حضور المسيح

80

Upload: sameh-maher

Post on 02-Nov-2014

121 views

Category:

Documents


8 download

Tags:

DESCRIPTION

للاب ليف جيليه

TRANSCRIPT

Page 1: حضور المسيح
Page 2: حضور المسيح
Page 3: حضور المسيح

بيت التكريس خلدمة الكرازة

Presence du Christ

تأليف األب ليف جيلليه ١٩٩٣أغسطس

Page 4: حضور المسيح

وهذه الترمجة العربية Presence du Christهذا الكتاب ترمجة للكتاب الصادر أصال باللغة الفرنسية مأخوذة عن ترمجتني اجنليزيتني لنفس الكتاب

1- A day with Jesus – Belgium 1964

2- In Thy Presence Part II A.R Mowbrays London 1977. by Fr. Lev Gillet.

بإذن من املؤلف قبل نياحته

حضور املسيح :أسم الكتاب األب ليف جيلليه :أسم املؤلف بيت التكريس خلدمة الكرازة :املترجمأسم

بيت التكريس خلدم الكرازة :أسم الناشر شارع اخلندق حدائق القبة ١٢ القاهرة ٨٣٦٣٨٩: ت

دار يوسف كمال للطباعة : أسم املطبعة حدائق القبة –املليحة –ش املدارس ٢ ٨٢٣٥٧٨ – ٨٢٧٠٧٤: ت

١٩٩٣لسنة ٥٩٨٥ :رقم اإليداع ISBN 977-252-033-8 :ويلترقيم د

Page 5: حضور المسيح

٤

الكتابحتويات م الصفحة الفصلعنوان

 

 ٥ ................................................ األوىل الطبعة مقدمة ٧ .............................................. املسيح حضور ١ ١٠ ................................................... لذكري ٢

 ١٤ ............................................. أغسلك مل إن ٣

 ١٨ ..................................... املسيح هو الثوب هذا ٤

 ٢٢ ................................................. ليقرأ وقام ٥

 ٢٧ ................................. األرض على يكتب وكان ٦

 ٣١ ............................................ الكرم يف الفعلة ٧

 ٣٧ ................................................ راحتك يف ٨

 ٤١ ................................................ املثل شرح ٩

 ٤٤ ............................................ املمدودة اليد ١٠

 ٤٨ .................................... واحلقول الشوارع يف ١١

 ٥٥ ...................................... نكسره الذي اخلبز ١٢

 ٦٠ .......................................... السفينة يف نائم ١٣

 ٦٥ ............................................ القيامة صباح ١٤

 ٧٠ ........................................... جيلليه ليف األب حياة

 ٧٨ ........................................ جيلليه ليف األب كتابات

Page 6: حضور المسيح

٥

مقدمة الطبعة األولى

حضور شخص الرب كما يظهر من عنوانه، هو حماولة الختبار " حضور املسيح"هذا الكتاب هو حماولة بسيطة للنفاذ إىل داخل أفكار املسيح . يف أعمال حياتنا اليومية العادية يسوع املسيح

.صة بنا، بأن يطعمها يف طريقة حياتنا اخلاصةوكلماته وأعماله، لكي جيعلها خا

أن يرى كل الناس وكل األشياء بعيين املسيح، مفكرا " حضور املسيح"وحياول كاتب وباختصار فإن هذا الكتاب . أفكاره، منصتا إىل صوته، متكلما كلماته، وآكال طعامه

هاية هي مهمة كل وهذه يف الن" كيف نصري متمثلني باملسيح متحدين به"الصغري يعلمنا .الذين يعترفون أهنم تالميذ له، دعوة كل الذين يستحقون أن يدعى عليهم أسم املسيح

حوار ... يسوع "وهذا الكتاب يعترب امتدادا وتكميال لكتاب سابق لنفس املؤلف وهو كتاب والذي قام بترمجته اثنان من املكرسني ونشرته كنيسة مارجرجس باسبورتنج "مع خملص

وهو األب ليف ،"راهب من الكنيسة الشرقية"ومؤلف الكتابني . ١٩٦٥كندرية عام باإلس،من أصل فرنسي، وكان راهبا كاثوليكيا، مث أنضم إىل الكنيسة الروسية األرثوذكسية جيلليه

وظل خيدم يف فرنسا واجنلترا ولبنان وعدة بلدان أخرى حىت رقد يف ١٩٢٨يف فرنسا سنة ٨٨بالغا من العمر ١٩٨٠مارس سنة ٢٩يليوس بلندن يوم السبت الرب يف بيت القديس باس

وجيد القارئ يف هناية هذا الكتاب عرضا لسرية حياة األب ليف جيلليه مأخوذا عن جملة . عاماSobornost ،وللمؤلف كتب أخرى عديدة يغلب على أكثرها الطابع الروحي التأملي اهلادئ

وكثريون من اخلدام ) أنظر السرية يف هناية الكتاب( .بيةوقد ترجم الكثري منها إىل اللغة العرحيث ألقى عدة أحاديث ١٩٦٨بالقاهرة يذكرون زيارة األب ليف جيلليه للقاهرة يف أبريل

Page 7: حضور المسيح

٦

روحية بقاعة رابطة القديس بالظاهر، وعقد عدة لقاءات خاصة يف بيت التكريس حبلوان حيث .كان يرتل يف فترة زيارته للقاهرة

ام بترمجة نصف هذا الكتاب أحد أعضاء بيت التكريس حبدائق القبة، وقام بترمجة هذا وقد ق .مرمي للمكرسات بالظاهر ةالنصف اآلخر أحدى األخوات املكرسات ببيت القديس

وليعوض الرب كل من تعب يف الترمجة واملراجعة والتصحيح والكتابة بكل بركة ونعمة .روحية

يسوع املسيح مع ابنه الوحيد و الروح القدس، كل جمد وسجود وإلهلنا احملب احلنون أيب ربنا .وتسبيح اآلن وإىل األبد آمني

نصحي عبد الشهيد.د بيت التكريس خلدمة الكرازة ١٩٨١مارس - الطبعة األوىل

١٩٩٣أغسطس - الطبعة الثانية .سنة على ميالد األب ليف جيلليه ١٠٠تصدر مبناسبة االحتفال بذكرى مرور

Page 8: حضور المسيح

٧

١ حضور المسيح

)٣٩: ١يو ( " ومكثا عنده ذلك اليوم "

ها أنا : "فلقد قلت هلم. الرب يسوع لقد أعطيت تالميذك عطية حضورك الدائمأيها

آه لو كنت فقط أستطيع أن أحيا ). ٢٠: ٢٨مت "(وإىل انقضاء الدهر. معكم كل األيامفياليت إمياين يكون حيا " الوعي"هذا أو حىت إن أعوزين ! بوعي مستمر حلضورك هذا

للدرجة اليت جتعلين يف يقني دائم وعميق بأنك هنا معي، وتكون كل اجتاهايت مطابقة هلذا !اليقني

! أين ضعيف جدا. ولكين يا رب، بعد مضي هذا العدد من السنني، فإنين بالكاد أبدأ فقطغب على األقل أن أبدأ يف أنين أر! وأحتاج أن أطهر نفسي، وأزيل منها مسوما كثرية

.معرفة حضورك وأن أمنو فيه، وهبذه الرغبة أقترب منك يف هذا اليوم

مث دعوهتما . حينما ترك تلميذاك األوالن معلمهما يوحنا السابق، فإهنما تبعاك يف صمت. فأتيا، ونظرا أين كنت متكث). ٣٩: ١يو" (تعاليا وانظرا: "أنت لينطلقا معك قائال هلما

إذا –لقد قاما بعملية استكشاف أولية ". ذلك اليوم"اإلجنيل أهنما مكثا معك ويقول ، أنين أرغب اليوم، يا رب. لقد تعلمنا ما هو معىن املكوث معك –أمكن أن أقول هذا

.ويف هذه اللحظة بالذات، أن أقوم بعمل مثل هذا

هل : رف فإنين أود أن أع. معك" يوما"يا رب، أقبل قصدي وباركه يف أن أقضي أنين أود أن أجرب نوعا من . أستطيع؟ وكيف أستطيع أن أحيا معك يوما بأكمله؟

املرشد الروحي يف حديث شخصي تسوده األلفة الذي فيه تكون أنت بذاتك " االختالء"

Page 9: حضور المسيح

٨

أنه اختالء قصري جدا، ولكن ما أحب أن أحصل عليه، هو اكتشاف اخلطوط . الكاملة .تبعهالعريضة للطريق الذي البد أن أ

إذ أعطيتين الوقت واإلمكانية ألنفرد بنفسي معك، : امتيازا مثينا يا رب، لقد منحتين . وأنظر إليك، وأنصت لك، دون أن أكون مشدودا ومربوطا بارتباطات خارجية عاجلة

إن آخرين ! فأي مسئولية تكون مسئولييت إن كنت ال أستفيد من هذا االمتياز أكرب فائدةالزوجية أو يف وجيدوك يف أشكال أخرى، فقد يقابلوك يف حياهتم قد دعوا أن يطلبوك

وكثريا ما يكون ذلك يف عمق وبذل أكثر من (عنايتهم وحناهنم على أطفاهلم الصغار ولكن اختبار حضورك اليت أود أن احصل عليها، ). أصحاب هذا االمتياز الذي نلته أنا

هذين االختبارين تعترب واحدة، وإذا ومع هذا فإن كثريا من أوجه . ختتلف عن اختبارهم، فإين أرجو أن "العادية"قرأ هذه السطور بعض الرجال والنساء الذين يعيشون احلياة

يكتشفوا أن كثريا من األمور اليت تقال هنا، ليست غريبة عليهم أبدا، أما بالنسبة يل أيها ريق اليت يسلكها الرب يسوع، فما دمت واحدا من أولئك الذين وضعتهم خارجا عن الط

السواد األعظم من الناس، أذن فوق يف داخلي االعتقاد بأنك أنت، أنت وحدك، هو غاييت .املباشرة واملطلقة، وأنه البد يل أن أقترب من شخصك مباشرة

وسوف اقرأ يف إجنيلك ما قلته وما . وكيف أقترب منك؟ سوف أفعل ذلك بأبسط الطرقمملوءة من تأثري اإلجنيل "ة، أن أجعل أعمال اليوم سوف أحاول مبنتهى البساط. فعلته ".فيها

. ولكين أعرف حدودي. أنين أوقر أولئك الذين يعرفون أكثر مين، ويسلكون أفضل مينولن أحاول هنا التعمق يف األسرار العظيمة . فلن أبغي هنا الوصول إىل قمم النكر الالهويت

ولكن حاشا يل أن أجتاهل أو ". لسرائريةا"و " الكنيسة"الحتادنا باملسيح وإصالحاهتا

Page 10: حضور المسيح

٩

ولكن أرغب يف عمله اليوم ! استخف هبذا الفيض الوافر الغين املعطى لنا من خالل األسرار .كما عرفه تالميذك يف البداية "الينبوع"هو أن أيت ألستقي من

أين أريد أن أيت، كما أنا صغريا فقريا ضعيفا، وذلك لكي أتبع يسوع املسيح املتضع .أخدمه وأعانقه بأتضاعو

حضورك "أين أريد . نعم أين أريد ولو، ليوم واحد، أن أعانقك وأمسك بك، أن أقتنيك ."اليوم

أن يؤثر يف حيايت، –الذي سأحاول أن أقضيه بالقرب منك –يا معلم، أجعل هذا اليوم .كتلك اخلمرية اليت ختمر العجني كله

Page 11: حضور المسيح

١٠

٢ لذآري

)١٩: ٢٢لو ( " ياصنعوا هذا لذكر "

أن ) .. ١٩: ٢٢لو " ( اصنعوا هذا لذكري "يا سيد، لقد قلت لتالميذك أثناء العشاء األخري

لانه يشري إىل اخلبز واخلمري املقدمني، أي إىل جسدك املبذو. هذا القول له معىن خاص جدا .ودمك املسفوك

. انتهاك حلرمة املقدساتولكن بدون . أنين سوف أجتاسر وأعطي هلذا القول تطبيقا واسعافبدون أن أخلط بني العمل الفريد الذي قدمته يف العشاء األخري وأي عمل آخر، ومع احملافظة

أصنعوا هذا "على كل حقيقة يف مكاهنا السليم، فإين أريد أن تتسع هذه الكلمات املقدسة .ن يف حياتنا اليوميةلتشمل كل األعمال اليومية اليت قمت هبا أنت، واليت نقوم هبا حن" لذكري

يوم "، أو "يوم اإلجنيل"هذا اليوم، وخاصة يف ! يا سيد، ليت كل عمل أعمله، وأعمله لذكرك .الذي أسعى فيه أن تكون كل أعمايل مطابقة ألعمالك "...احلضرة اإلهلية

وكما حيدث يف كل مرة منارس فيها سر العشاء، فنحن ال هنتم فقط مبجرد عملية التذكر، ، حينما يرتبط مع "ذكرك هذا"فأنا أصلي أن –لذلك . تم به كسر حاضر وفعالولكن هن

يأيت إىل حبقيقة واقعية ومعاصرة لنا، وتكون إهلية –بواسطة الروح احمليي –أبسط أعمالنا، فإنه .ومطابقة لإلجنيل وإن كانت من نوع خمتلف متاما، وعلى مستوى آخر متاما

كل أركان حيايت، أو مبعىن أخر لكي أن أميز حضورك فيها ولكي تصبح يا سيدي، حاضرا يف . بأكثر وضوح، فأنين قبل كل شيء سأوحد نفسي بك يف أبسط أعمال حيايت اليومية العادية

ففي أيام وجودك على األرض كنت تقوم باألعمال اليت يقوم هبا الناس كل يوم، واليت أقوم هبا

Page 12: حضور المسيح

١١

وكنت تغسل وجهك، وترتدي مالبسك، وتعمل فقد كنت تنام وتستيقظ، . أنا أيضا اليوموتأكل تقرأ وتكتب وتسري يف شوارعنا، وتشترك يف مناقشات الناس كنت. بيدك وتستريحأهنا رغبتك أن ". يل أبين أفعل كل هذه األشياء لذكري"واآلن أنت تقول يل . وتشرب معهم

يه تنعكس على كل ينشأ بيين وبني كل عمل من هذه األعمال اليت قمت هبا أنت عالقة حعندما أغتسل، وأرتدي مالبسي، عندما أقرأ وأكتب، حينما أعمل وحينما : عمل أقوم به

فهذه الكلمات تعطي تصورا معينا . أستريح، حينما أجتول بني الناس، حينما أنام وأستيقظ .للمجاالت اليت فيها أسعى باحثا عن حضورك

هل نستطيع . ؟ أهنا فكرة رائعة تتضح أمام تفكريناآه يا معلم، ما هي طبيعة هذه العالقة احلية أن نقول ببساطة أن كل أعمال أبن اإلنسان على األرض ستبقى دائما مثاال ألعمالنا حنن؟

أو ليس لنا أن نقول أن أعمال البشرية كانت أكثر من جمرد عناصر قامت عليها حياتك أعمالنا له مغزاه الروحي، وله نقول أيضا أن كل عمل منأن استطاعتنااخلاصة؟ أليس يف

جذوره وقوته، مرتبطا بشكل ما مبثيل له سبق أن قمت أنت به من قبل؟ فهل نستطيع مثال أن ، أنك أكلت لكي تبارك طعامنا، ومنت لكي تبارك نومنا، وأنك )كما قال بعض اآلباء(نقول

تعبت لكي تبارك تعبنا؟

املذكورة يف األناجيل، ستبقى بشكل ما وهل نستطرد أكثر فنقول أن كل عمل من أعمالكحقيقة وحاضرة إىل األبد، وبنفس الدرجة حىت أن طبيعة هذه األعمال البشرية كانت متصلة

يقول أن كل حادثة بطبيعتك اإلهلية اليت تتجاوز الزمان واملكان؟ ومن هنا هل يستطيع املرء أناليوم، كما كانت ألولئك الذين ذكرت يف اإلجنيل خاصة حبضورك، هي حقيقة بالنسبة لنا

لكن وحدثت معهم، حبيث ميكننا حنن أيضا أن خنترب وندخل فيها، ليس بطريقة روحية وسرية، أيضا بطريقة طبيعية إىل حد ما؟

Page 13: حضور المسيح

١٢

بل . يا معلم، أنين لن أمتد أكثر من ذلك يف هذه التأمالت أو أحاول حل هذه املشكالتترك الغوص يف أعماقها لرجل الالهوت الذي وأ. سوف أتوقف عند عتبة هذه التساؤالت

ميكنه أن يبحث عما إذا كانت حوادث اإلجنيل املتعلقة حبياتك على األرض، هلا طبيعتها اخلاصة يف حد ذاهتا وستبقى حاضرة متاما وأبدية، أو أهنا تتعلق حبقبة تارخيية فقط وال يبقى

.منها تأثرياهتا اخلارقة للطبيعة

يستطيع أن جيعل –مبؤازرة النعمة –، يا رب، هو أن روحك القدوس أن ما أؤمن به بقوةأنه بواسطة الروح أين أؤمن . حوادث حياتك األرضية، حاضرة اآلن أمامي، وينقلها إيل

أنين أؤمن أنه يف استطاعة . القدس، ويف الروح القدس، أستطيع أن أشترك يف حوادث اإلجنيلعلى صفحات روحي وجيعلين " حياة يسوع"تب أن يك –إن أراد ذلك –الروح القدس

أنين أؤمن أن هناك نوع من التداخل والتغلغل واالرتباط بني األعمال . أحياها حسب إرادتهوكل ما يلزمين هو أن . البشرية اليت قام هبا خملصي وبني أعمايل، وذلك بصورة فائقة للطبيعة

سيح، وأدمج كل واحدة من هذه أدمج نفسي متاما يف كل حادثة من أحداث حياة يسوع امل .األحداث متاما يف صميم كياين

.أنين أرجو أن هذا اليوم الذي أمكثه مع املعلم، يكشف يل هذا

يتعارض موضوع احتادنا باملسيح، للتقليل من قيمه وينقص من أالوقبل أن أدخل التفاصيل الصواب أن نركز على هل منشأنه لو نظرنا إليه مرتبطا باألحداث اليومية يف اإلجنيل؟

األعمال العادية املألوفة اليت قام هبا املسيح واليت يقوم هبا أيضا الناس العاديون؟ بالتأكيد أن التجسد وموت الصليب، والقيامة يف اليوم الثالث، وكلها : أعظم أعمال املسيح الفادية هي

.تتعدى إمكانيات البشر متاما

يف أورشليم هب العمل الرئيسي، وهي اليت أكملت كل وبالتأكيد، فقد كانت قيامة املسيحولكن بني حلم، والناصرة، وحبرية جنيسارت، هي األماكن اليت مهدت الطريق . خدمة يسوع

Page 14: حضور المسيح

١٣

أنين سوف أشق طريقي إىل سر . هلذا العمل العظيم، وكانت خطوات ضرورية على الطريقن يستطيع أن يفهم، ولكل ولكل م. يسوع من خالل الباب الضيق، وباب الصغر والبساطة

–من املذود إىل اجللجثة، والقرب الفارغ –الذين يستطيعون أن يتأملوا فإن سر اخلالص كله .موجود بطريقة حمتجبة يف هذه األوجه اليت سأختارها

هذا ال يعين أبدا أن نقلد تقليدا أعمى أو أن تكون أعمالنا نسخة مكررة " أصنعوا هذا لذكري"وأنين ال أسعى لكي أضع قانونا أو جدوال زمنيا مبنيا على هذا اليوم الذي أود . ألعمال يسوعمن وراء هذا اليوم، هو إهلام أن كل ما أطلبه، وكل ما أرجوه أن أحصل عليه . أن أقضيه معك

".أسلوبا للحياة"، بل "قانونا للحياة"قوي، وتوجيه للحياة، أي ليس

Page 15: حضور المسيح

١٤

٣ إن لم أغسلك

" ك فليس لك معي نصيبأغسل لمإن " )٨: ١٣يو (

أنك تدعوين يف بداية . يا ريب يسوع. الغسل يزيل التلوث، وميحو الوسخ كما أنه ينعش وحيي .النهار أن أطلبك وأجدك يف هذا املاء الذي يغسلين

أنك لست واهبا للماء فحسب، ولكنك أنت، بذاتك يل رب هو ذلك املاء احلي الذي قلت ويف بدء النهار . أنت هو املاء الذي خيصب األرض القاحلة اجلافة. أنه ينبوع إىل األب عنه

أنت املاء الذي يروي . فأنت الندى الذي جيعل نفسي قادرة على أن حتمل األوراق والثماراحترام، ألين أرى فيه إحدى العالمات وأين أدنو من املاء بشوق و. ظمأ النفس اجملدبة وجيددها

واآلن أنا أقابل . ففي وقت خلقة العامل، كان الروح يرف على وجه املياه. ة لعملكاجلوهري .حضورك، يف كل ماء وخاصة يف ماء الصباح، هذا الذي ينتزعين من نعاس النوم

أن يكون أول وأهم تأثري هلذا املاء الذي أنت تعطيه، بل امللء الذي هو أنت، : أسألك، يا ربوإن كانت هذه املياه . آيت حنو هذه املياه اليت سوف أغتسل هبا فإين. هو نعمة تطهري نفسي

فحينما كنت . وهنا تكمن احلقيقة". أغسلين"ولكين أقول لك يف نفس الوقت . جمرد رمز فقط. مسعان بطرس الذي دفعه اتضاعه أن يعترض ن تغسل قدمي تالميذك، مث أتيت إىلأمزمعا

يا رب، عن كل ). ٨: ١٣يو "(لك معي نصيبأغسلك فلن يكون كنت الن إ"فإنك أجبته فلست مثل تالميذك الذين . أغسلين متاما. أغسلين إذن. شهويت أن يكون يل معك نصيب

كما أخربهتم، أهنم ليسوا حباجة إال على غسل أرجلهم من غبار الطريق . كانوا أنقياء بالفعل

Page 16: حضور المسيح

١٥

وتك لكل ما حيتاج محمين وأعط نقا. أغسل كل جسدي. أغسل يدي ورأسي. الذي علق هبم .ويف عواطفي. إىل تطهري يف عقلي، ويف إراديت ويف حواسي

أغسلين كثريا "ذ أتذكر خطاياي أرفع إليك كلمات املرمن إو.يا رب ها هي املياه تنسكب علي :٥١مز( "من أمثي و من خطيئيت طهرين، طهرين بالزوفا فأطهر، أغسلين فأبيض أكثر من الثلج

هلم :"وأكرر بفرح وإميان ما نادى به أشعياء النيب بامسك قائال. جابتك، وكأين أمسع است)٧و٢ يكانت محراء كالدودنتحاجج يقول الرب، إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، وإن

آه، يا ليتين أحصل على يقني اخلالص هذا، يف كل صباح ). ١٨: ١أش("تصري كالصوف !.حينما أبدأ بغسل نفسي

ل املاء جسدي اخلاطئ، أراك أمامي متزرا باملنشفة، تغسل قدمي ومتسحها يا رب، بينما يبل. حىت تنشف قدمي. أين أدخل إىل داخل اإلجنيل وأصري واحدا من تالميذك يف العلية. باملنشفة

وهبذه الطريقة فأنت حتمل أوساخي . ذ الغبار الذي وسخهماواملنشفة اليت أنت متزر هبا تأخ .فتطرح جناسيت يف نارك املطهرة .وتنقل خطاياي إىل نفسك

ويف كل مرة أغتسل ينبغي أن أتذكر نعمة . كل هذا يا خملصي، قد حدث يف وقت معمودييتإن كان أحد ال يولد من املاء والروح ال يقدر أن يدخل "لقد قلت لنيقودميوس . املعمودية

ولكنك يف !. يداولكن نعمة املعمودية قد تضيع، أنين أعرف هذا ج). ٥: ٣يو"(ملكوت اهللارمحتك، مسحت بأن تتجدد هذه النعمة وتصبح مثمرة مرة أخرى ونعمة املعمودية ترجع من جديد ليس فقط عندما تتوفر بعض الشروط الداخلية واخلارجية، بل ميكن أن تنتعش وتتقوى

!.فأنعشها يف داخلي اآلن بينما أنا أغتسل. يف أعماق القلب كل يوميا رب، يف األردن تتعمد من يوحنا، لقد أردت أن تقبل ، راك أنتأ، هاعندما تنسكب على املي

وأردت . فقد قبلت معمودية يوحنا عين أنا. هذه املعمودية، ليس ألجل نفسك بل ألجل الناسهذه هي اللحظة الوحيدة يف حياتك . أن تضع نفسك يف موقف التوبة بامسنا مجيعا، وبامسي أنا

Page 17: حضور المسيح

١٦

فخطايانا هي اليت أتت بك إىل املعمودية الناقصة اليت .طئ تائباليت أردت أن تظهر فيها كخا، يف انتظار وتوقع للمعمودية الكاملة، إين احتد بك يف هذه املعمودية اليت قبلتها ليوحنا املعمدان

وقبل كل شيء أنا احتد بك لكي أجدد يف أعماقي قوة تلك املعمودية األخرى اليت قبلتها . عينفأنت هو الذي قد عمدتين بواسطة األيدي . باسم أبيك وباسم روحكمن تالميذك، بامسك و

.وأنا قد اعتمد فيك أنت وإليك أنت. البشرية

ولكن املاء هذه املرة هو ماء . معمودية توبةهي –واملاء يرمز أيضا إىل معمودية أخرى خلاطئة، أمامك مع املرأة ا وأنا أجثو. يا رب، لقد احننيت أمامي لكي تغسل قدمي. الدموع

هل . أغسلهما بالدموع اليت أذرفها أو بالدموع اليت أطلبها. فهذا هو دوري ألغسل قدميكفما أقوى معمودية الدموع املشتعلة هذه، ! أكسر قليب! عندي أي دموع؟ آه، أعطين دموعا

وسواء يف معمودية . فإهنا تستطيع أن تتمم ملرات عديدة، ما سبق أن منحته املعمودية األويللذلك لن أغسل نفسي فيما بعد، كأول . دموع أم املعمودية األويل، فأنت هو الذي تعمدال

شيء أعمله يف الصباح بدون أن أفكر، أن هناك مياه أخرى تستعد للتفجري من عيين حينما ...اضرب، يا رب، اضرب . يضرب الرب الصخرة

). ٥٠: ١٢لو(!" تكملصطبغها، فكيف أحنصر حىتأ) معمودية(يل صبغة :"يا يسوع، لقد قلتكانت تشري، عند اليونانيني " معمودية"ألن هذه الكلمة . وهبذه الطريقة أعلنت آالمك مقدما

إن الوالدة اجلديدة . القدماء إىل الغطس العميق اخلطر، وحىت إىل كارثة ابتالع األمواج للسفينةذه املعمودية؟ فهل أستطيع أن أعتمد مبثل ه. فيك، معناها أوال حدوث موت ودفن معك

وحينما يذكرين تالمسي اليومي مع املياه، هبذه الصلة املطهرة بك، فهل عزمت أن أموت عن وإذا ما جتاوزت هذا العزم العام الغامض، فهل ميكنين أن أرى بوضوح اليوم، واآلن؟ذايت

م؟يف حيايت، أثناء هذا النو) ورمبا بأمل(املواضع اليت فيها سوف تتم مشيئتك بانتصار

Page 18: حضور المسيح

١٧

فقد سفك دمك من أجلنا، بل من . ولكن ال ينبغي التفكري يف املياه املطهرة مبعزل عن دمكوهبذه الطريقة فإن سر املاء . وخرج الدم واملاء معا من جنبك الذي طعن باحلربة... أجلي

.ومياه األردن ختتلط بدم اجللجثة.يكشف لنا عن سر الدم

فإن كنت تغسلين، يا . كن أن ترتبط باغتسااليت اليوميةيا رب، اجعلين انتبه للتجليات اليت ميأن أكون شريكا وأن يكون يل معك نصيب فهذا معناه . رب، فسوف يكون يل نصيب معك

وحينما أفتح املياه يف كل صباح ويف أثناء النهار . يف فرك ملكوتك، وشريكا أيضا يف ذبيحتك. ح، وذلك بواسطة دم املخلص ومائهألغسل نفسي، فيمكنين يف نفس الوقت أن أغتسل بالرو

.أنين أعانق املعلم الذي يغسل تلميذه امللوث، وأعانق الفادي الذي يسكب دمه آلجل الناس

Page 19: حضور المسيح

١٨

٤ هذا الثوب هو المسيح

أخرجوا الحلة األولى : فقال األب لعبيده " )٢٢: ١٥لو( " وألبسوه

ومن يستيقظ من النوم، ويغتسل، عليه أيضا أن يرتدي . ةإحدى ضروريات احليا املالبس هيواستطيع أيضا أن أقابله يف هذا العمل . ولقد حاولت أن أقابل الرب يسوع يف اغتسايل. ثيابه

.من أعمايل اليومية، الذي به أغطي جسدي بالثيابأن ومن الضروري أيضا. ينبغي على اإلنسان أن يرتدي مالبسه يف حضرة الرب، ويف الرب

فالثوب الذي يعطيه يل هو ثوب جديد، وال أستطيع أن . يعرف كيف خيلع مالبسه يف حضرته .ألبسه إال بعد أن أخلع ثيايب القدمية

خاطا أوراق تني "وعندما انفتحت أعني أبوينا األولني آدم وحواء، وعرفا أهنما عريانان، فإهنما ، نادى آدم ١ا يف اجلنة يف املساءياشكان اهللا موعندما ). ٧: ٣تك"(زروصنعا ألنفسهما مآ

-٩: ٣تك"(أين أنت؟ فأجاب آدم مسعت صوتك فخشيت ألين عريان فاختبأت: "وقال لهوالغطاء الظاهري ". الثوب الزائف"أن أوراق التني اليت اكتسى هبا آدم وحواء ترمز إىل ). ١٠

وحنن أيضا . عذار الكاذبةوهو ليس سوى التظاهر املذبذب، واأل. البائس الذي بال قوة أو متانةفإذا . نستر أنفسنا بأوراق التني عندما نريد أن نظهر أمام أعني اهللا أو الناس على غري حقيقتنا

ما جيب أن هنتم به هو أن خنلع كل ثياب أردنا أن نكون متواضعني وصادقني، فإن أول

٨: ٣الترمجة السبعينية تكوين ١

Page 20: حضور المسيح

١٩

لقد قال اهللا . قيخالوان تظهر ذواتنا كما هي يف عريها األ. مصطنعة خادعة، نتنكر ورائهاأيها الرب يسوع، أنك أنت الذي تكشف يل ). ١١: ٣تك "(من أعلمك أنك عريان:"آلدم

وال أن أرتدي ثيابا اخترهتا أنا أو . فلم اعد أريد أن أغطي ذايت مبظاهر زائفة. عري وزيفي لذلك أسألك أن ختلع عين . ولكن أرغب أن تسترين وتكسوين أنت وحدك. صنعتها بنفسي

.يب لكي تكسوين من جديدثيا

فعندما قبضوا عليك يف . ينبغي أن أخلع ثويب أيضا عندما يعوقين عن إتباعك. يل معلموهرب "زار اإلوأمسكه اجلند، فترك . زارا من الكتان على عريهإجثيماين، تبعك شاب يلبس

ها يف نفس اللحظة اليت ختلى في –فلكي يتبعك هذا الشاب ). ٥٢: ١٤مر "(منهم عريانا، ومل يضع وقته لريتدي مالبسه، ولكنه فقد ترك غرفته ورمبا فراشه –تالميذك عنك وهربوا

بسبب املالبس، بل فحينما يدعوين حضورك فال جيب أن أتعطل. زار حول جسدهآتدثر فقط بجيب أن أجري حنوك مباشرة، متحررا من كل شيء، أي ال جيب أن تعوقين أية ممتلكات مادية

.عاطفية، سوى شخصك أو فكرية أو

فرشوا ثياهبم يف "يا رب، أين ألقي بثيايب أمامك، حتت قدميك، كواحد من اجلمع الذين وأصرخ أيضا معك هذا اجلمع . ، وقت دخولك الظافر إىل أورشليم)٨: ٢١مت"(الطريق

وليت أقدام اآلتان الذي )٩: ٢١مت"(أوصنا البن داوود: "وبنفس ثورة محاسهم وغريهتم .أ مالبسي، بل ليت كل ما أملك يكون لك فأظل خاضعا لك دائما باتضاعمحلك تط

نذا أ واآلن يا ريب يسوع ، ها. آه يا رب، أهلمين هذه األفكار كل ليلة حينما أخلع ثيايبوأنت سوف تلبسين بنفسك، فقد قرأت بتأثر شديد، الكلمات اإلهلية اليت سجلها . أمامك

فمررت بك ... فمررت بك ورأيتك مدوسة بدمك :"نفسيحزقيال النيب، واليت أطبقها على يلي عليك، وسترت عورتك وحلفت لك، ودخلت ذورأيتك وإذا زمنك زمن احلب، فبسط

فحممتك باملاء وغسلت عنك دماءك ومسحت . معك يف عهد يقول السيد الرب فصرت يل

Page 21: حضور المسيح

٢٠

، ٦: ١٦حز"(بالزيت، وألبستك مطرزة، ونعلتك بالتخس، وأزرتك بالكتان، وكسوتك بزا١٠-٨.(

ومن خالل هذه . هذه الكلمات اجلميلة تردد صدى آية اإلجنيل اليت اخترهتا كعنوان هلذا التأملالكلمات، نسمع صوت األب البنه املسرف الذي عاد تائبا، نسمعه وهو يأمر أن خيرجوا له

.، لكي يلبسوا االبن الذي وجد ثانية"احللة األوىل"

أخرجوا "ن ولكنه قال "ألوىلحلتة اأخرجوا "فهو مل يقل . جيداينبغي أن نزن كلمات األب فهي ليست عملية حبث بني املالبس اليت رمبا كان االبن املسرف قد تركها يف ". األوىل احللة

فاألب يريد أن يعطي ابنه احللة األوىل املوجودة . املرتل، ولكن هي احللة األوىل املوجودة باملرتل، أي أفضل حلة ميكن أن توجد ويف أي "احللة األفضل"ن يعطي أبنه فاألب يريد أ. باملرتل

" ما قد هلك"وهكذا أيضا، فإن ابن اإلنسان يبحث عن نفسي ليخلص فيها . مكان وجدتيل تلك الكنوز اليت فهو مل يكتف بان يعيدين إىل ما كنت عليه، وال أن يرد). ١٠: ١٩لو(

ويهبين كل عطية صاحلة وكل . أن مينحين غىن أعظمبل أن يزيدها، فهو يريد . تركتها وبددهتا .نعمة فائقة، يا رب، ألبسين احللة األوىل

. ما هي أذن هذه احللة، اليت هي أفضل من الكل؟ يا رب، أنت ال تريد أن هتبين أقل من ذاتكألن "فقد كشف لنا خادمك بولس الرسول يف كلماته القوية املوجزة عن سر الثياب بقوله

وهكذا جند أن سر الثياب ). ٢٧: ٣غال" (ين أعتمدمت باملسيح قد لبستم املسيحكلكم الذ .مرتبط بسر املاء واالغتسال

إن اهللا مل يسمح آلدم وحواء، بعد طردمها من اجلنة، أن يستمرا يف تغطية أنفسهما بأوراق التني وأنا أمتد ). ٢١: ٣تك" (أقمصة من جلد وألبسهما وامرأتهوصنع الرب اإلله آلدم " .الفقرية

، اليت أعطاها اهللا ألبوينا األولني، "قمصة من جلداأل"إىل أكثر من املعىن احلريف، فأرى يف هذه .رمزا سابقا خلروف الفصح، اخلروف الذي بال عيب املذبوح من أجل حياة العامل وخالصه

Page 22: حضور المسيح

٢١

فرحا أفرح :"لفأشعياء النيب يقو. وسأشري إليها بتحفظ. ومازال سر الثياب خيفي أعماقا أخرىبالرب، وتبتهج نفسي بإهلي ألنه قد ألبسين ثياب اخلالص، كساين رداء الرب، مثل عريس يتزين

).١٠: ٦١أش" (بعمامة، ومثل عروس تتزين حبليها

ويف كل مرة . وأغطي نفسي باحلبيب. يف كل مرة ارتدي مالبسي، فإين ألبس يسوع املسيح، ميكنين أن أجعل من كل "ياال خاصا بلبس الزاحتف"ارتدي مالبسي، ميكن أن أجعل ذلك

" أمجل حلة"احللة األوىل يا "آه، يا من أنت هو . قطعة ثياب ألبسها عالمة للنعمة وموصال هلا .لبسين ذاتك كل صباحألكل إنسان،

Page 23: حضور المسيح

٢٢

٥ أوقام ليقر

" فدفع إليه سفر إشعياء النبي .وقام ليقرأ " )١٧-١٦: ٤لو(

بسبب ضعفي "الكتاب"ريب يسوع، إن كان هناك يوم يف حيايت ينقصين، بدون أن أفتح يف وأكون قد ضيعت لقاءا معك، وذلك . وخطأي، فإن ذلك اليوم يكون خاليا من كل معىن

!.اللقاء الذي أعددته أنت ورغبت فيه

وك ورسلك، واليت أي كتابك، الذي هو كلمة اهللا اليت كتبها أنبياؤك ومبشر: "الكتاب"ماذا أعمل ألرث احلياة : "وعندما سألك ناموسي قائال. سلمتها وديعة لكنيستك

، حولته إىل الكتاب، ذلك الكتاب الذي جيب أن يتغذى منه يوميا كل )٢٥: ١٠لو"(األبدية؟أنك ). ٢٦: ١٠لو"(ما هو مكتوب يف الناموس: "لقد قلت هلذا الناموسي . واحد من تابعيك

: ولكن مبجرد أم وجهت سؤاال آخر وهو . ن أعرف ما الذي حيويه كتابك املقدستريدين أبل وصلت بسؤالك إىل أبعد من أنك مل تسأل الناموسي عما حيويه الكتاب،". كيف تقرأ؟"

فرمبا كنا نتوقع أن . ذلك، وأمسى، أال وهو كيفية قبول كلمتك اإلهلية على املستوى الشخصي، ولكنك مل تسأل هكذا، ألن املهم هو كيفية فهم هذه "ذا تقرأ فيهما: "يكون السؤال هكذا

وهذا ما حدث أيضا عندما جلست يف اهليكل جتاه اخلزانة ونظرت ". وقبوهلا"احلقائق العظيمة كان "وبينما . ، وليس فقط ما يضعونه فيها)٤١: ١٢مر(يلقى اجلميع حناسا يف اخلزانة " كيف"

، إال أن الفلسني اللذين ألقتهما األرملة هلما قيمة يف )٤١: ١٢مر( "أغنياء كثريون يلقون كثريا .عينيك أكثر بكثري من كل العطايا األخرى

Page 24: حضور المسيح

٢٣

فآية اإلجنيل اليت هي . إنك تريد مين أن أقرأ الكتاب، ولكن تريدين أن أقرأ، بطريقة معينة. للكتاب" صةيت اخلاءقرا"موضوع هذا الفصل، توحي بأن املوضوع الذي سأتناوله هنا، هو

فإن أول ما : ) ١٧- ١٦: ٤لو" (وقام ليقرأ: "أن هذه اآلية تكون مناسبة جدا ويف احلقيقةفدفع إليه . "جيب أن أفعله بعد استيقاظي من النوم هو أن أفتح الكتاب املقدس وأحبث عنك فيه

أنتبه والكنيسة ال تكف عن تقدمي الكتاب املقدس يل لكي) : ١٧: ٤لو" (سفر أشعياء النيب .وأسلمته بإميان وتقدير. وأنا أقبل منها الكتاب. إليه وأتأمل فيه

"قراءتك أنت"، بل باألوىل على "قراءيت أنا"ولكين سأحاول أن أركز أفكاري ليس على أقرأ أنا، "كيف"وإذ أراك وأنت تقرأ، وأستمع إليك وأنت تقرأ، سأحاول أن أتعلم . للكتاب

: ١٠لو" (كيف تقرأ؟"اآلن خادمك الذي أوجه إليك السؤال فأنا . لقد انعكست األدوار٢٦.(

لقد جئت إىل الناصرة يف . وأكون مع تالميذك. يا معلم، دعين أحيا معك صفحة من اإلجنيلأن قراءة الكتاب وتفسريه، . معكودخلت اجملمع حسب عادتك، وها أنا أدخل . يوم سبت

رأ الكتاب بنفسك وبعد ذلك أردت أن تشرح لقد قصد أن تق. تشكل حمور العبادة يف اجملمع .كلمة اهللا

لقد أئتمنت : لقد أردت أن تقرأ السفر يف اجملمع وها أنا أترجم التعبري اليهودي إىل لغة مسيحية. على حفظ وديعة الكتب املوحى هبا –أي اجلماعة اليت دعوهتا ومجعتها –كنيستك املقدسة

وألن كنيسة يسوع املسيح . ، أو بطريقة خمالفة هلايستكوأنا ال أريد أن أقرأ الكلمة بدون كنيسوع املسيح يف كنيسته، أعظم مفسر معصوم ملا كتب بوحي الروح –أو مبعىن آخر –

ومع ذلك، فأنت تتوقع مين ترحيبا شخصيا حارا بالكلمة، وذلك يف غرفيت اخلاصة، . القدس: الذي سوف أمسعه؟ ولكن أيضا ما: والسؤال املطروح ليس فقط . أيضا" اجملمع"كما يف

.كيف سأمسعه؟

Page 25: حضور المسيح

٢٤

لقد وقفت، وهذه احلركة تكشف عن " وقام ليقرأ: "، مث يضيف اإلجنيل ..."ودخل اجملمع "وهذا يشري إىل أن لك :لقد وقفت. رادة موجودة فيما خيص كلمة اهللاإمبادرة روحية، و

لكي تقدم الكلمة للمؤمنني سلطانا ومقدرة على قراءة كلمة اهللا وتفسريها تفسريا أصيال .ليشتركوا فيها

يا معلم، دعين يف كل مرة أخذ فيها الكتاب بني يدي، أن أراك واقفا يف تلك اللحظة عينها، ".كيف أقرأ"مستعدا أن تعلمين

وهذا املوضع الذي )١٧: ٤لو..." (وجد املوضع ودفع إليه سفر أشعياء النيب، ومل فتح السفر " كتبها أشعياء النيب واقتبسها القديس لوقا، واليت تشري إىل املسيح الذي وجده هو اآلية اليت

إهنا فترة مؤثرة جدا، وتتناسب متاما حقا . سيبشر املساكني، واملأسورين، واملنسحقني، والعمي" فدفع إليه السفر"أوال : هو هذين العملني ولكن ما أود أن أتذكره هنا، . مع رسالة املخلص

".السفر وجد املوضعوملا فتح "مث . ريب يسوع، أين أسلمك الكتاب، وبدال من أن أقرأه بنفسي، فأين أريد أن أمسعك أنت تقرأه

وهذا يعين، أنه أثناء القراءة، ينبغي أن أضع جانبا كل مشغوليايت الشخصية، وكل أفكار، وكل .اهللا يلأنين أصمت يف داخلي حىت ينطق صوتك يف بكلمة . قد تنبع من ذايتتفسريات

فإنه قد . ومهما كان اجلزء الذي سيقرأ يف اجملمع حمددا". وأوجد املوضع"أفتح السفر . يا ربفسواء مسعت اإلجنيل يقرأ يف الكنيسة، أو كنت أقرأ يف خمدعي . كتب يل شخصيا هلذا اليوم

كلمة اخلاص، فأنا أعلم أنك، إن كنت أنت القارئ فهناك دائما أصحاح أو رمبا آية، أو حىتوإن فتحت كتايب املقدس كيفما أتفق، . تتناسب مع حاليت الراهنة يف تلك اللحظة –واحدة

فإذا كان قليب –فأنا أعلم أنه لو وقعت عيناي على أول مجلة أقرأها وما جياورها أو ما يليها هذا فيكون . بك فسوف أكتشف حاال، الكلمة اليت هتزين أو تعطين الدفعة اليت أحتاجها ممتلئاسوف " أوامر بالسري"وسوف يكون هذا املوضع مبثابة أمر أو . الذي أجدك فيه" املوضع"هو

Page 26: حضور المسيح

٢٥

وسيكون هذا . أمحلها معي خالل عمل اليوم، ومنها سأستمد حياة لنفسي بينما اليوم مير .، تقودين وتقوين يف رحليت"سرائرية"كلمة –كلمة حمملة بالقوة " املوضع". يا سيد، لقد انتهيت من القراءة). ٢٠: ٤لو" (اخلادم وجلس مث طوى السفر وسلمه إىل"

ولكن سلمه يل، أنا خادمك املسكني، حىت أستطيع أن ،واآلن، أعد الكتاب ليس خلادم اجملمعفلو أنين استلمت من . كنت تقراه يل، الكتاب الذي قرأناه معاأتسلم من يديك الكتاب الذي

فإن عملية تسليمه يد ليد ستجعلين أشعر ... د حيب له قيمته ويزدايديك الكتاب فسوف تزداد .بأن كل مجلة من الكتاب املقدس هي هبة ممنوحة منك يل شخصيا

: ٤لو..." (فابتدأ يقول هلم . مجيع الذين يف اجملمع كانت عيوهنم شاخصة إليه. "مث جلستفال يكفيين، يا .الشكلية بل للحديث القليب احلميملقد أتت الساعة، ليس للقراءة ) ٢١- ٢٠

بل أريدك أن تفسر يل هذا النص . داخلي وهو ينطق بالكلمة املقدسة يفرب أن أمسع صوتك . عن نفسك –قبل كل شيء –حدثين . إن عيين تشخصان حنوك، وحنوك وحدك. اآلن

حتدث معي كما كنت ). ٢٧: ٢٤لو" (فابتدأ يفسر هلما األمور املختصة به يف مجيع الكتب"أمل يكن . "ليت كلمتك تصري يل كلهيب وكنور. ميذيك يف الطريق إىل عمواستتحدث مع تل

).٣٢: ٢٤لو("يف الطريق ويوضح لنا الكتب؟فينا إذ كان يكلمنا قلبنا ملتهبا

عرفين كيف أطبق الكلمة املقدسة اليت مسعتها يف أعمال حيايت العادية . وحدثين أيضا عن نفسيأنه اليوم قد : "كانوا يستمعون إليك يف اجملمع بالناصرةذين قلت لل. وبعد أن قرأت. هلذا اليوم

اليوم أبسط خطوايت، أستطيع أن أجسد ). ٢١: ٤لو". (مت هذا املكتوب يف مسامعكم. أن أحوهلا إىل عملة سائلة –التعبري إن صح –الكلمات املقدسة اليت مسعتها وقبلتها، وأستطيع ي، وعن راحيت وعن طعامي، وعن حديثي، فأي فلو أن الكتاب املقدس ظل منفصال عن عمل

منفعة سأجنيها منه؟ وعندما أقترب تلميذاك اللذان كنت تشرح هلما الكتب يف الطريق، إىل : ولكنهما منعاك قائلني. رت بأنك منطلق إىل أبعدالقرية اليت كانا منطلقني إليها، فهناك تظاه

Page 27: حضور المسيح

٢٦

بعد قراءة الكلمة وشرحها، وال ركين وأنا أيضا يا سيد، ال تت). ٢٩: ٢٤لو" (أمكث معنا"وال جتعل كلمتك يف حيايت شبيهة هبيكل يعزله عن . تدعين اذهب وحدي إىل أعمايل اليومية

.بل يف كل عمل سأقوم به أمكث معي. البيت وعن الشارع سور من القضبان احلديدية

حته يل، هو ، والذي أعدته أنت يل، والذي قرأته أنت، وشرإن الكتاب الذي قدمته إليكولكن يا رب، دعين أتأمل كل . الكتاب املوحى به والذي حتتفظ به كنيستك كوديعة يف يديها

أجعلين قويا للدرجة اليت فيها أقرأ .الرب يسوع يقرأ يف اجملمع: قراءايت يف ضوء حادثة الناصرةكتابا سيئا، ، "يل"فأنت ال تستطيع أن تفتح وتقرأ . لك "أقدمها"فقط الكتب اليت أستطيع أن

فهناك كتب عديدة، . فإين أريد أن أطلبك وأن أجدك يف كل ما أقرأه. أو حىت كتابا غري نافعأنين أقدم إليك مثل هذه الكتب مع الكتب . قد ال يوجد عليها أمسك، ولكنها حتدثين عنك

.األخرى املكرسة لك بإخالص، لكي تفتحها، وتقرأها أنت يل، وتنريها يل بنورك

Page 28: حضور المسيح

٢٧

٦ يكتب على األرضوآان

إلى أسفل وكان يكتب ثم انحنى أيضا " )٨: ٨يو" ( على األرض

سواء كان موضوعا علميا أو أدبيا –كان موضوع كل قراءة من قراءايت رب يسوع، مهما يا آخر أو مبعىن. بواسطتك وأن ينقل حضورك إيل مهما كانت الطريقة" يصري حيا"فينبغي أن –

.ففي كل مرة أقرأ، ينبغي أن أمسعك وأنت تقرأشيء يعلمين أن أعرب عن الفكر ولكن ماذا عن الكتابة؟ أال يوجد يف حياتك ويف أناجيلك

وكان ... بواسطة احلروف املكتوبة؟ فمرة واحدة يف األناجيل كلها نقرأ عنك وأنت تكتبأن هذه الفقرة قد أثارت مشاكل من وأنا أعرف. ذلك يف حادثة املرأة اليت أمسكت يف زنا

ناحية النص، ولكين أرى يا رب يف هذا اجلزء من اإلجنيل، صورة من أقوى الصور إبرازا فرفضك أن تعطي رأيا، وصمتك الذي واجهت به أسئلة الكتبة . ملوقفك حنو اخلطاة

منكم بال من كان: "ألقيت به يف وجه املشتكني عليهاوالفريسيني املاكرة، والتحدي الذي وال "وتلك الكلمات األخرى اليت وجهتها للمرأة اخلاطئة ). ٧: ٨يو"(خطية فلريمها أوال حبجر

أنين أرى يف كل ذلك حنانك اململوء ). ١١: ٨يو" (أنا أيضا أدينك، اذهيب وال ختطئي أيضا .رمحة يشرق جنبا إىل جنب مع عدلك الكامل

فحينما . ك لفته أرجو أن آخذ منها اآلن إهلاماومن بني الوجوه األخرى هلذه احلادثة، فهناوأنت مل تعطهم . سألك الكتبة، فإهنم مل يكونوا فقط يتهمون املرأة، بل كانوا أيضا جيربونك

Page 29: حضور المسيح

٢٨

وبعد أن نطقت بكلمات عن احلجر . ولكنك احننيت وكنت تكتب على األرض. جوابا .األول، فإنك احننيت مرة أخرى إىل أسفل وكنت تكتب

تكتب يا سيد؟ هذا سؤال يسأله أولئك الذين جيدون كل حركة من حركاتك ماذا كنت فرمبا كانت كتاباتك على األرض تعرب عن عدم االهتمام، . مملوءة مبفهوم روحي يتعمقون فيه

ورمبا كان املقصود أن تعيد إىل األذهان لوحي . أو االعتزال أو عدم املباالة هبذه الهتاماتالذين تسلمهما موسى، وهذا التلميح إىل ). ١٨: ٣١خر" (اهللاملكتوبني بأصبع "احلجر

وأخريا رمبا كانت العالمات اليت عملتها . الناموس ميكن أن يكون تلميحا إىل كل تعديوعندما مسع . بإصبعك على األرض قد ذكرت املشتكني، بصورة قوية خبطاياهم الشخصية

خرجوا واحدا فواحد مبتدئني من " حجر، فإهنماملشتكون عليها ما قلته عن رميها بأول وإن كان اإلجنيل مل يشر إىل وجود عالقة مباشرة بني ). ٩: ٨يو"(الشيوخ على اآلخرين

ولكن مل يكن اإلجنيل ليذكر كتابتك على األرض يف . خروجهم وبني الكلمات اليت نطقت هبا .ملدعني بطريقة أو بأخرىآيتني، لو مل تكن هذه الكتابة هي الصلة اليت تربط بني االهتام وبني ا

ولكن هناك شيئني نستطيع أن . وحنن ال نعلم ماذا كنت تكتب، ولن نعلم حىت اليوم األخري :نؤكدمها

، كان كل من فبينما كنت تكتب. لقد كانت كتابتك موجهة بصورة سرية حنو احلق :أوالعمق أعمال ووجهت دعوة صامتة على . املشتكني واملرأة نفسها يف مواجهة مع ضمائرهم

.نفس كل منهم

ترى ماذا كان إحساسها . كانت كتاباتك حتمل الرمحة والعدل إىل املرأة اخلاطئة :ثانياولكن كتابتك كانت مبثابة . وتفكريها وهي تراك تكتب؟، فهذا أمر يظل جمهوال بالنسبة لنا

.، وأخريا النصح الذي ختمته به احلادثةمقدمة لرفض االهتام، مث العفو

Page 30: حضور المسيح

٢٩

مث أحنىن إىل أسفل : "مث بعد قليل نقرأ أيضا..." يسوع فاحنىن إىل أسفل وكان يكتب وأما"فانك . يا سيد، إن اإلجنيل يؤكد هبذا، إنك احننيت). ٧-٦: ٨يو" (وكان يكتب على األرض

مل تكن ترغب أن تتخذ موقف القاضي الذي حيملق يف املتهم سواء كان القاضي واقفا أم حكمة جتنبت النظر إىل املرأة اخلاطئة طاملا كان املشتكون عليها بل بكل رقة و. جالسا

.وفقط عندما خرجوا، انتصبت، وملا رأيتها وحدها بدأت تكلمها. حاضرين

بل أين أكرس لك، ليس فقط ما أكتبه بل عملية . ريب يسوع، إنين أكرس لك كل كتابايتيما كتبته أنت على األرض أثناء لقاءك فاجعل كل ما تكتبه يدي دائما، اشتراكا ف. الكتابة ذاهتا

أصلية، أو حىت لو كانت كتابة الكتابة، سواء كان كتابة عومهما كان نو. مع املرأة اخلاطئةقائمة من األمساء، وخاصة لو كانت مراساليت اليومية، فامنحين أال أكتب بدون أن أحتسس

.مشيئتك واندمج يف قصدك

ليت كل كتابايت مهما . فكل ما هو حق فهو حقك. حلقليت كل ما أكتبه، يا سيد، خيدم ا، تساعد الشخص اآلخر أن يكتشف داخله، )خاصة لو كانت رسائل شخصية(كان نوعها

ولتكشف كتابايت عن حنانك ورمحتك، وتكون دائما موجهة، ولو بطريقة . ويرى ما هو حق .غري مباشرة حنو غاية صاحلة

وليتين أشعر يف نفسي مبا شعر به !. تكتب على األرضويف كل مرة أكتب، ليتين أراك وأنت ما شعرت به أنت نفسك يا –وإىل حد ما -الفريسيون والكتبة وما شعرت به املرأة اخلاطئة،

فإن حاليت تشبه موقف الفريسيني املشتكني واملتعدين، وتشبه أيضا حالة املرأة اخلاطئة، . سيد .نقلها إىل الناسولكنها يف نفس الوقت تشبه حياتك اليت ت

. يا رب، ليتين يف كل مرة أكتب، أحنين، أحنين كما احننيت وأنت تكتب بإصبعك على األرضوال أقف منهم موقف املشتكي أو !. وليتين ال أشعر أبدا بشعور التعايل حنو الذين أكتب هلم

.القاضي

Page 31: حضور المسيح

٣٠

ى سوف أجعل شريعيت يف داخلهم، وأكتب عل: "لقد قلت يا رب بفم نبيك أرمياآه يا سيد، أكتب يف قليب حىت يصري كل ما أكتبه على الورق امتدادا ملا ). ٣٣: ٣١ار"(قلوهبم

وأجعل مين أداة دقيقة، . ضع يدك على يدي، وأرشدمها بينما أنا أكتب. كتبته أنت يف داخلي .قوية ومطيعة، تكتب هبا أنت على القلوب

Page 32: حضور المسيح

٣١

٧ الفعلة في الكرم

" م اعمل في كرمييا ابني اذهب اليو " )٢٨: ٢١مت(

. يا سيد، لقد قدست حبياتك ويف حيايت اخلاصة، العمل والتعب، واجلهد ونتيجة العملوأما بالنسبة . ويستطيع املرء أن يرى يف العمل كمال اإلنسان، أي لقاء اإلنسان مع الطبيعة

.لتلميذك، فان العمل اليومي يأخذ معناه منك، ومن مثالكبعرق وجهك تأكل " "لعهد القدمي وجد العمل مكانا مقدسا بفضل كلمة اخلالق آلدميف امنذ اآلن فصاعدا، يتبارك فيك ألنه مشاركة يف –ولكن عملنا اليومي ). ١٩: ٣تك" (خبزا

. األمل اجلسمي الذي قبلته أنت على األرض ويف العمل األبدي الدائم، الذي كنت تواصلهوحديثك عن رسالتك كفادي إمنا ). ١٧: ٥يو" ( اآلن وأنا أعملأيب يعمل حىت: "ألنك قلت

).٤: ١٧يو" (العمل الذي أعطيتين ألعمل قد أكملته"كان بلغة العمل : ومرات عديدة يف أمثالك شبهت ملكوت السموات بالكرم الذي أرسل إليه رب البيت فعلة

الساعة الثالثة، ويف الساعة عند طلوع النهار، والذين استأجرهم يف أوالئك الذين استأجرهم مثل األب الذي يرسل وهناك . السادسة، ويف الساعة التاسعة، وحىت يف الساعة احلادية عشر

، ولكنه ال )٣٠-٢٩: ٢١مت" (سيد اها أنا ي: "فاحدمها جيب أمر أبيه قائال. ابنيه إىل الكرم .ولكنه بعد ذلك ميضي" ما أريد"ميضي، واآلخر جييب ويقول

ضا الكرامون األردياء الذين ضربوا عبد رب البيت، وقتلوا آخر، ورمجوا آخر، وهناك أي .وأساءوا معاملة آخرين بطريقة مشاهبة، وأخريا قتلوا الوارث، االبن ذاته

Page 33: حضور المسيح

٣٢

وهبذه الطريقة يتم التعبري رمزيا عن العالقة بني العمل الذي يقوم به اإلنسان وبني تاريخ كان هو العمل اليدوي أو العمل الروحي، فنحن نستقبل ففي عملنا البشري، سواء . اخلالصأما نرحب . أما نطيع يف احلال أو نتلكأ. وجنيب على دعوته أما بالقبول أو بالرفض. دعوة اهللا

وكل هذه األشياء حنن . أما نقتل االبن نفسه أو نقبله باحلب. برسل اآلب أو نسيء معاملتهم .البيتنفعلها يف الكرم كما يف اهليكل أو يف

فهناك خلفية قدمية من األفكار، وأسلوب التعبري، جتعلنا " الكرم"عن وحينما يتكلم اإلجنيلولكن كل عملن مهما كان، إمنا يتم يف هذا . نفكر قبل كل شيء آخر يف العمل الرسويل

. اإلنساين هي إرسال على الكرموكل دعوة أصيلة للعمل . وجيعله إما عقيما أو مثمرا" الكرم"ل مهنة، ابتداء من كنائس الشارع إىل املعلم، إىل خدمة الرسول، إمنا هي خدمة يف الكرم وك

).٣٤: ١٣مر" ( لكل واحد عملهعبيده السلطان و أعطى "الذي فيه

يا سيد، ميكنك أن ترسلين كل صباح ألنواع كثرية خمتلفة من األعمال، أو جتعلين أقوم بنفس ين ملسئوليات مملوءة بعناصر مشوقة جديدة، أو أن ختتارين ميكنك أن ختتار. العمل طيلة الوقت

فلو كنت أملك قدرا كافيا من اإلميان واحلب لكنت . ملهام متواضعة تسري على وترية واحدةوأنا أعلم أن ). ٢٨: ٢١مت" (يا أبين أذهب اليوم أعمل يف كرمي"أمسع نفس النداء كل يوم

نت الصورة اليت يأخذها هذا الكرم هو أنت ذاتك، هذا الكرم، يف حقيقته النهائية، مهما كاويف أثناء عملي، فأنت دائما، أنت ). ٥: ١٥يو" (أنا الكرمة وأنتم األغصان. "أطعم فيك الذي

.الذي أجدك، فإن عملي يعرب عنك بطريقة سرية

يا سيد، لقد قدست العمل اليدوي، يف املقام األول، وكرست له اجلزء األكرب من حياتك ية، إن الكتب املقدسة إذ تنسب األوصاف البشرية إىل اهللا، قد نسبت إليه كتابة لوحي األرض

: ٣٢خر" (ا صنعة اهللا، والكتابة كتابة اهللا منقوشة على اللوحنيواللوحان مه: "الشريعة بيديهومرة أخرى باختصار ). ٥٥: ١٣مت" (؟!أليس هذا ابن النجار"وعنك أنت قال اجلمع ) ١٦

Page 34: حضور المسيح

٣٣

هلذا العمل يف حمل النجارة وتقبله " ختضع"أنك مل ). ٣: ٦مر" (؟!هو النجارأليس هذا "أكثر كوضع قد سر اآلب أن يضعك فيه ولكنك أنت الذي اخترت هذا العمل واردته وفضلته على

ومل تعط . ويف أثناء السنني الطويلة يف الناصرة، كنت تعمل بيديك عمال شاقا. كل عمل آخرالكرازي، لذلك فال ميكن أن ينظر تالميذك إىل مشاكل العمال إال وقتا قصريا جدا لعملك

فإن . من خالل الوضع االجتماعي، أو السياسي أو االقتصادي –يف املرتبة األوىل –اليوم األلف والياء بالنسبة لتالميذك مها الشخص اإلنساين، أي مثال اإلله املتأنس، العامل الذي

.البشرية سكب حياة إهلية يف كل أعمال احلياة

علمين أن أجعل من . آه يا سيد، علمين أن أحب أكثر، وأن أفضل العمل اليدوي، على مثالكرمبا ال أجد الفرصة دائما عندي ألحقق . كل عمل جسماين اشتراكا يف عملك يف الناصرة

أن أعوض هذا النقص بتذكرك واالحتاد بك، –على األقل –لذلك دعين . مثل هذا العمل! هذه األعمال حترام، وإخالص النية والتيقظ، وبواسطة دوافع احملبة اليت سأعمل هباوبروح اال

... جمرد غسل األطباق أو مسحها فقط، أو ترتيب حجرة ... قد يكون العمل نفسه تافها فأعطين أن أدرك أنك أنت الذي تعمل معي هناك، ومن خاليل، ألجلك، أي ألجل أخوتك

.ر وكأنين كنت يف الناصرةأعطين أن أشع! وألجلي أنا

دعين أمنو يف هذا اجلو املتواضع، الصامت والشاق الذي فيه . آه يا سيد، أعطين روح الناصرة). ٥٢: ٢لو" (عند اهللا والناس"يف السن ويف احلكمة، يف القامة ويف النعمة : كنت تنمو أنت

فترة تدريبك كعامل يف عن. ألنه يف الناصرة ميكن لإلنسان أن ينمو وأن يصبح شابا ممتازامجيل ومناسب متاما وجود متثال ليسوع الشاب انه شيء. فترة حداثتك قد سارا معا. املهنة

.يتصدر اليوم املدينة الصغرية اليت نشأت فيها

هبذه الطريقة سأدخل على ذلك " أمنو يف الناصرة"آه يا سيد، من خالل عملك اليدوي، دعين إن مواطنيك . سأشعر هبم كأهنم حاضرون حقيقة يف داخلي. كاجلو احلميم جو عائلتك وبيت

Page 35: حضور المسيح

٣٤

، ابن "النجار"يف الناصرة ربطوا ذكرى عملك اليدوي بذكرى أمك كلية القداسة بان دعوك تضاع، أن إلوعندما أساهم بقدر اإلمكان يف حياة النجار اخلفية، ميكنين با). ٣: ٦مر(مرمي

ب منها، حىت أحصل على حملة من حناهنا، وحىت أتالمس مع تلك األم اليت كانت تعمل بالقرحينما كنت يف (للبشر ميكن ملرمي أن تلهمين، وهتمس يف أذين بالتوجيه الوحيد الذي أعطته

).٥: ٢يو" (فعلوهمهما قالوا لكم فا) "قانا اجلليل عرس

فقد شبهت كل كاتب متعلم يف . يا سيد، لقد باركت عمل الروح كما باركت عمل اليدينتكن أمل).٥٢: ١٣مت" (رج من كرته جددا وعتقاءبرب البيت الذي خي"وت السموات ملك

أنت نفسك الكاتب الكامل الذي، من خالل الكلمات املكتوبة يف الكتاب، أعلنت الكلمة فقد تعلمت . احلية املرسلة من اآلب إىل البشر؟ يا معلم، أن كل عمل ذهين هو جزء من كرتك

يف التفكري البشري تخدمت الصور الشائعة واألساسية جداكيف تقرأ وحتسب، وقد اسفمن كل احلقائق القدمية، أخرجت حقائق جديدة متصلة . وطبقتها على أمور احلياة اليومية

وهكذا يا سيد، ففي كل عمل ذهين . لقد جعلت كل احلقائق تتالمس مع احلق املطلق. باآلببذهين تشترك يف كل العمليات العقلية اخلاصة اباشره، أرين أن كل العمليات العقلية اخلاصة

وذلك بسبب كونه ( –ألن كل تفكريي الفقري . بطبيعتك البشرية، وأيضا بطبيعتك اإلهليةسواء كانت –وهكذا أرين أن كل حقيقة . له شركة يف نور اللوغس املتوهج -)تفكريا عقليا

من اهللا، وتسري يف طريقها إىل هي حقيقتك، وهي تأيت –دينية أو رياضية، تارخيية أو فنية أما مىت جاء ذاك، و"ومهما كان نوع مطليب، فأرسل على الروح الذي قلت عنه . معرفة اهللا

واحلق :"ومرة ثانية قلت يا سيد). ١٣: ١٦يو" (روح احلق، فهو يرشدكم إىل مجيع احلقء من احلق يف أجعلين شجاعا وحرا حىت ال أجرح أبدا أو أكتم أصغر جز )٣٢: ٨يو" (حيرركم

.سبيل إرضاء إنسان

Page 36: حضور المسيح

٣٥

أنه –اجلدد من عمله املعتاد بطريقة حامسة يا سيد إنك انتزعت، أحد تالميذك ولقد حدث، ألنه مل يكن مناسبا أن يكون واحد من رسلك جابيا للضرائب، وخاصة حينما تتضمن . الوي

يومي لكي تكشف عمل تالميذك الولكنك كثريا ما استخدمت . هذه الوظيفة اغتصابا ظاملاإنك بعيشتك معهم حياة صيادي السمك يف حبرية . هلم، دعوهتم اخلاصة من خالل ذلك العملومن خالل احلديث ) ١٩: ٤مت" (للناس صيادي"جنيسارت، علمتهم شيئا فشيئا أن يصريوا

.مع فالحي اجلليل عن حقوهلم وكرومهم، فتحت عيوهنم إلدراك ملكوت اهللاأجعل عملنا . أن منتحن بدقة وأن نكتشف املغزى اإلهلي ملهنة كل واحد مناعلمنا إذن يا سيد،

".جمرى للنعمة"يتجلى ويصري خدمة، ويتغري إىل

إن البناء، والسمكري، وامليكانيكي، رمبا ال يعرفون كيف مييزون العالمات الروحية املختفية يف يف إهنم يعملون بسهولة أنه . دنوالتنظيم أو صهر املعا ،أعمال التشييد واإلصالح، والتجميعفإهنم خيدموهنم، لكنهم رمبا ال يعلمون أهنم خبدمتهم . قيامهم بعمل هذه األشياء لآلخرين

أهنم ال ). ٢٧: ٢٢لو" (أنا بينكم كالذي خيدم"الناس، إمنا يشتركون يف نشاط املعلم الذي قال وهذه ). tßktwn(ارا يعرفون أن ذلك الشخص الذي نطق هبذه العبارة كان هو نفسه جن

لتشمل أيضا " جنار"متتد إىل أكثر من املعىن الضيق لكلمة ليونانية اليت يصفك هبا اإلجنيل اللفظة ا .وكنت أيضا اخلادم املمتاز. لقد كنت عامال من أعلى درجة. عمل احلداد والبناء

" حمل"أنفسنا أما حنن فإننا نعرف هذه األشياء لذلك فإن مهمتنا حنن، الذين نعرف، أن نضعواجبنا أن نفكر . أنه يليق بنا أن نفسر كل مهنة حبسب عالقتها بشخصك. الذين يعرفون أقل

يا . يف العمل اخلاص لكل إنسان وأن نصلي ألجله لكي يكون حضورك واضحا يف ذلك العمل ففي. سيد، أنك أردت أن تستخدم أدوات العمل اليومي لتالميذك وجتعلها أدوات مللكوت اهللا

جلست على شاطئ البحر، فأجتمع حولك مجع كبري، . أحد األيام حينما خرت من البيت

Page 37: حضور المسيح

٣٦

: ١٣مت" (ئاجلمع الواقف على الشاط"فدخلت إحدى السفن وجلست، ومن هناك علمت ٢.(

يا سيد، إذا كنت أمتم ألجلك العمل اليدوي . وهبذه الطريقة حولت سفينة صيد إىل منرب احلق عليه، عندئذ ستبدأ أنت أن تستخدم عملي، ومن خالله تلمس أو العقلي الذي ائتمنتينومع ذلك فسيصبح . ومن احملتمل أن البعض ال يالحظون كالمك. النفوس، وتتكلم إليهم

عملي طريقا، من خالله تصل حمبتك إىل هؤالء الرجال والنساء الذين قد اخترمت وعينتم لتلك .ه تتكلممكانا من" سفينيت"يا سيد، أجعل من . الساعة

Page 38: حضور المسيح

٣٧

٨ في راحتك " تعالوا منفردين واسترحيوا قليال" )٣١: ٦مر(

؟ فأن "راحيت"ولكن هل هي . أنين أحب أن أقابلك، يا سيد، يف راحيت كما يف عملي اليوميفإن ذلك يكون أكثر دقة، وأكثر توفيقا مع الغرض من هذه األفكار ومع " يف راحتك"أقول

.هلااخلط العام أو يا سيد، أنين نادر ما أجد يف إجنيلك، أي كلمة تشري إىل ما نسميه راحة، أو استجمام

أو يف –إنك بنوع من العتاب واللوم تنتقد الراحة اليت تكون يف وقت غري مناسب . عطلةناموا اآلن . "وقت هو أقل األوقات مناسبة، كما حدث حينما نام تالميذك يف بستان جثيماين

آه يا سيد، ). ٤٥: ٢٦مت" (قد أتت الساعة وابن اإلنسان يسلم أليدي اخلطاة. واواسترحي .كم مرة ظللت متكاسال، يف الوقت الذي كنت فيه حتتاجين جبانبك

. ومع هذا، فإهنا، مرة واحدة فقط هي اليت يذكر فيها اإلجنيل إنك دعوت تالميذك إىل الراحةوكان حوهلم درج . ريرا عما كانوا قد فعلوهعندما رجعوا من اإلرساليات وقدموا لك تق

تعالوا أنتم إىل موضع خالء "ومرج كثري حىت أهنم مل جيدوا وقتا لألكل، عندئذ قلت هلم ).٣١: ٦مر" (واسترحيوا قليال

راحيت؟ إن راحتنا، مثل كل –ماذا ميكن أن تكون راحة التلميذ، وماذا ينبغي أن تكون إن راحتنا ينبغي أن . أساسيا وجتليها وبركتها، يف حياتك أنتأعماهلم األخرى، جيب أن يكون

.فماذا إذن كانت طبيعة راحتك؟. تكون اشتراكا يف راحتك

Page 39: حضور المسيح

٣٨

ورأى اهللا أن كل ما عمله، فإذا هو حسن ". اآلب إنك يف كل األشياء، يا سيد تعمل ما يعملهوبارك ... ب السابع واستراح الرويف اليوم السابع، أكمل اهللا العمل الذي عمله ... جدا

).٢أو : ٢-٣١: ١تك" (ألنه استراح فيه من كل أعماله: الرب اليوم السابع وقدسه

وأيضا كيف ،هذا النص يبني بوضوح ما هي راحة اهللا، وما هي راحة ابن اهللا، وابن اإلنسان استراح هو أيضا من أعماله، كما اهللا من: ألن الذي دخل راحته .:بارك هللا راحة شعبه

).١١-١٠: ٤عب" (فلنجتهد أن ندخل تلك الراحة. أعمالهفقد استراح اهللا ألن كل . عن راحة اخلالق مرتبطة بأن أعماله قد أكملت وصنعت وفق إرادته

.شيء قد أكمل حسنا

. إنك يا سيد، باملثل أيضا حيق لك أن تستريح ألنك رأيت أن عملك قد أكمل ومت بنجاح .اس، يف هذا العاملوفيك حصل اخلالص لنفوس الن

فقد نادوا بالتوبة، . ألهنم أكملوا إرساليتهم األوىل. إن تالميذك أيضا حيق هلم أن يسترحيواولقد أظهرت تقديرك لعملهم . وشفوا مرضى، ولذلك رجعوا فرحنيوأخرجوا شياطني،

).١٨: ١٠لو" (رأيت الشيطان ساقطا مثل الربق من السماء: "بقولك هلمد استراح وأنت قد استرحت، هم أيضا ميكنهم أن يسترحيوا عندما يرون أهنم فكما أن اآلب ق

.قد أكملوا عملهم حسنا

ولكن أنا، يا سيد؟ أنا، حيايت كلها خطية؟ إذا ألقيت نظرة على كل ما فعلته منذ ولت، فهل أستطيع أن أستمر موجودا يف حضرتك؟ لقد دعوتين أن أسري معك، ولكن رغم أن حيايت

أنوار من غفرانك وحنانك، فهل هي شيء آخر سوى خيانة مستمرة؟ ويبدو يل أنين تتزود ب: يف العبارة اليت أوحيت هبا أوال للمرمن واليت أقتبسها أحد كتبة الوحي القديسنيأقرأ دينونيت

Page 40: حضور المسيح

٣٩

أهنم : وأنا أقسمت يف غضيب ... هم دائما خيطئون يف قلوهبم ومل يعرفوا طرقي : وأنا أقول " ).١١و ١٠: ٣عب" (راحيتلن يدخلوا

يبدو إذن أن راحتك ممنوعة عين، كما كانت جنة عدن مغلقة يف وجه حواء وآدم بعد السقوط ".سيدي، أنا ال استحق أن أدخل راحتك: "إنين أحنين أمامك وأعترف باتضاع "

فإذ بقى أن قوما يدخلوهنا "ومع ذلك فإذا تابعت القراءة لنفس كاتب الوحي، فإنين أقرأ ). ٧، ٦: ٤عب" (اليوم"قائال .. ، يعني أيضا الذين بشروا أوال مل يدخلوا لسبب عدم اإلميانو

فلو كان عدم إمياين باألمس، . فورا ويف احلال "اليوم"وذلك اليوم ميكن أن يصبح، بالنسبة يل، قد منعين من الدخول على راحتك، فاليوم إذ أرفض مل كنت عليه ) الظاهر يف أعمايل(

وآيت إليك مرة أخرى، وأقدم نفسي ثانية ألمحل نريك، فإين سأجد تلك الراحة اليت البارحة: ١١مت" (فتجدون راحة لنفوسكم... أمحلوا نريي عليكم ... تعالوا إيل : "تتكلم عنها قائال

.)٢٩و٢٨يا سيد، إذا كان عملي رديئا وال يساوي شيئا فيمكنين أن اشترك على األقل يف راحة اخلالق،

وكانوا يرمنون ترنيمة "راحة املخلص، بأن أرى كم كان عمله صاحلا وصاحلا جدا يفوترنيمة احلمل، قائلني عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب اإلله القادر على كل ...موسي .)٣: ١٥رؤ" (شيء

هل هبذه الطريقة أنا أقضي ساعات راحيت، أيام راحيت واأليام اليت كرستها لك : واحسرتاه ة؟خاص

..!أه، ما أتعس وقت فراغي. ماذا أفعل هبذه األيامإن . يا سيد، إن مشكلة تقديس وقت الفراغ جتد حلها بالقرب منك بواسطتك أنت وحدك

أنت . أين سأقابلك يف راحيت إذ دخلت إىل راحتك. راحيت ستغين فرحا إذا كنت أنت راحيت

Page 41: حضور المسيح

٤٠

أجعل من كل راحة ومن كل زد عرفاين باجلميل لكي. كمال اليوم السابع وملء فرحةاستجمام، ومن كل عطلة مدخال إىل راحة اخلالق الذي كونين وحفظين، ومدخال إىل راحة

سأجد فيها . اخلالق الذي كونين وحفظين، ومدخال إىل راحة احلمل الذي خيلصين ويغفر يليا سيد أجعل راحيت مشاركة يف تلك . أعظم راحة، ألن عمل صالحهما هو أعظم عمل

ألننا حنن املؤمنني، ندخل "راحة اليت أردت أن تأخذها مع تالميذك على شاطئ البحرية ال ).٣: ٤عب" (الراحة، كما قال

Page 42: حضور المسيح

٤١

٩ لشرح المث

ولما دخل من عند الجمع إلى البيت سأله " )١٧: ٧مر" (تالميذه عن المثل

أي أنك . لينا أوال يف وسط مجاعة املؤمنني بكإفإنك تتكلم . يا سيد إنك تتكلم إلينا بطريقتنيوأين بال شك ال . تكلمنا يف كنيستك ومن خالل كنيستك اليت ائتمنتها على الكرازة بإجنيلك

فإين أنصت إليك، مع أقل املستمعني إليك . أدعي لنفسي أنين أملك أي تعليم سري خاصأنين ال أعرف أجنيال آخر . رة الوحيدة اليت جتذبينإن البشارة املقدمة للجميع هي البشا. مقاما

دعين . عشر وكل احلشد الذي تبعك ثىنالاإال الذي أعلنه بطرس ويعقوب ويوحنا وكل مجاعة اإلنسان الذي كانت الشياطني قد "أجد مكانا يف ذلك احلشد وأجلس عند قدميك مع، ومثل

).٣٥: ٨لو" (خرجت منه جالسا عن قدميك

ائذن يل عندما يتفرق اجلمع، أن أذهب إىل . د، الزلت تتكلم بطريقة أخرىولكنك، يا سييف سالم وعلى إنفراد، وأن أسألك عما قلته أنت، ألنك قد تكلمت أيضا ) ١٧: ٧مر" (املرتل"

وإجابتك هلم مل تضف شيئا إىل مضمون –فقد سألك تالميذك عن أمثالك . هبذه الطريقةوا وأن يتعمقوا يف معناه، وفوق كل شيء أن يطبقوه على املثل، ولكنها ساعدهتم أن يفهم

.ظروفهم اخلاصة احلاضرة

وقد ازددت تعودا عليها، . ر الكرت الذي حتتويه أمثالكدأن أق يا سيد، لقد بدأت متأخرا جداولقد كانت أمثلتك بسيطة جدا، وشائعة لدرجة أنين مل أستطع أن أعرف كيف أجد فيها

وحينما قرأهتا، مل أعرف كيف أجعلها . وتك، واحلياة حسب روحكعرضا كامال ألمور ملك

Page 43: حضور المسيح

٤٢

ألنك كنت قد رأيت كل هذه األحداث منذ أن (تتطابق مع خربتك الشخصية هلذه األحداث ).كنت طفال

فالزارع الذي لقي البذار، والسيدة اليت كنست غرفتها لكي جتد الدرهم املفقود، وربة البيت ، والكرامون الذين استأجروا ملدة يوم، وكثري من الصور اليت خلطت اخلمرية مع العجني

فاليوم أنين أحب أن أعيد قراءة هذه األمثال، ألجد احلصول على . املأخوذة من احلياة اليوميةوأكثر من ذلك، فإنين فيما . اإلنسانية اليت هبا رأيت أنت ذاتك هذه األشياء"النظرة "قليل من

احلقائق العامة املختفية يف األمثال، فإن كل مثل كان مضي، مل أكن أشعر بوضوح، هبذهأي عالمة ملوقف معني، لوقف واقعي حقيقي، جيمع بينك أنت شخصيا وبني ". آية"يشكل

.كل شخص يستمع لكيا سيد، مل تعد تتكلم إلينا اليوم بأمثال أو على األصح فإن األمثال اليت تضعها أممنا بالكالم أو

غنها أمثال . فهي مل تعد نصوصا بشكل مطلق، مثل أمثال إجنيلك. االالكتابة مل تعد أمثلقد حلت اآلية حمل املثل . عنها بالكالم، بل باحلقائق واألحداث" التعبري"مل يعد ". وجودية"

فأنا أمسي كل . القدمي، وال تزال أنت تكلمنا عن طريق اآليات أي العالمات اليت تتغري دائمافكل يوم مشحون ومنسوج باألحداث " آيات"ظورة خالل اليوم أنه شيء حيدث يل بطريقة من

البسيطة منها واخلطرية، واملقابالت، واملتناقضات، والصعوبات، والنجاحات واحملادثات، وكل ألنه يف كل موقف من املواقف أحس حبضورك ومشيئتك . كثرية) عالمات(هذه إمنا هي آيات

ين متاما، ملنت أالحظ من وراء األحداث املادية، ولو فتحت عي... فيما خيص توجيه حيايت" اآلية"واملهم أن أفهم معىن . لذلك فاآليات هي أمثالك يف أيامنا هذه. اليت ختاطبين هبا" اآلية"

أنين اآلن أرى اجلانب املربك . معىن األمثال هدفهاكما كان األمر يف اجلليل واليهودية أيضا، وأعين به تراكم . واملقلوب للنسيج املرسوم، ويتبقى على أن أرى اجلانب السليم واخلطة احلقيقة

Page 44: حضور المسيح

٤٣

ورؤييت هذه سوف تعين أيضا إيقاظي إلدراك أوضح . النعم وأفعال اخلالص اليت متتلئ هبا أيامي .اصدك، وعملك باحلبللخدمة اليت يقوم املالئكة والقديسون للبشر، متممني مق

السيد قد حضر وهو : "مرسل إيل، يعيد على كلمات مرثا ملرمي –إن كل آية هي مالك فمرمي ملا أتت اليت إىل حيث كان املسيح ورأته، خرت عند "وأيضا ). ٢٨: ١١يو" (يدعوكموقف بشري يف حلظة معينة هو اجلانب السليم الذي يوجد فيه فإن كل ) ٣٢: ١١يو" (قدميه

تعرب عنه كل واحدة من عالماتك، فإنين أحب أن أدرك هذا الذي وحاملا أفهم املوقف . سوعي .املوقف بطريقة واعية، وأجري حنوك فيه وأطرح نفسي عند قدميك

وطلبوا منك آية، أي معجزة، حيث أن الكلمة . إن الفريسسني والصدوقيني أتوا إليك جيربوكأن كل معجزة من : ن عمق هذا املعىن املزدوج هوأ( –يف اليونانية حتمل كال املعنيني

وإنك أجبتهم أنه يف كل مساء ). معجزاتك حىت قبل أن تكون حدثا عجيبا، فهي عالمة طبيعية. ميكنهم أن يعرفوا من االمحرار الساطع أو اجلو املعتم، هل سيكون الصباح مشمسا أم عاصفا

" عالمات األزمنة فال تعرفون أن متيزوها تعرفون أن متيزوا وجه السماء وأما: "وختمت قائال ).٣: ١٦مت(

أرنا .يا معلم، علمين أن أميز عالمات األزمنة املختصة بوجودي، علمين أن أفسر أمثلة حيايتوملاذا على سبيل املثال مل تصدمين تلك السيارة اليت احتكت يب . تدخالتك اإلهلية وصالحك

منحتين عمرا ثانيا؟ ويف مساء كل يوم أود أن أقترب اليوم؟ ما هي املقاصد اليت هي من أجلها ، يف حوار شخصي، وامسع من فمك ما هو املعىن العميق هلذه األحداث اليت "يف البيت"منك

دع . إنين عاجز بنفسي عن تفسري األمثلة والعالمات اليت يف حيايت. حدثت يل منذ الصباح .ا سيد أشرح يل املثلي. عيين تراك، من خالل احلجاب اخلفيف الذي يغلفك

Page 45: حضور المسيح

٤٤

١٠ اليد الممدودة

"ففي الحال مد يسوع يده وأمسك به" )٣١: ١٤مت(

فكل عمل من أعمالك اجلسيمة . ريب يسوع، إن األوضاع اجلسمية هلا أمهية يف حياة التأمل تلهم أعمايل؟فهل ميكن ألعمالك العادية أن . املوصوفة يف األناجيل هلا معىن حبسب الروح

يف احلقيقة، إذا استثنيت آالم صلبك، اليت تظل دائما فريدة، فإن األعمال اليت قمت هبا ال فأعمالك كانت هي اليت منارسها كل يوم، وكل ساعة . ختتلف عن أعمال معظم الناس

وذلك حىت، . ومواقفك هي نفس مواقفنا، وذلك فيما يتعلق باحلركات اخلارجية املتشاهبةوهذا االختالف، هو نزعات . مع ذلك فإنه يوجد اختالف. كنت تقوم بصنع معجزةحينما

.النفس اليت منها تصدر األعمال

ما "فاألمر ليس مسألة تساؤل مستمر عن " هل أعمالك ميكن أن تلهم أعمايل: "وحينما أسأليك يف أتصور أعماال غري عادية أنسبها إل فاملسألة ليست أن" لذي يعمله يسوعهو العمل ا

بأي روح أكملت أنت األعمال اليت أقوم أنا : "ظرويف اخلاصة، ولكن باألوىل أن أسال نفسي ."اآلن بإجنازها، أو تلك اليت سوف أقوم هبا

ولكن، بالطبع، فإن -ال يوجد موقف واحد من مواقفي ال أستطيع أن أجعله جديدا، وملهماول أن أجعل مواقفي متطابقة مع هذا إذا كنت أحا -اهللا وحدة هو الذي يلهمه حقيقة

.مواقفك، أو باألحرى إن كنت أدعك تعطي ملواقفي اشتراكا يف مواقفك

Page 46: حضور المسيح

٤٥

فكما أن الصمت الناتج عن الكسل، أو اجلنب، أو الغضب، أو احلنق، . صمتك: ولنأخذ مثالأو احلقد، إمنا هو صمت عقيم ورديء، هكذا أيضا فإن الصمت املقدس إمنا هو الدخول يف

" أما يسوع فلم يعطه جوابا"أنت، وصمتك مع اآلب، وصمتك أمام بيالطس، صمتك .، إن صمتك هو صمت التذكر والنضج الذي يعد الكلمة وجيعلها مثمرة)٩: ١٩يو(

ولقد حتدث اإلجنيل مرة واحدة . إن شعبك اعتادوا أن يصلوا واقفني: وهناك مثل آخر بسيطكثريا ما يظهر أن ركوعي . تك يف البستاناوهي يف وقت معان. فقط عن ركوعك يف الصالة

وكم خيتلف عن تلك السجدات احلارة اليت قام هبا أمامك بطرس ومرمي ! (روتينيا وبال معىن ).اجملدلية ومرضى كثريون

وأصنع من كل واحدة منها ليس فقط سجودا أمامك ولكن . يا سيد، أهلم كل احنناءات ركيب .يناحتادك بركوعك أمام اآلب يف جثيما

وهناك وضع واحد من أوضاعي، وأكرره كثريا، وأريد أن أدجمه مع الوضع الذي يقابله يف .وضع اليد املمدودة–هذا هو الوضع الذي سأطلق عليه . حياته األرضية

واجلزء من اإلجنيل الذي كتبته يف مقدمة هذا التأمل يظهرك مادا يدك وممسكا ببطرس، يف إمياءة خالص، مث تعترب وكثريا ما متتد يدك لكي تصنع . البحر اللحظة اليت كاد فيها يغرق يف

ابنة رئيس اجملمع، واليت كانت قد )٢٥: ٩مت( "أمسكت بيدك"لقد . عن معناها بكلماتووضعت . "، ووضعت يدك على عينيه فشفي" وأمسكت بيد األعمى. "ماتت يف التو وقامت

ويف وقت . ، وهو أيضا شفى)٣٣: ٧مر" (وملست لسانه"يف أذين الرجل املريض " أصابعكعن عادتك كانت أن تضع يدك على ) ٥٠: ٢٤لو" (رافعا يدك"صعودك باركت تالميذك

وهبذه الطريقة فإن تالمس جسدك مع أجساد الناس أعطى هلذه . املريض وعلى األطفال الصغار .األجساد البشرية خالصا وقوة

Page 47: حضور المسيح

٤٦

دي اليد املمدودة، أو أن أسلم على اليد اليت إن اإلمياءة مبد يدي لشخص آخر، أو أن آخذ يف يإهنا واحدة من أقدم اإلمياءات اليت سلمها لنا ... تقابل يدي، هذا شيء حيدث يل كثريا جدا

.أهنا مبادلة صداقة بدرجة صغرية. التقليد البشري، وهي ذات قيمة غالية كعالمة سالم وثقة

أصبح نوعا من النظام الشائع، أو الصورة ولكن السالم باليد كثريا ما تنحدر قيمته، فقد ويف ... أنه عالمة ترحيب غامضة . التقليدية لألدب الذي ينقصه كل تعهد حقيقي للشخص

كم حنن . بعض احلاالت، فإن هذه اإلمياءة حتمل على الطرف اآلخر إحياءا أو إغراءا شريرافإننا نراك يف البشائر متد !شددبعيدون، يا خملصي، عن يدك املعينة السخية، تلك اليد تشفي وت

.يدك للمعذبني أو الذين أخطأوا

يا سيد، من اآلن فصاعدا أنين أكرس لك ما خيصين من هذه اإلمياءة اليت لليد املمدودة أو اليد كواحدة من . املقبولة ويف كل مرة أجعل من العالمة اليت كانت عنوانا لألدب، عالمة للمحبة

.نها يف كل مرة شركة يف اإلمياءات املماثلة اليت حلياتك بينناأجعل م. أعمالك اخلالصيةويف كل مرة . وبعد ذلك متسك ببطرس" أوال متد يدك"أراك . ويف حادث إنقاذ بطرس من املاء

وعندما أصافح يد إنسان دع . أقدم يدي ألي شخص ليتك تكون أنت الذي متد يدك له أوال! ط جتاربه اخلفية، لكي تقويه، وحتضره إليكيديك هي اليت متسك به لكي ختلصه من وس

وبالعكس، فكل مرة أتقبل يدا ممدودة أمنحين أن تكون يديك أنت هي اليت أصافحها باإلميان وهل ميكن أن أمسع حينئذ . وبواسطة اليد اليت متسك بيدي، أمسكين، واجعلين لك. واحلب

وأين هي اليد ). ٦: ٨نش" (كأجعلين كخامت على قلبك، كخامت على ساعد: صوتك قائال يلاليت تستطيع أن ختدمك؟ ميكنين أن أجتاسر وأقول، أن اليد اليت تستطيع ذلك هي تلك اليد اإلنسانية اليت تكون نقية جدا، واليت تصري مرنة وحساسة حلركات روحك، أما اليد اليت

.أصبحت جاهلة، وخاملة وميتة فإهنا ال تستطيع أن توصل نعمتك أو تستقبلها

Page 48: حضور المسيح

٤٧

فعادت ... ومدها "ويف أحد األيام، قابلت يف اجملمع رجال يده يابسة وطلبت منه أن ميد يده سيدي، أن أهوائي األنانية قد يبست يدي، أنا أقف أمامك وأقدمها ). ٥: ٣مر" (صحيحة

اجعلها جديدة وحساسية لعملك وخاضعة لك وإذا صافحتين يد . لك، فاجعلها صحيحةأنين أضع يدي "احب هذه اليد، فليتك تقول يل تلك اللحظة أخرى مهما كان الشخص ص

".على هذا اآلخر، وه أنت ترى أنين جعلت يدك هي يدي

Page 49: حضور المسيح

٤٨

١١ في الشوارع والحقول

. على الطريق يستعطي كان أعمى جالسا "ما عسى «: سأل فلما سمع الجمع مجتازا

فأخبروه أن يسوع .أن يكون هذا؟ )٣٧: ٣٥: ١٨لو" (الناصري مجتاز

يوجد بعض من الرجال والنساء أعطيتهم امتيازا أن حييوا حياة التوحد يف صومعة، إهنا حياة والذين ال يعرفون قيمة هذه احلياة وال يقدروهنا هم فقط الذين يعتربون . خمتفية فيك يا سيد . فائدة أو أهنا غري إنسانيةمثل هذه احلياة بال

إن هذا اليوم . "باخلارج"، ليكونوا على اتصال "للخروج"ولكن معظم الرجال والنساء مدعون الذي أريد أن أقضيه معكن يا يسوع، يتطلب مرات من الدخول، ومرات من اخلروج على ما

ل وينبغي أن يكون يف ومثل هذا االتصال مع العامل اخلارجي ميكن أن يكون ب". العامل"يسمونه مثل اللقاء الذي أستطيع أن أجده يف الكنيسة، أو يف . احلقيقة اتصاال بك، أي لقاء إهليا، حقيقيا

.صومعة الراهب، أو يف املخدع

كان جواب السؤال الذي سأله الرجل األعمى الذي كان يستعطي يف أطراف أرحيا أن أخرج إىل العامل ينبغي أن يكون ذلك ويف كل مرة ). ٣٧: ١٨لو("يسوع الناصري جمتازا"

فحينما مير يب آخرون، جيب أن أشعر يا سيد، إنك . وذلك مبعنيني.. اختبارا لعبور يسوع .وحينما أمر أنا، ينبغي أن يشعر اآلخرون أنك أنت هو الذي مير. أنت الذي متر

Page 50: حضور المسيح

٤٩

أفواه الكثريين يا سيد، لقد وضعت هذه الكلمات يف ). ٢٦: ١٣لو" (لقد علمت يف شوارعنا"لقد استمعوا إىل كرازتك يف مدن ). ٢٤: ١٣لو " (يدخلوا وال يقدرون أنمن الذين يطلبون "

ولكن، هل يف شوارعنا؟ نعم، يا معلم، إنك الزلت . يف مدن فلسطني وقراها. فلسطني وقراهاو فكل ما حنتاجه، ه). ١٢: ١٦مر" (وبعد ذلك ظهر هبيئة أخرى. "تبشر اليوم وسط اجلموع

أن نكتشف أن يسوع الناصري هو الذي يزال، بل دائما، مير بنا يف ذلك الشكل، أو يف .أشكال أخرى كثرية

لكي نعطي يسوع أو حنصل عليه بواسطة . فلماذا خنرج من املرتل؟ إننا خنرج لكي نقابل يسوع، أم الرجال والنساء الذين يعترضون طريقنا والذين سيكونون، سواء أدركوا أو مل يدركوا

.احلاصلني على املسيح أو معطني إياه لناإنين أمشي، وأالحظ يا سيد، أنك تسري جبانيب أو باألحرى إنك تسري . أنين أخرج إىل الشارع

إنك تظل غري مرئي لعيين جسدي، ولكن عيين إمياين . أمامي وأنا أتبعك كما تبعك تالميذكالفرح والقوة عندما أشعر إنك هناك، وأخترب. ويبدو يل أنين أسري يف النور. تدرك حضوركوأنا إنك تتحدث إيل. إنين اعرف أين أذهب، وأشعر أنك الذي تقودين. قريب مين جدا

وكثريا ما نسري معا يف سكون، ويكون الكالم يف هذه اللحظة بال فائدة ألن ما . جاوبكأ .يفيض من قلبك ميأل قليب

. هذا الشارع، ويوجد كل نشاط احلياة احلديثةإننا لسنا وحدنا، فإنه يوجد رجال ونساء يفوإنين ال أعرفهم ولكين أتعرف عليهم ألين أكتشفك . إنين أمر هبؤالء الناس الذين أنت فيهم

.أنت فيهملقد أرتكض اجلنني الذي محلته اليصابات يف بطنها بابتهاج عند دخول مرمي اليت كانت هي

يف كل كائن، يقفز فرحا حينما يشعر " من اهللا"الذي ألن . نفسها حتمل يسوع خمتفيا يف بطنهاوحىت اإلنسان الذي سقط إىل احلضيض فإنه ال خيلو من . يف كائن آخر" بالذي من اهللا"

Page 51: حضور المسيح

٥٠

وهؤالء الرجال والنساء الذين أقابلهم قد ال يعرفون أنك أنت معهم وفيهم . الشرارة اإلهليةولكنين أعبدك فيهم، يا خملصي، ). ن يتالشىرغم أن الفارق بني اخلالق وخملوقاته ال ميكن أ(

سواء كان معي ويف، أو معهم وفيهم، فهو . أنت الذي متر يف هذه اللحظة بالذات يف شوارعنا .يسوع الناصري الذي مير بنا مجيعا

ولكن يا . فكل الركاب يبدون كغرباء أو غري مبالني. وعندما أصعد إىل القطار أو األتوبيسدعين أيضا أقبل . ودعين أعطيهم حضورك الذي معي. نفصال هذاسيد، أهدم حاجز اال

فكيف ميكن أن نتالقى إذن؟ أحيانا يكون احلديث هو . حضورك الذي هم أيضا حيملونهولكن ليس احملتوى الظاهري للكلمات هو الذي يهم هنا، بل حمتواها اخلفي، . وسيلة التالقي

كل هذه هي اليت تؤثر . ة، وحرارة النفس اخلفيةوالقصد، والنعمة، وتعبريات الوجه، واالبتساموإذا تكلموا . فإذا حتدثت إىل هؤالء الناس، فكل مل أقول يا سيد هو موجه إليك. يف آلخرين

فأنت املوجود وراء الكلمات املنطوقة وبالرغم . معي، فال يهم ما يقولون يل، فإنين أمسعك أنتولكن نظرة . حديث بيين وبني هؤالء الغرباءويف معظم األوقات ال جيري . من هذه الكلمات

وعندئذ فإن . واحدة ميكن حينئذ أن توجد الصلة، لو كانت هذه النظرة خملصة ونقية وعميقةهذه النظرة سواء استقبلها أو وجهتها، فإهنا تستحوذ على كياين أو على كيان اآلخر الذي

. ة الروح فينا تؤدي إىل نفس التأثريوإذا مل تتوفر هذه النظرة، فإن حرك. أريد أن أقترب منه .إننا نتشارك يف يسوع. إننا نتصل ببعضنا البعض من خاللك

فإنين أتذكر تلك . يوجد بعض أشخاص أراك عابرا من خالهلم كما لو كانوا أجساما شفافةالسيدة اليت مل أكن أعرفها واليت كان وجهها يعرب عن سالم، وعن جتل مشرق، حىت إنين مل

من أين أتاك هذا السالم الذي يبدو إنك : "أن أمنع نفسي من االجتاه حنوها قائال هلااستطع أولئك اآلخرين ال وأما ... وشعرت عندئذ أنك متر يب ". أنه فرح اإلجنيل: "فأجابتين" متلكينه؟

ينبعث منهم أي شعاع، وتلك الوجوه املتأملة، والوجوه القاسية اليت تطفح مرارة، والوجوه

Page 52: حضور المسيح

٥١

فمن أجل هذه الوجوه بالذات أطلب، يف صمت، ... بة، والوجوه املختنقة بالشهوانية املضطروأطلب بركتك على األطفال الصغار، الذين تعكس عيوهنم . بركتك، ومعونتك، وحضورك

صفاءك ومن الناحية األخرى، فإنين أشعر بك يف كل الناس كضيف حيبونه أو كسجني ، وأرسم لنفسي، ذلك الوجه اآلخر حلضورك الذي يسيئون معاملته، وعندئذ أخاطب نفسي

فما أعجب املبادلة اليت من خالهلا علمت يف شوارعنا بدون أن نسمعك من . هو ظاهر فيهم .اخلارج

حيملون املرضى وابتدأوا "وأيضا كانت أحزان اإلنسان توضع عند قدميك يف شوارع وطنك ، وضعوا قرى أو مدن أو ضياعوحينما دخل إىل. على أسرة، إىل حيث مسعوا أنه هناك

).٥٦-٥٥: ٦مر" (املرضى يف األسواق وطلبوا إليه أن يلمسوا ولو هدب ثوبهيا سيد، إنك تريدين أن أحضر لك املوتى، واملرضي، وغري املؤمنني، واخلطاة، واحلزاىن،

ين ولك. واملتروكني، كلهم يف حاجة ماسة ملعونتك، وإن كنت أنا ال أستطيع أ أفعل هذا حرفيا .أستطيع أن أفعله يف أعماقي، يف أفكاري، ويف صلوايت

أنين أذكر حزينا، كيف أن صلوايت الشفاعية ألجل اآلخرين هي صلوات ألجل يا سيد، إذ أنين أذكر بعض األمساء . اآلخرين هي صلوات سطحية، بل وأقول أيضا أهنا غري حقيقة

أما الصالة ألجل اآلخر فتعين ". ألجلصالة "، أو "تشفعا"بسرعة يف الصالة، وهذا ما أمسيه ال حتاول أن . "إليك، أي أن أمحله على منكيب أو بني ذراعي، بيقظة دائمة وحنان دافق" محله"

وأنا مل (هذا ما قاله يل مرة رجل خاطئ " حتملين، إن كنت ال تستطيع أن حتملين إىل النهايةولكي . خر هي وضعه يف حضرتكفالصالة من أجل اآل). أكن أعرف كيف أمحله إىل النهاية

فصالة ألجل " يسوع جمتاز"جيب أوال أن أقترب أنا نفسي منكن إىل أن أشعر أن أفعل هذا،أي ملس هدب الثوب بينك وبني ذلك الشخص فحىت –األخر معناها تكوين عالقة شخصية

دة واأللفة لو كان ذلك حيدث يف داخلي فقط، فاملهم يف املوضوع هو أن أكتشف العالقة الفري

Page 53: حضور المسيح

٥٢

أو". ليس أحد أحب إليك منك: "الصميمة، أي نقطة االتصال اليت جتعلين أقول لكل واحدهوذا : "فمرمي ومرثا قالتا لك. "أنت عزيز عندي بطريقة ختتلف عن كل واحد آخرعلى األقل

وبواسطة إرشاد النعمة، جيب أن أدرك كيف أستطيع أن اعترب كل واحد . الذي حتبه مريضوهذه هي احملبة الفريدة يف كل حالة . ، مبحبة خاصة ال جيدها يف أي مكان آخر"ي حتبههو الذ

واليت تستجيب يف كل مرة الحتياج فريد، واليت أجعلها نقطة االنطالق وأساس كل تشفع، .وإن كان هذا ال حيدث بدون جهد

م بالفكر، ال يا سيدن ليت خروجي إىل الشارع يف كل مرة، سواء كان هذا اخلروج باجلسم أ، وأضع عند قدميك كل أنواع املعاناة والضعفات اجلسدية "حقيقة"يتم بدون أن أحضر إليك

.والنفسية اليت تقع عليها حواسي وأفكاريويف األماكن اليت أكون فيهل بني الناس، ). ٢٦: ١٣لو" (الشوارع"أنين أخرج ليس فقط إىل

". بالطبيعة"يوم دون أن يكون يل اتصال مباشر بل أخرج أيضا إىل احلقول واحلدائق، فال ميروكل مرة أمشي . )٢٣: ٢رم" (وأجتاز يف السبت بني الزروع. "أنين أجدك أيضا يف احلقول

لقد قلت ... وهناك أتبعك. بني احلقول أراك متهد طريقا مع تالميذك وسط سنابل القمحإن الكلمة ). ١٥: ١٦مر" (قة كلهاأذهبوا إىل العامل كله وأكرزوا باإلجنيل للخلي"لألحد عشر

، فهي تعرب عن الفكرة العامة "اخلليقة العاقلة"تتجاوز معىن ) اخلليقة( (~≈si)اليونانية ، أي لكل شيء خملوق وإنين ال أشك أنك حينما مررت يف حقول القمح، قد "للخليقة"

باتات لقد قمت بذلك بإعطائك معىن لتعطش وحنني الن. وكيف ذلك. بشرت الطبيعةلقد عرف رسولك بولس بالذات كيف يشرح . واحليوانات اليت يف األرض ويف العوامل األخرى

أنات ومتخضات هذه اخلليقة اليت أخضعتها اخلطية لرئيس هذا العامل، واليت تنتظر العتق ويف . وأنت بنفسك حتدثت كثريا عن انعكاس مجال وصالح اآلب، يف أعمال يديه. والتحرر

اليت ال يتيسر يل أن أدرك حضوركن فإنين أرى يف الطبيعة بنوع خاص، حالة تلك األوقات

Page 54: حضور المسيح

٥٣

، فإنين أعلن معك "احلقول"ولكن حينما أجتاز معك بني . استعباد وانتظار، كما رأى بولسأنين أعلن للخليقة بالنغم أكثر من الكالم، أهنا يف هذه اللحظة . األخبار السارة للخليقة كلها

. الذي تتجه حنوه ومتيل إليه بكل قوهتا، وأنه هو الذي يتوج وجودها كله بالذات تقابل يسوع .فإن اخلليقة ليست إال مثال عظيما يوضح ملكوت اهللا

ففي الشوارع كما يف احلقول . يا سيد، إنين ال أعرف كيف أكلم الناس والطبيعة كما ينبغي. أعرف كيف أمسع أو ماذا أقولفأنا ال . ، أن مل أكن أصما وأبكماومتلعثماأكون ثقيل السمع

ضع أصابعك . ا على الرجل املريض الذي من العشر مدنمهولكن ضع يدك على كما وضعتأمنح ليس فقط ألذين أن ). ٣٤: ٧مر" (فتحنأي أ افثا "قل يل . يف أذين وأملس لساين بلعابك

تح لروحك تسمع، وليس فقط للساين أن تنحل عقدته، بل أيضا أعط لقليب وكل كياين أن ينفالقدوس وللناس، حىت ميكن أن جيتاز يسوع املسيح بيننا، من واحد إىل آخر وينتقل إىل كل

.واحد عن طريق اآلخروهذا اللعاب الذي كان على لسانك فك عقدة لسان ذلك . إن لعابك قد ملس لسان إنسان

يلة متواضعة جدا ومع ذلك فهو وس. أنه اتصال يفوق املعتاد. أنه اتصال إهلي ومغري. اإلنسانفعندما مير يسوع الناصري، وحينما يفتح أذين ويفك لساين، فإنين ال أراه ! انه قليل من اللعاب

. فهو يستعمل أفقر الوسائل فقط. كاملسيا اجملد، أو كاملخلص املنتصر املقام من األمواته يذكرنا ، وهذا اللقب الذي يعرب عن موطن"الناصري"واجلمع يدعون ذلك اجملتاز، يسوع

. ولكن بعد ذلك قد أظهرت ذاتك كملك اجملد. بسين حياته اخلفية اليت كان فيها يعمل بيديهأما اآلن فإنين ال أستطيع أن أتعرف عليك يف الشوارع واحلقول، وال أستطيع أن أتبعك، إن مل

.أحبث عنك يف مكانك املعتاد إال وهو املتكأ األخري

Page 55: حضور المسيح

٥٤

يا ! آه ليته ال يكف عن االجتياز. ز يف حيايت مرارا كثريةلقد سبق ليسوع الناصري أن اجتاحضورك فيها ملحوظا امنحين أن أشعر يكونويف األمكنة اليت ال ! يسوع اعرب يب ثانية

وحينما تفارق نفسي هذه األرض ليت الرؤيا . حبضورك، وأن أعلن لآلخرين أنك أنت هناكوأخربوه أن "للمرة األخرية وهي كلمات اإلجنيل املضيئة تعود إيل ثانية، فنسمع األخبار السارة

.. يا يسوع : "عندئذ فإنين أصرخ مع أعمى أرحيا). ٣٧: ١٨لو" (يسوع الناصري جمتاز .وعندئذ رآك األعمى). ٣٨: ١٨لو" (ارمحين

Page 56: حضور المسيح

٥٥

١٢ الخبز الذي نكسره

)٢٦: ١٣لو" ( أكلنا وشربنا قدامك "

يف هذا اليوم الذي أحاول أن أقضيه معك، . ل على بعض الطعامال مير يوم عادة دون أن أحص .يا معلم، جيب أن أؤسس عالقة بينك، وبني كل أطعمة الروح واجلسد

ومن بني كل أعمالك، واليت تظل هي أعمالنا يف نفس الوقت، فإن عملية تناول الطعام رمبا سره والكأس اليت نشرهبا مها فاخلبز الذي نك. تكون أكثر هذه األعمال تعقيدا وأكثرها سرية

إنك يا سيد، قد اخترت هذه العناصر املتواضعة والضرورية . حقيقتان وآيتان بدرجة غري عاديةللحياة اليومية، لكي جتعل منها وسائل حتمل حضورك، وذلك بواسطة النعمة اليت متنحها صفة

.فريدة من بني كل عناصر املادةمعك، ومن خاللك بل أكثر من ذلك فلقد دعوهتم لقد دعي تالميذك ليأكلوا ويشربوا

فهناك . ليأكلوك ويشربوك، والطعام، بالنسبة هلم يشمل وجوها متميزة، ولكنها مترابطةية اليت متنح وهناك العطية السخ. كتك، اليت تستحق أن نشكرك لصالحك وبرالوجبات اليومية

اك يف عشائك األخري أي يف وهناك على مستوى آخر االشتر. ألولئك الذين ليس هلم خبزأي أنت . وهناك أيضا حضورك غري املنظور الدائم، وقوتك الفعالة. تقدمة جسدك ودمك

.نفسك يا خبز احلياة، ويا من تصري طعاما للنفوس بدون التقيد بأي صورة ثابتة

ا، هذه، ومع ذلك ينبغي أن ندرك االرتباط املوجود بينهفال ينبغي أن خنلط بني أوجه طعامنا وإذا مل ندرك ما يرتبط بني أبسطها وأعظمها، وإن كنا . ونرى ما هو منك يف كل واحد منها

املتنوعة واحلقيقية واليت عن طريقها نتصل " االفخارستيات"نقيم حواجز وفواصل بني

Page 57: حضور المسيح

٥٦

، كما فهمته أنت وأردته، عن التالميذ "لكسر اخلبز"حبضورك، فإننا يذلك نظهر عدم فهمنا ).٥٢: ٦مر" (ألهنم مل يفهموا باألرغفة: "مس خبزات والسمكتنيبعد معجزة اخل

وهو ال عطي أي . فعندما جيلس إنسان على املائدة فإنه خيتار ما هو شهي ومثني يف األطعمةوقد يشترك رجل غين ذو مركز مرموق يف اجتماع املؤمنني، . اعتبار ألولئك اجلياع يف اخلارج

وإىل جواره رجل فقري ينال من نفس . من األسرار املقدسة ويتناول. يف سر جسد املسيح ودمهوعشاء الري هو أحد الفرص النادرة اليت ميكن أن حيدث فيها تقابل املتناقضات (طعام احلياة، ورمبا هذا الفقري ال يعرف كيف سيحصل على طعامه اليوم أو غدا، وقد يترك ) هبذا الشكل

شخص األول من هؤالء املتناولني وكثريين من أوالئك إن ال. الكنيسة بإحساس العزلة الكاملةالذين تقدموا معه إىل جسد الرب ودمه ال يسألون أنفسهم من يكون هذا الرجل الفقري، وما

وقد يتناول إنسان آخر من الشركة، ولكن ليسلديه أي فكرة، أن هذه الشركة . هي احتياجاتهوأن يعرف أنه، ال يستطيع اآلن أن يتصرف جيب أن متتد آثارها إىل أعمال حياته اليومية،

" معجزة األرغفة"ويف احلقيقة فإن أحدا من هؤالء مل يفهم . وكأنه مل يتناول من الشركة... حينئذ تبتدئون تقولون أكلنا قدامك وشربنا : "والرب يسوع يوجه هلم بل ويل أيضا ما قالهويوجد قول آخر أكثر ) ٢٥و٢٦: ١٣لو" (ين أنتمأورب البيت سيقول هلم أنا ال أعرفكم من

).١٨: ١٣يو" (الذي أكل خبزي رفع على عقبه: " خطورة

هو عمل ل، ه"دنيوي"فهل هذا عمل . واآلن ها أنا سأتناول إحدى وجبات الطعام اليوميةفإنين أجلس يف هذه اللحظة يف موضع اخلالء، مع اخلمسة آالف . بشري متاما؟ بالتأكيد الوأراك تأخذ ). ٣٩: ٦مر" (فرقا فوق احلشيش األخضر. "لجلوسرجل الذين دعوهتم ل

كما أنين . ومعك أرفع عيين إىل السماء، مقدما الشكر ألبيك، وأبينا. اخلبزات والسمكفأنا ال آكل فقط يف حضرتك، بل أيضا . تقدم يل طعامي، مهما كان نوعهأشكرك أنت الذي

مع أثنني "متكث"عمواس حيث دخلت كما أنين أذهب أيضا إىل ذلك البيت يف. آكل معك

Page 58: حضور المسيح

٥٧

فلما اتكأ معهما على املائدة أخذ : "واجلس معهم اآلن على املائدة، أجلس معك. من تالميذكيا سيد، امنحين أال آخذ أبدا مكاين على املائدة بدون السجود ). ٣٠: ٢٤لو..." (خبزا

لين والضيف الذي أستقبله، حلضورك غري املنظور يف املائدة، إذ تكون أنت املضيف الذي يستقبأحفظين من ! آه.النغم؟! (لكل وجبايت "ونغما"ليت حضورك يعطي إهلاما . يف نفس الوقت

!).حديث املائدة الذي خينق الروح وحيرجه

يا رب، لقد كنت تستطيع أن تعطي منا من السماء أكثر حالوة من كل األطعمة األرضية، كنت تستطيع أن حتضر ذلك اخلبز . جوعهم مبعجزةألولئك اخلمسة آالف رجل الذين أشبعت ولكن لكي تصنع املعجزة، اخترت أكثر األشياء . الذي أعطيته هلم من أنقى أنواع الدقيق

يا سيدن إنين ال أسألك أن ترفعين إىل ). ٩: ٦يو" (مخسة أرغفة شعري"وهي : بساطة وشيوعاولكين . لتنظيم غذائي بتكلف شديدأعمال النسك البطولية غري العادية، كما إنين ال أسعى

دعين كل مرة تكون يل فيها فرصه االختيار، أن أختار أبسط األطعمة : أسألك هذا على األقل .وأفقرها آلكل كما كنت تأكل يف الناصرة، وكما كنت تأكل مع تالميذك

وأعطيت اخلبزات ). ٣٤: ٦مر" (حتننت عليهم"ريب يسوع، لقد أطعمت اخلمسة آالف ألنك إذا صنعت ضيافة أدع املساكني "وبنفس الروح قلت لنا . تالميذك لكي يوزعوها جلمع املتعبل

–فهل حنن دعونا الفقراء إىل موائدنا؟ فإذا كنت ). ١٣: ١٤لو" (والعرج والعميواجلدع واملعونة تكون هلا قيمة فقط (ألسباب خارجة عن إراديت مل أدعهم ومل أعطهم نوعا من املعونة

، فعلى األقل اجعل أفكاري مع الفقراء واملرضى يف )بطريقة أو أخرى "مكلفة"ون حينما تكليت أفكاري تتحد بتحننك أنت، ذلك التحنن ! ليت أفكاري تتوسل إىل حتننك.. كل وجبة

.الذي شعرت به حينما باركت اخلبزات وأكثرهتا

ويف هاتني املناسبتني إنك أردت ملعجزة اخلبزات أن تعلن وتشري مقدما إىل عشائك األخري، ، وبني "وجبايت العادية"يا سيد، أربط بني كل واحدة من . شكرت، وكسرت اخلبز، ووزعته

Page 59: حضور المسيح

٥٨

لو كانت الساعة اتكأ "أين أجلس على املائدة وأتذكر آية اإلجنيل . "غري العادي"عشاء العلية يت أن شهوة اشته"وأمسع أيضا كلمتك األخرى ). ١٤: ٢٢لو" (واألثىن عشر رسوال معهوال زالت أحداث السر حتيا ثانية يف كسر اخلبز ). ١٥: ٢٢لو" (آكل هذا الفصح معكم

يا ريب يسوع، . ، والذين عربت هبما عن موتك الفادي، ونقلته أيضا إىل الناسوسكب اخلمر !.دعين أال أقوم عن املائدة دون أن أتذكر سرا، آالمك يا خملصي

أنين إىل اآلن مل أكن . احبها، اشتراكا يف ذبيحة الصليبإن كنيستك، يا رب، تقدم لنا على مذليت كل . وأنين ال أريد أن أفصل سر اجللجثة عن سر العشاء األخري. قد حتدثت عن صليبك

! اشتراك يف االفخارستيا يعطيين أكثر من حضورك احلقيقي، وأكثر من جمرد اليقني بالغفران .حدا معكوبدون خلط بني اجلواهر، يعطيين أن أصري وا

: ٢٦مت" (وكسره... أخذ يسوع خبزا "إين من الناحية املنظورة، أتناول لقمة خبز مكسور يا رب، حطم . أما من الناحية غري املنظور فإنين أحتد باجلسد اإلهلي املكسور واملصلوب). ٢٦

فإن االشتراك يف جسد املخلص املذبوح! آه يا لالنتحار املبارك. يف كل شهوة وكل كربياءولكن هذا املوت هو ميالد جديد، ميالد للشخص . فأموت أنا. يغرس سيفا يف أعماق نفسي

وهذا املوت جيعلين أدخل إىل قيامة . الذي أود أن أكونه، والذي يريده الرب يسوع أن يكون .املسيح يف اجملد

أنين أحصل، يف صورة اخلبز واخلمر، على اجلسد الذي). ٢٦: ٢٦مت " (وأعطاه لتالميذ"يا رب، أين يف قبول . يعطيه الرب يسوع لكي نأكله، وعلى الدم املسفوك ألجل البشر

.نفسي أيضا، فاجعل من حيايت، حياة مبذولة، من اآلن فصاعدا" أقدم"، "العطية"بل جيب أن أوزع ويشترك يف . يا ريب يسوع، ال يكفيين أن أكون مكسورا ومبذوال فيك

: ٦يو( "ر ووزع على التالميذ، والتالميذ أعطوا املتكئنيأخذ يسوع األرغفة وشك. "اآلخرون: ٢٢لو" (خذوا هذه واقتسموها بينكم: مث تناول كأسا وشكر وقال"وبنفس الطريقة ). ١١

Page 60: حضور المسيح

٥٩

مكان ألي يا سيد، أنك يف معجزة األرغفة كما يف العلية، أردت أن نقسم تقدمتك ). ١٧لذلك . وهكذا كنت أنت –فقط فأنا لست ملكا ألشخاص معينني . حقوق إنسانية خاصةأنت ملكي، أنت تنتمي إيل أنت هنا ألجلني "ل وأي امرأة أن تقول يل، ففي أماكن أي رج

ورساليت هي أن أوصل هذا . )وذلك مع حفظ حق اهللا املطلق على كياين دائما" (أنت خادميس فقط تعين لي "وهذه"). ١٧: ٢٢لو" (خذوا هذه واقتسموها بينكم: "اخلبز الذي أخذته

. حضورك فر االفخارستيا ونعمة االفخارستيا نفسها بل تعين كل حضورك وكل نعمة أناهلا .تشمل نفسي أيضا "هذه"ويف النهاية فإن

من يقبل إىل ال . أنا هو خبز احلياة... إن خبز اهللا هو النازل من السماء الواهب حياة العامل "أن خبز طعامنا اليومي، واخلبز الذي . )٣٥-٣٣: ٦يو"(جيوعن ومن يؤمن يب ال يعطش أبداواخلبز الذي أعطاه لتالميذه يف ليلة آالمه، واخلبز الذي وزعه الرب يسوع على اجلمع،

ألن . نكسره، إمنا تتحد وتتسامى يف ذلك الشخص الذي هو خبز احلياة األبدي غري املنظورة ستتوقف يف يوم ما، ولكن أطعمتنا األرضية ال تدوم، واالفخارستيا اليت نقيمها يف الكنيس

ففي كل حلظة من . أنت، يا يسوع،، هو اخلبز احلي النازل من السماء، والذي تدوم إىل اآلبد .وجودنا هنا على األرض كما يف احلياة املستقبلة، ميكننا أن نتغذى بك بطريقة غري منظورة

وعواطفي، أن وأن تأسر حببك أفكاري. واآلن، أسألك أن متنحين أن أتذوقك بال توقفكن أنت طعامي الوحيد، . ما هو ليس أنتتالشي مين ليس فقط ما هو مضاد لك، بل كل

طعامي الداخلي املستمر، من خالل كل أوجه اخلبز املنظورة اليت نكسرها كل يوم، بل عدة أدخل إليه ... ان فتح يل احد . "يا من تقف على الباب وتقرع، تعال وادخل. مرات كل يوم

يا سيد، "إنك أنت الذي أريدك، وأقول مع اجلمع ). ٢٠: ٣رؤ" (معه وهو معي وأتعشى ).٣٤: ٦يو" (أعطنا يف كل حني من هذا اخلبز

Page 61: حضور المسيح

٦٠

١٣ نائم في السفينة

فحدث نوء ريح عظيم فكانت األمواج " .تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ

" .المؤخر على وسادة نائماوكان هو في )٣٨-٣٧: ٤مر(

ها هو الليل يقترب، . ريب يسوع، أن هذا اليوم الذي أردت أن أقضيه معك يقترب من هنايتهوأحيانا تثري يف نفسي . أنه تكشف يل عظمة الكون واتساعه. وتبتدئ النجوم يف الظهور

ل شيء بطريقة علمية، أن ينال املخلوق هل ميكن، يف هذا العامل الذي حيسب ك: سؤاالالبشري الضئيل، االهتمام واملعونة املستمرة من القوة اخلالقة نفسها؟ أال يكون هذا نوع من التجسيم هللا كما تتخيله العقول البدائية؟ ولكنين أتذكر أن النجم الذي أرشد اجملوس إمنا كان

ووقف النجم فوق حيث كان طفل . هميثل الكون الطبيعي الذي ال نستطيع أن نعرف حدودلتجسد إهلنا املتواضع، وتسخري الكون ألجل يدل على تبعية هذا الكون العظيم ،بيت حلم

وبطريقة مماثلة يا رب، أظهرت ذاتك ليوحنا الرائي يف جزيرة بطمس، ومعك . خالص البشر. ريةوكان وجهك يضيء كالشمس وصوتك كصوت مياه كث. سبعة كواكب يف يدك اليمىن

عند رجليك كميت، ولكنك وضعت يدك اليمىن عليه تلك اليد نفسها فسقط يوحنا مرتعدا . إن خالق العامل هو خملص شخصي). ١٧: ١رؤ" (ال ختف"اليت متسك الكواكب، وقلت له

هو أكثر أمهية يف عينيك من نظام العامل –ومن مث خالص نفسي أنا –وإن خالص أي نفس .املادي كله

Page 62: حضور المسيح

٦١

ويعرب البشري . وحلول الليل يذكرين بانتصار الظلمة يف اجملال الروحي أيضا. يقترب أن الليلبطريقة دقيقة وحية عن هذا االتفاق بني الليل والشر، وذلك عندما يشري إىل خروج يهوذا بعد

فالليل هو وقت التجربة واخلطية ألناس ). ٣٠: ١٣يو" (وكان ليال"العشاء األخري فيعلق قائال وعندئذ يدخل الليل إىل نفوسهم ظلمة أكثر من ظلمة الليل الطبيعي، يا سيد، أنين .كثريين

أستودع لرمحتك كل الرجال والنساء الذين يسعون يف هذه الليلة، ليفعلوا ما هو شر يف .عينيك

وهذه املصابيح ختربين أن . أن املصابيح تضاء, ولكن دخول الليل هو أيضا وقت إضاءة األنواراملقبلة، أعبدك ويف هذه الليلة. ل أعماق الظالم ال يستطيع أن يعتم إشراقك وهباءكالظالم، ب

أن الظلمة ) ١٢: ٨يو" (أنا هو نور العامل"أيها النور املبهج، أيها النور الفرح، الذي قلت ويبدو وكأن عمقه ميكن . ميكن أيضا أن يضغط علي. والظالم األديب. الطبيعية ميكن أن تزداد

ولكنين ال أخاف شيئا، إذا أخذتك معني وإذا امتلكتك أنت نفسك نورا يل، نورا . ينأن يبتلعبنورك نعاين "داخليا فحينئذ تصبح القوات اخلارجية بال قوة أمامه، إنين أكرر كلمات املرمن

).٩: ٣٦مز" (النور.. نا أمكث مع: "كان هذا هو الوقت الذي ألزمك فيك تلميذا عمواس أن متكث معهما قائلني

وأنت مل تتوقف معهما فقط، ولكنك ذهبت إىل املرتل ). ٢٩: ٢٤لو" (ألن النهار بدأ مييلوبنفس الطريقة فغنين يف هناية ! لكي تشاركهما طعامهما ولكي تفتح أعينهما على حضورك

واصنع أكثر من جمرد املكوث . أمكث معي هذا املساء، وهذه الليلة: هذا اليوم أتوسل إليكجعل هذه الساعات األخرية من اليوم، ساعات هلا هذا االمتياز، وهو أن أشعر بك معي، بل ا

ليت هذه الساعات تسهل يل احلوار الشخصي معك !. ملتصقا يب، وأشعر أنك يف داخليليت هذه الساعات تأتيين بواحدة من كلماتك احلميمة اخلارجة من . الذي أحتاج إليه كثريا

!شفتيك، واليت تعطي احلياة

Page 63: حضور المسيح

٦٢

بسالمة اضطجع : "ن الليل هو وقت النوم وسأخضع حلاجة الطبيعة البشرية ومثل املرمن داودإقلت . ومع هذا فإنك نبهت تالميذك أن يسهروا. سأذهب ألنام) ٨: ٤مز" (أنام أيضابل

ومرة ). ٣٧: ١٤مر" (أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة! يا مسعان هل أنت نائم: "لبطرساجلسد ئال تدخلوا يف جتربة، أما الروح فنشيط وأمااسهروا وصلوا ل"أخرى قلت لتالميذك

ولكن أال ميكنين أن . حقيقة أن كل ليالينا ليست هي جثيماين). ٣٨: ١٤مر" (فضعيفأعطيك ساعة واحدة على األقل يف حديث محيم بالليل؟ إن صالة الليل تبدو أن هلا فاعلية

خنمته قائال " نصف الليليف "وبعد أن شرحت أحد أمثالك عن إستجابة الطلبة . خاصةيا سيد، أعطين الرغبة والقوة أن ). ٩: ١١لو" (اسألوا تعطوا، اطلبوا جتدوا، اقرعوا يفتح لكم"

أثناء الليل، وآخذ بعض الوقت من نومي متوسال –يف بعض األحيان على األقل –أطلبك ليت صاليت الليلة ف. إنك كنت تصلي أثناء الليل. إليك أن حتدد أنت بنفسك مقدار هذا الوقت

آه فإنين . تكون اشتراكا يف صلواتك السرية، وبنوع خاص يف صلواتك يف البستان ليلة آالمكولكن، ! يف آالمه من على بعد فقط أستطيع أن أشترك مع املخلص يف صالته ألبيه قبل الدخول

لربق دع عاطفتك الفادية أن ختترق قليب وتنتشر فيه، حىت ولو كان ذلك للحظة فقط، كا .حينما يربق ويضيء

وقبل النوم فإنين أكرر سرا تلك الصرخة . وحىت أثناء النوم، فإنين ال أريد أن أنفصل عنكيا أبتاه يف يديك : "العظيمة اليت نطقت هبا على الصليب قبل أن تلفظ النفس األخري قائال

روحي وإنك تستودع . وهنا تكون صاليت متحدة بصالتك). ٤٦: ٢٣لو" (أستودع روحيإننا نستودع أرواحنا معا، روحي . مع روحك، وهي اليت أستودعها أنا نفسي أيضا لآلب

إنين أستودع روحي متحدة مع روحك وهبذه الطريقة . وروحك حلنان اآلب غري املخلوق .أكون بال خوف

Page 64: حضور المسيح

٦٣

إنين نائم، ولكنين ال أكف عن الوجود معك فكيف يكون ذلك؟ إن كل مواقفنا البشرية تأخذ . وكل ليلة، فإن نومي يشكل جزءا من نومك األرضي اخلفيف. ها من مواقفك البشريةجذور

ويف مرة واحدة فقط أخرب عنك اإلجنيل . إنك منت لكي تقدس نومنا، ولكي تنفذ إليه بنفسكالذي ) أي النوم(ولكن هذه املرة الوحيدة تبارك، وتغري وجتلي ذلك األمر . أنك كنت نائما

.يوانيا صرفيايستمر بدونك عمال ح

وتبعك بعض من تالميذك مث قامت عاصفة، وهامجت األمواج . ويف أحد األيام دخلت السفينةوأما . السفينة ودخلت فيها، فخاف التالميذ، ولكنك كنت نائما مسندا رأسك على وسادة

وعندئذ بعد أن قمت، أمرت ". يا سيد جننا فإننا هنلك"التالميذ فمن خوفهم أيقظوك قائلني ).٢٦و ٢٥: ٨مت" (فصار هدوء عظيم"لرياح والبحر أن هتدأ ا

أيقونة –إن جاز القول –هذه الصورة ليسوع نائما يف مؤخرة السفينة بينما العاصفة تثور هي . فيمكن أن حيدث قبل نومي أن هتامجين بعض الصعوبات. فإنين أشترك يف نوم يسوع. لنومي

الصعوبات، ومع ذلك فإن هذه الصعوبات ال تزال أما يف أثناء النوم فال أعود أشعر هبذهإن الرياح . ومع ذلك فإهنا ال تعطل نومي. موجودة، إذ أنين سأجدها يف الغد مرة أخرى

واألمواج ميكن أن تثور، ولكن يسوع لن يسمح هلا أن تزعج هذا النوم الذي أنامه بالقرب .منه، فقد أحاط يب هدوء عظيم، وهذا هو هدوء يسوع نفسه

هذه الليلة، أكثر من جمرد هدوئك، أكثر من جمرد النوم املطمئن والصفاء يا سيد، رمبا ستعطينينإن النوم يف . رمبا ستقترب مين سريا أثناء نومي. اللذين كانا لك، واللذين مها يل من خاللكليت الليل ميكن أن يكون غنيا بالعالمات اإلهلية ا. الكتاب املقدس هو وقت األحالم واآليات

. هي أمسى بكثري من الرموز الفقرية اليت يعطيها علماء النفس اعتبارا كثريا من تفسري األحالمفقد رأى يعقوب يف حلم، سلما منصوبة على األرض، ورأسها تالمس السماء، ومالئكة اهللا

السماء "وباإلشارة إىل ذلك احلدث، فإنك أخربتنا أننا سنرى . تصعد وترتل على تلك السلم

Page 65: حضور المسيح

٦٤

يا سيد، ليت بعض ). ٥١: ١يو" (وحة ومالئكة اهللا يصعدون ويرتلون على ابن اإلنسانمفت !أيلليايل على األقل تكون مثل ليلة بيت

إنك عندما ظهرت أمام بيالطس للمحاكمة، أرسلت إليه زوجته لتقول، أنه ينبغي أن ال تفعل " كثريا يف حلم ألجله أنين تأملت اليوم"شيئا بذلك البار، أي بك، ألهنا أوضحت قائلة

يا سيد، أنين أوافق بكل رضا أن أتأمل يف حلم من أجلك، إذا كان هذا ). ١٩: ٢٧مت(إننا . يعطيين أن أمتتع بنظرة خاطفة، أن مل يكن لوجهك، فعلى األقل لظلك، أ أثر خطوتك

را كثرية لقد أظهرت ذاتك مرا. عادة حنلم مبا نرغبه، ورمبا حنبه، فأفتقد أحالمي وتغلغل فيهاإنين ال أطلب مثل هذه النعم اليت منحت . لشهدائك يف الليايل اليت كانت تسبق استشهادهم

آه، يا ليتين أشعر حبضورك ولو بطريقة غامضة، ولكن مؤكدة، هذا إذا . هلم، واليت ال أستحقها .أراككنت ال أقول ليتين

أن جسدي ينام، . بل أن أنامولكن استودعها بني يديك ق. رمبا تؤخذ نفسي مين هذه الليلة" أنا نائمة، وقليب مستيقظ: "ويف ذلك يقول نشيد األناشيد. ولكن نفسي مستيقظة فيك

وإذ منت ونفسي متحدة بنفسك، ملقيا بذليت كلية عليك، فلن أخاف عندما ). ٢: ٥نش(: فسوف أقوم بفرح قائال). ٦: ٢٥مت" (فأخرجن للقائه. هو ذا العريس مقبل"يصري الصراخ

".يا خملصي، كم انتظرتك مشتقا إليك"

ورغم ذلك يبدو أن الليلة لن تكون األخرية، وال زال هناك يوم آخر سيمنح يل لكي ألتصق . وسيشرق النهار حاال. وها الليلة اليت كانت سوداء، يف طريقها أن تصبح رمادية. بك أكثر

صوت "تك من بعيد؟ أليس هذا هو صوت خطواتك؟ أليس هذا هو صو. أال أمسعك مقبالآه يا يسوع، تعال إىل يف ). ٨: ٢شن" (هو ذا آت طائرا فوق اجلبال قافزا على التالل. حبييب

.اليوم اجلديد

Page 66: حضور المسيح

٦٥

١٤ صباح القيامة

)١٤: ٧لو" ( لك أقول قم "

.وحببك الذي يغمرين. عندما أستيقظ أراك معي، وأشعر حبضورك الذي ميألين هبجة

ات الكثرية اليت كان فيها تالميذك، يستيقظون يف الصباح أيتم وجودك على هذا يذكرين باملرنعم أعرف جيدا، حلظات الفجر اجلليل، على شاطئ البحرية، بني طربية ... األرض

والشمس تشرق بعد ولكنها . فالعصافري تغين بصوت رائع مل أمسعه يف مكان آخر. وكفرناحوم .بحر املترقرقبدأت تلقي بأشعة نورها فوق أمواج ال

وحينما يستيقظ تالميذك فإهنم يستقبلون اليوم اجلديد بفرح، ملعرفتهم أهنم سيسريون وراءك، إن ما كانت تعد إلعطائه . وأن كل ساعة يصرفوهنا معك ستكون سحرا واكتشافا جديدا

فها أنا اليوم أيضا، . "صباحات اجلليل، ال يزال يقدم يل يف كل مرة أستيقظ يف الصباح ...".تبعك سأ

إنك حينما . صحواتك يا معلم تعطي قوة لصحوايت أكثر بكثري مما تعطيين صحوات تالميذك" أقوم وأذهب إىل أيب: " تصحو، فأول حركة لك ال ميكن أن تكون إال حركة حنو اآلب

إن اجلملة اليت ينسبها املثل إىل االبن الضال تأخذ معىن خاصا وفريدا باحلقيقة ). ١٨: ١٥لو(ال ما تنطقها أنت، فقد كنت تتجه إىل اآلب، مع أنك معه دائما، ومل تنفصل عنه أبدا إنين حين

نعم . استطيع أن أنطق تلك العبارة ألنك أنت وحدك الذي تستطيع نطقها بطريقتك الفريدةأن أذهب إىل اآلب كابن مذنب فقط، كابن تائب، ميوت من اجلوغ ومعتز حىت أعماق ميكنين

وهي إحساسي أين ابتعدت بعيدا عن الصالح املطلق، –اليت أيقظت مشاعري كياين بالصدمة

Page 67: حضور المسيح

٦٦

: ١٥لو" (اخلرنوب الذي كانت اخلنازير تأكله"وان كل ما اضطررت أن أشتهيه وأمتناه هو ومل يكن يكفي هلذه الصدمة أن ختلق يف نفسي إحساسا غامضا بالفشل، أو حنينا لبيت ) ١٦عندئذ أكون هبذا قد . صل لسعاته إىل أعماق كياينبل جيب أن تضربين كسوط ت. اآلب

أمسك بيدي . وأنفخ بروحك يف. يا سيد، أجذبين إىل التوبة منذ بداية اليوم. اختربت احلزن .وقدين إىل اآلب

. وهو ذا اآلب والروح القدس يرسالنك أنت، أنت ذاتك إىل حامال للغفران، وواهبا للرجاءالضال، قد غار من أخيه وغضب عليه أما اليوم، منذ حلظة إن االبن األكرب يف مثل االبن

إمنا يأيت ليبحث . الذي هو أيضا أخي األكرب –استيقاظي، فإن االبن األكرب أو االبن الوحيد .عين نيابة عن اآلب

صوت حبييب، قارعا، : "إنك تطلبين. نت حاضر معيأآه يا خملصي، فحىت قبل أن أستيقظ، هو ذا واقف ). "٤و٢: ٥نش..." (يده من الكوة، فأنت عليه أحشائي حبييب مد .. افتحي يل

: ٢نش" (قومي: وراء حائطنا، يتطلع من الكوة، يوصوص من الشبابيك، أجاب حبييب وقال يل ).١٠و٩

ويف كل مرة، فأنت تسبقين هلذا . ريب يسوع، أنا كل يوم جديد هو فرصة لقاء متنحها يل. يوم باشتياق هلذا اللقاء معك، وبرغبة للنمو يف املعرفة واحلب فامنحين إذن أن يبدأ كل, اللقاء

.ليت كل استيقاظ يسبب يل فرحا ووعدا حبضوركيا ريب يسوع، أنا أعلم أنك هناك تأخذين بني ذراعيك، إنين ال أستطيع، بل وجيب أال أنسى

شراق الشمس الذي هو إ –أولئك الذين ال يعرفونك، أولئك الذين مل تستنر صحواهتم بنورك وأن الذين يقاسون من الفجر الشاحب واملرضى الذين يقتربون من املوت، واحملكوم . احلقيقية

أولئك الذين . عليهم باملوت الذين يعيشون يف األمل املربح والذين حيسبون الساعات والدقائقيعيشون يف قلق وال يعرفون كيف سيحصلون على طعامهم اليومي، وكيف سيطعمون

Page 68: حضور المسيح

٦٧

م، والذين يف مرارة وأمل خيرجون لعملهم املضين قبل الصباح الباكر، واخلاطئ الذي أطفاهليستيقظ ضمريه وال تزال مرارة اخلطية يف فمه، كل أولئك الرجال والنساء، أنت تعرفهم يا

فأجعل نفسي تتحد حبنانك من حنوهم، وأجعل روحي تتحد بإرادتك أن . رب، وتشفق عليهم .بدون أن حيصلوا على معونة إهلية تقدم إليهم يف اخلفاء ال تدع هذا اليوم مير

وملا أمسكت بيدها ). ٤١: ٥مر" (قومي" بنة يايرسايا معلم، إنك تقترب مين وتقول يل مثل وهبذه الطريقة، . والصبية اليت كانوا يظنون إهنا ماتت، قامت يف احلال ومشت. أعدت هلا احلية

.فإنين ألتقط شعاعا من سر القيامة وقوهتافمن خالل عملية االستيقاظ اليومي،

وها جمد قيامتك حيل . إنك قمت حيا وممجدا. وتركت رقاد األموات. وأنت أيضا قد قمت .على كل صباح من صباحاتنا

. ويف اليوم األول من األسبوع، ذهبت مرمي اجملدلية، ومرمي أم يعقوب، وسالومة إىل القربيا رب ال تدع يوما ). ٢: ١٦مر" (إذ طلعت الشمس. وكان ذلك باكرا جدا يف الصباح"

جديدا يأيت ليشرق يف حيايت بدون أن تتجه أفكاري حنو قيامتك وبدون أن أذهب بالروح، إىل !القرب الفارغ يف البستان

ومهما كانت ارتباكي وصعوبايت فإن . إنه املسيح املقام، هو الذي يأيت إىل كل يوم يف الفجرأن خملصي قد هزم كل –بروحي وبعقلي –ن مشرقة إذا كنت أتذكر بداية كل أيامي ستكواحملبة قوية "يتجه إليه إمياين يف كل صباح هو نصرتك النهائية إن أول ما . قوات الشر واملوت

" والسيول ال تغمرها –مياه كثرية ال تستطيع أن تطفئ احملبة ... هليبها هليب نار .. .كاملوت ).٧و٦: ٨نش(

إذن فال مكان هناك، يا أبين للحزن أو اخلوف –إنين أومن، يا رب - يا ابين؟ هل تؤمن هبذا .يف نفسك، إال إذا كان اخلوف من أن تفقدين أنا الذي هو حياتك

Page 69: حضور المسيح

٦٨

، )٢: ١٦مر" (اليوم األول من األسبوع"ريب يسوع، إن كل يوم ميكن أن يكون بالنسبة يل .اح القيامةأي عيد القيامة لذلك أجعل كل صباح يصري يل، صب

من مدينة أورشليم يف صباح عيد القيامة، يف ذلك البستان الذي إنين أكتب هذه السطورأعطيتين فيه الكثري، لسنوات عديدة، والذي أتصور أنه مثل ذلك البستان الذي فيه وضعت، يف

ووسط النخيل والزهور، وبالقرب من الصخرة املتوهجة بالشمس، وأنين أرى . القرب اجلديد. ملرآة اليت تبكي وتنحين فوق القرب، وأرى املشهد الذي وصفه اإلجنيل الذي ظنته البستاينا، "!يا مرمي"وعندما قلت هلا ). ١٤: ٢٠يو" (ومل تعلم أنه يسوع"ورأتك " والتفتت إىل الوراء"

".يا معلم! ربوين: "التفتت أيضا وعرفتك، وصاحتعند ذلك فقط

فإن مرمي تطلبك ولكنها تبحث عنك حبسب الفكرة . الفائق هذه احلادثة توضح طبيعة التحولوهذا هو السبب يف إهنا مل تتمكن من معرفتك بالصورة . واليت تتمسك هبا. اليت كونتها عنك

تغيري "إىل عملية باختصاريشري " والتحول" –إهنا ألتفتت إليك مرتني . اليت هبا تظهر ذاتك اآلن .عندما مسعت أمسها، أدركت حضوركويف املرة الثانية فقط، ". النفس

وال أعلم إذا كنت سأمسع . إنين ال أعرف كم من األيام تشاء أن هتبين أن أستيقظها بعد ذلك –ومع ذلك أتوسل إليك، أن متنحين أن يكون يل . ثانية صوت أجراس القيامة يف أورشليم

طيين فرح القيامة، ليت كل يوم، وكل استيقاظ يع. بستان أورشليم وصباح القيامة –سريا . التغيري الذي به أحتول من صورتك باألمس إىل صورتك اليوم –وحيضر يل أيضا أعمق تغيري

دعين أتعرف عليك يف كل موقف ويف كل شخص، كما تريد أنت أن تكون معروفا يف هذا اليوم بعينه، وليس كما ظهرت يل باألمس، بل كما تظهر ذاتك اآلن، مثل هذا هو التحول،

، وهؤالء األشخاص اجلدد. ا االستئصال ال حيدث بال عنف، ولكن هذا هو ما تطلبه أنتهذواملواقف اجلديدة، اليت سأقبلك من خالهلا، هي متنوعة جدا، فليت كل صحوة من صحوايت،

، ذلك "املسيح يف البستان"مع "قيامة"تصبح استيقاظا إىل حضورك املتنوع جدا، ولقاء

Page 70: حضور المسيح

٦٩

ليت كل حادثة من حوادث اليوم تصري حلظة فيها ! توقعا قبل ذلكاملسيح الذي مل يكن موأعطين أيضا نعمة . أمسعك تناديين بامسي، كما ناديت مرمي أعطين إذن النعمة أن أحتول إليك

"!.يا معلم) "ولكن بكل قليب(أن أجاوبك بكلمة واحدة، وأن أناديك بتلك الكلمة الواحدة

أورشليم – ١٩٦٠عيد القيامة

Page 71: حضور المسيح

٧٠

األب ليف جيلليه حياة١٩٨٠- ١٨٩٢

٨٨رقد األب ليف جيلليه بالغا من العمر ١٩٨٠مارس ٢٩يف غروب يوم السبت املوافق

بلندن الذي بيت القديس باسيليوسوقد أنتقل هبدوء وسالم وهو على إنفراد يف غرفته . عامازر يف الصباح، قداس سبت لعا –فبعد أن خدم القداس اإلهلي . ١٩٤٨كان يقيم به منذ

.صرف بقية النهار يف هدوء وروح فرحة

كان األب ليف يفيض حمبة وحنانا، وعالقته مع كل واحد من أصدقائه كانت تتصف لذلك فإن أصدقاءه . بالبساطة واالستقامة اللتان يتميز هبما اللقاء احلقيقي بني شخص وشخص

ه كان أيضا مناسبة فرح، إذ صاحبة ومع ذلك فإن موت. الكثريين شعروا بعمق اخلسارة يف فقدهباكتمال عمل حياة كرست خلدمة ربه ومعلمه املسيح، الذي تبعه منذ –اإلحساس الواضح

.شبابه املبكر :خاصية الوداعة

كان األب جيلليه رجال ذو ذكاء نادر نافذ البصرية واسع املعرفة، ويتمتع مبجموعة كبرية من .هف ورقيق جدااملواهب اإلنسانية، وكان له حس مر

Page 72: حضور المسيح

٧١

وبالنسبة إليه فإن اهللا الظاهر يف يسوع املسيح هو احلقيقة املطلقة لكل الوجود، وكان يقتات على الغذاء الروحي للكتاب املقدس، وكانت الشهادة األساسية لألب –بطريقة خاصة جدا

احملبة املعتلة للكنيسة اهللا املتعايل يف العظمة والقدرة، الذي حييا أزليا يف: جيلليه هي اإلميان باهللايف سر الثالوث، واهللا احلاضر كخالق وفادي، الذي حيتضن كل واحد من خالئقه يف سر احملبة

.مبحبة أبوية منكرة لذاهتا ال تكف عن سهرها احلنون –املضحية

كان األب ليف ينظر إىل كل سعي البشر حنو اهللا، باحترام كبري، ألنه كان يرى أنه ليس هناك له معرفة واسعة متعمقة بكل أديان وكان . خارج عن دائرة عمل الروح القدس الفعال إنسان

العامل الكربى، ولكن مل خيتلط األمر عليه أبدا، إذ كان مييز فرادة اإلميان املسيحي اليت متيزه عن كل ديانة أخرى، إذ كان يدرك بعمق أن املسيحية فريدة بسبب وداعة إله شخصي معلن يف

.املسيح

:أخطار املديح والتصفيقكثريا ما كان األب ليف يبدي ذهوال أمام صفة الوداعة اليت يالحظها يف بعض الرجال

ورغم أنه كان . فقد كانت الوداعة تثري فيه أعمق رهبة، وأعمق إحساس بالتوقري. والنساءهي اليت ميدح فضائل كثرية يراها يف اآلخرين، ولكن الوداعة فوق كل ما سواها من الفضائل

، توجد فضائل كثرية ففي احلياة العامة، حىت بني املسيحيني. كانت تقنعه بقداسة شخص ماجتذب االنتباه واملديح، مثل العطاء السخي للفقراء، وبطولة الدفاع عن املظلومني، والعناية

. رطقاتباملرضى واملنبوذين، والغرية التبشريية يف نشر اإلجنيل، أو الدفاع عن اإلميان ضد اهلوقد كان األب ليف يقدر متاما كل واحدة من هذه األعمال، وكان ميلك اخلصائص البشرية

ويف حقيقة األمر فإنه . اليت كانت متكنه من أن يسعى للكمال يف أي طريق من هذه الطرقسار يف هذه الطرق حينما سنحا له الفرصة أن يفعل ذلك، وكان ميكن أن يتفوق يف أي

كنه كان يرى أن أي واحدة منها تتضمن الوصول إىل النجاح باملفهوم البشري ول. واحدة منها

Page 73: حضور المسيح

٧٢

. الذي يصفق له العامل، والذي من خالله يستطيع اجملرب أن يدس شر الكربياء الروحي خلسةعمل يكون أيليه بسبب ’فقد كانت إحدى إجاباته املميزة، اليت يرد هبا على أي مدح يوجه

فلم يكن حيكم بالنسبة "أن الشيطان قد سبق وأخربين هبذا"قد عمله حسنا، هي قوله .الكثرية الثمن ةلآلخرين، أما بالنسبة لنفسه فكان يطلب اللؤلؤ

. بالنسبة ملن يطلب لؤلؤة الوداعة يف خدمة اهللا، فإن الدعوة الرهبانية هي أضمن طريق يسري فيهيندر أن يتحدث عن حياته ورغم أن األب ليف كان –ولكن الرهبنة تتخذ أشكاال كثرية

ولكن يبدو أن التقدير الكبري املعطى يف –الشخصية، ومل يتكلم أبدا عن دوافعه الروحية .التقليد الروحاين السلفي، هو الذي أجتذبه منذ البداية كراهب مبتدئ يف الكنائس الشرقية

:السنوات األوىل

عائلة فرنسية عريقة، وظل يف سانت مارسلني من ١٨٩٢أغسطس ٨ولد لويس جيلليه يف ودرس يف جرينويل وباريس قبل أن يستدعى للتجنيد يف . حمتفظا جبنسيته الفرنسية كل حياته

فأرسل إىل اجلبة ليخدم يف كتيبة اتصال مع . عندما اشتعلت احلرب العاملية األوىل ١٩١٤سنة فقد مقت . ا عليهتركت تأثريا عميقحرب لل، وخربته هذه فرق اجليش الربيطاين يف اخلنادق

العنف بشدة، ولذلك فعندما اشتعلت احلرب العاملية الثانية، رد أوراق االستدعاء، رغم أنه وقد أيقظت فيه خدمته يف احلرب األوىل مع الربيطانيني . كان يف ذلك الوقت، مقيما يف إجنلترا

األخرية من احلرب وهناك أدلة تبني أنه قد صرف األعوام الثالثة. شعورا باحملبة العميقة هلمالعاملية األوىل كأسري حرب مع اجلنود الربيطانيني يف أملانيا، وقد احتفظ بصداقة محيمة مع

.واحد على األقل من اجلنود اإلجنليز الذين كانوا مأسورين معه

من حياة األب ليف، فترة مملوءة بنشاط كبري، على ١٩١٨وكانت السنوات اليت تلت سنة فبعد احلرب مضى إىل اجلامعة يف جنيف . وكذلك على املستوى الكنسياملستوى الشخصي

للدراسة، وكان ينتظره مستقبل أكادميي المع، ولكنه ترك هذا املستقبل الالمع، ليدخل إىل دير

Page 74: حضور المسيح

٧٣

بإجنلترا، كراهب مبتدئ وبعد فترة الدير أرسل إىل سنت انسلمو يف البندكيتني يف فانبورور "دوم المربت بياودين"أثناء تواجده يف روما توثقت عالقته مع ويف. روما لدراسة الالهوت

يف أماي ) بيزنطي والتيين(الذي قام فيما بعد بتأسيس دير البندكتني ذي الطقس املزدوج ( يفيف بلجيكا وقبل فترة إقامة ل Chevetogneببلجيكا والذي انتقل بعد ذلك إىل شيفتوين

مطران الروم " أندرو سزى بتيتسكي"كان املطران جيلليه الشاب يف سانت انسلمو بروما الكاثوليك يف لفوف جباليسيا بأوكرانيا يف زيارة لروما ألجل احلصول على تأييد وكساندة بابا

، إذن فقد كان روما آلماله املسكونية يف عودة اإلحتاد بني روما والكنيسة الروسية األرثوذكسية .كان األب جيلليه مقيما يف روماموضوع الكنائس الشرقية حيا جدا بينما

، أحد املفكرين البارزين "فالدميري سولوفيف"وكان امللهم ملبادرات الوحدة املسيحية تلك هو يف القرن التاسع عشر، الذي أهلم برؤيته لكنيسة واحدة، جمموعة صغرية مكرسة من الروس

قس البيزنطي الروسي، داخل املتحولني إىل الكاثوليكية أن يؤسسوا كنيسة كاثوليكية على الطبني النظامني الالتيين الغريب واألرثوذكسي الشرقي، وكانوا " قنطرة"روسيا، لتكون مبثابة

يأملون هبذه الوسيلة أن تعود الشركة الكاملة واإلحتاد كامل بني روما وبني الكنيسة قد شوه وأن تاريخ هذا املشروع الذي أجهض، قد أسيء فهمة كثريا، بل. األرثوذكسية

زكان يقوم بتوجيه هذا املشروع مساعد املطران ليونيد فيدوروف وهو شاب روسي . كثريامتحول إىل الكاثوليكية، ولكن كان املطران سزي بنيتسكي هو الذي يقوده، إذ كان يعترب هو

وميكننا اآلن أن نرجع أسباب فشلة عندما نتأمل أحداث املاضي، إىل . القائد الروحي للمشروعمن ناحية، وإىل انقضاض الثورة ية املسكونية اليت كانت سابقة لعصرها بوقت طويلرؤ

.الشيوعية اليت سرعان ما ابتلعته وأهنت عليه متاما من ناحية أخرى

Page 75: حضور المسيح

٧٤

:تأثري سزيبتيتسكيوإمنا يكفي أن نقول بالنسبة . هذا وأن تقييم املغزى املسكوين لتلك احلركة ليس مكانه هنا

–سولوفيف : أي مغامرة: بتدئ جيلليه، أن مغامرة اإلميان الثالثيةللشاب الراهب املتيدروف اإلميانية، كانت حمركا لدعوته أن خيدم الوحدة بني روما والكنيسة –سزيبتيتسكي وقد ذكر أحد أخوته الرهبان املبتدئني معه يف فانبورو أن لويس جيلليه قد أسرته . األرثوذكسية

يبتيتسكي بقداستها وذلك يف أثناء زيارة قام هبا ذلك املطران جاذبية شخصية املطران سزن حيث تبع الطقس الساليف وأكمل لفوفولذلك ذهب جيلليه إيل . لدير فارنبورو ٢األوكراين

وأعطى اسم ليف ) امشندريت(وبعد ذلك رسم يف رتبة رئيس رهبان . فترة االبتداء الرهبانية .بواسطة املطران سزيبتيسكي

. كان هلا تاريخ ساسي عاصف ومعقد، كانت يف ذلك الوقت حتت حكم بولنداولفوف اليتوصار األب ليف السكرتري الشخصي للمطران سزيبتيتسكي وموضع ثقته، وتلميذه املخلص،

ولكن األحداث السياسية يف سنيت . وكان يشارك أسقفه مشاركة كاملة يف آماله حنو الوحدةة الروسية، وحطمت كل احتماالت النجاح بالنسبة واليت نتجت عن الثور ١٩٢٧و ١٩٢٦

.ملشروع الوحدة الروسي، فعاد األب ليف إىل فرنسا

:حتوله إىل الكنيسة األرثوذكسيةإىل الكنيسة ١٩٢٨بعد عودة األب ليف إىل فرنسا من لفوف يف بولندا، حتول يف سنة

وأن حتول األب ليف إىل . سالروسية األرثوذكسية بباريس اليت كان يرأسها املطران افلوجيوهو أحد " االشتراك يف خدمة القداس"األرثوذكسية بواسطة املطران افلوجيوس عن طريق

أسرار حياة األب ليف، وقد وضع أصدقاءه تفسريات متنوعة حول دخوله الكنيسة

.روما تبحث مسألة االعتراف وغبطة وقداسة املطران سزيبتيتسكيبدأت كنيسة ١٩٥٥يف عام ٢

Page 76: حضور المسيح

٧٥

أما تأكيده الشخصي فقد كان، أنه يتبىن موقف سولوفيف وهو أنه . األرثوذكسية والتصاقه هباال يوجد تعارض داخلي بني أن يكون اإلنسان كاثوليكيا ويف نفس الوقت يكون يف شركة مع الكنيسة الروسية األرثوذكسية، ألن الكنيستان منفصلتان بسبب تقلبات تارخيية، وليس بسبب

.عوائق قانونية :من فرنسا إىل بريطانيا

س يف باريس، وخدم خدم األب ككاهن بني الروس األرثوذك ١٩٢٨فت الفترة من سنة مبعهد القديس سرجيوس خاصة بني الشبيبة األرثوذكسية الروسية هناك، وقام بالتدريس لفترة

. أنتقل إىل إجناترا اليت صارت مقر إقامته منذ ذلك احلني ١٩٣٨، مث يف سنة للالهوت بباريسلتأسيسها، بلندن منذ األيام األوىل "جبمعية القديس ألبان والقديس سرجيوس"وبدأت صلته

.بباريس أحد مؤسسيها، وكان أول رئيس أرثوذكسي هلا فقد كان املطران افلوجيوس الروسيوصار األب ليف راعيا للخدمة يف اجلمعية وسكن يف بيت القديس باسيليوس باجلمعية منذ

ومنذ ١٩٣٨ولكنه كان يشترك يف اجتماعاهتا منذ قدومه إىل لندن سنة . ١٩٤٨نوفمرب سنة اليت تصدرها اجلمعية مقاالت Sobornostتاريخ حىت انتقاله نشرت له جملة سوبرنست ذلك ال

وكان األب ليف يرفض دائما أن حيصل على . عديدة باإلضافة للكتب اليت نشرهتا اجلمعيةن فقد وجد ١٩٣٨لذلك عندما وصل إىل إجنلترا يف . نقود مقابل اخلدمات الدينية اليت يقدمها

فعمل مشرفا لفترة من الوقت على بيت للطلبة يف الطرف الشرقي .عمال يف عدة جهاتوعندما اشتعلت احلرب العاملية الثانية كان يشتغل بإلقاء احملاضرات يف كلية سلى أوك . للندن

.بلندن: املسيحيون واليهود"وعمل فترة من الوقت يف مجعية . بريمنجهام –

:يف لبنان والشرق األوسط

وكان . ركة الشبيبة األرثوذكسية بلبنان ليخدم فيها مرشدا للشبابدعته ح ١٩٤٨ويف سنة وقد كان له دائما حمبة خاصة وتعاطف –األب ليف يعطي اهتماما خاصا هلذه احلركة الشبابية

Page 77: حضور المسيح

٧٦

وصار له أصدقاء كثريون يف هذه احلركة صار البعض منهم اآلن مطارنة –مع الشباب عموما .كس بسوريا ولبنانوبطاركة يف كنيسة الروم األرثوذ

وبدأ يكتب مبجلة النور منذ ١٩٤٨وأستمر األب جيلليه يف خدمته بلبنان حىت قرب هناية عام لعدة سنوات ال يكاد خيلو عدد من أعداد اجمللة من مقالة أو حديث أو ذلك احلني، وأستمر

شورات النور، وكتب عدة كتب بالفرنسية يف لبنان نشرهتا له من. تأمل أو حماضرة لألب جيلليهومها الكتابان اللذان متت ترمجتهما إىل العربية " كن كاهنا يل"، وكتاب "أبانا"من بينها كتاب

.يف مصر ونشرهتما دار جملة مرقس، كما نشرت له جملة مرقس بعض املقاالت املترمجة

، بسبب إلصابته بدوسنتاريا حادة ١٩٤٨وحىت بعد رجوع األب جيلليه إىل لندن يف نوفمرب وكان يقضي فترة من الوقت يف . فإنه استمر يزور لبنان والشرق األوسط سنويا تقريبا

).أورشليم(فلسطني، وخاصة يف القدس

:عودته إىل إجنلترا

، وقبل حينئذ أن يقيم يف بيت القديس ١٩٤٨رجع األب جيلليه إىل لندن من لبنان يف نوفمرب مجعية القديس أولبان "واإلرشاد الروحي يف باسيليوس على أن يقوم خبدمة القداس اإلهلي

سبالدنج "ولكنه كان يكسب عيشه، بالعمل نصف الوقت، يف هيئة . "والقديس سرجيوسكريا يف وكان هذا العمل يستلزم جدا ف. "حركة أديان العامل الكربى"مث بعد ذلك يف "تراست

.تلخيص ونقد الكتب، واستخراج اقتباسات من الصحف واجملالت

مر األب ليف مرشدا روحيا ببيت القديس باسيليوس بلندن حىت انتقاله، فكان يقود وأستاخللوات الروحية، ويعطي أحاديث وتأمالت روحية، ولكنه أستمر يزور بالدا عديدة بشكل

إذ كان البطريرك أثيناعوراس بطريرك القسطنطينية السابق . منتظم يف خدمات روحية رعويةفكان . ركات الشبيبة األرثوذكسية يف أوروبا الغربية يف الستيناتقد عينه مرشدا روحيا حل

.يزور فرنسا وسويسرا واليونان باإلضافة إىل لبنان

Page 78: حضور المسيح

٧٧

ورغم أن األب ليف كان شخصا جادا ومفكرا بصورة عميقة، فإن صداقته احلارة الدافقة جدا لشخص للناس، والفرح الذي كان يعيش فيه يف حلظات احلياة العامة، وحمبته العميقة

الرب يسوع لدرجة االلتصاق الكامل يف روح واحد معه، وحمبته لكل خليقته اهللا يف اململكة وهذا ما الحظه كل من –وروح االكتفاء والقناعة وهو سعيد بالقليل احليوانية أيضا،

.كل هذه اخلصائص إمنا هي تعبريات عن نضوجه، وعن حكمته وإميانه. عاشروه

فهناك سوء فهم الناس، : ض فترات مظلمة يف حياته، مثل أي إنسان آخركانت هناك طبعا بعولكن يف النهاية فإن اإلنسان ال . واإلثارات، واألحزان، واألمراض، والتأمل ألجل األخرين

–وهذا هو ما سيكون ) ٥: ٣٠مز" (الفرح يأيت يف الصباح"يعود يذكر هذه األمور ألن ف جيلليه بأصدقاءه مرة أخرى ويالقي سيده ومعلمه وجها حينما يتحد األب لي –مبشيئة اهللا

...لوجه

Sobornotعن جملة هيللي جيورجياديس

Page 79: حضور المسيح

٧٨

:آتابات األب ليف جيلليه١. Orthodox Spirituality ١٩٤٥لندن.

.١٩٦١ترمجته ونشرته كنيسة مارجرجس بأسبورتنج سنة "صالة يسوع" .٢

والدكتور ) األنبا موسى(ترمجه عن اإلجنليزية أميل عزيز "حوار مع املخلص... يسوع " .٣ .١٩٧٠ونشرته كنيسة مارجرجس بأسبورتنج سنة ٠نصحي عبد الشهيد

.١٩٧٠ترمجه دكتور أميل عزيز ونشرته كنيسة مارجرس جبزيرة بدران سنة " الراعي" .٤

.١٩٧١ترمجه عن الفرنسية دكتور رمسيس اسحق ونشرته مكتبة مرقس سنة " أبانا" .٥

.١٩٧٢ترمجته ونشرته كنيسة العذراء بالفجالة سنة " العليقة املشتعلة" .٦

.١٩٧٢ترمجة الدكتور رمسيس اسحق ونشرته مكتبة مرقس سنة " كن كاهنا يل" .٧

ترمجة الدكتور رمسيس اسحق ونشرته بيت التكريس خلدمة الكرازة " ملاحلمامة واحل" .٨ .١٩٧٥الكرازة سنة

.١٩٩٣، ١٩٨١التكريس خلدمة الكرازة سنة ترمجة ونشره بيت "حضور املسيح" .٩

.١٩٨٤رمسيس اسحق ونشره بيت التكريس سنة . ترمجة د "وجه النور" .١٠

Page 80: حضور المسيح

٧٩

.حضور املسيح يف أعمال حياتنا اليومية العادية اختبارهذا الكتاب حماولة

"حوار مع املخلص... يسوع ": وهو تكملة لكتاب