۱

كل السوريينلثورة بقلم الدكتور محمد ناصح عبد اهللا

۲

مبسم اهللا الرحمن الرحي

:اهللا همايحتوي هذا الكتيب على مقالين للدكتور محمد ناصح عبد

٣ الصفحة رقم........ ؟ إلى أين: حدث في سوريةيما : بعنوان المقال األول

٢٤الصفحة رقم .....................ما لنا غيرك يا اهللا :بعنوان المقال الثاني

۳

المقال األول

إلى أين؟: ما يحدث في سورية بد اهللاع بقلم الدكتور محمد ناصح

١/١٠/٢٠١١

0TUJihad4syria@gmail.comU0T

0TUhttp://mohdnaseh.blogspot.comU0T

ما كنت أتوقع أن يتجرأ أحد في سورية على الخروج متحديا النظام السوري ولو

بكلمة، لكن ذلك حدث وبجرأة واستبسال رائعين يدالن على أن السوريين تغيروا

.وصاروا جديرين بحكام أحسن وأقل سوءا من حكامهم الحاليين

باب في سورية وأعطاهم األمل في تغيير واقعهم ما حدث في تونس ومصر شجع الش

أن تؤثر، وأنه ال بد لنا من التحرر من اليأس هامكنيوأعاد لهم الشعور أن الجهود

لقد كان سقوط ابن . علينا والشعور أنه ال جدوى من المحاولة اللذين كانا مسيطرين

ر لم تنجح بنفس علي ومبارك سريعا وسهال ومغريا للجميع بالمحاولة، لكن األمو

إلى السهولة في اليمن وليبيا وسورية، ونحن مدعوون للتفكر في العوامل التي أدت

لنجاح السهل السريع لثورتي تونس ومصر بينما تطلب األمر دمارا واسعا وشهداء ا

لم تثمر المليونيات و بعشرات اآلالف وتدخال عسكريا مكلفا لإلطاحة بالقذافي،

.حتى اآلن العديدة في اليمن

٤

الذي علينا االنتباه له هو أن استقالل الكثير من بالدنا ما زال منقوصا وما زالت

الدول المستعمرة تمارس التحكم بمصائر بالدنا وسياساتها عن طريق التحكم عن

بعد وبطريقة غير ظاهرة للعيان بحيث تعيش الشعوب العربية وهم االستقالل بينما

.شبه مستعمرةهي ما تزال في الحقيقة

خرجت فرنسا من تونس لكنها سلمت البالد لمن يحكم تونس نيابة عنها ويضمن

استمرار تبعية تونس لها في كل شيء، ولم يكن الحكام وحدهم من يعمل لحساب

بل حرصت فرنسا على اإلمساك بخيوط التحكم بالجيش التونسي ،فرنسا هناك

وهكذا ..ا لو سولت له نفسه ذلكبحيث ال يستطيع أي حاكم أن يتمرد على فرنس

لكنه مستعمر ،مرت عشرات السنين والشعب التونسي ينعم باستقاللية معلنة وظاهرية

من قبل وكالء االستعمار الذين يضمنون للمستعمر الحد األدنى من مصالحه بينما

يترك لهم الحرية لينهبوا ويفسدوا كما يشاؤون ألنها الطريقة غير المكلفة له لدفع

. ورهمأج

ثم ذات يوم ثار الناس في تونس، وسقط شهداء، لكن ثورة الجماهير استمرت

ووصلت إلى أسماع المستعمر الذي خاف أن تنجح الثورة في القضاء على كل

الترتيبات التي مازال يحكم تونس من خاللها فكان ال بد له من إنقاذ الموقف عن

سواء تغيير الوجوه أو إعطاء الحريات طريق االستجابة لمطالب الجماهير في التغيير

وكانت التوجيهات ،عندها كان القرار أن ابن علي عليه أن يرحل.. والديمقراطية

كان الرجل . وأن ال يسانده أبدا في محاولته البقاء ،للجيش التونسي أن يتركه يسقط

وانتصرت . أذكى من غيره فحمل ما خف وزنه وغال ثمنه ورحل غير مأسوف عليه

إنه انتصار جزئي حيث ما زال . ورة تونس بيسر وسهولة لم تكن تخطر ببال الكثيرينث

الجيش التونسي على حاله وهو الجهة الوحيدة في البالد القادرة على فرض ما تريد

وهذا أبدا ال يقلل من . وقتما تريد ألن القوة هي الحق كما يقول المثل اإلنكليزي

لكن يجب االنتباه إلى أنه جزئي ونسبي ولن قيمة التغيير الذي حصل في تونس

لكنها ،األمور لن تصبح مثالية في تونس قريبا . يكون جذريا كما حلم الذين طالبوا به

٥

يكون الشعب التونسي قد حقق درجة أكبر من سو ،بالتأكيد ستكون أقل سوءا

مكنوا االستقالل عن المستعمر الذي لن يزعجه أن تتحسن معيشة التونسيين وأن يت

ستأتي . من التعبير السلمي عن آرائهم طالما أن مصالحه االستراتيجية مضمونة له

حكومات منتخبة تعبر عن اختيارات الشعب وستمارس سياسات تنطلق من مصالح

الشعب لكن الجيش سيبقى دائما جاهزا إلجهاض أية ديمقراطية تهدد مصالح فرنسا

حيلولة دون قياملتأكيد منها أمن إسرائيل والوسياستها، أي تتجاوز خطوطا حمراء با

.دولة إسالمية مماثلة للدولة اإليرانية

ما حدث في تونس جعل المستعمرين يدركون أن الشعب التونسي قد تغير بعض

الشيء ولم يعد قابال لالستعمار بنفس الدرجة التي كان عليها، وبالتالي لن يتحمل

القابلية لالستعمار . وال بد من التراجع أمامه ولو درجة ،نمط االستعمار السابق

مفهوم اعتمد عليه مالك بن نبي رحمه اهللا في محاولته لفهم واقع بلداننا وتخلفها،

وبقدر ،فبقدر ما يتحمل شعب من الشعوب من استعمار. وهو مفهوم مهم وصحيح

،ا للشعوب المغلوبةما تكون الشعوب الغالبة مستعدة لدفع ثمن سيطرتها واستغالله

. تتحدد نوعية االستعمار ودرجته ،وبقدر المنفعة المتوقعة من استعمار أمة ألخرى

انتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا واليابان واستسالمهما دون قيد أو شرط،

اكتفت بقواعد لها في أراضيهما وبفرض بل لكن الدول المنتصرة لم تقم باحتاللهما

بينما نجح البلدان المهزومان في بناء أقوى ،سياسية وعسكرية عليهماقيود

لم يمتنع الغالبون عن استعمار ألمانيا . بعد االقتصاد األمريكي في العالم اقتصادين

ا كرما أو أدبا منهم، بل ألن شعبي البلدين نواليابان بالطريقة التي استعمروا بها بالد

ن أصر الغالبون عليه فستكون الكلفة عالية لئو ،تعمارغير قابلين لذاك النوع من االس

والمتأمل يمكنه مالحظة أن اليابان ما . استعمروهم بقدر ما يتحملون هم جدا، أي

تزال غير مستقلة تماما في سياستها الخارجية عن الواليات المتحدة التي تغلبت

وال بد ،د العربيةوهذا ال يعني أن وضع اليابان ليس أحسن من وضع البال. عليها

.يأتيأن لليوم الذي تتحرر فيه اليابان من جميع آثار هزيمتها من

٦

أما مصر التي خرجت منها بريطانيا مهزومة وحصلت على قدر كبير من االستقاللية

فمنذ كامب ديفيد . فقد تم في عهد مبارك أن تحولت إلى شبه مستعمرة أمريكية

ة وتتلقى ثاني أكبر مساعدات تقدمها أمريكا ومصر تنفذ سياسات أمريكا في المنطق

لكن هذه المساعدات أغلبها مساعدات عسكرية ال . إلى دولة أخرى بعد إسرائيل

بل لتصل تلك األموال إلى الجيش المصري ،ألن أمريكا تريد تقوية مصر عسكريا

وتحول كبارهم إلى ،الذي صارت رفاهية ضباطه معتمدة على المال األمريكي

عند أمريكا يقومون بضمان أمن إسرائيل وحماية النظام الذي ينفذ سياسات موظفين

.أمريكا

قامت االحتجاجات في مصر وكانت أمريكا ذكية حيث كان قرارهم منذ األيام األولى

فوذها، أي تخسر مبارك ناالستغناء عن مبارك ومعاونيه من أجل أن تبقى مصر تحت

ام األولى لالحتجاجات سافر المشير طنطاوي منذ األي. وهكذا كان. وال تخسر مصر

إلى الواليات المتحدة وتكررت تطمينات األمريكيين أن الجيش المصري لن يطلق

النار على المتظاهرين، وأخذ الجيش المصري موقفا سلبيا جعل مبارك يسقط بسرعة

،وسهولة، ولو أن الجيش المصري كان يتلقى تعليماته من مبارك لما سقط مبارك

عندما . ولكان الذين سقطوا بدال عنه عشرات بل مئات اآلالف من القتلى والجرحى

وكان المتظاهرون يحملون ،كانت سلمية مئة بالمئة ١٩٧٩قامت الثورة اإليرانية عام

لكن الجنود كانوا ينفذون أوامر قادتهم ويطلقون النار على ،الورود ويقدمونها للجنود

عدا عن أضعاف هذا العدد من ،من سبعين ألف شهيدالمتظاهرين حتى سقط أكثر

قبل أن تبدأ حالة من التململ في الجيش اإليراني جعلت الشاه يغادر ،الجرحى

يقوم مجموعة من السياسيين الذين ترضى عنهم أمريكا بإعالن جمهورية ل ،البالد

ير الجزئي حتى كانت بمثابة نجاح جزئي للثورة اإليرانية التي قبلت بهذا التغي ،إسالمية

حين، لتقوم بعد أشهر بثورة على الثورة، قامت فيها بتطهير النظام الجديد من كل من

له والء ألمريكا، والذي ساعد على ذلك أن الثورة اإليرانية كانت منظمة ومخطط لها

۷

ولها قيادة موحدة ومطاعة إلى أبعد الحدود بخالف ثوراتنا العربية الحالية العفوية

.ةاالرتجالي

نجحت الثورة في إيران في أن تكون كاملة وجذرية وتحررت إيران من التبعية للغرب

وال يخفى علينا مقدار اإلرباك واإلزعاج الذي سببته إيران إلسرائيل ،تحررا تاما

لكن ما حدث في إيران لن يحدث في مصر بل ستبقى . والغرب منذ سقوط الشاه

وسيبقى الجيش المصري حارسا ،ة ألمريكامصر تابعة في سياساتها االستراتيجي

للمصالح األمريكية واإلسرائيلية في مصر حتى لو جاءت حكومات منتخبة تمثل

الشعب المصري تمثيال حقيقيا ، فهي لن تستطيع أن تخالف الجيش الذي يمسك

بزمام القوة والقادر على اإلطاحة بأية حكومة ال ترضى عنها أمريكا ولن يصعب

وحال تركيا وديموقراطيتها المنقوصة التي . يجاد المبررات واألعذار لذلكعليهم إ

تعرضت لإلجهاض مرات عديدة على يد الجيش التركي كلما تجاوزت الحكومات

المنتخبة خطوطا حمراء عنوانها علمانية الدولة، هذه الحالة تصلح توضيحا للدور

.عبه لعدة عقود قادمةوالمتوقع له أن يل اآلن الذي يلعبه الجيش المصري

مع ذلك فإن التغيير الذي وقع في مصر جيد وخطوة نحو التغيير الجذري المنشود،

لكن التغيير الذي نحلم به ال يمكن أن يتم ما لم يكن التغيير في نفوس المصريين

من حيث أفكارهم ومشاعرهم وأخالقهم تغييرا كامال يتخلصون فيه من عللهم

. يتهم لالستعمار، وقد يحتاج المصريون لبلوغ ذلك إلى أجيالاالجتماعية ومن قابل

المهم أنهم يسيرون نحوه والتغيير الذي أنجزوه في نفوسهم يجعلهم جديرين بنظام

حكم أقل سوءا وأكثر حفاظا على كرامتهم ومصالحهم المعيشية، واألوضاع الجديدة

فاهللا ال يغير ما بقوم . لهمستساعدهم على المزيد من تغيير ما بنفوسهم لتتغير أحوا

حتى يغيروا ما بأنفسهم وتغيير ما بهم يتناسب مع مقدار التغيير الذي حققوه في

.نفوسهم

۸

الوضع في ليبيا واليمن مختلف حيث يمسك الحاكم بعوامل القوة في البالد ويضمن

ى للمستعمر تحقيق السياسات التي يريدها مقابل أن يتركه يفعل ما يشاء ويساعده عل

القضاء على خصومه السياسيين بغض النظر عن المباديء والقيم، فالغربيون منافقون

فإن قتل شخص واحد منهم جريمة ال ،وكما قال الشاعر ،بما يخص حقوق اإلنسان

.قتل شعب آمن منا قضية فيها نظربينما ،تغتفر

لذا ،الغرب خائف من مجيء حاكم ال يكون مخلصا لهم مثل علي عبد اهللا صالح

،بل يدعون إلى تغيير يتحكمون به ،تراهم ال يدعمون الحراك الشعبي دعما حقيقيا

مع أنه صار واضحا أن استمرار علي عبد اهللا صالح ،تعبر عنه المبادرة الخليجية

لو كان الجيش اليمني يتلقى التعليمات من دولة أجنبية لسقط . ليس في صالح أحد

السرعة والسهولة التي سقط فيه ابن علي ومبارك، علي عبد اهللا صالح ربما بنفس

ألنه وقتها لن تتردد القوى االستعمارية في تغييره إرضاء لشعب صار واضحا أنه اآلن

ولو كان البديل عن صالح جاهزا لما تمكن صالح من العودة . أكثر وعيا وأقل جبنا

القوى أن صالح خير إلى اليمن بعد أن خرج منها مصابا، لكن ما زال في ظن هذه

من غيره ريثما تتم ترتيبات إلحداث تغييرات ترضي الناس جزئيا دون أن تكون جذرية

.تهدد مصالح الغرب في اليمن والمنطقة

زال حتى اآلن يأما القذافي الذي كان الغرب مقتنعا أن من الخير أن يرحل فإنه ما

لكن علينا التفكر في . م المنتهيوإن كان في حك ،وله أنصار يقاتلون من أجله ،يقاوم

غير و الذي جعل سقوط مبارك وابن علي بتلك السهولة بينما سقوط حاكم بغيض

.سوي من الناحية النفسية يحتاج إلى كل الدماء واألموال التي بذلت

ومتحكما ،في سورية كان حافظ األسد رجال قويا ماكرا ويمسك بزمام األمور بنفسه

يساعده بذلك اعتماده ،نية متعددة تتجسس على بعضها البعضمن خالل أجهزة أم

على الطائفة العلوية التي استطاع أن يربط رفاهها واستمتاعها بمميزات لم تحظ

كان حافظ األسد يقدم لفرنسا ما . بمثلها في التاريخ ببقائه هو وأسرته في السلطة

۹

. ر مستقال وممانعا وإن كان في الظاه ،تريده من سياسات وتعاون وتحقيق أهداف

األمر الذي أسكتهم عنه وجعلهم يتركونه في السلطة دون أن يعينوا عليه خصومه

فقد كان معهم كما .. ودون أن يحاولوا جادين شراء والء الجيش واألمن في سورية

من تقديم الجوالن إلسرائيل إلى الوقوف مع التحالف الدولي ضد ء يريدون ابتدا

وذلك عندما قررت فرنسا االنضمام إلى أمريكا في ،ن بالحياد وقتهاالعراق وإقناع إيرا

بعد أن كانت تحلم ببترول العراق ،ورضيت بحصة من الغنيمة ،حرب تحرير الكويت

،مات حافظ األسد وجاء خير أبنائه ليحل محله. والكويت من خالل دعمها لصدام

بما فيه -هم لو كان باسل بعد أن رد اهللا عن السوريين البالء الذي كان سيقع علي

ومن طيبته قيل أنه ،بشار كان أطيب أوالد حافظ. مكانه - من كبر وتجبر وعدوانية

فذكاؤه ،لم يكن أهبال على الحقيقة. كان يقال عنه في المدرسة الثانوية األهبل

لكنه لم يكن عدوانيا وال فاسد الطباع مثل إخوته أو عمه سيء الصيت ،واضح

توجها للطب والمعلوماتية وليس له أية طموحات سياسية، ولعل عيب كان م. رفعت

وكان من . النطق بحرف السين ساعده على أن ال يكون متكبرا متغطرسا كبقية العائلة

طيبته مؤمنا بما كان يعلنه والده من قومية ومقاومة لمشاريع االستعمار وإسرائيل في

أغضبهم إلى حد أصبحت فيه ف ،فصار يتصرف بما يخالف مصالحهم ،المنطقة

بن في سعيها إلسقاط الفرنسا ألد أعداء سورية ومتحالفة مع أمريكا جورج بوش ا

.النظام السوري وبخاصة بعد مقتل الحريري

حاول أن ينتقل بسورية ،بشار الطيب أو األهبل كما وصفه من كان معه في المدرسة

الذي ،كان ربيع دمشق المعروفف ،إلى مرحلة من الحرية والديمقراطية النسبيتين

وانتهى ربيع . يقال أن خدام كان أشد المعارضين له واألكثر حرصا على إنهائه

في إحباط ا وأدخل الحرس القديم في نظام األسد والمنتفعون الجدد بشار ،دمشق

صار واجهة ف ،ورضي بجمع المال ،حتى اقتنع بطريقتهم واستسلم لهم ،تلو إحباط

وال ،قائم على عصابة أمنية تسيطر على المدنيين والعسكريين في البالدجميلة لنظام

۱۰

بل هي كالوحوش ال تعرف إال االفتراس والتعامل بالظفر ،تفهم من السياسة شيئا

.والناب

طيبة بشار وتهذيبه أكسباه حب الكثيرين من جماهير السوريين والعرب الذي كانوا ال

ار الدرس وبدأ يقدم لفرنسا وغيرها ما تريد، يحبون أباه، وبالتدريج استوعب بش

فانتهت حالة العداء التي كانت بين سورية وفرنسا، وصار طالب الشهادة الثانوية في

رغم الميل العروبي القوي ،سورية مطالبا بدراسة لغتين أجنبيتين الفرنسية إحداهما

فرنسا كانت بعض لدى السوريين بما فيهم العلويون، ولعل تلك المكاسب الثقافية ل

وعلينا أن نذكر أن الحكومة الفرنسية . الثمن الذي قدمه بشار ونظامه السترضائها

االستعمارية التي كانت تحكم سورية أعلنت والءها أللمانيا عندما احتلت ألمانيا

فدخل الجيش البريطاني ،مما جعلها عدوة للحلفاء ،فرنسا في الحرب العالمية الثانية

ن أتباع ألمانيا وليبقى فيها حتى تم إنهاء االنتداب الفرنسي على سورية ليحرر سورية م

من وكانت المكاسب الثقافية ،بقرار أممي، فخرج الفرنسيون من سورية مهزومين

وبعد االستقالل . بريطانيا ولغتها اإنكليزية رغم أن االستعمار كان فرنسيا نصيب

ة وكانت االنقالبات الكثيرة التي عرفتها استمر الصراع بين بريطانيا وفرنسا على سوري

وحسمت ،إلى أن جاء حافظ أسد وطائفته ،سورية بسبب هذا الصراع ومظهرا له

الغلبة لصالح النفوذ الفرنسي، وبدأت من وقتها فرنسا تحقق مكاسب ثقافية متزايدة

.في سورية

ى غطرسة بدأت االحتجاجات في سورية بهتافات في الحريقة بدمشق اعتراضا عل

لكن وزير الداخلية وقتها كان حكيما ،رجل شرطة وتعامله المهين لبعض المواطنين

واستطاع تهدئة الناس وامتصاص غضبهم، ولم أكن أتوقع أن يتجرأ أو قل يتهور غير

من تهور ويخرج في احتجاجات علنية أخرى، إلى أن قام فتية في درعا بالكتابة على

وبدأ القمع الوحشي المستكبر الذي ال ،وما شابه) كتورجاك الدور يا د (الجدران

مما استثار ..يحترم قيما وال أديانا وال مقامات، وال يرى أية خطوط حمراء أمامه

).. الموت وال المذلة(و) الشعب السوري ما بينهان(السوريين الذين خرجوا يرددون

۱۱

تسرب ملخص لها ،ضةقت عبقرية كبار رجال األمن عن خطة لمواجهة االنتفاتوتف

وكان محضر جلسة لهم، لكنه لم ينل حقه من االهتمام، ربما ظنا أنه قد يكون

مفبركا، لكنني أعتقد أنه كان حقيقيا، واألحداث حتى اليوم تؤكد أنه هو المتبع

وتبين من هذا المحضر ومن . والمطبق في مواجهة النظام لثورة الشباب السوري

ى حثالة الطائفة العلوية الذين جمعتهم عائلة األسد حولها سلوك النظام ولجوئه إل

كعصابة إلرهاب الناس وفرض سيطرتها عليهم خارج القانون واألجهزة الرسمية وهم

تبين أن النظام ليس فيه من أصحاب القرار من يفهم شيئا في ،"الشبيحة"المسمون

فكان . الشعبية السوريةالسياسة وفن التعامل مع الشعب ومع أزمة مثل االحتجاجات

في كل تصرف أحمق من تصرفاتهم، وتصرفاتهم كانت كلها حمقاء، استفزاز لمشاعر

السوريين وكشف لحقيقة النظام التي كانت خفية على الكثير من السوريين الذين ما

وكانوا مخدوعين به وبكالمه ويؤيدونه، ألنه يبدو لهم ،كانوا يتصورونه بهذا السوء

وأكثرها حرصا على مصالحها ومقاومة ،ة العربية موقفا من قضايا األمةأحسن األنظم

،وتغاضوا عن الكثير من عيوبه ،وغفروا له الكثير ،أحبوه لذلك. للمؤامرات عليها

.فالرمد أهون من العمى

جاءت أحداث سورية األخيرة وردود الفعل الهمجية الحمقاء للنظام عليها، لتعري

القريب والبعيد على حقيقته، وليتبين للكل أنه غير صالح سوأته للجميع، وليراه

لقيادة أمة تفوقت عليه كثيرا في الوعي واإلخالص واألخالق، وبالتالي ال يمكن أن

وهكذا فقد النظام . تبقى راضية به يتحكم بمقدراتها ومصيرها ويرسم لها سياساتها

كلها عند السوريين غير وعلى رأسه بشار الكثير من شعبيته إن لم يكن قد فقدها

وتبين ،لقد سقط النظام أخالقيا وفقد احترام الذين كانوا يظنون به خيرا . العلويين

للجميع جهله وحمقه وعجزه عن القيام بشؤون الوطن في هذه المرحلة وفي قادم

.األيام

هي أن استقالل سورية عن فرنسا والقوى ،وربما النعمة الكبرى ،المشكلة في سورية

وليس ألي من هذه الدول ،االستعمارية األخرى استقالل حقيقي إلى حد ال بأس به

۱۲

على الجيش والقوى األمنية المتحكمة بالبلد سلطة األمر والنهي كما هو الحال في

لذا طال األمر وقد يطول أكثر مما نتمنى، وذلك ألن النظام الذي . مصر أو تونس

ن أراذلها من االستعالء والتجبر على باقي قام على الطائفة العلوية وحاباها ومك

هو السوريين جعل هذه الطائفة ال تتصور حياتها من دونه وتخشى على مستقبلها إن

.سقط

النظام يستخدم الطائفة العلوية ويقوم عليها ال من حيث هي طائفة دينية تربطها

أن يثق وتحركها معتقدات مشتركة، بل من حيث هي أسر وعشائر مترابطة ويمكن

والسؤال اآلن ما الفرق؟ الفرق هو أن العلويين طائفة محددة ومعرفة . النظام بوالئها

لكن هذه الطائفة قليلة التدين وال تحركها ،على أساس معتقدات دينية معينة

التي ( إيديولوجيا دينية، هم في الغالب األعم غير متدينين ال وفق عقيدة أجدادهم

رض واختلط بالبشر على هيئة رجل هو علي بن أبي طالب تؤمن أن اهللا نزل إلى األ

، وال هم متدينون ) وبالتالي علي هو اهللا وليس مجرد ولي اهللا كما هو عند الشيعة

إنهم متسلطون على سورية ال من أجل . وفق عقائد إسالمية أخرى إال قليال منهم

المتعلمين منهم وبخاصة أن أغلب ،فكثير منهم قد ال يؤمنون به ،تغليب معتقدهم

ولم يكن لديهم تعليم ديني منزلي يعاكس ما ،تعلموا اإلسالم السني معنا في المدارس

اللهم إال في بعض األسر في قراهم، وهذا ناتج عن ضعف ،تعلموه في المدارس

مما كان له أثر إيجابي في بلوغ دعوة اإلسالم غير المحرفة عموما، التدين عندهم

نهم في المدارس ونجا من الضغوط العائلية التي تصر على إلى جميع من درس م

.معتقدات غير التي تلقوها في المدارس

أقول هذا لننتبه إلى أن الطائفة العلوية اآلن تشكل مشكلة للتغيير في سورية ال من

منطلق ديني راسخ يصعب التعامل معه، بل من منطلق والء قبلي وعائلي تقويه

والمنافع المتبادلة والمكتسبة من خالل ترابطهم ومحاباة بعضهم المصلحة المشتركة

. بعضا في الوظائف الحكومية والمناصب وغير ذلك من طرق االنتفاع من السلطة

لو تسلط على الحكم أهل مدينة إذ ل بساطة مشكلتنا معهم ليست دينية ، كأي ب

۱۳

ين سنة أو مسيحيين أخرى أو عشيرة معينة لتصرفوا بنفس الطريقة سواء كانوا مسلم

وهذا يقع فيه من يغلب على ،أو غير ذلك، فالمشكلة هي االستئثار بخيرات البلد

يكن لم أو ما أو الصحابة، ما لم يكن في تقوى األنبياء ،حكم بلد ما أيا كان معتقده

.نظام الحكم ال يسمح بذلك من خالل وجود رقابة شعبية ومساءلة حقيقية

وتحركهم مطامعهم الحياتية التي ،ركهم النزعة القومية العربيةالعلويون في سورية تح

كالسعي إلى الثراء والجاه والمتعة في إطار من ضعف الوازع ،تحرك جميع البشر

.الديني لديهم

في وضع كهذا فإن الصراع مع الطائفة العلوية من منطلق ديني وطائفي سيكون مفيدا

نطلق ديني سيدفعهم إلى العودة إلى معتقداتهم فمعاداتهم من م. للنظام ال ألحد سواه

،والتوحد مع البقية للدفاع عن الذات بل من منطلق التعصب ،القديمة ال قناعة بها

أن يثبتوا على وهوبدل الذي نتمناه لهم ،تراجعا في حالتهم الدينية كونوهذا سي

المعتقد الديني إن معاداتهم على أساس . العقيدة السليمة التي تلقوها في المدارس

سيجعلهم حريصين عليه بغض النظر عن مدى اقتناعهم به، وهذا سيحولهم فعال إلى

ويصبح من الصعب عليهم الشعور ،طائفة دينية منغلقة على نفسها ووالؤها لنفسها

كبلد ينتمي إليه أهله بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، إنما هم ،بالوالء لسورية ككل

،لكن مصلحتهم هي في العيش المشترك ،ابطة وكل له دينه الخاصأسرة واحدة متر

.وكلهم يحرص عليه ويسعى لخيره ،ولهم حقوق متساوية فيه ،وهم شركاء في الوطن

ثم إن معاداة العلويين على أساس المعتقد الديني يعني أن تتحول الثورة من ثورة

ية سنية مخيفة لباقي سورية شعبية من أجل الحرية والديمقراطية إلى ثورة طائف

السوريين من مسيحيين ودروز وإسماعيلية وغير ذلك، وهذا سيجعل هؤالء يفضلون

ال - ا ولو نظري-البقاء تحت نظام فاسد وظالم لكنه يعاملهم كمواطنين متساوين

رغم أنهم غير ،كأقليات في بلدهم، وسيجعلهم يقفون مع النظام ويحاربون الثورة

وهذا يفسر لنا سبب حرص النظام . وليسوا مستفيدين منه كثيرا ،راضين عن النظام

۱٤

على تحويل القضية إلى صراع سني علوي كالذي كان في السبعينيات وأوائل

حيث كانت هنالك حركة إسالمية مسلحة ليس لها امتداد شعبي واسع ،الثمانينيات

نرجع إلى الوراء ويرينا أهمية أن ال. تحارب النظام من منطلق أنه نظام طائفي كافر

بعد أن نضج وعينا السياسي واقتنعنا أن مصلحتنا جميعا هي في العيش المشترك

. على أساس المواطنة ال على أساس االنتماء الطائفي أو الديني

فهي لن ،كما إن استعداء الطائفة العلوية على أساس طائفي ال تستطيع الطائفة تغييره

يجعلها ،وبالتالي تصبح الطائفة أمام تهديد وجودي ،تغير مذهبها لترضي السنة مثال

بل ،تدافع عن نفسها وعن النظام الذي ستتوحد معه بشكل كامل دفاعا مستميتا

ألن القوة العسكرية في سورية مركزة بيد ضباط علويين، وهذا يعني ،قل مميتا لن

.اضطرار الطائفة إلى مذابح تسحق ثورة الشباب سحقا

:ألنه سيجعل البلد جبهتين ،نزالق نحو الطائفيةاائرين الحذر من أي يجب على الث

حيين واإلسماعيلين والعلمانيين بكافة يالسنة مقابل اتحاد العلويين مع الدروز والمس

توجهاتهم الفكرية والسياسية، وهو ما يتمناه النظام ألنه بذلك سيتغلب على الثورة

.ثين سنة أخرىويقضي عليها قضاء ال تقوم بعده في ثال

،كما إن تحول الثورة إلى طائفية سيفقدها كل تأييد دولي اللهم إال تعاطف السعودية

لكنها لن تدعم ثورة طائفية ولو كانت ،ألنها ال يمكن أن تصطف ضد الطائفة السنية

ألنها ثورة وطنية و الثورة اآلن . سنية إال دعما ضعيفا لرفع العتب والمالمة ال أكثر

تطالب بحقوق جميع السوريين في حياة حرة كريمة وليست ثورة أصولية وشعبية

.اكتسبت تعاطف وتأييد أغلب الدول والشعوب قدإسالمية وال ثورة معادية للغرب

ن الثورة إن نجحت ستعامل العلويين وغيرهم من إسمعت الشيخ العرعور يقول

جتمع المسلم، وهذا األقليات بالحسنى كما عامل عمر بن الخطاب اليهود في الم

ألن عمر بن الخطاب تسلم السلطة بعد انتصار المسلمين وتغلبهم ،رأي غير موفق

صلى اهللا على من سواهم بالسالح، أما الوضع المماثل لوضعنا اآلن فهو وضع النبي

۱٥

والمسلمين لما هاجر إلى المدينة وأسس دولة فيها كان لليهود فيها وضع عليه وسلم

للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، فهم أصحاب البالد لهم ما ،ةالمواطنة الكامل

إضافة إلى المهاجرين من مكة وأعدادهم محدودة، وعلينا في ،والمسلمون مثلهم

بل نحن أبناء وطن واحد نتشارك أرضه ،غزاة فاتحين انسهذا العصر تذكر أننا ل

ن لهم علينا حق كلمذهب لوسماءه وخيراته مع إخوة لنا قد يختلفون عنا بالدين أو ا

فنحن ،البر كما آلبائنا وأمهاتنا علينا حق البر، وليس ذلك كرما وال تسامحا منا معهم

،فاألصل أنه ال إكراه في الدين ،رأيللسنا أحق بالبالد منهم ، أما اختالف الدين وا

معتقد في إطار قانون الومن حقنا وحقهم أن تكون لنا ولهم حرية االعتقاد وممارسة

ولنتذكر أنه لو كان هنالك مسلم . ينظم عالقتنا ببعض فال يطغى جانب على جانب

، حيث ألهل الكتاب وضع مفضل في وال أقول كتابيا -وأمه أو أخوه مشرك

د أهلنا من حقهم في اوال يحرم حتى الشرك أو اإللح ،فإن عليه بره أو برها -اإلسالم

.علينا أداؤه بال منة ،بل حق لهم ،منا عليهم وهو ليس تفضال ،برنا

رغم اختالف الدين والمعتقد بين الرسل وأقوامهم الذين قص علينا ربنا في القرآن

ئها على رسل اهللا حتى استحقت اورغم معاندة هذه األقوام للدعوة واعتد ،قصصهم

ان ألولئك الذين يصر القرآن الكريم على أن الرسل هم إخو ،من اهللا اإلهالك والدمار

فقد وصفهم الخالق أنهم ،وحتى لوط الذي أرسل إلى قوم غير قومه ،كفروا وعاندوا

.إخوان لوط

،نحن في حاجة إلى إعادة فهم عالقتنا بأبناء أمتنا الذين نشترك معهم في وطن واحد

لنتخلص من أفكار غير ناضجة انتشرت عند بعض المتدينين وجعلتهم يحلمون بدولة

كالدولة التي يحلم بها اليهود ويريدون أن يعترف لهم ،ة خالصة للمسلمينإسالمي

ليكون العرب فيها ضيوفا وهم أصحاب البالد ،العالم أن إسرائيل دولة يهودية

علينا نحن الذين ننتمي لألكثرية الدينية في سورية أن نضع أنفسنا مكان . األصليين

،مذاهب أخرى وال يشكلون أكثريات عددية باقي أبناء وطننا الذين ينتمون ألديان أو

۱٦

لنحس بأحاسيسهم ونفهم مخاوفهم وال نستغرب إصرارهم على حق المواطنة

.المتساوية معنا

والمتوقع له أن يستمر في غبائه ،أما النظام الذي يتصرف بمنتهى الغباء السياسي

الطوائف فقد خسر الكثير من رصيده عند أغلب السوريين من جميع ،المتأصل فيه

وعند بعض العلويين أنفسهم ، وهو باستمرار أخطائه وجرائمه التي يقع فيها كل يوم

التي سيأتي يوم تخشى فيه على مصيرها مع ،شعبيته عند الطائفة العلوية رسيخس

بخاصة إن ،تورط بعض أفرادها في جرائم بشعة ضد باقي السوريين ال يبررها شيء

ال تمسك وال حتى ،سلمية مئة بالمئةثورة عنف و نجحت الثورة في البقاء ثورة ال

كما التزم المسلمون في مكة قبل ،حجرا أو عصا، بل ثورة التزام بكف األيدي

والتعذيب الذي تعرضوا له، لكنهم لم يمدوا ىيهم رغم كل األذدالهجرة كف أي

.أيديهم وال حتى للدفاع عن أنفسهم

عرضه أو ماله فهو شهيد، لكن هذا مختلف صحيح أن من مات دفاعا عن نفسه أو

عن الخروج للقول للظالم يا ظالم كما هو حال المتظاهرين في سورية، فإنهم عليهم

كف أيديهم وعدم الدفاع عن أنفسهم بأي نوع من السالح ألنهم بذلك يتحولون إلى

ال ال تستغربوا أن . خوارج ويفقدون مكانة المجاهد بكلمة حق عند سلطان جائر

يكون للمتظاهر حق في أن يدافع عن نفسه ضد من يتعمد قتله أو إيذاءه، فالموقف

إن الخروج . اع عن النفس والعرض والمال تجاه لص أو قاطع طريقفمختلف عن الد

والموت فيها استشهاد ال شك فيه، ومن كان مستعدا ،في المظاهرات السلمية جهاد

يفسده ببسط يده إلى عدوه ال بسالح وال وال ،للموت في سبيل اهللا فليقدم عليه

إنك بمجرد أن تبسط يدك لتضرب أو . ال من قبيل الهجوم وال من قبيل الدفاع ،غيره

تقتل ولو دفاعا عن نفسك فإن الموقف كله سيفقد تأثيره في الناس وباقي الشعوب

، والغالب كما فيه وسيصبح موقف مصارعة لدى الناس رغبة في معرفة من الغالب

ظالما كان يقال ذنبه مغفور، فالدنيا بطبعها تميل مع المنتصر والغالب بغض النظر إن

.أو مظلوما

۱۷

قد إن الثورة إن لجأت إلى السالح ولو مجرد قبضات أيدي أبنائها العزالء تكون

لوحيدة دخلت مع النظام في مباراة هو الفائز فيها حتما ويقينا، ألن العنف هو اللعبة ا

والسالح الذي بيده ال مقارنة بينه وبين ما يمكن لمعارضة مسلحة أن ،التي يجيدها

والتنظيم والتدريب لديه ال يمكن لمعارضة شعبية أن تتفوق عليه فيهما، وال ،تمتلكه

إن إصرار الشباب على التظاهر . تخدعنا انتصارات الليبيين فالحال مختلف تماما

ور عارية وإيصال صورة ذلك وخبره إلى باقي السوريين وتلقي الرصاص الحي بصد

وباقي شعوب األرض هو الذي سيسقط النظام، ولن يستطيع النظام مقاومته والقضاء

ة في شيء ال يمتلكه النظام افسلمية الثورة تجعل الصراع والمنافسة والمبار . . عليه

ظاهرين وعندها ستخرج وال يقدر عليه، فهو إما أن يسمح بالتظاهر دون أن يقتل المت

المظاهرات المليونية وهذا ما يخشاه، أو أن يستمر الحال على ما هو عليه اآلن

مظاهرات خاطفة أو طيارة كما سماها ياسين الحاج صالح يتم فيها الهتاف والتصوير

والنشر ثم الهروب مع ما يمكن أن يسقط فيها من شهداء أو مصابين، وهذا يعني أن

فيضطر العقالء من الضباط العلويين الممسكين بمواطن فأكثر، أكثرتتفاعل األمور

وذلك بأن ،القوة في البالد إلى أن ينقذوا أنفسهم وطائفتهم من مصير مخيف

يتخلصوا من النظام الذي سيكون يومها عبئا ثقيال جدا على الطائفة العلوية،

بعينه حتى تعد للتضحيةوستتخلى عنه حفاظا على نفسها ومكتسباتها، فاإلنسان مس

.إن صارت مصدر خطر على حياته

ما لم تتحول الثورة إلى مسلحة ،ن األمل وطوق النجاة الوحيد للنظامآلالعلويون هم ا

، والعلويون هم من سينقذ سورية من نظام تغول )سنية ضد علوية ( أو طائفية

ة ذات عقيدة النظام ليس فئ. ومستعد أن يضحي بهم جميعهم ليبقى في الحكم

ة أو فاسدة من حسواء كانت عقيدة صحي ها،حقيقية تدافع عنها وتموت في سبيل

البالد والعزة فيها لتكون لهم اتثرون بخير أالمنظور الديني، إنه عصابة ممن يست

وهم مستعدون ،وللثروة إغراؤها ،الكبرياء في األرض من دون الناس، وللكبرياء لذتها

۱۸

ولو كان لديهم خلق أو ،ألنهم ال يهمهم إال أنفسهم ،فتهمللتضحية حتى بأبناء طائ

.ضمير لما ارتكبوا ما يرتكبونه كل يوم من جرائم بشعة أذهلت البعيد والقريب

أنا على يقين وإن كان ال يعلم الغيب إال اهللا ، أنا على يقين أن الطائفة العلوية سوف

باقي السوريين لهم آمالهم تتخلى عن النظام ولو بعد حين، ألن الطائفة بشر مثل

ومخاوفهم وتهمهم أنفسهم ومستقبل أجيالهم ويفكرون بمنطق كما نفكر، ويوما بعد

يوم سيتكشف للعلويين كذب النظام وزيف ادعائه أنه يواجه مؤامرة خارجية وأن

جماعات إرهابية هي التي تقتل المتظاهرين السلميين العزل، وستراه الطائفة على

وستشعر بالخوف على مصيرها إن ،ابة من القتلة واللصوص والدجالينحقيقته عص

تركته مرتبطا بهذا النظام الذي يورطها كل يوم بمزيد من الجرائم يرتكبها حثالة الطائفة

.ويتحمل وزرها كل الطائفة

ألن سنن اهللا في ،هذا ليس استعطافا للطائفة إنما هو توقع لما ستصل إليه األمور

المظاهرات حتى لو . تخلف سواء في الطبيعة أو النفوس والمجتمعاتخلقه ال ت

وإن لم تستح فاصنع ما -كانت مليونية لن تسقط نظاما من أناس ال حياء عندهم

إن المظاهرات لن تسقط النظام بفعل . شئت كما قال النبي صلى اهللا عليه وسلم

رف بوحشية ال يبررها إنما ستسقطه ألنها تجبره على التص ،صرخات المتظاهرين

وزيادة العيار كل يوم على أمل أن ينجح في ،وعلى ارتكاب المزيد من الجرائم ،شيء

ضحاياه هم الذين سيقضون عليه وإن بغير أيديهم، وكما .. إعادة الخوف إلى النفوس

.قيل من مأمنه يؤتى الحذر

كثرت فسينفرط صحيح أن النظام يرعبه االنشقاقات في الجيش ألن االنشقاقات إن

عقد الجيش ويتحول إلى فوضى مخيفة ، لكن النظام ال يخاف من تحول الثورة

بل يتمنى ذلك لتتغيير قواعد اللعبة وندخل في لعبة يجيدها هو ،إلى مسلحة الشعبية

لذا علينا بذل كل شيء . ومتمرس عليها ولديه كل مقومات الفوز فيها فوزا ساحقا

ألي عسكري هنالك وال حاجة ،تبقى ثورتنا سلمية مئة بالمئةول ،لتبقى أيدينا مكفوفة

۱۹

يريد حماية المتظاهرين من بطش رجال األمن والشبيحة، فمن يريد الحماية من هؤالء

أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان . يمكنه لزوم داره وهم لن يأتوا إليه المتظاهرين

جائر فوعظه فقتله، أي لم يزد )ي حاكمأ(جائر، وسيد الشهداء رجل قام إلى إمام

فقتله الحاكم الظالم وأوصله إلى مرتبة سيد ،هذا المجاهد على قول الحق بلسانه

.الشهداء

إن الخروج في المظاهرات السلمية والمشاركة في الفعاليات السلمية للثورة السورية

ى نفسه جهاد في سبيل اهللا يكتب اهللا األجر لمن يشارك فيه وال يلوم من يخاف عل

فيمتنع عن المشاركة طالما أن قلبه مع إخوانه المجاهدين من أجله وأجل أنفسهم،

إنما هو جهاد الكلمة واالستعداد ..لذا ال مبرر ألي عنف من أجل حماية المتظاهرين

وما ،للموت في سبيل إيصالها ، واهللا يعطي عليه جنة عرضها السماوات واألرض

فقد خرجوا ليقولوا ،من يحمل السالح ليدافع عنهم أحسب المتظاهرين يريدون فعال

.وال يريدون حماية أحد إال رب العالمين ،كلمة الحق ويموتوا من أجلها

وهذا يوصلنا إلى موضوع الحماية الدولية ومطالبة بعض المتظاهرين بها ألنهم ظنوا

وأطماع الدول وألنهم غالبهم جماهير طيبة ال تعرف مكر الساسة ،أن ال أمل إال فيها

إن الحظر الجوي لن يحمي المتظاهرين من جرائم الشبيحة . في خيرات غيرها

والمخابرات، فالحظر الجوي على جنوب العراق وشماله بعد حرب تحرير الكويت

لم يمنع صدام من ارتكاب مجازر بحق أهل البصرة لما انتفضوا عليه، ١٩٩١عام

وحتى القصف الجوي . اية للمنتفضينبل مهد لتقسيم العراق ولم يضمن أية حم

فالذين قتلوا بعد بدئه أضعاف الذين قتلوا قبله، ،المركز لم يضمن سالمة الليبيين

عدا عن إنه يفقد الثورة طابعها السلمي الذي ال يعرف النظام كيف يتعامل معه،

إضافة إلى أن القصف الجوي لن يستطيع انتقاء الشبيحة ورجال المخابرات ليقضي

، ولعلأما االحتالل األجنبي فاسألوا العراقيين عنه. يهم ويحمي الناس من أذاهمعل

. استمرار النظام الحالي مئة سنة خير لنا من االستعمار والفوضى المدمرة

۲۰

لكن مالذي يمكن للدول األخرى أن تقدم لثورة السوريين السلمية؟

وار والمعارضة لباقي يمكنها االستمرار في فضح جرائم النظام وإيصال صوت الث

السوريين وباقي الشعوب والحكومات، ويمكنها تزويد الثوار بوسائل تمكنهم من

كسر الحصار اإلعالمي الذي يفرضه النظام وأقلها أجهزة االتصال التي يمكنها

تجاوز أجهزة االتصاالت المحلية، ويمكنها مواصلة وتصعيد ضغوطها السياسية على

مما سيعجل في شعور الطائفة العلوية بخطورة الوضع الذي النظام والتضييق عليه

.يورطها فيه النظام وعندها تنضم إلى الثورة بالطريقة المناسبة لها

نحن نريد تحسين أوضاعنا ال أن نعالج البالء ببالء أشد منه، وعلينا أن نصبر

ولن ،هونواصل الجهاد ونحن موقنون أن اهللا ناصرنا، لكن ال بد لكل شيء من أسباب

كما أنقذ إبراهيم من النار بأن غير طبيعتها فكانت بردا وسالما اهللا نتوقع أن ينقذنا

كان ه وإنوإن .ال بد للعوامل أن تجتمع وتتفاعل ليحدث التغيير والنصر. على إبراهيم

وال يعني إزاحة الضباط العلويين نهائيا عن سيطرتهم على ،التغيير المتوقع ليس جذريا

، لكنه بالتأكيد يعني تحرر الناس من تسلط ضباط األمن والمخابرات الجيش

وتمتعهم بحصانة تمكنهم من ارتكاب الجرائم ،وتدخلهم في جميع أمور السوريين

بحق المواطنين دون مساءلة أو عقاب، والتغيير غير الجذري المتوقع سيعطي الناس

أناس منتخبين يتولون إدارة حرية التعبير عن آراهم والمشاركة السياسية وسيأتي ب

لكن سيكون هنالك تداول وإمكانية ،شؤون البالد والعباد منهم الصالح والطالح

الن تسمح القوى العظمى لحكم ثوري جذري معاد له. لفضح السارق ومقاضاته

فعندها ستدعم بقاء النظام الحالي ولن نهمهم في ،ويهدد إسرائيل تهديدا حقيقيا

أتوقع أن يتم أي عمل إنقالبي يقوم به الضباط العلوييون ومن معهم شيء، كما إنني

من أبناء الطوائف األخرى بالتنسيق إن لم يكن بدعم ومؤازرة الدول الغربية وبخاصة

التي بالتأكيد لها اتصاالتها بضباط الطائفة العلوية المتنفذين في الجيش ،فرنسا

.واألمن

۲۱

وأنه حتى ،ة لكل السوريين على اختالف أديانهمعلينا ترسيخ قناعتنا بقضية المواطن

لو وصل إسالميون إلى السلطة عندما تعود سورية ديمقراطية فإنهم لن يفرضوا

أن بالد المسلمين في عصور انالتاريخ والفقه اإلسالمي يؤكدف ..الحجاب على أحد

ا ال يعرفه الخالفة اإلسالمية كانت تخرج فيها ماليين النساء وكثير منهن سافرات، فم

،كة وليست حرةو كثيرون أن اإلسالم ال يفرض الحجاب على المرأة إن كانت ممل

،وال يحمي الرجال من فتنة النساء بتحجيبهن باإلكراه ،جميلة كانت أو غير جميلة

ألم يكن في الجواري الجميالت من كل الجنسيات . غض أبصارهم ى الرجالبل عل

السافرات فتنة لمن ال يغض بصره من الرجال المسلمين؟ الحجاب يحمي المرأة

لذا ترك وجهها ،نسان فيهاإلالمسلمة من أن ينظر إليها الرجال كجسد وينسون ا

، أما الجارية التي رألنه موضع اإلنسانية حيث تلتقي األبصار باألبصا تكشفه للجميع

تـقيمتعامل كجسد وهي أن تشترى بالمال فال معنى لتكليفها بحجاب يصونها من

تركيا. فعندها يكون لحجابها معنى ،بالمال وتورث كما تورث األشياء، أما إن تحررت

تحكمها فئة مؤمنة غير قادرة على فرض أي قيود دينية إجتماعية على الناس اآلن

،ألنها فئة من الناس الذين ال يسرقون مال األمة وال يخونونهاو لكنها ،تحتى لو أراد

ضع باستطاعت أن توصل تركيا إلى مرتبة الدولة العشرين عالميا في االقتصاد خالل

علينا أن نطمئن غير المتدينين وغير المسلمين أن الثورة ليست كثورة . غير سنوات ال

ومن أجل جميع أبنائها، فإنه كلها مة السوريةبل هي ثورة األ ،إيران دينية متعصبة

بدون هذا التطمين ستبقى الطوائف األخرى مترددة في المشاركة، والثورة بدون

لم مشاركة الجميع فيها لن تحقق التغيير المنشود، ولن يتحقق أي تغيير مهم ما

. تنضم الطائفة العلوية للثورة ممثلة بجماهيرها وضباطها وزعمائها

ن ال نتصور كل العلويين أشرار ألن منهم الشبيحة وعناصر المخابرات فهؤالء أ علينا

ن في األمن ال ألنهم أشرار إنما ألن النظام و األكثر العلويون همليسوا كل العلويين، و

ال يثق بغيرهم، ولو وثق لوجد الكثير من أبناء السنة والطوائف األخرى مستعدين

شياطين أو يننتصور العلويال أن كما علينا .لمخابراتللقيام بما تقوم به الشبيحة وا

۲۲

بعضهم أحدهم أو سمعنا كيف أساء إساءة من واجهنا أندف اصتمستكبرين ألننا

اء الناس من خالل ذقدرة على إيالأو أكل حقوق الناس معتزا أنه علوي لديه ،األدب

لظهر آخر أي دينلو كانت سورية تحكمها قبيلة أو عشيرة أو أهل بلدة من . األمن

من كثير من هؤالء نوعيات ال تقل حقارة ونذالة عما ظهر من بعض العلويين الذين

إن الطغيان والظلم ال دين له والبشر . غرتهم قدرتهم على إيذاء الناس فطغوا وتجبروا

القضية قضية أخالق قبل كل . يقعون فيه على تنوع قومياتهم أو أديانهم أو طوائفهم

قل النبي صلى اهللا عليه وسلم خياركم في الجاهلية خياركم في اإلسالم ألم ي ..شيء

والذي يعرف العلويين عن قرب يعرف أن أكثرهم أناس طيبون ويريدون أن . إذا فقهوا

يعيشوا مثل كل السوريين، وأننا لو كنا مكانهم نتمتع بوضع متميز على اآلخرين في

لوظائف أو المنح الدراسية أو غيرها ألنها سيترفع عن المنافع أو اكان من منا ،البلد

يفعل ذلك، وبخاصة أن س كان ال تعطي للجميع بالعدل؟ أعتقد أن القليل القليل من

ما يصل إلى جماهير العلويين من المنافع ليس من قبيل المنافع غير العادية، بل هي

أكابر مجرميها الذين يستأثرون غالبا مما يستحقه أي مواطن سوري، اللهم إال

هل سمعتم أن رامي . بخيرات البالد ويحجبونها عن باقي السوريين بما فيهم العلويون

مخلوف وأمثاله يبذلون ملياراتهم للنهوض بحال المناطق العلوية وفقرائهم؟

كل امريء بما كسب رهين، ويوم القيامة يفصل اهللا بين الناس فيخبرهم من كان منهم

ى حق ومن كان على باطل، أما في الدنيا فنحن السوريين عائلة واحدة تتعامل بالبر عل

والمعروف فيما بينها وتتعاون من أجل حياة أفضل لجميع أبنائها أيا كانت أديانهم أو

.قومياتهم

۲۳

إخوتي الكرام أنا أكتب وأنا في الداخل، وأخاف على نفسي، لذلك

أطلع أحدا على هويتي الحقيقية، وال أكتب باسم مستعار، ولم

أنتمي ألي حزب أو منظمة، لذا أقوم وحدي بتوزيع هذا الكتيب

باإليميل على من أعثر على صفحة له على الفيسبوك تدل على أنه

مهتم بأمر الثورة السورية، وهذا يأخذ مني جهدا ووقتا ومع ذلك

ل من وجد هذا يبقى عدد الذين أصل إليهم قليال، لذا أرجو من ك

الكتيب مفيدأ أن يساهم مشكورا في إيصاله إلى أكبر عدد من

.والمهتمين بها السوريين المشاركين في الثورة

كما أرجو من الجميع إرسال إيميل لهم لي ألبعث إليهم بالمقاالت

:القادمة إن شاء اهللا بسهولة، وإيميلي هو

0TUJihad4syria@gmail.comU0T

:نترنت على الرابط التالياإلوالكتيب موضوع على

0TUhttp://mohdnaseh.blogspot.comU0T

۲٤

المقال الثاني

ما لنا غيرك يا اهللا بقلم الدكتور محمد ناصح عبد اهللا

١٦/١٠/٢٠١١

0TUJihad4syria@gmail.comU0T

0TUhttp://mohdnaseh.blogspot.comU0T

أكملت الثورة على الظلم في سورية شهرها السابع، والحال كما يبدو ظاهريا يراوح

ل هدف في مرمى النظام، يقابلها في مكانه، مظاهرات طيارة سريعة تهدف إلى تسجي

عمليات قتل واعتقال وتعذيب حتى الموت، بل وتهديد بخطف النساء وانتهاك

المجتمع الدولي مستمر في حربه .. األعراض من أجل بث الرعب في النفوس

الكالمية على النظام وفي فرض عقوبات ال تسمن وال تغني من جوع، والثائرون في

اية الدولية، حتى إذا يئسوا من البشر لجؤوا إلى رب البشر سورية يستجيرون بالحم

وفي نفس الوقت يتمرد بعض الجنود والضباط ). ما لنا غيرك يا اهللا ( فكان هتافهم

الصغار على األوامر المعطاة لهم بقتل المتظاهرين، وينتهي التمرد بتصفية أكثرهم

. قام ضد األمن والشبيحة وفرار البعض وتشكيله كتائب تريد القيام بعمليات انت

أمريكا وأوربا تحاوالن استصدار قرار إدانة للنظام السوري وتهديد له من مجلس

األمن فتتبارى روسيا والصين في استخدام الفيتو ضد هذا القرار، وهذا يزيد النظام

غرورا واستخفافا بالذي يجري وإمعانا في المكابرة ومحاولة القضاء على الثورة بدل

.عتراف بها والتحاور الجدي معهااال

الذين قاموا بالثورة في سورية هم شباب قرروا العيش بكرامة أو الموت في سبيل

. اهللا، ولم يعد الخوف كافيا ليبقيهم خانعين خاضعين ومستسلمين للظلم والتهميش

۲٥

هؤالء األبطال لديهم الكثير من النوايا الطيبة المخلصة لكن حنكتهم السياسية ما

تزال أقل من همتهم وبطولتهم، وبخاصة أن النظام الذي حرم على الناس ممارسة

السياسة في سورية منذ ثمانية وأربعين سنة، لم يسمح لنمو طبيعي للوعي السياسي

. في البالد، وإن كان الشباب فاقوا كل التوقعات من حيث وعيهم واستبسالهم

يريد االصطياد في الماء العكر، سواء من في هذا المناخ يبقى المجال مفتوحا لمن

قبل النظام أو من قبل بعض القوى الدولية التي تريد اغتنام الفرصة لتحقيق أهدافها

النظام يخوف الطوائف غير السنية ويخوف العلمانيين في سورية . الخاصة في منطقتنا

لحريات من سقوطه ومجيء حكومة متطرفة على النمط اإليراني الذي يضيق على ا

الشخصية والسياسية باسم اإلسالم، كما يقوم النظام في نفس الوقت بمحاولة إشعال

فتنة طائفية بين السنة والعلويين لعلها تكون طوق نجاة له، كما يحاول استفزاز

الثائرين وجرهم إلى التورط في العنف وحمل السالح كي تتغير قواعد اللعبة إلى لعبة

وبالمقابل تحاول أمريكا استغالل . المغالبة واالنتصار هو ماهر فيها وقادر على

الظروف كي تخلق رأيا عاما في سوريا مرحبا بتدخلها عسكريا لإلطاحة بالنظام

واإلتيان بنظام غيره، نظام نحن نحلم أن يكون نظاما مخلصا وأمينا على مصالح

.يحمي اسرائيلاألمة، وأمريكا تحلم أن يكون عميال لها ينفذ سياساتها و

الحيرة والتخبط واضحان هذه األيام في تناقض األصوات المطالبة بحماية دولية

للمتظاهرين والرافضة للتدخل العسكري إلىى األصوات المطالبة بحمل السالح

لمواجهة نظام ال يفهم لغة أخرى غير لغة القوة، مع أصوات تؤكد على سلمية الثورة

غمرة هذا التخبط وهذه الحيرة رفع المتظاهرون الفتات في . وبعدها عن الطائفية

تطالب بتدخل أجنبي في بالدهم، أي بالعودة إلى عصر االستعمار المباشر، وهم ما

كانوا ليطالبوا بذلك لو علموا ما وراء الرغبة األمريكية المعلنة في مناصرة الثورة

.ن من دونهاالسورية عسكريا، ولو علموا أنهم في غنى عنها وسينتصرو

۲٦

أن حربا أهلية حصدت عشرات األلوف من الشهداء في ليبيا من على الرغم

واستهلكت مليارات كثيرة من الدوالرات واعطت امتيازات ألمريكا وفرنسا في نفط

ليبيا إال أن ترفع القوى الغربية عن احتالل ليبيا أو تقسيمها أوهم الكثيرين منا أن

والحقيقة أنهم . تساعدنا دون أن تحتل أرضنا أو تقسم بلدنا الدول الغربية يمكن أن

ال يهمهم من ليبيا إال نفطها بينما سورية ذاتها مهمة لهم رغم فقرها في النفط وغيره

األرض السورية واألمة السورية هي ما تريد أمريكا أن تسيطر . من الثروات الطبيعية

لى النفط الليبي ألجيال مقابل معونتهم لقد ضمنوا السيطرة ع. عليه ال النفط وال غيره

للثوار الليبيين في القضاء على نظام القذافي، وهم ليسوا في حاجة إلى توسيخ

أيديهم باحتالل مباشر لليبيا التي ال تهمهم صحراؤها الشاسعة إال بما تحويه في

أمرا إن احتالل بلد شاسع مثل ليبيا والمحافظة عليه محتال سيكون . باطنها من نفط

مرهقا ومكلفا لهم ولن يعطيهم من المنافع أكثر مما أخذوه دون أن يتورطوا ويكسبوا

.سواد الوجه

سوريا مختلفة عن ليبيا من حيث موقعها االستراتيجي وصغر مساحتها وتشكيلتها

من يسيطر على سورية ويضع قواعده العسكرية . الطائفية والعرقية وجوارها إلسرائيل

لى الشرق األوسط بكامله، فهي تتوسط هذا الشرق األوسط وتقع في فيها يسيطر ع

منذ سنين طويلة واألمريكان يحلمون باحتالل سورية لكنهم كانوا خائفين . القلب منه

من رفض السوريين لهم ومقاومتهم الحتاللهم على اختالف طوائفهم وأديانهم

تقبلها بالترحاب ثلثا لقد دخلت القوات األمريكية إلى العراق واس.. وأعراقهم

الشعب العراقي من أكراد وشيعة، ومع ذلك أرهقت المقاومة التي لم تكن متوقعة كل

هذا ال يعني أنهم لم . خططهم في العراق، وجعلت بقاءهم فيه مكلفا جدا لهم

يحققوا شيئا مما احتلوا العراق من أجله، فالعراق أصبح مقسما إلى ثالث دويالت

دولة كردية، ودولة شيعية، ودولة سنية، وإن كانت : نت تحلم إسرائيلتماما كما كا

الذي نشره خنجر إسرائيلارجعوا إلى كتيب . شكليا متحدة اتحادا فيدراليا ضعيفا

صحفي هندي في أوائل الستينات قبل هزيمة سبع وستين بعدة سنين لتروا ما تحلم

۲۷

ئفية متناحرة تكون إسرائيل بينها به اسرائيل، من تقسيم لمنطقتنا إلى دويالت طا

لقد . بمثابة دولة عظمى متحكمة، ويكون في ذلك ضمان لبقائها وأمنها وازدهارها

قرأت هذا الكتيب بعد هزيمتنا في حزيران سبعة وستين ربما بسنة أو أكثر، وكنت

قبل حرب حزيران أراه معلقا مع مجالت سوبرمان وميكي ماوس التي كان يبيعها رجل

حيينا ضمن ما يبيعه مما يرغب به األوالد من حلوى وألعاب، وكان الكتيب تزينه في

كنت .. فضالت الذباب من طول الزمن الذي عرض فيه دون أن يجد من يشتريه

أشتري مجالت سوبرمان وقصص األطفال ولم تراودني فكرة شراء هذا الكتيب الذي

قرأته بعد ذلك كانت نسخة كان على غالفه صورة خنجر يقطر دما، وحتى عندما

كان فيه خطة . أعارني إياها مدرس فلسطيني متقاعد، وقد ذهلت بما وجدت فيه

إسرائيل الحتالل الجوالن والضفة الغربية وسيناء ثم إرجاعها مقابل السالم والتطبيع،

وكان فيه خطة إسرائيل لتقسيم سورية ولبنان إلى دولة علوية تأخذ الساحل السوري

وحماة وطرابلس، ودولة مسيحية تأخذ ماتبقى من الساحل اللبناني، وتضم حمص

ودولة سنية في الداخل، ودولة درزية تمتد من جبل العرب حتى المناطق الدرزية في

لبنان تكون بمثابة حاجز بشري وطبيعي بين اسرائيل وسورية، وكان فيه خطتهم

ولكم أن تتخيلوا المنطقة . يةلتقسيم العراق إلى دولة كردية وأخرى سنية وثالثة شيع

.لو نجحت إسرائيل في مخططها

لقد حاولت اسرائيل تقسيم لبنان أوال، وما كانت الحرب األهلية اللبنانية في

كانت أمريكا مؤيدة إلسرائيل في .. السبعينات والثمانينات إال من أجل ذلك

قسيمه، وأوعزت إلى مسعاها، لكن فرنسا التي كان لبنان مستعمرة لها لم توافق على ت

وهذا القى هوى عند حافظ أسد . حافظ أسد أن يدخل لبنان ويحول دون تقسيمه

ذي النزعة القومية الوحدوية، وكان دفاعه ضد تقسيم لبنان دفاعا عن وحدة سوريا

ثم جاءت الفرصة المواتية لتنفيذ خطة تقسيم العراق . وتأجيال ألي مخطط لتقسيمها

، فقامت أمريكا بغزوه تعاونها بريطانيا وانضمت إليهما فرنسا التي والفوز بنفطه جائزة

عاندت في البداية، وكان معها حافظ أسد معاندا، حتى إذا تيقنت فرنسا أنها ستخرج

۲۸

من المولد بال حمص ما لم تشارك أمريكا في احتالل العراق، أقالت فرنسا وزير

وقوف إيران على مضمنت له دفاعها وانضمت إلى الحلفاء ومعها سورية التي

لقد مهد الحظر الجوي الذي فرضته أمريكا على جنوب العراق وشماله منذ . الحياد

مهد لتقسيم العراق وكرس شعور ٢٠٠٣وحتى غزوهم العراق عام ١٩٩١عام

العراقيين باالنقسام على أساس طائفي وقومي، لكنه أبدا لم يحم العراقيين من بطش

ب المذابح في البصرة عندما انتفضت، ولم يكن بحاجة إلى صدام الذي ارتك

لقد كانت الحياة في . الطيران للقيام بذلك، وهو يواجه شعبا أعزل أو شبه أعزل

العراق أيام صدام قاسية من حيث فقد العراقيين للحرية السياسية ووقوعهم ضحايا

بعد احتالل أمريكا نزوات دكتاتور سفاح مثل صدام، لكن األمور لم تتحسن كثيرا

للعراق، فالذين قتلوا بعد االحتالل أضعاف أضعاف من قتلهم صدام، وما تزال

العراق تعيش حالة من الخوف والفقر وسوء الخدمات والفساد السياسي واإلداري

والفوضى على كافة األصعدة، بما يجعل كثيرين يترحمون على أيام صدام ويرونها

لقد كان الهدف المعلن للغزو األمريكي للعراق هو . ق اآلنخيرا مما يعاني منه العرا

تحرير الشعب العراقي من دكتاتور مستبد ونقل العراقيين إلى نعيم الحكم

الديمقراطي، وكان الهدف الحقيقي هو السيطرة على نفط العراق والخليج وتقسيم

يرينا أن العراق إلى ثالث دويالت ضعيفة ال تشكل أي تهديد إلسرائيل، والواقع

األمريكان نجحوا في تحقيق أهدافهم غير المعلنة ولم يحقق الشعب العراقي الكثير

من المكاسب، ولم تتحقق أحالمه في حياة حرة كريمة راغدة حتى اآلن، رغم

األعداد التي ال تحصى من الضحايا، والدمار، والجراح الجسدية والنفسية التي

ب الحصار االقتصادي الذي سبقه، وكان أصابت العراقيين بسبب الغزو، وبسب

.االدعاء أنهم فرضوه من أجل الشعب العراقي

وبالنسبة إلسرائيل ال . ما تزال إسرائيل ومن ورائها أمريكا تحلم بتقسيم سورية ولبنان

يبدو هنالك من هو خير من النظام السوري الحالي إال أن تحتل أمريكا سورية

ة تنفذ سياساتهم وتحمي إسرائيل، لذا فإن وتقسمها وتضع فيها حكومات تابع

۲۹

إسرائيل ال تشجع على اإلطاحة بالنظام الحالي إال من خالل التدخل العسكري

األمريكي المباشر الذي يضمن أمنها ومصالحها وتحقيق حلمها في تقسيم المنطقة

وهذا يعني أن أغلب الساسة األمريكيين . إلى دويالت طائفية ضعيفة متناحرة

ن متحمسين لمثل هذا التدخل حتى لو كلف أمريكا المال الكثير رغم ما تمر سيكونو

به من صعوبات اقتصادية، هذا إن افترضنا أن أمريكا لن تجبر دول الخليج على دفع

. نفقات تدخلها في سورية بحجة أنه تدخل من أجل حماية الشعب السوري وتحريره

ة وفتوره الذي يهدف إلى إعطاء الدعم األمريكي للثورة السوري ضعفوهذا يفسر

النظام فرصة لقتل المزيد من السوريين، ال حبا في النظام وحرصا عليه، بل ابتزازا

للشعب السوري بتركه فريسة بيد النظام، مما جعل بعض المتظاهرين السوريين

إنهم يريدوننا أن نتألم . يرفعون الفتات تطالب بالحظر الجوي والتدخل العسكري

وأمريكا ال تتصرف . صرخ ونستغيث بهم ونرضى بشروطهم لنجدتنا ومساعدتناحتى ن

بمفردها في منطقتنا إذ عندها دول تابعة لها ال تقدر على مخالفتها تحيط بسورية

وتمارس نفس الضغط على الثورة السورية، وذلك باالمتناع عن المساعدة مع التلويح

.القبول بشروطهمبها كي يدفعنا اليأس إلى االلتجاء إليهم و

األمريكان ال يهمهم أن يقتل منا اآلالف أو عشرات اآلالف ظلما، فمجزرة تدمر في

لم تكن غائبة عنهم، والسوريون يومها وصلتهم أخبار دخول ١٩٨٠صيف عام

عناصر من سرايا الدفاع إلى مهاجع السجناء اإلسالميين في سجن تدمر وإطالقهم

ن ألف سجين، دون معرفة أسمائهم، ودون ثبوت أية النار عليهم وقتلهم ألكثر م

وما كان ذلك إال انتقاما لقيام شاب إسالمي كان في الحرس الخاص . تهمة عليهم

بحافظ أسد بإلقاء قنبلة يدوية عليه لقتله، لكن لسوء حظ السوريين أو ربما لحسنه،

سالمي ال دخل نجا حافظ أسد، وأمر في اليوم التالي باالنتقام من أكثر من ألف إ

المهم لم تكن مذبحة كهذه علم بها السوريون فور وقوعها، . لهم بمحاولة اغتياله

لتخفى على أمريكا وغيرها من الدول الغربية أو الدول المحيطة بسورية، ولم يكن

صمت الجميع عليها نتيجة عدم علمهم بها، بل تجاهلوها ألن دماء السوريين ال

۳۰

ظام وقتها كان يحارب االتجاه اإلسالمي، بعد نجاح قيمة لها عندهم، وألن الن

، وخشية أمريكا من نجاح اإلسالميين ١٩٧٩اإلسالميين في إيران في ثورتهم عام

.في دول المنطقة في ثورات مماثلة

عندما تخدم الجريمة مصالحهم فإنهم يغضون الطرف عنها حتى لو كان ضحاياها

، ١٩٨٢ط ما حصل في حماة في شباط عشرات اآلالف من األبرياء، وهذا بالضب

عندما أعلن مجموعة من الشباب اإلسالمي فيها ربما ال يبلغون مئتي شاب، أعلنوا

تمردا مسلحا، وكانوا مختبئين في األحياء القديمة من مدينة حماة، حيث البيوت

متالصقة والحارات ضيقة ويسهل على الشباب الدخول إلى بيت ثم القفز على

لوصول إلى أماكن بعيدة يصعب القبض عليهم فيها، فكانت أوامر حافظ األسطح ل

وبتنفيذ أخيه رفعت لها، بمحو األحياء القديمة من حماة وتدميرها حتى على رؤوس

أهلها، من أجل القضاء على ذلك التمرد الذي لم يكن مسلحا بأكثر من البنادق

متمردين أن يختبئوا فيه، فكانت والقنابل اليدوية ، ومن أجل إزالة أي مخبأ يمكن لل

.مذبحة حماة التي يقال أن ضحاياها كانوا باآلالف أو ربما عشرات اآلالف

لم تقع مذبحة حماة في غفلة من أمريكا وحلفائها في المنطقة، ولم تكن أرواح

السوريين األبرياء لها أية قيمة لديهم طالما كان إزهاقها فيه مصلحة ألمريكا وإسرائيل

واليوم ال يتباكى األمريكان على شباب الثورة . ظمة الحليفة لهما في المنطقةواألن

السورية الذين يقتلهم األمن والشبيحة لمجرد أنهم هتفوا مطالبين بالحرية وإسقاط

النظام، ال يتباكون حزنا ورحمة على قتالنا إنما هي الفرصة واتتهم لتوظيف هذه

اللها واالستفادة منها لتحقيق أحالمهم االستعمارية الجرائم التي يرتكبها النظام واستغ

وال تظنوا أن روسيا والصين استخدمتا الفيتو في مجلس األمن حبا . وأحالم إسرائيل

في النظام وكرها بالثوار، إنما هي مصالحهم ودفاعهم عن أنفسهم حيث يشكل

األوربي األمريكي سقوط سورية في يد أمريكا تهديدا لهما، لذا أحبطتا مشروع القرار

في مجلس األمن ألنه كان يمهد قانونيا وسياسيا لتدخل عسكري أمريكي في سورية،

في أيام االتحاد السوفيتي كانت اإليديولوجية . ولتحول سورية إلى قاعدة أمريكية

۳۱

االشتراكية تدفع روسيا والصين لمساعدة الدول التي تنادي باالشتراكية ولو كلفهما

.ئر المالية، لكن اإليديولوجيا االشتراكية لم تعد تحرك أحدا هذه األيامذلك الخسا

أقول ذلك ألبين لشباب ثورتنا أن موقف روسيا والصين ليس موقفا مؤيدا للنظام في

سورية ضد شعبه من أجل عيون النظام، إنما هي مصلحتهم االستراتيجية التي ترى

ريكي لسورية، ومن تحولها إلى قاعدة النظام رغم جرائمه خيرا من احتالل أم

آخرأي إنه لو ضمن الروس والصينيون أن اإلطاحة بالنظام ستأتي بنظام . لألمريكان

. ال يسمح ألمريكا بالسيطرة على سورية أو احتاللها فإن موقفهم من ثورتنا سيتغير

، وهذا )ليس لبريطانيا أصدقاء دائمون إنما لها مصلحة دائمة : ( تشرشل قال قديما

ينطبق على روسيا والصين وحتى على إيران، وعلى كل دول األرض، إال التي تحكمها

أنظمة عميلة تقدم مصلحتها كأنظمة على مصلحة أممها، كما كان حال نظام مبارك

أنا لست منزعجا من الفيتو الروسي والصيني رغم أنه يصب في . على سبيل المثال

ما تقول العرب، ولعل في هذا الفيتو إبعادا لشبح مصلحة النظام، فرب ضارة نافعة ك

االحتالل األمريكي عن بالدنا ريثما نتروى ونفكر بما علينا فعله للخروج منتصرين

.وبأقل الخسائر

ويبقى السؤال هل من مخرج للثورة السورية من حالة المراوحة في مكانها التي تبدو

مضطرون لالستعانة بالتدخل عليها اآلن دون تدخل عسكري أمريكي؟ وهل نحن

األجنبي ثم تحميل النظام المسؤولية عن اضطرارنا هذا ووضع اللوم عليه؟ وهل

ستختلف العواقب إن كنا نحن المسؤولين عن التدخل أو كان النظام هو من اضطرنا

إليه؟

دعونا نتخيل االحتماالت الممكنة ونتخيل عواقبها كي نختار أقلها ضررا وأكثرها

.لناربحا

االحتمال األول هو أن تفرض أمريكا حظرا جويا مشكوكا بفائدته، وأن تفرض تركيا

ثم تقوم . طوعين لقتال النظاممتمنطقة عازلة تكون مالذا للعسكريين المنشقين وال

۳۲

أمريكا وحلفاؤها العرب بتسليح هؤالء وعندما يبلغون من القوة حدا معقوال يشنون

جوية أمريكية وأطلسية، تماما كما حدث في ليبيا، واألمل أنه حربا برية تغطيها حرب

.على المدى البعيد ستتم اإلطاحة بالنظام

لكن السؤال ما الثمن الذي ستدفعه سورية من أرواح أبنائها ومن دمار مقدراتها حتى

نحقق ذلك االنتصار؟ وهل يومها ستكون الدولة السورية الجديدة دولة مستقلة

حقيقيا بحيث تحمي مصالح السوريين وال يكون دورها غير تنفيذ السياسة استقالال

ال تنخدعوا بالوضع الليبي فإن المهم في ليبيا هو نفطها . األمريكية في المنطقة

وأسواقها الواعدة ومشاريع بناء البنية التحتية التي تنتظر الشركات األمريكية واألوربية

ما زلت أذكر . ليبية في إقالة عثار اقتصادهم المأزوماستالمها لالستفادة من الثروة ال

اضطرار بلد عربي في التسعينات إلعطاء مشروع اتصاالت كبير لشركة أمريكية تطلب

أربعة مليارات دوالر بينما شركة يابانية كانت مستعدة لتنفيذه بمليار وستمئة مليون

دولة بإعطاء المشروع يومها تدخل بيل كلنتون شخصيا إلقناع هذه ال. دوالر فقط

ماذا سيكون الحال . لألمريكان رغم الخسارة الرهيبة لهذه الدولة، وهي دولة مستقلة

بعد أن يسقط النظام لنسقط نحن في قبضة األمريكان؟ واهللا لن يرحمونا ولن يأتوا إال

.من أجل مصالحهم وأطماعهم

روح الدينية االستشهادية، االحتمال الثاني هو تحول الثورة إلى ثورة مسلحة تحركها ال

وبالتالي تتحول تلقائيا إلى ثورة طائفية سنية ضد علوية، وعندها ندخل في حرب

أهلية ستكون مدمرة أكثر من الحرب األهلية اللبنانية التي دامت خمسة عشر سنة

وخرج الجميع منها خاسرين، وعندها سيتمكن النظام من تجييش جميع العلويين

لمسيحيين، ألنهم بالتأكيد ال يريدون أن يحكم سورية حكومة دينية ومعهم الدروز وا

على النمط اإليراني ال تعاملهم كمواطنين لهم جميع حقوق المواطنة بغض النظر عن

وعندها ستطول الحرب وتكثر الضحايا وسينتصر النظام في . أديانهم ومذاهبهم

سيكون لديه النهاية، وسيكون ذلك على حساب وحدة الشعب السوري الذي

۳۳

األحقاد والرغبة في الثأر من بعضه بعضا، وسيطول بقاء النظام إلى أمد ال يعلمه إال

. اهللا

االحتمال الثالث أن تستمر الثورة بنفس الزخم أو أكثر منه، ويستمر النظام في

ارتكاب جرائمه، مما يدفع الكثيرين من العسكريين لالنشقاق بحيث يصبح الجيش

بالتفكك الكامل، ويرافق ذلك صعوبات اقتصادية حتمية تؤثر على السوري مهددا

التجار والضباط الكبار الذين يدعمون النظام، بحيث يصبح النظام عبئا عليهم، ال

مصدر منفعة لهم كما كان من قبل، وهم حتى لو صبروا فإن لصبرهم حدود،

راءها من الدول وسيكون ال بد من انقالب عسكري مدعوم من فرنسا بالذات ومن و

. الغربية لإلطاحة بالنظام ومجيء نظام جديد مع بقاء هؤالء الضباط في مناصبهم

ولكن لماذا فرنسا بالذات؟ ألن فرنسا غير مستعدة الحتالل سوريا عسكريا، وال

تحب أن تسيطر أمريكا على سورية وتفقد فرنسا نفوذها ومصالحها فيها، لذا فرنسا

موقف األمريكي الداعي إلى التدخل العسكري في سورية، ال التي تؤيد في العلن ال

تتمناه في سرها، وتتمنى لو تنفرد هي بحل المشكلة السورية، لتبقى صاحبة النفوذ

طبعا لو تغلبت أمريكا ففرنسا ستكون شريكة . األكبر في بلد استراتيجي مثل سورية

هم واقعيون ويتمنون . لها، ألن ذلك خير لها من خروجها بال مكاسب على اإلطالق

أن تبقى سورية لهم، لكن لن يترددوا في االنضمام إلى أمريكا في أي تدخل عسكري

. في سورية حتى يضمنوا حدا أدنى من مصالحهم في سورية ولبنان وباقي المنطقة

لكن لو أصر الثوار السوريون على سلمية الثورة، وعلى الرفض التام ألي تدخل

انشقاق العسكريين سلميا، أي لم يتحولوا إلى مقاومة عسكري أجنبي، وبقي

عسكرية للنظام تدخل البلد في ما يشبه الحرب األهلية، فعندها سيزداد فتور أمريكا

في دعم الثورة من أجل تركيعها، لكن فرنسا ستبقى مؤيدة ألي انقالب عسكري يقوم

النفوذ وذات األفضلية به ضباط متعاونون معها ويضمنون لها بقاءها الدولة صاحبة

.عند السوريين

۳٤

لو صبرنا على تقديم الشهداء ولم نتورط في أي عنف، فإن المزيد من الشباب

سينشقون عن الجيش ، وال بأس أن ينشقوا بأسلحتهم الفردية، وال بأس أن يقاوموا

محاوالت اعتقالهم وتصفيتهم ولو أدى ذلك الستشهادهم دفاعا عن أنفسهم، بشرط

يقوموا بأية مهاجمة ال لألمن وال للشبيحة، فالذي يموت دون نفسه فهو شهيد أن ال

طالما أن النظام سيكون مصرا على قتل أي عسكري ينشق إلرهاب باقي العسكريين

ممن تراودهم أنفسهم باالنشقاق، وهذا قتل ظالم ال يستحقونه وال يمكن أن ندعوهم

سير في جنائزهم على أنهم شهداء قتلتهم لالستسالم للنظام ليقتلهم بدم بارد ثم ي

لكن قيامهم بالمبادرة والمهاجمة سيفقد الثورة طابعها . العصابات المسلحة المزعومة

السلمي، وسيكونون جناحا عسكريا للثورة، مما سيطيل عمر النظام ويزيد فرصه في

ألنهم ان كانشقاقهم أن على المنشقين اإلعالن عن. االنتصار والقضاء على الثورة

يرفضون قتل إخوانهم السوريين دون حق، لكنهم لن يمارسوا أي حرب مسلحة ضد

يجب أن ال يهاجم . أي فئة في بالدهم، حتى لو كانت الشبيحة سيئة الصيت

السوري سوريا آخر، أما أن يفر المنشقون بأسلحتهم ويعتزلوا النظام ويكفونه خيرهم

خابئهم لقتلهم، دافعوا عن أنفسهم وماتوا وشرهم، ثم إن أصر على مهاجمتهم في م

دفاعا عن النفس، فال بأس في ذلك، طالما أنهم لم يعتدوا على أحد، ولم يبادروا في

.الهجوم على أحد

قد يبدو هذا الكالم مثاليا أو متخاذال لبعض المتحمسين الذين تدفعهم رغبتهم في

لكن صدقوني إن . ح على النظاماالنتقام من النظام إلى الدعوة إلى التمرد المسل

الضحايا إن بقيت ثورتنا سلمية ستكون أقل كثيرا مما لو تحولت إلى مسلحة،

وسيكون انتصارها مؤكدا حتى لو كان على يد ضباط علويين وغير علويين هم اآلن

.جزء من النظام

قد يقول البعض إن من الضباط الذين يمكن أن يساهموا في االنقالب المتوقع

باط تلوثت أيديهم بدماء السوريين المسالمين خالل مرحلة القمع للثورة التي نمر ض

بها حاليا، فكيف سنرضى أن يبقوا في مناصبهم بعد سقوط النظام وأن ال يحاكموا

۳٥

على جرائمهم؟ وأن ال يالحقوا على كسبهم غير المشروع قبل أن ينقلبوا على

النظام؟

. ذلكألن المصلحة تقتضي سنرضى، نعم

التعويض من مال الدولة تعويضا مجزيا ال يسقط، بل فيلكن حق أهل الشهداء

لكبير الذي يضمن تدفع دية كل شهيد ويعوض كل مصاب التعويض المالي ا

والد الشهيد وأهله حياة كريمة، إذ دية المقتول كانت زمن ألو للمصاب وألوالده

كبيرة جدا في حسابات ذلك الزمان، الرسول صلى اهللا عليه وسلم مئة ناقة، أي ثروة

.وال بد أن تكون دية كل شهيد من شهداء الثورة ما يعتبر ثروة كبيرة في زماننا

أما الذين استشهدوا فلن يعوضهم شيء إال ثواب اهللا فهم أحياء عند ربهم يرزقون ،

ي يقتل فيها ولن ينفعهم القصاص، إنما هو من أجل ذويهم ومنعا لعمليات الثأر الت

الثمن تكونتذهب دماؤهم هدرا بل أن الوسيسعدهم كثيرا البريء بجريرة قريبه،

.لتحرر األمة والنهوض بأحوالها

نعم المصلحة تقتضي أن ال يالحق من ينقلب على النظام ويساهم في إسقاطه، ألن

أمل أن يبقى لديه إذاإلصرار على مالحقته يجعله يستميت في الدفاع عن النظام،

ال تستغربوا هذا المنطق . ينتصر النظام ويكون بذلك نجاة له من االنتقام والمالحقة

األولى . الذي يغلب المصلحة على العاطفة، فهو منطق قرآني نجده في مسألتين

حالة بغي فئة على فئة في مجتمع المسلمين بدافع سياسي، فقد أذن اهللا بقتال الفئة

تفيء إلى أمر اهللا، أي حتى ترجع إلى الحق والعدل، فإن الباغية أي المتعدية حتى

رجعت أو تم التغلب عليها، فإنها ال تعامل معاملة العدو المهزوم، فال يقتل منهم

األسير، وال يجهز على الجريح، وال يالحق الهارب، وال تصادر أموالهم وال تسبى

مان على أموالهم وأعراضهم نساؤهم، إنما هم بعد هزيمتهم مواطنون كغيرهم، لهم األ

اقرؤوا ما جاء . وأنفسهم، وال يالحقون فيما سببوه من قتل أو جرح أو إتالف مال

وإن طائفتان من المؤمنين اقـتتـلوا فأصلحوا { : في سورة الحجرات حيث يقول تعالى

۳٦

نـهما فإن بـغت إحداهما على األخرى فـ قاتلوا التي تـبغي حتى تفيء إلى أمر الله بـيـ

نـهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما ) ٩(فإن فاءت فأصلحوا بـيـ

، واسألوا } )١٠(علكم تـرحمون المؤمنون إخوة فأصلحوا بـين أخويكم واتـقوا الله ل

.العلماء إن شئتم عن هذه األحكام التي ال يعلمها كثير منا هذه األيام

ثم هنالك المجرمون الذين يمارسون القتل والسطو المسلح، فإن حكم اهللا فيهم إن

وقعوا في قبضة الحكومة حكم قاس شديد، وهو أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم

فوا من األرض، وقد فسر البعض لكن إن . بالسجن النفي وأرجلهم من خالف، أو يـنـ

تابوا قبل أن يتم القبض عليهم سقطت عنهم العقوبة والمالحقة القضائية، قال تعالى

نا على بني إسرائيل أنه من قـتل نـفسا ب {: في سورة المائدة غير من أجل ذلك كتبـ

نـفس أو فساد في األرض فكأنما قـتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس

هم بـعد ذلك في األرض لمسرفو نات ثم إن كثيرا منـ هم رسلنا بالبـيـ ن جميعا ولقد جاءتـ

إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في األرض فسادا أن يـقتـلوا أو ) ٣٢(

فوا من األرض ذلك لهم خزي في يصلبوا أو تـقطع أيديهم وأرجلهم من خالف أو يـنـ

نـيا و إال الذين تابوا من قـبل أن تـقدروا عليهم ) ٣٣(لهم في اآلخرة عذاب عظيم الد

.} )٣٤(فاعلموا أن الله غفور رحيم

لم أسقط اهللا العقوبة عنهم بمجرد أن تابوا وتوقفوا عن جرائمهم؟ : ويبقى السؤال

مة، فالحكومات تعرف مدى صعوبة محاربة العصابات إن في ذلك حكمة عظي

المسلحة وتعذر القضاء عليها، لذا ترك اهللا لهم باب التوبة والعودة إلى المواطنة

الصالحة مفتوحا، وإال فإنهم سيجدون أنفسهم مضطرين لالستمرار في نشاطهم

التي تورطوا فيها اإلجامي حتى يـقتلوا أو يـؤسروا طالما أنهم سيالحقون على جرائمهم

هذا العفو الدنيوي ال يسقط عنهم اإلثم والعقوبة في اآلخرة، وال . في جميع األحوال

بالتعويض ،يضيع حق من سلب ماله أو عرضه أو أصيب بجرح أو قتل فرد من أسرته

ويترك المسلحون الذين تابوا ،المجزي والسخي، إنما يتم التعويض من مال الدولة

۳۷

بض عليهم دون مالحقة حتى يتشجعوا على العودة إلى الحياة الشريفة قبل أن يتم الق

.وال يتحولوا إلى أسرى لماضيهم ولجرائمهم التي ارتكبوها

إن هذا العفو عن الذين ارتكبوا الجرائم بحق األمة ثم قرروا التغيير من قبل أن

يفقد يهزموا ويتم القبض عليهم ليس من أجلهم، بل هو من أجل المجتمع الذي

م في أغلب الحاالت الشعور باألمان إن استمروا في جرائمهم ويصعب عليه هزيمته

.كثيرين إال بعد ضحايا

رب العالمين يحرص على المصلحة العامة ويعطيها األولوية على العواطف والرغبة في

هذا بخصوص المجرمين فكيف بخصوص الذين يرتكبون جرائمهم . الثأر واالنتقام

ونحن لم ننتصر عليهم ونأسرهم إنما هم انقلبوا على النظام وأطاحوا به بدافع سياسي

.ليتحقق للثورة بعض الذي تكافح من أجله

قد يقول البعض إن الثورة في غنى عن هؤالء وستستمر من دونهم وال بد أن يسقط

. النظام في النهاية وتتم محاسبة هؤالء على جرائمهم

من أناس ال حياء عندهم وال كرامة لن يتخلى عن السلطة أوال الواقع يقول إن نظاما

ويعرض نفسه للمالحقة لمجرد أن الماليين خرجت إلى الشوارع تهتف مطالبة

إن رجال عنده كرامة مثل ديغول استقال واعتزل السياسة عندما طرح . بسقوطه

يكن لالستفتاء مشروعا فرفضه أكثر من نصف الشعب الفرنسي فاستقال ديغول، ولم

أحد يطالبه باالستقالة، إنما كانوا يعارضون مشروعه، ولو بقي في منصبه لما ذمه

لكن األناس الذين نحن مبتلون بهم ال حياء عندهم وال كرامة، ولن يأتي اليوم . أحد

نعم يجب . الذي يستجيبون فيه لهتاف الجاهير مهما عال ومهما زاد عدد المتظاهرين

هممنا، لكن علينا التفكير بواقعية، فاهللا لن يفرج عنا أن ال نيأس وأن ال تتثبط

بمعجزة والبمالئكة تهبط من السماء لتطيح بالنظام استجابة لرغباتنا ودعائنا، إنما

فرجه يكون من خالل أسباب وعوامل يبدو لي أن انقالب بعض الضباط العلويين

التي يمكن أن يفرج وغير العلويين على النظام الذي هم جزء منه اآلن هي الوسيلة

۳۸

لذا علينا أن نسعى في . اهللا عنا بها دون أن نرهن مصير بالدنا بيد األمريكان وغيرهم

هذا االتجاه، فهو اتجاه واقعي ومحتمل جدا وتستطيع االحتجاجات السلمية

للمدنيين واالنشقاقات السلمية للعسكريين والدعم الدولي السياسي واإلعالمي أن

ف هو أن تنصلح أحوالنا ونتخلص من حكم المخابرات واألجهزة تقود إليه، فالهد

األمنية المتسلطة على رقاب الناس وأموالهم، حتى لو لم يمكن القصاص والثأر

للشهداء والمظلومين من قتلتهم وجالديهم، المهم هو أن يتوقف القتل والظلم قبل

إنقاذ ما تبقى، أن يصيب الكثيرين ممن لم يصل إليهم حتى اآلن، أي المهم هو

، ولنتغلب على عواطفنا، ولنكن قادرين على العفو وتقبل الذين ءولنترك العدالة للسما

. أساؤوا إن قرروا االنضمام إلى ثورتنا وتخليصنا من هذا النظام المجرم

يجب أن ال . لن تنجح ثورتنا إال إذا كانت ثورة جميع السوريين بما فيهم العلويون

آلالف من العلويين الذين غسل عقولهم وأقنعهم أن مؤامرة يقف استعمال النظام

تظاهرين، متجري ضده ألنه قومي وممانع، واستغل فقرهم واستخدمهم في قمع ال

فهذا هو ما يريده النظام لتبقى . يجب أن ال يقف حائال بيننا وبين إخوتنا العلويين

األمنية في سورية مركزة في الطائفة العلوية أسيرة له ومرتبطة به، والقوة العسكرية و

أيدي ضباط منها، وال أمل بتغيير من دونهم، إال عن طريق الحرب األهلية والغزو

يجب أن تحرص الثورة على اجتذاب العلويين وباقي الطوائف والقوميات . الخارجي

السورية وأن نتناسى الماضي من أجل مستقبل أفضل نشارك كلنا في بنائه العلوي منا

.لويوغير الع

صدقوني ليس العلويون أقل فقرا من باقي السوريين ، إنما يلهيهم النظام بالشعور

بالتسلط على الناس وخوف الناس منهم ليتخذهم جنودا له، ليستمر في نهب خيرات

البلد هو ومن معه من المنتفعين، ولتبقى الطائفة فقيرة وقليلة الثقافة بحيث يكون

.در الرزق الرئيسي لشبابهاالتطوع في الجيش واألمن مص

۳۹

النظام ال يحترم العلويين وال غيرهم وال يحرص حرصا حقيقيا ال على العلويين وال

على غيرهم، إنما هو نظام من أناس فاسدين يجمعون المال من حالل ومن حرام وال

يفكرون بأكثر من استمرارهم في السلطة ليدوم تمتعهم باالمتيازات التي أعطوها

م، وما الطائفة العلوية إال مطية لهم مسخرة لخدمتهم وحمايتهم، وهي بحاجة ألنفسه

للجميع بحيث تكون مثل باقي السوريين لتتحرر منه ولتشارك في بناء سورية

عندهم ،العلويون بشر مثلنا .الفرص ويسود العدل ويتقدم األصلحتتكافيء فيها و

ؤنا في هذا الوطن، وال يمكننا ولهم آمال ومخاوف مثلنا، وهم شركا ،ضمائر مثلنا

.المسير من دونهم، وبخاصة بعد أن تركزت القوة العسكرية واألمنية بأيديهم

ثم علينا كسب الطوائف األخرى للثورة من خالل تطمينهم أن ثورتنا ال تسعى إلى

حكم ديني يتحكم فيه علماء الدين بالناس، إنما نريد حكما مدنيا ال يعادي األديان

يع في ظله العسكري أن يؤدي صالته عالنية دون أن يقع تحت المراقبة ويستط

والتحقيق، حكم يشجع على مكارم األخالق ويحترم شرائع كل طائفة أو دين في

األحوال الشخصية، حكم يطلق الحريات ويسمح للجميع بالمشاركة في صياغة

من السوريين بسبب سياسة البلد بالوسائل الديمقراطية، وال يسمح باضطهاد أي فئة

حكم يتساوى أمامه جميع السوريين فيكون لهم .دينها أو قوميتها أو غير ذلك

الحقوق ذاتها وعليهم الواجبات نفسها لمجرد أنهم سوريون بغض النظر عن مناطقهم

السوريون عائلة كبيرة واحدة تتعاون . أو مذاهبهم أو أديانهم أو لغاتهم أو قومياتهم

.لهم وألجيالهم القادمة من أجل حياة كريمة

ال للعنف بجميع : حتى تنجح ثورتنا ال بد لها من الحرص على الءاتها الثالث

أشكاله، وال للطائفية والحرب األهلية، وال للتدخل العسكري األجنبي، فإن بقاء

النظام على عالته أرحم للسوريين من أي من هذه الخيارات الثالث، وكما يقول

شر خيار، أي العاقل يختار أهون الشرين وال يزيل المنكر بمنكر ال: فقهاء اإلسالم

وإن االستمرار في ثورة سلمية تضم جميع السوريين وتتقبل من الدول . أكبر منه

األخرى العون الذي ال يمس استقالل البالد، وتترفع على أية أحقاد أو نعرات، هو

٤۰

منه وأرحم، لكن علينا أن كفيل إن شاء اهللا بسقوط هذا النظام ومجيء نظام أحسن

ال نستعجل وال نتثبط إن تأخر الفرج فإنه قادم وحتمي إن تواصلت ثورتنا ولم تفتر

.عزيمتنا

------------

إخوتي الكرام أنا أكتب وأنا في الداخل، وأخاف على نفسي، لذلك

أكتب باسم مستعار، ولم أطلع أحدا على هويتي الحقيقية، وال

منظمة، لذا أقوم وحدي بتوزيع هذا الكتيب أنتمي ألي حزب أو

باإليميل على من أعثر على صفحة له على الفيسبوك تدل على أنه

مهتم بأمر الثورة السورية، وهذا يأخذ مني جهدا ووقتا ومع ذلك

يبقى عدد الذين أصل إليهم قليال، لذا أرجو من كل من وجد هذا

إلى أكبر عدد من الكتيب مفيدأ أن يساهم مشكورا في إيصاله

.والمهتمين بها السوريين المشاركين في الثورة

كما أرجو من الجميع إرسال إيميل لهم لي ألبعث إليهم بالمقاالت

:القادمة إن شاء اهللا بسهولة، وإيميلي هو

0TJihad4syria@gmail.com0T

:على الرابط التالينترنت والكتيب موضوع على اإل

0Thttp://mohdnaseh.blogspot.com0T

٤۱