الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

90
ر ي غ ص ل ر ا مي الأ ري ب و ز ك ا ت ن دو سا وان ط ن : ا ف ي ل أ ت ي ف غة ئ را ورة ص، ري م ع ن م ادسة س ل ا ي ف أ ت ، وا ت ن را 8 ة اب غ ل ا ن ع اب ت ك" اَ وُ ب( ً أ ات ت عG ئ لG ت م ت ورة ص ل ا ت ن وكا ة ي ق ي ق ح ص ص ق ي ع د راء ت غد ل ا" " " ) ع ل تX بZ ي ن ا: اب ت ك ل ا ي ف ب زا ق ورة ص ل ك‘ ا ل ت ن ع ة خ س ن خة ف ص ل ي ا عل ا ي ف اG س ح و" 8 نZ ي ي غاG ي ل ا ب ز ج ع ها عت ل ت ب ا ا دq ا ها، ف غ ص م ت ن ا دون ن م ل، م ألكا ت8 ها ست ن ز ق ع ل ت ب ي مدة ت م أ وت زكة ح ل ك ن ع رب ك~ ف ن ا8 غد ئ ها.و م ض ه ن م ي ه ت~ ب ي ي حت ر هG ش ا ةّ ي سG وادب ح ل ا ن م أب ات غ ل ا ي ف ع ق ئ ما ي فً ا ت ل م ة وب ل م اصة ة رص ي فً ما ل ف ب د خ ا ورة ك أ تُ ت ن ر اّ مG ث ري. ب ما ك و ه ة وُ ي م س م ر س ول ر ا ت ط خ و ن م ار ت ك ل ا يّ ت ف ا هد8 م ك ف ي خُ ي مأ ا8: ً لأ ت ا م ف ه لت وسا) ن س ل ا ي ف ار ت ك ل ا ي عت ا( اس ت ل ا م؟ س ز ل ا

Upload: -

Post on 27-Jul-2015

2.325 views

Category:

Documents


6 download

DESCRIPTION

الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

TRANSCRIPT

Page 1: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

األمير الصغير

تأليف: أنطوان دو سانت اكزوبري

رأيت، وأنا في السادسة من عمري، صورة رائعة في كتاب عن "الغابة العذراء" يدعى "قصص حقيقية" وكانت

6و5ا 8 )ب 8. في أعلى الصفحة( الصورة تمثل ثعبانا يبتلع وحشا نسخة عن تلك الصورة.وقرأت في الكتاب: "أن الثعابين تبتلع فريستها بالكامل، من دون أن تمضغها، فإذا ابتلعتها

Oة أشهر حتى تنتهي عجزت عن كل حركة ونامت مدة ست8 فيما يقع في الغابات من من هضمها.وبعد أن فكرت مليا

8 فيه رصاصة ملونة وخططت أول الحوادث أخذت قلماOي الكبار رسّم رسمتُـه وهو كما ترى.ثّمO أريت6 باكورة فن

8: أما من الناس )أعني الكبار في السن( وسألتهّم قائًال6خيفكّم هذا الرسّم؟فأجابوا: متى كانت القبعة تخيف ي

8 يهضّم Oل قبعة بل ثعبانا 8. ثّم الناس؟ما كان رسمي يمث فيًال رسمت باطن الثعبان عسى أن يفهّم الكبار فإنهّم في

وكان رسمي الثاني كما. حاجة دائمة إلى اإليضاح8 ترى.فلما أبرزته لكبار الناس تنصحوا لي بأن أدع جانبا

الثعابين من الخارج والباطن وقالوا: األفضل لك أن رسّم والحساب وقواعد اللغة، تعنى بدرس الجغرافية والتاريخ

8 في 8 باهرا فأهملت، وأنا في السادسة من عمري، مستقبًال التصوير ألن رسمي األول والثاني لّم يروقا كبار فن

8 من تلقاء نفوسهّم السن. إن هؤالء الكبار ال يدركون شيئا فًال بد للصغار من أن يشرحوا لهّم ويطيلوا الشرح

Page 2: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

روا. وال Oيخفى ما في هذا من التعب والعناء. ويكر  اضطررت إلى اختيار مهنة أخرى، فتعلOمت قيادة الطائرات و طرت هنا و هناك في مختلف أنحاء

كانت لي خير العالّم.ومما ال ريب فيه أن الجغرافيةق ،ألول وهلة، و من دون Oمعوان في طيراني، فكنت أفر

الصين و أريزونا. و في هذا فائدة جلOى أي تردد، بين بًالد الليل.واتصلت، في وال سيما إذا ضلO الطائر طريقه في

مجرى حياتي، بكثير من أهل الرزانة و الوقار، والبست مًالبسة حميمة، غير أن سوء رأيي فيهّم لّم كبار الناس

8 يذكر.كنت إذا لقيت أحدهّم وبدا أنه على شيء يتبدل تبدال من صفاء الذهن امتحنته بالرسّم األول الذي احتفظت به،

مقدار ما عنده من الفطنة ، واإلدراك، فإذا قال : ألرى الكًالم على الثعابين و الغابات "هذي قبعة" أضربت عن

العذراء و النجوم، وإنحططت إلى مستوى فهمه فحدثته البردج" وعن "الغولف" وعن ربطة العنق وفي "عن

فه O8 لتعر 8 كثيرا إلى رجل على هذا السياسة، فيسرO سرورا.الجانب من التعقل

2

8 8 صادقا 8 ال أجد من أتحدث إليه حديثا و ظللت هكذا وحيدا تعطلت فيه طائرتي في الصحراء و قد حتى اليوم الذي

مرO على هذا الحادث ست سنوات. وكان العطل في المحرك و لّم يكن في الطائرة ميكانيكي و ال ركاب،

في إصًالحه من فتأهبت إلصًالح العطل بنفسي على ما الصعوبة، على أن في إخفاقي أو نجاحي موتي أو حياتي.

الماء إال ما يكفيني مدة ثمانية أيام.نمت ولّم يكن لديO من أقرب بلد آهل في الليلة األولى على الرمل و بيني و بين

8من غريق على ألف ميل، فكنت في عزلتي أشد انفرادا شدO ما كانت دهشتي عندما طوف في عرض المحيط. و

استيقظت في الصباح على صوت نحيل غريب يقول:8.قلت: ماذا؟قال: صوOر لي ارسّم لي إذا شئت، خروفا

8 كمOن أنقضOت 8.فاستويت على قدمي مذعورا عليه خروفا

Page 3: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

الصاعقة، وأخذت أفرك عينيO. ثّم نظرت فإذا ولد صغيرOبإنعام ورصانة. وقد صورته فيما غريب الهيئة يحدق إلي

8 عديدة غير أن الصورة التي ترى هي أفضلها .بعد صورا8. وما يرجع إليO الذنب 8 و جماال لكنها هيهات أن تدانيه فتونا

قد ثبطوا عزيمتي عن مسلك في تقصيري فإن الكبار التصوير يوم كنت6 في السادسة من عمري، وما كنت

هذا الفن سوى رسّم الثعابين من ظاهرها و تعلمت من ملؤهما الدهشة باطنها.نظرت إلى هذه الـ"رؤيا" بعينين

والحيرة. وال غرابة فأنا على بعد ألف ميل عن كلO ناحية شيء يدل على أنO هذا الولد ضلO طريقه معمورة وما من

8 أو أنه يموت عياء8 8 أو عطشا 8، و أو أنه يهلك جوعا أو خوفا ما من شيء ينبئ أنه ضائع في قلب هذه الصحراء على

Oروعي بعد ألف ميل عن كل Oبلد آهل.ولما عاد إلي واستطعت الكًالم قلت: وأنت... ماذا تصنع هنا؟فلّم يجب

Oه يعلOق عليه على ر عليO طلبه األول وكأن Oسؤالي بل كر 8.فحيال هذا أهمية كبيرة.قال: أرسّم لي، إذا شئت، خروفا

8 ما جرؤت 8 بليغا Oر في نفسي تأثيرا السرO الغامض الذي أث عصيان أمره بل تأهOبت لتلبيته على ما فيه من على

Oبلد} معمور وعلى الغرابة في مكان يبعد ألف ميل عن كل فأخرجت من جيبي ورقة   ما يحيق بي من خطر الموت.

Oي درست على األخص الجغرافية و قلّم الحبر ثّم ذكرت أن الصغير و التاريخ و الحساب و قواعد اللغة. فقلت للولد

Oي ال أحسن الرسّم. بنبرة فيها شيء من االمتعاض: إن8.و لّم أكن فقال: ال بأس في ذلك. ارسّم لي خروفا

8 فرسمت له أحد الرسمين اللذين رسمت من قبل خروفا قلمي. وهو رسّم الثعبان في هيئته الخارجية. في متناول

يقول: ال، وما أشدO ما كانت دهشتي عندما سمعت الولد8 في ثعبان. فالثعبان شديد الخطر، أما ال. أنا ما أردت فيًال

8. الفيل فيضيق به موطني. إن موطني صغير، صغير جدا8.فرسمت له أنا بحاجة إلى خروف، فأرسّم لي خروفا

8.فأنعّم النظر فيه ثّم قال: ال، ال. هذا خروف مريض. خروفا غيره.فرسمت له وقد تفاقّم مرضه فأرسّم لي

8 بجهلي: أال غيره.فابتسّم ابتسامة حلوة وقال مترفOقا

Page 4: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8. هذا كبش ذو قرنين.فرسمت له ترى ... ليس هذا خروفا8 آخر. فلّم يرض عنه بل رفضه كما رفض الخروفين خروفا

8 8 فتيا السابقين وقال: هذا خروف قد شاخ وأنا أريد خروفا8 ففرغ عندئذ� صبري وكنت أنوي اإلسراع في. يعم�ر طويًال

ك فخربشت له الصورة التي ترى Oوقلت: تفكيك المحر هذا هو الصندوق. أمOا الخروف ففي داخله. ونظرت إليه

،8 فعجبت ألطوار هذا الولد الذي فإذا وجهه يتهلOل حبورا8 في تصويري. ثّم قال: هذا ما كنت جعل نفسه حكما

ولكن أتراه يحتاج إلى كثير من العشب؟قلت:. أبتغي.8 مهما كان: قلت  ولماذا؟قال: ألنO موطني صغير جدا

8 فكن على يقين من أنO عشبه يكفيه فإني أعطيتك صغيرا8 على غاية من فحنا رأسه على الرسّم    الصغر. خروفا

8 بقدر ما تتوهOّم ... أنظر وقال: فإنه قد نام. ال أراه صغيرا.هكذا عرفت األمير الصغير

3

قضيت مدOة طويلة قبل أن أعرف من أين كان مجيئه. يلقي عليO الكثير من األسئلة فإنO هذا األمير الصغير كان

وال يصغي إلى ما أطرح عليه منها وما عرفت عنه ماO من خًالل ألفاظ كان ينطق بها مصادفة. ومن عرفت إال

ة Oه عندما رأى طائرتي ألول مرO ال أرسّم الطائرة )ذلك أن8: ما هذا فرسمها معقد يعجز عنه قلمي( سألني قائًال

8 عندما أنبأته بأني الشيء الذي أرى؟وكنت فخورا السماء؟قلت أطير.فصاح عندئذ�: ماذا! أتكون هبطت من

8: نعّم.قال: زه. زه. هذا أمر غريب.ثّم ضحك متواضعا8 األمير الصغير ضحكة 8 كثيرا صافية امتعضت منها امتعاضا

أردف فأنا أكره االستخفاف بما ينزل بي من المصائب. ثّم8 أتيت من السماء! فمن أيO الكواكب 8 : وأنت أيضا قائًال

انكشف لي شيء من سرO أنت؟فعلى ضوء كًالمه هذا8:أتكون هبطت من وجوده في تلك الصحراء فبادرته قائًال

8 وينظر أحد 8 وئيدا ا Oالكواكب ؟فلّم يجب و أخذ يهز رأسه هز تستطيع المجيء من بلد ما أراك إلى طائرتي ثّم قال:

Page 5: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قصي على مثل هذه الطائرة ...ثّم استسلّم لبحران من بحرانه أخرج الخروف من جيبه وجعل متماد. ولمOا آب

O8.إن 8 عميقا ما فاه به األمير ينظر إلى "كنزه" ويتأمOله تأمOًال الصغير عن "الكواكب األخرى" أثار فضولي وزاد في

أعرف عنه فوق ما عرفت فقلت:من حيرتي فحاولت أن أين جئت يا عزيزي الصغير؟ وأين موطنك؟ وإلى أين

8 ثّم قال: تذهب من حسنات هذا   بالخروف؟ففكر قليًال أن يكون له مأوى الصندوق الذي أعطيتني إياه إنه يصلح

Oي ألعطيك إن في الليل.قلت: هذا مما ال ريب فيه. وإن،8 Oه اغتاظ كنت لطيفا 8.وكأن 8 لتربطه في النهار ثّمO وتدا حبًال

Oها لفكرة مما عرضت عليه فقال: أيربط الخروف ؟ إن غريبة!...قلت: إن لّم تربطه ذهب في كلO مذهب وضاع.

8 ثّم قال: وأين تراه يذهب؟ فأغرب صديقي الصغير ضحكا8 في اتجاه قلت: يذهب في كلO مذهب، يذهب توا

Oن األمير الصغير وقال: ال بأس في ذلك فإنOوجهه.فترض أردف بصوت فيه بعض ثّم موطني على غاية من الصغر.

8 .الكآبة: من سار في اتجاه وجهه ال يبعد كثيرا

4

8 آخر ذا شأن عن كوكبه وهو أنO هذا وعرفت هكذا شيئا الكوكب يكاد حجمه ال يتجاوز حجّم بيت من البيوت. وما

الفضاء ما عدا السيارات كنت ألعجب لهذا األمر، ففي الكبرى التي سميت بأسمائها كاألرض والمشتري والزهرة والمريخ، مئات من السيارات األخرى، بعضها على جانب

Oى بالمجهر.فإذا اكتشف من الصغر يصعب معه رؤيتها حت8 8 فدعاها مثًال فلكي� سيارة منها أعطاها بدل االسّم رقما

.أعتقد أنO الكوكب الذي جاء منه3251رقّم السيارة اعتقادي ويرتكز612األمير الصغير هو الكوكب رقّم ب

6ر5 في المجهر إال على أسباب وجيهة. فإنO هذا الكوكب لّم ي�ا 1909 مرة واحدة في سنة وكان الذي رآه فلكي

Oة قاطعة في مؤتمر �ا.أثبت الفلكي اكتشافه بأدل فلكي تركي8 8 ثيابا Oه كان مرتديا Oه لّم يجد من يصدقه ألن دولي غير أن

Page 6: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

Oه، لحسن طالع تركية، وهذا دأب الكبار فما الحيلة؟ثّم إن فرض" ، قام في تركيا "دكتاتور612الكوكب رقّم ب

على الشعب، تحت طائلة الموت، ارتداء األلبسة8، األوروبية، فارتدى الفلكي التركي 8 أنيقا 8 أوروبيا لباسا

Oته عن اكتشافه، فأنضّم�1920وأدلى في سنة ببيانه وأدل الجميع إلى رأيه هذه المرة.قصصت عليكّم قصة الكوكب

رقمه وذلك ألنO بتفاصيلها وأطلعتكّم على612رقّم ب 8 Oون األرقام فإذا حدOثتهّم عن صديق عرفته حديثا الكبار يحب

مزاياه الجوهرية ولّم يسألوك عن رقOة صوته وال أغفلوا جمع الفراشات عمOا يؤثر من األلعاب وال عن رغبته في

Oة سنة هو، وكّم عدد إخوته، وكّم وزنه، بل يسألونك: في أيOهّم وكّم يربح أبوه؟ فإذا عرفوا كل هذا اعتقدوا أن

8 8 مبنيا 8 جميًال بالقرميد عرفوه.وإذا قلت للكبار: "رأيت بيتا  األحمر وعلى نوافذه الرياحين وعلى سطحه الحمائّم..."

Oل ذلك البيت، فإذا أردت اإليضاح وجب عجزوا عن تمث8 قيمته ألف دينار" فيصيحون عليك أن تقول "رأيت بيتا قائلين: "ما أجمل هذا البيت!". وإذا قلت لهّم: "دليلي

8 هو أنه كان فاتن على أنO هذا األمير الصغير قد وجد حقOا8 ومجرد أنه الطلعة وأنه كان يضحك وأنه كان يريد خروفا

8 دليل على وجوده". وا   يريد خروفا Oإذا قلت لهّم ذلك هز أنك ولد صغير... أمOا إذا قلت: أكتافهّم ورفعوها وقالوا

لهّم: "إن الكوكب الذي جاء منه األمير هو الكوكب رقّم اقتنعوا بكًالمك وتركوك وشأنك ولّم يزعجوك" 612 ب

عليهّم وما على بأسئلتهّم. هّم على هذا الدأب فًال لوم األوالد إال أن يتجملوا ويعاملوا الكبار بالحلّم والصبر. هذا

الواقع أمOا نحن فنفهّم معنى الحياة، وال غرابة في أن هو بدأت هذه القصة كما تبدأ نستخف باألرقام. كنت أودO لو

Oات فأقول:كان في قديّم الزمان أمير صغير قصص الجني8. وكان يقطن 8 ال يزيد حجمه عن حجّم األمير إال قليًال كوكبا

فلو بدأت قصتي هكذا             صديق... بحاجة إلى إلى لكانت في رأي من يفهمون معنى الحياة، أقرب

الصواب والحقيقة. أنا ال أحبO أن يقرأ الناس كتابي قراءة8 عند طائشة و أن يستخفوا 8 شديدا به، فإني أحسO غمOا

Page 7: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

كتابة هذه الذكريات. مرOت ست سنوات على فراق وذهابه بالخروف الذي رسمته له. فإن وصفته هنا صديقي

أن ينسى فما ذلك إال خوف نسيانه، ومن المؤسف الصديق صديقه فاألصدقاء قليل، وقلO من له صديق. وقد

8 كالكبار من 6صبح غدا الناس الذين ال يهتمOون لغير األرقام. أ8 اشتريت علبة صباغ 8 وعدت فلهذي األسباب جميعا وأقًالما

إلى التصوير، وقد وجدت صعوبة في العودة إلى هذا الفن العمر ما بلغت.ما كنت من قبل حاولت بعد أن بلغت من

رسّم شيء سوى رسّم الثعبان من الظاهر ومن الباطن، وكنت عندئذ� في السادسة من عمري، مهما يكن من أمر

8 تكون على فإني سأبذل الجهد في تصوير األمير صورا قدر المستطاع كثيرة الشبه به. وما أنا واثق من بلوغي

أوفق في بعض الرسوم، وأخفق في هذه الغاية فقد8 في Oي أخطئ قليًال البعض اآلخر.ومما ال شكO فيه أن

القياسات ففي هذه الصورة يبدو األمير أكبر مما يجب8 في لون ثوبه وفي تلك أصغر مما ينبغي، وأتردد أيضا

فألتمس اللون الحقيقي فأصيب تارة وأخطئ أخرى. وال يزل قلمي في بعض التفاصيل الهامة فأرجو غرابة في أن

Oبل على األمير المعذرة على هذا الزلل فتبعته ال تقع علي 8 من أمره، ولعله كان يحسبني الذي ما كان ليوضح شيئا

8 8 به قادرا على اكتشاف الغوامض. وما كان في شبيها استطاعتي، لسوء طالعي، رؤية الخرفان من وراء خشب

8 للكبار من الناس، وال بدع الصناديق، فقد أكون مشبهاOي قد كبرت عن سنO .الحداثة فإن

5

يمرO كنت أطOلع على شيء جديد من أحوال في كلO يوم8 أعرف كيف الكوكب الذي هبط منه األمير الصغير، فيوما

8 أعرف كيف كانت رحلته. وكنت كان خروجه منه، ويوما8 من مجرد االنتباه إلى ما يبدي من ألتقط هذا التقاطا

اآلراء. في اليوم الثالث عرفت على هذه الطريقة قصة8 إلى البوبابات*! 8، عائدا ة أيضا Oكان الفضل، هذه المر

Page 8: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

القصة، فإنO األمير الصغير الخروف في إطًالعي على هذه8: أصحيح أنO الخرفان ة بسؤاله قائًال Oفاجأني على حين غر Oه في ريب من صحة األمر. تأكل صغار الشجر؟ وبدا كأن

8!. قلت: هذا أمر صحيح ال شكO فيه قال: ما أسعدني إذاOه ولّم أدرك ما همه أن يأكل الخرفان صغار الشجر، غير أن

8: إذا أكلت الخرفان صغار الشجر، فهي تأكل أردف قائًالOالبوبابات ليست من صغار كذلك البوبابات؟ فقلت له: أن

الشجر بل هي من عظامها. يعدل حجّم الواحدة منها فلو ذهبت إلى موطنك بقطيع من الفيلة. حجّم الكنيسة،

األمير لما أتى هذا القطيع على بوبابة واحدة. فضحك الصغير عندما تصور في ذهنه قطيع األفيال في موطنه ثّم

نضع األفيال بعضها فوق بعض. ثّمO قال: إذن ال بدO من أن8 ثّمO تكبر قلت:. استدرك وقال: أنO البوبابات تبدأ صغارا

هذا صواب. ولكن لماذا تريد أن يأكل الخرفان البوبابات عنك ذلك؟ فكان كمن يقول: إنO الصغار؟ فأجابني: أيخفى

8 األمر على غاية من الوضوح. أمOا أنا فأعملت الفكر طويًالOى حللت هذه المشكلة من تلقاء نفسي. والواقع أنO حت

8 كسائر الكواكب على كوكب األمير الصغير كان مشتمًال أعشاب مختلفة، منها الصالح ومنها الطالح، وعلى بذور

6رى! منها ما ترقد في لها صالحة وطالحة. أمOا البزور فًال ت إلحداها أن تستيقظ فتهب من ضمير األرض إلى أن يخطر

رقدتها وتتمطى ثّم تدفع على خوف نحو الشمس أشطاء86ركت ندية ال خطر فيها. فإذا كان أشطاء فجلة أو ريحانة ت

عشبة نبتة طالحة لشأنها ونمت كيف شاءت أمOا إذا كانت وجبت المبادرة إلى اقتًالعها فور عرفانها. وكان في

الصغير بزور فظيعة هي بزور البوبابات كوكب األمير6ركت ولّم وكانت تمأل أرض الكوكب، فإذا نبتت إحداها وت

6ؤبه لها اشتدت وقويت ثّمO استحال التخلص منها ثّمO عمOت ي وغرزت جذورها فيه. فإن كان الكوكب أرض الكوكب

8 وكانت البوبابات كثيرة فجOرت الكوكب وذهبت به. صغيرا وقد قال لي األمير فيما بعد: "القضية قضية دربة

الصباح من تنظيف نفسه وانتظام، فإذا انتهى المرء في6عنى بتنظيف كوكبه، فيلزم وإصًالح حاله، وجب عليه أن ي

Page 9: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

اقتًالع * البوبابة شجرة من أشجار المناطق الحارة نفسهق O8.البوبابات حالما يفر بينها وبين الرياحين، تعظّم كثيرا

8 في أوOل نبتها. وهذا عمل فيه 8 تتشابه كثيرا فإنها جميعا8 بعض الملل وإن يكن من السهولة بمكان".ونصح لي يوما

يسهل معها إدخال بأن أبذل الجهد في رسّم صورة جميلة8 هذه المبادئ في رؤوس أوالد بًالدي. وقال: "إذا كانوا يوما

8 مفيدة. قد ال يضير على سفر فًال يبعد أن يجنوا منها ثمارا8 أمOا إذا كان عمله اقتًالع البوبابات في المرء أن يؤجل عمًال

8 مهودها ففي تأجيل عمله الكارثة الكبرى. عرفت كوكبا يقطنه ولد كسول فتهاون في اقتًالع ثًالث شجرات كان

8 ما أخبرني عنه صغار...".رسمت هذا الكوكب معتمداOه قلO من 8 غير أن األمير الصغير. أنا ال أحبO الوعظ كثيرا

البوبابات وما يتعرض له المرء من المهالك يعرف خطر8 إلى كوكب صغير ولهذا أشذO عن. إذا قاده القدر يوما

Oها األوالد، حذار، حذار Oب الوعظ وأقول: "أي خطOتي في تجن هذا وما عنيت كلO العناء في رسّم هذه  البوبابات!" من

أصدقائي بخطر يحوم الصورة إال رغبة مني في إنذار حولهّم كما حام حولي وهّم في غفلة عنه، فلهذه

قيمة ال يستهان بها. وقد تقولون الموعظة، كما ترون، متسائلين: ليس في هذا الكتاب رسوم تعادل بروعتها

وعظمتها صورة البوبابات. فلّم5 هذا اإلهمال! فأقول: قد البوبابات فكان العامل األكبر حاولت ولّم أنجح، أمOا صورة

.في إجادتي رسمها شعوري بالحاجة إليها

6

8 Oها األمير الصغير، لّم أدرك ما أنت فيه من الكآبة إال شيئا أي8. مضى عليك زمن لّم يكن لك فيه من سلوى سوى فشيئا

النظر إلى غروب الشمس في سكون المساء. عرفت األمر الجديد عن مجرى حياتك عندما قلت لي في هذا

8 غروب الشمس. أال صباح اليوم الرابع: أحبO كثيرا تصحبني فنرى الشمس حين تغرب؟ قلت: ال بدO من أن

8. قال وماذا ننتظر؟ قلت: ننتظر إلى أن تجنح: ننتظر طويًال

Page 10: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

ثّمO الشمس للغروب.فبدت5 عليك الدهشة في بدء األمر ضحكت5 من نفسك وقلت: حسبتني ال أزال في موطني.ال

في فرنسا بينما تكون يخفى على أحد أنO الشمس تغرب الواليات المتحدة في رائعة الظهيرة، فلو استطاع المرء

في دقيقة من الواليات المتحدة إلى فرنسا أن ينتقل الطالع، لشهد فيها غروب الشمس. غير أنO فرنسا لسوء

8 عن الواليات المتحدة. أمOا في كوكبك الصغير بعيدة جدا كرسيك5 بعض خطوات فترى الشفق كلما فيكفيك5 أن تجر5

8 الشمس تغرب 8 عنO لك أن تراه. قلت لي: رأيت يوما ثًالثا وأربعين مرة. ثّمO أردفت: ال تجهل أنO المرء، إذا اشتد�ت

: أكنت كآبته أحبO أن يرى الشمس عند غروبها. فقلت68 على هذا الحدO من الكآبة عندما رأيت الشمس تغرب ثًالثا

.وأربعين مرة؟ غير أنO األمير الصغير لّم يجب

7

8 عن األمير الصغير، 8 جديدا في اليوم الخامس عرفت6 شيئا8 إلى وكان الفضل في ذلك كما كان من قبل راجعا

Oما هو نتيجة ة كأن O8 وعلى حين غر الخروف. ألقى سؤاله توOاOها.قال: إذا كان الخروف تفكير عميق في معضلة حاول حل

8! قلت: الخروف يأكل صغار الشجر فهو يأكل األزهار أيضا يأكل كلO شيء يجده في طريقه.قال: وهل يأكل األزهار

Oى األزهار المشوكة. قال: وما ذات الشوك؟ قلت: يأكل حت8؟ ما كنت6 أدري ما نفعها. وكنت عندئذ� نفع األشواك إذا

ك استعصى عليO وقد Oلولب في المحر O8 في فك منهمكاOن من إصًالح الخلل خشيت أن يطول الزمن قبل التمك

ج الموقف، وال سيما أنO ماء الشرب آخذ Oفي فيتحر 8: األشواك ما نفعها؟  النفاذ. وكرر األمير السؤال قائًال

سؤال طرحه بل يلحO فيه ويبالغ فإنه ما كان ليتخلOى عن في إلحاحه. وكان اللولب المستعصي قد أثار سخطي

8. فأجبته 8 ال طائل تحته. قلت6 له: األشواك ال تفيد شيئا جواباO مظهر من مظاهر سوء الخلق عند األزهار. إن هي إال

8 صاح بي وفي نبرة 8: ماذا؟وبعد أن وجّم قليًال با Oفقال متعج

Page 11: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

صوته نبرة الحاقد: أنا ال أصدOق ما تقول. إن األزهار تعمل على طمأنة نفسها قدر. ضعيفة البنية ساذجة الطبع

Oها تبعث استطاعتها، فإذا تسلOحت باألشواك حسبت أنOر في في القلوب. الرعب 8 وكنت عندئذ} أفك فلّم أحر جوابا

8: إذا ظلO هذا اللولب على المقاومة أطرته نفسي قائًال بضربة من المطرقة. عاد األمير فشوOش مجرى أفكاري

Oاألزهار... وقال: أتظن O8: كًال،   أنت أن فقطعت كًالمه قائًال8. قد أجبتك 8 في الهواء ال طائل كًال. أنا ال أظنO شيئا جوابا

:تحته فأنا أهتّمO اآلن ألمور جدOية! فنظر إليO بدهشة وقالOة؟ وكان يراني والمطرقة بيدي وأصابعي سود أمور جدي

Oة} تبدو في عينه على من الشحّم وأنا منحن} من فوق هنOك لتتكلّم ككبار الناس! فخجلت غاية من القبح، ثّمO قال: إن بعض الخجل من نفسي، أمOا هو فلّم يرأف بخجلي بل تابع

Oز بين 8: إنك ال تمي 8! وكان قائًال األشياء بل تخلط بينها جميعا8، يهتزO من غيظه فيرتجف في 8 غيظا الهواء مستشيطا

8 كان فيه رجل� شعره الذهبيO، ثّمO قال:عرفت6 كوكباOاللون. ما شّم O8 زهرة وال نظر إلى نجمة وال قرمزي يوما

8 فكان انهماكه طوال حياته في جمع األرقام، أحبO أحدا وكان يردOد في يومه، من صبحه إلى مسائه، ما قلت أنت:

Oه ما "أنا رجل رزين، أنا 8 لكن رجل رزين" وكان ينتفخ كبرا8 من الفطر. قلت: ماذا؟ قال 8 بل ضربا 8 من: كان رجًال ضربا

الفطر. قال هذا وقد امتقع لونه من ثورة الغضب.ثّمO قال:8، ومنذ منذ المًاليين من السنين تنبت األزهار أشواكا

من المًاليين من السنين تأكل الخرفان األزهار بالرغّمOه ليس من الجدO في شيء أن األشواك، وأنت ترى أن

8 نحاول إدراك السبب الذي من أجله تعاني األزهار إنباتا ألشواك لغير ما فائدة. أال يكون من شأن�} للحرب القائمة

الخرفان واألزهار؟ أال يكون التبحOر في هذه القضايا بين8 وأكثر رصانة من التبحOر في األرقام التي يقضي أجلO شأنا

ذلك الرجل الضخّم الجثة، القرمزي اللون، في جمعها؟ أنني أعرف أنا زهرة وحيدة ال شبيه لها في العالّم فلو

أنO في طاقة وكانت هذه الزهرة في كوكبي وأعرف�، بقضمة خروف صغير أن يقضي عليها ويبيدها صباح يوم

Page 12: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

يدرك شنيع صنعه، أما تكون هذه واحدة، من دون أن القضية في نظري على جانب من الخطورة!وعًال وجهه

ثّمO عاد فقال: إذا أحبO رجل زهرة ليس من نوعها احمرارO هي في المًاليين المًاليين من النجوم فإنO ذلك يكفي إال

Oإلسعاده عندما ينظر إلى النجوم ويقول في نفسه "إن في بعض هذه الكواكب" أمOا إذا أكل الخروف زهرتي هي

ناظريه وتصبح الزهرة فإنO تلك النجوم تنطفئ بغتة8 في8؟قال هذا ولّم 8 خطيرا Oها لّم تكن. أال ترى في هذا شيئا كأن

Oّم. وقد يزد بل طفق يشهق وينتحب، وكان الليل قد خي واللولب سقطت األدوات من يدي، نظرت إلى المطرقة

نظرة استخفاف واحتقار، وهان عندي العطش التي هي كوكبي، والموت.فعلى هذه النجمة، هذه األرض

يه وأواسيه، O6هدئ من روعه وأعز أمير صغير ينبغي لي أن أ ذراعيO وهدهدته وقلت له: ال خطر على فأخذته بين

يستطيع الزهرة التي تحبO فإني أرسّم للخروف كمامة فًالO8 من حديد فًال يستطيع الدنو قضمها وأرسّم للزهرة حاجزا

Oي خر}ف� منها. وارتبكت فًال أدري ما أقول له وشعرت بأن عالمه، إنO غبيO ال يسعني إدراك ما به وال اللحاق به في

!عالّم الدموع لسر� غامض

8

8 عن تلك الزهرة. كان في كوكب 8 كثيرا ثّمO عرفت شيئا بسيطة ذات صفO واحد من األوراق. األمير الصغير أزهار

8 وال 8 واسعا تزعج راحة تنبت فيه منذ القدم وال تشغل مكانا أحد. كانت تبدو في الصباح بين الكأل ثّمO تتًالشى في

8 من بذرة جاءت المساء، أمOا تلك Oها نجمت يوما الزهرة فإن هي ال تشبه من حيث ال ندري، ورآها األمير الصغير فإذا

األعشاب النابتة على كوكبه، فراقبها مراقبة شديدة خوف8 8 من أنواع البوبابات. غير أنO النبتة، أن تكون نوعا جديدا

األهبة إلبراز سرعان ما توقفت عن النموO وطفقت تأخذ زهرتها. وكان األمير الصغير يشهد تكوين برعمتها

تخرج من هذه البرعمة رؤيا عجيبة. العظيمة ويتوقOع أن

Page 13: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

Oى على أنO الزهرة كانت تتباطأ وتطيل التأه�ب للخروج، حتOتها تجيء على غاية ما يكون من جمالها. فهي في خلي

Oى في ارتداء أثوابها الخضراء تنتقي بكل دقOة ألوانها وتتأن بثوب واهن فترتب أوراقها وتنظمها خشية أن تبرز للنور

النسج كثوب الشقائق، بل في اكتمال الجمال والروعة. تحب� الثياب األنيقة الزاهية. فًال وما الحيلة وهي مغناج

8 في عجب أن يطول تأه�بها للخروج وأن تعنى عناء8 زائدا تجمOلها وإعداد زينتها في الخفاء.وفي صباح يوم، عند

برعمتها وظهرت. وبالرغّم مما طلوع الشمس، شقOت قضت من الوقت في إعداد عدOتها للخروج قالت وهي

O منذ هنيهة فلذا تراني: تتثاءب Oي ما استيقظت إال آه! إن مشعثة الشعر فأسألك

                                                              المعذرة. يتمالك األمير الصغير عن إبداء إعجابه فصاح: ما ولّم   

Oي أجملك!فأجابت الزهرة بلطف: ما أصدق ما قلت! فإنOها لّم ولدت عند والدة الشمس.فأدرك األمير الصغير أن

Oها كانت على كثير من تكن على كثير من التواضع غير أن قد حان الفتون.ثّم5 قالت الزهرة: أظن� أنO وقت اإلفطار

م وتهتّمO بي.فارتبك األمير الصغير ومضى فجاء Oفهل تتكر ة وسقى بها O8.وما لبثت الزهرة حتى بمرش الزهرة ماء8 باردا

الغيرة. ومن أخذت تعذOبه بزهوOها وصلفها وما تبدي من8 وهي في الحديث عن شوكاتها Oها قالت له يوما ذلك أن

األنمار ببراثنها! فردO عليها األمير الصغير األربع: لتأت اآلنO8: ليس من أنمار على كوكبي. ثّم إنO األنمار ال تأكل قائًال

فقال: فأجابت الزهرة بلطف: ما أنا عشبة. العشب.Oتي. اغفري لي Oما أخاف  زل فقالت: أنا ال أخشى األنمار إن

دون الهواء.فقال مجاري الهواء. أال يكون عندك حاجز األمير في نفسه: ليس من عادة األزهار أن تخاف الهواء،

هذا؟ إنO هذه الزهرة لذات نفس� فما معنى المساء ثّمO قالت الزهرة: وإذا جاء                 معقOدة.

ضعني تحت غطاء من زجاج فالبرد قارس عندك وليس أمOا البلد الذي جئت. عندي شيء� من أسباب الراحة

Oها جاءت إلى منه...وتوقOفت عند هذا الحد� من كًالمها.إن

Page 14: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

األمير على شكل بذرة فما استطاعت أن تعرف كوكبOها خجلت 6خرى.وكأن 8 عن العوالّم األ عندما فاجأت شيئا

نفسها وهي تعد� كذبة على هذا الجانب من السذاجة8 لتظهر لألمير خطأ رأيه في مجاري فأحOت أحOتين أو ثًالثا

هو؟قال: كنت الهواء. ثّمO قالت: والحاجز دون الهواء أينOك} تكلمينني.فعادت على وشك الذهاب للمجيء به غير أن

فيه لتثير تبكيت ضميره.وعلى هذا الحدO إلى األحO وبالغت بالرغّم من أخذ الشكO يتسرب إلى قلب األمير الصغير

Oه أنزل منزلة الجدO Oه لها.أمOا أنا فأرى أن Oته في حب صدق ني8 بعض كلمات ال اء ذلك تعسا Oآبه لها فبات من جر

O أصغي 8: "كان عليO أال 8.وقد قال لي يوما Oا إليها فمن شقي الخطأ أن نصغي لألزهار. يكفينا منها أن ننظر إليها وأن

شذا زهرتي يعبق في جنبات كوكبي نتنشق طيبها". كان البراثن أمOا أنا فما عرفت أن أجني منها لذOة ومتعة. وقصOة

8، أما كان األحرى بي أن واألنمار التي أزعجتني بها كثيراة أخرى: أبدي لها عند O8؟وقال لي مر 8 ورفقا سماعها عطفا

Oر أمري وال أن أفهّم ما كان عليO أن. "أنا ما عرفت أن أتدب أحكّم على كًالمها بل على أفعالها. إنها كانت تعطرني

فررت منها ولّم أحزر ما وراء حبائلها وتضيء لي. فلماذاOة والعطف. إنO وحيلها األزهار تناقض الساذجة من المحب

6حسن محبتها 8 ولّم أ 8 جدOا Oي كنت صغيرا "نفسها بنفسها. لكن

9

ية كانت مرتحلة من Oأعتقد6 أنه اغتنّم فرصة مرور طيور بر Oب Oه في صباح يوم فراره رت بلد إلى بلد ففرO معها، على أن

محلOه فنظOف، بكثير من كوكبه ووضع فيه كلO شيء في االعتناء، البراكين المشتعلة، وكان في الكوكب اثنان منها،

Oه كان وال يخفى ما في هذين البركانين من الفائدة فأن8. يسخOن عليهما طعام الصباح وكان في الكوكب أيضا

بركان هامد. لكن من يدري متى يشتعل؟ لذلك نظOفه من فإنO البراكين إذا نظOفت ونزعت أوساخها كان أوساخه،

8 فًال يخشى 8 منتظما ثورانها. إنO ثوران اشتعالها لطيفا

Page 15: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

البراكين ألشبه بنار الموقد، فإذا اتسخت مداخنها وصعب الهواء فيها، أدOت إلى الكوارث. أمOا نحن على هذه مرور

صغار فًال نستطيع األرض فأنO براكيننا عظيمة ونحن تنظيفها فهي ال تفتأ مدعاة للقلق والحذر.ثّمO انتزع األمير

ما نبت من بزور البوبابات وكان في عمله هذا الصغير8 Oه كان مصمOما على أن ال يعود على شيء من الكآبة ألن

8 من Oه كان يجد في ذلك الصباح كثيرا إلى كوكبه، بيد أن انصرافه إلى هذه األعمال التي ألفها. وعندما االرتياح في

ة األخيرة زهرته وهّمO بأن يضع Oعليها غطائها سقى للمر الزجاجيO شعر بالدمع يصعد إلى مقلتيه، فتمالك وقال

8: الوداع! للزهرة: الوداع!فلّم ر قائًال تجبه الزهرة فكر� كنت في فأحOت الزهرة أحOة لّم تكن أحOة زكام وقالت: قد

Oة حمقاء فاغفر لي واجتهد أن تكون سلوكي معك غبيOها 8.فعجب األمير من أن 8 ووقف ال سعيدا 8 وال عتبا 6بد} لوما لّم ت

ما يدري ما يصنع وغطاء الزجاج في يديه وهو ال يدرك يشاهد في الزهرة من الرقOة و اللطف والسكينة.ثّمO قالت

Oك 6حب Oي أ Oي فالذنب له: أي والله أن ولئن خفيO عليك حبOك أنت ذنبي ال ذنبك. أمOا اآلن فأي� شأن� لكل� هذا، على أن

8 وغباوة. فاجتهد أن تكون 8 كنت مثلي ح6مقا أيضا8...واترك هذا الغطاء فًال حاجة لي به.قال: والهواء؟ سعيدا

Oقالت: لست من السعال في الدرجة التي تعتقد...وإن Oما أنا زهرة...قال: Oد. وإن هواء الليل العليل ألنفع لي وأفي

لي، إذا أردت رؤية الفراشات، والوحوش!؟قالت: ال بد� من تحمOل جيرة بعض الديدان. فقد بلغني أنO الفراشات شيء� عجيب، وإذا لّم يكن من فراشات فمن يزورني من

Oا الوحوش فًال خوف عليOي أذودها بعدك. أمO منها فإن}ّم5 ببراثني، وأشارت إلى أشواكها األربع وأردفت قائلة: ل

ر الذهاب؟ إبطاؤك؟ Oك. ألّم تقرOلك وتردOك لتزعجني بتمهO إنO مخافة Oها فاذهب إذن.وما قالت ذلك إال أن يراها تبكي. إن

.كانت زهرة على جانب عظيّم من الكبرياء

10

Page 16: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

كان كوكب األمير الصغير في منطقة الكواكب المرقومة 330 و329 و328 و327 و326 و325باألرقام التالية:

8 ينصرف إليه أو فبدأ رحلته بزيارتها لعلOه يجد فيها عمًال8 يفيده. عمًال

8 األرجوان 8 لملك، فرآه مرتديا وكان أوOل كوكب نزله موطنا8 على عرش� تبدو عليه، بالرغّم من Oا والسمور ومستويOهة والجًالل. وما رأى الملك األمير 6ب بساطته، معالّم األ

Oتي. 8: هذا من أبناء رعي Oى صاح قائًال الصغير حت فقال األمير في نفسه: كيف عرفني وهو لّم يرني من

قبل! وكان يجهل أنO العالّم في نظر الملوك هو شيء على غاية

Oة الملوك. 8 رعي البساطة: فالناس جميعا8 ا O8. وكان معتز Oا Oي فأرى وجهك5 جلي ثّمO قال الملك: ادن6 من

Oه ملك يملك على أحد الناس. بأن8 عن مكان يجلس فيه فلّم يجد �شا أجال األمير لحاظه مفت ذلك أن معطف الملك الفاخر السابغ كان يشغل الكوكب

8 وكان قد تعب فتثاءب. بجملته فظل� واقفا فقال له الملك: ليس من آداب البًالط أن تتثاءب بحضرة

الملك. فأنا أنهيك عن التثاؤب.8: ال أستطيع أن أمنع نفسي فأجاب األمير الصغير مرتبكا

.8 منه فقد كانت رحلتي طويلة ولّم أذ6ق نوماOي لّم أر قال: إذا كان األمر كذلك فأنا آمرك بأن تتثاءب. إن8 يتثاءب من زمان بعيد.والتثاؤب في نظري أمر غريب أحدا

Oي فأطع. 8. هذا أمر من نادر. فتثاءب وتثاءب أيضا8: إنO أمرك هذا يثير قال األمير الصغير وقد احمر� خجًال

اضطرابي فًال أقوى على التثاؤب.8. وأخذ 8 وتمتنع حينا قال الملك: آمرك إذن بأن تتثاءب حينا

يتمتّم ويدمدم ويبدي الكدر. ذلك ألنO الملوك تحرص6حترم هيبتهّم وسلطتهّم فًال 8 على أن ت 8 كثيرا حرصا

يتساهلون في أمر الطاعة. وكان هذا الملك مطلقO بما يقرب Oب النفس فًال يأمر إال Oه كان طي السلطان غير أن

من الصواب.

Page 17: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8 أن Oي لو أمرت قائدا ومن أقواله التي كان يرددها: إن يتحو�ل إلى طائر من طيور البحر وعصى القائد أمري لما

كان الذنب ذنبه بل ذنبي. وسأله األمير الصغير بصوت ينّم� عن بعض الحياء والخجل:

أيأذن لي الملك بالجلوس؟Oي آمرك بالجلوس فاجلس. قال الملك: إن

.O8 من ذيول معطفه السموري ة وجًالل ذيًال Oوجذب إليه بعز وكان األمير يعجب من أمر الملك ويقول في نفسه: على

من يملك الملك في هذا الكوكب الصغير؟8: أستميحك العذر موالي في سؤالك ثّمO سأل الملك قائًال

عن بعض الشؤون.Oي آمرك بأن تسألني. فبادر الملك فقال: إن

قال األمير: على من تملك يا موالي؟فأجاب الملك بكل بساطة: أملك على كلO شيء؟

قال األمير: على كلO شيء.

قال الملك: على كلO شيء. لّم يكن هذا الملك مطلق السلطان فحسب بل كان

يبسط ملكه على العوالّم كافة.وقال له األمير: وهل تطيعك النجوم؟

Oي ال Oي في الحال أوامري وإن Oها تلب قال الملك: كيف ال فإنأطيق عصيانها واختًالل النظام فيها.

فعجب األمير الصغير لمثل هذا السلطان وقال في نفسه:Oين لو كنت على شيء� من هذا لشهدت في اليوم ست غروب شمس ال أربعة وأربعين، بل لشهدت منها مئة ومئتين دون االضطرار إلى جر� كرسيO من مكانه إلى

مكان. وشعر بكآبة تغمر نفسه عندما تذكر كوكبه الصغير الذي هجره. ثّمO تشدOد وتجرأ فقال: وددت لو شهدت

م عليO يا موالي بأن تأمر الشمس غروب الشمس. تكر�بالغروب.

8 من قوادي أن يطير من زهرة فقال الملك: لو أمرت قائدا إلى زهرة كما تفعل الفراشات أو أن يؤلOف مأساة أو أن يتحوOل إلى طائر من طيور البحر ولّم يذعن القائد ألمري

Oا؟ هو أم أنا؟ فمن يكون المخطئ من

Page 18: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

فأجاب األمير بقوة ورباطة جأش: أنت يا موالي. فقال الملك: هذا هو الصواب، فليس من الحكمة أن6طلب من المرء ما يكون فوق طاقته، إنO أول أركان ي السلطة العقل. أال ترى أنO الشعب إذا أمرته بأن يلقي بنفسه في البحر استسلّم للفتنة وثار عليك. أمOا أوامري

Oها تنفOذ. فإن أنا اقتضيت تنفيذها فذلك ألنOه ما كان Oر األمير الصغير الملك بغروب الشمس فإن وذك

ليغفل عن سؤال� طرحه.Oي Oك ستشهد غروب الشمس. فإن فقال له الملك: إن

سآمرها بالغروب لكن عليO أن أنتظر الوقت المؤاتي.هذا ما تقتضيه آداب الحكّم.

8؟ فقال األمير: متى يكون الوقت مؤاتيا قال الملك بعد أن نظر في رزنامة ضخمة: يكون الوقت

8 هذا المساء عند الساعة السابعة والدقيقة األربعين. مًالئماOي م6طاع في أوامري. وعندئذ� ترى أن

Oه أخطأ غروب الشمس ثّمO فتثاءب األمير الصغير وأسف أن استولى عليه الملل فقال: لّم يبق5 لي من حاجة هنا فأنا

ذاهب.8 بأنO له من يأمره وينهيه فقال: ال تذهب ا Oوكان الملك معتز

.8 بل امكث هنا فأجعلك وزيراقال األمير: وزير أيO شيء؟قال: وزير...وزير العدل؟

قال: كيف أكون وزير عدل وليس هنا من أحاكمه؟ قال: من يدري! أنا لّم أج6ب بعد أنحاء مملكتي وقد طعنتOسع لمركبة أركبها. في السنO وما من مكان في المملكة يت

أما المشي فًال أطيقه. قال األمير بعد أن ألقى نظرة إلى الجهة الثانية من8 فلّم أر5 الكوكب: قد نظرت إلى جهات الكوكب جميعا

.8 أحدا قال الملك: تحاكّم إذن نفسك بنفسك وهذا أصعب ما

يكون إنO مقاضاة المرء نفسه ألصعب من مقاضاته غيره.8 8 كنت حكيما 8 صادقا 8 عادال فإذا أصدرت على نفسك حكما

.8 حقOا

Page 19: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

Oى كنت فًال حاجة Oي أقاضي نفسي أن قال األمير الصغير: إنلي بالمكوث هنا.

8 قال الملك: أظن� أنO في ناحية من أنحاء الكوكب جرذا8، أسمع له حركة في الليل، فلك5 أن تحاكمه وتحكّم Oا مسن عليه من وقت إلى وقت بالموت. وهكذا تتوقOف حياته على عدالتك ثّمO تعفو عنه لتستبقيه في الكوكب فليس

فيه غيره.6حب� القضاء بالموت على أحد. قال األمير الصغير: أنا ال أ

وأرى أن ال سبيل إلى ذلك هنا فأنا ذاهب.قال الملك: ال، ال تذهب.

وبعد أن تأهOب األمير الصغير للذهاب كره أن ينغص الملكالشيخ بعصيان أوامره، فقال له:

8 كأن 8 مستطاعا 6طاع فمرني أمرا إذا شئت موالي، أن تOي آمرك بالذهاب قبل انقضاء دقيقة واحدة. تقول لي: إنويبدو لي أنO األحوال التي ترافق هذا األمر هي مؤاتية. ولّم يجب الملك فتردOد األمير ثّمO تنهOد وأخذ في طريقه

:8 فبادر الملك وصاح به قائًال8 لي. وكان في صوته نبرة السلطة Oنتك سفيرا Oي عي إن

والعظمة.. : لغريب الكبار شأن Oإن نفسه في الصغير األمير فقال

. رحلته طوال قلبه في الفكر هذا وردOد

11

وكان يسكن الكوكب الثاني رجل مزهو� بنفسه فعندمالمح األمير الصغير صاح قبل أن يدنو منه:

هذا زائر معجب بي. إنO ذوي الصلف واإلدOعاء يعدOون سائر الناس من المعج5بين

بهّم.Oعة Oي أرى لك قب 8! إن 8: ع}ّم صباحا Oاه األمير الصغير قائًال وحي

غريبة الشكل.6حييO بها المعجبين عندما يهتفون لي، غير Oعة أ قال: هذي قب

Oه، لسوء الطالع، ال يمر� أحد� من هنا. إنقال األمير الصغير: ماذا؟ ولّم يدرك ما يعني الرجل.

Page 20: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قال الرجل: صفOق بإحدى يديك على األخرى. 8 قليًال Oعته قب الرجل ورفع األخرى على بيد األمير فصفOق

. بتواضع Oا وحي فقال األمير الصغير في نفسه: زيارة هذا الرجل أدعى

Oة من زيارة الملك. إلى اللهو والتسليOعته. Oة برفع قب وعاد فصفOق بيديه وعاد الرجل إلى التحيO على هذا مدOة خمس دقائق تعب األمير وبعد أن ظًال

الصغير من هذه اللعبة التي تستمرO على نمط واحد وسأل6سقط القبعة فماذا نصنع؟ 8: إذا أردنا أن ن الرجل قائًال

O فلّم يجب الرجل ألنO المعجبين بنفوسهّم ال يصيخون إالإلى المدح والثناء.

8؟ 8 أنك معجب بي كثيرا ثّمO قال الرجل: أحقOاقال األمير: وما معنى اإلعجاب؟

قال الرجل: اإلعجاب أن تقر� لي بأني أجمل رجل على8 وأكثرهّم غنى هذا الكوكب وأني أحسن الرجال أناقة8 وثوبا

وذكاء.Oك وحيد في كوكبك هذا. قال األمير: غير أن

8 فاشرح صدري بأن تعجب بي. قال: وإن أكن وحيدا قال األمير، بعد أن هز� كتفيه: أنا معجب بك، لكن ما يهمOك

إعجابي؟: رحلته طوال نفسه في يردOد وهو الصغير األمير وانصرف

. 8 حقOا لعجيب� الكبار شأن Oإن

12

6طل األمير Oير فلّم ي وكان يسكن الكوكب التالي رجل� سكOه شعر بكآبة كبيرة تغمر نفسه. إقامته فيه غير أن

8 الصOمت ومن 8 إلى المائدة، مًالزما Oير جالسا وكان السك حوله مجموعة من القناني الفارغة ومجموعة من القناني

المآلنة. فقال له األمير: ما تصنع هنا؟Oير بصوت ملؤه الحزن واألسى: أشرب. قال السك

قال األمير: ولماذا تشرب؟قال: ألنسى.

قال األمير، وقد أخذته فيه الرأفة: لتنسى ماذا؟

Page 21: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

Oير وقد أطرق برأسه: ألنسى عاري. قال السك قال األمير الصغير، وقد أحس� برغبة في إسعافه

ومساعدته: وأي� عار؟قال: عار الشرب. قال هذا ولزم الصمت.

أمره، من 8 Oرا متحي الصغير األمير في وانصرف يردOد وكان. : لعجيب الكبار شأن Oإن رحلته طوال نفسه

13

" األعمال " رجل البزنسمان كوكب الرابع الكوكب  وكاناالنهماك Oكل 8 منهمكا الرجل كان الصغير األمير نزله فلمOا

: هذي ،8 صباحا ع}ّم األمير له فقال رأسه يرفع لّم Oه أن Oى حت. انطفأت قد سيكارتك

8 على حساباته يقول: ثًالثة واثنان أمOا الرجل فظل� منكبا خمسة. خمسة وسبعة اثنا عشرة، اثنا عشرة وثًالثة

8. خمس عشرة وسبعة اثنان خمس عشرة، ع}ّم صباحا وعشرون. اثنان وعشرون وستة ثمانية وعشرون، ال وقت6ف" لي فأشعلها، ستة وعشرون وخمسة واحد وثًالثون."أ فالحاصل إذن خمسماية مليون ومليون وستماية واثنان

وعشرون ألفاً وسبعماية وواحد وثًالثون.قال األمير: خمسماية مليون ماذا؟

قال الرجل: آه.ال تزال هنا؟ خمسماية مليون...خمسماية8 حتى إني ال مليون ال أدري ماذا. إن أشغالي عظيمة جدا

أدري ما هي الخمسماية مليون. أنا رجل رصانة وجدO. أنا الألهو بالترهات! اثنان وخمسة سبعة...

8: خمسماية مليون ماذا؟ واألمير ر األمير السؤال قائًال Oفكر 8 وغفل عنه بعد كما تعلّم لّم يطرح قط في حياته سؤاال

طرحه. رفع "البزنسمان" رأسه وقال: أنا أقطن هذا الكوكب منذات. Oو�ش علي� عملي إال ثًالث مر أربع وخمسين سنة وما ش6

Oرت ة األولى، الثنتين وعشرين سنة خلت، عك Oففي المر علي� صفو عملي خنفساء سقطت من حيث ال أدري

ة Oة هائلة فغ5لطت أربع غلطات. وفي المرOوأحدثت ضج Oة وذلك الثانية إلحدى عشرة سنة خلت، أصبت بنوبة عصبي

Page 22: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

Oة فعملي ال يترك 8 من الرياضة البدني Oي ال أمارس شيئا ألني على الطرقات من O8 من الوقت للنزهة والتمش Oسعا لي متة الثالثة Oا المرOأم .Oغير ما قصد وال غاية. أنا ذو رصانة وجد

ة. قلت خمسماية مليون ومليون... Oفهي هذه المرقال األمير: مليون ماذا؟

أدرك "البزنسمان" أنO هذا السائل عنيد ال يميل إلى8 المسالمة فقال: مًاليين من هذه الهنات التي ترى أحيانا

في السماء.قال األمير: أتكون مًاليين من الذبان؟

قال: ال. بل هنات صغار تضيء.قال: أتكون من النحل؟

قال: ال. بل هنات صغار مذهOبة. يسبح أمامها الكسالى فيOسع وقتي بحار من األحًالم. أمOا أنا فرجل رصين رزين ال يت

لألحًالم.قال: هي النجوم.

قال: هي النجوم إذن؟قال: وما تصنع بخمسماية مليون من النجوم؟

8 قال:خمسماية مليون ومليون واثنان وعشرون ألفا6حب� الضبط وسبعماية وواحد وثًالثون. أنا رجل رزين أ

والدقOة.قال: وما تصنع بهذه النجوم؟

قال: ماذا أصنع بها؟قال: نعّم. ما تصنع بها؟

Oما أنا أملكها. قال: ال شيء. إنقال: إنك تملك النجوم؟

قال: نعّم أملكها....8 قال: رأيت ملكا

8: الملوك ال تملك بل تسود، والفرق فقاطعه الرجل قائًال.8 بين اللفظتين شاسع جدOا

قال: وما تجني من امتًالك النجوم؟Oي بها غني. قال: إن

قال: وما الفائدة من غناك؟قال: أشتري النجوم األخرى كلOما اكتشفها مكتشف.

Page 23: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قال األمير في نفسه: إن� تفكير هذا الرجل لغريب عن8 بعض األسئلة Oه طرح عليه أيضا تفكير السكارى.على أن

وقال: كيف يسع المرء أن يمتلك النجوم؟8: لمن هي النجوم؟ قال الرجل متذمOرا

Oها ألحد. قال: ال أدري ال أظنOر بامتًالكها. Oي أول من فك قال: إذن هي لي ألن

قال: أيكفي هذا ألن تكون لك؟ قال: كيف ال. إذا وجدت ماسة ليست ألحد من الناسOها تصبح لك. وإذا اكتشفت جزيرة ليست ألحد من فإن

Oها تصبح لك. وإذا خطرت على بالك فكرة لّم الناس فإن تخطر على بال أحد من الناس سجلتها وأخذت براءة بها فهي لك دون سواك. وعلى هذا فأنا أملك النجوم ألنه ما

Oر قبلي في امتًالكها. من أحد فك قال األمير الصغير: هذا هو القول الحقO. لكن ماذا تصنع

بالنجوم؟Oي أسوسها وأعدOها ثّم� أعدOها، وال يخفى ما في ذلك قال: إن

Oي رجل رزين رصين. من الصعوبة غير أن ولّم يقتنع األمير الصغير كلO االقتناع بهذا الجواب فقال:

إذا كان لي أنا منديل وضعته حول عنقي إذا شئت، وذهبتOى شئت، وإذا كان عندي زهرة قطفتها وذهبت بها إذا به أن

شئت، أمOا أنت فًال تقوى على اقتطاف النجوم.Oي أستطيع وضعها قال: أنا ال أقوى على اقتطافها غير أن

في المصرف.قال: ماذا تعني؟

Oد في ورقة صغيرة عدد نجومي ثّمO أضع Oي أقي قال: أعني أنالورقة في درج وأقفل عليها.

قال: هذا كلO ما تصنع؟قال: هذا يكفيني.

8: تصرOف هذا الرجل تصرOف ففكر األمير في نفسه قائًالOه ليس على شيء من 8، غير أن مضحك يكاد يكون شعريا

الجدO والرزانة.Oية تختلف كلOكان لألمير الصغير رأي في األمور الجد

االختًالف عن رأي الكبار من الناس.

Page 24: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8: أنا عندي زهرة أسقيها كلO يوم ثّمO تابع األمير الصغير قائًالة في كل أسبوع. وبينها Oفها مرOوعندي ثًالثة براكين أنظ

8 فقد يهيج هذا البركان، فامتًالكي بركان خامد أنظOفه أيضا للبراكين والزهرة تفيد منه البراكين والزهرة. أمOا أنت فًال

.8 تفيد النجوم منك شيئاOه لّم يجد ما يقول، ففتح البزنسمان فمه للجواب، لكن

وانصرف األمير الصغير في حال سبيله.. : غريب لشأن الكبار شأن Oإن رحلته طوال يردOد وكان

14

وكان الكوكب الخامس الذي هبط إليه األمير الصغير علىOه كان أصغرها ال يتسع إال لعمود في غاية من الغرابة فإنOّم ع6هد إليه بإضاءة المصباح وإطفائه. رأسه مصباح ولقيOّم وحاول األمير الصغير أن يدرك النفع من مصباح وقي

عليه، يضيئه ويطفئه في ناحية من السماء، على كوكبOه قال في نفسه: خال، من المساكن، فلّم يفلح بيد أن

Oه أقل حماقة من الملك قد يكون هذا الرجل أخرق على أنOير. ومن المعجب بنفسه ومن البزنسمان ومن السكOه خلق فلعمله بعض المعنى فهو إن أضاء المصباح كأن

Oه أرقد النجمة نجمة جديدة أو زهرة جديدة وإذا أطفئه كأن أو الزهرة فعمله عمل لطيف جميل. وكلO عمل جميل ال

بد� نافع.�ا الرجل بكلO احترام وعندما نزل األمير إلى الكوكب حي8. قل لي لماذا أطفأت المصباح؟ قال 8: ع}ّم صباحا قائًال

الرجل: هي األوامر. ع}ّم مساء8.قال األمير: وما تعني باألوامر؟

قال: األوامر أن أطفئ المصباح. ع}ّم مساء8.وأضاءه.

قال األمير: إذا كانت األوامر تقضي بإطفائه فلماذا أضأته؟قال: هي األوامر.

قال: ال أدرك ما تعني.

Page 25: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قال: ال حاجة للفهّم واإلدراك. األوامر هي األوامر. ع}ّم8. وأطفأ المصباح. صباحا

. وبيض حمر Oعات مرب فيه بمنديل جبينه عن العرق مسح Oثّم ثّمO قال: إن� مهنتي هذه لمهنة شاقة. كانت هذه المهنة من8. كنت أطفئ المصباح في الصباح وأضيئه 8 معقوال قبل شيئاOة الليل في Oة يومي في الراحة وبقي في المساء وأقضي بقي

النوم...قال األمير: وهل تبدOلت األوامر منذ ذلك الحين؟

Oما المأساة في تبدOل أطوار قال:لّم تتبدOل األوامر إن الكوكب. فإنO سرعة دورانه آخذة في االزدياد سنة عن

Oر. سنة أما األوامر فلّم تتغيقال األمير: وما عاقبة ذلك؟

ة في Oقال الرجل: أصبح هذا الكوكب يدور على نفسه مر الدقيقة فلّم يبق لي ثانية أرتاح فيها فأنا أضيئ وأطفئ

ة في كلO دقيقة. OمرO دقيقة واحدة. قال: أمر غريب! ال يلبث النهار عندك إال قال: ليس األمر على ما ترى من الغرابة. فقد انقضى

شهر منذ أن بدأ حوارنا.8: انقضى شهر؟ با Oفقال متعج

8. ع}ّم مساء8. قال: شهر أي ثًالثون دقيقة أي ثًالثون يوماوأضاء المصباح.

Oه لتمسOكه باألوامر وإخًالصه في وتأمOله األمير الصغير وأحبOر يوم كان يجر كرسيه من مكانه إلى تنفيذها. ثّمO تذك مكان ليتمتع بمشاهدة الشمس عند جنوحها للغروب.

وشاء أن يؤدي خدمة لصديقه فقال له:أنا أعرف وسيلة تستطيع الراحة معها متى شئت.

. قال: هات نر5قد يمكن الجمع في بعض األحيان بين الكسل و األمانة.

8 حتى أنك تدور من 8: إن كوكبك صغير جدOا وتابع األمير قائًال8 O أن تمشي مشيا حوله في ثًالث خطوات فما عليك إال8 في الشمس فإذا أردت االستراحة 8 فتبقى دائما بطيئا

مشيت وطال نهارك على قدر ما تريد.

Page 26: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قال:ليس في هذا كبير فائدة لي فإن لذتي من الحياة أنأنام.

قال: هذا من سوء الحظ..8 قال: هذا من سوء حظي. ع}ّم صباحا

وأطفأ المصباح. فردOد األمير في نفسه وهو في رحلته إلى موطن آخر:Oير هذا رجل لو عرفه الملك والمعجب بنفسه والسك

Oه الرجل والبزنسمان وغيرهّم من الناس الحتقروه، بيد أن الوحيد الذي ال أرى فيه ما يضحك وقد يكون هذا الهتمامه

بغيره دون نفسه. وتنهOد تنه�د األسف على فراقه وقال: هذا هو الرجل الوحيد8 غير أن كوكبه غاية في الذي لو استطعت التخذته صديقا

الصغر فًال يتسع الثنين. أما الحقيقة التي ما كان األمير ليبوح بها لنفسه فهي أنه أس}ف على مغادرة الكوكب المبارك حيث تغرب الشمس

8 وأربعماية مرة في خًالل أربع وعشرين ساعة. ألفا

15

وكان الكوكب السادس أكبر كوكب نزل فيه األمير فهو أرحب منها بعشرة أضعاف ويقطنه رجل شيخ منكبO على

فلما لمح األمير الصغير صاح: هذا كتابة مؤلفات ضخمة.رائد من الرواد.

وجلس األمير الصغير على زاوية من "الطاولة" وتنف�س8 لما ناله من التعب في أثناء رحلته الطويلة. قليًال

وقال له الرجل الشيخ: من أين أقبلت؟قال األمير: ما هذا الكتاب الضخّم. وما تصنع أنت هنا؟

قال: أنا جغرافي.قال: وما الجغرافي؟

قال: الجغرافي عالّم يعرف مواقع البحار واألنهر والمدنوالجبال والصحارى.

قال: هذا علّم يسترعي االنتباه ويثير الفضول. وهو مهنةحقيقية ال كالمهن التي عرفتها في الكواكب األخرى.

Page 27: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

وأجال لحظه فيما حوله من كوكب الجغرافي فاستعظمهO8 على مثل هذه الفخامة ثّم ألنه ما كان رأى من قبل كوكباقال: إن كوكبك لجميل، فهل يشتمل على بحار محيطة؟

قال الجغرافي: هذا ما ال يسعني معرفته.فخاب أمل األمير به وقال: وهل فيه جبال؟

قال: هذا ما ال يسعني معرفته.قال: وهل فيه مدن وأنهار وصحارى؟8 مما ال يسعني معرفته. قال: وهذا أيضا

قال: كيف ال تعرف هذا وأنت عالّم جغرافي؟ قال: هذا القول الصواب غير أني لست من الرواد وليس عندي أحد� منهّم. فالجغرافي ال يجوب األقطار ليعد� المدن

واألنهر الجبال والبحار الداخلية منها والمحيطية، والصحارى، إنه ال يتلهOى بإضاعة وقته في االنتقال من مكان إلى مكان بل يلزم مكتبه ، يستقبل الرواد فيه

ويسألهّم ويسجل ذكرياتهّم واختباراتهّم وإذا بدا له أنها تستحق االهتمام كل�ف بعضهّم القيام بتحقيق عن أخًالقه

وسلوكه.قال: ولّم هذا؟

8 أدOى كذبه إلى كوارث عدة قال : ألن الرائد إذا كان كذاباO 8 مدمنا في كتب الجغرافية وكذلك إذا كان سكيرا

الشرب...قال األمير الصغير: وكيف يكون ذلك؟

قال: ألن السكير يرى األشياء مزدوجة فحيث يكون جبلOير جبلين. واحد يرى السك

8 من جبل واحد. فيذكر الجغرافي جبلين بدال.8 8 ال يصلح أن يكون رائدا قال األمير الصغير: أنا أعرف رجًالOن قال: من الممكن أن تعرف مثل هذا الرجل. أمOا إذا تبي

6حقOق في اكتشافه. قال:  حسن أخًالق الرائد وسلوكه فييذهب المحقOق إذن إلى محل االكتشاف؟

قال: ال فهذا أمر صعب معقOد إنما يطلب من الرائد أن8 8 عظيما 8 جبًال يقيّم الدليل على اكتشافه فإذا اكتشف مثًال

ط6لب منه أن يأتي من الجبل بحجارة ضخمة.

Page 28: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

واضطرب الجغرافي فجأة وقال: وأنت، فإنك آت� من بلدبعيد، أنت من الرواد فصف لي كوكبك.

وفتح الجغرافي سجله وبرى قلمه الرصاصي وتهيأ للكتابةO بعد أن يقدOم فإن كتابة أخبار الرواد بالحبر ال تكون إال

الرواد األدلة القاطعة.ثّمO قال: هات ما عندك.

8 قال األمير الصغير: ليس عندي ما يثير االهتمام كثيرا فكوكبي كوكب صغير فيه ثًالثة براكين بركانان منها

.8 ا الثالث فخامد. ومن يدري فقد يهيج يوما Oمشتعًالن أمقال الجغرافي: من يدري؟8 زهرة. قال: وعندي أيضاقال: نحن ال نذكر األزهار.

قال: ولماذا؟ إنها أجمل زهرة في األزهار.قال: ألن األزهار سريعة الزوال.قال: ما تعني بسريعة الزوال؟

8 قال الجغرافي: كتب الجغرافية هي أعظّم الكتب شأنا8 فإنها ال تتبدل بتبدل األزياء والعادات، وقل� أن ترى جبًال

8 ينضب ماؤه. فنحن، الجغرافيين، يتحوOل عن مكانه، وبحرانسجل األشياء الخالدة.

قال األمير الصغير: لكن البراكين الخامدة قد تستيقظ8 فما معنى سريعة الزوال؟ يوما

قال: ال فرق عندنا نحن، الجغرافيين، بين أن تكون البراكين راقدة أو مستيقظة فما نعتدO به إنما هو الجبل

والجبل ال يتغير. وألح� األمير الصغير في سؤاله فإنه ما أهمل قط في حياته

8 طرحه، قال: لكن ما تعني بسريعة الزوال؟ سؤاالقال: أعني أنها مهددة باضمحًالل قريب.

قال: فزهرتي إذن مهددة باضمحًالل قريب.قال: هذا مما ال ريب فيه.

O وقال األمير في نفسه: زهرتي قريبة الزوال. ليس لها إال أربع أشواك للمدافعة عن نفسها وقد تركتها وحيدة في

موطني.

Page 29: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

ط وسأل Oوشعر ألول مرة بغّم شديد لفراقها، بيد أنه تنش 8: ماذا تنصح لي بأن أزور من الكواكب؟ الشيخ قائًال

قال: زر األرض فإنها تتمتع بسمعة طيبة.. بزهرته يفكر وهو الصغير األمير وانصرف

كانت األرض سابع الكواكب التي حط� فيها األمير الصغير8 قليل الشأن ال يؤبه له، ففي رحاله. ليست األرض كوكبا

8 )ومنهّم بالطبع الملوك األرض مئة وأحد عشر ملكا الزنوج( وفيها سبعة آالف جغرافي وتسعماية ألف من رجال األعمال أي من نوع "البزنسمان" وسبعة مًاليين

ونصف مليون من السكيرين ، وثًالثماية مليون وأحد عشر8 من المعجبين بنفوسهّم أي ما يقارب المليارين من مليونا

كبار الناس )وأنت تدري ما أعني بكبار الناس(. فلو أردت أن أكوOن لك فكرة عن مساحة األرض لقلت

لك: إنه كان على القارات الست، قبل اكتشاف الكهرباء،Oمين على المصابيح يبلغ عددهّم جيش� جرار من القي

8 وخمسماية وأحد عشر أربعماية ألف واثنين وسبعين ألفا.8 Oما قي

8 فمن نظر إلى هذا الجيش من مرتفع عال� رأى مشهدا8، فأن حركات هذا الجيش كانت على انتظام دقيق رائعا كحركات الراقصين والراقصات على مسرح )األوبرا(،

Oمو المصابيح في فكان أول الداخلين إلى حلقة الرقص قي زيلندة الجديدة وأسترالية، فإذا أضاؤوا مصابيحهّم ذهبواOمون في الصين وسيبيرية ثّمO إلى مضاجعهّم وعقبهّم القيOمون في روسية اختفوا وراء ستائر المسرح، وخلفهّم القيOة Oا ثّمO أمريكا الجنوبي Oمون في أفريقية وأوروب والهند ثّمO القي

8 Oمون جميعا Oة. وما كان هؤالء القي ويليها أمريكا الشمالي6خطئون مقدار شعرة في أوقات دخولهّم المسرح ي

وخروجهّم منه. وال يخفى ما في هذا من الروعة والجًالل.Oّم مصباح القطب الشمالي وزميله في د قي Oوقد تفر

القطب الجنوبي بعيش البطالة والكسل، فإنهما ما كاناO مرتين في السنة. ينصرفان إلى عملهما إال

Page 30: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

17

من سعى وراء النكتة اضطر إلى الكذب ولو قليًال، فإنني8 كلO الصدق حين تكلمت عن م6شع}لي لّم أكن صادقا

المصابيح في األرض، وقد أكون أدخلت في روع ما يجهل كوكبنا فكرة كاذبة عنه، فإن البشر ال يشغلون من األرض8، فلو اجتمع المليارات من الناس وانتصبوا 8 ضئيًال O مكانا إال واقفين متًالزين كما يفعلون في حفلة رياضية أو خطابية

لتيسر لهّم اإلقامة في ساحة عمومية طولها عشرون ألف ميل وعرضها عشرون ألف ميل، فأصغر جزيرة من جزر

المحيط الهادئ تتسع إليواء الجنس البشري بجملته. لو رددت ما ذكرنا على الكبار من الناس لما صدقوك،،8 8 عظيما فهّم يتصورون أنهّم يشغلون من األرض مكانا

ويعتقدون أنهّم يشبهون البوبابات خطورة، فأنصح لهّم أن يلجأوا إلى الحساب للتثبت مما قدمت. إنهّم يتعشقون

األرقام ويجدون فيها لذة عظيمة. أما أنت فًال تضع وقتك في مثل هذا العمل الشاق فما فيه من فائدة لك بل كن

على ثقة من كًالمي. وبعد أن حل� األمير الصغير في األرض نظر حوله فلّم يرى8، فحار في أمره وخشي أن يكون قد هبط في كوكب أحدا غير األرض. وهو في حيرته إذا بحلقة بلون القمر تتحرك

8: عمي مساء8 ! 8 قائًال في الرمل فخاطبها جزافاقالت الحية : ع}ّم مساء8!

قال األمير: على أي� الكواكب هبطت؟قالت: على األرض في أفريقية.

قال: آه. أتكون األرض خالية من الناس؟ قالت: هذي الصحراء، والصحارى ال يقطنها أحد، أمOا

األرض فكبيرة.

وجلس األمير الصغير على صخرة هناك ورفع نظره إلىالسماء وقال:

Page 31: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

Oن كل إمرىء من االهتداء إلى ترى تضاء النجوم ليتمكنجمته. أنظري إلى كوكبي فإنه فوقنا توOا...لكن ما أبعده!Oة: إنه لكوكب جميل. لكن قل لي ما جاء بك قالت الحي

إلى هنا؟قال: أنا على اختًالف مع زهرة.

8 ثّم قال األمير الصغير: Oة ولزما الصمت زمنا فتعجOبت الحي والناس أين هّم؟ إن الصحراء لموحشة يشعر المرء فيها

بعزلة وانفراد.قالت الحية : يشعر المرء بعزلة وانفراد حتى بين الناس.

8 ثّمO قال: فنظر األمير الصغير إلى الحية طويًالإنك لحيوان غريب عجيب. تشبهين في نحافتك إصبع اليد.

8 من إصبع الملوك. قالت: غير أني أشد� بطشافابتسّم األمير وقال:

ال أراك على ما تدعين من القوة والبطش فًال قوائّم لكوال تستطيعين الرحلة من مكان إلى آخر.

قالت: في طاقتي أن أحملك إلى مكان ال تستطيع البواخربلوغه.

والتفت على كعب األمير الصغير فكانت كخلخال منذهب. ثّم قالت:

8 رددته إلى التراب الذي خرج منه. غير أنك إذا لمست أحدا طاهر القلب وقد هبط�ت علينا من إحدى النجوم. فلّم يحر

.8 األمير جوابا فأردفت الحية قائلة: إني لتأخذني فيك رأفة، أنت ضعيف

8 إلى      على هذه األرض القاسية الصلبة فإذا حننت يوماكوكبك أعنتك على العودة إليه.

8 ما تعنين. لكن قولي لي : قال األمير: إني أدرك جيدا8 باأللغاز؟ لماذا تتكلمين دائما

.8 قالت الحية : أنا أحل� األلغاز جميعاقالت هذا وسكتت الحية وسكت األمير.

18

Page 32: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

اجتاز األمير الصغير الصحراء ولّم يعثر فيها إال على زهرة واحدة لها أوراق ثًالث. وكانت زهرة حقيرة ال آبه لها.

.8 فقال لها األمير : ع}مي صباحا

.8 قالت الزهرة: ع}ّم صباحا8: أين الناس؟ فسألها األمير بلطف قائًال

8 قافلة تقطع الصحراء فقالت: وكانت الزهرة قد رأت يوما الناس؟ أظنO أن على األرض من هذه المخلوقات ستة أو سبعة وقد لمحتهّم منذ سنوات خلت. غير أني ال أدري أين تجدهّم. فالريح تذهب بهّم كل مذهب لخلوهّم من الجذور

في األرض فهّم ال يستطيعون الثبات في مكان.8 أيتها الزهرة. قال األمير: وداعا

.8 قالت الزهرة : وداعا

19

وصعد األمير الصغير إلى قمة جبل عال وما كان يعهد من8 الجبال سوى البراكين الثًالثة وما كانت تتجاوز ركبتيه علوا8 له. ولما صار في رأس Oخذ البركان الخامد مقعدا فكان يت

الجبل قال في نفسه:منه وأرى كلها األرض على أشرف العالي الجبل هذا من

. 8 جميعا الناس

:8 غير أنه لّم ير إال مسًالت محددة من الصخور فقال جزافا.8 ع}مي صباحا

.8 8. ع}مي صباحا 8. ع}مي صباحا فأجابه الصدى: ع}مي صباحا؟ فقال األمير: من أنت}

؟ ؟ من أنت} ؟ من أنت} فأجاب الصدى: من أنت}قال األمير: كوني لي أصدقاء ، فأنا هنا وحيد.

فأجاب الصدى: أنا هنا وحيد. أنا هنا وحيد. أنا هنا وحيد.

Page 33: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

! قاحل، : إنه الكوكب هذا أعجب ما نفسه في األمير فقال . قدرة فًال سكانه أما الصخرية بالمسًالت حافل م5لح، جاف،

. أين يسمعون ما يرددون فهّم والتخيل، االبتداع على لهّم ! تنفك ال لكنها واحدة، زهرة هناك موطني من األرض هذي

. البادئة 8 دوما تكون بل الكًالم عن

20

وبين الرمل في 8 طويًال 8 زمنا الصغير األمير مشى أن وبعدفيها فأخذ طريق على عثر أن له اتفق والثلوج الصخور

. أول وكان اآلهلة األماكن إلى الطرق تؤدي كما به، فأفادت. : 8 صباحا عمي 8 قائًال فصبح ورد حديقة لقيه ما

.8 فأجابت الورود: ع}ّم صباحا ونظر إليها األمير فإذا هي جميعها تشبه وردته فقال

8: من أنت؟ مدهوشاقالت الورود: نحن الورود.

فتأوه األمير الصغير وأحس� طعّم األسى والحزن في قلبه. ألّم تقل له وردته أنها الوحيدة في الكون، من نوعها! وهو يرى اآلن في حديقة واحدة خمسة آالف من الورود كلها

شبيهة بها. وقال في نفسه: لو رأت وردتي هذه الورود لشقO عليها8 من هزئي بها 8، ولتماوتت تخلصا 8 كثيرا ا Oت أحOذلك، وألح

8 إلى التصنع وإبداء االهتمام واالعتناء وإال فاضطر أنا أيضا ماتت لمجرد الكيد والرغبة في إذاللي كما أذللتها بإنبائها

أنها ليست الوحيدة من نوعها.8 بامتًالكي زهرة 8 في نفسه: كنت أحسبني غنيا ثّم قال أيضا

فريدة فإذا هي من أزهار مألوفة عادية. فهذه الزهرة8 )وقد يكون أحدها والبراكين الثًالثة التي ال تبلغ ركبتيO علوOا8. ثّمO تمدد في 8 خطيرا 8 إلى األبد( ال يجعل مني أميرا خامدا

العشب وبكى.

Page 34: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

21

.8 8: ع}ّم صباحا وعندئذ� برز ثعلب وحياه قائًال

.8 8. تلفOت ولّم ير أحدا فقال األمير الصغير بلطف: ع}ّم صباحافقال الثعلب: أنا هنا تحت التفاحة.

قال األمير الصغير : من تكون؟ إنك لجميل.قال : أنا ثعلب.

.8 8 فإني كئيب جدا قال: هلّم� نلعب معا قال: ليس في طاقتي مًالعبتك فما أنا من الحيوانات

الداجنة.قال األمير الصغير: فاعذرني إذن.

8: وما معنى الداجنة؟ 8 بعد أن فكر قليًال ثّمO أردف قائًالقال الثعلب: أنت لست من هنا فعمن تفتش؟

قال: أفتش عن الناس. لكن قل لي ما معنى الداجنة؟ قال الثعلب: الناس عندهّم البندقيات يتصيدون بها. وهذا من األمور المزعجة. ثّمO إنهّم يربون الدجاج لمآربهّم واليهتمون إال لهذه المآرب فهل أنت تفتش عن الدجاج؟

قال األمير الصغير: كًال، بل أفتش عن أصدقاء. لكن قللي ما معنى التدجين؟

قال الثعلب: هذا أمر قد تناساه الناس أما معناه فإنشاءالعًالئق.

قال: إنشاء العًالئق؟ قال الثعلب: هي الحقيقة بعينها. ولو أردت أن أضرب لك8 لقلت: أنت حتى اآلن في نظري ولد شبيه بمئة ألف مثًال من األوالد، لست5 بحاجة إلي وال أنا بحاجة إليك، وأنا في

نظرك ثعلب شبيه بمئة ألف من الثعالب. أما إذانتني" أصبح كل منا بحاجة إلى صاحبه وأصبحت في Oدج"

Page 35: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8 في 8 في العالّم وأصبحت في نظرك فريدا نظري فريداالعالّم.

قال األمير الصغير: قد بدأت أدرك ما تعني... أعرف زهرةوأغلب ظني أنها "دجOنتني".

6ستبعد ذلك فعلى األرض غرائب شتى. قال الثعلب: ال يقال األمير الصغير: ليست زهرتي على هذه األرض. فارتبك الثعلب وقال: إذن هي على كوكب غير هذا

الكوكب؟قال: أجل.

قال: أيتصيدون على ذلك الكوكب؟قال: ال.

قال: هذا مما يغري. لكن هل هناك دجاج؟قال: ال.

قال: ليس من شيء كامل في الكون.8 في فكرته فقال: تجري حياتي وتنهد ثّمO تابع كًالمه متوسعا

على وتيرة واحدة. أقتنص الدجاج، والناس يقتنصونني.8 وكذلك الناس فًال بدا لي من والدجاج يشبه بعضها بعضا

أن أمل� وأضجر، فلو"دجنتني" النقشعت عني غيوم الكآبة، وأنارت الشمس حياتي، وميزت بين وقع الخطى فعرفت

خطوك من خطى سائر الناس، فإذا أحسست خطى غريبة اختفيت تحت األرض، وإذا أحسست خطوك وقع في أذني وقوع األنغام فهببت إليك من حجري. ثّمO أنظر

إلى تلك الحقول: إنها حقول مألى بالقمح وأنا ال آكل8، وهذا الخبز فما نفع لي بها وال أذكر، بالنظر إليها شيئا

مما يثير الحزن والكآبة. فلو دجنتني النقلبت هذه الحقول إلى شيء عجيب،

فالسنابل التي ترتدي لون الذهب تذكرني بك وبشعرك الذهبي، وإذا هب� نسيّم على الحقول أحببت خشخشته

بين السنابل.8 إلى األمير الصغير ثّمO قال: وسكت الثعلب ونظر طويًال

بحياتي عليك دجني.

Page 36: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قال األمير: وددت لو أمكن ذلك غير أن الوقت ال يتسع وال بد لي من اكتشاف بعض األصدقاء واإلطًالع على أمور

كثيرة. قال الثعلب: ال يعرف المرء إال ما دجن فالناس ليس عندهّم من الوقت ما يمكنهّم من معرفة شيء من األشياء. هّم يشترون حاجاتهّم جاهزة. وما من باعة

يبيعون األصدقاء فًال أصدقاء للناس. فإذا شئت أن يكونلك صديق فدجني.

قال األمير: ماذا ينبغي لي أن أصنع؟ : 8 بعيدا بالجلوس فتبدأ 8 صبورا تكون أن عليك الثعلب قال

. أنا وأنظر اآلن أنت كما الكأل بين فتكون 8 قليًال ولو عنييؤدي ما 8 فكثيرا الصمت أنت وتلزم عيني طرف من إليك

. وتجلس التالي اليوم في تأتي Oثّم التفاهّم سوء إلى الكًالم . وهكذا األول المكان من Oإلي أدنى يكون مكان في

دواليك...

وعاد األمير في الغد فقال له الثعلب: من األفضل أن يكون مجيئك في الساعة نفسها فإذا كان وقت مجيئك

8 منذ الثالثة، وكلما تقدمت الساعة في الرابعة كنت سعيدا زادت سعادتي، وعند دنو الساعة الرابعة أضطرب وأقلق

Oثّم أدرك بمجيئك قيمة السعادة. أما أن تجيء في أي وقت كان فما يربكني فًال أدري متى أهيئ لك قلبي...ال بد

لنا من "طقوس" نتبعها.قال األمير الصغير: وما "الطقوس"؟

قال الثعلب: وهذا أمر آخر قد تناساه الناس. الطقوس هي ما يجعل األيام والساعات يختلف بعضها عن البعض

اآلخر.8 متبعة. وإذا شئت مثلت لك بالصيادين فإن لهّم طقوسا منها أنهّم يراقصون ، أيام الخميس، الصبايا في القرى.

فأيام الخميس أيام نعيّم الثعالب يسرحون فيها ويمرحون ويتجاوزون الحقول إلى الكروم، فلو كان الصيادون

Page 37: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

يراقصون الصبايا في أي يوم كان من أيام األسبوع،لتشابهت األيام وح6رمت أيام نزهتي.

ودجن األمير الصغير الثعلب وعندما حان وقت الرحيلتأوه الثعلب.

وقال: إذا ذهبت بكيت.Oك قال األمير: الذنب ذنبك. ما كنت أرغب في أذيتك غير أن

أحببت أن أدجنك.قال الثعلب: هذا مما ال ريب فيه.قال األمير: لكنك سوف تبكي.

8 مما ال ريب فيه. قال الثعلب: وهذا أيضاقال األمير: فأي� شيء أفدت إذن؟

قال الثعلب: أفدت أن شعرك بلون السنابل. ثّم أضاف8: عد إلى الورود وأنظر إليها فتعلّم أن وردتك وحيدة قائًال

بين الورود.ثّمO عد إليO وودعني فأطلعك على سرO من األسرار.

وعاد األمير الصغير إلى الورود فنظر إليها وقال: هيهات أن تشبهن وردتي! أنتن ال تزلن في حكّم الًالشيء. فما8. أنتن كما كان من أحد "دجنكن" ولّم تدجOن� أنتن أحدا

الثعلب. ثعلب شبيه بمئة ألف ثعلب على أني جعلت منه8 لي فبات منقطع المثيل في العالّم. صديقافارتبكت الورود عند سماعها هذا الكًالم.

8: أنتن جميًالت، غير أنكن فارغات، فما وتابع األمير قائًال من أحد يستهدف للهًالك من أجلكن. قد يمر بعض الناس بزهرتي فيعتقد أنها شبيهة بكن على أنها فريدة وأعظّم

. وهي الزهرة 8، فهي الزهرة التي س5قيت6 8 منكن جميعا شأنا التي ص6نت6 بغطاء من البلور. وهي الزهرة التي أبدت6 من

8 أجلها الحشرات المجتمعة حولها إال حشرتين أو ثًالثا ليخرج منها فراشات تؤنسها. وهي الزهرة التي سمعت6

8 إلى سكوتها. شكايتها وأصخت6 إلى تبجحها ونظرت مراراهي زهرتي.

ثّم عاد إلى الثعلب فودعه وودعه الثعلب وقال: أما السرO الذي وعدتك بالكشف عنه فهو على غاية من

البساطة: ال يرى المرء رؤية صحيحة إال بقلبه فإن العيون

Page 38: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

ال تدرك جوهر األشياء، فردد األمير كًالم الثعلب خشية أنينساه.

وقال الثعلب: إن ما صرفت من الوقت في سبيل زهرتك،.8 8 خطيرا جعل من تلك الزهرة شيئا

وردد األمير كًالم الثعلب خشية أن ينساه. وقال الثعلب: نسي الناس هذه الحقيقة فًال تنسها أنت

8 عن كل شيء دجنته وإنك لمسؤول عن فإنك مسؤول أبداوردتك.

فقال األمير الصغير: أنا مسؤول عن وردتي، ورددهاخشية أن ينساها.

8 من عمال السكة الحديدية ع6هد ورأى األمير الصغير عامًال8: ع}ّم إليه بفتح الطرق للقطارات وتوجيهها فحياه قائًال

.8 صباحا.8 فأجاب العامل: ع}ّم صباحا

قال: ماذا تصنع هنا؟ قال: أجمع المسافرين جماعات جماعات، كل جماعة من

ألف نفس ثّم أرسلهّم في القطارات فتذهب بهّم تارة.8 8 وتارة يسارا يمينا

ومرO قطار سريع يشع باألنوار وله دويO وال دويO الصواعق،.8 فارتجOت غرفة العامل ارتجاجا

فقال األمير: إنهّم متعجلون فماذا يطلبون؟قال العامل: سائق القاطرة نفسه ال يدري ما يطلبون. ومرO قطار آخر يشعO باألنوار وله دويO. وذهب في اتجاه

عكس اتجاه القطار األول.فقال األمير الصغير: أتراهّم عادوا من رحلتهّم؟

قال العامل: ال إنما هؤالء الناس أناس غيرهّم. والقضيةقضية تبادل فيما بينهّم.

قال األمير: ألّم يكونوا راضين حيث كانوا؟قال العامل: وهل يرضى المرء عن بلد يكون فيه؟Oكدوي Oباألنوار وله دوي Oقطار ثالث سريع يشع Oومر

الصواعق.

Page 39: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

فقال األمير الصغير: أتراهّم يطاردون المسافرينالسابقين؟

8 فهّم في داخل القطار يغطOون في قال: ال يطاردون شيئا نومهّم أو يتثاءبون. ولئن كان من أحد يلصق أنفه بزجاج

النوافذ ليرى ما في الخارج فأولئك هّم األوالد. قال األمير: األوالد وحدهّم يدرون ما يصنعون. يصرفون الوقت في صنع دمية من الخزف ثّم تعظّم الدمية في

6زعت منهّم بكوا أمرO البكاء. عينهّم فإذا ن8 لهّم. قال العامل: هنيئا

23

.8 8: ع}ّم صباحا 8 فحياه قائًال ورأى األمير الصغير بائعا.8 قال البائع: ع}ّم صباحا

8 تنقع غلة العطاش، فإذا ابتلع وكان الرجل يبيع حبوبا.8 8 كامًال العطشان منها حبة أغنته عن الشرب أسبوعا

وقال له األمير: لماذا تبيع هذه الحبوب؟ قال البائع: في بيعها وفر من الوقت كثير، فقد حسب الخبراء ما يقتصد كل امرىء من الوقت فوجدوا أنه

8 وخمسين دقيقة في األسبوع. يقتصد ثًالثاقال األمير الصغير: وبماذا تصرف هذه الدقائق؟

قال البائع: يصرفها كل إنسان كما يشاء. فقال األمير الصغير في نفسه: "أما أنا فلو كان لي خمس وثًالثون دقيقة ال أدري ما أصنع بها لصرفتها في التمشي

8 إلى عين ماء". وئيدا

24

كان قد مضى على حادث طيارتي في الصحراء ثمانية أيام وقد شربت آخر نقطة من الماء حين كنت أسمع

Page 40: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قصة بائع الحبوب. فقلت لألمير الصغير: جميلة ذكرياتك هذه! غير أني لّم أصلح بعد طائرتي وقد نفذ الماء، فليت

8 إلى عين ماء. 8 أن أتمشى وئيدا لي أنا أيضافقال األمير الصغير: صديقي الثعلب...

8: ما لنا ولصديقك الثعلب... فقاطعته قائًالقال: لماذا؟

.8 قلت: ألننا سنهلك عطشا فلّم يدرك مغزى كًالمي فأجاب: من الخير أن يكون للمرء

8 على الهًالك. أما أنا فإني صديق حتى وإن كان مشرفاسعيد بأن يكون لي صديق من الثعالب.

فقلت في نفسي: إنه ال يقدر ما نحن فيه من الخطر حق� قدره وكيف له أن يدرك وهو ال يجوع وال يعطش. فقليل

من الشمس يكفيه.8 عطشان وكأنه وعى ما دار في خاطري فقال: أنا أيضا

.8 فلنلتمس لنا بئرا فأتيت حركة دلت على تعبي وقنوطي فكأني أقول بها:8 عن بئر في هذه الصحراء من الطيش أن نفتش جزافا

المتمادية األطراف. على أننا أخذنا في المشي.Oّم الليل 8 ونحن صامتان، خي وبعد أن قضينا ساعات طواال وبدأت النجوم تتألأل في القبة الزرقاء فكنت أنظر إليها� لما نابني من حمOى العطش. وكانت كمن ينظر في حلّم

كلمات األمير الصغير تتراقص أمام ذاكرتي.8؟ فقلت له: وأنت تعطش أيضا

فلّم يجب على سؤالي بل اكتفى بأن قال: ربما نقع الماءغلة القلوب.

...لعلمي أن من العبث فلّم أدرك معنى لجوابه وسكت6 طرح األسئلة عليه. وكان قد تعب فجلس وجلست

بالقرب منه وساد الصمت بيننا.ثّم قال: النجوم جميلة ألن فيها زهرة ال ترى.

8: صدقت. ولّم أزد ونظرت إلى غضون الرمال فأجبت قائًالتحت أشعة القمر.

.8 فأضاف: والصحراء جميلة أيضا

Page 41: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

وكانت الصحراء جميلة. إني أحببت الصحراء منذ أن ولدت. في الصحراء يجلس المرء على كثيب من الرملO8 على أنه يشعر بشيء يشع 8 وال يسمع شيئا وال يرى شيئا

في صمتها.8 Oها تخفي بئرا وقال األمير: إنما يجعل الصحراء جميلة هو أن في ناحية من أنحائها. فدهشت عند سماعي كًالمه ألني8 كنت أسكنه أدركت فجأة سرO إشعاع الرمال. وذكرت بيتا8 جاء في إحدى األساطير أن 8 قديما في حداثتي وكان بيتا

8. لّم يكتشف أحد هذا الكنز وربما لّم 8 مدفونا فيه كنزا يخطر على بال أحد أن يكتشفه على أن الكنز كان يجلل

البيت بشيء من السحر والفتون وذلك ألن بيتي كان8 في قلبه. ا Oيخفي سر

قلت لألمير الصغير: إنما ما يهب األشياء جمالها هو شيء خفي ال تراه العيون سواء أكانت تلك األشياء صحارى أم

.8 8 أم نجوما بيوتا فقال األمير: يسرني أن تكون في اتفاق في الرأي مع

الثعلب. وغلب النعاس على األمير الصغير فحملته بين ذراعي8 فكنت 8 بليغا وعاودت سيري وقد أخذ التأثر مني مأخذا8 سريع العطب ليس على األرض أتصوOر أني أحمل كنزا

شيء أسرع منه إلى العطب. وكنت أنظر في نور القمر إلى ذلك الجبين الشاحب والعينين المغمضتين وخصل

الشعر األشقر يداعبها النسيّم وأقول في نفسي: ال أرىمنه إال قشرته أما الشيء الجلل فيه فخفيO عني.8 في وافترت شفتاه عن ابتسامة خفيفة فقلت أيضا

نفسي: إنما يؤثر في� هذا األثر من هذا األمير الصغير النائّم هو إخًالصه لزهرته، إنما هو صورة هذه الوردة التي

في صدره إشعاع المصباح حتى أثناء رقاده. وعندما تشع خطرت هذه الصورة في بالي زاد شعوري بسرعة

انعطابه فإن المصباح ليطفئه أدنى ريح تهب عليه، فعلىصاحبه أن يصونه دون كل ريح.

ثّمO تابعت المسير وعثرت على البئر عند طلوع الفجر.

Page 42: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

25

قال األمير الصغير: يحتشد الناس في القطارات السريعة وقد غرب عن بالهّم ما يطلبون فهّم في حركة دائمة

يدورون في حلقة حول نفوسهّم.ثّمO أردف: وما تجدي هذه الحركة؟

8 لّم تكن كآبار الصحراء حفائر في الرمل، أما بلغنا بئرا البئر التي وجدناها فهي أشبه بآبار القرى على أنه لّم يكن

من قرية هناك. وكنت أحسب نفسي في حلّم فقلت لألمير الصغير: عجيب أمر هذه البئر. كل شيء جاهز فيها

ففيها البكرة والدلو والحبل. فضحك األمير الصغير وقبض على الحبل وأدار البكرةOت كما تئن دوارة الهواء إذا هبت عليها الريح بعد فأن

سكون طويل.

وقال األمير الصغير: أال تسمع، فإننا أيقظنا هذه البئرفأخذت في الغناء.

وخشيت أن يتعب فقلت له: دعني أستقي فإن هذا العمللمضنك.

8 حتى بلغ حافة البئر فأثبته وطفقت أسحب الدلو وئيدا عليها، وغناء البكرة ال يزال يتردد في سمعي، وكان الماءفي الدلو يضطرب فرأيت فيه أشعة الشمس تضطرب. وقال األمير الصغير: إني عطشان لهذا الماء فاسقني

منه. وأدركت ما يقصد. فرفعت الدلو وأدنيته من شفتيه

8 8 ومهرجانا 8 حلوا فشرب وعيناه مغمضتان، فكان مشهدا8 كسائر األشربة بل إنه 88، فإن هذا الماء لّم يكن شرابا روحيارانا تحت النجوم، ومن غناء البكرة، ومن تعب 5بع من س6 ن ذراعي، فهو لذيذ على القلب، يتلقاه القلب كما يتلقى

8 وكانت تقدم إلي� 8 صغيرا Oة. وذكرت أني لما كنت طفًال الهدي الهدايا في عيد الميًالد، كان نور شجرة الميًالد، وموسيقى

Page 43: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

قداس نصف الليل، ولطافة ابتسامات األهل واألقارب،.8 8 ثمينا تشعO في تلك الهدايا وتجعل منها شيئا

Oون خمسة وقال األمير الصغير: إن الناس في وطنك يربآالف وردة في حديقة واحدة وال يجدون فيها ما يطلبون.

قلت: ال يجدون ما يطلبون. قال: على أن ما يطلبون قد يكون في وردة واحدة أو في

قليل من الماء.قلت: هذا مما ال ريب فيه.:8 وأردف األمير الصغير قائًال

8 فليطلبه بقلبه، إنO العيون عمي، فإذا طلب المرء شيئا وكنت قد شربت فانشرح صدري وسهل تنفسي وكان لون الرمال عند ارتفاع النهار يشبه لون العسل فكنت

8 ال أدري لماذا. 8 بهذا اللون على أني كنت كئيبا 8 أيضا مغتبطا وقال األمير الصغير برفق بعد أن جلس بالقرب مني: أال

أنجزت وعدك؟قلت: أي وعد؟

قال: أن ترسّم لي كمامة لخروفي فإني مسؤول عن تلكالزهرة.

فأخرجت من جيبي تصاويري فنظر إليها األمير وضحكوقال: بوباباتك تشبه الملفوف بعض الشبه.

8 بتلك البوبابات فامتعضت لكًالمه ثّم أردف5 وكنت فخورا8 القرون ثّم إنهما فقال: أما الثعلب فأذناه تشبهان قليًال

: إنك لجائر في مفرطتان في الطول وأخذ يضحك. فقلت6 حكمك فإنما الذنب ذنبي إني ال أحسن سوى تصوير ظاهر

الثعابين وباطنها.فقال: ال بأس في ذلك فالصغار يدركون ما تعني.

وخربشت له كمامة ودفعتها إليه وقلبي منكمش وقلت:إنك عازم على أمر ال أدري ما هو.

8 ذكرى نزولي فلّم يجب على سؤالي بل قال: أتعلّم أنO غداإلى األرض وقد مرO عليه سنة كاملة.

8 من هنا. 8 ثّم قال: قد هبطت قريبا سكت قليًال واحمرO وجهه فعاودتني كآبة غريبة لّم أدر ما سببها على

أني تجلOدت فقلت:

Page 44: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

لّم تكن إذن مصادفة8 في هذه األنحاء عندما رأيتك لثمانية8 على بعد ألوف األميال عن كل أيام خلت تتمشى وحيدا

8 إلى المكان الذي هبطت فيه. بلد معمور. فإنك كنت عائدا.8 فزاد وجه األمير الصغير احمرارا

8: أال تكون الذكرى حملتك على العودة إلى فأضفت6 قائًالهنا؟

وما كان من عادته اإلجابة على ما يطرح عليه من األسئلةغير أنه احمرO وجهه، واحمرار الوجه جواب باإليجاب.

فقلت: إني متخوOف.

قال: عليك اآلن أن تنصرف إلى إصًالح طائرتك فامض}إليها وأنا بانتظارك هنا، فعد إلي� مساء الغد.

حديثه وذكرت الثعلب، وذكرت لكًالمه، نفسي تطمئن ولّم : من الغير Oن مك إذا والبكاء للحزن المرء يتعرOض يقول حيث

تدجينه.

26

وكان بالقرب من البئر بقية من جدار من الصخر منهدم فلما عدت من عملي في مساء اليوم التالي لمحت عن

8 على أعلى الجدار ورجًاله 6عد األمير الصغير جالسا بمتدليتان وسمعته يقول:

8 من هنا. أال تذكرين، لّم يكن لقاؤنا هنا بل قريبا8 فإنه قال: بلى. بلى. هو وال بد� من أن يكون قد تلقOى جوابا

يوم ملتقانا غير أن هذا المكان ليس هو المكان الذيالتقينا فيه.

8 8 وال أسمع صوتا وتابعت6 سيري إلى الجدار وأنا ال أرى أحدا بيد أن األمير الصغير كان يجيب على أسئلة توجOه إليه.

وسمعته يقول: ... ال ريب في ذلك فإنك سترين أين يبدأ أثر خطوي في الرمل، فانتظريني إذا صرت هنالك أما أنا فأكون عندك

هذه الليلة.

Page 45: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8 من الجدار وما من أحد أراه وكنت على عشرين مترا8 ثّم قال: هناك وسكت األمير الصغير قليًال

8. هل 8 فًال أقاسي األلّم طويًال أرجو أن يكون سمك زعافاأنت على ثقة من سمOك؟

فوقفت عندئذ� وقد انقبض قلبي ولّم ينجل} لي معنى كًالمهحتى تابع فقال: اذهبي اآلن... فأنا نازل عن الجدار.

8 فإني رأيت عنده فالتفت6 إلى أسفل الجدار ووثبت6 ذعرا حية صفراء من األراقّم التي تقضي على الملسوع في

لحظة وهي منتصبة في وجه األمير الصغير فأسرعت إليها وقد انتشلت المسدس من جيبي لكنها أحسOت بي

8 إلى الرمل كما يهبط الماء الصاعد من فهبطت¡ وئيداد� مجراه وانسابت على مهل بين الحجارة النافورة إذا س6

ولها خشخشة كخشخشة الحلي المعدنية. وما إن انتهيت إلى الجدار حتى تلقيت األمير الصغير بين

8 فقلت له: 8 شاحبا ذراعي وكان لونه ممتقعاOات! ما هذه القصة! إنك تحاور اآلن الحي

ونزعت عنه منديله الذهبي اللون الذي ما كان يفارق عنقه ورطبت صدغيه بالماء وسقيته وأخذت أنظر إليه ال8 ثّم طوOق أجرؤ على طرح أي سؤال عليه، فحدOق إليO مليا عنقي بذراعيه، فأحسست بقلبه ينتفض كما ينتفض قلب

عصفور رماه الصياد فأصماه، فهو يموت. وقال لي: قد سرني أنك وجدت ما كان ينقص طائرتك،

ففي وسعك اآلن أن تعود إلى موطنك.فقلت له: وكيف عرفت ذلك؟

كان في نيتي عند مجيئي أن أخبره بأني تمكنت منإصًالح الطائرة بعد أن قطعت كل أمل من إصًالحها.

8 أعود اليوم إلى فلّم يجب على سؤالي بل قال: وأنا أيضاموطني.

ثّم قال والكآبة ملء صوته: إن موطني ألبعد من موطنكوالطريق إليه أشق� من طريقك وأصعب.

8 وكنت أتوقع حدوث أمر جلل، فضممته بين ذراعي ضماOل إليO أني بالرغّم 8 كما تضّمO األم� طفلها، وكان يخي شديدا

Page 46: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8 في هاوية فًال أستطيع Oي وينحدر توا من ضمOي له ينفلت من.8 8 شاردا إمساكه.وكان نظره عميقا

وقال: عندي اآلن الخروف وعندي صندوق الخروفوعندي الكمامة، ثّم ابتسّم ابتسامة كئيبة.

8. ثّم شعرت بأن الحرارة ترجع إليه وسكت وانتظرت6 مليا8 قليًال فقلت: أراك قد خفت يا عزيزي. قليًال

وما من ريب في أنه خاف بيد انه ضحك ضحكة لطيفةوقال: وفي هذا المساء يكون خوفي أعظّم.

فجمد الدم في عروقي وأيقنت بوقوع ما ال مردO له. وأدركت6 أن ال طاقة لي باحتمال حرمانه من سماع ضحكةاألمير فإنها كانت في أذني كخرير ماء النبع في الصحراء.

8 فأسمع وقلت له: وددت يا عزيزي لو ضحكت أيضا ضحكتك، فلّم يجب بل قال: في هذه الليلة ينقضي عام

على هبوطي في هذا الكوكب وتكون نجمتي فوق المكانالذي هبطت فيه في السنة الغابرة.

فقلت: يا عزيزي، قل لي أال تكون قصة الحية وقصة8 حلمته. الموعد الذي ضربته لها 8 مزعجا قصة النجمة حلما

6رى فكل الشأن لما ال فلّم يجب بل قال: ال شأن لما ي6رى. ي

قلت: ال ريب في ذلك. قال: الحال في هذا كحال الزهرة فإنك إن أحببت زهرة في نجمة وجدت في النظر إلى السماء في الليل لذة8

8، وحسبت أن النجوم قد أزهرت جميعها. وسروراقلت: ال ريب.

قال: وحال الزهرة كحال الماء، فإن الماء الذي سقيتني كان كالموسيقى الذي علق به من نغّم البكرة ونغّم

.8 8 سائغا الحبل. أال تذكر؟ إن ذلك الماء كان لذيذاقلت: ال ريب.

قال: إنك ستنظر في الليل إلى النجوم وال ترى موطني فإن موطني على غاية من الصغر يحول صغره دون

االهتداء إليه، على أن األفضل لك أن ال تراه فتقول في نفسك: هو نجمة من هذه النجوم. وتنظر إلى النجوم

Page 47: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8 صديقات لك. ثّم 8 وتغدو النجوم جميعا 8 وتحبها جميعا جميعاإني مهديك هدية.

: يا عزيزي ما ألذ� ما أسمع من ضحكك. وضحك فقلت6قال: هو ما أحب� أن أهديك. أهديك ضحكي فيكون كالماء.

قلت: ما تعني؟ قال: للناس نجوم يختلف بعضها عن البعض اآلخر، فمن

الناس من يسافر فتكون النجوم مرشدات له، ومن الناس من ال يرى في النجوم إال أضواء ضئيلة، ومنهّم من يكونOها، ومنهّم Oة يحاول حل 8 فتكون النجوم قضايا رياضي عالما.8 من يكون كصاحبي "البزنسمان" فيحسب النجوم ذهبا وهذه النجوم على اختًالفها تظل صامتة أما أنت فيكون

لك نجوم لّم تكن ألحد من الناس.قلت: ما تعني؟

قال: فإذا نظرت في الليل إلى السماء حيث أكون في6خيل إليك أن سائر النجوم إحدى النجوم ضحكت6 أنا في

تضحك وهكذا يكون لك نجوم تحسن الضحك.8 ثّم قال: وإذا أنت سلوتني )وال بد� لكل وضحك أيضا

امرىء من أن يسلو( وجدت راحة في أنك عرفتني أما أنا فأحفظ لك مودOتي، فإذا اشتهيت أن تضاحكني فتحت

نافذتك ونظرت إلى السماء وضحكت فيعجب أصدقاؤك منك ومن ضحكك فتقول لهّم: ال عجب فإن مشهد النجوم يثير في� الضحك. ويعتقد أصدقاؤك أنك مجنون. فما رأيك

في هذه الورطة التي ورطتك فيها.8 بل مجموعة من 8 ثّم قال: أنا ال أهبك نجوما وضحك أيضا

الجًالجل الصغيرة قد أتقنت الضحك.8 ثّمO عاد إلى رصانته فقال: ال تصحبني هذه وضحك أيضا

الليلة.قلت: ال أتركك الليلة.

قال: إذا صحبتني خشيت أن ترى في� عوارض األلّم وال ألّم. وان تراني أموت وال موت. فاألفضل أن ال ترى ذلك.

ال تأت الليلة فًال فائدة من مجيئك.

Page 48: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

8 وبدت على وجهه عًالئّم القلق وقال: أقول لك هذا خوفاOات كما تعلّم عليك من الحية، فأنا أخشى أن تلسعك والحي

خبيثات قد تلسع لمجرد لذة اللسع.قلت: ال أتركك الليلة.

8 خطر له فاطمأن وقال: على أن الحية إذا وكأن فكراعة الثانية. Oها وال تستبقي منه للسOلسعت أفرغت سم

ما رأيته تلك الليلة عندما أخذ في طريقه فإنه انسل� خفية8 ولّم يسمع له حركة. ولما لحقت به كان يمشي مسرعابخطو ثابت. فما إن رآني حتى قال: قد جئت! ولّم يزد.8 على وجهه. وبعد ثّم أخذ بيدي وسرنا، وكان األسى باديا

قليل قال لي: قد أخطأت بالمجيء، فإنك ستحزنالعتقادك بأني ميت، وما أنا ميت.

فصمتO ولّم اجب فقال: إن وطني بعيد، وليس فيطاقتي نقل هذا الجسّم إليه فإنه ثقيل.

8 فقال: وما هذا الجسّم إال قشرة بالية، وهل وبقيت صامتا!8 تثير القشرة البالية حزنا

.8 وبقيت صامتافيئس من جوابي بيد أنه تشدOد فقال:

8 8 سأنظر إلى النجوم وستكون النجوم عندي آبارا وأنا أيضالها بكرات ركبها الصدأ تجود علي� بمائها فأشرب.

. 8 صامتا وبقيت

فأردف: ما أجمل ما تكون حالنا! يكون لك خمسماية مليون من الجًالجل ويكون لي خمسماية مليون من

الينابيع.8 ألن البكاء غلب عليه. وسكت هو أيضا

8 وحدي، لكنه ثّم قال: قد بلغنا المكان. فدعني أسير قليًال:8 جلس ألن الخوف كان قد اعتراه، وقال أيضا

أنت تدري أني مسؤول عن زهرتي، وإنها ضعيفة واهنة، وإنها على غاية من السذاجة. وليس لها لحماية نفسها من

شرO هذا العالّم سوى أربع شوكات صغار ال آبه لها.8 فجلست بالقرب وخارت قواي، ولّم أستطع البقاء واقفا

منه فقال:

Page 49: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

. شيء كل انتهى قد

8 ثّم نهض وخطا خطوة. أما أنا فما كنت وتردOد قليًال.8 أستطيع حراكا

لّم أر5 سوى وميض مر� بالقرب من رجله فلبث هنيهة8 في مكانه ال يتحرك وال يصيح، ثّم هوى برفق كما جامدا تهوي الشجرة، وكان سقوطه على الرمل فلّم يسمع له

.Oحس

28

اآلن قد مضى ست سنوات لّم أقصO أثنائها هذه القصةوا بنجاتي Oعلى أحد من الناس. ولما عدت إلى رفقائي سر 8. ولما سألوني 8 وهنأوني بالسًالمة، أما أنا فكنت كئيبا كثيرا

عن كآبتي قلت لهّم: هو التعب. قد سلوت بعض السلوان ال كله لعلمي بأنه عاد إلى كوكبه فإني لّم أر جثمانه عند طلوع الفجر. وال عجب فجثمانه لّم

يكن من الثقل بحيث يصعب انتقاله. إني أحبO اآلن االستماع إلى النجوم في الليل فهي خمسماية مليون من

الجًالجل.8 ينغص علي� راحتي: إني سهوت عن إضافة غير أن فكرا سير من الجلد على الكمامة التي رسمتها لألمير الصغير، فكيف يثبت الكمامة في رأس الخروف، فأنا ال أفتأ أسأل

:8 نفسي قائًالماذا جرى يا ترى في كوكب األمير ؟

قد يكون الخروف أكل الزهرة.8: هذا ال يكون فإن األمير الصغير يضع ثّم أجيب نفسي قائًال

الزهرة تحت غطاء من الزجاج، وإنه يراقب خروفه ويسهر عليه. فأغتبط لهذه الفكرة وتغتبط النجوم لغبطتي

فتضحك.

Page 50: الأمير الصغير_ انطوان دو سانت إكزوبيري

ثّم أقول: قد يغفل األمير عن زهرته أو عن خروفه فتقعالكارثة.

قد يكون سهى في أحد األمسيات عن وضع الغطاء، وقد8 في الليل دون أن يشعر به يكون الخروف سرح يوما

األمير. وعندئذ� ينقلب ضحك الجًالجل إلى بكاء. هذا سر� عظيّم ينغOص عليO عيشتي. كلO شيء في العالّمOر وجهه لي ولكّم، أنتّم الذين تحبون األمير الصغير، يتغي كلما فكرنا في خروف ال نعرفه في ناحية من الكون ال

نعرفها وسألنا نفوسنا قائلين:6رى أكل الخروف الوردة أم لّم يأكلها؟ ت

انظروا إلى السماء وسائلوا نفوسكّم قائلين: هل أكل وللحال يتبدOل لكّم وجه الخروف الزهرة أم لّم يأكلها

الكون. ما من أحد من الكبار يدرك أنO هذا األمر هو على جانب

عظيّم من الخطورة.

إن المنظر الذي ترى في الصفحة المقابلة لهذه الصفحة هو في عيني أجمل منظر في الكون وأشدO المناظر كآبة.

هو المنظر نفسه الذي تراه في الصفحة السابقة وقد أعدت رسمه للفت نظرك إليه. ففي هذا المكان ظهر

األمير الصغير على األرض ومنه اختفى.Oا8 حتى إذا رحلتّم يوما8 إلى أفريقية تأمOلوا هذا المنظر ملي وتوغلتّم في الصحراء تمكنتّم من معرفته وإثباته، وإذا

اتفق لكّم أن مررتّم بذلك المكان فأسألكّم بإلحاح أن ال8 تحت تتجاوزوه مسرعين بل تمهOلوا فيه وقفوا قليًال

النجمة. فإذا أقبل عليكّم ولد وضحك5 وكان شعره بلون الذهب

وأحجّم عن الجواب كلما سألتموه عرفتّم إنه هو.