنس��انة"، تقول يل ليليان، مسيحية عراقية قادمة من بغداد م��ع إبنها امليكانييك الذي دخ��ل العرشي��ن للت��و، ومل يزر املدرس��ة ببغداد،"لقد عش��ت جميع حروب العراق، لكن الحياة يف املعس��كر أس��وأ من كل تلك

الحروب."نساء يتذكرن جمالهن

ليس��ت ليلي��ان وحده��ا التي تق��ول ذلك، الس��وريات يقل��ن الجملة ذاته��ا، بعضهن أنظ��ر يف جه��از أن فق��ط من��ي يطل��ن املوبايل،"أنظر إىل صوريت، أرجوك؟ تصفيفة شعري؟"تس��ألني زاه��دة، الت��ي حمل��ت

نجم والي

إيدومين��ي.. قص��ص مهاج��رة وأح��الم مذبوحة عند الحدود

15العدد)73( السنة السابعة 7 - آب -2016

w w w . t a t t o o p a p e r . c o mمكان وزمان

طفلته��ا ب��ني يديها،"ك��م تقدر عم��ري؟"، س��ألتني، رمبا كانت يف نهاي��ة الثاثني، رمبا أقل، ال يهم، األمر الوحيد الثابت، الش��هران األخريان يف املعسكر ها مبثابة التعذيب لها ولزمياتها،"هل هناك أس��وأ ألم، ال تستطيع تلبية حاجة لطفلها؟"، تقول يل تامارا، أمرأة كردية يف أواس��ط األربعني، لكن بدا وجهها ش��ائخا مثل إمرأة عجوز، الب��ؤس والقذارة والن��وم غري املري��ح، بائن ع��ىل وجوههن، التجاعيد حف��رت خطوطها، حتى يف وجوه ال��ايت بدون أطفال. ش��هرية مث��ا، القادمة من منطقة الغوطة يف دمش��ق، امتأل وجهها بالغبار، ش��عرها اش��عث، تدخن السيجارة تلو الس��يجارة، ال ه��ي صدقت أنها تلتق يب يف معس��كر قذر افتقد ل��كل رشوط الحياة اإلنس��انية، وال أن��ا صدقت أنني س��ألتقي بها عند املركز الطبي ال��ذي أدارته طبيبات اس��بانيات من مدينة ويلبا األندلسية، كنت أق��ف مع الدكت��ورة ترييزا، أترج��م لها من االسبانية إىل العربية كاتالوجا يعلم األمهات وإعطائه��م بأطفاله��ن العناي��ة بكيفي��ة الكميات املناس��بة بالحليب، عندما جاءت الطبيبة األسبانية األخرى آنا، تطلب مني أن أترجم بينها وبني مريضتها ش��هرية، مل تفهم الطبيبتان، معنى رصخة شهرية وهي تسمع أس��مي،"يا ريب، كيف ألتقي ب��ك هنا؟"أنها تل��ك اللحظات التي تك��ف فيها األرض عن ال��دوران وتتوقف عند نقطة واحدة، عندما يصبح كل ما نس��يناه ح��ارضا، فجأة يحرض أمامن��ا مايض ض��اع منا يف أودية النس��يان، عرفت ش��هرية يف زياريت األوىل إىل دمش��ق س��ائحا ع��ام 1983، كان العدي��د من جييل م��ن الكت��اب والفنانني العراقيني يعيش��ون يف منفاه��م يف دمش��ق، مل أنس الس��هرات الجميلة التي قضيتها يف زياريت القصرية تلك يف بيت والد شهرية، الكاتب مصطفى املوىل، كم رشبن��ا الخمر، ك��م عزف املوس��يقيون منا املوسيقى، وكانت ش��هرية، ما تزال فتاة عمرها رمبا س��بع أو مثان سنوات، بضفريتني أنيقتني وعينني س��وداين واس��عتني، ترقص وتغني بصوتها الطفويل، واليوم؟"تهدم بيتنا ي��ا نجم"، تقول يل،"أيب مش��لول، والبيت يف الغوطة قصفوه"، وبعد استعادة الذكريات ورواية قصص الخ��راب، تريد نصيحة مني، ال تريد م��اال أو هدايا، فقط، اقول لها، ماذا عليها أن تفعل؟"عودي، أو قدمي اللجوء يف اليون��ان"، أجيب، فتوضح كي��ف ذلك، وأن الطري��ق الوحيدة لتقدي��م اللجوء هي عن طريق"س��كايب"؟ تس��عة موظفني يونانيني عاملني ع��ىل الس��كايب كا عرف��ت، عدد قليل أمام اآلالف م��ن الاجئني، الخط دامئا مش��غول، األس��تارات التي عليهم تعبئتها تهل��ك األعصاب، أغلبها مكت��وب باليونانية وباإلنكليزية، ولي��س بالعربية كا يتمنون؟ أنه وضع مزر، وأحار مباذا أجيب، هل عليها

أن تيأس متاما، تستسلم للقدر؟من يعوض الشعور بالخسارة عند

شهيرة وغيرها من النساء؟لكن ماذا عن األطفال، أليسوا هم الخارسين أيضا،"ماما مريكل"، يس��مي األطفال أنجيا مريكل،"أن��ت قادم من ماما مريكل"، يهتفون وقد تجمعوا حويل، بعد أن ش��اع خر وصول أحده��م، عريب، من املاني��ا، ويف حرييت تلك، حي��ث ال أع��رف أذا كان أحده��م أرس��ل األطفال ناحيتي، ما أن سمع أحدهم يتكلم العربي��ة وقادم م��ن املاني��ا، أم أن األطفال

جاءوا مبح��ض إرادتهم،"هل أرس��لتك ماما م��ريكل إلينا؟"، يس��ألونني، أمر عجيب هم األطف��ال، تذكرت لحظته��ا الطفل اندريا يف مرسحي��ة برتولد بريش��ت"غاليلو غاليليل"، كان يجل��ب الحليب يومي��ا لغاللييل، وكان يراقبه كل يوم يف عملياته الحسابية ورصده للنج��وم، وه��ي أس��ئلته الطفولي��ة الريئة املس��تفزة الت��ي جعل��ت غاليلو يكتش��ف كروي��ة األرض، وأن��ا؟ ماذا اكتش��فت؟ أن املرأة الوحي��دة أنجيا مريكيل، التي جاوزت عمر الس��تني، املرأة التي با طفل، كس��بت قل��وب األطف��ال جميع��ا هؤالء، س��لختهم عن أمهاتهم، جعلته��م يحلمون بأم واحدة فقط:"مام��ا مريكيل"، ال يهمهم أن األم التي تطعمه��م يوميا من ثديه��ا، األم التي تقف س��اعات طويل��ة يف الع��راء يف ال��دور، منذ الثامنة صباحا وحتى الحادية عرش ظهرا، ليك تحصل فقط عىل رقم يسمح لهم باإلغتسال يف خيمة نصبها االس��بان لهم، ثم يلبسونهم ماب��س جدي��دة نظيف��ة، أن األم ه��ذه الحزينية الكئيبة، املريضة، املهدودة الظهر، التي تنزف دما يوميا، مع العادة الش��هرية أو بدونها، أن األم ه��ذه التي وجدت فيها كل الفريوس��ات التي تحمله��ا القذارة معها وجبة دس��مة، مهبلها ملتهب، بولها حارق، بل حتى رشجها يحكها ط��وال اليوم، ليك ال نتحدث عن انقطاع العادة عند بعضهن منذ شهرين، كل تلك األمراض التي وثقت النساء يب بالحديث عنها معي ليك أترجمها للطبيبة االس��بانية، رغم أنني رجل، لك��ن الحاجة؟ املرتجمة الوحيدة التي تعرف العربية هناك مرضت، والحديث عن امل��رض مل يعد عيبا، أن األم ه��ذه، التي تحار بتوزيع عذابها بني العناية بنفس��ها واملحافظة ع��ىل طفلها، مل تعد تعن الطفل، ألن أما أخرى دخلت قلب الطفل:"ماما مريكل"،"األم الطيبة"كا ش��اع عنه��ا، دون أن يعرف أن األم هذه التي با طفل، لن تسمع ش��كواه، وال يعنيها أمره، إال بحدود ما تجلبه العناية به أو اهاله من مكاسب سياسية وسلطة، ولكن ملاذا أخيب ظن األطفال هؤالء، ألخرج لهم الحلوى التي حملته��ا معي يف حقيب��ة الظهر، وأقول لهم بن��رة منكرسة،"هذه الحل��وى بعثتها لكم معي ماما مريكيل"، يا لغرابة هؤالء األطفال، بعضهم يري��د رد التحية ملاما مريكل، يطلب مني أن أوصل لها ما رس��مته يداه، رسوم ملون��ة جميل��ة وأح��ام، بعضه��ا مذبوحة،

والبعض اآلخر ما زال يعيش.ليس األطفال وحده��م يحلمون.

الشباب أيضا.الش��اب امللتحي الذي كا عرفت منه أكمل للتو الثالثة والعرشين من عمره، السن ذاتها التي قدمت بها أنا إىل املانيا لدراس��ة األدب األملاين، بدا هادئا مسيطرا عىل أعصابه وهو يسمع تعليقات زمائه املهاجرين السوريني الثاث عىل لحيته"الداعش��ية"كا وصفوها. انتظر الش��اب انتهاءهم م��ن الضحك، ليك يتطل��ع يب، ويس��ألني،"مل تس��ألني، إىل أي ب��اد أريد الهجرة؟"، فأجبت��ه بهدوء،"وهل هن��اك باد أخرى تري��دون الهجرة لها أنتم الس��وريون، غ��ري املانيا؟"،"أن��ت غلطان"، قال يل الش��اب"،"كان ذلك ما نويت عليه يف األول أن��ا وزم��ايئ، اآلن أريد إقناعهم بتغي��ري البوصل��ة"، جملت��ه تلك وصمت زمائه ه��ذه املرة آثارا عن��دي الفضول،

لكن قبل أن يكمل هو، سمعت أحد زمائه،

يق��ول أن زميله��م يريد اقناعه��م بالهجرة بال��ذات"، بلجي��كا بروكس��ل"عاصمة إىل و"بلحيته الداعش��ية"، كا علقوا يسخرون منه، وحس��ب تفس��ريهم، هم الذين حلقوا لحاهم، آخره��م هذا الذي ترك فقط حنكه غ��ري محلوق، أن صديقه��م بلحيته الطويلة هذه، س��يلفت النظر عليهم، وأن مصريهم س��يكون االعتق��ال بتهمة اإلره��اب، وهم س��يذهبون إىل بروكسل، إذا وافق عىل حلق لحيته عىل األقل عىل ش��كل"لحية اللحس"، كا يصف��ون لحية الحنك، اللحية الش��بيهة بلحية تروتس��يك، لك��ن الش��اب ال يوافق، يقول يل، أن��ه بالذات بلحيته الطويلة هذه يرص عىل الهج��رة إىل بروكس��ل، ليك يثبت للبلجيكي��ني، بأن لي��س كل أصحاب اللحى الطويل��ة ه��م داعش��يون، إرهابي��ون. ثم، أن األمر تح��ول مبثابة الرهان بالنس��بة له، س��يرتك لحيته تط��ول وتط��ول، إىل حني أن يفتح��وا الحدود ويحقق هدفه بالوصول إىل بروكس��ل، وعندما يقتن��ع البلجيكيون بأنه ليس إرهابيا، عندما س��يحصل عىل اإلقامة،

سيحلق لحيته متاما.ماذا عن الشيوخ؟

أب��و محمد، مخت��ار الضيعة، نف��س اللقب يحمله يف املعس��كر، رجل يف أواسط الستني من عمره، بدا التعب عىل وجهه، قادين ثاثة من الشباب إليه، سوريان وعراقي،"البد وأن يتكل��م معك أب��و محمد"، قال��وا يل، املرض أقعده، حتى نظره ضعيف، رغم ذلك، أراد الوق��وف لتحيت��ي، ال حاجة ل��ه ألن يحيص ع��دد األمراض التي هجمت عليه، الس��كر، الفق��رات، املفاصل، القلب، وجهه ش��احب، امل��رض بائ��ن ع��ىل وجه��ه، ال ق��وة عنده للذهاب حت��ى

املس��اعدات لتس��لم بال��دور والوق��وف اإلنساينة، لكن أبا محمد مل يتخل عن دوره، حكيم املعس��كر، من يطل��ب نصيحة، حا ملش��كلة يأيت إىل أيب محمد، وألنني صحفي، طلب مني أن أكتب ما يقوله يل،"الصحفيون األجان��ب مروا بنا أخ��ذوا الصور فقط، وإذا تكلموا فباإلنكليزية، ال نفهم شيئا"، أما أنا؟ فعيل أن أكتب،"أكتب"، قال يل، وهو يعاين حركة يدي وأنا أكتب،"أكتب أن كل الشباب هنا هم هاربون من خدمة العلم. هل يريد الغرب أن يعودوا إىل س��وريا والعراق؟ أنهم مل يعودوا ميلكون ش��يئا، س��يعودون للقتل، سيكون طعا س��ها ملن يدفع لهم للقتل"، ليس ذلك وحسب، بل"أكتب، أن أبا محمد البد وأن يلتقي بس��يايس حكي��م يف املانيا"، وملاذا؟ اس��أله، فيوضح يل، ليك يقول له، أن عليهم أن يعرتفوا بذنبهم أيضا، بدون تجارة الساح، ما كانت عندنا كل هذه املليشيات، كل هذه الحروب،"الس��يايس الحكيم البد وأن ينق��ذ ش��عبه، أن يتح��دث الحقيقة"، والحقيقة حسب أيب محمد،"اإلرهاب الذي طال أوروبا له عاقة بتجارة الساح"، ساح الغرب يف كل مكان وعىل كل الجبهات،"كيف يتحدثون عن اإلرهاب ويصمتون عن تجارة الس��اح ال��ذي يس��تخدمه اإلره��اب بقتل الناس؟ الس��اح يباع ويتنق��ل بحرية يف كل مكان، أوله يف أوروبا"، تلك هي الحقيقة التي يريد إيصاله��ا، أنه يحلم منذ زمن بالوصول إىل أوربا للحديث مع س��يايس حكيم، ميتلك الشجاعة بإعان ذلك علنا،"عىل األقل إلنقاء شعبه"، فهل أجروء أن أطلب منه، أن ينىس

حلمه هذا، ويعود من حيث جاء؟ إغ��الق من��ذ يحلم��ون الجمي��ع

الحدودامله��م غ��ري فم��ن ال؟ ومل��اذا

األس��باب التي جعلتهم يلج��أون إىل هذه املغامرة، س��واء تعرضت بيوتهم للقصف يف مناطق الحرب، أو تعرض بعضهم للمطاردة السياس��ية بالفعل، أو ببس��اطة لسذاجتهم بس��هولة الوص��ول إىل بلدان الحلم ش��ال أغل��ب واملانيا"مريكل"بال��ذات، أوروب��ا، أحاديثه��م تدور عن وع��ود املهربني: 3000 يورو سيحصلون عليها مبارشة بعد الوصول إىل املاني��ا، إضافة إىل بيت وس��يارة وعمل، أم��ا الجنس��ية األملانية فس��يحصلون عليها بع��د ثاثة ش��هور فقط )كل��ا زادت وعود املهربني، كلا زادت تعريفة التهريب!(، بل م��ن غري املهم إذا كانوا عىل حق يف هجرتهم أم ال، فمن له الحق بأن مينع إنس��انا ما من الحلم:"م��ن منكم با حل��م فلريم من يحلم بحجر!"، حكمة كان البد وأن تكون الوصية الحادية العرش، من غري املهم األسباب التي جعلتهم يغ��ادرون البلدان التي كانت ذات يوم بلدانهم، فإن هؤالء العالقني يف معسكر إيدوميني، والذين يقارب عددهم ال� 12000 نسمة )قس��م يغادر وقسم يأيت يوميا(، هم الخارسون الوحيديون من بقاء املعسكر، يف النهاية الكل يحصل عىل مكاسب من وجود معس��كر إيدوميني، من الاجئ��ني )اليونان ومقدوني��ا، األمم املتح��دة وال� أن جي أو(، بإس��تثناء الاجئني أنفسهم، أنهم الخارسون الوحيدون، س��واء بدفعه��م مبالغ كبرية إىل املهرب��ني، أو بفقدانه��م بيوته��م وعمله��م يف بلدانه��م األصلية، ما تبق��ى عندهم من مدخ��رات، يدفعونه لرشاء ما يحتاجونه من أكش��اك البيع الصغرية الت��ي بدأ يزدجم بها املعسكر، سوق بضاعة سوداء، وإذا إضطرت الحال ويأسوا من فتح الحدود، فسيدفعونه ملهرب��ني يعدونهم اآلن بالتهري��ب بالطائرة عن طريق مط��ار أثينا، 3000 يورو، س��عر التعريف��ة للوص��ول إىل مط��ار فيين��ا! وأن كل م��ا تبقى لديه��م اآلن، هو حفنة من القصص، هم س��عيدون بالعثور عىل أحد يصغي له��م، عجيب هو أمره��م، فا أن تق��دم ألحدهم األذن الصاغي��ة حتى يبدأ بال��روي والروي، وال يه��م أن تلك القصص حقيقي��ة، وأن األخرى مخرتع��ة، ففي روي الغرقى هؤالء، الذين صحيح أنهم عروا بحر اليونان من أزمري وحتى جزر اليونان التي ال يعرفون حتى اس��اءها، عروا يف قوارب من الباستيك، وكم كان عبورهم صعبا وخطريا، يف رويه��م ال��ذي يختلط في��ه الصدق مع الزيف، الواقع م��ع الوهم، يعرون عن أمر واحد وحس��ب: عن رغبتهم بتجاوز املحنة، تل��ك ه��ي الحقيق��ة الوحيدة الت��ي ميكن قراءته��ا عىل وجوههم، أنهم مها روا وروا، مها بدوا يائس��ني، إال أنهم سعيدون بأنهم عىل قيد الحياة، لقد عروا البحار، وكادوا أن يهلكوا، أغلبهم واجه املوت وجها لوجه، إن مل يكن يف بلدانهم، فإنهم واجهوه يف البحر، وال يهم أن آخرين يس��تفيدون من محنتهم ه��ذه، حكوم��ات ومنظ��ات، ف��إن األمر الوحي��د الثابت، أنهم يعيش��ون هنا، اليهم ما مير عليه��م من وقت، يحلم��ون بتجاوز املحن��ة ذات ي��وم، زاده��م القص��ص التي ميلكونها، وس��عادتهم من مينحه��م الوقت

الكايف باإلصغاء.ن��رش التحقي��ق برتجمته االملاني��ة يف 7 أيار 2016 يف صحيف��ة زوددويتش��ة تزايتون��غ األملانية... ويخص الكاتب نصه األصيل مجلة

تاتو

اصدرات