اسرار ترتيب القران
TRANSCRIPT
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 1
أسرار ترتيب القرآن
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل
www.alwww.al-mostafa.com
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 2
سورة التكاثر
أقول هذه السورة واقعة موقع العلة لخاتمة ما قبلها كأنه لما قال هناك فأمه
فاشتغلتم بدنياكم ومألتم 1ل ألنكم الهاكم التكاثر قيل لم ذلك فقا9هاوية
موازينكم بالحطام فخفت موازينكم باآلثام ولهذا عقبها بسورة العصر المشتملة
على أن اإلنسان في خسر بيان لخسارة تجارة الدنيا وربح تجارة اآلخرة ولهذا
خلده عقبها بسورة الهمزة المتوعد فيها من جمع ماال وعدده يحسب أن ماله أ
فانظر لى تالحم هذه السور األربع وحسن اتساقها
سورةالفيل
ظهر لي في وجه اتصالها بعد الفكرة أنه تعالى لما ذكر حال الهمزة اللمزة
الذي جمع ماال وعدده وتعزز بماله وتقوى عقب ذلك بذكر قصة أصحاب الفيل
تضليل الذين كانوا أشد منهم قوة واكثر أمواال وعتوا وقد جعل كيدهم في
واهلكهم بأصغر الطير وأضعفه وجعلهم كعصف مأكول ولم يغن عنهم مالهم
والعزهم وال شوكتهم وال فيلهم شيئا
فمن كان قصارى تعززه وتقويه بالمال وهمز الناس بلسانه أقرب إلى الهالك
وأدنى إلى الذلة والمهانة
سورة قريش
في أولها بالفعل في آخرهي شديدة االتصال بما قبلها لتعلق الجار والمجرور
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 3
تلك ولهذا كانتا في مصحف أبي سورة واحدة
سورة الماعون
ذكر هنا ذم 4أقول لما ذكر تعالى في سورة قريش الذي أطعمهم من جوع
من لم يحض على طعام المسكين
ذكر هنا من سها عن صالته3ولما قال هناك فليعبدوا رب هذا البيت
سورة الكوثر
فخر الدين هي كالمقابلة للتي قبلها ألن السابقة وصف اهللا قال اإلمام
سبحانه فيها المنافقين بأربعة أمور البخل و ترك الصالة والرياء فيها ومنع الزكاة
أي الخير الكثير 1وذكر في هذه السورة في مقابلة البخل إنا أعطيناك الكوثر
أي 2الرياء لربك أي دم عليها وفي مقابلة 2وفي مقابلة ترك الصالة فصل
وأراد به التصدق بلحوم 2لرضاه ال للناس وفي مقابلة منع الماعون وانحر
األضاحي قال فاعتبر هذه المناسبة العجيبة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 4
سورة الكافرون
أقول وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى لما قال فصل لربك أمره أن يخاطب
دون وبالغ في ذلك فكرر وانفصل الكافرين بأنه ال يعبد إال ربه واليعبد ما يعب
منهم على أن لهم دينهم وله دينه
سورة النصر
أقول وجه اتصالها بما قبلها أنه قال في آخر ما قبلها ولى دين فكان فيه إشعار
بأنه خلص له دينه وسلم من شوائب الكفار والمخالفين فعقب ببيان وقت ذلك
ي دين اهللا أفواجا فقدتم وهو مجيء الفتح والنصر فإن الناس حين دخلوا ف
األمر وذهب الكفر وخلص دين اإلسالم ممن كان يناوئه ولذلك كانت السورة
إشارة إلى وفاته صلى اهللا عليه وسلم
وقال اإلمام فخر الدين كأنه تعالى يقول لما أمرتك في السورة المتقدمة
نصر بمجاهدة جميع الكفار بالتبري منهم وإبطال دينهم جزيتك على ذلك بال
والفتح وتكثير األتباع
قال ووجه آخر وهو أنه لما أعطاه الكوثر وهو الخير الكثير ناسب تحميله
مشقاته وتكاليفه فعقبها بمجاهدة الكفار والتبرى منهم فلما امتثل ذلك أعقبه
بالبشارة بالنصر والفتح وإقبال الناس أفواجا إلى دينه وأشار إلى دنو أجله فإنه
إال الزوالليس بعد الكمال
توقع زواال إذا قيل تم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 5
سورة تبت
فكأنه قيل 6قال اإلمام وجه اتصالها بما قبلها أنه لما قال لكم دينكم ولى دين
إلهى وما جزائى فقال اهللا له النصر والفتح فقال وما جزاء عمي الذى دعانى
اآليات1إلى عبادة األصنام فقال تبت يدا أبي لهب
لوعيد ليكون النصر معلال بقوله ولي دين ويكون الوعيد راجعا وقدم الوعد على ا
إلى قوله لكم دينكم على حد قوله يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين
اسودت وجوههم
قال فتأمل في هذه المجانسة الحافلة بين هذه السور مع أن سورة النصر من
ل بمكة ليعلم أن ترتيب أواخر ما نزل بالمدينة والكافرون وتبت من أوائل ما نز
هذه السور من اهللا وبأمره
قال ووجه آخر وهو أنه لما قال لكم دينكم ولى دين كأنه قيل يا إلهى ما جزاء
المطيع قال حصول النصر والفتح فقيل وما ثواب العاصى قال الخسارة في
الدنيا والعقاب في العقبى كما دلت عليه سورة تبت
سورة االخالص
عت ههنا للوزان في اللفظ بين فواصلها ومقطع سورة تبت قال بعضهم وض
وأقول ظهر لى هنا غير الوزان في اللفظ أن هذه السورة متصلة بقل يا أيها
الكافرون في المعنى ولهذا قيل من أسمائها أيضا اإلخالص وقد قالوا إنها
اشتملت على التوحيد وهذه أيضا مشتملة عليه ولهذا قرن بينهما في
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 6
قراءة في الفجر والطواف والضحى وسنة المغرب وصبح المسافر ومغرب ليلة ال
الجمعة
وذلك أنه لما نفى عبادة ما يعبدون صرح هنا بالزم ذلك وهو أن معبوده أحد
وأقام الدليل عليه بأنه صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وال يستحق
ما هو كذلكالعبادة إال من كان كذلك وليس في معبوداتهم
وإنما فصل بين النظيرتين بالسورتين لما تقدم من الحكمة وكأن إيالءها سورة
تبت ورد عليه بخصوصه
سورة الفلق و الناس
أقول هاتان السورتان نزلتا معا كما في الدالئل للبيهقي فلذلك قرنتا مع ما
هما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوذتين ومن االفتتاح بقل أعوذ و عقب ب
سورة اإلخالص ألن الثالثة سميت في الحديث بالمعوذات وبالقوافل
وقدمت الفلق على الناس و إن كانت أقصر منها لمناسبة مقطعها
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 7
في الوزان لفواصل اإلخالص مع مقطع تبت
وهذا آخر ما من اهللا به علي من استخراج مناسبات ترتيب السور وكله من
شئ لغيرى إال النزر اليسير الذي صرحت مستنبطاتى ولم أعثر فيه على
بعزوى له فلله الحمد على ما ألهم والشكر على ما من به وأنعم سبحانك
الأحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
ثم رأيت اإلمام فخر الدين ذكر في تفسيره كالما لطيفا في مناسبات هذه
تممة لما قبلها من السور فقال في سورة الكوثر اعلم أن هذه السورة كالم
السور وكاألصل لما بعدها
أما األول فألنه تعالى جعل سورة الضحى في مدح النبي صلى اهللا عليه
وسلم وتفصيل أحواله فذكر في أولها ثالثة أشياء تتعلق بنبوته ما ودعك ربك
ثم 3 5وما قلى ولآلخرة خير لك من األولى ولسوف يعطيك ربك فترضى
من أحواله فيما يتعلق بالدنيا ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ختمها بثالثة أحوال
6 8ضاال فهدى ووجدك عائال فأغنى
ثم ذكر في سورة ألم نشرح أنه شرفه بثالثة أشياء شرح الصدر ووضع الوزر
ورفع الذكر
ثم شرفه في سورة التين بثالثة أشياء أنواع أقسم ببلده وأخبر بخالص أمته
ووصولهم إلى الثواب بقوله فلهم أجر غير 6ذين آمنوا من الناس بقوله إال ال
6ممنون
و شرفه في سورة اقرأ بثالثة أنواع اقرأ باسم ربك وقهر خصمه
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 8
وتخصيصه بالقرب في قوله واسجد 18بقوله فليدع ناديه سندع الزبانيه
19واقترب
ونها خيرا وشرفه في سورة القدر بليلة القدر وفيها ثالثة أنواع من الفضيلة ك
من ألف شهر وتنزل المالئكة والروح فيها وكونها سالما حتى مطلع الفجر
وشرفه في لم يكن بثالثة أشياء أنهم خير البرية وجزاؤهم جنات ورضى عنهم
وشرفه في الزلزله بثالثة أنواع إخبار األرض بطاعة أمته ورؤيتهم أعمالهم
ووصولهم إلى ثوابها حتى وزن الذرة
لعاديات بإقسامه بخيل الغزاة من أمته ووصفها بثالث صفاتوشرفه في ا
وشرفه بالقارعة بثقل موازين أمته وكونهم في عيشة راضية ورؤيتهم أعداءهم
في نار حامية
وفي الهاكم التكاثر هدد المعرضين عن دينه بثالث يرون الجحيم ثم يرونها عين
اليقين ويسألون عن النعيم
ح أمته بثالث اإليمان والعمل الصالح وإرشاد وشرفه في سورة العصر بمد
الخلق إليه وهو التواصي بالحق والصبر
وشرفه في سورة الهمزة بوعيد عدوه بثالثة أشياء أال ينتفع بدنياه ويعذبه في
الحطمة ويغلق عليه
وشرفه في سورة الفيل بأن رد كيد عدوه بثالث بأن جعله في تضليل وأرسل
هم كعصف مأكولعليهم طيرا أبابيل وجعل
وشرفه في سورة قريش بثالث تألف قومه وإطعامهم وأمنهم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 9
وشرفه في الماعون بذم عدوه بثالث الدناءة واللؤم في قوله فذلك الذي يدع
وترك تعظيم الخالق في قوله فويل 2 3اليتيم واليحض على طعام المسكين
وترك نفع 4 6للمصلين الذين هم عن صالتهم ساهون الذين هم يراءون
6الخلق في قوله ويمنعون الماعون
فلما شرفه في هذه السور بهذه الوجوه العظيمة قال إنا أعطيناك الكوثر أي
هذه الفضائل المتكاثرة المذكورة في هذه السور التي كل واحدة منها أعظم
من ملك الدنيا بحذافيرها فاشتغل أنت بعبادة ربك إما بالنفس وهو قوله فصل
إما بالمال وهو قوله وانحر وإما بإرشاد العباد إلى األصلح وهو قوله قل يا لربك و
أيها الكافرون الأعبد ما تعبدون اآليات فثبت أن هذه السورة كالمتممة لما
قبلها
وأما كونها كاألصل لما بعدها فهو أنه تعالى يأمره بعد هذه أن يكف عن أهل
إلى آخر السورة ويبطل أذاهم وذلك الدنيا جميعا بقوله قل يا أيها الكافرون
يقتضي نصرهم على أعدائهم ألن الطعن على اإلنسان في دينه أشد عليه
من الطعن في نفسه وزوجه وذلك مما يجبن عنه كل أحد من الخلق فإن
موسى وهارون أرسال إلى فرعون واحد فقاال إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن
سلم مرسل إلى الخلق جميعا فكان ومحمد صلى اهللا عليه و20 45يطغى
كل واحد من الخلق كفرعون بالنسبة إليه فدبر اهللا في إزالة الخوف الشديد
تدبيرا لطيفا بأن قدم هذه السورة وأخبر فيها بإعطائه الخير الكثير ومن جملته
ايضا الرئاسة ومفاتيح الدنيا فال يلتفت إلى ما بأيديهم من زهرة الدنيا وذلك
جاهدتهم بالعداوة والصدع بالحق لعدم تطلعه إلى ما بأيديهمأدعى إلى م
ثم ذكر بعد سورة الكافرين سورة النصر فكأنه تعالى يقول وعدتك
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 10
بالخير الكثير وإتمام أمرك وأمرتك بإبطال أديانهم والبراءة من معبوداتهم فلما
الناس في امتثلت أمري أنجزت لك الوعد بالفتح والنصر وكثرة األتباع بدخول
دين اهللا أفواجا
ولما تم أمر الدعوة والشريعة شرع في بيان ما يتعلق بأحوال القلب والباطن
وذلك أن الطالب إما أن يكون طلبه مقصورا على الدنيا فليس له إال الذل
والخسارة والهوان والمصير إلى النار وهو المراد من سورة تبت وإما أن يكون
له أن تصير نفسه كالمرآة التي تنتقش فيها صور طالبا لآلخرة فأعظم أحوا
الموجودات
وقد ثبت أن طريق الخلق في معرفة الصانع على وجهين منهم من قال أعرف
الصانع ثم أتوسل بمعرفته إلى معرفة مخلوقاته وهذا هو الطريق األشرف
ومنهم من عكس وهو طريق الجمهور
ة التي هي أشرف فبدأ بذكر ثم أنه سبحانه ختم كتابه المكرم بتلك الطريق
صفات اهللا وشرح جالله في سور اإلخالص ثم أتبعه بذكر مراتب مخلوقاته في
الفلق ثم ختم بذكر مراتب النفس اإلنسانيةفي الناس وعند ذلك ختم الكتاب
فسبحان من أرشد العقول إلى معرفة هذه األسرار الشريفة في كتابه المكرم
هذا كالم اإلمام
ورة الفلق سمعت بعض العارفين يقول لما شرح اهللا سبحانهثم قال في س
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 11
أمر اإللهية في سورة اإلخالص ذكر هاتين السورتين عقبها في شرح مراتب
الخلق على ما قال أال له الخلق واألمر
فعالم األمر كله خيرات محضه بريئة عن الشرور واآلفات أما عالم الخلق فهو
ات فال جرم قال في المطلع قل أعوذ برب الفلق األجسام الكثيفة والجثماني
1 2من شر ما خلق
ثم األجسام إما أبدية وكلها خيرات محضه ألنها بريئة عن االختالفات والفطور
على ما قال ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من
وإما عنصرية وهي إما جمادات فهي خالية عن جميع القوى 67 3فطور
النفسانية فالظلمات فيها خالصة واألنوار عنها زائلة وهو المراد من قوله ومن
وإما نبات والقوة العادلة هي التي تزيد في الطول 113 3شر غاسق إذا وقب
والعمق معا فهذه القوة النباتية كأنها تنفث في العقدة وإما حيوان وهو محل
إلى عالم الغيب واالشتغال القوى التي تمنع الروح اإلنسانية عن االنصباب
بقدس جالل اهللا وهو المراد بقوله ومن شر حاسد إذا حسد
ثم إنه لم يبق من السفليات بعد هذه المرتبة سوى النفس اإلنسانيه وهي
المستفيدة فال يكون مستفادا منها فال جرم قطع هذه السورة وذكر بعدها في
هىسورة الناس مراتب ودرجات النفس اإلنسانية انت
ولم يبين المراتب المشار إليها وقد بينها ابن الزملكاني في أسراره فقال
إضافة رب إلى الناس تؤذن بأن المراد بالناس األطفال ألن الرب من ربه يربه
وهم إلى التربية أحوج وإضافة ملك إلى الناس
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 12
ا أحوج تؤذن بإرادة الشباب به إذ لفظ ملك يؤذن بالسياسة والعزة والشبان إليه
وإضافة إله إلى الناس تؤذن بأن المراد به الشيوخ ألن ذاته مستحقة للطاعة
والعبادة وهم أقرب وقوله يوسوس في صدور الناس يؤذن بأن المراد بالناس
العلماء والعباد ألن الوسوسة غالبا عن الشبه وقوله من الجنة والناس يؤذن
الذين يوسوسون لهم واهللا بأن المراد بالناس األشرار وهم شياطين اإلنس
تعالى أعلم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 13
أسرار ترتيب القرآن
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 14
بسم اهللا الرحمن الرحيم وصلى اهللا على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الحمد هللا الذي أنزل كتابه المجيد على أحسن أسلوب وبهر بحسن أساليبه
حكمته البالغة وبالغة تركيبه القلوب نزله آيات بينات وفصله سورا وآيات ورتبه ب
أحسن ترتيب ونظمه أعظم نظام بأفصح لفظ وأبلغ تركيب صلى اهللا على من
أنزل اليه لينذر به وذكرى ونزله على قلبه الشريف فنفى عنه الحرج وشرح له
صدرا وعلى آله وصحبه مهاجرة ونصرا وبعد
فإن اهللا سبحانه من علي بالنظر في مواقع نجومه وفتح لي أبواب النظر فيه
الى استخراج ما أودع فيه من علومه فال أزال أسرح النظر في بساتينه من
نوع الى نوع وأستسنح الخاطر في ميادينه فيبلغ الغرض ويرجع وهو يقول ال
روع فتقت عن أنواع علومه ولقبتها وأودعت ما أوعيت منها في دواوين وأعيتها
قريحة وميزتها وألفت في ونقبت عن معادن معانيه وأبرزتها وأوقدت عليها نار ال
ذلك جامعا ومفردا ومطنبا ومقصدا ومن خلق لشيء فإلى تيسره ومن أحب
شيئا أكثر من ذكره
وأن مما ألفت في تعلقات القرآن كتاب أسرار التنزيل الباحث عن أساليبه
المبرز أعاجيبه المبين لفصاحة ألفاظه وبالغة تراكيبه الكاشف
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 15
لى حقيقتة من مجازه المطلع على أفانينه المبدع عن وجه اعجازه الداخل ا
في تقرير حججه وبراهينه فإنه اشتمل على بضع عشرة نوعا
األول بيان مناسبات ترتيب سوره وحكمة وضع كل سورة منها
الثاني بيان أن كل سورةشارحة لما أجمل في السورة التي قبلها
الثالث وجه اعتالق فاتحة الكتاب بخاتمة التي قبلها
الرابع مناسبة مطلع السورة للمقصد الذي سيقت له وذلك براعة اإلستهالل
الخامس مناسبة أوائل السور ألواخرها
السادس مناسبات ترتيب آياته واعتالق بعضها ببعض وارتباطها وتالحمها
وتناسقها
السابع بيان أساليبه في البالغة وتنويع خطاباته وسياقاته
ه من المحسنات البديعية على كثرتها كاإلستعارة الثامن بيان ما اشتمل علي
والكناية والتعريض واإللتفات والتورية واالستخدام واللف والنشر والطباق و
المقابله وغير ذلك والمجاز بأنواعه وأنواع االيجاز واالطناب
التاسع بيان فواصل اآلى ومناسبتها الآلى التي ختمت بها
العاشر مناسبة أسماء السور لها
الحادي عشر بيان وجه اختيار مرادفاته دون سائر المرادفات
الثاني عشر بيان القراءات المختلفة مشهورها وشاذها وماتضمنته من
المعاني والعلوم فأن ذلك من جملة وجوه إعجازه
الثالث عشر بيان وجه تفاوت اآليات المتشابهات في القصص وغيرها بالزيادة
وابدال لفظة مكان أخرى ونحو ذلكوالنقص والتقديم والتأخير
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 16
وقد أردت أن أفرد جزءا لطيفا في نوع خاص من هذه االنواع هو
مناسبات ترتيب السور ليكون عجالة لمريده وبغية لمستفيده وأكثره من نتاج
فكري ووالد نظري لقلة من تكلم في ذلك أو خاض في هذه المسالك وما كان
أذكر منه اال ما استحسن وال انتقاد عليه وقد فيه لغيري صرحت بعزوه اليه وال
كنت أوال سميته نتائج الفكر في تناسب السورلكونه من مستنتجات فكري
كما أشرت اليه ثم عدلت وسميته تناسق الدرر في تناسب السور النه أنسب
بالمسمى وأزيد بالجناس و باهللا تعالى التوفيق و إياه أسأل حالوة التحقيق
بمنه ويمنه
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 17
في ترتيب السور
اختلف العلماء في ترتيب السور هل هو بتوقيف من النبي صلى اهللا عليه
وسلم أو باجتهاد من الصحابة بعد االجماع على أن ترتيب اآليات توقيفي
والقطع بذلك
فذهب جماعة الى الثاني منهم مالك والقاضي أبوبكر في أحد قوليه وجزم به
ابن فارس
لك اختالف مصاحف السلف في ترتيب السور فمنهم من ومما استدل به لذ
رتبها على النزول وهو مصحف علي كان أوله اقرأ ثم البواقي على ترتيب نزول
المكي ثم المدني ثم كان أول مصحف ابن مسعود البقرة ثم النساء ثم آل
عمران على اختالف شديد وكذا مصحف أبي بن كعب وغيره على بينته في
اإلتقان
لمصاحف البن أشتة بسنده عن عثمان أنه أمرهم أن يتابعوا الطولوفي ا
وذهب جماعة الى االول منهم القاضي أبو بكر في أحد قوليه وخالئق قال أبو
بكر بن األنباري أنزل اهللا القرآن كله الى سماء الدنيا ثم فرقه في بضع
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 18
تخبر ويوقف وعشرين سنة فكانت السورة تنزل ألمر ينزل واآلية جوابا لمس
جبريل النبي صلى اهللا عليه وسلم على موضع اآلية والسورة فاتساق السور
كاتساق اآليات والحروف كان عن النبي صلى اهللا عليه وسلم فمن قدم سورة
أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن
وقال الكرماني في البرهان ترتيب السور هكذا هو عند اهللا تعالى في اللوح
لى هذا الترتيب وكان يعرض النبي صلى اهللا عليه وسلم المحفوظ وهو ع
على جبريل ما اجتمع لديه منه وعرضه صلى اهللا عليه وسلم في السنة
التي توفي فيها مرتين وكذا قال الطيبي
وقال ابن الحصار ترتيب السور و وضع اآليات موضعها انما كان بالوحي
لنبي صلى اهللا عليه وسلم وقال البيهقي في المدخل كان القرآن على عهد ا
مرتبا سوره وآياته على هذا الترتيبب إال األنفال وبراءة للحديث اآلتي فيها
ومال ابن عطية الى أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلى
اهللا عليه وسلم كالسبع الطوال والحواميم والمفصل وأن ما سوى ذلك يمكن
الى األمة بعدهأن يكون قد فوض األمر فيه
وقال أبو جعفر بن الزبير اآلثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطيه ويبقى منها
القليل يمكن أن يجري فيه الخالف لقوله صلى اهللا عليه وسلم اقرأوا
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 19
الزهراوين والبقرة وآل عمران رواه مسلم وكحديث سعيد بن خالد أنه صلى
في ركعة وأنه كان يجمع المفصل في اهللا عليه وسلم صلى بالسبع الطوال
ركعة أخرجه ابن أبي شيبة وأنه صلى اهللا عليه وسلم كان اذا أوى الى
فراشه قرأ قل هو اهللا أحد والمعوذتين أخرجه البخاري وفيه عن ابن مسعود
أنه قال في بني اسرائيل والكهف ومريم وطه واألنبياء انهن من العتاق األول
وهن من تالدي
جعفر النحاس المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول وقال أبو
اهللا صلى اهللا عليه وسلم لحديث أعطيت مكان التوراة السبع الطوال وأعطيت
مكان االنجيل المثاني وفضلت بالمفصل أخرجه أحمد وغيره قال فهذا الحديث
أنه من يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صلى اهللا عليه وسلم و
هذا الوقت هكذا
وقال الحافظ ابن حجر ترتيب معظم السور توقيفي لحديث أحمد وأبي داود عن
أوس الثقفي قال كنت في وفد ثقيف فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم
طرأ علي حزبي من القرآن فأردت أال أخرج حتى أقضيه قال أوس فسألنا
ا كيف تحزبون القرآن قالوا نحزبه أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قلن
ثالث سور
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 20
وخمس سور وسبع سور وتسع سور واحدى عشرةسورة وثالث عشرة سورة
وحزب المفصل من ق حتى نختم
قال فهذا يدل على ان ترتيب السور على ما هو عليه في المصحف اآلن كان
على عهد النبي صلى اهللا عليه وسلم
في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي وقال بعضهم لترتيب وضع السور
صادر من حكيم
األول يحسب الحروف كما في الحواميم وذوات الر
الثاني لموافقة آخر السورة ألول ما بعدها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة
الثالث الوزن في اللفظة كآخر تبت وأول االخالص
حى وألم نشرحالرابع لمشابهة جملة السورة لجملة األخرى كالض
وقال بعضهم اذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختمت
به السورة التي قبلها ثم يخفى تارة ويظهر أخرى
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيعة أنه سئل لم قدمت البقرة وآل عمران
وألف وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكه وانما نزلتا بالمدينة فقال قدمتا
القرآن على علم ممن ألفه وقد اجتمعوا على علمهم بذلك فهذا مما ينتهي
اليه وال يسأل عنه
فإن قلت فما عندك في ذلك
قلت الذي عندي أوال تحديد محل الخالف وأنه خاص بترتيب سور
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 21
األقسام األربعة وأما نفس األقسام األربعة من تقديم الطوال ثم المئين ثم
المفصل فهذا ينبغي أن يقطع بأنه توقيفي وأن يدعى فيه اإلجماع المثاني ثم
وان لم أر من سبقني الى ذلك وانما دعاني الى هذا أمران
أحدهما ما تقدم من األحاديث قريبا وحديث ابن عباس اآلتي في األنفال
والثاني ان المصاحف التي وقع فيها االختالف في الترتيب اتفقت على ذلك
بن كعب وابن مسعود كالهما قدم فيه الطوال ثم المثاني ثم فان مصحف أبي
المفصل كمصحف عثمان وانما اختلفا في ترتيب سور كل قسم كما بينت في
اإلتقان
فإذا تحرر ذلك ونظرنا الى محل الخالف فالمختار عندي في ذلك ما قاله
البيهقي وهو أن ترتيب كل السور توقيفي سوى األنفال وبراءة
على ذلك ويؤيده توالي الحواميم وذوات الر والفصل بين المسبحات ومما يدل
وتقديم طس على القصص مفصوال بها بين النظيرتين طسم الشعراء وطسم
القصص في المطلع والطول وكذا الفصل بين االنفطار واالنشقاق بالمطففين
مة وهما نظيرتان في المطلع والمقصد وهما أطول منها فلوال أنه توقيفي لحك
لتوالت المسبحات وأخرت طس عن القصص وأخرت المطففين أو قدمت ولم
يفصل بين الر و الر
وليس هنا شي أعارض به سوى اختالف مصحف أبي وابن مسعود ولو كان
2توقيفيا لم يقع فيهما اختالف كما لم يقع في ترتيب اآليات
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 22
يه النسخ كثيرا وقد من اهللا علي بجواب لذلك نفيس وهو أن القرآن وقع ف
للرسم حتى لسور كاملة وآيات كثيرة فال بدع أن يكون الترتيب العثماني هو
الذي استقر في العرضة األخيرة كالقراءات التي في مصحفه ولم يبلغ ذلك أبيا
وابن مسعود كما لم يبلغهما نسخ ما وضعاه في مصاحفهما من القراءات التي
بي في مصحفه سورة الحفد والخلع تخالف المصحف العثماني ولذلك كتب أ
وهما منسوختان
فالحاصل أني أقول ترتيب كل المصاحف بتوقيف واستقر التوقيف في العرضة
األخيرة على القراءات العثمانية ورتب أولئك على ما كان عندهم ولم يبلخهم
ما ما استقر كما كتبوا القراءات المنسوخةالمثبة في مصاحفهم بتوقيف
قر التوقيف في العرضة األخيرة على القراءات المنسوخات ولم واستقر و است
يبلغهم النسخ
سورة الفاتحة
افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة ألنها جمعت مقاصد القرآن ولذلك كان من
اسمائها أم القرآن وأم الكتاب واألساس فصارت كالعنوان وبراعة االستهالل
كتب السابقة في القرآنقال الحسن البصري ان اهللا أودع علوم ال
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 23
ثم أودع علوم القرآن في المفصل ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة فمن
علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة أخرجه البيهقي في
شعب االيمان
وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء
وعلى التعبد واألمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات على اهللا بما هو أهله
القرآن ال تخرج عن هذه األمور
قال اإلمام فخر الدين المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة االلهيات والمعاد
والنبوات واثبات القضاء والقدر فقوله الحمد هللا رب العالمين يدل على االلهيات
ل على نفي الجبر وعلى اثبات أن الكل بقضاء اهللا وقوله مالك يوم الدين يد
وقدره وقوله اهدنا الصراط المستقيم الى آخر السورة يدل على اثبات قضاء
اهللا وعلى النبوات فقد اشتملت هذه السورة على المطالب األربعة التي هي
المقصد األعظم من القرآن
العملية التي هي وقال البيضاوي هي مشتملة على الحكم النظرية واألحكام
سلوك الصراط المستقيم واالطالع على مراتب السعداء ومنازل األشقياء
وقال الطيبي هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين
أحدها علم األصول ومعاقدة معرفة اهللا عز وجل وصفاته وإليها
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 24
المعاد وهو المومأ اليه اإلشارة بقوله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة
بقوله مالك يوم الدين
وثانيها علم ما يحصل به الكمال وهو علم األخالق وأجله الوصول الى الحضرة
الصمدانية واإللتجاء الى جناب الفردانية والسلوك لطريقة االستقامة فيها واليه
االشارة بقوله أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم والالضآلين
القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة فإنها بنيت على اجمال ما قال و جميع
يحويه القرآن مفصال فإنها واقعة في مطلع التنزيل والبالغة فيه أن تتضمن ما
سيق الكالم ألجله ولهذا ال ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل
على اإلطالق
ثة مهمة وثالثة تتمةوقال الغزالي في خواص القرآن مقاصد القرآن ستة ثال
األولى تعريف المدعو اليه كما أشير اليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم
وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع اليه تعالى وهو اآلخرة كما أشير
اليه بقوله مالك يوم الدين
واألخرى تعريف أحوال المطيعين كما أشار اليه بقوله الذين أنعمت عليهم
عريف منازل الطريق كما أشير اليه بقوله اياك نعبد واياك نستعينوت
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 25
سورة البقرة
قال بعض األئمة تضمنت سورة الفاتحة االقرار بالربوبية وااللتجاء اليها في دين
االسالم والصيانة عن دين اليهود والنصارى وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين
وآل عمران مكملة لمقصودها
بمنزلة اقامة الدليل على الحكم وآل عمران بمنزلة الجواب عن فالبقرة
شبهات الخصوم ولهذا ورد فيها كثير من المتشابه لما تمسك به النصارى
فأوجب الحج في آل عمران وأما في البقرة فذكر أنه مشروع وأمر بإتمامه بعد
الشروع فيه وكان خطاب النصارى في آل عمران كما أن خطاب اليهود في
البقرة أكثر ألن التوراة أصل واإلنجيل فرع لها والنبي صلى اهللا عليه وسلم لما
هاجر الى المدينة دعا اليهود وجاهدهم وكان جهاده للنصارى في آخر األمر
كما كان دعاؤه ألهل الشرك قبل أهل الكتاب ولهذا كانت السور المكية فيها
الناس والسور المدنية فيها الدين الذي اتفق عليه األنبياء فخوطب به جميع
خطاب من أقر باألنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين فخوطبوا بيا أهل الكتاب يا
بني اسرائيل يا أيها الذين آمنوا
وأما سورة النساء فتضمنت أحكام األسباب التي بين الناس وهي نوعان
الناس مخلوقة هللا ومقدورة لهم كالنسب والصهر ولهذا افتتحت بقوله يا أيها
اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وقال
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 26
فاتقوا اهللا الذي تساءلون به واألرحام فانظر الى هذه المناسبة العجيبة
واالفتتاح وبراعة االستهالل حيث تضمنت اآلية المفتتح بها ما في أكثر السورة
علقة باألرحام وأن ابتداء من أحكام من نكاح النساء ومحرماته والمواريث المت
هذا األمر بخلق آدم ثم خلق زوجته منه ثم بث منهما رجاال كثيرا ونساء في
غاية الكثرة
أما المائدة فسورة العقود تضمنت بيان تمام الشرائع ومكمالت الدين والوفاء
بعهود الرسل وما أخذ على األمة ونهاية الدين فهي سورة التكميل ألن فيها
د على المحرم الذي هو من تمام االحرام وتحريم الخمر الذي هو تحريم الصي
تمام حفظ العقل والدين وعقوبة المعتدين من السراق والمحاربين الذي هو
من تمام حفظ الدماء واألموال واحالل الطيبات الذي هو من تمام عبادة اهللا
ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صلى اهللا عليه وسلم والتيمم
والحكم بالقرآن على كل ذي دين ولهذا كثر فيها لفظ االكمال واالتمام وذكر
فيها أن من ارتد عوض اهللا بخير منه واليزال هذا الدين كامال ولهذا ورد أنها آخر
ما نزل لما فيها من ارشادات الختم والتمام وهذا الترتيب بين هذه السور
األربع المدنيات من أحسن الترتيب انتهى
ال بعضهم افتتحت البقرة بقوله الم ذلك الكتاب الريب فيه فانه اشارة الى وق
الصراط المستقيم في قوله في الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم فانهم لما
سألوا اهللا الهداية الى الصراط المستقيم قيل لهم ذلك الصراط الذي سألتهم
الهداية اليه كما أخرج ابن جرير وغيره من حديث علي
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 27
مرفوعا الصراط المستقيم كتاب اهللا وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن
مسعود موقوفا
وهذا معنى حسن يظهر فيه سر ارتباط البقرة بالفاتحة
وقال الخوبي أوائل هذه السورة مناسبة ألواخر سورة الفاتحة ألن اهللا تعالى
تم هذا الكتاب هدى لما ذكر أن الحامدين طلبوا الهدى قال قد أعطيتكم ما طلب
لكم فاتبعوه وقد اهتديتم الى الصراط المستقيم المطلوب المسئول
ثم انه ذكر في أوائل هذه السورة الطوائف الثالث الذين ذكرهم في الفاتحة
فذكر الذين على هدى من ربهم وهم المنعم عليهم والذين اشتروا الضاللة
وهم المغضوب عليهم انتهىبالهدى وهم الضالون والذين باءوا بغضب من اهللا
أقول قد ظهر لي بحمد اهللا وجوها من هذه المناسبات
أحدها أن القاعدة التي استقربها القرآن أن كل سورة تفصيل إلجمال ما قبلها
وشرح له وإطناب إليجازه وقد استقر معي ذلك في غالب سور القرآن طويلها
ع مجمالت الفاتحةوقصيرها وسورة البقرة قد اشتملت على تفصيل جمي
فقوله الحمد هللا تفصيله ما وقع فيها من األمر بالذكر في عدة آيات ومن الدعاء
اآليه وفي قوله ربنا ال تؤاخذنا إن 186في قوله أجيب دعوة الداع إذا دعان
نسينا أو أخطأنا ربنا وال تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا
ة لنا به واعف عنا واغفر لناوال تحملنا ماال طاق
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 28
وبالشكر في قوله 286وارحمنا أنت موالنا فانصرنا على القوم الكافرين
152فاذكروني أذكركم واشكروا لي وال تكفرون
وقوله رب العالمين تفصيله قوله اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم
ناء وانزل من السماء ماء لعلكم تتقون الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء ب
وقوله 21 22فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فال تجعلوا هللا أندادا وأنتم تعلمون
هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا ثم استوى الى السماء فسواهن
ولذلك افتتحها بقصة خلق آدم الذي 29سبع سموات وهو بكل شيء عليم
العالمين وذلك شرح إلجمال رب هو مبدأ البشر وهو أشرف األنواع من
العالمين
وقوله الرحمن الرحيم قد أومأ إليه بقوله في قصة آدم فتاب عليكم انه هو
وفي قصة إبراهيم لما سأل الرزق للمؤمنين خاصة بقوله 54التواب الرحيم
126 فقال ومن كفر فأمتعه قليال 126وارزق أهله من الثمرات من آمن
الى أن 52ا وقع في قصة بني إسرائيل ثم عفونا عنكم وذلك لكونه رحمانا وم
وذكر آية الدين 163أعاد اآلية بجملتها في قوله ال إله إال هو الرحمن الرحيم
إرشادا للطالبين من العباد ورحمة بهم ووضع عنهم الخطأ والنسيان واإلصر وما
شرح قوله وذلك286ال طاقة لهم به وختم بقوله واعف عنا واغفر لنا وارحمنا
الرحمن الرحيم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 29
وقوله مالك يوم الدين تفصيله ما وقع من ذكر يوم القيامة في عدة مواضع
والدين 284ومنها قوله إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اهللا
في الفاتحة الحساب في البقرة
في وقوله إياك نعبد مجمل شامل لجميع أنواع الشريعة الفروعية وقد فصلت
البقرة أبلغ تفصيل فذكر فيها الطهارة والحيض والصالة واالستقبال وطهارة
المكان والجماعة وصالة الخوف وصالة الجمع والعيد والزكاة بأنواعها كالنبات
والمعادن واالعتكاف والصوم وأنواع الصدقات والبر والحج والعمرة والبيع واإلجارة
والصداق والطالق والخلع والرجعة واإليالء والميراث والوصية والوديعة والنكاح
والعدة والرضاع والنفقات والقصاص والديات وقتال البغاة والردة واألشربة
والجهاد واألطعمة والذبائح واأليمان والنذور والقضاء والشهادات والعتق
فهذه أبواب الشريعة كلها مذكورة في هذه السورة
الق وقد ذكر منها في هذه السورة وقوله و إياك نستعين شامل لعلم األخ
الجم الغفير من التوبة والصبر والشكر و الرضى والتفويض والذكر والمراقبة
والخوف وإالنة القول
وقوله اهدنا الصراط المستقيم الى آخره تفصيله ما وقع في السورة من ذكر
طريق األنبياء ومن حاد عنهم من النصارى ولهذا ذكر في الكعبة أنها قبلة
إبراهيم فهي من صراط الذين أنعم عليهم وقد حاد عنها اليهود والنصارى معا
تنبيها على 142ولذلك قال في قصتها يهدي من يشاء الى صراط مستقيم
أنها الصراط الذي سألوا الهداية إليه
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 30
وهم 145ثم ذكر ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك
والضالون الذين حادوا عن طريقهم ثم أخبر بهداية الذين آمنوا المغضوب عليهم
فكانت 213الى طريقهم ثم قال واهللا يهدي من يشاء الى صراط مستقيم
هاتان اآليتان تفصيل إجمال اهدنا الصراط المستقيم الى آخر السورة
الى آخره في وصف الكتاب إخبار بأن 2وأيضا قوله أول السورة هدى للمتقين
راط الذي سألوا الهداية إليه هو ما تضمنه الكتاب وإنما يكون هداية لمن الص
اتصف بما ذكر من صفات المتقين ثم ذكر أحوال الكفرة ثم أحوال المنافقين
وهم من اليهود وذلك تفصيل لمن حاد عن الصراط المستقيم ولم يهتد بالكتاب
أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وكذلك قوله هنا قولوا آمنا باهللا وما أنزل إلينا وما
اآلية فيه تفصيل النبيين المنعم عليهم وقال 136وإسحاق ويعقوب واألسباط
تعريفا بالمغضوب عليهم والضالين 136في آخرها ال نفرق بين أحد منهم
الذين فرقوا بين األنبياء ولذلك عقبها بقوله فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد
اط المستقيم صراط المنعم عليهم كما اهتديتم فهذا أي الى الصر137اهتدوا
ما ظهر لي واهللا أعلم بأسرار كتابه
الوجه الوجه الثاني أن الحديث واإلجماع على تفسير المغضوب عليهم باليهود
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 31
والضالين بالنصارى وقد ذكروا في سورة الفاتحة على حسب ترتيبهم في
ا من خطاب أهل الكتاب لليهود الزمان فعقب بسورة البقرة وجميع ما فيه
خاصة وما وقع فيها من ذكر النصارى لم يقع بذكر الخطاب
ثم عقبت البقرة بسورة آل عمران وأكثر ما فيها من خطاب أهل الكتاب
للنصارى فإن ثمانين آيه من أولها نازلة في وفد نصارى نجران كما ورد في
وهي في 199يؤمن باهللا سبب نزولها وختمت بقوله وان من أهل الكتاب لمن
النجاشي وأصحابه من مؤمني النصارى كما ورد به الحديث وهذا وجه بديع
في ترتيب السورتين كأنه لما ذكر في الفاتحة الفريقين قص في كل سورة
مما بعدها حال كل فريق على الترتيب الواقع فيها ولهذا كان صدر سورة
ارىالنساء في ذكر اليهود وآخرها في ذكر النص
الوجه الثالث أن سورة البقرة أجمع سور القرآن لألحكام واألمثال ولهذا سميت
في أثر فسطاط القرآن الذي هو المدينة الجامعة فناسب تقديمها على جميع
سوره
الوجه الرابع أنها أطول سورة في القرآن وقد افتتح بالسبع الطوال فناسب
البداءة بأطولها
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 32
ول سورة نزلت بالمدينة فناسب البداءة بها فإن لألولية الوجه الخامس أنها أ
نوعا من األولوية
الوجه السادس أن سورة الفاتحة كما ختمت بالدعاء للمؤمنين بأال يسلك بهم
طريق ال عليهم وال الضآلين إجماال ختمت سورة البقرة بالدعاء بأال يسلك بهم
وماال طاقة لهم به تفصيال طريقهم في المؤاخذة بالخطأ والنسيان وحمل االصر
وتضمن آخرها أيضا اإلشارة إلى طريق المغضوب عليهم والضالين بقوله ال
فتآخت السورتان وتشابهتا في المقطع وذلك من 285نفرق بين أحد منهم
وجوه المناسبة في التتالي والتناسق وقد ورد في الحديث التأمين في آخر
فاتحة فهذه ستة وجوه ظهرت لي وهللا سورة البقرة كما هو مشروع في آخر ال
الحمد والمنة
سورة آل عمران
قد تقدم ما يؤخذ منه مناسبة وضعها
قال اإلمام لما كانت هذه السورة قرينة سورة البقرة وكالمكملة لها افتتحت
بتقرير ما افتتحت به تلك وصرح في منطوق مطلعها بما طوى في مفهوم تلك
جوه من المناسباتوأقول قد ظهر لي بحمد اهللا و
أحدها مراعاة القاعدة التي قررتها من شرح كل سورة إلجمال ما في السورة
قبلها وذلك هنا في عدة مواضع
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 33
منها ما أشار إليه اإلمام فإن أول البقرة افتتح بوصف الكتاب بأنه ال ريب فيه
بسط وذاك3وقال في آل عمران نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه
وإطناب لنفي الريب عنه
ومنها أنه ذكر في البقرة نزال الكتاب مجمالو قسمه هنا إلى آيات محكمات و
متشابهات ال يعلم يأويلها إال اهللا
وقال هنا وأنزل التوراة واإلنجيل 3و منها أنه قال في البقرة وما أنزل من قبلك
ألن السورة خطاب مفصال وصرح بذكر اإلنجيل هنا 3 4من قبل هدى للناس
للنصارى ولم يقع التصريح به في سورة البقرة بطولها وإنما صرح فيها بذكر
التوراة خاصة ألنها خطاب لليهود
ومنها أن ذكر القتال وقع في سورة البقرة مجمال بقوله وقاتلوا في سبيل اهللا
وفصلت هنا قصة أحد بكمالها216 وقوله كتب عليكم القتال 190 244
نه أوجز في البقرة ذكر المقتولين في سبيل اهللا بقوله أحياء ولكن ال ومنها أ
تشعرون وزاد هنا عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم اهللا من فضله
اآليتين وذلك إطناب عظيم170ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم
ل اللهم وقال هنا ق247ومنها أنه قال في البقرة واهللا يؤتي ملكه من يشاء
مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء
فزاد إطنابا وتفصيال26وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 34
ومنها أنه حذر من الربا في البقرة ولم يزد على لفظ الربا إيجازا وزاد هنا قوله
وذلك بيان وبسط130أضعافا مضاعفة
وذلك إنما يدل على الوجوب إجماال 196نها أنه قال في البقرة وأتموا الحج وم
وزاد بيان شرط الوجوب بقوله 97وفصله هنا بقوله وهللا على الناس حج البيت
ثم زاد تكفير من جحد وجوبه بقوله ومن كفر فإن 97من استطاع إليه سبيال
97اهللا غني عن العالمين
فأجمل 83 في أهل الكتاب ثم توليتم إال قليال منكم و منها أنه قال في البقرة
القليل وفصله هنا بقوله ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات اهللا
اآليتين113آناء الليل وهم يسجدون
ومنها أنه قال في البقرة قل أتحاجوننا في اهللا وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا
فدل بها على تفضيل هذه األمة على 193ن ولكم أعمالكم ونحن له مخلصو
في 143اليهود تعريضا ال تصريحا وكذلك قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا
تفضيل هذه األمة على سائر األمم بلفظ فيه يسير إبهام وأتى في هذه
فقوله كنتم أصرح في 110بصريح البيان فقال كنتم خير أمة أخرجت للناس
د وجه الخيرية بقوله تأمرون بالمعروف وتنهون عن قدم ذلك من جعلناكم ثم زا
110المنكر وتؤمنون باهللا
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 35
ومنها أنه قال في البقرة وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى
اآلية وبسط الوعيد هنا بقوله إن الذين يشترون بعهد اهللا وأيمانهم 188الحكام
اآلية وصدره بقوله وإن من أهل 77خرة ثمنا قليال أولئك ال خالق لهم في اآل
الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار اليؤده إليك إال
75ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في األميين سبيل
فهذه عدة مواضع وقعت في البقرة مجملة وفي آل عمران تفصيلها
ه السورة وسورة البقرة اتحادا وتالحما متأكدا لما الوجه الثاني أن بين هذ
تقدم من أن البقرة بمنزلة إزالة الشبهة ولهذا تكرر هنا ما يتعلق بالمقصود
الذي هو بيان حقيقة الكتاب من إنزال الكتاب وتصديقه للكتب قبله والهدى
لها بكما136إلى الصراط المستقيم وتكررت هنا آية قولوا آمنا باهللا وما أنزل
ولذلك أيضا ذكر في هذه ماهو تال لما ذكر في تلك أو الزم في تلك أو الزم له
فذكر هناك خلق الناس وذكر هنا تصويرهم في األرحام وذكر هناك مبدأ خلق
آدم وذكر هنا مبدأ خلق أوالده وألطف من ذلك أنه افتتح البقرة بقصة آدم حيث
ي الخلق من غير أب وهو خلقه من غير أب وال أم وذكر في هذه نظيره ف
عيسى عليه السالم ولذلك ضرب له المثل
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 36
بآدم واختصت البقرة بآدم ألنها أول السور وآدم أول في الوجود وسابق وألنها
األصل وهذه كالفرع والتتمة لها فمختصة باإلعراب والبيان
أب وألنها خطاب لليهود الذين قالوا في مريم ما قالوا وأنكروا وجود ولد بال
ففوتحوا بقصة آدم لتثبت في أذهانهم فالتأتي قصة عيسى إال وقد ذكر
عندهم ما يشبهها من جنسها
اآلية 59وألن قصة عيسى قيست على قصة آدم في قوله كمثل آدم
والمقيس عليه البد وأن يكون معلوما لتتم الحجة بالقياس فكانت قصة آ دم
والسورة التي هي فيها جديرة بالتقدم
وجوه تالزم السورتين أنه قال في البقرة في صفة النار أعدت للكافرين ومن
ولم يقل في الجنة أعدت للمتقين مع افتتاحها بذكر المتقين والكافرين معا 24
وقال ذلك في آخر آل عمران في قوله جنة عرضها السموات واألرض أعدت
فكأن السورتين بمنزلة سورة واحدة133للمتقين
أن تقديم آل عمران على النساء أنسب من تقديم النساء عليهاوبذلك يعرف
وأمر آخر استقرأته وهو أنه إذا وردت سورتان بينهما تالزم واتحاد فإن السورة
الثانية تكون خاتمتها مناسبة لفاتحة األولى للداللة على االتحاد وفي السورة
وآخر آل عمران المستقلة عما بعدها يكون آخر السورة نفسها مناسب ألولها
مناسب ألول البقرة فإنها افتتحت بذكر المتقين وأنهم المفلحون وختمت آل
200عمران بقوله واتقوا اهللا لعلكم تفلحون
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 37
4وافتتحت البقرة بقوله والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
زل إليكم وختمت آل عمران بقوله وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن باهللا وما أن
فلله الحمد على ما ألهم199وما أنزل إليهم
قال اليهود يا 2 245وقد ورد أنه لما نزلت من ذا الذي يقرض اهللا قرضا حسنا
محمد افتقر ربك فسأل القرض عباده فنزل قوله لقد سمع اهللا قول الذين قالوا
فذلك أيضا من تالزم السورتين3 181أن اهللا فقير ونحن أغنياء
ع في البقرة حكاية عن إبراهيم ربنا وابعث فيهم رسوال منهم يتلو عليهم ووق
اآلية ونزل في هذه لقد من اهللا على المؤمنين إذ بعث فيهم رسوال 129آياتك
وذلك أيضا من تالزم السورتين164من أنفسهم يتلو عليهم
سورة النساء
تقدمت وجوه مناسبتها
مجمالت سورة البقرةوأقول هذه السورة أيضا شارحة لبقية
فمنها أنه أجمل في البقرة قوله اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم
وزاد هنا خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث 21لعلكم تتقون
1منهما رجاال كثيرا ونساء
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 38
وأنظر لما كانت آية التقوى في سورة البقرة غاية جعلها في أول هذه السورة
الية لها مبدأالت
وبين هنا أن 35ومنها أنه أجمل في سورة البقرة أسكن أنت وزوجك الجنة
1زوجته خلقت منه في قوله وخلق منها زوجها
ومنها أنه أجمل في البقرة آية اليتامى وآية الوصية والميراث والوارث في قوله
وفصل ذلك في هذه السورة أبلغ تفصيل233وعلى الوارث مثل ذلك
ل هنا من األنكحة ما أجمله هناك فإنه قال في البقرة وألمة مؤمنة خير وفص
فذكر نكاح األمة إجماال وفصل هنا شروطه221من مشركة
ومنها أنه ذكر الصداق في البقرة مجمال بقوله واليحل لكم أن تأخذوا مما
وشرحه هنا مفصال229آتيتموهن شيئا
ابه ودواعيه من النشوز وما يترتب ومنها أنه ذكر هناك الخلع وذكر هنا أسب
عليه وبعث الحكمين
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 39
ومنها أنه فصل هنا من أحكام المجاهدين وتفضيلهم درجات والهجرة ما وقع
هناك مجمال أو مرموزا
وفيها من اإلعتالق بسورة الفاتحة تفسير الذين أنعمت عليهم بقوله من
69النبيين والصديقين و الشهداء والصالحين
ه اعتالقها بآل عمران فمن وجوهوأما وج
منها أن آل عمران ختمت با ألمر بالتقوى وافتتحت هذه السورة به وهذا من
أكبر وجوه المناسبات في ترتيب السور وهو نوع من البديع يسمى تشابه
األطراف
ومنها أن سورة آل عمران ذكر فيه قصة أحد مستوفاة وذكر في هذه السورة
فإنها نزلت لما اختلف 88كم في المنافقين فئتين ذيلها وهو قوله فما ل
الصحابة فيمن رجع من المنافقين من غزوة أحد كما في الحديث
ومنها أن في آل عمران ذكرت الغزوة التي بعد أحد بقوله الذين استجابوا هللا
وأشير إليها172والرسول من بعد ما أصابهم القرح
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 40
لقوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون هنا بقوله وال تهنوا في ابتغاء ا
اآليه104
وبهذين الوجين عرف أن تأخير النساء عن آل عمران أنسب من تقديمها عليها
في مصحف ابن مسعود ألن المذكور هنا ذيل ما في آل عمران والحقة وتابعه
فكانت بالتأخير أنسب
وأقيمت له الحجة بآدم ومنها أنه ذكر في آل عمران قصة خلق عيسى بال أب
وفي ذلك تبرئة ألمه خالفا لما زعم اليهود وتقرير لعبوديته خالفا لما ادعته
النصارى وذكر في هذه السورة الرد على الفريقين معا فرد على اليهود بقوله
وعلى النصارى بقوله التغلوا في دينكم 156وقولهم على مريم بهتانا عظيما
الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول اهللا وكلمته والتقولوا على اهللا إال
ألقاها إلى مريم ورح منه إلى قوله لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا هللا
191 271
رد هنا على من 55ومنها أنه لما ذكر في آل عمران إني متوفيك ورافعك إلي
ا زعم قتله بقوله وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول اهللا وم
قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم
157 158به من علم إال اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه اهللا إليه
ومنها أنه لما قال في آل عمران في المتشابه والراسخون في العلم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 41
في العلم والمؤمنون قال هنا لكن الراسخون7يقولون آمنا به كل من عند ربنا
162يؤمنون بما أنزل إليك
ومنها أنه لما قال في آل عمران زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين
والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة واألنعام والحرث ذلك
فصل هذه األشياء في السورة التي بعدها على نسق 14متاع الحياة الدنيا
عت في اآلية ليعلم ما أحل اهللا من ذلك فيقتصر عليه وما حرم فال يتعدى ما وق
إليه لميل النفس إليه
فقد جاء في هذه السورة أحكام النساء ومباحاتها لالبتداء بها في اآلية
السابقة في آل عمران ولم يحتج إلى تفصيل البنين ألن تحريم البنين الزم ال
فليس فيهم مباح فيحتاج إلى بيانه ومع يترك منه شي كما يترك من النساء
ذلك أشير إليهم في قوله وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا
9عليهم فليتقوا اهللا وليقولوا قوال سديدا
ثم فصل في سورة المائدة أحكام السراق وقطاع الطريق لتعلقهم بالذهب
ووقع في سورة النساء إشارة والفضة الواقعين في اآلية بعد النساء والبنين
إلى ذلك في قسمة المواريث ثم فصل في سورة األنعام أمر الحيوان والحرث
وهو بقية المذكور في آية آل عمران فانظر إلى هذه اللطيفة التي من اهللا
بإلهامها
ثم ظهر لي أن سورة النساء فصل فيها ذكر البنين أيضا ألنه لما اخبر بحب
ذلك إيثارهم على البنات في الميراث وتخصيصهم به الناس لهم وكان من
دونهن
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 42
تولى قسمة المواريث بنفسه فقال يوصيكم اهللا في أوالدكم للذكر مثل حظ
7 وقال للرجال نصيب مما ترك الوالدان واألقربون وللنساء نصيب 11األنثيين
ن ذلك فرد على ما كانوا يصنعون من تخصيص البنين بالميراث لحبهم لهم فكا
تفصيال لما يحل ويحرم من إيثار البنين الالزم عن الحب وفي ضمن ذلك تفصيل
لما يحل للذكر أخذه من الذهب والفضة وما يحرم
ومن الوجوه المناسبة لتقدم آل عمران على النساء اشتراكها مع البقرة في
وف االفتتاح بإنزال الكتاب وفي االفتتاح ب الم وسائر السور المفتتحة بالحر
المقطعة كلها مقترنة كيونس وتواليها ومريم وطه والطواسين و الم العنكبوت
وتواليها والحواميم وفي ذلك أول دليل على اعتبار المناسبة في الترتيب
بأوائل السور
ولم يفرق بين السورتين من ذلك بما ليس مبدوءا به سوى بين األعراف
حم غافر و ص وسيأتيويونس اجتهادا التوقيفا والفصل بالزمر بين
ومن الوجوه في ذلك أيضا اشتراكهما في التسمية بالزهراوين في حديث
إقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران فكان افتتاح القرآن بهما نظير اختتامه
بسورتي الفلق والناس المشتركتين في التسمية بالمعوذتين
سورة المائدة
وقد تقدم وجه في مناسبتها
لسورة أيضا شارحة لبقية مجمالت سورة البقرة فإن آية األطعمة وأقول هذه ا
والذبائح فيها أبسط منها في البقرة وكذا ما أخرجه الكفار تبعا
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 43
آلبائهم في البقرة موجز وفي هذه السورة مطنب أبلغ إطناب في قوله ما
103 104جعل اهللا من بحيرة وال سائبة
وهنا ذكر أول من سن القتل والسبب وفي البقرة ذكر القصاص في القتلى
الذي ألجله وقع وقال من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا
بغير نفس أو فساد في األرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما
وذلك أبسط من قوله في البقرة و لكم في الحياة 32أحيا الناس جميعا
179قصاص
وذكر في قصتها هنا فسوف يأتي 58قلنا ادخلوا هذه القرية وفي البقرة وإذ
54اهللا بقوم يحبهم ويحبونه
وقي البقرة قصة األيمان موجزه وزاد هنا بسطا بذكر الكفارة
وفي البقرة قال في الخمر والميسر فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر
ريمها وزاد في هذه السورة ذمها وصرح بتح219من نفعهما
وفيها من االعتالق بسورة الفاتحة بيان المغضوب عليهم والضالين في
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 44
60قوله قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند اهللا من لعنة اهللا وغضب عليه
77اآلية وقوله قد ضلوا من قبل وأضلوا عن سواء السبيل
ن سورة وأما اعتالقها بسورة النساء فقد ظهر لي في وجه بديع جدا وذلك أ
النساء اشتملت على عدة عقود صريحا وضمنا فالصريح عقود األنكحة وعقد
وعقد 33الصداق وعقد الحلف في قوله والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم
األيمان في هذه اآلية وبعد ذلك عقد المعاهدة واألمان في قوله إال الذين
ان من قوم بينكم وبينهم وقوله وإن ك90يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق
92ميثاق فدية
والضمني عقد الوصية والوديعة والوكالة والعارية واإلجارة وغير ذلك من الداخل
فناسب أن 58في عموم قوله إن اهللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها
يعقب بسورة مفتتحة باألمر بالوفاء بالعقود فكأنه قيل في المائدة ياأيها الذين
التي فرغ من ذكرها في السورة التي تمت فكان ذلك 1نوا أوفوا بالعقود آم
غاية في التالحم والتناسب واالرتباط
ووجه آخر في تقديم سورة النساء وتأخير سورة المائدة وهو أن تلك أولها
وفيها الخطاب بذلك في مواضع وهو أشبه بخطاب المكي 1ياأيها الناس
نسبوتقديم العام وشبه المكي أ
ثم إن هاتين السورتين النساء والمائدة في التقديم واالتحاد نظير البقرة وآل
عمران فتلكما في تقرير األصول من الوحدانية والكتاب والنبوة وهاتان في تقرير
الفروع الحكمية
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 45
وقد ختمت المائدة بصفة القدرة كما افتتحت النساء بذلك
لمائدة بالمنتهى من البعث والجزاء وافتتحت النساء ببدء الخلق وختمت ا
فكأنهما سورة واحدة اشتملت على األحكام من المبتدأ إلى المنتهى
105ولما وقع في سورة النساء إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس
اآليات فكانت نازلة في قصة سارق سرق درعا فصل في سورة المائدة أحكام
السراق والخائنين
كر في سورة النساء أنه أنزل إليك الكتاب لتحكم بين الناس ذكر في ولما ذ
سورة المائدة آيات في الحكم بما أنزل اهللا حتى بين الكفار وكرر قوله ومن لم
4 454 46يحكم بما أنزل اهللا
فأنظر إلى هذه السور األربع المدنيات وحسن ترتيبها وتالحمها وتناسقها
وتالزمها
ة التي هي أول ما نزل بالمدينة وختمت بالمائدة التي هي وقد افتتحت بالبقر
آخر ما نزل بها كما في حديث الترمذي
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 46
سورة األنعام
قال بعضهم مناسبة هذه السورة آلخر المائدة إنها افتتحت بالحمد وتلك
ختمت بفصل القضاء وهما متالزمتان كما قال وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد
39 75هللا رب العالمين
وقد ظهر لي بفضل اهللا مع ما قدمت اإلشارة إليه في آية زين للناس
على 120أنه لما ذكر في آخر المائدة هللا ملك السموات واألرض وما فيهن
سبيل اإلجمال افتتح هذه السورة بشرح ذلك وتفصيله
فبدأ بذكر انه خلق السموات واألرض وضم إليه انه جعل الظلمات والنور وهو
تضمنه قوله وما فيهن في آخر المائدة وضمن قوله الحمد هللا أول بعض ما
األنعام أن له ملك جميع المحامد وهو من بسط هللا ملك السموات واألرض وما
فيهن في آخر المائدة
ثم ذكر أنه خلق النوع اإلنساني وقضى له أجال مسمى وجعل له أجال آخر
ل قل لمن ما في السموات للبعث وأنه منشىء القرون قرنا بعد قرن ثم قا
فأثبت له ملك جميع المنظورات ثم قال وله ما سكن في الليل 12واألرض
فأثبت له ملك جميع المظروفات لظرفي الزمان ثم ذكر أنه خلق 13والنهار
سائر الحيوان من الدواب والطير ثم خلق النوم واليقظة والموت والحياة ثم اكثر
ق واإلنشاء لما فيهن من النيرين والنجوم وفلق في أثناء السورة من ذكر الخل
اإلصباح وخلق الحب والنوى وإنزال الماء وإخراج النبات والثمار بأنواعها وإنشاء
جنات معروشات و غير معروشات و األنعام ومنها حمولة وفرش وكل ذلك
تفصيل لملكه ما فيهن وهذه مناسبة جليلة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 47
ة بيان الخلق والملك أكثر فيها من ذكر ثم لما كان المقصود من هذه السور
الرب الذي هو بمعنى المالك والخالق والمنشىء واقتصر فيها على ما يتعلق
بذلك من بدء الخلق اإلنساني والملكوتي والملكي والشيطاني والحيواني
والنباتي وما تضمنته من الوصايا فكلها متعلق بالقوام والمعاش الدنيوي ثم
لساعةأشار إلى أشراط ا
فقد جمعت هذه السورة جميع المخلوقات بأسرها وما يتعلق بها وما يرجع
إليها فظهر بذلك مناسبة افتتاح السور المكية بها وتقديمها على ما تقدم
نزوله منها
وهي في جمعها األصول والعلوم والمصالح الدنيوية نظير سورة البقرة في
ها من العبادات المحضة فعلى جمعها العلوم والمصالح الدينية وما ذكر في
سبيل اإليجاز واإليماء كنظير ما وقع في البقرة من علوم بدء الخلق ونحوه فإنه
على سبيل االختصار واإلشارة
فإن قلت فلم ال افتتح القرآن بهذه السورة مقدمة على سورة البقرة ألن بدء
الخلق مقدم على األحكام والتعبدات
الدين واآلخرة مقدمة على مصالح المعاش والدنيا قلت لإلشارة إلى أن مصالح
وأن المقصود إنما هو العبادة فقدم ما هو األهم في نظر الشرع وألن علم بدء
الخلق كالفضلة وعلوم األحكام والتكاليف متعين على كل واحد
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 48
فلذلك ال ينبغي النظر في علم بدء الخلق وما جرى مجراه من التواريخ إال بعد
ي علم األحكام وإتقانهالنظر ف
ثم ظهر لي بحمد اهللا وجه آخر أتقن مما تقدم وهو أنه لما ذكر في سورة
إلى 87المائدة ياأيها الذين آمنوا التحرموا طيبات ما أحل اهللا لكم وال تعتدوا
آخره فأخبر عن الكفار انهم حرموا أشياء مما رزقهم اهللا افتراء عليه وكان
نين أن يحرموا شيئا مما أحل اهللا فيشابهوا بذلك القصد بذلك تحذير المؤم
الكفار في صنيعهم وكان ذكر ذلك على سبيل اإليجاز ساق هذه السورة لبيان
ماحرمه الكفار في صنيعهم فأتى به على الوجه األبين والنمط األكمل ثم
جادلهم فيه وأقام الدالئل على بطالنه وعارضهم وناقضهم إلى غير ذلك مما
ليه القصة فكانت هذه السورة شرحا لما تضمنته المائدة من ذلك اشتملت ع
على سبيل اإلجمال وتفصيال وبسطا وإتماما وإطنابا
وافتتحت بذكر الخلق والملك ألن الخالق والمالك هو الذي له التصرف في
ملكه ومخلوقاته إباحة ومنعا وتحريما وتحليال فيجب أال يتعدى عليه بالتصرف
في ملكه
هذه السورة بأسرها متعلقة بالفاتحة من وجه كونها شارحة إلجمال وكانت
قوله رب العالمين وللبقرة من حيث شرحها إلجمال قوله الذي خلقكم والذين
وبآل عمران 29 وقوله هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا 21من قبلكم
وت وقوله كل نفس ذائقة الم14من جهة تفصيلها لقوله واألنعام والحرث 185
اآلية
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 49
وبالنساء من جهة ما فيها من بدء الخلق والتقبيح لما حرموه على أزواجهم
وقتل البنات بالوأد
وبالمائدة من حيث اشتمالها على األطعمة بأنواعها
وفي افتتاح السور المكية بها وجهان آخران من المناسبة
األول افتتاحها بالحمد
ح بها السور المدنية من حيث أن كال منهما والثاني مشابهتها للبقرة المفتت
نزل مشيعا ففي حديث أحمد البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها
ثمانون ملكا وروي الطبراني وغيره من طرق أن األنعام شيعها سبعون ألف
ملك وفي رواية خمسمائة ملك
د وهذه للربع ووجه آخر وهو أن كل ربع من القرآن افتتح بسورة أولها الحم
الثاني والكهف للربع الثالث وسبأ وفاطر للربع الرابع
وجميع هذه الوجوه التي استنبطتها من المناسبات بالنسبة للقرآن كنقطة
من بحر
ولما كانت هذه السورة لبيان بدء الخلق ذكر فيها ما وقع عند بدء
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 50
لما فرغ اهللا ففي الصحيح54الخلق وهو قوله كتب ربكم على نفسه الرحمة
من الخلق وقضى القضية كتب كتابا عند فوق العرش إن رحمتي سبقت
غضبي
سورة األعراف
أقول مناسبة وضع هذه السورة عقب سورة األنعام فيما ألهمني اهللا سبحانه
2أن سورة األنعام لما كانت لبيان الخلق وقال فيها هو الذي خلقكم من طين
وأشير فيها إلى ذكر 6نا من قبلهم من قرن وقال في بيان القرون كم أهلك
المرسلين وتعداد كثير منهم وكانت األمور الثالثة على وجه اإلجمال ال
التفصيل ذكرت هذه السورة عقبها ألنها مشتملة على شرح األمور الثالثة
وتفصيلها
فبسط فيها قصة خلق آدم ابلغ بسط بحيث لم تبسط في سورة كما بسطت
ثم فصلت قصص 6 2ل إجمال قوله خلقكم من طين فيها وذلك تفصي
المرسلين وأممهم وكيفية إهالكهم تفصيال تاما شافيا مستوعبا لم يقع نظيره
في سورة غيرها وذلك بسط حال القرون المهلكة ورسلهم فكانت هذه
السورة شرحا لتلك اآليات الثالث
ولهذا صدر 6 165وأيضا فذلك تفصيل قوله وهو الذي جعلكم خالئف األرض
هذه السورة بخلق آدم الذي جعله اهللا في األرض
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 51
وفي قصة ثمود 69خليفة وقال في قصة عاد جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح
74جعلكم خلفاء من بعد عاد
وهو موجز 12وأيضا فقد قال في األنعام كتب ربكم على نفسه الرحمة
156 للذين يتقون وبسطه هنا بقوله ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها
إلى آخره فبين من كتبها لهم
وأما وجه ارتباط أول هذه السورة بآخر األنعام فهو أنه قد تقدم هناك وأن هذا
155 و قوله وهذا كتاب أنزلناه مباركا فاتبعوه 153صراطي مستقيما فاتبعوه
ا ما فافتتح هذه السورة أيضا باتباع الكتاب في قوله كتاب أنزل إليك إلى اتبعو
2 3أنزل إليكم من ربكم
ثم إلى ربكم 159وأيضا لما تقدم في األنعام ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون
قال في مفتتح هذه السورة 164مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون
7 6فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم
وذلك شرح التنبئة المذكورة
اآلية وذلك ال 16 فلما قال في األنعام من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأيضا
8يظهر إال في الميزان افتتح هذه السورة بذكر الوزن فقال والوزن يومئذ الحق
ثم ذكر من ثقلت موازينه وهو من زادت حسناته على سيئاته ثم من خفت
ك أصحاب األعراف موازينه وهو من زادت سيئاته على حسناته ثم ذكر بعد ذل
وهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 52
سورة األنفال
اعلم أن وضع هذه السورة وبراءة هنا ليس بتوقيف من الرسول صلى اهللا عليه
وسلم والصحابة كما هو الراجح في سائر السور بل اجتهاد من عثمان رضي
اهللا عنه
عراف بيونس وهود وقد كان يظهر في بادىء الرأي أن المناسب إيالء األ
الشتراك كل في اشتمالها على قصص األنبياء وأنها مكية النزول خصوصا أن
الحديث ورد في فضل السبع الطوال وعدوا السابعة يونس وكانت تسمى
بذلك كما أخرجه البيهقي في الدالئل ففي فصلها من األعراف بسورتين هما
مع قصر سورة األنفال بالنسبة األنفال وبراءة فصل للنظير عن سائر نظائره هذا
إلى األعراف وبراءة
وقد استشكل ابن عباس حبر األمة قديما ذلك فأخرج أحمد وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال قلت لعثمان ما حملكم على
أن عمدتم إلى األنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم
ما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم اهللا الرحمن الرحيم ووضعتموها في بينه
السبع الطوال فقال عثمان كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ينزل عليه
السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 53
ت األنفال فيقول ضعوا هؤالء اآليات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكان
من أوائل ما نزل وكانت براءة من آخر القرآن نزوال وكانت قصتها شبيهة بقصتها
فظننت أنها منها فقبض رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ولم يبين لنا أنها
منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم اهللا الرحمن
الرحيم ووضعتها في السبع الطوال
ابن عباس رضي اهللا عنه كيف استشكل على عثمان رضي اهللا فانظر إلى
عنه أمرين وضع األنفال وبراءة في أثناء السبع الطوال مفصوال بهما بين
السادسة والسابعة ووضع األنفال وهي قصيرة مع السور الطويلة وأنظر كيف
أجاب عثمان رضي اهللا عنه أوال بأنه لم يكن عنده في ذلك توقيف فإنه استند
إلى اجتهاد وانه قرن بين األنفال وبراءة لكونها شبيهة بقصتها في اشتمال كل
منهما على القتال ونبذ العهود وهذا وجه بين المناسبة جلي فرضى اهللا عن
الصحابة ما أدق أفهامهم وأجزل آراءهم وأعظم أحالمهم
وأقول يتم بيان مقصد عثمان رضي اهللا عنه في ذلك بأمور فتح اهللا بها
األول أنه جعل األنفال قبل براءة مع قصرها لكونها مشتملة على البسملة
فقدمها لتكون لفظة منها وتكون براءة بخلوها منها كتتمتها وبقيتها ولهذا قال
جماعة من السلف إن األنفال وبراءة سورة واحدة السورتان
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 54
بعد األعراف الثاني أنه وضع براءة هنا لمناسبة الطول فإنه ليس في القرآن
أنسب ليونس طوال منها وذلك كاف في المناسبة
الثالث أنه خلل بالسورتين األنفال وبراءة أثناء السبع الطوال المعلوم ترتيبها
في العصر األول لإلشارة إلى أن ذلك أمر صادر ال عن توقيف وإلى أن رسول
المستعار اهللا صلى اهللا عليه وسلم قبض قبل أن يبين محلها فوضعا كالموضع
بين السبع الطوال بخالف ما لو وضعتا بعد السبع الطوال فإنه كان يوهم أن
ذلك محلهما بتوقيف وترتيب السبع الطوال يرشد إلى دفع هذا الوهم
فانظر إلى هذه الدقيقة التي فتح اهللا بها وال يغوص عليها إال غواص
ما في مصحف أبي بن الرابع أنه لو أخرهما وقدم يونس وأتى بعد براءة بهود ك
كعب لمراعاة مناسبة السبع الطوال وإيالء بعضها بعضا لفات مع ما أشرنا إليه
أمر آخر آكد في المناسبة فإن األولى بسورة يونس أن تولى بالسور الخمس
التي بعدها لما اشتركت فيه من االشتمال على القصص ومن االفتتاح بالذكر
ن تناسب ما عدا الحجر في المقدار وبذكر الكتاب ومن كونها مكيات وم
وبالتسمية باسم نبي والرعد اسم ملك وهو مناسب ألسماء األنبياء
فهذه ستة وجوه في مناسبة االتصال بين يونس وما بعدها وهي آكد من ذلك
الوجه السابق في تقديم يونس بعد األعراف
هاولبعض هذه األمور قدمت سورة الحجر على النحل مع كونها أقصر من
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 55
ولو أخرت براءة عن هذه السور الست المناسبة جدا بطولها لجاءت بعد عشر
سور أقصر منها بخالف وضع سورة النحل بعد الحجر فإنها ليست كبراءة في
الطول
ويشهد لمراعاة الفواتح في مناسبة الوضع ما ذكرنا من تقديم الحجر على
ديم آل عمران على النساء وإن النحل لمناسبة ذوات الر قبلها وما تقدم من تق
كانت أقصر منها لمناسبة البقرة مع االفتتاح ب الم وتوالى الطواسين
والحواميم وتوالى العنكبوت والروم والقمر والسجدة الفتتاح كل ب الم ولهذا
قدمت السجدة على األحزاب التي هي أطول منها
هذا ما فتح اهللا به
قرة على النساء وآل عمران واألعراف وأما ابن مسعود فقدم في مصحفه الب
واألنعام والمائدة ويونس فراعى الطوال وقدم األطول فاألطول ثم ثنى بالمئين
فقدم براءة ثم النحل ثم هود ثم يوسف ثم الكهف وهكذا األطول فاألطول وذكر
األنفال بعد النور
النور ووجه مناسبتها لها أن كال منهما مدنية ومشتملة على أحكام وأن في
وعد اهللا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في األرض كما استخلف
اآلية وفي األنفال واذكروا إذ أنتم مستضعفون في األرض 55الذين من قبلهم
اآلية وال يخفى ما بين اآليتين من المناسبة فإن األولى مشتملة 26تخافون
على الوعد بما حصل وذكر به في الثانية فتأمل
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 56
سورة براءة
أقول قد عرف وجه مناسبتها ونزيد هنا أن صدرها تفصيل إلجمال قوله في
وآيات األمر 58األنفال وأما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء
اآلية ولذا قال 60بالقتال متصلة بقوله هناك وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
46خروج ألعدوا له عدة هنا في قصة المنافقين ولو أرادوا ال
ثم بين السورتين تناسب من وجه آخر وهو أنه سبحانه في األنفال تولى
قسمة الغنائم وجعل خمسها خمسة أخماس وفي براءة تولى قسمة
الصدقات وجعلها لثمانية أصناف
سورة يونس
أقول قد عرف وجه مناسبتها فيما تقدم في األنفال ونزيد هنا أن مطلعها
سورة األعراف وأنه سبحانه قال فيها أن أنذر الناس وبشر الذين شبيه بمطلع
فقدم اإلنذار وعممه وأخر البشارة وخصصها وقال تعالى في مطلع 2آمنوا
فخص الذكرى وأخرها وقدم اإلنذار وحذف 2األعراف لتنذر به وذكرى للمؤمنين
مفعوله ليعم
ستة أياموقال هنا إن ربكم اهللا الذي خلق السموات واألرض في
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 57
وقال في األوائل أي أوائل األعراف مثل ذلك3ثم استوى على العرش
54 وقال هناك مسخرات بأمره أال له الخلق واألمر 3وقال هنا يدبر األمر
وأيضا فقد ذكرت قصة فرعون وقومه في األعراف فاختصر ذكر عذابهم وبسطه
في هذه السورة أبلغ بسط
سورة األعراف منهفهي شارحة لما أجمل في
سورة هود
أقول وجه وضعها بعد سورة يونس زيادة على األوجه الستة السابقة أن سورة
يونس ذكر فيها قصة نوح مختصرة جدا مجملة فشرحت في هذه السورة
وبسطت بما لم يبسطه في غيرها من السور وال في سور األعراف على
ت لقصتهطولها وال في سورة إنا أرسلنا نوحا التي أفرد
فكانت هذه السورة شارحة لما أجمل في سورة يونس فإن قوله تعالى واتبع
هو عين قوله هنا كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن 109ما يوحى إليك
فكان أول هود تفصيال لخاتمة يونس2حكيم خبير
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 58
سورة يوسف
أن قوله أقول وجه وضعها بعد سورة هود زيادة على األوجه الستة السابقة
3في مطلعها نحن نقص عليك أحسن القصص
مناسب لقوله في مقطع تلك وكال نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به
120فؤادك
وأيضا فلما وقع في سورة هود فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب
ذكر هنا حال يعقوب مع 73 وقوله رحمة اهللا وبركاته عليكم أهل البيت 71
وحال ولده الذي هو من أهل البيت مع أخوته فكان كالشرح إلجمال ذلكأوالده
وكذلك قال هنا ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من
فكان ذلك كالمقترن بقوله في هود رحمة اهللا وبركاته 6قبل إبراهيم وإسحاق
48عليكم أهل البيت
ي ترتيب النزول أن يونس نزلت ثم هود وقد روينا عن ابن عباس وجابر بن زيد ف
ثم يوسف وهذا وجه آخر من وجوه المناسبة في ترتيب هذه السور الثالث
لترتيبها في النزول هكذا
سورة الرعد
أقول وجه وضعها بعد سورة يوسف زيادة على ما تقدم بعد ما فكرت فيه
لسموات طائفة من الزمان أنه سبحانه قال في آخر تلك وكأين من آية في ا
فذكر اآليات السمائية واألرضية 105واألرض يمرون عليها وهم عنها معرضون
مجملة ثم فصل في مطلع هذه السورة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 59
فقوله اهللا الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر
الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى يدبر األمر يفصل اآليات لعلكم
وقنون وهو الذي مد األرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل بلقاء ربكم ت
الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن في ذلك آليات لقوم
يتفكرون وفي األرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير
صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في األكل إن في ذلك
تفصيل اآليات األرضية2 4 لقوم يعقلون آليات
هذا مع اختتام سورة يوسف بوصف الكتاب ووصفه بالحق وافتتاح هذه بمثل
ذلك وهو من تشابه األطراف
سورة إبراهيم
أقول وجه وضعها بعد سورة الرعد زيادة على ما تقدم بعد إفكاري فيه برهة أن
وله في مقطع تلك ومن عنده مناسب لق2أقوله في مطلعها كتاب أنزلناه إليك
على أن المراد ب من هو اهللا تعالى جل جالله43علم الكتاب
وأيضا ففي الرعد ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم
وذلك مجمل في أربعة مواضع الرسل والمستهزئين وصفة 32أخذتهم
بأ الذين من قبلكم االستهزاء واألخذ وقد فصلت األربعة في قوله ألم يأتكم ن
9قوم نوح وعاد وثمود اآليات 16
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 60
سورة الحجر
أقول تقدمت األوجه في اقترانها بالسورة السابقة وإنما أخرت عنها لقصرها
بالنسبة إليها وهذا القسم من سور القرآن للمئين فناسب تقديم األطول مع
99 يأتيك اليقين مناسبة ما ختمت به لبراعة الختام وهو قوله واعبد ربك حتى
فإنه مفسر بالموت وذلك مقطع في غاية البراعة
وقد وقع ذلك في أواخر السور المقترنة ففي آخر آل عمران واتقوا اهللا لعلكم
وفي آخر الطواسين كل شيء هالك إال وجهه أال له الحكم وإليه 200تفلحون
في آخر و32 30 وفي آخر ذوات الر وانتظر إنهم منتظرون 28 88ترجعون
46 35الحواميم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إال ساعة من نهار بالغ
ثم ظهر لي وجه اتصال أول هذه السورة بآخر سورةإبراهيم فإنه تعالى لما
قال هناك في وصف يوم القيامة وبرزوا هللا الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ
قال 48 50تغشى وجوههم النار مقرنين في األصفاد سرابيلهم من قطران و
فأخبر أن المجرمين المذكورين إذا 2هنا ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين
طال مكثهم في النار ورأوا عصاة المؤمنين الموحدين قد أخرجوا منها تمنوا أن
لو كانوا في الدنيا مسلمين وذلك وجه حسن في الربط مع اختتام آخر تلك
تتاح هذه به وذلك من تشابه األطرافبوصف الكتاب واف
سورة النحل
أقول وجه وضعها بعد سورة الحجر أن آخرها شديد االلتئام بأول هذه فإن قوله
الذي 99في آخر تلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 61
وانظر كيف جاء في 1هو مفسر بالموت ظاهر المناسبة لقوله هنا أتى أمر اهللا
قين وفي المتأخرة بلفظ الماضي ألن المستقبل سابق المقدمة بيأتيك الي
على الماضي كما تقرر في المعقول والعربية
وظهر لي أن هذه السورة شديدة االعتالق بسورة إبراهيم وإنما تأخرت عنها
لمناسبة الحجر في كونها من ذوات الر
وذلك أن سورة إبراهيم وقع فيها ذكر فتنة الميت ومن هو ميت وغيره وذلك
اآليات فذكر 28أيضا في هذه بقوله الذين تتوفاهم المالئكة ظالمي أنفسهم
الفتنة وما يحصل عندها من الثبات واإلضالل وذكر هنا ما يحصل عقب ذلك من
النعيم والعذاب
ووقع في سورة إبراهيم وقد مكروا مكرهم وعند اهللا مكرهم وإن كان مكرهم
جبار الذي أراد أن يصعد السماء بالنسور وقيل إنها في ال46لتزول منه الجبال
26ووقع هنا ايضا في قوله وقد مكر الذين من قبلهم
ووقع في سورة إبراهيم ذكر النعم وقال عقبها وإن تعدوا نعمة اهللا ال تحصوها
ووقع هنا ذكر ذلك معقبا بمثل ذلك34
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 62
سورة بني إسرائيل
ما أنزل أخرج البخاري عن ابن اعلم أن هذه السورة واألربع بعدها من قديم
مسعود أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه واألنبياء من العتاق
األول وهن من تالدي وهذا وجه في ترتيبها وهو اشتراكها في قدم النزول
وكونها مكيات وكونها مشتملة على القصص
آخر وقد ظهر لي في وجه اتصالها بسورة النحل أنه سبحانه لما قال في
فسر في هذه شريعة 124النحل إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه
أهل السبت وشأنهم فذكر فيها جميع ما شرع لهم في التوراة كما أخرج ابن
جرير عن ابن عباس انه قال التوراة كلها في خمس عشرة آية من سورة بني
زازهم إسرائيل وذكر عصيانهم وفسادهم وتخريب مسجدهم ثم ذكر استف
للنبي صلى اهللا عليه وسلم وإرادتهم إخراجه من المدينة ثم ذكر سؤالهم إياه
عن الروح ثم ختم السورة بآيات موسى التسع وخطابه مع فرعون وأخبر أن
استفزازهم للنبي صلى اهللا عليه وسلم ليخرجوه من المدينة هو وأصحابه
ضاكنظير ما وقع لهم مع فرعون لما استفزهم ووقع ذلك أي
ولما كانت هذه السورة مصدرة بقصة تخريب المسجد األقصى أسري
بالمصطفى إليه تشريفا له بحلول ركابه الشريف فلله الحمد على ما ألهم
سورة الكهف
قال بعضهم مناسبة وضعها بعد سورة اإلسراء افتتاح تلك بالتسبيح
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 63
يسبق التسبيح وهذه بالتحميد وهما مقترنان في القرآن وسائر الكالم بحيث
وسبحان 15 98 20 13 40 55 50 39 52 48التحميد نحو فسبح بحمد ربك
اهللا وبحمده
قلت مع اختتام ما قبلها بالتحميد أيضا وذلك من وجوه المناسبة بتشابه
األطراف
ثم ظهر لي وجه آخر أحسن في االتصال وذلك أن اليهود أمروا المشركين أن
وسلم عن ثالثة أشياء عن الروح وعن قصة يسألوا النبي صلى اهللا عليه
أصحاب الكهف وعن قصة ذي القرنين وقد ذكر جواب السؤال األول في آخر
سورة بني إسرائيل فناسب اتصالها بالسورة التي اشتملت على جواب
السؤالين اآلخرين
فإن قلت هال جمعت الثالثة في سورة واحدة
ناسب فصله في سورةقلت لما لم يقع الجواب عن األول بالبيان
58ثم ظهر لي وجه آخر وهو أنه لما قال فيها وما أوتيتم من العلم إال قليال
والخطاب لليهود واستظهر على ذلك بقصة موسى في بني إسرائيل مع
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 64
الخضر التي كان سببها ذكر العلم واألعلم وما دلت عليه من إحاطة معلومات
ذه السورة كإقامة الدليل لما ذكر من اهللا عز وجل التي ال تحصى فكانت ه
الحكم
وقد ورد في الحديث أنه لما نزل وما أوتيتم من العلم إال قليال قال اليهود قد
أوتينا التوراة فيها علم كل شيء فنزل قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد
هذا في هذه السورة ف109البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا
وجه آخر في المناسبة وتكون السورة من هذه الجهة جوابا عن شبهة
الخصوم فيما قدر بتلك
شرح ذلك هنا 104وأيضا فلما قال هناك فإذا جاء وعد اآلخرة جئنا بكم لفيفا
وبسطه بقوله فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء إلى ونفخ في الصور فجمعناهم
98 100ضا جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عر
فهذه وجوه عديدة في االتصال
سورة مريم
أقول ظهر لي في وجه مناسبتها لما قبلها أن سورة الكهف اشتملت على
عدة أعاجيب قصة أصحاب الكهف وطول لبثهم هذه المدة الطويلة بال أكل وال
شرب وقصة موسى مع الخضر وما فيها من الخارقات وقصة ذي القرنين وهذه
عجوبتان قصة والدة يحيى بن زكريا وقصة والدة عيسى فناسب السورة فيها أ
تتاليهما
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 65
وأيضا فقد قيل إن أصحاب الكهف يبعثون قبل قيام الساعة ويحجون مع
عيسى ابن مريم حين ينزل ففي ذكر سورة مريم بعد سورة أصحاب الكهف
مع ذلك إن ثبت ما ال يخفى من المناسبة
سى وإن قصتهم كانت في الفترة فناسب وقد قيل أيضا إنهم من قوم عي
توالي قصتهم وقصة نبيهم
سورة طه
أقول روينا عن ابن عباس وجابر بن زيد في ترتيب النزول أن طه نزلت بعد
سورة مريم بعد ذكر سورة أصحاب الكهف وذلك وحده كاف في مناسبة الوضع
مع التآخي باالفتتاح بالحروف المقطعة
لما ذكر في سورة مريم قصص عدة من األنبياء وظهر لي وجه آخر وهو أنه
وهم زكريا ويحيى وعيسى الثالثة مبسوطة وإبراهيم وهي بين البسط
وااليجاز وموسى وهي موجزة بجملة أشار إلى بقية النبيين في اآلية األخيرة
إجماال وذكر في هذه السورة شرح قصة موسى التي أجملها هناك
طها أبلغ بسط ثم أشار إلى تفصيل قصة آدم فاستوعبها غاية االستيعاب وبس
الذي وقع مجرد اسمه هناك ثم أورد في سورة األنبياء بقية قصص من لم
يذكر في مريم كنوح ولوط وداود وسليمان وأيوب وذي الكفل وذي النون وأشير
إلى قصة من ذكرت قصته إشارة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 66
تان كالمتقابلتينوجيزة كموسى وهارون وإسماعيل وزكريا ومريم لتكون السور
وبسطت فيها قصة إبراهيم البسط التام فيما يتعلق به مع قومه ولم تذكر
حاله مع أبيه إال إشارة كما أنه في سورة مريم ذكر حاله مع قومه إشارة ومع
أبيه مبسوطا فانظر إلى عجيب هذا األسلوب وبديع هذا الترتيب
سورة األنبياء
اتصالها بآخر طه أنه سبحانه لما قال قدمت ما فيها مستوفى وظهر لي في
وقال قبله ولوال كلمة سبقت من ربك لكان لزاما 135قل كل متربص فتربصوا
إشارة إلى 1 قال في مطلع هذه اقترب للناس حسابهم 129وأجال مسمى
قرب األجل ودنو األمل المنتظر
اجا منهم وفيه أيضا مناسبة لقوله هناك وال تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزو
اآلية فإن قرب الساعة يقتضى اإلعراض عن هذه الحياة الدنيا لدنوها من 131
الزوال والفناء ولهذا ورد في الحديث أنها لما نزلت قيل لبعض الصحابة هال
سألت النبي صلى اهللا عليه وسلم عنها فقال نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن
الدنيا
سورة الحج
األنبياء انه ختمها بوصف الساعة في قوله واقترب أقول وجه اتصالها بسورة
وافتتح 97الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 67
هذه بذلك فقال إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة
عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى
1 2
سورة المؤمنون
ه اتصالها بسورة الحج أنه لما ختمها بقوله وافعلوا الخير لعلكم أقول وج
وكان ذلك مجمال فصله في فاتحة هذه السورة فذكر خصال الخير 77تفلحون
التي من فعلها فقد أفلح فقال قد أفلح المؤمنون الذين هم في صالتهم
اآليات1 6خاشعون
ريب من البعث فإنا خلقناكم ولما ذكر أول الحج قوله ياأيها الناس إن كنتم في
اآلية زاده هنا بيانا في قوله ولقد خلقنا اإلنسان من 5من تراب ثم من نطفة
اآليات فكل جملة 12 13ساللة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين
أوجزت هناك في القصد أطنب فيها هنا
سورة النور
5هم لفروجهم حافظون أقول وجه اتصالها بسورة قد أفلح أنه لما قال والذين
ذكر في هذه أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من
شأن القذف وقصة اإلفك واألمر بغض البصر وأمر فيها بالنكاح حفظا للفروج وأمر
من لم يقدر على النكاح باالستعفاف
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 68
وحفظ فرجه ونهى عن إكراه الفتيات على الزنا
ن من هذا االرتباط وال تناسق أبدع من هذا النسقوال ارتباط أحس
سورة الفرقان
ظهر لي بفضل اهللا بعدما فكرت في هذه أن نسبة هذه السورة لسورة النور
كنسبة سورة األنعام إلى المائدة
كما ختمت 64من حيث أن النور أن ختمت بقوله هللا ما في السموات واألرض
120رض وما فيهن المائدة بقوله هللا ملك السموات واأل
وكانت جملة النور أخصر من المائدة ثم فصلت هذه الجملة في سورة الفرقان
فافتتحت بقوله الذي له ملك السموات إلى قوله وخلق كل شيء فقدره
كما افتتحت األنعام بمثل ذلك وكان قول عقبه واتخذوا من دونه آلهة 2تقديرا
1وا بربهم يعدلون إلى آخره نظير قوله هناك ثم الذين كفر3
ثم ذكر في خالل هذه السورة جملة من المخلوقات كمد الظل والليل والنوم
والنهار والرياح والماء واألنعام واألناسى ومرج البحرين واإلنسان والنسب
والصهر وخلق السموات واألرض في ستة أيام واالستواء على العرش وبروج
ا هو تفصيل لجملة هللا ما في السماء والسراج والقمر إلى غير ذلك مم
السموات واألرض كما فصل آخر المائدة في األنعام بمثل ذلك وكان البسط في
األنعام أكثر لطولها
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 69
ثم أشار في هذه السورة إلى القرون المكذبة وإهالكهم كما أشار في األنعام
إلى ذلك ثم أفصح عن هذه اإلشارة في السورة التي تليها وهي الشعراء
البسط التام والتفصيل البالغ كما أوضح تلك اإلشارة التي في األنعام وفصلها ب
في سورة األعراف التي تليها
فكانت هاتان السورتان الفرقان والشعراء في المثاني نظير تينك السورتين
األنعام واألعراف في الطوال واتصالهما بآخر النور نظير اتصال تلك بآخر المائدة
فصل القضاءالمشتملة على
ثم ظهر لي لطيفة أخرى وهي أنه إذا وقعت سورة مكية بعد سورة مدنية
افتتح أولها بالثناء على اهللا كاألنعام بعد المائدة واإلسراء بعد النحل وهذه بعد
النور وسبأ بعد األحزاب والحديد بعد الواقعة وتبارك بعد التحريم لما في ذلك
اإلنتقال من نوع إلى نوعمن اإلشارة إلى نوع استقالل وإلى
سورة الشعراء
أقول وجه اتصالها بسورة الفرقان أنه تعالى لما أشار فيها إلى قصص مجملة
بقوله ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 70
اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا وقوم نوح لما كذبوا الرسل
ناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما وعادا وثمود أغرق
شرح هذه القصص وفصلها أبلغ 35 38وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا
تفصيل في الشعراء التي تليها ولذلك رتبت على ترتيب ذكرها في اآليات
عرافالمذكورة فبدىء بقصة موسى ولو رتبت على الواقع ألخرت كما في األ
فانظر إلى هذا السر اللطيف الذي من اهللا بإلهامه
ولما كان في اآليات المذكورة قوله وقرونا بين ذلك كثيرا زاد في الشعراء
تفصيال لذلك قصة قوم إبراهيم وقوم لوط وقوم شعيب
وقوله وإذا مروا 63ولما ختم الفرقان بقوله وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سالما
ختم هذه السورة بذكر الشعراء الذين هم بخالف ذلك 72راما باللغو مروا ك
واستثنى منهم من سلك سبيل اولئك وبين ما يمدح من الشعر ويدخل في
قوله سالما وما يذم منه ويدخل في اللغو
سورة النمل
أقول وجه اتصالها بما قبلها انها كالتتمة لها في ذكر بقية القرون فزاد سبحانه
وداود وبسط فيها قصة لوط أبسط مما هي في الشعراءفيها ذكر سليمان
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 71
وقد روينا عن ابن عباس وجابر بن زيد في ترتيب السور أن الشعراء أنزلت ثم
طه ثم القصص ولذلك كان ترتيبها في المصحف هكذا
إلى آخره 7وأيضا فقد وقع فيها وإذ قال موسى ألهله امكثوا إني آنست نارا
الشعراء فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وذلك تفصيل قوله في
21
سورة القصص
أقول ظهر لي بعد الفكرة أنه سبحانه لما حكى في الشعراء قول فرعون
لموسى ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي
إلى قول موسى ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما 18 19فعلت
وقال في طس النمل قول موسى ألهله إني 21ي من المرسلين وجعلن
إلى آخره الذي هو في الوقوع بعد الفرار ولما كان على سبيل 7آنست نارا
اإلشارة و اإلجمال بسط في هذه السورة ما أوجزه في السورتين وفصل ما
أجمله فيهما على حسب ترتيبهما
ن علو فرعون وذبح أبناء بني فبدأ بشرح تربية فرعون له مصدرا بسبب ذلك م
إسرائيل الموجب إللقاء موسى عند والدته في اليم خوفا عليه من الذبح
وبسط القصة في تربيته وما وقع فيها إلى كبره إلى السبب الذي من أجله
قتل القبطي وهي الفعلة التي فعل إلى الهم بذلك عليه والموجب لفراره إلى
زوجه بابنته إلى أن سارمدين إلى ما وقع له مع شعيب وت
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 72
بأهله وآنس من جانب الطور نارا فقال ألهله امكثوا إني آنست نارا إلى ما وقع
له فيها من المناجاة لربه وبعثه إياه رسوال وما استتبع ذلك إلى آخر القصة
فكانت السورة شارحة لما أجمل في السورتين معا على الترتيب
م طس على هذه وتأخيرها عن الشعراء وبذلك عرف وجه الحكمة في تقدي
فلله الحمد على ما ألهم
سورة العنكبوت
أقول ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى لما أخبر في أول السورة
السابقة عن فرعون أنه عال في األرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة
كر المؤمنين افتتح هذه السورة بذ4منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم
الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على اإليمان بعذاب دون ما عذب به قوم فرعون
بني إسرائيل تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثا لهم على الصبر ولذلك قال
وهذه أيضا من حكم تأخير القصص على طس3هنا ولقد فتنا الذين من قبلهم
لى هجرة النبي صلى اهللا عليه وأيضا فلما كان في خاتمة القصص اإلشارة إ
وسلم وفي خاتمة هذه اإلشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله يا عبادي إن
ناسب تتاليهما56أرضى واسعة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 73
سورة الروم
أقول ظهر لي في اتصالها بما قبلها إنها ختمت بقوله والذين جاهدوا فينا
اب بالغلبة فافتتحت هذه بوعد من غلب من أهل الكت69لنهدينهم سبلنا
والنصر وفرح المؤمنين بذلك وأن الدولة ألهل الجهاد فيه وال يضرهم ما وقع
لهم قبل ذلك من هزيمة
هذا مع تآخيهها بما قبلها في المطلع فإن كال منهما افتتح ب الم غير معقب
بذكر القرآن وهو خالف القاعدة الخاصة بالمفتتح بالحروف المقطعة فإنها كلها
كتاب أو وصفه إال هاتين السورتين وسورة القلم لنكتة بينتها في عقبت بذكر ال
أسرار التنزيل
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 74
سورة لقمان
أقول ظهر لي في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في االفتتاح ب الم
أن قوله تعالى هنا هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصالة ويؤتون
بقوله في آخر سورة الروم وقال متعلق 3 4الزكاة وهم باآلخرة هم يوقنون
اآلية فهذا 56الذين أوتوا العلم واإليمان لقد لبثتم في كتاب اهللا إلى يوم البعث
عين إيقانهم باآلخرة وهم المحسنون الموقنون بما ذكر
وأيضا ففي كلتا السورتين جملة من األديان وبدء الخلق
وفي لقمان ومن وقد فسر بالسماع 15وذكر في الروم في روضة يحبرون
وقد فسر بالغناء وآالت المالهي6الناس من يشترى لهو الحديث
سورة السجدة
أقول وجه اتصالها بما قبلها أنها شرحت مفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في
خاتمة لقمان
5فقوله هنا ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 75
ولذلك عقب هنا بقوله عالم 34ده علم الساعة شرح لقوله هناك إن اهللا عن
6الغيب والشهادة
شرح لقوله وينزل الغيث 27وقوله أولم يروا أنا نسوق الماء إلى األرض الجرز
32
اآليات شرح لقوله ويعلم ما في األرحام 7وقوله الذي أحسن كل شيء خلقه
34
13نا كل نفس هداها وقوله يدبر األمر من السماء إلى األرض و ولو شئنا آلتي
34شرح لقوله وما تدري نفس ماذا تكسب غدا
وقوله ائذا ضللنا في األرض إلى قوله قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم
فلله 34 شرح لقوله وما تدري نفس بأي أرض تموت 11ثم إلى ربكم مرجعكم
الحمد على ما ألهم
سورة األحزاب
ه مطلع هذه ومقطع تلك فإن تلك ختمت بأمر أقول وجه اتصالها بما قبلها تشاب
النبي صلى اهللا عليه وسلم باإلعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم ومطلع
هذه األمر بتقوى اهللا وعدم طاعة الكافرين والمنافقين فصارت كالتتمة لما
ختمت به تلك حتى كأنهما سورة واحدة
سورة سبأ
أن تلك لما ختمت بقوله ليعذب اهللا أقول ظهر لي وجه اتصالها بما قبلها وهو
المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب اهللا على المؤمنين
افتتحت هذه بأن له ما في السموات وما في األرض37والمؤمنات
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 76
وهذا الوصف الئق بذلك الحكم فإن الملك العام والقدرة التامة يقتضيان ذلك
وفاصلة اآلية الثانية من مطلع 73اهللا غفورا رحيما وخاتمة سورة األحزاب وكان
2سبأ وهو الرحيم الغفور
سورة فاطر
أقول مناسبة وضعها بعد سبأ تآخيهما في االفتتاح بالحمد مع تناسبهما في
المقدار
وقال بعضهم افتتاح سورة فاطر بالحمد مناسب لختام ما قبلها من قوله وحيل
كما قال فقطع دابر 54 بأشياعهم من قبل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل
فهو نظير اتصال أول األنعام 6 45القوم الذين ظلموا والحمد هللا رب العالمين
بفصل القضاء المختتم به المائدة
سورة يس
أقول ظهر لي وجه اتصاله بما قبلها أنه لما ذكر في سورة فاطر قوله وجاءكم
مانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من وقوله وأقسموا باهللا جهد أي37النذير
والمراد به محمد صلى اهللا عليه وسلم وقد 42إحدى األمم فلما جاءهم نذير
أعرضوا عنه وكذبوه فافتتح هذه السورة باإلقسام على صحة رسالته وأنه
على صراط مستقيم لينذر قوما ما أنذر آباؤهم وهذا وجه بين
اآليتين وفي يس والشمس تجري 13 14وفي فاطر وسخر الشمس والقمر
لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون
وذلك أبسط وأوضح38 39القديم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 77
وفي يس وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في 12وفي فاطر وترى الفلك فيه مواخر
غرقهم فال صريخ الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون وإن نشأ ن
فزاد القصة بسطا41 43لهم وال هم ينقذون
سورة الصافات
أقول هذه السورة بعد يس كاألعراف بعد األنعام وكالشعراء بعد الفرقان في
تفصيل أحوال القرون المشار إلى إهالكهم كما أن تينك السورتين تفصيل
لمثل ذلك كما تقدم
سورة ص
طس بعد الشعراء وكطه واألنبياء بعد مريم أقول هذه السورة بعد الصافات ك
وكيوسف بعد هود في كونها متممة لها بذكر من بقى من األنبياء ممن لم
يذكروا فيها فإنه سبحانه ذكر في الصافات نوحا وإبراهيم والذبيح وموسى
وهارون ولوطا وإلياس ويونس وذكر هنا داود وسليمان وأيوب وأشار إلى بقية
أشبه شيء باألنبياء وطس بعد مريم والشعراءمن ذكر فهي بعدها
سورة الزمر
87اليخفى وجه اتصال أولها بآخر ص حيث قال في ص إن هو إال ذكر للعالمين
فكأنه قيل هذا الذكر تنزيل وهذا تالؤم 1ثم قال هنا تنزيل الكتاب من اهللا
شديد بحيث أنه لو أسقطت البسمله اللتأمت اآليتان كاآلية الواحده
قد ذكر اهللا تعالى في آخر ص قصة خلق آدم وذكر في صدر هذهو
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 78
قصة خلق زوجه وخلق الناس كلهم منه وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقا
من بعد خلق ثم ذكر أنهم ميتون ثم ذكر وفاة النوم والموت ثم ذكر القيامه
هللا رب والحساب والجزاء والنار والجنة وقال وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد
75العالمين
فذكر أحوال الخلق من المبدأ إلى المعاد متصال بخلق آدم المذكور في السورة
التي قبلها
سورة غافر
أقول وجه إيالء الحواميم السبع سورة الزمر تآخى المطالع في االفتتاح بتنزيل
الكتاب وفي مصحف أبي بن كعب أول الزمر حم وذلك مناسبة جليلة
م ترتبت الشتراكها في االفتتاح ب حم وبذكر الكتاب بعد حم ثم إن الحوامي
وأنها مكية بل ورد في الحديث انها نزلت جملة
وفيها شبه من ترتيب ذوات الر الست
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 79
فانظر ثانية الحواميم وهي فصلت كيف شابهت ثانية ذوات الر هود في تغيير
وفي 2 فصلت األسلوب في وصف الكتاب وأن في هود كتاب أحكمت آياته ثم
وفي سائر ذوات الر تلك آيات الكتاب وفي سائر 2فصلت كتاب فصلت آياته
الحواميم تنزيل الكتاب أو والكتاب
وروينا عن جابر بن زيد وابن عباس في ترتيب نزول السور أن الحواميم نزلت
عقب الزمر وأنها نزلت متتاليات كترتيبها في المصحف المؤمن ثم السجدة ثم
ثم الزخرف ثم الدخان ثم الجاثية ثم األحقاف ولم يتخللها نزول غيرها الشورى
وتلك مناسبة جلية واضحة في وضعها هكذا
ثم ظهر لي لطيفة أخرى وهي أنه في كل ربع من أرباع القرآن توالت سبع
سور مفتتحة بالحروف المقطعة فهذه السبع مصدرة ب حم وسبع في الربع
والية و المص األعراف فإنها متصلة بيونس على الذي قبله ذوات الر الست مت
ما تقدمت اإلشارة إليه وافتتح أول القرآن بسورتين من ذلك وأول النصف
الثاني بسورتين
وقال الكرماني في العجائب ترتيب الحواميم السبع لما بينها من التشاكل
الذي خصت به وهو أن كل سورة منها استفتحت بالكتاب
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 80
فاوت المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكالم في النظام أو وصفه مع ت
انتهى
قلت وانظر إلى مناسبة ترتيبها فإن مطلع غافر مناسب لمطلع الزمر ومطلع
فصلت التي هي ثانية الحواميم مناسب لمطلع هود التي هي ثانية ذوات الر
ومطلع الزخرف مؤاخ لمطلع الدخان وكذا مطلع الجاثية لمطلع األحقاف
سورة القتال
اليخفى وجه ارتباط أولها بقوله في آخر األحقاف فهل يهلك إال القوم
واتصاله وتالحمه بحيث أنه لو أسقطت البسملة منه لكان 35الفاسقون
متصال اتصاال واحدا التنافر فيه كاآلية الواحدة آخذا بعضه بعنق بعض
سورة الفتح
النصر مرتب على القتال وقد اليخفى وجه حسن وضعها هنا ألن الفتح بمعنى
ورد في الحديث أنها مبينة لما يفعل به وبالمؤمنين بعد إيهامه في قوله تعالى
فكانت متصلة بسورة األحقاف 9في األحقاف وما أدرى مايفعل بي وال بكم
من هذه الجملة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 81
سورة الحجرات
نهما اليخفى تآخي هاتين السورتين الفتح والحجرات مع ما قبلهما لكو
مدنيتين ومشتملتين على أحكام فتلك فيها قتال الكفار وهذه فيها قتال البغاة
وتلك ختمت بالذين آمنوا وهذه افتتحت بالذين آمنوا وتلك تضمنت تشريفا له
صلى اهللا عليه وسلم خصوصا مطلعها وهذه أيضا في مطلعها أنواع من
لتشريف له صلى اهللا عليه وسلم
سورة الذاريات
ما ختمت ق بذكر البعث واشتملت على ذكر الجزاء والجنة والنار وغير أقول ل
ذلك من أحوال القيامة افتتح هذه السورة باإلقسام على أن ما توعدون من
ذلك لصادق وإن الدين وهو الجزاء لواقع
ونظير ذلك افتتاح المرسالت بذلك بعد ذكر الوعد والوعيد والجزاء في سورة
اإلنسان
سورة الطور
قول وجه وضعها بعد الذاريات تشابههما في المطلع والمقطع فإن فيأ
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 82
اآليات 15 17مطلع كل منهما صفة حال المتقين بقوله إن المتقين في جنات
60وفي مقطع كل منهما صفة حال الكفار بقوله في تلك فويل للذين كفروا
42وفي هذه فاللذين كفروا
سورة النجم
لطور أنها شديدة المناسبة لها فإن الطور ختمت بقوله أقول وجه وضعها بعد ا
1 وافتتحت هذه بقوله والنجم اإذا هوى 49وإدبار النجوم
ووجه آخر أن الطور ذكر فيها ذرية المؤمنين وأنهم تبع آلبائهم وهذه فيها ذكر
32ذرية اليهود في قوله هو أعلم بكم إذ أنشأكم من األرض
ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من ولما قال هناك في المؤمنين
أي ما نقصنا اآلباء بما أعطينا البنين مع نفعهم بما عمل آباؤهم قال 21شيء
خالف ما 39هنا في صفة الكفار أو بني الكفار وأن ليس لإلنسان إال ما سعى
ذكر في المؤمنين الصغار
وهذا وجه بين بديع في المناسبة من وادي التضاد
القمرسورة
أقول اليخفى ما في توالي هاتين السورتين من حسن التناسق في التسمية
لما بين النجم والقمر من المالبسة ونظيره توالي الشمس والليل والضحى
وقبلها سورة الفجر
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 83
ووجه آخر وهو أن هذه السورة بعد النجم كاألعراف بعد األنعام وكالصافات بعد
األمم المشار إلى إهالكهم في قوله هناك وأنه يس في أنها تفصيل ألحوال
أهلك عادا األولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم
50 53وأطغى والمؤتفكة أهوى
سورة الرحمن
أقول لما قال سبحانه وتعالى في آخر القمر بل الساعة موعدهم والساعة
حال المتقين في جنات ثم وصف حال المجرمين في سقر و46أدهى وأمر
ونهر فصل هذا اإلجمال في هذه السورة أتم تفصيل على الترتيب الوارد في
اإلجمال
فبدأ بوصف مرارة الساعة واإلشارة إلى إدهائها ثم وصف النار وأهلها والجنة
وذلك هو عين التقوى 46وأهلها ولذا قال فيهم ولمن خاف مقام ربه جنتان
و نحوه لتتوافق األلفاظ في التفصيل و المفصلولم يقل لمن آمن وأطاع أ
وعرف بذلك أن هذه السورة بأسرها شرح آلخر السورة التي قبلها فلله الحمد
على ما ألهم وفهم
سورة الواقعة
أقول هذه السورة متآخية مع سورة الرحمن في أن كال منهما في وصف
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 84
بقوله هناك 1ذا وقعت الواقعة القيامة والجنة والنار وانظر إلى اتصال قوله هنا إ
ولهذا اقتصر في الرحمن على ذكر انشقاق السماء 37فإذا انشقت السماء
وفي الواقعة على ذكر رج األرض فكأن السورتين لتالزمهما واتحادهما سورة
واحدة
ولهذا عكس في الترتيب فذكر في أول هذه السورة ما ذكره في آخر تلك وفي
كما أشرت إليه في سورة آل عمران مع سورة البقرةآخر هذه ما في أول تلك
فافتتح الرحمن بذكر القرآن ثم ذكر الشمس والقمر ثم ذكر النبات ثم خلق
اإلنسان والجان من مارج من نار ثم صفة القيامة ثم صفة النار ثم صفة الجنة
وابتدأ هذه بذكر القيامة ثم صفة الجنة ثم صفة النار ثم خلق اإلنسان ثم
بات ثم الماء ثم النار ثم النجوم ولم يذكرها في الرحمن كما لم يذكر هنا الن
الشمس والقمر ثم ذكر القرآن
فكانت هذه السورة كالمقابلة لتلك وكرد العجز على الصدر
سورة الحديد
قال بعضهم وجه اتصالها بالواقعة أنها قدمت بذكر التسبيح وتلك ختمت بألمر
به
يد واقع موقع العلة لألمر به وكأنه قيل فسبح باسم قلت وتمامه أن أول الحد
ربك العظيم ألنه سبح هللا ما في السموات واألرض
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 85
سورة المجادلة
أقول لما كان في مطلع الحديد ذكر صفاته الجليلة ومنها الظاهر والباطن وقال
يعلم ما يلج في األرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو
افتتح هذه بذكر أنه سمع قول المجادلة التي شكت إليه 4معكم أينما كنتم
صلى اهللا عليه وسلم ولهذا قالت عائشة رضي اهللا عنها حين نزلت سبحان
الذي وسع سمعه األصوات إني لفي ناحية البيت ال أعرف ماتقول
ا يكون وذكر بعد ذلك قوله ألم تر أن اهللا يعلم ما في السموات وما في األرض م
4 وهو تفصيل لقوله وهو معكم أينما كنتم 7من نجوى ثالثة إال هو رابعهم
وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد والحشر مع تآخيهما في
االفتتاح ب سبح
سورة الحشر
آخر سورة المجادلة نزل فيمن قتل أقرباؤه من الصحابة يوم بدر وأول الحشر
وهي عقبها وذلك نوع من المناسبة والربطنازل في غزوة بني النضير
وفي أول هذه21وفي آخر تلك كتب اهللا ألغلبن أنا ورسلي
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 86
2فأتاهم اهللا من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب
وفي آخر تلك ذكر من حاد اهللا ورسوله وفي أول هذه ذكر من شاق اهللا
ورسوله
سورة الممتحنة
شر في المعاهدين من أهل الكتاب عقبت بهذه أقول لما كانت سورة الح
الشتمالها على ذكر المعاهدين من المشركين ألنها نزلت في صلح الحديبيه
ولما ذكر في الحشر مواالة المؤمنين بعضهم بعضا ثم مواالة الذين من أهل
الكتاب افتتح هذه السورة بنهي المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء لئال
ن في ذلك وكرر ذلك وبسطه إلى أن ختم به فكانت في غاية يشابهواالمنافقي
االتصال ولذلك فصل بها بين الحشر والصف مع تآخيهما في االفتتاح ب سبح
سورة الصف
أقول في سورة الممتحنة ذكر الجهاد في سبيل اهللا وبسطه في هذه السورة
أبلغ بسط
سورة الجمعة
تعالى لما ذكر في سورةأقول ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها أنه
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 87
الصف حال موسى مع قومه وأذاهم له ناعيا عليهم ذلك ذكر في هذه السورة
حال الرسول صلى اهللا عليه وسلم وفضل أمته تشريفا لهم ليظهر فضل ما
بين األمتين ولذا لم يعرض فيها الذكر ليهود وأيضا لما ذكر هناك قول عيسى
قال هنا هو الذي بعث في 6مه أحمد ومبشرا برسول يأتي من بعدي اس
إشارة إلى أنه الذي بشر به عيسى وهذا وجه حسن 2األميين رسوال منهم
في الربط
وأيضا لما ختم تلك السورة باألمر بالجهاد وسماه تجارة ختم هذه باألمر
بالجمعة وأخبر أنها خير من التجارة الدنيوية
ضعين القتال والصالة فناسب وأيضا فتلك سورة الصف والصفوف تشرع في مو
تعقيب سورة صف القتال بسورة صالة تستلزم الصف ضرورة وهي الجمعة ألن
الجماعة شرط فيها دون سائر الصلوات
فهذه وجوه أربعة فتح اهللا بها
سورة المنافقون
أقول وجه اتصالها بما قبلها أن سورة الجمعة ذكر فيها المؤمنون وهذه ذكر
لمنافقون ولهذا أخرج الطبراني في األوسط عن أبي فيها أضدادهم وهم ا
هريرة أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كان يقرأ في صالة الجمعة بسورة
الجمعة يحرض بها المؤمنين وبسورة المنافقين يفزع بها المنافقين
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 88
وتمام المناسبة أن السورة التي بعدها فيها ذكر المشركين والسورة التي
ة فيها ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى والتي قبلها وهي قبل الجمع
الممتحنة فيها ذكر المعاهدين من المشركين والتي قبلها وهي الحشر فيها
ذكر المعاهدين من أهل الكتاب فإنها نزلت في بني النضير حين نبذوا العهد
وقوتلوا
الها على وبذلك اتضحت المناسبة في ترتيب هذه السور الست هكذا الشتم
أصناف األمم وفي الفصل بين المسبحات بغيرها ألن إيالء سورة المعاهدين
من أهل الكتاب بسورة المعاهدين من المشركين أنسب من غيره وإيالء
سورة المؤمنين بسورة المنافقين أنسب من غيره
فظهر بذلك أن الفصل بين المسبحات التي هي نظائر الحكمة دقيقة من لدن
فلله الحمد على ما فهم وألهمحكيم خبير
هذا وقد ورد عن ابن عباس في ترتيب النزول أن سورة التغابن نزلت عقب
الجمعة وتقدم نزول سورة المنافقون فما فصل بينهما إال لحكمة واهللا أعلم
سورة التغابن
أقول لما وقع في آخر سورة المنافقون وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي
اآلية عقب بسورة التغابن ألنه قيل في معناه إن اإلنسان 10ت أحدكم المو
يأتي يوم القيامة وقد جمع ماال ولم يعمل فيه خيرا فأخذه وارثه
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 89
بسهولة من غير مشقة في جمعه فأنفقه في وجوه الخير فالجامع محاسب
معذب مع تعبه في جمعه والوارث منعم مثاب مع سهولة وصوله إليه وذلك هو
ابنالتغ
فارتباطه بآخر السورة المذكورة في غاية الوضوح ولهذا قال هنا وأنفقوا خيرا
16ألنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
وفي هذه إنما 9وأيضا ففي آخر تلك ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر اهللا
ذا ذكرت على وهذه الجملة كالتعليل لتلك الجملة ول15أموالكم وأوالدكم فتنة
ترتيبها
وقال بعضهم لما كانت سورة المنافقون رأس ثالث وستين سورة أشير فيها
إلى وفاة النبي صلى اهللا عليه وسلم بقوله ولن يؤخر اهللا نفسا إذا جاء أجلها
فانه مات على رأس ثالث وستين سنة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في 11
فقده صلى اهللا عليه وسلم
لطالقسورة ا
وكانت 14أقول لما وقع في سور التغابن إن من أزواجكم وأوالدكم عدوا لكم
عداوة األزواج تفضي إلى الطالق وعداوة األوالد قد تفضي إلى القسوة وترك
اإلنفاق عليهم عقب ذلك بسورة فيها ذكر أحكام الطالق واإلنفاق على األوالد
والمطلقات بسببهم
سورة التحريم
سورة متآخية مع التي قبلها باالفتتاح بخطاب النبي صلى اهللا أقول هذه ال
عليه وسلم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 90
وتلك مشتملة على طالق النساء وهذه على تحريم اإليالء وبينهما من
المناسبة ماال يخفى
ولما كانت تلك في خصام نساء األمة ذكر في هذه خصومة نساء النبي صلى
مع سائر النسوة فأفردن بسورة اهللا عليه وسلم إعظاما لمنصبهن أن يذكرن
خاصة ولهذا ختمت بذكر امرأتين في الجنة آسية امرأة فرعون ومريم ابنة
عمران
سورة تبارك
أقول ظهر لي بعد الجهد أنه لما ذكر آخر التحريم امرأتي نوح ولوط الكافرتين
2وامرأة فرعون المؤمنة افتتحت هذه السورة بقوله الذي خلق الموت والحياة
ادا بهما الكفر واإليمان في أحد األقوال لإلشارة إلى أن الجميع بخلقه مر
وقدرته ولهذا كفرت امرأتا نوح ولوط ولم ينفعهما اتصالهما بهذين النبيين
الكريمين وآمنت امرأة فرعون ولم يضرها اتصالها بهذا الجبار العنيد لما سبق
في كل من القضاء والقدر
ل بقوله في آخر الطالق اهللا الذي خلق سبع ووجه آخر وهو أن تبارك متص
فزاد ذلك بسطا في هذه األية الذي خلق سبع 12سموات ومن األرض مثلهن
سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من
وإنما فصلت بسورة 3 5فطور إلى قوله ولقد زينا السماء الدنيا بمصابح
لسورة الطالقالتحريم ألنها كالتتمة
سورة ن
أقول لما ذكر سبحانه في آخر تبارك التهديد بتغوير الماء استظهر
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 91
عليه في هذه السورة بإذهاب ثمر أصحاب البستان في ليلة يطاف عله فيها
وهم نائمون فأصبحوا لم يجدوا له أثرا حتى ظنوا أنهم ضلوا الطريق وإذا كان
لماء الذي هو لطيف رقيق أقرب إلى هذا في الثمار وهي أجرام كثيفة فا
وقال هناك إن أصبح 19 20اإلذهاب ولهذا قال وهم نائمون فأصبحت كالصريم
إشارة إلى أ نه يسرى عليه في ليلة كما سرى على الثمرة 30ماؤكم غورا
في ليلة
سورة الحاقة
42أقول لما وقع في ن ذكر يوم القيامة مجمال في قوله يوم يكشف عن ساق
ية شرح ذلك في هذه السورة بناء على هذا اليوم وشأنه العظيماآل
سورة سأل
أقول هذه السورة كالتتمة لسورة الحاقة في بقية وصف يوم القيامة والنار
وقال ابن عباس إنها نزلت عقب سورة الحاقة وذلك أيضا من وجوه المناسبة
في الوضع
سورة نوح
بلها بعد طول الفكر أنه سبحانه لما أقول أكثر ما ظهر في وجه اتصالها بما ق
عقبه 41قال في سأل إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 92
بقصة قوم نوح المشتملة على إبادتهم عن آخرهم بحيث لم يبق منهم ديار
وبدل خيرا منهم فوقع االستدالل لما ختم به تبارك
كافرينهذا مع تآخي مطلع السورتين في ذكر العذاب الموعد به ال
سورة الجن
أقول قد فكرت مدة في وجه اتصالها بما قبلها فلم يظهر لي سوى أنه قال في
10 11سورة نوح استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا
16وقال في هذه السورة وأن لو استقاموا على الطريقة ألسقيناهم ماء غدقا
وهذا وجه بين في االرتباط
زملسورة الم
بقوله في آخر تلك وأنه لما قام 2أقول ال يخفى وجه اتصال أولها قم الليل
18 وبقوله وأن المساجد هللا 19عبداهللا يدعوه
سورة المدثر
أقول هذه متآخية مع السورة التي قبلها في االفتتاح بخطاب النبي صلى اهللا
عليه وسلم وصدر كليهما نازل في قصة واحدة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 93
بن عباس في ترتيب نزول السور أن المدثر نزلت عقب المزمل وقد ذكر عن ا
أخرجه ابن الضريس وأخرجه غيره عن جابر بن زيد
سورة القيامة
بعد ذكرالجنة 53أقول لما قال سبحانه في آخر المدثر كال بل اليخافون اآلخرة
والنار وكان عدم خوفهم إياها إلنكارهم البعث ذكر في هذه السورة الدليل
البعث ووصف يوم القيامة وأهواله وأحواله ثم ذكر ما قبل ذلك من مبدأ على
الخلق فذكرت األحوال في هذه السورة على عكس ما هي في الواقع
سورة اإلنسان
أقول وجه اتصالها بسورة القيامة في غاية الوضوح فإنه تعالى ذكر في آخر
هذه السورة تلك مبدأ خلق اإلنسان من نطفة ثم ذكر مثل ذلك في مطلع
مفتتحا بخلق آدم أبي البشر
ولما 39ولما ذكر هناك خلقه منهما قال هنا فجعل منه الزوجين الذكر واألنثى
فعلق به غير ما علق 2ذكر هناك خلقه منهما قال هنا فجعلناه سميعا بصيرا
باألول ثم رتب عليه هداية السبيل وتقسيمه إلى شاكر وكفور ثم أخذ في
جزاءكل
خر هو أنه لما وصف حال يوم القيامة في تلك السورة ولم يصف فيها ووجه آ
حال النار والجنة بل ذكرهما على سبيل اإلجمال فصلهما في هذه
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 94
السورة وأطنب في وصف الجنة وذلك كله شرح لقوله تعالى هناك وجوه يومئذ
لقوله شرح4 وقوله هنا إنا أعتدنا للكافرين سالسل وأغالال وسعيرا 22ناضرة
25هناك تظن أن يفعل بها فاقره
وذكر هنا في هذه 20 21وقد ذكر هناك كال بل يحبون العاجلة ويذرون اآلخرة
وهذا من وجوه 27السورة إن هؤالءيحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيال
المناسبة
سورة المرسالت
أنه يدخل من أقول وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى لما أخبر في خاتمتها
افتتح هذه بالقسم على 31يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما
أن ما يوعدون واقع فكان ذلك تحقيقا لما وعد به هناك المؤمنين وأوعد
الظالمين
إلى آخره8ثم ذكر وقته وأشراطه بقوله فإذا النجوم طمست
ضمنته السورة من وعيد ويحتمل أن تكون اإلشارة بما يوعدون إلى جميع ما ت
للكافرين ووعد لألبرار
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 95
سورة عم
أقول وجه اتصالها بما قبلها تناسبها معها في الجمل ففي تلك ألم نهلك
ألم نجعل 20 ألم نخلقكم من ماء مهين 17 18األولين ثم نتبعهم اآلخرين
إلى آخره فذلك6 إلى آخره وفي عم ألم نجعل األرض مهادا 25األرض كفاتا
نظير تناسب جمل ألم نشرح والضحى بقوله في الضحى ألم يجدك يتيما
مع اشتراك هذه السورة 1 إلى آخره وقوله ألم نشرح لك صدرك 6فآوى
واألربع قبلها في اإلشتمال على وصف الجنة والنار ما عدا المدثر في
ل االشتمال على وصف يوم القيامة وأهواله وعلى ذكر بدء الخلق وإقامة الدلي
على البعث
وأيضا في سورة المرسالت ألي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل
وفي هذه السورة إن يوم الفصل كان ميقاتا يوم ينفخ في الصور فتأتون 12 14
إلى آخره فكأن هذه السورة شرح يوم الفصل المجمل ذكره في 17 18أفواجا
السورة التي قبلها
سورة عبس
ضعها عقب النازعات مع تآخيهما في المقطع لقوله هناك فإذا أقول وجه و
وهما من أسماء يوم القيامة33 وقوله هنا فإذا جاءت الصاخة 34جاءت الطامة
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 96
سورة التكوير
34 35أقول لما ذكر في عبس فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه
من سره أن ينظر إلى يوم اآليات ذكر يوم القيامة كأنه رأى عين وفي الحديث
القيامة كأنه رأى عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت و إذا
السماء انشقت
سورة االنفطار
أقول قد عرف مما ذكرت وجه وضعها هنا مع زيادة تآخيهما في المقطع
سورة المطففين
من أقول الفصل بهذه السورة بين اإلنفطار واالنشقاق التي هي نظيرتها
خمسة أوجه االفتتاح ب إذا السماء والتخلص ب ياأيها اإلنسان وشرح حال يوم
القيامة ولهذا ضمت بالحديث السابق والتناسب في المقدار وكونها مكية
وهذه السورة مدنية ومفتتحها ومخلصها غير ما لها لنكتة ألهمنيها اهللا
ذكرت على ترتيب وذلك أن السور األربع لما كانت في صفة حال يوم القيامة
ما يقع فيه فغالب ما وقع في التكوير وجميع ما وقع في االنفطار وقع في صدر
يوم
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 97
القيامة ثم بعد ذلك يكون الموقف الطويل ومقاساة العرق واألهوال فذكره في
ولهذا ورد في الحديث 6هذه السورة بقوله يوم يقوم الناس لرب العالمين
أنصاف أذنيهيقوم أحدهم في رشحه إلى
ثم بعد ذلك تحصل الشفاعة العظمى فتنشر الكتب فأخذ باليمين وأخذ
بالشمال واخذ من وراء الظهر ثم بعد ذلك يقع الحساب
هكذا وردت بهذا الترتيب األحاديث فناسب تأخير سورة األنشقاق التي فيها
إتيان الكتب والحساب عن السورة التي قبلها والتي فيها ذكر الموقف عن
التي فيها مبادىء يوم القيامة
ووجه آخر وهو أنه جل جالله لما قال في االنفطار وإن عليكم لحافظين كراما
وذلك في الدنيا ذكر في هذه السورة حال ما يكتبه الحافظان 11 12كاتبين
وهو كتاب مرقوم جعل في عليين او في سجين وذلك أيضا في الدنيا لكنه
أو بعد الموت في البرزخ كما في اآلثار فهذه حالة عقب بالكتابة إما في يومه
ثانية في الكتاب ذكرت في السورة الثانية
وله حالة ثالثة متأخرة فيها وهي أخذ صاحبه باليمين أو غيرها وذلك يوم
القيامة فناسب تأخير السورة التي فيها ذلك عن السورة التي فيها الحالة
ما من بالفهم ألسرار كتابهالثانية وهي االنشقاق فلله الحمد على
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 98
ثم رأيت اإلمام فخر الدين قال في سورة المطففين أيضا اتصال أولها بآخر ما
قبلها ظاهر ألنه تعالى بين هناك أن يوم القيامة من صفته التملك نفس
لنفس شيئا واألمر يومئذ هللا وذلك يقتضى تهديدا عظيما للعصاة فلهذا أتبعه
اآلياتبقوله ويل للمطففين
سورة االنشقاق
قد استوفىالكالم فيها في سورة المطففين
سورة البروج والطارق
أقول هما متآخيتان فقرنتا وقدمت األولى لطولها وذكرا بعد االنشقاق للمؤاخاة
في االفتتاح بذكر السماء ولهذا ورد في الحديث ذكر السموات مرادا بها السور
األربع كما قيل المسبحات
علىسورة األ
أقول في سورة الطارق ذكر خلق النبات واإلنسان في قوله واألرض ذات
وذكره 6 8 وقوله فلينظر اإلنسان مم خلق إلى إنه على رجعه لقادر 12الصدع
وقوله في النبات والذي أخرج 2في هذه السورة في قوله خلق فسوى
كما أن وقصة النبات في هذه السورة أبسط 3 4المرعى فجعله غثاء أحوى
قصة اإلنسان هناك ابسط نعم ما في هذه السورة أعم من جهة شموله
لإلنسان وسائر المخلوقات
سورة الغاشيه
أقول لما أشار سبحانه في سورة األعلى بقوله سيذكر من يخشى
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 99
10ويتجنبها األشقى الذي يصلى النار الكبرى إلى قوله واآلخرة خير وأبقى
والنار والجنة إجماال فصل ذلك في هذه السورة فبسط إلى المؤمن والكافر 17
صفة النار والجنة مستندة إلى أهل كل منهما على نمط ما هنالك ولذا قال
4 هناك وقال هنا تصلى نارا حامية 10 في مقابل األشقى 3هنا عاملة ناصبة
هناك ولما 12 في مقابلة يصلى النار الكبرى 7إلى اليسمن واليغني من جوع
بسط هنا صفة الجنة أكثر من صفة النار 16 هناك في اآلخرة خير وأبقى قال
تحقيقا لمعنى الخيرية
سورة الفجر
أقول لم يظهر لي من وجه ارتباطها سوى أن أولها كاإلقسام على صحة ما
ختم به السورة التي قبلها من قوله جل جالله إن إلينا إيابهم ثم إن علينا
نه من الوعد والوعيد كما أن أول الذاريات قسم وعلى ما تضم15 26حسابهم
على تحقيق ما في ق وأول المرسالت قسم على تحقيق ما في عم
هنا مشابهة لجملة أفال ينظرون 6هذا مع أن جملة ألم تر كيف فعل ربك 17
هناك
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 100
سورة البلد
ولم أقول وجه اتصالها بما قبلها أنه لما ذم فيها من أحب المال وأكثر التراث
يحض على طعام المسكين ذكر في هذه السورة الخصال التي تطلب من
صاحب المال من فك الرقبة واإلطعام في يوم ذي مسغبة
سورة الشمس والليل والقمر
أقول هذه الثالثة حسنة التناسق جدا لما في مطالعها من المناسبة لما بين
لكن فصلت بسورة الشمس والليل والضحى من المالبسة ومنها سورة الفجر
البلد لنكتة أهم كما فصل بين االنفطار واالنشقاق وبين المسبحات ألن مراعاة
التناسب باألسماء والفواتح وترتيب النزول إنما يكون حيث اليعارضها ما هو
أقوى وآكد في المناسبة
ثم إن سورة الشمس ظاهرة االتصال بسورة البلد فإنه سبحانه لما ختمها
لميمنة وأصحاب المشأمة أراد الفريقين في سورة الشمس بذكر أصحاب ا
هم أصحاب 9على سبيل الفذلكة فقوله في الشمس قد أفلح من زكاها
في الشمس هم 10الميمنة في سورة البلد وقوله وقد خاب من دساها
أصحاب المشأمة في سورة البلد فكانت هذه السورة فذلكة تفصيل تلك
لمقصود من هذه السورة الترغيب في الطاعات السورة ولهذا قال اإلمام ا
والتحذير من المعاصي
ونزيد في سورة الليل أنها تفصيل إجمال سورة الشمس فقوله فأما
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 101
وما بعدها تفصيل قد أفلح من زكاها وقوله وأما من بخل 5من أعطى واتقى
اآليات تفصيل قوله وقد خاب من دساها8واستغنى
أنها متصلة بسورة الليل من وجهين فإن فيها وإن لنا ونزيد في سورة الضحى
وفي الليل 4 وفي الضحى ولآلخرة خير لك من األولى 13لآلخرة واألولى
5 وفي الضحى ولسوف يعطيك ربك فترضى 21ولسوف يرضى
ولما كانت سورة الضحى نازلة في شأنه صلى اهللا عليه وسلم افتتحت
الليل سورة أبي بكر يعنى ما عدا قصة بالضحى الذي هو نور ولما كانت سورة
البخيل وكانت سورة الضحى سورة محمد عقب بها ولم يجعل بينهما واسطة
ليعلم أال واسطة بين محمد وأبي بكر
سورة ألم نشرح
أقول هي شديدة االتصال بسورة الضحى لتناسبهما في الجمل ولهذا ذهب
ما قال اإلمام والذي بعض السلف إلى أنهما سورة واحدة بال بسملة بينه
6دعاهم إلى ذلك هو أن قوله ألم نشرح كالعطف على ألم يجدك يتيما فآوى
في الضحى
قلت وفي حديث اإلسراء أن اهللا تعالى قال يا محمد ألم أجدك
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 102
يتيما فآويت وضاال فهديت وعائال فأغنيت وشرحت لك صدرك وحططت عنك
الحديث أخرجه ابن أبي حاتم وفي وزرك ورفعت لك ذكرك فال أذكر إال ذكرت
هذا أوفى دليل على اتصال السورتين معنى
سورة التين
فصل في هذه السورة 3أقول لما تقدم في سورة الشمس ونفس وما سواها
إلى 4 5بقوله لقد خلقنا اإلنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين
آخره
م من السور الثالث واتصالها وأخرت هذه السوره لتقدم ما هو أنسب بالتقدي
وأخرت لتقدم ما هو أولى بالمناسبة 3بسورة البلد لقوله وهذا البلد األمين
مع سورة الفجر
لطيفة
نقل الشيخ تاج الدين بن عطا اهللا السكندري في لطائف المنن عن الشيخ
أبي العباس المرسي قال قرأت مرة والتين والزيتون إلى أن انتهيت إلى قوله
ففكرت 4 5 خلقنا اإلنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين لقد
في معنى هذه اآلية فألهمني اهللا أن معناها لقد خلقنا اإلنسان في أحسن
تقويم روحا وعقال ثم رددناه أسفل سافلين نفسا وهوى
قلت فظهر من هذه المناسبة وضعها بعد ألم نشرح فإن تلك أخبر
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 103
لنبي صلى اهللا عليه وسلم وذلك يستدعي كمال عقله فيها عن شرح صدر ا
وروحه فكالهما في القلب الذي محلها الصدر وعن خالصه من الوزر الذي
ينشأ من النفس والهوى وهومعصوم منهما وعن رفع الذكر حيث نزه مقامه
عن كل موهم
فلما كانت هذه السورة فى هذا العلم الفرد من االنسان أعقبها بسورة
على بقية األناسى وذكر ما خامرهم في متابعة النفس والهوىمشتملة
سورة العلق
أقول لما تقدم في سورة التين بيان خلق اإلنسان في أحسن تقويم بين هنا
وذلك ظاهر االتصال فاألول بيان العلة 2أنه تعالى خلق اإلنسان من علق
الصورية وهذا بيان العلة المادية
سورة القدر
ما اجتمع أصحاب النبي صلى اهللا عليه وسلم على القرآن قال الخطابي ل
ووضعوا سورة القدر عقب العلق استدلوا بذلك على أن المراد بهاء الكنايه في
إنا أنزلناه في ليلة القدر اإلشارة إلى قوله اقرأ1قوله
قال القاضي أبو بكر بن العربي وهذا بديع جدا
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 104
سورة لم يكن
1عة موقع العلة لما قبلها كأنه لما قال سبحانه إنا أنزلناه أقول هذه السورة واق
قيل لم أنزل فقيل ألنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم
البينة وهو رسول من اهللا يتلو صحفا مطهرة وذلك هو المنزل
وقد ثبتت األحاديث بأنه كان في السورة قرآن نسخ رسمه وهو إنا انزلنا المال
امة الصالة وإيتاء الزكاة ولو أن البن آدم واديا البتغى إليه الثاني ولو أن له إلق
الثاني البتغى إليه الثالث وال يمأل جوف ابن آدم إال التراب ويتوب اهللا على من
تاب
وبذلك تشتد المناسبة بين هذه السورة وبين ما قبلها حيث ذكر هناك إنزال
سورتان تعليال لما تضمنته سورة اقرأ ألن أولها القرآن وهنا إنزال المال وتكون ال
ذكر العلم وفي أثنائها ذكر المال فكأنه قيل إنا لم ننزل المال للطغيان
واالستطالة والفخر بل ليستعان به على تقوانا وإقامة الصالة وإيتاء الزكاة
سورة الزلزلة
منين جنات أقول لما ذكر في آخر لم يكن أن جزاء الكافرين جهنم وجزاء المؤ
أي حين تكون زلزلة 1فكأنه قيل متى يكون ذلك فقيل إذا زلزلت األرض زلزالها
األرض إلى آخره
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل,أسرار ترتيب القرآن 105
هكذا ظهر لي ثم لما راجعت تفسير اإلمام الرازي ورأيته ذكر نحوه حمدت اهللا
كثيرا وعبارته ذكروا في مناسبة هذه السورة لما قبلها وجوها منها أنه تعالى
فكأن المكلف قال ومتى يكون ذلك يا 8ؤهم عند ربهم جنات عدن لما قال جزا
رب فقال إذا زلزلت األرض
ومنها أنه قال لما ذكر فيها وعيد الكافرين ووعد المؤمنين أراد أن يزيد في وعيد
الكافرين فقال إذا زلزلت األرض ونظيره يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ثم ذكر ما
سودت وجوههم إلى آخره ثم جمع بينهما هنا في للطائفتين فقال فأما الذين ا
آخر السورة بذكر الذي يعمل الخير والشر انتهى
سورة العاديات
وقوله في هذه 2أقول اليخفى ما بين قوله في الزلزلة وأخرجت األرض أثقالها
من المناسبة والعالقة9السورة إذا بعثر ما في القبور
سورة القارعة
هللا سبحانه السورة السابقة بقوله إن ربهم بهم يومئذ قال اإلمام لما ختم ا
فكأنه قيل وما ذاك فقال هي القارعة قال وتقديره ستأتيك القارعة 11لخبير
9على ما أخبرت عنه بقولي إذا بعثر ما في القبور
www.alwww.al-mostafa.com