زلزال العقول 1

îÌnÛa@òîº†b×c@

1

@ÞìÔÈÛa@ÞaÛŒ@


2


سلسلة زلزال العقول

)١( @ @

@ @@ @@ @ÛŒÔÈÛa@ÞaÞì@ @

ÑîÛdm@ @

@ @

â@OöaëÇ@ÝÞ†b@ @

@ @

@òÈua‹ß@ @

Šb“n¾a@OáîØ¨a@‡jÇ@Þ†bÇ@ @

Ia@é¼ŠH@ @

@ @


3


بسم اهللا الرحمن الرحيم

٢٠٠٧: الطبعة األولى

٢٠١٢: الطبعة الثانية

طباعتها للنشر إال بعد موافقة أكاديمية وال يجوز. حقوق هذه المادة محفوظة ألكاديمية التغيير

.، وال مانع من نشرها على مواقع اإلنترنت شريطة ذكر المصدرالتغيير

AOC MindQuake

All rights reserved. It may be reproduced with permission of the Academy of Change.

The authors have asserted their right under the

Copyright, Design and Patents Act 1988, to be identified as the Authors of this work.

Library of Congress Cataloging-in-Publication Data

British Library Cataloguing in Publication Data. A Catalogue record for this title is available from

the British Library.

ISBN 1-4276-1312-5

Distributed on line by www.aoc.fm

(AOC)للتواصل مع أكاديمية التغيير

[email protected] : بريد إلكتروني

www.aoc.fm


4


א

٥ ..................................................................................... אא

٧ ................................................................................... אא

٩ .............................................................................................. العقول زلزال

١٢ .......................................................................................... المعرفة فوضى

١٥ ................................................................................. نشوف وبعدين... اركب

١٨ ................................................................................................ جوووول

٢١ ....................................................................................... هيفتح مش المفتاح

٢٤ ................................................................................... وحدك الشارع تعبر ال ٢٧ ............................................................................. المناورة وفن … الباء حرف ٣٠ ............................................................................................ الفكر بلطجية

٣٣ ......................................................................................... حقيقي مش الفيلم

٣٦ ........................................................................................ مقطوعة الصورة

٣٩ ....................................................................................... زمان األول طلعت

٤١ ................................................................................................. البلياردو

٤٤ ........................................................................................... األحالم صراع

٤٧ ............................................................................................. القائد نظارة

٥٠ ................................................................. طويـــــــــــــل الطريق

٥٣ ................................................................................. الطابور في الواقفين إلى

٥٥ ............................................................................ التحلـــيق إستراتيجيــة

٦١ ..................................................................................... عينيك فوق إنه انتبه

٦٤ ..................................................................................... بالمجـــانين أهال

٦٧ ................................................................................................. א


5


מ א א א מ

א א

عمل أكاديمية التغيير، ألن أي تحول يعد االعتناء بتطوير منهجيات التفكير من صميم

يحدث على أرض الواقع يسبقه تحول في فكر القائم على صناعة التحول، فنحن عندما نعمل

للتأسيس لمستقبل جديد، إنما نؤسس له وفق معطيات وتصورات في عقولنا، فإن كانت هذه

المجتمعات التصورات إيجابية وناضجة وفعالة، انعكست على الواقع بعمل حي يرتقي ب

وينميها، وإن كانت هذه التصورات مشوهة أو مضطربة، انعكست في ممارسات مذبذبة

.لذلك فإن ثورة العقول هي بداية التغيير .ومضطربة

لتسهم في إحداث هذا التغيير، وإشعال هذه الثورة داخل "زلزال العقول"وتأتي سلسلة

المستحيل، إن ثورة العقول هي التي تمنح العقل، لتطلق أقصى طاقاته لينتزع المستقبل من فم

.اإلنسان بريق الفكرة، وبها تتقدم األمم وتنهض المجتمعات

א א

حلقات هذه السلسلة، ويعالج باألساس منهجيات ولكأ" زلزال العقول"ب اويأتي كت

معات نقالت التفكير، ويسلط الضوء على زوايا دقيقة من نمط التفكير الحي الذي ينقل المجت

نوعية، كما يعتبر هذا الكتيب زلزاال ألنه يرج العقل رجا، ويعيد ترتيب األفكار فيه بشكل

جديد، فيهذب أفكارا، ويضيف أفكارا، ويجتث أحيانا بعض األفكار التي ال يصلح بها عقل

. تغييري


6


ت قد صيغوتركز على العقل وأنماط التفكير، فكرةب على عشرين اويحتوي الكت

وبلغة خفيفة عميقة، وكان الحرص أال يكون حجم الكتيب كبيرا، حتى ، بأسلوب سهل وشيق

. يسهل تداوله ويتسنى استصحابه في أي مكان

باألفكاراألفكار عبر مواقف حياتية، حتى ال تنتهي عالقة القاريء تمت معالجة و

به، ومن ثم سيستدعي ، ألنه سيتذكر هذه المواقف كلما تعرض لموقف مشاةقراءالبانتهاء

.بسهولةالمرتبطة بالموقف الفكرة

خص بالشكر هنا فريق الجزيرة توك نشكر كل من ساهم في إنجاز هذا العمل، ونو

."الجزيرة توك" هوكان أول ناشر لها في موقع ،هذه المقاالت ىالذي رع

ات تفكيره تنمية العقل العربي، ودعم منهجيسأل اهللا أن ينفع بهذا الجهد، ليسهم في نو

.التحول الحضاري حول دونتالتي تفكير المعالجة منهجيات الصالحة، و

قسم الدراسات واألبحاث

ريأكاديمية التغي


7


א א

تسنوات، حين كان ستهذا الكتاب نحو المقاالت المنشورة في كتابةمضى على

في عام االطبعة األولى منهكانت ثم ، في شكل مقاالت متناثرةعبر اإلنترنت باألساس نشر ت

من صدور خمس سنوات ، أي بعد نحو٢٠١٢في عام ثم قررنا إعادة طباعتها ، ٢٠٠٧

.كبرىالطبعة األولى، وهي السنوات التي شهدت تغييرات

، أقرب إلى الوثائق "نزهة في شوارع العقل" هذه السلسلة حتى جزئها الثالثإن

ر إنها معركة تحريالتاريخية، التي توثق لمعركة خفية ال تسجلها كتب الثورات التقليدية،

هي شاهد تاريخي على نمط التفكير .العقول، ومقاومة األفكار القاتلة التي تعرقل عملية التغيير

. الذي كنا نواجهه، وعلى األفكار التي كنا نود تثبيتها في العقل

لتتناسب مع الواقع الحالي، آثرنا أن نتركها كما هي أو نطورها لم نغير الصياغات

.يم، حتى تحتفظ بروح الوثيقة الشاهدة على تلك الفترةباستثناء تغييرات طفيفة لتأكيد معنى قد

وتصيدنا للتغيير لة كتب من وحي الواقع، من التقاطنا لألفكار المعطهذه األفكار كانت ت

لها، وجعلها هدفا نوجه نحوه سهامنا بتركيز شديد، صياغتها معبأة بروح وعاطفة وعقل عام

.، حيث كان التغيير يبدو مستحيال٢٠٠٦

رصد النقاشات على خالل من ألفكار القاتلة، أو أنماط التفكير المعوجةانصاد كنا

بعة نمط ومتا، )لم تكن مواقع التواصل االجتماعي موجودة آنذاك( اإللكترونية المنتديات

ضاف ي، وتصوراتهم عن التغييررصد خطابات الساسة، ما كنا نك، المقاالت الموجود آن ذاك

أو عبر برامج النقاشات العامة أوالشخصية مع الكثيرين من خالل دوراتنا قاشاتنانإلى ذلك

.)مسنجرال(مة آنذاك مثل التواصل التي كانت مستخد


8


إلفادة من الكتاب على التعرف على طبيعة األفكار التي طرحت في هذه ولن تقتصر ا

الفترة التاريخية، فال تزال هناك فائدة حتى يومنا هذا في الكثير من موضوعاته، وهو ما

لمسناه ونحن نراجع كل كلمة فيه، وهو ما يعني أن معركة تحرير العقول لم تنته بعد،

حينها .ذا الكتاب من الماضي، وال يفيد أي قاريءوستنتهي يوم أن نجد كل ما ورد في ه

.سيتحول هذا الكتاب إلى متحف األفكار

قسم الدراسات واألبحاث

ريأكاديمية التغي

٢٠١٢يناير 25


9


زلزال العقول

الزلزال قادم ال محالة

عندما ننظر إلى خارطة العالم، ونرى القارات مستقرة لتشكل جزيرة عالمية تحيط بها

فاألرض لم تكن مجزأة . برىندرك عظم الدور الذي تتطلبه التحوالت الك ؛المياه من كل جانب

بهذا الشكل، ودار حوار وتفاوض مستمر بين اليابسة والماء، ولوال الهزات والرجات

والتصدعات لظلت األرض كتلة واحدة، ولما رأينا مغازلة المياه لليابسة، وتوطنها كحاجز

هذا .ماءفاصل بين القارات لترسم لنا لوحة رائعة لمشهد القارات الست متربعة على عرش ال

.المشهد الذي نحتته الزالزل عبر العصور

زالزل تعيد تشكيل وجه اإلنسانية، لترسم إلى وتحتاج التحوالت الحضارية بدورها

. عليه أرقى األلوان وأبهجها، وتمنحه قسمات األمل واإلصرار

ؤ بحدوث نبمراصد للت - كاليابان – تمتلك الدول التي تعاني من زالزل متكررةوكما

زلزال بأن يتنبئون علماء االجتماع؛ فإن "الزلزال قادم ال محالة"لزلزال، لتحذر الناس أن ا

حينما تزداد الضغوط على األمم، وتتعاظم ، وأنه قادم ال محالة، العقول حتمي الحدوث

وتعجز منظومتها الفكرية عن إبداع تصور للحل، حينها تتصدع . التحديات المفروضة عليها

.دة وتنهاراألفكار السائ

يتغير تعريف الممكن ف جديد، منتشكيل العقل وتأتي الزالزل الفكرية لتعيد

التحديات، تلكع المسلمات وأنماط التفكير السابقة التي تولدت في ظلها والمستحيل، وتراج

عيد فرز األفكار، تجدد حيوية العقل، وتي تال يزل هالزال ههذ .ضرب كتل األفكار الجامدةوت

، بعد أن أعلنت الحرب على األفكار المستقرة في خرج من األوضاع التي تبدو قاهرةالمبدع تو

.العقل


10


والبد للعقل من زلزال بين الحين واآلخر، ألن استقرار األفكار فيه فترة طويلة ال يدل

لذلك يجب أن يرتج بين الحين فه،لبالضرورة على النضج؛ بل قد يعني الجمود على ما أ

وال عجب إن أبقى على .ات قوية يعيد من خاللها فرز أفكاره ومراجعة مسلماتهواآلخر رج

بعض األفكار التي يصلح بها العقل، وشذب البعض اآلخر وطوره، واجتث مجموعة أخرى

.من األفكار بال رجعة، تلك األفكار التي تعيق الحراك الجاد نحو التحول

ؤكد الحدوث مع عجز نمط التفكير إنه زلزال حقيقي، يضمن حيوية العقل، ويبدو م

.إلى مخرج فيه تطلع الناسفي الوقت الذي يلتحديات، تفل االسابق عن إيجاد حلول وبدائل

لوجدنا ؛وإذا تأملنا حياة المصلحين والمفكرين والقادة الذي أحدثوا تحوالت تاريخية

مة المسلمات الخاطئة مثل أنهم زلزلوا العقول، إما بالتعرض للمعتقدات السابقة بالنقد، أو مقاو

توهم أن األرض مسطحة، أو تغيير أنماط التفكير والنظر إلى شكل المجتمع األفضل، أو طرح

تؤكد القدرة على ميدانية أطروحات جديدة جذابة تخاطب أشواق الجماهير، أو القيام بمبادرات

ل والفعل أدوات لقد اتخذوا من عقول الجماهير هدفا، وصاغوا من القو. إحداث التحوالت

العقول الجارف، الذي يغير قناعات الجماهير، " تسونامي"إلحداث الرجات، إنهم مهندسو

لتنتقللتنتقل من الشعور بالعجز إلى اإليمان بإمكانية الفعل، وتسرع إلى مغادرة مقعد المتفرج

. إلى مقعد الفاعل

، فال نبالغ إذ نقول، أنه ننا إذا أردنا تغيير وجه خارطة الفعل السياسي واالجتماعيإ

ال تسعى لعقد صفقة أو تسوية ألنهاوسيكون لتلك الزلزلة دويا شديدا، .زلزلة العقول البد من

تبتلع األفكار تصدعاتهاهي زلزلة تصنع واقعا جديدا، فال يرهبنك أن فمع األفكار البالية،

بتلعت أحالمنا يوما ما، وصادرت ألن هذه األفكار هي نفسها التي ا. مذعورة فرالجامدة وهي ت

. تنا المذهلة على التخيل وإبداع الحلولاقدر


11



12


فوضى المعرفة

أستطيع أن أرى عقلك من الداخل من خالل سلوكك

...كنت أبحث عن ملف في غايـة األهميـة ... هذا الصباح) الكمبيوتر(فتحت الحاسب

... ، كانـت متنـاثرة (Folder)لم توضع في مكـان يجمعهـا (Files)وجدت ملفات كثيرة

تتحداني أننـي ... تتوعدني بأن يعلو ضغط الدم عندي... تتهكم وتقسم أن تحيرني... مختلطة

. ..ألعد كوب الشاي هرعت... وبالفعل ...الشاي متوهما أنه طوق النجاةسألجأ إلى كوب من

!!قبل أن أعيد خوض صراع البحث عن الملف

ما ضرني لو كنـت !!حينها فكرت ...أن يداعب جبهتي بدأ البخار يتصاعد حتى أوشك

لمـاذا لـم !؟كل الملفات المتعلقـة بـه الكل موضوع أضع فيه (Folder) خصصت حافظة

...لألدب، وأخرى للسياسـة، وثالثـة لألخبـار ورابعـة للفـن (Folder) أخصص حافظة

..وسادسة ..وخامسة

المعلومات في عقلك مرتبة أم أنها هل !! ترى... راعني سؤال تطفل إلى عقلي ...فجأة

فكيف أتخذ قراراتي في حيـاتي وهـي !! وإذا كانت بهذا الشكل !؟خيفمتناثرة بهذا الشكل الم

!مبنية على استدعاء سريع لهذه المعلومات من العقل؟؟

كثيرا ما بـذلت جهـدا فـي اسـتدعاء .. الحيرة، نعم أحاطت بيو …أصابني الذهول

وكم من مرة وجدتني عاجزا عـن من قبل، لكن عقلي ال يسعفني، معلومة أعرفها وسمعتها

التعبير عن شيء أعرفه، وكم من قرار أعياني إطالق سراحه من حيز الفكـر إلـى الواقـع

هـل مـا يـراود عقلـي اآلن !! معقول؟...وكم من ... وكم من !! وشعرت بألم من التفكير

... هذا أمر ال يمكن تخيله... ال !!صحيحا؟؟


13


تجمعهـا، (Folders) حافظاتإلى التي تحتاج ) Files(و أن العقل مليء بالملفات يبد

ليسهل استدعاء المعلومة، ويسهل حفظ المعلومات الواردة من الخارج في أماكنها الصـحيحة،

واإلنسان يحتاج أن ينظم خارطته المعرفية، هذه الخارطة التي ينتج عنهـا . ومن ثم استخدامها

لسلوك البشري، وكلنا نتصرف وفق مدخالت معينة تدخل عقلولنا، تصف لنا ا - نهايةفي ال -

الواقع والذات واآلخر، فإذا كانت المدخالت خاطئة سينشأ سلوك خاطيء، وإذا كانت مدخالت

صحيحة وغير مرتبة تضطرب الخارطة المعرفية وتتشابك المعلومات ويساء تفسيرها، ونشهد

نا، ويتجلى بوضوح هذا التشويش في خلـل فـي الفعـل هذا االضطراب في السلوك في واقع

والتحرك في فراغ استراتيجي وأزمة في اتخاذ القرار، ونلمسه كذلك في واالجتماعي السياسي

. شكل تعثر في الحركة على بساط النهضة ومزاحمة األمم مقاعد الصدارة

لطبيعـة انعكـاس إننا نستطيع أن نقول إن شكل حركة وطبيعة سلوك اإلنسان، هـو

سـواء فـي –وبحسب النتوءات فـي هـذه الخارطـة . المعلومات وشكل ترتيبها في عقله

لذلك أيضا بإمكـاني أن أزعـم أننـي . ستكون النتوءات في السلوك -المضمون أو الترتيب

.أستطيع أن أرى عقلك من الداخل من خالل سلوكك

لبخار جبهتي، لكنه كشـف وبينما أنا شارد في هذه األفكار؛ إذا بي أجدني وقد غطى ا

لي طرفا من عجائب العقل، عدت إلى حاسبي الحبيب، وتأملت ملفاته المتناثرة، وبدأت أصنع

اآلن صار استدعاء المعلومة أسهل، وبالمثل حفـظ ... ، وأرتب ملفاتيFolders)(الحافظات

.المعلومات الجديدة وأرشفتها

الخـاص، سـألني أن حاسوبهومعه باب الغرفة، فإذا بصديق لي يأتيني سمعت طرق

...أشاركه في أحد المشاريع

ما هدف المشروع؟: قلت له


14


.أن نشتري وحدة تصوير: قال

..أسألك عن هدف المشروع.. ال أسألك عن الوسيلة.. ال: قلت له

..أن نشتري وحدة كاملة مع نظام صوتي: قال

..أسألك عن الهدف... سؤاليأنت ال تجيبني على ..هذا أيضا ليس الهدف ..ال: قلت له

نحن نريد أن نفوز في مسابقة الجزيرة ألفضل لقطة، ووسيلتنا لذلك شراء وحدة "كأن تقول لي

.."كاملة لنضمن جودة عالية

…:قال

…:قلت

…:قال

…:قلت

…:قال

…:قلت

…:قال

..أسألك عن الهدف... أنت لم تجبني على سؤالي..هذا أيضا ليس الهدف ..ال: قلت

..أرني إياه...افتح حاسبك: لت لهثم ق

..!!!!فرأيت الملفات متناثرة في كل مكان


15


وبعدين نشوف... اركب

عندما تكون ثقافة الميكروباصات هي القائدة

...اركب... اركب ... كبررار

طال ... كان الوقت حارا... هذا هو الهتاف الذي انطلق من حنجرة سائق الميكروباص

...أن أستجيب للنداء فقررت... االنتظار

؟"دريم الند"هل ستذهب إلى : السائق سألت

".اركب وبعدين نشوف... "قل باسم اهللا : أجابني

... فسميت اهللا

...لم يكن الميكروباص مزدحماف.. حمدت اهللاو.... ثم ركبت

اكتمل …انطلق السائق يشق الشوارع، وبدأ الناس يخرجون من الشقوق ليركبوا معه

سألت السائق أن يكتفي بعدد قليل من …لركاب، واستمر شحن الميكروباص بالبشرعدد ا

بعد أن عانقت شفته ،فنظر إلى في مرآته األمامية نظرة ازدراء الواقفين ألن الطريق طويل،

وجوههم تتدلى .. أصبح حذائي هو الممر المفضل للركاب... بدأت األعداد تتزايد. العليا أنفه

يتشاجر البعض نتيجة ... أنزف عرقا بدأت... بالصبر الجميل تحليت... عجيبعلي في مشهد

وبدأت رحلة األحالم تسوق إلي نبأ ... يبكى الطفل الرضيع... يرتفع السباب... التكدس

... احتضارها

إلى أين تقودنا؟؟ : سألت السائق

رك فائق السرعة، وطالؤها هذه السيارة ركبت كشفاتها الجديدة باألمس، كما زودتها بمح: قال

....لم يمر عليه أسبوع، وهي أسرع سيارة موجودة في


16


!البشري؟ مخزونإلى أين ستذهب بهذا الولكن ...وهذا ما جذبني لركوبها .. نعم: قاطعته

!!إلى أين؟؟.. رائع جدا أن ننطلق بأقصى سرعة، ولكن !ولماذا تسمح بركوب المزيد؟

ومن هناك يستطيع كل فرد أن يركب ما يريد، ويذهب ... لبلدسآخذكم إلى وسط ا: رد مغضبا

.إلى حيث يشاء

هذا يقول ... صرخ الركاب في السائق... نزلت هذه العبارات كالصاعقة على الجميع

ألن تذهب إلى كذا؟ وذاك يصيح ألن توصلني إلى كذا؟؟ وآخر يشيح بذراعيه مظهرا سخطه،

ان كل راكب يريد أن يذهب إلى وجهة مختلفة تماما عن ك ...ليستقر كوعه في النهاية في فمي

.من وسط البلد للتون بالفعل كان الكثيرون عائدي لسوء حظ السائق؛واآلخر،

لن .. إذن: بعد أن لفظت كوع هذا المتحمس-حصتي من االستفسار متسائال أخذت

!!!؟؟؟"دريم الند"تأخذني إلى

اركب وبعدين "ألم أقل لك .. ال طبعا: (سائل سبقني فتمتم في برود بذكره الذي رتله مع كل

!!).؟؟"نشوف

إليه وهو يواصل صناعة والتفت... نزلت من الميكروباص... طلبت منه التوقف

... سمعته من بعيد يصطاد ضحاياه من المارة المساكين بندائه الفتان... الشقوق في الشوارع

...اركب ...اركب ...اررركب

"!!!اركب وبعدين نشوف"الذي يتبع فلسفة ... ما أكثر هذا النمط من القيادة" :في نفسي قلت

أسلوب واحد، . نراه على مستويات شتى من الفعل القيادي في أماكن كثيرة وأزمان مختلفة

وعندما . حين تسوق بعض الحكومات شعوبها نحو الالوجهة نراه. وإن اختلف نوع السيارة

،ال تعرف كيف ستصل ألهدافها أو لعلها لم تتفق على هدفتتكدس أحزاب وحركات بأعداد

ويتكرر نفس المشهد في عدد من المؤسسات والمشاريع، لتكون المحصلة ظهور نفس


17


المشاحنات كاستجابة طبيعية للتخمة األعراض، المعاناة من صراخ الرضيع بعد فترة، وتفجر

إنها أعراض طبيعية عندما . شعال الهممالبشرية، ثم تنشغل القيادة بإطفاء الحرائق بدال من إ

اركب ... "وتصير السياسة المعلنة... والقائدة ...ثقافة الميكروباصات هي السائدةتكون

"...وبعدين نشوف

إن األمر الذي ميز معظم قادة األمم التي نهضت أنهم يعرفون ماذا يريدون، وكيف

يجيدون رسم ... رسامين ...دفكانوا رماة يتقنون تحديد اله. سيصلون إلى ما يريدون

األمر الذي تغنى به نابليون ... النفوس اليائسة فييتقنون نحت األمل ... الطرق، ونحاتين

"...القائد هو بائع األمل..."

... وآثروا الركوب ... العجيب أن بقية الركاب لم ينزلوا رغم احتجاجهم الواسع

ال إلى حيث ...وا إلى حيث يعرف السائقأو لعلهم ارتضوا أن يذهب ....لمجرد الركوب

!!يريدون

ونصيحتي لكل راكب

"يشوف... قبل أن يركب"

وال يستسلم ذهنيا لفكرة

."وبعدين نشوف.. اركب"


18


جوووول

يوشك أن تهتز الشباك. ..إذا حددنا الثالث خشبات

أتحدث مع كتبي ...أدون بعض المالحظات حول أسباب نهوض األمم كنت

من النافذة ألختلس أطللت ...وأسأل عظماء التاريخ عن أحالم صاغوها واقعا.. يودراسات

فثمة مبارة كرة قدم .. تذكرت..!! الشوارع مجدبة من المارة!! تعجبت... شيئا من الراحة

... وبينما أنا مستغرق في القراءة والتدوين؛ إذا بصرخة ترج المدينة. احتشد لها الناس

تا مدويا أعلنته الجماهير في االستاد، والمشاهدون في البيوت والمقاهي كان صو ..."جووول"

."جووول" ...وكلمة واحدة ...في وقت واحد ....والنوادي وفي كل مكان، هتاف واحد

عن سر وتساءلت ...لهذا السلوك الجمعي المنضبط الذي لم يتخلف عنه أحد تعجبت

المعلن بشكل االتحادمباريات كرة القدم، لكن هذا لتما تجاه كثيرا!! اإلجماع، ووحدة الهتاف

..ةأسرني، فانضممت للمشاهدين عبر شاشات التلفز... صريح

وأطلق الجمهور صيحته، ليبدأ عقلي ... اهتزت الشبكة طربا ...إعادة الهدف شاهدت

....يطلق كامن األفكار

ني الهدف، أي أن الناس كانت التي صرخ بها الجمهور تع "Goal"إن كلمة :الفكرة األولى

تحقق، كما أن هناك إجماعا على تحديد الفريق الذي حقق الهدف تجمع على أن هناك هدفا

.لصالحه

، وإذا المست الكرة الخشبة "الثالث خشبات"هذا الهدف محدد جدا فإطاره :الفكرة الثانية

.إقناع وارتدت فال خالف على عدم تسجيل الهدف، والقضية ال تحتاج إلى

.إذا ارتجت الشبكة بعد اختراق الكرة لها، فإن الهدف هنا محقق ال شك فيه :الفكرة الثالثة


19


الهدف يعترف به الفريق المسدد والخصم والجمهور، وال يتشكك فيه أحد، :الفكرة الرابعة

فيشك في اللهم إال في الحاالت التي يتم فيها مخالفة القواعد، أو تكون الكرة على خط المرمى،

.كونها حققت هدفا أم ال

أفكار كثيرة تدفقت ليجري قلمي على بساط ملعب ... السابعة ...السادسة... الفكرة الخامسة

فليس بالضرورة أن من بذل جهدا أكبر هو الذي وجدت في لعبة كرة القدم عجبا، . التدوين

لكنه قد ال يهزم، . ..ة، وال يوجد ضمان بحتمية انتصار من دافع عن مرماه بجسارسيفوز

وليس من صوب كرات كثيرة البد أن ينال تصفيق الجمهور، بل قد يصب عليه وابل اللعنات

فالجماهير ال تجامل، وال تمنح صرختها إال لهدف إن كان معظمها يتجاوز الثالث خشبات،

تمكن من إن الفريق الذي سيفوز بالجمهور هو من استطاع تحديد الثالث خشبات، ثم . واضح

إما صرخة نصر المؤيدين، أو "... جووول"التسديد السليم، ليجبر المشاهدين على الصراخ

. صرخة انكسار مؤيدي الفريق المنافس

هل تمتلك أمتنا أهدافا محددة؟؟ حكومات وأحزاب ومؤسسات وأصحاب ... فكرت

أم لعب تكون، مشاريع؟؟ هل هناك إجماع على تحديد الثالث خشبات، وفي أي جزء من الم

..!هل حددت معايير الفوز أم صار أي تحرك يعتبر إنجازا؟ !أننا أحيانا نصوب في مرمانا؟

وهل تدخل كراتنا إلى المرمى بشكل ال يدع مجاال للشك أم أنها تطيش أحينا، وفي حاالت

وعرضة للطعن ... أخرى تعتاد الوقوف على خط المرمى ليصبح الهدف بين القيل والقال

!والشك؟

يبذل عشاق التحول الحضاري الجهد الكبير، لكنهم في النهاية قد يضعون الكرة على

خط المرمى، ليدور جدل حول مدى قربها أو بعدها من تحقيق أهدافها، فتعزف الجماهير عن


20


ألن الناس ال تشجع إال الفرق الناجحة، التي تحسن هز الشباك التشجيع، ويفتر الحماس،

.بقوة

أن محاولة استبدال الثالث خشبات بأشياء أخرى لجذب المشجعين أمر عديم وجدت

الفائدة، فاستعراض المهارات في الملعب يسعد الجمهور، لكنه ال يخدعه، ألن السؤال األساسي

" من الفائز؟؟"بعد انتهاء المباراة

هو -في كل مجال وعلى جميع المستويات - التغيير والنهضةإن الدور األول لقادة

تعريف الهدف بدقة، ورسم حدوده بوضوح، حتى يمكن تقييم الممارسات المبذولة للوصول

من حتى" ...جووول... "إليه، وإذا حدث ذلك يوشك في يوم ما أن نسمع هذا اإلجماع

.خصومنا


21


المفتاح مش هيفتح

إنني أدعو إلى استراتيجية االقتحام

وأنا أستصحبه إلى بيته بعد أن تم تجديده، هذا ما قلته لجدي " ....المفتاح مش هيفتح"

...على يقين أن المفتاح لن يفتح كنت

".المفتاح مش هيفتح: "فقلت له ...أخرج مفتاحه من جيبه

".المفتاح مش هيفتح: "قلت له بنبرة الواثق ...بحث في جيبه عن آخر

".حالمفتاح مش هيفت: "فهمست في أذنه ...كنت أفتح به دائما: قال بعفوية

".المفتاح مش هيفتح: "فأجاب االبن.. نادى ابنه، وسأله نسخة من المفتاح

: فأجابت. ..راجيا أن يجد عندها نسخة من المفتاح... كلم ابنته عبر الهاتف المحمول

أن يسأل - الذي لم يتجاوز السبع سنوات - طلب من ابن أخي الصغير " .. المفتاح مش هيفتح"

"!!المفتاح مش هيفتح.. جدو: "فرد الطفل متعجبا ..جدته عن مكان المفتاح

...!!؟؟هل غيرتم المفتاح: قائال ...أصيب الجد بحالة من الذهول الممزوج باليأس

".المفتاح مش هيفتح" :أجبت مبتسما

ففتح ...ضغطت على الزر "...الريموت كنترول"أخرجت ... أدخلت يدي في جيبي

.الباب

لكنني لن أستخدم ... إنني أحب جدي: "ل، ونفسي تحدثنيأخذت بيدي جدي إلى الداخ

...."مفتاحه

من سياسيين ومفكرين ناقدر أجدادنفي مطلع القرن الجديد أن ونحن -كشباب –علينا

أن بأيديهم مفاتيح اواكل عليهم، ظنا مننتستفيد من خبراتهم وتجاربهم، دون أن نوخبراء، و

لم يجدوا ، وإن كانوا ، لقد بحثوابواب الموصدة من عقودفلو كانت معهم لفتحوا األ. الخالص


22


تعقدت فيه إننا في قرن جديد، . المفتاح في عصرهم؛ ففي الغالب لن يجدوه في عصر غيرهم

ومستحيل أن ...أدوات جديدة وعقوال وأساليب تفكير مختلفةالتصدي لها تطلبالتحديات، وي

وال يمكن أن ات السابقة ستنتج نفس الحلول، تتحكم في مصيرنا عقول قرن مضى، ألن العقلي

..فحسبهم أنهم جربوا ..وال نعاتبهم .يقود أحالمنا أناس أنهكتهم التجربة

عليهم أن يتبوءوا مقاعدهم، ، حل لغز العصريتوقع أن يكون لديهم إن الشباب هم من

صوتهم، فتجثو سمعوا العالم يوقنوا أنهم األقدر على صناعة تجربة جديدة، آن لهم أن يو

البشرية تواضعا ألفكارهم، وتطرق الرأس إنصاتا لبيانهم، مصغية إلى هذا الصوت العنيد،

ال تنتظروا وصاية، وال تستصغروا أنفسكم، ... أهتف من أعماق الفؤاد. وذلك النبض الفريد

"..سنصنع التاريخ.. "بل اصرخوا ملء أفواهكم

مجاالت اإلعالم، -نحن الشباب-، أن نقتحم حامإنني أدعو اآلن إلى استراتيجية االقت

والفكر، وصناعة االستراتيجيات، وإطالق المبادرات، وقيادة األحزاب والمشاريع، وال نتقيد

بأسلوب تفكير أو طريقة عرض أو كتابة أو تأسيس أعالم القرن السابق، سنصوغ أطروحات

، وممارسة قيادية رائدة، ولن يكون ذلك فكرية مختلفة شكال ومضمونا، ونمطا إعالميا فريدا

إال بإيمان عميق بأننا قادة هذه اللحظة التاريخية، سنحدد مفرداتها، ونجدد مصطلحاتها، ونطور

أساليب التعاطي مع الواقع، وسنعلن الثورة على كثير من مسلمات الماضي الخاطئة التي

عتبر اليوم خروجا عن المألوف، تقيدنا، ألننا ببساطة سنعبر عن جيلنا وأحالمنا، وما سي

سيصير طبيعيا بعد سنوات، بل ومتخلفا بعد عقود، لن نرث الثارات التي أشعلها حراك

أجدادنا، وقد نختلف معهم في نظرتهم لآلخر، لكننا سنشيد على أفضل ما بنوا، لنؤسسس لحياة

أن ينهي تجربته، ليس من يؤمن أنه بعد. ويقودها جيل جديد.. تطل على عالم جديد.. جديدة

.حقه الوصاية على الجيل الذي يليه


23


: نقول لهم... من سياسيين وإعالميين ومفكرين وغيرهم ..ووفاء ألجدادنا ...وأخيرا

إننا نقدركم ولن نستغني عن خبراتكم، ونعترف أن لكم جهودا مشرفة يعتز بها الجيل، لكننا

نبرأ بأنفسنا عن إعادة إنتاج مفاتيح القرن العشرين، نستنكف القعود عن تسلم زمام القيادة، و

حيث تفتح األبواب .. التي عجزت عن فتح كثير من أبوابه، وبالتأكيد لن تفتح أبواب المستقبل

.ببصمة الصوت

أقول لكل من سيحاول استخدام المفاتيح في هذا القرن

"المفتاح مش هيفتح"


24


ال تعبر الشارع وحدك

صاب بشيخوخة الفعلتشيخ األمم عندما ت

كم سمعتها من جدي الممسك بيدي لنعبر ... كلمات حانية "...ال تعبر الشارع وحدك"

...حتى وأنا ابن الرابعة عشر، لم ينتبه أنني كبرت، وعلي أن أعبر بمفردي.. الشارع

أطيل النظر للسيارات القادمة، ألنني اعتدت أن . ..وجدتني أتردد بعد ذلك في عبور الشارع

يقودني جدي األطول قامة مني، واألقدر على رؤية السيارت، ثم اتخاذ القرار الجريء

.ألعبر متترسا به... بالعبور

كنت أغبط زمالئي الذين يعبرون وحدهم بجرأة، رغم أنهم قد يصغرونني سنا، لم

..يمسك أجدادهم بأيديهم، كانوا يرمقونهم من بعيد

حينها أن أجداد ن أعبر الشارع بسالم، ظننت، وهدفه أكان منطق جدي خوفه علي

تعليم أحفادهم كيف يعبرون، وليس الحقا أن هدفهم كان زمالئي ال يخافون عليهم، ثم أدركت

.، كيف يتخذون القرار، وليس مجرد تلقي القرار للتنفيذمجرد العبور

تأكيد يختلف ما لم ينتبه له جدي أنني صرت أسرع منه، وتقديره إلمكانية العبور بال

كان األطفال يعبرون الشارع في . عن تقديري، ألنه يقيس اإلمكانية بسرعته وصحته هو

وأنتظر حتى يفرغ الطريق من ،رشاقة متنقلين بين السيارات، بينما أتحرك بسرعة شيخ

وفي الوقت الذي لم يكن هؤالء األطفال يخشون العبور؛ كانت تتسارع دقات قلبي . السيارات

م جدي قبضته على يدي مع تدفق سيل السيارات، وأجده يتقدم خطوة ويرجع للخلف كلما أحك

.خطوة


25


أدركت أنه عندما تسود ثقافة القيادة األبوية، ووصاية الكبير على الصغير، تعجز

، ألنها تبتلى بأجيال كثير من األمم عن عبور شوارع التحديات لتصل إلى ميادين الحضارة

.ادر وال تطرح حال، منتظرة قرار الشيوخمتواكلة ممسوخة، ال تب

فيقوم ابن ، ، وتفقد حسها بعامل الزمنوتشيخ األمم عندما تصاب بشيخوخة الفعل

ويتقلد من جاوز الخمسين زمام يفترض أن يقوم بها ابن الثامنة عشر، الثالثين باألفعال التي

مة، األإلى شيخوخة يؤديل هذا الترحي. تنبض فاعلية بابن الثالثينيجب أن المواقع التي

، شيخوخة على مستوى األداء، واألهداف واالستراتيجيات شيخوخة على مستوى األحالم

إنها حالة يمكن أن نطلق عليها . شيخوخة على مستوى صناعة الرموز في شتى المجاالت

يمسك بيد الشيخ بفالشيخ صار يقوم بعمل الشاب، والشا ،"تصابي الشيوخ، وطفولة الشباب"

السيارات وأقدر على رؤيةالشيخ أطول قامة بحجة أن خشية عبور الطريق، متشبثا بها

.القادمة من بعيد

، أن يحمل األب أو يزيد إن شيخوخة الفعل تعني أن يتأخر الشاب عن الفعل عقدا

ابنه في الوقت الذي يتمكن فيه من المشي، وأن يمسك الجد بيد حفيده في الوقت الذي يستطيع

يعبر الشارع بمفرده، وأن يعطي الجد قرار العبور في الوقت الذي يجب اكتفاؤه بتقديم أن

فال يطمح الشاب في ممارسة دور وإذا طال األمد باألمم تفقد الحس بالشيخوخة،. الرأي

.الشباب، بل يتمسك بقيام الشيخ بدوره، ويحرص أن يمسك بيده

وإعادة األمور إلى نصابها . احات الفعلاختزال هذه الفجوة الزمنية في مسإلى نحتاج

يزود الشباب ، وعيا من الشيوخ بأن دورهم استشاري وعيا وجرأةا ويتطلب هذالصحيح،

على العبور، بقدرتهعيا من الشباب ووويرمق عملية العبور، الخبرات، برصيد ضخم من

قد تضعف مع مرور على الرؤية منه، فحدة البصر ليسوا بالضرورة أقدر أجدادهأن مدركا


26


، ورصيد التجربة بقدر ما له دور إيجابي يستفاد منه؛ بقدر ما يحمل تأثيرا سلبيا إن كان العمر

. صيب بهاجس الخوف من العبور، مورثا إياه للشبابالجد تعرض من قبل لحادث مرور، فأ

لشباب ويتطلب األمر جرأة في الفعل بعد هذا الوعي، جرأة من الشيوخ في دفع ا

حتى ،من الشبابالتجربة ، وجرأة تقديم النصح والخبرةالتخاذ القرارات والمبادرات مع

.يتمرس اتخاذ القرار ويبصر الطريق بوضوح

بداية من مؤسسة ،خطورة هذه الهوةها مؤسسات إذا أدركت إن األمة ستستعيد فتوتها

الصالحيات للجيل الجديد بإعطاءتستدرك، قررت أنثم ، الحكم وانتهاء بمؤسسة األسرة

وها نحن نرى بشارات تطلقها ثلة مغامرة من . ، وتأسيس لجان استشارية من الشيوخالحالم

مروضة . لتثبت أن هذا زمانها تعشق الجلوس في عين العاصفة -في عدة أقطار-الشباب

ازمة على رسم مجاالت السياسة واإلعالم والفن واإلدارة وغيرها، مؤمنة بإمكانية الفعل، وع

هذا ...مستقبل جديد، وتتجلى انتفاضتها في مشاريع شبابية، تحمل كلها رسالة واحدة مفادها

، ويكرر تأجيل تحركهم يكرس الشيخوخةمؤمنين أن ..وهذه هي لحظة العبور.. زماننا

المأساة بسلب الجيل الذي يليهم حقه، لقد أدركوا أن عصرهم يستنفرهم ليحلموا، ويكتبوا،

إنهم أبناء ثم ينفذوا، ...تحدثوا عن آمالهم، ويحللوا ويطرحوا رؤاهم في عمليات التحولوي

سحبوا أيديهم من قبضة ... الحضاري الذي يتمنونه التغيير مشروع المرحلة، وهم مهندسو

".بإمكاننا العبور. "..أجدادهم بعد أن قبلوها قائلين


27


وفن المناورة … حرف الباء

؟؟إلى أي الحروف تنتمي

حد الكتب، إذا بي أجدني أغيب عن عالم الكتاب، ألدخل عالمأبينما أنا أقرأ في

موعة من كمج األحرف التي صاغت كلماته، وجدتني أغوص في أعماقه، بدت األحرف

.عالم األحرف. ..بهذا العالم الكتاب وموضوعه، ألجدني حائرا منبهرا نسيت الرسومات،

األحرف تدور حوارات، وتحاك مؤامرات ومعارك وسجاالت، وجدت ففي عالم

،"فقر"قد تصنع "الراء"و "القاف"و "الفاء"لتشكل الكلمات، فحروف األحرف تتسابق فيما بينها،

، وجدت الفاعل والمفعول به، ورأيت حزنا مرسوما "رفق"تشكيل نفسها تكون تنحسلكنها إذا أ

.به لها الكاتب أن يجعلها مفعوالقدر الكلمات التي على نقاط

ورغم أنها قررت أن تعمل ،وهناك األحرف الصغيرة الرشيقة القادرة على المناورة

إال أن لديها من القوة ما كلمة كبيرة؛ صغيرة منفردة دون االندماج مع أحرف أخرى لتكون

منفردا، ليكسر أعتى الكلمات، أو "الباء" يجعلها قادرة على أن تجر ما بعدها، كما يفعل حرف

وتخترق سدود الكلمات برشاقة التي تناور ،"في"قوة ليشكال "الياء"و "الفاء" اكما يتحالف حرف

بقي وال فال ت ،ها قبلها مباشرة، لتكسرها بدورهاكبيرة، فتختار موقع باحثة عن هدفها في كلمة

.بها إلى األحرف الخائفة عائدة تذر، ثم تجرها

إلى مجموعة حروف العلة، االنضمام يتألق ذكاء، حين قرر "الالم"رأيت كذلك حرف

.الحقائق ، فيوضح المبهم، ويجليليفسر األحداث، ويكشف علتها


28


ويعطفها ، التي فضلت أن تكون تابعة، فيربطهاالكلمات المستكينة تلككذلك هالتني

ت، وإن كانرج جرورا، إن كان مليجعلها تابعة لما سبقها، "الواو"على ما قبلها حرف

على بل العتاب كل العتابرمه، يليه، وليس هذا ج ايمسخ م "الواو"مرفوعا رفعت، إن حرف

."الواو"من ارتضى أن يكون مكانه بعد

وتعلمنا أنه ال يوجد خيار واحد، أو ،التي تتيح الخيارات "أو"ب ازددت إعجابا

.تحرره من أسر الحل األوحد يعني "أو"فاستيعاب العقل لـ استراتيجية واحدة،

صاغ الخطابات، الكلمات، وت نسجإن عالم الحروف يستحق النظر، فمن األحرف ت

فبالحروف تشن الحروب، وبها توقف، ة،ومن خاللها يعلن القادة قراراتهم المنطوقة أو المكتوب

.الصراع فال عجب أن تبدو في عالم عالقاتها مفردات

والمجرور، وإن كان مقبوال في دنيا الحروف أن يتواجد الفاعل والمفعول به، والجار

الكلمات وبيانها، وحرف العطف والمعطوف، ليتعايش كل هؤالء كلوحة تشكيلية تنبض ببالغة

.لف في دنيا اإلنسانفإن الحديث يخت

ر أو في عالم اإلنسان بين فاعلين أو مفعول بنا، أن نج إن الحروف تعلمنا أن نكون

أن نكتشف دور ١،واستثمار مواردنا، أو أن نهدرها ر، أن نحسن تشكيل أنفسنا،نج

ة مثلما تفعل الحروف النوعي - فعالة القيام بأعمال نوعية المجموعات والمشاريع الصغيرة في

قد ال يسعفها أشكال القرن الماضي في مشاريع متضخمة، إنتاجبدال من إعادة ،كالجر والعلة

.المبادرة واتخاذ القرار حجمها على السرعة والمرونة في

لمشاركة يف صناعة التحفيز لللكن الصياغة هنا من منطلق ،..أو.. ليس املقصود هنا وضع القاريء يف أسر الثنائيات الشهرية إما ١

.األحداث


29


أن تلتحم مع غيرها من وليست كل الحروف قابلة للعيش منفردة، لتمارس دورها دون

في الغالب قلة، والقادرون نفردا، واألبطالال يعمل م "ثاء"ـاألحرف مكونة كلمة، فحرف ال

المتميزة التي تمتلك على التصدي منفردين صفوة، وتجسدهم تلك المجموعة من الحروف

.مهارت العمل النوعي

وأسرتني دقتها ومهارتها، التي لوالها الصطدمت أعجبتني حقا تلك الحروف الصغيرة،

وتفصل بين الكلمات، نظم، وتفسر، وتفصل،التي ت هي إنها .الكلمات الكبيرة، ولتراشقت

صغيرة ليسهل على الكاتب تذكرها، ويسرع في كتابتها وتعاقب بالجر والكسر أحيانا، وهي

.حشرها بين أضخم المفردات قبل ارتطام الكلمات، ويتمكن من

ها، اختالل الجمل ومعاني إن الحروف الصغيرة هي صمام األمان الذي يحول دون

يثبت حيوية المجتمعات، المشاريع الصغيرة بدورها صارت اليوم صمام أمانوأعتقد أن

.الفعل وإمكانيتها وقدرتها على

الصغير، وأقول بل األسماك الصغيرة قادرة على يقولون أن السمك الكبير يأكل

.اعتالء ظهر الحوت


30


بلطجية الفكر

تسلل إلينا عقل ...احترس

" البلطجية"األحداث السياسية في نشرة األخبار، رأيت بعض أتابع تفاعل كنت

وفي . يتصدون لفض اعتصام، حيث يفضل بعض العبي السياسة استخدام القوة لقمع منافسيهم

مجموعة تسب مخالفيها، وأخرى وجدت ١نفس التوقيت كنت أتصفح إحدى منتديات اإلنترنت،

، فخيل إلي أن الصورة مكررة، وألوانها إلى التلفاز تالتف... تدعي احتكارها الصواب

بلطجية "يريقون الدماء الحمراء، وعلى اإلنترنت " بلطجية السياسة"متقاربة، فعلى التلفاز

..يكتبون باللون األحمر" الفكر

المجتمعات، حين ال بعضإفراز طبيعي لنمط تفكير يطغى في " ثقافة البلطجة"ن إ

وهذا النمط يكرسه األب في بيته، . ..أن تسمعني. ..توجد سوى وسيلة واحدة للحوار

الخ، لذلك نجد بلطجية الفكر في كل مكان، في ... والمدرس في فصله، والمدير في مؤسسته

الخ، ويستخدمون أبشع األسلحة المحرمة إنسانيا، ..المؤسسات السياسية واالجتماعية والثقافية

رح الفكرة ومكانته ومدى جدارته بالحديث، ليغتالوا العقول، تارة برصاصة تتناول شخص طا

وأحيانا تخترق الرصاصة قلبه مفتشة عن نواياه، وحينها تطغى مناقشة هوية األشخاص على

تمحيص األفكار، وتارة يحمل بلطجي الفكر في نفسه بقايا إنسان، فيكتفي بدبوس يشك به

...ات العليا هذه الفكرةستبحث المستوي: "طارح الفكرة قبل أن يستكمل طرحها قائال له

إنه : "، أو آخر يتميز بالرقة فيهمس في أذن من بجواره"لننتقل إلى النقطة التالية ...واآلن

وأحيانا تستعد المؤسسات بكتيبة الردع الفكري للوقاية ممن أطلقت".. سيتعبنا ...يفكر كثيرا

أما ".. هل يفكر كثيرا؟؟: "ريقها، فتسأل قبل أن تضم فردا جديدا إلى ف"مشاغبو الفكر"عليهم

.قبل انتشار شبكات التواصل االجتماعي مثل الفيسبوك يف العامل العريب ٢٠٠٦كتب هذا املقال يف عام ١


31


طلقون قذائف فتاكة من عيونهم، تتجسد في كبار البلطجية فال يكترثون باألسلحة السابقة؛ بل ي

نظرات ازدراء أو توعد أو استنكار، لتقتل فكرة مطروحة قبل تمحيصها، بعد أن تكون شظايا

.القذائف أصابت طارحها بالشلل العقلي

ين يعلمون شيئا من الغيب، ويقرأون الفنجان، ترى أحدهم يقول ، الذوهناك العرافون

"..أعرف ما الذي ستقوله ...أفهمك ...ال تكمل: "لمحدثه قبل أن يشرح فكرته ويوضحها

ووأد األفكار ال يقتصر على شريحة القيادة، فقد الحظت وجود أفراد في بعض

سلوب، خلتهم في بداية األمر ويروجون لنفس األ -ليسوا في مركز القيادة -المؤسسات

، لكنني وجدتهم يمارسون اإلجهاض الفكري بجدية، ويتطوعون بالرد "بلطجية تحت التمرين"

ردد نيابة عن مديريهم بنفس األسلوب، حينها علمت أنها ثقافة تورث، وعبارات واحدة ت

، "طريقة التي نعرفهادعنا نعمل بال"، "هل جربها أحد من قبل؟؟: "مثل ..إلجهاض جنين الفكرة

، "ركز فقط في إنهاء عملك. ..لدينا إدارة واعية"، "لو كانت صالحة لنفذتها اإلدارة من فترة"

!!".هل تعتقد أنك أعلم من اإلدارة بهذه النقطة؟؟"

، بل وانتهاكات بلطجية الفكر لحرمة العقل ال تقل خطورة عن جرائم بلطجية السياسة

عام يستنكر فعل بلطجية السياسة، أما بلطجية الفكر فيجدون لكالمهم تفوقها أحيانا، فالرأي ال

وبلطجية السياسة يستخدمون من قبل بعض .خاصة عندما تكون ثقافتهم هي السائدة ،رواجا

تبرأ النخب منهم بعد ذلك، أما بلطجية الفكر فقد يكونون في قمة تالنخب السياسية، وربما

اذج يحتذى بها، وهم أنفسهم الذين يمارسون قمع األفكار دون الهرم في مؤسساتهم، ويمثلون نم

وسيط، وعادة ما تكون كلمتهم مسموعة، وخطب ودهم مطلوب، لذلك يسكت عنهم الرأي العام

.بلطجة نخبداخل مؤسساتهم، أي أن البلطجة هنا


32


رسخ الوضع القائم فأي فكرة جديدة توالمؤسسات بصفة عامة ال تحارب كل األفكار،

حكم عليها بإإلعدام، فهي التي تتناول مسار المؤسسة من أما األفكار التي ي تحظى بالتكريم،س

أساسه، وجدوى وجودها، واستراتيجيات تحركها، ومدى إنجازها، ومعايير وآليات تولي

. القيادة

، وأي وسط تطارد فيه الفكرة إن أي مجتمع يصير فيه التفكير جريمة فهو على خطر

ما مقومات الحياة، فاألفكار أكسجين التنفس الذي ينعش رئة أي مجتمع ليكون قادرا سيفتقد حت

.على التطور، وتموت األمم حضاريا إذا أصيبت بأزمة التعامل مع العقول، واعتبرتها عدوا

وقد انتبهت بعض المؤسسات في عالمنا العربي إلى خطورة القطيعة مع العقل،

ه، واستبدلت رعاة الفكر ببلطجية الفكر، مدركة أنها لن تتطور وقررت أن تبدأ المصالحة مع

إال إذا سادت فيها ثقافة احترام اإلنسان، وتقدير عقله، وعلمت أنه رأس مالها فترعاه وتستثمر

فيه وتشجعه على أن يدعمها، ال أن تعتقل ملكاته، ورأت فيه مصدر تميزها، ال تهديد وجودها

. واستقرارها

تسلل إلينا . ..احترس.. "فرات اإلنذار صوتا مدويا ان المؤسسات لصاختارت كثير م

وفي ناحية أخرى نرى مؤسسات واعدة تسعى لتقديم النموذج، مؤمنة أن أمتنا ستبرع "...عقل

...احترس.. ".فرات اإلنذار في مؤسساتهااوتنافس في السباق الحضاري يوم أن ترن ص

".سيتفلت عقل


33


الفيلم مش حقيقي

لبحث عن الحقيقةفن ا

لم توقف حركة شفاهنا ...أنهكنا الحوار ...كنا نتجاذب أطراف الحديث منتظرين الفيلم

البطل . ..األلسنة صمتت ...تنقلنا إلى عالم السينما لتفتح بوابةسوى موسيقى المقدمة،

تأملت وجوه ...تناثر الدم من وجههي... إثر حادث سيارةرتطم باألرض ي... يجري

هذه .. .ال داعي للحزن: "صوت الصمت قائال قاطعت. ..األلم يغزو العيون... دقائيأص

من مقولتيغضبا وا انفجر"... الفيلم مش حقيقي... محاليل حمراء وليست دماء

.ثم بدأ التركيز من جديد... وتوعدوني

عيني طفلةفرحة في ترأي، به تستعد العروس ليوم طالما حلمتمشهد الفرح، في

الفرح مش ... ال تفرحي هكذا: "في أذنها التي تجلس بجواري، فهمستزميلي الصغيرة

..فوعدتها أن ألتزم ...فكادت تفترسني وناشدتني الصمت"... حقيقي

خشى الكل ي ...احتبست األنفاس ...سيسقط أحدهم من أعلى ...وفي مشهد العراك

. ..سقط البطل من أعلى.. ،المحمولبدأت أكتب رسالة قصيرة على هاتفي ...لحظة السقوط

ضغطت زر اإلرسال فور ارتطام البطل باألرض، ها هي الرسالة تصل إلى هواتف

فقدوا "... الفيلم مش حقيقي... الممثل لم يقفز. ..هذا دوبلير" ...فتحوها فوجدوا. ..أصدقائي

.فيلمأي السيطرة على أعصابهم وأقسموا أال أصحبهم في

بداية –ا الفيلم وتعلم مسبقا أن ما يجري فيه ليس حقيقي شاهدنك تأليس من العجيب أ

أليس !!وترقبا وحذرا؟؟ ثم تتفاعل معه فرحا وبكاء -من أسماء الممثلين وانتهاء باألحداث

الشاشة مندمجا مع إلىمتسلال بعده أن يقطع انتباهك اتصال هاتفي ثم تعود مثيرمن ال

فيلما قديما مات كل ممثليه شاهدأليس من المذهل أنك ت !!ان والمكان؟؟الممثلين، مغادرا الزم


34


بإمكانك !!، ثم تندمج معهم وتتألم ألحدهم إذا ضرب؟؟ولعلك شاهدته من قبل عدة مرات -

عقلك طواعية لشخص آخر يتحكم ترهن، فأنك تريد أن تصدق... ببساطةر كل ذلك يفست

.فيه

للغير، فحالة االستسالم العقلي تتم طواعية، كنت العقل ظاهرة إعارةكم أرقتني

هذا ولفرح، فكل ما ترونه ليس حقيقيا، ل أورهم أن هذا تمثيل، ال داعي للبكاء، كذحريصا أن أ

، والحجرة التي تبدو وكأنها خاوية من البشر المشهد تم تصويره ما ال يقل عن خمس مرات

المفارقة هنا الخ، ... للقطة من مخرجين ومصورينتكتظ بأفراد حرموا من الدخول في كادر ا

إلى الواقع، تعيده، بل ويتأذى من أي محاولة التصديقأن المشاهد يعرف كل ذلك، لكنه يريد

تستجيب لشهوة لل والعق ثم تعود ؛ثوانأكثر من م ويدل تنبيهاتي أثناء الفيلم مفعوليكن ولم

.االستسالم

خل العقل، تدافع بين الحقيقة، وبين الفكرة التي يريد أن إنها حالة من تدافع األفكار دا

إننا كثيرا ما نرى ونفسر .رجم إلى سلوكتلتهيمن بعد ذلك على المشاعر وقد ت ،يختزنها

من الواقع بعض ننتقي، بشكل يروقنا في رؤيتها غبنرألننا ،حقيقتهاغير األشياء على

ن صورة رقمية وهمية تبكينا وتفرحنا وتستنفرنا وكلن ،اللقطات التي تخدم فكرة في أذهاننا

، وعلى الديكور "حدثا حقيقيا"وعلى التمثيل ،"بطال"الممثل على وتقعدنا، تماما مثلما أطلقنا

العالم قائما على الطائفية أن ترىفإن أرادت مجموعة ". دماء"الحمراء لالمحاليوعلى ،"أثاثا"

وأن حقائق يختلف عن ظاهر صورته، اآلخرون بأن الواقع مهما ذكرها ،فستراه كذلك

المعروض، وتحتاج إلى تحليل يتجاوز القشور إلى الجوهر، الفيلم األحداث تختلف عن

.وتتطلب االنتقال من المشاهدة عبر شاشة التلفاز إلى زيارة األستوديو


35


نظرا، حابتربومن المؤكد أن مساعي من يحاولون كشف الخمار العقلي لن تقابل

تختلف عن الصورة عن الواقع زائفةتكوين صورة لالحتجاب، والرغبة فيقابلية العقل ل

عندما تقنع القيادة نجد نفس النموذج في بعض المؤسسات على تنوع مجاالتها، .الحقيقية

نفسها بأنها بذلت ما في وسعها وحققت إنجازات، في حين أنها تبذل جهدا في القفز في المكان،

وكثيرا ما تتأذى األغلبية المغيبة في هذه المؤسسات من محاوالت التنبيه التي تقوم بها األقلية

.إفساد متعة مشاهدة الوهمتهمتهم ... اليقظة، وال تتورع عن تصنيفهم كمجرمين

أن نخوض معركة وسر فكرة أو شخص، أل تسليمها نأبىن نتحكم في عقولنا، وآن لنا أ

:يتطلب هذا أمرين أساسيينو .ونرفع عليها أعالم التجديد ،عقول لنعلن استقاللهاالتحرير

.إلصابة بهة ا، وقابليللغير العقل إعارةداء ... معرفة بهذا الداء :أوال

، ليتم تناول القضية الواحدة من كل الزوايا تحديث المدخالت المعرفية بشكل متجدد: ثانيا

.الواقع والذات واآلخر بشكل دوري يعاد رسم صورة عنوالمطروحة،

، إن العقل الحر ال يستنكف أن يغير فكرته إن شعر بسيطرة فكرة وهمية عليه

لتمحيصها أو توريثها لجيل الحق دون دعوتهمفكرته، بدوره تلقين اآلخرينيرفض و

لى ع لالستمراره عدن بيدعو مال فهو .ضعها في معمل النقد ليتم تحليلها بشكل دقيقوو

إنه يعزف الحقيقة، عجز عن إبصار أجزاء من همن جذورها لعلها راجعولي يدفعهم، بل فكرته

الجيل طريق علموا .. ".أعذب ألحان القرن الجديد، لتطرب جنبات الدنيا بهذا الصوت الهادر

وال تقيدوا عقولهم بأغالل أفكاركم، وال تبيعوهم أفالم أوهامكم ليشاهدوها على ، االستقالل

" .فن البحث عن الحقيقة ...دربوهم على عشق الفن. بارها حقائقاعت


36


الصورة مقطوعة

أعيروني أعينكم ...أيها النقاد

دعوت .. .كنا بصدد تأسيس مشروع، حددنا فكرته، وأجبنا على بعض األسئلة األولية

اب الفريق لزيارة شخص نطرح عليه الفكرة، سألوني إن كنت أتوقع مساعدته، أجبتهم باإليج

خرجوا . ..طرح عليهم أسئلة صعبة.. .ذهبنا إليه ...سيعارض الفكرة بقوة رغم علمي أنه-

".الصورة مقطوعة!! أال تنتبهون؟؟: "مقلت له. ..مستائين، فقد دمر لهم الفكرة

يتحدث الكثيرون عن النقد البناء والهدام، ويرون أن األول محمود واآلخر مذموم، وال

نقد قد يصنف إلى نقد موضوعي وغير موضوعي، وليس ذلك أرجح هذا التصنيف، فال

فحسب، بل بين الموضوعية والالموضوعية عشرات الدرجات، فربما تختلط الموضوعية مع

لذلك فحتى هذه الدرجات . تتسم نقاط بموضوعية تامة، وأخرى بالموضوعيةفالالموضوعية،

.نسبية يصعب حسم القول فيها

ال يهدم وال يبني مشاريعا، -في رأيي – ، ألنهم وبناءهداإلى ويصعب تصنيف النقد

عملية الهدم والبناء مرتبطة بالشخص أو المجموعة حاملة الفكرةف ،أو يقتل أو يطور فكرة

الموضوعة على منصة النقد، فقد يمتليء النقد بآراء قيمة تبني، لكن المجموعة المتلقية له

مشروعها بتجاهل النقد، مستمرة في إعادة إنتاج الفكر، فحينها تهدم تحجرةتكون متعصبة م

لكنه يصادف عقوال تتمتع ،"هدام"ـبالالبعض نعتهيفأفكارها القديمة، وقد يكون النقد الذعا

.فتلتقط من ثنايا صواعق النقد ما تعيد به بناء وتشكيل أفكارهابالحيوية،

بحامل الفكرة، وليس بالناقد أو لذلك أرى أن قضية الهدم والبناء مرتبطة ارتباطا وثيقا

بل وسعى إلى االستماع إليه رغم يقينه أنه لن وكم من ذكي استفاد من نقد عدوه،، ذاته النقد

ال يسعى إلى بنائه وتطويره، لكنه يدرك أنه خصمهيوجه بالضرورة نقدا هادئا عذبا، وأن


37


إذن قد يتعمد . العقل عن إبصارهايتعامي يغفل أو سيضيف له زاوية نظر دقيقة جدا، غالبا ما

. خصمك نقدك لهدم فكرتك، لكنه يمنحك مواد البناء دون أن يدري

يضيف عقوال جديدة إلى عقلك و، زوايا النظر المختلفة للمشهد الواحديمثل إن النقد

شخصية الناقد يلتفت إلىوالعاقل ال . كي ترى كي تفكر، وعيونا تزيد عينيك قوة في اإلبصار

لوبه، وخلفيته التاريخية، ومدى قربه أو بعده عن فكرته، أو نعته بالبناء أو الهدام، مدركا وأس

أن عملية الهدم والبناء في يده هو، كما أنه ال يضع شروطا للناقد، كأن يتأدب ويتلطف، أو

، أو يكون من داخل فريق العمل حتى يحق له وإن كان ذلك أدعى لقبول الرأي – يزين كلماته

. ، إلى آخر ذلك من معوقات قبول النقدداء الرأيإب

ليعرضه علىفريق عمل بمشروعه ، فيذهبكم أعجبني مطاردو األفكار أينما كانت

، ولعل أعضاء الفريق ال الحرجة ة الناقديستفيد من أسئلفمن يعتقد أنه سينتقد فكرته بقوة،

فيضعون أيديهم ، ل تلك األسئلةختبرون صالبة الفكرة من خاليملكون أجوبة كافية، لكنهم ي

في تشذيبها وتوفير األجوبة على األسئلة المطروحة يبدأونمواطن قصورها، ومن ثم على

هيا . "..كأن يقولوا لهأن يشاركهم في التنفيذ، " المشاكس"عليها، إنهم ال يطلبون من الناقد

ن ذلك، في بناء الفكرة استفادوا منه في أعمق م، فقد "شمر عن سواعدك وانزل الميدان معنا

، وقد يستعذبون وضع أفكارهم تحت المطارق لتزداد حدة، فيخصصون لمشروعهم وتطويرها

وليس . "أعيرونا أعينكم ...أيها النقاد"، تعرض عليها األفكار، لسان حالهم كتيبة من النقاد

ن في أرشيف من توثيقها، لتكو نل أخطائهم، وال يخجلويجلتس املف فردونويبل ؛ذلك فحسب

.ملفات المشروع، ويستفيد منها من يليهم

، واليدونون أسوارا عالية، ويبنون بينهم وبينه وعلى النقيض هناك من يتهيبون النقد

من النقد عدوا، وينظرون إلى طارحه بقلق، متخذين أخطاءهم، ويدافعون عن كل تاريخهم،


38


تهم، وما دروا أنهم يخنقونها، ويسدون مفتشين عن بطاقة هويته، ظانين أنهم بذلك يحمون فكر

.سيفنت. ..عليها منافذ الهواء، ثم يتحلقون حولها صارخين

تركيب فنودوره أن يتقن !؟أنه يمسك صورة مقطوعةكل صاحب فكرة هل يدرك

استجماع كل ية القصاصات مع آخرين، وعليهيمتلك قصاصة من الصورة، وبقهو ف !؟الصور

مع أفراد فريقه، وبعضها مع هذه القصاصات لصورة، بعضالقصاصات كي يبصر ا

من المتحاملين، وبعضها مع األعداء، وقد يستعيد قصاصة بكلمة طيبة، وأخرى بكلمة الذعة

، وأن واجبه استعادتها عليه أن يدفعه اثمن، عليه أن يدرك أن لكل قصاصة حامل القصاصة

كل يضمن استجماع –بدون قيد –النقد واكببوابات العقل لمرور مجميعا، وأن يوقن أن فتح

.قصاصات الصورة

الطريف أن البعض يبذل الجهد في جمع القصاصات، فيستمع لكل اآلراء، ال ليركب

الصورة، بل ليحرق تلك القصاصات، ويبقي قصاصته التي بين يديه، ثم يقنع من معه أنه

. استمع لكل اآلراء وتأكد من صحة ما يقوم به


39


ألول زمانطلعت ا

نجاح األمس هو فشل اليوم

كانت العائلة تلتقي مرة كل عام بحلول األجازة الصيفية، وكالعادة يبدأ كبير العائلة

باالطمئنان على نتائج امتحانات األطفال الثالثة، كان اثنان منهم يحصالن دائما على أعلى

رغم تمكنه من تحصيل الدرجة ما أثار انتباهي هو ثالثهم الذي كان يتعثر دائما، .الدرجات

.النهائية في مادة الرياضيات مرة واحدة فقط، وهو في الصف األول االبتدائي

أما ...ترتيبي الخامس هذا العام: وذاك يقول ...ترتيبي األول هذا العام: هذا يقول

.في مادة الرياضيات العام الماضي" طلعت األول: "ثالثهم يقول

... يطمئن الجد على نتائج االمتحانات... رب في إجازة الصيفيلتقي األقا... يمر عام

: أما الثالث فيقول... ترتيبي الرابع: ترتيبي الثاني هذا العام، واآلخر يقول: هذا يقول حزينا

.في مادة الرياضيات في العام قبل الماضي" طلعت األول"

...مرت ثالث سنوات، والتقت المجموعة

...ا العامترتيبي األول هذ: األول

.. ترتيبي األول هذا العام: الثاني

.في مادة الرياضيات وأنا في الصف األول االبتدائي" طلعت األول: "أما الثالث فقال

األول على منافسيك منذ خمس سنوات، فإن كنت إن نجاح األمس هو فشل اليوم،

بع سنوات الماضية، ألنك عجزت عن تفتخر بهذا النجاح؛ فهذا يدل أنك فشلت في األر وظللت

.االنتساب إلى الماضي صناعة نجاح جديد، وآثرت


40


كثر قيادات مؤسساتها من استخدام صيغة ومن أسباب موت المجتمعات حضاريا أن ت

هي الفاصلة وعالمة االستفهام والتعجب في " كنا"، وتصير كلمة الماضي في مفرداتها

.هي األغنية المفضلة التي يتغنى بها طاقم العمل" زمان" خطاباتها وتقاريرها، وتكون أغنية

إنها ال تقتات إال على الماضي، وتعزف عن االشتغال بصناعة المستقبل، وتكتفي

الذي يملك حاضرا ال يكثر الحديث عن وئلت عن الحاضر والغد، باإلحالة إلى التاريخ كلما س

.الماضي، واألحياء ال يتبنون األمواتألن الحاضر يأبى أن يتغول عليه ، بطوالت الماضي

إنجاز أي مؤسسة من خالل نظرة مبدئية لنوعية القصص التي توقعلذلك تستطيع

تعلن إفالسها عن مواكبة الواقع فتعيش مع الذكريات ، هل ستشهد بها داخلهاوي تحكى

تتجاوز أم !؟إنجازات الحاضرذكر هاقصص ىأم يغلب عل !؟استدعاء اإلنجازات التاريخيةو

!؟ذلك لتستشرف المستقبل

هذا يعني الهروب ف فحسب؛ تتحدث عن الماضي فإن كنت. ..أنت تعيش حيث تتحدث

تتحدث عن أما إن كنت من مواجهة الواقع إلى الخلف، ووأد الحاضر بحقنه بمسكنات التاريخ،

م بزيارة يتفأنت متتحدث عن أفكار من المستقبل، مشغول بالحاضر، وإن كنت حاضرك فأنت

.المستقبل


41


البلياردو

من الواضح أن إخفاقاتنا ليست نتاج دهاء أعدائنا

تجولت حتى يحين ...وصلت مبكرا. ..كنت على موعد مع صديق لي في النادي

أسرتني ... طفل لفت انتباهي... بدأت أتأمل الالعبين... دخلت قاعة البليارد ...الموعد

س محترف من فرسان البليارد، سألته عن كيفية وصوله إلى مهارته، وأعجبتني وقفته كفار

بعد - ه دعوت. ..هذا المستوى، فعرفت أنه يتدرب يوميا ساعتين، وأنه من عشاق هذه اللعبة

.فاقترح الذهاب إلى ملعب كرة القدم ...أن يتجول معي - أن حسم المبارة لصالحه

ل الصغير في ساحة الكرة، بدأت انتقلنا إلى الملعب، وازداد شوقي لرؤية هذا البط

فقدرته على التحمل ضعيفة جدا، وتصويبه !!...ة، كانت عيني ال تفارقه، لكنه صدمنياالمبار

استمتاعا فقد توقعت .. .كثيرا للكرة قلما أصاب حدود المرمى، كان أمرا مذهال، وحزنت

.أنفاسه تزلزل جسدهانتهت المباراة، وأتاني و... بأدائه كما أمتعني في البليارد

.كؤلم يعجبني أدا: قلت له

أنا العب ...أنا ال أتدرب على كرة القدم، ولست العبا متمرسا فيها: رد متعجبا

....بليارد

أحسست أنني بالغت في قدرات الطفل، أو أردت أن أرى منه فعال لم يرده هو من

وأردته بطال في كرة القدم مضي وقتا ممتعا مع الكرة،نفسه، فقد أراد فقط أن ي.

كثيرا ما تتدرب أمتنا على لعبة البليارد التي ال تستدعي بذل جهد بدني كبير، أو لياقة

وشتان بين حجم كرة القدم التي . عالية، وتغفل عن أن المباراة المدعوة لخوضها في كرة القدم

غازلها بعصا خفيفة بعد أن تضربها بعنف وتتطلب قدما قوية، وبين حجم كرة البليارد التي ت

ترتشف بعض الشاي، وبون شاسع بين ملعب البليادر الذي تطوف حوله بدالل، وملعب كرة


42


القدم المهيب الذي يسلب األنفاس، ويقهر العدائين من الرجال، وهناك تمايز كبير بين خصمك

ي كرة القدم في لعبة البليارد، الذي يتفرج عليك وأنت تلعب، ويمنحك فرصتك، وبين خصمك ف

إن كثرة التدريب على . الذي لن يتورع عن تسويتك باألرض قبل أن تدخل منطقة الجزاء

البليارد ال تغني عن العب كرة القدم شيئا، والساعات الطوال التي يقضيها في التمرس على

مع كل إننا . هذه اللعبة لن تشفع له حينما ينتظر الجمهور عدوه برشاقة ثم يسدد ويحرز الهدف

مباراة نمارس نفس السلوك، فنخرج من قاعة البليادر إلى االستاد، ثم نشكو قوة المنافس،

ونندد بظلم الحكم، وقد نلعن الجمهور المتآمر، ثم نقسم أننا تدربنا الساعات الطوال، وفعلنا ما

.بوسعنا

، وإنما ، أو تفوق عدتهم وعتادهممن الواضح أن إخفاقاتنا ليست نتاج دهاء أعدائنا

هي نتيجة طبيعية غير مفاجئة لممارسة البله السياسي على مدار عقود، وهدر األوقات في

. افتعال الحراك

ها نحن نبصر أداء راقيا يذهل العدو قبل الصديق، عندما نجد ... على الناحية األخرى

.منظمات جادة، ومؤسسات قررت أن تستعد للمباراة

على البليارد أشبه بالمقاتل الذي يتدرب على العمل إن العب الكرة الذي يتدرب

البرلماني، وبالمناضل السياسي الذي يتدرب على العمل الخيري، وبصاحب المشروع الخيري

.الذي يتدرب على تدريس الطالب

باألدوار التي سينتدبون أنفسهم إلى وعييحتاج األفراد والمؤسسات في كل القطاعات

جيدا، ثم يتدربون ويمتلكون أدواتها، وإال ظلت األمة تبذل جهودا في لها، فيدركون طبيعتها

البليارد، بينما الجمهور ينتظرها في استاد كرة القدم، وإذا قرر األبطال أن يخوضوا المباراة،


43


وليكسروا خوفهم من اقتحام المساحة الخضراء، ، "التراك"فليكفوا عن الجري حول الملعب

.حيث يدور التنافس

وليس من . أن نحدد أوال أي المعارك نخوض، ثم نستعد لها بما تتطلبه من إعداد يجب

وليس من الفطنة أن البذل أن يسيل العرق في التدريب وال توجد نية خوض المباراة،

. تستنزف عمرك لتؤسس مدرسة للسباحة في قلب الصحراء


44


صراع األحالم

أنت تعيش حلم غيرك

السحب جانبا كي نتجاوزها إلى ارتفاعات شاهقة اليا، وتنحتبنا الطائرة ع قتلح.. .

على قسمات وجهه عالمات السعادة تشكلت. ..كان يجاورني شخص يركب الطائرة ألول مرة

أنت تعيش ... هذا ليس صحيحا": له قلت. .".كان حلمي ركوب الطائرة: "قال لي ...والتعجب

."حلم غيرك

البشر يطيرون، وزار المستقبل ثم عاد ليخبر قومه أنه لقد تخيل عباس بن فرناس

رأى الناس تطير، كان يبدو األمر حينها جنونا، لكننا اليوم نعيش حلم ذلك الحالم، إننا ونحن

.نركب الطائرة، ال نفعل أكثر من أننا نعيش حلم شخص آخر

رين، فعندما سنكتشف أن معظم حياتنا ال تتجاوز تحقيق أحالم آخإذا تأملنا قليال و

تعتلي بسيارتك جسرا، أو تركب قطارا يسير تحت األرض، ستجد أنك تعيش أحالم من رأوا

لقد بذل أولئك الناس يسيرون معلقين في الهواء، أو يختصرون الطرق تحت األنفاق،

.الحالمون جهدهم حتى يقتحم الخيال بوابة الواقع، فطوعوا الواقع ليذعن للحلم

مل في شركة كبرى، فإنك في الواقع تحقق حلم صاحب هذه الشركة، وعندما تتقدم للع

بلة المتميزين، فتعود لتفتخر أنك تعمل الذي تخيل شركته ممتلئة بالموظفين النشطين، وأرادها ق

ونلحظ نفس الفكرة في عالم السياسة، .في شركة عظمى، وما دريت أنك تفتخر بحلم غيرك

يكتاتوريات، التي تخيلت يوما ما سجود الشعوب لها، فالشعوب المقهورة تعيش أحالم الد

فحققت الشعوب المذعنة ذلك الحلم، ونالت الديكتاتوريات ما أملته في السيطرة، وسنجد بعض


45


الدول الضعيفة تعيش حلم قوى االستكبار، وتنفذ دور التابع، وهو الدور الذي حددته لها قوى

.حلمااالستكبار في حلمها، حين اختارت الهيمنة

، وهؤالء الذين وإذا افتقدت أمة ما القدرة على الحلم فستظل تعيش أحالم أمم أخرى

على اعتباره فن االستسالم للظروف؛ لم يدروا أن أحالمهم " وفن الممكن"ينادون بالواقعية

، وهل كان من الممكن في بتجربتنا" الممكن"فنحن الذين نحدد ليست خارج نطاق الممكن،

لنا أن يسير شخص في الشارع يعلق قطعة معدنية في أذنه، ويكلم اآلخرين، ويجري عقو

!! اتصاالته من أي مكان؟؟

فاألنبياء نعت بها الحالمون،والجنون هو الصفة األساسية التي ي تل صفوا بها، وقو

إن الحالمين هم زوار عتقد أنها مسطحة، علماء قالوا بكروية األرض في وقت كان ي

في عصر ما، ليردموا الفجوة بين الممكن " البارادايم"، الذين يكسرون التصور الحاكم مستقبلال

مستعلين على قيود الواقع، مدركين أن حلول مشكالته تأتي من زيارة المستقبل، . والمستحيل

كانوا وأن الضغوط ال ينبغي بحال من األحوال أن تقيد العقل، أو تعتقل فيه ملكة التخيل،

.ون شكل المستقبل الجديد، ثم يعودون به إلى الواقعيتخيل

، فصاحب الشركة يمكن أن نجمل جوهر الصراع في الحياة بأنه صراع األحالم

الكبيرة يتأذى منك إن وجدك ستخرج من أسر حلمه لتؤسس شركتك وتبني حلمك المستقل،

عضو بفكرة ورئيس الحزب سعيد برؤية أتباعه يدورون في فلك حلمه، ويخشى من خروج

حزب جديد، يحمل حلما جديدا، والديكتاتوريات وقوى االستكبار تحتكر حق الحلم، وترد

.بقسوة من يحلم بعالم العدل والحرية، بل وتوهم العقول باستحالة الحلم


46


، إننا في دنيا األحالم نجد البعض يحلم، ويوزع األدوار على اآلخرين في حلمه

تلت عندهم رض عليه في حلم غيره، وآخرين قمن أسر دور فوالبعض اآلخر يحاول الخروج

ملكة الحلم، واستسلموا للقيام بدور في حلم غيرهم، والبعض اختار أحالم اآلخرين بوابة يطلق

متى !! ترى هل نحسن صناعة األحالم أم سنظل نعيش أحالم اآلخرين؟؟. ..من خاللها حلمه

!!؟؟متى ننهي احتكار الحلم!! نحلم ألنفسنا؟؟


47


نظارة القائد

نظارتك ستحدد مستقبلك

شبابا وشيوخا، نساء وفتيات، ... أرقبهم كنت... أشكالهم جذبتني... أبحث عنهم بدأت

وهل !!... ترى ماذا يرون من خلفها؟؟!! تساءلت. ..نظراتي ولم ينج حتى األطفال من قصف

!!؟بسونهابل لماذا أصال يل!! يفية؟الك كلهم يبصرون نفس الشيء بنفس

بني اللون يتجنب به سطوع شمس العالم البعض يلبس نظارات شمسية فيرى عالما

مخافة أن يسقط أسير الحفر في الطرقات، الحقيقي، والبعض يستعمل نظارات تضبط له النظر

ضبابيا، كل هؤالء اجتمعوا على شيء وآخرون يكادون ال يبصرون بدونها فيرون واقعا

.أداة جديدة تعينهم على الرؤية أعينهم المجردة بحاجة إلىا أن واحد، أنهم قررو

كنتالبائع ونفد صبره، لولم أجد ما أريد، م أن أشتري نظارة فأعياني البحث فكرت

نظارة أرى من عدساتها األمل حين يستغرق ،بصر من خاللها المستقبلأبحث عن نظارة أ

ال يبصر الناس إال خربشات والممانعة، حين ديالناس في األلم، أبصر منها زمجرات التح

استخدمها قادة التاريخ العظام، ومجددو اآلهات على عدساتهم، إنني أبحث عن نظارة

األمل، كانوا يرون في كل مشهد فرصة إلثبات العصور، فكانوا من خاللها يبيعون شعوبهم

ة، ولم يبحثوا عن مآسي الفقراء أبصروا فيه وقود الثور التحدي، فلم يروا في الفقر بؤسا؛ بل

عن طليعة تمكنت من ترويض الفقر واستخدامه لتغيير الواقع ليزيدوا إحباط الناس؛ بل نقبوا

صناعتهم رؤية المستقبل كانوا يبشرون قومهم، ". هؤالء فلتقتدوا بمثل"وصرخوا في العالمين

، لكن الفرص انواحو اندب يرهتطلب تغيواقع السيئ يعلمه الكل، وال يفال ،الترويج للواقع ال

نظارة مختلفة تحيط بها، إنني باختصارورؤية ثاقبة تستجمعها، تتطلبالواقع المنثورة في هذا


48


".. الفعل" ، وعلى عدستها الثانية كلمة"إمكانية"أريد نظارة نقشت على عدستها األولى كلمة

.بإمكانية الفعلإنها نظارة تهتف

ذا بها من صناعة خصومنا، إنهم يبيعوننا نظرات البؤس النظارات فإ أقلب أخذت

لدينا معاني العجز واليأس، إننا نبصر ما يريده خصومنا، وال نبصر ما والحرمان، ويكرسون

من حاجتنا إلى تصنيع أن نظاراتنا ستحدد مستقبلنا، وتيقنت مستقبلنا، أدركت نصنع به

ومن ورش المفكرين األحرار، نظارات محلي، ينطلق من مصانع القادة الثوار، نظارات

هذه. تتلون بألوان المستقبل، فال نرى إال حركة وعزما، وال نبصر إال فرصة ونصرا جديدة،

هو النظارات سيبيعها الكتاب والمفكرون والمدرسون والقادة واإلعالميون والفنانون وكل من

الفرص ظهروا للناسبائس لي وسيفسرون من خاللها كل مشهد ظاهره. معني باستنهاض األمة

فرصة، الكامنة، فبين سيل األمطار ترجل شاب ذكي ليبيع الناس المظالت، فأبصر في السيل

خير وعند اشتداد الحر تكسب بائعو المرطبات الذين يقتاتون من الحر ويعتبرونه موسم

.تموت وبركة، وبين مطارق األعداء على جسد أمتنا تجلت بطوالت أمة لن

زف ألحان العذاب بل سنشدو بأغاني كسر القيود، لن نكتب عن الجراح بل نع لن

لن نصور دمعة الطفل بل سنسلط الكاميرا المجروح ونعرض للدنيا بسمته، سنغزل انتفاضة

.المشدودة الغاضبة على قبضته

نحدد مصيرنا إن لكل مشهد أكثر من زاوية للنظر، فعلينا أن نختار بين الزوايا، وأن

لظاهر المشهد، أو رنا، إما أن نكرس اليأس فنلجأ إلى تصوير الهواة الذي يلتقط صورةباختيا

فالقائد مصور محترف .نستجلب اللقطات بحرفية من زوايا صعبة تنطق بالقدرة على الفعل

.إنسان ، ويأبى لقطات الهواة التي يتمكن منها كلبالدرجة األولى


49


ي الطريق، وجدت أحد الكتاب يتحدث عن األمة جريدة ف من المحل، تصفحت أن خرجت بعد

.. .في نفسي فضحكت... والمنكوبة في مقال طويل، ويتوسل ويتسول من أجلها الغرقى

١."لهوي يا" هؤالء الذين يلبسون نظارات مكتوبا عليها على وأشفقت

كتابة هذا املقال متتليء أغلب الصحف اليوم بعد مرور حنو ست سنوات على .احليلة والعجز ة املصرية عن قلةهجتعبري يف الل: يا هلوي١

تغري الواقع كثريا عن ذي قبل بفعل عقول تشبعت باألمل وواصلت مسريات حتررها من "... الشعب يريد... "بنبض الشعوبمل تعد الصحف تتحدث عن األمة املنكوبة، غري أن منط التفكري السليب يربز مع األزمات، فتستمر التغطية الصحفية بفكر . الديكتاورية

زامي نشأ يف ظل ديكتاتوريات، يهلع أمام أي حتد، وال يبحث عن الفرص املنثورة فيها.


50


الطريق طويـــــــــــــل !!أم نفس قصير؟؟... طريق طويل

كان اإلعياء يصيبني قبل أن أصل إلى نهايـة حمـام ؛فولتيأسبح في ط عندما كنت

السباحة، وأشعر أن المسافة التي أقطعها طويــــــــلة، لكنني عندما كبرت صـرت

.أقطع المسافة بسهولة ذهابا وإيابا

، وكـم اختبأنـا وراء ودمسابقات الع لطالما أقمناوعندما كنا نلعب في فناء المدرسة،

ل إلـي من صغر فنائها، وضآلة أشجارها، وخي مدرستي، فتعجبت وزرت كبرتاألشجار، ثم

أنه من المستحيل أن نكون عدنا ولعبنا فيها واختبأنا وراء تلك األشجار يوما من األيامو.

وعندما نرى أمة تحاول أن تقطع أشواطا على طريق تقدمها، ثـم ينهكهـا التعـب،

وحسـبنا أن نقطـع فيـه .. الطريق طويـــــــل "بمقولة ويتسلل إليها اإلحباط متسترا

ان هناك طريق إذا ك !فإن هذه القضية تحتاج إلى وقفة، فهل فعال الطريق طويــل؟؛ "خطوة

بسـرعة تنطلـق تقطعه بسيارة إذا كنت!! ، هل يعتبر طويال أم قصيرا؟؟كيلو مترا ٢٠طوله

سيرا على األقدام فربمـا تهدقيقة، أما إذا قطع ١٢مائة كيلو متر في الساعة فسيستغرق الوقت

فكيف نحدد إذا كان الطريق طويال أم . يستغرق ما يزيد على الساعتين، باإلضافة إلى اإلجهاد

!!وهل الطول والقصر نسبي بحسب وسيلة العبور؟؟قصيرا؟؟

المسـير، أرى أننا نسير في طرق محددة المسافة، إال أن عقولنا تبرر لنا أحيانا عدم

فترينا إياها طويلة، فطريق التحول سلكته أمم في قرون مثل الفرنسيين قبل أن يطلقوا ثورتهم،


51


وكـال الـدولتين صـنعتا . وسلكته أمم أخرى في عقود مثل الصين رغم تشبث التحديات بها

فأي الطريقين نسلك؟؟ طريق القرون أم طريق العقود؟؟نهضة،

نجـد ألمانية قديمة تحاول أن تقطع الطريـق الطويـــل، وفي الوقت الذي نرى فيه أحزابا

يلتحق بعدهم بنفس الطريق قادما من النمسا، لكنـه -رغم أنه نمساوي وليس ألمانيا – ١هتلر

.ه حلم ألمانيا القويةكيصل قبلهم ليطبق برنامجه، بعد أن تمل

نسـبي، بحسـب عقـل إننا إذا استوعبنا ذلك جيدا أدركنا أن الطول والقصر هو أمر

رنا في الطريق بعقلية ونفسية وطاقة األطفال، فسنجد ، فإذا سوإمكاناته الناظر، وحالته النفسية

المسافة طويلة وأنفاسنا قصيرة، وستعيقنا بحار األخطار العميقة عن التنفس وتغمرنا إلى أذننا،

ذا سرنا في نفس الطريق وستعجز أعيننا عن رؤية المشهد الواسع الممتد من كل زواياه، أما إ

ـ بعقل استراتيجي، يستمد قوته من قوة العلم، وبرغبة حقيقية في قطع الطريق، ون س طويـل ف

، وإذا ليس ألن المسافة قصرت، ولكن ألننا نعدو سـريعا يهزأ بالمسافة، فحتما سنراه قصيرا،

هد واتسـاع أبعـاده أطللنا على مشهد التحوالت فسنرى األوضاع مختلفة، ليس ألن تعقيد المش

.بصرا فتمكننا من رؤيته بوضوح دحتغير، وإنما ألننا صرنا أطول قامة وأ

سكن أو مخدر يسبب مناعـة أشبه بم" الطريق طويــــــــل"إن ترديد مقولة

على اعتبارها مسلمة من مسلمات التحول، وأغنية تدندن بها خاصة إذا تم توريثها ضد الفعل،

ت تغذى بها عقول األطفال، فال تتطور األفكار ألن الطريق طويـــــل، األجيال، وحكايا

مت استدعاء منوذج هتلر كمثال لإلصرار والتحدي، وهذا ال يعين بالضرورة االتفاق مع األفكار والربنامج واملمارسات السياسية اليت ١ ن حيكم أملانيا، مث حيكمها وحيصل على اجلنسية األملانيةمارسها، لكن من املثري أن حامل اجلنسية النمساوية حيلم أ


52


وال تتغير االستراتيجيات ألن الطريق طويـــل، وال تقدح األذهان للبحث عن بدائل تعيننـا

على التسلل إلى المستقبل المنشود ألن الطريق طويــل، ويجب أن ال نتطلع إلى نصـر أو

.ريق طويـــلوبالطبع ألن الطنستعجله اآلن،

، وإنما يعدو نحوها العداءون، الـذين إن نهايات الطرق ال تزحف إلى السائرين ببطء

ألـيس .يوقنون أنهم في سباق، وأن الزمن لن ينتظرهم، فثمة متسابقون آخرون على الطريق

كـان مـن ! من العجيب أن العلماء الذين فكروا في الصعود إلى القمر لم يروا المسافة بعيدة؟

ممكن أن يقولوا كيف نقطع هذا الطريق الطويــل بالسيارة أو الطائرة، لقد اخترعوا اآللـة ال

التي تقلهم إلى مبتغاهم، ألنهم قرروا في داخل أنفسهم أن الطريق يمكن قطعه، وأنهـم حتمـا

سيصلون، واليوم صار الذهاب إلى القمر وإلقاء نظرات على المريخ هوايـة يمارسـها رواد

.د الطريق، ألن مجموعة تجرأت عليه، وأيقنت بإمكانية الفعلغمورون، لقد عبالفضاء الم

بعض الناس يتخيلون أن المشكلة في الطريق، وهؤالء لـن يرونـه إال طويــال،

والبعض اآلخر يدرك أن المشكلة في عقله ونمط تفكيره وحجم استعداداته، والطريقـة التـي

ن أخفقوا اليوم فغدا سيقطعونه، ويومـا مـا سـيراهم ، وهؤالء وإالطريق اختارها للسير في

.اآلخرون يطئون بأقدامهم خط النهاية


53


إلى الواقفين في الطابور

ثمة خيارات أخرى

فاجأ بطابور طويل، وكلما ينما أنا ذاهب ألشتري تذكرة ركوب مترو األنفاق؛ إذ بي أب

يا فيه، بالرغم من وجود شباكين أتى فرد لشراء التذاكر ينظر مندهشا لطوله ثم يقف تلقائ

تذاكر باعبالتأكيد ال ت: "التذاكر ال يقف أمامهما أحد، كأن الجميع يقول في نفسه بيعآخرين ل

". ين بهذه الطريقة في طابور واحدصطفا كان كل هؤالء ملم باعإذا كانت ت... من هناك

ظف يبيعني التذكرة، فإذا المو إلى أحد الشبابيك الخاوية من البشر، فوجدت ذهبت

ليأتي على الشباك -لما رأى التذكرة في يدي - بالسيل المنهمر يخرج من الطابور الطويل

. فقد أدركوا أن البيع متاح في الشبابيك األخرى. عنده الذي وقفت

شفت من قبل، وتحب أن تأنس بالكم البشري، على األماكن التي اكت فضلولعل الناس ت

فال بأس من ، وحتى إن كانوا مخطئين، حالة أن تكون كل هذه الجموع على خطأاستاعتبار

.قبول وحدة المصير

، ألنهم لن يضيفوا ال يقفون في ساحة مزدحمةقادة التحوالت فيتميزون بأنهم أما

عليها إال أشخاصا آخرين يأنسون بالزحام، لذلك نجدهم يبحثون عن الفرص الكامنة في الطرق

ة، ويرون أن من سار خلف الناس لن يصل إلى أبعد مما وصل إليه الناس، غير المكتشف

في ، ويتصفون بالتفرد، وهم الذين يصنعون النقالت النوعيةبل ويتباهون بها فيأنسون بالوحدة

، خاصة عندما يحررون عقول الناس، ويقنعونهم أن هناك طرقا أخرى يمكن السير التاريخ

. فيها


54


معطالت تقدمنا ليست إال نتاج عقولنا، وأنماط تفكيرنا، ورغبتنا أن الكثير من أيقنت

. في الوقوف في األماكن المزدحمة، والتهيب من اكتشاف السبل الجديدة

إن المنطق يقول أنك إما أن تظل أسير تجارب الماضي، وتابعا لمحاولة من سبقك،

يقود إلى حلول، فإن وتقف بدورك في طابور طويل، أو تجرب اكتشاف سبيل جديد ربما

موجود، وهو خيار قائم، وربما يصل الواقفون الطويل أخفقت في اكتشاف السبيل، فالطابور

ساهمت في إيجاد مسار جديد يسهل الحركة ويختصر تحجفيه إلى مبتغاهم ببطء، وإن ن

. الزمن

تها في ، ويبدع قادس الطرقملإن المجتمعات التي تسعى للنهوض تبذل جهدها في ت

إيجاد البدائل، وهم المعنيون بأن يحلوا أزمة الحركة البطيئة في عصر السرعة، فتتسارع

إلى حل، فنرى مجتمعات حية تأنف االستسالم وتعشق يؤمل أن تقودوتتوالى المبادرات التي

فعال في مجتمعات أخرى، مراقبة قادتها للطابور الطويل، بل ثير الشفقةالمحاولة، أما ما ي

.الكتشاف المستقبل والبحث عن مخرج ثم معاقبة من تسول له نفسه الخروج منهوتنظيمه،


55


ستراتيجيــة التحلـــيقإ

سنصنع صاروخا ثم نفككه

عندما نسافر إلى بلد ما فإننا نستقل طائرة، وبوصولنا إلى البلد الذي نريد نترك الطائرة

.وعدم استصحابها معنا في السيارةونستقل السيارة، دون أن نبكي على فراق الطائرة

وعندما يذهب شخص إلى مكان ما عبر وسيلتين من وسائل المواصالت، كـأن يتنقـل

مهمتها، وال يشغل عبر سيارة أجرة ثم ترام؛ فإنه ال يعير الوسيلة األولى اهتماما إذا ما أنهت

.تزال تعمل باله إلى أين ذهبت، أو من استقلها بعده، أو هل أصابها العطب أم ال

إن الوعي بوسائل المواصالت التي تقودنا إلى المستقبل أمر في غاية األهمية، فرحلـة

، ويعد "أدوات الفعل"المستقبل تتطلب قطع مراحل بوسائل شتى، تلك الوسائل التي نطلق عليها

.االنتباه إلى فنون إدارة أدوات الفعل من صميم أولويات المتصدين للتغيير في أي مجال

فربما نؤسس مؤسسة لهدف، ثم نغلقها بعد أن تؤدي دورها، لنؤسس أخرى تقـوم

وقد تؤسس حركات وجمعيات وأحزاب لتحقيق نقلة في مجتمع في مرحلة ما، .بمهمة مختلفة

لكنها ال تصلح ألن تؤدي دور المرحلة التاليـة، ويكـون استصـحابها فـي تلـك المرحلـة

د يكون التحالف مع جهة ما أمرا ضروريا في فترة، وفي كاستصحاب الطائرة في السيارة، وق

إن بناء المؤسسات .فترة أخرى يجب فض هذا التحالف

وإقامة التحالفات كلها أدوات فعل يمكن أن تصدأ بعد فترة، وأدوية للمجتمعات قد تقتـل إذا

.انتهت صالحيتها


56


عجزونـه الواقـع، وي كم أسعد برؤية الرشاقة تتجلى في تفكير القادة، وهـم ينـاورون

بأدواتهم الخالقة، ويتنقلون بينها بشكل مذهل، وال يرون بأسا من كسر أداة استعملوها من قبل،

إنهم ال يتعاطفون مع أدواتهم، بل يتغزلون في أحالمهم، وال بعد أن صارت ضارة أو معيقة،

فيتخـذون مـن ،يبكون وسيلة أدت دورها؛ بل يتخوفون من أن يخذلهم وزنهم عن اإلرتقاء

.استراتيجية التحليق معراجا نحو المستقبل

ويتخلص تـدريجيا مـن أليس الصاروخ ينطلق من األرض بكامل أجزائه بقوة دافعة،

!! حتى يخف وزنه وتزداد سرعته ليتمكن من اقتحام الفضاء؟؟جزء من هيكله مع كل مرحلة

لقـد .لة أخرى يصبح عبئا وقيدافكل جزء من الهيكل له وظيفة في مرحلة ما، لكنه في مرح

وبهـم ١،الطويلةطور العلماء هذه اآللية وأبدعوا الصاروخ متعدد المراحل من أجل الرحالت

، ويعيدون تعريـف مون الجيل فن إطالق الصواريخلعوييتشبه القادة فيجيدون لغة المستقبل،

.الهدم والبناء

لم ال نبنـي "ام نفس األداة، فتتردد مقولة يظن البعض أن البناء يعني بالضرورة استخد

، وأرى أن جوهر البناء يعني البناء على نتاج استخدام هذه األداة من نجاحات "!!على ما سبق

فهـدم بعـض . أو إخفاقات، وربما تطلب البناء استمرار استخدامها أو تطويرها أو تـدميرها

فتأسـيس . ات المتهالكة هو عين الهدماألدوات ربما يكون هو سبيل البناء، والبناء على األدو

وقد طوره املهندسون من أجل الرحالت الطويلـة خـالل . هلا حمرك صاروخي ووقود دافع كل مرحلة يف الصاروخ متعدد املراحل ١

الصـواريخ ذات املرحلـة نظرا للحاجة إىل صواريخ تستطيع أن تصل إىل سرعات أكرب من سـرعات . الغالف اجلوي وإىل الفضاءوتبلـغ . مت استعمال وقودهـا )أجزاء(إىل سرعات أعلى نتيجة نقصان وزنه بإسقاط مراحل ويصل الصاروخ متعدد املراحل. الواحدة

.تقريبا سرعة الصاروخ ذي الثالث مراحل ثالثة أضعاف سرعة الصاروخ ذي املرحلة الواحدة


57


ناطحة سحاب يستوجب إزالة البيت المتواضع، أما تأسيسها فوق سـطحه فيعنـي كارثـة

.محققة


58


عسكـــــري المـــرور

إعادة تعريف الفعل

ـ !! م ال يركب سيارة وينطلق؟؟ل!! لماذا يقف في مكانه؟ ...تساءلت... إليه نظرت م ل

!!يتحرك؟؟ متى!! يكتفي باإلشارة؟؟

ربما ليس مطلوبا من عسكري المرور الذي ينظم الحركة ويرشـد . ..ثم أعدت التفكير

.التائهين أن يترك مكانه

إن العقل يميز بوضوح بين عسكري المرور والسائق، بين اإلشارة التي تنظم الحركة،

عسكري المرور وبين السيارة التي تتحرك، إننا نميز بدقة بين واجبات كل منهما، فال نطالب

متى تترك التوجيـه : "ته بأن يقود مثلنا، لم نسمع أحدا يصرخ فيهافرالذي يستخدم ذراعه وص

إلى ساحة القيادة الكتشفت أن العملية ليست يسيرة، ، فلو نزلت!!وتنزل إلى القيادة بنفسك؟؟

ـ " :لم نسمع أحدا يعاتبه ويقول، "ولتوقفت عن رصد المخالفات واألخطاء ى تكتفـي حتـى مت

م نر شخصا يسأله عن عنوان، ثم يستاء منه ألنه لن ل". باإلشارة وتحجم عن القيادة والفعل؟؟

فما يقوم به لون مهم من ألوان . هديه كلمة الشكر ألنه دله على الطريقيرافقه في مسيره، بل ي

.الفعل، لواله الضطرب المرور، ولحار الناس في أي السبل يسلكون

عقل كذلك عن مدى إجادة العسكري أو عجزه عن قيـادة السـيارات، ألن وال يتساءل ال

مهمته تعتمد على مدى معرفته بالطريق، وقدرته على التوجيه، وال ترتبط بمدى كفاءته فـي

.فالتنفيذ دور، والتوجيه دور آخر، )التحرك بالسيارة(الجانب التنفيذي


59


مثل هذا الوضوح فـي اسـتيعابه على العقل أن يستوعب أهمية فكرة البحث والتنظير ب

قوقبوله فكرة اكتفاء عسكري المرور بدور التوجيه، وكما أنه ير دور العسكري في تسـجيل د

الغرامات للمخالفين، فعليه أن يتفهم ضرورة تفرغ مؤسسـات لرصـد وتحليـل النجاحـات

لتقوية المجتمعـات إن استيعاب العقل وتفهمه العالقة بين التنظير والتنفيذ أساس . واإلخفاقات

.وتقدمها

ففي المجتمعات القوية يقدر الجهد الذي تقوم به مراكز الدراسات وأهل الفكر والنظـر،

فيرون، وتقام لهم المحافل لتشجيعهم على الرصد والبحث، وتقهنئون ويدفع لهم األموال مـن د

الدور واالنتقال إلى التطبيـق، فال يدعوهم عاقل لترك هذا . أجل تطوير هذه الصناعة العمالقة

ألنهم ليسوا مطالبين بالضرورة بالنزول إلى ساحة الفعل بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن، مـن

فما يقومون به يعد من أساسيات أي فعل، فعلى ضوء نظريـاتهم . إنشاء حزب أو جمعية الخ

ت للحراك، ومن محاوالت تولد الحركة، ومن وحي أفكارهم يستلهم المبدعون التنفيذيون مسارا

.التنفيذيين التطبيقية تسمو النظريات، ومن تراكم رصد النجاحات واإلخفاقات تتطور األفكار

لذلك نرى تنافس المؤسسات الفكرية في الخدمة الراقية، والجـودة العاليـة، والعلميـة

ت عقول، فتنمو في المجتمعا. المنضبطة في تقديم الرأي لكل صاحب مشروع أو حراك تنفيذي

ترشد الحائرين، وتقدم البدائل، وتعزز الوعي بمعنى كلمة الفعل، الذي يبدأ بنظريـة يرتكـز

.عليها تطبيق

نسمع أحيانا مقوالت مفادها أن التنظير وحده ال يكفي، وهي وإن صـحت فـي كـون

فإنها مخطئـة إذا تصـورت ضـرورة أن ؛حتى تتقدممعا المجتمعات تحتاج التنظير والتنفيذ

فتوجيه السؤال إلى المفكر االسـتراتيجي والمؤسسـة . ن نفس الشخص أو الجهةمارس الفعليي


60


إلـى متـى تكتفـي .. ".؛ أشبه بعتاب عسكري المـرور "إلى متى تظل في التنظير: "الفكرية

"!!بإرشادي للطريق، متى تستأجر سيارة لتوصلني

ن ن الفعلـي ، ولكل من هـذي إننا نعيد تعريف الفعل، فالتنظير فعل، كما أن التطبيق فعل

أدواته ورجاالته واحتياجاته، فبدون نظرية عمل يختل التنفيذ، وبدون النظر يصـعب تحديـد

.ورؤية المسار

إن مجتمعاتنا مليئة بالطاقات الخالقة، ومفعمة بالهمم الوثابة، وحـين تلـتقط اإلشـارة،

ـ هد، لـون اإلشـارة وتتمكن من رؤية االتجاه، ويضاء اللون األخضـر، سـنرى أروع مش

الخضراء، يمتزج بلون الخضرة والنماء الذي يرسمه موكب صناع التحول، تتقدمه المؤسسات

ومجموعات العمل المتألقة، وسيظل عسكري المرور يرقب الموكب، مكتفيا باإلشـارة، لـن

، سيسجل التجربة في دفتره، ويحكي الحكايـة لتسـتفيد ولن يفتن بسحر المشهديترك مكانه،

منها األجيال القادمة، وسيبدع في تدريب اآلخرين على فن التوجيه، ومعرفة أسماء الشوارع،

.ليرشد الحيارى في األزمان التي يعاني فيها الناس أزمة الطرق المسدودة


61


انتبه إنه فوق عينيك

تعرف على أدواتك

!..؟كارما الذي أسكبه في شالل ثورة األف... وأعياني التفكير... أجهدني البحث

أحضرت كوبا من الشاي لعله يلهمني الفكرة، قررت أال أكتب، وضعت أصابع كفي على شعر

شيء ما جعلها تتسمر ...رأسي، ثم انداحت معي على جبهتي في طريقها إلى أن تغطي فمي

،فجأة في مكانها، وأشعل نور الفكرة في عقلي، إنه حاجبي، ذلك الخط الحدودي من الشعر

. ي صحراء وجهي من جبهتي وحتى فمي، ليفصل بين عقلي وعينيالذي رسم ف

!! ولماذا يتربع فوق عرش العين؟؟!! ما قيمته؟... تساءلت... في المرآة نظرت

تملكني الفضول، لم أعتد أن أجهل نفسي إلى هذا الحد، إنه يالزمني منذ مولدي، لكنني لم أفهم

محاوال إدراك حث عني في الموسوعات الطبية، أب أخذت. أحاول البحث عنهاحتى وظيفته، أو

.ذاتي واكتشاف أدواتي

تغيير أن الحاجب وضع فوق العين ليمنع اضطراب الرؤية، إن وظيفته هي علمت

المواد السائلة من العرق أو مياه األمطار بعيدا عن العين، فمن الممكن أن يغير الماء مسار

. ا يجعل الرؤية مشوشة غير واضحةداخل العين الخواص اإلنكسارية لها مم

السيارات تمر ذهابا . ..األمطار متدفقة... أطللت من النافذة ألتنفس الهواء الطلق

مساحات السيارات نفس شكل الحاجب، واقتدت تمرة أخرى، فقد أخذ تسمرت ...وإيابا

ت في نشوة يمينا بلونه، واستعارت وظيفته لتطيح بمياه األمطار المعيقة للرؤية، وتراقص

!! م ال وهي التي تحول دون حدوث الكوارث المروريةويسارا، ول


62


وجدت الحاجب يسوس الحياة، أليس عجيبا أن يختط مايسترو األوركسترا نفس النهج،

فيستخدم حاجبا خشبيا يبين به للعازفين الطريق، ويعطي اإلشارة لآللة الساحرة التي ستبدأ

!؟عزفها

ج في كل بيت ومؤسسة ومجتمع إلى حاجب، ليساعد على وضوح الرؤية، إننا نحتا

، وهو مثل صحيح، سيثمر "العين ماتعالش على الحاجب: "قالوا قديما. واكتشاف الطريق

طاقات عظيمة يوم يطبق في أرض الواقع، لنرى الرؤى والمسارات تقوم، ونلمس رعاية

. يضمن قوة اإلبصارجتمع، وصمام األمان الذي ألهل الفكر والنظر الذين يمثلون حاجب الم

الشعر رأسه، لكنك ال تطيق رؤية إنسان بدون كسوتستطيع أن ترى رجال ال ي

يحدث تشوه الفعل في الواقع إذا غابت الرؤية أو حاجب، إنه تشويه فظيع للخلقة، كذلك

. تشوشت

ب أخرى، فبين للناس فيه مآر ني أسير اإلعجاب بحاجبي وملهمي، ورأيتوجدت

ميل حاجبيمستخدم له في إظهار غضبه فيه ألسفل ليتصافحا ببرود، إلى آخر يلم حاجبيه ع

الرقص ليغازل بهما صعودا وهبوطا، وثالث يرفع أحدهما ويبقي اآلخر مستقرا معبرا عن

متة، إن الحاجب يعمل هنا ككشاف لالنفعاالت، وكوسيلة تفاهم صا. الدهاء والحنكة واإلصرار

. إنه أحد األدوات اليومية التي ال يستغني أحد عنها

إبداعها في قدرتها على اختراع أدوات كل والمجتمعات التي تحررت وقويت، لم يكن

، إنها أفكار فهمت ذاتها جيدا، وأدركت أن أدواتها بين أيديهاجديدة تمكنها من التحول، لكنها

. طموحة في العقل، وإرادة في القلب


63


، بل هي أقرب مما يتخيل دوات التحول في المجتمعات ليست بعيدة المنالإن أ

الكثيرون، إنها قريبة منهم قرب الحاجب من العين، وقريبا سيشعرون بوجودها، ثم يتحسسونها

.بأيديهم، ثم يكتشفون كامن طاقاتها


64


أهال بالمجـــانين

سيتشكل المستقبل... الهلوسة من

بـين تنقلت... فوق السور العالي قفزت... مسرعا عدوت... ع األنفاس تتسار بدأت

لم أتخيل يوما أن أفعـل . ..نفسي إلى قسم الشرطة السيارات المسرعة بخفة عجيبة، ثم سلمت

!!وإلى اليوم ال أدري كيف فعلت... ذلك

كيف فعلت مـا "صديقي بعد أن حكى قصة الهروب من مجموعة من اللصوص، سألت

، فأخبرني أنـه قـرأ عـن "أن تفعله؟ القفز من ارتفاعات شاهقة، سرعة العدو، الخ لم تتوقع

عند اإلحساس بالخطر، تمنح اإلنسان طاقة هائلة عنـد التعـرض -إفرازات يفرزها الجسم

عمـل عقلـك لكنني أعتقد أنك اكتشفت هذه القدرات الخارقة ألنـك لـم ت : "لألزمات، قلت له

!!فنظر إلي باندهاش". حينها

يجعل حياته على المحـك، فإنـه يتصـرف قد عندما يتعرض اإلنسان لموقف مفاجيء

بشكل عفوي، وأثناء الهرولة ورؤية السور العالي يتوقف العقل عن التفكيـر فـي التفاصـيل

وتحليالت الموقف، ويمتنع عن الحسابات المعقدة قبل أخذ القرار، فيصنع اإلنسان ما كان عقله

.يكتشف بعضا من قدراته التي ربما اعتبرها خارقة للعادةيوهمه أنه مستحيل، و

فهل إيقاف العقل عن العمل هو السبيل إلى التطور؟؟

كأن يجهل الشـخص -البد أوال من تحديد ما نعنيه بالعمل هنا، فالعقل إذا امتأل جهال

ال فائـدة مـن "قدراته، فإنه حين يعمل يبعث برسائل سلبية عند استخدامه في التفكير، مفادها

كون عمـل العقـل ، لكنه إن تسلح بالمعرفة، فحينها سي"أنت أضعف من أن تقوم بهذا"، "الفعل


65


وما حدث مع صديقي هو توقف دور العقل عن بث .ؤكد لصاحبه إمكانية الفعلمحمودا، إذ سي

الرسائل السلبية عند األزمة، وعن ارتكاب جريمة التثبيط، فتجلت القـدرات الكامنـة، لـذلك

عمل فيه عقله، وعندما ترك نفسـه ، أي لم ي"كنت أتصرف بشكل ال إرادي: "أخبرني صديقي

من عقله الذي طالما أقنعه أنـه ال استاءالختبار قدراتها اكتشف عظمتها وإمكانياتها، ولعله

.يستطيع

إننا نلحظ أن العقل بالرغم من أنه أداة تطورت بها البشرية، إال أنـه كـان أحيانـا أداة

تخلفها، عندما عشش الجهل فيه، فنسج خيوطا هشة عن الوعي بالفعل وإمكانيته، وأفرخ فكرة

. قفز السور غير ممكنمفادها أن

، الذي يؤكـد فيزودونها بالعلمإن صناع التحوالت يستعلون فوق نقاط ضعف عقولهم،

تـتحكم فـي ، وال يسمحون إلفرازات الجهل من مسلمات خاطئـة أن التغييرإمكانية إحداث

، "القيـد "، ويدركون أن العقل لغة يعنـي يحررون عقولهم من أسر عقولهمتصرفاتهم، إنهم

.فيشرعون في فك بعض قيوده بالعلم

ينعتون القادة العظماء والمخترعين بالجنون، ألنهم يفكرون بطريقة تختلف عمن حولهم،

، فلم تسـمح ي والئها لهمعقول الكثير منهم أخلصت فلكنني أرى أحد أسرار تميزهم في أن

بقـدراتهم، أمـا شربت علما بالقضية التي تبنوهـا، فـآمنوا لخصومهم أن يبرمجوها، كما أ

؛ فجهلهم بإمكانياتهم أقعـدهم، وجهلهـم بخصـومهم "العقالء"اآلخرون الذين تصوروا أنفسهم

فعـل؛ فـأهال م إلـى ترجوإن كان الجنون يعني تحرر العقل من قيوده بالعلم الذي ي .أخافهم

دهش العالم، فيقفزون األسوار العالية، ويخترقون بالمجانين، الذين سيستجيبون للتحديات بفعل ي


66


التي ال –فمن هلوساتهم زحام التدافع الحضاري بخفة بالغة، سالحهم العلم، ولغتهم الهلوسة،

.سيتشكل المستقبل –ا الناس هيفهم


67


الخاتمة

المعاني واألفكار المعنية بإحداث ثورة في على بعض كانت هذه محاولة لتلسيط الضوء

تباه ويقظة أثناء الممارسة الحقيقية في ساحة الفعل نوهي معان تحتاج إلى تذكير ثم ا العقول،

صواميل "لضبط عات، وهي جديرة بأن تصل إلى كل إنسان يسعى ممن أجل تنمية المجت

والقادة المعنيين بالفعل فاعلين عقول ال ، وتطوير أسلوب التفكير، كما تنير ومضات في"العقل

قوية تقوم على قواعد ومشاريع االجتماعي والسياسي، حتى يتمكنوا من تأسيس مؤسسات

.متينة، ويقوم بها مجتمع حر يحترم العقل، ويرعى قدسيته، ويستثمر في تنميته

لمستحيل إن زلزلة العقول من أولى أولويات صناع التغيير، ألنها تردم الفجوة بين ا

عتقد أنه من األفكار الرواسي، وبهذه والممكن العقلي، وهي زلزلة تناقش في المسلمات، وما ي

توابعها إعادة تشكيل الفعل الميداني، إلحداث كون من أهم الزلزلة يعاد تشكيل العقول، وي

.في التجربة البشرية الكبرىزالزل التحول على األرض، وتقديم النقالت


68


وال يجوز طباعتها للنشر إال بعد موافقة أكاديمية . مادة محفوظة ألكاديمية التغييرحقوق هذه ال

.، وال مانع من نشرها على مواقع اإلنترنت شريطة ذكر المصدرالتغيير

AOC MindQuake

All rights reserved. It may be reproduced with permission of the Academy of Change.

The authors have asserted their right under the

Copyright, Design and Patents Act 1988, to be identified as the Authors of this work.

Library of Congress Cataloging-in-Publication Data

British Library Cataloguing in Publication Data. A Catalogue record for this title is available from

the British Library.

ISBN 1-4276-1312-5

Distributed on line by

www.taghier.org

(AOC)للتواصل مع أكاديمية التغيير

[email protected] : بريد إلكتروني

www.aoc.fm

زلزال العقول 1

Documents